كتاب : جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام
المؤلف : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن القيم الجوزية

فصل
الموطن السادس عشر من مواطن الصلاة عليه إذا قام الرجل من نوم الليل
قال النسائي في سننه الكبير اخبرني علي بن محمد بن علي حدثنا خلف يعني ابن تميم حدثنا أبو الاحوص حدثنا شريك عن أبي اسحاق عن أبي عبيدة عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال يضحك الله عز و جل إلى رجلين رجل لقي العدو وهو على فرس من امثل خيل اصحابه فانهزموا وثبت فإن قتل استشهد وان بقي فذلك الذي يضحك الله اليه ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد فتوضأ فاسبغ الوضوء ثم حمد الله ومجده وصلى على النبي واستفتح القرآن فذلك الذي يضحك الله اليه يقول انظروا إلى عبدي قائما لا يراه أحد غيري
وقال عبد الرزاق حدثنا معمر عن أبي اسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود انه قال رجلان يضحك الله اليهما فذكره بنحوه
فصل
الموطن السابع عشر من مواطن الصلاة عليه عقب ختم القرآن
وهذا لأن المحل محل دعاء وقد نص الإمام احمد رحمه الله تعالى على الدعاء عقيب الختمة فقال في رواية أبي الحارث كان انس إذا ختم القرآن جمع أهله ولده
وقال في رواية يوسف بن موسى وقد سئل عن الرجل يختم القرآن فيجتمع اليه قوم فيدعون قال نعم رأيت معمرا يفعله إذا ختم
وقال في رواية حرب استحب إذا ختم الرجل القرآن أن يجمع اهله ويدعو
وروى ابن أبي داود في فضائل القرآن عن الحكم قال ارسل الي مجاهد وعنده ابن أبي لبابة ارسلنا اليك انا نريد أن نختم القرآن وكان يقال أن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن ثم دعوا بدعوات
وروى أيضا في كتابه عن ابن مسعود انه قال من ختم القرآن فله دعوة مستجابة
وعن مجاهد قال تنزل الرحمة عند ختم القرآن

وروى أبو عبيد في كتاب فضائل القرآن عن قتادة قال كان بالمدينة رجل يقرأ القرآن من اوله إلى آخره على أصحاب له فكان ابن عباس رضي الله عنهما يضع الرقباء فإذا كان عند الختم جاء ابن عباس رضي الله عنهما فشهده
ونص احمد رحمه الله تعالى على استحباب ذلك في صلاة التراويح قال حنبل سمعت احمد يقول في ختم القرآن إذا فرغت من قراءتك قل اعوذ برب الناس الناس 1 فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع قلت إلى أي شيء تذهب في هذا قال رأيت أهل مكة يفعلونه وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة
قال عباس بن عبد العظيم وكذلك ادركت الناس بالبصرة وبمكة ويروي أهل المدينة في هذا اشياء وذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه
وقال الفضل بن زياد سألت أبا عبد الله اختم القرآن اجعله في التراويح أو في الوتر قال اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاء بين اثنين قلت كيف اصنع قال إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع وادع بنا ونحن في الصلاة واطل القيام قلت بم ادعو قال بما شئت قال ففعلت كما امرني وهو خلفي يدعو قائما ويرفع يديه
وإذا كان هذا من آكد مواطن الدعاء واحقها بالاجابة فهو من آكد مواطن الصلاة على النبي

فصل
الموطن الثامن عشر من مواطن الصلاة عليه يوم الجمعة
وقد تقدم فيه حديث اوس بن اوس عن أبي امامة أن النبي قال اكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة فإن صلاة امتي تعرض علي في كل يوم جمعة فمن كان أكثرهم علي صلاة كان اقربهم مني منزلة رواه البيهقي وقد تقدم
وروي أيضا عن أبي مسعود الانصاري عن النبي قال اكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإنه ليس أحد يصلي علي يوم الجمعة إلا عرضت علي صلاته وفيه اسماعيل بن رافع قال يعقوب بن سفيان يصلح حديثه للشواهد والمتابعات
وقال ابن عدي حدثنا اسماعيل بن موسى الحاسب حدثنا جبارة بن مغلس حدثنا أبو اسحاق الخميسي عن يزيد الرقاشي عن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله اكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإن صلاتكم تعرض علي وهذا وان كان اسناده ضعيفا فهو محفوظ في الجملة ولا يضر ذكره في الشواهد

وقد تقدم في مراسيل الحسن عن النبي اكثروا الصلاة علي يوم الجمعة
وقال ابن وضاح حدثنا أبو مروان البزار حدثنا ابن المبارك عن ابن شعيب قال كتب عمر بن عبد العزيز أن انشروا العلم يوم الجمعة فإن غائلة العلم النسيان واكثروا الصلاة على النبي يوم الجمعة

فصل
الموطن التاسع عشر من مواطن الصلاة عليه عند القيام من المجلس
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا عثمان بن عمر قال سمعت سفيان بن سعيد ما لا احصي إذا اراد القيام يقول صلى الله وملائكته على محمد وعلى انبياء الله وملائكته هذا الدي رأيته من الاثر في هذا الموطن والله اعلم
فصل
الموطن العشرون من مواطن الصلاة عليه عند المرور على المساجد ورؤيتها
قال القاضي اسماعيل في كتابه حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا سيف بن عمر التميمي عن سليمان العبسي عن علي بن حسين قال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا مررتم بالمسجد فصلوا على النبي صلى الله عليه و سلم // إسناده موقوف ضعيف //
فصل
الموطن الحادي والعشرون من مواطن الصلاة عليه عند الهم والشدائد وطلب المغفرة
لحديث الطفيل بن أبي بن كعب عن ابيه قال كان رسول الله إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال يا ايها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه قال أبي قلت يا رسول الله إني اكثر الصلاة عليك فكم اجعل لك من صلاتي فقال ما شئت قال قلت الربع قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت النصف قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قال قلت فالثلثين قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قال اجعل لك صلاتي كلها قال إذا تكفي همك ويغفر لك ذنبك رواه الترمذي من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل عن ابيه وقال // حديث حسن //
وروى من حديث محمد بن عقيل أيضا عن الطفيل عن أبيه حديثا آخر وصححه وهو حديث مثلي ومثل النبيين من قبلي كمثل رجل بنى دارا الحديث رواه ابن أبي شيبة في مسنده

واختصره فقال عن أبي قال رجل يا رسول الله ارأيت أن جعلت صلاتي كلها صلاة عليك قال اذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك تسليما كثيرا إلى يوم الدين

فصل
الموطن الثاني والعشرون من مواطن الصلاة عليه عند كتابة اسمه
قال أبو الشيخ حدثنا اسيد بن عاصم حدثنا بشر بن عبيد حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عبد الله عن الاعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله نم صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمي في ذلك الكتاب قال أبو موسى رواه غير واحد عن اسيد كذلك قال ورواه اسحاق بن وهب العلاف عن بشر بن عبيد فقال عن حازم بن بكر عن يزيد بن عياض عن الاعرج ويروى من غير هذين الوجهين أيضا عن الاعرج
وفي الباب عن أبي بكر الصديق وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم
وروى سليمان بن الربيع حدثنا كادح بن رحمة حدثنا نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب // ضعيف //

وروي من طريق جعفر بن علي الزعفراني قال سمعت خالي الحسن بن محمد يقول رأيت احمد بن حنبل رحمه الله تعالى في النوم فقال لي يا أبا علي لو رأيت صلاتنا على النبي في الكتب كيف تزهر بين ايدينا
وقال أبو الحسن بن علي الميموني رأيت الشيخ أبا علي بن الحسن بن عيينة في المنام بعد موته وكأن على اصابع يديه شيئا مكتوبا بلون الذهب أو بلون الزعفران فسألته عن ذلك وقلت يا أستاذ ارى على اصابعك شيئا مليحا مكتوبا ما هو قال يا بني هذا لكتابتي لحديث رسول الله أو قال لكتابتي في حديث رسول الله
وذكر الخطيب حدثنا مكي بن علي حدثنا أبو سليمان الحراني قال قال رجل من جواري يقال له أبو الفضل وكان كثير الصوم والصلاة كنت اكتب الحديث ولا اصلي على النبي فرأيته في المنام فقال إذا كتبت أو ذكرت فلم لا تصلي علي ثم رأيته مرة من الزمان فقال لي بلغني صلواتك علي فإذا صليت علي أو ذكرت فقل
وقال سفيان الثوري لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على رسول الله فإنه يصلي عليه ما دام في ذلك الكتاب
وقال محمد بن أبي سليمان رأيت أبي في النوم فقلت يا أبت ما فعل الله بك قال غفر لي فقلت بماذا قال بكتابتي الصلاة على النبي

وقال بعض أهل الحديث كان لي جار فمات فرئي في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي قيل بماذا قال كنت إذا كتبت ذكر رسول الله في الحديث كتبت
وقال سفيان بن عيينة حدثنا خلف صاحب الخلقان قال كان لي صديق يطلب معي الحديث فمات فرأيته في منامي وعليه ثياب خضر يجول فيها فقلت الست كنت معي تطلب الحديث قال بلى قلت فما الذي صيرك إلى هذا قال كان لا يمر حديث فيه ذكر محمد إلا كتبت في اسفله فكافأني ربي هذا الذي ترى علي
وقال عبد الله بن عبد الحكم رأيت الشافعي رحمه الله في النوم فقلت ما فعل الله بك قال رحمني وغفر لي وزفني إلى الجنة كما يزف بالعروس ونثر علي كما ينثر على العروس فقلت بم بلغت هذه الحال فقال لي قائل يقول لك بما في كتاب الرسالة من الصلاة على النبي قلت فكيف ذلك قال وصلى الله على محمد عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون قال فلما اصبحت نظرت إلى الرسالة فوجدت الأمر كما رأيت النبي
وقال الخطيب أنبأ بشير بن عبد الله الرومي قال سمعت الحسين بن محمد بن عبيد العسكري يقول سمعت أبا اسحاق الدارمي المعروف بنهشل يقول كنت أكتب الحديث في تخريجي للحديث قال النبي تسليما قال فرأيت النبي في المنام وكأنه قد أخذ شيئا مما اكتبه فنظر فيه فقال هذا جيد

وقال عبد الله بن عمرو حدثني بعض اخواني ممن اثق به قال رأيت رجلا من أهل الحديث في المنام فقلت ماذا فعل الله بك قال رحمني وغفر لي قلت وبم ذاك قال أني كنت إذا اتيت على اسم النبي كتبت ذكرها محمد بن صالح عن ثوابة عن سعيد بن مروان عنه
وقد روى الحافظ أبو موسى في كتابه عن جماعة من أهل الحديث انهم رؤوا بعد موتهم واخبروا أن الله تعالى غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي في كل حديث
وقال ابن سنان سمعت عباسا العنبري وعلي بن المديني يقولان ما تركنا الصلاة على النبي في كل حديث سمعناه وربما عجلنا فنبيض الكتاب في كل حديث حتى نرجع اليه

فصل
الموطن الثالث والعشرون من مواطن الصلاة عليه عند تبليغ العلم إلى الناس عند التذكير والقصص والقاء الدرس وتعليم العلم في أول ذلك وآخره
قال اسماعيل بن اسحاق في كتابه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي هو الجعفي عن جعفر بن برقان قال كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إما بعد فإن اناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة وان من القصاص من قد احدثوا في الصلاة على خلفائهم وامرائهم عدل صلاتهم على النبي فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة ويدعوا ما سوى ذلك
والصلاة على النبي في هذا الموطن لانه موطن لتبليغ العلم الذي جاء به ونشره في امته والقائه اليهم ودعوتهم إلى سنته وطريقته
وهذا من افضل الاعمال واعظمها نفعا للعبد في الدنيا والآخرة

قال تعالى ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين فصلت 33
وقال تعالى قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني يوسف 108 وسواء كان المعنى انا ومن اتبعني يدعو إلى الله على بصيرة أو كان الوقف عند قوله ادعو إلى الله ثم يبتدئ على بصيرة انا ومن اتبعني فالقولان متلازمان فإنه امره سبحانه أن يخبر أن سبيله الدعوة إلى الله فمن دعا إلى الله تعالى فهو على سبيل رسوله وهو على بصيرة وهو من اتباعه ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله ولا هو على بصيرة ولا هو من اتباعه
فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين واتباعهم وهم خلفاء الرسل في أممهم والناس تبع لهم والله سبحانه قد أمر رسوله أن يبلغ ما انزل اليه وضمن له حفظه وعصمته من الناس وهكذا المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ الله وعصمته اياهم بحسب قيامهم بدينه وتبليغهم لهم وقد أمر النبي بالتبليغ عنه ولو آية ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثا وتبليغ سنته إلى الأمة افضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس واما تبليغ السنن فلا تقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه
وهم كما قال فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب الحوادث والبدع له قال الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى

ويصبرون منهم على الاذى ويحيون بكتاب الله أهل العمى كم من قتيل لإبليس قد احيوه وضال تائه قد هدوه بذلوا دماءهم واموالهم دون هلكة العباد فما أحسن اثرهم على الناس واقبح اثر الناس عليهم يقبلونهم في سالف الدهر والى يومنا هذا فما نسيهم ربك وما كان ربك نسيا مريم 64 وجعل قصصهم هدى وأخبر عن حسن مقالتهم فلا تقصر عنهم فإنهم في منزلة رفيعة وان اصابتهم الوضيعة
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من اوليائه يذب عنها وينطق بعلاماتها فاغتنموا حضور تلك المواطن وتوكلوا على الله
ويكفي في هذا قول النبي لعلي رضي الله عنه لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم
وقوله من احيا شيئا من سنتي كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وضم بين اصبعيه
وقوله من دعا إلى هدى فاتبع عليه كان له مثل اجر من تبعه إلى يوم القيامة

فمتى يدرك العامل هذا الفضل العظيم والحظ الجسيم بشيء من عمله وانما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم فحقيق بالمبلغ عن رسول الله الذي اقامه الله سبحانه في هذا المقام أن يفتتح كلامه بحمد الله تعالى والثناء عليه وتمجيده والاعتراف له بالوحدانية وتعريف حقوقه على العباد ثم بالصلاة على رسول الله وتمجيده والثناء عليه أن يختمه أيضا بالصلاة عليه تسليما

فصل
الموطن الرابع والعشرون من مواطن الصلاة عليه أول النهار وآخره
قال الطبراني حدثنا حفص بن عمر الصباح حدثنا يزيد بن عبد ربه الجرجسي حدثنا بقية بن الوليد حدثني إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني قال سمعت خالد بن معدان يحدث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة
قال أبو موسى المديني رواه عن بقية غير واحد ويزيد بن عبد ربه كان يسكن بحمص قرب كنيسة جرجس فنسب اليها
فصل
الموطن الخامس والعشرون من مواطن الصلاة عليه عقب الذنب إذا اراد أن يكفر عنه
قال ابن أبي عاصم في - كتاب الصلاة على النبي - حدثنا الحسن بن البزار حدثنا شبابة حدثنا مغيرة بن مسلم عن أبي اسحاق عن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلوا علي فإن الصلاة علي كفارة لكم فمن صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا
وقال ابن أبي عاصم في كتابه حدثنا يونس بن محمد حدثنا الفضل بن عطاء عن الفضل بن شعيب عن أبي منظور عن ابن معاذ عن أبي كاهل قال قال لي رسول الله يا أبا كاهل من صلى علي كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة ثلاث مرات حبا وشوقا الي كان حقا على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم
وقال أبو الشيخ في - كتاب الصلاة على النبي - حدثنا

عبد الله بن محمد بن نصر حدثنا اسماعيل بن يزيد قال حدثنا الحسين بن حفص حدثنا إبراهيم بن طهمان عن ليث بن أبي سليم عن نافع بن كعب المدني عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم ورواه ابن أبي شيبة عن ابن فضيل عن ليث بن كعب عن أبي هريرة
فهذا فيه الأخبار بأن الصلاة زكاة للمصلي على النبي والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة والذي قبله فيه إنها كفارة وهي تتضمن محو الذنب فتضمن الحديثان أن بالصلاة عليه تحصل طهارة النفس من رذائلها ويثبت لها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها والى هذين الأمرين يرجع كمال النفس فعلم انه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبي التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين

فصل
الموطن السادس والعشرون من مواطن الصلاة عليه عند المام الفقر أو خوف وقوعه
قال أبو نعيم حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا محمد بن الحسن بن سماعة حدثنا أبو نعيم حدثنا فطر بن خليفة عن جابر بن سمرة السوائي عن ابيه قال كنا عند النبي إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله ما اقرب الاعمال إلى الله عز و جل قال صدق الحديث واداء الأمانة قلت يا رسول الله زدنا قال صلاة الليل وصوم الهواجر قلت يا رسول الله زدنا قال كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر قلت يا رسول الله زدنا قال من أم قوما فليخفف فان فيهم الكبير والعليل والضعيف وذا الحاجة
فصل
الموطن السابع والعشرون من مواطن الصلاة عليه عند خطبة الرجل المرأة في النكاح -
قال اسماعيل بن أبي زياد عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى أن الله وملائكته يصلون على النبي الاية الأحزاب 56 قال يعني أن الله تعالى يثني على نبيكم ويغفر له وامر الملائكة بالاستغفار له يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه اثنوا عليه في صلاتكم وفي مساجدكم وفي كل موطن وفي خطبة النساء فلا تنسوه
فصل
الموطن الثامن والعشرون من مواطن الصلاة عليه عند العطاس
قال الطبراني حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا سهل بن صالح الانطاكي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع قال رأيت ابن عمر رضي الله عنهما وقد عطس رجل إلى جنبه فقال الحمد لله والسلام على رسول الله فقال ابن عمر وأنا اقول السلام على رسول الله ولكن ليس هكذا امرنا رسول الله امرنا أن نقول إذا عطسنا الحمد لله على كل حال
قال الطبراني لم يروه عن سعيد إلا الوليد تفرد به سهل
ورواه الترمذي عن حميد مسعدة حدثنا زياد بن الربيع حدثنا حضرمي مولى آل الجارود عن نافع أن رجلا عطس إلى جنب ابن عمر فقال الحمد لله والسلام على رسول الله قال ابن عمر وأنا اقول الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله علمنا أن نقول الحمد لله على كل حال قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زياد ابن الربيع

قال أبو موسى المديني وروي عن نافع أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما خلاف ذلك ثم ساق من طريق عبد الله بن احمد حدثنا عباد بن زياد الاسدي حدثنا زهير عن أبي اسحاق عن نافع قال عطس رجل عند ابن عمر فقال له ابن عمر لقد بخلت هلا حمدت الله تعالى وصليت على النبي
فذهب إلى هذا جماعة منهم أبو موسى المديني وغيره ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا لا تستحب الصلاة على النبي عند العطاس وانما هو موضع حمد الله تعالى وحده ولم يشرع النبي عند العطاس إلا حمد الله تعالى والصلاة على رسول الله وان كانت من افضل الاعمال واحبها إلى الله تعالى فلكل ذكر موطن يخصه لا يقوم غيره مقامه فيه
قالوا ولهذا لا تشرع الصلاة عليه في الركوع ولا السجود ولا قيام الاعتدال من الركوع وتشرع في التشهد الاخير إما مشروعية وجوب أو استحباب ورووا حديثا عن النبي لا تذكروني عند ثلاث عند تسمية الطعام وعند الذبح وعند العطاس وهذا الحديث لا يصح فإنه من حديث سليمان بن عيسى السجزي عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن كثير عن عويد عن ابيه عن النبي فذكره وله ثلاث علل
احداها تفرد سليمان بن عيسى به

قال البيهقي وهو في عداد من يضع الحديث
الثانية ضعف عبد الرحيم العمي
الثالثة انقطاعه
قال البيهقي وقد روينا في الصلاة عند العطاس ما أخبرنا أبو طاهر الفقيه اخبرنا أبو عبد الله الصفار حدثنا عبد الله الصفار حدثنا عبد الله بن احمد حدثنا عباد بن زياد فذكر الحديث المتقدم

فصل
الموطن التاسع والعشرون من مواطن الصلاة بعد الفراغ من الوضوء
قال أبو الشيخ في كتابه حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن شبيب حدثنا اسحاق بن أبي اسرائيل حدثنا محمد بن جابر عن الاعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله إذا فرغ احدكم من طهوره فليقل اشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله ثم ليصل علي فإذا قال ذلك فتحت له ابواب الرحمة هذا حديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر وثوبان وانس رضي الله عنهم ليس في شيء منها ذكر الصلاة إلا في هذه الرواية // حديث ضعيف //
وقال ابن أبي عاصم في كتابه حدثنا دحيم حدثنا ابن أبي فديك حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد عن ابيه عن جده يرفعه ولا وضوء لمن لم يصل على النبي وعبد المهيمن لا يحتج به وقد تقدم الحديث
فصل
الموطن الثلاثون من مواطن الصلاة عليه عند دخول المنزل ذكره الحافظ أبو موسى المديني
وروى فيه من حديث أبي صالح بن المهلب عن أبي بكر بن عمران حدثني محمد بن العباس بن الوليد حدثني عمرو بن سعيد حدثنا ابن أبي ذئب حدثني محمد بن عجلان عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال جاء رجل إلى النبي فشكا اليه الفقر وضيق العيش أو المعاش فقال له رسول الله إذا دخلت منزلك فسلم إن كان فيه أحد أو لم يكن فيه أحد ثم سلم علي واقرأ قل هو الله أحد الاخلاص 1 مرة واحدة ففعل الرجل فأدر الله عليه الرزق حتى افاض على جيرانه وقراباته
فصل
الموطن الحادي والثلاثون من مواطن الصلاة عليه في كل موطن يجتمع فيه لذكر الله تعالى
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي انه قال أن لله سيارة من الملائكة إذا مروا بحلق الذكر قال بعضهم لبعض اقعدوا فإذا دعا القوم امنوا على دعائهم فإذا صلوا على النبي صلوا معهم حتى يفرغوا ثم يقول بعضهم لبعض طوبى لهؤلاء يرجعون مغفورا لهم
واصل الحديث في مسلم وهذا سياق مسلم بن إبراهيم الكشي حدثنا عبد السلام بن عجلان حدثنا أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة فذكره
فصل
الموطن الثاني والثلاثون من مواطن الصلاة عليه إذا نسي الشيء أو اراد ذكره
ذكره أبو موسى المديني وروى فيه من طريق محمد بن عتاب المروزي ثنا سعدان بن عبدة أبو سعيد المرزوي ثنا عبد الله بن عبد الله العتكي أنبأ انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله إذا نسيتم شيئا فصلوا علي تذكروه إن شاء الله قال الحافظ وقد ذكرناه من غيرها هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان
فصل
الموطن الثلاث والثلاثون من مواطن الصلاة عليه عند الحاجة تعرض للعبد
قال احمد بن موسى الحافظ حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم قال ثنا عبد الله بن احمد بن محمد بن اسيد حدثنا اسماعيل بن يزيد حدثنا إبراهيم بن الاشعث الخراساني حدثنا عبد الله بن سنان بن عقبة بن أبي عائشة المدني عن أبي سهل بن مالك عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله من صلى علي مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلم قضى الله له مائة حاجة عجل له منها ثلاثين الله حاجة وأخر له سبعين وفي المغرب مثل ذلك قالوا وكيف الصلاة عليك يا رسول الله قال إن الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما الأحزاب 56 اللهم صل عليه حتى تعد مائة مرة
وقال إبراهيم بن الجنيد ثنا اسماعيل بن اسماعيل بن حديج بن معاوية عن أبي اسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال إذا اردت أن تسأل حاجة فابدأ

بالمدحة والتحميد والثناء على الله عز و جل بما هو اهله ثم صل على النبي ثم ادع بعد فإن ذلك احرى أن تصيب حاجتك
وقال الطبراني حدثنا سهل بن موسى حدثنا زريق بن السحت حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا فائد أبو الورقاء حدثنا عبد الله بن أبي اوفى قال خرج علينا رسول الله فقال من كان له إلى الله عز و جل حاجة فليتوضأ وليحسن الوضوء وليركع ركعتين وليثن على الله عز و جل وليصل على النبي وليقل لا اله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش الكريم والحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل ذنب لا تدع لي هما إلا فرجته ولا ذنبا إلا غفرته ولا حاجة هي لك رضى إلا قضيتها يا ارحم الراحمين
وقال ابن مندة الحافظ حدثنا عبد الصمد العاصمي اخبرنا إبراهيم بن احمد المستملي حدثنا محمد بن درستويه حدثنا سهل بن متويه حدثنا محمد بن عبيد حدثنا عباس بن بكار حدثنا أبو بكر الهذلي حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله من صلى علي في كل يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين منها لآخرته وثلاثين منها

لديناه قال الحافظ أبو موسى المديني هذا حديث حسن
قلت قد تقدم حديث فضالة بن عبيد وأبي بن كعب في ذلك

فصل
الموطن الرابع والثلاثون من مواطن الصلاة عليه عند طنين الأذن
ذكره أبو موسى وغيره
قال ابن عاصم في كتابه حدثنا ابوالربيع قال حدثنا حسان بن عدي قال حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن اخيه عبد الله عن ابيه عن جده قال قال رسول الله إذا طنت اذن احدكم فليصل علي وليقل ذكر الله بخير من ذكرني ورواه معمر بن محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن ابيه عن جده لم يذكر عبد الله في الاسناد وفي رواية ذكر الله من ذكرني بخير
فصل
الموطن الخامس والثلاثون من مواطن الصلاة عليه عقيب الصلوات
ذكره الحافظ أبو موسى وغيره ولم يذكروا في ذلك سوى حكاية ذكرها أبو موسى المديني من طريق عبد الغني بن سعيد قال سمعت اسماعيل بن احمد بن اسماعيل الحاسب قال اخبرني أبو بكر محمد بن عمر قال كنت عند أبي بكر بن مجاهد فجاء الشبلي فقام اليه أبو بكر بن مجاهد فعانقه وقبل بين عينيه فقلت له يا سيدي يفعل هذا بالشبلي وانت وجميع من ببغداد يتصورونه انه مجنون فقال لي فعلت به كما رأيت رسول الله يفعل به وذلك أني رأيت رسول الله في المنام وقد اقبل الشبلي فقام اليه وقبل بين عينيه فقلت يا رسول الله اتفعل هذا بالشبلي فقال هذا يقرأ بعد صلاته لقد جاءكم رسول من انفسكم التوبة 128 إلى آخرها ويتبعها بالصلاة علي
وفي رواية انه لم يصل صلاة فريضة إلا ويقرأ خلفها لقد جاءكم رسول من انفسكم إلى آخر السورة ويقول ثلاث مرات صلى الله عليك يا محمد قال فلما دخل الشبلي سألته عما يذكر بعد الصلاة فذكر مثله
فصل
الموطن السادس والثلاثون من مواطن الصلاة عليه عند الذبيحة
وقد اختلف في هذه المسألة فاستحبها الشافعي رحمه الله قال والتسمية على الذبيحة بسم الله فإن زاد بعد ذلك شيئا من ذكر الله تعالى فالزيادة خير ولا اكره مع تسميته على الذبيحة أن يقول صلى الله على رسول الله بل أحبه له وأحب أن يكثر الصلاة على كل الحالات لأن ذكر الله بالصلاة عليه ايمان بالله وعبادة له يؤجر عليها إن شاء الله تعالى من قالها
وقد ذكر عبد الرحمن بن عوف انه كان مع النبي فتقدمه النبي فتبعه عبد الرحمن ساجدا فوقف ينتظره فأطال ثم رفع فقال عبد الرحمن لقد خشيت أن يكون الله قبض روحك في سجودك فقال يا عبد الرحمن أني لما كنت حيث رأيت لقيني جبريل عليه السلام فاخبرني عن الله انه قال من صلى عليك صليت عليه فسجدت لله شكرا وقال رسول الله من نسي الصلاة علي خطئ به طريق الجنة وبسط رحمه الله الكلام في هذا
ونازعه في ذلك آخرون منهم أصحاب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنهم كرهوا الصلاة في هذا الموطن ذكره

صاحب المحيط وعلله بأنه قال لان فيه الاهلال لغير الله تعالى
واختلف أصحاب الأمام احمد رحمه الله تعالى فكرهها القاضي واصحابه وذكر الكراهة أبو الخطاب في رؤوس المسائل
وقال ابن شاقلا تستحب كقول الشافعي
واحتج من كرهها بأن قالوا روى أبو محمد الخلال بإسناده عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي انه قال موطئان لا حظ لي فيهما عند العطاس والذبح
واحتجوا بحديث سليمان بن عيسى السجزي عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن ابيه وقد تقدم الكلام على هذا الحديث وانه غير ثابت

فصل
الموطن السابع والثلاثون من مواطن الصلاة عليه في الصلاة في غير التشهد
بل في حال القراءة إذا مر بذكره أو بقوله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي الأحزاب 56 الآية ذكره اصحابنا وغيرهم قالوا متى مر بذكره في القراءة وقف وصلى عليه
وقال اسماعيل بن اسحاق حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا بشر بن منصور عن هشام عن الحسن قال إذا مر بالصلاة على النبي فليقف وليصل عليه في التطوع
ونص الأمام احمد رحمه الله تعالى على ذلك فقال إذا مر المصلي بآية فيها ذكر النبي فإن في كان نفل صلى الله عليه

الموطن الثامن والثلاثون من مواطن الصلاة عليه في بدل الصدقة
لمن لم يكن له مال فتجزئ الصلاة عليه عن الصدقة للمعسر
قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله ايما رجل لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها له زكاة رواه عنه ابن اخيه وهارون بن معروف

فصل
الموطن التاسع والثلاثون من مواطن الصلاة عليه عند النوم
قال أبو الشيخ في كتابه حدثنا اسحاق بن اسماعيل البرمكي حدثنا آدم أبي اياس حدثنا محمد بن نشر حدثنا محمد بن عامر قال قال أبو قرصافة سمعت رسول الله يقول من اوى إلى فراشه ثم قرأ تبارك الذي بيده الملك الملك 1 ثم قال اللهم رب الحل والحرم ورب البلد الحرام ورب الركن والمقام ورب المشعر الحرام بحق كل آية انزلتها في شهر رمضان بلغ روح محمد مني تحية وسلاما اربع مرات وكل الله تعالى بها الملكين حتى يأتي محمدا فيقولان له يا محمد إن فلان بن فلان يقرأ عليك السلام ورحمة الله فيقول وعلى فلان مني السلام ورحمة الله وبركاته
قال الحافظ أبو موسى نشر والد محمد بفتح النون
قلت وابو قرصافة ذكره ابن عبد البر في كتابه الصحابة وقال اسمه جندرة من بني كنانة له صحبة سكن فلسطين

وقيل كان يسكن تهامة ولكن محمد بن نشر هذا هو المدني قال فيه الازدي متروك الحديث مجهول
وقلت وعلة الحديث انه معروف من قول أبي جعفر الباقر وهذا اشبه والله اعلم

فصل
الموطن الاربعون من مواطن الصلاة عليه عند كل كلام ذي بال
فإنه يبتدئ بحمد الله والثناء عليه ثم بالصلاة على رسوله ثم يذكر كلامه بعد ذلك
إما ابتداؤه بالحمد فلما في مسند الإمام احمد وسنن أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله انه قال كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله فهو اجذم
واما الصلاة على النبي فروى أبو موسى المديني من حديث اسماعيل بن أبي زياد عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله كل كلام لا يذكر الله فيه فيبدأ به وبالصلاة علي فهو اقطع ممحوق من كل بركة // إسناده ضعيف //
فصل
الموطن الحادي والأربعون من مواطن الصلاة عليه في اثناء صلاة العيد
فإنه يستحب أن يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي
قال اسماعيل بن اسحاق حدثنا مسلم بن إبراهيم هشام الدستوائي حدثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوما فقال لهم إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه قال عبد الله تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة وتحمد ربك وتصلي على النبي ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تقرأ ثم تكبر وتكرع ثم تقوم وتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي محمد ثم تدعو وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل ذلك ثم تركع فقال حذيفة وابو موسى صدق أبو عبد الرحمن // إسناده حسن //
وفي هذا الحديث الموالاة بين القراءتين وهي مذهب أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن احمد وفيه تكبيرات العيد الزوائد ثلاثا ثلاثا وهو مذهب أبي حنيفة وفيه حمد الله والصلاة على

رسوله بين التكبيرات وهو مذهب الشافعي واحمد فأخذ أبو حنيفة به في عدد التكبيرات والموالاة بين القراءتين واخذ به احمد والشافعي في استحباب الذكر بين التكبيرات وابو حنيفة ومالك يستحبان سرد التكبيرات من غير ذكر بينهما ومالك لم يأخذ به في هذا ولا في هذا والله سبحانه وتعالى اعلم

الباب الخامس
في الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه
الأولى امتثال أمر الله سبحانه وتعالى
الثانية موافقته سبحانه في الصلاة عليه وان اختلفت الصلاتان فصلاتنا عليه دعاء وسؤال وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف كما تقدم
الثالثة موافقة ملائكته فيها
الرابعة حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة
الخامسة انه يرفع عشر درجات
السادسة انه يكتب له عشر حسنات
السابعة انه يمحي عنه عشر سيئات
الثامنة انه يرجى اجابة دعائه إذا قدمها امامه فهي تصاعد الدعاء إلى عند رب العالمين
التاسعة أنها سبب لشفاعته إذا قرنها بسؤال الوسيله له أو افردها كما تقدم حديث رويفع بذلك
العاشرة أنها سبب لغفران الذنوب كما تقدم
الحادية عشرة أنها سبب لكفاية الله العبد ما اهمه
الثانية عشرة أنها سبب لقرب العبد منه يوم القيامة

وقد تقدم حديث ابن مسعود رضي الله عنه بذلك
الثالثة عشرة أنها تقوم مقام الصدقة لذي العسرة
الرابعة عشرة أنها سبب لقضاء الحوائج
الخامسة عشرة أنها سبب لصلاة الله على المصلي وصلاة ملائكته عليه
السادسة عشرة أنها زكاة للمصلي وطهارة له
السابعة عشرة أنها سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته ذكره الحافظ أبو موسى في كتابه وذكر فيه حديثا
الثامنة عشرة أنها سبب للنجاة من اهوال يوم القيامة ذكره أبو موسى وذكر فيه حديثا
التاسعة عشرة أنها سبب لرد النبي الصلاة والسلام على المصلي والمسلم عليه
العشرون أنها سبب لتذكر العبد ما نسيه كما تقدم
الحادية والعشرون إنها سبب لطيب المجلس وان لا يعود حسرة على اهله يوم القيامة
الثانية والعشرون أنها سبب لنفي الفقر كما تقدم
الثالثة والعشرون أنها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره
الرابعة والعشرون أنها ترمي صاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها
الخامسة والعشرون أنها تنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله ورسوله ويحمد ويثني عليه فيه ويصلي على رسوله

السادسة والعشرون إنها سبب لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد الله والصلاة على رسوله
السابعة والعشرون إنها سبب لوفور نور العبد على الصراط وفيه حديث ذكره أبو موسى وغيره
الثامنة والعشرون انه يخرج بها العبد عن الجفاء
التاسعة والعشرون إنها سبب لابقاء الله سبحانه الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض لان المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه والجزاء من جنس العمل فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك
الثلاثون إنها سبب البركة في ذات المصلي وعمله وعمره واسباب مصالحه لان المصلي داع ربه يبارك عليه وعلى آله وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه
الحادية والثلاثون إنها سبب لنيل رحمة الله له لان الرحمة إما بمعنى الصلاة كما قاله طائفة واما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح فلا بد للمصلي عليه من رحمه تناله
الثانية والثلاثون إنها سبب لدوام محبته للرسول وزيادتها وتضاعفها وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به لان العبد كلما اكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه تضاعف حبه وتزايد شوقه اليه واستولى على جميع قلبه وإذا اعرض عن ذكره واحضار محاسنه بقلبه نقص حبه من قلبه ولا شيء اقر لعين المحب من رؤية محبوبه ولا اقر لقلبه من ذكره واحضار محاسنه فإذا قوي

هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه والحس شاهد بذلك حتى قال بعض الشعراء في ذلك
عجبت لمن يقول ذكرت حبي ... وهل أنسى فأذكر من نسيت
فتعجب هذا المحب ممن يقول ذكرت محبوبي لان الذكر يكون بعد النسيان ولو كمل حب هذا لما نسي محبوبه
وقال آخر
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل
فهذا اخبر عن نفسه أن محبته لها مانع له من نسيانها
وقال آخر
يراد من القلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على الناقل
فأخبر أن حبهم وذكرهم قد صار طبعا له فمن اراد منه خلاف ذلك ابت عليه طباعه أن تنتقل عنه والمثل المشهور من احب شيئا اكثر من ذكره وفي هذا الجناب الاشرف احق ما انشد
لو شق قلبي ففي وسطه ... ذكرك والتوحيد في سطر
فهذا قلب المؤمن توحيد الله وذكر رسوله مكتوبان فيه لا يتطرق اليهما محو ولا ازالة ولما كانت كثرة ذكر الشيء موجبة لدوام محبته ونسيانه سببا لزوال محبته أو اضعافها وكان سبحانه هو المستحق من عبادة نهاية الحب مع نهاية التعظيم بل الشرك الذي لا يغفره الله تعالى هو أن يشرك به في الحب والتعظيم فيحب غيره ويعظم من المخلوقات غيره كما يحب الله تعالى ويعظمه قال

تعالى ومن الناس من يتخذ من دونه الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله البقرة 165 فأخبر سبحانه أن المشرك يحب الند كما يحب الله تعالى وان المؤمن اشد حبا لله من كل شيء وقال أهل النار في النار تالله أن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين الشعراء 97 98 ومن المعلوم انهم إنما سووهم به سبحانه في الحب والتأله والعبادة وألا فلم يقل أحد قط أن الصنم أو غيره من الانداد مساو لرب العالمين في صفاته وفي افعاله وفي خلق السماوات والأرض وفي خلق عباده أيضا وانما كانت السوية في المحبة والعبادة
واضل من هؤلاء واسوأ حالا من سوى كل شيء بالله سبحانه في الوجود وجعله وجود كل موجود كامل أو ناقص فإذا كان الله قد حكم بالضلال والشقاء لمن سوى بينه وبين الاصنام في الحب مع اعتقادههم تفاوت ما بين الله وبين خلقه في الذات والصفات والافعال فكيف بمن سوى الله بالموجودات في جميع ذلك وزعم انه ما عبد غير الله في كل معبود

والمقصود أن دوام الذكر لما كان سببا لدوام المحبة وكان الله سبحانه احق بكمال الحب والعبودية والتعظيم والاجلال كان كثرة ذكره من انفع ما للعبد وكان عدوه حقا هو الصاد له عن ذكر ربه وعبوديته ولهذا أمر الله سبحانه بكثرة ذكره في القرآن وجعله سببا للفلاح فقال تعالى واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون الجمعة 10
وقال تعالى يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا الجمعة 41
وقال تعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات الأحزاب 35
وقال تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون المنافقون 9
وقال تعالى فاذكروني اذكركم البقرة 152
وقال النبي سبق المفردون قالوا يا رسول الله وما المفردون قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات
وفي الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي انه قال إلا أدلكم على خير اعمالكم وازكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من انفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى يا رسول الله قال ذكر الله تعالى // إسناده صحيح // وهو

في الموطأ موقوف على أبي الدرداء
قال معاذ بن جبل ما عمل آدمي عملا انجى له من عذاب الله من ذكر الله وذكر رسوله تبع لذكره
والمقصود أن دوام الذكر سبب لدوام المحبة فالذكر للقلب كالماء للزرع بل كالماء للسمك لا حياة له إلا به
وهو أنواع ذكره بأسمائه وصفاته والثناء عليه بها
الثاني تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله وتمجيده والغالب من استعمال لفظ الذكر عند المتأخرين هذا
الثالث ذكره بأحكامه واوامره ونواهيه وهو ذكر العالم بل الانواع الثلاثة هي ذكرهم لربهم
ومن افضل ذكره ذكره بكلامه
قال تعالى ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى طه 124 فذكره هنا كلامه الذي انزله على رسوله
وقال تعالى الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الرعد 28
ومن ذكره سبحانه دعاؤه واستغفاره والتضرع اليه فهذه خمسة أنواع من الذكر

الفائدة الثالثة والثلاثون أن الصلاة عليه سبب لمحبته للعبد فإنها إذا كانت سببا لزيادة محبة المصلى عليه له فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلي عليه
الرابعة والثلاثون أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه فإنه كلما اكثر الصلاة عليه وذكره واستولت محبته على قلبه حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من اوامره ولا شك في شيء مما جاء به بل يصير ما جاء به مكتوبا مسطورا في قلبه لا يزال يقرؤه على تعاقب احواله ويقتبس الهدى والفلاح وانواع العلوم منه وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة ومعرفة ازدادت صلاته عليه
ولهذا كانت صلاة أهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له على خلاف صلاة العوام عليه الذين حظهم منها ازعاج اعضائهم بها رفع اصواتهم واما اتباعه العارفون بسنته وهديه المتبعين له على خلاف العوام عليه الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها ورفع أصواتهم وأما أتباعه العارفون بسنته العالمون بما جاء به فصلاتهم عليه نوع آخر فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله تعالى
وهكذا ذكر الله سبحانه كلما كان العبد به اعرف وله اطوع واليه احب كان ذكره غير ذكر الغافلين اللاهين وهذا أمر إنما يعلم بالخبر لا بالخبر وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك حبه جميع قلبه ويثني عليه وبها ويمجده بها وبين من يذكرها إما امارة واما لفظا لا يدري ما معناه لا يطابق فيه قلبه لسانه كما انه فرق بين بكاء النائحة وبكاء الثكلى فذكره وذكر ما جاء به وحمد الله سبحانه على انعامه علينا ومنته بارساله هو حياة الوجود وروحه كما قيل
روح المجالس ذكره وحديثه ... وهدى لكل ملدد حيران

وإذا اخل في مجلس ... فأولئك الاموات في الحيان
الخامسة والثلاثون أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه وذكره عنده كما تقدم قوله أن صلاتكم معروضة علي
وقوله أن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن امتي السلام وكفى بالعبد نبلا أن يذكر اسمه بالخير بين يدي رسول الله وقد قيل في هذا المعنى
ومن خطرت منه خطرة ... حقيق بأن يتقدما
وقال الآخر
اهلا بما لم اكن اهلا لموقعه ... قول المبشر بعد اليأس بالفرج
لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت ثم على ما فيك من عوج
السادسة والثلاثون إنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه لحديث عبد الرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي وفيه ورأيت رجلا من امتي يزحف على الصراط ويحبو احيانا ويتعلق احيانا فجاءته علي فأقامته على قدميه وانقذته رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في - الترغيب والترهيب - وقال هذا حديث حسن جدا
السابعة والثلاثون أن الصلاة عليه أداء لاقل القليل من حقه وشكر له على نعمته التي انعم الله بها علينا مع أن الذي يستحقه من ذلك لا يحصى علما ولا قدرة ولا إرادة ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره واداء حقه
الثامنة والثلاثون إنها متضمنة لذكر الله تعالى وشكره ومعرفة انعامه على عبيده بإرساله فالمصلي عليه قد تضمنت

صلاته علي ذكر الله وذكر رسوله وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو اهله كما عرفنا ربنا واسماءه وصفاته وهدانا إلى طريق مرضاته وعرفنا مالنا بعد الوصول اليه والقدوم عليه فهي متضمنة لكل الإيمان بل هي متضمنة للإقرار بوجوب الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وارادته وحياته وكلامه وارسال رسوله وتصديقه في اخباره كلها وكمال محبته ولا ريب أن هذه هي اصول الإيمان فالصلاة عليه متضمنة لعلم العبد ذلك وتصديقه به ومحبته له فكانت من افضل الاعمال
التاسع والثلاثون أن الصلاة عليه من العبد هي دعاء ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان
أحدهما سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه في الليل والنهار فهذا دعاء وسؤال وايثار لمحبوب العبد ومطلوبه
والثاني سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه ويزيد في تشريفه وتكريمه وايثاره ذكره ورفعه ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه فالمصلي عليه قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله وآثر ذلك على طلبه حوائجه ومحابه هو بل كان هذا المطلوب من احب الأمور اليه وآثرها عنده فقد آثر ما يحبه الله ورسوله على ما يحبه هو فقد آثر الله ومحابه على ما سواه والجزاء من جنس العمل فمن آثر الله على غيره آثره الله على غيره واعتبر هذا بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم ورؤسائهم إذا ارادوا التقرب اليهم والمنزلة عندهم فإنهم يسألون المطاع أن ينعم على من يعلمونه احب رعيته اليه وكلما سألوه أن يزيد في حبائه واكرامه وتشريفه علت منزلتهم عنده وازداد قربهم

منه وحظوا بهم لديه لانهم يعلمون منه إرادة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه فاحبهم اليه اشدهم له سؤالا ورغبة أن يتم عليه انعامه واحسانه هذا أمر مشاهد بالحس ولا تكون منزلة هؤلاء ومنزلة المطاع حوائجه هو وهو فارغ من سؤاله تشريف محبوبه والانعام عليه واحدة فكيف بأعظم محب واجله لاكرم محبوب واحقه بمحبة ربه له ولو لم يكن من فوائد الصلاة عليه إلا هذا المطلوب وحده لكفى المؤمن به شرفا
وها هنا نكتة حسنة لمن علم امته دينه وما جاء به ودعاهم اليه وحضهم عليه وصبر على ذلك وهي أن النبي له من الاجر الزائد على اجر عمله مثل اجور من اتبعه فالداعي إلى سنته ودينه والمعلم الخير للامة إذا قصد توفير هذا الحظ على رسول الله وصرفه اليه وكان مقصوده بدعاء الخلق إلى الله التقرب اليه بارشاد عباده وتوفير اجور المطيعين له على رسول الله مع توفيتهم اجورهم كاملة كان له من الاجر في دعوته وتعليمه بحسب هذه النية وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم

الباب السادس
في الصلاة على غير النبي وآله تسليما
أما سائر الأنبياء والمرسلين فيصلي عليهم ويسلم
قال تعالى عن نوح عليه السلام وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين انا كذلك نجزي المحسنين الصافات 78 80
وقال تعالى عن إبراهيم خليله وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم الصافات 108 و 109
وقال تعالى في موسى وهارون وتركنا عليهما في الآخرين سلام على موسى وهرون الصافات 119 و 120
وقال تعالى سلام على الياسين الصافات 130 فالذي تركه سبحانه على رسله في الآخرين هو السلام عليهم المذكور
وقد قال جماعة من المفسرين منهم مجاهد وغيره وتركنا عليهم في الآخرين الثناء الحسن ولسان الصدق للانبياء كلهم وهذا قول قتادة أيضا ولا ينبغي أن يحكى هذا قولين للمفسرين كما يفعله من له بحكاية الأقوال بل هما قول واحد فمن قال إن المتروك هو السلام عليهم في الآخرين نفسه فلا ريب أن قوله

سلام على نوح جملة في موضع نصب ب تركنا والمعنى أن العالمين يسلمون على نوح ومن بعده من الأنبياء ومن فسره بلسان الصدق والثناء الحسن نظر إلى لازم السلام وموجبة وهو الثناء عليهم وما جعل لهم من لسان الصدق الذي لاجله إذا ذكروا سلم عليهم
وقد زعمت طائفة منهم ابن عطية وغيره أن من قال تركنا عليه ثناء حسنا ولسان صدق كان سلام على نوح في العالمين جملة ابتدائية لا محل لها من الاعراب وهو سلام من الله سلم به عليه قالوا فهذا السلام من الله امنة لنوح في العالمين أن يذكره أحد بشر قاله الطبري
وقد يقوي هذا القول انه سبحانه اخبر أن المتروك عليه هو في الآخرين وان السلام عليه في العالمين وبأن ابن عباس رضي الله عنهما قال ابقى الله عليه ثناء حسنا
وهذا القول ضعيف لوجوه
أحدها انه يلزم منه حذف المفعول ل تركنا ولا يبقى في الكلام فائدة على التقدير فإن المعنى يؤول إلى انا تركنا عليه في الآخرين امرا مالا ذكر له في اللفظ لان السلام عند هذا القائل منقطع مما قبله لا تعلق له بالفعل
الثاني انه لو كان المفعول محذوفا كما ذكروه لذكره في موضع واحد ليدل على المراد منه حذفه ولم يطرد في جميع من اخبر انه ترك عليه في الآخرين الثناء الحسن وهذه طريقة القرآن بل وكان فصيح أن يذكر الشيء في موضع ثم يحذفه في موضع اخر لدلالة المذكور على المحذوف واكثر ما تجده مذكورا

وحذفه قليل واما أن يحذف حذفا مطردا ولم يذكره في موضع واحد ولا في اللفظ ما يدل عليه فهذا لا يقع في القرآن
الثالث أن في قراءة ابن مسعود وتركنا عليه في الآخرين سلاما بالنصب وهذا وهذا يدل على أن المتروك هو السلام نفسه
الرابع انه لو كان السلام منقطعا مما قبله لاخل ذلك بفصاحة الكلام وجزالته ولما حسن الوقوف على ما قبله وتأمل هذا بحال السامع إذا سمع قوله وتركنا عليه في الآخرين كيف يجد قلبه متشوقا متطلعا إلى تمام الكلام واجتناء الفائدة منه ولا يجد فائدة الكلام انتهت وتمت ليطمئن عندها بل يبقى طالبا لتمامها وهو المتروك فالوقف على الآخرين ليس بوقف تام
فإن قيل فيجوز حذف المفعول من هذا الباب لان ترك هنا بمعنى اعطى لانه اعطاه ثناءا حسنا ابقاه عليه في الآخرين ويجوز في باب اعطى ذكر المفعولين وحذفهما والاقتصار على أحدهما وقد وقع ذلك في القرآن كقوله انا اعطيناك الكوثر فذكرهما
وقال تعالى فأما من اعطى الليل 5 فحذفهما
وقال تعالى ولسوف يعطيك ربك الضحى فحذف الثاني واقتصر على الأول
وقال يؤتون الزكاة فحذف الأول واقتصر على الثاني قيل فعل الاعطاء فعل مدح فلفظه دليل على أن المفعول المعطى قد ناله عطاء المعطي والاعطاء احسان ونفع وبر فجاز ذكر المفعولين وحذفهما والاقتصار على أحدهما بحسب الغرض المطلوب من الفعل فإن كان المقصود ايجاد ماهية الاعطاء

المخرجة للعبد من البخل والشح والمنع المنافي للاحسان ذكر الفعل مجردا كما قال تعالى فأما من اعطى واتقى ولم يذكر ما أعطى ولا من اعطى وتقول فلان يعطي ويتصدق ويهب ويحسن
وقال النبي اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت لما كان المقصود بهذا تفرد الرب سبحانه بالعطاء والمنع لم يكن لذكر المعطى ولا لحظ المعطى معنى بل المقصود أن حقيقة العطاء والمنع اليك لا إلى غيرك بل أنت المتفرد بها لا يشركك فيها أحد فذكر المفعولين هنا يخل بتمام المعنى وبلاغته وإذا كان المقصود ذكرهما ذكرا معا كقوله تعالى انا اعطيناك الكوثر الكوثر 1 فإن المقصود اخباره لرسوله بما خصه به واعطاه اياه من الكوثر ولا يتم هذا إلا بذكر المفعولين وكذا قوله تعالى ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا الانسان 8 وإذا كان المقصود أحدهما فقط اقتصر عليه كقوله تعالى ويؤتون الزكاة المقصود به انهم يفعلون هذا الواجب عليهم ولا يهملونه فذكره لانه هو المقصود وقوله عن أهل النار لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين المدثر 43 44 لما كان المقصود الإخبار عن المستحق للاطعام انهم بخلوا عنه ومنعوه حقه من الاطعام وقست قلوبهم عنه كان ذكره هو المقصود دون المطعوم
وتدبر هذه الطريقة في القرآن وذكره للاهم المقصود وحذفه

لغيره يطلعك على باب من ابواب اعجازه وكمال فصاحته
واما فعل الترك فلا يشعر بشيء من هذا ولا يمدح به فلو قلت فلان يترك لم يكن مفيدا فائدة اصلا بخلاف قولك يطعم ويعطي ويهب ونحوه بل لا بد أن تذكر ما يترك ولهذا لا يقال فلان تارك ويقال معط ومطعم ومن اسمائه سبحانه المعطي فقياس ترك على اعطى من افسد القياس و سلام على نوح في العالمين الصافات 79 جملة محكية
قال الزمخشري وتركنا عليه في الآخرين الصافات 78 من الامم هذه الكلمة وهي سلام على نوح يعني يسلمون عليه تسليما ويدعون له وهو من الكلام المحكي كقولك قرأت سورة انزلناها
الخامس انه قال سلام على نوح في العالمين فأخبر سبحانه أن هذا السلام عليه في العالمين ومعلوم أن هذا السلام فيهم هو سلام العالمين عليه كلهم يسلم عليه ويثني عليه ويدعو له فذكره بالسلام عليه فيهم واما سلام الله سبحانه وتعالى عليه فليس مقيدا بهم ولهذا لا يشرع أن يسأل الله تعالى مثل ذلك فلا يقال السلام على رسول الله في العالمين ولا اللهم صل وسلم على رسولك في العالمين ولو كان هذا هو سلام الله لشرع أن يطلب من الله على الوجه الذي سلم به
واما قولهم أن الله سلم عليه في العالمين وترك عليه في الآخرين فالله سبحانه وتعالى ابقى على انبيائه ورسله سلاما وثناء حسنا فيمن تأخر بعدهم جزاء على صبرهم وتبليغهم رسالات ربهم

واحتمالهم للاذى من اممهم في الله واخبر أن هذا المتروك على نوح هو عام في العالمين وان هذه التحية ثابتة فيهم جميعا لا يخلون منها فادامها عليه في الملائكة والثقلين طبقا بعد طبق وعالما بعد عالم مجازاة لنوح عليه السلام بصبره وقيامه بحق ربه وبأنه أول رسول ارسله الله إلى أهل الأرض وكل المرسلين بعده بعثوا بدينه كما قال تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا الشورى 13
وقولهم أن هذا قول ابن عباس فقد تقدم أن ابن عباس وغيره إنما ارادوا بذلك أن السلام عليه من الثناء الحسن ولسان الصدق فذكروا معنى السلام عليه وفائدته والله سبحانه اعلم
واما الصلاة عليهم فقال اسماعيل بن اسحاق في كتابه حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا عمر بن هارون عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة أن النبي قال صلوا على انبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني تسليما رواه الطبراني عن الدبري عن عبد الرزاق عن الثوري عن موسى
وقال الطبراني حدثنا ابن أبي مريم حدثنا الفريابي حدثنا سفيان عن موسى بن عبيدة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله إذا صليتم علي فصلوا على انبياء الله فإن الله بعثهم كما بعثني // إسناده ضعيف //

وفي الباب عن انس وقيل عن انس عن أبي طلحة
قال الحافظ أبو موسى المديني وبلغني بإسناد عن بعض السلف انه رأى آدم عليه الصلاة و السلام في المنام كأنه يشكو قلة صلاة بنيه عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين
وموسى وان كان ضعيفا فحديثه يستأنس به
وقد حكى غير واحد الإجماع على أن الصلاة على جميع النبيين مشروعة منهم الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله وغيره قد حكي عن مالك رضي الله عنه رواية انه لا يصلى على غير نبينا ولكن قال اصحابه هي مؤولة بمعنى انا لم نتعبد بالصلاة على غيره من الأنبياء كما تعبدنا الله بالصلاة عليه

فصل
واما من سوى الأنبياء فآل النبي يصلي عليهم بغير خلاف بين الأمة
واختلف موجبو الصلاة على النبي في وجوبها على آله على قولين مشهورين لهم وهي طريقتان للشافعية
إحداهما أن الصلاة واجبة على النبي وفي وجوبها على الآل قولان للشافعي هذه طريقة امام الحرمين والغزالي
والطريقة الثانية أن في وجوبها على الال وجهين وهي الطريقة المشهورة عندهم والذي صححوه إنها غير واجبة عليهم
واختلف أصحاب احمد في وجوب الصلاة على آله وفي ذلك وجهان لهم وحيث اوجبوها فلو ابدل لفظ الال بالاهل فقال اللهم صل على محمد وعلى أهل محمد ففي الاجراء وجهان
وحكى بعض أصحاب الشافعي الإجماع على أن الصلاة على الال مستحبة لا واجبة ولا يثبت في ذلك إجماع

فصل
وهل يصلى على آله منفردين عنه فهذه المسألة على نوعين
أحدهما أن يقال اللهم صل على آل محمد فهذا يجوز ويكون داخلا في آله فالإفراد عنه وقع في اللفظ لا في المعنى
الثاني أن يفرد واحد منهم بالذكر فيقال اللهم صل على علي أو على حسن أو حسين أو فاطمة ونحو ذلك فاختلف في ذلك وفي الصلاة على غير آله من الصحابة ومن بعدهم فكره ذلك مالك وقال لم يكن ذلك من عمل من مضى وهو مذهب أبي حنيفة أيضا وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وبه قال طاووس
وقال ابن عباس لا ينبغي الصلاة إلا على النبي
قال اسماعيل بن اسحاق حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد حدثني عثمان بن حنيف عن عكرمة عن ابن عباس انه قال لا تصلح الصلاة على أحد إلا على النبي ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالإستغفار

وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز
قال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان قال كتب عمر بن عبد العزيز إما بعد فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة وان القصاص قد احدثوا في الصلاة على خلفائهم وامرائهم عدل صلاتهم على النبي فإذا جاءك كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة ويدعو ما سوى ذلك
وهذا مذهب أصحاب الشافعي ولهم ثلاثة اوجه
أحدها انه منع تحريم
والثاني وهو قول الاكثرين انه منع كراهية تنزيه
والثالث انه من باب ترك الأولى وليس بمكروه حكاها النووي في الاذكار قال والصحيح الذي عليه الاكثرون انه مكروه كراهة تنزيه
ثم اختلفوا في السلام هل هو في معنى الصلاة فيكره أن يقال السلام على فلان أو قال فلان عليه السلام فكرهه طائفة منهم أبو محمد الجويني ومنع أن يقال عن علي عليه السلام وفرق آخرون بينه وبين الصلاة فقالوا السلام يشرع في حق كل مؤمن حي وميت وحاضر وغائب فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام وهو تحية أهل الإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول ولهذا يقول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يقول الصلاة علينا وعلى عباد الله الصالحين فعلم الفرق

واحتج هؤلاء بوجوه
أحدها قول ابن عباس وقد تقدم
الثاني أن الصلاة على غير النبي وآله قد صارت شعار أهل البدع وقد نهينا عن شعارهم ذكره النووي
قلت ومعنى ذلك أن الرافضة إذا ذكروا ائمتهم يصلون عليهم بأسمائهم ولا يصلون على غيرهم ممن هو خير منهم واحب إلى الرسول فينبغي أن يخالفوا في هذا الشعار
الثالث ما احتج به مالك رحمه الله أن هذا لم يكن من عمل من مضى من الأمة ولو كان خيرا لسبقونا اليه
الرابع أن الصلاة قد صارت مخصوصة في لسان الأمة بالنبي تذكر مع ذكر اسمه كما صار عز و جل وسبحانه وتعالى مخصوصا بالله عز و جل يذكر مع ذكر اسمه ولا يسوغ أن يستعمل ذلك لغيره فلا يقال محمد عز و جل ولا سبحانه وتعالى فلا يعطي المخلوق مرتبة الخالق فهكذا لا ينبغي أن يعطى غير النبي مرتبته فيقال قال فلان
الخامس أن الله سبحانه قال لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا النور 63 فأمر سبحانه إلا يدعى باسمه كما يدعى غيره باسمه فكيف يسوغ أن تجعل الصلاة عليه كما تجعل على غيره في دعائه والاخبار عنه هذا مما لا يسوغ اصلا
السادس أن النبي شرع لامته في التشهد أن يسلموا

على عباد الله الصالحين ثم يصلوا على النبي فعلم أن الصلاة عليه حقه الذي لا يشركه في أحد
السابع أن الله سبحانه ذكر الأمر بالصلاة عليه في معرض حقوقه وخواصه التي خصه بها من تحريم نكاح أزواجه وجواز نكاحه لمن وهبت نفسها له ايجاب اللعنة لمن آذاه وغير ذلك من حقوقه واكدها بالأمر بالصلاة عليه والتسليم فدل على أن ذلك حق له خاصة وآله تبع له فيه
الثامن أن الله سبحانه شرع للمسلمين أن يدعو بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض ويترحم عليه في حياته وبعد موته وشرع لنا أن نصلي على النبي في حياته وبعد موته فالدعاء حق للمسلمين والصلاة حق لرسول الله فلا يقوم أحدهما مقام الآخر ولهذا في صلاة الجنازة إنما يدعى للميت ويترحم عليه ويستغفر له ولا يصلى عليه بدل ذلك فيقال اللهم صل عليه وسلم وفي الصلوات يصلى على النبي ولا يقال بدله اللهم اغفر له وارحمه ونحو ذلك بل يعطى كل ذي حق حقه
التاسع أن المؤمن احوج الناس إلى أن يدعى له بالمغفرة والرحمة والنجاة من العذاب واما النبي فغير محتاج أن يدعى له بذلك فالصلاة عليه زيادة في تشريف الله له وتكريمه ورفع درجاته وهذا حاصل له وان غفل عن ذكره الغافلون فالامر بالصلاة عليه احسان من الله للامة ورحمة بهم لينيلهم كرامته بصلاتهم على رسوله بخلاف غيره من الأمة فإنه يحتاج إلى من يدعو له ويستغفر له ويترحم عليه ولهذا جاء الشرع بهذا في محله وهذا في محله

العاشر انه لو كانت الصلاة على غيره سائغة فإما أن يقال باختصاصها ببعض الأمة أو يقال تجوز على كل مسلم
فإن قيل باختصاصها فلا وجه له وهو تخصيص من غير مخصص وان قيل بعدم الاختصاص وانها تسوغ لكل من يسوغ الدعاء له فحينئذ تسوغ الصلاة على المسلم وان كان من أهل الكبائر فكما يقال اللهم تب عليه اللهم اغفر له يقال اللهم صل عليه وهذا باطل
وان قيل تجوز على الصالحين دون غيرهم فهذا مع انه لا دليل عليه ليس له ضابط فإن كون الرجل صالحا أو غير صالح وصف يقبل الزيادة والنقصان وكذلك كونه وليا لله وكونه متقيا وكونه مؤمنا كل ذلك يقبل الزيادة والنقصان فما ضابط من يصلى عليه من الأمة ومن لا يصلى عليه
قالوا فعلم بهذه الوجوه العشرة اختصاص الصلاة بالنبي وآله
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا تجوز الصلاة على غير النبي وآله
قال القاضي أبو الحسين بن الفراء في رؤوس مسائله وبذلك قال الحسن البصري وخصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير قال وهو قول الإمام احمد نص عليه في رواية أبي داود وقد سئل اينبغي أن يصلي على أحد إلا على النبي قال اليس قال علي لعمر رضي الله عنهما صلى الله عليك قال وبه قال اسحاق بن راهويه وابو ثور ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم وحكى أبو

بكر بن أبي داود عن ابيه ذلك قال أبو الحسين وعلى هذا العمل واحتج هؤلاء بوجوه
أحدها قوله سبحانه وتعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم التوبة 103 فأمر سبحانه أن يأخذ الصدقة من الأمة وان يصلي عليهم ومعلوم أن الأئمة بعده يأخذون الصدقة كما كان يأخذها فيشرع لهم أن يصلوا على المتصدق كما كان يصلى عليه النبي
الثاني في الصحيحين من حديث شعبة عن عمرو عبن عبد الله بن أبي اوفى قال كان النبي إذا اتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي اوفى
والاصل عدم الاختصاص وهذا ظاهر في انه هو المراد من الاية
الثالث ما رواه حجاج عن أبي عوانة عن الاسود بن قيس عن نبيه العنزي عن جابر بن عبد الله أن امرأة قالت يا رسول الله صل علي وعلى زوجي فقال صلى الله عليك وعلى زوجك // إسناده قوي // رواه احمد وابو داود في السنن
الرابع ما رواه ابن سعد في كتاب الطبقات من حديث ابن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن عليا دخل

على عمر وهو مسجى فلما انتهى اليه قال صلى الله عليك ما أحد القى إلى الله بصحيفته احب الي من هذا المسجى بينكم
الخامس ما رواه اسماعيل بن اسحاق حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم القارئ عن نافع عن ابن عمر انه كان يكبر على الجنازة ويصلي على النبي ثم يقول اللهم بارك فيه وصل عليه واغفر له واورده حوض نبيك // إسناده صحيح //
السادس أن الصلاة هي الدعاء وقد امرنا بالدعاء بعضنا لبعض احتج بهذه الحجة أبو الحسين
السابع ما رواه مسلم في صحيحه من حديث حماد بن زيد عن بديل عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها قال حماد فذكر من طيب ريحها وذكر المسك قال ويقول أهل السماء روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه وذكر الحديث هكذا قال مسلم عن أبي هريرة موقوفا وسياقه يدل على انه مرفوع فإنه قال بعده وان الكافر إذا خرجت روحه قال حماد وذكر من نتنها وذكر لعنا ويقول أهل السماء روح خبيثة جاءت من قبل الأرض قال فيقال انطلقوا به إلى آخر الاجل قال أبو هريرة فرد رسول الله ريطة كانت على انفه هكذا

وهذا يدل على أن رسول الله حدثهم بالحديث وقد رواه جماعة عن أبي هريرة مرفوعا منهم أبو سلمة وعمر بن الحكم واسماعيل السدي عن أبيه عن أبي هريرة وسعيد بن يسار وغيرهم
وقد استوفيت الكلام على هذا الحديث وامثاله في - كتاب الروح -
قالوا فإذا كانت الملائكة تقول للمؤمن صلى الله عليك جاز ذلك للمؤمنين بعضهم لبعض
الثامن قوله أن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير // حديث حسن صحيح //
وقد قال تعالى هو الذي يصلي عليكم وملائكته الأحزاب 43
التاسع ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف
وفي حديث آخر عنها إن رسول الله قال إن الله

وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف وقد تقدم في أول الكتاب صلاة الملائكة على من صلى على النبي
العاشر ما احتج به القاضي أبو يعلى ورواه بإسناد من حديث مالك بن يخامر عن النبي مرسلا انه قال اللهم صل على أبي بكر فإنه يحب الله ورسوله اللهم صل على علي فإنه يحب الله ورسوله اللهم صل على عمرو بن العاص فإنه يحب الله ورسوله
الحادي عشر ما رواه يحيى بن يحيى في موطئه عن مالك عن عبد الله بن دينار قال رأيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقف على قبر النبي فيصلي على النبي وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما هذا لفظ يحيى بن يحيى
الثاني عشر انه قد صح أن النبي نص على أزواجه في الصلاة وقد تقدم
قالوا وهذا على اصولكم الزم فإنكم لم تدخلوهن في آله الذي تحرم عليهم الصدقة فإذا جازت الصلاة عليهن جازت على غيرهن من الصحابة رضي الله عنهم
الثالث عشر انكم قد قلتم بجواز الصلاة على غير النبي وآله تبعا له فقلتم بجواز أن يقال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد واصحابه وازواجه وذريته واتباعه
قال أبو زكريا النووي واتفقوا على جواز جعل غير الأنبياء تبعا لهم في الصلاة ثم ذكر هذه الكيفية وقال للأحاديث

الصحيحة في ذلك وقد أمرنا به في التشهد ولم يزل السلف عليه خارج الصلاة أيضا
قلت ومنه الاثر المعروف عن بعض السلف اللهم صل على ملائكتك المقربين وانبيائك والمرسلين واهل طاعتك اجمعين من أهل السماوات والارضين
الرابع عشر ما رواه أبو يعلى الموصلي عن ابن زنجويه حدثنا أبو المغيرة حدثنا أبو بكر بن أبي مريم حدثنا ضمرة بن حبيب بن صهيب عن أبي الدرداء عن زيد بن ثابت أن رسول الله انه دعاه وامره أن يتعاهد به اهله كل يوم قال قل حين تصبح لبيك اللهم لبيك لبيك وسعديك والخير في يديك ومنك واليك اللهم ما قلت من قول أو نذرت من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه ما شئت منه كان وما لم تشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بك أنت على كل شيء قدير اللهم وما صليت من صلاة فعلى من صليت وما لعنت من لعن فعلى من لعنت أنت وليي في الدنيا والاخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين // إسناده ضعيف //
ووجه الاستدلال انه لو لم تشرع الصلاة على غير النبي ما صح الاستثناء فيها فإن العبد لما كان يصلي على من ليس بأهل للصلاة ولا يدري استثنى من ذلك كما استثنى في حلفه ونذره

وقال الاولون الجواب عما ذكرتم من الأدلة إنها نوعان نوع منها صحيح وهو غير متناول لمحل النزاع فلا يحتج به ونوع غير معلوم الصحة فلا يحتج به أيضا وهذا إنما يظهر بالكلام على كل دليل دليل
إما الدليل الأول وهو قوله تعالى وصل عليهم فهذا في غير محل النزاع لأن كلامنا في انه هل يسوغ لاحدنا أن يصلي على غير النبي وآله أم لا
واما صلاة النبي على من صلى عليه فتلك مسألة أخرى فأين هذه من صلاتنا عليه التي امرنا بها قضاء لحقه هل يجوز أن يشرك معه غيره فيها أم لا يؤكده الوجه الثاني أن الصلاة عليه حق له يتعين على الأمة أداؤه والقيام به واما هو فيخص من اراد ببعض ذلك الحق وهذا كما تقول في شاتمه ومؤذيه أن قتله حق لرسول الله يجب على الأمة القيام به واستيفاؤه وان كان يعفو عنه حتى كان يبلغه ويقول رحم الله موسى لقد اوذي بأكثر من هذا فصبر
وبهذا حصل الجواب عن الدليل الثاني أيضا وهو قوله اللهم صل على آل أبي اوفى
وعن الدليل الثالث أيضا وهو صلاته على تلك المرأة وزوجها
واما دليلكم الرابع وهو قول علي لعمر صلى الله عليك فجوابه من وجوه

أحدها انه قد اختلف على جعفر بن محمد في هذا الحديث فقال انس بن عياض عن جعفر بن محمد عن ابيه أن عليا لما غسل عمر وكفن وحمل على سريره وقف عليه فأثنى عليه وقال والله ما على الأرض رجل احب الي أن القى بصحيفته من هذا المسجى بالثوب وكذلك رواه محمد ويعلي ابنا عبيد عن حجاج الواسطي عن جعفر ولم يذكر هذه اللفظة ورواه ورقاء عن عمرو عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر عن علي ولم يذكر لفظة الصلاة بل قال رحمك الله وكذلك رواه عارم بن الفضل عن حماد بن زيد عن ايوب وعمرو بن دينار وأبي جهضم قالوا لما مات عمر فذكروا الحديث دون لفظ الصلاة وكذلك رواه قيس بن الربيع عن قيس بن مسلم عن ابن الحنفية
الثاني أن الحديث الذي فيه الصلاة لم يسنده ابن سعد بل قال في الطبقات اخبرنا بعض اصحابنا عن سفيان بن عيينة انه سمع منه هذا الحديث عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جابر عن عبد الله فذكره وقال لما انتهى اليه فقال له صلى الله عليك وهذا المبهم لعله لم يحفظه فلا يحتج به
الثالث انه معارض بقول ابن عباس لا ينبغي الصلاة على أحد إلا على النبي وقد تقدم
قالوا واما دليلكم الخامس وهو قول ابن عمر في صلاة الجنازة اللهم صل عليه فجوابه من وجوه
أحدها أن نافع بن أبي نعيم ضعيف عندهم في الحديث

وان كان في القراءة اماما قال الأمام احمد يؤخذ عنه القرآن وليس في الحديث بشيء والذي يدل على أن هذا ليس بمحفوظ عن ابن عمر أن مالكا في موطئه لم يروه عن ابن عمر وانما روى اثرا عن أبي هريرة فلو كان هذا عند نافع مولاه لكان مالك اعلم به من نافع بن أبي نعيم
الثاني أن قول ابن عباس يعارض ما نقل عن ابن عمر
واما دليلكم السادس أن الصلاة دعاء وهو مشروع لكل مسلم فجوابه من وجوه
أحدها انه دعاء مخصوص مأمور به في حق الرسول وهذا لا يدل على جواز أن يدعى به لغيره لما ذكرنا من الفروق بين الدعاء وغيره مع الفرق العظيم بين الرسول وغيره فلا يصح الالحاق به لا في الدعاء ولا في المدعو له
الثاني انه كما لا يصح أن يقاس عليه دعاء غيره لا يصح أن يقاس على الرسول غيره فيه
الثالث أنه ما شرع في حق الرسول لكونه دعاء بل لاخص من مط بل لاخص من مط لق الدعاء وهو كونه صلاة متضمنة لتعظيمه وتمجيده والثناء عليه كما تقدم تقريره وهذا اخص من مطلق الدعاء
واما دليلكم السابع وهو قول الملائكة لروح المؤمن صل الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه فليس بمتناول لمحل النزاع فإن النزاع إنما هو هل يسوغ لاحدنا أن يصلي على غير الرسول وآله واما الملائكة فليسوا بداخلين تحت احكام تكاليف البشر حتى يصح قياسهم عليه فيما يقولونه ويفعلونه فأين احكام

الملك من احكام البشر فالملائكة رسل الله في خلقه وامره يتصرفون بأمره لا بأمر البشر وبهذا خرج الجواب عن كل دليل فيه صلاة الملائكة
واما قولكم أن الله يصلي على المؤمنين وعلى معلم الناس الخير
جوابه انه في غير محل النزاع وكيف يصح قياس فعل العبد على فعل الرب وصلاة العبد دعاء وطلب وصلاة الله على عبده ليست دعاء وانما هي اكرام وتعظيم ومحبة وثناء واين هذا من صلاة العبد
واما دليلكم العاشر وهو حديث مالك بن يخامر وفيه صلاة النبي على أبي بكر وعمر ومن معهما فجوابه من وجوه
أحدها انه لا علم لنا بصحة هذا الحديث ولم تذكروا اسناده لننظر فيه
الثاني انه مرسل
الثالث انه في غير محل النزاع كما تقدم
واما دليلكم الحادي عشر أن ابن عمر كان يقف على قبر النبي فيصلي عليه وعلى أبي بكر وعمر فجوابه من وجوه
أحدها أن ابن عبد البر قال انكر العلماء على يحيى بن يحيى ومن تابعه في الرواية عن مالك عن عبد الله بن دينار رأيت ابن عمر يقف على قبر النبي فيصلي على النبي

وعلى أبي بكر وعمر وقالوا إنما الرواية لمالك وغيره عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر انه كان يقف على قبر النبي فيصلي على النبي ويدعو لابي بكر وعمر وكذلك رواه ابن القاسم والقعنبي وابن بكير وغيرهم عن مالك ففرقوا بما وصفت لك بين ويدعو لأبي بكر وعمر وبين فيصلي على النبي وان كانت الصلاة قد تكون دعاء لما خص به من لفظ الصلاة
قلت وكذلك هو في موطأ ابن وهب لفظ الصلاة مختص بالنبي والدعاء لصاحبيه
الثاني أن هذا من باب الاستغناء عن أحد الفعلين بالأول منهما وان كان غير واقع على الثاني كقول الشاعر
علفتها تبنا وماءباردا ... حتى غدت همالة عيناها
وقول الآخر
ورأيت زوجك قد غدا ... متقلدا سيفا ورمحا
وقول الآخر
وزججن الحواجب والعيونا

فلما كان الفعل الأول موافقا للفعل الثاني في الجنس العام اكتفى به منه لان العلف موافق للسقي في التغذية وتقلد السيف موافق لحمل الرمح في معنى الحمل وتزجيج الحواجب موافق لكحل العيون في الزينة وهكذا الصلاة على النبي موافقة للدعاء لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في معنى الدعاء والطلب
الثالث أن ابن عباس قد خالفه كما تقدم
واما دليلكم الثاني عشر بالصلاة على أزواجه ففاسد لانه إنما صلى عليهن لاضافتهن اليه ودخولهن في آله واهل بيته فهذه خاصة له واهل بيته وزوجاته تبع له فيها
واما قولكم انه الزم على اصولنا فإنا لا نقول بتحريم الصدقة عليهن فجوابه أن هذا وان سلم دل على انهن لسن من الال الذين تحرم عليهم الصدقة لعدم القرابة التي يثبت بها التحريم لكنهن من أهل بيته الذين يستحقون الصلاة عليهم ولا منافاة بين الأمرين
واما دليلكم الثالث عشر وهو جواز الصلاة على غيره تبعا وحكايتكم الاتفاق على ذلك فجواه من وجهين
أحدهما أن هذا الاتفاق غير معلوم الصحة والذين منعوا الصلاة على غير الأنبياء منعوها مفردة وتابعة وهذا التفصيل وان كان معروفا عن بعضهم فليس كلهم يقوله
الثاني انه لا يلزم من جواز الصلاة على اتباعه تبعا للصلاة عليه جواز افراد المعين أو غيره بالصلاة عليه استقلالا

وقوله للأحاديث الصحيحة في ذلك فليس في الاحاديث الصحيحة الصلاة على غير النبي وآله وازواجه وذريته ليس فيها ذكر اصحابه ولا اتباعه في الصلاة
وقوله أحرنا بها في التشهد فالمأمور به في التشهد الصلاة على آله وازواجه لا على غيرهما
واما دليلكم الرابع عشر وهو حديث زيد بن ثابت الذي فيه اللهم ما صليت من صلاة فعلى من صليت ففيه أبو بكر بن أبي مريم ضعفه احمد وابن معين وابو حاتم والنسائي والسعدي وقال ابن حبان كان من خيار أهل الشام ولكنه كان رديء الحفظ يحدث بشيء فيهم وكثر ذلك حتى استحق الترك
وفصل الخطاب في هذه المسألة أن الصلاة على غير النبي إما أن يكون آله وازواجه وذريته أو غيرهم فان كان الأول فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي وجائزة مفردة
واما الثاني فإن كان الملائكة واهل الطاعة عموما الذين يدخل فيهم الأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضا فيقال اللهم صل على ملائكتك المقربين واهل طاعتك اجمعين وان كان شخصا معينا أو طائفة معينة كره أن يتخذ الصلاة عليه شعارا لا يخل به ولو قيل بتحريمه لكان له وجه ولا سيما إذا جعلها شعارا له ومنع منها نظيره أو من هو خير منه وهذا كما تفعل الرافضة بعلي رضي الله عنه فإنهم حيث ذكروه قالوا عليه الصلاة و السلام ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه فهذا ممنوع لا سيما

إذا اتخذ شعارا لا يخل به فتركه حينئذ متعين واما أن صلى عليه احيانا بحيث لا يجعل ذلك شعارا كما صلي على دافع الزكاة وكما قال ابن عمر للميت صلى الله عليه وكما صلى النبي على المرأة وزوجها وكما روي عن علي من صلاته على عمر فهذا لا بأس به
وبهذا التفصل تتفق الأدلة وينكشف وجه الصواب والله الموفق