كتاب : التقريرات السنية شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث
المؤلف : حسن محمد المشاط

بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لمن نضر وجوه أهل الحديث وجعل مكانتهم عالية في القديم والحديث وأصلي وأسلم على سيدنا محمد مرفوع المقام وعلى آله وأصحابه الذين عز بهم الاسلام
أما بعد فهذه التقريرات السنية في شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث دعت الحاجة إلى جمعها لناشئة العصر لا سيما ابناء مدرستنا الصولتية لتكون لهم عونا في فهم ما أشكل ومنهجا واضحا لما فوقها من المطول راجيا من الله تعالى أن يقرن ذلك بالقبول ويجعله من العمل الخالص الموصل للمأمول وما وجدت أيها الناظر في ذلك من صواب فمن الله مجزل العطاء أو من خطأ فمن قصوري وأنا الحري بالخطأ
وبالله اعتمادي وإليه استنادى قال الناظم رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
ابدأ منظومتى بدءا إضافيا بالحمد لله تعالى اقتداء بالكتاب العزيز وعملا بقوله صلى الله عليه و سلم كل امر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع رواه أبو داود وغيره وحسنه ابن الصلاح مصليا أي أصلي حال كوني مصليا فهي حال مؤكدة حذف عاملها أي ومسلما على سيدنا محمد خير نبي أرسلا بألف الاطلاق أي أرسل لعموم الخلق وبعد ابتدائي بالبسملة والحمد والصلاة فأقول وذي أي المسائل الآتي ذكرها حال كونها من أقسام الحديث عدة قدرها اثنان وثلاثون منها ما يختص بالمتن كالمرفوع ومنها ما يختص بالسند كالعالي والنازل ومنها ما يرجع لهما كالصحيح والحسن وهو علم بقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من صحة وحسن وضعف
وموضوعه الراوي والمروي من حيث القبول والرد
وفائدته معرفة ما يقبل وما يرد
وأراد بالاقسام ما يشمل الأنواع لأن أقسام الحديث محصورة في الثلاثة ووجه الحصر أن الحديث إما أن يشتمل من أوصاف القبول على أعلاها فالصحيح أو على أدناها فالحسن أو لم يشتمل عليهما فالضعيف
وكل واحد من هذه الأقسام أتى أي يأتي في النظم وحده بالدال المشددة المفتوحة أي مع حده وتعريفه

الحديث الصحيح
أولها أي الاقسام الصحيح لذاته المجمع على صحته عندهم وهو أي حد الصحيح المذكور ما أي متن اتصل اسناده أي اسناد ذلك المتن بأن يكون قد رواه كل من رجاله عن شيخه من أول السند الى آخره فخرج المرسل والمنقطع والمعضل والمعلق الصادر ممن لم يشترط الصحه
واعلم ان الاسناد هو الاخبار عن طريق المتن كالسند وقبل السند نفس الطريق ولا يقال لكل واحد من رواه الحديث على انفراده سند بل لسلسلة الرواه لأن السند يتصف بما لايتصف بما لا يتصف بة الواحد من الاتصال والانقطاع ونحوهما فاحفظ والحال انه ام يشذ أو يعل بالبناءللمجهول فبهما أي لم يدخله شذوذ ولا عله قادحه في صحه الحديث والشذوذ مخالفه الثقه لمن هو أوثق منه ولا فرق بين العله الظاهره كالفسق وسوء الحفظ والخفيه كالوقف في الحديث المرفوع يرويه عدل في الروايه وهو المسلم المكلف السالم من الفسق وصغائر الخسه فخرج الفاسق والمجهول عينا كحدثنا رجل أوحالا كحدثنا زيد ولا نعرف صفته ودخل رواية المرأة ورواية الرقيق ضابط ضبط صدر وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء أو ضبط كتاب وهو صيانته عنده من يوم سمع ما فيه وصححه الى أن يؤدي منه عن مثله يتعلق بيروي أي يرويه عدل ضابط عن عدل مثله من أول السند الى منتهاه وهو النبي صلى الله عليه و سلم أو الصحابي أو التابعي فدخل في الصحيح المرفوع والموقوف والمقطوع معتمد بفتح الميم صفة لضابط في ضبطه من صدره لما يمليه ونقله من كتابه لما يرويه فعلم أن الصحيح لذاته ما جمع شروطا

خمسة اتصال السند والسلامة من الشذوذ والسلامة من العلة القادحة وأن يكون كل من رواته عدل رواية وضابطا
مثاله ما رواه البخاري من طريق الاعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لولا أن اشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل صلاة
وحكمه أنه صالح للاحتجاج به والاستشهاد بالاتفاق في الأصول والفروع كما أنه يجب العمل به بالشروط

الحديث الحسن
والحسن أي تعريفه الحديث المعروف طرقا بضم فسكون أي

المعروف رواته المخرجون له وهذا كناية عن اتصال السند وذلك كأن يكون الحديث من رواية راو اشتهر برواية أهل بلده كقتادة في البصريين فإن حديثهم اذا جاء عن قتادة ونحوه ممن هو بمنزلته كان مخرجه أي رواته معروفين لشهرة سلسلة قتادة عند المحدثين
فخرج المرسل والمنقطع والمعضل والمدلس قبل أن يتبين تدليسه فإنه لا يدري حينئذ من سقط فلا يكون متصلا
وغدت أي صارت رجاله أي مخرجوه غير مشتهرة بالعدالة والضبط لاكا شتهار رجال الصحيح اشتهرت بل اشتهارا أقل من ذلك
وعلم من هذا أن الحسن يشارك الصحيح في اتصال سنده وعدالة رواته وضبطهم وان لم يصلوا درجة رواة الصحيح
وبقي من شرط الصحيح السلامة من الشذوذ ومن العلة
فالحد الجامع للحسن هو ما اتصل سنده بنقل عدل ضابط قل ضبطه قلة لا تلحقه بحال من يعد تفرده منكرا وسلم من الشذوذ ومن العلة
فبقوله اتصل سنده دخل الصحيح وبنقل عدل ضابط قل ضبطه خرج

الصحيح وبما بقي خرج الضعيف
وما ذكر هو الحسن لذاته مثاله لولا أن أشق على أمتي بالنظر لرواية محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة فإن محمدا مشهور بالصدق لكنه ليس في غاية الحفظ حتى ضعفه بعضهم لسوء حفظه ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته
وأما الحسن لغيره فهو ما في اسناده مستور لم تتحق أهليته غير أنه لم يكن مغفلا ولا كثير الخطأ فيما يرويه ولا متهما بالكذب ولا ينسب إلى مفسق آخر وتقوى بمتابع أو شاهد والمتابع ما روي باللفظ والشاهد ما روي بالمعنى نقصا مثاله ما رواه الترمذي عن هشيم عن يزيد عن عبد

الرحمن عن البراء مرفوعا إنه حقا على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة الحديث
فهشيم ضعيف لتدليسه لكن لما تابعه أبو يحي التيمي كان حسنا
وحكم الحسن أنه يحتج به كالصحيح وإن كان لا يلحق به رتبة

الحديث الضعيف
وكل ما عن رتبة الحسن والصحة بالأولى أي وكل حديث قصر وانحط عن رتبتهما فهو الحديث الضعيف ويقال له المردود لأنه لايحتج به في الاحكام الشرعية وهو أقساما أي بالنظر إلى أقسامه كثر أوصلها

بعضهم إلى ثلثمائة وإحدى وثمانين لا طائل تحتها وتتفاوت درجاته في

الضعف بحسب بعده عن شروط الصحة مثاله حديث إن النبي صلى الله عليه و سلم توضأ ومسح على الجوربين لأنه يروى عن أبي قيس الأودي فائدة المراد بالحكم على الحديث بالصحة ونحوها إنما هو فيما ظهر لائمة الحديث عملا بظاهر الاسناد لا القطع بالصحة في نفس الأمر لجواز الخطأ والنسيان على الثقة والضبط والصدق على غيره وذلك في غير المتواتر أما المتواتر فإنه مقطوع بصحته

الحديث المرفوع
وما أضيف أي الحديث الذي أضافه صحابي أو تابعي أو من بعدهما للنبي صلى الله عليه و سلم قولا كان أو فعلا ومن الفعل التقرير اتصل سنده أم لا هو المرفوع فدخل المتصل والمرسل والمنقطع والمعضل والمعلق وخرج الموقوف والمقطوع وسمي بذلك لارتفاع رتبته بإضافته للنبي صلى الله عليه و سلم
الحديث المقطوع
وما أي المتن الذي أضيف لتابع وكذا من دونه قولا أو فعلا حيث خلا عن قرينة الرفع والوقف هو المقطوع وهو ليس بحجة إذ ذاك أما إن كان فيه قرينة تدل على الرفع فمرفوع حكما أو قرينة تدل على الوقف فموقوف كقول الراوي عن التابعي من السنة كذا
الحديث المسند
والحديث المسند يعرف عند الحاكم بأنه المتصل الاسناد من

راوية حتى إي إلى أن ينتهي إلى المصطفى صلى الله عليه و سلم فلا يستعمل إلا في المرفوع والمتصل وذلك كاسناد مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم وقوله ولم يبن أي والحال ان الاسناد لم ينقطع جملة مؤكدة لما قبلها

وحكمه الصحة أو الحسن والحسن أو الضعف
فائدة الاتصال بنقل ثقة عن ثقة إلى أن يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم مما اختصت به هذه الامة المحمدية

الحديث المتصل
وما أي والحديث الذي بسمع أي بسبب سماع كل راد من رواته ممن فوقه يتصل اسناده للمصطفى صلى الله عليه و سلم أو لصاحبه موقوفا عليه ف ذلك هو المتصل ويقال له أيضا الموصول والمؤتصل
فدخل المرفوع كما لك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم والموقوف كما لك عن نافع عن ابن عمر

وخرج بقيد الاتصال المرسل والمنقطع والمعلق والمعضل ومعنعن الاسناد قبل تبين سماعه
وبقيد السماع خرج اتصال السند بغير السماع كاتصاله بالإجازة كأن يقول أجازني فلان قال أجازني فلان
وعلم المسند أخص من المتصل فكل مسند متصل ولا عكس وحكمه كسابقه

الحديث المسلسل
مسلسل من التسلسل وهو لغة التتابع واصطلاحا قسمان الأول حديث اتفقت رجاله على وصف الرواة كما أشار اليه بقوله قل في رسمه

باعتبار الرواة ما على وصف واحد اتى به رواته سواء كان الوصف قوليا مثل أما والله أنبأني بقلب الهمزة الثانية ألفا واما بتخفيف الميم بمنزلة ألا الاستفتاحية الفتى ثم يقول الاخر مثل ذلك
مثاله قوله صلى الله عليه و سلم لمعاذ رضي الله عنه إني أحبك فقل في دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك فإنه مسلسل بقول كل من رواته إني أحبك الخ
أو فعليا كحديث أبي هريرة شبك بيدي أبو القاسم صلى الله صلى الله عليه و سلم خلق الله الأرض يوم السبت
فإنه مسلسل بتشبيك كل منهم بيد من رواه عنه
كذاك من الفعلي اذا قال قد حدثنيه قائما ثم يفعل الآخر مثل ذلك أو قال بعد أن حدثني الحديث تبسما فإن كلا من القيام والتبسم وصف فعلي وقد يجتمع الوصف القولي والفعلي معا كحديث أنس رضي الله عنه مرفوعا لا يجد العبد حلاوة الايمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره قال وقبض رسول الله صلى الله عليه و سلم على لحيته وقال آمنت بالقدر

فإنه مسلسل بقبض كل منهم على لحيته مع قوله آمنت بالقدر
والقسم الثاني ما اتفقت رجاله على وصف للتحمل كسمعت فلانا أو على امر متعلق بزمن الرواية أو مكانها أو نحو ذلك
فائدة من فضيلة المسلسل اشتماله على مزيد الضبط من الرواة
واعلم أنه أفضل مسلسل ما دل على اتصال السماع وعدم التدليس
وقلما يسلم المسلسل من ضعف يحصل في وصفه لا في أصل الحديث فإن الاقسام الثلاثة تجري فيه قال الحافظ اصح مسلسل يروى في الدنيا المسلسل بقراءة سورة الصف

الحديث العزيز
عزيز بلا تنوين للضرورة من عز يعز بفتح عين المضارع بمعنى

قوي سمي بذلك لكونه تقوى بمجيئه من طريق أخرى أو بكسر العين بمعنى قل لقلة وجوده وقد عرفه بقوله هو مروي بحذف الياء لفظا للوزن اثنين او ثلاثة ولو من طبقة واحدة من طبقاته فخرج بالاثنين الغريب لأنه مروي واحد وبالثلاثة المشهور

الحديث المشهور
مشهور باسقاط التنوين مروي فوق ما ما زائدة ثلاثة أي هو الحديث

الذي رواه ما زاد على الثلاثة فمفهومه أن ما رواه الثلاثة ليس مشهورا وقد صرح بتسميته عزيزا وهو خلاف المعول عليه الذي ذكره الحافظ في النخبة من أن العزيز ما رواه اثنان فقط والمشهور ما رواه ثلاثة فأكثر والغريب ما رواه واحد
مثال العزيز حديث الشيخين عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين رواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ورواه عن قتادة

شعبة وسعيد ورواه عن عبد العزيز اسماعيل بن علية وعبد الوارث ورواه عن كل جماعة ومثال المشهور حديث إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا
وحكمهما الصحة أو الحسن أو الضعف

الحديث المعنعن
معنعن بفتح العينين هو الحديث الذي روي بلفظ عن من غير بيان للتحديث أو الأخبار أو السماع واكتفى الناظم عن تعريفه بالمثال فقال كعن سعيد وعن كرم
وحكمه عند الجمهور الاتصال بشرطين سلامة معنعنة من التدليس وثبوت ملاقاته لمن روى بعن عند البخاري في جامعة واكتفى مسلم أي في

صحيحه عن الشرط الثاني بثبوت كونهما في عصر واحد ومثله الحديث المؤنن وهو ما روي بلفظ أن كحدثنا فلان أن فلانا قال كذا

الحديث المبهم
ومبهم من الحديث أي حده هو ما أي حديث فيه راو لم يسم أي لم يذكر باسمه بل أبهم وأخفى سواء كان رجلا أو امرأة في المتن والاسناد مثاله في المتن حديث عائشة أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن غسلها من المحيض قال خذي فرصة من مسك فتطهري بها الحديث واسم هذه المرأة أسماء بنت شكل على صحيح والفرصة بكسر الفاء قطعة من صوف ونحوه ومثاله

في الاسناد ما اذا قيل حدثني سفيان عن رجل وحكمه الضعف إذا كان في السند ولم يعلم لعدم وروده في طريق أخرى أما في المتن فلا يضر وفائدته معرفته زوال الجهالة

الحديث العالي والحديث النازل
وكل ما أي حديث قلت رجاله علا أي يسمى عندهم بالعالي

وقسموه خمسة أقسام
الأول القرب من رسول الله صلى الله عليه و سلم بسند صحيح ويسمى العلو المطلق
والثاني القرب من إمام من أئمة الحديث ذي صفة عالية كالحفظ والضبط ونحوهما من الصفات المقتضية للترجيح مثل الامام مالك والشافعي

الثالث القرب إلى كتاب من كتب الحديث المعتبرة
الرابع ما كان علوا بقدم موت الراوي عن شيخ على موت راو آخر عن ذلك الشيخ وإن كانا متساويين في العدد
الخامس تقدم السماع من الشيخ فمن تقدم سماعه من شيخ كان اعلى ممن سمع من ذلك الشيخ نفسه بعده
وهذه أي ضد ما قلت رجاله ذاك السند الذي قد نزلا بألف الاطلاق أي هو المسمى عندهم بالنازل لبعده عن النبي صلى الله عليه و سلم وقسموه خمسة أقسام أيضا فإن كل قسم من العلو يقابل قسما من أقسام الصحيح
فائدة قال الامام أحمد طلب السند العالي سنة عمن سلف
وقال غيره قرب الاسناد قربة إلى الله تعالى وأعلى ما يقع للبخاري ما بينه وبين الصحابة فيه اثنان ولمسلم ما بينه وبين الصحابة فيه ثلاثة

الحديث الموقوف
وما أي والحديث الذي أضفته الى جنس الأصحاب فاللام للجنس مبطلة لمعنى الجمعية أي والحديث المضاف إلى صحابي سواء اتصل اسناده اليه أم اليه أم انقطع وسواء كان الحديث من قول أي للصحابي كقال ابن عمر كذا وفعل كأوتر ابن عمر على الدابة في السفر فهو موقوف زكن أي علم عندهم

لكن إن خلا عن قرينة تدل على الرفع أما إذا وجدت بأن لم يكن للاجتهاد فيه مدخل فهو في حكم المرفوع كما في رواية البخاري كان ابن عمر وابن عباس ويقصران ويقطران في أربعة برد فمثل هذا لا يكون من جهة الاجتهاد نعم ما يضاف إلى تابعي يستعمل موقوفا مقيدا فيقال موقوف على سعيد بن المسيب مثلا

الحديث المرسل
ومرسل بصيغة اسم المفعول لغة مأخوذ من الارسال وهو الاطلاق فكأن الراوي المرسل أطلق الاسناد ولم يقيده بجميع الرواة
واصطلاحا هو الحديث الذي منه أي من اسناده الصحابي سقط بأن رفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم وأسقط الصحابي وهذا خلاف الصحيح عندهم اذ

لو علم أن الساقط هو الصحابي لما ساغ لأحد أن يختلف في حجيته مع أن الجمهور على ضعفه وعدم حجيته فالصحيح أن يقال ان المرسل هو ما رفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم سواء كان التابعي كبيرا وهو من كان أكثر روايته عن

الصحابة كسعيد بن المسيب أو صغيرا كمحمد بن شهاب الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري قال في طلعة الأنوار
( ما رفع التابع مرسل وقيل ... كبيرهم لكن ذاك المستطيل )

الحديث الغريب
وقل غريب هو لغة المنفرد عن وطنه سمي الحديث بذلك الانفراد

راوية عن غيره واصطلاحا هو ما أي الحديث الذي رواه راو واحد فقط أي تفرد في المتن أو الاسناد بأمر لا يذكره غيره من الرواة مثاله ما جاء مرفوعا الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب فإنه تفرد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر

وكحديث انما الأعمال بالنيات رواه عبد المجيد عن زيد بن أسلم قال الخليلي أخطأ عبد المجيد وهو غير محفوظ من حديث زيد بوجه وحكمه أن فيه الصحيح والحسن والضعيف وهو الغالب قال الامام أحمد رحمه الله تعالى لا تكتبوا الغرائب فإنها مناكير وغالبها عن الضعفاء

الحديث المنقطع
وكل ما أي حديث لم يتصل بحال من الأحوال اسناده بأن سقط منه راو واحد أو أكثر كان الساقط صحابيا أو غيره في أوله أولا منقطع الأوصال أي ما ذكر هو المنقطع والأوصال جمع وصل أصله المفصل تمم به البيت

وهذا الحد للحافظ ابن عبد البر والمشهور أنه ما سقط من رواته واحد قبل الصحابي في الموضع الواحد من أي موضع كان والأول أقرب للمعنى

اللغوي لأن الانقطاع ضد الاتصال وهو أعم لصدقه على المعلق والمرسل والمعضل لكن الثاني أكثر استعمالا
وأعلم أن المنقطع من صفات الإسناد بخلاف المقطوع فإنه من صفات المتن
وحكم المنقطع الضعف عند غير الامام مالك مالك رحمه الله تعالى

الحديث المعضل
والمعضل بصيغة اسم المفعول لغة مأخوذ من قوله أعضلة فلان اذا أعياه أمره سمي الحديث بذلك لأن المحدث الذي حدث به كأنه أعضله وأعياه

فلم ينتفع به من يرويه واصطلاحا الحديث الساقط منه أي من سنده اثنان فصاعدا من أي موضع كأن سقط الصحابي والتابعي أو التابعي وتابعه أو اثنان قبلهما لكن بشرط توالي الساقطين أما اذا سقط واحد بين رجلين ثم سقط من موضع آخر من الاسناد واحد آخر فهو منقطع في موضعين
مثال المعضل ما رواه الامام مالك رحمه الله تعالى في الموطأ أنه قال بلغني أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال للملوك طعامه وكسوته الحديث
فإن مالكا وصله خارج الموطأ عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة فعرفنا بذلك سقوط اثنين
وحكمه انه من أقسام الضعيف

الحديث المدلس
وما أي والحديث الذي أتى حال كونه مدلسا بفتح اللام المشددة نوعان وهو لغة مأخوذ من الدلس بالتحريك وهو اختلاط الظلام بالنور سمي

الحديث بذلك لاشتراكهما في الخفاء النوع الأول تدليس الاسناد وهو أن يسقط الراوي اسم شيخه ويرتقى إلى شيخ شيخه أو من فوقه ممن هو معاصر لذلك الراوي فيسند ذلك إليه بلفظ لا يقتضي اتصالا لئلا يكون كذبا كقوله عن فلان وإلى هذا أشار بقوله الأول الاسقاط للشيخ الذي حدثه لكونه

صغيرا أو ضعيفا ولو عند غيره فقط وأن ينقل عمن أي عن شيخ شيخه فمن فوقه ومن عرف للمدلس وهو فاعل التدليس لقاؤه ب لفظ موهم للسماع ولا يقتضيه مثل عن فلان وأن بالتسكين هنا للوقف وأصلها التشديد مثل أن فلانا ومثلهما قال فلان وإن لم يعاصر المدلس المروي عنه فلا يسمى

تدليسا على المشهور وعلى مقابله فالتدليس أن يحدث الرجل عمن لم يسمع منه بلفظ غير صريح في السماع
قال ابن عبد البر وعلى هذا فما سلم من التدليس لا مالك ولا غيره
وحكمه عدم قبول المدلس فيه ولكن إذا صرح المدلس المعروف بالتدليس بما يقتضي الاتصال كأن يقول سمعت أو حدثنا أو أخبرنا وكان ثقة قبل مرويه والنوع الثاني من نوعي التدليس تدليس الشيوخ وهو أن يسمى شيخه الذي سمع منه بغير اسمه المعروف أو بصفة بما لم يشتهر به من كنية أو لقب أو نسبة إلى بلد أو قبيلة لأجل أن تصعب على غيره الطريق وإلى هذا أشار بقوله والثان بحذف الياء للضرورة هو أنه لا يسقطه أي لا يسقطه شيخه الذي حدثه بالحديث بل يذكره ولكن يصف أوصافه أي يذكر أوصاف الشيخ بما أي بالشيء الذي به أي بذلك الشيء لا ينعرف ولا يشتهر به الشيخ
مثاله قول أبي بكر بن مجاهد حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله

يريد به عبد الله بن أبي السجستاني ولو قال الناظم
( والثاني لم يسقطه لكن يصف ... أوصافه بما به لا يعرف )
لكان صوابا فإنه لا ينعرف لا يعرف لغة
وحكم تدليس الشيوخ يختلف بحسب الغرض الحامل عليه فإن كان لضعف الشيخ المروي عنه فيدلسه حتى لا تظهر روايته عن الضعفاء فالحرمة لتضمنه الغش والخيانة ولا يقبل خبره
وإن كان لصغر سنه عن المدلس حتى شاركه في الأخذ عنه من هو دونه فالكراهة ولا يقبل لأنه رواية مجهول إلا إذا عرف من روى عنه

الحديث الشاذ
وما يخالف راو ثقة أى عدل ضابط فيه أي في الحديث أي في منته أو في سنده بزيادة أو نقصان الملا أي الجماعة الثقاب فيما رووه أو من هو أحفظ أو أضبط مع عدم إمكان الجمع بأن كان يلزم من قبوله رد غيره فالشاذ أي فهو المسمى عندهم بالشاذ المشترط انتفاؤه في حد الصحيح أما إذا أمكن الجمع فلا

يكون شاذا ويقبل حديث الثقة حينئذ مثال الشذوذ في المتن ما رواه أبو داود وغيره من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه فإن المحفوظ روايته من فعل النبي صلى الله عليه و سلم لا من قوله وانفرد عبد الواحد بهذا اللفظ
ومثاله في السند ما رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عوسجه ان رجلا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يدع وارثا إلا مولى هو اعتقه

فإن المحفوظ فيه ما رواه الترميذي والنسائي وإبن ماجه من طريق ابن عيينه عن عمرو عن عوسجه عن مولاه ابن عباس
ويقابل الشاذ المحفوظ وحكم الأول الضعف بخلاف المحفوظ فالقبول لاشتماله على صفة مقتضيه للترجيح ككثرة عدد أو قوة حفظ أوضبط

الحديث المقلوب
والمقلوب مشتق من القلب وهو تبديل شيء بآخر على الوجه الآتي

وهو قسمان تلا أي تبع الشاذ في النظم الأول أن يكون الحديث مشهورا براو فيجعل مكانه راو آخر في طبقته كالحديث المشهور بسالم فأبدل بنافع

وبالعكس وإليه أشار بقوله ابدال راو اشتهر به الحديث ما أي أي راو كان من السند براو آخر مكانه ليصير مرغوبا فيه لغرابته قسم أول مثاله حديث رواه عمرو بن خالد الحراني عن حماء النصيبي وحماد وضاع كما في الميزان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا ( إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدءوهم بالسلام ) الحديث
قلبه حماد فجعله عن الأعمش وإنما هو معروف بسهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هكذا رواه مسلم في صحيحه
والثاني تبديل اسناد متن بإسناد متن آخر وتبديل اسناد هذا المتن بالإسناد الأول كما قال وقلب اسناد لمتن فيجعل لمتن آخر مروي بسند آخر قسم ويجعل هذا المتن لاسناد آخر ثان وإنما يفعل ذلك لقصد الكشف عن حال المحدث مثاله ما وقع لأهل بغداد مع إمام الفن البخاري لما قدم عليهم جمعوا له مائة حديث وجعلوا متن هذا الاسناد لإسناد آخر واسناد هذا

المتن لمتن آخر وألقوا ذلك عليه فرد كل متن إلى إسناده وكل اسناد إلى متنه فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل
وحكمه أنه لا يجوز إلا لقصد الاختبار في الحفظ ثم يرجع المقلوب إلى ما كان عليه وإذا فعل لقصد الإغراب فلا يجوز قطعا

الحديث الفرد
والفرد لغة الوتر واصطلاحا قسمان الأول الفرد المطلق وهو حديث انفرد به بسنده راو وحكمه الصحة إن بلغ الراوي الضبط التام ولم يخالف غيره الارجح منه والحسن إن قاربه ولم يخالف غيره الأرجح منه أيضا

والشذوذ إن خالف غيره الأرجح مع كونه ثقة والنكر إن خالف غيره الراجح مع كونه ضعيفا والترك إن لم يخالف مع اتهامه بالكذب ونحوه فالحفظ تظفر
والثاني الفرد المقيد وهو ما كان التفرد فيه بالنسبه لجهة مخصوصة وهو المشار إليه بقوله ما أي الحديث الذي قيدته بثقة تفرد به عن غيره من الثقاب

كقولك في الحديث إن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الأضحى والفطر ب ق واقتربت الساعة لم يروه ثقة إلا ضميره
وإتما قيدت بالثقة لرواية عبد الله بن لهيعة له وقد ضعفه الجمهور أو قيدته بجمع أي جماعة من بلد معين كقولهم تفرد به أهل مكة ورواته فيهم متعددون أو قيدته بقصر أي اقتصار على رواية راو معين كقولك تفرد به فلان عن فلان وهو مروي من وجوه عن غيره كحديث ابن عيينه عن وائل عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن أنس ان النبي صلى الله عليه و سلم أولم على صفية بسويق وتمر لم يروه عن بكر غير وائل ولم يروه عن وائل غير ابن عيينه وهو حديث صحيح
تنبيه ليس في أقسام الفرد المقيد ضعف من حيث كونه فردا لكن إذا قيد بالنسبة لثقة قرب من حكم الفرد المطلق لأن رواية غير الثقة كلا رواية الا إذا كان يعتبر حديثه

الحديث المعلل
وما أي والحديث الذي تلبس بعلة ذات غموض وخفاء في سنده أو

في منته مع أن الظاهر السلامة منها ف أو في قوله أو خفا بمعنى الواو لأنه تفسير للغموض فذلك الحديث معلل عندهم قد عرفا ويقال له المعلول أيضا

وحاصله أنه حديث فيه أمر خفي قادح يظهر للنقاد بعد البحث عن طرق الحديث وهذا الأمر الخفي يسمى علة كالارسال الخفي والارسال الظاهر للحديث الموصول فإنه لايعرف عند سماع الحديث الموصول الإ بالبحث

وتدرك العلة بعد جمع الطرق والفحص عنها بتفرد الراوي أو بمخالفة غيره ممن هو أحفظ وأضبط أو أكثر عددا مع قرائن تضم إلى ذلك يهتدي الناقد بذلك إلى اطلاعه على تصويب إرسال في الموصول أو تصويب وقف في المرفوع أو إدراج حديث في حديث ونحو ذلك بحيث يغلب على ظنه ذلك فيحكم أو يتردد فيتوقف والعلة القادحة تكون في الاسناد فتقدح في صحة المتن كالوقف للمرفوع وتكون في المتن كحديث نفي قراءة البسملة المروي عن أنس فإنه لما سمع قتادة قول أنس صليت خلف النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين
ظن نفي البسملة بذلك الحديث فنقله مصرحا بما ظنه فقال عقب ذلك فلم يكونوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم فصار النفي حينئذ مرفوعا

الحديث المضطرب
وذو أي وحديث صاحب اختلاف سند أي اختلاف في سند كما هو الغالب ويكون باختلاف في وصل وإرسال أو إثبات راو أو حذفه ونحو ذلك أو في متن أو فيهما سواء كان من راو واحد بأن رواه ذلك الواحد مرة على وجه مخالف للآخر لا يمكن الجمع معها وإلا تعين الجمع ومع عدم الترجيح بحفظ أو كثرة عدد أو غيرها من المرجحات وألا تعين الراجح وخبر

ذو قوله مضطرب عند أهيل الفن أي فالحديث الموصوف بما ذكر مشهور عندهم بأنه مضطرب بكسر الراء
مثاله في الاسناد حديث شيبتني هود وأخواتها فإنه اختلف فيه على

أبي اسحاق فقيل عنه عن عكرمة وقيل عنه عن البراء وقيل عنه عن الأحوص وقيل غير ذلك
ومثاله في المتن حديث فاطمة بنت قيس قالت سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن الزكاة فقال إن في المال حقا سولى الزكاة
هكذا رواه الترمذي من رواية شريك عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة
ورواه ابن ماجة من هذا الوجه ليس في المال حق سوى الزكاة وهذا المثال كاف في الايضاح فلا يعترض بإمكان الجمع بحمل الأول على المندوب والثاني على الواجب لأنه ليس من دأب المحصلين
وحكمه الضعف لإشعاره بعدم ضبط راويه أو راوته فاجتنبه ثم إذا كان في اسم رجل وأبيه وكان ثقة فهو غير ضعيف

المدرج في الحديث
والمدرجات جمع مدرج جعلوه من أقسام الحديث نظرا لما أدرج فيه
وهو لغة الادخال وصطلاحا قسمان مدرج في السند ومدرج في المتن

الأول أقسام مذكورة في المطولات
والثاني وهو المدرج في الحديث ما اي الفاظ أتت من بعض الفاظ الرواة في العبارة تقديم وتأخير والأصل ما أتت من الفاظ بعض الرواة سواء كان البعض صحابيا أو غيره كان الكلام لنفسه أو لغيره لكن بشرط أن يوصله بالحديث من غيره بيان أن ما أدرجه ليس من الحديث وهذا معنى قوله اتصلت أي الألفاظ بآخر الحديث وهو الغالب أو كانت في أثنائه أو في أوله فلم يفصل بين الحديث وبين هذا الكلام بذكر قائله حتى يقع اللبس بذلك فيتوهم من لم يعرف الحقيقة أن الجميع مرفوع
مثاله حديث الزهري عن عائشة كان النبي صلى الله عليه و سلم يتحنث في حراء وهو التعبد الليالي ذوات العدد
فقوله وهو التعبد مدرج في الحديث
واعلم أن سبب الادراج تفسير لفظ غريب كما مثل أو استنباط حكم فهمه بعض الرواة
ويعرف الادراج بوروده مفصولا بطريق آخر أو بتصريح الراوي بذلك ونحوه وحكمه المنع لتضمنه نسبة القول لغير قائله نعم ما أدرج لتفسير غريب

يسامح فيه كما قال شيخ الاسلام ولذا فعله الزهري في حديث عائشة وغيره من الأئمة

الحديث المدبج
ما أي والحديث الذي روا كل قرين عن أخه أي قرينه المساوي له في السند أي الأخذ عن الشيوخ في السن أيضا كما هو الكثير وخبر ما

قوله مدبج سواء كان ذلك من الصحابة كرواية كل من عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما عن الآخر أو من التابعين كرواية كل من الزهري وعمر بن

عبد العزيز عن الآخر أو من غيرهما كرواية كل من مالك والليث عن الآخر
أما في اللغة فهو مأخوذ من ديباجي الوجه أي جانبيه سمي بذلك لتساوي القرنين وتقابلهما
وخرج بالكلية في قوله كل قرين ما إذا انفرد أحد القرينين بالروايةعن الأخروهو المسمى برواية الأقرن كرواية زائدة بن قدامة عن زهير بن معاوية فإنه لايعلم لزهير رواية عنه
فالمدبج أخص من رواية الأقران اذ كل مدبج رواية أقران ولا عكس
وخرج بالقرين ما إذا روى عمن دونه سنا أو رتبة ويسمى رواية أكابر عن أصاغر كرواية الزهري عم مالك
فاعرفه أي أعلمه علما حقا وانتخه أي افتخر بمعرفة فإنه مهم لإفادته الأمن من ظن الزيادة في السند فإذا روى الليث عن مالك مثلا وهما قرينان عن الزهري فلا يظن أن قوله عن مالك زائد وأن الأصل روى الليث عن الزهري
وحكمه أنه قد يكون صحيحا أو حسنا أو ضعيفا

الحديث المتفق والمتفرق
متفق هو خبر مقدم عن قوله متفق آخر الشطر يعني انه الحديث الذي اتفقت في سنده أسماء الرواة لفظا وخطا أي في اللفظ والخط متفق

عندهم وأما في الأشخاص والمسميات فبينهما افتراق واختلاف وهذا معنى قوله وضده أي ومثل المتفق فيما أي في الاتفاق الذي ذكرناه في اللفظ والخط دون المسمى والشخص هو المفترق أي المسمى بذلك لافتراق الأسماء بافتراق المسميات
والمراد أن القسم الذي يسمى بالمتفق والمفترق هو ما اتفق في الخط واللفظ دون المسمى فهو من قبيل المشترك اللفظي فهو متفق من حيث اللفظ والخط مفترق من حيث الأشخاص والاعتبار باتفاق الخط بالحروف بقطع النظرعن النقط والشكل

وله أقسام مبسوطة في المبسوطات
ومثاله حماد لاتدري أهو ابن زيد أو ابن سلمة كذلك عبدالله اذا أطلق
قال سلمة بن سليمان اذا قيل عبدالله بمكة فهو ابن الزبير وبالمدينة فابن عمر وبالكوفة فابن مسعود وبالبصرة فابن عباس وبخراسان فابن المبارك
ومن فوائده الاحتراز عن أن يظن الشخصان شخص واحدا وعن أن يظن الثقة ضعيفا والضعيف ثقة

الحديث المؤتلف والمختلف
مؤتلف مأخوذ من الائتلاف وهو الاتفاق ويعرف بأنه متفق أي

حديث أتفق في سنده اسم الراوي ونحوه مع غيره في الخط فقط دون اللفظ فإنه فيه مختلف وقوله وضده أي مثل المؤتلف وهو المختلف في اللفظ مختلف أي مسمى بذلك ومراده أن الحديث الذي يكون كذلك يسمى بالمؤتلف والمختلف فهو قسم واحد وتحته قسمان
الأول ما لا ضابط له لكثرته كأسيد مصغرا وأسيد مكبرا
والثاني ما ينضبط لقلته في أحد الطرفين نحو عماره كله بضم العين الا أبي بن عمارة الصحابي فبكسرها
وكقولهم كل ما وقع في الصحيحين والموطأ فهو حازم بالحاء المهمله والزاي لا خارم
وفائدته الاحتراز عن الوقوع في التصحيف الذي هو الخطأ في الحروف بالنقط فإذا علمت ذلك فاخش واحذر الغلط أي الوقوع فيه فإنه مهم لا يدخله قياس وليس قبله أو بعده ما يرفع الالتباس

تنبيه هذا غير النوع المسمى بمختلف الحديث وهو أن يكون الحديثين تناف ظاهرا فيجمع بينهما كحديث لا عدوى ولا طيره مع حديث فر من المجذوم فرارك من الأسد

الحديث المنكر
والحديث المنكر أي تعريفه الحديث الفرد أي الذي انفرد به أي بروايته راو موصوف بكونه غدا أي صار تعديله أي توثيق الغير إياه

توثيقا لا يحمل أي لايحتمل التفردا يعني لايبلغ من العداله والضبط مبلغ من يقبل تفرده بل هو قاصر عن ذلك
مثاله حديث أبي زكير عند النسائي وابن ماجه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشه مرفوعا كلوا البلح بالتمر فإن ابن آدم إذا أكله غضب الشيطان وقال عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق
فأن أبا زكير لم يبلغ مرتبة من يغتفر تفرده
ويقابل المنكر المعروف وهو ما يخالف فيه الراجح من هو ضعيف
واعلم أن الذي ينبغي اعتماده أن المنكر والشاذ يشتركان في مسمى المخالفة ويفترقان في أن المنكر رواية ضعيف أو مستور والشاذ رواية ثقة أو صدوق

الحديث المتروك
متروكه أي تعريف الحديث المتروك ما أي حديث واحد به انفرد أي انفرد واحد برواية الحديث عن غيره فلم يروه الا هو والحال انهم قد اجمعوا أي المحدثون لضعفه أي على ضعف راويه لا تهامه بالكذب أو لكونه عرف بالكذب في غير الحديث فلا يؤمن أن يكذب في الحديث أو لتهمته بالفسق أو لغفلته أو لكثرة الوهم فهو أي المتروك أي حكمه كرد

أي مثل المردود أي الموضوع في كونه من أنواع الضعيف وإن كان أخف منه كما تشعر به كاف التشبيه
مثاله حديث عمرو بن شمر عن جابر عن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه
قال النسائي والدارقطني وغيرهما في عمرو إنه متروك الحديث كما في الميزان

الحديث الموضوع
والكذب أي والحديث المكذوب به على النبي صلى الله عليه و سلم المختلق أي المفترى عليه عمدا فهو صفة مؤسسة وقوله المصنوع على النبي صلى الله عليه و سلم

بمعنى ما قبله للتأكيد وقوله فذلك أي المكذوب عليه صلى الله عليه و سلم الموضوع جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا عن قوله الكذب وقيد الكذب على النبي صلى الله عليه و سلم نظرا للغالب وإلا فكذلك الكذب على غيره كالصحابي والتابعي
وعد الموضوع من أقسام الحديث بالتظر لزعم قائله
ويعرف الوضع بأمور منها اقرار قائله وركة ألفاظه إذ ألفاظ النبوة لها رونق ونور وبلاغة
وسبب الوضع إما عدم الدين كالزنادقة فقد قيل إنهم وضعوا أربعة

عشر ألف حديث
أو انتصار لمذهب أو اتباع لهوى بعض الرؤساء أو غلبة الجهل احتسابا للأجر على زعمه كما روي أنه قيل لأبي عصمة الملقب بالجامع أي لكل شيء إلا الصدق من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا
فقال رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن اسحاق فوضعتها حسبه
وحكمه أنه تحرم روايته والعمل به مطلقا إلا إذا روي مقرونا بالنيان كأن يقول عند روايته هذا باطل مثلا ليحتفظ من شره فيجوز وقد أتت أي المنظومة كائنة كالجوهر المكنون أي المستور في صدفه لنفاستها وعزتها سميتها أي الأجوزة منظومة البيقوني لم أقف على ترجمته وقيل اسمه عمر بن محمد بن فتوح الدمشقي الشافعي المتوفي سنة ثمانين وألف
وقوله فوق عقد الثلاثين خبر مقدم لقوله أبياتها بأربع أتت ابياتها أي المنظومة ثم بعد تمام المقصود بخير ختمت فيه من المحسنات حسن الختام الذي هو الإتيان في آخر الكتاب بما يدل على انتهاء
فسأل الله تعالى حسن الرعاية وصحيح الاستقامة والهداية وأن يدرجنا وناظمها تحت لواء من كلمة خلقا وخلقا صلى الله عليه و سلم