كتاب : رسائل الثعالبي
المؤلف : الثعالبي

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
أيام مولانا الملك المؤيد. العالم العادل المسدد. ولي النعم أبي العباس خوارزم شاه. أَدام الله تعالى سلطانه. وحرس عزه ومكانه. مواقيت الشرف والفضل. وأوقاته تواريخ الكرم والمجد. وساعاته مواسم الأدب والعلم. وأنفاسه نعم. وأقواله نعم. وأفعاله سير. وآثاره غرر. وألفاظه درر. ومعاليه تباهي النجوم ارتفاعاً. ومكارمه تضاهي الجو اتساعاً. ومحاسنه تباري الشمس ظهوراً. وفضائله تجاري القطر وفوراً. فالله يديم جمال الزمان ببقائه. وكمال العز والرفعة ببهائه. ويمطر العدل والاحسان باطلة مدته. ويصرف السوء عن مهجته. وحين خرج الامر العالي لا زال نافذاً عالياً. وقدراً جارياً. إلى عبده المخلوق لخدمته. المسمى عبد الملك لعبودية حضرته " بنثر النظم. وحل العقد " من مختار الشعر الذي يشتمل عليه الكتاب المترجم بمؤنس الأدباء. اتخذه العبد قبلة يصلي إليها. وقاعدة يبني عليها. واقبل على النثر الذي هو أشرف. وفي طريق الملوك والأكابر اذهب. وأصحابه أفضل. ومجالسهم أرفع. ولم تزل ولا تزال طبقات الكتاب مرتفعة عن طبقات الشعراء. فان الكتاب وهم السنة الملوك. إنما يتراسلون في جباية خراج. أو سد ثغر. أو عمارة بلاد. أو إصلاح فساد. أو تحريض على جهاد. أو احتجاج على فئة. أو تعزية في رزية. أو ما شاكلها من جلائل الخطوب. ومعاظم الشؤون. التي يحتاجون فيها إلى أن يكونوا ذوي آداب كثيرة ومعارف مفننة. وقد وسمتهم خدمة الملوك بشرفها. وبوأتهم منازل رياستها. واخطارهم عالية بحسب علو الخطر مما يفيضون فيه. ويذهبون إليه. والشعراء إنما أغراضهم التي يرمون. وغاياتهم التي يجرون إليها. وصف الديار والآثار. وذكر الأوطان والحنين إلى الأهواء والتشبيب بالنساء. ثم الطلب والاجتداء. والمديح والهجاء. ولانخفاض منزلة الشعر تصون عنه الأنبياء عليهم السلام. وترفع عنهم الملوك. قال الله تعالى لأكرم خلقه. وأمينه على وحيه. وما علمناه الشعر وما ينبغي له. ولما اخذ امرؤ القيس في قول الشعر وبلغ أباه حجراً الملك شعره انف منه ووبخه ووعظه وقرعه أن يعود لمثله. فلما رآه انه لايرعوى أمر بقتله فحامى عليه الخادم المأمور بذلك فاستحياه وأخفاه ثم اخبر حجراً بفعله. وضمن عن امرئ القيس التوبة من شعره. وقيل ليحيى بن خالد البرمكي لم لا تقول الشعر قال شيطانه اخبث من أن أسلطه على عقلي ولا خير في شيء أحسنه أكذبه. وكان أبو مسلم صاحب الدولة يقول إياكم والشعر فانه يهجو جليسه عند أدنى زلة. ويطلب على الكذب ارفع مثوبة. وقد افصح عبد الصمد بن المعدل عن حقيقة الحال في انحطاط رتبة الشاعر لاشتغاله بخلاف المراشد حيث قال لأبي تمام وقد قصد البصرة وشارفها
أنت بين اثنتين تبرز للنا ... س وكلتاهما بوجه مذال
لست تنفك طالباً لوصال ... من حبيب أو طالباً لنوال
أي ماء لحر وجهك يبقى ... بين ذل الهوى وذل السؤال
فلما بلغت الأبيات أبا تمام. قال صدق والله واحسن. وثنى عنانه عن البصرة وحلف أن لا يدخلها ابداً. وفي التبرم بصنعة الشعر يقول أبو سعيد المخزومي
الكلب والشاعر في حالة ... يا ليت أني لم اكن شاعرا
أما تراه باسطا كفه ... يستطعم الوارد والصادرا
" وقال أشعر أهل اصبهان أبو سعيد الرستمي "
تركت الشعر للشعراء أني ... رأيت الشعر من سقط المتاع
وقد جعلت هذا الكتاب المترجم بنثر النظم. وحل العقد. رسائل وفصولاً. يتحلى أكثرها بالاسم العالي. ثبته الله مادامت الأيام والليالي. ورجوت أن لا اقعد تحت قول الصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد
ألا إن حل الشعر رتبة كاتب ... ولكن منهم من يحل فيعقد
باب
فضائل الكتاب
وممادحهم وأوصاف آثارهم
" رسالة في حل قول أبي دلف العجلي
قوم إذا خافوا عداوة حاسد ... سفكو الدما بأسنة الأقلام
ولضربة من كاتب بمداده ... أمضى وأنفذ من غرار حسام
" وقول الآخر "
قوم إذا اخذوا الأقلام عن غرض ... ثم استمدوا بها ماء المنيات
نالوا بها من أعاديهم وان كثروا ... مالا ينال بحد المشرفيات

معادات الكتاب. ليست من أفعال ذوي الألباب. وان مماراتهم ندامة. ومسالمتهم سلامة. ومصادقتهم فائدة. وغنيمة باردة. وما ظنك بقوم يملكون أزمة المنى والمنايا بحسن كلامهم ويخطبون على منابر الفضل بألسنة أقلامهم. ويريقون دماء الأعداء بأسنة أقلامهم. وقديماً أغنت كتبهم عن الكتائب. ونابت آثار أيديهم عن القواضب. وأجرى على أناملهم جسام المنائح والمواهب. ففي سواد مدادهم بياض النعم. وحمرة الدم. وفيه مرة روح الحياة. وأخرى سم الحياة. وطوراً حلاوة الأرى. ونارة مرارة الشرى. ويوماً ثواب النعيم. ويوماً عقاب الجحيم. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " أخرى في حل قول الصاحب "
بالله قل لي اقرطاس تخط به ... من حلة هو أم البسته الحللا
بالله لفظك هذا سال من عسل ... أم قد صببت على ألفاظك العسلا
" وقول أبي الفتح البستي
ان سل أقلامه يوماً ليعملها ... انساك كل كمي هز عامله
وان أقر على رق أنامله ... أقر بالرق كتاب الأنام له
ما أدري يا سيدي أخطك وشي منشور. أم لفظك أرى مشور. فبالله قل لي أقرطاسك من حلة هوام البسته الحلل وألفاظك سالت من العسل أم قد صببت عليها العسل. ولله أنت إذا أخذت القلم أبطلت كل بطل يهز الرماح. ويسل الصفاح. وإذا أجريت على رق أناملك. أقر بالرق كتاب الأنام لك. ولله درك. إذا تناثر درك. وتكاثر سحرك. فانبهت على لفظك كل الانباه. ودق كلامك وجل عن الأشباه. وحكى حضرة الملك خوارزم شاه. فهي والله خطة المحاسن وروضة الميامن. لا زالت تلك الحضرة. خضرة نضره. يضرب بها المثل في الحسن. وتنتهي إليها صفات الأمن واليمن " أخرى في قول أبي الفتح "
بنفسي من أهدى إلي كتابه ... فأهدى لي الدنيا مع الدين في درج
كتاب معانيه خلال سطوره ... لآلئ في درج كواكب في برج
" وقوله أيضاً "
كتابك سيدي جلى همومي ... وحل به اغتباطي وابتهاجي
كتاب في سرائره سرور ... مناجيه عن الأحزان ناج
فكم معنى بديع درج لفظ ... هناك مزاوجاً أي ازدواج
كراح في زجاج بل كروح ... سرت في جسم معتدل المزاج
بنفسي من اهدى الي نفيس كتابه. واتحفني بأنيس خطابه. فكانما أهدى الي الدنيا والدين في درج. ولآلي الحسن في درج وكواكب السعد في برجي. لا جرم انه أعتقني من رق همومي. وجلا عني غيوم غمومي. فحل به ابتهاجي. وزال معه انزعاجي. وما ظنك بكتاب كريم. يشتمل على فضل عميم. وغنم جسيم ظاهره روض ممطور. ولؤلؤ منثور. وسره سرور. وأنيس موفور. وينجي صاحبه من الاحزان. ويصلح ما بينه وبين الزمان. فكم فيه من معنى لطيف. في لفظ شريف. ما أشبهها في الازدواج. بغير الراح الصافية في صافي الزجاج. أو ببدن العاج. في مذهب الديباج أو بالروح اللطيفة في جسم معتدل المزاج. أو بالمرآة يترآى فيها الوجه الصبيح. والمحيا المليح. وبحسن الخلق يزينه حسن الخلق. وطيب الحلق. وباجتماع المنظر الوضي. إلى المخبر المضي. البهي الرضي. فكل هذا يا سيدي محتقر في جنب كتابك. المنفرد بمحاسن آدابك. ولكني اقول كأنه من حضرة الملك المعظم خوارزم شاه ولي النعم. أعز الله نصره وارد. وعن صدر ملكه صادر. فهو بنور مجلسه مشرق. ومن نسيم مجده عبق ولا غرو ان يجمع اليد منه على البلور الابيض والحجر الأسود والكبريت الأحمر والعيش الأخضر. وملك بني الأصفر. والله اسأل أن يعيذك من عين كمالك. ويجعل أيامك مطايك إلى آمالك " أخرى في حل قول ابن المعتز في القاسم بن عبيد الله " قلم ما أراه أم فلك يجري بما شاء قاسم ويسير
راكعاً ساجداً يقبل قرطا ... سا كما قبل البساط شكور
وجليل المعنى دقيق لطيف ... وكثير الافعال وهو صغير
كم عطايا وكم منايا وكم عيش ... وحثف تضم تلك السطور
نقشت في الدجى نهاراً فما اد ... ري اخط فيهن ام تصوير

أسيف قاطع. ام بريق لامع. ام فلك دائر. ام قلم سائر. يجري بما شاء مولانا الملك خوارزم شاه أدام الله ملكه بادياً وعادياً. ويخدم ارادته راكعاً وساجداً. ويقبل قرطاسه. كما يقبل الشاكر بساطه ويفتح له ابواب الجنان المثمرة المونقه. كما يفتح امره حصون البلاد المستغلقة. فهو الدقيق مرآه. الجليل معناه. الصغير شكله الكبير فعله. القريب صوته. البعيد صيته. وكم من منايا وعطايا. تتضمن ما سطره. وكم نعم ونقم تصدر عما يورده ويصدره ويا له من ساحر النفس بالنفس. يغرس الياقوت والدر في أرض الطرس. ويطرز بالظلام رداء الشمس. وسبحان من علم بالقلم. علم الانسان مالم يعلم. وهو عز ذكره المسئول ان ينظر للدين والدنيا باطالة بقآء مولانا وادامة ايامه. ويسخر الزمان بصرير اقلامه. وصليل حسامه. ما ضحك القرطاس ببكاء القلم. وابيض ليل المراد عن نهار الحكم

باب
في القلم
" رسالة في حل قول الشاعر "
اصم سميع ساكن متحرك ... ينال جسيمات العلى وهو اعجف
" وقول الآخر "
واخرس منطيق نحيف من الضنا ... يصح على طول الزمان ويسقم
جليل خطير يعلم الناس انه ... قليل مهين قد يهان ويكرم
" وقول الآخر "
ظلت ابكي عليهم ولجنبي ... متحل بحلية العشاق
ناحل جسمه كأن يد الده ... ر غذته منها بكأس دهاق
مرهف في لسانه للعطايا ... والمنايا مجاج ريق مراق
" وقول المتنبي "
نحيف السرى يعدو على ام رأسه ... ويحفي فيقوي عدوه حين يقطع
" وقول الآخر "
وأخرس ينطق بالمحكمات ... وجسمانه صامت أجوف
بمكة ينطق في خفية ... وبالشام منطقه يعرف
وسائر أوصاف القلم وخصائصه من كتاب المؤنس الأدبا وغيره مما ينطق الكتاب بايراده كله وأول الرسالة في طريق اللغز وأخرها في ذكره العالي. ثبته الله ما دامت الايام والليالي ما أصم أخرس بليغ ضعيف قوي مهين عزيز دقيق الجسم جليل الفعل نحيل الشخص سمين الخطر. حقير المنظر. شهير المخبر. خفيف المحمل. ثقيل الموقع صغير الجرم. عظيم الجرم. يجمع اوصاف العشاق. في النحول والاصفرار والدمع المراق. ويحاكي أفعال الدهر. في النفع والضر. والجمع بين الأرى. والشرى وشوب الغنم. بالغرم. والملك. بالهلك ويجري بالنحوس والسعود. بين القيام والقعود. ويقضي بالسراء والبأساء. إذا ضحك القرطاس بالبكاء. ويحكم بالقضايا والمنايا والعطايا. ممتطيا خمس مطايا. وفي احد سنيه ريق الصل يزجه. وفي الآخر لعاب النحل يمجه. وفي احد جانبيه البلاء الواقع. والسم النافع. وفي الآخر الدواء النافع. والشفاء الجامع. فاذا أعيا وكل وعي واعتل قطع رأسه فعاد صحيحاً. ونطق فصيحاً. حتى كأنه الشمعة عزها في ذلها. وحياتها في قتلها. ومن خصائصه انه ينطق في خفية بالمشرق. فيعرف بالمغرب ما يسره من المنطق. ومن لطائفه انه يكشف عن الضمير ويحصل ما في الصدور. ويقسم الناس بين القبور والصدور. ولا أطيل عليك يا سيدي بذكر أو ابده وفوائده ووصف عوايده وعوائده. هو القلم الذي علم الله به أولاً. وحلف به أخراً. وجعله كتاب وحيه. ولسان أمره ونهيه. فالعلوم من آثاره. والآداب من ثماره. والسيوف والرماح من خدمه وما منا إلا متحمل نعمه ونقمه. والله دره أخاً سما إلى سماء الفضل. وفلك المجد. وينبوع الجود من يد مولانا الملك المعظم خوارزم شاه ولي النعم أدام الله سلطانه. وثبت أركانه. فطفق يخدم عالي فكره. ويقف كيف يشاء عند امره. ويستخرج در طبعه من بحر علمه. ويرصعه تاجاً على مفرق دهره. فهناك الجمال بجملته. والكمال بكليته. والبلاغة بجوامعها. والبراعة في أحسن معارضها. وهناك حر الكلام يقطر منه ماء الشرف. ويلوح عليه شعاع الكرم. فكم له من توقيع يملك رق الحسن والاحسان. ويقع موقع الماء من العطشان. أعاذ الله مولانا من عين الكمال ونوائب الزمان ولازالت آثار يده العاليه قبلة توجه اليها صلوات التعظيم ويوقف عليها طواف الاجلال والتقديم. آمين اللهم آمين
باب
المكارم والجود
" رسالة في حل قول عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه "
ولست منافساً في المال خلقاً ... ولكني انافس في المعالي

أحب بأن يكون الناس دوني ... طوال الدهر في كرم الفعال
ولا والله ما أحببت مالاً ... لشيئ قط الا للنوال
أفيد ويستفيد الناس مني ... وما يبقى يصير إلى الزوال
من نافس في الأموال لتتسع مواردها. ويتصل امدادها. ويتوفر اعدادها وتكثر بالناطق يقتني أجناسه. والصامت يخنق اكياسه. فاني انافس في المعالي والمكارم. وأرى تحمل المغارم من اعظم المغانم. ولا أتكرث الا بمواساة الاحرار وانتزاعهم من أظفار الدهر الغدار. واحب أن يكون الناس دوني في حسن الفعال وحميد الخصال. و والله ارفع الايمان. وأعلاها في شرائط الايمان. اني ما احب المال الا لبذله. والجود به على اهله. واعتقد ان ما اعطيه يبقى ويخلد. وانا الذي ابقيه يفني وينفد. وكيف لا اكون كذلك وانا من خدم ملك هو المجد أنشي نفساً. والكرم يمثل شخصاً. وله همة في الجود تعزل السماك الا غزل سموا. وتجر ذيلها على المجره علوا. فلو ان البحار مدده. والسحاب يده والجبال ذهبه. لقصرت عما يهبه. فقد علمتني علاه محاسن الخلق المحمود. واعدتني حضرته الجود بالموجود فما اجمع شمل المال الا لتفريقه. ولا اذهب مع الامساك الا في طريقه. ولا ارهب الفقر وانا جار البحر. ولا اخاف الضلال وانا اسري في ضوء البدر. وما هو الا من إذا وصف فقد عرف وإذا ذكر فقد شكر. وليس ذلك غير الملك العادل الميمون. والخلف من المأمون ابي العباس مأمون بن مأمون. خوارزم شاه أعز الله نصره في الملك المصون وأطال بقاه لتسهيل الحزون. ومسرة المحزون " رسالة في حل ابيات ابانا بن عبد الحميد اللاذقاي إلى الفضل ابن يحيى البرمكي الذي أعطاه عليها ما اغناه " وهي
انا من حاجة الامير وكنز ... من كنوز الامير ذو ارباح
كاتب حاسب اديب لبيب ... ناصح زائد على النصاح
شاعر مفلق أخف من الري ... شة مما يكون تحت الجناح
لي في النحو فطنة ونقاد ... لي فيه قلادة بوشاح
ان رماني الامير اصلحه الل ... ه رماحاً أصاب حد الرماح
لست بالضخم يا أميري ولا الفد ... م ولا بالمحدرج الدحداح
لحية سبطة ووجه جميل ... واتقاد كشعلة المصباح
وطريف الحديث في كل فن ... وبصير بالترهات الملاح
كم وكم قد خبأت عندي حديثاً ... هو عند الملوك كالتفاح
ايمن الناس طائراً يوم صيد ... في غدوي وعند وقت رواحي
أبصر الناس بالحروب وبالخي ... ل وبالخرد الحسان الملاح
كل ذا قد جمعت والحمد لل ... ه على انني ظريف المزاج
لست بالناسك المشمر ثوبي ... ه ولا الماجن القبيح الوقاح
ان دعاني الامير صادف مني ... شمرياً كالجلجل الصياح
وهي طويلة سائرة

لولا ان من معروف الرسوم والعادات. وصف الانسان نفسه للملوك والسادات. وذكره ما فيه من الفضيله. عند ابتغاء الوسيله. لما تمدح يوسف الصديق بن اسرائيل يعقوب بن الذبيح اسحاق بن الخليل ابراهيم عليهم افضل الصلاة والتسليم. حين قال للعزيز اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم. وهذه مقدمة للاعتذار إلى الامير أطال الله بقاه من مدح نفسي لحضرته. عند عرضها على خدمته. فاني حاجة من حاجاته والافاضل حاجات السلطان وكنز من كنوزه. والكفاة كنوز الزمان. وقد جمعت بحمد الله آلات الخدمة الملوكية. وحزت أدوات الاعمال السلطانيه. فيدي في الكتابة كالبرق. وقلمي فلكي الجري. وخطي كالروض غب المزن. وبلاغتي يقرب جناها ويبعد مداها. وكلامي في الترسل يؤنس مسمعه. ويؤنس مصنعه. ولي من الحساب خط اطبق به مفصل الصواب. وآخذ معه باطراف الآداب. واحل في النحو دقائق الاشكال وازيل معترض الاشكال. وقريحتي في الشعر غير قريحة وطبعي غير طبع وأبكار افكاري عرائس كسوتها القوافي وحليتها المعاني فهي تسير مسير الامثال. وتسرى مسرى الخيال. وعندي من الشفقة والنصيحة. ما هو ثمرة العقيدة الصحيحة. ومن الموالاة والمشايعة. ما يستوفى على حقوق المبايعة. ولي خلقة سوية. وصورة مقبولة. وسجايا معسولة وشمائل خفيفه. وهي في ميزان الفضل ثقيلة. ولست بالنحيف القضيف المحتقر ولا بالضخم الفخم المشتهر. ولست بالطويل المربي على الطوال. ولا بالقصير الخارج عن حد الاعتدال ولست بالناسك البارد. ولا الفاتك المارد. ولا بالمتعفف المتقشف ولا بالخليع المتكشف. فانا اشوب الحصافة باللطافة والتوقر بالتوقد وازين الصباحه. بالفصاحه. والخفة بالرجاحة. واجمع بين جد العلماء والحكماء وهزل المجان والظرفاء. ولا اخلو من آداب الديوان والميدان. ومحاسن الكتاب والفرسان. ولا يعدم لدى الرأي أرى بأوائله أواخر الأمور. واكشف عن مبهماتها أغطية الستور. فأنا مرة عمدة الأمراء. وعدة الروساء. وتارة ريحانة الندماء. وشمامة الظرفاء. وطورا يساغ بي مرارة الكؤوس ويستمد من عشرتي مسرة النفوس. وتارة أعطي الجهاد. أوفى حظوظ الاجتهاد. واطبع حكم الجلد في صدق الجلاد. وتارة أمد يد الهزل فلا انطق في الجد بحرف. ولا استتر من السخف بسخف. وليس بصري بادارة رحا الحرب. والهاب جمرة الطعن والضرب. وطحن الأعداء كطحن الحب. دون بصرى بالخروج في العشرة من القشرة. واطلاع كواكب الندمان وانطاق ألسن العيدان واستمطار سحاب الأنس. وفض ختام اللهو ولا معرفتي بالخيل الجياد. والنصول الحداد. والقسى الشداد دون معرفتي باغصان القدود. وتفاح الخدود. ورمان النهود ولا ما عندي من أخبار العرب والعجم. وصناف العلوم والحكم وآداب السيف والقلم. بأقل مما عندي من الخرافات الملاح وفكاهات المزاح. التي هي أطيب من الريحان والراح والتفاح. وما أشبه في المحاضرة بها والاتقاد في حسن العبارة عنها إلا بشعلة المصباح. والجلجل الصياح. ثم لي في الصيد من يمن الطير وقضاء الوطر. وتحصيل الظفر. ما يحسن عند الملوك أثره. ويطيب لديهم ثمره. وحقيق على الامير ان يتقبل من جمع تفاريق هذه المحاسن بقبول حسن. ويطوقه قلادة من منن. وان يستخلصه لنفسه. ويتخذه لجده وهزله. فان شاء عمر به مجالس انسه وان شاء رتق به فتوق ملكه. وان أراد استخصه لمجالسته ومؤانسته. وان أراد استكفاء طرفا من اطراف مملكته وان احب فوض إليه تهذيب أعماله. وتثمير أمواله. وان احب انتضى منه سيف الضريبه. وابرز ليث الكتيبه. ليجد عنده في جميع هذه الأحوال والشؤون. ما يحقق احسن الظنون. وقد تعرفت إلى الامير بجهدي. ووصفت له ما عندي. فان بعثه المشهود من كرمه. وحسن شيمه. وعلو هممه. على قبولي وتحقيق مأمولي. كنت الصنيعه. الذي يحفظ الوديعه. والخادم الذي يشكر المكارم. وان ادرجني في أثناء الغفله. وطواني في ادارج الجفوه ففي الارض العريضة عمن ضاق ظله متجول. وعلى الله ثم على الملك خوارزم شاه اعز الله نصره معول. وسا ذوع بأملي إلى حضرته التي هي كعبة الآمال. ومحط الرحال وقبلة الأفاضل من الرجال. وملجأ الملوك المضطهدين ومهرب السادة الممتحنين. واضرب بسهم في الاقتباس من نورها. والاغتراف من بحرها. واستظهر بحسن حالي بما يلوح على من سعدها فان كنت من الأكابر. فلي في عدنان الهروى أسوة وان كنت من الأصاغر. فلي بابن

الثعلبي النيسابوري قدوة والسلامي النيسابوري قدوة والسلام " اخرى في حل قول مروان بن ابي حفصة "
لو مس بالكف عودا يابسا نخرا ... لاهتز اخضر حتى يطلع الثمر
تراك لا والقني وارجع وسوف وعد ... ما قال هذا وما فيه له وطر
لكن يقول نعم وابشروهاك وخذ ... هذا اقر له في فضله البشر
لو ان كتاب خلق الله كلهم ... نعم وحسابهم جاؤك فابتدروا
أن يحسبوا أو يخطوا عشر ما وهبت ... كفاك يوماً من الأيام ما قدروا
أبقى الله مولانا الملك خوارزم شاه للكرم والجود. فهو الذي لو مس عودا يابسا لعاد الماء في العمود. حتى يهتز وينور. ويخضر ويثمر. وهو الذي لا يجري على لسانه كلمات الرد. وألفاظ الوعد. مثل لا وسوف وعد غدا أو بعد غد. لكن قوله لسائله وطالب نائله. نعم وابشروهاك. والغنى قد أتاك. وخذ هذا وذاك. فلو ان كتاب الارض وحساب الخلق اجتمعوا على ان يكتبوا عطاياه. ويحسبوا هداياه. لما قدروا على ضبط العشر مما تهب كفاه. فدامت له علاه. وفداه من عاداه " أخرى في حل قول الفرزدق " " في يزيد بن المهلب لما عزل عن خراسان "
أبا خالد ضاعت خراسان بعدكم ... وقال ذوو الحاجات أين يزيد
فما لسرير الملك بعدك بهجة ... ولا لجواد بعد جودك جود
فلا مطرت بالشرق بعدك مطرة ... ولا اخضر بالمروين بعدك عود
أنا أطال الله بقاء الامير أرثي لخراسان فقد حدثت بها الأحداث. وعمها من بعده الالتياث. واختلت امورها. وضاعت ببعده ثغورها. وتنكرت معارفها مذ صارت بغير رسمه. وكادت منابرها تبكي لفقد اسمه. وقال أبناء الحاجات. وأصحاب الطلبات. يالهفي على يزيد وايجابه. لواردي بابه. وحسن اجابته لقاصدي جنابه. ويا أسفي على ذلك الشرف العميم. والخلق العظيم. والطبع الكريم والنائل الجسيم. فما لسرير الملك مع غيبته بهجة. ولا للكرم بخراسان بعده مهجة. واذ قد زال عنها ظله الظليل وفارقها فضله الجزيل. فلا مطرتها مطرة. ولا قطره. ولا اخضر بالمروين عود. ولا عاد إليهما عيد. ولئن عظمت المصيبة بعزله. فانه لم يعزل في سلطان فضله. ولئن صرف عن خراسان فانه لم يصرف عن الإحسان. والسلام " اخرى في حل قول ابي اسحاق الصابي في المهلبي الوزير "
له يد برعت جودا بنائلها ... ومنطق دره في الطرس ينتشر
فخاتم كامن في بطن راحتها ... وفي أناملها سحبان يستتر
" وقول الآخر "
له سحائب جود في أنامله ... أمطارها القضة البيضاء والذهب
" وقول علي بن جبلة في ابي دلف "
أبا دلف ان السماحة لم تزل ... مغللة تشكو إلى الله غلها
فبشرها ربي بميلاد قاسم ... فارسل جبريلا اليها فحلها
أبقى الله مولانا الملك خوارزم شاه. وعين الله على يده العالية إذا كتبت. ولا زالت عليها واقية باقية إذا وهبت. فهي التي يفيض من أناملها بحار تلفظ اللؤلؤ والمرجان. وينشأ من راحتها سحائب تمطر اللجين والعقبان. فكأن فيها سحبان يسحب ذيل فصاحته وحاتماً يقيم رسم سماحته. ولا غرو أن يكون الجود حليفه. وخليله واليفه. ولم يزل أسير حبس قد اغلق رتاجه. وسمير غل قد ضعف علاجه. فبشره الله بميلاد الملك الميمون. مأمون بن مأمون.وارسل جبريل فحل غله وشفى غلته. وازاح علته. وانطق لسانه بالحمد لمن فك اسرا. وجعل بعد عسر يسرا. وبالشكر لمن اخرجه يمن مولده. وسعادة مورده. من ذلة الرق إلى عزة العتق. ومن تصلية الجحيم. إلى جنة النعيم. فلا عدمت الدنيا الجمال بمن الجود من عتقائه. وشاكريه. واوليائه. وادام الله له أيامه للمكارم والآداب. ما استحسن برد الشباب واستطيب برد الشراب.
" اخرى في حل قول الشاعر "
إذا ما أتاه السائلون توقدت ... عليه مصابيح الطلاقة والبشر
له في ذوي المعروف نعمي كأنها ... مواقع ماء المزن في البلد القفر
" وقول مروان بن ابي حفصه "
يا من الجود صاغ الله راحته ... فليس يعرف غير البذل والجود
عمت عطاياك من في الارض قاطبة ... فأنت والجود منحوتان من عود
" وقول الآخر "

فلو كان ما تعطيه من رمل عالج ... لا صبح من جدواك قد نفد الرمل
وباريت وبل الغيث والغيث وابل ... فدام ندى كفيك وانقطع الوبل
لنا الحمد لله ملك إذا أتاه السائلون. وقصده الآملون. جرى في وجهه القمري البشري ماء البشرى. وبشرهم بالأمان من الدهر. ووقعت نعماه منهم مواقع القطر من البلد القفر. وكيف لا يكون كذلك وقد خلقه الله من طينة الجود. وجعل راحته راحة المنجود. فليس يؤثر غير الجود بالموجود. وكأنه والجود من عود. ولو كان ما يعطيه رمل عالج لنفد الرمل. ولو بارى الوبل لا نقطع الوبل. فسقى الله أخلاقه أشباهها من سيل المزن ولا زالت لتسيهل الحزن وتكشف الحزن.
" اخرى في حل قول ابي تمام "
هو البحر من أي النواحي اتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله
تعود بسط الكف حتى لو انه ... ثناها لقبض لم تجبه أنامله
" وقول زهير "
تراه إذا ما جئته متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله
" وقول منصور بن بادان "
ما قال لاقط من جود أبو دلف ... الا التشهد لكن قوله نعم
" وقول الآخر "
سألت الندى والجود حران أنتما ... فقالا جميعاً أننا لعبيد
فقلت ومن مولاكما فتطاولا ... علي وقالا خالد بن يزيد
مولانا الملك خوارزم شاه أدام الله ملكه وأعز نصره. بحر لجته المعروف. وساحله الجود المعروف. ولقد عودته بسط الكف فواضله. فلو أراد قبضها لم تجبه أنامله. وكلما سئل انشرح صدره. واهتز عطفه وترجم عنه يسره. وقرئت في وجهه صحيفة الهشاشة. وتهلهل منه هلال البشاشة. وبرقت بارقة السرور فيه. حتى كأنه يعطى ما يعطيه. فأقواله نعم. وأفعاله نعم. والناس عبيد إنعامه وإحسانه. ولولا التشهد لما اجرى لا على لسانه. ولقد سألت الندى والجود. فقلت لهما. اخبراني عنكما. احران أنتما. فقالا ما نحن إلا عبدان حقاً. ومملوكان رقا قلت ومن مولاكما. فآخذتهما العزة بالكبر. وجرا على أذيال التطاول والفخر. وقالا من تطيب بذكره الأفواه. ولا ترى له الأشباه مأمون بن مأمون خوارزم شاه فحين قرع سمعي ذكر الاسم العالي وليت وجهي نحو حضرة المعالي. وفرشت الارض بيدي فرشاً ونقشت التراب بفمي نقشا. وقلت رب عبوديه. خير من حريه. ورب رق. افضل من عتق. فلا زلتما من ممالك ذلك الملك ما دارت نجوم السماء في الفلك

باب
لطف السؤال
" رسالة في حل قول الشاعر "
يا ذا الذي لم تزل يمناه مذ خلقت ... فيها الباغي النوال العل والنهل
ان كنت مسدى معروف إلى رجل ... لفضل ود فاني ذلك الرجل
فامنن علي بفضل منك ينعشني ... فأنني شاكر للعرف محتمل
أنت أيها الامير أطال الله بقاك بحر يجود على آمليه من غير علل ويسقي وارديه عللا بعد نهل. فإن كنت مسدى معروف. إلى رجل ملهوف. قد وقف على مودتك أجزاء نفسه. وفرش لمحبتك جوانب صدره. فأني ذلك الرجل الموصوف بموالاتك المعروف بمشايعتك وأنت أعلا عينا وما يراه من المن بثمرة من ثمار فضلك تنعشني من سرعة الفقر. وتستنقذني من أنياب الدهر. عالماً باني الشاكر للصنيعة الحافظ للوديعة انشاء الله تعالى " اخرى في حل قول الأعرابي لمعن بن زائده "
اصلحك الله قل ما يبدي ... واجتاح مالي العيال اذ كثروا
افراخ عش بمجهل قذف ... كانوا بخير ما اعتادهم ضرر
انحى عليهم دهر بكلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا

أشكو إلى الامير أصلحه الله سوء الحال. وقلة المال. وكثرة العيال وفيهم أفراخ زغب أكابر وهم أصاغر. كانوا في ظل النعمى وتحت جناح الغنى فكرت عليهم الأيام بارتجاع ما أعارت. واستلاب ما أفادت وألقت عليهم كلا كلها. وأنزلت بهم نوازلها وحين نبابهم عشهم. وضاق عليهم عيشهم. وقاسوا خطوباً تبعث خطوباً ونوائب تدع الوالدان شيبا. دلوني على الامير أيده الله بالآمال الواسعة. وأرسلوني إليه من البلاد الشاسعة وانتظروا عودي إليهم مورق العود. وافر الحظ من السعود موقر الركائب مثقل الحقائب. فان رأى أعلا الله رأيه ان يحقق ظنونهم ويقر عيونهم. ويخرجهم من الضيق إلى السعة ومن الانزعاج إلى الدعة فعل انشاء الله تعالى " اخرى في قول الشاعر "
ايهذا العزيز قد مسنا الضر ... جميعاً وأهلنا أشتات
ولنا في الرجال شيخ كبير ... ولدينا بضاعة مزجاة
قل طلابها فصارت كسادا ... وتجارتنا بها ترهات
فاحتسب أجرنا واوف لنا الكيل ... وتصدق فأننا أموات
أيها العزيز اعز الله نصرك وأعلى أمرك. قد مسنا وأهلنا الضر وانحنى علينا الزمان المر وعمنا الاختلال والشتات. وتفرق منا البنون والبنات. ولنا شيخ كبير اخذ الزمان من جسمه وقوته كما اخذ من حاله ونعمته. وابتلاه الله بالعدم على الهرم فصرنا من ذوي المحال المنخفضة الدرجات. وأصحاب البضائع المزجاة والشأن في الكساد. الذي هو أخو الفساد. وسوء أثره على تجارة لنا يسيرة. وبلغة حقيرة. نقاسي منها قذى العيون وشجى الحلوق وغصص الصدور فاحتسب الأجر الجزيل. والشكر الجميل. بنظرة كريمة منك تحيينا ونحن أموات. وتنشرنا ونحن رفات. واحسن بنا ان الله مع المحسنين. وصلاته على النبي المصطفى محمد وآله أجمعين " اخرى في حل قول ابي عبد الله الخليع لابن طولون "
أنا حامد أنا شاكر أنا ناشر ... أنا جائع أنا راجل أنا عاري
هي ستة وأنا الضمين لنصفها ... فكن الضمين لنصفها بعيار
أطعم وأركب واكس ثم لك الوفا ... عند اختيار محاسن الاخيار
والعار في مدح لغيرك فاكفني ... بالجود منك تعرضي للعار
والنار عندي كالسؤال فهل ترى ... ان لا تكلفني دخول النار
أنا أطال الله بقاء سيدنا حامد له شاكر إياه ناشر فضله. ولكني جائع والجوع بلاء عظيم. وعذاب اليم. وراجل والرجلة مثلة. وعريان والعرى مذلة. وهذه صفات ست قد تضمنت نصفها. وضمنت كرم سيدنا شطرها. ليجري على شاكلته في الأنعام. بالإطعام. والإحسان. بقود الحملان. وتفخيم الرقعة. بالخلعة. وله مني الوفاء بحمد يحسن وصفه. ويطيب عرفه. وشكر كشكر الروض للمطر. والساري للقمر. ونشر كنشر المسك الأصهب والعنبر الأشهب. وليعلم اني أرى مدحي سواه. وتعرضي لجدواه. عارياً لا يغسله الاعتذار. ولا يعفيه الليل والنهار. كما اني اتصون النار في السؤال. وإراقة ماء الوجه عند الرجال. فان رأى أعلا الله رأيه ان يصونني عن العار. ولا يعرضني لدخول النار. فعل جرياً على عادته في استعباد الأحرار. انشاء الله أخرى " في حل قول الشاعر لعلي بن عيسى "
أيا من زان أسباب الولايه ... ومن خص المكارم بالعنايه
ثيابي ملحم في يوم ثلج ... وحسبي لا اطول في الشكايه
من زانته الولاية أطال الله بقاء سيدنا فانه قد زانها بحسن شيمه. وعني بالمكارم حتى عدت من خدمه. والله يطيل بقاءه لاستثمار الشكر من غرس نعمه. وسيدنا أدام الله تأييده يراني في ثياب صيفية لعبت بها أيدي البلى ما لعبت. واكلت عليها صروف الدهر وشربت. وقد مد الشتاء رواقه. وحل البرد نطاقه. وعادت هامات الجبال شيباً. ولبست من الثلج ملأ قشيبا. ولا ازيد على هذا القدر من الشكايه. وان قاسيت من الشتاء اشد النكايه. والسلام " اخرى في حل قول الآخر "
اتيتك يا عقيل بلا اخاء ... ولا سبب يكون سوى الرجاء
فان تنعم فليست منك نكرا ... وان تمنع احلت على القضاء

من توسل إلى سيدنا اطال الله بقاه بحرمة وذمة. وقدمة خدمة. فاني أتوسل إليه بالرجاء. الفسيح الإرجاء. وكفى به وسيلة عند الفضلاء الكرماء. الذين هو مشهور بسيادتهم وواسطة قلادتهم ثم اذكر له حاجتي إلى عجالة من معونته. وطليعة من مؤنته. فان انعم علي بها لم يكن نكرا. والزمني ثناء وشكرا. وان تكن الأخرى حملتها على حكم المقادير. الجارية بخلاف التقدير. ولم الزمه ذنب الزمان الجائر. والجد العائر. ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول سحبان بن وائل "
يا طلح اكرم من مشي ... حسباً وأبذلهم لتالد
منك العطاء فاعطني ... وعلي مدحك في المشاهد
سيدنا أطال الله بقاه اكرم الناس نسباً. واشرفهم حسباً. واحرصهم على استبعاد الأحرار بالأفضال. وأسخاهم ببذل التالد والطارف. من الأموال حتى كأنه في تصديق الظنون. وتفريق المخزون وابتذال المصون. مأمون بن مأمون. فمنه العطاء ومني الثناء وله المنح. ولي المدح. وعليه البر. وعلي الشكر. وسأبلغ من ذلك في المشاهد الغاصه. والمجالس الخاصه. ما تبتهج به المكارم. وتهتز له المواسم. ان شاء الله " اخرى في حل قول ابي احمد بن ابي بكر الكاتب لأبي الفضل محمد بن عبد الله البلعمي "
يا أبا الفضل لك الفضل المبين ... وبما تكنى به أنت قمين
ليس تخلو من زكاة نعمة ... اوجبت شكر الرب العالمين
فزكاة المال من اصنافه ... وزكاة الجاه رفد المستعين
لاغرو ان كني سيدنا أطال الله بقاه بالفضل فانه أبوه. وابنه واخوه. ولقد وافقت الكنية مكناها. وطابقت لفظتها. معناها والله ينظر للفضل والافضال بإطالة مدته. وإدامة بهجته. وحراسة مهجته. وقد علم سيدنا أدام الله تأييده ان النعم التي توجب شكر الله عليها لا تكاد تخلو من زكوات تستحفظ المواهب بها. وتستدر الزيادات معها فزكاة المال من أصنافه معروفة. والى مستحقيها في حكم الشرع مصروفة. وزكاة الجاه بذل المعونة لطالبها.وقضاء الحاجة لصاحبها. وها أنا استمطر سحاب جاهه. واستظهر على الدهر بحسن رأيه. واسأله ان يشغل بي ساعة من أيامه. ليعيد إلي ما نضب من ماء وجهي. الذي هو فوق دمي. ويجدد لي ما خلق من جاهي. الذي هو فوق مالي وهو أدام الله تمكينه يحسن الحسن. ويقلد اولياءه المنن..ان شاء الله تعالى

باب
التقاضي والاستزادة
" رقعة في حل قل الشاعر "
كفاك مذكرا وجهي بأمري ... وحسبك أن أراك وأن تراني
واني ان دنوت رعيت حقي ... وان ابعد فلا تنسى مكاني
الذكرى تنفع المؤمنين. وتحتمل من المخلصين. وأنا اقتصر من تذكيره بأمري على ما يواجهه من وجهي. وأكتفي من اقتضائه حاجتي. بما يراه من شخصي ويتصوره من حالي. واعلم اني ان حضرته أوجب لي. وان غبت عنه لم ينسني. وان كاتبته أجابني عن مكتوبي. والى مطلوبي. والله يبقيه ويقيه. ويعيذني من رؤية السوء وسماعه فيه " أخرى في حل قول الآخر "
أروح لتسليم واغدو لمثله ... وحسبك بالتسليم مني تقاضيا
أنا أطال الله بقاء الشيخ أغدو إلى حضرته للتسليم واروح. ولا أبوح بما في صدري من الحاجة ما صحبتني الروح. بل أكل ذلك إلى فطنته الثاقبة. وعنايته الراتبة. وأثق باجابته داعي الكرم في أمري. ولا شك في حرصه على ما يؤدي إلى استجلاب شكري. وكفى بالتسليم تقاضيا وبالزيارة اقتضاء. ورب إشارة. ابلغ من عبارة. وتعريض أوقع من تصريح. ولسان حال. انطق من لسان مقال. والسلام " اخرى في حل قول الشاعر "
اذكر لا اني علمتك ناسيا ... لامري ولا اني أظنك ساهيا
ولكن رأيت السيف من بعد سله ... إلى الهز محتاجا وان كان ماضيا
لست اذكر من الشيخ أطال الله بقاه ناسيا لمصالحي. ولا ساهيا عن مناجحي. فهو اذكر لحاجات أوليائه من أن ينبه عليها. واشد اعتناقا لها من ان يهاب به اليها. وقد يهز السيف وهو حسام ويحث الفرس وهو جواد. وأنا من الشيخ أيده الله تعالى على ميعاد. وإنجازه لي بمرصاد ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول القائل "
ولقد تنسمت النجاح لحاجتي ... فاذا له من راحتيك نسيم
أعملت نفسي في رجائك ماله ... عنق إليك يحث بي ورسيم

ولربما استيأست ثم أقول لا ... ان الذي ضمن النجاح كريم
قد لاح لي أطال الله بقاء الامير نجم المراد بساحته. وفاح نسيم النجاح من راحته. واستقلت بي للأمل مطية وطية. ولا خشنة ولا بطية. فهي تواصل العنق بالرسيم. وتشافه بي لسان الصنع الجسيم. وربما رمز لي لسان الوسواس. باليأس من الناس. فأقول لا والله وضمين النجاح كريم. ملء لباسه. موفق مد أنفاسه. لا زال عزه باقيا. وبحره ساقيا " أخرى في حل قول الشاعر "
أيا من سادنا كرما وجودا ... وفاق بفضله كل البريه
بحق محمد وبني بنيه ... وعترته المهذبه الزكيه
صل الريش المكسر من جناحي ... بتسريح وجائزة سنيه
فمثلك لا يليق به التغاضي ... ومثلي لا توافقه النسبه
سيدنا أطال الله بقاه. قد فاق من في الآفاق بكرمه المستفيض. وآثار جوده البيض. فلا زالت ينابيع السماح تتفجر من أنامله وربيع الفضل يضحك عن فواضله. وأنا اسأله بحق محمد رسول الله وصفوته. وخيرته من بريته وعترته. الذين هم عشيرة الأيمان . وشجرة الرضوان. ان يخفف ثقل الخلة عني. ويرس ما براه الدهر مني. ويجبر ما كسره الفقر من جناحي. ويجمع بين سراجي ونجاحي. فمثله يحل عن التغاضي. ومثلي يدق عن التقاضي. والله اسأل ان يطيل بقاه لاحسان ينتهي إلى قاصيته. وانعام يقود بناصيته " اخرى في حل قول الشاعر وكتب به إلى المأمون "
شحطت حاجتي إليك فمر لي ... يا أميري معجلاً بخضاب
قد طال الأمد أطال الله بقاء الامير على حاجتي عنده. حتى طار غراب شبابها. وطلع النهار بجانب ليلها. وابيض صبح. مشيبها وعم البياض سواد شعرها. وصارت من ذوات الأسنان العالية والصحبة للأيام الخاليه. فان أمر لها الامير أعلى الله أمره بخضاب يرد صبغة شبابها. ويقر بها أعين أحبابها كان قد نفق سوقا كاسده. واصلح حالا فاسده. ان شاء الله تعالى " حل جواب المأمون عنه "
قد امرنا لها بخضبة خطر ... تدع الرأس مثل حلك الغراب
قد امرنا لها أيدك الله بخضاب. حالك الإهاب. فاحم الجلباب قارئ الثوب. غرابي اللون كأنه من دهمة الأفراس. أو من لباس بني العباس. أو من كسوة الثكالي. أو من ذوائب العذاري. أو من احداق الحور. أو من لعاب الديجور. فليستعمل الخضاب وان كان من شهود الزور. وليعاود الشباب وان كان من متاع الغرور.
" اخرى في حل قول الشاعر "
إذا كان العطية بعد مطل ... فلا كانت وان كانت جزيله
فسقيا للعطية ثم سقيا ... إذا سهلت وان كانت قليله
وللشعراء ألسنة حداد ... على العورات موفية دليله
ومن عقل الكرام إذا اتقوهم ... وداروهم مداراة جميله
إذا وضعوا مكاويهم عليهم ... وان جهدوا فليس لهن حيله
قد علمت أيدك الله ان المطل يكدر الصنيعة. وان كانت رفيعة. ويبغض العطيه. وان كانت سنيه. كما ان التعجيل يكبرها وان كانت صغيره. ويكثرها وان كانت يسيره. والشعراء يتجنون ممن يجرهم على شوك المطل ويحرمهم ثمرة الوعد. ولهم الألسنة التي تغيض البحور. وتفلق الصخور. وتسمع الغياب. وتهتك الحجاب وتدل على العورات. وتكشف عن المستورات. فإذا كووا بها الضجوا ما شاؤا. وإذا هجوا احسنوا وقد ساؤا.وإذا ندد كلامهم ونفذت سهماهم فلا حيلة في ردها أو يرد الثمر إلى الأكمام. والولدان إلى الأرحام. والحازم من يداريهم احسن المداراة. ولا يأخذ معهم في طريق المماراة. وينظر لعرضه بالافضال عليهم. ويتوقى الشر بتقديم الخير إليهم. وأنت أيدك الله تتعظ بما تسمع وتفهم. وتعمل بما تعلم. ان شاء الله " اخرى في حل قول منصور الفقيه المصري "
أبا جعفر لست بالمنصف ... ومثلك ان قال قولا يفي
فان أنت أنجزت لي موعدي ... وإلا هجيت وادخلت في
وقد علم الناس ما بعده ... فغط الحديث ولا تكشف
أبا جعفر ما اكثر أخلاقك. واقل إنصافك ومثلك من. إذا وعد وفى وإذا عقد أوفى. فان حفظت سالف العهد ونجزت سابق الوعد وكنت ممن ينصف ويفي. وإلا عركت وأدخلت في. وما بعده معلوم. والمعنى مفهوم. ولا يخفى على الناس ما أشرت إليه وسبيلك ان تستر عليه. ان شاء الله تعالى

" اخرى في حل قول القائل "
قل للأمير وما بالحق من باس ... دع عنك ضربك أخماسا لأسداس
من اثنتين فلا تبخل بواحدة ... أما النوال وأما راحة اليأس
حقيق علي أيد الله الامير ان لا أقول غير الحق. ولا يجري بناني بغير الصدق. وما منهما الأمر عاقبته حلوه. وثقيل ثمرته خفه وعندي نكتة من عريضه. وقصيرة من طويلة. وهي ان ضرب الأخماس للأسداس. ليس من فعل كرام الناس. فاما ثمرة النجاح واما روح الياس. واقول ما قال الله المنان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان " اخرى في حل قول الشاعر في يحيى بن خالد البرمكي
رأيت يحيى أدام الله دولته ... يأتي من العرف مالم ياته احد
ينسى الذي كان من معروفه أبدا ... إلى العفاة ولا ينسى الذي يعد
سيدنا أطال الله بقاه فرد الأنام واوحد الكرام. فأيامه ربيع مريع. وجوده غريب بديع. فهو يطوى ما تقدم من الإحسان في أثناء الغفلة والنسيان. ويذكر ما يسبق من وعده حتى ينقشه في فص صدره. ويصرف إلى إنجازه جميع فكره. فكأنه قد نظر في سير مولانا الملك خوارزم شاه أدام الله ملكه وأحاط بجلائل نعمه. ودقائق كرمه. فتخلق بخلقه. وجري في طرقه. ولعمري ان من تدبر أخباره. وتبصر آثاره. وعلم ان الكرم مأمولي. لا برمكي. والجود خوارزم شاهي. لا حاتمي. وعرف انه لولا عجائب صنع الله. وبدائع لطف الله. لما نبتت تلك المكارم في لحم. ولا امتزجت تلك الفضائل بدم. ولا اجتمعت تلك المحاسن في شخص. ولا انتظمت تلك المفاخر في نفس. فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون. وسبحان خالق مأمون بن مأمون " اخرى في حل قول الشاعر "
تدعو الضرورات في الأمور ... إلى إستعمال ما لا يليق بالأدب
وحيرة المرء في تقلبه ... تدعو إلى ان يلج في الطلب
سيدنا أطال الله بقاه يعلم ان الضرورة. تبيح المحظورة. وتنقض المروة. وترفض الفتوة. وتدعو المرء إلى ما لا يحسن به. ولا يليق بحسبه وادبه.كما يعلم ان فرط التحير. يمنع من واجب التخير ويحمل الحيي على الوقاحة. حتى لا يبالي بالقباحة. أعاذ الله سيدنا من كل ما يجري على خلاف إيثاره. ويحول بينه وبين اختياره وقد اجتمع علي أدام الله تأييد سيدنا من الضرورة العنيفة والحيرة الشديدة. ما رخص لي في الإلحاح الذي ليس من خلائقي. وبعثني على الالحاف وما كان من طرائقي. وسيدنا أدام الله أيامه. أعلا عيناً فيما يراه من مداواة حالي بطب كرمه. وامساك رمقي بقطرة من ديمه " أخرى في حل قول الآخر "
اطال لك الله السلامة والبقا ... وزادك في الدنيا علوا ومرتقى
بعثت رسولي وهو حامل رقعتي ... فرأيك فيما قلت امس موفقا
يلقى الشيخ اطال الله بقاه. وادام في المعالي ارتقاه. برقعتي من هو رسولي. في تحصيل سولي. فرأيه في اعادة ظني مصدقاً. وصرفه بالنجاح موفقاً. ان شاء الله تعالى " اخرى في قول الشاعر لعبد الله بن طاهر "
ماذا أقول إذا سئلت وقيل لي ... ماذا اصبت من الجواد المفضل
ان قلت اعطاني كذبت وان اقل ... ضن الامير بماله لم يجمل
فاختر لنفسك ما أقول فانني ... لابد اخبرهم وان لم اسأل
أنا أطال الله الامير ناهض النيه. راحل العزيمة. مسافر الهم والعقيده ولم يبق الا المسير. ومن الله التيسير. ولست ادري ما الذي اقول إذا عاودت اوطاني وسلطاني. وشاهدت خلاني واخواني. وسألوني عن حالي بحضرته. وحظي من ثمار خدمته. فان قلت حصلت في الجنان الخصيبة من نعمته ودرت علي سحابة صلته. كذب لسان حالي لسان مقالي ولم تثن عليه حقائبي واحمالي. وان قلت ان الامير ادام الله تأييده قد ضن. ولم يحقق الظن. كنت وصفت البدر بأن لا يلوح. والمسك بأن لا يفوح. والبحر بأن يغيض. ولا يفيض فانا واقف حيث يقف بي اختياره. من الشكر أو الشكايه. ويرتضيه لي ايثاره. منالثناء أو الاستزاده. فان رأى أعلى الله رأيه ان يطلق لساني باجمل القولين فيه. ولا يكلني الا إلى احسن الظنين به. فعل ان شاء الله تعالى " حل الجواب عنها "
عاجلتنا فاتاك عاجل برنا ... قلا ولو أمهلتنا لم يقلل
فخذ القليل وكن كأنك لم تقل ... ونكون نحن كأننا لم نفعل

خاطبتنا أيدك الله مخاطبة من تجهز وتحمل وبرز وهو سائر لايني ومتوجه لاينثني. وكنا نؤثر ان تقيم ولا تريم. لنبلغ من قضاء حقك ما يتأتى في المهل لا على السرعة والعجل. واذ قد جددت في السفر عزمك. وجردت للوطن همك. فجعل الله الخيرة مصاحبة لك. في مقامك وظعنك. وسفرك وحضرك. وسائر متصرفك. ومتوجهاتك. وقد امرنا لك بعجالة قليلة من البر يكثرها ما في التقصير مع المعاجلة من العذر. فخذها وهب انك لم توصل. لنعلم نحن على اننا لم نبذل. والأمر كفاف لدينا. ولا لنا ولا علينا. و ؟ بيننا قائمه لا يلزم أحدنا لائمه. والسلام " اخرى في حل قول منصور الفقيه "
ان إمام الحجاز يقضي ... عليك في الوعد بالضمان
ولي عدات لديك تترى ... معلومة الوقت والمكان
فاوف بالوعد أو فصرح ... بالخلف واسلم على الزمان
ولا تعذب بسوف قلبا ... اقرحه المطل والتواني
الشيخ أطال الله بقاه حجازي الفقه. شافعي الدين. ومن مذهبه. ان من وعد وعدا. فقد ضمن ضمانا وعهد عهدا. وفي دين المروة. وحقوق الفتوة. ان من أعطى من لسانه الوثيقة. لزمته شرائطها على الحقيقة. ولي في ذمة كرمه مواعيد معلومة الأوقات والأزمنة. معروفة المواطن والأمكنة. فان وفى بالعهد. واوفى بالعقد. كان قد جبر كسري. وفك اسري. واستغرق شكري. وان رأى غير ذلك فالتصريح. مما يريح. ولا بأس ببرد اليأس. وما اولاه بأن لا يزيد في عذاب قلب مكدود بالوعد. مجرود على شوك المطل. مجروح بأنياب الدهر. والله يعينه على الخيرات. ويوفقه للحسنات. ويوفر حظه من الباقيات الصالحات " اخرى في حل قول ابن الرومي "
جعلت فداك لم اسال ... ك ذاك الثوب للكفن
سألتكه لألبسه ... وروحي بعد في بدني
وقد طال المطال به ... وخفت حوادث الزمن
فلا تجعله غزلاً فر ... حائكه إلى عدن
الا فامنن به ان ال ... سيادة عاجل المنن
الا واجعله ممتثلاً ... محاسن وجهك الحسن
نقياً مثل عرضك إنه ... ما شيب بالدرن
صفيقاً مثل رأيك ... انه والحزم في قرن
رقيقاً مثل فطنتك التي ... دقت عن الفطن
ولا تعجبك قيمته ... كفى بالجمد من ثمن
وحسبك ان بخلت به ... بفقد الحمد من غبن
جعلني الله فداك. يا مولاي واطال بقاك. إلى متى هذا المطل الشديد. بالثوب الجديد. ولم صار الوعد فيه كالموعيد. أما علمت اني سالتكه لألبسته في حياتي. لا لأن أكفن به عند مماتي. وقد طال به التسويف العنيف. حتى خفت عوائق الحدثان. ولم آمن نوائب الزمان. فلا ينبغي ان يكون فرحائكه إلى اليمن والقى عصاه بصنعاء أو عدن. وليس الزعيم الا فضلك بكفابة شغل طلبه. والجري على حكم سوددك في المن علي به. وإجابة دعائي بكرمك. ان تنفذه ممتثلاً محاسنك. محاكياً شمائلك. وتجعله نقياً كعرضك الذي ما شيب بما يلطخه. وما شين بما يوسخه. وتختاره صفيقاً كرأيك الذي لا يتخلله خلل. رقيقاً كفطنتك التي لا يتعرضها زلل. ولا تتعاظمك قيمته فالحمد لله أعلى واغلى. وبالاستحلاب اولى وان بخلت به وحاشاك. فحسبك فوت الشكر عيباً وكفاك

باب
المطل وخلف الوعد
" رسالة في حل قول ابن الرومي "
لو كان مطلك ذا روح وذا جسد ... في طوله ما شككنا انه عوج
كما نوالك مع ما فيه من قصر ... لو مر بالناس قالوا مر ياجوج
" وقول الآخر "
قد بلوناك بحمد الله ... ان أغنى البلاء
فاذا كل مواعي ... دك والريح سواء
" وقول الآخر "
اطلت انتظار غد بعد غد ... ولم ازمنك يدا فوق يد
فسم غدا أنتظر وقته ... فكل غد بعده الف غد

قد طال المطال أطال الله بقاك سيدي كأني اعوج. منه على عوج. أو أرى به ظل الرمح. وأشاهد عمر النسر. أو أعاني ليلة الهجر. أو أعاين يوم الحشر. ولست أشبه نوالك بياجوج في قصره. وقلته وصغره. فهو اقصر من انملة نمله. واقل من ذرة واحدة واصغر من عنفقة. ولقد جربتك لو نفعت التجارب. وكشفت لي منك العواقب. عن مواعيد فيها من الريح شبه. وانها من البرق الخلب سبب. وبينها وبين العارض الجهام نسب. فحتى متى اصلحك الله تجرني على شوك المطل. وتحرمني ثمرة الوعد وتعللني بغد وما بعد غد. ولا أرى لك يدا فوق يد. اما حان ان تنص على اليوم المعتمد. وتدعني من كثرة ذكر الغد فانه بعيد الأمد. متصل بالأبد " اخرى في حل قول الشاعر "
سألتك حاجة فأجبت فيها ... بأحسن ما يكون من الجواب
فلما رمتها رمت الثريا ... فصارت حاجتي فوق السحاب
" وقول ابي نواس
وعدتني وعدك حتى إذا ... اطمعتني في كنز قارون
جئت من الليل بغسالة ... تغسل ما قلت بصابون
" وقول ابي العيناء "
اني لا اعجب بل فعالك اعجب ... من طول تردادي إليك وتكذب
وتقول لي قولاً أظنك صادقاً ... فاجئ من طمع إليك واذهب
فإذا اجتمعت أنا وأنت بمجلس ... قالوا مسيلمة وهذا اشعب
سألتك اصلحك الله حاجة خفيفة المؤنة عليك. ثقيلة المنة لك. فجمعت لي فيها بين احسن الجواب. واتم الإيجاب. فلما رمتها كانت والثريا في سمك. ومع العيوق في سمت. وصرت أتصورها مرة بمنقطع التراب. وتارة فوق السحاب. وطال ما اطمعتني في كنوز قارون بمواعيدك المعسولة. ثم أتبعتها بمعاذيرك المغسولة ولست ادري أي حالتينا اعجب. كما لست ادري أيهما اكذب اطمعي فيك الذي يجدد عليك اعتمادي. ويكرر إليك تردادي. أم لسانك الذي يدين بالكذب مذهباً. ويستلين من الخلف مركباً فلو جمعني وإياك محفل غاص. أو ضمنا مجلس خاص. لا قبل بعض أهلهما على بعض يعيبونك ويلعنونك. ويقولون هذا مسيلمة ويعنونك. وهذا اشعب ويعنوني. والى الطمع الكاذب ينسبونني. وكان مسيلمة اكذب من أظلته الخضراء. واشعب اطمع من اقلته الغبراء. وأخبار ذلك في الكذب قد سارت في البلاد ووردت المياه. وأخبار هذا في الطمع قد طارت في الآفاق وركبت الأفواه. تاب الله علينا من الكذب والبهت ومن الخلف البحت ومن الطمع الذي يهدي إلى الطبع. بمنه ورافته. وسعة رحمته " اخرى في حل قول ابي تمام
ومحجب حاولته فوجدته ... نجما عن الركب العفاة شسوعاً
لما عدمت نواله اعدمته ... شكري فرحنا معدمين جميعاً
ان طال أيدك الله عجابك. واشتد احتجابك. وتجهم بوابك فكم من محجوب حاولت جنا به. وقصدت بابه. فوجدته نجما يبعد عن العفاه. وحية لا تسمع للرقاه. وحين اعدمني الثرا. اعدمته الثنا. ولما منعني المنح. منعته المدح. فحصلنا جميعاً على العدم اما هو فمن الكرم. واما أنا فمن النعم. وهو من الشكر وأنا من الوفر. ولقد احسن بي ما شاء. إذ أساء. أليس قد اعتق عاتقي من رق الصنيعة. ولم يلزمني حفظ الوديعة والسلام " اخرى في حل قول دعبل "
وعدت النعل ثم صدفت عنها ... كأنك تشتهي شتما وقذفا
فان لم تهد لي نعلا فكنها ... إذا اعجمت بعد النون حرفاً
وعدتني أيدك الله النعل وما أسعفت. بل صددت عن ذكرها وصدفت. فاستهدفت لسهام الذم واستقذف. فان أهديتها الآن وإلا لبست ثوب المغبون. وكنتها إذا اعجمت الحرف بعد النون. والحازم من بقى العرض بالعرض الأدنى. ولا يعرضه للبلوى والسلام " اخرى في حل قول الشاعر "
صحبتكم عامين في حال غربتي ... ارجى نداكم والجنون فنون
فما نلت منكم نائلا غير انني ... تعلمت ذل الفقر كيف يكون

يا أسفي لو كان يغنى الأسف. ويا لهفي ان كان يجدي اللهف: على عامين استغرقتهما في صحبتكم. وانفقتهما على خدمتكم. ولي من كربة الغربة صاحب واليف. ومن رجاء فسيح الأرجاء باعث وحليف. الغرور مكنون. والجنون فنون.. فلم احظ منكم بنائل ولم احل بطائل. ولم أنل ما يغني عني ريش الطائر. بل تعلمت كيف يكون ذل الفقر. وكيف يصول جور الدهر. والى الله المشتكى لا منه. وفيه تعالى عوض عن كل ذاهب. وخلف من كل فائت. فله الحمد على افضاله. وصلاته على النبي محمد وآله " اخرى في حل قول الأستاذ ابي بكر الخوارزمي "
الا من بلغ الأستاذ اني ... أنا الصمصام اغمده الحياء
أنجدت والسباخ لديك مرعى ... ونظمأ والسراب لديك ماء
يطرقنا الزمان وكل يوم ... لنا خطب خواشيها البكاء
وكنت وعدتنا نظراً فابطا ... وقد تتبلغ الخيل البطاء
فان عز القضاء لديك يوماً ... فموجود لدينا الاقتضاء
ويرضى بالرجاء سواي قوم ... وما عندي لحكمهم ارتضاء
فان أخا الرجاء على يقين ... من البلوى وفي القرح امتراء
وشر المرتجين أخو مطال ... يعمر في جوانبه الرجاء
إذا اضحى فموعده مساء ... وان امسى فموعده ضحاء
وهذا العتب واسطة ولكن ... لها طوقان مدح أو هجاء
وبين النجح والتعويق حد ... وقنظرة يقل لها السخاء
فلا تشك القضاء فليس يشكو ... مسيىء نفسه أنت القضاء
ترفق بالامير فكل شيء ... تنال به المنافع كيمياء
أطال الله أعمار المعالي ... وذلك ان يطول لك البقاء
ولا زالت تمد إليك كف ... بضاعتها ثناء أو دعاء
وان رضي الزمان بمثل روحي ... فداء عنك فهي لك الفداء
قلبي اطال الله بقاء سيدنا الاستاذ. ملان من عتب عليه يكثر له العتاب ويضيق عنه الكتاب. ولكن لساني وان كان سيفاً جساماً. وصارماً صمصاماً. فقد اغمده الحياء من جلالة سيدنا ونبله. وحشمة ما اتصوره من ارتفاع مقداره ومحله ويا عجبي كل العجب من اجدابنا في جواره. وظمئنا على القرب من داره. والسباخ لديه مرعى نضير. والشراب عنده ماء نمير والزمان يتطرقنا بحدة ظفره. ولؤم ظفره. ويغير علينا بحوادثه وغيره. ويعرضنا على نوب يليها نوب. وخطوب لنا فيها خطب. حواشيها بكاء يفض عقود الدموع. واشتكاء ينطق عن النار بين الضلوع. وقد كان ايده الله وعدنا من حسن نظره لنا ما كان الظن به جميلا. وانتظرناه طويلا. فابطأ وقد تتبلغ الخيل على بطئها. وتطوي المنازل مع قصر خطوها. فان عز لديه القضاء. فموجود لدينا الاقتضاء. وان دام منه التغاضي دام منا التقاضي. وغيري من يرضى بالرجاء. ويميل فيه إلى الارتضاء. لان اخا الرجاء على يقين من البلوى. وفي شك من الفرج والجدوى. وشر المأمولين من يكثر مطله ويشتد. ويطول عمر الرجاء بحضرته ويمتد. فاذا اصبح جعل الموعد رواحا. وإذا راح صيره صباحا. ومعلوم ان العتاب واسطة لها طرفان. مدح أو هجاء يسيران في البلدان. ويكشفان عن الاساءة والاحسان. وبين النجاح والسراح والتعليق والتعويق قنطرة ماؤها دواء وريحها رخاء. واسمها سخاء. فلا يشكون سيدنا ادام الله تأييده القضاء. فيشكو نفسه. ويغالط حسه. لانه السلطان. وهو القضاءوالزمان. مما اسأله ان يترفق كالامير اطال الله بقاه فيهز عطف كرمه. ويستمطر لي سحاب نعمه. فكل ماء سكن العطش ماء. وكل ما ينال به المنافع كيمياء. والله اسأل الله ان يطيل اعمار المعالي بطول عمره. وعلو قدره وامره. لا زالت احواله مسعودة مغبوطة. والآمال به منوطة. والا كف بالثناء عليه والدعاء له مبسوطة. ولا زال جمالا لهذا العالم بقاءه ولقاؤه. وان رضي الزمان بروحي فداء له فداؤه ووفاؤه " اخرى في حل قول الشاعر لابي دلف القاسم بن عيسى "
ابا دلف لم يبق طالب حاجة ... من الناس غيري والمحل جديب
يسرك أني أبت عنك مخيباً ... ولم ير خلق من نداك يخيب
واني صيرت الثناء مذمة ... وقام بها في العالمين خطيب

وكيف وانت المنعم المفضل الذي ... لكل غريب من نداه نصيب
فان نلت ما املت منك فانني ... جدير والا فالرحيل قريب
قد شمل حسن نظر الامير اطال الله بقاه سائر عفاته. ومؤمليه وزواره. فما اعرف احد الا وقد وصل إلى حظ من عطاياه وضرب بسهم في جدواه. غيري فاني اراني خارجا من هذا العموم. مع مالي في موالاته وخدمته من الخصوص. ويا ليت شعري ايسر الامير ايده الله ان يطيل عنان الغيبه. ثم أنصرف عن حضرته بالخيبه. ولم ير احد خاب في ايامه. واخفق من انعامه. وهل يرضى بأن يستحيل ثنائي ذما. ومدحي قدحا وشكري شكاية. يقوم بها الخطباء فيبسطون اعنة الخطاب ويطيلون امد الاسهاب. لا والله وكيف وهو المفضل المنعم والمسرج في الاحسان والملجم. الذي لكل من مؤمليه اوفر نصيب من كنفه الرحيب ومحله الخصيب. فان لاحظ بعين العناية حالي. وتدارك بطب التطول مرض آمالي. فاني جدير منه بمنة ثقل ظهري . وتستغرق شكري. والافاني ممن يسير ولا يستريح ولا يريح ولا تتعلق به الريح. ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول الآخر "
حسبي وحسبك من مطل وترديد ... افنيت عمري على تسويف موعود
مطل بعيد ونيل لست ادركه ... وعقد وعد بفعل غير معقود
فأمض عزمك فينا ان اردت بنا ... خيراً فعزمي ماض غير مردود
اليوم آخر يوم من مراجعتي ... واليوم أقطع آمالي بتوكيدي
لا تحسبني كمن ضاقت مذاهبه ... ربي لطيف ورزقي غير مسدود
قد والله سئمت من التسويف والترديد. ولم احصل من كثرة المواعيد. الاعلى المطل القريب والنائل البعيد. فان امضيت عزمك في التنويل. والا امضيت عزمي على الرحيل. وهذا يا سيدي اول يوم المعاينة. وآخر يوم المراجعة. فلا تحسبني ممن ضاقت عليه المذاهب. واعوزته المراكب. والله تعالى لطيف. وصنعه بي مطيف. ورزقه عني مردود. وبابه دوني غير مسدود والسلام " اخرى في حل قول الآخر "
قوم مواعيدهم مزخرفة ... تزخرف القول والاكاذيب
يحتاج راجي نوالهم ابدا ... إلى ثلاث من غير تجريب
كنوز قارون ان تكون له ... وعمر نوح وصبر ايوب
اشكو إلى الله ثم اليك يا سيدي ادام الله عزك قوما مواعيدهم مزخرفة باقاويل الاكاذيب. مزوقة بتزاويق الاباطيل. فاذا طلبهم الراجي لطلب غياث. لم يستغن في انتظار جدواهم عن ثلاث. كنوز قارون الذي لم يخلق مثله في اليسار. وعمر نوح الذي لا اطول منه في الاعمار. وصبر ايوب الذي يضرب به المثل في الاصطبار. والله المستعان على حرقة الانتظار. وتباريح الاضطرار " اخرى في حل قول الآخر "
سازعمني رضيت وما رضيت ... وازعمني بررت وقد جفيت
وازعمني انقلبت بخير حال ... ولست من الضرورة استبيت
لانك قد قدرت فما تبالي ... سخطت على فعالك ام رضيت
سأمضي عنك معتصما بيأس ... واقنع بالذي لي فيه قوت
فاما دولة الايام حتى ... تجيئ بما أؤمل أو اموت
كذاك الدهر دولته سجال ... تفيد غنا وأحياناً تفيت
فكم رجل غني بعد فقر ... وغان عاد ليس له مبيت
فان يمت الرجاء لسوء حال ... فان الله حي لا يموت

انا ايد الله مولاي احفظ ستر التجمل فلا اهتكه. واصون ماء الوجه فلا اسفكه. واظهر الرضا وانا غضبان. واشكر وقلبي من الشكاية ملآن. وازعم ان مولاي شفع لي إلى الدهر. ومد الي يد البر. وقد جفاني جفاء. ترك حالي جفاء. وازعم اني انقلبت بحمر النعم. تحمل بيض النعم. وقد احلت لي الضرورة ماحرم الله ولست املك في القوم. عشاء الليلة وغداء اليوم. ومولاي ايده الله شامخ بانف القدرة. راكب مركب النخوة. ذاهب في طريق العزة. لا يبالي اسخطت ام رضيت. واخفقت ام حظيت. واذ قد اسكرته خمرة الغنى. فطغى وبغي وعق. ولم يرع الحق. فسارتحل عنه. ممتطياً ظهر اليأس منه. واستعصم بالسكون والسكوت. والقناعة بالقوت. فاماامل نجيح. واما اجل مريح. وكذلك الدهر احواله سجال. وحشوه آمال وآجال. فطورا يفيد. وطورا يفيت. وتارة يهب. وتارة ينهب. وكم من رجل درت له اخلاق الغنى. وهطلته سحائب المنى. بعد ان كان رهين ضعف ومتربه. وصريع ذل ومسكنه. وكم من مالك اموال. ككثبان الرمال. قد حصل على اظهر اضاقة. وتكشف عن اقبح فاقة. فان مات الرجاء بسوء حاله فان الله حي لا يموت. وان فات الذي املته فصنع الله لا يفوت. وحسبي الله وحده ونعم الوكيل " اخرى في حل قول ابي تمام في عباس بن لهيعة "
النار والعار والمكروه والعطب ... والقيد والصلب والمران والخشب
احلى واعذب من سيب تجود به ... ولن تجود به يا كلب يا كلب
اشكيتموني فلما ان شكوتكم ... غضبتم دام ذاك السخط والغضب
يا اكثر الناس وعد احشوه خلف ... واكثر الناس قولا كله كذب
ظللت تنتهب الدنيا وزخرفتها ... وظل عرضك عرض السوء ينتهب
الشر والضر. والعري والعر. والعار والعوار. والشنار والنار. والبلاء واللاواء والحبس والتعس. والنحس والوبال. والداء العضال. ولضرب الظلم على حرقة الفرقة. وصفع الذل على كربة الغربة. اشهى واحلى من عطاء تجود به كفاك. وحسبك ما قلت وكفاك. يا كلب المساوي والمقابح. ويا خنزير المخازي والفضائح. اشكيتني. وابكتيني وآذيتني واذللتني فلما ان شكوت اضطربت واضرمت. واحتددت واحتدمت. دام تصليك بنار الغضب والحرد. وتململك على فراش الغيظ والحنق. يااكثر الناس خلفا. وخلف الوعد. خلق الوغد. واكثرهم قولاً يتمشى الزور في مناكبه. ويتردد الكذب في مذاهبه. وحسب الكاذب يقوله شتما. وقلبه خصما. لقد ظللت تنهب الدنيا وتسلب. وتدرك منها ما تطلب. وعرضك عرضة للنهب. ومثلة بالسب. فلا ابعد الله غيرك. ولا لعن سواك والسلام " اخرى في حل قول المسعر لعبد الله بن طاهر "
ماذا تقول فدتك نفسي في امرئ ... ركب العزيمة في لجام الصبر
يعلو من الدنيا على اوعارها ... ويحل منها في محل السفر
متلذذاً بالباب طال ثواؤه ... فبكى له مصراع باب القصر
ما قول سيدنا الامير اطال الله بقاه في امرئ ركب اليه مركب العزم ملجماً بالحزم. مسرجاً بالصبر الجزم. وتجشم اهوال الاسفار. واخترق صعاب الاوعاث والاوعار. حتى ورد مشرعة من جنابك. والقى عصاه ببابك. فلزمه متلذذاً وغاداه. ورواحه متردداً حتى طال ثواه. واعضل داؤه. وعز واعوز شفاؤه. ورحمه فضلاء اهل العصر. وكاد يبكي له مصراع القصر. فهل عند الامير ايده الله من نظر له يمسك رمقه الذي تخلله الخلل. ويثبت قدمه التي ملكها الزلل. ولرأيه في ذلك فضله. الذي هو اهله ان شاء الله تعالى " حل الجواب عنه لعبد الله بن طاهر "
لم انس حظك فاستعن بالصبر ... وافتح بشغلي عنك باب العذر
لا تيأسن إذا الامور تعسرت ... فاليسر منتظر خلال العسر
أنت اعزك اللع تعلم ان الاشغال السلطانية. ربما تعوق عن الحقوق الاخوانية. ولسنا ننسى حق خدمتك. ولا ما تمهد وتأكد من ازمتك. فازدد صبرا. ولا تضق صدراً. وافتح لنا باب العذر. إلى ان تفتح عليك باب الشكر. ولا تيأس من يسرين مع العسر. ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول البحتري "
سحاب خطاني جوده وهو مسبل ... وبحر عداني فيضه وهو منعم
وبدر اضاء الارض شرقاً ومغرباً ... وموضع رجلي منه اسود مظلم

أاشكو نداه بعدما وسع الورى ... ومن ذا يذم الغيث الا مذمم
وما منع الفتح بن خاقان نيله ... ولكنها الاقدار تعطى وتحرم
سيدنا الامير اكال الله بقاه سحاب كله الغيث. ودأبه الغوث ولكنه لم يحي ارضى بمطرة. ولم يبلل لهاتي بقطرة. وهو اعز الله نصره بحر مفعم. فيضه نعم. ولكني عطشان في جواره. محروم من حسن آثاره. كما انه بدر ملك العيون ايناقاً. وملا الارضين اشراقا. وموقع نظري من نوره خال. ولعمري انه غير حال. فيا عجبي من العطش في جوار البحر الزاخر. ومن الاظلام في مقابلة البدر الزاهر. وكيف " ؟ " شكرة عامة الخلق. وكيف اذم من مدحه لسان الدهر. ومن ذا يذم الغيث الا مذموم. ومن يلوم الشمس الا ملوم. وما خصني الامير بالحرمان. وقد عم الناس بالاحسان ولكن الاقدار تعطى وتحرم. وتنقض وتبرم. ولا يأس من روح الله. ولا بأس مع فضل الله. والسلام " اخرى في قول الشاعر "
ورد العفاة المعطشون فاصدروا ... ريا وطاب لهم لديك المكرع
ووردت بحرك طاميا متدفقا ... فرددت دلوي شنة يتقعقع
واراك تمطر جانباً عن جانب ... وسماء بيتي من سماحك بلقع
اري العفاة ايد الله سيدنا الامير يقصدون جنابه الرحب. ويردون منهله العذب. فيسعهم عنده المشرع. ويطيب لهم المكرع ويصدرون عنه وقد رووا وارووا ورووا من مكارمه ما رأوا. ووردت فناءه المقصود. وبحره المورود. فحين مددت لحظي إلى الماء الرواء. والقيت دلوي في الدلاء. رد الدلو يابساً يتقعقع واوقعني فيما لم اكن اتوقع. وأراه يمطر الجوانب. ويغيث الاقارب والاجانب. وارضي خالية من قطره. ويدي صفر من بيضه وصغره. وقد تفسد الحال ثم تصلح. ويبخل الجواد ثم يسمح. ومع اليوم غد. ومع السبت احد. والسلام " اخرى في حل قول الآخر "
ابا حسن مالي ومالك من عذر ... بنومك عن امري وشكري مدى عمري
اترضى بأن ارضى وانت ذريعتي ... بغير الرضى من اهل دهري ومن دهري
جعلتك لي بحراً وكفك لجة ... ويظمأ جار البحر في ساحل البحر
ليت شعري ما عذرك يا مولاي في نومك عن امري. وزهدك في استجلاب شكري. ولم ترضى بغير الرضى في اعانتي على دهري. وانت ذريعتي من الورى. وشفيعي إلى الغنى. ومن العجائب انك بحر ملآن. وانا في ساحلك ظمآن. والله المستعان " اخرى في حل قول الآخر "
نواصي المكارم في قبضتك ... وهذا الانام بنو نعمتك
وتلك غصون العلى تنتمي ... إذا ما انتمين إلى نبعتك
فمالي تركت بلا مرتع ... وذا الخلق يرتع في نعمتك
سيدنا اطال الله بقاه قد بلغ من المعالي قاصيها. وملك من المكارم نواصيها. فالمحاسن من آثار ايامه. والانام بنو انعامه. وغصون المجد تتفرع من دوحته الباسقه. ولسان الزمان يخطب بفضائله المتناسقه. والله يديم له اجزل القسم. كما افاض به احسن النعم. وبعد فمالي لا آخذ بنصيب. من جنابه الخصيب. والناس يرتعون في رياض نعمته. ولهم ما يشاؤن من ثمار دولته. وحقوقي تقتضي ان اكون معه في جملة الناجحين في مآربهم. الفائزين بمطالبهم. لا ان تعرض عني الدنيا وهي منقادة لامره. ويتنكر لي الزمان وهو ؟؟ يده. وهذه لمعة من الشكوي. تجري مجرى الذكرى. وهي تنفع المؤمنين. وتحتمل من المخلصين. وورآء هاما يحولها شكرا. ويعيد الجفاء برا. ان شاء الله " اخرى في حل قول الآخر "
إذا لم يكن فيكن ظل ولا جني ... فابعدكن الله من شجرات
" وقول الآخر "
إذا أنت لا دنيا لديك تفيدنا ... ولا أنت ذو دين فنرجوك للدين
وكنت صديقا لا ترجى لنائل ... عملنا صديقاً في مثالك من طين
" وقول منصور الفقيه "
إذا بخلت ببري ... ولم انل منك رفدا
وانت مثلي عبد ... ففيم اعبد عبدا
إذا لم تلبسني الشجرة ظلها. ولم تؤتني اكلها. فسلط الله على اصلها قاضباً. واتاح لفرعها حاطباً. وإذا كنت لا ترجى للجدوى. ولا ينتفع بك في امور الدين والدنيا. فما أنت الا روح في محال. بل تمثال من صلصال. وإذا لم انل منك الجاه والرفد. فانت عبد مثلي ولست اعبد العبد والسلام " اخرى في حل قول الشاعر "

إذا كنت لا ترجى لدفع ملمة ... ولم يك في الحاجات عندك مطمع
ولا أنت ذو جاه يعاش بجاهه ... ولا أنت يوم الحشر ممن يشفع
فعيشك في الدنيا وموتك واحد ... وعود خلال من وصالك انفع
إذا كنت لا ارجوك لدفع الملمات. وكفايه المهمات. وقضاء الحاجات. ولم يكن لك جاه يمكنني من اظهار ما انويه. والاستظهار على من اناويه. ولم تكن عف الإزار. طاهراً من الاوزار. نقي الساحة من المآثم. برئ الراحة من الجرائم. فيتوصل بالتقرب اليك. والاقتباس مما لديك. إلى اعداد الزاد. ليوم المعاد. فسواء مماتك ومحياك. ولا ابعد الله سواك. فليست تحمد خصلة من خصالك. وعود خلال انفع من وصالك. والسلام على غيرك.

باب
الشكر
" رسالة كأنها عن لسان بعض عبيد الحضرة الجليلة حرسها الله إلى المجلس العالي آنسه الله في حل قول الشاعر "
فلو كان للشكر شخص يبين ... إذا ما تأمله الناظر
لصورته لك حتى تراه ... فتعلم اني امروء شاكر
ولكنه ساكن في الضمير ... يحركه الكلم السائر
شكري لعالي مجلس مولانا الملك السيد المؤيد ولي النعم خوارزم شاه اطال الله بقاه. وادام علاه. ونصر لواه. على نعمه التي أغرقتني واستعبدتني. وملأت يدي وقلبي. شكر الروض للمطر والساري للقمر. بل شكر الظمآن الوارد. للزلال البارد. بل شكر الاسير لمطلقه. والمملوك لمعتقه. فلو كان للشكر شخص يدركه البصر. ويحصله النظر. لصورته فاحسنت تصويره. كما قررته فاحكمت تقريره. حتى يراه مولانا اعز الله نصره بعينه العالية. كما سمعه باذنه الواعية. فيعلم اني شاكر لاياديه المتصلة كاتصال السعود. ذاكر لمننه المنتظمة كانتظام العقود. ولئن سكن الشكر سواء نفسي. وسويداء قلبي. لقد حركه مايسير من كلامي مسير الامثال. ويسري في الآفاق مسرى الخيال. وبالله استعين على النهوض. بالمفروض. من شكر النعمة. وبذل الوسع في الخدمة. انه خير معين وأقوى ظهير " اخرى في حل قول الشاعر "
لا تنكرن لذي النعماء نعمته ... لا يشكر الله من لا يشكر الناسا
" وقول الآخر "
شكرتك ان الشكر لله طاعة ... ومن يشكر المعروف فالله زائده
لكل زمان واحد يقتدى به ... وهذا زمان أنت لا شك واحده
" وقول الآخر "
سوى الامير بجوده ايامنا ... فجميعها لجميعنا اعياد
اما حقيقتنا فنحن عبيده ... لكننا في بره أولاد
الشكر أيد الله مولانا الملك السيد خوارزم شاه. طاعة لله. وقيد للنعمة ومفتاح للمزيد. فلأشكرن المنعم ولي النعم ادام الله سلطانه مد كلمي. ولأحمدنه طاقة قلمي. فمن لم يشكر الخلق لم يشكر خالقه. ومن لم يحمد رازقه. ولكل زمان واحد يقتدى في المكارم بخلقه. ويهتدي في المعالي بطرقه. ومولانا ادام الله تأييده واحد زمانه. ومنقطع القرين في اقرانه. ولقد ساوى بين ايامنا بنعمه. وآثار جوده وكرمه. فجميعها جمع مشهوده. واعياد معدوده. ونحن في الحقيقة عبيده حقاً. ومماليكه رقاً. ولكننا في بره بنا. واشفاقه علينا. ونظره لنا. اعز اولاد لا كرم والد. لازال من المجد بين طريف وتالد. ومن العجائب ان يكون الوالد غض الشباب حسن الاقتبال. وعلى مدى بعيد من الاكتهال. وفي اولاده من ألجمه الشيب بلجامه. وقاده بزمامه. وفيهم من جاوز الشباب مراحل وورد من المشيب مناهل. ومنهم ذوو الاسنان العالية. والصحبة للايام الخالية. فاطال الله بقاء مولانا منصوراً محظوظاً. وبعين عنايته ملحوظاً محفوظاً. حتى يبلغ أقصى العمر. واعلى الامر. ويملك ما طلعت الشمس عليه. وانتهى هبوب الريح اليه. آمين " اخرى في حل قول الآخر "
لاشكرنك معروفاً هممت به ... ان اهتمامك للمعروف معروف
ولا ألومك ان لم يمضه قدر ... فالشيئ بالقدر المحتوم مصروف

انا ايد الله الشيخ اعرف نيته الجميلة في مناحجي. وعقيدته المعقودة بمصالحي. واشكره على ما اهتم له من أمري المشهور المعروف. وهم به من تناولي بالبر والمعروف. ولا الومه إذا لم يعنه القدر على بلوغ ماارتاده. ولم يساعده القضاء في امضاء ما اراده. فاكثر الاقضية والمقادير. تجري بخلاف الايثار والتقدير. والاشياء بالقدر المحتوم لتقدر وتتيسر. وتتعذر وتتأخر. والسلام " اخرى في حل قول الآخر "
رهنت يدي بالعجز عن شكر بره ... وما فوق شكري للشكور مزيد
ولو كان شيئاً يستطاع استطعته ... ولكن مالا يستطاع شديد
انا ايد الله سيدنا رهين العجز عن شكره. والقصور عن نشر بره. وان كان شكري ماعليه مزيد لزائد. ولا فوقه غاية لمبالغ. والعاجز. إذا أقر فائز. ولو كان شكره مما يستطاع لا استطعته. واذعته في المحافل واشعته. ولكن مالا يستطاع متعذر. والعذر في ذلك متصور. ان شاء الله " شعر "
اقول ببعض مااسديت عندي ... وما أطلبتني قبل الطلاب
ولو اني استطعت لقام عني ... بشكرك كل من فوق التراب
انا ايده الله اشكر بعض ما شملني من بره وفضله. اذ لا مطمع في بلوغ الواجب من شكر كله. ونشر ما اهلني له من النوال. قبل السؤال. والاطلاب. ولو استطعت لشكره عني من فوق التراب. على اياديه التي هي اكثر من عدد التراب. ولكني اسأل الله عز اسمه ان يتولى عني مكافأته. ويعين على الخير فعله ونيته. وان يبقيه للجميل يعمر مدارجه. والخير يثمر نتائجه. برحمته وسعة فضله " اخرى في حل قول الآخر "
ولما كان برك فوق شكري ... وكان الشكر من حق الوفى
وان الله قد اعطاك ملكاً ... مبيناً للعدو وللولي
رغبت اليه ان يجزيك عني ... كما رغب الفقير إلى الغنى
وآمنني من التقصير اني ... احلتك في الجزاء على الملي
مولانا الملك السيد ولي النعم خوارزم شاه. اطال الله بقاه. قداطال في امري عنان التطول. وافاض علي سحاب التفضل. ومد الي يد الانعام. حتى استوليت على اقصى المرام. ولما كان بره فوق شكري. وقدر عرفه اعظم من قدري. ومحله في الملك والسلطان اجل من ان يشكره مثلي. عدلت عن الشكر والثناء إلى قرع باب السماء بالدعاء. ورغبت إلى الله جل جلاله. وتقدست اسماؤه. رغبة العاجز إلى الملي. والضعيف إلى القوي. والفقير إلى الغني. في ان يتولى مجازاته عني بافضل ما جزى به منعماً عن شاكر. ومحسناً عن ناشر. وآمنني من القصور والتقصير. والتعلق باذناب المعاذير. اني احلته على الملي بالمكافاه. القادر على المجازاه. وهو المسئول تعالى ان يبسط بالعلاء يده. ويقرن بالسعادة جده. ويجعل يوميه غده " اخرى في حل قول محمود الوراق "
فلو كان يستغني عن الشكر ماجد ... لعزة نفس أو علو مكان
لما امر الله العباد بشكره ... فقال اشكروني ايها الثقلان
الشكر ايدك الله محبوب. ومرغوب فيه ومطلوب. فلو كان يجل عنه ماجد لعلو شأنه. أو ملك لرفعة سلطانه. لما امر الله عباده بشكره. والتحدث بنعمته وبره " رسالة في حل قول الآخر "
ابلغ اخانا تولى الله صحبته ... اني وان كنت لا القاه القاه
وان قلبي موصول برؤيته ... وان تباعد عن مثواي مثواه
مانعمة قدمت عندي ولا حديث ... الا ومنه بها احظاني الله
ولا بلاء جميل جر لي حسناً ... الا به نلت اولاه واخراه
البحر يفنى ولا تفنى مواهبه ... والقطر يخصى ولا تحصى عطاياه
الله يعلم اني لست اذكره ... وكيف يذكره من ليس ينساه
اراني الله ما قلبي يزاوله ... وحاطه وتولاه وأبقاه

من مبلغ عني الاخ المنعم المفضل. والمحسن المجمل. تولى الله صحبته. ورد غيبته. وعجل سالماً اوبته. اني القاه على البعاد. والاحظه بعين الفؤاد. واتمثله بخاطري. حتى كانه حاضري. وكيف لا أفرش لمحبته جوانب صدري. ولا أمسك على موالاته بيدي وظفري. وما بي من نعمة فمن الله ثم من عنده. أو سببها الله لي على يده. وما ارى حولي منحة جميلة جزيلة. وعارفة جسيمة جليلة. الا وقد نلتها من عام انعامه وقابله. وطل احسانه ووابله. وما هو في جوده الا البحر الفياض. والغيث المدرار. على ان البحر ينقطع ماؤه وهو لا ينقطع عطاؤه. والقطر يحصى ولا تحصى آلآؤه. والله يعلم اني في مرآة الفكر أراه. ولا اذكر لاني لست انساه. واغلب الاحوال على الرغبة إلى الله في ان يرعاه ويتولاه. ان شاء الله " اخرى في حل قول ابن المعتز "
ابا حسن ثبت في الامن وطأتي ... وادركتني في المعضلات الهزاهز
والبستني درعاً على حصيفة ... فناديت صرف الدهر هل من مبارز
الشيخ ادام الله تأييده قد اثبت في الامن قدمي وقد زل بها الذعر. وانبت قوادمي وقد قصها الدهر. وادركني في هزاهز المعضلات. حتى استنقدني من انياب النائبات. والبسني درعاً سابغة الذيول. حصيفة العرض والطول. وسلاحاً يروق منظره. ويروع مخبره. ويحسن غناؤه ويقج اثره. وقلدني سيفاً مثله يعز ويعوز. فناديت صرف الدهر من ذا الذي يبرز. فلأشكرنه كانفاس الرياض بالاسحار. غب الامطار. ولارغبن إلى الله تعالى في ان يطيل بقاه. ويحسن عني جزاه " اخرى في حل قوله ايضاً "
لآل سليمان بن وهب صنائع ... لدي ومعروف الي تقدما
هم علموا الايام كيف تبرني ... وهم غسلوا عن ثوب والدي الدما
لآل سليمان عندي صنائع متتابعة كتتابع القطر. على البلد القفر. ونعم مترادفة كترادف الغنى إلى ذي الفقر. ومنن متقدمة ومتأخره. واياد آتية ومنتظره. وهم الذين اختصروا الطريق إلى تحصيل وطرى. وآنسوني وانا كالغريب في وطني. وعلموا الايام كيف تبرني. وكيف تأسوني وتسرني. وهم الذين صفوا من الكدر مواردي. وغسلوا الدم عن ثوب والدي. حتى ادركت بهم الثار المنيم. وصافحت الفوز والنعيم. والله يجزيهم عني افضل ما جزى به مبتدئ احسان. ومحي انسان " اخرى في حل قول ابي تمام "
اغنيت عني غنآء الماء في الشرق ... وكنت منشئ وبل العارض الغدق
جددت لي املا كانت روائعه ... عواكفا قبلها في مطلب خلق
لو كان خيم ابي يعقوب في حجر ... صلد لفاض بماء فيه منبثق
ما من جميل من الدنيا ولا حسن ... الا واكثره في ذلك الخلق
يا منة لك لولا ما اخففها ... به من الشكر لم تحمل ولم تطق
بالله ترفع عني ثقل فادحها ... فانني خائف منها على عنقي
أثر فضل مولانا الملك ولي النعم خوارزم شاه. اطال الله بقاه عندي كأثر الماء عند الغصان. وموقع انعامه مني كموقع الهدى من الحيران. وطال ما انشأ لي بجوده المعروف. وكرمه الموصوف سحابة بدية الظل. هنية الوابل والطل. يضحك من بكائها روضى. وتخضر من سوادها ارضى. حتى جدد لي من املي ما اخلق. وحقق لي من ظني ما اخفق. واقول لو كانت شيمته في حجر صلد. لفاض بماء مد. أو في شوك للبس ثوب ورد. وما هو الاشخص كله مجد وجود. وما في الدنيا حسن الا وهو في خلقه موجود. وكم له من نعمة جليله. ومنة ثقيله. اخففها بالشكر وهي تثقل. واغلبها بالنشر وهي تغلب وتقتل. وبالله ترفع ثقلها فقد خفت منه على ظهري ان ينقصم وينقطع. وعلى عنقي ان يندق وينخلع. والله المستعان على شكر يجري مجرى النسيم لنعمه. ويدل على مكاني من عبيده وخدمه. وهو المسؤل ان يديم حال الدنيا ببقائه. ويجمع العلو ليده ورايته ورائه آمين اللهم آمين " اخرى في حل قول علي بن حله "
فديتك لم اهجرك من كفر نعمة ... وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لما أتيتك زائراً ... فافرطت في بري عجزت عن الشكر
من الآن لا آتيك الا معذراً ... أسلم في الشهرين يوماً وفي الشهر
فان زدتني برا تزايدت جفوة ... فما نلتقى طول الحياة إلى الحشر

لست اهجر مولاي ايده الله كفراً لنعمته التي اثقلت ظهري. وملأت صدري. وهل يرتجى بالكفران. زيادة الاحسان. ولكني كلما امتطيت مركب الشوق إلى طلعته. وابتسم لي ثغر الامل في زيارته. افاض على من سحائب بره. ما يعجزني عن بلوغ شكره. فألبس قناع الحياء والتذمم. واذهب مع الخجل من تواتر ما به التنعم. واسلك طريق التعذير. واقرع باب التقصير. وها انا قد قعدت عن خدمته. بقلب قائم إلى حضرته. وتأخرت عنه بنية متقدمة في موالاته ومشايعته. واقتصرت على التسليم في كل شهر مره. وربما لم ازر في الشهرين الازوره. فان زادني افضالاً. زدت اخلالاً. وان جرى على عادته في البر. استمررت على رأيي في الهجر. فلم نلتق إلى الحشر. والسلام

باب
الاعتذار والاستعطاف
" رسالة في حل قول الحسن بن وهب للمتوكل وهو وسليمان اخوه " " في حبسه "
اقول والليل ممدود سرادقه ... وقد مضى الثلث منه اوقد انتصفا
يا رب ألهم أمير المؤمنين رضي ... عن خادمين له قد شارفا التلفا
إما يكونا اساءآ في الذي سلفا ... فلن يسيئا بحمد الله مؤتنفاً
سخط مولانا ادام الله تأييده سخط الروح على الجسد. وقطع الكبد بيد الكمد. وقد اظلني من ذلك ما اراني ضياء الدنيا ظلاما. وصور نور الشمس في عيني قتاما. وكم من ليلة سرادقها ممدود. وباب صبحها مسدود. أحييتها بالدعاء. وهي تميتني بالبكاء. وحين مضى صدرها. وانقضى شطرها قلت وقد لبست ثوب الخاشع واستوفيت شروط الخاضع. ونسيت عهد الهجود. وانا في السجود. يا علام الغيوب. ويا ستار العيوب. ويا غفار الذنوب. ويا مقلب القلوب. صل على محمد خير من افتتحت بذكره الدعوات. واستنجحت بالصلاة عليه الطلبات. وألهم خليفتك في ارضك. وامينك على خلقك. الرضى عن عبدين له مسكينين. وللاعتراف بذنوبهما مستكينين. قد بارزت صروف الايام لافتراسهما. واسرعت انيابها لانتهاسهما. فهما على شرف. وتعرض تلف. ولئن كان كل منهما اذنب واستوجب العقاب. انه قد تاب واعتذر وأناب. والاعتذار. يوجب الاغتفار. والتوبة. تهدم الحوبة. وان اسآء فيما مضى من دهره. فلن يعود للاسآءة فيما بقي من عمره. ان شاء الله " اخرى في حل قول ابي قابوس النصراني في ترقيق قلب الرشيد على الفضل بن يحيى البرمكي "
امين الله هب فضل بن يحيى ... لجودك ايها الملك الهمام
امين الله حسبك ان فضلا ... رضيعك والرضيع له ذمام
يا امين الله على خلقه. وظله في ارضه. وياايها الملك الذي تخدمه الاملاك. وتساعده الافلاك. هب الفضل بن يحيى لله ثم لفضلك. وشرف اصلك. وعلو محلك. فانه رضيعك وحق الرضاع. لا يضاع. وخادمك والخدمة لها حرمة. وزيرك والوزارة لها ذمة. ولاتضيقن عنه يا امير المؤمنين بسعة حلمك ولا تكدرن عليه صفو عفوك. فعفو الملوك أبقى للملك. ومن عفا واصلح فاجره على الله " اخرى في حل قول الشاعر "
ان تعف عن عبدك المسيئ ففي ... عفوك مأوى للفضل والمنن
اتيت مااستحق من خطا ... فجد بما تستحق من حسن
" وقول عبد الله بن عبد الله بن طاهر "
فهبني مسيئاً كالذي قلت ظالما ... فعفوا جميلا كي يكون لك الفضل
فان لم اكن للعفو منك لسؤ ما ... اتيت به اهلا فانت له اهل
" وقول الآخر "
اغتفر زلتي لتحرز فضل الشكر ... مني ولا يفوتك اجري
لا تكلني إلى التوسل بالعذ ... ر ولعلى ان لا اقوم بعذري
الاصاغر يهفون. والاكابر يعفون. وفي عفو سيدنا ادام الله الله تأييده عن عبده. مأوى للفضل الذي هو من عنده. وقد أتيت بما استحقه من الخطا والسو. فليأت بما يستأهله من العفو المرجو. وليهبني مسيئاً كما قال. فهلا اقال. وهلا احسن وأجمل. وعفا وافضل. حتى يكون له الفضل المذكور. والعفو المشكور. فان لم اكن اهلا للجميل مع سوء ما اتيت. وقبح ما جنيت. فهو له اهل مع كرمه البارع. ومجده الشائع. وحقيق عليه ان يغتفر زلتي. ويقيلني عثرتي. ويجمع في الصفح عني بين الشكر والاجر. ولا يكلني إلى التوسل بالعذر. فلعلى لا اقوم به وقت الحاجه. وفي موقف المحاجه. والسلام " اخرى في حل قول الآخر "

هبني أسأت كما زعم ... ت فاين عاطفة الاخوه
ولئن أسأت كما اسأ ... ت فاين فضلك والمروة
هبني يا سيدي أطال الله بقاك زللت وقد يزل العالم الذي لا اباريه. وعثرت وقد يعثر الجواد الذي لا اجاريه. واسأت وقد يسئ المحسن الذي لا اساويه. فاين عاطفة الاخوة التي لا ترفض ذمتها. وحرمة الصداقة التي لا تنتقص عصمتها. وإذا جازيتني على الاساءة فاين فضلك الذي عليه فلك المجد يدور. واين مروءتك التي اليها يد العلي تشير. وها انا قد هربت منك اليك. واستعنت بعفوك عليك. فأذقني حلاوة رضاك وانعامك. كما اذقتني مرارة سخطك وانتقامك. واعلم غير معلم. ان ذنبي وان عظم. فعفوك اعظم منه. ومالي بحمد الله ذنب يضيق صفحك عنه. والكريم من إذا قدر صفح. وإذا ملك سجح. وإذا أسر أعتق. وإذا اوثق اطلق. والسلام " اخرى في حل قول ابن المعتز "
يا سيدي قد عثرت خذ بيدي ... ولا تدعني ولا تقل تعسا
واعف فان عدت فاعف ثانية ... فقد يداوي الطبيب من نكسا
انا اشكو إلى مولاي ادام الله عزه عثرة قدمي. وكثرة ندمي. واساله ان ياخذ بيدي ولا يقول لي تعساً بل ينعشني. ويلبسني ثوب عفوه عني. فان عدت للذنب فليعد للعفو. وان رجعت إلى الكدر فليرجع إلى الصفو. فقد يعفو الله عن معاودة السوء الذي تأمر به النفس. ويداوي الطبيب من يعرض له بعد ابلاله النكس. والسلام " اخرى في حل قول ابي نواس "
مضت لي شهور مذ حبست ثلاثة ... كاني قد اذنبت ما ليس يغفر
فان كنت لم أذنب ففيم حبستي ... وان كنت ذا ذنب فعفوك اكبر
قد استغرقت اطال الله بقاء مولانا ثلاثة اشهر في قاع حبس. يسوء اثره على النفس. ويحجب عني ضياء الشمس. حتى كأن ذنبي الذنب الجليل. الذي يقبح معه الصفح الجميل. ومولانا ادام الله تأييده يوجب العفو عند الزلة. كما يلتزم البذل عند اللة. فان كنت برئ الساحة فالحق يسعني. والعدل يشملني وان كنت مذنباً فعفو مولانا ادام الله قدرته اكبر من ذنبي. وعطفه الكريم يتداركني. ان شاء الله تعالى

باب
قبول العذر
" فصل في حل قول الشاعر "
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً ... ان بر عندك فيما قال أو فجرا
فقد اطاعك من يرضيك ظاهره ... وقد اجلك من يعصيك مستتراً
الاعتراف. يزيل الاقتراف. والاعتذار. يوجب الاغتفار كان العذر كذبا ام صدقا. وباطلاً ام حقاً. وقد هابك من استتر. ولم يذنب اليك من اعتذر. والكريم من يغلب الثقة بصديقه. على الشك في تحقيقه " اخرى في حل قول ابن المعتز "
قيل لي قد اسا اليك فلان ... ومقام الفتى على الضيم عار
قلت قد جاءنا فأحدث عذراً ... دية الذنب عندنا الاعتذار
قال لي في هذه الايام. بعض من بما لحني في الطعام. ويراضعني المدام. عهدي بفلان مسيئا اليك. جانباً عليك. واراه الآن يرافقك ولا يفارقك. ويداخلك ولا يزايلك. والمكافأة واجبة في الطبيعة. وجائزة في الشريعة. ومن العار اغضاء الفتى على القذى. ومقامه على الضيم والاذى. فقلت اما علمت انه جاءني معتذراً الي. واذري دموع الاستعطاف بين يدي. وتصرف من القول الرقيق. والعذر الانيق. فيما لو جاء الدهر بمثله لصفح عن صروفه. ولأمن المحذور من مخوفه. والاعتذار وان قل. دية الذنب وان جل
باب
الشكوى
" فصل في حل قول ابي الفتح كشاجم "
وكنت احارب ريب الزما ... ن ايام اعينه نائمه
فلما تيقظ سالمته ... ومن خاف سطوته سالمه
وقد كنت اطمع في قمره ... فاصبحت اقنع بالقائمه
قد كنت احارب ريب الزمان. واصول عليه بالسيف والسنان. وأنتصف منه بغاية الامكان. أيام عينه راقده. وناره خامده. وريحه راكده. فلما تيقظ وتنمر لي واستأسد. وحشر لمناصبتي وحشد. واستعد لمكاشفتي واستنجد. جنحت للسلم مسالمه. وقنعت من القمر بالقائمه ورضيت من الغنيمة السلامة بالاياب. والله الموفق للصواب " اخرى في حل قول ابي هفان "
يا هذه كم يكون اللوم والفند ... لا تعذلي رجلاً اثوابه قدد
ان أمس منفرداً فالبحر منفرد ... والبدر منفرد والسيف منفرد

ان كان صرف زمان عاب هيئته ... فبين طمريه منه ضغيم اسد
علمت ما دار بيني وبين عاذلة رأتني منفرداً . لا اوانس احداً. وعلي اطمار قد رقت. وقرأت إذا السماء انشقت. فلا متني على الانفراد عن الاحباب. ولبس الأخلاق من الثياب فقلت لها أما الانفراد فلى فيه اسوة بالبحر الزاخر. والبدر الزاهر. والسيف الباتر. وأما الاطمار فالمرء لا يعرف ببرده. كما ان السيف لا يعرف بغمده. وان كان صرف الدهر سلبني اليسار. حتى لبست الاطمار. فبينها مني اسد هصور. وسيكون له جد منصور. ومع اليوم غد. ومع العسر يسر. ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول دعبل "
ذهبت وما ادري إلى اين اذهب ... واي الامور في العزيمة اركب
فلو لمست كفاي عقداً منظماً ... من الدر اضحى وهو ودع مثقب
ولو قبضت كفي على كف درهم ... لآبت إلى رجلي وفي الكف عقرب
ما لي عبارة تصلح لوصف ما انا فيه من الحيرة في مذاهبي. والعسرة في مطالبي. والحرفة التي ارتني باب الخير منسداً. ووجه الامل مسودا. فلو لمست دره. لاصبحت آجره. ولو اخذت شذرة صارت بعرة. ولو تناولت درهما ينفع. تحول عقرباً يلسع. ولا شكوى من الله بل اليه. وما اتكالي الا عليه " اخرى في حل قول الآخر "
جار الزمان علينا في تصرفه ... وأي دهر على الاحرار لم يجر
عندي من الدهر ما لو أن يسره ... يلقى على الفلك الدوار لم يدر
اشكو اليك زماناً حديد الظفر لئيم الظفر. جائر السير. مطلق اعنة الغير. قد عم الاحرار بجوره المشهور. وصال عليهم بسيفه المشهور. فاذلهم وازالهم. واحال عن النعمة والغبطة احوالهم. وخصني من مراره ثمره وسوء اثره. بما لو القي على الافلاك لما دارت. أو على الكواكب لما سارت. أو على الجبال لمارت. أو على البحار لغارت. والله المستعان. على جفاء الزمان " رسالة في حل قول الشاعر "
ارى دهر الغموم علي وقفاً ... فمالي لا ارى دهر السرور
وايامي تزيد الدهر طولا ... فيا لهفي على زمن قصير
" وقول الآخر "
الا ليت شعري هل ابيتن ليلة ... مبيت سعيد الجدا راض عن الزمن
وهل لي من الايام يوم مبشر ... لايلاء نعمى أو مكافأة ذي منن
" وقول الآخر "
من كانت الدنيا له ثروة ... فنحن من نظارة الدنيا
نرمقها من كثب حسرة ... كاننا لفظ بلا معنى
مالي يا سيدي اطال الله بقاك ارى دهر الهموم التي تأكل لحمى والغموم التي تشرب دمي. ولا ارى دهر السرور الذي يهتز له عطفي. والحبور الذي يرتفع معه ظرفي. ومالي ارى الايام اطول من ليالي العشاق. إذا رموا بسهام الفراق. ويا اسفي على زمان ظلماته انوار. وطوال اوقاته قصار. وياليت شعري هل ابيت ليلة كما يبيت من سعد جده. وورى زنده. وعلا امره وارضاه دهره. وهل لي يوم اقدر فيه على اسداء نعمة. أو استدفاع نقمه. أو مكافأة ذي منة. أو مداواة اخي محنة. فاما الآن فاني في هذه الدنيا الموصوفة بالنضارة. من جملة النظارة. ارمقها يمنة ويسرة. فلا ارى الا هما وحسرة ولا ارى الا كاسف البال معنى. وكأني لفظ بلا معنى. وما يدريك لعل الفرج يكون قريبا. ويقسم الله لي من الخير نصيبا " اخرى في حل قول البحتري "
من كان يحمد أو يذم زمانه ... هذا فما انا للزمان بحامد
فقر كفقر الانبياء وغربة ... وصبابة ليس البلاء بواحد
" وقول الخليل ويروي للحمدوي "
ما ازددت من ادبي حرفاً اسر به ... الا تزيدت حرفاً تحته شوم
ان المقدم في حذق لصنعته ... اني توجه منها فهو محروم

انا يا سيدي ايدك الله حامد لله على الاطوار. ولست بحامد للزمان الغدار. فانه لم يرض لي بأفراد المحن حتى صيرها ازواجاً. وصب على من سوط العذاب امواجا. ودهاني بفقر كفقر الانبياء. وغربة تعرضني على اللأوآء. وصبابة تعرضني للبلاء. والشأن في اني لا ازداد من الادب حرفا. الا ازددت حرفا. ولا احفظ سطراً. الا لبست فقراً. ولا اتقن معلوماً. الا تعرفت شؤما وكذا المقدم في الحذق بصناعته. المشار اليه في فضل براعته اينما توجه فهو محروم. وكيفما تأنق فهو مذموم. والعاقل من يثبت ما يسره في فضل الله ونعمته. ويرد ما يسوء إلى حول الله وحكمته. وارجو ان اكون ذلك بعون الله ومشيئته " اخرى في حل قول الاستاذ ابي بكر الخوارزمي "
ولي قميص رقيق ... تقده الاوهام
وجبة لا تساوي ... تصحيفها والسلام
كرم مولاي ادام الله عزه لا يرضي لي في هذا الشتاء العبوس القمطرير. والبرد الكاشر لي عن ناب الزمهرير. بأن اغدو واروح في ثياب اخلاق. كهواء رقيق وسراب رقراق. فالقيمص لم يبق منه الا الاسم. وصار يقده الوهم. والجبة اصبح البلى حليفها واليفها. فهي لا تساوي تصحيفها. والعمامة إذا هب عليها نسيم الهواء. كادت تنتظم في سلك الهباء. فان كسوتني خلعة تحسن في العيون. كسوتك خلعة تحسن في الآذان والقلوب ان شاء الله

باب
في توقع الفرج
" رسالة في حل قول الشاعر "
ولا تجزع وان اعسرت يوماً ... فقد ايسرت في الدهر الطويل
ولا تيأس فان اليأس كفر ... لعل الله يغني عن قليل
ولا تظنن بربك ظن سوء ... فان الله اولى بالجميل
رايت العسر يتبعه يسار ... وقيل الله اصدق كل قيل
بلغني يا سيدي ايدك الله انك تجزع من غصة الدهر. ولا تلبس لباس الصبر على العسر. حتى كأنك لم تدر عليك الادوار. ولم يؤدبك الليل والنهار. ولم تمر بعينك واذنك الاخبار والاثار. حتى كأنك لا ترجع من الصبر إلى افضل العدة. ولا تنظر في كتاب الفرج بعد الشدة. اما تعلم انك ان اعسرت شهرا فقد ايسرت دهراً. وان مارست الشدة اياماً. فقد لابست النعمة اعواماً. فكما لم تدم مدة السراء. لم تدم مدة الضراء. وكما لم تلبث نوبة المنحة. لا تلبث نوبة المحنة. فلا تيأس من روح الله فالياس كفر. ومع العسر يسر. وكأني بالله قد كشف ضرك وبلواك. واغناك وأقناك. واعطاك مناك. فلا تكن من الظانين بالله ظن السوء فانه تعالى اولى بالجميل. ولا تكن من القانطين فانه عز ذكره يفرج عما قليل. وقوله جل جلاله اصدق قيل. وانتظر يا سيدي الخروج من الضيق إلى السعة. ومن الانزعاج إلى الدعة. وابشر بعيشة راضية. ونعمة كافية. ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول الآخر "
عسى فرج يأتي به الله انه ... له كل يوم في خليقته امر
" وقول الآخر "
عسى جابر العظم الكسير بطوله ... يهيئ للعظم الكسير فيجبر
عسى الله لا تيأس من الله انه ... يهون لديه ما يجل ويكبر
ان كنت يامولاي ابقاك الله بين محنة راصدة. ونكبة قاصدة. تقاسي منهما قذى عينك. وشجى حلقك. واذى قلبك. بل تعاني ما لو مر بالحديد لذاب. أو بالوليد لشاب. فعسى الله يأتي بفرج يجير كسرك. ويغني فقرك. ويصلح امرك. فلا تيأس من الله فكل عسير إذا يسره يهون. انما أمره إذا اراد شيئاً ان يقول كن فيكون " فصل في حل قول بعض العلويين "
وراء مضيق الخوف متسع الامن ... واول مفروح به آخر الحزن
فلا تياسن فالله ملك يوسفا ... خزائنه بعد الخلاص من السجن
أنت تعلم يا سيدي فديتك ان وراء ضيق الخوف سعة الامن وان اول الفرح آخر الحزن. فلا تيأس من فرج يجلي غمرة كربتك ويطلع نجم مسرتك. فالله أخرج يوسف من ذلة الرق. إلى عزة العتق. ومن كرب الحبس المرهق. إلى روح الملك المونق. ورب امر عز ثم هان. وصعب ثم لان " اخرى في حل قول الآخر "
حرك مناك إذا اغتنم ... ت فانهن مراوح
فلربما اقترنت بار ... جاف القلوب مناحج
ولربما لاقاك تح ... ت الظن فال صالح

إذا تراكبت لديك الهموم. وتراكمت عليك غيوم الغموم وضاقت خطة الخطب. واشتدت ثائرة الكرب. فاتخذ المنى مراوح تروح بها عن قلبك. وتبرد حر صدرك. وترى في حركتها سكون جاشك. وفي الانس بها زوال استيحاشك. فربما اقترن ارجاف القلوب بما يقر العيون. ونطق لسان الفال بما يحقق الظنون

باب
ذم الزمان وانحطاط الكرام وارتفاع اللئام
" فصل في حل قول الشاعر "
كفى حزناً ان المروآت عطلت ... وان ذوي الآداب في الناس ضيع
وان الملوك ليس يحظى لديهم ... من الناس الا من يغنى ويصفع
طنابيرهم معمورة باداتها ... ومسجدهم خال من الناس بلقع
فيا ليتني أصبحت فيهم مغنياً ... ولم أك أشقى بالذي كنت أجمع
كفى حزناً أن قد ضيعت المروة. وعطلت الفتوة. وضاع ذوو الآداب. لقلة الطلاب. واكثر الملوك ساهون لاهون. وبالمغنين وبالصفاعة مباهون. فمجالس انسهم معمورة وبالملاهي مغموره ومساجدهم مهجورة. فياليتني كنت مغنيا لهم فانال المنى. وادرك بالغناء الغني. ولم أك اشقى بجمع العلوم واتقان المعلوم. ولبس ثوب المحروم " اخرى في حل قول الاستاذ ابي بكر الخوارزمي "
نولى العيش وانقطع النظام ... وعاش اللؤم اذ عاش اللئام
وخلفني الزمان على اناس ... إذا حكوا الكلاب فهم كرام
يكاد الدهر يشتمني صراحاً ... لو ان الدهر كان له كلام
فلولا ان انازع حكم ربي ... لقلت فديت موتي والسلام
قد تولت بهجة العيش وانقطع نظام الحرية. ودرس رسم الإنسانية. ووقف فلك المروءة وانقضت ايام الكرام. وعاش اللؤم بعيش اللئام. وخلفني الزمان على اقوام. إذا حكوا الكلاب فهم اكرم الكرام. ولو كان الدهر يتكلم لرشقني بسهام الشتيمة. كما قصدني بافعاله الذميمة. فلولا ان انازع قضاء الله الذي لا احتجاب دونه ولا دفاع. ولا احتراز منه ولا امتناع. لشتمت هذه الدنيا الدنيه. وتمنيت المنيه. واختصرت الكلام. وقلت فديت موتي والسلام " اخرى في حل قوله ايضاً "
خبت نار العلى بعد اشتعال ... وصاح الخير حي على الزوال
عدمنا الجود الا في الاماني ... والا في الصحائف والامالي
فياليت الدفاتر كن قوماً ... فأثرى الخلق من كرم الفعال
ولو اني جعلت امير جيش ... لما حاربت الا بالسؤال
لان الناس ينهزمون منه ... وقد ثبتوا لاطراف العوالي
لم تر إلى العلى كيف خبا قبسها. وكبا فرسها. والى الخير اكيف آذن بالزوال. وشدت رحاله للارتحال. والى الجود كيف قد أعجز. وعز واعوز. اللهم الا في الدفاتر. وكتب الاخبار والمآثر. فياليت الكتب كانت قوماً فكانت اوجههم للصباحة. وألسنتهم للفصاحة. وايديهم للسماحة. ولو كنت امير جيش يملأ الارض. ويشحن الطول منها والعرض. وسنح لي النهوض إلى عدو ابرز صفحة المكاشفة. وامتطى ظهر المخالفة. فحشد وحشر. وضم ونشر. وجمع اطرافه. والف الفافه. لما حاربته الا بالسؤال. الذي ينهزم منه ابطال الرجال. وطالما ثبتوا للبيض الحداد والسمر الطوال.
" رقعة في حل قول ابن لنكك "
زمان عز فيه الجود حتى ... لصار الجود في أعلى البروج
مضى الاحرار فانقرضوا بادوا ... وخلفني الزمان على علوج
وقالوا قد لزمت البيت جداً ... فقلت لفقد فائدة الخروج
عاتبتني يا سيدي فديتك على لزوم البيت. وقلت ان الحي إذا لم يخرج منه كالميت. كانك لا تعلم ان الخروج إذا كان غير مفيد. كانت العزلة خير قعيد. ولا سيما في هذا الزمان الذي عز فيه جود ذوي الثراء. حتى صار في أعلى بروج السماء. ومضى الاحرار فلم يبق منهم نافخ نار. ولا رافع منار. وبقيت في اعلاج. اعيت خبيئتهم على كل علاج. فهم يصونون فلوسهم. ويبتذلون نفوسهم. افتلومني على بغضهم. والاستمرار على نقصهم ورفضهم. وما اشك انك ان عرفتهم عذرتني. كما عذلتني. ان شاء الله " فصل في حل قول ابن الرومي "
رأيت الدهر يرفع كل وغد ... ويخفض كل ذي شيم شريفه
كمثل البحر يرسب فيه در ... ولا ينفك تطفو فيه جيفه
" وقول جحظه "

ايا دهر ويحك ماذا الغلط ... وضيع علا ورفيع هبط
حمار يسيب في روضة ... وطرف بلا علف يرتبط
ارى الدهر يرفع كل وغد خسيس. ويخفض كل حر نفيس. فهو كالبحر فيه الجواهر النفيسه. وتطفو فوقه الجيفة الخسيسه. وكالميزان يرفع من الكفة. ما يميل إلى الخفة. ويخفض منها مابقي بالرجحان. ويبعد من النقصان. وكم من حمار يسيب في روضة. خضرة نضرة. فهو يرتع في ربيعها الخضر. ويشرب من مائها الخصر. وكم من فرس كريم. يربط بلا قضيم. لكن هو الدهر. وعلاجه الصبر " رقعة في حل قول الآخر ويروي لشمس المعارف قابوس "
يا ذا الذي بصروف الدهر عيرنا ... هل عائد الدهر الا من له خطر
اما ترى البحر يطفو فوقه جيف ... ويستقر بأقصى قاعه درر
انا وان عبثت ايدي الزمان بنا ... ومسنا من تمادي بؤسه ضرر
ففي السماء نجوم ما لها عدد ... وليس يكسف الا الشمس والقمر
عيرتنا ايدك الله بصروف الدهر والارتباك بين انيابه ومخالبه وهل عاند الدهر الا ذوي الاخطار. واعيان الاحرار. وما زالت عادته رفع اللئام. ووضع الكرام. ومحاربة الافاضل. ومسالمة الارذال. حتى شبه بالبحر الذي ترسب فيه اللآلي النضرة. وتطفو فوقه الجيف القذرة. ولئن خصنا الزمان بحوادثه الجسيمة. وأعتب غيرنا من دواهيه العظيمة. ان في السماء نجوماً لا تضبط بالحسبان. ولا يكسف منها الا النيران. وهذه جملة كافية والسلام " فصل في حل قول إذا إذا الآخر "
هذا الزمان الذي كنا نحدره ... فيما يحدث كعب وابن مسعود
ان دام هذا ولم تحدث له غير ... لم يبك ميت ولم يفرح بمولود
هذا الزمان كثير العجائب. غير قليل النوائب. موقظ للفتن. غير منيم للمحن. لا ينطق الا بالشكوى. ولا يسكت الا على البلوى. وهو الزمان الذي طال ما انذرنا بشره. وحذرنا من ضره. وكم جاءنا فيه من حديث غير مردود. عن كعب الاحبار وابن مسعود. ووالله ان دام ما نراه من ظهور الفساد. وعموم الجور في البلاد. ليؤلن الحال إلى التهنئة بالممات.والتعزية بالولادات والله المستعان. على هذا الزمان

باب في
استزادة الإخوان
" فصل في حل قول الشاعر "
تغريت اسأل من عن لي ... من الناس هل من صديق صدوق
فقالوا عزيزان لا يوجدان ... صديق صدوق وبيض الانوق
انا رجل طالما تغربت. وشرقت وغربت. حتى كأني قذاة أو كحل مض. في عين الارض. وخليفة الخضر في قطع البر والبحر وضالتي المنشودة في اسفاري. والوطر الاهم من اوطاري. صديق صدوق عليه اعتمد. واليه استند. وبه اعتضد. فما سألت عنه لبيباً أو اواريباً. وحكيماً اديباً. الا قال ذلك اعز من الابلق العقوق. ومن بيض الانوق. نعم ومن الغراب الاعصم والكبريت الاحمر " اخرى في حل قول الآخر "
وان صديقي من تنعمي ... وليس حبيبي من يريد شقائي
إذا ما رأيت البؤس عند احبتي ... ارى عند أعدائي يكون رخائي
ولن يرتجى بروء ولا كشف علة ... إذا كان داء من مكان دواء
إلى الماء يسعى من يغص باكلة ... فقل اين يسعى من يغص بماء
صديقي من يصدقني. وتصفو نيته لي. ويريد الخير بي. لا من تسره مسآتي. وتعجبه شقاوتي. وإذا رأيت البؤس من احبابي فارجو الرضى من أعدائي. وإذا كان الداء من جهة الدواء تراخت اسباب الشفاء. والى اخيه يفزع الانسان. وبالماء يستظهر الغصان. فاذا شرق بالماء فيم يستغيث. وإذا أتى المرء من اخيه فيمن يستعين " اخرى في حل قول الآخر "
افٍ وتف لمن مودته ... ان زلت عنه سويعة زالت
ان مالت الريح هكذا وكذا ... مال مع الريح كيفما مالت
اف لمن يواخيك. وصادفك ويصافيك. مادمت بمرأى من عينيه. وبمسمع من اذنه. فاذا غبت عنه مدة غابت مودته.وإذا زلت عنه برهة زالت محبته. ولا مرحبا بمن كان من الاصدقاء موجوداً عند الرخاء. مفقوداً عند البلاء. يميل مع الريح. ولا يرجع إلى العقد الصحيح " رقعة في حل قول المثقب العبدي "
فاما ان تكون اخي بحق ... فاعرف منك غثي من سميني

والا فاطرحني واتخذني ... عبدواً اتقيك وتتقيني
اراك يا مولاي تواخيني فتداجيني. وتصافيني فتصاديني وتصادقني فتنافقني. وتعاشرني فتكاشرني. فاما ان تكون اخي بالحقيقة. وتبذل لي من لسانك اوكد الوثيقة. والا فاتخذني عدواً اتقيك وتتقيني. ولا ارتجيك ولا ترتجيني. والسلام " فصل في حل قول الشاعر "
كفى حزناً ان لا صديق ولا اخ ... يفيد غنى الا تداخله كبر
والا التوى أو ظن انك دونه ... وتلك التي جلت فما معها صبر
فلا نال فوق القوت مقدار ذرة ... صديق ولا اوتى على عسره اليسر
وما ذاك الا رغبة في اخائه ... والا حذار ان يميل به الهجر
كم من اخ لي يكون صديقاً. ما دام مضيقاً. فهو يصادق ويرافق. ويوافق ويطابق. فما هو الا ان يفيق من سقم الفاقه. ويخلع ثوب الاضاقة. وتتسع مواد ماله. وتتفرع شعب حاله حتى يجر ذيل التيه على اخيه. ولا يرقب ذمة الخلة فيه. وينزل نفسه منزلة المجل. ويظن اخاه دونه في المحل. وتلك التي يضيق بها الصدر. ولا يتسع لها الصبر. فلا ايسر صديق بعد عسرة. ولا نال فوق القوت مثقال ذرة. وما هذا الدعاء الا لا ستبقاء اخائه. واستدامةصفائه. والحذر من ان يذهب به الهجر في كل مذهب. ويركب من الاستطالة والكبر كل مركب

باب في
القناعة
" رسالة في حل قول البسامي "
بيتي احب إلى من ... بيت الخليفة والوزير
فاذا اكلت كسيرة ... وشربت من ماء الغدير
فانا الخليفة لا الذي ... يعلى به أعلى السرير
ان القليل إذا صفا ... وكفى ينوب عن الكثير
عاتبتني يا سيدي ومولاي ادام الله عزك على الرضى بالكفاف. والتقاعد عن خدمة الملوك والاشراف. كانك لا تعلم اني اتخذت القناعة صناعة. واسررتها بضاعة. ورأيت العزلة عزة منيعة. ولزوم البيت منزلة رفيعة. وبالله ان دويرتي على صغر فنائها. وقصر بنائها. وضيق معاشي. وقلة رياشي. احب الي. وآثر لدى. من دار الخليفة وهي اخت الجنة التي تخجل منها الدور. وتتقاصر لها القصور. ومن دار الوزير التي تشتمل على ما تشتهي النفوس وتلذ العيون. فاذا استقررت في داري. ولبست اطماري. واكلت كسيرة من الحلال. وشربت فطيرة من الزلال. فانا الامير. لا من يستقل به السرير. وانا الخليفة لا من تدين له الخليقة. ومن مذهبي ان ما صفا وكفى من اليسير. ينوب مناب الجم الكثير. والسلام " اخرى في حل قول عبد الله بن طاهر "
كيف عيش امرئ له كل يوم ... علم دون بلدة منشور
وإذا الريح حركت صوت طبل ... من بعيد فقلبه مذعور
يا غنيا عن العساكر والبع ... ث هنيأ لك المقيل الوثير
من له كسرة يعيش عن النا ... س غنيا بها فذاك الامير
ارى الرعايا يحسدون الرعاة والولاة إذا رأوا محاسنهم. ويغبطون السادة والقادة إذا تمنوا اماكنهم. ولا يعملون ما في ظاهر احوالهم. من باطن اهوالهم. وما في تلك المراتب المنيفة. من المعاطب المخفية. ويغفلون عما في بياض النعماء. من خمرة الدماء. وفي خفض العيش. من معرة الجيش. وما عيش من يتعرض للبلاء. ويتحكك باللاواء. في استفتاح بلاد الاعداء. فله كل يوم اعلام منشورة. واسياف مشهورة. فاذا نطق الطبل خفق قلبه. وإذا ارتفعت الضجة طار لبه. فيا ايها المستغني عن قود العساكر عموماً وخصوصاً. وعن تعبية الجيوش بنياناً مرصوصاً. ويا من كفاه الله مقارعة السيوف. ومشافهة الحتوف. هنيأ لك الظل الاثير. والمقيل الوثير. واعلم ان من له كفافا وعفافا وقد صفا شربه. وامن سربه. فهو الامير وان لم تخفق عليه الرايات. ولم تتصل له الولايات. والسلام " اخرى في حل قول الخليل بن احمد لسليمان بن حبيب بن المهلب "
ابلغ سليمان اني عنه في سعة ... وفي غنى غير اني لست ذا مال
الفقر في النفس لا في المال نعرفه ... كذاك امر الغنى في النفس لا المال
ان كان ضن سليمان بنائله ... فالله اكرم مسؤل لسأل
" وقول منصور الفقيه "
كل من في هذه الدن ... يا من الناس قليل
واقل الناس من لم ... يرضه منها القليل

انا يا سيدي ايدك الله على اضاقتي وسوء اثر فاقتي. في سعة وغنى عن سليمان. واحمد الله المنان. فالغنى غنى القلوب لا غنى الأموال وكذاك الفقر في النفوس لا في الاحوال ولئن بخل سليمان بنائله. وجرى على عادته في حرمان سائله. فالله خير مأمول. واكرم مسؤل. وهو الجواد الذي لا يبخل. والحليم الذي لا يعجل. وقد علمت ان من سكن للدنيا فقد لبس ثوب الذليل. وان اذل الناس من لم يرض بالقليل. وكثيراً ما اقول من لم يقنع باليسير. فهو اسير للمياسير والسلام " فصل في حل قول محمد بن بشير "
لأن أزجى عند العري بالخلق ... واجتزى من كثير الزاد بالعلق
خير واكرم لي من ان أرى مننا ... خوالداً للئام الناس في عنقي
من مذهبي ان تزجية الايام بالخلق من الثياب. والخشن من الطعام. خير من تقلد منن اللئام والسلام " اخرى في حل قول الآخر "
قنوع النفس يعقبها رواحاً ... وحرص المرء يدنى للهوان
وليس بزائد في الرزق حرص ... وليس بناقص منه التواني
في القناعة راحة النفس. وصيانة الوجه. وحرص الانسان مجلبة للهوان. وليس يزيد في رزق المرء حرصه وتشميره. كما لا ينقص منه توانيه وتقصيره " اخرى في حل قول الآخر "
إذا كنت أرضي من الدهر ان ... انال الكفاف وعيشاً سدادا
فان الغنى وان الفقير ... وان البخيل وان الجودا
لدي سواء فمالي اذل لمن لا ينيل واعطى القيادا إذا سلكت طرق الرشاد والسداد. ورضيت من الدهر بالكفاف والسداد. فسواء عندي الغني والفقير. الكبير والصغير. والجواد الذي هو رفيق الجود وخليله. والبخيل الذي هو زميل البخل ونزيله. فمالي اذل لمن يتعزز علي. واعطي القياد من لا يحسن الي. ومن استغنيت عنه فانا نظيره. ومن احتجت إليه فأنا اسيره والسلام

باب في
الرزق
" رسالة في حل قول الشاعر "
يا راكب الليل والاهوال والهلكه ... لا تتعين فليس الرزق بالحركة
اما ترى البحر والصياد منتصب ... في ليله ونجوم الليل مشتبكة
قد ضم اطرافه والموج يضربه ... وعينه بين عيني كلكل الشبكة
حتى إذا صار مسروراً ببغيته ... والحوت قد سد سفود الذي حنكه
غدا عليك به صفواً بلا كدر ... فصرت املك منه للذي ملكه
صنع من الله يعطى ذا بحيلة ذا ... هذا يصيد وهذا يأكل السمكه
يا سيدي ايدك الله لا تزال تمسح اطراف المراحل. وتركب اهوال الموارد وتتجشم مسافات ابعد من آمللك وتسلك مجاهل تشارف بك المهالك. كانك لا تعلم ان الرزق مقسوم. والحريص محروم وان ليس الرزق بالحركة والتعب. وتحمل المشقة والنصب. فمهلا يا سيدي ورفقاً اقلل من كدك. وانقص من جدك وجهدك. ولا تكن كصياد الحوت يشقى لسعد غيره به اما تراه كيف يقدم على البحر ويخاطر بالنفس وقد ارخى الليل سدوله. وجر عليه ذيوله. والموج يأخذه ويدعه. والهول يضيق عنه ويسعه. وعينه إلى الشبكة. وهمه في صيد السمكه. حتى إذا صادها بعرق الجبين. وتجرع الامرين. اتاك صفواً بلا كدر. واعطاكها عفواً بلا خطر. وما ذلك الا من صنع الله الذي يهب لعباده الاملاك. ويرزق هذا بسعي ذاك. فهذا يصيد شقياً لقياً. وهذا يأكل هنياً مرياً. فتبارك الخلاق الحكيم. وسبحان الرزاق الكريم " " فصل في حل قول الآخر "
المرؤ يسعى ويسعى الرزق يطلبه ... فربما اختلفا في السعي والطلب
حتى إذا قدر الرحمن جمعها ... للاتفاق اتاه الرزق عن كثب
اليك يا سيدي ومولاي حديثاً. ترى المرء يطلب الرزق وهو يطلبه حثيثاً. وربما اختلفا فشرق هذا وغرب ذاك. ولاح وجه الحرمان هناك. وربما اتفقا فنادى الرزق مجيباً. وحصل النجح قريباً وإذا اراد الله امراً اتفقت اسبابه. وإذا لم يقض شيئاً تعذر طلابه " اخرى في حل قول الآخر "
فان كانت الارزاق تجري على الورى ... بعدل فرزقي سوف يدركني ركضا
وان كانت الارزاق تجري عليهم ... بجود فارجو ان يجود لنا ايضاً

لست اتهم الرزاق. ولا استبطئ الارزاق. فان كانت تجري بالعدل في القضية. والقسم بالسوية بين البرية فسيأتيني رزقي وهو يطير الي بقادمة الغراب. وخافية العقاب. وان كانت تجري عليهم بالجور وحاش لله فارجو ان يجود ايضاً لي. ولا ينقض عادتها بي " اخرى في حل قول الآخر "
ان كنت تعلم ان ربك خالق ... وعبدت مخلوقاُ فلست بمؤمن
أو كنت في شك من الرزق الذي ... كفل الاله فلست بموقن
" وقول الآخر "
لا تخضعن لمخلوق على طمع ... فان ذلك نقص منك في الدين
واسترزق الله مما في خزائنه ... فانما الرزق بين الكاف والنون
ان كنت تعلم ان الله خالقك وعبدت مخلوقاً فما أنت بمؤمن. وان كنت في شك من الرزق الذي كفل الله به فلست بموقن. فاياك ان يستعبدك الطمع في المخلوق فتنقص من الدين. وتزري باليقين. واسترزق الله فان رزقه بين الكاف والنون. اعنى قوله كن فيكون " اخرى في حل قول الآخر "
لو كان في صخرة صماء راسية ... في البحر ملمومة ملس نواحيها
رزق لعبد براه الله لانصدعت ... حتى يؤدي اليه كل ما فيها
أو كان تحت طباق السبع مسلكها ... لسهل الله من قرب مراقيها
حتى ينال الذي في اللوح حظ له ... اما اتته والا كان يأتيها
ياابن ادم لاتهتم لرزق غدك. واعمل على انه في يدك. فلو كان رزقك في صخرة صماء ملمومة. والى قاع البحر مضمومة. لانصدعت عنه حتى يصل اليك. ويحصل لديك. ولو كان في السماء السابعة ليسر لله له النزول اليك. حتى تنال ما خط لك في اللوح وتستبدل من الغمة بالروح. فاما ان يأتيك أو تأتيه. وسريعاً أو بطيأ تحويه

باب في
الغربة
" رسالة في حل قول الشاعر "
كاني بتعيين البلاد موكل ... لاعرف منها موضع الطول والعرض
فان يك لي يوماً رجوع فبالحرى ... والا فبعض الشر أهون من بعض
كتبت يا سيدي ادام الله عزك من بعض منازل النقلة. ومطارح الغربة. وقد تقاذفت بي البلدان. ونبت عني الاوطان. حتى كاني موكل بمساحة الارض. ومعرفة الطول والعرض. أو كأني خليفة الخضر. في قطع البر والبحر. فان اسفرت أسفاري عن صفقة الرابح وانقلبت إلى الوطن بغنيمة الفائز فالحمد لله على حياة الآمال. وصلاح الاحوال. وان تكن الاخرى فبعض الشر أهون من بعض. ولا يأس في الغربة من دعة وخفض. والسلام " اخرى في حل قول الآخر "
وإذا الديار تغيرت عن حالها ... فدع الديار وأسرع التحويلا
ليس المقام عليك حتما واجباً ... في بلدة تدع العزيز ذليلا
" وقول البحتري "
واحب آفاق البلاد إلى الفتى ... ارض ينال بها كريم المطلب
" وقول الآخر "
المرء في كورته ضائع ... والليث في غيضته جائع
فانهض ترى الدنيا وتلقى المنى ... والموت لا يدفعه دافع
إذا نبابك بلدك ووطنك. وتعذر مرادك ووطرك. ففي الارض متحول. وعلى الله معول. واوصيك يا سيدي بالرحيل. عن بلدة تكسو العزيز ثوب الذليل. واحب الآفاق إلى الكرام. ارض يصلون بها إلى المرام. وقديما قيل ان المرء ببلدته ضائع. كما ان الليث في غيضته جائع. فعليك بالتغرب لترى الدنيا. وتدرك المنى. واياك وخوف المنية فانها لا تدفع في الوطن والحضر. ولا في الغربة والسفر. والسلام " اخرى في حل قول البرقعي "
وفي الاضطراب وفي الاغتراب ... منال المنى وبلوغ المراد
إذا النار ضاق بها زندها ... ففسحتها في فراق الزناد
إذا صارم قر في غمده ... حوى غيره الفضل يوم الجلاد

لا ارضى لك يا سيدي ومولاي ايدك الله لزوم دارك. على اعسارك. والرضا بحالتك. مع كمال آلتك. واحثك على ان تعتاض بالنوم السهر. وبالاقامة السفر. وتبلغ كل مبلغ من الاضطراب. وتستعير جناح الغراب في الاغتراب. وكاني بأسفارك وقد اسفرت عن محط الرحل رحيباً. وعن النجح نزيلاً واليسر قريباً. ولا ازيدك يا سيدي علماً بأن سلطان النار في فراق الزناد. وان السيوف إذا استقرت في الاغماد. لم يظهر فضلها عند القراع والجلاد. جعل الله الخيرة مصاحبة لك في سفرك وحضرك. ومقامك وظعنك. وسائر متصرفاتك ومتوجهاتك

باب في
كراهة الغربة
" رسالة في حل قول الشاعر "
إذا ما ذكرت الدار فاضت مدامعي ... وصار فؤادي نهبة للهماهم
حنينا إلى ارض بها اخضر شاربي ... وحلت بها عني عقود التمائم
" وقول الآخر "
لقرب الدار في الافقار خير ... من العيش الموسع في اغتراب
" وقول علي بن الجهم "
يا رحمتي للغريب بالبلد النا ... زح ماذا بنفسه صنعا
فارق احبابه فما انتفعوا ... بالعيش من بعده ولا انتفعا
كتبت اطال الله بقاء مولاي واذ تذكرت الوطن خنقتني العبرة. واستولت علي الزفرة. حنينا إلى ارض انشأتني تربتها وغذاني هواءها. ورباني نسيمها. وحلت عني التمائم فيها. وتأسفا على بلدة بها اخضرار شاربي. واقتبال شبابي. وفيها مجمع اترابي. واخواني واحبابي. وقد كانت الاقامة بها مع الاعسار. احب الي من استيطان سواها على اليسار. ولكن قضاء الله لا دفاع دونه ولا احتجاز. ولا امتناع منه ولا احتراز فيا رحمتي للغريب المبتلى بكربة الغربة. وحرقة الفرقة. المقيم بالبلد البعيد من وطنه. النائي عن سكنه. ويا لهفي على ما صنع بنفسه. وقطع من انسه. حين فارق احبابه الاخصين واخوانة الاخلصين. فلاهم ينتفعون بالعيش من بعده. ويستريحون من التألم لبعده. ولا هو يستمتع بعدهم بحياته ويفرق بينهم وبين مماته وما على الله بعزيز أن يرد غربته. وييسر إلى احبابه اوبته
باب في
الشيب
" رسالة في حل قول الصاحب "
ما بالها قد عرضتني ... عند شيبي للاذى
تقول بعداً ابعدما ... كانت تقول حبذا
وكنت كحل عينها ... فصرت فيها كالقذى
" وقول البحتري "
تعيب الغانيات على شيبي ... ومن لي ان أمتع بالمعيب
ووجدي بالشباب وان تقضي ... حميد دون وجدي بالمشيب
كتابي يا سيدي اطال الله بقاك وقد اسفر لي بعدك صبح المشيب وسلبت ما لبسته من برد الشباب القشيب فانكرتني جاريتي وكرهتني. واعرضت عني وهجرتني. وعرضتني للاذى وجفتني وطفقت تقول لي بعداً وافاً وتفاً. بعدما كانت تقول حبذا ومرحبا واهلاً وسهلاً. وقد كنت في عينها كالكحل والكرى فصرت فيها كالسهد والقذى. والشيب ذنب عند الغواني لا يغفر وعيب لا يستر. ويا ليت هذا العيب دام لي وعم بعضي وكلي ولم يفرق بيني وبين اجلي. فوجدي بالشباب الراحل. دون وجدي بالشيب النازل. والسلام " فصل في حل قول ابن الرومي "
اصبحت شيخاً له سمت وابهة ... تدعوني البيض عما تارة وابا
وتلك دعوة اجلال وتكرمة ... وددت اني معتاض بها لقبا
قد لبست رداء المشيب وعلتني ابهة الكبر فاذا دعتني الغواني عما. امتلأت غما. وإذا دعونني ابا. حسبتهن اوسعنني سبا. وتلك منهن دعوة الاجلال. وان كانت عندي دعوة الاخلال. وبودي لو عوضت عنها تلقيبا. يقتضي منهن تقريباً " رسالة في حل قول الآخر "
عربت من الشباب وكنت غضاً ... كما يعرى من الورق القضيب
بكيت على الشباب بكل دمعي ... فما نفع بكاء ولا النحيب
الا ليت الشباب يعود يوماً ... فأخبره بما صنع المشيب

عهدك بي يا مولاي ادام الله عزك حديث السن. رطيب الغصن وتراني الآن وقد عريت من االشباب الانق. كما يعرى القضيب من الورق. وكم حزنت عليه ملء صدري. وبكيته ملء عيني فما نفع الحزن العاكف. ولا شفى الدمع الواكف. وكم اقول يا ليت الشباب يعود يوماً الي. ويعرج ولو ساعة علي. فاجدد به عهداً واهدى إلى كبدي برداً. واشكو اليه الشيب وسوء آثاره. ومرارة ثماره. على ان ادرك ايام مولانا الملك العادل ولي النعم خوارزم شاه ادام الله دولته شباب جديد. وعيش سعيد. وفي تزجية العمر بحضرته. ومطالعة السعود بطلعته. والاستمتاع بلباس نعمته. التي تسبق النعم. وتكشف الهموم وترفع الهمم. عوض عن الشباب ونضارته. وزمان الصبا وغضارته. فجعله الله من كل ما دعى ويدعي به للملوك والامجاد آخذاً باكمل الحظوظ واوفي الاعداد آمين اللهم آمين " اخرى في حل قول ابن المعتز "
يا عاذلي قد كفاك الدهر تفنيدي ... اخذت من لحظات الكاعب الرود
وارسل الشيب في رأسي ومفرقه ... بزاته البيض في غرباني السود
" وقول يحيى بن زياد الحارثي "
ولما رأيت الشيب حل بياضه ... بمفرق رأسي قلت للشيب مرحبا
ولو خلت اني ان كففت تحيتي ... تنكب عني رمت ان يتنكبا
ولكن إذا ما حل كرهاً فسامحت ... به النفس يوماً كان للكره اذهبا
" وقول مسلم بن الوليد "
الشيب كره وكره ان يفارقني ... اعجب بشيء على البغضاء مودود
يمضي الشباب وقد يأتي له خلف ... والشيب يذهب مفقودا بمفقود
اراك يا مولاي ايدك الله تعذلني على نزقات الشبان. ونزغات الشيطان. وقد كفاك الدهر تفنيدي ولومي. اذ ليس امسي في الخلاعة كيومي. وقد نسيت غمزات الالحاظ. من المقل المراض منذ واضني الشيب بلجامه المحمود. وارسل بزاته البيض على غرباني السود. ولما ضحك لي عن انياب الحيات. وبكيت على حلاوة الحياة. قلت مرحبا بك من قادم ساكرم مثواه واهلاً بك من زائر سأحسن قراه. ولو خلت اني ان كففت تحيتي عن طلعته وجدت السلامة من سطوته. لما حييت من يسلني انسي ولم اكرم من ينعي إلى نفسي. ولكن إذا حل المكروه القاصد والم الخطب الراصد. فسامحت نفس المرء ما تلقاه من الشر وتقاسيه من العيش المر.كان ذلك ادفع لمضرته. واذهب بمعرته. ومعلوم ان الشيب كريه الزيارة والمعانقه. كريه الذهاب والمفارقه. فهو على بغضه يحب. وعلى سوء اثره لا يسب. وذلك ان الشباب يمضي فيخلفه المشيب. والمشيب لا يعقبه الا الموت القريب. اعاننا الله على الاستعداد. ليوم المعاد " اخرى في حل قول الآخر "
لا يرعك المشيب يا ابنة عبد الل ... ه فالشيب حلية ووقار
انما تحسن الرياض إذا ما ... ضحكت في خلالها الانوار
" وقول دعبل "
اهلا وسهلا بالمشيب فانه ... سمة العفيف وهيبة المتخرج
وكان شيبي نظم در زاهر ... في تاج ذي ملك اغر متوج
" وقول البحتري "
وبياض البازي اصدق حسناً ... ان تأملت من سواد الغراب
كتابي يا سيدي ادام الله عزك وقد الم الشيب بلمتي ومد طرازه على وجهي وضحكت في الروضة الانوار. وابيض القار. ولاح الوقار. فاهلا وسهلا بالمشيب.ومرحبا بالعدوالحبيب. فانه سمة التقى العفيف. وهيبة المتحرج الشريف. وفيه تشاهد الحنكه وعنوان التجربة والمسكة. وكأنه حلية ملك. او نظم در في تاج ملك. وكافور المشيب ابهى من مسك الشباب. وبياض البازي احسن من سواد الغراب. والسلام " اخرى في حل قول ابن الرومي "
يا ايها الرجل المسود شعره ... كيما بعد به من الشبان
اقصر فلو سودت كل حمامة ... بيضاء ما عدت من الغربان
الخضاب ايدك الله من شهود الزور. ومتاع الغرور. واراك في عناء شديد. وجهد جهيد. من مغالبة الدهر بتسويد الشعر فمهلا رحمك الله واعلم ان المشايخ لا يعدون في الشبان. ولو سودت الحمام البيض لم تعد من الغربان والسلام " اخرى في حل قول بعض المعمرين من العرب "
حنتني حانيات الدهر حتى ... كأني خانل ادنو لصيد
قريب الخطو يحسب من رآني ... ولست مقيداً امشي بقيد

كتبت ابقاك الله وقد تضاعفت عقودعمري. واخذت الايام من جسمي. وحنى قوسي الكبر حتى كأني خاتل صيد. وقارب الوهن خطاي حتى كأني ماش بقيد. وما الذي يرجى ممن كان مثلي في تقاصر الحظى. وتخاذل القوى وتداني المدى. والتوجه الى الدار الاخرى والسلام

باب في
المدائح
" رسالة في حل قول ابي نواس "
لقد نزلت ابا العباس منزلة ... ما ان ترى خلفها الابصار مطرحاً
وكلت بالدهر عيناً غير غافلة ... بجود كفك تأسو كل ما جرحا
" وقول ابي تمام "
لقد انست مساوي كل الدهر ... محاسن احمد بن ابي داود
متى تحلل به تحلل جنابا ... رضيعاً للسواري والغوادي
ترشح نعمة الايام منه ... وتقسم فيه ارزاق العباد
" وقول ابن الرومي "
تهتز عطفاه عند المدح يسمعه ... من هزه المجد لا من هزة الطرب
كأنه وهو مسؤل وممتدح ... غناه اسحق والاوتار في صخب
لولا عجائب صنع الله ما نبتت ... تلك الفضائل في لحم ولا عصب
" وقول الواوا الدمشقي "
من قاس جدواك بالغمام فما ... انصف في الحكم بين شكلين
أنت إذا جدت ضاحك ابداً ... وهو إذا جاد دامع العين
كتبت اطال الله بقاء مولاي من الحضرة بالجرجانية حرسها الله وانا احمد الله تعالى على اني بها من خدم مولانا الملك المؤيد ولي النعم خوارزم شاه اعز الله نصره. وادام ملكه. فقد نزل من العلى بالمنزلة العليا التي ما ورآها مطمح للابصار. وما فوقها مجال للافكار. ووكل بالدهر همته العاليه. وعينه الكاليه. فهو ياسو كل ما جرح. ويحي كل ما ذبح. حتى انست محاسنه مساوي كل الزمان. وعمت فواضله كل انسان. وإذا حللت حضرته حللت الربع الرحيب. والجناب الخصيب. الذي هو رضيع الغيوم ومزيل الغموم. ومعدن الكرم. وينبوع النعم. وملجأ الخلق. ومقسم الرزق. وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكا كبيراً. وقمراً منيراً. وسحاباً مطيراً. وإذا سمع الكلام الحر في خدمة معاليه ومدحة مساعيه. اخذته هزة المجد. واريحية الكرم المحض. فكأن اسحق الموصلي يغنيه والاوتار تتجاوب والاقداح تتناوب. ولولا فضل الله وعجائب صنعته. وبدائع قدرته. ولما نبتت تلك الفضائل في لحم. ولا امتزجت تلك المكارم بدم. فتبارك الله احسن الخالقين. وابقى الله مولانا للدنيا والدين. وتالله ما انصف من وصف جوده الغامر فشبهه بالسحاب الماطر. لانه يجود وهو عابس الوجه باكي العين ومولانا حرس الله ملكه يجود وهو ظاهر البشر ضاحك السن. لا زالت المكارم تصدر عن خلائقه والمناحج تشام من بوارقه " فصل في حل قول البحتري "
دنوت تواضعاًوعلوت مجداً ... فشأناك انحدار وارتفاع
كذاك الشمس تبعد أن تسامى ... ويدنو الضوء منها والشعاع
" وقول ابي الطيب المتنبي "
فان تفق الانام وانت منهم ... فان المسك بعض دم الغزال
مولانا الملك المؤيد ولي النعم خوارزم شاه اعز الله نصره في محله الرفيع. وتواضعه البديع. كالشمس تقرب ضياء. وتبعد علاء وفي جوده وكرمه. وحسن شيمه. كالغيث يروي العطاش و يحيى المعاش. فان فاق. من في الآفاق. وهو منهم. وفضل كلهم وهو بعضهم. فالمسك بعض دم الغزال. والزمرد بعض احجار الجبال. لا زال مولانا يزيد على الناس زيادة الشمس على البدر. والبحر على القطر " اخرى في حل قول البحتري "
للناس بدران لا يخفى طلوعهما ... بدر السماء وبدر الارض اسحق
اغر تفتح ابواب النوال به ... وللمنايا به فتح واغلاق
كلتا يديك يمين لا شمال لها ... وفي يمينك آجال وارزاق
للناس بدران يجمعان العلو والاشراق. ويعمان بانوارهما الآفاق. ولا يحصى ما فيها من المحاسن. وما للخلق بهما من الميامن. فاما بدر السماء فهو الذي نوره الله واعلاه. واما برد الارض فمأمون بن مأمون خوارزم شاه. وهو الملك الذي يملأ العيون جمالاً. والقلوب كمالاً وفي يده مفاتح الارزاق والآجال. ومن حضرته مطالع الآمال والاهوال. وهو على خلق الله امين وكلتا يديه يمين. والله نصيره والبدر نظيره والسعد ظهيره و المجد سميره " اخرى في حل قول علي بن جبله "

دجلة يسقى وابو غانم ... يطعم من يسقى من الناس
الناس جسم وامام الهدى ... رس وان
أس وانت العين في الناس لله عباد مكرمون. يطعمهم مأمون ويسقيهم جيحون. وشتان ما بين السقى والاطعام. وبين الانعام والانعام. والناس جسم رأسه امير المؤمنين. وامام المسلمين. ومولانا الملك خوارزم شاه اعز الله نصره عين الراس. ونكتة الناس. وينبوع الندى والباس. ابقاه الله ما استمدت النفوس من الانفاس " اخرى في حل قول المتنبي "
قد شرف الله ارضاً أنت ساكنها ... وشرف الناس إذا سواك انسانا
" وقول ابي الفتح كشاجم "
شخص الانام إلى كمالك فاستعذ ... من شراعينهم بعيب واحد
قد شرف الله الارض وجعلها من افضل الاصقاع. وايمن البقاع. اذ سكنها مولانا الملك خوارزم شاه ادام الله ملكه. وهو عالم في ثوب عالم. وملك في صورة ملك. كما شرف الناس بأن سواه انساناً هو الجمال بجملته. والكمال بكليته. ولا عيب فيه غير أن لاعيب فيه. يصرف العين عن معاليه. فيالبت له عيباً واحداً يعوذ به مجده. والمحاسن الممتدة. ولئن لم يعوذها بالعيب. فسيعيذه عالم الغيب. من حوادث الدهر وبوائقه. ويصونه عن نوائبه وصواعقه. ويجعل على نفسه ونعمته. وملكه واعزته واقية باقية برحمته

باب في
الهجاء
" فصل في حل قول الحطيئة "
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فانت لعمري الطاعم الكاسي
" وقول الاعشى وهما من اهجى اشعار العرب "
تبيتون في المشتا ملأ بطونكم ... وجاراتكم غرثي يبتن خمائصا
دع المكارم لاربابها. واتركها لاصحابها. فلا تنقل نحوها رجلك ولا تشد اليها رحلك. وتزحزح عن المكارم. التي هي عندك من المغارم. بل من المحارم. واقعد بمزجر الكلاب الكلال. وفي صف النعال. فلست الا لتنعيم الجسم. وتطبيب الطعم. وتحسين اللباس وتجويد الافراس. وانت الذي يحفظ ماله والعرض ضائع ويشبع بطنه والجار جائع. وكفى بذلك لوماً. وخلقاً مذموماً " اخرى في حل قول مسلم بن الوليد "
قبحت مناظرهم فحين خبرتهم ... حسنت مناظرهم لقبح المخبر
" وقوله وهو الذي نقدمه من عيون اشعار المحدثين " " المعدودة في الهجاء "
اما الهجاء فدق عرضك دونه ... والمدح عنك كما علمت جليل
فاذهب فأنت طليق عرضك انه ... عرض عززت به وانت ذليل
قد بليت بقوم طعام لئام تستقبح مناظرهم. مالم تعرف مخابرهم فاذا بلوتهم استحسنت مناظرهم الدميمة لقبح مخابرهم الذميمة. وما منهم الا من يدق عرضه عن الهجاء والقدح. كما يجل عنه القول في الاطراء والمدح. فهو في ذمة خساسته ونذالته. وحقارة لؤمه ورذالته. وهو طليق عرضه الخبيث مركبه. اللئيم منسبه. فلقد عزبه وهو اذل من قلامه. في قمامه. واقل من تبنه. في لبنه " أخرى في حل قول ابي عمارة الصوري وهو ابلغ ما قيل في معناه "
ثقيل براه الله اثقل من يرى ... ففي كل قلب بغضة منه كامنه
مشى فدعا من ثقله الحوت ربه ... وقال الهي زادت الارض ثامنه
لا مرحبا بأثقل الثقلين. وابغض اهل الخافقين. ومن له في قلب كل من على الارض. نصيب وافر واف من البغض. فاذا مشى تألم الحوت من ثقله. وتظلم منه إلى ربه. وقال يا من اوسع الخلق عدلاً وفضلاً. خلقت ارضاً ثامنة زدتني بها ثقلاً. وسيريح الله الحوت من ثقل سكونه وحركته. وسائر الخلق من كثرة شؤمه وقلة بركته. بفضله ورحمته.
باب في
الهدية
" رسالة في حل قول أحمد بن يوسف الكاتب للمأمون "
على العبد حق فهو لابد فاعله ... وان عظم المولى وجلت فواضله
الم ترنا نهدي إلى الله ما له ... وان كان عنه ذا غنى فهو قابله
" وقول الآخر "
لو كنت أهدي على مقدار فضلكم ... اذاً لقلت لك الدنيا وما فيها

علي العبد اطال الله بقاء مولانا الملك ولي النعم خوارزم شاه حق لابد يقضيه. ويخدم بما يهديه وان عظم المولى وجلت معاليه ولذلك نهدي إلى الله ماله الذي هو من عطاياه. فيقبله من عباده على غناه. ولو اهديت إلى خزانته عمرها الله بطول عمره. على حسب ارتفاع قدره. وعلو شأنه وامره. لاهديت الدنيا في معرض خضرتها ونضرتها. والجنة في اثواب بهجتها وزهرتها ولكني وقفت عند طاقتي في الخدمة بقليل يكثره خلوص شكري ويسير يكبره وضوح عذري. فان رأى أعلى الله رأيه ان يتطول على عبده بالاذن في عرض ذلك عليه. مشرفاً اياه وزائداً في احسانه اليه. فعل ان شاء الله تعالى " فصل في حل قول ابن المطران "
المودات ما خلت ... من تهادٍ مكدره
كطبيخ خلا من ال ... لحم يدعى مزوره
" وقول الآخر "
ما من صديق وان تمت صداقته ... يوماً بانجح في الحاجات من طبق
إذا تقنع بالمنديل منطلقاً ... لم يخش نبوة بواب ولا غلق
لا تكذبن فان الناس مذ خلقوا ... لرغبة يكرمون الناس أو فرق
ان الفعال فويق النجم مطلبه ... والقول يوجد مطروحاً على الطرق
المواخاة. بالمهاداة. والمحالفة. بالملاطفة. والمودة بلا هدية مكدرة. كما ان المرقة بلا لحم مزوره. وما شيئ باصلح للصديقين واجمع لشمل المحبة بين الاخوين. من طبق البر واللطف. مشتملاً على التحف والطرف. فاذا قنعه حامله بالمنديل. لم يخف صعوبة الحجاب الثقيل. ومعلوم ان اكثر الناس يعطون رغبة أو رهبة. وأقلهم من يعطي رحمة وحسبة. ولم يزل الفعال عسير المرام. عزيز المنال والمقام. موجوداً بكل طريق. وعند كل عدو وصديق. وشتان ما بين الدراهم الصحاح. والقول الذي يذهب في الرياح " رقعة في حل قول الشاعر "
هديتي خاتم لذي ادب ... يذكره عهد ود خادمه
لو نقشت مقلة بناظرها ... صيرت العين فص خاتمه
مع رقعتي هذه ادام الله مولاي خاتم. اهداه خادم. لاطف به مجلسه. ليذكره إذا لبسه. ويود لو ركب فيه. فص صدره ونقشه بناظر عينه. فكان لا يخلو من رؤيته في حال حضوره وغيبته. ومولاي أعلى عيناً فيما يراه من قبوله. والتوقيع إلي بذكر وصوله. ان شاء الله " اخرى في حل قول الآخر "
لقد بعثنا اليك ايدنا الل ... ه ببر فكن له ذا قبول
لا تقسه إلى ندي كفك الغم ... ر واحسانك الكثير الجزيل
واغتفر قلة الهدية مني ... ان جهد المقل غير قليل
بعثت اليك يا سيدي ومولاي اطال الله بقاك بشيئ يزل عن الفكر ويقل عن الذكر. فاحب ان تقبله على قلته. ولا تقيسه بما تعطيه على كثرته. وتعلم انه جهد المقل. لااختيار المستقل وتحفه الملاطف المقتصد. لا هدية المكاثر المحتشد. والسلام " اخرى في حل قول ابي العتاهيه "
نعل بعثت بها لتلبسها ... قدم بها تسعى إلى المجد
لو كان يصلح ان اشركها ... خداً جعلت شراكها خدي
بعثت إلى مولاي ادام الله تأييده نعلاً يسعى بها إلى كل مقام كريم. ومجد عميم وشرف عظيم. ولو قطعتها من جلدي وشركتها من خدي. لم ابلغ ما في النيه. من العبودية. والسلام " اخرى في حل قول منصور الفقيه "
اهديت شيئاً يقل لولا ... أحدوثة الفال والتبرك
كرسي تفاءلت فيه لما ... رأيت مقلوبه يسرك
" وقول ابي بكر الخوارزمي "
فديتك ما بعثت الكوب الا ... لفال فيه مبتدا معاد
إذا صفحت كوباً فهو كون ... فكن كونا يدوم بلا فساد
قد قال في الفال. سراة الرجال. لانه لسان الزمان. وفيه مسرة الانسان. ومع رقعتي هذه يا مولاي ادام الله عزك كرسي قصدت به الفال والتبرك. لما رأيت مقلوبه يسرك. كوب تصحيفه كون فكن كونا بلا فساد. ونفاقاً بلا كساد. ودم لقبول اليسير. وبذل الكثير. ما عرف الدوام. واتصلت الليالي والايام

باب
التهاني
" رسالة في حل قول ابراهيم ابن العباس "
لا نهنيك بطوس ... بل نهنى بك طوساً
فلقد أصبحت اليو ... م بك الطوس عروساً

من هنأ الولاة اطال الله بقاء الامير بولاية البلاد التي تفوض إلى اهتمامهم. ويستنهض فيها حسن قيامهم. فاني اهني بك البلد الذي احسن الله إلى اهله. وعطف عليهم بفضله اذ اضيف إلى ما يتقلده الامير ادام الله تأييده فتحسن فيه آثار كفايته. ويمتد عليه شعاع سعادته. واسأل الله ان يقرن الخير والخيرة بما ولاه. ويوفقه لبلوغ مرضاته فيما اولاه. ويعرفه من سعادة عمله. ما يؤدي إلى تحقيق امله. بمنه ورحمته " اخرى في حل قول ابن خلاد القاضي لابي محمد المهلبي " " تهنئة بالوزارة "
الآن حين تعاطى القوس باريها ... وابصر السمت في الظلماء ساريها
انا احمد الله تعالى على النعمة التي عمت اهل الارض. وخصت ذوي الفضل المحض. اذ رتب الوزارة من سيدنا الوزير اطال الله بقاه بكفؤها وكافيها وتعاطي القوس باريها. وجرت الامور احسن مجاريها. فالدنيا مهنأة بما امتد عليها من فعله. والارض مشرقة بنور عدله وفضله. خار الله فيما تولاه وتقلده. واكتنفه بالعصمة وايده. وقرن به التوفيق ولا افرده. آمين " اخرى في حل قول عدي بن الرقاع العاملي في تهنئة بعض ابناء خلفاء بني مروان بالزفاف "
قمر السماء وشمسها اجتمعا ... بالسعد ما غابا وما طلعا
ما وارت الاستار مثلهما ... فيمن رأيناه ومن سمعا
دام السرور له بها ولها ... وتهنآاطول الحياة معا
مرحبا باجتماع الشمس والقمر. والتقاء السمع والبصر. واتصال الحر بالحرة. واقتران المشتري بالزهرة. فما رأى الراؤون اجتماع امثالهما في ستر. وما روي الراوون النقاء اشكالهما في خدر. والله يديم سرور بعضهما ببعض. ويهنئهما طول العمر في دعة وخفض. ويجعل الوصلة بينهما موصولة بانمى الاعداد. وازكى الاولاد. واكمل المواهب. واحمد العواقب. آمين " اخرى في حل قول ابن الرومي يهني بمولود "
بدر وشمس ولدا كوكباً ... اقسمت بالله لقد انجبا
تبارك الله وسبحانه ... اي شهاب منهما اثقبا
ثلاثة تشرق انوارها ... لا بدلت من مشرق مغربا
بشرى فقد ظهرت نتيجة شرف ومجد. وولد القمر والشمس كوكب سعد. فسبحان الله اي شهاب ثاقب تولد منهما في فلك السعادة واي نور ساطع تألق بهما في افق النجابة. فهم ثلاثة تشرق انوارها. وتحسن اخبارها. لا بدلت من مشارقها مغارب وادام الله لها المواهب. وبارك في الوالدين والولد وعرف فيه سعادة المولد. ويمن المورد. وارى من بنيه اولاداً بررة. واسباطاً حفدة. آمين " اخرى في حل قول ابي تمام في التهنئة بالقدوم من الحج "
اما حججت فمقبول ومبرور ... موفر الحظ منك الذنب مغفور
قضيت من حجة الاسلام واجبها ... ثم انصرفت ومنك السعي مشكور
شكراً شكراً يا سيدي اطال الله بقاك فقد قصدت اكرم المقاصد. وشهدت اشرف المشاهد. وزرت البيت العتيق المعظم. وخدمت الركن والحطيم وزمزم. فوردت مشارع الجنة. وخيمت بمنازل الرحمة. واديت القرض. وقضيت الفرض. وانقلبت إلى اهلك مسروراً موفوراً فجعل الله حجك مبروراً. وسعيك مشكوراً وموازينك راجحة. وتجارتك رابحة. والبركات اليك غادية رائحة " اخرى في حل قول ابي الفتح لابنه ابي الفضل ابن العميد يهنيه بالنيروز "
اسعد بنيروز اتاك مبشراً ... بسعادة وزيادة ودوام
فاشرب فقد حسر الربيع نقابه ... عن منظر متهلل بسام
اسعد الله مولانا الملك المؤيد خوارزم شاه بهذا الفصل الجديد والنيروز الحميد. الذي زاره مبشراً باكمل السعادة. واحسن العادة. واتم الزيادة. وداعياً إلى الشرب على وجه الربيع المريع فقد حسر نقابه عن المنظر الحسن البديع. ومولانا اطال الله بقاءه وادام ملكه أعلى عيناً فيما يراه من ايجاب الداعية. وقضاء حق الانس فيه. وقدح نار السرور في الاقداح. واستمطار سحاب اللهو بالراح. ولا زال صائب سهم الامل. وافر جناح الجزل يلاحظ العيش محضر العود ويلابس الدهر متصل السعود. ويقترع ابكار اللذات كما يقترع ابكار البلاد. ويجتني ثمار المعاش والمعاد. وادام الله سلطانه ما تكررت الازمان. واختلفت النيروز والمهرجان " اخرى في حل قول ابن ابي الطيب المتنبي يهني سيف الدولة بالعيد "

هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده ... وعيد لمن سما وضحا وعيدا
فذا اليوم في الايام مثلك في الورى ... كما كنت واحداً كان أو حدا
كيف نخدم عالي مجلس مولانا الملك المؤيد خوارزم شاه اعز الله نصره وادام ملكه في هذا اليوم السعيد. وكيف نهنيه بالعيد وهو عيد العيد. وهو في ملوك الانام. مثل هذا اليوم في الايام فلا زال مهنئاً بامثاله. مبلغاً غاية آماله. وجعل الله هذا العيد من ايمن الاعياد وافده. واتمها افاده " اخرى في حل قول ابي الشيص يهني ويعزي "
جرى الجوار في السعد والنحس ... فالناس في وحشة وفي انس
العين تبكي والسن ضاحكة ... فنحن في مأتم وفي عرس
يضحكنا القائم الامين ويب ... كينا وفاة الرشيد بالامس
بدر ببغداد بات في رغد ... وبات بدر بطوس في الطرس
كتبت اطال الله بقاء سيدنا الامير وانا بين فرحة وترحة. وحبرة وعبرة. وابتهاج وانزعاج. وللجاري من قدر الله بسعد لاحت انواره. ونحس ساءت آثاره. فعم جميع الناس. بالايحاش والايناس. وأبكاهم وأضحكهم بين المآتم والاعراس. والزم كل منهم رفع اليدين إلى الله يستنزل الصبر على المصيبة العظيمة. والرذية الجسيمة. في الامير الماضي رضي الله عنه وارضاه. وجعل الجنة مآواه. واخري بتحميل الشكر على الموهبة العميمه. والنعمة الكريمة. في سيدنا الامير السيد ادام الله تأييده الوارث سرير سلطانه. المستقر في عالي مكانه. فالحمد لله الذي لما ارتجع اكرم العواري. بلغ افضل الاماني. ولما امتحن باعظم الاهوال. تطول باشرف الامال. وحين غيب بدر الارض في الرمس عوضنا عنه بالشمس. وهو تعالى المسئول ان يمهد للماضي في جنة المآوى. ويوجب له درجات القربى والزلفى. وان يطيل بقاء سيدنا الامير وارثاً للاعمار. حائزاً للآمال. كاشفاً بدوام مدته الغمم. وساداً بنضارة دولته الثلم آمين

باب في
المراثي والتعازي
" رسالة في حل قول ابن المعتز في مرثيه عبيد الله بن سليمان الوزير "
قد استوى الناس ومات الكمال ... وقال صرف الدهر اين الرجال
هذا ابو القاسم في نعشه ... قوموا انظروا كيف تزول الجبال
يا ناصر الملك بارآئه ... بعدك للملك ليال طوال
" وقوله "
الست ترى موت العلي والمحامد ... وكيف دفنا الخلق في لحد واحد
وللدهر أيام يئسنا عوامدا ... ويحسن ان احسن غير عوامد
" وقول منصور الفقيه "
اقول وقد هدني قولهم ... مضى ابن عقيل إلى ربه
لأن اشبه الناس في موته ... لقد عاش دهراً بلا مشبه
كتبت اطال الله بقاءك يا مولاي وقد جل الخطب. وعظم الرزء. واتى الناعي. وندبت المساعي. واستوى الناس ومات الكمال. وتحكمت الآجال. وقال الدهر اين الرجال. وركب فلان النعش. بعد العرش. وعلا الاجياد. بعد الجياد. فانظروا كيف تنهد الاطواد المنيعة. وتزول الجبال الرفيعة. ويا لهفي لو كان يغني اللهف. ويا اسفي لو كان يجدي الاسف. على ناصر الملك بآرائه التي تخفي مكائدها وتظهر عوائدها. والتدابير التي تنجح مباديها. وتبهج تواليها. فما اكسف بالي المجد مذ تجرع فقده. وما اطول ليالي الملك بعده. لقد ماتت بموته المعالي والمحامد. وانقضت الفواضل والمعاهد ولبس له المجد ثوبا مصاف فاقد. ودفن الخلق في قبر واحد. وللدهر ايام تحسن سهواً وتسيئ عمداً. وتعطي هزلاً وترتجع جداً وكم قلت لما انتقل فلان إلى جوار ربه وانقلب إلى كرامته وعفوه. لأن اشبه الناس في مماته. فلقد كان بلا مشبه طول حياته. فرحم الله مصرعه. وبرد مضجعه. واكرم مرجعه. وجعل دار الابرار موضعه. ووفقك لما يحصن الأجر ولا يحبطه ويوفر الثواب ولا يسقطه. واطال بعده مدتك. وجعل الشكر في النعمة مادتك. والصبر على البلوى عدتك " اخرى في حل قول ابي تمام وهو غرة مراثيه "
ألا إن في ظفر المنية مهجة ... تظل لها عين المكارم تدمع
هي النفس ان تبك المكارم فقدها ... فمن بين احشاء المكارم تنزع
" وقول ابي العتاهيه "
اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بان المرء غير مخلد

أو ما ترى ان المصائب جمة ... وترى المنية للعباد بمرصد
من لم يصب ممن ترى بمصيبة ... هذا سبيل لست فيه باوحد
وإذا ذكرت مصيبة تشجى بها ... فاذكر مصابك بالنبي محمد
كتبت يا سيدي وانا باكي العين حرج الصدر. سليب الصبر سيىء الظن بالدهر. وكيف لا اكون كذلك وانا ارى بين اظفار المنية الحداد. وانيابها الشداد. صورة شريفة تفترس. ومهجة كريمة تنتهس. فعين العلي تدمع . وقلب المجد يجزع. ونفس الفضل تهلع. ولا غرو أن يبكيها الكرم ملء عينه. ويحزن عليها ملء قلبه. ومن احشائه نزعت. ومن كبده قطعت. وما الحيلة وقد حل محتوم القضاء. ووجب مفروض العزاء. والحوادث اكثر من نبات الارض وقطر السماء. ومن ذا الذي لم يصب بالرزء الجليل. ولست يا سيدي باوحد في هذه السبيل ومما يهون شدة المصائب. ويخفف ثقل النوائب تذكر المصيبة في سيد العالمين. وخاتم النبيين. محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. ففيه سلوة. ولنا به اسوة. افرغ الله عليك تجلدا يضاهي اجتماع رأيك ولبك. وتصبراً يحفظ عليك ذخائر حلمك. ووفي فلاناً أقسام غفرانه. واسكنه فسيح جنانه. ورأيك سيدي اطال الله بقاك في مكاتبتي بما وفقت له من عزيمة الصبر وصريمة الجلد لاقتدى فيهما بك. واقتبس انوارهما منك. مشكوراً ان شاء الله " اخرى في حل قول ابن المعتز "
لا تحزنن وقيت الحزن والالما ... ولا عدمت بقاء يصحب النعما
اليس قد قيل فيما لست تنكره ... من مكرمات الفتى تقديمه الحرما
يا شامتا ببني وهب وقد فجعوا ... لا تفرحن بنقص زادهم كرما
لا تحزن يا سيدي وقيت الحزن والالم. ولا عدمت بقاء يصحب النعم. واعلم ان دفن البنات من المكرمات. وستر العورات من الحسنات. وتقديم الحرم. من النعم. وليبلغ. الشامت ببني فلان ما اقول. وليس علي القبول. لا تفرح بنقص زادهم كرما. وافادهم نعما. فقد نبهوا بموعظة. ورزقوا ثواباً وستروا عورة وكفوا مؤنة. والسلام " فصل في حل قول مسلم بن الوليد وهو ارثى بيت للمحدثين " ارادوا ليخفوا قبره عن عدوه فطيب تراب القبر دل على القبر قد حسدت الرياض التي رقت حواشيها. وتانق واشيها. ارضا دفن فلان فيها. وحين اخفى الخوف العدو قبره في الارض. دل عليه نسيم الكرم المحض. وفاحت منه رائحة المجد الغض وناب ترابه في الطيب. عن انفاس الحبيب

باب في
الزيارة
" فصل في حل قول الشاعر "
إذا شئت ان تقلى فزر متوترا ... وان شئت ان تزدادحباً فزر غباً
" وقول الآخر "
عليك باقلال الزيارة انها ... إذا كثرت كانت إلى الهجرمسلكاً
فاني رأيت القطر يسأم دائبا ... ويسأل بالايدي إذا هو أمسكا
الزيارة زيادة في الصداقة. وقلتها امان في الملالة. وكثرتها سبب القطيعة. وكل كثير عدو الطبيعة. وما احسن ما قال صاحب الشريعة. صلى الله عليه وسلم زر غباً تزدد حباً. والمطر إذا لم يكثر غيث. فاذا دام وتواتر فهو غيث. ولا جرم انه يمل إذا دام وان احيا النبات والسوام. ويسأل بالايدي والدعاء. إذا لم ينحل به عقد السماء " رقعة في حل قول الشاعر "
اني رأيتك لي محبا ... والى حين اغيب صبا
فهجرت لا لملالة ... حدثت ولا استحدثت عتبا
الا لقول نبينا ... زوروا على الايام غبا
فهجرت حين هجرت كي ... ازداد بالاغباب قربا
فاعذر ابا حسن ولا ... تجعل قعودي عنك ذنبا
والله يعلم انني ... لك اخلص الثقلين قلبا
اراك يا سيدي ومولاي اطال الله بقاك محبا لي صبا بي. قارئاً صحيفة المودة من قلبي. فاتقاعد عنك في بعض الاحايين من غير ملال ولا عتب يدعو إلى اخلال. ولكن للأخذ بسنة الاغباب. في زيارة الاحباب. وانا هجرك يا مولاي رغبة في صلتك. وابعد عنك حرصا على قربك. واتصبر عن مواصلتك ضناً مني لمخالصتك. وارجو انك تقبل في التعذير عذري. وتصرف إلى الجميل امري. ولا تعد ذنبا اغباني للزيارة. وتوسطىبين طرفي القطيعة والمواظبة. فوالله ما تقل الغبراء. ولا تظل الخضراء اخلص مني قلباًفي موالاتك. واصفى طوية في مواساتك والله يطيل مدتك. ويحرس مودتك

" فصل في حل قول الشاعر "
اقتل زيارتك الصدي ... ق تكون كالثوب استجده
ان الصديق يمله ... ان لا زال يراك عنده
" وقول ابي تمام "
وطول مقام المرء في الحي مخلق ... لديبا جتيه فاغترب تتجدد
فاني رأيت الشمس زيدت محبة ... إلى الناس ان ليست عليهم بسرمد
ربما كان التقالي. في كثرة التلاقي. فاقلل زيادة الوديد. تكن عنده كالثوب الجديد. ولا تتعرض للملال. بكثرة الوصال وإذا خلقت ديبا جتاك عند الاحباب. فجددها بالانتقال والاغتراب. واعلم ان الشمس لو لم تغب واقامت . ولم تغرب وادامت. لملها الناس على محاسنها في الافق. وعموم منافعها للخلق " اخرى في حل قول العباس بن الاحنف "
يقرب الشوق داراً وهي نازحة ... من عالج الشوق لم يستعبد الدارا
الشوق يا سيدي فديتك يقرب الطريق القصى. ويحث من المطى البطى. ويطوي الفراش الوطى. فها انا ازورك ولا اكافيك عن جفوتك. واطالعك ولا آخذك بنبوتك. والمحب إذالم يستزر زار. ولم يستعبد الدار والسلام

باب في
العبادة
" رسالة في حل قول احمد بن يوسف "
قالوا ابو الفضل معتل فقلت لهم ... نفسي الفداء له من كل محذور
يا ليت علته عندي وان له ... اجر العليل واني غير مأجور
" وقول أبي تمام "
لا عيش أو يتحامى جسمك الوصب ... فتنجلي بك عن اخوانك الكرب
لعاابا جعفر واسلم فقد سلمت ... بك المرؤة واستعلى بك الحسب
انا جهلنا فخلناك اعتللت ولا ... والله ما اعتل الا الظرف والادب
قرع سمعي اطال الله بقاء مولاي خبر شكاته. قرنه الله بمعافاته فلحقتني روعه. وملكتني لوعه. وفديته من المحذور بالاعزين الاهل والولد. بل بالعمدتين القلب والكبد. بل بنفسي كلها ومهجتي بأسرها . وودت لو تحملت عنه العلة واوصابها. وحاز هو اجرها وثوابها. واقسم انه لاعيش لي ما لم يصافح الابلال ويقارب النهوض والاستقلال. فتنجلي غيوم عن اخوانه وتدور العافية بالمحبوب لخلانه. والله تعالى اسأل بالنية الصادقة والعقيدة الصافية. ان يرفع منها جنبه. ويمحو بها ذنبه.وان يسلمه كما سلمت به المروة والمناقب. ويديم علوه كما علا به الحسب الثاقب " اخرى في حل قوله ايضاً "
ابا القاسم المحمود ان ذكر الحمد ... وقيت الرزايا ما تروح وما تغدو
فان تك قد نالتك اطراف وعكة ... فلا عجب ان يوعك الاسد الورد
بنا لا بك الشكوى وليس بضائر ... إذا صح نصل السيف ما لقى الغمد
ابقاك الله ووقاك. وشفاك وكفاك وعافاك. ان شكوت يا سيدي مرضا. واصبحت للحمى غرضا. فلا غرو ان يحم الاسد الورد. ويكسف القمر البدر. وبنا لا بك ما تقاسيه من الآلام. وبالغمد لا بالسيف الحسام والسلام " اخرى في حل قول ابن الرومي "
فانك ما اعتللت بل المعالي ... ولك ما مرضت بل القلوب
" وقول ابن المعتز "
يا دهر يعتل الوزي ... ر ولا اطور ببابه
هذا من النكد الذي ... ما زلت من اصحابه
يا رب جنبه الردى ... واغسله من اوصابه
من مثله ما مثله ... بالعالمين ولا به
لم يعتل سيدنا اطال الله بقاه بل نفس العلاء. وقلوب الاولياء فكم قلت لما اتصل بي خبر ما عرض. له من المرض وما به الم. من االالم. يا دهر ايعتل سيدنا ايده الله فتعوقني عن عيادته. حتى لا اطور بساحته. وما هو الا من النكد. الذي يستصحبه طول الابد. ثم قلت يا رب اغسله من اوصابه. بماء الشفاء. وأغنه بالسلامة عن الطب والاطباء. فمن مثله والمجد والكرم بين ثيابه و بالناس جميعاً لابه.
باب في الهجاء
" فصل في حل قول الشاعر "
نعمة الله لا تعاب ولكن ... ربما استقبحت على اقوام
لا يليق الغنى بوجه ابي يع ... لى ولا نور بهجة الاسلام
وسخ الثوب والعمامة والبر ... ذون والوجه والقفا والغلام

نعمة الله لا تعاب مطالعها. ولكن ربما استقبحت مواقعها. عند اقوام هم نظام المساوي والمقابح. ومجمع المخازي والفضايح. فهي عندي كالحرة الكريمة يتزوجها عبد لئيم. وكالعقد الفاخر يتقلده قرد دميم. ووالله ما يليق الغنى بوجه ابي يعلى ولا يلوح عليه نور الاسلام. اما تراه زمن المرؤة وسخ الثياب. شعت المركب والغلام. فهو بالفقراء. اشبه منه بالاغنياء. لا ابعد الله سواه. وكفانا لقياه " رسالة في حل قول الآخر "
إذا كنت ذا مال ولم تك مفضلا ... فما لك من فضل على الكلب والقرد
لقول بنت ابائي المجد والعلا ... صدقت ولكن قد سلحت على المجد
" وقول الآخر "
فخرت باصلك اصل شريف ... اضرب به نفسك الخامله
وما ينفع الاصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله
" وقول الآخر "
يا اكرم الناس آباء ومفتخرا ... والأم الناس مبلوا ومختبرا
يغضى الرجال إذا آباؤه ذكروا ... له ويغضى إذا ما فعله ذكرا
إذا كنت مستظهراً بالاموال. كعدد الرجال وفوق الآمال. ولم تسلك بها طرق الاحسان والافضال. وكنت عن الجميل معرضاً وعن الخير مغمضاً. فاي فضل لك على الكلب النذل والقرد الرذل. وان افتخرت بآبائك الكرام. الذين بنوا المجد والعلى على الايام. قلنا صدقت. ولكنهم بنوا وهدمت. وسمحوا وما سمحت. وصلحوا وما صلحت. بل على المجد سلحت وانت عرة من غرر. وحصاة في درر. وما ينفع الاصل الشريف الفرع سخيف. والنسبة الهاشمية. والنفس باهلية. وما خير اكرم الناس مفتخرا. والأمهم مختبرا. فان ذكر اباؤه الذين هم امجد الاسلاف. وافضل الاشراف. اغضى الرجال لهم اكبارا واعظاما. واجلالا واحتشاما. وان ذكر اغضى حياء من سوء خبره. واطرق خجلاً من خبث اثره. اعاذنا الله من مواقف الهجنة. ومحافل السبه. وسترنا بستره الجميل. واظلناه بظله الظليل " فصل في حل قول الآخر "
ابوك اب حر وامك حرة ... وقد يلد الحران غير نجيب
فلا يعجبن الناس منك ومنهما ... فما خبث من فضة بعجيب
ابوك حر وامك حرة. وما منهما الاغرة. ولكنك بينهما عرة وقد يلد النجيبان غير نجيب. وما الخبث من فضة بعجيب. ولا الشوك في النخل ببديع ولا الدخان من النار بغريب " فصل في حل قول الاستاذ ابي بكر الخوارزمي في رجاء والعباس ابني الوليد الاصبهاني "
ولما رأيت ابني وليد ... وبينهما اختلاف في الفعال
وهبت قبيح ذا لجميل هذا ... واسلفت العواقب والليالي
هي اليد احسنت منها يمين ... فسوغنا لها ذنب الشمال
لما رأيت الاخوين فلانا وفلاناً وبينهما بون بعيد في الخصال. واختلاف شديد في الفعال. ففلان له في كل مكرمة غرة الاوضاح وقادمة الجناح. وفلان يصون فلسه. ويبتذل نفسه وهبت قبيح هذا المشهور بالمخازي. لجميل ذلك المذكور بالمعالي. وجريت على عادتي في اسلاف العواقب والليالي. وما هما في التمثيل الا اليدان. احسنت منهما اليمين كل الاحسان. فسوغنا ذنب اليسار باذن الله المنان " اخرى في حل قول ابي الفتح البستي "
قلت لما غدوت صدورا واضحى ... زمر الناس وافدين عليك
لا رعى الله من رعاك واعلى ... فوق ايدي بني المعالي يديك
فلقد ذل من افادك عزا ... ولقد زل من ازل اليك
رأيتك صدراً يصدر عن رائك. ويزدحم الناس على فنائك. فلم املك غير الدعاء الصادر عن صدر حرج. وقلب ثلج. وقلت لا رعى الله من ارعاك. حتى علت فوق ذوي العلى يداك فقد ذل من مد رواق العز عليك. وزل والله من ازل اليك " اخرى في حل قول منصور بن بادان "
ابا دلف ما الفقر عندي بعينه ... سوى رجل يرجو نداك ويأمله
كأنك طبل رائع الصوت اجوف ... خلاء من الخيرات قفر مداخله
واعجب مما فيك تسليم امرة ... عليك على طنز وانك قابله
ابا دلف ما الفقير الا من يرجو نداك. وما الخائب بحقه وصدقه سوى من يستظل بذراك. وما أنت الا الطبل يروع صوته وهو خال من العوائد. ويروق صيته. وهو صفر من الفوائد ومن عجب تسليم الناس بالامرة عليك ظنزا. وقبولك اياها مجازا ونبزا

" اخرى في حل قول ابن عروس الشيرازي "
تعس الزمان فقد اتى بعجاب ... ومحا رسوم الظرف والآداب
واتى بكتاب لو انبسطت يدي ... فهيم رددتهم إلى الكتاب
وارى ابن جمهور قد غدى متصلفا ... متشبها باجلة الكتاب
لكن يمزق الف طومار إذا ... ما احتج منه إلى جواب كتاب
" وقول ابي الفتح كشاجم "
ازعمت انك في الكتابة مدرك ... سعي وقلت سلاحنا الاقلام
هيهات تلك صناعة ممزوجة ... فيها ضياء واضح وظلام
هذا الحديد سلاح ابطال الوغى ... وبه يريق دماءنا الحجام
تعساً ونكساً للزمان فقد جاءنا بالعجاب. ومحا رسوم الآداب واتي بكتاب. من حقهم ان يردوا إلى الكتاب. ومنهم فلان المدلس نفسه في اجلة الكتاب واماثلهم. المتشبه بصدورهم وافاضلهم. وهو الفدم الذي يمزق الطوامير ويستغرق الاضابير إذا أمر بجواب عن كتاب. ثم لا يأتي فيه بصواب. والشأن في انه يدعى مباراتي. ويزعم انه مدرك سعي في مجازاتي. ويقول صناعتنا واحدة هي الكلام. وسلاحنا واحد هو الاقلام. ولا يعلم ان صناعة الكتابة متفاوتة الدرجات متباينة الطبقات. وفيها صباح شامس. وظلام دامس. وهذا الحديد سلاح الابطال الذين لا يعتريهم الاحجام. وبه يستخرج دماءنا الحجام والسلام " اخرى في حل قول ابن زريق الكوفي في شعر الصولي "
بيتي بلا خيش ولكنني ... لو شئت كان الخيش طاقين
بيت إذا آلمني حره ... انشدت للصولي بيتين
قد قوي سلطان الحر. وفرش له بساط الجمر. واقتبست الهواجر نارها من قلب المهجور. حتى زادت على التنور المسجور. فاذا تبرمت معها بالعيش. واعوزتني الحيلة في الثلج والخيش. عمدت إلى شعر الصولي فانشدت منه بيتين. ورددته مرتين. فاجد قناع الحر قد انحسر. وأذاه قد انحصر وارى عقارب البرد تدب الي. وعواصفه تهب علي. فاعجب بشعر يعيد المصيف خريفا. بل شتاء كثيفا. وياله من دواء نافع من الحر الشديد لو لم يأتنا بالزمهرير العتيد " اخرى في حل قول ابي الفتح كشاجم وهو ابلغ ما قيل في هجاء المغنى واملحه "
ومغن بارد النغم ... مة مختل اليدين
قربه اقطع للذات ... من صيحة بين
مارآه احد في ... دار قوم مرتين
قد بلينا بمن يغنى. فيعنى. ويضرب. فلا يطرب. بل يحوج إلى ضربه. بعد سبه. ويحكى قربه صيحة البين. بين المحبين فلا يخلو من عوار وعثار. ولا يرى مرتين في دار " اخرى في حل قول الآخر "
تبكي السموات إذا ما دعا ... وتستغيث الارض من سجدته
إذا اشتهى يوماً لحوم القطا ... يصرعها في الجو من نكهته
" وقول الآخر "
امسي يحدثني فقلت لصاحبي ... امحدث أو محدث من فيه
يا ويح ريحان نحيبه به ... والويل للكأس التي تسقيه
نعوذ بالله من انفاس فلان فانها تأخذ بالانفاس. وتطير ارواح الجلاس فاذا دعا بكت السماء من دعودته الوضرة القذره وإذا سجد استغاثت الأرض من سجدته المتنفسة عن العذره. وإذا اشتهى لحم الطير وهي في الهواء. تكاد تصك عنان السماء. فما هو الا ان يصعد اليها تلك النكهة المميتة. ويسلط عليها تلك الانفاس الخبيثة. حتى يصرعها حوله مثني وآحادا. ويصيدها قبحه الله صيادا. ومن خصائصه انه لا يدري افساأم تنفس. واحدث ام حدث. فيا ويح الشراب الذي يصبح من شرابه ويا ويح الريحان الذي يحيا به. ويا له من رجل مدخل اكله. اخبث من مخرج ثفله " اخرى في حل قول الآخر في طول اللحية "
ولحية اربعة في اربعه ... طويلة عريضة مربعه
ينسج منها كل يوم مدرعه ... ويحتشي من حافيتها برذعه
" وقول الناجم "
ولحية يحملها مائق ... مثل الشراعيين إذا اشرعا
لو غاص في البحر غوصة ... صاد بها حيتانه اجمعا

إذا طالت اللحية تكوسج العقل. وإذا زادت نقص الفضل. وارى لفلان لحية من اعاجيب الارض. متناهية الطول والعرض كل زاوية منها ذراع في ذراع. وكل جناح شراع مع شراع فلو كانت من الامتعة لكانت من الغرائر. أو من الذنوب. لكانت من الكبائر. ولو حلقت نسجت منها مدارع. ولو نتفت حشيت بها براذع. ولو غاص بها في البحر صاد حيتانه. ولو اخترق بها المهمه فزع غيلانه " اخرى في حل قول الآخر في عظم الانف "
كنت في دعوة قوم بعثوا ... برسول نحو موسى الحطمة
فاتانا انفه قبل الضحى ... واتى موسى بعيد العتمه
اعجوبة. عنك غير محجوبة. وهي اني كنت في دعوة حضرها اضياف اشراف. وفتيان ظراف.واقترحوا فلان للتعجب من انفه العظيم. وثقله العميم وحين ارسل اليه الرسول. والحديث يطول. جاءنا انفه يتقلع. وقد ايفع النهار وارتفع. وجاء هو وقد خلع الليل علينا بردته. والبسنا فروته. فزاد العيان على الخبر. وشاهدنا احدى العبر. وبتنا نشرب ونطيب ونطرب. ومن ذلك الانف الفاحش نتعجب " اخرى في حل قول ابي بكر البادشاي في طفيلي "
يا ذرة السمن في التطفل لا ... تسد عن حيلة مآتيها
تشم ريح القتار عن سير شه ... رين ففي ساعة توافيها
ان اتقيناك بالجدار ... وبالابواب والقفل لاتباليها
وان ذببناك كالذباب عن ال ... قصعة كي لا تذوق ما فيها
سقطت فيها مخاطرا فهو الا ... كل أو الموت في نواحيها
تغرس للراح كرمها فترى ... تعد ايامها وتحصيها
عاماً فعاماً فحين تبزل أو ... يقتلع الطين من خوابيها
جئت برفق فانت شاربها ... من قبل بزا لها وساقيها
يا اطفل من ذرة على السمن. ومن الذباب على التمراراك تشتم روائح الطبيخ والشواء من مسيرة شهرين. فتوافيها في أقل من ساعتين. ولا يردك عنها الجدران والابواب. ولا ينفعنا معك الاقفال والحجاب. فان طردناك كالكلاب. وذببناك كالذباب سقطت في القصاع. ولم تزجر عنها بالمصاع. وخاطرت بنفسك فاما أكل حثيث. واما موت خبيث. وقد يغرس الكرم في اوانه ويدعم بعيدانه. فلا تزال تحصى ايامه. وتعد اعوامه. حتى يدرك. ويعرش فيستمسك. ويثمر امهات الرحيق في مخازن البلور والعقيق. فاذا قطفت ورصفت. واتخذت لها المعاصير ونبذت. واودعت بطون الدنان. وامهلت حيناً من الزمان. حسبت مدتها واستوفيت عدتها. فحين يؤخذ الطين عن خوابيها تعمل الحيلة فيها. وتشرب صفوها قبل من يبزلها ويسقيها. فلا هنتك صافية الراح. التي تدفع عنها بالراح. فانت تزاحم اكرم صنيف. وتشربها كالرمل في الصيف " اخرى في حل قول ابي بكر الخوارزمي في الحجاب "
ابا نصر رويدك من حجاب ... فلست بذلك الرجل الجليل
ولا تبخل بذلك الوجه عنا ... فليس بذلك الوجه الجميل
" وقول الآخر "
سأترك هذا الباب ما اذنه ... على ما ارى حتى يلين قليلاً
إذا لم أجد في الإذن عندك حيلة ... وجدت إلى ترك المجيء سبيلا
رويدك ابا نصر من هذا الحجاب الطويل. فلست بذلك الرجل الجليل. ولا وجهك بذلك الجميل. ولا عطاؤك بذلك الجزيل. ولا ظلك بذلك الظليل. وقد هجرت بابك. وتركتك وحجابك. حتى تسهل من اذنك ما تعذر. وما تيسر منه ما تعسر. وإذا لم اجد سبيلاً إلى الدخول عليك. وجدتها إلى ترك المجيءاليك. والسلام على غيرك " اخرى في حل قول الآخر "
لعمري لئن حجبتي العبيد ... ببابك ما تحجب القافيه
سأرمى بها من وراء الجدا ... ر شنعاء تأتيك بالداهيه
تصم السميع وتعمى البصير ... ومن دونها تسأل العافيه
ان حجبتي عنك العبيد. وواجهني منك الرد الشديد. فما حجبوا عنك القوافي السائرة. والمعاني الباهرة النادرة. التي ارمى بها من وراء جدارك. واهجم بها على دراك. وارسلها صواعق محرقات. ودواهي مقلقات. وعقارب وحيات. تصم الاسماع وتعمى الابصار. وتضرب الابشار. وتهتك الاستار. ومن دونها يسأل الله العافية. والواقية الباقية. وما ربحت تجارة من جعل عرضه عرضة لكلامي ونصبه غرضاً لسهامي " رسالة في حل قول ابن طبا طبا العلوي "

ان رمت ما في يديك مجتدياً ... أو جئت اشكو اليك ضيق يدي
عقدت لي بالالوف اربعة ... منقوصة سبعة من العدد
" وقول المشطب البهيقي "
قلت لسقاء على بابه ... يهدج بالقربة مطبوع
لم تحمل الماء إلى داره ... والخبز فيها جد ممنوع
قال لمن يخشى عليه ومن ... يغسل ان مات من الجوع
" وقول الآخر "
اقاموا الديدبان على يفاع ... وقالوا لا تنم للديدبان
فان ابصرت شخصاً من بعيد ... فصفق بالبنان على البنان
تراهم خشية الاضياف خرسا ... يقيمون الصلاة بلا آذان
سألتني ابقاك الله عن فلان فعلى الخبير سقطت وبجليه حاله أحطت. فاعلم انه صورة البخل وشخص الشح وتمثال اللوم وقالب الخلق المذموم. وكلما دخلت عليه. شاكياً ضيق ذات يدي اليه. وملتمساً ما في يديه. عقد لي اربعة آلاف. ونقص منها سبعة بلا خلاف. ولي نادرة مع سقاء من أظراف امثاله وأطبع اشكاله. رأيته يسعى بالقربة إلى داره. فقلت لم تحمل الماء إلى من يبخل بالخبز على عياله فضلاً عن زواره. فقال ليرش على وجهه من يخشى عليه من الخوى. ويغسل به من يموت من الطوى. ولا غرو هو من قوم بالبخل معروفين وباللؤم موصوفين. يأخذون حذرهم من الاضياف. ويرون بهم حد الاسياف ويقيمون الديدبان على اليفاع. المشرف على النواحي والاصقاع. ويوصونه بالتيقظ وازكاء العين. حتى إذا ابصر شخصاً صفق باليدين. ونادره اخرى وهي انك لا تسمع لهم الا همساً. وتراهم من خشية الاضياف خرسا. فهم في اكثر حين وأوان يقيمون الصلاة بلا أذان. وحقيق من هذه خصالهم ان لا يرام وصالهم. والسلام " اخرى في حل قول ابن بسام "
بني ابو جعفر دار فشيدها ... ومثله لجياد الدور بناء
الحسن ظاهرها والجوع باطنها ... وفي جوانبها بئس وضراء
ما ينفع المرء من تزويق منزله ... وليس في جوفه خير ولا ماء
" وقول الآخر "
ان كنت ترغب في ندامه ... فارفع يمينك عن طعامه
فالموت اهون عنده ... من مضغ ضيف والتقامه
سيان كسر رغيفه ... أو كسر عظم من عظامه
" وقول ابن الرومي
يقتر عيسى على نفسه ... وليس بباق ولا خالد
ولو يستطيع لتقتيره ... تنفس من منخر واحد
من طرف الاخبار يا سيدي فديتك ان فلاناً بني دار تطرق الابنية خجلاً منها وتقر القصور بالقصور عنها. فظاهرها الحسن متكاملاً. وباطنها الجوع حاصلا. وما تنفع الدار السرية والابنية فيها البهيه. وليس فيها ما يطعم. ولا يوجد في نواحيها ما يقضم. وعلى ذكر الرجل فان كنت ترغب في مواددته. فارفع يمينك عن مائدته. لان الموت الاحمر اهون لديه. من تحريك الضيف فكيه بين يديه. وسيان عنده كسر صليفه. وكسر رغيفه. ولو يستطيع لتقديره البارد. وتقتيره المتزائد. لتنفس من المنخر الواحد. وهذا يسير من كثير قبائحه. وبعض من فيض فضائحه. والسلام " اخرى في حل قول الآخر "
الا يا بغيض الله وابن بغيضه ... ارى البغض قدماً في ابيك وفيكا
ابوك امام الناس في البغض كلهم ... وانت ولي العهد بعد ابيكا
" وقول الآخر "
ايا من اعرض الله ... عن العالم من بغضه
ويا من بعضه يشه ... د بالبعض على بغضه
ويا اثقل خلق الل ... ه من ماش على ارضه
ومن عاف مليك المو ... ت واستقذر من قبضه
" وقول الآخر "
وثقيل اشد من قرب المو ... ت ومن شدة العذاب الاليم
لو عصت ربها الجحيم لما كا ... ن سواه عقوبة للجحيم

يا من ورث البغض اباه. فحواه واستوفاه. لو كان ابوك اماماً في البغض لا يجاري. ولا يباري. ولا يرد. ولا يجحد. ولا يدافع. ولا ينازع. وان ولي عهده في حياته. وخليفته بعد مماته. وانت ابغض ماش على وجه الارض. ومن يشهد بالبغض بعضه على البعض. وليس يحم حمامك. ولا تنقضي ايامك لان ملك الموت ينفر منك لبغضك. ولا يقدم على قبضك. فانت اثقل من صفع الذل في بلد الغربة. ومن كرب الموت على المعصية. ومن العذاب في نار الله الموقدة. ولو عصت الجحيم ربها. لما كانت عقوبتها سواك. وما عذبت الا بسكناك ولقياك. اراحنا الله من بغضك وثقلك. واحسن النظر لنا بنقلك.

باب في
الأمثال
" قصيدة لابي الفتح البستي وحل كل بيت منها علي رسم المثل مكتوب تحته "
زيادة المرء من دنياه نقصان ... وربحه غير مخض الخير خسران
زيادة الدنيا نقصان. وكل ربح سوى الخير خسران
وكل وجدان حظ لا ثبات له ... فان معناه في التحقيق فقدان
من وجد مالا ثبات له فقد فقده
يا عامر الخراب الدار مجتهداً ... بالله هل لخراب العمر عمران
يا من يعمر داره وعقاره هل تقدر على عمارة ما خرب من عمرك
ويا حريصاً على الأموال يجمعها ... انسيت ان سرور المال احزان
مسلك المال حزن وسروره حزن
احسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الانسان احسان
الاحسان يستعبد الانسان
وكن على الدهر معواناً لذي امل ... يرجو نداك فان الحر معوان
اعن الاخوان فالحر معوان على الزمان
واشدد يديك بحبل الدين معتصما ... فانه الركن ان خانتك اركان
استمسك بحبل الدين فانه الحبل المتين
من يتق الله يحمد في عواقبه ... ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من اتقى الله لبس العافية وحمد العاقبة
من استعان بغير الله في طلب ... فان ناصره عجز وخذلان
من استعان بغير الله خذله ناصره
من جاد بالمال مال الناس قاطبة ... اليه والمال للانسان فتان
من جاد بالمال مال الناس اليه
من سالم الناس يسلم من غوائلهم ... وعاش وهو قرير العين جذلان
من سالم الناس سلم
من كان للعقل سلطان عليه غداً ... وما على نفسه للحرص سلطان
من ملكه سلطان العقل لم يتسلط عليه سلطان الحرص
من عاشر الناس لاق منهم نصبا ... لان سوسهم بغي وعدوان
من عاشر الناس لم يسلم من غوائلهم
ومن يفتش عن الاخوان يقلهم ... فجل اخوان هذا العصر خوان
اخوان هذا الزمان خوان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه ... ندامه ولحصد الزرع ابان
من زرع الشر حصد الندامة
من استنام إلى الاشرار نام وفي ... قميصه منهم صل وثعبان
من سكن إلى الاشرار لبس قميصه على الافاعي
كن ريق البشر ان الحر همته ... صحيفة وعليها البشر عنوان
البشر عنوان بر الحر
ورافق الرفق في كل الامور فلم ... يندم رفيق ولم يذممه انسان
من رافق الرفق حمده رفقاؤه
ولا يغرنك حظ جره خرق ... فالخرق هدم ورفق المرء بنيان
الرفق يبني والخرق يهدم
احسن إذا كان امكان ومقدرة ... فلن يدوم على الاحسان امكان
اغتنم الاحسان ما دام الامكان
صن حر وجهك ولا تهتك غلائله ... فكل حر لحر الوجه صوان
الحر من صان حر وجهه
وان لقيت عدواً فالقه ابدا ... والوجه بالبشر والاشراق غصان
اطف نار العداوة بماء البشاشة
دع التكاسل في الخيرات تطلبها ... فليس يسعد بالخيرات كسلان
من أغلب العادة ان الكسل لا يجتمع والسعادة
لا ظل المرء يعرى من تقى ونهى ... وان أظلته اوراق وافنان
إذا عرى المرء من ظل التقى والنهي فهو ضاح وان استظل
والناس اعوان من والته دولته ... وهم عليه إذا عادته اعوان
الناس اعوان صاحب الدولة وهم عليه إذا انقلبت
ولا تودع السر وشاء به مذلا ... فما رعى غنم في الدوِ سرحان
لا تودع السر الوشاء. كما لا تستحفظ الذئب على الشاء

ما كل ماء كصداء لشاربه ... نعم ولا كل نبت فهو سعدان
ما كل سقف سماء. ولا كل ماء صداء. ولا كل قضيب خيزران ولا كل نبت سعدان
وللتدابير فرسان إذا ركضوا ... فيها ابر كما للحرب فرسان
للتدابير فرسان الخطوب. كما للقتال فرسان الحروب
لا تخدشن بمطل وجه عارفه ... فالبر يخدشه مطل وليان
لا تخدشن بظفر المطل وجه العارفة
كفا من العيش ما قد سد من عوز ... وفيه للحر قنيان وغنيان
يكفى من العيش كفاف سد من عوز
وذو القناعة راض من معيشته ... وصاحب الحر ان اثرى فغضبان
القنوع راض وان افتقر. والحريص غضبان وان ايسر
حسب الفتى عقله خلا يعاشره ... إذا تحاماه اخوان وخلان
حسب الفتى عقله خليلاً إذا تحاماه الخلان
هما رضيعا لبان حكمة وتقى ... وساكنا وطن مال وطغيان
الحكمة والتقى رضيعا لبان ... والمال والضغيان فرسا رهان
إذا نبا بكريم موطن فله ... وراءه في بسيط الارض اوطان
إذا بنى بكريم وطنه فالارض اوطانه. والناس اخوانه
يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده ... ان كنت في سنه فالدهر يقظان
ان كنت في سنه من عزك فالدهر يقظان
من استمرأ الظلم لو انصفت آكله ... وهو يلذ مذاق وهو خطبان
الظلم لا يستمريه به آكله. كما ان الحنظل لا يستحليه ذائقه
يا أيها العالم المرضي سيرته ... أبشر فانت بغير الماء ريان
يا ايها العالم أنت بغير الماء ريان
ويا أخ الجهل أنت اصبحت في لجج ... فانت ما بينها لا شك ظمآن
يا ايها الجاهل أنت في الجة ظمآن
لا تحسبن سروراً دائماً ابداً ... من سره زمن ساءته ازمان
لا تحسب السرور يدوم فمن سره زمان ساءته ازمان
يا رافلاً في الشباب الوحف منتشيا ... من كاسه هل اصاب الرشد نشوان
سكر الشباب. كسكر الشراب
لا تغترر بشباب وارف خضل ... فكم تقدم قبل الشيب شبان
لا تغترر بالشباب فقد يحمل الشيخ الكبير. جنازة الطفل الصغير
هب الشيبة تبدي عذر صاحبها ... ما عذر أشيب يستهويه شيطان
ما عذر الشيخ إذا لم ينتصر بسلطانه. على شيطانه
كل الذنوب فان الله يغفرها ... ان شيع المرء اخلاص وايمان
الذنوب مغفورة مع صدق الاخلاص
وكل كسر فان الدين يجبره ... وما الكسر قناة الدين جبران
كل كسر يجبر بالدين وما لكسر الدين جبر " كذلك قصيدة ابي عبد الله الضرير الابيوردي "
صيامي إذا افطرت بالسحت ضلة ... وعلمي اذ لم يجد ضرب من الجهل
لا اعتد بالصيام. إذا افطرت بالحرام. وإذا لم ينفع العلم فهو ضرب من الجهل
وتزكيتي مالاً جمعت من الربا ... حساب وبعض الجود أخذ من البخل
كسارقة الرمان من كرم جارها ... تعود بها المرضى وتطمع في الفضل
ومومسة تؤتي المساكين كسبها ... فليس لها الا عناء على القبل
من زكى المال المجموع من الربى. كان كسارقة الرمان تبر به المرضى. والمومسة تؤتي المساكين اجرة الزنا
ومن سار محمولاً بنابي عملس ... فخير له من سيره حاف الرجل
ركوب انياب الذئب خير من الرجلة
يواسي الغراب الذئب في كل صيده ... وما صادت الغربان في سعف النخل
الذئب يشارك الغراب في صيده القليل. وما يصيده الغراب في رؤس النخيل
لام عقوق لا ترى مهد طفلها ... أحب من الظئر الحفيه بالطفل
الأم الجافية أخفى بالصبي من الظئر البارة
إذا الشاء ولت راجعات من الخلا ... غدت عنزها العوجاء هاوية الأجل
إذا ولت الشاء تقدمت العنز العرجاء
إذا الهام جارين البزاة تقطعت ... لها شرج الاستاه من شدة الحمل
إذا جارت الهام البزاة تقطعت منها شرج الاستاه
وما يفزع البازي إذا انقضى من على ... صياح من الكركي يصرخ من سفل
البازي لا يفزعه صياح الكركي
إذا كان بين الناقتين عداوة ... فللبقة الويلات من عاجل القتل
ويل للبقة من عداوة الناقتين

بعيران هذا لا يقوم بلادة ... وهذا عسير ليس يبرك للرحل
احد البعيرين لا يقوم من بلادته. والآخر لا يبرك لعسرته
الا لا تناط الشاة الا برجلها ... فما بال قوم لا أحملهم ثقلى
كل شاة برجلها تناط
ذروني وحذري من امور بلوتها ... فقد يفزع الملدوغ من برقة الحبل
من لدغه الارقش. خاف الحبل الابرش
ومن يمش اثر الليث يكثر كبابه ... وليس على جار الامير اذى المحل
من تبع الليث إلى العرين. اكل طباهجه العير السمين
وقالت عجوز صب كره مريقها ... الا حبذا الخبز القفار بلا شغل
انصبت مرقة العجوز فرضيت بالخبز اليابس
وكم غاسل كفيه نال غداءه ... من الناس من لم تند كفاه بالغسل
انما يأكل غداه من يرزقه لا من يغسل يده
وكم من حمار صار يرتاد قرنه ... فاب بلا اذن وكان من الخطل
خرج الحمار يطلب قرنين. فعاد بلا اذنين
ومن عقعق قد رام مشية قبجة ... فانسى ممشاه ولم يمش كالحجل
اراد العقعق ان يحكى مشية القبجة فنسى مشيته ولم يأخذ مشية غيره
ويا رب ذئب مر بالقوم جائعاً ... فقالوا علاه البهر من كثرة الاكل
رب ذئب جائع يتهم بالشبع
وذئب دعاه الواعظون لتوبة ... فقال يفوت الشاء كفوا عن العذل
استتيب الذئب فقال دعوني لا يفوتني الغنم
وكل غبار ثار من مشى ثلة ... فذاك لعين الذئب خير من الكحل
غبار الغنم خير لعين الذئب من الكحل
لو يستطيع الكلب مرام مربضا ... سوى السلة الملآى من الخبز والنقل
لو استطاع الكلب لما ربض الا في السلة الملآى
وما أنت الا فاره ضاق جحرها ... فناطت بها الاضغاث من مكنس جزل
لم يسع الفأره جحرها فاصطحبت مكنسة
ترى الخل ثقيفاً إذا الماء نازح ... وفي الضد ضعف الشيئ والايد في الشكل
الخل حيث لا ماء حامض
أتبصر ما في عين غيرك من قذى ... وتغفل في عينيك معترض الجذل
اتبصر في عين اخيك القذاة ولا ترى في عينك الحصاة
دع الفحص والتنقير من كل خفيه ... وان نلت بقلا فاله عن منبت البقل
كا البقل ولا تسأل عن المبقلة
وبادر بأخذ اللص قبل بداره ... باخذك واستوثق من السارق الطمل
خذ اللص قبل ان يأخذك
واقرن ببرذون حمارك ان يهن ... عن العدو يأخذ من خلائقه النبل
اربط الحمار مع البرذون فان لم يأخذ من جريه أخذ من خلقه

باب في
الأوصاف والتشبيهات
" فصل في حل قول ابن المعتز في وصف الهلال "
اهلا بفطر قد نار هلاله ... الآن فاغد على المدام وبكر
وانظر اليه كزورق من فصة ... قد اثقلته حمولة من عنبر
" وقول الآخر في وصفه "
يا ريم قومي الآن ويحك فانظري ... وجه الهلال وقد بدا في المشرق
كخليلة نظرت إلى خل لها ... فتنقبت خجلا بكم ازرق
" وقول كشاجم في وصفه ايضاً "
اهلا وسهلا بالهلا ... ل بدا لعين المبصر
كشعيرة من فضة ... قد ركبت في خنجر
" وقول ابن المعتز "
وهلال شوال يلوح ضياؤه ... وبنات نعش وقف بازائه
كبناية من مخلص لما رأى ... وجه الوزير دعا بطول بقائه
اهلا بفطر قد اثار هلاله المشرق. وتحلى به المشرق. فكانه وجه مليحة خليلة صبيحة. خجلت من خليلها فاحتجبت. وبالكم الازرق انتقبت. أو كانه زورق من فضة مملوء من عنبر. أو شعيرة لجين ركبت في خنجر.ا واصبع مخلص في موالاة مولانا الامير السيد الملك العادل ولي النعم خوارزم شاه اعز الله نصره لما رأى في وجهه القمرين. وفي شخصه الثقلين. دعا الله بطول بقائه ودوام نعمائه. وكبت اعدائه. فحي الآن على الراح. والوجوه الصباح. من الصباح إلى الصباح. وشربا على الدولة المأمونية التي هي دولة الميامن. وشكرا للايام الخوارزم شاهية التي هي ايام المحاسن. ادامها الله ما اقمر الهلال. وتكرر الاهلال " اخرى في قول ابن المعتز في الصبح والثريا "
يا خليلي اسقياني ... قهوة ذات حميا

قد تولى الليل عنا ... وطواه الصبح طيا
وكأن الصبح لما ... لاح من تحت الثريا
ملك اقبل في التا ... ج يفدى ويحيا
الصبوح يا خليلي الصبوح لا زالت النعم تغدو اليكما وتروح. اما تريان الليل ادبر وتولى. وانهك ستر الدجى. وطوى الصبح الظلام كما يطوي الملك خوارزم شاه. ادام الله ملكه اعداه ونشر رداء النور كما ينشر مولانا اعز الله نصره سناءه وسناه .وما اشبه الصبح وفوقه الثريا. الا بمولانا الملك ادام الله دولته وعلوه وعليه تاج العليا. وهو يفدي ويحيا. فاسقياني على ذكر معاليه. واطرباني بشعر أتى الثعالبي فيه. وحسبي بذلك غناء فائقاً. وسماعاً رائقا شائقاً والسلام " رقعة في حل قول الآخر في وصف العود والقينه "
ومستنطق عودا بعود مخفف ... وقد كان لولا ذاك عير نطوق
يحركه كف كأن بنانها ... انابيب در طوقت بعقيق
" وقول الآخر "
وكأنه في حجرها ولد لها ... ضمته بين ترائب ولبان
طورا تدغدغ بطنه فاذا هفا ... عركت له اذناً من الآذان
عندي يا سيدي فديتك قينة تستنزل السعود. إذا استنطقت العود. بعود خفيف مليح الرقص. يحركه كف بنانها في النسبة على التحقيق. انابيب در مقمعة بالعقيق. وما اشبه العود في حجرها. الا بولد تفرشه لبانها. فهي تدغدغ بطنه. وإذا هفا عركت اذنه. وقد ابى سماعها ان يطيب الا بحضورك. كما اقسم سرورنا ان لا يتم الا بسرورك فان رأيت ان تسهم لنا في قربك الذي هو قوت النفس. ومادة الانس. فعلت ان شاء الله " اخرى في حل قول الآخر في وصف النرجس "
وكأنما اكتحلت بعين عينه ... وكأنما اوراقه اوراق
" وقول الآخر في وصف الاترج "
جسم لجين قميصه ذهب ... مركب في بديع تركيب
فيه لمن شمه وابصره ... لون محب وريح محبوب
" وقول الآخر في النارنج "
تلاحظنا بين الغصون كانها ... ثدي عذارى مسهن خلوق
" وقول ابن الرومي في البنفسج "
ولا زوردية توفي برزقتها ... وسط الرياض على حمر اليواقيت
كانها فوق طاقات صفعن بها ... اوائل النار في اطراف كبريت
انا يا سيدي ومولاي اطال الله بقاءك في مجلس كانه انموذج من الجنة وحولي نرجس ورقه كالورق وعينه كالعين. واترج لبس قميص الذهب على جسم اللجين. وجمع لون العاشق المشوق إلى ريح الحبيب المعشوق ونارنج كانه كرات كيمخت مذهبه. أو ثدي عذارى مخدرة مزعفرة وبنفسج يربي على حمر اليواقيت ويحكى اوائل النار في الكبريت وقد اشرقت شمس الدنان وطلعت كواكب الندمان ونطقت السن العيدان فإن تفضلت بالحضور شاركتنا في السرور ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول ابن الرومي في وصف دجاجة وقطائف " وسميطة صفراء دينارية ثمنا ولونا زفها لك حزو ظلنا نقشر جلدها عن لحمها وكأن تبرا عن لجين يقشر واتت قطائف بعد تلك لطائف ترضى اللهاة بها ويرضى الحنجر ضحك الوجوه من الطبرزد فوقها دمع العيون من الدهان يعصر ما قولك يا سيدي جعلني الله فداك في دجاجة لتقطر سمنا وهي دينارية لونا وثمنا فاذا مددت اليد إلى اطرافها الغضه قشرت الذهب عن الفضة ويتبعها قطائف لطائف حديثة النشو. رقيقة القشر كثيفة الحشو ضاحكة من الطبرزد المسحوق باكية من دهن اللوز المدقوق تودي طعم العافية وتختم بحسن العاقبة هل تنشط لها وتسرني بالمساعدة عليها ان شاء الله تعالى " اخرى في قول البحتري في وصف السحابة "
ذات ارتجاز بحنين الرعد ... مجرورة الذيل صدوق الوعد
مسفوحة الدمع بغير وجد ... لها نسيم كنسيم الورد
ورنة مثل زئير الأسد ... ولمع برق كسيوف الهند
جاءت بها ريح الصبا من نجد ... فانتثرت مثل انتثار العقد
وراحت الارض بعيش رغد ... كأنما غدرانها في الوهد
يلعبن من حبابها بالنرد

يا سيدي ومولاي أطال الله بقاك. اما ترى هذه السحابة كيف انسحبت اذيالها وبشر بالخصب اقبالها. وارتجزت رواعدها وصدقت مواعدها. وفاضت من غير وجد مدامعها فنسيمها كنسيم الورد. المنضود ورنينها كزئير الاسود. وبرقها كلمعان السيوف. بين الصفوف. ولما جاءت بها ريح الصبا. وحكت في طيبها زين الصبى. انحل عقدها وانتثر عقدها. وحكت كف مولانا الملك ولي النعم خوارزم شاه ادام الله ملكه في فيضها بالعطايا. وجودها بالصلات والهدايا. فراحت الارض بأيمن طالع واسعده. وأطيب عيش وارغده. وكأن الغدران تلعب بالنرد من حبابها. والسحابة تبكي شوقاً إلى احبابها. واذ قد سقينا من الوبل الصبب. فاسقنا أنت من ماء العنب. واجمع لنا شمل اللهو والطرب " اخرى في حل قول احمد بن سليمان بن وهب في السرو "
حفت بسرو كالقيان تلبست ... خضر الحرير على قوام معتدل
فكأنها والريح يخطر بينها ... تنوي التعانق ثم يمنعها الخجل
" وقول ابن المعتز في النرجس "
كأن عيون النرجس الغض حولنا ... مداهن در حشوهن عقيق
إذا بلهن القطر خلت دموعها ... بكاء عيون حشوهن خلوق
نحن سيدنا اطال الله يقاك في بستان محفوف. بسرو مصفوف كقدود الاحباب. في خضر الثياب. فكأنها والريح يخطر فيها. ويميلها ويثنيها. تنوي التعانق والالتزام. وتريد الانضمام والالتئام. فيمنعها الخجل. ويصدها الوجل. وحولنا عيون نرجس تحكي مداهن در حشوها عقيق. فاذا بلها القطر حكت دموعها بكاء عيون كحلها خلوق. وقد دعا حسن المكان وطيب الزمان. إلى الاستظهار على الاجران ببنات الدنان. وليست تصفو الا بلقائك. فلا تكدر بابطائك. وجشم الينا قدمك. واخلع علينا كرمك. ان شاء الله " اخرى في حل قول ابي بكر الخوارزمي في الطيب "
وطيب لا يخل بكل طيب ... يحينا بانفاس الحبيب
يظل الذيل يسترة ولكن ... ينم عليه ازرار الجيوب
متى يشممه انف حن قلب ... كأن الانف جاسوس القلوب
مولاي اطال الله بقاه يروي في السنة التي كلها خير وبركه. ان الهدايا مشتركة. وقد اهدى الي من الطيب. الفائق العجيب ما يحكي انفاس الحبيب. بل كأنه معجون من اخلاق مولانا الملك المؤيد خوارزم شاه اعز الله نصره. أو كانه طيب الثناء على ايامه. المشرقة باحسانه وانعامه. فشاركت مولاي ادام الله تأييده في حسن اثره. وطيب خبره. وبعثت منه بما إذا صلى نار المدخنة. تنفس عن رائحة الجنة. وإذا سترته الذيول نمت عليه الجيوب. وارتاحت له الارواح وحنت القلوب. وهو ادام الله عزه يسرني بقبوله. ويوقع الي بحصوله ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول الصنوبري "
ذهب كؤسك يا غلا ... م فانه يوم مفضض
والجو يجلي في البيا ... ض وفي حلى الدر يعرض
اتظن ذا ثلجاً وذا ... ورد على الاغصان ينفض
ورد الربيع ملون ... والورد في كانون ابيض
هذا يا سيدي ادام الله عزك يوم مفضض. وتذهب الكؤس فيه مفترض. اما ترى الجو في البياض يجلي ويعرض. والدر في الحلى فلا تظنه ثلجاً فهو ينفض على الاغصان. والورد ابيض في كانون كما انه ملون في نيسان. واذ قد انحل عقد السماء. فلينتظم عقد الندماء. وانت يا سيدي واسطة العقد. واول العقد. فتفضل وتعجل. ولا تتمهل. ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول الصاحب "
اقبل الجو في غلائل نور ... وتهادي بلؤلؤ منثور
فكأن السماء صاهرت الار ... ض وصار النثار من كافور
هذا يا مولاي ادام الله بقاك يوم اقبل هواؤه في غلائل النور وجاءنا باللؤلؤ المنثور. حتى كأن السماء صاهرت الارض. ونثرت لها الكافور المحض. فانثر علينا السرور بطلعتك. وأسعدنا بمساعدتك. على ما ازمعناه من امتطاء مراكب الفرح. وقدح نار الطرب بالقدح. ان شاء الله

باب في
النيروز والمهرجان
" رسالة في حل قول الاستاذ ابي بكر الخوارزمي من قصيدة "
يا ايها الملك الموفي بهمته ... على هموم ملوك الارض والهمم
اسعد بطلعة ذا النيروز وزوا حظ به ... فلن يقيم على خلق ولم يقم

يوم من الدهر شيخ في شبيبته ... ومسجد وما يأتي من القدم
قد كان كسرى إذا وافاه حكمه ... في عقله وهو فيه شر ما حكم
شيخ الم به شيخ فصافحه ... بالكأس والطاس والاوتار والنغم
يوم جديد وملك بعد مقتبل ... والصحو بينهما ضرب من اللمم
اسعد الله مولانا الملك المؤيد ولي النعم خوارزم شاه الذي اوفت همته معالي الهمم. من جميع الامم. بهذا الفصل الجديد والنيروز الحميد. الذي هو على شبيبته شيخ قديم الاسناد. وعلى شيخوخته فتى حديث الميلاد. وقد كان كسرى يجله إذا اتاه ويبجله إذا وافاه. ويحله محل اعز قادم. ويحكمه في عقله وهو شر حاكم. فيا له من شيخ قديم. كان يلم بشيخ كريم. فيصافحه بالعقار. ويخلع له ثياب الوقار. ويلاطفه بالنغم والاوتار. ومولانا ادام الله ملكه وارث الملوك ورثه الله اعمارهم. وبلادهم وديارهم. فما عليه لو حافظ على الرسوم الكسروية كما هو محافظ على الشريعة الحنفية. ليستعين بالهزل على الجد. وبالباطل على الحق. ويستريح احياناً من مرارة السياسات إلى حلاوة المؤانسات. جمع الله له فوائد الدين والدنيا. كما جمع له خصائص المجد والعليا. ولا زالت الفصول والاعوام. والشهور والايام. مهنأة بما لبسته من الجمال بمكانه. وخلص لها من مأثور الفضل بعدله واحسانه " اخرى في حل قوله ايضاً "
قد جاءك النيروز ضيفاً فهجم ... يوم فتى وهو شيخ في القدم
هرمه الدهر ولم يقبل هرم ... إذا رآه عسكر البرد انهزم
هزيمة البخل إذا فوك ابتسم ... مقلته الكاس واذناه النعم
فهو بلا هذين اعمى واصم ... فانزل على احكامه فقد حكم
ان يأتي الليل وفي العقل ثلم ... واعلم بان الراح يوماً لم يسم
ترياقه الا وهذا العقل سم
اقبل النيروز إلى مولانا الملك ولي النعم خوارزم شاه اطال الله بقاه مكثراً سواد اضيافه وخدامه. مقتبسا من نور حضرته وايامه. وهو يوم فتى السن. طري الغصن. على انه شيخ طال ما صحب الايام الخالية. ورأى القرون الماضية. وطال ما طواه القدم. وهرمه الدهر فلم يبق الهرم. وكلما رآه عسكر البرد ولى عنه مدبراً وانهزم. كما ينهزم البخل. ويهرب الحرمان والمحل إذا تبسم فم مولانا الملك ادام الله سلطانه فابتسم الزمان بابتسامه وتهللت وجوه المكارم لانعامه. ولو كان النيروز انساناً لكانت الراح عينه. والسماع اذنه. وهو بلا هذين اعمى لا يبصر الشمس. واصم لا يسمع الرعد. ومن احكامه التي تنزل عندها الفتوه. ولا تردها المروة. ان لا يرخى الليل سدوله. الا وقد سحب السكر ذيوله. وتمشت الصهباء في العظام. وترقت إلى الهام. وانثلم العقل كل الانثلام. وفي الحقيقة ان الراح لم يسم ترياق الهموم. الا والعقل معدود في السموم. وكلما قل السم كان اصلح. وكلما فقد كان اروح. اعاذ الله مولانا الملك من كل سوء وسخر له كل عدو. وعرفه من بركات اليوم الابلج ما يربي على عدد من عيد ونورز ومهرج. ولا زال كل يوم من ايامه عيداً حاضراً ونيروزاً ناضرا. ما دامت الايام والشهور وكرت الاعوام والدهور " اخرى في حل قول الآخر "
باكر النيروز بالرا ... ح وريحان السرور
في ندامى جعلوا الله ... و سطوراً في الصدور
ومغن يحسن النغ ... م على بم وزير
كاد ان يكشف لما ... قال عن سر الضمير
ايها النيروز لا زل ... ت لذيذاً بالامير
بامان الله في الار ... ض من الدهر المنير

حق النيروز يا سيدي ومولاي ادام الله عزك مباركته بالراح والريحان والارتياح. مع ندامى كتبوا اللهو في سطور صدورهم واستظهروا على الدهر باستجلاب سرورهم. ومطرب يطرد وساوس الهم. باستنطاق الزير والبم. ويكاد يكشف عن الضمائر. ويهتك استار السرائر. ويهدى السرور إلى سواد القلوب. ويفرج عنها جميع الكروب. إذا شدا بذكر الملك الميمون. مأمون ابن مأمون. ابقاه الله غرة في وجه دهره. وتاجا على مفترق عصره ونظر للمكارم والمعالي باطالة عمره واعلاء شأنه وامره. فتعال يا سيدي نقض حق النيروز. ونشف غليل النفوس. بادارة الكؤس. ونسمع من أطباء الهموم اغاني. تجمع الاماني ان شاء الله " اخرى في حل قول الآخر "
اسعد بيوم المهرجان فانه ... يوم له فضل على الايام
كانت ملوك الفرس تعلى قدره ... فاقم رسومهم بشرب مدام
وتلقه باللهو واعرف حقه ... واطرب مع الندماء والخدام
لا زلت في شرف وعز دائم ... ما غردت في الايك ورق حمام
اسعدك الله يا سيدي ورئيسي وايانا معاشر خدم مولانا الملك ولي النعم خوارزم شاه اعز الله نصره بهذا المهرجان الذي هو في الايام. كهوفي الانام. واوزعنا شكر النعمة في بقائه. وامتداد ظلاله. وجريه مجرى الغيث إذا عم وطبق. وقرن الشمس إذا ذر واشرق. وقد علمت يا سيدي فديتك ان هذا اليوم من محاسن الدهور المشهوره. وغرر الازمنه المذكوره. معظم في الاصل الفارسي. مستظرف في الملك العربي. لابد من إقامة رسمه والنزول عند حكمه. واقامة رسمه بالفراغ للانس. والجري في ميدان اللهو. واطلاع شمس المدام. وكوكب الندام واطعام الاسماع. لذيذ السماع. وبلوغ كل مبلغ من قضاء الآراب. وتهيج سواكن الاطراب. فان زرتني لهذا الشأن. والا زرتك لقضاء حق المهرجان. والاختيار اليك. والاعتماد في جمع الشمل عليك. لا زلت في عز راتب. وسرور واصب ما غردت الحمام على الاشجار. وتنفست الرياض في الاسحار.
" اخرى في حل قول الآخر "
تخيرت يوم المهرجان هدية ... واعملت بالفال الصدوق التفكرا
فاهديت دينارا جديدا ودرهما ... وسهما وتفاحا وجوزا وسكرا
فقلت استوى كالسهم امرك كله ... ولا زال كالتفاح وجهك مسفرا
وانجح منك السعي كالدارهم الذي ... ينال به المطلوب سهلا ميسرا
ومثل امتلاء الجوز لازال تمتلي ... بيوتك خيرات وتبرا وجوهرا
ولا زلت حلوا في القلوب كسكر ... ولا زلت كالدينار حسنا ومنظرا
قد سلكت معك يا سيدي ومولاي اطال الله بقاك في هذا المهرجان الجديد. والعيد السعيد. طريق الفال الحميد. واهديت لك دينارا هو العلق الذي يفوق الاعلاق. ويأمن صاحبه به الاملاق. واعتمدت به ان يعطيك الله ما اعطاه من المحبة في كل قلب. والفلاح والنجاح في كل خطب. ومعه درهم تفاءلت ان يعزك الله عزه في الاقطار. ويبلغك مبلغه من الاوطار. وسهم قصدت ان يحكى امرك استواه. ويشبه نفاذه ومضاه. وتفاح اردت ان تشبهه في حسن المنظر. وطيب المخبر. وجوز احببت ان يمتلئ بيتك خيرا كامتلائه. ويحتشى نعما كاحتشائه وسكرا تبركت لك بما في مذاقه من الحلاوة التي ارجو ان تصحبك بها الايام. وتنتظم بامتدادها لك الاعوام. فيحلو لك جناها ويمرع عندك مرعاها. والله تعالى يحقق فالي. ويبلغني فيك آمالي برحمته وفضله اسعته

باب في
الفصد وشرب الدواء
رسالة في حل قول ابن المعتز
يا فاصدا من يد جلت اياديها ... وذاق منها الردى قسرا اعاديها
يد الندى هي فارفق لا ترق دمعها ... فان حاجات طلاب الندى فيها
" وقول عبد الله بن عبد الله بن طاهر "
إذا أنت اسبلت للباسليق ... دموعا من اجفانها الواهية
رايت اعتلالك يبكي دما ... وتضحك في جسمك العافية
" وقول الآخر "
بكى الندى في يديه خوف فرقته ... لما تيقن ان الفصد قد عزما
فقال لي دمه لما عجبت انا ... قد كنت جود الخوف البين صرت دما

ان كان مولانا الملك المؤيد خوارزم شاه اطال الله بقاه. شخص المجد والكرم. وجرى الجود منه مجرى الدم. فلترفق يد الفصاد. باليد التي هي قبلة القصاد. وفيها ارزاق العفاة. وبها هلال العدة. ولا تريقن دما هو الجود. والكرم الموجود. وإذا اوجبت الحال ذلك فقد رأينا العلة تمزح الدمع بدمها. كما رأينا العافية تضحك ملء فمها. وكان ذلك الدم في اليد العالية جواداً متناهيا. فمن خوف فراقها استحال دماً جارياً. واستأنف مولانا حرس الله حياته صحة جديدة. وعيشة راضية حميدة ولبس ثوب السلامة الكافية. مبطنا بالعافية. فالحمد لله ما نطق لسان بحمد. وانطلق بنان بعد . وصلواته على محمد خير مولود دعا إلى خير معبود " اخرى في حل قول القائل "
لا زالت في صحة من الزمن ... لا يرتع السقم منك في بدن
وجال نفع الدواء فيك كما ... يجول ماء الربيع في الغصن
وفر الله حفظ مولانا الملك المؤيد ولي النعم خوارزم شاه في سلامته من الداء. وعرفه بركة ما اخذه من الدواء. واجرى منافعه في بدنه المسعود. كما يجري ماء الربيع في العود. وكفاءه كدر المشارب. واعتراض النوائب. وادرله اخلاف العافية. واسبغ عليه اثواب النعم الوافية

باب في
الربيع
" رسالة في حل قول ابي النواس "
اما ترى الشمس حلت الحملا ... وقام وزن الزمان فاعتدلا
وغنت الطير بعد عجمتها ... واستوفت الخمر حولها كملا
واكتست الارض من زخارفها ... وشي نبات تخاله حللا
فاشرب على جدة الزمان فقد ... اصبح وجه الزمان مقتبلا
اما ترى يا سيدي ادام الله عزك الربيع قد اقبل. وحلت الشمس الحمل. وقام وزن الزمان واعتدل. فلا حر لافح. ولا برد كالح. ونطقت الطير بعد ما كانت بكما. وغنت قبانها وكن عجما واستوفت الراح حولها وقوتها. واخذت الارض زخرفها وزينتها واكتست حللها الرائقة. ولبست حليها الشائقة. فشربا على الزمان الجديد. واستمتع بالعيش السعيد. وقر عيناً بالفصل المعتدل ووجهه الطلق المقتبل. ولعمري ان الربيع في ايام الملك مأمون بن مأمون. يحكى زمان الجنة التي وعد المتقون. فمن اسعده الله بادراكها. والتفيؤ بظلالها. فعمره شباب. وشراب واحباب. وزمانه ربيع. وعيشه مريع. وانسه بديع. ادامها الله ما اورق الشجر وطلع القمر " اخرى في حل قول الآخر "
اربع بربع للربيع وكن به ... ضيفاً يكن ندماؤك الانوار
من اخضر في احمر في اصفر ... في ابيض صباغها الجبار
تعال يا سيدي اطال الله بقاك نربع بربع للربيع يجمع. جنات الفافا. ونقيم به ما شئنا اضيافا. ندماؤنا الانوار. وجلساؤنا الازهار. بين حمراء إلى صفراء. وبيضاء في خضراء. صباغها الله الذي لا احسن منه صبغة. ولا الطف منه صنعة.ومغنوها الاطيار. التي يطرب لغنائها الاشجار. فتتخايل. وتنثني وتتمايل ونحن اولى منها بالطرب. وقضاء الارب. من دم العنب. وهذه قصيرة من طويلة. والسلام " اخرى في حل قول الصنوبري "
ان كان الصيف ريحان وفاكهة ... فالارض مستوقد والجو تنور
وان يكن في الخريف النحل مخترفاً ... فالارض عريانة والجو مقرور
وان يكن في الشتاء الغيث متصلا ... فالارض محصورة والجو مأسور
ما الدهر الا الربيع المستنير إذا ... جاء الربيع اتاك النور والنور
فالارض ياقوتة والجو لؤلوة ... والنبت فيروزج والماء بلور
تبارك الله ما احلى الربيع فلا ... تغرر فقائسه بالصيف مغرور
من شم طيب جنيات الربيع يقل ... لا المسك مسك ولا الكافور كافور

الربيع يا سيدي ومولاي اطال الله بقاك شباب الزمان وجدة العالم وروح الارواح وهو الفصل. الذي له الفضل. بمنظره البهي ومخبره الذكي. ومحاسنه البهجة. وخصائصه الارجه. فللعيون في انواره مرتع. وللنفوس بنسيمه مستمتع. ولكل من الفصول محاسن ومناقب. ومساو ومعائب. غير الربيع فانه كل كله حسن وطيب. وليس له في العيوب نصيب. فان كان الصيف زمان الرياحين والثمرات. وموسم ادراك الغلات. فالارض من وقدت الحر. وبساط من الجمر. والهواء كالتنور المجسور. وقلب العاشق المهجور. وان كان الخريف اوان قطاف العنب. واختراف الرطب فالرياح فيه تجفو والعيدان تجف.وعقارب البرد لا تكف ولا تخف. وان كان فصل الشتاء. يستحب لاتصال الانداء. ففي برده كلب وفي هوائه غلظ. ورب يوم له عبوس قمطرير. يكشر عن ناب زمهرير. وما الفصل المعتدل. والوقت المقتبل. والزمن المرموق الموموق الا الربيع المحبوب المعشوق. فاذا جاء جاء الانس والسرور. واقبل النور والنور. واقبل الحسن يبتسم ويكاد يتكلم. وإذا رأيته رأيت وجها وسيما. وفضلا جسيما وريحا نسيما. وسحابة مطرة. ورائحة عطرة. ورياضا كالعرائس في حليها ومطارفها. والطواويس في وشيها وزخارفها. واشجاراً راق نورها النضيد. ورق ورقها النضير. فالارض زمر دو ياقوت ومسك مفتوت. والبساتين وشي ويرود. وقلائد وعقود. والجو لؤلوء منشور. ورداء نور منشور. والماء سيوف وبلور. فسبحان الله ما اطيب الربيع واحلاه. واحسن حلله وحلاه. بالله ما يقيسه بالصيف الا مغرور لا يعرف. أو عارف لا ينصف. ومن عاين الربيع وحسن آثاره. وشم طيب انواره وازهاره. لم يستحسن الدر والجوهر ولم يستطب المسك والعنبر. واحسن ما للربيع من مآثره. واشرف ماله من مفاخره. انه يشبه بمحاسن مولانا الملك المؤيد ولي النعم خوارزم شاه ادام الله ملكه وان لم ينل قدرها ولم يصل فضلها. ولم يجد بدا من الاقرار لها. فيقال كأن امطاره من جوده وكرمه. وكان انواره من اخلاقه وشيمه. وكأن ازهاره آثار قلمه. وغرر كلمه. وكأن نسيمه شكر خدمه لنعمه. فلا عدمت الازمنة جمالها ولا زال بدراً في كماله. وهلالاً في نمائه

باب في
الخمريات
" رسالة في حل قول الصاحب "
متشاكلات قد جمعن فكلها ... متشابه اشباحها ارواح
وإذا اردت ملخصاً تفسيرها ... فالراح والمصباح والتفاح
لم يعلم الساقي وقد جمعن لي ... من اي هذا تملأ الاقداح
هذه اطال الله بقاك يامولاي ليلة وقد الدهر عنها وطلعت سعودها وغاب عذالها فهي من حسنات الدنيا. وقد نظمتني واخوة لي في سمط الثريا. وجمعت لنا متشاكلات. كأنها اخوات متشابهات اجسامها ارواح من اللطف. ومالها نهاية في الحسن والظرف. فان اردت تلخيص نكتها. وتفصيل جملتها. فهي الراح التي ترتاح لها الارواح. والتفاح النفاح. وثالثها المصباح. ولما تشابهت على الساقي الذي يسقينا للفرح. لم يدر من ايها يملأ القدح وليس لتنبيهه عليه الا أنت. فان تفضلت بالحضور واحسنت " اخرى في حل قول ابن الرومي "
ابصرته والكأس بين فم ... منه وبين انامل خمس
فكأنها وكأن شاربها ... قمر يقبل عارض الشمس
الشرب يا سيدي ومولاي ادام الله عزك على الوجوه الصباح والصور الملاح. من غرر العمر. وفرص الدهر. وقد زارني من ملاحة الصورة. عليه مقصورة. وشرب عندي راحا كأنها من خده معصورة. فما شبهته والكأس بين فمه وانامله الخمس الا بالقمر يقبل عارض الشمس. واحببت ان تشاركني في السرور برؤيته. والاقتباس من نور مشاهدته. وامتاع الروح بمنادمته فطر الينا طيران السهم. واطلع علينا كطلوع النجم. ان شاء الله " فصل في حل قول عبد الله بن المعتز "
سقتني في ليل شبيه بشعرها ... شبيهة خديها بغير رقيب
فما زالت في ليلين شعر ومن دجى ... وشمسين من راح ووجه حبيب
" وقول النظام "
ما زالت آخذ روح الدن في لطف ... واستبيح دما من غير مجروح
حتى انثنيت ولي روحان في بدني ... والرق مطرح جسم بلا روح

من خبري يا سيدي فديتك ان الزمان اسعفني بلقاء انسانة فتانة وجمعني واياها مجلس مؤنس فسقتني في ليل شبيه بشعره الغربيب شبيهة خدها مع غيبة الرقيب. فما زالت في ليلين من الشعر الفاحم والظلام الهاجم. وفي شمسين من الرحيق. ووجه الحبيب الانيق. وبت آخذ روح الزق الملآن. واستنزف دما من غير مجروح بالسيف أو السنان. حتى انثنيت. وقد انتشيت. ولي روحان في بدن واحد. وشخص فارد. والزق جسم لا روح في اجزائه. ولا حراك بدمائه. هذا ياسيدي خبري فاعلمني خبرك. وقل لي ما الذي اخرك. والسلام " اخرى في حل قول ابي النواس "
اسقنا ان يومنا يوم رام ... ولرام فضل على الايام
من شراب الذ من نظرة المع ... شوق في وجه عاشق بابتسام
لا غليظ تنبو الطبيعة عنه ... نبوة السمع عن شنيع الكلام
في رياض ربعية بكر النو ... ء عليها بمستهل الغمام
فترى الشرب كالا هلة فيها ... يتحسون خسروي المدام
أنت يا سيدي اطال الله بقاك تعلم ان يوم رام له فضل على الايام ولا يقضى حقه بمثل المدام. فهلم نشرب ما هو احسن من نغم العود. وطيب من رائحة الورود. والذ من نظرة المعشوق إلى عاشقه وهو يتبسم. وبكل ما يهوى يتكلم. وليس فيه غلظ تنفر النفس منه. وينبو الطبع عنه. كما ينبو السمع عن اللفظة الشنعاء. والكلمة العوراء. ونحن في رياض محفوفة بالازهارمنسوجة بايدي الامطار. ومعنا ندامى كالاقمار. يشربون الشموس في الكؤس ويثابرون على مسرة النفوس وما أولاك يا سيدي بالمساعدة فنحن جسمان بروح واحدة والسلام.
" اخرى في حل قول الآخر في استهداء الشراب "
جعلت فداك بعض الناس عندي ... وفيهم من يودك مثل ودي
وفي المشروب ضيق وهو شيء ... إذا انفذته حصلت حمدي
فأنفذ ما استطعت بلا مزاح ... فان الماء ليس يضيق عندي
قد انتظم يا سيدي ومولاي عقد اخوان يشاركونني في موالاتك ومشايعتك. ويجاذبونني رداء محبتك ومواددتك. ولكن كاد شمل الاحباب. يفترق لعوز الشراب فاعتمدنا فضلك المعهود ووردنا بحرك المورود. فان ارويت غلتنابما ينفعها. وتطولت على جماعتنا بما يجمعها. حصلت شكراً جديداً. وحمداً عتيداً والاقتراح على كرمك ان تأمر بانفاذ ماء الكرم الصراح. غير ممزوج بشيء من الماء القراح. فانه موجود لدي. وغير متعذر علي. والسلام

باب في
الاستزازة
" رسالة في حل قول ابي الفتح البستي "
عندي فديتك سادة الاحرار ... وقلوبهم شوقاً اليك حرار
وشرابنا شرب العلة وم وروضنا ... نزه الحديث ونقلنا الاشعار
فامنن علينا بالبدار فانما ... اعمار اوقات السرور قصار
عندي ياسيدي اطال الله بقاك احرار ملكوا حر الكلام. وما منهم الاحسنة من حسنات الايام. وقد جمع شملهم ود وانس وكأن نفوسهم في الشوق اليك نفس. ونحن في رياض من الاحاديث الحسان. كأنها انموذجات من الجنان. وشرابنا علوم تجري في القلوب كجري الماء في العود. ونقلنا اشعار تقود سمامعها إلى السجود. اذهى في مدح شمس الملك وغزة العصر. وعلم الفضل وواسطة عقد الدهر. ومن تخر له الجباه. وتطيب بذكره الافواه. مولانا الملك خوارزم شاه. اطال الله بقاه. ولا اعدم الدنيا سناه. فامنن علينا. بالبدار الينا. وحي على الحضور. مغتنما زمن السرور. فاعمار اوقاته قصار. ومتاع الدنيا بليل مستعار " اخرى في حل قول الآخر "
انا ملنا لم تجتمع منذ اشهر ... على طبق اذعاق عنه امور
فجىء غير مأمور عشية يومنا ... فانك زين ان حضرت ونور
قد نسيت يا سيدي فديتك عهد مما لحتنا بالطعام. ومراضعتنا بالمدام. اذ عاقت ايدينا حوادث الزمان. عن الاجتماع على الطبق والخوان. والاشتراك في حمل سلاف الدنان. فاجب عشية اليوم غير مأمور. وجدد لي ما طال به العهد من انس وسرور. لنتدارك الفائت من المجالسة وثمرتها. وننبه المؤانسة من رقدتها ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول محمد بن عبد الله بن طاهر "
اما ترى اليوم قد رقت حواشيه ... وقد دعاك إلى اللذات داعيه
وجاد بالقطر حتى خلت ان له ... الفا نآه فما ينفك يبكيه

فما ترى لي ما ترى فيه ... فان لليوم حقاً تقتضينيه
فاركب الي ولا تبطىء فتقلقنا ... حتى نوفيه ما كنا نوفيه
اما ترى يا سيدي ايدك الله كيف رقت غلائله. وغاب عاذله. ودعت إلى اللذات. شمائله. وتحللت فيه عقد السماء. بالديمة الهطلاء. حتى خلتها تبكي حبيباً دهاها فراقه. فهي تحن اليه وتشتاقه. فما ترى في قضاء ما يقتضيه اليوم من حقه. ومقابلته من اللهو بصدقه. والرأي ان تركب الي واو اجنحة الرياح. حتى نوفيه شروط الانس والارتياح. ان شاء الله تعالى " اخرى في حل قول الآخر "
لنا سمك نكببه مشبر ... وعند غلامنا جنب مبزر
وفروجان قد رعيا زمانا ... لباب البر في ابيات كسكر
وقدر لو تاملهاحصيف ... لأيقن انها مسك وعنبر
وصافية معتقةشمول ... بقية ما اقتنى كسرى وقيصر
ومسمعة كلون الصبح تشدو ... واخرى مثل لون الليل ترمز
وآثار تمر فنجتنيها ... من الاخبار والشعر المحبر
فكن لكتابنا هذا جوابا ... والاكل حقك ان تشتر
لنا يا سيدي ايدك الله سمك شبري. شعاره فضى. دثاره تبرى نكببه بين ايدينا. فيلهثا ويلهينا. نعم وعند الغلام. جنب مبزر له في فتق الشهوة اوفر السهام. وفروجان كسكريان بلب مسمنان. وقدر طار عرفها. وطاب غرفها. ومساق الحديث إلى الراح الصافية. التي هي في البدن كالعافية. ومن بقية ما اقتني الا كاسره البرمسمنان. وتخير القياصرة. وعندنا مسمعتان. كانما جاءتا من الجنان. فواحدة في لون الصباح تضرب فتطرب. وتغني فتعجب وتعجب. والاخرى في صبغة الليل ترمز فتحرك النفوس وترقص الرؤس وتحرض الكؤس. وبين اقداحنا احاديث تمر واخبار تسر. واشعار كأنها كلها الدر. وآثار كلها الحر. فان كنت ياسيدي مكان الجواب. عن هذا الكتاب. والا عرضت على العتاب. وعوقبت اشد العقاب. وحاشاك من ذاك. والسلام

باب في
طول الليل
" رسالة في حل قول الشاعر "
ياليل هل لك من صباح ... ام هل لنجمك من براح
ضل الصباح طريقه ... والليل ضل عن الصباح
" وقول سيدوك الواسطي "
فالآن ليلي مذ غابوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر
" وقول ابن الرومي "
رب ليل كأنه الدهر طولا ... قد تناهى فليس فيه مزيد
ذي نجوم كانهن نجوم ... الشيب ليست تغور لا بل تزيد
" وقول الآخر "
كأن الثريا راحة تشبر الدجى ... لتعلم طال الليل أم قد تقوضا
عجبت لليل بين شرق ومغرب ... يقاس بشبر كيف يرجى له انقضا
اشكو اليك ياسيدي ادام الله عزك ليلاً في طول الدهر. وثقل الهجر وما اشبهه الا بليل الأسير بل ليل الضرير. وما اشبه نجومه التي كأنها عقلت فما تسير واوثقت فما تدور. الا بنجوم الشيب ليست تغور. لا بل تزيد ولا تحيد. وكم اقول هل للساهر من نجح. وهل لليل من صبح. هيهات هذه ليلة قد قص جناحها. وضل صباحها. وكأن الثريا راحة تشبر الليل وذيوله. لتعلم عرضه وطوله. وكيف يرجى انقضاء ليل وافي الذوائب. ممتد الاطناب بين المشارق والمغارب. يقاس بشبر صغير. أو يذرع بباع قصير. فاسعد اخاك الذي سامرته الهموم. وعانقته الغموم. واسأل الله له فرجاً عاجلاً. وصنعاً كاملا. برحمته وسعة فضله
باب في
النحول
" رسالة في حل قول ابي الطيب المتنبي "
ابلى الهوى اسفاً يوم النوى بدني ... وفرق الهجر بين الجفن والوسن
روح تردد في مثل الخلال إذا ... اطارت الريح عنه الثوب لم يبن
كفى بجسمي نحولاً أنني رجل ... لولا مخاطبتي اياك لم ترني
" وقوله ايضاً "
ولو قلم القيت في شق راسه ... من السقم ماغيرت من خط كاتب
" وقول ابن العميد "
فلو أن ما بقيت من جسمي قذى ... في العين لم يمنع من الاغفاء
" وقول الآخر "
فقلت لو عشقت فصار خطى ... ضئيلا مثل صاحبه نحيلا
" وقول التنوخي "
أنت لا من احب ياقلب خصمي ... أنت البست حلة السقم جسمي

ما اراني حييت الا لاني ... عمى الموت عن امكاني لسقمي
كتابي اطال الله بقاك يا سيدي وقد مد الهوى. منذ يوم النوى الى بدني يد البلى. وفرق الهجر بين الجفن والرقاد. كتفريقه بين الجنب والمهاد. ولم يبق مني الارواح تردد في جسم كالخلال بل كالخيال. بل كهلال اسرار. فاذا طيرت الريح عنه الثوب لم يظهر للابصار. وكفى بجسمي نحولا. وضموراً وذبولاً.انني لولا مخاطبتي اياك. لما رأتني عيناك. ولو كنت شعرة في قلم كاتب لما غيرت خطه. أو قذاة في عين نائم لما نبهت جفنه. فلا تلمني ياسيدي على دقة خطي. فهو يشبه جسمي. ولعمري اني ذهبت من قلبي لا من حبي. فهو الذي كساني حلة السقم وعرضني لذوب الجسم. وما اراني حييت مع هذه البلوى. الا لاني خفيت على ابي يحيى. ولو كان يراني. لما استبقاني. ولكن النحول نجاني. والسلام

باب في
الغزل المؤنث
" فصل في حل قول هرون الرشيد "
ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان
مالي تطاوعني البرية كلها ... وطيعهن وهن في عصاني
ما ذاك الا ان سلطان الهوى ... وبه قوين اعز من سلطاني
الغياث الغياث. من مملوكات ثلاث. اخذن قلبي كله. وملكن امري دقة وجله. وحللن مني محل العضو من الجسد.والخلب من الكبد. والناس يطيعونني. وانا اطيعهن ويعصينني والبلاد والعباد في ملكي وملكي وهن يملكنني. وما ذاك الا لان سلطاني دون سلطان الهوى. وذل الحب يغلب عز المولى. والله المستعان واليه المشتكى " آخر في حل قول ابي نواس "
يا قمراً ابصرت في مأتم ... تندب شجوا بين اتراب
تبكي فتلقى الدر من نرجس ... وتلطم الورد بعناب
رتعت عيني في روض الانس. وضرة الشمس ورأت قمرالارض. وتمثال الحسن المحض. في مأتم تحولت عرسا بها. ومحاسن الدنيا في ثيابها. وهي تندب بين اترابها. وتبكي فتنثر الدر من النرجس. وتلطم بالورد بالعناب المونس. فياله من منظر انيق بالتعجب منه حقيق.
" آخر في حل قول ابن ثوابه "
اتتني تؤنبني بالبكا ... فأهلاً بها وبتأنيبها
تقول وفي قولها حشمة ... أتبكي بعين تراني بها
فقلت إذا استحسنت غيركم ... أمرت الدموع بتأديبها
أتتني الأنسانة الفتانه. وكأنها البدر قرط بالثريا. ونيط بها عقد من الجوزا. فطفقت تقوم وتقعد بتأنيبي. وتنجد وتغور في تقريعي. وتلوموني على العين الباكية. والدموع بالدماء الجارية. وتقول أتبكي بعين ترى بها وجهي وهو نزهة الابصار. وبدعة الامصار ومخجل الاقمار. وكأنه مائة الف دينار. فقلت لها إذا اشتغلت بسواكم. واستحسنت الا اياكم. أمرت الدموع بتاديبها وعركها. ولم ارخص لها في تركها. فانصرفت راضية ولم تعد شاكيه " آخر في حل قول ابي نواس "
وذات خد مورد ... قوهية المتجرد
تأمل العين منها ... محاسناً ليس تنفد
فبعضها يتناهى ... وبعضها يتولد
وكلما عدت فيها ... يكون لي العود أحمد
سبحان من بلاني بجارية تفتن بورد خدها واقحوان ثغرها. وتسحر بنرجس عينها ورمان صدرها. وتروق العيون بالشعر الأسود كما تشوق النفوس ببياض المتجرد ولا أزال أتأمل منها بمحاسن لا تنفد. بتكرر وتردد. فبعضها يبلغ أقصى النهايات وبعضها يتولد على الاوقات. وكلما عدت للنظر اليها كان العود احمد. وعيني بها تسعد. وان كان قلبي بها اشقى. وحبي لها اثبت وابقى. رزقني الله عطفها. وثنى الي عطفها
باب في
الغزل المذكر
" رسالة في حل قول الصاحب "
غلام كالغزال والغزالة ... رأيت به هلالاً في غلاله
كأن بياض غرته رشاد ... كأن سواد طرته ضلالا
كأن الله ارسله نبياً ... وصير حسنه أقوى دلاله
إذا ما زدت وصل زدت خبلا ... كأن حبال وصلك لي حباله

اعوذ بالله من فلان الشادن الفاتن. وطرفه الفاتر الساخر. فقد رأيت به الغزال والغزالة. والهلال في الغلالة. فلم يشبع من حسنه ناظري. ولم يرو منه خاطري. وشبهت غرته القمرية بالرشاد والايمان الغض. وطرته السجيه بالضلال والكفر المحض وحسبت ان الله ارسله نبيا. وهداه صراطاً سويا. وجعل حسنه اقوى معجزاته واوضح دلالاته. ومما بليت به منه انه متى ما زادني قرباً زدت حباً. وإذا زادني وصلاً. زدت خبلا. فكأن حبال وصله حبالة لصيدي. وكأن مساعدته اياي زيادة في قيدي. لا عدمت هواه. والرضى بما يرضاه.
" " اخرى في حل قول الصنوبري "
من اين للبدر يا غلام ... هذا التثني وذا القوام
أنت الذي لا حسام ما لم ... يسل من طرفك الحسام
شمس نهار ولا نهار ... بدر ظلام ولا ظلام
فمنك وصل ومنك هجر ... فذا حياوة وذا حمام
يا ليتنا ضمنا التقاء ... أو ليتنا ضمنا التزام
اين يا سيد للبدر التمام. مالك من القوام. الذي يقيم حجج عشاقك والشمائل التي تدير عليهم كؤس اشتياقك. واين له العين التي هي نزهة العيون. تسل سيف الملك مأمون بن مأمون. وما أنت الا شمس نهار والنهار ذاهب. وبدر ظلام والظلام غائب. وما وصلك الا الحياة. وهجرك الا الحيات فيا ليتني جنيت مرة من ثمارك. وسكرت من عقارك. والسلام " اخرى في حل قول ابن المعتز "
يا هلال تدور في فلك النا ... ورد رفقا بأعين النظارة
قف لنا في الطريق ان لم تزرنا ... وقفة في الطريق نصف الزيارة
ايها الغزال المتنقب بالورد. والهلال الدائر في فلك الناورد رفقا بالنظارة فقد حيرتهم بحسنك الظاهر. وملكتهم بطرفك الساحر. وقف للصديق. في الطريق. ان لم تجبه عند الاستزارة فالوقفة نصف الزيارة " اخرى في حل قول ابن طبا طبا "
نفسي الفداء لغائب عن ناظري ... ومحله في القلب دون حجابه
لولا تمتع مقلتي بجماله ... لو هبتها لمبشري بايابه
فديت من غاب شخصه عن عيني. وانا اراه في مرآة من قلبي واناجيه بخاطري. حتى كأنه حاضري. ولولا تنزه عيني في روضة جماله واستمتاعها به عند وصاله. لجعلتها هدية لمن يبشرني باقترابه. ويجلي كربي بنسيم ايابه. والله اسال ان يطوي له بساط الارض حتى يدنو بعيدها. ويلين شديدها. بمشيئته وقدرته

باب في
خط العذار ومدحه وذمه
" فصل في حل قول البقري الكاتب "
أحرقت بالسواد فضة خدي ... ه فقد أحرقت سواد القلوب
" وقول الآخر "
وقد كنت ارجوانه حين يلتحى ... يخفف احزاني ويعقبني صبراً
فلما التحى واسود عارض خده ... تزايدت البلوى بواحدة عشرا
" وقول الآخر "
قالوا التحى فمحا محا ... سن وجهه نبت الشعر
الآن طاب وانما ... ذلك النهار على السحن
لولا سواد في القمر ... والله ما حسن القمر
سألتني أيدك الله عن الانسان الذي ملك عناني حين القلب فارغ. وحاز مودتي وظل الصبي صابغ. فخذ اليك الخبر واعلم انه لما احرفت بالشعر فضة خده. احترق سواد قلبي من حبه. وقد كنت ارجو ان تتفق السلوة. وتحدث النبوة. إذا استحال نور خده دجى وزمرد خطه سبجا. فحين لعب الربيع بخده. وأضاف البنفسج إلى ورده. تزايد حبي له. وتضاعف غرامي به. وما محاسن وجهه الشعر بل زاد حسناً بسواده البدر. وطاب الروض لما اشتمل عليه الزهر. والسلام " آخر في حل قول الآخر وهو البسامي "
يا من نعته إلى الاخوان لحيته ... ادبرت والناس اقبال وادبار
قد كنت ممن يهش الناظرون له ... خفض دونك الحاظ وابصار
ايام وجهك مصقول عوارضه ... وللربيع على خديك انوار
حانت منيته واسود عارضه ... كما تسود بعد الميت الدار

يا من مات وهو حي. وعاش وهو لا شيئ. قد نعاك الشعر إلى اخوانك ونسخ آية حسنك عند خلانك. فادبرت والناس بين اقبال وادبار واكسيت ثوبي خزى ودمار. وقد كنت ممن يهش له الناظر وتتعلق به الخواطر. فغصت دونك العيون منذ مسخ الشعر جمالك ونبت عنك القلوب إذا حول الزمان حالك. ولا انس إلا أنس ايامك والجنة مجتناة من قربك. وماء الحسن يترقق في وجهك وانوار الربيع عيال على خدك. فالآن حين حانت منيتك. وخابت امنيتك. وزال عنك ظل الحياة. وصرت رهن الفوات واسود عارضك كما تسود دور الاموات. والسلام

باب يختم به الكتاب في ذكر الله تعالى
" فصل في حل قول الشاعر "
الحمد لله اللطيف بنا ... ستر القبيح وأظهر الحسنا
ما تنقضي من عنده منن ... الا يجدد ضعفها مننا
فلو اشتغلت بشكر تلك لما ... اصبحت باللذات مرتهنا
نحمد الله الذي هو بنا لطيف. وصنعه حوالينا مطيف. فهو يستر القبيح ويظهر الجميل. ويغفر الجليل ويهب الجزيل. وليست تنقضي منن منه الا جآءت اضعافها. ولا تبلى عشراتها الا تجددت آلافها ومن أجل نعمه علينا ومواهبه لدينا. سعادتنا بادراك ايا مولانا الملك المؤيد خوارزم شاه. ادامها الله. فهي تواريخ العدل والفضل. ومواقيت القول الفصل. والكرم الجزل. وحصولنا من حضرته العاليه في مستقر العليا. وجنة الدنيا ورؤيتنا به القمر الارضي. والملك المرضي. وخدمتنا منه نكتة العالم. وغرة بني آدم فلو اشتغلنا بشكر الله على ما مد علينا من ظل دولته. وارتعنا فيه من رياض نعمته. لما فارقت جباهنا السجود. ولما عرفنا الكأس والعود. ولما أصبحنا مرتهنين بطلب اللذات ما صحبتنا روح الحياة وحقيق علينا ان لا نطلق الالسن في ادبار الصلوات. الا باستدامة ملكه. ولا نرفع الايدي في مساجد الجماعات الا باستنزال نصره. والله يسمع ويستجيب انه قريب مجيب " فصل في حل قول ابن ابي عيينه "
لعمرك ما يدري الفتى كيف يتقي ... نوائب هذا الدهر ام كيف يحذر
يرى الشيئ مما يتقي ويخافه ... وما لا يرى مما يقي الله اكثر
نوائب الدهر اكثر من نبات الارض وليس يدري انسان كيف يتصون عنها. ويأخذ حذره منها. وقد يرى ما يخشاه ويتوقاه وما لا يراه مما يقيه الله اياه. اعم واكثر. وبالشكر اجدر. اليس بالامس قد نظر لعباده ووقاهم السوء في حافظ بلاده. الملك العادل خوارزم شاه. فحرس جسمه وعافاه. ومحا عنه أثر السقم وعفاه وأعفاه من معاناة الالم. وابقاه للملك والكرم. فيا لها من نعمة سبقت النعم. وكشفت الهموم ورفعت الهمم. وهو المسؤل ان يحفظ على الدنيا جمالها ببقائه. ويصرف صروف الدهر عنه إلى اعداءه " اخرى في حل قول ابي نواس "
سبحان من خلق الخل ... ق من ضعيف مهين
يسوقهم من قرار ... إلى قرار مكين
حتى بدت حركات ... مخلوقه من سكون
سبحان من خلق النفس الشريفة من الماء المهين. وسقاه إلى القرار المكين. وسبحان من خلق مأمون بن مأمون رحمه لخلقه وحجة في ارضه. وجمع فيه من الفضائل ما فرق في غيره. وقسم الحسن بين خلقه وخلقه. والشرف بين طبعه واصله. والكرم بين قوله وفعله. وان من اعطاه مالا يحصى ولا ينسى من الفضائل والمحاسن. قادر على ان يملكه ما لا يحد ولا يعد من الممالك والخزائن. اللهم افعل ذلك واجعل على صورته القمرية وسيرته العمرية وهمته العلوية. وآثار قلمه اللؤلؤية. واقية باقية. وارزقه عيشة راضية. في عزلاً يبرح سامقا. وقدر لا يزال موافقاً. برحمتك يا ارحم الراحمين " اخرى في حل قول وهيب الحميري "
واني لارجو الله حتى كأنني ... ارى بجميل الظن ما الله صانع

لست اكاد اخلو من الرجا. الفسيح الارجا. وانما ارجو الله السميع لراجيه. القريب ممن يناجيه. حتى كأني ارى بجميل الظن. ما لي عنده من جزيل المن. وان يجري مولانا الملك المؤيد خوارزم شاه على افضل ما وعدت به الطوالع السعيدة ودلت عليه البشائر الحميدة من علو السلطان. ورفعة الشأن ونفاذ الأمر. وطول العمر وعز الراية وادراك الغاية حتى يملك ما طلعت الشمس عليه. وانتهى هبوب الريح اليه. اللهم انظر للمالك بذلك حتى تكون قد افضت الخير ودواعيه. وحسمت الشر وعواديه. وانمت الانام في ظل العادل ووسعتهم بالاحسان والفضل. انك اكرم مسؤل. وأفض مأمول تم كتاب نثر النظم وحل العقد " بسم الله الرحمن الرحيم " عونك اللهم على شكر نعمتك في ملك كملك. وبحر في قصر. وبدر في دست. وغيث يصدر عن ليث. وعالم في ثوب عالم. وسلطان بين حسن وإحسان
لولا عجائب صنع الله ما نبتت ... تلك الفضائل في لحم ولا عصب
هذه صفة تغني عن التسيمة. ولا تحوج الى التكنية. اذ هي مختصة بمولانا الأمير السيد الملك المؤيد ولي النعم أبي العباس مأمون بن مأمون خوارزم شاه مولى أمير المؤمنين أدام الله سلطانه. وحرس عزه ومكانه. وخالصة له دون الورى. وجامعة لديه محاسن الدنيا. اللهم فكما فضلته على عبادك بالفضائل التي لا تحصى. والفواضل التي لا تنسى. ففضله بطول العمر. ودوام الملك. وايصال الصنع. ورغد العيش. وسكون الجاش. وعلو اليد. وسعادة الجد. وكفاية المهم. وازالة الملم. وانظر للمكارم والمعالي بالدفاع عن مهجته. وحراسة دولته. وتثبيت وطأته. برحمتك ياأرحم الراحمين وأكرم الاكرمين آمين. وصلواتك على النبي محمد وآله أجمعين. " ثم ان هذا " الكتاب خفيف الحجم. ثقيل الوزن. صغير الجرم. كبير الغنم. في الكنايات عما يستهجن ذكره. ويستقبح نشره. أو يستحيا من تسميته. أو يتطير منه. أو يترفع ويصان عنه. بألفاظ مقبولة تؤدي المعنى. وتفصح عن المغزى. وتحسن القبيح. وتلطف الكثيف. وتكسوه المعرض الانيق. في مخاطبة الملوك ومكاتبة المحتشمين. ومذاكرة أهل الفضل. ومحاورة ذوي المروءة والظرف. فيحصل المراد. ويلوح النجاح. مع العدول عما ينبو عنه السمع. ولا يأنس به الطبع. الى ما يقوم مقامه. وينوب منابه. من كلام تأذن له الاذن. ولا يحجبه القلب. وما ذلك الا من البيان في النفوس. وخصائص البلاغة. ونتائج البراعة. ولطائف الصناعة. وأراني لم أسبق الي تأليف مثله. وترصيف شبه. وترصيع عقده. من كتاب الله واخبار النبي صلى الله عليه وسلم. وكلام السلف. ومن قلائد الشعراء. ونصوص البلغاء. وملح الظرفاء. في انواع النثر والنظم. وفنون الجد والهزل. وقد كنت ألفته بنيسابور في سنة أربعمائة فأجرى ذكره على اللسان العالي أدام الله علاه وخرج الامر الممتثل ادام الله رفعته بانفاذ نسخة منه الى الخزانة المعمورة أدام الله شرفها أنشأتها نشأة أخرى وسبكته ثانية بعد أولى ووردت في تبويبه وترتيبه وتأنقت في تهذيبه وتذهيبه وترجمته " بكتاب الكناية والتعريض " وشرفته بالاسم العالي ثبته الله ما دامت الايام والليالي وأخرجته في سبعة ابواب يشتمل كل باب منها على عدة فصول مترجمة بمودوعاتها " فالباب الاول " في الكناية عن النساء والحرم وما يجري معهن ويتصل بذكرهن من سائر شؤنهن وأحوالهن وفصوله خمسة " والباب الثاني " في ذكر الغلمان ومن يقول بهم والكناية عن أوصافهم وأحوالهم وفصوله خمسة " والباب الثالث " في الكناية عن بعض فصول الطعام وعن المكان المهيأ له وفصوله أربعة " والباب الرابع " في الكناية عن المقابح والعاهات وفصوله اثنا عشر " والباب الخامس " في الكنايات عن المرض الشيب والكبر والموت وفصوله ثمانية " والباب السادس " فيما يوجبه الوقت والحال من الكناية عن الطعام والشراب وما يتصل بها في فصلين " والباب السابع " في فنون شتى من الكناية والتعريض مختلفة الترتيب وفصوله سبعة وها انا أفتتح سياقها وأوفيها حقوقها وشرائطها بعون الله تعالى ودولة مولانا الملك السيد ولي النعم خوارزم شاه ثبتها الله وادامها " بسم الله الرحمن الرحيم " " الباب الأول .. في الكناية عن النساء والحرم وما يجري معهن ويتصل بذكرهن من سائر شؤنهن واحوالهن " " فصل في الكناية عن المرأة "

العرب تكنى عن المرأة بالنعجة والشاة والقلوص والسرحة والحرث والفراش والعتبة والقارورة والقوصرة والنعل والغل والقيد والظلة والجارة وبكلها جاءت الاخبار ونطقت الاشعار " فاما " الكناية بالنعجة فقد أوضح القرآن في قصة داود عليه السلام " ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة " أي إمرأة " وأما " الكناية بالشاة فكما قال عنترة العبسي
يا شاة ما قنص لمن حلت له ... حرمت على وليها لم تحرم
فكنى عن امرأة وقال اي صيد أنت لمن يحل له ان يصيدك فأما أنا فان حرمة الجوار قد حرمتك على " وأما " الكناية بالقلوص فكما كتب رجل من مغزي كان فيه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصيه بنسائه
الا أبلغ أبا حفص رسولا ... فدالك من أخي ثقة ازاري
قلائصنا هداك الله إنا ... شغلنا عنكم زمن الحصار
" وأما " الكناية بالسرحة وهي شجرة فكما قال حميد بن ثور
أبى الله الا أن سرحة مالك ... علي كل أفنان العضاه تروق
وانما كنى عن امرأة مالك بسرحة مالك أحسن كناية وعبر عن اتقانها في الحسن على سائر الغواني أحسن عبارة وقد سلك طريقته في هذه الكناية من قال
ومالي من ذنب اليهم علمته ... سوى انني قد قلت يا سرحة اسلمي
نعم فاسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمى ... ثلاث تحيات وان لم تكلمي
وانما تقع مثل هذه الكناية عمن لا يجسرون على تسميتها أو يتذممون من التصريح بها كما قال الشاعر
واني لا كنى عن قذور بغيرها ... وأعرب أحيانا بها فأصرح
" وأما الحرث " فمنه قول الشاعر والقاه على طريق الألغاز
إذا أكل الجراد حروث قوم ... فحرني همه أكل الجراد
يعني - بحرثه - امرأة وفي القرآن " نساؤكم حرث لكم " " وأما الفراش " فقد قال الله تعالى في وصف الجنة " وفرش مرفوعة " يعني النساء الا تراه يقول على أثرها " إنا أنشأناهن انشاء فجعلناهن أبكاراً " " وروي " عن بعضهم انه قال لرجل أراد أن يتزوج استؤثر فراشك أي تخير السمينة من النساء " وأما " العتبة ففي قصة ابراهيم عليه السلام زار ابنه اسماعيل عليه السلام فوافق حضوره غيبته عن المنزل فقدمت عليه امراته وأخبرته بحاله ولن تعرض عليه القرى فقال لها قولي لابني ان اباك يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تغير عتبتك فلما رجع اسماعيل عليه السلام وقصت عليه المرأة القصة وأدت اليه الرسالة طلقها في الساعة امتثالا لأمر أبيه لان قوله غير عتبتك كناية عن طلاقها والاستبدال بها " وأما " الكناية بالقارورة فمن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائق الابل التي عليها نساؤه رفقاً بالقوارير " واما الكناية " بالقوصرة فمنها قول الراجز
أفلح من كانت له قوصرة ... يأكل منها كل يوم مره
" وأما النعل " فمنها قول عمر رضي الله تعالى عنه المرأة نعل يلبسها الرجل إذا شاء لا إذا شاءت هي " وأما الغل " فمنه قول بعض الحكماء من العرب وهو يذكر النسا ومنهن الودود والولود القعود ومنهن غل يضعه الله في عنق من يشاء ويفكه عمن يشاء " وأما القيد " فمنه قول أبي الحسن الجوهري الجرجاني من قصيدة في الصاحب يذكر استعداده للسير إلى حضرته ويكنى عن طلاق امرأته
جوادي قدامي وذيلي مشمر ... وقلبي من شوق يجيئ ويذهب
وقد كنت معقولا بأهلي مقيداً ... وها أنا من ذاك العقال مسيب
وعلى ذكر الطلاق فاني استحسن واستطرف جداً ما كتبه ابن العميد في الكناية عن حلف بعض الملوك بالطلاق وهو قوله في فصل من كتاب حلف يميناً سمي فيها حرائره " وأما الظلة " فهي عند بعض الكوفيين أصيلة وعند بعضهم مكنية وكذلك الحليلة وينشد
واني محتاج إلى موت ظلتي ... ولكن متاع السوء باق معمر
" وأما الجارة " ففيها يقول الاعشى أجارتنا بيني فانك طالق " ومن احسان " المتني المشهور قوله لسيف الدولة وقد أوقع ببني كلاب وسبى نساءهم ثم ردهن عليهم
ولو أن الامير سبى كلابا ... عداه عن شموسهم الضباب

وانما كني عن النساء بالشموس وعن المحاماة دونهن بالضباب والعرب قد تكنى أيضاً عن النساء بالجآذر والظباء والمها والبقر " وأتى النعمان " بن المنذر بهذه الكناية وكان فيها دمه وذلك انه كان وتر زيد بن عدي اذ قتل أباه عدي بن زيد وزيد ترجمان الملك ابرويز وكان يتربص بالنعمان الدوائر ويبغي له الغوائل ولما علم ميل الملك إلى النساء وصف له بنات النعمان واشار عليه بخطبتهن وهو يعرف امتناعه من تزويج العجم لما في نفسه من النخوة فارسل اليه رسولا في الخطبة فقال النعمان أما للملك غنية ببقر العراق عن هؤلاء الاعرابيات السود وترجم زيد هذه اللفظة بالفارسية وقبح المعنى وأساء المحضر وقال انه يعير الملك بنيك البقر فأمر ابرويز باشخاص النعمان والقائه إلى الفيلة حتى خبطته بارجلها وأتت على بقيته.. ومما لا نهاية لحسنه كناية النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة الحسناء في المنبت السوء اياكم وخضراء الدمن " فصل في الكنايات عن الحرم " " لما نقل " ابو الحسن خمارويه بن طولون والى مصر ابنته المسماة قطر الندى إلى المعتضد كتب اليه يذكره حرمة سلفها بسلفه ويصف ما يرد عليها من ابهة الخلافة وروعة السلطان ووحشة الغربة ويساله ايناسها وبسطها وتقريبها فأراد الوزير عبيد الله بن سليمان ان يجيب عن الكتاب بخطه فسأله جعفر بن محمد بن ثوابة أن يعتمد عليه في الجواب ففعل فكتب جعفر بن محمد كتابا قال في فصل منه..وأما الوديعة أعزك الله فهي بمنزلة ما انتقل من شمالك الي يمينك ضنامنا بها وحيطه لها ورعاية لمودتك غفيها قلما عرضه على الوزير عبيد الله ارتضاه جداً وقال له كنايتك عنها بالوديعة نصف البلاغة ووقع له بالزيادة في جراياته واقطاعاته " ولما كانت " أيام عز الدولة بن معز الدولة ونقل ابنته إلى عمدة الدولة أبى ثعلب الحمداني كتب غنه أبو اسحاق الصابي إلى أبي ثعلب كتابا استحسنه أهل الصناعة وتحفظوا منه هذا الفصل لاشتماله على عدة كنايات لطيفة ونسخته.. وقد توجه ابو النجم بدر الحرمى وهو الامين على ما يلحظه الوفي بما يحفظه نحوك يا سيدي ومولاي أدام الله عزك بالوديعة وانما ثقلت من وطن إلى سكن ومن مغرس إلى معرس ومن مأوئ مري والعطاف إلى مثوى كرامة والطاف وهي بضعة مني حصلت لديك وثمرة من جنى قلبي انفصلت اليك وما بان عني من وصلت حبله بحبلك وتخيرت له بارع فضلك ويوأته المنزل الرحب من جميل خلائقك وأسكنته الكنف الفسيح من كريم شيمك وطرائفك ولا ضياع على ما تضمنه أمانتك وتشتمل عليه صيانتك.. قال مؤلف الكتاب وكثيراً ما يكنى ابن العميد والصاحب والصابي وعبد العزيز بن يوسف وهم بلغاء العصر وافراد الدهر عن البنت بالكريمة وعن الصغيرة بالريحانة وعن الام بالحرة والبرة وعن الاخت بالشقيقة وعن الزوجة بكبيرة البيت وعن الحرم بمن وراء الستر وعن الزفاف بتأليف الشمل واتصال الحبل ولو كتبت الفصول المتضمنة لهذه الكنايات لا متد نفس الباب وفيما أوردته من هذه النكت كفاية " وحدثني " أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي قال لما توفيت والدة الأمير الرضي أبي القاسم نوح ابن منصور احتاج خالي أبو النصر العتبي إلى مكاتبة الحضرة في التعزية عنها فلم يرتض لفظة الام والوالدة في ذكرها فكتب كتابا قال في فصل منه وقد قرع الاسماع نفوذ قضاء الله فيمن كان البيت المعمور ببقائها مصعد الدعوات المقبولة ومهبط البركات المأمولة فارتضاه كتاب الحضرة وتحفظوه " فصل في الكناية عن عورة المرأة " أنشدني أبو القاسم الرسوري لبعض العرب
وإذا الكريم أضاع مطلب أنفه ... أو عرسه لكريهة لم يغضب
" والعرب " تقول ان الجنين إذا تمت أيامه في الرحم وأراد الخروج منه طلب بانفه الموضع الذي يخرج منه فقال لي الاستاذ ابو بكر الطبري انظر كيف لطف هذا الشاعر بحذفه للكناية عن فرج الام بقوله مطلب انفه " ومعنى " البيت ان الرجل متى لم يحم فرج أمه أو امراته لم يغضب من شيئ يؤتي اليه بعد ذلك.. وقال الصاحب في رسالته الموسومة بالتلبيه على مساوى شعر المتنبي قد كانت الشعراء تصف المآزر وتكني بها عما وراءها تنزيهاً لالفاظها عما يستبشع ذكره حتى تخطي هذا الشاعر المطبوع إلى التصريح الذي لم يهتد اليه غيره فقال
اني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سرا ويلاتها

وكثير من العهر أحسن من هذه العفافة " ومما " يستحسن للحجاج قوله لام عبد الرحمن ابن محمد بن الاشعث عمدت إلى مال الله فوضعته تحت ذيلك لانه كره أن يقول تحت استك كما تقوله العامة خوفاً من ان يكون قد جازف كما عيب به عبد الله بن الزبير لما قال لامرأة عبد الله حارم أخرجي المال الذي تحت استك فقالت ما ظننت أحدا بلى شيئاً من أمور المسلمين فيتكلم بهذا فقال بعض الحاضرين أما ترون إلى الخلع الخفي الذي أشارت اليه " وقال " أبو منصور الازهري في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اتيان النساء في محاشهن انها كناية عن ادبارهن وأصلها من الحش " وقال " الجاحظ في قول الله عز وجل اسمه والذين هم لفروجهم حافظون. وقوله وريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها انها كناية عن العورة ولما كثر في الكلام قال بعض المفسرين انه يحتاج إلى كناية فقال في قوله تعالى وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا انها كناية عن الفروج كأنه لم يعلم ان كلام الجلد من أعجب العجب ولو كان كذلك لقال عند ذكر الفروج والذين هم لجلودهم حافظون ولقال ومريم ابنة عمران التي أحصلت جلدها " وروي " الفقهاء ان رفاعة طلق امراته فتزوجت برجل يقال له عبد الرحمن بن الزبير بفتح الزاي وجر الباء ثم شكته الى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت ان الذي معه كهدية الثوب فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن تراجعي رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك فانظر الى لطافة هذا الكلام وكثرة رونقه وحسن كنايته عن العورة والنكاح بالعسيلة التي هي تصغير العسل وهو يذكر ويؤنث " وذهب " من أنكر تأنيثه الي انه تصغير عسلة يقال عسلة وعسل كما يقال تمرة وتمر " ومن نادر " الكناية وجيدها قول ابي حكيمة راشد بن اسحق الكاتب في فنه الذي شهر من قصيدة
ثم فما عندك خير يرتجى ... أيها الاير القليل المنفعه
طالما جدلت فرسان الوغى ... وافتتحت القلعة الممتنعه
وتقحمت مطامير الهوى ... فعرفت الضيق منها والسعه
وعهدي بالاستاذ الطبري ينشد هذه الابيات ويعجب من جودتها في معناها ويقول ان من يكنى عن الاحراح والفقاح بمطامير الهوى لمن شياطين الانس الذين سخر لهم الكلام حتى قادوه بألين " زمم دمما يليق " بهذا الفصل قول البحتري في رجل تزوج قينة
تزوجها بعد احراقها ... قلوب الندامى واقلاقها
فكيف انبسطت ولم تنقيض ... لاجلاسها مع عشاقها
اذا كنت تمكن من حبها ... فانك تمكن من ساقها
" فصل يتصل به في الكناية عن عورة الرجل " قال النبي صلى الله عليه وسلم من تعزي بعزاء الجاهلية فاعضوه بهن أبيه ولا تكنوا وقال عليه الصلاة والسلام من وقاه الله شر ما بين فكيه ورجليه دخل الجنة.. وقال الشاعر في مثل هاتين الكنايتين
وعضوين للأنسان لا عظم فيهما ... هما سببا اصلاحه وفساده
إذا صلحا كان الصلاح لديهما ... وان فسدا لم يحظ يوم معاده
وقد كنى عنها عبد العزيز بن محمد السوسي بالبلبلة فقال من قصيدة
وحين قامت على بلبلتي ... ولم أجد خيلة تبلبلت
يكنى عن جلد عميرة وعميرة كناية وكذلك القضيب والطومار قال ابو نعامة
زرت أخاكم يا بني صالح ... فلم يزل بنشر طومار
حتى اذا اخشوشن في كفه ... أدخله مصيدة الفار
" وقال دعبل "
يا من يقلب طوماراً وينشره ... ماذا بقلبك من حب الطوامير
فيه مشابه من شيئ كلفت به ... طولا بطول وتدويرا بتدوير
ومن كنايات ابن الرومي في هذا الباب قوله يهجو شخصاً
ما مر من يوم عليه وليلة ... الا وبعض غلامه في بعضه
" وأنشدني أبو الفتح البستي لنفسه "
وذات دل اذا لا حظت صورتها ... رجعت عنها بقلب جد مفتون
تزور عني بنون الصدغ حين رأت ... امام لهوي يقرا سورة النون

ولقد ملح في الجمع بين النونين وطرف في الكناية عن متاعه بامام اللهو وعن عوجاجه وقلة انتصابه بقراءة سورة النون وانما شبهه بسورة النون المعروفة " وكانت " جنان المدنية تكنى عن متاع الرجل بمفتاح اللذة وفي كتاب ملح النوادر أن رجلا رواد امرأة عذراء عن عذرتها فقالت هذه ختم الله فقال واشار الي متاعه وهذا مفتاح الله " ومن الكنايات " الجيدة في هذا الباب فلان عفيف الازار وفلان طاهر الذيل اذا كان عفيف الفرج " وقلت " في كتاب المبهج من عف ازاره خفت أوزاره وانما يكنى بالازار عما وراءه كما قالت امرأة من العرب
النازلين بكل معترك ... والطيبين معاقد الازر
وما احسن كنايات زيادة بن زيد عن عفة الفرج وشرف المنكح بقوله
فلما بلغنا الامهات وجدتم ... بني عمكم كانوا كرام المضاجع
" فصل " في الكناية عما يجري بين الرجال والنساء من اتباع الشهوة والتماس اللذة وطلب النسل لا أحسن ولا أجمل ولا ألطف من عناية الله تعالى عن ذلك بقوله " وقد أفضى بعضكم الى بعض " وقوله عز ذكره " فلما تغشاها " وقوله " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " وقوله " فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم " وقوله " فأتوا حرثكم أنى شئتم وقوله " فما استمتعتم به منهن " وقوله في الكناية عن طلب ذلك حكاية عن يوسف عليه السلام " هي راودتني عن نفسي " فسبحان الله ما اجمع كلامه للمحاسن واللطائف وما أظهر أثر الاعجاز على انجازه وبسطه في معناه ولفظه " ومما " جاء في حسن الكناية عن النكاح في شعر الجاهلية قول الاعشى
وفي كل يوم أنت جاشم غزوة ... تشد لاقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالا وفي الحي رفعة ... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
القروء ههنا الاطهار لان الممدوح لما كان كثير الغزو ولم يغش النساء للغيبة عنهن في مغازيه أضاع اطهارهن " وقد زعم نقاد " الشعر ان هذه الكناية لطيفة دالة على حذق الشاعر بصنعته " وعندي " ان ضياع اطهار نساء الملوك ليس مما يخاطبون به وكذلك قول الاخطل في بني مروان
قوم اذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو بآتت بأطهار
فانه على حسنه من فضول القول الذي لو رزق فضل السكوت عنها لحاز الفضيلة وما للشاعر ذكر حرم الملوك فضلا عما يجري لهم معهن..وأما قول الربيع بن زياد
أفبعد مقتل مالك بن زهير ... ترجو النساء عواقب الاطهار
فهو أيضاً كناية عن النكاح بعد الطهر يقول أيرجون أن يحملن مثله في شرفه وكرمه والعرب تزعم ان أكثر ما تكون المرأة اشتمالا على الحبل بعد مواقعة الرجل إياها بعيد طهرها من حيضها فيكون الحمل عاقبة الطهر.. ويروي ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع ذات ليلة وهو يطوف امرأة تغني بهذين
تطاول هذا الليل وأزور جانبه ... وارقني ان لا خليل ألاعبه
فو الله لولا لا شيئ غيره ... لزعزع من هذا السرير جوانبه
فسئل عنها فقيل هي مغيبة وزوجها فلان خارج في بعض البعوث فأمر برده اليها وزعزعة السرير؟ كناية عن الزج العفيف " ومما " يقاربها قول أبي عثمان الخالدي من ؟؟ واذا الليل كف كل رقيب وعاذل صرت الفرش تحت قوم صرير المحامل ومن الكنايات عن النكاح الحلج وقد استعمله أبو نواس في قوله
ثم توركت على متنه ... كأنني طير على برج
وكان منا عبث ساعة ... واندفع الحلاج في الحلج
وللقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني من قصيدة هزل ومداعبة
تبيت تحلج طول الليل منكمشاً ... وباختيار ينادي ادركوا الفرقا
وقام عمرو فامنه أكف يد ... لما انثنى أو تحسى منهم المرقا
اذا هو امته مثل الرمح واتسعت ... كالترس وافق شن عندها طبقا
ومن ملح البحتري في هذه الكناية قوله
لم يخط باب الدهليز منصرفا ... الا وخلخالها مع الشنف
وهو مسروق من قول غيره
ترفق قليلاً قد اوجعتني ... وألصقت قرطي بخلخاليا
وقد أخذ الاستاذ أبو بكر الطبري هذه الكناية وزاد فيها حيث قال
والشأن في ظنك الظن الجميل بها ... وطال ما أوجعت كنفي رجلاها
وانظر إلى كعبها تبصر به ندبا ... من طول ما خدش الكعبين قرطاها

وقال أيضاً
كمسترق اللحاظ إلى عروس ... وعند سواه تضطرب الحجول
" وحكى " الصولي عن المكتفى في حديث له قال سهرت البارحة فذكرت بعض أدوية السهر فانست فنمت قال فقلنا له والله ما سمعنا بأحسن من هذه الكناية قط فقال والله ما سمعتها قبل وقتي هذا وانما ساقها اللفظ ودواء السهر كناية عن النكاح وعن السكر " وبلغني " عن ابن عمر القاضي انه كان لا يجلس للخصوم حتى ينال من الطعام والشراب ويلم بأهله احتياطاً على دينه وتعففاً بالحلال عما عساه تتوق نفسه اليه من الحرام إذا بدرت منه لحظة لمن عساها تتحاكم اليه من النساء الحسان " فقرأت " لابي اسحاق الصابي فصلا في هذا المعنى بعينه من كتاب عهد سلطاني لبعض القضاة تعجبت من حسن عبارته ولطف كنايته وهو وأمره أن يجلس للخصوم وقد نال من المطعم والمشرب طرفا يقف به عند أول الكفاية ولا يبلغ به إلى آخر النهاية وان يعرض نفسه على أسباب الحاجة كلها وعوارض البشرية بأسرها لئلا يلم به ملم أو يطيف به طائف فيحيلان عن رشده ويحولان بينه وبين سدده.. وهذه نسخة رقعة للصاحب في المداعبة تشتمل على كنايات حسنة من هذا الباب خبر سيدي أدام الله عزه وان كتمه مني واستأثر به دوني مصون عندي وقد عرفت ذلك في شربه وانسه وغناء الضيف الطارق وعرسه وكان ما كان مما لست أذكره وجري فأجرى مما لست أنشره وأقول ان سيدي امتطي الاشهب فكيف وجد ظهره وركب الطيار فكيف شاهد حربه وهل سلم على حزونة الطريق وكيف تصرف أفي سعة أم ضيق وهل أفرد بالحج وقال في الجملة بالكره ليتفضل بتعريفي الخبر فما ينفعه الانكار ولا يغني عنه الا الاقرار وأرجو أن يساعدنا الشيخ أبو مرة كما ساعده مرة فنصلى للقبلة التي صلى ونتمكن من الدرجة التي خطب عليها هذا وله فضل السبق إلى ذلك الميدان الكثير الفرسان " ومما يليق " بهذا الفصل فصل ذكره الازهري في كتب تهذيب اللغة فقال إذا أتى الرجل المرأة في غير مأتاها قيل حمض تحميضاً تحول من مكان إلى مكان - والخلة - ما كان حلوا - والحمض - فاكهتها يقال أحمض القوم احماضاً إذا أفاضوا فيما يؤنسهم من الحديث والفكاهة " ويروى " عن سعيد بن سيار انه قال لابن عمر ما تقول في التحميض قال وما التحميض قال أن يأتي الرجل المرأة في دبرها قال أو يفعل ذلك مسلم " وقال " غير الازهري من الكناية عن الجارية المشهية لذلك قولهم هي مالكية لما روى عن مالك بن أنس من إباحة ذلك " ومما " يستظرف لابي اسحق الصابي قوله
باتت وكل مصون ... لي من حماها مباح
في ليلة لم يعبها ... والله الا الصباح
" فصل في افتضاض العذرة " من طريف الكناية عن أخذ العذرة ما قرأته في أخبار بشار بن برد حين قال يزيد بن منصور في دار المهدي يا شيخ ما صناعتك قال ثقب اللؤلؤ وأرى الصاحب أخذ من قوله لابي العلاء الاسدي وقد دخل بأهله من أبيات
وقد مضي يومان من شهرنا ... فقل لنا هل ثقب الدر
وله يقول أيضاً
قلبي على الجمرة يا با العلا ... فهل فتحت الموضع المقفلا
وهل فككت الكيس عن ختمه ... وهل كحلت الناظر الاحولا
ولابن العميد في هذا المعنى إلى ابي الحسن بن هندو
انعم أبا حسن صباحا ... وازدد بزوجتك ارتياحا
قد رضت طرفك خالياً ... فهل استلفت له جماحا
وطرقت منغلقاً فهل ... سني الاله له انفتاحا
وأنشدني أبو الفضل الميكالي لنفسه في مداعبة كانت له بين أهله
أبا جعفر هل فضضت الصدف ... وهل اذ رميت أصبت الهدف
وهل جبت ليلا بلا حشمة ... لهول السرى سدفا في سدف
وأظن السابق إلي وصف الافضاض حماد عجرد حيث قال وأحسن
قد فتحنا الحصن بعد امتناع ... بمبيح فاتح للقلاع
ظفرت كفى بتفريق شمل ... جاءنا تفريقه باجتماع
فاذا شعبي وشعب حبيبي ... انما يلتام بعد انصداع
وليس بالبارد قول اليعقوبي
وهمتي مذ كنت في حل التكك ... ولم يزل يعجبني ثقب الفلك
وقول أبي عبد الله بن الحجاج
جميع ملكي صدقه ... لاكسرن الفستقه
لابد ان اطعن بال ... رمح صميم الدرقه

وان أمد الميل في ... جوف سواد الحدقه
لابد من أن يقع الزر ... فين وسط الحلقه
ومن مشهور ما يقع في هذا الفصل ما يروى أن ابن القرية قال للحجاج وقد بنى ببعض نسائه الأبكار باليمن والبركة وشدة الحركة والظفر في المعركة.. ومن ملح الكناية عن البكر قول بعضهم
قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم ... أشهي المطي إلى ما لم يركب
كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة ... لبست وحبة لؤلؤ لم تثقب
وقد ناقضه من قال
ان المطية لا يلذ ركوبها ... حتى تذلل بالزمام وتركبا
والدر ليس بنافع أصحابه ... حتى يعالج بالسموط ويثقبا
ومن حسن الكناية عنها قولهم فلانة بخاتم ربها " ويروي " أن شيخاً من العرب تزوج بكراً فعجز عن افتضاضها فلما أصبحت سئلت عن حالها فأنشدت بيتاً ما شئ أدل منه على العجز عن أخذ العذرة
تبيت المطايا حائرات عن الهدى ... إذا ما المطايا لم تجد من يقيمها
ومن عويص هذا الباب قول الشاعر لابي المدبر
أبوك أراد أمك حين زفت ... فلم يوجد لامك بنت سعد
يعني لم يوجد لها عذرة وبنت سعد عذرة بنت كعب " فصل في الكناية عن الحيض " قال بعض المفسرين في قول الله تعالى " فضحكت " انه كناية عن الحيض وقال النبي صلى اللله عليه وسلم فيما ذم من النساء انهن ناقصات عقل ودين ثم قال تدع الصلاة أحداهن شطر عمرها يكني عن الحيض " وحدثني " سهل بن المرزبان قال كنت أحضر أحياناً ببغداد مجلس عنان المسمعة وكان الافاضل كثيراً ما ينتابونها للسماع الفائق وكانت تبتدئ بالقرآن استفتاحا ببركته فتجيد جداً ثم تأخذ في شأنها فبينما أنا ذات يوم عندها إذا ابتدأت بالشعر فارتفعت اصوات الحاضرين باستعادة عادتها في الابتداء بالقرآن وهي ساكتة فلما عاودوها مرات قال لهم صاحب الستارة ليس يجوز لها أن تقرأ القرآن فلم يفطن لهذه الكناية أكثرهم حتى تبههم انه كنى عن حيضها " ويحكى " أن بوران بنت الحسن بن سهل لما زفت إلى المأمون حاضت من هيبة الخلافة في غير وقت الحيض فلما خلا بها المأمون ومد يده إلى تكتها قرأت أتي أمر الله فلا تستعجلوه ففطن لحاله وتعجب من كنايتها وازداد اعجابا بها " وما أشبه " وقوفه على كنايتها الا بحال ابي فراس الحمداني حيث قال
وكنى الرسول عن الجواب تطرفا ... ولئن كني فلقد علمنا ما عنى
وكنت أقرأ في شعر بن الحجاج والامير مفتصد في بيت لا مجال فيه لمعني فصد الامير ولا أفطن له إلى ان اذكر لي بعض السادة انه كناية عن الحيض بلسان المجان من اهل بغداد فخرج لي معنى البيت لولا فرط قذعه لا وردته ثم أنشدت ما يحقق معناه لبعض العصريين
مشيت علىدمي وركبت هولا ... على خطر وجد به المسير
إلى من بين ثوبيها الاماني ... وفي ازرارها القمر المنير
فلما ان خطبت الوصل منها ... حجبت وقيل قد فصد الامير
فيالك ثم يالك من فصاد ... تعوق لي به حج كبير
" فصل في الحبل " مجاهد في قول الله تعالى " فمرت به " قال انه كناية عن الحبل وكثيراً ما تجري هذه الكناية في الفارسية.. وما احسن ما كنى به الفرزدق عن جارية له حبلي توفيت بقوله
وجفن سلاح قد رزئت فلم أنح ... عليه ولم أبعث عليه البواكيا
وفي جوفه من صارم ذي حفيظة ... لو ان المنايا انسأته لياليا
" وسمعت " أبا الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي في المذاكرة يقول تقول العرب في الاستخبار عن الحبلى والكناية عن ولادتها أحلبت ناقتك أم أجلبت أي أتت بأنني فتحلب أم بذكر فتحلب للبيع " وقرأت " في كتاب جراب الدولة أن قحبة قالت لسحاقة ما أطيب الموز تكنى عن الاير قالت نعم ولكن ينفخ البطن تكنى عن الحبل " فصل في نوادر وملح في كنايات هذا الباب " ههنا أبيات مشهورة متنازعة منسوبة إلى جماعة من الجواري والغلمان فمنهم قينة رآها صديق لها ولما بها استخشن العرض وتأذي بالشعرة فنبا عنها وهجرها ثم انها أصلحت من شأنها وكتبت اليه تقول
فديتك سهلت الطريق الذي اشتكى ... جوادك فيه للحفى من خشونته
فأصبح بعد الحزن ميدان لذة ... يجول كميت اللهوفيه للذته

فان كنت ذا عزم على ان تزورنا ... فبادر وعجل فالهلال ابن ليلته
ومن كناية مجان بغداد عن تلك الحال في فم القنينة ليف قال ابن الحجاج
أحن اذ رأيت الكس ليلا ... بجنبي وهو منتوف نظيف
ولست أعافه ان جاء يوما ... وفي فمه وأعلا الراس ليف
إذا سمط الخروف أكلت منه ... ولست أعافه وعليه صوف
" ويحكى " ان الوليد بن يزيد أراد امرأة من قريش على ما يفعل بالاماء فقالت
صاعد أمير المؤمنين صاعد ... لست كما اعتدت من الولائد
" ويحكى " أن بعض الاكاسرة خرج متصيدا فتفرد عن أصحابه فاذا بشيخ كبير يعمل في أرض له فقال له ياشيخ هلا أدلجت فيكون لك من يكفيك فقال أدلجت ولكن ضللت الطريق فقال له زه فلما تلاحق بالملك أصحابه أعطي الشيخ أربعة آلاف درهم " أراد " هلا نكحت وأنت شاب فيكون لك اليوم من يكفيك من أولادك وقوله أضللت الطريق يحتمل معنيين احدهما انه لم يتزوج شابة ولودة والآخر انه لم يتبع ما كتبه الله له " وحكى " المازني قال جلس نساء ظراف إلى بشار بن برد فتحدث وتحدثن ثم قلنا له لوددنا انك ابونا فقال على اني على دين كسري " وسمعت " ابا نصر سهل بن المزرباني يقول في المذاكرة شئل بعض النساء التي كان عمر بن عبد الله بن ابي ربيعة يشبب بهن عن حالها معه فقالت لعن الله ذلك الفاسق جمعني واياه مكان كذا عن خلوة كذا فحللت منه بواد غير ذي زرع تكنى عن عجزه في النكاح " ولما قال " ابو الصمت وهو اعرف بالشعر لعلي بن الجهم
لعمرك ما جهم بن بدر بشاعر ... وهذا علي بعده يدعي الشعرا
ولكن ابي قد كان جاراً لامه ... فلما ادعي الاشعار أوهمني امرا
استظرف الناس هذه الكناية وسار البيتان كل مسير فقال علي والله ما هو بابي عذرة هذا المعنى وانما نسج منوال ما دار بين الفرزدق وكثير فسئل عن ذلك فقال بلغني ان كثيراً أنشد لنفسه قصيدة استحسنها السامعون وفيهم الفرزدق فقال كثير يا ابا ضحوك هل كانت امك ترد البصرة فقال لا يا ابا فراس ولكن كان ابي كثيراً ما يردها " ومن " خبيث الهجاء المشتمل على التصريح قول ابي الحسن بن طبا طبا العلوي لابي علي بن رستم وكانت حرمته تتهم بآذريون غلامه
يا رستمى لقد لهوت ببركة ... أصبحت تحمي حسنها وتصون
والعرس لاهية ببركتها التي ... يجري اليها الماء آذريون
" سئل " رجل عن امرأة فقال فيهل خصلتان من خصال الجنة يكنى عن البرد والسعة " وحديثي " ابو سعد نصر بن يعقوب فقال طلب رجل غريب ببغداد امرأة حسناء يتزوجها فقالت له دلالة عندي هنا امرأة كانها باقة نرجس فخطبها وتزوجها فلما دخل بها اذ هي عجوز دميمة فدعي بالدلالة وقرعها على كذبها فقلت ما كذبتك حين قلت كأنها باقة نرجس وانما كنيت عن صفرة وجهها وبياض شعرها وخضرة ساقها " ومن نوادر " ما كنى به عن المرأة الخائنة لفراش زوجها قول ابن الرومي ويقال لابي علي البصير
أنت يا شيخ نائم فتنبه ... وانتصحني فلست من غشاشك
لك أنثي تزيف في كل وكر ... وتر بي الفراخ في أعشاشك
والعامة تكنى عن استئناف العاشقة ومعاودة المواصلة بعد وقوع الفترة وحدوث السلوة بتسخين الازار كما كتب بعضهم لعشيقه له.
خلوت بذكركم إذ غاب عني ... رقيب كنت قد ما أتقيه
وبردت المقيل فدك نفسي ... وتسخين الأرز يطيب فيه
" وقال الآخر "
ولست أحب الرز أول طبخه ... فكيف أحب الرز وهو مسخن

الباب الثاني في
ذكر الغلمان والذكران
ومنهم يقول بهم
" الكناية عن أوصافهم وأحوالهم " " فصل في الاحتلام والختان " يكنى عن الختان بالطهر والتطهر: ومن املح ما سمعت في ذلك قول الصنوبري
اري طهر سيثمر بعد عرساً ... كما قد يثمر الطرب المدامه
وما قلم بمغن عنك الا ... إذا التقيت منه كالقلامه
وما ينقضي تعجبي من حسن هذه الكناية وملاحة هذا التمثيل كما لا يتناهى اعجابي بقول ابي ابراهيم اسماعيل بن احمد العامري الشاشي من قصيدة مدح بها فخر الدولة وكنى عن تطهير ولديه باحسن كناية وما اظن ان احداً خاطب ملك في معناه باحسن وابدع منه

امسست شبلك في حق الهدى الماً ... لولا التقى لسفكنا فيه الف دم
جلوت سيفا ليرتاح الشجاع وقد ... شذبت غصن لينمى قامة النسم
كما لا احب ان احدا كنى عن احتلام الغلام باحسن من قول ابراهيم بن العباس في المنتصر وهو اذ ذاك ولي عهد
هذا هلال العهد قد ... اقمر بالمنتصر
ولي عهد الناس وابن ... امام البشر
يا ليلة نعدها ... مضت لنا من صغر
ابدت هلالا وانجلت ... مع صحبها عن قمر
" ومما يكنى " به عن القلفا قول دعبل
ما زال عصياننا لله يوبقنا ... حتى دفعنا الي فتح ودينار
إلى عليجين لم تقطع ثمارهما ... فقد طال ما سجدا للشمس والنار
" ومن ظريف " الكناية عنها ما قاله ابو سعيد بن دويست في غلام اتهم بمجوسي
عجبت من حسنك يا جوهري ... ومن مخازي فعلك المنكر
تترك ما يقشر من فولنا ... تبلع الفول ولم يقشر
" فصل في الكناية عن الغلام " الذي عبث به ووصف فراهيته وسائر أوصافه.. يكني عنه بالعلق والمطبوع والمعاشر والمواسى " ويقال " فلان يجيب المضطر إذا دعاه وهو من مكروه الاقتباس الذي نبهت عليه في كتاب الاقتباس من القرآن وفلان من الباب كما قال ابن طباطبا
عند صديق لنا من البابه ... يهيج للمسهام اطرابه
وفلان من شرط يحيى بن أكثم كما قال الاستاذ الطبري
يدور بها ساق تدور عيوننا ... على عينه من شرط يحيى بن أكثم
ويحيى بن أكثم مشهور باللواطة " وقد أحسن " القاضي علي بن عبد العزيز في الكناية عن شرط اللاطة بقوله من قصيدة كتبها إلى ابي القاسم علي بن محمد الكرخي
فان يك قد سلا وثناه عني ... رضاع الكأس أو ظبي ربيب
تسلطه النفوس على هواها ... وتعطيه أزمتها القلوب
باعطاف تباح لها المعاصي ... وألحاظ تحل لها الذنوب
فلى كبديه حرى وقلب ... على ما فيه من كمد طروب
ومن ملح ابي نواس في هذا المعنى قوله
مر بنا والعيون ترمقه ... تجرح منه مواضع القبل
أفرغ في قالب الجمال فما ... يصلح الا لذلك العمل
ولابي سعيد دوست في ذكر ذلك العمل
تعلقته علقاً كاللحم الجمل ... وهذا الربيع آوان الحمل
فرأيتك مولاي في غيره ... إذا ما نشطنا لذاك العمل
وعلى ذكر ذلك العمل فان ابا الحسن بن فارس أنشد لرجل بشيراز يعرف بالهمداني وقد عاتب رجلاً من كتابها على حضوره طعاما مرض منه
وقيت الردي وصروف العلل ... ولا عرفت قدماك الزلل
شكا المرض المجد لما مرضت ... فما نهضت سليما أبل
لك الذنب لا عتب الا عليك ... لماذا اكلت طعام السفل
طعاماً يسوي ببيع النبيذ ... ويصلح من جذر ذاك العمل
" ومن كنايات " الصوفي في هذا الباب قولهم للغلام الصبيح شاهد ومعناهم فيه انهم لحسن صورته شهيد بقدرة الله عز اسمه على ما يشاء " ويحكي " ان اصحاب ابي علي الثقفي تحلو لفظة الشاهد بين يديه هيبة له فتواصوا فيما بينهم ان يقولوا للغلام الصبيح حجة فاتفق انهم صحبوه في بعض الطريق فترأى لهم من بعيد غلام فقال أحدهم حجة وهو يظن انا ابا علي لا يفطن لمغزاه فلما قرب الغلام منهم كان غير مليح فالتفت ابو علي اليهم وقال داحض " وسمعت " بعض الفقهاء ينسب هذا الحكاية إلى ابي اسحق المروزي ونظيرها ما يروي ان شبانا مشوا مع ابن المنكدر فكانوا إذا رأوا امرأة جميلة قالوا بينهم قد ابرقنا وهم يظنون ان ابن المنكدر لا يفطن لمغزاهم فرأوا قبة مجللة فقال أحدهم بارقة وانكشف جلال القبة عن امرأة قبيحة فقال ابن المنكدر يا اخي هذه صاعقة " ومن مليح " الكناية عن الغلام المخنث قول سعيد بن حميد
الست ترى ديمة تهطل ... وهذا صياحك مستقبل
وهذا المدام وقد راعنا ... بطلعته الشادن الاكحل
فبادر به وبنا سكره ... تهون اسباب ما اسأل
فاني رايت له طره ... تدل على انه يفعل

أقسام الكتاب
1 2