كتاب : أخبار الحمقى والمغفلين
المؤلف : أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي

أخبار الحمقى والمغفلين

مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الامام جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن على بن محمد بن على الجوزى الحمد لله الذى أعطى الانعام جزيلا وقبل من الشكر قليلا وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا وصلى الله على سيدنا محمد الذى لم يجعل له من جنسه عديلا وعلى آله وصحبه بكرة وأصيلا وبعد فانى لما شرعت فى جمع أخبار الاذكياء وذكرت بعض المنقول عنهم ليكون مثالا يحتذى لان أخبار الشجعان تعلم الشجاعة آثرت أن أجمع أخبار الحمقى والمغفلين لثلاثة أشياء الاول أن العاقل إذا سمع أخبارهم عرف قدر ما وهب له مما حرموه فحثه ذلك على الشكر أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال حدثنا على بن الحسين بن الحسن بن أحمد بن شاذان قال حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد قال حدثنا عبد الله بن محمد القرشى قال حدثنا خلف بن هشام قال حدثنا الحكم بن سنان عن حوشب عن الحسن انه قال خلق الله عز و جل آدم حين خلقه فأخرج أهل الجنة من صفحته

اليمنى وأخرج أهل النار من صفحته اليسرى فدبوا على وجه الارض منهم الاعمى والاصم والمبتلى فقال آدم يا رب ألا ساويت بين ولدي قال يا آدم إنى أردت أن أشكر اخبرنا محمد بن عبد الملك قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن على الجوهرى قال حدثنا أبو عمر بن حيوية قال أنبأنا بن المرزبان قال قال حارث بن محمد سمعت محمد بن مسلم يقول تكلم رجل فى مجلس ابن عباس فأكثر الخطأ فالتفت عبد الله بن عباس إلى عبد له فقال له الرجل ما سبب هذا الشكر قال إذ لم يجعلنى الله مثلك والثانى أن ذكر المغفلين يحث المتيقظ على اتقاء أسباب الغفلة إذا كان ذلك داخلا تحت الكسب وعامله فيه الرياضة وأما إذا كانت الغفلة مجبولة في الطباع فإنها لا تكاد تقبل التغيير والثالث أن يروح الانسان قلبه بالنظر فى سير هؤلاء المبخوسين حظوظا يوم القسمة فان النفس قد تمل من الدؤوب فى الجد وترتاح إلى بعض المباح من اللهو وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لحنظلة ساعة وساعة وعن حنظلة الكاتب أن النبى صلى الله عليه و سلم ذكر الجنة والنار وكنا كأنا رأينا رأى عين فخرجت يوما فأتيت أهلى فضحكت معهم فوقع فى نفسى شىء فلقيت أبا بكر فقلت إنى قد نافقت قال وما ذاك قلت كنت عند النبى صلى الله عليه و سلم فذكر الجنة والنار فكنا كأنا رأينا رأى العين فأتيت أهلى فضحكت معهم فقال أبو بكر إنا لنفعل ذلك فاتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال يا حنظلة لو كنتم عند أهليكم كما تكونون عندى لصافحتكم الملائة على فرشكم وفى الطريق يا حنظلة ساعة

وساعة وقال على بن أبى طالب روحوا القلوب واطلبوا لها طرف الحكمة فانها تمل كما تمل الابدان وقال أيضا إن هذه القلوب تمل كما تمل الابدان فالتمسوا لها من الحكمة طرفا وعن أسامة بن زيد قال روحوا القلوب تعى الذكر وعن الحسن قال إن هذه القلوب تحيى وتموت فاذا حييت فاحملوها على النافلة وإذا مالت فاحملوها على الفريضة وعن الزهري قال كان رجل يجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ويحدثهم فاذا كثروا وثقل عليه الحديث قال إن الاذن مجاجة وإن القلوب حمضة فهاتوا من أشعاركم وأحاديثكم وقال أبو الدرداء إنى لاستجم نفسى ببعض الباطل كراهية أن أحمل عليها من الحق ما يملها وعن محمد بن اسحاق قال كان ابن عباس إذا جلس مع أصحابه حدثهم ساعة ثم قال حمضونا فيأخذ فى أحاديث العرب ثم يعود يفعل ذلك مرارا

وعن الزهرى أنه كان يقول لأصحابه هاتوا من أشعاركم هاتوا من حديثكم فان الاذن مجة والقلب حمض وقال ابن اسحاق كان الزهري يحدث ثم يقول هاتوا من ظرفكم هاتوا من أشعاركم أفيضوا فى بعض ما يخف عليكم وتأنس به طباعكم فان الاذن مجاجة والقلب ذو تقلب وعن مالك بن دينار قال كان الرجل ممن كان قبلكم إذا ثقل عليه الحديث قال ان الاذن مجاجة والقلب حمض فهاتوا من طرف الاخبار عن ابن زيد قال قال لي أبي إن كان عطاء بن يسار ليحدثنا أنا وأبا حازم حتى يبكينا ثم يحدثنا حتى يضحكنا ثم يقول مرة هكذا ومرة هكذا قلت وما زال العلماء الافاضل يعجبهم الملح ويهشون لها لأنها تجم النفس وتريح القلب من كد الفكر وقد كان شعبة يحدث فإذا رأى المريد النحوى قال إنه أبو زيد استعجمت دار نعم ما تكلمنا والدار لو كلمتنا ذات أخبار

وقد روينا عن ابن عائشة أحاديث ملاحا فى بعضها رفث وإن رجلا قال له أيأتى من مثلك هذا فقال له ويحك أما ترى أسانيدها ما أحد ممن رويت عنه هو أفضل من جميع أهل زماننا ولكنكم ممن قبح باطنه فرأى ظاهره وان باطن القوم فوق ظاهرهم ووصف رجل من النساك عند عبيد الله ابن عائشة فقالوا هو جد كله فقال لقد أضاق على نفسه المرعى وقصر لها طول النهى ولو فككها بالانتقال من حال إلى حال لتنفس عنها ضيق العقدة وراجع الجد بنشاط وحده وعن الاصمعى قال سمعت الرشيد يقول النوادر تشحذ الاذهان وتفتق الآذان عن حماد بن سلمة انه كان يقول لا يحب الملح إلا دكران الرجال ولا يكرهها إلا مؤنثهم وعن الاصمعى قال أنشدت محمد بن عمران التميمى قاضى المدينة وما رأيت فى القضاة أعقل منه يا أيها السائل عن منزلى نزلت فى الخان على نفسي يغدو علي الخبر من خابز لا يقبل الرهن ولا ينسي آكل من كيسى ومن كسوتى حتى لقد أوجعنى ضرسي

فقال اكتبه لي قلت أصلحك الله إنما يكتب هذا الاحداث فقال ويحك أكتبه فان الاشراف يعجبهم الملاحة فصل فقد بان مما ذكرنا أن نفوس العلماء تسرح في مباح اللهو الذي يكسبها نشاطا للجد فكأنها من الجد لم تزل قال أبو فراس أروح القلب ببعض الهزل تجاهلا منى بغير جهل أمزح فيه مزح أهل الفضل والمزح أحيانا جلاء العقل فصل فان قال قائل ذكر حكايات الحمقى والمغفلين يوجب الضحك وقد رويتم عن النبى صلى الله عليه و سلم انه قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوى بها أبعد من الثريا فالجواب إنه محمول على أنه يضحكهم بالكذب وقد روي هذا في الحديث مفسرا ويل للذى يحدث الناس فيكذب ليضحك الناس وقد يجوز للانسان أن يقصد إضحاك الشخص فى بعض الاوقات ففي أفراد مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال لأكلمن رسول الله لعله يضحك قال قلت لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألتنى النفقة فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم

وانما يكره للرجل ان يجعل عادته إضحاك الناس لان الضحك لا يذم قليله فقد كان الرسول صلى الله عليه و سلم يضحك حتى تبدو نواجذه وإنه يكره كثيره لما روي عنه عليه السلام أنه قال كثرة الضحك تميت القلب والارتياح إلى مثل هذه الاشياء فى بعض الاوقات كالملح فى القدر فصل وقد قسمت هذا الكتاب أربعة وعشرين بابا وهذه تراجمها الباب الاول فى ذكر الحماقة ومعناها الباب الثانى فى بيان أن الحمق غريزة الباب الثالث فى ذكر اختلاف الناس فى الحمق الباب الرابع فى ذكر أسماء الاحمق الباب الخامس فى ذكر صفات الاحمق الباب السادس فى التحذير من صحبة الاحمق الباب السابع فى ضرب العرب المثل بمن عرف حمقه الباب الثامن فى ذكر أخبار من ضرب المثل بحمقه وتغفيله الباب التاسع فى ذكر جماعة من العقلاء صدر عنهم فعل الحمقى الباب العاشر فى ذكر المغفلين من القراء الباب الحادى عشر فى المغفلين من رواة الحديث وتصحيفه الباب الثانى عشر فى ذكر المغفلين من القضاة الباب الثالث عشر فى ذكر المغفلين من الامراء والولاة الباب الرابع عشر فى ذكر المغفلين من الكتاب والحجاب الباب الخامس عشر فى المغفلين من المؤذنين الباب السادس عشر فى المغفلين من الائمة الباب السابع عشر فى المغفلين من الاعراب الباب الثامن عشر فى من قصد الفصاحة والاعراب من المغفلين الباب التاسع عشر في من قال شعرا من المغفلين الباب العشرون فى المغفلين من القصاص الباب الحادى والعشرون فى المغفلين من المتزهدين الباب الثانى والعشرون فى ذكر المغفلين من المعلمين الباب الثالث والعشرون فى ذكر المغفلين من الحاكة الباب الرابع والعشرون فى ذكر المغفلين على الاطلاق

الباب الاول فى ذكر الحماقة ومعناها
قال ابن الاعرابى الحماقة مأخوذة من حمقت السوق اذا كسدت فكأنه كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت اليه فى أمر حرب وقال أبو بكر المكارم إنما سميت البقلة الحمقاء لانها تنبت فى سبيل الماء وطريق الابل قال ابن الاعرابى وبها سمي الرجل أحمق لأنه لا يميز كلامه من رعونته فصل وقد ذكرنا ما يتعلق باللغة فى هذا الاسم ولا يظهر المقصود إلا بكشف المعنى فنقول معنى الحمق والتغفيل هو الغلط فى الوسيلة والطريق الى المطلوب مع صحة المقصود بخلاف الجنون فانه عبارة عن الخلل فى الوسيلة والمقصود جميعا فالاحمق مقصوده صحيح ولكن سلوكه الطريق فاسد ورويته فى الطريق الوصال إلى الغرض غير صحيحة والمجنون أصل إشارته فاسد فهو يختار ما لا يختار ويبين هذا ما سنذكره عن بعض المغفلين فمن ذلك أن طائرا طار من أمير فأمر أن يغلق باب المدينة فمقصود هذا الرجل حفظ الطائر
الباب الثانى فى أن الحمق غريزة
عن أبى اسحاق قال إ ذا بلغك أن غنيا افتقر فصدق واذا بلغك أن فقيرا استغنى فصدق واذا بلغك أن حيا مات فصدق واذا بلغك أن أحمق استفاد عقلا فلا تصدق عن أبى يوسف القاضى قال ثلاث صدق باثنتين ولا تصدق بواحدة إن قيل لك إن رجلا كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدق وإن قيل لك إن رجلا فقيرا خرج إلى بلد فاستفاد مالا فصدق وإن قيل لك إن أحمق خرج إلى بلد فاستفاد عقلا فلا تصدق عن الاوزاعى انه يقول بلغنى انه قيل لعيسى بن مريم عليه السلام يا روح الله انك تحيي الموتى قال نعم باذن الله قيل وتبرىء الاكمه قال نعم باذن الله قيل فما دواء الحمق قال هذا الذى أعياني قال جعفر بن محمد الادب عند الاحمق كالماء فى اصول الحنظل كلما ازداد ريا زاد مرارة قال المأمون تدرون ما جرى بينى وبين أمير المؤمنين هرون الرشيد كان لي اليه ذنب فدخلت مسلما عليه فقال أعزب يا أحمق فانصرفت مغضبا ولم أدخل اليه أياما فكتب الي رقعة يقول ليت شعرى وقد تمادى بك الهجر أمنك التفريط أم كان منى إن تكن خنتنا فعنك عفا الله وان كنت خنتكم فاعف عنى

فسرت اليه فقال إن كان الذنب لنا فقد استغفرناك وان كان لك فقد غفرناه فقلت له قلت لي يا أحمق ولو قلت لي يا أرعن كان أسهل علي فقال ما الفرق بينهما قلت له الرعونة تتولد عن النساء فتلحق الرجل من طول صحبتهن فاذا فارقهن وصاحب فحول الرجال زالت عنه وأما الحمق فانه غريزة وأنشد بعض الحكماء وعلاج الابدان أيسر خطبا حين تعتل من علاج العقول

الباب الثالث فى ذكر اختلاف الناس فى الحمق
وقد ذكرنا أن الحمق فساد فى العقل أو فى الذهن وما كان موضوعا في أصل الجوهر فهو غريزة لا ينفعها التأديب وإنما ينتفع بالرياضة والتأديب من أصل جوهره سليم فتدفع الرياضة العوارض المفسدة وبعد فان الناس يتفاوتون فى العقل وجوهره ومقدار ما أعطوا منه فلهذا يتفاوت الحمق قيل لابراهيم النظام ما حد الحمق فقال سألتنى عما ليس له حد وتلا عمر هذه الآية ما غرك بربك الكريم قال الاحمق يا رب وقال على رضى الله عنه ليس من أحد إلا وفيه حمقة فيها يعيش وقال أبو الدرداء كلنا أحمق فى ذات الله وقال وهب بن منبه خلق الله آدم أحمق ولولا ذلك ما

هناه العيش وعن مطرف قال لو حلفت لرجوت أن أبر انه ليس أحد من الناس الا وهو أحمق فيما بينه وبين الله عز و جل وكان يقول ما أحد من الناس الا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه عز و جل غير أن بعض الحمق أهون من بعض وعنه قال عقول الناس على قدر زمانهم وكان يقول هم الناس والنسناس وأرى أناسا غمسوا فى ماء الناس وقال سفيان الثورى خلق الانسان أحمق لكي ينتفع بالعيش وأنشد بعضهم لعمرك ما شىء يفوتك نيله بغبن ولكن فى العقول التغابن

الباب الرابع فى ذكر أسماء الأحمق
الاحمق الرقيع المائق الازبق الهجهاجة الهلباجة الخطل الخرف الملغ الماج المسلوس المأفون المأفوك الاغفك الفقاقة الهجأة الالق الخوعم الالفت الرطىء الباحر الهجرع المجع الانوك الهبنك الاهوج الهبنق الاخرق الداعك الهداك الهبنقع المدله الذهول الجعبس الاوره الهوف المعضل الفدم الهتور عياياء طباقاء فاذا كان يتجه لشىء فى أسماء كثيرة وقريب هذه الاسماء على أحمق وقيل لو لم يكن من فضيلة الاحمق الا كثرة أسمائه لكفى قال ابن الاعرابى الرقيع هو الذى يحتاج أن يرقع من حمقه وسئل بعض الاعراب ما الفرق بين الاجمق والمائق فقال الاحمق مثل المائح على رأس البئر والمائق هو مثل المائح الذى هو أسفل البئر فبينهما من الجودة فى الحماقة ما بين هذين والعرب تقول أحمق ما يتوجه الى ما يحسن أن تأتي الغائط والاخرق هو الذى يخرق الاشياء ولا يحسن لها مأتى ومن أسماء النساء ذوات الحمق الورهاء الخرقاء الدفنس الخذعل الهوجاء القرثع الداعكة الرطيئة
الباب الخامس فى ذكر صفات الاحمق
صفات الاحمق تقسم الى قسمين أحدهما من حيث الصورة والثانى من حيث الخصال والافعال ذكر القسم الاول قال الحكماء اذا كان الرأس صغيرا ردىء الشكل دل على رداءة فى هيئة الدماغ قال جالينوس لا يخلو صغر الرأس البتة من دلالة على رداءة هيئة الدماغ واذا قصرت الرقبة دلت على ضعف الدماغ وقلته ومن كانت بنيته غير متناسبة كان رديئا حتى فى همته وعقله مثل الرجل العظيم البطل القصير الاصابع المستدير الوجه العظيم القامة الصغير الهامة اللحيم الجبهة والوجه والعنق والرجلين فكأنما وجهه نصف دائرة كذلك اذا كان مستدير الرأس واللحية ولكن وجهه شديد الغلظ وفى عينيه بلادة وحركة فهو أيضا من أبعد الناس عن الخير فان جحظتا فهو وقح مهذار فان كانت العين ذاهبة فى طول البدن فصاحبها مكار لص واذا كانت العين عظيمة مرتعدة فصاحبها كسلان بطال أحمق محب للنساء والعين الزرقاء التى فى زرقتها صفرة

كأنها زعفران تدل على رداءة الأخلاق جدا والعين المشبهة لأعين البقر تدل على الحمق واذا كانت العين كأنها ناتئة وسائر الجفن لاطىء فصاحبها أحمق واذا كان الجفن من العين منكسرا أو متلونا من غير علة فصاحبها كذاب مكار أحمق والشعر على الكتفين والعنق يدل على الحمق والجرأة وعلى الصدر والبطن يدل على قلة الفطنة ومن طالت عنقه ورقت فهو صياح أحمق جبان ومن كان أنفه غليظا ممتلئا فهو قليل الفهم ومن كان غليظ الشفة فهو أحمق غليظ الطبع ومن كان شديد استدارة الوجه فهو جاهل ومن عظمت أذنه فهو جاهل طويل العمر وحسن الصوت دليل على الحمق وقلة الفطنة واللحم الكثير الصلب دليل على غلظ الحس والفهم والغباوة والجهل فى الطول أكثر ومن العلامات التى لا تخطىء طول اللحية فان صاحبها لا يخلو من الحمق وقد روي انه مكتوب فى التوراة إن اللحية مخرجها من الدماغ فمن أفرط عليه طولها قل دماغه ومن قل دماغه قل عقله ومن قل عقله كان أحمق قال بعض الحكماء الحمق سماد اللحية فمن طالت لحيته كثر حمقه ورأى بعض الناس لرجل لحية طويلة فقال والله لو خرجت هذه من نهر ليبس وقال الاحنف بن قيس إذا رأيت الرجل عظيم الهامة طويل اللحية فاحكم عليه بالرقاعة ولو كان أمية ابن عبد شمس وقال معاوية

لرجل عتب عليه كفانا فى الشهادة عليك فى حماقتك وسخافة عقلك ما نراه من طول لحيتك وقال عبد الملك بن مروان من طالت لحيته فهو كوسج فى عقله وقال غيره من قصرت قامته وصغرت هامته وطالت لحيته فحقيقا على المسلمين أن يغزوه فى عقله وقال أصحاب الفراسة إذا كان الرجل طويل القامة واللحية فاحكم عليه بالحمق واذا انضاف الى ذلك أن يكون رأسه صغيرا فلا تشك فيه وقال بعض الحكماء موضع العقل الدماغ وطريق الروح الأنف وموضع الرعونة طويل اللحية وعن سعد بن منصور انه قال قلت لابن ادريس أرأيت سلام بن أبى حفصة قال نعم رأيته طويل اللحية وكان أحمق وعن ابن سيرين انه قال إذا رأيت الرجل طويل اللحية لم فاعلم ذلك فى عقله قال زياد ابن ابيه ما زادت لحية رجل على قبضته إلا كان ما زاد فيها نقصا من عقله قال بعض الشعراء إذا عرضت للفتى لحية وطالت فصارت إلى سرته فنقصان عقل الفتى عندنا بمقدار ما زاد فى لحيته ومن صفات الأحمق صغر الاذن ويعرف الاحمق بمشيه وتردده وكلام الاحمق أقوى الادلة على حمقه

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد قال بلغنى أن المهدي لما فرغ من عيسا باذ ركب فى جماعة يسيرة لينظر فدخل مفاجأة فأخرج كل من كان هناك من الناس وبقى رجلان خفيا عن أبصار الاعوان فرأى المهدي أحدهما وهو دهش لا يعقل فقال من أنت قال أنا أنا أنا قال ويلك من أنت قال لا أدرى قال ألك حاجة قال لا لا قال أخرجوه أخرج الله نفسه فدفع في قفاه فلما خرج قال لغلامه اتبعه من حيث لا يعلم فسل عن أمره ومهنته فاني أخاله حائكا فخرج الغلام يقفوه ثم رأى الآخر فاستنطقه فأجابه بقلب قوي ولسان جرىء فقال من أنت فقال رجل من أبناء رجال دعوتك قال فما جاء بك الى هنا قال جئت لأنظر هذا البناء الحسن وأتمتع بالنظر واكثر من الدعاء لأمير المؤمين بطول المدة وتمام النعمة ونماء العز والسلامة قال ألك حاجة قال نعم خطبت ابنة عم لي فردني أبوها وقال لا مال لك والناس يرغبون فى المال وأنا بها مشغوف قال قد أمرت لك بخمسين ألف درهم قال جعلنى الله فداك يا أمير المؤمنين قد وصلت فأجزلت الصلة ومننت فأعظمت المنة فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه وآخر أيامك خيرا من أولها ومتعك بما أنعم به وأمتع رعيتك بك فأمر أن يعجل صلته ووجه بعض خاصته معه وقال سل عن مهنته فاني أخاله كاتبا فجاء الرسول الاول فقال وجدته حائكا وأخبر الآخر قال وجدته كاتبا فقال المهدى لم يخف علي مخاطبة الحائك والكاتب

وقد روى عن معاوية انه قال لأصحابه بأي شىء تعرفون الاحمق من غير مجاورة فقال بعضهم من قبل مشيته ونظره وتردده وقال بعضهم لا بل يعرف حمق الرجل من كنيته ونقش خاتمه فبينما هم يخوضون فى حديث الحمقى إذ صاح رجل لرجل يا أبا الياقوت فدعا به معاوية فاذا رجل عليه بزة فحاوره ساعة ثم قال ما الذى على فص خاتمك فقال ما لى لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين فقالوا يا امير المؤمنين الامر قلت وعن الشافعى أنه قال إذا رأيت الرجل خاتمه كبير وفصه صغير فذاك رجل عاقل وإذا رايت فضته قليلة وفصه كبير فذاك عاجز وإذا رأيت الكاتب دواته على يساره فليس بكاتب وإذا كانت على يمينه وقلمه على أذنه فذاك كاتب ذكر القسم الثاني وهو المتعلق بالخصال والأفعال من ذلك ترك نظره في العواقب وثقته بمن لا يعرفه ولا يخبره ومنها أنه لا مودة له ومنها العجب وكثرة الكلام قال أبو الدرداء لا يغرنكم ظرف الرجل وفصاحته وإن كان مع ذلك قائم الليل صائم النهار إذا رأيتم فيه ثلاث خصال العجب وكثرة المنطق فيما لا يعنيه وإن يجد على الناس فيما يأتي مثله فان ذلك من علامة

الجاهل وقال عمر بن عبدالعزيز ما عدمت من الاحمق فلن تعدم خلتين سرعة الجواب وكثرة الالتفاتات وتكلم رجل عند معاوية فاكثر الكلام فضجر معاوية فقال اسكت فقال وهل تكلمت ومن علامات الاحمق خلوه عن العلم أصلا فان العقل لا بد أن يحرك الى اكتساب شيء من العلم وان قل فاذا غلب السن ولم يحصل شيئا من العلم دل على الحمق قال الاعمش إذا رأيت الشيخ ليس عنده شيء من العلم أحببت أن أصفعه كان عبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب صديقا للوليد يأتيه ويؤانسه فجلسا يوما يلعبان بالشطرنج إذ أتاه الآذن فقال أصلح الله الأمير رجل من أخوالك من أشراف ثقيف قدم غازيا فأحب السلام عليك

فقال دعه فقال عبد الله وما عليك ائذن له فنظل نحن على لعبنافادع بمنديل يوضع عليها ونسلم على الرجل ونعود ففعل ثم قال ائذن له فاذا هو رجل له هيبة وبين عينيه أثر السجود وهو معتم قد رجل لحيته فسلم ثم قال أصلح الله الأمير قدمت غازيا فكرهت أن أجوزك حتى أقضى حقك فقال حياك الله وبارك عليك ثم سكت عنه فلما أنس أقبل عليه الوليد فقال يا خال هل جمعت القرآن قال لا كانت شغلتنا عنه شواغل قال أحفظت من سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ومغازيه وأحاديثه شيئا قال لا كانت شغلتنا عن ذلك شواغل قال فأحاديث العرب وأشعارها قال لا قال فأحاديث أهل الحجاز ومضحيكها قال لا قال فأحاديث العجم وآدابها قال ذاك شىء ما طلبته فرفع الوليد المنديل وقال شاهك فقال عبد الله بن معاوية سبحان الله قال لا والله ما معنا في البيت أحد فلما رأى ذلك الرجل خرج وأقبلوا على لعبهم ومن خصال الاحمق فرحه بالكذب من مدحه وتأثره بتعظيمه وان كان غير مستحق لذلك عن الحسن أنه يقول خفق النعال خلف الاحمق قلما يلبث وقال زيد بن خالد ليس أحد أحمق من غني قد أمن الفقر وفقير قد آيس من الغني وقال الاصمعى إذا أردت أن تعرف عقل الرجل فى مجلس واحد فحدثه بحديث لا أصل له فان رأيته أصغى إليه وقبله فاعلم أنه أحمق وإن أنكره فهو عاقل

وقال بعض الحكماء من أخلاق الحمق العجلة والخفة والجفاء والغرور والوفجور والسفه والجهل والتواني والخيانة والظلم والضياع والتفريط والغفلة والسرور والخيلاء والفجر والمكر إن استغنى بطر وإن افتقر قنط وإن فرح أشر وإن قال فحش وإن سئل بخل وإن سأل ألح وإن قال لم يحسن وإن قيل له لم يفقه وإن ضحك نهق وإن بكى خار وقال بعض الحكماء يعرف الاحمق بست خصال الغضب من غير شىء والاعطاء فى غير حق والكلام من غير منفعة والثقة بكل أحد وإفشاء السر وان لا يفرق بين عدوه وصديقه ويتكلم ما يخطر على قلبه ويتوهم أنه أعقل الناس وقال أبو حاتم بن حيان الحافظ علامة الحمق سرعة الجواب وترك التثبت والافراط فى الضحك وكثرة الالتفات والوقيعة في الاخيار والاختلاط بالاشرار والاحمق إن أعرضت عنه اعتم وإن أقبلت عليه اغتر وإن حلمت عنه جهل عليك وإن جهلت عليه حلم عليك وإن أحسنت إليه أساء إليك وإن أسأت إليه أحسن إليك وإذا ظلمته أنصفت منه ويظلمك إذا أنصفته فمن ابتلى بصحبة الاحمق فليكثر من حمد الله على ما وهب له مما حرمه ذاك قال محمد الشامى لنا جليس تارك للأدب جليسه من قوله فى تعب يغضب جهلا عند حال الرضى ومنه يرضى عند حال الغضب

الباب السادس فى التحذير من صحبة الاحمق
قال عليه السلام لا تؤاخي الاحمق فانه يشير عليك ويجهد نفسه فيخطىء وربما يريد أن ينفعك فيضرك وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه وموته خير من حياته وقال ابن أبي زياد قال لي أبي يا بني الزم أهل العقل وجالسهم واجتنب الحمقى فانى ما جالست أحمق فقمت إلا وجدت النقص في عقلى عن عبد الله بن حبيق قال أوحى الله عز و جل إلى موسى عليه السلام لا تغضب على الحمقى فيكثر غمك وعن الحسن قال هجران الاحمق قربة إلى الله عز و جل وعن سلمان بن موسى قال ثلاثة لا ينتصف بعضهم من بعض حليم من أحمق وشريف من دنيء وبر من فاجر وكذلك روينا عن الأحنف بن قيس أنه قال قال الخليل بن أحمد الناس أربعة رجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عالم فخذوا عنه ورجل يدري وهو لا يدرى أنه يدري فذاك ناس فذكره ورجل لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك طالب فعلموه ورجل لا يدري وهو لا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فارفضوه وقال أيضا الناس أربعة فكلم ثلاثة ولا تكلم واحدا رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فكلمه ورجل يعلم ويرى أنه لا يعلم فكلمه ورجل لا يعلم ويرى أنه لا يعلم فكلمه ورجل لا يعلم ويرى أنه يعلم فلا تكلمه قال جعفر بن محمد

الرجال أربعة رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فذاك عالم فتعلموا منه ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم فذاك نائم فأنبهوه ورجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم فذاك جاهل فعلموه ورجل لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم فذاك أحمق فاجتنبوه وقد روينا عن ابى يوسف القاضي أنه قال الناس ثلاثة مجنون ونصف مجنون وعاقل فاما المجنون ونصف فأنت معهما في راحة وأما العاقل فقد كفيت مؤنته عن الاعمش انه قال معاتبة الاحمق نفخ فى تليسه عن عبد الله بن داود الحربى أنه قال كل صديق ليس له عقل فهو أشد عليك من عدوك عن بشر بن الحارث انه قال النظر الى الاحمق سخنة عين وسمعته يقول يأتي على الناس زمان تكون الدولة فيه للحمقى وعنه أنه قال الاحمق سخنة عين غاب أو حضر عن شعبة انه قال عقولنا قليلة فإذا جلسنا مع من هو أقل عقلا منا ذهب ذلك القليل فاني لأرى الرجل يجلس مع من هو أقل عقلا منه فأمقته قال بعض الحكماء مؤنة العاقل على نفسه ومؤنة الاحمق على الناس ومن لا عقل له فلا دنيا له ولا آخره قال حكيم آخر ليس كل أحد يحسن يعامل الاحمق وأنا أحسن أعامله قيل له كيف قال أبخسه حتى يطلب الحق بعينه إذ متى أعطيته حقه طلب ما هو أكثر منه

وأنشدوا إتق الاحمق أن تصحبه إنما الاحمق كالثوب الخلق كلما رقعت منه جانبا خرقته الريح وهنا فانخرق أو كصدع فى زجاج فاحش هل ترى صدغ زجاج يرتتق كحمار السوق إن أقضمته رمح الناس وإن جاع نهق أو غلام السوء إن اسغبته سرق الناس وإن يشبع فسق واذا عاتبته كي يرعوي أفسد المجلس منه بالخرق

الباب السابع فى ضرب العرب المثل بمن عرف حمقه
العرب تضرب للاحمق تارة بمن عرف حمقه من الناس وتارة بما ينسب إلى سوء التدبير من البهائم والطير وتارة بما لا يقع منه فعل ولكن لو تصور له فعل كان ما ظهر منه حمقا فأما ضربهم المثل بمن قد عرف حمقه فقال أبو هلال العسكري تقول العرب أحمق من هبنقة وستأتى أخباره و أحمق من حذنة قيل هو رجل بعينه وقيل هو الصغير الاذن الخفيف الرأس القليل الدماغ وكذلك يكون الاحمق وقيل حذنة امرأة كانت تمتخط بكوعها وتقول العرب أحمق من أبي غبشان و أحمق من جحا و أحمق من عجل بن لجيم و أحمق من حجينة وهو رجل من بنى الصداء و أحمق من بهيس و من مالك بن زيد مناه ومن عدي بن حباب و أحمق من الممهورة إحدى خدمتيها

وأما ذكرهم للبهائم فيقولون أحمق من الضبع و أحمق من أم عامر و أحمق من نعجة على حوض لأنها إذا وردت الماء أكبت عليه ولا تنثنى و أحمق من ذئبة لانها تدع ولدها وترضع ولد الضبع وأما ذكرهم الطير فيقولون أحمق من حمامة لانها لا تصلح عشها وربما سقطت بيضها فانكسر وربما باضت على الاوتاد فيقع البيض وأحمق من نعامة لأنها إذا مرت ببيض غيرها حضنته وتركت بيضها و أحمق من رخمة و أحمق من عقعق لانه يضيع بيضه وفراخه و أحمق من كروان لانه إذا رأى أناسا سقط على الطريق فيأخذونه ومن الموصوف بالحمق من الحيوان الحباري والنعجة والبعير والطاووس والزرافة وأما ضربهم المثل بمن لا فعل له كقولهم أحمق من رجلة وهي البقلة الحمقاء لانها تنبت فى مجارى السيل

الباب الثامن في ذكر اخبار من ضرب المثل بحمقه وتغفيله
هؤلاء ينقسمون إلى رجال ونساء
فمنهم هبنقة
واسمه يزيد بن ثروان ويقال ابن مروان أحد بني قيس ابن ثعلبة ومن حمقه انه جعل في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف وقال أخشى أن أضل نفسي ففعلت ذلك لاعرفها به فحولت القلادة ذات ليلة من عنقه لعنق أخيه فلما أصبح قال يا أخي أنت أنا فمن أنا وأضل بعيرا فجعل ينادى من وجده فهو له فقيل له فلم تنشده قال فأين حلاوة الوجدان وفي رواية من وجده فله عشرة فقيل له لم فعلت هذا قال للوجدان حلاوة في القلب واختصمت طفاوة وبنو راسب في رجل ادعى كل فريق انه في عرافتهم فقال هبنقة حكمه أن يلقى في الماء فان طفا فهو من طفاوة وإن رسب فهو من راسب فقال الرجل إن كان الحكم هذا فقد زهدت في الديوان وكانوا إذا رعى غنما جعل يختار المراعي للسمان وينحي المهازيل ويقول لا أصلح ما أفسده الله
ومنهم أبو غبشان
وهو من خزاعة كان يلي الكعبة فاجتمع مع قصى بن كلاب بالطائف على الشرب فلما سكر اشترى منه قصي ولاية البيت بزق خمر وأخذ منه مفاتيحه وسار بها إلى مكة وقال يا معشر قريش هذه مفاتيح بيت أبيكم اسماعيل ردها الله عليكم من غير غدر ولا ظلم وأفاق أبو غبشان فندم فقيل أندم من أبي غبشان وأخسر من أبي غبشان وأحمق من أبي غبشان قال بعضهم باعت خزاعة بيت الله إذ سكرت بزق خمر فبئست صفقة البادي باعت سدانتها بالخمر وانقرضت عن المقام وضل البيت والنادي ثم جاءت خزاعة فغالبوا قصيا فغلبهم
ومنهم شيخ مهو
وهي قبيلة من عبد القيس واسمه عبد الله بن بيدرة وكانت إياد تعير بالفسو فقام رجل منهم بعكاظ ومعه بردا حبرة فنادى ألا إنني من إياد فمن يشتري مني عار الفسو ببردي هذين فقام عبد الله بن بيدرة فقال أنا واتزر باحدهما وارتدى بالآخر واشهد الايادي عليه أهل القبائل وانصرف عبد الله إلى قومه فقال جئتكم بعار الابد فلزم العار بذلك عبد القيس
ومنهم عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل
من حمقه انه قيل له ما سميت فرسك فقام اليه ففقأ إحدى عينيه وقال سميته الاعور قال العنزي رمتني بنو عجل بداء أبيهم وأي امرىء في الناس أحمق من عجل ألبس أبوهم عار عين جواده فصارت به الامثال تضرب بالجهل
ومنهم حمزة بن بيض
عن أبي طالب عمر بن ابراهيم انه قال دعا حمزة بن بيض حجاما وكان الحجام ثقيلا كثير الكلام فلما أرهف المشاريط قال له الساعة توجعني قال لا قال فانصرف اليوم قال لا تفعل فانك محتاج إلى إخراج الدم وذلك بين في وجهك وهي سنة نبوية قال انصرف وعد إلي غدا قال لست تدري ما يحدث إلى غد والمشاريط حادة وإنما هي لحظة قال إن كان كما تقول فاعطني فردة بيضة من خصيتك تكون في يدي رأينة إن أوجعتني أوجعتك فقام الحجام وقال أرى أن تدع الحجامة في هذا العام وانصرف عن محمد بن العلاء الكاتب انه قال قال حمزة بن بيض لغلام له أى يوم صلينا الجمعة في الرصافة ففكر الغلام ساعة ثم قال يوم الثلاثاء وقيل لحمزة بن بيض كم تشرب من النبيذ قال أكثر من رطلين شىء
ومنهم أبو أسيد
عن محمد بن رجاء قال قال أبو أسيد وحدث

بحديث كان ذلك في خلافة المهدي قبل موت المنصور وقال مر على أبي أسيد بعيران فقال قوم كانوا حوله ما أفرههما فقال أبو أسيد أحدهما أفره من الآخر قالوا أيهما أفره قال القدامى أفره من الاول وعزى أبا أسيد رجل عن مصيبته فقال له رزقنا الله مكافأتك وعن محمد بن عبد المطلب قال قال أبو أسيد ونظر الى رجل نائم قم فكم تنام كأنك بعير ناد وقيل لأبي أسيد حدثنا عن ابن عمر فقال كان يحف شاربه حتى يبدو بياض إبطيه

ومنهم جحا
ويكنى أبا الغصن وقد روي عنه ما يدل على فطنة وذكاء إلا أن الغالب عليه التغفيل وقد قيل إن بعض من كان يعاديه وضع له حكايات والله اعلم عن مكي بن ابراهيم انه يقول رأيت جحا رجلا كيسا ظريفا وهذا الذي يقال عنه مكذوب عليه وكان له جيران مخنثون يمازحهم ويمازحونه فوضعوا عليه وعن أبي بكر الكلبي انه قال خرجت من البصرة فلما قدمت الكوفة إذا أنا بشيخ جالس فى الشمس فقلت يا شيخ أين منزل الحكم فقال لي وراءك فرجعت إلى خلفي فقال يا سبحان الله أقول لك وراءك وترجل إلى خلفك أخبرني عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا قال بين أيديهم

فقلت أبو من قال أبو الغصن فقلت الاسم قال جحا وقد رويت لنا هذه الحكاية على غير هذه الصفة وعن عبادة بن صهيب قال قدمت الكوفة لأسمع من اسماعيل بن خالد فمررت بشيخ جالس فقلت يا شيخ كيف امر إلى منزل اسماعيل بن خالد فقال إلى ورائك فقلت أرجع فقال أقول لك وراءك وترجع فقلت أليس ورائي خلفي قال لا ثم قال حدثني عكرمة عن ابن عباس وكان وراءهم أي بين أيديهم قال قلت بالله من أنت يا شيخ قال أنا حجا قال المصنف وجمهور ما يروى عن حجا تغفيل نذكره كما سمعناه عن أبي الحسن قال رجل لجحا سمعت من داركم صراخا قال سقط قميصي من فوق قال وإذا سقط من فوق قال يا أحمق لو كنت فيه أليس كنت قد وقعت معه وحكى أبو منصور الثعالبي في كتاب غرر النوادر قال تأذى أبو الغصن جحا بالريح مرة فقال يخاطبها ليس يعرفك إلا سليمان بن داود الذي حبسك حتى أكلت خراك وخرج يوما من الحمام في يوم بارد فضربته الريح فمس خصيتيه فاذا احدى بيضته قد تقلصت فرجع الى الحمام وجعل يفتش الناس فقالوا ما لك

فقال قد سرقت إحدى بيضتي ثم انه دفىء وحمى فرجعت البيضة فلما وجدها سجد شكرا لله وقال كل شىء لا تأخذه اليد لا يفقد ومات جار له فارسل الى الحفار ليحفر له فجرى بينهما لجاج فى أجرة الحفر فمضى حجا إلى السوق واشترى خشبة بدرهمين وجاء بها فسئل عنها فقال ان الحفار لا يحفر باقل من خمسة دراهم وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين لنصلبه عليها ونربح ثلاثة دراهم ويستريح من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير وحكي أن جحا تبخر يوما فاحترقت ثيابه فغضب وقال والله لا تبخرت إلا عريانا وهبت يوما ريح شديدة فأقبل الناس يدعون الله ويتوبون فصاح جحا يا قوم لا تعجلوا بالتوبة وإنما هي زوبعة وتسكن وذكر أنه اجتمع على باب دار أبي جحا تراب كثير من هدم وغيره فقال أبوه الآن يلزمني الجيران برمي هذا التراب واحتاج إلى مؤنة وما هو بالذي يصلح لضرب اللبن فما أدري ما أعمل به فقال له جحا إذا ذهب عنك هذا المقدار فليت شعري أي شىء تحسن فقال أبوه فعلمنا أنت ما تصنع به فقال يحفر له آبار ونكبسه فيها واشترى يوما دقيقا وحمله على حمال فهرب بالدقيق فلما كان بعد أيام رآه جحا فاستتر منه فقيل له ما لك فعلت كذا فقال أخاف أن يطلب مني كراه ووجهه أبوه ليشتري رأسا مشويا فاشتراه وجلس قي الطريق فأكل عينيه وأذنيه ولسانه ودماغه وحمل باقيه الى أبيه فقال ويحك ما هذا فقال هو الرأس الذي طلبته قال فأين عيناه قال كان أعمى قال

فأين أذناه قال كان أصم قال فاين لسانه قال كان أخرس قال فأين دماغه قال فكان أقرع قال ويحك رده وخذ بدله قال باعه صاحبه بالبراءة من كل عيب وحكي أن جحا دفن دراهم في الصحراء وجعل علامتها سحابة تظلها ومات أبوه فقيل له إذهب واشتر الكفن فقال أخاف أن أشتري الكفن فتفوتني الصلاة عليه وحكي أن المهدي أحضره ليمزح معه فدعا بالنطع والسيف فلما أقعد في النطع قال للسياف أنظر لا تصب محاجمي فاني قد احتجمت ورأوه يوما في السوق يعدوا فقالوا ما شأنك قال هل مرت بكم جارية رجل مخضوب اللحية واجتاز يوما بباب الجامع فقال ما هذا فقيل مسجد الجامع فقال رحم الله جامعا ما أحسن ما بنى مسجده ومر بقوم وفي كمه خوخ فقال من أخبرني بما في كمي فله أكبر خوخة فقالوا خوخ فقال ما قال لكم هذا الا من أمه زانية وسمع قائلا يقول ما أحسن القمر فقال أي والله خاصة فى الليل وقال رجل أتحسن الحساب باصبعك قال نعم قال خذ جريبين حنطة فعقد الخنصر والبنصر فقال له خذ جريبين شعيرا فعقد السبابة والابهام وأقام الوسطى فقال الرجل لم أقمت الوسطى قال لئلا يختلط الحنطة بالشعير ومر يوما بصبيان يلعبون ببازي ميت فاشتراه منهم بدرهم وحمله إلى البيت فقالت أمه ويحك ما تصنع به وهو ميت فقال لها أسكتي فلو كان حيا ما طمعت في شرائه بمائة درهم

وخرج أبوه مرة الى مكة فقال له عند وداعه بالله لا تطل غيبتك واجتهد أن تكون عندنا في العيد لأجل الضحية

ومنهم مزبد
قال أبو يزيد قيل لمزبد إن فلانا الحفار قد مات فقال ابعده الله من حفر حفرة سوء وقع فيها وقال مزبد لرجل أيسرك أن تعطى ألف درهم وتسقط من فوق البيت قال لا قال مزبد وددت أنها لي وأسقط من فوق الثريا فقال له الرجل ويلك فإذا سقطت مت قال وما يدريك لعلي سقطت في التبانين أو على فرش زبيدة وقيل له أيسرك أن تكون هذه الجبة لك قال نعم وأضرب عشرين سوطا قالوا ولم تقول هذا قال لأنه لا يكون شىء إلا بشيء
ومنهم أزهر الحمار
كان جالسا بين يدي الأمير عمرو بن الليث يوما يأكل بطيخا فقال له عمرو كيف طعمه يا أزهر أحلو هو قال ما أكلت الخرا قط وقدم على الأمير عمرو رسول من عند السلطان فأحضر مائدته فقال لأزهر جملنا بسكوتك اليوم فسكت طويلا ثم لم يصبر فقال بنيت في القرية برجا ارتفاعه الف خطوة فأومأ اليه حاجبه أن أسكت فقال له الرسول في عرض كم قال في عرض خطوة فقال له الرسول ما كان ارتفاعه الف خطوة لا يكفي عرضه خطوة قال أردت أن أزيد فيه فمنعني هذا الواقف

وقدم رسول آخر فقيل لأزهر لا تتكلم اليوم وتجمل لهذا الرسول فسكت ساعة فعطس الرسول فأراد أزهر أن يشمته فيقول يرحمك الله فقال صبحك الله فقال الأمير أليس قد قدمت اليك أن لا تتكلم فقال أردت أن لا يرجع الرسول إلى بغداد فيقول إن هؤلاء لا يعرفون العربية وقال له الطبيب خذ رمانتين فاعصرهما بشحمهما واشرب ماءهما فعمد إلى رمانتين وقطعة شحم ودقهما في موضع واحد وعصرهما وأخذ ماءهما فشربه

ومنهم أبو محمد جامع الصيدلاني
قال علي بن معاذ كتبت إلى جامع الصيدلاني كتابا فكتب جوابه وجعل عنوانه إلى الذي كتب إلي وجاء اليه قوم في أمر حائط فقالوا يا أبا محمد منذ كم تعرف هذا الحائط فقال أعرفه منذ كان وهو صغير لفلان وقيل له يوما كم سنة تعد فقال إحدى وسبعين سنة قيل له فمن تذكر من ولد العباس قال ايتاخ وركب زورقا فأعطى الملاح قطعة فاستزاده فقال مسخني الله ذو أربع قوائم مثلك إن زدتك شيئا ومضى إلى السوق ليشتري لابنه نعلا فقيل له كم سنه فقال لا أدري ولكنه ولد أول ما جاء العنب الداراني ومحمد ابني استودعه الله أكبر منه بشهرين ونصف سنة

وكانت له بنت فقيل له كم سنها فقال ما أدري إلا أنها ولدت أيام البراغيث وانبثق كنيف لجامع الصيدلاني فقال لغلامه بادر وأحضر من يصلحه حتى نتغدى به قبل أن يتعشى بنا وحج ابنه في بعض السنين فقال له يا بني أنت تعلم انني لا أصبر عنك فأجهد نفسك أن لا تضحي إلا عندنا فانك تعلم أن أمك لا تأكل شيئا في العيد حتى تجيء من الصلاة

ومنهم أبو عبد الله الجصاص
حكي عنه أنه كان يوما يأكل مع الوزير فلما فرغ من الأكل قال الحمد لله الذي لا يحلف بأعظم منه ونظر يوما قي المصحف وجعل يقول رخيص والله وهذا من فضل ربي آكل وأتمتع بدرهم وإذا في المصحف ذرهم يأكلوا ويتمتعوا فصحف ذرهم فظن انه درهم ودخل ابن الجصاص يوما على ابن الفرات الوزير الخاقاني وفي يده بطيخة كافور فاراد أن يعطيها الوزير ويبصق في دجلة فبصق في وجه الوزير ورمى البطيخة في دجلة فارتاع الوزير وانزعج ابن الجصاص وتحير وقال والله العظيم لقد أخطأت وغلطت أردت أن أبصق في وجهك وأرمي البطيخة في دجلة فقال له الوزير كذلك فعلت يا جاهل فغلط في الفعل وأخطأ في الاعتذار ونظر يوما في المرآة فقال اللهم بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وسودها يوم تسود وجوه

وقال يوما أشتهي بغلة مثل بغلة النبي صلى الله عليه و سلم حتى أسميها دلدل وقال يوما خريت على يدي فلو غسلتها الف مرة لم تنظف حتى أغسلها مرتين ونظر يوما في المرآة فقال لانسان عنده ترى لحيتي طالت فقال له المرآة في يدك فقال صدقت ولكن الشاهد يرى ما لا يراه الغائب وكسر يوما لوزة فطارت لوزة فقال لا إله إلا الله كل شىء يهرب من الموت حتى البهائم وأهدى إلى العباس بن الاحنف الوزير نبقا وكتب اليه تفيلت أن تبقى فأهديتك النبقا فكتب في جوابه ما تفيلت يا أبا عبد الله ولكن تبقرت وكان ابن الجصاص يسبح كل يوم فيقول نعوذ بالله من نعمه ونتوب اليه من إحسانه ونستقيله من عافيته ونسأله عوائق الامور حسبي الله وأنبياؤه والملائكة الكرام ومن دعائه اللهم ادخلنا في بركة القصور على قبورهم والبيع والثغور الكنائس سبحان الله قبل الله سبحان الله بعد الله وأتاه غلامه يوما بفرخ فقال أنظروا إلى هذا الفرخ ما أشبهه بامه ثم قال أمه ذكر أم أنثى واعتل مرة فقيل له كيف تجدك فقال الدنيا كلها محمومة وذكر محمد بن أحمد الترمذي قال كنت عند الزجاج أعزيه بأمه

وعنده الخلق من الرؤساء والكتاب إذ أقبل ابن الجصاص فدخل ضاحكا وهو يقول الحمد لله قد سرني والله يا أبا إسحاق فدهش الزجاج ومن حضر وقيل له يا هذا كيف سرك ما غمه وغمنا فقال ويحك بلغني انه هو الذي مات فلما صح عندي أنها هي التي ماتت سرني ذلك فضحك الناس جميعا وكتب ابن الجصاص إلى وكيل له يحمل اليه مائة من قطنا فحملها فلما حلجها خرج منها ربع الوزن فكتب الى الوكيل لم يحصل من هذا القطن إلا خمسة وعشرون منا فلا تزرع بعد هذا الا قطنا محلوجا وشيئا من الصوف أيضا ودخل يوما بستانا فثار به المرار فطلب بصلا بخل ليطفىء المرار ولم يكن عند البستاني فقال له لم لم تزرع لنا بصل بخل وكان يوما خلف الامام فقال الامام ولا الضالين فقال ابن الجصاص أي لعمري وكان إذا سبح يقول حسبي الله وحدي وقال يوما ما ينبغي للأنسان أن يصير إلى المقابر ليغتاظ أراد يسير ليتعظ وقال يوما كان الفأر يؤذينا في سقوفنا فوصف لي إنسان دواء فما سمعت لهم حسوة وأراد حسا وذكر يوما ثلاثة أصناف من الثياب ثم قال إذا لبست واحدا من هؤلاء فما أبالي بغيرها وقال يوما كان الهواء البارحة باردا إلا اني لم أجده وقدمت له هريسة من نعامة فاستطابها فقال كيف لو أكلتها بقرية أراد سكباجا ومرض فقيل له لعلك تناولت شيئا ضارا فقال لا والله ما أكلت إلا مزورة بفرخ فروج

وذكر بين يديه رجل فقال أخبرتني أمه أنه ولد أبوه وله ثمانون سنة وقدمت اليه اسفيداجة فقال لمن حوله كلوا فهذه أم القرى وقال يوما قمت البارحة إلى المستراح وقد انطفأ القنديل فما زلت أتلمظ المقعدة حتى وجدتها ودخل يوما على مريض فجلس عنده فشكا اليه الكتف فقال والله ما أغفل من وجع كتفي هذين وضرب بيديه على ركبتيه وقد نقل عن ابن الجصاص ما يدل على انه كان يقصد التطابع لا انه كان بهذه المثابة عن علي بن أبي علي التنوخي عن أبيه قال اجتمعت ببغداد سنة ست وخمسين وثلاثمائة مع أبي علي بن أبي عبد الله بن الجصاص فرأيته شيخا حسنا طيب المحاضرة فسألته عن الحكايات التي تنسب إلى أبيه مثل قوله خلف الامام حين قرأنا ولا الضالين فقال أي لعمري بدلا عن آمين ومثل قوله أراد أن يقبل رأس الوزير فقيل له أفيه ذهب فقال لو كان في رأس الوزير خرا لقبلته ومثل قوله وقد وصف مصحفا بالعتق فقال كسروي فقال اما أي لعمري ونحو هذا فكذب وما كان فيه سلامة تخرجه إلى هذا وما كان إلا من أدهى الناس ولكنه يطلق بحضرة الوزراء قريبا مما يحكى عنه لسلامة طبع كان فيه ولأنه كان يحب أن يصور نفسه عندهم بصورة الأبله ليأمنه الوزراء لكثرة خلواته بالخلفاء فيسلم عليهم وأنا أحدثك عنه حديثا حدثنا به تعلم معه انه كان في غاية الحزم فانه حدثني فقال إن أبا الحسن بن الفرات لما

ولي الوزارة قصدني قصدا قبيحا فأنفذ العمال إلى ضياعي وأمر بقبض معاملاتي وبسط لسانه بثلبي وتنقصني في مجلسه فدخلت يوما داره فسمعت حاجبه يقول وقد وليت أي بيت مال يمشي على وجه الأرض ليس له من يأخذه فقلت إن هذا من كلام صاحبه وإني مسلوب وكان عندي في ذلك الوقت سبعة آلاف ألف دينار عينا وجواهر سوى ما يحتويه عليه ملكي فسهرت ليلتي أفكر في أمري معه فوقع لي الرأي في الثلث الأخير فركبت إلى داره في الحال فوجدت الابواب مغلقة فطرقتها فقال البوابون من هذا قلت ابن الجصاص فقالوا ليس هذا وقت وصول والوزير نائم فقلت عرفوا الحجاب إني حضرت في مهم فعرفوهم فخرج إلي أحدهم فقال انه إلى ساعة ينتبه فيجلس فقلت الامر أهم من ذلك فنبهه وعرفه عني فدخل وأبطأ ساعة ثم خرج وأدخلني الى دار حتى انتهيت إلى مرقده وهو جالس على سرير له وحواليه نحو خمسين فراشا وغلمان كأنهم حفظة وهو مرتاع قد ظن أن حادثة حدثت وأني جئته برسالة الحليفة وهو متوقع لما أورده فقام فرفعني وقال ما الذي جاء بك في هذا الوقت هل حدثت حادثة أو معك من الخليفة رسالة قلت خير ما حدثت حادثة ولا معي رسالة ولا جئت إى في أمر يخصني ويخص الوزير ولم تصلح المفاوضة فيه إلا على خلوة فسكن وقال لمن حوله انصرفوا فمضوا وقال هات قلت أيها الوزير إنك قد قصدتني أقبح قصد وشرعت في هلاكي وإزالة نعمتي وفي إزالتها خروج نفسي وليس عن النفس عوض ولعمري إني أسأت في خدمتك وقد كان في هذا التقويم بلاغ وجد عندي وقد اجتهدت في إصلاحك بكل ما قدرت عليه وأبيت إلا الاقامة على إيذائي وليس شىء أضعف في الدنيا من السنور وإذا عوينت في دكان البقال وظفر صاحبها بها ولزها إلى زاوية ليخنقها وثبت عليه فخدشت وجهه وبدنه ومزقت ثيابه وطلبت الحياة بكل ما يمكنها وقد وجدت نفسي معك في هذه الصورة ولست اضعف من السنور بطشا وقد جعلت هذا الكلام عذرا بينا فإن نزلت

تحت حكمي في الصلح وإلا فعلي وعلى وحلفت أيمانا مغلظة لأقصدن الخليفة الساعة ولأحولن إليه من خزائني ألفي ألف دينار عينا وورقا ولا أصبح إلا وهي عنده وأنت تعلم قدرتي عليها وأقول خذ هذا المال وسلم ابن الفرات إلى فلان واستوزره وأذكر له أقرب من يقع في نفسي أنه يجيب إلى تقليده ممن له وجه مقبول ولسان عذب وخط حسن ولا أعتمد إلا على بعض كتابك فانه لا يفرق بينك وبينهم إذا رأى المال حاضرا فيسلمك في الحال ويراني المتقلد بعين من أخذه وهو صغير فجعله وزيرا وغرم عليه هذا المال الكثير فيخدمني ويتدبر برأيي وأسلمك اليه فيفرغ عليك العذاب حتى يأخذ ألفي الف الدينار منك بأسرها وأنت تعلم ان حالك تفي بهذا ولكنك تفتقر بعدها ويرجع المال إلي ولا يذهب مني شىء وأكون قد أهلكت عدوي وشفيت غيظي واسترجعت مالي وصفت نعمتي وزاد محلي بصرفي وزيرا وتقليدي وزيرا فلما سمع هذا الكلام سقط قي يده وقال يا عدو الله أو تستحل هذا قلت لست عدو الله بل عدو الله من استحل مني هذا الذي أخرجني إلى الفكر في مثل هذا ولم لا أستحل مكروه من أراد هلاكي وزوال نعمتي فقال أو إيش فقلت أو تحلف الساعة بما استحلفك به من الايمان المغلظة انك تكون لي لا علي في صغير أمري وكبيره ولا تنقص لي رسما ولا تغير لي معاملة ولا تدسس علي المكاره ولا تشر لي في سوء أبدا ظاهرا ولا باطنا فقال وتحلف أنت أيضا لي بمثل هذا اليمين على جميل النية وحسن الطاعة والمؤازرة فقلت افعل فقال لعنك الله فما انت الا إبليس والله لقد سحرتني واستدعى دواة وعملنا نسخة يمين فأحلفته أولا بها ثم حلفت له فلما أردت القيام قال يا أبا عبد الله لقد عظمت في نفسي وخففت ثقلا عني والله ما كان المقتدر يفرق بين كفاءتي وبين

أخس كتابي مع المال الحاضر فليكن ما جرى مطويا فقلت سبحان الله فقال إذا كان غدا فصر الى المجلس لتر ما أعاملك به فنهضت فقال يا غلمان بأسركم بين يدي أبى عبد الله فخرج بين يدي نحو مائتي غلام وعدت إلى داري ولما طلع الفجر واسترحت جئته في المجلس فعرفني الذين كانوا بحضرته وعرفهم ما جرى من التفريط التام وعاملني بما شاهده الحاضرون وأمر بانشاء الكتب إلى عمال النواحي باعزازي واعزاز وكلاتي وعمالي وصيانة أسبابي وضياعي فشكرت الله وقمت فقال يا غلمان بين يديه فخرج الحجاب يجردون سيوفهم بين يدي والناس يعجبون ولم يعلم أحد سبب ذلك فما حدثت بذلك الا بعض القبض عليه قال لي أبو علي هل هذا فعل من يحكى عنه تلك الحكايات قلت لا وقد حكي التنوخي ان ابن الجصاص صودر في أيام المقتدر فارتفعت مصادراته سوى ما بقى له من الظاهر وكانت ستة آلاف الف دينار قال التنوخي وحدثني أبومحمد عبد الله بن أحمد بن مكرم قال حدثني بعض شيوخنا قال كنا بحضرة أبي عمرو القاضي فجرى ذكر ابن الجصاص وغفلته فقال أبو عمرو معاذ الله ما هو كما يقال عنه ولقد كنت عنده منذ أيام وفي صحن داره سرادق مضروب فجلسنا بالقرب منه نتحدث فاذا بصرير نعل من خلف السرادق فقال يا غلام جئني بصاحب هذا النعل فأخرجت اليه جارية سوداء فقال ما كنت تصنعين ها هنا قالت جئت إلى الخادم أعرفه أني قد فرغت من الطبيخ وأستأذن في تقديمه فقال انصر في لشأنك فعلمت انه اراد يعرفني بذاك الوطء انه وطء جارية سوداء مبتذلة وأانها ليست من حرمه فهل يكون هذا من التغفيل عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال حدثني أبو القاسم الجهني قال كنت بحضرة أبي الحسن بن الفرات وابن الجصاص حاضر فذكروا ما يعتقده الناس لأولادهم فقال ابن الفرات

ما أجل ما يعتقده الناس لاعقابهم فقال من حضر الضياع وقال بعضهم العقار وقال بعضهم العقار الصامت وقال بعضهم الجوهر الخفيف الثمين فان بني أمية سئلوا أي الاموال كانت أنفع لكم في نكبتكم فقالوا الجوهر الخفيف المثمن كنا نبيعه فلا نطالب بمعرفته والواحدة منه أخف من ثمنها وابن الجصاص ساكت فقال له ابن الفرات ما تقول انت يا أبا عبد الله فقال أجل ما يعتقده الناس لاولادهم الضياع والاخوان فانهم إن اعتقدوا لهم ضياعا أو عقارا أو صامتا من غير إخوان ضاع ذلك وتمحق وأحدث الوزير بحديث جرى منذ مديدة يعلم منه صدق قولي فقال له ابن الفرات ما هو فقال الناس يعرفون أن أبا الحسن كان رجلا مشتهرا بالجوهر يعتقده لنفسه وأولاده وجواريه فكنت جالسا يوما في داري فجاءني بوابي فقال بالباب امرأة تستأذن فاذنت لها فدخلت فقالت لي تخلي لي مجلسك فاخليته فقالت لي أنا فلانة جارية أبي الحسن فعرفتها وبكيت لما شاهدتها عليه ودعوت غلماني ليحضروا لي شيئا أغير به حالها فقالت لا تدع أحدا فاني أضنك دعوتهم لتغير حالي وأنا في غنية وكفاية ولم أقصدك لذلك ولكن لحاجة هي أهم من هذا فقلت ما هي فقالت تعلم أن أبا الحسن لم يكن يعتقد لنا إلا الجوهر فلما جرى وتشتتنا وزال عنا ما كنا فيه كان عندي جوهر قد سلمه الي ووهبه لي ولابنته مني فلانة وهي معي ها هنا فخشيت أن أظهره بمصر فيؤخذ مني فتجهزت للخروج وخرجت مستخفية وابنتي معي فسلم الله تعالى ووصلنا هذا البلد وجميع مالنا سالم فاخرجت من الجواهر شيئا قيمته خمسة آلاف دينار وسرت به لى السوق فبلغ ألفى دينار فقلت هاتوا فلما أحضروا المال قالوا أين صاحب المتاع قلت أنا هي قالوا ليس محلك أن يكون هذا لك وأنت لصة فعلقوا بي ليحملوني الى صاحب الشرطة فخشيت أن اقع فاعرف فيؤخذ الجوهر وأطالب أنا بمال فرشوت القوم دنانير كانت معي وتركت الجوهر عليهم وأقبلت فما نمت ليلتي غما مما جرى علي من خشية الفقر لان مالي هذا سبيله فأنا غنية فقيرة فلم أدر

ما أفعل فذكرت ما بيننا وبينك فجئتك والذي أريد منك جاهك وبذله لي حتى تخلص لي حقي وما أخذ مني وتبيع الباقي وتخلص لي ثمنه وتشتري لي ولابنتي عقارا نقتات من غلته قال فقلت من أخذ منك الجوهر قالت فلان فانفذت إليه فاستخليت به وقلت هذه امرأة من داري وإنما أنفذت المتاع لاعرف قيمته ولئلا يراني الناس أبيع شيئا بدون قيمته فلم تعرضتم لها فقالوا ما علمنا ذلك ورسمنا كما تعلم لا نبيع شيئا إلا بمعرفة ولما طالبناها بذلك اضطربت فخشينا أن تكون لصة فقلت له أريد الجوهر الساعة فجاء به فلما رأيته عرفته وكنت انا اشتريته لأبي الحسن بخمسة آلاف دينار فاخذته منه وصرفته وأقامت المرأة في داري وتلطفت لها في بيع الجوهر باوفى ثمن فخصها منه أكثر من خمسة آلاف دينار فابتعت لها بذلك ضياعا ومسكنا فهي تعيش في ذلك وولدها إلى الآن فنظرت فاذا الجوهر لما كان معها بلا صديق حجر بل كان سببا لمكروه ولما وجدت صديقا يعنيها حصل لها منه هذا المال الحليل فالصديق أفضل من العقد فقال ابن الفرات أجدت يا أبا عبد الله ينسبون هذا الرجل إلى التغفيل وقد سمعتم ما قال فكيف يكون هذا مغفلا

فصل فأما النساء المنسوبات إلى التغفيل فمنهن التي نقضت غزلها
قال مقاتل بن سليمان هي امرأة من قريش تسمى ريطة بنت عمرو بن كعب

كانت إذا غزلت نقضته قال ابن السائب اسمها رايطة وقال أبو بكر بن الانباري أسماها ريطة بنت عمرو المرية ولقبها الجعرا وهي من أهل مكة وكانت معروفة عند المخاطبين فعرفوها بصنعتها ولم يكن لها نظير في فعلها وكانت متناهية الحمق تغزل الغزل من القطن أو الصوف فتحكمه ثم تأمر خادمها بنقضه قال بعضهم كانت تغزل هي وجواريها ثم تأمرهن أن ينقضن ما غزلن

ومنهن دغة بنت مغنج
ومغنج هو ربيعة بن عجل واسم دغة ماوية ودغة لقب وكانت قد تزوجت صغيرة في بني العنبر فحبلت فلما جاءها المخاض ظنت أنها أحدثت فقالت لضرتها يا هنتهاه هل يفتح الجعر فاه قالت نعم ويدعوا أباه فمضت ضرتها فأخذت الولد فبنو العنبر تنسب اليها فسموا بنو الجعر لذلك ورأت يافوخ ولدها يضطرب فشقته بسكين وأخرجت دماغه وقالت أخرجت هذه المادة من دماغه ليسكن وجعه وذكر عنها أنها كانت حسنة الثغر فولدت غلاما وكان أبوه يقبله ويقول وابأبي دردرك فظنت أن الدردر أعجب اليه فحطمت أسنانها فلما قال وابأبي دردرك قالت يا شيخ كلنا ذو دردر فقال أعييتني باشر فكيف بدردر والاشر التحزيز في أطراف أسنان الاحداث والدردر مغارز الاسنان فضرب المثل بحمق دغة
ومنهن ريطة بنت عامر بن نمير
كانت تعلم رأس أولادها بالقزع لتعرف اولادها من أولاد غيرها
ومنهن المهورة
إحدى خدمتيها أنبأنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا ابن خلف قال يقال هو أحمق من الممهورة إحدى خدمتيها وهي امرأة من فزارة
ومنهن حذنة
وقد مضى الخلاف في هذا الاسم وذكرنا في أحد الأقوال إنه اسم امرأة كانت تمتخط بكوعها
الباب التاسع في ذكر أخبار جماعة من العقلاء صدرت عنهم أفعال الحمقى
وأصروا عليها مستصوبين لها فصاروا بذلك الاصرار حمقى ومغفلين
فأول القوم ابليس فانه كان متعبدا مؤذنا للملائكة فظهر منه من الحمق والغفلة ما يزيد على كل مغفل فانه لما رأى آدم مخلوق من طين اضمر في نفسه لئن فضلت عليه لاهلكنه ولئن فضل علي لأعصينه ولو تدبر الامر لعلم انه كان الاختيار قد سبق لآدم لم يطق مغالبته ولكنه جهل القدر ونسى المقدار ثم لو وقف على هذه الحالة لكان الامر يحمل على الحسد ولكنه خرج الى الاعتراض على المالك بالتخطئة للحكمة فقال أرأيتك هذا الذي كرمت علي والمعنى لم كرمته ثم زعم انه أفضل من آدم بقوله خلقتنى من نار وخلقته من طين ومجموع المندرج في كلامه أني أحكم من الحكيم وأعلم من العليم وأن الذي فعله من تقديم آدم ليس بصواب هذا وهو يعلم أن علمه مستفاد من العالم الاكبر فكأنه يقول يا من علمني أنا أعلم منك ويا من قدر تفضيل هذا علي ما فعلت صوابا فلما أعيته الحيل رضى باهلاك نفسه فأوثق عقد اصراره ثم أخذ يجتهد في اهلاك غيره ويقول لاغوينهم وجهله في قوله لاغوينهم من وجهين أحدهما انه اخرج ذلك مخرج القاصد لتأثر المعاقب له وجهل أن الحق سبحانه لا يتأثر ولا يؤذيه شىء ولا ينفعه لانه الغني بنفسه والثاني نسى أنه من أريد

حفظه لم يقدر على إغوائه ثم انتبه لذلك فقال إلا عبادك منهم المخلصين فإذا كان فعله لا يؤثر واضلاله لا يكون لمن قدرت له الهداية فقد ذهب علمه باطلا ثم رضى لخساسة همته بمدة يسيرة يعلم سرعة انقضائها فقال انظرني إلى يوم يبعثون وصارت لذته في ايقاع المعاصي بالذنب كأنه يغيظ بذلك ولجهله بالحق انه يتأثر ثم نسي قرب عقابه الدائم فلا غفلة كغفلته ولا جهالة كجهالته وما أعجب قول القائل في ابليس عجبت من ابليس في نخوته وخبث ما أظهر من نيته تاه على آدم في سجدة وصار قوادا لذريته وما رأيت من غير ابليس وزاد عليه في الجنون والتغفيل مثل ابى الحسين ابن الرواندي فإنه له كتبا يزرى فيها على الانبياء عليهم السلام ويشتمهم ثم عمل كتابا يرد فيه على القرآن ويبين ان فيه لحنا وقد علم ان هذا الكتاب العزيز قد عاداه خلق كثير ما فيهم من تعرض لذلك منه ولا قدر فاستدرك هو بزعمه على الفصحاء كلهم ثم عمل كتاب الدامغ فانا استعصم ان اذكر بعض ما ذكر فيه من التعريض للرد على الخالق سبحانه وذكره اياه باقبح ما يذكر به آدمي مثل أن يقول منه الظلم ومنه الشر في عبارات اقبح من هذه قد ذكرت بعضها قي التاريخ فالعجب ممن يعترض على الخالق بعد اثباته فاما

الجاحد فقد استراح اتراه خلق لهؤلاء عقولا كاملة وفي صفاته هو نقص تعالى الله عن تغفيل هؤلاء فصل ثم اتبع ابليس في الغفلة والحمق قابيل فان من أعظم التغفيل قوله لمن قبل قربانه لاقتلنك وهذا من اسمج الأشياء لانه لو فهم لنظر سبب قبول قربان أخيه ورد قربانه ثم من التغفيل انه حمله على ظهره ولم يهتد لدفنه ومثل هذا التغفيل حرقوه وانصروا آلهتكم ومثله أن امشوا واصبروا على آلهتكم ومن جنسه أنا أحيي وأميت ومثله أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي فافتخر بساقية لا هو أجراها ولا يدري منتهاها ولا مبتداها ونسي أمثالها مما ليس تحت حكمه وليس في الحمق أعظم من ادعاء فرعون انه الآله وقد ضرب الحكماء له مثلا فقالوا أدخل ابليس على فرعون فقال من أنت قال ابليس قال ما جاء بك قال جئت أنظر اليك فأعجب من جنونك قال وكيف قال أنا عاديت مخلوقا مثلي وامتنعت من السجود له فطردت ولعنت وأنت تدعي انك أنت الآله هذا والله الجنون البارد

ومن أعجب التغفيل اتخاذ الاصنام آلهة فالآله ينبغي أن يفعل لا أن يفعل ومن التغفيل بنيان نمرود الصرح ثم رمييه بنشابه ليقتل بزعمه اله السماء أتراه لو كان خصمه في مكان فرأى قوسا موتورة إلى جهته أما كان يمكنه أن ينزوى عنها ومن أعظم التغفيل ما جرى لأخوة يوسف في قولهم أكله الذئب ولم يشقوا قميصه وقصتهم مع يوسف في قوله إن الصاع يخبرني بكذا وكذا ومن التغفيل ادعاء هاروت وماروت الاستعصام عن الوقوع في الذنب ومقاومة الأقدار فلما نزلا من السماء على تلك النية نزلا ومن عجيب التغفيل قول بني اسرائيل لموسى وقد جاوز بهم البحر اجعل لنا إلها وقول النصارى إن عيسى اله أو ابن اله ثم يقرون ان اليهود صلبوه فادعاؤهم الالهية في بشر لم يكن فكان ولا يبقى إلا بأكل الطعام والآله من قامت به الأشياء لا من قام بها فظنهم انه ابن الاله والبنوة تقتضي البعضية والمثلية وكلاهما مستحيل على الآله وقولهم إنه قتل وصلب فيقرون عليه بالعجز عن الدفع عن نفسه وكل هذه الاشياء تغفيل قبيح ومن أعجب التغفيل اعتقاد المشبهة الذين يزعمون ان المعبود ذو أبعاض وجوارح وانه يشبه خلقه مع علمهم ان المؤلف لا بد له من مؤلف ومن أعجب التغفيل أن الرافضة يعلمون إقرار علي بيعة أبي بكر وعمر واستيلاده الحنفية من سبي أبي بكر وتزويجه أم كلثوم ابنته من عمر وكل ذلك دليل على رضاه ببيعتهما ثم فيهم من يكفرهما وفيهم من يسبهما ويطلبون بذلك على زعمهم حب علي وموافقته وقد تركوها وراء ظهورهم

ومثل هذا الجنس كثير إذا تتبعته رأيته وإنما أشرنا بهذه النبذة إليه ليفكر في جنسه ولم نر بسط القصص فيه لأن المقصود الاكبر في هذا الكتاب غير ذلك عن أحمد بن حنبل أنه قال لو جاءني رجل فقال إني قد حلفت بالطلاق ان لا أكلم يومي هذا أحمق فكلم رافضيا أو نصرانيا لقلت ما حنث قال فقال له الدينوري أعزك الله تعالى لم صارا أحمقين قال لأنهما خالفا الصادقين عندهما أما الصادق الاول فانه المسيح عليه السلام قال للنصارى اعبدو الله وقال إني عبد الله فقالوا لا ليس هو يعبد بل هو إله وأما علي رضى الله عنه فقد روى عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه قال لأبي بكر وعمر هذان سيدا كهول أهل الجنة ثم سبهما هذا وتبرأ منهما هذا هذا ومن أعجب تغفيل القدماء ما روي عن جابر بن عبد الله أنه قال

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم تعبد رجل في صومعة فأمطرت السماء فأعشبت الأرض فرأى حمارا يرعى فقال يا رب لو كان لك حمارا رعيته مع حماري فبلغ ذلك نبيا من أنبياء بني اسرائيل فأراد أن يدعو عليه فأوحى الله تعالى اليه إنما أجزي العباد على قدر عقولهم فصل وقد جرى من خلق كثير من العقلاء ما يشبه التغفيل إلا أنهم لم يقصدوا ذلك فذكرت منهم طرفا لشبهه بالتغفيل فمن ذلك ما حكي عن بعض المغنين قال حضرت عند أمير لأغنيه فجرى حديث بعض الوزراء فذكرت من محاسنه وكرمه شيئا لأحركه به ليفعل مثله ثم غنيته قواصد كافور توارك غيره ومن قصد البحر استقل السواقيا فقال لي قبحك الله ما هذه المعاشرة فاستيقظت وحلفت أني ما قصدته ومثل هذا ما جرى لعبد الله بن حسن فانه كان يساير السفاح وينظر إلى مدينته التي بناها ظاهر مدينة الأنبار فأنشده ألم تر مالكا أضحى يبني بيوتا نفعها لبني بقيله يرحى أن يعمر عمر نوح وأمر الله يأتي كل ليله

فغضب فاعتذر اليه وبينا عيسى بن موسى يساير أبا مسلم يوم إدخاله على المنصور تمثل عيسى فقال سيأتيك ما أفنى القرون التي مضت وما حل في أكباد عاد وجرهم فقال أبو مسلم هذا مع الأمان الذي أعطيت فقال عيسى اعتقت ما أملك إن كان هذا شيئا أضمرته ولما حوصر الأمين قال لجاريته غني فغنت كليب لعمري كان أكثر ناصرا وأيسر جرما منك ضرج بالدم فاشتد ذلك عليه ثم قال غني غير هذا فغنت شكت فراقهم عيني فارقها إن التفرق للأحباب بكاء فقال لعنك الله أما تعرفين غير هذا فغنت ما اختلف الليل والنهار وما دارت نجوم السماء في الفلك الا لنقل السلطان من ملك قد غاب تحت الثرى إلى ملك

فقال قومي فقامت فعثرت بقدح بلور فكسرته فإذا قائل يقول قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ولما دخل المأمون على زبيدة ليعزيها في الأمين قالت أرأيت ان تسليني في غدائك اليوم عندي فتغدى وأخرجت اليه من جواري الأمين من تغنيه فغنت هم قتلوه كي يكونوا مكانه كما فعلت يوما بكسرى مرازبه فوثب مغضبا فقالت له يا أمير المؤمنين حرمني الله أجره إن كنت علمت أو دسست اليها فصدقها ولما فرغ المعتصم من بناء قصره دخل الناس عليه فاستأذنه إسحاق بن إبراهيم أن ينشده فأنشده شعرا في صفته وصفة المجلس أوله يا دار غيرك البلى ومحاك يا ليت شعري ما الذي أبلاك فتطير المعتصم وعجب الناس من إسحاق كيف فعل هذا مع فهمه فقاموا

وخرب القصر وما اجتمع فيه بعد ذلك اثنان وأنشد الصاحب بن عباد عضد الدولة مديحا له من قصيدة يقول فيها ضممت على أبناء تغلب تاءها فتغلب ما كر الجيدان تغلب فتطير عضد الدولة من قوله تغلب وقال نعوذ بالله فتيقظ الصاحب لقوله وتغير لونه وقال اسحاق المهلبي دخلت على الواثق فقال غنني صوتا عربيا فقلت يا دار إن كان البلى محاك فانه يعجبنى أراك قال فتبينت الكراهية في وجهه وندمت ودخل أبو النجم على هشام بن عبد الملك فأنشده أبياتا حتى بلغ فيها ذكر الشمس فقال وهي على الأفق كعين الأحول فأمر أن يوحأ في عنقه وأخرج

ودخل أرطأة على عبد الملك بن مروان وكان شيخا كبيرا فاستنشده ما قاله في طول عمره فأنشده رأيت المرء تأكله الليالي كأكل الأرض ساقطة الحديد وما ينبغي المنية حين تأتي على نفس ابن آدم من مزيد فأعلم أنها ستكر حتى توفي نذرها بأبي الوليد فارتاع عبد الملك وظن أنه عناه وعلم أرطأة أنه زل فقال يا أمير المؤمنين إني أكنى بأبي الوليد وصدقه الحاضرون ودخل ذو الرمة على عبد الملك فأنشده ما بال عينيك منها الدمع ينسكب كأنه من كلى مفرية سرب واتفق أن عيني عبد الملك كانتا تسيلان فظن أنه عرض به فغضب وقطع انشاده وأخرجه ودخل شاعر على طاهر بن عبد الله فانشده شب بالابل من عزيزة نار أوقدتها وأين منك المزار وكان اسم والدة طاهر عزيزة فتغامز الحاضرون وأعلموه بهفوته فأمسك ودخل رجل على عقبة بن مسلم الازدى فانشده يا ابنة الازدي قلبي كئيب مستهام عندكم ما يؤوب ولقد لاموا فقلت دعوني إن من تلحون فيه حبيب فتغير وحه عقبة فنظر الشاعر فقطع

ودخل الرئيس أبو علي العلوي يوما على بعض الرؤساء فتحادثا فجاء غلام لذلك الرجل فقال يا سيدي أي الخيل نسرج اليوم فقال اسرجوا العلوي فقال له أبو علي أحسن اللفظ يا سيدي فاستحيا وقال هفوة واجتاز المرتضى أبو القاسم نقيب العلويين يوم جمعة على باب جامع المنصور عند المكان الذي يباع فيه الغنم فسمع المنادي يقول نبيع هذا التيس العلوي بدينار فظن أنه قصده بذلك فعاد متألما من المنادي فكشف عن الحال فوجد أن التيس إن كان في رقبته حلمتان سمي علويا نسبة لشعرتي العلوي المسبلتين على رقبته ونحو هذا ما جرى لابى الفرج العلوي فانه كان أعرج أحول فسمع مناديا ينادي على تيس كم عليكم في هذا العلوي الأعرج الأحول فلم يشك أنه عناه فراغ عليه ضربا إلى أن تبين أن التيس أحول أعرج فضحك الحاضرون مما اتفق وقال أبو الحسن الصابي دخل بعض أصدقائنا إلى رجل قد ابتاع دارا في جواره فسلم عليه وأظهر الانس بقربه وقال هذه الدار كانت لصديقنا وأخينا إلا أنك بحمد الله أوفى منة وكرما وأوسع نفس وصدرا والحمد لله الذى بدلنا به من هو خير منه وأنشد بدل بالبازي غراب أبقع فضحك منه الرجل حتى استلقى وخجل وصارت نادرة يولع الرجل بها

الباب العاشر في ذكر المغفلين من القراء والمصحفين
عن عبد الله بن عمر بن ابان ان مشكدانة قرأ عليه في التفسير ويعوق وبشرا فقيل له ونسرا فقال هي منقوطة بثلاثة من فوق فقيل له النقط غلط قال فارجع إلى الأصل وعن محمد بن أبي الفضل قال قرأ علينا عبد الله بن عمر بن أبان ويعوق وبشرا فقال له رجل إنما هو ونسرا فقال هو ذا فوقها نقط مثل رأسك وقال أبو العباس بن عمار الكاتب انصرفت من مجلس مشكدانة فمررت بمحمد بن عباد بن موسى فقال من أين أقبلت فقلت من عند مشكدانة فقال ذاك الذي يصحف على جبرائيل يريد قراءته ويعوق وبشرا وكانت حكيت عنه حدثنا اسماعيل بن محمد قال سمعت عثمان بن أبي شيبة يقرأ فان لم يصبها وابل فظل قال وقرأ من الخوارج مكلبين وعن محمد بن جرير الطبري قال قرأ علينا محمد بن جميل الرازي واذ يمكر يك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يجرحوك قال الدارقطني

وحدثني انه سمع أبا بكر الباغندي أملى عليهم في حديث ذكره وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هويا بضم الهاء وياء قال ابن كامل وحدثنا أبو شيخ الاصبهاني محمد بن الحسين قال قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير وإذا بطشتم بطشتم خبازين يريد قوله جبارين وعن محمد بن عبد الله المنادى يقول كنا في دهليز عثمان بن أبي شيبة فخرج الينا وقال ن والقلم في أي سورة هو وعن ابراهيم بن دومة الاصبهاني أنه يقول أملى علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير قال خذوا سورة المدبر قالها بالباء قال الدار قطني قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير فلما جهزهم بجاهزهم جعل السقاية في رجل أخيه فقيل له السقاية في رحل أخيه فقال أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم وقال القاضي المقدمي قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة جعل السقاية في رجل أخيه فقيل له في رحل أخيه فقال تحت الجيم واحدة وعن محمد بن عبد الله الحضرمي انه قال قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة فضرب بينهم سنور له ناب فقيل له إنما هو بسور له باب فقال أنا لا أقرأ قراءة حمزة قراءة حمزة عندنا بدعة

قال حدثني أبو الحسين أحمد بن يحيى قال مررت بشيخ في حجره مصحف وهو يقرأ ولله ميزاب السموات والأرض فقلت يا شيخ ما معنى ولله ميزاب السموات والأرض قال هذا المطر الذي تراه فقلت ما يكون التصحيف إلا إذا كان بتفسير يا هذا إنما هو ميراث السموات والأرض فقال اللهم اغفر لي أنا منذ أربعين سنة أقرؤها وهي في مصحفي هكذا قال حدثني أبو فزارة الأسدي قال قلت لسعيد بن هشيم لو حفظت عن أبيك عشرة أحاديث سدت الناس وقيل هذا ابن هشيم فجاءوك فسمعوا منك قال شغلني عن ذلك القرآن فلما كان يوم آخر قال لي جبير كان نبيا أم صديقا قال قلت من جبير قال قول عز و جل واسأل به جبيرا قال قلت له يا غافل زعمت أن القرآن أشغلك وعن أبي عبيدة قال كنا نجلس إلى أبي عمرو بن العلاء فنخوض في فنون من العلم ورجل يجلس إلينا لا يتكلم حتى نقوم فقلنا إما أن يكون مجنونا أو أعلم الناس فقال يونس او خائف سأظهر لكم أمره فقال له كيف علمك بكتاب الله تعالى قال عالم به قال ففي أي سورة هذه الآية الحمد لله لا شريك له من لم يقلها فنفسه ظلما فأطرق ساعة ثم قال في حم الدخان وعن أبي عبد الله بن عرفة انه قال اصطحب ناس فكانوا يتذاكرون الآداب والأخبار وسائر العلوم وكان معهم شاب لا يخوض فيما يخوضون فيه سوى انه كان يقول رحم الله أبي ما كان يعدل بالقرآن وعلمه شيئا فكانوا يرون انه اعلم الناس بالقرآن فسأله بعضهم في أي سورة

وفينا رسول الله يتلو كتابه كما لاح مبيض من الصبح ساطع يبيت يجافي جنبهعن فراشه إذا استثقلت بالكافرين المضاجع فقال سبحان الله من لم يعرف هذا هذا في حم عسق فقالوا ما قصر أبوك في أدبك فقال لهم أفكان يتغافل عني كتغافل آبائكم عنكم ونبأنا في هذا المعنى أن رجلا قدم ابنا له إلى القاضى فقال اصلح الله القاضي إن هذا أبني يشرب الخمر ولا يصلي فقال له القاضي ما تقول ياغلام فيما حكاه أبوك عنك قال يقول غير الصحيح إني أصلي ولاأشرب الخمر فقال أبوه أصلح الله القاضي أتكون صلاة بلا قراءة فقال القاضي يا غلام تقرأ شيئا من القرآن قال نعم وأجيد القراءة قال أقرأ فقال بسم الله الرحمن الرحيم علق القلب ربابا بعد ما شابت وشابا إن دين الله حق لا أرى فيه ارتيابا فقال أبوه والله أيها القاضي ما تعلم هاتين الآيتين الا البارحة لأنه سرق مصحفا من بعض جيراننا فقال القاضي قبحكم الله أحدكما يقرأ كتاب الله ولا يعمل به وعن المزني أنه قال سمعت الشافعي يقول قرأ رجل فما لكم في المنافقين قيس قيل فما قيس قال يقتاسون به قال حدثني أبو بكر محمد بن جعفر السواق قال كان على وعد أنفذه لابن عبدان الصيرفي فأخرته لضرورة فجاءني يقتضيني وقال لي في عرض الخطاب أقول لك يا أبا بكر كما قال الله تعالى وشديد عادة متنزعة فقلت إنا لله وإنا اليه راجعون والله ما قال من هذا شيئا فاستحيا وقام فما عاد لي أياما فلما حضرت الدراهم أنفذتها اليه وعن يحيى بن أكثم قال قدم رجل ابنه إلى بعض القضاة ليحجر عليه فقال فيم قال للقاضي أصلحك الله إن كان يحسن آيتين من كتاب الله فلا تحجر

عليه فقال القاضي اقرأ يا فتى فقال أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر فقال أبوه أصلحك الله إنه قرأ آية اخرى فلا تحجر عله فحجر القاضي عليهما وعن أبي عبد الله الشطيري قال كان إبراهيم يقرأ على الاعمش فقال قال لمن حوله ألا تستمعون فقال الاعمش لمن حوله فقال الست أخبرتني إن من تجرما بعدها قال حدثني الدارقطني قال ذكر أبو بكر عن حماد أنه قرأ والغاديات صبحا بالغين المعجمة والصاد المهملة فأخبروا بذلك عقبة فامتحنه بالقراءة في المصحف فصحف في آيات عدة فقرأ ومما يغرسون وعدها أباه أصبت به من أساء فبادوا ولات حين لا يسع الجاهلين فأنا أول العائدين كل خباز قال حدثني الدارقطني قال ثنا علي بن موسى قال قرأ أبو أحمد العراقي على عبد الله بن أحمد بن حنبل اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه بكسر العين فقال له إنما هو يرفعه قال هكذا الوقف عليه قال الدار قني حدثنا النقاش

قال كنت بطبرية الشام أكتب على شيخ فيها عنده جزء فيه عن أبي عمرو الدوري وكان فيه أن يحي بن معمر قرأ إن لك في النهار شيخا طويلا فقرأ الشيخ وعلى من كان يسمع معه شيخا بالشين المعجمة وبالخاء والياء كان رجل كثير المخاصمة لامرأته وله جار يعاتبه على ذلك فلما كان في بعض الليالي خاصمها خصومة شديدة وضربها فاطلع عليه جاره فقال يا هذا اعمل معها كما قال الله تعالى أما امساك إيش اسمه أو تسريح ما أدري إيش وجه فزارة صاحب مظالم البصرة رجلا يوما في حاجة فقضاها ورجع اليه فقال فزارة أنت كما قال الله تعالى إذا كنت في حاجة مرسلا فأرسل حكيما ولا توصه قال رجل لابنه وهو في المكتب في أي سورة أنت قال في أقسم بهذا البلد و والدي بلا ولد فقال أبوه لعمري من كنت ابنه فهو بلا ولد قال المأمون لبعض كتابه ويلك ما تحسن تقرأ قال بلى والله إني لأقرأ من سورة واحدة الف آية سمعت ابن الرومي يقول خرج رجل إلى قرية فأضافه خطيبها فأقام عنده أياما فقال له الخطيب أنا منذ مدة أصلي بهؤلاء القوم وقد أشكل علي في القرآن بعض المواضع قال سلني عنها قال منها في الحمد لله إياء نعبد وإياك أى شيء تسعين أو سبعين أشكلت على هذه فانا أقولها تسعين آخذ بالاحتياط

الباب الحادي عشر في ذكر المغفلين من رواة الحديث والمصحفين
قال أبو بكر بن أبي أويس بينا عبد الله بن زياد يحدث انتهى الى حديث شهر بن حوشب فقال حدثني شهر بن خوشب فقلت من هذا فقال رجل من أهل خرسان اسمه من اسماء العجم فقلت لعلك تريد شهر بن حوشب فعلمنا أنه يأخذ من الكتب وعن عوام بن اسماعيل قال جاء حبيب كاتب مالك يقرأ على سفيان بن عيينة فقال حدثكم المسعودي عن جراب التيمي فقال سفيان ليس هو جراب إنما هو خوات وقرأ عليه حدثكم أيوب عن ابن شيرين فقال ليس كذلك إنما هو سيرين وعن عبد الله بن احمد بن حنبل انه يقول حكاية عن بعض شيوخه قال قال رجل لهشيم يا أبا معاوية أخبركم أبو حرة عن الحسن فقال هشيم أخبرنا أبو حرة عن الحسن و وصف شيخنا

ضحك هشيم هه هه وعن محمد بن يونس الكندي انه قال حضرت مجلس مؤمل بن اسماعيل فقرأ عليه رجل من أهل المجلس حدثكم سبعة وسبعين فضحك المؤمل وقال للفتى من أين فقال من مصر حدثنا اسحاق قال كنا عند جرير فأتاه رجل وقال يا أبا عبد الله لم تقرأ علي هذا الحديث فقال له وما هو قال حدثنا خربز عن رقبة قال ويحك أنا جرير حدثنا محمد بن سعيد قال سمعت الفضل بن يوسف الجعفي يقول سمعت رجلا يقول لأبي نعيم حدثتك أمك يريد حدثك أمي الصيرفي قال أبو نعيم كتب عبد الملك إلى أبي بكر بن حزم أن احص من قلبك من المخنثين فصحف الكاتب فقرأ بالخاء فخصاهم فقال بعض المخنثين اليوم استحققنا هذا الاسم حدثنا يحيي بن بكير قال جاء رجل الى البشير بن سعد فقال

كيف حدثك نافع عن النبي صلى الله عليه و سلم في الذي نشرت في ابيه القصة فقال الليث ويحك انما هو في الذي يشرب في آنية الفضة قال الدارقطني وحدثني محمد بن يحي الصولي قال حدثنا أبو العيناء قال حضرت مجلس بعض المحدثين المغفلين فاسند حديثا عن النبى صلى الله عليه و سلم عن جبرائيل عن الله عن رجل فقلت من هذا الذي يصلح أن يكون شيخ الله فاذا هو قد صحفه وإذ هو عز و جل وقد نبأنا بهذه الحكاية أبو عبد الله الحسين بن محمد البارع قال سمعت القاضي ابا بكر بن أحمد بن كامل يقول حضرت بعض المشايخ المغفلين فقال عن رسول الله صلى الله عليه و سلم عن جبريل عن الله عن رجل فقلت من هذا الذي يصلح أن يكون شيخ الله فاذا هو عز و جل وقد صحفه قال حدثنا أبو أيوب سليمان بن أسحاق الخلال قال قال ابراهيم الحربي قدم علينا محمد بن عباد المهلبي فذهبنا اليه فسمعنا منه ولم يكن بصيرا بالحديث حدثنا بحديث فقال إن النبي صلى الله عليه و سلم ضحى بهرة وغلط انها التصقت الباء بالقاف قال سمعت محمد بن حمدان يقول سمعت صالحا يعني جزرة يقول قدم علينا بعض الشيوخ من الشام وكان عنده كراس فيه جرير فقرأت عليه حدثكم جرير عن ابن عثمان أنه كان

لأبي أسامة خرزة يرقي بها المريض فصفحت أنا الخرزة فقلت كان لأبي أسامة جزرة قال الخطيب وبهذا سمي صالح جزرة قال حدثنا أبو الحسن الدارقطني أن أبا موسى محمد بن المثنى قال لهم يوما نحن قوم لنا شرف نحن من عنزة وقد صلى النبي صلى الله عليه و سلم الينا لما روي انه صلى الله عليه و سلم صلى إلى عنزة توهم انه صلى إليهم وإنما العنزة التي صلى إليها النبي صلى الله عليه و سلم هي حربة كانت تحمل بين يديه فتنصب فيصلي إليها وعن عبد الله بن أبي بكر السمهي قال دخل أبي على عيسى بن جعفر بن المنصور وهو أمير البصرة فعزاه عن طفل مات له ودخل عليه شبيب بن شيبة فقال أبشر أيها الأمير فان الطفل لا يزال محبنظئا على باب الجنة ويقول لا أدخل حتى يدخل والداي فقال له يا أبا معمر دع الظاء والزم الطاء فقال له أنت تقول لي هذا وما بين لابتيها أفصح مني فقال له أبي فهذا خطأ ثان من أين للبصرة لابة واللابة الحجارة السود والبصرة حجارة بيض قال فكان كلما انتعش انتكس وعن أبي حاتم الرازي انه قال كان عمر بن محمد بن الحسين يصحف فيقول

معاذ بن جبل حجاج بن قراقصة وعلقمة بن مريد فقلت له أبوك لم يسلمك إلى الكتاب فقال كانت لنا صبية شغلتنا عن الحديث قال الدارقطني وأخبرني يعقوب بن موسى قال قال أبو زرعة كان بشر بن يحيى بن حسان من أصحاب الرازي وكان يناظر فاحتجوا عليه بطاووس فقال يحتجون علينا بالطيور قال أبو زرعة وبلغني انه ناظر اسحاق قي القرعة فاحتج عليه إسحاق بالأحاديث الصحيحة فأفحمه فانصرف ففتش كتبه فوجد في حديث النبى صلى الله عليه و سلم القزع فصحف بالرا فانصرف وقال لأصحابه قد وجدت حديثا أكسر به ظهره فأتى اسحاق فأخبره فقال إنما هو القزع وسأل حماد بن يزيد غلاما فقال يا أبا اسماعيل حدثك عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الخبز قال فتبسم حماد وقال يا بني إذا نهى عن الخبز فمن أي شيء يعيش الناس وإنما هو نهى عن الخمر وعن يحيى بن معين قال قدم داود بن أبي هند

عليهم الكوفة فقام مستملي أهل الكوفة فقال كيف حديث سعيد يكفن الضبي في ثوب واحد يريد يكفن الصبي في ثوب واحد وعن الحسن بن البرا قال كان لعمر بن عون وراق يلحن فأخره وتقدم إلى وراق أديب أن يقرأ عليه فقرأ حدثكم هسيم فقال ردونا إلى الأول فانه يلحن وهذا يمسخ وجاء رجل إلى الليث بن سعد فقال كيف حدثك نافع عن النبي صلى الله عليه و سلم في الذي نشرت في أبيه القصة قال حدث أبو حفص بن شاهين عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال يوشك أن الظعينة بلا خفير فصحفت فقال بلا خفين قال كان حيان بن بشر قد تولى قضاء بغداد وأصبهان وكان من جملة رواة الحديث فروى يوما ان عرفجة قطع أنفه يوم الكلام وكان مستمليه رجلا من أهل كجة فقال أيها القاضي إنما هو الكلاب فأمر بحبسه فدخل الناس اليه فقالوا ما دهاك فقال قطع أنف عرفجة في الجاهلية وابتليت أنا به في الأسلام وعن عبد الله بن ثعلبة قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يمسح وجهه من القيح قال عبد الله أخطأ فيه وصحف يعني المخزومي إنما هو الفيح

وعن معاوية بن أبي سفيان قال لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم الذين يشققون الخطب تشقيق الشعر قال أبو نعيم شهدت وكيعا مرة يقول يشققون الحطب فقلت بالحاء قال نعم عن عامر بن صعب قال اعتكفت عائشة عن أختها بعدما ماتت كذا قال وإنما هو اعتقت قال حدثنا الشافعي قال قيل لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم حدثك أبوك عن جدك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت خلف المقام ركعتين قال نعم قال حدثنا اسحاق بن وهب قال كنا عند يزيد بن هرون وكان له مستمل يقال له بريح فسأله رجل عن حديث فقال يزيد حدثنا به عدة فصاح به المستملي يا أبا خالد عدة ابن من قال عدة بن فقدتك قال حدثني الفضل بن أبي طاهر قال صحف رجل في قول النبي صلى الله عليه و سلم عم الرجل صنو أبيه فقال عم الرجل ضيق آنية وعن زكريا بن مهران قال صحف رجل لايورث حميل إلا ببينة الحميل اللقيط فقال بثينة

قال حضرت أحمد بن يحيى بن زهير ورجل من أصحاب الحديث يقول له كيف الزبير بن خريت فقال له ابن زهير لا خريت ولا كنت وإنما هو خريت والخريت الدليل الحاذق قال العسكري روى شيخ مغفل أن النبي صلى الله عليه و سلم احتجم وأعطى الحجاج آجرة بضم الجيم وتشديد الراء قال العسكري وأنبأ أبو بكر بن الانباري قال حدثنا أبي قال قرأ القطربلي على ثعلب بيت الاعشى فلو كنت في حب ثمانين قامة ورقيت أسباب السماء بسلم فقال له أبو العباس خرب بيتك هل رأيت حبا ثمانين قامة قط إنما هو جب قال حجاج جاء رجل إلى عبد القدوس بن حبيب فقال له أعد علي الحديث الذى حدثت به فقال لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا بالعين المهملة والراء المفتوحة فقال له الرجل ما معنى هذا فقال هو الرجل يخرج من داره القسطرون يعني الروشن والكنيف قلت وهذا صحف الحديث وفسره على التصحيف وانما الحديث لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا بالغين المعجمة حدثنا سعيد بن عمر قال قال لي أبو زرعة أظن القاسم بن أبي شيبة رأى في كتاب إنسان عن ابن فضيل عن أبيه عن المغير عن سعيد بن

جبير المرجية يهود القبلة فعلقه ولم يضبطه فكان يحدث به عن ابن فضيل فيقول المرء حيث يهوى قلبه قال الدارقطني وسمعت أبا العباس ابن أبي مهران يقول كان ابن جميل الرازي يريد أن يخرج التفسير فأخرجه في رقاع فأخرج ذات ليلة رقعة الى الوراقين فقال الاكثرون هم الاقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا في أي سورة هو فقال له الوراق ليس هذا من القرآن فخجل ولم يخرج التفسير بعد قال سمعت البرقاني يقول قال لي الاهوازي الفقيه كنت عند يحيى بن محمد بن صاعد فجاءته امرأة فقالت له أيها الشيخ ما تقول في بئر سقطت فيها دجاجة فماتت هذا الماء طاهر أم نجس فقال يحيى ويحك كيف سقطت الدجاجة في بئر قالت لم تكن البئر مغطاة قال يحيى ألا غطيتها حتى لا يقع فيه شىء قال الاهوازي فقلت يا هذه إن الماء قد تغير وإلا فهو طاهر قال كنا عند بندار فقال في حديث عن عائشة قال قالت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رجل يسخر به أعيذك بالله ما أفصحك فقال كنا إذا خرجنا من عند روح دخلنا إلى أبي عبيدة فقال قد بان ذلك عليك قال حدثنا عبد الله بن موسى

والفريابي عن اسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال برز عيينة وشبية والوليد فقالوا من يبارز فخرج من الأنصار قال عبد الله سته والفريابي شيبة قال الدارقطني قول ستة تصحيف ولأصح ما قاله الفريابي لأن الذين خرجوا من الأنصار ثلاثة قال الدارقطني وقرأت في أصل أبي عبد الله بن مخلد عن يحيى بن معين قال قال الوراق في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم لما أتى البقيع حسا رأيته قال الدارقطني حدثنا أبي قال ورد يحيى بن آدم فقال أخطأ في حديث كعب قال قال الله أنا أشج وأداوي وأخطأ يحيى قبيحا فقال أسحر وأداوي قال أبو الهيثم القاضي سمعت أحمد بن صالح يقول قدمت أبلة فتلقيت سلامة بن روح فسمعته يحدث حديثا لسقيفة فقال فيه ولا بيعة للذي بايع بعرة أن يفتلا فقلت إنما هو تغرة أن يقتلا فقال لي لا هو كما قلت

لك قلت فما معناه قال البعرة تفتلها في يدك تفتيلا فتنتشر قال الدارقطني أملى علينا أبو بكر الصولي حديث أبي أيوب من صام رمضان واتبعه ستا من شوال فقال شيئا من شوال وروى أحمد بن جعفر الحنبلي حديث أبي سعيد لا حليم إلا ذو عثرة فقال غيرة بالغين المعجمة والياء قال الدارقطني وحدثنا محمد بن أحمد قال أملى علينا أبو شاكر مولى المتوكل في حديث اكتحلوا وترا واذهبوا عنا أراد وادهنوا غبا قال وقد روى ابن لهيعة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم احتجم في المسجد وإنما هو احتجر قال الدارقطني بلغني أن امرأة جاءت إلى علي بن داود وهو يحدث وبين يديه مقدار الف نفس فقالت له حلفت بصدقة إزاري قال بكم اشتريته قالت باثنين وعشرين درهما قال اذهبي فصومي اثنين وعشرين قال فلما مرت أخذ يقول آه آه غلطنا والله أمرناها بكفارة الظهار حدثني محمد بن عدي البصري قال رأيت رجلا وهو يقول قال النبي صلى الله عليه و سلم من بر يوما بر به والدهر لا يغتر به قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا عباس قال سمعت يحيى بن معين يقول عن سعيد بن مسلم كان عنده كتاب عن منصور فقال له رجل سمعت هذا الكتاب فقال حتى يجىء أبي وأسأله

قال الدارقطني سمعت حمزة السهمي يقول سمعت على شيخ واخذنا بكتابة السماع فقال اكتبوا اسمي معكم فقلت للاسماعيلي من الغفلة ذلك قال نعم حدثني أبو الحسن بن خلف الفقيه قال كتب لنا بعض المشايخ خطة في إجازة ولم يكتب اسمه فقلنا له اكتب اسمك فقال والله لا أفعل ولا أكتب اسمي لمن لا أعرفه وعن أحمد بن علي بن ثابت قال قرأت في كتاب أبي الفتح عبد الله بن أحمد النحوي بخطه سمعت القاضي احمد بن كامل يقول ما جمع أحد من العلم ما جمع محمد بن موسى البربري ودخلت عليه يوما وهو مغموم فقلت له ما لك فقال فلانة يعني امرأته حملتني على أن أعتقت هذه الجارية وقد بقيت لا أمة لي تخدمني ولا أحد يعينني قلت وأي شىء مقدار ثمن الجارية فقال إن امرأتي دفعت إلى دنانير أشتري لها بها جارية فاشتريت هذه الجارية فقلت تعتق ما لا تملك قال كأنه لا يجوز قلت لا الجارية لها علي ملكها فجعل يدعو لي قال الجاحظ أمليت مرة على إنسان عمرا فاستملى سترا وكتب زيدا

قال إسماعيل بن محمد الحافظ كنا بمجلس نظام الملك فأملى أف للدنيا الدنية دراهم وبلية فقال المستملي وتلية فقيل له وبلية فقال وملية فضحك الجماعة فقال النظام اتركوه ذكر محمد بن الحسن عن بعض المغفلين وقيل له فلان مات في الري فقال إلى الري رحلتان لاأدرى في أيهما مات قال سمعت أحمد بن محمد بن عيسى الوراق يقول سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي يقول سمعت أبي يقول كتب الي صالح بن محمد العبادي ان محمد بن يحيى لما مات اجلسوا مكانه محدثا يعرف بمحمد بن يزيد فاملى عليهم يا أبا عمير ما فعل البعير وأملى عليهم لا تصحب الملائكة رفقة فيها حرس يعني الذئب وذكر أبو سليمان الخطابي أن عبد الله بن عمار قال سرقت مني عبية ومعنا رجل متهم فجئت الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقلت قد هممت أن آتي به مصفودا فقال بغير بينة قال الخليل هذا مما

صحف فيه الراوي إنما قال عمر تفترسه يعني تتقوى عليه لأنه لو أقام عليه البينة لم يكن له في الحكم تكتيفه ويحكى أن يحيى بن معين قال صحف رجل في حديث أبي عبيدة أنه كان على الحسر فروى على الجسر والحسر جمع حاسر وهو الذي لا درع عليه قال الخطابي وصحف بعضهم لو صليتم حتى تكونوا كالحنائز وصحف آخر في حديث يأجوج ومأجوج أنها إذا هلكت أكلت منها دواب الارض فتشكر أي تسمن فصحف فقال تسكر من سكر الشراب وحكى لنا أبو بكر ابن عبد الباقي البزاز صحف رجل فقال حدثنا سقنان البوري عن جلد المجدا عن اتش عن النبي صلى الله عليه و سلم قال اذهبوا عنا أراد سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ادهنوا غبا

الباب الثاني عشر في ذكر المغفلين من الأمراء والولاة
قال محمد بن زياد كان عيسى بن صالح بن علي يحمق وكان له ابن يقال له عبد الله من عقلاء الناس فتولى عيسى جند قنسرين فاستخلف ابنه على العمل قال ابنه فأتاني رسوله في بعض الليل يأمرني بالحضور في وقت منكر لا يحضر فيه إلا لأمر مهم فتوهمت أن كتابا ورد من الخليفة في بعض الاشياء التي يحتاج فيها إلى حضوري وحضور الناس فلبست السواد وتقدمت بالبعثة الى وجوه القواد وركبت الى داره فلما دخلتها سألت الحجاب هل ورد كتاب من الخليفة أو حدث أمر فقالوا لم يكن من هذا شىء فصرت من الدار إلى موضع تخلف الحجاب عنه فسألت الخدام أيضا فقالوا مثل مقالة الحجاب فصرت الى الموضع الذي هو فيه فقال لي أدخل يا بني فدخلت فوجدنه على فراشه فقال علمت يا بني إني سهرت الليلة في أمر أنا مفكر فيه الى الساعة قلت اصلح الله الامير ما هو قال اشتهيت أن يصيرني الله من الحور العين ويجعل في الجنة زوجي يوسف النبي فطال في ذلك فكري قلت أصلح الله

الامير فالله عزوجل قد جعلك رجلا فارجو أن يدخلك الجنة ويزوجك من الحور العين فاذا وقع هذا في فكرك فهلا اشتهيت محمدا صلى الله عليه و سلم أن يكون زوجك فانه احق بالقرابة والنسب وهو سيد الاولين والآخرين في أعلى عليين فقال يا بني لا تظن أني لم أفكر في هذا فقد فكرت فيه ولكن كرهت أن أغيظ السيدة عائشة حدثنا المدائني قال جاء رجل من اشراف الناس الى بغداد فأراد أن يكتب الى أبيه كتابا يخبره فلم يجد أحدا يعرفه فانحدر بالكتاب الى ابيه وقال كرهت أن يبطىء عليك خبري ولم أجد أحدا يجيء بالكتاب فجئت أنا به ودفعه اليه قال ابن خلف واختصم رجلان الى بعض الولاة فلم يحسن أن يقضي بينهما فضربهما وقال الحمد لله الذي لم يفتني الظالم منهما أخبرني سعيد بن جعفر الانباري قال سمعت أبي يقول غضب أبو الخيثم على عامل له فكلم في الرضاء عنه فقال لا والله أو يبلغني عنه أنه قبل رجلي قال ابو عثمان الجاحظ كان فزارة صاحب مظالم البصرة وكان أطول خلق الله لحية واقلهم عقلا وهو الذي قال فيه الشاعر ومن المظالم أن تكون على المظالم يا فزارة أخذ الحجام يوما من شعره فلما فرغ دعا بمرآة فنظر فيها فقال للحجام أما شعر رأسي فقد جودت أخذه ولكنك والله يا ابن الخبيثة سلحت على

شاربي ووضع يديه عليه وسمع فزارة يوما صياحا فقال ما هذا الصياح فقالوا قوم يتكلمون في القرآن فقال اللهم أرحنا من القرآن واجتاز به صاحب دراج فقال بكم تبيع هذا الدراج فقال واحد بدرهم قال لا قال كذا بعت قال نأخذ منك اثنين بثلاثة دراهم قال خذ فقال يا غلام اعطه ثمن اثنين ثلاثة دراهم فانه اسهل للمبيع وبلغنا ان المهلب ولى بعض الاعراب كورة بخراسان وعزل واليها فصعد المنبر وحمد الله واثنى عليه ثم قال أيها الناس اقصدوا لما أمركم الله به فانه رغبكم في الآخرة الباقية وزهدكم في الدنيا الفانية فرغبتم في هذه وزهدتم في تلك فيوشك أن تفوتكم الفانية ولا تحصل لكم الباقية فتكونوا كما قال الله تعالى لا ماءك ابقيت ولا حرك انقيت واعتبروا بالمغرور الذي عزل عنكم سعى وجمع فصار ذلك كله الى علي رغم أنفه وصار كما قال الله سبحانه وتعالى أبشرى أم خالد رب ساع لقاعد ثم نزل عن المنبر وبلغنا أن يزيد بن المهلب ولى إعرابيا على بعض كور خراسان فلما كان يوم الجمعة صعد المنبر وقال الحمد لله ثم ارتج عليه فقال أيها الناس إياكم والدنيا فانكم لم تجدوها إلا كما قال الله تعالى وما الدنيا بباقية لحي وما حي على الدنيا بباقي فقال كاتبه اصلح الله الامير هذا شعر قال فالدنيا باقية على احد قال لا قال فيبقى عليها أحد قال لا قال فما كلفتك إذن

وبلغنا أن بعض العرب خطب في عمل وليه فقال في خطبته إن الله خلق السموات والارض في ستة أشهر فقيل له في ستة ايام فقال والله أردت أن أقولها ولكن استقللتها قال حدثنا أبو بكر النقاش قال كتب كاتب منصور بن النعمان اليه من البصرة انه اصاب لصا فكره الاقدام على قطعه دون الاستطلاع على أمره وانه خياط فكتب اليه اقطع رجله ودع يده فقال إن الله أمر بغير ذلك فكتب اليه انفذ ما أمرتك به فان الشاهد يرى ما لا يرى الغائب وأتى منصورا نخاس ببغل فقال هذا شراؤه أربعون دينارا فقال لا تربح علي شيئا هذه المرة يا غلام اعطه ألفا وخمسمائة دينار ودخل على المأمون فقال يا امير المؤمنين الموت فاش بالكوفة ولكنه سليم ودخل على أحمد بن أبي حاتم وهو يتغدى برؤوس فقال له أحمد هلم يا ابا سهل فانها رؤوس الرضع فقال هنيئا اطعمنا الله وإياك من رؤوس اهل الجنة وقال له المأمون يا منصور قد مدت دجلة فأشر علينا فقال تكثري مئة سقاء يستقون ذا الماء يرشون الطريق فقال له المأمون حرت فيك قال حدثنا محمد بن خلف قال قال بعض الولاة لكاتبه أكتب الى فلان وعنفه وقل له بئس ما صنعت يا خرا فقال الكاتب أعزك الله لا يحسن هذا في المكاتبة قال صدقت الحصن موضع الخرا بلسانك أخبرني الامير ابو بكر بن بدر قال شغب رجال على الحسين بم مخلد يوما وطالبوه بالمال فقال أنا ما معي مال في بيتي اخرجه وإنما انا للسلطان كالمرملة ان صب في اعلاي شيئا اخذتموه من اسفلي فإن صبرتم الى أن ترد الاموال فرقت عليكم وإلا فالأمر لكم حدثنا أبو علي محمد بن الحسن الكاتب قال كنت أكتب لأبي الفضل

ابن علان وهو بأرجان يتقلدها فقيل له قدم ابو المنذر النعمال بن عبد الله يريد فارس والوجه أن تلقاه في غد وكان ابن الفضل يحم حمى الربع فقال كيف اعمل وغدا يوم حماي ولا أتمكن من لقاء الرجل ولكن الوجه ان احم الساعة حتى اقدر عليه غدا يا غلام هات الدواج حتى أحم الساعة فاذا عنده انه إذا اراد ان يقدم نوبة الحمى ويصح غدا تأخرت عنه الحمى حدثنا المدائني قال كان عبد الله بن ابي ثور والي المدينة فخطبهم فقال أيها الناس اتقوا الله وارجوا التوبة فانه أهلك قوم صالح في ناقة قيمتها خمسمائة درهم فسموه مقوم الناقة وعزله الزبير قال وكتب حيان عامل مصر الى عمر بن عبد العزيز إن الناس قد أسلموا فليس جزية فكتب إليه عمر أبعد الله الجزية إن الله بعث محمدا هاديا ولم يبعثه جابيا للجزية حدثنا سليمان بن حسن بن مخلد قال حدثني أبي قال كنت عند شجاع بن القاسم وقد دخل قوم من المتظلمين خاطبهم في أمورهم فقال ليس النظر في هذا الآن والامير يجلس للنظر في هذا ومثله أول من أمس فتصيرون اليه دخل شجاع على المستعين مرة وطرف قبائه مخرق فسأله عن سبب

ذلك فقال اجتزت في الدرب وكان فيه كلب فوطأت قباءه فخرق ذنبي فما تمالك المستعين ان ضحك وعن جرير بن المقفع عن وزير كسرى قال كان قباذ أحمق كان يأتي البستان فيشم الريحان في منبته ويقول لا أقلعه رحمة له وبلغنا عن نصر ابن مقبل وكان عامل الرشيد على الرقة انه أمر بجلد شاة الحد فقالوا إنها بهيمة قال الحدود لا تعطل وإن عطلتها فبئس الوالي أنا فانتهى خبره الى الرشيد فلما وقف بين يديه قال من أنت قال مولى لبني كلاب فضحك الرشيد وقال كيف بصرك بالحكم قال الناس والبهائم عندي واحد في الحق ولو وجب الحق على بهيمة وكانت أمي أو أختي لحددتها ولم تأخذني في الله لومة لائم فأمر الرشيد أن لا يستعان به حضر بعض حكام الهند مع وزير ملكهم وكان الوزير ركيكا فقال للحكيم ما العلم الاكبر قال الطب قال فاني أعرف من الطب أكثره قال فما دواء المبرسم أيها الوزير قال دواؤه الموت حتى تقل حرارة صدره ثم يعالج بالأدوية الباردة ليعود حيا قال ومن يحييه بعد الموت قال هذا علم آخر وجد في كتاب النجوم ولم أنظر في شيء منه إلا في باب الحياة فاني وجدت في كتاب النجوم أن الحياة للانسان خير من الموت فقال حكيم أيها الوزير الموت على كل حال خير للجاهل من الحياة عرض أبو خندف دوابه فاصاب فيها واحدة عجفاء مهزولة فقال هاتوا الطباخ فبطحه وضربه خمسين مقرعة وقال له ما لهذه الدابة على هذه الحال قال يا سيدي أنا طباخ ما علمي بأمر الدواب قال بالله أنت طباخ فلم لم تقل لي اذهب الآن فاذا كان غدا أضرب السائس ستين مقرعة يفضل عشرون فطب نفسا

وروى أبو الحسن محمد بن هلال الصابي قال خرج قوم من الديلم الى اقطاعهم فظفروا باللص المعروف بالعراقي فحملوه الى الوزير أبي عبد الله المهلبي فتقدم باحضار أبي الحسين أحمد بن محمد القزويني الكاتب وكان ينظر في شرطة بغداد فقال له المهلبي هذا اللص العيار العراقي الذي عجزتم عن أخذه فخذوه واكتب خطك بتسليمه فقال السمع والطاعة الى ما يأمر به الوزير ولكنك تقول ثلاثة وهذا واحد فكيف اكتب خطي بتسليم ثلاثة فقال يا هذا هذا العدد صفة لهذا الواحد فكتب يقول أحمد ابن محمد القزويني الكاتب تسلمت من حضرة الوزير اللص العيار العراقي ثلاثة وهم واحد برجل وكتب بخطه في التاريخ فضحك الوزير وقال لنصراني هناك قد صحح القزويني مذهبكم في تسليم هذا اللص

وقال بعض الكتاب لمغنية اكتبي لي هذا الصوت فقالت أنت الكاتب فقال أنت تكتبيه بلحنه وأنا لا أحسن اكتبه بلحنه قال أبو الحسن بن هلال الصابىء عرض علي الوزير ذي السعادات أبي الفرج محمد بن جعفر بعض التجار المسافرين ثلاث شقاق حرير فبقيت عنده مدة فجاء صاحبها وطلبها ففتح الوزير الدواة وكتب على هذه بخط غليظ هذه لا تصلح وكتب على أخرى وهذه غير مرضية وعلى أخرى وهذه غالية وقال ادفعوها اليه فأخذها الرجل وقد تلفت عليه قال وكان إذا أخطأ الفرس تحته يأمر بقطع علفه تأديبا له فاذا قيل له في ذلك قال اطعموه ولا تعلموه أنني علمت بذلك وجاء بعض النصارى الى عبد الله بن بشار وكان عامل المدينة فقال اريد ان أسلم على يدك فقال يا ابن الفاعلة ما وجدت في عسكر امير المؤمنين أهون مني جئت تريد أن تلقي بيني وبين عيسى ابن مريم كلاما إلى يوم القيامة صعد بعض الولاة المنبر فخطب فقال إن أكرمتموني أكرمتكم وإن أهنتموني ليكونن أهون علي من ضرطتي هذه وضرط ضرطة جاز بعض الامراء المغفلين على بياع الثلج فقال أرني ما عندك فكسر له قطعة وناوله فقال أريد أبرد من هذا فكسر له من الجانب الآخر فقال كيف سعر هذا فقال رطل بدرهم ومن الأول رطل ونصف بدرهم فقال زن من الثاني وجاز يوما بطين في شارع باب الشام فقال لأصحابه السلطان

يريد أن يركب فان أنا رجعت ورأيت هذا الطين موضعه ضربته بالنار ولا ينفعكم شفاعة أحد خطب قبيصة وهو خليفة أبيه على خراسان فأتاه كتابه فقال هذا كتاب الأمير وهو والله أهل أن يطاع وهو أبي وأكبر مني وحكي أبو إسحاق الصابي أن رجلا من كبار كتاب العجم يعرف بأبي العباس بن درستويه حضر مجلس أبي الفرج محمد بن العباس وهو جالس للعزاء بأبيه ابي الفضل وقد ورد نعيه من الاهواز وعند أبي الفرج رؤساء الدولة وقد ولي الديوان مكان أبيه فلما تمكن ابن درستويه في المجلس تباكى وقال لعل هذا ارجاف ورد كتابه فقال له أبو الفرج قد ورد عدة كتب فقال دع هذا كله ورد كتابه بخطه فقالوا لو ورد كتابه بخطه ما جلسنا للعزاء فضحك الناس وأنشد عبد الله بن فضلويه عامل قرميسين في مجلسه والمجلس غاص بأهله هذا البيت يوم القيامة يوم لا دواء له الا الطلاء والا اللهو والطرب فقال بعض الحاضرين إنما يوم الحجامة فقال اعذروني فاني لا أحسن النحو

الباب الثالث عشر في ذكر المغفلين من القضاة
عن الاعرابي قال خاصم أبو دلامة رجلا الى عافية فقال لقد خاصمتني غواة الرجال وخاصمتهم سنة وافيه فما أدحض الله لي حجة وما خيب الله لي قافيه فمن كنت من جوره خائفا فلست أخافك يا عافيه فقال له عافية لأشكونك لأمير المؤمنين قال لم تشكوني قال لأنك هجوتني قال والله لئن شكوتني اليه ليعزلنك قال لم قال لانك لا تعرف الهجو من المدح عافية هذا هو ابن زيد القاضي ولاه المهدي القضاء على بغداد قال حدث عبد الرحمن بن مسهر قال ولاني القاضي أبو يوسف القضاء بجبل وبلغني أن الرشيد منحدر الى البصرة فسألت أهل جبل أن يثنوا علي فوعدوني ان يفعلوا ذلك وتفرقوا فلما آيسوني من انفسهم سرحت لحيتي وخرجت فوقفت له فوافى وأبو يوسف في الحراقة فقلت يا أمير المؤمنين نعم القاضي قاضي جبل قد عدل فينا وفعل وصنع وجعلت أثني على نفسي فرآني ابو

يوسف فطأطأ رأسه وضحك فقال هرون مم تضحك فقال إن المثني على نفسه هو القاضي فضحك هرون حتى فحص برجليه وقال هذا شيخ سخيف سفلة فاعزله فعزلني عن علي بن هشام أنه قال كان للحجاج قاض بالبصرة من اهل الشام يقال له أبو حمير فحضرت الجمعة فمضى يريدها فلقيه رجل من العراق فقال له يا أبا حمير فاين تذهب قال إلى الجمعة فقال ما بلغك أن الأمير قد أخر الجمعة اليوم فانصرف راجعا إلى بيته فلما كان من الغد قال له الحجاج أين كنت يا أبا حمير لم تحضر معنا الجمعة قال لقيني بعض أهل العراق فأخبرني أن الامير أخر الجمعة فانصرفت فضحك الحجاج وقال يا ابا حمير أما علمت أن الجمعة لا تؤخر قال المدائني استعمل حيان بن حسان قاضي فارس على ناحية كرمان فخطبهم فقال يا أهل كرمان تعرفون عثمان بن زياد هو عمي أخو أمي فقالوا فهو خالك إذن قال ابن خلف وسقط الذباب على وجه قاضي عبدان فقال كثر الله بكم القبور قال ابن خلف قال بعض الرواة تقدم رجلان الى ابي العطوف قاضي

حران فقال أحدهما أصلح الله القاضي هذا ذبح ديكا لي فخذ لي بحقي فقال لهما القاضي عليكما بصاحب الشرطة فانه ينظر في الدماء قال أبو الفضل الربعي حدثنا أبي قال سأل المأمون رجلا من أهل حمص عن قضاتهم قال يا أمير المؤمنين إن قاضينا لا يفهم وإذا فهم وهم قال ويحك كيف هذا قال قدم عليه رجل رجلا فادعى عليه أربعة وعشرين درهما فأقر له الآخر فقال أعطه قال أصلح الله القاضي إن لي حمارا اكتسب عليه كل يوم أربعة دراهم أنفق على الحمار درهما وعلي درهما وأدفع له درهمين حتى إذا اجتمع ما له غاب عني فلم أره فأنفقتها وما أعرف وجها الا أن يحبسه القاضي اثنا عشر يوما حتى أجمع له إياها فحبس صاحب الحق حتى جمع ماله فضحك المأمون وعزله وعن أبي بكر الهذلي قال كان ثمامة بن عبد الله بن أنس على القضاء بالبصرة قبل بلال بن أبي بردة وكان مخلطا فاستدعت امرأة إلى ثمامة على رجل أودعته شيئا ولم يكن لها بينة فاراد استحلافه لها فقال إنه رجل سوء فيحلف ويذهب حقي ولكن استحلف اسحاق بن سويد فانه جاره فأرسل الى إسحاق واستحلفه وحكى أبو الخير الخياط عن بعض أصحابه قال دخلت تاهرت فاذا فيها قاض من أهلها وقد أتى رجل جنى جناية ليس

لها في كتاب الله حد منصوص ولا في السنة فأحضر الفقهاء فقال إن هذا الرجل جنى جناية وليس لها في كتاب الله حكم معروف فما ترون فقالوا بأجمعهم الأمر لك قال فاني رأيت ان أضرب المصحف بعضه ببعض ثلاث مرات ثم أفتحه فما خرج من شيء عملت به قالوا له وفقت ففعل بالمصحف ما ذكره ثم فتح فخرج قوله تعالى سنسمه على الخرطوم فقطع أنف الرجل وخلى سبيله وبلغنا أن رجلا قدم رجلا إلى بعض القضاة فادعى عليه بثلاثين دينارا وأقام شاهدا واحدا فقال القاضي إدفع له خمسة عشر دينارا الى أن يقيم الشاهد الآخر وحكى فقيه من رفقائنا قال حضر عندي أمين من أمناء القاضي فسألني عن فريضة فيها سدس فقال ما معنى السدس قلت له من الدينار ثلاثة قراريط وحبة وسهم من ستة أسهم هذا هو السدس فقال أكتبه لي حتى أعرفه قلت والله لا اكتبه لك

الباب الرابع عشر في ذكر المغفلين من الكتاب والحجاب
حدثني حماد بن إسحاق قال كتب سليمان بن عبد الملك إلى أبي بكر بن حزم أن أحص من قبلك من المخنثين فصحف كاتبه فقال أخص فدعا بهم فخصاهم وقد رويت لنا هذه الحكاية على غير هذا الوجه وأنه خصاهم لأنه كان غيورا فاذن لا يكون تصفيحا وعن الحسين بن السميدع الانطاكي قال كان عندنا بانطاكية عامل من حلب وكان له كاتب أحمق فغرق في البحر شلنديتان من مراكب المسلمين التى يقصد بها العدو فكتب ذلك الكاتب عن صاحبه إلى العامل بحلب بخبرهما بسم الله الرحمن الرحيم إعلم ايها الأمير أعزه الله تعالى إن شلنديتين أعني مركبين قد صفقا من جانب البحر أي غرقا من شدة أمواجه فهلك من فيها أي تلفوا قال فكتب اليه أمير حلب بسم الله الرحمن الرحيم ورد كتابك أي وصل وفهمناه أي قرأناه أدب كاتبك اي اصفعه واستبدل به اي اعزله فانه مائق اي احمق والسلام اي انقضى الكتاب وعن عبد الله بن محمد الصوري قال رأيت سهل بن بشر الكاتب يوما وقد نعق غراب أبقع على حائط صحن الدار فضاق صدره وقال هاتم البواب فجىء به فقال لم تركت هذا الغراب يصيح ها هنا فقال البواب ايها

الأستاذ وأي ذنب لي وأنا أحفظ بابي وليس هذا ممن يدخل من الباب فيلزمني جنايته فكيف استطيع منعه من الصياح فقال قفاه فما زال يصفع صفعا عظيما إلى أن شفعت فيه وعن أبي علي النميري قال تراءينا هلال شوال فاتينا سوار بن عبد الله لنشهد عنده فقال حاجبه أنتم مجانين الامير لم يختضب بعد ولم يتهيأ ولئن وقعت عينه عليكم ليضربنكم مائتين انطلقوا فانصرفنا وصام الناس يوم الفطر وعن أبي بكر النقاش قال قيل لعبد الله بن مسعود القاضي تجيز شهادة العفيف التقي الأحمق قال لا وسأريكم هذا ادع يا غلام أبا الورد حاجبي وكان أحمق فلما أتاه قال اخرج فانظر ما الريح فخرج ثم رجع فقال شمال يشوبها جنوب فقال كيف ترون أتروني أجيز شهادة مثل هذا قال وقد ذكر مثل هذه الحكاية ابن قتيبة وعن أبي أحمد الحارثي قال كنت أعاشر بعض كتاب الديلم فسمعته مرة يحلف ويقول والله الذي لا اله إلا هو أعني به الطلاق والعتاق قال وكتب مرة بحضرتي تذكرة بأضاحي يريد تفريقها في دار صاحبه وقد قرب عيد الأضحى فكتب القائد ثور امرأته بقرة ابنه كبش ابنته نعجة الكاتب تيس فقلت يا سيدي الروح الأمين القى إليك هذا فلم يدر ما خاطبته به وسلمت منه وكتب إلى صديق له كتبت إليك هذه الكلمات يا سيدي وربي اعني به قميصي من منزلك الذي انا أسكنه وقد نفضت الدم من

قفاك المرسوم بي وليس وحق رأسك الذي احبه عبدي من نبيدك الذي تشربة شيء فوجه إلي على يدي هذا الرسول فانه ثقة اوثق مني ومنك قال ابو احمد وبلغني عن بعض قواد الديلم انه قال كاتبي احذق الناس بأمر الدواب والضياع وشري الأمتعة وما فيه عيب إلاأنه لايقرأ ولا يكتب وعن عبدالله بن إبراهيم الموصلي قال نابت الحجاج في صديق له مصيبة ورسول لعبد الملك شامي عنده فقال الحجاج ليت إنسانا يعزيني بأبيات فقال الشامي أقول قال قل فقال وكل خليل سوف يفارق خليله يموت او يصاب او يقع من فوق البيت او يقع البيت عليه او يقع في بئر او يكون شيئا لا نعرفه فقال الحجاج قد سليتني عن مصيبتي بأعظم منها في امير المؤمنين إذ وجه مثلك لرسولا وجد في بعض الكتب أن قدامة بن زيد وجه غلاما له إلى قطربل يبتاع له شرابا وأركبه حمارا فمضى الغلام وابتاع الشراب فلما صار إلى باب قرطيل عارضه صاحب المصلحة فضربه وأراق ما معه وحبسه فاتصل الأمر بقدامة فكتب إلى صاحب الخبر بسم الله الرحمن الرحيم جعلت فداك برحمته فان صاحب مصلحتين قطربل قويا على غلام لي فضرباه خمسين رطلا من تقطيع الزكرة فرأيك أعزك الله في إطلاق الحمار مصابا إن شاء الله عز و جل وكتب بعضهم إلى طبيب بسم الله الرحمن الرحيم ويلك يا يوحنا وامتع

بك قد شربت الدواء خمسين مقعدا المغص والتقطيع يفتل بطني والعينين والرأس فلا تؤخر باحتباسك عني فسوف تعلم أني سأموت وتبقى بلا أنا فعلت موفقا إن شاء الله وصف حجاج بن هرون الكاتب لحنين النصراني علة به فأمره ان يؤخر غداءه ويأخذ في آخر الليل دواء وصفه له فكتب اليه حجاج من غد بسم الله الرحمن الرحيم وأتم نعمته عليك شربت الدواء واكلت قليل كسرة واختلف احمر مثل السلق مغصا فرأيك في إنكار ذلك على بطني فعلت إن شاء الله وكتب بعضهم إلى صديق له بسم الله الرحمن الرحيم وجعلني الله فداءك لولا علة نسيتها لسرت اليك حتى أعرفك بنفسي والسلام وكتب المتوكل إلى محمد بن عبد الله يطلب فهدا فكتب اليه نجوت عند مقام لا اله إلا الله وصلى الله على سيدنا محمد فديته إن كان عندي مما طلبته وزن دانق لا فهد ولا نمر فلا تظن يا سيدي اني أبخل عليك بالقليل وكتب معاوية بن مروان إلى الوليد بن عبد الملك قد بعثت اليك خزا احمر واحمى وكتب رجل من البصرة إلى أبيه كتبت اليك يا أبت نحن كما يسرك الله عونه وقوته لم يحدث علينا بعدك إلا كل خير إلا أن حائطا لنا وقع على أمي وأخي الصغير واختي والجارية والحمار والديك والشاة ولم يفلت غيري وكتب أبو كعب إلى منزله كتابا عنوانه من أبي كعب يدفع عنوانه في عياله إن شاء الله

وكتب بعض ولد الملوك إلى بعض استوهب الله المكاره فيك برحمته أنا وحق جدي رسول الله الذى لا إله إلا هو أحبك أشد من جدي المتوكل فقد بلغني انه قد جاءك من النبيذ شيء كثير كثير شطرا وانا احبه شديد شديد شطرا آخر وبحياتي عليك الا بعثت إلي دستجة او خمس دبات او ستة او سبعة او اكثر جياد بالغة والا فثلاث خماسيات ولا تردني فأحرد موفقا ان شاء الله

الباب الخامس عشر في ذكر المغفلين من المؤذنين
عن ابي بكر النقاش قال حدثنا ان إعرابيا سمع مؤذذنا كان يقول أشهد ان محمدا رسول الله بالنصب فقال ويحك فعل ماذا وعن محمد بن خلف قال قيل لمؤذن ما يسمع اذانك فلو رفعت صوتك فقال إني لاسمع صوتي من ميل وقال بعضهم رأيت مؤذنا يؤذن ثم عدا فقلت الى أين فقال احب اعرف الى اين يبلغ صوتي واذن مؤذن فقيل له ما أحسن صوتك فقال إن امي كانت تطعمني البلادة وأنا صغير يريد البلادر وعن شريح بن يزيد قال كان سعيد بن سنان المهدي مؤذنا بجامع حمص وكان شيخا صالحا يسحر الناس في رمضان فيقول في تسحيره استحثو قديراتكم عجلوا في اكلكم قبل ان أ أذن فيسخم الله وجوهكم وتحردوا
الباب السادس عشر في ذكر المغفلين من الأئمة
عن ابي العيناء قال كان المدني في الصف من وراء الامام فذكر الامام شيئا فقطع الصلاة وقدم المدني ليؤمهم فوقف طويلا فلما أعيا الناس سبحوا له وهو لا يتحرك فنحوه وقدموا غيره فعاتبوه فقال ظننته يقول لي احفظ مكاني حتى أجىء وعن محمد بن خلف قال مر رجل بامام يصلي بقوم فقرأ آلم غلبت الترك فلما فرغ قلت يا هذا إنما هو غلبت الروم فقال كلهم اعداء لا نبالي من ذكر منهم وعن مندل بن علي قال خرج الاعمش ذات يوم من منزله بسحر فمر بمسجد بني اسد وقد اقام المؤذن الصلاة فدخل يصلي فافتتح الامام الركعة الاولى بالبقرة ثم في الركعة الثانية آل عمران فلما انصرف قال له الأعمش أما تتقي الله أما سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم من أم الناس فليخفف فان خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة فقال الامام قال الله عزوجل

وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين فقال الأعمش أنا رسول الخاشعين اليك بأنك ثقيل وعن المدائني قال قرأ إمام ولا الظالين بالظاء المعجمة فرفسه رجل من خلفه فقال الامام آه ضهري فقال له رجل يا كذا وكذا خذ الضاد من ضهرك واجعلها في الظالين وانت في عافية وكان الراد عليه طويل اللحية قال الجاحظ اخبرني ابو العنبس قال كان رجل طويل اللحية احمق جارنا وكان اقام بمسجد المحلة يعمره ويؤذن فيه ويصلي وكان يعتمد السور الطوال ويصلي بها فصلى ليلة بهم العشاء فطول فضجوا منه وقالوا اعتزل مسجدنا حتى نقيم غيرك فانك تطول في صلاتك وخلفك الضعيف وذو الحاجة فقال لا اطول بعد ذلك فتركوه فلما كان من الغد اقام وتقدم فكبر وقرأ الحمد ثم فكر طويلا وصاح فيهم إيش تقولون في عبس فلم يكلمه أحد إلا شيخ أطول لحية منه وأقل عقلا فانه قال كيسة مر فيها وقرأ إمام في صلاته وواعدنا موسى ثلاثين وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه خمسين ليلة فجذبه رجل وقال ما تحسن تقرأ ما تحسن تحسب وتقدم إمام فصلى فلما قرأ الحمد افتتح بسورة يوسف فانصرف القوم وتركوه فلما أحس بانصرافهم قال سبحان الله قل هو الله أحد فرجعوا فصلوا معه وقرأ إمام في صلاته إذا الشمس كورت فلما بلغ قوله فأين تذهبون ارتج عليه وجعل يردد حتى كادت تطلع الشمس وكان خلفه رجل معه جراب فضرب به راس الامام وقال أما أنا فأذهب وهؤلاء لا أدري الى أين يذهبون

الباب السابع عشر في ذكر المغفلين من الاعراب
عن أبي عثمان المازني انه قال قدم إعرابي على بعض أقاربه بالبصرة فدفعوا له ثوبا ليقطع منه قميصا فدفع الثوب الى الخياط فقدر عليه ثم خرق منه قال لم خرقت ثوبي قال لا يجوز خياطته إلا بتخريفه وكان مع الاعرابي هراوة من أرزن فشج بها الخياط فرمى بالثوب وهرب فتبعه الاعرابي وأنشد يقول ما إن رأيت ولا سمعت بمثله فيما مضى من سالف الأحقاب من فعل علج جئته ليخيط لي ثوبا فخرقه كفعل مصاب فعلوته بهراوة كانت معي فسعى وأدبر هاربا للباب أيشق ثوبي ثم يقعد آمنا كلا ومنزل سورة الاحزاب وعن الاصمعي أنه قال مررت بأعرابي يصلي بالناس فصليت معه فقرأ والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها كلمة بلغت منتهاها لن يدخل النار ولن يراها رجل نهى النفس عن هواها فقلت له ليس هذا من كتاب الله قال فعلمني فعلمته الفاتحة والاخلاص ثم مررت بعد أيام فاذا هو يقرأ الفاتحة

وحدها فقلت له ما للسورة الاخرى قال وهبتها لابن عم لي والكريم لا يرجع في هبته وعنه أنه قال كنت في البادية فاذا باعرابي تقدم فقال الله أكبر سبح اسم ربك الاعلى الذي أخرج المرعى أخرج منها تيسا أحوى ينزو على المعزى ثم قام في الثانية فقال وثب الذئب على الشاة الوسطى وسوف ياخذها تارة اخرى أليس ذلك بقادر على ان يحيي الموتي ألا بلى ألا بلى فلما فرغ قال اللهم لك عفرت جبيني واليك مددت يميني فانظر ماذا تعطيني وعنه قال رأيت إعرابيا يضرب أمه فقلت يا هذا أتضرب أمك فقال أسكت فاني أريد أن تنشأ على أدبي وعنه انه قال حج إعرابي فدخل مكة قبل الناس وتعلق بأستار الكعبة وقال اللهم اغفر لي قبل أن يدهمك الناس وعن آبي الزناد قال جاء إعرابي إلى المدينة فجالس أهل الفقه ثم تركهم ثم جالس أصحاب النحو فسمعهم يقولون نكرة ومعرفة فقال يا أعداء الله يا زنادقة وعن علاء بن سعيد قال قعد طائي وطائية في الشمس فقالت له امرأته والله لئن ترحل الحي غدالاتبعن قماشهم وأصوافهم ثم لأنفشنه ولأغسلنه ولأغزلنه ثم لأبعثنه إلى بعض الأمصار فيباع وأشتري بثمنه بكرا فأرتحل عليه مع الحي إذا ترحلوا قال الزوج أفتراك الآن تارتكني وابني بالعراء قالت اي والله قال كلا والله وما زال الكلام بينها حتى قام يضربها فأقبلت أمها فقالت ما شأنكم وصرخت يا آل فلانة أفتضرب

ابنتي على كد يديها ورزق رزقها الله فاجتمع الحي فقالوا ما شأنكم فأخبروهم بالخبر فقالوا ويلكم القوم لم يرحلوا وقد تعجلنم الخصومة وعن ا لاصمعي قال خرج قوم من قريش إلى أرضهم وخرج معهم رجل من بني غفار فأصابهم ريح عاصف يئسوا معها من الحياة ثم سلموا فأعتق كل رجل منهم مملوكا فقال ذلك الاعرابي اللهم لا مملوك لي أعتقه ولكن امرأتي طالق لوجهك ثلاثا وكان رجل من الاعراب يعمل في معمل للذهب فلم يصب شيئا فأنشأ يقول يا رب قدر لي في حماسي وفي طلاب الرزق بالتماس صفراء تجلو كسل النعاس فضربته عقرب صفراء سهرته طول الليلة وجعل يقول يا رب الذنب لي اذ لم أبين لك ما أريده اللهم لك الحمد والشكر فقيل له ما تصنع أما سمعت قول الله تعالى ولئن شكرتم لازيدنكم فوثب جزعا وقال لا شكرا لا شكرا وسئل إعرابي هل تقرأ من القرآن شيئا فقرأ أم الكتاب والاخلاص فأجاد فسئل هل تقرأ شيئا غيرهما فقال اما شيئا أرضاه لك فلا قال الاصمعي ورأيت اعرابيا يصلي في الشتاء قاعدا ويقول اليك اعتذاري من صلاتي قاعدا على غير طهر موميا نحو قبلتي فما لي ببرد الماء يا رب طاقة ورجلاي لا تقوى على طي ركبتي ولكنني أقضيه يا رب جاهدا وأقضيكه إن عشت في وجه صيفتي وإن أنا لم أفعل فانت محكم الهي في صفعي وفي نتف لحيتي

وعض ثعلب اعرابيا فأتي راقيا فقال الراقي ما عضك فقال كلب واستحى ان يقول ثعلب فلما ابتدأ بالرقية قال وأخلط بها شيئا من رقية الثعالب وقال بعض الاعراب لنا تمر تضع التمرة في فيك فتبلغ حلاوتها الى كعبك وقرأ إمام في صلاته انا أرسلنا نوحا الى قومه فارتج عليه وكان خلفه إعرابي فقال لم يذهب نوح فأرسل غيره وأرحنا وكان اعرابي يقول اللهم اغفر لي وحدي فقيل له لو عممت بدعائك فان الله واسع المغفرة فقال اكره ان أثقل على ربي ودعا إعرابي بمكة لأمه فقيل له ما بال أبيك قال ذاك رجل يحتال لنفسه وقيل إن محمد بن علي عليه السلام رأى في الطواف إعرابيا عليه ثياب رثة وهو شاخص نحو الكعبة لا يصنع شيئا ثم دنا من الأستار فتعلق بها ورفع رأسه الى السماء وأنشأ يقول أما تستحي مني وقد قمت شاخصا أناجيك يا ربي وأنت عليم فان تكسني يا رب خفا وفروة أصلي صلاتي دائما وأصوم وان تكن الاخرى على حال ما أرى فمن ذا على ترك الصلاة يلوم أترزق أولاد العلوج وقد طغوا وتترك شيخا والداه تميم فدعا به وخلع عليه فروة وعمامة وأعطاه عشرة آلاف درهم وحمله على فرس فلما كان العام الثاني جاء الحج وعليه كسوة جميلة وحال مستقيم فقال له إعرابي رأيته في العام الماضي باسوأ حال وأراك الآن ذا بزة حسنة وجمال فقال إني عاتبت كريما فأغنيت وكان لبعض المغفلين حمار فمرض الحمار فنذر ان عوفي حماره صام عشرة أيام

فعوفي الحمار فصام فلما تمت مات الحمار فقال يا رب تلهيت بي ولكن رمضان إلى هنا يجيء والله لآخذن من نقاوته عشرة ايام لا أصومها وصلى بعض الأعراب خلف بعض الأئمة في الصف الأول وكان اسم الأعرابي مجرما فقرأ الأمام والمرسلات الى قوله ألم نهلك الاولين فتأخر البدوي الى الصف الآخر فقال ثم نتبعهم الآخرين فرجع الى الصف الأوسط فقال كذلك نفعل بالمجرمين فولى هارا وهو يقول ما أرى المطلوب غيري وصلى أعرابي خلف أمام صلاة الغداة فقرأ الإمام سورة البقرة وكان الاعرابي مستعجلا ففاته مقصوده فلما كان من الغد بكر الى المسجد فابتدا الامام بسورة الفيل فقطع الاعرابي الصلاة وولى وهو يقول امس قرأت البقرة فلم تفرغ الى نصف النهار واليوم تقرأ الفيل ما أظنك تفرغ منها الى نصف الليل وكان إعرابي يصلي فأخذ قوم يمدحونه ويصفونه بالصلاح فقطع صلاته وقال مع هذا إني صائم وتذاكر قوم قيام الليل وعندهم إعرابي فقالوا له اتقوم بالليل قال أي والله قالوا فما تصنع قال أبول وأرجع أنام وقال اسحق الموصلي تذاكر قوم من نزار واليمن اصنام الجاهلية فقال

رجل لهم من الازد عندي الحجر الذي كان قومنا يعبدونه قالوا وما ترجو به قال لا أدري ما يكون وروى أبو عمر الزاهد ان بعض الاعراب قال اللهم أمتني ميتة أبي قالوا وكيف مات أبوك قال أكل بذجا وشرب مشعلا ونام في الشمس فلقي الله وهو شبعان ريان دفئان البذج الحمل والمشعل الزق

الباب الثامن عشر المغفلين من المتحذلقين فيمن قصد الفصاحة والاعراب في
كلامه من المغفلين
عن أبي زيد الانصاري قال كنت ببغداد فأردت الانحدار الى البصرة فقلت لابن أخي إكتر لنا فجعل ينادي يا معشر الملاحون فقلت ويحك ما تقول جعلت فداك فقال أنا مولع بالنصب عن أبي طاهر قال دخل ابو صفوان الحمام وفيه رجل مع ابنه فأراد ان يعرف خالدا أما عنده من البيان فقال يا بني ابدأ بيداك ورجلاك ثم التفت الى خالد فقال يا أبا صفوان هذا كلام قد ذهب أهله فقال هذا كلام لم يخلق الله له أهلا قط

وعن أبي العيناء عن العطري الشاعر أنه دخل الى رجل عندنا بالبصرة وهو يجود بنفسه فقال له يا فلان قل لا إله الا الله وإن شئت فقل لا إله إلا الله والاولى أحب الى سيبويه ثم اتبع ابو العيناء ذاك بأن قال سمعتم ابن الفاعلة يعرض اقوال النحويين على رجل يموت وعن عبدالله بن صالح العجلي قال اخبرني ابو زيد النحوي قال قال رجل للحسن ما تقول في رجل ترك أبيه واخيه فقال الحسن ترك أباه وأخاه فقال الرجل فما لأباه وأخاه فقال الحسن فما لأبيه وأخيه فقال الرجل للحسن أراني كلما كلمتك خالفتني وعن ابن اخي شعيب بن حرب قال سمعت ابن اخي عمير الكاتب يقول وهو يعزي قوما آجركم لله وإن شئتم أجركم الله كلاهما سماعي من الفراء

وعن سلمة قال كان عند المهدي مؤدب يؤدب الرشيد فدعاه يوما المهدي وهو يستاك فقال كيف تأمر من السواك قال استك يا امير المؤمنين فقال المهدي إنا لله ثم قال التمسوا من هو أفهم من هذا قالوا رجل يقال له علي بن حمزة الكسائي من اهل الكوفة قدم من البادية قريبا فلما قدم على الرشيد قال له يا علي قال لبيك يا أمير المؤمنين قال كيف تأمر من السواك قال سك يا امير المؤمنين قال أحسنت وأصبت وأمر له بعشرة آلاف درهم وقد روينا عن الوليد انه قال لرجل ما شأنك فقال الرجل شيخ نايفي فقال عمر بن عبدالعزيز إن أمير المؤمنين يقول لك ما شأنك فقال ختني ظلمني فقال الوليد ومن ختنك فنكس الاعرابي راسه وقال ما سؤال أمير المؤمنين عن هذا فقال عمر إنما أراد امير المؤمنين من ختنك فقال هذا وأشار الى رجل معه وعن أبي معمر عن أبيه قال كان أمير على الكوفة من بني هاشم وكان لحانا فاشترى دورا من جيرانه ليزيدها في داره فاجتمع اليه جيرانه فقالوا

أصلحك الله هذا الشتاء قد هجم علينا فأمهلنا أن رأيت حتى يقبل الصيف ونتحول قال لسنا بخارجيكم يريد بمخرجيكم وعن ميمون بن هرون قال قال رجل لصديق له ما فعل فلان بحماره قال باعه قال باعه قال فلم قلت بحماره قال الباء تجر قال فمن جعل باءك تجر وبائي ترفع وعن سعيد بن احمد قال دعاني محمد بن أحمد بن الخصيب يوما فأقمنا عنده فقال لابن له صغير يا عبدالله اخدم عماك فقال اخدم عمي قالوا يقول لك اخدم عمك وتلحن فقلت له جعلت فداك أنت أعلم الناس بالنحو فمن أفسد بيان هذا الصبي قال من قبل أمه وعن أبي عبدالله أحمد بن فتن قال دعاني إنسان من جيراننا فوجه الى البقال وجه إلي جزرا بدانقان فقلت سبحان الله ما هذا قال أردت أن يهابني وقدم على ابن علقمة النحوي ابن أخ له فقال له ما فعل ابوك قال مات قال وما فعلت علته قال ورمت قدميه قال قل قدماه قال فارتفع الورم الى ركبتاه قال قل ركبتيه فقال دعني يا عم فما موت أبي بأشد علي من نحوك هذا ووقف نحوي على رجل فقال كم لي من هذا الباذنجان بقيراط

فقال خمسين فقال النحوي قل خمسون ثم قال لي اكثر فقال ستين قال قل ستون ثم قال لي أكثر فقال إنما تدور على مئون وليس لك مئون ولقي رجلا من أهل الادب واراد أن يسأله عن أخيه وخاف ان يلحن فقال أخاك أخوك اخيك ها هنا فقال الرجل لا لي لو ما هو حضر وسمعت شيخنا أبا بكر محمد بن عبدالباقي البزار يقول قال رجل لرجل قد عرفت النحو الا اني لا أعرف هذا الذي يقولون أبو فلان وأبا فلان وابي فلان فقال له هذا أسهل الاشياء في النحو إنما يقولون أبا فلان لمن عظم قدره وابو فلان للمتوسطين ن وأبي فلان للرذلة وعن الاصمعي عن عيسى بن عمر قال كان عندنا رجل لحان فلقي رجلا مثله فقال من اين جئت فقال من عند أهلونا فتعجب منه وحسده وقال أنا اعلم من أين أخذتها أخذتها من قوله تعالى شغلتنا اموالنا وأهلونا وعن أبي القاسم الحسن قال كتب بعض الناس كتبت من طيس يريد

طوس فقيل له في ذلك فقال لأن من تخفض ما بعدها فقيل إنما تخفض حرفا واحدا لا بلدا له خمسمائة قرية قال أبو الفضل بن المهدي قال لي ابو محمد الازدي واظب على العلم فانه يزين الرجال كنت يوما في حلقة ابي سعيد يعني السيرافي فجاء ابن عبدالملك خطيب جامع المنصور وعليه السواد والطويلة والسيف والمنطقة فقام الناس اليه واجلوه فلما جلس قال لقد عرفت قطعة من هذا العلم واريد ان استزيد منه فايهما خير سيبويه أو الفصيح فضحك الشيخ ومن في حلقته ثم قال يا سيدنا محبرة اسم او فعل أو حرف فسكت ثم قال حرف فلما قام لم يقم له احد

فصل وقد تكلم قوم من النحويين بالاعراب مع العوام فكان ذلك من حنس
التغفيل وإن كان صوابا لانه لا ينبغي ان يكلم كل قوم الا بما يفهمون
قال ابن عقيل كان شيخنا ابو القاسم بن برهان الاسدي يقول لاصحابه اياكم والنحو بين العامة فانه كاللحن بين الخاصة قال ابن عقيل وتعليل هذا ان التحقيق بين المحرفين ضائع وتضييع العلم لا يحل ولهذا روى حدثوا الناس بما يعقلون اتحبون ان يكذب على الله ورسوله وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا ابا عمير ما فعل النغير ولعب مع الحسن والحسين وإنما نسب المعلمون للحماقة لمعاملتهم الصبيان بالتحقيق قال الاصمعي كان يحيى بن معمر قاضيا بخراسان فتقدم اليه رجل وامرأته فقال يحيى للرجل رايت ان سألتك حق شكرها وشبرك ان ان شاءت تطلها وتضهلها قال يقول الرجل لامرأته والله ما أدري ما يقول قومى حتى ننصرف الشكر الفرج والشبر النكاح وتطلها

تبطل حقها وتضهلها تعطيها حقها قليلا قليلا وكذلك قال عيسى بن عمر ليوسف بن عمر وهو يضربه بالسياط والله ان كانت الا اثيابا في اسيفاط قبضها عشاروك قال ابن قتيبة ومثل هذا يستقبح والادب عض فكيف اليوم وقع نحوي في كنيف فصاح به الكناس أنت في الحياة قال ابغ لي سلما وثيقا وامسكه امساكا رفيقا ولا بأس علي فقال له لو كنت تركت الفضول يوما لتركته الساعة وانت في الخراالى الحلق وقف نحوي على صاحب بطيخ فقال بكم تلك وذانك الفاردة فنظر يمنا وشمالا ثم قال اعذرني فما عندي شيء يصلح للصفع وقف نحوي على زجاج فقال بكم هاتان القنينتان اللتان فيهما نكتتان خضراوتان فقال الزجاج مدهامتان فبأي آلاء ربكما تكذبان وعن أبي زيد النحوي قال وقفت على قصاب وعنده بطون فقلت بكم البطنان فقال بدرهمان يا ثقيلان وعن احمد بن محمد الجوهري قال سمعت أبا زيد النحوي قال وقفت على قصاب وقد اخرج بطنين سمينين فعلقهما فقلت بكم البطنان فقال بمصفعان يا مضرطان ففرت لئلا يسمع الناس فيضحكون قال حدثنا أبوحمزة المؤدب قال حدثنا أحمد بن محمد القزويني وكان شاعرا أنه دخل سوق النخاسين بالكوفة فقعد الى نخاس فقال يا نخاس اطلب لي حمارا لا بالصغير المحتقر ولا بالكبير المشتهر ان اقللت علفه صبر وان اكثرت علفه شكر لا يدخل تحت البواري ولا يزاحم بي السواري اذا خلا في الطريق تدفق واذا اكثر الزحام ترفق فقال له النخاس بعد أن نظر اليه ساعة دعني إذا مسخ الله القاضي حمارا اشتريته لك حدثنا بعض أصحابنا قال قلت لبقال عندك بسر فرسا قال عندي قرعة

وعن إسحاق بن محمد الكوفي قال جاء أبو علقمة إلى عمر الطبيب فقال أكلت دعلجا فأصابني في بطني سجح فقال خذ غلوص وخلوص فقال أبو علقمة وما هذا قال وما الذي قلت أنت كلمني بما أفهم قال أكلت زبدا في سكرجة فأصابني نفخ في بطني فقال خذ صعترا ودخل أبو علقمة النحوى علي أعين الطبيب فقال امتع الله بك إني أكلت من لحوم هذه الجوازم فطئست طسأة فأصابني وجع من الوالبة الى ذات العنق فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الحلب والشراسيف فهل عندك دواء قال نعم خذ حرفقا وسلقفا وسرقفا فزهرقه وزقزقه واغسله بماء روث واشربه فقال أبو علقمة لم أفهم عنك هذا فقال أفهمتك كما أفهمتني قال حدثنا أبو عثمان عن أبي حمزة المؤدب قال دخل أبو علقمة النحوي سوق الجرارين بالكوفة فوقف على جرار فقال أجد عندك جرة لا فقداء ولا دباء ولا مطربلة الجوانب ولتكن نجوية خضراء نضراء قد خف محملها وأتعبت صانعها قد مستها النار بألسنتها أن نقرتها طنت وان أصابتها الريح رنت فرفع الجرار رأسه اليه ثم قال له النطس بكور الجروان أحر وجكى والدقس باني والطبر لري شك لك بك ثم صاح الجرار يا غلام شرج ثم درب والى الوالي فقرب يا أيها الناس من بلي بمثل ما نحن فيه وأنشد لثعلب إن شئت أن تصبح بين الوري ما بين شتام ومغتاب فكن عبوسا حين تلقاهم وكلم الناس باعراب

الباب التاسع عشر في ذكر من قال شعرا من المغفلين
عن المبرد قال قال الجاحظ أنشدني بعض الحمقى ان داء الحب سقم ليس يهنيه القرار ونجا من كان لا يعشق من تلك المخازي فقلت إن القافيه الاولى راء والثانية زاى فقال لا تنقط شيئا فقلت أن الاولى مرفوعة والثانية مكسورة فقال أنا أقول تنقط وهو يشكل وحكى بعضهم قال اجتمعنا ثلاثة نفر من الشعراء في قرية تسمى طيهاثا فشربنا يومنا ثم قلنا ليقل كل واحد بيت شعر في وصف يومنا فقلت نلنا لذيذ العيش في طيهاثا فقال الثاني لما احتثثنا القدح احتثاثا فارتج على الثالث فقال امرأته طالق ثلاثا ثم قعد يبكي على امرأته ونحن نضحك عليه

وعن أبي الحسن على بن منصور الحلبي قال كنت احضر مجلس سيف الدولة فحضرته وقد انصرف من غزو عدو له ظفر به فدخل الشعراء ليهنئوه فدخل رجل وأنشده وكانوا كفأر وسو سوا خلف حائط وكنت كسور عليهم تسلقا فأمر سيف الدولة باخراجه فقام على الباب يبكي فأخبر سيف الدولة ببكائه فأمر برده فقال مالك تبكي فقال قصدت مولانا بكل ما أقدر عليه فلما خاب أملي وقابلني بالهوان ذلت نفسي فبكيت فقال له سيف الدولة ويلك من يكون له مثل هذا النثر يكون له ذلك النظم فكم أملت قال خمس مائة درهم فأمر له بألف درهم عن الصولي قال كان لمحمد بن الحسن ابن فقال له إني قد قلت شعرا قال انشديه قال فان أجدت تهب لي جارية أو غلاما قال أجمعهما لك فانشده ان الديار طيفا هيجن حزنا قد عفا أبكينني لشقاوتي وجعلن رأسي كالقفا فقال يا بني والله ما تستاهل جارية ولا غلاما ولكن أمك مني طالق ثلاثا إذا ولدت مثلك

قال أبو سجادة الفقيه في شعر له ومنا الوزير ومنا الامير ومنا المشير ومنا أنا وقد وقع شيء يشبه التغفيل من فطناء الشعراء قال فان البحتري دخل على بعض من يمدحه فأنشده لك الويل من ليل تطاول آخره فقال الممدوح لك الويل والحرب ومدح رجل معن بن زائدة فقال أتيتك إذ لم يبق غيرك جابر ولا واهب يعطي اللها والرغائبا فقال معن ليس هذا مدحا وهلا قلت كما قال أخو بني تيم لمالك بن مسمع ( قلدته عرى الامور نزار ... قبل ان تملك السراة النحورا )

الباب العشرون في ذكر المغفلين من القصاص
فمنهم سيفويه القاص كان يضرب به المثل في التغفيل عن محمد بن العباس بن حيويه قال قيل لسيفويه قد أدركت الناس فلم لم تحدث قال اكتبوا حدثنا شريك عن مغيرة عن إبراهيم بن عبد الله مثله سواء قالوا له مثل إيش قال كذا سمعنا وكذا نحدث عن ابن خلف قال جاء يوما رجل من عرس فسأله سيفويه ما أكل فأقبل يصف له فقال ليت ما في بطنك في حلقي وقال ابن خلف قال عبد العزيز القاص ليت ان الله لم يكن خلقني واني الساعة أعور فحكيت ذلك لابن غياث فقال بئس ما قال ووددت والله الذي لا إله إلا هو ان الله لم يكن خلقني واني الساعة أعمى مقطوع اليدين والرجلين وروى أبو العباس بن مشروح قال كان سيفويه اشترى لمنزله دقيقا بالغداة وراح عشاء يطلب الطعام فقالوا لم نخبز لم يكن عندنا حطبا قال كنتم تخبزونه فطيرا وحكى أبو منصور الثعالبي أن رجلا سأل سيفويه عن الغسلين في كتاب الله

تعالى فقال على الخبير سقطت سألت عنه شيخا فقيها من أهل الحجاز فما كان عنده قليل ولا كثير وقف سيفويه راكبا على حمار في المقابر فنفر حماره عند قبر منها فقال ينبغي أن يكون صاحب هذا القبر بيطارا وقرأ سيفويه ثم في سلسلة ذرعها تسعون ذراعا فقيل له قد زدت عشرين فقال هذه خلقت لبغاء و وصيف فاما أنتم فيكفيكم شريط بدانق ونصف وقرأ قارىء بين يديه كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما فقال ماذا لقي القوم والله من اجل صلاتهم بالليل وقرأ القارىء كأنهن الياقوت والمرجان فقال هؤلاء خلاف نسائكم الفجار قيل لسيفويه إن اشتهى أهل الجنة عصيدة كيف يعملون قال يبعث الله لهم أنهار دبس ودقيق وأرز ويقال اعملوا وكلوا واعذرونا وعن محمد بن خلف قال أبو أحمد التمار في قصصه لقد عظم رسول الله صلى الله عليه و سلم حق الجار حتى قال فيه قولا أستحي والله أن أذكره قال ابن خلف قص قاص بالمدينة فقال رأى أبو هريرة على ابنته خاتم ذهب فقال يا بنية لا تتخمي بالذهب فانه لهب فبينا هو يحدثهم إذ بدت كفه فإذا فيها خاتم ذهب فقالوا له تنهانا عن لبس الذهب وتلبسه فقال لم أكن ابنة أبي هريرة

عن محمد بن الجهم أنه قال سمعت الفراء يقول كان عندنا رجل يفسر القرآن برأيه فقيل له أرأيت الذي يكذب بالدين فقال رجل سوء والله فقيل فذلك الذي يدع اليتيم فسكت طويلا ثم قال من هذا عجبت وعن عبد الرحمن بن محمد الحنفي قال قال أبو كعب القاص في قصصه كان اسم الذئب الذي أكل يوسف كذا وكذا فقالوا له فان يوسف لم يأكله الذئب قال فهو اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف قال حكاها الجاحظ عن أبي علقمة القاص قال كان اسم الذئب حجونا عن العلاء بن صالح قال كان عبد الله الأعلى بن عمر قاصا فقص يوما فلما كاد مجلسه ينقضى قال إن ناسا يزعمون إني لا أقرأ من القرآن شيئا وإني لا أقرأ منه الكثير بحمد الله ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد فارتج عليه فقال من أحب أن يشهد خاتمة السورة فليحضرنا إلى مجلس فلان حكى أبو محمد التميمي أن أبا الحسن السماك الواعظ دخل عليهم يوما وهم يتكلمون في أبابيل فقال في أي شيء أنتم فقالوا نحن في ألف أبابيل هل هو ألف وصل او ألف قطع قال لا ألف وصل ولا ألف قظع وإنما هو ألف سخط ألا ترون أنه بلبل عليهم عيشهم فضحك القوم من ذلك جاء رجل إلى قاص وهو يقرأ يتجرعه ولا يكاد يسيغه فقال اللهم اجعلنا ممن يتجرعه ويسيغه

قال الجاحظ سمعت قاصا أحمق وهو يقص حديث موسي وفرعون وهو يقول لما صار فرعون في وسط البحر في الطريق اليابس قال الله للبحر انطبق فما زال حتى علاه الماء فجعل فرعون يضرط مثل الجاموس نعوذ بالله من ذلك الضراط قال وسمعت قاصا بالكوفة يقول والله لو أن يهوديا مات وهو يحب عليا ثم دخل النار ما ضره حرها قال بعض القصاص يا معشر الناس إن الشيطان إذا سمي على الطعام والشراب لم يقربه فكلوا خبز الأرز المالح ولا تسموا فيأكل معكم ثم اشربوا الماء وسموا حتى تقتلوه عطشا كان أبو سالم القاص يقص يوما قال يا بن آدم يابن الزانية أما تستحي من الملك الجليل حتى تقدم على الفعل القبيح وسرق باب ابي سالم القاص فجاء إلى باب المسجد وقلعه قالوا ما تصنع قال اقلع هذا الباب فان صاحبه يعلم من قلع بابي سئل بعض الوعاظ لم لم تنصرف أشياء فلم يفهم ما قيل له ثم سكت ساعة فقال تسأل سؤال الملحدين لان الله يقول لا تسألوا عن أشياء قال بعض الأشياخ إنه كتب في رقعة الى بعض القصاص يسأله الدعاء لامرأه حامل فقرأ الرقعة ثم قلبها وفي ظهرها صفة دواء قد كتبه طبيب وفيه قنبيل وخشيرك وافتيمون ونحو هذا فظنها كلمات يسأل بها فدعا وجعل يقول يا رب قنبيل يا رب خشيرك ويا رب افتيمون إلى أن نهى ما ذكر

الباب الحادي والعشرون في ذكر المغفلين من المتزهدين
عن علي بن المحسن التنوخي قال كان عندنا بحبل اللكام رجل يسمى أبو عبد الله المزابلي يدخل البلد بالليل فيتتبع المزابل فيأخذ ما يجده ويغسله ويقتاته ولا يعرف قوتا غيره أو يتوغل في الجبل فيأكل من الثمرات المباحات وكان صالحا مجتهدا إلا أنه كان قليل العقل وكان بانطاكية موسى الزكوري صاحب المجون وكان له جار يغشى المزابل فجرى بين موسى الزكوري وجاره شر فشكاه إلى المزابلي فلعنه في دعائه فكان الناس يقصدونه في كل جمعة فيتكلم عليهم ويدعو فلما سمعوه يلعن ابن الزكوري جاء الناس إلى داره لقتله فهرب ونهبت داره فطلبه العامة فاستتر فلما طال استتاره قال إني سأحتال على المزابلي بحيلة أتخلص بها فأعينوني فقالوا له ما تريد قال اعطوني ثوبا جديدا وشيئا من مسك ونارا وغلمانا يؤنسوني الليلة في هذا الجبل قال فأعطيته ذلك فلما كان نصف الليل صعد فوق الكهف الذي يأوي فيه المزابلي فبخر بالند ونفخ المسك فدخلت الرائحة الى كهف أبي عبد الله المزابلي فلما اشتم المزايلى تلك الرائحة وسمع الصوت قال مالك عافاك الله ومن أنت قال أنا جبرائيل ارسلني ربي فلم يشك المزابلي في صدق القول وأجهش في البكاء والدعاء فقال يا جبرائيل ومن أنا حتى يرسلك الله الي فقال الرحمن يقرئك السلام ويقول لك موسى الزكوري غدا رفيقك في الجنة فصعق ابو عبد الله فتركه موسى فرجع فلما كان من

الغد كان يوم الجمعة أقبل المزابلي يخبر الناس برسالة جبرائيل ويقول تمسحوا بابن الزكوري واسألوه أن يجعلني في حل واطلبوه لي فأقبل العامة إلى دار ابن الزكوري يطلبونه ويستحلونه عن أبي النقاش عن شيخ له قال كنت في جامع واسط ورجلان يحدثان في حديث جهنم فقال أحدهما بلغني أن الله عز و جل يعظم خلق الكافر حتى يكون ضرسه مثل أحد فقال له الآخر ليس هذا أمره وإلى جانبهما شيخ متأله كثير الصلاة فالتفت اليهما فقال لا تنكروا هذا إن الله على كل شيء قدير وتصديق ما كنتما فيه كتاب الله قالا وما ذاك ياعم قال قوله تعالى فأولئك يبدل الله سنانهم خشبات فهو ما يبدل السن خشبة إلا وهو قادر على أن يجعله مثل أحد عن الزهري قال بلغني عن حجاج الشاعر أنه مر يوما في درب وفي آخره ميزاب قال أصابني لم يصبني أصابني فلما طال عليه ذلك جاء وجلس تحته وقال استرحت من الشك وعن أبي علي الطائي قال قرأ رجل عند بعض المتزهدين وكان مغفلا وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه فقال دعنا من آيات الفجار

عن محمد المخرمي قال كنا في مجلس فشممت رائحة أنكرتها فنظرت فاذا رجل قد وضع في شاربه عذرة فقلت له ما هذا قال تواضعا لربي عز و جل قال طاهر بن الحسين للمرزوي منذ كم دخلت العراق قال منذ عشرين سنة واني أصوم الدهر منذ ثلاثين سنة قال طاهر سألتك عن مسألة فأجبتني عن مسألتين عن أبي عثمان الجاحظ قال أخبرني يحيى بن جعفر قال كان لي جار من أهل فارس وكان بلحية ما رأيت أطول منها قط وكان طول الليل يبكي فأنبهني ذات ليلة بكاؤه ونحيبه وهو يشهق ويضرب على رأسه وصدره ويردد آية من كتاب الله تعالى فلما رأيت ما نزل به قلت لاسمعن هذه الآية التي قتلت هذا وأذهب نومي فتسمعت عليه فاذا الآية يسألونك عن المحيض قل هو أذى فعلمت أن طول اللحية لا يخلف وعنه قال أخبرني النظام قال مررت بناحية باب الشام فرأيت

شيخا قاعدا على باب داره وبين يديه حصى ونوى وهو يسبح ويعد بهما ويقول حسبي الله حسبي الله فقلت يا عم ليس هذا هو التسبيح قال كيف هو التسبيح عندك قلت سبحان الله قال يا أحمق هذا تسبيح تعلمته بعبادان منذ ستين سنة اسبح به فاتركه لقولك يا جاهل وقال رأيت أبا محمد السيرافي وكان طويل اللحية يدعو ربه وقد رفع يديه إلى السماء وهو يقول يا منقذ الموتى ومنجي الغرقى وقابل التوبات وراحم العثرات أنت تجد من ترحمه غيري وأنا لاأجد من يعذبني سواك قال رأيت أبا سعيد البصري يدعو ربه وكان طويل اللحية أحمق وهو يقول يا رباه يا سيداه يا مولاه يا جبرائيل يا اسرافيل يا ميكائيل يا كعب الاحبار يا أويس القرني بحق محمد وجرجيس عليك ارخص أمتك على الدقيق عن بشر بن عبد الوهاب قال كان يجلس إلى عمود في دمشق رجل جميل الهيأة فرأيته يوما وقد سجد ويقول في سجوده سجد لك خضرتي وحمرتي وصفرتي وبياضي وسوادي خاشعا ضارعا خاضعا ماصا لبظر أمه ومن أنا عندك الزاني ابن الزانية حتى لا تغفر له

كان لأبي العتاهية تلميذ تصوف وتزهد وقير احدى عينيه وقال النظر الى الدنيا بعينين اسراف قال بعضهم كان لي عم له سبعود سنة فسمعته يقول في دعائه بمن كان بين محمد وآله من النبيين والمرسلين فقلت له يا عم اسمعك تدعو بهذا الدعاء فمن كان بين محمد وآله من النبيين والمرسلين فقال العشرة الذين بايعوه تحت الشجرة قال بعض معارفنا إنه حضر في بعض البلاد عند متزهد وحضر جماعة يتبركون به منهم قاضي البلد فجرى ذكر لوط عليه السلام فقال المتزهد عليه لعنة الله فقيل ويحك هذا نبي فقال ما علمت ثم التفت إلى القاضي فقال خذ علي التوبة مما قلت فتاب ثم أفاضوا في الحديث فجرى ذكر فرعون فقالوا له ما تقول فيه فقال أنا الآن تبت فلا أدخل بين الانبياء

الباب الثاني والعشرون في ذكر المغفلين من المعلمين
وهذا شىء قل أن يخطيء ونراه مطردا ولا نظن السبب في ذلك إلا معاشرة الصبيان وقد بلغني أن بعض المؤدبين للمأمون أساء أدبه على المأمون وكان صغيرا فقال المأمون ما ظنك بمن يجلو عقولنا بأدبه ويصدأ عقله بجهلنا ويوقرنا بزكاتنا ونستخفه بطيشنا ويشحذ أذهاننا بفوائده ويكل ذهنه بغينا فلا يزال يعارض بعلمه جهلنا وبيقظته غفلتنا وبكماله نقصنا حتى نستغرق محمود خصاله ويستغرق مذموم خصالنا فإذا برعنا في الاستفادة برع هو في البلادة وإذا تحلينا بأوفر الآداب تعطل من جميع الاسباب فنحن الدهر ننزع منه آدابه المكتسبة فنستفيدها دونه ونثبت فيه أخلاقنا الغريزية فينفرد بها دوننا فهو طول عمره يكسبنا عقلا ويكتسب منا جهلا فهو كذبالة السراج ودودة القز قال الجاحظ كان ابن شبرمة لا يقبل شهادة المعلمين وكان بعض الفقهاء يقول النساء أعدل شهادة من معلم وقد روينا أن الشعبي قال سمعت أبا بكر يقول مررت بمؤدب وقد تلا على غلام فريق في الجنة وفريق السعير فقلت ما قال الله من هذا شيئا إنما هو فريق في الجنة وفريق في السعير فقال أنت تقرأ على حرف أبي عاصم

بن علاء الكسائي وأنا اقرأ على حرف أبي حمزة بن عاصم المدني قلت معرفتك بالقراء أعجب وأغرب قال حدثنا محمد بن خلف قال قال بعض المجان مررت ببعض دور الملوك فاذا أنا بمعلم خلف ستر قائم على أربعة ينبح نبح الكلاب فنظرت إليه فاذا صبي خرج من خلف الستر فقبض عليه المعلم فقلت للمعلم عرفني خبرك قال نعم هذا صبي يبغض التاديب ويفر ويدخل إلى الداخل ولا يخرج وإذ طلبته بكى وله كلب يلعب به فأنبح له فيظن أني كلبه ويخرج الي فآخذه عن الكسائي قال كان الذي دعاني أن أقرأت بالري أني مررت بمعلم صبيان يقرأ ذواتي أكل خمط وأتل بالتاء فتجاوزته فاذا معلم آخر قد ذكرت له ذلك فقال أخطأ الصواب وابل فدعاني اني أقرأت الصبيان قال الجاحظ قلت لبعض المعلمين ما لي لا أرى لك عصا قال لا أحتاج إليها إنما أقول لمن يرفع صوته أمه زانية فيرفعون أصواتهم وهذا أبلغ من العصاة وأسلم قال وقلت لمعلم لم تضرب غلمانك من غير جرم قال جرمهم أعظم الأجرام يدعون لي أن أحج وإن حججت تفرقوا في المكاتب فمتى أحج أنا مجنون قال غلام للصبيان هل لكم أن يفلتنا الشيخ اليوم قالوا نعم قال تعالوا لنشهد عليه أنه مريض فجاء واحد منهم فقال أراك ضعيفا جدا وأظنك ستحم فلو مضيت إلى منزلك واسترحت فقال لاحدهم يا فلان يزعم فلان أني عليل فقال صدق الله وهل يخفى هذا على جميع الغلمان ان سألتهم أخبروك فسألهم فشهدوا فقال لهم انصرفوا اليوم وتعالوا غدا

ضرب معلم غلاما فقيل لم تضربه فقال إنما أضربه قبل أن يذنب لئلا يذنب قيل إن معلما جاء الى الجاحظ فقال أنت الذي صنعت كتاب المعلمين تعيبهم قال نعم قال وذكرت فيه بعض المعلمين جاء الى الصياد وقال إيش تصطاد طريا ام مالحا قال نعم قال ذلك أبله ولو كان فيه ذكاء كان يقف فينظر إن خرج طري علم أو خرج مالح علم قال الجاحظ مررت بمعلم وصبيانه يتصافعون وبعضهم يصفع المعلم فقلت لهم ما هذا قال يكون لي عليهم دين فقلت له ينسى ويقضى لا أراه يحصل شيئا قال مررت بمعلم وقد كتب لغلام وإذا قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا فقلت له ويحك فقد ادخلت سورة في سورة قال نعم إذا كان أبوه يدخل شهرا في شهر فانا أيضا ادخل سورة في سورة فلا آخذ شيئا ولا ابنه يتعلم شيئا قال الجاحظ ومررت بمعلم صبيان وهو جالس وحده وليس عنده صبيانه فقلت له ما فعل صبيانك قال ذهبوا يتصافعون فقلت أذهب وأنظر اليهم فقال إن كان ولا بد فغط رأسك لئلا يحسبوك أنا فيصفعوك حتى تعمى ورأيت معلما قد جاءه غلامان قد تعلق كل منهما بالآخر فقال يا معلم هذا عض أذني فقال ما عضضتها وإنما عض أذن نفسه فقال يا ابن الخبيثة جمل حتى يعض اذن نفسه

قال الجاحظ من أعجب ما رأيت معلما بالكوفة وهو شيخ جالس ناحية من الصبيان يبكي فقلت له يا عم مم تبكي قال سرق الصبيان خبزي قال أبو العنبس كان ببغداد معلم يشتم الصبيان فدخلت عليه وشيخ معي فقلنا لا يحل لك فقال ما أشتم إلا من يستحق الشتم فاحضروا حتى تسمعوا ما أنا فيه فحضرنا يوما فقرأ صبي عليها ملائكة غلاظ شداد يعصون الله ما أمرهم ولا يفعلون ما يؤمرون فقال ليس هؤلاء ملائكة ولا أعراب ولا أكراد فضحكنا حتى بال أحدنا في سراويله وقرأ آخر وهم الذين يقولون لا تنفقوا الا من عند رسول الله فقال يا ابن الفاعلة أتلزم النبي بنفقة مال لا تجب عليه قال بعضهم مررت بمعلم الصبيان يضربونه وينتفون لحيته فتقدمت لأخلصه فمنعني وقال دعهم بيني وبينهم شرط ان سبقتهم الى الكتاب ضربتهم وإن سبقوني ضربوني واليوم غلبني النوم فتأخرت ولكن وحياتك الا بكرت غدا من نصف الليل وتنظر فعلي بهم فالتفت اليه صبي وقال أنا أبات الليلة ها هنا حتى تجىء وأصفعك عن ابي الفتح محمد بن أحمد الحريمي قال كان عندنا بخرسان انسان قروي فكان له عجل فدخل داره وأدخل رأسه في جب الماء ليشرب فبقي رأسه في الجب فجعل يعالج رأسه ليخرج من الجب فلم يقدر فاستحضر معلم القرية فقال قد وقعت واقعة قال فما هي فأحضره وأراه العجل فقال أنا أخلصك اعطني سكينا فذبح العجل فوقه رأسه في الحب وأخذ حجرا وكسر الحب فقال القروي بارك الله فيك قتلت العجل وكسرت الحب

الباب الثالث والعشرون في ذكر المغفلين من الحاكة
عن أبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال حدثنا سفيان عن ابي هرون يعني موسى بن ابي عيسى ان مريم ذهبت تطلبه يعني عيسى فلقيت حائكا فقال ذهب هكذا قال سفيان كذها فقالت اللهم توهه فلا تجده الا تائها وسألت رجلا خياطا فأرشدها فدعت له فهو يجلس اليهم وعن موسى بن ابي عيسى ان مريم فقدت عيسى فدارت تطلبه فرأت حائكا فلم يرشدها فدعت عليه فلا تزال تراه تائها ورأت خياطا فأرشدها فدعت له فهو يأنس اليهم ويجلس معهم
الباب الرابع والعشرون في ذكر المغفلين على الاطلاق
عن ابي العيناء قال قال لي الجاحظ كان لنا جار مغفل جدا وكان طويل اللحية فقالت له امرأته من حمقك طالت لحيتك فقال من عير عير قال وقد رأى على بابه قذرا فقال هذا الذي قذر خلفنا ان كان صادقا فليقتذر في وجوهنا حتى نعلم وولد له ولد فقيل له ما تسميه فقال عمر بن عبد العزيز وهنؤوه به فقال إنما هو من الله ومنكم وعن أحمد بن عمر البرمكي قال قال أبو المنذر مرت بي آية وهي قوله تعالى لاأملك إلا نفسي وأخي فلم يرض موسى ان ادعى ملك نفسه حتى ادعي ملك أخيه رحم الله موسى مان كان إلا قدريا صرفا أسأل الله ان لا يؤاخذه عن اسماعيل بن زياد قال نشزت على الأعمش امرأته وكان يأتيه رجل يقال له أبو البلاد فصيح يتكلم بالعربية يطلب منه الحديث فقال له يا أبا البلاد ان امرأتي قد نشزت علي وغمتني فادخل عليها وأخبرها بمكاني من الناس وموضعي عندهم فدخل عليها فقال ان الله قد أحسن قسمك هذا

شيخنا وسيدنا وعنه نأخذ ديننا وحلالنا وحرامنا لا يغرك عموشة عينيه ولا خموشة ساقيه فغضب الأعمش وقال أعمى الله قلبك قد أخبرتها بعيوبى كلها أخرج من بيتي فأخرجه عن محمد بن سلام قال قال الشعبي كان شاب يجلس إلى الأحنف فأعجبه ما رأى من صمته إلى أن قال له ذات يوم أود أن تكون على شرف هذا المسجد وان لك مائة ألف درهم فقال له يا ابن أخي والله ان مائة الألف لمحروص عليها ولكني قد كبرت وما أقدر على القيام على هذه الشرفة وقام الفتى فلما ولى قال الأحنف وكأين ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم عن نافع قال كان ابن عمر يمازح جارة له فيقول خلقني خالق الكرام وخلقك خالق اللئام فتغضب وتصيح وتبكي ويضحك ابن عمر عن محمد بن الحسن بن زياد عن بعض ولد أبي الشوارب وكان أحمق ان أباه أمره بتقيير حب فقيره من خارج فقال له أبوه ما هذا الفعل قال إذا شئت أن تقلبه فاقلبه وحكى أن هذا المذكور قد احتلم ليلة في وقت بارد وكره أن ينغمس في الماء البارد وطلب شيئا يسخن فيه الماء فلم يجده فنزع ثوبه وعبر النهر سباحة حتى استعار شيئا يسخن فيه الماء ورجع سباحة ثم سخن فيه واغتسل عن أبي العيناء أنه قال رأيت يوما في الوراقين مناديا مغفلا في يده مصحف مخلق الاداة فقلت له ناد عليه بالبراءة من العيب وأنا أعني به الاداءة فأقبل ينادي بالبراءة مما فيه فأوقعوا به عن البحتري قال قال لي السراج منذ أربعين سنة لم أوتر خلافا لمن

يوجبها قلت أنظر إلى تغفيل هذا الرجل كيف ترك واجبا عند قوم وسنه عنه الاكثرين وما يضر من أوجبها من تركه إياها عن معمر أنه قال دخلت مسجد حمص فإذا أنا بقوم لهم رواد فظننت فيهم الخير فجلست اليهم فاذا هم ينتقصون علي بن أبي طالب ويقعون فيه فقمت من عندهم فاذا شيخ يصلي ظننت فيه الخير فجلست اليه فلما أحس بي وسلم قلت يا عبد الله ما ترى هؤلاء القوم ينتقصون عليا ويشتموه وجعلت أحدثه بمناقبه وأنه زوج بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو الحسنين وابن عم الرسول فقال يا عبد الله ما لقي الناس من الناس ولو أن أحدا نجا من الناس لنجا منهم أبو محمد رحمه الله هو ذا يشتم وحده قلت ومن أبو محمد قال الحجاج ابن يوسف وجعل يبكي فقمت عنه وقلت لا يحل لي أن أبيت في هذه البلدة فخرجت من يومي قال وفي هذا المعنى قال ابن الماجشون كان لي صديق مدني فقدته مدة ثم رأيته فسألته عن حاله فقال كنت بالكوفة فقلت كيف أقمت بها وهم يسبون أبا بكر وعمر فقال يا أخي قد رأيت منهم أعجب من ذا قلت وما هو قال يفضلون الكباشي على معبد في الغناء فسمع المهدي بذلك فضحك حتى استلقى وعن علي بن مهدي قال مر طبيب بأبي واسع فشكا اليه ريحا في بطنه فقال له خذ الصعتر فقال يا غلام دواة وقرطاس وقال قلت ماذا أصلحك

الله قلت كف صعتر ومكوك شعير فقال لم لم تذكر الشعير أولا قال ما علمت أنك حمار إلا الساعة وعن ابن خلف قال كان رجل يعرف بالمسكي يدعي البصر بالبراذين فنظر يوما إلى برذون واقف قد بلغ رأس اللجام فقال العجب كيف لا يزرعه القيء أنا لو أدخلت أصبعي في حلقي لما بقي في جوفي شىء قال قلت الآن علمت أنك بصير بالبراذين قال وسأل أبو نواس أحد الوراقين الذين كانوا يكتبون في حانوت أبي داود أي أسن أنت أم أخوك قال إذا جاء رمضان استوينا قال وسرقت منه دراهم فقيل له نرجو أن تكون في ميزانك فقال من الميزان سرقت وقيل لسورة الواسطى وأراد سفرا احسن الله صحابتك قال ما احتاج الموضع اقرب من ذلك عن ابي حصين قال عاد رجل عليلا فعزاهم فيه فقالوا له انه لم يمت فقال يموت إن شاء الله وعن ابي عاصم قال قال رجل لابي حنيفة متى

يحرم الطعام على الصائم قال اذا طلع الفجر قال وإذا طلع الفجر نصف الليل قال قم يا أعرج عن أبي بكر بن مروان قال كان يجلس الى ابي حنيفة رجل يطيل الصمت فأعجب ذلك ابو حنيفة وأراد ان يبسطه فقال له يا فتى مالك لا تخوض فيما نخوض فيه فقال الفتى يحرم على الصائم الطعام فقال ابو حنيفة أنت رجل أعرف بنفسك وعن طاهر الزهري قال كان رجل يجلس الى أبي يوسف فيطيل الصمت فقال له ابو يوسف الا تتكلم قال بلى متى يفطر الصائم قال إذا غابت الشمس قال لم تغب الى نصف الليل فضحك ابو يوسف وقال أصبت في صمتك وأخطأت انا في استدعائي لنطقك ثم قال عجبت لازراء العيي بنفسه وصمعت الذي كان بالصمت أعلما وفي الصمت ستر للعيي وإنما صحيفة لب المرء ان يتكلما عن ابي الحسن المدني قال سرق لأبي الجهم بن عطية حمار فقال لا والله يا رب ما أخذ حماري غيرك وانت تعرف موضعه فاردده علي عن مسعود قال وجه عمرو بن سلمة ابن قتيبة أخاه ليشتري لأمه كفنا فقال للبائع لا تنتخبه فانها رحمها الله كانت رديئة اللبس قال الدارقطني عن ابي الحسين بن عبد الرحيم الخياط قال كنت جالسا عند أحمد بن الحسين فجاءته امرأة برقعة فيها مسألة فقال لي اقرأها علي يا أبا الحسين فقرأتها فاذا فيها رجل قال لامرأته أنت طالق إن ثم وقف عند إن فقال لها فما حال وقف إن قالت لست أعرف عند إن فقال لي أعد القراءة فاعدت عليه كما قرأت أول مرة فقال لها فثم وقف عند إن هذا ولم يتم قالت لا والله ما أعرف وقف عند إن قال وكان في المسجد جماعة فقال

لهم أنظروا فقرؤا كلهم كما قرات ثم تنبه بعضهم لذلك فقال إنما هو رجل قال لامرأته أنت طالق ان ثم وقف عند إن وعن المرزبان قال قال ابو عثمان البصري كان أخوة ثلاثة أبو قطيفة والطبلي وابو كلير وهم ولد غيات بن أسيد فأما احدهم فكان يحج عن حمزة بن عبد المطلب ويقول استشهد قبل ان يحج والآخر يضحي عن ابي بكر وعمر يقول غلطا في ترك الاضحية والآخر يفطر عن عائشة أيام التشريق ويقول غلطت في صوم أيام العيد فمن صام عن أبيه فأنا أفطر عن امي عائشة قال ابو عثمان وذكر لأبي شعيب البلال عبد الله بن حازم وحميد الطوسي ويحيى الحرمي وما كانوا فيه من كثرة القتل والضرب والعذاب فقال ويحهم كيف يجسرون على ذاك الأسد يعني الله تعالى عما قال قال ابو عثمان وسمع بعض الحمقى مؤذنا يؤذن يقول أشهد ان لا إله إلا الله فقال الأحمق أشهدها مع كل شاهد وأحجدها مع كل جاحد وعن علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال تقدم إلى في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة وانا أتقلد القضاء بالاهواز في مجلس حكم رجلان ادعى أحدهما على الآخر دعوى فسألته عنها فأنكرها فطالبت المدعي ببينة فعدمها وطلب استحلاف الخصم فقلت له اتحلف فقال ليس له على شيء كيف حلف ولو كان له على شيء لحلفت له وأكرمته وعن ثمامة بن أشرس قال شهدت رجلا وقد خصما له الى بعض الولاة فقال أصلحك الله انا رافضي ناصبي وخصمي جهمي مشبه مجسم قدري يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي بن أبي سفيان ويلعن معاوية

بن ابي طالب فقال له الوالي ما ادري مم اتعجب من علمك بالانساب ام من معرفتك الألقاب قال أصلحك الله ما خرجت من الكتاب حتى تعلمت هذا كله وعن محمد بن المبرد عن الحسن بن رجاء أن الرشيد لما غضب على ثمامة دفعة إلى سلام الأبرش وأمره أن يضيق عليه وأن يدخله بيتا ويطين عليه ويترك فيه ثقبا ففعل دون ذلك وكان يدس اليه الطعام فجلس سلام عشية وهو يقرأ في المصحب فقرأ ويل يومئذ للمكذبون فقال ثمامة إنما هو المكذبين وجعل يشرح ويقول المكذبون هم الرسل والمكذبين هم الكفار فقال قد قيل لي انك زنديق ولم أقبل ثم ضيق عليه أشد الضيق قال ثم رضي الرشيد عن ثمامة فجالسه فقال أخبروني عن أسوأ الناس حالا فقال كل واحد شيئا قال ثمامة وبلغ القول إلي فقلت يا أمير المؤمنين عاقل يجري عليه حكم جاهل فتبينت الغضب في وجهه فقلت يا أمير المؤمنين ما أحسبني وقعت بحيث أردت قال لا والله فانشرح فحدثته بحديث سلام فضحك حتى استلقى وقال صدقت والله لقد كنت أسوأ الناس حالا عن المرزبان قال أخبرني بعض أصحابنا قال قال رجل لرجل في يوم بارد أصب عليك جرة ماء وأعطيك درهما فتلكأ فقال آخر إفعل ذلك علي والدرهم بيني وبينه وعن ابن المرزبان قال أخبرني بعض الأدباء قال قال رجل من العراق لرجل من الشام في كلام جرى بينهما حلق الله لحيتك قال بمكة إن شاء الله كذلك قال بعض الأدباء قال سئل خطيب أي أفضل معاوية أم عيسى بن مريم

فقال لا إله إلا الله أتقيس كاتب الوحي بني النصارى قال تقدم رجل إلى بعض الفقهاء فقال له الرجل إذا خرجت منه الريح تجوز صلاته قال لا قال قد فعلت أنا وجاز وعن ابن المرزبان قال دعا رجل من الأشراف بمكة فقال اللهم ان كنت ما تعرفني فأنا فلان بن فلان وأني مررت بعبدك فلان وهو يقول شيئا فيه فحش فرفسته فانبطح يفحص برجليه ميتا اللهم قد أقررت لك الآن فاغفر لي كما تريد وخرج رجل إلى السوق يشتري حمارا فلقيه صديق له فسأله فقال إلى السوق لأشتري حمارا فقال قل إن شاء الله فقال ليس هاهنا موضع إن شاء الله الدراهم في كمي والحمار في السوق فبينما هو يطلب الحمار سرقت منه الدراهم فرجع خائبا فلقيه صديقه فقال له ما صنعت فقال سرقت الدراهم إن شاء الله فقال له صديقه ليس ها هنا موضع إن شاء الله قال وركب أحمقان في قارب فتحركت الريح فقال أحدهما غرقنا والله وقال الآخر لا إن شاء الله قال لا تستثن حتى تسلم قال وأخبروني بعض أصحابنا قال تزوج رجل امرأة صغيرة فقيل له في ذلك فقال إنما المرأة شر وكلما أقللت من الشر كان خيرا عن أبي علي البصري قال أخبرت أن رجلا ورث مالا جزيلا فعمل فيه ما اشتهى فقال أريد أن تفتحوا علي صناعة لا يعود علي منهما شيء فأتلف بها هذا المال فقال له احد جلسائه اشتر التمر من الموصل واحمله إلى البصرة وقال آخر له اشتر من ابر الخياطة التي ثلاثة بدرهم فاذا جمعت عشرة أرطال أسبكها نقدا تبيعها بدرهمين وقال آخر اشتر ما شئت واخرج إلى الاعراب

فبعه منهم وخذ سفاتجهم إلى الاكراد وبع من الاكراد وخذ سفاتجهم إلى الاعراب فكان يفعل ذلك حتى فني ماله عن الحارثي قال قال رجل لامرأته وقد غضب عليها يا هذه أنا الذي إذا رأيت المرأة تأتي بقبيح أهينها وأهين من يهينها قال الحارئي وكان يلزم القاضي أبا الحسن الهاشمي رجل بالبصرة من أهلها يقال له أبو فضالة وكان ربما سأل القاضي عن مولده فيقول ولدت في سنة خمس وسبعين ومائتين فلما أراه يكثر في طول هذه المدة فاذا الكبر يكون عنده بقدم المولد إلى فوق قال كنا نتماشى في ليلة مقمرة فرأى سنورا أبيض أسود الذنب فقال لي يا أحمد ما ترى هذه السبيكة التي في طرفها المصباح ترى ممن سقطت وجاء ليأخذها فوثبت عليه ونهشت يده فأفلتها عن الهذيل انه قال كان عندنا بالمدينة لحام فجاءته عجوز فقالت أعطيني بدرهم لحما وطيبه لي واخبرني باسمك حتى أدعو لك فاعطاها شر لحم وقال اسمي من تمد فلما أفطرت العجوز جعلت تمد اللحم فلا تقدر عليه فجعلت تقول لعن الله من تمد فتلعن نفسها وحكى ان قصابا كان ينادي على اللحم سري تعالوا على اربعة عن محمد الداري قال كان عندنا رجل بدارا وكان فيه غفلة فخرج من دارا ومعه عشرة احمر فركب واحدا وعدها فاذا هي تسعة فنزل وعدها فاذا هي عشرة فلا زال كذلك مرارا فقال انا أمشي واربح حمارا خير من ان اركب ويذهب مني حمار فرأيته يمشي حتى كاد يتلف إلى أن بلغ قريته

قال وطلقت امرأة أبي الهذيل فقالوا له امض خلف القابلة فجاءها فقال امض الى بيتنا حتى تقبلي امرأتي واحرصي أن يكون غلاما ولك علي دينار عن أبي العيناء قال كان عندنا بالصبرة رجل يكني ابا حفص ويلقب ببلاغة قال كان يمر بالقوم فيقول انتم لاصبحكم الله الا بالخير ويمر بآخرين ويقول انت لا مساكم الله الا بالكرامة وكان لا يمر آخر كلامه حتى يسبح عن ابي سعيد الحربي قال كان ابراهيم بن الخصيب احمق وكان له حمار وكان بالعشي اذا علق الناس المخالي أخذ مخلاة حماره فقرأ عليها قل هو الله أحد وعلقها عليه فارغة وقال لعن الله من يرى ان مكوك شعير خير من قل هو الله أحد فما زال حتى نفق الحمار فقال والله ما ظننت ان قل هو الله أحد تقتل الحمير هو والله للناس اقتل لا قرأتها ما عشت عن أبي اسحاق الجوني قال كان لنا جار نحاس يقال له عباس قد أتى عليه خمس وثمانون سنة قال فسألته إمرأة عن مسألة فقالت له زوجي طلقني ثلاثا فقال أرضي أبوك وأمك قالت لا قال فأذن يجوز العود حتى يرضى أبوك وأمك قالت قد سألت أبا اسحاق فقال لي قد طلقت فقال وما يدري أبا اسحاق انا أبصر منه واعلم منه وأكبر منه انا القيت على أبا اسحاق مسألة فلم يخرج منها عن المروزي قال اشترى أبو عبدالحميد سمكة فنام الى ان تستوي فجيء بالسمكة فأكلتها امرأته مع نساء ثم مسحت شفتيه وأطراف اصابعه منها أكلتها فدعا بالغداء وقال هاتوا السمكة فقالت له امرأته يا مخبل ألست قد أكلتها ونمت ولم تغسل يديك فشم يده فوجد ريح السمك فغسل يده وقال ما رأيت سمكة امرأ من هذه قد جعت فهيئوا لي الغداء

عن يحيى بن معين قال اشترى غندر سمكا فقال لاهله أصلحوه ونام فأكل عياله السمك ولطخوا يده به فلما انتبه قال قدموا السمك قالوا قد أكلت قال صدقتم ولكني ما شبعت وقيل لغندر إن الناس يعظمون امر السلامة التي فيك فحدثنا منها بشيء صحيح قال صمت يوما فأكلت ثلاث مرات ناسيا أكلت ثم ذكرت اني صائم ثم نسيت ثم ثنيت ثم ثلثت فاتممت صومي وقال سمعت ابي يقول قال المأمون اختر لي إسما أسمي به جاريتي هذه قال سمها مسجد دمشق فانه أحسن شيء عن أبي بكر بن زياد قال مات جار لمكي فلم يتبع جنازته فقال له ويحك لم لم تتبع جنازته فقال أنتم مجانين اذكر بنفسي عن سفيان قال كان رجل يقول لعمرو بن دينار أنا ابصر بالنجوم فقال له عمرو اتعرف الهقعة والقنعة والوقعة قال نعم قال الآن لا تعلم من النجوم شيئا

دخل على حاتم العقيلي شيخ من اهل الري فقال أنت الذي تروي أن النبي صلى الله عليه و سلم امر بقراءة فاتحة الكتاب خلف الامام قال قد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك فقال له كذبت إن فاتحة الكتاب لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما نزلت في عهد عمر بن الخطاب قال المدائني سمع اسماء بن خارجة نادبة فقال فمن للمنابر والخافقات والجرد بعد امام العرب ومن للطعان غداة الهياج ومن يمنع البيض عند الهرب ومن للعفاة وفك العتاة ومن يفرج الكرب عند الكرب فقال اسماء انها لتندب رجلا شريفا فمن هو فقيل له إنه فلان البقال ابن وردان الحائك فقال هذه أعظم من المصيبتين عن المدائني لقي رجل رجلا ومعه كلبان فقال هب لي أحدهما فقال أيهما تريد فان الأسود احب الي من الأبيض قال فهب لي الأبيض قال الأبيض أحب إلي من كليهما قال طارق ودخل رجل على بلال فكساه ثوبين فقال كساني الامير ثوبين فاتزرت بالآخر وارتديت بالآخر قال طارق ووقع بين جار لنا وجار له يكنى أبا عيسى كلام فقال اللهم خذ مني لأبي عيسى فقالوا تدعو على نفسك قال فخذ لأبي عيسى مني قال ابن الفرج حدثني أبي قال رأيت انسانا يدغدغ نفسه فقلت له لم تفعل هذا قال اعتممت فأردت أن اضحك قليلا قال ابن خلف وقيل لهبيرة لما ماتت امرأته اندبها اذكرها بشيء قال

يا فلانة رحمك الله لقد كان بابك مفتوحا ومتاعك مبذولا عن عبدالرحمن بن داود قال لقد تاجر تاجرا فقال له ما اسمك ولا تطول فقال أبو عبد منزل القطر عليكم من السماء تنزيلا الذي يمسك السماء ان تقع على الارض إلا باذنه فقال مرحبا بك يا ثلث القرآن وذكر ابن حبيب ان أخا لعثمان بن سعيد سقط في البئر فقال أخوه أنت في البئر قال أما تراني قال لا تذهب حتى أجيئك بمن يخرجك قال ابن خلف قال محمد أخذ شراعة العسس فأمر به الى السجن فقال أصلحك الله علي يمين أن لا أبيت عن أهلي وقال اخبرني بعض اصحابنا قال أراد ناجية الخروج الى بغداد فوضع سلما وجعل يصعد وينزل فقيل له ما تصنع قال أتعلم السفر قال ودخل الماء الى كعبه فصاح الغرق فقيل له في ذلك فقال أردت أن آخذ بالوثيقة وعنه دخل على أبي يعقوب وهو يجود بنفسه فقيل له قل لا إله إلا الله فقال أمثلي يروع بالنائبات ويخشى حوادث صرف الزمن أذلني الله ذل الحمار وأدخلني حر أمي إذن وعنه حدثني عبدالرحمن بن محمد قال اشترى رجل جوزا وجعل يقلبه فأخذ جوزة في يده فقال ما أرى في جوفها شيئا ثم قال أستغفر الله لا أكون اغتبتها وعنه ذكر عن حباب بن العلاء قال كنت بالمدينة فحضرت قاضيا بها

فإذا رجل قد أقبل يقود حمارا ومعه رجل آخر فأخبر ان حماره سرق وانه وجده مع هذا فسأله القاضي فقال الحمار لي وهو في يدي فقال للمدعى ألك بينة قال نعم فقال احضرهم فقام وركب الحمار ومضى عليه فأقبلت على الذي كان الحمار في يده فقلت له كيف أعطيته الحمار بعد ما رأيت من دعواه فقال استعاره مني قال ابن خلف وأخبرني أبوصالح البصري قال ولد لرجل ابن في غيبته فكتبت إليه امرأته تبشره بالمولود فكتب اليها بلغني انك ولدت ابنا فاحسن الله جزاءك وأعان على مكافأتك وقد سميته محمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم قال وأخبرني بعض اهل الأدب قال أراد رجل أن يختن ابنه فقال للحجام ارفق به فانه ما اختتن قط قال عثمان بن عمر نزل الموت بزوج امرأة فقيل لها لو دخلت على زوجك ودعتيه قالت أخاف ان يعرفني ملك الموت كان لابراهيم وكيل يقال له خليل فقدم من ضيعته فقال له متى قدمت قال غدا يا سيدي قال فانت إذن في الطريق قال سمعت ابا بكر بن محمد يقول قلت لأبي العبر لقد اسرع اليك الشيب قال وكيف لا يسرع الى الشيب وأنا أبكر كل يوم الى من لو كان أمره إلي أن يسرح مع النعاج ويلقط مع الدجاج هذا ابن حمدان يملك الف الف درهم قصدته يوما فبينا أنا عنده عطس فقلت له يرحمك الله فقال لي يعرفك الله

قال الحاكم سمعت ابا الحسن بن عمر يقول بعت دارا لي فكنت كلما أذنت بباب المسجد أنسى انني بعتها فأصلي وأرجع اليها وأفتح الباب وأدخل فيصحن بي النساء يا رجل اتق الله فينا فاقول اعذرني فانني ولدت في هذه الدار وأنسى كل يوم الى أن اتى على ذلك مدة قال كان عبدان الاسدي الشاعر احمق فيقال انه كان يأتي ابن بشر فيقول له أخمسمائة اليوم احب اليك ام الف في القابل فيقول الف في قابل فاذا اتاه قابلا قال له الف احب اليك ام الفان في القابل فلم يزل كذلك حتى مات وعن أبي الحسن الدامغاني حاجب معز الدولة قال كنت في دهليز معز الدولة فصاح صائح نصيحة فاستدعيته وقلت ما نصيحتك قال لا اذكرها إلا للامير فدخلت فعرفته فقال هاته فأحضرته بين يديه فقال ما عندك قال أنا رجل صياد بناحية المدائن وكنت أصيد فعلقت شبكتي بأسفل جرف فاجتهدت في تخليصها فتعذر ذلك علي حتى نزلت وغصت في الماء فاذا هي معلقة بعروة حديد فحفرت فإذا قمقم مملوء مالا فرددته مكانه وناديت لأعرف الامير قال الدمغاني فانحدرت معه في الوقت الى المدائن العتيقة وقصدنا الجرف فوجدنا القمقم وقلعناه وسعيت بنفسي في تتبع الموضع فتقدمت الى الصياد استقصاء الحفر فوجدنا سبعة قماقم أخر مملوءة مالا فحملنا الجميع الى معز الدولة فسر به فأمر للصياد بعشرة آلاف درهم فامتنع من قبولها وقال الذي أريده غيرها قال ما هو قال تجعل لي صيد تلك الناحية وتمنع كل احد غيري من الصيد فضحك الامير وعجب من جهله وحمقه وأمر له بما سأل عن المدائني عن عمرو بن الحسن قال خرج اهل بيت من اليمن من منازلهم

حتى صاروا الى شعب من الجبل فاختفوا فيه وقالوا نهرب من شهر رمضان لا يدخل علينا قال ابو علي الداراني كان الطالقاني من اصحاب ابي حنيفة وكان شديد الغفلة فقال يوما لابن عقيل كيف مذهبكم في المرة هل يجوز ان يزوجها ابنها قال له ابن عقيل في ذلك تفصيل ان كانت بكرا جاز وإن كانت ثيبا لا يجوز فقال ما سمعت هذا التفصيل قط قال وكان الطالقاني يسأل فيقال له ما تقول في فأرة ميتة مشت على شيء هل ينجس فيقول لا حدثني بعض اصدقائنا قال كان بواسط رجل من المعدلين الى جانب داره اصطبل فقال له اهله إنا نغسل الثياب في السطح فيطير بعضها الى الاصطبل فلا يردونه علينا فقال وانتم اذا طار لهم شيء فلا تردوه قالوا أي شيء يطير من ارض الاسطبل الى سطحنا قال أي شيء طار مثل لجام ومقود وفرس وغيره قيل إن رجلا من السندية وهي على ستة فراسخ من بغداد جاز بدجاج ليبيعه قريبا من دجلة ببغداد فأفلتت دجاجة فطلبها فلم تقع بيده فقال لها اذهبي الى القرية حتى ابيع الباقي ثم جاء وباع البواقي ورجع الى القرية وجعل يتفقد الدجاجة فلم يرها فقال لزوجته اين الدجاجة الرقطاء فقالت لا أدري فقال تركتها من بغداد لترجع اليكم فما جاءت قال ابن ناصر كتب بعض الادباء الحمام التي فقيل له إن الحمام مذكر قال هو حمام النساء قال دعي بعض المغفلين الى دعوة فاشتغل الناس بالاكل وجعل هو ينظر الى الستور المغلقة وكانت الحيطان كلها قد سترت فقيل له ما لك لا تأكل فقال والله لقد طال تعجبي من هذه الستور الطوال كيف دخلت من هذا الباب القصير عن ابراهيم بن دينار قال كان رجل يقول إنه فقيه يكنى أبا الغوث وفيه

تغفيل فقلت له ما تقول فيمن نذر صوم عاشوراء فاتفق عاشوراء في رمضان هل يجزئه عنها قال الخرقي فقد نص على انه يجزئه فقلت ما تقول فيمن طلق امراته ثم وقفها هل يفتقر في هذا الوقف الى حكم حاكم قال أما مذهب أبى حنيفة فيفتقر الى حكم حاكم وأما مذهبنا مذهب الشافعي فيصح الوقف دخل بعض المغفلين على مريض يعوده فلما خرج التفت الى أهله وقال لا تفعلوا بنا كما فعلتم في فلان مات وما أعلمتمونا إذا مات هذا فأعلمونا حتى نصلي عليه عن الصقلاطي ان رجلا كان عندهم بالجانب الغربي له غلام فبعثه الى قرية ليأتيه منها بغنم فبعثوا معه من الحملان عشرة وكتبوا معه بعددها رقعة فجاء الغلام بتسعة فقال له سيده كم سلموا اليك قال عشرة قال هذه تسعة قال عدها فجعل يعدها يقول واحد اثنين ثلاثة الى أن قال تسعة فقال الغلام والله ما أدري ما تقول وما هي إلا عشرة فقال ويحك إني أعدها قال ما هي إلا عشرة وإلا فتدخل الى الدار عشرة من الرجال وتمسك كل واحد حملا قال افعل فأدخلوا عشرة ومسك كل رجل حملا وبقي واحد فقال له السيد هذا ما معه شيء فقال هذا مدير كان يدخل ويأخذ في الاول حكي أن رجلا أراد السفر إلى عكبرى فصادف زورقا مصعدا فاكترى فيه بدرهم فلما ساروا قليلا قالوا ليت لنا مدادا نكتريه فقال أنا فأعطوه الدرهم وقام بمدهم قال دخلت عجوز على قوم تعزيهم بميت فرأت في الدار عليلا فرجعت وقالت أنا والله يشق علي المشي وأحسن الله عزاءكم في هذا العليل أيضا قال البزاز دخلنا الى أبي حامد وهو عليل فقلنا كيف تجدك فقال

أنا بخير لولا هذا الجار دخل علي أمس وقد اشتدت بي العلة فقال يا أبا حامد علمت أن ذبجويه مات فقلت رحمه الله قال دخلت على المؤمل بن الحسن اليوم وهو في النزع فقال يا أبا حامد ابن كم أنت قلت في السادسة والثمانين قال أنت أذن أكبر من أبيك يوم مات عن أبي الفضل أحمد الهمذاني قال جاءت امرأة الى القاضي وذكرت أن زوجها طلقها فقال القاضي لك بينة فقالت نعم جار لنا قال فأحضرته فقال القاضي اسمعت طلاق هذه المرأة فقال يا سيدي خرجت الى السوق فاشتريت لحما وخبزا ودبسا وزعفرانا فقال له القاضي ما سألتك عن هذا هل سمعت طلاق هذه المرأة قال ثم تركته في البيت وعدت فاشتريت حطبا وخلا فقال دع هذا عنك فقال ما أحسن الحديث من أوله ثم قال جلت في الدار جولة فسمعت زعقاتهم وسمعت الطلاق الثلاث فما ادري أهي طلقته أم هو طلقها قال حدثني جماعة من اهل سابور فيهم كتاب وتجار وغير ذلك انه كان عندهم في سنة نيف واربعين وثلاثمائة شاب من كتاب البلد وهو ابن أبي الطيب القلانسي الكاتب فخرج الى بعض شأنه في الرستاق فأخذه الاكراد وعذبوه فطلبوا منه ان يشتري نفسه منهم فلم يفعل فكتب الى اهله اهدوا لي اربعة دراهم أفيون واعلموا انه هو داوء أشربه فيلحقني سكتة فلا يشك الاكراد أني ميت فيحملوني اليكم فإذا جعلت عندكم فادخلوني الحمام واضربوني ليحمى بدني وشكوني بالأبار فاني افيق وكان الفتى متخلفا وقد سمع انه من شرب الافيون اسكت فاذا دخل الحمام وضرب كما ذكر برأ ولم يدر مقدار شربه من ذلك فشرب اربعة دراهم فلم يشك الاكراد في موته فلفوه وأنفذوه الى أهله فلما حصل عندهم أدخلوه الحمام وضربوه وشكوه فما تحرك وأقام في

الحمام أياما فرآه الأطباء فقالوا هذا قد تلف كم شرب من الافيون قالوا أربعة دراهم فقالوا هذا لو شوي في جهنم ما عاش انما يجوز أن يفعل هذا بمن شرب أربعة دوانيق أو وزن درهم فاما هذا فقد مات فلم يقبل أهلوه وتركوه في الحمام حتى تغير فدفنوه وانعكست حيلته على نفسه ذكر ابو الحسين بن برهان عاد رجلا مريضا فقال له ماعلتك قال وجع الركبتين فقال والله لقد قال جرير بيتا ذهب مني صدره وبقي عجزه وهو قوله وليس لداء الركبتين طبيب فقال المريض لا بشرك الله بالخير ليتك ذكرت صدره ونسيت عجزه دخلت مرة على بعض أصدقائي وفيهم مريض العين ومعي بعض المغفلين فقال له المغفل كيف عينك قال تؤلمني فقال والله إن فلانا آلمته عينه أياما ثم ذهبت فاستحييت واستعجلت الخروج عن علي بن المحسن عن ابيه قال بلغنا أن رجلا أسرع في ماله فبقي منه خمسة آلاف دينار فقال اشتهي ان يفني بسرعة حتى أنظر ايش أعمل بعده فقال له بعض اصحابه تبتاع زجاجا بمائة دينار وتبقيه وتنفق خمسمائة دينار في أجور المغنيات في يوم واحد مع الفاكهة والطعام فاذا قارب الشراب ان يفنى اطلقت فأرتين بين الزجاج وأطلقت خلفهما سنورا فيتعادون في الزجاج فيتكسر وننهب نحن الباقي فقال هذا جيد فعمل ذلك وجعل يشرب فحين سكر أطلق الفأرتين والسنور وتكسر الزجاج وهو يضحك فقام الرفقاء وجمعوا الزجاج المكسر وباعوه قال الذي أشار عليه فمضيت اليه بعد فاذا هو قد باع قماش بيته وانفقه ونقض داره وباع سقوفها حتى لم يبق الا الدهليز وهو نائم فيه على قطن متغط بقطن فقلت ما هذا قال ما تراه فقلت بقيت في نفسك حسرة قال نعم أريد أرى المغنية فأعطيته ثيابا فلبسها فرحنا اليها فدخل عليها فأكرمته وسألته عن خبره فحدثها بالحال فقالت قم لئلا

تجىء ستي فتراك وليس معك شيء فتحرد علي لم أدخلتك فاخرج حتى أكلمك من فوق فخرج وجلس ينتظر ان تخاطبه من الطاقة فسكبت عليه مرقة سكباج فصيرته فضيحة فبكى وقال يا فلان لا تبلغ من أمري هذا أشهد الله وأشهد أني تائب قلت ايش ينفعك التوبة الآن ورددته وأخذت ثيابي وبقيت ثلاث سنين لا أعرف له خبرا فبينا انا في باب الطاق يوما إذ رأيت غلاما خلف راكب فلما رآني قال فلان فعلمت أنه صاحبي وان حاله قد صلحت فقبلت فخذه فقال قد صنع الله وله الحمد البيت فتبعته فاذا بالدار الأولى قد رمها وجعل فيها أسبابا وأدخلني حجرة أعدها له وفيها فرش حسان وأربعة غلمان وجاء بفاكهة متوسطة وطعام نظيف إلا أنه قليل فأكلنا ومد ستارة فاذا بغناء طيب فلما طابت نفسه قال يا فلان تذكر أيامنا الأولى قلت نعم قال انا الآن في نعمة متوسطة وما وهب لي من العقل والعلم بأبناء الزمان احب إلي من تلك النعمة تذكر يوم عاملتني المغنية بما عاملتني به فقلت من اين لك هذا المال قال مات خادم لأبي وابن عم لي بمصر في يوم واحد فخلفا لي ثلاثين الف دينار فحملت ووصلت إلي وانا بين القطن كما رأيت فعمرت الدار واشتريت ما فيها بخمسة آلاف دينار وجعلت خمسة آلاف تحت الارض للحوادث واشتريت عقارا بعشرة آلاف وامري يمشي وانا في طلبك منذ سنة لترى رجوع حالي ومن دوام صلاح حالي ان لا أعاشرك أخرجوه يا غلمان قال فجروا برجلي وأخرجوني وكنت القاه بعد في الطريق فاذا رآني ضحك دخل ربيعة بن عقيل اليربوعي على معاوية فقال يا امير المؤمنين أعني على بناء داري فقال اين دارك قال بالبصرة وهي أكثر من فرسخين في فرسخين فقال له فدارك في البصرة أم البصرة في دارك

قال ابن سلام وهب المهدي لبعض ولد يعقوب بن داود وزيره جارية فلما كان بعد أيام سأله فقال يا أمير المؤمنين ما وضعت بيني وبين الارض مطية أوطأ منها حاشا السامع فالتفت المهدي الى يعقوب فقال له من ترى يعني انا أو أنت فقال يعقوب من كل شيء يتحفظ الاحمق إلا من نفسه دخل رجل على المهدي فانشده شعرا فقال فيه وجوار زفرات فقال المهدي اي شيء زفرات قال وما تعرفها يا أمير المؤمنين قال لا والله قال فأنت أمير المؤمنين وسيد المرسلين ما تعرفها أعرفها أنا كلا والله ذكر عن عبدالله بن ظبيان انه خطب فقال الناس أكثر الله فينا مثلك قال لقد كلفتم ربكم شططا حكى اسحاق بن ابراهيم قال حضرت جنازة لبعض القبط فقال رجل منهم من المتوفي فقلت الله فضربت حتى كدت أموت دخل ابو تمام على ابي طالب في صبيحة ليلة باردة فقال له البارحة نالني البرد وكان عندي لحاف فيه أربعة أمنان قطن فطويته طاقين فصار ثمانية أمنان قطن وتغطيت به

قال ابو سيار كان بيني وبين جار لي بئر فوقعت فيه فأرة فبقيت متحيرا لأجل الوضوء فقال لي جاري لا تضيق صدرك تعال استق من عندنا وتوضا ضاع لرجل ولد فجاؤا بالنوائح ولطموا عليه وبقوا على ذلك أياما فصعد ابوه يوما الغرفة فرآه جالسا في زواية من زواياها فقال يا بني أنت بالحياة أما ترى ما نحن فيه قال قد علمت ولكن ها هنا بيض قد قعدت مثل القرقة عليه ما يمكنني أن أبرح أريد فريخات أنا أحبهم فاطلع أبوه الى اهله فقال قد وجدت ابني حيا ولكن لا تقطعوا اللطم عليه ألطموا كما كنتم كان بعض المغفلين يأكل مع ابنه راسا وكان أبوه اكثر تغفلا منه فقال يا أبت إن خرج عليك الكعب فأعطني إياه لألعب به فقال أبوه سخنب عينك هو سمك مشوي حتى يكون فيه كعب قال بعضهم دخلت الكوفة فرأيت صبيا قائما عند شق حائط ومعه خبز وهو يكسر اللقمة ويتركها في شق الحائط ويأكلها فبينما أنا أنظر اليه إذ أقبل أبوه فرأى ما يفعل فقال إيش تصنع قال يا أبت هؤلاء قد طبخوا سكباجة ويأتي النسيم بريحها فآكل خبزى فلطمه أبوه وقال تتعود من صغرك أن لا تأكل خبزا إلا بأدام رأى بعض المغفلين صديقا له فقال طلبتك اليوم عشرين مرة وهذه الثالثة ورأى صديقا له فقال له أطلبك فاذا وجدتك تنسل مني كأنك دبق مرض بعض المغفلين فدخل عليه طبيب فسأله عن حاله فقال قد اشتهيت الثلج فقال الثلج يزيد في رطوبتك فينقص من قوتك فقال أنا أمصه وأرمي تفله

وقف شيخ بباب مسجد والمؤذن يقيم الصلاة فدخل فرأى المؤذن هيبته وشيبته فسأله أن يصلى بهم فامتنع فتقدم المؤذن وصلى بهم فلما فرغ أقبل على الشيخ فقال له ما منعك أن تصلي بنا فتكسب أجرا فقال أنا وحقك إذا كنت على غير طهارة لم أصل اماما حكى عبد الله النوفلي قال قال مدني إني أحب رسول الله صلى الله عليه و سلم حبا لم يحبه أحد قط فقيل وما بلغ من حبك له قال وددت أن عمه أبا طالب أسلم ويسر النبي بذلك وأموت كافرا بدله قال ذهب بصر عمرو بن هذاب فدخل عليه ابراهيم بن مجاشع فقام بين يديه فقال يا أبا أسيد لا تجزعن من ذهاب عينيك وإن كانتا كريمتان عليك فانك لو رأيت ثوابهما في ميزانك تمنيت أن يكون الله قد قطع يديك ورجليك ودق ظهرك وأدمى ظلفك قال فصاح به القوم وضحك بعضهم فقال عمرو معناه صحيح ونيته حسنة وإن كان قد أخطأ في اللفظ جاء بعض المغفلين إلى امه فقال لها معي قيراطان إلا حبة فاحفظيهما لي ثم عاد فأخذها فوزنها فقالوا له نصف دانق فجاء وخاصم أمه فدخل ابوه فقال لم تخاصمها فقال أعطيتها قيراطين إلا حبة فردت علي نصف دانق فقال أبوه ما تستحي من الله تخاصم أمك على نقصان حبتين قال أحمق لغلامه إذا مررنا بالطبيب فذكرني وجع ضرسي حتى أسأله عن الدواء فقال يا مو لاي إن كان ضرسك يوجعك فسوف تذكره كان بعض الحمقى إذا غضب يقول الله المستعين دخل أحمق على مريض فقال إذا رأيتم المريض على هذه الحال فاغسلوا أيديكم منه

دعا بعض الحمقا لبعض الولاة فقال كتب الله سعادتك وضاعف عليك العدو قيل لكثير إن الناس محدثون إنك الدجال فقال والله لئن قلتم هذا أني لأجدن في عيني ضعفا منذ أيام وقال ضرط ابو النجم في ليلة ضرطتين فخاف أن تكون امرأته قد سمعته فقال أسمعت شيئا قالت لا ما سمعت منهما شيئا فقال لعنك الله فمن أعلمك أنهما اثنتان قال بعضهم رأيت رجلا محموما مصدعا يأكل التمر ويجمع النوى فقلت ويحك أنت بهذه الحال وتأكل التمر فقال يا مولاي عندي شاة ترضع وما لها نوى فأنا آكل هذا التمر مع كراهيتي له لأطعمها النوى فقلت أطعمها التمر والنوى قال أو يجوز ذلك قلت نعم قال والله لقد فرجت عني لا إله إلا الله ما أحسن العلم أجريت خيل فطلع منها فرس سابق فجعل رجل يثب من الفرح ويكبر فقال له رجل الى جانبه أهذا الفرس لك قال لا ولكن اللحام لي رأى قبيصة بن المهلب جرادا يطير فقال لمن حوله لا يهولنكم ما ترون فان علامة ذلك موتي دخل بعض المغفلين على رجل يعزيه باخ له فقال أعظم الله أجرك ورحم أخاك وأعانه على ما يرد عليه من مسألة ياجوج وماجوج فضحك من حضر وقالوا له ويحك وياجوج وماجوج يسائلان الناس فقال لعن الله ابليس أردت ان اقول هاروت وماروت ماتت امرأة فاشترى لها زوجها كفنا قصيرا فقالت له الغاسلة الكفن قصير فقال البسيها خفها

وعظ بعض القصاص فقال اذا كان يوم القيامة خرج من النار رأس عظيم من صفته كذا وكذا وفي المجلس رجل يميد من الخوف فقال له ما الذي بك بك اتنكر قدرة الله قال لا بل أني رجل مزين فلو كلفت حلق هذه الرأس كيف كنت أعمل سمع بعض المغفلين ان صوم يوم عاشوراء يعدل صوم سنة فصام الى الظهر وأكل وقال يكفيني ستة أشهر اعترض الاسد قافلة فرآه رجل منهم فخر الى الارض فركبه الاسد فشد القوم بأجمعهم على الاسد واستنقذوه فقالوا له ما حالك قال لا بأس علي ولكن خرى الاسد في سراويلي دخل بعض المغفلين حماما وقد بخر فظن غبارا فقال للقيم كم قلت لك لا تغبر يوم ادخل الحمام مات لابي العطوف ابن فقال للحفار أضجعه على جنبه الايسر فانه أهضم للأكل وحضر رجل مع قوم في جنازة رجل فنظر الى اخ الميت فقال هذا الميت أم اخوه قال المأمون لمحمد بن العباس ما حال غلتنا بالأهواز وسعرها قال أما متاع امير المؤمنين فقائم على سوقه وأما متاع ام جعفر فمسترخ فقال أغرب لعنك الله اشترى لقمان بن محمد فروا فقال أرى شعره قصيرا أترى ينبت قال أبو العيناء كنت بحمص فمات لجار لي بنت فقيل له كم لها قال ما أدري ولكنها ولدت أيام البراغيت قال الاصمعي قلت لرجل اين كنت قال ذهبت في جنازة ابن فلان قلت فأي ولده كان قال كانوا اثنين فمات الاوسط

قال ثمامة جاءني رجل فقال رأيت البارحة امير المؤمنين يسارك وانت تنظر الي فبالله اي شيء قال لك في امري حكي ان بعض المغفلين مسك كلبا وعضه فقال هذا غضني منذ أيام وأنا اريد ان أخالف قول القائل شاتمني عبد بني مسمع قصنت عنه النفس والعرضا ولم اجبه لاحتقاري له ومن يعض الكلب إن عضا قيل لمغفل قد سرق حمارك فقال الحمد لله الذي ما كنت عليه نظر رجل في الجب فرأى وجهه فعاد الى امه فقال في الجب لص فجاءت الام فاطلعت فقالت اي والله ومعه فاجرة ذكر رجل بين يدي رجل فقال إنه رجل سوء قيل له من أين علمت قال افسد بعض أهلي قيل ومن أفسد قال أمي صانها الله سئل بعضهم عن مولده فقال ولدت رأس الهلال للنصف من رمضان بعد العيد بثلاثة ايام احسبوا الآن كيف شئتم كتب بعضهم الى ابيه كتابي اليك يوم الجمعة عشية الاربعاء لاربعين ليلة خلت من جمادى الاوسط وأعلمك اني مرضت مرضة لو كان غيري كان قد مات فقال ابوه امك طالق ثلات لو مت لما كلمتك ابدا دعا بعض المغفلين فقال اللهم ارزقني خمسة آلاف درهم حتى اتصدق منها بالفي درهم وان لم تصدقني فادفع الي ثلاثة آلاف درهم واحبس الباقي فان تصدقت والا فتصدق بها على من شئت خرج بعض المغفلين من منزله ومعه صبي عليه قميص احمر فحمله على عاتقه ثم نسيه فجعل يقول لكل من رآه رأيت صبيا عليه قميص احمر

فقال له انسان لعله الذي على عاتقك فرفع راسه ولطم الصبي وقال يا خبيث الم اقل لك اذا كنت معي لا تفارقني نظر بعض المغفلين الى منارة الجامع فقال ما كان أطول هؤلاء الذين عمروا هذه فقال آخر اسكت ما اجهلك ترى انه في الدنيا احد طول هذه وإنما بنوها على الارض ثم رفعوها قال ورأيت رجلا طويل اللحية على حمار يضربه فقلت ارفق به فقال اذا لم يقدر يمشي فلم صار حمارا تفاخر مصري ويمني فقال المصري هلكت والله اليمن اذ لم يكن منها رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يدخل الجنة اهلها فقال اليمني فابن المهلب وأولاده يحاربون عليها حتى يدخلوها بالسيف كان بعض المغفلين يقول اللهم اغفر لي من ذنوبي ما تعلم وما لا تعلم قدم رجل من الحمقى فسأله رجل متى قدمت قال غدا قال لو قدمت اليوم سألتك عن انسان فمتى تخرج قال امس قال لو ادركتك كتبت معك كتابا كان بعض الادباء ابن احمق وكان مع ذلك كثير الكلام فقال له ابوه ذات يوم يا بني لو اختصرت كلامك اذ كنت لست تأتي بالصواب قال نعم فأتاه يوما فقال من اين اقبلت يا بني قال من سوق قال لا تختصرها هنا زد الالف واللام قال من سوقال قال قدم الالف واللام قال من الف لام سوق قال وما عليك لو قلت السوق فوالله ما أردت في قختصارك الا تطويلا وقال هذا الولد يوما لابيه يا ابت اقطع لي جباعة قال وما جباعة في الثياب قال ألست قلت لي اختصر كلامك يعني جبة ودراعة

اشترى بعض المغفلين نصف دار فقال يوما قد عزمت على بيع نصف الدار الذي لي واشترى بثمنه النصف الآخر حتى تصير الدار كلها لي كتب بعض المغفلين الى رجل يعزيه بابنته بلغني مصيبتك وما هي بمصيبة وقد جاء بالخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال من توفيت له بنت كان له من الأجر ذهب والله عني ومن توفيت له ابنتان كان له من الأجر مثل الذي ذهب عني مرتين وبعد فقد ماتت عائشة بنت النبي صلى الله عليه و سلم فمن ابنتك البظراء حتى لا تموت كان محمد بن ابي سعيد سليم الجانب وقد سمع من ابي الحسين الطيوري يسأل بعض من يعرف الأدب أن يعلمه شيئا من العربية فقال اذا دخلت على احد فقل انعم الله صباحك فربما كان يدخل على احد آخر النهار فيقول انعم الله صباحك فيضحك حكى أقضى القضاة الماوردي قال كنت جالسا في مجلس مقبلا على تدريس اصحابي فدخل علينا شيخ قد ناهز الثمانين او جاوزها فقال لي قد قصدتك في مسألة اخترتك لها فقلت وما هي وظننته يسأل عن حادثة حدثت له فقال ايها الشيخ اخبرني عن نجم إبليس ونجم آدم ما هما فان هذين لا يسأل عنهما لعظم شأنهما الا علماء الدين قال فعجبت منه وعجب من في المجلس من سؤاله وبدر جماعة بالانكار عليه والاستخفاف به فكففتهم عنه وقلت هذا لا يقنع مما ظهر من حاله الا بجواب مثله فأقبلت عليه وقلت

يا هذا ان نجوم الناس لا تعرف الا بمعرفة موالدهم فإن ظفرت بمن يعرف ذلك فاسأله فقال جزاك الله خيرا وانصرف مسرورا فلما كان بعد ايام عاد وقال ما وجدت الى وقتي هذا من يعرف مولد هذين قيل للفضل بن عبد الله مالك لا تتزوج قال اني دفع لي ابي جارية ولأخي فقيل ويحك دفع اليك والى اخيك جارية واحدة قال وايش تتعجب من هذا هو ذا جارنا فلان له جاريتان قال ابو العنبس اجتزت في بعض الطريق لحاجة فاذا امرأة عرضت لي فقالت هل لك ان ازوجك جارية فيجيئك منها ابن قلت نعم قالت وتدخله الكتاب فينصرف فيلعب فيصعد الى السطح فيقع فيموت وصرخت ويلاه ولطمت ففزعت وقلت هذه مجنونة وهربت من بين يديها فرأيت سيخا على باب فقال مالك يا حبيبي فقصصت عليه القصة فلما انتهيت الى موضع لطمها استعظم ذلك وقال لابد للنساء من البكاء اذا مات لهن ميت فإذا هو احمق منها وأجهل قال رجل آخر رأيت البارحة أباك في المنام وثيابه وسخة فقال قد كفنته امس في أربعة أثواب جدد وما ينبغي ان تكون قد إتسخت ثيابه وقيل لبعض أهل الموصل كم بينكم وبين موضع كذا قال ثلاثة أميال ذاهب وميلين جاي قال ثمامة لحاجبه عجل الفراغ مما أمرتك به فقد قصر النهار فقال أي والله يا سيدي والليل ايضا قد قصر دعا بعض المغفلين فقال اللهم اغفر لامي وأختي وامرأتي فقيل له لم تركت ذكر أبيك قال لأنه مات وأنا صبي لم ادركه

قال عبدالله بن محمد قلت لرجل مرة كم في هذا الشهر من يوم فنظر الي وقال لست انا والله من هذا البلد قال ابو العباس سألت رجلا طويل اللحية فقلت ايش اليوم فقال والله ما ادري فاني لست من هذا البلد انا من دير العاقول انكسرت خشبة في سقف بعضهم فمضى يشتري عوضها فقيل كم تريد طولها فقال سبعة في ثمانية قال بعضهم ولد لي غلام الليلة فسميته باسم خالته اصيب بعضهم بمصيبة فقيل له عظم الله اجرك فقال سمع الله لمن حمده قال الجاحظ دخلت الكوفة فبينا أطوف في طرقاتها رأيت شيخا ذا هيبة جالسا على باب داره ومن جانب الدار صياح فقلت له يا عم ما هذا الصياح فقال هذا رجل افتصد فبلغ موضع شاذروانة فمات يريد شريانه

قال الحجاج بن هرون لصديق يحبه أنا والله لك مائق يريد وامق شهد رجل عند وال فقال سمعت بأذني وأشار الى عينيه ورأيت بعيني وأشار الى أذنيه بأنه جاء الى رجل فتلبب بعنقه وأشار الى صدره وما زال يضرب خاصرته وأشار الى فكه فقال له الوالي أحسبك قد قرأت كتاب خلق الانسان قال نعم قرأته على الاصمعي قيل لبعض المغفلين سأل عنك فلان فقال يسأل الله عنه وملائكته دخل بعض المغفلين الى بعض القضاة فجلس بين يديه فقال أعدمني الله القاضي مات فلان والذي ما خلفوا بعدي سواهم وهو ذا يظلموني إخوتي نسيباتي تسعة وهم واحد وكل يوم يجعلون عمامتي في عنق القاضى يجرونه الي فقال القاضي ليس الممتحن غيري وقال ابو العنبس صحبني رجل في سفينة فقلت له ممن الرجل فقال من أولاد الشام ممن كان جدي من أصدقاء المنصور علي بن أبي سالم شاعر الانبار الانبار وكان من الذين بايعوا تحت الشجرة مع ابي سالم بن يسار في وقعة الفاروق اياها قتل الحجاج بن يونس بالنهروان على شاطيء الفرات مع ابي السرايا قال ابو العنبس فلم ادر على اي شيء احسده على معرفته بالانساب ام على بصره بأيام الناس ام حفظه للسير عزى رجل رجلا بابنه فقال له في الجواب رزقنا الله مكافأتك قال الحسن بن يسار قلت لبعضهم ان فلانا ليس يعدك شيئا فقال

والله لو كنت انا أنا وأنا ابن من انا منه لكنت انا انا وأنا ابن من أنا منه فكيف وأنا أنا وأنا ابن من انا منه سمع بعض الحمقى قوما يتذاكرون الموت وأهواله فقال لو لم يكن في الموت الا أنك لا تقدر ان تتنفس لكفى قال ثمامة لخادمه اذهب الى السوق وأحمل كذا وكذا فقال يا سيدي انا ناقة وليس في ركبتي دماغ فقال ثمامة ولا في رأسك ورئي اعمى يمشي في الطريق ويقول يا منشىء السحاب بلا مثال دخل رجل على المعتضد فقال يا أمير المؤمنين إن فلانا العامل ظلمني قال ومن فلان قال والله لا أدري اسمه ولكن في خده الايمن خال او ثؤلول او أثر لطمة او اثر حرق نار او اثر مسمار او في خده الايسر وكان له مرة غلام يقال له جرير او نجم الا ان في اسمه طاء او لام فضحك المعتضد وقال كأنه موسوس قال سلني عما شئت حتى اجيبك قال كم اصبع لك قال ثلاثة أرجل فأمر باخراجه فقال ما أقول لبنتي اذا دخلت وقد فتحت حجرها لاطرح فيه ألجوز يوم العيد فأمر المعتضد ان يحمل معه الى منزله طعام وجائزة دخل بعضهم الى المستراح فأراد ان يحل لباسه فحل أزراره وخرى في لباسه حكى أن جماعة من أهل حمص تذاكروا في حديث الاعضاء ومنافعها فقالوا الاذن للشم والفم للأكل واللسان للكلام فما فائدة الاذنين فلم يتوجه لهم في ذلك شيء فأجمعوا على قصد بعض القضاة ليسألوه فمضوا فوجدوه في شغل فجلسوا على باب داره وإذا هناك خياط فتل خيوطا ووضعها على أذنه فقالوا قد أتانا الله بما جئنا نسأل القاضى عنه وإنما خلقت للخيوط وانصرفوا مسرورين مما استفادوه قال الجاحظ مررت بحمص فمر عنز يتبعه جمل فقال رجل لرجل معه هذا الجمل من هذا العنز فقال له لا ولكنه يتيم في جحرها

عرض هشام بن عبد الملك الجند فأتها رجل حمصي بفرس كلما قدمه نفر فقال هشام ما هذا قال الحمصي يا سيدي هو جيد لكنه شبهك ببيطار كان يعالجه فنفر اجتاز اهل حمص بشيخ لهم لم يكن فيهم أعقل منه ولا أكمل مع ابنين له معروفين عندهم بالعقل والكمال فأوفدهم الى الرشيد لمظلمة كانت بهم فلما وردوا الباب وأذن لهم دخل الشيخ فقال السلام عليك يا ابا موسى فعلم انه أحمق وأمره بالجلوس ثم قال أحسبك قد طلبت العلم وجالست العلماء قال نعم يا أبا موسى قال من جالست من العلماء قال أبي قال وما كان يقول في عذاب القبر قال كان يكرهه فضحك الرشيد ومن حضر ثم قال يا شيخ من حفر البحار فيما سمعت فسكت الشيخ فقال احد ولديه قد حفرها موسى حين طرق له قال فاين طينها فقال الولد الثاني الجبال ففرح الشيخ بحسن جواب ولديه وقال والله ما علمتهما ما هو إلا إلهام من الله تعالى وله الحمد وفد على الرشيد ثلاثة من حمص فدخل أحدهم فرأى غلاما على رأسه فظنه جارية فقال السلام عليك يا أبا الجارية فصفع واخرج فدخل الثاني فقال السلام عليك يا أبا الغلام فصفع وأخرج فدخل الثالث فقال السلام عليك يا امير المؤمنين فقال له كيف صحبت هذين الأحمقين قال يا أمير المؤمنين لا تتعجب منهم فانهم لما رأوك بهذا الزي ورأوا لحيتك طويلة قدروا أنك ابو فلان فقال الرشيد اخرجوه قبح الله بلدة هؤلاء خيارهم قال بعضهم رأيت رجلا الحى قائما في حلقة قاص يقص مقتل عثمان بن عفان فلما فرغ قال الالحى أعيذك بالله ما أحسن ما تروي كلام منصور ابن عمار

قال الجاحظ مررت بمنجد في قنطرة بردان طويل اللحية وامرأة تطالبه بشيء لها عنده وهو يقول رحمك الله متاعك جاءني يحتاج الى حشو كثيرة وأنت من العجلة تمشين على أربع قال أبو حاتم سأل رجل ابا عبيدة عن اسم رجل فقال ما أعرف اسمه فقال له بعض اصحابه انا اعرف الناس به اسمه خراش او خداش او رياش او شيء آخر خرج عبادة ذات يوم يريد السوق فنظر في بعض طرقه الى شيخ طويل اللحية كلما أراد ان يتكلم بادرته لحيته فمرة يدسها في جيبه ومرة يجعلها تحت ركبته فقال له عبادة يا شيخ لم تترك لحيتك هكذا قال فتريد أن انتفها حتى تكون مثل لحيتك قال عبادة فان الله يقول قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها وقال صلى الله عليه و سلم أحفو الشارب واعفوا اللحى ومعنى عفو اللحى ان يزال أثرها فقال الشيخ صدق الله ورسوله سأجعلها كما أمر الله ورسوله فحلق لحيته وجلس في دكانه فكان كل من رآه وسأله عن خبره قرأ عليه الآية وروى له الحديث قيل لمريض كيف نجدك فقال أنا علة قيل وما معنى علة قال أليس يقال للصحيح ليس به علة قالوا نعم قال أنا كما قال أنا علة قيل لرجل عندك مال وليس لك إلا والدة عجوز ان مت ورثت مالك وأفسدته فقال إنها لا ترثني قيل وكيف قال أبي طلقها قبل أن يموت

قال أبو الاسود لابنه يا بني ان ابن عمك يريد ان يتزوج ويجب ان تكون انت الخاطب فتحفظ خطبة فبقي الغلام يومين وليلتين يدرس خطبة فلما كان في الثالث قال أبوه ما فعلت قال قد حفظتها قال وما هي قال اسمع الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوكل عليه ونشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح فقال له أبوه امسك لا تقم الصلاة فاني على غير وضوء أسلم رجل ولده الى الكتاب فلما كان بعد حين قال له والده تعلمت شيئا من الحساب قال نعم قال فخد خمسين وخمسين كم تعد قال أربعين قال يا مشئوم ثلاث خمسينات ما يحصل معك منها خمسين ثم حبسه عن الكتاب وقال لا أفلحت مرض صديق لحامد بن العباس فأراد ان ينفذ ابنه اليه ليعوده فأوصاه وقال يا بني اذا دخلت فاجلس في أرفع المواضع وقل للمريض ما تشكو فاذا قال كذا وكذا فقل له سليم إن شاء الله وقل من يجيئك من الاطباء فاذا قال فلان فقل ميمون وقل ما غداؤك فاذا قال كذا وكذا فقل طعام محمود فذهب فدخل على العليل وكان بين يده منارة فجلس عليها لارتفاعها فوقعت على صدر العليل فأوجعته ثم قال المريض ما تشكو فقال أشكو علة الموت فقال سليم إن شاء الله فمن يجيئك من الاطباء قال ملك الموت

قال مبارك ميمون فما غداؤك قال سم الموت قال طعام طيب محمود تقدم رجل الى معلم ابنه فسأله ان لا يعلمه سوى النحو والفقه فعلمه مسألتين من النوعين ضرب زيد عمرا ارتفع زيد بفعله وانتصب عمرو بوقوع الفعل عليه والأخرى من الفقه رجل مات وخلف ابويه فلامه الثلث ولابيه الباقي فقال له أفهمت قال نعم فلما انصرف الى البيت قال له ابوه ما تقول في ضرب عبدالله زيدا قال أقول ارتفع بفعله وما بقي للأب كان لبعض التجار المياسير ابن ابله فقضي ان صار الاب الى حانوته يوما فوجد اللصوص قد اخذوا صندوقا كان فيه صامت كثير واسباب جميلة فجلس الرجل والناس يعزونه ويدعون له بالخلف فينما هم كذلك إذ أقبل ابنه فلما قرب من حانوت ابيه ورأى الناس سأل عن الخبر فقالوا دخل اللصوص حانوت أبيك وأخذوا الصندوق الذي كان فيه ما كان فضحك وقهقه وقال لا بأس ما فاتنا شيء فظن الناس انه خباه او يعرف خبره فأسرعوا الى ابيه فبشروه بان ابنه قال كذا فقال له أبوه ما الخبر واي شيء عندك في هذا الامر قال مفتاح الصندوق عندي فلا يقدرون ان يفتحوه فقال ابوه عجبت والله ان يكون عندك فرح قال بعضهم دخلت على نصر الرصيفي في منزله فاذا ابنه يصايحه في شيء وقد ارتفعت أصواتهما فقلت ما هذا فقال هذا يزعم ان علي بن أبي طالب هاشمي فقلت انا بل علوي فاحكم بيننا فقلت انا هو علوي الا ترى الى اسمه علي فقال لي ابصق في وجهه فقلت كلا كما يستحق ذلك كان بسجستان شيخ يتعاطى النحو وكان له ابن فقال لابنه إذا أردت ان تتكلم بشيء فاعرضه على عقلك وفكر فيه بجهدك حتى تقومه ثم اخرج الكلمة مقومة فبينما هما جالسان في بعض الايام في الشتاء والنار تتقد وقعت شرارة في جبة خز كانت على الاب وهو غافل والابن يراه فسكت ساعة يفكر

ثم قال يا ابت اريد ان اقول شيئا فتأذن لي فيه قال ابوه إن حقا فتكلم قال أراه حقا فقال قل قال إني أرى شيئا أحمر قال وما هو قال شرارة وقعت في جبتك فنظر الأب الى جبته وقد احترق منها قطعة فقال للابن لم لم تعلمني سريعا قال فكرت فيه كما أمرتني ثم قومت الكلام وتلكمت فيه فحلف ابوه بالطلاق ان لا يتكلم بالنحو ابدا دق رجل باب دار نحوي فقال من ذا فقال انا الذي ابو عمرو الجصاص عقد طاق باب هذه الدار فقال النحوي ما ترى لك في صلة الذي شيئا فانصرف راشدا جاءت امرأة الى جارة لها تستعير منها إزارا لتمضي في حاجة وترده من ساعتها فقالت قد غزلت من إزاري عشرة أساتير فاصبري حتى اتم غزله واسلمه الى الحائك ويفرغ منه واعطيك إياه ولا تمري بمسمار فانه جديد وقالت امرأة لأخرى اليوم مشيت الى قبر أحمد فدخل في رجلي مسمار فقالت لها وكان الخف الجديد في رجلك قالت لا قالت لها فاحمدي الله قال بعضهم مررت بسوق وقد اجتمع فيه قوم على رجل يضربونه فقلت ما ذنب هذا قالوا شتم معاوية بن ابي سفيان صديق النبي صلى الله عليه و سلم ومن صلى معه أربعين سنة على طهر واحد وكان من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم باحسان وسمى خال المؤمنين لانه كان أخا حواء من امها وأبيها قال بعضهم مررت على قوم قد اجتمعوا على رجل يضربونه فتقدمت الى شيخ كان يجيد قتله فقلت يا شيخ ما قصة هذا قال لا تكونن منهم هذا رافضي يقول نصف القرآن مخلوق ونصفه لا وليس في القوم خير من

النبي صلى الله عليه و سلم وبعده الخضر فبادرني الضحك فرددته مخافة الضرب وقلت يا شيخ زده فانك مأجور قال ومررت بقوم قد اجتمعوا على رجل يضربونه فقلت لرجل يجيد ضربه ما حال هذا قال والله ما أدري ما حاله ولكنني رأيتهم يضربونه فضربته معهم لله عز و جل وطلبا للثواب قال بعضهم رأيت رجلا يبيع الرمان في الاسواق ويطعمه أهل سوقه ويسألونه عن مسائل تقع لهم في الفقه وهو يكنى ابا جعفر فجاءته امرأة فقالت يا أبا جعفر مريم بنت عمران كانت نبية قال لا يا غافلة قالت وايش كانت قال من الملائكة قال الجاحظ دخلت واسط فبكرت يوم الجمعة الى الجامع فقعدت فرأيت على رجل لحية لم ار أكبر منها وإذا هو يقول لآخر إلزم السنة حتى تدخل الجنة فقال له الآخر وما السنة قال حب ابو بكر بن عفان وعثمان الفاروق وعمر الصديق وعلي بن ابي سفيان ومعاوية بن ابي شيبان قال ومن معاوية بن ابي شيبان قال رجل صالح من حملة العرش وكاتب النبي صلى الله عليه و سلم وختنه على ابنته عائشة قال بعضهم مررت على قوم اجتمعوا على رجل يضربونه فقلت لشيخ منهم ما ذنب هذا قال يسب أصحاب الكهف فقلت ومن اصحاب الكهف قال لست مؤمنا قلت بلى ولكني احب الفائدة قال ابو بكر وعمر ومعاوية بن ابي سفيان ومعاوية هذا رجل من جملة سرادق العرش فقلت له يعجبني معرفتك بالانساب والمذاهب فقال نعم خذ العلم عن اهله فقال واحد منهم لآخر ابو بكر افضل ام عمر قال لا بل عمر قال

وكيف علمت قال لأنه لما مات ابو بكر جاء عمر الى جنازته ولما مات عمر لم يجيء ابو بكر لجنازته مرض بعض المغفلين فأتي بطبيب فقال الطبيب إذا كان غدا فاحفظوا البول حتى أجيء وأنظره فلما خرج الطبيب من عنده بقي لا يبول الى الغد فلما جاء الطبيب قال له المريض يا عبدالله قد كادت مثانتي تنشق من إحباسي البول فلماذا تأخرت فقال إنما أمرتك أن تحفظ البول في إناء فلما كان الغد جاء الطبيب فاذا هو قد أخذ برنية خضراء فقال الطبيب ما هذا أخطأت ألم يكن في الدنيا شيء من الزجاج كنت تأخذ في قارورة أو في قدح فلما كان من الغد اخذ البول في قدح من الخشب فعرضه عليه فقال له أنت في حرج الا نظرت الى هذا الماء فاصدقني في أمري هل يخاف علي من هذه العلة قال أما إذ حلفتني فلا بد أن اقول انا خائف أن تموت من هذا العقل لا من هذه العلة دخل بعض الحمقى من الاطباء على عليل فشكا اليه العليل ما يجد فقال خذ مثل رأس الفأرة كلنجبين وصب عليه مقدار محجمة ماء واضربه حتى يصير مثل المخاط واشربه فقال العليل قم لعنك الله فقد قذرت الى كل دواء في الارض كان طبيب أحمق قد أعطى رجلا من جيرانه شربة فأقامته قياما حتى مات منه فجاء الطبيب يتعرف خبره فوجده قد مات فقال لا إله الا الله من شربة ما كان أقواها لو عاش ما كان يحتاج الى ان يشرب الدواء سنة أخرى سرقت ثياب رجل من الحمام فخرج عريانا وعلى باب الحمام طبيب احمق فقال له ما قصتك فقال سرقت ثيابي قال بادر وافتصد تخف عنك حرارة الغم أصيب بعضهم بامه فقعد يبكي ويقول يا امي أماتني الله قبلك أمي

زانية ان لم تدخل الجنة لا دخلتها امرأة ابدا مات ولد لرجل فقيل له ادع فلانا يغسله فقال لا أريد لان بيني وبينه عداوة فيعنف يابني في الغسل حتى يقتله إجتمع رجلان في طريق الحج فقال أحدهما للآخر كم قد حججت قال مع هذه التي نحن فيها واحده ماتت جارية لرجل فلما دفنها قال لقد كنت تقومين بحقوقي فلأكافئنك اشهدوا على أنها حرة وقفت سائلة على باب قوم فقال لها رجل إذهبي يازانية فقالت إذا لم تعطني فلم تسبني قال والله ما أردت بهذا الا الخير أردت أن تؤخري وآثم حكي أن بعض المغفلين إشترى بقطعة شيرجا في غضارة فامتلأت الغضارة فقال البقال قد بقي لك من الشيرج في أي شيء تأخذه فقلب الغضارة وقال في هذه وأشار الى كعبها فطرح البقال الباقي في ذلك الكعب فأخذه الرجل ومضى فلقيه رجل فقال بكم إشتريت هذا الشيرج فقال بقطعة فقال هذا القدر فقط فقلبها وقال هذا ايضا كان لرجل على رجل اربعة دراهم فجاء يوما يقتضيه فقال غدا أعطيك فقال لا أذهب حتى تحلف لي أنك تعطنيها غدا فحلف له إنك إن جئت لا تذهب إلا وهي معك وأشهد عليه بذلك ومضى فجاء من الغد فقال له ماعندي شيء وإنما حلفت إنك لا ترجع إلا وهي معك أعني لحيتك فأشهد عليه بهذا القول وذهب سريعا الى الحجام وحلق لحيته وجاء إليه وما برح حتى أخذ دراهمه وقال قوم لغلام املأ بيت الماء فنقل ماء كثيرا وأبطأ عليهم فقالوا

هذا الابطاء فصعدوا اليه فاذا به يقلب الماء في بيت الماء فقال كلفتموني أن أملأ هذا وما أظنه يمتلىء في شهر حكى لي بعض أصدقائنا قال كان عندنا رجل أتهم بسرقة فأخذ وجرت له قصة فجاءني بعد أيام فقال لي عندك الخبر مضيت الى المنجم فاعطيته قطعة فحسب لي وقال والله إنك بريء مما اتهمت به وإنك ما سرقت شيئا رأى بعضهم جنازة قد اقبلت فقال ربي وربك الله لا إله إلا الله فقال آخر أخطأت إذا رأيت جنازة فقل اللهم ألبسنا العافية فتشاجرا في ذلك فاحتكما الى آخر فقال إذا رايتم جنازة فقولوا سبحان الله من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته قال منجم لرجل من أهل طرسوس ما نجمك قال التيس فضحك الحاضرون وقالوا ليس في النجوم والكواكب تيس قال بلى قد قيل لي وأنا صبي منذ عشرين سنة نجمك الجدي فلا شك انه قد صار تيسا منذ ذلك الوقت كان بعض الكتاب غلام فأمسى السيد عند بعض اصدقائه فقال للغلام اذهب الى البيت هات شمعة فقال يا سيدي أنا لا أجسر أذهب وحدي في هذا الوقت فأحب أن تقوم معي حتى أحمل الشمعة وأجيء معك وقال رجل لغلام هات نارا واشعلها قال يا مولاي لأي شيء تريد النار قال أريد أتخذ عصيدة فقال يا مولاي لقمني حتى أجيء بالعجلة لكم رجل رجلا فصاح أدميتني فلم ير دما فقال اين الدم فقال أنا أرعف من داخل وقع رجلان على قافلة فيها ستون رجلا فأخذوا ما لهم وثيابهم فقيل لبعضهم كيف غلبكم رجلان وأنتم ستون فقال أحاط بنا واحد وسلبنا الآخر كيف نعمل

كلم رجل رجلا بشي يغضبه فقال اتقول لي هذا وأنا رجل من الانصار قال له النصارى واليهود عندنا في الحق سواء عن ابن الرومي قال قال طبيب لتلميذه اذا دخلت الى مريض فانظر الى أثر ما عنده من طعام أو شراب فانهه عما لا يصلح من ذلك فدخل الغلام يوما على مريض فنظر الى حداجة جمل في الدار فقال للمريض انا والله لا أصف لك دواء قال ولم قال لأنك قد أكلت جملا قال لا والله ما أكلت جملا قط فقال هذه الحداجة من أين عن ابراهيم بن القعقاع انتبه قوم ليلة في رمضان وقت السحور فقالوا لأحدهم أنظر هل تسمع أذانا فأبطأ عنهم ساعة ثم رجع فقال اشربوا فاني لم أسمع أذانا إلا من مكان بعيد كتب رجل من آل أبي رافع على خاتمه انا فلان ابن فلان رحم الله من قال آمين مرض رجل مرة فلما اشتد به المرض امر بجمع العيدان والطنابير والمزامير الى بيته فأنكروا عليه ذلك فقال انما فعلت ذلك لأني سمعت أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه شيء من آلات الملاهي والفجور فان كان ملك الموت من الملائكة دفعته عني بهذه الاشياء غصب رجل رجلا شيئا وتصدق به فقيل له في ذلك فقال أخذي إياه سيئة وصدقتي به عشر حسنات فمضت واحدة وبقيت لي تسعة

سئلت امرأة عن حرفة زوجها فقالت متولي اخراج المساكين من المسجد الجامع وقد أرجعت له المقصورة قيل لبعضهم كل قال ما بي أكل لأني أكلت قليل أرز فأكثرت منه جاء قوم الى رجل من الوجوه يسألونه كفنا لجارية له ماتت فقال ما عندي شيء فتعودون قالوا فنملحها الى ان يتيسر عندك شيء سئل بعض المشايخ المغفلين اتذكر ان حج الناس في رمضان ففكر ساعة ثم قال بلى أظن مرتين أو ثلاثة قيل لمغفل كيف دملك سكن وجعه قال والله ما أرى اسألوا امي قال بعض الناس لمملوكه أخرج وانظر هل السماء مصحية او مغيمة فخرج ثم عاد فقال والله ما تركني المطر أنظر هل هي مغيمة أم لا قال بعضهم لآخر وكان أحمق المستشار مؤتمن وأني أريد ان اغسل ثيابي غدا افترى تطلع الشمس ام لا جاء رجل الى ابي حكيم الفقيه وانا حاضر ومع الرجل ابنته ليزوجها من رجل فقال له الشيخ أبكر ابنتك أم ثيب فقال والله يا سيدي ما هي لا بكر ولا ثيب ولكنها وسطة فقال الشيخ فأيش هي عوان بين ذلك فضحك الجماعة وذلك الوالد لا يدري عن إبي محمد بن معروف قال كان يلزمني فتى نصراني حسن الخط مليح الشعر إلا أنه كان سوداويا فحكم لنفسه انه يموت في اليوم الفلاني فجاء ذلك اليوم وهو صحيح فخاصم امرأته وترقى الشر بينهما الى أن أخذ عمود الهاون ودق به رأسها فماتت فجزع جزعا شديدا فقال قد علمت أنه يوم قطع علي ولا بد أن أموت فيه والساعة يجيء أصحاب الشرطة فيأخذوني فيقتلوني

فأنا أقتل نفسي عزيزا أحب إلي فأخذ سكينا فشق بها بطنه فأدركته حلاوة الحياة فلم يتمكن من تخريقها فسقطت السكين فقال هذا ليس بشيء فصعد الى السطح فرمى نفسه الى الارض فلم يمت واندقت عظامه فجاء صاحب الشرطة فأخذوه فلما كان آخر الليل مات عن أبي الحسن علي بن نظيف المتكلم قال كان يحضر معنا ببغداد شيخ فحدثنا أنه دخل على بعض من كان يعرفه بالتشيع قال فوجدته وبين يديه سنور وهو يمسحها ويحك بين عينيها ورأسها وعيناها تدمعان كما جرت عادة السنانير وهو يبكي بكاءا شديدا فقلت له لم تبكي فقال ويحك ما ترى هذه السنور تبكي كلما مسحتها هذه امي لا شك وإنما تبكي حسرة من رؤيتها الي قال فأخذ يخاطبها بخطاب من عنده ظانا أنها تفهم عنه وجعلت السنور تصيح قليلا قليلا فقلت له فهي تفهم عنك ما تخاطبها به قال نعم فقلت له أتفهم أنت عنها خطابها قال لا قلت فأنت إذن الممسوخ وهي الانسان قال الجاحظ مررت يوما بقطان في الكرخ في دكانه وعليه لحية طويلة وقميص جديد غليظ وكان يوما صائفا شديد الحر فتعجبت منه فقال لي ما وقوفك أعزك الله قلت أتعجب من صبرك على هذا القميص الجديد في هذا الحر الشديد قال صدقت أعزك الله عندي غزل كثير وعزمي أن اسلم منه الى الحائك قميصا خلقا أتخفف به طول هذه الصيفية فقلت الصواب ما رأيت وقال دخلت يوما على بعض اخواني من التجار أعوده وكان طويل اللحية فقلت له ما أكلت فقال شووا لي خاسر وأكلت يعني خاثرة وقال أخبرت عن الاصمعي قال عرض الرشيد خيل مصر فما مر به

فرس إلا وعليه سمة نتاج الفخر الجنيدي فقال ويلكم من هذا الجنيدي الذي له كل هذه النتاج وامر باشخاصه فكتب الى عامل مصر فاشخصه فلما دخل عليه نظر اليه من أول الدار فاذا عليه لحية قد أخذت لسرته طولا ولآباطه عرضا وإذا هو مستعجل في مشيه ينظر الى أعطافه فلما رآه قال أحمق ورب الكعبة فلما دنا منه قال يا جنيدي من أين لك هذه الخيل قال من رزق الله وأفضاله فلما رآه هالكا قال ما أحسن لحيتك يا جنيدي قال أقبلها يا أمير المؤمنين خلعة لك والخيل معك فبك فداهما الله فان قدرك عندي أعظم القدور وكرامتك عندي عزيزة جدا فصاح به أغرب عليك لعنة الله ثم قال أخرجوه فقد أسمعني كل مكروه لعن الله هذا وخيله معه قال ابن قتيبة حدث جار لأبي حية النميري قال كان لأبي حية سيف ليس بينه وبين الخشبة فرق وكان يسميه لعاب المنية قال فأشرفت عليه ليلة وقد انتضاه وهو واقف على باب بيت في داره وقد سمع حسا وهو يقول أيها المغتر بنا والمجتريء علينا بئس والله ما اخترت لنفسك خير قليل وسيف صقيل لعاب المنية الذي سمعت به مشهورة ضربته لا تخاف نبوته اخرج بالعفو عنك لا أدخل بالعقوبة عليك إني والله أن ادع قيسا تملأ القضاء خيلا ورجلا يا سبحان الله ما أكثرها وأطيبها ثم فتح الباب فاذا كلب قد خرج فقال الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفاني حربا قال الفضل ابن مرزوق أتدرون لأي شيء كثر مالي قالوا لا قال

لاني سميت نفسي بيني وبين الله محمد وإذا كان اسمي عند الله محمدا فما أبالي ما قال الناس عن المزرودي قال اشترى احمد الجوهري كساء أبيضا طبريا بأربعمائة درهم وهو عند الناس فيما تراه عيونهم قوهي يساوي مائة درهم قال إذا علم الله أنه طبري فما علي من الناس قال الجاحظ كان أبو خزيمة يكنى أبا جاريتين فقلت له يوما كيف اكتنيت بهذه الكنية وانت فقير لا تملك جاريتين أفتبيعهما الساعة بدينار وتكنى اي كنية شئت قال لا والله ولا بالدنيا وما فيها وقال عن ثمامة بن أشرس قال كان رجل يقوم كل يوم فيأتي دالية لقوم فلا يزال يمشي مع رجال الدالية على ذلك الجزع ذاهبا وجائيا في شدة البرد والحر حتى إذا أمسى نزل الى النهر فتوضأ وصلى وقال اللهم اجعل لي من هذا فرجا ومخرجا ثم انصرف الى البيت فكان كذلك حتى مات قال وحدثني يزيد مولى إسحاق بن عيسى قال كنا في منزل صاحب لنا إذ خرج واحد منا ليقيل في البيت الآخر فلم يلبث ساعة حتى سمعناه يصيح أواه فنزلنا باجمعنا اليه فزعين وقلنا ما لك ما لك وإذا هو على شقه الايسر وهو قابض بيده على خصيته فقلنا له لم صحت قال إذا غمزت خصيتي اشتكيتها وإذا اشتكيتها صحت فقلنا لا تغمزها قال نعم إن شاء الله جزاكم الله خيرا قال حدثني ثمامة قال مررت يوما وإذا شيخ اصفر كأنه جرادة وزنجي يحجمه قد مص دمه حتى كاد يستفرغه فقلت يا شيخ لم تحتجم قال لمكان هذا الصفار الذي بي كان لرجل من أصدقائنا غلام فاعطاه قطعا ليشتري بها شيئا وكان فيها

قطعة رديئة فقال له يا سيدي هذه ما يأخذها الرجل فقال اجتهد ان تصرفها كيف اتفق فلما اشترى وجاء قال وقد صرفتها قال كيف فعلت قال تركته يرن الذهب وتغفلته فرميتها في ميزانه حكى لي بعض إخواننا أن رجلا أتى مفسر المنامات فقال رأيت كأن معي رجلين ونحن نمضي الى فلان في حاجة فقال له أتعرف الرجلين قال أعرف احدهما ومنزله في باب البصرة فأريد أسأل صاحبي عن ذلك الرجل الآخر سمع رجل في زماننا قوما يتكلمون في القرآن ويقول بعضهم ليس بقديم فقال ما أبله هؤلاء قد تكلم الله بالقرآن منذ خمسمائة سنة فكيف لا يكون قديما اشترى رجل في زماننا من بقال رطلين دبسا فاعطاه طاسا ليجعله فيها فغرف بالطاسة من التغار وترك صنجة الرطلين فلما رآها ترجح صب من الدبس ثم أعادها الى الميزان فرجحت فجعل يصب ثم يعيدها وهي ترجح فقال لصاحبها ما أرى يبقى لك شيء فقال له صاحبها هذه الطاسة فيها ثلاثة أرطال فان أردت ان تستوي الميزان فاكسر من جانب الطاسة والا ما تستوي قرأت بخط بعض المغفلين وقد نظر في كتاب ثم كتب عليه نظرت في هذا الكتاب والاقوات رخيصة والكارة السميد تساوي دينارا ودانقا والخشكار بثمانية عشر قيراطا فالله تعالى يديم ذلك وكتب آخر على كتاب نظر فيه فلان ابن فلان وأنا من ولد داود ابن عيسى ابن موسى وموسى هو أخو السفاح

حدثني بعض إخواني انه كان بتكريت وأن رجلا اشترى من خباز مائتين وعشرين رطلا من الخبز بدينار ثم كان يأخذ كل يوم شيئا الى أن تحاسبا يوما فقال قد أخذت مائة وعشرين رطلا وبقي لك مائة وعشرين فقال له اندر هذه بهذه واعطني الدينار فجعل الرجل يستغيث ويقول كيف افعل بهذا فيقول أليس لك عندي مائة وعشرين ولي عندك مائة وعشرين فيقول بلى فيقول انذر هذه بهذه واعطني الدينار فاجتمع الناس عليهم على ذلك الى أن رفعت قصتهم الى الأمير رجع بعض القريشيين الى امرأته وكانت قريشية وقد حلقت شعرها وكانت أحسن النساء شعرا فقال ما خطبك فقالت أردت أن غلق الباب فلمحني رجل وراسي مكشوف فحلقته وما كنت لأدع شعرا رآه من ليس لي بمحرم ومثل هذا بلغني عن بعض القصاص انه قال لأصحابه احلقوا اللحى التي تنبت في مواقف الشيطان حدثني بعض العلماء ان رجلا مغفلا نظر في المصحف فقال قد وجدت فيه غلطتين فأصلحوها قالوا وماهي كل بناء وعواص هذا غلط إنما يجب أن يكون كل بناء وجصاص والأخرى والتين والزيتون إنما هي والجبن والزيتون حدثني بعض الاصدقاء ان رجلا وقف بباب داره يوم الجمعة والمطر يأتي سيلا فقال لرجل من المارين يا أخي هوذا الذي يجيء مطر فقال له أما

ترى فقال أردت أن اقلد غيري في انقطاعي عن الجمعة ولا أعمل بعلمي وروى أبو بكر الصولي عن إسحاق قال كنا عند المعتصم فعرضت عليه جارية فقال كيف ترونها فقال واحد من الحاضرين امرأتي طالق إن كان الله عزوجل خلق مثلها وقال الآخر امرأتي طالق إن كنت رأيت مثلها وقال الثالث امرأتي طالق وسكت فقال المعتصم إن كان ماذا فقال إذا كان لا شيء فضحك المعتصم حتى استلقى وقال ويحك ما حملك على هذا قال يا سيدي هذان الاحمقان طلقا لعلة وأنا طلقت بلا علة قيل لبعض البله وكان يتحرى من الغيبة ما تقول في إبليس فقال أسمع الكلام عليه كثيرا والله أعلم بسريرته حكى لي بعض الاخوان ان بعض المغفلين كان يقود حمارا فقال بعض الاذكياء لرفيق له يمكنني أن آخذ هذا الحمار ولا يعلم هذا المغفل قال كيف تعمل ومقوده بيده فتقدم فحل المقود وتركه في رأس نفسه وقال لرفيقه خذ الحمار واذهب فأخذه ومشى ذلك الرجل خلف المغفل والمقود في رأسه ساعة ثم وقف فجذبه فما مشى فالتفت فرآه فقال أين الحمار فقال أنا هو قال وكيف هذا قال كنت عاقا لوالدتي فمسخت حمارا ولي هذه المدة في خدمتك والآن قد رضيت عني امي فعدت آدميا فقال لا حول ولا قوة إلا بالله وكيف كنت استخدمك وأنت آدمي قال قد كان ذلك قال فاذهب في دعة الله فذهب ومضى المغفل الى بيته فقال لزوجته أعندك الخبر كان الامر كذا وكذا وكنا نستخدم آدميا ولا ندري فبماذا نكفر وبماذا نتوب فقالت تصدق بما يمكن قال فبقي أياما ثم قالت له إنما شغلك المكاراة فاذهب واشتر حمارا لتعمل عليه فخرج الى السوق فوجد حماره ينادي عليه فتقدم وجعل فمه في أذنه وقال يا مدبر عدت الى عقوق امك ماتت قريبة لأبي منصور بن الفرج وكان رئيسا فاجتمع الناس على اختلاف

طبقاتهم لقضاء حقه وخرجت الجنازة وجعل النساء يلطمن ويقلن واستاه واستاه على ما جرت به العادة فانكر زوج المرأة هذا وقال لا ست إلا الله وصاح عليهن فضحك الناس وصار المقام هزلا بعد الحزن دخل على موسى بن عبدالملك يوما صاحب خزانة السلاح فقال له قد تقدم امير المؤمنين يعني المتوكل ليبتاع الف رمح طول كل رمح أربعة عشر ذراعا فقال هذا الطول فكم يكون العرض فضحك الناس ولم يفطن لما غلط فيه قال المبرد قرأ ابن رباح بحضرة المنتصر كتاب الصدقات فقال في كل ثلاثين بقرة تبيع فقال المنتصر ما التبيع فقال أحمد بن الخصيب البقرة وزوجها سمع احمد بن الخصيب مغنية تغني إن العيون التي في طرفها مرض قتلننا ثم لم يحيين قتلانا فقال هذا الشعر لأبي كان سهل بن بشر ممن ارتفع في الدولة الديلمية وكان رقيعا فشتم فراشا فرد عليه فقام يعدو خلفه فوقعت عمامته فأخذها سهل وما زال يعضها ويخرقها ويقول اشتفيت والله ثم عاد الى مكانه شهد رجل عند بعض القضاة على رجل فقال المشهود عليه أيها القاضي تقبل شهادته ومعه عشرون الف دينار ولم يحج الى بيت الله الحرام فقال بلى حججت قال فاسأله عن زمزم فقال حججت قبل أن تحفر زمزم فلم أرها

قال ابو الحسن بن هلال الصابي أحضر إنسان بناء لمشاهدة حائط في داره قد عاب فاتفق ان امه تغسل الثياب فاخرج الى البناء ترابا من تراب ذلك الحائظ في طشت وقال ما يمكن انك اليوم تدخل فهذا من ترابه فانظر اليه واعرف ما يريد فقال انا أرجع اليك غدا فضحك منه وانصرف قال وكان في جوارنا فقيه يعرف بالكشفلي من الشافعيين تقدم في العلم حتى صار في رتبة ابي حامد الاسفراييني وقعد بعد موته مكانه قال فاهديت اليه عمامة عريضة قصيرة من خراسان فقلت له ايها الشيخ اقطعها والفقها ليمكنك التعمم بها فلما كان من الغد رأيتها على رأسه اقبح منظر فتاملتها وإذا به قد قطعها عرضا ولفقها فصار عرضها أربعة عشر شبرا وطولها نصف ما كان فتعجبت منه ولم أراجعه أخبرني عيسى اللحام قال جاءني رجل له منظر ليشتري مني إلية فاخرجت له إلية صغيرة فقال لي أتهزأ بي هذه إليه وأنا أريد إلية الضان فقلت له ليس للبقر إليه فقال حدث بهذا غيري ولا تستبلهني فطالعت له غيرها غيرها فاعجبته ورضي بها وقع جرف في بعض السنين فقال بعض المغفلين مات في هذه السنة من لم يمت قط هذا آخر ما انتهى الينا من أخبار الحمقى والمغفلين والحمد لله وحده