كتاب : الإنافة فيما جاء في الصدقة والضيافة
المؤلف : ابن حجر الهيتمي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي اختص من عباده من شاء بمزايا إنعامه الظاهرة، وألهمهم بشكرها، والقيام بموجب حقها نورا بقربه، ورضاه في الدنيا والآخرة.
فأنفقوا أفضل أموالهم في سبيله، وجادوا ببذل نفوسهم، فضلا عن غيرها. فجاد عليهم أن جعلهم من حزبه، وقبيله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أنتظم بها في سلك الأسخياء، وأنجو بها من قبائح الأشحاء الأشقياء.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الذي لم يزل أجود بالخير من الريح المرسلة صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، الذين فضلهم الله على سائر الأمم، بما اختصوا به من السخاء له بنفوسهم وأموالهم وسائر أغراضهم المجملة والمفصلة، صلاة وسلاما دائمين بدوام أفضاله.
أما بعد: فإنه لما حصل في بلاد بجيلة وغيرها من أطراف اليمن والحجاز قحط عام متتابع، سنين متعددة، إلى أن أجلى كثيرين من بلادهم إلى مكة المشرفة، هذه السنة، سنة خمسين وتسعمائة.
أكثر كثيرون ممن عندهم تقوى وديانة السؤال عن الصدقة ودلائلها المرغبات، والمحذرات، وأحكامها من الوجوب والندب، والإباحة والكراهة، وخلاف الأولى والحرمة، فأجبتهم إلى ذلك، وأكثرت فيه من الأدلة المرغبة في الصدقة.
كما أن أوئلك لما جاءوا إلى مكة كانوا على غاية من الجوع والعري والحاجة، والفاقة، حتى تواتر عنهم مع كثرة الأغنياء بمكة، يطبخون الدم ويأكلونه، من شدة ما بهم من جوع، ولم يجدوا من أولئك الأغنياء صدقة تكفيهم مع قدرتهم على القناطير المقنطرة من الذهب والفضة.
لكن منهم أو أكثرهم من هو رافضي، أو شيعي، يبغض الإسلام وأهله، فلا تزيده رؤية سيىء الأحوال من المسلمين إلا فرحا وسرورا.
طهر الله بلده الأمين، وحرمه المطهر، وبيته المكرم المعظم منهم، وعاملهم بعدله، وعاجلهم بعقابه، وسلب نعمه.
وبقية الأغنياء الذين هم من أهل السنة غلب عليهم داء الشح والبخل، فأمسكوا أيديهم، ولم يبذلوا ما أوجبه الله عليهم من أحكام المضطرين، وكسوة العارين، بل أعرضوا عن ذلك، ونبذوه وراء ظهورهم، وجعلوه نسيا منسيا، فوفقهم الله لمرضاته، وأيقظهم إلى التوبة من سائر مخالفاته، وبصرهم بعيوبهم، وألهمهم النظر في عواقب أمورهم بشكر ما أنعم عليهم في الخيرات، والميراث إليهم، حتى يواسوا المحتاجين، ويرضى عنهم رب العالمين.
ولما علم من هذا السياق تأكد التأليف في هذا الباب، وإيضاح دلائله وأحكامه على غاية من البسط والإطناب، شرعت فيه بعون الملك الوهاب.
سائلا منه أن يوفقني فيه وفي غيره لإصابة الصواب، وأن ينالني من فضله أفضل المرغوب، وأعلى الثواب، وأن يجعلني من أوليائه الذين أفاض عليهم من رضائه وقربه وعنايته ولطفه وحبه، ما لم يخطر ببالهم، ولم يكن لهم في حساب، لا إله إلا الله هو عليه توكلت وإليه متاب.
ورتبته مقدمة، وأربعة أبواب، وخاتمة.
أما المقدمة ففي أمور عامة لها تعلق بالصدقة من حيث توقف كمالها عليها، أو مناسبتها لها، أو ارتباطها بها أو نحو ذلك.
الأمر الأول
الكسب
إذ بطيبه يعظم ثواب الصدقة، وبالمحافظة عليه يستغني المكتسب عن صدقات الناس وأوساخهم.
وفي ذلك أحاديث: قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أفضل الأعمال الكسب من الحلال) ابن لال.
قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أفضل الكسب بيع مبرور، وعمل الرجل بيده) أحمد والطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أفضل الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور). أحمد والطبراني، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (قل ما يوجد في أمتي في آخر الزمان درهم حلال، وأخ يوثق به) ابن عدي وابن عساكر.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أمرت الرسل أن لا تأكل إلا طيبا، ولا تعمل إلا صالحا) الحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله يحب المؤمن المحترف) الطبراني والبيهقي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال) الديلمي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن موسى آجر نفسه ثمان سنين أو عشرا، على عفة فرجه، وطعام بطنه) أحمد وابن ماجة.

وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أيما رجل كسب مالا حلالا فأطعم نفسه أو كساها، فمن دونه من خلق الله فإنها له زكاة، وأيما رجل مسلم لم يكن له صدقة، فليقل في دعائه اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وصلى على المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات فإنها له زكاة). أبو يعلى، وابن حبان، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (طلب الحلال فريضة بعد الفريضة).
الطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (طلب الحلال واجب على كل مسلم).
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (طلب الحلال جهاد) القضاعي، وأبو نعيم في الحلية.
وقوله صلى الله تعالى عليه وىله وسلم: (إذا سأل أحدكم الرزق فيسال الحلال) ابن عدي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (العافية عشرة أجزاء، تسعة في طلب المعيشة، وقدم فضلا ليوم فقره وحاجته) ابن النجار.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (العافية عشرة أجزاء، تسعة في طلب المعيشة، وجزء في سائر الأشياء) الديلمي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما جاءنا جبريل إلا أمرني بهاتين الدعوتين: اللهم ارزقني طيبا، واستعملني صالحا) الحكيم الترمذي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما من عبد استحيا من الحلال، إلا ابتلاه الله بالحرام) ابن عساكر.
وقوله صلى الله تعالى عليه وىله وسلم: (أزكى الأعمال كسب الرجل بيده) البيهقي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما أكل أحدكم طعاما قط، خير من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمد يده) أحمد، والبخاري.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما كسب الرجل كسبا أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو صدقة) ابن ماجةى.
وقوله صلى الله تعالى عليه وىله وسلم: (التاجر الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة) ابن ماجة، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة) الأصبهاني، والديلمي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (التاجر الصدوق لا يحجب عن أبواب الجنة) ابن النجار.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (التاجر الجبان محروم، والتاجر الجسور مرزوق) القضاعي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلمس: (إن أطيب الكسب، كسب التجار، الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يصروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا) البيهقي، والحكيم الترمذي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (تسعة أعشار الرزق في التجارة، والعشر في المواشي) ابن منصور في سننه.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (عليك بالبز، فإن صاحب البز يعجبه أن يكون الناس بخير وفي خصب) الخطيب.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (عمل الأبرار من الرجال الخياطة، وعمل الأبرار من النساء المغزل) الخطيب وابن لال، وابن عساكر.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لو أذن الله تعالى لأهل الجنة في التجارة لأتجروا في البز والعطر) الطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه) أبو داود، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم) البخاري في تاريخه، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم؛ (طلب الحلال مثل مقارعة الأبطال في سبيل الله، ومن بات عيينا من طلب الحلال بات والله سبحانه وتعالى عنه راض) البيهقي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من صبر على القوت الشديد صبرا جميلا، أسكنه الله تعالى من الفردوس حيث شاء).
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن روح القدس نفث في روعي، أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) أبو نعيم في الحلية.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أجملوا في طلب الدنيا فإن كلا ميسر لما كتب له منها) ابن ماجة، والحاكم، والطبراني، والبيهقي.

وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إذا سبب الله لأحدكم رزقا من وجه لا يدعه حتى يتغير له) أحمد، وابن ماجة، وكذا البيهقي بلفظ: " إذا فتح الله لأحدكم رزقا من باب فليلزمه).
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الثابت في مصلاه بعد الصبح يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الآفاق) الديلمي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (باكروا في طلب الرزق والحوائج، فإن الغدو بركة ونجاح) الطبراني وغيره.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة وبنى له بيتا في الجنة) أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم يقبل الله صلاته ما دام عليه) أحمد.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من اشترى سرقة ويعلم أنها سرقة فقد شارك في عارها وإثمها) البخاري في الأدب المفرد، والبيهقي في السنن.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (شرار أمتي الصائغون والصباغون) الديلمي.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما) أحمد، والشيخان، وغيرهم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (يا معشر التجار: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا، إلا من اتقى الله، وبر وصدق) الترمذي، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (يا معشر التجار إياكم والكذب) الطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (يا معشر التجار إن هذا البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة) أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (يا معشر التجار إن الشيطان والإثم يحضران البيع، فشوبوا بيعكم بالصدقة) الترمذي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (بئس العبد المحتكر، إن أرخص الله تعالى الأسعار حزن، وإن غلاها فرح) الطبراني، والبيهقي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الجالب إلى سوقنا كالمجاهد في سبيل الله، والمحتكر في سوقنا كالملحد في كتاب الله) الزبير بن بكار، والحاكم مرسلا.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه الله بالجذام والإفلاس) أحمد، وابن ماجة.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين، فهو خاطىء قد برئت منه ذمة الله ورسوله) أحمد والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من احتكر طعاما على أمتي أربعين يوما وتصدق به، لم يقبل الله منه) ابن عساكر.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من تمنى على أمتي الغلاء ليلة واحدة، أحبط الله عمله أربعين سنة).
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا يحتكر إلا خاطىء) أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي.

الأمر الثاني
في حسن الخلق
ووجه مناسبته في الصدقة أن بحسنه تكون الصدقة على أكمل الأحوال وأفضلها، وبشؤمه تنعدم الصدقة أو تكون هباء منثورا، بما يقترن بها من المن وغيره من قبائح الأحوال والأقوال، وفيه أحاديث منها: قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (مكارم الأخلاق عشرة، ذكر منها: صدق الحديث وإعطاء السائل والمكافآت بالصنائع، وحفظ الأمانة وصلة الرحم، والتذمم للصاحب أي حفظ ذمامه وهو عهده وحقه، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء) الحكيم الترمذي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانا، أحسنهم خلقا) أحمد، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد) الديلمي، والخرائطي، ورواه الطبراني بلفظ: (الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل).
فالمراد بالماء فيه السخن بالشمس مثلا.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآل وسلم: (الخلق الحسن زمام من رحمة الله) أبو الشيخ.

وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الخلق الحسن لا ينزع إلا من ولد حيضة أو زنية) الديلمي.
أي والولد وإن لم يتسبب في ذلك ولكنه تولد من قبيح فأثر فيه، ومن ثم ورد في ولد الزنا أنه لا يدخل الجنة، لكنه مؤول خلافا لمن زعم أنه على ظاهره.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (حسن الخلق، خلق الله الأعظم) الطبراني.
وهذاكناية عن زيادة شرف حسن الخلق وعظمته، لتعاليه تعالى عن الأخلاق وغيرها، لأنها من سمات المحدثات.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (حسن الخلق نصف الدين) الديلمي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (حسن الملكة أي الصنيع نماء، وسوء الخلق شؤم، والبر زيادة في العمر، والصدقة تمنع ميتة السوء) أحمد، والطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (حسن الملكة يمن، وسوء الخلق شؤم، وطاعة المرأة ندامة، والصدقة تدفع القضاء السوء). ابن عساكر.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الرجل ليدرك بحسن الخلق درجة القائم بالليل، والظامىء بالهواجر) الطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الرجل المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله، بحسن خلقه وكرم سريرته) أحمد، والطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، فإن صاحب الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة) الترمذي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن أحسن الحسن، الخلق الحسن) المستغفري وابن عساكر.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلق) البزار، وأبو نعيم في الحلية، والحاكم، والبيهقي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أول ما يوضع في الميزان، الخلق الحسن) أحمد.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ليس شيء أثقل في الميزان من الخلق الحسن) أحمد.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غدا؟ على كل هين لين قريب سهل). أبو يعلى، والترمذي، والطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خياركم أحسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا (أي اللينون الجانب)، وشراركم الثرثارون أي المكثرون للكلام تكلفا وخروجا عن الحق، المتفيهقون المتشدقون). أي المتوسعون في الكلام - كذلك مع فتح الأفواه وتفخيم الألفاظ.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خير ما أعطي الناس خلق حسن) أحمد، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خير ما أعطي الرجل المؤمن خلق حسن، وشر ما أعطي الرجل قلب سوء في صورة حسنة) ابن أبي شيبة.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (رأس العقل بعد الإيمان بالله التحبب إلى الناس) البزار، والطبراني، والبيهقي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (رأس العقل بعد الدين، التودد إلى الناس، واصطناع الخير إلى كل بر وفاجر) البيهقي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أفضل الأعمال حسن الخلق، وألا تغضب إن استطعت) الخرائطي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا) ابن النجار.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) الطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله يحب معالي الأخلاق، ويكره سفاسفها) الحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه أعظم درجات الآخرة وشرف المنازل، وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل دركات جهنم وإنه لعابد) الطبراني، والضياء.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن أحبكم إليّ وأقربكم مني في الآخرة مجالس محاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مساوئكم أخلاقا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون) أحمد وابن حبان في صحيحه، والطبراني، والبيهقي، وكذا الترمذي وزاد قالوا: يا رسول الله: ما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون).
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (عليك بحسن الكلام، وبذل العطاء) البخاري في الأدب، والحاكم.

وقوله صلى الله تعالى عليه وآل وسلم: (ما أحسن الله تعالى خلق رجل وخلقه فتطعمه النار أبدا) الطبراني، والبيهقي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (سوء الخلق شؤم، وشراركم أسؤكم خلقا) الخطيب.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله يبغض المعبس في وجه إخوانه) الديلمي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا يدخل الجنة سيىء الملكة) الترمذي، وابن ماجة.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (من ساء خلقه عذب نفسه، ومن كثر همه سقم بدنه، ومن لاحى الرجال ذهبت كرامته وسقطت مروءته) الحارث، وابن السني، وأبو نعيم.
؟؟فائدة: ليست الحدة من سوء الخلق، لقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الحدة تعتري خيار أمتي) الطبراني.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الحدة لا تكون إلا في صالحي أمتي وأبرارها) الديلمي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الحدة تعتري حملة القرآن لعزة القرآن في أجوافهم). ابن عدي.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ليس أحد أحق بالحدة من حامل القرآن لعزة القرآن في جوفه) الديلمي، وغيره.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خيار أمتي أحداؤهم، الذين إذا غضبوا رجعوا).
وبه علم فرقان ما بين الحدة المحمودة والمذمومة.
وبه علم فرقان ما بين الحدة المحمودة والمذمومة.
؟؟الأمر الثالث الرحمة والرأفة على الخلق، سيما الأطفال والشيوخ والأرملة والمساكين ونحوهم ووجه مناسبة هذا للصدفة واضح، فإن بتلك الرحمة تكثر الصدقة، ويربو ثوابها عند الله تعالى، وفي ذلك أحاديث.
قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من لا يرحم من في الأرض، لا يرحمه من في السماء). عزه وسلطانه وخزائن رحمته.
وهكذا مجمل سائر الأحاديث والآيات الموهم ظاهره مكانا أو جهته، تعالى الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، أو كيف يتصور ذلك وهو تعالى خالق الجهات والأمكنة ومحدثها بعد أن لم تكن فهي لحدوثها مستحيلة على الله تعالى، فإنه كان في القدم ولا جهة ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من لا يرحم، لا يرحم، ومن لا يغفر لا يغفر له، ومن لم يتب لا يتوب الله عليه).
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء).
(ليس منا من لا يرحم صغيرنا ولا يعرف حق كبيرنا). (ليس منا من غشنا) (ولا يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (البركة في أكابرنا فمن لم يرحم صغيرنا، ويجل كبيرنا فليس منا). روى هذه الأحاديث الخمسة الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خاب عبد وخسر لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر) الدولابي، وأبو نعيم، وابن عساكر.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم، زاد غير أبي داود: (الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من لا يَرحم لا يُرحم) الشيخان وغيرهما.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي) أحمد، وابو داود، وابن حبان في صحيحه، والحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إرحم من في الأرض يرحمك من في السماء) الطبراني، والحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إرحموا ترحموا، وأغفروا يغفر لكم، ويل لأقماع القول - أي وهم لا ينفعون بما يستمعونه من الخير، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون) أحمد، وأبو نعيم، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا) أحمد، والترمذي، والحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم شرف كبيرنا) أحمد، والترمذي، والحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه) أحمد، والحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) أحمد،، والبخاري، وأبو داود، والترمذي.

وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت للمسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه، أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) البخاري في الأدب، وابن ماجة، وأبو نعيم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أنا وكافل اليتيم له ولغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة). مسلم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من أوى يتيما أو يتيمين ثم صبر واحتسب كنت أنا وهو في الجنة كهاتين) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو كهاتين) الحكيم الترمذي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من ضم يتيما له أو لغيره حتى يغنيه الله عنه وجبت له الجنة) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إني أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) الحاكم، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ إرحم اليتيم وأمسح رأسه وأطعمه من طعامك، يلين قلبك وتدرك حاجتك) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الصبي الذي له أب يمسح رأسه إلى خلفه واليتيم يمسح رأسه إلى قدام) البخاري في تاريخه.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أدن اليتيم منك وألطفه وأمسح برأسه، وأطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك ويدرك حاجتك) الخرائطي، وابن عبد البر.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن في الجنة دارا يقال لها دار الفرح، لا يدخلها إلا من فرح يتامى المؤمنين) ابن النجار وغيره، وكذا ابن عدي بلفظ (إلا من فرح الصبيان).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين، وأمسح رأس اليتيم) الطبراني، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله تعالى إذا أراد بالعباد نقمة أمات الأطفال وعقم النساء فتنزل بهم النقمة، وليس فيهم مرحوم) الشيرازي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن من إجلالي توقير الشيخ من أمتي) الخطيب.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما أكرم شاب شيخا لسنه، إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه). الترمذي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (البركة مع أكابركم) ابن حبان في صحيحه، وأبو نعيم، والحاكم، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الخير مع أكابركم) البزار.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إنما تنصر هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وإخلاصهم) أحمد، وأبو داود، والنسائي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (هل تنصرون إلا بضعفائكم بدعوتهم وإخلاصهم) أبو نعيم.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، والقائم الليل، والصائم النهار) أحمد، والشيخان، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.

الأمر الرابع
الزهد في الدنيا
ووجه مناسبته للصدقة ظاهر، فإنه لا حاصل عليها أعظم من الزهد في الدنيا، وبغضها والتجافي عنها، ومعرفة غوائلها وآفاتها، وقد أكثر صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من الترغيب في الزهد، والترهيب من الدنيا وآفاتها، فلنذكر من ذلك ما فيه مقنع لمن وفقه الله وهداه.
قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (اتركوا الدنيا لأهلها، فإنه من أخذ منها فوق ما يكفيه، أخذ من جنته وهو لا يشعر) الديلمي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون مما في يديك أوق منك بما في يد الله، وأن تكون في ثواب المصيبة إذ أنت أصبت بها، أرغب منك فيها لو أنها أبقيت لك) الترمذي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن، والرغبة فيها تكثر الهم والحزن، والبطالة تقسي القلب) القضاعي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآل وسلم: (إذا أردت أن يحبك الله فأبغض الدنيا، وإن أردت أن يحبك الناس فما كان من عندك من فضولها فانبذه إليهم) الخطيب مرسلا.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أكبر الكبائر حب الدنيا) الديلمي.

وقال لى الله تعالى عليه وآله وسلم: الدنيا حلوة خضراء، من اكتسب فيها مالا من غير حله وأنفقه في غير حقه أحله الله دار الهوان، ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة) البيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) أحمد، ومسلم، والترمذي، وابن ماجة، والطبراني، والحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، أو عالما أو متعلما) الترمذي، وابن ماجة، والطبراني.
وفي رواية للبزار: (إلا أمرا بمعروف، أو نهيا عن منكر، أو ذكر الله).
وفي أخرى للطبراني: (إلا ما ابتغى به وجه الله عز وجل).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه، أفشى الله ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله تعالى أمره، وجعل غناه في قلبه، وما أقبل عبد بقلبه إلى الله تعالى إلا جعل الله تعالى قلوب المؤمنين تفد إليه بالود والرحمة، وكان الله تعالى بكل خير إليه أسرع) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا تغبطن فاجرا بنعمة، إن له عند الله قاتلا لا يموت) البيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:(إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه) أحمد، والشيخان.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من آمن بك وشهد أني رسولك فحبب إليه لقاءك، وسهل عليه قضاءك وأقلل له من الدنيا، ومن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ولا تسهل عليه قضاءك وأكثر له من الدنيا) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله تعالى لما خلق الدنيا أعرض عنهان ثم قال: وعزتي وجلالي لا أنزلتك إلا في شرار خلقي) ابن عساكر.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله ليحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه، كما تحمون مريضكم من الطعام والشراب تخافون عليه) أحمد، والحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أنزل الله جبريل في أحسن ما كان يأتيني في صورة فقال: إن الله تعالى يقرؤك السلام يا محمد، ويقول لك: إني قد أوحيت إلى الدنيا أن تمرري وتكدري وتضيقي وتشددي على أوليائي كي يحبوا لقائي، فإني خلقتها. سجنا لأوليائي وجنة لأعدائي) البيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ترك الدنيا أمر من الصبر، وأشد من حطم السيوف في سبيل الله عز وجل). الديلمي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (حب الدنيا رأس كل خطيئة).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (دعوا الدنيا لأهلها، من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ حتفه وهو لا يشعر).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافر منها شربة ماء). الترمذي، والضياء.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم فلينظر بما ترجع). أحمد، ومسلم، وابن ماجة.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا فارتفع إلا وضعه الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول) الطبراني، وأبو نعيم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن أكثر الناس شبعا في الدنيا، أطولهم جوعا يوم القيامة) ابن ماجة، والحاكم، وكذا الطبراني، والنسائي، وأبو نعيم، ولكن بمعناه.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله تعالى قال: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم واد من ذهب، لأحب أن يكون له ثان، ولو كان له واديان لأحب أن يكون له ثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب) أحمد والطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وىله وسلم: (تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك - أي أصابته شوكة أو بلية عظيمة كناية بالشوكة عنها، فلا انتقش - أي فلا أزيلت عنه).
الحديث. البخاري وابن ماجة.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد هم المعاد، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا، لم يبال الله في أي واد هلك) ابن ماجة.

وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له) وفي رواية (إلا ما كتب له) الترمذي، وابن ماجة.
وقال صلى الله تعالى عليه آله وسلم: (يا أبا ذر أن كثرة المال هو الغنى، إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب، من كان الغنى في قلبه فلا يضره ما لقي من الدنيا، و من كان الفقر في قلبه فلا يغنيه ما أكثر ماله من الدنيا، وإنما يضر نفسه شحها) النسائي، وابن حبان في صحيحه.

تنبيه
قد يحمد كثرة المال والتوسع في الدنيا، إذا واسى منها المحتاجين ووصل المنقطعين، ولم يبق عليه حق الله فيها.
كما أشار إلى ذلك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (ليس بخيركم من ترك دنيا لآخرته، ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منها جميعا، فإن الدنيا بلاغ الآخرة، ولا تكونوا كلا على الناس) ابن لال، وكذا الحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إذا كان في آخر الزمان لا بد لناس فيها من الدراهم والدنانير، يقيم الرجل بها دينه ودنياه) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من استطاع منكم أن يقي دينه وعرضه بمال فليفعل) أبو داود.
الأمر الخامس
الشكر
ووجه مناسبته للصدقة أنها من جملته، فإن علم الإنسان فضله وما ورد فيه كان ذلك حاملا له على إكثار الصدقة وطيبها وإدامتها لعله يكتب من الشاكرين، وإن قلوا وندروا ، وقليل من عبادي الشكور، ولنذكر صبابة من أحاديثه.
قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أحسنوا جوار نعم الله لا تنفروها قلما زالت عن قوم فعادت إليهم) أبو يعلى، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أشكر الناس لله أشكرهم للناس) أحمد، والطبراني، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن للطاعم الشاكر من الأجر مثل ما للصائم الصابر) الحاكم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (التحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله والجماعة بركة والفرقة عذاب) البيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا ومن لم يكونا فيه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا، من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به ونظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله عليه، كتبه الله شاكرا صابرا، من نظر في دينه إلى من هو دونه ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته منه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا) الترمذي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم( أحمد، وابن حبان في صحيحه.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما شئت أن أرى جبريل معلقا بأستار الكعبة، وهو يقول: يا واحد، يا ماجد، لا تزل عني نعمة أنعمت بهان إلا رأيته) ابن عساكر.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) أحمدن والطبراني، وابن حبان في صحيحه، وفي رواية: لأحمد والترمذي من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة لمن اتقى خير من الغنى، وطيب النفس من النعم) أحمد، وابن ماجة، والحاكم.
الأمر السادس
صلة الرحم
وهي وإن لم تنحصر في الصدقة، لكن الصدقة أحد أنواع الصلة، فلذلك تأكدت الصدقة على ذوي الأرحام كما سيأتي، ولنذكر من أحاديث الصلة ترغيبا وترهيبا ما يحمل الموفق على الاعتناء بهان وإدامتها، والمحافظة عليها.
قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (صلة الرحم تزيد في العمر، وصدقة السر تطفىء غضب الرب) القضاعي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (صلة الرحم وحسنس الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار، ويزدن في الأعمار) أحمد، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (اتقوا الله، وصلوا الأرحام، فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة) عبد بن حميد، وابن جرير مرسلا.

وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أحب الأعمال إلى الله تعالى: الإيمان بالله، ثم صلة الأرحام، ثم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأبغض الأعمال إلى الله تعالى: الإشراك بالله، ثم قطيعة الرحم) أبو يعلى.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله ليعمر للقوم الديار، ويكثر لهم الأموال، وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا لهم بصلتهم أرحامهم) الطبراني، والحاكم.
وقوله: بصلتهم متعلق بيعمر ويكثر.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن البر والصلة ليطيلان الأعمار، ويعمران الديار، ويكثران الأموال، ولو كان القوم فجارا، وإن البر والصلة ليخففان سوء الحساب يوم القيامة) الخطيب، والديلمي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (المرء يصل رحمه وما بقي من عمره إلا ثلاثة ايام فينسئه الله ثلاثين سنة، وإنه ليقطع الرحم، وقد بقي من عمره ثلاثون سنة، فيصيره الله إلى ثلاثة أيام) أبو الشيخ.
وبه يعلم أن الأحاديث المصرحة بأن صلة الرحم تزيبد في العمر محمولة على ظاهرها من أن الزيادة فيها حقيقة، أي بالنسبة لعلم الملائكة، واللوح المحفوظ، بأن يكتب به معلقا، كأن وصل فلان رحمه عاش عشرين سنة، وإلا عاش عشرة، وما في أم الكتاب الواقع لا غير، لأنها علم الله القديم وهو لا تعليق فيه، ولا يطلع أحد عليه.
وقيل: المراد بالزيادة في العمر البركة فيه، بأن يبارك له في عشرين مثلا، فيحصل فيها من أعمال الخير، ما لا يحصله غيره في أربعين مثلا.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من سره أن يعظم الله رزقه، وأن يمد في أجلهن فيصل رحمه) أحمد، وأبو داود، والنسائي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (صلة الرحم مثراة في المال، محبة في الأهل، منسأة - أي تأخير - في الأجل " الطبراني " وكذا أحمد، والترمذي، والحاكم، ورواه أحمد والشيخان، وأبو داود، والنسائي بلفظ " (من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (صدقة ذي الرحم على ذي الرحم صدقة وصلة) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (صدقة ذي الرحم على ذي الرحم صدقة وصلة) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إنما أعمال بني آدم تعرض على الله، عشية كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم) أحمد، وأبو نعيم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الملائكة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم) الطبراني وأبو نعيم بلفظ الرحم بدل رحم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: إثنان لا ينظر الله إليهم يوم القيامة قاطع رحم وجار السوء) الديلمي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرحم فقال من؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى يا رب قال فذلك لك) الشيخان، والنسائي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله تعالى كتب في أم الكتاب قبل أن يخلق السموات والأرض إني أنا الرحمن الرحيم خلقت الرحم وشققت لها إسما من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته) الطبراني، وكذا أحمد والبخاري في الأدب، وأبو داود والترمذي، والحاكم بلفظ: (قال الله تعالى أنا الرحمن، أنا خلقت الرحم، وشققت لها إسما من إسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته، ومن بتها بتته).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله) مسلم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ليس الواصل بالمكافىء، ولكن الواصل الذي قطعت رحمه ووصلها) أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ليس شيء أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابا من البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الفاجرة، تدع الدار بلاقع) البيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة من قطيعة الرحم، والخيانة، والكذب، وإن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم، حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة، فتنمو أموالهم، ويكثر عددهم، إذا تواصلوا) الطبراني.

وقال صلى الله تعالى عليه وىله وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع) أحمد، والشيخان، وأبو داود.
؟؟

الأمر السابع
الشح
ووجه مناسبته للصدقة ظاهرة فإنه من أكبر موانعها قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن الله تعالى يبغض البخيل في حياته، السخي عند موته) الخطيب.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إياكم والشح فإنه هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، أو أمرهم بالفجور ففجروا) أبو داود، والحاكم.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (بحسب امرىء من البخل أن يقول آخذ حقي كله ولا أدع له شيئا) الديلمي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق) البخاري في الأدب، والترمذي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الشحيح لا يدخل الجنة( الخطيب.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل) الطبراني، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (طعام السخي دواء، وطعام الشحيح داء) الخطيب وغيره.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (قسم من الله تعالى لا يدخل الجنة بخيل) ابن عساكر.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديدن من يديهما إلى تراقيهما وأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت على جلده حتى تخفي أي تستر ثيابه وتعفو أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها فلا تتسع).
أحمد والشيخان والنسائي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الويل كل الويل لمن ترك عياله، وقدم على ربه بشر) الديلمي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إن السيد لا يكون بخيلا) الخطيب.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (برىء من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأعطى في النائبة) أبو يعلى والطبراني.
؟
الأمر الثامن
طول الأمل
ووجه مناسبته نحو ما مر في الشح، إذ هو غالبا سبب الشح والإمتناع من الصدقة ووجوه البر والإحسان وفيه أحاديث. وقال صلى الله عليه وسلم: (أخاف على أمتي الهوى وطول الأمل) ابن عدي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ( لا يزال قلب الكبير شابا في اثنين: في حب الدنيا وفي طول الأمل) أبو يعلى وفي رواية (الشح يضعف جسمه وقلبه شاب على حب اثنتين طول الحياة،، وحب المال) وفي أخرى لمسلم، والترمذي والحاكم، وابن عدي: (قلب الشيخ شاب على حب اثنين طول الحياة، وكثرة المال).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (يهرم ابن آدم وتشب معه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر) مسلم، والترمذي، وابن ماجة.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إنما الأمل رحمة من الله على أمتي، لولا الأمل ما وضعت أم ولدا، ولاغرس غارس شجرا).
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لو رأيت الأجل ومسيرة أبغضت الأمل وغروره) البيهقي.
الأمر التاسع
حقوق الجار ووجه مناسبته للصدقة أنها من جملة حقوقه بل وآكدها، وفيها أحاديث.
قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) الشيخان، وغيرهما.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، واستوصوا بالنساء خيرا) البخاري.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) أحمد، والبخاري.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إذا طبخ أحدكم طبخا فليكثر مرقها ثم ليناول جاره منها) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إذا طبخت فأكثر المرق، وتعاهد جيرانك) أحمد، والبخاري في الأدب، والترمذي، والنسائي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (يا نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة) أحمد، والشيخان.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أول خصمين يوم القيامة جاران) الطبراني.

وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (الجيران ثلاثة: فجار له حق واحد وهو أدنى الجيران حقا، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق، فأما الجار الذي له حق واحد: فجار مشرك لا رحم له حق الجوار، وأما الذي له حقان: فجار مسلم: حق الإسلام وحق الجوار، وأما الذي له ثلاثة حقوق: فجار مسلم ذو رحم: حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم) البزار وأبو الشيخ وأبو نعيم.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (وحق الجوار أربعون داراً) البيهقي، وكذا أبو داود ولكن مرسلا.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (حرمة الجار على الجار كحرمة دمه). أبو الشيخ.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (حق الجار إن مرض عدته، وإن مات شيعته، وإن استقرض أقرضته، وإن أعوز سترته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا ترفع بناءك فوق بنائه فتسد عليه الريح، ولا تؤذه بريح قدرك إلا أن تغرف له منها) الطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب هذا غلق بابه دونه فمنع معروفه) البخاري في الأدب.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لأن يزني الرجل بعشرة نسوة خير له من أن يزني بامرأة جاره، ولأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر له من أن يسرق من بيته جاره) أحمد، والبخاري في الأدب، والطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه) البخاري في الأدب، والحاكم، والبيهقي.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما آمن بي من بات شبعان و جاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به) البزار، والطبراني.
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) مسلم.

الباب الأول
في فضائل الزكاة والضيافة
وأفرد لأنهما أخص أنواع الصدقة مطلقا، وفي ذلك فصول:
الفصل الأول
فيما يتعلق بالزكاة ترغيبا وترهيبا
الحديث الأول:
أخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (حصنوا أموالكم بالزكاة، وداوود مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء) ورواه أبو داود في مراسيله لكنه قال (واستعينوا على حمل البلاء بالدعاء والتضرع).
الحديث الثاني:
أخرج الترمذي، وابن ماجة، والحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك).
الحديث الثالث:
أخرج ابن خزيمة، والحاكم عن جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره).
الحديث الرابع:
أخرج ابن عدي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الصدقة لا تزيد المال إلا كثرة).
الحديث الخامس:
اخرج البيهقي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كل مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا تحت الأرض، وكل مال لا تؤدي زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا).
الحديث السادس
اخرج أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما بلغ تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز).
الحديث السابع:
أخرج البيهقي في السنن عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أد الزكاة المفروضة فإنها طهرة تطهرك، وأت بالرحم، واعرف حق السائل والجار والمسكين).
أخرج أحمد، والشيخان، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك).
الحديث التاسع:

أخرج النسائي، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه عن أبي ذر أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها، وتطؤه بأخفافها كلما تعدت آخرها عادت عليه أولها حتى يقضي بين الناس).

الحديث العاشر:
أخرج أحمد، ومسلم، والنسائي عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت وأقعد لها بقاع قرقر تستن عليه بقوائمها وأخفافها، وما من صاحب بقر لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت وأقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها ليس فيها جماء ولا منكسر قرنها، ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه إلا جاء وكنزه يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فاغرا فاه، فإذا أتاه فر منه، يناديه ربه عز وجل: خذ كنزك، خذ كنزك الذي خبأته فأنا أغنى منك، فإذا رأى أنه لا بد له منه سلك يده فيه فيقضمها قضم الفحل).
الحديث الحادي عشر:
أخرج مسلم، وأبو داود، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت عيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيء ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فير سبيله إما في الجنة وإما إلى النار).
الحديث الثاني عشر:
أخرج احمد، والنسائي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الذي لا يؤدي زكاة ماله يمثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان فليزمه أو يطوقه يقول أنا كنزك، أنا كنزك).
الحديث الثالث عشر:
أخرج احمد، والنسائي أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من رجل له مال لا يؤدي حق ماله إلا جعل له طوقا في عنقه وهو شجاع أقرع وهو يفر منه وهو يتبعه).
أخرج ابن ماجة أيضا أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع حتى يطوق عنقه).
الحديث الخامس عشر: أخرج الترمذي عنه أيضا: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل الله له يوم القيامة في عنقه شجاعا ومن اقتطع مال مسلم بيمين لقي الله وهو عليه غضبان).
الحديث السادس عشر:
أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمته ثم يقول أنا مالك، أنا كنزك).
الحديث السابع عشر: أخرج أحمد، والشيخان، والترمذي، وابن ماجه: عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى لاله تعالى عليه وىله وسلم قال: (هم الأخسرون ورب الكعبة، هم الأخسرون ورب الكعبة يوم القيامة الأكثرون إلا من قال في عباد الله هكذا وهكذا، وقليل ما هم والذي نفسي بيده ما من رجل يموت يترك غنما أو إبلا أو بقرا لم يؤد زكاتها إلا جاءته يوم القيامة أعظم ما يكون وأسمنه حتى تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها حتى يقضي بين الناس كلما تقدمت أخرها عادت عليه أولها).
الحديث الثامن عشر:
أخرج أحمد، وابن ماجة، والحاكم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: (يقول الله يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذا حتى سويتك وعدلتك، مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت: أتصدق وأنى أوان التصدق).
الحديث التاسع عشر:

أخرج الترمذي والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لم يمنع قوم زكاة مالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا).

الحديث العشرون:
أخرج الطبراني في الأوسط عن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما تلف مال في بر وبحر إلا بحبس الزكاة).
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته)ز
الفصل الثاني
فيما جاء في الترغيب في الضيافة
الحديث الأول:
أخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الضيف يأتي برزقه ويرتحل بذنوب القوم يمحص عنهم ذنوبهم).
الحديث الثاني:
أخرج الديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: (إذا دخل الضيف على القوم دخل برزقه، وإذا خرج خرج بمغفرة ذنوبهم).
الحديث الثالث:
أخرج أبو الشيخ في الثواب وأبو نعيم في المعرفة عن أبي قرصافة رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا أراد الله بقوم خيرا أهدى إليهم هدية الضيف ينزل برزقهن ويترحل وقد غفر الله لأهل المنزل).
الحديث الرابع
أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان: عن حبان بن أبي جيدة: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وآله وسلم قال: (إن أسرع صدقة إلى السماء أن يصنع الرجل طعاما جيدا ثم يدعو إليه ناسا من إخوانه).
الحديث الخامس:
أخرج البيهقي في الشعب: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن من موجبات المغفرة إطعام السغبان).
الحديث السادس:
أخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجة: عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ليلة الضيف حق على كل مسلم فمن أصبح الضيف بفنائه فهو له عليه دين إن شاء اقتضى، وإن شاء ترك).
الحديث السابع:
اخرج الطبراني عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أطعموا الطعام، وأفشوا السلام تورثوا الجنان).
الحديث الثامن:
أخرج ابن أبي الدنيا عن ابن جريج مفصلا: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الله تعالى يحب أهل البيت الخصيب).
الحديث التاسع:
أخرج أيضا عن علي بن زيد بن جدعان مرسلا: (إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده في مأكله ومشربه)ز
الحديث العاشر:
أخرج الحكيم الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الملائكة لا تزال تصلي على أحدكم ما دامت مائته موضوعة).
الحديث الحادي عشر:
أخرج البيهقي عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (بئس القوم قوم لا يُنزلون الضيف).
الحديث الثاني عشر:
أخرج أبو يعلى، والحاكم عن صهيب رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (خيركم من أطعم الطعام ورد السلام).
الحديث الثالث عشر:
أخرج ابن ماجة: عن ابن عباس وأنس، والبيهقي عن أنس رضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الرزق أسرع إلى البيت الذي يؤكل فيه من الشفرة إلى سنام البعير)ز
الحديث الرابع عشرِ:
أخرج ابن عساكر عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الرزق إلى البيت فيه السخاء، أسرع من الشفرة إلى سنام البعير).
الحديث الخامس عشر:
أخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما أعطى أهل البيت الرفق إلا نفعهم).
الحديث السادس عشر:
أخرج أبو نعيم في الحلية: عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من أطعم مسلما جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة).
الحديث السابع عشر:
أخرج الحاكم عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من ذبح لضيفه ذبيحة كانت فداه من النار).
الحديث التاسع عشر:

أخرج أحمد، والبيهقي عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لا خير فيمن لا يضيف)ز وأخرج ابن أبي الدنيا عن الضحاك مرسلا: (أصب بطعامك من تحب في الله).

الفصل الثالث
في آداب الضيافة والضيف وما يتعلق بهما
وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول:
أخرج أحمد، والشيخان، وغيرهم عن ابن شريح، أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يخرجه).
الحديث الثاني:
أخرج البخاري عن ابن شريح، وأبو داود عن أبي هريرة وأحمد والبخاري عن أبي سعدي، والبزار عن ابن عمر، والطبراني عن ابن عباس وابن مايع، والطبراني والضياء عن النلب بن ثعلبة، والطبراني عن ابن طارق بن أشيم رضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك وفي رواية فما زاد فهو صدقة) وفي رواية (فهو معروف) زاد البزار (وكل معروف صدقة)ز
الحديث الثالث:
أخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الضيافة ثلاثة ليال حق لازم، فما سوى ذلك فهو صدقة، وعلى الضيف أن يتحول بعد ثلاثة أيام).
الحديث الرابع:
أخرج القضاعي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الضيافة على أهل الوبر، وليست على أهل المدر).
وكان ذلك كناية بالأول عن الأغنياء، وبالثاني عن الفقراء.
الحديث الخامس:
أخرج ابن ماجة عن ابن عمر، والبزار، وابن خزيمة، والطبراني، وابن عدي عن معاذ وابن قتادة، والحاكم عن جابر، والطبراني، وابن عدي، والبيهقي عن جرير، والبزار عن أبي هريرة، وابن عدي عن ابن معاذ وابن قتادة، والحاكم عن جابر، والطبراني عن ابن عباس وعن عبد الله بن حمزة، وابن عساكر عن أنس وعن عدي بن حاتم والدولابي في الكنى، وابن عساكر عن أبي راشد رضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا أتاكم كريم قوم وفي رواية شريف قوم فأكرموه) وفي رواية (إذا أتاكم الزائر فأكرموه).
الحديث السادس:
أخرج الترمذي، والبيهقي عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (تحفة الصائم الدهن والمجمر).
وفي رواية البيهقي عنه (تحفة الصائم الزائر أن تغلف لحيته، وتجمر ثيابه ويذرر، وتحفة المرأة الصائمة الزائرة أن تمشط رأسها وتجمر ثيابها وتذرَّر).
وكلا الروايتين لا توافق مذهبنا من كراهة البخور ونحوه للصائم.
الحديث السابع:
أخرج ابن ماجة عن بريدة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى لاله تعالى عليه وآله وسلم أراد الأكل وبلال صائم، فقال: نأكل أرزاقنا؛ وفضل رزق بلال في الجنة، أشعرت يا بلال أن الصائم تسبح عظامه وتستغفر له الملائكة، ما أكل عنده إلى مدة دوام الآكل بحضرته).
الحديث الثامن:
أخرج ابن ماجة، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن من السنة أن يخرج الرجل مع ضيفه إلى باب الدار).
الحديث التاسع:
أخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (سخافة بالمرء أن يستخدم ضيفه).
الحديث العاشر:
اخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من وافق من أخيه شهوة غفر له).
الحديث الحادي عشر:
أخرج البيهقي عن ثوبان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (واكل ضيفك، فإن الضيف يستحي أن يأكل وحده).
الحديث الثاني عشر:
أخرج البيهقي عن سلمان رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لا يتكلفنَّ أحد لضيفه ما لا يقدر عليه) وأخرجه ابن عساكر عنه بلفظ: (لا تكلف للضيف). والحاكم عنه بلفظ: (لاتكلف للضيف). والحاكم عنه بلفظ: (نهى عن التكلف للضيف).
الحديث الثالث عشر:

أخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي عن أبي هريرة، ومسلم وأبو داود عن جابر، والطبراني عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليأكل، وإن كان صائما فليدع بالبركة).
وفي رواية: (فليصل أي يدع) وفي أخرى لابن ماجة (من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك).
وفي أخرى للطبراني: (إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأراد أن يفطر فليفطر إلا أن يكون صومه رمضان أو قضاء رمضان أو نذرا).
وفي أخرى لمسلم، وابي داود، والترمذي، وابن ماجة: (إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم، فليقل إني صائم).
وفي أخرى لابن ماجة (إذا نزل الرجل بقوم، فلا يصم إلا بإذنهم).
وفي أخرى للترمذي: (من نزل على قوم، فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم).
وفي أخرى (بعد فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء لم يطعم).
وفي أخرى (بعده عرسا كان أو نحوه) رواه أحمد، وأبو داود.
؟؟؟؟؟الحديث الرابع عشر: أخرج أحمد، والبخاري في الأدب، والطبراني، والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أجيبوا الداعي، ولا تردوا الهدية، ولا تضربوا المسلمين).
؟الحديث الخامس عشر: أخرج أحمد، وأبو داود عن رجل صحبه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا اجتمع الداعيان، فأجب أقربهما بابا، فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا، وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق).
؟الحديث السادس عشر: أخرج مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا).
وأخرج البخاري: (لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت، ولو دعيت عليه لأجبت).
؟الحديث السابع عشر: أخرج الطبراني عن يعلى بن مرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أجب أخاك، فإنك منه على اثنتين، إما خير فأحق ما شهدته، وإما غيره فتنهاه عنه وتأمره بالخير).
؟الحديث الثامن عشر: أخرج أبو داود، والحاكم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (نهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه).
وفي رواية للطبراني، والبيهقي (نهى عن إجابة طعام الفاسقين).
؟الحديث التاسع عشر: أخرج أبو داود، والبيهقي عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وىله وسلم قال: (أثيبوا أخاكم، ادعوا له بالبركة، فإن الرجل إذا أكل طعامه وشرب شرابه ثم دعا له بالبركة فذاك ثوابه منهم).
؟الحديث العشرون: وأخرج الطبراني، والحاكم، والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم، فأطعمه من طعامه فليأكل ولا يسأل عنه، وإن سقاه من شرابه فليشرب ولا يسأل عنه).
؟الحديث الحادي والعشرون: أخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: (أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محروما، فله أن يأخذ بقدر قراه ولا حرج عليه).
وفي رواية لأحمد، والحاكم: (أيما رجل أضاف قوما فأصبح الضيف محروما، فإن نصره حق على كل مسلم حتى بقرى ليله من زرعه وماله).
وفي أخرى لأبي داود، والترمذي، والبيهقي، والضياء: (إذا أتى أحدكم على ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له فليحتلب وليشرب ولا يحمل).
وفي أخرى لأحمد، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم: (إذا أتيت على راعي إبل، فناد يا راعي الإبل ثلاثا، فإن أجابك وإلا فاحلب واشرب من غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط فناد يا صاحب الحائط ثلاثا فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد).
وفي أخرى للترمذي: (من دخل حائطا فليأكل، ولا يتخذ خبنة).
وفي أخرى لأحمد، وابي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة: (لا ترم النخل، وكل مما وقع، أشبعك الله وأرواك).
وفي أخرى لأحمد، والشيخين، وأبي داود، وابن ماجةئ: (إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم).

وهذه الأحاديث كلها ظاهرة في الدلالة لأحمد رضي الله تعالى عنه على وجوب الضيافة الذي قال به، وبالأخذ كما ذكر فيها، وهي محمولة عند الشافعي رضي الله تعالى عنه وغيره ممن لم ير وجوب الضيافة على ما إذا كان الضيف مضطرا للحديث الصحيح: (لا يحل مال امرء مسلم غلا عن طيب نفس).
فإن قلت: هو عام، وهذه الأحاديث خاصة فقدمت، فقلت: إنما يتجه التقديم حيث لم يكن الجمع بين الحديثين، وهنا أمكن الجمع بينهما، بحمل هذه على المضطر فعليه لا يعارض العام، والجمع بين الأحاديث ما أمكن أولى من إلغاء بعضها.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:(لا ترم النخل) الحديث فيه دلالة لمذهبنا أن الداخل إلى بستان، لا يجوز له أن يأكل إلا مما وقعن لا مما على الشجر ومحله إن كان غير محوط، وإلا لم يجز الأكل منه، ولا مما وقع عملا بالقرينة الظاهرة، فإن الساقط إنما جاز تناوله لدلالة القرائن على أن صاحبه يسمح به، فهو كسنابل الحصادين، وإنما توجد تلك القرائن مع عدم التحويط، أما مع وجوده، فالقرائن دالة على أنه لم يسمح بشيء منه.
؟؟الباب الثاني فيما جاء في السخاء والصدقة وفي فضائلهما، والترغيب فيهما، وفي أنهما لم يتقيدا بنوع ولا قدر، وفيما يتعلق بذلك: ؟الحديث الأول: أخرج ابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (السخاء خلق الله الأعظم).
؟الحديث الأول: أخرج ابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (السخاء خلق الله الأعظم).
؟الحديث الثاني: أخرج الخطيب في الإفراد، والبيهقي عن علي، والبخاري في تاريخه، والبيهقي عن أبي هريرة، وابو نعيم في الحلية عن جابر، والخطيب عن أبي سعيد، وابن عساكر عن أنس، والديلمي عن معاوية رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (السخاء شجرة من أشجار الجنة، أغصانها متدليات في الدنيا، فمن يأخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى الجنة، والبخل شجرة من أشجار النار، أغصانها متدليات في الدنيا، فمن يأخذ بغصن من أغصانها قادة ذلك الغصن إلى النار).
وفي رواية لابن عدي والقضاعي عن عائشة رضي الله عنها: (إن في الجنة بيتا يقال له بيت الأسخياء).
؟الحديث الثالث: أخرج الترمذي، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، والبيهقي عن جابر والبهقي والطبراني في الأوسط، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة قريب من النار، والجاهل السخي أحب إلى الله من عابد بخيل).
؟الحديث الرابع: أخرج الحاكم، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الله يدخل بلقمة الخبز، وقبضة التمر ومثله، مما ينفع المسكين ثلاثة الجنة: صاحب البيت الآمر به، والزوجة المصلحة، والخادم الذي يناوله المسكين).
؟الحديث الخامس: أخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الله يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد).
واليمين: كناية عن مزيد المحبة والإخاء المستلزمين بزيادة ثوابها وعظم نفعها. وفي رواية لأحمد، وابن حبان في صحيحه عن عائشة رضي الله تعالى عنها (إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة، كما يربي ولده، أو فصيله حتى يكون مثل أحد).

الحديث السادس:
أخرج العقيلي في الضعفاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ردوا مذمة السائل، ولو بمثل راس الذباب).
الحديث السابع:
أخرج الطبراني عن أبي برزة: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن العبد ليتصدق بالكسرة، تربو عند الله حتى تكون مثل أحد).
الحديث الثامن:
أخرج مالك، وأحمد، والبخاري في تاريخه، والنسائي: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ردوا السائل ولو بظلف محرق).
الحديث التاسع:

أخرج أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم عن أم بجيد: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن لم تجدي له " أي السائل " شيئا تعطينه إياه إلا ظلفا محرقا).

الحديث العاشر:
أخرج أحمد عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ليتق أحدكم وجهه من النار ولو بشق تمرة).
الحديث الحادي عشر:
أخرج الشيخان، والنسائي عن عدي بن حاتم، وأحمد عن عائشة، والبزار، والطبراني، والضياء عن أنس والبزار، والطبراني، والضياء عن أنس، والبزار عن النعمان بن بشير وعن أبي هريرة، والطبراني عن ابن عباس وعن أبي أمامة رضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (اتقوا الله ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة).
وفي أخرى للطبراني عن فضالة بن عبيد: (اجعلوا بينكم وبين النار حجابا ولو بشق تمرة)ز وفي أخرى مرسلة (تصدقوا ولو بتمرة، فإنها تسد من الجائع، وتطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار).
الحديث الثاني عشر:
أخرج أحمد، والشيخان، والنسائي، وابن ماجة عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا ير إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، ولو بكلمة طيبة).
وفي رواية للبزار عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإنها تقيم المعوج، وتقع من الجائع ماتقع من الشبعان).
الحديث الثالث عشر:
أخرج الترمذي عن عدي بن حاتم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (يقي أحدكم وجهه حر جهنم، ولو بتمرة، ولو بشق تمرة، فإن أحدكم لاقي الله وقائل له: ما أقول لأحدكم: ألم أجعل لك سمعا وبصرا؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أجعل لك مالا وولدا؟ فيقول: بلى، فيقول: أين ما قدمت لنفسك، فينظر قدامه وبعده وعن يمينه، وعن شماله، ثم لا يجد شيئا يقي به وجهه حر جهنم، ليق أحدكم وجهه النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة، فإني لا أخاف عليكم الفاقة، فإن الله ناصركم ومعطيكم، حتى تسير الظعينة فيما بين يثرب والحيرة أكثر ما يخاف على مطيها السرق).
وفي رواية لمسلم (من استطاع أن يستتر من النار، ولو بشق تمرة فليفعل).
الحديث الرابع عشر:
أخرج الطيالسي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الناس رجل يعطي جهده).
الحديث الخامس عشر:
أخرج مسلم والنسائي عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لها: (ارضخي ما استطعت، ولا توعي فيوعي الله عليك).
وفي رواية أبي داود عنها بلفظ: (أعطي ولا توكي، فيوكي عليك).
وأحمد والشيخان، عنها بلفظ: (أنفقي ولا تحصي، فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي عليك)ز وأحمد، والترمذي بلفظ: (أنفقي ولا توكي فيوكي عليك).
وأحمد والنسائي عن عائشة رضي الله عنها: (يا عائشة أعطي ولا تحصي فيحصي الله عليك).
الحديث السادس عشر:
أخرج مسلم، والنسائي عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا).
وأخرج أبو يعلى عن أبي برزة رضي الله تعالى عنه: (خيركن، أطولكن يدا) أي أكثركن صدقة.
الحديث السابع عشر:
أخرج أحمد، والبيهقي عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وىله وسلم قال: (ألم أنهك أن ترفعي شيئا لغد، فإن الله يأتي برزق كل غد).
الحديث الثامن عشر:
أخرج الطبراني عن الحكيم بن عمير رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أحب الأعمال إلى الله تعالى، من أطعم مسكينا من جوع، أو دفع عنه مغرما، أو كشف عنه كربا).
الحديث التاسع عشر:
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أحب الأعمال إلى الله بعد الفرائض، إدخال السرور على المسلم).
الحديث العشرون

وأخرج ابن عساكر، والطبراني عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذ1 أراد الله بقوم نماء، رزقهم السماحة والعفاف، وإذا أراد الله بقوم اقتطاعا فتح عليهم باب خيانة).

الحديث الحادي والعشرون
أخرج الديلمي عن عبد الله بن عمرو المزني رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: (استعينوا على الرزق بالصدقة).
وأخرجه البيهقي عن علي، وابن عدي عن جبير بن مطعم، وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم بلفظ: (استنزلوا الرزق بالصدقة).
وأحمد، والطبراني، والبيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه بلفظ: (إسمح يسمح لك).
وفي رواية مرسلة (اسمحوا، يسمح لكم).
الحديث الثاني والعشرون:
أخرج الخطيب في رواية عن ابن عمر، وابن النجار عن علي رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إصنع المعروف إلى من هو أهله، وإلى غير أهله، فإن أصبت أهله، أصبت أهله، وإن لم تصب أهله، كنت أهله).
الحديث الثالث والعشرون:
أخرج الحاكم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا، هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أهل المنكر في الدنيا، هم أهل المنكر في الآخرة).
الحديث الرابع والعشرون:
أخرج الطبراني في الأوسط عن أم سلمة: أن النبي صلى الله تعالى عليه و آله وسلم قال: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا، هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول ما يدخل الجنة أهل المعروف).
وأخرجه ابن أبي الدنيا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بلفظ: (عليكم باصطناع المعروف، فإنه يمنع مصارع السوء، وعليكم بصدقة السر، فإنها تطفىء غضب الرب عز وجل).
الحديث الخامس والعشرون:
وأخرج ابن أبي الدنيا، وأبو الشيخ عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن أحب عباد الله إلى الله، من حبب إليه المعروف، وحبب إليه أفعاله).
الحديث السادس والعشرون:
أخرج أبو الغنائم النرسي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (عجبت لمن يشتري المماليك بماله ثم يعتقهم، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه فهو أعظم ثوابا).
الحديث السابع العشرون:
وأخرج أبو الشيخ عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وىله وسلم قال: (أحبوا المعروف وأهله، فوالذي نفسي بيده إن البركة والعافية معهما).
الحديث الثامن والعشرون:
أخرج الديلمي عن أبي اليسر: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قافل: (المعروف ينقطع فيما بين الناس، ولا ينقطع فيما بين الله وبين من فعله).
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (المعروف باب من أبواب الجنة، وهو يدفع مصارع السوء).
الحديث التاسع والعشرون:
أخرج الخطيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لو مرت الصدقة على يدي مائة، لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدىء، من غير أن ينقص من أجره شيئا).
وأخرجه ابن النجار بلفظ: (يدور المعروف على يدي مائة رجل، آخرهم فيه كأولهم).
الحديث الثلاثون:
أخرج أحمد، والشيخان، والترمذي عن حارثة بن وهب: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (تصدقوا فسيأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته، فيقول الذي يأتيه بها، لو جئت بالأمس لقبلتها، فأما الآن فلا حاجة لي فيها، فلا يجد من يقبلها).
الحديث الحادي والثلاثون:
أخرج الطبراني في الأوسط، وأبو نعيم في الحلية عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (تصدقوا فإن الصدقة فكاككم من النار).
الحديث الثاني والثلاثون:
أخرج الطبراني عن رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (تسد الصدقة سبعين بابا من السوء).
الحديث الثالث والثلاثون:

أخرج القضاعي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الصدقة تمنع ميتة السوء).
وأخرجه الطبراني والبيهقي عن حارثة بن النعمان بلفظ: (مناولة المسكين تقي ميتة السوء).
وأخرج الخطيب عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الصدقة تمنع سبعين نوعا من أنواع البلاء، أهونها الجذام والبرص).

الحديث الرابع والثلاثون
أخرج أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم عن سليمان بن عامر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلىالله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان، فصدقة وصلة).
الحديث الخامس والثلاثون:
أخرج أبو نعيم في الحلية عن علي رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الصدقة على وجهها، واصطناع المعروف، وبر الوالدين، وصلة الرحم، تحول الشقاء سعادة، وتزيد في العمر، وتقي مصارع السوء).
الحديث السادس والثلاثون:
أخرج أحمد، والطبراني، والضياء عن الحسين، وأبو داود عن علي، والطبراني عن الهرماس بن زياد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (للسائل حق وإن جاء على فرس).
وأخرجه ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه بلفظ: (أعطوا السائل وإن جاء على فرس).
الحديث السابع والثلاثون:
أخرج النسائي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إعلموا أنه ليس منكم أحد، إلا ماله أحب إليه من مال وارثه، مالك ما قدمت، ومال وارثك ما أخرت).
وفي رواية لأحمد، والترمذي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله، فإن ماله ما تقدم، ومال وارثه، ما تأخر).
أي ما تقدم على موته في الإنفاق في الخير، وما تأخر عن موته بالإمساك بخلا وشحا.
الحديث الثامن والثلاثون:
أخرج أحمد، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة: عن ثوبان رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الدنانير دينار ينفقه الرجل على عياله ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله عز وجل).
الحديث التاسع والثلاثون:
أخرج الطبراني عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الله تعالى استخلص هذا الدين لنفسه، ولا يصلح لدينكم إلا السخاء وحسن الخلق، ألا فزينوا دينكم بهما).
الحديث الأربعون:
أخرج البيهقي عن طلحة بن عبيد الله، وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الله تعالى جواد يحب الجود، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها).
وفي رواية لهما، وللحاكم، والبيهقي: عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه: (إن الله تعالى كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها).
وفي رواية لابن عساكر، وأيضا عن سعد بن أبي وقاص: (إن الله كريمن يحب الكرماء، جواد يحب الجودة، يحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها).
الحديث الحادي والأربعون:
أخرج الترمذي الحكيم، والبزار، والحاكم في الكنى، والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤنة، وإن الصبر يأتي من الله على قدر المصيبة).
وفي رواية عنه أيضا لابن عدي، وابن لال (إن الله تعالى ينزل المعونة على قدر المؤنة، وينزل الصبر على قدر البلاء).
وفي رواية عنه أيضا لابن عدي، وابن لال (إن الله تعالى ينزل المعونة على قدر المؤنة، وينزل الصبر على قدر البلاءؤز وفي أخرى عنه للحسن بن سليمان: (إن الله تعالى ينزل المعونة من السماء على قدر المؤنة وينزل الصبر على قدر المصيبة).
الحديث الثاني والأربعون:
أخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله تعالى عنها، والبيهقي عن معاذ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما عظمت نعمة الله على عبد إلا اشتدت عليه مؤنة الناس، فمن لم يحتمل تلك المؤنة للناس فقد عرض تلك النعمة للزوال).
الحديث الثالث والأربعون:

أخرج الترمذي، وابن حبان في صحيحه عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الصدقة لتطفىء غضب الرب، وتدفع ميتة السوء).

الحديث الرابع والأربعون:
أخرج الطبراني عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الصدقة لتطفىء عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته).
الحديث الخامس والأربعون:
أخرج الطبراني عن عبد الرحمن بن علقمة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الصدقة يبتغي بها وجه الله تعالى، والهدية يبتغي بها وجه الرسول وقضاء الحاجة).
الحديث السادس والأربعون:
أخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن المؤمن آخذ عن الله أدبا حسنا، إذا وسع عليه وسع، وإذا أمسك عنه أمسك).
الحديث السابع والأربعون:
أخرج الشيخان عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة، إلا من أعطاه الله خيرا فنفخ فيه بيمينه وشماله وبين يديه وورائه).
وفي رواية (وعمل فيه خيرا) وفي رواية لابن ماجة، ولابن حبان في صحيحه: (الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا، وكسبه من طيب).
الحديث الثامن والأربعون:
أخرج أحمد، والحاكم عن بريدة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما يخرج رجل شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لحي سبعين شيطانا).
الحديث التاسع والأربعون:
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن إبليس يبعث أشد أصحابه، وأقوى أصحابه إلى من يصنع المعروف في ماله).
الحديث الخمسون:
أخرج الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما تصدق واحد بصدقة من طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - غلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله).
واليمين والكف هنا كنايتان عن مزيد الرضا والقبول، وإعظام الجزاء، لاستحالة معناهما على الله، تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا، وقد أشار صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلى ذلك بقول " الرحمنط.
وفي رواية لأحمد، والشيخين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله عز وجل يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل).
الحديث الحادي والخمسون:
أخرج أبو نعيم في الحلية عن الزبير رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن باب الرزق مفتوح من لدن العرش إلى قرار بطن الأرض، ويرزق الله كل عبد على قدر نهمته وهمته)ز
الحديث الثاني والخمسون:
أخرج الترمذي عن فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن في المال حقا سوى الزكاة).
الحديث الثالث والخمسون:
أخرج ابن أبي الدنيا، والطبراني، وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهماك أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن لله أقواما يختصهم بالنعم لمنافع الناس، ويقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم).
وفي رواية للطبراني: (إن لله تعالى عبادا اختصهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله).
الحديث الرابع والخمسون:
أخرج الدار قطني في الأفراد عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن مفاتيح الرزق متوجهة نحو العرش، فينزل الله تعالى للناس أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثر، كثر له، ومن قلل، قلل لهؤز
الحديث الخامس والخمسون:
أخرج الديلمي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (تداركوا الهموم والغموم بالصدقات، يكشف الله تعالى ضركم، وينصركم على عدوكم).
الحديث السادس والخمسون:

أخرج الطبراني في مكارم الأخلاق: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أتدرون ما يقول الأسد في زئيره؟ يقول: اللهم لا تسلطني على أحد من أهل المعروف).

الحديث السابع والخمسون:
اخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (خلقان يحبهما الله، وخلقان يبغضهما الله، فأما اللذان يحبهما الله فالسخاء والسماحة، وأما اللذان يبغضهما الله تعالى، فسوء الخلق والبخل، وإذا أراد الله بعبد خيرا، استعمله على قضاء حوائج الناس).
الحديث الثامن والخمسون:
اخرج الدار قطني في الأفراد، والطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (خير أبواب البر الصدقة).
الحديث التاسع والخمسون:
أخرج الطبراني عن عبد الرحمن بن سبرة: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أما علمت أن ملكا ينادي في السماء، يقول اللهم اجعل لمال منفق خلفا، واجعل لمال ممسك تلفا) رواه الشيخان، وغيرهما، ولكن الذي في روايتهم: (أن ملكين ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا).
ولا تنافي لأن الذي في الأول ملك في السماء، والذي في الثاني ملكان في الأرض، فالذي ينادي بذلك في السماء واحد، ومن ينادي به في الأرض اثنان كما اقتضاه ظاهر الحديثين.
الحديث الستون:
أخرج البيهقي عن الحسن مرسلا: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الله تعالى يقول يا ابن آدم أودع من كنزك عندي، ولا حرق، ولا سرق، ولا غرق، أوفيكه أحوج ماتكون إليه)ز
الحديث الحادي والستون:
أخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لأن تصدق بخاتمي أحب إلي من ألف درهم أهديها إلى الكعبة).
الحديث الثاني والستون:
أخرج أحمد، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله، إلا استقبلته حجبة الجنة، كلهم يدعوه إلى ما عنده).
الحديث الثالث والستون:
أخرج ابن صصري في أماليه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أتى سائل امرأة وفي فمها لقمة، فأخرجت اللقمة فناولتها السائل، فلم تلبث أن رزقت غلاما، فلما ترعرع جاء ذئب فاحتمله، فخرجت تعدو في أثر الذئب، وهي تقول: ابني، ابني، فأمر الله ملكا إلحق الذئب، فخذ الصبي من فيه، وقال: قل لأمة الله يقرئك السلام، وقل: هذه لقمة بلقمة).
الحديث الرابع والستون:
أخرج البخاري عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: من جملة حديث: (وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته، لا يجد من يقبلها منه، ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له: ألم أوتك مالا فليقولن: بلى. ثم ليقولن: ألم أرسل غليك رسولا؟ فيقولن: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة).
الحديث الخامس والستون:
أخرج مسلم عن جرير رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أما بعد: فإن الله تعالى أنزل في كتاب: (يا أَيُها النّاسُ اِتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ) إلى آخر الآية (يا أَيُها الَّذَينَ آَمَنوا اِتَّقوا الله وَلتَنظُر نَفسٌ ما قَدَّمَت لِغَدٍ) إلى قوله 0هُمُ الفائِزونَ) تصدقوا قبل أن لا تصدقوا، تصدق رجل من ديناره، تصدق رجل من درهمه، تصدق رجل من بره، تصدق رجل من تمره، تصدق رجل من شعيره، لا تحقرن شيئا من الصدقة، ولو بشق تمرة).

وأخرجه أحمد، ومسلم، والنسائي عن جرير أيضا بلفظ: (يا أَيُها النّاسُ اِتَقوا رَبَّكُم الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَ مِنهُما رِجالاً كَثيراً وَنِساءً، وَاتَّقوا الَله الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحام، إِنّ اللَهَ كانَ عَلَيكُم رَقيباً) (يا أَيُها الَّذَينَ آَمَنوا اِتَقوا اللَهَ وَلَتَنظُر نَفسٌ ما قَدَمَت لِغَد وَاِتّقوا اللَهَ، إِنّ اللَهَ خَبيرٌ بِما تَعملون).
(تصدق رجل من ديناره ومن درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره ولو بشق تمرة).
وفي رواية للطبراني عن أبي جحيفة: (ليتصدق الرجل من صاع بره، وليتصدق من صاع تمره).

الحديث السادس والستون:
أخرج أحمد، والشيخان عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (يا أبا ذر، ما أحب أن لي أُحدا ذهبا، أمسي ثالثة، وعندي منه دينار إلا دينارا أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا، وهكذا ويا أبا ذر، الأكثرون هم الأقلون، إلا من قال هكذا وهكذا).
وأخرج عنه أيضا: (يا أبا ذر ما أحب أن لي أحدا ذهبا، فتأتي عليّ ثالثة وعندي منه شيء، إلا شيء أرصده في قضاء دين).
وفي أخرى لمسلم عنه (ما يسرني أن لي أُحدا ذهبا يتي علي ثالثة، فكرهت أن يبيت عندنا، فأمرت بقسمته)ز وفي أخرى للنسائي، والبخاري: (ذكرت وأنا في الصلاة تبرا عندنا، فكرهت أن يبيت عندنا، فأمرت بقسمته).
وفي أخرى للنسائي عنه أيضا: (إني ذكرت وأنا في العصر شيئا من تبر كان عندنا، فكرهت أن يبيت فأمرت بقسمه).
وفي أخرى للبزار عن بلال، وعن أبي هريرة، والطبراني عن ابن مسعود: (أنفق يا بلال، ولا تخشمن ذي العرش إقلالا).
وفي أخرى للطبراني عن معاوية رضي الله تعالى عنه: (إنما أنا مبلغ، والله يهدي، وإنما أنا قاسم والله يعطي).
الحديث السابع والستون:
أخرج النسائي، والحاكم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من أطعم أخاه من الخبز حتى يشبعه، وسقاه من الماء حتى يرويه، بعده الله من النار سبع خنادق، كل خندق مسيرة سبعمائة عام).
الحديث الثامن والستون:
أخرج أحمد، ومسلم عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى).
الحديث التاسع والستون:
أخرج أحمد، ومسلم، وابن حبان في صحيحه، والنسائي عن عبد الله بن الشخير رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (يقول ابن آدم مالي، وهل لك يا ابن آدم ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت زادك لأولادك، وما سوى ذلك فهو ذاهب، وتاركه للناس).
الحديث السبعون:
أخرج أحمد، والشيخان، وأبو داود، والترمذي: عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (اليد العيا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى هي السائلة).
الحديث الحادي والسبعون:
أخرج أحمد، ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (بينما رجل بفلاة من الأرض، فسمع صوتا في سحابة، يقول: إسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله: ما إسمك؟ قال: قلان: للإسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله: لم تسألني عن إسمي؟ قال لأني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: إسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما أنك قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأنا أتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثا).
الحديث الثاني والسبعون:
أخرج أحمد، والشيخان، وابن ماجة، عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لا حسد إلا في إثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها).
الحديث الثالث والسبعون:

أخرج أحمد، والشيخان، وأبو داود عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملا موفرا طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين).

الحديث الرابع والسبعون:
أخرج أحمد وأبو يعلى، والضياء عن بريدة، وإبن أبي الدنيا عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان).
وفي رواية الترمذي عن أنس (إن الدال على الخير كفاعله).
وابن النجار عن علي (دليل الخير كفاعله) والبزار عن ابن مسعود والطبراني عن سهل بن سعد، وعن ابن مسعود: (الدال على الخير كفاعله).
الحديث الخامس والسبعون:
أخرج أبو يعلى، والبزار عن أنس، والطبراني عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الخلق كلهم عيال الله، فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله).
الحديث السادس والسبعون:
أخرج الخطيب عن أبي هريرة، وابن لال عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ذبوا عن أعراضكم بأموالكم).
الحديث السابع والسابعون:
أخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ثلاثة نفر كان لأحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار وكان لآخر عشر أواق فتصدق منها بأوقية، وكان آخر له مائة أوقية فتصدق منها بعشر أواق، هم في الأجر سواء، كل قد تصدق بعشر ماله).
الحديث الثامن والسبعون:
أخرج النسائي عن أبي ذر، وابن حبان في صحيحه، والحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (سبق درهم مائة ألف درهم، رجل له درهمان أخذ أحدهما فتصدق به، ورجل له مال كثير فأخذ من عرض ماله مائة ألف فتصدق بها).
الحديث التاسع والسبعون:
أخرج القضاعي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، والديلمي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (السماح رباح، والعسر شؤم).
الحديث الثمانون:
أخرج الحاكم في تاريخه، والديلمي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قالك (شاب سخي حسن الخلقن أحب إلى الله تعالى من شيخ بخيل عابد سيىء الخلق).
الحديث الحادي والثمانون:
أخرج أبو بكر بن مقسم في جزئه عن عمرو بن عوف: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (صدقة المرء المسلم تزيد في العمر، وتمنع ميتة السوء، ويذهب الله بها الفخر والكبر).
الحديث الثاني والثمانون:
أخرج أحمد، وابن ماجة، عن سراقة بن مالك، وأحمد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهماك أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (في كل ذات كبد حرى أجر).
وأخرجه البيهقي عن سراقة بلفظ: (في الكبد الحارة أجر).
الحديث الثالث والثمانون:
أخرج أحمد، والشيخان، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (قال الله تعالى: أنفق، أنفق عليك).
الحديث الثالث والثمانون:
أخرج أحمد، والشيخان، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (قال الله تعالى: أنفق، أنفق عليك).
الحديث الرابع والثمانون:
أخرج ابن عدي، وابن عساكر عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى اله تعالى عليه وآله وسلم قال: (قوا بأموالكم عن أعراضكم، وليصانع أحدكم بلسانه عن دينه).
الحديث السادس والثمانون:
اخرج أحمد، والحاكم عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كل امرىء في ظل صدقته، حتى يقضي بين الناس).
الحديث السابع والثمانون:
أخرج العقيلي في الضعفاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كم من حوراء عيناء، ما كان مهرها، إلا قبضة من حنطة، أو مثلها من تمر).
الحديث الثامن والثمانون:
أخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لولا أن المساكين، يكذبون، ما أفلح من ردهم).
الحديث التاسع والثمانون:
اخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة، إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسالة يريد بها كثرة، إلا زاده الله بها قلة).
الحديث التسعون:
أخرج ابن المبارك عن ابن شهاب مرسلا: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما أحسن عبد الصدقة، إلا أحسن الله الخلافة على تركته).
الحديث الحادي والتسعون:
أخرج أحمد، والترمذي، وابن ماجة، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من رجل مسلم يصاب بشيء في جسده، فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة، وحط عنه به خطيئة).
الحديث الثاني والتسعون
أخرج أحمد، والضياء: عن عبادة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وىله وسلم قال: (ما من رجل يجرح في جسده جراحة، فيتصدق بها إلا كفر الله تعالى عنه مثل ما تصدق)ز وفي رواية للطبراني عن عبادة (من تصدق بشيء من جسده، أعطي بقدر ما تصدق).
الحديث الثالث والتسعون:
أخرج النسائي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من مسلم كسا مسلما ثوبا، إلا كان في حفظ الله تعالى، ما دام عليه منه خرقة).
الحديث الرابع والتسعون
أخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه).
الحديث الخامس والتسعون:
أخرج الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وىله وسلم قال: (ويل للأغنياء من الفقراء).
الحديث السابع والتسعون:
أخرج أبو داود، والحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة جهد المُقل، وابدأ بمن تعول).
وأخرج أحمد، ومسلم، والنسائي عن حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه: (أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول).
وأخرج أحمد، والطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدا بمن تعول).
الحديث الثامن والتسعون:
أخرج الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (هدية الله إلى المؤمن، السائل على بابه).
الباب الثالث
في آداب الصدقة وأحكامها المنصوص عليها
وفيما يطلق عليه إسمها، وفي ذم السؤال وما يتعلق به
الفصل الأول
في الآداب والأحكام
الحديث الأول:
أخرج أحمد، وابو داود، والحاكم، والطبراني: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إبدأ بمن تعول).
ومر لهذا الحديث طرق، وسيأتي له طرق أخرى عند البخاري، والنسائي، وابن حبان، وغيرهم.
الحديث الثاني:
أخرج النسائي عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وىله وسلم قال: (إبدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا، وهكذا).
الحديث الثالث:
أخرج الطبراني عن معاذ رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إبدأ بأمك، وأبيك، وأخيك، والأدنى فالأدنى، ولا تنسوا الجيران، وذوي الحاجة).
الحديث الرابع:
أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، تقول المرأة: إما أن تطعمني، وإما أن تطلقني، ويقول العبد أطعمني واستعملني، ويقول الإبن أطعمني إلى من تدعني).
الحديث الخامس:

أخرج أحمد عن أبي رمثة، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه عن طارق المحاربي: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمك واباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك إنها لا تجني نفس على أخرى).
وأخرج أحمد، ومسلم: (إذا أعطى الله الرجل خيرا، فليبدا بنفسه وأهل بيته).

الحديث السادس:
أخرج أحمد، والبخاري عن حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (اليد العليا، خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستغن يغنه الله، ومن يستعفف يعفه الله)ز أخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قالك (إن الصدقة على ذي القرابة يضعف أجرها مرتين).
الحديث الثامن:
أخرج أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وأحمد، والنسائين وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي).
وأخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والحاكم: (لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين، فتصدق على المسكين فأهداها المسكين للغني).
وفي رواية لأحمد، وأبي داود: (لا تحل الصدقة لغني إلا لثلاثة: في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو جار فقير يتصدق عليه فيهدي لك أو يدعوك).
وأخرج البخاري، والنسائي (ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي ليس له غنى، ويستحي ولا يسأل الناس إلحافا).
وأخرج أحمد، والشيخان، وأبو داود، والنسائي: (ليس المسكين الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان؛ والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى فيغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس).
وصح في أحاديث كثيرة أن الصدقة لا تحل لمحمد، أو لآل محمد، فهي محرمة عليه صلى الله تعالى عليه وآله فرضها ونفلها، وأما على آله فلا يحرم عليهم إلا فرضها، ولو نذرا وكفارة بخلاف نفلها.
أخرج أحمد، والطبراني عن أبي أيوب، وعن حكيم بن حزام، والبخاري في الأدب، وأبو داود والترمذي عن ابي سعيد والطبراني والحاكم عن أم كلثوم أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح).
الحديث العاشر: أخرج الشيخان، وأبو داود، والترمذي، والنسائي عن كعب بن
مالك رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لكؤ.
الحديث الحادي عشر:
أخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن كان فضل فعلى عياله، فإن كان فضل، فعلى ذي قرابته، فإن كان فضل فها هنا وها هنا).
الحديث الثاني عشر:
أخرج البخاري، وأبو داود، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول).
الحديث الثالث عشر:
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (خير الصدقة ما أبقت غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول).
الحديث الرابع عشر:
أخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أربعة دنانير: دينارا أعطيته مسكينا، ودينارا أعطيته في رقبة، ودينارا أنفقته في سبيل الله، ودينارا أنفقته على أهلك، أفضلها الذي أنفقته على أهلك).
الحديث الخامس عشر:
أخرج البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لزوجة ابن مسعود: (وولدك أحق من تصدقت عليهم).
الحديث السادس عشر:
أخرج مسلم عن ميمونة: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لها: (لو أعطيتها أخوالك، كان أعظم لأجرك).
الحديث السابع عشر:

أخرج الشافعي رضي الله عنه في السنن والبيهقي في المعرفة عن محمد بن علي مرسلا: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إفعلوا المعروف إلى من هو أهله، وغلى من ليس هو أهله، فإن أصبتم أهله، فقد أصبتم أهله، وإن لم تصيبوا أهله، فأنتم أهله).
ومر أن الخطيب في رواية، مالك عن ابن عمر، وابن النجار عن علي مرسلا، والإتصال مقدم على الإرسال.

الحديث الثامن عشر:
أخرج أبو داود عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (يأتي أحدكم بماله لا يملك غيره فيتصدق به، ثم يقعد يتكفف الناس، إنما الصدقة عن ظهر غنى).
الحديث التاسع عشر:
أخرج أحمد، والشيخان، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (قال رجل: لأتصدقن الليلة، فخرج بصدقة فوضعها في يد سارق، فاصبحوا يتحدثون تُصدق الليلى على سارق، فقال: اللهم لك الحمد على سارق، لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون ، تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غنى، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق، فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فعله أن يعتبر، فينفق مما أعطاه الله).
الحديث العشرون:
أخرج أحمد، والترمذي عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لما خلق الله تعالى الأرض، جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال، فقالت: يا رب هل لك في خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم، الحديد، فقالت: يا رب هل في خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم، النار، قالت: يا رب هل في خلقك أشد من النار؟ قال: نعم، الماء، قالت: يا رب هل في خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم، الريح، فقالت: يا رب هل في خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها من شماله).
الحديث الحادي والعشرون:
أخرج ابن ماجة، وأبو يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا أعطيتم الزكاة، فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا اللهم اجعلها مغنما، ولا تجعلها مغرما).
الحديث الثاني والعشرون:
أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن صدقة السر تطفىء غضب الرب، وإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وعن قول لا إله إلا الله تدفع عن قائلها تسعة وتسعين بابا من البلاء، أدناها الهم).
وأخرج الطبراني في الصغير والعسكري: (صدقة السر تطفىء غضب الرب).
الحديث الثالث والعشرون:
أخرج الطبراني عن علي، والبيهقي عن أنس رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (باكروا بالصدقة، فإن البلايا لا تتخطى الصدقة).
الحديث الرابع والعشرون:
أخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما على أحدكم إذا أراد أن يتصدق لله صدقة تطوعا أن يجعلها عن والديه إذا كان مسلمين، فيكون لوالديه أجرها).
الحديث الخامس والعشرون:
أخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (المعتدي في الصدقة كمانعها).
الحديث السادس والعشرون:
أخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة، أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت لفلان كذا، ولفلان كذا).
الحديث الثلاثون:
أخرج الطبراني في الكبير عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى اله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة سر إلى فقير، وجهد من مُقل).
الحديث الحادي والثلاثون:
أخرج ابن النجار عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا دخل عليكم السائل بغير إذن فلا تطعموه).
الحديث الثاني والثلاثون:

أخرج الدار قطني في الأفراد: عن ابن عباس رضي الله عنهما، والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا رددت على السائل ثلاثا فلم يذهب فلا بأس أن تزبره)ز

الحديث الثلاث والثلاثون:
أخرج الديلمي عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الصدقات بالغدوات، يذهبن بالعاهات).
الحديث الرابع والثلاثون:
أخرج أحمد، والبخاري في تاريخه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا تصدقت فأمضها).
الحديث الخامس والثلاثون:
أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (استتمام المعروف، أفضل من ابتدائه).
الحديث السادس والثلاثونك
أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من منح منيحة، غدت بصدقة، وراحت بصدقة صبوحها وغبوقها).
المنيحة أن تعطي غيرك شاة لبونا.
وهي سنة مؤكدة كما يأتي، ومن ثم كثرت فيها الأحاديث، وعظم فيها الأجر كما يعلم مما يأتي.
الحديث السابع والثلاثون:
أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أربعون خلقا، يدخل الله بها الجنة، أرفعها منيحة الشاة).
وأخرج البخاري، وأبو داود: (أربعون خصلة، أعلاهن منيحة العنز، لا يعمل عبد بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعدها إلا أدخله الله بها الجنة).
الحديث الثامن والثلاثون:
أخرج أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم عن البراء: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من منح منيحة ورق، أو منيحة لبن، أو أهدى زقاقا، فهو كعتق نسمة).
وأخرج مالك والبخاري: (نعم الصدقة اللقحة الصفي منحة والشاة الصفية منحة يغدو بإناء ويروح بإناء).
وأخرج البزار: (المنحة مردودة، والناس على شروطهم ما وافق منها الحق)ز وأخرج الطبراني: (أفضل الصدقة المنيحس، أن تمنح الدرهم أو ظهر الدابة).
وأخرج أحمد (خير الصدقة المنيحة، تغدو بأجر، وتروح بأجر).
ولا ينافي ما قبله، لأن المنحة اللبون تارة تكون أفضل وتارة يكون غيرها بحسب الحاجة، فكل من الحديثين محمول على ما إذا كان الإحتياج لما فيه أكثر.
الحديث التاسع والثلاثون:
أخرج ابن ماجة عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لها: (يا حميراء، من أعطى نارا فكأنما تصدق بجميع ما أنضجت تلك النار، ومن أعطى ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب ذلك الملح، ومن سقى مسلما شربة من ماء حديث يوجد الماء، فكأنما أعتق رقبة، ومن سقى مسلما شربة من ماء حيث لا يوجد الماء، فكأنما أحياها).
وأخرج أبو يعلى عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لدرهم أعطيته في عقل أحب إليّ من خمسة دراهم في غيره).
الحديث الأربعون:
أخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، في مستدركه: عن سعد بن عبادة، وأبو يعلى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة سقي الماء).
أي في المحل المحتاج إلى ماء فيه أكثر من غيره، وإلا فالتصدق بالمحتاج إليه أكثر في ذلك المحل أفضل، وبهذا تجتمع الأحاديث التي ظاهرها التعارض.
وفي رواية للبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (ليس صدقة أعظم أجرا من ماء) أي بالمعنى المقرور. وأخرج البيهقي (أفضل الصدقة أن تشبع كبدا جائعا).
الفصل الثاني
فيما يطلق عليه اسم الصدقة
الحديث الأول:
أخرج الخطيب في الجامع عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إسماع الأصم صدقة).
الحديث الثاني:
أخرج البخاري عن أبي برزة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أمط الأذى عن الطريق، فإنه لك صدقة).
الحديث الثالث:

أخرج البخاري في الأدب، وابن حبان في صحيحه عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة).
؟؟الحديث الرابع: أخرج أحمد، والشيخان، والنسائي عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (على كل مسلم صدقة، فإن لم يجد فيعتمل بيده، فينفع نفسه ويتصدق، فإن لم يستطع، فيعين ذا الحاجة الملهوف، فإن لم يفعل، فيأمر بالخير، فإن لم يفعل فيمسك عن الشر، فإنه له صدقة).
؟الحديث الخامس: أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فيحمل عليها ويرفع عليها متاعه صدقة).
؟الحديث السادس: أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ابن آدم ستون وثلاثمائة مفصل، على كل واحد منها في كل يوم صدقة، فالكلمة الطيبة يتكلم بها الرجل صدقة، وعون الرجل أخاه على الشيء صدقة، والشربة من الماء صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة).
؟الحديث السابع: أخرج مسلم، والنسائي عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وىله وسلم قال: (يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقةن وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، ويجزىء عن ذلك كله ركعتان يركعهما من الضحى).
وفي رواية (إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرا عن طريق الناس. أو شوكة أو عظما عن طريق الناس، وأمر بمعروف أونهي عن منكر، عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى، فإنه يمشي يومئذ، وقد زحزح نفسه عن النار).
؟الحديث الثامن: أخرج أبو داود عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة، تسليمه على من لقي صدقة، وبضعه أهله صدقة (أي جماعه لزوجته أو أمته) ويجزىء من ذلك كله ركعتان من الضحى، قالوا: يا رسول الله: أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة؟ قال: أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم؟.

الحديث التاسع:
أخرج أحمد، والنسائي، وابن حبان في صحيحه عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (على كل نفس في كل يوم طلعت عليه الشمس صدقة منه على نفسه، من أبواب الصدقة: التكبير، وسبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوك عن الطريق والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشد ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماعك زوجتك أجر، أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت أجره فمات كنت تحتسب به، فأنت خلقته، فأنت هديته، فأنت رزقته، فكذلك فضعه في حلاله، وجنبه حرامه، فإن شاء الله أحياه، وإن شاء أماته ولك أجر).
الحديث العاشر:
أخرج الطبراني عن عمرو بن أمية: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم)ز
الحديث الحادي عشر:
أخرج أحمد، والبخاري، عن جابر قال: (كل معروف صدقة).
الحديث الثاني عشر:
أخرج الخطيب في الجامع عن جابر، والطبراني في الكبير عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة).
الحديث الثالث عشر:

أخرج عبد بن حميد، والحاكم في مستدركه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كل معروف صدقة، وما أنفق المسلم من نفقة على نفسه وأهله، كتب له بها صدقة، وما وقى به المرء المسلم عرضه، كتب له به صدقة، وكل نفقة ينفقها المسلم فعلى الله خلفها، والله ضامن إلا نفقة في بنيان أو معصية).

الحديث الرابع عشر:
أخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلىالله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كل معروف صدقة) والدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان).
؟الحديث الخامس عشر: أخرج أحمد، والطبراني عن المقدم بن معدي كرب: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدك هو لك صدقة، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة، وما أطعمت نفسك فهو لك صدقة).
الحديث السادس عشر:
أخرج أحمد عن عمرو بن أمية الضمري: ان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قالك (ما أعطى الرجل امرأته فهو له صدقة).
؟
الحديث السابع عشر:
أخرج الطبراني في الكبير عن أبي أمامة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما أنفق الرجل في بيته وأهله، وولده وخادمه، فهو له صدقة)ز وأخرج البخاري، والترمذي: (ما أنفق الرجل على أهله صدقة).
الحديث الثامن عشر:
أخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من صدقة أحب إلى الله من قول الحق).
ورواه جابر بلفظ: (ما من صدقة أفضل من قول الحق).
الحديث التاسع عشر:
أخرج الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن المؤمن ليؤجر في هدايته السبيل، وفي تعبيره بلسانه عن الأعجمي، وفي إماطة الأذى عن الطريق، حتى إنه ليؤجر في السلعة تكون في ثوبه فيلمسها بيده، فيخطئها فيخفق لها فؤاده، فترد عليه ويكتب له أجرها).
الحديث العشرون:
أخرج أحمد، ومسلم عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: (أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قالوا للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يا رسول الله: ذهب أهل الدثور (أي الأموال) بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به، إن بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر).
الحديث الحادي والعشرون:
أخرج أحمد، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه: (أن رجلا جاء وقد انقضت صلاة الجماعة، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه).
الحديث الثاني والعشرون:
أخرج أحمد، والترمذي، والحاكم عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط، وأن تصب من دلوك في إناء جارك).
الحديث الثالث والعشرون:
أخرج الترمذي عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وإذا اشتريت لحما، أو طبخت قدرا، فأكثر مرقه واغرف منه).
الحديث الرابع والعشرون:
اخرج ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة أن يتعلم المرء المسلم علما، ثم يعلمه أخاه المسلم).
الحديث الخامس والعشرون:
أخرج الطبراني في الكبير، والبيهقي في سننه عن سمرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل صدقة اللسان: الشفاعة تفك بها الأسير، وتحقن بها الدم، وتجر بها إلى المعروف والإحسان إلى أخيك، وتدفع عنه الكريهة).
؟الحديث السادس والعشرون:

أخرج الديلمي عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة حفظ اللسان).

الحديث السابع والعشرون:
أخرج أحمد، والترمذي عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أفضل الصدقة ظل فسطاطن في سبيل الله عز وجل، أو منحة خادم في سبيل الله، أو طروقة فحل في سبيل الله).
الفصل الثالث
في السؤال
الحديث الأول:
أخرج الشيخان، والنسائي، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: ( ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة - أي قطعة - من لحم).
الحديث الثاني
أخرج مالك، والبخاري، والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله، أعطاه أو منعه).
الحديث الثالث:
أخرج البيهقي عن حبشي بن جنادة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الذي يسأل من غير حاجة، كالذي يلتقط الجمر).
الحديث الرابع:
أخرج البيهقي مرسلا: (ليستغن أحدكم عن الناس بقضيب سواك).
الحديث الخامس: أخرج أحمد، وأصحاب السنن الأربعة، والحاكم في مستدركه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يويم القيامة ومسالته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح، قيل وما الغنى؟ قال: خمسون درهما أو قيمتها من الذهب).
وهذا كالحديث الثامن والعشرين، محمول على ذلك الزمن، لأن الغنى عندنا بالنسبة للزكاة، من له ما يكفيه، أو من عنده كفاية سنة أو العمر الغالب، على الخلاف فيه، وبالنسبة لصدقة التطوع، من له كفاية يوم وليلة على ما يأتي، ويدل على ما يأتي في الحديث الثاني والعشرين.
الحديث السادس:
أخرج أحمد، والنسائي وابن ماجة عن ثوبان رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ق ال: (من يتكلفل لي ألا يسال الناس شيئا، وأتكفل له بالجنة).
الحديث السابع:
أخرج أحمد، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (المسائل كدوح، يكدح الرجل بها وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك، غلا أن يسأل الرجل ذا السلطان في أمر لا يجد منه بدا).
الحديث الثامن
أخرج النسائي، وأبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لأن يأخذ أحدكم حبله، ثم يغدو إلى الجبل، فيحتطب فيأكل ويتصدق خير له من أن يسأل الناس).
الحديث التاسع:
أخرج أحمد، والبخاري، وابن ماجة عن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي الجبل، فيجيء بحزمة الحطب على ظهره، فيبعها فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه).
؟الحديث العاشر: أخرج مسلم، والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره، فيتصدق منه، ويستغني به عن الناس خير له من أن يسأل رجلا، أعطاه أو منعه، ذلك بأن اليد العليا أفضل من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول).
الحديث الحادي عشر:
أخرج أبو داود، والنسائي: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من سأل منكم وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافا).
وأخرجه النسائي، وغيره بلفظ: (من سأل وله قيمة أربعين درهما فهو الملحف).
الحديث الثاني عشر:
أخرج أبو داود، والنسائي: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من سأل منكم وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافا).
وأخرجه النسائي وغيره بلفظ: (من سال وله قيمة أربعين درهما فهو الملحف).
الحديث الثاني عشر:
أخرج أحمد، وأصحاب السنن الأربعة: عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: لذي دمع موجع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي فقر مدقع).

وفي رواية (إن المسالة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي، إلا لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع) مفظع مرة أي قوة سوى (ومن سأل الناس ليثري به ماله، كان خموشا في وجهه يوم القيامة، ورضفا - أي حجرا - يأكله في جهنم، فمن شاء فليكثر،ومن شاء فليقل).

الحديث الثالث عشر:
أخرج ابن عساكر عن عطية السعدي رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن اليد المنطية (أي المعطية) إذ العين تبدل نونا في لغة شهيرة، وعليه قراءة (إنا أنطيناك) هي العليا - وإن السائلة هي السفلى، فما استغنيت فلا تسأل، وإن مال الله مسؤول ومنطى).
الحديث الرابع عشر:
أخرج أحمد، ومسلم عن معاوية رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إنما أنا خازن، وإنما يعطي الله، فمن أعطيته عطاءا عن طيب نفس مني، فيبارك له فيه، ومن أعطيته عطاء عن شره نفس، وشدة مسألة فهو كالذي يأكل ولا يشبع).
الحديث الخامس عشر:
أخرج أحمد، وأبو داود، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما أوتيكم، ولا أمنعكوه، إن أنا إلا خازن، أضع حيث أمرت).
وفي رواية للترمذي وغيره: (ما أعطيكم ولا أمنعكم، أنا قاسم، أضع حيث أمرت).
الحديث السادس عشر:
أخرج أحمد، ومسلم عن عمر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إنهم يخيروني بين أن يسألوني بالفحش، أو يبخلوني ولست بباخل).
الحديث السابع عشر:
أخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي: عن قبيصة: (إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فتحل له حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسالة حتى يجد قواما من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجي (أي العقل والدين) من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، ثم فما سواهن من المسألة فسحت يأكلها صاحبها سحتا).
والظاهر أن التقيد بالثلاثة من قومه في الفاقة إشارة إلى أن المعتبر فيها حرف أهل المحل الذي هو فيه، لكن ضبطه الفقهاء بما سيأتي نظرا منهم إلى أن ما ضبطوه به هو عرف أكثر الناس، والحديث الثاني، والعشرون يدلان لما ضبطوه به كما مر.
الحديث الثامن عشر:
أخرج أحمد، والشيخان، وابو داود، والترمذي، والنسائي عن أبي سعيد رضي الله تعالىعنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، وإنه من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطى الله أحدا عطاء خيرا وأوسع من الصبر).
الحديث التاسع عشر:
أخرج أحمد، وابو داود، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه عن سهل بن الحنظلية رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من سأل شيئا وعنده ما يغنيه، فإنما يستكثر من جمر جهنم، قالوا: وما يغنيه؟ قال قدر ما يغديه ويعشيه).
الحديث العشرون:
أخرج ابن ماجة، وابو نعيم في الحلية عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن هذا المال حضر حلو، فمن أخذه بحق بورك له فيه، ومن أخذه إسراف نفس، لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى).
الحديث الحادي والعشرون:
أخرج أبو داود، والنسائي عن الفراسي رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئا).
الحديث الثاني والعشرون:
أخرج الطبراني والضياء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لو يعلم صاحب المسألة ما له فيها لم يسأل).
الحديث الثالث والعشرون:
أخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ليجيئن أقوام يوم القيامة ليست في وجوههم مزعة لحم قد أخلقوها).
الحديث الرابع والعشرون:
أخرج الطبراني عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هُجرا (أي فحشا).
الحديث الخامس والعشرون:
أخرج أحمد عن رجل من مزينة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من استعف عفه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق فقد سأل إلحافا).
الحديث السادس والعشرون:
أخرج أحمد، والنسائي عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من استغنى أغناه الله، ومن استعف عفه الله، ومن استكفى كفاه الله، ومن سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف).
الحديث السابع والعشرون:
أخرج أحمد، ومسلم، وابن ماجة، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمر جهنم، فليستقل منه ليستكثر)ز
الحديث الثامن والعشرون:
أخرج أحمد عن حبشي بن جنادة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من سأل الناس بغير فقر، فإنما يأكل الجمر).
الحديث التاسع والعشرون:
أخرج أحمد عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لا تسأل شيئا ولا سوطك، وإن سقط منك حتى تنزل إليه فتأخذه).
الحديث الثلاثون:
أخرج أبو داود عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة).
الفصل الرابع
في آداب السؤال
الحديث الأول:
أخرج الدار قطني في الأفراد، والطبرانيب في الأوسط، وتمام عن أبي هريرة، والبخاري في تاريخه، وابن أبي الدنيا، وأبو يعلى، والطبراني في الكبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها، والطبراني فيه أيضا، والبيهقي عن ابن عباس، وابن عدي وابن عساكر عن أنس، والطبراني في الأوسط عن جابر، وتمام عن أبي بكر، والطبراني في الكبير عن أبي خصيفة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ابتغوا وفي رواية اطلبوا، وفي رواية التمسوا) الخير عند حسان الوجوه).
الحديث الثاني:
أخرج ابن عدي، والبيهقي عن عبد الله بن جراد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا ابتغيتم المعروف فاطلبوه عند حسان الوجوه).
الحديث الثالث:
أخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، وتسموا بخياركم، وإذا أتاكم كريم فأكرموه).
الحديث الرابع
أخرج ابن لال في مكارم الأخلاق عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا طلب أحدكم من أخيه حاجة، فلا يبدأ بالمدحة فيقطع ظهره).
الحديث الخامس:
أخرج الترمذي عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا كتب أحدكم كتابا فليتربه، فإنه أنجح لحاجته).
الحديث السادس:
أخرج ابن ماجة عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (تربوا صحفكم أنجح لها، فإن التراب مبارك).
الحديث السابع:
أخرج العقيلي في الضعفاء، وابن عدي، والطبراني في الكبير، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في السنن عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، والخرائطي عن عمر، والخطيب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود).
الحديث الثامن:
أخرج العقيلي في الضعفاء، والطبراني في الأوسط عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (اطلبوا الحوائج إلى ذوي الرحمة من أمتي ترزقوا وتنجحو، فإن الله تعالى يقول (رحمتي في ذوي الرحمة من عبادي) (ولا تطلبوا الحوائج عند القاسية قلوبهمن فلا ترزقوا ولا تنجحوا فإن الله تعالى يقول: (إن سخطي فيهم).
الحديث التاسع:
أخرج البزار عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قالك (لا تصلح الصنيعة إلا عند ذي حسب أو دين).
الحديث العاشر:

أخرج الطبراني في الكبير وابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن المعروف لا يصلح إلا لذي دين، أو ذي حسب، أو لذي حلم)ز

الحديث الحادي عشر:
أخرج ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: قال داود: (إدخالك يدك في فم التنين إلى أن تبلغ المرفق فيقضمها خير لك من أن تسال من لم يكن له شيء ثم كان).
الحديث الثاني عشر:
أخرج تمام، وابن عساكر عن عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس، فإن الأمور تجري بالمقادير).
الحديث الثالث عشر:
أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من صنع إليه معروف، فقال لصاحبه جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء).
الحديث الرابع عشر:
أخرج ابن منيع، والخطيب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إذا قال الرجل لأخيه جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء).
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى والطبراني عن أم حكيم رضي الله تعالى عنهاك أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (جزاء الغني من الفقير النصيحة والدعاء).
الباب الرابع
صدقة التطوع
إعلم أن صدقة التطوع سنة للأحاديث الكثيرة الشهيرة، وقد قدمنا أكثرها، وقد يعرض لها ما يحرمها، كأن يعلم من أخذها أنه يصرفها في معصية، وينبغي أن يحمل العلم في كلامهم على ما يشمل الظن، نظير ما قالوه من أن الإنسان إذا علم رضي صديقة بالأخذ من ماله، جاز له الأخذ ولو بغير إذنه، قالوا والظن هنا كالعلم، فإذا ألحقوه به هنا ففيما نحن فيه أولى أن يلحق به.
ثم رأيتني ذكرت في حاشية العباب ما يوافق ذلك، حيث قلت عقب قولهم القرض قربة لأنه فيه إعانة على كسب، قربة غالبا، نعم إن غلب على ظن المقرض أن المقترض يصرف ما اقترضه في معصية أو مكروه، لم يكن قربة، كما يأتي في الشهادات، مع بيان أنه إنما يجوز الإقتراض لمن علم من نفسه الوفاء، أي بأن كان له جهة ظاهرة وعزم على الوفاء منها، وغلا لم يجز، إلا يعلم المقرض أنه عاجز عن الوفاء، ويعطيه فلا يحرم وأن الحق له فقد أسقطه بإعطائه مع علمه بحاله، فعلم أنه لا يحل لفقير إظهار الغنى عند الإقتراض لأن فيه تغريرا للمقرض كما في المضطر، والاقتراض كعادم للمال إذا وهب له.
وقد يحرم القرض كأن يعلم المقرض من الآخذ أنه يصرف ما اقترضه في معصية، قلته تخريجا ثم رأيت بعضهم صرح به فقال: وقد يكره كما إذا غلب على ظنه أنه ينفقه في مكروه، ويحرم كما إذا غلب أنه يصرفه في معصية.
انتهت عبارة الحاشية المذكورة مع بعض زيادة عليها.
وبه يعلم أن المتصدق لو علم من الفقير صرف ما يأخذه في مكروه، كرهت الصدقة عليه، حيث عرض للصدقة ما صيرها مكروهة، كما عرض لها ما صيرها محرمة.
صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (رأيت مكتوبا على باب الجنة ليلة أسري بي، الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت يا جبريل: ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن للإنسان أن يسأل وعنده، ولا يقترض إلا من حاجة؟).
لكن قد يعارض الحديثين خبر ابن ماجة أيضا، وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من أقرض مسلما درهما مرتين، كان له كأجر صدقة مرة).
ومن ثم قال ابن مسعود: (لأن أقرض مرتين أحب إلي من أن أتصدق مرة).
وكذا قال ابن عباس، وأبو الدرداء رضي الله تعالى عنهم.
وذهب ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إلى الأخذ بالحديثين الأولين، فإنه فرق بين الصدقة بأنها إنما يكتب أجرها حين التصدق، وهو يكتب ما دام عند المقرض، على أن هذا إن صح عنه كان في حكم المرفوع، لأنه ما يقال من قبل الرأي وعليه يكون نصا صريحا في أفضلية القرض عليها.
ولك أن تسلك طريقا وسطا في الجمع بين تلك الأحاديث بأن تحمل الخبر المقتضى لأفضلية الصدقة على ما إذا وقعت في يد محتاج، والقرض في يد محتاج، على خلاف الطالب، ويدل عليه الحديث الثاني، وتعليلهم أخذا منه أفضلية القرض بأن لا يقع إلا في يد محتاج، بخلاف الصدقة.

وعليه ينتج من ذلك أن الذي يقع منهما في يد محتاج أفضل من غيره، وعليه يحمل الخبر المقتضي لأفضلية الصدقة، والخبر المقتضي لأفضلية القرض، أما إذا وقع كلا بيد محتاج أو بيد غير محتاج، فظاهر أن الصدقة أفضل، إذ لا بدل لها بخلاف القرض، هذا هو الذي يتجه في هذا المحل، ولم أر من صرح بشيء منه، ثم رأيت البلقيني تعرض لنحو ما ذكرته مع زيادة فقال: الذي يظهر في هذه المسألة أن يقال: الآيات في الحث على الصدقات معلومة كآية: (فَلا اقتَحَمَ العَقَبَةَ وَما أَدراكَ ما العَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَو إِطعامٌ في يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ، يَتيماً ذا مَقربَةٍ) فلم يذكر إلا الإعتاق والصدقة.
وفي الصحيحين: (أن ميمونة لما أعتقت وليدة لها، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لو أعطيتها أخوالك، كان أعظم لأجرك).
وقد تجب الصدقة كأن وجد مضطرا، ومعه ما يطعمه، فاضلا عن نظير ما علمته في القرض من وجوبه.
فإن قلت كيف يتصور وجوب الصدقة للمضطر مع قولهم يلزم معه طعام لم يحتج إليه حالا، وهناك مضطر بذلة ولو ذميا، وإن احتاجه مالا يعوض ولو نسيئة لمعسر لا مجانا.
قلت يتصور ذلك في حق حيوان مضطر لا مالك له، وكذا مضطر لا يمكنه التزام العوض، لنحو صبي، أو جنون، أو إغماء، فيجب البذل له مجانا على ما قاله جمع، ويؤيده قولهم: يجب على القادر المبادرة إلى تخليص المشرف من ماء ونار مجانا، لأنه لا يجوز التأخير إلى تقدير الأجرة انتهى.
فكذلك في نحو الصبي أو المجنون المضطر، لا يجوز تأخير طعامه إلى تقدير بدله، فوجب بذلك له مجانا على ما في ذلك مما بينه آخر الأطعمة في شرح الإرشاد.
واتضح قول من قال بوجوب الصدقة على المضطر، إن أراد هذه الحالة وإلا لم يصح إطلاقه لما علمت من تصريحهم بما يرده، فتأمل ذلك فإنه مهم، وعلم بما تقرر أن كلا من الصدقة والقرض يكون سنة وهو الأصل فيهمان وقد يعرض لكل الوجوب والكراهة والحرمة، وخلاف الأولى، بأن ظن من الآخذ الصرف في واحد من هذه، إذ الوسائل حكم المقاصد، وسيأتي صور أخرى.
تنبيه: مر في بعض تلك الأحاديث ما صرح بتفضيل القرض على الصدقة، وبذلك صرح ابن الرفعة في الكفاية وغيره لخبر البيهقي مرفوعا: (قرض الشيء من صدقته).
ولخبر ابن ماجة ولكن بسند ضعيف عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي.
والصدقة والقرض يختلف التفضيل منهما، باعتبار الأحوال، فإذا علم احتياج الفقير ونحوه، فصدقة التطوع عليه أفضل من القرض له أو لغيره.
وإذا لم تعلم حاجته، وإنما أعطيت السائل وأنت شاك في حاله، وآخر طالب لقرض نظير لذلك، ولا تعلم من حالهما اختلاف، إلا مجرد الطلب، فها هنا يفضل القرض على الصدقة، فمثلا بالغالب في طلب الصدقة وطلب القرض.
وعلى هذا ينزل حديث أنس، أي السابق هذا بالنسبة لحال الآخذ وإما بالنسبة لحال المعطي، ووجه عن الشيء لله تعالى فحاله أفضل من حال المقرض الذي لم يخرج عن الذي أقرضه، وإنما هو طالب رده، فإذا أقرضه مرتين، كان حاله في ذلك، كحال المتصدق نظرا إلى أنه راغب في إقراضه، فحاله في الأول اقتضى حصول نصف أجر الصدقة، نظرا إلى أنه راغب في إقراضه، وحاله في الثاني اقتضى حصوله النصف الثاني.
على هذا ينزل حديث ابن مسعود على تقدير العمل به، ويكون حديث ابن أنس بالنسبة إلى حال الآخذ، وحديث ابن مسعود إلى حال المعطي.
وإذا نزل على ذلك انتفى التعارض بهذا الجمع.
والذي يقتضيه مجرى الكلام للشافعي رضي الله تعالى عنه، أن أصل صدقة التطوع أفضل من القرض، فإذا ترجح باحتياج ونحوه صار إليه.
وللقرض عموم من وجه آخر، وهو دخوله مال غير المكلف خلاف صدقة التطوع، ولصدقة التطوع رجحان من وجوه كثيرة، والمعتمد ما قدمته، انتهى.
فإن قلت ما حكمة كون درهم القرض بثمانية عشر، وهلا كان بعشرين لأنه ضعفا الصدقة على ما مر؟.
قلت: لما كان في القرض رد مثل ذلك الدرهم، لم يبق في مقابله شيء، فيكون الباقي محض المضاعفة، وقد علم من كونه ضعفي درهم الصدقة أنه بدرهمين أصالة، وبثمانية عشر مضاعفة، لأنه من كون الحسنة بعشرة أمثالها، أن المضاعفة تسعة، ومن كونها بعشرين أن المضاعفة بثمانية عشر، فلما رد الدرهم، سقط مقابله وهو اثنان من العشرين، فبقي ثمانية عشر.

فصل في مسائل تتعلق بصدقة التطوع
الأولى
ينبغي أن يواظب عليها كل وقت، وإن قلتس.
وتعبيرهم باليوم في قولهم: ليس للراغب في الخيرات أن يخلي يوما من الأيام من الصدقة بشيء وإن قل، للأخبار الصحيحة، لم يريدوا باليوم فيه التقييد، وإنما أرادوا أن هذا أدنى الكمال، وإلا فالأكمل ألا يخلى وقتا منها، وإن قلت كما عبرت.
الثانية
إسرارها أفضل من إظهارها
لقوله تعالى: (وَإِن تُفوها وَتُؤتوها الفُقَراءَ فَهُوَ خَيرٌ لَكُم).
ولأنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عد كما مر من جملة السبعة الذين يستظلون بالعرش، يوم لا ظل إلا ظله.
من أخفى صدقته حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، نعم الوجه وفاقا للغزالي وغيره إن أظهرها ولم يقصد رياء ولا سمعة، وإنما قصد أن يقتدى به، ولم يتأذ به الآخذ بالإظهار، كان الإظهار أفضل، لما فيه من المصلحة، فإن اختل شرط من ذلك، فالإسرار أفضل، لما فيه من المصلحة، فإن اختل شرط من ذلك، فالإسرار أفضل إلا عند قصد نحو الرياء فإنه حرام.
هذا حكم صدقة التطوع، أما الزكاة فالأولى للإمام إظهارها مطلقا. قال في المجموع: ومثله المالك إجماعا، ولكن استثنى منه الماوردي في الباطنة إظهارها للإقتداء به فإنه أفضل، نظير ما مر قريبا.
وينبغي للآخذ أن ينظر لما يحبه المعطي، فإن أحب الإسرار أظهر، وإلا أسر مبالغة في الثناء عليه في الأول ومعاملة له بنقيض قصده الناقص في المثاني.
الثالثة
قال الشافعي والأصحاب يستحب الإكثار من الصدقة
في رمضان لا سيما في عشرة الأواخر فهي أفضل منها فيما يأتي
لأنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان أجود ما يكون في رمضان، ولأنه سيد الشهور وأفضلها، لأن الناس يشتغلون به عن المكاسب بالصيام وإكثار الطاعات فتكون الحاجة فيه أشد.
قال الماوردي: ويستحب أن يوسع فيه على عياله، ويحسن إلى ذوي أرحامه وجيرانه لا سيما في العشر الأواخر.
قال أصحابنا: ويستحب الإكثار من الصدقة عند الأمور المهمة، وعند الكسوف والسفر بمكة والمدينة وبيت المقدس، وفي الغزو والحج لأنها أرجة لفضائلها، والأوقات الفاضلة كعشر ذي الحجة، وايام العيد، ونحو ذلك.
ففي كل هذه المواضع هن آكد من غيرها، ويتأكد أيضا عند نحو المرض والكسوف والسفر.
وظاهر كلام الحليمي أنه يسن تأخير الصدقة إلى رمضان، ونحوه مما ذكر وعبارته: وإذا تصدق في وقت دون وقت تحرى بصدقته من الأيام يوم الجمعة، ومن الشهور رمضان. انتهت.
لكن خالفه الأذرعي والزركشي فقالا: ليس المراد أن من قصد التصدق في غير الأوقات والأماكن المذكورة يسن تأخيره إليها، بل المراد أن التصدق فيها أعظم أدرا منه في غيرها غالبا. انتهى.
وما قال هو المستحب لما في التأخير من خطر احتمال التلف بالموت وشح بالمتصدق به.
ومرادهم بما ذكر أن من كان بالأماكن الفاضلة أو أدرك الأوقات الفاضلة ينبغي له أن يدرك وسعه في الصدقة فيهان ولا يؤخر شيئا مما يريد التصدق به في غيرها إلا لعذر مما يأتي.
الرابعة
أجمعت الأمة أن الصدقة على الأقارب أفضل
منها على الأجانب والأحاديث في المسالة كثيرة شهيرة
وقد مر منها جملة مستكثرة، من ذلك حديث الصحيحين: (أن زينب امرأة ابن مسعود وامرأة أخرى أتتا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فقالتا لبلال: سل لنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: أيجزى عنا من الصدقة النفقة على أزواجنا وأيتام في حجورنا، هل يجزىء ذلك عنهما من الصدقة؟ يعني النفقة عليهم، فقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: لهم أجر القرابة وأجر الصدقة).
في الصحيحين أيضا عن (ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها: أنها أعتقت وليدة لها، فقال لها صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك).
وصح حديث: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء). و (صدقة السر تطفىء غضب الرب)، و (صلة الرحم تزيد في العمر).
ومعنى الزيادة فيه كما مر البركة فيه، بالتوفيق للخير، والحفظ من الشر، فيتيسر له من العمل في المدة القليلة ما لم يتيسر لغيره في المدة الطويلة، أو هي زيادة حقيقة بالنسبة للوح المحفوظ، وإن كانت ليست زيادة لما في أم الكتاب وهي علم الله القديم، الذي لا يقبل التبديل والتغيير.

وهنا معنى القول بأنها زيادة بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة بأن يقال لهم عمر فلان إن لم يصل رحمه خمسون سنة، فإن وصله فستون، إلا إلى ما عند الله، فإنه تعالى يعلم الواقع من الصلة، وأنه يعيش الستين أو من عدمها، وأنه لا يعيش إلا خمسين.
قال أصحابنا: ولا فرق في استحباب صدقة التطوع على الغريب وتقديمه على الأجنبي، بين أن يكون الغريب ممن تلزمه نفقته؟ أو غيره وعبارة البغوي: دفعها إلى قريب تلزمه نفقته أفضل من دفعها إلى الأجنبي.
قال أصحابنا: ويستحب تخصيص الأقارب على الأجانب بالزكاة حيث يجوز دفعها إليهم كما قلنا في صدقة التطوع، فلا فرق بينهما، وهكذا الكفارات والنذور والوصايا والأوفاق وسائر جهات البر، يستحب تقديم الأقارب فيها، حيث يكون بصفة الإستحقاق.
قال أبو علي الطبري والسرخسي وغيرهما من أصحابنا: يستحب أن يقصد بصدقته من أقاربه اشدهم له عداوة، ليتألف قلبه، ويرده إلى المحبة والألفة، ولما فيه من مجانبة الرياء. وحظوظ النفوس ومنه يؤخذ أن الأشد عداوة من الأجانب أولى من غيرهم، ومر حديث (أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح. أي العدو، وصح أن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان؛ صدقة وصلة، وإذا استوى الأقارب في الصدقة والعداوة فالأفضل تقديم الأقرب، فالأقرب من المحارم وإن لزمه نفقتهم كما مر؛ وفي ترتيبهم الزوج والزوجة، ثم الأقرب فالأقرب من ذوي الأرحام ثم ذوي الولاء من الجانبين ثم من جانب، ويقدم ذوي الولاء من أعلى، على ذوي الولاء من أسفل، كما بحثه الأذرعي، وإن جعلهم الشيخان وغيرهما في مرتبة واحدة، ويستثنى مما ذكر الجار ولو أجنبيا، فصرفها غليه أفضل منه إلى بعيد، ولو كان قريبا، لكن بشرط أن يكون دار القريب بمحل لا يجوز نقل زكاة المتصدق إليه، والأقدم القريب وإن بعدت داره على الجار الأجنبي وإن قربت داره، وأهل الخير والمحتاجون أولى من غيرهم بقرابة أو جوار، وظاهر أن أهل الحاجة أولى من أهل الإصلاح.
الخامسة: قال أصحابنا وغيرهسم: يستحب أن يتصدق بما يتيسر، ولا يستقله، ولا يمتنع من الصدقة لقلته وحقارته، فإن قليل الخير كثير عند الله تعالى، وما قبله سبحانه وبارك فيه غير قليل.
ومرت الأحاديث الكثيرة في الترغيب في الصدقة ولو بشق تمرة، أو فرسن شاة وهو من البعير، والشاة كالحافر من غيرها.

السادسة
يستحب أن يخص بصدقته الصلحاء وأهل الخير
وأهل المروءات والحاجات كما مر
فلو تصدق على كافر ولو حربيا أو فاسق لم يعدم الثواب، لقوله تعالى: (مِسكيناً وَيَتيماً وَأَسيراً) والأسير هو الحربي.
ومر خبر الرجل الذي قال: (لأتصدقن الليلة بصدقة ففعل فوقعت في يد زانية، فلما علم تصدق في ليلة أخرى، فوقعت في يد غني، فلما علم، تصدق في ليلة أخرى فوقعت في يد سارق، فقيل له: لعل الزانية تستعفف والغني يعتبر فيتصدق، والسارق يستعف بها عن سرقة). رواه الشيخان، وروي أيضا: (أن رجلا اشتد عليه العطش، فرأى بئرا فشرب منها، ثم رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر، فملأ الخف ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله: إن لنا في البهائم أجرا؟ قال: في كل كبدن رطبة أجر).
وروي (بينما كلب يطيف بركية (أي بئر) قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها (أي خفها) فاستقت له به فسقته إياه فغفر لها به).
ويستحب دفع الصدقة بطيب نفس، وبشاشة وجه، ويحرم المن بها.. بطل ثوابه.
قال الله تعالى: (لا تُبطِلوا صَدَقاتِكُم بِِالمَنِّ وَالأَذى).
وروى مسلم: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم، فقرأها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر وخسروا، من هم يا رسول الله، قال المسبل أي لإزاره عن كعبيه خيلاء، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب). قال في الإحياء: واختلفوا في حقيقة المن والأذى، فقيل المن أن يظهرها، والأذى أن يذكرها.
وقال سفيان: المن هو أن يذكرها ويتحدث بها.
وقيل هو أن يستخدمه بالعطاء، والأذى ان يعيره بالفقر.

وقيل هو أن يتكبر عليه لأجل عطائه؛ والأذى أن ينتهره أو يوبخه بالمسالة ثم اختار أن حقيقة المن أن يرى نفسه محسنا إليه، ومنعما عليه، وثمرته التحدث بما أعطاه، وإظهار طلبه المكافآت منه بالشكر، والدعاء، والخدمة، والتوقير، والتعظيم، والقيام بالحقوق، والتقديم في المجالس، والمتابعة في الأمور.
وإن الأذى هو التوبيخ والتغيير، وتخشين الكلام، وتقطيب الوجه. ومنبعه: كراهة البذل الموجب لضيق الخلق، ورؤيته أنه خير من الفقير. قال واستعظام العطية إعجاب بها وهو محبط بالعمل، أي فهو عنده كالمن به.
السابعة: يستحب أن يتصدق من كسب يده لقوله تعالى: (أَنفِقوا مِن طيباتِ ما كَسِبتُم).
وللأحاديث السابقة في ذلك.

الثامنة
قال الإمام الرازي يسن التسمية عند الدفع
لأنه عبادة
التاسعة
قال الحليمي
يسن أن يعطي لله
فإن نوى شكر نعمته أو دفع نقمته لم يضر
وقال الماوردي: إنما يكون على الغنى صدقة، إذا قصد بها وجه الله، وابتغاء ثوابه، فإن قصد الإمتنان والملاحظة خرجت من الصدقة إلى الهبة.
العاشرة
يستحب أن يتحرى التصدق بالماء
فقد جاءت أحاديث كثيرة في الحث على سقيه، منها الحديثان السابقان.
ومنها أحمد عن الحسن البصري عن سعد بن عبادة: أن أمه ماتت، فقال لرسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلمك (إن أمي ماتت فأتصدق عنها؟ قال: نعم، قال: فأي الصدقة؟ أفضل؟ قال: سقي الماء). وهو مرسل لأن الحسن لم يدرك سعدا.
ورواه أبو داود عن رجل لم يسم عن سعد بمعناه: (قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: الماء).
ورواه النسائي عن سعيد بن المسيب عن سعد ولم يدركه فهو مرسل أيضا، لكنه اعتضد بالحديثين الصحيحين السابقين، وبأن مراسيل سعيد بن المسيب يعلم بها وإن لم تعتضد، لأنها فتشت فوجدت منقولة، على أن المرسل يعمل به في الفضائل، وإن لم يعتضد.
ومر في الكلام على الأحاديث، حمل حديث أفضلية الصدقة بالماء على غيرها على محل الإحتياج فيه للماء أكثر منه إلى الطعام، وإلا فالتصدق بالطعام أفضل.
الحادية عشرة
تسن المنيحة وهو أن يكون له ناقة أو بقرة
أو شاة ذات لبن
فيدفعها إلى من يشرب لبنها مدة، ثم يردها إليه للأحاديث الصحيحة الكثيرة السابقة.
الثانية عشرة
يكره تعمد الصدقة بالرديء إذا وجد غيره
قال الله تعالى: (وَلا تَيَمَّموا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ).
ويسن تعمد أجود ماله وأحبه إليه؛ قال الله تعالى: (لَن تَنالوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقوا مِمَّا تُحِبون).
وفي المسالة أحاديث كثيرة صحيحة تقدم بعضها.
وورد: (من لبس ثوبا جديدا، ثم عمد إلى ثوبه الذي أخلق فتصدق به، لم يزل في حفظ الله حيا وميتا).
وليس هنا تصدقا بالرديءن بل هو مما يحب، فهو كالتصدق بالفلوس دون الفضة.
الثالثة عشرة
قال أصحابنا يكره التصدق بما فيه شبهة
أي للأحاديث الكثيرة الصحيحة الشهيرة، وقد قدمت منها حديث الشيخين: (من تصدق بعدل تمرة، من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل).
والفلو بضم الفاء وبضم اللامن وتشديد الواو، ويقال بكسر الفاء وإسكان اللامن هو ولد الفرس في صغره.
ومنها حديث مسلم أيها الناس (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين)، قال الله عز وجل: (يا أَيُّها الرُسُلُ كُلوا مِنَ الطِّيِِباتِ وَاعمَلوا صالِحاً إِنَّي بِما تَعمَلونَ عَليمٌ). وقال تعالى: (يا أَيُّها الَّذَينَ آَمَنوا كُلوا مِنَ طَيبِّاتِ ما رَزَقناكُم)، ثم ذكر الرجل السفر أغبر يمد يديه إلى السماء، يا رب: يا رب، ومطعمه حرامه، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك).
الرابعة عشرة
قال الجرجاني من أصحابنا يستحب الصدقة بعد كل معصية. انتهى.
ومنه الصدقة في واطىء الحائض بدينار لمن وطىء، ومن إقبال الدم وقوته وبنصف لمن وطيء زمن إدباره وضعفه، والتصدق بدينار لمن فاتته الجمعة.
الخامسة عشرة
قال الحليمي

من أكابر أصحابنا يستحب للمتصدق أن يعطي الصدقة للفقير من يده. انتهى. وينبغي في محله إذا لم يتأذ الفقير بذلك، لكونه مثلا يعلم منه بالقرائن أنه يحب ألا يطلع ذلك المتصدق على حاله.

السادسة عشرة
صدقة الصحيح أفضل من صدقة المريض
لحديث الشيخين: (سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أي الصدقة أعظم؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت لفلان كذا، ولفلان كذا، الا وقد كان لفلان).
السابعة عشرة
قال النووي رحمه الله في المجموع
يستحب استحبابا متأكدا صلة الأرحام، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والأرامل، والجيران، والأصهار، وصلة أصدقاء أبيه وأمه وزوجته،والإحسان إليهم.
وقد جاءت في جميع هذا أحاديث كثيرة مشهورة في الصحيح، جمعت معظمها في رياض الصالحين. انتهى، ومر منها جملة.
الثامنة عشرة
مر في الأحاديث السابقة أن الوكيل في الصدقة
أحد المتصدقين منها خبر الشيخين
أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملا موفرا طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين) أي بالتثنية والجمع.
التاسعة عشرة
قال السرخسي وغيره من أصحابنا وغيرهم من العلماء
يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها للسائل وغيره
بما أذن فيه صريحا، وبما لم يأذن فيه، ولم ينه عنه، إذا علمت رضاه به، فإن لم تعلم حرم عليها.
ومرادهم بالعلم هنا ما يشمل الظن.
قال في المجموع
وهذا التفصيل متعين، وعليه يحمل الأحاديث الواردة في ذلك، وهكذا حكم المملوك المتصدق من مال سيده على هذا التفصيل.
وتلك قد مر معظمها، منها حديث الشيخين: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا).
وحديث لمسلم: (لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه من غير أمره نصف أجره له).
أي إن علمت أو ظنت رضاه فلها أجر وله أجر كما مر.
وروى مسلم: (عن عمير مولى آبى اللحم (بهمزة ممدودة مع كسر الباء) قال: أمرني مولاي أن أقدد لحما، فجاءني مسكين فأطعمته منه، فعلم بذلك مولاي فضربني، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فدعاه، فقال: لم ضربته؟ فقال: يعطي طعامي بغير أن آمره، فقال: الأجر بينكما).
وهذا محمول على أنه ظن أن سيده يرضي بذلك القدر، فلم يرض لاحتياجه إليه بمعنى آخر، فيثاب السيد على إخراج ماله، ويثاب العبد على نيته.
وفي رواية لمسلم أيضا قال: (كنت مملوكا فسالت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أأتصدق من مال مولاي بشيء؟ قال: نعم، والأجر بينكما نصفان).
وهذا محمول على ما يرضى به سيده.
والمراد بما جاء في هذه الأحاديث من كون الأجر بينهما نصفين أنه قسمان، لكل واحد أجر، ولا يلزم أن يكونا سواء، فقد يكون أجر صاحب الطعام أكثر، وقد يكون أجر المرأة والخازن والمملوك أكثر، بحسب قدر الطعام، وقد التعب في إنفاذ الصدقة، وإيصالها إلى المسكين.
العشرون
ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال
اليد العليا خير من اليد السفلى
ثم في رواية: (فإن العليا المنفقة، والسفلى السائلة).
وفي أخرى للبخاري: (العليا المنفقة).
وفي أحاديث والله أعلم.
الحادية والعشرون
يحل أخذ صدقة التطوع لآل النبي
صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كما مر.
وأما هو صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فيحرم عليه الجميع تمييزا لمرتبته الشريفة على مرتبة غيره.
إذ في الصدقة مطلقا نوع منه وذلك وسخ، فنزه مقامه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن ذلك بالكلية.
وجاز تطوعها لآله، لأنه ليس فيها كبير ذلك، بخلاف نحو الزكاة، فإن الوسخ فيها محقق، إذ هي طهرة للمال، وصاحبها كأنه مجبور عليها لوجوبها وتحتمها عليه، فليس فيها غالبا من رضى النفسن وانبساطها بها ما في صدقة التطوع.
الثانية والعشرون
قال في المجموع يحل للأغنياء أخذ صدقة التطوع بلا خلاف

فيجوز دفعها غليهم، ويثاب دافعها عليها، ولكن المحتاج أفضل، ويستحب للغني التنزه عنها ويكره له التعرض لأخذها.
قال صاحب البيانك ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهرا للفاقة. وهذا الذي قاله صحيح، وعليه حمل الحديث الصحيح: (أن رجلا من أهل الصفة توفي، فوجد له ديناران، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: كيتان من نار).
وأما إذا سأل الغني صدقة التطوع، فقد قطع صاحب الحاوي والسرخسي وغيرهما بتحريمها عليه.
قال صاحب الحاوي: إن كان غنيا عن المسألة بمال فسؤاله حرام، وما يأخذه يحرم عليه، هذا لفظه.
وقال الغزالي وغيره من أصحابنا في كتاب النفقات: وفي تحريم السؤال على القادر على الكسب وجهان.
قالوا: وظاهر الأخبار تدل على تحريمه، وهو كما قالوا.
ففي الأحاديث الصحيحة تشديد أكيد في النهي عن السؤال، وظواهره كثيرة تقتضي التحريم.
وأما السؤال للمحتاج العاجز عن الكسب فليس بحرام ولا مكروه؛ وصرح به الماوردي وهو ظاهر، انتهى كلام المجموع.
وأفهم قوله ويكره له التعرض لها، إذا كان أخذ الغني لها بلا تعرض خلاف السنة وليس مكروها وهو ما أفهمه كلام الروضة أيضا.
وأما قول الأسنوي إنه مكروه ففيه مفسدة كتأذ وقطيعة رحم، وإلا فالأولى الأخذ إذا كان المال حلالا لا شبهة فيه، وإلا ندب له الرد، وإن حصل ما ذكر نقله في المجموع واعتمده من أن الغني متى أظهر الفاقة حتى أعطيها، أو سالها فأعطيها حرم عليه، هو المنقول المعتمد. قال الأذرعي لا يكون دفعها إليه سنة، بل إما مكروه أو حرام. انتهى. وجزم في محل آخر بالحرمة.
والذي يتجه عدم الحرمة لقولهم: قد يجوز الإعطاء، ويحرم الأخذ كما في الرشوة على حق، وكما يعطي للشاعر خوفا من لسانه.
ثم رأيت النووي صرح بما ذكرته من عدم الحرمة في شرح مسلم، وكان وجه ما ذكرته من القياس على ما قالوه في هذين الفرعين.
فإن قلت: قد يقال بينهما وبين ما نحن فيه فرق واضح، فإن الراشي على الحق معذور؛ لأنه يستخلص بذلك ماله مثلا، وكذلك معطي الشاعر يستخلص عرضه منه، فهما معذوران، فجاز لهما الإعطاء لعذرهما، ولم أر أن فيه إعانة على معصية وهي الأخذ، بخلاف مسألتنا فإنه لا عذر لمعطي الغني مع سؤاله أو إظهار الفاقة، فكان القياس ما جزم به الأذرعي من الحرمة لا ما ذكرته كشرح مسلم من عدمها.
قلت: سبب تحريم أخذ الغني مع السؤال وإظهار الفاقة رعاية حق المعطي كما هو ظاهر، فإن في سؤاله أو إظهار الفاقة تغريرا، أي تغرير المعطي، فلما كان سبب التحريم رعاية حق المعطي كما هو ظاهر، فإن في سؤاله أو إظهار الفاقة تغريرا، أي تغرير المعطي، فلما كان سبب التحريم رعاية جانب المعطي، لم يتجه القول بحرمة إعطائه لمن سأله، أو أظهر له الفاقة، لأنه لم يقصد بالإعطاء إلا البر والصلة، بخلاف من علم من الآخذ أنه يصرف ما يأخذ في محرم، فإنه بالإعطاء له معين له على تلك المعصية فافترقا، ثم المراد بالغني الذي يحرم عليه الأخذ مع السؤال أو إظهار الفاقة هو الغني في العرف وهذا ما قاله الصميري، لكن ضبطه الغزالي بأنه الذي يجد ما يأكله هو من في نفقته في يوم وليلة، وما يسترهم عن الناس من ثوب وسراويل ومنديل، وما يحتاجون إليه في أكلهم من الآنية، ويكفي أن يكون من الخزف.
قال: ولا يجوز أن يسأل ما يحتاج عليه بعد يومه وليلته إلا ألا يتيسر السؤال عند نفاد ما عنده، فله طلب ما يحتاجه لسنة، بخلاف ما إذا كان يتسر عند نفاد ذلك، فلا يجوز له السؤال قبل نفاده. انتهى.
قال الأذرعي: وينبغي جواز طلب ما يحتاج غليه إلى وقت يعلم بالعادة تيسر السؤال فالاستغناء، ولا يتجاوز ما اعتمده في المجموع من أن السؤال للمحتاج العاجز عن الكسب ليس بحرام ولا مكروه، وهو المعتمد أيضا.
وفي الجواهر وغيرها عن الغزالي: يباح السؤال لضرورة، كجوع وعري، ولحاجة مهمة، كمن لا جنة له، وتأذى بالبرد، وكأجرة مركوب لمن يشق عليه البرد والمشي، وترك السؤال أولى.
أما السؤال لحاجة غير مهمة، لثوب يتجمل به، ومحمل يركب فيه مع وجود الراحلة، فإن أظهر الحاجة، أو شكى الله تعالى، أو تذلل، أو ألح في الطلب حرم وإلا كره.

ويحل السؤال للمستغرق في طلب علم شرعي، وإن قدر على الكسب، والاكتساب أفضل من التخلي للعبادة، ويحرم سؤال واحد كفاية يوم وليلة وله مؤنة، وله سؤال قوته، ولو لسنة، ولو لم يتيسر له الطلب وقت حاجة. انتهى ملخصا.
وقوله: يباح السؤال للضرورة، مراده ما يعم الواجب، كما أنه ظاهر أنه يجب السؤال على مضطر توقفت إزالة اضطراره الذي يخشى منه مبيح تيمم على السؤال.
ثم رايت ما سأذكره عن الإمام وهو صريح فيما ذكرته.
وقوله: ترك السؤال أولى، أي في الشق الثاني والكلام في مجر تأذ خفيف بالبرد أو المشي، إما بأن يخشى منه مبيح تيمم، فيجب معه السؤال كما علم مما مر آنفا، لأنه ليس من قسم الحاجة المهمة، بل من قسم الضرورة، وظاهر تخصيصه حرمة السؤال مع أحد الأحوال الأربعة: الذل، أو الإلحاح، أو الشكوى، أو إظهار الفاقة بالحاجة غير المهمة: جواز السؤال مع الضرورة أو الحاجة المهمة، مع أحد هذه الأربعة، بل مع وجودها كلها، وهو ظاهر إن لزمه السؤال في الحالة التي قدمتها، أما حيث لم يلزمه فلا يجوز له مع واحد من هذه الأربعة، كما صرح به في الخادم، واقتضاه قول النووي في شرح مسلم، من أذل نفسه إذلالا زائدا على ذل السؤال، أو ألح فيه، وأذى المسؤول حرام باتفاق. انتهى.
ويؤيده ما يصرح به قول ابن الصلاح، والسؤال مع التذلل وإلحاح وإيذاء المسؤول حرام، وإن كان محتاجا.
والواو في كلامه بمعنى أو كما علم من كلام شرح مسلم، ومما يصرح بذلك أيضا وبما قدمته بحثا قول الإمام السؤال مع الإيذاء حرام مطلقا، ومع الحاجة جائز، والتعفف عنه أولى، ولغير حاجة مكروه إلا في مباسطة الأصدقاء، وواجب عند الضرورة. انتهى.
وقوله: إنه لغير حاجة مكروه على غير الحاجة المهمة، أو على الفقير، وقوله: والتعفف عنه أولى، يقتضي أنه غير مكروه، وبه صرح في المجموع نقلا عن الماوردي كما مر نقلا عنه، لكن اعترض بأن الذي في حاوي الماوردي الجزم بالكراهةن ويرد بأن النووي لم ينقله عن الحاوي حتى يعترض عليه بذلك وإنما نقله عن الماوردي، فلعل كلامه اختلف في كتبه، النووي عدم الكراهة، فلا يرد عليه ذلك الاعتراض هنا.
وإعتراض تجويزهم السؤال ولو مع الحاجة، فإنهم ذكروا لتحريمه أسباباس، وفي إظهار الحاجة والشكوى، والذل والإلحاح، والإيذاء والالتزام بالذل حياء، والسؤال مطلقا لا يخلو عن واحد من هذه، فأين المحل الذي يجوز فيه؟.
وأجاب الغزالي عن ذلك: بأن الأولين يندفعان بأن يظهر شكر الله تعالى والاستغناء عن الخلق، ولا يسأل سؤال محتاج، ويندفع الثالث بسؤال نحو قيبه أو صديقه أو سخي يعلم منه أنه لا ينقص بذلك في عينه؛ والرابع بأن لا يعير بالسؤال أحدا، فإن كان من القوم شخص تنظر إليه الأعين لو لم يبذل كان سؤاله إيذاء.
قال: ومتى أخذ شيئا مع العلم، أي أو الظن، بان باعث المعطي الحياء منه، أو من الحاضرين، لولولاه ما ابتدأه به، فهو حرام إجماعا، ويلزمه رده، أو رد بديله إليه، أو إلى وارثه. انتهى.

الثالث والعشرون
قال الحليمي
وإذا لم يجد المسؤول شيئا فليدع لسائله بالرزق وغيره. وقال: ورد السائل صغيرة فإن انضم إليه نهره كبيرة. انتهى.
وما ذكره من الدعاء واضح وأما قوله إن رده صغيرة الخ فغريب جدا اللهم إلا أن يحمل على مضطر علم بحاله فرده صغيرة بل كبيرة كما هو ظاهر لما فيه من عظيم الإيذاء، ومن الامتناع من البذل الواجب عينا عليه، ويؤيد ذلك قول الأذرعي عقب كلام الحليمي وهو غريب جدا لكن يتجه في المعذور والمضطر مع العلم بحاله. انتهى.
الرابعة والعشرون
قال الغزالي
قد يعطي الإنسان المال لغيره تبرعا لحاجة إليه، أو لنسبه، أو لصلاحه ونحوه، فإن علم الآخذ أنه أعطاه إياه لحاجته، لم يحل له الأخذ، إلا أن يكون محتاجا، وإن علم أنه يعطيه لشرف نسبه لم يحل له الأخذ إن كان كاذبا فيه، وإن علم أنه أعطاه لعلمه لم يجز له الأخذ، إلا أن في العلم كما يعتقده المعطي، وإن أعطاه لدينه وصلاحه لم يحل له الأخذ، إلا أن في العلم كما يعتقده المعطي، وإن أعطاه لدينه وصلاحه لم يحل له الأخذ إن كان فاسقا في الباطن فسقا لو علم به المعطي لما أعطاه. انتهى.

وفي العلم في جميع ذلك غلبة الظن كما هو ظاهر، وقضية قوله لا بد أن يكون في العلم كما اعتقده أنه لا بد أن يكون في الدين والصلاح كما ظنه المعطي، وإلا لم يجز له الأخذ، وإن لم يكن عنده فسق أصلا.

الخامسة والعشرون
يندب التصدق على الكافر
للأحاديث الصحيحة السابقة (في كل كبد رطبة أجر).
ولا فرق بين الحربي وغيره كما أفاده صريح قول المجموع: من تصدق على كافر ولو حربيا فله أجر في الجملة؛ فاستفيد منه ندب التصدق ولو على حربي.
وكأن الأذرعي والزركشي لم يستحضرا عبارة المجموع هذه، حيث نقل الثاني حرمة التصدق على الحربي وسكت عليها.
وحيث قال الأول هنا أي حل الصدقة على كافر في نحو من له عهد أو ذمة أو قرابة، أو يرجى إسلامه، وإلا ففي جواز الصدقة عليه بما له وقع من المال نظر، ولا سيما إذا كان يحمله إلى دراهم. انتهى.
والجواز ظاهر جدا، وإنما الكلام في الندب.
وقد علمت أن عبارة المجموع مصرحة به، نعم إن كان بإعطائه مرتب مفسدة والذي ينبغي حرمته، و شمل كلامه حل التصدق على الكافر ولو من أضحية التطوع، لكن نص الشافعي رضي الله تعالى عنه في البويطي على المنع.
السادسة والعشرون
قال الغزالي
اختلف العلماء في أن الأفضل للإنسان أن يكتسب المال ويصرفه إلى المستحقين أو يشتغل بالعبادات، وهذا فيمن يسلم من آفات الدنيا، وإلا فالعبادة له أفضل، وينبغي أن يجتهد في ذلك، ويزن الخير والشر ويفعل ما يدل عليه نور العلم دون طبعه وما يجده أخف على قلبه، فهو في الغالب إصر عليه، لأن النفس لا تشير إلا بالشر. انتهى.
السابعة والعشرون
يكره إمساك الفضل غير المحتاج إليه
كما بوب عليه البيهقي واستدل له، وسيأتي في الحادية والثلاثين لذلك مزيد تحرير.
وذكر ذلك في المجموع ما يناسب ذلك حيث قال: ما حاصله: فرع في ذم البخل والشح والحث على الإنفاق في الطاعات ووجوه الخيرات؛ قال الله تعالى: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحون).
وقال تعالى: (وَلا تَجَعَل يَدَكَ مَغلولَةً إِلى عُنقِكَ).
وقال تعالى: (وَما أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهوَ يُخلِفُهُ).
وفي حديث مسلمس: (واتقوا الشخ، فإن الشخ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم).
وروى الشيخان أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط مسرفا تلفا).
وروي أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (قال الله تعالى: أنفق، أنفق عليك).
وروي مسلم أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (في شاة ذبحوها، وتصدقوا بها، إلا كتفها ثم قالوا: له: ما بقي إلا كتفها، فقال: بقيت لنا في الآخرة إلا كتفها).
وروى أيضا: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله).
ومرت هذه الأحاديث في جملة الأحاديث السابقة.
وبحث بعضهم أنه لا يكره إلا إمساك ما زاد عن سنة.
ويؤيده أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ربما حزن لعياله قوت سنتهم، ومن ثم قالوا: لو كان بالناس ضرورة، وعنده ما يفضل عن قوته، وقوت عياله سنة، لزمه بيع الفضل، فإن لم يفعل أجبره السلطان على بيعه. انتهى.
فأبقوا له قوت السنة مع ما بالناس من الضرورة، ولم يجوزا إجباره على بيع شيء منه، والكلام في غير حالة الإضطرار، والإلزام غير المحتاج حالاس، وإن إحتاج مالا لليع كما مر أوائل هذا الباب؛ في الروضة في باب السير عن الإمام، وأقراه أنه يجب على الموسرين المواساة بما زاد على كفاية سنة.
الثامنة والعشرون
قال في المجموع يكره للإنسان أن يسأل بوجه الله إلا الجنة
وصح بإسناد على شرط الشيخين أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تروا أنكم كافأتموه).
وفي رواية: (فاثنوا عليه، بدل فادعوه له).
ومر الحديث بطرقه:

قال الحليمي: ولو سأل الفقير بالله تعالى، فإن علم أن المسؤول يهتز لإعطائه جاز له ذلك، وإن كان ممن يتلوى ويتضجر، ولا يأمن أن يرده فحرام عليه السؤال بالله تعالى. انتهى.
وظاهر كلام المجموع عدم الحرمة مطلقا، وله وجه ظاهر.

التاسعة والعشرون
قال في المجموع أيضا إذا عرض عليه مال من حرام
على وجه يجوز أخذه
ولم يكن فيه مسألة ولا إشراف ولا يطلع إليه، جاز له أخذه بلا كراهة، ولا يجب، وقال بعض أهل الظاهر: يجب.
وفي المسألة أحاديث تقدم كثير منها، وفيها ما ظاهره وجوب القبول، لكنه محمول عند العلماء على أنه أمر ندب، نحو قوله تعالى: (وَإذا حَلَلتُم فاصطاوا).
ومن تلك الأحاديث ما رواه الشيخان: عن عمر رضي الله تعالى عنه: (كان صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالا. فقلت أعطه أفقر إليه مني فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: خذه، وما جاءك من هذا المال وأنت عليه غير مشرف ولا سائل، فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك).
وكان عبد الله ابنه لا يسأل أحدا شيئا، ولا يرد شيئا أعطيه.
؟
الثلاثون
اختلف العلماء المتقدمون والمتأخرون في أن
الغني الشاكر أفضل أم الفقير الصابر
والذي رجحه الغزالي في موضع أن الغني الشاكر أفضل، وهذا هو الذي عليه الأكثرون، واختاره العز بن عبد السلام، وتبعه تلميذه ابن دقيق العيد، فقال: إنه الظاهر القريب من النص.
وأطال الغزالي في الاستدلال له قال: وهو الذي نفسه كنفس الفقير، ولا يصرف لنفسه إلا قدر الضرورة، ويصرف الباقي في وجوه الخيرات أو يمسكه معتقدا أنه يمسكه خازنا للمحتاجين ينتظر حاجة حتى يصرفه فيها لله تعالى، فهذا هو الغني الشاكر الذي الخلاف فيه.
ورجح في موضع آخر ما عليه أكثر الصوفية، أن الفقير الصابر أفضل، وأشار إلى أن الخلاف في الفقير الذي يجد مرارة الصبر.
والفقير الراضي الذي لا يجده مرارة الفقير الشاكر الذي بحلول الفقير فهو أفضل قطعا.
واستدل ابن عبد السلام وغيره لما رجحوه، من أن الغني الشاكر أفضل بأنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم استعاذ من الفقر.
قال: ولا يجوز حمله على فقر النفس، لأنه خلاف الظاهر بغير دليل، وبأن أخرجا له صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الغني بخيبر وفدك والعوالي وأموال بني النضير وغيرها.
وكذا من تأخر من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
وإذا كان أغلب أحواله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الفقر إلى أن أغناه الله تعالى بما ذكر، لأن الأنبياء والأولياء لا يأتي عليهم يوم إلا والذي بعده خير منه.
وقد ختم أمره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بالغني، ولم يخرجه عما كان يتعاطاه في فقره من البذل، لا يقال انتصارا للثاني، إنما استعاذ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من الفقر لأنه مصيبة من مصائب الدنيا، والغنى نعمة من نعمها فور أنهما الرضى والعافية، فكون الرضى فيه الثواب، لا يمنع سؤال العافية.
وأيضا فالذي اختاره الله تعالى لنبيه وجمهور صحابته هو الفقر غير المدقع.
وأيضا فالفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء وبخمسمائة عام، وأصحاب الأموال محبوسون على قنطرة يسألون عن فضول أموالهم.
لأنا نقول الجواب: أما عن الأول: فهو أنه لا دلالة فيه لترجيح أفضلية الفقير الصابر كماهو ظاهر.
وأما عن الثاني: فهو أنه مردود بما مر من أن الذي ختم به أمره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم هو الغنى.
أما عن الثالث: فهو أنه فرض الكلام في الأغنياء، الذين هم ليسوا من محله الخلاف، لأنهم المحبوسون يسألون عن فضول أموالهم، فيما أنفقوها، والغني الذي الكلام فيه، قد أخرج ماله جميعه لله تعالى في الذي يسأل عنه، على أن سبق الدخول إلى الجنة لا يدل على الأفضلية، بل قد يكون التأخر لمزية تظهر لذلك المتأخر في الموقف حتى يشاهدها الحاضرون، ثم ويظهر تميزه بها على من دخل قبله وبعده.
؟
الحادية والثلاثون
إذا كان محتاجا إلى ما عنده لنفقة نفسه أو عياله

فقيل لا تسن له صدقة التطوع ولا تكره، وبه قطع الماوردي والغزالي وجماعات من الخراسانيينس، وتابعهم الرافعي، وظاهر نص المختصر يوافقهم؛ ولفظه: أحب أن يبدأ بنفسه، ثم بمن يعول، لأن نفقة من يعول فرض، والفرض أولى به من النفل، ثم بقرابته، ثم من يشاء.
وعبارة الماوردي: صدقة التطوع قبل أداء الواجبات من الزكاة، والكفارات وقبل الإنفاق على من تجب نفقتهم من الأقارب والزوجات غير مستحبة، ولا مختارة، واستدلوا بالإبحاثة بحديث الصحيحين وغيرهما: (أن رجلا من الأنصار بات به ضيف، فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه، وقال لامرأته نومي الصبيان، وأطفئي السراج، وقربي للضيف ما عندك، فنزلت هذه الآية (وَيُؤثِرونَ عَلى أَنفُسِهِم وَلَو كانَ بِهِم خَصاصة). وقيل يكرهس، وبه قطع المتولي.
والثالث هو الأصح عند النووي وغيره حرمة الصدقة، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق في المهذب والتنبيه، وشيخه القاضي أبو الطيب، والدارمي وابن الصباغ، والبغوي، وصاحب البيان وآخرون.
قال في المجموع بعد ذكره ذلك، والجواب عن الحديث الذي احتج به الأولون من وجهين: أحدهما: أن هذا ليس من باب صدقة التطوع، إنما هو من باب الضيافة، والضيافة لا يشترط فيها الفضل على عياله ونفسه لتأكدها وكثرة الحث عليها، حتى أن جماعة من العلماء أوجبوها.
الثاني: أنه محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين، بل كانوا قد أكلوا حاجاتهم، وأما الرجل وامرأته فتبرعا بحقهما، وكانا صابرين فرحين بذلك، ولهذا جاء في الآية والحديث الثناء عليهما. وقوله: (نومي صبيانك، لا يدل على أنهم كانوا جياعا، لأنهم لا يتركون الأكل عند حضور الطعام، وإن كانوا غير جياع، فخاف إن بقوا مستيقظين أن يطلبوا الأكل على العادة فينكدوا عليهما وعلى الضيف لقلة الطعام). انتهى.
وما ذكره من أن الضيافة لا يشترط فيها الفضل، خالفه في شرح مسلم، فيسوي بينها وبين الصدقة في تحريمها بما يحتاجه، ولعل هذا أقرب، وإن مشى جمع متأخرون على ما في المجموع من الفرق بينهما، ووجه ترجيحي بما في شرح مسلم أن نفقة عياله أكد لوجوبها إجماعا، بخلاف الضيافة سيما والكلام إنما هو في شافعي، وهو لا يعتقد وجوبها، فكيف يقدم ما لا يعتقد وجوبه على ما هو واجب عليه بالإجماع، ولو كان الفرد في مجرد التقديم مع عدم فوات الواجب الآخر الذين تلزمه نفقتهم بالإجماع، فنتج أن حقهم أقوى وألصق به، فتعين تقديمهم وعلى ما في المجموع. فيتعين تقيد الضيف بما إذا لم يؤد ذلك إلى إلحاق ضرر بهم لا يطاق عادة، والأوجب تقديمهم اتفاقا فيما يظهر في عيال غير بالغين أو غيره عقلا، أما البالغون العقلاء إذا رضوا بتقديم غيرهم عليهم فالأفضل التصدق، كما بحثه في المطلب، وصرح به ابن عصرون في كلامه على قصة الصديق رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه في تصدقه بجميع ماله، والذي يتجه أن محل ذلك فيمن يصبرون عليها، فنهاية أمرهم أنهم كالمتصدق إذا أراد أن يتصدق بما يحتاجه لنفسه، وحكمه أنه صبر على الإضافة يسن له التصدق بجميع الفاضل عن كفايته، وإن لم يصبر حرم عليه، فإذا جرى هذا التفضيل في المتصدق نفسه فأولى أن يجري في مؤنة البالغ العاقل إذا رضي، ثم المراد بكفايته إن لم يصبر على الإضافة، وبكفاية من تلزمه مؤنة كفاية يوم وليلة، وكسوة فصل، فهذا هو الذي يحرم التصدق به دون ما زاد عليه، هذا هو الظاهر الذي قاله جماعة أخذا من كلام الإحياء، وليس المراد بذلك ما يكفيهم حالا فقط، ولا ما يكفيهم سنة.
قال الأذرعي: قد يقال يدخر لنفسه وعياله قوت سنة، ولا يتصدق بالفاضل إذا لم يتوقع حصول شيء قبل مضي عام.
وأيده غيره لقوله في الروضة في السير عن الإمام، وأقره يجب على الموسر من المواساة بما زاد على كفاية سنة. انتهى.
ولك أن تقول إن أراد الأول أخذا من جواز التصدق، بل ندبه على ما زاد عن كفاية يوم وليلة وكسوة فصل.
وما في الروضة لا يدل للأذرعي، لأن وجوب البذل يحتاط له أكثر، فلا يلزم من اعتبار السنة اعتبارها في المطلوب الذي هو صدقة التطوع.بقوله لا يتصدق بالفاضل... الخ، أن التصدق بشيء من نفقة السنة حرام كان بعديا جدا ومخالفا لكلامهم، وإن أراد كراهة التصدق بذلك كان له نوع اتجاه، لكن الظاهر

وما ذكرته من حرمة التصدق بما يحتاجه الإنسان لنفسه إذا لم يصبر على الإضافة هو المعتمد، وأما في الروضة من عدم التحريم، واغتر به جماعة، فمحمول على من صبر على الإضافة كما أفاده كلام المجموع، وعلى الأول أعني الحرمة مع عدم التبصر حرام على ما قالوه في التيمم من حرمة إيثار عطشان آخر بالماء، وعلى الثاني أعني الحل مع الصبر حمل ما قالوه في الأطعمة من أن للمضطر أن يؤثر على نفسه مضطرا آخر مسلما، أما ما فضل عن حاجة نفسه ومؤنة يومهم وليلتهم وكسوة فصلهم، فيسن التصدق بجميعه إن صبر على الإضافة وإلا كره كما في المهذب وغيرهس. وعلى هذا التفصيل جملة الأخبار المختلفة، منها الخبر الصحيح أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه تصدقن بجميعب ماله، فأثنى عليه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بذلك.
والخبر الصحيح أن رجلا جاء بمثل البيضة من ذهب، وقال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عنه إلى أن أعاد عليه القول ثلاث مرات، ثم أخذها ورماه بها رمية لو أصابته لأوجعته، ثم قال: يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة، ثم يقعد يتكفف وجوه الناس.
خير الصدقة ما كان على ظهر غنى أي غنى النفس وصبرها على الفقر، وخرج بجميع الفاضل بعضه فيسن التصدق مطلقا إلا أن يكون قدرا يقارب الجميع، فالأوجه جريان التفصيل السابق فيه.

الثانية والثلاثون
محل ما تقرر في الحادية والثلاثين فيمن لا دين عليه
أما من عليه دين سواء طلب منه أم لا كما هو ظاهر فيحرم عليه التصدق بما يحتاجه لوفائه، كما قاله صاحب المهذب وشيخه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والبغوي وآخرون يكره.
وقال الماوردي والغزالي وقال المتولي وآخرون لا يستحب.
قال في المجموع بعد حكاية ذلك، والمختار أنه إن غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى فلا بأس بالصدقة، وقد يستحب وإلا فلا، وعلى هذا التفصيل يحمل كلام الأصحاب المطلق. انتهى.
وظاهر أن إبراء المدين من دين له على آخر مع احتياجه لقبضه منه في وفاء دينه حرام أيضا، لكن إن كان المدين المبرء مليا مقرا أو عليه بينة به، وغلبه من ظن حصول الوفاء من جهته يستلزم كونها ظاهرة الذي قيد به الغزالي وغيره، فلا اعتراض على المجموع في حذف هذا القيد لما علمت أن تعبيره بغلبة ظن الحصول من جهة تستلزم ظهورها نعم قول المجموع فلا بأس أن يستثنى منه ما إذا حصل بذلك تأخير وقد وجب وفاء الدين فورا بمطالبة أو غيرها، أي ككونه عصى بسببه أو كان ليتيم ونحوه، ولا مانع من الدفع فالوجه كما قاله الأذرعي وغيره وجوب المبادرة إلى إبقائه وتحريم الصدقة بما يتوجه عليه دفعه في دينه، وإن رجا وفاءه من جهة ظاهرة، وبما تقرر أنه لا فرق بين الدين الحال والدين المؤخل، وبين الزكاة وغيرها.
وبحث ابن الرافعة وتبعه القمولي إلحاق المؤجل بما يحتاجه لنفقة عياله في المستقبل، وأجاب عنه الأذرعي بأن الذمة مشغولة بالدين الآن بخلاف نفقة العيال في المستقبل.
قال أعني الأذرعي ولم يقل فيما أظن أن من عليه صداق أو غيره أنه إذا تصدق برغيف ونحوه مما يقطع بأنه لو بقي لم يدفعه إلى جهة الدين أنه لا يستحب له التصدق به، ولو قيل بكراهة الصدقة أو حرمتها على من عليه دين أي حال أو مؤجل سواء أرجة الوفاء أم لا لسد باب التطوع، فإن غالب الناس لا يخلو ذمته من دين معمر أو غيره، وحيث حرمة الصدقة بشيء لم يملكه المتصدق عليه على الأوجه، كما التيمم تصح هبة من لزمته كفارة أو ديون ماء يملكه لإمكان الغرف بأن الهبة فيها عقد والحرمة لا تنافية، لأنها ليست ذاتية له، والصدقة ليس فيها ذلك أو لا ملك فيها إلا الأخذ، وهو هنا حرام لذاته، وما كان حراما لذاته لا يقتضي الملك.
وبما ذكرته يعلم، وما بحثه ابن الرافعة: أن الصدقة حيث حرمت، كان في ملك الآخذ لها الخلاف في هبة الطهارة في الوقت، وخالفه الأذرعي ففرق بأنه هنا تعلق به حق آدمي، وهو نحو قريبه، وتوجه عليه صرفه حالا بخلاف الماء عند اتساع الوقت أو عند ضيقه، لأن له بدلا وهو التراب، أي فلا يملكه هنا جزما.
الثالثة والثلاثون
من دفع إلى وكيله أو ولده أو غلامه
أو غيرهم شيئا ليعطيه سائلا أو غيره صدقة تطوع

لم يزل ملكه عنه حتى يقبضه المبعوث إليه، فإن لم ينفق دفعه إلى ذلك المعين استحب له أن لا يعود فيه بل يتصدق على غيره، فإن استرده وتصرف فيه جاز لأنه باق على ملكه.

الرابعة والثلاثون
قال البندنيجي والبغوي وغيرهما من أصحابنا
في مواضع متفرقة يكره لمن تصدق بشيء صدقة تطوع أو هبة أو دفعه إلى غيره زكاة أو كفارة، أو نذرا، أو غيرها من وجوه الطاعات، أن يتملكه من المدفوع إليه بعينه بمعاوضة أو هبة، ولا يكره ملكه منه بالإرث،ولا أن يتملكه من غيره إذا انتقل إليه، واستدلوا في المسالة بحديث عمر رضي الله تعالى عنه قال: (حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعة برخص، فسألت النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن ذلك فقال: لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه). رواه الشيخان.
وتملك جزء الصدقة كتملك كلها، فيكره أخذا من قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعمر في قصته السابقة، لا تشتره من نتاجه، أي أن ولد الحيوان جزء منه، ولا ينافيه قول البغوي: ليس من ذلك أن يشتري من غلة أرض كان تصدق به، لأنها غير العين المتصدق بها، أي وغير جزئها.
وبحثه الزركشي أن محل الكراهة، فإن الآخذ يسامحه فيكون كالراجع في شيء من صدقته أن لا تتأتى المسامحة بأن اشتراه منه بأضعاف قيمته انتفت الكراهة أيضا وهو محتمل.
الخامسة والثلاثون
اتفق العلماء
على أنه ينبغي للمتصدق أن لا يطمع في دعاء المتصدق عليه، فإن دعي له ندب له أن يجيئه بمثله.
السادسة والثلاثون
قال في المجموع كالروضة قال في الإحياء
اختلف السلف في أن المحتاج هل الأفضل له أن يأخذ من الزكاة أو صدقة التطوع.
وكان الجنيد وإبراهيم الخواص وجماعة رضي الله تعالى عنهم يقولون: الأخذ من الصدقة أفضل لئلا يضيف محل أصناف الزكاة، ولئلا يخل بشرط من شروط الأخذ بخلاف الصدقة فإن أمرها أهون من الزكاة.
وقال الآخرون: الأخذ من الزكاة أفضل لأنه إعانة على واجب، إذ لو ترك أهل الزكاة كلهم أخذها أثموا، أي وقد تلوا، لأن قبولها فرض كفاية، ولأن الزكاة لا منة فيها.
قال الغزالي: والصواب أنه يختلف بالأشخاص، فإن عرض له شبهة في استحقاقه لم يأخذ الزكاة، وإن قطع باستحقاقه نظر إن كان المتصدق إن لم يأخذها منه لا يتصدق فليأخذ الصدقة، فإن إخراج الزكاة لا بد منه، وإن كان لا بد من إخراج تلك الصدقة ولم يضيف بالزكاة تخير، وأخذ الزكاة أشد في كسر النفس.
وذكر أيضا اختلاف الناس في إخفاء أخذ الصدقة وإظهاره، أيهما أفضل مع أن في كل واحد منهما فضيلة ومفسدة، ثم قال: وعلى الجملة الأخذ في الملأ وترك الأخذ في الخلاء أحسن. انتهى كلام المجموع.
السابعة والثلاثون
قال في المجموع قال صاحب الغايات
لو نذر صوما أو صلاة في وقت بعينه، لم يجز فعله قبله، كما لو عجل الزكاة أي بجامع أن كلا عبادة مالية، فيفتقر فيها ما لا يفتقر في العبادة البدنية.
الثامنة والثلاثون
أفتى القفال
بأن من دفع مالا لفقيه ليدفعه لتلامذته لزمته التسوية بينهم، إلا إن قال له: أنت أعلم بهم، فله التخليص والتفضيل. انتهى.
ولك أن تقول: إذا جاز له التخليص والتفضيل، فهل يجب عليه مراعاة مقتضى ذلك من الأحوجية وزيادة الصفات التي يقصد التصدق لأجلها؟ أوله ذلك بحسب ما يريد؟ فيه نظر، ولعل الأول أولى لأنه أصلح الموكل ، والوكيل يلزمه رعاية الأصلح لموكله.
التاسعة والثلاثون
قال الغزالي
إذا أعطى السلطان من خزانته شيئا لإنسان استحق في بيت المال شيئا، وعلم أنه في الخزانة الحلال والحرام كما هو الغالب في هذه الأزمان، ويحتمل أن يكون العطاء من واحد منها، فقال قوم: بجواز أخذه ما لم يتيقن أنه حرام، لأن جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم أخذوا من أموال السلاطين ونوابهم الظلمة، كأبي هريرة وأبي سعيد الخدري، وابي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وجرير بن عبد الله، وابن عمرو، وابن عباس، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والشافعي أخذ من هارون الرشيد، وكذا مالك، وإنما ترك من ترك الأخذ منهم تورعا، كما زهد بعضهم في الحلال المطلق.

وقال آخرون: لا يجوز حتى يتحقق أنه حلال، ويحمل أخذ من أخذ على أنهم علموا أنه من الحلال، أو على أنهم أخذوه وصرفوه في مصارفه من بيت المال.
وقد قال جماعة أخذنا له، وصرفنا إياه في المحتاجين خير من تركه في يد السلاطين.
والشافعي رضي الله تعالى عنه لما أخذ من هارون الرشيد فرقه في الحال، ولم يأخذ منه حبة، أو على أن الغالب كان الحلال، بخلاف ما في يد السلطان اليوم فإن غالبه حرامن وكلا القولين إسراف.
والأعدل أنه إن كان الأكثر حراما حرم الأخذ، وإن كان الأكثر حلالا ففيه توقف. انتهى.
ونقله القمولي في جواهره، واعترض قوله وإن كان الأكثر حراما، خرج الآخذ بأنه مبني على ما تقدم، من أنه يحرم معاملة من أكثر ماله حرام، والمذهب خلافه كما في المجموع، فإنه قال: ومذهبنا أنه إذا كان الأكثر حراما كره الأخذ منه بالابتياع وغيرهس.
قال القمولي: فانفرد الغزالي بالتحريم وهو شاذ. انتهى.
واعترض بعضهم قول الغزالي: إن كان الأكثر حلالا ففيه توقف، بأنه لا وجه له، ويرد بأن له وجها، لأن كون الأكثر حلالا لا ينافي احتمال الوقوع في الحرام، وإن كان أبعد مما إذا استويا، أو كان الحرام أكثر فوجه التوقف هذا الاحتمال اللائق بالوقوع مراعاته وأنه لا مجزم بالحل، فاتجه أن لا توقفه، وهما، وإن كان المعتمد الحل ولو فيما إذا كان الأكثر حراما.
وفي الجواهر عن الغزالي أيضا: لو بعث السلطان إلى إنسان مالا ليفرقه على المساكين فإن عرف أنه مغصوب من إنسان بعينه، لم يجز له الأخذ إلا ليوصله إلى صاحبه، وإن لم يعرفه جاز أخذه وتفرقته، لكن يكره إن قارنته مفسدة، بحيث يغتر به جهال، ويعتقدون طيب أموال السلاطين، وينبغي أن يتجنب معاملة السلطان وغلمانه وأعوانه وعماله. انتهى.
وما ذكره هنا يجري في أخذه لنفسه أيضا كما هو ظاهر.
وحكى القمولي وغيره عن الغزالي أربعة مذاهب فيما لو لم يدفع السلطان إلى كل المستحقين حقوقهم من بيت المال، وإنما دفع لبعضهم فقط، فهل له أن يستأثر بما دفع إليه، وإن أعدل تلك المذاهب أن له أخذ جميع المدفوع إليه وإن أكثر حيث كان قدر حقه، أو أقل عنهز وقيد العز بن عبد السلام كراهة معاملة من اشتملت يده على حلال وحرام، بما إذا كان ما بيده من جنس الحرام الذي يكتسبه، قال: فإن كان من غير جنسه فلا باس المعاملة، وإن تردد في أنه اشتراه به، وقياسه أنه لا كراهة هنا في الأخذ من مال بيت المال الذي أكثره حرام، إلا إذا كان ما فيه من جنس ذلك الحرام، وإلا فلا كراهة، وإن احتمل أن ناظره استبدله به.
وقال الغزالي: الورع أربعة أقسام لأنه: إما ورع الشهادة وهو الامتناع مما يسقطها، وإما ورع المتدين وهو ترك ما يتطرق إليه احتمال التحريم الذي له موقع وإن أفتى المفتي بحله عملا بالظاهر، ولا أثر للاحتمال البعيد، كمن ترك الاصطياد لاحتمال أن الذي يصطاده قد اصطاده غيره وانفلت منه - فهذا وسواس لا ورع، وأما ورع المتقين وهو ترك ما يخاف انجراره إلى الحرام وإن كان حلالا لا شبهة فيه.
وأما ورع الصديقين وهو ترك ما ليس فيه شيء مما سبق، ولكن تناوله من غير نية التقوى على العبادة، ويتطوع إلى أسبابه كراهة، فإذا اختلط ببلد حرام غير منحصر بحلال، كذلك كان ترك الشراء والأكل من ذلك ورعا محبوبا.
وكلما كثر الحرام تأكد الورع والامتناع من كل حلال لكون فاسق أو كافر حمله، وسواس لا ورع.
قال: ولو اشترى طعاما في الذمة وقضى ثمنه من حرام ينظر فإن كان البائع سلمه له قبل أن يقبضه الثمن بطيب قلب، حل له أكله إجماعا، وليس تركه ورعا مؤكدا، وإن قضى ثمنه من حرام لكنه باق في ذمته حتى يبرئه منه، مع علمه بأن قبضه حرام، لأنه يبرأ بخلاف ما لوظن حل ما قبضه، فإنه لا يبرأ بإبرائه، لأنه لا يقصد حقيقة إبرائه، ومتى أخذ ذلك الطعام قبل أن يقبض البائع الثمن حرم عليه أكله، لأن للبائع حق الحبس، إن كان الثمن حالا، ولو وفى الثمن من حرام، ثم قبض المبيع ثم يحل له أكله، إلا إن علم البائع أن ما قبضه حرام، ثم أقبضه إياه، لأن إقباضه له إسقاط لحقه من الحبس، ويبرأ بإبرائه، إن علم أن ما قبضه حرام ثم أبرأه منه، وإلا لم يبرأ كما مر.
قال: وله شراء دار من دور بلد، علم أن فيها دارا مغصوبة أو وقف لا يعرفها، وجب السؤال. انتهى.

وكأن الفرق بين هاتين الصورتين، أن الدور في الثانية محصورة فلا مشقة في السؤال، بخلافه في الأولى، قال: ولو كان ببلد مدائين ورباطات، وبعضها مخصوص بأهل مذهب معين، لم يجز أن يسكن شيئا منها، ولا يأكل من وقفها، حتى يسأل ولو نهب متاع فصادف من نوعه شيئا يباع، فإن كان مع معروف بالصلاح جاز شراؤه، وتركه ورع، أو مع مجهول فإن كثر مماثل المنهوب في البلد جاز الشراء منه، وإن ندر، فالورع تركه، وفي أخذ منه نظر. انتهى. والقياس عدم الحرمة كما علم مما في المعاملة من أكثر ماله حرام، قال: وإذا أردت شراء طعام، أو أهدي لك، أو ضيفت به لم تكلف أنك تسأل عن حله، ولا تترك لأن فيه تفضيلا، هو أن المالك جهل حاله ولا علامة تدل على طيب ماله، من غير سؤال فإن رأى فيه علامة تدل على الفساد كهيئة الظلمة، أو تساهله في فصل الحرام وجب السؤال، أو دلت العلامة على أن أكثر ماله حرام وإلا كان السؤال ورعا. انتهى.
والقياس عدم وجوب السؤال، وإن دلت العلامة على أن أكثره حراسم، وإيجاب الغزالي به مبني على طريقته، أنه حرام معاملة من أكثر ماله حرام، ومر أنه طريقة شاذة، فإن عرف من حاله ما يحصل ظن حل ماله، حرام السؤال، أو ظن حرمته وجب السؤال. انتهى. والقياس أن لا وجوب نظير الذي قبله، قال: ولو تعلق الشك بالمال بأن اختلط حلال بحرام في سوق فلا يلزم المشتري من أهله السؤال إلا إن غلب الحرام. انتهى.
والقياس عدم الوجوب، وإن غلب الحرام ثم رأيت بعضهم أشار في بعض تلك الصور إلى ما ذكرته من بناء السؤال على رؤية حرمة معاملة من أكثر ماله حرام، والمذهب خلافه في الأنوار: لا يجوز مبايعة من حرم ماله كله، كالخمار، والمكاس، والبغي، ويجب السؤال ممن يعرف حال أمواله، ولا تسأل عنه إذ لا ثقة بقوله، والورع لمن يشتري شيئا للأكل أوغيره أن يشتري بثمن في ذمته، فإنه يملكه قطعا وعند الشراء بالعين لا يقطع بذلك. وظاهر: أنه إنما يقطع بملك المبيع إذا قطع بملك بائعه له، لكونه اصطاده مثلا، بخلاف من ملكه بمعاوضة، أو مجانا، وإنما يأتي الشك في الثمن العين، حيث لم يقطع بملك المشتري به لكونه أخذه من معدن مثلا، وإلا فلا شك وإن أخذ من غيره مالا بتمليك بعوض أو بغيره أو بإباحة ظانا أنه ملكه اعتمادا على الظاهر، وأكله وهو مغصوب في الباطن، فهل يطالب بما أكله في الآخرة؟ أفتى البغوي بأن المأخوذ منه إن كان ظاهره الخير فأرجو أن لا يطالب، أو ممن يلطخ ماله بالحرام طولب به. انتهى.
ولهذه المسائل كبير تعلق بالنسبة للمال المتصدق منه وقبول المتصدق عليه، قلنا: ذكرتها هنا وإن كان الفقهاء ذكروها في باب البيع.

الأربعون
أفتى ابن الصلاح
فيمن كان يفرق فلوسا في الجامع فيعطي الفقراء، ويتجنب الأغنياء، ندفع منها إلى رجل اشتبه حاله عليه وهو غني في الباطن بأنه يحل له ظاهرا، ولا يجب عليه رده إلى الدافع، لأنه قد يعطي الغني أو أهل المسجد مطلقا، وأما في الباطن فإن غلب على ظنه أن الدافع أراد الفقراء فليرده إليه ولا يصرفه إلى فقير إلا إذا تعذر الرد، وإن شك فالورع أن يفعل ذلك أيضا.
تنبيه
مر في كثير من الأحاديث إطلاق الصدقة على غير إعطاء كالتسبيح والتحميد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعدل بين اثنين، وإعانة الرجل على دابته أو متاعهن وما أكل من زرعه أوغرسه، وإماطة الأذى عن الطريق، والخطو إلى الصلاة، والكلمة الطيبة، وغير ذلك مما مر في تلك الأحاديث، ومن حديث: (كل معروف صدقة) وهذا شامل لما ذكر غيره.
خاتمة
أخرج أحمد، وأبو داود، عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أبشروا يا معشر صعاليك المهاجربين بالنور التام يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم، وذلك خمسمائة سنة).
والخطيب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أبشروا يا أصحاب الصفة، فمن بقي من أمتي على النعت الذي أنتم عليه، راضيا بماهو فيه، فإنه من رفقائي يوم القيامة).
وابن عباسكر أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن أطولكم حزنا في الدنيا، أطولكم فرحا في الآخرة، وإن أكثركم شبعا في الدنيان أكثركم جوعا في الآخرة).

وابن ماجة، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (يا معشر الفقراء ألا أبشركم، إن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، خمسمائة عام).
وفي رواية لأحمد، والترمذي عن جابر رضي اله تعالى عنه: (بأربعين خريفا).
وابو نعيم في الحلية عن الحسن بن علي رضي الله عنهما: أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال: (اتخذوا عند الفقراء أيادي، فإن لهم دولة يوم القيامة).
والحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (أحبوا الفقراء، وجالسوهم، وأحب العرب من قلبك، وليردك عن الناس ما تعلم من نفسك).
وأحمد، ومسلم، والترمذي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأحمد والترمذي عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها النساء).
والديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده).
وابن لال عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لكل شيء مفتاح، ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء).
وأبو نعيم في الحلية عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: (أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ليبشر فقراء المؤمنين بالفوز يوم القيامة قبل الأغنياء بمقدار خمسمائة عام، هؤلاء في الجنة يتنعمون، وهؤلاء يحاسبونؤز والطبراني في الأوسط، وأبو نعيم، في الحلية عن أنس رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وىله وسلم قال: (ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجرا، من الذي يقبل إذا كان محتاجا).
وفي رواية للطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهماك (ما المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا).
وعبد بن حميد، وابن ماجة، عن أبي سعيد، والطبراني، والضياء عن عبادة ابن الصامت رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين).
زاد الحاكم: (وإن أشقى الأشقيا من اجتمع عليه فقر الدنيا، وعذاب الآخرة).
والطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الفقر أزين على المؤمن من العذار الحسن على خد الفرس).
وابن عساكر عن عمر رضي اله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (الفقر أمانة، فمن كتمه كان عبادة، ومن باح به فقد قلد إخوانه المسلمين).
والبيهقي، وغيره عن قتادة بن النعمان رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قالك (إذا أحب الله عبدا حماه في الدنيا، كما يحمي أحدكم سقيمه الماء).
وأحمد، والترمذي: عن عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه).
أبو نعيم في الحلية، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج والعمرة، ويكفرها الهموم في طلب المعيشة).
والديلمي عن معاذ رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (تحفة المؤمن في الدنيا الفقر).
والترمذي عن فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (لو تعلمون ما لكم عند الله، لأحببتم أن تزدادوا حاجة وفاقة).
وابن عساكر، وابن عدي، والبيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: إن أهل البيت إذا تواصلوا، أجرى الله تعالى عليهم الرزق، وكانوا في كنف الله تعالى).
والحكيم الترمذي عن عمر رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثا، إلا أتاهم الله برزق).
وأحمد، وأبو داود، والحاكم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله، أوشك الله له بالغنى، إما بموت آجل أو غنى عاجل).

والطبراني، وابن عدي عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال:(إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله).
والطبراني في الأوسط عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة، وترك الدعاء معصية).
وأحمد، وابن أبي شيبة، وابن حبان، والحاكم عن ثوبان رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبسه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر).
وبينهما تناف في نقص المعصية للرزق، وحديث الشيخين أولى بالتقديم، أو يحمل على كل نوع من الرزق.
وأبو نعيم في الحلية عن عثمان رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (إن الصبحة أي النوم بعد الصبح) تمنع بعض الرزق).
البخاري، ومسلم، والنسائي: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: (نعوذ بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء وشماتة الأعداء)ز وفي رواية: (جهد البلاء: أن تحتاجوا إلى ما في أيد الناس فتمنعوا).
أعاذنا الله من ذلك وغيره من جميع ما استعاذ منه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ونجانا من كل فتنى ومحنة، إلى أن نلقاه وهو راض عنا. بمنه وكرمه إنه لى ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافي مزيده، يا ربنا لك الحمد، كما ينبغي لوجهك، وعظيم سلطانك، سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وصل اللهم وبارك على عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وأصحابه وذرياته، كما صليت وباركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وكما يليق بعظيم شرفه وكماله، ورضاك عنه، وما تحب وترضى له عدد معلوماتك أبدا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، دعواهم فيها سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.