كتاب : مجالس ثعلب
المؤلف : ثعلب

الشفق يقال هو البياض، ويقال الحمرة، وهو عنده الحمرة. دلكت الشمس: غابت.
حتى دلكت براحى
أي دفعتها براحتى. ومن قال براح فهو اسم للشمس.
إذا لها ثلاثة أوجه، معنى إن: ومعنى الوقت، ومعنى المفاجأة.
" قل للذين آمنوا يغفروا " قال: هذا بمكة. وقال الفراء: هو جزاء، وفيه شئ من الحكاية.
الباحور، والسهور، والسنمار: القمر. قال: والساهور: شئ يتبع القمر.
يا صاحب الرمانة الفالقها هو، لا بد من هو معها. والفالقها لا يحتاج إلى هو إذا خفض؛ لأن الفعل لغير الألف واللأم، وإذا نصب كان معناها الذي فلقها.
وأنشد لسلمة بن الخرشب:
قد زوجت أحمر ضياطيا ... تحسبه إذا مشى خصيا
من طول ما قد حالف الكرسيا
قال: تحسبه خصياً مما تفحج من القعود. والضياطى: الذي يلزم بيته. وفي كتاب ابن حبيب: هو الذي لا يفارق مجلسه.
قال الفراء: أنت رجل قائم، يكون صلة ولا يكون صلة، ويكون حالاً ولا يكون حالاً وأنت، هو الرجل، والرجل هو أنت.
وقال أبو العباس: لا يصح الشعر ولا الغريب ولا القرآن إلا بالنحو. النحو ميزان هذا كله. وقال: تعلموا النحو فإنه أعلى المراتب.
الحلزة: الشجرة.
" وهو بالأفق الأعلى " قال: بأعلى الأفق، وهو جبريل عليه السلام.
" وإنه لتذكرة " الهاء راجعة على القران.
وأنشد:
ما للغواني إذا ما جئت قد جعلت ... تلقى البراقع من دونى وتبتسم
لا يتحتثين ولا يحثين واحدة ... وعندهن تراب الأرض والأكم
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " فتصيبكم منهم معرة " : أي يصيبكم أمر تكرهونه، وهو أخذ الديات. والعر: الجرب.
وقال: كل ما كان مثل عباس والعباس، وحسن والحسن، فإدخال الألف واللام وإخراجهما عند الكسائي والفراء واحد. وقال الخليل: إذا أسقطتهما فلا يكون الأسم الأول، فلا يسقطهما إلا وقد حول المعنى. وقال الكسائي والفراء: إذا سمينا بالحسن والعباس وكان نعتاً فقد خرج إلى الأسم، والأسم لا يحتاج إلى الألف واللام، لأنك تقول هذا زيد الساعة وغداً وأمس، فتكون له الحالات، فإذا قلت الحسن فنزلت الألف واللام فيه فهو للمعهود، فقد خرج إذا سميت به من ذلك الطريق.
وقال: الرغامى: زيادة الكبد. وأنشد:
يبل من ماء الرغامى ليته
وأنشد:
وحل بقلبي من جوى الحب ميتة ... كمامات مسقى الضياح على الألب
ألب يألب، إذا اجتمع.
الحوم والحومان: أن تطوف حول الماء ولا تشرب. الوتيرة: الطريقة من التواتر.
وأنشد:
وأشربتها الأقران حتى أنختها ... بقرح وقد ألقين كل جنين
فأصدرت منها عيبة ذات حلة ... وليس أبى الجارود غير بطين
قال: هذا الفتى أخذ إبلا قرنها، أي باعها واشترى بثمنها عيبة فيها حلة.
وأنشد:
يقول وقد نكبتها عن بلادها ... أتفعل هذا يا جؤى على عمد
فقلت له قد كنت فيها مقصراً ... وقد ذهبت في غير أجر ولا حمد
ستأتيك منها إن سلمت عصابة ... وخفان لكامان للقلع الكبد
يقول هذا اللص: تأخذ إبلى وقد عرفتها. وقوله: وقد كنت فيها مقصراً أي كنت لا تهب لي ولا تسقيني منها. ستأتيك إن سلمت، يهزأ به يقول: إني سوف أهدى لك ثمنها، إن بعتها: عمامة وخفين.
وقال أبو العباس: النسبة إلى ابن بنوى، وابنى. وقال: دمى ودموى، وبنت وابن واحد.
وأنشد:
وقد أكون مرة نطيسا
طباً بأدواء الصبا نقريسا
يحسب يوم الجمعة الخميسا
قال: لا يلتفت إلى الأيام، قد ذهب عقله من الشوق.
قائم أخوك، قال: الفراء يجيزه، والكسائي لا يقوله إلا مع اسم، والفراء يريد من قائم فأخوك.
وأنشد:
ونشاصى إذا نفزعه ... لم يكد يلجم إلا ما قسر
وقال: المنهل؛ الماء بعينه الذي ينهل منه، من النهل، والنهل: الشرب الروى؛ والناهل: العطشان؛ والناهل: الراوى.
وأنشد:
يروى بهن النهل النواهل
وأنشد:
ومنهل من الفلا في أوسطه ... من ذا وهذاك وذا في مسقطه
أي موضع يجتمع فيه الماء فيكثر فيه.
وأنشد:
ومنهل أعور إحدى العينين ... بصير أخرى وأصم الأذنين
قطعته بالسمت لا بالسمتين

قال: هذا منهل كانت فيه عينان فعورت إحداهما. وأصم ألأذنين، أي ليس فيه جبل يجيب الصدى. وقطعته بالسمت، أي قيل لي مرة واحدة.
وأنشد:
على صفة أو لم يصف لي واصف
قال: هذا مثله وأحذق منه.
وأنشد:
يسير الدليل بها خيفة ... وما بكآبته من خفاء
قال: لا علم بها.
وأنشد:
فما زال سوطى في قرابى ومحجنى ... وما زلت منه في عروض أذودها
يقول: ضربته بالأمس فكأنه تأدب فكفاني أن أضربه اليوم.
وأنشد:
عصاه استه وجى العجاية بالفهر
قال: هذا راع ليس معه عصا، فهو يحرك استه على الحمار حتى يسير. والعجاية: العصب يضرب حتى يلين.
وقال ابن الأعرابي: أوصانا أبونا بالرجع والنجع. قال: الرجع: أن يبيع الهرمى ويشترى الطرار.
وأنشد:
لا ترتجع شارفاً تبغى فواضلها ... بدفها من عرى الأنساع تنديب
إن القلوص إذا ما كنت مرتجعاً ... خير وأزيد في الدنيا من النيب
تبكى على راكب أفنى عريكتها ... وتخبر الناس عنه بالأعاجيب
وقال: لا يكون من أفعل فعال، إلا جبار، ودراك، وسار.
وأنشد:
لا بالحضور ولا فيها بسار
قال: جبار من أجبره، وسار من أسأرت: بقيت. وسوار: مقاتل، من ساوره.
وقال: سوف يكون ذاك، وسف يكون، وسيكون، وسو يفعل، وسوف يفعل.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " قال فالحق والحق أقول " : أراد فأقول الحق حقاً. ومن رفع قال فأنا الحق والحق قولى، وأقول في صلة الحق والحق يمين. ومن قال فالحق والحق قال فأنا الحق وأقول الحق.
ناقة حلوب وحلوبة، وامرأة صبور، ولا تقل صبورة. وصبور معدولة من الفعل. إذا كان مفعولاً به أدخلوا الهاء، وإذا لم يكن مفعولاً لم يدخلوا الهاء. ويقال ناقة حلوبة وجزوزة.
موقال الزاورة، غير مهموز: التي تحمل القطاة فيها الماء. والقرية والجرية: الحوصلة. ويقال الحوصلة والحوصلة والحوصلاء. ومن القرية أخذ ابن القرية.
ويقال: أثا به إلى السلطان يأثى ويأثو.
وقال: قال أبو عبد الله: قال الزبرقان بن بدر: أحب صبياننا إلينا العريض الخثلة، السابغ الغرلة، الأسوق الأعنق، الذي إذا بدا يحمق. وأبغض صبياننا إلينا الأقيصع الكمرة، الأفيطس النخرة الذي كأنه يطلع في حجره. قال: يعنى غائر العين. والخثلة والحوصلة واحد، وهو ما بين السرة إلى العانة، فإذا نتأت الخثلة أو دخل الصدر فذاك الفسأ، يقال رجل أفسأ وامرأة فساء مثل فعلاء.
قال أبو العباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس: " إذا اشتبه عليكم شئ من القرآن فاطلبوه في الشعر.
الوليد والوليدة: العبد والأمة.
خذ اللص قبل يأخذك. قال: هذا شاذ. وقال: خذ اللص قبل يأخذك، القياس. وأنشد:
ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى
ويورى: أحضر. وقال: الرفع القياس قال: حق لزيد يقوم، يجوز.
وقال: أحد، لا يكون إلا عاماً.
وذلك دين القيمة قال: الأمة القيمة.
لامستم ولمستم واحد.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " فما خطبكم أيها المرسلون: ما حالكم، وما أمركم.
" وما ألتناهم من عملهم من شئ " قال: ما نقصناهم.
سئل عن لمست ومسست، قال: ما أقربه.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: " وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله " قال: لم يعتزلوا الله، كما تقول ضربت القوم إلا زيداً، المعنى إلا زيداً فإني لم أضربه.
وأنشد:
أعطاك يا زيد الذي يعطى النعم ... من غير ما تمنن ولا عدم
بوائكاً لم تنتجع مع الغنم ... لم تك مأوى للقراد والحلم
بين نواصيهن والأرض قيم
قيم: جمع قامة. بوائك: ثابتى في مكانها. قال: يريد نخلاً.
لا جناح عليك: أي لا يصيبك إثم.
وأنشد:
وطمرة كهراوة ال ... أعزاب ليس لها عدائد
قال: شبهها بالعصا، يعنى عصى المسافرين، لأنها ملساء لكثرة الاستعمال.
وأنشد:
تحسب الطرف عليها نجدة ... يا لقوى للشباب المسبكر
قال: لا ترفع طرفها من حيائها.
بدلته الشمس من منبته ... برداً أبيض مسقول الأشر
ثم زارتتي وصحبى هجع ... في خليط بين برد ونمر
أي في قبيلتين. يعنى أنها زارته بالليل.

لا يكن حبك حباً قاتلاً ... ليس هذا منك ماوى بحر
أي بجميل ولا من فعل الأحرار، أن يقطعوا من أحبهم.
أرق العين خيال لم يقر ... طاف والركب بصحراء يسر
أي زارني في مكان لا يزار فيه.
يقطع البيد إلى أرحلنا ... آخر الليل بيعفور خدر
اليعفور: الظبى.
وإذا تلسننى ألسنها ... وإنني لست بموهون فقر
ويروى: غمر. فقر: مكسور الفقار.
لا كبير دالف من هرم ... أرهب الليل ولا كل الظفر
ولي الأصل الذي في مثله ... يصلح الآبر زرع المؤتبر
وأنشد:
تلسن أهله زمناً عليه ... رماثاُ تحت مقلات نيوب
قال: سألني أبو العالية عن هذا؟ فقال يعقوب: هذا غريب. والمعنى فيه أنهم أقموا للناقة فصيلاً ليستدر لبنها.
والملسون: الكذاب في شعر عمارة.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: " والقيت عليك محبة منى " ، قال أنا ألقيت المحبة عليك منى.
نصحت الناقة بولدها، إذا بلغت الغاية.
" وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض " قال: مقدار ما كانت السموات والأرض. قال: بمقدار ما كانت السموات والأرض. " إلا ما شاء ربك " أن ينقص أو يزيد. عطاء غير مجذود قال: غير مقطوع.
وسئل أبو العباس عن الروح والنفس، أهما واحد؟ فقال: أبى الله أن يعرف الروح إنسان. وقال: النفس الدم، فإذا ذهب الدم ذهبت النفس.
وقال: إن الله عز وجل قال: جعلت للكفار أن يخلدوا في النار ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء الله من غير زيادة أو نقصان.
قال: العرب تقول: لا آتيك ما أن في بحر قطرة، ولا آتيك ما دامت السماء سماء، ولا آتيك ما السماء سماء، ولا آتيك ما سمر - وأسمر - ابنا سمير، يعنى الليل والنهار. ولا آتيك هبيرة بن سعد، ولا آتيك القارظ العنزي، أي قد ذهب ذا فلا آتيك. قال: يضعون هذا موضع أبد الدهر. ولا آتيك ما اختلفت الجرة والدرة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " فاعتبروا يا أولى الأبصار " قال: يا أهل العلم. ولا آتيك سجيس عجيس، وسجيس الأوجس والأوجس. ولا آتيك سجيس الليالي، وأبد الآبدين، وأبد الآباد.
وقال أبو العباس في قوله تعالى: " أفلم ييئس الذين آمنوا " قال: أفلم يعلموا.
وقال في قوله تعالى: " ويكأن الله يبسط الرق " قال: بعضهم يقول: ويلك، وبعضهم يقول: اعلم أن الله. وأنشد:
ويكأن من يكن له نشب يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال في قوله تعالى: " ذلك ليعلم أنى لم أخته بالغيب " : ذلك في موضع رفع ونصب أراد فعلنا ذلك، ومن رفع أراد فعلنا ليعلم ذلك، فيرفع باللام.
" أو أمضى حقباً " ، الحقب سنة، والأحقاب السنون.
" كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين " ، فأنشد:
كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة ال ... رجال فأصلان الرجال أقاصره
قال: هذه البسالة خافيها. وقال أبو العباس: كذلك، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، لأنه كالفعل. وربما أدخلوه في الخطاب، يعنى أنه ربما ثنى. وقال: أكثر الكلام كذا.
وأنشد:
أن تقرآن على أسماء ويحكما ... منى السلام وأن لا تخبرا أحدا
قال: هذه لغة، تشبه بما وأنشد:
يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما ... وحيثما كنتما لقيتما رشدا
إن تحملا حاجة لي خف محملها ... تستوجبا نعمة عندى بها ويدا
أن تقرآن على أسماء ويحكما ... منى السلام وأن لا مخبرا أحدا
قال: ولو خفض فقال: قال فالحق والحق لجاز بجعله قسماً.
قال: وسمع: الله لآتينك، و: الحق لآتينك. قال: إذا جاء بالأسماء في الأقسام ومعها واو خفض، وإذا أسقط الواو نصب، الله لآتينك، الحق لآتينك. وزعم أن الأسماء كلها تدخل فيها الواو فتخفض، وتخرج الواو فتخفض وترفع. ولا يجوز النصب إلا في حرفين.
لا كعبة الله ما هجرتكم ... إلا وفي النفس منكم أرب
والحرف الآخر:
قضاء الله قد شفع القبورا
قال: وسمعت بعض العرب يقول: كل الله لآتينك.
وأنشد:
جاءت مع الشرق لها ظباظب ... فغشى الذادة منها عاكب
قال: ظباظب: صياح وجلبة. العاكب: الغبار.
الكسائي لا ينسق على المضمر ولا يؤكده، ولكنه يجعل منه قطعاً.

إذا قالوا الحمد لربنا والشكر لربنا أوجبوا أن ذا له، وإذا نصبوا وقالوا حمداً وشكراً فإنما أتبعوه كلام من شكر وذكر. وربما فعلوه في الألف واللام فقالوا: الشكر لك والحمد لك.
الخشوع: الذل. قال: ولا يلتفتون هكذا ولا هكذا. وقال: هو الإخبات.
وأنشد:
لها ردج في بيتها تستعده ... إذا جاءها يوماً من الدهر خاطب
قال: الردج: أول ما يخرج من البهيمة فيجعلونه طراراً.
الوجل: الفزع. والوجل والوجر واحد، وهو الفزع. ولا يكاد يقال وجلاء ولا وجراء، وكان القياس لمن قال أوجل أن يقول وجلاء، فقالوا: وجلة ووجرة وأنشد:
فخفن الجنان فقدمنه ... فجاء به وجل أوجر
يقال رجل أوجل وأوجر، وامرأة وجلة ووجرة. ولم يجيئوا به على القياس وجلاء ووجراء. وديمة هطلاء ليس من هذا. من قال امرأة حسناء كيف يقال للذكر؟ فيكون على القياس رجل أحسن.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم: أي إن مثل آدم أعجب؛ لأن آدم جاء من غير نفس، وعيسى قد جاء من نفس.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: أو يحدث لهم ذكراً قال: شرفاً. " ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً قال: عطاشاً.
الأقيال العباهلة، قال: هم الملوك المطلقون.
نهى عن الاقتعاط: أن لا يجعل العمامة تحت حلقه.
في عمد ممددة هو القياس، وعمد شاذ. وممددة: طوال.
آخر الجزء السابع من مجالس أبي العباس ثعلب رحمه الله والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد

الجزء الثامن
بسم الله الرحمن الرحيم
ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ثعلب قال: حدَّثني عمر بن شبة قال:حدثني عبيد بن جناد ثنا عطاء بن مسلم عن أبي جناب الكلبي قال: أتيت كربلاء، فقلت لرجلٍ من أشراف العرب بها: بلغنا أنكم تسمعون نوح الجن؟ قال: ما تلقى حراً ولا عبداً إلا أخبرك أنه سمع ذلك. قلت: فأخبرني ما سمعت أنت. قال: سمعتهم يقولون:
مسح الرسول جبينه ... فله بريقٌ في الخدود
أبواه من عليا قري ... شٍ جده خير الجدود
حدَّثنا أبو العبَّاس ثنا عمر بن شبة قال حدثني عبيد قال أخبرني عطاء بن مسلم قال: قال السدي: أتيت كربلاء أبيع البز بها، فعمل لنا شيخ من طي طعاماً، فتعشينا عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلت: ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة. فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق، فأنا فيمن شرك في ذلك. فلم نبرح حتى دنا من المصباح وهو يتقد بنفط، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه فأخذت النار فيها، فأخذ يطفئها بريقه، فأخذت النار في لحيته، فعدا فألقى نفسه في الماء، فرأيته كأنه حممه.
حدَّثنا أبو العبَّاس ثنا عمر بن شبة، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ثنا الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن مضرب بن كعب بن زهير بن أبي سلمى، عن أبيه عن جده، قال: خرج كعب وبجير ابنا زهيرٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بلغا أبرق العزاف فقال لبجير: الق هذا الرجل وأنا مقيم لك ها هنا فانظر ما يقول. قال: فقدم بجير على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع منه فاسلم، وبلغ ذلك كعباً فقال:
ألا أبلغا عني بجيراً رسالة ... على أي شيء ويب غيرك دلكا
على خلقٍ لم تلق أماً ولا أبا ... عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
قال فبلغت أبياته رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه، وقال: " من لقى منكم كعب بن زهيرٍ فليقتله " . فكتب إليه بجير أخوه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمك. ويقول له: انج وما أرى أن تنفلت. ثم كتب إليه بعد ذلك يأمره أن يسلم ويقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول له: إنه من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، قبل منه رسول الله وأسقط ما كان قبل ذلك. فأسلم كعبٌ وقال القصيدة التي اعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكان مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه مكان المائدة من القوم، حلقةً ثم حلقة ثم حلقة، وهو في وسطهم، فيقبل على هؤلاء فيحدثهم، ثم على هؤلاء ثم هؤلاء،فأقبل كعبٌ حتى دخل المسجد، فتخطى حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الأمان. قال: ومن أنت؟ قال: كعب بن زهير. قال: أنت الذي تقول، كيف قال يا أبا بكر؟ فأنشده حتى بلغ:
سقاك أبو بكر بكأسٍ روية ... وأنهلك المأمور منها وعلكا
فقال: ليس هكذا قلت يا رسول الله، إنما قلت:
سقاك أبو بكرٍ بكاسٍ روية ... وأنهلك المأمون منها وعلكا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مأمونٌ والله " ، وأنشده:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
حتى أتى على آخرها.
وحدثنا أبو العبَّاس ثنا ابن شبة، حدَّثني إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدَّثني معن بن عيسى أنبأنا محمد بن عبد الرحمن الأوقص، عن ابن جدعان قال: أنشد ابن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
حدَّثنا أبو العبَّاس قال حدَّثني ابن شبة قال: حدَّثني إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة قال: أنشد كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده بالمدينة:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
فلما بلغ:
إن الرسول لسيفٌ يستضاء به ... مهنَّذ من سيوف الله مسلول
في صحبةٍ من قريشٍ قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا
زالوا فما زال أنكاسٌ ولا كشف ... لدى اللقاء ولا ميلٌ معازيل
أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحلق أن يسمعوا شعر كعب بن زهير.
وحدثنا أبو العبَّاس، حدَّثني ابن شبة، حدَّثني إبراهيم، حدَّثني محمد بن الضحاك قال: سمعت أبي يقول: عن " قائلهم " الذي عنى كعب بن زهيرٍ، عمر بن الخطاب.
وقال أبو العباس: تضعضع القوم: تفرقوا؛وتضعضعوا: اتضعوا وتواضعوا. ويقال " هو يحفنا ويرفنا " ، فيحفنا: يقوم بأمرنا؛ويرفنا يطمعنا ويسقينا. ويقال هذا فعال بالفتح، ولا يقال فعال بالكسر.
ويقال شملت الريح إذا هبت شمالاً. وأشملنا نحن إذا دخلنا في الشمال. وكذلك أشمل يومنا إذا دخل أيضاً في الشمال. ويقال كنا في شمال فأجنبنا، وكنا في جنوبٍ فأشملنا، إذا انقلبت من حال إلى حال دخلت فيه كذلك.
وقال أبو العبَّاس: كان الفراء يكره أن يجعل بئسما ولعلما حرفاً واحداً. وعند هؤلاء ليتما ولعلما وكل هذه الحروف شيء واحد، وما بعدها استئناف.
ويقال فلج الرجل على خصمه يفلج فلجاً وفلوجاً.
ويقال ماء سجسٌ وسجوس، إذا كان متغير الطعم.
وقال: الملك يقال له العزيز.
وأنشد:
فلما التقي الحيان واشتجر القنا ... نزالاً وأسباب المنايا نزالها
تبين لي أن القماءة ذلةٌ ... وأن أعزاء الرجال طوالها
وأنشد أبو العبَّاس:
لا ينكتون الأرض عند سؤالهم ... لتطلب العلات بالعيدان
بل يبسطون وجوههم فترى لها ... عند السؤال كأحسن الألوان
وإذا دعوا لنزال يوم كريهة ... سدوا فجاج الأرض بالركبان
قوم إذا نزل الغريب بدارهم ... ردوه رب صواهل وقيان
وقال أبو العباس: الشرمح: الطويل الذي لا خير فيه.
وأنشد:
أعيني إن كان البكا رد هالكاً ... على أحدٍ قبلي فلا تتركا جهدا
وجودا بأهمال الدموع لعلها ... ترد حبيباً صرت من بعده فردا
وأنشد:
وما شنتا خرقاء واهية الكلى ... سقى بهما ساق ولما تبللا
بأضيع من عينيك للدمع كلما ... توهمت ربعاً أو توهمت منزلا
وأنشد:
وما كل كلب نابح يستفزني ... ولا كلما طن الذباب أراع
وأنشد:
لقد جل قدر الكلب إن كان كلما ... عوى وأطال النبح ألقمته الحجر
وأنشد:
أو كلما طن الذباب زجرته ... إن الذباب إذا على كريم
وأنشد:
يروم أذى الأحرار كل ملاومٍ ... وينطق بالعوراء من كان أعورا
وأنشد:

إني إذا ما لم تصلني خلتي ... وتباعدت مني اعتليت بعادها
وحدثنا أبو العباس قال: حدثني عمر بن شبة، قال في قول الأعشى:
ونبيت قيساً ولم آتِهِ ... وقد زعموا ساد أهل اليمن
فعيب عليه - أو عابه قيس نفسه - فرده قال
ونبيت قيساً ولم آتِهِ ... على نأيه ساد أهل اليمن
وحدثنا أبو العباس قال: قال عمر بن شبة: وقف ابن الزبير على باب ميَّة، مولاة كانت لمعاوية ترفع حوائج الناس إليه. قال: قلت: يا أبا بكر، على باب مية؟ قال: نعم، إذا أعيتك الأمور من رؤوسها فأتها من أذنابها. قال: وأتى مية عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بقرطاس فقال: فيه حاجة لي فارفعيها إلى أمير المؤمنين. فرفعته إلى معاوية فقال: يا مية، ما أحسب هذا الرجل إلا كاذباً. قالت: لا تفعل يا أمير المؤمنين، ما يقول إلا حقاً. قال: أتدرين ما كتب؟ قالت: لا والله. فقرأ عليها:
سائلاً مية هل نبهتها ... بعد ما نامت لعرد ذي عجر
فتخاجت فتقاعست لها ... جلسة الجازر يستنجى الوتر
فقالت: كذب، عليه لعنة الله.
وقال: حدثني أبو سلمة الغفاري قال: رأيت حلية المهدي وحلية الرشيد، ورأيت حلية محمد بن سليمان فما رأيت مثلها.
وقال أبو العباس: نزلت بسحسحه، وعقوته، وعرصته، وعَذرته، وساحَتِه، وعَقَاته، وعقاره وعيقته وعراقه وعراه وعراته وعرقاته، وحراه وقصاه، ليس فيها شيء مهموز الألف.
وحدثنا أبو العباس قال: قال ابن الأعرابي: قال عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص - أخو مروان بن الحكم - في يوم راهط:
لحا الله قيساً عيلان إنها ... أضاعت فروج المسلمين وولت.
أتُرجعُ كلْبٌ قد حَمَتْها رِماحُها ... وتُتْركَ قْتلى راهطٍ ما أجنَّت
فشاوِلْ بقيسٍ في الطَعاَن ولا تكن ... أخاها إذا ما المشرفيَّةُ سُلّتِ
ألا إنَّما قيسُ بن عَيلانَ قملة ... إذا شربَتْ هذا العصيرَ تغنَّتِ
قال: وسمع هشامُ بنُ عبد الملك زيدَ بن عليٍ يقول: " ما أحَبَّ الحياة أحد قط إلا ذل " . قال: فخافه منذ سمع ذلك منه.
قال: وكان الحسين بن زيد بن علي يلقب ذا الدمعة، وذلك لكثرة بكائه، فقيل له في ذلك، فقال: وهل تركت النار والسهمان لي مضحكاً؟ ! يريد السهمين اللذين أصابا زيد بن علي ويحيى بن زيد وقتل بخراسان.
وكان من كلام عليٍ كثيراً ما يقول في حروبه: " اللهم أنت أرضى للرضا وأسخط للسخط، وأقدر أن تغير ما كرهت، وأعلم بما يقدر على، لا تغلب على باطل، ولا تعجز عن حق، وما أنت بغافل عما يعمل الظالمون " .
قال: وقال أبو زيد: تقول العرب: نؤت بالحمل أنوء به نوءاً، أي نهضت به؛ وناء بي الحمل، أي نؤت به نهوضاً. ويقال ناء النجم ينوء نوءاً، إذا سقط. ويقال نأت الرجل ينئت نئيتاً، وأن يئن أنيناً، وهما واحد، غير أن النئيت أجهرهما صوتاً. وأنت الرجل يأنت أنيتاً، وهو مثل النئيت. وتقول نأم الرجل ينئم نئيماً، وهو مثل الأنين. وتقول نأم الأسد ينئم، نئيماً، وزأر يزئر، والنئيم أهون من الزئير.ويقال أنأت اللحم أنيئه إناءةً، وأنهأته إنهاءً، وهو مناءٌ، مثل مناع، ومنهأٌ، مثل منهع، ويقال قد ناء اللحم ينيء نيئاً، ونهيء اللحم ينهأ نهئاً ونهاءة ونهوءة، وأنأته أنا إناءة.
ويقال نسأت اللبن أنسؤه نسأ، وذلك أن تأخذ حليباً فتصب عليه ماءٍ؛و الإسم النسىء غير مشدد، وقال أبو حاتم: الأسم النسيء وأنشد:
سقوني النسء ثم تكنفوني ... عداة الله من كذب وزور
وحدثنا أبو العبَّاس قال: قال ابن الأعرابي: وأنشدني رؤبة:
خارجة أعناقها من معتنق
فيعني أعناق هذه الجبال لاث بها السراب فالتف بها فلم يبلغ أعاليها، أي أعتنقها السراب.
ويقال رجل رجلان ورجل، رجل، إذا كان راجلاً.
ويقال أحففت رأسي، إذا فعلت ذلك به، ويقال أحف رأسه وحف رأسه إذا أقل الدهن. ويقال حفي به يحفى حفاوة، من قوله عز وجل: " إنه كان بي حفياً " .
وإنه ليخطر في مشيه ويخطر.
قال: والحرش: أن يجيء الرجل فيحرك يده، يمسحها على جحر الضب، فيخرج ذنبه يرى أنه حية فيخرج ذنبه ليضربها، فيأخذ الرجل بذنبه. وأما بيت الهذلي:
وإذا طرحت له الحصاة رأيته ... ينزو لوقعتها طمور الأخيل

يقول: إذا ألقيت له الحصاة وهو نائم انتبه، من ذكاء قلبه.
ويقال قد شمرج الكلام، إذا كذب. ويقال لفلان على فلان ريم، إذا كان له عليه فضل. ويقال إنه لتاك فاك ماج، لا ينبعث من الكبر، يعني البعير. وقد يوصف به الرجل.
ويقال " نعوذ بالله من الحور بعد الكور " ، يعني من الإنتقاص والإنتكاس بعد الاستقامة والفضل.
قال: وقال اللحياني: يقال طخرور وطحرور، للسحابة وغيرها. ويقال شرب حتى اطمخر واطمحر، إذا امتلأ.هو يتخوف ما لي ويتحوفه، يأخذ من أطرافه وينتقصه.
ويقال ما في السماء طخرورة وطحرورة، وطخر وطحر. ويقال ما في السماء طخاءٌ وطحاءٌ، وهو لطخ من الغيم رقيقٌ.
ويقال دربخ ودربح، إذا انحنى ظهره.
وقال أبو عبيدة: مخسول ومحسول، أي مرذول.
ويقال قد حبج وخبج إذا ضرط.
ويقال انتسف لونه وانتشف، واحتمس الديكان واحتمشا، إذا اقتتلا. ويقال حمس الشر وحمش، إذا اشتد. ويقال سننت عليه الماء وشننت. وقال الأصمعي: وسننت: صببت، يقال سن الماء على وجه، إذا صبه. وشننت فرقت، يقال شنوا عليهم الغارة، إذا فرقوها. ويقال تنسمت منه علماً وتنشمت، أي أخذت. وعطس فسمته وشمته. وأتيته بسدفه من الليل وشدفة، وسدفة وشدفة، وهو السدف والشدف. وقد جاحش في القتال وجاحس، عن الأصمعي. ويقال رجل غديان وعشيان، وصبحان وقيلان وغبقان، من الصبوح والقيل والغبوق. وحكى: " صرفانة ربعية، تصرم بالصيف وتؤكل بالشتية " .
ويقال رأيت خيال إنسانٍ، وخيالة إنسان، ومخيلة إنسان. والخال من السحاب، والخال من الخيلان، والخال اللواء يعقد للأمير.ويقال إنه لذو خالٍة وذو خالٍ من الخيلاء. ويقال إني أتخيل فيك الخير وأتخول وأخيل،ساكنة الياء. وذهب القوم أخول أخول، أي متفرقين متبددين. ورجل أخيل وأشيم من الخيلان والشامة، وقوم خيل وشيم.
والحال يذكر ويؤنث. والتمر والبر والشعير والذهب والخيل والمطى، تذكر وتؤنث. والإبل والفلك والشجر والسلم، يذكر ويؤنث.وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " وكنت نسياً منسياً " قال: النسي خرق الحيض التي يرمى بها، أي وكنت هذا فيرمي بي.
وقال:رجل ناس ونسي، من النسيان، مثل حاكم وحكيم،وعالم وعليم، وكذلك المرأة ناسية ونسية،مثله.
وفي الخبر: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم " قال:هو مثل قوله:لا يقطع اللص الطريق، وهو الذي يقول: هذا متاعي وهذا لي. ولا يعرب عن نفسه: لا يقر.
وأنشد:
كأن لها في الأرض نسْياً تَقُصُهُ ... على وجهها إن تخاطبك تبلت
أي تقطع الكلام وتبينه. ونسياً: شيئاً قد نسيته فهي تطلبه.
وقال أبو العباس: قال أهل البصرة ما عبد الله " قائماً " ، مشبه بليس، وإذا جاز ذا المعنى ردوه إلى الأصل، فقالوا ما عبد الله إلا قائم، وما قائم عبد الله. هذا مذهبهم، فأما ما قائماً فليس يلزمهم. وأنشد الفراء:
قد سؤَّأَ الناس ما يا ليس بأس به ... واصبح الدهر ذو العرنين جدعا
فجعل ليس تقوم مقام التبرئة. وهكذا ينشد الفراء. وهذا شاذ فشبهوه بالشاذ، فهذه لغة الحجاز مشهورة. وبها نزل القرآن.
وقال : قال الكسائي وسيبويه " هو " من: " قل هو الله أحد " عماد. فقال الفراء: هذا خطأ. من قبل أن العماد لا يدخل إلا على الموضع الذي يلي الأفعال، ويكون وقاية للفعل مثل إنه قام زيد، ثم يستعمل بعد فيتقدم ويتأخر، والأصل " في " هذا إنما قام زيد. فالعماد ك " ما " . وكل موضع فعلى هذا جاء يقي الفعل، وليس مع " قل هو الله أحد " شيء يقيه.
حدثنا أبو العباس، حدثني عمر بن شبة، حدثني الأصمعي قال: سمعت بيتين لم أحفل بهما، ثم قلت هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب. قال: فإني لعند الرشيد يوماً وعنده عيسى بن جعفر، قال: فأقبل على مسرور الكبير، فقال: يا مسرور، كم في بيت مال السرور؟ فقال: ليس فيه شيء. قال: فقال عيسى: هذا بيت الحزن. قال: فاغتنم لذلك الرشيد وأقبل على عيسى، فقال: والله لتعطين الأصمعي سلفاً على بيت مال السرور ألف دينار. قال: فاغتنم عيسى وانكسر قال: فقلت لنفسي: جاء موضع البيتين. فأنشدت الرشيد:
إذا شئت أن تلقى أخاك معبسا ... وجداه في الماضين كعب وحاتم
فكشفه عما في يديه فإنما ... يكشف أخبار الرجال الدراهم

قال: فتجلى عن الرشيد، وقال: يا مسرور، أعطه سلفاً على بيت مال السرور ألف الدينار. قال: فأخذت بالبيتين ألفي دينار، وما كان البيتان يسويان عندي درهمين.
وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا عمر لأبن مناذر يهجو " محمد بن " عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي:
إذا أنت تعلقت ... بحبل من أبي الصلت
تعلقت بحبل وا ... هن القوة منبت
وما يبقى لكم يا قو ... م من أثلتكم نحتى
وقال الشيخ ما سرجو ... يه داء المرء من تحت
فخذ من سلح كيسان ... ومن أظفار سبخت
قال سبخت: لقب لأبي عبيدة.
وأنشد:
جاءت على غرس طبيبٍ ماهر ... عشرين عشرين بذرعٍ وافر
قال: يريد النخل، جاءت على قدر ما غرسها طبيب ماهر. يقول هو حاذق بها بصير. ويقول: جعل بين كل اثنين عشرين ذراعاً.
فهن يروين بطمٍ قاصر ... في ربب الطين بماءٍ حائر
أي تشرب بعروقها، أي قد تحير الماء في أصولها. والربب: ما رببه الطين أي رباه فيه.
لا مفرقٍ ولا بعيدٍ غائر ... ترى لها بعد إبار الآبر
أي ليس هو ماء يغرقها، ولا هو بغائرٍ بعيدٍ عنها. والآبر: المصلح.
وأثر المخلب ذي المآشر ... مآزراً تطوي على مآزر
المخلب: المنجل. والمآزر يعني الليف بعضه على بعض.
شقراً وحمراً كبرود التاجر.
يعني الحمل.
قال أبو العباس: ويقال طواه، آي أتاه وجازه، وهو من الأضداد الشائل المحمل. وقال " بعض " العرب: الشائلان إنيه. أي المحملان وإنيه في آخر الحروف. وأنشد:
من شائل يرجح بانحدار ... فضفضه لما بني النجار
وتقول أيضاً الدموة والدم إنيه.
قال: قال: لم أسمع باستفهامين قط.
وأنشد:
فدقت وجلست واسبكرت وأكملت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت
دقت: دق خصرها. وجلت: عظمت عجيزتها. اسبكرت: حسن قوامها. وأكملت: تمت محاسنها. ويقال إن الحسان تتبعهم الشياطين.
أحسن ما يكون زيدٌ قائمٌ، لم يجزه. ناحيةً من الدار زيد، وناحيةٌ من الدار، كلاهما جائز. قال إذا كان نكرة غلب عليه الاسم.
كتكت الرجل، وهو دون الضحك، مثل الحنين والخنين، الحنين من الحلق، والخنين من الأنف.
ويقال عركت المرأة، ودرست، وطمثت، وطمثتها أنا. وأصل الطمث الحيض، ثم جعل النكاح.
وقال أبو العباس: قال سيبويه: أحتبى ابن جوبة في اللحن في قوله " هن أطهر لكم " ؛ لأنه يذهب إلى أنه حال قال: والحال في لا يدخل عليه العماد. وذهب أهل الكوفة، الكسائي والفراء، إلى أن العماد لا يدخل مع هذا لأنه تقريب، وهم يسمون هذا زيد القائم، تقريباً أي قرب الفعل به وحكى: كيف أخاف الظلم وهذا الخليفة قادماً، أي الخليفة قادم. فكلما رأيت " هذا " يدخل ويخرج والمعنى واحد، فهو تقريب. من كان من الناس مرزوقاً فهذا الصياد محروماً، والصياد محرومٌ بإسقاط هذا بمعنى. فقد دخلت لتقرب الفعل مثل كاد. والتقريب على هذا كله. " ف " كان " جواب لتقريب الفعل، والعماد جواب للمعهود " وكان " مخالف ل " هذا " ، فلم يجتمع هو وهو. وقال: هذا توكيد لهذا، وهذا توكيد لهذا.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل " وزادكم في الخلق بسطة " قال: جسماً على جسم، وكل زيادة في شيء بسطة.
وأملى علينا أبو العباس. وعد يعد، ووزن يزن، كان يوزن ويوعد، فلم يجتمع الواو مع الكسرة والياء، ثم بنوا الفعل على هذا، فقالوا يزن.
ووجل يوجل، ثبت الواو لأن بعدها فتحة، فلم يجتمع ما يستنقل.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " وهذا بعلي شيخاً " و: " شيخ " إذا كان مدحاً أو ذماً أستأنفوه.
قال: وفتحت مستقبلات وضع يضع، ووهب يهب وأشباهها، لأنها من حروف الحلق: وأنشد لرؤبة:
ولا تكوني يا أبنة الأشم ... ورقاء دمي ذئبها المدمى
قال: الذئب إذا رأى دماً بصاحبه وثب عليه. فقال: لا تكوني أنت مثل ذلك الذئب إذا أصابني غم وحزن زدتيني ووثبت على مثله.
ويقال رفقة ورفقة. الصَّعر: الميل. جزرة وجزر: التي تذبح.

حدَّثنا أبو العباس، حدثني عبد الله بن شبيب أبو سعيد، عن زبير قال: حدَّثني أبو غزية، وعبد الجبار بن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد بن ثابت، أن حسان بن ثابتٍ قال في مقتل المنذر بن عمرو يرثيه:
صلى الإله على ابن عمرو إنَّه ... صدق الإله وصدق ذلك أوفقُ
قالوا له أمران فاختر منهما ... فاختار في الرأي الذي هو أرفقُ
قال زبير: قال أبو غزية: لحسان بن ثابت مواضع: هو شاعر الأنصار، وشاعر اليمن، وشاعر أهل القرى وأفضل ذلك كله هو أنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مدافع.
وحدثنا أبو العباس، ثنا أبو شبيب، حدثني محمد بن فضالة، عن خلاد بن إبراهيم بن محمد بن قيس بن شماس، قال: توفي حسان في آخر ولاية معاوية.
وحدثنا أبو العباس ثنا عبد الله، عن زبير قال:وحدثني مصعب بن عبد عن عبد الله بن محمد قال: إنما قل عدد الأوس في بدر وأحد وكثر منهم فيها الخزرج لتخلف أوس الله عن الإسلام.
وحدثنا أبو العباس ثنا ابن شبيب، حدثني سليمان بن سالم الأنصاري قال: تخلف إسلام أوس الله، فجاءت الخزرج إلى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، ائذن لنا في أصحابنا هؤلاء الذين تخلفوا عن الإسلام. فقالت الأوس لأوس الله:إن الخزرج تريد أن تثئر منكم يوم بعاث، قد استأذنوا فيكم رسول صلى الله عليه وسلم فأسلموا قبل أن يأذن لهم فيكم، فأسلموا. وكان يقال لهم أوس اللات، وهم اليوم في الديوان أوس الله، وهم أمية، وخطمة ووائل، وواقف.
وأنشأ الزبير يقول:
ليت شعري ولليالي صروف ... هل أرى مرة بقيع الزبير
ذاك مغنى ألذه وقطين ... تفرح النفس أتراهم بخير
وقال بعض أصحابنا: استعدي تميم بن مقبل عمر بن الخطاب على النجاشي، فقال: يا أمير المؤمنين هجاني فأعدني عليه. قال: يانجاشي ما قلت؟ قال: يا أمير الؤمنين، قلت مالا أرى أن على فيه إثماً، قلت:
قبيلة لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل
فقال عمر:ليتني من هؤلاء. قال:
ولا يردون الماء إلا عشية ... إذا صدر الوراد عن كل منهل
قال عمر: وما على هؤلاء متى وردوا؟ قال: هل غير هذا؟قال:
وما سمى العجلان إلا لقولهم ... خذ القعب فاحلب أيها العبد فاعجل
قال عمر: خير القوم أنفعهم لأهله. قال تميم: سله عن قوله:
إذا الله عادى أهل لؤمٍ وذلةٍ ... فعادى بنى العجلان رهط ابن مقبل
أولئك أولاد اللئيم وأسرة ال ... لئيم ورهط العاجز المتذلل
تعاف الكلاب الضاريات لحومهم ... وتأكل من كعب بن عوفٍ ونهشل
فقال عمر.أما هذا فلا أعذرك عليه، فحبسه وضربه.
ويقال تمشر الشجر، إذا أورق. وتمشر الرجل، إذا لبس الثياب.
وأنشد:
لها أذنٌ حشرةٌ مشرةٌ ... كإعليطٍ مرخٍ إذا ما صفر
أي مكتسية من اللحم لا شعر عليها. صفر: تفرغ من حبه. وإعليط مرخٍ: نبتٌ.
إذا قال نحن بني، ومعشر، ورهط، قال الفراء: هو مثل " جميعاً " ، وقال البصريون بفعلٍ مضمرٍ.
وقال أبو العباس: تمثل أبو جعفر عند قتل بن عبد الله بن الحسن أبياتاً للحارث بن وعلة:
دعوت أبا أروى إلى السلم كي يرى ... برأي أصيل أو يؤول إلى حكم
ومولى دعاه البغي، والحين كاسمه ... وللحين أسبابٌ تصدُّ عن الحزم
أتاني يشبُّ الحرب بيني وبينه ... فقلت له لا، بل هلّم إلى السلم
وإياك والحرب التي لا يديمها ... صحيح وقد تعدى الصحاح على السقم
ولكنها تسري إذا نام أهلها ... وتأتي على ماليس يخطر في الوهم
فإن ظفر القوم الذي أنت فيهم ... فآبوا بفضلٍ من سناءٍ ومن غنم
فلا بد من قتلي فعلك منهم ... وإلا فجرحٌ لا يحن عن العظم
وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي " لايحن " .
فلما رم شخصي رميت سواده ... ولا بد أن يرمي سواد الذي يرمي
فلما أتى أرسلت فضلة ثوبه ... إليه فلم يرجع بحلم ولا عزم

وكان صريع الخيل أول وهلة ... فيالك مختاراً لجهلٍ على علم
وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا ابن الأعرابي:
أبا مالك لا تسأل الناس والتمس ... بكفيك فضل الله فالله أوسع
ولو يسأل الناس التراب لأوشكوا ... إذا قل هاتوا أن يملوا ويمنعوا
وأنشدنا أبو العباس لرجل من كلب:
قامت تأود في جلبابها أصلاً ... عن غربةٍ تحت عين ذات أمطار
فالعين من جؤذرٍ والجيد من رشأٍ ... والفرع مثل قطوف الأعجم القاري
بيضاء صفراء لم تحنى على ولدٍ ... إلا لأخرى ولم تقعد على نار
وأنشد:
در در الشباب والشعر الأس ... ود والضامزات تحت الرحال
والخناذيذ كالقداح من الشو ... حط يحملن شكة الأبطال
الضامزات: التي لا ترغو الخناذيذ: الخصيان من الخيل.
وأنشد لزفر بن لحارث الكلابي لما هرب:
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
ولم تر مني نبوة قبل هذه ... فراري وتركي صاحبي ورائيا
أيذهب يوم واحد، إن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا
وقال أبو العباس: الجعظري: الكثير اللحم. والجواظ الذي لا يقبل " الموعظة " ولا ينحاش، وهو الجافي.
" إلى جهنم ورداً " قال: مصدر.
الزرق: العطاش. وأنشد:
لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبرٍ ... كما كل ضبيٍ من اللوم أزرق
قال: يذم به الناس.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك " وأنا قضيتها عليك.
وأنشد للبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يرتبط بعض النفوس حمامها
قال: أراد حتى يرتبط، ثم نسق به. وأنشد:
فيذرك من أخرى القطاة فنزلق.
أو جزم " يرتبط " لكثرة الحركات.
وقال وهو نسقٌ، كأنك قلت إذا لم يكن أحد ذين. قال أبو العباس: وهو أجود.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ذكاة الجنين ذكاة أمه " أي إذا ذبحت الأم فقد ذبح الجنين.
" استرهبوهم " : حملوهم على الرهَّبة.
وفي الخبر: " كل مما أصميت ولا تأكل مما أنميت " ، يقال اصماه، إذا قتله مكانه، وأنماه، إذا تحامل.
وأنشد:
قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل لزلل.
قال: يقضي بعض حاجته.
وقال:
أو يعتلق بعض النفوس حمامها.
قال هشام: والناس يقولون: " كل النفوس " . وأختيار أبي العباس: " بعض النفوس " .
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " وآتوا النساء صدقا النساء صدقا تهن نحلة " : قال: كان الآباء يستبدون به. والمخاطبة للآباء.
النخة: الحمير. الكسعة: العبيد.
وقال أبو العباس إذا قلت هذا الجيش مقبلاً، أردت هذا الشخص. " نعم الله بك عيناً " كان الفقهاء يكرهونه. يقولون: الله لا ينعم عيناً بإنسان. وأنشد أبو العباس:
أنعم الله بالرسول وبالمر ... سل والحامل الرسالة عينا
وكان الفراء يقول: هذا من المقلوب إنما هو نعمت عينك، كقولك طبت به نفساً، أي طابت به نفسي، وضقت به ذرعاً، أي ضاق به ذرعي. وقال أبو العباس في قوله تعالى: " وإذ نتقنا الجبل " يقال أنتق جرابك، أي ألق ما فيه. ونتقت المرأة ولدها، إذا رمت بهم.
وقال في قوله عز وجل: " غثاء أحوى " : يقول أخرج المرعى أحوى فجعله غثاءً. ويقال أسود من القدم.
وأنشد:
لكل حالٍ قد لبست أثوبا.
يقول: قد لبست لكل حالةٍ حالة، وأنشد:
ألبس لكل عيشةٍ لبوسها ... إما نعيمها وإما بوسها.
وقال أبو العباس: قال النضر بن شميل: سمعت أعرابياً حجازياً، وباع بعيره، يقول: " أبيعكه يشبع عرضاً وشعباً " . والشاعب: البعير يهتضم الشجر من أعلاه. والعارض: الذي يأكل من أعراضه.
وأنشدنا أبو العباس عن الفراء:
إما تريني اليوم شيخاً أشيبا ... إذا نهضت أتشكى الأصلبا
تأذى العواد اشتكى أن يركبا ... تحسب أطماري على جلبا
مثل المناديل تعاطى الأشربا ... يطرن عن ظهري ومتني خببا
لكل عصرٍ قد لبست أثؤباً ... حتى اكتسى الرأس قناعاً أشهبا

أملح لا لذا ولا محببا ... أكره جلبابٍ لمن تجلببا
وقد أناجى الرشأ المرببا ... ذا الرعثات البادن المخضبا
خوداً ضناكاً لا تمد العقبا ... يهتز متناها إذا ما أضطربا
كهز نشوان قضيب السيسبا.
قال أبو العباس: الأملح: الغالب على سواده البياض. ولا تمد العقبا: لا تسير مع الرجال كما يسيرون. والسيسبا والسيسبان: الجذع، أراد العذق. والعذق بالفتح: النخلة، والعذق بالكسر: الكباسة.
وأنشد:
قد أنتحى للحاجة العسير
وهي التي تعسر على الناس.
وقال في الحديث: " على ظهر وضم " وهو كل ما وضع تحت اللحم ليقيه التراب، فهو وضم.
وأنشد:
ألا يا اسلمى يا هند هند بني بدر ... تحية من صلى فؤادك بالجمر
قال: قتل قومك.
وقال أبو العباس: المؤوب، مثل المعوب، هو المقور المأخوذ من حافاته. أوب الأديم وقوره واحد.
وقال: الفراء يقول: النعم الإبل والغنم، وكذلك الأنعام. وغيره يقول: النعم الإبل، والأنعام جميع المال.
وقال: البقامة: ما يطيره النجاد من القطن عند الندف. وأنشد:
إذا اغتزلت من بقام الفرير ... فيا حسن شملتا
أراد شملةً، ثم أدخل عليها الألف شبهها بالتاء الأصلية، وكذلك يشبهون التاء الأصلية بالتي ليست بأصلية. وأنشد:
العاطفونت حين ما من عاطف
شبه هاء الوقف بهاء التأنيث.
وأنشد:
نحن بنو أم البنين الأربعة
وقال أبو العباس بعضهم ينصب فيقول:
نحن بني أم البنين الأربعة.
قال: وليس بالوجه؛ لأنه ليس بالمدح يمدح نفسه بأن عددهم أربعة.
والعرب تفعل هذا في بني، ورهط، ومعشر، وآل. قال الفراء كأنهم قالوا نحن جميعاً نقول ذاك.
وقال: في مثل " ما جعل قدك إلى أديمك " القد: الجلد الصغير. والأديم الجلد التام يقول: ما جعل الكبير مثل الصغير.
وأنشد لرؤبة:
فيها خطوط من سواد وبلق ... كأنه في الجلد توليع البهق
يحسبن شاماً من رقاعٍ وبنق
قال: قال أبو عبيدة: قلت لرؤبة: لم قلت " خطوطٌ من سوادٍ وبلق " ثم قلت: " كأنه " ولم لم تقل: كأنهن أو كأنها؟ فزجرني ثم قال: كأن ذلك، ويلك. وقال: البنق جمع بنيقة القميص، وبنائق ثم بنق.
وأنشد:
هلا غضبت لرحل جا ... رك إذا يهتكه حضاجر
قال: حضاجر: جمع حضجر، وهو الوطب، فسميت الضبع به، شبهت به من عظم جوفها.
وقال: يقال أخفق الصائد وأورق، إذا لم يصب شيئاً. وأنشد:
إذا كحلن عيونًا غير مورقةٍ ... ريشن نبلا لأصحاب الصباصيدا
غير مورقة يعني غير مصيبة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " ولو أعجبك كثرة الخبيث " يعني الحرام.
وأنشدنا:
ألم تر أن الحرب تعرج أهلها ... مراراً وأحياناً تفيد وتورق
تعرج: تعطهيم عرجا من الإبل.
وقال: الثيتل ذكر الأراوى.
وقال في قوله عز وجل: " لو لا اجتبيتها " أي جئت بها من نفسك وأنشد:
تجول خلاخيل النساء ولا أرى ... لعزة خلخالاً يجول ولا قلبا
يعني أنها سمينةٌ خدلة اليدين والرجلين.
وأنشد:
كأن قوائم النحام لما ... تولى صحبتي أصلاً محار
قوائمه معلقة شواه ... كأن بياض غرته خمار
قال: المحار الصدف، أي هي مثل الصدف، يعني أنها تزل عن كل شيء لا يصيبها شيء. وقال: أي كأنها محارٌ معلقة به.
وما يدريك ما فقري إليه ... إذا ما الركب في نهبٍ أغاروا
وأنشد:
كأنهم عاد حلوماً إذا ... طاش من الجهل القطاريب
قال القطرب: الرجل الخفيف. وتقول العرب: " إنما أنت قطرب ليل " .
وأنشد:
قل ما بدا لك من زورٍ ومن كذبٍ ... حلمي أصم وأذني غير صماء
أشوى: أخطا المقتل. والشوى: القوائم. قال: وهي التي إذا أصابها لم تقتل. والشوى: ردئ المال. والشوى: جلدة الرأس.
وتقول: هذه كليتان، وتثنى فتقول هاتان ذواتا كليتين، والجمع ذوات كليتين. وكل مل سمى باثنين فكذلك، تقول: هذان ذوا رجلين، وهؤلاء ذوو رجلين. الحكاية كذا.
قال: وحكى الفراء الهاوون بواوين، ويجمع هاوونات وهواويون. وقال التكش: البازي يجاء به على رأس الكبر فلا يتعلم، فيسمى تكشا.

وقال أبو العباس حدَّثنا عمر بن شبة، حدَّثنا أحمد بن سيار الجرجاني - وكان شاعراً راويةً مداحاً ليزيد بن مزيد - قال: دخلت أنا وأبو محمد التيمي، وأشجع بن عمرو، وابن رزين الحراني، على الرشيد بالقصر الأبيض بالرقة، وقد كان قد ضرب أعناق قوم في تلك الساعة، فتخللنا الدم حتى وصلنا إليه، فتقدم التيمي فأنشده أرجوزةً يذكر فيها نقفور، ووقعة الرشيد بالروم، فنثر عليه الدر، من جودة شعره. وأنشده أشجع:
قصرٌ عليه تحيةٌ وسلام ... ألقت عليه جمالها الأيام
قصرٌ سقوف المزن دون سقوفه ... فيه لأعلام الهدى أعلام
يثنى على أيامك الإسلام ... والشاهدان الحل والإحرام
وعلى عدوك يا ابن عم محمدٍ ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام
القصيدة. قال: وأنشدته:
زمنٌ بأعلى الرقتين قصير
يقول فيها:
لا تبعد الأيام إذ ورق الصبا ... خضلٌ وإذ غصن الشباب نضير
قال: فأعجب بها، وبعث إلى الفضل بن الربيع ليلاً فقال: إني أشتهي أن أنشد قصيدتك الجواري فابعث إلى. فبعثت بها إليه.
قال أبو العباس: وركب الرشيد يوماً في قبةٍ وسعيد بن سالمٍ عديله، فدعا محمداً الراوية - يعرف بالبيذق لقصره - وكان إنشاده أشد طرباً من الغناء، فقال له: أنشدني قصيدة الجرجاني التي مدحني بها. فأنشده، فقال الرشيد: الشعر في ربيعة سائر اليوم. فقال له سعيد بن سالم: يا أمير المؤمنين، استنشده قصيدة أشجع التي مدحك بها. فقال: الشعر في ربيعة سائر اليوم. فلم يزل به سعيدٌ حتى استنشده فأنشده، فلما بلغ قوله:
وعلى عدوك يا ابن عم محمدٍ ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام
فقال له سعيد: والله لو خرس يا أمير المؤمنين بعد هذين البيتين كان أشعر الناس.
وأنشد:
لا تزجر الفتيان عن سوء الرعه ... يا رب هيجا هي خيرٌ من دعه
قال: الرعة: حالة الأحمق التي رضي بها.
في كل يوم هامتي مقزعه ... قانعة ولم تكن مقنعه
وقوله مقزعه يقول: أنا أقاتل في كل يوم وأقاتل.
نحن بنو أم البنين الأربعه ... نحن خيار عامر بن صعصعه
؟المطعمون الجفنة المدعدعه والضاربين الهام تحت الخيضعه المدعدعة: المملوءة. الخيضعة: أصواب الحرب. والخضيعة: صوت غرمول الفرس. وأنشد:
" كأن خضيعة بطن الجوا ... د وعوعة الذئب في الفدفد "
يا واهب المال الجزيل من سعه ... إليك جاوزنا بلاداً مسبعه
إذا الفلاة أوحشت في المعمعه ... يخبرك عن هذا خبيرٌ فاسمعه
فقال النعمان: وما هو؟ فقال:
مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه
قال النعمان: ولم؟ قال:
إن استه من برصٍ ملمعه
قال النعمان: وما على؟ قال:
وإنه يدخل فيها إصبعه ... يدخلها حتى توارى أشجعه
كأنما يطلب شيئاً أطمعه
وأنشدنا أبو العباس لخالد بن قيس بن منقذ بن طريف، يقوله لمالك بن بجرة، ورهنته بنو موألة بن مالك في دية، ورجوا أن يقتلوه فلم يفعلوا، وكان يحمق. فقال خالد:
ليتك إذ رهنت آل مؤاله ... حزوا بنصل السيف عند السبله
وحلقت بك العقاب القيعله ... مدبرة بشرطٍ لا مقبله
وشاركت منك بشلوٍ جيأله ... أيا ضياع المائة المجلجله
المجلجلة: المختارة. وكان مالك يقال له شرط.
وأنشدنا أبو العباس:
لا خير في الشيخ إذا ما أجلخا ... وسال غرب عينه ولخا
وكان أكلاً قاعداً وشخا ... تحت رواق البيت يغشى الدخا
يريد الدخان.
وانثنت الرجل فكانت فخا ... وكان وصل الغانيات أخا
اجلخ: سقط فلم يتحرك، ولخ: سال. وأخ كقولك أف وتف.
وأنشد لمبشر بن هذيل بن زافر الفزاري، أحد بني شمخ ولد نضلة. بن خمار:
أرسلت فيها قرداً لكالكا ... من الذريحيات جلداً آركا
قرد: تقرد شعره واجتمع. ولكالك: عظيم شديد.
يقصر يمشي ويطول باركا ... كأنه مجللٌ درانكا

قال: عليه الدرانك: البسط: وأنشد:
دار لليلى خلق لبيس ... ليس بها من أهلها أنيس
إلا اليعافير وإلا العيس ... وبقرٌ ملمع كنوس
وقال آخر:
وحوقلٍ ذبذبه الوجيف ... ظل لأعلى رأسه رجيف
يقول والعيس لها حفيف ... أكل من ساق بكم عنيف
وحدثنا أبو العباس قال: قال رجل لابن عباس: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: لا. قال: أفكان يقرأ في نفسه؟ قال: لا. فقال: " حمسا " . قال أبو العباس: أي هذا بلاءٌ، ويقول هذا شر. والحمس لا يكون إلا عند البلاء.
وقال أبو العباس: نداء النفس على أربع لغات، يا نفس اصبري، ويا نفس اصبري، ويا نفس اصبري، ويا نفسا اصبري. من قال " يا نفسا " بين الفتح والكسر فإنه أراد يا نفساه، فحذف الهاء. ومن قال " يا نفس " فإنه لما رأى أنه قد حذف الهاء وبقى ألف حذف الألف وأشار إلى موضعها بالفتح. ومن قال " يا نفس " فإنه حذف الياء وأشار إليها بالكسر.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " يوم ينادي المناد من مكانٍ قريبٍ " قال: يسمع كل واحدٍ، ويقال إنه يقوم على صخرة البيت المقدس فينادي. وقال في قوله عز وجل: " فأستعذ بالله " بعد " فإذا قرأت القرآن " قال: هو كقولك إذا قمت فأحسن، فأول ما يقوم يجب الإحسان.
إذا قلت: قام زيد وعمرو، فإن شئت كان عمرو بمعنى التقديم على زيد، وإن شئت كان بمعنى التأخير، وإن شئت كان قيامها معاً. فإذا قلت قاما معاً كانا فيه سواءً لا غير.
وقال أبو العباس: قلت لابن قادم: قام عبد الله وزيد معاً. وقام عبد الله وزيد جميعاً، ما بينهما من الفرق؟ فبقي يركض فيها إلى الليل، فلما أصبح قلت له: إنما ها هنا ابن يحيى أحمد. وفسر ذلك فقال: قام زيد وعمرو معاً، لا يكون القيام وقع لهما إلا في حالة، وإذا قلت قاما جميعاً فيكون في وقتين و في واحد؛ لأنك تقول مات زيد ومحمد جميعاً، فيكون الوقت متخلفاً، وإذا قلت: قام ذا مع ذا، لم يكن القيام إلا في وقت واحد.
من هو قائم جاريتك ومن هو يقوم جاريتك، جيد ولا يقطع منه ولا ينسق عليه، ويسمى، مجهولاً، وهو يشبه من هو قائمة جارتيك. قال: قد أخرج المعنى ولا يؤكد هو ولا " الضمير " في قائم. من هي قائمة جاريتك، قال قد أخرج المعنى كله.
قال: وقلت لابن قادم: " من " مسألتان. فقال: لا، ثلاث مسائل. فقلت: مسألتان. فقال: ثلاث. فقلت: بين لي حتى أسمع وأفهم. فجاء باللفظ ثم جاء بالمعنى، ثم جاء باللفظ والمعنى فقلت: هذه هم تلك بعد. وفسر فقال: من مسألتان: لفظ ومعنى من قام إخوتك وإخوانك بمعنى، فقابلها بما شئت والأول مجهول. وإذا قلت يقوم جاريتك ويقومان ويقوم، جئت به على المعنى واللفظ. فإذا جمع بينهما فقيل من هو قائمة جاريتك، جاء باللفظ وجاء بالمعنى، فليس يزيد على هذا، وهي تلك إلا أنه جاء بها باللفظ والمعنى. من هو أخوك هند، قال: لا يجوز. وقال الفراء: من هو أختك هند، قبيح، والأسماء لا تخرج على اللفظ بما تخرج الأفعال. من قال كلهن قائمات لم يقل كلهن أخوك.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل : " قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم " قال: إذا كان الموت واحداً يقصد له فالذي بعده خبر وإذا كان ضروباً فالذي بعده نعت، وإذا كان واحداً لم يكن جزاء، وإذا كان ضروباً كان جزاء.
" يا ابن أم " قال: يريد أماه: ويقال جعله حرفاً واحداً. ومن تأول إسقاط الهاء أجود.
ويقال هذه الحلف منى صرى، وأصرى، " وصرى " " وأصرى " ، أربع لغات، مثل عزيمتي وحقيقة عزمي.
يا غلام أقبل، تسقط الياء منه، ويا ضاربي أقبل، لا تسقط الياء منه. وذلك فرق بين الأسم والفعل.
وإذا كان الفعل يدوم فالماضي والمستقبل واحد. صلى يصلي، وصام يصوم، واحد.
وأنشد:
شهد الحطيئة حين يلقى ربه ... أن الوليد أحق بالعذر
قال: هو بمعنى يشهد:

" يأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان " قال:زعم سيبويه أنه شهادة اثنين، ورفع الشهادة بمحذوف: معه شهادة اثنين قد تقدما. وقال الفراء: إن شئت رفعته بحين أي يشهد اثنان " ذوا عدل منكم أو آخران " من غير أهل دينكم من النصارى أو اليهود. وهذا في السفر للضرورة، لأنه لا يجوز شهادة كافرٍعلى مسلم، هذه الشهادة لكافرين " إن أنتم ضربتم في الأرض " : للضرورة. ولا تجوز الشهادة لهما في غير هذا. " تحبسونهما من بعد الصلاة " وهذا لا يكون في الإسلام أن يحبس المسلم حتى يحلف بعد الصلاة. " فيقسمان بالله " الكافران. " إن ارتبتم لانشتري به " بأيماننا " ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله " " فإن عثر " أي اطلع بعد ذا عليهما بأنهما قد اختانا و " استحقا إثماً فآخران يقومان مقامهما مقام النصرانيين، والنصرانيان من أستحقت الخيانة فيهم فقال: " استحقا عليهم الأوليان أي أستحقت الخيانة، استحقها المسلمان على النصرانيين. الأوليان هما استحق على النصرانيين. وقال بعضهم: الأوليان هما الآخران، " فيحلفان بالله " أن هؤلاء قد أختانوا و " لشهادتنا أحق من شهادتهما الأولين والأوليان يقرأ على ثلاثة أوجه.
آخر الجزء الثامن من آمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحمده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين.

الجزء التاسع
ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي المعروف بثعلب، ثنا عمر بن شبة، ثنا ابن عائشة قال سمعت أصحابنا يذكرون أن أبا بكر لما تشاغل بأهل الردة استبطأته الأنصار فكلموه، فقال: أما إذ كلفتموني أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم،فو الله ما ذاك عندي ولا عند أحد، ولكن والله ما أوتى من مودة لكم، ولا حسن رأي فيكم، وكيف لا نحبكم فو الله ما وجدت لنا ولكم إلا ما قال طفيل الغنوى لبني جعفر:
جزى الله عنا جعفراً حين أشرفت ... بنا نعلنا في الواطئين فزلت
أبوا أن يملونا ولو أن أمنا ... تلاقى الذين يلقون منا لملت
فذو المال موفور وكل معصبٍ ... إلى حجرات أدفأت وأظلمت
قال: ويروي هو وغيره: " حين أزلقت في البيت الأول.
وحدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، ثنا ابن عائشة قال: سمعت أبي يذكر أن عبد الملك بن مروان، أشرف على أصحابه وهم يذكرون سيرة عمر، فغاظه ذلك فقال: " إيهاً عن ذكر عمر، فإنه إزراءٌ على الولاة، مفسدةٌ للرعية " وحدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، قال:سمعت سعيد بن عامر، يذكر عن جويرية قال: " ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم درهماً قط " .
وحدثنا أبو العباس ثنا عمر بن شبة، ثنا ابن عائشة قال: سمعت أبي قال: قال طاوس: رأيت على بن الحسين ساجداً في الحجر. فقلت: رجل صالح من أهل بيت طيب، لأسمعن ما يقول. فأصغيت إليه فسمعته يقول: " عبدك بفنائك، " مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك " . فو الله ما دعوت بها في كرب قط إلا كشف عني.
وحدثنا أبو العباس، ثنا ابن شبة ثنا ابن عائشة قال: قال قنيع النصري جد عبد الواحد بن عبد الله بن قنيع، يهجو موسى بن عمرو بن سعيد ابن العاص:
كل بني العاصي حمدت عطاءهم ... إني لموسى في العطاء للأئم
وليس بمعطٍ نائلا وهو قاعد ... وحسبك من بخل امرئٍ وهو قائم
فإن يك من قومٍ كرامٍ فإنه ... ذنابي أبت أن تستوي والمقادم
قال أبو العباس: ولا تجئ عسى إلا مع مستقبل، ولا تجئ مع ماضٍ ولا دائمٍ ولا صفة.
" والشجر الملعونة " ، قال: الزقوم.
البرزخ: الحاجز بين كل شيئين.
الشقذانة: الخفيفة الروح. " فلان عبد غارية " أي بطنه وفرجه.
والغار: الفرج في الجبل، استعاره ها هنا.
" ويعجبني ما في الدار " لا تكون " ما " مصدراً لأنها في موضع فاعل. وقوله " ويختار ما كان لهم الخيرة " على ضربين في قول الفراء، يكون مصدراً، ويكون عائد الألف واللام.
ويقال: " الناس ثلاثة: ساكت، وسالم، وشاجب " ، فالسالم من قال الخير، والشاجب من قال سوءاً فهلك.
القمرة: بياض ليس بخالص.
ويقال ما كان ضارباً ولقد ضرب، فإذا أردت أنه زاد فيه على غيره قلت ضروب مثله: ما كان عارماً ولقد عرم عليها المدح.
وأنشد:

تراه كأن الله يجدع أنفه ... وأذنيه إن مولاه ثاب له وفر
أتبع الأذنين الأنف في اللفظ.
ويقال " هذا مئنة " في الحديث: مخلقة. وقرف من ذاك، وقمن من ذاك، ومعساة من ذاك، ومخلقةٌ، ومجدرةٌ. يقال منه أعس به، وأخلق به، وأجدر به، وأقرف به، وأقمن به.
قال: ورجل وثوب وأشباههما، جنس لم يعدل. وأنشد:
إذا اقتسمنا خطتينا بيننا ... فحملت برة وأحتملت فجار
ويقال: " قد شد الظهارية " أي شدت يداه إلى خلف.
اختصم عندي من يقوم ويقعد، قال: أجازه الفراء في الإستواء، وهو مثله في الحذف والإقرار.
ويقال ابتته أبتاتاً.وبتته بتاً وبتته، ثلاث لغات " وبتةً " فعلة من هذا، فإذا كان لمعهودٍ قيل " البتة " أي التي تعرف. والبت الذي يعرف. والمصادر كلها إذا دخلت فيها الألف واللام كانت لمعهودٍ، وإذا لم تدخلها كان على أصل المصادر. قال: والمصادر لا تجمع إلا قليلاً.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل " شواظ من نار " : لهب لا دخان فيه. وأنشد:
وقد أكون للغواني مصيدا ... ملاوةً كأن فوقي جلدا
الجلد: جلد الحوار يحشى لترأمه الناقة، أي تعطف عليه. يقول كي يرأمنني.
" وقعوا في مرطلة " أي في ردغةٍ. قد مرطلت السماء ثيابنا إذا بلتها.
القوعلة: الأكمة؛ وقيعلة وقوعلة واحد. يقال عقاب القواعل.
وأنشد:
أوعقاب القواعل.
" إن بيوتنا عورة " ممكنة للسراق. وسميت من الإنسان، لأن كل موضع ممكن للسوء فهو عورة. وكل مخوفٍ عورةٌ، من المواضع.
وأنشد:
على ظهر عادى تلوح متونه ... تبيت لألحيهن فيه قفاقف
القفقفة: الرعدة.
الآصال: من نصف النهار إلى العصر. والثغور: مواضع المخافة. يقال " ما أمك و أم الباطل " أي ما أنت والباطل.
" ووجدك ضالاً فهدى " قال: بعضهم يقول: كنت بين ضالين فأخرجك منهم. وقال أهل السُّنة: زوَّج ابنتيه في الجاهلية.
" بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها " قال: الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وكانوا بين قومهم يرون أنهم في مللهم، فنجاهم الله منها.
ومثله " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان " .
" ومن يسلم وجهه إلى الله " أي يستقبل القبلة " وهو محسنٌ " يتبع الرسول.
" وعلى الذين يطيقونه فدية " قال: هذه منسوخة، نسختها " فمن شهد منكم الشهر " .
الذي يقوم فإنه أخوك. قال: ذهب الفراء إلى أن الأوائل هي ترفع. وليس بشيء. الذي عندك فأخوك، قال: إن كان قدر " حل " فمحال، وإن كان قدر " يحل " فإنه جائز.
" ومن يعش عن ذكر الرحمن " : يضعف نظره فيه. قال الأصمعي: لا يعشى إلا بعد ما يعشو، وإذا ذهب بصره قيل عشى يعشى، وإذا ضعف بصره قيل عشا يعشو. وأنشد:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره
أي تنظر نظراً ضعيفاً بغير تثبت.
قال: وتوكيع الضأن: أن تضرب ضروعها حتى يرتد لبنها. ويقال توكيع وتنكيع أيضاً. وحكى أن التوكيع تمرين الجلد.
" هذا صراط على مستقيم " و " عليٌّ " قرىء بهما.
قال: وكل ما كان في البدن من الأسقام فهو لا يتعدى، وماضيه ودائمه واحد، كقولك هرم فهو هرمٌ، وفزع فهو فزع، ومرض فهو مرضٌ ومريض.
ويقال: هذا أبك، وهذا أبك،وهذا أباك، وهذا أبوك، ثلاث لغات، فمن قال: أبُك قال: هذان أباك، أبٌ وأبان، ويجوز فيه أبوان. ومن قال: أباك وأبوك فتثنيتهما واحدة: أبوان. وأنشد:
سوى أبكَ الأدنى وإنَّ محمداً ... علا كلَّ عالٍ يا بن عم محمد
ويقال: جارية فزراء، أي تامة. والفزراء أيضاً: الحدباء. والفرساء مثلها. الفزرة والفرسة الحدبة.
وقال أبو العباس في قوله عزَّ وجلّ " أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير " أي أوضع. وإذا قيل بالهمزة قيل: الدانىء، وهو الخسيس من الشطار.
" وهدوا إلى الطيب من القول " قال: إلى الحسن.
ويقال: لا إله إلا الله.
بعير مأموم، وهو المأكول رأس السنام.
وكل ذي زمانةٍ فجمعه فَعلى، مثل جرحى وأسرى، ومن جمع أسارى شبهه بسكارى.
" قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل " قال: تابعوا هؤلاء أولئك فنسب القتل إليهم.
قال: وإذا مضى من الشهر عشرة أيامٍ فحلف حالفٌ أنه مضى منه ثلاثة فهو بارّ.
" وإليك نسعى ونحفد " أي نسرع، وهو ضربٌ من السير.

والفاجر، إنما سمى فاجراً من قولهم يوم الفجار، لأنهم حاربوا فيه، وكان في أشهر الحرام " ونترك من يفجرك " أي من يظلم ن وأصله من انفجار النهر إذا تخرب وجرى في غير حقه. " ونخشى عذابك إن عذابك الجد " أي الانكماش. والجد: البخت ن وهو أيضاً الجدُّ للأب، وهو العظمة، وهو العمر.
وأنشد:
تنتحُ ذفراه بماءٍ صبِّ
أي تنضح وهما بمعنى واحد.
وقال في قوله تعالى: " واتقوا يوماً لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً " جزى يجزي، إذ كفى وأجزأ يجزىء، إذ قام مقامه. ولم يكن أهل البصرة يقولون أجزأ بالهمز، والكسائي يقول يجزىء فيه. والفراء يقول يجزىء فيه ويجزيه جميعاً.
شفةٌ أصلها شفهة. وشفاهٌ جمع على الأصل.
وفي الحديث: " العين وكاءُ السَّه " وهو بالهاء شاذ، وبالتاء على الأصل، لأنه قد سقط عين الفعل، ولأنه هو في الأصل ستهة، لأنَّ تصغيرها ستيهة وأصل عضة عضهة، فمن قال عضوة قال عضوات، ومن قال عضهة مثل عضهة بشفه. ويجمع بالهاء على الأصل مثل شفاهٍ، وعضوات مثل شفوات.
" إن لك في النهار سبحاً طويلاً " يعني اضطراباً. السبح: السكون، والسبح: الاضطراب.
ارتجعت الغنم: كثرت، ويقال ارتعج المال، إذا كثر وذهب معاً، فيقال منه فيما اضرب وذهب وجاء: قد ارتعج، ويقال لما كثر أيضاً. " مما عملت أيدينا " أي ممّا أمرنا. وأنت تقول: الشيء في يدي وليس في يديك، تريد إيجابه.
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب وهي تمعس منيئةً لها قال: تمعس: تدبغ. والمنيئة: الجلد في الدباغ. وأنشد:
أحمد ربّا ردني معاسا
وقال: الزلفات: المصانع، وأحدها زلفة. والسخد: ما يخرج على وجه الولد.
ويقال " نام همه " أي لم يكن له همّ. ويقال: " ماهو إلا عشمة وعشبة " للشيخ الذي قد عسا وكبر.
ويقال: شعر حجن أي معقف بعضه على بعض.
وقال في قوله عزّ وجل: " أهلكت مالاً لبداً " قال: يقال لبدة وبدٌ، لبدة ولبد، إذا كان بعضه على بعض.
وأنشد:
وللفؤاد وجيب عند أبهره ... لدم الوليد وراء الغيب بالحجر
يرد أنه ذكيٌّ حديد النفس.
وقال أبو العباس: أنشدنا أبو سعيد الغنوي:
لو كنت من مازنٍ لم تستبح إبلي ... بنو الشقيقة من ذهل بن شيبانا
إذاً لقام مقامي معشرٌ خشنٌ ... عند الحقيقة إن ذو لوثةٍ لانا
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم ... طاروا إليه زرافاتٍ ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
لكن قومي وإن كانوا ذوي عددٍ ... ليسوا من الشر في شيءٍ وإن هانا
يجزون من ظلم أهل مغفرةً ... ومن إساءة أهل السوء إحسانا
كأن ربك لم يخلق لخشيته ... سواهم من جميع الناس إنساناً
وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدني أبو غسان محمد بن يحيى بن عبد الحميد ليحيى بن الحكم:
أذاهبهٌ ولما أشف نفسي ... من المتعمرات إلى قباء
من اللاتي سوالفهنَّ غيدٌ ... عليهن الملاحة والبهاء
وأنشد لعبد الله بن مسلم بن جندب:
يا للرجال ليوم الأربعاء أما ... ينفك يحدث لي بعد النهى طربا
إذ لا يزال غزالٌ فيه يفتنني ... يهوى إلى مسجد الأحزاب منتقبا
يخبر الناس أنَّ الأجر همته ... وما أتى طالباً للأجر محتسباً
لو كان يطلب أجراً ما أتى ظهراً ... مضمخاً بفتيت المسك مختضبا
لكنه شاقه أن قيل ذا رجبٌ ... ياليت عدة دهري كله رجبا
فإن فيه لمن يبغي فواضله ... فضلاً وللطالب المرتاد مطلبا
كم فيه من حرةٍ قد كنت آلفها ... تسدُّ من دونها الأبواب والحجبا
قد ساغ فيه لها مشى النهار كما ... ساغ الشراب لعطشان إذا شربا
أخرجن فيه ولا تبرهن ذا كذبٍ ... قد أبطل الله فيه قول من كذبا
وقال أبو العباس: قال زبير: دخل على خالصة مغنٍ فغناها:
مرملٌ وابن سبيل ... فإلى من تكلوني
فقلت: إلى الله يا هذا.
أنشدني أبو العباس قال: وأنشدني زبير لأعرابي:

فديتك يا زين البلاد إن العدى ... حموك فلم يوجد إليك سبيل
أراجعةٌ عقلي إلىَّ فرائحٌ ... مع القوم لم يكتب عليك قتيل
فلا تقتلي نفساً وأنت ضعيفةٌ ... فإنَّ دمي يوم الحساب ثقيل
وإني لتعدوني عوادٍ ورقبةٌ ... وأهجر من غير القلى فأطيلُ
مخافة أن ينمى حديث فتؤخذي ... بذنبي أو يعبأ عليك جهولُ
فديتك أعدائي كثير وشقتي ... بعيد وأشياعي لديك قليل
وحدثنا أبو العباس ثنا عبد الله بن شبيب، قال: قيل لأبي عمرو بن العلاء: ما يعجبك من شعر أبي دهبل؟ قال: قوله:
يا عمر حم فراقكم عمرا ... ونويت منا النأي والهجرا
وإذا أردنا رحلة جزعت ... وإذا أقمنا لم تفد نقرا
والله ما أحببتُ حبكم ... لا ثيباً خلقت ولا بكرا
وترى لها دلاًّ إذا نطقت ... تركت بنات فؤاده صعرا
كتساقط الرطب الجني من ال ... أقناء لا نثراً ولا نزرا
يا عمر شيخك وهو ذو شرفٍ ... يحمى الذمار ويكرم الصهرا
إن كان هذا السحر منك فلا ... ترعى عليَّ وجددي سحرا
إحدى بني أودٍ كلفت بها ... جعلت بلا ترةٍ لنا وترا
إني لأرضى بالذي رضيتْ ... وأرى لحسن حديثكم سُكرا
وقال أبو العباس: الإسبُ: شعر الفرج الجمع الآساب.
المبذر: الذي ينفق ولا يشكر الله.
قال أبو العباس: وحكى بعض أصحابنا قال: قال معاوية لعتبة يوم الحكمين: " يا أخي أما ترى ابن عباس قد فتح عينيه ونشر أذنيه، ولو قد قدر أن يتكلم بها فعل، وغفلة أصحابه مجبورة بفطنته، وهي ساعتنا الطولى فاكفنيه " . قال: قلت بجهدي. قال: فقعدت إلى جنبه، فلما أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث، فقعدت إلى جنبه، فلما أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث، فقرع يدي وقال: ليست ساعة حديث. قال: فأظهرت غضباً وقلت يا ابن عباس: إن ثقتك بأحلامنا أسرعت بك إلى أعراضنا، وقد والله تقدم فيك العذر، وكثر منَّا الصبر، ثم اقذعته، فجاش بي مرجله، وارتفعت أصواتنا، فجاء القوم فأخذوا بأيدينا، فنحوه عني ونحوني عنه قال: فجئت فقربت من عمرو ابن العاص فرماني بمؤخر عينه، أي ما صنعت؟ فقلت له: كفيتك التقوالة فحمحم كما تحمحم الفرس للشعير. قال: وجاءت ابن عباس أول الكلام فكرةٌ أن يتكلَّم في آخره.
قال أبو العباس: وحكى عن يونس بن عبيد قال: سمعت كلمات ما سمعت من كلام الناس شيئاً أعجب منهنَّ: قال ابن سيرين: " ما حسدت أحداً على شيء قط " . وقال مورق العجلى: " دعوت الله تعالى أربعين سنةً في حاجة، فما قضاها وما يئست منها " . وقال حسان بن أبي سنان: " ما شيء أهون من الورع، إذ رابك شيءٌ فدعهُ " .
حدثنا أبو العباس قال: وقال إسحاق الموصلي: حدثني شيخٌ من بني أمية قال: قال سعيد بن العاص: " ما وصلت من الجانه إلى أن تنتح كما ينتح الحميت " ،يعني يرشح. والحميت: النحى المربوب.
قال: وقال معاوية لعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص: " قد رايتك تعجب بالشعر، فإذا فعلت فإياك والتشبيب بالنساء، فتعرَّ الشريفة، وترمى العفيفة، وتقر على نفسك بالفضيحة. وإياك والهجاء. فإنك تحنق به كريماً، وتستثير به لئيماً. وإياك والمدح، فإنه كسب الوقاح، وطعمه السؤال. ولكن أفخر بمفاخر قومك وقل من الأمثال ما تزين به نفسك وشعرك، وتؤدب به غيرك " . قال: ويقال: " الشعر أدنى مروءة السري، وأفضل مروءة الدني " .
وقال الأصمعي: أول من تروى له كلمة تبلغ ثلاثين بيتاً من الشعر مهلهل، ثم ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم، ثم ضمرة رجل من بني كنانة، والأضبط بن قريع. وأنشد لذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم:
يا كعب إنَّ أخاك منحمقٌ ... فاشدد أزار أخيك يا كعبُ
وأنشد لضمرة:
يا ضمرة أخبرني ولست بفاعل ... وأخوك نافعك الذي لا يكذبُ
وللأضبط:
أدفع عن نفسه ويخدعني ... يا قوم من عاذري من الخدعه
وقال الأصعمي:
فصلن إن وصل الحب ... ل وأقطن القريب إن قطعه

هكذا سمعت هذا البيت، قال: ... وكان بين هؤلاء وبين الإسلام
أربعمائة سنة. قال: وكان امرؤ القيس بعد هؤلاء بكثير.
وقال أبو العباس: أجتمع يزيد بن الحكم وحمزة بن بيضٍ في الحبس، فقال له يزيد هو يهزأ به: إنك لأستاذ بالشعر يا ابن بيض ! فقال: " إن لعمري، إني لأدق الغزل،وأصفق النسج، وأوراق الحاشية " .
وقال: قال عبد الملك بن مروان للأخطل: أي الناس أشعر ظ قال: العبد العجلاني قال: بم ذلك؟ قال: وجدته قائماً في بطحاء الشعر، والشعراء، والشعراء على الحرفين. قال: أعرف ذاك له كرهاً. يعني ابن مقبل. فقال ابن مقبل: إني لأرسل البيوت عوجاً فتأتي الرواة بها قد أقامتها.
وحدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة ، قال: أخبرني معافي بن نعيم قال: حدثني عبد الله بن رؤبة بن العجاج، عن شبيب بن شيبة قال: كان لي مجلس من الهدى في كل عشية خمسين، خامس خمسة، فذكر يوماً عيسى ابن زيد حين توارى، فقال: غمض على أمره فما ينجم لي منه شيء، ولقد خفته على المسلمين أن يفتنهم. فملا سكت قلت: وما يعنيك من أمره، فو الله لا يجتمع عليه اثنان، وما هو لذاك بأهل. قال: فرأيته يكره ما أقول، فقطعت كلامي، فلما سكت قال: والله ما هو كما قلت، هو والله المحقوق أن ينبغ، وأن يشق العصا. فلما فرغ قمت وخرجت، فقال للفضل بن الربيع: أحجبه عن هذا المجلس. فحجبني أشهراً، ثم حضرت، فقال للفضل بن الربيع: يا أمير المؤمنين، هذا " ابن " شيبة بالباب. قال: ائذن له فلما دخلت قال: مرحباً بأبي المعتمر، وكذا كان يكنيني - وكان يكنى أبا معمر - أبقاك الله طويلاً؛في بقاء مثلك صلاحاً للعامة والخاصة. فما سكت قلت: يا أمير المؤمنين، إني وإياك كما رؤبة لبلال بن أبي بردة:
إني وقد تعني أمور تعتني ... على طريق العذر إن عذرتني
فلا ورب الأمنات القطن ... ما آيب سرك إلا سرني
شكراً فإن عرك أمر عرني ... ما الحفظ أم ما النصح إلا أنني
أخوك والراعي لما استرعيتني ... إني وإن لم ترني كأنني
أراك الغيب وإن لم ترني ... من غش أوني فإني لا اني
عن رفدكم خيراً بكم موطن.
قال: صدقت، يا فضل رده إلى مجلسه. وأمر له بعشرة آلاف درهم.
حدَّثنا أبو العباس، حدثني ابن ميثم، عن ابن شبرمة قال: زوجت أبني على ألفي درهم والله ما هي عندي، وما ذكرت لها غيرك. فقال: قد أمرنا لك بها. فجزيته خيراً وذهبت أقوم ، فقال: لا تجعل، أجلس. ثم قال: إذا دفعت إليهم المهر فلا تحتاج إلى الطعام؟ قلت: بلى. قال: وألفين الطعام. فجزيته خيراً وذهبت أقوم فقال:لا تجعل، أجلس لا تريد خادماً؟ قلت: بلى. قال: وألفين خادم. ثم قال: إذا أخذت هذا فلا تريد نفقة غير هذا؟ قلت: بلى. قال: وألفين للنفقة. قال: ولا يريد الشيخ شيئاً؟ قلت له: بلى. قال: فلم أزل أجزيه الخير ويتذكر ويعطيني. حتى قمت بخمسين ألفاً وحدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، حدثني الزعل بن الخطاب، قال بني أبو نخيلة داره، فمر به خالد بن صفوان فوقف عليه، فقال له أبو نخيلة: يا ابن صفوان، كيف ترى؟ قال: رأيت سألت إلحافاً، وأنفقت إسرافاً، وجعلت إحدى يديك سطحاً وملأت الأخرى سلحاً، فقلت من وضع في سطحي وإلا ميته بسلحي. ثم مضى، فقيل له: الا تهجوه؟ قال: إذا يقف على المجالس سنة يصف انفي لا يعيد حرفاً.
وقال أبو العباس: أنشدنا ابن الأعرابي:
لو كان قنيص كان ا جددٍ ... تكون أربته في آخر المرمر
لعوا حريصاً يقول القانصان له ... قبح ذا الوجه أنفاً حق مبتئس
قال: كان ينشدناه مرة: " ذا الوجه أنفاً " ومرة: " قبح ذا وجه أنف " وبهذا هجا الرجل. يقول: لو كنت كلب صائدٍ كنت في آخر المرس، أي الحبل، لأنه لا يصلح لشيء والجدد: العلامات والطرق، الواحدة جدة، العلامة من كل شيء، واللعو: الشره. ويريد " أن " الصائدين يشتمانه ويقبحانه. لأنه لا يصلح.
وقال أبو العباس: إذا كان الفعل من الاثنين جاز رفعهما، يقال: خاصم زيد عمرو.
ويقال: افعل هذا بداءة بدئٍ، وبدا بدئٍ، وأول وهلة، وأول واهلة.
الخلة والخلالة بمعنى.

بدا الشيء، بلا همز: ظهر. وبالهمز ابتدأ. ومنه: " بادئ الرأي " من همز " بادئ " أراد ابتداء الرأي، ومن لم يهمز أراد ظهور الرأي وبدا القوم إذا خرجوا " إلى " البادية، بلا همز.
خبنداةٌ وبخنداةٌ: حسنة خلقا الأوراك.
المخلق: أي المعمول بقدر المملس. ومنه:
في رأس خلقاء.
قوله " إنما أنت ابن وثنٌ ابن وثنٍ " أي كافر ابن كافر.
وأنشد:
ألقى عصاه وأرخى من عمامته ... وقال ضيفٌ فلت الشيب قال أجل
ألقى عصاه: أقام. وأرخى من عمامته، أي لم يكن في حربٍ، اطمأن وكان في سلم.
حسست به: نفرت عليه، وأحسست به وحسست به وحسيت: وجدته. وحسسته أحسه: قتلته. ويقال: ما رأيت عقيلياً إلا حسست له وحسست له وحسيت له، أي رققت له. وانشد:
هل من بكى الدار راج أن تحس له ... أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل
قال: ينشده أصحابنا بالفتح والكسر جميعاً، يعني في تحس. والمعنى ها هنا أن ترق له. وانشد:
حسين به فهن إليه شوس.
أي حسن به. وحسى وحسى إذا فطن له وشعر به.
وحدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: حضرت مجوسيا الوفاة، فقال له قائل: كيف حالك؟ قال: " كيف حال من يريد سفراً بلا زاد، ويرد على حكمٍ عدل بلا حجة " .
الوصيد: الفناء، ويقال الباب. آصدته وآوصدته سواء أفكته: صرفته عن الحق. المعلهج: الذي ليس بخالصٍ.
" وكلبهم باسط " حكى الحالة.
ويقال: بلقت الباب وأبلقته، وإذا فتحته. النعج البياض. زيداً إن تضرب أضرب. إن نصبته بالثاني لم يختلفا فيه، وإن كان الأول أجاز الكسائي وأبي الفراء: لأن الشروط لا يتقدمها صلاتها.
" وأن هذا صراطي مستقيماً " . قال: أهل البصرة يخففونها يريدون معنى الثقيلة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " لو لا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين " قال: ربطنا على قلبها لا تقول هو ابني، لتكون من المؤمنين بما أمرها وانزل إليها. المدجر والجزر.
" النجم والشجر " . النجم: ما طلع من النبت. والشجر: ما كان على ساق، وأنشد:
ولم أر مثل الفقر أوضع للفتى ... ولم أر مثل المال أرفع للرذل
ولم أر عزا امرئ كعشيرة ... لم أرذلا مثل نأى عن الأصل
ولم أر من عدم أضر على لامرئ ... إذا عاش وسط الناس من عدم العقل
وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي أبو عبد الله: وذكر عن أبي صالح الفزاري أنه قال في وصف ناقة: " إذا كحالت عينها، وأللت أذنها، وسجح خدها، وهدل مشفرها، وأستدارت جمجمتها، فهي كريمة " وقال: قال أبو عبد الله: مررت بأعرابية بالمناخ بالكوفة تمرض أخالها في حطمةٍ أصابتهم، ثم راح بالعشى فسأل عنه، فقالت: دفناه وإذا هي تأكل سويقة معها قد ثرتها بالماء. فقال لها الرجل: ما أسرع ما أكلت بعده، فاغرورقت عيناها وقالت:
على كل حال يأكل المرء زاده ... على الضر والسراء والحدثان
" ومنها جائز " الهاء للسبيل. " ومنه شجر فيه تسيمون " أي ترعون فيه. " فدمدم عليهم " أي سوَّاها عليهم. " ولأوضعوا خلالكم " وضع وأوضع، إذا أسرع.
وأنشد:
إذا رأيت أنجماً من الأسد ... جبهته أو الخراة والكتد
بال سهيلٌ في الفضيخ ففسد ... وطاب ألبان اللقاح وبرد
وحد " وبرد " لأن معنى لبنٍ وألبانٍ واحد.
والتراب واحده وجمعه واحد.
أنشد:
ألا ذهب الشهاب المستنير ... ومدرهنا الكمى إذا نغير
وفكاك المئين إذا ألمت ... بنا الحدثان والأنف النصور
فذهب إلى أن معنى الحدثان والحوادث واحد.
وأنشد:
أيا بارح الجوزاء مالك لا ترى ... عيالك قد أمسوا مراميل جوعا
قال: كان يسقط الرطب من النخل.
وأنشد:
برهرهة رخصةٌ رؤدةٌ ... كخرعوبة البانة المنفطر
رد " المنفطر " إلى القضيب.
وأنشد:
وقائع في مضر تسعة ... وفي وائلٍ كانت العاشره
ذكر الوقائع لأنه ذهب بها إلى الأيام.
التمجد: الترفع، " ومنه " المجيد في أصله. الضلال: الجور عن الطريق. الجلب: الجلد الرقيق يلبس به الرحل وعيدانه، وهو اللباس في كل شيء، مثل الجلباب والقميص، وفي كل شيء ...
والوقم: الرد بخزي. وأنشد:

فما نفى عنك قوماً أنت خائفهم ... كمثل وقمك جهالاً بجهال
فاقعس إذا حدبوا واحدب إذا قعسوا ... ووازن الشر مثقالاً بمثقال
قعس: إذا تأخر، أي إذا عملوا شيئاً فزد عليه.
وقال في قوله: " في صرةٍ " : في صيحة.
وقال أبو العباس: أنشدني عبد الله بن شبيب:
تقول جميلة فرقتنا ... وصرعت أهلك شتى شلالا
تركت القداح وعزف القيان ... والخمر تصلية وأبتهالا
وكر المحبر في غمرةٍ ... وشدى على المشركين القتالا
فيا رب لا أغبنن بيعتي ... فقد بعت أهلي ومالي بدالا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. " ربح البيع، ربح البيع، ربح البيع " تصلية من الصلاة. وابتهالاً من الدعاء. يقال صليت صلاة وتصلية. والأبيات لعبد العزيز بن الأزور الأسدي.
" يصدون " يضجون.
وأنشد:
على أنني بعد ما قد مضى ... ثلاثون للهجر حولاً كميلا
أي كاملاً.
يذكرنيك حنين العجول ... ونوح الحمامة تدعو هديلا
قال: فرق بين التفسير وبين ما فسره. وهذا يجوز في الشعر لا في الكلام.
الحمولة من الأنعام: الكبار، والفرش: الصغار.
وأنشد:
إن بني شرهم كالكلب ... وخيرهم أولعهم بسبي
لم يغن عنهم أدبي وضربي ... يا ليتني كنت عقيم الزب
وليتني كنت بغير عقب.
وقالت امرأة في ابنها:
ظني به لو قد جثوا على الركب ... وابتدروا الفلج بحدٍ وغضب
أن سوف يلفى أربة من الأرب ... ألوى إذا خاف ردى صدقٍ كذب
وقالت أخرى في ابنها:
لو ظمئ القوم فقالوا من فتى ... يخلف لا يردعه خوف الردى
فبعثوا سعداً إلى الماء سدى ... ليلة بيانها مثل العمى
بغير دلو ورشاء لاستقى ... أمرد يهدى رأيه رأى اللحى
أشخصت بالرجل، إذا اغتبته.
وقال الكميت بن معروف بن ثعلبة الفقعسي:
أرى العين مذ لم تلق ذيلة راجعت ... هواها ولجت في البكاء فهو دابها
وما ذكرت إلا أكفكف عبرة ... بعيني منها ملؤها أو قرابها
ولو كنت أرجو أن أنال كلامها ... إذا جئت لم يبعد على طلابها
وما بي من هجرانها غير أنه ... عداني ارتقابي قومها وارتقابها
وإني ليعروني الحياء مع الذي ... يخامرني من ودها فأهابها
وأعرض عنها والفؤاد كأنما ... يصلي بناٍ يعتريه التهابها
فتلك قد كاذبتني عن الهوى ... وعن ذكرها والنفس حم كتابها
ودهري هوى يوم المنينة قادني ... لجاذبة الأقران بادٍ خلابها
إذا هي حلت بالفرات ودجلة ... وحرة ليلى دون أهلي ولا بها
فليت حمام الطف يرفع حاجباً ... إليها ويأتينا بنجد جوابها
وقال مرة أخرى: " حاجنا " جمع حاجة. وقال المعبدي: " حاجياً " والمعنى زجر الطير.
سل القلب يا ابن أقوم ما هو صانع ... إذا نية حانت وخفت عقابها
العقاب: الراية.
أتجزع بعد الحلم والشيب أن ترى ... دجنة لهو قد تجلى ضبابها
ألا يا لقوم للخيال الذي سرى ... إلى ودوني صارة فعنابها
سرى بعد ما غار السماك ودوننا ... مياه حصيد عينها فكثابها
كثبان الرمل.
عسى بعد هجران يداني ببيننا ... تصعد أيدي العيس ثم انصبابها
وجوب الفيا في بالقلاص إذا انطوت ... ولا يقطع الموماة إلا اجتيابها
بكل سبنتاة إذا الخمس ضمها ... يقطع أضغان النواجي هبابها
إذا وردت ماء عن الخمس لم يكن ... على الماء إلا عرضها فانجذابها
وإن أوقد الحر الحزابي وارتقى ... إلى كل نسر محزئل سرابها
حدتها توال لاحقات وقدمت ... هواديها أيد سريع ذهابها
بهن يداني عرض كل تنوفة ... يموت صدى دون المياه غرابها

هو الغراب المعروف. والغراب أيضاً: عظم العنق.
وإن حلت الظلماء بالبيد واستوى ... على من سرى بطنانها وحدابها
تخوضنها حتى يفرجن غمها ... وينجاب عن أعناقهن ثيابها
قال يعني ظلمتها:
يصابحن حد الشمس كل ظهيرة ... إذا الشمس فوق البيدذاب لعابها
بجائلة تحت الأحجة هججت ... إلى همعات مستصل حجابها
تخطي بنا الأهوال كل شملةٍ ... إذا غضبت غنى السديسين نابها
تنيف برأس في الزمام كأنه ... قدوم فؤوس ماج فيها نصابها
القدوم: الفأس برأسين. يقول فأس فؤوس، يبالغ في مدحها.
وأنشد:
يا ابن أخي كيف رأيت عمكا ... أردت أن تختمه فاختمكا
يقال: ضربه فقصعه. ويقال: في نسبه قضأة، أي عيب ويقال: " يعرف قلبي ويليغ لساني " والأليغ: الذي لا يبين كلامه.
ويقال: عذم دنياه يعذمها - والعذم: العض - أي أكلها. ويقال: " اخضموا وإنا نقضم " أي كلوا الرطب وإنما نأكل اليابس.
ويقال: لبك أمره عليه والتبك، أي اختلط.
" لا تظمأ فيها ولا تضحي " تضحي: تصيبك الشمس. وأنشد في جمع حاجة شاهداً لقوله: " يرفع حاجنا " .
ألا ليت شوقاً بالكناسة لم يكن ... إليها لحاج المسلمين طريق
وأنشد:
ظلت وظل يومها حوب حل ... وظل يوم لأبي الهجنجل
قال: يقال حوب حلى بالرفع والنصب والخفض. وأبو الهجنجل كنيته.
ضاحي المقيل دائم التبذل ... ما أنا يوم الورد بالمظلل
عني ولا بالذايد ... ... بين العمودين على مبذلي
أرمض من تحت وأضحى من علي
وأنشد:
على سرف البيداء حين تطخطخ ال ... ظلام ودون الليل من ضخية جلب
ولم يعرف جلب بالضم.
" أقروا الطير على مكناتها " أي على مكاناتها. في الحديث: " نويبتة خير أو نويبتة شر " أي نابتة، فصغر.
" فظلت أعناقهم لها خاضعين " قال: تكون الأعناق الرؤساء، أي فظلت رؤسائهم للآية خاضعين. والكسائي يقول: فظلت أعناقهم خاضعيها.
" ولي من الذل " أي من ينصره ويعينه.
قال أبو العبَّاس: كان يقول ابن سلام: التشريق يكون من طلوع الشمس، ومن تشريق اللحم. قال: وسمعت يقال: امض بنا إلى المشرق، موضع الناس لاجتماعهم، يعني المصلى. قال: والتروية: كثرة الماء، كانوا يجمعون فيه الماء. عرفات: موضع عرف آدم حواء.
مني، من المنية، مني عليه إذا قدر عليه المنية. ومني واحد. المعلومات: أيام العشر. والمعدودات: عرفات والنحر واليومان بعدهما قال أبو العبَّاس: ويقال هذه موضع هذه، وهذه موضع هذه.
القزل: أسوأ العرج، يقال: هو أقزل، أي أعرج.
الملاوة مشتقة من الدهر الملاوة أتي يتملى بها وكذا في الدهر الملاوة والملاوة والملاوة والملوة والملوة والملوة. وأنشد:
حتى إذا جزرت مياه رزونه ... وبأي حد ملاوة تتقطع
المضاربة قراضاً، أي يعمل مثل ما يعمل. ويقال قارضة قراضاً. والمفاوضة: الشركة في كل شيء، وشركة عنان شيء دون شيء. والثوب الشثن: الخشن.
حدَّثنا أبو العبَّاس قال أنشدني محمد بن سلام قال: إذا أخذ جرير في هذا المعنى لم يقم له شيء:
فلا يضغمن الليث عكلاً بغرة ... وعكل يشمون الفريس المنيبا
قال: الأسد إذا افترس فريسة أو أثر في شاة من الغنم فرت الغنم منه كلما شمته. فيقول: هي تجزع من هجائي إذا هجوت غيرهم.
وأنشد:
وعند سعيد غير أن لم أبح به ... ذكرتك إن الأمر يعرض للأمر
أي ذكرتك عند سعيد، وكان سعيد والي المدينة، وقد دعا به للقتل. يقول: فإذا ذكرتك في هذا الوقت فكيف سائر الأوقات.
يقال رغد عيشنا ورغد، وهو رغد ورغيد. احرنجم: اجتمع.
حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا عمر بن شبة قال: حدَّثني عمر بن محمد بن أقيصر السلمي، ثنا يحيى بن عروة بن أذينة قال: أتى أبي وجماعة من الشعراء هشام بن عبد الملك، فأنشدوه فنسبهم، فلما عرف أبي قال: ألست القائل:
لقد علمت وما الإشراف من خلقي ... أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى له فيعنيني تطلبه ... ولو قعدت أتاني لا يعنيني

فألا جلست حتى يأتيك؟ قال: فسكت أبي فلم يجبه. فلما خرجوا جلس أبي على راحلته حتى قدم المدينة، وتنبه هشام عليهم فأمرا بجوائزهم، ففقد أبي، فسأل عنه، فأخبر بانصرافه، فقال: لا جرم والله ليعلمن هذا أن ذاك سيأتيه في بيته. قال: ثم أضعف له ما أعطى واحداً من أصحابه، وكتب له فريضتين كنت أنا آخذهما.
حدَّثنا أبو العبَّاس، حدَّثني عمر بن شبة قال حدَّثني ابن أقيصر، قال: حدَّثني يحيى بن عروة قال: لما قدم الفرزدق المدينة أتي مجلس أبي، فأنشده الأحوص شعراً، قال: من أنت؟ قال: الأحوص بن محمد. قال: ما أحسن شعرك !قال: أهكذا تقول لي، فوالله لأنا أشعر منك !قال: وكيف تكون أشعر مني وأنت تقول:
يقر بعيني ما يقر بعينها ... وأفضل شيء ما به العين قرت
فإنه يقر بعينها أن تنكح !أفيقر ذاك بعينك؟! وأنشدنا أبو العبَّاس قال: أنشدنا عمر بن شبة: قال: وأنشدني ابن أقيصر لماجد الأسدي:
وللدهر ألوان فكن في ثيابه ... كلبسته يوما أجدَّ وأخلقا
فكن أكيس الكيسي إذا كنت فيهم ... وإن كنت في الحمقى فكن أنت أحمقا
ولا تسأ من جوب البلاد مع الدجا ... فإنك...... أخرقا
وحدثنا أبو العبَّاس: قال حدَّثنا ابن شبة قال: حدَّثني ابن أقيصر قال: تنازعنا إلى الحسن بن زيد في قطيعة سلمة بن مالك السلمي، فعرفها الحسن فقال: ائتوني ببرهان مع معرفتي، فأتينا عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، فسألناه، فاخبرنا عن أبيه عن جده رفعه إلى عمار ابن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع سلمة بن مالك السلمي، وكتب له: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بن مالك، أعطاه ما بين الحناظل إلى ذات الأساود. ومن حاقه فهو مبطل، وحقه حق " .
ويقال للرجل: ما كان مريئاً ولقد مرؤ مراءة، مهموز. والطعام مثله في الفعل ويختلف في المصدر، ما كان مريئاً ولقد مرؤ مراءة.
يا دار مية بالعلياء فالسند
قال: العلياء من صلة " دار " لأنها مجهولة، من أجل ما لها دوراً كثيرة. وإن كانت واحدة فخطأٌ.
قولهم " معناق الوسيقة " أي لا يخاف أعداءه فهو يسوقها قليلاً قليلاً، وهي ما يسوقه من الغنيمة.
المنتاش: الآخذ. دردب الرجل ودربخ، إذ ذل، وأنشد: ولو أقول دربخوا لدربخوا المها: البلور، والمها أيضاً: البقر.
كردم الرجل، إذا مضى، الكردمة: المضى.
وما بالربع من أحد
قال: إدخال " من " وإخراجها واحدٌ في هذا المعنى، فإذا دخلت فإنما أريد به التجزئة، أي تدخل " من " تجزئةً على كل أحد، كأنه إذا قال: ما بالربع أحدٌ، أمكن أن يريد اثنين أو ثلاثة.
السنان والمسن واحد. وأنشد فيه:
وزرق كستهن الأسنة هبوةً ... أرق من الماء الزلال كليلها
قال: إذا كان الكليل هكذا فكيف الحديد فيها. والهبوة، أي ترى عليها كالغبرة من حدتها.
وقال: الروق السيد، والروق أول الشيء، والترويق: أن يبيع الرديء ويشتري الجيد.
" لا تتخذوا إلهين اثنين " قال: يرجع إلى الأصل، لأنه كان ينبغي أن يكون مع الواحد والاثنين تفسير كما كان في الجمع، ولكن لم يجيء. والأصل درهم واحدٌ، ثوبٌ واحد، درهمان اثنان، ثوبان اثنان. كما يقال دراهم ثلاثة وأربعة، أثواب ثلاثة وأربعة، وما أشبه ذلك.
وأنشدني في روق بمعنى سيد:
روقا قضاعة حلا حول قبته ... مدا عليه بسلاف وأنفار
يريد سيدا قضاعة.
" يكادون يسطون " ، أي يبطشون.
ويقال " كل ولا تتخذ خبنة ولا ثبنة " .وجمع ثبنة ثبان. والخبنة: ما خباته، والثبنة: ما جعلته بين يديك.
ويقال زجاجة وزجاجة وزجاجة. والورد: العطاش، والورد: السير إلى الماء. يقال: حلاها وردها، أي منعها الماء.
ويقال: جئت من جلك، ومن أجل جراك، ومن جللك.
وأنشدني ابن الأعرابي:
حمراء منها ضخمة المكان ... كأنها والشول كالشنان
تميس في حلة أرجوان ... لو مر كلب معه كلبان
وزافنان ومغنيان ... وضارب في كفه دفان
ما برحت ساطعة الجران ... الدهر أو تملأ ما تداني
من العلاب ومن الصحان
وقال أبو العباس: قال الفراء: الأيمان ترتفع بجواباتها، وهذا موضع هذا وأنشد:

لعمر أبي الواشين لا عمر غيرهم ... لقد كلفوني خطة لا أريدها
فتنصب " عمر " إذا سقط اللام.
رمى الحدثان نسوة آل صخرٍ ... بمقدارٍ سمدن له سمودا
أي لهون عنه. السامد: اللاهي.
" ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون " أي لجعلنا مكانكم ملائكة يخلفون منكم في الأرض.
وقال: جميع العدد، مثل أحد عشر واثنا عشر وأشباههما، إنما هو واحدٌ وعشرة، واثنان وعشرة، وثلاثة وعشرة، وإنما أعربوا اثنى عشر ولم يعربوا سائر أخواتها لأن التثنية لا تعتل ولا تكون إلا من وجه واحد يعرب بكل العربية، والجمع يتغير ويعتل. أنت تعرب هذين ولا تعرب هؤلاء.
السجسج: ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس، أي لا حر ولا برد.والسجسج أيضاً: موضع.
وقال: أنا وأنت، لم يختلف الناس في أنها أبدال، وأنها أول المعارف، ولكن اختلفوا في زيد وهذا. وأنشد:
عاذت تميم بأحفى الخمس إذ لقيت ... إحدى القناطر لا يمشي لها الخمر
القناطر: الدواهي، الواحدة قنطره. وعاذت بأحفى القوم، أي لجأت إلى هؤلاء القوم. وأما: " أحقى الخمس " فأوساط الرمل. وواحد أحقى حقو. لا يمشي لها الخمر؛أي ظهروا لهم ولم يخفوا القتال. والخمر: ما استتربه.
وأنشد:
قوم عوادي، ملك الناس كان لهم ... والشمس إذ ذاك لم تطلع ولا القمر
قال: يقول كان ملكهم قبل أن تخلق الدنيا.
وأنشد:
طال على رسم مهددٍ أبده ... ثم عفا واستوى به بلده
أبده: دهره. ويقول: استوى الموضع كله بالسفي حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا أبو سعيد، قال: حدَّثني يعقوب بن حميد قال: خرجت أريد الحج أنا وفلان وفلان - ذكر عدة من أصحابة - فلما صدرنا عن قديدٍ إذا نحن بجويريةٍ قدامنا، فقلت لها يا جارية، ما فعلت نعم؟ قالت: سل نصيباً. تريد:
ألا تسأل الخيمات من بطن أرثدٍ ... إلى النخل من ودان ما فعلت نعم
وقال أبو العبَّاس: قال أبو سعيد: أنشدني السدري لغلامٍ من بني نمير:
أنا ابن الرابعين بني نمير ... وأخوالي الكرام بنو كلاب
نعرض للطعان إذ التقينا ... وجوهاً لا تعرض للسباب
حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا أبو سعيد، حدَّثني السدري قال: غزت نميرٌ حنيفة فساقت أموالاً وقتلت رجالاً، قال: وثابت حنيفة فتبعوهم.
قال: فلقيت غلاماً منهم فقلت: كيف صنع قومك؟ قال: تبعوهم والله وقد أحقبوا كل جمالية خيفانة، فما زالوا يخصفون أخفاف المطي بحوافر الخيل، حتى لحقوهم بعد ثالثة، فجعلوا المران أرشية الموت، فاسقوا بها أرواحهم.
حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا ابن شبيب، حدَّثني عتاب بن عبد الرحمن قال صدرت عن مكة أريد المدينة، زائراً قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت مر الظهران، فأتتني بدوية فسألتني، فقلت لها: ممن أنت؟ قالت: اللهم غفراً، أو على هذا الحال تسألني عن هذا؟ قلت لها: فما عليك أن تخبريني؟ قالت: امرأةٌ من كنانة. قالت: فمن أنت؟ قلت: لا عليك. قالت: يا سبحان الله، تسألني فأخبرك وأنا على هذه الحال، وأسألك فلا تخبرني وأنت في هذه الشارة والزينة؟! قلت: رجلٌ من قريش قالت:
لولا قريش هلكت معدٌ ... وأستاق مال الأضعف الأشد
ولم يزل يوطأ منا خد
قال: فأعطيتها وأحسنت.
حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا ابن شبيب، حدَّثني عتاب بن الرحمن، حدَّثني عمر بن عبد الوهاب الرياحي قال: أتيت بدوية بقصر أوسٍ، في غداةٍ شاتية، فسلمت فقالت: يا أبا حفص، إنك أتيني في غداةٍ قرة، وأنا أسفع بالنار. ثم أنشدت:
حيا الإله خيال من لو زارني ... عدد الليالي كان ذاك قليلاً
الأقيال: دون الملوك. والعباهلة: المطلقون يعملون ما شاؤوا، وربل القوم: إذا كثروا،أو كثر أموالهم وأولادهم.
وأنشد:
أرى علل الدنيا على كثيرةً ... وصاحبها حتى يموت عليل

حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا بن شبيب، ثنا محمد بن سلام، حدثني أبان ابن عثمان قال: لما ثقل عبد الملك بن مروان أرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية، وخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، قال: أتدريان لم بعثت إليكما؟ قالا: نعم، ترينا ما أصبحت فيه من العافية. قال: لا، ولكنه كان في بيعة الوليد وسليمان ما قد علمتما، فإن أردتما أن أقيلكما أقلتكما. قالا: لا، وكيف تقيلنا وقد جعلت لهما في رقابنا مثل هذه السواري. فقال: أجيزا، أما والله لو قلتما غير هذا لقد متكما أمامي.
وحدثنا أبو العباس، ثنا بن شبيب، ثنا محمد بن سلام، قال. وحدثني محمد بن الحارث، قال: دخل ابن أبي ربيعة على عبد الملك، فقال: ما بقي من فسقك يا ابن أبي ربيعة؟ قال: بئست تحية الشيخ ابن عمه على بعد المزار.
وأنشد:
ضخم تعلق أشناق الديات به ... إذا المئون أمرت فوقه حملا
الأشناق: دون الديات.
التيعة: أربعون من الشاء. التيمة: الشاة الواحدة. السيوب: المعادن. القذاف: الميزان؛والقذاف: الخذروف؛ والقذاف: المنجنيق الهادي: العنق الكتد: أصل العنق.
وقال: إنما أخطأ سيبويه في هذا البيت، فأنشده بالرفع وهو على الخفض:
يا صاح يا ذا الضامر العنس
لأنه ذهب بذا مذهب هذا، وذو يذهب مذهب " هذا " ومذهب " صاحب:، فهي ها هنا في معنى صاحب؛لأنه قال يا صاحب العنس الضامر والرحل والأقتاب والحلس. وخطأ أن يكون يا هذا العنس والضامر منهم ضرب زيداً، محال إلا أن يقول: منهم من ضرب زيداً. وقال: لم تقع " من " في موضع الأسم إلا في ثلاثة مواضع:
جادت بكفي كان من أرمي البشر
وقوله:
ألا رب منهم من يقوم بمالكا
وقوله:
ألا رب منهم وادع وهو أشوس
كان من أفضلكم زيد.ونصب " زيد " خطأ. قال: لا يحذفون إلا في موضع النصب، لأنه إذا كانت " من " في موضع المفعول فالمفعول لا يحتاج إليه، والفاعل لا بد منه. وتقول: ما قام من أحدٍ، وما ضربت من أحد، وما مررت بأحد. الفراء يقول: المرفوع والمنصوب يفارقان والمخفوض لا يفارق ما خفضه. وقال أبو العبَّاس: الفاعل يكون أن تصرفه إلى من شئت، والمفعول ينصرف إلى ما شئت، والباء لا ينصرف إلا إلى المخفوض.
وقال أبو العبَّاس: لأبي عبيد في الوراط قولان: أحدهما قيمة الإبل، والثاني أن يخفى من المصدق. والقول الثاني الأكثر، وهو قول أصحابنا.
" أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الارض مخضرة " قال: هذا تأويل الجزاء، أراد إذا أنزل من السماء ماءً تصبح الأرض مخضرة.
مررت بزيد لا بعمرو، قال: الكسائي لا يجيزه إلا مع الباء، والفراء لا يلزمه أن يقوله؛لأن الكسائي يقول: الثاني محذوف مطلوب، وإذا جاء الخفض لم يحذف الخافض والفعل.
والفراء يقول: إذا حسنت " ليس " موضع " لا " جاز، وأنشد:
إنما يجزي الفتى ليس الجمل
قال سيبويه يقول ليس الجمل يجزي. فجعله فعلاً محذوفاً واستراح.
قال أبو العبَّاس: وأول ما ينبغي أن نقول للكسائي لم حذفت الثاني وطلبته.
وقال أبو العبَّاس في قوله عز وجل: " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " قال: يصدق المؤمنين. وقال: اللام تدخل لأنه بني الماضي والمستقبل على الدائم. وهذا قوله، وأنشد:
يذموم للدنيا وهم يرضعونها ... أفاويق حتى ما يدر لها ثعل
وأنشد:
إذا القوس وترها أيد ... رمى فأصاب الكلى والذرى
فأصبحت والليل مستحلسٌ ... وأصبحت الأرض بحراً طما
وقوله: فأصبحت والليل مستحلسٌ، قال: فأصبحنا وكأنا في ليلٍ من شدة الغيم، أي: لم يعلم بالصباح لأن الغيم مقيمٌ متكاثف.
وأنشد:
يغينك عن سوداء وإعتجانها ... وكرك الطرف إلى بنابها
ناتية الجبهة في مكانها ... صلعاء لو تطرح في ميزانها
قال أبو العباس: هذا يصف كمأة.
وقال الصناء: الرماد وهو يمد ويقصر. وقال: يكتب بالألف والياء، والألف أجود.
آخر الجزء التاسع من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين

الجزء العاشر

ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي، قال: حدثني عمر بن شبة قال: حدثني ابن سلام قال: سمعت أعرابياً يخبر يونس قال: فارق أعرابيٌ امرأته فقالت: " إن كنت إذا أكلت لتحتف، وإذا شربت لتشتف، وإذا نمت لتلتف، " . قال: قال: " والله إن كنت لبولة منعةً طلعة قبعة " .
وحدثنا أبو العباس: ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء قال: لما أراد معاوية البيعة ليزيد كتب إلى مروان وهو على المدينة، فقرأ كتابه فقال: إن أمير المؤمنين قد كبرت سنه، ورق عظمه، وقد خاف أن يأتيه أمر الله فيدع الناس كالغنم لا راعي لها، وقد أحب أن يعلم علماً ويقيم إماماً " . قالوا: وفق الله أمير المؤمنين وسدده، ليفعل: فكتب بذلك إلى معاوية، فكتب إليه أن سم يزيد. قال: فقرأ الكتاب عليهم وسمى يزيد، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان، وكذب معاوية معك، لا يكون ذاك، لا تحدثوا علينا سنة الروم: كلما مات هرقل قام هرقل. فقال مروان: هذا الذي قال الله تعالى: " والذي قال لوالده أف لكما أتعدانني أن أخرج " قال: فسمعت ذلك عائشة فقالت: ألا بن الصديق يقول هذا؟ ! استروني. فستروها فقالت: كذبت والله يا مروان، إن ذلك لرجل معروف النسب. قال: فكتب بذلك مروان إلى معاوية، قال: فأقبل، فما دناه من المدينة استقبله أهلها. فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، والحسين بن علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر فأقبل على ابن أبي بكر فسبه. فقال: لا مرحباً بك ولا أهلاً فلما دخل الحسين قال: لامرحباً بك ولا أهلاً، بدنةٌ يترقرق دمها والله مهريقه. فلما دخل ابن الزبير قال: لا مرحباً بضبٍ تلعةٍ مدخل رأسه تحت ذنبه. فلما دخل ابن عمر قال: لامرحباً ولا أهلاً. وسبه، فقال: لست بأهلٍ لهذه المقبلة قال: بلى ولما هو بسببٍ منها. فدخل المدينة وخرج هؤلاء الرهط معتمرين، فلما كان وقت الحج خرج معاوية حاجاً فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: لعله قد ندم فأقبلوا يستقبلونه، فلما دخل ابن عمر قال: مرحباً وأهلاً يابن الفاروق، هاتوا لأبي عبد الرحمن دابة. وقال للحسين: مرحباً يا بن رسول الله، هاتوا له دابة. وقال لأبن الزبير: مرحباً يا بن حواري رسول الله، هاتوا له دابة. وقال لأبن أبي بكر: مرحباً يا بن الصديق، هاتوا له دابة. ثم جعلت الصادقة تدخل عليهم ظاهرةً يراهاً أهل مكة وتحسن إذنهم وشفاعتهم قال: ثم أرسل إليهم يوماً، فقال بعضهم لبعض: من يكلمه؟ فأقبلوا على ابن عمر فقال: لست صاحبه. فأقبلو على ابن أبي بكر فأبي،فأقبلوا على الحسين فأبى، فقالوا لأبن الزبير: هات فأنت صاحبنا. قال: نعم، على أن تعطوني عهد الله ألا أقول شيئاً إلا تابعتموني عليه فأخذ عهودهم رجلاً رجلاً، ورضى من ابن عمر بدون مارضي من صاحبيه. قال: فدخلوا عليه فدعاهم إلى بيعة يزيد فسكتوا، فقال: أجيبوني، فسكتوا أيضاً، فقال لأبن الزبير: هات فأنت صاحبهم.قال: اختر منا خصلة من ثلاث. قال: هات، إن في ثلاث لمخرجاً قال: إما أن تفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ماذا؟ قال: لم يستخلف أحداً. قال: وماذا؟ كما فعل أبو بكر. قال: فعل ماذا؟ قال: نظر إلى رجلٍ من عرض قريش فولاه. قال: وماذا؟ قال: تفعل كما فعل عمر. قال: فعل ماذا؟ قال: جعلها شورى في ستةٍ من قريش. قال: ألا تسمعون؟ قد عودتكم على عادةٍ، وإني أكره أن أمنعكموها حتى أبين لكم. إني كنت لا أزال أتكلم بالكلام فتعترضون عليه وتردون على، فإياكم أن تعودوا، فإني قائم فقائل مقالاً، فإن صدقت فلي صدقي، وإن كذبت فعلي كذبي. والله لا ينطق أحدكم في مقالتي إلا ضربت عنقه. ثم أمر بكل رجل رجلين يحفظانه لا يتكلم، ثم قام خطيباً فقال: إن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير والحسين ابن علىٍ، وعبد الرحمن بن أبي بكر قد بايعوا، فبايعوا. فانجفل الناس فبايعوا، حتى إذا فرغ من البيعة ركب بجانب فرمى إلى الشام وتركهم، فأقبل الناس على الرهط يلومونهم، فقالوا: إنا والله ما بايعنا، ولكن فعل بنا وفعل.

وحدثنا أبو العباس، ثنا ابن الأعرابي قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ جالساً مع أصحابه إذا نشأت سحابة، فقيل: يا رسول الله، هذه سحابة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف ترون قواعدها؟ قالوا: ما أحسنها واشد تمكنها. قال فكيف ترون رحاها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها. قال: فكيف ترون بواسقها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد استقامتها. قال: فكيف ترون برقها، أو ميضاً أم خفيا أم يشق شقا؟ قالوا: بل يشق شقاً. قال: فهذا الحيا. قالوا: يا رسول الله ما أفصحك، ما رأينا الذي هو افصح منك. فقال: " ما يمنعني وإنما أنزل القرآن بلساني، بلسان عربي مبين " .
قال: قواعدها أسافلها. ورحاها: وسطها ومعظمها. وبواسقها: أعاليها. وإذا استطار البرق فيها من طرفها إلى طرفها، وهو أعاليها، فهو الذي لا يشك في مطره وجوده. وإذا كان البرق من أسافلها لم يكد يصدق.
قال: وقال رجل من العرب وقد كبر، وكان في داخل بيته: كيف تراها يا بني؟ قال. أراها نكبت وتبهرت، وأرى برقها أسافلها. قال: أخلقت يا بني.
قال: والومض: أن يومض إيماضة ضعيفة ثم يخفي، ثم يومض . وليس في هذا إياس من مطر. قال: ويكون ولا يكون. وأما المسلسل في أعاليها فلا يكاد يخلف.
وأنشد:
لما تبيينا أخا تميم ... أعطى وعطاء اللحز اللئيم
تبيينا: تعمدنا.
وأنشد:
بيا لهم إذ نزلوا الطَّعاما ... الكبد والملحاء والسناما
بيا: هيأ.
ويقال: ما ذقت غماضا، و ما جعلت في عيني حثاثا وحثاثا. معناه ما ذقت نوماً ولا أكتحلت به.
وأنشد:
نجا سالم والنفس منه بشدقه ... ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا
قال: وقال الفراء: هكذا أنشدني يونس، فقلت له: لم نصب الجفن " فقال: أراد سيف قال أبو العباس: قال الفراء: هذا خطأ.
وأنشد.
فلا تستطل مني بقائي ومدتي ... ولكن يكن للخير فيك نصيب
قال: أراد " ليكن " . قال: وظهور اللام اجود.
وأنشد:
فقلت أدعي وأدع فإن أندى ... لصوتٍ أن ينادي داعيان
أراد: ولأدع.
حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله تعالى: " أزفت الآزفة " قربت القيامة.
وقال: الهجرع، يقال هو الجبان ويقال الشجاع، ويقال الطويل. قوله: " ليس لها من دون الله كاشفة " أي لا يكشفها إلا هو، وأدخل الهاء للمبالغة كقولك رجل علامة.
ويقال: هذا أهجر من هذا، أي أطول وأحسن.
وأنشد:
وحسبتنا نزع الكتيبة غدوة ... فيغيفون ونرجع السرعانا
يغيفون: يتخلفون. والسرعان: أول كل شيء.
وأنشد:
قد أكنبت كفاك بعد لين ... " وبعد دهن البان والمضنون
وهمتا بالصبر والمرون " .
أكنبت: غلظت يداه على العمل، ويقال: كنبت وأكنبت. وأنشد:
وقالوا صرانا اليوم عين بكيةٌ ... وكذانةٌ صاقورها يتقلقل
قال: الصرا: ما تقطع من شيء؛ يريد بئراً. والبكية: القليلة الماء. وكذانة: جبل صلب. والصاقور: فاس عظيم. يتقلقل: أي لا يعمل فيها من صلابتها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كنت مولاه فعلى مولاه " ، وقال: " من كنت وليه فعلى وليه " .
وأنشد:
ترى كل حرجوج دلاث ضليعةٍ ... رفودٍ توفي محلبا بعد محلب
وأخرى على عسنٍ بني الصيف نيها ... عرور بها لو لا الغني لم تحلب
قال: العسن: الشحم العتيق. يقول: كسبها في الصيف الشحم. ويقال ناقة عراء إذا لم يكن لها سنام.
وأنشد:
هلا عطفت على ابن أمك معبدٍ ... والعامري يقوده بصفاد
وذكرت من لبن المحلق شربة ... والخيل تعدو بالصعيد بداد
هلا فوارس رحرحان هجوتم ... عشراً تناوح في سرارة واد
لا تأكل الإبل الغراث نباته ... بل لا يقوم عماده لعماد
قال: يقول: هذا رجل هرب عن أخيه وجعله ابن أمه لأنه أخصُّ من ابن الأب. والعشر: نبتٌ حسن المنظر مُرُّ المذاق. البر: ثمر السلم.
وأنشد:
رشوف وراء الخور لو تندري لها ... صباً وشمال حر جف لم تقلب
قال: الخور: قليلات الشرب. قال: هذه من طول عنقها تشرب من ورائهم لا تقلب من قوتها. وأنشد مثله:
لو أنه البول لظلت تشربه.
قال: لا تعاف شيئاً.

وأنشد:
تأخذه بدمنه توعيه ... تلقيه في أمثال غيطان التيه
وأنشد مثله:
يبول غداة الغب من غب خمسها ... لحاء الدلاء المسلمات العراقيا
في قوله عز وجل: " أخلد إلى الأرض " : مال إليها.
وأنشد:
حديا الناس كلهم جميعاً ... مقارعة بنيهم عن بنينا
حديا الناس، أي رأسهم والقيم بأمرهم قال: أي أسوق الناس ومن أفاخرهم، أي أحدوهم فأفاخرهم ببنينا عن بنيهم. ويقال نمل ينمل، إذا أفسد بين القوم بالنميمة.
وقال: ألقى الرشيد للفيل مائة رغيف، ولميسرة التراس مائة رغيف، فأكل ميسرة المائة رغيفاً، فعطف عليه ميسرة فأكله.
وأنشد:
يلقم لقماً ويفدى زاده ... يرمى بأمثال القطا فؤاده
وأنشد:
فطارت بالجدود بنو نزارٍ ... فسدناهم وأثعلت المضار
قال: جمع مضر: مضار. وقال: أثعلت: كثرت، صارت واحدةً على واحدة، مثل السن المركبة الواحدة على الاثنتين. وقال: ضفة الوادي: ناحيته.
وقال: كل ما أحتاج إلى ثانٍ فهو زوجٌ.
وأنشد:
وترعيةٍ لم يدر ما الخمر قبلنا ... سقيناه حتى كان قيداً له السكر
فثم كفيناه البداد ولم يكن ... لننكده عما يضن به الصدر
قال: ترعية وترعاية، إذا كان جيد الرعاية. والبداد: أن يخرج هذا شيئاً وهذا شيئاً. ونتكده، أي ننكد عليه.
وأنشد:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أحب فيقضي أم ضلاٌل وباطل
أي ما الذي يحاول؟ قال أبو العباس: ماذا على ضربين، إن شاء جعله اسماً واحداً، وإن شاء إسمين. فإذا جعله بمعنى الذي رفع، لأنه جواب مرفوع. أراد ما الذي يحاوله أنحب؟ وله أن يقول: ماذا تحاول أهو نحبٌ؟ فيستأنف فإذا جعله حرفاً واحداً نصبه بمعنى ماذا صنعت؟ وأنشد:
ما ذاق بوس معيشةٍ ونعيمها ... فيما مضى أحدٌ إذا لم يعشق
قال: إذا تقع في الحالات، وهي هنا للمستقبل " أكثر " الكلام آتيك إذا قمت،وآتيك إذا تقوم، فهذا أكثر الكلام. ويجوز أن أقول: آتيك إذا قمت، أي في أي وقت قمت.كما تقول آتيك إذا جلس القاضي.
قال: إذا قالوا " أفعل " واقع بعده فعل فإنه لا يثنى ولا يجمع ويوحد، فتقول: أخوك أفضل قائم،وإخوتك أفضل قائم، تريد أفضل من قام فإن " وقع " رجل كان خطأ، لا يقولون إخوتك أفضل رجل؛ لأنه لا يكون بمعنى من.
وأنشد:
بل لو رأيت الناس إذ تكموا ... بغمة لو لم تفرج غمو
يقال:تكميت الرجل، إذا قصدته لتقتله.
إذ زعمت ربيعة القشعم ... والأزد دعوى النوك واطرخموا
اطرخموا: تكبروا والقشعم: الكبير. وأخبرنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: قال مسلم بن عقبة لرجل: والله لأقتلنك قتلة يتحدث بها العرب. فقال له: إنك والله لن تدع لؤم القدرة وسوء المثلة لأحدٍ أحق بهما منك.
وقال أبو العباس: قال الأصمعي: عن معتمر بن سليمان، عن أبيه قال: قلت: لهلال بن الأسعر: ما أكلةٌ بلغتني عنك؟ قال: نعم، جعت جوعةً وأنا على بعيري، فنحرته وأكلته إلا ما حملت على ظهري منه.
الخطمى والخطمى بالكسر والفتح، ولم نسمع إدخال الهاء فيه.
الأتضاع: أن يضع الجمل رأسه حتى يركب.
وأنشد:
قالوا اتضعت فقالت لا فقلت لها ... فكيف تقوين يا سلمى على الجمل
وأنشد مثله:
فلما دنت أولى الركاب تيممت ... إلى جؤجؤ جلس فقالت له ضع
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " إلى أهله يتمطى " أي يمد مطاه، أي ظهره، وهو يتبختر.
الشبر: العطية، وحركه العجاج وغيره والتسكين أكثر.
نكاح المقت: أن يتزوج الرجل بامرأة أبيه في الجاهلية ليأخذ الشيء الذي في يدها. والمقتوى: الخادم.
تقدمت امرأة مع زوجها إلى يحيى بن يعمر، فادعت عليه فقال: " ألله، أأن سألتك ثمن شكرها ظلت تضهلها وتطلها؟ ! " الشكر: الفرج.
وأنشد:
إني امرؤ عاكب القتامة لا ... أحسن قتو الملوك والخببا
وأنشد:
تقطع الأمعز المكوكب.
المكوكب: الذي يسير في الموكب في الكوكبة من الجبل.
قلت لأبي عمرو: المكعبر الأعجمي لأنه يقطع الرأس، فيبلغ كعبرة رأس المقتول، والمكعبر العربي؟ فقال: الأسماء لا تضاهي، أي لا يضارع بعضها بعضاً، ولا يحال بعضها على بعض.

وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي: كانت امرأة لا يبقى لها ولد إلا أفقدها، فقيل لها: نفرى عنه. فسمته قفذاً وكنته أبا العداء فعاش.
وأنشد:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... برأي نصيحٍ أو مشورة حازم
ولا تجعل الشوري عليك غضاصة ... مكان الخوافي نافعٌ للقوادم
قال أبو العباس: قوله عز وجل: " من الجنة والناس " قال: العرب تقول جاءني ناسٌ من جنٍ.
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور. التقصيص والتجصيص واحد.
قولهم: " لقد بارك الله لأمرئ في حاجة أطال فيها التضرع إلى الله " : قال: إذا دعاه فأصمد له كتب له، وإن لم يعطعه في وقته.
يقال: رجل مسبل: طويل السبة زممت وزمزمت واحد، ومن زمزمت أخذت " زمزم " .
الأغراب: الأقداح. ومنها التبن، والرفد، والغمر الباء لا تدخل على " من " ، ولا خافضٌ على خافضٍ.
السلسبيل: اللين وقال أبو العباس: قال ابن الأعرابي سمعت سلسبيل، والقمطرير لم نسمعه إلا في القرآن.
وأنشد:
بكرت تلومك بعدوهنٍ في الندى ... بسلٌ عليك ملامتي وعتابي
يقال: بكر وبكر وأبكر - ثلاث لغات - إذا تقدم في الأمر. ومن هذا باكور الثمر: والبسل: الحرام، والبسل: الطلق، والطلق كان يقول ابن الأعرابي.
وأنشد:
كم به من مكء وحشيةٍ ... قيض في منتثلٍ أو شيام
نظرة ما أنت من نظرةٍ ... أو غلت من بين سجفى قرام
مثل ما كافحت مخروفة ... نصها ذاعر روع مؤام
قال: قال أبو نصر: أحسن ما تكون الظبية إذا مدت عنقها من روع يسير. نصها: نصبها.مخروفة: أصابها الخريف، يعني ظبية. مؤام من أممت. نظرة ما أنت من نظرةٍ، تعجب. المكء: الحجر. وقال: هذا بيت الوحشية. قيض: قدر في هذا الموضع. وقال المنتثل: ما يخرج من المكء من التراب. والشيام: التراب وقال أبو العباس: الهيام: هو ما لا يتماسك من الرمل. وقال: هذا للطر ماح، وأمله أبو نصر، ومحمد بن عمرو بن أبي عمرو الشيباني. وقال أبو العباس: أوغلت ولم يعرف الشيام.
" والسموات مطوياتٌ بيمينه " قال: هو كما تقول: الدار بيدي، والشيء في يدي.
" هو أعدى من الذئب " قال: من العدو، ويكون من العداوة، والعدو أجود. " رماه الله بداء الذئب " قال: بالجوع.
وقال: " رماه الله بثالثة الأثافي " قال: هو أن لا يجد أثفية ثالثة فيسند قدره إلى الجبل.
وأنشد:
رميناهم بثالثة الأثافي.
وأنشد:
هزرتكم لو أن فيكم مهزة ... وذكرت ذات التأنيث فاستنوق الجمل
يريد أصحاب الإناث. واستنوق: صار ناقة.
وأنشد:
ظلت تلوذ أمس بالصريم ... وصليان كسبال الروم
ترشح إلا موضع العرسوم.
قال: الصريم: القطعة من الرمل، والقطعة من الليل. وقوله: " ترشح إلا موضع الوسوم " قال: موضع الوسم لا يرشح، تعرق كلها إلا هذا الموضع. " كسبال الروم " قال: هو طويلٌ كسبال الروم.
" الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " قال: مطيقين.
وقال: إذا ركب الدابة قال هذا، وإذا ركب البحر قاله. قال: والمقرن: المطيق.
" احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " قال: المعنى وقرناءهم. " كيف نكلم من كان في المهد صبياً " أي من يكن في المهد صبياً فكيف نكلمه؟وقال: وقعت الصفة في موضع الفعل،أي من كان صبياً في المهد.
وقال: كل طعام يقتل فهو زقوم.العرب تقول زقمة، أي طاعون.
وأنشد:
وعلى شتير راح منا رائح ... يأتي قبيصة كالفنيق المقرم
يردي بشر حاف المغاور بعد ما ... نشر النهار سواد ليل مظلم
لحمام بسطام بن قيس بعد ما ... جنح الظلام بمثل لون العظلم
ويقال رمح خطل، أي ممتد، ونيزك: لا يلحق قصير ومربوع ومخموس: أربع أذرع وخمس أذرع.
الشملة الفلوت:التي لا تنضم، لايلتقي طرفاها لصغرها. بين المزادتين النضوحين تنضح الماء. على الجمل الثفال أي البطىء.
وقال أبو العباس:قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: " اللهم إني أعوذ بك من العواقر والنواقر " . العواقر: ماتعقر. والنواقر: السهام التي تصيب.
وأنشد:
رب عجوز عرمس زبون
العرمس:الشديدة.وزبون: تدفع.
وقال:
وإني مقيم ماأقام عسيب
عسيب: جبل.

القبقب: البطن. والذبذب: الذكر واللقلق: اللسان. والساجور يسمى الزمارة. والمسمعان: القيدان. وأنشد:
ولي مسمعان وزمارةٌ ... وظلٌ مديدٌ وحصنٌ أمق
قال: أمق: واسعٌ.
" لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن " قال: لا يخرجن إلا لحداد، لا تخرج حتى تقضي العام ثم تخرج حيث شاءت.
وقال: ما يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا كلمة واحدة في النبيذ، يعني رخصة: " اشربوا ولا تمزَّروا " أي لا تشربوا قليلاً قليلاً، إذا عطشتم اشربوا أو اتركوه.
" إنه لحقٌ مثل ما أنكم تنطقون " قال: انتصاب " مثل " على أنها في موضع حقاً، كأنَّه قال: إنه لحقٌ حقاً مثل ما أنكم تنطقون.
" وهموا بما لم ينالوا " أي بأمر لم يقدروا أن يتموه.
وقال: زعبلة اسم رجلٍ، وزعبلةٌ: الكثير. وأنشد:
لست إذاً لزعبله......
إن لم أغير بكلتي ... إن لم أساو بالطول
البكلة: الحال والخلط. بكل عليه وبكله إذا خلط. وقال: كذا ينشد، وهو صدر بيت وبيت.
" ولا جدال في الحج " أي أنه في ذي القعدة وذي الحجة جميعاً؛ لأنه كان يقدم ويؤخر وقال: كذا فسره.
وقال أبو العباس: قلت لأعرابي؟ ما الثلاثة الحرم؟ قال: ذو القعدة، وذو الحجة، ورجب. وقال: ثلاثة سردٌ وواحد فردٌ الثلاثة: ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، والفرد " : رجبٌ.
وأنشد:
سلام الله يا مطراً عليها ... وليس عليك يا مطر السلام
قال: بعضهم يقول رخم، وبعضهم يقول رد إلى أصله.
قال: وأنشد الفراء:
يا فقعساً وأين منِّي فقعس ... أإبلي يأكلها كروَّسُ
المتزبع من الزنباع وهو السيء الخلق وأنشد:
وإذا غلا شيءٌ على تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
وقال في قول الله عز وجل: " وجاءكم النذير " قال: الرسول، ويكون الشيّب. الظل والحرور يريد الظل والحر ويكون الجنة والنار. " وما يستوي الأحياء ولا الأموات " أي المؤمن والكافر.
" من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى " قال: يشهدون أنفسهم أنه ربهم لا يدري كيف تكلم، كمخاطبة أيضاً للسموات والأرض وغيرهما.
قال: والذر: وزن مائة نملةٍ منها وزن حبةٍ، الذرة واحدة منها. وقال: كل استفهام يكون معه الجحد يجاب المتكلم به ببلى ولا. وكل استفهام لا جحد معه فالجواب فيه نعم. وإنما كره أن يجاب ما فيه جحد بنعم، لئلا يكون إقراراً بالجحد من المتكلم.
وقال: اللعون: المطرود، وأنشد:
مقام الذئب كالرجل اللعين
والحنان: الرحمة. وأنشد:
حنانك ربنَّا يا ذا الحنان
أي رحمتك ربنا يا ذا الرحمة.
وقال أبو العباس: الفراء يقول: من أنمّ الأب فقال هذا أبوك فأضاف إلى نفسه قال: هذا أبي، خفيف. قال: والقياس قول العرب: هذا أبوك وهذا أبي - فاعلم - ثقيلٌ، وهو الاختيار. وأنشد:
فلا وأبي لا آتيك حتى ... ينسى الواله الصب الحنينا
وقال: أنشد الكسائي برنبويه، - قرية من قرى الجبل - قبل أن يموت:
قدر أحلك ذا النجيل وقد أرى ... وأبىَّ مالك ذو النجيل بدار
إلا ما كداركمُ بذي بقر الحمى هيهات ذو بقر من المزدار
وأملى علينا: إذا قلت: ما فيك راغبٌ زيد، وما طعامك آكلٌ زيدٌ، كان الاختيار هكذا الرفع؛ لأن الفعل أولى بالحق من المفعول والصفة، وكان كأنّ الفعل مع الجحد، فإذا أدخلوا الباء فيهما كان قبيحاً، لأنه قد جاء الاسم بعدهما، لأنه لما جاء ثانياً احتاجوا إلى أن يعلموا أنه الفعل، وإنما تدخل الباء للفعل، فإذا أخروا الفعل فقالوا: ما طعامك زيدٌ بآكلٍ، وما فيك زيدٌ براغب ثم نزعوا الباء، كان الاختيار الرفع، لأن الباء قد حالت بين الاسم وما، فكأنَّ الفعل معها. وكذلك اختاروا الرفع، فإن نصبوا فقالوا: طعامك زيدٌ آكلاً، وما فيك زيدٌ راغباً، لم يعبئوا بالصفة ولا المفعول، لأنها من صلة الفعل، فكأنهم قالوا: ما زيد آكلاً طعامك، وما زيد راغباً فيك.
تقمأت الشيء: أخذت خياره. وأنشد لابن مقبلٍ في ذلك:
مما تقمأته من لذةٍ وطري
حاط به وأحاط به، ودار به وأدار به، واحد.
القوم على سكناتهم، ورَبَعاتهم، ورَبِعاتهم، ونزلاتهم، أي على منازلهم.

ويقال: رجل ملفجٌ وملفج للفقير. ومدجَّج ومدجِّج، وينبغي ويبتغي. والمُبلِط والمُبلَط: الذي لا شيء معه. والصعلوك كذلك. والرَّامك: المقيم ويقال: نكل ينكُل وينكِل، جميعاً.
وأنشد: على حتِّ البراية زمخريّ السواعد ظل في شريٍ طوال.
قال: يصف ظليماً. البراية: بقية الجسم والشرى: الحنظل.
ويقال: جاء فلانٌ بدبى دبيٍ ودبى دُبيَّين، ودبى دبّيّين، أي جاء بخير كثير.
ويقال: عيشٌ أغضف وأغطفُ وأوطفُ، أي واسع. وعيش خرَّمٌ أي ناعم. أرتع القوم: وقعوا في خصب. لو كان في التحايا، أي في الدنيا. ويقال: جاء يقث الدنيا، أي يجرها.
وقال: المقثّة والمقاثّ: خشبة مدورةٌ كان الصبيان يلعبون بها.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم، ثنا أبو بكر محمد بن يحيى ابن سليمان المروزي إملاءً، ثنا محمد بن عمرٍ وعن جده أبي عمرو الشيباني قال: النخلة التي تنبت من النواة يقال لها: شربة. والمحوّلة تسمّى: فصلة، ويقال: افتصلتها. والتي تنبت في جذع النخلة ثم تحول إلى مكان آخر هي: الركزة. الرَّاكوب - وهن الرواكيب - ما دامت في مكانها وأصلها في الجذع تدعى: الصنبور، وجمعها الصنابير. وإذا كان في الأصل الواحد أربع أو خمس فهو: العريش.
والحفرة التي توضع فيها النخلة يقال لها: القناة، يقال: قد قنَّيت كذا وكذا. والنخلة التي تناولها بيدك هي: البهزرة، وهنّ البهازر. قال حبيب القشيري:
بهازراً لم تتخذ مآزرا ... فهي تُسامى حول جلفٍ جازرا
والجلف: الذكر الذي يلقح منه، ويقال له: الفحال. ويقال إذا أفسدها: قد جزرها وهو يجزر. والليف إذا انتزع يقال له: الهمل، والواحدة هملة.
وأنشد:
وفتاة بيضاء ناعمة الجس ... م لعوبٍ ووجهها كالفتاق
ولها مبسٌم تشبهه الإغ ... ريض بعد الهدو عذب المذاقِ
قال: الإغريض: أصل الإهان. الفتاق: أصل الّليِف، إذا لم يظهر، الأبيض.
وأنشد:
كأن حلى سليمى حين تلبسه ... على إهان من الغيلين معطوف
الغيلين: مكان. وقال: القلعة: التي تقتلع من أصل النخلة تنبت في الكربة، هي لاحقة. والنخلة تكون فيها أخرى فهي: الفريق. والسلسة التي قد ذهب كربها فليس عليها منه شيء.
وأنشد:
لا ترجون بذي الآطام حاملةً ... ما لم تكن صعلةً صعباً مراقيها
يقول خارفها والريح ينفضه ... لا بارك الله فيما في خوافيها
جرداء معطاء لاليفٌ ولا كربٌ ... ولا ينال بغير الكر ما فيها
معطاء، أي جرداء. والصعلة: التي فيها عوج، وهي جرداء أصول السعف. والعروق: هي النواجم، وهي الأمراس، وواحد نواجم ناجم. والخوافي: السعف الذي يلي القلب. والكر، الذي يسمى السلب. وواحد خوافي خافية.
قال الصرام: ما صرمت. والبقية في النخلة بعد الصرام يقال له: الكرابة. ويقال للرجل إذا صعد في قلب النخلة يقال: صار في قمتها. فإذا نفض العذق فرمى به فهو التريك. والعذق: الكباسة، والعذق: النخلة. وإذا لقطت فبقي فيها شيء فهي الشماليل، وأحدها شملال. والنخلة الطويلة العذوق يقال لها: بائنة، وإذا كانت قصيرة العذوق فهي: حاضنة، وهي كابس. وأنشد الحبيب القشيري:
من كل بائنةٍ تبين عذوقها ... منها وحاضنةٍ لها ميقار
ويقال للنخلة: قد أوقرت فهي موقر وميقار، إذا كثر حملها. الدالج: الذي ينقل الماء إلى النخل من البئر، يحمل الدلو بيده. دلج يدلج دلوجاً. والدالج أيضاً: الذي ينقل الماء من البئر إلى الحوض، وما بينهما مدلج. الذي يسقط من البسر قبل أن يدرك: السراء، الواحدة سراءة. وهو الجدال، والواحدة جدالة. وهو السداء، ممدودٌ بلغة أهل اليمامة. هو السدى بلغة أهل المدينة. وهو السياب، الواحدة سيابة بلغة أهل وادي القرى. وهي الرمخ طي، الواحدة رمخة. وهو الخلال بلغة أهل البصرة وأهل البحرين. وأنشد في الجدال:
يحر على أيدي السقاة جدالها.
والكرابة هو ما بقي في أصول السعف بلغة أهل اليمامة، والغشانة بلغة أهل عمان. يقال: للرجل: تكرب هذه النخلة من الكرابة، وتغشنها من الغشانة، وهي الخلالة بلغة أهل البصرة والبحرين، يقال: تخللها. يقال للنخلة إذا تناثر بسرها: قد أسلست، وهي منثار ونثرة، ومسلس ومسلاس. وقال الشسيف: البسر المشقق، يقال: شسفوه.
وأنشد:

كأنها الدوم إلا أنها خمل ... أو سرح ناعمتي دمخٍ إذا بسقا
وأنشد:
غلب مجاليح عند المحل كفأتها ... أشطانها في عذاب البحر تستبق
جثل الذوائب تنمي وهي آزيةٌ ... ولا يخاف على حافاتها السرق
ولا تبالي عواء الذئب سخلتها ... ولا تسير إذا ما بارقٌ برق
لها حليب كأن المسك خالطه ... يغشى الندامى عليه الجود والرهق
حليب، يريد النبيذ، الرهق، يريد العربدة.
طورين، يبيض أحياناً وتحسبه ... كأنه بدمٍ أو عصفرٍ شرق
قال: الغلب: اللواتي قد استمكنت في الأرض حتى تشرب من الأرض. والمجاليح من النخل، الواحدة مجلاح. وهن اللواتي لا يبالين قحوط المطر. والكفأة حمل سنتها. أي إنها تحمل وإن لم يكن مطر، وهي الكفأة. وهي من الإبل أيضاً: نتاج عامها، كفأتها. قال ذو الرمة:
ترى كفأتيها تنفضان ولم يجد ... لها ثيل سقبٍ في النتاجين لامس
كفأتيها: نتاج عامها. والعام الماضي، فإذا نتجت كلها فقد أنفضت، وهي منافيض، الواحدة منفض. وإنما وصف فحلاً فجعله مئناثاً، لا ينتج مما ضربه ذلك الفحل إلا أثني، وذلك أكرم له.
ويقال: قد فلق النخل إذا انشق عن الكافور، وهو نخل فلق. وجمع الكافور كوافير، وهو الطلع. وهي نخلة فالق. وإذا استبان البسر قيل: قد حصل النخل، وهو الحصل، إذا تدحرج أي صار مدحرجاً. ويقال إذا صار شيصاً: قد أصاص النخل وصيص، وهو الصيصاء. ونخلة مصيصٌ ومصياص. ويقال للبسر إذا عظم شيئاً: قد جثمت العذوق،وهو الجثوم، جثم يجثم جثوماً. ويقال: قد تلون إذا أصفر أو احمر ونور. ويقال النخلة أول ما تطعم يقال لها: عرف، وهي البكور، وهي المعجال. ويقال القيقاءة: غلاف الكافور.
وأخبرنا محمد بن يحيى المروزي: عن محمد بن عمرو، عن جده أبي عمرو الشيباني قال: يقال: أتيته على إفان ذاك، وقفان ذاك، وعلى قافة ذاك، وعلى دبر ذاك. وقال بعضهم: أتيته على إفان أمر كان. وقال: قد والله قصر منه، وقصر من عنانه، وقد قصر علمه أشد القصر، وقصر عنانة قصراً، وقصر من صلاته قصوراً ويقصر قصراً.
وقال أتيته في عبش السواد، أي في ظلمة. ويقال: قد أحصنه فلان عن أمره، أي منعه أن يعلم. وقال: قد تبريت له، أي تعرضت له. وقال: دانه الناس، أي دنوا له، خضعوا له. وقال: دنته ديناً ما، أي أطعته. وقال: التأبل: تأبل القدر، همزها. وقال بعضهم تأبلت القدر، وبعضهم لم يهمزها. وتأبلت وتبلت.
وقال: السعيع: الزؤان الذي يكون في الحنطة، الواحدة سعيعة. والزؤان: الشيلم، يهمز ولا يهمز، الواحدة زؤانة. والمريراء: حبة سوداء تكون في الحنطة فيمر الطعام منها.
وقال: " طوبي لهم وحسن مآبٍ " فنصبٍ.
وقال: السلمة. الحجر. قال: توجبت نعجة من غنمي فأنا أحتلبها وجبه، أي مرةً في اليوم. وقال ما أطعم عياله إلا الوجبة والوزمة؛ وقد وجبهم وزمهم. والعنز لجبة، وإذ قل لبنها عند فطام ولدها.
يحلب لي فيها اللجاب الغزاز.
قال: إذا فطمت ولدها فهي لجبة. وقال: إذا أغبت صريت، وهي عنز صري، أي مصراةٌ ومصراة. ونعجةٌ صرباء وصرية. وأنشد: لمغلس الأسدي:
ليالي لم تنتج عذامٌ خليةً ... تسوق صرياً في مقلدةٍ صهب
وقال معزى صراء، ممدود. وقال:
ندر الحرب بالرزق النواجي ... ونحلبها إذا صريت صراها
وقال: ما جاءني إلا بهذا قد جزم. فإن استقبلتها ألف ولامٌ خفضتها.
وقال السلان: تنبت الضعة والينم والحلمة، والواحد سال وسليل وهي سهلية.
وقال مياه العراق مياه بني سعد بن مالك، وتقيد. ماء بني ذهل بن ثعلبة ومياه بني مازن. وتقتد: اسم ماء.
وقال: استعرقت إبلكم، إذا أتت ذلك المكان. وإن إبلك لعراقية، تنسبها إلى العرق، وهو موضع فيه سبخةٌ تنبت الشجر ويقال: إن سميت العراق لعراق البحر، وهو ما كان قريباً من البحر.
وأهل الحجاز يسمون ما كان قريباً من البحر عراقاً، كما يسمون ها هنا السيف، جمعها أسياف، وهو ما قرب من البحر.
وقال:هذا مال خلة، أي مهزول، وهو مختل. ويقال للقوم: مخلون أي مهزلون ومرقون.

وقال: قد حقب المطر عن هذه البلاد حتى هلكت إذا لم تمطر. وقال: " يا راكباً إيما عرضت " يريد إما عرضت. وقال بعضهم:: يا راكباً أما عرضت " ففتح.
وقال: إنه لعض سفر، إذا كان جلداً.
وقال المهايع: " جمع مهيع، وهو الطريق الواضح الواسع " . العد العائن من الماء العد: الذي له مادةٌ. عائنٌ: سائل، عان يعين عيناً.
وقال: قد عاهت الإبل إلى الماء تهيع، وهلعت إليه، إذا طشت وأرادته. وقال: " إن على فلان لابلاً عجاساء " جلة " . عجاساء " : أي كبيرة. جلة أي مسان.
وقال: هو صدى إبل، أي، لزوم لها يحسن القيان عليها وهو سرسور مال، وخال مال. والخائل: القهرمان إزاء معاشٍ.
وقال: تقول للجمل إذا أعجبنا وأردنا أن نتخذه فحلاً: أقرموا جملكم - أي عفوه فلا يحمل عليه - ونعموه. وهو المقرم، وهو القرم.عفوه: لا يركبه. أحد يقال: قد عفا ظهره يعفو، إذا لم يركب وكثر لحمه ونبت وبره. وعفا المال وعفا القوم، إذا كثروا.
وقال: " إذا طلعت الشعرى سفراً، ولم ترفيها مطراً فلا تلحق فيها إمرةً ولا إمرا، ولا سقيباً ذكرا " تصغير سقب. والإمرة: الرجل الذي لا عقل إلا ما أمرته به. أي لا ترسل فيها رجلاً لا عقل له، يريد في الإبل. والإمعة: الذي يصحب ذا مرةً وذا مرة، وليس له رأي. وقال: لقد تلكد بإبله ما استطاع، أي تتبع بها الخضرة حيث كان، وذلك التلكد.
وقال: تقول للرجل إذا أورد إبله وهو في الجزء ولو شاء أخرها عن الماء: أما والله لقد فارقت خليطاً لا تلقى مثله أبداً. يعني الجزء. وقال: البوائك: العشار الخيار، واحد البوائك بائك.
وقال: تقول للمرأة إذا كانت حسناء: " كأنها فرسٌ شوهاء " والشوهاء: الحديدة النفس.
وقال: الخب من الأرض: مثل السال وهي الخباب.
وقال: قد غب اللحم عنده وربع، أخذه من الغب والربع وقال: قد أصبح بعير كم مستحيراً، أي ظالعاً.
وأنشد:
كمشى الكسير غدا مستحيرا.
وقال: إن فلاناً لنعور الهم ونعور النية أي بعيد النية والهم.
وأنشد:
وكنت إذا لم يصرني الهوى ... ولا حبها كان همي نعورا
يصورني: يميلني نعوراً، أي بعيداً.
وقال: قد هاجت بنا ريحٌ نخير أي شديدة.
وقال: أكرينا الحديث الليلة، أي أطلنا؛ وقد كرينا في النوم، أي نعسنا.
وقال: قد ورى من حبها وهو مورى، وقد ورته فلانة. ويقال قد وراه الغيظ والحسد. ويقال: هذا بعير مورى، إذا أصابه داءٌ في جوفه من العطش. و " تقول العرب: أي الورى " هو؟ الورى: الخلق.
وقال الكميت:
هلم إلى أمية إن فيها ... شفاء الواريات من الغليل
وقال: النكس: المائق من الرجال، وهم الأنكاس؛ ومن السهام المنكوس.
وقال: ياليتنا نزوج الكفاء، يقول: هو كقولهم. وأنشد:
ولا في كفاءٍ من لحيم أبية ... إذا حل يوماً فيهم المتجرم
وقال: الأكفاء القرناء، الواحد كفء.
وقال المع ... من الأرض المشرف. والجمد: القارة العظيمة، وهي الجماد.
وقال: غدا الغداة وليس له بعده يتم شيء، أي يكون ما وراءه مايهمه. وقال: غدا من عندنا وليس بذي يتمٍ. وقال: رجلةٌ من الوحش ورجلة من الجراد، أي جماعة.
وأنشد:
والعين عين لياحٍ لجلجت وسناً ... لرجلةٍ من بنات الوحش أطفال
وقال: معدنٌ مركزٌ، إذا كان فيه ذهب كثير أو فضة.
وقال:
بيضٌ يعاليل.
" علت " مرة بعد مرة، أي علت من العلل وقال: أفلقت: أكثرت مما كان وقال: نطت غزلها، أي سدته، تنطو نطواً.
وأنشد:
ذكرت سلمى ذكراً تشوقا ... وهن يذرعن الرقاق السملقا
ذرع النواطي السحل المدققا ... خوصاً إذا ما الليل ألقى الأروقا
السحل، يريد من السحيل. مدققا: دقيق.
خرجن من تحت دجاه مرقا ... لأم غيلان أكل مرفقا
أي قد أعيت.
وركبةً مني إذا تشبرقا ... عني القميص وتليت الأينقا
وما يقيم الناجيات المرقا ... الهيق منها والطويل السهوقا
إلا غلامٌ لم يكن معشقا ... خلف المطي رجلاًمخرورقا
أي يدور.
لم يعد صوب درعه أن نطقا ... ولا عدا فضل يديها المرفقا
صوبه: ما انصب منه، أي سفل. نطقا: أي بلغ المنطق يريد بدرعه جبة صوفٍ قصيرة.

لم تر ذرع ناجياتٍ أفلقا ... من ذرعهن يوم غلن الأبرقا
أي أبعد.
صوادراً عن ذات رجلٍ حزقا ... يقلبن للرأي البعيد الحدقا
تقليب ولدان العراق البندقا
وقال: تناحروا على الطريق، إذا كان بعضهم يتبع بعضاً. قال: وبعضهم يقول تناحروا عن الطريق إذا عدلوا عنه.
قال: تأييت عليه، أي انتظرته. وقال: هذه لغةٌ، وبعضهم يقول:تأنيت عليه؛ وهي أكثرهما وتأييت: تعمدت، لا يقال في هذا غير هذا.وقال: أم حمارس تكون في الماء سوداء، لها قوائم كثيرة.وقال: دابةٌ تكون في جحرة الحيات منقطة بسوادٍ وبياض، يقال لها: فالاة الخشاش. يريد فالية الحية، وهي لغة طي، يريد أنها تقلبها. من فليت رأسه.
وقال: الشاجب. اليابس. وأنشد.
لو أن سلمى ساوقت ركائبي ... وشربت من ماءٍ شنٍ شاجب
لأصبحت تشكو إلى القرائب ... منها رثاثاً شعث القصائب
ساوقت، أي تسير معها. رثاثٌ. من الرث. وشجب يشجب: في الهلاك واليبس جميعاً، شجباً وشجوباً.
وقال: البهل: القليل الحقير. يقال: أعطاه قليلاً بهلاً. وأنشد:
وأعطاك بهلاً منهما فرضيته ... وذو اللب للبهل الحقير عيوف
وقال: نخلات متناوحات، إذا كان بعضهن قريباً من بعض. وكذاك الإبل والناس وغيرهم. وأنشد:
كأنك نشوانٌ تميل برأسه ... مجاجة زقٍ شربها متناوح
أي قريبٌ.
وقال: فثأ عنه، أي انكسر عنه. وأنشد:
تفور علينا قدرهم فنديمها ... ونفثؤها عنا إذا حميها غلا
ويقال: قد فثأت غضبه، وفثأت الحار بالبارد، أي كسرته. وقوله نديمها، الإدامة: أن يترك القدر على النار بعد ما تنضج ولا يوقد تحتها ولا ينزلها، فتلك الإدامة. يقال: أديمي قدركِ.
وقال: ذكور الأسمية: التي تجئ بالمطر الشديد والبرد.
وأنشد:
والله لو كنتم بأعلى تلعةٍ ... من روس فيفا، أو بروس صماد
صماد: جبل.
لسمعتم من ثم وقع سيوفنا ... ضرباً بكل مهند جماد
جماد: قاطع.
والله لا يرعى قبيلٌ بعدنا ... خضر الرمادة آمناً برشاد
قال: الجمد: القطع، وهو في الثوب: الخرق الخضر، يريد العشب وقال: الزمل. الرجز. وأنشد:
لا يغلب النازع ما دام الزمل ... إذا أكب صامتاً فقد حمل
يقول: ما دام يرجز فهو قوى.
وأنشد:
ومن العطية ما ترى ... جذماء ليس لها بذاره
أي نزلٌ. يقال طعام كثير النزل والبذارة، وهو نزل، وكثير البذارة وبذر. وقال: لو بذرت فلاناً لوجدته رجلاً، أي لو جربته.
وأنشد:
ألفهم بالسيف من كل جانبٍ ... كما لفت العقبان حجلي وغرغرا
الغرغر: دجاج الحبش، والواحدة غرغرة. والحجلى: جماعةٌ، واحدها حجلة. وجماعة الظربان ظربي وظرابين وظرابي، وهو دويبة أبقع يكون في المقابر أصغر من السنور شيئاً.
وقال: زيتٌ أنفاقي.
وقال: الخروس من الإبل: التي لا ترغو، وهي الكتوم.
وقال: إبر الدوم، وهو شجر المقل: سعفه.
وقال: وجدت أثره ... الندى.
وقال: قد نكل فلانٌ بفلانٍ، إذا أوقع به. وقال الحشيك: القضيم تقضمه الدابة، وهو الشعير. يقول:أحشكت الدابة: أقضمتها.
وقال: طلبت أثراً فأسديته، أي أصبته وقال:خوة الوادي: جانبه.
وقال:البصقة:حرةٌ إلا أنها مرتفعة؛ وهي البصاق.
وقال:قد حم قدوم فلانٍ يحم حموماً،مثل أحم،أي حضر.
يقال:جنف عليه وأجنف،بمعنى واحد،أي جار عليه؛والمصدر الجنف.
وقال:الرغام:رملةٌ يغشى البصقة وهي الرغمان. قال نصيب:
فلا شك أن الحي أدنى مقيلهم ... كناثر أورغمان بيض الدوائر
بيض: موضع. والدوائر: جمع دائرة؛والدائرة:ما استدار من الرمل.
وقال:الإغضاء، تقول: أغضيت عن كذا وكذا، وعلى كذا وكذا، أي تغافلت.
وقال:الأبهر من الأرض: الربوة وربوة وربوة ورباوة.
وقال: القضيض: أن تسمع من الوتر والنسع صوتاً كأنه قطع؛قض يقض قضيضاً.
وقال: ما طمثتها كفٌ، أي ما مستها بطمث.
وقال: إنه لمعصور الفؤاد، أي قليل ماء الفؤاد. يريد مدحه.
وقال: قد غاييت إليه بسيفي؛ أي أشرت إليه، وغاييت عليه.
وقال: الزبرة الجؤشوش، وهو صدره.
واغده: سار بخياله.

وقال: الأقدر: الأقفد، والأقفد الذي تتلوي رجلاه إذا مشى. وقال: اللصق: اللازق وقال: الجزيحة: أن يجزح على الإنسان شيئاً يفعله؛جزحت عليه، أي جزمت عليه.
وقال: إنك عنه لهيدانٌ، إذا كان يهابه.
وقال النبخة: بثرةٌ تأخذ في العين، وهي الجدرة.
وقال: نسل ينسل الريش نسولاً، وقد أنسل، وأنسلت الإبل والغنم ونسلت أوبارها وأصوافها. وقال: نسل الذئب ينسل نسلاناً. وقال بعضهم: ينسل.
وقال نابغة بني جعدة:
أدوم على العهد ما دام لي ... إذا كذبت خلة المخلب
المخلب: الناقة. يقال: كذب لبن الناقة إذا ذهب، كذباً وكذب.
وقال: غرزت الناقة تغرز غروزاً وغرازاً.
وقال بعضهم: يزمر.
وقال: صبغ يصبغ، ودبغ يدبغ، ونبغ ينبغ: وقال: حزرت النخلة أحزر حزراً. وقال: الجزار:صرام النخل. وقال: الطيب والعنق.
وقال: صرامٌ وصرامٌ، وجزاز وجزازٌ، وقطاع وقطاع، ورفاع ورفاع: ما يرفع من الزرع.
وقال: أعطيتك جاد قفيزين أي قدر ما تجد منه قفيزين.
وقال: مدركة وطابخة: أخوان طلبا إبلهما فصادا أرنباً، فقال مدركة لطابخة: اطبخ لنا صيدنا هذا إلى أن اثني عليك الإبل. فطبخها طابخة، وثنى عليه مدركة الإبل،فلما أتيا أمهما قالا: فعلنا وفعلنا.
قال: فلقب طابخة وهذا مدركة، فذهبا طابخة ومدركة، وأمها خندف.
وقال: الأباجير، إنه يأتي بالأباجير، أي الدهي والنكراء. وقال: لقيت منه البجاري.
وقال: ملك الوادي: وسطه. وما يصب في الوادي أبعدها سليلاً: الرحبة - ولها جرفةٌ - ثم الشعبة، ثم التلعة، ثم المذنب، ثم القرارة وهي قيد الرمح، والزمعة دونها، وهي الزماع، والتفصيد آخرها، وهو أن يسيل قدر شبر. والشوان: التي تصب في الوادي من المكان الغليظ، وهي الشانة. والحشاد، إذا كانت أرضاً صلبة سريعة السيل وكثرت شعابها في الرحبة وتحشد بعضها في بعض. والفلقان تكون في الأرض الغليظة في الجبال، تتعلق فيها فلا تسيل حتى يفرطها السيل، أي يملؤها حتى تدفق، والواحد فالق. وتقول: قد أفرطت حوضك، إذا ملأته فتدفق.
وقال: رحبة محلة: لها منا كب يحل الناس عليها وهي شجيرةٌ إذا كانت كثيرة الشجر. وقال: بنات أوبر: شيء ينقض مثل الكمأة وليس بكمأة. والإنقاض: انشقاق الأرض عنها، وهي صرر. ويقال: إن بني فلانٍ مثل بنات أوبر، يظن أن فيهم خيراً، فإذا خبروا لم يكن فيهم خيرٌ. والواحد: ابن أوبر. وقال: هذا ابن أوبر مطروحاً.
وقال الذبحة شجيرة تنبت على ساقٍ نبت الكراث، ثم يكون لها زهرةٌ صفراء وأصلها مثل الجزرة حلوة. والحنزاب: جزر البرية، وهو حلوٌ شديد الحلاوة، وورقة فطح. وشيءٌ يسمونه أذن الحمار، لها ورق عرضه شبرٌ، وله أصلٌ يؤكل أعظم من الجزر مثل الساعد، وفيه بعض الحلاوة.
وقال: العنصل تأكله الوحامي، الواحدة وحمى؛وقد توحمت ووحمت. وهو الوحام والوحام والوحم، والعرجون أبيض مثل الذؤنون والذ آنين، تأكله الإبل وتنشط بألبانها الرجال. وقال، طبخنا فورين أو ثلاثةً، غليتين.
وقال: العقنقل: مصير الضب: " أطعم أخاك من عقنقل الضب. إنك إلا تطعمه يغضب وقال: هو أول شواية الضب، أي أول ما يشوى منه. وزعم أنه أطيب من مصران الغنم والدجاج. وقال في الضب:
أشب لعيني مسلحبٌ كأنه ... بذى الطرف في آل الضحى وطب رائب
من الصفر دحداحٌ ترى بلبانه ... بصاق الذناني أو بصاق الجنادب
وبالأنف والخرطوم جونٌ كأنه ... مناضح ربٍ حالك اللون جالب
فلما رآني لم يفزع فؤاده ... وقال:..... تمضي وراكب
تعارض مجرى الريح هوجٌ منيبةٌ ... إذا نصبت أعناقها للجنائب
فما زال كالموقوذ حتى غشيته ... وكان قريباً قدر مهوى المواثب
جلست له حيناً وحرفت ساعدي ... على عجلٍ والخائب الجد خائب
فولي شديد الجذب لا يستطيعه ... رفيقٌ ولا مستعجل النتر جاذب
مسلحب: ممتد ملقى. جالب، كما تجلب يد الرجل إذا عمل فخشنت، يقال: جلبت وأجلبت الدبرة،وكذلك اليد. ومجلت اليد مثله، ومجلت تمجل وتمجل مجلاً ومجلولاً. هوجٌ منيبةٌ، أي راجعة. وقدر مهوى، أي حيث يهوى منه. وحرفت ساعدي، أي رميته.
وقال: قد رأم شعبهم ورأم شعب القدح، أي أصلحه.
وأنشد:

وقتلى بحقفٍ من أوارة جدعت ... صد عن قلوباً لم ترأم شعوبها
وقال: البنانة: الروضة المعشبة الحالية وهو عاينه عليهم.
وقال: الخشاش الماضي من الرجال، وخشاش أيضاً؛وامرأة خشاشةٌ وخشاشة. والصدع والضرب من الرجال واحد، وهو النحيف. والصدع: الوعل. وأنشد:
تبكي أم حولي بنيها ... أجيج الناب أشعرها السنان
أشعرها: أدماها، أشعرها كما تشعر البدنة. وقال: أجيجها صوتها، مثل أجيج الريح، أجت تؤج.
وقال: طهت الإبل، إذا انتشرت في الرعى؛وهي تطهى طهياً.
وقال: كانوا في لزنةٍ، أي في ضيقٍ وشدةٍ وشتاءٍ شديد.
وقال: الأعشى:
ويقبل ذو الحاج والراغبو ... ن في ليلةٍ هي إحدى اللزن
وقال: أغيلت الغنم، إذا نتجت في السنة مرتين، والبقر، وهو قول الأعشى:
وسيق إليه الباقر الغيل
وأنشد للأعشى:
وشمولٍ تحسب العين إذا ... صفقت بردتها نور الذبح
وقال: أركني إلى كذا وكذا، أي أخرني، للدين يكون عليه أو غيره. وقال: ركوت عنهم بقية يومهم هذا وعشيته، أي أقمت.
وقال: قد أكمح، إذا رفع رأسه، وأكمحته، باللجام، إذا جذبت لجامه فرفع رأسه.
وقال: الحصير من الرجال: الذي لا يشرب مع الشرب، وهو الحصور. وأنشد:
لا بالحصير ولا فيها بسوار
وقال: ما نمت إلا غراراً، أي قليلاً ثم عارت عيني.وأنشد:
قليل غرار العين حتى تحملوا ... على كالقطا الجوني افزعه القطر
وقال: الحنكلة من النساء: الدميمة.
وقال: تلك له عادةٌ طادية، أي قديمة. وقال: تقول: إن فلاناً لكريم الخلق. قال: فيقول: إن ذاك له لطاد، ئاي لقديم. وهو قول القطامي:
وقد تقضت بواقي دينها الطادي
وقال: العيثة: الأرض السهلة.
وقال: المكري من الإبل: الذي يعدو. وأنشد للقطامي:
منها المكري ومنها اللين السادي
وقال: ما بقي بها وجاح، وما في الحوض وجاح والوجاح: الستر.
وقال: هذه ريح خازمة، أي شديدة البرد. وأنشد للقطامي:
تراوحها إما شمال مسفة ... وإما صبا من آخر الليل خازم
قال: ويقال: هذا طريق مشقب ومخرت، إذا كان مستقيماً بيناً.
أخر الجزء العاشر من آمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين.

الجزء الحادي عشر
حدَّثنا أبو العبَّاس أحمد بن يحيى ثعلب، ثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني زبير قال: تعرض رجل لعبد الله بن الحسن يسبه، فأنشأ يقول:
أظنت سفاهاً من سفاهة رأيها ... أن اهجو لما أن هجتني محارب
فلا وأبيها إنني بعشيرتي ... هنالك عن ذاك المقام لراغب
وأنشد أبو العبَّاس عن زبير:
هوى صاحبي ريح الشمال إذا غدت ... وأهوى لنفسي أن تهب جنوب
فويلي من العذال ما يتركونني ... لهمي وما في العاذلين لبيب
يقولون لو عزيت قلبك لارعوى ... فقلت: وهل للعاشقين قلوب
وأنشد أبو العبَّاس:
يقولون: لا تنزف دموعك بالبكا ... فقلت: وهل للعاشقين دموع
لئن كان قد بقي لي الحب دمعة ... فإني إذا من عاشق لمضيع
أظن دموع العين تذهب باطناً ... إلى القلب حتى انصاع وهو صديع
ألا إن حبيها قد انزف عبرت ... وبالقلب منها حسرة وولوع
وقد تجد العين الشقية بالبكا ... رواحاً فتذري الدمع وهي جزوع
وتجمد أخرى والفؤاد مدله ... به من دواعي ما يكن صدوع
تساقط نفسي أنفساً كلفاً بها ... وإن شوى إن مت وهو جميع
يعني ب " هو " القلب.
وقال: عن ابن الأعرابي، يقال: وهصه الدين يهصه، أي فدحه، واتهص هو. ووقصه: دق عنقه، فهو يقصه. وأنشصه ينشصه، أي أخرجه من جحره ومن بيته. ويقال: " يا صاح أخف شخصك وأنشص بشظف ضبك " : هذا مثل يتمثل به. وقوله: فاد: هلك. وخاله: خيلاؤه. وعرصة، من عرص الهرة واستنانها. ويقال:
إذا اعترصت كاعتراض الهره ... يوشك أن تسقط في أفره
والأفرة: البلية. وأنشده.
ويقال: هبص يهبص هبصاً، وأرن يأرن أرناً، وعرص يعرص عرصاً.

وتقول للمرأة: حطأتها، وفطأتها، وحشأتها، ورطأتها، أي نكحتها. ويقال: مالي وذائم، أي هدايا، الواحدة وذيمة. ويقال للرجال: أو ذم يميناً: وذمها. والوذم فضل؛ تقول: أعطني وذمها أي زيادتها.
وقد وذم، يقول: قطع ماله وذائم. وقال الشاعر:
فإن لم اكن أهواك والقوم بعضهم ... غضابي على بعض فما لي وذائم
وأنشد أبو العبَّاس:
إذا ارتحلت من ساحل البحر رفقة ... مشرقة هاج الفؤاد ارتحالها
فإن لم نصاحبها رمينا بأعين ... سريع برقراق الدموع انهلالها
وأنشد أبو العبَّاس أحمد بن يحيى:
قد هلكت جارتنا من الهمج ... وإن تجع تأكل عتودا وبذج
قال أبو العبَّاس: الهمج الجوع. والعتود: الجدي. والبذج: الحمل.
وأنشدنا أبو العبَّاس قال أنشدنا أبو العالية:
أذم بغداد والمقام بها ... من بعد ما خبرة وتجريب
ما عند أملاكهم لمختبط ... خير ولا فرجة لمكروب
خلوا سبيل العلا لغيرهم ... ونافسوا في الفسوق والحوب
يحتاج راجي النوال عندهم ... إلى ثلاث من بعد تعذيب
ويروي: " تقريب "
كنوز قارون أن تكون له ... وعمر نوح، وصبر أيوب
وقال أبو العبَّاس: عن ابن الأعرابي: عسرت حاجتك تعسر عسراً، وعسرت الناقة بذنبها عند اللقاح تعسر عسراً، وكذلك: عسرت يده، إذا رفعها يضرب. وعسرت غريمي أعسره وأعسره عسراً، إذا ألححت عليه. وأمر عسير وعسر. والعسر والمعسرة من الضيق. ويقال: ناقة عاسر وعواسر وعسر. والعسر يثقل ويخفف، وكذلك اليسر، وناقة عاسر وعسير. وأنشد:
وعسير أدماء حادرة الع ... ين خنوف غيرانة شملال
ويد عسراء. والمعاسر والمياسر: جماعة معسرة وميسرة. ويقال: معسرة وميسرة، ومعسرة وميسرة.
وأنشد أبو العبَّاس للعباس بن الأحنف:
ألا إن جيراننا غدوة ... لوقت الرحيل أعدوا الغروبا
فلو كنت بالشمس ذا طاقةٍ ... لطال على الشمس حتى تغيبا
وأنشد أبو العبَّاس له أيضاً:
قد كنت أبكي وأنت راضية ... حذار هذا الصدود والغضب
إن تم ذا الهجر يا ظلوم ولاتم فما لي في العيش من أرب
وقال أبو العبَّاس: عن اللحياني، يقال: " وقع القوم في سلي جمل " أي في أمر شديد.
وإذا سئل الرجل ما لا يكون وما لا يقدر عليه قيل: " كلفتني الأبلق العقوق، وكلفتني سلى جمل، وكلفتني بيض الأنوق " ، وهي الرخمة لا يقدر على بيضها. و " كلفتني بيض السماسم " وهو طير مثل الخطاف.
والعقوق: الحامل، والأبلق ذكر، فهذا ما لا يكون. والسلي: ما تلقيه الناقة إذا وضعت، وهذا لا يكون في الجمل. والسماسم: طائر لا يقدر له على بيض.
وقال أبو العباس: ويقال: عرف عليهم يعرف عرافة، ونقب ينقب نقابة، ونكب ينكب نكابة، بمعنى نقب.
ويقال: لبن طيب العرض، وامرأة طيبة العرض أي الريح، وطيبة العرف، وقال بعضهم: العرض الجسد والعرف. والعرض عرض الإنسان، ما ذم منه أو مدح. والعرض: ما كان من مال ليس من بذهب ولا فضة؛ والعرض من كل أصناف المال. والعرض: ما عرض للإنسان من أمر لا يحتسبه، من مرض أو لصوص. والعارضة: الشاة أو الناقة تذبح لشيء يعرض لها. ويقال: بعير عرض، وناقة عرضة، وبعير عارض، وناقة عارضة. ويقال فلان شديد العارضة، أي الناحية. ويقال: ألقه في أعراض الدار شئت، الواحد: عرض وعرض: ويقال: خذه من عرض الناس، بالتثقيل وعرض بالتخفيف، أي من أي شق شئت. والعرض: عرضك الشيء على البيع.
من أسماء الله " حي " . قال أبو العباس أحمد بن يحيى:يقال: لقيت منه الفتكرين والفتكرين، والأمرين، العنقفير. ولقيت منه البرح وبنات برح وبني برح، والذربيا، والداهية الدهياء، والعنقاء، والخنشفير، و أم خشاف، والدلو، والديلم، والزفير. وقال الشاعر:
يحملن عنقاء وعنقفيرا ... وأم خشاف وخنشفيرا
والدلو والديلم والذفيرا
والبرجين. ويقال في الداهية " صمى صمام " و " فيحي فياح " و " صمي ابنة الجبل " و " صمت حصاة بدم " . وقال الأسود بن يعفر:
فرت يهود وأسلمت جيرانها ... صمى بما فعلت يهود صمام
ولقيت منها البجاري، وأحدها: يجري. وقال العجاج:

وجارة البيت لها حجرى ... وحرمات هتكها بجري
والعضائه والبدائه والبوائج، واحدها: بديهة وعضيهة وبائجة.
قال أبو العبَّاس: إذا تزوج الأعجمي بالعربية فولدهما يسمى: المذرع. والمقرف من العجم والعرب: الزري الدني النذل؛وهو دون الهجين. الفلنقس: الذي جدتاه من قبل أبيه وأمه عجميتان.
العذر والنذر واحد، من قول الله تعالى: " عذرا أو نذرا " الإغريض والوليع: ما في جوف الطلعة. الصعيد: أعلى الأرض وأطيبها، وهو أطيب مما سفل من الأرض؛لأنه لا يلحق العالي ما يلحق المنهبط. وهو الأصل في أسم الصعيد، ثم لحق الأسم كل تراب طيب.
فإذا درس من الدار الصعيد فلم يبق منها شيء إلا وقد درس.
الرائد: الذي ينظر إلى الدار يرتاد منزلاً له ولقومه، فينظر هل يصلح لهم أم لا. وأنشد:
وفقت فيها رائداً أرودها
وهذه الأرجوزة في هذا المجلس.
المطا والمطو: الصاحب. وهو القبو أيضاً. أعطي المطو، وهو المطا.
قال أبو العبَّاس: وإذا قال الرجل: تفاعلت من أي شيء كان فهو يقول: دخلت في تلك الحال، وليس من أهلها.
أتيتك يوم يوم قلت كذا، ويوم ليلة فعلت كذا، وليلة ساعة قمت. قال: هذا تكرير لا وقت.
وإذا كان الرجل بفلاة لا أنيس معه ولا أحد، يقال: لا أرض لديه ولا سماء. ومثله حديث قيلة: " أتخرجين وحدك لا أرض معك ولا سماء " .
يستنفض القوم طرفه
يتأمل من الشديد منهم من غيره. وذلك مثل نفضت الطريق أنفضه إذا نظرت إليه. وأنشد للعجير، وقال: قاتله الله ما أشره وأخبثه:
وقائلة عن العجيز تقلبت ... به أبطنٌ بلينه وظهور
رأتني تخاذلت الغداة ومن يكن ... فتىً عام عام الماء فهو كبير
فمنهن إدلاجي على كل كوكبٍ ... له من عماني النجوم نظير
فجئت وخصمي يعلكون نيوبهم ... كما وضعت بين الشفار جزور
إلى ملك يستنفض القوم طرفه ... له فوق أعواد السرير زئير
ولي مائح لم يورد الماء قبله ... يعلي وأشطان الطوى كثير
إذا ما القلنسي والعمائم أدرجت ... ففيهن عن صلع الرجال حسور
وظل رداء العصب ملقى كأنه ... سلى فرس بين الرجال عقير
لو أن الصخور الصم يسمعن صلقنا ... لرحن وقد بانت بهن فطور
وأنشد أبو العباس:
هل تعرف الدار عفا صعيدها ... واشتبهت غيطانها وبيدها
وعاد بعدي خلقاً جديدها ... وقفت فيها رائداً أرودها
سلوب أسلاب أسيلا جيدها ... مثل الأتان، شبعت قتودها
دار لحود غائم مفيدها ... تحلف بالرحمن لا يصيدها
إلا جميل القوم أو جليدها ... إنا إذا الحرب ذكا وقودها
وهفت الهاتف: من يذودها ... جاءت بنو عمرو تسامي صيدها
على الجياد ثبتت لبودها
قال أبو العباس: يكون هذا دعاء لهم، ويكون أنهم لا يزولون عنها. وفي قول الله عز وجل: " من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه " قال:هو جزاء لما قرب وهو " الذي " ويرفع حينئذ، وإذا كان جزاء " لمن " نصب سئل: هل هذا مثل قولك من زيد فأقوم إليه؟ فقال: زيد لا يكون صلة ولا يجاب، ولكن لو قيل من أخوك فنقوم إليه، نصب لا غير قال: والاسم ونعته رفع، وما بعد " ما " من صلتها.
قال: وإنما تجعل " ما " مع " ذا " حرفاً واحداً ولا تجعل " من " معها. وأملي في ذلك علينا: " من ذا يقوم " من لا يجىء مع ما حرفاً واحداً وتكون مع ما وماذا تصنع، يكون ماذا حرفاً واحداً،وتصنع عاملاً فيها، كأنك قلت ما تصنع، وإنما يجعلون " من " مع " ذا " حرفاً واحداً لأن " من " للناس خاصاً و " ذا " لكل شيء، وجعلوها مع ما حرفاً واحداً، لأن " ما " لكل شيء. و " ذا " لكل شيء. فإذا قالوا من ذا أخوك؟ لم تكن " من " مع " ذا " حرفاً واحداً، فقالوا من ذا أخوك لم يضمروا هو، لأن ذا يتم وينقص مع الذي يضمرون، فإذا قالوا من ذا نأته، كان من قول الفراء والكسائي أن يرفع من بذا وذا بمن، ونأته جواب الجزء. كأنه قال من يكن هذا نأته وإذا أراد الاستفهام قال من ذا فناتيه؟ كأنه قال: من هذا فنأتيه.
وأنشد:

محلاَّ كوعساء القنافذ ضارباً ... به كنفاً كالمخدر المتأجم
قال: ضرب كنفاً بهذا المكان، وإذا أقام به. أي لا يتهيأ لأحد أن يسلكها لامتناعها، أي من أرادها لم يصل إليها، فهو مثل الأسد في الأجمة. قال أبو العباس: قال الفراء: لجبةٌ ولجبات، حركتها العرب. والعرب تقول: ضخمة وضخمات، وعبلة وعبلات، فلا يحركون النعوت. ويحركون الأسماء، فيقولون تمرة و تمرات، فحركوا الأسماء وسكنوا النعوت، لأن النعوت يكون فيها ذكر الأسم فتثقل فلم يزيدوه حركة، فيدخلوا ثقلاً على ثقل،ففرقوا بين النعوت وبين الأسماء.
وقال الكسائي: سمعت لجبة ولجبات ولجبة ولجبات، فجاء بها على القياس. وقال: لم يحكها غيره. وكذلك ربعة وربعات، حركت وهي نعت.وقال: هذان الحرفان حركا في النعوت إلا في قول الكسائي، فإنه جاء به على القياس في لجبة. ولم يحك الفراء ولا الكسائي في ربعة إلا التحريك. وقال ابن الأعرابي: رجال ربعات وربعات. وقال الفراء:إنما حرك لأنه جاء نعتاً للمذكر والمؤنث و كأنه اسم نعت به. وقال أبو العباس: والذي سكن في ربعات جعله مرة على النعت ومرة على الاسم. وقالوا: لجبة لا تكون إلا من المعز الذي قد ذهب لبنها.
وأنشد:
وترى بها زبر القتال على الذرى ... ثبجاً وما تحيا لهن فصال
وأنشد:
ياليت شعري عنك والأمر عمم ... ما فعل اليوم أويس بالغنم
صب لها في الريح مريخ أشيم ... فاجتال منها لجبة ذات هزم
حاشكة الدرة ورهاء الرخم ... فجئت لا يشتد شدي ذو قدوم
وفي شمالي سمحة ذات خذم ... صفراء من نبعة شيبان القدم
تعج في الكف إذا الرامي اعتزم ... ترنم الشارف في أخرى النعم
قد كنت آليت فثنيت القسم ... وقلت خذها لا شوى ولا شرم
" لا شوى ولا شرم " أي لم أشوه فأصيب غير المقتل، بل أصبت المقتل ولم أخطه. يقال أشوي الصيد، إذا أخطأ المقتل.
لئن بعدت أو دنوت من أمم ... لأخضبن بعضك من بعض بدم
يقال: شكر من اللبن، إذا امتلأ. ويقال: شكيت شكوى وما شكو.
قام زيد في الدار الظريف، قال: هشام لا يجيز أن يحول بين النعت والاسم بصلة، والفراء يقول في التام ولا يقول في التام في الناقص، أي إذا تم الكلام في الصلة أجاز النعت بعد، وإذا لم يتم لم يجز.
وأنشد:
ألا ليت أيام الصفاء جديد ... ودهراً تولى يا بثين يعود
قال: رد الجديد على الصفاء وترك أيام. ومن قال: ألا ليت أيام الصفاء جديد، جعله إضافة غير محضة، اكتفى بفعل الثاني منه من فعل الأول.
وعهداً تولي يا بثين يعود.
أي تعود الأيام، كما تقول ليت زيداً وهنداً قائمة، فتكتفي بفعل هند من الأول. وأنشد:
فإني وقياراً بها لغريب.
فاكتفى بالثاني.
حدثنا أبو العباس، حدثنا عمر بن شبة حدثنا صفوان بن هبيرة، حدثنا أبو بكر الهذلي ومحمد بن حفص بن عائشة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " إذا قدمتم علينا شهرنا أحسنكم وجهاً، فإذا يلوناكم كان الأختيار " .
وأخبرنا أبو العباس قال: وأنشدنا محمد بن إبراهيم الزبيري، لمالك ابن أسماء بن خارجة:
أمغطي مني على بصري في ال ... حب أم أنت أكمل الناس حسناً
وحديث ألذه هو مما ... تشتهيه النفوس يوزن وزنا
منطق صائبٌ وتلحن أحيا ... ناً وخير الحديث ما كان لحنا
وقال أبو العباس: وأخبرني أبو الزبير ثابت بن عبد الرحيم قال: أنشدتني امرأة من بني سليم
وإن امرأ أمسى ودون حبيبه ... سواس فوادي الرس والهميان
لمعترف بالنأي بعد اقترابه ... ومعذورة عيناه بالهملان
فما ريح ريحانٍ بمسكٍ بعنبرٍ ... برندٍ بكافورٍ بدهنة بان
بأطيب من ريا حبيبي لو أنني ... وجدت حبيبي خالياً بمكان
وأنشدنا أبو العباس قال: وأنشدني أبو علي أحمد بن عمرو بن عثمان:
أعزز على بأن تكون عليلا ... أو أن يكون لك السقام نزيلا
هذا أخ لك يشتكي ما تشتكي ... وكذا الخليل إذا أحب خليلا
قال: وأنشدني أبو العالية:

وعلقت ليلى وهي ذات مؤصدٍ ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
وليلى مكان النجم سحقاً وهل لنا ... من النجم إلا أن يقابلنا النجم
قال:وأنشدني علي بن عبد الله، للفضل بن العباس اللهبي:
هلا سألت وأنت خير خليفة ... عن حور غايتنا وبعد مدانا
أهل النبوة والخلافة والتقي ... الله أكرمنا به وحبانا
حوض النبي وحوضنا من زمزم ... ظمئ امرؤ لم يروه حوضانا
علمت قريش أننا أعيانهم ... من قام يمدح قومه استثنانا
ولنا أسام ما تليق بغيرنا ... ومشاهد تهتل حين ترانا
ويسود سيدنا بغير تكلفٍ ... هوناً ويدرك تبله مولانا
أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: وحدثني محمد بن عبيد بن ميمون قال: حدثني عبد الله بن إسحاق الجعفري قال: كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة. قال: فتذاكروا يوماً السنن، فقال رجلٌ كان في المجلس: يسن العمل على هذا. فقال عبد الله: أرأيت إن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام، أفهم الحجة على السنة؟! قال ربيعة: أشهد أن هذا كلام أبناء الأنبياء.
وقال: أشجاه: أغصه، وشجاه: حزنه.
وقال أبو العباس: قال الفراء: أنشدتني الدبيرية:
من لي من هجران ليلى من لي ... والحبل من وصالها المنحل
تعرضت لي بمجاز حل ... تعرض المهرة في الطول
تعرضاً لم تأل عن قتللى ... يمثل جيد الرئمة العطبل
ملء البريم متأق الخلخل ... فأردفت خبلاً على خبلٍ لي
كالثقل إذ عالي به المعلى ... يا صاح لا تكثر بها عزلاً لي
فلم أكن والمالك الأجل ... أرضى بإلف بعدها مبدل
بخلةٍ عنها ولا مختل ... إن صح عن داعي الهوى المضل
صحو ناسي الشوق مستبل ... مقتصر للصرم أو مدل
فسل هم الوامق المغتل ... ببازلٍ وجناء أو عيهل
ترى مراد نسعه المدخل ... بين رحى الحيزوم والمرحل
بسلمٍ من دفه المزل ... مثل الزحاليف بنعف التل
نوط إلى صلبٍ شديد الحمل ... وعنق كالجذع متمهل
تقصر عنه هدبات الجل ... إذا اغتدى عر.... ..
أذرى أساهيك عتيق أل ... بأوب ضبعي مرحٍ شمل
كأن مهواه على الكلكل ... بعد السرى من الندى المخضل
في غبش الصبح وفي التجلي ... موقع كفى راهبٍ مصل
لعلها تسعف أو لعلى ... في طلب الحاج أو التسلي
قال: وأنشدنا لأبن عناب الطائي:
عوى ثم نادى هل أحستم قلائصاً ... وسمن على الأفخاذ بالأمس أربعا
يريد: أحسستم.
غلامٌ قليعي يحف سباله ... ولحيته طارت شعاعاً مقزعا
غلام. أضلته النبوح فلم يجد ... بما بين خبت فالهباءة أجمعا
أناساً سوانا فاستمانا فلم نرى ... أخا دلج أهدى بليل وأسما
وأستمانا: تصيدنا. والمستمي. المتصيد. والمسماة: جوربٌ يلبسه الصائد في الحر.
فقلت أجراً ناقة الضيف إنني ... جدير بأن تلقي إنائي مترعا
أي من عادتي هذا.
فما برحت سجواء حتى كأنما ... تغادر بالزيزاء برساً مقطعا
أي ساكنة عند الحلب. تغادر: تترك. والزيزاء: الموضع الصلب من الأرض. والبرس: القطن. شبه ما سقط من اللبن به.
كلا قادميها يفضل الكف نصفه ... كجلد الحباري ريشه قد تزلعا
تزلع: تقلع.
دفعت إليه رسل كوماء جلدةٍ ... وأغضيت عنه الطرف حتى تضلعا
تضلع: أمتلأ ما بين أضلاعه.
إذا قال قطنى قلت آليت حلفةً ... لتغني عني ذا إنائك أجمعا
قطني: حسبي. أي قلت قد حلفت أن تشرب جميع ما في إنائك
يدافع حيزوميه سخن صريحها ... وحلقاً تراه للثمالة مقنعا

قال: حيز وماه: ما اكتنف حلقومه من جانبي الصدر. والثمالة: رغوة اللبن فيريد أنه يرفع حلقه لإستيفاء اللبن.
إذا عم خرشاء الثمالة أنفه ... تقاصر منها للصريح وأقمعا
قال:و يروي في البيت الذي قبل هذا: " لتغنن " قال: وهذا إنما يكون للمرأة، إلا أنه في لغة طي جائزٌ. وفي لغة غيرهم لتغنين. " واللام لام الأمر أدخلها في المخاطبة. والكلام أغنن عني " .
ويقال: شعر سبط وسبط، ورجل ورجل، وأمرٌ نكد ونكدٌ ونكدٌ، وقد قرئ بهن. قال: وسمع الكسائي نوى الدار ونئى الدار مثل نعي. قال: وسمعت نأى الدار من غير واحد. والنوى على مثال النعى ويقال: أنأيت فيا الخباء نوياً مثل أنعيت. ويقال: رماه يقلاعةٍ من الأرض وبفلاقة آجر، والجمع قلاع وفلاق. ورجل قلعة وقلاع، إذا كان لا يثبت على السرج.
ويقال عجزت تعجز عجوزاً وعجزت تعجيزاً. وعصرت وأعصرت، وكعبت تكعب كعوباً، ونهدت ونهدت تنهد نهوداً وتنهد، وفلك ثديها وأفلك.
قال أبو العباس: يقال: رجل ودٌ وودٌ وودٌ، وجمعه أودٌ، من المودة.
وأنشد:
إني كأني لدى النعمان خيره ... بعض الأود حديثاً غير مكذوب
والأولاد جمع في هذا البيت. ومثله " حتى إذا بلغ أشده " جمع شدٍ في قول الفراء. وسئل المازني عن الأود فقال: جمع دل على واحد. دونك زيداً، وعليك زيداً، وعندك زيداً، يريد قددنا منك فخذه.
في قوله الله تعالى " أمرنا متر فيها " قال: يقال: أمرنا من الإمارة، وآمرنا من الأمر. أكثرنا، وقد سمعوا أيضاً أمرنا خفيف بلا مدٍ: أكثرنا. وأمرنا: كثرنا في أنفسنا، ولا يجوز في القراءة.
والمنصحة: الزرافة. القداس: الحجر الذي يقدر به ماء البئر، ينظركم هو. والأشر: تحديد الأسنان. ويقال: قلٌ، وقلٌ، وهو القلة.
وأنشد:
قذفوا سيدهم في ورطةٍ ... قذفك المقلة وسط المعترك
قال: والمقلة التي تلقي في البئر، يعني الحجر يقدر به الماء.
وأنشد:
فأمست بقاع الكدر وهي خبيثةٌ ... وقد أنجعت داريها من محمد
تساقط أعدال التجار كأنها ... سقائف ساج فوق سيفٍ مهند
حباها رسول الله إذ نزلت به ... وأمكنها من نائل غير منفد
فلم أخز قومى إذا أتيت عصابةً ... عظام الرقاب من مسودٍ وسيد
وأنشد ليزيد:
ألا حييا الأطلال والمتطنبا ... ومربط أفلاءٍ وخيماً منصبا
الأطلال ما ارتفع وما انخفض يكونان جميعاً. والمتطنب: الحبال.
وأشعث مهدوم السراة كأنه ... هلالٌ توفي عدة الشهر أحدبا
وأشعث مهدوم السراة، يريد الحوض.
ألا لا أرى عصر المنيفة راجعاً ... ولا كليالينا بتعشار مطلبا
ولا الحب إلا قاتلي حين أخلقت ... قواها وأضحى الحبل منها تقضبا
ويوم فراض الوشم أذريت عبرةً ... كما ضيع السلك الجمال المثقبا
العلجوم: سواد الليل، وهو أيضاً موج البحر؛ وهو الضفدع الذكر، وهو الظبي الآدم.
وأنشد:
صحوت وأوقدت للجهل ناراً ... ورد على الصبا ما استعارا
قال: رد على الجهل الصبا وعيشته. قال: فإذا فارق فراقاً لا يرضى أوقدوا ناراً حتى يرجع.
إن تاته يأتك زيد، الجزم أكثر إذا لم يتقدم كلامٌ، فإذا تقدم كلامٌ كان الرفع أكثر، مثل قولك زيدٌ إلا تأته يأتيك. قال: لأنه إذا لم يتقدم كان جواباً. وانشد:
إن تأتنا تنقاد للوصل طائعاً ... نجئك ولا وصلٌ على الكره ينفع
قال: والأنف يسمى " المنثر " ، ومنه الاستنثار.
وأنشد:
وإنسان عيني يحسر الماء مرة ... فيبدو وتاراتٍ يجم فيغرق
أي يقل الماء فيرى، ويكثر فلا يرى.
وقولهم: " نزلت بين المجرة والمعرة " ، هما حيان من الأحياء.
وأنشد:
مرينا لهم بالقصب من قمع الذرى ... إذا الشول لم ترزم لزرٍ فصالها
قال: ومثله قيل في صعوبة الشتاء:
إذا لم تذد ألبانها عن لحومها ... مرينا لهم منها بأسيافنا دما
ويقال: قطعت يده، وجذمت، وبترت، وبتكت، وبضكت، وصرمت، وترت، وجدت؛ قال أبو العباس: أغرب ما فيه بضكت.
قال: وتصغير سراويل سرييل، وتصغير إسرائيل أسيريل.

في قوله عز وجل: " وتبتل إليه تبتيلاً " التبتل: الإنقطاع، أي أنقطع إليه إنقطاعاً، ومنه يقال: " مريم البتول " أي انقطعت عن الناس.
الألات يفرقون بينها وبين المصارد، فمبرد اسم، وهو آلة، وهو مثل مفعل، ومثله مثقب ومنقر، ولم يجئ الضم إلا في مسعط، ومكحلة، ومدهن؛ والمصادر تقال بالفتح.
قرطم وقرطمٌ، وقطنٌ وقطنٌ.
" ولو القى معاذيره " قال: ستوره، ومنه إن أعتذر لم يقبل عذره " ليفجر أمامه " : يؤخر التوبة.
" على أن نسوي بنانه " . قال: يسوي بين أصابعه حتى تصير يده كيد البعير.
ويقال: استعملته ملايلة، مياومة، ومساوعة، ومشاهرة، ومساناة، ومسانهة، ومجامعة، وهو قليل.
وأنشد:
ولا خير فيمن ليس يؤمن فجعه ... ولا يستقيم الدهر فينا خلائقه
فإن شئت فأتركه فلا خير عندهوإن شئت فاجعله خليلاً تماذقه
فإن قرين السوءء ليس بواجدٍ ... له راحة ما عشت حتى تفارقه
والطبع: " الدنس على السيف والطبع: الدنس والرين على القلب. يقال: سيفٌ طبعٌ.
والمصدة: الربد. وازى يأزى ازياً وأزيا، إذا تقبض من الحر.
وانشد ك
ظل من الشعرى لنا يومٌ ازى ... نعوذ منه بزرانيق الركى
وياقل للجص الجون الأبيض. والكلس يسمى الجيار. وهو النورة والرماد إذا أختلطا.
ويقال: قضى كتاله، إذا قضى بعض حاجته. والكتال: القوة واللحم أيضاً. والزني ماخوذ من زنا الرجل في الجبل؛ ويقال: زنأ الرجل إذا غلط الطريق.
وانشد:
أن تعطف العيس صعراً في أزمتها ... إلى ابن ليلى ابزوزي بك السفر
أي إذا غليه؛ ياقل أبزى عليه، وإذا غلب عليه.
وانشد:
خوص يدنين الفتى الملتاثا ... من أهله وقد وني أوراثا
من يعمل الوجزة والختاثا.
حدثنا أبو العباس قال: وقال الأصعمي عن ابيه قال: قال سليمان الأعمش: أعطاني أبو الضبار الكاهلي دراهم أضارب له بها، ثم جاءني بعد أيامٍ فقال: أرني دراهمي. فاجتلبتها له فاعطيته غير نقده، فجاء بها في طرف ثوبه. فقال: يا سليمان بن مهران، أعطيتك دراهم طازجة كأنما جرى خلالها ألبان شولٍ شاتيةٍ، وجئتني بها سوداء مكسرة، كأنها الأظفار، جرى خلالها دخان الطرفاء، لا حاجة بها لي ورمى بها.
وقال الاصعمي عن جعفر بن سليمان بن علي، قال رايت اعرابياً من قيس مسنا، فقلت: ألك ابن؟ قال: " كأن لي فمات، المخش والمخش؟ كان والله خرطمانيا أشدق، وإذا تكلم سال لعابه، ينظر بمثل القلتين، كأن ترقوته بوانٌ او خالفة، وكأن مشاش منكبه كركرة جمل. ففقأ الله عيني هاتين إن كنت رايت قط مثله، ولا قبله قبله ولا بعده " .
قال أبو العباس: البوان والخالفة: عمودان من أعمدة البيت. وقوله إذا تكلم سال لعبه، أي هو كثير الريق طيب الفم.
والعرب تقول: وجدت أرضاً كأنها الزرابي من خضرتها ونورها، وكأنها الطيقان من شدة خضرتها، وكانها الحولاء، من استوائها واتساق نبتها.
ويقال للأرض التي اخضرت حتى اسودت من الرى فاستوى نبتها: رأيت أرضاً مثل الظليم البارك.
ويقال: رأيت ناقة قمراء كأنها أعفر، أي ظبيٌ. ورأيت رجلا جسمياً وكأنه حرجة. ويقال: وردنا طوياً سكا - أي ضيقاً - مثل حلقوم الضوع، وهو طير أبغث اللون. وانونا بهبر كأنه فلذ اللبن. الهبرة: قطعةٌ ضخمةٌ من اللحم.
أول شيب يراه الرجل قد بدا من شعره يسمى الرواعي. قال: ويشبه أن يكون قلباً لأنه روائع، الواحدة رائعة.
" يخوف أولياءه " قال يخوفهم بأوليائه. يقال: اخافك كخوف الأسد، أي كخوفي من الأسد. وأنشد:
وقد جفت حتى ما نزيد مخافتي ... على علٍ في ذي الماطرة عاقل
" والارض جميعاً فقبضته يوم القيامة " أي في قبضته، كما تقول: هذه الدار في قبضتي. " نسوا الله فنسيهم " تركوا الله فتركهم. والله عز وجل لا ينسى إنما يترك " فأنساهم أنفسهم " أي أنساهم أن يعلموا لأنفسهم، " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " . من قال حرام على قرية أهلكناها أنهم يرجعون، فجعل " لا " صلة انهم لا يرجعون، و " من " جعل الحرام مكان القول واقره على ما كان، فالقولان صحيحان.
وأنشد:
ونازلة بالحي ليلاً قريتها ... جواليق أصفاراً وناراً تحرق
قال: هذا جرادٌ.

أن " أدوا إلى عباد الله " ، أي أسلموهم إلى؛ وهو من قول موسى. وقال: إذا كانت " ما " صلة أدخلوا معها النون الخفيفة والثقيلة، وتقول: اذهب ثم عيناً ما أرينك أي كأنك لم تغب. وكثيراً ما أرينك، أي كثيراً أرينك. وإلى ساعة ما تندمن. فإذا لم يدخلوا " ما " لم تدخل النون. قال: وإنما فرقوا دخول " ما " وخروجها بذلك تقول: أذهب قليلاً أراك ونم كثيراً أراك، إذا لم تدخل ما. والنون الخفيفة والثقيلة تدخل في ستة مواضع هذا أحدها، وفي الأمر، والنهى، والإستفهام، والتمني، و " إما " إذا كانت جزاء، مثل: " فإما نذهبن بك " . وهي قليلة في الأمر. وأنشد:
أرسلني أبا عميرٍ على اي ... ة حال أثاقل أم خفوت
وأنشد:
يحسبه الجاهل مالم يعلما ... شيخاً على كرسيه معمما
لو أنه أبان أو تكلما ... لكان إياه ولكن أعجما
قال: الأصل لم يعلم، فلما أطلق الميم ردها إلى فتحة اللام. وأهل البصرة يقولون: أراد لم يعلمن، فجعل موضع النون الخفيفة ألفاً. وأما قول زهير:
دمنة لم تكلم.
خفضاً، فإن القوافي إذا حركت في الجزم تحركت إلى الخفض، لأن الخفض أخو الجزم. قال: والإتباع أكثره ما بعده هاء، تقول اضربه، اقتله.
وأنشد:
تقول للسائس قده أعجله
وأنشد:
قال أبو ليلى بحبل مدة ... حتى إذا مددته فشده
إن أبا ليلى نسيج وحده
الأصل في نسيج وحده أن الثوب ينسج وحده على نير واحد، وما سوى ذلك ينسج ثلاثة وأربعة على نير واحد. وإنما قالوه بالهاء لأن ما بعده لا يكون إلا متحركا. والإتباع يكون في الهاء وفي الهمز؛ لأن الهاء والهمز خفيان، فحركوا ما قبل.
وقال:سمعت العرب تقول اضرب الوجه، وهذا الوجه وفررت من الوجه. ورأيت الفقا وهذا الفقو ومررت بالفقي والفقء مهموز:ماء لهم وقوله:
شيخاًعلى كرسيه معمما.
فإنه شبَّه وطب لبنٍ ملفوفٍ بكساءٍ، بشيخ في هذه الصفة.
وقال: الوحا الوحا، والنَّجا النَّجا، يقصران ويمدان، وتدخل الكاف فيهما على القصر، وإنما أدخلت الكاف للخطاب ولا موضع لها.
ويقال خاي بك اعجل، وخاي بكما اعجلا، وخاي بكم اعجلوا، وخاي بكنَّ اعجلن، في المذكر والمؤنث والجمع والتثنية بحال واحد،وتقدم خاي على اعجل وخاي كلمة عجلة، وهي صوتٌ. وأنشد:
بخاي بك اعجل يهتفون وحيهل
" فسينغضون إليك رؤوسهم " أي يحركون رؤوسهم. ونغض الظليم مثله، يقال، نغض ينغض وأنغضه غيره.
معنى جحيش وحده، وعبير وحده، أي لا يصلح إلا لنفسه.
وجحيش: تصغير جحش. وجحيشٌ: متنحٍّ.
وأنشد:
لقد أهدت حبابة بنت جلٍ ... لأهل حباحبٍ حبلاً طويلاً
قال: قدرت عجيزتها بحبلٍ وبعثت به إليهن فقالت: أفيكن من لها عجيزة مثل هذا؟ وأنشد:
ترى الزّل يكرهن الرياح إذا جرت ... وبثنة إن هبت لها الريح تفرح
إذا هبت الريح ألصقت القميص بالجسم فبانت الزلاء من العجزاء. والزلاء: التي لا عجز لها. والعجزاء: ذات العجز. وقال: الفرح أن تجد في قلبك خفة. والمرح: أن تضرب بأطرافك.
وأنشد لنصيب:
إذا ما الزلُّ ضاعفن الحشايا ... كفاها أن يُلاث بها الإزار
قال: الحشية مثل العظامة، وهي ما ثقلت به أليتيها.
" قدرنا فنعم القادرون " جمع بين اللغتين.
" وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " قال: أي بينَّا لهم الطريقين فتركوا طريق الخير واتبعوا طريق الشر. الحافرة: الخلق الأول، ومنه " النقد عند الحافرة " ، أي عند أول ما يضع الفرس رجله إذا سبق، وهي الأرض المحفورة. وأنشد:
أحافرةً على صلع وشيبٍ ... معاذ الله ذلك أن يكونا
" ألا بلاغاً من الله " قال: استثناء منقطع، أي إلا أن أبلغكم بلاغاً من الله. قال: المصادر وغيرها يستثني بها استثناء منقطعاً.
وأنشد:
ولقد جنيتك أكمؤاً وعساقلاً ... وبقد نهيتك عن بنات الأوبر
قال: قال الفراء " أوبر " إلا أنها نعتت بالمنان، أي بمثل الألف واللام. والعساقل وبنات أوبر: ضربان من الكمأة.
وفي الخبر: " الرحم شحنة من الرحمن " . قال " الشجنة والشجنة " : القطعة والناحية، أي قطعة مما أمر الله به أن يوصل.

العرب تقول: حبذا، وحبذا لا يثنّى ولا يجمع، ومعناه حب الشيء ذا، حب الشيء زيد، ونعم الشيء زيدٌ، ونعم الشيء الزيدان.
وأنشد:
يا حبذا أنت إذا جئت ملا ... وكل دلوٍ منك يروي جملا
" فإن عزم الأمر " ، أي عزم الأمر.
من ضربك إياك. قال: أهل البصرة يقولون: ضربتك إياك، بدل، وضربتك أنت تأكيد، وهما جميعاً تأكيد. وقولهم بدل خطأ، لأن البدل يقوم مقام الشيء وهذا لا يقوم مقامه، لأنه لا يقع الثاني موقع الأول.
" صدقاتهن نحلةً " قال: كان الآباء يستبدون بالمهور فجعلها الله لهن.
أنا كهو، كناية عن زيد، قال: لأنهم أرادوا أن يأتوا بعد الكاف بثلاثة أحرف يعني " مثل " فوضعوا " هو " موضعها. وقال الله عز وجل: " ليس كمثله شيء " فجمع بين هو وبين مثل. روى عن أبي عمران الجوني أنه قرأ: " آلهكم التكاثر " قال: هذا توبيخ.
قال: " حيث " رفعوا بها شيئين، لأنها تقوم مقام صفتين، إذا قالوا حيث زيدٌ عمروٌ، فالتأويل: مكان يكون فيه زيدٌ يكون فيه عمرو، فإنما ضموها - على مذهب الفراء - لأنها تدل على محذوف مثل قبل وبعد. وهشام يقول: كان أصلها حوث فخولت الضمة.
فرفرني فرفارة، وبعثرني بعثارة، أي حرّكني.
وياهن أقبل، أي يا إنسان أقبل. وياهنت أقبلي، فإذا وقف قال: يا هنه. وأنت هنٌ وهنتٌ، مثل منت كناية عن من. وأنشد:
أريد هناتٍ من هنين فتلتوي ... عليَّ وأبى من هنين هناتِ
أي أريد نساءً من قوم فيأبون عليَّ، ويجيئني من آبى عليهم أنا.
عرض الرجل عرضاً، فهو يعرض. وعرب الرجل يعرب عرباً وعروباً.
" عطاءً حساباً " : محفوظاً معلوماً.
تقادع: تراجع.
قال أبو العباس: أصل " لولا " أن لو للتمني، ولا للجحد، فلما ضمتا صارتا كلمة واحدة. لو كان لكان كذا، لولا أنه كان كذا لكان كذا.
قوله عز وجل: " إنا كنا نستنسخُ ما كنتم تعلمون " . قال: قال: هل تنسخ النسخة إلا من نسخة.
قوله " إلى أجلٍ مسمى " قال: القيامة.
وحكى عن الفراء: ضني المال، غير مهموز، كثر، وأضنأ القوم، مهموز: كثرت ماشيتهم. قال أحمد بن يحيى: أضنا الرجل، بهمز وبلا همز، إذا كثر ماله.
مالٌ جبلٌ، أي كثير. إن فلاناً لمخضم، أي موسّع عليه وأحرف الرجل، إذا نمى ماله وكثر. تجبر الرجل مالاً، إذا عاد إليه من ماله ما كان ذهب وتجبر الشجر. إذا نبت فيه الشيء وهو يابس. وفلانٌ عريض البطان، أي كثير المال.
وأنشدنا أبو العباس هذه الأبيات وقال: إنها لمن حسن الشعر:
متى تؤنس العينان أطلال دمنةٍ ... بنعف الصفا يرفض دمعهما رفضا
ألا ربما يقضي بما يعجب الفتى ... ويا ربما يقضى على غير ما يرضى
إذا فرَّقت بين المحبين نيةٌ ... فإن لتفريق الهوى وجعاً مضَّا
فما بال ديني إذ يحل عليكم ... أرى الناس يقضون الديون ولا أقضي
لقد كان هذا الدين نقداً وبعضه ... بعرض فما أديت نقداً ولا عرضا
فلو كنت تنوين القضاء لديننا ... لأنسأتكم بعضاً وعجلت لي بعضا
ولكنما ذاك الذي كان بيننا ... أماني ما لاقت سماءً ولا أرضا
أي لم أحصل على شيء مما تمنيت.
وأنشد:
إذا ما المنايا قاسمت يا ابن مسحلٍ ... أخا واحد لم يعط نصفاً قسيمها
وآب بلا قسمٍ وآبت بقسمه ... إلى قسمها، لاقت قسيماً يضيمها
قال: إذا أخذت المنايا أخا رجلٍ لم يكن له سواه، لم يعدل هذا الميت وقد أخذته وصار في حيزها، ولم يعدلني ذلك الأخ في المصيبة بهذا الميت، لفضل هذا الميت على أخيه. والمنية في مقاسمتها بيني وبينه ظالمةٌ لي. دعا على المنية، فقال: " لاقت قسيماً يضيمها " أي يغلبها.
آخر الجزء الحادي عشر من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله تعالى والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين.

الجزء الثاني عشر
أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: أنشدنا أبو الربيع الأعرابي من أهل نجران، في حلقة ابن الأعرابيّ. قال: وكتبها ابن الأعرابي معنا:
صحا القلب عن ذكر الصبا غير أنه ... يحن لشوق والدموع سواكب

إلى أرض نجران اليماني وأهله ... وحيث التقي من ذي الهضاب المذانب
وما عن قلى شعب النوى إذ تصدعت ... ولكن مقدوراً من الأمر غالب
وسرت وفي نجران قلبي مخلف ... وجسمي ببغداد العراق مشاعب
وإني لما قد كان بيني وبينها ... لموف وإن شط المزار المجانب
ولست بناس عهدها إذ تقول لي ... هل أنت إلى رأس من الحول آيب
فقلت لها أمري إلى الله كله ... وإني إليه في الإياب لراغب
وإني بغلات الصداء للائع ... عليك اصطهاراً في الحشا فهو ثاقب
فدانت سماحاً واستهلت شؤونها ... كإغريض مزن حطمته الجنائب
قال أبو العبَّاس: قال أبو الربيع: الإغريض: قطر جليل تراه إذا وقع كأنه نصول نبلٍ. قال: وهو من سحابة متقطعة، وهو الإغريض أول ما يسقط منها.
وأنشدنا أبو الربيع للنابغة:
تميح بعود الضر وإغريض بغشةٍجلا ظلمة ما دون أن يتيمما البغشة: السحابة التي يدفع مطردها دفعةً. وأنشد:
أسير وما أدري لعل منيتي ... بلبي إلى أعرافها قد تدلت
فقلت لملاح السفينة خالدٍ ... أجزها فقد طال الثواء وملت
أجزها فما كانت لها قارة الحمى ... معاناً ولا الأجبال مما تمنت
وما طوحت بي قلة عن عشيرة ... بظلمٍ فلم أصبر عليه فقرت
تحن إلى الفردوس والشير دونها ... وأيهات عن أوطانها حوث حلت
قال أبو العبَّاس: هذه لغته، وهو رجل من طي.
وقال:
ارم على قوسك ما لم تنهزم ... رمى المضاء وجواد بن عتم
قال: إنه لحسن الندام وحسن البشرية. وقال: ذو الجبرية والجبرية والجورة من التجبر.
وقال أبو العبَّاس في قوله عز وجل: " وتجعلون له أنداداً " قال: أمثالاً. وهذا نده، أي مثله، وكذلك النديد أيضاً.
وأنشد:
لكيلا يكون السندري نديدتي ... وأجعل أقواماً عموماً عماعما
قال: والسندس: الرقيق من الديباج.
وفي قوله تعالى: " يؤتكم كفلين من رحمته " قال: الكفل: المثل.
في قوله تعالى: " ولا تنس نصيبك من الدنيا " قال: قال: تأخذ بحظ من الدنيا للآخرة.
وأنشد:
لعبت على أكتافهم وصدورهم ... وليداً وسموني مفيداً وعاصما
قال: سال لعابه.
ويروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من لم يمش في الأسواق وينكح النسوان " . وقال عمر بن الخطاب: " ليس خيركم من عمل للآخرة وترك الدنيا، أو من عمل للدنيا وترك الآخرة، ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه " .
وقال: هو سيلان السيف، وهي الحديدة التي يقع عليها المقبض. وقال: المليح: العطية، ماحه يميحه، واستمحت الرجل، منه. وقال: النشوز يكون من المرأة والرجل، وأخذ من النشز وهو الارتفاع من الأرض، أي إنه ارتفع هذا من هذه، وهذه من هذا.
وقال في قوله تعالى: " إلى العظام كيف ننشزها " : نرفع بعضها على بعض.
التحيات: البقاء والملك.
قال: ويقال " أعطني نفساً أو نفسين " أي دبغةً أو دبغتين وأنشد:
وذي أنفس شتى ثلاث رمت به ... على الماء إحدى اليعملات العرامس
واصبح يطوي البيد ريان بعدما ... أطال به الكلب السري وهو يابس
قال أبو العبَّاس: هذا وطب من لبن جره الكلب.
وقال أبو العبَّاس: وقال ابن الأعرابي: السحر من كل شيء: الفاسد.
وأنشد:
ونسحر بالطعام وبالشراب
قال: وهؤلاء يقولون: نعلل بالطعام. ابن الأعرابي يقول: نفسد.
وفي قوله تعالى: " وإذا قيل أنشزوا فانشزوا " أي يرتفع كل إنسان منكم.
ويقال: طس وطسة، وطساس وطسات.
وأنشد:
وهم القضاة وكل ذلك منهم ... يأتيك في رفق وفي معتمد
قال ويروي: " وهم " .
وقال في قوله تعالى: " إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته " قال: التمني اتلاوة، والتمني اختراع الحديث، والتمني من المنى.
وأنشد:
أسيلة مجرى المدمع خمصانة الحشا ... برود الثنايا ذات خلق مشرعب
ترى العين ما تهوى وفيها زيادة ... من اليمن إذ تبدو وملهي لملعب

كريمة حر الوجه لم تدع هالكا ... من القوم هلكاً في غدٍ غير معقب
قال: إذا هلك من قومك سيد قام سيد. واليمن: البركة فهي لم تندب سيداً واحداً لا نظير له، أي له نظراء من قومه.
وأنشد:
لقد كان فيها للأمانة موضع ... وللعين ملتذ وللكف مسبح
قال: إذا لمستها الكف وجدت فيها جميع ما تريد.
وقال بو العبَّاس: الوارش في الطعام، والواغل في الشراب، والداقع الذي لا يبالي في أي شيء وقع في طعام أو شراب أو غيره. والوقب والوغب: النذل الدنيء، قب في الشيء إذا دخل فيه،فهو يدخل في الدناءة.
وقال: الحبير: كل شيء زين وحسن؛والحبارة: النضارة، وكل شيء هيء فهو حبير.
وأنشد:
من حبير متحم
قال: الأتحمي: ضرب من البرود.
وأنشد:
حوم ترى فيه الجبال خشفا ... كما رأيت الشارف الموحفا
قال: الخشف: المتواضعة؛تخشف: نواضع. قال أبو العبَّاس: هذا وصف إبلاً كأنهم أعظم من الجبال. وقال آخر: وصف سحاباً.
قال: والألف الدينار، والمائة الدينار، وإنما أضيفا لأنه ليس فيهما نون مثل الثلاثين والعشرين.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما دخلت مكاناً إلا سمعت خشفة، فالتفت فإذا بلال " .
قال: والاستنجاء: من قولك غسل نجوه.
وأنشد:
أم لقوة وأب قبيس
قال: يقال للفحل إذا ضرب ضربة واحدة فأنجب.
قال الأخفش: لا أدري والله ما قول العرب: " وضع يديه بين مقمورتين " يعني بين شرين.
قال: والوشوشة، والوزوزة، والوزواز والزوزاء: السرعة.
وأنشد:
مزوزياً إذا رآها زوزت
قال: إذا رآها أسرعت أسرع معها.
قال: وفي قوله تعالى: " فمن عفي له من أخيه شيء " قال: كان الناس من سائر الأمم يقتلون الواحد بالواحد، فجعل الله تعالى لنا نحن العفو، أن يعفو عمن قتل.
وقال اللغيزا: باب جحرة الضباب.
وقال: رماح الجن: الطاعون. وأنشد:
لعمرك ما خشيت على أبي ... رماح بني مقيدة الحمار
ولكني خشيت على أبي ... رماح الجن أو إياك حار
قال أبو العبَّاس: وقال ابن الأعرابي: الطليل: الحصير يعمل من قشور الشعف، والجمع أطلة وطلل. وأنشد:
على ظهر عادي يلوح كأنه ... طليل أشاءٍ بطنته الروامل
الروامل: النواسج وقال: ملة وأرمله.
وأنشد:
تخبط بالأخفاف والمناسم ... عن درةٍ تخضب كف الهاشم قال: هذه حرب شبهها بالناقة. ودرتها.
وقال المرازمة: أن ترعى الحمض مرة والخلة مرة، وهي المعاقبة أيضاً. ويقال للمرأة التي لا تختضب: سلتاء.
وقال: الثوي: الضعيف، والثوي: الأسير. ويقال رجل غرنوق وغرناق وغرنوق وغرانق، وجمعه غرانق. وأنشد:
إذا أنت غرناق الشباب ميال ... ذو دأيتين ينفجان السربال
وقال: عبد واعبد وعبيد وعباد وعبدان وعبدي مقصور ومعبدة ومعبوداء ممدودة، وأمة ثلاث آم وإماء كثيرة وأموات وإموان وأمي وأمي.
وأنشد:
فلو لا سلاحي عند ذاك وغلمتي ... لرحت وفي رأسي مآيم تسبر
ولكن رأونا سبعة لا يشفنا ... ذكاء ولا فينا غلام حزور
قال أبو العبَّاس: يشفنا: يذهب بعقولنا. والذكاء: الكبر قال: وجمع آمة على مآيم، وهذا على غير القياس كما قالوا: " اخيل تجري على مساويها:. وأنشد:
فوردت ماءً نقاخاً سمهجا ... فأعجلت شنتها أن تنفجا
أو أن تزاد دودماً وتعجبا
ويقال: ورش فلان، وإنه لوارش داقع. فلان يرش في كل شيء وروشاً، وهي الشهوة للطعام، ولا يكرم نفسه. وأما الدقَّاعة فإنه مدقعٌ للأمور الدنيئة الرديئة، والداقع مثله.
ويقال: تركت فلاناً وقد شصر بصره يشصر شصوراً، وهو أن تنقلب العين عند الموت، ويشخص بصره. ويقال أيضاً: شصره الثور بقرنه، أي نطحه، فهو يشصر شصراً. وقال أبو رزمة الفزاري:
الوقس يعدي فتعدَّ الوقسا ... من يدن للوقس يلاق التعسا
الوقس: الجرب، ويقال: إنه أوله ويقال: إنَّ في إبلهم لوقساً. والتعس: الهلاك. وقوله: فتعد: تنكب.
وتقول " لا مساس لا مساس " " لا خير في أوقاس " . ويقولون أيضاً: " لا مساس لا مساس " فينصبون بغير تنوين وينونون؛ وقال النابغة الجعدي:

فأصبح في الناس كالسامري ... إذ قال موسى له لا مساسا
وقال: نتكلم بهذا الكلام إذا جاءنا قومٌ نطفون - والنطف صاحب الريبة - قلنا لهم: " لا مساس لا مساس، لا خير في الأوقاس " . أي لا خير في الجربى. إذا نصبت الميم من مساس كانت السين خفضاً أبداً. مثله قولهم: لا حساس، أي لا يحس شيئاً.
قال أبو رزمة، وأنشد بيت شعرٍ قاله ثمامة بن المحبر السدوسي:
ألا ربَّ ملتاثٍ يجر كساءه ... نفى عنه وجدان الرقين العزائما
الرقين: جمع الرقة. قال أبو العباس: والرقة: الذهب والفضة. قال: وتقول العرب: " وجدان الرقين، يغطي أفن الأفين " .والأفن: الحمق. ويقال إنه لمأفون. ويقال للفرس إذا نظر إلى شخصٍ أو سمع صوتاً فأقام أذنيه نحوه مع عينيه، قيل: حدج يحدج حدوجاً. ويقول الرجل لصاحبه: إنك لتحدجني بعينيك. والحدوج: شدة النظر.
وتقول: وضم بنو فلانٍ على بني فلانٍ، وهم يريدون أن يضموا عليهم، أي يريدون أن يحلوا عليهم.
وقال: الحي وضمة متقاربة. فذلك الوضوم.
قال: وقبيح بالقوم أن يتنكبوا عن عذرة الحيّ.
ويقال: هو هدىٌّ لبيت الله. وأهل الحجاز يخففون، وتميم تثقله. وواحد الهدى هدية. وقد قرىء بالوجهين: " حتى يبلغ الهدى محله " و الهدى. ويقال. فلانٌ هديُّ بني فلانٍ، وهدى بني فلانٍ، أي جارهم يحرم عليهم منه ما يحرم " من الهدى " . " وهديت العروس إلى زوجها " هداءً، ويقال: أهديتها بالألف. ويقال: قطر فلانٌ هدية أمره، أي جهة أمره. وما أحسن هدية، أي سمته وسكونه. وأتيته بعد هدءٍ من الليل، ساكن العين. وجاء حين هذأ الناس وحين هدأت الرجل، وحين هدأت العيون. وقد هدئ الرجل هدأ على فعل، إذا جني وأجنأته وأهدأته أنا. ويقال: هديت الضالة أهديها هداية، وهديت الرجل في الدين أهديه هدى. ويقال:.......... على تهديته، أي على حاله.ورجل مهداءٌ: كثير الهدايا، والمهدي مقصور: الطبق الذي يهدي عليه. وحكى الكسائي: هدايا وهداوي. قال أبو العبَّاس: وحكى أبو زيد أيضاً: هداوي.
قال عائشة: " يقولون أوصى، فكيف أوصى وإنما مات بين ذاقنتي وحاقنتي؟؟! إنما دعا بالطست ليبول، فانخنث فمات " . الذاقنة: الذقن، ويقال من الذقن إلى حد المعدة والحاقنة: المعدة.
وأنشد:
كأن مهوي قرطها المعقوب ... على دباةٍ أو على يعسوب
قال أبو العبَّاس: المعقوب: الذي عمل بالعقب.
افترطت إليك في هذا الأمر وتمهلت،إذا تقدمت فيه.
ويقال: قد أصل الرجل أصالة، إذا عقل. ويقال: قد تبعصصت، أي اضطربت. ويقال: هذيت وهذوت.
قال: والأكشف الذي لا ترس معه.والأعزل: الذي لا سلاح معه. والأنكب الذي لا قوس معه. والأجم: الذي لا رمح معه الأميل: الذي لا يثبت في السرج.
يتساوكن: أي يسرن سيراً ضعيفاً.
الجذاذ مثل الحطام، لا واحد له. والجذاذ مثل فعيل وفعال جذيذ وجذاذ.
" فاليوم ننجيك ببدنك " قال: بدرعك، أي نلقيك بنجوة من الأرض، أي بارتفاع.
المنزعة، بفتح الميم: الصخرة التي يقوم عليها الساقي يسقي. العقاب: الصخرة في أسفل البئر. والمقام الزلج: الدحض وأنشد:
يا عين بكى عامراً يوم النهل ... رب العشاء والرشاء والعمل
قام على منزعةٍ زلجٍ فزل
وأنشد:
فطلقها فلست لها بأهل ... وإلا يعل مفرقك الخشيب
قال أبو العبَّاس: هذا على الجزاء. ويجوز أن يحذف الواو من " وإلا " كأنه قال: إلا تفعل كذا نفعل كذا. ويجوز بحذف " إلا " على الجزاء.
وأنشد:
بأيما بلدة تقدر منيته ... إلا يسارع إليها طائعاً يسق
قال أبو العبَّاس: قال الكسائي: لا يجوزذا إلا بالواو، لأنه جزاء مطوف على جزاء. وقال الفراء.: يجوز بثم وبالفاء والواو.
ويقال: المجدوع: المقطع الأنف. والمجدع والمجزع مثله.
قال: والمجلس: القوم، والمجلس: الموضع الذي يجلس فيه.
" حرث حجر " قال: محرم. " خذ العفو " قال: ما صفا. " عفوا " : كثروا " يا ليتنا نرد ولا نكذب " قال: من نصب فالواو حرف جواب، ومن رفع أدخله في التمني. " حتى إذا استيئس الرسل " من قومهم أن يؤمنوا وظن القوم أن الرسل " قد كذبوا أتاهم " النصر.

ومن قال كذبوا يقول: كذبنا الرسل فيما قالوا لنا.قال: والعرب تقول إذا أصابتهم مصيبة أو حين: الدهر فعل بنا ذاك. فسبوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الدهر فإن الذي فعل بكم ذاك رب الدهر " .
والدهر: الزمان، والليل والنهار لا غير ذلك. كذا قال أبو العباس.
وأنشد:
هل الدهر إلا ليلة ونهارها ... وإلا طلوع الشمس ثم غيارها
وأنشد:
حذار من رماحنا حذار ... حتى يصير الليل كالنهار
قال: يقول: احذروا. قال كأنهم كانوا في غبار فقالوا حتى ينجلي الغبار فنصير كأنا في نهار.
قول الله تعالى: " لا تتخذوا آلهين اثنين " قال: إذا كان عندي ثلاثة أثواب فمع الثلاثة أثواب ... العدد ما هو التقديم والتأخير.يقال: ثلاثة أبواب، وثلاثةٌ أثواباً، وثلاثة أثوابٌ. وتقدم فيقال: عندي أثواب الثلاثة . هكذا الأصل. وأكتفوا بالتثنية بلا عددٍ فقالوا: عندي درهمان، لأن الاثنين لا يختلفان. فإن جئت معهما باثنين كان واحداً فقلت: عندي درهمان اثنان. فجاءوا به على الأصل. وقال الأخفش: جاءوا به توكيداً. وليس بشيء.
وأنشد:
سليل أناس نسلهم غير معقب.
أي لا يخلفون اولئك ولا يكونون مثلهم.
" وما يعلم تاويله إلا الله " قال: تفسيره.
" فمحن به " في بيت فرزدق قال: هو مثل ماح الدلو يميح ميحاً. جاءنا بخبرةٍ ناسة، قال: يابسة. " وأضله الله على علمٍ " . قال: أي فأضله الله على علم من الأرض أريضة: حسنة النبات.
وأنشد المهلهل بن ربيعة:
أودى الخيار من المعاشر كلها ... واستب بعدك يا كليب المجلس
وتنازعوا في كل أمر عظيمةٍ ... لو كنت شاهدهم إذا لم ينبسوا
إبني ربيعة من يقوم مقامه ... أم من يرد على الضريك ويحبس
وتلهف الصعلوك بعدك أمه ... لما استعال وقال أني المجلس
وإذا تشاء رأيت وجهاً ناعماً ... وذراع باكيةٍ عليها برنس
قال أبو العباس: كن نصاري فكن يلبسن البرانس.
جزعاً عليك ولست لائم حرةٍ ... تبكي عليك بعبرةٍ وتنفس
ولقد شفيت النفس من سرواتهم ... والخيل تعثر في الدماء وتعبس
وتركت جساساً ينوء بصعدةٍ ... سمراء يقدمها سنانٌ مدعس
أكليب لو حدثت كيف عقوبتي ... علمت عظامك إذ علاها المرمس
أن لست زيراً حين شب وقودها ... في الحرب يوم عنانها لا يسلس
" من عين كان مزاجها كافوراً " . قال: لو كان اسماً للعين لم يجر، ولكن تشبيه فأجرى. قال: وقال الفراء: " سلسبيل " إن لم يكن نعتاً لها فلا يجوز.
" إني كفرت بما أشتركتموني من قبل " عند الفراء أن فيه إضمار " كنتم " ، قال: كل ماضٍ عند الفراء يحتاج إلىكان. هكذا قال. وإنما يفعل هذا إذا كان جزاء، أي إني كفرت بالشيء الذي كنتم اشتركتموني به. قال: والدليل لا يكون الشيء، إنما يكون غيره.
عشاه يعشون: أتاه على غير بصيرةٍ، " وعشا يعشو " ، أي ضعف بصره. وعشى يعشى: عمى ويقال: أعشاه وعشاه بمعنى.
" الكاظمين الغيظ " الحابسين لا يظهرون جزاءه. الكظامة، المصنع وهو منه.
إذا قال: يا رجل، فقد قصد قصده، مثل يا زيد. وإذا قال: يأيها الرجل، أختلف الناس فيه، فقال سيبويه وأصحابه: الرجل تابعٌ لأي، وخطأه الفراء: قال: هو يأي هذا الرجل أراد يأي هو هذا الرجل، كذا هو عند الفراء. وسيبويه يقول: فيه تنبيه في موضعين: يا، وها. وهذا باطلٌ.
الحصيف: الرجل الشديد العقل، من المحصف، وهو الشديد " الفتل " . ويقال: البقوى والبقيا، والرعوى والرعيا، والفتيا والفتوى. هذا كله إذا ضم كتب بالألف، وإذا فتح كتب بالياء.
وقال سألني خلف فأجبته هذا. قال: قد أرحتني.
وأنشد أبو العباس:
فما بقيا على تركتماني ... ولكن خفتما صرد النبال
قال: ويقال: من علو ومن علو ومن علو ومن علو، يا هذا ومن عال ومن علا.
وأنشد:
وهي تنوش الحوض نوشاً من علا ... نوشاً به تقطع أجواز الفلا
قال: من قال علا جعله مثل قفاً، وعال مثل فاعل، وعل مثل عمٍ، ومن معال مثل مفاعلٍ، ومن علو مثل قبل وبعد، ومن علو مثل ليت ولعل، ومن علو، يا هذا، على حذف الإعراب.

إن عبد الله رجل وأنا. قال جيدٌ، وكذلك إن عبد الله رجلٌ وإياي المكثفة: المحكمة الفرج والمؤنفة: التي استؤنفت بالنكاح أولاً " وأختار موسى قومه " أي أختار من القوم. وهما منصوبان بوقوع الفعل، يعني " وأختار موسى قومه سبعين " ، أخترتك الرجل. وأنشد.
محمد واختاره الله الخير.
" هل أتي على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً " بموضع ما، وتكون استفهاماً وتكون خبراً وتكون جزاء. وقد قال الفراء: تكون أمراً. قال: وسمعت أعرابياً يقول هل أنت ساكت، أي اسكت. مثله: " هل أنتم منتهون " .
قال: حدثني الطوال قال: كنت عند الفراء فسألته عن مسألةٍ فسر " ها " لي وقال لي: أفهمت؟ فقلت: لا. فأعاد وبينها عند نفسه، وقال: أفهمت؟ فقلت: لا.فقال أفلى ذنبٌ. فقلت: لا الذنب لي.
وقال: المهيمن: الشاهد على الأشياء.
وقال: وقال قطرب: أصله المؤيمن.
وقال: ويقال فلان أزين من فلانٍ، واشين من فلانٍ.
" ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون " ، قال: لو قال لتبتغوا من فضله ولتسكنوا فيه لكان أشرح، وكان كل واحد بجنب صاحبه، ولكنه يقوم مقام ذلك إلا انه خالف بين الشرطين. وكان ينبغي أن يجعل من كل واحدٍ " جعل " فجاء بجعل واحداً، فلما أن جاء بجعل جعل الشرطين واحداً.
وقد كان قبل هذا قال: قوله " فيه " عائدٌ عليهما لما كانا وقتاً واحداً.
" لرادك إلى معادٍ " قال الفراء: إلى معادٍ ، وأي معادٍ، الجنة قال: ويقال: إلى بلدك ووطنك.
قال: ويقال " إن لاطمته لاطمت الإشفي " وهو الكلام. وإذا قالوا: لشفي اسقطوا الألف.
" الذي أحسن كل شيء خلقه " من خفف أراد خلقه: منةً ورحمةً لعباده، ويقال: الذي علم كل شيء خلقه. وإذا ثقل أراد: خلق كل شيء حسناً. والهاء فيهما لله.
" لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن " . قال: اللام الأولى يمينٌ، والثانية جوابها.
قولهم: نعم الخاز باز يا هذا، جعلوه صوتاً فأداروه في العربية كلها على حالةٍ.
وقال: قال سمعت العرب تقول: نعم الها هو ذا، فأدخلوا عليه الأداة وتركوه على حاله، ونعم الخمسة العشر هي قال: أراد نعم الخمسة العشر هي: وقال: الأصل فيه أنه إذا أدخل الأداة إن كان مجزوماً عمل فيه الأدوات.
وقال: لا تجتمع الإضافة عند البصريين مع الألف واللام إلا في حرفين، وعند هؤلاء في أربعة. أولئك يقولون: نعم الحسن الوجه ، ونعم الضارب الرجل. وعند هؤلاء هذان الحرفان، والعدد والمقدار نعم الاثنا عشر، قال من أجازها قال: هي مثل خير خمسة عشر ومن لم يجزها قال: هي مثل خير غلامٍ.
وقال: الكلام بذكر القول هو بمعنى اليمين، مثل قد قلت لتقومن. قال: وقال الأخفش: معنى قوله تعالى " ثم بدا لهم من بعد مارأووا الآيات ليسجننه " . قال: لما كانت أي تقع ها هنا وقعت اللام هو المفعول المرفوع.
" كانتا رتقاً ففتقناهما " قال: يقال: امرأةٌ رتقاء، إذا كانت لا يوصل إليها فيقول: كانت السماء لا تمطر ثم أمطرت، وأنبتت الأرض ولم تكن تنبت.
" لا يشاري ولا يماري " المشاراة: العداوة والمجاذبة والدفاع عن الحق والاستشراء في الشر. ولا يمارى، أي لا يرد الكلام.
ممن يقوم أجمع زيدٌ، وممن يقومون أجمعون زيد، ولم يجز: ممن يقوم أجمعون.
قال: من قال: من هو إخوتك الزيدون، لم يقل من هو أنفسهم. ومن من عندك أجمعون زيد، قال: عندك يكون في الجمع.
وقال: كل ما جاء على تقطيع الأسماء لم ينكروا جمعه. قولهم: الطواسين مثل القوابيل جمع قابيل. ومن قال: الطواسيم بناه على أنهم يقلبون النون ميماً.
" يدعو لمن ضره أقرب من نفعه " قال: هذه لام اليمين وجوابها " لبئس المولي ولبئس العشير " . وقال الأخفش يدعو لمن ضره إلهه أقرب من نفعه. " مناص " : مذهب. " إن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً " . قال: هذا توكيد. وقال: يقال:لما قرئت قال ابن مسعود: " لن يغلب عسر يسرين " .
الشب: الأرتفاع. والشت: الافتراق والغلط. والشث: الجوز البري.
" ماذا أنزل ربكم قالواأساطير الأولين " قال: هذا استئنافٌ، وكأنهم قالوا لم ينزل شيئاً، هذه أساطير الأولين. ويجوز في مثل هذا الاستئناف والنصب جميعاً، مثل قوله: " قالوا خيراً " .
من هو أحمر جاريتك. قال: هو قليلٌ، والأجود: من هو حمراء جاريتك.

لم يفرق بين قوله: أنتِ طالق بعلم الله، وأنت طالقٌ يعلم الله. وأجاز: زيداً ضرب أخوه، وأجاز: زيداً أخوه ضرب. قال: حق المفعول أن يكون بعد الفعل، مثل: " لا ينفع نفساً إيمانها " .
دار قومك تهدم وبهدمون هم. قال: إذا جاءت الكناية عقب كلام أجازوه كلهم، وإذا لم تكن لم يجيزوه، تقول: نعم القوم إخوتك وبئس هم. وليس في العربية إذا قال قام إخوتك أن يقول قام هم، وكذا العماد على هذا يعمل.
سئل عن قولهم " إنه قام زيد " ، ما تقدم قبله من الكلام؟ فقال: هذا مثل قولهم " إنه " قامت هند، إنما تقدم العماد ها هنا - يعني في أول الكلام - ليعلموا أن الكلام يجيء مذكراً أو مؤنثاً. يقال: عرفته إلى أبيه،أي نسبته. قال: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليس منا من لم يأتمر بأمر الله عز وجل " أي يرد أمره إلى أمره. في قوله: " والمرسلات عرفاً " قال: الملائكة يتبع بعضهم بعضاً. " فالعاصفات عصفا " : الرياح. " فالناشرات نشراً " قال: الملائكة أيضاً. " فالفارقات فرقاً " قال: الملائكة تنزل بالحلال والحرام.
الحليلة: الجارة، وهي امرأة الرجل أيضاً.
ويقال كفه لا يليق بها شيءٌ، أي لا يبقي فيها شيء.
وقال: الصفر: داءٌ في البطن، يقال منه: لا يليق بصفري شيءٌ. أي لا يثبت في جوفي.
وقال: " لا تسافرن حتى تصيب لمةً " أي حتى تصيب شكلاً.
وقال: اللمة: الشكل.
وقال: حوض الثعلب: موضعٌ باليمامة.
وقال: المخارف: الطرق.
وأنشد:
اسكت ولا تنطق فأنت خياب ... كلك ذو عيبٍ وأنت عياب
إن صدق القوم فأنت كذاب ... أو نطق القوم فأنت هياب
أو سكت القوم فأنت قبقاب ... أو قدموا يوماً فأنت وجاب
وأنشد:
حلفت لا تنتهي عنا ضيافتكم ... حتى تكون بوادينا السنانير
وقال: الهذر: الكلام الردى الكثير.
وانشد:
هذريان هذرٌ " هذاءةٌ ... موشك " السقطة ذو " لبٍ نثر "
قال: الهذر سقط الكلام أيضاً.
" و السماء ذات الرجع " ، قال: ترجع تمطر سنةً بعد سنة. " والأرض ذات الصدع " : قال: تتصدع بالنبت. " إنه لقولٌ فصلٌ " . قال: حقٌ ليس بباطل. " وما هو بالهزل " ،أي ليس بهذيانٍ.
يقال: " أنت فضضٌ من صلبه " أي تخرج منه متفرقا. كذلك الفضض: المتفرق.
وقال أبو العالية: قال محمد بن سلام: أنشد النابغة الجعدي النبي صلى الله عليه وسلم:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليمٌ إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يفضض الله فاك " . قال: فبقيت أسنانه ترف حتى مات.
يقال: رف يرف، إذا برق؛ ورف يرف، إذا أكل. وأنشد:
لم أدر إلا الظن ظن الغائب ... أبك أم بالغيث رف حاجبي
قال: النامية: القضيب الذي عليه العناقيد؛ والشكير مثله، وهي النوامي والشكر. وقال عمر: " لا تمثلوا بنامية الله " أي بخلق الله. " وهم في طغيانهم يعمهون " قال: العمه: الذي لا يعرف الحجة. والطغيان: هو الضلال. وقال: أصل الطغيان: الإرتفاع، ومنه طغى الماء، أي إرتفع. قال: ثم ضرب مثلاً للمتكبر.
المستوئج: الكثير المال؛ أستوئج من المال، إذا استكثر. قال. ويقال: " الملك عقيم " أن يقتل أباه وأخاه وعمه.
وقال:: أنشدنا أصحابنا:
أمص ثمادي والمياه كثيرةٌ ... أحاول يوماً حفرها واكتدادها
وأرضي بها من بحر آخر إنني ... أرى الري أن ترضى النفوس ثمادها
يقول: أرضي القليل وأقنع به. والثماد: الماء القليل.
وقال: إنما قالوا: ما عبد الله قائماً. وهو قول أهل الحجاز وقد جاء القرآن " ما هذا بشراً " . وبنو تميمٍ يرفعون فيقولون: ما زيدٌ قائمٌ. والذين نصبوا أدخلوا ... بين الأسم والفعل لأن الفعل هو المجحود، فإذا قدموه لم ... ولم ينصبوا، فقالوا. ما قائمٌ عبد الله، فرفعوا كلهم لأن الجحد ............ وأهل البصرة إذا قالوا: ما عبد الله قائماً، شبهوه بليس، فإذا قدموا رفعوا فقالوا:إنما أشبه ليس في ذلك الموضع فقط هذه أصول العربية.
الوشل: الماء القليل. والشول : ما يبقي في القربة من الماء القليل.

والتغييض: أن يأخذ العبرة من عينه ويقذف بها.
وأنشد:
إن الذين غدوا بلبك غادروا ... وشلاً بعينك ما يزال معينا
غيضن من عبراتهن وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا
وقال أبو العباس: قال أبو الحسن، عن بعض الأعراب قال: خرجت بنت معقر بن حمارٍ البارقي بأبيها تقوده - وقد كان عمى فراحت عليه رائحةٌ من روائح الصيف، فقال: يا بنية، انظري ماذا ترين؟ قالت: " أرى سحماء عقاقةً، كأنها حولاء ناقةٍ، ذات هيدب دانٍ، وسيرٍ وانٍ " قال: أجلسيني إلى أصل قفلةٍ، فإنها لم تنبت قط إلا بمنجاةٍ من السيل.
قال أبو العباس: القفلة: ضربٌ من الشجر. سحماء. سوداء. عقاقة بالبرق. يشق شقاً. والحولاء: ما يخرج من رحم الناقة إذا ولدت. والهيدب: مثل هيدب الثوب، تراه متعلقاً دون السحاب. وإن بطئ.
تم الجزء وهو آخر المجالس والحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلامه.

أقسام الكتاب
1 2