كتاب:الخراج وصناعة الكتابة
المؤلف :قدامة بن جعفري

بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو الفرج من كان حافظا لما قدمنا ذكره في المنزلة الأولى من ترتيب المنازل علم أنا وعدنا بأن نذكر من سائر الدواوين بعد كلامنا في أمر ديواني الخراج والضياع وأنا إذ فرغنا من الكلام في أمر هذين الديوانين وجميع الأعمال فيهما وذلك كله يأتي في الديوانين وسائر أعمالهما إلا خواص تخص كل ديوان يحتاج إلى علمها والوقوف عليها لئلا يكون الداخل غريبا مما يمر به من هذه الخواص وإن كان تدربه في أعمال الديوانين اللذين ذكرناهما قد تذلل له العمل في غيرهما ويثبت عليه ما يرومه من ذلك في سواهما إذا تأمل الأمر حسنا فيه فيكون حين نفي بما قدمنا الوعد به ولنبتدئ بديوان الجيش وذكر ما يحتاج إليه وأحواله الباب الأول في ذكر ديوان الجيش
قال قدامة أول ما ينبغي أن نبتدئ به من أمر هذا الديوان في ذكر مجالسه وتبين أسمائها ومعانيها ثم تتلو ذلك بالأعمال التي يدعو فيه إليها فنقول أن قسمة هذا الديوان يكون على مجالس منها الديوانان اللذان ذكرناهما فيها ومنها ما يختص باسم بهما دونهما
فأما ما يشارك فيه ما تقدم من المجالس والإنشاء والتحرير والاسكدار وقد شرحنا من أحوال هذه المجالس بديوان الخراج ما فيه كفاية
وأما ما يختص به مما لا يشاكل شيئا مما تقدم ذكره إلا بالمقاربة لما وصفناه من حال بعض أعمال الجيش في ديوان الخراج فهما مجلسان يسمى أحدهما مجلس التقرير والآخر مجلس المقابلة والذي يجري في أمر التقرير فهو أمر استحقاقات الرجال والاستقبالات و أوقات أعطياتهم وسياقة أيامهم وشهورهم على رسومها وعمل التقدير لما يحتاج إلى إطلاقه لهم من الأرزاق في وقت وجوبها وتجريد النفقات التي تنفد لوجوهها والنظر في موافقات المنفقين وإخراج جراياتهم وما شاكل هذه الأشياء وجانسها ومجلس التقرير بديوان الجيش يكون إليه الرجوع في أكثر أعماله ومجراه في ديوان الجيش مجلس الحساب من ديوان الخراج
وقد ذكرنا مجلس الجيش بديوان الخراج من رسوم الرجال في الأطماع والشهور ما فيه كفاية يغني عن مثله في هذا الوضع
إذ كنا إنما جعلنا هذا الكتاب منازل تكون كل منزلة منها كالمقدمة للتي بعدها فأما ما يجري في مجلس المقابلة فهو النظر في الجرائد وتصفح الأسماء ومنازل الأرزاق والأطماع والخراج بالخلائق فيما يرد من دفوع المنفقين ويصدر ويرد من الكتب ومنهم
من يجري هذا المجلس في ديوان الجيش مجرى مجلس التفصيل من ديوان الخراج الذي ذكرنا أحوال ما يجري فيه من الأعمال
وينقسم كل مجلس منها من مجالس ديوان الجيش إلى العساكر مثل العسكر المنسوب إلى الخاصة والعسكر المنسوب إلى الخدمة وما في النواحي من البعوث ومن كان حافظا لما ذكرناه في مجلس الجيش بديوان الخراج أطرد له العمل في الجيش على تلك السياقة فقد رسمنا هناك ما إذا جرى الأمر بحسبه كان فيه بلاغ وكفاية بل يبقى مما لم نذكر في ذلك الموضع لعملنا على ذكره في موضعه من ديوان الجيش حلى الرجال وشيات الخيل والبغال فيمكن الآن حيث نأخذ في تعريف ما يستعمله الكتاب من وصف الحلى وشيات الدواب على ما جرت به عادتهم وألفوه وإن كان بعض ذلك لا يوافق ما عليه مجرى اللغة فإنا لو ذهبنا إلى تغيير ما لا يجوز في لغة العرب مما قد ألف الكتاب استعماله لتعدينا ما يعرفونه ويعملون عليه وجئنا بما يشكره أكثرهم ويخالف ما جرت به عادتهم وليس كل ما يستعمله الكتاب خارجا عن مذهب اللغة لكن القليل منه وسيذكر في موضعه إن شاء الله
أما حلي الرجال فأنهم تعودا أن يبتدئوا في حلية كل رجل بان يذكروا سنه فيقولون أما صبي وأما حين يقل وجهه وحين يظهر شاربه أو شاب أو مجتمع للكهل وليس يكادون يستعملون دون الشيخ في الحلى وليس من هذه الصفات ما يجرى على غير عادت العرب ولغتها ثم يتبعون ذكر السن باللون فيقولون في كل أبيض أسمر تعلوه حمرة إلا الأسود فأنهم يقولون أسود ويحذفون تعلوه حمرة وهذا أيضا جار على مذهب كلام العرب فإن من عادة العرب أن يقولوا لم يبق منهم أحمر ولا أسود ولا يقولون أبيض ولا أسود كما يقولون لم يبق منهم بيت مدر ولا وبر ولا يقولون شعر ثم يتبعون ذكر اللون نعوت الوجه فيقولون واسع الجبهة أو ضيق الجبهة فإن كان بها غضون قيل وبها غضون وإن كان بها نزع أو جلح ذكر فقيل أنزع وأجلح وينعت الحاجبان فيقول مقرون
وإن كان بني القرن وإن كان ذلك خفيا قيل مقرون خفي وإن كان أبلج الحاجبين قيل أبلج الحاجبين وإن كان بينهما من الغضون كالخط قيل خط ثم يقال في العين إذا كانت واسعة قيل واسع العينين أو صغيرهما صغير العينين وإن كان بهما شهل أو زرق قيل أشهل أو أزرق وإذا كان بهما جحوظ أو غور قيل جاحظهما أو غائرهما ثم يقال في الأنف طويل أو قصير أو أخفش أو أفطس وينعت بأحواله فيقال منتشر المنخرين إن كانا كذلك أو يقال وارد الأرنبة وورود الأرنبة هو أن يكون المنحازة على جملة الأنف لغلظ فيها ثم ينعت الوجنتان تنوء إن كان فيهما فيقال ناتئ الوجنتين أو يقال سهل الخدين أو مضموم الخدين ثم يقال في الشفتين إن كانتا غليظتين قيل غليظ الشفتين وإن كان في العليا شق بالطول قيل أعلم ثم يقال في الأسنان إن كانت فلجا قيل أفلج وإن كانت طوالا جدا قيل أشغى وإن كانت صغارا متحاتة قيل أكس وإن كانت متراكبة قيل متراكب الأسنان وإن كان منها شيء مقلوع قيل مقلوع كذا
وذكر المقلوع فإن كان من العليا قيل أما الثنية أو الرباعية أو الناب العليا وإن كانت من السفلى قيل السفلى وإن كانت كلها مقلعة قيل أقضم ثم يقال في اللحية والسبال إن كانا صهباوين وقيل أصهب
اللحية وإن كان مثقوب الأذن أو الأذنين ذكر ذلك فقيل مثقوب الأذنين وإن كان به جدري ظاهر قيل مجدور وإن كان قليلا قيل في وجهه نبذ جدري ثم يؤخذ في الأعمدة فإن كانت العين ذاهبة قيل أعور العين اليمنى أو اليسرى وإن كانت الأذن مقطوعة قيل مصلوم الأذن إما اليمنى أو اليسرى وإن كانت كلاهما مقطوعتين قيل مصلوم الأذنين ومن الأعمدة الخيلان فيذكر منها ما بالوجه أو بصفحة الأنف ويحدد ذلك بوضعه وبلونه فيقال أخضر وأحمر وإن كان ذلك بالذراع قيل بباطن ذراعه أو ظاهر ذراعه وإن كان ذا زيادة في أصابعه حلي ذلك وذكرت الزيادة وإن كان به وشم قيل به وشم ويذكر موضعه فيقال بباطن ذراعه أو بظاهره ويذكر لون الوشم فيقال أخضر أو أحمر وإن كانت كتابته تقرأ ذكرت ولم يحل ما تدل عليه القراءة منها وكلما كثرت الأعمدة وهي العلامات القوية المشهورة التي لا تكاد توجد في كل أحد كان ذلك أثبت للحيلة وأجدر أن لا يدخل على المحلى بها بديل غيره
فأما شيات الدواب فإن أول ما يبتدأ به ذكر نوع الدابة فيقال فرس إن كان من الخيل أو شهري إن كان شهريا أو برذونا أو أنثى منها فيقال جمر وإن كان بغلا ذكرا قيل بغل وإن كانت بغلة ذكرت
ثم تذكر اللون فيقال كميت أو أشقر أو أدهم أو أشهب أو أصفر أو ورد أو رضابي أو أبرش أو أبلق ولكثير من الألوان أنحاء ينصرف إليها فالكميت يكون منه الأحوى وهو ذهاب من لونه نحو السواد وأحمر وخلوقي والأشقر يكون أصدى وهو ذهاب من لونه نحو الحوى والأشهب يكون قرطاسيا ويكون مغلسا ويكون أصم بسواد أو مكان السواد حمرة وليس يقال في اللغة لما كان بحمرة أحم إلا أن كتاب الجيش يقولون أحم بحمرة والأبلق يكون بسواد ويكون بكمته أو بشقرة فإذا كان بسواد قيل أدهم أبلق أو بكمتة قيل كميت أبلق أو بشقرة قيل أشقر أبلق وهذه هي ألوان الدواب التي تأتي في الأكثر منهما اللهم إلا في الشذوذ فإن منها الأخضر والسمند وهو الأصفر الأسود العرف والذنب ومنها الأخضر ومنها الأصحم وهي صفرة تذهب نحو البياض تسمى خزنج والأدغم وهو لون من الخضرة والسواد ومنها الزرزوري وهو قريب من الأشهب الأحم
بسواد إلا أن الحمة إنما هي آثار سواد كالمبانية بحملة السواد وشعر الزرزوري مشتبك مختلط كأنه شعرة بيضاء وشعرة سوداء وأما الأصفر فهو الأصفر الأبيض العرف والذنب فإذا أتى لون من هذه الألوان المفردات ذكر وإن كان مما يتبعه فهو ينصرف إليه ذكر ذلك فقيل مثلا في الكميت كميت أحوى أو أحمر أو خلوقي والأصدى أشقر أصدى وكذلك في سائر الألوان وفي الإناث يقال حجر دهماء أو شقراء أو غير ذلك من الألوان إلا في الكميت فإنه لا يقال الأنثى منه كمتاء لأن العرب لا تقول فعلاء للأنثى إلا لما كان الذكر أفعل وإذا كان لا يقال أكمت للذكر لا يقال للأنثى كمتاء وقد أنكر قول امرئ القيس
( ديمة هطلاء فيها وطف ** ) لأنه لا يقال أهطل إلا أن عادة الكتاب قد استمرت على أن يجيزوا ذلك فيقولون في الأنثى كمتاء وينبغي أن يستعمل ما يستعملون وألا فالحق أن يقال حجر كميت ثم يتبع اللون بذكر الأوضاح فيبتدأ بذكر الغرة فيقال أعز وللغرة أشكال تنعت بها منها أن تكون متصلة بالجحلفة فيقال أغر سائل وان تكون منقطعة فيقال أغر منقطع ومنها أن تكون مائلة الاتصال فيقال أغر شمراخ ومنها أن تكون آخذة على جانب الوجه لابسة لإحدى العينين فيقال لطليم ومنها أن تكون مغشية للعينين كلتيهما فيقال أغشى ومنها أن تكون الغرة عريضة فيقال أغر شادخ ومنها أن تكون لمعة في الجبهة فقط فيقال أقرح فإن كان في الجحفلة بياض قيل أرثم وإن كان على السفلى قيل المظ ثم يؤخذ في الأوضاح في سائر الجسد فإن كان في الأربع القوائم بياض قيل محجل أربع وإن كان
البياض عاليا على الركبتين والعرقوبين قيل محجل مجبب وإن لحق بالبطن حتى يخالطها قيل أنبط وإن كان التحجيل إلى أنصاف الأوظفة قيل محجل وبتوقيف وإن نقص عن ذلك حتى يكون غير جائز الاكاليل والاشاعر قيل منعل وإن خلت قائمة بأن يكون فيها بياض قيل مطلق تلك القائمة أما إحدى اليدين أو إحدى الرجلين اليمنى أو اليسرى وإن كانت إحدى اليدين والرجل المخالفة لها محجلين قيل محجل شكال وإن كان في الذنب بياض قيل أشعل الذنب وهذا في الخيل والشهارى والبراذين سواء وكذلك البغال توصف بقريب من هذا إلا انه ربما كان في ألوان البغال ما ليس يسمى به الخيل والشهارى من ذلك الديزج وهو الأخضر المائل إلى الدهمة ومنه الأدغم وليس يكاد كتاب الجيش يذكرون هذا اللون فيركبون له قولا يدل عليه وهو أن يقولوا كميت يشبه الأخضر وإذا كان في وجه البغل أو البغلة بياض مغش له ملابس للون غير منفصل عنه كانفصال الغرة أو القرحة قيل بغل أقمر وبغلة قمراء وإذا كانت في الدابة سمة قيل بموضع كذا سمة فإن كانت كتابتها مقروءة قيل تقرأ كذا وتذكر ما تدل عليه الكتابة
وإن كانت علامة وكتبا حلى ما يوجد الأمر عليه من جميع ذلك وإن لم يكن بالدابة سمة أصلا قيل غفل ويقال ذلك في الذكر والأنثى بلفظ واحد ولكتاب الجيش أحكام تجري على ظلم وألفاظ يقع فيها اللبس على ما لم يعتدها ولا بأس بأن نذكر من ذلك ما يعلمه المبتدئ بالعمل في الجيش لتكون معرفته عنده
فأما الأحكام الظلمية فمثل التقريب الذي هو كالشيء الثابت الواجب وذلك أن من ظلم من الرجال عندهم حتى يؤخروا عطاؤه عن وقت استحقاقه فقد صار ما استحقه ناتيا سبيله التوفير وكلما تقادم من زمان الفائت يوجب تقديم إطلاق ما أخر منه يؤكد عندهم بطوله ووجب سقوطه وسنذكر النظر في أمر الجيش وكيف ينبغي أن تدبر أمورهم وما في تأخر أعطياتهم عنهم من الضرر العائد على الملك في موضعه من المنزلة الثامنة المخصوصة بالسياسة إنشاء الله
ومن أحكام كتاب الجيش الجارية على غير سبيل العدل أنه لا يجوز عندهم أن يزاد واحد من الرجال أكثر من مبلغ رزقه والذي يكون له في وقت زيادته حتى كأنه ممتنع أن يكون رزقه في غاية النقصان عن استحقاقه ويبلى بلاء حسنا فيرى الإمام أن يضاعف رزقه أضعافا كثيرة فضلا عن مرة واحدة وهذا أيضا حكم فاسد على غير العدل فإن نوظروا في ذلك لزمهم على المذهب فيمن لا رزق له ألا يثبت إذ كان لا شيء هو أقل من لا شيء ومما يقارب الظلم وفيه استظهار على الرجال مما لا يزال كتاب الجيش يلزمونه بأن يكون ما يدفع إلى الرجل من استحقاقه إياه في أيام شهر مثله يليه حتى يكون للرجل أبدا استحقاق شهر واقفا
ومما يجري هذا المجرى أيضا قولهم فيمن نقل عن اسمه وثبته أن يكون الاستقبال به الشهر الذي فيه إعطاء نظرائه وهذا غير مضبوط لأنه قد يجوز أن يصل الرجل إلى الموضع الذي سبيله أن يقبض فيه رزقه بعد قبض نظرائه بيوم فيحتاج إلى أن ينتظر حتى يقبضوا مرة أخرى ثم
يستقبل به حينئذ الإعطاء أو يصل مثلا في اليوم الذي يكون فيه قبضهم بعد مدة منه فيكون خلاف حال الأول وهذا مخالف للعدل لأن سبيل السنن والأحكام العادلة أن يكون الأمر في جميعها واحدا محصلا غير مفوض إلى البحث والإنفاق وما يجوز معه أن تحسن حال واحد وتسوء حال آخر وأما ما يستعملونه من الألفاظ التي يختصون بها ويحتاج من أراد العمل في الجيش من الكتاب أن يألفها فمثلا أن يقولوا في سقط من سقط من الجند أنهم سقطوا على الشهر الفلاني وليس في الشهور على ولا يجب منعهم ما يريدونه من ذلك بنفس اللفظ وينبغي أن تفهم من قولهم في مثل هذا الموضع قبل وأما أحكامهم الجارية على الصواب فمنها ما يعملون عليه فيما يسمونه الشهور الكوامل وذلك أن يكون في تقدير أن عملوه عليه لأموال الجيوش استحقاقات تتوافى إلى آخر سنة من السنين كما يكون آخر الشهر من شهور الجيش واقفا منه قبل أن يجدونه فيما يدخلونه تقدير مال تلك السنة وما يتجاوزها ولو بيوم مثلا يخرجونه منها وإن كان الشهر كله إلا ذلك اليوم واقعا فيها لأن الاستحقاقات إنما يكون بعد مضي جميع أيام الشهر وإذا بقي بعضها لم يكن الشهر حينئذ مستحقا ومنها أن الاقتران كان كذلك في أرزاق الجليين الأحرار الذي طمعهم في مائة واثنين وعشرين يوما وقبضهم في السنة ثلاثة أطماع أو التسعينية الذين قبضهم في
السنة أربعة أطماع والمختارين على اثنين وسبعين يوما الذين قبضهم في السنة خمسة أطماع أو أصحاب المشاهرة على ثلاثة وثلاثين يوما الذين قبضهم في السنة أحد عشر شهرا أو أصحاب النوائب الذين قبضهم في السنة اثني عشرة نوبة والصنف الرابع الذين قبضهم في السنة اثني مال طمعين أجروهم على ذلك من حذف الكسر والعمل في استحقاقاتهم على الشهور الكوامل فإن كان هذا في الأحرار الذين طمعهم في مائة وخمسة أيام لم يجروهم على ذلك وحسبوا لهم كسر الشهر وما السنة وهو الثلاثة والسبع شهر إذا كان ما يستحقه أهل هذا الصنف في السنة الخراجية إذا أجروا على غير الشهور الكوامل لثلاثة أشهر ويتلو سبع شهر فالحكم في أمرهم يخالف الحكم في أمر غيرهم ومثل هذا من أحكامهم كثير إلا أن يأمر في هذا الديوان كاف في الاطلاع على وجه العمل فيه إذا اتفق العمل في ديواني الخراج والضياع الباب الثاني في ذكر ديوان النفقات
قال قدامة هذا الديوان تقسم مجالسه على حسب ما يجري فيه من الأعمال فمن ذلك الجاري وله مجلس مفرد يسمى مجلس الجاري ويفرد العمل مما يعمل في ديوان الجيش
ومجلسه في ديوان الخراج إذ كان الذي يحتاج إليه من ذلك إنما هو الجرائد تصنف من المرتزقة وسياقة وقت الاستحقاقات وما جرى هذا المجري إلا أن شهور الإعطاء ليست تجري على الرسوم التي يجري أمر الجيش عليها بل يكون في الأكثر على الشهر المنسوب إلى الحشم الذي أيامه خمسة وأربعون يوما وربما كانت خمسين يوما وربما كانت ثلاثين يوما إلا أن المعمول من الجاري في ديوان النفقات أكثر من ذلك إنما هو خمسة وأربعون يوما ومن ذلك الإنزال ولها مجلس ينسب إليها فيقال مجلس الإنزال والذي يجري فيه هو كلما يقام من الإنزال وفي هذا المجلس يحاسب التجار الذين يقيمون الوظائف من الخبز واللحم والحيوان والحلوى والثلج والفاكهة والحطب والزيت وغير ذلك من سائر صنوف الإقامات ولا تزال تسميته بمبالغها يجري على رسوم قديمة لا يستغني الكاتب عن عملها وهي ما ينسب من الخبز إلى الوظيفة فإن ذلك إن كان من السيذ
فالوظيفة أربعة أرطال بالرطل البغدادي وإن كان من الحوارى والخشكار فثلاثة أرطال ولهم في تثمين الرأس من أصناف الحيوان والجام من الحلوى رسوم تختلف على حسب مراتب من يقام له ذلك من الخصوص والعموم والرفعة والانحطاط ويكون محاسبة من يريد يختلف نزله على حسب ذلك ومن ذلك الكراع وله مجلس منسوب إليه يعرف بمجلس الكراع يجري فيه أمر علوفة الكراع وغيره من الظهر مثل الخيل الشهارى والبراذين والبغال والحمير والإبل وغيره مما يعتلف من الوحش والطير ويجري فيه أمر كسوة الكراع وأمر سياسته وعلاجه ومصلحته وأرزاق القوام والراضة وكذلك أمر المروج المحشرة ومحاسبة العلافين على الاتبان وجميع العلوفات المقامة وما يحمل إليهم من غلات الضياع السلطانية وما جانس ذلك وشاكله ومن ذلك البناء والمرمة فإن لهذه النفقات مجلسا يصغر ويكبر على حسب آراء الخلفاء في الإغراق في البناء والاكتفاء بتيسيره ويجري فيه من محاسبة القوام والذراع والمهندسين أمور ليست بالهينة ويحاسب فيه باعة الجص والأجر والنورة والاسفيذاج وأصحاب الساج
ومن يشقه وغيرهم من النجارين والمزوقين والمذهبين وسائر الصناع محاسبات فيها لمن أراد استقصاءها مشقة ويحتاج فيها أن يكون مع الكاتب المحاسب لهم مطالعة الأمور الهندسية وأشياء من أمور الحساب الصعبة وقد كان أفرد لهذا المعنى ديوان يجري فيه أعماله لكثرة ما يحتاج إلى تكلفه من الأمور الشاقة الشديدة التي يفوق لأكثر أصناف الكتابة لولا أن يطول الكتاب جدا ويخرج عن حده لرسمت في ذلك ما ينبىء عن الحال في وجوهه ولكن في الكتب الموضوعة فيه غنى لمن أراد الوقوف عليه
ومن ذلك بيت المال فان له مجلسا يجري فيه أمره وينفرد المتولى له بالنظر في الختمات المرفوعة منه الواردة ديوان النفقات والمقابلة بما ثبت فيها من الاحتسابات ما يدل عليه ديوان النفقات من الصكاك والاطلاقات المنشأة من هذا الديوان فيجب أن يكون الكاتب المفرد بهذا المجلس مشغولا بالمقابلة بذلك وإخراج الخلاف فيه ومن ذلك مجلس يعرف بالحوادث يجري فيه أمر النفقات الحادثة في كل وجه من وجوهها ويفرد بالإنشاء والتحرير مجلس وبالنسخ مجلس آخر على ما تقدم من وصف ذلك وشرحه الباب الثالث في ديوان بيت المال
قال أبو الفرج هذا الديوان ينبغي أن يعرف غرضه فإن علم ذلك دليل على الحال فيه والغرض منه إنما هو محاسبة صاحب بيت المال على ما يرد عليه من الأموال ويخرج من ذلك في وجوه النفقات والإطلاقات إذا كان ما يرفع من الختمات مشتملا على ما يرفع إلى دواوين الخراج والضياع من الحمول وسائر الورود وما يرفع إلى ديوان النفقات مما يطلق في وجوه النفقات وكان المتولى لها جامعا للنظر في الأمرين ومحاسبا على الأصول والنفقات فإذا أخرج صاحب دواوين الأصول وأصحاب دواوين النفقات ما يخرجونه في ختمات بيت المال المرفوعة إلى دواوينهم من الخلاف سبيل الوزير أن يخرج ذلك إلى صاحب هذا الديوان ليصفحه ويخرج ما عنده فيه ومما يحتاج إلى تقوية هذا الديوان به ليصح أعماله وينتظم أحواله ويستقيم ما يخرج منه أن يخرج كتب الحمول من جميع النواحي قبل إخراجها إلى دواوينها إليه ليثبت فيه وكذلك سائر الكتب النافذة إلى صاحب بيت المال من جميع الدواوين بما يؤمر بالمطالبة به من الأموال ويكون لصاحب هذا الديوان علامة على الكتب والصكاك والإطلاقات يتفقدها الوزير وخلفاؤه ويراعونها ويطالبون بها إذا لم يجدوها لئلا يتخطى أصحابها والمدبرون هذا الديوان فيختل أمره ولا يتكامل العمل فيه فإن هذا الديوان إذا استوفيت أعماله كان مال الاستخراج بالحضرة والحمول من النواحي مضبوطا به الباب الرابع في ديوان الرسائل
قال أبو الفرج قد ذكرنا في المنزلة الثالثة من أمر البلاغة ووجه تعلمها وتعريف الوجوه المحمودة فيها والوجوه المذمومة منها ما إذا وعي كان الكاتب واقفا به على ما يحتاج إليه وبينا في المنزلة الرابعة عند ذكر مجلس الإنشاء وجوها من المكاتبات في الأمور الخراجية ينتفع بها ويكون فيها تبصير لمن يروم المكاتبة في معناها وقد وجب الآن أن نذكر من المكاتبات في الأمور التي تخص ديوان الرسائل ما يكون به مجزيا لمن أراد الكتاب في معناه وتطريق لمن قصد الكتاب في سواه مما يجري مجراه وإذا وصفنا ذلك وأتينا به كنا مع ما تقدم في المنزلتين الثالثة والرابعة قد استوعبنا أكثر ما يحتاج إليه الترسل الذي به قوام هذا الديوان لأنه ليس يجري فيه شيء من الحسبانات ولا من سائر الأعمال خلال المكاتبات وما يتصل بها ويحتاج المتولي له إلى أن يكون متصرفا في جميع فنون المكاتبات واضعا لما ينشئه في موضعه إذ كان للوزير أن يأمر بالمكاتبة في كل فن من الفنون المعروفة والغريبة الواردة ومما يحتاج إلى ذكره في هذا الموضع لينتفع بمروره مسامع من يؤثر التمهر في هذه الصناعة ما حكي عن أحمد بن يوسف بن القاسم
ابن صبيح كاتب المأمون وكان يتولى له ديوان الرسائل انه قال أمرني المأمون أمير المؤمنين أن أكتب بالزيادة في قناديل المساجد الجامعة في جميع الأمصار في ليالي شهر رمضان قال ولم يكن سبق إلى هذا المعنى أحد فآخذه واستعين ببعض ما قاله فأرقت مفكرا في معنى أركبه ثم نمت فرأيت في المنام كأن آتيا أتاني فقال قل فإن فيها أنسا للسابلة وأضاءة للمتهجدة ونشاطا للمتعبدين ونفيا لمكامن الريب وتنزيها لبيوت الله عن وحشة الظلم فهذا وما جرى مجراه من الأمور الغريبة إنما يحتاج الكاتب فيها إلى أن يكون متمهرا في أصل الترسل عارفا بوجوه المعاني فإنه يتفرع له فيه ما يرفعه بل ها هنا وجوه قد كتب في أمثالها ولها مذاهب يحتاج إلى معرفتها والوقوف على رسومها ولا غنى بالكاتب عن الوقوف عليها ونحن نأتي في هذا الموضع من ذكر ما يكتب به في الإعلام في المكاتبات وما له رسم معروف ومذهب مألوف فيكون مثالا لمن لم يعرفه وطريقا إلى الخبرة به فأول ذلك عهود القضاة

نسخة عهد لقاض بولاية الحكم في ناحية على ما قررته عليه
هذا ما عهد عبد الله فلان أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان حين ولاه الحكم بين أهل كور كذا
أمره بتقوى الله وخشيته والعمل بالحق الذي يزلف عنده والعدل الذي يوافق مرضاته فإنه عالم بسعادة من لزم طاعته وشقوة من أثر معصيته ورجاء أن يكون لسبل الله متبعا ولما تناهى عنه من جميل لمذهب مصدقا
وأمره أن يشعر قلبه تقى الله ورهبته أشعار من يخالف عقابه ويرجو ثوابه فإن الله يقول والحق قوله ( ^ وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) ويقول ( ^ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
وأمره أن يتولى ما ولاه أمير المؤمنين بنية جميلة وطوية سليمة وصدر منشرح بالحق ولسان منبعث بالصدق ويرغب عند جميع أحواله وسائر أفعاله بما أعد الله من جزيل الثواب ويخاف ما أعده من أليم العقاب
وأمره إذا حكم ذلك من نفسه وأشعره إياها في علانيته وسريرته أن يختار عند قدومه البلد قوما من أهل الصلاح والأمانة والستر والصيانة والعلم بكتاب الله وسنة نبيه فيجعلهم أصحاب مسايلة فإن رجوع العاقل إنما هو إلى أعوانه وبهم يصلح أو يفسد شأنه
وأمره أن يجعل مجلسه عند تحاكم الناس إليه في مسجد الجماعة من البلد الذي يحله إذ كان أولى المجالس بالمعدلة لأنه مبذول للضعيف ذي الخلة والقريب والبعيد النازح المحلة وأن يخرج إليه إذا خرج بوقار وتؤده وهدي وسكينة وألا يتعرض للحكم وهو على حال رفض ولا غرض يحفزانه عن إنقاذ ما يبته ويمضيه ويحولان بينه وبين البت فيما يقطع به ويرتئيه بل يتقمن أعدل حالاته وأرشدها وأفضل أوقاته وأحمدها وألا ينهض من مجلسه حتى يقضي بحق الله عليه في الصبر والمبالغة واستقصاء ما بين الخصوم من المنازعة وان يحسن لهم الاصاخة ويجمل لهم المخاطبة
وأمره أن لا يحابي شريفا لشرفه إذا كان الحق عليه ولا يزري بوضيع لضعفه إذا كان الحق معه وأن تكون محاورته لمن علت طبقته واتضعت منزلته واحدة حتى لا ييأس الضعيف من النصفة ولا يطمع القوي الظالم في الظفر بالغلبة
وأمره أن ينظر فيما يرد عليه فما وجده في كتاب الله وسنة نبيه أمضاه وقضى به وما خالفهما طرحه ولم يعبأ بشيء منه فإن الله تعالى يقول ( ^ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) عظة من الله للحكام وتحذيرا لهم وتغليظا عليهم وحق لأمر به يسفك الدم ويستحل الفرج ويوكل المال أن يقع فيه التغليظ والتشديد ويقرن به التخويف والتحذير
وأمره أن يثبت في شهادة الشهود ويثبتها قبلة ثم يبالغ في المسألة عنهم والبحث عن حالاتهم والفحص عن وجوه عدالاتهم ويجعل رجوعه في ذلك إلى أهل الثقة والأمانة ومن ليس بينه وبين الذي قيل عنه هوادة ولا عداوة ولا وصلة يجتز بها منه مبرة ويستدفع معها من جهته مضرة
وأمره إذا صح الشهود عنده في ثقتهم وعدالتهم واستبان وجه القضاء أن يعجل إنفاذه فإن تأخير الحقوق بعد ظهورها إماتة لها وتغرير بها
وأمره إن هو أشكل عليه شيء من وجوه الحكم أن يرجع فيه إلى مشاورة أهل الرأي والبصر بالقضاء ومباحثتهم في ذلك حتى تصح له قضيته أو يستعجم عليه فيكتب إلى أمير المؤمنين فيه ويفسره له على حقه وصدقه وقيام من قام من البينة عليه بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم ليصدر إليه في الجواب ما يكون عمله بحبسه
وأمره أن يتوقف عن الحكم بإراقة الدماء على جهة القود أو غيره حتى يكتب إلى أمير المؤمنين بصورة الأمر ووجه ما أوجب عنده الحكم ويستطلع في ذلك رأيه فإن للدم منزلة عند الله ليست لغيره مما يحكم الناس فيه
وأمره أن لا يقبل شهادة فاسق ولا متهم ولا مريب ولا ظنين ولا جاز إلى نفسه بشهادته حظا من حظوظ الدنيا ولا مجلود حدا في الإسلام إلا من عرف الله منه توبة فإن الله يقبل التوبة عن عباده
وأمره أن ينفذ ما يرد عليه من كتب القضاة وشهادة الشهود ويقف عليها وعلى خواتيمها ويفحص عنها فحصا يأمن معه أن يكون محتالا فيها فإذا وقف على صحتها أنفذها على حقها وعدلها إلا أن ترى في شيء من ذلك جورا فاحشا وقضاء مخالفها لمذهب من مذاهب أئمة الفقهاء المشاهير فيكتب بذلك إلى أمير المؤمنين ولا يعتمد بما يفعله منه أبطال حق أو تأخيره فأنه سيان عند أمير المؤمنين منع ذي حق حقه وإعطاء المبطل ما ليس له
وأمره أن لا يرد قضاء قاض من قضاة المسلمين ولا كتابه ولا يبطل ذلك ولا يدفعه
وأمره أن يقبض ما في يد القاضي قبلة من الحجج والكتب ويعمل عليها من غير رجوع فيها أو تعقيب لها وان يتسلم منه الأموال التي قبله والمواريث والودائع التي كانت عنده ويعمل فيها بحق الله وحكمه
وأمره أن لا يورث أهل ملتين وأن يقبل من شهادة بعض أهل الملل على بعض ولا يقبل شهادتهم على أهل الإسلام وأن يقبل شهادة المسلمين على جميعهم لما فضلهم الله به من معرفته وأصفاهم به من دينه
وان يحكم بين أهل الملل فيما يتنازعون فيه إليه بحكم الإسلام فإن حكمه لازم لهم بالذلة والصغار وأن يفحص عن أهل شهادات الزور التي جرت
لهم بها العادة وقد جعلوا ذلك شعارا وطمعة فإن ظفر بأحد منهم جاءه شاهدا عذبه وعاقبه وشهره وعاقب المشهود له فتوخ طاعة الله وتقواه والعمل بما وافق الحق وضاهاه فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ومع من أطاعه وعمل بمرضاته وعلى من عصاه وأتبع ما نهى عنه
وأمير المؤمنين يسأل الله أن يحسن علي العدل عونك وفي الحكم به توفيقك وأن يقضي بالصدق على لسانك ويجعل على الحق ضمير قلبك ومحصول فعلك
وعهد لرجل من بني هاشم بتقليده الصلاة
هذا ما عهد به عبد الله أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان حين ولاه الصلاة بناحية كذا وكذا أمره بتقوى لله وخشيته في سرائره وعلانيته وصيانة عرضه ومذهبه وتطهير خلقه وسيرته إذ كانت الصلاة من أعمدة الدين التي لا يجوز أن يتولاها غير الطاهرين المهذبين
وأمره أن يقيم الصلاة لأوقاتها ولا يؤخرها إذا حضر حينها وأن لا يخدجها ولا ينقصها إذا كان به يأتم من يصلي خلفه وصلاة جميعهم في عنقه وأن يكون دخوله فيها بأخبات ودعة وهدي واستكانة
وأمره أن يرتل قراءته إذا قرأ وأن يسمع من خطبه إذا خطب وأن يضع كل كلام في موضعه وكل قول في المحل اللائق به
وأمره إذا أحكم ذلك من نفسه حتى يستمر عليه في قوله وفعله أن يختار من يخلفه وينوب منابه جاريا فيه مجراه ومتبعا فيه جميع حدوده وما مثله أمير المؤمنين منه وأن يكون إما من أقرباء أمير المؤمنين أو من أفاضل المسلمين
هذا عهد أمير المؤمنين إليك فاعتمد مرضاته باتباعه وتوخ موافقته بالوقوف عندما أمر به وحده ومستشعرا في جميع ذلك خشية الله ومراقبته وفي كل ما يأمر به تقى الله وطاعته وأمير المؤمنين يسأل الله أن يحسن توفيقك وتسديدك وإرشادك لما فيه جمال أمرك وصواب فعلك
نسخة عهد بولاية المعونة والحرب
هذا ما عهد به أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان حين ولاه الحرب والأحداث بناحية كذا وكذا أمره بتقوى الله وخشيته في سر أمره وعلانيته والاعتصام به والعمل بطاعته والإصلاح ما بينه وبينه بالعمل الزكي والخلق الرضي
وأمره أن يتعهد نفسه في تطهير مذهبه والمحافظة على دينه وأمانته والعلم بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله في جميع تصرفه وسائر تقلبه وان أمير المؤمنين لم يوله ما ولاه إلا رجاء أن يكون عنده من الضبط والكفاية والذب والسياسة ما يرأب به أهل العبث والفساد وتصلح معه الرعية والبلاد
وأمره أن يتجنب مساخط الله ومحارمه ويتعدى مناهيه ومأثمه وكف من معه من الجند والحاشية عن التخطي إلى ظلم أحد من الرعية ومساواتهم بأذية وبحضهم على لزوم الاستقامة وسلوك نهج الطاعة ومقارعة أعداء الله في البلاد والتصنع لهم بأفضل العدة والعتاد
وأمره أن يحسن صحبة من تبعه من الجنود بتعهدهم في البعوث وان يكثر عرضهم ويتفقد دوابهم وأسلحتهم وأخذهم باستجادتها والثقة فيها فإن ذلك مما يزيد الله أهل السلامة تمسكا بها وأهل الدعارة تنائيا عنها
وأمره أن يعرف لقواد أمير المؤمنين وشيعته حقوقهم وينزلهم منازلهم ويزيد في إكرامهم ورفع مقاديرهم فإن ذلك مما يشحذ نياتهم ويزيد في بصائرهم
وأمره بأن لا يأخذ أحدا بقرف أو تهمة دون أن يكون من أهل الريب والظنة وأن لا يعاقبه بشبهة دون أن تظهر له الدلائل البينة والعلامات الواضحة وأن لا يأخذ أهل التصون والسلامة بجرائم الدعار وذوي المفسدة
وأمره أن يبسط الأمان لمن أتاه سلما ولا يجعل ذلك إلى الغدر بهم سلما ويحذر أن يسمع عنه من استعمال الحيل والمواربة ما يقابل عليه بالرواغ من واجب المطالبة
وأمره أن يتعهد ثغوره وفروجه وأطرافه ومصالحه ويحترس من اختلال يقع فيها ويوليها من له الحنكة والتجربة بمثلها
وأمره أن يكثر مطالعة أعماله بنفسه وثقات من تبعه وأن يتيقظ في ذلك تيقظا يزيد الريبة ويمنع الغفلة ويصد عن الغرة
وأمره أن لا يمضي حدا أو ينفذ حكما في قود ولا قاص إلا ما استطلع فيه رأي أمير المؤمنين وانتظر من الإجابة ما يكون عليه عمله وعنده وقوفه
وأمره أن يمنع الجند من التنزيل على أحد من الرعية في منزله وأن يشاركوه فيه مع أهله إلا أن يكون ذلك بإذنه وطيب نفسه وأن يتخطوا الزروع أن يطأها أحد منهم بدابته ويجعلها طريقه في مقصده وألا يأخذوا الأتبان من أهلها إلا بأثمان ورضى أصحابها
وأمره أن يتعهد من في حبوسه ويعرضهم ويفحص عن جرائرهم التي من أجلها وقع حبسهم بمشهد من قاضي البلد ونفر من أهل الثقة والنظر فمن كان بريئا أو جرمه لا يوجب إطالة حبسه أطلقه ومن كان من حقه أن بالحبس عن الناس أذاه وشره تعمد في السجن مصلحته ومن أشكل عليه أمره أنهى خبره إلى أمير المؤمنين ليصدر إليه من الرأي ما يكون عمله بحسبه
وأمره أن ينظر فيما لم يكن عهد فيه إليه شيئا مما قبله فليجاره ويستطلع في ذلك من الرأي ما يأتيه الجواب عنه بما يمتثله
وأمره أن يقرأ عهده هذا على من قبله ويعلمهم حسن رأي أمير المؤمنين فيهم وتوخيه صلاحهم وإيثاره الإحسان إليهم والعدل عليهم ورفع الضيم عنهم والمجاهدة لعدوهم والمرماة دونهم هذا عهد أمير المؤمنين إليك وأمره إياك فافهمه وقف عنده وأتبع مواقع الإرشاد منه وكن عند ظن أمير المؤمنين بك وتقديره فيك وما رجاه عندك من النصيحة وتأدية الأمانة ومقابلة الصنيعة وأمير المؤمنين يسأل
الله توفيقك وإرشادك وإحسان معونتك في جميع ما أسنده إليك من أمر حربه وعمله قبلك وكتب فلان بن فلان باسم الوزير واسم أبيه في وقت كذا
نسخة عهد في ولاية ثغر البحر

هذا ما عهد أمير المؤمنين إلى فلان حين ولاه الثغر الفلاني وبحره ومراكبه أمره بتقوى الله وطاعته والحذر من عقابه واتباع مرضاته وإيثار الحق في جميع أفعاله فإن الحق أحرز عصمة ووزر وأحصل موئل وعصر
وأمره بتعهده نفسه حتى يقيم أودها ينفى بذكر الله الهوى وزيغ الشيطان عنها وان يزكي سجيته ويطهرها ويهذب سيرته ويثقفها ويكون لمن معه من الجند وسائر الأولياء في الخير إماما ومعلما وعلى سلوك أفضل المناهج حاضا ومقوما
وأمره أن يلين لأهل الطاعة ويشتد على ذوي المعصية ويعطي على كل حال قسطها من النصفة والمعدلة
وأمره أن يكون الإذن عليه لمن معه من الجند مبذولا والوصول إليه من ذوي الحاجات والظلمات سهلا يسيرا
وأمره أن يستعمل على شرطته من يرضي عقله وعفافه ويثق بجزالته وصرامته وشدته على أهل الريب والدعارة
وأمره أن يديم عرض جنده حتى يعلم علمهم ويطلع على حقيقة أمرهم ويلزمهم مراكبهم
وأمره أن يشرف على مراقبه ومحارسه حتى يحكم أمر المرتبين فيها ويدر عليهم أرزاقهم ولا يتأخر عنهم بشيء منها
وأمره أن يتفقد أمر المراكب المنشأة حتى يحكمها ويجود آلاتها ويتخير الصناع لها ويشرف على ما كان منها في الموانئ ويرفعها من البحر إلى الشاطئ في المشاتي وهيج الرياح المانعة من الركوب فيها
وأمره أن تكون فواثيره وعيونه الذين يبعث بهم ليعرف أخبار عدوه من ذوي الصدق والنصيحة والدين والأمانة والخبرة بالبحر وموانيه ودخلاته ومخابئه حتى لا يأتوا إلا بالصدق من الخبر والصحيح من الأثر وان رهقتم من مراكب العدو ومما لا قوام لكم به فانحازوا إلى المواضع التي يعرفونها ويعلمون النجاة بالانحياز إليها
وأمره أن لا يدخل في النفاطين والنواتية والقذافين ولا في غيرهم من ذوي الصناعات والمهن في المراكب إلا من كان طبا ماهرا حاذقا صبورا معالجا وأن يكون من يحمله معه في المراكب أفاضل الجند وخيار الأولياء أصدق نية واحتسابا وجرأة على العدو وارتكابا
وأمره أن ينظر في صناعة المراكب نظرا يستكشف به آلاتها من الخشب والحديد والمشاقة والزفت وغيره حتى يحكمها ويجيد بناء المراكب وتأليفها وقلفطتها وتركيبها ويستجيد المقاذيف ويجيرها وينتفي الصواري والقلوع وينتخبها ويميز النواتية ويعتمد من له الحذق والدربة منهم والحنكة والتجربة من جميعهم حتى لا يدخل فيهم من لا يصلح دخوله ولا يخلط بهم من يكون غيره أحق بالعمل منه
وأمره أن يحترس من أن تنفذ للعدو حيلة في اجتناب الأسلحة أو شيء من أدوات الحرب والمكيدة من أرض الإسلام أو أن يطلق لأحد من التجار حمل شيء إليهم أو إقامة الطريق إلى بلدهم ومن وجدة قد أقدم على هذا وما جانسه من الناس جميعا عاقبة عقوبة موجعة وجعله نكالا وعظة
وأمره أن يضم المراكب في الموانئ التي ترسو فيها ويولي مراعاتها من يثق بنصيحته وشهامته حتى لا يخرج منها مركب إلا بعلمه ولا يدخل فيها غيرها إلا بإذنه
وأمره أن يحصي ما في الخزائن من الأسلحة ويشرف عليها في كثير من الأوقات حتى تكون على هيئتها مجلوة مسنونة مقومة موصوفة متعاهدة مصونة إلى وقت الحاجة إليها والعمل بها ويشرف على ما فيها من النفط والبلسان والحبال وغيرها من سائر الآلات والأدوات حتى يحتاط في ظروفها وأوعيتها ويأمن الفساد والتغيير عليها
وأمره بشدة الحذر من جواسيس العدو وعيونه وأن يوكل بكل مدينة من يعلم حالها ولا يطلق لأحد من البوابين والحرس أن يدخلها إلا من يعلمون حاله وسبيل مدخله وصورته ومغزاه وإرادته
هذا عهد أمير المؤمنين إليك وأمره إياك فأفهم واعلم عمل بما حده ورسمه وكن عند أحسن ظنه بك في جميعه وهو يسأل توفيقك وإرشادك إلى ما فيه الخير في جميع ما أسنده إليك واعتمد فيه عليك وكتب فلان بن فلان
عهد ولاية البريد
هذا ما عهد عبد الله فلان أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان حين ولاه أعمال البريد بناحية كذا أمره بتقوى الله وطاعته واستشعار خوفه ومراقبته في سر أمره وعلانيته وأن يجري أمره فيما أستكفاه أمير المؤمنين إياه بحسب ما بدأ من الاصطناع وقدره عنده من الكفاية والاطلاع
وأمره أن يوثر الصدق فيما ينهيه والحق فيما يعيده ويبديه وأن يختار من يستعين به في عمله ويشركه في أمانته من يثق بصناعته ونزاهته وطيب طعمته وتحريه الصدق فيما يصدر عن يده ولهجته وأن يكون من يستعمله من أهل الكفاية والغناء دون من يستعمل منهم على العناية والهوى
وأمره أن يعرف حال عمال الخراج والضياع فيما يجري عليه أمرهم ويتتبع ذلك تتبعا شافيا ويستشفه استشفافا بليغا وينهيه على حقه وصدقه ويشرح ما يكتب به منه
وأمره أن يتعرف حال عمارة البلاد وما هي عليه من الكمال والاختلال ويجري في أمور الرعية فيما يعاملون به من الإنصاف والجور والرفق والتعسف فيكتب به مشروحا ملخصا مبينا مفصلا
وأمره أن يتعرف ما عليه أحوال الحكام في أحكامهم وسيرتهم وسائر مذاهبهم وطرائقهم ولا يكتب من ذلك إلا بما يصح عنده ولا يرتاب به
وأمره أن يتعرف حال دار الضرب وما يجري عليه مما يضرب فيها من العين والورق وما يلزمه الموردون من الكلف والمؤن ويكتب بذلك على حقه وصدقه
وأمره أن يوكل بمجلس عرض الأولياء وأعطياتهم من يراعيه ويطالع ما يجري فيه ويكتب بما يقف عليه من الحال في وقته
وأمره أن يكون ما ينهيه من الأخبار شيئا يثق بصحته ولا يدخل شبهة في شيء منه ويوعز إلى خلفائه وأصحابه أن لا ينهوا إليه إلا ما يثبتونه وكانوا على الثقة منه وأن يحتاطوا في ذلك بما يحتاط به في مثله من شهادة فيما يمكن الشهادة فيه وأخذ الخطوط بما يتهيأ أخذها به وإقامة الشواهد والدلائل بما يمكن إقامتها عليه وأن لا يرووا عن شيء لا يعلمونه ولا يحابوا أحدا بستره وأن يكتموا أخبارهم ولا يذيعوها ولا يخلدوا إلى كشفها وإفشائها فإن في ذلك إذا جرى وهنا ولمن أراد الحيلة متطرفا
وأمره أن يمتنع وجميع أصحابه في النواحي وخلفائه عليها من أن يكونوا سببا في محاباة أحد بالشفاعة له أو التوصل إلى دفع حق يجب عليه
وأمره أن يعرض المرتبين لحمل الخرائط في عمله ويكتب بعدتهم وأسمائهم ومبالغ أرزاقهم وعدد السكك في جميع عمله وأميالها ومواضعها ويوعز إلى هؤلاء المرتبين بتعجيل الخرائط المنفذة على أيديهم وفي الموقعين في إثبات المواقيت وضبطها حتى لا يتأخر أحد منهم عن الأوقات التي سبيله أن يرد السكة فيها وأن يفرد لكل ما يكتب فيه من أصناف الأخبار كتبا بأعيانها فيفرد أخبار القضاة وعمال المعادن والأحداث وما يجري مجرى ذلك كتبا وبأخبار الخراج والضياع وأرزاق الأولياء وما يجري من دور الضرب والأسعار وما يقع فيه الحل والعقد والإعطاء والأخذ كتبا ليجري كل كتاب في موضعه ويكتب في بابه فيحصل العمل ويملك نظامه هذا عهد أمير المؤمنين إليك فكن به متمسكا ولما مثله لك ذاكرا وبه آخذا وعليه عاملا والله يوفقك لما يحمده أمير المؤمنين فيك ويرضاه من فعلك ويعلم به صواب اختياره إياك
ولو ذهبت إلى أن أتي في كل وجه من وجوه المكاتبات بمثال لطال الكتاب ولم نأت على آخر الأبواب ولكنا نقتصر على ما مر فإن فيه كفاية ومجزا ولما يأتي مما لم نذكره مثالا ومحتدا إن شاء الله وبه القوة والحول الباب الخامس في ديوان التوقيع والدار
قال أبو الفرج إذا أنهى إلى الخليفة حال من قدم من النواحي عليه يسأل شيئا عن حاجاته عنده كان ذلك من مؤامرة من الوزير إليه منشؤها ديوان الدار باقتصاص المسألة والوقيعة وشرح حالها وما لعله يكون جرى فيها وأخرج من الدواوين فيما سأل والتمس واستطلاع رأيه في ذلك فإذا خرجت هذه المؤامرة موقعا فها بخط الخليفة بإمضاء ما التمسه الملتمس أنشئت والتوقيع فيها في ديوان التوقيع وأنشئ من ديوان التوقيع كتاب إلى صاحب ديوان الدار بنسختها واقتصاص ما تضمنت وأنشئ من ديوان الدار إلى صاحب الديوان الذي تجري المسألة فيه أما إن كان إيغارا أو حطيطة أو تسويغا أو تركة فصاحب الخراج
وإن كانت أقطاعا أو طعمة فصاحب ديوان الضياع أو كانت صلة أو حبوة فصاحب بيت المال أو جاريا في الحشم ومن يجري مجراهم أو إقامة نزل فصاحب ديوان النفقات أو رزقا في الأولياء فصاحب ديوان الجيش كتاب يقال فيه
أما بعد فإنه ورد ديوان الدار كتاب منشؤه من ديوان التوقيع بنسخة مؤامرة في كذا ويقتص ما أقتص في ديوان التوقيع من حال المؤامرة وما تضمنت وما خرج به الأمر وما يؤمر صاحب الديوان الذي يكون العمل فيه بامتثال ما حد ورسم في الكتاب وكتب منشورا ينفذ بعمارة الضياع المقطعة والموغرة وضرب المنار على حدودها حتى لا يدخل فيها غيرها ولا يضاف إليها شيء مما يجاورها والذي يحتاج إليه في هذين الديوانين من الأعمال والكتاب إنما هو من ينشئ ويحرر وينسخ وقد تقدم ذكر الحال في هذه الأعمال ما يستغنى عن إعادته في هذا الموضوع الباب السادس في ديوان الخاتم
قال أبو الفرج هذا الديوان إنما جعل استظهارا لتكون الكتب التي يحتاج إلى ختمها بخاتم أمير المؤمنين تمر به ويثبت فيه ولأن لخاتم الخليفة من الموقع ما ليس لغيره وهو رسم كانت الفرس تجري أمرها عليه لأن الملك منهم إذا أمر بأمر وقعة صاحب التوقيع بين يديه وأثبت في تذكرة عنده
ثم ينفذ التوقيع إلى صاحب الزمام وإليه الختم فينفذه إلى صاحب العمل فيكتب فيه كتابا يبتدأ إثباته في ديوان الأصل ثم ينفد إلى صاحب الزمام ليعرضه على الملك ويقابل به ما في التذكرة ويختم بحضرة الملك أو بحضرة أوثق الناس عنده وأول من استأنف هذا الديوان ورسم هذا الرسم في الإسلام زياد بن أبيه ثم استمر الأمر إلى هذا الوقت فأما الخاتم نفسه فكان نقش خاتم النبي محمد رسول الله وكان أبو بكر
وعمر وعثمان يختمون به فبينما هو في يد عثمان إذ سقط في البئر فنزفت البئر فلم يقدر عليه وذلك في النصف من مدة خلافته فاتخذ خاتما ونقش عليه محمد رسول الله في ثلاثة أسطر قال قتادة ثم ختم به والأمر جاء على ذلك إلى هذا الوقت ويروى أن النبي قال صنعت خاتما ولا ينقش أحد على نقشه \ ح \ وكان رجل يقال له معن بن زائدة نقش في خلافة عمر على خاتم الخلافة فأصاب به مالا من خراج الكوفة فبلغ ذلك عمر فكتب إلى المغيرة بن شعبة وأنفذ رسولا إليه وأمره أن يطيع في الرجل رسوله فلما صلى المغيرة العصر خرج إلى الناس فاشرأبوا ينظرون إليه حتى وقف على معن بن زائدة ثم قال للرسول إن أمير المؤمنين أمرني أن أطيع أمرك فيه فأمر بما شئت قال له الرسول أدع لي بجامعة فلما أتى بها جعلها في عنق معن ثم جذبها جذبا شديدا ثم قال للمغيرة أحبسه حتى يأتيك أمر أمير المؤمنين فيه ففعل وكان السجن يومئذ من قصب فخرج معن من محبسه وشخص
إلى عمر كاتما نهاره سائرا ليله حتى كف الطلب عنه فلما وصل إليه دنا منه وقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله فقال عمر وعليك من أنت قال أنا معن بن زائدة جئتك تائبا قال فلا نجاك الله فلما صلى الصبح قال للناس مكانكم هذا معن بن زائدة أنقش على خاتم الخلافة فأصاب به مالا من خراج الكوفة فما تقولون فقال قائل اقطع يده وقال آخر أصلبه وعلي صلوات الله عليه ساكت فقال له عمر فما تقول يا أبا الحسن قال هذا رجل كذب كذبة عقوبته في بدنه فضربه عمر ضربا مبرحا وحبسه فمكث في الحبس زمانا ثم إنه أرسل إلى صديق له من قريش فكلم عمر فيه فقال عمر ذكرتني الطعن وكنت ناسيا ثم قال علي بمعن فلما أتى به ضربه ثم بعث به إلى السجن فأرسل معن إلى كل صديق له يسألهم إلا يذكروا به عمر فلم يزل محبوسا مدة أخرى ثم إن عمر ابتدأ يذكره من نفسه فدعا به فقاسمه وخلى سبيله الباب السابع في ديوان الفض
قال أبو الفرج منزلة هذا الديوان من الخليفة منزلة مجلس الاسكدار في ديوان الخراج من المتولى له لأن سبيل الكتب الواردة من العمال في النواحي إلى أمير المؤمنين أن يكون ابتداؤها به وخروجها إلى الدواوين منه بعد فضها وأخذ جوامعها ليقرأها الخليفة ويوقع فيها تحت التوقيع فيه بما يراه وهذا رسم كان الأمر جاريا عليه في الأوقات التي كانت الخلفاء فيها تتولى النظر في الكتب بأنفسها فأما الآن فالمتولي لفض الكتب وإخراجها إلى دواوين الوزير وقد انتقل عمل هذا الديوان إلى حضرته وصار المتولى له كاتبا برسمه بذلك في داره والذي يحتاج إليه في هذا الديوان من الكتاب كاتب يكون ما يعمله مثل الذي بينا
إن صاحب مجلس الاسكدار في ديوان الخراج ما يعمله من إنفاذ سراحات بما يرد عليه من الكتب إلى صاحب الديوان على حسب قسمة الدواوين والأعمال وكاتب يعمل جوامع الكتب التي يحتاج إلى عرضها وناسخ ينسخ ما يعمل به من ذلك في هذا الديوان الباب الثامن في النقود والعيار والأوزان وديوان دار الضرب
قال أبو الفرج لما أخذ أمر الفرس يضمحل ودولتهم تضعف وسلطانهم يهن وتدابيرهم تفسد وسياستهم تضطرب فسدت نقودهم فقام الإسلام ونقودهم من العين والورق غير خالصة فما زال الأمر على ذلك إلى أن اتخذ الحجاج دار الضرب وجمع فيها الطباعين فكان المال يضرب للسلطان مما يجتمع له من التبر وخلاطة الزيوف والبهرجة ثم أذن للتجار في أن تضرب لهم الأوراق وأشغل الدار من فضول ما كان يؤخذ من الأجور وختم على أيدي الصناع والطباعين وذلك في سنة خمس وسبعين ثم نقش على الدراهم الله أحد الله الصمد فسميت المكروهة لأن الفقهاء كرهوها ثم لما ولى عمر بن هبيرة العراق ليزيد
بن عبد الملك خلص الفضة أبلغ تخليص وجود الدراهم وأشتد في العيار ثم لما ولى خالد بن عبد الله القسري العراق لهشام بن عبد الملك اشتد في النقود أكثر من اشتداد ابن هبيرة حتى أحكم أمرها أبلغ من أحكامه على الطباعين وأصحاب العيار وقطع الأيدي وضرب الابشار فكانت الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود نقود بني أمية ولم يكن يقبل المنصور من نقودهم في الخراج غيرها فسميت الدراهم الأولى المكروهة ثم جود العيار في أيام الرشيد وأيام المأمون وأيام الواثق حتى كانت الأئمة المعمول عليها في دور الضرب ما جمع عياره من ثلاثة دنانير مضروبة في تلك الأول الثلاث وهي على هذا إلى الآن
فأما الورق فإن الدراهم كانت في أيام الفرس مضروبة على ثلاثة أوزان درهم منها على وزن المثقال وهو عشرون قيراطا ودرهم
وزنه اثنا عشر قيراطا ودرهم وزنه عشرة قراريط فلما احتيج في الإسلام إلى الزكاة أخذ الوسط من مجموع ذلك وهو اثنان وأربعون قيراطا فكانت أربعة عشر قيراطا من قراريط الدينار وكانت الدراهم في أيام الفرس يسمى منها البعض مما وزن الدرهم فيه مساو لوزن الدينار العشرة وزن عشرة ومما الدرهم منه اثنا عشر قيراطا العشرة وزن ستة ومما الدرهم منه عشرة قراريط العشرة وزن خمسة فلما ضربت الدراهم الإسلامية على الوسط من هذه الثلاثة الأوزان قيل في عشرتها وزن سبعة لأنها كذلك
فلهذه العلة يفيد ذكر الأوزان في الصكاك بأن يقال وزن سبعة جريا على المذهب الأول الذي كان يحتاط فيه لوجود الأوزان الثلاثة في الدراهم في ذلك الوقت والآن فما أرى يوجد من الأوزان الأولى شيء
فأما ديوان دور الضرب فأمر العمل فيه جار على نحو مما شرحناه من أمر الدواوين المتقدم ذكرها في نصب الدفاتر ووضع الحسبانات ولكل ناحية من النواحي في أجرة الدار والنقد رسم يجري الأمر عليه ومسلك للأمر في استيفائه بحقه
فأما ديوان الجهبذة فأعماله أيضا نحو أعمال سائر الدواوين المذكورة أحوالها والذي تجري فيه من الأموال هو مال الكسور والكفاية والوقاية والرواج وما يجري مجرى ذلك من توابع أصول الأموال
ثم ما ستزيده شرارة الجهابذة من الفضول على هذه التوابع بسبب إعنات من عليه مال من أهل الخراج ومن يجري مجراهم في النقود والصروف وما يرتفقون به من التأخيرات والتقديم عن من يتعذر عليه أداء في وقت المطالبة ويخرجونه في وجوه النفقات فإن بعضهم لما وجد ذلك في بعض لنواحي زاد في ضمان الجهبذة بتلك الناحية على من هو ضامن لها ووقع التزايد في هذه الوجوه بالظلم والعدوان على الرعية وسائر من يقام لهم الجاري وتطلق لهم النفقة حتى تراقى مال الجهبذة إلى جمل وافرة المبلغ أصل أكثرها عدوان ثم قد زال أكثر ذلك في هذا الوقت لطول الأصول فضلا عن التوابع الباب التاسع في ديوان المظالم
قال قدامة هذا الديوان سبيله أن يتقلده رجل له دين وأمانة وفي خليقته عدل ورأفة ليكون ذلك منه نافعا للمتظلمين وأن يعمل بجميع القصص جامعا يعرض على الخليفة في كل جمعة فإذا قعد للناس وكان ممن له صبر على تأمل القصة والتوقيع عليها فعل ذلك وألا علق صاحب الديوان عليها رقعة فيها مجموعها لينظر في المجموع ويوقع على القصة بما يوجبه الحكم حتى إذا انقض المجلس الذي يجلسه الخليفة أو من يقوم مقامه أخذ جميع القصص مجموعاتها وأثبت المجموعات في الديوان وذكر أسماء الرافعين وأثبت التوقيعات على قصصهم ثم دفعت القصص بعد ذلك إليهم لئلا يجري في الرقائع حيلة أو تزوير فإن عاود المتظلم مرة أو مرتين أو ثلاثا فصاعدا أثبت جميع أمره في موضع واحد حتى إذا طولب بإخراج حالة من ديوان المظالم وجد أمره كله منسوقا مجموعا في موضع واحد وأخرجها صاحب الديوان من غير كلفة ويكون في هذا
الديوان من يثبت ذلك في شبيه بالمعاملة وناسخ ينسخ مجموعات القصص أو القصص بأعيانها حرفا حرفا ومنشئ يأخذ جوامع القصص عند الحاجة إلى العرض ومحرر يحرر ذلك ويحرر أيضا ما يحتاج إلى الكتاب فيه إلى كل واحد من أصحاب الدواوين أو أصحاب المعونة أو القاضي أو من جرى مجراهم الباب العاشر في كتابة الشرطة والأحداث
قال أبو الفرج ليس يسع لكاتب أن يتعرض للكتابة في شيء من ذلك دون أن يكون قد جمع إلى بعض ما قدمناه من فنون الكتابة الاضطلاع من الحكم الذي يحتاج إلى أن يمر به في الشرطة على ما إذا مر به لم يكن غريبا فيه وذلك أن أكثر عمله مجازاة الجناة على جناياتهم فمنها وهو ما للسلطان أقامته على الجناة في الحياة الدنيا دون مجازاة الله في الآخرة وهو القود والقصاص والحدود في القتل وسائر الجنايات أو المطالبة بالدية والارش ممن يقبل ذلك منه ان لم يقع العفو من المجني عليه وأوليائه أو الصلح
فلنبدأ بأول الجنايات وأغلظها وهو القتل فنقول أن القتل على ثلاثة أوجه يكون أحدها العمد والثاني الشبيه بالعمد والثالث الخطأ فأما العمد فهو ما تعمد به المقتول من الضرب بالحديد أو السلاح أو غير ذلك مما فيه دليل على اعتماد النفس
وأما شبيه العمد فهو ما تعمد المقتول به من عصا أو سوط أو حجر أو غير ذلك مما أشبهه
وأما الخطأ فهو ما أصاب المقتول مما تعمد به غيره وليس القود في جميع ذلك إلا في العمد وحده وجاء عن النبي قال لا قود إلا بالسيف فأما شبه العمد ففيه الدية على عاقله القاتل وعلى القاتل الكفارة وهو ما قاله الله تعالى ( ! ( فتحرير رقبة ) ! فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) وكذلك في الخطأ أيضا ولو أن جماعة اشتركوا في قتل رجل تعمدا لكان على جميعهم القود
وإذا قتل الحر المملوك فإن عليه القصاص لقول الله تعالى ( ^ النفس
بالنفس ) وكذلك المرأة إذا قتلت الرجل عمدا والرجل يقتل المرأة عمدا
وإن اشترك الرجال والنساء في قتل عبد أو صبي أو امرأة عمدا فإن عليهم جميعا القصاص وإذا قتل الرجل المسلم رجلا من أهل الذمة عمدا فإن عليه القصاص فيه أيضا وقد أقاد رسول اله رجلا مسلما برجل من أهل الذمة وقال أنا أحق من وفى بذمته
وإذا اجتمع نفر من المسلمين على قتل رجل من أهل الذمة فإن على جميعهم فيه القصاص ولا قصاص بين الصبيان بعضهم في بعض وإذا جنى الصبي على رجل في النفس أو في ما دونها فلا قود ولا قصاص عليه لأن عمد الصبي خطأ وكذلك المجنون إذا أصاب في حال جنونه
فأما في حال صحته فهو والصحيح سواء وجميع جنايات الصبيان والمجانين في حال جنونهم يعقله العاقلة ولا يقتص الرجل من أبيه ولا من أمه ولا من جده ولا من جدته في العمد ولا في الخطأ وإنما يلزم كل واحد منهم أرش الجناية في ماله
فأما ما دون النفس من الجنايات فالقصاص فيها إذا كانت عمدا على المماثلة الشيء بمثله إلا أن يكون ذلك في عظم يخاف فيه من القصاص التلف فإن السنة جاءت بأن لا قصاص في عظم ما خلا السن وجميع الشجاج فيها قصاص إلا الهاشمة والمنقلة والأمة لقلة بلوغ هذه الشجاج إلى العظم ولا قصاص بين العبيد والأحرار ولا بين العبيد بعضهم ولا بين النساء فيما دون النفس ولو اجتمع جماعة على جناية فيما دون النفس من رجل لم يكن على واحد منهم مثل الذي على الآخر من القصاص كما كان ذلك في النفس بلى عليهم الارش في أموالهم
وإذا قطع الرجل يدا لرجل من نصف الساعد أو رجله من نصف الساق فلا قصاص في ذلك لأنه من غير مفصل وعليه فيه الدية وحكومة عدل فيما قطعه من المفصل على المفصل وإذا اقتص لرجل من آخر في يد أو عين أو شجة فمات المقتص منه فإن ديته على عاقلة المقتص له وإن قطع الرجل الواحد يد رجلين اليمنى والشمال فعليه أن تقطع يداه كلتاهما فإن قال إني قطعت اليمنى من كل واحد فعليه أن تقطع يمينه لهما جميعا وتكون دية اليد الأخرى في ماله لهما جميعا نصفين بينهما
وإذا حضر أحدهما قبل الآخر فأراد أن يقتص له فعل ذلك ولم ينتظر الذي لم يحضر لأنه ليس في هذا شركة فإذا حضر المتأخر بعد ذلك كانت له الدية في مال القاطع الأول وإذا أغرق الرجل رجلا فلا قصاص عليه وعلى عاقلته الدية من قبل أنه كان يجوز أن يفلت من الماء ولا يجر مجرى العمد ولو أن رجلا خنق رجلا حتى مات أو طرحه في بئر فمات أو ألقاه من أعلى جبل أو سطح فمات لم يكن عليه القصاص وكانت الدية على عاقلته فإن كان خناقا معروفا فعليه القصاص وكذلك لو سقى رجل رجلا سما فقتله لم يكن عليه فيه قصاص وكانت الدية على عاقلته ولو أنه أعطاه إياه فشربه هو لم يكن عليه في ذلك ولا على عاقلته شيء من قبل أنه لم يكرهه على شربه
وأما الديات ففي النفس الدية موفرة وكذلك في المازن وهو كلما دون قصبة الأنف وفي اللسان كله وفي بعضه أيضا إذا منع الكلام الدية وفي الذكر الدية كاملة وكذلك في الحشفة وفي الصلب إذا منع الجماع أو جدب فإن عاد إلى حاله فلم ينقصه ذلك شيئا ففيه حكم عدل
وفي الرجل إذا ضرب على رأسه فذهب عقله الدية كاملة وفي إحدى العينين أو الأذنين أو الشفتين أو الحاجبين إذا لم ينبتا أو اليدين أو الرجلين أو الاثنتين وغير ذلك مما في الإنسان منه اثنان نصف الدية وفي الاثنتين الدية كاملة وفي كل أصبع من الأصابع عشر الدية وفي كل مفصل من الأصابع نصف دية الأصبع وفي كل سن نصف عشر الدية
والشجاج مختلفة فيها الدامية وهي التي تدمي الرأس وفيها حكم عدل الباضعة وهي التي تبضع اللحم ومنزلتها فوق منزلة الدامية وفيها حكم عدل بأكثر من ذلك والسمحاق وهي التي فوق هاتين إنما بينها وبين العظم جلدة فيها حكم عدل بأكثر من حكم الأوليتين وفي الموضحة وهي التي توضح العظم نصف عشر الدية وفي الهاشمة وهي التي تهشم العظم عشر الدية وفي المنقلة وهي التي تخرج منها العظام عشر ونصف عشر الدية والآمة وهي التي تصل إلى الجوف تسمى أيضا الجائفة فيها ثلث الدية فإن نفذت ففيها ثلثا الدية ودية المرأة في النفس وفيما دون ذلك نصف دية الرجل وإذا ضرب الرجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا غلاما أو جارية فعليه غرة عبد أو أمة أو عدل خمسمائة درهم وفي ثدي المرأة إذا قطعا الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية وكذلك في الحلمتين وذكر الخصي وذكر العنين ولسان الأخرس واليد الشلاء والرجل العرجاء والعين العوراء حكم
عدل كذلك في الضلع والترقوة إذا كسرا وما جرى مجراهما حكم عدل
وإذا أصاب الرجل ابنه عمدا أو خطأ فلا قصاص عليه في ذلك فإن كان عمدا ففي ماله الدية وان كان خطأ فعلى العاقلة وعليه الكفارة وكذلك فيما دون النفس فإن عليه فيه الارش وإذا سقط إنسان على آخر من فوق فقتله فهذا خطأ والدية على عاقلته والديات فمبالغها كاملة أما في العين فألف دينار وفي الورق عشرة آلاف درهم وفي الإبل مائة وفي الغنم ألف وفي البقر مائتا بقرة وعلى أهل الحجاز مائتا حلة وإنما يؤخذ اليوم من ذلك أجمع بالذهب والفضة والإبل
فأما سوى ذلك فلا ولا تعقل العاقلة إلا في خمسمائة فما فوق
والدية إذا لم يكن صلحا تؤدي في ثلاث سنين والعاقلة عشيرة الرجل الجاني فمن له ديوان النساء والذرية ولا يلزم الواحد من العاقلة إلا ثلاثة دراهم إلى الأربعة فان زاد قسط الرجل على ذلك أدخل معهم أقرب القبائل إليهم فأما الشهادات فإنه لا يجوز شهادة الأعمى على عمد ولا خطأ ولا شهادة النساء كان معهن رجل أو لم يكن في العمد ولا فيما يوجب القصاص ولا يجوز قبول شهادة على أخرى وكتاب من قاض وذلك كله في النفس وفيما دونهما سواء وإذا شهد شاهدان على رجل بالعمد حبس حتى يزكيا فإذا زكيا بالعمد قتل وان كانا إنما شهدا بالخطأ قضى عليه عاقلته بالدية
ويحبس القاتل بعد أن يقرر أو يعاقب حتى يجد توبة ويحدث خيرا وكذلك الجراحات وكلما دون النفس بمنزلة ما في جميع ما ذكرنا وإذا وجد القتيل في محلة قوم فعليهم أن يقسم منهم خمسون رجلا ممن يختار أولياء القتيل من صالحي العشيرة أنهم ما قتلوا ولا علموا قاتلا ثم يغرمون الدية تغرمة العاقلة وهم أهل الديوان في ثلاث سنين فإن لم يكمل العدد خمسين رجلا كرر عليهم الإيمان حتى يكمل خمسين يمينا وإذا وجد القتيل بين القريتين أو السكتين فإن يقاس إلى أيهما كان أقرب فإن عليهم القسامة والدية وإذا وجد القتيل في سوق المسلمين أو في مسجد جماعتهم فهو على بيت المال وليس فيه قسامة وإن كانت مدينة لا قبائل فيها معروفة ووجد في بعضها قتيل كان على أهل المحلة الذي يوجد ذلك القتيل بين أظهرها القسامة والدية فإن أبوا أن يقسموا حبسوا حتى يقسموا خمسين يمينا بالله ما قتلوا ولا علموا قاتلا ثم يغرمون الدية فأما حدود السراق وقطاع الطريق فإن السارق الذي يجب عليه القطع هو الذي يأخذ ما يسرقه من حرز وعليه القطع إذا أقر فقوم قالوا مرة وقوم قالوا مرتين فيما قيمة ربع دينار فصاعدا تقطع
يده اليمنى من الزند وقال قوم من أصول الأصابع فإن عاد ثانيا قطعت رجله اليسرى فإن عاد ثالثة استودع الحبس ولم يقطع شيء من أداته لأن ذلك غاية النكال ولم يعطل له شق بأسره وكذلك إن سرق وكانت يده اليسرى شلا لم تقطع اليمنى وحبس حتى يظهر توبته وإذا ظفر بالسارق ومعه سرقته أخذت منه وقطع فإن كان قد استهلكها أو هلكت منه قطع ولم يضمن لأنه لا يجتمع حد وضمان وإن عفا عنه المسروق منه قبل أن يرفعه أو وهب له ما سرقه هبة صحيحة بطل القطع
وإن كان ذلك بعد ارتفاعه إلى السلطان لم يقبل لأن النبي قال تعافوا عن الحدود ما لم ترفع فإن كان مع ما فعل قتل فإن الإمام في ذلك بالخيار إن شاء قطع يده ورجله من خلاف وان أدخل السارق يده في بيت المال فأخذ مما فيه شيئا قطع وان أدخل يده في كم إنسان أو في صندوق ظاهر فأخذ منه شيئا قطع وان أخذ السارق جمارا من نخلة أو ثمرة منها فإنه لا يقطع للحديث المروى عن النبي أنه قال لا قطع في ثمر ولا كثر والكثر الجمار
ومن سرق من أبيه أو من رحم يجب عليه نفقته أو من سارق فإن ذلك لا يجب فيه القطع
وأما من أخاف السبيل فإن في ذلك أحكاما منها أنه أخاف السبيل ولم يأخذ مالا ولم يقتل فإنه أن ظفر حبس لقول الله تعالى ( ^ أو ينفوا من الأرض ) فإن أخذ مع ذلك مالا تبلغ قيمته عشرة دراهم فصاعدا فإنه تقطع يده ورجله من خلاف وصلبه وقتله على الخشبة وان شاء أن يقتله من غير قطع أو صلب فعل وقطع الطريق إنما يكون بحيث لا يجاب فيه الصريخ فأما في الأمصار أو ما يقرب منها فليس ذلك عندهم بقطع للطريق إلا أن يكون ما يفعل منه ليلا وان تاب قطاع الطريق من قبل أن يقدر عليهم السلطان فلا حكم عليهم من جهته
فأما من قتل وجنى عليه فلهم أن يفعلوا في ذلك ما شاءوا
وأما حد الزنا فعلى البكر بالبكر جلد مائة لكل واحد منهما وعلى المحصن بالمحصن الرجم والإحصان هو أن يتزوج الرجل المسلم البالغ الحر حرة مسلمة ويدخل بها بعد البلوغ ولا تقام الحدود عليها في الزنا إلا بعد أن يقر بالزنا أربع مرات في أربعة أوقات وبعد أن يسأل عن الزنا ما هو فإذا أثبته وعرفه ولم يكن به لوثة في عقله أقيم حينئذ الحد عليه فإن رجع تحت الحجارة أو هرب ترك لقول النبي في ماعز بن مالك إلا تركتموه فإذا أنكر من أول وهلة وجحد لم يجب عليه شيء إلا أن يقوم عليه بينة وهو أربعة نفر من العدول يشهدون عليه في وجهه ويصرحون بأنهم رأوه ويصفون الزنا ويثبتونه فإذا فعلوا ذلك بدأ الشهود بالرجم ثم الإمام ثم سائر الناس وإن رجع الشهود بعد ما قتل المرجوم وجبت عليهم ديته وان رجعوا قبل إقامة الحد عليه جلدوا لأنهم قذفوه ويدرأ عنه الحد
وعلى العبد والأمة في الزنا جلد خمسين لكل واحد منهما ومن زنا بامرأة
على سبيل الاستكراه وجب عليه الحد دونها وإذا زنا الرجل بامرأة فانزل دون الفرج فعليه التعزير ومبلغ التعزير على ما فيه الاختلاف تسعة وسبعون سوطا وأيما شهود شهدوا على حد تقادم فليسوا بشهود ولا تقبل شهادتهم لأنهم يشهدون بضعن ومن فعل فعل قوم لوط وهو إتيان الذكور في أدبارهم فعليه القتل والرجم
وروي عن ابن عباس انه قال يرمى به من أعلى بيت في القرية ثم يتبع الرجم وروى عن أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه أنه هدم حائطا عليه ومن وجد يأتي بهيمته فعليه التعزيز والسنة أن تذبح البهيمة فأما حد المفتري وهو قذف المسلم بالغاية فإنه يجلده ثمانين إذا طلب المقذوف ذلك وقامت له البينة ومن قال لرجل يا فاسق أو يا فاجر أو يا خبيث أو ما أشبه ذلك فإنه يعزر ومن قال لمسلم يا يهودي أو يا نصراني وما جرى هذا المجرى فليس في ذلك حد ولكنه يؤدب فهذه جملة مقنعة للكاتب أن يعلمها إذا كان لا يسعه أن يجهل هذا المقدار فأما أن أتي بشيء من تصاريف هذه الأحوال وهي كثيرة فيحتاج في ذلك إلى الفقهاء الباب الحادي عشر في ديوان البريد والسكك والطرق إلى نواحي المشرق والمغرب
قال أبو الفرج يحتاج في البريد إلى ديوان يكون مفردا به وتكون الكتب المنفذة من جميع النواحي مقصودا بها صاحبه ليكون هو المنفذ لكل شيء منها إلى الموضع المرسوم بالنفوذ إليه ويتولى عرض كتب أصحاب البريد والأخبار في جميع النواحي على الخليفة أو عمل جوامع لها ويكون إليه النظر في أمر الفروانقيين والموقعين والمرتبين في السكك وتنجز أرزاقهم وتقليد أصحاب الخرائط في سائر الأمصار والذي يحتاج إليه في هذا الديوان هو أن يكون ثقة أما في نفسه أو عند الخليفة القائم بالأمر في وقته لأن هذا الديوان ليس فيه من العمل ما يحتاج معه إلى الكافي المتصفح وإنما يحتاج إلى الثقة المتحفظ والرسوم التي يحتاج إليها من أمر الديوان هو ما يقارب الرسوم التي بيناها في غيره مما يضبط به أعماله وأحواله فأما غير ذلك من أمر
الطرق ومواضع السكك والمسالك إلى جميع النواحي فإنا لم نذكره ولا غنى بصاحب هذا الديوان أن يكون معه منه ما لا يحتاج في الرجوع فيه إلى غيره وما إن سأله عنه الخليفة في وقت الحاجة إلى شخوصه وإنفاذ جيش يهمه أمره وغير ذلك مما تدعو الضرورة إلى علم الطرق بسببه وجد عتيدا عنده ومضبوطا قبله ولم يحتج إلى تكلف عمله والمسألة عنه فينبغي أن تكون الآن نأخذ في ذكر ذلك وتعديده بأسماء المواضع وذكر المنازل وعدد الأميال والفراسخ وغيره من وصف حال المنزل في مائة وخشونته وسهولته أو عمارته أو ما سوى ذلك من حاله
ونبدأ بالطريق المأخوذ فيه من مدينة السلام إلى مكة وهو المنسك الأعظم وبيت الله الأقدم ونأخذ بعد البلوغ إليه بذكر ما بعده من الطريق إلى اليمن ثم في سائر الجهات المقاربة له وتسميته إن شاء الله
فمن مدينة السلام إلى جسر كوثي على نهر الملك سبعة فراسخ
ومن جسر كوثي إلى قصر ابن هبيرة خمسة فراسخ ومن قصر ابن هبيرة إلى سوق أسد سبعة فراسخ ومن سوق أسد إلى شاهي خمسة فراسخ ومن شاهي إلى مدينة الكوفة خمسة فراسخ ومن الكوفة إلى القاسية خمسة عشر ميلا ومن القاسية إلى العذيب ستة أميال العذيب كانت مسلحة بين العرب وفارس في حد البرية وبها حائطان متصلان من القادسية إلى العذيب ومن الجانبين كليهما نخل وإذا خرج منه الخارج دخل المفازة ومن العذيب إلى المغيثة وفيها برك أربعة عشر ميلا ومن المغيثة إلى القرعاء وهي منزل وفيه آبار اثنان وثلاثون ميلا ومن القرعاء إلى
واقصة وفيها برك وآبار أربعة وعشرون ميلا ومن واقصة إلى العقبة وفيها آبار ومنزل تسعة وعشرون ميلا ومن العقبة إلى القاع أربعة وعشرون ميلا ومن القاع إلى زبالة وهي عامرة كثيرة الأهل أربعة وعشرون ميلا ومن زبالة إلى الشقوق وفيها برك ثمانية عشر ميلا ومن الشقوق إلى قبر العبادي وفيها برك تسعة وعشرون ميلا ومن قبر العبادي إلى الثعلبية تسعة وعشرون ميلا ومن الثعلبية إلى الخزيمية وبها ضيق في الماء ثلاثة وثلاثون ميلا والخزيمية مدينة عليها سور وبها منبر وحمام وبرك وسميت الخزيمية لأن خزيمة حير فيها سواني وكانت تسمى زرود ورملها أحمر ومن الخزيمية إلى الأجفر أربعة وعشرون ميلا ومن الأجفر إلى فيد وهي منزل العامل وفيها قناة وزروع ومنبر ستة وثلاثون ميلا ومن فيد إلى ثوز وفيها برك وآبار وحصن بناه أبو دلف ثلاثة وثلاثون ميلا ومن ثوز إلى سميراء وفيها برك ستة عشر ميلا ومن سميراء إلى الحاجز وفيها برك وآبار ثلاثة وعشرون
ميلا ومن الحاجز إلى معدن النقرة وفيها آبار وبرك سبعة وعشرون ميلا ومن النقرة إلى مغيثة الماوان سبعة وعشرون ميلا ومن مغيثة إلى الربدة وماؤها كثير وفيها منبر أربعة وعشرون ميلا ومن الربذة إلى معدن بني سليم وفيها آبار وبرك تسعة عشر ميلا ومن معدن بني سليم إلى العمق ستة وعشرون ميلا ومن العمق إلى أفياعية وهي قليلة الماء اثنان وثلاثون ميلا ومن أفياعية إلى المسلح وهي كثيرة الماء أربعة وثلاثون ميلا ومن المسلح إلى الغمرة وهي كثيرة الماء ومنها يعدل إلى اليمن ثمانية عشر ميلا ومن الغمرة إلى ذات عرق وهي كثيرة الماء ومنها يقع الإحرام ستة وعشرون ميلا
فإن رجعنا إلى النقرة فمن النقرة إلى العسيلة وهي ضيقة الماء ستة وأربعون ميلا ومن العسيلة إلى بطن النخل وهي كثيرة الماء والنخل ستة وثلاثون ميلا ومن بطن النخل إلى الطرف اثنان وعشرون ميلا ومن الطرف إلى المدينة خمسة وثلاثون ميلا
وأما الطريق من المدينة إلى مكة فمن المدينة إلى الشجرة وفيها آبار وبرك وليست بمنزل ولكنها منها يقع الإحرام ستة أميال ومن الشجرة إلى ملل وبها آبار اثنا عشر ميلا ومن ملل إلى السيالة وبها ماء وتباع بها الشواهين والصقور تسعة عشر ميلا ومن السيالة إلى الرويثة وبها أحساء أربعة وثلاثون ميلا ومن الرويثة إلى السقيا وبها شجر وماء جار ستة وثلاثون ميلا ومن السقيا إلى الأبواء وفيها آبار ومزارع
تسعة وعشرون ميلا ومن الأبواء إلى الحجفة وبها آبار وهي فرضة البحر سبعة وعشرون ميلا ومن الحجفة إلى قديد وبها آبار لماء السبيل ستة وعشرون ميلا ومن قديد إلى عسفان وبها آبار أربعة وعشرون ميلا ومن عسفان إلى بطن مر وبها نخل وزرع وبركة يجري إليها الماء من جبل ستة عشر ميلا وبطن مر قرية عظيمة كثيرة الأهل والمنازل وعلى أربعة أميال منها قبر ميمونة زوجة النبي وعلى ستة أميال من ذلك مسجد عائشة ثم إلى مكة ستة أميال ومنها يحرم أهل مكة وهو حد الحرم فمن بطن مر إلى مكة ستة عشر ميلا
ومن مكة طريق الطائف ثلاث مراحل ومن مكة إلى بئر ابن المرتفع ومن بئر ابن المرتفع إلى قرن المنازل قرية يحرم أهل اليمن يعدل منها إلى الطائف يمنة ومن يخرج من مكة يريد الطائف يأتي عرفات ثم يجوز منها إلى بطن نعمان جبلا يقال له نعمان السحاب لأن السحاب أبدا عليه ثم يصعد منه عقبة فإذا استوى عليها الصاعد أشرف على الطائف ثم ينحدر ويصعد أيضا عقبة خفيفة تسمى تنعيم الطائف
ومن الغمرة تعدل إلى اليمن فمن الغمرة إلى الجدد اثنا عشر ميلا وهو موضع البريد ومنقسم القوافل وليس فيه إلا بئر واحدة ونخل وزرع تستقي منها الإبل وهي موضع يسر مولى عثمان بن عفان ومن
الجدد إلى الفتق ومن الفتق إلى تربة وهي قرية عظيمة بها عيون جارية وزروع وهي قرية خالصة مولاة المهدي ومن تربة إلى صفر وهي منزل فيه داران لصاحب البريد في الصحراء وفيه ماء عذب من بئرين ومن صفر إلى كرا منزل فيه نخل وعين عذبة وليس إلا منزل صاحب البريد ومنزل القوافل وهو في بطن واد كثير النخل ومن كرا إلى رنية منزل في صحراء ونخل كثير وعين عظيمة عذبة والعمران حولها على دعوة ومن رنية إلى تبالة قرية عظيمة كثيرة الأهل مضرية لقيس وفيها منبر وعيون وآبار ومن تبالة إلى بيشة قرية عظيمة كثيرة الأهل في بطن الوادي ظاهرة الماء من عيون وآبار مضرية قيسية ومن بيشة إلى جسداء منزل أعراب من قيس ومن جسداء إلى بنات حرم قرية عظيمة فيها منازل كثيرة وزروع والماء من عين وبئر عذبة ومن بنات حرم إلى سميص منزل في صحراء فيه بئر واحدة عذبة وليس به أهل وحوله أعراب من خثعم وبينها وبين جرش نحو أربعة عشر ميلا ومنه إلى كثبة قرية عظيمة ومنازل وقصور وآبار في صحراء بينها وبين جرش ثمانية أميال ومن كثبة إلى الثجة موضع البريد وفيه بئر ماء تنزله القوافل وهو في بلاد زبيد وحوله أعرابهم ومن الثجة إلى شروم راح وهي قرية عظيمة في صحراء فيها عيون كثيرة الكروم فيها فخذ من همدان يقال لهم جنب ومن شروم راح إلى المهجرة وهي قرية عظيمة جبلية كثيرة العيون والأهل وفيما بينها وبين شروم راح
شجرة تسمى طلحة الملك وهذه الشجرة حد ما بين اليمن والحجاز وهي شجرة تشبه شجرة الغرب إلا أنها أعظم وكان النبي حجز بها بين اليمن ومكة ومن المهجرة إلى عرفة منزل في جبل فيه أعراب من خولان والماء فيه ربما قل وربما كثر وهي أول عمل اليمن وإلى عمل صعدة ومن عرفة إلى صعدة وهي قرية عظيمة فيها منبر ومسجد وتجار كثير وبها يعمل دباغ اليمن من الأدم والنعال وأكثر تجارهم من أهل البصرة
وطريق منها للبصريين يرجع إلى الركيبة ثم إلى صعدة ولصعدة مخاليف وهي كثيرة القرى ومن صعدة إلى الأعمشية منزل في جبل ليس فيه أهل وماؤهم من عين صغيرة تحت شجرة وحوله حي من همدان ومن الأعمشية إلى خيوان قرية عظيمة فيها جامع ومنبر وأهل كثير وفيها كروم يوصف بكبر العناقيد جبلية والماء من السماء وأهلها من بكيل ومن خيوان إلى أثافت وهي قرية عظيمة فيها منبر وأهلها جشميون وسوقها يقوم يوم الجمعة وفيها زروع وكرم وماء الشرب من بركة ومن أثافت إلى ريدة قرية عظيمة فيها منبر وهي كثيرة الأهل والكروم والزروع والعيون والكلأ في بطن واد وعملها فيه مخاليف ومن ريدة إلى صنعاء قصبة اليمن وهذا الطريق هو الذي عليه الأميال وهو طريق العوامل والعمال وان رجل من يريد مكة إلى بئر الحذاء منزل ليس فيه إلا بئر واحدة ومن بئر الحذاء إلى قرية عظيمة عامرة وهي التي يحرم منها أهل اليمن
وماؤها واد جرار وهي قرشية تسمى قرن ثم من قرن فنواصل الطريق وقد كتبنا الطريق من الكوفة إلى مكة
فأما من البصرة الحفير ثم إلى ماويه ثم إلى ذات العشر ثم إلى الينسوعة ثم إلى السمينة ثم إلى النباج ثم إلى العوسجة ثم إلى القريتين ثم إلى رامة ومن النباج طريق إلى النقرة ومن رامة إلى إمرة ثم إلى ضرية ثم إلى جديلة ثم إلى فلجة ثم إلى الدفينة ثم إلى قباء ثم إلى مران ثم إلى وجرة ثم إلى أوطلس ثم إلى ذات عرق ثم إلى فلجة ثم إلى الربيبة ثم إلى بستان ابن عامر ثم إلى مكة
فأما من مصر إلى مكة فمنازلها على التوالي على ما نصفه الفسطاط الجب البويب منزل ابن بندقة عجرون الربيبة الكرسي الحفر منزل أيلة شرف ذي النمل مدين الأغراء منزل الكلابة شعب بني السرحتين البيضاء وادي القرى الرحيبة ذو المروة السويداء خشب المدينة
فأما من أخذ على طريق الساحل فإذا صار إلى شرق ذي النمل صار إلى الصلا ثم إلى البنك ثم إلى ضبة ثم إلى عوتيد ثم إلى الرحبة ثم إلى منخوس ثم إلى التحريم ثم إلى الأحساء ثم إلى ينبع ثم إلى مسئولان ثم إلى الجار ومن الجار إلى المدينة مسيرة يومين
فأما من دمشق إلى مكة فالمنازل منها إلى ذات المنازل ثم سرغ ثم تبوك ثم المحدثة ثم الأقرع ثم الجنينة ثم الحجر ثم وادي القرى ثم المدينة
وأما الطريق من اليمامة إلى مكة فمنها إلى القريض وإلى حديقة وإلى السيح وإلى الثنية العقاء وإلى سقيراء وإلى السد وإلى مرارة وإلى سويقة وإلى القريتين من طريق البصرة ومن اليمامة طريق آخر إلى مانص وباحة الزلف منزل مصاة أهل الجوف ماوية من طريق البصرة
وأما من صنعاء إلى مكة على المنازل فمنها إلى الرحابة ثم إلى قرية رافدة ثم خيوان ثم إلى صعدة ثم النضح ثم القصبة ثم الثجة ثم كثبة ثم بنات حرم ثم جسداء ثم بيشة ثم تبالة ثم رينة ثم الزعراء ثم صفر ثم الفتق ثم بستان ابن عامر ثم مكة
وأما من مخلاف خولان إلى مكة فمنه إلى ذي سحيم ثم القريتين ثم بيشة ثم ضنكان ثم حلى ثم بيشة ابن جاوان ثم عليب ثم الليث ثم منزل ثم يلملم ثم ملكان ثم مكة
وأما من عمان إلى مكة فعلى طريق الساحل المنازل فرق عركلان ساحل مناة بلاد الشحر مخاليف كندة مخاليف عبد الله بن مذحج مخلاف لحج أبين عدن مغاص اللؤلؤ مخلاف بني مجيد المنجلة مخلاف الركب المندب مخلاف ربيع زبيد مخلاف عك الحردة مخلاف الحكم عثر
فمن أراد طريق الجادة أخذ من عثر إلى القريتين ثم جاز على طريق الجادة المخاليف ومن أراد الساحل أخذ من عثر إلى مرسى ضنكان ثم مرسى حلي ثم السرين ثم أغيار ثم الهرجان ثم الشعيبة ثم منزل ثم جدة ثم مكة
وأما من أراد الطريق من اليمامة إلى البصرة فمنازل الطريق النباك سليمة منزل جب التراب ثلاثة منازل الصمان طخفة القرعاء ثلاثة منازل كاظمة ومنزل البصرة
والمنازل من اليمامة إلى اليمن الخرج نبعة المجازة المعدن الشفق الثور الفلج الصفا بئر الآبار نجران الحمى برانس مريع المهجرة السبخة وهي بين قطر والعقير ساحل هجر حمض مسيلحة القرنتين حسان خليجة المعرس عثمان البعد الزابوقة عرفجا الحدوثة عبادان
وإذ قد ذكرنا الطريق إلى مكة من كل جهة واتبعنا ذلك بالطريق إلى أكناف الجنوب مثل اليمن وما يتصل بها من اليمامة وعمان والبحرين وما يقرب من تلك الجهات فلنتبع ذلك بالطريق إلى ما تنحرف إليه تلك الجهات من نواحي المشرق وهي الأحواز وفارس وأصبهان وكرمان وسجستان وما والاها
ولنبدأ بمدينة السلام فمنها إلى كلواذي فرسخان وإلى المدائن خمسة فراسخ وإلى سيب بني كوما سبعة فراسخ وإلى النعمانية أربعة فراسخ وإلى جبل خمسة فراسخ وإلى نهر سابس سبعة فراسخ وإلى فم الصلح خمسة فراسخ وإلى واسط سبعة فراسخ فذلك من واسط إلى مدينة السلام خمسون فرسخا
ومن واسط إلى الرصافة عشرة فراسخ وإلى القطر اثنا عشر فرسخا وإلى نهر معقل ستة فراسخ وإلى مدينة البصرة أربعة فراسخ فذلك من واسط إلى البصرة خمسون فرسخا
ومن البصرة إلى الأبلة أربعة فراسخ ومن الأبلة إلى بيان خمسة فراسخ ومن بيان إلى حصن مهدي على الظهر ستة فراسخ وفي الماء على نهر الجديد ثمانية فراسخ ومن حصن مهدي إلى سوق الأربعاء أربعة فراسخ ومن سوق الأربعاء إلى المحول ستة فراسخ ومن المحول إلى دولاب ثمانية فراسخ ومن دولات إلى سوق الأحواز فرسخان فذلك من البصرة إلى سوق الأحواز ستة وثلاثون فرسخا
ومن سوق الأحواز إلى حويرول فرسخان ومن حويرول إلى أزم أربعة فراسخ ومن أزم إلى سنابك أربعة فراسخ ومن سنابك إلى قرية الحبارى ثلاثة فراسخ ومن قرية الحبارى إلى العين ثلاثة فراسخ ومن العين إلى رامهرمز أربعة فراسخ ومن رامهرمز إلى وادي الملح أربعة فراسخ ومن وادي الملح إلى الزط فرسخان ومن الزط إلى خابران ثلاثة فراسخ ومن خابران إلى المستراح فرسخان ومن المستراخ إلى دهليزان فرسخان ومن دهليزان إلى كبارستان ثلاثة فراسخ ومن كبارستان إلى سنابل ثلاثة فراسخ ومن نسابل إلى أرجان خمسة فراسخ ومن مدينة أرجان إلى داسين سبعة فراسخ ومن داسين إلى بندق ستة فراسخ ومن بندق خان حماد ستة فراسخ ومن خان حماد إلى أمران تسعة فراسخ ومن أمران إلى النوبندجان ستة فراسخ ومن النوبندجان إلى الكركان خمسة فراسخ ومن الكركان إلى الخرارة خمسة فراسخ ومن الخرارة إلى خلان خمسة فراسخ ومن خلان إلى جويم أربعة فراسخ ومن جويم إلى شيراز خمسة فراسخ فذلك من الأحواز إلى شيراز مائة فرسخ وفرسخان
ومن شيراز إلى اصطخر اثنا عشر فرسخا ومن اصطخر إلى زياد أباد ثمانية فراسخ ومن زياد أباد إلى جوبانان أربعة فراسخ ومن جوبانان إلى قرية عبد الرحمن ستة فراسخ ومن قرية عبد الرحمن إلى قرية الآس سبعة فراسخ ومن قرية الآس إلى صاهك ستة فراسخ ومن صاهك إلى سرمقان تسعة فراسخ ومن سرمقان إلى بشتخم عشرة فراسخ ومن بشتخم إلى بيمند عشرة فراسخ ومن بيمند إلى السيرجان قصبة كرمان أربعة فراسخ فذلك من شيراز إلى السيرجان ستة وسبعون فرسخا
ومن السيرجان إلى قهستان ستة فراسخ ومن قهستان إلى رباط كومج ثمانية فراسخ ومن رباط كومخ إلى ساهوي ستة فراسخ ومن ساهوي إلى أمسير أربعة فراسخ ومن أمسير إلى خناب ستة
فراسخ ومن خناب إلى غبيرا أربعة فراسخ ومن غبيرا إلى كورم ثمانية فراسخ ومن كورم إلى كشك ثمانية فراسخ ومن كشك إلى رائين عشرة فراسخ ومن رائين إلى دارجين ثمانية فراسخ ومن دارجين إلى بم اثنا عشر فرسخا ومن بم إلى نرماشير والمفازة ثمانية فراسخ ومن نرماشير إلى سجستان ثلاثة فراسخ فذلك من السيرجان قصبة كرمان إلى المفازة مائة وثمانية وثمانون فرسخا إلى سجستان في المفازة والجادة
ومن أراد من شيراز إلى أصبهان فمنها إلى نيسابور سبعة فراسخ ومن نيسابور إلى مائين سبعة فراسخ ومن مائين إلى عقبة كيسا ثلاثة فراسخ ومن العقبة إلى خوسكان سبعة فراسخ ومن خوسكان إلى قصراين خمسة فراسخ ومن قصراين إلى اصطخران سبعة فراسخ ومن اصطخران إلى خوارش ستة فراسخ ومن خوارش إلى سراي
ماس ومروة أربعة فراسخ ومن ماس ومروة إلى كرو سبعة فراسخ ومن كرو إلى الخان تسعة فراسخ ومن الخان إلى أصبهان سبعة فراسخ فذلك من شيراز إلى أصبهان سبعون فرسخا
ومن أراد أن يأخذ الأحواز إلى أصبهان فمن سوق الأحواز إلى عسكر مكرم ثمانية فراسخ ثم إلى الميانج سبعة فراسخ ومن الميانج إلى إيذج ثلاثة فراسخ ومن إيذج إلى بربابل أربعة فراسخ ومن بربابل إلى رستاكرد وهو حصن في عقبة سبعة فراسخ ثم إلى شليل خمسة فراسخ ومن شليل إلى خوزستان تسعة فراسخ ومن خوزستان إلى أربهشت آباذ أربعة فراسخ ومن أربهشت آباذ إلى كريركان سبعة فراسخ ومن كريركان إلى بابكان سبعة فراسخ ومن بابكان إلى الخان سبعة فراسخ ومن الخان إلى مدينة أصبهان سبعة فراسخ فذلك من الأهواز إلى أصبهان خمسة وثمانون فرسخا على طريق إيذج
وإذ قد ذكرنا الطريق إلى الأحواز وفارس وكرمان وسجستان وما يلي ذلك من الطرق إلى أصبهان وفارس فلنعد نذكر الطرق فلنبتدأ بذكر الطرق إلى سائر كور المشرق ونواحيه ولنبتدأ بذلك من مدينة السلام أيضا فمنها إلى النهروان أربعة فراسخ ومن النهروان إلى دير تارما أربعة فراسخ ومن دير تارما إلى الدسكرة ثمانية فراسخ ومن الدسكرة إلى جلولاء سبعة فراسخ ومن جلولاء إلى خانقين تسعة فراسخ
ومن خانقين إلى قصر شيرين سبعة فراسخ ومن قصر شيرين إلى حلوان خمسة فراسخ فذلك من مدينة السلام إلى حلوان أحد وأربعون فرسخا ومن حلوان إلى ماذرو استان أربعة فراسخ ومن ماذرو استان إلى مرج القلعة ستة فراسخ ومن مرج القلعة إلى قصر يزيد أربعة فراسخ ومن قصر يزيد إلى الزبيدية ستة فراسخ ومن الزبيدية إلى خشكاريش ثلاثة فراسخ ومن خشكاريش إلى قصر عمرو أربعة فراسخ من قصر عمرو إلى قرميسين ثلاثة فراسخ فذلك من قرميسين إلى حلوان ثلاثون فرسخا
ومن قرميسين إلى قنطرة مريم خمسة فراسخ ومن قنطرة مريم إلى محسبة أربعة فراسخ ومن محسبة إلى قصر اللصوص ستة فراسخ ومن قصر اللصوص إلى أسد آباذ سبعة فراسخ ومن أسد آباذ إلى الزعفرانية ستة فراسخ ومن الزعفرانية إلى مدينة همذان ثلاثة فراسخ فذلك من قرميسين إلى مدينة همذان أحد وثلاثون فرسخا
ومن أراد الطريق من قرميسين إلى نهاوند أخذ من قرميسين إلى الدكان سبعة فراسخ ومن الدكان إلى قصر اللصوص تسعة فراسخ ومن قصر اللصوص إلى كحراس خمسة فراسخ ومن كحراس إلى نهاوند أربعة فراسخ فذلك من قرميسين إلى نهاوند خمسة وعشرون فرسخا
ومن أراد من نهاوند إلى همذان فمن نهاوند إلى راكاه ستة فراسخ ومن راكاه إلى الديمن خمسة فراسخ ومن الديمن إلى همذان سبعة فراسخ فذلك من نهاوند إلى همذان ثمانية عشر فرسخا
ومن أراد من نهاوند إلى الكرج وهي قصبة الإيغارين فمن نهاوند إلى راكاه ستة فراسخ ومن راكاه إلى جوارب ثمانية فراسخ ومن جوارب إلى الكرج خمسة فراسخ فذلك من نهاوند إلى الكرج تسعة عشر فرسخا
فمن احتاج إلى أن يعرف الطريق من همذان إلى الإيغارين وقصبتها الكرج فمن همذان إلى طاسفندين خمسة فراسخ ومن طاسفندين إلى حوار سبعة فراسخ ومن حوار إلى الكرج خمسة فراسخ فذلك من همذان إلى الكرج سبعة عشر فرسخا ومن همذان إلى الكرج على رستاق سواة من همذان إلى جور خمسة فراسخ ومن جور إلى خنداذ سبعة فراسخ ومن خنداذ إلى السعان تسعة فراسخ ومن السعان إلى الكرج تسعة فراسخ فذلك على هذا الطريق ثمانية وعشرون فرسخا
ومن أراد أصبهان من الكرج فمن الكرج إلى خرماباذ سبعة فراسخ ومن خرماباذ إلى أبقيسة سبعة فراسخ ومن أبقيسة إلى جرباذقاق ستة فراسخ ومن جرباذقاق إلى قنوران ثمانية فراسخ ومن
قنوران إلى مرج وزهر تسعة فراسخ ومن مرج وزهر إلى المازبين أربعة فراسخ ومن المازبين إلى أزميران اثنا عشر فرسخا ومن أزميران إلى أصبهان ثلاثة فراسخ فذلك من الكرج إلى أصبهان أربعة وخمسون فرسخا
ثم نرجع إلى همذان والطريق منها إلى سائر أكناف المشرق فمن همذان إلى درنوا خمسة فراسخ ومن درنوا إلى بوزنجرد خمسة فراسخ ومن بوزنجرد إلى زره أربعة فراسخ ومن زره إلى طزرة أربعة فراسخ ومن طزرة إلى الأساورة أربعة فراسخ ومن الأساورة إلى روذة وبوستة ثلاثة فراسخ ومن روذة وبوستة إلى داود آباذ أربعة فراسخ ومن داود آباذ إلى سوسنقين ثلاثة فراسخ ومن سوسنقين إلى دروذ أربعة فراسخ ومن دروذ إلى ساوة خمسة فراسخ ومن ساوة إلى مشكويه ثمانية فراسخ ومن مشكويه إلى قسطانة ثمانية فراسخ ومن قسطانة إلى الري سبعة فراسخ فذلك من همذان إلى الري أربعة وستون فرسخا
ومن الري إلى مفضلا باذ أربعة فراسخ ومن مفضلا باذ إلى افريذين ستة فراسخ ومن افريذين إلى كاسب ثمانية فراسخ ومن كاسب إلى خوار ستة فراسخ ومن خوار إلى قصر الملح سبعة فراسخ ومن قصر الملح إلى رأس الكلب سبعة فراسخ ومن رأس الكلب إلى سرخ أربعة فراسخ ومن سرخ إلى سمنان أربعة فراسخ ومن سمنان إلى آخرين تسعة فراسخ ومن آخرين إلى قرية داية أربعة فراسخ ومن قرية داية إلى قومس أربعة فراسخ ومن قومس إلى الحدادة سبعة فراسخ ومن الحدادة إلى كوزستان أربعة فراسخ ومن كوزستان إلى بذش ثلاثة فراسخ ومن بذش إلى ميمند اثنا عشر فرسخا ومن ميمند إلى هفتدر سبعة فراسخ ومن هفتدر إلى أسد آباذ تسعة فراسخ ومن أسد آباذ إلى بهمنا باذ ستة فراسخ ومن بهمنا باذ إلى النوق ستة فراسخ ومن النوق إلى خسرو جرد ستة فراسخ ومن خسرو جرد إلى حسينا باذ أربعة فراسخ ومن حسينا باذ إلى سنكردر خمسة فراسخ ومن سنكردر إلى بيشكند خمسة فراسخ ومن بيشكند إلى
نيسابور خمسة فراسخ فذلك من الري إلى نيسابور مائة وأربعون فرسخا
ومن نيسابور إلى فغيس أربعة فراسخ ومن فغيس إلى الحمراء ستة فراسخ ومن الحمراء إلى المثقب من طوس خمسة فراسخ ومن المثقب إلى النوقان خمسة فراسخ ومن النوقان إلى مزدوران العقبة ستة فراسخ ومن مزدوران العقبة إلى أوكينة ثمانية فراسخ ومن أوكينة إلى مدينة سرخس ستة فراسخ ومن سرخس إلى قصر النجار ثلاثة فراسخ ومن قصر النجار إلى أشتر مغاك خمسة فراسخ ومن أشتر مغاك إلى تلستانة ستة فراسخ ومن تلستانة إلى الراندانقان ستة فراسخ ومن الراندانقان إلى منوجرد خمسة فراسخ ومن منوجرد إلى مدينة مرو خمسة فراسخ فذلك من نيسابور إلى مرو سبعون فرسخا
ومن مدينة مرو طريقان إحداهما إلى ناحية الشاش وبلاد الترك والآخر إلى ناحية طخارستان فمن مدينة مرو إلى كشماهن وهي قرية عظيمة على طريق المفازة متصلة بالغز خمسة فراسخ ومن كشماهن إلى الديوان وبها سكة ستة فراسخ ومن الديوان إلى الطهملج موضع سكة فرسخان ومن الطهملج إلى المنصف موضع سكة أربعة فراسخ ومن المنصف إلى الاحساء موضع سكة ثمانية فراسخ ومن الاحساء إلى بئر عثمان موضع سكة ثلاثة فراسخ ومن بئر عثمان إلى العقير موضع سكة ثلاثة فراسخ ومن العقير إلى مدينة آمل خمسة فراسخ فذلك من مرو إلى آمل ستة وثلاثون فرسخا
ومن مدينة آمل إلى شط نهر بلخ فرسخ ومن الموضع الذي عبر العابر منه إلى قرية تدعى قرية علي فرسخ ومن قرية علي في المفازة إلى حصن أم جعفر ستة فراسخ ومن حصن أم جعفر إلى أن يخرج المفازة إلى بيكند ستة فراسخ ومن بيكند إلى باب حائط بخارا فرسخان ومن الباب إلى قرية تدعى ماستين فرسخ ونصف ومن ماستين إلى بخارا خمسة فراسخ فذلك من آمل إلى مدينة بخارا اثنان وعشرون فرسخا ونصف
ومن مدينة بخارا إلى شرغ أربعة فراسخ ومن الشرغ إلى الطواويس ثلاثة فراسخ ومن الطواويس إلى كوك ثلاثة فراسخ وذلك قرية جرد منها ملك الترك للغارات وما يلي الجنوب من هذا الموضع جبال إلى بلاد الصين ومن كرمينية إلى الدبوسية خمسة فراسخ ومن الدبوسية إلى أربنجن خمسة فراسخ ومن أربنجن إلى زرمان ستة فراسخ ومن زرمان إلى قصر علقمة خمسة فراسخ ومن قصر علقمة إلى مدينة سمرقند فرسخان فذلك من مدينة بخارا إلى سمرقند سبعة وثلاثون فرسخا
ومن سمرقند إلى باركت أربعة فراسخ ومن باركت إلى خشوفغن في مفازة قطوان أربعة فراسخ ومن خشوفغن إلى فورنمذ وهي جبال خمسة فراسخ ومن فورنمذ إلى زامين في مفازة أربعة فراسخ وزامين هذه مفرق الطريقين إلى شاش وطريق إلى فرغانة
فأما طريق شاش فمن زامين إلى خاوص في مفازة ستة فراسخ ومن خاوص إلى نهر الشاش خمسة فراسخ وإذا عبر النهر فمن منزل على الشط إلى بناكت أربعة فراسخ ومن بناكت على نهر ترك فإذا عبر ترك فستوركث على اليسار ومن ستوركث إلى بنونكت ثلاثة فراسخ ومن بنونكت إلى مدينة الشاش فرسخان
ومن مدينة الشاش إلى معسكر داخل الحائط فرسخان ومنه إلى نمركرد خمسة فراسخ ومن نمركرد في مفازة إلى اسبيجاب أربعة فراسخ ومن اسبيجاب إلى شاواب في مفازة فيها نهران عظيمان يسمى أحدهما ماوا والآخر يورن أربعة فراسخ ومن شاواب إلى بدوخكت في ركوات أربعة فراسخ ومن بدوخكت إلى تمتاج في ركوات وتمتاج هذه في مفازة فيها نهر عظيم وقصباء خمسة فراسخ ومن تمتاج إلى أبارجاج في ركوات أربعة فراسخ وأبارجاج هذه تل عظيم حوله ألف عين ماء تجتمع في نهر واحد يجري إلى المشرق يسمى بذلك بركوآب
وتفسيره ماء مقلوب لأن جريته من أسفل إلى فوق ومن أبارجاج إلى منزلة ستة فراسخ على بركوآب وهذا النهر على حافتيه جميعا آجام وطرفاء وغياض صيدها دراج سود ومن هذا المنزل تعبر هذا النهر وتنزل يمنة فمن المعبرة إلى شاوغرا عن جبل حجر مسان ثلاثة فراسخ ومن شاوغرا إلى جويكت في البرية لا عمران بها فرسخان ومن جويكت إلى مدينة طراز في كلاء وعمران فرسخان
ومن مدينة طراز إلى نوشجان السفلى إلى كصرى باش في جبال عن يمينها فرسخان وعن يسارهم قم وهي جرمة وهي أول الخرلخية وقم بين طوار وكولان ناحية الشمال وخلف قم مفازة رمال وخضى وفيه أفاعي إلى حد كيماك فرسخان ومن كصري باش إلى كول شوب وهي على صفة كصري باش وبمن يمينها جبل فيه فاكهة كثيرة ورطاب وبقول جبلية أربعة فراسخ ومن كول شوب إلى
كولان على تلك الضفة أربعة فراسخ فذلك من مدينة طراز إلى كولان أربعة عشر فرسخا في مفازة تسمى كولان وصفتها ما تقدم ومن كولان إلى قرية بركي غناء أربعة فراسخ ومن بركي إلى أسبرة على صفة مفازة كولان أربعة فراسخ ومن أسبرة إلى نوزكت قرية عظيمة ثمانية فراسخ ومن نوزكت إلى خرنجوان وهي قرية عظيمة أربعة فراسخ ومن خرنجوان إلى جول وهي قرية عظيمة أربعة فراسخ ومن جول إلى سارغ وهي قرية عظيمة سبعة فراسخ ومن سارغ إلى قرية خاقان التركي أربعة فراسخ ومن قرية خاقان التركي إلى كرمراد فرسخان ومن كرمراد إلى مدينة نواكت فرسخان ومن مدينة نواكت إلى بنجيكت وهي قرية عظيمة والى جنبها قرية فرسخان ونواكت هذه هي مدينة كبيرة ومنها طريق إلى نوشجان يدعى بركب فرسخ ومن ينجيكبت إلى سوياب وبوسار قريتان إحداهما
تسمى كبال والأخرى ساغور كبال ومن ساغور كبال إلى نوشجان خمسة عشر يوما وبريد الترك مسيرة ثلاثة أيام وهو الأعلى وهو حد الصين على سير القوافل في المرعى والمياه
ثم نرجع إلى سمرقند وقد ذكرنا أن على ثلاثة مراحل منها مفرق طريقين أحدهما إلى شاش والآخر إلى فرغانة وقد أتينا على وصف طريق الشاش إلى حدود الصين فلنأخذ في طريق فرغانة فأول هذا الطريق زامين في مفازة سمرقند إلى فرغانة فمن زامين إلى ساباط قرية عظيمة منها طريقان أحدهما إلى فرغانة فرسخان ومن ساباط إلى ركند قرية عظيمة ثلاثة فراسخ ومن ركند إلى غلوك إنذار وهي قرية بين قرى عظيمة ثلاثة فراسخ ومن غلوك إنذار إلى خجندة على نهر الشاش أربعة فراسخ ومن هذه المدينة مفرق الطريقين أحدهما إلى فرغانة والآخر إلى شاش إلى معدن الفضة وطريق فرغانة من خجندة إلى قرية تدعى صامغار وهي عظيمة في برية خمسة فراسخ ومن صامغار إلى خاجستان وهي موضع مسلحة وفيه حصن وهناك ملاحة كبيرة فيها ملح شاش وخجندة وغيرهما ومن جانب منه جبل يتصل بجبل معدن الفضة أربعة فراسخ ومن خاجستان إلى قرية تدعى ترمقان ستة فراسخ
ومن ترمقان إلى باب وهي مدينة عظيمة من مدائن فرغانة ثلاثة فراسخ ومن باب إلى مدينة فرغانة وهي تدعى أخسيكت أربعة فراسخ فذلك من سمرقند إلى فرغانة خمسة وثلاثون فرسخا
ثم نرجع إلى مفرق الطريقين من ساباط إلى مدينة شروسنة سبعة فراسخ وهذه الفراسخ منه فرسخان في السهل ثم الوادي والقرى فوق ظهر الجبل يمنة ويسرة والمسيرة في استقبال الماء ويجري في الطريقين وقد جاء من المدينة
ثم نرجع إلى مفرق الطريقين من جهة خجندة فنأخذ في طريق معدن الفضة بشاش فمن مدينة خجندة هذه في النهر ثم المسير إلى خربة عندها عين يقال لها موضع المرصد ومن الخربة إلى قصر موهنان على فم وادي معدن الفضة فرسخان
ثم لنرجع إلى مدينة شاش لنبين السير منها في طريق فرغانة فمن مدينة شاش إلى معدن الفضة سبعة فراسخ ومن معدن الفضة إلى خاجستان ثمانية فراسخ ومن خاجستان إلى ترمقان على نهر شاش بقرب القرى ومن ترمقان إلى باب ثلاثة فراسخ وباب مدينة عظيمة من مدائن فرغانة كثيرة الخير على نهر شاش وكان الناس لا ينزلون ترمقان لشدة الخوف من الترك وكانوا يقطعون هذه الفراسخ في يوم وليلة والثاني ينزلونها من ترمقان إلى أخسيكت مدينة فرغانة إلى قبا وهي ميمنة عشرة فراسخ ومن قبا إلى أوش وهي قرية عظيمة سبعة فراسخ ومن أوش إلى بوزكند مدينة
خورتكين الدهقان سبعة فراسخ ومن بوزكند إلى العقبة والطريق إلى العقبة بين القرى متصلة متقاربة بخورتكين الدهقان وهي مرتفعة صعبة إذا وقعت الثلوج لم تسلك مسيرة يوم ومن العقبة إلى أطباش في جبال فيها صعود وهبوط وأطباش هذه مدينة على عقبة مرتفعة وهي ما بين التبت وفرغانة ونوشجان مسيرة يوم ومن أطباش إلى نوشجان الأعلى بعض الطريق في جبال صغار والبعض في كلأ وعيون لا قرى فيها ومن يسلك الطريق بجمل معه ما يحتاج إليه والسابلة يسلكونه وقلما ينجون ست مراحل ومن نوشجان الأعلى إلى موضع تغزغر خاقان ملك التغزغر مسيرة ستة أيام
نرجع إلى طريق كيماك فيؤخذ من طواويس من طراز إلى قريتين في موضع يقال لها كواكت عامرتين كثيرتي الأهل بين هذا الموضع إلى موضع ملك كيماك مسيرة ثمانين يوما للفارس المسرع يحمل معه طعامه فقط لأن مسيره في صحارى واسعة كثيرة الكلأ والعيون وعامة الكلأقت
ثم نرجع إلى مرو فنبين الطريق منها إلى طخارستان ونواحيها فمن مدينة مرو إلى قرية تدعى فاز على طريق المفازة ستة فراسخ ومن فاز
إلى مهدي آباذ ستة فراسخ ومن مهدي آباذ إلى يحيى آباذ منزل وسط الوادي في هذا المنزل خانات وسكة سبعة فراسخ ومن يحيى آباذ إلى القريتين وهذه القرية في المفازة على شط الوادي على تل كبير أهلها مجوس وكسبهم من كري حميرهم يضربون عليها إلى الأفاق يقال لهم يركون خمسة فراسخ ومن القريتين إلى أسد آباذ سبعة فراسخ ومن أسد آباذ إلى حوزان خمسة فراسخ ومن حوزان إلى قصر الأحنف بن قيس قرية على الوادي تنسب إلى الأحنف بن قيس أربعة فراسخ ومن قصر الأحنف إلى مدينة مرو الروذ الأعلى خمسة فراسخ ثم تجاوز هذه المدينة حتى تنتهي إلى موضع يقال له قصر عمرو في الجبل على فم الشعب قدر فرسخ ومن مدينة مرو الروذ إلى أرسكن خمسة فراسخ ومن أرسكن إلى الأسراب وهي صغيرة بيوتها أسراب في الجبل على الطريق في الشعب سبعة فراسخ ومن الأسراب إلى كنجاباذ وهي قرية من كور الطالقان ستة فراسخ ومن كنجاباذ إلى الطالقان ستة فراسخ ومن الطالقان إلى كنجان قرية عظيمة بين جبلين خمسة فراسخ ومن كنجان إلى أرغين قرية عامرة في وادي مرو فرسخ ثم في عقبة ترابية ليست بصعبة وبعد ذلك في الجبل بعض الطريق حجارة وفي
العقبة عين بحجار وكله ليس بصعب أربعة فراسخ ومن أرغين إلى قصر خوط قرية عامرة في صحراء كثيرة الأهل وهي أول عمل كورة الفاريان خمسة فراسخ ومن قصر خوط إلى مدينة الفارياب قدر فرسخين ثم المفازة التي يقال لها مفازة القاع وهي خمسة فراسخ ومن مدينة الفارياب إلى القاع في المفازة أكثر من ذلك في صعود وهبوط وهو سهل المنزل فيه خانات وآبار وهو من سلطان كورة الجوزجان وهو في صحراء تسعة فراسخ ومن القاع إلى الشبورقان في البرية وايقن مثوبه وهي كثيرة الأهل فيها منبر وهي من الجوزبان تسعة فراسخ ومن الشبورقان إلى السدرة وهي من كورة بلخ ستة فراسخ كانت هذه المنزلة هو الدو وليس فيه إلا سكة البريد وخانات فلما كانت سنة الزلزلة في عين السدرة بخراسان في نواحي مرو وطخارستان وهي سنة ثلاث ومائتين تفجرت من الزلزلة عين السدرة وصارت عينا كبيرة وجرى ماؤها في البرية وهي مفازة تتصل بمرو وآمل والغالب عليها الرمال والقصباء وصار موضع الشجرة قرية فيها زروع كثيرة وأشجار ومن السدرة إلى الدستجردة قرية كثيرة الماء والأهل خمسة فراسخ ومن الدستجردة إلى الغور وهي قرية عظيمة أربعة فراسخ ومن الغور إلى مدينة بلخ في عمارة ثلاثة فراسخ ومن مدينة بلخ إلى سياجرد قرية عظيمة خمسة
فراسخ ومن سياجرد إلى نهر بلخ جيحون في مفازة سبعة فراسخ ومن مدينة الترمذ إلى روعان صرمنجان ستة فراسخ وهذا النهر من أصل مدينة الترمذ وضرب السبور وهو على صخرة ومن صرمنجان إلى دارزنكي قرية عامرة كثيرة الأهل ستة فراسخ ومن دارزنكي إلى قرية تدعى الصغانيان وهي عظيمة كثيرة الأهل سبعة فراسخ ومن مدينة الصغانيان إلى طريق الراشت خمسة فراسخ ومن مدينة الراشت إلى بونذا قرية عظيمة ثلاثة فراسخ ومن بونذا إلى هموران قرية المسير إليها سبعة فراسخ ومن هموران إلى أباكسوان قرية عامرة ثمانية فراسخ ومن أباكسوان إلى شومان خمسة فراسخ ومن شومان إلى واشجرد والمسير إليها في عمران أربعة فراسخ ومن واشجرد
إلى الراشت وهي بين جبلين وراشت أقصى بلد خراسان من تلك النواحي وهي مما يلي فرغانة ومنها مدخل الترك للغارة مسيرة أربعة أيام
ثم نرجع إلى مدينة بلخ والطريق منها إلى طخارستان العليا فمن مدينة بلخ إلى ولاري خمسة فراسخ ومن ولاري إلى سواحي ثلاثة فراسخ ومن سواحي إلى مدينة خلم ثم في برية ثلاثة فراسخ ومن مدينة خلم إلى بهار منزل في المفازة لا ماء فيه إلا من بئر ينزل إليها بدرجة سبعة فراسخ ومن بهار إلى بكبانول منزل في مفازة خمسة فراسخ ومن بكبانول إلى قارض وهي قرية عامرة وهي بين صخور نهر بلخ على ثمانية عشر فرسخا سبعة فراسخ
وإذا قد أتينا على ذلك الطريق والمسالك إلى مكة وما والاها من اليمن وغيرها واتبعنا ذلك بما يتبعه من الطرق إلى نواحي المشرق فلنتبع ذلك بذكر الطريق إلى نواحي الشمال وما ولاها فأول ذلك الطريق العادل إلى كورة أذربيجان فمن سن سميرة إلى الدينور خمسة فراسخ
ومن الدينور إلى الخورجان تسعة فراسخ ومن الخورجان إلى تل وان ستة فراسخ ومن تل وان إلى سيسر سبعة فراسخ ومن سيسر طريقان طريق إلى البيلقان عشرة فراسخ ومن البيلقان إلى بوزة ثمانية فراسخ
وأما طريق الشتاء فمن سيسر إلى أندراب أربعة فراسخ ومن أندراب إلى البيلقان خمسة فراسخ ومن البيلقان إلى برزة ستة فراسخ ومن برزة إلى سابرخاست ثمانية فراسخ ومن سابرخاست إلى المراغة سبعة فراسخ ومن المراغة إلى ده الخرقات إحدى عشر فرسخا ومن ده الخرقات إلى تبريز تسعة فراسخ ومن تبريز إلى مدينة مرند عشرة فراسخ ومن المراغة إلى كولسرة عشرة فراسخ ومن كولسرة إلى سراة عشرة فراسخ ومن سراة إلى النير خمسة فراسخ ومن سراة إلى أردبيل خمسة فراسخ ومن أردبيل إلى خان بابك ثمانية
فراسخ ومن خان بابك إلى برزند ستة فراسخ ومن برزند إلى بهلاب اثنا عشر فرسخا ومن أردبيل إلى موقات أربعة فراسخ
فإن أريد إلى فريز من برزة فمنها إلى تفليس فرسخان ومن تفليس إلى جابروان ستة فراسخ ومن جابروان إلى نريز أربعة فراسخ ومن نريز إلى أرمية أربعة عشر فرسخا ومن أرمية إلى سلماس ستة فراسخ ومن مرند إلى الخان أربعة فراسخ ومن الخان إلى خوى ستة فراسخ
ومن أراد أرمينية من هذا الطريق فمن مرند إلى السرى على الوادي عشرة فراسخ ومن الوادي إلى نشوى عشرة فراسخ ومن نشوى إلى دبيل عشرون فرسخا
ومن أراد من ورثان إلى برذعة فمن ورثان إلى درمان ثلاثة فراسخ ثم البيلقان سبعة فراسخ ثم إلى برذعة ثلاثة فراسخ
ثم لنأخذ في تبيين الطريق من مدينة السلام إلى أكناف المغرب ونواحيه ونبدأ بما ختم من ناحية الشمال لنصل بين ذلك وبين ما بدأنا به من المشرق إلى نواحي الشمال وليكن أول ذلك على الموصل فمن مدينة السلام إلى البرذان أربعة فراسخ ومن البرذان إلى عكبرا خمسة فراسخ ومن عكبرا إلى باحمشا ثلاثة فراسخ ومن باحمشا إلى القادسية سبعة فراسخ ومن القادسية إلى الكرخ خمسة فراسخ ومن الكرخ إلى جبلتا سبعة فراسخ ومن جبلتا إلى السوقانية خمسة فراسخ ومن السوقانية إلى
بارما سبعة فراسخ ومن بارما إلى مدينة السن إلى الحديثة برية يجري في وسطها الزاب الصغير اثنا عشر فرسخا ومن الحديثة إلى طهمان سبعة فراسخ ومن طهمان إلى الموصل سبعة فراسخ ومن الموصل إلى بلد وهي مدينة سبعة فراسخ ومن بلد باعيناثا سبعة فراسخ ومن باعيناثا إلى برقعيد ستة فراسخ ومن برقعيد إلى أذرمة ستة فراسخ ومن أذرمة إلى تل فراشة ثلاثة فراسخ ومن تل فراشة إلى نصيبين أربعة فراسخ ومن نصيبين مفرق طريقين أحدهما ذات اليمين إلى نواحي الشمال المقاربة لما ذكرنا من الطرق من المشرق إليها والآخر إلى سائر نواحي المغرب
فليكن ما نبدأ به الطريق التي تأخذ ذات اليمين من نصيبين إلى دارا خمسة فراسخ ومن دارا إلى كفرتوثا سبعة فراسخ ومن كفرتوثا إلى قصر بني نازع سبعة فراسخ ومن قصر بني نازع إلى آمد سبعة فراسخ
ومن آمد إلى ميافارقين ذات اليمين خمسة فراسخ ومن ميافارقين إلى أرزن وهي أيضا مدينة تتاخم أرمينية سبعة فراسخ
والطريق إلى آمد إلى الرقة ذات الشمال منها إلى شميشاط بقرب ثغور الروم سبعة فراسخ ومن شميشاط إلى تل جوفر خمسة فراسخ ومن تل جوفر إلى جرنان قرية آهلة كثيرة الأسواق ستة فراسخ ومن جرنان إلى بامقرا وبها سوق وأهلها قليل خمسة فراسخ ومن بامقرا إلى جلاب وهي قرية غناء على نهر سبعة فراسخ ومن جلاب إلى الرها وهي مدينة رومية في سفح جبل أربعة فراسخ ومن الرها إلى حران وهي مدينة أربعة فراسخ ومن حران إلى تل محرا أربعة فراسخ ومن تل محرا إلى باجروان وهي مدينة أربعة فراسخ ومن باجروان إلى الرقة ثلاثة فراسخ
أما الطريق من نصيبين إلى الرقة فمنها إلى دارا وهي مدينة في سفح جبل خمسة فراسخ ومن دارا إلى كفر توثا سبعة فراسخ ومن كفر توثا إلى العرادة وهو منزل ثلاثة فراسخ ومن العرادة إلى الجرود وهي مدينة فيها عيون أربعة فراسخ ومن الجرود إلى حصن مسلمة قرية فيها صهريج ستة فراسخ ومن الحصن إلى باجروان سبعة فراسخ ومن باجروان إلى الرقة ثلاثة فراسخ
فأما الطريق من بلد ذات الشمال قرقيسيا وسنجار وطريق الفرات فمن بلد إلى تل أعفر وهي قرية كبيرة خمسة فراسخ ومن تل أعفر إلى سنجار وهي مدينة رومية خمسة فراسخ ومن سنجار إلى عين الجبال خمسة فراسخ ومن عين الجبال إلى سكير العباس بن محمد مدينة على الخابور تسعة فراسخ ومن السكير إلى الغدين خمسة فراسخ ومن الغدين إلى ماكسين مدينة على الخابور ستة فراسخ ومن ماكسين إلى قرقيسيا وهي مدينة على الفرات والخابور سبعة فراسخ
أما الطريق من الرقة إلى الثغور فمن الرقة إلى عين الرومية ستة فراسخ إلى تل عبدا سبعة فراسخ ومن تل عبدا إلى سروج ستة فراسخ ومن سروج إلى المزينة ستة فراسخ ومن المزينة إلى سمسياط وهي مدينة على الفرات من الجانب الشامي ستة فراسخ ومن سميساط إلى حصن منصور وهي ثغور عليها سور حجارة ستة فراسخ ومن حصن منصور إلى ملطية في عقاب شديد وملطية ثغر أيضا عشرة فراسخ ومن ملطية إلى مدينة تسمى كمخ وكانت ثغرا واستولى عليها العدو أربعة فراسخ وذات اليسار إلى حصن زبطرة واستولى عليها العدو خمسة فراسخ ومن زبطرة إلى الحدث وهو ثغر في نحر العدو أربعة فراسخ ومن الحدث إلى مرعش وهو ثغر ليس وراءه إلا عمارات العدو خمسة فراسخ
فلنرجع إلى مدينة السلام لنبين الطريق منها إلى نواحي المغرب إذا أخذ على طريق الفرات فمن مدينة السلام إلى السيلحين أربعة فراسخ ومن السيلحين إلى الأنبار ثمانية فراسخ ومن الأنبار طريق يخرج من البجس
في البرية فيلتقي عند الرب مع الطريق المستقيم من الأنبار ومن الأنبار إلى الرب سبعة فراسخ ومن الرب إلى هيت اثنا عشر فرسخا ومن هيت إلى الناووسة سبعة فراسخ ومن الناووسة إلى آلوسة سبعة فراسخ ومن آلوسة إلى الفحيمة ستة فراسخ ومن الفحيمة إلى النهية اثنا عشر فرسخا في البرية وعلى الفرات وهي طريق البرية ستة فراسخ ومن النهية إلى الدازقي ستة فراسخ ومن الدازقي إلى الفرضة ستة فراسخ ومن الفرضة يفترق الطريق إلى مامنة على البرية ومامنة على الفرات
فأما الفرات فمن الفرضة إلى وادي السباع إلى خليج ابن جميع خمسة فراسخ ومن خليج ابن جميع إلى الفاش ستة فراسخ ومن الفاش إلى قرقيسيا والى فم نهر سعيد ثمانية فراسخ ومن فم نهر سعيد إلى الجردان أربعة عشر فرسخا ومن الجردان إلى المبارك أحد عشر فرسخا ومن المبارك إلى الرقة ثمانية فراسخ فذلك من مدينة السلام على الفرات مائة وستة وعشرون فرسخا
وأما طريق البرية التي تنقسم عند الفرضة فمن الفرضة إلى القمرطي ثلاثة فراسخ ومن القمرطي إلى العوامل تسعة فراسخ وميل
ومن العوامل إلى القصبة ثمانية فراسخ ومن القصبة إلى العرير تسعة فراسخ ومن العرير إلى الرصافة ثمانية فراسخ ومن الرصافة إلى الرقة ثمانية فراسخ فذلك من مدينة السلام إلى الرقة في طريق البرية دون الفرات مائة وسبعة وعشرون فرسخا
طريق دمشق من الرصافة من الرقة إلى الرصافة ثمانية فراسخ ومن الرصافة طريقان أحدهما إلى دمشق في البرية وأخرى على حمص في العمران
فأما طريق العمران فمن الرصافة إلى الزراعة أربعون ميلا ومن الزراعة إلى قسطل ستة وثلاثون ميلا ومن قسطل إلى سلمية ثلاثون ميلا ومن سلمية إلى حمص أربعة وعشرون ميلا ومن حمص إلى شمسين الشعر ثمانية عشر ميلا ومن شمسين إلى قارا اثنا وعشرون ميلا ومن قارا إلى البنك اثنا عشر ميلا ومن البنك إلى القطيفة عشرون ميلا ومن القطيفة إلى دمشق أربعة وعشرون ميلا
فأما طريق البرية من الرصافة إلى دمشق فمن الرصافة إلى الخربة واسمها بطلاميا خمسة وثلاثون ميلا ومن بطلاميا إلى العذيب أربعة وعشرون ميلا ومن العذيب إلى نهيا عشرون ميلا ومن نهيا إلى القريتين عشرون ميلا ومن القريتين إلى جرود ستة وثلاثون ميلا جرود إلى دمشق ثلاثون ميلا
ومن سلمية إلى دمشق في طريق يعرف بالأوسط من سلمية إلى فرعايا ثمانية عشر ميلا ومن فرعايا إلى ماء شريك عشرون ميلا ومن ماء شريك إلى صدد ثمانية عشر ميلا ومن صدد إلى النبك خمسة وثلاثون ميلا
ومن حمص أيضا إلى دمشق على طريق البقاع من حمص إلى جوسية ثلاثة عشر ميلا ومن جوسية إلى أيعاث عشرون ميلا ومن أيعاث إلى بعلبك ثلاثة أميال ومن بعلبك يسرة على جبل يسمى رمي خمسون ميلا
ومن أخذ بعلبك إلى طبرية على طريق الدراج فمن بعلبك إلى عين الجر عشرون ميلا ومن عين الجر إلى القرعون وهو منزل في بطن الوادي خمسة عشر ميلا ومن القرعون إلى قرية يقال لها العيون تمضي إلى كفر ليلى عشرون ميلا ومن كفر ليلى إلى طبرية خمسة عشر ميلا وفي هذا الطريق جب يوسف عليه السلام
وإن أخذ الطريق إلى جبال الأردن من دمشق فالطريق المستقيم ومن دمشق إلى الكسوة اثنا عشر ميلا ومن الكسوة إلى جاسم أربعة وعشرون ميلا ومن جاسم إلى أفيق أربعة وعشرون ميلا ومن افيق إلى طبرية ستة أميال ثم من طبرية يفترق الطريق إلى الرملة فرقتين فمن طبرية إلى اللجون على الطريق المستقيم عشرون ميلا
والطريق الآخر إلى بيسان ستة عشر ميلا ثم إلى اللجون ثمانية عشر ميلا ومن الرملة إلى مصر ومن الرملة إلى أزدود في القرى والعمران اثنا عشر ميلا ومن أزدود في القرى والعمران إلى غزة عشرون ميلا ومن غزة إلى رفح في بساتين عشرة أميال وستة في رمل كثير ومن رفح إلى العريش في رمل أربعة وعشرون ميلا ومن العريش يفترق الطريق إلى طريق الجفار وهو الرمل وطريق الساحل على البحر
فأما طريق الجفار فمن العريش إلى الورادة ثمانية عشر ميلا ومن الورادة إلى البقارة عشرون ميلا ومن البقارة إلى الفرما أربعة وعشرون ميلا
وأما طريق الساحل فمن العريش إلى المخلصة أحد وعشرون ميلا ومن المخلصة إلى القصر حصن النصارى وفيه ماء عذب ونخل أربعة وعشرون ميلا ومن القصر إلى الفرما أربعة وعشرون ميلا ومن الفرما يختلف الطريق إلى الفسطاط قصبة مصر فطريق للشتاء وطريق للصيف فطريق الصيف من الفرما إلى جرجير ثلاثون ميلا ومن جرجير إلى فاقوس الغاضرة أربعة وعشرون ميلا ومن الغاضرة إلى مسجد قضاعة ثمانية عشر ميلا ومن مسجد قضاعة إلى بلبيس أحد وعشرون ميلا ومن بلبيس إلى مصر أربعة وعشرون ميلا وطريق الشتاء من الفرما إلى المرصد ومن المرصد إلى الغاضرة أربعة وثلاثون ميلا بعد التقاء طريقين هناك
فأما الطريق من الفسطاط إلى برقة وأفريقية والغرب أجمع فمن الفسطاط إلى ذات الساحل أربعة وعشرون ميلا ومن ذات الساحل إلى ترنوط ثلاثون ميلا ثم يعدل الطريق إلى الإسكندرية من ترنوط
هذه فمن ترنوط إلى كوم شريك اثنان وعشرون ميلا ومن كوم شريك إلى الرافقة والسير مع النيل ويعدل مع الرافقة إلى خليج الإسكندرية أربعة وعشرون ميلا ومن الرافقة إلى قرطسا ثلاثون ميلا ومن قرطسا إلى كريون أربعة وعشرون ميلا ومن كريون إلى الإسكندرية أربعة وعشرون ميلا ومن الإسكندرية إلى أبو أمينة عشرون ميلا ومن أبو أمينة إلى ذات الحمام ثمانية عشر ميلا
ثم نعيد السير من ترنوط التي كانت المقصد إليها من ذات الساحل فمن ترنوط إلى المنبر ثلاثون ميلا ومن المنبر إلى مسارس أربعة وعشرون ميلا ومن مسارس إلى أرمسا اثنا عشر ميلا ومن أرمسا إلى ذات الحمام عشرون ميلا فيلتقي الطريقان هناك طريق الإسكندرية وطريق برقة فيصير الطريقان واحدا ويحمل الماء من ذات الحمام في البرية ومسايرة بحر الروم حتى تنزل الحنية حنية الروم وهي خراب على الطريق
فمن ذات الحمام إلى حنية الروم أربعة وثلاثون ميلا ومن الحنية إلى قصر العجوز وهي قرية يقال الطاحونة ثلاثون ميلا ومن الطاحونة إلى كنائس الجون في عمران أربعة وعشرون ميلا ومن كنائس الجون إلى جب العوسج ثلاثون ميلا ومن جب العوسج إلى سكة الحمام ثلاثون ميلا ومن سكة
الحمام إلى قصر الشماس خمسة وعشرون ميلا ومن قصر الشماس إلى خربة القوم خمسة عشر ميلا ومن خربة القوم إلى خرائب أبي حليمة خمسة وثلاثون ميلا ومن خرائب أبي حليمة إلى العقبة عشرون ميلا ومنها إلى قرية يقال معد خمسة وثلاثون ميلا ومن معد إلى ربوس ثلاثون ميلا ومن ربوس إلى فرمة وهي مدينة ينزلها العمال ستة أميال ومن فرمة إلى قصر يقال له الشاهدين إلى وادي السدور ملتف الأشجار عشرون ميلا من وادي السدور إلى قرية يقال لها باع أربعة وعشرون ميلا ومن باع إلى الندامة أربعة وعشرون ميلا ومن الندامة إلى برقة ستة أميال
أما طريق البرية فمن قصر الروم إلى مرج الشيخ عشرون ميلا ومن مرج الشيخ إلى حي عبد الله ثلاثون ميلا ومن حي عبد الله إلى جياد الصغير ثلاثون ميلا ومن جياد الصغير إلى حباب الميدعان خمسة وثلاثون ميلا ومن حباب الميدعان إلى وادي مخيل خمسة وثلاثون ميلا ومن وادي مخيل إلى جب حليمان خمسة وثلاثون ميلا ومن جب حليمان إلى وادي المغارة خمسة وثلاثون ميلا ومن وادي المغارة إلى تاكنست وهي قرية للنصارى خمسة وعشرون ميلا
ومن تاكنست إلى الندامة خمسة وعشرون ميلا ومن الندامة إلى برقة وهي مدينة في صحراء حمراء كالبسرة خمسة عشر ميلا والجبال منها على ستة أميال فذلك من الإسكندرية إلى برقة
ومن برقة إلى مليتية خمسة عشر ميلا ومن مليتية إلى قصر العسل تسعة وعشرون ميلا ومن قصر العسل إلى أوبران اثنا عشر ميلا ومن أوبران إلى سلوق ثلاثون ميلا ومن سلوق يفترق الطريق فرقتين فرقة على السكة وفرقة على طريق ساحل البحر فطريق الساحل فمن سلوق إلى برسمت أربعة وعشرون ميلا ومن برسمت إلى بلبد عشرون ميلا ومن بلبد إلى أجدابية أربعة وعشرون ميلا أما طريق السكة فمن سلوق إلى السكة ثلاثون ميلا ومن السكة إلى الزيتونة عشرون ميلا ومن الزيتونة إلى أجدابية أربعة وعشرون ميلا فيجتمع طريق السكة وطريق الساحل في أجدابية
ثم نرجع إلى ذكر مليتية التي من برقة إليها خمسة عشر ميلا فمنها في طريق البر من مليتية إلى الأنبار أربعة وعشرون ميلا ومن الأنبار إلى وادي الأعراب ثلاثون ميلا يرجع من منزل شقيق الفهمي إلى سلوق فمن منزل شقيق الفهمي إلى سلوق خمسة وثلاثون ميلا
ويجتمع الطريقان بسلوق فيكون طريقان إلى أجدابية ولنرجع إلى ذكر مخيل الذي قلنا أن عنده طريق أفريقية يسرة فمن مخيل إلى جب جراوة إلى تمليس عشرون ميلا ومن تمليسْإلى وادي مسوس خمسة وثلاثون ميلا ومن وادي مسوس إلى جزير أبلو ومن جزير أبلو إلى أجدابية أربعة وعشرون ميلا ومن أجدابية يفترق الطريق فيصير طريقين أحدهما إلى أفريقية والآخر إلى طرابلس ثم ومن أجدابية إلى حرقرة عشرون ميلا ومن حرقرة إلى سبخة منهوسا ثلاثون ميلا ومن سبخة منهوسا إلى قصر العطش أربعة وثلاثون ميلا ومن قصر العطش إلى اليهوديتين وهما قريتان على شط البحر أربعة وعشرون ميلا ومن اليهوديتين إلى قبر العبادي أربعة وثلاثون ميلا ومن قبر العبادي إلى سرت أربعة وثلاثون ميلا ومن سرت إلى القرنين ثمانية عشر ميلا ومن القرنين إلى مغمداش عشرون ميلا ومن مغمداش إلى قصور حسان ثلاثون ميلا ومن قصور حسان إلى المنصف أربعون ميلا ومن المنصف
إلى تورغا أربعة وعشرون ميلا ومن تورغا إلى رغوغا عشرون ميلا ومن رغوغا إلى ورداسا ثمانية عشر ميلا ومن ورداسا إلى المحتنى اثنان وعشرون ميلا ومن المحتنى إلى وادي الرمل عشرون ميلا ومن وادي الرمل إلى طرابلس أربعة وعشرون ميلا ومن طرابلس إلى مدينة يقال لها سبرة خربة أربعة وعشرون ميلا ومن سبرة إلى بئر الجمالين عشرون ميلا ومن بئر الجمالين إلى قصر الدرق ثلاثون ميلا ومن قصر الدرق إلى بادرخت أربعة وعشرون ميلا ومن بادرخت إلى الفوارة ثلاثون ميلاً ومن الفوارة إلى قابس وهي مدينة ثلاثون ميلاً ومن مدينة قابس إلى بئر الزيتونة ثمانية عشر ميلاً ومن الزيتونة إلى كتانة أربعة وعشرون ميلاً ومن كتانة إلى اليسر ثلاثون ميلاً ومن اليسر إلى باب مدينة القيروان وهي مدينة أفريقية أربعة وعشرون ميلاً
وإذا أتينا على ذكر الطريق شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً فلا بأس بذكر السكك التي رتبت فيها الرجال لحمل الخرائط وجعلت رسماً للبريد ونبدأ من الطريق أخذ شرقاً وغرباً
فمن مدينة السلام إلى المدائن ثلاث سكك ومن سكة المدائن إلى جرجرايا ثماني سكك ومن جرجرايا إلى سكة جبل خمس سكك ومن جبل إلى مدينة واسط وسكتها أول عمل كورة دجلة ثماني سكك ومن سكة المرومة وهي أول كورة دجلة مما يلي واسط إلى باذبين ثلاث سكك ومن سكة باذبين إلى دير مابنه آخر عمل كورة دجلة
ومما يلي عمل الأهواز ثلاث عشرة سكة ومن بادس إلى نهر تيرين أربع سكك ومن نهر تيرين إلى سوق الأهواز ثلاث سكك ومن سوق الأهواز إلى البرجان آخر عمل الأهواز أربع عشرة سكة ومن البرجان إلى سكة أرجان سكة ومن سكة أرجان إلى النوبندجان سبع عشرة سكة ومن النوبندجان إلى سكة شيراز اثنتا عشرة سكة ومن شيراز إلى سكة اصطخر خمس سكك وسكك الطريق العادل من باذبين إلى البصرة فيه فيوج مرتبون ومن باذبين إلى عبدس خمس سكك ومن عبدس إلى سكة المذار ثماني سكك ومن المذار إلى البصرة وكانت فيها دواب للبريد ثلاث سكك
سكك طريق المشرق مما يلي الجبل من مدينة السلام إلى الدسكرة عشرة سكك ومن الدسكرة إلى جلولاء أربع سكك ومن جلولاء الوقيعة إلى مدينة حلوان عشر سكك ومن حلوان إلى نصير آباد آخر عملها تسع سكك ومن نصير آباد إلى قرماسين ست سكك ومن
قرماسين إلى خنداذ آخر عمل الدينور عشر سكك ومن خنداذ إلى مدينة همذان ثلاث سكك ومن مدينة همذان إلى مشكوية آخر عمل همذان مما يلي إحدى وعشرون سكة ومن حلوان إلى شهرزور تسع سكك ومن حلوان إلى مدينة السيروان سبع سكك ومن مدينة السيروان إلى سن سميرة أربع سكك ومن سن سميرة إلى الدينور سكتان ومن الدينور إلى يزدجرد آخر عمل الدينور مما يلي زنجان ثماني عشرة سكة ومن سكة يزدجرد إلى زنجان إحدى عشرة سكة ومن زنجان إلى المراغة إحدى عشر سكة ومن المراغة إلى الميانج سكتان ومن الميانج إلى أردبيل إحدى عشرة سكة ومن أردبيل إلى سكة ورثان وهي آخر سكة من عمل أذربيجان إحدى عشرة سكة ومن سكة ورثان إلى مدينة برذعة ثماني سكك ومن سكة برذعة إلى المنصورة أربع سكك ومن برذعة إلى المدينة المتوكلية ستة سكك ومن المدينة المتوكلية إلى تفليس عشر سكك ومن برذعة إلى الباب والأبواب خمس عشرة سكة ومن برذعة إلى دبيل تسع سكك
سكك الطريق العادل إلى قم وأصبهان من الدور إلى قم ثلاث سكك ومن قم إلى أصبهان سبعة وأربعين فرسخا ومن مدينة قم إلى سكة رود آخر عملها ما يلي أصبهان ثلاث عشرة سكة
الطريق العادل إلى نهاوند من ماذران من عمل الدينور إلى نهاوند ثلاث سكك
الطريق العادل من ركاد إلى قزوين من ركاد إلى قزوين سكة
الطريق الآخذ إلى أكناف نواحي المغرب من بغداد إلى البردان سكتان ومن بردان إلى عكبرا أربع سكك ومن عكبرا إلى سر من رأى سبع سكك ومن سر من رأى إلى جبلتا سبع سكك ومن جبلتا إلى السن عشر سكك ومن السن إلى الحديثة تسع سكك ومن الحديثة إلى الموصل سبع سكك ومن الموصل إلى أول عمل بلد سكة ومن آخر عمل الموصل إلى سكة بلد ثلاث سكك ومن بلد إلى أذرمة تسع سكك ومن أذرمة إلى نصيبين ست سكك ومن نصيبين إلى كفر توثا ثلاث سكك ومن كفر توثا إلى رأس عين عشر سكك ومن رأس عين إلى الرقة خمس عشرة سكة ومن الرقة إلى النقيرة آخر عمل ديار مضر عشر سكك ومن النقيرة إلى منبج خمس سكك ومن منبج إلى حلب تسع سكك ومن حلب إلى قنسرين ثلاث سكك ومن قنسرين إلى أول عمل حمص سكة واحدة ومن سكة المرج وهي أول سكة تلي عمل قنسرين إلى
صوران سبع سكك ومن صوران إلى حماة سكتان ومن حماة إلى حمص أربع سكك ومن حمص إلى المحمدية أربع سكك ومن المحمدية إلى بعلبك خمس سكك ومن بعلبك إلى دمشق تسع سكك ومن دمشق إلى دير أيوب آخر عملها سبع سكك ومن دير أيوب إلى طبرية ست سكك ومن طبرية قصبة الأردن إلى اللجون من عمل الأردن أربع سكك ومن اللجون قصبة الأردن إلى الرملة قصبة فلسطين تسع سكك ومن الرملة إلى آخر عمل فلسطين وهي سكة المعينة تسع سكك ومن سكة المعينة إلى آخر طريق الجفار وهي سكة الدارورة سبع عشر سكة
الطريق العادلة من نصيبين إلى أرزن وخلاط من نصيبين إلى مدينة أرزن إحدى عشرة سكة ومن بدليس إلى خلاط أربع سكك
الطريق العادلة من كفر توثا إلى شمشاط من كفر توثا إلى آمد سبع سكك ومن آمد إلى تل جوفر سكتان ومن تل جوفر إلى شمشاط ست سكك ومن شمشاط إلى قاليقلا سكتان
الطريق العادلة من الحصن إلى الثغور الجزرية على حران والرها من الحصن إلى حران ثلاث سكك ومن حران إلى الرها سكتان ومن الرها إلى سميساط ثلاث سكك ومن سميساط إلى حصن منصور سكتان
الطريق العادلة من ديار مضر إلى طريق الفرات من الرقة إلى سكة دبا آخر عمل ديار مضر تسع سكك
سكك الطريق العادلة من منبج إلى الثغور الشامية من حلب إلى قنسرين تسع سكك ومن قنسرين إلى أنطاكية أربع سكك ومن أنطاكية إلى اسكندرونة أربع سكك ومن اسكندرونة إلى المصيصة سبع سكك ومن المصيصة إلى أذنة ثلاث سكك ومن أذنة إلى طرسوس خمس سكك ومن المصيصة إلى عين زربة سكتان
نرجع إلى الطريق العادلة من طبرية إلى صور من طبرية إلى صور سبع سكك
طريق الفسطاط إلى الإسكندرية ثلاث عشرة سكة ومن الإسكندرية إلى جب الرمل مما يلي برقة ثلاثون سكة
وما لم نذكر من سكك النواحي فهو للغنى بما ذكرناه من المسافة بينهما ولكن هذا آخر ما نذكره في هذه المنزلة إنشاء الله
تمت المنزلة الخامسة
من كتاب الخراج وصنعة الكتابة
والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم
المنزلة السادسة من كتاب الخراج
الباب الأول في أن أكثر أمر الأرض في الهيئة والقدرة والمساحة والوضع والعمارة فإنما أخذ من الصناعة النجومية وكيف ذلك
الباب الثاني في قسمة المعمور من الأرض
الباب الثالث في وضع البحار من الأرض المعمورة ومسافتها والجزائر منها
الباب الرابع في الجبال التي في المعمورة منها وعددها وإقرار المشهورة منها
الباب الخامس في الأنهار والعيون والبطائح التي في المعمورة وأعدادها وإقرار المشهور منها
الباب السادس في مملكة الإسلام وأعمالها وارتفاعها
الباب السابع في ذكر ثغور الإسلام والأمم والأجبال المطيفة بها
قال قدامة بن جعفر ما ينبغي لمن يرشح نفسه من الكتابة للرئاسة العالية أن لا يكون جاهلا بأمر الأراضي ووضعها ونخيل أقطارها وعلم غامرها وما لا يبلغه العمران منها ومعرفة ثغور الإسلام وأحوال الأجبال والأمم المطيفة بالمملكة التي يريد تدبيرها وقد كنا وعدنا في صدر كتابنا الكلام في هذه الأمور وذكر ما يحتاج إليه منها من كان ضابطا للترتيب الذي رتبنا عليه أسباب الكتابة ولم يلزم المزيد لبلوغ الغاية القصوى منها أن يكون ما هو فيه علم أن هذا موضع الكلام في أمر الأراضي وأحوالها وينبغي أن نبين الآن من ذلك ما يجب تبينه بعون الله الباب الأول في أن أكثر أمر الأرض في الهيئة والقدر والمساحة والوضع والعمارة فإنما أخذ من الصناعة النجومية وكيف ذلك
لما احتيج إلى علم أحوال الأرض في شكلها ومقدارها ومساحتها وأوضاع البلدان فيها ومبلغ المعمور وما لا يلحقه العمارة منها وكان الوقوف على حقيقة ذلك بالمعاينة وإدراكه بالمشاهدة متعذرا على الإنسان لقصور عمره وعجزه عن القدرة على الوصول إلى المواضع التي يحتاج إلى مشاهدتها لتحصيل أمرها عاد إلى ما أعطاه الله تعالى بلطفه من قوة التمييز الذي إذا عجز خمسه عن بلوغ ما يريده لضعفه كان في هذه القوة عوض له مما نقصه فاستخرج أولا شكل الأرض بأن وجد الشمس تطلع في المشرق أول النهار ثم تغيب في المغرب آخره ثم تعود كذلك في اليوم الثاني فعلم أن شكل ما يدار عليه من الأجسام لا بد من أن يكون وسطا لما يدور حواليه وإذا كان وسطا لم يحل أن يكون مستديرا أو ذا هيئة أخرى غير الاستدارة فلو أن شكله كان غير مستدير للزمته على طول الأزمان الاستدارة لأن زواياه وزوائده كانت تندرس لكثرة مرور الأشياء المصادمة له مثل الريح والأمطار وغيرها من الآثار
فكان يعود إلى الكريه كما يوجد في الحصى الذي في البحر من أن أكثره قد صار أملس مستدير الطول ملاقاته ما يلقاه من الأجسام المصادمة له
التي أزالت الزوايا منه وأذهبت التضريس عنه ثم استخرج علم مساحة الأرض من النجوم وذلك أنه لما لم يكن إلى علم مساحة الكرة سبيل الاستخراج أعظم دائرة تقع عليه وهي التي تقسمها نصفين وكان استخراج هذه الدائرة بالذراع ومباشرتها بالفعل متعذرا أما واحدة فلحاجة الإنسان إلى قطع دور الأرض بجسمه وذلك غير ممكن لما وصفناه من ضعفه وقصر عمره وأما ثانية فلانه لو كان قادرا على ذلك لم يأمن أن يلقاه في وجهه إذا أمعن في السير للمساحة والذرع ما يعوقه عن وجهه من الجبال الشامخة والأودية المنقعرة والبحار المنكرة والأمم المختلفة المذاهب والخلائق قصد كسوفا قمريا في مدينتين من المدن التي تحت خط واحد من الخطوط الموازنة لفلك معدل النهار وأخذ قدر المسافة بين هاتين المدينتين فقايس به ما بين وقتي الكسوف فيهما فجعل للمدة من الزمانين قسطا من المسافة بين البلدين وعمل على ذلك في زمان مسير الشمس يوما وليلة وهو دور الأرض فنسب مسافة الأرض من درج الفلك ونبين به ما أراد تبينه وما أرى أكثر من تعدا هذا الموضع ممن لم يطالع أشياء من صناعة النجوم بتحققه ولا بأس أن تبسطه ليظهر عند من لم يكن عارفا بهذه الصناعة وما أردناه به فنقول أن البلدين اللذين استخرجا قسط ما يخص الأجزاء الفلكية ومسافة ما بينهما هما بلدان عرضهما واحد ومعنى عرض البلد بعده عن معدل النهار وهو خط الاستواء فإن لم يكن هذان البلدان في الطول الذي هو بعده ما بين المشرق والمغرب مسافة ما قصد كسوف قمري وكان مثلا في البلد المشرقي على ساعتين من الليل وفي المغربي على ساعة وكانت مسافة ما بينهما من الأميال ألف ميل فيعلم
أن قسط الدرجة وهي جزء من خمسة عشر جزءا من الساعة المنسوبة من مسافة ما بين البلدين المذكورين ستة وستون ميلا وثلثا ميل فضربت هذه الأميال في أجزاء الفلك المسماة بالدرج وهي ثلثمائة وستون جزء فخرج من الضرب أربعة وعشرون ألف ميل فحكم بأن ذلك دور الأرض وهو ما كان لو احتيج إلى مساحته بالمساحة الأرضية تعذر للأسباب التي بيناها
فأما علم المعمور من الأرض مما لا يصلح فيه العمارة فكان الاستدلال عليه أيضا مع الأخبار الصحيحة التي قبلها بطليموس من رسله وقايس بها غيرها بما صح عنده من الأخبار المتقدمة قبله من جهة الكواكب أيضا وذلك أن هذا الرجل ضعف آراء من نظر في أمر المعمورة من الأرض مما لا يصل إليه العمارة مثل مارسيوس ومثل طيملسالس وابرخيس وغيرهم في قبولهم أقوال التجار الذين أخذوا الأخبار عنهم وقال التجار لا يؤمن تخرصهم فيما يحكونه قصدا للمماراة والمفاخرة لبلوغ المواضع التي يدعون بلوغها وأنفذ رسلا قاصدين لتعرف حقيقة ما أراد أن يعرفه من أمر المواضع في الجهات واعتمد من له النظر والفهم والبعد من التزيد والكذب يعمل على أخبارهم مقايسا لها بما وجده من الأدلة النجومية وكان استدلاله من جهة الكواكب أنه نظر في مسير الشمس الخاص لها وفي إدارة فلك الكل إياها فوجد لها بها دينا وموضع فلكها المنسوب إليها لزوما لذلك قربا منه في وقت وبعدا آخر وانحرافا عنه في غير ذلك الوقت وذلك أن يكون الزرع والضرع اللذان يجدهما في موضع يسمى
عامرا وهو بالاعتدال في الهواء وبطول العمارة وعدم الحرث والنسل إنما يكون بأفراط أداة الحر والبرد ووجد الاعتدال إنما يكون باعتدال مسير الشمس منه والارتفاع عن الموضع والقرب منه والإفراط في الحر والبرد إنما يكون أما بأن يجتمع بموضع الوبر في الجو والمسامته معا أو الدوام واتصال الطلوع فيسخن الهواء سخونة تحترق بها الحيوان والنبات ولا يستقيم أمرها فيه أو يجتمع في موضع آخر إلى البعد عن المسامتة والارتفاع في الجو والمقاربة في الطلوع إليه فيبرد هواه بردا يكثر معه الثلوج ويشتد الصهر والزمهرير فلا يتم فيه عمارة ويهلك الحرث والنسل بواحدة
ووجد الشمس إذا كانت في المنقلب الصيفي والأبراج الشمالية كان بين الموضع الذي عرضه أربع وستون جزءا وبين الشمس أربعون جزءا وتسع دقائق وعرض بغداد ثلاثة وثلاثون جزءا وخمس عشرة دقيقة وإذا كانت الشمس عالية في المنقلب الصيفي كعلوها إذا كانت في سبع عشرة درجة في الميزان وهو أول تشرين الأول ولكن الشمس إذا كانت في المنقلب الصيفي كانت قريبة من بعدها إلا بعد في الجو وكان الموضع الذي عرضه أربعة وستون جزءا في الصيف
أبرد كثيرا من زمان بغداد وفي أول تشرين الأول إذا كان الموضع الذي عرضه أربعة وستون جزءا على هذه الحال في الصيف فهو الشتاء لا يسكن فيه البتة لشدة البرد فيه لا سيما إذا انضاف مع ذلك قصر نهاره وطول ليله وان النهار يكون في ذلك الموضع في الشتاء ساعتين وسبع ساعة والليل إحدى وعشرين ساعة وستة أسباع ساعة وإنما من هذا الموضع الذي يبطل نهاره في الشتاء وليله في الصيف جزءان وبعض الأجزاء لأن الموضع الذي يبطل نهاره في الشتاء وليلة في الصيف هو الموضع الذي عرضه ستة وستون جزءا وتسع دقائق لأن ميل تلك البروج جزءا وإحدى وخمسون دقيقة والشمس تكون في المنقلب الشتوي في الأبراج الجنوبية وهي الناحية البعيدة عنا لأن مساكننا إنما هي نحو الشمال فإذا زيد ميل الشمس في الجنوب على عرض الموضع الذي وصفناه وقلنا أنه ستة وستون جزءا وتسع دقائق بلغ ذلك تسعين جزءا فحينئذ لا يوجد للشمس على ذلك الموضع ارتفاع ولا فيه طلوع إلى أن يعود بعد ستة أشهر إلى المنقلب الصيفي فإذا كان الصيف دام طلوعها عليه ستة أشهر أخرى فلم يكن لها غيبة عنه بما قدمنا شرحه فقد وافق هذا الاستدلال المبين شرحه من حركة الشمس ما ذكره بطليموس عن رسله وعمن قبله قوله ممن عنى بهذا الأمر ومحص عنه قبله وذلك أنه حكي عنهم أن أقصى ما وجد من العمارة في جهة الشمال الجزيرة المعروفة بتولي التي عرضها وهو بعدها عن خط الاستواء ثلاثة وستون جزءا وأطول النهار في هذا الموضع يكون عشرين ساعة فهذا ما يدل عليه النظر ووافقه الخبر من مبلغ حد العمارة في ناحية الشمال
وأما جهة الجنوب فلما كان إفراط الحر مانعا من كون العمارة في الموضع كما أن إفراط البرد مانع منها أيضا كان أشد المواضع حرا هو الموضع الذي يجتمع فيه إلى مسامته الشمس إياه دنوها منه وانحطاطها عليه وهذا الموضع فهو من وراء خط الاستواء بواحد وعشرين جزءا وخمس وثلاثين دقيقة في الجنوب حيث مسامته الشمس وهي في غاية دنوها إلى الأرض وذلك إذا كانت من الأبراج الجنوبية في خمس درج ونصف من القوس وقد ذكر بطليموس عن رسله ومن وافق عليه من تقدمه أن نهاية ما وجدوه من العمارة في الجنوب وراء خط الاستواء ستة عشر جزءا وربع وسدس وهذا الموضع فالشمس بسامته إذا كانت في ثلاث عشرة درجة من القرب فبين الموضع الذي أتت الأخبار ببلوغ العمارة إليه وبين ما أوجب الاستدلال بمجرى الشمس منه يسير يجوز أن تكون العمارة لم يتجاوز للتشابه بينه وبين الموضع المتقدم ذكره بالمجاورة فإذ قد وضح من الأرض مبلغ أقصى العمارة من جهتي الشمال والجنوب ما وضح بالدليل الذي وافقته الأخبار فلنذكر كيف قسم المعمور من الأرض الباب الثاني في قسمة المعمور من الأرض
قد قسمت الأمم المعمور من الأرض على ضروب من الأقسام فأول الأقسام ما يروي أن الله بعث ملكين فقسما الأرض ثلاثة أقسام وأتيا بالقسمة إلى نوح فكتبا له ثلاث قرع على تسمية بنيه سام وحام ويافث وألقيا القرع في إناء وقالا أدخل يدك فاخرج على اسم واحد فأدخل يده على اسم سام فخرج من وسط الأرض وهو من حد النيل إلى حد الترك
ثم أدخل يده المرة الثانية على اسم يافث فخرج له من حد سام إلى مستدار بنات نعش ثم أدخل يده المرة الثالثة على اسم حام فخرج من حد سام إلى مطلع سهيل فلما رأى ذلك عليه السلام سر به إذ صار فيما يخص به سام ثلاث أماكن مقدسة يعبد فيها الله وهو مكة وبيت المقدس وطور سيناء
فأعلم ذلك سام ودعا له بالبركة ولا يزال الله يعبد ويمجد في قسمه واستخلفه على ولده وجعل الوصية إليه ودعا لكل واحد منهم بالصلاح فلما أراد نوح
تفصيل القسمة بين ولده على ما خرجت القرعة خرج لسام ما بين النهرين نيل مصر والفرات وما بعد ذلك إلى أرض حلوان ثم ما ارتفع في الشمال إلى الروم والبرجان وما على سيف البحر في الجانبين عنها على نهر جيحان ثم في المشرق إلى تخوم أرض عدن والشجر
وخرج ليافث من حد حلوان إلى أرض خراسان والجبل وأرض أصبهان والديلم وبرجان والببر والطيلسان والترك والخزر والأرمن واللان
وخرج لحام مما يلي اليمن من بلاد الزنج والهند والسند والصين ثم في الغرب بلاد النوبة والبجة والبربر والجزائر من البحار المشرقية والمغربية كلها فهذه قسمة الأرض على ما أجراها نوح في ولده وبارك في ولد سام خاصة ودعا بأن تكون النبوة فيهم وكانت شهادة الأبد
وكانت الملوك تقسم مملكتها أربعة أقسام فجزء منها أرض الترك والخزر وهو ما بين مغارب الهند إلى مشارق الروم وجزء ما بين أرض الترك إلى الهند وهو أرض السودان وجزء من عمان إلى مكران وكابل وسجستان وطخارستان وجزء ينسب إلى بلاد فارس ويسمى بلد الجامعين وهو ما بين نهر بلخ ومنتهى أذربيجان وأرمينية إلى الفرات والقادسية
وكانوا أيضا يعتقدون في هذا القسم أنه سرة الأرض ووسطها وأنه لذلك اعتدلت ألوان أهله واقتدرت أجسامهم فخلوا من شقرة الروم وسواد الحبشة وغلظ الترك والخزر ودماثة أهل الصين ويقال أنهم كانوا يجزون البلاد على المشرق والمغرب والشمال والجنوب وكانوا يسمون ما بين مطلع الشمس في أطول النهار إلى مطلعها في أقصره خراسان وهو إلى صاحب ربع المشرق وما بين مغيب الشمس في أطول النهار ومغيبها في أقصره
جزء إيران وهو المغرب للشمس فكان إلى صاحب ربع المغرب وما بين مطلع الشمس في أول النهار الأقصر إلى مغيبها في آخر النهار الأطول يمرون وهي ناحية الجنوب وكان ذلك إلى والي اليمن وما بين مطلع الشمس في أول النهار الأطول إلى مغيبها في آخر النهار الأقصر باصر وهي ناحية الشمال فكان ذلك إلى أول أذربيجان هذه قسمة الفرس
وأما الروم فإنهم قسموا المعمورة من الأرض أول قسمة ثلاثة أقسام فجعلوا الأول من حد البحر المحيط وهو البحر الأخضر من ناحية الشمال والخليج الذي يخرج إلى حد تيطوس من البحر الأخضر إلى بحر الروم وهو البحر الشامي وكانت هذه القطعة من الأرض كالجزيرة لأنها من ناحية الشمال والمغرب البحر الأخضر ومن ناحية الجنوب وبعض الشرق بحر الشام وسموه باليونانية أروفي والقسم الثاني أما جهة المغرب فالبحر الأخضر ومن ناحية الشمال بحر الروم ومن ناحية الجنوب بحر الحبشة ومن ناحية المشرق عريش مصر وسموا هذا القسم لوبية
والقسم الثالث لما بقي من العمران من هذا الحد إلى أقصى المشرق وحدود ذلك أما من جهة المغرب فنيل مصر والعريش وآيلة وأما من جهة الجنوب فبحر اليمن والهند
وأما من ناحية المشرق إلى أقصى عمارات الصين فسموا هذا القسم أسبنة الكبرى وحدوا هذه الأقسام الثلاثة بحدود أخرى فأما أسبنة فآخر حدودها بحر الحبشة من المشرق وإلى نهاية المشرقية إلى مصر والحد الثاني عرض الطريق فيما بين هذا البحر وبحر الشام وسواحله
وجبل اللكام مادا إلى أقصى العمارة من جهة الشمال والحد الثالث نهاية هذا الحد من جهة هذا الشمال إلى المشرق والحد الرابع أو قيانوس وهو البحر والمحيط المشرقي والفيافي التي تليه إلى بحر الحبشة
وأما لوبية فحدها الغربي بحر الحبشة والحد الثاني غرب الشام وبرقة وأفريقية والأندلس حتى يتصل ببحر أوقيانوس المغربي والحد الثالث الجزائر المسماة الخالدات التي من بحر أوقيانوس المغربي والفيافي التي تليه ذاهبا إلى الجنوب والحد الرابع الفيافي الجنوبية على الاتصال إلى أن تعاد إلى بحر الحبشة المغربي الذي عند مصر وهو بحر القلزم
واما أروفى فحدها من جبال اللكام وما والاها مادا إلى بحر أوقيانوس الشمالي والحد الثاني أوقيانوس الشمالي ذاهبا إلى نهاية العمارة من جهة المغرب والحد الثالث أوقيانوس المغربي ذاهبا إلى بحر الروم وهو المشترك بين أروفى ولوبية والحد الرابع هو البحر الرومي من البحار إلى حد ما يلي لوبية ذاهبا حتى ينتهي إلى ساحل الشام في تمام الحد الأول حتى ينتهي إلى جبال اللكام
والقطع المسمى أتينة من هذه القطوع الثلاثة يأخذ مما يلي الطول من المشرق إلى المغرب منحرفا إلى جهة الشمال والقطع المسمى لوبية يأخذ من الثلث الثاني قريب من الثلثين مساويا بحر أتينة في العرض من الجنوب إلى الشمال إلى قدر الثلثين من العرض والباقي للقطع المسمى باروقى وجميع ذلك فمقداره من جملة مساحة نصف السدس وشيء يسير لأنه لما كان الحول من المشرق إلى المغرب مائة وثمانين جزءا وهو نصف دورة الأرض ووجدت العمارة من خط الاستواء الذي هو غاية الجنوب إنما هو مبلغ ثلاثة وستين جزءا من جهة الشمال وكان ضرب مائة وثمانين الذي هو النصف في ستين الذي هو السدس ونصف السدس وقسط الزيادة من مضروب النيف الذي على السدس في النصف الذي يظن يأخذ العشر الجزء من الأرض الباقية بعد نصف السدس المعمورة أكثرها أن تجاوز ما بار نصف السدس من الجهة الجنوبية الذي يكون الشمس من المجرى عليه مثل ما لها في المجرى من الجهة الشمالية أنه عامر كعمارة ما عندنا والله أعلم إذا كان وصول من في هذه الجهة إلى تلك ومن في تلك إلى هذه متعذرا من ناحيتي الشمال والجنوب فلما بيناه من حال البرد في الشمال والحر في الجنوب
وأما من جهة المشرق والمغرب فليس لعلة ظاهرة لأنه ليس يوجد مانع يمنع من النفاذ على الخطوط الموازية لمعدل النهار في المواضع المغمورة ظاهرا وباطنا إلا أنه لم نجد مخبرا يخبر بوصوله إلى تلك المواضع ولا رآه رأي العين ولعل العائق عن ذلك والمانع منه أحوال أرضية ومن
بحار متعددة المسلك وجبال شاهقة المصعد وأودية لا يمكن فيها المنحدر ومفاوز يتعذر فيها وجود ما يشرب وما جاء من هذه الأسباب ما يقطع
فأما قسمة ما هو عامر من الأرض بالأقسام المسماة الأقاليم فإنهم جعلوها سبعة وبدوا قسمتها من خط الاستواء وهو مبتدأ الجنوب حيث تكون أرض الحبشة والهند إلى غاية العمارة في الشمال على حسب ما بيناه فيما تقدم وفرضوا الأقاليم وأخذوا في الطول من المشرق إلى المغرب وجعلوا الأقاليم على التوالي واحدا بعد واحد إلى حيث تكون ساعات نهار الصيف فيه عشرون ساعة والليل أربع ساعات
والأول من الأقاليم وحده من المغرب الجزائر التي في البحر الأخضر وناحية الأندلس إلى أقصى عمارات الصين ومسافة ما بين هذين الموضعين اثنا عشر ألف ميل وطول ذلك من الزمان اثنتا عشرة ساعة أما يوم أو ليلة لأن الشمس إذا غابت في هذه الجزائر طلعت بالصين وعرض الأقاليم الأول من تحت معدل النهار إلى مقدار ما يبعد عنه بعشرين درجة وثلاث عشرة دقيقة وأطول نهار وسطه ثلاث عشرة ساعة يزيد على الاستواء ساعة ويسمى هذا الإقليم الأول مرايس وهي مدينة الحبشة
وأما الإقليم الثاني من حد الإقليم الأول في العرض وهو عشرون درجة وثلاث عشرة دقيقة إلى سبع وعشرين درجة واثني عشر دقيقة وأطول النهار في وسطه ثلاثة عشرة ساعة ونصف يزيد على الاستواء ساعة
ولا طول فيه إلى ناحية الجنوب إذا كانت الشمس في الجوزاء والسرطان واسمه إقليم أسوان وهي المدينة التي على تخوم البجة وأرض مصر
والإقليم الثالث من حد الإقليم الثاني في العرض وهو سبع وعشرون درجة واثنتا عشرة دقيقة إلى تمام ثلاث وثلاثين درجة وتسع وأربعين دقيقة وأطول نهار وسطه عشرة ساعة ويسمى إقليم مصر
والإقليم الرابع من حد الإقليم الثالث التي تتمته ثماني وثلاثين درجة وثلاث وعشرين دقيقة وأطول نهار وسطه أربع عشرة ساعة ونصف ويسمى إقليم أنطرسوس
والإقليم الخامس من غاية الإقليم الرابع إلى تمام اثنتين وأربعين درجة وثماني عشرة دقيقة وأطول نهار وسطه خمس عشر ساعة ويسمى إقليم روذش
والإقليم السادس من غاية الخامس إلى تتمه سبع وأربعين درجة ودقيقتين وأطول النهار في وسطه خمس عشرة ساعة ونصف ويسمى إقليم بنطوس لأن خطه على وسط بحر بنطوس
والإقليم السابع من حد الإقليم السادس إلى تتمته ثمان وخمسين درجة وخمسين دقيقة وأطول نهار وسطه ست عشرة ساعة وما تبلغه العمارة فيما بعد ذلك منسوب إلى هذا الإقليم الباب الثالث في وضع البحار من الأرض المعمورة ومسافتها والجزائر منها
أعظم البحار عندنا هو البحر المساوي في الطول لخط الاستواء المعروف بالمشرق وهو أخذ من أقصى بلاد الحبشان التي في المغرب إلى أقصى بلاد الهند في المشرق وطوله على هذا السمت ثمانية آلاف ميلا وعرضه في الشمال ألفان وسبعمائة ميلا مجاور جزيرة استوى الليل والنهار في العرض بألف ميل وتسعمائة ميلا ومن هذا البحر خليج يخرج من أرض الحبشة ويمتد إلى ناحية البربر يسمى الخليج البربري ومقدار طوله في الجهة التي يأخذ إليها خمسمائة ميلا وأصل الذي يبتدأ منه في البحر الأعظم مائة ميل وخليج آخر يمر بالمدينة المسماة آيلة طوله منذ أن يبتدأ إلى حيث ينتهي ألف وأربعمائة ميلا وعند منتهاه في المغرب والموضع المتصل بالبحر الأخضر مائتا ميلا وهذا البحر الأخضر يعرف بالمحيط وباليونانية أوقيانوس ولا يعلم من أين أمره إلا ما يلي ناحية المغرب في أقصى أرض الحبشة ومما يلي ناحية الشمال فقط فإن فيه من ناحية المغرب الجزائر المسماة بالخالدات وجزيرة أخرى تسمى غديبة تقابل بلاد الأندلس عند خليج عرضه سبعة
أميال يخرج من البحر الأخضر ويمر بين الأندلس وطنجة ويسمى سبطا وينفذه إلى بحر الروم وفيه أيضا من ناحية الشمال اثنتا عشرة جزيرة وهي الجزائر التي تسمى جزائر براطانية فأما إذا بعد هذا البحر المسمى بالمحيط فإن السفن لا تجري فيه ولا يعلم أحد من البشر حاله
وأما بحر الروم ومصر فأبتدأوه من عند هذا الخليج بين بلاد الأندلس وطنجة آخذا نحو المشرق حتى يمر بسواحل الشام وطوله من حيث يبتدأ خمسة آلاف ميلا وعرضه في موضع ستمائة ميلا وفي آخر سبعمائة ميلا وفي آخر ثمانمائة ميلا وفيه خليج يخرج إلى ناحية الشمال بالقرب من بلد رومية طوله خمسمائة ميلا يسمى إدريس
وفيه خليج آخر يخرج من الأرض المعروفة بنربونة يكون طوله مائتي ميلا وفي بحر الروم مائة واثنتان وسبعون جزيرة كان جميعها عامرا فأخرب المسلمون أكثرها بالمغازي إليها منها خمس عظام وهي جزيرة قبرص التي تحت ساحل دمشق ويحيط بها ثلثمائة وخمسون ميلا وجزير أقريطش حيال برقة وإحاطتها ثلثمائة ميلا وجزيرة صقلية حيال أفريقية يحيط بها خمسمائة ميلا وجزيرة سرتانية حيال أفرنجية
وبلاد تونس وإحاطتها ثلثمائة ميلا وجزيرة يابس حيال الأندلس يحيط بها مائتا ميلا وأما بحر قنطوس فإنه يمتد من الشمال عند المدينة المسماة لارقة وراء قسطنطينية وطوله ألف ميلا وثلثمائة ميلا في عرض ثلثمائة ميلا ويدخل فيه البحيرة المسماة طابسين وهي تجري من ناحية الشمال من الجزيرة التي في البحر الأخضر المسماة ماطوس وطول هذه البحيرة من المشرق إلى المغرب ثلثمائة ميلا وعرضها مائة ميلا ويسيل منها خليج عند قسطنطينية حتى يصب في بحر الروم وطوله من حيث ابتدائه من مدينة قسطنطينية إلى حيث يصب مائتان وستون ميلا فيه سفن وعرضه مختلف
فأما عند قسطنطينية ثلاثة أميال وفي موضع آخر ستة أميال وفي موضع آخر ميل وأكثر وأقل ويكون عرضه عند مصبه مقدار غلوة وبذلك الموضع صخرة عليها برج مبني وفيه من قبل الروم من يفتش السفن
والبحر المشرقي الكبير الذي تقدم وصفنا إياه وقولنا أن طوله ثمانية آلاف ميلا وذكر خليجة الممتد إلى بلاد البربر وخليج آخر
يسمى الخليج العربي وهو المعروف ببحر العرب طوله ألف وأربعمائة ميلا عرضه في موضع منشأته من البحر الكبير عند الموضع المعروف برأس الجمجمة وهو المغرب من بلاد المغرب في بلاد مهره من اليمن وبإزائه من المشرق بلد الديبل من السند خمسمائة ميلا ومنتهاه نحو البصرة مائة وخمسون ميلا وبين هذا الخليج المسمى بحر العرب والخليج المسمى بحر القلزم الذي ذكرنا أنه يمر بأيلة بأرض اليمن وأرض الحجاز وجزيرة العرب ومسافة ما بينهما ألف وخمسمائة ميل ويخرج من البحر الأكبر عند تهامة بأرض الهند خليج رابع يسمى الخليج الأخضر يكون طوله ألف وخمسمائة ميلا وفيه الجزائر العامرة وغير العامرة ألف وخمسمائة وسبعون جزيرة منها الجزيرة العظيمة المقابلة لأرض الهند المسماة سرنديب ومقدار دورها ثلاثة ألف ميلا وفيها جبال عظام وأنهار ومدائن كثيرة وفيها معدن الياقوت كله وحول هذه الجزيرة تسع عشرة جزيرة عوامر فيها قرى ومدائن
وأما بحر جرجان وهو الذي بالباب والأبواب وهو بحر خوارزم طوله من المغرب إلى المشرق ثمانمائة ميلا وعرضه ستمائة ميلا وفيه جزيرتان مقابلتان لجرجان كانتا فيما مضى عامرتين الباب الرابع في الجبال التي في المعمورة وعددها وأقدار المشهور منها
قد وجد خلف خط الاستواء في الجنوب وقبل الإقليم الأول جبال تسعة منها خمسة متقاربة المقادير إلا أن أطولها ما بين الأربعمائة ميلا إلى الخمسمائة ميلا ونحو ذلك ووجد أيضا هناك جبل طوله تسعمائة ميلا وجبل العمر وطوله نحو ألف ميل وجبل بعضه وراء خط الاستواء وبعضه في الإقليم الثاني وجبل بعضه في الإقليم الأول وسائره خلف ظهر الاستواء وطوله أربعمائة ونيف وأربعون ميلا
وأما الإقليم الأول فالذي وجد فيه من الجبال تسعة عشر جبلا منها جبل سرنديب وطوله مائتان ونيف وستون ميلا والجبل المحيط ببحيرة الياقوت وهو مستدير الشكل كشكل السفط
وأما الإقليم الثاني ففيه من الجبال سبعة وعشرون جبلا منها جبل كرمان ثلثمائة ونيف وثلاثون ميلا
أما الإقليم الثالث ففيه أحد وثلاثون جبلا
وأما الإقليم الرابع ففيه أربعة وعشرون جبلا منها جبل الثلج بدمشق وطوله ثلاثة وثمانون ميلا وجبل سنير من هذه الناحية وطوله خمسة وأربعون ميلا وجبل اللكام بهذه الناحية طوله مائة ميل وجبل متصل بحلوان وطوله مائة وخمسة عشر ميلا والجبل الذي يمر بأصبهان ويعدل إلى جبل نهاوند وطوله أربعمائة وخمسة وثلاثون ميلا والجبل المتصل
بهذا الجبل المستدير فيما بين أصبهان والأهواز وطوله مائتان واثنان وعشرون ميلا والجبل المار بين اصطخر وجور وطوله مائتان وخمسون ميلا والجبل المتصل بنهاوند وجبل طبرستان وطوله ثمانمائة ميلا
أما الإقليم الخامس ففيه تسعة وعشرون جبلا فيها جبل حارث وحويرث وطولهما ثلاثة وثلاثون ميلا والجبل الذي بين الموصل وشهرزور وطوله مائتان وخمسة وأربعون ميلا ومنها الجبل المتصل بهذا الجبل وبحارث وحويرث حتى يتصل الجبل بقزوين ويقرب من بران وطوله مائتا ميل
وأما الإقليم السادس ففيه أربعة وعشرون جبلا منها الجبل الذي فيه هيكل الزهرة وهو متصل بالبحر وطوله مائتان وأربعة وثمانون ميلا
وأما الإقليم السابع ففيه أربعة وأربعون جبلا ومنها ياجوج الذي يسمى المحيط وأوله من السند وطوله تسعمائة ميل فجميع ما عرف من الجبال مائة وثمانية وخمسون جبلا الباب الخامس في الأنهار والعيون والبطائح التي في المعمورة وأعدادها وأوصافها ومقاميرها والعظام منها
أول العيون عين يخرج من جبل القمر حذاء خط الاستواء ثم يتشعب منها عشرة أنهار وتصب كل خمسة منها في بطيحة من بطحتين من الناحية الجنوبية وراء خط الاستواء ثم يتشعب من كل بطيحة ثلاثة أنهار يجتمع إلى البطيحة في الإقليم الأول عند بعد جزئين من خط الاستواء ثم يخرج من هذه البطيحة نهر هو نيل مصر حتى يمر بمدينة النوبة ويقطع الإقليم الأول حتى يتجاوزه على سمته بمقدار جزء ونصف من الإقليم الثاني ثم ينعرج حتى يصير إلى مدينة أسوان ماسا لها ثم يعدل معرجا فيما بين جبل يعرف سلوقيا ثم يرجع ويمر مارا إلى مصر مماسا عند عرض تسعة وعشرين جزءا وربع يكون ذلك البعد من خط الاستواء ألفان وتسعمائة وثلاثة وثلاثون ميلا ثم ينقسم النيل من هناك سبعة أقسام متقاربة ما بين المسافات والقرى منها إلى الإسكندرية ثم يتفرق فرقتين يصبان مع السد الأول إلى بحر الروم في الإقليم الثالث فيكون مسير النيل منذ البداية ألفي ميل ونيفا
وعين أخرى مركزها تحت خط الاستواء يخرج منها نهر قاصد إلى النيل حتى يصب فيه عند مدينة النوبة وعين أخرى في جزيرة الفضة التي في بحر الصين يخرج منها ثلاثة أنهار يمر الأوسط منها بركن المدينة التي في هذه الجزيرة ثم يصب النهران الآخران إلى البحر وعين أخرى من وراء خط الاستواء في هذه الجزيرة يخرج منها نهران يصبان في البحر فهذا ما وراء خط الاستواء من العيون والأنهار والبطائح
وأما الإقليم الأول ففيه من الأنهار والعيون الجارية ثلاث وعشرون عينا أما واحدة منها فإنها تخرج عند المدينة المعروفة باليونانية يميس وأما الإقليم الثاني فإن فيه من الأنهار والعيون الجارية تسعة وعشرين وأما الإقليم الثالث فإن فيه من الأنهار ستة وعشرين نهرا وعينا واحدة وأما الإقليم الرابع ففيه من الأنهار والعيون الجارية أربعة وعشرون وعين واحدة ولا تجري مقدارها ثمانية عشر ميلا عند المدينة المعروفة ببحيرة طبرية وهي مدورة ومقدارها ثلاثة وثلاثون ميلا يخرج منها نهر يمر بجبل الثلج الذي عند دمشق إلى قرب أنطاكية فيما بين جبل الثلج وجبل سنير حتى يصب في البحر ويخرج أيضا من هذه البحيرة نهر إلى البحيرة المعروفة بالنتنة ومقدار هذه البحيرة مقدار بحيرة طبرية
ومن الأنهار التي في هذا الإقليم نهر يخرج من جبل فيقطع جبل اصطخر وجور من فارس ويصب في البحر بالقرب من سيراف منها أيضا نهر يخرج من عين في المشرق ويكون منه بطيحة مقدارها ستة وأربعون ميلا في ذلك الموضع ثم يقطع مدينة الصين ويصب في البحر
فأما الإقليم الخامس فإن فيه من الأنهار خمسة وعشرين نهرا منها دجلة وابتداؤها عند طول نيف وستين جزء وعرض سبعة وثلاثين جزءا وتمر نحو الجنوب ثم تنحرف في المغرب قليلا وانبعاثها من عين تمر بين جبلين عند مدينة آمد وتمر بباسورين حتى تصير إلى مدينة بلد ومدينة الموصل وفيما بينهما إلى الحديثة فإذا صارت إليها صب فيها هناك نهر يأتي من بلد شهرزور ويقال له الزابي ثم تمتد حتى تمر بين جبلين يعرف أحدهما ببارما والآخر بساتيدما إلى أن تتجاوز مدينة سر من رأى فإذا تجاوزها قليلا وقع إليها نهر يقال له الزاب يأتي من الجبل ويقع إليها نهر آخر يأتي من الجبل أيضا ثم تمر دجلة وسط مدينة بغداد ثم تمر بواسط إلى أن تصب إلى البطائح ومقدارها نيف وستون ميلا ثم تخرج فتفترق فرقتين فرقة تمر إلى البصرة
وفرقة أخرى تمر إلى ناحية المذار ثم يصب الجميع إلى بحر العرب
ومقدار مسافة دجلة منذ ابتدائها إلى منتهاها ثمانمائة ميل ونيف
ومن الأنهار التي في الإقليم الخامس نهر مهران الكبير ونهر مهران الصغير بأرض السند عند طول مائة وستة وعشرين جزءا ونصف جزء
وعرضه ستة وثلاثين جزءا وسدسا ثم يمر مغربا ومنحرفا نحو الجنوب إلى مدينة من مدن السند فيمر بينها وبين جبل أصغر ومن ذلك الموضع وبين ابتدائه نحو ألف ميل ثم يفترق من ذلك الموضع فيصير نهرين يصب الأول منها في البحر عند المدينة المسماة بلسان اليونانية أومير ويصير الآخر نهرين يصب أحدهما إلى البحر ويصير من الآخر نهر مهراني الثاني ويقع في النهر ستة أنهار تأتي من عيون فيكثر ماؤه ثم يصب في البحر ثم يمر بمدينة القندهار نهر أيضا يسمى مهران ثم يمر حتى يلاقي الجبل المعروف بجبل كرمان يصب في البحر بقرب من المنصورة وفي هذا الإقليم النهر المعروف بجيحون يخرج من جبل بالمشرق عند طول مائة وخمسة وثلاثين جزءا ويمتد آخذا إلى المشرق ثلثمائة ميلا ومن هذا الإقليم أيضا عين يجري منها نهر في أصل الجبل المعروف بحارث وحويرث مقدارها ستة عشر ميلا والنهر يقطع مرد الروذ ومخرجه من جبل يأخذ من جهة المغرب منحرفا إلى الجنوب إلى أن يصير إلى مرو الروذ فيقطعها ثم يصير إلى مرو وطوله تسعون ميلا
وأما الإقليم السادس فإن فيه من الأنهار ستة وعشرين نهرا منها الفرات وأوله من عين في بلد الروم يخرج من جبل بروجس ويمر مغربا في بلاد الروم حتى يماس جبلا يقال له سفينا ويميل حتى يسير نحو أربعمائة وخمسين ميلا ثم يعرج في جهة الجنوب فينزل إلى بلاد الإسلام فيما بين سعرت وملطية وشميشاط ويمر بمدينة هنزيط ثم يعرج مغربا حتى يصير إلى مدينة سميساط فيما بين قلعتها ويمر مغربا حتى يصير إلى مدينة جسر منبج ثم يعطف طالبا لناحية الجنوب حتى يأتي بالس ثم الرقة ثم قرقيسيا ويمر بالرحبة ثم يمر حتى يلتحف على عانة لأنها في وسطه ثم يمتد على سنته ثم يمر بهيت والأنبار فيتجاوزهما فينقسم قسمين منهما قسم يأخذ نحو المغرب قليلا المسمى بالعلقمي إلى أن يصير إلى الكوفة وقسم يستقيم ويسمى سورا حتى يمر بمدينة سورا إلى النيل وما يتصل بها فيسقى كثيرا من أعمال السواد ويخرج منه أسفل الأنبار نهر يعرف بالدقيل يحمل منه نهر عيسى الذي يأخذ إلى بغداد ويصب إلى دجلة بها ويمر
جملة ما يبقى من ماء الفرات بعد ما يتفرق في الأنهار إلى سقي أعمال السواد فيصب إلى دجلة أسفل واسط وطول الفرات منذ أن يطلع في بلاد الإسلام إلى أن يأتي بغداد ستمائة وثلاثة وعشرون ميلا
من هذا الإقليم أيضا النهر الذي يمر بين البحر وحروار من بلاد أرمينية ويصير إلى مدينة بروغة أوله عين يأخذ منها ويمر بهذه المواضع إلى أن يصب إلى البحر ومن أوله إلى مصبه في البحر الحروري نحو سبعمائة ميلا ويعرف هذا النهر بطورا وجرية من جهة المغرب إلى الشرق ومنحرفا نحو الجنوب وفي هذا الإقليم أيضا عند عرض أربعة وأربعين جزءا وثلثي جزء طوله ثمانية وخمسون جزءا وثلثي جزء لا يجري فيها نهر
وأما الإقليم السابع ففيه ثمانية وعشرون نهرا كبارا وصغارا منها نهر جيحان الذي طوله ستون جزءا وعرضه ستة وأربعون جزءا آخذ نحو الجنوب حتى يمر بمركز مدينة سلمية من بلد الروم ويمر بين جبلين منحرفا نحو المغرب إلى أن يصير إلى مدينتين كانتا للروم ثم صارت إحداهما ثغرا من ثغور المسلمين وهما في هذا الوقت خراب يقال لهما نوسا وزبطرة فيمر فيما بينهما ثم يمر من بين جبلين راجعا إلى ما كان عليه من قصد ناحية الجنوب حتى يمر بثغر المصيصة فيما بين هذا الثغر وجبل اللكام ثم يصب في البحر الشامي وطول هذا النهر من ابتدائه إلى موضع مصبه سبعمائة ونيف وثلاثون ميلا
وفي هذا الإقليم أيضا نهر بلخ وابتداؤه من بحيرة في ناحية المشرق مقدارها نيف وأربعون ميلا عند طول مائة ونصف جزء عرضه ثمانية وأربعون جزءا مشرقا ومنحرفا نحو الجنوب حتى يلقى ركن جبل بعد مسيرة مائة ميل ثم ينعطف في جهة الجنوب نحو المغرب حتى يتجاوز في الدنو إلى غرب الموضع الذي ابتدأ منه بمقدار أربعة أجزاء وقدر ذلك مائتان ونيف وستون ميلا ويقرب إلى الجنوب ثم يصير إلى مدينة خوارزم فيقطعها ويمتد نحو الغرب حتى يصب في بطيحة عند طول ثمانية وتسعين جزءا من ابتداء نهر بلخ إلى مصبه في هذه البطيحة ألف ومائة ميلا ويخرج من نهر بلخ خليج يمر آخذا في الغرب حتى يلي مدينة أشروسنة ومدينة حجندرة ثم يمر على مدينة المحمدية ويمتد يقرب من موضع آخر من نهر بلخ إلى مصبه في البحر أربعمائة وتسعة وعشرون ميلا
وفي هذا الإقليم من الأنهار العظام نهر يبتدأ من المشرق من طول مائة وتسعة وعشرين جزءا ونصف جزء وعرضه ثمانية وأربعون جزءا آخذا نحو المغرب ومنحرفا في الشمال حتى يقرب من مدينة الخزر ويداني البحر فيمر بينه وبين مدينة خوارزم ثم يرجع نحو الجنوب حتى يصب في بطيحة نهر بلخ وطول هذا النهر من ابتدائه إلى مصبه ألفان وستمائة وثلاثون ميلا
ويصب في هذا النهر من الأنهار العظام ثلاثة عشر نهرا يأخذ من عيون تخرج من جبال
وفي هذا الإقليم أيضا نهر يأتي من عين في المشرق عند طول مائة وخمسة وأربعين جزءا ونصف جزء وعرض سبعة وأربعين جزءا فيمر منسرحا ومنحرفا نحو الشمال حتى يمر بين السد وجبل ياجوج وماجوج ثم يعدل إلى مدينة ياجوج وماجوج ثم يستقيم إلى غاية المشرق عند طول مائة وثمانين جزءا وعرض ستة وخمسين جزءا وذلك قريب من نهاية العمارة في الشمال ومسافة هذا النهر من ابتدائه إلى غايته ألفان وثلثمائة ميل ويقع في هذا النهر نهران آخران في موضعين منه
فأما ما وراء الإقليم السابع فإن عدده سوى الأنهار التي في جزائر البحر الأخضر ثمانية أنهار والذي في هذه الجزائر من الأنهار سبعون نهرا منها في جزيرة الوفاء أربعة عشر نهرا وفي جزيرة قولى اثنا عشر نهرا وفي جزيرة سندما خمسة أنهار وبطيحة مقدارها ثلاثة وثلاثون ميلا وفي مدينة أمرابوس التي تنسب إلى الدجال ستة وثلاثون نهرا وبطيحة كبيرة فجميع الأنهار في الأرض مائتان وثمانية وخمسون نهرا منها العظام نيل مصر ونهر مهران والفرات ودجلة ونهر طورا بأرمينية وجيحان ونهر بلخ ونهر خوارزم ونهر ياجوج وماجوج ومن البحيرات والعيون التي لا تجري عدة الباب السادس في مملكة الإسلام وأعمالها وارتفاعها
إنه إذا قيل الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب كانت هذه الأسماء جميعا تقال بالإضافة إلى شيء بعينه فإن مصر مثلا ونحن نعدها من أعمال المغرب مشرق لمن هو في بلاد الأندلس وكذا خراسان مشرق لنا ومغرب لأهل الصين وكذلك سائر النواحي لا بد لها من قصبة يشار منها إلى نواحيها
فنقول أن قصبة مملكة الإسلام بلد العراق وهذا مع أنه موجود هكذا في الوقت فقد كانت الفرس تجريه عليه وتسميه دل إيرانشهر
وإنما سميت العرب العراق بهذا الاسم تعريبا لما وجدت الفرس سمته وهو إيران ومعنى إيران نسبة إلى أير وهم القوم الذين اختارهم أير بن فريدون بن ويونجهان بن أوشهنج بن فيروزان بن ساميك بن نرسي بن جيومرت تفسير جيومرت على ما أخبرني به الموبذ الحي الناطق الميت والفرس أوليتهم وابتداؤهم من جيومرت ويسمونه مقام آدم عليه السلام
كورة حلوان وطساسيجها خمسة طساسيج منها طسوج شاذ فيروز قباذ طسوج الجبل طسوج اربل طسوج تأمراء طسوج خانقين
واستان شاذ قباذ وطساسيجه سبعة منها طسوج بزرجسابور طسوج نهر بوق طسوج كلواذي طسوج جازر طسوج المدينة العتيقة طسوج راذان الأعلى طسوج راذان السفلى
واستان خسرو شاذ هرمز وطساسيجة ثمانية منها طسوج روستقباذ وطسوج شهرزور وطسوج سلسل طسوج جلولاء وجللتا طسوج الذيبين طسوج البنديجين طسوج براز الروذ طسوج الدسكرة
واستان ارندين كرد وطساسيجة خمسة منها ثلاثة طساسيج النهروانات طسوجا بادرايا وباكسايا
واستان خسرو سابور وهي كورة كسكر وطساسيجة أربعة طسوج منها طسوج الزندورد طسوج البزبون طسوج الاستان طسوج الجوازر
واستان خسرة شاذبهمن وهي كورة دجلة وطساسيجة أربعة منها طسوج بهمن اردشير طسوج ميسان طسوج دستميسان طسوج ابن قباذ فهذه طساسيج شرقي دجلة
وأما الجانب الغربي منها وهي سقي الفرات فمن ذلك استان العالي وطساسيجه أربعة منها طسوج فيروز سابور طسوج مسكن طسوج قطربل طسوج الأنبار طسوج بادوريا
واستان أردشيربابكان وطساسيجه خمسة منها طسوج بهرسير طسوج الرومقان طسوج كوثي طسوج درقيط طسوج نهر جوبر
واستان روين باسفار وهو الزوابي وطساسيجه ثلاثة منها الزاب الأعلى والزاب الأوسط والزاب الأسفل
واستان البهقباذ الأعلى وطساسيجه ستة منها طسوج بابل وطسوج خطرنية طسوج الفلوجة السفلى طسوج الفلوجة العليا طسوج النهرين طسوج عين التمر
واستان البهقباذ الأوسط وطساسيجه أربعة منها طسوج الجبة والبداة طسوج سورا وبربيسما طسوج باروسما طسوج نهر الملك
واستان البهقباذ الأسفل وطساسيجه خمسة منها طسوج فرات بادقلي وطسوج السيلحين وطسوج نستر وطسوج
روذمستان وطسوج هرمز جرد يخرج من طساسيج السواد فكأنه كما ذكرنا ستين طسوجا اثنا عشر طرحت من ذلك كورة حلوان المضافة إلى كورة الجبل خمسة طساسيج ومن ذلك كورة دجلة المضافة إلى أعمال البصرة أربعة طساسيج ومن ذلك ما دخل في البطائح وغلب الماء عليها طسوج ومن ذلك ما عد في الضياع الخاصة طسوجان من أعمال طريق خراسان وهو مردود من كورة البهقاذ الأسفل فصار المعدود في السواد في هذا الوقت عشرة كور وطساسيجها ثمانية وأربعون طسوجا
ولنبتدأ بذكر ارتفاع السواد بحسب ما هو عليه في ذلك الوقت وعلى عبرة سنة مائتين وأربع وهي أول سنة يوجد حسابها في الدواوين بالحضرة لأن الدواوين أحرقت في الفتنة التي كانت في أيام الأمين المعروف بابن زبيدة وهي سنة ثلاث وثمانين ونسق ذلك وحد العراق من جهة الغرب على هذا التفصيل
النواحي الحنطة والشعير الورق
الأنبار والنهر المعروف أحد عشر ألفا وثمنمائة كر ستة آلاف وأربعمائة كر أربعمائة ألف درهم
طسوج مسكن ثلاثة آلاف كر ألفا كر مائة وخمسون ألف درهم
طسوج قطربل ألفا كر ألفا كر ثلثمائة ألف درهم
طسوج بادوريا ثلاثة آلاف وخمسمائة كر ألفا كر ألف ألف درهم
بهرسير ألف وسبعمائة كر ألف وسبعمائة كر مائة وخمسون ألف درهم
الرومقان ثلاثة آلاف وثلثمائة كر ثلاثة آلاف وثلثمائة كر مائتان وخمسون ألف درهم
كوثى ثلاثة آلاف كر ألفا كر ثلاثمائة وخمسون ألف درهم
نهر درقيط ألفا كر ألفا كر مائتا ألف درهم
نهر جوبر ألف وخمسمائة كر ستة آلاف كر مائة وخمسون ألف درهم
باروسما ونهر الملك ثلاثة آلاف وخمسمائة كر أربعة آلاف كر مائة واثنتان وعشرون ألف درهم
الزوابي الثلاثة ألف وأربعمائة كر سبعة آلاف ومائتا كر مائتا وخمسون ألف درهم
بابل وخطرنية ثلاثة آلاف كر خمسة آلاف كر ثلثمائة وخمسون ألف درهم
الفلوجة العليا خمسمائة كر خمسمائة كر سبعون ألف درهم
الفلوجة السفلى ألفا كر ثلاثة آلاف كر مائتان وثمانون ألف درهم
طسوج النهرين ثلثمائة كر أربعمائة كر خمسة وأربعون ألف درهم
طسوج عين التمر ثلثمائة كر أربعمائة كر خمسة وأربعون ألف درهم
طسوج الجبة والبداة ألف وخمسمائة كر ألف وستمائة كر مائة وخمسون ألف درهم
سورا وبربيسما ألف وخمسمائة كر أربعة آلاف وخمسمائة كر مائة وخمسون ألف درهم
فرات باذقلي ألفا كر ألفان وخمسمائة كر اثنان وستون درهما
طسوج السيلحين ألفا كر ألف وخمسمائة كر مائة وأربعون ألف درهم
روذمستان وهرمزجرد خمسمائة كر خمسمائة كر عشرون ألف درهم
تستر ألفان ومائتان كر ألفا كر ثلثمائة ألف درهم
إيغار يقطين ألفان ومائتا كر ألفا كر مائتان وأربعة آلاف وثمنمائة درهم
كوركسكر يقال أن ارتفاعها ثلاثون ألفا كر كان في القديم عشرون ألف كر تسعين ألف درهم وهو في هذا ألفا كر ألف كر الوقت مائتان وسبعون ألف درهم
فهذه أعمال السواد في الجانب الغربي من دجلة وأما الجانب الشرقي فلنبدأ بتعديدها على النسق أيضا من أعلى دجلة
طسوج بزرجسابور ألفان وخمسمائة كر ألفان ومائتا كر ثلثمائة ألف درهم
طسوج الراذانين أربعة آلاف وثمنمائة كر أربعة آلاف وثمنمائة كر مائة وعشرون ألف درهم
طسوج نهر بوق مائتا كر ألف كر مائة ألف درهم
كلواذي ونهر بين ألف وستمائة كر ألف وخمسمائة كر ثلثمائة وثلاثون ألف درهم
جازر والمدينة العتيقة ألف كر ألف وخمسمائة كر مائتان وأربعون ألف درهم
روستقباذ ألف كر ألف وأربعمائة كر مائتان وستة وأربعون ألف درهم
سلسل ومهرود ألفا كر ألف وخمسمائة كر مائة وخمسون ألف درهم
جلولاء وجللتا ألف كر ألف كر مائة ألف درهم
الذيبين ألف وتسعمائة كر ألف وثلثمائة كر أربعون ألف درهم
الدسكرة ألف وثمانمائة كر ألف وأربعمائة كر ستون ألف درهم
البندنيجين ستمائة كر خمسمائة كر خمسة وثلاثون ألف درهم
طسوج براز الروز ثلاثة آلاف كر خمسة آلاف ومائة كر مائة وعشرون ألف درهم
النهروان الأعلى ألف وسبعمائة كر ألف وثمانمائة كر ثلاثمائة وخمسون ألف درهم
النهروان الأوسط ألف كر خمسمائة كر مائة ألف درهم
بادريا وباكسايا أربعة آلاف وسبعمائة كر خمسة آلاف كر ثلاثمائة وثلاثون ألف درهم
كورة دجلة على عبرة تسعمائة كر أربعة آلاف كر أربعمائة وثلاثون ألف درهم
سنة مائتي وستون
نهر الصلة على تلك العبرة ألف كر ثلاثة آلاف ومائة وواحد وعشرون كرا تسع وخمسون ألف درهم
النهروان الأسفل ألف وسبعمائة كر ألف وثلثمائة كر ثلاثة وخمسون ألف درهمُ
فذلك ارتفاع السواد سوى صدقات البصرة مائة وسبعة وسبعون ألف ومائتا كر من الحنطة تسعة وتسعون ألفا وسبعمائة وواحد وعشرون كر من الشعير ثمانية آلاف ألف وخمسة وتسعون ألفا وثمانمائة درهم من الورق
يكون ثمن الغلات بأوسط الأسعار وهو مائة ألف ألف وثلثمائة ألف وواحد وستون ألفا وثمانمائة وخمسون درهما
حساب الكرين المقرونين من الحنطة
والشعير ستين دينارا وهو من العين
ورقا على صرف خمسة عشر درهما
بدينار مائة ألف ألف وثمانية آلاف ألف
ومجموع ذلك إلى الورق وأربعمائة وسعة وخمسون ألفا وستمائة وخمسون درهما وستمائة وخمسين درهما
وكانت صدقات البصرة ترفع في السنة ستة آلاف ألف
فجميع ارتفاع السواد على ما بين من مائة ألف ألف وأربعمائة ألف وسبعة
التسعير على العبر المبينة وخمسون ألفا وستمائة وخمسون درهما
وسبب البطائح المبطحة في أرض السواد أن ماء دجلة كان منصبا إلى دجلة المعروفة بالعوراء التي هي أسفل البصرة في مسافة مستقيمة المسالك محفوظة الجوانب فلما كان ملك قباذ فيروز انبثق في أسفل كسكر بثق عظيم فأغفل أمره حتى غلب ماؤه وغرق كثيرا من أرضين عامرة كانت تليه وتقرب منه فلما ولى أنو شروان ابنه أمر بذلك الماء فزحم بالمسنيات حتى أعاد بعض تلك الأرضين إلى عمارة
ثم لما كانت سنة ست من الهجرة وهي السنة التي بعث فيها النبي عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى أبرويز زاد الفرات زيادة عظيمة ودجلة أيضا لم ير مثلها وانبثقت بثوق كبار فجهد أبرويز أن يسكرها حتى ضرب أربعين سكرا في يوم واحد وأمر بالأموال فألقيت على الأنطاع فلم يقدر للماء على حيلة فورد المسلمون العراق وشغلت
الفرس بالحرب فكانت البثوق تنفجر ولا يلتفت إليها ويعجز الدهاقين عن سدها فعظم ماؤها واتسعت البطيحة وعظمت
فلما ولى معاوية بن أبي سفيان عبد الله بن دراج مولاه خراج العراق واستخرج له من أرض البطائح ما بلغت غلته خمسة آلاف ألف درهم واستخرج حسان النبطي مولى بني ضبة وصاحب حوض حسان بالبصرة وقناة حسان بالبطائح وقرية حسان بواسط لما ولى ذلك للوليد ثم لهشام بن عبد الملك كثيرا من أرض البطائح والاستخراج فيها واقع إلى هذا الوقت وهي الأرضون المنسوبة إلى الجوامد وكان بكسكر بهر يقال له الحير بطريق البريد إلى ميسان وستميسان والأهواز في شقه القبلي فلما تبطحت البطائح سمي ما استأجم من شق طريق البريد بالبريد وسمي الشق الآخر بالنبطية أغمرات وتفسيره بالعربية الآجام الكبرى ويقال ربما ظهرت ثار النهر فيما يستخرج من البطائح في هذا الوقت وسببت السيبين ولم يكن لهما ذكر في أيام الفرس ولا كانا محرزين على عهدهم لكن بثوق انبثقت أيام الحجاج وكبرت وعظمت فكتب الحجاج إلى الوليد بخبرها وأنه قدر للنفقة على سدها ثلاثة آلاف ألف درهم فاستكثرها الوليد فقال له مسلمة بن عبد الملك أنا أنفق على سدها من مالي على أن تعطيني خراج الأرضين المنخفضة التي
يبقى فيها الماء بعد إنفاق المال على أيدي ثقاتك فأجابه إلى ذلك فحصلت له أرضون وطساسيج كثيرة فحفر النهرين المسمين بالسبين وتألف الأكرة والمزارعين وعمر تلك الأرضين والجأ الناس أيضا إليه كثيرا من أرضيهم المجاورة لها طلبا للتعزز به
فلما قامت الدولة العباسية وقبضت أموال بني أمية أقطع جميع السيبين داود بن علي بن عبد الله بن العباس وابتيع ذلك من ورثته فيما بعد فصار في عداد الضياع السلطانية
وسبب إيغار يقطعين ولم يكن له ذكر في أيام الفرس ولا فيما سميناه من أرض السواد على عهدهم أن يقطين صاحب الدعوة أو غرت له ضياع من عدة طساسيج ثم صار ذلك إلى السلطان فنسب إلى إيغار يقطين
ونهر الصلة أمر المهدي أن يحفر من أعمال واسط فحفر وأحيى ما عليه من الأرضين وجعلت غلته لصلات أهل الحرمين والنفقات هناك وحكي أنه كان شرط لمن يؤلف عليه من المزارعين أن يقاسموا عليه على الخمسين خمسين سنة فإذا انقضت الخمسون لم يجروا على الشرط المشترط عليهم
وإذا أتينا على أمر السواد وأعماله فنتبع ذلك بالأحواز إذ كانت تلي أعمال السواد من جهة المشرق فنقول أن الأهواز سبع كور أولها من حد البصرة كورة سوق الأحواز ومما يلي المذار كورة نهر تيري
ثم كورة تستر وكورة السوس وكورة جنديسابور وكورة رام هرمز وكور سوق العتيق وارتفاع هذه الكور على التقريب والتوسط من الورق ثمانية عشر آلاف ألف درهم
وتنبع الأحواز بفارس وهي خمس كور أولها من حد الأحواز كورة أرجان كورة أردشير كورة دار بجرد كورة اصطخر كورة سابور وسواحل فارس مهروبان وسينيز وجنايا وتوج وسيراف وارتفاع فارس وحده من الورق أربعة وعشرون ألف ألف درهم
ثم يلي فارس كرمان ومدنها السيرجان وجيرفث وبم سواحلها هرموز وارتفاع أعمالها ستة ألف ألف درهما وبعدها مدن مكران من أعمال السند وكانت على مكران في السنة ألف ألف درهما وتلي فارس من جهة الشمال أصبهان وهي كورة على حدها وارتفاعها في السنة عشرة آلاف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم
وبعدها مدن مكران من أعمال السند وكانت على مكران في السنة مقاطعة ألف ألف درهم وتلي فارس من جهة الشمال أصبهان وهي كورة على حدتها وارتفاعها في السنة مقاطعة ألف ألف درهم
وتلي كرمان من جهة المشرق سجستان وقصبتها تعرف بزرنج وارتفاعها على الصلح ألف ألف درهم
ثم يليها أعمال خراسان ويتصل بسجستان منها بست ورخج وكابل وكانت ربما أضيفت إلى أعمالها لاتصالها وكورة خراسان بست ورخج وكابل وزابلستان والطبسين وقهستان هراة الطالقان حنبهما وباذغيس بوشنج طخارستان الطارقان خلم مرو للروذ الصامغان وابجرد بخارا طوس الفاريان أبر شهر كاد سمرقند الشاش فرغانة اشروسنة الصغد فجندة خوارزم اسبيجاب الترمذ نسا أبيورد مروكس النوشجان البتم أجرون نسف وارتفاع خراسان على ما كان فورق عليه عبد الله بن طاهر لسنة إحدى وعشرين ومائتين مع ثمن السبي والغنم والكرابيس ثمانية وثلاثين ألف ألف درهم
وإذا فد أتينا على خراسان من المشرق وفيها ثغور الترك وغاية حد الإسلام من هذه الجهة فلنعدل إلى أعمال المشرق المنحرفة من جهة الشمال ولنبدأ بها من أعمال حلوان
كورة حلوان وقد شرحنا الحال في أنها كانت مضافة إلى أعمال العراق ثم أضيفت إلى أعمال الجبل وهي كورة ماه الكوفة وماه البصرة أذربيجان وهمذان الإيغارين ثم ماسبذال مهرجان قذف وهذه الكورة منسوبة إلى الجبل دون ما سواها وارتفاعها على التفصيل
أما ماه الكوفة وقصباتها وأما قصبة الرساتيق الأعالي فالدينور
وأما قصبة الرساتيق الاسافل فقرماسين وحدوده ماه الكوفة
أما من المغرب فأعمال حلوان أما من جهة الجنوب فأعمال ماسبذان
ومن جهة المشرق أعمال همذان ومن جهة الشمال أعمال أذربيجان وارتفاعها على وسط العبر خمسة آلاف ألف درهما
وماه البصرة وقصبتاها نهاوند وبروجرد وارتفاعها على أوسط العبر أربعة آلاف ألف وثمانمائة ألف درهم
همذان ارتفاعها على أوسط العبر ألف ألف وسبعمائة ألف درهم
ماسبذان ومدنها السيروان دار بجان وارتفاعها ألف ألف ومائة ألف درهم
مهرجاروق وقصبتها الصميرة وارتفاعها على أوسط العبر ألف ألف ومائة ألف درهم
الإيغارين وهي ضياع من عدة كور وقصبتاها الكرج والمرج وارتفاعها على أوسط العبر ثلاثة آلاف ألف ومائة ألف درهم
قم وقاشان وارتفاعهما على أوسط العبر من الورق ثلاثة آلاف ألف درهم
أذربيخان وكورها أردبيل مرند جروان ورثاد وقصبتها مدينة برذعة وارتفاعها على أوسط العبر أربعة آلاف ألف وخمسمائة ألف درهم
كورة الري وهي مقررة على حديها وهي في المشرق على حدود همذان وينضاف إليها دنباوند وارتفاع ذلك عشرون ألف ألف ومائتا ألف درهم
كورة قزوين وارتفاعها على عبرة سنة سبع وثلاثين ومائتين ألف ألف وستمائة ألف وثمانية ألف درهم
قومس هذه الناحية ناحية الشمال من الري ومدنها الدامغان وسمنان وأرتفاعها ألف ألف ومائة ألف وخمسون ألف درهم
جرجان وهي من شمال قومس ونحو المشرق منها وجرجان القصبة وأرتفاعها أربعة آلاف ألف درهم
طبرستان وهي أقصى نحو الشمال ومدنها آمل وسارية وارتفاعها على عبرة سنة أربع وثلاثين ومائتين ألف ألف ومائة ألف وثلاثة وستون آلفا وسبعون درهما ثم يلي ذلك من جهة المشرق برية الترك ومن جهة الشمال الببر والطيلسان
واذ قد آتينا على أعمال المشرق فلنرجع إلى أعمال المغرب فأولها من حد الفرات تكريت والطيرهان والسن والبوازيج وارتفاعها على اوسط العبر سبعمائة ألف ألف درهما
ثم يلي ذلك الموصل واعمالها وكانت شهرزور والصامغان ودراباذ من عمل الموصل إلى أن أفردت عنهما واما شهرزور والصامغان ودراباذ من أعمال الموصل فكانت وظيفتها الفي ألف وسبعمائة ألف وخمسون ألف درهم واما ارتفاع ما استقرت عليه أعمال الموصل وهي من الجانب الغربي كورة الجزيرة وكورة نينوى وكورة المرج واقليم بعذري ومن الجانب الشرقي الحديثة وحزة وبهدرا والمغلة وحبتون والحناية والسا والدينور وراسي وأوسط ارتفاع هذه الأعمال ستة آلاف ألف وثلثمائة ألف درهم
ويلي أعمال الموصل من جهة الشمال قرندي وبزندي وفيها جبل الجودي الذي أرست عليه سفينة نوح وقصبتاها الجزيرة المعروفة ببني عمر وباسورين التي يعمل فيها ما يحمل من الملح إلى العراق في الزواريق وارتفاعها على أوسط العبر ثلاثة آلاف ومائتا ألف درهم
ثم يلي ذلك ديار ربيعة وكورها بلد وبعربايا ونصيبين ودارا وماردين وكفر توثا وتل يسمى سنجار ورأس العين والخابور وإرتفاع هذه الكورة مع الاحتسابات اربعة آلاف ألف وستمائة ألف وخمسة وثلاثون ألف درهم
ثم يلي ديار ربيعة من جهة الشمال كورتا ارزن وميافارقين وارتفاعهما على العبرة الوسطى اربعة آلاف ألف ومائة ألف درهم ويليها بلد طرون من أعمال ارمينية ومقاطعة صاحبة في السنة مائة ألف درهم ومن وراء ذلك من جهة الشمال بلاد ارمينية وكورها جرزان ودبيل وبغروند وسراج طير بارجنيس وارجيش خلاط السيسجان أران كورة
قاليقلا البسفرجان وقصبتها نشوى وارتفاعها الأوسط من الورق أربعة آلاف ألف درهم
ثم أعمال ديار مضر في الغرب الرها حران سروج المديبر البليخ تل موزن رابية بني تميم قريات الفرات شاطىء الفرات مازح عمر ومن الجانب المغربي من الفرات الهني والمري وارتفاع ديار مضر على أوسط العبر ستة آلاف ألف درهم
وإذا انتسقت أعمال المغرب من غير جهة الشمال من ناحية المغرب خاصة فأولها هيت وعانة والرحبة وقرقيسيا وهلم جرا إلى أن تتصل بأعمال ديار مضر ويسمى ذلك أعمال طريق الفرات وارتفاعه آلفا ألف وتسعمائة ألف درهم
ثم بعد ديار مضر نحو المغرب أعمال جند قنسرين والعواصم من الشام ومدن هذه الأعمال حلب انطاكية منبج وارتفاعها من العين ثلثمائة ألف وستون ألف دينار
ثم يلي ذلك أعمال جند دمشق من الشام وارتفاعه مائة ألف وعشرة آلاف دينار ثم أعمال جند الأردن من الشام وارتفاعها مائة ألف وتسعة آلاف دينار ثم أعمال جند فلسطين من الشام ومدينة الرملة وبيت المقدس وارتفاعها من العين مائة ألف وخمسة وتسعون ألف دينار
ثم أعمال مصر والإسكندرية وكورها أما ما ينسب إلى أرض الصعيد منها الفيوم ومنف ووسيم والشرقية ودلاص وبوصير وكوريدس العباس الخليفة البهنسي القيس طحا الاشمونين حيز شنودة أنصنا اسيوط شطب قهقاوة اخيم الدير ابشاية فلوهو قنى دندرة فقط الاقصر حنت اسنى ادنو اسوان
ومما ينسب إلى اسفل الأرض صحراء ابليل تتا أطرابية الطورايلة فاران راية الحجاز الفرما نوسا دمياط تنيس منوف طو سخا تيدة الافراطون نقيزة العريش ديصا القيس صا وشباس البدقون قرطسا خربتا ترنوط مصيل المليدس دمهلة اخنورشيد البشرود وارتفاع هذه الأعمال من العين ألفا ألف وخمسمائة ألف دينار
ووراء برقة القيروان وقد بقي علينا من النواحي التي لم نذكرها ناحية الجنوب فلنرجع إليها فنقول أن أكناف الجنوب من العراق نجد و مكة والمدينة واعمال اليمن ثم في الأنحراف نحو المشرق واعمال عمان اليمامة والبحرين فأما نجد فأوله حد العراق من جهة الجنوب وهو على ما ذكرنا آنفا العذيب مادا على الاستقامة إلى الغور وفي الغرب أول حدود السماوة وهي اشرف من اليمامة واكثر أعمال نجد لا عمارة فيه إلا السير وبنجد جبلاطي المعروفان ومياههما ثم يليه الغور وهو من حد نجد إلى آخر حدود تهامة ولها أعمال تنسب إلى المخاليف والأعراض منها لينة والفتق ونجران وقرن المنازل وعكاظ والطائف وبيشة وجرش وتبالة وكتنة والسراة
وأعراض المدينة وأعمالها وعماراتها طيبة ويثرب وتيماء دومة الجندل والفرع وذو المروة وادي القرى مدين خيبر مذك قرى عربية السائرة رهاط السيالة الرحبة غراب الاكحل وارتفاع جميع ذلك وهو يدعي الحرمين مائة ألف دينار
ومن ذلك في الجنوب أعمال اليمن ومخالفيه وهو مخلاف صنعاء ومخلاف صعدة مخلاف شاكرة همدان صدى جعفى عدن مأرب حضرموت خولان المهجرة السلف المعافر يحصب زبيدة عك مهسارع الاملوك ريمان مخلاف بني عامر جوف مراد جوف همدان الشحر وكان أرتفاع اليمن من العين ستمائة ألف دينار
واعمال البحرين الرميلة جواثا الخط القطيف السابون سوم المشقر الدارين الغابة وارتفاع اليمامة والبحرين على ما ثبت في عمل كان ابن المدبر نظمه للارتفاع لسنة سبع وثلاثين ومائتين من العين خمسمائة ألف وعشرة آلاف دينار
ومقاطعة عمان من العين ثلاثمائة ألف دينار فهذه الأعمال في مملكة الإسلام والذي بيناه من مبالغ الارتفاعات فغلى التوسط وما يرتفع بعض النواحي في هذا الوقت وينقص البعض نقصا لا يلتفت إليه ولا نعمل عليه لانه وقع بقلة الضبط واضاعة الحزم والباقي الممنوع منه فهذه سبيله أيضا
وجملة ذلك فقد أعدنا ذكره في هذا الموضع ليجتمع فيقرب على التأمل من العين اربعة آلاف ألف وتسعمائة ألف وعشرون ألف دينار وثمانمائة ألف يكون صرف العين ورقا على صرف خمسة عشر درهما بدينار ثلاثة وسبعين ألف ألف وثماني مائة ألف
تفصيل ذلك عينا وورقا
السواد مائة ألف ألف وثلاثون ألف دينار ومائتا ألف درهم
الاهواز ثلاثة وعشرون ألف ألف درهم
كرمان ستة آلاف ألف درهم
فارس اربعة وعشرون ألف ألف درهم
مكران ألف ألف درهم
اصبهان عشرة آلاف ألف وخمسمائة ألف درهم
سجستان ألف ألف درهم
خراسان تسعة وثلاثون ألف ألف درهم
حلوان سبعمائة ألف ألف درهم
ماه الكوفة خمسة آلاف ألف درهم
ما سبذان ألف ألف ومائتا ألف درهم
ماه البصرة أربعة آلاف ألف وثمانمائة ألف درهم
همذان ألف ألف وسبعمائة ألف درهم
مرجارون ثلثمائة ألف ألف ومائتا ألف درهم
الايغارين ثلاثة آلاف ألف وثمانمائة ألف درهم
قم وقاشان ثلاثون ألف ألف درهم
اذربيجان اربعة آلاف ألف وخمسمائة ألف درهم
الري وماوند عشرون ألف ألف وثمانون ألف درهم
قزوين وزنجان وابهر ألف ألف وثمانية آلاف ألف وثمانية عشر ألف درهم
قومس ألف ألف وخمسون ألف درهم
جرجان اربعة آلاف ألف درهم
طبرستان اربعة آلاف ألف ومائتا ألف وثمانون ألف وسبعمائة درهم
تكريت والطيرها والسن والبوازيج تسعمائة ألف درهم
شهرزور والصامغان ألفا ألف وسبعمائة وخمسون ألف درهم
كورة الموصل ستة آلاف ألف وثلثمائة ألف درهم
قردى وبزبدي ثلاثة آلاف ألف ومائتا ألف درهم
أرزن وميافارقين أربعة آلاف ألف ومائتا ألف درهم
ديار ربيعة تسعة آلاف ألف وستمائة ألف وخمسة وثلاثون ألف درهم
مقاطعة طرون مائة ألف درهم
ديار مضر ستة آلاف ألف درهم
أعمال طريق الفرات آلفا ألف وسبعمائة ألف درهم
قنسرين والعواصم ثلثمائة ألف وستون ألف دينار
جند حمص مائتا ألف وثمانية عشر ألف دينار
جند دمشق مائة ألف وخمسمائة ألف دينار
جند الأردن مائة ألف وتسعة آلاف دينار
جند فلسطين مائتا ألف وتسع وخمسون ألف دينار
مصر والإسكندرية ألفا ألف وخمسمائة ألف دينار
الحرمين مائة ألف دينار
اليمن ستمائة ألف دينار
اليمامة والبحرين خمسمائة ألف وعشرة آلاف دينار
عمان ثلثمائة ألف دينار
ومما يدخل في شيء من الارتفاع جزية رؤوس أهل الذمة بحضرة مدينة السلام وهي مائتا ألف درهم ويقال أن كسرى ابرويز أحصى ناحية مملكته في سنة ثماني عشرة من ملكه وانما كان في يده ما ذكرناه وسمينا اعماله من السواد وسائر النواحي دون أعمال المغرب لان حده كان إلى هيت وكان له ما سميناه من المغرب في أيدي الروم من العين سبعمائة ألف وعشرين ألف مثقالا يكون من الورق ستمائة ألف ألف درهم
قال قدامة والنواحي عندي في مثل ما كانت عليه في ذلك الوقت لم يعدم أرضوها ولم يبد ساكنوها وإنما يجب أن يكون مع مدبرها تقي الله أولا ثم دراية وعدل وعفة حتى تستقيم الأمور وينتظم التدبير ويأتي من المال ما يعجب منه العاجب الباب السابع في ثغور الإسلام والأمم والاجيال المطيفة بها
الأمم والاجيال المخالفة للإسلام مكتنفة له من جميع أطرافه ونهايات أعماله منهم المتقارب من دار مملكته ومنهم المتباعد عنها وكانت ملوك الطوائف الذين ملكهم ذو القرنين يؤدون الإتاوة إلى ملك الروم خمسمائة واحد عشرة سنة إلى أن جمع اردشير بن بابك المملكة بعد مشقة فينبغي أن يكون المسلمون لصنوف أعدائهم اشد حذرا منهم للروم وقد جاءت بذلك آيات ليظهر بها حقيقة ما قلته والله الموفق للمصلحة بقدرته فلما كانت الروم على ما وصفت وجب أن نقدم الكلام في الثغور المقابلة لبلدهم على الكلام في غيرها فنقول إن هذه الثغور منها برية تلقاها بلاد العدو وتقاربه من جهة البر ومنها بحرية تلقاه وتواجهه من جهة البحر ومنها ما يجتمع فيه الأمران وتقع المغازي من أهله في البر والبحر والثغور البحرية على الإطلاق بسواحل الشام ومصر كلها والمجتمع فيه الأمران غزو البر والبحر
الثغور المعروفة بالشامية فلنبدأ بذكرها وهي طرسوس وأذنة والمصيصة وعين زربة والكنيسة والهارونية وبياس ونقابلس وارتفاعها نحو المائة ألف دينار ينفق في مصالحها وسائر وجوه شأنها وهي المراقب والحرس والفواثير والركاضة والموكلين بالدروب والمخايض والحصون وغير ذلك مما جانسة من الأمور والأحوال ويحتاج إلى شحنتها من الجند والصعاليك وراتب مغازيها الصوائف والشواتي في البر والبحر في السنة على التقريب مائتي ألف دينار وعلى المبالغة وهي أن يتبع ثلثمائة ألف دينار والذي يلقاها في بلاد العدو ويتصل بها أما من جهة البر فالقبادق ويقرب منها الناطلوس ومن جهة البحر سلوقية وعواصم هذه الثغور وما وراءها إلينا من بلدان الإسلام وانما سمي كل واحد منهما عاصما لانه يعصم الثغر ويمده في أوقات النفير ثم ينفر إليه من أهل أنطاكية والجومة وقورس
ثم يلي هذه الثغور عن يمينها وجهة الشمال منها الثغور المعروفة بالجزرية وأول ما يحاد الثغور الشامية منها مرعش ويليه ثغر الحدث وكان يلي هذه زبطرة فخربت أيام المعتصم وكان له عند النهوض إلى بلاد العدو حتى فتح عمورية الحدث المشهور فلما انتهى إلى موضع زبطرة بني مكانها وبالقرب منها حصونا لتقوم مقامه وهي الحصون المعروفة بطبارجي والحصن المعروف بالحسينية والحصن المعروف ببني المؤمن والحصن المعروف بابن رحوان ثم يلي
هذه الحصون ثغر كيسوم ثم ثغر حصن منصور ثم ثغر شميشاط ثم ثغر ملطية وهو الخارج في بلد العدو من جميع هذه الحصون وكل واحد بينه وبين بلد العدو درب وعقبة وثغر ملطية مع بلد العدو في بقعة وأرض واحدة وكان يواجه هذه الثغور ويقابلها من بلد الروم خرشنة وعمل الخالدية فحدث في هذا الوقت بينهم وبين الروم والارمن الذين في جملة مليح الارمني في بلد كان يسكنه قوم يسمون السالفة وهم من الروم إلا انهم يخالفونهم في كثير من أديانهم وكان هؤلاء مع المسلمين يعينونهم في غزواتهم ويتوفر على المسلمين المعونة بهم إلى أن رحلوا دفعة واحدة عن هذا الموضع باساءة أهل الثغور معاشرتهم وقلة أشراف المدبرين على أمرهم فتفرقوا في البلاد وسكن مكانهم هؤلاء الارمن
وابتنوا الحصون المنيعة ثم صارت لهم العدة الكثيفة والمعرة الشديدة وارتفاع هذه الثغور مع ملطية سبعون ألف دينار يصرف منها في مصالحها أربعون ألف دينار ويبقي ثلاثون ألف دينار ويحتاج لنفقة الأولياء والصعاليك على التجزئة مائة ألف وعشرون ألف دينار تضاف إلى البقية وعلى المبالغة مائة وسبعون ألف دينار تنضاف إليها تتمة مائتا ألف دينار سوى نفقات المغازي في أوقاتها وهذه الثغور هي الواسطة ومنها كانت تقع المغازي فإن احتيج إلى الغزو منها كانت النفقة حسب الغزاة وعواصم هذه الثغور دلوك ورعبان ومنبج ويلي هذه الثغور عن يمينها أيضا وفي جهة الشمال الثغور المسماة بالبكرية وهي سميساط وحاني وملكين وحصونها منها جمح ومنها حوران ومنها الكلس وغيرها
ثم ثغر قاليقلا في جهة الشمال عن هذه الثغور زيادة إلا انه كالمنفرد لما بينه وبينها من المسافة البعيدة والذي تقابله هذه الثغور من أعمال الروم على الارمنياق وبعض عمل الخالدية ويقرب منها عمل افلاجونية المتصل ببلاد الخزر وارتفاع هذه الثغور في السنة ألف ألف وثلثمائة ألف درهم تحتاج نفقاتها في مصالحها وحصونها وأرزاق شحنها إلى هذا المقدار وزيادة ألف ألف وسبعمائة ألف نتمة ثلاثة آلاف ألف درهم
أما الثغور البحرية وهي سواحل جند حمص أنطرسوس وبلنياس واللاذقية وجبلة والهرياذة وسواحل جند دمشق عرقة وطرابلس وجبيل وبيروت وصيدا وحصن الصرفند وعدنون وسواحل جند الأردن صور وعكا وبصور صناعة المراكب وسواحل جند فلسطين قيسارية وارسون ويافا وعسقلان وغزة وسواحل مصر رفح والفرما والعريش ومقدار ما يغزو في الغزاة من مراكب الثغور الشامية ما يجتمع إليها من مراكب الشام ومصر من الثمانين إلى المائة والغزاة إذا عزموا عليها في البحر كوتب أصحاب مصر والشام في العمل على ذلك والتأهب له يجتمع بجزيرة قبرص ويسمى ما يجتمع منها الاسطول كما يسمى ما يجتمع من الجيش في البر المعسكر والمدبر لجميع أمور المراكب الشامية والمصرية صاحب الثغور الشامية ومقدار النفقة على المراكب إذا غزت من مصر والشام نحو مائة ألف دينار
وإذ قد ذكرنا أمر الثغور الرومية واسبابها فلا بأس أن نذكر احوال الروم ما ينتفع بعلمها فأول ذلك بترتيب جيوشهم وهو أن البطريق يكون رئيسا على عشرة آلاف مع كل بطريق طرماخان وكل طوماخ على خمسة آلاف ومع كل طوماخ خمسة طربخارين كل طربخار على ألف ومع كل طربخار خمسة قمامسة كل قومس على مائتين ومع كل قومس خمسة قنطرخين كل قنطرخ على أربعين ومع كل قنطرخ أربعة داقرخين كل داقرخ على عشرة
فأما عدة جيوشهم فمنها بقسطنطينية وهي حضرة الملك أربعة وعشرون آلفا منهم الفرسان ستة عشر آلفا والرجالة ثمانية آلاف فينقسم الفرسان أربعة أقسام أولها الاسخلارية وصاحبهم الدمستق الكبير وهو صاحب فرض الفروض والرئيس على الجماعة وعدتهم أربعة آلاف فارس
والصنف الثاني الحسف وهم أربعة آلاف فارس والصنف الثالث اوقومس وهم للحرس وصاحبهم طريخان وعدتهم أربعة آلاف والصنف الرابع قيدار طين وهم يخرجون مع الملك إذا خرج في سفر وعدتهم أربعة آلاف وينقسم الرجالة قسمين فالأول منهما يسمون اتليمسا وعدتهم أربعة آلاف راجل والباقي يسمون موبرة وعدتهم أربعة آلاف
أما في سائر الأعمال وهي أربعة عشر عملا منها قدر الخليج القاطع لبلد الروم الذي ينصب نحو الشام وقد تقدم ذكره ثلاثة أعمال أحدها طافلا وهو البلد الذي فيه قسطنطينية وحده من جهة المشرق الخليج المقدم ذكره ومن جهة الجنوب بحر الشام ومن جهة الشمال بحر الخزر ومن جهة المغرب سور ممدود من بحر الشام إلى بحر الخزر طوله ميسرة أربعة أيام وهو من القسطنطينية على مرحلتين ويعرف الذي يليه بتراقية وحده من جهة المشرق السور المقدم ذكره ومن الجنوب مقدونية ومن الغرب بلاد البرجان ومن الشمال بحر الخزر مسيرة أحد عشر يوما وعرضه من بحر الخزر إلى عمل مقدونية مسيرة ثلاثة أيام والوالي عليه يعرف بالاصطرطيفوس وجنده خمسة آلاف رجل ودون الخليج أحد عشر عملا أحدها عمل افلاجونية وجنده عشرة آلاف رجل ثم يليه نحو الغرب عمل الافطي ماطي وتفسير هذه اللفظة بالعربية الأذن والعين لان هذا العمل سره بلاد الروم وليس أهله أصحاب حرب لانه
لا يبلغ إليهم مغازي المسلمين ولا غيرهم وحده الغربي الخليج والشمالي بحر الخزر والشرقي عمل افلاجونية والجنوبي الابسيق وجنده أربعة آلاف رجل ثم يلي الافطي ماطي عمل إلا بسيق وحده الغربي الخليج والشمالي الافطي ماطي والجنوبي عمل الناطلوس والشرقي عمل الترقسيس وجنده ستة آلاف رجلا ثم يلي إلابسيق عمل الترقسيس وحده من جهة الغرب الخليج ومن الشمال إلا بسيق ومن المشرق الناطلوس ومن الجنوب بحر الشام وجنده ستة آلاف رجلا ثم يلية عمل الناطلوس وتفسيره المشرقي وهو أكبر أعمال الروم له حد إلى الإبسيق في الغرب ومن الجهة الجنوبية سلوقية عند بحر الشام ومن جهة المشرق عمل القبادق ومن الشمال البقلار وجنده خمسة عشر ألف رجلا وفيه مدينة عمورية التي فتحها المعتصم ويليه عمل سلوقية ناحية بحر الشام وأحد حدوده من المغرب الناطلوس ومن الجنوب البحر ومن الشمال الترقسيس ومن المشرق درب الطرسوس ناحية قلمية واللامس وجنده خمسة آلاف رجلا ثم يليه عمل القبادق وحده من جهة الجنوب طرسوس وأذنة والمصيصة ومن جهة المغرب أعمال سلوقية ومن الشمال الناطلوس ومن المشرق أعمال خرشنة وجنده أربعة آلاف رجلا ثم يلي ذلك عمل خرشنة
واحد حدوده وهو الجنوبي يلي القبادق وحديلي دروب ملطية وهو الشرقي وحد يلي عمل الارمينات وهو الشمالي وحد يلي عمل البقلار وهو الغربي وجنده أربعة آلاف رجلا ثم يليه عمل البقلار فحد منه عمل الناطلوس والافطي ماطي والثاني القبادق والثالث حرشنة والرابع الارمنياق وجنده ثمانية آلاف رجل وعمل الارميناق فحد منه يلي الافلاجونية والثاني عمل البقلار والثالث عمل خرشنة والرابع عمل الخالدية وبحر الخزر أربعة آلاف رجلا ثم الخالدية وحد منه بلاد أرمينية والثاني بحر الخزر والثالث عمل ارميناق والرابع أيضا من عمل الارميناق وجنده أربعة آلاف رجلا فجميع جيش الاحد عشر عملا التي مقابلتنا سوى من لا معول عليه وانما هو من يحشر فارسا وراجلا سبعون ألف رجلا
ثم نتبع ذلك بوصف أحد أيام الغزوات ليكون علم ذلك محصلا محفوظا فنقول أن أجهدها مما يعرفه أهل الخبرة من الثغريين أن تقع الغزاة التي تسمى الربيعية لعشرة أيام تخلو من ايار بعد أن يكون الناس قد اربعوا دوابهم وحسنت احوال خيولهم فيقيمون ثلاثين يوما وهي بقية ايار وعشرة من حزيران فانهم يجدون الكلأ في بلد الروم ممكنا وكأن دوابهم ترتبع ربيعا ثانيا ثم يقفلون فيه فيقيمون إلى خمسة وعشرين
يوما وهي بقية حزيران وخمسة من تموز حتى يقوي ويسمن الظهر ويجتمع الناس لغزو الصائفة ثم يغزون لعشر تخلط من تموز فيقيمون إلى وقت قفولهم ستين يوما
فأما الشواتي فأني رأيتهم جميعا يقولون أن كان لا بد منها فليكن مما لا يبعد فيه ولا يوغل وليكن مسيرة عشرين ليلة بمقدار ما يحمل الرجل لفرسه ما يكفيه على ظهره وان يكون ذلك في آخر شباط فيقيم الغزاة إلى أيام تمضي من اذار فانهم يجدون العدو في ذلك الوقت اضعف ما يكون نفسا ودوابا ويجدون مواشيهم كثيرة ثم يرجعون ويربعون دوابهم يتسابقون
ولنبدأ بذكر ما يليها من الشمال فنأخذ ذات اليمين حتى نأتي على أطراف المملكة ووراء الثغور حتى نعود إلى حدود الروم من جهة الغرب فنقول أن حد الخزر من ارمينية إلى خوارزم من خراسان وكان انو شروان بن قباذ لما ملك بني مدينة الشابران ومدينة مسقط ومدينة الباب والابواب بأرمينية وانما سميت ابوابا لأنها بنيت على طرق في الجبل وأسكن من يأتي من بعده قوما سماهم السياسجيين ثم لما خاف عادية الخزر كتب إلى ملكهم يسأله الموادعة والصلح وان يكون امرها واحدا وخطب ابنته ليؤنسه بذلك وأظهر له الرغبة في مصاهرته وبعث إليه بابنة كانت في قصره تبنت بها بعض نسائه وذكر له إنها ابنته وهدى الخزري إليه ابنته ثم قدم عليه فالتقيا بموضع يعرف بالبرشلية وتنادما أياما
فأنس كل واحد منهما بصاحبه واظهر بره واكرمه ثم أنوشروان تقدم إلى جماعة من ثقاته وخاصته أن يكسبوا طرفا من عسكر الخزري ويحرقوا فيه فلما اصبح شكى ذلك إلى انو شروان فأنكر أن يكون علم بشيء منه ولما مضت له ليال أمر انو شروان اصحابه بمعاودة ما كان منهم فلما فعلوا ضج الخزري من فعلهم حتى رفق انو شروان به واعتذر إليه فقبل وسكن ثم أن انو شروان أمر بطرح النار في ناحية من عسكره فوقعت في الاكواخ التي اتخذت من الحشيش وعيدان الشجر فلما اصبح انو شروان ضج إليه الخزري فقال كاد أصحابك أن يذهبوا بعسكري ويهلكوه ولقد كافأتني بالظنة فحلف له انه لم يعلم بما جرى فقال له انو شروان يا اخي أن جندك وجندي قد كرهوا صلحنا لانقطاع ما انقطع عنهم من المسير في الغارات التي كانت تكون بيننا ولست امن أن يحدثوا احداثا تفسد قلوبنا بعد تصافينا وتخالصنا حتى نراجع العداوة بعد الصهر والمودة والصواب أن تأذن لي في بناء حائط يكون بيني وبينك نجعل له بابا فلا يدخل إلينا من عندك إلا من أردنا فأجابه إلى ذلك وانصرف الخزري راجعا واقام انو شروان لبناء الحائط فبناه وجعله من قبل البحر بالصخر والرصاص وجعل عرضه ثلثمائة ذراع إلى أن الحقه بالحبال وامر بحمل الحجارة في السفن وان ترمي في البحر حتى إذا ظهرت على وجه الماء بني عليها وساق الحائط في البحر ثلاثة أميال فلما فرغ من بنائه علق على المدخل ابواب حديد ووكل بها مائة فارس يحرسون الموضع بعد أن كان محتاجا إلى خمسين آلفا من الجند وجعل عليه دبابة فقيل للخزري بعد ذلك انه مكر بك وزوجك غير ابنته وتحصن منك فلم تقدر له على حيلة فصارت غارة الخزر منذ ذلك الوقت على اطراف ارمينية بعد أن كانوا قد اخربوها
ثم يلي هذا الموضع أيضا ذات اليمين ثغور الديلم وجيلان والببر والطيلسان وكان حصن قزوين يسمى بالفارسية كبشوم وتفسيره الحد المرموق وبينه وبين الديلم جبل ولم يزل فيه للفرس مقاتلة من الاسوارية يرابطون فيه ويدفعون الديلم إذا لم تكن بينهم هدنة ويحفظون تلك الجهة من متلصصتهم وكانت دشتبى مقسومة بين الري وهمذان فقسم منها يدعى الرازي وقسم يدعى الهمذاني وكانت مغازي المسلمين في أول الإسلام دشتبى وابهر وهو حصن زعموا أن بعض الاكاسرة بناه على عيون واحوال الديلم لم تزل مذبذبة لانه لا شريعة لهم محصلة ولا طاعة فيهم مستقرة لانهم بعد فتحهم قد نقضوا وكفروا غير مرة وكان منهم في هذا الوقت ما كان من الأمور المستفضعة في قتل الاطفال والفجور في المساجد وترك الصلاة وفروض الإسلام
ومن الثغور الكبار ثغر الترك ولهم برية مما يلي بلاد جرجان ولبلاد جرجان يخرجون منها وكان أهلها قد بنوا عليها حائطا من آجر تحصنا من غاراتهم إلى أن غلبت عليهم الترك وملك أرضها ملك منهم يدعي صول ثم فتحها المسلمون ومعظم الترك في الثغر الذي بخراسان ويسمى نوشجان وهو وراء سمرقند في المشرق بنحو ستين فرسخا نحو الشاس وفرغانة وهو أوائل مسالح الخرلنجية إلى حد كمياك ومن هذا الثغر
إلى مدينة التغزغر مسيرة أربعين يوما في براري فيها عيون وكلأ عشرون يوما ثم ترى كبار خمسة وعشرون يوما وأكثر أهل تلك القرى مجوس ومنهم زنادقة ومن مدينة التغزغر بحيرة حولها قرى وعمارات متصلة ولها اثنا عشر بابا من حديد ويحفظها أتراك كلهم والغالب عليهم الزندقة وبين نوشجان الأعلى وبين بلد الشاش أربعون مرحلة للقوافل ولمغذ السير ثلاثون يوما ونوشجان الأعلى أربع مدن كبار وخمس صغار ومقاتلة نوشجان في مدينة واحدة على شط بحيرة وهم عشرون ألف رجلا بديوان وليس في الأتراك أشد منهم وهم يحسبون عشرة بازاء مائة من الخرلنجية والبحيرة التي عليها مدينة التغزغر تحف بها الجبال
فأما بلاد كيماك فإنها من طراز مدينة نوشجان الاسفل التي قلنا إنها وراء سمرقند بخمسة وستين فرسخا يسرة عنها وفي جهة الشمال وبينها وبين طيراز مسيرة ثمانين يوما في صحارى وبراري واسعة كثيرة الكلأ والعيون وليس يكاد المسلمون يغزون الترك لقول النبي تاركوا الترك ما تركوكم وإنما ذكرنا بلدهم واحوالهم لما تقدم من شرطنا أن نذكر الأمم المطيفة ببلاد الإسلام والأمم المخالفة لهم
أما التبت منهم فانه يمنه بلاد التغزغر في جهة الجنوب وكان ذو القرنين لما ظفر بفورك ملك الهند وقتله أقام ببلاد الهند سبعة أشهر وبعث منه جيوشا إلى التبت والصين فوفد عليه بعض من أنفذه فاعلمه أن سائر ملوك المشرق قد أجمعوا على الدخول في الطاعة وان يؤدوا إليه الإتاوة لما عرفوا ظفره بدارا وفورك ملكي الفرس والهند وعدله وحسن سيرته فخلف على أرض الهند من وثق به في ثلاثين ألف فارس وسار حتى أتى بلاد التبت فخرج إليه ملكهم في طراخنته مسلما إليه وقال له بلغني عنك أيها الملك من العدل والوفاء مع الظفر بمن ناؤك لما علمت من أن أمرك كله من الله وأحببت أن اجعل يدي في يدك ولا اروم مدافعتك عن شيء تريد ولا قتالك فان الذي يقاتلك ويغالبك إنما يغالب أمر الله ومغالب أمر الله مغلوب فأنا وقومي والملك الذي في يدي لك فمر في جميع ذلك بما شئت فرد عليه الاسكندر ردا جميلا وقال له من عرف حق الله فقد وجب علينا حقه وأرجو أن تجد عندنا من العدل والوفاء ما ترضي به واسترشده إلى ترك البراري لا ترك المدن قد كانوا قد دخلوا في طاعته وسار بين يديه وعرض عليه هدايا فأباها ولم يزل يعاوده حتى أجاب إلى قبولها فحمل إليه أربعة آلاف وقر حمار ذهبا
ومثلها مسكا فأعطى عشر المسك لروشنك بنت دارا ملك الفرس امرأته وقسم سائره على اصحابه وجعل الذهب في بيت ماله فقال له ملك التبت في أن يقدمه في جيوشه إلى الصين فأمره الملك باستخلاف ابنه على مملكته فاستخلف مدابيك ابنه في ارضه بعده وضم إليه الاسكندر صاحبا له في عشرة آلاف وسار إلى الصين في مقدمته والاسكندر في عظم المعسكر في أثره فخرج صاحب الصين إليه في عشرة عساكر في كل عسكر مائة ألف وبعث إلى الاسكندر يذكر له ما بلغه عنه من الوفاء وكرم الفعل وانه لم يسعه قتاله مع هذه الحال وأنه لو أراد ذلك ما عجز عنه فسأله أن يأمر بما يريده حتى يمتثله فأجابه الاسكندر وأمره أن يحمل عشر أرضه على حسبما فعل في غيرها من سائر البلاد وأنه إن لم يفعل استعان الله عليه ولم يهله كثيرة عدده لان الله قادر على نصرة القليل على الكثير وبعث إليه بهذا الجواب مع جماعة من الفرس والهند وأمرهم أن يعرفوه ما كان من عدله في بلادهم وجميل فعله فيهم وحسن صنيعه إليهم فرد ملك الصين الجواب بالطاعة ويسأل أن يقبل منه فيما يؤديه من عشر بلاده وصلحه عنه الحرير والفرند وغيره من الآلات فرضى الاسكندر بذلك وقبله منه وكان ما فارقه عليه ألف ألف فرندة ألف ألف سرقة حرير وخمسمائة ألف كيمخاوة وعشرة آلاف سرج بركبها ولجمها وسيورها وسائر أدواتها والف ألف منا فضة وأدى ذلك
وأقام الاسكندر في أرضه حتى بنى مدينة سماها برج الحجارة وجعل فيها من الفرس خمسة آلاف رجل رابطة رأس عليهم صاحبا له ويعرف بنوكليديس وسار من الصين أخذا في جهة الشمال وصاحب الصين معه حتى انتهى إلى أرض شول ففتحها وبنى بها مدينتين أحدهما شول والأخرى خمدان أمر صاحب الصين أن يسكن خمدان بجنوده وأن يجعل من أصحابه رابطة بشول
ثم سار متوجها إلى ترك البرية حتى فتحهم ودوخهم وبلغه عن قوم لهم عدد جم من هؤلاء الاتراك ناحية المشرق من جهة الشمال انهم مفسدون في الأرض فاستشار صاحب الصين فيهم فاخبره انه لا غنيمة عندهم غير المواشي والحديد وانه يحيط بهم من ناحية الشمال البحر الأخضر الذي لا مجاز فيه لأحد ومن ناحية المغرب والجنوب جبال في السماء لا ترام ولا لأحد عليها مسلك وأنه لا منفذ لهؤلاء الأتراك إلا من درب واحد ضيق كالشراك وأنهم في زواية من الأرض لو سد عليهم هذا المنفذ بقوا فيها كفى الناس شرهم وزال عن الأرض فسادهم فعلم الاسكندر وجه الصواب فيما أشار به صاحب الصين فسد ذلك الوادي وهو السد الذي وصفه الله واقتص خبره في القرآن ثم رجع ذو القرنين في ارض الترك أصحاب المدائن وأهل الأوثان حتى انتهى إلى ارض السغد فبنى بها سمرقند والمدينة المعروفة بالدبوسية والإسكندرية القصوى ثم صار إلى أرض بخارا فبنى مدينة بخارا ثم سار إلى أرض مرو فبنى بها مدينتها وبنى مدينتي هراة وزرنج وخرج على جرجان وأمر ببناء الري وأصفهان وهمذان حتى عاد إلى ارض بابل فأقام بها سنتين
فإذا قد آتينا على ذكر ثغور المشرق فلنرجع إلى ناحية الجنوب وبها ثغر البجة والنوبة وهم مصالحون على ضريبة تسمى البقط وليس بينهم وبين المسلمين محاربة واستقصاء أمر صلحهم يكون في المنزلة السابعة وهي التالية لهذا الباب انشاء الله وبه القوة
ثم نذكر بعد ذلك ثغور الغرب فنقول أن أولها إفريقية وهي المسمى القيروان ولم يزل مذ افتتح مدبرا من قبل ملك العراق بعد تولى بنى مروان إلى أن تغلب عليه في هذا الوقت صاحب المغرب واستولى عليه وتعداه إلى برقة فتغلب عليه زياده
فأما وراء إفريقية فبلاد تاهرت وبينها وبين إفريقية مسيرة ثلاثين يوما وهي في يد صاحب الاباضية وهم ضرب من الخوارج ووراء تاهرت مسيرة أربعة وعشرين يوما بلد المعتزلة وعليهم رئيس عادل وعدلهم فائض وسيرتهم حميدة ودارهم طنجة ونواحيها والمستولي عليها في هذا الوقت وله محمد بن ادريس بن عبد الله بن حسن بن حسن عليهم السلام وكان محمد ينزل مليلة وهي آخر مدائن طنجة فمات بها فانتقل ولده إلى فاس وهم بها إلى هذا الوقت وراء ذلك بلاد الأندلس والمستولى عليها الاموي ومسكنه فيها في قرطبة والأندلس نهاية الغرب وبها يجتمع البحرين الذين تقدم وصفنا لهما بسم الله الرحمن الرحيم وهي المنزلة السابعة من كتاب الخراج وصناعة الكتابة
الباب الأول في مجموع وجوه الأموال
الباب الثاني في الفيء وهو أرض العنوة
الباب الثالث في أرض الصلح
الباب الرابع في ارض العشر
الباب الخامس في احياء الأرض واحتجارها
الباب السادس في القطائع والصفايا
الباب السابع في المقاسمة والوضائع
الباب الثامن في جزية رؤوس أهل الذمة
الباب التاسع في صدقات الإبل والبقر والغنم
الباب العاشر في اخماس الغنائم
الباب الحادي عشر في المعادن والركاز والمال المدفون
الباب الثاني عشر فيما يخرج من البحر
الباب الثالث عشر فيما يؤخذ من التجار إذا مرو على العاشر
الباب الرابع عشر في اللقطة والضالة
الباب الخامس عشر في مواريث من لا وارث له
الباب السادس عشر في الشرب
الباب السابع عشر في الحريم
الباب الثامن عشر في إخراج مال الصدقة
الباب التاسع عشر في فتوح النواحي والأمصار بسم الله الرحمن الرحيم
صدر هذه المنزلة
ينبغي أن يعتقد أن الشريعة أصل وأن الكتابة فرع من فروعها لأن أخذ الكتابة الدال على معانيها هو إنها صناعة تعني بجباية الأموال وسياسة الملك وإذا كان الملك لا قوام له إلا بالدين فقد وضح أن الكتابة فرع من فروع الدين وقد رأيت قوما يظنون أن احكام الكتابة مباينة لاحكام الشريعة وذلك مخالف لما يوجبه المعقول إذ كان ما هو فرع لشيء لا يباينه فليست احكام الكتابة مناقضة لاحكام الشريعة لكنه ربما تجردت احكام الكتابة فكانت فقيه خالصة لا يكون بين ما يحكم به الكاتب والفقيه منها تباين منه مثل أن يستجبي مسلم ارضا مواتا فحكم الكاتب والفقيه فيها أن الزكاة تلزم فيما يخرجه الله منها وهي العشر لا خلاف بينهما في ذلك أو تشرب أرض سيحا فيلزمها ما يلزم على حسب موقعها من أرضي العشر أو العنوة وتشرب أخرى في مثل محلها بدالية فيجب فيها النصف مما وجب على التي قبلها أو يحكمها في معدن من المعادن أن فيما يخرج منه الخمس لا اختلاف في هذه الأحكام بين الكاتب والفقيه وربما امتزج حكم الكتابة بحكم الفقه امتزاجا لا يخرجه عن حكم الفقه حتى يناقضه مثل أن يوضع طسق على غلة في أرض عنوة وهي وضعه الاستان وإذا رأى الإمام نقل تلك الأرض إلى التعشير أخذ من الطسق خمسة فوضع عليها وهذا حكم كتابي مردود إلى اصول الفقه لانه إذا كان الحكم في ارض العنوة أن يوضع
عليها طسق الاستان وهو النصف كان أخذ الخمس من ذلك كأخذ العشر من الأصل لأن خمس النصف هو عشر الأصل وكذلك الحكم في أجور الكيالين وهو أن تؤخذ من اصل الغلة قبل القسمة وان كان حكما كتابيا فاصلة مردود إلى الفقه لانه إذا كان بالكيل تتحصل حصص الجميع كانت اجور الكيالين مأخوذة من أصل الكيل وكذلك التقسيط في الكري لاعمدة الأنهار لازم لأهل الشرب عامة وما يخص كل انسان من كري راضع نهره لازم له حكم كتابي مردود الأصل إلى الفقه والنظر ومن احكام ما يكون كتابيا خالصا لا اتصال بينه وبين اصول الفقه ولا على أحد من الفقهاء أن يعلمه مثل أن يحكم الكاتب في البذور المغرقة إنها من الراتب أو غير الراتب وفي أرزاق الامناء على حفظ الغلة إنها من جاري العمل أو خارجة عنه أو في اخذ قسط الكر من ثمن ما بيع من الغلة أن يكون ذلك قبل المؤونة أو بعدها فقد وضح بما مثلناه أن جميع احكام الكتابة أما داخله في احكام الفقه أو مشاركة لها ومنتزعة منها أو لا مباينة ولا مناقضة لشيء من الحكم فيها وبطل قول من يقول إنها مناقضة بالمثالات التي ذكرها والاحتجاجات التي آتينا بها من أن الشيء لا يكون فرعا من شيء وهو مناقض له ووجب علينا بعد هذا أن نسوق أمر هذه المنزلة من كتابنا هذا على ما توجبه الشريعة وتلزمه السنة المتبعة وان اجعل الباب الأول في مجموع وجوه الأموال التي تقع عليها الجباية ويتولى الإمام ذلك لنفسه وسائر الأمة لتكون محصلة بالأجمال ثم آتى فيما بعد شرح باب مما أتى به مجملا إنشاء الله الباب الأول في مجموع وجوه الأموال
من هذه الوجوه الفيء وهذه اللفظة في لغة العرب اسم للرجوع يقال فاء الشيء يفيء فيئا إذا رجع وكذلك سموا ظل الشمس في الشطر الأول من النهار ظلا وفي الشطر الثاني منه فيئا فبحق ما وضعت اسما لما غلب المسلمون عليه من بلاد العدو قسرا بالقتال وجعل موقوفا عليهم لأن الذي يجتني منه راجع في كل سنة ومنها الخراج وهو ارض الصلح التي رضى المسلمون بما صولحوا عليه عنها في وقت فتحها ومنها زكاة واعشار الأرضين التي يزدرعها المسلمون وأرض العشر ستة أضرب من ذلك الأرضون التي أسلم عليها أهلها وهي في أيديهم مثل اليمن والمدينة والطائف فأن الذي يجب على هؤلاء فيها العشر ومن ذلك ما يستحييه المسلمون من الأرضين الموات التي لا ملك لأحد من المسلمين والمعاهدين فيها فيلزمهم العشر من غلاتها ومن ذلك ما يقطعه الأئمة لبعض المسلمين فإذا صار في يده تملك الاقطاع لزمته فيه الزكاة أيضا وهي العشر أيضا ومن ذلك ما يحصل ملكا لمسلم فما تقسمه الأئمة من اراضي العنوة بين من اوجف عليها من المسلمين ومن ذلك ما يصير في يد مسلم من الصفايا التي أصفاها عمر بن الخطاب من أراضي السواد وهي ما كان لكسرى وآله وخاصته ومن ذلك ما جلا عنه العدو من أرضيهم فحصل في يد من قطنه وأقام به من المسلمين مثل الثغور ومن وجوه الأموال جزية رؤوس أهل الذمة إنما سميت الجزية بهذا الاسم لأنها جزت من القتل أي كفت عنه
لما اداها الذي حقن بها دمه ومنها صدقات الإبل والبقر والغنم ومنها أخماس الغنائم التي تغنم من أهل الحرب ومنها أخماس المعادن والركاز والمال المدفون العادي من دفائن الجاهلية وسمي المعدن بهذه اللفظة من قولهم عدن بالمكان إذا أقام به فلان ذلك لازم للموضع الذي يستخرج أبدا منه قيل في موضعه معدن وسمى الركاز بهذا الاسم لأنه ركز بالارض أو ضل فيها ومنها سيب البحر مما يقذف به ويستخرج منه مثل العنبر والحلية ومنها ما يجري مجراهما والسيب العطاء فاشتقت هذه اللفظة من ذلك لأنه شبه ما يؤخذ من البحر بما يعطيه المعطي وفيه الخمس أيضا ومنها ما يأخذه العاشر من أموال المسلمين وأهل الذمة والحرب التي يديرونها في التجارات ويمرون بها عليه ومنها ما يؤخذ من اللقط في الطرق وما جرى مجراها وأثمان الاباق وما يؤخذ مع اللصوص من الأموال والأمتعة إذا لم يأت لذلك طالب يستحقه ومنها ما يؤخذ من مواريث من يموت ولا يخلف وارثا لماله فهذه وجوه الأموال وكان لرسول الله عليه السلام ما أفاءه الله عليه من المشركين مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب لانه اتاه عليه السلام عفوا بلا قتال أحد من المسلمين عليه ولا يجشمهم سفرا إليه وهي فدك وأموال بني النضير ومما كان عليه السلام يصطفيه من كل غنيمة يغنمها المسلمون قبل القسمة من عبد أو أمة أو قوس وسهمه عليه السلام من أخماس الغنائم ثم لما قبض ذهب ذلك كله بذهابه الباب الثاني في الفي وهو ارض العنوة
اختلف المسلمون في ارض العنوة فقال بعضهم يخمس ثم تقسم الأربعة الأخماس بين الذين افتتحوها وقال بعضهم وذلك إلى الإمام أن رأى أن يجعلها غنيمة فيخمسها ويقسم الباقي كما فعل رسول الله عليه السلام بخيبر فذلك إليه وان رأى أن يجعلها فيئا فلا يخمسها ولا يقسمها بل تكون موقوفة على كافة المسلمين كما فعل عمر بأرض السواد وأرض مصر وغيرها مما أفتتحه عنوة فعل والوجهان جميعا فيها قدوة ومتبع لأن رسول الله عليه السلام قسم خيبر وصيرها غنيمة وأشار الزبير بن العوام في مصر وبلال في الشام بمثل ذلك وهو مذهب مالك بن أنس وجعل عمر بن الخطاب السواد وغيره فيئا موقوفا على المسلمين من كان منهم حاضرا في وقته ومن أتى بعده ولم يقسمه وهو رأي أشار به عليه علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ومعاذ بن جبل وبه كان يأخذ سفيان بن سعيد وذلك رأي من جعل الخيار إلى الإمام في تصيير أرض العنوة غنيمة وفيئا
راجعا على الأمة في كل سنة فأما ما فعله رسول الله من تصييره خيبر غنيمة فأنه عليه السلام اتبع فيه آية محكمة وهي قوله ( ^ واعلموا أن ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) فهذه آية الغنيمة وهي لاهلها دون الناس وبها عمل رسول الله وأما الآية التي أخذ بها عمر وذهب إليها علي عليه السلام ومعاذ لما أشارا عليه بما أشارا به فهي قوله ( ^ ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) إلى قوله ( ^ للفقراء والمهاجرين الذين أخرجوا ) ( ^ والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم ) ( ^ والذين جاءوا من بعدهم ) فان قسم الإمام الأرض بين من غلب عليها صارت عشرية وأهلها رقيق وان لم يقسمها وتركها للمسلمين كافة فعلى رقاب أهلها الجزية وقد عتقوا بها وعلى الأرض الخراج وهي لاهلها وهو قول أبي حنيفة والخراج في لغة العرب اسم المكراء والغاية من ذلك حديث النبي أن أبا ظبية حجمة فأمر له بصاعين من طعام وكلم أهله فوضعوا عنه من خراجه وإذا أسلم الرجل من أهل العنوة أقرت أرضه في يده يعمرها ويودي الخراج عنها ولا اختلاف في ذلك وقال قوم يكون عليه الخراج ويزكي بقية ما تخرجه الأرض بعد إخراج الخراج وإذا بلغ الحب خمسة أو سق وكان علي ابن أبي طالب عليه
السلام لا يأخذ من ارض الخراج إلا الخراج وحده ويقول لا يجتمع على المسلم الخراج والزكاة جميعا وابو يوسف وشريك بن عبد الله يقولان في آخرين إذا استأجر المسلم أرضا خراجية فعلى صاحب الأرض الخراج وعلى المسلم أن يزكي زرعه إذا بلغ ما يخرج منه خمسة أوسق وحكى عن الحسن البصري انه لم يكن يرى ذلك وكان يرى أن على صاحب الأرض الخراج وليس على المستأجر شيء قال أبو حنيفة وابو يوسف جميعا أجور من يقسم غلة العشر على أهل الأرض وروى عن مالك أنه قال أجور العشر على صاحب الأرض وأجور الخراج من الوسط وقال مالك وابو حنيفة وسفيان ويعقوب وابن أبي ليلى وابو الزناد وزفر ومحمد بن الحسن وبشر بن غياث إذا عطل رجل من أهل العنوة ارضه أمر بزراعتها واداء خراجها وألا أمر بان يدفعها إلى غيره وقال أبو حنيفة والثوري في أرض خراج بنى فيها مسلم أو ذمي ضامن حوانيت وغيرها أنه لا شيء عليها فان جعلها بستانا الزمه الخراج وقال مالك وابن أبي ذؤيب يلزمه الخراج في البناء لان انتفاعه به كإنتفاعه بالزرع وأما ارض العشر فهو أعلم وما يتخذ فيها الباب الثالث في ارض الصلح ارض الخراج
قال أبو عبد الله بن شجاع البلخي أيما حصن أعطوا الفدية عن حصنهم ليكف عنهم ويرى ذلك الإمام حفظا للدين والإسلام فتلك المدينة للمسلمين فإذا ورد الجند على الحصن وهم في منعة لم يظهر عليهم بغلبة لم تكن تلك الفدية غنيمة للذين يحضرون دون جماعة المسلمين وذلك أن ما أخذ من أهل الحرب من فدية فهي عامة وليست بخاصة لمن حضر منهم وقال يحي بن آدم سمعت شريكا يقول إنما ارض الخراج ما كان صلحا على الخراج يؤدونه إلى المسلمين قال يحيى فقلت لشريك فما حال السواد قال هذا اخذ عنوة فهو فيء ولكنهم تركوا فيه ووضع عليهم شيء يؤدونه
وقال يحيى بن آدم سمعت الحسن بن صالح يقول كنا نسمع أن ما دون الجبل من سوادنا فهو فيء وما وراءه صالح وابو حنيفة يقول ما صولح عليه المسلمون فسبيله كسبيل الفيء وروي عن رسول الله أنه قال لعلكم تقاتلون قوما فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وابنائهم ويصالحونكم على صلح فلا تأخذوا منهم فوق ذلك فإنه لا يحل لكم ورخص بعض الفقهاء في الازدياد على من يحتمل الزيادة وفي يده الفضل من أهل الصلح وأتبعوا في ذلك سنة وآثارا من آثار السلف متقدمة
إلا أن إجماع القول عندي في الفرق بين الصلح والعنوة وان كانا جميعا من الخراج انه قد وقع في ملك أهل الصلح أرضهم وكره بعض أهل النظر شراء أرض العنوة واجتمع الكل على إطلاق شراء ارض الصلح لانهم إنما صالحوا قبل القدرة عليهم والغلبة لهم فأرضوهم ملك في أيديهم وقال محمد بن إدريس الشافعي أن مكث أهل الصلح أعواما لا يؤدون ما صولحوا على أدائه من فاقة أو جهد كان عليهم إذا ذلك إذا أيسروا
وقال أبو حنيفة يؤخذون بأداء ما يجب عليهم مستانفا ولا شيء عليهم فيما مضى وهو قول سفيان الثوري وأبي يوسف وقال مالك وابن أبي ذؤيب وابو بكر ابن أبي سبرة وأهل الحجاز إذا أسلم رجل من أهل الصلح أخذ من أرضه العشر وسقطت حصته من الصلح وان أهل قبرص ولو أسلموا جميعا صارت أرضوهم عشرية لأنها لم تؤخذ منهم وانما أعطوا الفدية عن القتال وأبو حنيفة والثوري وأهل العراق يقولون الصلح يجري مجرى الفيء فان اسلم أهله أجروا على أمرهم الأول في الصلح إلا أنه لا يزاد عليهم فيه شيء وان نقصوا إذا كان مال الصلح محتاجا لمعايشتهم فلا بأس الباب الرابع أرض العشر
قد قدمنا وجوه العشر وبعض الناس يزيد فيها أرض العرب الذين لم يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف وهذا القسم داخل فيما أسلم عليه أهله وقد تقدم ذكرنا اياه ومما ينبغي أن يفهم انه وان كان بين من أسلم طائعا ومن أكره على الإسلام فرق قد أبانه رسول الله بالفعل وذلك أنه جعل لأهل الطائف الذين كان إسلامهم طوعا ما لم يجعله لغيرهم مثل تحريمه واديهم وألا يغير طائفهم ولا يؤمر عليهم إلا بعضهم وأخذ من أهل دومة الجندل بعض ما لهم واستثنى عليهم بالحصن ونزع منهم الحلقة وهي السلاح والخيل لان أولئك أتوا راغبين في الإسلام غير مكرهين عليه فأمنهم عليه السلام وهؤلاء إنما كان إسلامهم بعد أن غلب المسلمون على ارضهم فلم يؤمن غدرهم ونكثهم وبمثل ذلك عمل أبو بكر بأهل الردة لما أجابوا إلى الإسلام بعد أن قهروا وذلك انه اشترط عليهم الحرب المجلية أو السلام المخزية وفسر السلام المخزية بان ينزع منهم الكراع والحلقة فأن أرض الجميع أرض عشرية وانه لا وجه لأفراد قسم بأرض العرب الذين لم يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف إذ كان ذلك داخلا فيما عددنا وجوهه الباب الخامس في إحياء الأرض وأحتجارها
روي عن رسول الله أنه قال من أحيا أرضا مواتا فهي له وما أكلت العافية منها فهو له صدقة والعافية المعتقون الذين يقصدون من أهل الفاقة وأبناء السبيل المنقطع منهم والسباع والطير هكذا فسر لنا أحمد بن يحيى الشيباني ويروي هذا الخبر على وجه آخر وهو أن رسول الله عليه السلام قال من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق تفسير العرق الظالم هو ما يحدثه محدث في الأرض من بناء أو غرس في أرض رجل من الأنصار من بني بياضة نخلا بان ينزع نخله فاقتلع وفي حديث رافع بن خديج عنه عليه السلام انه قال من زرع في ارض قوم بغير أذنهم فله نفقته وليس له من الزرع شيء وانما اختلف حكم النخل والزرع في أن اقلع النخل واعطي صاحب الزرع نفقته
لانه قد توصل إلى أن يرجع الأرض المزروعة إلى ربها بسهولة وتحصل نفقة الزرع من وجوه قريبة والنخل ففي تحصيل نفقته بعد ومشقة ودعاء وكثير مشقة فحكم عليه السلام بقلعة لهذه العلة ولم يحكم بقلع الزرع للفساد الذي مكن استدراكه بدفع النفقة إلى زراعة وتحصيله لرب الأرض وقال أن عمر بن الخطاب كان يقضي فيمن يعمر أرض غيره بغرس أو زرع أو غيرهما ثم يحضر صاحب الأرض فينازع فيها أنه كان يقول لصاحب الأرض ادفع إلى صاحب العمارة نفقته فإن قال لا أقدر قال للعامر أدفع إلى صاحب الأرض ثمن ارضه براحا فأما ما هي الأرض التي إذا استحياها أحد ملك رقبتها فهي ما لم يكن فيه ملك ولا حق لمسلم ولا معاهد وقال رسول الله ص
عادي الأرض لله ولرسوله ثم لكم من بعد فمن أحيا شيئا من موتان ارض فله رقبته واما بماذا يكون أحياء الأرضين فانه بان يستخرج فيها عين أو يساق إليها الماء بوجه من الوجوه حتى تصلح للزرع وقد روي عن عمر بن عبدالعزيز أنه كتب بذلك وذكر البناء وأنه في الأرضين التي لا ملك لأحد عليها يقوم مقام الحرث في استيجاب الملك إلا أن اصل الأحياء إنما هو بالماء فإذا استخرجت عين أو حفرت بئر أو سيق الماء بوجه من وجوه السياقة ثم زرع أو غرس فذلك كله أحياء وقال أبو حنيفة وسفيان ومالك والاوزاعي لا يجوز الأحياء إلا بأذن الإمام
وقال أبو يوسف وابن أبي ذؤيب وزفر وبشر بن غياث أن ذلك جائز وان كان بغير اذن الإمام لأن رسول الله أذن فيه وأذنه باق إلى يوم القيامة
وقال الشافعي وهو جائز بغير أذن الإمام والأحب إلى أن يستأذن وقال أبو يوسف فيما يستحيا أن كان من ارض العنوة أو كان يشرب من ماء الخراج فعليه الخراج وان كان عشر به من ماء السماء أو من عين يستخرجها المجني لها فهي أرض عشر وقال بشر بن غياث هي أرض عشر شربت من ماء الخراج أو من غيره وأما الاحتجاز فهو أن يحتجز إنسان أرضا بقطيعة من الإمام أو بغير ذلك ثم يتركها الزمان الطويل غير معمورة وكان النبي أقطع بلال بن الحرث المزني العقيق اجمع فلما كانت خلافة عمر بن الخطاب قال لبلال أن رسول الله لم يقطعك العقيق لتحتجره عن الناس إنما اقطعك لتعمر فخذ منه ما قدرت على عمارته ورد الباقي فقال انه أقطع الذي رده الزيير بن العوام وقد جاء في بعض الآثار عن عمر بن الخطاب انه جعل في ذلك ثلاث سنين الباب السادس في القطائع وما كان أصفاه عمر من أرض السواد
أما الارضون التي تصلح للإقطاع فمنها رواه طاووس عن النبي عليه السلام من أنه قال عادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم وسئل طاووس عن قوله لكم ما يراد به قال يقطعونه الناس وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في العادي انه كل ارض كان لها ساكن في قديم الدهر فانقرضوا حتى لم يبق بها أحد فحكمها إلى الإمام ومثله فيما يصلح للإقطاع موات الأرض مما لم يستحييه أحد وجملة الأمر ما لم يقع عليه ملك مسلم ولا معاهد فان حكم ذلك إلى الإمام يقطعه من اختار فأما إقطاع النبي الزبير بن العوام أرضا ذات نخل وشجر فان أبا عبيد القاسم بن سلام ذكر أن هذه الأرض هي التي كان سليط الأنصاري عمرها وذلك أن رسول الله كان قد أقطع سليط هذا أرضا من الموات فأحياها وعمرها وكان إذا خرج إليها عاد فاخبره
بوحي قد نزل لم يكن عرفه فانطلق إلى النبي ص فاستعفاه منها وذكر إنها تشغله عنه وانه لا حاجة له بها هذه سبيله فارتجعها منه فقال له الزبير اقطعنيها يا رسول الله فأقطعه إياها وأما أقطاعه عليه السلام ابيض بن حماد المازني الملح الذي بمأرب فأن أبيض بن حماد كان استقطع الملح الذي بمأرب فاقطعه رسول الله أياه فلما ولى قيل له يا رسول الله إنما اقطعته الماء العد فارتجعه منه لانه إنما أقطعه ذلك وهو عنده أرض موات يحييها فلما تبين انه ماء عد ارتجعه وقال أبو عبيد القاسم بن سلام أن الماء العد هو الذي له مواد تمده مثل العيون والآبار وسنة النبي عليه السلام أن الناس جميعا شركاء في الكلأ والماء والنار واما اقطاعه عليه السلام بلال بن حارث العقيق وهو من المدينة التي اسلم أهلها عليها راغبين في الإسلام غير مكرهين عليه فأنه لم يأت في الاقطاع اعجب من هذا ووجه ما روي عن ابن عباس من أن النبي لما قدم المدينة جعلوا له كل ارض
لا يبلغها الماء ليصنع بها ما شاء وقال بعض الرواة انه إنما اقطع بلال بن الحارث العقيق لان العقيق من ارض مزينة ولم تكن لأهل المدينة قط وأما اقطاع عثمان بن عفان عثمان بن العاص الثقفي الأرض التي تعرف بشط عثمان بالبصرة فان البصرة كلها كانت يومئذ سباخا فاقطعه إياها فاستخرجها واحياها والسباخ موات أن كانت لا تنبت إلا بعلاج وكذلك الأرض يغلب عليها الغياض والآجام وكذلك الأرض التي يركبها الماء ويقيم فيها حتى يحول بين الناس وبين أزدراعها والانتفاع بها كالبطائح فان جميع ذلك إذا عولج حتى يصلح للازدراع جرى مجرى المستحيا من الموات الذي يقع عليه الإقطاع وقد اقطعت الأئمة من ذلك أجمع ومما كان لهم خالصا من الضياع التي ورثوها وملوكها بوجه من وجوه الملك
ومن الارضين التي كان عمر بن الخطاب اصفاه من السواد أصناف عشرة حفظ منها ارض من قتل في الحرب وكل ارض كانت لكسرى وكل ارض كانت لأهل بيته وخاصته وكل دير بريد وكل مغيض ماء وارض من هرب من المسلمين وكان ارتفاع ذلك في السنة سبعة آلاف ألف درهم فلما كان يوم الجماجم واحرق الديوان وثب كل قوم ما يليهم فأضافوه إلى ارضهم فلما قام عثمان بن عفان رأى أن عمارة ذلك أرد على المسلمين من تعطيله فأعطاه من رأي اعطاءه إياه ليعمروه ويؤدوا ما يجب للمسلمين فيه وهذه هي ارضون القطائع بالسواد
فالاقطاع هو أن يدفع الأئمة إلى من يرون أن يدفعوا إليه شيئا مما ذكرناه فيملك المدفوع ذلك إليه رقبته بحق الإقطاع ويجب عليه فيه العشرة والإيغار هو أن تحمي الضيعة من أن يدخلها أحد من العمال وأسبابهم بما يأمر الإمام به من وضع شيء عليها يؤدي في السنة أما في بيت المال أو في غيره من الامصار وزعم قوم أن الإيغار إنما اخذ من قولهم أو غرت صدر فلان إذا احميته وهذا أن كان هكذا فقد غلط المشتق فيه لان الحمى من الاسخان يقال احميت ومن المنع يقال حمي واللفظان مختلفان كما أن المعنيين مختلفان أيضا والتسويغ هو أن يسوغ الإنسان من خراجه شيئا في السنة وكذلك الحطيطة ومثلها التريكة والطعمة هي أن يدفع إلى الرجل الضيعة يستغلها مدة حياته حتى إذا مات ارتجعت بعده والفرق بين الطعمة والإقطاع أن الإقطاع يكون لعقبة من بعده والطعمة ترتجع منهم الباب السابع في المقاسمة والوضائع
أما ارض العشر فقد قدمنا أقسامها وفيها العشر دون ما سواها والسنة أن العشر إنما يجب من جميع أقسام الأرضين التي عددناها فيما لم يتكلف في سقية كلفه ونصف العشر فيما يحتاج إلى الكلف ولما لم يكلف في سقيه كلفه أسماء يحتاج إلى ذكرها في هذه الموضع وهو السيح والفتح والغيل والكظائم وهي نحو القنى ويقال بلغة أهل الاهواز وما يعرفونه هناك القاويات وما كان فسقية من السماء فهو العذى
ويقول العرب في ذلك العثرى بفتح العين والثاء وتشديد الثاء وقوم يجعلون البعل ما تسقيه السماء وقال أبو عبيد القاسم بن سلام البعل ما كان من نخل أو ما أشبهه يشرب بعروقه من غير سقي ويعرف أهل الاهواز العذي بالبخس ومما يزدرع عليه الغلات الكبوس والصليقات وهي الارضون التي تمخر المياه فيها فيرطبها ويثبت التقن عليها ثم تبذر البذور ولا تسقي الأرض وما أخلق هذا بأن يكون في جملة ما يسمى
البعل فأما ما يتكلف له الكلف فمنه الدوالي والدواليب والغرافات والمنجونات والنواعير ويسمى أيضا ما يسقى بالدلو الغرب والغرب هو الدلو نفسها السواني وكذلك وهي الإبل التي تمد الدلاء لا ما تتوهمه العامة من أن السانية اسم الدلو التي يسقى بها وكذلك النواضح فان امتزج السقى سيحا وبدالية فان يحيى بن آدم حكى انه سئل عطاء عن ذلك فقيل له على أي السقيين تؤخذ الزكاة فقال تؤخذ على الأكثر مما يسقى به وقال الأوزاعي وأحسبه قول أهل العراق في زرع سقي خمس مرات سيحا وخمس مرات بغرب أن الزكاة تؤخذ جزءا ونصف جزء من عشرين كأنه اخذ من العشر بقسطه ومن نصف العشر بقسطه وقال فيما يسقى مرتين سيحا وثلاث مرات بغرب أو داليه انه يؤخذ خمسا عشرة بحق السيح وثلاثة أخماس نصف عشرة بحق الدالية فيكون جميع ما يؤخذ سبعة أجزاء من مائة جزء وسبيل أرض العنوة في المقاسمة سبيل ارض العشر وهو أن ما يشرب سيحا إذا قوسم أهله فيه على النصف قوسموا فيما يشرب بدالية على النصف من ذلك وهو الربع وقد اختلف الفقهاء في الذمي إذا أسلم كيف يجري الأمر في ارضه فقال بعضهم وهو الأقل إنها تنتقل عشرية وقال بعضهم في ذمي يشتري أرض عشر أنها تصير خراجية وقال آخرون بل تؤخذ منه الضعف من العشر على حسب ما عمل به في نصارى بني تغلب لان الزكاة تطهر ولا تؤخذ من كافر ما يكون تطهيرا له وهو قول ابن شبرمة وأبي يوسف وقال الأكثر بل تكون أرض الذمي إذا اسلم جارية مجرى ارض الخراج ويوضع عنه الجزية وهو قول أبي حنيفة وبشر بن غياث
واما الطسوق فإنما وضعت على حساب المقاسات فوضع طسق الاستان على حسب ما يكون مشاكلا للمناصفة والدليل على ذلك انه متى احتيج إلى تعشير ارض اخذ من طسق الاستان الخمس لان خمس النصف عشر الأصل وقد كان عثمان بن حنيف لما بعثه عمر بن الخطاب لمساحة السواد وضع على جريب الكرم والشجر عشرة دراهم وعلى جريب النخل خمسة دراهم وعلى جريب القضب وهو الرطبة ستة دراهم وعلى جريب البر أربعة دراهم وعلى جريب الشعير درهمين وفي رواية بعض الناس أكثر من هذا ثم مسح العامر وما يجوز أن يبلغه الماء فيغمر من العامر ووضع على جميع ذلك قفيزا ودرهما ثم تغير ذلك اجمع بما رأتها الأئمة مستأنفا في توفير الوضائع والطسوق بحسب خروج الغلات والثمار ونفاقها بقربها من الأسواق والعمارات وتخسيسها إذا خالف أمرها ذلك وقد كثر الاختلاف في أصناف ما تؤخذ الزكاة منه ومبالغ كيله فأما الكيل فان بعض وهم الأكثر يأخذون بأنه ليس فيما دون خمسة أوسق صدقه والوسق ستون صاعا بالصاع الحجاجي والصاع على مذهب أهل الحجاز خمسة أرطال وثلث وعلى مذهب أهل العراق ثمانية أرطال وقال أبو حنيفة ومن ذهب مذهبه من أهل العراق في كثير ما يخرج من الأرض وقليله الزكاة وعمل هؤلاء أيضا على سنة واثار متبعة واما ما يؤخذ منه الزكاة من أصناف الغلات فأن بين الفقهاء في ذلك اختلافا كثيرا فمنهم من يقول
إنها في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وزاد بعضهم السلت والذرة وزاد آخرون الزيتون وزاد آخرون القطاني وهي أصناف الحبوب بأسرها ثم قالوا يؤخذ من جميع ما يمكن ادخاره ويتهيأ بقاؤه في أيدي الناس حولا أقله ولا يؤخذ مما لا يمكن ذلك فيه مثل البقول والرياحيين وسائر الخضروات وأهل العراق يرون أن في جميع ذلك حتى يقول أبو حنيفة في دساتج الكراث ويأخذ فيه بسنه ابن عباس ووقع في العسل اختلاف فأكثر الروايات أن فيه العشر وقال قوم العشر إذا كان في السهل ونصف العشر إذا كان في الجبل وقال قوم إذا كان في أرض الخراج لم يؤخذ منه شيء لأنه لا يجتمع عشر وخراج في ارض والثابت انه كان يؤخذ منه على عهد النبي عليه السلام من كل عشرة ازقق زق وقال بعض الفقهاء في كل عشرة أرطال رطل وله في هذا الوقت طسق في ارض الخراج يؤخذ من أهله ثم كتب أبو عبيدالله معاوية بن عبدالله كاتب المهدي إلى المهدي رسالة عرفه فيها ما على أهل الخراج من الحيف أن ألزموا مالا معلوما أو طعاما محدودا وجعل ذلك على كل جريب لمالا يؤمن من تنقل الأسعار في الرخص والغلاء فإذا غلت وصل إليهم من المرفق ما لعل الإ مام لا يسمح به وان رخصت عاد عليهم من الضرر مالا يحل له أن يعاملهم بمثله إلى ما يعود على المال بالنقص وعلى الإسلام بالضرر لما يحتاج إليه من أعطيات
الجند وسائر وجوه النفقات وقال أن الأولى أن يجري في معاملة أهل السواد إلى مثل ما فعله رسول الله في خيبر فأنه سلمها إلى أهلها بالنصف وأشار بحمل أهل السواد في الدوالي على الثلث لما يلزمهم بسببها من المؤونة وفي الدواليب على الربع لان مؤونتها أغلظ وبالا ولا يلزموا بعد ذلك كلفة ولا نابية بوجه ولا بتعب إلا الحصاد والرفاع ويؤخذ التبن منهم على حسب المقاسمة وأن أحبوا ابتياعه بويعوه بسعر وقته ويعمل في مساحة الكروم وسائر الشجر والخضر وجميع الغلات على ما يوجبه الحكم بالحق فيها من النظر إلى قيمة ما يحصل منها بحسب قربه وبعده من الغرض والأسواق ونفاقه أو قلة خروجه ووضع ما يلزم من النفقة عليها ويحتاج إلى تكلفه من المؤن لها وقبض النصف بعد ذلك فإذا بلغ الحاصل من الغلة ما يفي بخراجين الزم خراجا تاما وإذا نقص نزل ففعل ذلك وبسببه صار ما يحتاج إلى تعشيره من الأرض يؤخذ بالمكاييل منه العشر ويؤخذ من الطسق الخمس التي تقدم تبينا لها الباب الثامن في جزية رووس أهل الذمة
قد قال بعض الناس في العرب أن رسول الله قال لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف وظن أن ذلك شامل لجميع العرب بسبب النسب وانما ذلك فيمن كان منهم يعبد الأوثان خاصة
فأما أهل الكتاب من العرب فقد أمر النبي عليه السلام بقبول الجزية من أهل اليمن وأكثرهم عرب وقبلها عليه السلام من أهل نجران وهم من بني الحارث من كعب لانهم نصارى من أهل الكتاب وقبلها أبو بكر من أهل الحيرة حتى أفتتحها خالد بن الوليد في خلافته صلحا وهم أخلاط من أفناء العرب من تميم وطي وغسان وتنوخ وغيرهم إذ كانوا نصارى أيضا واما نصارى بني تغلب فانهم لما طولبوا في خلافة عمر بن الخطاب بالجزية تفرقوا في البلاد وعبروا الفرات للحاق بالروم فقيل لعمر انهم عرب وأصحاب حروث ومواش ولهم نكاية في العدو فلا تعز بهم عدوك فصالحهم على أن يكون عليهم الصدقة مضعفة من كل عشرين درهما درهم ويعفوا من الجزية على إلا يصبغوا أولادهم أي لا ينصرونهم وهو مأخوذ من صبغ الثوب يغمس في الصبغ أي لا يغمسونهم في الكفر وقال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضوان الله عليه في خلافته لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي لأقتلن مقاتليهم ولأسبين ذريتهم فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم
وأما المجوس فان رسول الله قبل الجزية من مجوس هجر على إلا توكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم وطلبها خالد ابن الوليد وهو عامل أبي بكر من أهل العراق وهم فارس في كتابة كان إلى مرازبتهم وقبلها عمر بن الخطاب بعد ذلك منهم وقبلها أيضا عثمان بن عفان بعده منهم ومن البربر وكانوا مجوسا أما من يجب عليه الجزية من جميع أهل الذمة منهم الذكور المحتلمون الذين ينفصلون عن الذرية من النساء والصبيان بوجوب القتل عليهم وبذلك كتب النبي لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن أن على كل حالم دينارا أو عدله من المعافر فقال حالم فضلا له بالتذكير عن النساء وبالاحتلام عن الصبيان وكتب عمر بن الخطاب إلى امراء الأجناد ألا يقاتلوا إلا من قتلهم ولا يقتلوا النساء ولا الصبيان ثم أمرهم بعد ذلك ألا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي وعن النبي في غير وجه من الحديث أنه نهى عن قتل الذرية من النساء والصبيان فدل جميع ذلك على أن الجزية إنما أوجبت على من كان القتل عليه واجبا فكف بها عن قتله وينبغي أن يضاف إلى هذا المعنى أيضا أن القتل إنما وجب عليهم لان مثلهم يقاتل وان من مثله لا يقاتل فتسقط عنهم الجزية مثل العميان والرهبان والزمنى وسائر من يجري مجراهم ممن لا يقاتل واما كم الجزية فان على أهل العين وهم أهل الشام ومن جرى مجراهم أربعة دنانير على الطبقة العليا وديناران على الوسطى ودينار على الدون وعلى أهل الورق مثل أهل العراق وغيره أما على الطبقة العليا فثمانية وأربعون درهما وعلى الوسطى أربعة وعشرون درهما وعلى الدون اثنا عشر درهما واما تحديد الطبقات فان أهل العليا هم الذين لهم
المال المشهور من الصامت والضياع والدور والرقيق الذي لا يمكنهم ستره وأهل الوسطى هم الذين تعرف لهم دور ويسار ويوثق بهم في الأموال ويؤتمنون على المتاع وأهل الدون هم سائر من دون هذه الطبقة وكان على كل إنسان من أهل الذمة ما يسمى الأرزاق وهو على كل من كان منهم بالشام مديان من الحنطة وثلاثة أقساط من الزيت في كل شهر وعلى أهل العراق خمسة عشر صاعا وعلى أهل مصر اردب وشيء من العسل وضيافة المسلمين ثلاثة أيام وانما كان ذلك في أول الأمر ثم رفع عنهم واراه صار في الخراج الواجب على من يجب عليه منهم وروى عن سفيان بن عينية عن ابن أبي نجيح قال سألت مجاهدا لم وضع عمر على أهل الشام من الجزية اكثر مما وضعه على أهل اليمن فقال لليسار فدل ذلك على أن يزيد وينقص في الخراج على قدر الاحتمال وللجماجم بديار مضر رسم يخالف رسم الجوالي وذلك أن حكم الجوالي التطبيق بحسب ما عليه سائر الامصار والجماجم بهذه الديار وهم النبل المقيمون بها فكان معاوية بن أبي سفيان جعل على جميعهم الطبقة الوسطى وهي أربعة وعشرون درهما وثمن عليهم أقساط العسل والزيت فبلغت قيمة ذلك بسعر الوقت تسعة دراهم إضافة إلى الجزية فصار الجميع ثلاثة وثلاثين درهما وإذا اسلم الذمي في آخر السنة وقد كانت الجزية وجبت عليه وحضر وقت افتتاح خراج الجوالي فلا شيء عليه لانه لا جزية على مسلم وان مات أو جلا لم يجب على ورثته ولا على خلفه لانهم غير ضامنين لها عنه الباب التاسع في صدقات الإبل والبقر والغنم
أجمعت الأحاديث والسنن وآراء الفقهاء على انه لا شيء من الصدقة تجب في الإبل إلى أن تبلغ خمسا فإذا بلغت خمسا ففيها شاة إلى تسع فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى أربع عشرة فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى تسع عشرة فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض فان لم توجد في الإبل بنت مخاض فابن لبون ذكر إلى خمس وثلاثين فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون إلى خمس واربعين فإذا زادت واحدة ففيها حقه طروقه الفحل إلى ستين فإذا زادت ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون إلى تسعين فإذا زادت واحدة ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى مائة وعشرين فإذا بلغت الإبل مائة وعشرين وقع الاختلاف وليس فيما قبل ذلك اختلاف إلا في حديث يروى عن علي بن أبي طالب وليس بالمصحح عنه وهو أن الإبل إذا بلغت خمسا وعشرين ففيها خمس شياه فأما فيما بعد المائة والعشرين ففي القول المنسوب إلى علي يكون في مائة وخمس وعشرين حقتان وشاة وفي مائة وثلاثين حقتان وشاتان وعلى ذلك زيادة شاة في كل
خمس يزيد إلى مائة وخمس واربعين فإذا بلغت الإبل مائة وخمسة واربعين كان فيها حقتان وخمس شياه وفي قول أهل العراق وبه كان يقول سفيان حقتان وبنت مخاض فإذا كملت الإبل مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق فان زادت على ذلك استؤنفت بها أيضا كما ابتدأت أول مرة إلى المائتين فإذا بلغتها كانت فيها أربع حقاق فإذا زادت استؤنفت بها أيضا على ما فسرنا فهذا قول علي ومذهب أهل العراق أما مالك وأهل الحجاز فيقولون أن الزيادة على المائة والعشرين مما دون العشرة شنق لا يعتد به ويعني بالاشناق ما بين الفريضتين من الأعداد التي إذا زادت لم يعتد بزيادتها في الفريضة ويسمى ذلك في البقر الاوقاص والاشناق مأخوذ من شنق القربة وهو أن تملأ حتى يشتال براسها فكان زيادة على الملأ فإذا بلغت مائة وثلاثين قالوا أن فيها بنت لبون وحقه وفي مائة وأربعين حقتان وبنت لبون في مائة وخمسين ثلاث حقاق وفي مائة وستين أربع بنات لبون وفي مائة وسبعين ثلاث بنات لبون وحقه وفي مائة وثمانين حقتان وبنتا لبون وفي مائة وتسعين ثلاث حقاق وبنت لبون وفي مائتين أو أربع حقاق وعلى هذا يعملون في كل ما يزيد يأخذون من كل خمسين حقه أو من كل أربعين بنت لبون ويقولون أن الفرائض في الإبل إذا تجاوزت الغنم في أول الأمر إلى
الإبل لم تعد بعد ذلك غنما وروي عن علي بن أبي طالب رحمه الله انه قال إذا لم يوجد في الإبل السن التي توجبها الفريضة فاخذ المصدق المسن التي فوقها رد شاتين أو عشرة دراهم وبهذا كان يأخذ سفيان وكان يقول عشرة دراهم أو دينار وكان الاوزاعي يقول إذا لم يوجد السن التي تجب أخذت قيمتها وكان مالك يقول انه لا يبدل سن مكان سن إلا ما جاءت فيه الرخصة من اخذ ابن لبون بنت مخاض ذهب سفيان إلى الأثر الذي رواه عن علي بن أبي طالب وذهب إليه الاوزاعي إلى انه ليست تتساوى قيم بين كل سنين
وكره مالك أن يأخذ غير الفرض وقال إذا وجب على رب المال سن فعليه أن يأتي بها وفيه مشقة على الناس وكان النبي عليه السلام يأمر به التيسير عليهم وهذا في شأن الإبل وما يخالطه الصغار منها فأما إذا كانت كلها صغارا مثل الخيران والسقاب ففيها اختلاف فسفيان يقول أنه يرد المصدق على رب المال بفضل ما سن من السنن التي تؤخذ وبين الربع والسقيب ومالك يقول انه يؤخذ منها مثل ما يؤخذ من
المسان ولا يرد المصدق الفضل على رب المال وقال بعض الناس لا صدقة في الصغار ولا شيء على ربها وقال بعضهم فيها واحدة منها فأما إذا جاء المصدق فوجدها أربعا مثلا وقد كان الحول حالا عليها وهي خمس فأهل العراق يقولون تلزمه أربعة اخماس وشاة يذهبون إلى أن الصدقة قد كانت وجبت عليها مع مضي الحول فلما ذهب بعضها سقط من الصدقة بحسابه ومالك يقول لا شيء فيها لان الصدقة إنما تجب على رب المال يوم يصدق وكذلك إذا كانت ناقصة عما تجب فيه الفريضة فكملت يوم يحول الحول عليها فان كانت خمسا حولين ولم يحضر المصدق فان سفيان يقول أن فيها إذا حضر واحدة للسنة الأولى وليس عليها للسنة الثانية شيء وقال مالك عليه شاتان ذهب سفيان إلى أن السنة الثانية لم يكن خمسا تامة لما لزمه فيها من الدين وأنها خمس إلا قيمة شاة واخذ مالك بسنة عمر انه آخر الصدقة عام الرمادة فلما أحيا الناس عقل عليهم عقالين
فأما ما روى عن النبي عليه السلام أنه قال لا ثناء في الصدقة فان أبا عبيد القاسم ابن سلام قال أن اصل الثناء في كلامهم ترديد الشيء وتكريره بالجهل ووضعه في غير موضعه وتفسير ذلك أن الصدقة إذا تأخرت عن قوم عاما لحادثه تكون حتى تتلف أموالهم لم تثن عليهم في قابل صدقة العام الماضي لكنهم يؤخذون بما في أيديهم للعام الحاضر
قال وفيها تأويل آخر وهو أنه لا تؤخذ الصدقة في عام مرتين قال والتأويل الأول اعجب الي ومالك يرى في الإبل العوام الصدقة وأهل العراق على خلاف ذلك وما يتعامل الناس به اليوم أنها تؤخذ في السائمة فقط واما تفسير الأسنان فأولها الجذعة وهي التي لها سنة ثم ابنة المخاض وهي التي تنمخض أمها بولد آخر في بطنها ولها سنتان ثم ابنة اللبون وهي التي قد ولدت أمها ولدا آخر فصار لها لبن ولها ثلاث سنين ثم الحقه وهي التي قد استحقت أن يحمل عليها أربع سنين
والعراب والنجاتي في وجوب ما على الإبل من الصدقة واحد فأما صدقات البقر فالإجماع من أهل العراق وأهل الحجاز أن في كل ثلاثين بقرة تبيعا جذعا وهو الذي قد استوت قرناه واذناه في كل أربعين بقرة مسنة والمسن هو الثنى فما زاد وليس بين جميع الفقهاء خلاف في أن الحوادث والعوامل من البقر لا صدقة فيها إلا مالك بن انس فانه يرى في العوام الصدقة والناس كلهم على خلاف ذلك ولا خلاف بينهم أيضا في الاوقاص من البقر وانه لا شيء فيها وهي ما بين الفريضتين وإذا خالطت البقر الجواميس فسنتها واحدة واما صدقات الغنم فان الإجماع من أهل العراق والحجاز انه لا شيء فيها دون الأربعين منها فإذا بلغت الأربعين ففيها شاة
إلى مائة وعشرين فإذا زادت على ذلك واحدة ففيها شاتان إلى المائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى الثلاثمائة فإذا زادت الغنم على ذلك ففي كل مائة منها تامة شاة وإذا كانت الغنم حسانا وسخالا فالجميع محسوب فان كانت كلها صغارا ففي ذلك الخلاف
وقد تقدم وصفه عند ذكر الإبل إلا أن عمر حكم بان يعتد بالسخلة ولا يؤخذ بازاء ما عفى عنه مما يضن به رب المال وقد جاء في الحديث تفسير ذلك منه الربي وهي التي معها ولدها تربيه والرغوث وهي التي يرغثها ولدها والرغث الرضاع والعرب تضرب المثل فتقول آكل من الرغوث الماخض وهي التي تمخض بالولد يذهب ويجيء في بطنها والكنوف وهي التي تربض ناحية من الغنم تطلب الزوج لسفنها والأكولة وهي التي يسمنها رب المال ليأكلها
وفحل الغنم وهو الذي يحتاج إليه رب المال للنكاح وكل ذلك فلا يؤخذ إلا أن يشاء رب المال وجاء في الحديث المصدق واصحاب الحديث يحققونه فتصير على الخلاف لان المصدق بالتخفيف هو الذي يأخذ الصدقة والمصدق بالتشديد هو الذي يعطيها ومع هذا فانه لا يؤخذ في الصدقة رذال المال ومنه الصعراء المائلة العنق ومنه الاكيلة وهي التي افترسها السبع واستنقذت منه ومنه أيضا الثولاء وهي المجنونة ومنه الغضباء وهي
المكسورة القرن والهرمة وكل ذات عوار بل يؤخذ في الصدقة الوسطى من كل شيء وليس في أسنان الغنم ما يؤخذ غير سنين كما في البقر أيضا إلا انه على الخلطاء في الفحل والمرعى والحوض والمراح واحدة مثل أن يكون ثلاثة نفر حالهم في المخالطة على ما قدمنا ذكره واحدة وبينهم مائة وعشرون شاة فيلمونهم جميعا فيها شاة واحدة
وأهل العراق وسفيان بن سعيد يرون أن الاجتماع والتفرق لا يقعان إلا في الملك وان الثلاثة النفر الذين ذكرناهم إذا كان لواحد منهم أربعون شاة يلزمهم فيها ثلاث شياه وفي الإبل مثل ذلك حتى أنه إذا كان ثمانية خلطاء على الأحوال الموجبة عند أهل الحجاز للمخالطة والاجتماع وبينهم أربعون من الإبل لكل واحد منهم خمس منها أن عليهم فيها ثماني شياه واما ما جاء في الحديث من انه ما كان بين خليطين فانهما يتراجعان بينهما بالسوية فان أهل الحجاز لوضعهم الأمر في المخالطة على ما قدمناه إذا كان أربعون شاة مثلا بين خليطين وكان أحدهما يملك ثلاثين والآخر عشرا فأوجبوا في الأربعين واحدة انه يجب على رب الثلاثين ثلاثة أرباعها وعلى رب العشرة ربعها فان كانت من غنم صاحب الأقل عاد على صاحب الأكثر ثلاثة أرباع شاة وان كانت من غنم صاحب الأكثر رجع على صاحب الأقل بربع شاة وقال أهل العراق أن هذا إنما في الخليطين المتفاوضين اللذين لا يعرف أحدهما مبلغ غنمه إلا أن أحدهما يملك الثلثين والآخر الثلث ومثال ذلك مائة وعشرون شاة فان المصدق يأخذ منها شاتين يجب على صاحب
الثلثين شاة وعلى صاحب الثلث ثلثا شاة فرجع صاحب الثلثين لان قسطه من الأصل ثمانون شاة على صاحب الثلث لان قسطه من الأصل أربعون شاة بثلاث شياه إذ كان ما يلزم صاحب الثمانين شاة وما يلزم صاحب الأربعين شاة أيضا فإذا اخذ من الغنم شاتين كان لصاحب الأكثر فصل ثلاث شياه على خليطة الآخر وهذا اشبه بقوله يتراجعان فيما بينهما بالسوية الباب العاشر في أخماس الغنائم
الآية المعمول عليها في الغنيمة هي قوله ( ^ واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) وظاهر هذه الآية ينبىء أن الغنيمة في ستة أوجه ولكن تفسير قوله الله إنما هو افتتاح كلام لان كل شيء الله عز وجل فجعل سهم الله وسهم الرسول عليه السلام واحدا ولم تكن الغنائم تحل لأحد قبل يوم بدر كانت تنزل نار من السماء فتأكلها فلما كان يوم بدر أسرع الناس في الغنائم فأنزل الله تبارك وتعالى ( ^ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنتم حلالا طيبا ) وروي عن أبي ذر الغفاري قال خرجت في طلب رسول الله فوجدته يصلي فانتظرته حتى صلى فقال أوتيت الليلة خمسا ذكرها وقال فيها وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي والغنيمة إذا غنمت اخذ الخمس منها فقسم أول السهام للكعبة وهو سهم الله عز وجل وسهم رسوله وسهم ذي القربى وفي هذا السهم اختلاف وقد جاءت الرواية بأن النبي اعطاه بني هاشم وبني المطلب وانه لما سئل عن اعطائه بني المطلب وتركه من هو
في النسب وهم بنو نوفل وبنو عبد شمس قال أن بني هاشم وبني المطلب لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام وان البطنين شيء واحد وشبك بين أصابعه
وروى يحيى بن آدم في خبر يسنده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن سهم ذوي القربى لم يزل يتولى هو بفرقته فيهم إلى أن كانت آخر سنة من سني عمر بن الخطاب فأنه أتاه مال كثير فأرسل إليه أن هذا حقكم فخذوه وانه اجابهم بأنهم مستغنون عنه في ذلك العام وان بالمسلمين إليه حاجة وانه رده عليهم في ذلك العام وانه لم يدعه إليه بعد عمر أحد وان العباس قال له في ذلك الوقت لقد حرمتنا شيئا لا يرد علينا أبدا وحكى يحيى ابن آدم أن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذوي القربى لمن هو فكتب إليه ابن عباس أنا نزعم انه لنا أهل البيت وان قومنا يزعمون انه ليس لنا ثم اتفقت آراؤهم على أن جعل هذا السهم في الخيل والعدة في سبيل الله ثم خرج سهم اليتامى وسهم المساكين وسهم ابن السبيل من الخمس والأربعة الأخماس من اصل الغنيمة تفرق فيمن شهد الحرب ووقع اختلاف في السرية يخرج بغير إذن الإمام فقال الحسن انه لا شيء لهم منها لانهم بمنزلة جميع الناس وقال أبو حنيفة يجرون مع الاستئذان وتركه مجرى واحدا في أن الخمس من غنيمتهم لبيت المال
والأربعة الأخماس لهم وانهم إذا كانوا أقل من ستة فما أصابوا فجميعه لهم أقامهم مقام من اكتسب شيئا بخاصة فعله مثل الذين يحتطبون ويتصيدون ليسوا غزاة إذا كانوا لا يبلغون في العدة السرية وقال غير أبي حنيفة الأمر في القليل من العدة الكثير واخذ في اخراج حق الله مما أصابوا لانهم قد حاوروه ودخل في جملة ما يسمى غنيمة والمجروح ممن شهد ومن يسلم في الغيمة واحد والفارس الضعيف والقوي في القسمة سواء والعتيق من الخيل والبرذون لا فرق بينهما ويسهم للفارس سهمان سهم له وسهم لفرسه وهو رأي أبي حنيفة وغيره يجعل للفرس سهمين ولا يسهم لأكثر من فرسين فأما الراجل فله سهم واحد ولا حق في الغنيمة لمن يحضر الحرب من العبيد والنساء والصبيان ولكن يرضخ لهم على قدر أعمالهم أن كان للعبيد غناء في المحاربة وكانت المرأة تداوي الجرحى وما اشبه ذلك من الفعل والنفل هو ما يفضل به الإمام بعض المقاتلة سوى سهمه على حسب ما يبدوا عناية ونكاية وفي ذلك أربع سفن احداها مثل أن ينفرد الرجل بقتل المشرك فيكون له سلبه مسلما من غير أن يخمس أو يشركه فيه أحد من أهل العسكر والثانية مثل أن يوجه الإمام السرايا في بلاد العدو فيأتي بالغنائم فيجعل الإمام لمن أتى بها الربع أو الثلث أو ما رأى بعد الخمس والثالثة مثل أن تجاز الغنيمة كلها ثم تخمس فإذا صار الخمس في يد الإمام نقل منه من رأى على حسب ما يراه والرابعة ما يعطي من أهل الغنيمة قبل أن يغمس أو يقسم مثل أن يعطي الإدلاء على عورات العدو ورعاة الماشية والسواق لها أو من جرى مجرى هؤلاء شيئا من اصل الغنيمة ولأنها منفعة تعم أهل العسكر طرأ الباب الحادي عشر في المعادن والركاز والمال المدفون
قد يسمى المعدن ركازا ومنه الحديث عن علي ابن أبي طالب عليه السلام في أبي الحارث الاسدي لما ابتاع معدنا بمائة شاة فقال له أن الركاز الذي اصبت فسمي المعدن ركازا وهذا مطرد على اشتقاق اسم الركاز لانه إذا كان لما ركز بالأرض فالمعدن الذي ركزه الله عز وجل في الأرض وقد روى أن النبي سئل عن المال يوجد في الحرب العادي فقال فيه وفي الركاز الخمس فتبين أن الركاز غير المال المدفون لقوله فيه وفي الركاز وأهل العراق يجعلون الركاز المعدن والمال المدفون كليهما ويقولون أن فيها الخمس ويقولون أهل الحجاز أن الركاز هو المال المدفون خاصة وفيه الخمس فأما المعدن فليس بركاز ولا خمس فيه إنما فيه الزكاة وقال مالك لا يؤخذ مما يخرج المعدن شيء
أقسام الكتاب
1 2 3