كتاب : البيان والتبيين
المؤلف : أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ

( وما بي من عيب الفتى غير أنني ... ألفت قناتي حين أوجعني ظهري )
قال ودخل الحكم بن عبدل الاسدي وهو أعرج على عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو اعرج وكان صاحب شرطه أعرج فقال ابن عبدل
( ألق العصا ودع التخادع والتمس ... عملا فهذي دولة العرجان )
( لأميرنا وأمير شرطتنا معا ... لكليهما يا قومنا رجلان )
( فاذا يكون أميرنا ووزيرنا ... وأنا فان الرابع الشيطان )
ومما يدلك على ان للعصا موقعا منهم وانها تدور مع اكثر أمورهم قول مزرد ابن ضرار
( فجاء على بكر ثفال يكده ... عصا إسته وحي العجابة بالفهر )
ويقولون اعتصى بالسيف اذا جعل السيف عصا وانما اشتقوا للسيف اسما من العصا لان عامة المواضع التي تصلح فيها السيوف تصلح فيها العصي وليس كل موضع تصلح فيه العصا يصلح فيه السيف وقال الآخر
( ونحن صدعنا هامة ابن محرق ... كذلك نقضي بالسيوف الصوارم )
وقال عمرو بن الاطنابة
( وفتى يضرب الكتيبة بالسيف ... اذا كانت السيوف عصيا )
وقال عمرو بن محرز
( نزلوا إليهم والسيوف عصيهم ... وتذكروا دمنا لهم وذحولا )
وقال الفرزدق بن غالب بن صعصعة
( ان ابن يوسف محمود خلائقه ... سيان معروفه في الناس والمطر )
( هو الشهاب الذي يرمىالعدو به ... والمشرفي الذي تعصى به مضر )
قال العريان بن الاسود في ابن له مات
( ولقد تحمل المشاة كريما ... لين العود ماجد الاعراق )
( ذاك قولي ولا كقول نساء ... معولات يبكين للاوراق )
وكتب عمرو بن العاص الى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ان البحر خلق عظيم يركبه خلق صغير كأنهم دود على عود وقال وائلة السدوسي

( رأيتك لماشبت أدركك الذي ... يصيب سراة الأزد حين تشيب )
( سفاهة أحلام وبخل بنائل ... وفيك لمن عاب المزون عيوب )
( لقد صبرت للذل أعواد منبر ... تقوم عليها في يديك قضيب )
( وقد أوحشت منهم رساتيق فارس ... وفي المصر دور جمة ودروب )
وأنشد الاصمعي
( أعددت للضيفان كلبا ضاريا ... وهراوة مجلوزة من أرزن )
( ومعاذرا كذبا ووجها باسرا ... وتشكيا عض الزمان الألزن )
( وشذاة مرهوب الأذى قاذورة ... خشن جوانبه دلوظ ضيزن )
( وبكف محبوك اليدين عن العلا ... والباع مسود الذراع مقحزن )
( وتجنيا لهم الذنوب وألتقي ... بغليظ جلد الوجنتين عشوزن )
وقال جرير
( تصف السيوف وغيركم يعصي بها ... يا ابن القيون وذاك فعل الصيقل )
وقال الراعي
( تبيت ورجلاها اذانان لاستها ... عصا استها حتى يكل قعودها )
وقال اعرابي للحطيئة ما عندك يا راعي الغنم قال عجراء من سلم قال اني ضيف قال للضيفان أعددتها وقال الشماخ بن ضرار
( الى بقر فيهن للعين منظر ... وملهى لمن يلهو بهن أنيق )
( رعين الندى حتى اذا وقد الحصا ... ولم يبق من نوء السماك بروق )
وقال امرؤ القيس
( قولا لدودان عبيد العصا ... ما غركم بالاسد الباسل )
وقال علي بن العذير
( واذا رأيت المرء بشعب أمره ... شعب العصا ويلح في العصيان )
( فاعمد لما تعلو فما لك بالذي ... لا تستطيع من الامور يدان )
وقال الآخر
( وهجهاجة لا يملأ الليل صدره ... اذا النكس أغضى طرفه غير أروع )
( صحيح بريء العود من كل ابنة ... وجماع نهب الخير من كل مجمع )
وقال مسكين الدرامي

( تسمو بأعناق وتحبسها ... عنها عصي الذادة العجر )
قال حباب بن موسى عن مجالد عن الشعبي عن جرير بن قيس قدمت المدائن بعد ما ضرب علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه فلقيني ابن السوداء وهو ابن حرب فقال لي ما الخبر فقلت ضرب أمير المؤمنين ضربة يموت الرجل من ايسر منها ويعيش من أشد منها قال لو جئتمونا بدماغه في مائة صرة لعلمنا انه لا يموت حتى يذودكم بعصاه وقال الله تبارك وتعالى ( وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر ) وقال الشاعر
( رأيت الغانيات نفرن مني ... نفور الوحش من رام مفيق )
( رأين تغيري وأردن لدنا ... كغصن البان ذي الفنن الوريق )
وقال ابو العتاهية
( عريت من الشباب وكان غضا ... كما يعرى من الورق القضيب )
( ألا ليت الشباب يعود يوما ... فأخبره بما صنع المشيب )
وقال الآخر
( فلئن عمرت لقد عمرت كأنني ... غصن نثنيه الرياح رطيب )
( وكذاك حقا من يعمر يبله ... كر الزمان عليه والتقليب )
( حتى يعود من البلا وكأنه ... في الكف أفوق ناصل معصوب )
( مرط القذاذ فليس فيه مصنع ... لا الريش ينفعه ولا التعقيب )
وقال عروة بن الورد
( أليس ورائي ان أدب على العصا ... فيأمن أعدائي ويسأمني أهلي )
وأنشد
( عصوا لسيوف الهند واعتركت بهم ... براكاء موت لا يطير غرابها )
وقال لبيد
( أليس ورائي ان تراخت منيتي ... لزوم العصا تحنى عليها الاصابع )
وقال آخر
( نقيم العصا ما كان فيها لدونة ... وتأبى العصا في يبسها ان تقوما )
وقال الآخر
( إن الغصون اذا قومتها اعتدلت ... ولن تلين اذا قومتها الخشب )

وقال جرير
( ما للفرزدق من عز يلوذ به ... إلا بنوالعم في أيديهم الخشب )
( سيروا بني العم فالأهواز منزلكم ... ونهر تيرى فما تدريكم العرب )
وقال جرير في هجائه بني حنيفة
( أبناء نخل وحيطان ومزرعة ... سيوفهم خشب فيها مساحيها )
( قطع الديار وسقي النخل عادتهم ... قدما وما جاوزت هذا مساعيها )
( لو قيل اين هوادي الخيل ما علموا ... قالوا لأعجازها هذي هواديها )
( أو قيل ان حمام الموت اخذكم ... اوتلجموا فرسا قامت بواكيها )
( لما رأت خالدا بالعرض اهلكها ... قتلا وأسلمها ما قل طاغيها )
( دانت وأعطت يدا للسلم طائعة ... من بعد ما كاد سيف الله يفنيها )
وقال سلامة بن جندل
( كنا اذا ما أتانا صارخ فزع ... كان الصراخ له قرع الظنابيب )
وقال آخر
( كأنها اذ رفعت عصاها ... نعامة اوحدها رألاها )
وممن أضافوه الى عصاه داود ملكين اليشكري وقد كان ولي شرطة البصرة
وجاء في الحديث ان ابا بكر رضي الله تعالى عنه أفاض من جمع وهو يحرش بعيره بمحجنه وقال الاصمعي المحجن العصا المعوجة وفي الحديث المرفوع انه طاف بالبيت يستلم الاركان بمحجنه ثم يجذبه اليه يريد بذلك تحريكه
وقال الراعي
( فألقى عصا طلح ونعلا كأنها ... جناح السماني رأسها قد تصوعا )
والعصا أيضا فرس شبيب بن كريب الطائي
وقال ابو الحسن عن علي بن سليمان كان شبيب بن كريب الطائي يصيب الطريق في خلافة علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه فبعث اليه احمر بن شميط العجلي واخاه في فوارس فهرب شبيب وقال
( ولما ان رأيت ابني شميط ... بسكة طيء والباب دوني )
( تجللت العصا وعلمت أني ... رهين مخيس إن يثقفوني )
( ولو انظرتهم شيئا قليلا ... لساقوني الى شيخ بطين )
( شديد مجالز الكفين صلب ... على الحدثان مجتمع الشؤون )

وقال النجاشي لأم كثير ابنة الصلت
( ولست بهندي ولكن ضيعة ... على رجل لو تعلمين مزير )
( وأعجبتني للسوط والنوط والعصا ... ولم تعجبيني خلة لأمير )
وقال أعشى بني ربيعة
( وكان الخلائف بعدالرسول ... كلهم أسوة خاشعا )
( شهيدين من بعد صديقهم ... وكان ابن صخر الرابعا )
( وكان ابنه بعده خامسا ... مطيعا لمن قبله سامعا )
( ومروان سادس من قد مضى ... وكان ابنه بعده سابعا )
( وبشر يدافع عبد العزيز ... مضى ثامنا ذا وذا تاسعا )
( وأيهم ما يكن سائسا ... لها لم يكن أمرها ضائعا )
( فأما تريني حليف العصا ... فقد كنت من وثبة خامعا )
( فساومني الدهر حتى اشترى ... شبابي وكنت له مانعا )
وقال عوف بن الخرع
( ألا أبلغا عني جريحة آية ... فهل انت عن ظلم العشيرة مقصر )
( وان ظعن الحي الجميع لطية ... فأمرك معصي وشربك مغور )
( أفي صرمة عشرين او هي دونها ... قشرتم عصاكم فانظروا كيف تقشر )
( زعمتم من الهجر المضلل أنكم ... ستنصركم عمرو علينا ومنقر )
( فيا شجر الوادي ألا تنصرونهم ... وقد كان بالمروت رمث وسخبر )
( ألم تجعلوا تيما على شعبتي عصا ... فما ينطق المعروف الا معذر )
وقال رجل من محارب يرثي ابنه
( ألم يك رطبا يعصر القوم ماءه ... وما عوده للكاسرين بيابس )
وقال حاجب بن زرارة والله ما القعقاع برطب فيعصر ولا بيابس فيكسر وقال حماد عجرد
( وجروا علىما عودوا ... ولكل عيدان عصاره )
وقال ايضا
( فأنت اكرم من يمشي على قدم ... وأنضر الناس عند اغصانا )
( لو مج عود على قوم عصارته ... لمج عودك فينا المسك والبانا )

وقال آخر
( وإنا وجدنا الناس عودين طيبا ... وعودا خبيثا ما يبض علىالعصر )
( تزين الفتى اخلاقه وتشينه ... وتذكر اخلاق الفتى وهو لا يدري )
وقال المؤمل بن أميل
( كانت تقيد حين تنزل منزلا ... فاليوم صار لها الكلال قيودا )
( والقوم كالعيدان يفضل بعضهم ... بعضا كذاك يفوق عود عودا )
وقالت ليلى الأخيلية
( نحن الاخائل لا يزال غلامنا ... حتى يدب على العصا مذكورا )
أنظر ابقاك الله في كم فن تصرف فيه ذكرالعصا من ابواب المنافع والمرافق وفي كم وجه صرفه الشعراء وضرب به المثل ونحن لو تركنا الاحتجاج لمخاصر البلغاء وعصي الخطباء لم نجد بدا من الاحتجاج لجلة المرسلين وكبار النبيين لان الشعوبية قد طعنت في جملة هذا المذهب علىقضيب النبي وعنزته وعلى عصاه ومخصرته وعلى عصا موسى لان موسى عليه السلام قد كان اتخذها من قبل ان يعلم ما عند الله فيها والى ما يكون صيور امرها ألا ترى انه لما قال الله عز و جل ( وما تلك بيمينك يا موسى ) قال ( هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ) وبعد ذلك قال ( ألقها يا موسى فاذا هي حية تسعى ) ومن يستطيع ان يدعي الإحاطة بما فيها من مآرب موسى الا بالتقريب وذكر ما خطر علىالبال ذلك وقد كانت العصا لا تفارق يد سليمان بن داود عليهما السلام لا في مقاماته ولا في صلواته ولا في موته ولا في أيام حياته حتى جعل الله تسليط الارضة عليها وسليمان ميت وهو معتمد عليها من الآيات عند من كان لا يعلم ان الجن لم تكن تعلم الا ما تعلم الانس
ولو علم القوم اخلاق كل ملة وزي اهل كل لغة وعللهم في ذلك واحتجاجهم له لقل شغبهم وكفونا مؤونتهم وهذه الرهبان تتخذ العصي من غير سقم ولا نقصان في جارحة ولا بد للجاثليق من قناع ومن مظلة وبرطلة ومن عكازة ومن عصا من غير ان يكون الداعي الىذلك كبرا ولا عجزا في الخلقة وما زال المطيل القيام بالموعظة او القراءة اوالتلاوة يتخذ العصا عند

طول القيام ويتوكأ عليها عند المشي كأن ذلك زائد في التكهل والزماتة وفي نفي السخف والخفة
وبالناس حفظك الله اعظم الحاجة الى ان يكون لكل حنس منهم سيما ولكل صنف منهم حلية وسمة ويتعارفون بها قال الفرزدق
( به ندب ممايقول ابن غالب ... يلوح كما لاحت وسوم المصدق )
وقال الآخر
( أنار حتى صدقت سماته ... وظهرت من كرم آياته )
وأنشد ابو عبيدة
( سقاها ميسم من آل عمرو ... اذاما كان صاحبها جحيشا )
وذكر بعض الاعراب ضروبا من الوسم فقال
( بهن في خطافها علط وسم ... وحلق في آخر الذفرى نظم )
( معها نظام مثل خط بالقلم ... وقرمة ولست ادري من قرم )
( عرض وخبط لمجليها الوسم ... )
وقال الله تبارك تعالى ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) وكما خالفوا بين الاسماء للتعارف وقال عز و جل ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عن الله اتقاكم )
فعند العرب العمة وأخذ المخصرة من السيما وقد لا يلبس الخطيب الملحفة ولا الجبة ولا القميص ولا الرداء والذي لا بد منه العمة والمخصرة وربما قام فيهم وعليه إزاره قد خالف بين طرفيه وربما قام فيهم وعليه عمامته وفي يده مخصرته وربما كان قضيبا وربما كانت العصا وربما كانت قناة وفي القنا ما هو اغلظ من الساق وفيها ما هو أدق من الخنصر وقد تكون محككة الكعوب مثقفة من الاعوجاج قليلة الابن وربما كان العود نبعا وربما كان شوحا وربما كان من أبنوس ومن غرائب الخشب ومن كرائم العيدان ومن تلك الملس المصفاة وربماكانت لب غصن كريم فان للعيدان جواهر كجواهر الرجال ولولا ذلك لما كانت في خزائن الخلفاء والملوك ومنها ما لا تقربه الأرضة ولا تؤثر فيه القوادح والعكاز اذا لم يكن في اسفله زج فهوعصا لأن أطول القنا ان يقال رمح خطل ثمرمح نائر ثم رمح مخموس ثم رمح

مربوع ثم رمح مطرد ثم عكاز ثم عصا ثم من العصي نصب المساحي والمرور والقدم والفؤوس والمعاول والمناجل والطبرزينات ثم تكون من ذلك نصب السكاكين والسيوف والمشامل وكل سهام نبعية وغير ذلك من العيدان التي امتدحها أوس بن حجر او الشماخ بن ضرار او أحد من الشعراء فانما هي من كل عصا وكل قوس بندق فانما جيء بقناتها من بروص ومدح ببريها وصنعتها عصفور القواس وقال الرقاشي
( أنعت قوسا نعت ذي انتفاء ... جاء بها جالب بروصاء )
( عند اعتيام منه وانتصاء ... كافية الطول على انتهاء )
( مجلوزة الاكعب في استواء ... سالمة من أبن السيساء )
( فلم تزل مساحل البراء ... تأخذ من طوائف اللحاء )
( حتى بدت كالحية الصفراء ... ترنو الى الطائر في السماء )
( بمقلة سريعة الإقذاء ... ليست بكحلاء ولا زرقاء )
وقال آخر
( قد أغتدي ملث الظلام بفتية ... للرمي قد حسروا له عن أذرع )
( متنكيين خرائطا لبنادق ... من بين مضفور وبين مرسع )
( بأكفهم قضبان بروص قد عدوا ... للطير قبل نهوضها للمرتع )
( تقذي منيات الطيور عيونها ... يوما اذا رمدت بأيدي النزع )
( صفر البطون كأن ليط متونها ... سرق الحرير نواضر لم تشبع )
وكانت العنزة التي تحمل بين يدي رسول الله - وربما جعلوها قبلة - أشهر وأذكر من ان يحتاج في تثبيتها الى ذكر الاسناد وكانت سيماء أهل الحرم اذا خرجوا من الحرم الى الحل في غير الاشهر الحرم ان يتقلدوا القلائد ويعلقوا عليهم العلائق واذا أوذم أحدهم الحج تزيا بزي الحاج واذا ساق بدنه أشعرها وخالفوا بين سمات الابل والغنم وأعلموا البحيرة بغير علم السائبة واعلموا الحامي بغير علم الفحول وكذلك الفرع والرجبية والوصيلة والعتيرة من الغنم وكذلك سائر الاغنام السائمة واذا كانت الابل من حباء ملك غرزوا في أسنمتها الريش والخرق ولذلك قال الشاعر
( يهب الهجان بريشها ورعائها ... كالليل قبل صباحه المتبلج )

وقال آخر
( وهب لنا وأنت ذو امتنان ... تفقأ فيها أعين البعران )
وقال الآخر
( فكان شكر القوم عند المنن ... كي الصحيحات وفقء الأعين )
واذاكان الفحل من الابل كريما قالوا فحيل واذا كان الفحل من النخل كريما قالوا فحال وقال الراعي
( كانت نجائب منذر ومحرق ... أماتهن وطرقهن فحيلا )
وكان الكاهن لا يلبس المصبغ والعراف لا يدع تذييل قميصه وسحب ردائه والحكم لا يفارق الوبر وكان لحرائر النساء زي ولكل مملوك زي ولذوات الرايات زي وكان الزبرقان يصبغ عمامته بصفرة وذكره الشاعر فقال
( وأشهد من عوف حلولا كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المعصفرا )
وكان أبو أحيحة سعيد بن العاص اذا اعتتم لم يعتم معه أحد هكذا في الشعر ولعل ذلك ان يكون مقصورا في بني عبد شمس وقال أبو قيس بن الاسلت
( وكان أبو أحيحة قد علمتم ... بمكة غير مهتضم ذميم )
( اذا اشد العصابة ذات يوم ... وقام الىالمجالس والخصوم )
( فقد حرمت على من كان يمشي ... بمكة غير مدخل سقيم )
( وكان البختري غداة جمع ... يدافعهم بلقمان الحكيم )
( بأزهر من سراة بني لؤي ... كبدر الليل راق على النجوم )
( هوالبيت الذي بنيت عليه ... قريش السر في الزمن القديم )
( وسطت ذوائب الفرعين منهم ... فأنت لباب سرهم الصميم )
وقال غيلان بن خرشة للاحنف يا أبا بحر مابقاء ما فيه للعرب قال اذا تقلدوا السيوف وشدوا العمائم واستجادوا النعال ولم تأخذهم حمية الاوغاد قال وما حمية الاوغاد قال ان يعدوا التواهب ذلا وقال الاحنف استجيدوا النعال فانها خلاخل الرجال والعرب تسمى السيوف بحمائلها اردية وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قولا أحسن من

هذا قال تمام جمال المرأة في خفها وتمام جمال الرجل في لمته ومما يؤكد ذلك قول مجنون بني عامر
( أأعقر من جرا كريمة ناقتي ... ووصلي مفروش لوصل منازل )
( اذا جاء قعقعن الحلي ولم أكن ... اذا جئت ارجو صوت تلك الخلاخل )
( ولم تغن سيجان العراقين نقرة ... درفش القلنسى بالرجال الاطاول )
والعصابة والعمامة سواء واذا قالوا سيد معمم فانما يريدون أن كل جناية يجنيها الجاني في تلك العشيرة فهي معصوبة برأسه وقال دريد بن الصمة
( ابلع نعيما وأوفى ان لقيتهما ... ان لم يكن كان في سمعيهما صمم )
( فلا يزال شهاب يستضاء به ... يهدي المقانب مالم تهلك الصمم )
( عاري الاساجع معصوب بلمته ... أمر الزعامة في عرنينه شمم )
وقال الكناني
( تنخبتها للنسل وهي غريبة ... فجاءت به كالبدر خرقا معمما )
( فلو شاتم الفتيان في الحي ظالما ... لما وجدوا غير التكذب مشتما )
ولذلك قيل لسعيد بن العاص ذو العصابة وقد قال القائل
( كعاب ابوها ذو العصابة وابنه ... وعثمان ما أكفاؤها بكثير )
يقولها خالد بن يزيد
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه العمائم تيجان العرب
وقيل لاعرابي انك لتكثر لبس العمامة قال ان شيئا فيه السمع والبصر لجديران يوقى من القر
وذكرت العمامة عند ابي الاسود الدؤلي فقال جنة في الحرب ومكنة من الحر ومدفأة من القر ووقار في الندي وواقية من الاحداث وزيادة في القامة وهي تعد عادة من عادات العرب وقال عمرو بن امرىء القيس
( يا مال والسيد المعمم قد ... يبطره بعد رأيه السرف )
( نحن بما عندنا وأنت بما عندك ... راض والرأي مختلف )
وكان من عادة فرسان العرب في المواسم والجموع وفي أسواق العرب كأيام عكاظ وذي المجاز وما أشبه ذلك التقنع الا ما كان من ابي سليط طريف بن تميم احد بني عمرو بن جندب فانه كان لا يتقنع ولا يبالي ان يثبت

عينه جميع فرسان العرب وكانوا يكرهون ان يعرفوا فلا يكون لفرسان عدوهم هم غيرهم ولما اقبل حميصة الشيباني يتأمل طريقا قال طريف
( او كلما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا الي عريفهم يتوسم )
( فتوسموني إنني انا ذاكم ... شاك سلاحي في الحوادث معلم )
( تحتي الأغر وفوق جلدي نثرة ... زغف ترد السيف وهو مثلم )
( ولكل بكري الي عداوة ... وأبو ربيعة شانيء ومحلم )
فكان هذا من شأنهم وربما مع ذلك أعلم الفارس منهم نفسه بسيما كان حمزة يوم بدر معلما بريشة نعامة حمراء وكان الزبير معلما بعمامة صفراء ولذلك قال درهم بن زيد
( إنك لاق غدا غواة بني الملكاء ... فانظر ما أنت مزدهف )
( يمشون في البيض والدروع كما ... تمشي جمال مصاعب قطف )
( فأبد سيماك يعرفوك كما ... يبدون سيماهم فتعترف )
وكان المقنع الكندي الشاعر واسمه محمد بن عمير كان الدهر مقنعا والقناع من سيما الرؤساء والدليل على ذلك والشاهد الصادق والحجة القاطعة ان رسول الله كان لا يكاد يرى الا مقنعا وجاء في الحديث حتى كأن الموضع الذي يصيب رأسه من ثوبه ثوب دهان وكان المقنع الذي جرج بخراسان يدعي الربوبية لا يدع القناع في حال من الحالات وجهل ادعاء الربوبية من جهة المناسخة فادعاها من الوجه الذي لا يختلف فيه الاحمر والاسود والمؤمن والكافر ان باطله مكشوف كالنهار لا يعرف في شيء من الملل والنحل القول بالتناسخ الا من هذه الفرقة من الغالية وهذا المقنع كان قصارا من أهل مرو وكان أعور الكن فما أدري أيهما أعجب أدعواه بانه رب او أيمان من امن به وقاتل دونه وكان اسمه عطاء
وقال الآخر
( اذا المرء أثرى ثم قال لقومه ... أنا السيد المفضى اليه المعمم )
( ولم يعطهم شيئا أبوا ان يسودهم ... وهان عليهم زعمه وهو ألوم )
وقال آخر
( اذا كشف اليوم العماس من استه ... فلا يرتدي مثلى ولا يتعمم )

قالوا وكان مصعب بن الزبير يتعمم العقداء وهو ان يعقد العمامة في القفاء
وكان محمد بن سعد بن أبي وقاص الذي قتله الحجاج يعتم الميلاء وقال الفرزدق
( ولو شهد الخيل ابن سعد لقنعوا ... عمامته الميلاء عضبا مهندا )
وقال شمعلة بن أخضر الضبي
( جلبنا الخيل من اطراف فلج ... ترى فيها من الغزو اقورارا )
( بكل طمرة وبكل طرف ... يزين سواد مقلته العذارا )
( حوالي عاصب بالتاج منا ... جبين أغر يستلب الدوارا )
( رئيس ما ينازعه رئيس ... سوى ضرب القداح اذا استشارا )
وأنشد
( اذا لبسوا عمائمهم طووها ... على كرم وان سفروا أناروا )
( يبيع ويشتري لهم سواهم ... ولكن بالطعان هم تجار )
( اذا ما كنت جار بني لؤي ... فأنت لأكرم الثقلين جار )
وأنشد
( وداهية جرها جارم ... جعلت رداءك فيهاخمارا )
ولذكر العمائم مواضع قال زيد بن كثوة العنبري
( منعت من العهار اطهار أمه ... وبعض الرجال المدعين زناء )
( فجاءت به عبل القوام كأنما ... عمامته فوق الرجال لواء )
لان العمامة ربما جعلوها لواء ألا ترى ان الاحنف بن قيس يوم مسعود بن عمرو حين عقد لعبس بن طلق اللواء إنما نزع عمامته من رأسه فعقدها له
وربما شدوا بالعمائم أوساطهم عند المجهدة واذاطالت العقبة ولذلك قال شاعرهم
( فسيروا فقد جن الظلام عليكم ... فباست الذي يرجو القرى عند عاصم )
( دفعنا اليه وهو كالذيخ حاظيا ... نشد على اكبادنا بالعمائم )
وقال الفرزدق

( بني عاصم ان تلحبوها فانكم ... ملاحي للسوءات دسم العمائم )
وقال آخر
( خليلي شدا لي بفضل عمامتي ... على كبد لم يبق إلا صميمها )
والعرب تلهج بذكر النعال والفرس تلهج بذكر الخفاف وفي الحديث المأثور ان أصحاب رسول الله ينهون نساءهم عن لبس الخفاف الحمر والصفر ويقولون هو من زينة نساء آل فرعون
وأما قول شاعرهم
( اذا اخضرت نعال بني غراب ... بغوا ووجدتهم أسرى لئاما )
لم يرد صفة النعل وانما أراد بأنهم اذا اخضرت الارض وأخصبوها طغوا وبغوا كما قال الآخر
( واطول في دار الحفاظ إقامة ... وأوزن أحلاما اذا النعل أخضلا )
ومثل قوله
( يا ابن هشام أهلك الناس اللبن ... فكلهم يسعى بسيف وقرن )
واماقول الآخر
( وكيف أرجي ان أسود عشيرتي ... وأمي من سلمى ابوها وخالها )
( رأيتكم سودا جعادا ومالك ... مخصرة بيض سباط نعالها )
فلم يذهب الى مدح النعال في انفسها وانما ذهب الى سباطة ارجلهم واقدامهم ونفى الجعودة والقصر عنهم وقال النابغة
( رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب )
( يصونون اجسادا قديم نعيمها ... بخالصة الاردان خضر المناكب )
قال وبنو الحارث بن سدوس لم ترتبط حمارا قط ولم تلبس نعلا قط اذا نقبت وقد قال قائلهم
( ونلقي النعال اذا نقبت ... ولا نستعين بأخلاقها )
( ونحن الذؤابة من وائل ... إلينا تمد بأعناقها )
وهم رهط خالد بن معمر يقول فيه شاعرهم
( معاوي أمر خالد بن معمر ... فانك لولا خالد لم تؤمر )
وقائلهم يقول

( أغاضبة عمرو بن شيبان ان رأت ... عديدين من جرثومة ودخيس )
( فلو شاء ربي كان أير ابيكم ... طويلا كأير الحارث بن سدوس )
وكان عمر رضي الله تعالى عنه جعل رياسة بكر لمجزأة بن ثور فلما استشهد مجزأة جعلها ابو موسى لخالد بن المعمر ثم ردها عثمان على شقيق بن مجزأة بن ثور فلما خرج اهل البصرة الى صفين تنازع شقيق وخالد الرياسة فصيرها عند ذلك علي إلى حضين بن المنذر فرضي كل واحد منهما وكان يخالف ان يصيرها الىخصمه فسكنت بكر وعرف الناس صحة تدبير علي رضي الله تعالى عنه في ذلك واما قول الآخر
( يا ليت لي نعلين من جلد الضبع ... وشركا من استها لا تنقطع )
( كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع ... )
فهذا كلام محتاج والمحتاج يتجوز اما قول النجاشي لهند بن عاصم
( اذا الله حيا صالحا من عباده ... كريما فحيا الله هند بن عاصم )
( وكل سلولي اذا ما لقيته ... سريع الى داعي الندى والمكارم )
( ولا يأكل الكلب السروق نعالهم ... ولا تنتقي المخ الذي في الجماجم )
فقال يونس كانوا لا يأكلون الأدمغة ولا ينتعلون الا بالسبت
وقال كثير
( اذا نبذت لم تطب الكلب ريحها ... وان وضعت في مجلس القوم شمت )
وقال عتيبة بن الحارث وهو ابن فسوة
( الى معشر لا يخصفون نعالهم ... ولا يلبسون السبت مالم يخصر )
واذا مدح الشاعر النعال بالجودة فقد بدأ يمدح لابسها قبل ان يمدحها
قال الله تبارك وتعالى لموسى على نبينا وعليه السلام ( إخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى )
وقال بعض المفسرين كان من جلد غير ذكي وقال الزبيري ليس كما قال بل أعلمه حق المقام الشريف والمدخل الكريم ألا ترى ان الناس اذا دخلوا الى الملوك ينزعون نعالهم خارجا قال وحدثنا سلام بن مسكين قال ما رأيت الحسن الا وفي رجليه النعل رأيته على فراشه وهي في رجليه وفي مسجده وهو يصلي وهي في رجليه وكان بكر بن عبد الله تكون نعله بين يديه

فاذا نهض الىالصلاة لبسها وروى ذلك عن عمرو بن عبيد وهاشم الأوقص وحوشب وكلاب وعن جماعة من أصحاب الحسن
وكان الحسن يقول ما أعجب قوما يرون ان رسول الله صلى في نعليه فلما انفتل من الصلاة علم انه قد كان وطىء على كذا و كذا وأشباها لهذا الحديث ثم لا نرى احدا منهم يصلي منتعلا
وأما قوله
( وقام بناتي بالنعال حواسرا ... وألصقن وقع السبت تحت القلائد )
فان النساء ذوات المصائب اذا قعدن في المناحات كن يضر بن صدورهن بالنعال
وقال محمد بن يسير
( كم أرى من مستعجب من نعال ... ورضائي منها بلبس البوالي )
( كل جرداء قد تحيفهاالخصف ... بأقطارها بسرو النعال )
( لا تداني وليس تشبه في الخلقة ... ان أبرزت نعال الموالي )
( لا ولا عن تقادم العهد منها ... بليت لا ولا لكر الليالي )
( ولقد قلت حين أوثر ذا الودد ... عليها بثروتي وبمالي )
( من يغالي من الرجال بنعل ... فسوائي اذا بهن يغالي )
( أو بغاهن للجمال فاني ... في سواهن زينتي وجمالي )
( في إخائي وفي وفائي ورأيي ... وعفافي ومنطقي وفعالي )
( ماوقاني الحفا وبلغني الحاجة ... منها فانني لا أبالي )
وقال خلف الاحمر
( سقى حجاجنا نوء الثريا ... على ما كان من مطل وبخل )
( هم جمعوا النعال فأحرزوها ... وسدوا دونها بابا بقفل )
( اذا أهديت فاكهة وشاة ... وعشر دجايج بعثوا بنعل )
( ومسواكين طولهما ذراع ... وعشر من ردي المقل خشل )
( فان أهديت ذاك لتحملوني ... على نعل فدق الله رجلي )
وقال كثير
( كأن ابن ليلى حين يبدوة فتنجلي ... سجوف الخباء عن مهيب مشمت )

( مقارب خطو لا يغير نعله ... رهيف الشراك سهلة المتسمت )
( اذا طرحت لم تطب الكلب ريحها ... وان وضعت في مجلس القوم شمت )
وقال بشار
( اذا وضعت في مجلس القوم نعلها ... تضوع مسكا ما أصابت وعنبرا )
ولما قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لصعصعة بن صوحان في المنذر بن الجارود ما قال قال صعصعة يا أمير المؤمنين لئن قلت ذاك انه لنظار في عطفيه تفال في شراكية تعجبه حمرة برديه
وذم رجل ابن التوأم فقال رأيته مشحم النعل درن الجورب مغضن الخف دقيق الجربان
وال الهيثم يمين لا يحلف بها الاعرابي ابدا ان يقول لا أورد الله لك صادرا ولا أصدر لك واردا ولا حططت رحلك ولا خلعت نعلك
وقال آخر
( علق الفؤاد بريق الجهل ... وأبر واستعصى على الأهل )
( وصبا وقد شابت مفارقه ... سفها وكيف إصابة الكهل )
( أدركت معتصري وأدركني ... حلمي ويسر قائدي نعلي )

رجع الكلام الى القول في العصا
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في تعظيم شأن عصا موسى على نبينا وعليه السلام الدابة ينشق عنها الصفا معها عصا موسى وخاتم سليمان تمسح المؤمن بالعصا وتختم الكافر بالخاتم
وجعل الله تبارك وتعالى اكبر آداب النبي في المسواك وحض عليه والمسواك لا يكون الا عصا
وقال ابو الوجيه قضبان المساويك البشام والضرو والعنم والأتراك والعرجون والجريد والاسحل
وقد يلبس الناس الخفاف والقلانس في الصيف كما يلبسونها في الشتاء اذا دخلوا على الخلفاء وعلى الامراء وعلى السادة والعظماء لان ذلك أشبه بالاحتفال وبالتعظيم والاجلال وابعد من التبذل والاسترسال وأجدر ان يفصلوا بين مواضع انسهم في منازلهم ومواضع انقباضهم

وللخلفاء عمة وللفقهاء عمة وللبغالين عمة وللاعراب عمة وللصوص عمة وللابناء عمة وللروم والنصارى عمة ولاصحاب التشاجي عمة
ولكل قوم زي فللقضاة زي ولاصحاب القضاة زي وللشرط زي وللكتاب زي ولكتاب الجند زي ومن زيهم ان يركبوا الحمير وان كانت الهماليج لهم معرضة
وأصحاب السلطان ومن دخل الدار على مراتب فمنهم من يلبس المبطنة ومنهم من يلبس الدراعة ومنهم من يلبس القباء ومنهم من يلبس الباز بكند ويعلق ويأخذ الجرز ويتخذ الجمة
وزي مجالس الخلفاء في الصيف القطن وفي الشتاء فرش الصوف وترى ان ذلك أجزل وأكمل وأفخم وأقبل ولذلك وضعت ملوك العجم على رؤوسها التيجان وجلست علىالاسرة وظاهرت بين الفرش وهل يملأ عيون الاعداء ويرعب قلوب المخالفين ويحشو صدور العوام إفراط التعظيم وتعظيم شأن السلطان والزيادة في الاقدار الا الآلات وهل دوأؤهم الا في التهويل عليهم وهل يصلحهم الا إخافتك إياهم وهل ينقادون لما فيه الحظ لهم ويسلمون بالطاعة التي فيها صلاح أمورهم الا بتدبير يجمع المحبة والمهابة
وكانت الشعراء تلبس الوشي والمقطعات والأردية السود وكل ثوب مشهر وقد كان عندنا منذ نحو من خمسين سنة شاعر يتزيا بزي الماضين وكان له برد أسود يلبسه في الصيف والشتاء فهجاه بعض الطياب من الشعراء فقال في قصيدة له
( بع بردك الاسود قبل البرد ... في قرة تأتيك صما صرد )
وكان الجربان قميص بشار الاعمى وجبته لبنتان فكان اذا أراد نزع شيء منهما أطلق الازرار فسقطت الثياب علىالارض ولم ينزع قميصه من جهة رأسه قط وقدويه العدوى الشحاجي لم يلبس قميصا قط وهواليوم حي وهو شيخهم وسعيد بن العاص الجواد الخطيب لم ينزع قميصه قط فقدويه الشحاجي ضدسعيد بن العاص الاموي
وقال الحطيئة
( سعيد فلا تغررك قلة لحمه ... تخدد عنه اللحم وهوصليب )

وكان شديد السواد نحيفا
ومن شأن المتكلمين ان يشيروا بأيديهم وأعناقهم وحواجبهم فاذا أشاروا بالعصا فكأنهم قد وصلوا بأيديهم ايدي أخر ويدلك على ذلك قول الانصاري حيث يقول
( سارت لناسيارة ذات سؤدد ... بكوم المطايا والخيول الجماهر )
( يؤمون ملك الشام حتى تمكنوا ... ملوكا بأرض الشام فوق المنابر )
( يصيبون فصل القول في كل خطبة ... اذا وصلوا ايمانهم بالمخاصر )
وقال الكميت بن زيد
( ونزور مسلمة المهذب ... بالمؤيدة السوائر )
( بالمذهبات المعجبات ... لمفحم منا وشاعر )
( أهل التجارب في المحافل ... والمقاول بالمخاطر )
وأيضا ان حمل العصا والمخصرة دليل على التأهب للخطبة والتهيؤ للاطناب والاطالة وذلك شيء خاص في خطباء العرب ومقصور عليهم ومنسوب إليهم حتى انهم ليذهبون في حوائجهم والمخاصر في أيديهم اتقاء وتوقعا لبعض ما يوجب حملها والاشارة بها
وعلى ذلك المعنى أشار النساء بالمالي وهن قيام في المناحات وعلى ذلك المثال ضربن الصدور بالنعال
وانما يكون العجز والذلة في دخول الخلل والنقص على الجوارح فأما الزيادة فيها فالصواب فيه وهل ذلك الا كتعظيم كور العمامة واتخاذ القضاة القلانس العظام في حمارة القيظ واتخاذ الخلفاء العمائم على القلانس فان كانت القلانس مكشوفة زادوا في طولها وحدة رؤوسها حتى تكون فوق قلانس جميع الامة وكذلك القناع لانه أهيب
وعلى ذلك المعنى كان يتقنع العباس بن محمد وعبد الملك بن صالح والعباس بن موسى وأشباهم وسليمان بن أبي جعفر وعيسى بن جعفر واسحق بن عيسى ومحمد بن سليمان ثم الفضل بن الربيع والسندي بن شاهك واشباههما من الموالي لان ذلك أهيب في الصدور وأجل في العيون والمتقنع أروع من الحاسر لانه اذا لم يفارقه الحجاب وان

كان ظاهرا في الطرق وكان أشبه بملاينة العوام وسياسة الرعية وطرح القناع ملابسة وابتذال ومؤانسة ومقاربة
والدليل على صواب هذا العمل من بني هاشم ومن صنائعهم ورجال دعوتهم وأنهم قد علموا حاجة الناس الىان يهابوهم وان ذلك هو صلاح شانهم ان رسول الله كان اكثر الناس قناعا
والدليل على ان ذلك كان في الاسلاف المتبوعين انا نجد رؤساء جميع أهل الملل وأرباب النحل على ذلك ولذلك اتخذوا في الحروب الرايات والاعلام وانما ذلك كله خرق سود وحمر وصفر وبيض وجعلوا اللواء علامة للعقد والعلم في الحروب مرجعا لصاحب الجولة وقد علموا انها وان كانت خرقا على عصي ان ذلك أهيب في القلوب وأهول في الصدور وأعظم في العيون ولذلك أجمعت الامم رجالها ونساؤها علىإطالة الشعور لان ذا الجمة أضخم هامة وأطول قامة و الكاسي أفخم من العاري ولولا ان حلق الرأس طاعة وعبادة وتواضع وخضوع وكذلك السعي ورمي الجمار لما فعلوا ذلك وفي الحديث انه لا يفتح عمورية الا رجال ثيابهم ثياب الرهبان وشعورهم شعور النساء وكل ما زادوه في الابدان ووصلوه في الجوارح فهو زيادة في تعظيم تلك الابدان
والعصي والمخاصر مع الذي عددناه ومع الذي ذكرناه ونريد ذكره من خصال منافعها كله باب واحد في المعنى
والمغني قد يوقع بالقضيب على أوزان الاغاني والمتكلم قد يشير برأسه ويده على أقسام كلامه وتقطيعه ففوقوا ضروب الحركات على ضروب الالفاظ وضروب المعاني ولو قبضت يده ومنع حركة رأسه لذهب ثلثا كلامه
وقال عبد الملك بن مروان لو ألقيت الخيزرانة من يدي لذهب شطر كلامي
وأراد معاوية سحبان وائل على الكلام وقد كان اقتضبه اقتضابا فلم ينطق حتى أتوه بمخصرة فرطلها بيده فلم تعجبه حتى أتوه بمخصرته من بيته والمثل المضروب بعصا الاعرج يقولون أقرب من عصا الاعرج ويضربون المثل بعصا النهدي وقال علقمة في صفة فرس أنثى
( سلاءة كعصا النهدي غل لها ... منظم من نوى قران معجوم )

ويضربون المثل برميح ابي سعد وكان ابوسعد أعرج وفد في وفد عدوان قال ذو الأصبع العدواني
( أن تكن شكتي رميح ابي سعد ... فقد أحمل السلاح معا )
قال عباس بن مرداس
( جزى الله خيرا خيرنا لصديقه ... وزوده زادا كزاد أبي سعد )
( وزوده صدقا وبرا ونائلا ... وماكان في تلك الوفادة من حمد )
وقال آخر
( فآب بجدوى زامل وابن زامل ... عدوك اوجدوى كليب بن وائل )
ويقولون لو كان في العصا سير ويقولون ما هو ألا أبنة عصا وعقدة رشا ويقولون أخرج عوده كعصا البقار واخرج عوده كعصا الحادي
وكان ابو العتاهية اهدى الى امير المؤمنين المأمون عصا نبع وعصا شريان وعصا أبنوس وعصي أخرى كريمة العيدان شريفة الاغصان و أردية قطرية وركاء يمانية ونعالا سبتية فقبل من ذلك عصا واحدة ورد الباقي وبعث اليه مرة اخرى بنعل وكتب اليه
( نعل بعثت بها لتلبسها ... تسعى بها قدم الى المجد )
( لو كنت أقدر ان أشركها ... خدي جعلت شراكها خدي )
فقبلها
قال الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس ان الشجرة التي نودي منها موسى على نبينا وعليه السلام هي عوسج وانه نودى من جوف العوسج وان عصاه كانت من آس الجنة وانها كانت من العود الذي في وسط الورقة فكان طولها طول موسى عليه السلام وقالوا من العليق
وقال آخر
( صفراء من نبع كلون الورس ... ابدأها بالدهن قبل نفسي )
وأنشد الاصمعي عن بعض الاعراب
( الا قالت الخنساء يوم لقيتها ... كبرت ولم تجزع من الشيب مجزعا )
( رأت ذا عصا يمشي عليها وشيبة ... تقنع منها رأسه ما تقنعا )
( فقلت لها لا تهزئي بي فقلما ... يسود الفتى حتى يشيب ويصلعا )

( وللقارح اليعبوب خير علالة ... من الجذع المجرى وأبعد منزعا )
وقال اسحق بن سويد
( في رداء النبي اقوى دليل ... ثم في العقب والعصا والقضيب )
وقال ابو الشيص الاعمى في هرون الرشيد
( يا بني هاشم أفيقوا فان الملك ... منكم حيث العصا والرداء )
( ما لهرون في قريش كفاء ... وقريش ليست لهم اكفاء )
وقال الآخر
( على خشبات الملك منه مهابة ... وفي الحرب عبل الساعدين قروع )
ومما يجوز أيضا في العصا قول أبي الشيص
( أنعى فتى الجود الى الجود ... مامثل من انعى بموجود )
( أنعى فتى مص الثرى بعده ... بقية الماء من العود )
ومن هذا الباب قول عبيد الله بن جدعان
( فلم أر مثلهم حيين أبقى ... على الحدثان ان طرقت حروقا )
( وأصبر عند ضنك الأمر منهم ... وأسلكهم لأحزنه طريقا )
( شريت صلاحهم بتلاد مالي ... فعاد الغصن معتدلا وبريقا )
ويقولون للرجل اذا افاد وأثرى وكثرت نعمته ضع عصاك وقد وضع عصاه وقال ابو الاعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل
( وتجر الأذيال في نعمة زوال ... تقولان ضع عصاك لدين )
ويقولون للمستوطن في البلد والمستطيب للمكان قد ألقى عصاه وقال زهير بن أبي سلمى
( فلما وردن الماء زرقا جمامه ... وضعن عصي الحاضر المتخيم )

كتاب الزهد
بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ بأسم الله وعونه بشيء من كلام النساك في الزهد وبشيء من ذكر اخلاقهم ومواعظهم
قال عوف عن الحسن لا تزول قدما ابن آدم حتى يسأل عن ثلاث شبابه فيم أبلاه وعمره قيم أفناه وماله من أين كسبه وفيما أنفقه

وقال يونس بن عبيد سمعت ثلاث كلمات لم أسمع بأعجب منهن قول حسان بن أبي سنان ما شيء اهون من ورع اذا رابك أمر فدعه وقول ابن سيرين ما حسدت أحدا على شيء قط وقول مؤرق العجلي لقد سألت الله حاجة منذ أربعين سنة ما قضاها ولا يئست منها فقيل لمؤرق ما هي قال ترك مالا يعنيني
وقال أبو حازم الاعرج ان عوفينا من شر ما أعطينا لم يضرنا فقد ما زوى عنا
وقال أبوعبد الحميد لم اسمع اعجب من قول عمر لو ان الصبر والشكر يعيران ما باليت أيهما ركبت
وقال ابن ضبارة إنا نظرنا فوجدنا الصبر على طاعة أهون من الصبر على عذاب الله
وقال زياد عبدب عياش بن أبي ربيعة أنا من ان امنع الدعاء اخوف مني من ان أمنع الإجابة
وقال له عمر بن عبد العزيز رحمه الله يا زياد اني أخاف الله مما دخلت فيه قال لست أخاف عليك ان تخاف وإنما اخاف عليك ان لا تخاف وقال بعض النساك كفىموعظة أنك لا تموت الا بحياة ولا تحيا الا بموت وهو الذي قال اصحب من ينسى معروفه عندك وهو الذي قال لا تجعل بينك وبين الله منعما وعد النعم منه عليك مغرما
ودخل سالم بن عبد الله مع بن عبد الملك البيت ققال له هشام سلني حاجتك قال أكره ان اسأل في بيت الله غير الله
وقيل لرابعة القيسية لو كلمنا رجال عشيرتك فاشتروا لك خادما تكفيك مؤونة بيتك فقالت والله اني لأستحي ان اسأل الدنيا من يملك الدنيا فكيف أسألها من لا يملكها
وقال بعض النساك دياركم أمامكم وحياتكم بعد موتكم
وقال السموأل بن عادياء اليهودي
( ميتا خلقت ولم اكن من قبلها ... شيئا يموت فمت حتى حييت )
وقال أبو الدرداء كان الناس ورقا لا شوك فيه وهم اليوم شوك لا ورق فيه

قال الحسن بن دينار رأي الحسن رجلا يكيد بنفسه فقال ان أمرا هذا آخره لجدير ان يزهد في أوله اوان أمرا هذا آوله لجدير ان يخاف آخره
وقال أبو حازم الدنيا غرت أقواما فعملوا فيها بغير الحق ففاجأهم الموت فخلفوا ما لهم لمن لا يحمدهم وصاروا الى من لا يعذرهم وقد خلفنا بعدهم فينبغي لنا ان ننظر الى الذي كرهناه منهم فنجتنبه والى الذي غبطناهم به فنستعمله
قال موسى بن داود رفع الحديث قال النظر الى خمسة عبادة النظر الىالوالدين والنظر الىالبحر والنظر الى المصحف والنظر الىالصخرة والنظر الى البيت
قال عبد الله بن شداد أربع كن فيه برىء من الكبر من اعتقل البعير وركب الحمار ولبس الصوف وأجاب دعوة الرجل الدون
وذكر عند أنس الصوم فقال ثلاث من أطاقهن فقد ضبط أمره من تسحر ومن قال ومن أكل قبل ان يشرب وشرب ثم لم يأكل فقد ضبط نفسه
وقال الجماز ليس يقوى على الصوم الا من كثرلقمه وطاب أدمه
قال مجالد بن سعيد عن الشعبي حدثني مرة الهمداني - قال مجالد وقد رأيته - وحدثنا إسماعيل بن أبي خالد أنه لم ير مثل مرة قط كان يصلي في اليوم والليلة خمسمائة ركعة وكان مرة يقول لما قتل عثمان رضي الله تعالى عنه حمدت الله ألا أكون دخلت في شيء من قتله فصليت مائة ركعة فلما وقع الجمل وصفين حمدت الله ألا اكون دخلت في شيء من تلك الحروب وزدت مائتي ركعة فلما كانت وقعة النهرران حمدت الله اذ لم اشهدها وزدت مائة ركعة فلما كانت فتنة ابن الزبير حمدت الله اذا لم اشهدها وزدت مائة ركعة
وأنا اسأل الله ان يغفر لمرة على أنا لا نعرف لبعض ما قال وجها لانك لا تعرف فقيها من أهل الجماعة لا يستحل قتال الخوارج كما انا لا نعرف أحدا منهم لا يستحل قتال اللصوص وهذا ابن عمر وهو رئيس الحلسية وزعيمهم قد لبس السلاح لقتال نجدة وقيل لشريح الحمد لله الذي سلمك من القتال في شيء من هذه الفتن قال فكيف اصنع بقلبي وهواي وقال الحسن قتل

الناقة رجل واحد ولكن الله عم القول بالعذاب لأنهم عموه بالرضا وسئل عمر بن عبد العزيز عن قتلة عثمان وخاذليه وناصريه فقال تلك دماء كف الله يدي عنها فأنا احب ألا أغمس لساني فيها
ودخل أبو الدرداء على رجل يعوده فقال كيف تجدك قال أفرق من الموت قال فممن اصبت الخير كله قال من الله قال فلم تفرق ممن لم تصب الخير كله الا منه
ولما قذف إبراهيم عليه السلام في النار قال له جبرائيل عليه السلام ألك حاجة يا خليل الله قال اما اليك فلا
ورأى بعض النساك صديقا له من النساك مهموما فسأله عن ذلك فقال كان عندي يتيم احتسب في الأجر فمات قال فاطلب يتيما غيره فان ذلك لا يعدمك ان شاء الله تعالى قال اخاف ألا اصيب يتيما في سوء خلقه قال اما إني لو كنت مكانك لم اذكر سوء خلقه
ودخل بعض النساك على صاحب له وهو يكيد بنفسه فقال طب نفسا فانك تلقي ربا رحيما قال اما ذنوبي فإني ارجو ان يغفرها الله لي وليس اغتمامي الا لمن ادع من بناتي قال له صاحبه الذي ترجوه لمغفرة ذنوبك فأرجه يحفظ بناتك
وكان مالك بن دينار يقول لو كانت الصحف من عندنا لا قللنا الكلام
وقال يونس بن عبيد لو أمرنا بالجزع لصبرنا وكان يقول كسبت في هذه السوق ثمانين ألف درهم ما فيها الا وانا أخاف ان اسأل عنه
سمع عمرو بن عبيد عبد الرحمن بن حذيفة يقول قال الحطيئة إنما أنا حسب موضوع فقال عمرو كذب ترحه الله ذلك التقوى
وقال أبو الدرداء نعم صومعة المؤمن منزل يكف فيه نفسه وبصره وفرجه واياكم والجلوس في هذه الاسواق فإنها تلغي وتلهي

عظة بالغة للحسن البصري
وقال الحسن يا ابن آدم بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا يا ابن ادم اذا رأيت الناس في الخير فنافسهم فيه واذا رأيتهم في الشر فلا تغبطهم فيه الثواء ههنا قليل والبقاء هناك

طويل أمتكم آخر الأمم وأنتم آخر أمتكم وقد أسرع بخياركم ماذا تنظرون المعاينة فكأن قد هيهات هيهات ذهبت الدنيا بحال بالها وبقيت الأعمال قلائد في أعناق بني آدم فيا لها موعظة لو وافقت من القلوب حياة أما إنه والله لا أمة بعدأمتكم ولا نبي بعد نبيكم ولا كتاب بعد كتابكم أنتم تسوقون الناس والساعة تسوقكم وإنما ينتظر بأولكم ان يلحقه آخركم من رأى محمدا فقد رآه غاديا ورائحا لم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة رفع له علم فشمر اليه فالوحاء الوحاء والنجاء النجاء علام تعرجون أتيتم ورب الكعبة قد اسرع بخياركم وانتم كل يوم ترذلون فماذا تنتظرون ان الله تبارك وتعالى بعث محمدا على علم منه اختاره لنفسه وبعثه برسالته وأنزل عليه كتابه وكان صفوته من خلقه ورسوله الى عباده ثم وضعه من الدنيا موضعا ينظر اليه أهل الارض وأتاه منها قوتا وبلغه ثم قال ( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ) فرغب أقوام عن عيشه وسخطوا ما رضي له ربه فأبعدهم الله وسحقهم يا ابن آدم طأ الارض بقدمك فانها عن قليل قبرك واعلم أنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك رحم الله رجلا نظر فتفكر وتفكر فاعتبره وأبصر فصبر فقد أبصر أقوام ولم يصبروا فذهب الجزع بقلوبهم ولم يدركوا ما طلبوا ولم يرجعوا الى ما فارقوا يا ابن آدم اذكر قوله ( وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامةكتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك خذوا صفاء الدنيا وذروا كدرها فليس الصفو ماعاد كدرا ولا الكدر ما عاد صفوا دعوا ما يريبكم الى ما لا يريبكم ظهر الجفاء وقلت العلماء وعفت السنة وشاعت البدعة لقد صحبت أقواما ما كانت صحبتهم الا قرة العين وجلاء الصدور ولقد رأيت أقواما كانوا لحسناتهم أشفق من ان ترد عليهم منكم من سيئآتكم ان تعذبوا عليها وكانوا فيما أحل الله لهم من الدنيا أزهد منكم فيما حرم الله عليكم منها مالي اسمع حسيسا ولا أرى انيسا ذهب الناس وبقى النسناس لو تكاشفتم ما تدافنتم تهاديتم الأطباق ولم تتهادوا النصائح قال ابن الخطاب رحم الله امرا اهدى الينا مساوينا أعدوا الجواب فإنكم مسئولون المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكنه أخذه من

قبل ربه ان هذا الحق قد جهد أهله وحال بينهم وبين شهواتهم وما يصبر عليه الا من عرف فضله ورجا عاقبته فمن حمد الدنيا ذم الآخرة وليس يكره لقاء الله الا مقيم علىسخطه يا ابن ادم الايمان ليس بالتحلي ولا بالتمني ولكنه ما وقر في القلب وصدقه العمل
وكان أذا قرأ ألهاكم التكاثر قال عم ألهاكم عن دار الخلود وجنة لا تبيد هذا والله فضح القوم وهتك الستر وأبدى العوار تنفق مثل دينك في شهوتك سرفا وتمنع في حق الله درهما ستعلم يا لكع الناس ثلاثة مؤمن وكافر ومنافق فأما المؤمن فقد لجمه الخوف وقومه ذكر العرض وأما الكافر فقد قمعه السيف وشرده الخوف فأذعن بالجزية وسمح بالضريبة وأما المنافق ففي الحجرات والطرقات يسرون غير ما يعلنون ويضمرون غير ما يظهرون فاعتبروا انكارهم ربهم بأعمالهم الخبيثة ويلك قتلت وليه ثم تتمنى عليه جنته
وكان يقول رحم الله رجلا خلا بكتاب الله فعرض عليه نفسه فان وافقه حمد ربه وسأله الزيادة من فضله وان خالفه أعتب واناب وراجع من قريب رحم الله رجلا واعظ أخاه وأهله فقال يا أهلي صلاتكم صلاتكم زكاتكم زكاتكم جيرانكم جيرانكم إخوانكم إخوانكم مساكينكم مساكينكم لعل الله يرحمكم فان تبارك وتعالى أثنى على عبد من عباده فقال ( وكان يأمرأهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) يا ابن ادم كيف تكون مسلما ولم يسلم منك جارك وكيف تكون مؤمنا ولم يأمنك الناس
وكان يقول لا يستحق احد حقيقة الايمان حتى لا يعيب الناس بعيب هو فيه ولا يأمر باصلاح عيوبهم حتى يبدأ باصلاح ذلك من نفسه فانه اذا فعل ذلك لم يصلح عيبا الا وجد في نفسه عيبا آخر ينبغي له ان يصلحه فاذا فعل ذلك شغل بخاصة نفسه عن عيب غيره وإنك ناظر الى عملك بوزن خيره وشره فلا تحقرن شيئا من الشر وان صغر فانك اذا رأيته ساءك مكانه
وكان يقول رحم الله عبدا كسب طيبا وانفق قصدا وقدم فضلا وجهوا هذا الفضول حيث وجهها الله وضعوها حيث امر الله فان من كان قبلكم كانوا يأخذون من الدنيا بلاغهم ويؤثرون بالفضل ألا ان هذا الموت

قد اضر بالدنيا ففضحها فلا والله ما وجد ذولب فيها فرحا فاياكم وهذه السبل المتفرقة التي جماعها الضلالة وميعادها النار ادركت من صدر هذه الأمة قوما كانوا اذا جنهم الليل فقيام على اطرافهم يفترشون خدودهم تجري دموعهم علىخدودهم يناجون مولاهم في فكاك رقابهم اذا عملوا الحسنة سرتهم وسألوا الله ان يتقبلها منهم واذا عملوا سيئة ساءتهم وسألوا الله ان يغفرها لهم يا ابن آدم ان كان لا يغنيك ما يكفيك فليس هاهنا شي يغنيك وان كان يغنيك ما يكفيك فالقليل من الدنيا يكفيك يا ابن آدم لا تعمل شيا من الحق رياء ولا تتركه حياء
وكان يقول ان العلماء كانوا قد استغنوا بعلمهم عن اهل الدنيا وكانوا يقضون بعلمهم على اهل الدنيا مالا يقضي اهل الدنيا بدنياهم فيها وكان اهل الدنيا يبذلون دنياهم لاهل العلم رغبة في علمهم فأصبح اليوم اهل العلم يبذلون علمهم لاهل الدنيا رغبة في دنياهم فرغب اهل الدنيا بدنياهم عنهم وزهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم
وكان يقول لا أذهب الى من يوارى عني غناه ويبدي لي فقره ويغلق دوني بابه ويمنعني ما عنده وأدع من يفتح لي بابه ويبدي لي غناه ويدعوني الى ما عنده
وكان يقول يا ابن آدم لا غني بك عن نصيبك من الدنيا وانت الى نصيبك من الآخرة أفقر مؤمن مهتم وعلج أغتم وأعرابي لا فقه له ومنافق مكذب ودنياوي مترف نعق بهم ناعق فأتبعوه فراش نار وذبان طمع والذي نفس الحسن بيده ما أصبح في هذه القرية مؤمن الا أصبح مهموما رزينا وليس لمؤمن راحة دون لقاء الله الناس ما داموا في عافية مستورون فاذا نزل بهم بلاء صاروا الى حقائقهم فصار المؤمن الى ايمانه والمنافق الى نفاقه أي قوم ان نعمة الله عليكم افضل من اعمالكم فسارعوا الى ربكم فانه ليس لمؤمن راحة دون الجنة ولا يزال العبد بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت المحاسبة من همه
وقال الحسن في يوم فطر وقد رأى الناس وهيآتهم ان الله تبارك وتعالى جعل رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته الى مرضاته فسبق اقوام

ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون أما والله لو ان كشف الغطاء لشغل محسن باحسانه ومسيء باساءته عن ترجيل شعر او تجديد ثوب

عظات لعمر بن الخطاب
وحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه انه قال الناس طالبان طالب يطلب الدنيا فارفضوها في نحره فانه ربما ادرك الذي طلب منها فهلك بما اصاب منها وربما فاته الذي طلب منها فهلك بما فاته منها وطالب يطلب الآخرة فاذا رأيتم طالب الآخرة فنافسوه
وحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه انه قال ايها الناس انه اتىعلي حين وأنا احسب ان من قرأ القرآن أنه انما يريد به الله وما عنده ألا وقد خيل إلي ان أقواما يقرأون القرآن يريدون به ما عند الناس ألا فأريدوا الله بقراءتكم وأريدوه بأعمالكم فإنا كنا نعرفكم اذا الوحي ينزل واذا النبي بين أظهرنا فقد رفع الوحي وذهب النبي فانما اعرفكم بما اقول لكم ألا فمن اظهر لنا خيرا ظننا به خيرا وأثنينا به عليه ومن اظهر لنا شرا ظننا به شرا وابغضناه عليه أقدعوا هذه النفوس عن شهواتها فانها طلعة فانكم إلا تقدعوها تنزع بكم الى شر غاية ان هذا الحق ثقيل مريء وان الباطل خفيف وبيء وترك الخطية خير من معالجة التوبة ورب نظرة زرعت شهوة وشهوة ساعة أورثت حزنا طويلا
وكتب الحسن الى عمر بن عبد العزيز اما بعد فكأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل
وقال ابوحازم الاعرج وجدت الدنيا شيئين شيئا هو لي لن اعجله دون أجله ولو طلبته بقوة السموات والارض وشيئا هو لغيري لم أنله فيما مضى ولا أناله فيما بقي يمنع الذي لي كما يمنع الذي لغيري مني ففي اي هذين افني عمري وأهلك نفسي
ودخل على بعض ملوك بني مروان فقال يا أبا حازم ما المخرج مما نحن فيه قال تنظر الى ما عندك فلا تضعه الا في حقه وما ليس عندك فلا تأخذه إلا بحقه قال ومن يطيق ذلك يا أبا حازم قال فمن اجل ذلك ملئت

جهنم من الجنة والناس اجمعين قال ما مالك قال مالان قال ماهما قال الثقة بماعند الله واليأس مما في ايدي الناس قال إرفع حواءجك الينا قال هيهات رفعتها الى من لا تختزل الحواءج دونه فان أعطاني منها شيئا قبلت وان زوى عني شيئا رضيت
وقال الفضيل بن عياض يا ابن آدم إنما يفضلك الغني بيومين امس قد خلا وغد لم يأت فان صبرت يومك أحمدت أمرك وقويت علىغدك وان جزعت يومك أذممت امرك وضعفت عن غدك وان الصبر يورث البرء وان الجزع يورث السقم وبالسقم يكون الموت وبالبرء تكون الحياة
وقال الحسن أبا فلان اترضى هذه الحال التي انت عليها للموت اذا نزل بك قال لا قال أفتحدث نفسك بالانتقال عنها الى حال ترضاها للموت اذانزل بكقال حديثا بغير حقيقة قال أفبعد الموت دار فيها مستعتب قال لا قال فهل رأيت عاقلا رضي لنفسه بمثل الذي رضيت به لنفسك

كلام منسوب لسيدنا عيسى
قال عيسى بن مريم صلوات الله على نبينا وعليه ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين نظروا الى باطن الدنيا حين نظر الناس الى ظاهرها والى آجل الدنيا حين نظر الناس الى عاجلها فأماتوا منها ماخشوا ان يميت قلوبهم وتركوا منها ما علموا ان سيتركهم ورأوه يخرج من بيت مومسة فقيل له يا روح الله ماتصنع عند هذه قال أنما يأتي الطبيب المرضى وقال حين مر ببعض الخلق فشتموه ثم مر بآخرين فشتموه فكلما قالوا شرا قال خيرا فقال له رجل من الحواريين كلما زادوك شرا زدتهم خيرا حتى كأنك انما تغريهم بنفسك وتحثهم على شتمك قال كل انسان يعطي مما عنده وقال ويلكم يا عبيد الدنيا كيف تخالف فروعكم اصولكم وعقولكم اهواؤكم قولكم شفاء يبرىء الداء وعملكم داء لا يقبل الدواء ولستم كالكرمة التي حبر ورقها وطاب ثمرها وسهل مرتقاها بل انتم كالثمرة التي قل ورقها وكثر شوكها وصعب مرتقاها ويلكم يا عبيد الدنيا جعلتم العمل تحت اقدامكم من شاء اخذه وجعلتم الدنيا فوق رؤوسكم لا يستطاع تناولها لا عبيد اتقياء ولا احرار كرام ويلكم أجراء السوء ألأجر تأخذون والعمل

والعمل تفسدون سوف تلقون ما تحذرون يوشك رب العمل ان ينظر في عمله الذي افسدتم وفي أجره الذي اخذتم ويلكم غرماء السوء تبدؤن قبل قضاء الدين بالنوافل تطوعون وما أمرتم به لا تؤدون ان رب الدين لا يقبل الهدية حتى يقضي دينه
وكان ابو الدرداء يقول اقرب ما يكون العبد من غضب الله اذا غضب واحذر ان تظلم من لا ناصر له الا الله وقال وزر العبد
( لعمر ابي المملوك ما عاش انه ... وان اعجبته نفسه لذليل )
( ترى الناس انصارا عليه وماله ... من الناس إلا ناصرون قليل )
وقال شيخ من اهل المدينة المعرض بالناس اتقى صاحبه ولم يتق ربه
وكان بكر بن عبد الله يقول أطفئوا نار الغضب بذكر نار جهنم وقال من كان له من نفسه واعظ عارضه ساعة الغفلة وحين الحمية
وقال علي رضي الله تعالى عنه للأشتر انظر في وجهي حين جرى بينه وبين الاشعث بن قيس ما جرى
وكانت العجم تقول اذا غضب الرجل فليستلق واذا أعيا فليرفع رجليه وقال ابو الحسن كان لرجل من النساك شاة وكان معجبا بها فجاء يوما فوجدها على ثلاث قوائم فقال من صنع هذا بالشاة قال غلامه انا قال ولم قال اردت ان أغمك قال لا جرم لأغمن الذي أمرك بغمي اذهب فأنت حر
قال سعيد بن عامر عن محمد بن عمرو بن علقمة سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب الناس وهو يقول ما انعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضه من ذلك الصبر الا كان ما عاضه الله افضل مما انتزع منه ثم قرأ ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد عن اصحابه قال حضرت عمرو بن عبيد الوفاة فقال لعديله نزل بي الموت ولم اتأهب له اللهم انك تعلم انه لم يسنح لي أمران لك في أحدهما رضي ولي في الآخرى هوى الا آثرت رضاك على هواي فاغفر لي
ولما خبر ابو حازم سليمان بن عبد الملك بوعيد الله للمذنبين قال فأين رحمة

الله قال ابو حازم ( قريب من المحسنين )
قالوا وخرج عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه من داره فرأى في دهليزه أعرابيا في بت أشغى غائر العينين مشرف الحاجبين فقال يا أعرابي أين ربك قال بالمرصاد
وكان الاعرابي عامر بن قيس وكان ابن عامر سيره اليه
قال وغدا أعرابي من طبيء مع امرأة له فاحتلبا لبنا ثم قعدا يتجمعان فقالت له امرأته أنحن أنعم عيشا أم بنو مروان قال هم أطيب طعاما منا ونحن اردأ كسوة منهم وهم انعم منا نهارا ونحن اظهر منهم ليلا
قال وعظ عمر بن الخطاب رجلا فقال لا يهلك الناس عن نفسك فان يصير اليك دونهم ولا تقطع النهار سادرا فانه محفوط عليك ما عملت واذا اسأت فأحسن فاني لم أر شيئا أشد طلبا ولا اسرع دركا من حسنة حديثة لذنب قديم
قال وكان بلال بن مسعود يقول زاهدكم راغب ومجتهدكم مقصر وعالمكم جاهل وجاهلكم مقتر
قال مسلمة بن محارب قال عامربن عبد قيس الدنيا والدة للموت ناقضة للمبرم مرتجعة للعطية وكل من فيها يجري الى ما لا يدري وكل مستقر فيها غير راض بها وذلك شهيد بأنها ليست بدار قرار
قال الحسن من أيقن بالخلف جاد بالعطية
وقال أسماء بن خارجة اذا قدمت المودة سمج الثناء
وقال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن كعب القرظي عظني قال لا أرضي نفسي لك اني لأصلي بين الغني والفقير فأميل على الفقير وأوسع على الغني
وقال الحسن ما اطال عبد الأمل الا اساء العمل
قال وكان ابو بكر رضي الله تعالى عنه اذا قيل له مات فلان قال لا إله إلا الله وكان عثمان يقول فلا إله إلا الله وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه كثيرا ما ينشد
( لا تزال تنعى ميتا حتى تكونه ... وقد يرجو الفتى الرجاء فيموت دونه )
وركب سليمان بن عبد الملك يوما في زي عجيب فنظرت اليه جارية

فقالت انك لمعنى ببيتي الشاعر قال وما هما فأنشدته
( أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للانسان )
( ليس فيما بدا لنا منك عيب ... كان في الناس غير أنك فان )
قال ويلك نعيت الى نفسي
قال وصام رجل سبعين سنة ثم دعا الله في حاجة لم يستجب له فرجع الى نفسه فقال منك أتيت فكان اعترافه أفضل من صومه وقال من تذكر قدرة الله لم يستعمل قدرته في ظلم عباده
وقال الحسن اذا سرك ان تنظر الى الدنيا بعدك فانظر اليها بعد غيرك وكان الحسن يقول ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقه العمل
ومات ذر بن أبي ذر الهمداني من بني مرهبة - وهو ذر بن عمر بن ذر - فوقف أبوه على قبره فقال يا ذر شغلني الحزن لك عن الحزن عليك ثم قال
اللهم انك وعدتني بالصبر على ذر صلواتك ورحمتك اللهم وقد وهبت ما جعلت لي من أجر على ذر لذر فلا تعرفه قبيحا من عمله اللهم وقد وهبت له إساءته الي فهب لي اساءته الى نفسه فانك اجود وأكرم فلما انصرف عنه التفت الى قبره فقال يا ذر قد انصرفنا وتركناك ولو اقمنا ما نفعناك
قال سحيم بن حفص قال هانىء بن قبيصة لحرقة ابنة النعمان وراها تبكي - ما لك تبكين قالت رأيت لأهلك غضارة ولم تمتلىء دار قط فرحا الا امتلأت حزنا
ونظرت امرأة أعرابية الى امرأة حولها عشرة من بنيها كأنهم الصقور فقالت لقد ولدت أمكم حزنا طويلا
وقال النبي لأزواجه أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا فكانت عائشة تقول أنا تلك أطولكن يدا فكانت زينب بنت جحش وذلك أنها كانت امرأة كثيرة الصدقة وكانت صناعا تصنع بيدها وتبيعه وتصدق به قال الشاعر
( فما ان كان اكثرهم سواما ... ولكن كان أطولهم ذراعا )
وكان الحسن يقول ما أنعم الله على عبد نعمة الا وعليه فيها تبعة إلا ما

كان من نعمته لسليمان علىنبينا وعليه السلام فان الله عز و جل قال عز ذكره ( هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب )
وباع عبد الله بن عتبة بن مسعود ارضا بثمانين ألفا فقيل له لو اتخذت لولدك من هذا المال ذخرا قال أنا اجعل هذا المال ذخرا لي عند الله وأجعل الله ذخرا لولدي وقسم المال
وقال رجل صحبت الربيع بن خيثم سنتين فما كلمني الا كلمتين قال لي مرة أمك حية وقال لي مرة أخرى كم في بني تميم من مسجد وقال أبو فروة كان طارق صاحب شرط خالد بن عبد الله القسري مر بابن شبرمة - وطارق في موكبه - فقال ابن شبرمة
( أراها وان كانت تحب فانها ... سحابة صيف عن قريب تقشع )
اللهم لي ديني ولهم دنياهم فاستعمل ابن شبرمة على القضاء بعد ذلك فقال ابنه أتذكر قولك يوم مر طارق في موكبه فقال يا بني انهم يجدون مثل أبيك ولا يجد أبوك مثلهم يا بني ان أباك أكل من حلوائهم وحط في أهواءهم
قال الحسن من خاف الله أخاف منه كل شيء ومن خاف الناس أخافه الله من كل شيء وقال الحسن ما أعطى رجل من الدنيا شيئا إلا قيل له خذه ومثله من الحرص
قال ومر مروان بن الحكم في العام الذي بويع فيه بزارارة بن جزى الكلابي وهم من ما لهم فقال كيف أنتم آل جزى قالوا بخير زرعنا الله فأحسن زرعنا وحصدنا فأحسن حصادنا
وقال الحسن ابن آدم انما انت عدد فاذا مضى يوم فقد مضى بعضك مسلمة قال وقال الحسن بن آدم ان كان يغنيك من الدنيا ما يكفيك فأدنى ما فيها يغنيك وان كان لا يغنيك منها ما يكفيك فليس فيها شيء يغنيك قال نزل الموت بفتي كان فيه رمق فرفع رأسه فاذا أبواه يبكيان عند رأسه فقال ما لكما تبكيان قالوا تخوفا عليك من الذي كان منك من إسرافك على نفسك فقال لا تبكيا فوالله ما يسرني ان الذي بيد الله بأيديكما
قال ابو الحسن عن علي عن عبد الله القرشي قال قتادة يعطي الله العبد

على نية الآخرة ما شاء من الدنيا ولا يعطي على نية الدنياء الا الدنيا
قال عوانة قال الحسن قدم علينا بشر بن مروان أخو الخليفة وأمير المصرين وأشب الناس فأقام عندنا أربعين يوما ثم طعن في قدمه فمات فأخرجناه الى قبره فلما صرنا به الى الجبانة فاذا نحن بأربعة سودان يحملون صاحبا لهم الى قبره فوضعنا السرير فصلينا عليه ووضعوا صاحبهم فصلوا عليه ثم حملنا بشرا الى قبره ودفنا بشرا ودفنوا صاحبهم ثم انصرفوا وانصرفنا ثم التفت التفاتة فلم أعرف قبر بشر من قبر الحبشي فلم أر شيئا قط كان أعجب منه
وقال عبد الله بن الزبعري
( والعطيات خساس بيننا ... وسواء قبر مثر ومقل )
وتقول الحكماء ثلاثة أشياء يستوى فيها الملوك والسوقة والعلية والسفلة الموت والطلق والنزع
وقال الهيثم بن عدي عن رجاله بينا حذيفة بن اليمان وسلمان الفارسي يتذاكران أعاجيب الزمان وتغير الايام وهما في عرصة إيوان كسرى وكان أعرابي من غامد يرعى شويهات له نهارا فاذا كان الليل صيرهن الى داخل العرصة وفي العرصة سرير رخام كان كسرى ربما جلس عليه فصعدت غنيمات الغامدي على سرير كسرى فقال سليمان ومن أعجب ما تذاكرنا صعود غنيمات الغامدي على سرير كسرى
قال لما انصرف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه من صفين مر بمقابر فقال السلام عليكم أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات أنتم لناسلف فارط ونحن لكم تبع وبكم عما قليل لاحقون اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم الحمد لله الذي جعل الارض كفاتا أحياء وأمواتا والحمد لله الذي منها خلقكم وعليها يحشركم ومنها يبعثكم طوبى لمن ذكر المعاد وأعد للحساب وقنع بالكفاف
وقال عمر رضي الله تعالى عنه استغزروا العيون بالتذكر
وقال الشاعر

( سمعن بهيجا أو جفت فذكرنة ... ولا يبعث الاحزان مثل التذكر )
وقال أعرابي
( لا تشرفن يفاعا انه طرب ... ولا تغن اذا ما كنت مشتاقا )
قال ابن الاعرابي سمعت شيخا اعرابيا يقول اني لأسر بالموت ولا دين ولا بنات
قال علي بن الحسن قال صالح المري دخلت دار المرياني فاستفتحت ثلاث آيات من كتاب الله استخرجتها حين ذكرت الحال فيها قوله ( فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا ) وقوله ( ولقد تركناها آية فهل من مدكر ) وقوله ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) قال فخرج الى أسود من ناحية الدار فقال يا أبا بشر هذا سخط المخلوق فكيف سخط الخالق
قال وأصاب ناسا مطر شديد وريح وظلمة ورعد وبرق فقال رجل من النساك اللهم انك قد أريتنا قدرتك فأرنا رحمتك
قال عوانة قال عبد الله بن عمر فاز عمر بن أبي ربيعة بالدنيا والآخرة غزا البحر فأحرقوا سفينته فاحترق
قال وطلق ابو الخندق امرأته أم الخندق فقالت أتطلقني بعد طول الصحبة فقال ما دهاك عندي غيره وكان أبو اسحق يقول ما ألأمها من كلمة
قال مر عمر بن الخطاب بقوم يتمنون فلمارأوه سكتوا قال فيم كنتم قالوا كنا نتمنى قال فتمنوا وانا أتمنى معكم قالوا فتمن قال أتمنى رجالا ملء هذا البيت مثل أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة ان سالما كان شديد الحب لله لو لم يخف الله ما عصاه وقال رسول الله ( لكل امة أمين وأمين هذه الآمة ابوعبيدة بن الجراح )
قال شعبة عن عمر بن مرة قدم وفد من اهل اليمن على ابي بكر رضي الله تعالى عنه فقرأ عليهم القرآن فبكوا فقال ابو بكر هكذا كنا حتى قست القلوب وقال ابو بكر طوبى لمن مات في نأنأة الاسلام
وقال سعد بن مالك او معاذ ما دخلت في صلاة فعرفت من عن يميني ولا من عن شمالي ولا شيعت جنازة قط إلا حدثت نفسي بما يقال له وما يقول

وما سمعت رسول الله قال شيئا قط الا علمت انه كما قال
قال ابو الدرداء اضحكني ثلاث وابكاني ثلاث اضحكني مؤمل الدنيا والموت يطلبه وغافل لا يغفل عنه وضاحك ملء فيه ولا يدري أساخط ربه أم راض وأبكاني هول المطلع وانقطاع العمل وموقفي بين يدي الله ولا يدري أيؤمر بي الجنة أم الى النار
قال سحيم بن حفص رأى إياس بن قتادة العبشمي شيبة لحيته فقال أرى الموت يطلبني وأراني لا أفوته أعوذ بالله من فجاات الأمور وبغتات الحوادث يا بني سعد اني قد وهبت لكم شبابي فهبوا لي شيبتي ولزم بيته فقال له أهله إنك تموت هزلا فقال لان أموت مؤمنا مهزولا أحب إلي من ان أموت منافقا سمينا
وذكر قوم إبليس فلعنوه وتغيظوا عليه وقال أبو حازم الاعرج وما إبليس لقد عصي فما ضر وأطيع فما نفع
وقال بكر بن عبد الله بالمزني الدنيا ما مضى منها فحلم وما بقي منها فأماني
ودخل أبو حازم مسجد دمشق فوسوس اليه الشيطان انك قد أحدثت بعد وضوئك فقال له او قد بلغ هذا من نصحك وقال بعض الطياب
( عجبت من إبليس في كبره ... وخبث ما أظهر من نيته )
( تاه على آدم في سجدة ... وصار قوادا لذريته )
فأنشدتها مسمع بن عاصم فقال وأبيك لقد ذهب مذهب الفضل بن مسلم وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير لا تنظروا الىخفض عيشهم ولين ثيابهم ولكن انظروا الى سرعة ظعنهم وسوء منقلبهم
قال أبو ذر لقد أصبحت وان الفقر احب إلي من الغني والسقم أحب إلي من الصحة والموت احب الي من الحياة قال هشم لكني لا أقول ذلك
وقال داود النبي اللهم لا صحة تطغيني ولا مرض يضنيني ولكن بين ذلك
وقال الحسن ان قوما جعلوا تواضعهم في ثيابهم وكبرهم في صدورهم حتى لصاحب المدرعة بمدرعته أشد فرحا من صاحب المطرف بمطرفه

وقال داود النبي ان لله سطوات ونقمات فاذا رأيتموها فداووا قرحكم بالدعاء فان الله تبارك وتعالى يقول لولا رجال خشع وشبيان رضع وبهائم رتغ لصببت عليكم العذاب صبا
قال اشترى محرز بن صفوان بدنة بتسعة دنانير فقيل له أتشتري بدنة بتسعة دنانير وليس عندك غيرها قال سمعت الله تبارك وتعالى يقول لكم فيها خير
وقيل لمحمد بن سوقة أتحج وعليك دين قال هو أقضى للدين
وقال ولقي ناسك ناسكا ومعه فقال ما تصنع بهذا قال أعده للشتاء وكانوا يستحيون من هذا
قال أبو ذر تخضمون ونقضم والموعد الله
قال الزبير يكفينا من خضمكم القضم ومن نصكم العنق
وقال أيمن بن خريم رجوا بالشقاق الأكل خضما فقد رضوا أخيرا من أكل الخضم ان يأكلوا القضما
وقال عمرو لمعاوية من أصبر الناس قال من كان رأيه رادا لهواه
وتواصفوا حال الزهد بحضرة الزهري فقال الزهري الزاهد من لم يغلب الحرام صبره والحلال شكره
وذكر عند أعرابي رجل بشدة الاجتهاد وكثرة الصوم وطول الصلاة فقال هذا رجل سوء وما يظن هذا ان الله يرحمه حتى يعذب نفسه هذا التعذيب
وقال ابو بكر رضي الله تعالى عنه ما ظنك بخالق الكرامة لمن يريد كرامته وهوعليه قادر وما ظنك مخالق الهوان لمن يريد هوانه وهوعليه قادر
قال وزعم أبوعمرو الزعفراني كان عمرو بن عبيد عند حفص بن سالم فلم يسأله احد من أهله وحشمه حاجة الا قال لا فقال عمرو اقل من قول لا فانه ليس في الجنة لا قال وقال عمرو كان رسول الله اذا سئل ما يجد أعطى واذا سئل ما لا يجد قال يصنع الله وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أكثروا لهن من قول لا فان نعم يضربهن

على المسألة وانما يخص عمر بذلك النساء
قال الحسن أدركت أقواما اكانوا من حسناتهم أشفق من ان ترد عليهم منكم من سيئاتكم ان تعذبوا عليها
قال ابو الدرداء من يشتري مني عادا وأموالها بدرهم
ودخل علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه المقابر فقال أما المنازل فقد سكنت وأما الأموال فقد قسمت وأما الازواج فقد نكحت فهذا خبر ماعندنا فما خبر ما عندكم ثم قال والذي نفسي بيده لو أذن لهم في الكلام لأخبروا ان خير الزاد التقوى
قال ابو سعيد الزاهد عيرت اليهود عيسى بن مريم بالفقر فقال من الغنى أتيتم
وقال آخر لو لم يعرف من شرف الفقر الا أنك لا ترى احدا يعصي الله ليفتقر وهذا الكلام بعينه مدخول
وسأل الحجاج اعرابيا عن أخيه محمد بن يوسف كيف تركته فقال تركته عظيما سمينا قال ليس عن هذا اسألك قال تركته ظلوما غشوما قال او ما علمت انه أخي قال أتراه بك أعز مني بالله
وقال بعضهم نجد في زبور داود من بلغ السبعين اشتكى من غير علة
قال جعفر بن سليمان قال محمد بن حسان النبطي لا تسأل نفسك العام ما أعطتك في العام الماضي
قال ابو اسحق بن المبارك قيل لخالد بن يزيد بن معاوية ما اقرب شيء قال الأجل قيل فما ابعد شيء قال الأمل قيل فما أوحش شيء قال الميت قيل فما انس شيء قال الصاحب المواتي
وقال آخر انس شيء الموتى
وقال الآخر نسي عامر بن عبد الله بن الزبير عطاءه في المسجد فقيل له قد أخذ فقال سبحان الله وهل يأخذ أحد ما ليس له
جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن عبدة الثقفي قال لا يشهد علي الليل بنوم أبدا ولا يشهد علي النهار بأكل أبدا فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فعزم عليه فكان يفطر في العيدين وأيام التشريق

وقال الحسن بن أبي الحسن يكون الرجل عالما ولا يكون عابدا ويكون عابدا ولا يكون عاقلا وكان مسلم بن بدر عالما عابدا عاقلا
وقال عبادة بن الصامت من الناس من أوتى علما ولم يؤت حلما وشداد بن أوس أوتى علما وحلما
قال ابراهيم كان عمرو بن عبيد عالما عاقلا عابدا وكان ذا بيان و حلم وصاحب قرآن
قال إبراهيم بن سعيد عن أبي عبد الله القيسي قال أبو الدرداء لا يحرز المؤمن من شرارالناس الا قبره
وقال عيسى بن مريم الدنيا لإبليس مزرعة وأهلها له حراثون
قال عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر ما الدنيا في الاخرة الا كنفجة الارنب
قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لولا ان اسير في سبيل الله واضع جبهتي لله وأجالس اقواما ينتقون لي احسن الحديث كما ينتقى أطايب التمر لم أبال ان اكون قد مت
قال عامر بن عبد قيس ما آسى من العراق إلا على ثلاث ظماء الهواجر وتجاوب المؤذنين واخوان لي منهم الاسود بن كلثوم
وقال المؤرق العجلي ضاحك معترف بذنبه خير من باك مدل على ربه وقال خير من العجب بطاعة ان لا تأتي بطاعة
قالوا كان الربيع بن خيثم يقول لا تطع إلا صحيحا ولا تكس الا جديدا ولا تعتق الا سويا
وقال بعض الملوك لبعض العلماء أذمم لي الدنيا فقال أيها الملك الآخذة لما تعطي المورثة بعد ذلك الندم السالبة ما تكسو المعقبة بعد ذلك الفضوح تسد بالأراذل مكان الافاضل وبالعجزة مكان الحزمة تجد في كل من كل خلفا وترضي بكل من كل بدلا تسكن دار كل قرن قرنا وتطعم سؤر كل قوم قوما
وكان سعيد بن ابي العروبة يطعم المساكين السكر ويتأول قوله تعالى ( ويطعمون الطعام على حبه )

وكان حمد بن علي اذا رأى مبتلى اخفى الاستعاذة وكان لا يسمع من داره للسائل بورك فيك ولا يا سائل خذ هذا وكان يقول سموهم بأحسن اسمائهم
وتمنى قوم عند يزيد الرقاشي فقال يزيد سأتمنى كما تمنيتم قالوا تمن قال ليتنا لم نخلق وليتنا اذ خلقنا لم نمت وليتنا اذ متنا لم نبعث وليتنا اذ بعثنا لم نحاسب وليتنا اذ حوسبنا لم نعذب وليتنا اذ عذبنا لم نخلد
وقال رجل لأم الدرداء اني لأجد في قلبي داء لا اجد له دواء وأجد قسوة شديدة وأملا بعيدا قالت اطلع في القبور واشهد الموتى
قال ابن عون قلت للشعبي اين كان علقمة بن الاسود قال كان الاسود قواما صواما وعلقمة مع البطيء وهو يسبق السريع
وقيل لغالب بن عبد الله الجهضمي إنا نخاف على عينيك العمى من طول البكاء قال هو لهما شهادة
قال محمد بن طلحة بن مضرب عن محمد بن جحادة لما قتل الحسين رضي الله تعالى عنه أتى قوم الربيع بن خيثم فقالوا لنستخرجن اليوم منه كلاما فقالوا قتل الحسين قال الله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون وأتته بنية له فقالت يا أبت اذهب ألعب فقال اذهبي فقولي خيرا وافعلي خيرا
وقال ابو عبيدة استقبل عامر بن عبد قيس رجل في يوم حلبة فقال من سبق يا شيخ قال المقربون
قال علي بن سليم قيل للربيع بن خيثم لو أرحت نفسك قال اراحتها أريد ان عمر كان كيسا
وقال ابو حازم ليتق الله احدكم على دينه كما يتقي على نعله
قال جعفر بن سليمان الضبعي أتى مطرف بن عبد الله بن الشخير ابي فجلس مجلس مالك بن دينار وقد قام فقال اصحابه لو تكلمت قال هذا ظاهر حسن ( إن تكونوا صالحين فانه كان للأوابين غفورا )
وقال رجل لآخر وباع منه ضيعة له أما والله لقد اخذتها ثقيلة المؤونة قليلة المعونة فقال الآخر انت لقد اخذتها بطيئة الاجتماع سريعة التفرق
واشترى رجل من رجل دارا فقال لصاحبه لو صبرت لاشتريت منك

الذراع بعشرة دنانير فقال وأنت لو صبرت لبعتك الذراع بدرهم
ورأى ناسك ناسكا في المنام فقال له كيف و جدت الامر يا اخي قال وجدنا ما قدمنا وربحنا ما أنفقنا وخسرنا ما خلفنا
وقال بكر بن عبد الله المزني اجتهدوا في العمل فان قصر بكم ضعف فكفوا عن المعاصي
وقال اعرابي انه ليقتل الحبارى جوعا ظلم الناس بعضهم لبعض
وقيل لمحمد بن علي من اشد الناس زهدا قال من لا يبالي الدنيا في يد من كانت وقيل له من أخسر الناس صفقة قال من باع الباقي بالفاني وقيل له من اعظم الناس قدرا قال من لا يرى الدنيا لنفسه قدرا
حدث الاصمعي عن شيخ من بكر بن وائل ان هانىء بن قبيصة اتى حرقة بنت النعمان وهي باكية فقال لها لعل احدا اذاك قالت لا ولكن رأيت غضارة في اهلكم وقل ما امتلأت دار سرورا الا امتلأت حزنا
وقالوا يهرم ابن ادم وتشب له خلتان الحرص والأمل
قال الاصمعي قال محمد بن واسع ما آسى من الدنيا إلا على ثلاث بلغة من عيش ليس لاحد علي فيها منه ولا لله علي فيها تبعة وصلاة في جمع اكفى سهوها ويدخر لي أجرها وأخ اذا ما أعوججت قومني
وقال آخر ما آسى من العراق إلا على ثلاث ليل الحريق ورطب الشكر وحديث ابن ابي بكرة
وقال آخر اذا سمعت حديث ابي نضرة وكلام ابن ابي بكرة فكأنك مع لسان الحمرة
وقال ابو يعقوب الخزيمي الاعور تلقاني مع طلوع الشمس سعيد بن وهب فقلت اين تريد قال أدور على المجالس فلعلي اسمع حديثا حسنا ثم لم أتجاوز بعيدا حتى تلقاني أنس بن ابي شيخ فقلت له اين تريد قال عندي حديث حسن فأنا اطلب له انسانا حسن الفهم حسن الاستماع قلت حدثني فأنا كذاك قال انت حسن الفهم رديء الاستماع وما ارى لهذا الحديث إلا اسماعيل بن غزوان
قال هشام اخبرني رجل من اهل البصرة قال ولد للحسن بن ابي الحسن

غلام فقال له بعض جلسائه بارك الله لك في هبته وزادك في احسن نعمته فقال الحسن الحمد لله على كل حسنة وأسأل الله الزيادة في كل نعمة ولا مرحبا بمن ان كنت عائلا انصبني وان كنت غنيا اذهلني لا أرضى بسعيي له سعيا ولا بكدي له في الحياة كدا حتى أشفق عليه من الفاقة بعد وفاتي وأنا بحال لا يصل الى من همه حزن ولا من فرحه سرور
وقال الحسن للمغيرة بن مخارش التميمي ان من خوفك حتى تلقى الامن خير لك ممن آمنك حتى تلقى الخوف
وقال عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ما احسن الحسنة في آثر الحسنة وما اقبح السيئة في اثر السيئة
قال الحسن ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من أمر نحن فيه
وكان الحسن اذا ذكر الحجاج قال كان يتلو كتاب الله على لخم وجذام ويعظ عظة الازارقة ويبطش بطش الجبارين وكان يقول اتقوا الله فان عند الله حجاجين كثيرا
وكان سنان بن سلمة بن قيس يقول اتقوا الله فان عند الله اياما مثل شوال
قال خالد بن صفوان بت ليلتي اتمنى كلها فكسيت البحر الاخضر بالذهب الاحمر فاذا الذي يكفيني من ذلك رغيفان وكوزان وطمران
وكان الحسن يقول انكم لا تنالون ما تحبون الا بترك ما تشتهون ولا تدركون ما تؤملون الا بالصبر على ما تكرهون
ودخل قوم على عوف بن ابي جميلة في مرضه فأقبلوا يثنون عليه فقال دعونا من الثناء وأمدونا بالدعاء
وقال ابو حازم نحن لا نريد ان نموت حتى نتوب ونحن لا نتوب حتى نموت
وكان الحسن يقول يا ابن ادم نهارك ضيفك فأحسن اليه فانك ان احسنت اليه ارتحل بحمدك وان اسأت اليه ارتحل بذمك وكذلك ليلك
وقيل لبعض العلماء من أسوأ الناس حالا قال عبد الله بن عبد الاعلى الشيباني القائل عند موته دخلتها جاهلا وأقمت فيها حائرا وأخرجت منها

كارها يغني الدنيا
وقيل لآخر من أسوأ الناس حالا قال من قويت شهوته وبعدت همته واتسعت معرفته وضاقت مقدرته
وقيل لاخر من شر الناس قال من لا يبالي ان يراه الناس مسيئا
وقيل لآخر من شر الناس قال القاسي فقيل له أيما شر الوقاح ام الجاهل ام القاسي قال القاسي
وذكر ابو صفوان عن البطال ابي العلاء من بني عمرو بن تميم قال قيل له قبل موته كيف تجدك يا أبا العلاء قال أجدني مغفورا لي قالوا قل ان شاء الله قال قد شاء الله ثم قال
( أوصيكم بالجلة التلاد ... فانما حولكم الاعادي )
قال ابن الاعرابي كان العباس بن زفر لا يكلم احدا حتى تنبسط الشمس فاذا انفتل عن مصلاه ضرب الاعناق وقطع الايدي والأرجل وكان جرير بن الخطفي لا يتكلم حتى تطلع الشمس فاذا طلعت قذف المحصنات قال ومرت به جنازة فبكى وقال أحرقتني هذه الجنازة قيل فلم تقذف المحصنات قال يبدو لي ولا أصبر وكان يقول انا لا ابتدي ولكن أعتدى
قال الحسن بن الربيع الكندي باسناد له قال رجل للنبي دلني على عمل اذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس قال ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في ايدي الناس يحبك الناس
قال وبلغني عن القاسم بن محيمرة الهمداني انه قال اني لأغلق بأبي فما يجازوه همي
قال ابو الحسن وجد في حجر مكتوب ابن آدم لو انك رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول ما ترجو من أملك ولرغبت في الزيادة في عملك ولقصرت من حرصك وحيلك وإنما يلقاك غدا ندمك وقد زلت بك قدمك وأسلمك أهلك وحشمك وتبرأ منك القريب وانصرف عنك الحبيب فلا انت الى اهلك بعائد ولا في علمك بزائد
وقال عيسى بن مريم تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير العمل ولا

تعملون للآخرة وانتم لا ترزقون فيها الا بالعمل قال أوحى الله تبارك وتعالى الىالدنيا من خدمني فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه وقال من هوان الدنيا على الله انه لا يعصى الا فيها ولا ينال ما عنده الا بتركها
ومر عيسى بن مريم بقوم فقال ما بالهم يبكون فقالوا على ذنوبهم قال اتركوها تغفر لكم
وقال زياد بن ابي زياد مولى عياش بن ابي ربيعة دخلت على عمر بن عبد العزيز فلما رآني ترجل عن مجلسه فقال اذا دخل عليك رجل لا ترى لك عليه فضلا فلا تأخذ عليه شرف المجلس
وقال الحسن ان أهل الدنيا وان دقدقت بهم الهماليج ووطىء الناس أعقابهم فان ذل المعصيه في قلوبهم
قالوا وكان الحجاج يقول اذا خطب إنا والله ما خلقنا للفناء وإنما خلقنا للبقاء وإنما ننقل من دار الى دار وهذا من كلام الحسن
ولما ضرب عبدالله بن علي تلك الأعناق قال له قائل هذا والله جهد البلاء فقال عبد الله ما هذا وشرطة الحجام الا سواء وإنما جهد البلاء فقر مدقع بعد غنى موسع
وقال آخر أشد من الخوف الشيء الذي يشتد من اجله الخوف
وقال آخر أشد من الموت ما يتمنى له الموت وخير من الحياة ما اذا فقدته أبغضت له الحياة
وقال اهل النار ( يا مالك ليقض علينا ربك ) قال ( انكم ماكثون ) فلما لم يجابوا الى الموت قالوا ( أفيضوا علينا من الماء ) وقالوا ليس في النار عذاب اشد على أهله من علمهم بأنه ليس لكربهم تنفيس ولا لضيقهم ترفيه ولا لعذابهم غاية ولا في الجنة نعيم أبلغ من علمهم بأن ذلك الملك لا يزول
قالوا قارف الزهري ذنبا فاستوحش من الناس وهام على وجهه فقال زيد بن علىيا زهري لقنوطك من رحمه الله التي وسعت كل شيء أشد عليك من ذنبك فقال الزهري ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) ورجع الى أهله وماله واصحابه
قال ابن المبارك افضل الزهد اخفاه

قال الاوزاعي عن مكحول ان كان في الجماعة الفضيلة فان في العزلة السلامة
قال اسماعيل عن عياش عن عبد الله بن دينار قال ان الله كره لكم اللعب في الصلاة والرفث في الصيام والضحك في المقابر
وقال أزدشير مرة إحذروا صولة الكريم اذا جاع واللئيم اذا شبع
وقال واصل بن عطاء المؤمن اذا جاع صبر واذا شبع شكر
وقيل لعامر بن عبد قيس ما نقول في الانسان قال ما عسى أن أقول فيمن اذا جاع ضرع وإذا شبع طغى
ونظر اعرابي في سفره الى شيخ قد صحبه فراه يصلي فسكن إليه فلما قال انا صائم ارتاب به وأنشأ يقول
( صلى فأعجبني وصام فرابني ... عد القلوص عن المصلي الصائم )
وهو الذي يقول
( لم يخلق الله مسجونا تسائله ... مال سجنك إلا قال مظلوم )
قال الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن جعدة كان يقال إعمل وانت مشفق ودع العمل وانت تحبه
قال وقيل لرابعة القيسية هل عملت عملا قط ترين أنه يقبل منك قالت ان كان شيء فخوفي من ان يرد علي
قال محمد بن كعب القرظي لعمر بن عبدالعزيز يا أمير المؤمنين لا تنظرن الى سلعة قد بارت على من كان قبلك تريد ان تجوز عنك
قال الحسن كان من قبلكم أرق قلوبا وأصفق ثيابا وأنتم أرق منهم ثيابا وأصفق قلوبا
قال عبد الله بن المبارك كتب عمر بن عبد العزيز الى الجراح بن عبد الله الحكمي ان استطعت ان تدع مما أحل الله لك ما يكون حاجزا بينك وبين ما حرم الله عليك فافعل فانه من استوعب الحلال كله تاقت نفسه الى الحرام
وقال ابو بكر رضي الله تعالى عنه لخالد بن الوليد حين وجهه إحرص على الموت توهب لك الحياة
وقال رجل انا احب الشهادة فقال رجل من النساك أحبها ان وقعت

عليك ولا تحبها حب من يريد ان يقع عليها
وقال رجل لداود بن نصير الطائي العابد أوصني فقال إجعل الدنيا كيوم صمته واجعل فطرك الموت فكأن قد والسلام قال زدني قال لا يراك الله عند ما نهاك عنه ولا يفقدك عند ما أمرك به قال زدني قال ارض باليسير مع سلامة دينك كما رضي قوم بالكثير مع هلاك دينهم
قال رجل ليونس بن عبيد أتعلم احدا يعمل بعمل الحسن قال والله ما أعرف احدا يقول بقوله فكيف يعمل بمثل عمله قال فصفه لنا قال كان اذا أقبل فكأنما أقبل من دفن حميمه واذا جلس فكأنه اسير قد امر بضرب عنقه وكان اذا ذكرت النار عنده فكأنها لم تخلق إلا له
وقال وهيب بن الورد بينا انا ادور في السوق اذ اخذ آخذ بقفائي فقال لي يا وهيب اتق الله في قدرته عليك واستحي الله في قربه منك
وقال عبد الواحد بن زيد ألا تستحيون من طول ما لا تستحيون
قال الهيثم كان شيخ من أعراب طيء كثير الدعاء بالمغفرة له فقيل له في ذكل فقال والله ان دعائي بالمغفرة مع قبح إصراري للؤم وان تركي الدعاء مع قوة طمعي لعجز
قال أبو بشر صالح المري ان تكن مصيبتك في أخيك احدثت لك خشية فنعم المصيبة مصيبتك وان تكن مصيبتك بأخيك احدثت لك جزعا فبئس المصيبة مصيبتك
وقال عمرو بن عبيد لرجل يعزيه كان أبوك اصلك وابنك فرعك فما بقاء شيء ذهب اصله ولم يبق فرعه
وقال الحسن ان امرأ ليس بينه وبين آدم الا أب قد مات لمعرق في الموت
وقالوا أعظم من الذنب اليأس من الرحمة وأشد من الذنب المماطلة بالتوبة
قال لهيعة بن سيار عن عبد الرحمن قال لي بكير بن الاشج ما فعل خالك قلت لزم بيته قال اما لئن فعل لقد لزم قوم من أهل بدر بيوتهم بعد مقتل عثمان رضي الله تعالى عنه فما خرجوا منها الا الى قبورهم
وقال الحسن ان الله ترائك في خلقه لولا ذلك لم ينتفع النبيون وأهل

الانقطاع الى الله بشيء من أمور الدنيا وهي الأمل والأجل والنسيان
وقال مطرف بن عبد الله لابنه يا بني لا يلهينك الناس عن نفسك فان الأمر خالص اليك دونهم انك لم تر شيئا هو أشد طلبا ولا اسرع دركا من توبة حديثة لذنب قديم
وفي الحديث ان أبا هريرة مر بمروان وهو يبني داره فقال يا أبا عبد القدوس ابن شديدات وأمل بعيدا وعش قليلا وكل خضما والموعد الله
وكان عمرو بن خولة أبو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص وأمه خولة من المسامعة وكان ناسكا يجتمع اليه القراء والعلماء يوم الخميس فقال الشاعر
( وأصبح زورك زور الخميس ... اليك كمرعية واردة )
وقال الآخر وذكر ابن سيرين
( فانت بالليل ذئب لا حريم له ... وبالنار على سمت ابن سيرين )
وقال ابن الاعرابي قال بعض الحكماء لا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك قال وصلى محمد بن المنكدر على عمران بقرة فقيل له في ذلك فقال إني لأستحيى من الله ان أرى ان رحمته تعجز عن عمران بقرة

باب
وقال محمد بن يسير
( كأنه قد قيل في مجلس ... قد كنت آتيه وأغشاه )
( محمد صار الى ربه ... يرحمنا الله وإياه )
وقال الآخر
( لقل عارا اذا ضيف تضيفني ... ما كان عندي اذا أعطيت مجهودي )
( فضل المقل اذا أعطاه مصطبرا ... ومكثر في الغنى سيان في الجود )
( لا يعدم السائلون الخير أفعله ... إما نوالي وإما حسن مردودي )
وكان الربيع بن خيثم اذا قيل له كيف اصبحت قال أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا وقال ابن المقفع الجود بالمجهود منتهى الجود
قال مطرف بن عبد الله كان يقال لم يلتق مؤمنان الا كان افضلهما أشدهما حبا لصاحبه وكنت أرى أني اشد حبا لمذعور بن طفيل منه لي فلما

سير لقيني ليلا فحدثني فقلت ذهب الليل قال ساعة فعلمت أنه كان اشد حبا لي مني له فلما أصبح سيره ابن عامر مع عامر
وقالوا لعيسى بن مريم من نجالس قال من تذكركم بالله رؤيته ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله
قال اسحق بن ابراهيم دخلنا على كهمس العابد فجاءنا باحدى عشرة بسرة حمراء فقال هذا الجهد من أخيكم والله المستعان
قال الاصمعي عن السكن الحرشي اشتريت من أبي المنهال سيار بن سلامة شاة بستين درهما فقلت تكون عندك حتى آتيك بالثمن قال ألست مسلما قلت بلى قال فخذها انطلقت بها فأتيته بالستين فأخرج منها خمسة دراهم وقال اعلفها بهذه
وقال مساور الوراق لابنه
( شمر فميصك واستعد لقائل ... واحكك جبينك للقضاء بثوم )
( واجعل صحابك كل حبر ناسك ... حسن التعهد للصلاة صؤم )
( من ضرب حماد هناك ومسمع ... وسماك العبسي وابن حكيم )
( وعليك بالغنوي فاجلس عنده ... حتى تنال وديعة ليتيم )
قال بينا سليمان بن عبد الملك يتوضأ ليس عنده غير خاله والغلام يصب عليه إذ خر الغلام ميتا فقال سليمان
( قرب وضوءك يا حصين فانما ... هذي الحياة تعلة ومتاع )
ونظر سليمان في مرآة فقال أنا الملك الشاب فقالت جارية له
( أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير ان لا بقاء للإنسان )
وقيل لسعيد بن المسيب ان محمد بن ابراهيم بن محمد بن طلحة سقط عليه حائط فقتله فقال ان كان لوصولا لرحمه فكيف يموت ميتة سوء وقال أسماء
( عيرتني خلقا ابليت جدته ... وهل رأيت جديدا لم يعد خلقا )
وتمثل عبد الملك بن مروان فقال
( وكل جديد يا أميم الى بلى ... وكل امرىء يوما يصير الى كانا )
وقال آخر

( فاعمل على مهل فانك ميت ... واكدح لنفسك أيها الانسان )
( فكأن ما قد كان لم يك اذ مضى ... وكأن ما هو كائن قدكانا )
وكان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه يقول اني لأكره ان يأتي علي يوم لا أنظر فيه الىعهد الله يعني المصحف وكان عثمان رضي الله تعالى عنه حافظا وكان حجره لا يكاد يفارق المصحف فقيل له في ذلك فقال انه مبارك جاء به مبارك
ولما مات الحجاج خرجت عجوز من داره وهي تقول
( اليوم يرحمنا من كان يغبطنا ... واليوم نتبع من كانوا لنا تبعا )
حدثني بكر بن المعتمر عن بعض أصحابه قال قال ابو عثمان النهدي أتت علي ثلاثون ومئة سنة ما مني شيء إلا وقد أنكرته إلا أملي فانه يزيد
وقال مسور بن مخرمة لجلسائه لقد وارت الارض أقواما لو رأوني معكم لاستحييت منهم وأنشدني أعرابي
( ما يمنع الناس شيأ جئت أطلبه ... إلا أرى الله يكفي فقد ما منعوا )
وجزع بكر بن عبد الله على امرأته فوعظه الحسن فجعل يصف فضلها فقال الحسن عند الله خير منها فتزوج اختها فلقيه بعد ذلك فقال يا أبا سعيد هي خير منها وانشد
( يؤمل ان يعمر عمر نوح ... وأمرالله يطرق كل ليله )
قال عوف عن الحسن قال النبي للمسلم على أخيه ست خصال يسلم عليه اذا لقيه وينصح له اذا غاب ويعوده اذا مرض ويشيع جنازته اذا مات ويجيبه اذا دعا ويشمته اذا عطس
وقال اعرابي
( تبصرني بالعيش عرسي كأنما ... تبصرني الامر الذي انا جاهله )
( يعيش الفتى بالفقر يوما وبالغنى ... وكلا كأن لم يلق حين يزايله )
وأنشد ابوصالح
( ومشيد دارا ليسكن داره ... سكن القبور وداره لم تسكن )
وكان صالح المري ابو بشر ينشد في قصصه وأنشد غيره
( فبات يروي أصول الفسيل ... فعاش الفسيل ومات الرجل )

وقال الآخر
( اذا أبقيت الدنيا على المرء دينه ... فما فات من شيء فليس بضائر )
( فلن يعدل الدنيا جناح بعوضة ... ولا وزن زف من جناح لطائر )
( فما رضي الدنيا ثوابا لمؤمن ... ومارضي الدنيا عقابا لكافر )
وقال الآخر
( أبعد بشر اسيرا في بيوتهم ... يرجو الخفارة مني آل ظلام )
( فلن أصالحكم ما دمت ذا فرس ... واشتد قبضا على السيلان إبهامي )
( فانما الناس يا لله أمهم ... أكائل الطير أوجثوا لآرام )
( هم يهلكون ويبقى بعض ما صنعوا ... كأن أثارهم خطت بأقلام )
وأنشد لمحمد بن يسير
( عجبا لي ومن رضائي بحال ... أنا منها على شفا تغرير )
( عالما لا أشك أني اذا مت ... الى عدن اوعذاب السعير )
( كلما مر بي على اهل ناد ... كنت حينا بهم كثير المرور )
( قيل من ذا على سرير المنايا ... قيل هذا محمد بن يسير )
وأنشد
( لكل أناس مقبر لفنائهم ... فهم ينقصون والقبور تزيد )
( هم جيرة الأحياء أما محلهم ... فدان ولكن اللقاء بعيد )
وقال ابو العتاهية
( سبحان ذي الملكوت أية ليلة ... مخضت بوجه صباح يوم الموقف )
( لو ان عينا وهمتها نفسها ... ما في الفراق مصورا لم تطرف )
وقال ابو العتاهية
( يا خاطب الدنيا إلي نفسها ... تنح عن خطبتها تسلم )
( إن التي تخطب غرارة ... سريعة العرس من المأتم )
وقال الآخر
( ناداهما بفراق بينهما الزمان فأسرعا ... )
( وكذاك ما زال الزمان مفرقا ما جمعا ... )
وقال الآخر

( يا ويح هذي الارض ما تصنع ... أكل حي فوقها تصرع )
( تزرعهم حتى اذا ما أتوا ... عادت لهم تحصد ما تزرع )
وقال الآخر
( ذكرت أبا أروى فبت كأنني ... برد أمور الماضيات وكيل )
( لكل اجتماع من خليلين فرقة ... وكل الذي دون الممات قليل )
( وان افتقادي واحدا بعد واحد ... دليل على ان لا يدوم خليل )
وقال محمد بن المنتشر اذا أيسر الرجل ابتلى به أربعة مولاه القديم ينتفي منه وامرأته يتسرى عليها وداره يهدمها ويبني غيرها ودابته يستبدل بها
وقال الآخر
( يجدد أحزانا لنا كل هالك ... ونسرع نسيانا ولم يأتنا أمن )
( وإنا ولا كفران لله ربنا ... لكالبدن لا تدري متى يومها البدن )
قال الاوزاعي عن مكحول إن كان في الجماعة فضل فإن في العزلة سلامة
قال أبو جناب الكلبي عن أبي المحجل عن ابن مسعود ثلاث من كن فيه دخل الجنة من اذا عرف حق الله عليه لم يؤخره وكان عمله الصالح في العلانية على قوام من السريرة وكان قد جمع مع ما قد عمل صلاح ما يؤمله وقال كفى موعظة أنك لا تحيى الا بموت ولا تموت الا بحياة
وقال أبو نواس
( شاع في الفناء علوا وسفلا ... وأراني أموت عضوا فعضوا )
( ذهبت جدتي بطاعة نفسي ... وتذكرت طاعة الله نضوا )
وقال الآخر
( وكم من أكلة منعت أخاها ... بلذة ساعة أكلات دهر )
( وكم من طالب يسعى لشيء ... وفيه هلاكه لو كان يدري )
وقال الآخر
( كل امرىء مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله )
وقال آخر
( واستيقني في ظلم البيوت ... أنك ان لم تقتلي تموتي )

وقال عنترة
( بكرت تخوفني الحتوف كأنني ... أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل )
( فأجبتها ان المنية منهل ... لا بد ان أسقي بكأس المنهل )
( فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي ... أني امرؤ سأموت ان لم أقتل )
( ان المنية لاو تصور صورت ... مثلي اذا نزلوا بضنك المنزل )
وقال ابو العتاهية
( اذن حي تسمعي ... واسمعي ثم عي وعي )
( عشت تسعين حجة ... ثم وافيت مضجعي )
( أنا رهن لمصرعي ... فاحذري مثل مصرعي )
( ليس زادا سوى التقى ... فخذي منه أو دعي )
وقال الخليل بن احمد
( عش ما بدا لك قصرك الموت ... لامهرب منه ولا فوت )
( بينا غنى بيت وبهجته ... آل الغنى وتقوض البيت )
وقال ابوالعتاهية
( إسمع فقد أسمعك الصوت ... ان لم تبادر فهو الفوت )
( نل كلما شئت وعش سالما ... آخر هذا كله الموت )
وقال الوزيري
( وأعلم انني سأصير ميتا ... اذا سار النواجع لا أسير )
( وقال السائلون من المسجى ... فقال المخبرون لهم وزير )
وقال ابوالعتاهية
( الحق أوسع من معالجة ... الهوى ومضيقه )
( لا تعرضن لكل أمر ... أنت غير مطيقه )
( و العيش يصلح ان مرجت ... غليظه برقيقه )
( لا يخدعنك زخرف الدنيا ... بحسن بريقه )
( وأذا رأيت الرأي مضطربا ... فخذ بوثيقه )
( ولربما غص البخيل ... ان استنيل بريقه )
وقال أيضا

( من أجاب الهوى الى كل ما يدعوه ... مما يضل ضل وتاها )
( ومن رأى عبرة ففكر فيها ... آذنته بالبين حين يراها )
( ربما استغلقت أمور على من ... كان يأتي الامور من مأتاها )
( وسيأوي الى بد كل ما تأتي ... ويأوي الى يد حسناها )
( قد تكون النجاة تكرهها النفس ... وتأتي ما كان فيه رداها )
وقال أيضا
( لو ان عبدا له خزائن ما في الأرض ... ما عاش خوف إملاق )
( يا عجبا كلنا يحيد عن ... الحين وكل لحينه لاق )
( كأن حيا قد قام نادبه ... والتفت الساق منه بالساق )
( واستل منه حياته ملك الموت ... خفيا وقيل من راق )
وقال السمو أل بن عادياء
( تعيرنا انا قليل عديدنا ... فقلت لها ان الكرام قليل )
( وما قل من كانت بقاياه مثلنا ... شباب تسامى للعلى وكهول )
( وما ضرنا انا قليل وجارنا ... عزيز وجار الاكثرين ذليل )
( فنحن كماء المزن ما في نصابنا ... كهام ولا فينا يعد بخيل )
( وأسيافنا في كل شرق ومغرب ... بها من قراع الدار عين فلول )
( معودة ان لا تسل نصالها ... فتغمد حتى يستباح قبيل )
( سلي ان جهلت الناس عنا وعنهم ... وليس سواء عالم وجهول )
وقال الربيع بن ابي الحقيق
( ومن يك عاقلا لم يلق بؤسا ... ينخ يوما بساحته القضاء )
( تعاوره بنات الدهر حتى ... تثلمه كما ثلم الإناء )
( وكل شديدة نزلت بحي ... سيأتي بعد شدتها رخاء )
( وبعض خلائق الاقوام داء ... كداء الشيخ ليس له دواء )
وأنشد
( قد حال من دون ليل معشر قذم ... وهم على ذاك من دوني مواليها )
( والله يعلم اني ان أتت حجج ... وحيل من دونها ان لست ناسيها )
وأنشد

( وليل يقوم القوم من ظلماته ... سواء بصيرات العيون وعورها )
( كأن لنا منه بيوتا حصينة ... مسوحا أعاليها وساحبا كسورها )
وقالوا أتى سعيد بن عبد الرحمن بن حسان أبا بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم وهوعامل سليمان بن عبد الملك فسأله ان يكلم سليمان في حاجة له فوعده ان يقضيها فلم يفعل وأتى عمر بن عبد العزيز فكلمه فقضى حاجته فقال سعيد
( ذممت ولم تحمد وأدركت حاجتي ... تولى سواكم شكرها واصطناعها )
( أبى لك فعل الخير رأى مقصر ... ونفس أضاق الله بالخير باعها )
( اذا هي حثته على الخير مرة ... عصاها وان همت بشر أطاعها )
( سيكفيك ما ضيعت منها وانما ... يضيع الامور سادرا من أضاعها )
( ولاية من ولاك سوء بلائها ... وولى سواك أجرها واصطناعها )
وأنشد
( اذا ما أطعت النفس مال بك الهوى ... الى كل ما فيه عليك مقال )
وأنشد
( حسب الفتى من عيشه ... زاد يبلغه المحلا )
( خبز وماء بارد ... والظل حين يريد ظلا )
وأنشد
( وما العيش الا شبعة وتشرق ... وتمر كأخفاف الرباع وماء )
قالوا استبطأ عبد الملك بن مروان ابنه مسلمة في مسيرة الى الروم فكتب اليه
( لمن الظعائن سيرهن تزحف ... سير السفين اذا تقاعس تجدف )
فلما قرأ مسلمة الكتاب كتب اليه
( ومستعجب مما يرى من اناتنا ... ولو زبنته الحرب لم يترمرم )
ومسلمة هوالقائل عند ما دلى بعضهم في قبره فتمثل بعض من حضر فقال ( وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما )
فقال مسلمة لقد تكلمت بكلمة شيطان هلا قلت
( اذا مقرم منا ذرا حدنا به ... تخمط فينا ناب آخر مقرم )

وكان مسلمة شجاعا خطيبا وبارع اللسان جوادا ولم يكن في ولد عبد الملك مثله ومثل هشام بعده
وقال بعض الاعراب يهجو قوما
( تصبر للبلاء الحتم صبرا ... اذا جاورت حي بني أبان )
( أقاموا الديدبان على يفاع ... وقالوا لي احترس للديدبان )
( فان ابصرت شخصا من بعيد ... فصفق بالبنان على البنان )
( تراهم خشية الاضياف خرسا ... يقيمون الصلاة بلا أذان )
وقال بعض الاعراب يمدح قوما
( وسار تعناه المبيت فلم يدع ... له حابس الظلماء والليل مذهبا )
( رأى نار زيد من بعيد فخالها ... وقد كذبته النفس والظن كوكبا )
( رفعت له بالكف نارا تشبها ... شآمية نكباء او عارض صبا )
( وقلت ارفعوها بالصعيد كفى بنا ... مشيرا لساري ليلة ان تأوبا )
( فلما أتانا والسماء تبله ... تقول له أهلا وسهلا ومرحبا )
( وقمت الى البرك الهواجد فاتقت ... بكوماء لم يترك لها الني مهربا )
( فرحبت أعلى الجنب منها بطعنة ... دعت مستكن الجوف حتى تصببا )
وقال الآخر
( واستيقني في ظلم البيوت ... أنك ان لم تقتلي تموتي )
وقال ابو سعيد الزاهد من عمل بالعافية فيمن دونه أعطى العافية ممن فوقه
وقال عيسى بن مريم صلوات الله تعالى على نبينا وعليه في المال ثلاث خصال قالوا وما هي يا روح الله قال يكسبه من غير حله قالوا فان كسبه من حله قال يمنعه من حقه قالوا فان وضعه في حقه قال يشغله اصلاحه عن عبادة ربه
قيل لرجل مريض كيف تجدك قال أجدني لم أرض حياتي لموتي
قال سعيد بن بشير عن ابيه ان عبد الملك قال حين ثقل ورأى غسالا يلوي ثوبا بيده وددت أني كنت غسالا لا أعيش إلا بما اكتسب يوما فيوما فذكر ذلك لابي حازم فقال الحمد لله الذي جعلهم عند الموت يتمنون مانحن فيه ولا نتمنى عند الموت ما هم فيه

قال الهيثم اخبرنا موسى بن عبيدة الزيدي عن عبد الله بن خداش الغفاري قال قال ابو ذر فارقت رسول الله وقوتي من الجمعة الى الجمعة مد ولا والله لا أزداد عليه حتى ألقاه قال وكان يقول انما ما لك لك او للجائحة او للوارث فاغن ولا تكن اعجز الثلاثة
قال فضيل بن عياض عن المطرح بن يزيد عن عبد الله بن زحر عن علي ابن يزيد عن القاسم مولى يزيد بن معاوية عن ابي أمامة الباهلي قال عمر رضي الله تعالى عنه أدبوا الخيل وتسوكوا واقعدوا في الشمس ولا تجاورنكم الخنازير ولا يرفعن فيكم الصليب ولا تأكلوا على مائدة تشرب عليها الخمر وإياكم وأخلاق العجم ولا يحل لمؤمن ان يدخل الحمام إلا بمئزر ولا لامرأة ألا من سقم فان عائشة رضي الله تعالى عنها حدثتني قالت حدثني خليلي على مفرشي هذا قال اذا وضعت المرأةخمارها في غير بيت زوجها هتكت مابينها وبين الله فلم تناهى دون العرش

نساك البصرة وزهادها
عامر بن عبد قيس وبجالة بن عبدة العنبريان وعثمان بن أدهم والأسود ابن كلثوم وصلة بن أشيم ومذعور بن الطفيل ومن بني منقر جعفر وحرب ابنا جرفاس كان الحسن يقول إني لا أرى كالجعفرين جعفرا يعني جعفر بن جرفاس وجعفر بن زيد العبدي ومن النساء معاذة العدوية امرأة صلة بن أشيم ورابعة القيسية
زهاد الكوفة
عمرو بن عتبة وهمام بن الحرث والربيع بن خيثم وأويس القرني وقال الراجز
( من عاش دهرا فسيأتيه الأجل ... والمرء تواق الى مالم ينل )
( الموت يتلوه ويلهيه الأمل ... )
وقال الآخر
( لا يغرنك عشاء ساكن ... قد يوافي لمنيات السحر )
وقال الاخر
( كلنا يأمل مدا في الأجل ... والمنايا هي آفات الأمل )

وقال الآخر
( أنت وهبت الفتية السلاهب ... وهجمة يحار فيها الحالب )
( وغنما مثل الجراد السارب ... متاع أيام وكل ذاهب )
وقال المسعودي
( ان الكرام مناهبوك ... المجد كلهم فناهب )
( أخلف وأتلف كل شيء ... زعزعته الريح ذاهب )
وقال التميمي
( اذا كانت السبعون سنك لم يكن ... لدائك إلا ان تموت طبيب )
( وان امرأ قد سار سبعين حجة ... الى منهل من ورده لقريب )
( اذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب )
( اذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل علي رقيب )
وقال غسان خال الغدار
( إبيض مني الرأس بعد سواد ... ودعا المشيب حليلتي ببعاد )
( واستحصد القرن الذي أنا منهم ... وكفى بذاك علامة لحصادي )
وكان علي بن موسى بن ماهان كثيرا ما يقول ( ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ) وكان كثيرا ما يقول ويل للظالمين من الله
وقال ابن واسع الاتقاء على العمل أشد من العمل
وكان ابو وائل النهشلي يقول في اول كلامه ان الدهر لا يذوق طعم الفراق ولا يذيقه اهله وانما ينغمسون في ليل ويطغون في نهار فيوشك شاهد الدنيا ان يغيب وغائب الآخرة ان يشهد وقال سأل رجل رجلا حاجة فقال له المسؤول اذهب بسلام فقال له السائل قد انصفنا من ردنا الى الله
قال الخزامي عن سفيان بن حمزة عن كثير بن الصلت ان حكيم بن حزام باع داره من معاوية بستين ألف درهم فقيل له غبنك والله معاوية فقال والله ما اخذتها في الجاهلية الا بزق من خمر اشهدكم انها في سبيل الله فانظروا أينا المغبون
قال سفيان الثوري ليس من ضلالة الا عليها زينة فلا تعرضن دينك لمن يبغضه اليك

وقال عمر بن عبد العزيز من جعل دينه غرضا للخصومات اكثر التنقل وأتى مسلما نصراني يعزيه فقال له مثلي لا يعزي مثلك ولكن انظر الى ما زهد فيه الجاهل فارغب فيه
وكان الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن علي يلقب ذا الدمعة فاذا عوتب في كثرة البكاء قال وهل تركت النار والسهمان لي مضحكا يريد قتل زيد بن علي ابيه ويحيى بن زيد أخيه
وقيل لشيخ من الاعراب قمت مقاما خفنا عليك منه قال ما الموت أخاف شيخ كبير ورب غفور ولا دين ولا بنات
قال أبو العتاهية
( وكما تبلى وجوه في الثرى ... فكذا يبلى عليهن الحزن )
وقال بشار
( كيف يبكي لمحبس في طلول ... من سيفضي لحبس يوم طويل )
( ان في البعث والحساب لشغلا ... عن وقوف بكل رسم محيل )
وقال محمود الوراق
( أليس عجيبا بأن الفتى ... يصاب ببعض الذي في يديه )
( فمن بين باك له موجع ... وبين معز مغذ اليه )
( ويسلبه الشيب شرخ الشباب ... فليس يعزيه خلق عليه )
وقال ايضا
( بكيت لقرب الأجل ... وبعد فوات الأمل )
( ووافد شيب طرا ... بعقب شباب رحل )
( شباب كأن لم يكن ... وشيب كأن لم يزل )
( طواك بشير البقا ... وحل بشير الأجل )
( طوى صاحب صاحبا ... كذاك اختلاف الدول )
وقال محمود آيضا
( رأيت صلاح المرء يصلح أهله ... ويعديهم داء الفساد اذا فسد )
( يعظم في الدنيا بفضل صلاحه ... ويحفظ بعد الموت في الأهل والولد )
وقال الحسن بن هانىء

( أيه نار قدح القادح ... وأي جد بلغ المازح )
( لله در الشيب من واعظ ... وناصح لو حظي الناصح )
( يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ... ومنهج الحق له واضح )
( فاسم بعينيك الى نسوة ... مهورهن العمل الصالح )
( لا يجتلي العذراء من خدرها ... إلا امرؤ ميزانه راجح )
( من اتقى الله فذاك الذي ... سيق اليه المتجر الرابح )
وقال أيضا
( خل جنبيك لرام ... وامض عنه بسلام )
( مت بداء الصمت خير ... لك من داء الكلام )
( انما السالم من ألجم ... فاه بلجام )
( ربمااستفتحت بالمزح ... مغاليق الحمام )
( رب لفظ ساق آجال ... فئام لفئام )
( فالزم الصمت فان ... الصمت أبقى للجمام )
( والمنايا أكلات ... شاربات للأنام )
( شبت يا هذا وما تترك ... أخلاق الغلام )
وقال آيضا
( كن من الله يكن لك ... واتق الله لعلك )
( لا تكن إلا معدا ... للمنايا فكأنك )
( انا للموت لسهما ... واقعا دونك او بك )
( نحن نجري في أفانين ... سكون ونحرك )
( فعلى الله توكل ... وبتقواه تمسك )
وقال أيضا
( يا نواسي تفكر ... وتعز وتصبر )
( ساءك الدهر بشيء ... ولما سرك اكثر )
( يا كبير الذنب عفو الله ... من ذنبك أكبر )
قال سعيد بن ربيعة بن مالك بن سعيد بن زيد مناة بن تميم
( ألا انما هذا الملال الذي ترى ... وإدبار جسمي من ردى العثرات )

( وكم من خليل قدتجلدت بعده ... تقطع نفسى بعده حسرات )
وهذا من قديم الشعر
وقال الطرماح في هذا المعنى
( وشيبني ان لا أزال مناهضا ... بغير قوى أنزر بها وأبوع )
( وان رجال المال أضحوا ومالهم ... لهم عند أبواب الملوك شفيع )
( أمخترمي ريب المنون ولم أنل ... من المال ما أعصى به وأطيع )
ومن قديم الشعر قول الحرث بن يزيد وهو جد الاحيمر اللص السعدي
( لالا أعق ولا أحوب ولا أغير علىمضر ... )
( لكنما أغزو أذا ضج المطي من الدبر ... )
وقال آدم بن عبد العزيز
( وان قالت رجال قد تولى ... زمانكم وذا زمن جديد )
( فما ذهب الزمان لنا بمجد ... ولا حسب اذا ذكر الجدود )
( وما كنا لنخلد اذ ملكنا ... وأي الناس دام له الخلود )
وقيل لأخيه بعد ان رأوه حمالا لقد حطك الزمان وعضك الحدثان فقال ما فقدنا من عيشنا الا الفضول
وقال عروة بن أذينة الكناني
( نراع اذا الجنائز قابلتنا ... ويحزننا بكاء الباكيات )
( كروعة ثلة لمغار ذئب ... فلما غاب عادت راتعات )
وقالت خنساء بنت عمرو
( ترتع ما غفلت حتى اذا ادكرت ... فانما هي إقبال وإدبار )
وقال ابو النجم
( فلو ترى التيوس مضجعات ... عرفت ان لسن بسالمات )
( أقول اذاجئن مذبحات ... ألم تكن من قبل رائعات )
( ما أقرب الموت من الحياة ... )
وقال سليمان بن الوليد
( رب مغروس يعاش به ... عدمته كف مغترسه )
( وكذاك الدهر مأتمه ... أقرب الاشياء من عرسه )

وقال آخر
( يا راقد الليل مسرورا بأوله ... ان الحوادث قد يطرقن أسحارا )
وقالت امرأة في بعض الملوك
( أبكيك لا للنعيم والأنس ... بل للمعالي والرمح والفرس )
( أبكي على فارس فجعت به ... أرملني قبل ليلة العرس )

اخلاط من شعر وأحاديث ونوادر
قال هبيرة بن وهب المخزومي
( وان مقال المرء في غير كنهه ... لكالنبل تهوى ليس فيها نصالها )
وقال الراجز
( والقول لا تملكه اذا نمى ... كالسهم لا يرجعه رام رمى )
والى هذا ذهب عامر الشعبي حيث يقول وانك على ايقاع ما لم توقع أقدر منك على رد ما قد أوقعت وأنشد
( فداويته بالحلم والمرء قادر ... على سهمه مادام في كفه السهم )
وقال الانصاري
( وبعض القول ليس له حصاة ... كمخض الماء ليس له إتاه )
( وبعض خلائق الأقوام داء ... كداء الشيخ ليس له دواء )
وقال الآخر
( ومولى كداء البطن اما لقاؤه ... فحلم وأما غيبه فظنون )
وقال آخر
( تقسم أولاد الملمة مغنمي ... جهارا ولم يغلبك مثل مغلب )
وقال الثلب
( وهن شر غالب لمن غلب ... )
وقال النبي اذاكتب أحدكم فليترب كتابه فان التراب مبارك وقال هو أنجح للحاجة وذكر الله عز و جل آدم الذي هو أصل البشر فقال ( ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ولذلك كنى النبي عليا ابا تراب ) قالوا وكانت أحب الكنى إليه
وقال الآخر
( وان جئت الامير فقل سلام ... عليك ورحمة الله الرحيم )

( وأما بعد ذاك فلي غريم ... من الاعراب قبح من غريم )
( له ألف علي ونصف ألف ... ونصف النصف في صك قديم )
( دراهم ما انتفعت بها ولكن ... وصلت بها شيوخ بني تميم )
وقال الكميت
( حلفت برب الناس يا أم خالد ... بأمك إذ أصواتنا الهل والهب )
( ولا خالد يستطعم الماء قائما ... بعذلك والداعي الى الموت ينعب )
وقال ابن نوفل
( تقول لما أصابك أطعموني ... شرابا ثم بلت على السرير )
( لأعلاج ثمانية وشيخ ... كبير السن ذي بصر ضرير )
وقال ابن هرمة
( تراه ذا ما ابصرالضيف كلبه ... يكلمه من حبه وهو أعجم )
وقال المهلب عجبت لمن يشتري المماليك بماله ولا يشتري الاحرار بمعروفه
وقال الشاعر
( رزقت لبا ولم أرزق مروءته ... وما المروءة الا كثرة المال )
( اذا أردت مساماة تقاعدني ... عما ينوه باسمي رقة الحال )
وقال الاحنف
( فلو مد سروي بمال كثير ... لجدت وكنت له باذلا )
( فان المروءة لا تستطاع ... اذا لم يكن مالها فاضلا )
وقال جرير بن يزيد
( خير من البخل للفتى عدمه ... ومن بنين أعقة عقمه )
قال ومشى رجال من بني تميم الى عتاب بن ورقاء ومحمد بن عمير في عشر ديات فقال محمد بن عمير علي دية فقال عتاب علي الباقية فقال محمد نعم العون على المروءة المال
وقال آخر
( ولا خير في وصل اذا لم يكن له ... على طول مر الحادثات بقاء )
وقال الآخر
( شفاء الحب تقبيل وشم ... وضم بالبطون على البطون )

وأنشد
( آخر والله لا أرضى بطول ضم ... ولا بتقبيل ولا بشم )
( إلا بهزهاز يسلى همي ... يسقط منه فتخي في كمي )
( لمث هذا ولدتني أمي ... )
وقال آخر
( لا ينفع الجارية الخضاب ... ولا الوشاحان ولا الجلباب )
( من دون ان يصطفق الأركاب ... وتلتقي الاسباب والاسباب )
( ويخرج الزب له لعاب ... )
وقال آخر
( ولقد بدا لي ان قلبك ذاهل ... عني وقلبي لو بدا لك أذهل )
( كل يجامل وهو يخفي بغضه ... ان الكريم علىالقلى يتجمل )
وقال الآخر
( وحظك زورة في كل عام ... مواقفة على ظهري الطريق )
( سلاما خاليا من كل شيء ... يعود به الصديق على الصديق )
وقال الآخر
( وزعمت أني قد كذبتك مرة ... بعض الحديث فما صدقتك اكثر )
وقال الآخر
( أهينوا مطاياكم فاني وجدته ... يهون على البردون موت الفتى الندب )
وقال الآخر
( لا يحفل البرد من يبلى حواشيه ... ولا تبالي علىمن راحت الإبل )
وقال الآخر
( ألا لا يبالي البرد من جر فضله ... كما لا تبالي مهرة من يقودها )
وقال الآخر
( وأني لأرثي للكريم اذا غدا ... على حاجة عند اللئيم يطالبه )
( وأرثي له من مجلس عند بابه ... كمرثيتي للطرف والعلج راكبه )
وقال الفرزدق
( أترجو ربيع ان يجيء صغارها ... بخير وقد أعيى ربيعا كبارها )

وقال الشاعر
( ألم تر سير الخير ريث ... وأن الشر راكبه يطير )
وقال ابن يسير
( تأتي المكاره حين تأتي جملة ... وترى السرور يجيء في الفلتات )

عيوب تمتع من السؤدد
قيل لبلال بن أبي بردة لم لا تولى أبا العجوز بن أبي شيخ العراق وكان بلال مسترضعا فيهم وهو من بلهجيم قال لاني رأيت منه ثلاثا رأيته يحتجم في بيوت أخوانه ورأيت عليه مظلة وهو في الظل ورأيته يبادر بيض البقيلة
وكان عندي شيخ عظيم البدن جهير الصوت يستقصي الاعراب وقد ولده رجل من أهل الشورى وكان بقربي عبد أسود دقيق العظم دميم الوجه ورآني أكبره فقال لي حين نهض ورأى عظما يا أبا عثمان لا والله ان يساوي ذلك العظم البالي بصرت عيني به في الحمام وتناول قطعة من فخار فأعطاها رجلا وقال له حك بها ظهري أفتظن هذا يا أبا عثمان يفلح أبدا
قال ابوالحسن سأل الحجاج غلاما فقال له غلام من أنت قال غلام سيد قيس قال ومن ذاك قال زرارة بن أوفي قال كيف يكون سيد قيس في داره التي ينزلها سكان
قال وقال رجل لابنه اذا أردت ان تعرف عيبك فخاصم شيخا من قدماء جيرانك قال يا أبت لو كنت اذا خاصمت جاري لم يعرف عيبي غيري كان ذلك رأيا ولكن جاري لا يعرفني عيبي حتى يعرفه عدوي
وقد أخطأ الذي وضع هذا الحديث لان أباه نهاه ولم يأمره
وقال الآخر
( إصطنعى وأقلنى عثرتى ... إنها قد وقعت منى بقر )
( وأعلمن أن ليس ألفا درهم ... لمديحي وهجائي بخطر )
( يذهب المال ويبقى المنطق ... شائعا يأثره أهل الخبر )
( ثم أرميكم بوجه بارز ... لست أمشي لعدوي بخمر )
وقال أشهب بن رميلة يوم صفين الى أين يا بني تميم قد ذهب الناس

أتفرون وتعذرون
قال ونهض الحرث بن حوط الليثي الى علي بن ابي طالب كرم الله تعالى وجهه وهوعلى المنبر فقال أتظن أنا نظن ان طلحة والزبير كانا على ضلال قال يا حار انه ملبوس عليك ان الحق لا يعرف بالرجال فاعرف الحق تعرف أهله
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لا ادركت انا وأنت زمانا يتغايرون فيه على العلم كما يتغايرون على الازواج
قال وبعث قسامة بن زهير العنبري الى اهله بثلاثين شاة ونحى صغير فيه سمن فسرق الرسول شاة وأخذ من رأس النحى شيأ من السمن فقال لهم الرسول ألكم اليه حاجة أخبره بها فقالت له امرأته أخبره ان الشهر محاق وأن جدينا الذي كان يطالعنا وجدناه مرثوما فاسترجع منه الشاة والسمن
قال سليمان بن علي لرؤبة ما بقى من باهك يا أبا الحجاف قال يمتد ولا يشتد وأستعين بيدي ثم لا أورد وأطيل الظمأ ثم أقصر قال ذلك الكبر قال لا ولكنه طول الرغاث
قيل لاعرابي أي الدواب آكل قال برذونة رغوث وقيل لغيره لم صارت اللبؤة أنزق وعلى اللحم أحرص قال هي الرغوث
قال وقال عبد الله بن عمر إتقوا من تبغضه قلوبكم
وقال اسماعيل بن غزوان لا تنفق درهما حتى تراه ولا تثق بشكر من تعطيه حتى تمنعه فالصابر هو الذي يشكر والجاذع هوالذي يكفر
قال عامر بن يحيى بن ابي كثير لا تشهد لمن لا تعرف ولا تشهدعلى من لا تعرف ولا تشهد بمالاتعرف
قال ابو الرحمن الضرير عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب قال النبي رأس العقل بعد الايمان بالله التودد الى الناس
وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها لا سمر الا لثلاثة مسافر ومصل وعروس

قريش أفصح العرب
وقال معاوية يوما من افصح الناس فقال قائل قوم ارتفعوا عن

لخلخانية الفرات وتيامنوا عن كشكشة تميم وتياسروا عن كسكسة بكر ليست لهم غمغمة قضاعه ولا طمطمانية حمير قال من هم قال قريش قال ممن أنت قال من جرم
وقال الراجز
( ان تميما أعطيت تماما ... واعطيت مآثرا عظاما )
( وعددا وحسبا قمقاما ... وباذخا من عزها قداما )
( في الدهر أعيا الناس ان يراما ... اذا رأيت منهم ألا جساما )
( والدل والشيمة والكلاما ... وأذرعا وقصرا هاما )
( عرفت أن لم يخلقوا طغاما ... ولم يكن ابوهم مسقاما )
( لم تر فيمن يأكل الطعاما ... أقل منهم سقطا وذاما )
تقول العرب لو لم يكن في الابل الا أنها رقؤ الدم قال جندل بن صخر وكان عبدا مملوكا
( وما فك رقى ذات دل خبرنج ... ولا شأن ما لي صدقة وعقول )
( ولكن نماني كل أبيض خضرم ... فأصبحت ادري اليوم كيف اقول )
وقال الفقيمي
( وما كنت نواما ولكن ثائرا ... اناخ قليلا فوق ظهر سبيل )
( وقد كنت مخزون اللسان ومفحما ... فأصبحت ادري اليوم كيف أقول )
وقال المغيرة بن شعبة من دخل في حاجة رجل فقد ضمنها
وقال عمر رضي الله تعالى عنه لكل شيء شرف وشرف المعروف تعجيله وقال رجل لابراهيم النخعي أعد الرجل الميعاد قال الى متى قال الى وقت الصلاة
قال وقال لي بعض القرشيين من خاف الكذب اقل من المواعيد
وقال امران لا يسلمان من الكذب كثرة المواعيد وشدة الاعتذار
قال إبراهيم النظام قلت لخنجير كور ممرور الزياديين اقعد ههنا حتى ارجع اليك قال اما حتى ترجع فاني لا أصبر لك ولكن اقعد لك الى الليل

رسالة ابن سيابة الى يحيى بن خالد بن برمك
وبلغني ان عامة اهل بغداد يحفظونها في تلك الايام وهي كما ترى وأولها
للأصيد الجواد الواري الزناد الماجد الاجداد الوزير الفاضل الأشم الباذل اللباب الحلاحل من المستكين المستجير البائس الضرير فاني أحمد الله ذا العزة القدير إليك والى الصغير والكبير بالرحمة العامة والبركة التامة أما بعد فاغنم واسلم واعلم ان كنت تعلم انه من يرحم يرحم ومن يحرم يحرم ومن يحسن يغنم ومن يصنع المعروف لا يعدم وقد سبق الى تغضبك علي واطراحك لي وغفلتك عني بما لا أقوم له ولا أقعد ولا أنتبه ولا أرقد فلست بحي صحيح ولا بميت مستريح فررت بعد الله منك اليك وتحملت بك عليك ولذلك قلت
( أسرعت بي حثا اليك خطائي ... فأناخت بمذهب ذي رجاء )
( راغب راهب اليك يرجى ... منك عفوا عنه وفضل عطاء )
( ولعمري ما من أصر ومن تاب ... مقرا من ذنبه بسواء )
فان رأيت أراك الله ما تحب وأبقاك في خير ان لا تزهد فيما ترى من تضرعي وتخشعي وتذللي وتخضعي فان ذلك ليس مني بنحيزة ولا طبيعة ولا على وجه تصنع ولا تخدع ولكنه تذلل وتخشع وتضرع من غير ضارع ولا مهين ولا خاشع لمن لا يستحق ذلك الا لمن التضرع له عز ورفعة وشرف
محمد بن حرب الهلالي قال دخل زفر بن الحرث على عبد الملك بعد الصلح فقال ما بقي من حبك للضحاك فقال ما لا ينفعني ولا يضرك قال شد ما أجبتموه معاشر قيس قال أجبناه ولم نواسه ولو كنا آسيناه لقد كنا أدركنا ما فاتنا منه قال فما منعك من مواساته يوم المرج قال الذي منع أباك من مواساة عثمان يوم الدار قال الشاعر
( لكل كريم من ألائم قومه ... على كل حال حاسدون وكشح )
قالوا وقال سليمان بن سعد لو صحبني رجل فقال اشترط على خصلة واحدة ولا تزد عليها لقلت لا تكذبني قال وكان يقال اربع خصال يسود بها المرء العلم والادب والعفة والامانة

وقال الشاعر
( لئن طبت نفسا عن ثنائي فانني ... لآطيب نفسا عن نداك على عسري )
( فلست الىجدواك أعظم حاجة ... على شدة الإعسار منك الىشكري )
وقال الآخر
( أإن سمتني ذلا فعفت حياضه ... سخطت ومن يأب المذلة يعذر )
( فهل انا مسترضيك لا من جناية ... جنيت ولكن من تجنيك فاغفر )
وقال إياس بن قتادة
( وان من السادات من لو أطعته ... دعاك الى نار يفور سعيرها )
وقال الآخر
( عزمت على إقامة ذي صباح ... لأمر ما يسود من يسود )
وقال الهذلي
( وان سيادة الاقوام فاعلم ... لها صعداء مطلبها طويل )
وقال حارثة بن بدر
( اذا الهم أمسى وهو داء فأمضه ... ولست بممضيه وانت تغازله )
( ولا تنزلن أمر الشديدة بامرىء ... اذا رام أمرا عوقته عواذله )
( وقل للفؤاد ان نزا بك نزوة ... من الروع أفرخ اكثر الروع باطله )
وقال الآخر
( وان بقوم سودوك لفاقة ... الى سيد لويظفرون بسيد )
وقال آخر
( وما سدت فيهم ان فضلك عمهم ... ولكن هذا الحظ في الناس يقسم )
وقال حارثة بن بدر
( خلت الديار فسدت غير مسود ... ومن الشقاء تفردي بالسؤدد )
قال الفضل بن تميم قال المغيرة من لم يغضب لم يعرف حلمه
وقال الشاعر
( وما بال ضبع ظل يطلب دائبا ... فريسته بين الأسود الضراغم )
وقال الآخر
( ذكرت بها عهدا على الهجر والقلى ... ولا بد للمشتاق ان يتذكرا )

وقال الآخر
( اذا ما شفيت النفس أبلغت عذرها ... ولا لوم في أمر اذا بلغ العذر )
وقال الآخر
( لعمرك ما الشكوى بأمر حزامة ... ولا بد من شكوى اذا لم يكن صبر )
وقال الآخر
( لولا ثلاث هن عيش الدهر ... الماء والنوم وأم عمرو )
( لما خشيت من مضيق القبر ... )
وقال لقيط بن زرارة
( شتان هذا والعناق والنوم ... والمشرب البارد في ظل الدوم )
وقال والبة بن الحباب
( ما العيش الا في المدام ... وفي اللثام والقبل )
( وارادة الظبي الغرير ... تسومه ما لا يحل )
وقال شيخ من أهل المدينة ما كنت أريد أبن أجلس الى قوم الا وفيهم من يحدث عن الحسن وينشد الفرزدق
وقال مجيب لا ترى امراة مصبرة العين ولا امرأة عليها طاق يمنة ولا شريفا يهنأ بعيرا
وقال ابو براح ذهب الفتيان فما ترى فتى مفرق الشعر بالدهن معلقا نعله ولا ديكين في خطار ولا صديقا له صديق ان قمر ضغا وان عوقب جزع وان خلا بصديق فتى خنثه وان ضرب أقر وان طال حبسه ضجر ولا ترى فتى يحسن ان يمشي في قيده ولا يخاطب أميره
قال ابوالحسن قال ابو عباية ترى زقاق براقش وبساتين هزار مرد ماكان يسلكه غلام الا بخفير وهم اليوم تخترقونه قلت هذا من صلاح الفتيان قال لا ولكن من فسادهم
قال اليقطري قيل لطفيل العرائس كم اثنان في اثنين قال اربعة أرغفة
وقال رجل لرجل انتظرتك على الباب بقدرما يأكل إنسان جرد قتين
قال عبد الله بن مصعب أرسل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عبد الله ابن عباس لما قدم البصرة فقال ائت الزبير ولا تأت طلحة فان الزبير ألين

وانك تجد طلحة كالثور عاقصا قرنه يركب الصعوبة ويقول هي أسهل فاقرأ عليه السلام وقل له يقول لك ابن خالك عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا قال فأتيت الزبير فقال ما حبا يا ابن لبابة أزائرا جئت ام سفيرا قلت كل ذلك وأبلغته ما قال علي فقال الزبير أبلغه السلام وقل بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة واجتماع ثلاثة وانفراد واحد وام مبرورة ومشاورة العشيرة ونشر المصاحف فتحل ما أحلت وتحرم ما حرمت فلما كان من الغد حرش بين الناس غوغاؤهم فقال الزبير ما كنت ارى ان مثل ما جئنا له يكون فيه قتال
قال ومن جيد الشعر قول جرير
( لئن عمرت تيم زمانا بعزة ... لقد حديت تيم حداء عصبصا )
( فلا يضغمن الليث تيما بغرة ... وتيم يشمون الفريس المنيبا )
وقال الاعرابي كحلني بالميل الذي تكحل به العيون الداءة
وقال ابن احمر
( وهجل من قسا ذفر الخزامي ... تهادى الجربياء به الحنينا )
( بها تتزخر القلع السواري ... وجن الخازباز به جنونا )
( تكاد الشمس تخشع حين يبدو ... لهن وما نزلن وما غسينا )
وقال الحكم الخضري
( كوم تظاهرنيها وتربعت ... بقلا بعيهم والحمى مجنونا )
قال الشنفري
( وجلت ودقت واسبكرت وأنضرت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت )
قال وسمع الحجاج امرأة من خلف حائط تناغىطفلا فقال مجنونة او أم صبي وقال ابو ثمامة بن عازب
( وكلهم قد ذاقنا فكأنما ... يرون علينا جلد أجرب هائل )
وقال الثعلبي
( يرى الناس منا جلد اسود سالخ ... وفروة ضرغام من الاسد ضيغم )
وأنشد الاصمعي
( منهرت الشدقين عود كماكمل ... كأنما قمص من ليط جعل )

وقال نصيب لعمر بن عبدالعزيز ان لي بنية ذررت عليها من سوادي
وقال عبدالملك للوليد لا تعزل أخاك عبد الله عن مصر وانظر عمك محمد بن مروان فأقره علىالجزيرة وأما الحجاج فأنت أحوج اليه منه اليك وانطر علي بن عبد الله فاستوص به خيرا فضرب عليا بالسياط وعزل أخاه وعمه
وقال ابو نخيلة
( انا ابن سعد وتوسطت العجم ... فأنا فيما شئت من خال وعم )
وأنشد
( هم وسط يرضى الإله بحكمهم ... اذا نزلت احدى الليالي بمعظم )
يجعلون ذلك من قول الله تبارك وتعالى ( وكذلك جعلنا كم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )
أنشد
( ولولا خلة سبقت اليه ... وأخو كان من عرق المدام )
( دلفت له بأبيض مشرفي ... كما يدنو المصافح للسلام )
وقال يزيد بن ضبة
( لا تبدين مقالة مأثورة ... لا تستطيع اذا مضت ادراكها )
وقال ابن ميادة
( يا ايها الناس ردوا القول واستمعوا ... وكل قول اذا ما قيل يستمع )
وقال جرير
( ما المدلج الغادي اليه بسحرة ... ألا كآخر قاعد لم يبرح )
وقال العلاء بن المنهال الغنوي في شريك بن عبد الله
( فليت أبا شريك كان حيا ... فيقصر عن مقالته شريك )
( ويترك من تدريه علينا ... اذا قلنا له هذا أبوك )
وقال طارق بن دثار الطائي
( ما ان يزال ببغداد يزاحمنا ... علىالبراذين أشباه البراذين )
( ما شئت من بغلة سفواء ناجية ... ومن إناث وقول غير موزون )
( أعطاهم الله اموالا ومنزلة ... من الملوك بلا عقل ولا دين )

وقال منقذ بن دثار الهلالي
( لا تذكرن صنيعة سلفت منك ... وان كنت لست تنكرها )
( عند امرىء ان تقول ان ذكرت ... يوما من الدهر لست أذكرها )
( فان إحياءها إماتتها ... وإن منا بها يكدرها )
قال بعض الحكماء صاحبك من ينسى معروفه عندك ويتذكر حقوقك عليه
وقال منقر بن فروة المنقري
( وان خفت من أمر فواتا فوله ... سواك وعن دار الأذى فتحول )
( وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ... ففي صالح الاعمال نفسك فاجعل )
ونظر ابوالحرث جمين الى برذون يستقي عليه الماء فقال وما المرء الا حيث يجعل نفسه لو هملج هذا البرذون لم يجعل للراوية
وأنشد
( لا خير في كل فتى نؤوم ... لا يمتريه طارق الهموم )
وأنشد
( إجعل أبا حسن كمن لا يعرف ... واهجره مقترنا وان لم يخلف )
( آخ الكرام المنصفين وصلهم ... واقطع مودة كل من لم ينصف )
وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير
( ما زال عصياننا لله يسلمنا ... حتى دفعنا الى يحيى ودينار )
( الى عليجين لم يقطع ثمارهما ... قد طالما سجدا للشمس والنار )
وشاتم اعرابي اعرابيا فقال انكم لتعتصرون العطاء وتعيرون النساء وتبيعون الماء
وقال ابوالاسود الدؤلي
( لنا جيرة سدوا المجازة بيننا ... فان ذكروك السد فالسد أكيس )
( ومن خير ما ألصقت بالدار حائط ... تزل به صقع الخطاطيف أملس )
وأنشد
( اذا لم يكن للمرء بد من الردى ... فأكرم اسباب الردى سبب الحب )
وقال الآخر

( واذا شنئت فتى شنئت حديثه ... واذا سمعت غناءه لم أطرب )
وأنشد المسروحي لكامل بن عكرمة
( لهاكل عام موعد غير منجز ... ووقت اذا ما رأس حول تجرما )
( فان وعدت شرا اني قبل وقته ... وان وعدت خيرا أراث وعتما )
وقال الآخر
( ألم تر ان سير الخير ريت ... وان الشر راكبه يطير )
وقال محمد بن يسير
( تأتي المكاره حين تأتي جملة ... وترى السرور يجيء في الفلتات )
وقال الآخر
( اذا ما بريد الشام أقبل نحونا ... ببعض الدواهي المفظعات فأسرعا )
( فان كان شرا سار يوما وليلة ... وان كان خيرا أقصد السير أربعا )
وقال آخر
( فاذا نهضت فما النهوض بدائم ... واذا نكبت توالت النكبات )
وقال آخر
( وتعجبنا الرؤيا فجل حديثنا ... اذا نحن أصبحنا الحديث عن الرؤيا )
( وان حسنت لم تأت عجلى وأبطأت ... وان قبحت لم تحتبس وأتت عجلى )
قيل لأعرابي ما أعددت للشتاء قال جلة ريوضا وصيصة سلوكا وشملة مكودا وقرمصا دفيئا وناقة مجالحة وقيل لاخرما أعددت للشتاء قال شدة الرعدة وقيل لاخر كيف ليلكم قال سحر كله وقيل لآخر كيف البرد عندكم قال ذلك الى الريح وقال معن بن أوس المزني
( فلا وأبي حبيب ما نفاه ... من ارض بني ربيعة من هوان )
( وكان هو الغني الى غناه ... وكان من العشيرة في مكان )
( تكنفه الوشاة فأزعجوه ... ودعس من قضاعة غير وان )
( فلولا ان أم أبيه أمي ... وان من قد هجاه فقد هجاني )
( وان أبي أبوه لذاق مني ... مرارة مبردي ولكان شاني )
( اذا لأصابه مني هجاء ... يمر به الروي على لساني )
( أعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رماني )

وقال بعض اليهود
( ولو كنت أرضى لا أبالك بالذي ... به العائل الجثام في الخفض قانع )
( اذا قصرت عندي الهموم وأصبحت ... علي وعندي للرجال صنائع )

ذكر ماقيل في المهالبة وغيرهم
( ان المهالبة الكرام تحملوا ... دفع المكاره عن ذوي المكروه )
( زانوا قديمهم بحسن حديثهم ... وكريم أخلاق بحسن وجوه )
وقال ابو الجهم العدوي في معاوية بن ابي سفيان
( نقلبه لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كرما ولينا )
( نميل على جوانبه كأنا ... نميل اذا نميل على أبينا )
وقال الآخر في هذا الشكل
( ان أجز علقمة بن سيف سعيه ... لا أجزه ببلاء يوم واحد )
( لأحبني حب الصبي ورمني ... رم الهدي الى الغني الواجد )
( ولقد شفيت غليلتي فنقعتها ... من آل مسعود بماء بارد )
وقال بكير بن الاخنس
( نزلت على آل المهلب شاتيا ... فقيرا بعيد الدار في سنة محل )
( فما زال بي ألطافهم وافتقادهم ... وإكرامهم حتى حسبتهم أهلي )
وقال في كلمة له أخرى
( وقد كنت شيخا ذا تجارب جمة ... فأصبحت فيهم كالصبي المدلل )
ورأى المهلب وهو غلام فقال
( خذوني به ان لم يسد سرواتهم ... ويبرع حتى لا يكون له مثل )
وقال الحزين في طلحة بن عبد الله من ولد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
( فان تك يا طلح أعطيتني ... جمالية تستحق السفارا )
( فما كان نفعك لي مرة ... ولا مرتين ولكن مرارا )
وقال ابو الطمحان
( سامدح مالكا في كل ركب ... لقيتهم وأترك كل رذل )
( فما انا والبكارة من مخاض ... عظام جلة سدس وبزل )

( وقد عرفت كلابكم ثيابي ... كأني منكم ونسيت أهلي )
( نمتكم من بني شمخ زناد ... لها ما شثت من فرع وأصل )
وقال ابو الشغب
( ألا ان خير الناس قد تعلمونه ... أسير ثقيف موثقا في السلاسل )
( لعمري لئن أعمرتم السجن خالدا ... وأوطأتموه وطأة المتثاقل )
( لقد كان نهاضا بكل ملمة ... ومعطي اللها غمرا كثير النوافل )
( فان تسجنوا القسري لا تسجنوا اسمه ... ولا تسجنوا معروفه في القبائل )
ومن هذا الباب قول اعشى همدان في خالد بن عتاب بن ورقاء
( رأيت ثناء الناس بالغيب طيبا ... عليك وقالوا ماجد وابن ماجد )
( بني الحارث السامين للمجد انكم ... بنيتم بناء ذكره غير بائد )
( هنيئا لما أعطاكم الله واعلموا ... بأني سأطري خالدا في القصائد )
( فان يك عتاب مضى لسبيله ... فما مات من يبقى له مثل خالد )
ومن هذا الشكل قول الحسين بن مطير الاسدي
( ألما على معن وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا )
( أيا قبر معن كنت أول حفرة ... من الارض خطت للسماحة موضعا )
( و ياقبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا )
( بلى قد وسعت الجود والجود ميت ... ولو كان حيا ضقت حتى تصدعا )
( فلما مضى معن مضى الجود والندى ... واصبح عرنين المكارم أجدعا )
( فتى عيش في معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مرتعا )
( تعز أبا العباس عنه ولا يكن ... جزاؤك من معن بأن تتضعضعا )
( فما مات من كنت ابنة لا ولا الذي ... له مثل ما أسدى أبوك وما سعى )
( تمنى أناس شأوه من ضلالهم ... فأضحوا على الأذقان صرعى وظلعا )
وهذا مثل قول مسلم بن الوليد في يزيد بن مزيد
( قبر ببردعه استسر ضريحه ... خطرا تناصر دونه الاخطار )
( أبقى الزمان على معد بعده ... حزنا كعمر الدهر ليس يعار )
( نقضت به الآمال احلاس الغنى ... واسترجعت نزاعها الامصار )
( فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السهل والأوعار )

ذكر حروف من الادب من حديث بني مروان وغيرهم
قال مسلمة كان عند عمر بن عبد العزيز رجلان فجعلا يلحنان فقال الحاجب قوما فقد آذيتما امير المؤمنين قال عمر انت آذى لي منهما
قال المدائني قعد قدام زياد رجل ضباعي من قرية باليمن يقال لها ضباع وزياد يبني داره فقال له ايها الامير لو كنت عملت باب مشرقها من قبل مغربها وباب مغربها من قبل مشرقها فقال أنى لك هذه الفصاحة قال انها ليست من كتاب ولا حساب ولكنها من ذكاوة العقل فقال ويلك الثاني شر
قال شعبة عن الحكم قال عبد الرحمن بن ابي ليلى لا أماري اخي فإما ان اكذبه وإما ان اغضبه
قال ابن ابي الزناد اذا اجتمعت حرمتان تركت الصغرى للكبرى
وعن ابي بكر الهذلي واسمه سلمى قال اذا جمع الطعام اربعا فقد كمل اذا كان حلالا وكثرت عليه الايدي وسمى الله على اوله وحمد على آخره
وقال ابن قميئة
( وأهون كف لا تضيرك ضيرة ... يد بين أيد في إناء طعام )
( يد من قريب او غريب بقفرة ... أتتك بها غبراء ذات قتام )
وقال حماد عجرد
( حبيش ابو الصلت ذو خبرة ... بما يصلح المعدة الفاسدة )
( تخوف تخمة اصحابه ... فعودهم اكلة واحدة )
وقال سويد المراثد
( إني اذا ما الأمر بين شكه ... وبدت بصائرة لمن يتأمل )
( وتبوأ الضعفاء من اخوانهم ... وألح من حر الصميم الكلكل )
( أدع التي هي أرأف الخلات بي ... عند الحفيظة للتي هي اجمل )
ومما يكتب في باب العصا
قال حسان بن الغدير
( قالت أمامة يوم برقة واسط ... يا ابن الغدير لقد جعلت تغير )
( اصبحت بعد زمانك الماضي الذي ... ذهبت شبيبته وغصنك اخضر )

( شيخا دعامتك العصا ومشيعا ... لا تبتغي خبرا ولا تستخبر )
ويضم البيت الاخير الى قوله
( وهلك الفتى ان لا يراح الىالندى ... وان لا يرى شيئا عجيبا فيعجبا )
( ومن يبتغي مني الظلامة يلقني ... اذا ما رآني اصلع الرأس أشيبا )
وقال بعض الحكماء أعجب من العجب ترك التعجب من العجب وقيل لشيخ هم اي شيء تشتهي قال أسمع بالأعاجيب
وأنشد
( عريض البطان جديب الخوان ... قريب المراث من المرتع )
( فنصف النهار لكرياسه ... ونصف لمأكله أجمع )
ومما يضم الى العصا قوله
( لعمري لئن حلئت عن منهل الصبا ... لقد كنت ورادا لمشربه العذب )
( ليالي أغدو بين بردين لاهيأ ... أميس كغصن البانة الناعم الرطب )
( سلام على سير القلاص مع الركب ... ووصل الغواني والمدامة والشرب )
( سلام امرىء لم تبق منه بقية ... سوى نظر العينين او شهوة القلب )
وقال حاجب بن ذيبان لاخيه زرارة
( عجلت مجيء الموت حين هجرتني ... وفي القبر هجر يا زرار طويل )
وقال الآخر
( ألم تعلمي ياعمرك الله أنني ... كريم على حين الكرام قليل )
( وأني لا اخزى اذا قيل مقتر ... جواد وأخزى ان يقال بخيل )
( وان لا يكن عظمي طويلا فانني ... له بالخصال الصالحات وصول )
( اذا كنت في القوم الطوال فضلتهم ... بعارفة حتى يقال طويل )
( ولا خير في حسن الجسوم وطولها ... اذا لم يزن حسن الجسوم عقول )
( وكائن رأينا من فروع طويلة ... تموت اذالم تحيهن أصول )
( ولم أر كالمعروف أما مذاقه ... فحلو وأما وجهه فجميل )
وقال زياد بن زيد
( اذا ما انتهى علمي تناهيت عنده ... أطال فأملى أم تناهى فأقصرا )
( ويخبرني عن غائب المرء فعله ... كفى الفعل عما غيب المرء مخبرا )

وقال آخر
( أبر فما يزداد إلا حماقة ... ونوكا وان كانت كثيرا مخارجه )
وقال ابن الرقاع
( وقصيدة قد بت أجمع بينها ... حتى أقوم ميلها وسنادها )
( نظر المثقف في كعوب قناته ... حتى يقيم ثقافة منآدها )
( وعلمت حتى لست اسأل عالما ... عن حرف واحدة لكي أزدادها )
وقال بعض الاعراب
( لولا مسرة أقوام تصعدني ... او الشماتة من قوم ذوي إحن )
( ماسرني ان إبلي في مباركها ... وأن أمرا قضاه الله لم يكن )
وقال الاخر
( وإني لأهوى ثم لا أتبع الهوى ... وأكرم خلاني وفي صدود )
( وفي النفس عن بعض التعرض غلظة ... وفي العين عن بعض البكاء جمود )
وقال كثير
( ترى القوم يخفون التبسم عنده ... وينذرهم عور الكلام نذيرها )
( فلا هاجرات القوم يؤثرن عنده ... ولا كلمات النصح مقصى مشيرها )
وقال المقشعر
( يقر بعيني ان أرى قصد القنا ... وصرعى رجال في وغى أنا حاضرة )
وقال الكميت
( أحسن منها ذياد خامسة ... في الورد او فيلق يجالدها )
وقال صالح بن مخراق في كلام له لولا ان الله تبارك وتعالى قال ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) لانبأتكم أني لا أكرهه
وقال الآخر
( تركت الركاب لأربابها ... وأكرهت نفسي على ابن الصعق )
( جعلت يدي وشاحا له ... وبعض الفوارس لا يعتنق )
قال قال عمر بن عبد العزيز يوما في مجلسه من أم النعمان بن المنذر فقال روح بن الوليد بن عبد الملك سلمى بنت عقاب قال إنه ليقال ذلك يا حاجب أحسن إذنه

قالوا عشر خصال في عشرة أصناف من الناس أقبح منها في غيرهم الضيق في الملوك والغدر في الأشراف والكذب في النضاة والخديعة في العلماء والغضب في الابرار والحرص في الاغنياء والسفه في الشيوخ والمرض في الاطباء والزهو في الفقراء والفخر في القراء
وأنشد
( ولا تقبلوا عقلا وأموا بغارة ... بني عبد شمس بين دومة والهضب )
( وهزوا صدور المشرفي كأنما ... يقعن بهام القوم في حنظل رطب )
ويضم الى بيت الكميت وبيت المقشعر قول الحكمي
( أحسن عندي من انكبابك بالفهر ... ملحا به على وتد )
( وقوف ريحانه على أذن ... وسير كأس الى فم بيد )
وفي باب غير هذا يقول حسان بن ثابت
( ما أبالي أنب بالحزن تيس ... أم لحاني بظهر غيب لئيم )
وأنشدوا
( خبرت أن طويلبا يغتابنا ... بعضيهة يتنحل الأقوالا )
( ما ضر سادة نهشل أهجاهم ... ام قام في عرض الحوى فبالا )
وقال الفرزدق في هذا المعنى
( ما ضر تغلب وائل أهجوتها ... ام بلت حيث تناطح البحران )
وقال الآخر في هذا المعنى
( ما يضير البحر أمسى زاخرا ... أن رمى فيه غلام بحجر )

ومما يزاد في باب العصا
قول جرير بن الخطفي
( ويقضي الامر حين تغيب تيم ... ولا يستأمرون وهم شهود )
( وقد سلبت عصاك بنو تميم ... فما تدري بأي عصا تذود )
وقال الحسن بن عرفطة بن نضلة
( ليهنك بغض في الصديق وضنة ... وتحديثك الشيء الذي أنت كاذبه )
( وأنك مهداء الخنا نطف الثنا ... شديد السباب رافع الصوت غالبه )
( وأنك مشنوء الى كل صاحب ... بلاك ومثل الشر يكره جانبه )

( ولم أر مثل الجهل أدنى الىالردى ... ولا مثل بعض الناس غمض صاحبه )
وقال قتادة بن خرجة التغلبي
( خليلي يوم السلسلين لو أنني ... بهيرا اللوا أنكرت ما قلتما ليا )
( ولكنني لم أنس ما قال صاحبي ... نصيبك من ذل اذا كنت نائيا )
وقال خالد بن نضلة
( اذا كنت في قوم عدى لست منهم ... فكل ما علفت من خبث وطيب )
وقال أحمد بن يوسف وكان يتعشق يحيى بن سعيد بن حماد
( إن يحيى بن سعيد ... يشتهي أن أشتهيه )
( فهو يلقاني بتوريم ... وأحيانا بتيه )
وقال أبو سعيد دعى بني مخزوم في مهاجاة دعبل
( ولولا نزار لضاق الفضاء ... ولم يبق حرز ولا معقل )
( وأخرجت الارض أثقالها ... وأدخل في است امه دعبل )
وقال
( حدق الآجال آجال ... والهوى للمرء قتال )
( والهوى صعب مراكبه ... وركوب الصعب أهوال )
( ليس من شكلي فأشتمه ... دعبل والناس اشكال )
( همتي في التاج ألبسه ... وله في الشعر آمال )
وقال
( هذا اللباني يحوي ... جوائز الخلفاء )
( ففي حرأمي مديحي ... وفي حرأمي هجائي )
( وفي حرأمي وان ... كنت سيدا الشعراء )
وقال محمد بن يسير
( في حرام الناس كلهم ... أنا في هذا من أولهم )
( لست تدري حين تخبرهم ... أين أدناهم من افضلهم )
وقال
( اذا ما جاوز الندماء خمسا ... برب البيت والساقي الأديب )
( فأير في حرأم فتى دعانا ... وأير في حرأم فتى مجيب )

وقال سلم الخاسر
( بهارون قرالملك في مستقره ... وأشرقت الدنيا وأينع نورها )
( وليس لأيام المكارم غاية ... تتم بها الا وأنت أميرها )
وقال بشار بن برد
( من فتاة صب الجمال عليها ... في حديث كلذة النشوان )
( ثم فارقت ذاك غير ذميم ... كل عيش الدنيا وان طال فان )
وقال مزاحم العقلي
( تزين سنا الماوي كل عشية ... على غفلات الزين والمتجمل )
( وجوها لو ان المدلجين اعتشوا بها ... صدعن الدجى حتى يرى الليلي ينجلي )
وقال المسعودي
( إن الكرام منا هبوك المجد كلهم فناهب ... )
( أخلف وأتلف كل شيء زعزعته الريح ذاهب ... )
قال شيخ من الاطباء الحمد لله فلان يزاحمنا في الطب ولم يختلف الى البيمارستان تمام خمسين سنة
قال وحدثني محمد بن عبد الملك صديق لي سمعت رجلا من فرسان طبرستان يقول فلان يدعى الفروسية ولو كلف ان يخلى فروج فرسه منحدار من جبل لما قدر عليه
وقال بعض العبيد
( أيبعثني في الشاء وابن مخيلد ... على هجمة قد لوحتها الطبائخ )
( متى كان حمران النباتي راعيا ... وقد راعه بالذود اسود سالخ )
وقال كثير في عمر بن عبد العزيز رحمه الله
( تكلمت بالحق المبين وإنما ... تبين آيات الهدى بالتكلم )
( ألا إنما يكفي القنا بعد زيغه ... من الأود البادي ثقاف المقوم )
قال الاصمعي قال ابن عبيد لا يزال الناس بخير ما داموا اذا اختلج في صدر الرجل شيء وجد من يفرج عنه
قال البعيث في ابراهيم بن عدي
( ترى منبر العبد اللئيم كأنما ... ثلاثة غربان عليه وقوع )

وقال الاعشى
( رب رفد هرقته ذلك اليوم ... وأسرىمن معشر أقيال )
وقالوا لا وكس ولا شطط
وقال الشاعر
( ومدجج كره الكماة نزاله ... لا ممعن هربا ولا مستسلم )
وقال زهير
( دون السماء وفوق الارض قدرهما ... عند الذنابي فلا فوت ولا درك )
وقالوا خير الامور اوسطها وشر السير الحقحقة قال والمثل السائر والصواب المستعمل لا تكن حلوا فتزدد ولا مرا فتلفظ
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ان هذا الامر لا يصلحه إلا لين في غير ضعف وشدة في غير عنف
وكان الحجاج يجاوز العنف الى الخرق وكان كما وصف نفسه قال انا حديد حقود وذو قسوة حسود وذكره آخر فقال كان شرا من صبي
وقال اكثم بن صيفي تناءوا الديار وتواصلوا في المزار
وكان ناسىء الشهور يقول اللهم باعد بين نسائنا وقارب بين رعائنا واجعل الاموال في سمحائنا
وقال آخر
( شتى مراجلهم فوضى نساؤهم ... فكلهم لأبيه ضيزن سلف )
وقال آخر من أمل أحدا هابه ومن قصر عن شيء عابه
وقال الآخر
( رجعنا سالمين كما بدأنا ... وماخابت غنيمة سالمينا )
وقال امرؤ القيس بن حجر
( لقد نقبت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب )
وقيل لابن عباس أيما أحب اليك رجل يكثر من الحسنات ويكثر من السيئات اويقل من الحسنات والسيئات قال ما أعدل بالسلامة شيئا وقالت اعرابية
( لا تحمدوني في الزيارة انني ... أزوركم إن آخر لا أجد متعللا )

قال يعقوب بن داود ذم رجل الاشتر فقال له رجل من النخع اسكت فان حياته هزمت اهل الشام وموته هزم اهل العراق
قال ابو الحسن أرسلت الخيل ايام بشر بن مروان فسبق فرس عبد الملك بن بشر فقال له اسماعيل بن الاشعث والله لأرسلن غدا مع فرسك فرسا لا يعرف ان اباك امير العراق فجاء فرس اسماعيل سابقا فقال ألم أعلمك
وقال ابو العتاهية
( أيا من لي بانسك يا أخيا ... ومن لي ان أبثك ما لديا )
( كفى حزنا بدفنك ثم أني ... نفضت تراب قبرك عن يديا )
( طوتك خطوب دهرك بعد نشر ... كذاك خطوبه نشرا وطيا )
( فلو نشرت قواك الىالمنايا ... شكوت إليك ما صنعت إليا )
( بكيتك يا أخي بدر عيني ... فلم يغن البكاء عليك شيا )
( وكانت في حياتك لي عظات ... فأنت اليوم أوعظ منك حيا )
وقال الاخر
( ابعد الذي بالنعف نعف كويكب ... رهينة رمس بين قرب وجندل )
( اذكر بالبقيا على من أصابني ... وبقياي أني جاهد غير مؤتل )
يقول وهذا بقياي

كلام عن حلم معاوية
قال قيل لشريك بن عبدالله كان معاوية حليما قال لو كان حليما ما سفه الحق ولا قاتل عليا ولو كان حليما ما حمل أبناء العبيد على حرمه ولما انكح الا الأكفاء واصوب من هذا قول الاخر كان معاوية يتعرض ويحلم اذا اسمع ومن تعرض للسفية فهو سفيه وقال الاخر كان يحب ان يظهر حلمه وقد كان طار اسمه بذلك فكان يحب ان يزداد في ذلك
وقال الفرزدق
( وكان يجير الناس من سيف مالك ... فأصبح يبغي نفسه من يجيرها )
( وكان كعنز السوء قامت بظلفها ... الى مدية تحت التراب تثيرها )
وقال التوت اليماني

( على اي باب اطلب الإذن بعدما ... حجبت عن الباب الذي انا حاجبه )
وهذا مثل قوله
( والسبب المانع حظ العاقل ... هو الذي سبب رزق الجاهل )
ومثله
( وربت حزم كان السقم علة ... وعلة برء الداء حظ المغفل )
وقال اخر
( يخيب الفتى من حيث يرزق غيره ... ويعطى الفتى من حيث يحرم صاحبه )
وقال عثمان بن الحويرث لعمرو بن العاص
( له أبوان فهو يدعى اليهما ... وشرالعباد من له أبوان )
( وقد حكما فيه لتصديق أمه ... وكان لها علم به ببيان )
( فقالت صراخا وهي تعلم غيره ... ولكنها تهذي بغير لسان )
وقال الاخر
( يطلبن بالقوم حاجات تضمنهما ... بدر بكل لسان يلبس المدحا )
( كأن فيض يديه قبل مسألة ... باب السماء اذا ما بالحيا انفتحا )
( وكلت بالدهر عينا غير غافلة ... من جود كفك تأسو كلما جرجا )
ومثله
( اذا افتقر المنهال لم ير فقره ... وإن أيسر المنهال أيسر صاحبه )
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه من أفضل العبادة الصمت وانتظار الفرج
وقال يزيد بن المهلب وكان في سجن الحجاج لهفي على طلبة بمئة ألف وفرج في جبهة أسد
وأنشد
( ربما تجزع النفوس من الامر ... له فرجةكحل العقال )
وأنشد
( كرهت وكان الخير فيما كرهته ... وأحببت أمرا كان فيه شبا القتل )
وهذا مثل قوله تعالى ( وعسى ان تكرهوا شيأ وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم )

وكان يقال خذ مقتصد العراق ومجتهد الحجاز
وقال الاخر
( لكل كريم من ألاثم قومه ... على كل حال حاسدون وكشح )
وقال جرير
( إني لآمل منك خيرا عاجلا ... والنفس مولعة بحب العاجل )
وقال تبارك وتعالى ( قل ما اسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين )
وقال ابن هرمة
( أشم من الذين بهم قريش ... تداوي بينها عين القتيل )
( كأن تلألؤ المعروف فيه ... شعاع الشمس في السيف الصقيل )
وقال امرؤ القيس
( أجارتنا ان المزار قريب ... واني مقيم ما أقام عسيب )
( أجارتنا إنا غريبان ههنا ... وكل غريب للقريب نسيب )
وقال بشار
( واذا أغرت فلا تكن جشعا ... تسمو لغث الكسب تكسبه )
وقال حسان بن ثابت
( أهدى لهم مدحي قلب يوازره ... فيما أحب لسان حائك صنع )
وقال الاصمعي أنشدنا ابو مهدية
( ضحوا بأشمط عنوان السجود به ... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا )
وقال الخزرجي يرد على أبي قيس بن الأسلت واسمه صيفي
( أتفخر صيفي فيما تقول ... أن نلتم عيلة أربعة )
( عرانين كلهم ماجد ... كثير الدسائع والمنفعة )
( فهلأ حصرت غداة البقيع ... لما استمال أبو صعصعة )
( ولكن كرهتم شهودا الوغى ... وكنتم كذلك في المعمعة )
( سراعا الى القتل في خفية ... بطاء عن القتل في المجمعة )
وأنشد الاصمعي
( آتي الندى فلا يقرب مجلسي ... وأقود للشرف الرفيع حماريا )
وقال حبيب بن أوس

( كالخواط في القد والغزالة في البهجة ... وابن الغزال في غيده )
( وما حكاه ولا نعيم له ... في جيده بل حكماه في جيده )
( الى المفدى أبي يزيد الذي ... يضل غمر الملوك في ثمده )
( ظل عفاة يحب زائرة ... حب الكبير الصغير من ولده )
( اذا أناخوا ببابه أخذوا ... حكمهم من لسانه ويده )
وقال أيضا
( لعمرك ما كانوا ثلاثة إخوة ... ولكنهم كانوا ثلاث قبائل )

ومن خطباء الخوارج
قطري بن الفجاءة أحد بني كنانة بن حرقوص وكنيته أبو نعامة في الحرب وفي السلم ابو محمد وهو أحد رؤساء الازارقة وكان خطيبا فارسا خرج زمن مصعب بن الزبير وبقي عشرين سنة وكان يدين بالاستعراض والسباء وقتل الاطفال وكان اخرمن بعث اليه سفيان بن الابرد الكلبي وقتله سورة بن الجبر الدارمي من بني أبان بن دارم
ومن خطباء الخوارج وشعرائهم وعلمائهم
حبيب بن جدرة عدادة في بني شيبان وهو مولى لهلال بن عامر
ومن علمائهم وخطبائهم وأئمتهم الضحاك بن قيس أحد بني عمرو بن محلم ابن ذهل بن شيبان ويكنى أبا سعيد ملك العراق وصلى خلفه عبد الله بن عمر وعبد الواحد بن سليمان وقال شاعرهم
( ألم تر ان الله أظهر دينه ... وصلت قريش خلف بكر بن وائل )
ومن علمائهم وخطبائهم نصر بن ملحان وكان الضحاك ولاه الصلاة بالناس والقضاء بينهم
ومن علمائهم مليل وأصغر ابنا عبد الرحمن وأبو عبيدة كورين واسمه مسلم وهو مولى لعروة بن أذينة
ومن علمائهم وخطبائهم وشعرائهم وقعدهم وأهل الفقه منهم عمران بن حطان ويكنى أبا شهاب أحد بني عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة
ومن الخوارج من بني ضبة ثم احد بني صبيح القاسم بن عبد الرحمن بن صديق وكان ناسبا عالما داهيا وكان يشوب ذلك ببعض الظرف

ومن علمائهم ونسابهم وأهل اللسن منهم الجون بن كلاب وهو من اصحاب الضحاك
ومن رجالهم وأهل البيان والنجدة منهم خراشة وكان ركاضا ولم يكن أعتقد
اخبرني ابوعبيدة قال كان مسمارمستخفيا بالبصرةفتخلصت اليه فأخبرني انه الذي طعن مالك بن علي في فيه وذلك انه فتح فاه يقول انا ابو علي فاتحا فاه فطعنه في جوب فمه
ومن شعرائهم عتبان بن وصيلة الشيباني وهو الذي يقول
( ولا صلح ما دمت منابر ارضنا ... يقوم عليها من ثقيف خطيب )
وقال عن عيسى بن طلحة قلت لابن عباس اخبرني عن ابي بكر قال كان خيرا كله على الحدة وشدة الغضب قال قلت اخبرني عن عمر قال كان كالطائر الحذر قد علم انه قد نصب له في كل وجه حبالة وكان يعمل لكل يوم بما فيه على عنف السياق قال قلت اخبرني عن عثمان قال كان والله صواما قواما لم يخدعه ونومه عن يقظته قال قلت فصاحبكم قال كان والله مملوا حلما وعلما غرته سابقته وقرابته وكان يرى انه لا يطلب شيئا الا قدر عليه قلت اكنتم ترونه محدودا قال انتم تقولون ذاك

كلام في الادب
قال معاوية ما رأيت سرفا قط الا والىجنبه حق مضيع
وقال عثمان بن العاص الناكح مغترس فلينظر امرؤ حيث يضع غرسه
وقالت هند ابنة عتبة المرأة غل ولابد للعنق منه فانظر من تضعه في عنقك
وقال ابن المقفع الدين فانظر عند من تضع نفسك
وقال عمرو بن مسعدة او ثابت ابوعباد لا تستصحب من يكون استمتاعه بمالك وجاهك اكثر من امتاعه لك بشكر لسانه وفؤاد علمه ومن كانت غايته الاحتيال على مالك وإطرائك في وجهك فان هذا لا يكون الا رديء الغيب سريعا الى الذم

بسم الله الرحمن الرحيم
قد قلنا في صدر هذا الجزء الثالث في ذكرنا العصا ووجوه تصرفها وذكرنا من مقطعات كلام النساك ومن قصار مواعظ الزهاد وغير ذلك مما يجوز في نوادرالمعاني وقصار الخطب ونحن ذاكرون على اسم الله وعونه صدرا من دعاء الصالحين والسلف المتقدمين ومن دعاء الاعراب فقد اجمعوا على استحسان ذلك واستجادته وبعض دعاء الملهوفين والنساك المتبتلين
قال الله تبارك وتعالى لنبيه ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) وقال ( ادعوني استجب لكم ) وقال تعالى ( ويدعوننا رغبا ورهبا ) وقال ( والمستغفرين بالاسحار )
قالوا كان عمرو بن معاوية العقيلي يقول اللهم قني عثرات الكلام
وقال اعرابي لرجل سأله جعل الله الخير عليك دليلا ولاجعل حظ السائل منك عذرة صادقة
وقال بعض كرام الاعراب ممن يقرض الشعر ويؤثر الشكر
( لعل مفيدات الزمان يفدنني ... بنى صامت في غير شيء يضيرها )
وقال شيخ اعرابي اللهم لا تنزلني ماء سوء فأكون امرأ سوء
قال وسمعت عمر بن هبيرة يقول في دعائه اللهم إني أعوذ بك من صديق مطر وجليس مغر وعدو مسر
قال كتب ابن سيابة الى صديق له إما مستقرضا وإما مستفرضا فذكر صديقه خلة شديدة وكثرة عيال وتعذر الامور فكتب اليه ابن سيابة ان كنت كاذبا فجعلك الله صادقا وان كنت مليما فجعلك معذورا
قال الاصمعي سمعت اعرابيا يقول أعوذ بك من الفواقر والبواقر ومن جار السوء في دار المقامة والظعن ومما ينكس برأس المرء ويغري به لئام الناس
قال الاصمعي قيل لخالد بن نضلة قال عبد يغوث بن وقاص ما أذم فيها إلا غطينا ليس خالد بن نضلة يعني مضر قال خالد اللهم ان كان كاذبا فاقتله على يد الأم حي في مضر فقتلته تيم الرباب
قالوا وقف سائل من الاعراب على الحسن فقال رحم الله عبدا أعطى من سعة وآسى من كفاف وآثر من قلة

وقال في الأثر المعروف حصنوا أموالكم بالزكاة وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء
ومن دعائهم أعوذ بك من بطر الغنى وذلة الفقر
قال ومن دعاء السلف اللهم احملنا من الرحلة وإغننا من العيلة
وسأل اعرابي فقيل له بورك فيك فتوالى ذلك عليه من غير مكان فقال وكلكم الله الى دعوة لا يحضرها نية
وقال اعرابي أعوذ بك من سقم وعدواه وذي رحم ودعواه ومن فاجر وجدواه وعمل لا ترضاه
وسأل اعرابي فقال له صبي من جوف الدار بورك فيك فقال قبح الله هذا الفم لقد تعلم الشر صغيرا وهذا السائل هو الذي يقول
( رب عجوز عرمس زبون ... سريعة الرد علىالمسكين )
( تحسب ان بوركها يكفيني ... اذا غدوت باسطا يميني )
وقال اخر اللهم أعني على الموت وكربته وعلى القبر وغمته وعلى الميزان وخفته وعلى الصراط وزلته وعلى يوم القيامة وروعته
وقالت عجوز بلغها موت الحجاج اللهم انت أمته فأمت سنته
وكان محمد بن علي بن الحسين يقول اللهم أعني على الدنيا بالغنى وعلى الاخرة بالتقوى
وقال عمرو بن عبيد اللهم أغنني بالافتقار اليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك وقال عمرو اللهم اعني على الدنيا بالقناعة وعلى الدين بالعصمة
قال ومرض عوف بن ابي جميلة فعادة قوم فجعلوا يثنون عليه فقال دعونا من الثناء وأمدونا بالدعاء
قال وسمعت عمر بن هبيرة يقول اللهم اني أعوذ بك من طول الغفلة وإفراط الفطنة اللهم لا تجعل قولي فوق عملي ولا تجعل أسوأ عملي ما قارب من اجلي
وقال ابو مذحج اللهم اجعل خبر عملي ما ولى اجلي
ودعت اعرابية لرجل فقالت كبت الله كل عدو لك إلا نفسك
وقال يزيد بن جبل احرس اخاك الا من نفسه

قال ودعا اعرابي فقال اللهم هب لي حقك وأرض عني خلقك
قال وكان قوم نساك في سفينة في البحر فهاجت الريح بأمر هائل فقال رجل منهم اللهم قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك ورحمتك
قال وسمع مطرف رجلا يقول استغفر الله وأتوب اليه فأخذ بذراعه وقال لعلك لا تفعل من وعد فقد أوجب
وقال رجل لابن قثم كيف أصبحت قال ان كان من رأيك ان تسد خلتي وتقضي ديني وتكسو عورتي خبرتك وإلا فليس المجيب بأعجب من السائل
وقال اخر اللهم أمتعنا بخيارنا وأعنا على شرارنا واجعل الاموال في سمحائنا
وقال اعرابي اللهم انك أمرتنا ان نعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا انفسنا فاعف عنا
وقال اعرابي ورأى إبل رجل قد كثرت بعد قلة فقيل انه قد تزوج أمة فجاءته بنافجة مال فقال اللهم إنا نعوذ بك من بعض الرزق
قال ابو مجيب الربعي قال اعرابي جنبك الله الأمرين وكفاك شر الأجوفين
وجاء في الحديث من وقى شر قبقبة وذبذبة ولقلقه فقد وقىالشر كله
وقال أعرابي منحكم الله منحة ليست بحداء ولا نكداء ولا ذات داء
قال قيل لابراهيم النخعي أي رجل انت لولا حدة فيك قال أستغفر الله مما أملك وأستصلحه ما لا أملك
وقال أعرابي ومات ابن له اللهم إني قد وهبت له ما قصر فيه من بري فهب لي ما قصر فيه من طاعتك
قال لما صاف قتيبة بن مسلم الترك وهاله أمرهم سأل عن محمد بن واسع وقال انظروا ما يصنع فقيل ها هو ذاك في أقصى الميمنة جانحا على سية قوسه ينضنض بأصبعه نحو السماء قال قتيبة تلك الاصبع الفاردة أحب إلي من مئة ألف سيف شهير وسنان طرير

قال ابو الدرداء ان أبغض الناس الى ان أظلمه من لم يستعن علي الا بالله
وقال خالد بن صفوان احذروا مجانيق الضعفا يعني الدعاء وقال لا يستجاب الا لمخلص او مظلوم
قال وكان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يقول اللهم ان ذنوبي لا تضرك وان رحمتك إياي لا تنقصك فاغفر لي ما لا يضرك واعطني ما لا ينقصك
وقال أعرابي اللهم إنك حبست عنا قطر السماء فذاب الشحم وذهب اللحم ورق العظم فارحم أنين الآنة وحنين الحانة اللهم ارحم تحيرها في مراتعها وأنينها في مرابضها
قال وحجت أعرابية فلما صارت بالموقف قالت أسألك الصحبة يا كريم الصحبة وأسألك سترك الذي لا تزيله الرياح ولا تخرقه الرماح
وقيل لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه كم بين السماء والارض قال دعوة مستجابة فقالوا كم بين المشرق الى المغرب قال مسيرة يوم للشمس ومن قال غير هذا فقد كذب
قال وحج أعرابي فقال اللهم ان كان رزقي في السماء فأنزله وان كان في الارض فأخرجه وان كان نائيا فقر به وان كان قريبا فيسره
قال ابو عثمان اليقطري عن عبد الله بن سلم الفهري لما ولى مسروق السلسلة انبرى له شاب فقال له وقال الله خشية الفقر وطول الامل فلا تكونن دريئة للسفهاء ولا شيئا للفقهاء
وقال أعرابي في دعائه اللهم لا تخيبني وأنا ارجوك ولا تعذبني وأنا أدعوك اللهم فقد دعوتك كما امرتني فأجبني كما وعدتني
وقال عبد الله بن المبارك قالت عائشة يا بني لا تطلبوا ما عند الله من عند غير الله مما يسخط الله
قال وقال رجل من النساك ان ابتليت ان تدخل مع ناس الى السلطان فاذا أخذوا في الثناء فعليك بالدعاء
وقال الكذاب الحرمازي
( لا هم ان كانت بنو عميره ... رهط التلب دعوة مستورة )

( قد أجمعوا لخلقة مقصورة ... واجتمعوا كأنهم قارورة )
( في غنم وابل كثيره ... فابعث عليهم سنة قاشورة )
( تحتلق المال احتلاق النوره ... )
وقال أعرابي
( لا هم أنت الرب تستغاث ... لك الحياة ولك الميراث )
( وقد دعاك الناس فاستغاثوا ... غياثهم وعندك الغياث )
( لم يبق إلا عكرش أنكاث ... وشيح أصولها مثاث )
( وطاحت الألبان والأرماث ... )
وكان سعد بن أبي وقاص يسمى المستجاب الدعوة وقال لعمر حين شاطره ماله لقد هممت فقال له عمر ان تدعو الله علي قال نعم قال إذا لا تجدني بدعاء ربي شقيا
وقال رسول الله كم من ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك وجمع الناس اليه وقد دهمهم العدو فأقسم فمنحهم الله أكتافهم
قالا الاصمعي وأبو الحسن أخبرنا ابراهيم بن حبيب بن الشهيد عن أبيه او عن غيره قال بلغ سعدا شيء فعله المهلب في العدو والمهلب يومئذ فتى فقال سعد اللهم لا تراه ذلا فيرون أن الذي ناله المهلب بتلك الدعوة
وقال اخر
( الموت خير من ركوب العار ... والعار خير من دخول النار )
( والله من هذا وهذا جاري ... )
قالها حسين بن علي رضي الله تعالى عنهما
وقال الاخر وكان قد وقع في الناس وباء جارف وموت ذريع فهرب على حماره فلما كان في بعض الطريق ضرب وجه حماره راجعا الىحيه وقال
( لن يسبق الله علىحمار ... ولا على ذي ميعة خطار )
( قد يصبح لله أمام الساري ... )
وسمع مجاشع الربعي رجلا يقول الشحيح أعذر من الظالم فقال ان شيئين خيرهما الشح لناهيك بهما شرا

قال المغيرة بن شعبة سمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجلا يقول في دعائه اللهم اجعلني من الاقلين فقال له عمر ما هذا الدعاء قال سمعت الله يقول ( وقليل ماهم ) وسمعته يقول ( وقليل من عبادي الشكور ) فقال عمر عليك من الدعاء بما يعرف
وقال ناس من الصحابة لعمر ما بال الناس كانوا اذا ظلموا في الجاهلية فدعوا استجيب لهم ونحن لا يستجاب لنا وان كنا مظلومين قال كانوا ولا زاجر لهم الا ذاك فلما أنزل الله تبارك وتعالىالوعد والوعيد والحدوس والقصاص والقود وكلهم الى ذلك
وقال عمر رضي الله تعالى عنه في يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا لساعة كذا وكذا ألا يدعو الله فيها أحد الا استجيب له فقال له قائل ارأيت ان دعا فيها منافق قال فان المنافق لا يوفق لتلك الساعة ولما صعد المنبر قابضا على يد العباس يوم الاستسقاء لم يزد على الدعاء بالاستغفار فقيل له إنك لم تستسق وإنما كنت تستغفر قال قد استسقيت بمجاديح السماء
ذهب الى قوله ( واستغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ) وكان عمر حمل الهرمزان مع جماعة في البحر فغرقوا قال ابن سيرين لو كان دعا عليهم بالهلال لهلكوا
قال محمد بن علي لابنه يا بني اذا انعم الله عليك نعمة فقل الحمد لله واذا حزبك أمر فقل لا حول ولاقوة الا بالله واذا أبطأ عنك الرزق فقل استغفر الله قالوا وكان محمد بن علي لا يسمع المبتلى الاستعاذة من البلاء
قال قوم ليزيد بن أسد أطال الله بقاؤك قال دعوني أمت وفي بقية تبكون بها علي
رأي سالم بن عبدالله سائلا يسأل يوم عرفة فقال يا عاجز أفي هذا اليوم تسأل غير الله
قال كان رجل من الحكماء يقول في دعائه اللهم احفظني من الصديق وكان يقول اللهم اكفني بوائق الثقات
قال حدثني صديق لي كان ولي الري قرأت على باب شيخ منهم جزى الله من لا نعرفه ولايعرفنا أحسن الجزاء ولا جزى من نعرفه ويعرفنا الا ما

هو أهله إنه عدل لا يجور
وكان على رواشم عمر بن مهران التي يرشم بها على الطعام اللهم احفظه ممن يحفظه
وقال المغيرة بن شعبة في كلام له ان المعرفة لتنفع عند الكلب العقور والجمل الصؤول فكيف بالرجل الكريم
قال ابو الحسن قالت امرأة من الاعراب اللهم أني أعوذ بك من شر قريش وثقيف وما جمعت من اللفيف وأعوذ بك من عبد ملك أمره ومن عبد ملأ بطنه
قال مر عمر بن عبد العزيز برجل يسبح بالحصى فاذا بلغ المئة عزل حصاة فقال له عمر ألق الحصى وأخلص الدعاء
وكان عبدالملك بن هلال الهنائي عنده زنبيل ملآن حصى فكان يسبح بواحدة واحدة فاذا مل شيئا طرح ثنتين ثنتين ثم ثلاثا ثلاثا فاذا قبض قبضة وقال سبحان الله بعدد هذا واذا مل شيئا قبض قبضتين وقال سبحان الله بعدد هذا فاذا ضجر أخذ بعروتي الزنبيل وقلبه وقال الحمد لله بعدد هذا واذا بكر لحاجة لحظ الزنبيل وقال الحمد لله عدد ما فيه
قال غيلان اذا اردت ان تتعلم الدعاء فاسمع دعاء الاعراب
قال سعيد بن المسيب مربي صلة بن أشيم فما تمالكت ان نهضت اليه فقلت له يا أبا الصهباء أدع الله لي فقال رغبك الله فيما يبقى وزهدك فيما يفنى ووهب لك اليقين الذي لا تسكن النفس الا اليه ولا تعول في الدين الا عليه
قال أبو الحسن سمع رجل بمكة رجلا يدعو لأمه فقال له ما بال ابيك قال هو رجل يحتال لنفسه
قال ابو الحسن عن عروة بن سليمان العبدي كان عندنا رجل من بني تميم يدعو لأبيه ويدع أمه فقيل له في ذلك فقال إنها كلبية
وقال النبي ان الله يحب الملحين
وقال اخر دعوتان أرجو احداهما كما اخشى الاخرى دعوة مظلوم اعنته ودعوة ضعيف ظلمته

قال وكان من دعاء ابي الدرداء اللهم أمتعنا بخيارنا وأعنا على شرارنا واجعلنا خيارا كلنا واذا ذهب الصالحون فلا تبقنا
وقال اخر لبعض السلاطين أسألك بالذي انت بين يديه أذل مني بين يديك وهو علىعقابك أقدر منك على عقابي الا نظرت في امري نظر من يرى برئي أحب اليه من سقمي
قالوا وكان مطرف بن عبد الله بن الشخير يقول اللهم انك أمرتنا بما أمرتنا ولا نقوى عليه الا بعونك ونهيتنا عما نهيتنا ولا ننتهي عنه إلا بعصمتك واقعة علينا حجتك غير معذورين فيما بيننا وبينك ولا مبخوسين فيما عملنا لوجهك
عبد العزيز بن أبان عن سفيان في قوله تعالى ( دعواهم فيهاسبحانك اللهم ) قال كان أحدهم اذا أراد ان يدعو قال سبحانك اللهم
قال سفيان عن ابن جريج عن عكرمة في قوله تعالى ( قد أجبيت دعوتكما ) قال كان موسىعليه السلام يدعو وهرون يؤمن فجعلهما الله داعيين
قال لما وقع يونس في البحر وقد وكل به حوت فلما وقع ابتلعه فهوى به الى قرار الارض فسمع تسبيح الحصى فنادى يونس في الظلمات ( ان لا إ ' له إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين ) قال ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل وقال تبارك وتعالى ( فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون )
وفي الحديث المرفوع ان من دعاء النبي أعوذ بك من قلب لا يخشع وبطن لا يشبع ودعاء لا يسمع
قال علي بن سليم ان قيس بن سعد قال اللهم ارزقني حمدا ومجدا فانه لا حمد الا بفعال ولا مجد الا بمال
وقال رجل في مجلس الحسن ليهنك الفارس قال الحسن فلعله خامر اذا وهب الله لرجل ولدا فقل شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب وبلغ أشده وزرقت بره
قال أبوسلمة الانصاري كان عمر بن عبد العزيز يقول ما أحسن تعزية أهل اليمن وتعزيتهم لا يحزنكم الله تعالى ولا يفتنكم وأثابكم ما أثاب المتقين

وأوجب لكم الصلاة والرحمه
قال كان ابو بكر رضي الله تعالى عنه اذا عزى رجلا قال ليس مع العزاء مصيبة ولا مع الجزع فائدة الموت أشد ما قبله وأهون ما بعده اذكروا فقد رسول الله تهن عندكم مصيبتكم صلى الله على محمد وعظم أجركم
وكان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه اذاعزى قوما قال ان تجزعوا فأهل ذلك الرحم وان تصبروا ففي ثواب الله عوض من كل فائت وان أعظم مصيبة أصيب بها المسلمون محمد وعظم الله أجركم
وعزى عبد الله بن عباس عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على بني له مات فقال عوضك الله منه ما عوضه منك
وهذا الصبي الذي مات هو الذي كان عمر بن الخطاب قال فيه ريحانة أشمها وعن قريب ولد بار او عدو ضار
قال سفيان كان ابو ذر يقول اللهم أمتعنا يخيارنا وأعنا على شرارنا قال ودعا اعرابي فقال اللهم اني أعوذ بك من الفقر المدقع والذل المضرع
عزت أمرأة المنصور على أبي العباس مقدمه من مكة فقالت أعظم الله أجرك فلا مصيبة أعظم من مصيبتك ولا عوض أعظم من خلافتك
قالوا وقال عمر بن عبد العزيز وقد سمعوا وقع الصواعق ودوى الريح وصوت المطر فقال وقد فزع الناس هذه رحمته فكيف نقمته
وقال ابو اسحق اللهم ان كان عذابا فاصرفه وان كان صلاحا فزد فيه وهب لنا الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء اللهم ان كانت منحة فمن علينا بالعصمة وان كان عقابا فمن علينا بالمغفرة
وقال ابو ذر الحمد لله الذي جعلنا من أمة تغفر لهم السيئات ولا تقبل من غيرهم الحسنات
وكان الفضل بن الربيع يقول المسألة للملوك من تحية النوكى فاذا أردت ان تقول كيف أصبحت فقل صبحك الله بالخير واذا أردت ان تقول كيف تجدك فقل أنزل الله عليك الشفاء والرحمة
قال أحمد الهجيمي ابوعمر أحد اصحاب عبد الواحد بن زيد اللهم يا أجود

الاجودين ويا أكرم الأكرمين ويا أعفى العافين ويا أرحم الراحمين ويا أحكم الحاكمين ويا أحسن الخالقين فرج عني فرجا عاجلا تاما هنيئا مباركا لي فيه انك على كل شيء قدير
وكان عبد الله الشقري وهو الكعبي احد أصحاب المضمار من غلمان عبد الواحد بن زيد وكنيته ابومحمد وكنيته عبدالواحد ابو عبيدة يقول اللهم اني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك واللهم هب لي يقينا وأدم لي العافية وافتح علي باب رزقي في عافية وأعوذ بك من النار والعار والكذب والسخف والخسف والقذف والحقد والغضب وحببني الى خلقك وحببهم إلي وأسألك فرجا عاجلا في عافية أنك علىكل شيء قدير

دعاء الغنوي في حبسه
أعوذ بك من السجن والدين والسب والضرب ومن الغل والقيد ومن التعذيب والتجسيس وأعوذ بك من الحور بعد الكور ومن شر العدو في النفس والأهل والمال وأعوذ بك من الهم والأرق ومن الهرب والطلب ومن الاستخزاء والاستخفاء ومن الاطراد والاغراب ومن الكذب والعضيهة ومن السعاية والنميمة ومن لؤم القدرة ومقام الخزي في الدنيا والاخرة انك علىكل شيء قدير
ومن دعائه في الحبس
أسألك طول العمر في الأمن والعافية والحلم والعلم والحزم والأخلاق الحسنة السنية والأفعال المرضية واليسر والتيسير والنماء والتثمير وطيب الذكر وحسن الأحدوثة والمحبة في الخاصة والعامة وهب لي ثبات الحجة والتأييد عند المنازعة والمخاصمة وبارك لي في الموت انك على كل شيء قدير
وكان صالح المري كثيرا ما يردد في مجلسه أعوذ بك من الخسف والمسخ والرجفة والزلزلة والصاعقة والريح المهلكة وأعوذ بك من جهد البلاء ومن شماتة الأعداء وكان يقول أعوذ بك من التعب والتعذر والخيبة وسوء المنقلب اللهم من أرادني بخير فيسر لي خيره ومن أرادني بشر فاكفني شره اللهم أسألك خصب الرحل وصلاح الأهل
وكان عيسى بن أبي المدور يقول أعوذ بك من الذلة والقلة ومن الاهانة

والمهنة الاخفاق والوحدة وأعوذ بك من الحيرة وقلة الحيلة وأعوذ بك من جهد البلاء وشماتة الأعداء
قال محمد بن عبد الله قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من أعطى الدعاء لم يحرم الأجابة قال الله تعالى ( أدعوني أستجب لكم ) ومن أعطى الشكر لم يحرم الزيادة لقوله عز و جل ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ومن أعطى الاستغفار لم يحرم القبول لقوله تعالى ( واستغفر الله ان الله غفور رحيم )
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كونوا أوعية الكتاب وينابيع العلم وسلوا الله رزق يوم بيوم
وروى محمد بن علي عن آبائه عن النبي قال اذا سألتم الله فسلوه بباطن الكفين واذا استعذتموه فاستعيذوه بظاهرهما ح
وقال اخر اللهم أني أعوذ بك من بطر الغنى وذلة الفقر
أبو سعيد المؤدب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت سلوا ربكم حتى الشسع فانه ان لم ييسره لم يتيسر
قال سحيم عن طاوس يكفي من الدنيا ما يكفي العجين من الملح
قال سأل رجل رجلا حاجة فقال المسؤول اذهب بسلام فقال السائل قد أنصفنا من ردنا الى الله في حوائجنا
قال مجالد عن الشعبي قال النبي ( اللهم أذهب ملك غسان وضع مهور كندة ) ح
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لكل شيء رأس ورأس المعروف تعجيله

اسماعيل بن إبراهيم ونطقه بالعربية دون تلقين
القول في إنطاق الله تعالى إسماعيل بن إبراهيم صلى الله على نبينا وعليهما بالعربية المبينة على غير التلقين والتمرين وعلى غير التدريب والتدريج وكيف صار عربيا أعجمي الأبوين وأول من عليه ان يقر بهذا القحطاني فانه لا بد من ان يكون له أب كان أول عربي من جميع بني آدم عليه السلام ولو لم يكن ذلك كذلك وكان لا يكون عربيا حتى يكون أبوه عربيا وكذلك أبوه وكذلك جده كان ذلك موجبا لان يكون نوح عليه السلام عربيا وكذلك

آدم عليه السلام
قال ابو عبيدة حدثنا مسمع بن عبد الملك عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن آبائه قال اول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن أربع عشرة سنة قال النبي شهدت الفجار وانا ابن أربع عشرة سنة وكنت أنبل على عمومتي يريد أجمع لهم النبل قال ابو عبيدة فقال له يونس صدقت يا أبا يسار هكذا حدثني نصر بن طريف
وروى قيس بن الربيع عن بعض أشياخه عن ابن عباس ان الله ألهم إسماعيل العربية إلهاما وقال الله تبارك وتعالى ( وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم ) قال قد يرسل الله الرسول إلى قومه ولو ارسل في ذلك الوقت إلي قوم اخرين لما كان الثاني ناقضا للاول واذا كان الأمر كذلك كان قومه أول من يفهم عنه ثم يصيرون حجة على غيرهم واذا كان الله عز و جل قد بعث محمد الىالعجم فضلا عن العرب فقحطان وان لم يكونوا من قومه أحق بلزوم الغرض من سائر العجم وهذا الجواب جواب عوام النزارية فأما الخواص الخلص فانهم قالوا العرب كلهم شيء واحد لان الدار والجزيرة واحدة والاخلاق والشيم واحدة وبينهم من التصاهر والتشابك والاتفاق في الاخلاق وفي الاعراق من جهة الحؤولة والمرددة والعمومة المشتبكة ثم المناسبة التي بنيت علىغريزة التربة وطباع الهواء والماء فهم في ذلك شيء واحد في الطبيعة واللغة والهمة والشمائل والمراعي والراية والصناعة والشهوة فاذا بعث الله عز و جل نبيا من العرب فقد بعثه الى جميع العرب وكلهم قومه ولانهم جميعا يد على العجم وعلى من حاربهم من الامم لان تناكحهم لا يعدوهم وتصاهرهم مقصور عليهم
قالوا والمشاكلة من جهة الاتفاق في الطبيعة والعادة ربما كانت أبلغ واوغل من المشاكلة من جهة الرحم نعم حتى تراه أغلب عليه من أخيه لأمه وأبيه وربما كانت أشبه به خلقا وخلقا وأدبا ومذهبا فيجوز ان يكون الله تبارك وتعالى حين حول إسماعيل عربيا ان يكون كما حول طبع لسانه الى لسانهم وباعده من لسان العجم ان يكون أيضا حول سائر غرائزة وسلخ سائر طبائعه فنقلها كيف احب وركبها كيف شاء ثم فضله بعد ذلك بما

أعطاه من الاخلاق المحمودة واللسان البين بما لم يكن عندهم وكما خصه من البيان بما لم يخصهم به فكذلك يخصه من تلك الاخلاق ومن تلك الدلائل بما يفوقهم ويروقهم فصار باطلاق اللسان على غير التلقين والترتيب وبما نقل اليهم من طبائعه ونقل اليه من طبائعهم وبالزيادة التي أكرمه الله بها أشرف شرفا وأكرم كرما
وقد علمنا ان الخرس والاطفال اذا أدخلوا الجنة وحولوا في مقادير البالغين والى الكمال والتمام لا يدخلونها الا مع الفصاحة بلسان اهل الجنة ولا يكون ذلك الا على خلاف الترتيب والتدريج والتعليم والتقويم وعلى ذلك المثال كان كلام عيسى بن مريم عليه السلام في المهد وانطاق يحيى عليه السلام بالحكمة صبيا وكذلك القول في ادم وحواء عليه السلام
وقد قلنا في ذئب اهبان بن أوس وغراب نوح وهدهد سليمان وكلام النملة وحمار عزيز وكذلك كل شيء أنطقه الله بقدرته وسخره لمعرفته ومشيئته وانما يمتنع البالغ من المعارف من قبل أمور تعرض الحوادث وأمور في أصل تركيب الغريرة فاذا كفاهم الله تلك الآفات وحصنهم من تلك المواضع ووفر عليهم الذكاء وجلب اليهم جياد الخواطر وصرف اوهامهم الى التعرف وحبب اليهم التبين وقعت المعرفة وتمت النعمة والموانع قد تكون من قبل الأخلاط الاربعة على قدر القلة والكثرة والكثافة والرفة ومن ذلك ما يكون من جهة سوء العادة وإهمال النفس فعندها يستوحش من الفكرة ويستثقل النظر ومن ذلك ما يكون من الشواغل العارضة والقوى المتقسمة ومن ذلك ما يكون من خرق المعلم وقلة رفق المؤدب وسوء صبر المثقف فاذا صفي الله ذهنه ونقحه وهذبه وثقفه وفرغ باله وكفاه انتظار الخواطر وكان هو المقيد له والقائم عليه والمريد لهدايته لم يلبث ان يعلم وهذا صحيح في الاوهام غير مدفوع في العقول وقد جعل الله الخال أبا وقالوا الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم
وقد رأينا اختلاف صور الحيوان على قدر اختلاف طبائع الأماكن وعلى قدر ذلك شاهدنا اللغات والاخلاق والشهوات ولذلك قالوا فلان ابن بجدتها وفلان بيضة البلد يقع ذما ويقع حمدا وقال زياد والله للكوفة أشبه

بالبصرة من بكر بن وائل بتميم ويقولون ما أشبه الليلة بالبارحة كأنهم قالوا ما أشبه زمان يوسف بن عمر بزمان الحجاج وقال سهل بن عمرو أشبه أمرا بعض بزه وقال الاضبط بن قريع بكل واد بنوا سعد
ولولا ان الله عز و جل أفرد اسماعيل من العجم واخرجه بجميع معانيه الى العرب لكان بنو إسحق أولى به وإنما ذلك كرجل قد احاط علمه بأن هذاالطفل من نجل هذا الرجل ولكن لما كان من سفاح لم يجز ان يضيفه اليه ويدعوه أباه وقد جعل الله نسب ابن الملاعنة نسب أمه وان ولد على فراش أبيه وقد أرسل الله موسى وهرون عليهما السلام الى فرعون وقومه والى جميع القبط وهما أمتان كنعاني وقبطي وقد جعل الله قوم كل نبي هم المبلغين والحجة ألا ترى أنا نزعم ان عجز العرب عن مثل نظم القرآن حجة على العجم من جهة إعلام العرب العجم أنهم كانوا عن ذلك عجزة وقال النبي خصصت بأمور منها أني بعثت الي الاحمر والاسود واحلت لي الغنائم وجعلت لي الارض طهورا فدل بذلك على ان غيره من الرسل انما كان يرسل الي الخاص وليس يجوز لمن عرف صدق ذلك الرسول من سائر الامم ان يكذبه وينكر دعواه والذي عليه ترك الانكار والعمل بشريعة النبي الاول هذا فرق ما بين من بعث الى البعض ومن بعث الىالجميع

حديث يوم السقيفة
و قال قال حباب بن المنذر يوم السقيفة انا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ان شئتم كررناها جذعة منا امير ومنكم امير فان عمل المهاجري شيئا في الانصاري رد ذلك عليه الانصاري وان عمل الانصاري شيئا في المهاجري رد عليه المهاجري فأراد عمر الكلام فقال ابو بكر على رسلك نحن المهاجرون اول الناس إسلاما وأوسطهم دارا وأكرم الناس أحسابا واحسنهم وجوها واكثر الناس ولادة في العرب وأمسهم رحما برسول الله أسلمنا قبلكم وقدمنا في القرآن عليكم فأنتم اخواننا في الدين وشركاؤنا في الفيء وانصارنا على العدو آويتم ونصرتم وآسيتم فجزاكم الله خيرا نحن الامراء وانتم الوزراء ولا تدين العرب الا لهذا الحي من قريش انتم محقوقون ان لا تنفسوا على اخوانكم من المهاجرين ما ساق الله اليهم

قالوا فإنا قد رضينا وسلمنا
قال عيسى بن نذير قال ابو بكر رضي الله تعالى عنه نحن اهل الله وأقرب الناس بيتا من بيت الله وأمسهم رحما برسول الله ان هذا الامر ان تطاولت اليه الخزرج لم تقصر عنه الأوس وان تطاولت اليه الاوس لم تقصر عنه الخزرج وقد كان بين الحيين قتلى لا تنسى وجراح لا تداوى فان نعق منكم ناعق فقد جلس بين لحيي أسد يضغمه المهاجري ويجرحه الانصاري
قال ابن دأب فرماهم والله بالمسكتة
من حديث ابن ابي سفيان بن حويطب عن ابيه عن جده قال قدمت من عمرتي فقال لي اهلي أعلمت ان ابا بكر بالموت فأتيته فاذا عيناه تذرفان فقلت يا خليفة رسول الله أما كنت اول من اسلم وثاني اثنين في الغار فصدقت هجرتك وحسنت نصرتك ووليت فأحسنت صحبتهم واستعملت خيرهم عليهم قال وحسنا ما صنعت قلت نعم والله قال والله لله اشكر له وأعلم به ولا يمنعني ذلك من ان استغفر الله فما خرجت حتى مات
قال ابو الخطاب الزراري عن حجناء بن جرير قلت يا ابت انك لم تهج احدا الا وضعته الا التيم قال اني لم اجد حسبا فأضعه ولا بناء فأهدمه قال وقيل للفرزدق احسن الكميت في مدائحه في تلك الهاشميات قال وجد آجرا وجصا فبنى
قال عامر بن الاسود دخل رجل من ولد عامر بن الظرب على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال له خبرني عن حالك في جاهليتك وعن حالك في اسلامك قال اما جاهليتي فما نادمت فيها غير لمة ولا هممت فيها بأمة ولا خمت فيها عن بهمة ولا رآني راء الا في ناد اوعشيرة او حمل جريرة او خيل مغيرة
قال عوانة قال عمرالرجال ثلاثة رجل ينظر في الأمور قبل ان تقع فيصدرها مصدرها ورجل متوكل لا ينظر فاذا نزلت به نازلة شاور أهل الرأي وقبل قولهم ورجل حائر بائر لا يأتمر رشدا ولايطيع مرشدا
قال كلم علباء بن الهيثم السدوسي عمربن الخطاب رضي الله تعالى عنه

في حاجة وكان أعور دميما جيد اللسان حسن البيان فلما تكلم في حاجته فأحسن صعد عمر بصره فيه وحدره فلما ان قام قال لكل أناس في جميلهم خبر
أخبرنا عيسى بن يزيد عن أشياخه قال قدم معاوية المدينة فدخل دار عثمان فقالت عائشة ابنة عثمان وا أبتاه وبكت فقال معاوية يا ابنة أخي ان الناس أعطونا طاعة وأعطيناهم أمانا وأظهرنا لهم حلما تحته غضب وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد ومع كل إنسان سيفه وهو يرى مكان أنصاره وان نكثنا بهم نكثوا بنا ولا ندري أعلينا تكون أم لنا ولأن تكوني ابنة عم أمير المؤمنين خير من ان تكوني امرأة من عرض المسلمين وقالت عائشة ابنة عثمان في أبان بن سعيد بن العاص حين خطبها وكان نزل بأيلة وترك المدينة
( نزلت ببيت الضب لا انت ضائر ... عدوا ولا مستنفعا انت نافع )
قال ابو الحسن قال سلامة بن روح الجذامي لعمرو بن العاص انه كان بينكم وبين العرب ناب فكسرتموه فما حملكم على ذلك قال اردنا ان نخرج الحق من جفير الباطل
قدم ببيعة علي الى الكوفة يزيد بن عاصم المحاربي فبايع ابو موسى فقال عمار لعلي والله لينقضن عهده وليحلن عقده وليفرن جهده وليسلمن جنده
وقال علي في رواية الشعبي حملت اليكم درة عمر لأضربكم بها لتنتهوا فأبيتم حتى اتخذت الخيزرانة فلم تنتهوا وقد أرى الذين يريدون السيف ولا آتي لأصلحكم بفسادي

مقطعات من نوادر الاعراب وأشعارهم
كانت العادة في كتب الحيوان ان اجعل في كل مصحف من مصاحفها عشر ورقات من مقطعات الاعراب ونوادر الاشعار لما ذكرت عجبك بذلك فأحببت ان يكون حظ هذا الكتاب في ذلك أوفر ان شاء الله تعالى
قال ابو العرف الطهوي
( وافى الوفود فوافى من بني جمل ... بكر الوفادة فاني السن عرزوم )
( كز الملاطين في السربال حين مشى ... وفي المجالس لحاظ رزاميم )

( لما رأى الباب والبواب أخرجه ... لؤم مخالطه جبن وتحزيم )
( قدكان لي بكم علم وكان لكم ... ممشى وراء ظهور القوم معلوم )
وقال الحرث بن حلزة قال ابو عبيدة الباقي مصنوع
( يا أيها المزمع ثم انثنى ... لا يثنك الحازي ولا الشاحج )
( ولا قعيد أغضب قرنه ... هاج له من مرتع هائج )
( بينا الفتى يسعى ويسعى له ... تاح له من أمره خالج )
( يترك ما رفح من عيشه ... يعبث فيه همج هامج )
( قلت لعمرو حين أرسلته ... وقد حبا من دوننا عالج )
( لا تكسع الشول بأغبارها ... إنك لا تدري من الناتج )
( واصبب لأضيافك البانها ... فان شر اللبن الوالج )
وقال زبان بن يسار بن عمرو بن جابر
( تخبر طيرة فيها زياد ... لتخبره وما فيها خبير )
( أقام كأن لقمان بن عاد ... أشار له بحكمته مشير )
( تعلم أنه لا طير الا ... علىمتطير وهو الثبور )
( بلى شيء يوافق بعض شيء ... أحايينا وباطله كثير )
( ومن ينزح به لا بد يوما ... يجيء به نعي او بشير )
وقال بعض الاعراب
( نجيبة بطال لدن شب همه ... لعاب الغواني والمدام المشعشع )
( جلا المسك والحمام والبيض كالدمى ... وطيب الدهان رأسه فهو أنزع )
( اسيلم ذاكم لاخفا بمكانه ... لعين تدجى او لاذن تسمع )
( من النفر الشم الذين اذا انتدوا ... وهاب الرجال حلقه الباب قعقعوا )
( اذا النفر السود اليمانون نمنموا ... له حوك برديه أطالوا وأوسعوا )
وقال بعض الاعراب
( ألبان إبل نعلة بن مسافر ... ما دام يملكها علي حرام )
( وطعام عمران بن أوفى مثله ... ما دام يسلك في البطون طعام )
( ان الذين يسوغ في أحلاقهم ... زاد يمن عليهم للئام )
( لعن الإله تعلة بن مسافر ... لعنا يشن عليه من قدام )

وقال بعض الاعراب
( نجيبة قوم شادها القت والنوى ... بيثرب حتى نيها متظاهر )
( فقلت لها سيري فما بك علة ... سنامك ملموم ونابك فاطر )
( فمثلك او خيرا تركت رزية ... تقلب عينيها اذا مر طائر )
وقال بعض الاعراب مجهول الاسم وهو من جيد محدث أشعارهم
( حفرناعلى رغم اللهازم حفرة ... ببطن فليح والأسنة جنح )
( وقد غضبوا حتى اذا ملأوا الربى ... رأوا أن إقرارعلى الضيم أروح )
وقال رجل من محارب
( وقائلة تطوف في جداد ... وأنت إخال معطى لو تقوم )
( فقلت الضاربات الطلح وهنا ... على يمناي اذا وضح النجوم )
( قصرن علي بعد الله فتري ... فلا أسل الصديق ولا ألوم )
وقال حاتم الطائي
( وإني لأستحيي حياء يسرني ... اذا اللؤم من بعض الرجال تطلعا )
( اذا كان أصحاب الإناء ثلاثة ... حييا ومستحيا وكلبا مجشعا )
( فاني لأستحيى أكيلي ان يرى ... مكان يدي من جانب الزاد أقرعا )
( أكف يدي من ان تمس أكفهم ... اذا نحن أهوينا وحاجتنا معا )
( وإنك مهما تعط بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا )
قال وأظنها لبعض اليهود
( وإني لأستبقي اذا العسر مسني ... بشاشة وجهي حين تبلى المناقع )
( فأعفي ثرى قومي ولو شئت نولوا ... اذا ما تشكى الملحف المتضارع )
( مخافة أن أقلي اذا جئت زائرا ... وترجعني نحو الرجال المطامع )
( فأسمع منا او أشرف منعما ... وكل مصادي نعمة متواضع )
وقال بعض بني أسد
( ألا جعل الله اليمانين كلهم ... فدى لفتى الفتيان يحيى بن حيان )
( ولولا عريق في من عصبية ... لقلت وألفا من معد بن عدنان )
( ولكن نفسي لم تطت بعشيرتي ... وطبت له نفسا بأبناء قحطان )
قال ثروان او ابن ثروان مولى لبنى عذرة

( ولو كنت مولى قيس عيلان لم تجد ... علي لإنسان من الناس درهما )
( ولكنني مولى قضاعة كلها ... فلست أبالي ان أدين وتغرما )
( أولئك قومي بارك الله فيهم ... على كل حال ما أعف وأكرما )
( جفاة المحز لايصيبون مفصلا ... ولا يأكلون اللحم الا تخذما )
وقال اخر
( أيا ابنة عبد الله وابنة مالك ... ويا ابنة ذي البردين والفرس الورد )
( اذا ما عملت الزاد فالتمسي له ... أكيلا فاني لست آكله وحدي )
( كريما قصيا او قريبا فإنني ... أخاف مذمات الأحاديث من بعدي )
( وكيف بشبع المرء زادا وجاره ... خفيف المعى بادي الخصاصة والجهد )
( وللموت خير من زيارة باخل ... يلاحظ اطراف الأكيل على عمد )
( وإني لعبد الضيف مادام ثاويا ... وما في الا تلك من شيمة العبد )
وقال ابن عبدل
( ولو شاء بشر كان من دون بابه ... طماطم سود اوصقالبة حمر )
( ولكن بشرا سهل الباب للتي ... يكون لبشر عندها الحمد والأجر )
( بعيد مراد العين ما رد طرفه ... حذار الغواشي باب دار ولا ستر )
وقال بعض الحجازيين
( لو كنت أحمل خمرا يوم زرتكم ... لم ينكر الكلب إني صاحب الدار )
( لكن أتيت وريح السمك يفغمني ... والعنبر الورد أذكيه على النار )
( فأنكر الكلب ريحي حين أبصرني ... وكان يعرف ريح الزق والقار )
وقال ابن عبدل
( نعم جار الجزيرة المرضع الغرثى ... اذا ما غدا أبو كلثوم )
( طاويا قد اصاب عند صديق ... من غداء ملبق مأدوم )
( ثم أنحى بجعره حاجب الشمس ... فألقى كالمعلف المهدوم )
وقال حبيب بن أوس
( وحياة القريض أحياؤك الجود ... فان مات الجواد مات القريض )
( يا محب الإحسان في زمن أصبح ... فيه الإحسان وهو بغيض )
وقال

( ثم اطرحتم قراباتي وآصرتي ... حتى توهمت أني من بني أسد )
( وطلعة الحمد أقلى في عيونهم ... وفي صدورهم من طلعة الأسد )
وقال
( إياك يعني القائلون بقولهم ... ان الشقي بكل حبل يخنق )
( من شاعر وقف الكلام ببابه ... واكتن في كنفي ذراه المنطق )
( سر حيث شئت من البلاد فلي بها ... سور عليك من الرجال وخندق )
( قد ثقفت منه الشآم وسهلت ... منه الحجاز ورققته المشرق )
وقال
( بنو عبد الكريم نجوم ليل ... ترى في طبيء أبدا تلوح )
( اذا كان الهجاء لهم ثوابا ... فخبرني لمن خلق المديح )
وقال
( إي شيء يكون أحسن من صب ... أديب متيم بأديب )
وقال
( نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب الا للحبيب الأول )
( كم منزل في الارض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأول منزل )
وقال
( إشرب فانك سوف تعلم أنه ... قدح يصيب العرض منه خمار )
( عاداك أسوار الكلام بشرد ... عون القريض حتوفها أبكار )
( غرر متى ماشئت كن شواهدي ... ان لم يكن لي والد عطار )
وقال سلمة بن الحرث الأنماري
( أبلغ سبيعا وأنت سيدنا ... قدما وأوفى رجالنا ذمما )
( أن بغيضا وأن إخوتها ... ذبيان قد ضرموا الذي اضطرما )
( نبئت أن حكموك بينهم ... فلا يقولن بئس ماحكما )
( إن كنت ذا عرفة بشأنهم ... تعرف ذا حقهم ومن ظلما )
( وتنزل الامر في منازله ... حزما وعزما وتحضر الفهما )
( ولا تبالي من المحق ولا المبطل ... لا إله ولا ذمما )
( فاحكم فأنت الحكيم بينهم ... لن يعدموا الحكم ثابتا صتما )

( واصدع أديم السواء بينهم ... على رضى من رضي ومن رغما )
( ان كان مالا ففض عدته ... مالا بمال وان دما فدما )
( هذا وان لم تطق حكومتهم ... فانبذ اليهم امورهم سلما )
وقال اخر
( أبلغ ضرارا أبا عمرو مغلغلة ... ان كل قولك ظهر الغيب يأتينا )
( إرهن قبيصة ان صلح هممت به ... ان ضرارا لكم رهن بما فينا )
( ان ضحيكا قتيل من سراتكم ... وان حطان منا فاعدلوا الدينا )
( وانه عبيدا فلا يؤذي عشيرته ... نهيك خير له من نهي ناهينا )
وقال اخر
( بني عدي ألا ينهي سفيهكم ... ان السفيه اذا لم ينه مأمور )
وقال حضرمي بن عامر الاسدي ومات أخوه فقال جزء قد فرح بأكل الميراث
( قد قال جزء ولم يقل جللا ... اني تروحت ناعما جذلا )
( ان كنت ازننتني بها كذبا ... جزء فلاقيت مثلها عجلا )
( أفرح ان أرزأ الكرام وأن ... أورث ذودا شصائصا نبلا )
وقال حريث بن سلمة بن مرارة
( تقول ابنة العمري لمارأيتها ... تنكرت حتى كدت منك أهال )
( فان تعجبي مني عمير فقد أتت ... ليال وأيام علي طوال )
( واني لمن قوم تشيب سراتهم ... كذاك وفيهم نائل وفعال )
( ولو لقيت ما كنت ألقى من العدى ... اذا سال منها مفرق وقذال )
( ولكنها في كلة كل شتوة ... وفي الصيف كن بارد وحجال )
( تصان وتعل المسك حتى كأنها ... اذا وضعت عنها النصيف غزال )
وقال بعض الخوارج لامرأته وأرادت ان تنفر معه
( ان الحرورية الحرا اذا ركبوا ... لا تستطيع لهم امثالك الطلبا )
( إن يركبوا فرسا لا تركبي فرسا ... ولا تطيقي مع الرجالة الخببا )
وقال خزز بن لوذان لامراته في شبيه بهذا
( لا تذكري مهري وما اطعمته ... فيكون جلدك مثل جلد الاجرب )

( ان الغبوق له وانت مسوءة ... فتأوهي ما شئت ثم تحوبي )
( كذب العتيق وماء شن بارد ... ان كنت سائلتي غبوقا فاذهبي )
( اني لأخشى ان تقول خليلتي ... هذا غبار ساطع فتلبب )
( ان العدو لهم اليك وسيلة ... إن يأخذوك تكحلي وتخضبي )
( ويكون مركبك القعود وحدجه ... وابن النعامة يوم ذلك مركبي )
( وأنا امرؤ إن يأخذوني عنوة ... اقرن الى شر الركاب وأجنب )
وأراد اعرابي ان يسافر فطلبت اليه امرأته ان تكون معه فقال
( إنك لو سافرت قد مذحت ... وحكك الحنوان فانفتحت )
( وقلت هذا صوت ديك تحتي ... )
وفي شبيه بهذا المعنى الاول يقول عمر بن عبد الله بن ابي ربيعة
( وأعجبها من عيشها ظل غرفة ... وريان ملتف الحدائق أخضر )
( ووال كفاها كل شيء يهمها ... فليست لشيء اخر الدهر تسهر )
وقال سلامة بن جندل هذه الابيات وبعث بها الى صعصعة بن محمود بن عمرو ابن مرثد وكان اخوه احمر بن جندل اسيرا في يده فأطلقه له
( سأجزيك بالود الذي كان بيننا ... أصعصع اني سوف اجزيك صعصعا )
( سأهدي وان كنا بتثليث مدحة ... اليك وان حلت بيوتك لعلعا )
( فان يك محمود أباك فاننا ... وجدناك محمود الخلائق أروعا )
( وان شئت أهدينا ثناء ومدحة ... وان شئت أهدينا لكم مئة معا )
قال صعصعة بن محمود الثناء والمدحة أحب الينا
وقال أوس بن حجر حين حبس وأقام عند فضالة بن كندة وتولت خدمته حليمة ابنة فضالة شاكرا لذلك
( لعمرك ما ملت ثواء ثوى بها ... حليمة أذ ألقى مراسي مقعد )
( ولكن تلقت باليدين ضمانتي ... وحل بفلج فالقنافذ عودي )
( وقد غبرت شهري ربيع كليهما ... بحمل البلايا والخباء الممدد )
( ولم تلهها تلك التكاليف انها ... كما شئت من اكرومة وتخرد )
( هي ابتة أعراق كرام نمينها ... الى خلق عفو برازنه قد )
( سأجزيك أو يجزيك عنا مثوب ... وحسبك ان يثنى عليك وتحمدي )

وقال الخريمي
( ولم أجزه الا المودة جاهدا ... وحسبك مني ان أود فأجهدا )
وقال الاسدي
( واني احب الخلد لو استطيعه ... وكالخلد عندي ان اموت ولم ألم )
وقال الحادرة
( فأثنوا علينا لا أبا لابيكم ... بإحساننا ان الثناء هو الخلد )
وأنشد الاصمعي للمهلهل
( فقتلا بتقتيل وعقرا بعقركم ... جزاء العطاء لا يموت من اثأر )
وضاف ابو الشليل العنبري بني حكم فخذا من عنزة فقال
( أراني في بني حكم قصيا ... على فتر أزور ولا أزار )
( أناس يأكلون اللحم دوني ... وتأتيني المعاذر والقتار )
وقال اخر
( اذا مد أرباب البيوت بيوتهم ... على رجح الاكفال ألوانها زهر )
( فان لنا منها خباء يحفنا ... اذا نحن امسينا المجاعة والفقر )
وقال اخر وهو ابو المهوش الاسدي
( تراه يطوف الآفاق حرصا ... ليأكل رأس لقمان بن عاد )
وقال أيضا
( وبنو الفقيم قليلة احلامهم ... ثط اللحى متشابهو الالوان )
( لو يسمعون بأكله او شربه ... بعمان اصبح جمعهم بعمان )
( متأبطين بنيهم وبناتهم ... صعر الانوف لريح كل دخان )
وقال اخر
( وجيرة لن ترى في الناس مثلهم ... اذا يكون لهم عيد وإفطار )
( إن يوقدوا يوسعوني من دخانهم ... وليس يبدو لنا ما تنضج النار )
وقال ابو الطروق الضبي في خاقان بن عبد الله بن الاهتم
( وشك الناس في خاقان لما ... أتى لولادة سنة وشهر )
( وقالت اخته اني براء ... الى الرحمن منك وذاك نكر )
( ولم يسمع بحمل قبل هذا ... أتى من دونه دهر ودهر )

( فنافرها فألحقه شبيب ... وأثبته فثاب عليه وفر )
وقال مكي بن سوادة البرجمي
( تحير اللؤم يبغي من يحالفه ... حتى تناهى الى ابناء خاقان )
( أزرى بكم يا بني خاقان انكم ... من نسل حجامة من قن هزان )
( سفاكة لدماء القوم آكلة ... قدما لاموالهم من غير سلطان )
( لو تسألون بها أيوب جاءكم ... على الذي قلت أيوب ببرهان )
( أيام تعطيه خرجا من حجامتها ... يوما فيوما توفيه بأربان )
( فان رددتم عليه ما يقول أتى ... على مقالته فيها بتبيان )
( ثم اشتراها ابو خاقان حين عست ... فالتقطت نقطة منه بأقطان )
( فاستدخلتها ولا يدري بما فعلت ... حتى اذا ركضت جاءت بخاقان )
وقال اللعين المنقري في آل الأهتم
( وكيف تسامون الكرام وانتم ... دوارج حبريون فدع القوائم )
( بنو ملصق من ولد حذلم لم يكن ... ظلوما ولا مستنكرا للمظالم )
وقال اخر
( قالت عهدتك مجنونا فقلت لها ... ان الشباب جنون برؤه الكبر )
وقال أعرابي وهو ابو حية النميري
( رمتني وستر الله بيني وبينها ... عشية أرآم الكناس رميم )
( ألا رب يوم لو رمتني رميتها ... ولكن عهدي بالنضال قديم )
( رميم التي قالت لجارات بيتها ... ضمنت لكم ان لا يزال بهيم )
وقال ابو يعقوب الاعور
( بقلبي سقام لست أحسن وصفه ... على انه ما كان فهو شديد )
( تمر به الايام تحسب ذيلها ... فتبلى به الايام وهو جديد )
وقال الثقفي
( من كان ذا عضد يدرك ظلامته ... ان الذليل الذي ليست له عضد )
( تنبو يداه اذا ما قل ناصره ... ويأنف الضيم ان أثرى له عدد )
وقال أشجع السلمي في هرون أمير المؤمنين
( وعلىعدوك يا ابن عم محمد ... رصدان ضوء الصبح والإظلام )

( فاذا تنيه رعته واذا هدى ... سلت عليه سيوفك الاحلام )
قال
( إنتجع الفضل او تخل من الدنيا ... فهاتان غايتا الهمم )
وقال
( أبت طبرستان إلا الذي ... يعم البرية من دائها )
( ضممت مناكبها ضمة ... رمتك بما بين أحشائها )
وقالوا لم يدع الاول للاخر معنى شريفا ولا لفظا بهيا الا أخذه الا بيت عنترة
( فترى الذباب بها يغني وحده ... غردا كفعل الشارب المترنم )
( هزجا يحك ذراعه بذراعه ... فعل المكب على الزناد الأجذم )
وقال الفقيمي قاتل غالب أبي الفرزدق
( وما كنت نواما ولكن ثائرا ... أناخ قليلا فوق ظهر سبيل )
( وقد كنت مخزون اللسان ومفحما ... فأصبحت أدري اليوم كيف أقول )
وقال ابو المثلم الهذلي
( أصخر بن عبد الله ان كنت شاعرا ... فانك لا تهدي القريض لمفحم )
وقال الهذلي
( على عبد بن زهرة طول ... هذا الدهر أنتحب )
( أخ لي دون من لي من ... بني عمي وان قربوا )
( طوى من كان ذا نسب ... إلي وزاده النسب )
( أبو الأضياف والأيتام ... ساعة لا يعد أب )
( ألا لله درك من ... فتى قوم اذا ركبوا )
( وقالوا من فتى ... للثغر يرقبنا ويرتقب )
( فكنت أخاهم حقا ... اذا تدعى لها تثب )
( وقد ظهر السوابغ فيهم ... والبيض واليلب )
( أقام لدى مدينة آل ... قسطنطين وانقلبوا )
( نجيبا حين يدعى ... إن آباء الفتى نجب )
وقال أدهم بن محرز الباهلي

( لما رأيت الشيب قد شان أهله ... تفتيت وابتعت الشباب بدرهم )
وقال اكل المرار الملك
( ان من غره النساء بشيء ... بعد هند لجاهل مغرور )
( حلوة العين واللسان ومر ... كل شيء يجن منها الضمير )
( كل أنثى وان بدت لك منها ... آية الحب حبها خيتعور )
وقال طفيل الغنوي
( ان النساء كأشجار نبتن معا ... منها المرار وبعض المر مأكول )
( ان النساء متى ينهين عن خلق ... فانه واجب لا بد مفعول )
وقال علقمة بن عبدة
( فان تسألوني بالنساء فانني ... بصير بأدواء النساء طبيب )
( اذا شاب رأس المرء او قل ماله ... فليس له من ودهن نصيب )
( يردن ثراء المال حيث علمنه ... وشرخ الشباب عندهن عجيب )
وقال ابو الشغب السعدي
( أبعد بني الزهراء أرجو بشاشة ... من العيش او أرجو رخاء من الدهر )
( غطارفة زهر مضوا لسبيلهم ... ألهفي على تلك الغطارفة الزهر )
( يذكرنيهم كل خير رأيته ... وشر فما أنفك منهم على ذكر )
وقال ابو حزابة في عبد الله بن ناشرة
( ألا لا فتى بعد ابن ناشرة الفتى ... ولا خير إلا قد تولى وأدبرا )
( وكان حصادا للمنايا ازدر عنه ... فهلا تركن النبت ما كان أخضرا )
( لحا الله قوما أسلموك ورفعوا ... عناجيج أعطتها يمينك ضمرا )
( اما كان فيهم فارس ذو حفيظة ... يرى الموت في بعض المواطن أعذرا )
( يكر كما كر الكليبي بعد ما ... رأى الموت تحدوه الأسنة أحمرا )
( فكر عليه الورد يدمي لبانه ... وما كر الا رهبة ان يعيرا )
وقال أعرابي
( رعاك ضمان الله يا أم مالك ... ولله ان يشفيك أرعى وأوسع )
( يذكرنيك الخير والشر الذي ... أخاف وأرجو والذي أتوقع )
وقال دريد بن الصمة

( وقالوا ألا تبكي أخاك وقد أرى ... مكان الأسى لكن بنيت على الصبر )
( فقلت أعبد الله أبكي ام الذي ... على الجدث الباقي قتيل أبي بكر )
( وعبد يغوث او يميني خالدا ... وعز المصاب وضع قبر الى قبر )
( ابى القتل إلا آل صمة إنهم ... ابوا غيره والقدر يجري الى القدر )
( فإما ترينا ما تزال دماؤنا ... لدى ثائر يسعى بها اخر الدهر )
( فانا للحم السيف غير نكيرة ... ونلحمه حينا فليس بذي نكر )
( يغار علينا واترين فيشتفى ... بنا ان اصبنا او نغير على وتر )
( فسمنا بذاك الدهر شطرين بيننا ... فلا ينقضي الا ونحن على شطر )
وقال اخر
( إ ذا ما ترا آه الرجال تحفظوا ... فلم تنطق العوراء وهو قريب )
( حبيب الىالزوار غشيان بيته ... جميل المحيا شب وهو أديب )
( فتى لا يبالى ان يكون بجسمه ... اذا نال خلات الكرام شحوب )
( حليم اذا ما الحلم زين أهله ... مع الحلم في عين العدو نجيب )
( حليف الندى يدعو الندى فيجيبه ... قريبا ويدعوه الندى فيجيب )
( يبيت الندى يا أم عمر ضجيعه ... اذا لم يكن في المنقيات حلوب )
وقال اخر
( ألاترين وقد قطعتني عذلا ... ماذا من الفوت بين البخل والجود )
( إلا يكن ورق يوما أجود بها ... للمعتفين فاني لين العود )
والى هذا ذهب ابن يسير حيث يقول
( لا يعدم السائلون الخير أفعله ... إمانوالي وإما حسن مردودي )
وقال الهذلي
( وهاب ما لا تكاد النفس ترسله ... من التلاد وصول غير منان )
وقال ابو عبيدة معمر بن المثني ومن الشوارد التي لا أرباب لها قوله
( ان يفخروا او يعدروا ... او يبخلوا لم يحفلوا )
( يغدوا عليك مرجليين ... كأنهم لم يفعلوا )
( كأبي براقش كل لون ... لونه يتحيل )
ومثله في بعض معانيه

( أكول لأرزاق العباد اذا شتا ... صبور على سوء الثناء وقاح )
وقال
( وما نفى عنك قوما انت خائفهم ... كمثل وقمك جهالا بجهال )
( فاقعس اذا حدبوا واحدب اذا قعسوا ... ووازن الشر مثقالا بمثقال )
وقال الراجز
( وقد تعللت ذميل العنس ... بالسوط في ديمومة كالترس )
( اذ عرج الليل بروح الشمس ... )
وقال الراجز
( قد كنت اذ حبل صباك مدمش ... واذ أهاضيب الشباب تبغش )
وقال الراجز
( طال عليهن تكاليف السرى ... والنص في حين الهجير والضحى )
( حتى عجاهن فما تحت العجى ... رواعب يخضبن مبيض الحصى )
سمع ذلك ابن وهيب فرام مثله فقال
( يخضب مروا دما نجيعا ... من فرط ما تنكب الحوامى )
وقال عامر ملاعب الأسنة
( دفعتكم عني وما دفع راحة ... بشيء اذا لم تستعن بالأنامل )
( يضعضعني حلمي وكثرة جهلكم ... علي وأني لا أصول بجاهل )
وقال اخر
( لا بد للسؤدد من أرماح ... ومن سفيه دائم النباح )
( ومن عديد يتقى بالراح ... )
وقال ابو نخيلة لبعض سادات بني سعد
( وان بقوم سودوك لفاقة ... الى سيد لو يظفرون بسيد )
وتمثل سفيان بن عيينة وقد جلس على مرقب عال وأصحاب الحديث مدى البصر يكتبون بقول الاخر
( خلت الديار فسدت غير مسود ... ومن الشقاء تفردي بالسؤدد )
وقال الاول في الأحنف
( وان من السادات من لو أطعته ... دعاك الى نار يفور سعيرها )

وقال اخر
( فأصبحت بعد الحلم في الحي ظالما ... تخمط فيهم والمسود يظلم )
وقال رجل من بني الحرث بن كعب يقال له سويد
( إني اذا ما الامر بين شكه ... وبدت بصائره لمن يتأمل )
( وتبرأ الضعفاء من اخوانهم ... وألح من حر الصميم الكلكل )
( أدع التي هي أرفق الحالات بي ... عند الحفيظة للتي هي أجمل )
وقال الاخر
( ذهب الذين احبهم فرطا ... وبقيت كالمغمور في خلف )
( من كل مطوي على حنق ... متصنع يكفى ولايكفي )
وقال ابو الطمحان القيني
( فكم فيهم من سيد وابن سيد ... وفي بعقد الجار حين يفارقه )
( يكاد الغمام الغر يرغب ان يرى ... وجوه بني لأم وينهل بارقه )
وقال طفيل الغنوي
( وكان هريم من سنان خليفة ... وعمرو ومن اسماء لما تغيبوا )
( نجوم سماء كلما انقض كوكب ... بدا وانجلت عنه الدجنة كوكب )
وقال رجل من بني نهشل
( إنا لمن معشر أفنى أوئلهم ... قيل الكماة ألا اين المحامونا )
( لو كان في الالف منا واحد فدعوا ... من عاطف خالهم إياه يدعونا )
( وليس يذهب منا سيد أبدا ... إلا افتلينا غلاما سيدا فينا )
وقال بعض الحجازيين
( اذا طمع يوما عراني قريته ... كتائب يأس كرها وطرادها )
( أكد ثمادي والمياه كثيرة ... اعالج منها حفرها واكتدادها )
( وأرضى بها من بحر اخر انه ... هو الري ان ترضى النفوس ثمادها )
وقال ابو محجن الثفقي
( ألم تسأل فوارس من سليم ... بنضلة وهو موتور مشيح )
( رأوه فازدروه وهو خرق ... وينفع أهله الرجل القبيح )
( فلم يخشوا مصالته عليهم ... وتحت الرغوة اللبن الصريح )

( فكر عليهم بالسيف صلتا ... كما عض الشبا الفرس الجموح )
( فأطلق غل صاحبه وأردى ... جريحا منهم ونجا جريح )
وقال بعض اليهود
( سئمت وأمسيت رهن الفراش ... ومن حمل قوم ومن مغرم )
( ومن سفه الرأي بعد النهى ... ورمت الرشاد فلم يفهم )
( فلو أن قومي أطاعوا الحليم ... ولم تتعد ولم تظلم )
( ولكن قومي اطاعوا السفيه ... حتى تعكظ اهل الدم )
( فأودى السفيه برأي الحليم ... فانتشر الامر لم يبرم )
وقال بعض الشعراء
( وكنت جليس قععقاع بن شور ... ولا يشقى بقعقاع جليس )
( ضحوك السن إن أمروا بخير ... وعند الشر مطراق عبوس )
وقال اخر
( ولست بزمجة في الفراش ... وجابة يحتمي ان يجيبا )
( ولا ذي قلازم عند الحياض ... اذا ما الشريب أراب الشريبا )
وقال حجل بن نضلة
( جاء شقيق عارضا رمحه ... ان بني عمك فيهم رماح )
( هل احدث الدهر لنا نكبة ... ام هل رفت أم شقيق سلاح )
وقال
( ويل ام لذات الشباب معيشة ... مع الكثر يعطاء الفتى المتلف الندي )
( وقد يقصر القل الفتى دون همه ... وقد كان لولا القل طلاع أنجد )
وقال الاخر
( قامت تخاصرني بقنتها ... خود تأطر غادة بكر )
( كل يرى ان الشباب له ... في كل مبلغ لذة عذر )
وقال سعد بن ربيعة بن مالك بن سعد بن زيد مناة وهو من قديم الشعر وصحيحه
( ألا إنما هذاالسلال الذي ترى ... وإدبار جسمي من ردى العثرات )
( وكم من خليل قد تجلدت بعده ... تقطع نفسي دونه حسرات )

وقال الطرماح في هذا المعنى
( وشيبني أن لا أزال مناهضا ... بغير ثرا أثرو به وأبوع )
( أمخترمي ريب المنون ولم أنل ... من المال ما أعصى به وأطيع )
وقال الاضبط بن قريع
( لكل هم من الهموم سعه ... والمسي والصبح لا فلاح معه ) ( فصل حبال البعيد ان وصل الحبل ... وأقص القريب ان قطعه )
( لا تحقرن الفقير علك أن ... تركع يوما والدهر قد رفعه )
( قد يجمع المال غير آكله ... ويأكل المال غير من جمعه )
وقال اعرابي ونحر ناقة في حطمة أصابتهم
( أكلنا الشوى حتى اذا لم نجد شوى ... أشرنا الى خيراتها بالأصابع )
( وللسيف أحرى ان تباشر حده ... من الجوع لا تثنى عليه المضاجع )
( لعمرك ما سليت نفسا شحيحة ... عن المال في الدنيا بمثل مجاوع )
وقدم ناقة له أخرى الى شجرة ليكون المحتطب قريبا من المنحر فقال
( وأدنيتها من رأس عشاء عشة ... مفصلة الأفنان صهب فروعها )
( وقلت لها لما شددت عقالها ... وبالكف ممهاة شديد وقوعها )
( لقد عنيت نفسي عليك شحيحة ... ولكن يسخي شحة النفس جوعها )
وقال أسقف نجران
( منع البقاء تصرف الشمس ... وطلوعها من حيث لا تمسي )
( وطلوعها بيضاء صافية ... وغروبها صفراء كالورس )
( اليوم نعلم ما يجيء به ... ومضى بفضل قضائه أمس )
وقال اخر
( وهلك الفتى أن لا يراح الى الندى ... وأن لا يرى شيئا عجيبا فيعجبا )
( ومن يبتغ مني الظلامة يلقني ... اذا ما رآني أصلع الرأس أشيبا )

أشعار في الخمر
وقال سحيم بن وثيل الرياحي
( نقول حدراء ليس فيك سوىالخمر ... معاب يعيبه أحد )
( فقلت أخطأت بل معاقرتي الخمر ... وبذلي فيها الذي أجد )

( هوالثناء الذي سمعت به ... لا سبد مخلدي ولا لبد )
( ويحك لولا الخمور لم أحفل العيش ... ولا ان يضمني لحد )
( هي الحيا والحياة واللهو لا ... أنت ولا ثروة ولا ولد )
وقال عبد راع
( غضبت علي لأن شربت بجزة ... فلئن أبيت لأشربن بخروف )
( ولئن نطقت لأشربن بنعجة ... حمراء من ال المذال سحوف )
وقال
( ناحت رقية من شاة شربت بها ... ولا تنوح على ما يأكل الذيب )
وقال أبو حفص القريعي
( قد تغربت للشقاوة حينا ... حين بدلت للسعادة نوقا )
( يوم فارقت بلدتي وقراري ... وتبدلت سوء رأي وموقا )
( ليت عندي بخير معزاي عشرا ... طيلسانا من الطراز عتيقا )
( وبخمس منهن أيضا قميصا ... سابريا أميس فيه رقيقا )
( قد هجرت النبيذ مذهن عندي ... وتمززت رسلهن مذيقا )
( فوجدت المذيق يوجع بطني ... ووجدت النبيذ كان صديقا )
( يعد النفس بالعشي مناها ... ويسل الهموم سلا رفيقا )
وكان فتى طيب من ولد يقطين لا يصحو وكان في أهله روافض يخاصمون في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير رضوان الله تعالى عليهم أجمعين فقال
( رب عقار باذرنجية ... اصطدتها من بيت دهقان )
( جندرت أرواحا وطيبتها ... بعد اتساخ طال في الحان )
( سكتا وسلتا لم يخض في أذى ... من قتل عثمان بن عفان )
( ولا أبي بكر ولا طلحة ... ولا زبير يوم عثمان )
( الله يجزيهم بأعمالهم ... ليس علينا علم ذا الشان )
وقال المنخل اليشكري
( ولقد شربت من المدامة ... بالصغير وبالكبير )
( ولقدشربت الخمر بالخيل ... الإناث وبالذكور )

( فإذا سكرت فإنني ... رب الخورنق والسدير )
( واذا صحوت فإنني ... رب الشويهة والبعير )
( يا رب يوم للمنخل ... قد لها فيه قصير )
وقال ابو عطاء السندي لزائر له ورآه يوميء الى امرأته
( كل هنيئا وما شربت مريئا ... ثم قم صاغرا فغير كريم )
( لا أحب النديم يومض بالعين ... اذا ما خلا بعرس النديم )
وقال وتعرضت له امرأة صاحبه
( رب بيضاء كالقضيب تثنى ... قد دعتني لوصلها فأبيت )
( ليس شأني تحرجا غير أني ... كنت ندمان زوجها فاستحيت )
وقال اخر
( فلا والله لا ألفى وشربا ... أنازعهم شرابا ماحييت )
( ولا والله ما ألفى بليل ... أراقب عرس جاري ما بقيت )
( سأترك ما أخاف علي منه ... مقالته وأجمله السكوت )
( أبي لي ذاك آباء كرام ... وأجداد بمجدهم ربيت )
وقال السحيمي
( وما لي وجه في اللئام ولا يد ... ولكن وجهي في الكرام عريض )
( أهش اذا لاقيتهم وكأنني ... اذا انا لاقيت اللئام مريض )
وقال ابن كناسة
( في انقباض وحشمة فاذا ... لاقيت أهل الوفاء والكرم )
( خليت نفسي على سجيتها ... وقلت ما قلت غير محتشم )
وقال عبد الرحمن بن الحكم
( وكأس ترى بين الانام وبينها ... قذى العين قد نازعت أم أبان )
( ترى شاربيها حين يتعقبانها ... يميلان أحيانا و يعتدلان )
( فما ظن ذا الواشي بأبيض ماجد ... وبداء خود حين يلتقيان )
وقال الرماح بن ميادة وكان الاصمعي يقول ختم الشعر بالرماح وأظن النابغة احد عمومته
( الا رب خمار طرقت بسدفة ... من الليل مرتادا لندماني الخمرا )

( فأنهلته خمرا وأحلف أنها ... طلاء حلال كي يحملني الوزرا )
وقال اخر
( ولقد شربت الخمر حتى خلتني ... لما خرجت أجر فضل المئزر )
( قابوس او عمرو بن هند قاعدا ... يجبي له ما بين دارة قيصر )
( في فتية بيض الوجوه خضارم ... عند الندام عشيرهم لم يخسر )
وقال ابن ميادة
( ومعتق حرم الوقود كرامة ... كدم الذبيح تمجه أوداجه )
( ضمن الكروم له أوائل حمله ... وعلىالدنان تمامه ونتاجه )
وأنشد اللائح لبعض الروافض
( اذا المرجي سرك ان تراه ... يموت بدائه من قبل موته )
( فجدد عنده ذكرى علي ... وصل على النبي وأهل بيته )

ما قيل في البرامكة من الهجاء
وقال بعضهم في البرامكة
( اذا ذكر الشرك في مجلس ... أنارت وجوه بني برمك )
( وان تليت عندهم اية ... أتوا بالأحاديث عن مزدك )
وقال اخر
( لعن الله ال برمك اني ... صرت من أجلهم أخا اسفار )
( ان يك ذو القرنين قد مسح الارض ... فاني موكل بالعيار )
وقال اخر
( ان الفراغ دعاني ... الى ابتناء المساجد )
( وان رأيي فيها ... كرأي يحيى بن خالد )
وقال ابو الهول في جعفر بن يحيى
( اصبحت محتاجا الى الضرب ... في طلب العرف الى الكلب )
( اذا اشتكى صب اليه الهوى ... قال له مالي وللصب )
( أعني فتى يطعن في دينه ... يشب معه خشب الصلب )
وقال رجل من اهل الشام
( أبعد مروان وبعد مسلمه ... وبعد اسحق الذي كان لمه )

( صار على الثغر فرنج الرخمه ... ان لنا بفعل يحيى نقمه )
( مهلكة مبيرة منتقمة ... أكل بني برمك أكل الحطمه )
( ان لهذا الأكل يوما تخمه ... أيسر شيء فيه حز الغلصمه )
وقال الشاعر
( ما رعى الدهر آل برمك لما ... ان رمى ملكهم بأمر بديع )
( ان دهرا لم يرع حقا ليحيى ... غير راع ذمام ال الربيع )
وقال سهل بن هرون في يحيى بن خالد
( عدو تلاد المال فيما ينوبه ... منوع اذا ما منعه كان أحزما )
( مذلل نفس قد أبت غير ان ترى ... مكاره ما تأنى من الحق مغنما )
وقال حسان بن حسان
( من مبلغ يحيى ودون لقائه ... زبرات كل خنابس همهام )
( يا راعي السلطان غير مفرط ... في لين مختبط وطيب شمام )
( يغدي مسارحه ويصفي شربه ... ويبيت بالربوات والاعلام )
( حتى ينحنح ضاربا بجرانه ... ورست مراسيه بدار سلام )
( في كل ثغر حارس من قبله ... وشعاع طرف لا يفتر سام )
وهذا شبيه بقول العتابي في هرون
( إمام له كف يضم بنانها ... عصا الدين ممنوعا من البري عودها )
( وعين محيط بالبرية طرفها ... سواء عليه قربها وبعيدها )
( واصمع يقظان يبيت مناجيا ... له في الحشا مستودعات يكيدها )
( سميع اذا ناداه من قعر كربة ... مناد كفته دعوة لا يعيدها )
وقال كلثوم بن عمرو العتابي
( تلوم على ترك الغنى باهليه ... طوى الدهر عنها كل طرف وتالد )
( رأت حولها النسوان يرفلن في الكسا ... مقلدة أجيادها بالقلائد )
( يسرك اني نلت ما نال جعفر ... من الملك او ما نال يحيى بن خالد )
( وان أمير المؤمنين أغصني ... مغصهما بالمرهفات البوارد )
( ذريني تجئني ميتتي مطمئنة ... ولم أتقحم هول تلك الموارد )
( فان كريمات المعالي مشوبة ... بمستودعات في بطون الأساود )

وقال الحسن بن هانىء
( عجبت لهورن الإمام وما الذي ... يروي ويرجو فيك يا خلقة السلق )
( قفا خلف وجه قد أطيل كأنه ... قفا ملك يقضي الحقوق على ثبق )
( وأعظم زهوا من ذباب على خرا ... وأبخل من كلب عقور على عرق )
( أرى جعفرا يزداد بخلا ودقة ... اذا زاده الرحمن في سعة الرزق )
( ولو جاء غير البخل من عند جعفر ... لما وضعته الناس الا على الحمق )

ما قيل في البرامكة من المديح
ولما أنشد ابن حفصه الفضل بن يحيى بن خالد
( ضربت فلا شلت يد خالدية ... رتقت بها الفتق الذي بين هاشم )
قال له الفضل قل فلا شلت يد برمكية فخالد كثير وليس برمك إلا واحدا
وقال سلم في يحيى ويحيى يومئذ شاب
( وفتى خلا من ماله ... ومن المروءة غي خال )
( واذا رأى لك موعدا ... كان الفعال مع المقال )
( لله درك من فتى ... ما فيك من كرم الخلال )
( أعطاك قبل سؤاله ... فكفاك مكروه السؤال )
ومن جيد ما قيل فيهم
( للفضل يوم الطالقان وقبله ... يوم أناف به على خاقان )
( ما مثل يوميه اللذين تواليا ... في غزوتين حواهما يومان )
( عصمت حكومته جماعة هاشم ... من ان يجرد بينها سيفان )
( تلك الحكومة لا التي عن لبسها ... عظم الثأى وتفرق الحكمان )
وقال الحسن بن هانىء في جعفر بن يحيى
( ذاك الوزير الذي طالت علاوته ... كأنه ناظر في السيف بالطول )
ذكروا ان جعفر بن يحيى كان اول من عرض الجربانات لطول عنقه
وقال معدان الاعمى وهو ابو السري السميطي
( يوم تشفى النفوس من يعصر اللؤم ... ويثني بسامة الرحال )
( وعدي وتيمها وثقيف ... وأمي وتغلب وهلال )

( لا حرور ولا النوائب تنجو ... لا و لا صحب واصل الغزال )
( غير كفتي ومن يلوذ بكفتي ... فهم رهط الاعور الدجال )
( وبنو الشيخ والقتيل بفج ... بعد يحيى ومؤتم الاشبال )
( سن ظلم الإمام في القوم بشر ... ان ظلم الإمام ذو عقال )
وقال الكميت
( آمت نساء بني أمية منهم ... وبنوهم بمضيعة أيتام )
( نامت جدودهم وأسقط نجمهم ... والنجم يسقط والجدود تنام )
( خلت المنابر والأسرة منهم ... فعليهم حتى الممات سلام )
وقال خليفة ابو خلف بن خليفة
( أعفني آل هاشم يا أميا ... جعل الله بيت مالك فيا )
( ان عصى الله آل مروان والعاصي ... لقد كان للرسول عصيا )
( لو تصفحت أولياء علي ... لم تجد في جميعهم باهليا )
وقال الراعي في بني أمية
( بني أمية ان الله ملحقكم ... عما قليل بعثمان بن عفان )
وقال كعب الاشقري لعمر بن عبد العزيز
( ان كنت تحفظ ما يليك فانما ... عمال أرضك بالبلاد ذئاب )
( لن يستجيبوا للذي تدعو له ... حتى يجلد بالسيوف رقاب )
( بأكف منصلتين اهل بصائر ... في وقعهن مزاجر وعقاب )
( هلا قريش ذكروا بثغورها ... حزم واحلام هناك رغاب )
( لولا قريش نصرها ودفاعها ... ألفيت منقطعا بي الاسباب )
فلما سمع هذا الشعر قال لمن هذا قالوا لرجل من ازد عمان يقال له كعب الاشقري قال ما كنت اظن اهل عمان يقولون مثل هذا الشعر
قال ابو اليقظان وقام الى عمر بن عبد العزيز رجل وهو على المنبر فقال
( ان الذين بعثت في اقطارها ... نبذوا كتابك واستحل المحرم )
( طلس الثياب على منابر ارضنا ... كل يجور وكلهم يتظلم )
( وأردت ان يلي الامانة منهم ... عدل وهيهات الأمين المسلم )
وكان زيد بن علي كثيرا ما يتمثل بقول الشاعر

( شرده الخوف وأزرى به ... كذاك من يكره حر الجلاد )
( منخرق الخفين يشكو الوجى ... تنكبه اطراف مرو حداد )
وقال عبد الله بن كثير السهمي وكان يتشيع لولادة كانت نالته وسمع عمال خالد بن عبد الله القسري يلعنون عليا والحسن والحسين على المنابر
( لعن الله من يسب عليا ... وحسينا من سوقة وإمام )
( أيسب المطيبون جدودا ... والكرام الاخوال والأعمام )
( يأمن الطبي والحمام ولا يأمن ... آل الرسول عند المقام )
( طبت بيتا وطاب اهلك اهلا ... اهل بيت النبي والاسلام )
( رحمة الله والسلام عليهم ... كلما قام قائم بسلام )
وقال حين عابوه بذلك الرأي
( ان امرأ أمست معايبه ... حب النبي لغير ذي ذنب )
( وبني ابي حسن ووالدهم ... من طاب في الارحام والصلب )
( أيعد ذنبا ان أحبهم ... بل حبهم كفارة الذنب )
وقال يزيد بن ابي بكر بن دأب الليثي
( الله يعلم في علي علمه ... وكذاك علم الله في عثمان )
وقال السيد الحميري
( اني امرؤ حميري غير مؤتشب ... جدي رعين واخوالي ذوو يزن )
( ثم الولاء الذي ارجو النجاة به ... يوم القيامة للهادي ابي الحسن )
وقال ابن أذينة
( سمين قريش مانع منك لحمه ... وغث قريش حيث كان سمين )
وقال ابن الرقيات
( ما نقموا من بني أمية إلا ... أنهم يحلمون ان غضبوا )
( وانهم معدن الملوك ولا ... تصلح الا عليهم العرب )
وقال عروة بن أذينة
( اذا قريش تولى خير صالحها ... فاستيقنن بأن لا خير في احد )
( رهط النبي وأولى الناس منزلة ... بكل خير واثرى الناس في العدد )
وقال حسان بن ثابت يرثي ابا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

( اذا تذكرت شجوا من اخي ثقة ... فاذكر اخاك ابا بكر بما فعلا )
( ألتالي الثاني المحمود مشهده ... وأول الناس منهم صدق الرسلا )
( وثاني اثنين في الغار المنيف وقد ... طاف العدو به اذا صعد الجبلا )
( وكان حب رسول الله قد علموا ... خير البرية لم يعدل به رجلا )
وقال بعض بني أسد
( لما تخير ربي فارتضى رجلا ... من خلقه كان منا ذلك الرجل )
( لنا المساجد نبنيها ونعمرها ... وفي المنابر قعدان لنا ذلل )
وقال يزيد بن الحكم بن ابي العاص في شأن السقيفة
( قد اختصم الاقوام بعد محمد ... فسائل قريشا حين جد اختصامها )
( ألم تك من دون الخليقة أمة ... بكف امرىء من ال تيم زمامها )
( هدى الله بالصديق ضلال أمة ... الى الحق لما ارفض عنها نظامها )
وقالت صفية في ذلك اليوم
( قد كان بعدك أنباء وهنتشة ... لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب )
( إنا فقدناك فقد الارض وابلها ... واختل قومك فاشهدهم فقد سغبوا )
وقال الفرزدق
( صلى صهيب ثلاثا ثم أسلمها ... الى ابن عفان ملكا غير مقصور )
( ولاية من أبي حفص لثالثهم ... كانوا أخلاء مهدي ومحبور )
وقال مزرد بن ضرار يرثي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
( عليك السلام من إمام وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق )
( قضيت امورا ثم غادرت بعدها ... بوائق في اكمامها لم تفتق )
( وما كنت اخشى ان تكون وفاته ... بكفي سبنتي أزرق العين مطرق )
قال وسمعوا في تلك الليلة هاتفا يقول
( لبيك على الاسلام من كان باكيا ... فقد أوشكوا هلكا وما قدم العهد )
( وأدبرت الدنيا وأدبر خيرها ... وقد ملها من كان يوقن بالوعد )
وعن ابي الحجاف عن مسلم البطين
( إنا نعاتب لا أبالك عصبة ... علقوا الفرى وبروا من الصديق )
( وبروا سفاها من وزير نبيهم ... تبا لمن يبرا من الفاروق )

( اني علم رغم العداة لقائل ... دينا بدين الصادق المصدوق )
وقال الكميت
( فقل لبني أمية حيث حلوا ... وان خفت المهند والقطيعا )
( أجاع الله من اشبعتموه ... وأشبع من بجودكم أجيعا )
( بمرضي السياسة هاشمي ... يكون حيا لأمته ربيعا )
وقال حرب بن المنذر بن الجارود
( فحسبي من الدنيا كفاف يقيمني ... وأثواب كتان أزور بها قبري )
( وحبي ذوي قربى النبي محمد ... فما سؤلنا الا المودة من أجر )
وجه التدبير في الكتاب اذا طال ان يداوي مؤلفه نشاط القارىء له ويسوقه الى حظه بالاحتيال له فمن ذلك ان يخرجه من شيء الى شيء ومن باب الى باب بعد ان لا يخرجه من جملة ذلك الفن ومن جمهور ذلك العلم
وقد يجب ان نذكر بعض ما انتهى الينا من كلام خلفائنا من ولد العباس ولو ان دولتهم اعجمية خراسانية ودولة بني مروان عربية اعرابية وفي اجناد شامية والعرب أوعى لما تسمع وأحفظ لما تأتي ولها الأشعار التي تقيد عليها مآثرها وتخلد لها محاسنها وجرت من ذلك في اسلامها على مثل عادتها في جاهليتها فبنت بذلك لبني مروان شرفا كثيرا ومجدا كبيرا وتدبيرا لا يحصى
ولو ان اهل خراسان حفظوا على انفسهم وقائعهم في اهل الشام وتدبير ملوكهم وسياسة كبرائهم وما جرى في ذلك من فرائد الكلام وشريف المعاني كان فيما قال المنصور وما فعل في ايامه وأسس لمن بعده ما يفي بجماعة ملوك بني مروان
ولقد تتبع ابو عبيدة النحوي وابو الحسن المدائني وهشام الكلبي والهيثم بن عدي اخبارا اختلفت واحاديث تقطعت فلم يدركوا الا قليلا من كثير وممزوجا من خالص
وعلى كل حال فإنا أذا صرنا الى بقية ما رواه العباس بن محمد وعبد الملك ابن صالح والعباس بن موسى واسحق بن عيسى واسحق بن سليمان وأيوب بن جعفر وما رواه ابراهيم بن السندي عن السدي وعن صالح صاحب

المصلى عن مشيخة بني هاشم ومواليهم عرفت بتلك البقية كثرة ما فات وبذلك الصحيح اين موضع الفساد مما صنعه الهيثم بن عدي وتكلفه هشام ابن الكلبي

شيء من سياسة بني العباس وأدبهم
وسنذكر جملا مما انتهى الينا من كلام المنصور ومن شأن المأمون وغيرهما وان كنا قد ذكرنا من ذلك طرفا ونقصد من ذلك الى التخفيف والتقليل فانه يأتي من وراء الحاجة ويعرف بجملته مراد البقية
قال وكان المنصور داهيا أريبا مصيبا في رأيه سديدا وكان مقدما في علم الكلام ومكثرا من كتاب الآثار ولكلامه كتاب يدور في أيدي العارفين الوراقين معروف عندهم ولما هم بقتل أبي مسلم سقط بين الاستبداد برأيه والمشاورة فيه فأرق في ذلك ليلته فلما أصبح دعا باسحق بن مسلم العقيلي فقال له حدثني حديث الملك الذي أخبرتني عنه بحران قال أخبرني ابي عن الحصين بن المنذر أن ملكا من ملوك فارس يقال له سابو الأكبر كان له وزير ناصح قد اقتبس أدبا من آداب الملوك وشاب ذلك بفهم في الدين فوجهه سابور داعية الى خراسان وكانوا قوما عجما يعظمون الدنيا جهالة بالدين ويخلون بالدين استكانة لقوت الدنيا وذلا لجبابرتها فجمعهم على دعوة من الهوىا يكيد به مطالب الدنيا واغتر بقتل ملوكهم لهم وتخولهم إياهم وكان يقال لكل ضعيف صولة ولكل ذليل دولة فلما تلاحمت أعضاء الامور التي لقح استحالت حربا عوانا شالت أسافلها بأعاليها فانتقل العز الى أرذلهم والنباهة الى أخملهم فأشربوا له حبا مع خفض من الدنيا افتتح بدعوة من الدين فلما استوثقت له البلاد بلغ سابور أمرهم وما أحال عليه من طاعتهم ولم يأمن زوال القلوب وغدرات الوزراء فاحتال في قطع رجائه عن قلوبهم وكان يقال
( وما قطع الرجاء بمثل يأس ... تبادهه القلوب علىاغترار )
فصمم على قتله عند وروده عليه برؤساء أهل خراسان وفرسانهم فقتله فبغتهم بحدث فلم يرعهم الا ورأسه بين أيديهم فوقف بهم بين الغربة ونأي الرجعة وتخطف الاعداء وتفرق الجماعة واليأس من صاحبهم فرأوا ان

يستتموا الدعوة بطاعة سابور ويتعوضوه من الفرقة فأذعنوا له بالملك والطاعة وتبادروه بمواضع النصيحة فملكهم حتى مات حتف أنفه
فاطرق المنصور مليا ثم رفع رأسه وهو يقول
( لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علم الانسان الا ليعلما )
وأمر اسحق بالخروج ودعا بأبي مسلم فلما نظر اليه داخلا قال
( قد اكتنفتك خلات ثلاث ... جلبن عليك محذور الحمام )
( خلافك وامتنانك ترتميني ... وقودك للجماهير العظام )
ثم وثب اليه ووثب معه بعض حشمه بالسيوف فلما رآهم وثب فبدره المنصور فضربه ضربة طوحه منها ثم قال
( إشرب بكأس كنت تسقي بها ... أمر في الحق من العلقم )
( زعمت أن الدين لا يقتضى ... كذبت فاستوف أبا مجرم )
ثم أمر فحز رأسه وبعث به الى أهل خراسان وهم ببابه فجالوا حوله ساعة ثم رد عن شغبهم انقطاعهم عن بلادهم واحاطة الاعداء بهم فذلوا وسلموا له فكان إسحق اذا رأى المنصور قال
( وما ضربوا لك الأمثال الا ... لتحذوا ان حذوت على مثال )
وكان المنصور اذا رآه قال
( وخلفها سابور للناس يقتدى ... بأمثالها في المعضلات العظائم )
وكان المهدي يحب القيان وسماع الغناء وكان معجبا بجارية يقال لها جوهر وكان اشتراها من مروان الشامي فدخل عليه ذات يوم مروان الشامي وجوهر تغنيه فقال مروان
( أنت يا جوهر عندي جوهره ... في بياض الدرة المشتهرة )
( فاذا غنت فنار ضرمت ... قذفت في كل قلب شرره )
فاتهمه المهدي وأمر به فدع في عنقه الى ان خرج ثم قال لجوهر أطربيني فأنشات تقول
( وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني ... وأشمت بي من كان فيك يلوم )
( وأبرزتني للناس ثم تركتني ... لهم غرضا أرمى وأنت سليم )
( فلو أن قولا يكلم الجسم قد بدا ... بجسمي من قول الوشاة كلوم )

فقال المهدي
( ألا يا جوهر القلب لقد زدت على الجوهر ... )
( وقد أكملك الله بحسن الدل والمنظر ... )
( اذا ما صلت ما أحسن خلق الله بالمزهر ... )
( وغنيت ففاح البيت من ريقك بالعنبر ... )
( فلا والله ما المهدي أولى منك بالمنبر ... )
( فان شئت ففي كفك خلع ابن أبي جعفر ... )
قال الهيثم أنشدت هرون وهو ولي عهد أيام موسى بيتين لحمزة بن بيض في سليمان بن عبدالملك
( حاز الخلافة والداك كلاهما ... من بين سخطة ساخط او طائع )
( أبواك ثم أخوك أصبح ثالثا ... وعلى جبينك نور ملك ساطع )
قال يا يحيى أكتب لي هذين البيتين
ولما مدح ابن هرمة أبا جعفر المنصور أمر له بألفي درهم فاستقلها وبلغ ذلك أباجعفر فقال أما يرضى أني حقنت دمه وقد استوجب إراقته ووفرت ماله وقد استحق تلفه وأقررته وقد استأهل الطرد وقربته وقد استحق البعد أليس هو القائل في بني أمية
( اذا قيل من عند ريب الزمان ... لمعتز فهز ومحتاجها )
( ومن يعجل الخيل يوم الوغى ... بالجامها قبل إسراجها )
( أشارت نساء بني مالك ... اليك به قبل أزواجها )
قال ابن هرمة فأني قد قلت فيك أحسن من هذا قال هاته قال قلت
( اذا قلت أي فتى تعلمون ... أهش الى الطعن بالذابل )
( واضرب للقرن يوم الوغى ... وأطعم في الزمن الماحل )
( أشارت اليك أكف الورى ... إشارة غرقي الى ساحل )
قال المنصور أما هذا الشعر فمسترق وأما نحن فلا نكافىء الا بالتي هي احسن

سياسة المنصور في العفو عن المسيء
ولما احتال ابو الازهر بالمهلب بن عبيثر المهري لعبد الحميد بن ربعي بن خالد ابن مغداق وأسلمه إلى حميد بن قحطبة وأسلمه حميد الى المنصور قال لا عذر فأعتذر وقد احاط بي الذنب وانت أولى بما ترى قال لست أقتل أحدا من ال قحطبة بل أهب مسيئهم الىمحسنهم وغادرهم لوفيهم قال ان لم يكن في مصطنع فلا حاجة لي في الحياة ولست أرضى أن أكون طليق شفيع وعتيق ابن عم قال اسكت مقبوحا مشقوحا اخرج فانك أنوك جاهل أنت عتيقهم وطليقهم ما حييت
ولما داهن سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب في شأن ابراهيم بن عبد الله وصار الى المنصور أمر الربيع بخلع سواده والوقوف به على رؤوس اليمانية في المقصورة يوم الجمعة ثم قال قل لهم يقول لكم أمير المؤمنين قد عرفتم ما كان من إحساني اليه وحسن بلائي عنده وقديم نعمتي عليه والذي حاول من الفتنة ورام من البغي وأراد من شق العصا ومعاوتة الاعداء وإراقة الدماء وأنه قد استحق بهذا من فعله أليم العقاب وعظيم العذاب وقد رأى أمير المؤمنين إتمام بلائه الجميل لديه ورب نعمائه السابقة عنده لما يتعرفه أمير المؤمنين من حسن عائدة الله عليه وما يؤمله من الخير العاجل والآجل عند العفو عمن ظلم والصفح عمن أساء وقد وهب أمير المؤمنين مسيئهم لمحسنهم وغادرهم لوفيهم
وصف المأمون لصنوف العلم
وقال سهل بن هرون يوما وهو عند المأمون من اصناف العلم ما لا ينبغي للمسلمين ان يرغبوا فيه وقد يرغب عن بعض العلم كما يرغب عن بعض الحلال
قال المأمون قد يسمى بعض الناس الشيء علما وليس بعلم فان كنت اردت هذا فوجهه الذي ذكرنا ولو قلت ان العلم لا يدرك غوره ولا يسبر قعره ولا تبلغ غايته ولا يستقصي أصنافه ولا يضبط آخره فالامر على ما قلت فاذا كان الامر كذلك فابدأوا بالأهم فالأهم وابدأوا بالفرض قبل النفل فاذا فعلتم ذلك كان عدلا وقولا صدقا وقد قال بعض العلماء اقتصد من أصناف العلم ما هو أشهى الى نفسك واخف على قلبك فان نفاذك فيه

على حسب شهوتك وسهولته عليك وقال ايضا بعض العلماء لست أطلب العلم طمعا في بلوغ غايته والوقوف على نهايته ولكن التماس ما لا يسع جهله ولا يحسن بالعاقل إغفاله وقال اخرون علم الملوك النسب والخبر وجمل الفقه وعلم التجار الحساب والكتاب وعلم اصحاب الحرب درس كتب المغازي وكتب السير فأما أن تسمي الشيء علما وتنهي عنه من غير ان يكون شيء يشغل عما هو انفع منه بل تنهى نهيا جزما وتأمر أمرا حتما والعلم بصر وخلافه عمى والاستبانة للشر ناهية عنه والاستبانة للخير آمره به
ولما قرأ المأمون كتبي في الإمامة فوجدها على ما أمر به وصرت اليه وقد كان أمر اليزيدي بالنظر فيها ليخبره عنها قال لي قد كان بعض من نرتضي عقله ونصدق خبره خبرنا عن هذه الكتب بإحكام الصنعة وكثرة الفائدة فقلت قد تربي الصفة على العيان فلما رأيتها رأيت العيان قد أربى على الصفة فلما فليتها أربى الفلي على العيان كما أربى العيان على الصفة وهذا كتاب لا يحتاج الى حضور صاحبه ولا يفتقر الى المحتجين عنه قد جمع استقصاء المعاني واستيفاء جميع الحقوق مع اللفظ الجزل والمخرج السهل فهو سوقي ملوكي وعامي خاصي

مجادلة المأمون للخراساني المرتد
ولما دخل عليه المرتد الخراساني وقد كان حمله من خراسان حتى وافى به العراق قال له المأمون
لأن أستحييك بحق احب الي من ان اقتلك بحق ولان اقبلك بالبراءة احب الي من ان أدفعك بالتهمة قد كنت مسلما بعد ان كنت نصرانيا وكنت فيها أتيح وأيامك اطول فاستوحشت مما كنت به آنسا ثم لم تلبث ان رجعت عنا نافرا فخبرنا عن الشيء الذي اوحشك من الشيء الذي صار آنس لك من الفك القديم وأنسك الاول فان وجدت عندنا دواء دائك تعالجت به والمريض من الاطباء يحتاج الى المشاورة وان اخطأك الشفاء ونبا عن دائك الدواء كنت قد أعذرت ولم ترجع على نفسك بلائمة فان قتلناك بحكم الشريعة او ترجع انت في نفسك الى الاستبصار والثقة وتعلم انك لم تقصر في اجتهاد ولم تفرط في الدخول في باب الحزم

قال المرتد اوحشني كثرة ما رأيت من الاختلاف فيكم
قال المأمون لنا أختلافان أحدهما كالاختلاف في الأذان وتكبير الجنائز والاختلاف في التشهد وصلاة الاعياد وتكيبر التشريق ووجوه القراات واختلاف وجوه الفتيا وما أشبه ذلك وليس هذا باختلاف إنما هو تخيير وتوسعة وتخفيف من المحنة فمن أذن مثنى واقام مثنى لم يؤثم ومن أذن مثنى وأقام فرادي لم يحوب لا يتعايرون ولا يتعايبون أنت ترى ذلك عيانا وتشهد عليه تبيانا و الاختلاف الآخر كنحو اختلافنا في تأويل الآية من كتابنا وتأويل الحديث عن نبينا مع إجماعنا على اصل التزيل واتفاقنا على عين الخبر فان كان الذي أوحشك هذا حتى انكرت من اجله هذا الكتاب فقد ينبغي ان يكون اللفظ بجميع التوراة والانجيل متفقا على تأويله كما يكون متفقا على تنزيله ولا يكون بين جميع النصارى واليهود اختلاف في شيء من التأويلات وينبغي لك ان لا ترجع الا الى لغة لا إختلاف في تأويل الفاظها ولو شاء الله ان ينزل كتبه ويجعل كلام أنبيائه وورثة رسله لا يحتاج الى تفسير لفعل ولكنا لم نر شيئا من الدين والدنيا دفع الينا على الكفاية ولو كان الامر كذلك لسقطت البلوى والمحنة وذهبت المسابقة والمنافسة ولم يكن تفاضل وليس على هذا بنى الله الدنيا
قال المرتد أشهد ان الله واحد لا ند له ولا ولد وان المسيح عبده وان محمدا صادق وانك امير المؤمنين حقا
فأقبل المأمون على اصحابه فقال فروا عليه عرضه ولا تبزوه في يومه ريثما يعتق إسلامه كيلا يقول عدوه انه أسلم رغبة ولا تنسوا بعد نصيبكم من بره وتأنيسه ونصرته والعائدة عليه

دفاع المأمون عن ايقاع الملوك بخاصتهم
حدثنا احمد بن ابي داود قال قال لي المأمون لا يستطيع الناس ان ينصفوا الملوك من وزرائهم ولا يستطيعون ان ينظروا بالعدل بين الملوك وحماتهم وكفاتهم وبين صنائعهم وبطانتهم وذلك أنهم يرون ظاهر حرمة وخدمة واجتهاد ونصيحة ويرون إيقاع الملوك بهم ظاهرا احتى لا يزال الرجل يقول ما أوقع به الا رغبة في ماله او رغبة في بعض ما لا تجود النفوس به ولعل

الحسد والملال وشهوة الاستبدال اشتركت في ذلك وهناك خيانات في صلب الملك او في بعض الحرم فلا يستطيع الملك ان يكشف للعامة موضع العورة في الملك ولا ان يحتج لتلك العقوبة بما يستحق ذلك الذنب ولا يستطيع الملك ترك عقابه لما في ذلك من الفساد على علمه بأن عذره غير مبسوط للعامة ولا معروف عند أكثر الخاصة

من آداب الملوك
ونزل رجل من أهل العسكر فعدا بين يدي المأمون وشكا اليه مظلمته فأشار بيده ان حسبك فقال له بعض من كان يقرب من المأمون يقول لك أمير المؤمنين إركب قال المأمون لا يقال لمثل هذا اركب انما يقال له انصرف
وحدثني ابراهيم بن السندي قال بينا الحسن اللؤلؤي يحدث المأمون ليلا وهو بالرقة وهو يومئذ ولي عهد وأطال الحسن الحديث حتى نعس المأمون فقال الحسن نعست أيها الأمير ففتح عينيه وقال سوقي ورب الكعبة يا غلام خذ بيده
ذكر بقية كلام النوكى
والموسوسين والجفاة والاغبياء وما ضارع ذلك وشاكله
وأحببنا ان لا يكون مجموعا في مكان واحد إبقاء على نشاط القارىء والمستمع
مر ابن ابي علقمة بمجلس بني ناجية فكبا حماره لوجهه فضحكوا منه فقال ما يضحككم رأى وجوه قريش فسجد
ابو الحسن قال أتى رجل عباديا صيرفيا يستسلف منه مئتي درهم فقال وما تصنع بها قال أشتري بها حمارا فلعلي أربح فيه عشرين درهما قال اذا انا وهبتك العشرين فما حاجتك الى المئتين قال ما أريد الا المئتين فقال انت لا تريد ان تردها علي
قال وأتى قوم عباديا فقالوا نحب ان تسلف فلانا ألف درهم وتؤخره سنة فقال هاتان حاجتان وسأقضي لكم إحداهما واذا فعلت ذلك فقد أنصفت اما الدراهم فلا تسهل علي ولكني أوخره سنتين

ولعب رجل قدام بعض الملوك بالشطرنج فلما رآه قد استجاد لعبه وفاوضه الكلام قال له لم لا توليني نهر بوق قال أوليك نصفه اكتبوا له عهده على بوق وقال له مرة ولني أرمينية قال يبطىء على امير المؤمنين خبرك
وقدم اخر على صاحب له من فارس فقال له قد كنت عند امير المؤمنين فأي شيء ولاك قال ولاني قفاه
قال ونظر أمير الى اعرابي فقال لقد هم لي الامير بخير قال ما فعلت قال فبشر قال وما فعلت قال ان الامير لمجنون
قال ابو الحسن شهد مجنون على امرأة ورجل بالزنا فقال الحاكم تشهد انك رايته يدخله ويخرجه قال والله لوكنت جلدة استها لما شهدت بهذا
قال وكان رجل من اهل الري يجالسنا فاحتبس عنا فأتيته فجلست معه على بابه واذا رجل يدخل ويخرج فقلت من هذا فسكت ثم أعدت فسكت فلما أعدت الثالثة قال هو زوج أخت خالتي
وقال الشاعر
( اذا المرء جاز الاربعين ولم يكن ... له دون ما يأتي حياء ولا ستر )
( فدعه ولا تنفس عليه الذي أتى ... ولو جر أرسان الحياة له الدهر )
اعرابي خاصمته امرأته الى السلطان فقيل له ما صنعت قال خيرا كبها الله لوجهها وأمر بي الى السجن
قال ابو الحسن عرض الاسد لأهل قافلة فتبرع عليهم رجل فخرج اليه فلما رآه سقط وركبه الأسد فشدوا عليه بأجمعهم فتنحى عنه الأسد فقالوا له ماحا لك قال لا بأس علي ولكن الأسد خري في سراويلي
قال ابو عباية السليطي قد فسد الناس قلت وكيف قال ترى بساتين هزار مرد هذه ما كان يمر بها غلام الا بخفير قلت هذا صلاح قال لا بل فساد
قال ابو الحسن خطب بن سعيد بن العاص عائشة ابنة عثمان على أخيه فقالت لا أتزوجه قال ولم قالت هو أحمق له برذونان أشبهان فيحتمل مؤونة اثنين وهما عند الناس واحد

قال كان المغيرة بن المهلب ممرورا وكان عند الحجاج يوما فهاجت فها به مرته فقال له الحجاج أدخل المتوضأ وأمر من يقيم عنده حتى يتقيأ ويفيق
قال ابوالحسن قالت خيرة بنت ضمرة القشيرية امرأة المهلب للمهلب اذا انصرفت من الجمعة فأحب ان تمر بأهلي قال لها ان أخاك احمق قالت فاني أحب ان تفعل فجاء وأخوها جالس وعنده جماعة فلم يوسع له فجلس المهلب ناحية ثم أقبل عليه فقال له ما فعل ابن عمك فلان قال حاضر فقال أرسل اليه ففعل فلما نظر اليه غير مرفوع المجلس قال يا ابن الخناء ألمهلب جالس ناحية وانت جالس في صدر المجلس وواثبه فتركه المهلب وانصرف فقالت له خيرة أمررت بأهلي قال نعم وتركت أخاك الاحمق يضرب
قال وكتب الحجاج الى الحكم بن أيوب اخطب على عبد الملك بن الحجاج امرأة جميلة من بعيد مليحة من قريب شريفة في قوتها ذليلة في نفسها أمة لبعلها فكتب اليه قد أصبتها لولا عظم ثديها فكتب اليه الحجاج لا يحسن نحر المرأة حتى يعظم ثدياها قال المرار بن منفذ العدوي
( صلته الخد طويل جيدها ... ضخمة الثدي ولما ينكسر )
قال علي بن ابي طالب كرم الله تعالى وجهه لا حتى تدفىء الضجيج وتروي الرضيع
وقال ابن صديقة لرجل رأى معه خفا ما هذه القلنسوة فاحتكموا الى عرباض فقال عرباض هي قلنسوة الرجلين
قال ابو اسحق قلت لخنجير كوز وعدتك ان تجيء ارتفاع النهار فجئتني صلاة العصر قال جئتك ارتفاع العشي
قال قيل لاعرابي ما اسم المرق عندكم قال السخين قال فاذا برد قال لاندعه يبرد
باع نخاس من اعرابي غلاما فأراد ان يتبرأ من عيبه قال اعلم انه يبول في الفراش قال ان وجد فراشا فليبل فيه
حدثنا صديق لي قال أتاني اعرابي بدرهم فقلت له هذا زائف فمن أعطاك هذا قال لص مثلك

وقال زيد بن كثوة أتيت بني كش هؤلاء فاذا عرس وبلق الباب فادرنفق وأدمج فيه سرعان من الناس وألصت ولوج الدار فدلظني الحداد دلظة دهورني على قمة رأسي وابصرت شيخان الحي هناك ينتظرون المزية فعجبت اليهم فوالله ان زلنا نظار نظار حتى عقل الظل فذكرت اخلاثي من بني تبر فقصدتهم وانا اقول
( تركن بني كش وما في ديارهم ... عوامد واعصوصين نحو بني تبر )
( الى معشر شم الانوف قراهم ... اذا نزل الاضياف من قمع الجزر )
وانصرفت وأتيت باب كش واذا الرجال صتيتان واذا أرمداء كثيرة وطهاة لا تحصى ولحمان في جثمان الاكام
قال صالح بن سليمان احمق الشعراء الذي يقول
( أهيم بدعد ما حييت فان أمت ... أوكل بدعد من يهيم بها بعدي )
ولا يشبه قول الاخر
( فلا تنكحي ان فرق الدهر بيننا ... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا )
قال مات لابن مقرن غلام فحفر لهم اعرابي قبره بدرهمين وذلك في بعض الطواعين فلما اعطوه الدرهمين قال دعوهما حتى يجتمع لي عندكم ثمن ثوب
وأدخل اعرابي الى المربد جنيبا له فنظر اليها بعض الغوغاء فقال لا إله الا الله ما أسمن هذه الجزر قال له الاعرابي ما لها تكون جزرا جزرك الله
قال ابو الحسن جاء رجل الى رجل من الوجوه فقال انا جارك وقد مات اخي فلان فمر لي بكفن قال لا والله ما عندي اليوم شيء ولكن تعهدنا وتعود بعد ايام فسيكون الذي تحب قال أصلحك الله فنملحه الى ان يتيسر عندكم شيء
قال كان مولى البكرات يدعي البلاغة فكان يتصفح كلام الناس فيمدح الرديء ويذم الجيد فكتب الينا رسالة يعتذر فيها من ترك المجيء فقال وقطعني عن المجيء اليكم انه طلعت في احدى اليتي ابني بثرة فعظمت حتى صارت كأنها رمانة صغيرة
وقال علي الاسواري فلما رأيته اصفر وجهي حتى صار كأنه الكثوث

وقال محمد بن الجهم الى اين بلغ الماء منك قال الى العانة قال شعيب ابن زرارة لو كان قال الى الشعرة كان أجود وقال له محمد بن الجهم هذا الدواء الذي جئت به قدركم آخذ منه قال قدر بعرة
وقال علي جاءني رجل حزنبل من ههنا الى ثمة

شيء من سخف قاسم التمار
وقال قاسم التمار بينهما كما بين السماء الى قريب من الارض وقال قاسم التمار اينما رأيت إيوان كسرى كأنما رفعت عنه الايدي اول من امس واقبل على اصحاب له وهم يشربون النبيذ وذلك بعد العصر بساعة فقال لبعضهم قم صل فاتتك الصلاة ثم امسك عنه ساعة ثم قال الاخر قم صل ويلك فقد ذهب الوقت فلما أكثر عليهم في ذلك وهوجالس لا يقوم يصلي قال له واحد فأنت لم لم تصل فاقبل عليه فقال ليس والله يعرفون أصلي في هذا قلت وأي شيء أصلك قال لا نصلي لان هذه المغرب قد جاءت وقال قاسم أنا انفس بنفسي على السلطان وأتى منزل ابن أبي شهاب وقد تعشى القوم وجلسوا على النبيذ فأتوه بخبز وزيتون وكامخ فقال أنا لا أشرب النبيذ الا على زهومة وقال حين بعت البغل بدأت بالسرج وقال ليس في الدنيا ثلاثة أنكح مني أنا اكسل منذ ثلاث ليال في كل ليلة عشر مرات كأن الإكسال عنده هو الانزال وقال ذهب الله مني الاطيبين قلت وأي شيء الاطيبين قال قوة اليدين والرجلين وقال فالتوى لي عرق حين قعدت منها مقعد الرجل من الغلام وقال في غلام له رومي ما وضعت بيني وبين الارض أطيب منه قال ومحمد بن حسان لا يشكرني ووالله ما ناك حاذرا قط الا على يدي
وقال ابو خشرم اعجب اسباب النيك فقيل له النيك وحده قال سمعنا الناس يقولون ما اعجب اسباب الرزق وما اعجب الاسباب
وكان قاسم التمار عند ابن لأحمد بن عبد الصمد بن علي وهناك جماعة فأقبل وهب المحتسب يعرض له بالغلمان فلما طال ذلك على قاسم أراد ان يقطعه عن نفسه بأن يعرفه هو ان ذلك القول عليه فقال إشهدوا جميعا أني أنيك الغلمان واشهدوا جميعا اني أعفج الصبيان والتفت التفاتة فرأى الاخوين

الهذليين وكانا يعاديانه بسبب الاعتزال فقال عنيت بقولي فقال اشهدوا جميعا اني لوطي اي على دين لوط قال القوم بأجمعهم انت لم تقل اشهدوا اني لوطي إنما قلت اشهدوا اني أنيك الصبيان
قال سفيان السدوسي لم يكن في الارض احد قط أعلم بالنجوم ثم بالقراءات من ما شاء الله كان يريد ما شاء الله المنجم وكان يقول هو أكفر عندي من رام هرمز يريد أكفر من هرمز
وممن وسوس غلفاء بن الحرث ملك قيس عيلان وسوس حين قتل اخوته وكان يتغلف ويغلف أصحابه بالغالية فسمى غلفاء بذلك
وكان رجل ينيك البغلات فجلس يوما يحدث عن رجل كيف نال بغلة وكيف انكسرت رجله وكيف كان ينالها قال كان يضع تحت رجله لبنة فبينا هوينحى فيها اذ انكسرت اللبنة من تحت رجله واذا انا على قفاي
ومن الاحاديث المولدة التي لا تكون وهومليح في ذلك قولهم ناك رجل كلبة فعقدت عليه فلما طال عليه البلاء رفع رأسه فصادف رجلا يطلع عليه من سطح فقال له الرجل اضرب جنبها فلما ضرب جنبها وتخلص قال قاتله الله اي نياك كلبات هو
وكان عندنا قاص اعمى ليس يحفظ من الدنيا الا حديث جرجيس فلما بكى واحد من النظارة قال القاص أنتم بأي شيء تبكون انما البلاء علينا معاشر العلماء
قال وبكى حول ابي شيبان ولده وهو يريد مكة قال لا تبكوا يا بني فاني أريد ان أضحى عندكم وقال اخوه ولدت في رأس الهلال للنصف من شهر رمضان إحسب انت الان هذا كيف شئت وقال تزوجت امرأة مخزومية عمها الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة وقال ذلك لم يكن أبا انما كان والدا وقال ابو دينار هو وان كان أخا فقد ينبغي ان ينصف
ومن المجانين علي بن أسحق بن يحيى بن معاذ وكان اول ما عرف من جنونه انه قال أرى الخطأ قد كثر في الدنيا والدنيا كلها في جوف الفلك وانما نؤتى منه وقد تخلخل وتخرم ونزايل فاعتراه ما يعتري الهرماء وانما هو مجنون فكم يصبر وسأحتال في الصعود اليه فاني ان بخرته ورندجته وسويته

انقلب هذا الخطأ كله الى الصواب وجلس مع بعض متعاقلي فتيان العسكر وجاءهم النخاس بجوار فقال ليس نحن في تقويم الابدان انما نحن في تقويم الاعضاء ثمن أنف هذه خمسة وعشرون دينارا وثمن أذنيها ثمانية عشر وثمن عينيها ستة وسبعون وثمن رأسها بلا شيء من حواسها مائة دينار فقال صاحبه المتعاقل ههنا باب هو أدخل في الحكمة من هذا كان ينبغي لقدم هذه ان تكون لساق تلك وأصابع تلك ان تكون لقدم هذه وكان ينبغي لشفتي تيك ان تكونا لفم تيك وان تكون حاجبا تيك لجبيني هذه فسمى مقوم الاعضاء
ومن النوكى كلاب بن ربيعة وهو الذي قتل الخثعمي قاتل أبيه دون أخوته وهوالقائل
( ألم ترني بشيخ صدق ... وقد أخذ الاداوة فاحتساها )
( ثأرت بشيخه شيخا كريما ... شفاء النفس ان شيء شفاها )
ومنهم نعامة وهو بيهس وهو الذي قال مكره أخاك لا بطل واياه يعني الشاعر
( ومن حذر الايام ما حز أنفه ... قصير ولاقى الموت بالسيف بيهس )
( نعامة لما صرع القوم رهطه ... تبين في أثوابه كيف يلبس )
وقال الحضرمي اما أنا فأشهد ان تميما اكثر من محارب
وقال حيان البزار قبح الله الباطل الرطب بالسكر والله طيب
وقال ابو الحسن سمعت الصغدي الحارثي يقول كان الحجاج أحمق بنى مدينة واسط في بادية النبط ثم قال لهم لا تدخلوها فلما مات دبوا اليها من قريب
مسعدة بن المبارك قال قلت للبكراوي أبا مرأتك حمل قال شيء ليس بشيء
قال بني عبيد الله بن زياد البيضاء فكتب رجل على باب البيضاء شيء ونصف شيء ولا شيء الشيء مهران الترجمان ونصف الشيء هند ابنة اسماء ولا شيء عبيد الله بن زياد فقال عبيد الله اكتب الى جنبه لولا الذي زعمت انه لا شيء لماكان ذلك الشيء شيئا ولا ذلك النصف نصفا

وقال هشام بن عبد الملك يوما في مجلسه يعرف حمق الرجل بخصال بطول لحيته وشناعة كنيته وبشهوته ونقش خاتمه فأقبل رجل طويل اللحية فقال هذه واحدة ثم سأله عن كنيته فاذا هي شنعاء فقال هاتان ثنتان ثم قال واي شيء أشهى اليك قال رمانة مصاصة قال أمصك الله بظر أمك
وقيل لأبي القمقام لم لا تغزو او تخرج الى المصيصة قال أمصني الله إذا ببظر أمي
وقالوا لأبي الاصبع بن ربعي أما تسمع بالعدو وما يصنعون في البحر فلم لا تخرج الى قتال العدو قال انا لا اعرفهم ولا يعرفونني فكيف صاروا لي اعداء
قال كان الوليد بن القعقاع عاملا على بعض الشام فكان في كل خطبة وان كان في أيام الشعري فقام اليه شيخ من أهل حمص فقال اصلح الله الامير اذا تفسد القطاني يعني الحبوب واحدها قطنية
وأما نفيس غلامي فانه كان اذا صار الى فراشه في كل ليلة في سائر السنة يقول في دعائه اللهم حوالينا ولا علينا
قال وكان بالرقة رجل يحدث عن بني اسرائيل وكان يكنى أبا عقيل فقال له الحجاج بن حنتمة ما كان اسم بقرة بني اسرائيل قال حنتمة فقال له رجل من ولد أبي موسى في أي الكتب وجدت هذا قال في كتاب عمرو بن العاص
ومن اللحانين الاشراف ابن ضحيان الازدي وكان يقرأ قل يا أيها الكافرين فقيل له في ذلك فقال قد عرفت القراءة في ذلك ولكني لا أجل امر الكفرة
وقال حبيب بن أوس
( ماولدت حواء أحمق لحية ... من سائل يرجو الغنى من سائل )
وقال أيضا
( أيوسف جئت بالعجب العجيب ... تركت الناس في شك مريب )
سمعت بكل داهية ناد ... ولم اسمع بسراح أديب )

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5