كتاب : الإشارات والتنبيهات
المؤلف : أبي علي بن سينا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي وفقنا لافتتاح المقال بتحميده وهدانا إلى تصدير الكلام بتمجيده وألهمنا الإقرار بكلمة توحيده
وبعثنا على طلب الحق وتمهيده والصلاة على المصطفين من عبيده خصوصا على محمد وآله المخصوصين بتأييده
وبعد فكما أن أكمل المعارف وأجلها شأنا وأصدق العلوم وأحكمها تبيانا هو المعارف الحقيقية والعلوم اليقينية كذلك أشرف ما ينسب إلى الحقيقة واليقين من جملتها وأولاها بأن توقف الهمة طول العمر على قنيتها هو معرفة أعيان الموجودات المترتبة المبتدئة من موجدها ومبدئها والعلم بأسباب الكائنات المتسلسلة المنتهية إلى غايتها ومنتهاها
وذلك هو الفن الموسوم بالحكمة النظرية التي تستعد باقتنائها النفوس البشرية
وكما أن المتقدمين من الفائزين بها تفضلوا على من بعدهم بالتأسيس والتمهيد كذلك المتأخرون الخائضون فيها قضوا حق من قبلهم بالتلخيص والتجريد
وكما أن الشيخ الرئيس أبا علي الحسين بن عبد الله بن سينا شكر الله سعيه كان من المتأخرين مؤيدا بالنظر الثاقب والحدس الصائب موفقا في تهذيب الكلام وتقريب المرام معتنيا بتمهيد القواعد وتقييد الأوابد مجتهدا في تقرير الفوائد وتجريدها عن الزوائد كذلك كتاب الإشارات والتنبيهات من تصانيفه وكتبه كما وسمه هو به مشتمل على إشارات إلى مطالب هي الأمهات مشحون بتنبيهات على مباحث هي المهمات مملق بجواهر كلها كالفصوص
محتو على كلمات يجري أكثرها مجرى النصوص متضمن لبيانات معجزة في عبارات موجزة وتلويحات رائقة بكلمات شائقة قد استوقفت الهمم العالية على الاكتناه بمعانيه واستقصر الآمال الوافية دون الاطلاع على فحاويه
وقد شرحه فيمن شرحه الفاضل العلامة فخر الدين ملك المتناظرين محمد ابن عمر بن الحسين الخطيب الرازي جزاه الله خيرا
فجهد في تفسير ما خفي منه بأوضح تفسير واجتهد في تعبير ما التبس فيه بأحسن تعبير وسلك في تتبع ما قصد نحوه طريقة الاقتفاء وبلغ في التفتيش عما أودع فيه أقصى مدارج الاستقصاء إلا أنه قد بالغ في الرد على صاحبه أثناء المقال وجاوز في نقض قواعده حد الاعتدال فهو بتلك المساعي لم يزده إلا قدحا ولذلك سمى بعض الظرفاء شرحه جرحا
ومن شرط الشارحين أن يبذلوا النصرة لما قد التزموا شرحه بقدر الإمكان والاستطاعة وأن يذبوا عما قد تكفلوا إيضاحه بما يذب به صاحب تلك الصناعة ليكونوا شارحين غير ناقضين ومفسرين غير معترضين
اللهم إلا إذا عثروا على شيء لا يمكن حمله على وجه صحيح فحينئذ ينبغي أن ينبهوا عليه بتعريض أو تصريح متمسكين بذيل العدل والإنصاف متجنبين عن البغي والاعتساف فإن إلى الله الرجعى وهو أحق بأن يخشى
ولقد سألني بعض أجلة الخلان من الأحبة الخلصان وهو المجلس الرفيع رئيس الدولة وشهاب الملة قدوة الحكماء والأطباء وسيد الأكابر والفضلاء بلغه الله ما يتمناه وأحسن منقلبه ومثواه أن أقرر ما تقرر عندي مع قلة البضاعة وأودع ما قبض عليه يدي مع قصور الباع في الصناعة من معاني الكتاب المذكور ومقاصده وما يقتضي إيضاحه مما هو مبني على مبانيه وقواعده مما تعلمته من المعلمين المعاصرين والأقدمين واستفدته من الشرح الأول المذكور وغيره من الكتب المشهورة واستنبطته بنظري القاصر وفكري الفاتر
وأشير إلى أجوبة بعض ما اعترض به الفاضل الشارح مما ليس في مسائل الكتاب بقادح وأتلقى ما يتوجه منها عليها بالاعتراف مراعيا في ذلك شريطة الإنصاف وأغمض عما لا يجدي بطائل ولا يرجع إلى حاصل
غير ملتزم في جميع ذلك حكاية ألفاظه كما أوردها بل مقتصرا على ذكر المقاصد التي قصدها مخافة الإطناب المؤدي إلى الإسهاب
وفي نيتي إن شاء الله أن أتوجه بحل مشكلات الإشارات بعد أن أتممه وأرجو أن يغفر لي ربي خطيئاتي ويعذرني من يعثر على هفواتي وإني للخطايا لمقترف وبالقصور والعجز لمعترف ومن الله التوفيق وإليه انتهاء الطريق
صدر الكتاب قول الشيخ رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

1 - أحمد الله على حسن توفيقه وأسأل الله هداية طريقه وإلهام الحق بتحقيقه
_________
1 - أفاد الفاضل الشارح أن هذه المعاني يمكن أن تحمل على كل واحدة من مراتب النفس الإنسانية بحسب قوتيها
النظرية
والعملية
بين حدي النقصان والكمال
أما النظرية فلأن جودة الترقي من العقل الهيولاني الذي من شأنه الاستعداد المحض باستعمال الحواس إلى العقل بالملكة الذي من شأنه الاستعداد لإدراك المعقولات الأولى أعني البديهيات لا يكون إلا بحسن توفيقه تعالى
وجوده الانتقال من العقل بالملكة إلى العقل بالفعل الذي من شأنه إدراك المعقولات الثانية أعني المكتسبة لا يتأتى إلا بهدايته تعالى إلى سواء الطرق دون مضلاتها
وحصول العقل المستفاد أعني العقود اليقينية التي هي غاية السلوك لا يكون إلا بإلهامه الحق بتحقيقه فإن جميع ما يتقدمها من المقدمات وغيرها لا يفعل في النفس إلا إعدادا ما لقبول ذلك الفيض من مفيضه
وأما العملية فلأن تهذيب الظاهر باستعمال الشرائع الحقة والنواميس الإلهية إنما يكون بحسن توفيقه تعالى
وتزكية الباطن من الملكات الردية تكون بهدايته تعالى
وتحلية السر بالصور القدسية يكون بإلهامه
وأقول السالك الطالب يرى في بدو سلوكه أن مطالبه إنما تتحصل بسعيه وبكده وبتوفيق الله تعالى إياه في ذلك وهو جعل الأسباب متوافقة في التسبب
2 - وأن يصلي على المصطفين من عباده لرسالته خصوصا على محمد وآله
أيها الحريص على تحقق الحق إني مهدت إليك في هذه الإشارات والتنبيهات أصولا وجملا من الحكمة إن أخذت الفطانة بيدك سهل عليك تفريعها وتفصيلها
_________
ثم إنه إذا أمعن في السلوك علم أنه لا يقدر على السلوك إلا بهدايته تعالى إلى الطريق السوي
وإذا قارب المنتهى ظهر له أنه ليس فيما يحاول من الكمالات إلا قابلا لما يفيض عليه من الفاعل الأول جل ذكره
فظهر أنه يرى في كل حال من الأحوال الثلاثة أن لله تعالى في ذلك تأثيرا ولنفسه تأثيرا إلا أن ما ينسبه إلى نفسه من التأثير في الحالة الأولى أكثر مما ينسبه إلى الله تعالى
وفي الحالة الثانية قريب منه
وفي الحالة الثالثة أقل منه
وإنما تختلف أراؤه بحسب استكماله قليلا قليلا
فالشيخ عبر
بالتوفيق
والهداية
والإلهام
عن غاية ما يتمناه الطالب من الله تعالى في الأحوال الثلاثة مما يراه سببا لإنجاح مرامه
ثم نبه المتعلم بما افتتح به كتابه على أنه ينبغي له إذا دخل في زمرة الطالبين أن يحمد الله تعالى على ما يتيسر له من التوفيق للخوض في الطلب والسلوك ويسأله ما يرجوه من الهداية والإلهام اليتم له بهما الوصول إلى المنتهى فائزا بمطالبه
2 - أقول الفروع لأصولها كالجزئيات لكلياتها
مثاله زيد وعمرو للإنسان
والتفصيل لجملته كالأجزاء لكلها
مثاله زحل والمشتري للمتحيرة
3 - ومبتدئ من علم المنطق ومنتقل عنه إلى علم الطبيعة وما قبله
_________
والفروع غير موجودة في الأصل بالفعل بخلاف التفصيل الموجود في الجملة بالفعل وإن لم يكن مذكورا معها بالفعل
وإخراج الفروع إلى الفعل يحتاج إلى تصرف زائد في الأصل وهو المسمى بالتفريع فلذلك قال سهل عليك تفريعها ولم يقل ظهر وبان لك فروعها
3 - أقول الابتداء بالمنطق واجب لكونه آلة في تعلم سائر العلوم
وأما الطبيعة فهي المبدأ الأول لحركة ما هي فيه أعني الجسم الطبيعي ولسكونه بالذات
والعلم المنسوب إليها هو العلم المسمى بالطبيعيات
لا العلم بالطبيعة نفسها فإنه أحد مسائل العلم المنسوب إلى ما قبلها
ومبادئ الطبيعة من المجردات إنما يكون قبلها في نفس الأمر قبلية بالذات والعلية والشرف
ويكون بعدها بالنسبة إلينا بعدية بالوضع فإنا ندرك المحسوسات بحواسنا أولا ثم المعقولات بعقولنا ثانيا ولذلك قدم المعلم الأول الطبيعيات على العلم بمباديها فالعلم بمبادئ الطبيعة وبما يجري مجراها من الأمور العامة قد يسمى علم ما قبل الطبيعة لأول الاعتبارين وعلم ما بعدها لثانيهما وهو الفلسفة الأولى وله تقدم آخر باعتبار آخر على علم الطبيعة وغيره من العلوم
وذلك لكونه مشتملا على بيان أكثر مباديها الموضوعة فيها والعلم بالمبادئ أقدم من العلم بما له المبادئ
وإنما عني الشيخ بقوله وما قبله
هذا التقدم لا الذي سبق لأن الضمير فيه عائد إلى العلم لا إلى الطبيعة
والفلسفة الأولى لا تسمى ما قبل الطبيعة بل تسمى علم ما قبل الطبيعة
ولو كان الشيخ يعني الاعتبار الأول لقال وما قبلها
وما ذكره الفاضل الشارح
من كون الإلهي متأخرا عن الطبيعي في التعليم بحسب الأغلب إلا أن الشيخ
_________
لما أثبت الأول وصفاته بما لا يبتنى على الطبيعيات فصار الإلهي متقدما في كتابه هذا بالوجهين فلذلك سماه ب ما قبل الطبيعة
كلام غير محصل لما مر ولأن الشيخ إنما أثبت الأول وصفاته في هذا الكتاب بما أثبتها هو وغيره من الحكماء الإلهيين في سائر الكتب
وإنما خالف ههنا في ترتيب المسائل وخلط أحد العلمين بالآخر حسبما تقتضيه السياقة التي اختارها
النهج الأول في غرض المنطق

1 - المراد من المنطق أن يكون عند الإنسان
2 - آلة قانونية تعصمه مراعتها عن أن يضل في فكره
_________
1 - أقوله قوله في غرض المنطق لأن النهج فيه
قوله المراد من المنطق أن يكون عند الإنسان
أقول جمع فيه فائدتين
الأولى بيان ماهية المنطق
والثانية بيان لميته أعني الغرض منه
ولما استلزمت الثانية الأولى من غير انعكاس خصها بالقصد لاشتمال بيانها على البيانين جميعا
فالمنطق آلة قانونية
والغرض منه كونها عند الإنسان
2 - أقول هذا رسم للمنطق وقد تختلف رسوم الشيء باختلاف الاعتبارات
فمنها ما يكون بحسب ذاته فقط
ومنها ما يكون بحسب ذاته مقيسا إلى غيره كفعله أو فاعله أو غايته أو شيء آخر
مثلا يرسم الكوز
بأنه وعاء صخري أو خزفي وكذا كذا
وهو رسم بحسب ذاته
وبأنه آلة يشرب بها الماء
وهو رسم بالقياس إلى غايته
وكذا في سائر الاعتبارات
والمنطق علم في نفسه
وآلة بالقياس إلى غيره من العلوم ولذلك عبر الشيخ عنه في موضع آخر ب العلم الآلي
_________
فله بحسب كل واحد من الاعتبارين رسم لكن أخصهما تعلقا ببيان الغرض هو الذي باعتبار قياسه إلى غيره
فرسمه ههنا بذلك الاعتبار
والتنازع فيه هل هو علم أولا ليس مما يقع بين المحصلين لأنه بالاتفاق صناعة متعلقة بالنظر في المعقولات الثانية على وجه يقتضي تحصيل شيء مطلوب مما هو حاصل عند الناظر أو يعين على ذلك
والمعقولات الثانية هي العوارض التي تلحق المعقولات الأولى التي هي حقائق الموجودات وأحكامها المعقولة
فهو علم بمعلوم خاص ولا محالة يكون علما ما وإن لم يكن داخلا
تحت العلم بالمعقولات الأولى التي تتعلق بأعيان الموجودات إذ هو أيضا علم آخر خاص مباين للأول
والقول بأنه آلة للعلوم فلا يكون علما من جملتها ليس بشيء لأنه ليس بآلة لجميعها حتى الأوليات بل بعضها وكثير من العلوم يكون آلة لغيرها
كالنحو للغة
والهندسة للهيأة
والإشكال الذي يورد في هذا الموضع وهو أن يقال لو كان كل علم محتاجا إلى المنطق لكان المنطق محتاجا إلى نفسه أو إلى منطق آخر ينحل به وذلك لتخصيص بعض العلوم بالاحتياج إلى المنطق لا جميعها
والمنطق يشتمل أكثره على اصطلاحات ينبه عليها وأوليات تتذكر وتعد لغيرها ونظريات ليس من شأنها أن يغلط فيها كالهندسيات يبرهن عليها
فجميعها غير محتاج إلى المنطق
فإن احتيج في شيء منه على سبيل الندرة إلى قوانين منطقية فلا يكون ذلك الاحتياج إلا إلى الصنف الأول فلا يدور الاحتياج إليه
وأما قوله آلة قانونية
فالآلة ما يؤثر الفاعل في منفعله القريب منه بتوسطه
3 - وأعني بالفكر ههنا ما يكون عند إجماع الإنسان أن ينتقل عن أمور حاضرة في ذهنه متصورة أو مصدق بها
_________
والقانون معرب رومي الأصل وهو كل صورة كلية يتعرف منها أحكام جزئياتها المطابقة لها
والآلة القانونية عرض عام للمنطق وضع موضع الجنس
وباقي الرسم خاصة له
وكلاهما عارضان للمنطق بالقياس إلى غيره
وإنما قال تعصمه مراعاتها لأن المنطقي قد يضل إذا لم يراع المنطق
وأما قوله عن أن يضل في فكره
فالضلال ههنا هو فقدان ما يوصل إلى المطلوب وذلك يكون
إما بأخذ سبب لما لا سبب له
أو بفقد السبب
أو بأخذ غير السبب مكانه فيما له سبب
3 - أي في رسم هذا العلم وذلك لأن الفكر قد يطلق
على حركة النفس بالقوة التي آلتها مقدم البطن الأوسط من الدماغ المسمى ب الدودة أي حركة كانت إذا كانت تلك الحركة في المعقلات
وأما إذا كانت في المحسوسات فقد تسمى تخيلا
وقد يطلق على معنى أخص من الأول
وهو حركة من جملة الحركات المذكورة تتوجه النفس بها من المطالب مترددة في المعاني الحاضرة عندها طالبة مبادئ تلك المطالب المؤدية إليها إلى أن تجدها ثم ترجع منها نحو المطالب
وقد يطلق على معنى ثالث وهو أخص من الثاني
وهو الحركة الأولى وحدها من غير أن نجعل الرجوع إلى المطالب جزءا منه وإن كان الغرض منها هو الرجوع إلى المطالب
_________
والأول هو الفكر الذي يعد في خواص نوع الإنسان
والثاني هو الفكر الذي يحتاج فيه وفي جزئيه جميعا إلى علم المنطق
والثالث هو الفكر الذي يستعمل بإزاء الحدس على ما سيأتي ذكره في النمط الثالث
فخصص الشيخ لفظة الفكر ههنا بالمعنى الثاني من المعاني المذكورة
قوله ما يكون عند إجماع الإنسان
يعني به الحركة الأولى المبتدئ بها من المطالب إلى المبادئ والثانية المنتقل بها من المبادئ إلى المطالب جميعا
والإجماع هو الإزماع وهو تصميم العزم
وقوله أن ينتقل عن أمور حاضرة في ذهنه
يعني به الحركة الثانية التي هي الرجوع من المبادئ إلى المطالب
وهذه الحركة وحدها من غير أن تسبقها الأولى قلما تتفق لأنها حركة نحو غاية غير متصورة
وقد نص على ذلك المعلم الأول في باب اكتساب المقدمات من كتاب القياس والحاصل أنه عرف الحركتين جميعا بالثانية منها التي هي أشهر
والفاضل الشارح قد تحير
في تفسير معنى الفكر أولا
وفي تقييده بقوله ههنا ثانيا
وفي الفرق بين ما يكون عند الانتقال المذكور وبين نفس الانتقال ثالثا وحمله مرة على أمر غير الانتقال
ومرة على الانتقال
ثم جعل الحركة الأولى إرادية وسماها فكرا يحتاج فيه إلى المنطق
والثانية طبيعية وسماها حدسا لا يحتاج معه إليه
وكل ذلك خبط يظهر بأدنى تأمل مع ضبط ما قررناه
وإنما قال عن أمور حاضرة
ولم يقل عن علوم وإدراكات
4 - تصديقا علميا أو ظنيا أو وضعا وتسليما
_________
لأن الظنون ونحوها قد تكون مبادئ أيضا
وإنما قال عن أمور
ولم يقل عن أمر واحد
لأن المبادئ التي ينتقل عنها إلى المطالب انتقالا صناعيا إنما تكون فوق واحدة وهي
أجزاء الأقوال الشارحة
ومقدمات الحجج
على ما سنبين
قوله متصورة
أو مصدق بها
فالمتصور هو الحاضر مجردا عن الحكم
والمصدق بها هو الحاضر مقارنا له
ويقتسمان جميع ما يحضر الذهن
4 - أقول الشك المحض الذي لا رجحان معه لأحد طرفي النقيض على الآخر يستلزم عدم الحكم فلا يقارن ما يوجد حكم فيه أعني التصديق
بل يقارن ما يقابله وذلك هو الجهل البسيط
والحكم بالطرف الراجح
إما أن يقارنه الحكم بامتناع المرجوح
أو لا يقارنه بل يقارن تجويزه
والأول هو الجازم
والثاني هو المظنون الصرف
والجازم
إما أن تعتبر مطابقته للخارج
أو لا تعتبر
فإن اعتبرت
فإما أن يكون مطابقا
_________
أولا يكون
والأول إما أن يمكن للحاكم أن يحكم بخلافه
أو لا يمكن
فإن لم يمكن فهو اليقين ويستجمع ثلاثة أشياء
الجزم
والمطابقة
والثبات
وإن أمكن فهو الجازم المطابق غير الثابت
والجازم غير المطابق هو الجهل المركب
وقد يطلق الظن بإزاء اليقين عليهما وعلى المظنون الصرف لخلوهما
إما عن الثبات وحده
أو عنه وعن المطابقة
أو عنهما وعن الجزم
وحينئذ ينقسم ما تعتبر فيه مطابقة الخارج إلى
يقين
وظن
وأما ما لا يعتبر فيه ذلك وإن كان لا يخلو عن أحد الطرفين
فإما أن يقارن
تسليما
أو إنكارا
والأول ينقسم
إلى مسلم عام أو مطلق يسلمه الجمهور
أو محدود تسلمه طائفة
وإلى خاص يسلمه شخص
إما معلم
أو متعلم
أو متنازع
والثاني يسمى وضعا
فمنه ما تصادر به العلوم وتبتنى عليه المسائل
ومنه ما يضعه القايس الخلفي وإن كان مناقضا لما يعتقده ليثبت به مطلوبه
ومنه ما يلتزمه المجيب الجدلي ويذب عنه
_________
ومنه ما يقول به القائل باللسان دون أن يعتقده كقول من يقول لا وجود للحركة مثلا
فإن جميع ذلك يسمى أوضاعا وإن كانت الاعتبارات مختلفة
وقد يكون حكم واحد
تسليما باعتبار
ووضعا باعتبار آخر
مثل ما يلتزمه المجيب بالقياس إليه
وإلى السائل
وقد يتعرى التسليم عن الوضع في مثل ما لا ينازع فيه من المسلمات أو الوضع عن التسليم في مثل ما يوضع في بعض الأقيسة الخلفية
وربما يطلق الوضع باعتبار أعم من ذلك فيقال لكل رأي يقول به قائل أو يفرضه فارض
وبهذا الاعتبار يكون أعم من التسليم وغيره
وما ذهب إليه الفاضل الشارح في تفسيرهما
وهو أن الوضع ما يسلمه الجمهور
والتسليم ما يسلمه شخص واحد
ليس بمتعارف عند أرباب الصناعة
فأقسام التصديقات بالاعتبار المذكور هي
علمي
وظني
ووضعي
وتسليمي
لا غير
ومبدأ البرهان علمي
ومبادئ الجدل والخطابة والسفسطة هي الأقسام الباقية
وأما الشعر فلا تدخل مباديه تحت التصديق إلا بالمجاز ولذلك لم يتعرض الشيخ لها
وإنما أتى الشيخ بحرف العناد في قوله
علميا
أو ظنيا
أو وضعيا
لتباين العلم والظن بالذات ومباينتهما للوضع والتسليم بالاعتبار
5 - إلى أمور غير حاضرة فيه
_________
ولم يأت بحرف العناد في قوله أو وضعا وتسليما لتشاركهما في بعض المواد
وقول الفاضل الشارح
إنما قدم الظن على الوضع والتسليم لتقدم الخطابة على الجدل في النفع
قادح في قسمة الظن بالأقسام الثلاثة الشاملة لما عدا اليقين من مبادئ الصناعات الثلاث إلا أن يحمله على الظن الصرف حتى يستقيم تقديم الظن وإلا بطل التعليل بأقسامه
وإنما قسم الشيخ التصديق بأقسامه ولم يقسم التصور لأن انقسام التصديق إليها انقسام طبيعي ليس بالقياس إلى شيء ولذلك يقتضي تباين الأقيسة المؤلفة منها
بحسب الصناعات المذكورة
وأما التصور فإنه لا ينقسم إلى أقسام كذلك بل ينقسم مثلا إلى
الذاتي
والعرضي
والجنس
والفصل وغيرها انقساما عرضيا وبالقياس إلى شيء فإن الذاتي لشيء قد يكون عرضيا لغيره
بخلاف المادة الخطابية التي لا تصير برهانية ألبتة
وتعليل الفاضل الشارح ذلك بأن التصور لا يقبل
القوة والضعف
والتصديق يقبلهما
فاسد لأن التصور لو لم يقبلهما لكان المتصور بالحد الحقيقي كالمتصور بالرسوم أو الأمثلة
وإنما نشأ غلطه هذا من رأيه الذي ذهب إليه في التصورات أنها لا تكتسب
5 - أقول يعني أن المطلوب لا يكون معلوما وقت الطلب فإن الحاصل لا يستحصل
فإن قيل إنكم فسرتم الفكر بالحركة من المطالب إلى المبادئ والعود إليها
فكيف يتحرك عما لا يحضر عند المتحرك وبم يعرف أنها هي المطالب إن لم تكن معلومة أصلا
أجيب بأن المطلوب يكون حاضرا من جهة غير حاضر من جهة أخرى
فالجهتان متغايرتان
6 - وهذا الانتقال لا يخلو من ترتيب فيما يتصرف فيه وهيئة
7 - وذلك الترتيب والهيئة قد يقعان على وجه صواب وقد يقعان لا على وجه صواب
_________
فمن الجهة التي لم يحضر يطلب
ومن الجهة التي حضر يتحرك عنه أولا ويعرف أنه المطلوب آخرا
والسبب في ذلك اختلاف مراتب الإدراك
بالضعف
والقوة
والنقصان
والكمال
فالمطلوب تصوره معلوم بإدراك ناقص مطلوب استكماله
والمطلوب تصديقه معلوم الحدود مطلوب الحكم عليها
6 - أقول يريد بالانتقال الحركة من المبادئ إلى المطالب
وقد ذكرنا أن المبادئ لكل مطلوب إنما تكون فوق واحدة ولا يحصل من الأشياء الكثيرة شيء واحد إلا بعد صيرورتها علة واحدة لذلك الشيء لأن المعلول الواحد له علة واحدة
والتأليف هو جعل الأشياء الكثيرة شيئا يمكن أن نطلق عليه الواحد بوجه
فالمبادئ تتأدى إلى المطالب بالتأليف وكذلك قد يكون للمبادئ بالنسبة إلى المطالب
والتأليف المراد به في هذا الموضع لا يخلو
من أن يكون لبعض أجزائه عند البعض وضع ما وذلك هو الترتيب
ومن أن يعرض لجميع الأجزاء صورة أو حالة بسببها يقال لها واحد وهي الهيئة وهي متأخر بالذات عن الترتيب كما هو متأخرة عن التأليف
فإذن لا يخلو هذا الانتقال من ترتيب وهيئة للمبادئ التي ينتقل منها إلى المطالب أيضا ترتيب وهيئة على القياس المذكور
7 - أقول صواب الترتيب في القول الشارح مثلا أن يوضع الجنس أولا ثم يقيد بالفصل
وصواب الهيئة أن يجعل للأجزاء صورة وحدانية يطابق بها صورة المطلوب
وصواب الترتيب في مقدمات القياس
أن تكون الحدود في الوضع والحمل على ما ينبغي
8 - وكثيرا ما يكون الوجه الذي ليس بصواب شبيها بالصواب أو موهما أنه شبيه به
_________
وصواب الهيئة أن يكون الربط بينها في
الكيف
والكم
والجهة
على ما ينبغي
وصواب الترتيب في القياس أن تكون أوضاع المقدمات فيه على ما ينبغي
وصواب الهيئة أن يكون من ضرب منتج
والفساد في البابين أن يكون بخلاف ذلك
وقد أسند الإصابة وعدمها إلى الصور وحدها دون المواد لأن المواد الأولى لجميع المطالب هي التصورات
والتصورات الساذجة لا تنسب إلى الصواب والخطأ ما لم تقارن حكما
واستعمال المواد التي لا تناسب المطلوب لا ينفك عن سوء ترتيب وهيئة ألبتة
إما بقياس بعض الأجزاء إلى بعض
وإما بقياسها إلى المطلوب
أما المواد القريبة للأقيسة التي هي المقدمات فقد يقع الفساد فيها أنفسها دون الهيئة والترتيب اللاحقين لها
وذلك لما فيها من الترتيب والهيئة بالنسبة إلى الأفراد الأولى
8 - أما باعتبار الصور وحدها
فالصواب هو القياس
والشبيه به هو الاستقراء لأنه انتقال من جزئيات إلى كليها كما أن القياس انتقال من كلي إلى جزئياته
والموهم أنه شبيه به هو التمثيل فإن إيراد الجزئي الواحد في التمثيل لإثبات الحكم المشترك يوهم مشاركة سائر الجزئيات له في ذلك حتى يظن أنه استقراء
وأما باعتبار المواد وحدها أعني القريبة فإن المواد الأولى لا توصف بالصواب أو غير الصواب كما مر
والصواب منها هو القضايا الواجب قبولها
والشبيه به من وجه
9 - فالمنطق علم يتعلم فيه ضروب الانتقالات من أمور حاصلة في ذهن الإنسان إلى أمور مستحصلة
_________
المسلمات
والمقبولات
والمظنونات
ومن وجه آخر المشبهات بالأوليات
والموهم أنه شبيه به المشبهات بالمسلمات
وأما باعتبارهما معا فالصواب هو البرهان
والشبيه به الجدل والخطابة من وجه
والسفسطة من وجه
والموهم أنه شبيه به المشاغبة فإنها تشبه الجدل
كما أن السفسطة تشبه البرهان
والفاضل الشارح عد الجدل والخطابة في الصواب
وجعل الشبيه به المغالطة
والموهم أنه شبيه به المشاغبة
ويلزم على ذلك أن يكون الجدل من جملة الشبيه لأن المشاغبة توهم أنها جدل
9 - أقول هذا إلى آخره رسم المنطق بحسب ذاته لا بالقياس إلى غيره
فالعلم جنسه والباقي من قبيل الخواص
وإنما أخر هذا الرسم إلى هذا الموضع لأن هذه الخاصة أعني الاشتمال على بيان الانتقالات الجيدة والردية لم تكن بينة
فلما بانت عرفه بها
وقوله يتعلم فيه في بعض النسخ يتعلم منه ضروب الانتقالات
والأول يقتضي حمل الضروب على الضروب الكلية التي هي كالقوانين وبيانها المسائل المنطقية
والثاني يقتضي حملها على جزئياتها المتعلقة بالمواد على ما هي مستعملة في سائر العلوم
وإنما قال علم يتعلم فيه ضروب الانتقالات
ولم يقل علم ضروب الانتقالات
10 - وأحوال تلك الأمور
11 - وعدد أصناف ترتيب الانتقالات فيه وهيئته جاريان على الاستقامة وأصناف ما ليس كذلك
_________
لأن المقصود من المنطق بالقصد الأول ليس هو أن تعلم ضروب الانتقالات بل المقصود هو الإصابة في الفكر كما تقدم
والعلم بالضروب إنما صار مقصودا بقصد ثان لأن الإصابة مفتقرة إلى ذلك
والفاضل الشارح أفاد أنه إنما قال للمنطق علم يتعلم منه ضروب الانتقالات
وللطب علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان لأن الجزئيات التي يستعمل المنطق فيها كليات في أنفسها هي العلوم
والجزئيات التي يستعمل الطب فيها أبدان جزئية لنوع الإنسان
وقد يخص العلم بالكليات والمعرفة بالجزئيات
10 - أقول العلم بماهيات تلك الأمور معقولات أولى وبأحوالها معقولات ثانية وهي كونها ذاتية وعرضية ومحمولة وموضوعة ومتناسبة وغير متناسبة وما يجري مجراها
فالعلم بذلك مقصود ثالث يقصد لأن ضروب الانتقالات تعرف بذلك
11 - أقول
فالأول هو الضروب المنتجة من القياسات البرهانية والحدود التامة
والثاني ما عداها مما يشتمل على فساد صوري أو مادي من الأقيسة والتعريفات المستعملة في سائر الصناعات ومما لا يستعمل أصلا لظهور فساده
والعجب أن الفاضل الشارح عد الجدل والخطابة في المستقيمة والاستقراء والتمثيل في غيرها
والعمدة في الخطابة التمثيل وفي الجدل الاستقراء على ما يتبين فيهما
الفصل الأول إشارة

1 - وكل تحقيق يتعلق بترتيب الأشياء حتى يتأدى منها إلى غيرها بل بكل تأليف فذلك التحقيق يحوج إلى تعرف المفردات التي يقع فيها الترتيب والتأليف
_________
1 - أقول كل تحقيق أي كل تحصيل أو إثبات علمي
والتأليف أقدم من الترتيب بالذات كما مر
والترتيب أخص من التأليف لا بأن يوجد تأليف من أشياء لها وضع ما عقلا أو حسا من غير ترتيب فإن ذلك لا يمكن بل ربما لا يعتبر فيه الترتيب بل بأن الترتيب المعين يستلزم التأليف المعين والتأليف المعين لا يستلزم الترتيب المعين بل يستلزم ترتيبا ما مما يمكن وقوعه في تلك الأجزاء
مثلا التأليف من ا ب ج يمكن أن يقع على هذا الترتيب ويمكن أن يقع على ترتيب ب ا ج وغيره مما يمكن
والمراد أن كل تحقيق متعلق بترتيب يؤدي إليه بل كل تأليف فإنه يحوج إلى تعرف المفردات التي هي مواد الترتيب والتأليف لأن اختصاص الترتيب المعين بالتأدية إلى المطلوب دون ما عداه مما يمكن وقوعه فيها إنما يكون من قبيل تلك المواد ب وأحوالها
وليس المراد من قوله بكل تأليف ما يفهم منه أن كل واحد مما هو تحقيق موصوف بالتعلق بكل واحد من التأليفات المنتجة وغير المنتجة بل المراد منه أن كل تحقيق متعلق بترتيب بل بأي تأليف اتفق أنه كذا وكذا
وإنما قال كذلك ليعلم أن علة الاحتياج إلى تعرف المفردات ليست هي الترتيب بل أعم منه وهو التأليف
2 - لا من كل وجه بل من الوجه الذي لأجله يصلح أن يقعا فيها
3 - ولذلك ما يحوج المنطقي إلى أن يراعي أحوالا من أحوال المعاني المفردة ثم ينتقل منها إلى مراعاة أحوال التأليف
_________
2 - أي لا من حيث هي معقولات أولى وطبائع لأعيان الموجودات بل من حيث هي معقولات ثانية
فإن البحث عن المعقولات الثانية من حيث هي معقولات ثانية يتعلق بالفلسفة الأولى بل من حيث يتعلق منها إلى غيرها
3 - أقول التأليف صنفان أول وثان
والأول يقع في الأحوال الشارحة وفي القضايا
وأجزاؤه مفردات تذكر أحوالها الصورية في إيساغوجي
والمادية في قاطيغورياس
والثاني يقع في الحجج وأجزاؤه قضايا هي مفردات بالقياس إليها ومؤلفات بالقياس إلى ما قبلها
وتذكر أحوالها
الصورية في بارار ميناس ويشتمل عليه النهج الثالث والرابع والخامس من هذا الكتاب
والمادية في أثناء مباحث الصناعات الخمسة ويشتمل عليها النهج السادس
الفصل الثاني إشارة

1 - ولأن بين اللفظ والمعنى علاقة ما
2 - وربما أثرت أحوال في اللفظ في أحوال المعنى
3 - فلذلك يلزم المنطقي أيضا أن يراعي جانب اللفظ المطلق من حيث ذلك غير مقيد بلغة قوم دون قوم
_________
1 - أقول للشيء وجود في الأعيان ووجود في الأذهان ووجود في العبارة ووجود في الكتابة
والكتابة تدل على العبارة وهي على المعنى الذهني وهما دلالتان وضعيتان تختلفان باختلاف الأوضاع
وللذهني على الخارجي دلالة طبيعية لا تختلف أصلا فبين اللفظ والمعنى علاقة غير طبيعية فلذلك قال علاقة ما لأن العلاقة الحقيقية هي التي بين المعنى والعين
2 - الانتقالات الذهنية قد تكون بألفاظ ذهنية وذلك لرسوخ العلاقة المذكورة في الأذهان فلهذا السبب ربما تأدت الأحوال الخاصة بالألفاظ إلى توهم أمثالها في المعاني وتتغير المعاني بتغيرها
والأغلاط التي تعرض بسبب الألفاظ مثل ما يكون باشتراك الاسم مثلا إنما تسري إلى المعاني لاشتمال الألفاظ الذهنية أيضا عليها
3 - أي نظره في المعاني إنما يكون بالقصد الأول وفي الألفاظ بقصد ثان
ونظره في الألفاظ من حيث ذلك غير مقيد بلغة قوم دون أخرى هو معرفة حال إفرادها وتركيبها واشتراكها وتشكيكها وسائر أحوالها في دلالاتها كدخول السلب على الربط المقتضى للسلب وعكسه المقتضى للعدول وكذلك دخولهما على الجهة ودخول الجهة عليهما
4 - إلا فيما يقل
_________
وبالجملة سائر ما يذكر في شرائط النقيض والمغالطات اللفظية
4 - يريد به ما يختص باللغة التي يستعملها المنطقي ويتغير به حال المعنى فإنه يلزمه أن يتنبه له وينبه عليه وذلك كدلالة لام التعريف في لغة العرب على استغراق الجنس وعموم الطبيعة ودلالة إنما هو على مساواة حدي القضية ودلالة صيغة السلب الكلي على المعنى المتعارف الذي يجيء بيانه
الفصل الثالث إشارة

1 - ولأن المجهول بإزاء المعلوم
2 - فكما أن الشيء قد يعلم تصورا ساذجا مثل علمنا بمعنى اسم المثلث وقد يعلم تصورا معه تصديق
3 - مثل علمنا أن كل مثلث فإن زواياه مساوية لقائمتين
4 - كذلك الشيء قد يجهل من طريق التصور فلا يتصور معناه إلى أن يتعرف مثل ذي الاسمين والمنفصل وغيرهما
_________
1 - الجهل البسيط يقابل العلم تقابل العدم والملكة ومعه قد يستحصل العلم والجهل المركب يقابله تقابل الضدين ومعه لا يمكن أن يستحصل العلم
وأراد بالمجهول ههنا الجهل البسيط وقسمه قسمة مقابلة إلى التصور والتصديق فإن الأعدام لا تتمايز إلا بالملكات ولا تنقسم إلا بأقسامها
2 - تنبيه على عدم العناد بين التصور والتصديق فإن أحدهما يستلزم الآخر بل العناد بين عدم التصديق مع التصور الذي عبر عنه بقوله ساذجا وبين وجوده معه
وإنما قال بمعنى اسم المثلث ولم يقل بمعنى المثلث لأن التصور قد يكون بحسب الاسم وقد يكون بحسب الذات
والأول قد يتعرى عن التصديق
والثاني لا يتعرى لأنه متأخر عن العلم بهيئة التصور فلا يحسن التمثيل به في التصور الساذج
3 - ذلك تصديق يبرهن عليه في الشكل الثاني والثلاثين في المقالة الأولى من كتاب الأصول ل إقليدس
4 - أقول تعريفهما يحتاج إلى مقدمات هي هذه
نقول لما كانت الأعداد إنما تتألف من الواحد فالنسبة التي لبعضها إلى بعض
5 - وقد يجهل من جهة التصديق إلى أن يتعلم مثل كون القطر قويا على ضلعي القائمة التي يوترها
_________
تكون لا محالة بحيث يعد كلا المنتسبين إما أحدهما أو ثالث أعني أقل منهما حتى الواحد
وهي النسب العددية والمقادير التي نوعها واحد كالخطوط مثلا أو السطوح فلها إما نسب عددية تقتضي تشاركها أو نسب تختص بها وهي التي تكون بحيث لا يعد المنتسبين أحدهما ولا شيء يعد غيرهما
وهي تقتضي تباينهما
فالنسب المقدارية الشاملة لهما أعم من العددية
والخط المساوي لضلع المربع يحيط به ولذلك يقال له إنه قوي عليه فإن المربع يتكون من ضرب ذلك الخط في نفسه
والمنطق من المقادير ما يشارك مقدارا مفروضا
والأصم ما يباينه فالخط المنطق في الطول ما يشارك خطا آخر مفروضا بنفسه
والمنطق في القوة ما يتشارك مربعا هما
وكل منطق في الطول منطق في القوة ولا ينعكس
وإذا تقرر هذا فنقول إذا فرض خطان متباينان في الطول ومنطقان في القوة كخطين يكون نسبة أحدهما إلى الآخر نسبة الخمسة إلى جذر الثلاثة مثلا فإنه يسمى مجموعهما ب ذي الاسمين وفضل أطولهما على الأصغر ب المنفصل وأحوالهما مذكورة في المقالة العاشرة من كتاب الأصول
5 - الزاوية القائمة هي كل واحدة من الحادثتين المتساويتين على جنبتي خط مستقيم يتصل بآخر مثله على الاستقامة ويسمى الخطان ضلعيهما
وتشبه الزاوية مع ضلعيها بالقوس ولذلك يسمى كل خط ثالث متعرض يتصل بهما وترا بالقياس إليهما ويسمى أيضا قطرا
لأنه يكون قطرا للدائرة التي يمر محيطها بالزوايا الثلاث الحادثة من الخطوط الثلاثة
وأيضا لأنه ينصف السطح المتوازي الأضلاع الذي يحيط به الضلعان
6 - فالسلوك الطلبي منا في العلوم ونحوها
_________
وهذه صورتها
فهذا القطر قوي على ضلعي القائمة التي يوترها القطر أي يساوي مربعه مربعيهما فإن قوة الخط مربعة الذي يحيط به كما مر
مثلا إذا كان أحد الضلعين أربعة والآخر ثلاثة فالقطر يكون خمسة لأن مربعه وهو خمسة وعشرون يساوي مجموع مربعيهما وهما ستة عشر وتسعة
وبرهان ذلك مذكور في الشكل المعروف ب العروس وهو السابع والأربعون من المقالة الأولى من الأصول
وإنما قال في التصور المجهول إلى أن يتعرف
وفي التصديق المجهول إلى أن يتعلم لأن المعرفة والعلم كما ينسبان إلى الجزئي والكلي قد ينسبان إلى الإدراك المسبوق بالعدم أو إلى الأخير من الإدراكين لشيء واحد يتخلل بينهما عدم وإلى المجرد عن هذين الاعتبارين
ولذلك لا يوصف الإله تعالى ب العارف ويوصف ب العالم
وقد ينسبان إلى البسيط والمركب ولذلك يقال عرفت الله ولا يقال علمته فلهذا الاعتبار الأخير خص التصور لبساطته بالقياس إلى التصديق ب التعرف وخص التصديق لتركبه ب التعلم
6 - أقول يريد بقوله ونحوها ما عدا التصور التام واليقين من التصورات الناقصة والظنون
إما أن يتجه إلى تصور يستحصل
وإما أن يتجه إلى تصديق يستحصل
وقد جرت العادة بأن يسمى الشيء الموصل إلى التصور المطلوب قولا شارحا فمنه حد ومنه رسم ونحوه
7 - وأن يسمى الشيء الموصل إلى التصديق المطلوب حجة فمنها قياس
_________
واعلم أن الحد يتألف من الذاتيات والرسم من العرضيات
والحد في اللغة المنع ويقال للحاجز بين الشيئين حد
وحد الشيء طرفه وإنما سمى الطرف حدا لأنه يمنع أن يدخل فيه خارج أو يخرج عنه داخل
والرسم هو الأثر
والذاتيات هي أمور داخلة وتدل على شيء هي ماهيته
والعرضيات خارجة وتدل على شيء هي آثاره وعوارضه
فسمي التعريف بتلك حدا وبهذه رسما
وقوله ونحوه يريد به ما دون الرسم من الأمثلة وغيرها
7 - أقول
القياس تقدير الشيء على مثال شيء آخر يقال قاس القذة بالقذة
والقائس يقيس الجزئي بالكلي في الحكم الثابت للكلي
ومنها استقراء
8 - ومنهما يصار من الحاصل إلى المطلوب
فلا سبيل إلى درك مطلوب مجهول إلا من قبل حاصل معلوم
9 - ولا سبيل أيضا إلى ذلك مع الحاصل المعلوم إلا بالتفطن للجهة التي لأجلها صار موديا إلى المطلوب
_________
والاستقراء قصد القرى قرية فقرية
يقال استقريت البلاد إذا تتبعتها تخرج من أرض إلى أرض
والمستقرئ يتتبع الجزئيات جزئيا فجزئيا ليتحصل الكلي
قوله ونحوه يريد به التمثيل ويسميه الفقهاء قياسا لأنه إلحاق جزئي بجزئي آخر في الحكم
8 - يريد ب الحاصل المعلوم مبادئ ذلك المطلوب التي مر ذكرها
9 - أقول يريد ب التفطن ملاحظة الترتيب والهيئة المذكورين لأن حصول المبادئ وحدها لو كان كافيا لكان العالم بالقضايا الواجب قبولها عالما بجميع العلوم
وأيضا فربما علم الإنسان أن البكر لا تحبل وأن هندا مثلا بكر ثم يراها عظيمة البطن فيظنها حبلى وذلك لعدم الترتيب والهيئة في علميه
وعليه يقاس في التصور
الفصل الرابع إشارة

1 - فالمنطقي ناظر في الأمور المتقدمة المناسبة لمطلوب مطلوب
2 - وفي كيفية تأديها بالطالب إلى المطلوب المجهول
فقصارى أمر المنطقي إذن
أن يعرف مبادئ القول الشارح وكيفية تأليفه حدا كان أو غيره
وأن يعرف مبادئ الحجة وكيفية تأليفها قياسا كان أو غيره
3 - وأول ما يفتتح به منه فإنما يفتتح بالأشياء المفردة التي منها يتألف الحد والقياس وما يجري مجراهما فلتفتتح الآن
4 - ولنبدأ بتعريف كيفية دلالة اللفظ على المعنى
_________
1 - أقول لا يريد بذلك المطالب الجزئية التي مع المواد كحدوث العالم بل المطالب الكلية التصورية أو التصديقية المجردة عن المواد حقيقية كانت أو غير حقيقية
والأمور المتقدمة هي مباديها المناسبة لها على الوجه الكلي القانوني أيضا
2 - أي في حال مناسبتها والتفطن المذكور
وبالجملة فقد صرح في هذا الفصل إذ ذكر أن المنطقي ناظر في الأمور المتقدمة المناسبة وأن قصارى أمره أن يعرف في مبادئ القول الشارح والحجة بالاحتياج إلى المنطق في الحركة الأولى من حركتي الفكر وفيما يتلوهما من باقي كلامه بالاحتياج إليه في الحركة الثانية وذلك يؤكد ما قلناه أولا
3 - أقول يريد به ما تبين في كتاب إيساغوجي
4 - فبدأ بما هو أبعد من المقصود الأول من المنطق لانحلال المقصود إليه آخر الأمر
الفصل الخامس إشارة إلى دلالة اللفظ على المعنى

1 - اللفظ يدل على المعنى
إما على سبيل المطابقة بأن يكون ذلك اللفظ موضوعا لذلك المعنى وبإزائه مثل دلالة المثلث على الشكل المحيط به ثلاثة أضلع
وإما على سبيل التضمن بأن يكون المعنى جزءا من المعنى الذي يطابقه اللفظ مثل دلالة المثلث على الشكل فإنه يدل على الشكل لا على أنه اسم الشكل بل على أنه اسم لمعنى جزؤه الشكل
وإما على سبيل الاستتباع والالتزام بأن يكون اللفظ دالا بالمطابقة على معنى ويكون ذلك المعنى يلزمه معنى غيره كالرفيق الخارجي لا كالجزء منه بل هو مصاحب ملازم له مثل دلالة لفظ السقف على الحائط والإنسان على قابل صنعة الكتابة
_________
1 - أقول : دلالة المطابقة وضعية صرفة
ودلالتا التضمن والالتزام باشتراك العقل والوضع ويشترط فيهما أن لا يكون الاسم دالا بالاشتراك على المعنى وعلى جزئه كالممكن على العام والخاص أو عليه وعلى لازمه كالشمس على الجرم والنور
بل يكون بانتقال عقلي عن أحدهما إلى الآخر
_________
قوله في الالتزام مثل دلالة لفظ السقف على الحائط والإنسان على قابل صنعة الكتابة
ذكر له مثالين
أحدهما : لازم لا يحمل على ملزومه
والثاني لازم يحمل
وإنما قال قابل صنعة الكتابة ولم يقل الكاتب لأن الأول يلزم الإنسان والثاني لا يلزمه
وذهب الفاضل الشارح إلى أن الالتزام مهجور في العلوم واستدل عليه بأن الدلالة على جميع اللوازم محالة إذ هي غير متناهية
وعلى البين منها باطلة لأن البين عند شخص ربما لا يكون بينا عند آخر فلا يصلح لأن يعول عليه
أقول وهذا بعينه يقدح في المطابقة أيضا لأن الوضع بالقياس إلى الأشخاص مختلف
والحق فيه أن الالتزام في جواب ما هو وما يجري مجراه من الحدود التامة لا يجوز أن يستعمل على ما يجئ بيانه
وأما في سائر المواضع فقد يعتبر ولولا اعتباره لم يستعمل في الحدود والرسوم الناقصة الخالية عن الأجناس إذ هي لا تدل على الماهيات المحدودات إلا بالالتزام كما يتبين وفي نسخة كما بين
الفصل السادس إشارة إلى المحمول

1 - إذا قلنا إن الشكل محمول على المثلث فليس معناه أن حقيقة المثلث هي حقيقة الشكل
ولكن معناه أن الشيء الذي يقال له مثلث هو بعينه يقال له إنه شكل سواء كان في نفسه معنى ثالثا أو كان في نفسه أحدهما
_________
1 - أقول هذا البحث يورد بعد مباحث الألفاظ ولعل الشيخ أورده ههنا ليعرف أن إطلاق الاسم على المعنى ليس بحمل
والحمل الذي بينه في هذا الفصل هو حمل هو هو المسمى بحمل المواطأة ومعناه كما قال أن الشيء الذي يقال له المثلث هو بعينه يقال له إنه شكل سواء كان ذلك الشيء في نفسه معنى ثالثا مغايرا للمثلث والشكل أو كان في نفسه هو المثلث بعينه أو الشكل بعينه
فهذا الحمل يستدعي اتحاد الموضوع والمحمول من وجه وتغايرهما من وجه وما به الاتحاد غير ما به التغاير
فما به الاتحاد شيء واحد وهو الذي عبر عنه الشيخ ب الشيء
وما به التغاير قد يمكن أن يكون شيئين متغايرين يضاف كل واحد منهما إلى ما به الاتحاد ك النطق والضحك المضافين إلى الإنسان اللذين يعبر عنهما با الضاحك والناطق وحينئذ إن جعلا موضوعا ومحمولا كان ما به الاتحاد شيئا ثالثا مغايرا لهما
وذلك معنى قوله كان في نفسه معنى ثالثا
_________
وقد يمكن أن يكون شيئا واحدا يضاف إلى ما به الاتحاد ك التثليث المضاف إلى الشكل الذي يعبر عن المجموع ب المثلث وحينئذ
إن جعل ذلك المجموع موضوعا كان المحمول ما به الاتحاد وحده مجردا عما به التغاير كما يقال إن المثلث شكل
وإن جعل محمولا كان الموضوع ما به الاتحاد وحده كما يقال مثلا إن الشكل مثلث
وذلك معنى قوله أو كان في نفسه أحدهما
ونوع آخر من الحمل يسمى حمل الاشتقاق وهو حمل هو ذو هو وهو كالبياض على الجسم والمحمول بذلك الحمل لا يحمل على الموضوع وحده بالمواطأة بل يحمل مع لفظ ذو كما يقال الجسم ذو بياض أو يشتق منه اسم كالأبيض فيحمل بالمواطأة عليه كما يقال الجسم أبيض والمحمول بالحقيقة هو الأول
الفصل السابع إشارة إلى اللفظ المفرد والمركب

1 - اعلم أن اللفظ قد يكون مفردا وقد يكون مركبا
واللفظ المفرد هو الذي لا يراد بالجزء منه دلالة أصلا حين هو جزؤه
مثل تسميتك إنسانا بعبد الله فإنك حين تدل بهذا على ذاته لا على صفته من كونه عبد الله فلست تريد بقولك عبد شيئا أصلا
فكيف إذا سميته ب عيسى
بلى في موضع آخر قد تقول عبد الله وتعني ب عبد شيئا وحينئذ يكون عبد الله نعتا له لا اسما وهو مركب لا مفرد
والمركب هو ما يخالف المفرد ويسمى قولا
فمنه قول تام وهو الذي كل جزء منه لفظ تام الدلالة اسم أو فعل وهو الذي يسميه المنطقيون كلمة وهو الذي يدل على معنى موجود لشيء غير معين في زمان معين من الأزمنة الثلاثة وذلك مثل قولك حيوان ناطق
ومنه قول ناقص مثل قولك في الدار وقولك لا إنسان فإن الجزء من أمثال هذين يراد به الدلالة إلا أن أحد الجزأين أداة لا يتم مفهومها إلا بقرينة مثل لا وفي فإن القائل زيد لا وزيد في لا يكون قد دل على كمال ما يدل عليه في مثله ما لم يقل في الدار أو لا إنسان لأن في ولا أداتان ليستا كالأسماء والأفعال
_________
1 - أقول قيل في التعليم الأول إن المفرد هو الذي ليس لجزئه دلالة أصلا
واعترض عليه بعض المتأخرين ب عبد الله وأمثاله إذا جعل علما لشخص فإنه مفرد مع أن لأجزائه دلالة ما
ثم استدركه فجعل المفرد ما لا يدل جزؤه على جزء معناه
وأدى ذلك إلى أن ثلث القسمة بعض ما جاء بعده وجعل اللفظ
إما أن لا يدل جزؤه على شيء أصلا وهو المفرد
أو يدل على شيء غير جزء معناه وهو معناه المركب
أو على جزء معناه وهو المؤلف
والسبب في ذلك سوء الفهم وقلة الاعتبار لما ينبغي أن يفهم ويعتبر وذلك لأن دلالة اللفظ لما كانت وضعية كانت متعلقة بإرادة المتلفظ الجارية على قانون الوضع
فما يتلفظ به ويراد به معنى ما ويفهم منه ذلك المعنى يقال له إنه دال على ذلك المعنى
وما سوى ذلك المعنى مما لا تتعلق به إرادة المتلفظ وإن كان ذلك اللفظ أو جزء منه بحسب تلك اللغة أو لغة أخرى أو بإرادة أخرى يصلح لأن يدل به عليه فلا يقال له إنه دال عليه
وإذا ثبت هذا فنقول اللفظ الذي لا يراد بجزئه دلالة على جزء معناه لا يخلو من أن يراد بجزئه دلالة على شيء آخر
أو لا يراد
وعلى التقدير الأول لا تكون دلالة ذلك الجزء متعلقة بكونه جزءا من اللفظ الأول بل قد يكون ذلك الجزء بذلك الاعتبار لفظا برأسه دالا على معنى آخر بإرادة أخرى وليس كلامنا فيه
فإذن لا يكون لجزء اللفظ الدال من حيث هو جزؤه دلالة أصلا وذلك هو التقدير الثاني بعينه فحصل من ذلك أن اللفظ الذي لا يراد بجزئه دلالة على جزء معناه لا يدل جزؤه على شيء
_________
فإذن الرسمان أعني القديم والمحدث للمفرد متساويان في الدلالة من غير عموم وخصوص
ولو تأمل متأمل وأنصف من نفسه لا يجد بين لفظ عبد من عبد الله إذا كان علما وبين لفظ إن من إنسان تفاوتا في المعنى فإن كليهما يصلحان لأن يدل لهما في حال آخر على شيء
وأما كون الأول منقولا من نعت والثاني غير منقول فأمر يرجع إلى حال الألفاظ ولا يتغير بهما أحوال الاسم في الدلالة
فظهر من ذلك أن الرسم المنقول من التعليم الأول صحيح وأن المفرد في المعنى شيء واحد وكذلك ما يقابله هو المسمى مركبا أو مؤلفا
ونرجع إلى تتبع ألفاظ الكتاب فنقول قال الشيخ المفرد هو الذي لا يراد بالجزء منه دلالة أصلا زاد في الرسم القديم ذكر الإرادة تنبيها على أن المرجع في دلالة اللفظ هو إرادة المتلفظ
وقال حين هو جزؤه ليعلم أن الجزء من حيث هو جزء لا يدل على شيء آخر فإن دل بإرادة أخرى على شيء آخر لا يكون من حيث هو جزؤه ولا ينافي ما قصدناه
وجعل مقابل المفرد مركبا فإن الفرق بين المؤلف والمركب على الاصطلاح الجديد لا فائدة له في هذا العلم
قوله فمنه قول تام وهو الذي كل جزء منه لفظ تام الدلالة اسم أو فعل
أقول الأقوال تنحل إلى ثلاثة أشياء أسماء وأفعال وحروف
وتشترك في أربعة أشياء وهي كونها ألفاظا مفردة دالة على المعاني بالوضع والتواطؤ
فإن المعنى الجامع لهذه الأربعة جنسها وتفترق أولا بفصلين هما دلالتها في نفسها أو في غيرها وذلك لأنه
كما أن من الموجودات قائما بنفسه هو الجوهر وقائما بغيره هو العرض
ومن المعقولات معقولا بنفسه هو الذات ومعقولا بغيره هو الصفة
_________
كذلك من الألفاظ ما هو دال في نفسه ودال في غيره
والأخير هو الحرف وهو الأداة
والأول جنس يقسمه فصلان آخران هما التعلق بزمان معين من الأزمنة الثلاثة والتجرد عن ذلك
والأخير هو الاسم
والأول هو الفعل ويسميه المنطقيون كلمة والفعل عند النحاة أعم منه عند المنطقيين فإنهم يسمون الكلمات المؤلفة مع الضمائر كقولنا أمشي أيضا فعلا
ففصول الفعل ملكات
وفصول الاسم والحرف أعدامها
والأعدام تعرف ب الملكات ولا ينعكس فلذلك اقتصر الشيخ على إيراد حل الفعل إذ هو يتناول حديهما بالقوة فقال في حده هو الذي يدل على معنى موجود لشيء غير معين في زمان معين من الأزمنة الثلاثة
والفعل لا ينفك بعد الأمور الخمسة أعني الأربعة المشتركة والاستقلال في الدلالة المشترك بينه وبين الاسم عن شيئين
أحدهما كون معناه موجودا لغيره مرتبطا لذاته به
وذلك الغير هو الفاعل
وهو قد يكون معينا وقد لا يكون لكن وجود التعين وعدمه لا يتعلق بالفعل نفسه فهو في نفسه إنما يقتضي الاحتياج إلى غير لا بعينه لا إلى غير بشرط أن يكون لا بعينه فإن بينهما فرقا كبيرا وهو المراد من قوله موجود لشيء غير معين
وقد تشاركه الأسماء المتصلة بالأفعال كالفاعل والمفعول والصفة في هذا
والثاني حصوله في زمان معين
فإن من الأسماء ما يدل على نفس الزمان كالوقت
ومنها ما يدل على ما جزؤه الزمان كالصبوح
ومنها ما يدل على معنى إنما يحصل في زمان لا بعينه كجميع الأسماء المتصلة بالأفعال
_________
وجميعها مجردة عن الزمان المعين الذي يحصل فيه المعنى
أما ما تعين زمانه بحسب حصول المعنى فيه فهو الفعل لا غير وهو المراد من قوله في زمان معين من الثلاثة
والحد الذي أورده الشيخ ناقص غير متناول لجميع الذاتيات لا سيما الفصل الذي يميزه عن الحرف إلا بالتزام
والحد التام للفعل التام أن يقال الفعل لفظ مفرد يدل بالوضع على معنى مستقل بنفسه ويتعلق بشيء لا بعينه في زمان من الأزمنة الثلاثة يعينه ذلك التعلق
فالأفعال الناقصة ما تنقص فيها الدلالة على نفس المعنى فيحتاج إلى جزء يدل عليه كقولنا كان زيد قائما وهي التي يسميها المنطقيون كلمات وجودية
وقد ظن بعضهم أن الفعل البسيط أعني المجرد عن الاسم الذي يسميه المنطقيون كلمة لا يوجد في لغة العرب لاشتمال أكثر الأفعال على الضمائر وهو ظن فاسد يتحققه وفي نسخة يحققه النحاة فإن قولنا قام في قام زيد خال عن الضمير وإن كان مشتملا على ضمير في عكسه
والكلمة في لغة اليونانيين كانت تدل بانفرادها على وقوعها في الحال وتسمى قائمة ثم تصرف إلى الماضي أو المستقبل بأدوات لذلك تقترن بها
وظهر من حد الفعل أن الاسم لفظ مفرد يدل بالوضع على معنى يستقل بنفسه ولا يقتضي وقوعه في زمان يتعين بحسبه والحرف لفظ مفرد يدل بالوضع على معنى في غيره
والتأليف الثنائي بين هذه الثلاثة يمكن على ستة أوجه
اثنان منها تامان بحسب النحو وهو ما يتألف من اسمين أو من اسم وفعل يسند أحدهما إلى الآخر كقولنا زيد قائم وقام زيد
وقول الشيخ إن القول التام هو الذي كل جزء منه لفظ تام الدلالة
اسم أو فعل يوهم أن التام منها ثلاثة
لكن التأليف من فعلين غير ممكن لاحتياج كل واحد منهما إلى الاسم فيرجع التام إلى القسمين المذكورين إلا أن قوله في المثال حيوان ناطق يدل أن على المؤلف
_________
من الموصوف والصفة يعد في الأقوال التامة
وحينئذ يكون ما ذهب إليه النحاة أخص لكنه أسد لأن التام عندهم لا يقع موقع المفرد وهذا يقع
قوله في القول الناقص إلا أن أحد الجزأين أداة لا يتم مفهومها إلا بقرينة لما كانت الأداة لا تدل إلا على معنى في غيرها احتاجت في الدلالة إلى غير يتقوم مدلولها به وهو المراد بالقرينة
فالأداة المقارنة لها تدل على كمال ما يدل عليه في مثلها كقولنا لا إنسان
والفاقدة إياها وإن اقترنت بغيرها لا تكون تدل على كمال ما يدل عليه في مثلها كقولنا زيد لا
والأول تأليف ناقص لأنها في قوة مفرد
والثاني ليس بتأليف إلا بعد الانضياف إلى القرينة
الفصل الثامن إشارة إلى اللفظ الجزئي واللفظ الكلي

1 - اللفظ قد يكون جزئيا وقد يكون كليا
والجزئي هو الذي نفس تصور معناه يمنع وقوع الشركة فيه مثل المتصور من زيد
وإذا كان الجزئي كذلك فيجب أن يكون الكلي ما يقابله وهو الذي نفس تصور معناه لا يمنع وقوع الشركة فيه
فإن امتنع امتنع لسبب من خارج مفهومه
فبعضه يكون مشتركا فيه بالفعل
مثل الإنسان
وبعضه يكون مشتركا بالقوة والإمكان مثل الشكل الكرى المحيط باثنتي عشرة قاعدة مخمسات
وبعضه ليس تقع فيه شركة لا بالفعل ولا بالقوة والإمكان لسبب غير نفس مفهومه مثل الشمس عند من لا يجوز وجود شمس أخرى
مثال الجزئي زيد وهذه الكرة المحيطة بتلك
وهذه الشمس
مثال الكلي الإنسان والكرة المحيطة بها مطلقة والشمس
_________
1 - أقول الجزئي الذي رسمه هو الحقيقي
والإضافي هو كل أخص يقع تحت أعم ولو كان كليا بالمعنى الأول كالإنسان تحت الحيوان
_________
ويقابلهما الكلي بمعنيين
وقوم قسموا الكلي إلى أقسام ستة بأن قالوا
إما أن يوجد في كثيرين كثرة غير متناهية أو متناهية
أو في واحد فقط
أو لا يوجد أصلا
والأخيران إما أن يمكن وجودهما في كثيرين أو لا يمكن بسبب غير المفهوم
وأمثلتها الإنسان والكواكب والشمس عند من يجوز نظيرها والإله والكرة المذكورة وشريك الباري
وفيما ذكره الشيخ كفاية
وما في الكتاب ظاهر
الفصل التاسع إشارة إلى الذاتي والعرضي اللازم والمفارق

1 - وقد تكون من المحمولات ذاتية وعرضية لازمة وعرضية مفارقة ولنبدأ بتعريف الذاتية
اعلم أن من المحمولات محمولات مقومة لموضوعاتها
ولست أعني بالمقوم المحمول الذي يفتقر الموضوع إليه في تحقيق وجوده ككون الإنسان مولودا أو مخلوقا أو محدثا
وكون السواد عرضا
بل المحمول الذي يفتقر إليه الموضوع في تحقق ماهيته ويكون داخلا في ماهيته جزءا منها
مثل الشكلية للمثلث أو الجسمية للإنسان ولهذا لا يفتقر في تصور الجسم جسما إلى أن نمتنع عن سلب المخلوقية عنه من حيث نتصوره جسما
ونفتقر في تصور المثلث مثلثا إلى أن نمتنع عن سلب الشكلية عنه
وإن كان هذا فرقا غير عام
بل قد يكون بعض اللوازم غير المقومة بهذه الصفة على ما سيتلى عليك
ولكنه في هذا الموضع فرق
_________
1 - أقول كل محمول فهو كلي حقيقي لأن الجزئي الحقيقي من حيث هو جزئي لا يحمل على غيره
وكل كلي فهو محمول بالطبع على ما هو تحته وربما يخالف الوضع الطبع
كقولنا الجسم حيوان أو جماد
وأراد الشيخ بالمحمولات ههنا ما هي بالطبع
فهي إما ذاتية لموضوعاتها وإما عرضية
وقد يستعمل الذاتي بمعنى آخر كما يجيء ذكره فيخصص هذا باسم المقوم وهو
_________
إما ما تتألف منه الذات فيكون ذاتيا بالقياس إلى الذات
والبسيط المطلق لا ذاتي له بهذا المعنى
وإما ما هو نفس الذات فهو ذاتي بالقياس إلى جزئيات الذات المتكثرة بالعدد فقط
وكل ما سواهما مما يحمل على الذات بعد تقومها فيكون وجوده مغايرا لوجود الماهية فلا يكون محمولا عليها إذ الحمل يستدعي الاتحاد في الوجود
فهو والجمهور يجعلون الذاتي هو القسم الأول وحده وينكرون الثاني لكون الذاتي عندهم منسوبا إلى الذات والذات لا تنسب إلى نفسها
وبالجملة لا يخلو تعريف الذاتي من عسر ما والقدماء قد ذكروا له ثلاث خاصيات
إحداها أنه لا يمكن أن يتصور الشيء إلا إذا تصور ما هو ذاتي له أولا
وثانيها أن الشيء لا يحتاج في اتصافه بما هو ذاتي له إلى علة مغايرة لذاته فإن السواد هو لون لذاته لا لشيء آخر يجعله لونا فإن ما جعله سوادا جعله أولا لونا
وثالثها أن الذاتي يمتنع رفعه عما هو ذاتي له وجودا وتوهما
وهذه الخاصيات إنما توجد للذاتي
عند إحضاره بالبال مع الشيء الذي هو ذاتي له
ومن اللوازم العرضية ما يشارك الذاتي في الخاصتين الأخيرتين فإن الاثنين مثلا لا يحتاج في اتصافه بالزوجية إلى علة غير ذاته ولا يمكن رفع الزوجية عنه في الوجود ولا في التوهم
إلا أن الذاتي يلحق الشيء الذي هو ذاتي له قبل ذاته فإنه من علل ماهيته أو نفس ماهيته والعرضي اللازم يلحقه بعد ذاته فإنه من معلولاته وعلل الماهية غير علل الوجود
وقد أشار الشيخ في هذا الفصل إلى الفرق بينهما فقال ولست أعني بالمقوم المحمول الذي يفتقر الموضوع إليه في تحقق وجوده بل المحمول الذي يفتقر الموضوع إليه في ماهيتة
ثم قال ويكون داخلا في ماهيته جزءا منها مثل الشكل للمثلث
يريد به القسم الأول من الذاتي وهو الذاتي عند الجمهور وقد يقال له
_________
جزء الماهية بالمجاز فإن الجزئي الحقيقي لا يحمل على كله بالمواطأة
والذاتي يحمل على الماهية بل إنما يكون اللفظ الدال عليه جزءا من حدها فهو يشبه الجزء لذلك وقد اضطر إلى إطلاق الجزء عليه لعوز العبارة عنه
ثم إنه بين الفرق بين علل الماهية وعلل الوجود بالخاصية المذكورة الأخيرة فإنها موجودة لعلل الماهية غير موجودة لعلل الوجود فقال
ولهذا لا نفتقر في تصور الجسم جسما إلى أن نمتنع عن سلب المخلوقية عنه من حيث نتصوره جسما
ونفتقر في تصور المثلث مثلثا إلى أن نمتنع عن سلب الشكلية عنه
قال الفاضل الشارح الامتناع على السلب يلزمه القطع بالإيجاب إلا أن الامتناع عن السلب يستلزم إحضار وفي نسخة إخطار الذاتي بالبال أيضا الذي هو شرط في أن تظهر الخاصية المذكورة له
والقطع بالإيجاب لا يستلزم لأنه قد يكون بالفعل وقد يكون بالقوة القريبة من الفعل وذلك عندما لا يكون الذاتي مخطرا بالبال بل يكون الذهن ذاهلا عن الالتفات إليه ولذلك عدل عن ذكر القطع بالإيجاب إلى العبارة عنه بالامتناع عن السلب
أقول وهذا فرق ضعيف لأن الامتناع عن السلب والقطع بالإيجاب متلازمان وحكمهما في استلزام إحضار وفي نسخة إخطار الذاتي بالبال إذا كانا بالفعل وفي عدم استلزامه إذا كانا بالقوة واحد
وقوله من حيث نتصوره جسما
فائدة هذا القيد أن امتياز الماهية عن الوجود لا يكون إلا في التصور فعللها لا تمتاز عن علل الوجود إلا هناك
قوله وإن كان هذا فرقا غير عام أي ليس فرقا بين الذاتيات وجميع العرضيات فإن بعض العرضيات يشاركها فيه كما مر
بل هو فرق خاص بين الذاتيات وبين لوازم الوجود التي لا تلزم الماهية
ومثاله أن يفرق بين المثلث والدائرة بأن المثلث مضلع بخلاف الدائرة فإن المضلع وإن كان يعم المثلث وغيره لكنه يفيد الفرق في الموضوع المطلوب
الفصل العاشر إشارة إلى الذاتي المقوم

1 - اعلم أن كل شيء له ماهية فإنه إنما يتحقق موجودا في الأعيان أو متصورا في الأذهان بأن تكون أجزاؤه حاضرة معه
2 - وإذا كانت له حقيقة غير كونه موجودا أحد الوجودين وغير مقوم به
3 - فالوجود معنى مضاف إلى حقيقتة لازم أو غير لازم
4 - وأسباب وجوده أيضا غير أسباب ماهيتة مثل الإنسانية فإنها في نفسها حقيقة ما وماهية
ليس أنها موجودة في الأعيان أو موجودة في الأذهان مقوما لها بل مضافا إليها
_________
1 - أقول الماهية مشتقة عما هو وهي ما به يجاب عن السؤال بما هو والمراد ههنا كل شيء له ماهية مركبة دون البسائط
ويدل عليه ذكر الأجزاء وإنما خص البيان بالمركبات لأنه يريد بيان القسم الأول من الذاتيات التي يعرفها الجمهور
2 - يعني بالوجودين الخارجي والذهني
والشيء قد تكون حقيقتة هو الوجود الخاص به وهو واجب الوجود لذاته وقد لا يكون وهو ما عداه لكنه إذا أخذ موجودا كان الوجود مقوما له من حيث هو كذلك
3 - الوجود اللازم هو لما يدوم وجوده
وغير اللازم لما لا يدوم
4 - أقول أسباب الوجود هي الفاعل والغاية والموضوع
وأسباب الماهية الجنس والفصل
من حيث الوجود في العقل
والمادة والصورة من
ولو كان مقوما لها لاستحال أن يتمثل معناها في النفس خاليا عما هو جزؤها المقوم فاستحال أن يحصل لمفهوم الإنسانية في النفس وجود ويقع الشك في أنها هل لها في الأعيان وجود أم لا
أما الإنسان فعسى أن لا يقع في وجوده شك لا بسبب مفهومه بل بسبب الإحساس بجزئياته
ولك أن تجد مثالا لغرضنا في معان أخر
5 - فجميع مقومات الماهية داخلة مع الماهية في التصور وإن لم تخطر في البال مفصلة
6 - كما لا يخطر كثير من المعلومات بالبال لكنها إذا أخطرت بالبال تمثلت
_________
حيث الوجود في الخارج
5 - المركبات التي لا توجد أجزاؤها متمايزة فللإنسان أن يتصورها وأن يميز بين أجزائها ويفصلها ويلاحظ كل واحد منها وحدة منفردة عن غيره وذلك لقوته المميزة
فالتفاته بالقصد الأول إلى التصور الأول وإن كان مشروطا بحضور الأجزاء معه بالقصد الثاني كما يكون عليه في الوجود مغاير لالتفاته بالقصد الأول إلى صور الأجزاء المفصلة المتمايزة الحاصلة عنده بحسب تصرفه في المتصور الأول
وقد يكون الأول حاضرا بالفعل ملتفتا إليه بالقصد الأول من دون أن يكون الثاني معه كذلك وإن كان الأول لا يتم إلا وأن يكون الثاني حاصلا معه بحيث يكون له أن يحضرها متى شاء ويلتفت إليها بقصد مستأنف والتفات مجرد عن تجشم اكتساب كالمعلومات الحاصلة التي لا يلتفت إليها الذهن بالفعل وله أن يلتفت إليها متى شاء
فقوله فجميع مقومات الماهية داخلة مع الماهية في التصور إشارة إلى حضور المتصور الأول مع أجزائه كما ذكره في أول الفصل بقوله إن كل شيء له ماهية فإنه إنما يتصور مع حضور أجزائها
وقوله وإن لم تخطر بالبال مفصلة إشارة إلى التصور التفصيلي الثاني الذي ذكرناه
6 - إشارة إلى المثال المذكور من المعلومات الحاصلة بعض الملتفت إليها
فظهر معنى كلامه من غير تناقض كما ظنه بعض الناظرين فيه
7 - فالذاتيات للشيء بحسب عرف هذا الموضع من المنطق هي هذه المقومات
8 - ولأن الطبيعة الأصلية التي لا يختلف فيها إلا بالعدد مثل الإنسانية
9 - فإنها مقومة لشخص شخص تحتها
_________
7 - إشارة إلى الذاتي المتعارف بين الجمهور في هذا الموضع
فإن الذاتي الذي في كتاب البرهان يطلق على ما هو أعم من الذاتي ههنا
8 - يريد بيان القسم الثاني من الذاتي المذكور الذي لا يعرفه الجمهور
ولنقدم لتعريفه مقدمة فنقول المعاني التي لا تمنع مفهوماتها وقوع الشركة فيها قد توجد من حيث هي هي لا من حيث إنها واحدة أو كثيرة أو جزئية أو كلية أو موجودة أو غير موجودة بل من حيث تصلح لأن تكون معروضات لهذه المعاني وتصير بحسب عروضها واحدة أو كثيرة أو جزئية أو كلية أو موجودة أو غير موجودة وفي نسخة أو غير ذلك وحينئذ يكون العارض والمعروض شيئين لا شيئا واحدا فإنها تسمى من حيث هي كذلك طبائع أي طبائع أعيان الموجودات وحقائقها
وهي التي تسمى بالكلي الطبيعي
ويسمى عارضها الذي يجعلها واقعا على كثيرين بالكلي المنطقي
والمركب منهما بالكلي العقلي
فقوله ولأن الطبيعة الأصلية إشارة إلى تلك المعاني وحدها وهي قد تكون غير محصلة فتحصل بأشياء تقترن إليها وهي المعاني الجنسية التي تتحصل بالفصول وقد تكون متحصلة تتكثر بالعدد فقط أي لا يكون اختلاف ما بين جزئياتها إلا بالعوارض الخارجة عن ماهياتها وهي المعاني النوعية
فقوله التي لا تختلف فيها إلا بالعدد يريد تخصيصها بالقسم الثاني
9 - أي الطبيعة النوعية أيضا مقومة للأشخاص المختلفة بالعدد وكيف لا وتلك الطبعة إنما هي تمام ماهيةتلك الأشخاص
1 - . ويفضل عليها الشخص بخواص له
11 - فهي أيضا ذاتية
_________
1 - . إشارة إلى ما ذكرنا من كونها متكثرة بالعوارض الخارجة عنها فإن هذا الإنسان وذلك الإنسان لا يختلفان من حيث الإنسانية التي هي ماهيتهما بل يختلفان بالإشارة الحسية ولوازمها من اختلاف المادة والأين والوضع وغير ذلك وكلها خارجة عن الإنسانية المجردة
11 - وذلك لوجود الخاصيات الثلاث المذكورة فيها وهو المقصود
الفصل الحادي عشر إشارة إلى العرضي اللازم غير المقوم

1 - وأما اللازم غير المقوم ويخص باسم اللازم وإن كان المقوم أيضا لازما فهو الذي يصحب الماهية فلا يكون جزءا منها
_________
1 - أقول لازم الشيء بحسب اللغة ما لا ينفك الشيء عنه وهو
إما داخل فيه
أو خارج عنه
والأول هو الذاتي المقوم
والثاني هو المصاحب الدائم
فإن المصاحب منه ما يصاحبه دائما ومنه ما يصاحبه وفي نسخة يصاحب وقتا ما
وسبب المصاحبة
إما أن يكون بحيث يمكن أن يعلم أو لا يكون
والأول ينسب إلى اللزوم في العرف
والثاني ينسب إلى الاتفاق
فإن الاتفاق لا يخلو عن سبب ما إلا أن الجاهل بسببه ينسبه إلى الاتفاق
فاللازم ههنا هو المحمول الخارج عن الموضوع الذي لا ينفك الموضوع عنه في حال من الأحوال بسبب من شأنه أن يكون معلوما
والذاتي أيضا محمول لا ينفك عنه الموضوع في حال من الأحوال بسبب معلوم إلا أنه ليس خارجا عنه فهو لازم بحسب اللغة دون الاصطلاح
والشيخ عرف اللازم بأنه الذي يصحب الماهية ولا يكون جزءا منها وهذا التعريف يتناول أيضا ما يصحبها من العرضيات لا دائما أو بالاتفاق لكن مراد الشيخ
2 - مثل كون المثلث مساوي الزوايا لقائمتين
وهذا وأمثاله من لواحق تلحق المثلث عند المقايسات لحوقا واجبا
3 - ولكن بعدما يقوم المثلث بأضلاعه الثلاثة
4 - ولو كانت أمثال هذه مقومات لكان المثلث وما يجري مجراه يتركب من مقومات غير متناهية
_________
تمييزه عن الذاتي فهو تعريف له بالقياس إلى الذاتيات لا إلى سائر العرضيات كما مر في الفرق بين الذاتيات ولوازم الوجود
2 - أقول المحمولات الخارجية
إما أن تلحق الموضوع لا بالقياس إلى شيء خارج عنه بل بقياس بعض أجزائه إلى بعض كالمستقيم للخط أو بقياس الموضوع إلى ما فيه كالضاحك والأبيض للإنسان فإنهما يحملان عليه لأجل وجود الضحك والبياض فيه
وإما أن يلحقه بالقياس إلى شيء خارج عنه كنصف الاثنين الذي يحمل على الواحد بقياسه إلى الاثنين فإنه مهما قيس إلى الثلاثة صارت نصفية ثلاثية ومساوي الزوايا لقائمتين محمول على المثلث قد لحقه بقياس زواياه إلى قائمتين فهو من النصف الثاني
وجميع ذلك إما أن يلحق الموضوع لحوقا واجبا أو ممكنا
والأول هو اللازم
والثاني ما عداه سواء لحقه اتفاقا أو لحقه لحوقا غير دائم
وهو المراد من قوله وهذا وأمثاله من لواحق تلحق المثلث عند المقايسات لحوقا واجبا
3 - إشارة إلى كونها عرضية غير ذاتية لأن الذاتية أيضا تلحقه لحوقا واجبا ولكن ليس بعد ما يقوم
4 - وذلك لأن مقايسته إلى كل واحد مما عداه لا تنحصر في حد فكما أن زوايا المثلث مساوية لقائمتين فهي مساوية لنصف أربع قوائم وهلم جرا
وقول الفاضل الشارح مشعر بأنه جعل المحمولات التي ليست بالقياس إلى أمور خارجة عن الموضوع موجودة في الخارج والتي بالقياس إليها موجودة في الذهن دون الخارج
5 - وأمثال هذه إن كان لزومها بغير وسط كانت معلومة واجبة اللزوم فكانت ممتنعة الرفع في الوهم مع كونها غير مقومة
_________
ثم استنكر كون الصنف الثاني غير متناهية لوقوف الذهن عند حد ما
والحق أن كون الشيء محمولا على شيء أمر عقلي سواء كان بالقياس إلى أمر خارج أو لم يكن بالقياس إلى شيء فإن الموجود في الموضوع ليس إلا البياض مثلا
أما كون الموضوع أبيض ليس في خارج العقل أمرا زائدا على البياض وعلى موضوعه ولذلك كان الحمل والوضع من المعقولات الثانية
وأما كون بعض المحمولات غير متناهية فهو بحسب القوة والإمكان وليس يخرج منها إلى الفعل أبدا إلا ما يتناهى عدده كما هو الحال في سائر الأشياء التي توصف باللانهاية كالأعداد وغيرها
والعلة في امتناع كون أمثال هذه المحمولات مقومات هي أن الموجود بالفعل لا يمكن أن يتقوم بأجزاء لا توجد إلا بالقوة فإن أجزاء الشيء يجب أن تكون حاضرة معه لا ما استحسنه الشارح من أن الموجود خارج الذهن لا يتقوم بالأجزاء الذهنية
5 - أقول مطلوب الشيخ أن يثبت وجود لوازم بينة يمتنع رفعها في الذهن مع وضع ملزوماتها
فإن قوما من المنطقيين أنكروا أن يكون في اللوازم ما يمتنع رفعه وقالوا كل ما يمتنع رفعه في الذهن فهو ذاتي مقوم وذلك لأنهم وجدوا هذا الحكم معدودا في الخاصيات الثلاث المذكورة للذاتي
فأورد الشيخ لإثبات مطلوبه قسمة حاذى بها أقسام العلوم الأولية والمكتسبة البرهانية
وذلك أن يقال
المحمول اللازم لا يخلو
من أن يكون لزومه للموضوع لا بتوسط شيء آخر بل لأن ذات الموضوع أو المحمول لما هي هي تقتضي ذلك اللزوم
أو يكون بتوسط أمر مغاير لهما يقتضيه
والقسم الأول يقتضي أن يكون المؤلف من ذلك الموضوع والمحمول قضية لا يتوقف
_________
الحكم فيها إلا على تصورهما فقط فيكون من الأوليات
والقسم الثاني يقتضي أن يكون المؤلف قضية مكتسبة من جملة القضايا التي تشتمل العلوم البرهانية على أمثالها وذلك لأن محمولات المطالب العلمية لا تكون مقومات لموضوعاتها بل تكون أعراضا ذاتية لها كما ذكر في صناعة البرهان
فقوله وأمثال هذه إن كان لزومها بغير وسط إشارة إلى القسم الأول
وقوله كانت معلومة أي معلومة من غير اكتساب واجبة اللزوم وذلك لوجود السبب الموجب للزوم فكانت وفي نسخة وكانت ممتنعة الرفع في الوهم مع كونها غير مقومة وذلك مناقض لما ذهب إليه القوم المذكورون من المنطقيين وهو مطلوب الشيخ
واعلم أن الحكم بكون المحمول اللازم بغير وسط بينا للموضوع لا يحتاج إلى البرهان الطويل الذي أقامه الشارح على ذلك وإلى حل تلك الشكوك التي أوردها عليه وأحال بعضها إلى سائر كتبه
وذلك لأن اللزوم لما كان مفسرا بعدم الانفكاك كان كل ما يلزم شيئا بغير توسط شيء آخر فالشيء لا ينفك عنه سواء يلزمه في العقل أو في الخارج
ولا معنى للزوم العقلي إلا أن تعقل الملزوم لا ينفك في العقل عن تعقل لازمه وذلك هو المراد من كونه بينا له
وأما اللازم بتوسط شيء آخر فإنه لا ينفك عند حضور المتوسط وقد ينفك مع غيبته فلا يكون عند الانفكاك بينا
وما قيل على ذلك من أنه يقتضي أن يكون الذهن منتقلا عن كل ملزوم إلى لازمه ثم إلى لازم لازمه بالغا ما بلغ حتى تتحصل اللوازم بأسرها بل جميع العلوم المكتسبة دفعة في الذهن فليس بوارد
وذلك لأن اللوازم المترتبة التي يتلازم جميعها بحسب ماهياتها لا بالقياس إلى غيرها فقد يمكن أن يستمر الاندفاع فيها ما لم يطرأ على الذهن ما يوجب إعراضه عن تلك المتلازمات والتفاته إلى غيرها ولكنها قلما تكون في الوجود فضلا عن أن تكون غير محصورة
6 - وإن كان لها وسط يتبين وفي نسخة يتعين به
7 - علمت واجبة به
8 - وأعني بالوسط ما يقرن بقولنا لأنه حين يقال لأنه كذا
_________
واللوازم التي توجد غير محصورة وهي التي تشتمل على أمثالها أكثر العلوم فإنها هي التي تكون بحسب قياس الموضوع إلى غيره وهي إنما تتحصل عند تصور الأمور التي إليها يقاس الموضوع
وتصور تلك الأمور الذي هو شرط في حصولها ليس بواجب الحصول على الترتيب المؤدي إلى وجود تلك اللوازم المترتبة
فإذن قد اندفع ذلك الإشكال
ونرجع إلى ما كنا فيه
6 - إشارة إلى القسم الثاني وهو أن يكون اللازم بوسط كما يكون وفي نسخة يقع في العلوم المكتسبة
7 - إشارة إلى أن اللازم لا يكون بينا مطلقا بل إنما يكون بينا عند حضور الوسط فقط
8 - إشارة إلى أن الوسط هو الذي يفيد لمية اللزوم أي به يقوم البرهان على إثبات ذلك المحمول لموضوعه
ثم إن الشيخ أراد أن يتوصل من النظر في حال الوسط إلى إثبات لازم بين ينتهي تحليل اللوازم غير البينة إليه
وقد بان في علم البرهان أن الوسط في البراهين على المطالب
إما أن يكون مقوما لموضوع المطلوب
أو يكون عارضا له
فإن كان مقوما امتنع أن يكون محمول المطلوب مقوما للوسط لأن مقوم المقوم مقوم
والمقوم لا يكون مطلوبا لاشتمال تصور الموضوع عليه بل يجب أن يكون عارضا له البتة
وإن كان الوسط عارضا للموضوع جاز أن يكون المحمول مقوما للوسط وجاز أن يكون عارضا أيضا له
9 - فهذا الوسط إن كان مقوما للشيء لم يكن اللازم مقوما وفي نسخة مقوما له لأن مقوم المقوم مقوم
بل كان لازما له أيضا
10 - فإن احتاج الوسط وفي نسخة بدون كلمة الوسط إلى وسط تسلسل إلى غير النهاية فلم يكن وسط
11 - وإن لم يحتج فهناك لازم بين اللزوم بلا وسط
_________
فهذان مأخذان يشتملان على أصناف البراهين
ويسمى الأول مأخذا أولا
والثاني مأخذا ثانيا
9 - إشارة إلى المأخذ الأول
وإنما لم يجز أن يكون اللازم مقوم المقوم لأنا فرضناه خارجا وجزء الجزء يكون داخلا
ثم أراد أن يتوصل من هذا المأخذ إلى مطلوبه فأورد قسمة أخرى وهي أن اللازم الأول
إما أن يكون لزومه للوسط بوسط آخر
أو يكون بغير وسط
ثم أبطل القسم الأول بأن قال
10 - ي يحتاج كل وسط في لزومه إلى وسط آخر ويتسلسل وهو باطل لكونه غير مؤد إلى ثبوت اللزوم الأول المفروض ثبوته
ومع جوازه يشتمل على الخلف من وجه آخر وهو كون ما فرضناه وسطا ليس بوسط بل جزء من أمور غير متناهية هي بأسرها الوسط
وإذا لم يكن كل ما فرض وسطا بوسط فلا وسط وهو المراد بقوله فلم يكن وسط
ولفظة لم يكن ههنا فعل تام
11 - أي لما بطل القسم الأول ثبت القسم الثاني وهو مطلوبه
ثم انتقل إلى المأخذ الثاني بقوله
12 - وإن كان الوسط لازما متقدما
13 - واحتاج إلى توسط وفي نسخة وسط لازم آخر أو مقوم غير منته في ذلك إلى لازم بلا وسط تسلسل أيضا وفي نسخة أيضا تسلسل إلى غير النهاية
14 - فلا بد في كل حال من لازم بلا وسط
15 - فقد بان أنه ممتنع الرفع في الوهم
16 - فلا تلتفت إذن إلى من قال إن كل ما ليس بمقوم فقد يصح دفعه في الوهم
17 - ومن أمثلة ذلك كون كل عدد مساويا لآخر أو مفارقا وفي نسخة مفاوتا له
_________
12 - أي إن كان الوسط المفروض أولا لازما للموضوع متقدما لزومه للموضوع على لزوم المحمول والقسمة المذكورة واردة ههنا أيضا لأنه لم يفصلها إيجازا بل قال مبطلا للقسم الأول
13 - أقول فإنه لما كان الوسط الأول لازما جاز كون هذا الوسط الثاني مقوما أو لازما ولذلك قال لازم آخر أو مقوم
وبإبطال هذا القسم الأول يتعين القسم الثاني الذي هو المطلوب فأنتج وفي نسخة فاستنتج من جميع الأقسام مطلوبه
وذلك قوله
14 - ثم صرح بما أراد منه فقال
15 - أقول بين أنه أراد بذلك مناقضة القوم المذكورين بقوله
16 - فقد تم الكلام
17 - مثال آخر لللازم البين وذلك لأن المساواة واللامساواة لازم بين للكم ولأنواعه وإنما تلحقها بقياس بعضها إلى بعض بشرط أن يكونا من جنس واحد
والفاضل الشارح إنما نسب هذا البيان إلى التطويل لأنه لم يعتبر محاذاته لأقسام
_________
العلوم ومأخذ البراهين
بل مطابقته للوجود
والبرهان الذي أورده وادعى فيه التقريب وعدم الاحتياج إلى ذكر التسلسل وهو أن الماهية إن اقتضت من حيث هي هي شيئا من لوازمها فما اقتضته فهو لازمها بغير وسط وإن لم تقتض من حيث هي هي شيئا فهي من حيث هي هي لا تستلزم شيئا وقد فرضت مستلزمة هذا خلف ليس كما ذكره
لأن القسمة فيها ليست بمستوفاة فإن من أقسامها أيضا أن يقال إنها تقتضي لوازمها ولكن لا من حيث هي هي بل بعضها بتوسط بعض على سبيل الدور أو التسلسل أولا على سبيل أحدهما
وما لم يبطل هذا القسم لا يتم برهانه
الفصل الثاني عشر إشارة إلى العرضي غير اللازم

1 - وأما المحمول الذي ليس بمقوم ولا لازم فجميع المحمولات التي يجوز أن تفارق الموضوع
2 - مفارقة سريعة أو بطيئة سهلة أو عسرة مثل كون الإنسان شابا وشيخا وقائما وجالسا
_________
1 - إنما لم يقل فجميع المحمولات التي تفارق لأن مقابل ما يمتنع أن يفارق
أعني اللازم هو ما يجوز أن يفارق
وينقسم
إلى ما يفارق
وإلى ما لا يفارق وهو ما تدوم مصاحبته اتفاقا ككون زيد فقيرا طول عمره مثلا
2 - يمكن أن تترتب الاعتبارات فالسريعة السهلة كالنائم
والسريعة العسرة كالمغشي عليه والبطيئة السهلة كالشباب وفي نسخة كالشاب والبطيئة العسرة كالجنون وفي نسخة كالمجنون
الفصل الثالث عشر إشارة

1 - ولما كان المقوم يسمى ذاتيا فما ليس بمقوم لازما كان أو مفارقا فقد يسمى عرضيا ومنه ما يسمى عرضا وسنذكره
_________
1 - قوله ما يسمى عرضا يريد به العرض العام
الفصل الرابع عشر إشارة إلى الذاتي بمعنى آخر

1 - وربما قالوا في المنطق ذاتي في غير هذا الموضع منه وعنوا به غير هذا المعنى وذلك هو المحمول الذي يلحق الموضوع من جوهر الموضوع وماهيته
_________
1 - أقول عني وفي نسخة يعني بغير هذا الموضع كتاب البرهان فإن الذاتي هناك هو ما يعم هذا الذاتي والأعراض الذاتية وهي على ما رسمه كل ما يلحق الموضوع من جوهر الموضوع وماهيته
فجوهر الموضوع حقيقته سواء كان بسيطا أو مركبا والماهية ربما تخص بالمركبات
وكل ما يلحق الموضوع فهو
إما أن يلحقه لأنه هو
وإما أن يلحقه لأمر آخر
وذلك الأمر
إما أن يساويه
أو يكون أعم منه
أو أخص منه
والأول وحده هو العرض الذاتي الأولي وهو مع القسم الثاني أعني الذي يلحقه بسبب أمر يساويه كالفصل أو العرض الذاتي الأولي إنما يلحقان الموضوع من جوهر الموضوع وماهيته إلا أن
الأول يلحقه من غير واسطة
والثاني يلحقه بواسطة
2 - مثل ما يلحق
المقادير أو جنسها من المناسبة والمساواة
_________
فالمجموع هو العرض الذاتي بحسب الرسم المذكور وهو المحمول الذي يؤخذ الموضوع في حده إلا أن الاصطلاح يقتضي أن يطلق العرض الذاتي في كتاب البرهان على معنى أعم من ذلك
والسبب في ذلك أن العلوم متمايزة بحسب تباين وفي نسخة تمايز موضوعاتها
والعرض بهذا المعنى قد يحمل
في كل علم على موضوعه
وقد يحمل على أنواع موضوعه
وقد يحمل على أعراض أخر له
وقد يحمل على أنواع الأعراض الأخر
كالناقص في علم الحساب
على العدد
وعلى الثلاثة
وعلى الفرد
وعلى زوج الزوج
فالموضوع لا يكون مأخوذا في حد المحمول إلا في الأول بل يكون المأخوذ في الثاني جنسه
وفي الثالث معروضه وفي الرابع معروض جنسه
ولما كانت المحمولات البرهانية أعراضا ذاتية كان جميع ذلك من الأعراض الذاتية
وحينئذ يكون رسمها ما يؤخذ في حده موضوعه
أو ما يقوم موضوعه أو معروضه أو معروض جنسه
ويقيد ما يقوم موضوعه بما لا يخرج عن العلم الباحث عنه فإن ما يؤخذ فيه جنس الموضوع الخارج عن ذلك العلم لا يسمى عرضا ذاتيا
وحين يطلق العرض الذاتي على جميع ما ذكرناه يخص الأول بقيد الأولى لأن ما عداه إنما يلحق الموضوع لأمر غير ما به هو هو
هذا إذا أريد بالموضوع موضوع القضية
أما إذا أريد به موضوع العلم فيكفي فيه أن يقال ما يؤخذ موضوع العلم في حده
2 - المناسبة المقدارية بالمعنى غير العددية كما مر
والمشترك بينهما المناسبة المطلقة وهي كجنس لهما
والأعداد من الزوجية والفردية
والحيوان من الصحة والمرض
وهذا القبيل من الذاتيات يخص باسم الأعراض الذاتية مثل ما يتمثلون به من الفطوسة للأنف
3 - وقد يمكن أن يرسم الذاتي برسم ربما جمع الوجهين جميعا
_________
والمناسبة وفي نسخة فالمناسبة
إذا أخذت على أنها مقدارية كانت عرضا ذاتيا للمقادير وتستعمل في علمها
وإذا أخذت على أنها مطلقة كانت عرضا ذاتيا لجنسها التي هي الكمية
لكنها لا تستعمل في علم المقادير ولا في علم الأعداد لأنها ليست عرضا ذاتيا لموضوعيهما كما ذكرناه وكذلك المساواة ولذلك قال يلحق المقادير أو جنسها
3 - إنما قال يرسم ولم يقل يحد لأن الأمور المختلفة بالماهية لا يمكن أن تجمع في حد لأنها لا تشترك في الذاتيات المميزة لكنها يمكن أن تجمع في رسم لأنها ربما تشترك في لوازم تميزها عما عداها
وذلك الرسم هو أن يقال ما يؤخذ في حد الموضوع أو يؤخذ الموضوع في حده
فالأول مقوماته
والثاني أعراضه الذاتية الأولية
وإن أريد أن نجمع جميع الأعراض الذاتية قبل ما يؤخذ في حد الموضوع أو ما يؤخذ الموضوع أو ما يقومه مما لا يخرج عن العلم الباحث عنه في حده
واعلم أن أخذ المقومات في الحد أخذ طبيعي
وأخذ الموضوع فيه اضطراري
قال الفاضل الشارح في تعريف العرض الذاتي بأخذ الموضوع في حده وهذه عبارة المتقدمين أوردها الشيخ في الشفاء وتبعه مقلدوه المتأخرون
وبين في الحكمة المشرقية بطلانها بأن الموضوع بماهيته ووجوده متميز عن ماهية العرض ووجوده فكيف يؤخذ في حده
وأيضا الأعراض غير متعلقة بماهياتها وفي نسخة في ماهياتها بموضوعاتها
_________
بل تعلقها بها لعرضيتها وهي من لوازمها ولذلك وفي نسخة ولأجل ذلك عدل الشيخ عن تلك العبارة في هذا الكتاب إلى ما ذكره
ثم جعل الرسم الجامع بناء عليه هو
ما يحمل على الشيء لما هو هو أو هو الذي يقتضيه الشيء بما هو هو
قال وذلك لأن الماهية تقتضي المقومات اقتضاء المعلول العلة وتقتضي الأعراض الذاتية اقتضاء العلة المعلول
وأقول ما ذكره الشيخ في المحكمة المشرقية في هذا الموضع يرجع إلى أن الأعراض التي يعبر عنها بما تقتضي تخصيصها بموضوعاتها فتعريفاتها بحسب أسمائها إنما يشتمل بالضرورة على اعتبار موضوعاتها
وأما حقائقها في أنفسها فإنما تكون غير مشتملة من حيث الماهيات على الموضوعات وإن كانت محتاجة إليها من حيث الوجود
فالحد التام يلتئم من مقومات الماهية دون مقومات الوجود
فما كانت من تلك الماهيات بسائط لا أجناس لها ولا فصول فلا حدود لها
وما لها أجناس وفصول فحدودها التامة تشتمل عليها دون موضوعاتها
والمشتملة على موضوعاتها من التعريفات إنما هي رسومها لا حدودها
وكل ذلك فيما لا يقتضي تصور ذاتها التفاتا إلى موضوعاتها
أما ما يقتضي التفاتا إليها فإنما تكون مفهوماتها مركبة عن حقائقها وعن اعتبار موضوعاتها
وينبغي أن يحد باعتبار الموضوعات وذلك لأن التعلق بالشيء في الوجود غير التعلق به في المفهوم ولا يطلب في التحديد إلا المفهوم
هذا حاصل كلامه المتعلق بهذا البحث
ولولا مخافة التطويل لأوردناه بألفاظه
فظاهره أن الأعراض التي تمثل به الشيخ في هذا الفصل من الإشارات مما لا يفهم من غير التفات إلى موضوعاتها وذلك
لأن المساواة اتفاق في نفس الكمية
والمناسبة اتفاق في كون الكمية مضافة إلى غيرها
والزوجية انقسام بمتساويين في العدد بحسب ما عرفها الشيخ نفسه في مواضع أخر
4 - والذي يخالف هذه الذاتيات فيما وفي نسخة فما يلحق الشيء لأمر وفي نسخة لأجل أمر خارج عنه أعم منه لحقوق الحركة للأبيض فإنه وفي نسخة فإنها يلحقه وفي نسخة إنما يلحقه لأنه جسم وهو معنى أعم منه أو أخص منه
_________
فإن جردت هذه التعريفات عن اعتبار الموضوعات بقيت
المناسبة والمساواة اتفاقا محضا وهو نوع من المضاف
والزوجية انقساما بمتساويين فقط وهو نوع من الانفصال
ولا يكون شيء من ذلك عرضا ذاتيا للحكم والعدد ولا لغيرهما وكذلك في باقيها
ولست أدري كيف يصنع هذا الفاضل الذي لم يقلد المتقدمين فيها
أيخالف الجميع في جعلها أعراضا ذاتية
أم يخالفهم في تعريفاتها بما عرفوها به مخترعا عن نفسه لها تعريفات أخر
أما نحن معاشر المقلدين فلما لم نفهم من هذه الأعراض بسيطة كانت أو مركبة سوى ما ذكروه في تعريفاتها المتناولة للموضوعات كانت تلك التعريفات حدودا أو رسوما تامة أو ناقصة بحسب الماهية أو بحسب التسمية فلسنا نقدر على أن نتصورها غير ملتفتين إلى موضوعاتها ولا على أن نعرفها إلا كذلك ولا نأبى من أن نجوز أن يكون الحد المأخوذ فيه الموضوع الذي ذكروه حدا غير حقيقي بحسب الماهية وحدها على ما أشار إليه الشيخ فكثيرا ما يطلق اسم الحد على سائر التعريفات بالمجاز والتوسع
فهذا ما عندي فيه
وأما الرسم الجامع الذي أورده الفاضل الشارح فهو رسم للحمولات الأولية التي هي الجنس والفصل القريبان والأعراض الذاتية الأولية فقط نقله الشارح إلى ههنا يخرج عنه المقومات البعيدة كأجناس الأجناس والفصول وفصولها وفي نسخة وفصولهما وسائر الأعراض الذاتية المستعملة في البراهين
والشارح معترف بذلك فإذن ليس بجامع للذاتيات بالوجهين جميعا
4 - لم يذكر قسما من الأقسام المذكورة وهو ما يلحق الشيء لأجل أمر يساويه وهو من جملة الأعراض الذاتية المذكورة بالشرط المذكور كالضاحك الذي يلحق
لحوق الحركة للموجود فإنها إنما تلحقه لأنه جسم وهو معنى أخص منه
وكذلك لحقوق الضحك للحيوان فإنه إنما يلحقه لأنه إنسان
_________
الإنسان للتعجب ومساوي الزوايا لقائمتين الذي يلحق المثلث لوسائط بينهما
ولعل الشيخ حذفه إيثارا للاختصار وهو أيضا خارج عن الرسم الجامع الذي ذكره الشارح
الفصل الخامس عشر إشارة إلى المقول في جواب ما هو

1 - يكاد المنطقيون الظاهريون عند التحصيل وفي نسخة التحصيل عليهم لا يميزون بين الذاتي وبين المقول في جواب ما هو
2 - فإن اشتهى بعضهم أن يميز كان الذي يؤول إليه قوله هو وفي نسخة وهو أن المقول في جواب ما هو من جملة الذاتيات ما كان مع ذاتيته أعم
_________
1 - هؤلاء لما سمعوا أن الجنس مقول في جواب ما هو حسبوا أن المقول في جواب ما هو هو الجنس ولم يميزوا بين الجنس والفصل كما يحكى وفي نسخة حكى عنهم أو عن أمثالهم في كتاب الجدل فإذا حصل عليهم أي نبهوا على تحقيق ما يؤدي إليه ظنهم الفاسد مما غفلوا عنه وذلك بأن يذكروا أنهم عنوا بالذاتيات أجزاء الماهية فقط
والجنس هو جزء الماهية فقط لزمهم أن لا يكون بين الذاتي والمقول في جواب ما هو فرق عندهم
ولأجل ذلك قال الشيخ يكاد المنطقيون الظاهريون لا يميزون ولم يقل إنهم يقولون كذا
ثم لما تنبه وفي نسخة نبه بعضهم بالفصول ورآها وحدها غير صالحة لجواب ما هو ذهب إلى أن من الذاتيات ما يصلح لذلك ومنها ما لا يصلح وجعل الصالح ما هو أعم يعني الجنس وهو المراد بقوله
2 - يقال تبلبلت الألسن إذا اختلطت
والمراد أن كلامهم يختلط إذا تنبهوا على ما يناقض رأيهم وذلك بإيراد فصول الأجناس كالحساس للإنسان فإنها
ثم يتبلبلون إذا حقق عليهم الحال في ذاتيات هي أعم وليست أجناسا مثل أشياء يسمونها فصول الأجناس وستعرفها
3 - لكن الطالب بما هو إنما يطلب الماهية وقد عرفتها وفي نسخة عرفت الماهية وأنها تتحقق بجميع المقومات
4 - فيجب أن يكون الجواب بالماهية
5 - وفرق بين المقول في جواب ما هو
وبين الداخل في جواب ما هو
والمقول في طريق ما هو
فإن نفس الجواب غير الداخل في الجواب والواقع في طريق ما هو
_________
ذاتيات لكونها مقومة للأجناس وعامة لكونها مساوية لها في الدلالة وغير صالحة لجواب ما هو لكونها فصولا للأجناس
ثم لما فرغ الشيخ عن حكاية مذهبهم ونقضه اشتغل بتحقيق ذلك فقال
3 - أقول يعني بذلك ما سبق بيانه حين ذكر أن كل ماهية إنما تتحقق بأن تكون أجزاؤها حاضرة معها قال
4 - ثم نبه على منشأ غلطهم بقوله
5 - أقول وذلك لأن القوم لم يفرقوا بين نفس الجواب التي هي الماهية وبين الداخل فيه والواقع في طريقه الذي هو جزء الماهية يعني الذاتي
قال الفاضل الشارح والفرق بين الداخل في جواب ما هو والمقول في طريقه هو أن الجزء
إذا صار مذكورا بالمطابقة كان مقولا في طريق ما هو
وإذا صار مذكورا بالتضمن كان داخلا في جوابه
أقول ويمكن أن يحمل الاشتباه الأول الواقع بين جواب ما هو وبين الذاتي أي ذاتي كان على عدم الفرق بين
نفس الجواب
والداخل فيه
6 - واعلم أن سؤال السائل بما هو بحسب ما توجبه كل لغة هو أنه ما ذاته أو ما مفهوم اسمه بالمطابقة وإنما هو هو وفي نسخة هو ما هو باجتماع ما يعمه وغيره وما يخصه حتى تتحصل ذاته المطلوب في هذا السؤال تحققها وفي نسخة بتحقيقها
والأمر الأعم لا هو هوية الشيء ولا مفهوم اسمه بالمطابقة
ولهم أن يقولوا إنا نستعمل هذا اللفظ على عرف ثان ولكن عليهم أن بدلوا على المفهوم المستحدث ويأثروه إلى قدمائهم دالين على ما اصطلحوا عليه عند النقل كما هو عادتهم
وأنت عن قريب ستعلم أن لهم عن العدول عن الظاهر في العرف غنى
_________
فيكون الداخل في الجواب هو الذاتي الذي هو جزء الماهية فقط على ما يقتضي عرفهم
ويحمل الاشتباه الثاني الواقع
بين الجواب
وبين الذاتي الأعم
على عدم الفرق بين نفس الجواب والمقول في الطريق
فيكون المقول في طريق ما هو هو الذاتي الأعم
وحينئذ يكون الداخل في الجواب أعم من المقول في الطريق
ومما يؤيده أن الشيخ عرف الجنس المشهور المتناول للجنس والفصل في الحد وفي نسخة في الجدل لا على وفي نسخة على ما يستعمله الظاهريون بكونه مقولا في طريق ما هو
وذلك عندهم إنما يكون هو الذاتي الأعم
فإن الذاتي المساوي إنما يكون عندهم حدا
وأيضا الشي قد يعرف بالذاتي الأعم أولا ثم يعتد بالمساوي حتى تتحصل ماهيته فإذن الأعم قد وقع في الطريق
وأما المساوي فقد وقع عند الوصول إلى المقصد الذي هو تحصيل الماهية
6 - بيان ذلك أن المباحث العلمية لا تتعلق بالألفاظ إلا بالعرض كما مر
_________
وإذا تعلقت بها فيجب أن تحمل الألفاظ على مفهوماتها بحسب عرف اللغة ما لم يطرأ عليها نقل اصطلاحي
ولما كان البحث عن مفهوم ما هو لا من حيث هو مقيد بلغة خاصة رجع الشيخ إلى مفهومه الأصلي وبين أنه إنما يورد سؤالا
إما عن حقيقة الذات
أو عن مفهوم الاسم بالمطابقة
كما تبين في باب المطالب
ثم بين أن المعنى الذي يجعله القوم بإزائه ليس هو أحدهما لأن حقيقة الذات إنما تتحصل باجتماع ما يعمه يعني الجنس القريب وما يخصه يعني الفصل
والأمر العام الذي يذهبون إليه
ليس هو ما به الشيء هو يعني حقيقتة
ولا هو أيضا مفهوم اسمه بالمطابقة
فإذا ليس هذا الإطلاق بحسب العرف اللغوي
فإن ذهبوا إلى اصطلاح طارئ عليه وادعوه فلهم ذلك ولكن عليهم أن يبينوا المفهوم الذي اصطلحوا عليه والسبب الموجب للنقل من العرف اللغوي إلى الاصطلاحي
وإن نسبوا ذلك إلى القدماء فإن طريقهم في هذه الصناعة هي التزام مصطلحات القدماء مع ما يلزمها ويلزمهم عليها على ما شحنوا كتبهم به
وليس يمكنهم ذلك مع أنهم مستغنون وفي نسخة مشتغلون على التعسف على ما سنبينه
الفصل السادس عشر إشارة إلى أصناف المقول في جواب ما هو

1 - اعلم أن أصناف الدال على ما هو من غير تغيير العرف وفي نسخة مفهوم العرف ثلاثة
_________
1 - يعني بالعرف اللغوي المذكور ووجه الحصر أن يقال
المسئول عنه بما هو
إما أن يكون شيئا واحدا
أو أشياء كثيرة
والأول إما أن يكون كليا أو جزئيا
والثاني إما أن يكون تلك الأشياء مختلفة الحقائق
أو متفقة الحقائق
وهذه أربعة أصناف
والجواب عنها ثلاثة أصناف لأن الجواب عن صنفين منها واحد
وذلك لأن المسئول عنه
إن كان شيئا واحدا وكان كليا فيجاب بالحد وحده
ولا يجاب بذلك إذا شاركه غيره في السؤال
فهو جواب في حال الخصوصية المطلقة
وإن كان أشياء كثيرة مختلفة الحقائق فيجاب بتمام الماهية المشتركة بينها
ولا يجاب بذلك إذا اختص السؤال منها بواحد فهو جواب في حال الشركة المطلقة
2 - أحدها بالخصوصية المطلقة مثل دلالة الحد على ماهية الاسم مثل دلالة وفي نسخة كدلالة الحيوان الناطق على الإنسان
3 - والثاني بالشركة المطلقة مثل ما يجب أن يقال حين يسأل عن جماعة مختلفة فيها مثلا فرس وثور وإنسان ما هي وهنالك لا يجب ولا يحسن إلا الحيوان
4 - فأما الأعم من الحيوان كالجسم فليس لها بماهية مشتركة بل جزء الماهية المشتركة
_________
وإن كان شيئا واحدا جزئيا أو أشياء كثيرة متفقة الحقائق كان الجواب في الحالتين هو نفس ماهية ذلك الشيء أو الأشياء فهو جواب في حالتي الشركة والخصوصية معا
وقد ظهر من ذلك أن أصناف الجواب الذي هو الدال على ما هو ثلاثة لا تزيد ولا تنقص
والشارح جعل المطلوب في الصنف الذي يدل بالخصوصية ماهية شخص واحد وتمثل بزيد إذا قيل إنه ما هو
وهو سهو منه فإنه من الصنف الثالث كما ذكر في الكتاب
2 - أقول الحد
قد يكون بحسب الاسم ويجاب به عما هو طالب تفسير الاسم
وقد يكون بحسب الحقيقة ويجاب به عما هو طالب الحقيقة
وربما يجاب بحد واحد في الموضعين باعتبارين فلعله لم يقل مثل دلالة الحد على ماهية المحدود لئلا يتخصص بأحدهما
بل قال على ماهية الاسم ليتناولهما
3 - أما أنه لا يجب أي لا ينبغي فلأنه تمام الماهية المشتركة
وأما أنه لا يحسن فلأنه لو أورد حد الحيوان بدله لكان المورد مشتملا على ما يجب لكنه لم يحسن فإنه لا حاجة إلى ذلك التفصيل
4 - أقول هذا شروع في بيان ذلك بأن المورد إن كان غير الحيوان فإما أن يكون
وأما الإنسان والفرس ونحوهما وفي نسخة ونحوه فأخص دلالة مما تشتمل عليه وفي نسخة بدون عبارة عليه تلك الماهية
5 - وأما مثل الحساس والمتحرك وفي نسخة أو المتحرك بالإرادة طبعا وإن أنزلنا أنهما مقومان مساويان لتلك الجملة معا بالشركة فليسا يدلان على الماهية
_________
أعم
أو أخص منه
أو مساويا له
وأبطل الجميع
وذلك ظاهر إلى قوله في إبطال المساوي
5 - إنما قال ذلك لأنهما عند الجمهور فصلان متساويان يقومان الحيوان
والتحقيق يقتضي أن الفصل الذي يتحصل به الجنس لا يكون فوق واحد
لأن الواحد إن لم يتحصل به الجنس لا يكون فصلا
وإن تحصل به كان ما عداه فصلا فلا يكون فصلا
اللهم إلا أن تكون الفصول مأخوذة عن علل مختلفة وحينئذ يكون الفصل الحقيقي مجموعها وكل واحد منها هو جزؤه
وربما يكون الفصل الحقيقي شيئا لا يدل على ذاته إلا بعرض ذاتي له فيشتق له الاسم من ذلك العرض كالناطق المشتق من النطق الدال على فصل الإنسان
فإن وجد له عرضان يشتبه تقدم أحدهما على الآخر فقد يشتق له عن كل واحد منهما اسم وحينئذ ربما يظن أن المفهوم من الفصلين فصلان متغايران لتغاير معنييهما
والحساس والمتحرك بالإرادة في هذا الموضع من هذا القبيل فإن مبدأ الفصل الحقيقي هو النفس الحيوانية التي هي معروضة الحس والحركة فاشتق له اللقب منها
ولما لم يكن هذا التحقيق منطقيا أعرض الشيخ عنه وعرض بأن ذلك مخالف للتحقيق بقوله وإن أنزلنا أنهما مقومان أي فرضنا
6 - وذلك لأن المفهوم من الحساس والمتحرك بالإرادة وفي نسخة بدون عبارة بالإرادة وأمثال ذلك بحسب المطابقة هو أنه شيء وفي نسخة هو مجرد أنه شيء له قوة حس أو قوة حركة
وكذلك مفهوم الأبيض هو أنه شيء ذو بياض
فأما ذلك الشيء وفي نسخة فأما ما ذلك الشيء فغير داخل في مفهوم هذه الألفاظ إلا على طريق الالتزام حين وفي نسخة حتى يعلم من خارج أنه وفي نسخة هو أنه لا يمكن أن يكون شيء من هذه إلا جسما وفي نسخة شيء من هذه الأجسام
7 - وإذا قلنا لفظ وفي نسخة لفظة كذا تدل على كذا فإنما نعني به طريق المطابقة أو التضمن دون طريق الالتزام
8 - وكيف والمدلول عليه بطريق الالتزام غير محدود
_________
6 - يريد أن الفصول والعرضيات كلها لا تدل على أصل الماهية التي يدل عليه الجنس والفصل إلا بالالتزام وذلك لأن الفصول تحصل الماهية والعرضيات تلحقها بعد تحصلها
فأما الشيء الذي يتحصل بها أو يكون موضوعا لها فهو خارج عن مفهوماتها إذ لو كانت تشتمل عليه وفي نسخة عليها لكان ما به الاشتراك داخلا فيما به الامتياز أو الأشياء الداخلة في الخارجة
هذا خلف
7 - يريد بهذه الدلالة الدلالة على الماهية أو على مفهوم الاسم لا الدلالة المطلقة كما فهمها الشارح وأدى به ذلك إلى أن جعل دلالة الالتزام مهجورة في جميع المواضع
والعلة في اختصاص المطابقة والتضمن بهذه الدلالة أن لفظة ما إنما وفي نسخة هو إنما يقصد بالقصد الأول ما يطابق المسئول عنه دون ما عداه ثم يتعلق بأجزائه بالقصد الثاني لكون المسئول عنه متعلق الهوية بها فتبقى اللوازم مقصودة مطلقا
8 - أي اللفظ الذي يقصد به أشياء محدودة إذا دل على الماهية أو على مفهوم
9 - وأيضا لو وفي نسخة إذا كان المدلول عليه هو بطريق الالتزام معتبرا لكان ما ليس بمقوم صالحا للدلالة على ما هو
مثل الضحاك وفي نسخة الضاحك مثلا فإنه من طريق الالتزام يدل على الحيوان الناطق
لكن قد اتفق الجميع على أن مثل هذا لا يصلح في جواب ما هو
فقد بان أن الذي يصلح فيما نحن فيه أن يكون جوابا عما هو أن يقول لتلك الجماعة إنها حيوانات
10 - ونجد اسم الحيوان موضوعا بإزاء جملة ما تشترك فيه هي من المقومات المشتركة بينها التي تخصها وما في حكمها وضعا شاملا إنما يخلى عما يخص كل واحد منها
_________
الاسم ويتناول ما يدخل فيهما فقد وقع على أشياء محدودة
وأما اللوازم الخارجية فلكونها غير محدودة لا يجوز أن تكون مقصودة له
9 - أقول تصريح بتخصيص الدلالة المذكورة بهذا الموضع لأن ما ليس بمقوم كالخواص فقد يكون صالحا للدلالة بالاتفاق في سائر المواضع وإلا لكانت وفي نسخة لكان الرسوم أيضا مهجورة على الإطلاق
فكذلك الحدود الناقصة التي تخلو عن الأجناس
وأيضا الشيخ قد صرح بذلك في الشفاء في الفصل الذي قسم فيه الكلي إلى أقسامه الخمسة
فقال بعد أن قسم الدال على الماهية إلى الجنس والنوع ما هذه عبارته
والحساس لا يدل على ما يدل عليه الحيوان إلا بالالتزام فليس جنسا إذ المراد ههنا بالدلالة ما يدل بالمطابقة أو التضمن
وهذا أيضا نص صريح على التخصيص بهذا الموضع
10 - أقول يريد أنه إذا بطلت الأقسام بأسرها تعين الحيوان للجواب فإنه هو الذي يشتمل على جميع الذاتيات المشتركة التي تخص هذه المختلفات المسئول عنها ويخلى عن فصل كل واحد منها
11 - هذا وأما الثالث فهو ما يكون بشركة وخصوصية معا مثل ما إنه إذا سئل عن جماعة هم زيد وعمرو وخالد ما هم
كان الذي يصلح أن يجاب به على الشرط المذكور أنهم أناس
12 - وإذا سئل أيضا وفي نسخة بحذف كلمة أيضا عن زيد وحده ما هو لست أقول من هو كان الذي يصلح أن يجاب به على الشرط المذكور إنه إنسان
13 - لأن الذي يفضل في زيد على الإنسانية أعراض ولوازم لأسباب في مادته التي منها خلق وفي رحم أمه وغير ذلك عرضت له
_________
11 - أي من غير تغيير المعنى اللغوي
12 - إشارة إلى الفرق بين ما و من فإن الأول قد مر بيانه والثاني إنما يطلب به العوارض المشخصة ويكون جوابه زيد أو ما يجري مجراه
13 - يريد أن يفرق
بين الأشياء التي تدخل على معنى ك الحيوان وتجعلها أشياء مختلفة الحقائق كالإنسان والفرس
وبين الأشياء التي تدخل على معنى آخر كالإنسان وتجعلها أشياء متفقة الحقيقة كزيد وعمرو
ولنورد لبيان ذلك مقدمة هي أن نقول
من الكلية ما قد يتصور معناه فقط بشرط أن يكون ذلك المعنى وحده ويكون كل ما يقارنه زائدا عليه ولا يكون معناه الأول مقولا على ذلك المجموع بل جزء منه
ومنها ما يتصور معناه لا بشرط أن يكون ذلك المعنى وحده بل مع تجويز أن يقارنه غيره وأن لا يقارنه
ويكون معناه الأول مقولا على المجموع حال المقارنة
وهذا الأخير قد يكون غير متحصل بنفسه بل يكون مبهما محتملا لأن يقال على أشياء مختلفة الحقائق وإنما يتحصل بما ينضاف إليه فيتخصص به فيصير هو بعينه أحد تلك الأشياء
_________
وقد يكون متحصلا بنفسه أو بما ينضاف إلى المعنى المذكور قبله ولا يكون مبهما ولا محتملا لأن يقال على أشياء مختلفة بالحقائق
بل يقال حين يقال على أشياء لا تختلف إلا بالعدد فقط
وهذان يشتركان في أن المعنى الأول يقال على الحاصل بعد لحوق الغير به إلا أن اللاحق معط لقوام ذلك المعنى في الصورة الأولى
ويسمى فصلا
أو لاحق به بعد التقوم في الصورة الأخيرة
ويسمى عارضا
فالكلي يسمى بالاعتبار الأول مادة
وبالاعتبار الثاني جنسا
وبالاعتبار الثالث نوعا
مثاله الحيوان إذا أخذ بشرط أن لا يكون معه شيء
وإن اقترن به الناطق مثلا صار المجموع مركبا من الحيوان والناطق ولا يقال له إنه حيوان
كان مادة
وإن وفي نسخة إذا أخذ لا بشرط أن لا يكون معه شيء بل من حيث يحتمل أن يكون إنسانا أو فرسا
وإن تخصص بالناطق تحصل إنسانا ويقال له إنه حيوان كان جنسا وإذا أخذ بشرط أن يكون مع الناطق متخصصا ومتحصلا به كان نوعا
فالحيوان الأول جزء الإنسان ويتقدمه تقدم الجزء في الوجودين
والحيوان الثاني ليس بجزء لأن الجزء لا يحمل على الكل بل هو جزء من حده ولا يوجد من حيث هو كذلك إلا في العقل ويتقدمه في العقل بالطبع لكنه في الخارج متأخر عنه لأن الإنسان ما لم يوجد لم يعقل له شيء يعمه وغيره وشيء يخصه ويحصله ويصير هو هو بعينه
والحيوان الثالث هو الإنسان نفسه لأنه مأخوذ من الناطق والأشياء التي تنضاف إليه بعد تحصله لا تفيده اختلافا في الماهية بل ربما تجعله مختلفا بالعدد كالإنسان
14 - ولا يتعذر وفي نسخة يتقدر أن نقدر عروض أضدادها في أول تكونه ويكون هو هو بعينه
15 - وليس كذلك نسبة الإنسانية إليه ولا نسبة الحيوانية إلى الإنسانية والفرسية وذلك لأن الحيوان الذي كان يتكون إنسانا
فإما أن يتم تكونه وفي نسخة بكونه مما يتكون منه فيكون إنسانا
وإما أن لا يتم تكونه وفي نسخة بكونه فلا يكون لا ذلك الحيوان ولا يكون ذلك الإنسان
16 - وليس يحتمل التقدير المذكور من أنه لو لم يلحقه لواحق جعلته إنسانا يعني الناطقية شرح بل لحقته أضدادها أو
_________
الأبيض والإنسان الأسود وهكذا الإنسان وذلك الإنسان
فظهر الفرق بين الأشياء التي تدخل على معنى وتجعله أشياء مختلفة الحقائق وبين الأشياء التي تدخل عليه وتجعله أشياء متفقة الحقيقة
وإذا تقرر هذا فنقول لما كان الإنسان نوعا كما قلنا كان متحصل الوجود فكان كل ما ينضاف إليه ويقترن به مما يجعله مختلفا بالعدد فهو غير مقوم إياه بل عارض له بخلاف الحيوان ولذلك كانت ماهية الأشخاص هي شيئا واحدا وهو المراد بقوله لأن الذي يفضل في زيد على الإنسانية أعراض ولوازم لمادته وفي نسخة لأسباب في مادته هي التي منها خلق
14 - إشارة إلى أن العوارض واللوازم لما قارنته بعد تحصله فلا تتبدل حقيقتة بتبدل تلك العوارض
مثلا زيد الأبيض لو فرضناه أسود لم تتبدل إنسانيته
15 - يريد أن الماهية لا يمكن أن تكون كذلك لأنها إن تبدلت ارتفع الشيء الذي هي ماهيته
16 - يعني يكون بعد تكونه فرسا هو ذلك الواحد الذي كان أمكن قبل ذلك أو أمكن أن يكون إنسانا
مغايراتها
يعني اللاناطقية والصاهلية شرح لكان يتكون حيوانا غير إنسان يعني فرسا مثلا وهو ذلك الواحد بعينه
17 - بل إنما يجعله حيوانا ما يتقدمه فيجعله إنسانا
18 - وإن وفي نسخة فإن كان على غير هذه الصورة فهو على غير هذا الحكم وليس ذلك على المنطقي
_________
ومراده من ذلك الإشارة إلى أن ما يحصل الماهية أعني الفصل لا يحتمل التبدل أيضا مع بقاء الماهية
17 - إشارة إلى تقدم وجود الإنسان باعتبار الخارج على الحيوان الذي هو الجنس وإن كان وجود الجنس في العقل متقدما على تصوره
18 - وإن كانت هذه الطبائع المذكورة التي فرضناها عوارض
فصولا في نفس الأمر وكانت التي فرضناها فصولا عوارض فهو على غير هذا الحكم المذكور
ولكن ليس على المنطق أن ينظر في المواد بل عليه أن يبين أن الأشياء التي تختلف بالحقائق والتي لم تختلف أي أشياء كانت إذا سئل عنها بما هو كيف يجاب عن كل واحد منها وفي نسخة منهما
النهج الثاني في الألفاظ الخمسة المفردة والحد والرسم

الفصل الأول إشارة إلى المقول في جواب ما هو الذي هو الجنس والمقول في
جواب ما هو الذي هو النوع
1 - كل محمول كلي يقال على ما تحته في جواب ما هو
فإما أن تكون حقائق ما تحته مختلفة ليس بالعدد فقط
وإما أن تكون بالعدد وفي نسخة بالعدد فقط مختلفة
فأما ما يتقوم وفي نسخة يقوم به من الذاتيات فغير مختلف أصلا
والأول يسمى جنسا لما تحته
والثاني يسمى نوعا
ومن عادتهم أيضا أن يسموا كل واحد من مختلفات الحقائق تحت القسم الأول نوعا له وفي نسخة بحذف كلمة له وبالقياس وفي نسخة بالقياس إليه
2 - على أن اسم النوع عند التحقيق إنما يدل في الموضعين على معنيين مختلفين
_________
1 - كله ظاهر مستغن عن التفسير
2 - أقول النوع المضاف إلى الجنس يستلزم اعتبارين
3 - ومما يسهو فيه المنطقيون ظنهم أن اسم النوع في الموضعين له دلالة واحدة أو مختلفة بالعموم والخصوص
_________
أحدهما نسبته إلى ما فوقه الذي هو الجنس
والثاني نسبته إلى ما تحته أشخاصا كانت أو أنواعا أخر التي لولاها لم يكن النوع كليا
والنوع الحقيقي يستلزم اعتبارا واحدا وهو نسبته إلى الأشخاص التي تحته
فالأول قد يتناول الأنواع العالية والمتوسطة والسافلة التي تخص باسم نوع الأنواع تناول الجنس لأنواعه
والثاني قد يشارك نوع الأنواع وحده في موضوعاته ويباينه بأحد اعتباريه أعني النسبة إلى ما فوقه
وقد يباينه في الموضوع أيضا إذا لم يكن تحت جنس
كالوحدة والنقطة والآن
فالنوعان يختلفان في المعنى بثلاثة أشياء
أحدها اختصاص أحدهما بالنسبة إلى ما فوقه ولأجل ذلك يجب تركبه عن جنس وفصل
وأما الآخر فلا يجب فيه ذلك وإن كان جائزا لاشتراك المذكور في الموضوع
وثانيها جواز مباينة الإضافي للحقيقي في الموضوعات حتى وفي نسخة حين يكون نوعا عاليا ومتوسطا من حيث وقوعه على مختلفات الحقيقة
وثالثها جواز مباينة الحقيقي للإضافي في الموضوعات حين لا يكون تحت جنس
3 - وفي بعض النسخ ومختلفة بالعموم والخصوص وهو أظهر
فإن الأول يوهم أن يكون لهم سهوان
الفصل الثاني إشارة إلى ترتيب الجنس والنوع

1 - ثم إن الأجناس قد تترتب متصاعدة والأنواع قد تترتب متنازلة
2 - ويجب أن ينتهي
3 - وأما إلى ماذا تنتهي في التصاعد أو في التنازل من المعاني الواقع عليها الجنسية والنوعية
_________
الأول ظنهم أن النوع في الموضعين له دلالة واحدة
والثاني ظنهم أنه له دلالة مختلفة بالعموم والخصوص
ويلزم على الأول أن يكون كل ما يقع تحت جنس فإنه لا يختلف إلا بالعدد حتى لا يكون جنس تحت جنس ألبتة وذلك مما لم يذهب إليه أحد
ومراد الشيخ ليس إلا أنهم ظنوا أن النوع الحقيقي هو نوع الأنواع لا غير فجعلوا للمعنيين دلالة واحدة مختلفة بالعموم والخصوص لكونها مطلقة في أحد الموضعين ومقيدة بملاصقة الأشخاص في الموضع الآخر
1 - أي ربما تترتب لأن ترتبه ليس بواجب في جميع المواد
2 - وذلك لأنها لو لم تنته في التصاعد للزم تركب المعنى الواحد من مقومات لا تتناهى ويتوقف تصوره على إحضار جميعها بالبال
قال الفاضل الشارح وأيضا لوجب ترتب العلل والمعلولات لا إلى نهاية وذلك لكون كل فصل علة لتقوم حصته من الجنس
وهو محال على ما تبين في الإلهيات
ولو لم ينته في التنازل لما تحصلت الأشخاص والأنواع الحقيقية أعني أعيان الموجودات التي يلزم من ارتفاعها ارتفاع الأجناس وما يليها
3 - أقول يريد أن معرفة مواد الأجناس والأنواع بأعيانها ليست من هذا
وما المتوسطات بين الطرفين
فمما وفي نسخة فما ليس بيانه على المنطقي وإن تكلفه تكلف فضولا
بل إنما يجب عليه أن يعلم أن ههنا
جنسا عاليا أو أجناسا عالية هي أجناس الأجناس
وأنواعا سافلة هي أنواع الأنواع
وأشياء متوسطة هي
أجناس لما دونها
وأنواع لما فوقها
وأن لكل واحد منها في مرتبته خواص
4 - وأما أن يتعاطى النظر في كمية أجناس الأجناس وماهيتها دون المتوسطة والسافلة كأن ذلك مهم وهذا غير مهم فخروج عن الواجب وكثيرا ما ألهم الأذهان زيغا عن الجادة
_________
العلم لأنها المعقولات الأولى
وهذا العلم يبحث عن المعقولات الثانية
فالمنطقي من حيث هو منطقي لا ينظر فيها
وأما وفي نسخة وأن النظر في أن لكل واحد من العالية والمتوسطة والسافلة في مرتبته خواص فإنما يلزمه لأن العلوم البرهانية إنما تبحث عن تلك الخواص وهي الأعراض الذاتية المذكورة
4 - أقول يعترض على سائر المنطقيين فإن مقدمهم الذي هو المعلم الأول افتتح تعليمه بذكر المقولات العشر التي هي أجناس الأجناس وأشار إلى معانيها وخواصها على الوجه المشهور الذي يليق بالمبتدئين في كتابه المسمى ب قاطيغورياس وجعلها شبه مصادرة لهذا العلم لا جزءا منه
وتبعه الجمهور في ذلك بل زادوا في بياناتها عليه
ولا شك في أن النظر في ذلك ليس من المباحث المنطقية إلا أن الحكم بأن النظر
_________
فيها يجري مجرى النظر في الأجناس المتوسطة والسافلة من وفي نسخة في كونه مهما أو غير مهم في هذا العلم خروج عن الإنصاف فإن المنطقي إنما يحتاج في استعمال قوانينه لاقتناص الحدود واكتساب المقدمات إلى ذلك لأنه ما لم يعرف محدوده وكل واحد من حدي مطلوبه تحت أي جنس من الأجناس يقع بحسب الماهية لم يمكن له أن يحصل الفصول المترتبة ولا سائر المحمولات التي تتركب منها التعريفات ويستفاد منها التصديقات بحسب الأغلب كما بين في مواضعها
وأما المتوسطة والسافلة التي لا تنحصر في عدد فإنما يستغني عن إيرادها لاشتمال العالية المعدودة عليها
ومما يشبه ذلك أن الطبيب من حيث هو طبيب يجب أن لا ينظر إلا في حال بدن الإنسان من حيث يصح ويمرض ليحفظ الصحة ويزيل المرض فإن من ينظر وفي نسخة نظر من حيث هو طبيب في ماهيات أشياء ربما يستعملها أو لا يستعملها
أهي معدنية أو نباتيه أو حيوانية
ومعادنها أين هي وأوقات تحصيلها متى هي وشرائط حفظها ما هي وكم هي دون ما لم يسمع به أو لم يقع إليه أنه مما يمكن أن تكون معرفتها أنفع في علمه كأن ذلك مهم وغيره ليس بمهم فخروج عن الواجب
إلا أنه لما تصور إمكان الاحتياج إليها في استعمال قوانينه الحافظة للصحة أو المزيلة للمرض أضاف النظر فيها بحسب الإمكان إلى علمه بل جعله جزءا من علمه
وهذا دأب أصحاب سائر الصناعات العملية وفي نسخة العلمية فإنهم يضيفون إلى صناعاتهم ما يحتاجون إليه في تتميم تلك الصناعات وإن كان خارجا عنها ليتم بذلك الوصول إلى غاياتها
الفصل الثالث إشارة إلى الفصل

1 - وأما الذاتي الذي ليس يصلح أن يقال على الكثرة التي كليته بالقياس إليها قولا في جواب ما هو فلا شك في أنه يصلح للتمييز وفي نسخة للتميز الذاتي وفي نسخة بدون كلمة الذاتي عما يشاركها في الوجود أو في جنس ما
_________
1 - أقول كل ذاتي
إما أن يكون مقولا في جواب ما هو بالقياس إلى ما هو ذاتي له
أولا يكون
والثاني إما أن يكون داخلا فيما يقال في جواب ما هو
أو يكون خارجا عنه
ولما كان المقول في جواب ما هو على الكثرة
إما تمام ماهيتها مطلقا
أو تمام ماهيتها المشتركة بينها وفي نسخة فيها
فالذاتي الخارج عما يقال في جواب ما هو لا يوجد إلا في القسم الأخير ويكون ما يختص ببعض تلك الكثرة بالضرورة وما يختص بالبعض مقوما له فهو ما يفيده الامتياز عما يشاركه فهو صالح للتمييز الذاتي لذلك البعض
والداخل في جواب ما هو
إن كان واقعا وفي نسخة مقولا في جواب ما هو على كثرة أخرى قبل الأولى فحكمه حكم المقول في جواب ما هو
وإن لم يكن واقعا فحكمه حكم الخارج المذكور
2 - ولذلك يصلح أن يكون مقولا في جواب أي شيء هو
فإن أي شيء إنما يطلب به وفي نسخة حذف عبارة به التمييز المطلق عن المشاركات في معنى الشيئية فما دونها وهذا هو المسمى بالفصل
_________
فإذن كل ذاتي لا يصلح في جواب ما هو فهو صالح للتمييز الذاتي وهو الفصل
والفصل قد يكون خاصا بالجنس كالحساس للنامي مثلا فإنه لا يوجد لغيره
وقد لا يكون كالناطق للحيوان عند من يجعله مقولا على غير الحيوانات كبعض الملائكة مثلا
وعلى التقديرين فإن الجنس إنما يتحصل ويتقوم به نوعا وذلك النوع إنما يمتاز بذلك الفصل
أما على التقدير الأول فعن كل ما عداه مما في الوجود
وأما على التقدير الثاني فعن كل ما يشاركه في الجنس فقط فإن الإنسان لا يمتاز بالناطق عن جميع ما في الوجود إذ لا يمتاز به عن الملائكة بل عما يشاركه في الحيوانية فقط
وهو المراد بقوله عما يشاركها في الوجود أو في جنس ما
وقد ذهب الفاضل الشارح وغيره ممن سبقه إلى أن الذاتي الذي لا يصلح لجواب ما هو لا يجوز أن يكون أعم الذاتيات
فهو إما مساو أو أخص منه
والمساوي له هو ما يصلح لتمييزه عما يشاركه في الوجود
والأخص منه هو ما يصلح لتمييز ما يختص به عما يشاركه في الجنس الذي يعمهما
ولزمهم على ذلك تجويز تركب أعم الذاتيات الذي هو الجنس العالي عن أمرين مساويين له ليس ولا واحد منهما بجنس بل يكونان فصلين وذلك غير مطابق للوجود ولا لأصولهم التي بنوا عليها
وفيما ذهبنا إليه غني عن أمثال هذه التمحلات
2 - أقول نبه على أن الفصل هو المقول في جواب أي شيء هو ثم بين أن
3 - وقد يكون فضلا للنوع الأخير كالناطق مثلا للإنسان
وقد يكون للنوع المتوسط فيكون فصلا لجنس نوع أخير وفي نسخة النوع الأخير مثل الحساس فإنه فصل للحيوان وفي نسخة الحيوان وفصل جنس الإنسان وليس جنسا للإنسان وإن كان ذاتيا أعم منه
4 - فيعلم من هذا أنه ليس كل ذاتي أعم جنسا ولا مقولا في جواب ما هو
وكل فصل فإنه بالقياس إلى النوع الذي هو فصله مقوم وبالقياس إلى جنس ذلك النوع مقسم
_________
هذا الإطلاق موافق لعرف اللغة كما بين في جواب ما هو بقوله فإن أي شيء إنما يطلب به التمييز
يعني أن السؤال ب أي قد يطلب به التمييز العام عن جميع الأشياء وذلك إذا أضيف إلى شيء أو ما يجري مجراه فيقال أي شيء هو وقد يطلب به التمييز الخاص عن بعضها مما هو دون الشيء المطلق وذلك إذا أضيف إلى شيء أخص منه
كما يقال أي حيوان هو
وغرض الشي في التلفظ ب الوجود والشيء ههنا تعميم الأشياء التي يطلب التمييز عنها من غير ملاحظة كون الوجود والشيئية عارضين للماهيات على ما فهم الفاضل الشارح فإنه لا فائدة لذلك ههنا
3 - أقول لما فرغ من بيان ماهية الفصل رجع إلى الإشارة التفصيلية إلى أن فصلية كل واحد من الذاتيات التي لا تصلح لجواب ما هو بالقياس إلى أي شيء يكون
وعند وصوله إلى فصل الجنس أشار إلى ما ذكره في مناقضة القائلين فيما مر بأن المقول في جواب ما هو هو الذاتي الأعم مجملا وأحال بيانه إلى هذا الموضع بقوله
4 - يريد أن الفصل الذي يتحصل به الجنس نوعا إنما يكون له اعتباران
_________
أحدهما بقياسه إلى الجنس المتحصل به
والثاني بقياسه إلى النوع المتحصل منه
والأول هو التقسيم فإن الناطق يقسم الحيوان إلى الإنسان وغيره
والثاني هو التقويم فإنه يقوم الإنسان لكونه ذاتيا له
وأما قولهم الفصل مقوم لحصته من الجنس فذلك التقويم غير ما نحن فيه فإنه بمعنى كونه سببا لوجود الحصة لا بمعنى كونه جزءا منه
والتمييز بعد التقويم لأنه عارض بحسب اعتبار الشيء إلى غيره فيكون متأخرا عن اعتباره في نفسه
ومقوم النوع العالي يقوم السافل لأنه يقوم مقومه ولا ينعكس لاحتمال أن يكون مقوم السافل هو ما ينضاف إلى العالي
ومقسم الجنس السافل مقسم العالي لأن العالي مقول على جميع السافل ولا ينعكس لاحتمال أن يكون أقسام العالي هو السافل نفسه
الفصل الرابع إشارة إلى الخاصة والعرض العام

1 - أما الخاصة والعرض العام فمن المحمولات العرضية والخاصة منها وفي نسخة منهما ما كان من العوارض واللوازم وفي نسخة اللوازم والعوارض غير وفي نسخة الغير المقومة لكلي ما واحد من حيث ليس وفي نسخة من حيث إنه ليس لغيره سواء كان ذلك نوعا أخيرا أو غير أخير وسواء عم الجميع أو لم يعم
_________
1 - أقول لما فرغ من المحمولات الذاتية وذكر المحمولات العرضية وهي تنقسم
إلى ما لا يعرض لغير موضوعاتها
وإلى ما يعرض
والأول خاصة
والثاني عرض عام
ويشترط فيهما أن يكون الموضوع كليا
فالخاصة قد تكون
للجنس العالي
كالموجود لا في موضوع للجوهر
وللمتوسط كاللون للجسم
وللنوع الأخير كالكاتب للإنسان
وقد تكون لازمة
ك ذي الزوايا الثلاث للمثلث
ومفارقة كالماشي للحيوان
2 - وأما العرض العام منهما وفي نسخة بدون عبارة منهما فهو ما كان موجودا وفي نسخة منهما موجودا وفي أخرى منها موجودا في كلي وغيره عم الجزئيات كلها وفي نسخة بدون عبارة كلها أو لم يعم
3 - وأفضل الخواص ما عم النوع واختص به وكان لازما لا يفارق الموضوع وفي نسخة لا يفارقه وأنفعها في تعريف الشيء به
_________
وقد تكون عامة لأشخاص موضوعاتها كالضاحك بالطبع للإنسان
وخاصة بالبعض كالكاتب له
وقد تكون مفردة كالكاتب له
ومركبة
ك منتصب القامة بادي البشرة له
وقد تكون بالقياس إلى شيء لا يوجد فيه وإن لم تكن خاصة بالموضوع على الإطلاق
ك ذي الرجلين للإنسان بالقياس إلى الفرس دون الطائر ولا بالقياس إلى شيء بل بالإطلاق كما مر
وكل خاصة نوع خاصة لجنسه وإن علا ولا ينعكس وربما يكون عرضا عاما لما تحته وربما لا يكون
2 - والعرض العام قد يكون أيضا
للجنس العالي كالواحد للجوهر
والنوع الأخير كالأبيض للإنسان
وقد يكون لازما كالزوج للاثنين
ومفارقا كالنائم للإنسان
وقد يكون عاما للجزئيات كالمتحرك للحيوان
وغير عام كالأبيض له
3 - أقول الخاصة
وفي نسخة بدون عبارة به ما كان بين الوجود له وفي نسخة بدون عبارة له مثال الخاصة الضاحك وفي نسخة الضحاك للإنسان وكون الزوايا مثل قائمتين للمثلث
4 - مثال وفي نسخة ومثال العرض العام الأبيض للبيضاني
5 - وربما قالوا العرض مطلقا محذوفا عنه العام
ومتخلفوا وفي نسخة مختلفوا المنطقين يذهبون إلى أن هذا العرض هو العرض الذي يقال مع الجوهر وليس هذا من ذلك بشيء بل معنى هذا العرض هو العرضي المشهور عند الظاهرين وفي نسخة بدون عبارة المشهور عند الظاهرين ولعلها الظاهريين
_________
قد تعتبر من حيث كونها خاصة فقط
وقد تعتبر من حيث وقوعها في التعريفات
وتوجد الخواص متفاوتة في الجودة والرداءة بكل واحد من الاعتبارين
فأفضلها بالاعتبار الأول ما تكون شاملة لأشخاص الموضوع خاصة به لا بالقياس إلى غيره بل على الإطلاق لازمة لها غير مفارقة
وبالاعتبار الثاني ما تكون مع ذلك بينة الوجود له فإن التعريف بالخفي غير منجح
4 - وهو طائر يقال له باليونانية قعنس وفي نسخة ققنس فهو متولد غير متوالد
وقد تذكر له قصة ويتمثل في البياض به كما في السواد بالغراب
5 - إطلاق العرض على ما يوجد للموضوع فقط
وإطلاق الخاصة على ما يكون مع ذلك مساويا له كما ذكر في الجدل
والعرض الذي هو قسيم الجوهر ما يوجد في الموضوع
فلعل الالتباس بين ما يوجد للموضوع وبين ما يوجد فيه بعد الغفلة عن اختلاف معنى الموضوع فيهما حملهم على الذهاب إلى أنهما واحد
وأيضا فإن العرض الذي هو قسيم الجوهر قد يمكن أن يحمل على موضوعه حملا غير ذاتي وظنوه عرضا عاما لذلك وغفلوا عن كونه محمولا عليه بالاشتقاق ووجوب كون العرض العام محمولا بالمواطأة
6 - وقد يكون الشيء بالقياس إلى كلي خاصة وبالقياس إلى ما هو أخص منه عرضا عاما فإن المشي والأكل من خواص الحيوان ومن الأعراض العامة للإنسان وفي نسخة بالقياس إلى الإنسان
_________
6 - أقول كل واحد من الخمسة إنما يكون واحدا منها بالقياس إلى شيء فإن الجنس جنس لشيء والنوع نوع لشيء
ولا يمتنع أن يكون ما هو جنس لشيء نوعا لغيره
وكذلك البواقي وقد يتمثل في هذا الموضع ب الملون فيقال
إنه جنس للأسود
وفصل للكيف
ونوع للمتكيف بوجه ولهذا الملون بوجه آخر
وخاصة للجسم وعرض عام
وليس هذا المثال صحيحا في بعض الصور ولكن لا يناقش في الأمثلة وفي نسخة المثال
الفصل الخامس تنبيه

1 - فهذه الألفاظ الخمسة وهي
الجنس والنوع والفصل والخاصة والعرض العام
تشترك كلها وفي نسخة بدون عبارة كلها في أنها تحمل على الجزئيات الواقعة تحتها بالاسم والحد
_________
1 - أقول هذا أول فصل ترجمه ب التنبيه
وقال الفاضل الشارح الاستقراء يدل على أن الشيخ عبر في هذا الكتاب ب الإشارات عن فصول تشتمل على أحكام تثبت بتجشم
وب التنبيهات عن فصول يكفي في ثبوت أحكامها النظر في حدودها وفيما سبق من القول فيما يناسبها
وهذا الفصل بين كونه من النوع الثاني
ومن عادة المنطقيين في هذا الموضع أن يبينوا
المشاركات العامة
والثنائية
والثلاثية
والرباعية
والمباينات بين هذه الخمسة
فاقتصر الشيخ على بيان مشاركة عامة هي
أن كل واحدة من الخمسة قد تحمل على جزئياتها بالاسم والحد كالجسم على الحيوان وكالجوهر الذي يقبل الأبعاد أعني حد الجسم عليه أيضا
وههنا بحث مهم وهو أن النوع الذي هو أحد الخمسة بأي المعنيين هو
فنقول أنه بالمعنى الحقيقي وذلك لأن الكليات المنحصرة في هذه الأقسام الخمسة هي المحمولات
والنوع الإضافي من حيث هو نوع إضافي موضوع لا يعتبر كونه محمولا على شيء إنما يعتبر كونه محمولا من حيث هو كلي وهو اعتبار آخر
_________
والشيخ قد نبه عليه بقوله تشترك كلها في أنه تحمل على الجزئيات الواقعة تحتها فإن الإضافي النوع لا يقاس إلى ما تحته من حيث هو نوع إضافي بل يقاس إلي ما فوقه
وأيضا القسمة المخمسة تخرج الحقيقي وحده والتي تخرج الإضافي إنما تكون بالقوة مسدسة لأنها لا تخرج الإضافي وحده من غير اعتبار الحقيقي وذلك لأنا نقول إذا أردنا الحقيقي
مثلا الكليات المحمولة
إما ذاتية لموضوعاتها
وإما عرضية
والذاتية إما مقولة في جواب ما هو على مختلفات الحقيقة وهي الجنس أو على متفقاتها وهي النوع
وإما ليست بمقولة وهي الفصل
والعرضية إما مختصة بموضوعاتها وهي الخاصة
أو غير مختصة وهي العرض
فهذه القسمة وما يجري مجراها تخرج الحقيقي وحده مخمسة
وأما إذا أردنا الإضافي فنقول
مثلا الكليات تنقسم
إلى ممكنة الوقوع في جواب ما هو
وإلى ما لا يمكن وقوعها فيه
وممكنة الوقوع إذا ترتبت في العموم والخصوص فالعام جنس للخاص
والخاص نوع له
وما لا يمكن أن يقع في جواب ما هو ينقسم إلى
ذاتي هو الفصل
وإلى عرضي وهو إما الخاصة أو العرض
وهذه القسمة مشتملة على قسم آخر وهو ما يمكن وقوعه في جواب ما هو ولا يترتب أو لا يعتبر ترتبه تحت عام وهو النوع الحقيقي فتكون بالقوة مسدسة ولا محيص عن ذلك في كل قسمة تجري مجراها في إخراج الإضافي
الفصل السادس إشارة إلى رسوم الخمسة

1 - فالجنس يرسم بأنه كلي وفي نسخة الكلي يحمل على أشياء مختلفة الحقائق في جواب ما هو
والفصل يرسم بأنه كلي يحمل على الشيء في جواب أي شيء هو في جوهره
والنوع
يرسم بأحد المعنيين أنه كلي يحمل على أشياء لا تختلف إلا بالعدد في جواب ما هو
ويرسم بالمعنى الثاني أنه كلي يحمل عليه الجنس وعلى غيره حملا ذاتيا أوليا
والخاصة ترسم بأنها كلية تقال على ما تحت حقيقة واحدة فقط قولا غير ذاتي
والعرض العام يرسم بأنه كلي يقال على ما تحت حقيقة واحدة على غيرها قولا غير ذاتي
_________
1 - أقول الكلي هو الجنس للخمسة ولذلك وضعه في أوائل رسومها
والكلي يقع بالاشتراك
على طبائع الموجودات وحدها وهو الطبيعي
وعلى العموم الذي إذا لحقها اشتركت الجزئيات فيها وهو المنطقي
وعلى الملحوق مع اللاحق وهو العقلي
وقد مر ذكرها
_________
فالجنس للخمسة هو المنطقي لا غير
وإنما قال في رسم الفصل يحمل في جواب أي شيء هو في جوهره لأن الخاصة أيضا قد تحمل في جواب أي شيء هو إلا أنها إنما تفعل تمييزا عرضيا لا ذاتيا وجوهريا
وقال في رسم النوع الإضافي إن الجنس يحمل عليه أيضا حملا ذاتيا أولا لأن الجنس البعيد يحمل عليه أيضا حملا ذاتيا لكنه لا يكون أوليا وهو لا يكون نوعا إلا بالقياس إلى القريب
والباقي ظاهر
وإنما جعل هذه الأقوال رسوما لا حدودا لأن الحمل على الشيء أمر عارض لماهية الكليات وغير مقوم إياها فإن الجنس في نفسه هو الكلي الذاتي لمختلفات الحقيقة بالاشتراك سواء حمل عليها أو لم يحمل
وأما حمله عليها أو كونه صالحا لأن يحمل فمما يعرض لها بعد تقومه
وكذلك في البواقي
وإنما أورد الشيخ رسومها دون حدودها لأنها أشد مناسبة لبياناتها المتقدمة
الفصل السابع إشارة إلى الحد

1 - الحد قول دال على ماهية الشيء
2 - ولا شك في أنه يكون مشتملا على مقوماته أجمع
_________
1 - هذا حد الحد
وقد يرسم بأنه قول يقوم مقام الاسم المطابق في الدلالة على الذات
والحد منه تام يشتمل على جميع المقومات كقولنا للإنسان إنه حيوان ناطق
ومنه ناقص يشتمل على بعضها إذا كان مساويا للحدود كقولنا له إنه جسم أو جوهر ناطق
والتام لا يكون إلا واحدا
وأما الحدود الناقصة فكثيرة يفضل بعضها على بعض بحسب ازدياد الأجزاء
وأيضا منه ما يكون بحسب الاسم
ومنه ما يكون بحسب الماهية كما مر
والمراد ههنا هو الذي بحسب الماهية
واسم الحد يقع على التام والناقص بالاشتراك لأن التام دال على الماهية بالمطابقة كالاسم إلا أن الاسم مفرد والحد مؤلف
والناقص دال عليها لا بالمطابقة بل بالالتزام ويقع على الحدود الناقصة بالتشكيك لأن المشتمل على أجزاء أكثر أولى بهذا الاسم من المشتمل على أجزاء أقل
فإذا أطلق هذا الاسم فالواجب أن يحمل على التام الذي هو الحد الحقيقي وحده وإياه عني الشيخ في هذا الفصل
2 - إشارة إلى ما سبق من أن الدال على الماهية إنما يكون مشتملا على جميع المقومات
ويكون لا محالة مركبا من جنسه وفصله لأن مقوماته المشتركة هي جنسه والمقوم الخاص فصله
_________
واعلم أن الشيء الذي يراد تعريفه يكون
إما بسيطا
وإما مركبا
والتركيب إما أن يكون في العقل فقط
وإما أن يكون في العقل وخارجه
والعقلي المحض هو التركيب من الجنس والفصل
ويختص بأن يكون كل واحد من المركب وأجزائه مقولا بالمواطأة على الباقية
والتركيب الخارجي قد يكون من أشياء ملتئمة شيئا واحدا كالآحاد في العدد وكالهيولي والصورة في الجسم وفي نسخة للجسم
أو غير ملتئمة شيئا واحدا كالسواد وغيره في البلقة
أو من شيء وما يحل فيه كالجسم والسواد في الأسود
أو من شيء وإضافته إلى غيره كالرجل والأبوة في الأب
وقد يكون على أنحاء غير ذلك مما يطول ذكرها
وكل مركب خارج العقل مركب في العقل ولا ينعكس
ولكل قسم من هذه الأقسام تعريف يخصه
وأما البسائط فلا تعرف بالحدود بل بالرسوم وما يجري مجراها
وأما المركبات العقلية فهي التي تحد بالحدود التامة المذكورة وهي ذوات الماهيات على الاصطلاح المذكور قبل
وأما المركبات الباقية فحدودها مؤلفة من حدود بسائطها إن كانت ذوات حدود وإلا فمن رسومها
فقول الشيخ الحد قول دال على ماهية الشيء يدل على تخصيص الحد بذوات الماهيات التي هي المركبات العقلية فلذلك وفي نسخة فلأجل ذلك قال ويكون يعني الحد لا محالة مركبا من جنسه وفصله
3 - وما لم يجتمع للمركب ما هو مشترك وما هو خاص لم يتم للشيء حقيقته المركبة
4 - وما لم يكن للشيء تركيب في حقيقته لم يدل وفي نسخة لم يمكن أن يدل عليها بقول
5 - وكل وفي نسخة فكل محدود مركب في المعنى
6 - ويجب أن يعلم أن الغرض في التحديد ليس هو التمييز كيف اتفق ولا أيضا بشرط أن يكون من الذاتيات من غير زيادة اعتبار وفي نسخة اعتبار زيادة آخر بل أن وفي نسخة بدون كلمة أن يتصور به المعنى كما هو
_________
وإذا ثبت هذا فقد سقط الشك الذي يورد عليه وهو قولهم ليس كل حد مركبا من جنس وفصل
3 - يريد ب المركب العقلي الصرف فإن سائر المركبات لا يجب أن يكون مشتملا على مشترك وخاص
4 - يعني بالقول القول الذي يكون حدا فإن البسيط وفي نسخة حقيقية البسيط قد يدل عليه وفي نسخة عليها بقول ولا يدل عليه وفي نسخة عليها بقول يكون حدا بل بقول يكون رسما
وإن لم يكن ذلك القول في بعض الصور قاصرا عن الحدود في إفادة تصور ما يطلب تصوره وذلك إذا كان مشتملا على لوازم تقتضي انتقال الذهن عنها إلى حقيقة ملزومها كما هي فإن ذلك القول يقوم مقام الحد في إفادة الغرض
5 - أقول ههنا صرح بأنه يريد التركيب العقلي
6 - أقول الظاهريون يرون أن الغرض من التحديد هو التمييز فحسب ولذلك يجعلون كل قول يطرد وينعكس على الشيء حدا له
ثم إن تنبه بعضهم للذاتيات والعرضيات جعل المميز الذاتي كيفما كان حدا
والشيخ رد عليهم جميعا وأبان أن الغرض من التحديد تصور المعنى كما هو فإن من يروم تحقيق الأشياء لا يقف دونه وفي نسخة دونها
7 - وإذا فرضنا أن شيئا من الأشياء له بعد جنسه فصلان يساويانه كما قد يظن أن الحيوان له بعد كونه جسما ذا نفس فصلان كالحساس والمتحرك بالإرادة
فإذا أورد أحدهما وحده كفى في الحد وفي نسخة في ذلك الحد الذي يراد به التمييز الذاتي
ولم يكف في الحد الذي يطلب فيه أن يتحقق ذات الشيء وحقيقته كما هو
8 - ولو كان الغرض في الحد التميز بالذاتيات كيف اتفق لكان قولنا الإنسان وفي نسخة للإنسان جسم ناطق مائت حدا
_________
واعلم أن طالب التميز الكلي بالقصد الأول لا يتحصل غرضه إلا بعد أن يعرف الشيء الذي يريد تميزه أولا
ثم الأشياء غير المتناهية التي يريد التميز عنها ثانيا
وأما طالب تصور المعنى كما هو فقد يتحصل له التمييز الكلي تابعا لمقصوده بالقصد الثاني
7 - وقد مر الكلام في كيفية اشتمال الشيء على فصلين متساويين فلا وجه لإعادته
والمنطقي من حيث يجوز ذلك فعليه أن يحكم بوجوب إيراد الفصول جميعا حتى تتم المقومات
8 - هذه حجة جدلية يحتج بها على القوم فإنهم مع قولهم بأن الغرض من الحد هو التميز بالذاتيات اعترفوا بأن هذا ليس حدا تاما وهو مناقض لقولهم
والمائت عندهم فصل أخير بعد الناطق فإن الإنسان يشارك الأفلاك والملائكة بزعمهم في كونهم حيا ناطقا ويمتاز عنها ب المائت
والحق أن الحي الناطق يقع عليهما بمعنيين
الفصل الثامن وهم وتنبيه

1 - إذا وفي نسخة وإذا كانت الأشياء التي يحتاج إلى ذكرها في الحد وفي نسخة بدون عبارة في الحد معدودة وهي مقومات الشيء لم يحتمل التحديد إلا وجها واحدا من العبارة التي تجمع المقومات على ترتيبها أجمع ولم يمكن أن يوجز ولا أن يطول لأن إيراد الجنس القريب يغني عن تعديد واحد واحد من المقومات المشتركة إذ وفي نسخة إذا كان اسم الجنس يدل على جميعها دلالة التضمن
ثم يتم الأمر بإيراد الفصول
وقد علمت أنه إذا زادت الفصول على واحد لم يحسن الإيجاز والحذف إذا كان الغرض بالتحديد وفي نسخة في التحديد تصور كنه الشيء كما هو وفي نسخة على ما هو عليه وذلك يتبعه التمييز أيضا
ثم لو تعمد متعمد أو سها ساه أو نسي ناس اسم الجنس وأتى بدله بحد الجنس لم نقل إنه خرج عن وفي نسخة بدون كلمة عن أن يكون حادا مستعظمين صنيعه وفي نسخة في صنيعه في تطويل الحد
فلا ذلك الإيجاز محمود كل ذلك الحمد وفي نسخة بدون عبارة كل ذلك الحمد ولا هذا التطويل مذموم كل ذك الذم إذا حفظ فيه الواجب من الجمع والترتيب
_________
1 - أقول الوهم في هذا الفصل هو غلط جماعة من المنطقيين في تحديد الحد
2 - وكثيرا ما ينتفع في الرسوم بزيادة تزيد على الكفاية للتمييز وفي نسخة للتميز وستعلم الرسوم عن قريب
3 - ثم قول القائل إن الحد قول وجيز كذا وكذا يتضمن بيانا لشيء إضافي مجهول لأن الوجيز غير محدود
فربما كان الشيء وجيزا بالقياس إلى شيء طويلا بالقياس إلى غيره
واستعمال وفي نسخة فاستعمال أمثال هذا في حدود أمور غير إضافية خطأ قد ذكر لهم في كتبهم فليتذكروه
_________
وذلك قولهم الحد قول وجيز دال على تفصيل المعاني التي يشتمل عليها مفهوم الاسم أو ما يجري مجراه
والتنبيه على فساد ذلك بما ذكره غني عن الشرح
وقد أفاد بقوله إذا حفظ فيه الواجب من الجمع والترتيب فائدة وهي أن الحد لا يتم بجميع المقومات بل يجب مع ذلك أن يترتب فيقدم الأجناس ثم يقيد بالفصول ليتحصل صورة مطابقة للمحدود
2 - يريد بذلك الرد على من يعتبر الإيجاز بأن زيادة ذكر بعض اللوازم أو القيود في الرسوم المميزة يقتضي مزيد الإيضاح وسهولة الاطلاع على حقيقة المطلوب
3 - أقول يشير إلى المواضع الجدلية المتعلقة بالحدود فإن منها موضعا يشتمل على تخطئة تحديد غير الإضافي بالإضافي كمن يحد النار بأنها وفي نسخة بأنه أخف الأجسام وألطفها
واعلم أن الحد مضاف إلى المحدود إلا أن الإضافة عارضة له ليست داخلة في ماهيته
ومن جعل الوجيز جزءا من حده جعلها داخلة في ماهيته
الفصل التاسع إشارة إلى الرسم

1 - وأما إذا عرف الشيء بقول مؤلف من أعراضه وخواصه التي تختص وفي نسخة تخصه جملتها بالاجتماع فقد عرف ذلك الشيء برسمه
_________
1 - أقول ما ذكره الشيخ رسم الرسم
وحده أن يقال هو قول مؤلف من محمولات لا تكون ذاتية بأجمعها أو لا تكون على ترتيبها الواجب يراد به تعريف الشيء
والرسم منه تام يفيد التمييز عن كل ما يغاير المرسوم
ومنه ناقص يفيد التمييز عن بعض ما يغايره
وقيل التام هو الذي يشتمل على الذاتيات والعرضيات والناقص ما اقتصر فيه على العرضيات
وأيضا منه جيد يساوي المرسوم ويكون أبين منه ومنه رديء وهو ما يخالفه فمن شرائط الجودة المساواة للمرسوم لئلا يتناول ما ليس منه أو يخلي عما هو منه
وربما لم يكن كل واحد من العرضيات متساويا واجتمع منه ما يكون مساويا فيصير رسما كما يقال مثلا في رسم الخفاش إنه الطائر الولود
وقول الشيخ التي تختص جملتها بالاجتماع إشارة إلى هذا المعنى
والإشكال الذي أورده الشارح الفاضل وهو أن مساواة اللازم الواقع في الرسم لملزومه لا تعرف إلا بعد معرفة الملزوم فتكون معرفة الملزوم به دورا لا ينحل بما ادعى حله به وهو قوله تقيد اللوازم غير المساوية بعضها ببعض حتى يركب منها ما يكون مساويا ويعرف به ولا يلزم الدور
فإن الإشكال في كيفية معرفة كون المجموع مساويا بحاله
وحله أن يقال المساواة في نفس الأمر هي غير العلم بالمساواة
2 - وأجود الرسوم ما يوضع فيه الجنس أولا ليتقيد وفي نسخة ليفيد وفي أخرى ليتقيد به ذات الشيء
مثاله ما يقال للإنسان إنه حيوان مشاء وفي نسخة مشى على قدميه عريض الأظفار ضحاك بالطبع
ويقال للمثلث إنه الشكل الذي له ثلاث زوايا
_________
والشرط في انتقال الذهن عن اللازم المساوي إلى الملزوم هو المساواة في نفس الأمر لا العلم بها
فإذا نظر الباحث عن الشيء فيما يكتنفه وفي نسخة يكشفه من لوازمه وعوارضه مساوية كانت أو غير مساوية مفرقة أو مركبة وأوصله وفي نسخة وواصله بعضها إلي ذلك الشيء علم بعد ذلك أنه كان مساويا له ولا يلزم الدور
ثم إنه يعرف غيره بما يعرف مساواته ولا يحتاج ذلك الغير أيضا إلى تقدم العلم بالمساواة
واعلم أن اللازم الواحد وإن كان مساويا فإنه لا يكون من حيث هو واحد رسما
وكذلك الفصل وحده لا يكون حدا ناقصا وذلك الواحد منها لا يدل على الشيء المطلوب بالمطابقة وإلا لكان اسمه بل إنما يدل عليه بالالتزام وهو يشتمل على قرنية عقلية موجبة لنقل الذهن من اللازم إلى الملزوم
وتلك القرنية إن صرح بها اقتضت لفظا آخر بإزائه فكان الدال بالحقيقة شيئين لا شيئا واحدا ولهذا السبب تعد الحدود والرسوم في الأقوال دون المفردات من الألفاظ
وأيضا انتقال الذهن من شيء إلى شيء على سبيل اللزوم أمر ضروري ليس للصناعة فيه مدخل
والانتقال من الحدود والرسوم إلى المطالب صناعي وإنما يتعلق بالصناعة تأليف وفى نسخة بتأليف مفرداتها لا غير فهي لا تكون إلا مؤلفة
2 - وذلك لأن اللوازم والخواص بل الفصول لا تدل بالوضع إلا على شيء ما يستلزمها أو يختص بها
3 - ويجب أن يكون الرسم بخواص وأعراض بينة للشيء فإن من عرف المثلث بأنه الشكل الذي زواياه الثلاث وفي نسخة بدون كلمة الثلاث مثل قائمتين وفي نسخة القائمتين لم يكن رسمه إلا للمهندسين وفي نسخة للمهندس
_________
أما ما ذلك الشيء في ذاته وجوهره فلا يدل عليه وفي نسخة عليها إلا بالانتقال العقلي
وإذا وضع الجنس دل على أصل الذات ثم يتم التعريف بإلحاق اللوازم والخواص به
3 - أقول هذا شرط آخر في جودة الرسم وقد سبق ذكره
ولما كان حال الشيء في البيان والخفاء مختلفا وربما كان البين عند شخص خفيا عند آخر يكون بعض الأقوال رسوما عند قوم غير رسوم عند آخرين
وما تمثل به في آخر الفصل وهو أن رسم المثلث بحال الزوايا لا يكون إلا للمهندس فالصحيح أنه لا يكون له أيضا إلا بحسب الاسم دون الماهية فإن المهندس ما لم يعرف حقيقة المثلث لا يمكن أن يعرف حال زواياه فكما كان من الحدود حدود شارحة للاسم وحدود دالة على الماهية فكذلك الرسوم
الفصل العاشر إشارة إلى أصناف من الخطأ تعرض في تعريف الأشياء بالحد
والرسم
1 - إذا عرفت نفعت بأنفسها ودلت على أشكال لها في غيرها
2 - ومن وفي نسخة من القبيح الفاحش وفي نسخة بدون كلمة الفاحش أن تستعمل في الحدود الألفاظ المجازية والمستعارة والغريبة الوحشية وفي نسخة والوحشية بل يجب أن تستعمل فيها وفي نسخة بدون كلمة فيها الألفاظ المناسبة الناصة المعتادة وفي نسخة الألفاظ الناصة المعتادة وفي أخرى التامة المعتدلة الناصة المناسبة
_________
1 - أقول هذه أصول نقلها عما يتعلق بالحدود والرسوم من كتاب الجدل
وهي وأمثالها في ذلك الكتاب تسمى ب بالمواضع
والموضع كل حكم ينشعب منه أحكام أخر يمكن أن يجعل كل واحد منها مقدمة
فمن هذه الأصول ما يتعلق بالألفاظ
ومنها ما يتعلق بالمعاني
وقدم المواضع اللفظية
2 - أقول يريد بالحدود الأقوال الشارحة مطلقا
واللفظ المجازي والمستعار هما ما يطلق على غير ما وضع له لقرينة تقتضي العدول عنه إلى الغير من شبه أو نسبة أو أمر عقلي أو غير ذلك
ويقابلهما الحقيقة
ويفترقان بأن ذلك الإطلاق في المجاز يكون مستمرا وربما لا تلاحظ الحقيقة فيه
3 - فإن اتفق أن لا يوجد للمعنى وفي نسخة في المعنى لفظ مناسب معتاد فليخترع له لفظ من أشد الألفاظ مناسبة وليدل على ما أريد به ثم يستعمل فيه وفي نسخة بدون كلمة فيه
_________
وفي الاستعارة يكون مبتدعا ويلاحظ كون ذلك الإطلاق ليس بحقيقي
فالمجاز في المفردات كإطلاق النور على الهداية والنظر على الفكر وفي المركبات كقوله تعالى واسأل القرية
والاستعارة في المفردات ك ذنب السرحان على الصبح الأول
وفي المركبات كقوله تعالى واخفض جناحك
والألفاظ الغريبة هي التي لا يكون استعمالها مشهورا ويكون بحسب قوم قوم
ويقابلها المعتادة
والوحشية هي التي تشتمل على تركيب ينفر الطبع عنه
ويقابلها العذبة
وإذا اجتمعت الغرابة والوحشية في لفظ فقد سمج جدا
واستعمال أمثال هذه الألفاظ في التعريفات قبيح لأنها محتاجة إلى كشف وبيان فيلزم احتياج القول الشارح إلى قول شارح آخر
والألفاظ الناصة هي التي تعبر عن المقصود صريحا وتزيل الاشتباه عما يكون في معرضه
ويقابلها الموهمة والمغلقة
وفي بعض النسخ بدل المعتادة المعتدلة أي بين الركاكة العامية والمتانة المفرطة التي تعدل بالذهن عن فهم المعنى إلى النظر في اللفظ
3 - أقول قد يتفق ذلك في المفردات وقد يتفق في المركبات وذلك لأن الناظر في المعاني ربما يدرك أشياء لم يدركها واضع لغته أو يسنح له تركيب يحتاج إليه لم يسنح لواضع لغته فلم يضع لها اسما ويحتاج الناظر إلى أن يعبر عنها فيضطر إلى وضع الألفاظ بإزائها
وإنما اشترط المناسبة فيه لأن الانتقال عن المعاني الأصلية إلى غيرها بسبب
4 - وقد يسهو المعرفون في تعريفهم فربما عرفوا الشيء بما هو مثله في المعرفة والجهالة
كمن يعرف الزوج بأنه العدد الذي ليس بفرد
وربما تخطوا ذلك فعرفوا الشيء بما هو أخفى منه كقول بعضهم إن النار هي الأسطقس الشبيه بالنفس
والنفس أخفى من النار
وربما تعدوا ذلك فعرفوا الشيء بنفسه فقالوا إن الحركة هي النقلة وإن الإنسان هو الحيوان البشري
وربما تعدوا هذا فعرفوا الشيء بما لا يعرف إلا بالشيء إما مصرحا وإما وفي نسخة أو مضمرا
أما المصرح فمثل قولهم إن الكيفية ما بها تقع المشابهة وخلافها
ولا يمكنهم أن يعرفوا المشابهة إلا بأنها اتفاق في الكيفية فإنها إنما تخالف المساواة والمشاكلة بأنها اتفاق بالكيفية وفي نسخة في الكيفية لا في الكيفية و النوع غير ذلك
_________
المناسبة كما في المجاز والاستعارة والتشبيه وغيرها طريق مسلوك في جميع اللغات
والمخترع لفظا على هذا الوجه لا يكون خارجا عن مذهب اللغة
ومثال المخترعات في المفردات العقل والنفس وفي المركبات القياس والاستقراء
4 - أقول هذه هي المواضع المعنوية
فمنها تعريف الشيء بما يساويه في المعرفة والجهالة
ثم بما هو أخفى ثم بنفسه
ثم بما لا يعرف إلا به
إما بمرتبة واحدة وهو دور ظاهر
أو بمراتب وهو دور خفي
وجميع ذلك رديء على الترتيب المذكور
فالتعريف بالمساوي رديء لأنه لا يفيد المطلوب وبالأخفى أردأ منه لأنه أبعد عن الإفادة
وأما المضمر فهو أن يكون المعرف به ينتهي تحليل تعريفه إلى أن يعرف بالشيء وإن لم يكن ذلك في أول الأمر مثل قولهم إن الاثنين زوج أول ثم يحدون الزوج بأنه عدد ينقسم وفي نسخة منقسم بمتساويين
ثم يحدون المتساويين بأنهما شيئان كل واحد منهما يطابق الآخر مثلا
ثم يحدون الشيئين بأنهما اثنان ولا بد من استعمال لفظ وفي نسخة بدون كلمة لفظ الاثنينية في حد الشيئين من حيث إنهما وفي نسخة هما شيئان
5 - وقد يسهو المعرفون فيكررون الشيء في الحد حيث لا حاجة إليه وفيه وفي نسخة بدون عبارة فيه ولا ضرورة
_________
وبنفس الشيء أردأ منه لأن الأخفى يمكن أن يصير أقدم معرفة في بعض الصور فيعرف به ولا يتصور ذلك في نفس الشيء
والدوري أردأ منه لأن
الأول يقتضي أن يكون للشيء على نفسه تقديم واحد
والثاني يقتضي أن يكون له تقديمات فوق واحدة
والدور الظاهر أشنع والخفي أردأ في الحقيقة
والأمثلة مذكورة في المتن
وقد أورد في مثال التعريف بالمساوي تعريف الزوج بأنه ليس بفرد والزوج يقابل الفرد تقابل التضاد بحسب الشهرة وتقابل العدم والملكة بحسب الحقيقة
فتعريفه به تعريف بالمساوي بحسب الشهرة
وهو مراد الشيخ وتعريف دوري بحسب الحقيقة لأن العدم يعرف بالملكة فتعريف الملكة به يقتضي دورا
5 - أقول التكرار قد يقع للحدود في الحد وقد يقع للحد
وقد يقع لبعض أجزائه
وأيضا قد يقع بحسب الحاجة له
وقد يقع بحسب الضرورة
وقد يقع لا بحسبها
والرديء ما يشتمل على تكرار لا حاجة إليه ولا ضرورة فيه
أعني الضرورة التي تتفق في تحديد بعض المركبات والإضافيات على ما يعلم في غير هذا الموضع
ومثال هذا الخطأ قولهم إن العدد كثرة مجتمعة من الآحاد والمجتمعة من الآحاد هي الكثرة بعينها
ومثل من يقول إن الإنسان حيوان جسماني ناطق
والحيوان مأخوذ في حده الجسم حين يقال إن جسم ذو نفس حساس متحرك بالإرادة فيكونون وفي نسخة فيكون قد كرروا
_________
فمثال ما يكرر المحدود في الحد أن يقال الإنسان حيوان بشري
ومثال ما يكرر الحد أو بعض أجزائه ما ذكره الشيخ في تعريف العدد والإنسان
والتكرار بحسب الحاجة كما يكون في الجواب عن سؤال يشتمل على تكرار كمن يسأل عن حد الإنسان الحيوان مثلا ويحتاج المجيب في جوابه إلى إيراد أحديهما فيقع فيه تكرار بحسب الحاجة وهو غير قبيح بالنظر إلى السؤال قبيح لولا السؤال
وبحسب الضرورة كما يقع في حدود بعض المركبات والإضافيات
والمركبات التي يقع في حدودها تكرار هي ما تتركب عن الشيء وعن عرضي ذاتي له فيقع الشيء مرة في حده ومرة في حد عرضه الذاتي الذي يشتمل حده على ذكر معروضه ضرورة كما مر
ومثال المشهور ههنا الأنف الأفطس فإن الأفطس لا يمكن أن يحد إلا مع ذكر الأنف لأن الفطوسة تقعير يختص بالأنف لا أي تقعير يتفق
والأفطس ههنا غير الأفطس الذي يقال في صفة صاحب الأنف حين يقال الرجل الأفطس لأن هذا عرض ذاتي بخلاف ذلك
وقد قيل في تفسير الأفطس إنه
إما أنف ذو تقعير
أو ذو التقعير في الأنف
فعلى الأول يكون قولنا أنف أفطس مشتملا على تكرار لا فائدة فيه لأن معناه أنف هو أنف ذو تقعير
وعلى الثاني لا يجوز أن يكون الأنف ذا تقعير في الأنف لأن الأنف لا يكون له
6 - وهذان المثالان قد يناسبان بعض ما سلف مما سبقت الإشارة إليه وفي نسخة إليه الإشارة ولكن الاعتبار مختلف
7 - واعلم أن الذين يعرفون الشيء بما لا يعرف إلا بالشيء هم في حكم المكررين للمحدود في الحد وفي نسخة بزيادة ولكن يعرض لهم الخطأ في التعريف بالمجهول والتكرير في المعلوم وفي أخرى بالمعلوم
_________
أنف فضلا على أن يكون ذا تقعير بل إنما يسمى صاحب الأنف أفطس لأنه ذو تقعير في الأنف
وحينئذ يكون معناه أنف هو شخص ذو تقعير في الأنف
وكلاهما غير صحيح
والصحيح أن تفسير الأفطس هو ذو تقعير لا يكون إلا للأنف
وحينئذ لا يمكن أن يكون صاحب الأنف أفطس لأنه لا يكون ذا شيء لا يكون ذلك الشيء له
ويكون معنى أنف أفطس أنف هو ذو تقعير لا يكون إلا للأنف
وأما التكرار في الإضافيات فسيجيء بيانه
6 - فبعض ما سلف هو تعريف الشيء بنفسه وبما لا يعرف إلا به
والمناسبة هو وقوع التكرار فيهما وذلك لأن تعريف الشيء بنفسه إنما يشتمل على تكرار لكنه يكون للمحدود في الحد
وفي هذين المثالين يكون للحد أو لبعض أجزائه ولكن الاعتبار مختلف لأن السهو من جهة تعريف الشيء بما يقتضي تقديم معرفته على نفسها غير السهو من جهة تكرار لا يحتاج إليه ولا ضرورة فيه
7 - وذلك لأن القائل الكيفية ما بها تقع المشابهة كأنه يقول الكيفية ما بها يقع اتفاق في الكيفية
وهذا تكرار للمحدود في الحد
والمراد بيان التناسب من الجانبين
الفصل الحادي عشر وهم وتنبيه

1 - إنه وفي نسخة وإنه قد يظن بعض الناس أنه لما كان المتضايفان يعلم كل واحد منهما وفي نسخة بدون عبارة منهما مع الآخر أنه وفي نسخة بدون عبارة أنه يجب من ذلك أن يعلم كل واحد منهما بالآخر فيؤخذ كل واحد منهما في تحديد الآخر جهلا بالفرق
بين ما لا يعلم الشيء إلا معه
وبين ما لا يعلم الشيء إلا به
فإن ما وفي نسخة وما لا يعلم الشيء إلا معه يكون لا محالة مجهولا مع كون الشيء مجهولا
ومعلوما مع كونه معلوما
وما لا يعلم الشيء إلا به يجب وفي نسخة فيجب أن يكون معلوما قبل الشيء لا مع الشيء
_________
1 - المتضايفان يكونان معا في الوجود والعقل فتعريف أحدهما بالآخر تعريف للشيء بالمساوي فيجب أن يعرف كل واحد منهما بإيراد السبب الذي يقتضي كونهما متضايفين ليتحصلا منه معا في العقل
ويخص البيان بالذي يراد تعريفه منهما
وهذا يستدعي تلطفا
ومثاله ما ذكره في حد الأب أنه حيوان يولد آخر من نوعه من نطفته من حيث هو كذلك
ف الحيوان هو الأب والآخر من نوعه هو الابن لكنهما أخذا عاريين عن الإضافة
ومن نطفته سبب تضايفهما
ومن حيث هو كذلك تكرار ضروري لما مضى وهو الذي يضيف معنى الإضافة إلى الحيوان هو الذي الأب ويخص البيان به لأن الأب إنما يكون مضافا إلى الابن من هذه الحيثية
ومن القبيح الفاحش أن يكون إنسان وفي نسخة الإنسان لا يعلم ما الابن وما الأب فيسأل عن الأب فيقول وفي نسخة فيقال هو الذي له ابن وفي نسخة الابن فيقول لو كنت أعلم الابن لما احتجت إلى استعلام الأب إذ وفي نسخة إذا كان العلم بهما معا
ليس الطريق هذا بل ههنا ضرب آخر وفي نسخة بدون كلمة آخر من التلطف مثل أن يقال مثلا إن الأب حيوان تولد وفي نسخة يولد آخر من نوعه من نطفته من حيث هو كذلك
فليس في جميع أجزاء هذا التبيين شيء يتبين بالابن ولا فيه حوالة عليه وفي نسخة بدون عبارة عليه
2 - ولا تلتفت إلى ما يقوله صاحب إيساغوجي في باب رسم ا لجنس بالنوع وقد تكلم وفي نسخة تكلمت عليه في كتاب الشفاء
_________
2 - أقول رسم الجنس في التعليم الأول بأنه القول على كثيرين مختلفين بالنوع في جواب ما هو
ورسم النوع بأنه المقول عليه وعلى غيره الجنس في جواب ما هو
فوقع دور في ظاهر الرسمين
وحمله فرفوريوس صاحب إيساغوجي على أن المضافين لما كان ماهية كل واحد منهما بالقياس إلى الآخر فوجب أن يؤخذ كل واحد منهما في حد الآخر
وأشار الشيخ في الشفاء إلى أنه ليس بحل الشك بل زيادة الشك بتعميمه جميع المتضايفات
ثم بين أن ما كان بإزاء لفظ النوع في اللغة اليونانية كان في الوضع الأول يدل على صورة الشيء وحقيقته ثم نقل بحسب الاصطلاح إلى أحد الخمسة
فالنوع المستعمل في حد الجنس هو المعنى الأول اللغوي فكأنه قال الجنس هو
فهذا هو الآن ما أردناه من الإشارة إلى تعريف التركيب الموجه نحو التصور
ونحن منتقلون إلى تعريف التركيب الموجه نحو التصديق
_________
المقول على كثيرين مختلفين بالحقيقة في جواب ما هو
ثم عرف النوع المصطلح بالجنس ولم يكن دورا
النهج الثالث في التركيب الخبري

الفصل الأول إشارة إلى أصناف القضايا

1 - هذا الصنف من التركيب الذي نحن مجمعون على أن نذكره هو التركيب الجبري وهو الذي يقال لقائله إنه صادق فيما قاله أو كاذب
_________
1 - قيل عليه الصدق والكذب لا يمكن أن يعرفا إلا بالخبر المطابق وغير المطابق فتعريف الخبر بهما تعريف دوري
والحق أن الصدق والكذب من الأعراض الذاتية للخبر فتعريفه بهما تعريف رسمي أورد تفسيرا للاسم وتعيينا لمعناه من بين سائر التراكيب
ولا يكون ذلك دورا لأن الشيء الواضح بحسب ماهيته ربما يكون ملتبسا في بعض المواضع بغيره ويكون ما يشتمل عليه من أعراضه الذاتية الغنية عن التعريف أو غيرها مما يجري مجراها عاريا عن الالتباس
فإيراده في الإشارة إلى تعين ذلك الشيء إنما يلخصه ويجرده عن الالتباس
وإنما يكون دورا لو كانت تلك الأعراض أيضا مفتقرة إلى البيان بذلك الشيء
وههنا إنما يحتاج إلى تعيين صنف واحد من أصناف التركيبات فيه اشتباه لأنه لم يتعين بعد
وليس في الصدق والكذب اشتباه
فيمكننا أن نقول إنا نعني بالخبر التركيب الذي يشتمل حد الصدق والكذب عليه
كما لو وقع اشتباه في معنى الحيوان مثلا فيمكننا أن نقول إنا نعني به ما يقع في تعريف الإنسان موقع الجنس ولا يكون دورا
2 - وأما ما هو مثل الاستفهام والالتماس والتمني والترجي والتعجب ونحو ذلك فلا يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب وفي نسخة فلا يقال فيها صادق أو كاذب إلا بالعرض من حديث قد يعرض وفي نسخة يعبر بذلك عن الخبر
3 - وأصناف التركيب الخبري ثلاثة
_________
2 - وفي بعض النسخ من حيث قد يعبر بذلك عن الخبر وهذا تأكيد لما ذهبنا إليه فإنه قد صرح بأن الصدق والكذب يعرضان لتركيب واحد هو الخبر ولا يعرضان لغيره من التركيبات إلا بعد صيرورتها خبرا بالقوة
والتعريض بالاستفهام عن الخبر كما يقال ألست قلت كذا ويراد به أنك قلت
وبالالتماس كما يقال تفضل بكذا ويراد به أني أريد تفضلك به
وكذلك في سائرها
3 - وذلك لأن التركيب
إما أن يكون أول تركيب يقع عن مفردات أو ما في قوتها
أو لا يكون بل يكون مما تركب مرة أو مرارا
أما المفردات فالتركيب المشتمل على الحكم منها لا يكون إلا بحمل البعض على البعض أو سلبه عنه وهو الحملي
وأما المركبات بالتركيب الأول المذكور وما بعده فالتركيب المشتمل على الحكم إذا طرأ عليها لم يمكن أن يجعل بعضها محمولا على البعض فإن بعض الأقوال الجازمة لا يكون البعض الآخر فإذن لا بد من أن يعلق بعضها ببعض بوجود نسبة أو لا وجودها بينها
والنسبة تقتضي إما اتصالا وأما وفي نسخة أو انفصالا
فالذي يعتبر فيه وجود اتصال أو لا وجوده هو المتصل
والذي يعتبر فيه وجود انفصال أو لا وجوده هو المنفصل
فإذن التركيب الخبري ثلاثة
4 - أولها الذي يسمى الحملي وهو الذي يحكم فيه بأن معنى محمول على معنى أو ليس بمحمول عليه
مثاله قولنا إن الإنسان حيوان وإن وفي نسخة الإنسان حيوان أو الإنسان ليس بحيوان
فالإنسان وما يجري مجراه في أشكال هذا المثال هو المسمى ب الموضوع
وما هو مثل الحيوان ههنا فهو المسمى بالمحمول وليس حرف سلب
5 - والثاني والثالث يسمونهما الشرطي
_________
وإنما قال وأصناف التركيب الخبري ولم يقل وأنواعه نظرا إلى المواد وذلك لأنا إذا قلنا طلوع الشمس مستلزم لوجود النهار أو قلنا إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود لم تتغير ماهية الخبر في قولنا عن خبريته المتعينة وقد تغير التركيب بالحمل والوضع
فإذن هذه الأمور لا مدخل لها في تحصيل ماهيات الأخبار المتعينة فليست بفصول لها بل هي عوارض تلحقها بحسب ما تقتضيه أحوالها الخارجة بعد تحصيل خبريتها فتصيرها أصنافا
وإذا نظرنا إلى الصور فلا شك في أن الحملي والشرطي نوعان تحت الخبر وكذا المتصل والمنفصل تحت الشرطي
وحينئذ ينبغي أن تحمل الأصناف في قوله على الوضع اللغوي دون الاصطلاحي
4 - ما يعدم الحمل فيه أعني السالبة يسمى أيضا حمليا لأن الأعدام قد تلحق بالملكات في بعض أحكامها
5 - أما المتصل فاستحقاقه لأن يسمى شرطيا بحسب اللغة العربية ظاهر
وأما المنفصل فيلحق به لأنه يشاكله في التركيب
وأيضا حقيقة الشرط هي تعليق أحد الحكمين بالآخر وهو موجود في كليهما على السواء فلذلك سميا شرطيين
6 - وهو ما يكون التأليف فيه بين خبرين قد أخرج كل واحد منهما عن خبريته إلى غير ذلك ثم قرن بينهما ليس على سبيل أن يقال إن أحدهما هو الآخر كما كان في الحملي بل على سبيل أن أحدهما يلزم الآخر ويتبعه
7 - وهذا يسمى الشرطي وفي نسخة بدون كلمة الشرطي المتصل والوضعي
أو على سبيل أن أحدهما يعاند الآخر ويباينه
وهذا يسمى الشرطي وفي نسخة بدون كلمة الشرطي المنفصل
مثال الشرطي المتصل قولنا إذا وقع خط على خطين متوازيين كانت الخارجة من الزوايا مثل الداخلة المقابلة وفي نسخة بدون المقابلة
ولولا إذا وكانت لكان وفي نسخة كان كل واحد من القولين خبرا بنفسه
مثال الشرطي المنفصل قولنا إما أن تكون هذه الزاوية حادة أو منفرجة أو قائمة
وإذا حذفت إما و أو كانت هذه قضايا فوق واحدة
_________
6 - وذلك لانقطاع تعلق الصدق والكذب بهما حال كونهما جزئي شرطي ووجود تعلقهما بالمؤلف
7 - إنما يسمى المتصل وضعيا لأنه يشتمل على وضع المقدم المستلزم للتالي فإن الشرط فيه لا يقتضي التشكك في المقدم كما ذهب إليه قوم بل يقتضي تعلق الحكم بوضعه فقط
وباقي الفصل غني عن الشرح
الفصل الثاني إشارة إلى السلب والإيجاب

1 - الإيجاب الحملي هو مثل قولنا الإنسان حيوان
ومعناه أن الشيء الذي نفرضه في الذهن إنسانا كان موجودا في الأعيان أو غير موجود فيجب أن نفرضه حيوانا ونحكم عليه بأنه حيوان من غير زيادة متى وفي أي حال بل على ما يعم المؤقت والمقيد ومقابليهما وفي نسخة ومقابلهما
والسلب الحملي هو مثل قولنا الإنسان ليس بجسم وفي نسخة بحجر وحاله تلك الحال وفي نسخة الحالة
_________
1 - ليس من شرط موضوع القضية
أن يكون موجودا في الأعيان فإنا نحكم على موضوعات ليست بموجودة في الأعيان أحكاما إيجابية فضلا عن السلبية كما على أشكال هندسية لم يحكم بوجودها
ولا أن لا يكون موجودا في الأعيان فإنا نحكم أيضا على موضوعات موجودة بحكم كالعالم وما فيه
بل من شرطه أن يكون متمثلا في الذهن مفروضا شيئا ما بالفعل كقولنا الإنسان فإنه ينبغي أن نفرضه في الذهن إنسانا بالفعل فقط
ثم إذا حكمنا عليه بأنه كذا أو ليس كذا فلسنا نريد أن هذا الحكم حاصل في وقت ما معين أو غير معين
أو في جميع الأوقات
ولا أنه حاصل من حيث لا نعتبر فيه توقيتا أصلا حتى لو أردنا أن نوقته لكنا خالفنا مقتضى ذلك الحكم
ولا نريد أيضا أنه حاصل بشرط أو قيد مثلا بشرط كونه إنسانا أو غير ذلك ولو أنه حاصل من حيث لا نعتبر فيه شرطا أصلا حتى لو أردنا أن نقيده بشرط لكنا قد خالفنا مقتضى ذلك الحكم
بل نريد أن الحكم حاصل فقط من حيث يحتمل اقترانه بالتوقيت واللاتوقيت والتقييد
2 - والإيجاب المتصل وفي نسخة والإيجاب في الشرطي المتصل هو وفي نسخة بدون كلمة هو مثل قولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود
أي إذا فرض الأول منهما المقرون به حرف الشرط موجودا وفي نسخة بدون كلمة موجودا ويسمى المقدم لزمه الثاني وفي نسخة التالي المفرون به حرف الجزاء ويسمى التالي أو صحبه من غير زيادة شيء آخر بعد وفي نسخة بعده
والسلب المتصل هو ما يسلب هذا اللزوم أو الصحبة
مثل قولنا ليس إذا كانت الشمس طالعة فالليل موجود
والإيجاب المنفصل مثل قولنا إما أن يكون هذا العدد زوجا وإما أن يكون فردا
وهو الذي يوجب الانفصال والعناد
والسلب المنفصل هو ما يسلب الانفصال وفي نسخة هذا الانفصال والعناد مثل قولنا ليس إما يكون هذا العدد زوجا
_________
ولنا أن نلحق به ما شئنا من ذلك فيصير بسبب اقترانه به مخصصا يرتفع عنه ذلك الاحتمال العام لجميعها
أما قبل الإلحاق فهو مجرد عن جميع ذلك
فهذا مفهوم مجرد الحكم بالإيجاب كان أو بالسلب
2 - أقول الاتصال
قد يكون بلزوم كما في قولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود
وقد يكون باتفاق كقولنا إن الشمس طالعة فالحمار ناهق
ويشملهما الصحبة المطلقة
والإيجاب المتصل هو الحكم بوجود لزوم التالي للمقدم أو صحبته إياه
وإن لم يكن اللزوم معلوما ولا الاتفاق سواء كان كل واحد من المقدم والتالي موجبة أو سالبة من غير تقييد ولا تقييد أو توقيت ولا توقيت
وإما وفي نسخة أو أن يكون وفي نسخة بدون عبارة أن يكون منقسما
بمتساويين وفي نسخة بمساويين
_________
والسلب فيها هو الحكم بلا وجوده هذا اللزوم أو الصحبة
كذلك الإيجاب في المنفصلة هو الحكم بوجود الانفصال والعناد بين أجزائها
والسلب هو الحكم بلا وجود سواء كانت أجزاؤها موجبة أو سالبة أو مختلطة منهما
وأجزاء الانفصال لا تستحق أن تسمى مقدما وتاليا فإن سميت كانت مجازا وذلك لأنها غير متميزة بالطبع إذ لا تفاوت في تقديم أيها اتفق ولأنها يجوز أن تكون فوق اثنين ولذلك ذكر الشيخ التسمية بهما في المتصلة دون المنفصلة
الفصل الثالث إشارة إلى الخصوص والإهمال والحصر

إذا كانت القضية حملية وموضوعها شيء جزئي سميت مخصوصة إما موجبة وإما سالبة
مثل قولنا زيد كاتب زيد ليس بكاتب
وإذا كان موضوعها كليا ولم تتبين وفي نسخة تبين كمية هذا الحكم أعني الكلية والجزئية بل أهمل فلم يدل على أنه عام لجميع ما تحت الموضوع أو غير عام سميت مهملة مثل قولنا الإنسان في خسر الإنسان ليس في خسر وفي نسخة ليس الإنسان في خسر
فإن كان إدخال الألف واللام يوجب تعميما وشركة وإدخال وفي نسخة وتركهما وإدخال التنوين يوجب تخصيصا فلا مهمل وفي نسخة فلا مهملة في لغة العرب وليطلب ذلك في وفي نسخة من لغة أخرى
وأما الحق في ذلك فلصناعة النحو ولا نخلطها وفي نسخة نخالطها بغيرها
وإذا كان موضوعها كليا وبين وفي نسخة وتبين قدر الحكم فيه وفي نسخة بدون عبارة فيه وكمية موضوعه فإن القضية تسمى محصورة
_________
1 - وجميع ذلك ظاهر
فإن كان بين أن الحكم عام سميت القضية كلية
وهي
إما موجبة مثل قولنا كل إنسان حيوان
وإما سالبة مثل قولنا ليس واحد وفي نسخة ولا واحد من الناس بحجر
2 - وإن كان إنما وفي نسخة بدون عبارة إنما بين الحكم وفي نسخة أن الحكم في البعض ولم يتعرض للباقي أو تعرض بالخلاف
فالمحصورة جزئية
إما موجبة كقولنا بعض الناس كاتب
3 - وإما سالبة كقولنا ليس بعض الناس بكاتب وفي نسخة كاتبا أو ليس كل الناس بكاتب فإن فحواهما واحد وليسا يعمان وفي نسخة ليستا تعمان وفي أخرى ليس يعمان في السلب
_________
2 - فنقول الحكم على البعض لا ينافي الحكم على الكل فإن بعض الناس حيوان كما أن كلهم حيوان بل الحكم الكلي يصدق معه الجزئي ولا ينعكس ولذلك كان الجزئي أعم صدقا من الكلي
وقد يسبق إلى بعض الأوهام أن تخصيص البعض بالحكم يدل على كون الباقي بخلافه وإلا فلا فائدة للتخصيص وذلك ظن لا يجب أن يحكم على أمثاله
إنما الواجب أن يحكم على ما يدل الكلام عليه بالقطع دون ما يحتمله
والحاصل أن صيغة المحصورة الجزئية تدل على حكم الجزئي بالقطع مع الاحتمال للكلي إن لم يتعرض للباقي ومع احتماله إن تعرض وذكر أن الباقي بخلافه
3 - أما قولنا ليس بعض الناس بكاتب فهو صيغة مطابقة للسلب الجزئي محتملة لأن يصدق معها السلب الكلي كما مر
وأما قولنا ليس كل إنسان بكاتب فهو صيغة السلب عن الكل لا للسلب الكلي ولا للسلب الجزئي
أعني أنه يدل على سلب الكتابة عن جميع الناس لا عن كل واحد منهم ولا عن بعضهم
4 - واعلم أنه وإن كان في لغة العرب قد يدل ب الألف واللام على العموم فإنه قد يدل به على تعيين الطبيعة فهناك لا يكون موقع الألف واللام هو موقع كل
ألا ترى أنك تقول وفي نسخة قد تقول الإنسان عام ونوع ولا تقول كل إنسان عام ونوع وفي نسخة بدون جملة ولا تقول كل إنسان عام نوع وتقول الإنسان هو الضحاك ولا تقول كل إنسان هو الضحاك
وقد يدل به على جزئي جرى ذكره أو عرف حاله فتقول الرجل وتعني به واحدا بعينه وتكون القضية حينئذ مخصوصة
_________
ويحتمل أن يصدق معه إما السلب الكلي وإما السلب الجزئي
ولا يمكن أن يخلو عنهما معا في نفس الأمر لكنه إذا صدق الكلي صدق الجزئي من غير انعكاس وفي نسخة عكس فالجزئي صادق معه دائما دون الكلي
فالحاصل أن هذه الصيغة تستلزم السلب الجزئي قطعا ويحتمل معه السلب الكلي كما كانت الصيغة الأولى من غير تفاوت
وهذا معنى قوله فإن فحواهما واحد وليسا يعمان في السلب
وفحوى الكلام هو ما يفهم عنه على سبيل القطع سواء دل عليه بالوضع أو بالعقل
4 - قد ذكرنا أن المعاني الأصلية التي سميناها بالطبائع فإنها من حيث هي لا كلية ولا جزئية ولا عامة ولا خاصة ولا كثيرة ولا واحدة
وإنما تصير شيئا من ذلك بانضياف لاحق إليها يخصصها به فلا تخلو تلك الطبائع
إما أن تحكم عليها من حيث هي
أو يحكم عليها مع لاحق يقتضي تعميم الحكم أو تخصيصه أو مع لاحق يجعلها واحدا شخصيا معينا
ويحصل من الأول قضية مهملة
ومن الثاني محصورة كلية أو جزئية
واعلم أن اللفظ الحاصر يسمى سورا مثل كل وبعض ولا واحد ولا كل ولا بعض وما يجري هذا المجرى مثل طرا وأجمعين في الكلية الموجبة وفي نسخة بدون عبارة الكلية الموجبة ومثل هيج بالفارسية في الكلي السالب
_________
ومن الثالث مخصوصة
والألف واللام تدل بالاشتراك على الأحوال الثلاثة
إما على العموم وتسمى لام الاستغراق فكما في قولنا الإنسان حيوان أي كل إنسان وهي محصورة كلية
وإما على تعيين الطبيعة فكما في قولنا الإنسان نوع وعام وقولنا الإنسان هو الضحاك وهي مهملة
وإما على التخصيص وفي نسخة الشخص وتسمى لام العهد فكما في قولنا
قال الشيخ وهي مخصوصة
وباقي الفصل ظاهر
الفصل الرابع إشارة إلى حكم المهمل

1 - اعلم أن المهمل وفي نسخة بدل السابق كله وأن المهمل ليس يوجب التعميم لأنه إما أن تذكر فيه طبيعة تصلح أن تؤخذ كلية وتصلح أن تؤخذ جزئية فأخذها الساذج بلا قرينة وفي نسخة بدون عبارة كلية وتصلح أن تؤخذ جزئية فأخذها الساذج بلا قرينة مما لا يوجب أن يجعلها كلية
ولو كان ذلك يقضي وفي نسخة يقتضي عليها بالكلية والعموم لكانت طبيعة الإنسان تقتضي أن تكون عامة فما دام وفي نسخة فما كان الشخص يكون إنسانا لكنها لما كانت
تصلح أن تؤخذ كلية وهناك تصدق جزئية أيضا فإن المحمول على الكل محمول على البعض وكذلك المسلوب
وتصلح أن تؤخذ جزئية
ففي الحالتين يصدق الحكم بها جزئيا
فالمهملة في قوة الجزئية وكون القضية جزئية الصدق تصريحا لا يمنع أن تكون مع ذلك كلية الصدق
_________
1 - أقول الحكم في المهملة على الطبيعة المجردة المذكورة
وصيغة القضية لا تدل بالوضع على كلية الحكم ولا على جزئيته بل يحتمل كل واحد منهما ولا يخلو في نفس الأمر عنهما معا كما مر في السلب عن الكل لكن الكلية منها تستلزم الجزئية من غير عكس فالجزئية صادقة في كل حال
والكلية باقية على الاحتمال
فليس إذا حكم على البعض بحكم وجب من ذلك أن يكون الباقي بالخلاف
فالمهمل وإن كان بصريحه في قوة الجزئي فلا مانع أن يصدق كليا
_________
فإذن فحوى القضية الحكم على البعض بالقطع كما كان في المحصورتين الجزئيتين وهذا هو السبب لكونها في قوة الجزئية
وإنما قال وفي نسخة قيل في قوتها لأنها ليست تدل بالوضع على ذلك بل بالعقل
والفاضل الذي حكم بأن دلالة الالتزام مهجورة في العلوم مطلقا فقد اضطر إلى أن حكم بأن هذه الدلالة دلالة الالتزام
وألفاظ الكتاب ظاهرة
ولما بين أن المهملة في حكم الجزئية وكانت الشخصيات مما لا يعتد بها في العلوم فإذن القضايا المعتبرة هي المحصورات الأربع
الفصل الخامس إشارة إلى حصر الشرطيات وإهمالها وفي نسخة إلى القضايا
الشرطية
1 - والشرطيات أيضا قد يوجد فيها إهمال وحصر فإنك إذا قلت كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود
وقلت وفي نسخة أو قلت دائما إما أن يكون العدد وفي نسخة هذا العدد زوجا وإما أن يكون وفي نسخة أو يكون فردا فقد حصرت الحصر وفي نسخة بدون كلمة الحصر الكلي الموجب
وإذا قلت ليس ألبتة إذا كانت الشمس طالعة فالليل موجود أو قلت ليس ألبتة إما أن تكون الشمس طالعة وإما وفي نسخة بدون عبارة وإما أن يكون النهار موجودا
فقد حصرت الحصر الكلي السالب
وإذا قلت قد يكون إذا طلعت الشمس فالسماء متغيمة
أو قلت قد يكون إما أن وفي نسخة بدون كلمة أن يكون في الدار زيد وإما أن يكون فيها عمرو
فقد حصرت الحصر الجزئي الموجب وفي نسخة السالب
_________
1 - أقول حصر الشرطيات وإهمالها لا يتعلق بحال أجزائها في الحصر والإهمال بل بحال الاتصال والانفصال
فإن الحكم بتعميم ثبوتهما أو تخصيصه يقتضي الحصر
والحكم المجرد من غير بيان تعميم أو تخصيص يقتضي الإهمال
وتقييد الحكم بحال لا يقبل الشركة يقتضي الخصوص
وأما تلخيص ذلك على التفصيل فبأن نقول
_________
كلية الحكم الإيجابي في المتصلة اللزومية ليست بتكثر مرات الوضع بل بحصول التالي عند وضع المقدم في جميع أوقات الوضع ولا بذلك وحده بل وبتعميم الأحوال التي يمكن فرضها مع وضع المقدم
فإنا إذا قلنا كلما كان زيد يكتب فيده تتحرك فلسنا نذهب فيه إلى أن هذه الصحبة إنما تحصل في مرات غير معدودة بل نريد أنها إنما تحصل في جميع أوقات كتابته ولا نقتصر عليها أيضا بل نزيد مع ذلك أن كل حال يمكن أن تفرض مع كونه كاتبا مثل كونه قائما أو قاعدا أو كون الشمس طالعة أو كون الحمار ناهقا وغير ذلك مما لا يتناهى فإن حركة اليد حاصلة مع الكتابة في جميع تلك الأحوال بشرط كون تلك الأحوال ممكنة مع وضع الكتابة
وإذا كانت كليته هذه فجزئيته أن تكون في بعض تلك الأحوال من غير تعرض لباقيها
ومثال ما يختص ببعض الأحوال قولنا قد يكون إذا كان هذا حيوانا كان وفي نسخة فهو كان إنسانا فإن ذلك يلزم حال كونه ناطقا دون سائر الأحوال
والسالبة أعني لازمة السلب لا سالبة اللزوم على قياس ذلك في البابين
وأما سالبة اللزوم بأن لا يكون اللزوم الإيجابي إما الكلي أو الجزئي صادقا
بل الصادق
إما إيجاب من غير لزوم أو سلب بحسب ما يقتضيه التقابل
وأما كلية الحكم الإيجابي في الاتفاق فهي تعميم أوقات صدق التالي مع صدق المقدم فقد بالاتفاق من غير استلزام المقدم للتالي
وجزئيتها تخصيصها
وكلية الحكم السلبي أعني اتفاق السلب لا سلب الاتفاق هي أن لا يكون التالي صادقا مع المقدم في شيء من الأوقات اتفاقا من غير لزوم
وجزئيته على قياسه وقس سلب الاتفاق على سلب اللزوم
وأما الإهمال في جميع ذلك فبترك التعميم والتخصيص
والخصوص على قياسه
_________
واعلم أن وجود الحكم الكلي في الاتفاقيات متعذر
وأما كلية الحكم الإيجابي في المنفصلة فبوجود التعاند في جميع الأوقات والأحوال وذلك إنما يكون لكون أجزائها متعاندة بالذات
وجزئيته بالتعاند في بعض الأحوال والأوقات كما يكون مثلا بين الزائد والناقص في حال لا يكون للتساوي وجه دون سائر الأحوال
وإهماله على قياس ذلك
وأما سلب العناد فيقتضي
إما صدق الأجزاء معا
أو كذبها معا
أو صدق بعضها وكذب الآخر من غير أن يقتضي صدق هذا كذب ذاك ولا كذب ذاك صدق هذا
فهذا ما يقتضيه النظر في صورها دون موادها وصيغة كل واحد منها على ما ذكر في الكتاب
الفصل السادس إشارة إلى تركيب الحمليات من الشرطيات وفي نسخة الشرطيات من
الحمليات
1 - يجب أن يعلم أن الشرطيات كلها تنحل إلى الحمليات ولا تنحل في أول الأمر إلى أجزاء بسيطة
وأما الحمليات فإنها هي التي تنحل إلى البسائط أو إلى ما وفي نسخة وما في قوة البسائط أول انحلالها
والحملية إما أن يكون جزآها بسيطين كقولنا الإنسان مشاء
أو في قوة البسيط كقولنا الحيوان الناطق المائت مشاء
أو منتقل بنقل قدميه
وإنما كان هذا في قوة البسيط لأن المراد به شيء واحد في ذاته أو معنى واحد وفي نسخة بدون كلمة واحد يمكن أن يدل عليه بلفظ واحد
_________
1 - قد ذكرنا أن المركبات من المفردات هي الحمليات
والمركبات بعد التركيب الأول من المركبات هي الشرطيات
فيجب أن تنحل الشرطيات إلى المركبات الأولى قبل انحلالها إلى المفردات
وأما الحمليات فإنها تنحل إلى المفردات لا غير وألفاظ الكتاب غنية عن الشرح
الفصل السابع إشارة إلى العدول والتحصيل

1 - وربما كان التركيب من حرف السلب مع غيره كمن يقول وفي نسخة كقولنا زيد هو غير بصير وفي نسخة هو زيد غير بصير
2 - ونعني بغير البصير الأعمى أو معنى أعم منه
_________
1 - لما كانت الدلالة أولا على الأمور الثبوتية وبتوسطها على غير الثبوتية كان من الواجب إذا قصدنا الدلالة على أمور غير ثبوتية أن نورد ألفاظ الثبوتية ونعدل بها إلى ذوات وفي نسخة بذوات السلب إلى تلك الأمور التي هي غير ثبوتية فإن كان من حق تلك الأمور أن يدل عليها بألفاظ مؤلفة كالأقوال فلنضف أداة السلب إلى تلك الأقوال كما مر في القضايا السالبة والموجبة
وإن كان من حقها أن يدل عليها بألفاظ مفردة فلتركب أداة السلب مع المفردات الثبوتية التي تقابلها كقولنا لا بصير أو غير بصير بإزاء البصير في الأسماء
وما صح ولا يصح بإزاء صح ويصح في الأفعال
ويكون حكم تلك المركبات حكم المفردات وهي التي تسمى معدولة
ومقابلاتها الخالية عن أداة السلب بإزائها محصلة وبسيطة
ولما استمر هذا القانون استعمل هذا التركيب في غير الثبوت أيضا كالأعمى ولا يزال على قياس الثبوتيات
2 - أقول ولما كانت لبعض الأعدام المقابلة للملكات أسماء محصلة في اللغات ك الأعمى والسكوت والسكون دون بعض وكان الجميع في الحاجة إلى العبارة عنها متساوية فاصطلح بعضهم على إطلاق تلك الألفاظ أعني المعدولة في الدلالة على الأعدام وأجراها بعضهم على ما يقتضيه الاعتبار العقلي من إطلاقها على
3 - وبالجملة أن يجعل الغير مع البصير ونحوه كشيء واحد ثم تثبته أو تسلبه فيكون الغير وبالجملة حرف السلب جزءا من المحمول فإن أثبت المجموع كان إثباتا وإن سلبته كان سلبا كما تقول زيد ليس غير وفي نسخة زيد غير بصير
4 - ويجب أن يعلم أن حق كل قضية حملية أن يكون لها مع معنى المحمول والموضوع معنى الاجتماع بينهما وهو ثالث معنييهما
_________
ما يقابل المحصلة مطلقا
فكان غير البصير يدل على الأعمى عند الطائفة الأولى وعلى كل ما ليس ببصير أي شيء كان عند الأخيرة
واتخذ بعض المنطقيين هذا التنازع موضع بحث في هذا العلم
3 - أقول يريد أن اللفظ المعدول لما كان بإزاء لفظ المفرد كان حكمه حكمه في التركيب
وكما كان إيجاب الشرطية وسلبها بحسب ثبوت الاتصال أو العناد ونفيهما لا بحسب كون أجزائهما موجبة أو سالبة
فكذلك ههنا تكون القضية
إيجابية إذا كانت حاكمة بثبوت المحمول المعدول للموضوع
وسلبية إذا كانت حاكمة بنفيه عنه
4 - أقول يشير إلى تعيين ما يرتبط به أجزاء القضية بعضها ببعض فإن الإيجاب والسلب يتعلقان بثبوت الارتباط ونفيه ليتحقق من ذلك الفرق بين السلب والعدول
واعلم أن الرابطة في المعنى أداة لأن معناها إنما يتحصل في أجزاء القضية إلا أنها قد يعبر عنها تارة بصيغة اسم كما يقال زيد هو كاتب
وقد يعبر عنها تارة بصيغة كلمة وجودية كما يقال زيد يوجد أو يكون كاتبا
ويحذف تارة في بعض اللغات كما يقال زيد كاتبا
والكلمات قد يشتمل عليها ولذلك قد ترتبط لذاتها بغيرها كما مر ولا يحتاج معها إلى رابطة أخرى كما في قولنا قال زيد
وكذلك الأسماء المشتقة منها إذا وقعت موقعها
وإذا توخى أن يطابق باللفظ وفي نسخة اللفظ المعنى بعدده استحق هذا الثالث لفظا ثالثا يدل عليه
وقد يحذف ذلك في لغات كما يحذف تارة في لغة العرب أصلا وفي نسخة الأصلية كقولنا وفي نسخة كقولنا في الأصل زيد كاتب
وحقه أن يقال زيد هو كاتب
وقد لا يمكن حذفه في بعض اللغات كما في الفارسية الأصلية أست في قولنا زيد ديرست وفي نسخة ديراست وفي أخرى دبيراست
وهذه اللفظة تسمى رابطة
_________
فالقضايا الخالية عنها إما بالطبع أو بالحذف ثنائية
والمشتملة عليها مغايرة للموضوع والمحمول ثلاثية
والفاضل الشارح اعترض على الشيخ بأن قال الكاتب يقتضي الارتباط بغيره لذاته إذ هو من الأسماء المشتقة
فقوله وحقه أن يقال زيد هو كاتب ليس بصحيح بل إنما يصح ذلك في الأسماء الجامدة وحدها
وقد سها في هذا الاعتراض لأن الفعل إنما يرتبط لذاته بفاعله دون ما عداه والفاعل لا يتقدم الفعل في العربية فهو لا يرتبط لذاته باسم يتقدمه في حال من الأحوال كالمبتدأ وغيره فإذن يحتاج أن يرتبط بالمبتدأ مثلا بمثله إذا تعلق به إلى رابطة أخرى غير التي يشتمل عليها نفسه
وكيف لا وهو يقع هناك موقع اسم جامد فلو كان بدل قوله زيد كاتب زيد يكتب مثلا حتى يكون المحمول هو الفعل نفسه لكان أيضا من حقه أن يقال زيد هو يكتب لأن إسناد يكتب إلى زيد المتقدم ليس إسناد الفعل إلى فاعله الذي يرتبط لذاته به بل هو إسناد الخبر إلى المبتدأ
والفعل ههنا مع فاعله بمنزلة خبر مفرد مربوط على مبتدأ برابطة غير ما ارتبط الفعل بفاعله
5 - فإذا أدخل حرف السلب على الرابطة فقيل مثلا زيد ليس هو بصيرا وفي نسخة بصير وفي أخرى زيد بصير بدون ليس هو فقد دخل النفي على الإيجاب وفي نسخة الإثبات فرفعه وسلبه
وإذا دخلت وفي نسخة أدخلت الرابطة على حرف السلب جعلته جزءا من المحمول وكانت وفي نسخة فكانت القضية إيجابا مثل قولك زيد هو غير بصير وفي نسخة زيد هو بصير
وربما يضاعف في مثل قولك زيد ليس هو غير بصير وفي نسخة بدون عبارة وربما يضاعف في مثل قولك زيد ليس هو غير بصير وكانت وفي نسخة فكانت الأولى داخلة على الرابطة للسلب
والثانية داخلة عليها الرابطة جاعلة إياها جزءا من المحمول
والقضية التي محمولها هكذا تسمى معدولة ومتغيرة وغير محصلة وفي نسخة ومتحصلة بدل وغير محصلة
_________
5 - أقول أراد أن الرابطة إذا تعينت سهل الفرق بين السالبة والمعدولة لأن أداة السلب
إن تقدمت اقتضت رفع الربط فصارت القضية سالبة
وإن تأخرت جعلها الربط جزءا من المحمول فصارت معدولة
وإن تضاعفت وتخلل الربط بينهما صارت سالبة معدولة
وأما في الثنائية فالفرق بينهما إما بالنية أو بالاصطلاح إن وقع على تمايز الأداتين كما يقال في اختصاص ليس بالسلب وغير بالعدول
قوله تسمى معدولة أقول وبعضهم يسمون هذه القضية معدولية منسوبة إلى المعدول الذي هو المفرد
6 - وقد يعتبر ذلك في جانب الموضوع أيضا
7 - فأما أن المعدول يدل وفي نسخة وأما أن المعدول يدل وفي أخرى فإن المعدول إما أن يدل على العدم وفي نسخة عدم المقابل للمكلة وفي نسخة للملكية أو على غيره حتى يكون غير البصير وفي نسخة بصير إنما يدل على الأعمى فقط أو على فاقد وفي نسخة كل فاقد للبصر من وفي نسخة في الحيوان ولو كان وفي نسخة بدون كلمة كان طبعا أو ما هو أعم من ذلك
فليس بيانه على المنطقي بل على اللغوي بحسب لغة لغة
_________
6 - وذلك كقولنا غير البصير أمي إلا أن القضية المعدولة إذا أطلقت فهم عنها معدولية المحمول وهذه إنما تقيد بالموضوع
وقد يقل البحث في هذا الصنف لعدم التباسه بالسالبة بخلاف الأول
7 - أقول قد ذكرنا الخلاف في أن المعدول ك غير البصير يطلق على عدم الملكة ك الأعمى أو على ما ليس ببصير أي شيء كان
وكان في إطلاق أعدام الملكات على معانيها أيضا خلاف بعد الاتفاق في تفسير العدم ب عدم شيء عن موضوع من شأنه أن يتصف بذلك الشيء فذهب بعضهم إلى أن الموضوع المذكور موضوع هو شخص والأعمى لا يطلق إلا على من كان شأنه أن يكون بصيرا من أشخاص الحيوانات
وبعضهم إلى أنه موضوع نوعي أو جنسي
والأعمى مع ذلك يطلق على الأكمه الذي ليس من شأن شخصه أن يكون بصيرا لكن من شأن نوعه ذلك وعلى فاقد البصر من الحيوانات طبعا ك الخلد والعقرب اللذين ليس من شأن نوعيهما أن يكونا بصيرين ولكن من شأن جنسهما ذلك
فالذين يحملون المعدول على عدم الملكة يطلقونه على أحد هذه المعاني
وأما الذين يحملونه على ما يقابل المحصل يطلقونه عليها وعلى ما هو أعم منها كالجمادات مثلا وبالجملة على ما ليس ببصير مطلقا
8 - وإنما يلزم المنطقي أن يضع
أن حرف السلب إذا تأخرت عن الرابطة أو كان مربوطا بها كيف كان فالقضية وفي نسخة قضية وفي أخرى فإن القضية إثبات
صادقة كانت أو كاذبة
وأن الإثبات لا يمكن إلا على ثابت متمثل في وجود أو وهم فيثبت عليه الحكم بحسب ثباته
_________
والشيخ بين أن هذا البحث لا يتعلق بالمنطق بل هو بحث لغوي يمكن أن يختلف بحسب اللغات والاصطلاحات
8 - يريد بيان ما يلزم المنطقي في هذا الموضع وهو بيان الفرق بين العدول والسلب بحسب اللفظ وبحسب المعنى
أما بحسب اللفظ فبتقدم الربط على السلب وتأخره عنه كما مر
وقد أفاد بقوله أو كان مربوطا بها كيف كان أن الاعتبار بالعدول إنما هو بارتباط حرف السلب بالرابطة على الموضوع سواء تأخر الحرف عن الرابطة كما في لغة العرب أو تقدم عليها كما في لغة الفرس مثل قولهم زيد نا بينا أست
وأما بحسب المعنى فبأن موضوع الموجبة معدولة كانت أو محصلة يجب أن يكون شيئا ثابتا عند من يحكم بالإيجاب عليه
وموضوع السالبة لا يجب أن يكون كذلك وذلك لأن غير الثابت لا يصح أن يثبت له شيء ويصح أن ينفي عنه ك زيد المعدوم فإنه لا يصح أن يقال إنه حي ويصح أن يقال إنه ليس بحي لأنه ليس بموجود فلا يكون حيا
وذلك الثبوت لا يجب أن يكون خارجيا فقط أو ذهنيا فقط كما مر
بل يكون ثبوتا وفي نسخة ثبوتيا عاما محتما لجميع أقسام الثبوت غير خاص بشيء منها
وأما موضوع السالبة فيجوز أن يكون ثبوتيا ويجوز أن يكون عدميا سواء كان ممكن الثبوت أو ممتنعه
فالسالبة أعم تناولا للموضوع من الموجبة ولأجل ذلك تكون السالبة البسيطة أعم من الموجبة المعدولة إذا تشاركا في الأجزاء
وكذلك السالبة المعدولة من الموجبة البسيطة
وأما النفي فيصح أيضا من غير الثابت كان كونه غير ثابت واجبا أو غير واجب
_________
والاعتراضات التي أوردها الفاضل الشارح على ذلك لما لم تكن قادحة في هذا البيان بل كانت معارضات وحججا مبنية على أصول غير متقررة كان الاشتغال بها مما يؤدي إلى الإطناب ولا يقتضي مزيد فائدة أعرضنا عنها
الفصل الثامن إشارة إلى القضايا الشرطية

1 - اعلم أن المتصلات والمنفصلات من الشرطيات قد تكون مؤلفة من حمليات ومن شرطيات وفي نسخة من شرطيات ومن حمليات ومن خلط
_________
1 - لما كانت الشرطيات مؤلفة من قضايا لا من مفردات وكانت القضايا ثلاثا وفي نسخة ثلاثة
حملية ومتصلة ومنفصلة
والواقعة منها في كل شرطية ثنتان
فتأليف كل شرطية متصلة كانت أو منفصلة بشرط أن تكون المنفصلة أيضا ذات جزأين إنما يمكن أن يقع على ستة أوجه
ثلاثة متشابهة الأجزاء وهي التي تكون من
حمليتين
أو متصلتين
أو منفصلتين
وثلاثة مختلفة الأجزاء وهي التي تكون من
حملية ومتصلة
أو حملية ومنفصلة
أو متصلة ومنفصلة
وكل واحد من الثلاثة الأخيرة يقع في المتصلة وحدها على وجهين متعاكسين في الترتيب لاختلاف حال جزأيها بالطبع فيكون
لتأليف المتصلة تسعة أوجه
ولتأليف المنفصلة ستة أوجه
أمثلة المتصلات وهي من حمليتين
_________
كقولنا إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود
فكان إذا كان النهار معدوما فالشمس غاربة
ومن منفصلتين كقولنا إن كان العدد إما زوجا أو فردا فعدد الكواكب إما زوج وإما فرد
ومن حملية ومتصلة
كقولنا إن كانت الشمس علة النهار فإذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود
ومن عكسهما كعكس قولنا ذلك
ومن حملية ومنفصلة كقولنا إذا كان الشيء ذا عدد فهو إما زوج وإما فرد
ومن عكسهما كعكسه
ومن متصلة ومنفصلة كقولنا إن كان إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود فكان إما الشمس طالعة وإما النهار معدوم ومن عكسهما كعكسه
أمثلة المنفصلات وهي من حمليتين
كقولنا العدد إما زوج وإما فرد
ومن متصلتين كقولنا إما أن يكون إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود وإما أن يكون إن كانت الشمس طالعة فالليل موجود
ومن منفصلتين كقولنا إما أن يكون العدد إما زوجا وإما فردا وإما أن يكون زوجا أو منقسما بمتساويين
ومن حملية ومتصلة كقولنا إما أن لا تكون الشمس علة النهار وإما أن يكون إذا طلعت الشمس فالنهار موجود
ومن حملية ومنفصلة كقولنا إما أن يكون الشيء واحدا وإما أن يكون ذا عدد إما زوج وإما فرد
ومن متصلة ومنفصلة كقولنا إما أن يكون إذا كان العدد فردا فهو زوج وإما أن يكون العدد إما فردا وإما زوجا
وهذه الأمثلة مهملات موجبة مؤلفة من أمثالها
وقد تكون شخصيات ومحصورات موجبات وسوالب يتألف بعضها من بعض وتتكثر وجوه التأليف
2 - فإنك إذا قلت إن كان وفي نسخة كانت كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود وفي نسخة موجودا فإما أن تكون الشمس طالعة وإما أن لا يكون النهار موجودا
فقد تركبت وفي نسخة ركبت متصلة من متصلة ومنفصلة
وإذا قلت إما أن يكون إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود
وإما أن لا يكون وفي نسخة وإما أن يكون إن كانت الشمس طالعة فالليل معدوم
فقد ركبت المنفصلة من متصلتين
وإذا قلت إن كان هذا عددا فهو إما زوج وإما فرد
فقد ركبت المتصلة وفي نسخة المنفصلة من حملية ومنفصلة
وكذلك عليك وفي نسخة وعليك أن تعد من نفسك سائر الأقسام
_________
ولما كانت الشرطيات مؤلفة بعد التأليف الأول فهي تكون مؤلفة
إما تأليفا ثانيا أي من حمليات
أو ثالثا أي من شرطيات مؤلفة من حمليات
أو رابعا أي من شرطيات مؤلفة من حمليات وهلم جرا إلى ما لا نهاية له
2 - أقول اقتصر الشيخ من التأليفات التسعة والستة على إيراد أمثلة ثلاثة
أولها متصلة مهملة من متصلة كلية ومنفصلة مهملة كلها موجبات
وثانيها منفصلة مهملة موجبة من متصلتين مهملتين إحداهما موجبة والأخرى سالبة
وثالثها متصلة مهملة من حملية شخصية ومن منفصلة مهملة كلها موجبات
والفاضل الشارح زعم أن تالي المثال الأول وهو إن كان كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود وإما أن تكون الشمس طالعة وإما لا يكون النهار موجودا
يجب أن تكون منفصلة مؤلفة من الشيء ولازم نقيضه وهي تكون مانعة الخلو
_________
فإن الشيء لو ارتفع مع ارتفاع لازم نقيضه الذي يرتفع معه نقيضه لارتفع النقيضان معا وهو محال
ولا تكون مانعة الجمع إن كان لازم النقيض أعم من النقيض وتكون مانعة له إن كان مساويا
وإنما يجب أن يكون تالي المثال الأول هذه المنفصلة دون غيرها لأن المقدم فيه يقتضي استلزام طلوع الشمس لوجود النهار والحال لا يخلو من طلوع الشمس ولا طلوعها فإذن لا يخلو من لا طلوع الشمس ووجود النهار اللازم لطلوعها
فالترديد بين المقدم ونقيضه الذي هو انفصال حقيقي استلزام الترديد بين نقيضه المقدم ولازم عينه الذي هو الانفصال المذكور
قال والمنفصلة التي أوردها الشيخ مؤلفة من الشيء وملزوم نقيضه لأنها مؤلفة من طلوع الشمس ولا وجود النهار وليس لا وجود النهار لازما للاطلوع الشمس لأن رفع التالي لا يلزم رفع المقدم بل الأمر بالعكس
فإذن هو سهو
أو أورده الشيخ نظرا إلى المادة فإن المقدم والتالي في المثال متساويان ويصدق الانفصال منه من جزئيه أي جزئية اتفق مع نقيض الآخر
فهذا ما أورده الفاضل الشارح عليه
ويمكن أن يعارض بأن هذا التالي يجب أن يكون منفصلة مؤلفة من الشيء وملزوم نقيضه أو من الشيء ونقيض لازمه على ما أورده الشيخ أو نقيض لازمه الذي هو غير التالي
وهو يكون مانعة للجمع فإن الشيء لو اجتمع مع ملزوم النقيض أو مع نقيض اللازم لاجتمع النقيضان ولا تكون مانعة للخلو إن كان اللازم أعم من الملزوم وإنما يجب أن يكون التالي المذكور هذه المنفصلة لأن المقدم يقتضي استلزام طلوع الشمس لوجود النهار ويمتنع اجتماع طلوع الشمس مع لا طلوعها فإذن يمتنع اجتماع طلوعها مع لا وجود النهار المستلزم للاطلوعها
فالترديد بين المقدم ونقيضه الذي هو انفصال حقيقي استلزم الترديد بين المقدم ومستلزم نقيضه الذي هو الانفصال المذكور
والذي أورده الشارح مؤلفة من الشيء ولازم نقيضه
وهما ممكنا الاجتماع فإذن هو سهو
3 - والمنفصلات وفي نسخة فالمنفصلات منها حقيقية وهي التي يراد فيها ب أما أنه لا يخلو الأمر من أحد الأقسام ألبتة بل يوجد واحد منها فقط
4 - وربما وفي نسخة فربما كان الانفصال إلى جزأين
_________
أو أورده الشارح نظرا إلى المادة
والحاصل من هذا التطويل أنه أضاف إلى مقدم المتصلة الأولى منفصلة تتبعها وتتبع منفصلة حقيقية مؤلفة من مقدم ذلك المقدم ونقيضه
وعورض بإضافة منفصلة إليه تتبعها أيضا وتتبع أيضا المنفصلة الحقيقية المذكورة
وهو أعني الشارح رجح الأولى على الأخيرة من غير رجحان
والتحقيق في ذلك أن المتصلة اللزومية يلزمها منفصلة مانعة الجمع دون الخلو من عين المقدم
ونقيض التالي هو الذي أورده الشيخ
ومنفصلة مانعة الخلو دون الجمع من نقيض المقدم وعين التالي وهي التي أوردها الفاضل الشارح
ولا يلزمها منفصلة حقيقية بحسب الصورة ويتبين ذلك إذا جعل اللازم في المثال أعم من اللزوم كحركة اليد للكتابة
ولا حرج على الشيخ في إيراد أحد اللازمين دون الآخر
والمثال الثاني قوله
إما أن يكون إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود وإما أن لا يكون إن كانت الشمس طالعة فالليل معدوم
ويوجد في كثير من النسخ وإما أن يكون أيضا وهو سهو من الناسخين
3 - وهذه هي التي تمنع الجمع والخلو وتحدث من القسمة إلى شيء ونقيضه فإن النقيضين هما اللذان لذاتيهما لا يجتمعان ولا يرتفعان
ولكن ربما يورد بدل أحد المتناقضين أو كليهما مساو في الدلالة فتتحقق المناقضة فيهما كما يقال العدد إما زوج وإما فرد
4 - أقول أما ما ينفصل إلى جزأين فقد مر ذكره
وربما كان إلى أكثر
وربما كان غير داخل في الحصر
5 - ومنها غير حقيقية وهي وفي نسخة مثل بدل وهي التي يراد فيها ب أما معنى منع الجمع فقط دون منع الخلو عن الأقسام مثل قولك في جواب من يقول إن هذا الشيء حيوان شجر إنه إما أن يكون حيوانا وإما أن يكون شجرا
وكذلك جميع ما يشبهه
_________
وأما ما ينفصل إلى أكثر فهو بأن يورد بدل الأجزاء ما تنفصل الأجزاء إليه من أجزاء الأجزاء
كقولنا كل عدد إما تام وإما زائد وإما ناقص
فهو ينشعب من قولنا إنه إما تام وإما غير تام
وغير التام إما زائد وإما ناقص
وكذلك إذا انفصل سائر الأجزاء إلى أجزاء أخر وتبلغ الأقسام إلى ما بلغته وتكون مع ذلك حاصرة ومانعة للجمع والخلو
ويكون أصل الانشعاب في الكل من القسمة إلى النقيضين
قال الفاضل الشارح واعلم أن الذي يكون أجزاء الانفصال فيه أربعة أو خمسة ومع ذلك يكون محصورا فهو غير موجود
وأنا أقول ليس هذا عندي وجه فإن الأشكال محصور في أربعة
والكليات في خمسة
ولعل النسخة التي وقعت إلى من شرحه سقيمة وليستكشف من سائر النسخ
وأما ما كان غير داخل في الحصر فكقولنا المضلعات المسطحة إما مثلث أو مربع أو مخمس
وكذلك إلى ما لا يتناهى
5 - أقول إذا حذف أحد قسمي الانفصال الحقيقي وأورد بدله ما لا يساويه بل يكون إما أخص منه أو أعم حصلت منفصلة غير حقيقية مانعة للجمع وحده أو للخلو وحده
أما الأول فلأن الشيء لو اجتمع مع ما هو أخص من نقيضه لزم منه اجتماع النقيضين فإن ما هو أخص من النقيض يستلزم النقيض
ومنها ما يراد فيها ب أما منع الخلو وإن كان يجوز اجتماعهما وهو جميع وفي نسخة بدون كلمة جميع ما يكون تحليله يؤدي إلى حذف جزء من الانفصال الحقيقي وإيراد لازمه بدله وفي نسخة بدون عبارة بدله إذا لم يكن مساويا له بل أعم
مثل قولهم إما أن يكون زيد في البحر وإما أن لا يغرق أي وإما أن لا يكون في البحر ويلزمه أن لا يغرق وفي نسخة بحذف أي وإما أن لا يكون في البحر ويلزمه أن لا يغرق
وأما المثال الأول فقد كان المورد فيه ما إنما يمكن مع النقيض ليس ما يلزم النقيض فكان وفي نسخة وكان يمنع الجمع ولا يمنع الخلو
وهذا يمنع الخلو ولا يمنع الجمع
_________
ولما احتمل أن يصدق نقيضه ولا يصدق معه ما هو أخص منه احتمل أن يرتفعا معا
وأما الثاني فلأن الشيء لو ارتفع ما هو أعم من نقيضه لزم منه ارتفاع النقيضين فإن النقيض أيضا يرتفع بارتفاع ما هو أعم منه
ولما احتمل أن يصدق مع ما هو أعم من نقيضه ولا يصدق معه النقيض احتمل أن يجتمعا معا
مثال الأول أن تقول هذا الشيء إما حيوان أو ليس بحيوان والشجر أخص من اللاحيوان فنورده بدله
أو نقول هذا الشيء إما شجر أو ليس بشجر
والحيوان أخص من اللاشجر
ونورده بدله فيحصل قولنا هذا الشيء إما حيوان وإما شجر مانعا للجمع دون الخلو لأنه لا يكون شيء واحد حيوانا وشجرا معا ويمكن أن يكون غيرهما كالجبل
وحينئذ نكون قد أوردنا بدل النقيض ما يمكن معه ويستلزمه لاما يجب معه ويلزمه لأن الخاص يمكن أن يكون مع العام ويستلزمه ولا يجب أن يكون معه أو يلزمه
ومثال الثاني أن نقول زيد إما في البحر أو ليس فيه ولم يفرق فأن لا يفرق عم من قولنا ليس في البحر فنورده بدله
_________
أو نقول زيد إما غرق أو لم يغرق
وفي البحر أعم من قولنا غرق فنورده بدله فيحصل وفي نسخة ليحصل وفي أخرى يحصل منها قولنا زيد إما في البحر وإما لم يغرق مانعا للخلو دون الجمع لأنه لا يكون ليس في البحر وقد غرق ويمكن أن يكون في البحر ولم يغرق
وحينئذ نكون قد أوردنا ما يلزم النقيض ويجب معه فإن العام يلزم الخاص ويجب معه واعلم أن استعمال الحقيقي أكثر من أن يحصى
وأما الآخران فقد يستعملان في جواب من يقول هذا الشيء شجر حجر معا
وذلك بأن يرد عليه قوله
إما بترديد الصدق فيهما فيقال هو إما شجر أو حجر
أي إما هذا صادق أو ذاك
وإما بترديد الكذب فيهما
فيقال إما أن لا يكون شجرا وإما أن لا يكون حجرا أي إما هذا كاذب أو ذاك
ويكون الأول بانفراده مانعا للجمع
والثاني
مانعا للخلو
ويحصل من كل واحدة منهما امتناع اجتماع الوصفين في ذلك الشيء
وينضاف إلى ما سلمه ذلك القائل وفي نسخة السائل من امتناع خلوه عنهما فيجتمع من ذلك معنى منفصلة حقيقية
واعلم أن كل واحدة من هذه المنفصلات قد يتألف
من موجبتين في اللفظ كقولنا العدد إما زوج وإما فرد
وهذا الشيء إما شجر أو حجر
وهذا الموجود إما دائم الوجود أو ممكن الوجود
ومن سالبتين كقولنا العدد إما ليس بزوج إما ليس بفرد
وهذا الموجود إما ليس بدائم الوجوب وإما ليس بممكن الوجود
وهذا الشيء إما أن لا يكون شجرا وإما أن لا يكون حجرا
ومن موجبة وسالبة كقولنا العدد إما أن ينقسم بمتساويين أو لا ينقسم بمتساويين وهذا إما إنسان أو ليس بحيوان
وهذا إما حيوان أو ليس بإنسان
فهذا من حيث اللفظ
وأما من حيث المعنى
6 - وقد يكون لغير الحقيقي أصناف أخر وفيما ذكرناه وفي نسخة أوردناه ههنا كفاية
7 - ويجب عليك أن تجري أمر المتصل والمنفصل وفي نسخة بحذف عبارة والمنفصل في الحصر والإهمال والتناقض والعكس مجرى الحمليات على أن يكون المقدم كالموضوع والتالي كالمحمول
_________
فالحقيقة لا بد من أن تتألف من موجبة وسالبة لا غير لما مر
ومانعة الجمع يمكن أن تتألف منهما ويمكن أن تتألف من موجبتين وذلك ظاهر ولا يمكن أن تتألف من سالبتين لأن الموجبة الحقيقية لا يستلزمها سالبة حقيقية
ومانعة الخلو يمكن أن تتألف منهما ويمكن أن تتألف من سالبتين لأن السالبة يمكن أن تكون لازمة للموجبة ولا يمكن أن تتألف من موجبتين لاشتمالهما على ما تشتمل عليه الحقيقية وزيادة
6 - أقول يريد به المواضع التي نستعمل فيها حروف العناد ولا يراد منع الجمع والخلو
مثاله
تقول رأيت إما زيدا وإما عمرا حين تشك في رؤيتهما
وتقول العالم إما أن يعبد الله وإما أن أن ينفع الناس أي غالب أحواله هذان الفعلان وهذا مما يتعلق باللغة
7 - هذا بيان كلي لما يتعلق بالمتصلات وهو بالإحالة على الحمليات فإن حكمها في جميع ذلك واحد وقد مر الحصر والإهمال من ذلك وسيجيء بيان التناقض والعكس في موضعه
وفي بعض النسخ من المتصل والمنفصل
وأمر المنفصل في ذي الجزأين يجري مجرى الحمليات في جميع ذلك إلا العكس فإن العكس لا يتعلق به لعدم امتياز أجزائه بالطبع
والأدوات هي التي تلحق الهيئات بالقضايا إلا أن المنطقي لما كان نظره بالقصد الأول في المعاني أشار إلى الهيئات دون الأدوات
الفصل التاسع إشارة إلى هيئات تلحق القضايا وتجعل لها أحكاما خاصة في
الحصر وغيره
1 - إنه قد تزداد في الحمليات لفظة وفي نسخة لفظ إنما فيقال إنما يكون الإنسان حيوانا
وإنما يكون بعض الإنسان وفي نسخة الناس كاتبا فيتبع ذلك زيادة في المعنى
لم تكن مقتضاة قبل هذه الزيادة بمجرد الحمل لأن هذه الزيادة تجعل الحمل مساويا أو خاصا بالموضوع
وكذلك قد تقول الإنسان وفي نسخة إن الإنسان هو الضحاك بالألف واللام في لغة العرب فتدل على أن المحمول مساو للموضوع
وكذلك تقول ليس إنما يكون الإنسان حيوانا أو تقول ليس الحيوان وفي نسخة الإنسان هو الضحاك وتدل على سلب الدلالة الأولى في الإيجابين
_________
1 - المحمول قد يكون أعم من موضوعه كالأجناس والأعراض العامة وقد يكون مساويا كالفصول والخواص المساوية وقد يكون أخص منه كالخواص الغير وفي نسخة كخواص غير المساوية
ولفظة إنما إذا دخلت على القضية دلت على نفي العموم عن المحمول وهو معنى قوله يجعل الحمل مساويا أو خاصا بالموضوع
وليس إذا دخل عليها دل على نفي دلالتها تلك فأثبت العموم
2 - وتقول أيضا ليس الإنسان إلا الناطق فيفهم وفي نسخة ويفهم منه أحد معنيين
أحدهما أنه ليس معنى الإنسان إلا معنى الناطق وليس تقتضي الإنسانية معنى آخر
والثاني أنه ليس يوجد إنسان غير ناطق بل كل إنسان ناطق وفي نسخة بدون عبارة بل كل إنسان ناطق يريد أن هذه الصيغة تفيد إما المساواة في المعنى كما بين الإنسان والحيوان الناطق
وإما المساواة في الدلالة كما بين الضاحك والناطق شرح وتقول في الشرطيات أيضا لما كان النهار راهنا كانت الشمس طالعة
وهذا يقتضي مع إيجاب وفي نسخة الإيجاب الاتصال دلالة تسليم المقدم ووضعه ليتسع منه وضع التالي
3 - وكذلك تقول ليس يكون النهار موجودا وفي نسخة بدون كلمة موجودا إلا والشمس طالعة تريد به كلما كان النهار موجودا فالشمس طالعة فيفيد هذا القول حصرا في الفحوى
4 - وتقول أيضا لا يكون النهار موجودا أو تكون الشمس طالعة وهو قريب من ذلك
_________
2 - أقول راهنا أي ثابتا
ولفظة لما تفيد مع الدلالة على استلزام التالي الدلالة على أن وجود المقدم مسلم موضوع لا يحتاج إلى بيان
3 - يريد به أن القضية بهاتين الأداتين محصورة كلية
4 - أقول هذه والتي قبلها من القضايا التي تسمى محرفة وهي ما تخلو عن أدوات الاتصال أو العناد
وتكون في قوة الشرطيات
ومعناه لا يكون النهار موجودا إلا أن تكون الشمس طالعة
5 - وتقول أيضا لا يكون هذا العدد زوج المربع وهو فرد
وهذا وفي نسخة بدون وهذا وفي أخرى هذا في قوة قولك إما أن لا يكون هذا العدد زوج المربع وإما أن وفي نسخة وأن لا يكون فردا
_________
وهي من المتصلات في قوة قولنا كلما كان النهار موجودا كانت الشمس طالعة
ومن المنفصلات في قوة قولنا إما أن لا يكون النهار موجودا وإما أن تكون الشمس طالعة
قيل والأخير أقرب لأنه لا يغير أجزاءها
5 - وهذه أيضا من المحرفات وكل زوج فهو زوج المربع أي مربعه يكون زوجا
وليس كل ما مربعه تزوج فهو زوج لأن كثيرا من المقادير الصم كجذر العشرة مثلا تكون مربعاتها أزواجا ولا تكون هي أعدادا فضلا عن أن تكون أزواجا
وكذلك القول في الأفراد ومربعاتها في القضية المذكورة في قوة منفصلة مانعة الخلو هي إما أن لا يكون زوج المربع
وإما أن لا يكون فردا
وذلك لأن الشيء الواحد لا يكون زوج المربع وفردا معا
وقد يكون لا هذا ولا ذاك معا
ومثال آخر له لا يكون زيد كاتبا وهو ساكن اليد فإنه في قوة قولنا إما أن لا يكون كاتبا وإما أن لا يكون ساكن اليد
أي لا يكون كاتبا ساكن اليد
ويمكن أن يكون غير كاتب وهو متحرك اليد كما في حالة الرمي مثلا
الفصل العاشر إشارة إلى شروط القضايا

1 - يجب أن تراعي في الحمل والاتصال والانفصال حال الإضافة مثل أنه إذا قيل ج هو والد
فليراع لمن وكذلك الوقت والمكان والشرط
مثل أنه إذا قيل كل متحرك متغير فليراع ما دام متحركا وكذلك ليراع حال الجزء والكل وفي نسخة الكل والجزء وحال القوة والفعل فإنه إذا قيل لك وفي نسخة بدون عبارة لك إن الخمر مسكر وفي نسخة مسكرة فليراع أبا لقوة وفي نسخة إما بالقوة وفي أخرى أنه بالقوة أم وفي نسخة أو بالفعل والجزء اليسير
_________
1 - أقول يذكر في هذا الفصل قوانين لا يتحصل معاني القضايا إلا برعايتها ورعاية أمثالها وهي ستة
الأول حال الإضافة وقد ذكر مثاله
الثاني حال الوقف كما يقال القمر ينخسف فليراع في أي الأوقات هو فإنه مختص بوقت توسط الأرض بينه وبين الشمس
الثالث حال المكان كما يقال السقمونيا مسهل الصفراء فليراع في أي مكان هو فقد قيل إنه لا يعمل في الصقلاب
الرابع حال الشرط وقد أورد مثاله وهو كل متحرك متغير
الخامس حال الجزء والكل
السادس حال القوة والفعل
فقد ذكر مثالهما
أم وفي نسخة أو المبلغ الكثير فإن إهمال هذه المعاني مما يوقع غلطا كثيرا
_________
وهذه الشروط قد تذكر في باب التناقض مضافة إلى شرطين آخرين كما يجيء إن شاء الله تعالى
النهج الرابع في مواد القضايا وجهاتها

الفصل الأول إشارة إلى مواد القضايا

1 - لا يخلو المحمول في القضية وما يشبهه وفي نسخة أو ما يشبهه
_________
1 - ذهب الفاضل الشارح إلى أن ما يشبه المحمول في القضية هو التالي لكونه محكوما به في القضية الشرطية كالمحمول في الحملية
وأقول ما جرت العادة باتصاف نسبة التالي إلى المقدم ب الوجوب والإمكان والامتناع وإن كانت لا تخلو في نفس الأمر منها
وليس أيضا في اعتبار هذه الأمور فيها على ما يعتبر في الحمليات فائدة يعتد بها وإن كان اللزوم والاتفاق يشبهان الضرورة والإمكان من وجه
وليس ببعيد عن الصواب أن يقال ما يشبه المحمول هو الوصف الذي يوصف الموضوع به ويوضع الموضوع معه فإنه
يشبه المحمول من حيث كونه وصفا للموضوع
ويفارقه بأن المحمول وصف محمول عليه وهو وصف موضوع معه
ولذلك الوصف نسبة إلى الموضوع كالمحمول بعينه في أنها لا تخلو من أن تكون
إما واجبة
أو ممكنة
أو ممتنعة
ولا بد للناظر في أحوال الموجهات من مراعاتها فإن الإغفال عنها مما يقتضي الفساد في أبواب العكس والقياسات المختلفة كما يجيء بيانه
2 - سواء كانت موجبة أو سالبة من أن تكون نسبته إلى الموضوع نسبة ضروري وفي نسخة الضروري الوجود في نفس الأمر مثل الحيوان في قولنا وفي نسخة في قولك الإنسان حيوان أو الإنسان ليس بحيوان وفي نسخة أو ليس بحيوان
أو نسبة ما ليس ضروريا وفي نسخة بضروري لا وجوده ولا عدمه مثل الكاتب في قولنا الإنسان كاتب أو ليس بكاتب
أو نسبة ضروري العدم مثل الحجر في قولنا الإنسان حجر الإنسان ليس بحجر
فجميع مواد القضايا هي هذه
مادة واجبة
ومادة ممكنة
ومادة ممتنعة
3 - ونعني بالمادة هذه الأحوال الثلاث التي تصدق عليها في الإيجاب والسلب وفي نسخة بدون عبارة والسلب هذه الألفاظ وفي نسخة بدون كلمة الألفاظ الثلاثة لو صرح بها
_________
واعلم أن نسبة المحمول إلى الموضوع غير نسبة الموضوع إليه
والأولى هي المتعلقة بالحكم دون الثانية ولذلك اختصت بالنظر فيها
2 - أقول يشير إلى الأحوال الثلاثة المسماة ب الوجوب والإمكان والامتناع وهو ظاهر
3 - يقول ونعني بالمادة مثلا الحالة للحيوان بالنسبة إلى الإنسان في نفس الأمر التي يصدق عليها لفظ الوجوب سواء نقول الإنسان حيوان أو نقول الإنسان ليس بحيوان
فإنا نعلم يقينا أن تلك النسبة لا تتغير بهذا الإيجاب والسلب وهي التي يعبر عنها
_________
بالوجوب في الحالتين لو صرحنا بها
والوجه فيه أن الوجوب يصدق على قولنا الإنسان حيوان حال الإيجاب فإنه حالة السلب يصير امتناعا
وكذلك الامتناع حالة السلب يصير وجوبا
فهذه الألفاظ تصدق عليها حالة الإيجاب دون السلب
واعلم أن المادة غير الجهة
والفرق بينهما أن المادة هي تلك النسبة في نفس الأمر
والجهة هي ما يفهم ويتصور عند النظر في تلك القضية من نسبة محمولها إلى موضوعها سواء تلفظ بها أو لم يتلفظ وسواء طابقت المادة أو لم تطابق
وذلك لأنا إذا وجدنا قضية هي مثلا كل ج لا يمتنع أن يكون ب فإنا نفهم ونتصور منه أن نسبة ب إلى ج هي النسبة المسماة بالإمكان العام المتناول للوجوب والإمكان الحقيقي على ما يجيء ذكره
وليست تلك النسبة في نفس الأمر شيئا متناولا للوجوب والإمكان بل هي أحدهما بالضرورة
فإذن ظهر الفرق بين تلك النسبة في نفس الأمر التي هي المادة وبين ما يفهم ويتصور منها بحسب ما تعطيه العبارة من القضية التي هي الجهة
الفصل الثاني إشارة إلى جهات القضايا والفرق بين المطلقة والضرورية وفي
نسخة الضرورية والمطلقة
1 - كل قضية فإما وفي نسخة فهي إما مطلقة عامة الإطلاق هي التي بين فيها حكم من غير بيان ضرورته أو دوامه وفي نسخة ودوامه أو غير ذلك من كونه حينا من الأحيان أو على سبيل وفي نسخة على سبيل الإمكان
_________
1 - أقول الإطلاق في القضية يقابل التوجيه تقابل العدم والملكة وقد تعد المطلقة في الموجهات كما تعد السالبة في الحمليات
ف المطلقة هي التي يبين فيها حكم إيجابي أو سلبي فقط من غير بيان شيء آخر من ضرورة أو دوام أو ما يقابلهما
والإمكان يقابل الضرورة
والكون في بعض الأوقات يقابل الدوام إذا اعتبر التوقيت
فالقسمة باعتبار الضرورة هي
ضرورة الإيجاب
وضرورة السلب
ولا ضرورتهما
وباعتبار الدوام
دوام الإيجاب
ودوام السلب
ولا دوامهما
2 - وإما أن يكون قد بين فيها شيء من ذلك إما ضرورة وإما دوام من غير ضرورة وإما وجود من غير دوام أو ضرورة وفي نسخة وضرورة بدل أو ضرورة
3 - والضرورة قد تكون على الإطلاق كقولنا الله تعالى موجود
وفي نسخة بدون عبارة كقولنا الله تعالى موجود
_________
فالدوام والضرورة يشملان الأول والثاني من الأقسام لأنهما يشتركان فيهما ويفترقان بالإيجاب والسلب
ويبقى الثالث مقابلة لهما
وقول الشيخ المطلقة العامة هي التي بين فيها حكم من غير بيان ضرورة أو إمكان أو دوام أو لا دوام يوهم أنها تعم الأربعة وليس كذلك فإنها من حيث بين فيها حكم إنما يتناول ما يكون مشتملا على حكم قد حصل بالفعل ولا يتناول على ما يكون مشتملا على حكم لم يحصل إلا بالقوة
فهي لا تعم الممكنة من حيث هي ممكنة
وإنما ذكر الشيخ ههنا جميع الأقسام لأنها تقابل المطلقة من حيث الاعتبار وإن لم يدخل جميعها تحتها من حيث العموم
2 - أقول هذه هي الأمور التي يمكن أن تقيد بها القضية التي بين فيها حكم
والمطلقة العامة إنما تتناولها جميعا من حيث العموم
ولم يذكر الإمكان معها لأنه ينافي ما بين الحكم فيها حاصلا بالفعل
فهو مغاير للإطلاق من حيث العموم والاعتبار جميعا
والضرورة أخص من الدوام لأن كل ضروري دائم ما دامت الضرورة حاصلة
ولا ينعكس إذ من المحتمل أن يدوم شيء اتفاقا من غير ضرورة فلذلك لما ذكر الضرورة ذكر بعدها الدوام وقيده باللاضرورة لئلا يتكرر الضروري
وسمي الخالي عنهما بالوجود فإنه لا يبقى بعدهما إلا الوجود فقط
والقسمة حاصرة لأن الحاصل إما ضروري أو غير ضروري
وغير الضروري إما دائم أو غير دائم
3 - أقول لما فرغ من بيان الإطلاق وما يقابله شرع في بيان أقسام الضرورة فقسمها
وقد تكون معلقة بشرط
والشرط إما دوام وجود الذات مثل قولنا وفي نسخة قولك الإنسان بالضرورة جسم ناطق ولسنا نعني وفي نسخة فإنا لا نعني به أن الإنسان لم يزل ولا يزال جسما ناطقا فإن هذا كاذب على كل شخص إنساني
بل نعني به أنه ما دام موجود الذات إنسانا فهو جسم ناطق
وكذلك الحال في كل سلب يشبه هذا الإيجاب
وأما دوام كون الموضوع موصوفا بما وضع معه مثل قولنا كل متحرك متغير فليس وفي نسخة وليس معناه على الإطلاق لا ما دام موجود الذات بل ما دام ذات المتحرك متحركا
_________
إلى ضرورة مطلقة
ومشروطة
والمطلقة هي التي يكون الحكم فيها لم يزل ولا يزال من غير استثناء وشرط
وإنما فسر الضرورة بالدوام لكونه من لوازمها كما مر
ثم قسم المشروطة إلى ما يكون الحكم فيها مشروطا
إما بدوام وجود ذات الموضوع
وإما بدوام وجود صفته التي وضعت معه
وإما بدوام كون المحمول محمولا
وهذه الثلاثة هي المشروطة بما تشتمل عليه القضية
وإما بحسب وقت معين
وإما بحسب وقت غير معين
وهذان مشروطان بما يخرج عن القضية
فكأنه قال والشرط إما داخل في القضية
وإما خارج عنها
والداخل إما متعلق بالموضوع
أو متعلق بالمحمول
والمتعلق بالموضوع إما
وفرق بين هذا الشرط وفي نسخة بدون كلمة الشرط وبين الشرط الأول لأن الشرط الأول وضع فيه أصل الذات وهو الإنسان وههنا وضع فيه الذات بصفة تلحق الذات وهو المتحرك فإن المتحرك له ذات وجوهر يلحقه أنه متحرك وغير متحرك وفي نسخة غير متحرك وفي أخرى غير المتحرك وليس الإنسان والسواد كذلك
أو شرط محمول أو وقت معين كما للكسوف أو غير معين كما للتنفس
_________
ذاته
أو صفته الموضوعة معه
والمتعلق بالمحمول واحد لأنه أيضا وصف وليس له ذات تباين ذات الموضوع
والخارج إما بحسب وقت بعينه وفي نسخة معين بدل بعينه أو لا بعينه
فجميع أقسام الضرورة ستة
واحدة مطلقة
وخمسة مشروطة
واعتبار هذه الأقسام في جانبي الإيجاب والسلب واحد غير مختلف إلا في شرط المحمول
فإنك إذا قلت زيد ليس بكاتب ما دام كاتبا لم يصح بل إنما يصح إذا قلت ما دام ليس بكاتب
وحينئذ صيرت وفي نسخة يصير فيه السلب جزءا من المحمول فكانت القضية موجبة لا سالبة
وألفاظ الكتاب ظاهرة
والموضوع قد يتعرى عن الوصف كالإنسان وقد يقارنه كالمتحرك
والمحمول الذي يحمل بشرط الوصف ضرورة يحتمل أن يكون ضروريا أيضا
ما دام الذات موجودة
ويحتمل أن لا يكون ضروريا في بعض أوقاته
والأول داخل تحت المشروطة بحسب الذات فلا فائدة في أفراده وفي نسخة في إيراده قسما
فالمشروطة بالوصف مطلقا تشمل الضروري بشرط الذات
4 - والضرورة بالشرط الأول وإن كان بالاعتبار وفي نسخة وإن كانا لاعتبار غير الضرورة المطلقة التي لا يلتفت فيها إلى شرط فقد تشتركان أيضا في معنى اشتراك الأعم والأخص وفي نسخة الأخص والأعم أو اشتراك أخصين تحت أعم إذا اشترط في المشروطة أن لا يكون للذات وجود دائما
وما لا تشتركان وفي نسخة وما تشتركان فيه هو المراد من وفي نسخة في قولهم قضية ضرورية
_________
وإن قيد باللاضرورية الذاتية اختص بالقسم الثاني وحده وهو المراد ههنا بالمشروطة بحسب الوصف
والضرورة بشرط المحمول لا يخلو عنها قضية فعلية أيضا فإنك إذا قلت ج ب فإنه يكون بالضرورة ب حال كونه ب وهي ضرورة متأخرة عن الوجود لاحقة به
وسائر الضروريات متقدمة على الوجود موجبة إياه
واسم الضرورة يقع عليها لا بالتساوي
والفائدة في اعتبار هذه الضرورة أن يعلم أن القضية لا تكون خالية عن سائر الضرورات مع كونها فعلية
4 - الضرورة بالشرط الأول أعني بشرط وجود الذات تقع
على ما يكون للذات وجود دائما
وعلى ما لا يكون للذات وجود دائما
والأول يساوي الضرورة المطلقة في الدلالة وإن كان مغايرا لها بالاعتبار فإن المشروطة بأي شرط كان تغاير المطلقة بالاعتبار وإنما يتساويان لأن الحكم فيها حاصل لم يزل ولا يزال
والثاني مباين لها بحسب الدلالة والاعتبار جميعا
ثم المشروطة بالشرط الأول إن لم تقيد بلا دوام الذات بل تركت كما هي متناولة لقسميها دخلت المطلقة تحتها فهما يشتركان في معنى اشتراك الأعم والأخص وذلك
5 - وأما سائر ما فيه شرط الضرورة والذي هو دائم من غير ضرورة فهو أصناف المطلق غير وفي نسخة الغير الضروري
_________
المعنى هو ثبوت الحكم في جميع أوقات وجود الذات
فالأخص هو المطلقة التي تدوم ذاتها
والأعم هو المشروطة المذكورة المحتملة لدوام الذات ولا دوامها
فإن قيدت بلا دوام الذات كانت هي والمطلقة تشتركان في معنى ثالث غيرهما أعم منها اشتراك أخصين تحت أعم
والمعنى المشترك فيه الذي هو أعم منهما هو المشروطة المحتملة لدوام الذات ولا دوامها
وإنما يكون ذلك إذا اشترط في المشروطة ألا يكون للذات وجود دائما
وعلى التقديرين جميعا فما يشتركان فيه أعني الضرورة بحسب الذات مطلقا هو المراد من قولهم قضية ضرورية وهي التي تقابل الإمكان الذاتي
ويوجد في بعض النسخ بدل قوله إذا اشترط في المشروطة إذا لم يشترط في المشروطة
وعلى هذا التقدير يصير قوله ذلك بيانا للأعم الذي يندرج فيه الأخص والأخصان تارة أخرى
5 - أقول يعني الأقسام الأربعة الباقية من الضروريات
وهي المشروطة بشرط وصف الموضوع على الوجه الذي لا يشمل الضروري الذاتي
وبشرط المحمول
وبشرط الوقت المعين
وبشرط الوقت الغير المعين
فهي مع الدائم غير وفي نسخة الغير الضروري أقسام المطلق الغير الضروري وظاهر أن هذه الضروريات لا يشمل الدوام المطلق الذي يكون بحسب الذات لكون ذلك الدوام شاملا للضروري الذاتي
فالمطلق الغير الضروري ما فيه
إما ضرورة من غير دوام
6 - وأما المثال الذي هو دائم غير ضروري فمثل أن يتفق لشخص من الأشخاص إيجاب عليه أو سلب عنه صحبه ما دام موجودا ولم تكن وفي نسخة بدون كلمة تكن تجب تلك الصحبة كما
_________
أو دوام من غير ضرورة
وهذا المطلق أخص من المطلق العام بالضروري الذاتي
وإنما سميت هذه أيضا مطلقة لأنه قد ذكر في التعليم الأول أن القضايا
إما مطلقة
أو ضرورية
أو ممكنة
وهذه القسمة قد تمكن على وجهين
أحدهما أن يقال القضية
إما مطلقة
وإما موجهة
والموجهة
إما ضرورية
وإما ممكنة عامة
وعلى هذا الوجه تكون المطلقة هي العامة
والثاني أن يقال القضية
إما أن يكون الحكم فيها
بالفعل
أو بالقوة وهي الإمكان
وما بالفعل يكون
إما بالضرورة
أو بالوجود الخالي عنها
وتكون المطلقة بهذه القسمة هي الوجودية من غير ضرورة
وأمثله المطلقات في التعليم الأول كانت مناسبة لكل واحد من الاعتبارين فلأجل هذين الاحتمالين اختلف أصحاب المعلم الأول بعده في القضية المطلقة ف ثاوفريطس وثامسطيوس ومن تبعهما حملوها على العامة الشاملة للضرورية
والإسكندر الأفروديسي ومن تبعه حملوها على الخاصة الخالية عنها
6 - أقول الجمهور من المنطقيين لا يفرقون بين
الضروري
والدائم
لأن كل دائم كلي فهو ضروري فإن ما لا ضرورة فيه وإن اتفق وقوعه فهو
أنه قد يصدق وفي نسخة كما أنك قد تصدق أن وفي نسخة أنه بعض الناس أبيض البشرة ما دام موجود الذات وإن كان ليس بضروري
7 - ومن ظن أنه لا يوجد في الكليات حمل غير ضروري فقد أخطأ فإنه جائز أن يكون في الكليات ما يلزم كل شخص منها إن كان وفي نسخة كانت لها أشخاص كثيرة إيجابا أو سلبا
وقتا ما وفي نسخة في وقت بعينه مثل ما للكواكب من الشروق والغروب وللنيرين مثل الكسوف
أو وقتا غير معين مثل ما يكون لكل إنسان مولود من التنفس أو ما يجري مجراه
_________
لا يمكن أن يدوم متناولا لجميع الأشخاص التي وجدت والتي ستوجد مما يمكن أن يوجد
وقد بينا أن كل ضروري فهو دائم فالضروري والدائم متساويان في الكليات
وأما في الجزئيات فقد يختلفان كما تمثل به الشيخ في الإنسان الذي يتفق أن تكون بشرته أبيض كذا في الأصل ولعلها بيضاء من غير ضرورة
والدائم فيها يعم الضروري وغيره
والعلوم إنما تبحث عن الكليات دون الجزئيات فلذلك لم يفرقوا بينهما إذ لا حاجة إلى الفرق
والشيخ قد فرق بينهما لأن النظر في المواد لا يتعلق بالمنطق فالمنطقي من حيث هو منطقي يلزمه اعتبار كل واحد منهما من حيث معناهما المختلفان سواء تساويا في موضوعاتها أو لم يتساويا
7 - أقول هؤلاء لما ظهر لهم أن الحكم الاتفاقي الخالي عن الضرورة لا يكون كليا حكموا بأن كل حكم كلي فهو ضروري ولم يفرقوا بين الضروري الذاتي وغيره وظنوه ضروريا ذاتيا
والشيخ رد عليهم بالوقتين فإنهما ليستا بضروريتين إلا في وقت
8 - والقضايا التي فيها ضرورة بشرط غير الذات فقد تخص باسم المطلقة وقد تخص باسم الوجودية كما خصصناها به وإن كان لا تشاح في الأسماء
_________
8 - أقول هذه هي الأقسام الأربعة المذكورة
وههنا لم يذكر الدائمة غير الضرورية معها وقد سماها ههنا الوجودية لأنها تشتمل على وجود من غير ضرورة ودوام
فالمطلقة الخاصة إذا اشتملت على الدائمة غير الضرورية تكون أعم منها إذا لم تشتمل عليها وينبغي أن لا تغفل عن هذا الاعتبار
الفصل الثالث إشارة إلى جهة الإمكان

1 - الإمكان إما أن يعني به ما يلازم سلب ضرورة العدم وهو الامتناع على ما هو موضوع له في الوضع الأول
وهناك ما ليس بممكن وفي نسخة بالممكن فهو ممتنع
والواجب محمول عليه هذا الإمكان
وإما أن يعني به ما يلازم سلب الضرورة في العدم والوجود جميعا على ما هو موضوع له بحسب النقل الخاص وفي نسخة الخاصي حتى يكون الشيء يصدق عليه الإمكان الأول في نفيه وإثباته جميعا حتى يكون ممكنا أن يكون وممكنا أن لا يكون أي غير ممتنع أن يكون وغير ممتنع أن لا يكون
_________
1 - أقول الإمكان وضع أولا بإزاء سلب الامتناع فالممكن بذلك المعنى يكون واقعا على الواجب وعلى ما ليس بواجب ولا ممتنع
ولا يقع على الممتنع الذي يقابله
وذلك إذا اعتبر معناه في جانب الإيجاب
ثم يلزم إذا اعتبر في جانب السلب أن يقع أيضا على الممتنع وعلى ما ليس بواجب ولا ممتنع ويخلي عن الواجب فيصير حينئذ الإمكان مقابلا لكل واحد من ضرورتي الجانبين
ولما لزم وقوعه على ما ليس بواجب ولا ممتنع في حالتيه نقل اسمه إليه فكان
الأول إمكانا عاما أو عاميا منسوبا إلى العامة
والثاني خاصا أو خاصيا
وكان هذا الإمكان مقابلا للضرورتين جميعا
فلما كان وفي نسخة صار الإمكان بالمعنى الأول يصدق وفي نسخة صدق في جانبيه جميعا خصه الخاص باسم الإمكان فصار الواجب لا يدخل فيه
وصارت الأشياء بحسبه
إما ممكنة
وإما واجبة
وإما ممتنعة
وكانت بحسب المفهوم الأول
إما ممكنة وإما ممتنعة
فيكون غير الممكن بحسب هذا المفهوم أي الثاني الخاص بمعنى غير ما ليس بضروري
فيكون الواجب ليس بممكن بهذا المعنى
_________
فالإمكان نفسه ليس هو نفس سلب الضرورة بل معنى يلازمه وذلك لتغاير مفهوميهما
وأما الاعتراض على الشيخ بأنه قال في الإمكان الأول إنه ما يلازم سلب ضرورة العدم وهو الامتناع وإنما كان الواجب أن يقول ما يلازم سلب ضرورة أحد الجانبين فليس بمتوجه وذلك لأنه عنى به المعنى الذي وضع الإمكان أولا بإزائه لا المعنى الذي يقع الممكن عليه في جميع تصاريفه بعد ذلك الوضع
وأيضا الإمكان معنى من شأنه أن يدخل
إما على الإيجاب
وإما على السلب
فمعناه من حيث وحده ما يلازم سلب الامتناع
ثم ذلك المعنى إن دخل على الإيجاب صار الممكن أن يكون غير ممتنع أن يكون وقابل ضرورة السلب
وإن دخل على السلب صار الممكن أن لا يكون غير ممتنع أن لا يكون قابل ضرورة الإيجاب
فكونه ملازما لسلب ضرورة أحد الجانبين بحسب ما ينضاف إليه من الإيجاب والسلب وأما هو قبل الانضياف فبإزاء سلب الامتناع فقط
2 - وهذا الممكن يدخل فيه الموجود الذي لا دوام ضرورة لوجوده وإن كان له ضرورة في وقت وفي نسخة في وقت ما وفي أخرى في بعض الأوقات كالكسوف
3 - وقد يقال ممكن ويفهم منه معنى ثالث وكأنه وفي نسخة فكأنه أخص من الوجهين المذكورين
وهو أن يكون غير ضروري ألبتة
ولا في وقت كالكسوف
ولا في حال كالتغير للمتحرك بل يكون مثل الكتابة للإنسان
_________
2 - يريد أن الإمكان الخاص لما كان بإزاء سلب الضرورة الذاتية عن الجانبين كان واقعا على سائر الضرورات المشروطة
3 - أقول هذا معنى ثالث للإمكان وإنما كثرت وجوه استعماله لتكثر وجوه استعمال ما يقابله أعني الضرورة
فهذا الإمكان ما يقابل جميع الضرورات الذاتية والوصفية والوقتية وهو أحق بهذا الاسم من المذكورين من قبله لأن الممكن بهذا المعنى أقرب إلى حاق الوسط بين طرفي الإيجاب والسلب
وقد يمثل فيه بالكتابة للإنسان لأن الطبيعة الإنسانية متساوية النسبة إلى وجود الكتابة أو لا وجودها
والضرورة بشرط المحمول وإن كانت مقابلة لهذا الإمكان بالاعتبار فربما تشاركه في المادة لكنها توصف بتلك الضرورة من حيث الوجود وتوصف بالإمكان من حيث الماهية لا الوجود
وإنما قال فكأنه أخص من الوجهين ولم يقل فهو أخص من الوجهين لأن الأخص والأعم هما اللذان يدلان على معنى واحد ويختلفان بأن أحدهما أقل تناولا من الآخر
أما إذا دل أحدهما على بعض ما يدل عليه الآخر باشتراك اللفظ فإنه لا يقال إنه أخص من الآخر إلا بالمجاز وذلك كما يسمى واحد من السودان مثلا بالأسود
فلا يقال إن الأسود يقع عليه وعلى صفته بالخصوص والعموم
4 - فحينئذ تكون وفي نسخة فتكون حينئذ الاعتبارات أربعة واجب وممتنع وموجود له ضرورة ما وشيء لا ضرورة له ألبتة
5 - وقد يقال ممكن ويفهم منه آخر وهو أن يكون الالتفات في الاعتبار ليس لما يوصف به الشيء في حال من أحوال الوجود من إيجاب أو سلب بل بحسب الالتفات إلى حاله في الاستقبال فإذا كان ذلك المعنى غير ضروري الوجود وفي نسخة بدون عبارة من إيجاب أو سلب بل بحسب الالتفات إلى حاله في الاستقبال فإذا كان ذلك المعنى غير ضروري الوجود أو العدم في أي وقت فرض له في المستقبل فهو ممكن
_________
والممكن ههنا يقع على المعاني المذكورة بل على الأخير بجميع المعاني بالاشتراك فلذلك قال فكأنه أخص
4 - إنما ينبغي أن يقول الاعتبارات خمس لأن ماله ضرورة ما في جانب العدم أيضا قسم محتمل بإزاء ما له ضرورة ما في الوجود
والقسمة لا تصير حاصرة بدونه فإن جاز طيهما تحت قسم واحد وهو الموجود له ضرورة ما فينبغي أن يطوي الواجب والممتنع أيضا تحت قسم واحد هو الضروري مطلقا لتكون الأقسام متناسبة
ولعل الشيخ قد طواهما تحت قسم واحد لجواز تشاركهما في المواد ولم يطو الواجب والممتنع لامتناع تشاركهما
5 - وهذا معنى رابع للإمكان وهو الإمكان الاستقبالي وإنما اعتبره من اعتبره لكون ما نسب إلى الماضي والحال من الأمور الممكنة إما موجودا وإما معدوما فيكون إنما ساقها من حاق الوسط إلى أحد الطرفين ضرورة ما
والباقي على الإمكان الصرف فلا يكون إلا ما ينسب إلى الاستقبال من الممكنات التي لا يعرف حالها أتكون موجودة إذا حان وقتها أم لا تكون
6 - ومن يشترط في هذا أن يكون معدوما في الحال فإنه يشترط وفي نسخة فيشترط ما لا ينبغي وذلك لأنه يحسب وفي نسخة بحسب أنه إذا جعله موجودا فقد وفي نسخة بدون عبارة فقد أخرجه إلى ضرورة الوجود ولا يعلم أنه وفي نسخة بدون عبارة أنه إذا لم يجعله موجودا بل فرضه معدوما فقد أخرجه إلى ضرورة العدم فإن لم يضر هذا لم يضر ذلك
_________
وينبغي أن يكون هذا الممكن ممكنا بالمعنى الأخص مع تقيده بالاستقبال لأن الأولين ربما يقعان على ما يتعين أحد طرفيه أيضا كالكسوف فلا يكون ممكنا صرفا
6 - أقول بعض من اعتبر هذا الإمكان لما تنبهوا أن الاتصاف بالوجود إنما يكون لضرورة ما والممكن ما لم يوجد بعد اشترطوا فيه عدمه في الحال حذرا من أن يلحقه ضرورة بحسب وجوده في الحال
والشيخ رد عليهم بأن الوجود الخالي إن أخرجه إلى ضرورة وجود فالعدم الخالي يخرجه أيضا إلى ضرورة عدم فإن لم يضر ضرورة العدم فلا يضر ضرورة الوجود وحصل من ذلك أن الواجب فيه أن لا يلتفت إلى الوجود الحالي ولا إلى عدمه بل يقتصر على اعتبار الاستقبال
الفصل الرابع إشارة إلى أصول وشروط في الجهات

1 - وههنا أشياء يلزمك أن تراعيها
اعلم أن الوجود وفي نسخة الوجوب لا يمنع الإمكان وكيف والوجود وفي نسخة الوجوب يدخل تحت الإمكان الأول
والموجود بالضرورة المشروطة يصدق عليه الإمكان الثاني
والموجود في الحال لا ينافي المعدوم في ثاني الحال فضلا عما لا يجب وجوده ولا عدمه
فإنه ليس إذا كان الشيء متحركا في الحال يستحيل أن لا يتحرك في الاستقبال فضلا عن أن يكون غير ضروري له أن يتحرك وأن لا يتحرك في كل حال في الاستقبال
_________
1 - أقول المراد على الرواية الأولى بيان أن الوجود لا يمانع الإمكان بكل واحد من المعاني المذكورة
يريد بذلك دفع الشبهة التي مر ذكرها بالكلية وذلك لأن الوجود
إما أن يعتبر من حيث تقتضيه ضرورة ما ذاتية أو غير ذاتية
وإما أن يعتبر لا من حيث هو كذلك
فهذه أقسام ثلاثة
الأول يدخل تحت الإمكان
الأول والثاني يصدق عليه الإمكان الثاني
والثالث لا ينافي الإمكان الاستقبالي الذي هو أخص الإمكانات لطبيعة الإمكان فضلا عما فوقه وذلك لأنه لا ينافي العدم الذي يقابله إذا اختلف وقتاهما فكيف ينافي
2 - واعلم أن الدائم غير الضروري فإن الكتابة قد تسلب عن شخص ما دائما في حال وجوده فضلا عن حال عدمه وليس ذلك السلب بضروري
3 - واعلم أن السالبة الضرورية غير سالبة الضرورة وفي نسخة بدون عبارة غير سالبة الضرورة
والسالبة الممكنة غير سالبة الإمكان
والسالبة الوجودية التي بلا دوام غير سالبة الوجود بلا دوام
وهذه الأشياء وتفاصيل مفهومات الممكن فقد يقل لها التفطن فيكثر بسببها وفي نسخة بسببه الغلط
_________
الإمكان الذي هو أقرب من العدم إليه
وإنما قال يدخل تحت الإمكان الأول ولم يقل يصدق عليه لأن الواجب إذا تعين وعرف بالوجوب الذاتي فلا فائدة في أن يحمل الإمكان إليه وإن كان صادقا عليه لو قيل وإنما يدخل مع غيره تحت اسم الإمكان لضرورة داعية إلى ذلك لما لقصد من واضعه
وعلى الرواية الثانية
فالمراد أن الوجوب والإمكان وإن تقابلا بحسب الاعتبارين فلا يتمانعان على التوارد على المراد كالوجوب الذاتي مع الإمكان الأول
والوجوب بالغير مع الإمكان الثاني
ويكون على هذه الرواية قوله والموجود في الحال لا ينافي المعدوم في ثاني الحال مسألة أخرى منقطعة عن الأولى
2 - وهذا بيان أيضا لما تقدم بمثال جزئي سلبي وكان المورد قبله مثالا جزئيا إيجابيا
ومعناه ظاهر
3 - أقول القضية الموجهة تسمى رباعية
وموضع الجهة هو ما يلي الرابطة لأنها بيان نسبتها كما كان موضع أداة السلب أيضا ما يليها لأنها تقتضي رفعها
فالسلب والجهة إذا تقارنا لم يخل
إما أن تكون الجهة متقدمة على السلب كما في قولنا بالضرورة وإما أن تكون
_________
متأخرة عنه كما في قولنا ليس بالضرورة
والأول يقتضي أن تكون القضية سالبة جهتها تلك الجهة
والثاني يقتضي أن تكون الجهة مرفوعة وجهة القضية هي ما يقابل تلك الجهة
فالسالبة الضرورية هي التي تلازم الممتنعة
وسالبة الضرورة
إن سلبت الضرورة الإيجابية فهي تلازم الممكنة العامة السالبة
وإن سلبت ضرورة سلبية فهي تلازم الممكنة العامة الإيجابية
وإن سلبتهما معا فهي تلازم الممكنة الخاصة
والسالبة الممكنة
إن كانت عامة اشتملت على الممكنة الخاصة والممتنعة
وإن كانت خاصة كانت لموجبتها ملازمة منعكسة كما يجيء ذكره
وسالبة الإمكان
إن سلبت العام فهي التي تلازم الضرورة المقابلة للممكن بذلك الإمكان
وإن سلبت الخاص فهي تلازم ما يتردد بين ضرورة الطرفين
والسالبة الوجودية التي بلا دوام ملازمة منعكسة لموجبتها
وسالبة الوجود بلا دوام فهي تلازم ما يترد بين دوام الطرفين
وإما أن يكون الوجود بلا ضرورة والسالبة الوجودية لا تلازم موجبتهما بل يقتسمان دوام الطرفين الخالي عن الضرورة
وسالبة الوجود الإيجابي تلازم ما يتردد بين ضرورة الإيجاب ودوام السلب
وسالبة الوجود السلبي تلازم ما يتردد بين ضرورة السلب ودوام الإيجاب
الفصل الخامس إشارة إلى تحقيق الكلية الموجبة في الجهات

1 - اعلم أنا إذا قلنا كل ج ب فلسنا نعني به أن كلية ج وفي نسخة أن كلية جيم ب أو الجيم الكلي هو ب
بل نعني به وفي نسخة بدون عبارة به أن كل واحد واحد وفي نسخة بدون تكرار كلمة واحد مما يوصف ب ج كان موصوفا ب ج وفي نسخة بدون عبارة ب ج في الفرض الذهني أو وفي نسخة و بدل أو في الوجود الخارجي وفي نسخة بدون كلمة الخارجي
وكان موصوفا وفي نسخة بدون كلمة كان بذلك دائما أو غير دائم بل كيف اتفق
_________
1 - أقول تحقيق القضايا هو تلخيص ما يفهم من أجزائها وهو ينقسم
إلى ما يتعلق بالموضوع
وإلى ما يتعلق بالمحمول
وقد ذكر الشيخ من القسم الأول ستة أحكام
اثنان سلبيان
وأربعة إيجابية
فالسلبيان وفي نسخة فالسالبيان ما أنا وفي نسخة أن لا نعني بقولنا كل ج كلية ج ولا الجيم الكلي ولا الكلي المنطقي فإن الكلية هي العموم ولا العقلي وإنما لم يذكر الكلي الطبيعي لأنه قد يكون موضوعا وذلك في المهملات وقد يكون جزءا من الموضوع وذلك في الخصوصيات والمحصورات
_________
وبيانه أنه إذا أخذ مع لاحق شخصي مخصص كما في قولنا هذا الإنسان كان موضوعا لمخصوصه
وإن أخذ مع لاحق يقتضي عمومه ووقوعه على الكثرة فلا يخلو
إما أن ينظر إلى تلك الطبيعة من حيث يقع على الكثرة أو ينظر إلى الكثرة من حيث تلك الطبيعة مقولة عليها
والأول هو الكلي العقلي
والثاني إن كان حاصرا لجميع ما هي مقولة عليها أي يكون المراد كل واحد واحد مما يقال عليه ج أو يوصف ب ج كان كليا موجبا وإلا فجزئيا موجبا
والفاضل الشارح فهم من الكلية معنى الكل فأورد الفرق بين الكل والكلي بما قيل من أن
الكل متقوم بالأجزاء غير محمول عليها والكلي مقوم للجزئيات محمول عليها
وأن الأجزاء محصورة والجزئيات بخلافها
وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه
وأورد أيضا الفرق بين الكل وكل واحد بأن
كل واحد من العشرة ليس بعشرة
والكل عشرة
ولفظه في هذا المثال يفيد التبعيض
وفي قولنا كل واحد من ج يفيد التبيين
فهذا المثال يشتمل على مغالطة بحسب اشتراك الاسم
والمثال الصحيح أن يقال مثلا كل واحد من الناس شخص واحد وليس كل الناس شخصا واحدا
وأما الأحكام الإيجابية
فأولها أنا نعني بكل ج كل ما يقال له ج ويوصف ب ج لا ما هو طبيعة ج نفسها كما في المهملات وذلك لأن لفظ كل ينضاف إليها هناك
2 - فذلك وفي نسخة وذلك الشيء موصوف بأنه ب من غير زيادة أنه موصوف به في وقت كذا أو وفي نسخة و حال كذا أو دائما
فإن جميع هذا أخص من كونه موصوفا به مطلقا
فهذا هو المفهوم من قولنا كل ج ب من غير زيادة جهة من الجهات
وبهذا المفهوم يسمى مطلقا عاما مع حصره
3 - فإن أردنا وفي نسخة زدنا شيئا آخر فقد وجهناه
_________
وثانيهما أنا نعني ب ج كل واحدة مما يوصف ب ج بالفعل لا بالقوة
وخالف الحكيم الفاضل أبو نصر الفارابي في ذلك فإنه ذهب إلى أن المراد به هو كل ما يصح أن يوصف به سواء كان موصوفا بالفعل أولم يكن إلا بالقوة وهو مخالف للعرف والتحقيق فإن الشيء الذي يصح أن يكون إنسانا ك النطفة لا يقال له إنسان
وثالثها أنا نعني به الموصوفات ب ج بالفعل على وجه يعم المفروض الذهني والموجود الخارجي فلا يشترط فيه التخصيص بأحدهما فإنا نحكم على كل واحد من الصنفين أحكاما إيجابية
وخالف جماعة من المنطقيين في ذلك ذهبوا إلى أن المراد به ما يوجب منها في الخارج فقط على ما سيأتي ذكره
ورابعها أن نعني به الموصوفات ب ج سواء يوصف به دائما أو غير دائم بل أعم منهما
وهذا الإطلاق الذي يتناول الدوام واللادوام هو جهة وصف الموضوع بالنسبة إلى الذات التي أشرنا إليها في صدر النهج
فهذه أحكام الموضوع
وأما الأحكام المتعلقة بالمحمول فمنها ما تختلف الموجهات بحسبه
2 - أقول مع حصره يشير إلى مفهوم الإطلاق العام مع الإيجاب الكلي وهو ظاهر
3 - يريد التنبيه على ما يقابل الإطلاق والتوجيه بحسب الاعتبار
4 - وتلك الزيادة مثل أن نقول بالضرورة كل ج ب حتى نكون كأنا قلنا وفي نسخة كأنما قد قلنا كل واحد واحد مما يوصف وفي نسخة مما كان موصوفا ب ج دائما أو غير دائم
5 - فإنه ما دام موجود الذات فهو ب بالضرورة
6 - وإن لم يكن مثلا ج فإنا لم نشترط وفي نسخة نشرط أنه بالضرورة ب ما دام موصوفا بأنه ج بل أعم من ذلك
7 - ومثل أن نقول كل ج ب دائما حتى نكون كأنا قلنا كل واحد واحد من ج على البيان الذي ذكرناه يوجد له ب دائما ما دام موجود الذات من غير ضرورة
وأما أنه هل يصدق هذا الحمل الموجب الكلي في كل وفي نسخة بدون كلمة كل حال أو يكون دائم الكذب وفي نسخة بزيادة له أو لا دائم الكذب أي أنه
هل يمكن أن يكون ما ليس بضروري موجودا وفي نسخة بدون كلمة موجودا دائما في كل واحد
أو مسلوبا دائما عن كل واحد
_________
4 - أقول وهذا حال الموضوع وكرر هذا الشرط الذي يخالف شرط الضرورة تنبيها على الفرق بين الجهة التي لوصف الموضوع بالنسبة إلى ذاته والجهة التي للمحمول بالنسبة إلى الموضوع
5 - فهذا بيان جهة القضية
6 - يريد أن الحكم الضروري إنما يكون بحسب ذات الموضوع لا بحسب وصفه فإنا إذا قلنا الكاتب بالضرورة إنسان عنينا أنه ما دام موجود الذات إنسانا حال كونه كاتبا وحال كونه غير كاتب
7 - يريد بيان الدائم غير الضروري وهو ظاهر
وفيه تعريض بأن الدوام في الكليات لا يفارق الضروري
أو لا يمكن هذا بل يجب أن يوجد ما ليس بضروري في البعض لا محالة ويسلب عن البعض لا محالة
فأمر ليس على المنطق أن يقضي فيه بشيء
8 - وليس من شرط القضية التي وفي نسخة في أن بدل التي ينظر فيها المنطقي أن تكون صادقة أيضا
فقد وفي نسخة وقد ينظر فيما لا يكون إلا كاذبا
9 - ومثل أن نقول كل وفي نسخة إن كل واحد مما يقال له ج على البيان المذكور فإنه يقال له ب لا ما دام موجود الذات بل وقتا بعينه كالكسوف أو بغير عينه كالتنفس للإنسان أو حال كونه مقولا له ج وهو مما لا يدوم مثل قولنا كل متحرك متغير
وهذه هي أصناف الوجوديات وفي نسخة بدون وهذه هي أصناف الوجوديات وفي أخرى الموجودات
_________
8 - يريد أن المنطقي إذا طلب فحوى الكلام ولم يلتفت إلى حال المادة استوى الصادق والكاذب عنده فلا الصدق نافع في استكشاف الفحوى ولا الكذب ضار
9 - أقول البيان المذكور بيان حال الموضوع
قوله حال كونه مقولا له ج وهو مما لا يدوم إشارة إلى ما يكون الحكم فيه دائما ما دام الموضوع موصوفا بما وضع معه وغير الدائم ما دام الذات
وفرق
بين الضروري بحسب الوصف
وبين الدائم بحسب الوصف
والفاضل الشارح سمي الأول مشروطا
والثاني عرفيا
وسمي المتناول منهما للضرورة أو الدوام بحسب الذات عاما
وغير المتناول لهما خاصا
ولم يفصل أحكامها بحسب تفصيل الضرورة والدوام الذاتيين
وفي تفصيل ذلك كلام لا يمكن إيراده ههنا
10 - ومثل أن نقول كل واحد ما يقال له ج على البيان المذكور فإنه يمكن أن يوصف ب ب وفي نسخة بدون عبارة ب ب بالإمكان العام أو الخاص أو الأخص
وعلى طريقة قوم فإن لقولنا وفي نسخة كقولنا كل ج ب بالوجود وفي نسخة بدون عبارة بالوجود وغيره وجها آخر وفي نسخة بدون كلمة آخر
وهو أن معناه كل ج مما في الحال وفي نسخة في حال وفي أخرى الماضي فقد وصف بأنه ب وقت وجوده
11 - وحينئذ يكون قولنا كل ج ب بالضرورة هو وفي
_________
والشيخ لا يعتبر الفرق بينهما في أكثر المواضع ولم يذكر المشروط بالمحمول ههنا لأن الموصوف ب ب وقتا بعينه أو بغير عينه يمكن أن يكون كذلك بالضرورة ويمكن أن يكون كذلك لا بالضرورة
والثاني هو المشروط بالمحمول فإذن هو داخل فيما ذكره
وهذا الوجودي هو الوجودي اللادائم
10 - هؤلاء القوم يجعلون الموضوع في القضايا الفعلية كل ما هو ج بالفعل مما هو في الحال أو في الماضي فلا يكون ما هو عند العقل ج أو ما سيكون ج في المستقبل مما يمكن أن يكون ج داخلا فيه وهذا هو المذهب الذي ذكرناه في أحوال الموضوع
ثم إنه إذا حكموا عليه بأنه ب مطلقا فقد أرادوا أنه موصوف ب ب في وقت وجوده ذلك
وهذا هو مذهب سخيف قد ذكر فساده المعلم الأول وذلك لأن ما يوجد ج وقتا ما هو بعض ما هو ج لا كله ولوجوه أخرى من الفساد تبين في أبواب القياسات ويطول شرحها
11 - هذا مذهب آخر تابع نشأ من المذهب الأول وهو القول بأن كل ج ب بالضرورة هو ما يشتمل على الأزمنة الثلاثة
نسخة وهو ما يشتمل على الأزمنة الثلاثة
وإذا قلنا كل ج ب مثلا بالإمكان الأخص فمعناه كل ج وفي نسخة كل ج فإنه في أي وقت من المستقبل يفرض فيصح أن يكون ب وأن لا يكون
12 - ونحن لا نبالي أن نراعي هذا الاعتبار أيضا وإن كان الأول هو المناسب
_________
وبالإمكان ما يختص بالمستقبل
ويلزم منه كون الجهة متعلقة ب سور القضية لا بانتساب المحمول إلى الموضوع في طبيعتهما كما ذكرناه
وذلك لأنا لو فرضنا وقتا لا يكون فيه سوى الإنسان حيوان موجود صح أن يقال كل حيوان إنسان ولا شيء من الحيوان بفرس بالإطلاق
وقيل يصح أن يقال ذلك بالإمكان فيكون الإطلاق والإمكان لكلية الحكم لا لكون الإنسان بالنسبة إلى الحيوان كذلك
12 - يريد لا نبالي أن نبين لوازم هذا الاعتبار إذا فرض صادقا وإن كان الأول هو المناسب للاستعمال في العلوم والمحاورات وهو الذي يجب أن يعتبر بحسب طبائع الأمور
الفصل السادس إشارة إلى تحقيق الكلية السالبة في الجهات

1 - أنت تعلم على اعتبار ما سلف لك وفي نسخة بدون عبارة لك أن الواجب في الكلية السالبة المطلقة الإطلاق العام الذي وفي نسخة والذي يقتضيه هذا الضرب من الإطلاق أن يكون السلب يتناول كل واحد واحد من الموصوفات وفي نسخة الموضوعات بالموضوع الوصف المذكور تناولا غير مبين الحال والوقت وفي نسخة الوقت والحال حتى تكون كأنك وفي نسخة كأنه تقول كل واحد واحد مما هو ج ينفي عنه ب من غير بيان وقت وفي نسخة بدون كلمة وقت النفي وحاله
2 - لكن وفي نسخة ولكن اللغات التي نعرفها قد خلت في عاداتها وفي نسخة بدون عبارة في عاداتها عن استعمال النفي الكلي على هذه الصورة وفي نسخة الصورة في عاداتها واستعملت
_________
1 - أقول يشير إلى أن المطلقة الكلية إذا كانت سالبة فهي على قياسها إذا كانت موجبة أي أنها تقتضي سلب المحمول عن جميع الآحاد الموصوفة بالموضوع من غير توقيت ولا تقييد ولا مقابلهما بل على وجه أعم منها جميعا
وقد عدل بالعبارة عنها إلى ما يشبه العدول فقال كأنه يقول كل واحد واحد مما هو ج ينفي عنه ب من غير بيان وقت النفي وحاله وذلك لغرض سيذكره
2 - أقول أراد به أن المفهوم من صيغة السلب الكلي مع الإطلاق في المتعارف من لغتي العرب والعجم وهو سلب المحمول عن جميع آحاد الموضوع في جميع أوقات كونها موصوفة وفي نسخة موضوعة بما وضع معه على وجه يعم الدائم واللادائم
للحصر السالب الكلي لفظا يدل على زيادة معنى على ما يقتضيه هذا الضرب من الإطلاق وفي نسخة على ما يقتضيه الإطلاق فيقولون بالعربية لا شيء من ج ب ويكون مقتضى ذلك عندهم أنه لا شيء مما هو ج يوصف ألبتة بأنه ب ما دام موصوفا بأنه ج وهو سلب عن كل واحد واحد من الموصوفات ب ج ما دامت موضوعة له إلا أن لا توضع له
وكذلك ما يقال في فصيح لغة الفرس هيج ج ب نيست
وهذا الاستعمال يشمل الضروري وضربا واحدا من ضروب الإطلاق الذي شرطه في الموضوع
3 - وهذا قد غلط كثيرا من الناس أيضا في جانب الكلي الموجب
4 - لكن السلب وفي نسخة السالب الكلي المطلق بالإطلاق
_________
والضروري واللاضروري وبحسب الذات وهو أعم من الضروري المشروط بالوصف لأن الدائم أعم من الضروري
وذلك لأنه لا يصح أن يقال لا شيء من الإنسان بنائم وإن كان الحكم صادقا على جميع الأشخاص وذلك لكونه غير صادق عليهم في جميع أوقات كونهم إنسانا وكذلك في لغة الفرس
3 - أي ظن بعض الناس أن الموجبة المطلقة يفهم منها أيضا إيجاب المحمول على جميع الآحاد في جميع أوقات الوصف وليس ما ظنوه حقا فإنه يصح أن يقال كل إنسان نائم
وعلى المنطقي أن يبحث عن كل واحد من الاعتبارين بانفراده أي الإطلاق العام والدوام بحسب الوصف وقد يسمى الدائم بحسب الوصف بالمطلق العرفي منسوبا إلى العرف يقتضيه في السالب وفي نسخة في السلب
والاسم على السالب حقيقة وعلى الموجب مجاز لكونه مشابها للسالب وهو ما يسميه الشارح عرفيا عاما
4 - أقول هذا الكلام يوهم أنه يريد رد السلب إلى العدول ولو كان كذلك
العام أولى الألفاظ به هو ما يساوي قولنا كل ج يكون ليس ب ب أو يسلب عنه ب من غير بيان وقت وحال
وليكن السالب الوجودي وهو المطلق الخاص ما وفي نسخة مما يساوي قولنا كل ج ينفي عنه ب نفيا غير ضروري ولا دائم وفي نسخة ودائم
5 - وأما في الضرورة فلا بعد بين وفي نسخة بدون كلمة بين الجهتين
والفرق بينهما أن
قولنا كل ج فبالضرورة وفي نسخة بالضرورة ليس ب ب يجعل وفي نسخة فجعل الضرورة لحال السلب عند واحد واحد
_________
لكان له وجه وهو أن صيغة الموجبة لما كانت دالة على الإطلاق العام ولم تكن صيغة السالبة كذلك فاحتالوا للسالبة بأن جعلوها معدولة حتى ارتدت إلى الموجبة ودلت على الإطلاق مقارنا لمعنى السلب
لكن الشيخ لا يريد به العدول على ما صرح به في الشفاء بل يريد به تقديم السلب على الربط مع تقديم السور والموضوع عليه كما في قولنا مثلا كل إنسان ليس يوجد نائما وكذلك قال هو ما يساوي قولنا
ولم يقل هو قولنا
5 - أي لا بعد بين تقديم الموضوع على الجهة والسلب وبين تأخيره عنهما في الدلالة وإن كان بينهما فرق بحسب الاعتبار وذلك لأن
الأول يقتضي أن المحمول مسلوب بالضرورة عن واحد واحد من الموضوع
والثاني يقتضي أن المحمول مسلوب عن آحاد الموضوع بأسرها سلبا ضروريا
والأول يقتضي تعلق ضرورة السلب بكل واحد مفروض بالفعل ويتضمن ضرورة السلب الكلي بالقوة لأن الحكم على كل واحد يفرض يقتضي الحكم الكلي
والثاني يقتضي تعلق ضرورة السلب بالكل بالفعل ويتعلق بكل واحد يفرض تعلقا بالقوة لاشتمال الحكم الكلي على أي واحد يفرض
وقولنا بالضرورة لا شيء من ج ب يجعل الضرورة لكون وفي نسخة بكون السلب عاما ولحصره وفي نسخة وبحصره ولا يتعرض لواحد واحد إلا بالقوة فيكون مع اختلاف المعنى ليس بينهما فرق وفي نسخة افتراق في اللزوم بل حيث صح أحدهما صح الآخر
وعلى هذا القياس فاقض في الإمكان
_________
فالحاصل أن الأصل يساوي دلالتيهما في جميع المواضع لولا مخالفة العرف في الصيغة المذكورة
والفاضل الشارح قال السلب المطلق يوهم الدوام
بخلاف الموجب
فهذا الفرق إنما ظهر في المطلقة ولم يظهر في الضرورية إذ الضرورة لا تعقل إلا مع الدوام
أقول لو كان ذلك كذلك لكانت الممكنة كالمطلقة إذ هي معقولة لا مع الدوام وليست كذلك بل هي ملحقة بالضرورة
فظهر أن الفارق هو العرف لا غير
والحق أن الاختلاف الذي ذهب إليه ليس بمؤثر في المعنى زيادة تأثير
الفصل السابع تنبيه على مواضع خلاف ووفاق بين اعتباري الجهة والحمل

1 - اعلم أن إطلاق الجهة يفارق إطلاق الحمل في المعنى وفي اللزوم فإنه قد يصدق أحدهما دون الآخر
مثاله وفي نسخة مثلا وفي أخرى بدونهما إذا كان وقت يتفق أن لا يكون فيه إنسان أسود صدق وفي نسخة يصدق فيه أن وفي نسخة بدون كلمة أن كل إنسان أبيض بحكم الجهة دون حكم الحمل وفي نسخة المحمول
وكذلك إمكان الجهة أيضا فإنه فرض في وقت من الأوقات مثلا أن لا لون إلا البياض وفي نسخة الأبيض أو غيره من التي لا نهاية لها صدق حينئذ بالإطلاق أن كل لون هو البياض وفي نسخة بياض أو شيء آخر بإطلاق الجهة وقبله كان ممكنا
ولا يصدق هذا الإمكان إذا قرن بالمحمول فإنه ليس بالإمكان الخاص يكون كل لون بياضا
بل ههنا ألوان بالضرورة لا تكون بياضا
وكذلك إذا فرضنا زمانا ليس فيه من الحيوانات إلا الإنسان صدق فيه بحسب إطلاق الجهة أن كل حيوان إنسان وقبله بالإمكان ولم يصح بالإمكان إذا جعل المحمول
وعلى هذا القياس فاقض في الإمكان وفي نسخة بدون عبارة وعلى هذا القياس فاقض في الإمكان
_________
1 - لا وجود لهذا الفصل في النسخة التي شرحها الطوسي
المحقق
الفصل الثامن إشارة إلى تحقيق الجزئيتين في الجهات

1 - وأنت تعرف حال الجزئيتين من الكليتين وتقيسهما عليهما وفي نسخة عليها
وقولنا بعض ج ب يصدق ولو كان ذلك البعض موصوفا ب ب في وقت لا غير
وكذلك تعلم أن كل بعض إذا كان بهذه الصفة صدق ذلك في كل بعض
وإذا صدق الإيجاب في كل بعض صدق في كل واحد
ومن هذا تعلم أنه ليس من شرط الإيجاب المطلق عموم كل عدد في كل وقت
2 - وكذلك في جانب السلب
_________
1 - أقول يريد أن يزيل الوهم المذكور في الإيجاب
أعني أن الحكم الكلي يقتضي الدوام بحسب الوصف واستدل على ذلك بأن الحكم على البعض لا يوهم ذلك بالاتفاق
والأبعاض متساوية في هذا الباب
فإذا كان الحكم على كل بعض ويجب أن يكون غير مقتض للدوام المذكور ويكون مع ذلك كليا فالشرط في أن يكون الحكم كليا هو عموم العدد لا شمول الأوقات
2 - أقول يريد أن يوضح صحة اعتبار الإطلاق العام في السلب فإن من غلب على وهمه ما يقتضيه العرف ربما ظن أن ذلك الاعتبار ليس بصحيح
واعلم أنه ليس إذا صدق بعض ج ب بالضرورة يجب أن يتبع وفي نسخة يمنع ذلك صدق قولنا بعض ج ب بالإطلاق الغير الضروري أو بالإمكان ولا بالعكس
فإنك تقول بعض الأجسام بالضرورة متحرك أي ما دام ذات ذلك البعض موجودا
وبعضها متحرك بوجود غير ضروري
وبعضها بإمكان غير ضروري
_________
والدليل على صحته هو ما ذكره في الإيجاب بعينه
وباقي الفصل ظاهر
الفصل التاسع إشارة إلى تلازم ذوات وفي نسخة ذات الجهة

1 - اعلم أن وفي نسخة بدون عبارة اعلم أن قولنا بالضرورة يكون هو وفي نسخة بدون كلمة هو في قوة قولنا لا يمكن أن لا يكون بالإمكان العام الذي هو في قوة قولنا ممتنع وفي نسخة بدون عبارة لا يمكن أن لا يكون بالإمكان العام الذي هو في قوة قولنا أن لا يكون
_________
1 - أقول الموجهات منها ما يتلازم ومنها ما يلزم غيرها من غير عكس
فمن الملازمات طبقات ثلاث
الوجوب
والامتناع
والإمكان الخاص
وطبقات ثلاث تقابل هذه الطبقات
طبقة
الوجوب بالضرورة وما يقابله
يكون لا يمكن أن لا ليس بالضرورة يكون يمكن
يكون يمتنع أن لا يكون أن لا يكون لا يمتنع أن لا يكون
طبقة
الامتناع بالضرورة لا يكون وما يقابله ليس
لا يمكن أن يكون بالضرورة أن لا يكون يمكن
يمتنع أن يكون أن يكون لا يمتنع أن يكون
طبقة
الإمكان الخاص وما يقابله
يمكن أن يكون لا يمكن أن يكون
يمكن أن لا يكون لا يمكن أن لا يكون
وقولنا بالضرورة لا يكون في قوة قولنا ليس بممكن أن يكون بالإمكان العام وفي نسخة بدون كلمة العام الذي هو وفي نسخة بدون كلمة هو في قوة قولنا ممتنع أن يكون
وهذه ومقابلاتها كل طبقة متلازمة يقوم بعضها مقام بعض وفي نسخة البعض
وأما الممكن الخاص والأخص فإنهما لا ملازمات وفي نسخة لا متلازمان مساوية لهما من بابي الضرورة بل لهما لوازم من ذوات الجهة أعم منهما ولا تنعكس عليهما
وليس وفي نسخة إذ ليس يجب أن يكون كل وفي نسخة بدون كلمة كل لازم مساويا
فإن قولنا بالضرورة يكون يلزمه أنه وفي نسخة بدون عبارة أنه ممكن أن يكون بالإمكان العام ولا ينعكس عليه فإنه ليس إذا كان ممكنا أن يكون وجب أن يكون بالضرورة يكون بل ربما كان ممكنا أيضا أن لا يكون
وقولنا بالضرورة لا يكون يلزمه أنه ممكن أن لا يكون بالإمكان العام أيضا من انعكاس أيضا وفي نسخة بدون كلمة أيضا لمثل ذلك البيان وفي نسخة بدون كلمة البيان
ثم اعلم أن قولنا ممكن أن يكون الخاص والأخص إنما
_________
والإمكان في طبقتي الوجوب والامتناع بالمعنى العام
وفي الباقية بالمعنى الخاص
والضابط أن الواقعة في كل طبقة متلازمة وكذلك الواقعة في مقابلتها
ومقابلة كل طبقة يلزم كل واحدة من الطبقتين الأخريين من غير عكس
وما في الكتاب غني عن الشرح
يلزمه ممكن أن لا يكون من بابه ويساويه
وأما من غير بابه فلا يلزمه ما يساويه بل ما وفي نسخة بدون كلمة ما هو أعم منه
مثل ممكن أن يكون العام وممكن أن لا يكون العام
وليس بواجب أن يكون وليس بواجب أن لا يكون
وليس بممتنع أن يكون وليس بممتنع أن لا يكون
وبالجملة ليس بضروري أن يكون وأن لا وفي نسخة وليس بضروري أن لا يكون
الفصل العاشر وهم وتنبيه

1 - والسؤال الذي يهول به قوم
وهو أن الواجب إن كان ممكنا أن يكون والممكن أن يكون ممكن أن لا يكون فالواجب إذن ممكن أن لا يكون
وإن كان وفي نسخة بدون كلمة كان لم يكن الواجب وفي نسخة بدون كلمة الواجب ممكنا أن يكون وما ليس بممكن فهو ممتنع أن يكون فالواجب إذن وفي نسخة بدون كلمة إذن ممتنع أن يكون
ليس بذلك المشكل الهائل وفي نسخة بدون كلمة الهائل حله وفي نسخة كله فإن الواجب
ممكن أن يكون بالمعنى العام ولا يلزم ذلك الممكن أن ينعكس إلى
ممكن أن لا يكون
وليس بممكن بالمعنى الخاص ولا وفي نسخة لا بدون الواو يلزم قولنا ليس بممكن بذلك المعنى أن يكون ممتنعا لأن ما ليس بممكن بذلك المعنى هو ما هو ضروري إيجابا أو سلبا
_________
1 - أقول السؤال الذي ذكره مما استعظمه قوم من المنطقيين وهو مغالطة باشتراك الاسم وقد تخبطوا باستعمال أحد الممكنين أعني الخاص والعام مقام الآخر في مواضع كثيرة فلذلك الشيخ بالغ في إيضاح الحال فيه وبيان خبطهم بما في دونه كفاية وذلك ظاهر
وهؤلاء مع تنبههم لهذا الشك وتوقعهم أن يأتيهم حله يعودون فيغلطون
فكلما صح لهم في شيء أنه ليس بممكن أو فرضوه كذلك حسبوا أنه يلزمه أنه بالضرورة ليس
وبنوا على ذلك وتمادوا في الغلط لأنهم لم يتذكروا أنه ليس يجب في ما ليس بممكن بالمعنى الخاص والأخص أنه بالضرورة ليس بل ربما كان بالضرورة ليس وكذلك وفي نسخة ربما كان بالضرورة وليس كذلك قد يغلطون كثيرا ويظنون أنه إذا فرض أنه ليس بالضرورة لزم وفي نسخة يكون لزمه أنه ممكن حقيقي ينعكس إلى ممكن أن لا يكون وليس كذلك
وقد علمت ذلك مما هديناك سبيله
_________
ويختم الكلام في هذا النهج بإحصاء الموجهات التي تحصلت فيه وهي اثنتان وعشرون
المطلقة العامة
والضرورية المطلقة
والمشروطة بالذات اللادائمة
والضرورية الذاتية الشاملة لهما
والمشروطة بوصف وفي نسخة بشرط الموضوع على
الوجه العام
وعلى الوجه الخاص
والمشروطة بالمحمول
والتي بحسب وقت غير معين
والتي بحسب وقت معين
والدائمة المحتملة للضرورية
والدائمة اللاضرورية
والمطلقة الخاصة أعني الوجودية باعتبار
والممكنة العامة والخاصة والتي هي أخص منهما
اللاضرورة وباعتبار اللادوام
والاستقبالية
والمطلقة بحسب السور
والضرورية بحسبه
والممكنة بحسبه
والمطلقة العرفية على الوجه العام وعلى الوجه الخاص
النهج الخامس في تناقض القضايا وعكسها كلام كلي في التناقض

1 - اعلم أن التناقض هو اختلاف قضيتين بالإيجاب والسلب على جهة وفي نسخة على جملة تقتضي لذاتها أن تكون إحداهما وفي نسخة أحدهما بعينها أو بغير عينها وفي نسخة بعينه أو بغير عينه صادقة والأخرى كاذبة وفي نسخة صادقا والآخر كاذبا حتى لا يخرج الصدق والكذب منهما وإن لم يتعين ذلك وفي نسخة بدون عبارة ذلك في بعض الممكنات عند جمهور القوم
_________
1 - اختلاف قضيتين
قد يكون لاختلاف أجزائهما
وقد يكون لاختلاف الحكم فيهما إما بالإيجاب والسلب وإما بالكلية والجزئية وإما بالجهة وإما بشيء آخر من سائر اللواحق
والاختلاف الحقيقي منها هو الذي بالإيجاب والسلب فإن النفي والإثبات هما اللذان لذاتيهما لا يجتمعان ولا يرتفعان وسائر الاختلافات راجعة إليه
لأنها إنما تكون اختلافا من حيث لا يكون الحكم في أحدهما إما على ما يكون في الأخرى أو بما يكون فيها أو على الوجه الذي يكون فيها وإلا فلا اختلاف أصلا
والاختلاف بالإيجاب والسلب أيضا
قد يقع على وجه لا يقتضي اقتسام الصدق والكذب
وقد يقع على وجه يقتضيه
والأول كما في قولنا هذا حيوان
هذا ليس بأسود فإنهما لا يقتسمانهما بل ربما يصدقان معا وربما يكذبان معا
2 - وإنما يكون التقابل في الإيجاب والسلب وفي نسخة في السلب والإيجاب إذا كان السالب منهما وفي نسخة فيهما
_________
والثاني قد يقع على وجه يقتضيه أمر غير نفس الاختلاف وذاته
وقد يقع على وجه يقتضيه الاختلاف نفسه
والأول كما في قولنا هذا إنسان هذا ليس بناطق فإنهما إنما اقتسما الصدق والكذب لتساوي الإنسان والناطق في الدلالة لا لنفس الاختلاف
والثاني كما في قولنا هذا زيد هذا ليس بزيد فإنهما اقتسماه لذات هذا الاختلاف لا شيء آخر
فالتناقض هو اختلاف قضيتين بالإيجاب والسلب على جهة تقتضي لذاتها أن تكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة
والصدق والكذب قد ينفيان كما في مادتي الوجوب والامتناع وقد لا ينفيان كما في مادة الممكنة ولا سيما الاستقبالي فإن الواقع في الماضي والحال قد يتغير طرف وقوعه وجودا كان أو عدما فيكون الصادق والكاذب بحسب المطابقة وعدمها متعينين وإن كان بالقياس إلينا لجهلنا به غير متعينين
وأما الاستقبالي ففي عدم تعين أحد طرفيه نظر أهو كذلك في نفس الأمر أم بالقياس إلينا
وجمهور القوم يظنونه كذلك في نفس الأمر والتحقيق يأباه لإسناد الحوادث في أنفسها إلى علل تجب بها وتمتنع دونها وانتهاء تلك العلل إلى علة أولى تجب لذاتها كما بين في العلم الإلهي
فلا التعين من شرط التناقض ولا عدمه
بل من شرطه الاقتسام كيف كان ولذلك قال الشيخ بعينه أو بغير عينه ثم أكده بقوله حتى لا يخرج الصدق والكذب منهما فأشار بقوله وإن لم يتعين في بعض الممكنات عند جمهور القوم إلى ما ذكرناه من رأيهم فيه
2 - أقول يريد أن يبين الجهة المذكورة في حد التناقض التي لذاتها تقتضي اقتسام الصدق والكذب وهي تقابل السلب والإيجاب وحده في المخصوصات ومع شرط آخر في المحصورات
فبين
يسلب الموجب كما أوجب فإنه إذا أوجب شيء وكان لا يصدق فإن معنى أنه لا يصدق هو أن الأمر ليس كما أوجب
وبالعكس إذا سلب شيء ولم وفي نسخة فلم يصدق فمعناه أن مخالفة الإيجاب وفي نسخة إيجاب كاذبة وفي نسخة كاذب
لكنه وفي نسخة ولكنه قد يتفق أن يقع الانحراف عن مراعاة التناقض لوقوع الانحراف عن وفي نسخة بدون عبارة مراعاة التناقض لوقوع الانحراف عن مراعاة التقابل
ومراعاة التقابل أن تراعي في كل واحدة من القضيتين ما تراعيه في الأخرى حتى تكون أجزاء القضية في كل واحدة منهما هي التي في الأخرى وعلى ما في الأخرى وفي نسخة بدون عبارة وعلى ما في الأخرى حتى يكون معنى
الموضوع والمحمول وفي نسخة المحمول والموضوع وما يشبههما وفي نسخة أشبههما
والشرط والإضافة
_________
أولا معنى التقابل
وثانيا أن الصدق والكذب كيف يتعلقان بالمتقابلين
ثم يبين أن الانحراف عن التقابل يقتضي الانحراف عن التناقض
ثم شرع في بيان شرائط التقابل وبين أنها
بالإجمال شيء واحد وهو أن يراعى في كل واحدة من القضيتين ما يراعى في الأخرى حتى تكون أجزاء القضيتين متحدة
وبالتفصيل شرائط كثيرة منها الثمانية المشهورة
اثنان منها الاتحاد في الموضوع والمحمول وفيما يشبههما يعني المقدم والتالي
وستة هي الاتحاد في الشروط
والجزء والكل وفي نسخة والكل والجزء
والقوة والفعل
والمكان والزمان
3 - وغير ذلك مما عددناه
غير مختلف
_________
والستة المذكورة في آخر النهج الثالث وهي
الاتحاد في الشرط
وفي الإضافة
وفي الجزء والكل
وفي القوة والفعل
وفي المكان والزمان
3 - يريد به السور والجهة والارتباط كالانفصال والاتصال ونحوها فإن الاختلاف في كل واحد منها يقتضي الانحراف عن التقابل
قال الفاضل الشارح إن هذه الستة ترجع إلى اتحاد الموضوع والمحمول
فإن الاختلاف في الشرط كما في قولنا الأسود جامع للبصر أي مع السواد
وليس بجامع أي لا مع السواد
وفي الجزء والكل كقولنا الزنجي أسود أي في بشرته
وليس بأسود أي في سنه
راجع إلى الاختلاف في الموضوع
والاختلاف في الإضافة كما في قولنا زيد أب أي لعمرو وليس بأب أي لبكر
وفي القوة والفعل كما في قولنا السيف قاطع أي بالقوة وليس بقاطع أي بالفعل
_________
وفي المكان كما في قولنا زيد جالس أي في الدار وليس بجالس أي في السوق
وفي الزمان كما في قولنا زيد موجود أي الآن
وليس بموجود أي وقتا آخر
راجع إلى المحمول
وأقول إنها قد تقع بحيث تتعلق بالمفردات وحينئذ تتعلق
إما بالموضوع وحده
أو بالمحمول وحده
كما ذكر إلا أن المفردات التي تختلف باختلاف هذه الأمور تصلح لأن توضع وتصلح لأن تحمل
فتخصيص البعض بأحدهما دون الآخر مما لا وجه له
وقد تقع بحيث تتعلق بالحكم نفسه من غير تخصيص بأحد جزئيه
مثلا إذا قلنا الشمس تجفف الثوب الندي أي إن لم يكن الهواء باردا شديدا ولا تجففه أي إن كان باردا
لم تكن عدم برودة الهواء جزءا من الشمس التي هي الموضوع ولا من قولنا تجفف الثوب الندي الذي هو المحمول
بل كان شرطا في وجود الحكم وعدمه
فإن قيل الشمس مع برودة الهواء هي غير الشمس مع عدم البرودة
أو قيل تجفيف الثوب مع البرودة غيره مع عدمها
حتى يصير الشرط جزءا من أحد
كان تعسفا وبالجملة كان غير ما يتمثل به من الأسود مع السواد ولا مع السواد
فإن هذين الشرطين يتعلقان بالأسود وحده
وكذلك إذا قلنا السقمونيا مسهل أي ببلادنا وليس بمسهل أي ببلاد الترك لم يكن الكون بتلك البلاد جزءا من السقمونيا ولا من المسهل بل يختلف الحكم بحسبها
4 - فإن لم تكن القضية شخصية احتيج أيضا إلى أن تختلف القضيتان في الكمية أعني في الكلية والجزئية كما اختلفتا في الكيفية أعني في وفي نسخة يعني وفي أخرى بحذفهما جميعا لتصير العبارة هكذا في الكيفية الإيجاب والسلب
وإلا أمكن أن لا تقتسما وفي نسخة أن لا تقتسمان الصدق والكذب بل تكذبان وفي نسخة تكذبا معا مثل الكليتين في مادة الإمكان مثل قولنا كل إنسان كاتب وليس ولا واحد من الناس بكاتب أو تصدقا وفي نسخة تصدقان معا مثل الجزئيتين في مادة الإمكان أيضا مثل قولنا بعض الناس كاتب بعض وفي نسخة وبعض الناس ليس بكاتب
بل التناقض في المحصورات إنما يتم بعد الشرائط المذكورة وفي نسخة بعد الشرط المذكور بأن تكون إحدى القضيتين كلية والأخرى جزئية
_________
والحاصل أن اعتبار هذه الأمور حيث يتعلق بالحكم غير اعتبارها من حيث تعلقها بأجزائه
والمراد ههنا اعتبار تعلقها بالحكم حتى يكون اعتبارها مباينا لاعتبار أجزاء القضية
4 - أقول يريد أن يبين أن المحصورات المتقابلة مع اختلافها في الكيفية ومع حصول شرائط الثمانية فيها لا تتناقض إلا مع شرط آخر وهو الاختلاف في الكمية وذلك لأن المتفقين فيها قد يصدقان معا كالجزئيتين في مادة الإمكان وقد يكذبان معا كالكليتين فيها أيضا
فذلك الاختلاف بتلك الشرائط وإن كان مقتسما للصدق والكذب في مواد أخر كمواد الوجوب والامتناع لكنه لا يقتضي الانقسام لذاته وإلا لكان مقتسما في جميع المواضع
5 - ثم وفي نسخة ثم أن بعد وفي نسخة بدون كلمة بعد تلك الشرائط قد يحوج فيما يراعي له جهة إلى شرائط تحققها
6 - فلتكن الموجبة أولا كلية
ولنعتبر في المواد فنقول إذا قلنا كل إنسان حيوان
ليس بعض الناس بحيوان
كل إنسان كاتب
ليس بعض الناس بكاتب
كل إنسان حجر
ليس بعض الناس بحجر
وجدنا إحدى القضيتين صادقة والأخرى كاذبة
وإن كانت الصادقة وفي نسخة وإن كان الصادق وفي أخرى وإن كان الصدق في الواجب غيرها وفي نسخة غير ما في الأخرى
ولتكن وفي نسخة لتكن أيضا السالبة هي الكلية ولنعتبر كذلك فنقول إذا قلنا
ليس ولا واحد من الناس بحيوان
بعض الناس حيوان
ليس ولا واحد من الناس بحجر
بعض الناس حجر
ليس ولا واحد من الناس بكاتب
بعض الناس كاتب
وجدنا الاقتسام أيضا حاصلا
واعتبر من نفسك الصادق والكاذب في كل مادة
_________
5 - يريد أن ذوات الجهة مفتقرة إلى شرائط أخر تزيد على هذه التسعة على ما تحققها
6 - يريد امتحان المحصورات المتناقضة في المواد الثلاثة فأورد أمثلتها وكان الصادق هو الموجبة في مادة الوجوب
والسالبة في مادة الامتناع
والجزئية في مادة الإمكان
والكاذبة ما يقابلها
7 - والمناسبات الجارية في مختلفات الكيفية والكمية وفي نسخة الكمية دون الكيفية وفي أخرى والكيفية دون الكمية وفي رابعة مختلفات الكمية وإلى الكيفية والكيفية دون الكمية
_________
7 - جرت العادة بأن يوضع لها لوح هكذا
موجبة كلية متضادان كل ج ب
سالبة كلية لا شيء من ج ب
موجبة جزئية بعض ج ب
سالبة جزئية ليس بعض ج ب
فمختلفتا الكيفية متفقتا الكمية إن كانتا كليتين سميتا متضادتين لجواز اجتماعهما على الكذب دون الصدق وهو في مادة الإمكان
وإن كانتا جزئيتين سميتا داخلتين تحت التضاد لدخولهما تحت الكليتين وهما يجوز أن يجتمعا على الصدق دون الكذب كما في تلك المادة بعينها
ومتفقتا الكيفية مختلفتا الكمية وهما الواقعتان في الطول سميتا متداخلتين لدخول إحداهما في الأخرى
ومختلفتاهما معا وهما المتقاطرتان وفي نسخة المتناظرتان سميتا متناقضتين لامتناع اجتماعهما على الصدق والكذب في شيء من المواد
الفصل الأول إشارة إلى التناقض الواقع وفي نسخة بدون كلمة الواقع بين
المطلقات وتحقيق نقيض المطلق والوجودي
1 - إن الناس قد أفتوا على سبيل التحريف وقلة التأمل أن للمطلقة نقيضا من المطلقات ولم يراعوا فيها وفي نسخة فيه إلا الاختلاف في الكيفية والكمية وفي نسخة في الكمية والكيفية ولم يتأملوا حق التأمل أنه وفي نسخة بدون عبارة أنه كيف يمكن أن تكون أحوال الشروط الأخرى حتى يقع التقابل فإنه إذا عنى بقولنا كل ج ب أن وفي نسخة أي كل واحد من ج ب من غير زيادة كل وقت أي أريد إثبات لكل عدد من غير زيادة كون ذلك الحكم في كل واحد كل وقت وإن لم يمتنع وفي نسخة يمنع ذلك لم يجب أن يكون قولنا كل ج ب يناقضه قولنا ليس بعض ج ب فيكذب إذا صدق ذلك ويصدق إذا كذب ذلك
_________
1 - زعم جمهور المنطقيين أن المطلقات تتناقض إذا تخالفت في الكيف والكم معا وغفلوا عن شرط يختص بذوات الجهة لا تصير بدونها لعل الصواب بدونه متناقضة والحق أن المطلقات المتخالفة في الكيف والكم عامة كانت أو خاصة قد تجتمع على الصدق
بل المتضادة التي هي أشد القضايا امتناعا عن الجمع على الصدق قد تجتمع أيضا عليه إذا كانت مطلقة وذلك إذا كانت المادة وجودية لا دائمة فإن الحكم عليها وفي نسخة فيها بإيجاب مطلق ويسلب مطلق يصدق معا في قولنا كل إنسان نائم وبعضهم أو كلهم ليس بنائم
بل ولم يجب أن لا يوافقه في الصدق ما هو مضاد له أعني السلب الكلي فإن الإيجاب على كل واحد إذا لم يمكن بشرط كل وقت جاز أن يصدق معه السلب عن كل واحد أو عن البعض وفي نسخة عن بعض إذا لم يكن في كل وقت
2 - بل وجب أن يكون نقيض قولنا كل ج ب بالإطلاق الأعم بعض ج هو دائما ليس ب ب ونقيض قولنا لا شيء من ج ب الذي بمعنى كل ج ينفي عنه ب بلا زيادة هو قولنا بعض ج دائما هو ب
وأنت تعرف الفرق بين هذه الدائمة والضرورية
ونقيض قولنا بعض ج وفي نسخة بدون ج ب بهذا الإطلاق هو وفي نسخة وهو قولنا كل ج دائما يسلب وفي نسخة ينفي عنه ب
وهو يطابق اللفظ المستعمل في السلب الكلي وهو أنه لا شيء من ج ب بحسب التعارف المذكور
ونقيض قولنا ليس بعض ج ب هو قولنا كل ج دائما هو ب
_________
2 - لما أبطل قولهم حاول تحقيق الحق فيه
وبين أن نقيض المطلقة العامة هي الدائمة المخالفة في الكيف التي تعم الضرورية وغيرها وذلك لأن الأقسام العقلية هي
إما دوام إيجاب ضروريا كان أو لم يكن
وإما دوام سلب ضروريا كان أو لم يكن
وإما وجود خال عن الدوام
والمطلقة العامة الإيجابية تشتمل على الأول والثالث وتخلى عن الثاني
والسلبية تشتمل على الثاني والثالث وتخلى عن الأول
فالمقابلة للإيجابية هي الدائمة السلبية وللسلبية هي الدائمة الموجبة
3 - وأما المطلقة التي هي أخص وهي التي خصصناها نحن وفي نسخة بدون كلمة نحن باسم الوجودية
_________
فإذن المقابلة للمطلقة العامة هي الدائمة المخالفة في الكيف ولا يجوز أن يكون نقيضها ضرورية مخالفة لأنهما تكذبان معا إن كانت المادة دائمة لا ضرورية مخالفة للمطلقة وموافقة للضرورية
أما المطلقة فإنما تكذب لأن المادة دائما مخالفة لها وأما الضرورية فلأنها لا ضرورية
والشيخ أورد المحصورات الأربع بالتفصيل وابتدأ بالكليتين وبين أن نقيضهما الدائمتان الجزئيان
ثم قال وأنت تعرف الفرق بين هذه الدائمة والضرورية بعد تناول الدائمة لها ولغيرها وإنما قال ذلك لأن الفرق بينهما في الجزئيات ظاهر
ثم قال ونقيض قولنا بعض ج ب بهذا الإطلاق هو قولنا كل ج دائما يسلب عنه ب وهو يطابق اللفظ المستعمل في السلب الكلي وهو أنه لا شيء من ج ب بحسب التعارف المذكور إلى قوله كل ج دائما هو ب
وفيه نظر وهو أن السالبة الكلية من الدائمة والمطلقة العرفية
تتطابقان في اعتبار الدوام والاشتمال على الضرورة واللاضرورة
وتتخالفان في أن الحكم في إحداهما بحسب الذات وفي الأخرى بحسب الوصف
فإذن ليستا بمتطابقتين على الإطلاق ولو كانتا متطابقتين مطلقا لكان المطلقة العامة تناقض المطلقة العرفية إذا تخالفتا وليس كذلك على ما يجيء بيانه
3 - قد ذكرنا أن الوجودية تارة يعتبر فيه اللاضرورة وتارة يعتبر فيه اللادوام
والمطلق العام إنما يفصل على الأول بالضروري الذاتي وعلى الثاني بالدائم المحتمل للضروري فنقيضاهما نقيض المطلق العام مضافا إلى ما يختلفان فيه وفي نسخة تخليان عنه مما هو داخل في المطلق العام أعني نقيض الوجودي اللاضروري
إما ضروري موافق
وإما دائم مخالف
نقيض الوجودي اللادائمة دائم
إما موافق أو مخالف
4 - فإذا قلنا فيها كل ج ب أي على الوجه الذي ذكرناه كان نقيضه ليس إنما وفي نسخة ما بدل إنما بالوجود كل ج ب أي وفي نسخة بدون كلمة أي بل إما بالضرورة وفي نسخة إما بالضرورة كذلك وفي أخرى إما بالضرورة دائما بعض وفي نسخة كل ج ب أو ب مسلوب عنها كذلك
5 - وإذا قلنا فيها ليس ولا شيء من ج ب أي على الوجه الذي ذكرناه كان النقيض المقابل له وفي نسخة بدون عبارة له ما يفهم من قولنا بعض ج دائما له إيجاب ب أو سلبه عنه وفي نسخة بدون عبارة عنه لأنه إذا سبق الحكم أن كل ج ينفي عنه ب وقتا ما لا دائما فإنما يقابله أن يكون نفي وفي نسخة نفيا دائما أو إثبات وفي نسخة إثباتا دائما ولا نجد له وفي
_________
واعلم أن إجماع السالبة الداخلة في نقيض قضية ذات جهة واحدة كما وقعت الواجب أن يوضع موضع ذلك النقيض قضية واحدة على وجه لا يخلو الحكم فيها عن إحدى تلك الجهات لو أمكن
4 - وفي بعض النسخ أي بل إما دائما بعض ج ب أو ب مسلوب عنه كذلك والصحيح هو الأخير وحده وذلك لأن نقيض الوجودي اللادائم والأول ليس بنقيض لأحد الوجودين بل إنما نقيض الممكن الخاص فلعل السهو إنما وقع من الناسخين
ومما يدل على أن الحق هو الأخير أنه أورد في نقائض باقي المحصورات دوام الطرفين لا ضرورتهما
5 - أي لا تجد قضية تشتمل على الدائمتين المختلفتين لا قسمة فيها بالسلب والإيجاب لأنهما في الكل والبعض لا تتداخلان أو يعتبر وجودها كما لو وضعت جهة تشتمل على الدائمتين المختلفتين فقط
ثم قيل في هذا الموضع إن الحكم على بعض ج ب بتلك الجهة
نسخة بدون عبارة له قضية لا وفي نسخة ولا قسمة فيها مقابلة أو يعسر وجودها
6 - ونقيض قولنا بعض ج ب بهذا الوجه لا شيء وفي نسخة ليس لا شيء من ج إنما هو بالوجود ب
بل إما كل ج ب دائما أو لا شيء من ج ب دائما وفي نسخة بدون عبارة بل إما كل ج ب دائما أو لا شيء من ج ب دائما
ونقيض قولنا ليس بعض وفي نسخة بعض ليس ج ب أي وفي نسخة تظن ليسية بهذا المعنى هو قولنا كل ج إما دائما ب وفي نسخة دائما إما ب وإما دائما ليس ب ب
7 - ولا تظنن أن قولنا ليس بالإطلاق شيء من ج ب الذي هو نقيض قولنا بالإطلاق شيء من ج ب هو في معنى قولنا بالإطلاق ليس شيء من ج ب لأن الأولى قد تصدق مع قولنا بالضرورة كل ج ب ولا تصدق معها الأخرى وفي نسخة يصدق مع الآخر وفي أخرى ولا يصدق معه الآخر
_________
6 - وذلك ظاهر
واعلم أن قولنا كل ج دائما إما ب وإما ليس ب يصدق في ثلاثة مواضع
أحدها أن تكون إيجابه على كل ج دائما
والثاني أن تكون سلبية عن كل ج دائما
والثالث أن تكون إيجابه على البعض وسلبية على الباقي دائمين
7 - يريد أن سلب الإطلاق الذي هو نقيض الإطلاق ليس هو إطلاق السلب الذي هو أحد قسمي الإطلاق
فإن سلب الإطلاق العام يقع على الضرورة المخالفة
8 - فإن أردنا أن نجد للمطلقة نقيضا من جنسها كانت الحيلة فيه أن نجعل المطلقة أخص مما يوجبه نفس الإيجاب أو السلب المطلقين
وذلك مثلا أن يكون الكلي الموجب المطلق هو الذي ليس إنما الحكم على وفي نسخة في كل واحد فقط بل وفي كل زمان كون الموضوع على ما وصف وفي نسخة يوصف به أو وضع وفي نسخة ووضع معه على ما يجب أن يفهم من المعتاد في العبارة عنه في السالب الكلي حتى يكون قولنا كل ج ب إنما يصدق إذا كان كل واحد من ج ب وفي كل زمان له وفي نسخة حكم وفي كل وقت حتى إذا كان في وقت ما موصوفا بأنه ج بالضرورة أو غير الضرورة
وفي ذلك الوقت لا يوصف ب ب كان هذا القول كاذبا كما يفهم من اللفظ المتعارف في السلب الكلي
9 - وإذا وفي نسخة فإذا اتفقنا وفي نسخة اتفقتا
_________
وسلب الإطلاق الخاص يقع على الضرورتين جميعا
وإطلاق السلب لا يقع عليها
وقد مر بيان هذا مرة أخرى حين قال والسالبة الوجودية التي هي بلا دوام غير سالبة الوجود بلا دوام
8 - الباعث على هذا أن المعلم الأول وغيره قد يستعملون في القياسات المطلقة نقائض بعض المطلقات على أنها مطلقة ولذلك حكم الجمهور بأنها تتناقض فلما أبطله الشيخ أراد أن يجعل لذلك محملا فتمسك بحيلتين
أولهما حمل المطلقة على العرفية وهو أن يكون الحكم دائما بدوام وصف الموضوع وحينئذ يكون هذا الوقت المطلق أخص من المطلق العام والحال بينه وبين المطلق الخاص مختلف في العموم فإنه يشمل الضروري والدائم بخلاف المطلق الخاص
والمطلق الخاص يشمل اللادائم بحسب الوصف بخلافه
9 - هذا موضوع بحث ونظر
على هذا كان قولنا ليس بعض ج ب على الإطلاق نقيضا لقولنا كل ج ب
وقولنا بعض ج ب على الإطلاق نقيضا للسالبة الكلية
10 - لكنا نكون قد شرطنا زيادة على ما يقتضيه وفي نسخة يوجبه مجرد الإثبات والنفي
11 - ومع ذلك فلا يعوزنا مطلق وجودي بهذا الشرط
_________
لأنه إذا أراد به أن المطلقات العرفية متناقضة كان باطلا فإن دوام الإيجاب بحسب الوصف لا يناقض دوام السلب بحسبه لاحتمال كون الحكم لا دائما بحسبه إيجابيا أو سلبا
وإن أراد به أن المطلقة العرفية يناقضها المطلقة العامة أو الخاصة كان أيضا باطلا لأنهما تجتمعان على الصدق عند كون الحكم عرفيا لا دائما بحسب الذات موافقا للمطلقة العرفية فإن المطلقة العرفية تصدق معه لكونه عرفيا
والمطلقة العامة والخاصة المخالفة تصدقان أيضا معه لكونه لا دائما بحسب الذات بل الحق فيه أن نقيض المطلقة العرفية هو مطلقة عامة وصفية مخالفة وذلك لأن الدوام يقابل الإطلاق العام
فلما كان الدوام ههنا بحسب وصف الموضوع فينبغي أن يكون الإطلاق العام أيضا بحسبه لوجود اتحاد الشرط في طريق النقيض كما مر
وهذا الإطلاق يشمل الدوام المخالف واللاداوم كليهما بحسب الوصف وهو أخص من الإطلاق العام بحسب الذات بالعرفي اللادائم المخالف
10 - أي كان الإطلاق أولا عبارة عن مجرد الإثبات والنفي
وههنا قد لحقه شرط ما وهو الدوام بحسب الوصف
11 - قد ذكرنا أن لمحصلي أهل هذه الصناعة في تفسير الإطلاق رأيين
أحدهما أنه يشمل الضروري كما ذهب إليه ثامطيوس وهو العام
والثاني أنه لا يشمله كما ذهب إلى الإسكندر وهو الخاص
والشيخ أراد أن يبين أن كل واحد من الرأيين يمكن أن يخصص على الوجه الذي ذهب

أقسام الكتاب

1 2