كتاب : أدب المفتي والمستفتي
المؤلف : عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الشهرزوي

أجاب رضي الله عنه إذا كان مكانه معلوما وأرسلت إليه أني مسلمة نفسي إليك ووصل الخبر إليه بذلك ومضى زمان إمكان القدوم والاجتماع وجبت النفقة حينئذ وإن انقطع خبره ولم يعلم مكانه فلا سبيل إلى إيجاب النفقة عليه لتعذر التمكين على الوجه الذي ذكرناه ونحوه والله أعلم
419 - مسألة امرأة أراد زوجها السفر بها فأقرت لرجل بدين فهل للمقر له أن يمنعها من السفر ولا يحبسها في المحتبس بل يجعلها عند عدل أو في مكان غير الحبس وإذا حبست فهل تسقط نفقتها أم لا
أجاب رضي الله عنه للمقر له منعها من السفر لأن الإقرار لا يفسد عندنا بالتهم وله الاكتفاء بجعلها عند عدل وفي المحتبس وإذا حبسها صاحب الدين حبسا مانعا للزوج من الاستمتاع بها سقطت نفقتها ومن نظائره أنها إذا اعتدت عن وطىء تشبهه لم يلزم الزوج نفقتها في زمان العدة ذكره صاحب التهذيب وغيره
420 - مسألة زوج أعسر بالجبة وما يقوم مقامها في كسوة زوجته في الشتاء وقدر على ثوبين من الخيام فهل لها فسخ النكاح بذلك
أجاب رضي الله عنه بعد التمهل أياما وبعد أن راجعت كتبا عدة فلم أجدها مسطورة لها الفسخ بذلك كما أن لها الفسخ ببعض ما لا بد منه من النفقة الواجبة من الطعام وهذا على أن الإعسار بالكسوة أثبت في جواز الفسخ كالاعسار بالطعام وهو المعروف الذي قطع به

جماعات المصنفين وذكروا خلافا فيه غير مشهور والوجه فيه غير قوي والله أعلم
421 - مسألة حبست الزوجة في حق عليها فهل تسقط نفقتها
أجاب رضي الله عنه إذا تعذر عليه بحبسها الاستمتاع سقطت نفقتها ولا تجعل كالمرض بل هو كالعدة وينبغي أن يطلب المسطور فيه والله أعلم
422 - مسألة رجل غاب عن زوجته وهي في منزله مطيعة غير ناشزة مدة ولم يترك عندها نفقة يوم واحد وشهدت البينة أنه سافر عنها وهو معسر معدم لا شيء له وحضرت المرأة عند حاكم من حكام المسلمين نافذ الحكم في ولايته فاختارت الفسخ وسألت الحاكم ففسخ الحاكم النكاح فهل الفسخ صحيح
أجاب رضي الله عنه لا يصح الفسخ على الأصح بناء على مجرد هذا استصحابا فلو شهدت البينة المذكورة بالإعسار الآن بناء على الاستصحاب جاز لها ذلك إذا لم يعلم زوال ذلك ولم تشكل وصح الحكم بالفسخ وإذا حضر الزوج لم تسلم إليه
423 - مسألة ما يجب على الفقير المعسر المتزوج في السنة من النفقة والكسوة
أجاب رضي الله عنه على المعسر من النفقة كل يوم من القمح ها هنا وهو ثلاثة أواق ونصف بهذا الرطل وعليه مؤنة الطحن والخبز وأن

تراضيا على أخذ الخبز لا على وجه المعاوضة الممتنعة جاز ويجب لها من الأدم قدر ما تصلح على هذا القدر من الطعام وذلك من أدم البلد ويجب لها آلة التنظيف من مشط ونحوه ويجب لها من الكسوة في السنة مرتين غليظ القطن أو الكتان وكذلك قميص وسراويل مقنعة وتزداد في الشتاء جبة ويجب لها ما تجلس عليه وما تنام فيه من المنازل من جنس ذلك ولها مداس في رجلها ومن أثاث البيت ونحو ذلك على قياسه
424 - مسألة رجل فقير ماله شيء أصلا ولا يقدر على العشاء ولا على الغداء بل هو على الفتوح وهو ممن يحفظ القرآن وقرأ شيئا من العلم وجماعة يظنوا الخير فيه وهو يعلم من نفسه لا خير فيه وقد أصبح له زوجة وولد وما له قدرة على نفقة عياله وامرأته ممن لا يحمله ثقلا تقول له إذا فتح لك بشيء أنفقه وإن لم يفتح لك بشيء فلا تحمل نفسك ما لا تطيق وإذا أحب أن يتدين تقول له المرأة لا تتدين بل تأمره بترك الدين ونفسه عنده عزيزة ما يرى أنه يتسبب ولا يكون إماما يصلي بالناس ولا يرى أنه ينزل في مدرسة ويشتغل بل يرى ترك هذا كله وإذا أحب الاشتغال بالفقه لا في مدرسة إلا على وجه الانتفاع بالعلم من غير جامكيه ورتب الناس في الأسباب مختلفة الإمام في إمامته والقاضي في قضائه والوالي في ولايته والشاهد عدل في شهادته فهل إذا نزلوا عن رتبهم إلى ما هو دونها هل سقطوا في أعين الناس وإن كان ما نزلوا إليه مباحا فهل يحرم عليه ذلك الفعل لسقوطهم في أعين الناس وهل الأكل في الطريق وغيره يسقط العدالة وكل ما يسقط العدالة محرم أو غير محرم وجميع الأرواث روث البقر وروث الجمال وما

شابهه هل يجوز أن يحرق ويدفأ به ويطبخ ويسخن الماء به وإن كانت البقر والجمال والغنم والمعز يسببها أصحابها في أموال الناس تأكل الزرع وغيره فهل ذلك الروث وجميع الأرواث يجوز تسخين الماء به والطبخ به والدفء به وجميع الأرواث هل يجوز بيعها أولا ورجل لقي طاسة على نهر بين قرى وطريق سكة الناس فأخذها وراح فهل يحرم ذلك عليه والموضع الذي أخذها منه حواليه قرى وسكة الطريق بل السكة بعيدة والقرى بعيدة عن الموضع بعد قليل وجميع الطيور التي يجوز أكلها والذي لا يجوز بينوه لنا كأكل القاق والزرزور والسماني وما جاز أكله والقاق إذا أكل الميتة والشوحة إذا أكلت الميتة هل يجوز أكل هذين الطيرين أو لا يجوز وقد ذكر الحلال بين والحرام بين وبينهما متشابهات ما الحلال وما الحرام وما الشبهة
هذا الفقير الذي لا يرى بفعل هذه الأشياء جميعها وإن كانت مباحة في الشرع ويعلم من نفسه أنه إذا فعلها نزل عن رتبة ما كان في أعين الناس فهل يحرم عليه ذلك أم لا أجاب رضي الله عنه
أجاب رضي الله عنه هذا الذي رآه من القعود على الفتوح والإعراض عن التسبب والاكتساب خطأ عظيم الضرر
أما أولا فلأن القعود على الفتوح شروطه عند من يراه من أهل المعرفة والتحقيق صعبة شديدة منها أن يكون كتوما لحاله عن الناس غير متعرض لأرفاقهم يكون في الناس كواحد منهم لباسا وحركة ويجد في قلبه حلاوة وسكنا عند تأخر أرفاقهم ولا يضطرب قلبه بسبب ذلك مع شروطه لا يكاد يقيم بها ذو العيال
وأما ثانيها فهذا يحرم على ذي العيال ورضى الزوجة لا يعتمد

عليه في ذلك فإنه لا يستمر في سائر الأحوال ولو رضيت فأين رضى الصغير فعليك بعمل الأبطال الكسب من الحلال والكد على العيال وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول
وان كان الكسب ينزله عن مرتبته عند الناس فليس ذلك عذرا ومهما صحت نيته سلم من المحذور عند الله وعند الناس ومن الناس إنما يتقيد بهم المفتون أوصى الشافعي يونس الصدفي فقال إنه ليس إلى السلامة من الناس سبيل فعليك بما فيه صلاح نفسك ودع الناس
وقال من تقدم ما نقص الكامل من كماله ما جر من نفع إلى عياله
وما ذكره من نزول من سمى عن مراتبهم في أعين الناس فلا يحرم عليهم ذلك مهما كان فاسدا مباح ثم إن كان ذلك عن جري منه على منهاج السلف الصالحين طلبا للاقتداء بهم فذلك حسن مستحب وإلا فهو مكروه وهكذا أكل العدل في الطريق لا يحرم ويكره وإنما يسقط العدالة لأنه يتطرق التهمة والأرواث المذكورة يجوز استعمالها فيما ذكر ولكن ينبغي أن يحترز من دخانها الذي يعلق ينفض أو يمسح ويكره استعمال روث ما يأكل زرعا مغصوبا
والرجل الذي لقي الطاسة يجب عليه أن يعرفها في أقرب القرى إلى ذاك الموضع فإن كانت قيمتها ربع دينار عرفها سنة وإن كانت أقل عرفها زمانا يغلب على الظن أن مثلها ينقطع السؤال عنه في مثله
وأما الطيور فيحرم منها كل ما له مخلب كالبازي والشاهين والباشق والصقر والعقاب والنسر وجميع جوارح الطير ويحرم الهدهد والخطاف والذي يسمى الخفاش ويحرم الخفاش والصرد ويحرم

الغراب وهو القاق المذكور الأبقع منه والأسود الكبير وتحرم الحدأة وهي الشيحة المذكورة والبغاثة مثلها واللقلق يحرم أيضا على المختار من الوجهين والزرزور مباح وكذا السماني وهو السلوى المنزل وكل أنواع العصافير وأنواع الحمام والكراكي والحبالي والدجاج والدراج والفيح والقطاة والبط والأوز وطير الماء
وأما الحلال فهو ما لا يشك في إباحته والحرام لا يشك في تحريمه والشبهات ما وقع الشك في أمره مثل المال في يدي من يكسب حلالا وحراما وهذا له تفصيل يطول وما ذكره آخرا من المباحثات التي تنزل رتبته في أعين الناس فقد تقدم الجواب عنه وأنه لا يحرم ذلك عليه بل يجب عليه في حاله وذلك عند حاجة العيال ويستحب له في حاله إذا لم يكن كذلك وكان قصده التواضع وإيصال الراحة إلى غيره بسبب ما يفعله من ذلك وقد سبقت الإشارة إلى تمام ذلك والله أعلم
425 - مسألة رجل اسماعيلي مصر على الحاده من مدة وهو فقير عاجز طلب إلزام ابنة له مسلمة موسرة بنفقته فهل يلزمها

أجاب رضي الله عنه لا يلزمها نفقته ولم أجدها مسطورة لكنها ظاهرة الحجة فأن نوجب نفقة القريب صيانة له من العطب وهذا مستحق الهلاك وأصله إذا كان معه ماء في السفر وله رفيق مرتد عطشان يستعمل الماء ولا يجب بذلك للمرتد بخلاف البهيمة من سائر الحيوانات والله أعلم -

ومن كتاب الحضانة
426 - مسألة امرأة توفيت ولها ولد رضيع فبقي في حضانة جدته ولأبي الصبي جارية برسم خدمة الصبي فأخرجت الجدة المذكورة الجارية ومنعتها من خدمة الصبي فهل لها ذلك مع رضي الأب بخدمة الجارية لولده وتقريرها له
أجاب رضي الله عنه تعيين من يقوم بخدمة الصبي إلى الأب الذي عليه القيام بنفقته وكفايته مهما لم يثبت أن الجارية التي عينها الأب كذلك تضر بالجدة فيما إليها من خدمة الصغير فليس لها المنع من تعيينها للخدمة والله أعلم
427 - مسألة بنت مميزة ثبت كفالتها للأب والأم من وجه هل تمنع الأم من النظر إليها وأين يكون ذلك
أجاب رضي الله عنه لا تمنع الأم من النظر إلى البنت ومن زيارتها ولها أن تطلبها فتنفذ إليها قدر الزيارة ولها أن تجيء إلى البنت لزيارتها فان بخل الأب بدخولها إلى منزله أخرجها إليها والله أعلم ويكون ذلك

برضى زوج الأم فإن أبى تعيين الأمر الأول وهو أن ينفذ إلى الأم فإن زوجها امتنع من إدخالها إلى منزله نظرت إليها والابنة خارجة وهي داخلة والدخول من غير إطالة لغرض الزيارة ذكر صاحب كتاب الحضانة أنه لا يمنع منه وأشار إلى نحوه صاحب التتمة والله أعلم
428 - مسألة امرأة غاب عنها زوجها ولم يترك لها شيئا وترك ولدا له منها ترضعه وعليه فرض مكتوب فأرضعت طفلا آخر مع ولدها فأراد جد الصبي انتزاع الفرض من يدها لذلك فهل له ذلك وهل للأم مطالبة الجد بفرض الصبي إلى أن يرجع ولده أم لا
أجاب رضي الله عنه ليس للجد منازعتها في الفرض المكتوب على ولده من غير وكالة منه أو ولاية له عليه ثم أن هذا الفرض إن كان من أجرة على إرضاعها الطفل وحضانته فلا يسقط بإرضاعها طفلا آخر إن حصل بذلك نقص فيما هو المستحق عليها عوضا عن الفرض فكذلك يثبت الخيار لمن استأجرها على ذلك وإن كان هذا الفرض من نفقتها الثابتة بحق الزوجية فهذا السبب مع كونها لم يقع حائلا بين الزوج الغائب وبين حقه عليها فلا يسقط وإذا لم يحضر من مال الابن شيء فالحاكم يأمر الجد الموسر بكفاية الطفل من أجرة رضاعه وحضانته وغيرها بشرط رجوعه على ابنه إن كان الابن موسرا وإلا فالجد الموسر ينفق استقلالا من غير رجوع وهذا على الأصح والذي قطع به صاحب المهذب من تقديم الجد على الأم والله أعلم
429 - مسألة أم مفارقة ثبت لها الحضانة فأراد الأب أن يسافر سفر نقلة فهل له أخذ الولد وهل عليه اليمين أنه مسافر
أجاب رضي الله عنه نعم له أخذ ولده منها ولكن بشرط أن

يكون من أهل الحضانة فيكون حرا مكلفا ثقة ليس بفاسق ولا مخالف في الدين وبشرط أن تكون النقلة إلى مسافة القصر من غير الخوف لا في الطريق ولا في المكان المتنقل إليه وبشرط أن لا تنتقل الأم معه ولا تصحبه في ذلك فإن لم يكن ذلك فما يثبت للأم من الحضانة باق بحاله الله أعلم وإذا لم تصدقه الأم على إرادة السفر الموصوف فالقول قوله مع يمينه والله أعلم
430 - مسألة أب زوج بنتا تستحق جدتها حضانتها وكفالتها ذريعة إلى انتزاعها
أجاب رضي الله عنه إن كانت ممن لا يجامع مثلها لم تثبت بذلك حضانتها فإنها لا تسلم إلى الزوج فتبقى على ما كانت وهو مسطور وأظنه في التهذيب والله أعلم
المعتق والمحرم بالرضاع لا حق لهما في الحضانة ولا في الكفالة ولا في اليد ذكرها صاحب التتمة والله أعلم
431 - مسألة رجل طلق زوجته وله منها صغير وهو في الكتاب يتعلم الخط وأبوه من أهل البلد وأمه من بعض القرى هل تصح الحضانة للوالدة أو للوالد في المدينة
أجاب رضي الله عنه إذا كان في إثبات الحضانة للأم إسقاط حظ الولد بسكناه في القرية فالحضانة للأب إذا لم يكن في البلد أم أم أهل وكان الأب أهلا والله سبحانه وتعالى أعلم

-

ومن كتاب الجنايات
432 - مسألة رجل كان له طاحونة فأحرقها رجل فجاء برجل الوالي إلى بيت أخت الذي أحرق فاستنزلها من البيت حتى تريهم بيت أخيها ثم إنها طرحت بعد أيام وماتت فالضمان يلزم صاحب الطاحونة أم الرجل
أجاب رضي الله عنه لا يلزمهما شيء إذا لم يكن قد وجد من واحد منهما ما يوجب الطرح والموت من إفزاع أو غيره وإن وجد ذلك وجب الضمان على من وجد ذلك منه والله أعلم
433 - مسألة رجل مريض العين جاء إلى امرأة بالبادية تدعي الطب لتداوي عينه فكحلته فتلفت عينه فهل يلزمها ضمانها وهل على ولي الأمر أن يعزرها وينظر في حالها ويزجرها عن المداواة أم لا
أجاب رضي الله عنه إذا اثبت كون ذهاب عينه بسبب مداواتها فعلى عاقلتها ضمان العين فإن لم تكن عاقلة فعلى بيت المال فإن تعذر فعليها في مالها إلا أن تكون المداوة التي أتلفت عينه قد أذن لها فيها بعينها وقال مثلا داوي بهذا الدواء وهذا المداواة فحينئذ لم يجب الضمان ونظيره من المسطور إذا أذن البالغ العاقل لغيره في قطع سلعة أو فصد فمات لم يجب ضمان وأما إذا لم ينص عليه بعينه فلا يتناول إذنه ما

يكون سببا لإتلافه ومطلق الإذن تقيده القرينة بغير المتلف والله أعلم
434 - مسألة صبي افترع صبية دون البلوغ فأذهب بكارتها ما الحكم في ذلك
أجاب رضي الله عنه يجب في ذمة الصبي مهر مثلها على المذهب الأصح ويجب أرش بكارتها ولا يندرج على الرأي الأظهر في المهر ويكون ذلك على عاقلة الصبي فإن لم يكن له عاقلة فعليه في ماله
ومما يستروح إليه في هذه الواقعة من المساطير ما في الذهن في الوسيط وغيره مما يواضعه من التصانيف كالبسيط وغيره عن القاضي إن وطء المجنون يلتحق بوطء الشبهة في المهر وغيره من أحكامها وما ذكره القطان في مطارحاته من أن وطء الصبي أمة أبيه هل يحرمها عليه قولان وكأنه يعني القولين في عمده ثم هذا الإفتاء اختيار لأحد الوجهين اللذين ذكرهما الغزالي في أن أرش البكارة هل يندرج في مهر المثل في المكرهة وإن كان صاحب المهذب لم يذكر سوى الاندراج خلاف ما ذكره في الجارية المبيعة بيعا فاسدا فإنه قطع فيها بعدم الاندراج وهو اختيار القول القول الجديد في ضرب أروش الأطراف على العاقلة واختيار القول بأن عمد الصبي خطأ في جميع الأحكام وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله والله أعلم
435 - مسألة رجل زنديق تاب فهل تقبل توبته أم لا وماذا يجب عليه
أجاب رضي الله عنه يعزر وتقبل توبته فإن رجع بادرناه بضرب رقبته ولم نمهله مدة الاستتابة وينبغي أن يكون الفرق بينه وبين غيره في

الاستتابة والإمهال في مدتها والله أعلم
436 - مسألة خصمان ذميان بينهما محاكمة في شرعهم فأراد أحدهما أن يتحاكما إلى ولي أمرهم فامتنع الآخر من الحضور إلى ذلك فهل يجبر على محاكمته إلى ولي أمرهم
أجاب رضي الله عنه لا يجبر على محاكمته عند ولي أمرهم في دينهم والأظهر أن يجبر الممتنع على المحاكمة عند قاضي المسلمين إذا دعاه خصمه إليه والله أعلم
437 - مسألة رجل مسلم تراضى هو ورجل يهودي جار له على أمور منها أن اليهودي يرفع بنيانه على المسلم قدر خمسة أذرع بالهاشمي فرفع فهل يجب هدم ما رفع اليهودي من البنيان المجدد أم لا وهل والحالة هذه إذا رفع المسلم إلى جانب البنيان الذي جدده اليهودي بنيانا بإزائه بعد ذلك بأيام يسقط حتى الشرع من هدم ما جدده اليهودي من البنيان المذكور أم لا وإذا لم يجب هدم البنيان الذي جدده اليهودي المذكور هل لليهودي أن يحدث في البنيان المذكور ميزابا يرمي الى درب مشترك بينه وبين المسلم المذكور معه لا غيره أم لا وهل له أن يفتح في البنيان المجدد المذكور كوة يشرف منها على المسلم في سلمه وملكه أم لا سواء شرط له ذلك المسلم المذكور في بنيانه أم لم يشرط وهل اذا وجب ازالة الأصل على الأحوال يتعين على صاحب الأمر المسارعة إلى ازالته لنصرة الاسلام أم لا وهل إذا استقر بنيان اليهودي المذكور ولم يجب إزالته لليهودي أن يشرف منه أو أحد من جنسه على المسلم في ملكه أو على أحد من أهله أم لا وإذا لم يكن له ذلك فهل يتعين على صاحب الأمر تعزيزه على الماضي ومنعه في المستقبل أم لا وهل إذا رفع الذمي صوته على المسلم يتعين على ولي الأمر تعزيره على

ذلك أم لا وهل اذا عزره ناويا بذلك نصرة الإسلام وإعزاره يثاب على ذلك أم لا
أجاب رضي الله عنه يجب هدم ما رفعه اليهودي من بنيانه المحدث وقدر يسير آخر ينحط به بنيانه عن مساواة بنيان المسلم وإلا يسقط ذلك برضى المسلم فإنه حق الشرع المطهر لا له ولا يؤخر ذلك انتظار الرفع المسلم بنيانه فإن تأخر فرفع بنيانه فبادر المسلم على ما أحدث اليهودي من بنيانه فالظاهر أنه يسقط وجوب هدم ذلك وليس لليهودي أن يحدث في بنيانه ميزابا يرمي إلى الدرب المشترك بينه وبين المسلم بغير إذنه وليس لليهودي أن يفتح في بنيانه كوة يشرف منها على المسلم وعلى ملكه وإن اشترط له المسلم ذلك ويجب على ولي الأمر المسارعة إلى إزالة ما تقدم ذكر وجوب إزالته وله الأجر الأجزل إذا فعل ذلك محتسبا لنصرة الإسلام وأهله ويأثم بإهمال ذلك وعلى اليهودي التعزير بشرطه في تشرفه على المسلم وإذا رفع صوته على المسلم استعلاء عليه فعليه التعزير
438 - مسألة ذمى دعى خصمه الذمي المساوى له في الدين إلى المحاكمة عند رئيس دينه وحاكمه فهل تلزمه الإجابة أجاب رضي الله عنه لا يلزمه ذلك فإنه ليس بحاكم شرعا فهو كما لو دعاه الى التحاكم إلى من ليس بحاكم ولا يصلح لولاية الحكم وفيما قرر به في المهذب طريقة ابن أبي هريرة في مختلفي الدين إشارة إلى هذا الحكم والله أعلم
439 - مسألة رجل رش طريقا شارعا وجعله زلقا فعبر فيه شخص في حين الظلال أول النهار وهو لا يشعر بالرش فزلق ووقع وتكسر ما كان معه من الزجاج فهل على الراش ضمانه

أجاب رضي الله عنه نعم عليه ضمانه بأرش ما نقص بالتكسير وهذا هكذا وإن لم يفرط في الرش إذا كان لمصلحة نفسه وهكذا إن كان قد فعله لمصلحة المارة على الصحيح اذا كان من غير إذن ولي الأمر وهذا إذا لم يتعمد المشي على المرشوش فإن تعمده مع علمه بالرش فلا ضمان لمباشرته واختباره قطع به صاحب الوسيط والتهذيب والتتمة والله أعلم
440 - مسألة في كنيسة هدم أهلها بعضها وجددوه لا لاستهدامه وتشعثه بل طلبا للتجمل والأحكام فهل يزال وينقض عليهم
أجاب رضي الله عنه إن زادوا فيه على ما كان نقضت الزيادة وما فيه الزيادة فإن أعادوه إلى ما كان عليه حين كان جديدا لم ينقض فإنه لو نقض لكان لهم أن يبنوه كما كان أولا حين كان جديدا لم ينقص فإنه لو نقض لكان لهم أن يبنوه كما كان أولا حين كان جديد فليترك هذا بحاله فإنه بهذه المثابة غير زائد على ذلك وهذا دقيق والله أعلم
441 - مسألة حد سواد العراق من عبادان إلى الموصل طولا ومن القادسية إلى حلوان عرضا كذا قال غير واحد من المصنفين وليس المراد التحديد بأنفس هذه البلاد المذكورة وإنما المراد من الموصل ما صرح به بعضهم حيث قال إلى حديثه الموصل وهي من آخر عملها في ضرب العراق ومن القادسية العذيب صرح بذلك بعضهم وقال من عذيب القادسية وصرح بعضهم من حلوان إلى عقبة حلوان وهكذا ينبغي أن يكون في عبادان إلى عمل عبادان فقدر السواد بالفراسخ أما عرضا فثمانون فرسخا وأما طولا فمائة وستون فرسخا فيكون الجميع اثني عشر

ألف فرسخ وثماني مائة فرسخ والعراق حده عرضا حد السواد كما ذكرناه وإنما يخالفه في الطول فحده طولا من الغلث إلى عبادان وذلك مائة وخمسة وعشرون فرسخا فيكون الجميع عشرة آلاف فرسخ فاضبط ذلك فإنه قد غلط فيه والله أعلم
442 - مسألة صبي غير مختون شمر غرلته ثم ربطها بخيط فتركها مدة فشمرت الغرلة وتقلصت وانقطع الخيط فصار كهيئة المختون وصار بحيث لا يمكن ختانه فهل يجزئه ذلك وما الحكم
أجاب رضي الله عنه القدر الواجب في الختان القطع الذي يكشف الحشفة جميعها فينظر في هذا المذكور فإن كان قد صار بحيث لا يمكن قطع غرلته ولا شيء منها إلا بقطع غيرها فقد سقط عنه وجوب ذلك وإن كان القطع بعد ممكنا فإن كانت بدون ذلك أما في بعضها أو جميعها وهي خشفة قد انكشفت بأسرها فقد سقط واجب ختانه إلا أن يكون في تقلص الغرلة واجتماعها بحيث يقصر عن المقطوع في طهارته وجماعه والذي يظهر حينئذ وجوب قطع ما أمكن قطعه منها حتى يلتحق بالمختون في ذلك وإن لم تكن الحشفة قد انكشفت بأسرها فيجب من الختان كله أو بعض ما يكشف عن جميعها في حالة الإمكان المذكور والله أعلم
قولي إنه يسقط الواجب إذا كان لا يمكن إلا بقطع غيره وقد يقال عليه أنه ينبغي أن لا يسقط وإن أفضى الى قطع غيره لأن ما لا يتأدى الواجب إلا به فهو واجب كما لو كان له ذكران لا يتميز الأصلي منهما فإنهما يختنان مع أن نصف كل واحد منهما زائد كما في الخنثى المشكل فإنه يختن في فرجيه نقله صاحب البيان ومن قبله لكن يتعين مخالفة هذا فإن القصاص الذي

هو آ كد من هذا يسقط إذا لم يكن بأخذ زائد فهذا أولى وإن فرق بأنه يسقط إلى خلف وهو الدية فنفرض في قصاص لا بد له كما إذا استوفى منه بقدر الدية بأنه قطع يديه وقد نص أبو الفرج الدارمي فيما قرأت بخطه في كتاب الاستذكار من مصنفه على أن الجمعة لا تجب على الخنثى المشكل وإن كان بعض من صنف في أحكام الخنثى المشكل قد قطع بأنها تجب عليه لاسقاط الفرض بيقين ومساق ما ذكره الدارمي يعطي فيما نحن فيه ما ذكرته والله أعلم -

ومن كتاب الحدود
443 - مسألة رجل قال لرجل أنت ولد زنا فما الواجب عليه أجاب رضي الله عنه عليه العزير للمشتوم والأظهر أنه عليه لأمه إن كانت محصنة حد القذف وإن كان يجوز أن يكون ولد زنا مع انفراد الوطء بالزنا بأن تكون هي مستكرهة أو ذات شبهة تختص بها لكن اطلاقه ظاهر في نسبها إلى الزنا ويلتقي هذا من المحفوظ فيما إذا قال زنا بك فلان فقد نصوا وهو في الوسيط أنه يكون قاذفا لها مع الاحتمال والله أعلم

ومن كتاب الأطعمة
444 - مسألة القاق والشوحة هل يجوز أكل هذين الطيرين واللقلق وقد ذكر الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات ما

الحلال وما الحرام وما المشتبه
أجاب رضي الله عنه حرم الغراب وهو القلق الأبقع منه والأسود والكبير والحدأة وهي الشوحة والببغاء واللقلق يحرم أيضا على المختار من الوجهين وأما الحلال فهو ما لا يشك في إباحته والحرام ما لا يشك في تحريمه والشبهات ما وقع الشك في أمره والله أعلم
445 - مسألة قوله صلى الله عليه و سلم ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن والظفر وما حدثكم الحديث أخذ النبي صلى الله عليه و سلم يذكر للصحابة رضي الله عنهم المعنى المقتضى لعدم جواز الذكاة بالسن والظفر فما أراه ذكر أكثر من أن قال أما السن فعظم وأما الظفر فعند الحبشة ليس بتنصيص على العلة المقتضية لعدم جواز الذكاة بهما فإن كان هذا تعليلا فما توجيهه بكونه علة

أجاب رضي الله عنه بل فيه بيان للعلة غير أن العلة في السن وهو كونه عظما علة يعتد به قد يكون تارة في أصل الحكم وتارة في وضع الأسباب والعلل فإن هذا أيضا من الأحكام الشرعية فوضع العظم إذا علة مبطلة مانعة من جواز الذكاة تعبد لا يعقل معناه وأما العلة في الظفر فمعقولة وهي التشبيه بالحبشية فإنه يناسب المنع فان من تشبه بقوم فكأنه منهم والتشبه بالكفار قد يكون مكروها وقد يكون حراما وذلك على حسب الفحش فيه قلة وكثرة والله أعلم
446 - مسألة جلد النمس والقندس والسنجاب والذئب وسنور البر والثعلب إذا دبغت جلود هذه الحيوانات وجعلت فرى فهل تكون ظاهرة بالدبغ تصح الصلاة فيها وعليها
أجاب رضي الله عنه أما الثعلب والسنور والسنجاب إذا ذكيت فجلودها وشعورها طاهرة وسنور البر لا يؤكل فجلده نجس يطهر بالدباغ ولا يطهر شعره على الأصح والقندس مشكوك وكذلك النمس فالأصح أنه لا يجوز استصحابه في الصلاة والله أعلم
447 - مسألة جلد النمر هل هو نجس وهل يجوز استعماله وهل يفترق الحال بين ما قبل الدباغ وما بعده
أجاب رضي الله عنه أما قبل الدباغ فهو نجس كله سواء كان مذكى أو غير مذكى فيمتنع استعماله امتناع النجس العين ومعنى أنه يحرم استعماله قطعا فيما يجب فيه مجانبة النجاسة من صلاة وغيرها وهل يحرم على الإطلاق فيه وجهان وأما بعد الدباغ فنفس الجلد طاهر والشعر الذي

عليه نجس لا يؤثر فيه الدباغ على الصحيح فاستعمال الوجه الذي عليه الشعر اذا ممتنع مطلقا ولأجل أنه غالب ما يستعمل منه ورد الحديث بالنهي عنه مطلقا فروى أبو داود رحمه الله في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر
وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه و سلم قال لا تركبوا النمار
وجاء في الحديث عنه صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن جلود السباع أن تفترش
ولا شك أن النمر من السباع فهذه الأحاديث قوية معتمدة والتأويل المتطرق إليها غير قوي وإذا وجد الموفق مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في مثل هذا المضطرب فهو ضالته ومستروحته لا يرى عنه معدلا والله أعلم
448 - مسألة سبع افترس شاة فاقتطع منها خاصرتها وأبان حشوتها وأخرج جزءا من مصارينها وأنهر الدم ثم ذكيت وأدركت فيها حياة عند ذكاتها فهل يغلب التحريم
أجاب رضي الله عنه لا تحل والحالة هذه والله أعلم

ومن كتاب السبق والرمي
449 - مسألة الرمي أفضل أم الضرب بالسيف
أجاب رضي الله عنه إن الرمي أفضل هذا هو الظاهر فإن فضيلة كل واحد منهما إنما هي من حيث كونه عدة وقوة لأهل طاعة الله تعالى على

أهل معصية الله تعالى والرمي أبلغ في ذلك بدليل حديث عقبة بن مر رضي الله عنه في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه و سلم تلا على المنبر قوله سبحانه وتعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة فقال ألا إن القوة الرمي كررها ثلاثا ومعنى هذه الصيغة عند أهل العلم ألا أن معظم القوة المأمور بإعدادها الرمي وهذا يوجب تفضيل الرمي على السيف والله أعلم
450 - مسألة وردت من عرض الكرم في طاعة الله سبحانه وتعالى أفضل أم الشجاعة في طاعة الله تعالى فقد تنازع فيه شخصان
أجاب رضي الله عنه
إن قابلنا بين الكرم المطلق وبين الشجاعة فالكرم المطلق أفضل وأرجح فإنه يدخل فيه الشجاعة مع سائر أجناس الجود ثم الكرم من صفات البارىء سبحانه وتعالى ولا سائر أجناس الجود ثم الكرم من صفات البارىء سبحانه وتعالى ولا يوصفه تبارك وتعالى بالشجاعة وإذا قابلنا بين الشجاعة على الخصوص وبين الكرم بالمال على الخصوص أو به مع ما يلتحق به من المنافع فالشجاعة أفضل فإنها جود بالنفس والجود بالنفس أقصى غايات الجود والله أعلم
451 - مسألة قول الإمام الغزالي في السبق والرمي في الشرط الخامس من الوسيط أن يرد العقد على رماة معينين ثم المحلل في التجرب يجوز أن يكون من الحزبين ويجوز أن يكون خارجا عنهما يناضلهم ثم قال ولو شرط أحد الحزبين لواحد منهم الغنم دون المغرم فقد حلل هذا لنفسه وهل يحلل لغيره فعلى الخلاف المذكور وها هنا أولى بأن لا يصح لأن

المحلل هو الذي يستحق جميع السهم وهذا لا يستحق إلا بعض السهم فما مراد الغزالي بقوله يناضلهم ولا يفاضلهم وأيضا فإنه جزم بالجواب حيث كان المحلل من الحزبين أو خارجا عنهما وأجرى الخلاف فيما لو شرط أحد الحزبين لواحد منهم الغنم دون المغرم فما الفرق بينهما
أجاب رضي الله عنه قوله المحلل يجوز أن يكون من الحزبين أي يكون المحلل أحد الحزبين بأن يخرج أحد الحزبين السبق ولا يخرج الحزب الثاني شيئا وقوله ويجوز أن يكون خارجا عنهما أي يكون المحلل حزبا ثالثا أو شخصا ثالثا وقوله يناضله صورته ما إذا أخرج كل واحد منهما سيفا ء وأدخلا معهما ثالثا لم يخرج شيئا فهم يناضلهم لأن الكل يرمون كما في نظيره من المسابقة على الخيل وهو ما اذا أخرج كل واحد من المتسابقين وأدخلا معهما ثالثا لم يخرج فالجميع يتسابقون وقوله أولا يناضلهم صورته ما إذا لم يخرج الحربان شيئا وإنما أخرج السبق للإمام أو واحد من الرعية فهذا خارج عنهما وهو لا يرمي معهم ولا يناضلهم أراد المصنف بهذا الكلام أن يجري في المناضلة الصور الثلاث التي يجوز إخراج المال فيها في المسابقة وجعل اسم المحلل شاملا لكل من تعلق به تحليل المال السابق وهذا من أغمض مشكلات الوسيط ونشأ ذلك من سوء العبارة حيث استعمل لفظ المحلل في خلالف معناه المعروف إذا المعروف تخصيص اسم المحلل بمن يغنم ولا يغرم فادخل هو تحت اسمه من يغرم ولا يغنم فأوقع في عمياء مظلمة والله المستعان
وفيما أوضحناه بيان الفرق بين قوله يجوز أن يكون من الحزبين وما ذكره في مسألة الوجهين

ومن كتاب الايمان
452 - مسألة رجل حلف لا يشارك فلانا وهو شريكه فاستدام فهل يحنث
أجاب رضي الله عنه نعم يحنث باستدامة الشركة إلا أن يعني شركة مبتدأ وإنما كان هكذا لأنه يقال شاركه شهرا فيطلق ذلك على الاستدامة فهو في ذلك كما في نظائره من اللبس والركاب والسفر وغيرها والله أعلم
453 - مسألة رجل حلف أنه يحفظ جانب زيد فما الذي يلزمه له من الحفظ حتى يخلص من الحنث
أجاب رضي الله عنه ليلتزم له ما يمكنه من حفظ نفسه وعرضه وماله وسائر حقوقه وجميع ما ينسب إليه مما يتأذى بفواته واختلاله حتى أهله وولده ونحوهما فيصون له الحالف ذلك كله من الخلل والضياع بحسب إمكانه من غير تقصير منه وإن كان له في ذلك نية فالاعتبار بما نوى والله أعلم
454 - مسألة حلف عند انسلاخ شهر ربيع الأول وهو يعتقد أنه بعد لم ينسلخ أنه لا يدخل منزله إلى آخر الشهر وهو يعني ذلك الشهر وكان عند يمينه قد انقضى فهل يقع عليه بالدخول في هذا الشهر المستهل
أجاب رضي الله عنه لا يقع فيما بينه وبين الله تعالى ويقبل أيضا في الحكم إذا لم يكن قد أظهر عند يمينه استهلاك الشهر الآخر والله أعلم

وهو يشبه مسألة عمرة ناداها فأجابته حفصة فقال وهو يعتقد يا عمرة أنت طالق فإنه يقع طلاق عمرة دون حفصة وذلك ظاهرا أو باطنا عند الشيخين أبي حامد الغزالي وأبي الطيب الطبري لكن في المهذب أنه لا يقبل منه في حفصة ظاهرا فتطلق باطنا وليس بمختار
455 - مسألة رجل أنكر حقا وحلف عليه بالمصحف ثم اعترف به ماذا يجب عليه
أجاب رضي الله عنه أن عليه الكفارة بسبب الحنث الموجود منه على كل حال وإن تعمد الكذب استوجب التعزير ولا يسقط بالكفارة والله أعلم
قد يشتبه هذا على من وقف على ما في المهذب من أن التعزير يكون في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة فليعلم أن هذا الذي وقع به الإفتاء ليس مخالفا لذلك لأن الكفارة في اليمين يتعلق بالحنث والعزير معلق بالمعصية الناشئة من تعمد الكذب وذلك أمر زائد على الحنث فلم يوجب إذا التعزير فيما أوحبنا فيه الكفارة بل هذا في أمر وذلك أمر آخر والله أعلم
456 - مسألة المكره ذكروا في أصول الفقه أنه يدخل تحت الخطاب والتكليف وذكروا في كتب المذهب أن طلاقه وردته وإقراره لا يصح فكيف يجمع بين أصول الفقه والفقه وكذلك قالوا في الناسي لا يدخل تحت الخطاب وعلى أحد القولين في اليمين يحنث وما ينبغي كونه لا تصح هذه الأحكام منه مع كونه مكلفا
أجاب رضي الله عنه لا منافاة بين الأمرين المذكورين هو مكلف في حالة الإكراه مع ذلك يخفف عنه بأن لا يلزمه بحكم ما كره عليه ولم يختره من طلاق وبيع غيرهما لكونه معذورا وما أكثر التخفيفات عن المكلفين

وأما تحنيث الناس فليس من قبيل التكليف بل هو من قبيل خطاب الوضع والاختيار الخطاب خطابان تكليف وهو خطاب الأمر والنهي وخطاب وضع وإخبار كالخطاب بالصحة والفساد ووقوع الطلاق ولزوم الكفارة في الذمة وهذا الخطاب يثبت في حق غير المكلف كالصبي والمجنون وغيرهما
457 - مسألة زيت نذر إسراجه في مشهد نجران هل يجوز صرفه إلى غيره
أجاب رضي الله عنه لا يجوز صرفه إلى جهة أخرى والله أعلم هذا بخلاف الصلاة حيث لا يتعين فيها غير المساجد الثلاثة بالتعيين وبخلاف الجهاد إذا عين له جهة على أحد الوجهين والفرق اشتمال هذا على نفع يتصل بأهل المكان المعين والتعيين في مثل هذا ممتنع وصار كما لو وقف شيئا على زيت مسجد أو مشهد معين أو أوصى به فإنه لا يجوز صرفه إلى غيره والله أعلم
458 - مسألة نذر ثلثي ما يحصل له من فعل وقفه في سبيل الله تعالى هل يلزمه الوفاء به
أجاب رضي الله عنه لا يلزمه لأنه لم يكن حالة النذر مالكا لما سيحصل له من المغل وكما لا يصح العتق والطلاق فيما سيملكه فكذلك النذور
وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا نذر فيما لا يملك ابن آدم أو فيما لا يملكه حين نذر والكلام فيه يداني الكلام في قوله صلى الله عليه و سلم لا طلاق قبل نكاح اعتراضا وجوابا وأيضا ثلثا ما يحصل مجهول وإلحاق نذر

الصدقة في هذا بالوقف الذي هو صدقة أولى من إلحاقه بالعتق والطلاق والله أعلم
في التتمة مسائل مشتبه منها مسألة فيها خلاف يشبه هذه وقد يتوهم منها خلاف هذا وفيه بحث والله أعلم الأظهر التفصيل إن كان علق على حصول المغل زوال الملك أي يصير صدقة بالحصول أو نحو هذا فلا يصح كما ذكرنا وإن كان التزم أن يتصدق به حينئذ فيصبح ويفرق في وجوب الوفاء به بين أن يكون نذر لحاج أو مجازاة على ما عرف والله أعلم -

ومن كتاب الأقضية
459 - مسألة حكم حاكم حنفي بمنع الفسخ بالإعسار بالصداق وبأن لها منع نفسها مع وجوب النفقة فهل لحاكم آخر نقض الحكم بأنه ليس لها منع نفسها أم لا
أجاب رضي الله عنه ليس لآخر نقضه إلا أن يكون الأول قد حكم على خلاف المذهب الذي ينتحله متوهما أنه على وفقه لا متعمدا انتحاله مذهب غيره فيه فينقض حكمه والحالة هذه وهذا التفصيل متعين في حكام هذا الزمان فإنهم لا يعتمدون في أحكامهم على الاجتهاد لا مطلقا ولا مقيدا لكونهم مقلدين فإذا جرى من أحدهم ما ذكرنا فهو مقطوع بكونه منه خطأ فينتقض والله أعلم
وجدت صاحب الحاوي يذكر في القاضي بالمصروف إذا حكم بغرامة الخمر المراقة على الذمي وكان مذهبه في ذلك شافعيا على أن القاضي الصارف الشافعي نقض حكمه لأن حكمه باطل لكونه حكم بما لا يراه هذا نقل شاهد لما ذكرت والله أعلم

460 - مسألة الحاكم إذا امتنع من الحكم بالشاهد واليمين في الحقوق المالية ولم يجد صاحب الحق مندوحة فهل يسوغ له الامتناع والذي ذهب إلى ذلك غير إمامه الذي هو متمسك بأصول مذهبه أم لا يسوغ ويجب عليه أن يحكم
أجاب رضي الله عنه لا يسوغ له ذلك على وجه التشهي ولا بناء على ما ليس بدليل فإن كان ممن يعرف الأدلة ورأى أن دليل الامتناع أقوى فله ذلك على وجه التقليد للإمام الآخر ويكون هذا عذرا له جوازا مصيره إلى غير مذهب إمامه الذي هو مقلده وهذا مما إيضاحه في كتابنا كتاب الفتوى الذي يتعين على أهل العلم الاعتناء بما فيه والله أعلم
461 - مسألة حاكم من حكام المسلمين هو شاهد في قضية ليس فيها شاهد سواه فشهد على شهادته فرعان ونقلاها إلى حاكم آخر ببلدة أخرى وأثبتوا القضية بالفرعين على شهادته ويمين المدعي ثم نقلوا ذلك الحكم إن كان قد حكم أو الثبوت إلى الحاكم الشاهد الأصلي ليعمل به فهل يكون ذلك هو أصله ويبني على الحكم بالعلم أو يجوز له العمل به كما لو يكن أصله
أجاب رضي الله عنه يجوز له العمل به وليس من قبيل الحكم بعلمه والله أعلم
462 - مسألة حاكم من حكام المسلمين ثبت عنده بالبينة العادلة أن فلانا مالك لجميع عشرة أذرع بالذراع الآدمي من جميع الأرض التي بمدينة كذا موضع كذا حد هذه العشرة الأذرع المذكورة من القبلة أرض

زيد ومن الشمال أرض زيد ومن الشرق والغرب طريق ونهر وفي يد زيد أرض مقدارها ستون بالذراعا النجار والذراع النجار معروف يزيد على أكبر أكبر ذراع الآدمي ولم يعين الحاكم ولا الشهود مقدار الأذرع بالآدمي ولا هناك مقدار يعرف بذراع الآدمي ولا عين الحاكم ولا الشهود موضوع الأذرع بعينها لا جملتها ولا ابتداءها ولا انتهائها والحد الغربي والشرقي يمتد على جميع الستين ذراعا فجاء فلان ادعى على زيد بالأذرع المذكورة فقال زيد الذي ادعيت به وأثبته الحاكم مجهول القدر لأن أذرع الآدميين مختلفة اختلافا عظيما في الطول والقصر وليس بعضها بأولى من البعض ومجهول الموضع لأنه ما من مكان هذه الستين ذراعا إلا ويحتمل أن يكون الثبوت متوجها نحوه ويحتمل أن يكون غيره احتمالا واحدا وهذه الأرض بيدي وملكي فلا ينزع من يدي الا ما يتعين أنه ملكا مقدارا ومحلا فهل يعمل بهذا الثبوت في مقدار ما في مكان لا يعمل به حتى يقيم بينه بالمحل والمقدار والدعاوى عند العلماء لا يسمع في المجهول إلا في مواضع معدودة له هذه من جملتها أم يقال للمدعى بين أن هذا الذي يدعي به معلوم وإلا فلا تتم الدعوى
أجاب رضي الله عنه جهالة موضع ذلك قادحة في العمل به وأما الذراع فينزل على الأوسط من الأذرع كما نزلنا الموصوف بنظائر لذلك على الأوسط وفيه احتمال مع هذا والله أعلم
463 - مسألة حاكم حكم بمحضر قد كان أفتى وسبق أنه لا يجوز الحكم به فهل يجوز نقض حكمه أم لا
أجاب رضي الله عنه إذا اعتمد في حكمه بذلك على قول من يجوز له تقليده من الأئمة وصادف فيها منقولا عمن هو بهذه المثابة فحكم به

فلا يجوز نقض حكمه أما إذا اعتمد على رأيه واستنباطه مجردا عن نقل نقله في ذلك فينقض حكمه وهذا التفصيل متعين في قضاة زماننا في كل مسألة فيها نظر يحتاج إلى آلة تامة فانهم لا يجوز لهم الحكم فيها بآرائهم وما يقع لهم على ما عرف فكيف لا ينقض أحكامهم فيه وإنما قالوا لا ينقض الحكم في المجتهدات لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد فأين للاجتهاد الذي ينتقض بنقض حكم أمثال هؤلاء والله أعلم
464 - مسألة ورد بخط قاضي دمشق الأزدي في قاض أحضر عنده كتاب وقف ليسجل وفيه محمد بن زيد بن محمد العلوي وقف على أولاده أسامة وزيد وأبي البركات وقفا متصلا وشهد عنده شهود أن محمد بن زيد بن الحسين العلوي المسمى في هذا الكتاب وقف على أولاده أسامة وزيد وأبي البركات على شرح في الكتاب فسجل بأنه ثبت عنده أن محمد بن زيد بن الحسين العلوي المسمى في الكتاب وقف على أولاده المذكورين على ما ذكر في الكتاب ومحمد بن زيد العلوي مشهور بين العلويين لا يشاركه غيره في كونه محمد بن زيد العلوي الذي أولد أسامة وزيدا وأبا البركات وفي أجداده العالية من يسمي الحسن فسجل القاضي وأثبت هذا الكتاب وعرض تسجيله على قاض آخر فنفذه وقال ثبت عندي ما ثبت القاضي فلان وقد وقف محمد بن زيد بن محمد العلوي فذكر اسم الجد على ما هو في أصل الكتاب لا على ما سجل القاضي الأول وتوفي الآخر ولعله اعتمد على ما عرفه من أن الجد الأدنى محمد والأعلى الحسن فهل كان جائزا له تنفيذ ذلك التسجيل والحالة هذه وهل ينفذ تنفيذه مع الاختلاف مع الحال المشهور والاحتمال المذكور ثم أن القاضي الأول كان قد قال ثبت عندي بشهادة فلان وفلان على شهادة فلان ولم يذكر في التسجيل عدالة شهود الفرع ولا عدالة شاهد الأصل ولا ذكر

تعذر حضور شاهد الأصل بعذر معتبر وقد قال نقبل شهادتهما بما رأى معه قبولها فهل يقدح هذا في العمل به أفتونا مأجورين
أجاب رضي الله عنه بعد الاستخارة والتثبت وقد كان تقدم فيه إفتاء جماعة درجوا آخرين بقوا ببطلان والتسجيل وتنفيذه إن كان هذا التسجيل والتنفيذ بسائر شروطهما صحيحان لا يبطلهما شيء مما ذكر والاختلاف المذكور بين متن الكتاب وتسجيله في الحد الواقف المذكور لا يقدح في صحة التسجيل ولا يمنع من ثبوت مضمون الكتاب به لأن التعيين لقوله المسمى في هذا الكتاب وما جرى مجراه نص بأن هذا ذاك في التعيين فعليه الاعتماد ولا عبرة بالاسم معه ومهما اجتمع الاسم والتعيين بأنه أداة كانت من أدواته كان الحكم للتعيين لا للاسم حتى لا يحتمل بالاختلاف فيه ويحمل على الغلط اللاغي ولذلك نظائر محفوظة أمسها بهذا الواقع أنه لو قال زوجتك هذه فاطمة واسمها عائشة أو قال زوجتك بنتي فاطمة وهي عائشة لا بنت له غيرها فقبل الزوج صح العقد في المعينة بقوله هذه أو بنتي وجعل ما ذكره في الاسم المخالف غلطا لا تأثير له وقد قطع صاحب المهذب في هذا بهذا من غير خلاف وله أشباه يذكر فيها وجه ثان وذلك الوجه مع تباعده في القوة عن هذا يبقى بتقاعد عن جريانه له في هذه الواقعة لما فيها من إمكان الجمع بالحمل على النسبة إلى الجد العالي مع انضمام الآخر المذكور وأما قوله ثبت عندي بشهادة فلان وفلان إلى آخره فكاف محمول على الصحة المصحوبة كاستيفاء

الشروط كان هذا عندهم حكم به أو حكم بقول البينة فيحمل مطلقه على الصحة كما لو قال حكمت وقضيت بالبينة غير ناص علي أوصاف الشهود المعتبرة فإنه يحمل على استيفائه لذلك ويعمل به
465 - مسألة قاض أشهد عليه بثبوت كتاب مع الحكم أو بغير حكم ثم أدى شهوده ذلك عند قاض آخر وأشهد عليه بثبوت إثبات القاضي الأول وتنفيذ حكمه أو بثبوت إثباته فحسب ثم رفع ذلك إلى قاضي ثالث وحضر الشهود على الحاكم الثاني فهل يجوز الاعتماد على شهادتهم مع حضور الذين شهدوا على الحاكم الأول
أجاب رضي الله عنه هذا في الأصل مبيضا لا جواب فيه
466 - مسألة حكم حاكم لمبتاع أرض على بائعها بصحة البيع بإقراره ثم حضر ثالث وأدعى رهينة المبيع سابقا على البيع وأثبته على وجه يبطل البيع فحكم ببطلان البيع وصحة الرهن وعود الملك لذلك إلى البائع وأنقذ حكمه هذا حاكم ثان وثالث ثم أثبت المشتري عند الثالث إقرار المرتهن بأنه لم يرهن جميع المرهون وسأله نقض الحكم بصحة الرهن بناء على ذلك فنقضه ثم نقض حاكم رابع حكم الثالث الناقض وحكم بصحة الرهن ولم يذكر مستندا لنقضه سوى أنه نظر وشاور الفقهاء فظهر له بطلان نقضه
أجاب رضي الله عنه بعد استخارة الله تعالى بعد أن أفتى مفتون بما ليس بمرض فقلت الأمر في هذا على تفصيل ينظر فإن كان الحاكم الأول القاضي بصحة الرهن ممن يرى صحة الرهن فيما لم يرى بعضه فحكمه بصحة الرهن يكون حكما بالصحة على الاطلاق ومتناولا حالة عدم الروية

وعند ذلك حكم الثالث بعد أن ظهر أن الواقع هذه بنقض الحكم بالصحة بناء على ذلك نقض حكم نفذ بالاجتهاد وهو بالاجتهاد لا محالة غير نافذ ومعلوم نقلا ودلالة أن من نقض حكما هذا سبيله فعلى غيره إبطال نقضه فإذا حكم الرابع في هذه الحالة بالنقض صحيح نافذ وإن كان الحاكم الأول من رأيه فساد رهن ما لم يرى بعضه في هذه الحالة فإنما يحكم بصحة الرهن عند حصول الروية للجميع أو أن كان لا رأي له في هذا متعينا فحكم المطلق والحالة هذه لا يكون حكما بالصحة في هذه الحالة لما لا يخفى وعند هذا فحكم الثالث بفساد الرهن بناء على ما ظهر له من هذه الحالة حكم في مجتهد فيه لم يسبقه على الحقيقة كلما حكم بخلافه فينفذ وليس للرابع نقضه بناء على هذا المستند المجتهد فيه وبعد هذا فالرابع الناقض لذلك يراجع في مستنده فان ذكر هذا أو غيره مما ليس قياسا جليا ولا مستندا غيره يعتمد في نقض الحكم فنقضه لا ينفذ وإن ذكر ما يسوغ نقض الحكم فنقضه نافذ وإن تعذر الوقوف على مستنده فحكم بالنقض وهو من أهل الحكم ظاهره النفاذ وصحة المستند هذا التفصيل متعين وما قرر به خلافه منه ما تصوير صورة الاستفتاء باقية ومنه ما تصور قسمي التفصيل باقية والله أعلم
467 - مسألة فيما إذا ثبت على غائب عن حلب عند قاضيها حق وحكم به وكتب به كتابا حكما فإذا ورد على قاضي دمشق هل يتوقف إثبات الكتاب الحكمي هذا عنده على حضور الخصم وإثبات غيبته عن دمشق الغيبة المعتبرة
أجاب رضي الله عنه لا يتوقف ذلك على ذلك ويتوقف على مصادفة نص فيها عن معتمد والله أعلم
468 - مسألة بينه ثبت عدالتها عند حاكم من حكام المسلمين ثم

نقلت بشهادته على الحاكم المذكور إلى حاكم آخر مجرد العدالة ولم يكن للحاكم الثاني خبرة بعدالة البينة الأولى فهل يجب على الحاكم الثاني بت الحكم بين المتنازعين ولم يكن له بعدالة شهود الأصل معرفة أم لا
أجاب رضي الله عنه إن حكم الحاكم الكاتب بعدالتهما كفى المكتوب إلى ذلك في الحكم بشهادتهما ثم الظاهر أنه إذا قال هما عدلان هكذا بصيغة الحزم كان ذلك حكما منه بعدالتهما وإن قال حكمت أو قضيت ولم يحكم الحاكم الكاتب بعدالتهما بل اقتصر على ذكره أن شاهدين شهدا بعدالتهما فيحتاج إلى تسمية شاهدي التعديل ثم المكتوب إليه متوقف حكمه على ثبوت عدالتهما عنده بطريقة المعروف والله أعلم 4 ومن كتاب القسامة
469 - مسألة بستان مشترك بين جماعة لواحد منهم أحد عشر قيراطا ونصفا والباقي لجماعة منهم من له قيراط أو نحو ذلك وقد أقام بينة على أنه قابل لقسمة التعديل وطلب القسمة فهل يحتاج إلى أن يثبت أن كل قيراط من حصته قابل لقسمة التعديل وهل يحتاج إلى التعديل وكل جزء من حصته هو بقدر حصة كل واحد من الشركاء أم يكفي التعديل في جملة حصته
أجاب رضي الله عنه إذا كان طريق قسمته أن يجعل على سهام متعددة بحسب سهم أقل الشركاء نصيبا فلا بد من تعديل كل سهم بالقيمة ولا يتهيأ للاقتصار على تعديل جملة حصة صاحب الكبير والله أعلم

470 - مسألة في شخصين بينهما دار اقتسماها بالتراضي نصفين وبابها داخل في قسم أحدهما والآخر بني الأمر على أنه يفتح في قسمه بابا إلى الشارع فمنعه صاحبه السلطان من فتح باب آخر لكونه يقع قريبا من فرن لهم فهل يثبت لهم الاستطراق من الباب الأصلي أو تنفسخ القسمة
أجاب رضي الله عنه إذا كانا قد تقاسما على أن المذكور يستطرق إلى نصيبه من باب يفتحه من الجهة المذكورة فله فسخ القسمة عند امتناع ذلك عليه وعند امتناع شريكه من تمكينه من الاستطراق في ملكه ولا يقول ثبت له الاستطراق في ملك صاحبه الآخر من الباب الأصلي فإن ذلك يثبت مثله عند الإطلاق على أحد الوجهين لاقتضاء العرف له حين لا ممر رلا في ملك البائع أو المقاسم وهذا ليس في معناه والله أعلم بلى لو لم يكن قسمه بصدد أن يفتح بابه إلى الشارع ولا إلى ملك له ولم يكن له مستطرق إلا في قسم مقاسمه على أحد الطرفين وهو الأظهر وقد ذكر الروياني أبو نصر فيما إذا لم يكن لأحد المتقاسمين ممر عن بعض أصحابنا أنه أفسد القسمة كبيع دار لا ممر لها ومقتضى هذا الذي حكاه وجريان ما ذكرته في القسمة على حسب جريانه في البيع والتسليم
471 - مسألة جماعة عمروا رحا وأداروا في البيت المعمور حجرا واحدا وقد يمكن أن يديروا فيها حجرا آخر فباع واحد من الشركاء جزءه لواحد من بعض شركائه جميع ما يستحقه في داخل البيت فامتنع باقي الشركاء من ذلك
أجاب رضي الله عنه لا يلزمهم زيادة حجر آخر من عندهم ولا بقدر حصته فإن أراد الطالب لذلك زيادة حجر آخر من عنده وتكون المنفعة

بين الجميع ولا ضرر فيه على المالك لم يكن لهم الامتناع من ذلك والمنع منه ولكن إذا منعوه من الانتفاع أصلا بنفسه أو من الأنتفاع المذكورة الزائد بنفسه أجر الحاكم الجميع من غيرهم على وجه تدخل الزيادة المذكورة من الامتناع في الأجارة وتكون الأجرة بين الجميع والله أعلم
472 - مسألة أرض فيها أشجار وثلثاها وقف على ولد الواقف وعلى أولاده وقفا متصلا والثلث الآخر مملوك لرجل آخر فتراضى المالك للثلث والموقوف عليه على القسمة فهل تصح القسمة وإذا صحت بالتراضي ومات البطن الأول وانتقل ألى البطن الثاني فهل للبطن الثاني أن ينقضوا القسمة
أجاب رضي الله عنه تصح القسمة على المختار ثم الظاهر إنها لا تلزم في حق البطن الثاني والله أعلم
473 - مسألة بستان يشتمل على أنواع من الأشجار كثيرة القيمة مشترك بين أقوام وصاحب القليل منه يقصد شركاءه فيه بالإضرار لموت أشجاره بترك السقي فهل يجب منعه من الاضرار بموت أشجاره بترك السقي وهل يجب منعه من الاضرار بهم في ذلك بإلزامه بسقي الأشجار عند طلب الشركاء لذلك أو قسمة البستان مع الخلاص من إضراره أو إجباره على مساقاة من يعمل عليها عند الامتناع دفعا لضرره بتلف الأشجار أو تمكين بقية الشركاء من عمارته تبرعا من مالهم دون ماله ويجبره الحاكم عند الامتناع وإذا رغب أحد الشركاء في القسمة هل يجبر الممتنع عليها
أجاب رضي الله عنه يلزم بالسقي معهم على الرأي المختار الصحيح عند من يعتمد من أئمتنا وإذا طلب قسمته بالتعديل من لا يستضر بها أجبر الممتنع عليها ويمكن باقي الشركاء من عمارته والله أعلم

474 - مسألة دار مشتركة بين جماعة لواحد منهم النصف والنصف الآخر لجماعة منهم من له عشر ومنهم من له سهم في أربعين سهما وطلب صاحب النصف قسمة الدار وإفراز نصيبه فامتنع باقي الشركاء والدار يمكن قسمتها ولا يمكن قسمتها على أقل السهام لعدم الانتفاع به ولم يكن يحصل لصاحب السهم القليل ما يمكن الانتفاع به على جاري العادة فهل يجبر الممتنع على القسمة أم لا وهل إذا طلب صاحب النصف أن يقرر له نصف الدار ويكون الباقي مشاعا بين باقي الشركاء وامتنعوا يجبر على ذلك أم لا وهل إذا لم يجبروا على القسمة فأقام المدعي بينة أن الدار قابلة لقسمة الإجبار ولم تكن البينة ممن يعرف شرائط القسمة ولا ما يضر فيها الممتنع فتسمع بينته مع عدم معرفتها شرائط القسمة
أجاب رضي الله عنه المختار أن لا يجبر الممتنع والحالة هذه ولا على أن يبقى أيضا من يستضر مشاعه فإن القسمة في أصلها يراعى فيها جانب الشركاء أجمعين وليس ذلك كما احتج به من اختار الوجه الآخر من رعاية جانب صاحب الدين مع استضرار المديون والله أعلم ولا يعمل بشهادة من لا يعرف الشرائط إذا شهد بأنها قابلة لقسمة الإجبار وأطلاق ولم يبين والله أعلم
475 - مسألة ملك مشترك بين جماعة تشارعوا بينهم وطلب بعضهم الغلق على باقي الشركاء فهل يجاب أم لا
أجاب رضي الله عنه إغلاق المكان المشترك الذي تشاح فيه الشركاء ولم ينفصل بينهم فيه بقسمة ولا غيرها مذهب فاسد تأباه قواعد الشريعة ومعاقد المذهب وإنما زلة عالم صدرت من بعض علمائنا وقد كنت أقول في زمن تقدم وأنا قائل ذلك الآن والله أعلم

476 - مسألة أربعة شركاء بينهم أرض على التساوي لكل واحد منهم الربع فحضر منهم ثلاثة واقتسموا حصصهم أثلاثا وتركوا حصة الذي لم يحضر بينهم على الإشاعة ثم حضر الرابع ورضي بذلك فهل تصح هذه القسمة أم لا وفي الشركاء بأعيانهم بينهم أرض مشاعة أرباعا فحضر ثلاثة منهم واقتسموا الأرض أرباعا وعينوا حصة الذي لم يحضر ثم حضر فرضي فهل تصح هذه القسمة أم لا
وإن حضر ولم يرض بواحدة من القسمين فهل يحكم بفسادهما أم تصح الأولى وتبطل الثانية أم تصح كل واحدة منهما
أجاب رضي الله عنه القسمة المذكورة أولا باطلة فإن رضي بها على وجه الإجازة لما مضى لم تصح بذلك وإن رضي على وجه الإنشاء منه للقسمة جاز مع رضاهم ذلك وصح أنها ليست قسمة إجبار وقسمة الرضا واسعة يحتمل فيها الرد وما هو اكثر من ذلك والقسمة الثانية إذا لم تكن بحكم حاكم باطلة فإذا رضي بها الرابع منشأ للقسمة على ذلك الوجه جاز ذلك وكانت قسمة لازمه وجعل الإقرار السابق للرضى كالإقرار المقرون بالرضى والله أعلم
477 - مسألة قرية مشتركة بين جماعة وبعضها ملك وبعضها وقف على مواضع لكل موضع واقف مستقل وفي كتاب الملك والوقف مكتوب أن القرية كلها مشاعة والآن في يد كل واحد منهم أرضا معينة منها وبيوتا معينة يتصرف فيها من سنين عدة ويعمر البيوت من ماله من غير منازعة من شركائه وقد ادعى بعضهم أن الأشاعة فيها باقية وأن اختصاص كل واحد منهم وقع بطريق التراضي إلا أنها قسمت قسمة شرعية فهل يقبل قوله في دعوى الإشاعة أم لا فإن ثبت كونها مشاعة فطلب بعضهم القسمة في الأراضي

وألزمته مع غيبة الملاك فهل يجبر الممتنع منهم على القسمة والحالة هذه وما حكم العمارة هذه والمحدثة في البنيان هل للذي أحدثها أخذها وهل لمتولي الوقف إن كان في القسمة رد أن يدفع من مال الوقف ردا وأخذا
أجاب رضي الله عنه إذا ثبتت الإشاعة من الأصل فالقول قول من يدعي استمرارها إذا لم تقم بينه على قسمة صحيحة وإذا طلب بعضهم القسمة فإن كان الطالب من جانب الوقف لم يجب وإن كان من جانب الملك ومطلوبة قسمة مماثلة ثم قسمة تعديل أجبر الممتنع ثم من كانت له عمارة وليست من نفس الإرض المشتركة بل جلبها من خارج أبقيت عليه ويمكن من نقلها ولا رده إلى جانب الوقف ولا بدلا منه من غير شرط والوقف والله أعلم
478 - مسألة أرض مشتركة على الإشاعة بنى فيها أحد الشركاء بناء بآلات تختص بها فهل لبعض الشركاء مقاسمته في البناء
الجواب كتب الخضيري الحنفي لا والموفق الحنبلي أنه يختص به لا يشاركه غيره والشيرازي الشافعي كمثل فكتبت حقهم في الأرض باق وإن لم يكن ذلك في صلب أجارة صحيحة فلهم مطالبة الباقي بالأجرة على الحصص ولهم أيضا أن يتملكوا عليه بالقيمة من البناء بقدر حصصهم من الأرض حتى يصير البناء مشتركا بينهم اشتراكهم في قراره والله أعلم التملك في الغصب هل يجري كما في العارية فيه وجهان الأصح لا لمكان القلع وفي هذه الصورة لم يتجه القلع لكونه يستلزم القلع بما هو حصته من الأرض وفي هذا بحث والله أعلم

479 - مسألة ورثة اقتسموا التركة ثم ظهر دين ووجد صاحب الدين عينا منها في يد بعض الورثة فهل له استيفاء الدين منها بإذن الحاكم أو يتبع كل واحد من الورثة بما يخصه من الدين
أجاب رضي الله عنه تؤمر الورثة بإيفاء الدين من حيث أرادوا فإن اتفقوا وأوفوا فيها ونعمت وإن لم يتفقوا فلا يتعين تخصيص الدين حصصا على ما في أيديهم على تفاوت المقادير فإن الدين على الميت وتركته هي متعلقة كالمرهون أو قريبا منه فللحاكم أن يبيع في الدين ما أراد من أعيان التركة كالأعيان المرهونة له أن يبيع ما شاء منها عند تعذر إذن الراهن ولا عليه أن يوزع الدين على الأعيان فكذلك ها هنا وعند هذا فله أن يبيع العين المذكورة عند انتفاء توافق الورثة هذا ما ظهر والله أعلم
480 - مسألة إمرأة توفيت وخلفت ابنة صغيرة وزوجا هو أبوها ووليها ولها عليه باقي صداقها فتصرف الأب في مالها ثم ظهر بعد مدة دين ثابت علي الميتة وطلب منه صرف التركة في إيفائه ومن جملتها ما كان عليه من الصداق فادعى أنه قبض من نفسه لبنته نصيبا من الصداق بحكم ولايته عليها وتلف في يده من غير تفريط فهل يقبل قوله في ذلك وهل يغرم المبلغ إذا تلف من غير تفريط
جواب المسألة ساقط
481 - مسألة في أيتام لهم خشب مدرك قد جاء أوان قطع أكثره والباقي لغائب لا نائب له حاضر والأيتام يحتاجون إلى بيعه ولا

يشتري نصيبهم مشاعا من غير أن يتيسر فيه للمشتري فهل يجوز قطعه وحفظه نصيب الغائب أو ثمنه أم لا
أجاب رضي الله عنه لينظر فان كان ما يخاف من إبقاء الخشب في الأرض غير مقطوع فواته أو فوات بعضه فيقطع بالحاكم بماله من ولاية حفظ مال الغائب ثم أن تيسر حفظ نصيب الغائب من الخشب وأمكنت قسمة المماثلة فيه بأن كانت أعيانا متساوية في القيمة أو لم تكن بأن كانت مختلفة القيم لكن أمكن تعديل الحصص منه بالقيمة فليقسم الحاكم على الغائب باستقسام ولي اليتيم وإن لم يتيسر حفظ نصيب الغائب من أعيان الخشب المقطوع فيباع الخشب جميعه فقد توجه بيع الجميع ويحفظ الحاكم نصيب الغائب من الثمن ويصرف نصيب الأيام منه في قضاء حاجاتهم
وإن أمكن حفظ نصيب الغائب منه لكن ليس مما ينقسم قسمة إجبار لا مماثلة ولا تعديل فإن وجد مشتر يشتري نصيب الأيتام بيع منه مشاعا ولا ينبغي بيعه مشاعا إلا بمثل ثمنه لو يبيع مع الجميع فإنه إن كان يوكس في ثمنه بسبب الإشاعة فلا يسوغ احتمال ذلك بل يعدل إلى ما يعدل به في هذه الأعيان مع الشريك الطارئ لو بيع مشاعا وهو ها هنا بيع الجميع على الجميع فإن هذا المشترك قد دار بين أقسام كل واحد منهما لا يخلو عن ضرر فيتعين أهونها لما عرف وتقدر وقد اختلفوا في نظائره ليتطرق إليها الإجبار على القسمة بينهم ومنهم من صار فيها إلى الإجبار على المهايأة وهو ضعيف على المذهب الصحيح ومنهم من صار إلى التعطيل الإمام أبو المعالي والغزالي وهو أفسدها وأبعدها عن قوانين الشريعة ومنهم من صار إلى أنه يؤجر على جميع الشركاء وتقسيم أجرته عليهم وهذا هو الصحيح عند صاحب التهذيب وبه يفتي ولكن هذا فيما يؤجر ومنهم من صار إلى أنه يباع ويقسم ثمنه على الشركاء وهذا مزيف لكن حيث

تمكن الأجارة وما نحن فيه ليس مما يرغب في استئجاره فقد امتنعت من الأجارة والتعطيل والمهاياة والقسمة فلم يبق إلا البيع فكان المصير إليه في هذا وأمثاله صحيحا وأصل هذا الوجه قد صار إليه أحمد بن حنبل رحمه الله هو مذهبه فيما لا ينقسم وجدته في كتاب القاضي أبي يعلى وكتاب ابن عقيل من أصحابهم ووجهه أنه تعذرت قسمة عينة وانتقل إلى ما لا يتعذر قسمته وهو عوضه وقد عرف من أصلنا نحن أنه إذا امتنع السيد من الإنفاق على مملوكه باعه الحاكم عليه فإذا صرنا إلى ذلك دفعا للضرار عن مملوك له عليه حق وملك فلم لا يصير إلى ذلك دفعا للضرار عن شريك لا حق له عليه ولا ملك والله أعلم
أما إذا كان الخشب لا يسوغ بيع نصيب الغائب منه بطريق الخوف عليه فإن كان مما ينقسم قسمة مماثلة أو قسمة تعديل على نحو ما تقدم ذكره فالطريق فيه أن يقسمه الحاكم على الغائب باستقسام ولي اليتيم وليكن ذلك في الأوان الذي جرت العادة فيه بقطع الخشب من غير إضرار به وبأصوله الثابته الباقية في الأرض حتى لا يتأخر قطعه فيختلط بما ينشأ من نمائه الشائع فإذا تميز نصيب كل بالقسمة بودر إلى قطعه قبل نمو يبدو وساغ حينئذ قطع نصيب الغائب بطريق طلبنا صيانة لنصيبه ونصيب غيره من الاختلاط وتولى ذلك الحاكم بطريق ولايته المقتضية وجوب صون أموال الغائبين وإن كان مما لا ينقسم قسمة الإجبار فيباع الجميع ثم يبادر المشتري إلى القطع قبل النمو هذا ما ظهر والله أعلم

482 - مسألة رجل معه خمسة دراهم وقع فيها درهم حرام واختلط ولم يتميز فكيف يتصرف فيه وما الحكم في ذلك
أجاب رضي الله عنه له أن يأخذ منها درهما على نية القسمة ويتصرف في الباقي والدرهم الذي عزله عن نية القسمة ببسلمه لى صاحبه وإن لم يعلم صاحب يتصدق به عنه والله أعلم
483 - مسألة بستان مشترك بين اثنين نصفين أجر أحدهما نصيبه مشاعا ثم أراد الشريكان قسمته فهل تصح القسمة وإذا صحت فكيف حكم المستأجر في انتفاعه
أجاب رضي الله عنه تصح القسمة على الصحيح ثم مقتضى كون القسمة تبعا وذلك هو الصحيح مطلقا في كل حال ان يبقى حق المستأجر على الإشاعة ولا ينحصر في قسم المؤجر والله أعلم
484 - مسألة رجل باع من رجل نصف حانوت مشاعا وتقابضا من الطرفين بإقرارهما ثم علق الحاكم الحانوت على المشتري وعلى الشريك عقيب الابتياع وعلى البائع فأثبت في غيبته رجل دينا على والد البائع وإن المبيع لم يزل ملك الوالد إلى أن مات وصار إلى البائع ميراثا عنه وطلب من الحاكم بيع النصف المبيع في وفاء دينه فأراد المشتري اثبات تركة أخرى من منقول أو ملك آخر فعجز ثم حضر الوالد البائع وهو معترف بأن المبيع ورثه من أبيه ثم أراد البائع أن يسافر سفرا طويلا باعترافه فطلب المشتري من الحاكم إلزام البائع أن يودع الثمن الذي تسلمه منه إلى أن تنفصل القضية فإن أثبت تركة أخرى وبيعت في الدين استعاد البائع الدراهم المودعة عليه وإن عجز عن ذلك وباع الحاكم المبيع في وفاء الدين الثابت أخذ المشتري الثمن المودع على البائع عوضا عن الثمن الذي قبضه

البائع منه أو طلب أن يكفل عليه بذلك فامتنع البائع من الإيداع والكفالة فهل يجبره الحاكم على ذلك أم لا
أجاب رضي الله عنه عليه إقامة كفيل بذلك فإن تراضيا بإيداع مثل الثمن فلا بأس على أنا في غنية من هذا فإن المختار إلزامه برد الثمن ناجزا حكما منا ببطلان بيع الوارث قبل قضاء الدين فإذا لم يظهر من التركة غير ذلك فهو بمنزلة الدين المستغرق في اقتضاء الإبطال والله تعالى أعلم

ومن كتاب الشهادات
485 - مسألة هل تحوز غيبة المبتدع ابتداء وانتهاء والمحدث المجرح بالكذب تجوز غيبتة ابتداء وانتهاء وهل تجوز غيبة الفاسق المتظاهر بفسقه كشرب الخمر وغيره وهو يحب التظاهر وهل تجوز غيبة المتعرض لأعراض المسلمين بنقص الناس ويمدح نفسه لهم
أجاب رضي الله عنه تجوز غيبة المبتدع بل ذكره بما هو عليه مطلقا غائبا وحاضرا إذا كان المقصود التنبيه على حاله ليحذروا على هذا مضى السلف الصالحون أو من فعل ذلك منهم ثم يجوز ذلك ابتداء يبتدي به وإن لم يسأل ويجوز عند جريان سبب من سؤال وغيره وهكذا الحال في المحدث المتصف بما يسقط أهليته من كذب وغيره فقد كان بعض الأئمة يطوف بالكعبة ويقول فلان ضعيف فلان كذا ويرى ذلك من القربان وكذلك غيبة الفاسق تجوز على وجه التنبيه لمن يجهل حاله سواء كان متظاهرا أو غير متظاهر والذي لا تجوز غيبته ابتداء وتجوز جوابا وعند سبب أن لا يوجد في الفاسق ما يقتضي نصح الغير بسببه فإذا رأى

أحدا يخشى عليه أن يفز به مثل من يريد مزاوجته فحينئذ يتوجه وجه النصيحة فذكره بما فيه لئلا يغتر به والمتعرض لأعراض الناس ينقسم الأمر فيه على ما تقدم والذي تشرع غيبته إبتداء وغير ذلك من يكون بحيث يقتدي به من المبتدعة وغيرهم من أهل المعاصي والله أعلم
486 - مسألة رجل يعتقد الألحان المقترنة بالدفوف والشبابات والرقص وجمع الجماعات على ذلك مع المرد ثم مع الاعتقاد يؤثر حضورذلك ويجتمع مع الجماعات عليه مصرا هل يأثم بذلك وتسقط عدالته
أجاب رضي الله عنه نعم يأثم بذلك ويفسق وتسقط عدالته وحالته هذه وهذا السماع المعتاد حرام غليظ عند العلماء وسائر من يقتدي به في أمور الدين ومن نسب حاله إلى مذهب الشافعي أو أحد من أئمة الصحابة رضي الله عنه وعنهم فقد قال باطلا وإنما نقلالخلاف بين جماعة من أصحابه في الشبابة بانفرادها وفي الدف بانفراده فتوهم من لا تحقيق عنده ممن مال معه هواه أن ذلك الخلاف جار في هذا الذي اجتمع فيه ما اجتمع وذلك خطأ لا يصدر مثله ممن عنده مسكة من فهم وإنصاف وكذلك من نسب حاله إلى بعض مشايخ الزهد والتصوف فقد أخطأ فإنهم إنما يبيحون ذلك بشروط غير موجودة في هذا السماع وعلى الجملة فمن دعا إلى هذا السماع وأباحه فقد باء بعظيم وليس من الانحلال لبوس سوء يعرف هذا من اطلع على آفات الأعمال ومكائد الشيطان طهرنا الله وأعاذنا ومن نحب والمسلمين وهو أعلم

487 - مسألة الجرح هل تسمع في شهادة الحسبة أم لا
أجاب رضي الله عنه نعم تسمع لأن إسقاط أهلية المجروح للشهادة حق الله تعالى المتداعين لو تراضيا بالحكم بشهادة المجروح لم يجز ذلك ثم وجدت في روضة الحكام أن التعديل بل فيه شهادة الأب لابنه لكونه حقا لله تعالى والجرح ملتحق به وبل أولى
488 - مسألة أقوام يقولون إن سماع الغناء بالدف والشبابة حلال وإن صدر الغناء والشبابة من أمرد دلق حسن الصوت كان ذلك نور على نور وذلك يحضرهم النساء الأجنبيات يخالطونهم في بعض الأوقات ويشاهدونهن بقربهم في بعض الأوقات وفي بعض الأوقات يعانق الرجال بعضهم بعضا ويجتمعون لسماع الغناء وضرب الدف من الأمرد والذي يغني لهم مصوبين رؤوسهم نحو وجه الأمرد متهالكين على المغني والمغنى ثم يتفرقون عن السماع بالرقص والتصفيق ويعتقدون أن ذلك حلال وقربة يتوصلون بها إلى الله تعالى ويقولون إنه أفضل العبادات فهل ذلك حرام أم حلال ومن ادعى تحليل ذلك هل يزجر أم لا وهل يجب على ولي الأمر أن يمنعهم من ذلك فإذا لم يمنعهم وهو قادر عليه يأثم بذلك أم لا
أجاب رضي الله عنه ليعلم أن هؤلاء من إخوان أهل الإباحة الذين هم أفسد فرق الضلالة ومن أجمع الحمقى لأنواع الجهالة والحماقة هم الرافضون شرائع الأنبياء القادحون في العلم والعلماء لبسوا ملابس الزهاد وأظهروا ترك الدنيا واسترسلوا في اتباع الشهوات وأجابوا دواعي الهوى وتظاهروا باللهو والملاهي فتشاغلوا بما لم يكن إلا في أهل البطالة والمعاصي وزعموا أن ذلك يقربهم إلى الله تعالى زلفى مقتدون فيه بمن تقدمهم من أهل الرشاد ولقد كذبوا على الله سبحانه وتعالى وعلى عباده الذين اصطفى أحبولة نصبوها من حبائل الشيطان خداعا واعجوبة

من حوادث الزمان جلبوها خداعا للعوام وتهويشا لمناظم الإسلام فحق على ولاة الأمر وفقهم الله وسددهم قمع هذه الطائفة وبذل الوسع في إعدام ما ذكر من أفعالهم الخبيثة وتعزيرهم على ذلك واستتابتهم وتبديد شملهم وأن لا يأخذهم في ذلك لومة لائم ولا يدخلهم ريب في ضلالهم ولا توان في إخزائهم وابعادهم بسبب قول قائل هذا فيه خلاف بين المسلمين فإنهم بمجموع أفعالهم مخالفون إجماع المسلمين مشايعون به باطنية الملحدين وإنما الخلاف في بعض ذلك مع أنه ليس كل خلاف يستروح إليه ويعتمد عليه ومن يتبع أختلف فيه العلما وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزنق أو كاد فقولهم في السماح المذكور أنه من القربات والطاعات قول مخالف لإجماع المسلمين فإجماعهم على خلاف قولهم هذا منقول محفوظ معلوم من خالف إجماع المسلمين فعليه ما في قوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا وأما اباحة هذا السماع وتحليله فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاخلاف أنه أباح هذا السماع والخلاف المنقول عن بعض أصحاب الشافعي إنما نقل في الشبابة منفردا والدف منفردا فمن لا يحصل أولا يتأمل ربما اعتقد فيه خلافا بين الشافعيين في هذا السماع الجامع هذه الملاهي وذلك وهم ومن الصغائر إلى ذلك يتمادى به عليه أدلة الشرع والعقل من استباح هذا من مشايخ الصوفية وهم الأقلون منهم فإنما استباحة بشروط معدومة في سماع هؤلاء القوم منها أن لا يكون المستمع شهوانيا فهم عند ذلك لا يستبيحونه بل ينهون عنه نهيا شديدا ولا خلاف أيضا من جهتهم في هذا على أنهم لو

خالفوا فيه لم يجز لأحد تقليدهم ولن يعتد بخلافهم في الحلال والحرام فإنه إنما يرجع في ذلك إلى أئمة الاجتهاد المبرزين في علوم الشريعة المستقلين بأدلة الأحكام وهكذا لا يعتد بخلاف من خالف فيه من الظاهرية لتقاصرهم عن درجة الاجتهاد في أحكام الشريعة فإذا هذا السماع غير مباح بإجماع أهل الحل والعقد من المسلمين وأما ما ذكر من سماعهم من الأمرد مع النساء الأجنبيات واستباحتهم لذلك فهو قطعا من شأن أهل الإباحة ومن تخاليط المالحدة ولم يستجزه أحد من المسلمين من علمائهم وعبادهم وغيرهم وقولهم في السماع من الأمرد الحسن نور على نور من جنس أقوال المباحية الكفرة الذين إذا رمق بعضهم إمرأة قالوا تمت سعادته فإذا غار أحدهم على أهله فمنعها من غيره قالوا هو طفل الطريقة لم يبلغ بعد أخزاهم الله أنى يؤفكون برزوا في ظواهر أهل السبت وأضمروا بواطن أرباب السبت وتظاهروا بزي قوم عرفوا بالصلاح وتناطقوا بعباراتهم مثل لفظ المعرفة والمحبة وغيرهما وهم عن حقائقها وعن طرائقهم عاطلون وبما يضار ذلك من المخازي والخبائث ناهضون وإنا لله وإنا إليه راجعون
ومن اشتبه عليه حال هؤلاء القوم أو كان عنده شيء يحبسه حجة عاضدة لهم فليذكر ما عنده ليدحض شبهته إن شاء الله تعالى بالحجج البالغة والأدلة الواضحة ومن قصر من ولاة الأمر صانهم الله تعالى في القيام بما وجب عليه من تظهير الأرض من هؤلاء الخبثاء وأفعالهم الخبيثة فقد احتقب إثما وصار للإسلام والشريعة خصما والله الكريم يمن بتوفيقه عليهم وعلينا وعلى جميع المسلمين
489 - مسألة في استعمال الرجل الحناء هل هو جائز أم لا
أجاب رضي الله عنه أما في خضاب اللحية تغييرا للشيب فهو جائز وسنة واستعماله في غير ذلك ينظر فيه فإن كان عن حاجة تداويا به فهو

جائز وإن كان للزينة ولمثل ما يقصده النساء فهو غير جائز وفاعله لذلك يندرج في قبيل المتشبهين بالنساء الملعونين على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم والله أعلم
490 - مسألة في رجل له ملك ولزوجته قرية على شاطئ نهر والزوج مسؤول على مغلها والتصرف بها ولم يعلم أن ذلك بإذن منها أم لا ولا علم أن الزوجة منكرة لذلك ثم إن الزوج عمر على النهر طاحونا وسكرا وبيوتا لناعورة يسقي بمائها بعض أراضي تلك القرية وغرس في تلك الأراضي غراسا ولم يعلم أن بعض الطاحون من أرض القرية أم من قرار النهر ولا أن المال المصروف في هذه العمائر من ماله أو من مالها ولا أن تلك العمائر بإذنها أم لا ولا علم أن الزوجة منكرة لذلك ثم أن الزوج تصرف في القرية وفيما عمره واستولى على مغل جميع ذلك سنين من غير معارضة منها ولا من غيرها ولا منازعة ثم مات الزوج وخلف زوجته المذكورة وابنا وثلاث بنات منها ثم بقيت الزوجة بعده سنين وهي مستولية على هذه القرية والعمائر التي عمرها زوجها مدة حياتها من غير معارضة من أحد من أولادها فيها ولا منازعة ثم ماتت الزوجة المذكورة بعد أن أقرت في حال صحتها لابنها وبنتها الكبرى بهذه القرية والعمائر وتصرف الابن والبنت الكبرى في ذلك سنين من غير معارضة من البنتين المحرومتين ولا منازعة فهل يجوز لمن علم جميع ذلك أن يشهد للزوج بالملك في العمائر المذكورة ويشهد عليه باستيلائه على ملك الزوجة وهل يفرق في ذلك بين العلم بالمشاهدة أو الاستفاضة هل يجوز إن جازت الشهادة للزوج بالملك في العمائر أن يشهد بأن هاتين البنتين المحرومتين هذه القرية وعمائرها يستحقان من هذه العمائر كذا وكذا قدر نصيبهما من إرث أبيهما وأن حصتهما من ذلك في يد أخيهما وأختيهما أو ورثتهما على سبيل الغصب والتعدي حذرا

أن يعارض بينة الملك ببينة اليد والتصرف سنين وقد علم الشهود أن لا سبب لليد إلا ما علموه أولا ولم يعلموا سوى ذلك
أجاب رضي الله عنه ما كان من العمارة المذكورة واقعا في ملك الزوجة فلا تجوز الشهادة فيه بملك الزوج بناء على مجرد ما ذكر والحالة هذه ويلزم من ذلك أن لا يشهد باستيلائه في عمارته على ملك الزوجة إلا من حيث اليد المجردة ولايتها منها وممن مقامها ادعاء أجرة العمارة على الزوج مع ادعائهم أن العمارة للزوجة ثم إن للزوج اليد على العمارة إذا كان هو منشئها الجالب لأعيانها وآلتها وينبني على ذلك أنه إذا لم يقم بينة على أن الملك فيها لغيره فلا يمنع هو ولا ورثته من أن يتصرفوا فيها تصرف المالكين وتقسم بين ورثته أجمعين على فرائض الله تعالى إذا كانت يد الزوجة بعده سببها مجرد خلو يده عنها بموته وذلك لأن وإن لم نجوز الشهادة بالملك بناء على مجرد اليد فإنا لا نمنع صاحب اليد من تصرف المالكين ولا نمتنع عن الابتياع منه وإلا يهاب ونحو ذلك وإذا ادعى عليه خارجي من غير بينة صدقناه بيميته وحكمنا له بالملك بناء على اليمين مع اليد والله أعلم
491 - مسألة في ذوي عدل شهدا عند الحاكم على إقرار رجل أنه أعتق عبدا له حسبة فهل للحاكم أن يحكم على المعتق إذا كان غائبا أو ميتا أو حاضرا حسبة من غير أن يطلب العبد منه الحكم على المعتق بذلك أم لا فان كان له ذلك لو طلب العبد منه الحكم على ذلك وكان ميتا فهل يفتقر الحكم إلى يمين العبد المعتق أم لا
أجاب رضي الله عنه نعم يحكم عليه بالعتق حسبة غير متوقف على طلب العبد ولا يفتقر إلى يمين العبد والحالة هذه وإن طلب العبد

الحكم إذا لاحظ في حكمه جهة الحسبة معرضا فيه عن طلبه والله أعلم
492 - مسألة رجل له عشر دار شائع فأقر أن فلانا ملك عليه سهما شائعا من عشر أسهم هي جميع الدار وذكرها أو قال بعت فلانا سهما شائعا من عشرة هي جميع الدار وذكرها أبو قال وهبت له وسلمت إلى المقر له جميع السهم المذكور أو قال سلمت إلى البائع السهم المذكور أو الموهوب له فهل ينزل ذلك على ما يختص به دون ما هو مشاع أم لا
أجاب رضي الله عنه ينزل على ما اختص به على الأصح في الصورتين الأخيرتين وأما في الصورة الأولى فقطعا من غير خلاف من أجل قوله ملك عليه
493 - مسألة رجل أقام بينة على ميت بدين وحضر ورثته وسأل الحاكم الحكم على الميت والورثة سكوت عن طلب اليمين منكرون الدين فهل يحلفه الحاكم لأن الحكم على الميت أم يدع اليمين لأن الورثة لم يطلبوها
أجاب رضي الله عنه إن كانوا ممن يخفى عليهم أن لهم تحليفه فعلى الحاكم تعريفهم بذلك فإن سكتوا بعد ذلك عن التحليف قضى القاضي بالبينة من غير تحليف
494 - مسألة رجل له حق على ميت أقام به بينة وحكم الحاكم به ثم تقدم بمحضر يتضمن ملكا للميت فأراد أن يثبته ليبيعه في دينه فهل يجوز له ذلك أم لا يجوز إلا أن يوكله الوارث في اثباته
أجاب رضي الله عنه الأحسن القول بأن ذلك يجوز
495 - مسألة شاهد رأى خطه في كتاب وتحقق أنه خطه ولم

يذكر الشهادة فهل يجوز له أن يؤدي هذه الشهادة اعتمادا على خطه أم لا وهذا ان كانت الشهادة على حاكم من حكام المسلمين وتحقق أنه يحمل هذه الشهادة عليه غير أنه لم يعلم أن الكتاب قرىء على الحاكم بحضرته أو قرأه هو على الحاكم وقال له أشهد على بما نسب الي فيه أو أن الحاكم المذكور قال له أشهد علي بما نسب الي في هذا الكتاب من غير أن يقرأ عليه ولم يتحقق أحد الأقسام الثلاث فهل يجوز له أن يشهد
أجاب رضي الله عنه لا تجوز له الشهادة في الأول وتجوز في الثاني لأنه إنما يشهد على الحاكم بذلك وهو متحقق لإشهاد الحاكم على نفسه بذلك إذا كان الغالب ذلك في العرف وتردده المذكور تردد في صحه اشهاده وذلك أمر خارج فإذا أضاف الى شهادته عليه تردده المذكور في ذلك فقد أحسن ورد عهدة الأمر فيه إلى الحاكم الذي شهد عنده بإشهاد ذلك الحاكم الأول والله أعلم
496 - مسألة رجل توفي وأثبت رجل عند حاكم المسلمين أنه ابن عم أبيه لا حق حق نسبه بنسبه وحكم به الحاكم وسلم إليه تركة المتوفى ثم بعد ذلك بمدة ثلاث سنين شهد جماعة أنه ما هو ابن عمه إلا ابن خاله فهل تصح الشهادة الأولى أو الثانية
أجاب رضي الله عنه لا تصح الشهادة الثانية الواقعة على النفي من غير قيد يمكن الشاهد إدراكه بتا والله أعلم
497 - مسألة شخص بلغ وباع ملكا وشهدت بينة بأنه رشيد حالة البيع وقامت بينة أخرى بأنه عند البيع المذكور سفيه مبذر فهل يجوز للحاكم أن البيع المذكور اعتمادا على بينة الرشد المذكورة أم لا وهل تصح الشهادة له بالرشد ممن ليس خبيرا بباطن احواله

أجاب رضي الله عنه لا يصح هذا البيع المذكور ولا ينفذ بناء على بينة الرشد المذكورة فإن البينة الشاهدة بإنه كان حالة البيع سفيها بيبذر مقدمة عليها تقديم البينة الخارجة عن البينة المعد له وليست بينة الرشد ناقلة من التبذر وبينة التبذير مستصحبة له فتكون مرجوحة لذلك فإن بينة الرشد بمجردة إنما تنقل من يقتضي الرشد الذي لا تنحصر جهته في صفة التبذير فقد يكون بعدم التكليف أو بغيره وليس بلازم أن يكون ما شهده به من الرشد ناقلا من التبذير فقد تشهد به بناء على وجود التكليف وانتفاء التبذير والفسق من الاصل مستصحبه فيهما أصل العدم كما في مثله من التعديل وينبغي أن يكون ما ذكر من التعديل يقدم على الجرح في مثله هي ما إذا شهدت بينة بجرحه ثم انتقل إلى بلد آخر فشهدت بينة بعدالته قدمت لأنها طارئة بعد الجرح ينبغي أن يكون هذا مخصوصا بما إذا كان من عدله عالما بما جرى من جحره وإلا فقد تكون مستصحبة في ذلك أصل العدم ولا يقبل في الرشد إلا شهادة ذوي خبرة باطنة كما في العدالة
498 - مسألة شهد شاهد أن الحاكم الفلاني ثبت عنده تطليق فلان زوجته ثلاثا وعين الشاهد الزوجة وشهد آخر أنه ثبت عنده تطليق فلان زوجته بنت فلان ابن فلان من غير أن يذكر عدد الطلقات وشهدا على الحاكم المذكور بالحكم بذلك وأنه أشهدهما عليه بذلك لكن الشاهد الثاني لم يعين المرأة ولم يسمها بل ذكر نسبها واعترف الزوج بأن نسب المدعية ذلك فهل يلفق بين شهادتهما أو يثبت أصل الطلاق بهما
أجاب رضي الله عنه لا يلفقان وتأملت فاستخرت الله تعالى فكان الجواب أنه ينظر فإن كان من اختلفا من التعيين بالتشخيص والتعيين بالنسب قد نقلاه عن الحاكم الذي شهد عليه فشهد أحدهما أنه قال ثبت عندي تطليق

المذكور لهذه وشهد الآخر أنه قال ثبت عندي طلاقه لفلانة بنت فلان ابن فلان فلا يلفق والحال هذه بين شهادتيهما وإن لم ينقلا ذلك عن الحاكم لكن عين أحدهما المشهود لها بالتشخيص وعينها الآخر بالنسب على الوجه المذكور فيلفق والحالة هذه بين شهادتيهما وثبت أصل الطلاق فإن مردود التعيين متحد والاختلاف وقع في كيفية تعيينها ومثل ذلك لاي ينع من التلفيق وله نظائر محفوظة على ما فيها من اشتباه يحتاج إلى غوص والله أعلم
499 - مسألة ملك احتيج إلى بيعه على يتيم فقامت بينة بأن قيمته مائة وخمسون فباعه القيم على اليتيم بذلك وحكم الحاكم على البينة المذكورة بصحة البيع ثم قامت بينة أخرى بأن قيمته حينئذ مائتان فهل ينقض الحكم ويحكم بفساد البيع
أجاب رضي الله عنه بعد التمهل أياما وبعد الاستخارة أنه ينقض الحكم ووجهه أنه إنما حكم بناء منه على البينة السالمة عن المعاضة بالبينة التي هي مثلها أو أرجح وقد بان خلاف ذلك وتبيين إسناد ما يمنع من الحكم إلى حالة الحكم فهو كما قطع به صاحب المهذب من أنه لو حكم للخارج على صاحب اليد ببينة وانتزعت العين منه ثم أتى صاحب اليد ببينته فإن الحكم ينقض لمثل العلة المذكورة وهذا بخلاف ما لو رجع الشاهد بعد الحكم لأن قول الشاهد متعارض وليس أحد قوليه بأولى من الآمن وفي مسألة المهذب وجه حكاه صاحب التهذيب وغيره نطردها هنا والله أعلم
500 - مسألة إنسان في وسط ملكه طريق مشترك بينه وبين جماعة ينفذون فيه إلى أملاكهم فطالبوه بأنه يشهد على نفسه ويقر بحقوقهم فهل يجب عليه ذلك أم لا وإن لزمه ذلك فهل له أن يمتنع حتى يشهدوا على أنفسهم بالإقرار أم لا

أجاب رضي الله عنه أما الإقرار فواجب بنص القرآن العظيم قال الله تارك وتعالى كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم وشهادتهم على أنفسهم هي الإقرار وقد ذكر صاحب المهذب مستدلا بهذه الآية الكريمة أن الإقرار واجب عند الحاجة إليه على كل من عليه حق لآدمي أو لله تعالى لا يسقط بالشبهة كالزكاة ونحوها وإنما لا يجب الإقرار في الحدود وبعد هذا فوجوب الإشهاد على الإقرار يتلقى من أن الآية جمعت بين الشهادة على النفس التي هي الإقرار وبين الشهادة على الغير والمعنى أيضا يجمعهما فإن الإقرار حجة يجب عليه إظهارها كما أن الشهادة كذلك ثم قد علم أن الشاهد يجب عليه أداء شهادته على وجه يصير به حجة يعتمد عليه في إثبات الحق على من عليه فإنه يجب عليه أداؤها عند الحاكم إن استحضر عنده أو عند من يشهد على شهادته إذا لم يستحضر لمرضه ونحوه فكذلك الإقرار الواجب يجب عليه الإتيان به عند من يشهد عليه أو عند الحاكم إن أدعى عنده وهذا متقرر والله أعلم ولم استدل بوجوب الإشهاد على الحاكم فيما قد ثبت عنده فإنه قد يفرق بأن الحاكم متصد لإثبات الحجج وإظهار الحقوق وقوله سبحانه وتعالى ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه حجة ظاهرة في هذا فإن الإقرار شهادة على النفس والآية الأولى ناطقة بذلك فيندرج إذا تحت قوله تعالى ولا تكتموا الشهادة وهذا الذي ذكرته ينبغي أن يكون هو المعتمد ولا يصدنا عنه ما ذكره الإمام ابن الجويني في المذهب الكبير حيث يقول لو قال لمن عليه الدين إشهد على ديني فالذي قطع به الأصحاب أنه لا يلزمه ذلك قال وهذا لا أصل له ولا أعده من المذهب هذا قول الإمام ونحن قد وجدنا له أصلا قويا فلنعده من

المذهب فكأنه رأى أنه وثيقة فليلتحق بالوثيقتين الأخيرتين الرهن والكفيل فإنهما لا يلزمانه والفارق قائم عند التأمل والله أعلم
وقد ذكر في الرهن أن المرتهن يكلف الراهن عند قبضه المرهون للانتفاع والإشهاد كل يوم هذا في الوسيط مقطوعا به وإنما قلت أن يمتنع حتى يشهدوا أيضا على أنفسهم فانه لا يلزمه بالإقرار على وجه يضره ولو أقر أولا فربما أنكروه مشاركته إياهم مستمسكين باليد والله أعلم
501 - مسألة فيما يسألون عنه ويذكر وهو نص الشافعي رحمه الله تعالى على قبول شهادة الشريك لشريكه فهل هذا مخصوص بالمنقول وما لا يحتاج فيه إلى حدود أم يجوز في العقار حتى إذا شهد الشريك لشريكه حصة معينة في أرض محدودة وحدها تسمع شهادته بالملك وبالحدود أم لا تسمع لأنه إذا شهد بحدودها فهو على الحقيقة شهادة لنفسه بحصر الأرض المشهود بالحصة للشريك فيها ونفى ما يحيط بها من جوانبها الأربعة عنها وربما وقع نزاع بين المتجاورين في كل الحدود أو بعضها ما الحكم في ذلك مفصلا
أجاب رضي الله عنه تقبل شهادة الشريك لشريكه فإن اشتملت على شهادته لنفسه ردت في حق نفسه وقبلت في حق شريكه اذا صرنا إلى التبعيض في أمثال ذلك وكذلك يكون في المسألة المذكورة تقبل شهادته بالحصر في حق شريكه ولا تقبل في حق نفسه حتى لو نوزع بعد ذلك في الحدود لاحتاج إلى شهادة من غيره بالحدود على الجملة فإنما تقبل شهادته لشريكه ولم نقل تقبل شهادته لنفسه والله أعلم
502 - مسألة قرية موقوفة على طائفة ولهم ناظر منهم فاعترف

الناظر أن مكانا منها موقوف على مسجد ثم رجع وقسم مغل المكان على الموقوف عليهم فهل يجب الغرم عليه أو عليهم
أجاب رضي الله عنه لا يقبل إقرار الناظر عليهم من غير بينة وقبل في حقه وفي مقدار نصيبه من مغل ذلك المكان فيضمن المسجد ما يخصه من ذلك المغل ولا يغرم الباقي فإنه ليس كما إذا أقر لزيد ثم أقر لعمرو وحيث غرم على الأصح لأن هناك حال بإقراره الأول بين المقر ثانيا وبين المقر له وها هنا الحيلولة ليست من جهته فصار كما لو أقر بأن الدار التي في يد زيد لعمرو فإنه لا يغرم شيئا وهو مسطور ها هنا كذلك فإن اليد في الحقيقة لغير الناظر وإنما هو نائب عنهم
503 - مسألة دين معلوم على شخصين بينهما نصفان أقر في وثيقة مكتوب عليهما لشخص معين وضمن ذلك عنهما شخص معين وصورة إقراره بضمان ذلك في الوثيقة المذكورة وأقر بفهم ما ذكر ومعرفته وصدق عليه وكفل الدين المعين فيه وهو ألفا درهم ولأصلين يأمر كل واحد منهما له بذلك وبالرجوع به عليه كفالة صحيحة لازمة شرعية يؤخذ بذلك معهما ودونهما جميعا وفرادى ثم أن الشخص المقر له بالدين المذكور أقر في ظهر الوثيقة أنه لما داين المقرين المذكورين في باطنهما بالدين المذكور في باطنها إنما كانت مداينته إياهما من مال فلان ابن فلان دون مال نفسه بإذنه له في ذلك وأقر أنه لا حق له معه في ذلك ولا في شيء منه وصار كلما أوجبه إحكام باطنها وتوجيبه فهو لهذا المقر له دون ذلك المقر له وحضر المقر له وصدقه على ذلك ثم أن المقر له ثانيا أحضر الكفيل المذكور بين يدي حاكم من الحكام وادعى عليه ضمانه بالدين المعين المذكور فأجابه بأن بعض هذا الدين أوفاه إياه الأصيل فسأله الحاكم عن الباقي فقال أؤديه فألزمه الحاكم بأدائه اليه فأداه إليه وأقر القابض المذكور بوجوب الدفع إليه ومصير ذلك إليه مصيرا صحيحا برأت ذمة الدافع ووجب له به الرجوع على

الأصيل بمقتضى إذنه له في ذلك ثم ادعى هذا الكفيل أن له استرجاع ما أداه وادعى أن ضمانه للدين المذكور لم يكن صحيحا لأنه لم يعرف المضمون له الذي له الدين وقال إنما ضمنت الدين لغير هذا المدعي ولم يكن الدين له وضمان الدين لمن لا دين له فاسد فهل تسمع دعواه لذلك مع مناقضتها لما سبق من اعترافه من جهات متعددة نقيض ما أدعاه وهل يصح المستند الذي أسنده إليه وإفساد ضمانه المذكور وهل ينقض حكم الحاكم المذكور مع كونه يرى أن معرفة المضمون له ليست بشرط
أجاب رضي الله عنه ليس له استرجاع ما ادعاه وعليه أداء ما بقي من ذلك إن بقي ولا سبيل إلى نقض حكم الحاكم على الوجه المذكور ودعوى الضامن المذكور مردودة غير مسموعة والمستند الذي استند إليه فيما ادعاه فاسد أما أولا فلأنه ليس فيما جرى وذكر ما يجعل الواقعة المذكورة من صور عدم معرفته المضمون له التي قيل فيها بالإفساد على وجه دون معرفة وكيل المضمون له قائمة في ذلك قيام معرفة نفس المضمون له وأما ثانيا فلأنه قدر أنها كذلك فحكم الحاكم بشرطه بقطع الخلاف وتمنع على المخالف نقضه وهكذا قوله ضمنت الدين الذي لغير المدعي إلى آخر ما ذكر فاسد ليس بشيء فإن ضمانه لوكيل صاحب الدين بمنزلة ضمانه لنفسه فإنه يقوم مقامه وينوب منابه في ذلك وأمثاله من الأحكام وسواء في ذلك ذكر الموكل وأضاف إليه ذلك أو لم يذكره ولم يذكره ولم يضفه اليه لكن نواه وقصده وليس والحالة هذه نظائر كون صورة اللفظ ظاهرا منصرفة إلى الوكيل وهذا إشارة الى طرق من أمور محققة معلومة عند الفقهاء والله المستعان
هذه الواقعة قام فيها ابن عبد السلام وزعم أن الضمان فاسد

لأنه ضمن لمن لا دين له وشنع على وسعى في أخذ خطوط جماعة من المفتين على وفق ما وضح به خطه وكان القاضي النجم يناقض حكم القاضي الشمس وعنه أنه عزى المسألة إلى الحاوي فنظرت فيه فإذا الأمر فيه ليس كذلك والله أعلم
504 - مسألة شخص أبرأ شخصا إبراء مطلقا عاما وأقر بأنه لا حق له عليه على الإطلاق وكان له مقدار من الدبس أسلم فيه إليه وادعى أنه لم يعلم به حالة الإبراء أو لم يرده فما الحكم
أجاب رضي الله عنه بعد التثبيت أياما أنه يصدق بيمينه وذلك لأن هذا العموم منتشر الأفراد لا يدخل تحت الحصر والعد وغيبة بعضها عن الذهن ليس على خلاف الظاهر فإذا ادعى ذلك قبل منه مع اليمين فإن قلت فينبغي أن لا يحكم بعمومه ويلحق بالإقرار بالمجهول وحيث حكم بعمومه علم أن تناوله لجميع الأفراد هو الظاهر ويلزم من ذلك أن تكون دعواه عدم إرادة بعضها على خلاف الظاهر قلت نعم تناوله لجميعها هو الظاهر ولكن

الظاهر قد يترك هذه الدعوى في بعض المواضع وأن يعمل به عند عدمها ومن ذلك إذا قيل له أطلقت زوجتك فقال نعم طلقت حكم عليه بالطلاق إذا طلق ولم يدع خلاف ذلك فإن ادعى أنه كان طلقها في نكاح متقدم وكان لما قاله أصل قبل قوله فقيل قوله على خلاف الظاهر المعمول به عند الإطلاق وهذا الذي نحن بصدده من هذا والسبب فيه أن هذه الدعوى في ضمنها حجة يترك بمثلها ذلك الظاهر وكل دعوى هذا شأنها بترك الظاهر عند وجودها وهذا لأنه ادعى عدم العلم بالفرد المعين الذي ادعاه والأصل عدم علمه به فلا ظاهر يدل على علمه به فكان قوله مقبولا في عدم علمه ثم يلزم منه عدم تناول عموم إقراره له وقد وجدت على موافقة ما قررته نصا عن الشافعي رضي الله عنه ذكر صاحب روضة الحكام لو قال لا حق لي فيما في يد فلان ثم قال هذا العهد لم أعلم كونه في يده في وقت الإقرار صدق عند الشافعي رضي الله عنه ولا يصدق عن أبي حنيفة والله أعلم
علقت هذا بعد الإفتاء بما تقدم بزمان هو بعض ما كان فتحه الله تعالى في تقريره وينبغي أن لا يقبل الرجوع عن الإقرار في كل ذلك إلا إذا عنده بتأويل يقبل مثله كما في الصورة المذكورة والله أعلم
505 - مسألة شخص أقر أن هذا لازم صحيح على ولده فلان من غير ذلك لمن وقفه ولا وقت للإقرار ثم مات فأقام باقي الورثة بينه على اقرار المدعي للوقف بأنه تلقى الوقف من أبيه في مرض موته في تاريخ متقدم على تاريخ إقرار أبيه الموصوف أولا فهل يبطل ذلك بهذا ويترك إقرار الأب على هذا القيد المتقدم عليه
أجاب رضي الله عنه وقال أجاب في الاستفتاء جماعة من المشايخ الذين ماتوا وحادوا عن عين المستفتى عنه بأن فرضوا حالة أجابوا عنها فرارا من محل المغموض وكان جوابي بعد الاستخارة والتثبت أياما أن ذلك

المطلق يترك على هذا المقيد وهو هذا اللاحق بنظائره التي بها أنه لو قامت البينة على إقراره أن لفلان عليه ألفا وقامت بينة أخرى أنه قبض من فلان خمسمائه في شعبان وثلثمائة في رمضان ومائتين في شوال فإن ذلك المطلق يحمل على المقيد والحجة في ذلك أنه يحتمل أن يكون المطلق هو المقيد ويحتمل أن يكون غيره والأصل عدم غيره به وهذا شامل لما نحن فيه ولا يمنع من هذا قوله صحيح لازم نظرا إلى أنه غير موجود في المقيد بمرض الموت فتحصل المغايرة وذلك لأنه حين قال هذا لم يعلم أنه في مرض موته وإطلاق هذا كان جائزا له إلى الظاهر لا لكون قائل المطلق ليس قائل المقيد لأن المقيد هو المقر له فكان التقييد مقبولا لاحقا بالمقر به لكونه صاحب الحق ولا يكون المطلق إقرارا بانصاف المذكور بالوقفية والمقيد إقرارا بإنشاء الوقف لأن هذا لا يوجب مغايرة تمنع من تنزيل أحدهما على الآخر كما في النظير المقدم على أن قوله في المقيد تلقى الوقف المعني به ووصفه بالوقفية والله أعلم
أصل آخر وهو أن إقرار المدعي يثبت كون الإقرار المطلق صادرا من الأب في مرض موته وكون الوقف حدث في مرض الموت أيضا ويلزم من ذلك الحكم بأنه الواقف إذ لا يقدر زوال ملكه الى غيره ثم صدور الوقف من الغير كما لم يقدر مثله في مسألة الاستحقاق حيث يحكم برجوع المشتري على البائع بالثمن إذا قامت بينة مطلقة يكون المبيع مستحقا من غير إسناد منها للاستحقاق إلى يد البائع مع انه يحتمل أن يكون الاستحقاق تجدد في يد المشتري بأن يكون قد زال ملكه إلى غيره ثم غصبه منه لكن قلنا الأصل عدم هذا الزوال وانتقاء هذه الواسطة وهكذا كذلك والعلم عند الله تعالى
506 - مسألة شهدت بينة لقوم بأن هذا المكان مخلف عن مورثهم فلان وقامت بينة أخرى لقوم آخرين بأنه مخلف عن مورثهم يدا وتصرفا فحسب فأيهما يقدم

أجاب رضي الله عنه إذا شهدت البينة الأولى بملكية مورثهم تحليفا ميراثا ولم تشهد بينة الآخرين بملك مورثهم بل باليد فحسب فعلى منصوص الشافعي ظاهر مذهبه في أن البينة الشاهدة بملك الميت وتحليفه ميراثا يحكم بها على صاحب اليد المجردة كالشهادة بالملك الماضي يحكم ها هنا بينة الذين شهدت بينهم بملك مورثهم وتحليفه ميراثا والله أعلم
507 - مسألة إذا زكى أحد الشاهدين للآخر هل يقبل
أجاب رضي الله عنه الأظهر أنه لا يقبل وأفتيت بهذا مع وقوفي على قطع أبي عاصم العبادي بأنه يقبل ورأيت الحاقه بما إذا شهد أحدهما على شهادة الثاني وذلك يؤدي إلى الاكتفاء بالشاهد الواحد فإن قبول قول الشاهد الآخر يكون حينئذ على قوله وينبغي أن يكشف عن نص على هذا والله أعلم
508 - مسألة رجل أقر لرجل بدين معدوم وأقر المقر له أنه لا يستحق على المقر دينا ولا بقية من دين والإقرار أن جميعا في يوم واحد معين من غير أن يبين أيهما قبل فبأيهما يعمل وهل يمنع ذلك من المطالبة بالدين المذكور
أجاب رضي الله عنه يحكم ببينة الإقرار المثبتة فإنه ثبت به أصل شغل ذمته إذ لولاه لجعلنا إقرار المقر له تكذيبا للمقر ولا يصار إلى ذلك بالاحتمال واذا ثبت أصل الشغل والقول بتصديق الإقرارين معا فلا يصار الى تصديقهما بتقدير تأخر الإقرار النافي عن الإقرار المثبت بناء على احتمال طرأ أن البراءة والإسقاط فأن لا تترك أصل الشغل باحتمال تعقب المسقط فيتعين تصديقهما بتقدير وقوع الإقرار النافي قبل الإقرار المثبت وإذا ادعى المقر له هذا فذلك مقبول والله أعلم

509 - مسألة رجل أقر في مرض موته بأنه باع من ابنه فلان كذا وكذا وسماه وعينه وللميت ابن أخ فادعى أنه وارث الميت وأن الابن المذكور ليس ابن الميت وإنما هو ابن فلان وعينه ولد على فراشه وأقام بذلك بينة وفلان المذكور منكر لذلك والابن ايضا منكر ويعتزى الى البائع الميت فهل يقدح ذلك في اقرار الميت بثبوته وهل يحتاج إلى إقامة بينة تشهد بأنه لا وارث له وإذا أقامها على ذلك وأنه ولد على فراشه يحكم له بالإرث أم لا
أجاب رضي الله عنه قيام البينة بأنه ولد على فراش غير الميت يقدح في إقراره ويلحقه بصاحب الفراش وإن اتفق هو والمولود على إنكار ذلك من حيث أن الولد للفراش وكل ولد الحق بالفراش فلن ينتفي عنه إلا باللعان ودعوى ابن الأخ لذلك وبنيته مسموعتان وإن كان ذلك إثابتا للغير من كونه طريقا في دفع الخصم وابطالا لحجته ولهذا ساغ إقامة البينة على نسق بينة الخصم مع أنه ليس إثبات حق لمن أقامها ويستحق الملك المبتاع وإن انتفى نسبه نظرا إلى التعيين ولحملنا الوصف على ذلك على زعمه فإذا أقام الابن المقر به بينة أنه ولد على فراش الميت وإنه لا وارث له غيره فيحكم له بالإرث حينئذ ولا بد من اقامة البينة على أنه لا وارث له غيره على كل حال والله أعلم
ذكره الإمام رحمه الله في النهاية قريبا من آخر باب في آخر الكتاب الولد الذي ألحق بفراش النكاح لا يؤثر فيه قيافه ولا انتساب يخالف حكم الفراش بل لا ينتفي ولد ألحقه الفراش إلا باللعان قلت من جهة هذا أن النسب الثابت بالفراش ثبت أصله قهرا من غير توقف على رضى الولد والوالد فلا ينتفي بقولهما واجتماعهما على نفيه وكونه حقا له لا يوجب اعتبار قوله في نفيه كما أن الملك الثابت بالإرث فلا ينتفي بنفيه وإن كان حقا

له لما كان من أصل ثبوته قهريا وأما انتفاؤه باللعان فرخصه وهو حجة ضرورية أثبتها الشرع شاهدة بنفي الأسباب الباطلة والله أعلم
510 - مسألة رجل أقر لرجل في سنة عشرين بمائة درهم ثم قامت بينة بأنه أقر للمقر له الأول في سنة أحدى وعشرين بخمسين درهما وشهدت شهود بأن هذا الدين خارج عما أقر به في سنة عشرين ولم يقولوا لذلك المقر له فهل يكون هذا كافيا في التغاير بين هذين الدينين أفتى بعض هؤلاء بأنه كاف في التغاير
أجاب رضي الله عنه لا يكفي هذا في إثبات التغاير بينهما فقد يكون خارجا عما أقر به لغير ذلك المقر له في سنة عشرين ويصح لذلك اطلاق ذلك وإن لم يكن خارجا عما أقر به لذلك المقر به في سنة عشرين إذ لا عموم في هذا اللفظ أو ما ههنا جزئية لا عموم لها عندهم فإن أضاف مضيف إلى هذا مقدمة أخرى استصحابية لم يقدح بذلك في الجواب بأنه لا يكون هذا كافيا فإن الكفاية حينئذ تحصل بالمجموع أن حصلت وانتهض هذا معتمدا في إثبات التغاير وفي ذلك كلام وتفصيل بين أن يعلم ثم إقرار منه لغيره أو لا يعلمه
511 - مسألة قامت بينة أنه اشترى هذا من نائب بيت المال شراء صحيحا وقامت بينة أنه غصبه من بيت المال فأيتهما تقدم
أجاب رضي الله عنه تقدم بينة الشراء على بينة الغصب لأنها نافذة وتلك مبنية وقد حفظ أنها لو شهدت بأن هذا ملك فلان وشهدت أخرى بأن المدعي اشتراه منه قدمت بينة الشراء

512 - مسألة رجل بيده ملك لا منازع له فيه أقر أنه وقفه فلان عليه وعلى نسله ثم على جهة مؤيدة فهل يثبت الوقف
أجاب رضي الله عنه لا يثبت الوقف عليه بإقراره ذلك لأنه اعترف بالملك لغيره وادعى انتقاله عنه بطريق الوقف فهو كما لو قال صاحب اليد اشتريت هذا من فلان لم يثبت الملك له وإن كانت اليد له أما إذا قال هذا موقوف علي ولم يعين واقفا فينبغي أن يثبت ملك باليد لا سيما إذا قلنا الملك في الموقوف للموقوف عليه ودعوى ذلك على الإطلاق كدعوى صاحب اليد على الملك على الإطلاق وإن كان لا بد من متنقل منه إليه لكن يفرق المعين والمبهم
513 - مسألة شهادة الاستفاضة هل يثبت بها الوقف وإن ثبت فهل يثبت لها أن النظر لولد الوقف أم لا
أجاب رضي الله عنه يثبت بهذا وقف ولا يثبت أن فلانا وقف وأما النظر فلا يثبت بها إذا شهد به منفردا أو استقلالا وإن شهد به ذاكرا له في شهادته بأصل الوقف في معرض بيان شرط الوقف فالظاهر أنه يسمع لأنه يسمع إذا قبلنا شهادة الاستفاضة في الوقف شهادتهما بالوقف مشروطا فيه شروطه وذلك لأنه يرجع حاصله إلى بيان وصف الوقف وتعيين كيفية وذلك مسموع فإن تكلف متكلف رد هذا إلى مسألة الشهادة بالوقف على غير معين ورغم أنها لا تسمع بالاستفاضة وجها واحدا قلت هذا قول الشيخ أبي محمد والمحققون على ما حكاه ابنه سووا بين العام والمعين في إجراء الوجهين في الجمع والله أعلم

ومن كتاب الدعاوى والبينات
514 - مسألة رجل اشترى من رجل سهما شائعا من ملك وغاب البائع فأثبت المشتري أن الملك لم يزل ملك أبي البائع إلى أن مات وخلفه لورثته وأثبت حصرهم وأن البائع يخصه من الملك المذكور القدر المبيع فادعى أخو البائع أن أباه وهبه ذلك الملك جميعه هبة صحيحة مقبوضة وأثبت ذلك فادعى المشتري في غيبة البائع أن الأب رجع في الهبة المذكورة وأقام بذلك شاهد فهل تسمع دعواه في ذلك ويحلف مع شاهده أم لا
أجاب رضي الله عنه بل تسمع الدعوى منه في ذلك ويحلف مع شاهده هذا هو الظاهر فإنه يدعي ملكا لغيره منتقلا منه إليه فهو كالوارث فيما يدعيه من ملك لمورثه
515 - مسألة رجل بيده عقار يتصرف فيه مدة طويلة حضر خارجي وادعى عليه أنه يستحق تسليم العقار وأنه بيده غصبا وتعديا فأجاب ذو اليد بأنه ملكه وبيده وحقه ولا يستحق هذا المدعي تسليمه ولا تسليم شيء منه فأقام المدعي الخارج بينة شهدت أن زيدا أقر له بهذا العقار بتاريخ عينه سابق لتاريخ هذه الدعوى مثلا بعشرين سنة أو أقل أو أكثر وشهدت أن هذا العقار كان بيد المقر حاله إقراره له به ولم تزد في شهادتها على ذلك فهل ينتزع من يد المدعى عليه والحالة هذه بمجرد هذه الشهادة أم لا
أجاب رضي الله عنه يثبت له الملك بذلك وينتزع ذلك من يد المدعى عليه والمسألة مسطورة على ما فيها من عضوضن سطرها العبادي وغيره على نحو هذا والله أعلم

516 - مسألة رجل اشترى من آخر ملكا ولم يزل الملك في يد المشتري إلى أن توفي وخلفه من يستحق ميراثه ومات البائع وزوجته فادعى وارث البائع أن أباه مات وخلف الملك على وارثه فأثبت وارث المشتري أن الملك انتقل إليه عن أبيه وأن أباه اشتراه شراء صحيحا من والد المذكورين بكتاب شرعي ثم ادعى وارث البائع مرة ثانية أن أباه كان عوض زوجته بالملك عن صداقها وورثوها وأقاموا على ذلك بينة ويد وارث المشتري ثابتة على الملك وتحت تصرفه فهل تصح لهم دعواهم أم لا
أجاب رضي الله عنه لا تسمع دعوى وارث البائع على مناقضة دعواه المتقدمة فإن قرنها بتأويل يدفع المناقضة وكانت بينة المشتري وبينة التعويض مطلقتي التاريخ أو أحدهما تساقطتا وعمل باليد ويحكم بها لوارث المشتري
517 - مسألة ادعى شخص عينا في آخر أنها ملكه وهي في يده بغير حق وهو يستحق إخراجها من يده على ما هو شرط الدعوى فأنكر المدعى عليه فأحضر شاهدين شهدا أن المدعي اشترى العين المدعى بها من سنة من غير المدعى عليه وسلمها إليه فتسلمها ولم يزيدا على هذا فهل يحكم للمدعي بالعين بهذه الشهادة أم لا فان قالوا يحكم فلو قال الشاهدان تشهد أن هذه العين كانت ملك أبي المدعي ومات من سنة وانتقل إلى المدعي ولم يتعرضا للملك في الحال أيضا ولا وارث له غيره فهل يحكم له بها كما صورة الشراء أم لا فإن قالوا يحكم فلو جاء رجل إلى حاكم بعين وأدعى على غائب أن له عليه كذا أو أنه رهن منه هذه العين على هذا المبلغ وأقام شاهدين بالدين المدعى به على الغائب وأنه رهن منه هذه العين وصرف ثمنها إلى دينه فهل للحاكم ذلك بالشهادة المذكورة
أجاب رضي الله عنه نعم يحكم للمدعي بهذه البينة هكذا

قالوا والأصح أنه يحكم له في صورة الإرث المذكور ولا يجز واحدة من الصورتين على الخلاف فيما إذا شهدت البينة له بأنه ملكه أمس وهكذا يكفي في مسألة الرهن في الحكم له ما ذكره في هذا النوع اعتراض ليس هذا موضوع حله
518 - مسألة رجل خلف ملكا على ورثته فجاء رجل من خارج وادعى أن هذه الملك يختص ببيت المال وأنه كان في يد الموروث المتوفى على سبيل الغصب والتعدي وأقام بينة على ذلك فأقام الوارث المدعى عليه ببينة تشهد أن هذا المدعي ملك المدعى عليه واختصاصه وأن يده الثابتة عليه يد حق وأن يد المتوفى المورث كانت أيضا يد حق إلى أن توفي فهل تتعارض البينتان أو تقدم إحداهما وأيهما تقدم وهل إذا تعارضت يقدم صاحب اليد أم لا
أجاب رضي الله عنه إذا لم تزد بينة المدعي على أن يد المورث على سبيل الغصب والتعدي وأنه لبيت المال فبينة المدعى عليه صاحب اليد مقدمة والله أعلم
519 - مسألة رجل نافذ التصرف له دابة عادتها الضراوة برجلها أو يدها أو فمها فاستأجر أجيرا نافذ التصرف مدة معلومة لينقل له ماء وحطبا من موضع مباح معلوم عملا معلوما ولم يعلم الأجير بأنها ضاربة فأخذها الأجير ينقل عليها في غيبة المستأجر فجاء أجنبي وادعى أنها أتلفت وهي مع الأجير في غيبة المستأجر نفسا أو مالا فعلى من تتوجه الدعوى فإن توجهت على المستأجر فهل يحلف على القطع أو نفي العلم وعلى من يكون العزم
أجاب رضي الله عنه يدعي الأجير والحالة هذه وإذا ثبت ذلك

عليه وجب عليه الضمان ثم يرجع به على المالك لكونه غره حيث لم يعلمه مع كونه يعلم كونها معتادة لذلك وإن أنكر ذلك ولا بينة فعليه اليمين ويحلف على القطع لا على نفي العلم فإن فعل البهيمة المذكور منسوب إليه وفعل الغير إذا كان منسوبا إلى المدعى عليه حلف على البت والله أعلم
520 - مسألة رجل أثبت بأن المكان الفلاني طريق يختص به وشهد بذلك الشهود فجاء آخر وأثبت أنه طريق المسلمين غير مختص بذلك الرجل شهد له بذلك شهود فأي البينتين تقدم
أجاب رضي الله عنه إن كانت اليد للأول تختص بالتصرف فيه قدمت بينته وإن كانت للمسلمين بأن كانوا يسلكونه على العموم مدة من غير منازع قدمت البينة الثانية
521 - مسألة رجل في يده بيت فيه متاع يتصرف فجاء رجل إلى حاكم المسلمين وأحضر الرجل الذي في يده وادعى عليه أن متاع البيت وحدد البيت وذكر البلد الذي فيه البيت والحارة ملكه دون المدعي وأقام على ذلك بينة فهل يفتقر في الدعوى وفي قبول البينة إلى ذكر جميع المتاع ووصفه إذ المدعى به غائب أم لا يحتاج إلى ذكر ذلك لأنه محصور في البيت يمكن تسليمه عند الثبوت
أجاب رضي الله عنه لا تصح الدعوى وشهادة البينة فإن أضيف ذلك إلى إقرار من ينفذ إقراره صحت الدعوى والبينة وعمل به بشرطه
522 - مسألة رجل ابتاع من رجل شيئين في عقدين ثم مات البائع وأقام المشتري البينة على العقدين بعد الدعوى الصحيحة وطلب الحكم فهل يحكم له بيمين واحدة أم لا بد من يمين لكل عقد

أجاب رضي الله عنه إن تعددت الدعوى وإقامة البينة عليها تعددت اليمين وإن أقام البينة عليها دفعة واحدة اتخذت اليمين
523 - مسألة ادعى رجل أنه اشترى من رجل مبيعا معينا بثمن معلوم وأن مالكه باعه منه ذلك بالثمن المعين وتقابضا من الطرفين وشهد عند الحاكم بصورة العقد والقبض من الطرفين الجاري بين المتبايعين ذوا عدل وكان البائع ميتا أو غائبا فطلب المشتري من الحاكم أن يحكم له على البائع بذلك هل يفتقر في الحكم إلى يمين المشتري المعتبرة في الحكم على الميت قولا واحدا وعلى الغائب على أحد الوجهين أم لا فإن وجبت اليمين فما كيفيتها وأي فائدة لها ها هنا مع أن يمين الحكم إنما شرعت خوفا من إبراء أو حوالة أو اعتياض كما هو معروف في باب الديون وهل من فرق بين شهادة الشاهدين بحضور عقد البيع والقبض أو الشهادة على إقرار المتابعين في اليمين للحكم على البائع وهل لو شهدا على ميت بإبراء مدين عن دين وحكيا صورة الإبراء أو إقراره بالإبراء هل يفتقر في الحكم عليه إلى يمين المدين المدعي بالإبراء أم لا
أجاب رضي الله عنه نعم يفتقر ذلك إلى تلك اليمين خوفا من مفسد قارن العقد أو مزيل طرأ بعده ويكفي في كيفيتها أن يحلف أنه الآن مستحق لما ادعاه وكذلك يكفي مثله في سائر الصور من غير حاجة إلى تفصيل الأسباب ولا فرق في ذلك بين أن يشهدا على الإقرار أو بين أن يشهد على الإقرار أو بين أن يشهدا بصورة العقد وكذلك الإبراء
524 - مسألة أرض مملوكة لشخص وفيها غراس يتصرف فيه رجل آخر تصرف المالكين من غير منازع مدة مديدة فادعى صاحب الأرض أن الغراس ملكه وادعى المتصرف فيه أنه ملكه فهل القول

قول صاحب الأرض أو المتصرف وهل على صاحب الارض أن يبذل قيمة الغراس له أو يأخذه مجانا
أجاب رضي الله عنه إن القول في الغراس قول المتصرف فيه مع يمينه وليس لصاحب الارض أن يتملكه عليه بالقيمة من غير رضاه ثم أنه بعد ذلك ذكر لنا دليله وقرره بأن تصرف المتصرف راجح على كونه مثبتا للدوام أو في أرض الغير وشبه ذلك بالمسألة المسطورة وهي إذا تنازع صاحب السفل وصاحب العلو في سلم في السفل منصوب مثبت للدوام فالقول قول صاحب العلو لكونه المتصرف فيه بالصعود فيه وأن كان قراره من الأرض لغيره ولا يرد على هذا مسألة الحائط الذي هو بين ملكي شخصين إذا كان لأحدهما عليه جذوع فأن نجعله بينهما كما لو لم يكن لاحدهما عليه جذوع فلم يلتفت الى التصرف الحاصل فيه لصاحب الجذوع ونظرنا الى ما اقتضاه حال القرار من كونه بينهما أو في يديهما وهذا لأن الحائط قد كان موجودا قبل وضع الجذوع وحكمنا بكونه بينهما واستمر ذلك بعد وضع الجذوع ولأن الحائط بعد وضع الجذوع ينتفع به كل واحد منهما فإنه سترة للآخرين الذي لا جذوع له عليه بخلاف الغراس في هذه الواقعة والله أعلم وإنما قلنا أن صاحب الارض ليس له أن يتملك عليه الغراس بالقيمة لأنه يستحق إبقائه في ظاهر الحكم على الدوام والتملك إنما يكون في غير
ذلك كما إذا انقضت الاجارة والاعارة
525 - مسألة رجل توفي عن أولاد ذكور بالغين وعن عقار فباع واحد منهم قدر نصيبه بطريق الميراث من مشتر وغاب البائع وأثبت أحد الاخوة أن أباه وهب منهم جميع العقار المشار إليه وأقبضه أياه فحضر

المشتري لحصة الأخ البالغ عند الحاكم وأحضر معه الأخ الموهوب منه جميع العقار وادعى عليه أن والده رجع في الهبة جميعها رجوعا شرعيا عاد جميع العقار إلى ملكه فأنكر الموهوب منه رجوع الأب في الهبة فأقام المشتري شاهدا واحد عدلا شهد على الأب بالرجوع الصحيح الصريح الشرعي بعد تاريخ الهبة لمدة سنوات وأراد المشتري أن يحلف مع الشاهد بالرجوع على الرجوع ليثبت ذلك بالشاهد ويمينهمعه فهل يجب على الحاكم اجابته ويحلفه على ذلك ويثبت الرجوع بالشاهد ويمين المشتري لاحصة الاخ والبائع يومئذ غائب فوق مسافة القصر أو يخرج هذا على غرماء الميت وغرماء المفلس والخلاف فيها فأن خرج على الخلاف فيها فما الصحيح المختار في مسألة الرجوع الهبة المسؤول عنها أجاب رضي الله عنه الاظهر الأقوى أنه يحلف على الرجوع في الحصة المشتراة وهو في كل ذلك ملتحق بالوارث لا بالغريم في الصورتين لانه يثبت بأثبات الرجوع حقا لغيره وهو على تقدير ثبوته منتقل منه أليه كما
أن الوارث كذلك ولا كذلك الغريم
526 - مسألة ذكرها الشيخ أبوعلي في شرحة الكبير لمختصر المزني قال إذا شهد شاهد على إقرار رجل بحق ثم صار الشاهد حاكما فيه تلك البلدة فشهد على شهادته شاهدان ومضى صاحب الحق بهما إلى حاكم بلدة أخرى فادعى الحق وشهد له شاهد الفرع وحلف معهما لأن الحق مما يثبت بالشاهد واليمين وحكم له الحاكم بالحق مستوفيا بشرطه ثم أشهد عليه الشاهدين بالثبوت والحكم ونقلت القضية إلى الحاكم الشاهد الذي شهد بأصل الحق وأثبت عنده اشهاد الحاكم بما ثبت عنده وحكم به بين البلدتين مسافة العدوى أو فوق مسافة العدوى

قال الشيخ أبو علي يجوز للحاكم الذي كان شاهدا وقد ثبت أصل الحق بشهادة الفرعين على شهادته أن يثبت عنده ثبوت ذلك والحكم به عند الحاكم الثاني ولم يحك فيه خلافا وذكر بعده مسألة أخرى فقال إذا شهد شاهدان عند حاكم دمشق بحق فحكم به بشهادتهما قال فيجوز أن يشهدهما باغيا بهما حاكم دمشق بأنه حكم بالحق بشهادتهما ويتحملان هذه الشهادة عنه ويمضيا إلى حاكم مصر مثلا فإذا ادعى بالحق عنده فقالا أشهدنا حاكم دمشق أنه حكم بهذا الحق بشهادتنا قال يسمع ذلك وعلى حاكم مصر العمل بها إذا كانا عدلين عنده أيضا قال الأستاذ أبو الزيادي صح وجها واحدا وعلى هذا تفقهت وفقهت الناس بخراسان وما وراء النهر وقد ذكر عن الشيخ أبي علي هذه المسألة الثانية وذكر فيها وجهان فما المختار عندكم في ذلك كله
أجاب رضي الله عنه في المسألة الثانية خلاف وعن الاصطخري المنع من قبول شهادتهما وهو الأظهر الأقوى لأن أصل ثبوت الكتاب عند الحاكم الثاني يقع بشهادتهما مع تمكن التهمة منها وفي المسألة الماضية الصادرة من الحاكم الثاني ليس غير التقييد لحكم تم من غيره والعمل به وليس في ذلك إثبات ولا إنشاء حكم بقول منهم وقطع الأستاذ أبي طاهر الزيادي النيسابوري بالجواز في ذلك غير مرض والله أعلم
527 - شخص ادعى على شخص عند حاكم من حكام المسلمين أنه أبزأه من دين مبلغه كذا في تاريخ كذا فأجاب المدعي عليه

أنه لا يستحق عليه شيئا فأراد المدعي أن يقيم بينة على البراءة فهل تسمع هذه الدعوى ويترتب عليها إقامة البينة أم لا بد في الدعوى من ذكر استحقاق شيء يتوجه المطالبة به حتى ينتزع بالبينة واليمين
أجاب رضي الله عنه إذا كان له غرض في إثبات البراءة مع اعتراف خصمه بإنه لا يستحق عليه سيئا فتسمع دعواه وبينته عند من أجاز سماع مثل هذا لغرض التسجيل
528 - مسألة شخص ادعى على شخص آخر بملك فأنكر صحة دعواه واعترف أن الملك المدعى به ملك لبني ضميد فأثبت المدعي أنه من بني ضميد فهل يكون له نصيب في المال المدعي به بمقتضى اعتراف المدعى عليه أن الملك المشار إليه لبني ضميد أم لا وهل تكون البنات وأولاد البنات داخلين في هذا الاعتراف أم لا وضميد جد أبي الموجودين عند الاعتراف وهم حوالي خمسة عشر نفرا الذكور والأناث
أجاب رضي الله عنه لا يدخل في ذلك الإناث ويؤاخذ صاحب اليد باعترافه فيحكم به لبني ضميد لصلبه بينهم بالسوية ثم من بعدهم لورثتهم يتعاقب على نصيب كل واحد منهم ورثته ثم ورثة الورثة وهلم جرا إلا أن يظهر بالقرينة أن أراد ببني ضميد الذكور الموجودين من ذريته الآن عند اعترافه فيجعل بينهم بالتسوية والله أعلم
529 - مسألة رجل اشترى حصة في موضع من شخص وذكر البائع أن هذه الحصة ملكه وجوزه وأثبت المشتري بأنه كان البائع مالكا لهذه الحصة حين البيع وأيضا كان والد المشتري اشترى من هذا البائع حصته مشاعة في الموضع واعترف البائع بأن هذه الحصة ملكه وحوزه

وجميع حقه وأثبت المشتري الثاني أن الحصة المبيعة الثانية خارجة عما كان في يد المشتري في الموضع المذكور فاعتراف البائع في المبيع الآن بأن هذه الحصة جميعها له يقدح في البيع الثاني
أجاب رضي الله عنه إن تعرض في إثبات ملك البائع للحصة الثانية يكون ملكه فيها تجدد بعد تاريخ اعترافه الأول صح ذلك ولم يكن ذلك قادحا وإن لم يتعرض لذلك ونحوه كان ذلك قادحا ولم ينفعه إثبات المشتري
530 - مسألة رجل ادعى عليه أخ له بحصة من ملك في يده بطريق الإرث عن والدهما فأنكر المدعى عليه وطلب يمينه فامتنع فحلف الحاكم المدعي على ما ادعاه بعد نكول المدع عليه وحكم له فأحضر المدعى عليه بينة على إقرار أبيه أنه ملكه ومستحقه دون المدعي وسائر الناس وثبت ذلك عند الحاكم فهل يرفع الحكم الذي حكم به الحاكم بالمردود مردود شرعا
أجاب رضي الله عنه نعم يدفعه بشرطه والله أعلم
531 - مسألة رجل له زوجة ولأحدهما ملك فمات الزوج أولا وخلف ورثة ثم ماتت الزوجة وخلفت أيضا ورثة فأقام وارث الزوجة بينة أن المال للزوجة دون الزوج وأنها كانت مالكة حائزة ملكا شرعيا إلى حين ماتت وأقام وارث الزوج بينة أن الملك للزوج دون الزوجة إلى حين الموت وتركه لورثته وأنه في يد الزوجة وأنه بطريق الغصب والتعدي فهل تقدم بينة وارث الزوج على بينة وارث الزوجة أم لا
أجاب رضي الله عنه إذا ثبت بينة وارث الزوج بالملك ويكون

ذلك في يد الآخرين بطريق العصب من الزوج أو من ورثته قدمت بينتهم عند هذا القيد وهو كونه مغصوبا منهم والله أعلم
532 - مسألة رجل ادعى دارا في يد إنسان وأنها وقف عليه وأثبت أن الواقف لم يزل مالكه إلى حين الوقف فادعى ذو اليد أنه اشتراها من شخص وأنه مالك حائز وتاريخ الوقف أقدم من تاريخ الذي ادعى ذو اليد وأقام بينة وحكم له حاكم فادعى المدعي أنها في يده بطريق الغصب والتعدي فهل تقدم بينة الوقف أو بينة ذو اليد وإذا أثبت الوقف يحل لذي اليد سكناها أو أجارتها أم لا وهل تؤخذ منه أجرتها من حين اغتصابها إلى حين انتزعت منه وإذا مات الغاصب التي هي في يده تؤخذ الأجرة من ورثته أم لا وهل تجوز المصالحة على الوقف أم لا
أجاب رضي الله عنه تقدم بينة ذو اليد إذا لم يظهر أنها شهدت بناء على مجرد اليد فإن أثبت المدعي الخارج أن يد صاحب اليد غاصبة من يده صار هو صاحب اليد وقدمت بينته والله أعلم
533 - مسألة رجل اشترى من رجل ستة أسهم شائعة من أصل أربعة وعشرين سهما هي هي جميع الربع شائعا من جميع قطعة أرض معينة معروفة للمتبايعين بمدينة كذا بالجانب الشرقي منها وبالموضع الفلاني منها وحددها بحدود أربعة معينة بثمن معين ذكره وتقابضا من الطرفين بعد الرؤية والمعاينة كما جرت العادة وبقية الأرض لجماعة من الملاك معينين ثم بعد مدة وقع بين بقية الشركاء في قدر مالك واحد منهم فأقام المشتري بينة شهدت له بأنه مالك لجميع ثلاثة أسهم من أربعة وعشرين سهما هي وتصرفه ثم أقام شريكه بينة شهدت له بثلثي الأرض المعينة أن ذلك

ملكه وذلك ستة عشر سهما من أربعة وعشرين سهما ثم أقام شريك آخر ثالث بينة شهدت له بأنه مالك لجميع ثلاثة أسهم من أربعة وعشرين سهما هي ثمن جميع الأرض المعينة فاجتمع من ازدحام الشركاء المشار إليهم ومما أثبتوه خمسة وعشرين سهما بزيادة سهم وكأن السهام عالت بسهم بمقتضى ما شهدت به بيناتهم فهل يدخل النقص على الجميع جملة ويعطي المشتري ستة أسهم من خمسة وعشرين سهما ويعطي من ثبت له الثلثان ستة عشر سهما من خمسة وعشرين سهما ويعطي من ثبت له الثمن ثلاثة أسهم من خمسة وعشرين سهما أم لا فإن دخل النقص على الكل على نسبة أملاكهم فهل من فرق بين أن يكون ثبوت ملك كل الشركاء دفعة واحدة عند الحاكم في مجلس واحد أو يقال أنه إذا فرض أنه ثبت ملك البائع الربع في تاريخ ثم ثبت ملك الشريك الثاني للثلثين في تاريخ ثان والأرض تتسع لثلثين وربع فإذا حضر مدعي الثمن آخرا وادعى به فقال له قد ثبت لمدعي الربع والثلثين هذا القول ويجب على مدعي الثمن لتأخر ثبوت ملكه إقامة بينة تشهد بعد فإن يد مدعي الربع والثلثين على السهم الزائد على أربعة وعشرين سهما أم لا وما الحكم في هذه المسألة وما كيفية فصل هذه الخصومة وقسمة هذه الأملاك مع قبضها وعولها ثم إذا كان الحكم دخول النقص على جميع الشركاء من جملتهم المشتري فأراد أن يرد المبيع قائلا إنك بعتني منه ستة أسهم من جملة أربعة وعشرين سهما فقد عادت بالزحام ستة من جملة خمسة وعشرين سهما فهل له هذا أم لا
أجاب رضي الله عنه السهم الزائد قد وقع فيه التعارض فيرجع إلى الترجيح فإذا كان الأولان صاحبا يد على ما قامت به لهما بينتاهما فمدعي القراريط الثلاثة بعد ذلك مدعي للقيراط الثالث فيما بأيديهما فإذا لم تقم بينة على غصبهما لذلك منه رجحت بينتهما باليد واقتصرنا بالثلث على القراطين الفارغين وإن أقام بينة على غصبهما ذلك منه على قدر سهامهما ولا بد من هذا القيد وهو كون الغصب منه فقد صار الثالث صاحب اليد في ذلك

فيؤخذ له القيراط مما بأيديهما على قدر سهامهما والله أعلم
وإذا لم يكن ترجيح والمال في أيديهم فالقول قول مدعي الثلاثة ومدعي الستة على اليمين لأن يد كل واحد منهم على الثلث وينشأ من ذلك اختصاص مدعي الأكثر بالنقص ثم إنه لا أثر لتقديم إقامة البينة وتأخرها ومعلوم أنه إذا خرج بعض المبيع مستحقا فلمشتريه خيار الفسخ والله أعلم
534 - مسألة الوكيل في الخصومة إذا صدقه المدعي عليه في كونه وكيلا فهل تسمع دعواه لإثبات الحق وذكر السائل أن كلام صاحب الشامل يدل على أنها لا تسمع وإن صدقه يعني قول صاحب الشامل أن الذي يجيء على أصلنا أنه لا تسمع دعواه لأن الوكيل في الخصومة لا يصح أن يدعي قبل ثبوت وكالته قال السائل ما معناه لكنه لم يتعرض لأن ذلك كذلك فإن كان مقصوده إثبات الحق دون القبض فقد ذكر الأصحاب وجهين في سماع الدعوى التي يقصد بها إثبات الحق دون المطالبة به ويظهر أن هذا مثله ويتصل بهذا أن الوكيل لو أقام البينة على الوكالة والحالة هذه فهل تسمع مع تصديق المدعى عليه
أجاب رضي الله عنه أنه تسمع دعوى الوكيل هذه على المدعى عليه لأصل الحق دوما لإثباته عليه عليه محاكمة الوكيل في ذلك ومخاصمته لكن لا تسمع دعواه لهذا لأنه وإن ثبت الحق عليه فلا يلزمه تسليمه إلا على وجه برئه منه وتسليمه إلى الوكيل الذي لم يثبت على الموكل توكيله لا برئه منه فإنه إذا أنكر توكيله إياه والقول قوله مع يمينه وإذا حلف يثبت مطالبته لمن عليه الحق بحالها
535 - مسألة قامت بينة بأن فلانا توفي في شهر رمضان من

سنة ستة عشرة وستماية وأقام بعض الأولاد بينة بأنه أقر له بدار سنة سبع عشرة فأيتهما تقدم
أجاب رضي الله عنه يعمل بالبينة التي أثبتت موته في شهر رمضان سنة ستة عشر فإن الأخرى مستصحبة وهذه مغيرة فعندها زيادة علم وكونها أثبتت الإقرار سنة سبع عشرة ليس معارضا لذلك فإنه ليس فيه أكثر من أنها استصحبت الحياة وأثبتتها في التاريخ المتأخر ذاكره بعض أوصاف الأحياء فيصير كما لو شهدت إحداهما أنه مات في تاريخ متقدم وشهدت الأخرى أنه كان حيا بعد ذلك يأكل ويشرب فإنه لا يحصل بذلك مقابلة وتعارض فسواء اثباتها أصل الحياة فحسب وإثباتها أصل الحياة وشيئا من الصفات التابعة وليس هذا من قبيل ما إذا شهدت بينة إنه مات من مرضه الفلاني وبينة أنه برأ من ذلك المرض ومات من غيره فإن الصحيح أنهما يتعارضان والفارق ما أثبتته من ذلك البرء من فإنه أيضا نقل من الاستصحاب والله أعلم
536 - مسألة رجل اشترى من رجل حصة معلومة من دار بحقوقها ومرافقها وكمل ملك المشتري للدار بهذه الحصة ثم أن البائع لها ادعى أن لها حقا في قناة في الدار تصرف فيها أخباث موضع له تختص به فهل له ذلك مع التبايع المذكور
أجاب رضي الله عنه بيعه إياها بحقوقها لا يمنع من دعواه هذه فإن ذلك لا ينفي أصل الحق بل يعينه فحسب ولا يتوقف صحة دعواه على التلقي من المشتري غير أنها لا قبل من غير حجة فإذا أقام البينة على ذلك حكم بها وهذا ظاهر في الحصص المتلقاة من غيره لجواز ثبوت حق الأجر له بالنسبة إليها بالعقد المعتبر في مثله وليس فيما جرى ما يبطله وأما في الحصة المتلقاة منه فينبني على أن الملك الطارىء في العين لا ينفي ما تقدم

ثبوته من هذا الحق كما في مثله من المنفعة المستحقة بالأجارة وذلك هو المذهب الأظهر في ذلك وإنما انبنى على هذا الامتناع ذلك بناء على ما كان له من الملك في الحصة لكون ذلك يزول بزوال الملك والله أعلم
537 - مسألة هذا إذا أنكر صاحب الملك كون القناة جارية تحت ملكه وأراد المدعي الكشف من داخل الموقوف على ذلك يمكن أم لا
أجاب رضي الله عنه ليس له الكشف للتخريب بمجرد الدعوى بل على صاحب الملك المنكر اليمين لنفي ما ادعى استحقاقه من الكشف وهما كما عرف في العبد المدعي إذا لم يعترف المدعى عليه بأن في يده عبدا على الصفة المذكورة في الدعوى حتى يلزم إحضاره لأداء الشهادة على عينه فإن عليه اليمين على نفي ذلك والله أعلم
538 - مسألة رجل أثبت دينا على امرأة ميتة وادعى على زوجها أن لها عليه مهرا ولم يدع ذلك وارثها فهل تسمع دعواه
أجاب رضي الله عنه لا تسمع دعواه فإنه يدعي حقا لغيره غير منتقل منه إليه وغايته أنه إذا ثبت له فيه تعلق من غير أن يثبت هو له في عينه وذلك لا يوجب صحة الدعوى كما لو ادعت الزوجة دينا لزوجها فإنها لا تسمع وإن كان لو ثبت لتعلق لها به حق النفقة وقد تقرر لهذا أن الصحيح نص على أنه الصحيح صاحب البيان أن غرماء الميت والمفلس لا يحلفون مع الشاهد الواحد عند النكول وفي قولي ادعى حقا لغيره غير منتقل إليه احتراز مما إذا ادعى لمورثه دينا ومما إذا ادعى المشتري أن المبيع كان ملكا لبائعه حين باعه منه ثم أمر الدعوى أبعد من التحليف والله أعلم

539 - مسألة أقر في مرض موته وقف ملكا معينا على ابنته وهي وارثته مع ابن أخيه وبعد ابنته على جهات البر متصلة وأقر أن ذلك وقفه قبل مرضه في كمال أوصافه فنازعها ابن عمها وقد كانت اعترفت له بثلث المكان فهذا الإقرار باطل أو مقبول وهل يبطل فيما اعترفت فيه بالملك أم لا
أجاب رضي الله عنه لا يبطل هذا الإقرار في حق البطن الثاني وسائر البطون بل يثبت به الوقف بالإضافة الثانية ثم لا يكون حقهم في حكم الوقف المنقطع الابتداء حتى يكون على الخلاف فيه فإن إقراره مقبول فيهم بتمام وصفه الذي فيه لاتصال لانتفاء المبطل بالتشبه إليهم وأما في حق البطن الأول فحكمه أن المقر به يصرف مغله الآن إلى البنت فإنه إن كان للأمر في حقها على رأي من يصحح مثل هذا الإقرار فهي تستحق باعتبار كونها أقرب الناس إلى الواقف لكون أصل الوقف قد ثبت على الجملة على ما تقدم ذكره وليس له الآن مصير لحكم معين بحكم الوقف وعن شرطه لكوننا على هذا لم نصرف الإقرار بتعيينه ثبوته وإذا جهل مصرف الوقف صرف على الأصح إلى أقرب الناس إلى الواقف وهذه البنت هي الأقرب ثم لا يمنع من استحقاقها بهذه الجهة واعترافها بالمذكور فإنه لا يخدش وجه السبب المذكور والله أعلم
540 - مسألة شخصان بينهما ملك مشاع لكل واحد منهما اثنا عشر سهما فأقر أحدهما لأجنبي بأربعة أسهم من حصته ثم تقار الشريكان في مكتوب كتباه بينهما بأن جميع هذا الملك الثلث منة وهو ثمانية أسهم للذي أقر للأجنبي والباقي وهو الثلثان وهو ستة عشر سهما للشريك الآخر وبعد تقارهما بذلك معا ناقل الشريك المقر له بالثلثين شريكه الآخر في جملة

الثمانية الأسهم التي هي الثلث بملك كان له ثم بعد ذلك ادعى المقر له بالثلثين أن الأربعة التي سبق الإقرار بها للأجنبي داخلة في الثمانية أسهم فما الحكم في ذلك
وأجاب رضي الله عنه إذا خرجت الأسهم الأربعة من الاثنين وتفارهما يتضمن رد كل واحد منهما حقه أربعة أسهم من إقرار شريكه له من حيث أن إثباتها لأحدهما أيهما كان لا يجاء مع إثباتها لصاحبه الآخر فالمقر له بالثمانية قد رد منها أربعة بإقراره لشريكه بالستة عشر قد رد منها أربعة بإقراره لشريكه بالثمانية وعند هذا فلولا ما تعقب ذلك من المناقلة لكان هذا يوجب خروج أربعة أسهم من يد كل واحد منهما لا إن قلنا أن المردودة لا يقر في يدي كل واحد من المقر والمقر له فظاهر وإن قلنا أنه يقر في يد المقر فمساقه ها هنا بعيد التمانع الواقع أولا لارتداد أربعة إلى هذا لا يجاء مع ارتدادها إلى ذلك وكذا بالثلثين كما سبق ولا سبيل إلى تخصيص أحدهما مع التساوي فيتعين التسوية بينهما نفيا لكن لما وجدت المناقلة بعد ذلك مع اشتمالها على توافقهما على ملكه للثمانية وكان ذلك إقرارا ثانيا له بالثمانية من غير أن يعارضه رد ولا يسمع بعد ذلك دعوى الشريك الآخر بأن أربعة للأجنبي داخلة في الثمانية مناقضة إقراره السابق في ضمن المناقلة والله أعلم
541 - مسألة شخص غائب ثبت عليه دين فاعترف حاضر في يده عين بأنها للغائب فهل تباع بمجرد ذلك في إيفاء دينه يقع هذا كثيرا
أجاب رضي الله عنه تباع إذا طلب ذلك رب الدين من الحاكم ولا يتوقف على إثبات أنها ملك البايع ببينة فإن اليد انتقلت عن الحاضر باعترافه الى الغائب فيصير كشخص في يده دار مثلا غاب وثبت عليه دين فإنها تباع

في دينه ولو ادعى العين التي اعترف بها الحاضر مدع ولم يكن له بينة لم يمنع ذلك من بيعها على الغائب فإن الدعوى انتقلت إلى الغائب ولا تسمع الدعوى على الغائب إذا لم يكن للمدعي بينة فإن لم يمكن تحليف الغائب فلا فائدة في دعواه والله أعلم
542 - مسألة وردت من بعض فقهاء حماة في رجل صحيح التصرف أقر مدة عمره أنه من ولد العباس بن عبد المطلب وأنه ينتسب إليه بالبنوة وثبت عند حاكم اعترافه بذلك ثم مات وخلف ابنا فانتسب وهو جائز التصرف إلى موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم بالبنوة وأراد أن يدعي ذلك عند الحاكم الذي عنده إقرار أبيه بالنسبة المذكور أولا فهل تسمع دعواه بذلك ويثبت نسبه الثاني أولا تسمع لكونه مكذبا أصله الذي هو فرعه وهل يفترق الحال بين أن يكون الأب مشهور النسب إلى العباس من أولاده أو لا
أجاب رضي الله عنه بعد التثبت زمانا أنه لا تسمع والحالة هذه دعواه لذلك ولا بينته وسواء كان أبوه مشهورا نسبه إلى العباس رضي الله عنه أو لم يكن فإن أباه هو الأصل في نسبه وهو فرغ له فيه قد تقرر أن أباه لو كان حيا فكذبه لبطل انتساب فكذلك إذا اعترف بما يتضمن تكذيب ابنه ثم مات لما عرف من أن الأقوال لا تموت بموت أصحابها والمعروف أن كون الابن حاملا بذلك على أنه نسبا قد نفاه وانتفى عنه مانع من ثبوته قطع به صاحب المهذب والتهذيب وهما اللذان انتهى إليهما الاعتماد هذا في العراقيين وذلك في الخراسانين وذلك هو الرأي الصحيح الذي يوجبه التحقيق والله أعلم
543 - مسألة وردت من أذرعات في امرأة ماتت قبل زوجها

ولا وارث لها إلا زوجها وأولادها منه ثم توفي الزوج ولا وارث له غير أولاده المذكورين وخلف تركة وعليه ديون كثيرة فادعى ورثته أنهم يستحقون محاصة الغرماء بمهر أمهم وهو سبعون دينارا أدعوا أنها المهر المسمى ولا بينة لهم على كونها المهر المسمى لكنها متساوية مع مهر المثل والزوجية والدخول ثابتان فهل يثبت لهم والحالة هذه محاصة الغرماء بالمقدار المذكور أم لا
أجاب رضي الله عنه أنه يحاصونهم بثلاثة أرباع مهر المثل والربع يسقط عن الزوج بحق ميراثه من الزوجة وإنما حكمنا بمهر المثل ها هنا وان كنا لا نختار مذهب القاضي حسين في إيجاب مهر المثل فيما إذا كان النزاع بين الزوجة والزوج المعترف بأصل النكاح المنكر أصل المهر وإنما يختار التخالف والفرق بين المكانين أنه تعذرها هنا الوقوف على مقدار المسمى فإنه لا بينة ولا يمين والتحالف بين هؤلاء الورثة وبين متنازعيهم من الغرماء لا يجري فإن الغرماء ليسوا كالورثة في إقا متهم مقام الميت في ذلك فتعين الرد إلى مهر المثل كما في سائر المواضع التي وقع الرجوع فيها إلى مهر المثل حيث ثبت أصل المهر ولم يمكن الوقوف على مقداره وصفته ثم لا بد من يمينهم على استحقاق ما ادعوه والله أعلم
544 - مسألة رجل ادعى دينا على ميت وأقام بينة ثم وكل وكيلا وغاب هو إلى فوق مسافة القصر فطلب وكيله من وارث الميت إيفاء الدين مما في يده من التركة فقال الوارث حتى يحلف موكلك أنه ما قبض ولا أبرأ فهل يتوقف ذلك على حضور الموكل ويمينه أم لا يتوقف عليه لغيبته
أجاب رضي الله عنه لا يتوقف ذلك على يمين الموكل لكون الدعوى متعلقة بالوارث الذي ليس بغائب تعلقا جعل الاطلاق إليه حتى لو أعرض عن الإطلاق لم يتوقف الحكم عليه فصار ذلك كالحكم للغائب بطريق التوكيل على حاضر ادعى بعد قيام البينة إبراء الغائب او استيفاء وقد تقرر أن الحكم يمضي على الحاضر ولا يتوقف على حضور الغائب ويمينه والله أعلم

في الوسيط أنه إذا ادعى وكيل غائب على غائب لم يتوقف على الغائب
545 - مسألة في دار قامت البينة بأن مالكها رهنها من فلان في شهر ربيع الأول سنة سبع وستمائة وأقام الاخر بينة بأن أقر له بها سنة سبع ولم يذكر شهرا معينا
أجاب رضي الله عنه تتعارض البينتان بناء على القول الصحيح فإن صحة الرهن مانعة من صحة الإقرار ثم موجب التعارض على القول الأصح التساقط فلا يثبت إذا الرهن ولا الإقرار والله أعلم
أذا قلنا أن من رهن ثم أقر لغيره يقبل إقراره فتسلم الدار ها هنا الى المقر له ويبطل الرهن والله أعلم
546 - مسألة رجل ادعى أنه من ولد جعفر الطيار رضي الله عنه وأقام على ذلك بينة وأبوه حي فلم يدع ذلك فهل تسمع دعواه ويحكم ببينته أم لا
أجاب رضي الله عنه إذا كان المعتمد فيما يدعيه من النسب ما يقيمه من البينة فلا يتوقف الحكم بها على دعوى الأب ولا على تصديقه بخلاف ما إذا كان الاعتماد في إثبات النسب على إقرار الابن فإنه لا يقبل إقراره إلا بتصديق الأب إذا كان حيا على ما هو المسطور من حيث أنه إقرار عليه وليس قائما مقامه كما إذا مات وهذا لا يقدح في العمل بالبينة هذا ما ظهر والله أعلم
547 - مسألة رجل أقام بينة على أن هذه الأرض خلفها فلان لورثته وعينهم وأقام من هي في يده بينة أن هذه الأرض انتقلت إليه عن هؤلاء الورثة

بطريق الابتياع من غير تفصيل لحصصهم ولا تبيين فهل يكفيه ذلك ويحكم ببينته أم لا
أجاب رضي الله عنه بعد التوقف أياما أنه يحكم ببينة المدعى عليه ولا يقدح فيها عدم تفصيل الحصص وتكفي المعرفة بالجملة لا سيما إذا كانت بينته قد شهدت بالملك وإنما ذكرت الانتقال عن الورثة تعرضا منها للسبب
ولهذا أصول ونظائر محققة محفوظتان وأسأل الله سبحانه وتعالى العصمة والإنابة وهو أعلم إنما يقدح في صحة الدعوى جهالة تمنع من استيفاء المحكوم به وتوجيه المطالبة نحوه وذلك حيث يكون المدعي مجهولا مترددا أن يكون هذا وذاك أو هكذا أو كذلك أما إذا سلم المدعي من هذا أو كان محصورا بحاصر يضبطه
548 - مسألة قامت بينة أنه لا وراث لهذا الميت سوى فلان وفلان ثم قامت بينة أخرى لثالث بكونه وارثا فهل يحتاج إلى تجديد البينة بالحصر
أجاب رضي الله عنه أنه يحتاج إلى ذلك ومن الحجة أنه يطلب الثقة بتلك البينة فيما شهدت به من الحصر لتبين خطأيهما فيه لكن لا حاجة إلى البينة بإثبات ورثة الوارثين المعينين
549 - مسألة فيمن أقام بينة أن الملك الذي في يد فلان ملكه وحكم الحاكم بها له ولم تزل في يد المدعى عليه حتى مات وانتقل إلى أيدي ورثته فأقام المدعي بينة بالحكم المذكور وأقام الوارث بينة أن مورثه مات وهو ملكه وفي يده فبأيتهما يحكم
أجاب رضي الله عنه تقدم بينة الوارث ويحكم بها وإن ترجحت الأولى يحكم الحاكم وهو مرجح على أحد الوجهين لترجيح الثانية بالتنصيص

على إثبات الملك في وقت متأخر عما شهدت به الأولى ففيه اثبات للتجدد ولترجيحها باليد أيضا وإنما قلت على الاصح الخلاف الثاني في إلحاق بينة الوارث على الوجه المذكور بالبينة الشاهدة بالملك السابق والله أعلم
550 - مسألة رجل عليه دين فأقر به رب الدين لآخر فادعى عليه به فقال المدين تحلف لي أنك مستحق هذا الدين علي من وجه حق صحيح شرعي هل له ذلك أم لا وهل إذا امتنع من اليمن تبطل دعواه بذلك أم لا
أجاب رضي الله عنه إن كانت البينة شهدت بالإقرار فذلك صحيح الأصح وللمدعي عليه تحليفه على استحقاقه وإن كانت شهدت بالاستحقاق فإن ذلك المدعى عليه لدعواه مخلا نافيا لتكذيب البينة كان له تحليف المدعي ومن ذلك يقول إنما شهدت البينة باظاهر وفي الباطن مسقط لا مطلع عليه والله أعلم
551 - مسألة رجل ثبت له على غائب دين واعترف حاضر أن للغائب بيده مالا فهل للحاكم قضاء الدين منه من غير بينة تقوم على أنه ملك الغائب
أجاب رضي الله عنه نعم يؤاخذ به بإقراره ويصرف في قضاء دين الغائب المقر له مهما لم يكن إقراره مفيدا موصولا بما يمنع من ذلك ككونه رهنا لغيره معدلا في يده أو نحو هذا هذا هو الظاهر
وأود لو صادفته منقولا ومنقول في الوسيط وغيره أن صاحب اليد لو أقر بالعين للمدعى عليه أو قامت البينة بملك هل يلزمه التسليم قال القاضي يلزمه وقال الإمام وصاحبه الغزالي كيف يلزمه وقد يكون عنده رهنا أو أجارة فيلتفت على ما لو صرح بأنه في يدي بأجارة فالقول قوله

أو قول المالك فيه خلاف ولا يقال صدق هنا عملا باليد وإذا أقر أنه عنده بعدله رهنا للغير فهو إقرار على صاحب الملك ولا بد لمن أقر له لأنه يقال أن اقراره نقل اليد إلى من أقر له كما في مثله في الإقرار بأصل الملك وفي المسألة للبحث مجال والله أعلم
552 - مسألة امرأة حضر عندها شهود ليشهدوا عليها بإبراء قوم فقالت ما اشهد علي حتى آخذ الكتاب الفلاني فقيل لها اشهدي عليك واتركي الإشهاد عندك فإن حضر الكتاب المطلوب وإلا فلا تسلمي الإشهاد عليك إلى أحد ثم استنطقوها فقالت أشهدوا علي ففعلوا وتركوا الشهادة عندها فجاءتهم بعد ساعة فقالت لا تشهدوا علي بشيء فإن الكتاب المشروط ما حضر وطلب من الشهود آداء الشهادة في نسخة ثانية فهل تجوز لهم الشهادة عليها والحالة هذه
أجاب رضي الله عنه إذا كان هذا هو الذي وجد منها فلا يجوز لهم إن يشهدوا عليه بالإقرار لأن قولها اشهدوا علي قد ثبت أنه ليس بإقرار فإنه لو كتبت قباله بنفسه أو كتبها غيره أو كتبها على الأرض وقال اشهدوا علي بمضمونه لم يكن إقرارا وخالف أبو حنيفة رحمه الله فيما إذا كتب بنفسه وهذا مسطور في الإشراف على غوامض الحكومات وفي العدة للطبري ثم وقفت عليها بعض من يفتي بدمشق من أصحابنا فأرسل مستنكرا يذكر أن هذا خلاف ما في الوسيط فإن فيه إنه لو قال اشهدك علي بما في هذه القبالة وأنا عالم به فالأصح جواز الشهادة على إقراره بذلك فبينت أن تلك مسألة أخرى مباينة لهذه ففرق بين قوله اشهدك علي مضافا إلى نفسه وبين قوله اشهد على غير مضيف إلى نفسه شيئا والله أعلم
ثم ينبغي أنه اذا وجد ذلك ممن عرفه استعمال ذلك في الإقرار يجعل

إقرارا والله أعلم وفي البيان لأنه ليس في ذلك غير الإذن في الشهادة عليه ولا تعرض فيه للإقرار بالمكتوب فإذا كان ذلك كذلك في غير هذه الصورة فكيف في هذه الصورة مع ما فيها من القرينة المشعرة بأن المذكور فلم تسمح إلا أن يكتبوا في المكتوب شهادتهم من غير أن ينجز الإقراء وثبت الإقرار والله أعلم
553 - مسألة أرض يدعيها أربعة رجال فواحد يدعي أنه له ثلثيها وآخر يدعي أن له ربعها وآخر يدعي أن له ربعها وآخر يدعي أن له ثمنها وكل يدعي أن ذلك في يده على معنى أنه يكاتب الفلاح أنه أجره ذلك وسلمه إليه بأجرة معنية مدة معنية الأقارير كذلك على الأقارير فقد زادت الأرض أربعة قراريط هي قدر سدسها وتشاجروا لذلك مدة طويلة ثم اتفقوا كلهم على أن حضروا عند حاكم بلدهم وسألوه رفع أيديهم عن جميع الأرض وإثبات يده عليها وإيجاره للمدة التي يراها الحاكم وإيداع أجرتها إلى أن يثبت كل واحد منهم قدر ماله أو يصطلحوا فسلمها الحاكم إلى نائب له ورفع أيدي المدعين عنها بسؤالهم وسلمها إلى نائب له فأجرها النائب سنة واستخلص الأجرة وتركها في مودعة ثم أحضر مدعي الربع بينة عادلة شهدت بمحضر من بقية الشركاء أنه مالك الربع مشاعا مستحق له وإنه كان بيده وتصرفه فسلمه الحاكم إليه وأثبت يده عليه عند عدم المعارض وأقام هذا الربع بيده مدة سنتين يتصرف مالكه فيه حسب اختياره وبقيت ثلاثة أرباع الأرض في يد نائب الحاكم يؤجرها ويودع أجرتها إلى أن تقوم بينة لبقية الملاك بما يشهد به فحضرت بينة الملاك بعد سنتين من تسليم الربع إلى مالكه وأقام كل واحد منهم بينة فشهدت له بملكية ما كان يدعيه وأنه كان بيده وتصرفه كذلك فقال مالك الربع للحاكم قد سلمت إلى الربع الذي

قد ثبت أنه ملكي من سنتين وقد تصرفت فيه وهو ستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطا ويدي داخلة فيه وإذا ثبت ملكية بنية الشركاء لما ادعوه وصار مجموع الأرض ثمانية وعشرين قيراطا فيدخل على النقص وهم بالنسبة الي خارجيون فأما أن يدخل النقص على حصصهم فقط وأما أن تقوم لهم بينة بأن يدي على هذا الربع عارية عاصبة للقدر والزائد الذي تقتضيه القسمة فإنهم خارجون وأنا داخل فهل يجاب صاحب الربع إلى كلامه هذا ويدخل النقص على بقية الشركاء إن لم يشهد لهم بينة عادلة بأن يد صاحب الربع على القدر الزائد منه عارية أو يحتاج بقية الشركاء إلى أن يشهد لهم بينة بأن يد صاحب الربع عارية على القدر الزائد منه أو أن النقض يقع على الجميع من غير تكليف الباقين إقامة بينة على الغصب المشار إليه ولو فرضنا أن مدعي الثلثين قامت له بينة بأنه مالك لهما وأنه كان في يده بعد ثبوت الربع لمدعيه وتسليمه إليه المدة المشار إليها فسلم الحاكم الثلثين إلى مدعيه فقد وسعت الأرض الربع المتقدم والثلث المتأخر بقي منها قيراطان على تقدير عدم الرحمة فحضرالمدعي للثمن الثالث والمدعي للثمن الرابع وأراد إثبات ملكهما الذي يدعيانه وهو الربع لهما ولم تبق الأرض تسع لذلك فقامت لهم البينة بما ادعياه فهل يختص النقص بهما او يكلفان إقامة ببينة تشهد بأن يد صاحب الربع الأول وصاحب الثلثين عارية على القدر الزائد الذي تقيضيه المخاصمة لأنهما صارا دخلين بالنسبة الى المتأخرين أو يدخل النقص على الجميع
أجاب رضي الله عنه ليس الأمر في ذلك على ما زعم صاحب الربع المذكور إذا كان كل واحد منهم قد أقام البينة على الملك فيما ادعاه وأنه كان في يده إلى أن أزال الحاكم يده بل كل واحد منهم صاحب يد وبينة فيما ادعاه من غير ترجيح وليس تقدم صاحب الربع بالإثبات والتسليم والتصرف مرجحا مع تلاحقهم في إثبات مثل ذلك مستندا إلى وقت إثباته ما أثبته وما ذكر في الشامل فرع من هذا القبيل من ترجيح جانب جانب واحدهم

بأنه ليس ينازعه أحد من الباقين من حيث أن المكان قابل لما أدعياه معا لأن تنزله ها هنا فإن كل واحد من المتداعين بهذه المثابة فهم إذن متساوون والصحيح في ذلك التعارض والتساقط فتسقط الزيادة لعدم المثبت لها وتنقلب تلك الزيادة نقصا داخلا عليهم في مقادير ما ادعوا وشهدت به بيناتهم والله أعلم
554 - مسألة رجل أثبت أنه اشترى من زيد الغائب دارا بثمن معلوم معين وشهدت عند الحاكم بينة على إقرار المتبابعين بالتبايع والقبض من الطرفين وطلب المشتري من الحاكم الحكم على إقرار البائع الغائب فهل يسوغ الحكم عليه من غير يمين الحكم على الغائب أم لا بد من يمين فإن كان لا بد من يمين فكيف صورتها وكيفيتها وإن قلتم أنه لا بد من يمين فما الفرق بين هذا وبين لو ادعى أن الدين كان لزيد الغائب عندي أبرأني منه بعد أن ادعى عليه به وأقام على البراءة شاهدين وطلب من الحاكم أن يحكم به على إقرار زيد المبرىء الغائب فإنه يحكم له ولا حاجة إلى يمين قولا واحدا والحالة هذه
أجاب رضي الله عنه لا في ذلك من اليمين على القول الأصح في الباب ويجيء في كيفية اليمين الصفتان الجاريتان في سائر الباب الإجمال بأن يحلف أنه الآن يستحقه والتفصيل بأن يحلف بأنه لم يزل ملكه عن ذلك بشرط ولا إقالة ويذكر نحوهما من مزيلات الملك ومن الفرق بين ذلك وبين الإبراء أنه إذا وجد الإبراء وصح فلن يتعقبه ما يزيل حكمه فلم يحتج إلى يمين بنفي احتمال ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب

تم الكتاب بحمد الله تعالى وافق الفراغ من نسخة يوم الإثنين المبارك بعد صلاة العصر خامس عشر جمادى الآخرة عام إحدى وسبعين وسبع مائة بمدينة الصلت المحروسة على يد العبد الفقير إلى الله تعالى الراجي عفو ربه القدير المعترف بالذنب والتقصير محمد بن الفقير إلى الله تعالى يحيي الشافعي عاملهما الله تعالى بلطفه الخفي وغفر لهما ولطف بهما والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي نبي الرحمة وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما مباركا طيبا إلى يوم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل
وجاء في خاتمة النسخة
هذا ما علقت عنه من العبادي رحمه الله ورضي عنه ونفعه بها في داريه
الحمد لله حق حمده وصلواته على سيدنا محمد النبي الرؤوف الرحيم خير خلقه وآله وصحبه وسلم كتبها الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد بن المرتضى الشافعي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين بمنه وكرمه
حسبنا الله ونعم الوكيل

القسم الرابع
في المسائل الفقهية

مسائل ابن الصلاح
مسائل في الزكاة
555 - مسألة لو دفع الزكاة إلى صبي ليوصله إلى المستحق
قال إن عين المدفوع إليه جاز وإلا فلا
باب زكاة البقر
556 - السائل إذا وجب عليه مسنة في أربعين من البقر فأعطى تبيعين
قال المسائل رأيت لبعض أصحابنا أنه يجوز لأنه يجوز عن ستين فعن أربعين أولى ذكره أبو إسحق في المهذب أنه يجوز بلا خلاف لأنه لما جاز عن ستين بقر ففي أربعين أولى
قال شيخنا رضي الله عنه وعندي لا يجوز لأنه ينقص عن السن فلا ينجبر نقصان السن بزيادة العدد كما لو أخرج بنتي لبون عن إحدى وستين بدل الجذعة لا يجوز وإن كان يجوز إخراج بنتي لبون عن ست وسبعين

باب تعجيل الزكاة
557 - مسألة إذا عجل الزكاة ثم خرج المسكين عن الاستحقاق قبل الحول وقلنا يسترد وكانت قد حصلت منه الزوائد قال أصحابنا تلك الزوائد تقع للمسكين كالموهوب يرجع فيه الأب
قال رضي الله عنه وعندي فيه إشكال ينبغي أن يرجع بالزوائد المنفصلة لأنه إذا خرج عن الاستحقاق تبين أنه لم يملك كما لو أظهر أنه لم يكن مستحقا حالة الدفع النية فقلنا إنه يرجع بالزوائد المنفصلة بخلاف الموهوب فإنه لا يعدم الملك من قبل كما لو دفع إليه على ظن أن عليه دينا فلم يكن ولو عجل عن خمس وعشرين بنت مخاض ثم تلف عنها واحدة قبل الحول يسترد بنت المخاض وعليه أربع شياه فلو أراد أن يحسب بنت المخاض عن الزكاة على قولنا أن الواجب في خمس من الإبل خمس بعير حتى يجوز أن يخرج عن عشرين بعيرا وجب أن يجوز ولا يؤمر بأن يسترد ثم يعطي بخلاف ما لو عجل عن خمس وثلاثين بنت مخاض ثم نتجت واحدة قبل الحول حتى وجبت بنت لبون فقد صارت بنت المخاض في يد المسكين بنت لبون يسترد ثم يعطي ثانيا لأنه ظهر أن الواجب عليه بنت لبون وهو حين أعطى كانت بنت مخاض وأعطاه المخلص عن بنت اللبون لا يجوز وها هنا حين أعطى ظهران الواجب عليه أربع شياه وإعطاء بنت المخاض عنها يجوز على هذا الأقوال
558 - مسألة إذا عجل الزكاة ثم خرج الأخذ عن الاستحقاق وقلنا يسترد فإن كان قد تغيب في يد المسكين فعليه أرش النقصان معها فلو استرد على ظن أنها سليمة كانت فبان العيب يرجع بالعيب وكذلك لو باع شيئا ووجد المشتري به عيبا وقد تعيب في يده لا يمكنه الرد إلا

برضا البائع بل يأخذ الأرش ولو فسخ البيع بالعيب القديم ولم يعرف البائع بحدوث العيب ثم ظهر عليه لم يكن له فسخ الرد لأن الفسخ لا يقبل الفسخ بل يرجع بالأرش كما لو تقابيا ثم ظهر البائع على عيب حدث في يد المشتري إن قلنا الإقالة فسخ لا رد له وإن قلنا بيع يرده بالعيب ويحتمل أن يقال في مسألة الفسخ بعد حدوث العيب أن يفسخ الرد وهو الأصح إذا لم يرض به البائع
559 - مسألة قال رضي الله عنه ولو عجل عن خمس وثلاثين بنت مخاض ثم نتجت في الحول واحدة وكانت بنت المخاض قد بلغت في يد المسكين قال يحتمل أن يقال عليه إخراج بنت مخاض ولا يجب عليه بنت اللبون لأن إيجاب بنت اللبون إنما يكون بتقدم بقاء ما تلف في يد المسكين وإنما يجعل التآلف في يد المسكين في حكم الباقي إذا كنا نحسبه من الزكاة لأنه حينئذ يكون الواجب عليه بنت اللبون إذا ثبت أنا لا نحسبه عن الزكاة فلا نجعل التآلف كالباقي وإذا لم نجعل التآلف فيصير كأنه تلفت واحدة من خمس وثلاثين قبل الحول وجعلت واحدة فلا يكون فيها إلا بنت مخاض ولا يمكنه أن يجعل بنت المخاض المخرجة محسوبة لأنا لو جعلناها محسوبة جعلناها كالقائم ولو جعلناها كالقائم كان الواجب عليه بنت اللبون بخلاف ما لو تلفت واحدة في يد المالك لا يجب بنت مخاض أخرى لأنا لا نحتاج إلى أن نجعلها كالباقية والمعجل إذا تلف يحتاج إلى أن نجعله كالباقي في حق الحسبان عن الزكاة قال وهذا احتمال والصحيح أن يقال المخرج كالقائم وعليه بنت لبون كما لو زاد واحدة لأن المخرج يجعل كالقائم في ملك المالك وإن كانت تالفة إذا لم يكن تغير حال الدافع والمدفوع إليه
560 - مسألة إذا مات وعليه دين قال لا يجوز صرف الزكاة إلى

دينه إذا كان قد مات معسرا كما لا يجوز في حياته دون إذنه والله أعلم
561 - مسألة سئل رضي الله عنه إذا كان عليه دين يزيد على يساره هل يجوز أن يتصدق تطوعا فيه
قال يجوز والأولى أن لا يفعل ويصرف المال إلى دينه لأن أداءه واجب عليه وفي المهذب أنه لا يجوز
562 - مسألة من عليه الزكاة والكفارة إذا بعث الكفارة أو الزكاة على يد صبي إلى الفقير
قال رضي الله عنه يجوز التمليك من الباعث لا من الحامل وحمل الحامل أمارة وعلامة للتمليك كما لو كتب إليه كتابا

باب الخلطة
563 - مسألة قال رأيت إذا كان له ثمانون شاة فبعد مضي ستة أشهر باع منها أربعين ولم يعين فإذا مضت ستة أشهر من يوم البيع على البائع شاة ثم إذا تم حول فالمشتري عليه نصف شاة ثم بعده على البائع نصف شاة إذا تم نصف حول الآخر
قال شيخنا رضي الله عنه وجب أن لا يحب على البائع في الحول الأول أيضا إلا نصف شاة لأن جميع ماله كان يختلط بالأربعين في جميع الحول بخلاف ما لو كان شريكه ذميا فأسلم في خلال الحول يبتدأ له الحول من الآن وعلى شريكه إذا تم حوله شاة لأنه كان في حكم الانفراد
باب النية
564 - مسألة إذا امتنع رجل عن أداء الزكاة أخذه السلطان قهرا

قال شيخنا الإمام رضي الله عنه لا فرق بين الأموال الظاهرة والباطنة إذا قال رب المال لا اؤدي أما إذا قال أنا أؤدي غير أنه يوخر هل للسلطان أخذه قهرا قال ليس له في المال الباطن أما في الظاهر إن أوجبنا الدفع إليه أخذه قهرا وإلا فلا
565 - مسألة إذا أخرج زكاة ماله الغائب فقال هذا عن زكاة مالي الغائب إن كان قائما فإن كان تالفا يقع عن التطوع لا الوجوب وقوله إن كان قائما يرجع إلى وقوعه عن الغرض لا إلى أنه إن لم يكن قائما يرجع فإن قيد فقال إن لم يكن قائما أرجع حينئذ له الرجوع إن كان تالفا وكذلك في العتق إذا قال أعتقت هذا عن كفارتي إن جازت فإن لم تجز لعيب بها يعتق تطوعا وقوله إن جازت يرجع إلى وقوعه عن الكفارة إلى أصل العتق وإن قال فإن لم يجز فليس بحر فحينئذ إن لم يجز لم يعتق ولو أراد بقوله إن جازت شرطا الأصل نفوذ العتق ولأجل أن يكون صدقة فله الرجوع

باب زكاة الثمار
566 - مسألة حائط نصفه مملوك ونصفه موقوف هل يحب العشر على صاحب الملك في ثمره
قال إن بلغ نصابا يجب وإن لم يبلغ إن كان الموقوف عليه جماعة معينين يجب إذا كان في مجموع الحائط نصابا للخلطة وإن كان وقفا على غير متعين مثل الفقراء والمسجد ونحوه فلا يجب لأن الخلطة إنما تثبت أيضا مع متعين وهنا غير متعين كما قال أصحابنا إذا ملك أربعين من الغنم ثلاث

سنين لم يؤد زكاتها وقلنا الزكاة تتعلق بالعين فيجب للحول الأول شاة لوجود الأربعين ولا يجب بعده لأن النصاب ينتقص باستحقاق المساكين حيث إن النصاب انتقص بواحدة فأصبح العدد أقل من النصاب الذي بدفع عنه الزكاة فلم توجب الخلطة بينه وبين المساكين إذا باع حائطا قد وجب فيه العشر بأن قال بعتك إلا العشر جاز وإلا قدر الزكاة
567 - مسألة ولو ملك أربعين من الغنم كلها أمراض إلا واحدة فقال بعتك إلا تلك الواحدة بعد ما وجب الزكاة لا يصح على قولنا إن الزكاة تتعلق بالعين لأن تلك الواحدة غير متعينة للزكاة حتى يقال حق المساكين في كلها شائعا ولكنه معلوم بالجزئية فجاز الاستثناء والبيع
568 - مسألة الحائط الموقوف إذا أثمرت نخيله هل يجب فيه العشر قال إن كان موقوفا على جماعة متعينين يجب إن بلغ نصابا وإن كان موقوفا على مسجد أو رباط أو على جماعة غير معينين لا يجب لأن دفع الزكاة عن مجهول لا يصح قال فإن اشترى رجل ثمرته قبل بدو الصلاح فبدأ الصلاح عنده يجب العشر على المشتري

باب زكاة الزرع
569 - مسألة إذا غصب أرضا وزرع فيها للمالك قلعها مجانا وإن كان بعد اشتداد الحب فإن لم يقلع حتى حصد يجب العشر على الزارع لأن الزرع له وإن قلع بعد اشتداد الحب قبل أن يبلغ الحصاد فلا شيء على الغاصب لأنه قد تلف قبل الإمكان وفيه ما فيه

-

كتاب الصوم والاعتكاف
570 - مسألة لو نذر اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان يلزمه أن يدخل المعتكف ليلة الحادي والعشرين فإن خرج الشهر ناقصا لا يلزمه إلا ذلك كما لو نذر صوم العشر الأولى من ذي الحجة قال لا يلزمه إلا تسعة أيام ولو نذر صوم عشرة أيام من آخر شهر رمضان فدخل ليلة الحادي والعشرين وخرج ناقصا عليه أن يتم عشرا من أول شوال ولو نذر صوم عشرة أيام من أول ذي الحجة ينبغي أن يقال يصوم يوما بعد مضي أيام التشريق لأنه من أول الشهر
571 - مسألة إذا اشتبه عليه شهر رمضان وصام شهرا بالاجتهاد إن وافق بعد رمضان صح صومه وإن وافق قبله فقولان الأصح أن لا يصح قال ولو وافق رمضان السنة الثانية صح صومه عن رمضان السنة الثانية لأنه نوى فرض الوقت كما لو نوى الصلاة لفرض الوقت وأخطأ في اليوم لا يضر وبمثله لو كان عليه قضاء رمضان فاجتهد في الشهور فوافق قضاؤه في السنة الثانية لا يصح لا عن القضاء ولا عن ذلك الشهر لأنه لم يصمه بنية فرض الوقت بل صام عن القضاء ولا يصح صوم شهر رمضان وفيه ما فيه عن القضاء والله أعلم
وعلى هذا لو نذر صوم يوم الاثنين فاشتبه عليه اليوم فاجتهد فوافق يوما بعده صح وقبله لا على الأصح ولو فاته صوم من الأثانين فاجتهد لصومه فوقع من يوم اثنين بعده على هذا القياس لا يصح عن واحد

572 - مسألة من مات وفي ذمته صوم يطعم عنه وارثه وفي قول يصام عنه في قول ومن مات وفي ذمته صلاة كان يفتي على مذهب أبي حنيفة أن يطعم عن كل صلاة مدين من حنطة فيكون عن صلوات شهر مائتان من حنطة وكان يختار في جميع الكفارات مدين لكل مسكين لحديث كعب بن عجرة
573 - مسألة قالوا إذا لمسها فوق خمارها فأنزل لا يبطل بالإنزال وإن لمس شعرها فأنزل إن قلنا بمس الشعر ينتقض وضوءه يبطل صومه وإلا فلا
وقال شيخنا الإمام رضي الله عنه وعندي إذا لمس شعرها فأنزل يفسد صومه بخلاف نقض الوضوء بلمسه
574 - مسألة سئل رضي الله عنه عن المبسور إذا كان صائما فخرج دبره فرده بأصبعه هل يبطل صومه
قال وجهان أصحهما أنه لا يبطل
575 - مسألة إذا قال لله علي أن أعتكف صائما وقلنا يخرج عن مطلق نذر الاعتكاف باعتكاف ساعة فأصبح صائما واعتكف ثم في آخر النهار خرج عن المعتكف وأفطر هل يخرج عن نذره قال لا ولو قال لله علي أن أعتكف مصليا وقلنا لا يجوز إفراد أحدهما عن الآخر قال يجزئه أن يصلي في المعتكف ركعتين

-

كتاب الحج
576 - مسألة إذا نذر المعضوب أن يحج بنفسه لا ينعقد قال إذا نذر الصحيح أن يحج بماله وجب أن ينعقد بخلاف المعضوب لأن المعضوب وقع اليأس عن حجه بنفسه فلم ينعقد نذره فلم يقع للصحيح اليأس عن أن يحج بماله بعضب أو موت فإذا عجز حج بماله نظيره المريض الذي لا يمكنه أن يحج بنفسه لكن مرضه مرجو الزوال نذر أن يحج بنفسه ينعقد ثم إذا صح حج بنفسه ولو أن المعضوب نذر أن يحج بنفسه وقلنا لا ينعقد فبرأ قال وجب أن يلزمه الحج لأنه بان أنه لم يكن ميئوس الزوال ويمكن بناؤه على المعضوب إذا حج عن نفسه حجة الإسلام ثم برأ هل يحسب
قولان إن قلنا ثم يحسب ينعقد نذره ها هنا وإن قلنا لا يحسب هاهنا لا ينعقد نذره ولو نذر غير المعضوب أن يحج بنفسه فعجز حج عنه بماله سواء كان عجزه بموت أو عضب
577 - مسألة إذا أوصى وقال احجوا عني فلانا في حج التطوع وجوزنا الوصية
قال القاضي الإمام إن كان وارثا لا يعطى إليه شيء لأن الوصية للوارث لا تصح قال الشيخ الإمام رضي الله عنه وينبغي أن يقال يجوز لأن الوارث لا يأخذه تبرعا إنما يأخذه بمقابلة عمله كما لو قال اشتروا عبدا وأعتقوه يجوز أن يشتري لأن الوارث يأخذ المال مقابله العبد ويمكن أن يفرق بينهما بأن بذل المال في الحج تبرع من المورث يعود إلى الوارث وبذل المال في مقابلة العبد ليس بتبرع وإنما الإعتاق هو التبرع وهو لا يعود إلى الوارث وفي الحج يعود إليه فافترقا

578 - مسألة يجوز الحج عن الميت الأجنبي وإن لم يوص به
قال الشيخ لو أن رجلا اجنبيا اشترى رجلا ليحج عن ميت حج الفرض يجوز لأنه كما يجوز أن يحج عن الميت بنفسه يجوز أن يحج بماله وإن لم يوص به الميت ولو استأجر الوصي رجلا ليحج عن ميت فمرض الأجير في الطريق فاستأجر رجلا ليحج عن الميت يصح وتكون أجرته على الأجير الأول ولا شيء له على الوصي أما الأول فلا يستحق الأجرة على الوصي إن كان قد استأجر لأنه لا يجوز أن يثبت للغير فيكون بالاستئجار متبديا وإن كان ألزم ذمته يستحق
579 - مسألة إذا وقع على بدن المحرم شعرة أجنبية فعلقت فنتفها لا فدية عليه أو حلق الحلاق رأسه فوقعت شعرة من رأسه على موضع آخر من بدنه فعلقت ثم نتفها بعد الإحرام لا فدية لأنه مستحق النتف
580 - مسألة إذا ترك الحاج رمي يوم من أيام التشريق يقضي في اليوم الثاني ويجوز القضاء ليلا ونهارا بعد الزوال وقبله أما رعاة الإبل وأهل سقاية الحاج يجوز لهم أن يدعوا رمي يوم ويقضوا في اليوم الثاني بعد الزوال فلو قضوا بالليل أو قبل الزوال قال لا يجوز لأنه رخص لهم في ترك الرمي فيكون قضاؤه في وقته من اليوم الثاني والتارك الذي لم يرخص له فيه فله أن يقضي متى شاء كمن فاتته صلوات قضاها في أي وقت شاء أما إذا أخر الظهر ليجمع بينهما وبين العصر بعذر السفر فيكون مع العصر في وقته
581 - مسألة المحرم إذا رمى سهما إلى صيد فتحلل ثم أصابه يضمن وكذلك لو رمى حلال إلى صيد فأحرم ثم أصابه لأنه في أحد الطرفين محرم كما لو رمى سهما من الحرم إلى صيد غب الحل إلى صيد في الحرم فأصابه يضمن
582 - مسألة ولو نصب شبكة أو حفر بئر عدوان وهو محرم فوقع فيها صيد بعد ما تحلل قال يجب الجزاء لأن حالة الحفر كان متعديا في حق

الصيد وعكسه لو نصب أو حفر وهو حلال ثم أحرم ثم وقع فيها صيد لا يضمن لأنه حين حفر لم يكن متعديا في حق الصيد كما لو حفر بئر عدوان في الحرم ثم خرج الى الحل فوقع فيها صيد ضمن ولو حفر في الحل ثم دخل الحرم ثم وقع فيها صيد لم يضمن وليس كرمي السهم لأنه مباشرة قبل وحفر البئر تسبب وكذلك قلنا لو رمي سهما إلى إنسان والإرسال ضعيف فقوته الريح يضمن لأنه بالرمي مباشر ولو حفر بئر عدوان فألقت الريح إنسانا فيها لم يضمن والله أعلم

كتاب البيوع
583 - مسألة قال الشيخ الإمام رضي الله عنه اختياري أن المعاملة بالدراهم جائزة وإذا باع بدراهم مطلقة ينصرف إلى نقد البلد وإن كان مغشوشا
584 - مسألة إذا باع بوزن عشرة دراهم نقره ولم يبين بأنها مضروبة أو تبر قال رضي الله عنه لا يصح البيع لأنه لم يعين ثمنا فصار كما إذا كان في البلد نقود مختلفة فأطلق ولم يبين أحدها
585 - مسألة إذا باع شيئا في مجلس العقد ليشتري بثمنه شيئا آخر
قال شيخنا رضي الله عنه يجوز ويكون إجازة للعقد وإسقاطا للخيار وإن اشترى ببعض الثمن فهو كما أجاز العقد في بعض المبيع قال رضي الله عنه وجب أن يجوز ثم لهما الفسخ في الباقي لأنه تفريق بالتراضي فيصير كما لو فسخا العقد في بعض المبيع بالتراضي
586 - مسألة إذا قال بعتك هذا بكذا فقال المشتري اشتريت ولم يسمع البائع كلامه هل ينعقد البيع قال شيخنا رضي الله عنه إن قاله بحيث

يسمعه من يقربه صح وإن لم يسمعه البائع وإن قال خفيا بحيث لا يسمعه من يقربه لا يصح كما لو حلف لا يكلم فلانا
587 - مسألة إذا اشترى شيئا وباعه ثم أطلع على عيب قديم ولم يعلم المشتري به ثم اشتراه ليس له الرد على البائع الأول لأنه تخلص عن ظلامته بالبيع
588 - مسألة بيع الصوف على ظهر الغنم لا يجوز قال رضي الله عنه فإذا باع بعد الذبح عندي يجوز لأنه لا يتأذى به إذا استوعبه وكذلك الأكارع أو الرؤوس بعد الذبح قبل أن يفصلها إذا باعها يجوز كبيع أغصان الشجرة
589 - مسألة إذا باع القثاء والفرصد أو الكراث بشرط القطع فلم يقطع حتى ازداد وطال الكراث هل ينفسخ العقد
فيه قولان قال رضي الله عنه ولو باع أغصان الفراصيد وبين مقاطعها ببيان عقد يكون عليها فما يزداد فوق ذلك المقطع من ورق أو شجر وطول يكون عندي للمشتري ولا يفسخ بخلاف القثاء والفرصد والكراث يزداد لأن ما يحدث من أصله الذي لم يبعه غير متميز عما باعه لأن مقاطعها لا تعرف بعد الزيادة وكذلك ما يتفرع من ألقت على أصله الموجود قبل البيع لا يتميز عما نبت من أصله الذي لم يدخل في البيع
590 - مسألة إذا باع ورق الفرصاد مع مقاطعها بشرط القطع فلم يتفق القطع حتى مضى أوانه وصار إلى حالة لو قطع ضر بالشجرة قال لا يقطع جبرا فإن تراضيا على القطع وإلا يفسخ العقد بينهما ويرد إلى البائع الثمن
591 - مسألة إذا باع إناء بشرط أن لا يجعل فيه شيئا محرما كالخمر قال

يصح البيع كما لو باع سيفا بشرط أن لا يستعمله في قطع طريق أو قتال ظلما أو عبدا
592 - مسألة إذا ابتاع شجرة كانت تثمر في يد البائع ولم تثمر في يد المشتري في السنة الأولى من الشراء هل له الرد
قال إن كان عدم الإثمار لآفة بالشجرة نظر إن حدثت تلك الآفة في يد المشتري فلا رد له وإن كانت في يد البائع يرد وإن تنازعا في ذلك القول قول البائع مع يمينه وإن كان عدم الإثمار لكبر الشجرة فلا رد له كالحائض إذا كانت لا تحيض لكبر السن لا ترد والجارية إذا كانت تحيض عند البائع على عادة فجاوزت عادتها في يد المشتري فكذلك إن عرف حدوث سبب عند المشتري فلا رد له وإن لم يعرف رد وإن تنازعا فالقول قول البائع مع يمينه
593 - مسألة إذا استرعى عبدا صغيرا فثغر سنه في يد المشتري ثم لم ينبت هل له الرد
قال شيخنا الإمام له ذلك إن كان ذلك بسبب قديم
594 - مسألة إذا اشترى أرضا ثم قامت حجة على أنها موقوفة بعدما كانت مدة في يد المشتري قال رضي الله عنه على المشتري أجر مثل المدة التي كانت في يده وإن كان قد أدى خراجها يرجع بالخراج على البائع ولا يرجع بأجر المثل على البائع إن كان قد انتفع بها
595 - مسألة إذا وجد بالمبيع عيبا والبائع غائب فرده بين يدي القاضي وفسخ البيع ثم القاضي قال للمشتري احفظه فاستعمله المشتري بعده أو رضي بعده بالعيب هل يرتفع الفسخ قال رضي الله عنه إن أخذه القاضي ثم رده إليه ليحفظه لا يرتفع الفسخ ولا يكون مضمونا عليه وإن استعمله ضمن

وإن لم يأخذه القاضي بل تركه في يده قال يكون مضمونا عليه والقياس أن لا يكون مضمونا عليه أن لا يرتفع الفسخ لأنه عاد إلى ملك البائع برده بين يدي القاضي
596 - مسألة شراء الغائب أجوزه فلو اشترى شيئا وكانت في يده مدة مديدة فهلكت عنده ثم ادعى أنه لم يكن رآه لا فسخ له ويلزمه الثمن كما لو اشترى شيئا وقبضه فهلك عنده ثم اطلع على عيب به لا فسخ له ولو هلك بعض ما اشتراه غائبا عنده لا فسخ له في الباقي كما لا يرد بعض المبيع بالعيب
597 - مسألة بيع الغائب لا يجوز فلو باع شيئا فقال البائع بعت ما لم أره وقال المشتري بل رأيته فالقول قول البائع مع يمينه ولو وكل بالبيع فرؤية الوكيل شرط فلو ادعى المشتري على الوكيل بأنك بعته بعد الرؤية وأنكر الوكيل الرؤية قال لا عبرة بقول الوكيل فيسأل الموكل فإن قال قد رآه الوكيل وباعه فقد أقر بصحة البيع وإن قال لم يره فالقول قوله لأن الأصل بقاء ملكه
598 - مسألة المعاملة بالدراهم المغشوشة جائزة ولو باع بدراهم مطلقة ينصرف إلى نقد البلد ولو كانت مغشوشة ولو باع بنقد لا يوجد في البلد كالدنانير المغربية لا يصح كما لو باع ما لا يقدر على تسليمه فإن كان يعين وجوده يبنى على جواز الاستبدال عن الثمن فإن جوزنا جاز فإن لم يوجد يستبدل وإلا فلا قال والأصح عندي أنه لا يجوز لأنه يبيع ما لا يقدر على تسليمه ويضطر إلى بذل عوضه ولو باع بوزن عشرة دراهم نقرة ولم يبين أنه مضروب أو تبر لا يصح
599 - مسألة باع نصف أرض مشاعا بألف ثم أمر البائع أن يبني حوالي الأرض بذلك الثمن حائطا وأن يغرس ثلث نصيب البائع ويجعل ثلثه كرما ففعل ومات البائع ماذا يكون للورثة وما أمر الغراس والبناء

قال هذا الشرط فاسد لأن الأرض بينهما مشاعة وأمر البائع أن يغرس ثلث نصيبه وهو غير معلوم فبعد موته على وارثيه أن يغرموا قيمة نصف بنائه وغراسه فيكون الكل بينهم وعلى المشتري الثمن المسمى أو يتقاضان
600 - مسألة رجل باع طعاما ثم أمر البائع المشتري بإتلافه أو أمر بأكله أو ثوبا أمره بقطعه قال إن كان المشتري عالما بالحال صار قابضا واستقر عليه الثمن وإن كان جاهلا ظنه قال البائع ممن ضمان من يكون أول قال هذا الكرباس لي قال يحتمل وجهين بناء على الغاصب إذا أطعم المغصوب المالك فأكله جاهلا بأنه طعامه قال هل يبرأ عن الضمان فيه قولان إن قلنا يبرأ هاهنا يكون من ضمان المشتري ويستقر عليه الثمن وإلا فهو كما لو حدث في يد البائع بآفة سماوية ولو اختلفا في العلم القول قول المشتري مع يمينه لأن الأصل عدم العلم
601 - مسألة عبد مشترك بين جماعة باع أحدهم نصيبه وكان معلوما عبده لا خلاف أنه يصح وإن جهل كمية نصيبه ويعلم أن العبد بينه وبين غيره قال لا يصح البيع لأنه مجهول وإن كان يعتقد أن العبد كله له فباعه أو يعتقد أن بعضه له وبعضه لغيره ويعلم قدر نصيبه فباع كله قال بطل في نصيب الغير وفي نصيبه قولان والله أعلم
602 - مسألة إذا وكل وكيلا فقال بع هذين العبدين بألفين فباع أحدهما بألف قال لا يصح لأنهما قد يختلفان في القيمة فربما يكون قيمة أحدهما أقل من الف ولو قال بع عبدي هذا بألف فباع من رجلين قال لا يجوز لأن يتشقص الملك في الرد بالعيب
603 - مسألة إذا باع مرتدا بيعا فاسدا فقتل في يد المشتري فنقله إلى المقابر على البائع لأن المالك بخلاف رده في الحياة على المشتري لأنه وجب لحق البائع وقد زال
604 - مسألة إذا اشترى عبدا مريضا يظن أنه عارض يمضي فبان أنه

مرض ودق قديم قال له الرد كما لو اشتراه وبه دمل وهو عالم به فبان أنه ليس بدمل لكنه أصل الجزام له الرد وكما لو اشتراه ورأى به بياضا ظنه بهقا فبان برصا له الرد
605 - مسألة إذا اشترى عبدا قد شرب الخمر مرة وتاب وصلح فعلم المشتري بعد الشراء ذلك قال إن كان قد أقيم عليه الحد لا رد له وإن لم يقم عليه الحد له الرد لأن وجوبا الحد عليه نقص به إلا على قولنا إن حدود الله تعالى تسقط بالتوبة فلا يرد
606 - مسألة إذا اشترى جارية على أنها بكر فبانت ثيبا له الرد فلو قال البائع سلمتها إليك بكرا فثابت عندك وقال بل سلمت ثيبا فالقول قول البائع مع يمينه فلو أقام كل واحد بينة إما رجلين أو أربع نسوة قال بينة الثيابة أولى لأن معها زيادة علم وهو زوال ما كانت من البكارة
607 - مسألة قال ولو قال لعبده إن مت في رمضان فأنت حر ثم اختلف العبد والوارث فقال العبد مات في رمضان وقال الوارث بل بعده وأقام كل واحد بينة فبينة العبد أولى لأن عندهم زيادة علم وهو نقله عن الحياة إلى الموت
608 - مسألة إدا ادعى أني اشتريت منك هذا العبد بألف وأديت الثمن فأنكر ونكل عن اليمين وحلف المدعي فأخذ العين ثم وجد بالعين عيبا له رده واستراد الثمن لان البيع قد ثبت بنكول المدعى عليه عليه ويمينه كما لو قام بينة على الشراء له رده بالعيب
609 - مسألة دفع مسحاة إلى غلامه وبعثه لعمل فالغلام دفع المسحاة إلى إنسان وأخذ منه مسحاة أخرى فهلكت المسحاة في يد الغلام قال رضي

الله عنه على من أخذ مسحاة الغلام ردها إلى سيده وضمان مسحاته في ذمة العبد حتى يعتق كما لو باع من عبد إنسان شيئا دون إذن مولاه فهلك في يد العبد
610 - مسألة عبد رآه إنسان يحترف في يد مالكه بحرفة ثم اشتراه هذا الذي رآه فاستعمله فلم يحسن تلك الحرفة قال إن لم يشترط الحرفة في البيع فلا رد له وإن شرط فإن كان استعماله قريبا من رؤيته في يد البائع وهو يحترف بتلك الحرفة ولا يحتمل النسيان في تلك المدة سوء خلق من العبد فله الرد بسوء خلقه وإن كان بينهما مدة يحتمل فيها النسيان فإن كانت تلك المدة في يد البائع فله الرد وإن كان في يد المشتري فلا وإن كان في يدهما واختلفا فالقول قول البائع مع يمينه
611 - مسألة إذا قال لإنسان ادفع ألف درهم من جهتي إلى فلان حتى أعطيك حنطة فدفع فامتنع الأمر من إعطاء الحنطة قال يرجع الدافع بألف إلى من دفع إليه دون أمره لأن هذا بمنزلة البيع الفاسد من جهة الأمر فلا يجب عليه ضمان ما لم يقبض إنما الضمان على القابض قال رضي الله عنه هذا إذا لم يكن لفلان على الأمر شيء فإن كان لفلان عليه ألف فقال ادفع اليه حتى يرجع إلي فدفع يرجع عليه ولو قال ادفع حتى أعطيك حنطة فدفع وجب أن يرجع على الأمر بما دفع ولا يلزم الحنطة ولو كان رجل يدعي عليه ألفا فقال المدعى عليه لزجل ادفع إليه ألفا من جهتي حتى يرجع علي ولا يكون هذا إقرار من جهته فإن دفع قال وجب أن يرجع على الأمر لأنه وإن لم يجب عليه أداء المال فله غرض في إسقاط دعواه عن نفسه وكذلك لو قال أعط هذا الفقير درهما حتى يرجع علي كما لو قال افد هذا الأسير وأطعم هذا الجائع حتى يرجع علي ففعل يرجع على الأمر كما لو قال طلق زوجتك بألف علي أو أعتق عبدك بألف علي رجع عليه بألف بخلاف ما لو قال لإنسان ألق مالك في الماء على أن أضمن لك فألقى لا يستحق شيئا لأنه

لا غرض فيه كما لو قال للجائع كل طعامك ولك علي كذا ففعل لا يستحق شيئا ولا شيء على القائل فإن كان في حال خوف الغرق فقال لإنسان ألق متاعك في البحر على إني ضامن وفي السفينة غير صاحب المال ضمن القائل لأن له غرضا في تخليص الآخرين وكذلك لو مدحه إنسان فقال لآخر أعطه شيئا حتى يرجع علي فأعطى يرجع لأن له غرضا وكذلك لو تعلق به ظالم فقال لآخر أعطه شيئا حتى يرجع فأعطى رجع عليه ولو قال قائل أعطه درهما حتى أعطيك حنطة يرجع عليه بما أعطى وهو الدرهم لا بالحنطة وفي الجملة حكم عام كل موضع أمر إنسانا حتى يعطي حق جهته مالا وللأمر فيه غرض من نفع يعود إليه أو قربة تعود إليه يرجع الدافع إليه كما لو فدا أسيرا أو بذل في إعتاق عبد
612 - مسألة أخذ حنطة من إنسان في أيام الغلاء وأكله ثم اختلفا بعد الرخص فقال الدافع بعتك وقال الأخذ أو وارثه من بعد كان قرضا
قال القول قول الآخذ ووارثه مع يمينه أنه لم يشتره وعليه المثل
613 - مسألة إذا دفع شاة إلى إنسان فقال اذبحها وسلم إلي شحمها واللحم بيع منك كل من بكذا فأخذ فهلكت من يده قال لا ضمان عليه لأن دفع الشاة إليه للذبح ولم يأخذ منه إنما شرط اللحم منها بعد الذبح وقد هلكت قبلها كما لو دفع شيئا إلى إنسان أمانة وقال إذا مضى شهر فهو بيع منك فقبل مضي الشهر يكون أمانة في يده إذا هلك لا يلزمه الضمان
614 - مسألة لو باع بيتا من داره وذلك البيت لا يلي ملكا للمشتري قال
عندي لا يصح البيع حتى يبين ممره فلو كان يلي ملك المشتري جاز ويجعل ممره في ملكه

615 - مسألة إذا باع دارا فانهدمت قبل القبض لا ينفسخ العقد إن لم يفت البعض وللمشتري الفسخ وإن فات البعض ينفسخ في البعض وفي الباقي قولان
616 - مسألة لفظ البيع ليس بشرط حتى لو قال البائع خذ هذا بألف فقال المشتري أخذت وقال المشتري أعطني هذا بألف فقال البائع أعطيت كان بيعا وقد رأيته للقفال
617 - مسألة إذا باع شيئا وادعى البائع شرطا فاسدا وأنكر المشتري قبل أن يحلف البائع ثم حلف البائع كان منكرا للبيع بدعوى شرط الفساد فالمشتري كان بائعا مال الغير
618 - مسألة استأجر صباغا ليصبغ ثوبه بصبغ من عند الصباغ قال لا أجوز للمالك بيع الثوب قبل أن يأخذه من الصباغ لأن الصبغ عين للصباغ في الثوب وبيع المبيع قبل القبض لا يجوز
619 - مسألة طفل باع شيئا من مال إنسان في حال طفولته وأخذ الثمن فهلك في يده أو أهلكه فلوليه أن يسترد المبيع من المشتري ولا ضمان على الطفل فيما أخذ ولو بلغ الصبي بعد ما هلك الشيء في يده أو أهلكه واسترد المبيع لا يجب عليه ضمان الذي أهلكه لأن المشتري أهلك مال نفسه بدفعه إليه
620 - مسألة قال أصحابنا إذا باع جارية شرط الخيار لهما فوطىء البائع في زمان الخيار فهو فسخ للبيع وإن وطأها المشتري يبطل خياره على ظاهر المذهب دون خيار البائع فإذا استولدها المشتري إن قلنا الملك للبائع لم ينفذ استيلاده وإن قلنا موقوف فحكم الاستيلاد موقوف وإن قلنا للمشتري

ففي نفوذ الاستيلاد إختلاف والصحيح أن أمره منتظر إن فسخ البائع البيع لم ينفذ وإن تم نفذ وفيه وجه آخر وهو أنه ينفذ استيلاده وفي بطلان خيار البائع وجهان إن قلنا إنه لا يبطل فإن شاء فسخ واسترد قيمة الجارية وإن شاء أجاز وأخذ الثمن
قال الإمام رضي الله عنه فأما إذا وطئها أب واحد منهما نظر إن لم يستولدها فالعقد بحاله كما كان وخيارهما ثابت سواء وطئها أب البائع أو أب المشتري فإن استولدها نظر إن استولدها أب البائع فيبنى على أقوال الملك إن قلنا الملك للبائع نفذ استيلاده فلو ملكها بعد ذلك نظر إن ملكها الابن لم ينفذ استيلاد الأب وإن ملكها الأب فقولان كما لو استولد جارية الغير بالشبهة ثم ملكها وهذا بخلاف البائع نفسه لو استولد كان فسخا للعقد لأن حق الفسخ ثابت له بدليل أن بمجرد الوطء يصير فاسخا فأما إذا استولدها أب المشتري فهو كاستيلاد المشتري نفسه إن قلنا الملك للبيع لم ينفذ سواء فسخ العقد أو تم وإن قلنا الملك موقوف فالاستيلاد موقوف إن تم نفذ وإلا فلا وإن قلنا الملك للمشتري فالصحيح أنه منتظر أجاز البائع البيع وتم العقد بينهما نفذ وإلا فلا ينفذ
621 - مسألة إذا باع صبرة من حنطة فرأى ظاهرها يكفيه لأنها قلما تتفاوت وإذا رأى أحد جانبيها جعلوا كبيع الغائب وإن كان الغالب أنها لا تتفاوت كالثوب الصفيق يرى أحد وجهيه
622 - مسألة رجل اشترى عبدا من إنسان كان في يد البائع مدة مديدة فلما أن اشتراه هذا الرجل ادعى أن حر الأصل وهو كان قد استسخرني مدة قال القول قوله مع يمينه فإذا حلف العبد قال يحكم بحريته وللمشتري أن يرجع على البائع بالثمن وذكر عن القاضي أنه لا يرجع المشتري على البائع بالثمن لأنه ما أزيلت يده عن العبد بالبينة إلا أن يقيم بينة أنه حر الأصل
623 - مسألة إذا أخرج كفا من جوالقه وأراه وباعه ما في الجوالق جوز

الشيخ القفال وهو مذهب أبي حنيفة ولم يجوز أصحابنا رحمهم الله لأن المبيع غير المرئي قال الشيخ الإمام ولو باع الكف مع ما في الجوالق لا يخلوا ما إن رد إليه ثم باعه أو لم يرد فإن رد إليه ثم باعه فهو كما لو باع شيئا رأى بعضه دون بعضه ولا يكون كصبرة رأى بعضها لان رأي الكف متميزا وإن لم يردها إليه وباعها فهو كما لو باع لشخصين رأى أحدهما دون الآخر وكذلك صبرة من حنطة جعلها صبرتين ثم أراه إحداهما وباعهما فيكون كمن باع عينتين رأى إحداهما دون الأخرى ولا يجعل كصبرة واحدة رأى ظاهرها لأن المرئي مميز عن غير المرئي وشرط صحة العقد في رؤية البعض أن لا يتميز المرئي عن غير المرئي أو يكون المرئي من صلاح غير المرئي كالجوز يرى قشره يجوز أو يكون مما يستدل برؤية بعضه على رؤية كله لكونها غير مختلفة في الغالب كالصبرة من الحنطة فإذا تميز لايجوز كما إذا كان شيئا لايستبدل برؤية بعضه على رؤية كله مثل صبرة من البطيخ ولم يكن من صلاحه لا يجوز فالتمييز مشاهدة فيما لا يختلف صفاته تنزل منزلة تميز الصفات ولو جعل الصبرة صبرتين فأراه إحداهما ثم خلطهما فهو كما لو رأى بعض المبيع ولو رأى ظاهر صبرة ثم المالك رفع ما ظهر منها ثم باع الباقي من غير رؤية فهو كبيع الغائب لأن المرئي لم يبعه قال وكذلك بيع الجوز ويجوز وإن لم يرى اللب لأنه مستتر بما فيه صلاحه فلو رأى الجوز ولم يكسره ثم المالك كسره وباع اللب غيرمرئي فهو شراء الغائب فأما إذا دفع ما ظهر من الصبرة التي رآها المشتري وباعه ذلك الذي دفع فيجوز قولا واحدا
624 - مسألة إذا باع سفطا من الثياب لا يدري عددها لا يجوز وإن كانت مفتوحة يراها كلها وإن لم يعرف عددها يجوز على جواز بيع الغائب لأنها مطوية ولو قال كل واحد بكذا يجوز كصبرة لا يعرف عدد صبعانها باع كل صاع بكذا جاز
625 - مسألة ذكر الشيخ أبو علي لو باع ثوبين أحدهما حاضر بشرط أنه إذا رأى الغائب له الخيار فيما لا يصح قال الإمام إذا كان باعهما صفقة

واحدة فهذا الشرط لا يضر لأن قضية العقد هذا أنه يثبت له ردهما جميعا كمن اشترى شيئين فوجه بأحدهما عيبا ولو أراد رد أحدهما فقولان بل حكم هذه المسألة لا يتغير بهذا الشرط فإن قلنا بيع الغائب لا يجوز لم يصح في الغائب وفي الحاضر قولان وإن جوزنا فقد جمع بين مختلفي الحكم ففيهما قولان فإذا جوزنا له الخيار فيهما فلو أراد رد أحدهما نظر إن أراد رد الحاضرة دون الأخرى لم يجز وإن أراد رد الغائبة فقولان بناء على تفريق الصفقة وفي الرد بالعيب ما ذكره حكاه عن القاضي الإمام قال والصحيح أن يقال إن قلنا شراء الغائب لا يجوز لا يصح في الغائب وفي الحاضر قولان كما ذكرنا وإن قلنا شراء الغائب يجوز يصح فيهما ثم له الخيار إن شاء ردهما وإن شاء أمسكهما فإن أراد رد الغائب دون الحاضر قولان ولا يبني على الجمع بين مختلفي الحكم لأنا إذا أثبتنا الخيار فيهما فلا يكون جمعا بين المختلفين كما لو اشترى شيئين وبأحدهما عيب ومن بنى على مختلفي الحكم وجوزنا العقد على أحد القولين وجب أن يكون له رد الغائبة دون الحاضرة كما لو اشترى شيئين بشرط الخيار في أحدهما دون الآخر وجوزنا له رد ما شرط فيه الخيار دون الآخر فيمكن أن يكون هذا على وجهين إن عدم رؤية أحدهما يجعل كشرط الخيار في أحدهما فيكون في صحة العقد قولان ثم يجوز التفريق أم يجعل كالعيب حتى يصح العقد فيهما ثم في التفريق قولان
626 - مسألة ولو أن رجلا عرض أرضا للبيع فالرجل لا يرغب في شرائه لظنه أن خراجه ستة فقال خراجه ستة فقال البائع خراجه ستة لكن أبيعك بخراج خمسة لا يصح البيع كما لو قال عبدك أشل فقال البائع أبيعك على الصحة لا يصح البيع هذا إذا عرض للبيع
627 - مسألة إذا عرض أرضا للبيع ورجل لا يرغب في شرائه لظنه أن خراجه ستة دنانير فقال البائع خراجه خمسة دنانير فاشترى عليه ثم بان أن

خراجه سته له الرد لأن البائع أخبره أن خراجه خمسة وهو أعلم به والاعتماد على قوله كما لو أقر بحرية عبد الغير ثم اشتراه صح البيع للاعتماد على قوله قال الإمام رضي الله عنه وكما لو كان يظن أن عبد فلان به شلل لا يريد شراءه فقال المالك لا شلل به فاعتمد فاشتراه ثم بان أنه أشل له الرد بالعيب إذا كان المشتري تيقن أن خراجه ستة لا ردد له وإن كان البائع يقول خراجه خمسة
628 - مسألة رجل باع أرضا بشرط أن عليه خراجا فبان أن لا خراج عليها لا يلزم المشتري الخيار ولا خيار للبائع كما لو ظن البائع معيبا فبان سليما ولو شرط في البيع عليه أداء خراج أراضي أخرى نقل البائع إليها لا يصح البيع ولو اشترى جارية فقال المشتري أنا اتهمها بالزنا ولم يتيقنه فاشتراها ثم تيقن الزنا له الرد لأن البائع لم يتنبه على حقيقة الزنا والعيب
629 - مسألة ذكر القاضي الإمام جواز بيع الأكارع والرؤوس قال الإمام وهذا في رأس الشاة فأما رأس البعير والبقر وجب أن يكون كبيع اللحم قبل السلخ لا يجوز لأنه يؤكل كل مسلوخا بخلاف الشاة ولو باع الكراع بعد الذبح قبل أن يفصل لا يجوز ورأيت في تعليق غيري عن القاضي الإمام جوازه لأن مفصله معلوم كبيع الغصن على الشجرة قال وهذا هو الاختيار عندي إذا كان لا يدخل البائن نقص بإفرازها لأنه ليس على الأصل ضرر في إبانته وكذلك الصوف على ظهر الغنم بعد الذبح
630 - مسألة ذكر الشيخ أبو علي لو باع صبرة تحت كساء لا يجوز سواء باعها مع الكساء أو دونه لأنه متستر بما ليس صلاحه ظاهر قال الإمام وهو عندي بيع الغائب وذكر القاضي لو سلخ الجلد عن اللحم ثم رد اللحم إلى الجلد فباعه فهو على قولي بيع الغائب قال الإمام وهما متشابهان قال ويمكن الفرق بينهما وهو أن الصبرة تحت الكساء لا يوقف على حقيقتها وهاهنا الوقوف على حقيقة اللحم ممكن لأن الجلد كان أصلا له قال

القاضي لو باع الصوف على الغنم لا يجوز قال الإمام على هذا القياس لو باع الجلد دون الشعر الذي عليه وجب أن لا يجوز ورأيت في كتب بعض أصحابنا ولو كان الشعر بخسا بأن دبغت جلد ميتة وفيها الشعر لا يظهر فلو باعها في جلد كلاهما مقصود كالفرو وقال البيع في الشعر باطل وفي الجلد قولان ولو باع الجلد دون الشعر والشعر لا يحول بين رؤية الجلد قال يجوز قال وفيه دليل على جواز إفراد الجلد عن الشعر بالبيع قال لعله يجوز بعد السلخ ذلك قال وكذلك لو باع نصف الجلد معينا بعد الدباغ أو دبغ نصفه ونصفه لم يدبغ فباع النصف المدبوغ وجب أن يجوز إذا كان لا ينتقص قيمته بالقطع كالثوب الصفيق لأن الجلد بعد السلخ والدبغ ملحق بالثياب

باب الربا
631 - مسألة يجوز بيع الثلج بالثلج وزنا وكذلك يجوز بيع الجمد بالجمد ويجوز السلم فيهما ولا يجوز بيع الجمد بالماء ويجوز بيع الماء بالماء متساويين في الكيل وهو كاللبن باللبن يجوز كيلا ولا يجوز بيع اللبن بالسمن ويجوز بيع السمن بالسمن وزنا لأنه على هيئة الادخار والثلج مع الجمد جنسان والبرد معهما جنس آخر
632 - مسألة بيع إلية الشاة بالبعير أو سنام البعير بالشاة لا يجوز لأنه وإن لم يكن اللحم بالحيوان صورة فهو معناه وفي الخبر النهي عن بيع الحي بالميت
633 - مسألة الأدوية تثبت فيها الربا أما الورد قال لا يثبت فيه الربا لأنه لا يعد مأكولا بل هو معدود من الطيب غير أنه يستعمل في بعض الأدوية أحيانا فيكون ذلك نادرا كاللآلي الصغار والأبريسم يتناول بعض الأدوية لكنها لم تكن معدة للأكل لم يكن مال الربا كما يؤكل نادرا من الأذاخر جمع إذخر والبلوط ونحوها وكذلك جلد الشاة والعظم لا ربا فيها وإن كان الجلد لا يؤكل في

المسموط والعظم الرخو قد يتناول نادرا أما الكشوت والشاهترج واللبلاب فهي أدوية مأكولة يثبت فيها الربا بزر الكتان يثبت فيه الربا لأنه مأكول ودهنه هل يثبت فيه الربا
وفيه وجهان أصحهما لا يثبت لأنه بعد للاستصباح لا للأكل وكذلك دهن السمك وقد يجوز أن يكون الشيء حال الربا ثم يصير إلى ما لا ربا فيه لتغيره عن هيئة المطعوم كالقرع الرطب حال الربا ثم إذا جف خرج عن مال الربا لخروجه عن المطعوم وكذلك البيض يثبت في الربا ثم الفرخ الخارج منه بخلافه لا ربا فيه وكذلك في الحنطة إذا صارت ذرعا لا ربا فيه وعكسه أصل الشجر لا ربا فيها والثمرة الخارجة منها يثبت فيها الربا للتفاوت قال وكذلك الصمغ الذي يخرج من الشجر يثبت فيه الربا لأنه دواء كسائر الأدوية ودهن الخروع يثبت فيه الربا لأنه دواء وأما الخروع قال لا ربا فيه لأنه لا يؤكل وبذر الفجل والبصل يثبت فيه الربا قال ويجوز بيعه بالفجل والبصل كما يجوز بيع بيض الحمام بلحم الحمام وكذلك بذر الجزر والشلجم
أما الباذنجان لو باعه ببزره وجب أن لا يجوز لأنه موجود فيه كبيع لب الجوز إلا إن يكون صغيرا قبل انعقاد البزر فيه وكذلك بذر البطيخ وبيع القرع اليابس بالرطب واليابس يجوز لأن اليابس ليس بمطعوم فلو باع اليابس منه باليابس قبل أن يخرج منه الب قال وجب أن لا يجوز لأن الحب مطعوم
634 - مسألة ما بدا فيه الصلاح من الثمار فيه الربا وما لم يبد فيه

الصلاح إن كان لا يمكن أكله كالجوز قبل أن يظهر فيه اللب والرمان قبل ظهور الحب فيه وإن كان يؤكل في تلك الحالة لأن المأكول منه اللب ويؤكل قشره في أول إدراكه نادرا كأوائل قضبان الكرم أما المشمش ففيه ربا وإن كان مأكولا لأن المأكول خارجه
635 - مسألة باع كرما وقد انعقد بعض ثمره وبعض نوار قال إن باع أصل الكرم لا يدخل المنعقد في البيع ويدخل النوار وإن باع الثمرة يصح في المنعقد دون النوار
636 - مسألة لو كان له داران مستقبلتان فسد باب إحداهما وفتح بينهما خوخة ليستطرق من إحداهما إلى الأخرى ثم إنه باع الدار التي سد بابه قال ليس للمشتري حق الاستطراق إلا ممر الباب القديم وليس له حق الممر من الخوخة
637 - مسألة إذا اشترى شيئا من مورثه ثم مات المورث قبل القبض ولم يكن له وارث آخر ولكن على الميت ديون وأوصى بوصايا فلوارثه بيعه قبل القبض أن يقبض لأن حق الدين والوصية في الثمن ولو اشترى شيئا من مورثه بشرط الخيار فمات المورث في زمان الخيار أو اشترى لا بشرط الخيار ومات المورث ووجد الوارث عيبا لا رد له لأن التركة صارت له فإن كان ثمة وارث آخر لم يجز له رد بعضه لأن تبعيض الصفقة في الشيء الواحد لا يجوز وله رده كله ويسترد الثمن من التركة وكذلك لو كان عليه دين أو أوصى بوصايا ولا وارث له سواه قال يجوز له رده له غرضا وهو أن يسترد الثمن ويجعل ما اشترى في الدين والوصايا
638 - مسألة إذا اشترى جارية وقلنا يجوز بيع الغائب لا بد أن يرى منها ما ليس بعورة ولو كان المشتري زوجها قال لا يشترط أن يرى منها ما

عورتها وإن كان يجوز له النظر إلى عورتها لأن ما هو عورة منها لما سقط اعتبار رؤيتها سقط في حق الكافة كباطن الصبرة واللب في الجوز
639 - مسألة قال ولو اشترى كوزا لا يشترط رؤية باطنها لأنه يستدل برؤية الظاهر على صحة الباطن ولو شرطنا لما جاز بيع قارورة لا يمكن رؤية باطنها
640 - مسألة ذكر الشيخ أبو علي في شرح التلخيص أنه لو اشترى ثوبا مطويا بيعت بالسر كالشاهجاي يكفي رؤية ظاهرها
641 - مسألة إذا جمع بين البيع والنكاح في عقد واحد فقيل في النكاح فحسب إن قلنا لو قبلهما لا يصح البيع ويصح النكاح فالقبول صحيح لأنه قضية العقد وإن قلنا لو قبلهما يصحان فهو كما لو جمع بين البيع والإجارة وقبل أحدهما بحصته هل يصح يحتمل أن يقال لا يصح كما لو باع عبدين صفقة واحدة فقبل المشتري أحدهما بما يخصه لا يصح ويحتمل أن يقال يصح هاهنا لأنهما عقدان مختلفان فلا يشترط في صحة كل واحد القبول للآخر وقد رأيت لشيخنا لو أوجب النكاح في امرأتين لرجل بعقد واحد فقبل نكاح أحدهما جاز ففيه دليل على جواز يقبل النكاح دون البيع قال وفي النكاح هذا أصح لأن جهالة العوض فيه لا يمنع العقد بخلاف البيع والإجارة
642 - مسألة إذا سلم المبيع في زمان الخيار لا يجب على المشتري تسليم الثمن و هل له أن يسترد المبيع وجهان فلو أن المشتري أودعه من البائع فتلف عنده قال يحتمل أن يقال إن قلنا له الاسترداد فهو كما لو تلف قبل التسليم وإن قلنا لا استرداد له فهو كما لو تلف بعد التسليم في زمان الخيار ولو تلف في يد المشتري فهو كما لو تلف بعد التسليم ويحتمل أن يقال بعد الإيداع هكذا اذا لم يوجد صريح الاسترداد
643 - مسألة إذا باع عبدا قد وجب عليه القصاص
قيل فيه قولان كالعبد الذي في عينه جناية خطأ وقيل يصح

كالمرتد قال على هذا إذا قتل فمعلوم ولو عفى المجني عليه على مال قال ينبغي أن يقال لا يصير السيد مختارا للفداء لأنه حين باعه لم يكن المال متعينا بل يفسخ البيع ويباع في الجناية ولو كان المشتري عالما به حالة الشراء يحتمل أن يقال يسقط حقه من الفسخ ما لو كان عالما فقيل يرجع بالثمن أو الأرش لأن رضاه بالقتل لا يكون رضا بالبيع في الجناية فإن رضي به فبيع على ملك المشتري لا شيء له على البائع كما لو رضي به فقتل وكذلك لو رهن عبدا عليه قصاص وجوزنا وهو الأصح فعفى على مال يباع في الجناية وللمرتهن في فسخ البيع المشروط فيه ولا يكون السيد مختارا للفداء والخيار وثابت للمرتهن وإن كان عالما لأن رضاه بالقتل لا يكون رضا بالبيع عليه
644 - مسألة إذا باع دارا فيها تراب هل يدخل في البيع
قال إن كان مفروشا يدخل لأنه كأجر الأرض وإن كان مجموعا نظر إن جعل دكانا للتأييد دخل وإن جمعه لنقل أو استعمال عند حاجة فلا
645 - مسألة إذا اختلف المتبايعان في شيء وثبت التخالف أو في شرط وجعلنا القول قول النافي
فقبل أن يحلف أو قبل أن يتحالفا تصرف المشتري فيه وجب أن ينفذ ولو أعتق ينفذ لأنه ملك بالاتفاق ثم إن كان تصرف تصرفا بزوال فهو كما لو تصرف قبل الاختلاف واختلفا وتحالفا
646 - مسألة إذا باع نصف الزرع البقل مشاعا دون الأرض لا يجوز لأن القطع شرط ولا يمكن قطع بعضه إلا بقطع كله ولو كان زرع مشترك بين رجلين باع كل واحد نصيبه بنصيب صاحبه لا يجوز لأن كل واحد لا يمكنه قطع ما اشترى إلا بإفساد ما باع بخلاف ما لو باع الزرع البقل من رجلين بشرط القطع يجوز لأنهما في جهة واحدة وصفقة واحدة وكذلك لو كان لرجلين لكل واحد زرع بقل منفرد عن الآخر غير مشترك باع أحدهما زرعه بزرع

صاحبه بشرط القطع يجوز لأن قطعه لما اشترى لم يوجب إفساد ما باع
647 - مسألة العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى شراء فاسدا فهلك في يد هل يتعلق الضمان بكسبه
قال يبنى على أن السيد إذا أذن لعبده فنكح نكاحا فاسدا ووطىء هل يتعلق الضمان بكسبه قولان أحدهما إذنه يتناول الصحيح والفاسد فيتعلق بكسبه كذا ها هنا وإن قلنا لا يتناول إلا الصحيح فيكون لمن نكح بغير إذن المولى فيتعلق بذمته كديون معاملة العبد المحجور
648 - مسألة إذا أذن لعبده في التجارة في قرية بعينها وأتى القرية غير القرية ضمن الوالي العبد دون ما في يده لأن المال محرز بالعبد والعبد مضمون عليه
649 - مسألة ولو أن عبدا مأذونا استقرض شيئا أو اشترى شيئا فأتلفه فإن الثمن يتعلق بما في يده كما لو تلف في يده لأن يده يد المولى فإن حجر عليه المولى ولا مال في يده يكون في ذمته حتى يعتق
650 - مسألة ولو أعار رجل من عبد مأذون أو غير مأذون شيئا فهلك في يده يتعلق بذمة العبد قال ولو أهلكه كذلك بخلاف ما لو أودع من عبد شيئا فأهلكه فيه قولان في قول يتعلق بذمته لأن المالك سلط عليه كدين المعاملة والثاني برقبته لأنه لم يسلطه على سبب موجب للضمان بخلاف العارية قال ولو أعار من صبي شيئا فهلك في يده لا ضمان عليه كما لو باع منه شيئا
651 - مسألة ولو أن عبدا مأذونا من جهة السيد في حفظ الدواب دفع إليه إنسان دابة ليحفظ فهلك عنده لا ضمان فلو ركبها العبد صار ضامنا فإن هلك بعده يصير كأن العبد أهلكه لتعديه بالركوب كالحر يصير بالركوب ضامنا حتى لو هلك يكون مهلكا يتعلق الضمان برقبته فإن أودعه أو دفع إليه دابة

والعبد غير مأذون من جهة السيد فهو كما لو أودعه بغير إذن المولى فعلى هذا يتعلق الضمان برقبته أم بذمته فكالوديعة تهلكه العبد في قول يتعلق برقبته وفي قول يتعلق بذمته لأن المودع أهلك ماله حيث أودعه وهو غير مأذون
652 - مسألة إذا جنى على عبد اشتراه المأذون فأرش الجناية في مال التجارة يؤدى من ديون التجارة ولو اشترى المأذون عبدا فقتل العبد فقيمته كذلك ولو وطئت الجارية التي اشتراها المأذون فالمهر كالاحتطاب وإن كانت بكرا فافتضت فأرش الافتضاض في مال التجارة
653 - مسألة لو أن رجلا دفع بقرة إلى راع ليحفظها ولرجل آخر في هذا المسرح بقور فجاء غلام الرجل وأخرج بقور سيده من المسرح وحمل بقرة ذلك الرجل مع بقور سيده إلى بيته فضاعت البقرة
قال الضمان يتعلق برقبة العبد إلا أن يفديه السيد
654 - مسألة فرع على قولنا إن المعاملة بالدراهم المغشوشة تصح إذا باع دراهم مغشوشة بمثلها لا تصح وإن كان الغش لو تميز منها لا قيمة له لأنه بيع فضة بفضة مجهولة وذلك القدر يؤثر في الوزن كما لو باع حنطة بصاع حنطة وفيهما قليل مصل أو وزن يظهر في الكيل ولو باع دراهم مغشوشة بدنانير مغشوشة نظر إن كان غش الذهب بفضة لا يجوز قال هذا عندي أن لو كان غش الذهب بحيث لو ميز النار يحصل منه شيئا من الفضة فإن لم يحصل يجوز لأنه مستهلك كما لو باع دنانير مطليا بنقرة بدراهم أو دراهم مطليا بذهب بدنانير يجوز إذا كان التمويه لا يحصل منه شيء فإن كان غش الذهب نحاسا فعلى قولي الجمع بين مختلفي الحكم قال هذا إذا كثر بحيث يكون الغش بعد التمييز قيمة فإن قل الدنانير بحيث لو ميز الغش عنه لا يكون له قيمة وجب أن يجوز لأنه إذا لم يكن للغش قيمة لا يقع بمقابلته شيء من العوض

بحيث يجب ولا يقال إذا كان كذلك وجب أن لا يصح العقد لأن الذهب الخالص فيه مجهول لأن علي هذا الوجه الذي يجوز التصرف في المغشوش لا ينظر الى جهالة ما فيه وإنما ينظر إلى الرواج وهي رائجة
655 - مسألة ولو اشترى عبدا بشرط أن يعتقه عند الحصاد لا يجوز للجهالة فإن قال بشرط أن تعتقه بعد شهر أو مدة وأعلم المدة يصح ولو اشترى عبدا بشرط أن يعلق عنقه بصفة بمجيء الشهر أو دخول الدار فيكون كما لو اشترى عبدا بشرط أن يكاتبه أو بشرط أن يدبره فيه طريقان أحدهما يصح كما لو اشترى بشرط الإعتاق والثاني هو الأصح لا يصح
656 - مسألة إذا جعل أحد المتبايعين خياره إلى أجنبي في زمان الخيار
قال يجوز بتراضيهما كما في ابتداء العقد لو شرطا الخيار الثالث أما بغير رضا الآخر لا يجوز كما في الابتداء لا يجوز أن يشرط الخيار لثالث إلا بتراضيهما ولا شرط الخيار لأجنبي ثم قال العاقد ألزمت العقد قال لا يلزم ولا يسقط خيار الأجنبي سواء قلنا يثبت له الخيار أم لا كما إذا اشترى على أني أؤامر فلانا فلا يستبد العامد بفسخ ولا إجازة وكالوكيل إذا باع بشرط الخيار بأمر الموكل فألزم الموكل العقد لا يلزم لأن الخيار للوكيل فلو قال الأجنبي عزلت نفسي قال لا ينعزل إلا أن يقول ألزمت العقد فيلزم كما لو علق الطلاق بمشيئة فلان فقال فلان عزلت نفسي عن أن يكون الطلاق بمشيئتي لا يصح بل متى شاء وقع
657 - إذا اشترى جارية فوجدها قرنا أو رتقا له الرد بخلاف ما لو كانت بكرا لأن الرتق والقرن عيب بدليل أنه يرد به النكاح
658 - مسألة إذا اشترى جارية قال المشتري شرطنا البكارة وقال البائع لم نشرط فيه وجهان أحدهما يتحالفان والثاني القول قول البائع مع يمينه فأما إذا اتفقا على شرط البكارة فقال البائع سلمتها إليك بكرا فزالت

البكارة في يدك وقال المشتري بل سلمت إلي ثيبا فالقول قول البائع كما لو اختلفا في العيب
659 - مسألة إذا باع الأب من مال الصبي شيئا ثم قامت البينة على فسق الأب قال إن كان القاضي حكم بصحة بيع الأب لا يرد وإن لم يحكم فيرد ولو أرسل رجل طفلا إلى آخر ليستعير له شيئا فدفع المالك إليه فهلك أو أهلكه لا ضمان على أحد
660 - مسألة عبد لصبي آبق فأخذه قاضي بلد آخر ولم يكن حفظه فباعه على الصبي هل يصح
قال إن كان بلد الصبي في ولايته يصح وإلا فلا بخلاف ما لو ادعى على غائب شيئا وأقام بينة باع القاضي ماله وإن لم يكن المبيع عليه في ولايته لأنه المحكوم له في ولايته أو وكيله كما يجب عليه أن يحكم بين المسلم الحربي في ولايته لأن المسلم من أهل ولايته وإن لم يكن الحربي من أهل ولايته وهاهنا يبيع الطفل وهو ليس تحت ولايته كما لو كان للصبي في ولايته أب لا يجوز للقاضي بيع ماله لأن ولايته إلى أبيه وكذلك يقسم المشتري بين الحاضر والغائب بطلب الحاضر نظير ما نحن فيه أن القضاء للغائب لا يجوز وهذا بخلاف ما لو باع مال غائب ولا يعرف موضعه أو يعرف ورأى المصلحة فيه لتصرفه وإن لم يكن في ولايته لأن بيعه ليس للولاية على المالك بل للثيابة كما يزوج وليته في غيبته لأن المالك ليس ممن يولى عليه
661 - مسألة وكتبت إليه في رجل باع عبدا بألفي درهم ثم قيل أين بيع توبهزار وبانصد درهم باربذ برفتي كوبد بذير فتم هل يرتد البيع وهل تصح الإقالة قال لا تصح الإقالة لأن الإقالة لا تجوز إلا على الثمن الذي ورد العقد عليه وهذا غيره
662 - مسألة سئل عما إذا باع أوراق الفرصاد مع الأغصان قال لا يشترط فيه القطع لأن الأغصان أصلها كما لو باع الثمرة مع الشجرة لا يشترط

القطع فإن باع دون الأغصان قبل أن يتناهى قال يشترط القطع لأنه باعه دون الأصل كما لو باع الثمرة دون الشجرة وسئل عما إذا باع أغصان الفرصاد قبل خروج الأوراق قال يصح البيع مطلقا والأوراق تخرج على ملك المشتري وسئل عما إذا باع أصل المبطخة بعد خروج البطيخ وإدراكه واجتنائه قال لا بد من شرط القطع وإن باعه من غير شرط القطع لا يصح لأنها تثمر مرة بعد أخرى فلا يتناهى وقال مرة إذا كان بعد بدو الصلاح في البطيخ جاز مع أصله مطلقا

باب السلم
ولو أسلم إلى إنسان فدفع جزافا إلى المسلم في وعاء من قارورة أو غيرها فهلكت القارورة والذي فيها في يده قال يضمن ما فيه لأنه مقبوض عن ضمان ولا يضمن القارورة لأنه دفعه لا لينتفع به بل ليفرغ عنه كالظرف في الهدية
663 - مسألة كتب إليه من خمس قرى في رجل كان يأخذ الخبز من الخباز واللحم والتوابل من القصاب والبقال من غير عقد ثم بعد مدة يحاسب ما أخذ منهم ويدفع قيمتها إليهم وكان بعض المأخوذ من التوابل من ذوات الأمثال وبعضها من ذوات القيم هل تبرأ ذمته عنها بدفع القيمة عن المثليات والمتقومات
قال أما ما كونه من غير عقد لا يكون حلالا
وكتب إليه لو كان نقد البلد مغشوشا هل يبرأ بدفع القيمة من نقد البلد أم يجب دفع القيمة من الذهب الخالص
قال تجب القيمة من نقد البلد ويبرأ بدفعها وإن كانت مغشوشة
وكتب إليه هل تجوز المعاملة بالنقد المغشوش قال يجوز لأن المقصود هو الرواج سواء اشترى بعينها أم في الذمة
وكتب إليه ولو قال بعتك بكذا مثقال من النقرة أو الذهب ولم يبين أنه

مضروب أو سبيكة
قال لا يصح البيع
وكتب إليه لو قال بعتك بالذهب المغربي ولا يوجد ذلك النقد في البلد قال لا يصح العقد لوقوع النزاع كما إذا باع ما لا يقدر على تسليمه وإن كان يعز وجوده هذا بيني على قولي الاستبدال إن جوزنا الاستبدال يصح العقد والمشتري بالخيار إن شاء فسخ وإن شاء استبدل وإن قلنا لا يجوز الاستبدال لا يصح العقد والأظهر من القولين جواز الاستبدال قال والأصح عندي أنه لا يجوز بيع مالا يقدر على تسليمه ويضطر إلى بدل عوضه
وكتب إليه لو أخذ المال من البقال أو اللحم من القصاب واستباح المال فأباح المالك ذلك قال يحل له أكله وإن كان قطنا جاز له أن يضعه على الجبة لكن لا يجوز بيعه قال وللمالك أن يرجع عن الإباحة قبل أن يأكله المباح له بالقول والفعل
وكتب إليه لو قال رجل أبحت جميع ما في داري لفلان أكلا واستعمالا ولم يعرف المالك ما في داره حالة ما يقول هذه الكلمة هل يباح لذلك الرجل الأكل والاستعمال كتب لا
وكتب لو قال جميع ما في داري وما يدخل فيها بعد هذا وما يدخل في ملكي أبحت لفلان كتب لا تحصل الإباحة بهذا
وكتب إليه لو أباح لإنسان أن يتخذ بستانه ممرا فأراد الرجوع قال له ذلك لأنه عارية
664 - مسألة حائط لرجل له باب فباع بعضه معينا من رجل ولم يبين الممر هل يستحق الممر من الباب
قال إن باع القطعة التي فيها الباب ذلك ملكه يستحق الممر لأنها ملكه وإن عين قطعة من الأرض لا يلي جانبها الشارع لا يصح البيع حتى يبين الممر وكان يختار أن يبيع بيتا في الدار من غير أن يبين ممر في المبيع أو بيع في الأرض من غير بيان الممر لا يجوز

665 - مسألة عرصة مشتركة بين رجلين أنصافا لأحدهما نصفها وللآخر نصفها فعين أحد الشريكين قطعة منها ودورها دائر بغير إذن الشريك وقال بعتك هذه الدائرة بكذا دون إذن الشريك كتب إليه هذه المسألة أن البيع في كم يصح
كتب في الجواب لا يصح البيع في شيء من المدورة

مسائل باب الرهن
666 - مسألة حكي عن القاضي رحمه الله أنه قال لو ألقى ثوبا في خمر وترك حتى صار الخمر خلا لا يطهر لأن ما يشربه الثوب لا يطهر إذ لا ضرورة إليه بخلاف أجزاء الدن قال الإمام لو صب في الخمر ماء فكذلك وكذلك المدر الذي يتشرب الخمر فأما إذا ألقى فيها حجر صلب لا يتشربها أو حديدة ينبغي أن يطهر ولو صب في العصير قطرة خمر ينجس قال الإمام فأذا صار العصير خمرا لا يطهر لأن نجاسته حصلت قبل اشتداده فلا يطهر بالانقلاب كما وقعت فيه شعرة وكذلك إذا أخرج الخمر من الدن ثم صب فيه عصير فتخمر ثم تخلل لا يطهر ولا يقال يطهر أجزاء الدن تبعا ولو نقل الخمر من محل إلى محل آخر أو فتح رأسه استعمالا للخل لا ينجس وكذلك لو صبه من دن إلى دن آخر فتخلل قال يطهر
ثم كتب ولو صب ذلك الخمر من ذلك الدن في دن آخر وتخلل قال يطهر وقال لأن ما ارتفع من الخمر إلى رأس الدن لم يوجد فيه الانقلاب وجف مكانه فبقي غشاء كما كان فنجس الخل بملاقاته بخلاف ما لو غلب الخمر وارتفعت بالغليان إلى رأس الدن ثم عادت إلى موضعها الذي كانت وتخللت حكم بطهارته وإن كانت متصلة بما فوقها ولم يوجد الانقلاب فيما فوقها لجفافها لأن هناك وإن لم يحكم بطهارة ما فوقها لعدم الانقلاب فيها لأنا لا نحكم بنجاسة الخل لأجل الضرورة فإنا لو قلنا ينجس الخل لم يوجد خل طاهر في الدنيا فلأجل الضرورة لم نحكم بنجاسة الخل وإن كانت متصلة بالنجاسة لا أن ما فوقها طاهر بل نجس ولكن بعض كدود الخل يموت فلا ينجسه وإن

كان يموت بالدود والدود الميت في نفسه نجس لعموم البلوى كذلك هذا ما في مسألتنا لا ضرورة إلى نقل الخمر بإناء مرتفع الخمر من مكانها إلى أعلى الدن بإدخاله فيه فلا ضرورة فينجس كما لو أخرجه دود الخل من الخل ثم طرح فيه فمات ينجس في قول حتى قال الإمام لو رفع بعض الخمر من الدن وارتفعت الخمر إلى أعلا الدن بإدخال الإناء فيه ثم ملأ هذا الدن من الخمر إلى موضع الإرتفاع فما فوقه قبل أن يجف الخمر المرتفع إلى أجزاء الدن قال إذا تخلل يطهر لأن الانقلاب وجد في الكل فإن أجزاء الدن الملاقية للخل لا خلاف في طهارته تبعا للخل قال وما علا من أجزاء الدن بالغليان قال بعض أصحابنا هو طاهر بعد ما تخلل الخمر فيها وعندي أنه معفو عنه وليس بطاهر وإليه ذهب بعضهم وإنما لا ينجس الخل بملاقاته لأجل الضرورة
667 - مسألة صب العصير في الدن فتخمر وأخذ شيئا منه ونقله إلى إناء آخر وانتقص ما في الدن فتخلل بعده ما في الدن وما في الإناء
قال ما في الدن لا يكون طاهرا لأن الموضع الذي انتقص منه نجس وهو متصل بالخل وكذلك لو أدخل فيه إناء حتى ارتفع ثم أخرج الإناء فعاد إلى مكانه فتخلل فهكذا بخلاف ما لو غلب الخمر ثم انتقص فتخلل بنفسه يكون طاهرا لأجل الضرورة لأنه لا يكون إلا كذلك ولو قلنا لا يكون طاهرا لم يوجد خل طاهر قال وما غلت الخمر من الدن نجس لأنه قد جف فلا يطهر بعده غير أنه لا ينجس الخل كدود الخل نجس بعد موته ولا ينجس الذي يموت فيه لأجل الضرورة أما إذا ارتفع بفعله فلا ضرورة إليه أما الإناء الذي نقل إليه الخمر يحكم بغلية ما يشرب الإناء قال وكذلك هذا الدن الذي أخذ منه الخمر بعض لو صب فيه في الحال خمر آخر حتى ارتفع إلى الموضع المأخوذ منه ثم تركه حتى تخلل بكونه طاهرا والله أعلم
668 - مسألة قال المرتهن إذا باع الرهن دون إذن الراهن مع إمكان الرجوع إليه لم يصح وللراهن أن يدعي إن شاء على المرتهن بقيمة العين وإن شاء على المشتري بعينه فلو أقر المرتهن بأني بعته دون إذنك عليه القيمة ثم

المالك يدعي على المشتري فإذا أقر به رد العين وهو يرد القيمة إلى المرتهن وإن أنكر أن يكون ملكا له فالقول قول المشتري مع يمينه فلو عاد العين يوما إلى ملك المرتهن عليه على الراهن واسترداد منه كالغاصب بيع المغصوب
669 - مسألة إذا قال المراهن للراهن بعني الرهن فلم يبع قال لا يصير مضمونا عليه ولا يجعل كما أخذ سوما لأن الاستيام بإذن المالك ولم يوجد
670 - مسألة إذا باع الراهن الرهن من المرتهن ثم تفاسخا البيع قال لا يعود الرهن لأن الملك بالبيع قد زال فزال الرهن فلا يعود الا بعقد جديد بخلاف ما لو رهن عصيرا فتخمر ثم تخلل عاد الرهن لأن ثمة لم يرض المرتهن بزوال حقه وحكم ملك عنه لم يزل بدليل أنه يكون أولى بتلك الخمر إلى أن يتخلل فكذلك لا يزول حكم الرهن وها هنا رضي المرتهن بزوال الملك والرهن وقد تحقق الزوال كما لو أذن له في بيعة من غيره فباعه زال حقه من الرهن فإذا فسخ لا يعود وإن باعه منه أو من أجنبي بشرط الخيار ثم فسخ بحكم الخيار هل يعود الرهن إن قلنا ملك البائع يزول في زمان الخيار لا يعود الرهن وإن قلنا لا يزول أو موقوف فالرهن بحاله
671 - مسألة إذا باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن لا يصح فلو وصفه على البيع فوكل المرتهن برجلا بشرائه من المراهن فباعه منه هل يصح قال يصح البيع ويمكن بناؤه على ما لو باع مال أبيه على ظن أنه حي فبان ميتا هل يصح قولان
672 - مسألة إذا قال بعتك داري بألف وارتهنت دارك فقال المشتري اشتريت ولم يقل رهنت أولا أرهن
قال يصح البيع لأن الرهن عقد آخر إن لم يتم لم يمنع صحة البيع والخيار ثابت في المجلس ولو قال على أن ترهن دارك فقال اشتريت ولا أرهن لم يصح البيع لأنه شرط ولم يف به

673 - مسألة إذا مات الراهن فلا يبيع المرتهن الرهن بغير إذن الورثة فلو أثبت عند القاضي والوارث غائب إلى مسافة القصر يبيعه القاضي وإن كان الوارث دون مسافة في ولاية القاضي لا يبيعه فلو باعه بعد ما تفحص عنهم ولم يقف عليهم يجوز بيعه فلو حضر الوارث فقال لم يتفحص عنا وقال الحاكم تفحصت فالقول قول الحاكم ولو ادعى المرتهن أنك لم تتفحص لا يسمع لأن التفحص يكون على القاضي لا على المرتهن
674 - مسألة إذا دفع عينا إلى إنسان ليرهنه يستقترض له شيئا فرهن وأنكر المرتهن هل يضمن قال إن أشهد لم يضمن وإن لم يشهد ضمن قال وهذا إنما يخرج على أن المرتهن إذا ادعى رد الرهن قوله لا يقبل في الرد فأما إذا قلنا قول المرتهن في الرد مقبول فيكون كما دفع إليه عينا وأمره أن يودعه عند إنسان فهل يجب الإشهاد وهل يصير معتديا بتركه
فيه وجهان لأصحابنا ويحتمل أن يكون على وجهين سواء قلنا يقبل قول المرتهن في الرد أو لا يقبل كما لو أمره بالإيداع فلم يشهد لأن المرتهن لو ادعى التلف يقبل قوله بلا خلاف كالمودع سواء وهذا أصح الاحتمالين
675 - مسألة رهن شيئا من إنسان فأخذه عبد المرتهن من غير إذنه ودفعه إلى عبد رجل آخر فهلكت في يده يتعلق الضمان برقبة كل واحد من العبدين وإن أخذ من قيمة عبد المرتهن رجع سيده في قيمة العبد الذي هلك عنده أو فداه سيده فلا سي على المرتهن وإن كان المرتهن ائتمن عبده على حفظ الرهن بعد علمه بأنه غير أمين فيتعلق الضمان بجميع أمواله ثم هو بعد ما غرم يرجع في قيمة من هلك عنده
676 - مسألة رجل رهن من إنسان مالا لدين فالمرتهن دفع الرهن إلى أمين ليسلم إلى الراهن ويقبض الدين فتلف الرهن في الطريق والضمان على من يكون
قال نظر إن دفع المرتهن الرهن بإذن الراهن لا ضمان على المرتهن ولا

على الأمين وإن دفع دون إذنه يجب الضمان على المرتهن لأنه صار ضامنا بتسليم المال إلى غيره من غير إذن المالك أما الأمين هل يضمن فإن كان عالما بأن هذا رهن والمرتهن دفعه إليه من غير إذن المالك يضمن وإن كان جاهلا يضمن لأنه أمين الراهن ولو أن الراهن كان مع الأمين في الطريق فهذا الأمين دفع الرهن إلى الراهن ليضع على حماره فتلف على الحمار قال إن أخذ الراهن ووضعه من غير إذن الأمين يبرأ الأمين لأنه أخذ ماله سواء كان عالما بأنه متاعه أو جاهلا وإن وضعه بإذن الأمين إن كان عالما بأنه متاعه يبرأ وإن كان جاهلا حكمه حكم ما لو غصب طعاما وأطعم المالك والمالك جاهل يبرأ عن الضمان فيه قولان ولو اختلفا فقال الراهن للأمين أنت وضعت الرهن على حماري بغير إذني وقال لا بل أنت وضعت فالقول قول الأمين لأن المالك يدعي عليه التعدي
677 - مسألة رجل ورث من مورثه عينا ثم باعها من إنسان فجاء إنسان وادعى على المشتري إني كنت ارتهنت هذه العين من مورث البائع والبيع لم يكن صحيحا والعين في رهني هل يسمع هذا الدعوى قال الأصحاب بأنه لا يسمع لأنه يدعي ملكا
وقد قال الشافعي رحمه الله والخصم فيما جنى على الرهن هو المالك
وقال الشيخ القفال إنه يسمع هذه الدعوى لأن الرهن حق مقصود يضاهي حقيقة الملك فيسمع الدعوى له قياسا على دعوى الملك أليس أنه لو ادعى على إنسان أن العين التي هي ملكه هي لي يسمع هذا الدعوى وقد قال أصحابنا عين في يد إنسان يقول ملك فلان الغائب فادعى عليه ذلك العين وانتزع من يده فصاحب اليد إذا أراد إقامة البنية لا يسمع ولو ادعى أنها رهن عندي أو إجارة أو عارية يسمع لأنه يثبت لنفسه حقا دل أن الدعوى على الحق كالدعوى على العين وقولهم بهذا الدعوى يثبت لغيره ملكا قلنا غرضه من هذا إثبات الحق لنفسه وملك الغير يثبت ضرورة ويجوز مثل هذا كما في المسألة التي استشهدنا بها

باب التفليس
678 - مسألة لو كان ماله يفي بديونه ويزيد لا يحجر عليه فلو كان ماله دينا على آخر هل يحجر عليه
قال ينطر إن كان الدين حالا وهو على مليء مقر لا يحجر عليه وإن كان على جاحد فهو كالمعدوم يحجر عليه وكذا إن كان مؤجلا لأن حقوق الغرماء حالة فالدين الموجل لا يفيدهم فائدة
679 - مسألة إذا كان للمفلس عبد أو حمار زمن ينفق عليه من ماله ما لم يفرغ من بيع ماله وإذا بيع ماله يترك له نفقة يوم ليلة وكذا لعبده وحماره
680 - مسألة المفلس إذا ادعى هلاك ماله وأقام عليه بينة فأراد الغرماء تحليفه ليس لهم ذلك لأن فيه تكذيب البينة وإن كانت البينة شهدت أنه لا مال له حلف لأن فيه تكذيب للشهود لأنه قد يكون له مال باطن لا يعلمون كما لو شهدوا على رجل أنه أقر أنه باع ماله زيد فقال أقررت ولكني ما بعت فيحلفوه على ذلك فإنه يحلف وإذا رأوا في يد المفلس مالا بعد ما ثبت إعساره عن القاضي فقال هذا لفلان وهي في يدي مضاربة أو وديعة فإن ادعاه فلان لنفسه سلم إليه وإن لم يدعه لم يقبل إقرار المفلس ويباع في ديونه وإن صدقه ذلك الرجل وادعاه لنفسه فسلم إليه أو كان غائبا فحضره فادعاه لنفسه فيسلم إليه فلو قال الغرماء يحلف المفلس أنه صادق في إقراره فهل يحلف المذهب أنه لا يحلف لأنه لا فائدة في تحليفه لأنه لو رجع لم يقبل رجوعه ومنهم من قال يحلف لأنه لو رجع قبل رجوعه وليس بشيء المفلس إذا كان محترفا يباع عليه آلة حرفته في الدين
681 - مسألة سئل عمن دفع ثوبا إلى حائك ليحيكه فحاكه هل له حبسه لاستيفاء الأجرة ولو حبسه فتلف في يده هل عليه الضمان
قال هذا يبنى على أن عمله أثر أم عين قولان وأجاب على القول

الذي يقول أنه عين قال له حبسه ولو تلف في يده لا ضمان عليه ولا أجرة له

باب الحجر
682 - مسألة إذا تصرف الأب في مال السفيه هل يجوز أن يبيع من نفسه قال إن قلنا إذا أذن له في التصرف نفذ بإذنه لا يجوز وإلا وجب أن يجوز إذا بلغ سفيها وإن بلغ رشيدا فلا يجوز لأن حجره إلى الحاكم فيصير كالقيم
باب الصلح
683 - مسزلة إذا باع دارا وقد جعل مسيل مائها في دار له أخرى أو في خربة له يدخل المسيل في البيع لأنه من حقوقه كما يكون للمشتري حق الممر إلى الدار المشتراة يكون له حق إسالة الماء إلى حيث كان وإن أمكن صرفه إلى مكان آخر ولو باع الخربة قال يبقى للبائع حق إسالة الماء كما لو باع دارا واستثنى لنفسه بيتا فيها يبقى له حق الممر إلى ذلك البيت أو باع دارا أو ممر دار أخرى للبائع على هذه الدار يبقى له حق الممر إلا أن يكون قد حول مسيل مائها عن موضعه إلى الخربة أياما معدودة لعمارة الدار على عزم أن يرده إلى مكانه فإذا فرغ عن العمارة فلا يدخل في بيع الدار وإذا باع الخربة لا يبقى للبائع حق إسالة الماء في الخربة
684 - مسألة رجل ادعى عينا على إنسان فقال رددته فصالحه قال إن كان العين في يده أمانة لا يصح الصلح لأن القول قوله فيكون صلحا على الإنكار وإن كان مضمونا فقوله في الرد غير مقبول وقد أقر بالضمان فيصح الصلح ويحتمل أن لا يصح لأنه لم يقر له عليه شيئا
685 - مسألة رجل حول ميزابه إلى سكة غير نافذة لم يكن له إلا

بإذن أهل السكة فلو أراد أن يحفر حفيرة تحت الميزاب ليسيل الماء فيها
قال إن كان شيء من الحفرة في هذه السكة لهم منعه وإن كان الكل تحت جداره لا منع لهم
686 - مسألة قال جدار إلى الطريق هل للمارين هدمه من غير رضاه قال يأمرونه بهدمه فإن لم يفعل لهم ذلك كما لو خرجت أغصان شجرة إلى هواء الجار له قطعه
687 - مسألة إذا خربت بلدة واشتبهت الأملاك لكل واحد أخذ ملكه بالتحري كما لو اختلطت حمامة بحمام الغير
688 - مسألة طريق واسع ليس لأحد أن يدخل في ملكه وإن كان لا يضر بالمارة ولو كان يجوز له أن يبني فيه دكة أو يقعد فيه لبيع ارتفاقا لأنه أبيح له الارتفاق لا التملك
689 - مسألة قرية لها مراتع من مرافقها حواليها لا يمنع المارة من أن يدعوا فيها دوابهم لأن مرافق القرية لأهلها وللمارة
690 - مسألة رجل يجري ماء في ملك الغير إلى ملك نفسه فقال صاحب الملك لا حق لك فيه إنما هو عارية وادعاه من كان يجري الماء فالقول قول صاحب الملك مع يمينه قال فإن طالت مدة إجراء الماء رسم الملاك ولم يكن ينازعه صاحب الملك ولا غيره فيه جاز له أن يشهد بالاستحقاق
691 - مسألة رجل له أرض وساقية على طول هذه الأرض يسقي أرضه من أي موضع شاء من هذه الساقية فباع هذه الأرض من ثلاثة وبنى كل واحد في ملكه فليس لصاحب الأسفل أن يقول أنا أحول شرب أرضي من أعلى الأرض على الملك المشترى بين الآخرين ويقول كان البائع يسقي من أي موضع شاء بل يسقي أرضه من أسفل الساقية الذي يلي أرضه
692 - مسألة رجل قال لآخر احفر لنفسك بئرا في هذه الأرض

فحفر لا يصير الأرض والموضع ملكا للحافر وهل يستحق الحافر الأرض قال لا يستحق لأنه عمل لنفسه وفيه اختلاف كما لو قال أعمل في هذا المعدن فما استخرجته فهو لك فما استخرجه يكون للمالك وفي استحقاقه الأجر وجهان وأصله أن الأجير إذا صرف الأجرام إلى نفسه لا ينصرف إليه وهل يستحق الأجرة فيه قولان ولو قال ابن بيتا أو أرضا في هذه الأرض حتى أعطيك شيئا ففعل يستحق أجرة المثل فلو مات الآمر واختلف الباني مع وارثه فقال الوارث عملت مجانا وقال بل بالأجرة فالقول قول الوارث مع يمينه كمن دفع ثوبا إلى غسال ثم اختلفا فقال الغسال غسلته بالأجرة وقال رب الثوب بل مجانا فالقول قول رب الثوب مع يمينه لأن الغسال أتلف منفعة نفسه بنفسه ثم يريد الرجوع إلى الغير به فلم يكن له ذلك بخلاف ما لو ركب دابة الغير فقال المالك كان ملكا فقال بل عارية كان القول قول المالك مع يمينه على الأصح لأن الراكب أتلف منفعة دابة الغير ثم يدعي التملك فأوجبنا عليه الضمان
693 - مسألة أرض مشتركة بين رجلين فيها أشجار فاقتسموها فوقعت شجرة في نصيب أحد الشريكين وأغصانها خارجة إلى هواء طريق الشارع لا بأس إذا كان لا يضر المارة فأما إذا كانت أغصانها خارجة إلى هواء نصيب الآخر له تكليفها نقل الأغصان فإن لم يفعل قطعها كما لو انتشرت أغصان الشجرة القديمة إلى هواء الجار
694 - مسألة موضع جدار مشترك بين رجلين بنياه جدارا ثم ثبت أنه كان ملكا لأحدهما فهل لمن ثبت له الملك تخريبه لما فيه من تراب صاحبه قال له ذلك بخلاف ما لو بنى في ملك الغير بإذنه ليس له تخريبه مجانا إما أن يتملك بالقيمة وإما أن يقر بالأجرة وإما أن يهدم ويغرم النقصان لأن في تخريبه إضرارا بالباني وأضاع ماليته بعد ما فعل بإذنه وها هنا البناء لم يكن بإذن المالك على أنه ملكه ولا حق له إلا في التراب وترابه لا يضيع فهو كمن اشترى أرضا فبنى فيها ثم طهرتا مستحقة للمستحق هدمه مجانا

695 - مسألة إذا بنى في الشارع بناء لا يضير بالمارة لا يمنع وليس للحااكم أن يبيعه ولا أن يقاطع ذلك الموضع إلا أن يؤاجره
696 - مسألة له شجرة في شارع فمالت وضيقت الطريق على الناس يؤمر بقلعها فإن قلعها غيره لا شيء عليه ولو سقط قبل أن يقل فأتلف شيئا فهو كالجدار يميل وفيه وجهان
697 - مسألة رجل له دار بابها في سكة غير نافذة فمات عن ابنين أو باعها من رجلين فاقتسماها وجعلا لها بابين لأهل السكة المنع أما إذا اقتسما داخلها ومخرجها إلى السكة واحد جاز
698 - مسألة إذا وصل رجل غصنا من شجرته شجرة غيره فوصلته فثمرة تلك الغصنة لمن يكون
قال لا يجوز للغير أن يفعله فإن فعله دون إذن مالك الشجرة ليقلعه مجازا فإن لم يقلع حتى أثمرت فثمرة تلك الغصنة لمالك الغصنة لا لمالك الشجرة كمن غرس في أرض الغير فثمرة الشجرة لمالك الشجرة لا لمالك الأرض وإن وصل بإذن المالك ثم بدا لمالك قطع الغصنة ليس له ذلك مجانا بل ينبغي أن تخير بين أحد الشيئين إما أن يقر بالإجرة أو يقلعه بأرش النقصان أما التملك بالقيمة فلا كما لو أعار رأس جداره من رجل فبنى عليه يتخير بين أن يقلعه بأرش النقصان أو يقره لاأجرة وليس له أن يتملك بالقيمة بخلاف ما لو غرس في أرضه بإذنه لأن الغراس يكون تابعا للأرض والبناء لا يكون تابعا للبناء والغصن للشجرة
699 - مسألة سكة غير نافذة لرجل فيها دار فباع نصفها لرجل وأراد المشتري أن يفتح بابا آخر في نصيبه فيها قال لا يجوز إلا بإذن أهل السكة وكذلك لو كانت الدار مشتركة واقتسما وأراد أن يجعلا بابا واحدا بابين سواء فتحا أعلى منها أو أسفل إلا أن يكون المدخل في السكة واحدا والشريك فتح له بابا في دهليزه فلا يمنع وقد رأيت في مجموع المحاملي أنه إذا أراد أن يجعل داره

حجرتين ويفتح فيها بابين إن أراد أن يفتح البابين إلى أول الدرب جاز وإن أراد أن يفتحه في آخره فيه وجهان كما لو أراد نقل بابه التقديم إلى أول الدرب يجوز وإلى آخر الدرب فيه وجهان والصحيح لا وهذا هو الصحيح عندي وعند أبي حنيفة ليس له أن يجعل حجرتين ويفتح بابين
700 - مسألة إذا أراد واحد منهم أن يبني فيها ساباطا هل يشترط إذن من فيها بالإجارة قال إن كان يضر بمنفعته يشترط وإلا فلا وإن كان فيها دار موقوفة أو فيها لطفل دار هل يتصور هذا البناء قال حق الطفل لا حتى يبلغ فيأذن وفي الوقت لا يجوز أصلا ولو كان لرجل فيها قطعة أرض أراد أن يتخذها خانا أو أراد أن يتخذ داره خانا أو أجر داره من جماعة قال يجوز دون إذن الناس ولو بنى في تلك القطعة دورا لكل واحدة باب يجوز لأنه لم يفتح بابا حيث لم يكن

باب الحوالة
رجل ادعى على رجل عشرة وأقام بينة أو أقر المدعى عليه أني أديت إليك العشرة فقال المدعي تلك العشرة لم تكن من هذه الجهة كان لي عليك عشرة أخرى فالقول قول الدافع مع يمينه أما إذا قال المدعى عليه إنك قد أحلت علي فلانا بالعشرة فقال المدعي إنما أحلت بعشرة من جهة أخرى قال القول قول المدعي مع يمينه لأن الحوالة استيفاء وهو أن يكون قد استوفاه وينكر أن يكون قد أحال بما يدعي بخلاف المسألة الأولى فإن ثم أخذ من المدعى عليه المال والقول قول المدعي في جهة الآداء يدل على الفرق بينهما أنه لو كان لزيد على عمرو ألفان ألف بها رهن وألف لا رهن بها فإذا الذي عليه الألفين قال أديت عن الذي به الرهن فإن القول قوله مع يمينه وإن كان الذي له الحق أحال غريما له بألف على الذي عليه ثم قال أحلت بالدين الذي لأرهن به وقال المحال عليه أحلت بالذي به الرهن وقد أفيك فالقول قول المحيل الذي له الدين مع يمينه

باب الضمان
701 - مسألة إذا أدى الضامن حق المضمون له فأراد الرجوع على المضمون عنه
فقال المضمون عنه إن رب الدين كان أبرأ ذمتي حلف الضامن أنه لم يعلم إبراؤه
702 - مسألة إذا ضمن عن الضامن ضامن فغرم الثاني رجع على الأول أن ضمن بإذنه ثم الأول يرجع على الأصيل إن ضمن بإذنه فلو أن الضامن الثاني ضمن بإذن الأصيل قال إن ضمن على الأصيل يرجع عليه ولا يرجع على الضامن سواء كان بإذنه أو دون إذنه وإن ضمن عن الضامن إن كان بإذنه رجع عليه وهل يرجع على الأصيل فيه وجهان وإن ضمن عن الضامن الأول بغير إذنه ولكن بإذنه الأصيل بأن قال له الأصيل اضمن عن ضامني فإذا ضمن قال ينبغي أن لا يرجع على أحد أما الأصيل فلأنه لم يضمن عنه وأما الضامن الأول فلأنه لم يضمن ما فيه وإن ضمن عن الأصيل أو عن الضامن جميعا فعن أيهما أدى رجع عليه إن كان بإذنه وإن أدى عنهما رجع عليهما
703 - مسألة إذا قال لرجل اقض ديني فقضى يرجع عليه على الأصح ولو قال اقض دين فلان ولم يقل على أن ترجع علي فإذا قضى لا يرجع عليه لأنه متبرع وإن قال على أن ترجع علي هل يرجع عليه قال وجب أن لا يرجع لأنه لا يجب عليه ذلك إلا أن يكون هذا القائل ضامنا عن فلان فحينئذ كما لو قال اقض ديني فإذا قضى هل يرجع وجهان الأصح أنه يرجع
704 - مسألة إذا باع شيئا وشرط فيه رهنا فاسدا هل يفسد البيع
قولان وكذلك الكفيل المجهول ولو قال بعتك بشرط أن تعطيني فلانا كفيلا بهده الثمن يدخل الغراس التي أغرسها لو قلعت بطل البيع ولم

يذكروا قولين ولعل الفرق بينهما أن الفساد ليس في الكفيل حقيقة لأن الكفيل معلوم وهو من أهل أن يتكفل وإنما القولان فيما إذا كان الفساد في الكفيل إنما الفساد في المكفول والمكفول به أمر يعود إلى البيع فيفسده قال على هذا ينبغي أن يقال إذا قال بعتك بشرط أن ترهن مني عبدك ببعض الثمن ولم يبين قدره أن يفسد البيع
705 - مسألة إذا ضمن في الدرك في الثمن إذا تلف المبيع قبل القبض أو ظهر الانفساخ بشرط هل يصح أم لا قال إن قلنا إذا ضمن الدرك يطالب بالثمن عند الانفساخ بالشرط والتلف صح لأنه صرح بما هو قضينه وإن قلنا لا يطالب قال فلا يصح قال وهذا أصح حتى ولو ضمن الثمن إذا رد المعيب بعيب لا يصح لأن في ضمان الدرك لا يطالب به لأن البائع يملك الثمن ووجوب الرد عليه يكون بعد الفسخ بالعيب فيكون هذا ضمانا قبل الوجوب
706 - مسألة رجل أثبت دينا له على غائب بين يدي القاضي وللغائب دار أمر القاضي ببيع تلك الدار من المدعي بالدين فباع وضمن البائع أو غيره للمدعي الدين أن لو خرجت الدار مستحقة لا يصح الضمان لإنه ضمان دين بشرط وهو خروجه مستحقا ولا يكون هذا ضمان الدرك لأنه ضمان الثمن الذي قد أداه المشتري إلى البائع فدخل في ضمانه ولم يوجدها هنا تسليم ثمن من جهة المشتري إلي البائع حتى يصح ضمانه
707 - مسألة إذا تكفل ببدن إنسان يجب إحضاره إذا طولب فإذا كان غائبا يطالب بإحضاره قال إن كان إلى مسافة القصر لا يكلف إحضاره كما لا يكلف حمل المسلم فيه من مسافة القصر
708 - مسألة إذا قال مالك الدار لآخر اعمر داري ليكون لي ذلك فعمر فما أدخل العامر فيه من موضع آخر فهو له وله إخراجه ورن عمره بتراب تلك الدار فللعامر أجر مثل عمله لأنه لم يعمل فيه مجانا

باب الشركة
عقد عقد الشركة على أن ينيب أحد الشريكين نائبا في التصرف فاسد
709 - مسألة بيع بزر دود القز لا يجوز فلو أن رجلين اشتركا في دود القز ومن أحدهما العمل ومن الآخر الورق فالفيلج بينهما وعلى صاحب الورق نصف أجر مثل عمل الآخر وعلى الآخر نصف قيمة ورق صاحب الورق فلو كان البزر من واحد فأباح للآخر نصفه بالإباحة لا يضير الفيلج للآخر لأن الإباحة لا يوجب الملك فالفيلج كله لصاحب البزر وعليه لصاحب الورق قيمة الورق فلو كان صاحب الورق يقطع الأوراق ويحملها إلى دار صاحب البزر فلا يستحق أجرة القطع لأن صاحب البزر إنما يصير ضامنا للورق إذا قبض فقطع صاحب الورق والحمل يصرف في ملك نفسه لا يستحق به شيئا على الغير
710 - مسألة إذا أذن أحد الشريكين للآخر في التصرف في جميع المال وهو لا يتصرف إلا في نصيبه فهل لمن يتصرف في الكل أن يرجع بأجرة بعض عمله قال لا لأن تفاوت الشريكين في العمل في الشركة الصحيحة لا يوجب الرجوع بالأجرة
711 - مسألة إذا دفع شاة إلى إنسان فقال اذبحه وسلم إلي شحما واللحم مبيع منك كل من بكذا فأخذ فهلكت الشاة في يده قال لا ضمان عليه لأنه دفع الشاة إليه للذبح ولم يبع منه وإنما شرط له اللحم منا بعد الذبح وقد هلكت قبله كما لو دفع شيئا إلى إنسان أمانة وقال إذا مضى شهر فهو مبيع منك فقبل مضي الشهر تكون أمانة في يده إذا هلك لا يلزمه الضمان
باب الوكالة
إذا وكل عبد رجلا ليشتري نفسه من سيده ففعل عتق العبد والثمن على العبد فلو خالف العبد أو اشتراه بأكثر قال يقع العقد للوكيل وعليه الثمن

712 - مسألة دفع ثوبا إلى دلال لبيعه فضاع من يده ولا يدري الدلال أنه سرق أو نسي في موضع أو سقط منه أو دفع إلى مشتر فنسي قال يجب عليه الضمان لأن الغفلة عن حفظ الأمانة حتى يضيع مضمنه وكذلك لو وضعه في موضع فنسي إنما لا يجب عليه الضمان إذا خفي جهة الهلاك من غير تفريط من جهته
713 - مسألة إذا قال الموكل باع وكيلي بالغبن وقال المشتري بل بثمن المثل فالقول قول الموكل مع يمينه لأنه يدعي فساد العقد والأصل بقاء ملكه فلو أقام كل واحد بينة فبنية المشتري أولى لأن عنده زيادة علم وهو انتقال الملك إليه من البائع وكذلك كل شيئين يتعارضان فإن ما اتصل به حكم الحاكم يقدم والله أعلم
714 - مسألة إذا وكل ببيع شيء هل يملك تسليم المبيع وقبض الثمن لأصحابنا وجهان قال شيخي رضي الله عنه إذا وكله ببيع صرف أو عقد سلم يملك تسليم رأس المال إليه عندي وجها واحدا لأن العقد لا يتم بدونه وهو يختص بزمان الخيار وخيار المجلس ثابت للوكيل وإن كان في غير هذين لا يجوز له التسليم في وجه لأن العقد يتم بدونه ألا ترى أنه لو وكل بثمن حال يملك قبض الثمن في وجه ولو وكل بثمن مؤجل لا يملك قبضه عند حلول الأجل وجها واحدا لأن قضية العقد في الحال تعجيل التسليم وفي المؤجل بخلافه وكما لو وكل ببيع شيء وقلنا لا يملك الوكيل التسليم إلا بالإذن قال رأيت أن بيعه لا يصح لأنه لا يقدر على التسليم قال والذي عندي أنه يصح العقد وإن كان التسليم يتوقف على إذن الموكل لأنه ليس هناك حائل مانع يتوقف على إحضار المبيع إذا كان غائبا عن ذلك المكان ولا يمتنع تغييبه صحة البيع
715 - مسألة وكل عبدا لشراء شيء دون إذن سيده لا يصح ولو وكله ليشتري عبد فلان فلما جاء الوكيل كان فلان قد باعه من أجر فللوكيل أن

يشتري من الثاني وهو قول أبي حنيفة ولو وكله لبيع عبده من فلان فباع من غيره لم يصح ولو وكله بتطليق زوجته ثم الموكل طلقها ثم طلقها الوكيل قي عدة الرجعة تقع الطلقتان
716 - مسألة إذا وكل وكيلا يشتري شيئا وكالة فاسدة فاشترى قال إن قال اشتر لي عبدا ولم يبين النوع والوصف فاشترى عبدا يصح العقد للعاقد إن اشترى في الذمة
717 - مسألة إذا وكل وكيلا بشراء شيء فقال البائع بعته من فلان وقال الوكيل اشتريته لفلان موكله الذي سماه قال لا يصح العقد لأن أحكام العقد تتعلق بالعاقد وهو لم يخاطب العاقد مسألة رجل وكل وكيلا اشترى له فرسا فأخذ الوكيل فرسا من إنسان وبعثه إلى الموكل فتلف في الطريق هل يجب عليه ضمانه قال فيه تفصيل إن أخذ الوكيل من البائع على طريق السوم قال ينبغي أن يضمنه الوكيل إذا تلف في يده لا الموكل لأن الموكل أمره بالشراءلا بالاستيام ولو أمره بالاستيام فعلى الموكل ولو بعثه إلى الموكل نظر إن كان الموكل أمره بإن يبعثه إليه ضمن الموكل فإن تعدى الرسول في الطريق بأن ركبه فمقدار الضمان على الرسول وإن لم يأمره الموكل بأن يبعث إليه نظر إن قال البائع ابعثه إلى الموكل فبعث فتلف في الطريق من غير تعد لا ضمان على أحد وإن تعدى فيه الرسول ضمنه الرسول ولو ركبه الرسول في الطريق فقال البائع لم آذن في الركوب فالقول قول البائع مع يمينه وإن لم يأمره البائع أيضا بأن يبعثه إلى الموكل فبعثه الوكيل ضمن الوكيل وأما الرسول نظر إن كان عالما بأن الوكيل لا يجوز له أن يفعل ذلك فقرار الضمان عليه والوكيل طريق وإن كان جاهلا فلا شيء على الرسول إلا أن يتعدى فحينئذ يكون قرار الضمان عليه والوكيل طريق
718 - مسألة إذا وكل وكيلا ببيع شيء فتعدى فيه ثم باعه صح فلو تلف الثمن قبل القبض حتى انفسخ أو رد عليه بالعيب يكون مضمونا

عليه لأن العين صارت مضمونة عليه بالتعدي بخلاف الثمن إذا أخذه لا يكون مضمونا عليه لأنه لم يتعد فيه قال يحتمل أن يقال فيه وجهان بناء على أنه خرج المبيع عن ملكه ثم عاد إليه هل له الرد بالعيب وجهان ويحتمل أن بيني على أن العقد يرتفع من حينه أم على أصله
719 - مسألة إذا دفع شيئا إلى إنسان لحمله إلى بلد كذا فيبيعه فحمله ولم يبع فرده ثم حمله ثانيا بعد المالك فباعه قال يصح البيع إن لم يكن رد إلى المالك لأن الإذن بالبيع باق ولو تلف في الحمل الثاني قال يضمن لأن الشيء صار مضمونا عليه بالرد الأول إلى هذا البلد ولزيادة السفر
720 - مسألة إذا بعث رسولا إلى بزاز ليأخذ ثوبا ففعل ثم أنكر المرسل هل يجب الضمان على الرسول قال إن أخبر الزاز بأني رسول فلان فصدقه فدفع إليه لا ضمان على الرسول
721 - مسألة رجل دفع متاعه إلى البائع ليبيعه فباع البائع ونصب من يقبض ثمنه فغاب الذي نصبه لقبض الثمن بعد قبض البعض قال الباقي من الثمن يجب على على البائع أن يدفع إلى المالك ثم يرجع البائع على المشتري
722 - مسألة لو وكل وكيلا ليطلق إحدى نسائه قال نظر إن قال طلق واحدة معينة فطلق الوكيل واحدة وعين بقلبه جاز فإن مات قبل أن يخبر الموكل لمن عينها يمنع الموكل عنهن حتى يعين وإن لم يطلع كما لو طار طائر فقال إن كان غرابا فأمرأتي طالق وإن لم يكن فعبدي حر يؤمر بالتعيين وإن وكل فقال طلق واحدة بلا تعيين إن قلنا هو في الزوج طلاق موقع يصح ثم على الزوج التعيين وإن قلنا التزام طلاق في الذمة لا يصح التوكيل
723 - مسألة ولو أسلم كافر على عشرة نسوة فوكل وكيلا باختيار أربع لا يجوز ولو وكل ليطلق أربعا منهن قال يجوز وإن كان التطليق اختيارا كما لو علق طلاق واحدة بإسلامها فأسلمت طلقت وكان اختيارا لها ولو علق الاختيار لا يجوز

724 - مسألة ولو اشترى شيئا غائبا فوكل وكيلا ليرى عنه ويختار لا يجوز فلو رآه المشتري ثم وكل وكيلا بالفسخ يجوز ولو وكل بالإجازة قال يحتمل أن يقال لا يجوز وهل يكون التوكيل من المشتري إجازة وجهان كما لو وكل وكيلا بالإقرار عنه لا يصح وهل يكون التوكيل إقرارا من الموكل فيه وجهان
725 - مسألة رجل له ثلاث نسوة فوكل رجلا ليقبل له نكاح امرأة ثم تزوج هو برابعة ال ينعزل الوكيل لأنه انسد باب النكاح على الرجل وإن لم يكن له زوجه أو كانت عنده واحدة أو اثنتان فوكل رجلا ليقبل له نكاح امرأة ثم تزوج هو إمرأة لا ينعزل الوكيل لأنه لم ينسد عليه باب النكاح وكذلك لو بقي وله على زوجته طلقة فوكل وكيلا ليطلقها ثم أوقع الزوج ذلك الطلاق ينعزل الوكيل حتى لو نكحها بعد زوج لا يملك الوكيل تطليقها فإن لم يكن قد طلق أو طلق واحدة فوكل وكيلا ليطلق ثم أوقع الزوج طلقة يقع ولا ينعزل الوكيل حتى لو طلق يقع
726 - مسألة لو وكل ليشتري له جمدا في الصيف ثم جاء الشتاء وخرج الجمد عن أن يكون له قيمة ثم جاء الصيف الآخر لا يجوز له الشراء لأن العادة أنه أراد به العام الأول ولو وكل بأن يشتري له جمدا فاشترى الموكل الجمد ثم الوكيل اشترى أيضا في ذلك اليوم أو في اليوم الثاني يجوز
727 - مسألة المأذون له بالتجارة إذا باعه المولى جاز وصار محجورا عليه ولو أجره المولى صح ولا يصير محجورا عليه كما لو استعمله في عمل من أعماله أو بعثه لشغل فالإذن بحاله وصحت الإجارة
728 - مسألة المأذون إذا ركبته الديون لا يقضي من جناية جنيت عليه فلو جنى على عبد من عبيده يؤخذ الأرش ويقضي منه ديونه كما يباع رقبة عبده في دينه ولو كان للمأذون جارية اشتراها فوطئت بالشبهة هل يقضي من المهر ديونه فكالاحتطاب وإن اقتضاها يقضي من أرش الاقتضاض

باب الإقرار
إذا قال الدار التي ورثتها من أبي لفلان قال لا يكون إقرارا إلا أن يريده كما لو قال لفلان في ميراثي من أبي كذا لأنه أضافه إلى نفسه إضافة ملك وقوله لفلان متردد ويحتمل وعد هبة ويحتمل الإقرار فلا يزول اليقين بالشك ولو قال الدار التي اشتريتها لفلان كان إقرارا لأنه قد يشتري للغير فلا يكون إضافته إلى نفسه إضافة ملك نظيره لو قال الدار التي اشتريتها لنفسي لفلان لا يكون إقرارا إلا أن يريده قال ولو قال داري لفلان وقال أردت الإقرار يقبل لأنه يريد باضافة الدار إضافة سكنى
729 - مسألة رجل في يده دار فقال رجل آخر نصف هذه الدار التي في يدك ملك لزيد فأنكر صاحب اليد ثم قال صاحب اليد لرجل يظنه وكيلا من جهة زيد بعني نصيب زيد فهذا إقرار لزيد بنصف الدار كما لو قال لزيد وكذا لو قال الفضولي يعرف أنه ليس بوكيل بعني نصيب زيد فهو إقرار أيضا وإن قال لزيد بعني هذا أو بعني نصيبه كان إقرارا له بنصفه
730 - مسألة لو أن رجلا أقر بدين معلوم لإنسان والمقر له أقر بذلك المال لإنسان آخر ثم المقر له الثاني أراد أن يدعي على المقر الأول قال يسمع الدعوى ويساغ للشهود أن يشهدوا حزما أنه يلزمه تسليم هذا المال إليه من غير أن يذكروا الجهة والسبب وليس للقاضي أن يكشف عن ذلك ويستخبرهم عنه ولو أن المقر الأول ادعى أن المقر له أولا أبرأه عن ذلك المال قال لا يسمع دعواه ولا يتلفت إليه لأنه بعدما أقر بالمال للغير لا يصح إبراؤه عن مال الغير فلا يسمع دعوى الإبراء
731 - مسألة إذا أقر العبد لمولاه بمال ثم بان أنه كان حرا قال يصح الإقرار
732 - مسألة امرأة مريضة زمنة الفراش بقيت كذلك سنتين

وكانت تجلس وتأكل وتتكلم كالأصحاء فأقرت لزوجها قال إن لم يحدث مرض آخر حتى ماتت فهو كإقرار المريض في مرض الموت لوارثه
733 - مسألة ولو أقر المريض أن الدين الذي على وارثي لفلان نصفه علي قال يصح إقراره لأنه إقرار لغير الوارث
734 - مسألة إذا قال المواضع الذي أثبت أساميها وحدودها في هذا الكتاب ملك لفلان هل يصح إقراره بها وإن كان السامع لا يعرفها هل يجوز أن يشهدوا على إقراره بها وهل يسمع شهادته أجاب يصح إقراره ولا يجوز للسامع أن يشهد عليها
735 - مسألة إذا ادعى على رجل شيئا فقال اليوم لا يلزمني دفع شيء إليك لا يكون إقرارا

باب العارية
استعار حليا فوضعه في تنور نفسه فجاء آخر فأوقد فيه نارا فتلف إن كان الموقد عالما بكونه فيه ضمن والمستعير طريق في وجوب الضمان عليه سواء فعله بإذن المستعير أو دون إذنه وإن كان الموقد جاهلا نظر إن أوقد النار فيه دون إذن المستعير ضمن كذلك وإن أوقد بإذنه إن كان المستعير عالما ضمن ولا شيء على الموقد وإن كان جاهلا ضمن الموقد وهمله كالطعام المغصوب ولو وضعه في تنور غيره بغير إذنه ضمن المستعير ولا شيء على الموقد إلا أن يكون عالما فقرار الضمان عليه وإن وضعه في تنور الغير بإذنه فهو كما وضعه في تنور نفسه
736 - مسألة إذا استعار شيئا من إنسان ثم دفع المعير دابة إلى المستعير العارية قال تكون الدابة في عمل نفسه فإن كانت العارية في يد غير المستعير فأخذ في يده دابة المعير ليرد العارية فالضمان على من في يده الدابة إن فعل بغير إذن المستعير وإن أخذ بإذنه فهو وكيله والضمان على المستعير

737 - مسألة إذا دفع دابة إلى إنسان لينتفع بها ليدفع إليه دابة نفسه بعد هذا كما يفعله العوام يسمونه أوام جه يدفعون البقور لحراثة الأرض ليدفع إلى هذا بقرة عند حاجته قال لا يكون هذا البقر مضمونا على الآخذ كالعين في الإجازة الفاسدة وإنما كان القرض مضمونا لأنه لا يقرض العين إنما يقرض المنفعة فيكون بمنزلة الإجازة الفاسدة يضمن فيه المنفعة دون العين
738 - مسألة استعار دابة من إنسان ليحمل عليها متاعه إلى موضع فقال المعير لغلامه احمل هذا المتاع على الدابة واذهب به فحمل الغلام فهلكت الدابة في الطريق قال يضمن المستعير إذا حمل المعير المتاع على الدابة بإذنه
739 - مسألة لو أرسل طفلا إلى آخر ليستعير له شيئا فدفع المالك إليه فهلك أو أهلكه لا ضمان على أحد
740 - مسألة إذا قال لرجل إحمل متاعي هذا على دابتك فحمل مالك الدابة متاعه على دابته فتلفت الدابة فقد ذكر الأصحاب وعلقته من شيخي وأنه يجب على صاحب المتاع ضمان الدابة وكان شيخي يقول والذي عندي أن لا يجب عليه ضمان الدابة لأن الضمان إما أن يجب باستعمال مال الغير أو باليد لا جائز أن يقال يجب بالاستعمال لأن الاستعمال مأذون فيه باليد لا يمكن إيجاب الضمان لأن الدابة في يد مالكه فما هذا إلا أنه استعان به في نقل أمتعته إلى البلد ولهذا لا يجب ضمان دابته فإن الرجل إذا قال لإنسان خذه هذه الوديعة واحفظه في هذا الصندوق ما قال أحد أن يكون الصندوق مضمونا على المودع لأنه ليس في يده إلا أنه استعان بصندوقه في حفظ ماله وفي فتاوى القاضي أنه إذا

استعان رجل بعبده وحماره في نقل أمتعته لا يجب ضمان العبد والحمار لأنه في يد المالك
741 - مسألة استعار حمارا مع الجحش فهلك الجحش قال لا يضمن لأنه لم يأخذ الجحش للانتفاع إنما أخذ لتعذر حفظه دون الأم وإن لم يكن الانتفاع بالأم إذا لم يكن الولد معه ضمن
742 - مسألة إذا استأجر شيئا إجارة فاسدة فأعار من غيره فتلف قال لا يجب الضمان على المستأجر لأنه فعل ما لم يكن له ذلك والقرار على المستعير
743 - مسألة عبد استعار شيئا فهلك في يده يتعلق الضمان بذمته كما لو اشترى شيئا
744 - مسألة إذا استعار ثوبا من إنسان فدفع المعير معه حليا فقال المستعير لا أريد الحلي فدفع المعير إليه الحلي فضاع من يده قال إن أخذه للإستعمال ضمن وإلا فلا
745 - مسألة إذا دفع ألفا إلى إنسان ثم قال المدفوع إليه كانت وديعة فهلكت وقال الدافع بل أخذته قرضا فالقول قول المدفوع إليه وهو القائل ورفعه مع يمينه لأن الأصل براءة ذمته بخلاف ما لو قال غصبتني فقال لا بل أكريتني فالقول قول المالك لأنه أتلف منفعة ماله ثم يدعى سقوط الضمان بعد الإنفاق على أنه أخذ لحق نفسه
746 - مسألة استعار أرضا للزراعة فكرى بها ثم جاء مالك الأرض فزرعها من غير إذن المستعير هل يجب عليه أجرة مثل الأرض قال لا يجب كما لو رجع بعد ما كرب له ذلك قال ويحتمل أن يوجب عليه أجرة المثل لأنه لو كان غرس بإذن الغير لم يكن للمعير قلع غراسه مجانا
747 - مسألة ولو نقل رجل زبلا من مكان بعيد إلى طرف أرضه

فجاء رجل وألقاه في أرض نفسه هل يجب عليه أجرة مثل النقل للناقل قال لا يجب
748 - مسألة إذا أخذ أرضا سوما فغرس فيها يقلع مجانا ولو قال له المالك اغرس فغرس لا يقلع مجانا بل يتخير المالك بين أحد الأشياء الثلاثة كالعارية ولو أخذ على سبيل البيع الفاسد إن كان عالما بفساده فغرس قلع وإن كان جاهلا لا يقلع مجانا بل يتخير المالك بين أحد الأشياء الثلاثة كالعارية فإن كان عالما بفساده فقال له المالك اغرس فكالعارية يتخير وقد أطلق القول في البيع الفاسد في موضع آخر أنه يقلع مجانا علم أو جهل وهذا أمثل
749 - مسألة رجل حفر بئرا في أرض السلطان فتردى فيها فرس فمات هل يضمن قال إن حفر بإذن السلطان لا يضمن وإن حفر دون إذنه ضمن كمن حفر في ملك الغير يضمن
750 - مسألة قال رجل يقيم المسجد اضرب في ملكي اللبن للمسجد فضرب وبنى المسجد قال يصير في حكم المسجد ليس للآذن نقضه كما لو دفع دراهم إلى إنسان ليدفع إلى فقير فدفع يصير الفقير ليس له استرداده وبالصرف إليه يصير ملكا له فكذلك بإدخاله في البناء يصير ملكا له ولو كان قبل إدخاله في البناء له أن يسترد كذلك قبل أن يضرب اللبن فزوال ملكه لا يتوقف عن وجود اللفظ كما في الهدية إذا أهدى إلى إنسان فقبض يصير ملكا بالإرسال والأخذ بخلاف التعاطي لا يجعل بيعا لأن البيع عقد والعقود لا يكون إلا باللفظ
751 - مسألة رجل أعار الطوب والخشب ليقيم المسجد ليبنى المسجد قال لا يجوز لأن الإعارة أن يدفع شيئا إلى إنسان لينتفع به ثم متى شاء يسترد منه والشيء إذا صار مسجدا لا يجوز الاستردادا بخلاف ما لو دفع أرضا إلى إنسان ليدفن فيه ميتا يجوز لأن له نهاية وهو أن يصير الميت ترابا فيرجع بعده وهاهنا لا نهاية له أما لو دفع شيئا لا يكون من ضرورة المسجد مثل أن يدفع

حشيشا ليتخذ مظلة للمسجد لينتفع به الناس أو الطوب والخشب ليبني جدارا حتى لا يتلف أرض المسجد يجوز ويكون عارية وله أن يرجع متى شاء وإذا تلف ضمانه على المتولي لأنه المسبب وإن كان منفعة المظلة يعود إلى الناس كمن أخذ مروحة عارية ليروح بها الناس فتلف يكون الضمان على الآخذ
752 - مسألة رجل أعار من إنسان التراب والآجر واللبن ليبني بناء قال أما إعارة التراب للبناء لا يصح لأنه لا يمكن البناء إلا بالطين ويتغير به عن هيأته وحد العارية أن يدفع شيئا إلى غيره لينتفع به على هيئته من غير أن يغيره أما ما ينتقص بالاستعمال ويغير به فلا بأس أما المتغير فلا يجوز له أن يغيره بصنعته عن هيئته وإعارة الدراهم لا يجوز على الأصح لأن الانتفاع به على هيئته لا يمكن وعلى الوجه الآخر يجوز لأنه يتصور الانتفاع به على هيئته بأن يزين به ذكائه أو يضرب على طبعه أما الآجر واللبن نظر أعاره ليبني بناء لا يمكنه النزع من البناء سليما كما لو دفع لا يجوز لأن حد العارية أن يدفع شيئا يمكنه أن ينتفع به ويرده كما أخذ وإن دفع ليبني جدارا وأخذ الأجرة ولا يغرم أرش النقصان لأنه أخذ ملك نفسه
753 - مسألة إذا استعار آجرا ولوحا ليبني فيضمن المعير أرش النقصان ولو استعار لبنا أو آجرا أو خشبا ليبني بنفسه في أرضه بيتا أو جدارا ففعل ثم رجع المعير له أن يسترد إليه وينقص بناؤه ولا شيء عليه لأنه أخذ عين ماله من غير أن أدخل نقصانا على المستعير في ماله ومؤونة عمله لا يعتبر لأنه كان يعمل لنفسه إلا أن يكون المعير قد أدخل فيه شيئا من آلة نفسه فانتقض تلك الآلة بنقص المعير ذلك النقصان ولو انتقص من آلات المعير شيء بالإدخال في البناء لا يضمن المستعير لأن العارية إذا انتقض بالاستعمال فيما أذن فيه لا تكون مضمونة على المستعير
754 - مسألة رجل له في ذمة آخر دين فمات الذي له وخلف وارثا ولم يرد الدين إلى وارث الميت حتى مات الوارث ولم يخلف الوارث أو لم

يرده الذي عليه الحق إلى وارث الوارث إن خلف فهذا الذي عليه الدين يلقى ابنه بحق الموروث أم بحق جميع الورثة
قال لكل واحد بقدر استحقاقه

باب الغصب
755 - مسألة ضرب لبنا من طين مغصوب ثم نقضه يجب عليه ألا يغرم قيمته مضروبا
756 - مسألة رجل غصب شيئا ثم إن المالك لقيه في مفازة والمغصوب معه فإن استرده لم يكلف أجرة النقل وإن امتنع عن القبول فوضعه الغاصب بين يديه هل تبرأ نظر إن لم يكن لنقله مؤونة يبرأ وإلا فلا وللمالك أن يكلف رده إلى موضع الغصب ولو أخذه المالك وشرط على الغاصب مؤونة النقل قال لا يجوز لأنه ينقل ملك نفسه
757 - مسألة رجل أجر دارا من إنسان إلا بيتا أمسكه لنفسه يدخل فيها دوابه فأدخل دابة في ذلك البيت وترك بابا البيت مفتوحا فخرجت الدابة واتلفت مالا لمستأجر الدار لا ضمان لأن المستأجر الدار كان حاضرا عليه حفظ ماله وإن خرج وترك المتاع مع علمه بأن الباب مفتوحا فهو مضيع لماله فإن لم يعلم ضمن مالك الدار
758 - مسألة دابة إنسان سقطت في كوة في دار إنسان وأتلفت شيئا قال إن كان بالليل يجب الضمان على مالك الدابة وإن هلكت الدابة فلا ضمان وإن كان بالنهار فلا ضمان على مالك الدابة والله تعالى أعلم
759 - مسألة لو غصب شجرة أو حطبا فحرقه حتى صار رمادا لا

قيمة له غرم قيمة الشجرة والمالك أولى بالانتفاع بالرماد وإن جعله فحما وله قيمة فالفحم للمالك وغرم الغاصب النقصان وذلك إذا كانت قيمة الفحم أقل من قيمة الشجرة
760 - مسألة غصب مكاتب عليه أجرة مثله للمكاتب فإن مات في يده فالقيمة للسيد
761 - مسألة غصب جارية فوطئها رجل في يد الغاصب فماتت في الطلق قال إن زنا فالقيمة على الغاصب وإن كان بالشبهة فعلى الواطىء كما لو وطىء في يد المالك والغاصب طريق وإن نكحها نكاحا فوطئها قال نظر إن كان الفساد من حيث أن الغاصب زوجها ولم يعرف الزوج فالضمان على الغاصب لأن الزوج لم يشرع فيه على أن يضمن بالطلق وإن كان الفساد شبهة أخرى فو كوطء الشبهة قال ولو زوجها المالك في يد الغاصب صح التزويج فإذا ماتت في يد الغاصب أو عند الزوج في الطلق أو غيره فالقيمة على الغاصب لأنها مضمونة عليه كمن غصب جارية مزوجة فماتت عنده
762 - مسألة لو غصب شيئا فباعه من آخر فتلف في يد المشتري فقرار الضمان عليه ولو أعار الغاصب من إنسان فتلف في يد المستعير فكذلك أما منفعة العين يكون قرار ضمانها على المستعير أم على الغاصب هذا يبنى على أن المستعير هل يعير أم لا فيه وجهان إن قلنا يعير جعلنا المنفعة ملكا له فهل يستقر ضمان العين على المنهب فيه خلاف بين أصحابنا وإن قلنا المستعير لا يعير فهو كما لو أطعم المغصوب إنسانا فأكله وفيه قولان والصحيح من هذا كله أنه كالطعام
763 - مسألة قال مجرد مال الغير سبب موجب للضمان حتى لو حمل

متاع إنسان ثم وضعه في مكانه في الحال فتلفت يضمن إلا إذا وضع بين يدي المالك فهي كالتخلية يبرأ وإن لم يضع بين يدي المالك لا يبرأ عن ضمانه حتى يرد إلى المالك أو وكيله
764 - مسألة دار بين حاضر وغائب فوكل رجلا حتى استأجر جميعها من الحاضر بغير إذن الغائب ففعل ثم رجع على الغائب قال يرجع بأجر مثل نصيبه إن شاء على شريكه وإن شاء على الوكيل إن كان عالما وإن شاء على المستأجر الذي انتفع به والقرار على المستأجر قال وإنما يرجع على الوكيل إذا استأجر وقبض وحصل في يده فأما بمجرد العقد لا يجب عليه شيء
765 - مسألة الثلج والجمد من ذوات الأمثال ويجوز بيع الثلج بالثلج موزونا وكذا الجمد والتراب من ذوات الأمثال قال والأجر كذلك عندي
766 - مسألة رجل اشترى من فقاعي عددا من الفقاع فجعل يبيع ويؤدي إليه الثمن فبان أن المشتري كان عبدا وأبق قال لا شيء على الفقاعي لأن العبد كان يعمل لنفسه ولم يكن للبائع بخلاف ما لو استعمل عبد الغير بغير أمر المولى أو بأمره فإن أمره يحمل متاعه إلى بيته فأبق ضمن وحكاه عن القاضي قال وهذا عندي فيما إذا قهره من استعمله على العمل وكان العبد عجميا يرى العمل لكل من يأمره إذا قال لعبد الغير أعمل كذا من غير أن قهره وهو عاقل مميز ينبغي أن لا يضمن
767 - مسألة غصب دارا فانهدمت أو هدمها الغاصب فصارت أرضا عليه أجرة مثل الدار لأنها صارت أرضا في ضمانه كما لو غصب عبدا فشلت يده في يد الغاصب أو قطع يده يجب عليه أجرة مثله صحيح اليد وعليه ضمان اليد فكذلك في الدار عليه ضمان الهدم وأجرة مثل ما دامت في يده وإن كانت مهدومة وقد رأيت في المجموع بخلافه
768 - هبت الريح بثوب فألقاه في صبغ رجل فالصبغ والثوب يباع فيؤدي إلى كل واحد ثمن ماله

769 - مسألة استأجر رجلا لحفظ دابته فردها الآجر إلى بيت المستأجر غائب فأخذها عبد المستأجر وأتلفها قال للمستأجر أن يرجع بالضمان على الأجير ثم الأجير يتعلق برقبة العبد
770 - مسألة رجل أجر دارا من إنسان ليسكن فيها وقال الآجر للمستأجر لي في هذه الدار متاع فاحفظها فجاء غاصب وأخرج المستأجر من الدار وجلس هو فيه فضاع متاع الآجر في الدار الضمان على من قال لا ضمان على أحد إذا لم يتعرض للمتاع وإنما الضمان على السارق هذا إذا لم يقبل المستأجر الحفظ أو قبل غير أنه لم يسكن بعد في الدار لأن هذا استيداع من غير قبض ولو قبل وسكن الدار يصير مودعا يجب عليه الحفظ فلو قصر ضمن
771 - مسألة رجل باع أرضا فعمرها المشتري وأدى الخراج أو عبدا فاتفق المشتري عليه ثم خرج مستحقا فالمستحق يأخذ الأرض ويغرمه أجر مثل المدة التي كانت في يده إذا بين تاريخ ملكه ثم المشتري يرجع على البائع بالثمن الذي أدى قال ولا يرجع بما عمر وبما أنفق على العبد بالخراج لأنه شرع فيه على أن يضمن النفقة والخراج كما لو هلكت العين في يده فضمن القيمة لا يرجع بقيمة العين وإذا غرم أجرة المثل ولم يكن قد انتفع بالأرض يرجع على البائع وإن كان قد انتفع فقولان وقد جعلوا في الرجوع بما أنفق وجهان ورأيت للشيخ القفال أنه لا يرجع بما أنفق وجها واحدا
772 - مسألة رجل اعتاد النزول على إنسان فنزل عليه مرة معه حماره ربطه في اصطبله وقد حمل شيئا من الحشيش مع نفسه فألقاه بين يده والحشيش مضر ثم ذهب وترك شيئا من ذلك فدخلت بقرة لصاحب الدار وأكلت من ذلك الحشيش هل يجب الضمان على من حمل الحشيش قال لا يجب لأن البقرة تناولته بخياره ولها اختيار وهذا بناء على أصل وهو أن من جعل السم في

طعام فتناوله صاحب الطعام وفيه اختلاف أما إذا ألقى الحشيش المهلك بين يديها فأكلت أو وضع سما بين يدي صبي فتناوله فهلك ضمن ولو احتش لحماره فألقى بين يده في شارع وذلك الحشيش يضر البقرة ولا يضر الحمار فتناولته بقرة إنسان فهلكت فهو كمن جعل السم في دن الطريق وألقاه في ملك الغير فأكلته دابة صاحب الملك فهلكت ضمن إذا ادى بغير إذنه ولو أحرق الزدير في هريم الغير دون إذنه ويقال رماده مضر للدواب فأكلته دابة إنسان مما أحرقت منه قال إن هذا قريب من الأول وقد اقتيت به موجوب الضمان ولو أخرج صبي صغير شيئا من الزدير فطرحه على ثياب الدار فأتت دابة فأكلت قال إن كان في سكة نافذة ضمن الصبي على هذا الفتوى وإن كانت السكة غير نافذة إن كانت الدابة لأهل السكة ضمن وإن دخلت من خارج السكة لا يضمن كما لو دخلت دار إنسان فتناولت
773 - مسألة إذا كانت بين حائط رجل وكرم الآخر جدار مشترك بينهما ففتح صاحب الكرم بابا على جدار بغير إذن صاحب الحائط فأدخل صاحب الحائط جاهلا بفتح الباب لا شيء عليه وإن كان عالما ضمن وكذلك إذا كان الجدار لصاحب الكرم خالصا وإن كان بين الحائط والكرم طريق أو لا جدار بينهما فدخلت الدابة وإن كان المالك حاضرا ضمن وإن كان غائبا لم يضمن بالنهار ويضمن بالليل وإن كان مكان الحائط أرضا لا حائط لها يجنب جدار كرم إنسان وقد أرسل صاحب الأرض دابته فدخلت كرم الآخر فإن كان مالك الدابة حاضرا فكما ذكرنا وإن كان غائبا وأرسل الدابة فإن كان بالنهار وإن كان بالليل ضمن
774 - مسألة رجل نزل خانا فأرسل حماره في بستانه والحمار يؤذي بعض الدواب فأدخل آخر في البستان أغنامه فعض الحمار بعضها قال يضمن صاحب الحمار لأن الخان محل نزول الناس فعلى صاحب الدابة المؤذية إمساك دابته كما لو أرسلها في الطريق وهي مؤذية فأتلفت شيئا ضمن ولو لم تكن

مؤذية فاتفق لم يضمن كما لو أرسلها في الطريق فأهلك وكذلك لو أدخل الدابة حائطا مشتركا بينه وبين غيره فغضب دابة الشريك وهي غير معروفة بالعض فإن أدخل دون إذن الشريك ضمن وإلا فلا ولو ألقى أحد الشريكين فيه حشيشا مضرا فأ كلت دابة الآخر فهلكت ضمن وإن لم يكن الحائطان مشاعان لكن لا جدار بينهما فدخلت دابة أحدهما ملك الآخر وأكلت الحشيش المضر لم يضمن
775 - مسألة رجل اختل جداره فصعد السطح يدقه للإصلاح فسقط على إنسان قال إن سقط وقت الدق فعلى عاقلته الدية
776 - مسألة لو وقع عبد في بئر فجاء آخر فأرسل حبلا فشده العبد في وسطه وجره الرجل فسقط العبد فهلك قال يضمن
777 - مسألة إذا حفر حوالي كدسة لمنع الدواب فسقط فيه دابة إنسان فهلكت لم يضمن وكذلك لو حفر في مرات فإن حفر في أرض الغير بغير إذنه فسقط فيها دابة مالك الأرض يضمن الحاقه وإن سقط فيها دابة غيره ودخل بغير إذن مالك الأرض وجهان
778 - مسألة ولو غصب شيئا من إنسان ثم دفعه إلى عبد الغير ليرد إلى المالك فهلك عنده قال إن كان العبد جاهلا بالحال فالضمان على الغاصب وإن كان عالما إن قلنا يدمن أخذ من الغاصب للرد أمانة فكذلك لا شيء على العبد وإن قلنا يده يد ضمان يتعلق برقبته والمالك إن شاء غرم الغاصب وإن شاء غرم العبد يأخذ من رقبته
779 - مسألة صبي أكفأ طاس إنسان في الماء فقال له مالك الطاس أخرجه فأخرجه فمد المالك يده ليأخذه منه فسقط من يد الصبي وانكسر يجب الضمان على الصبي

780 - مسألة رجل أخذ عبد إنسان وهو يظنه عبدا فقال العبد أنا حر فتركه فأبق يجب الضمان على الآخذ لأن ضمان المالك بالجهل لا يسقط
781 - مسألة إذا دفع غلامه إلى إنسان ليعلمه الحرفة فالغلام أمانة في يده فلو استعمله في عمل من مصالح الحرفة لا يضمن وإن استعمله في غيره ضمن كالدابة يدفعها إليه ليروضها فركبها في الرياضة لم يضمن وإن ركب في غيرها ضمن
782 - مسألة إذا أخذ شيئا من عبد إنسان ثم رد إلى العبد نظر إن كان ذلك المتاع دفعه المولى إلى العبد مثل منديل كان على رأسه أو ثوب في بدلة أو دفع إليه مسحاة أو فاس ليعمل فرد الأخذ إلى العبد يبرأ وكذلك لو أخذ الآلة من الأجير فرد إليه يبرأ لأن المالك رضي به بيده كما لو غصب الوديعة من المودع ثم رد إليه يبرأ أو المال من يد الوكيل فرد إليه وإن كان العبد أخذ دون المالك فالأخذ منه لا يبرأ بالرد إليه حتى يصل إلى سيده كما لو أخذ يد الغاصب ثم رد إليه لا يبرأ ولو كان المودوع تعدى في الوديعة حتى صار مضمونا عليه ثم غصب من يده غاصب ثم رد إليه هل تبرأ يحتمل أن لا تبرأ كما لو أخذ من الغاصب والوكيل بالبيع إذا تعدى فصار مضمونا عليه والمرتهن إذا تعدى فغصب منه الغاصب ثم رد إليه يحتمل أن يكون كما أخذ من يد المستعير ثم رد إليه هل يبرأ على وجهين لأنه مع كونه ضامنا مأذون من جهة المالك في حفظه وإن تعدى بدليل أن الوكيل بالبيع لو باعه بعد التعدي يجوز وللمهرتهن حبسه بعد التعدي والضمان وإذا أخذه من يد المودع بعد التعدي ثم رد إليه يحتمل هذا ويحتمل أن يبرأ لأن الوديعة ما هو إلا الإمساك للمالك أمانة فإذا تعدى زال ذلك فصار كالمغصوب حتى أقول لا يجوز له بعد التعدي حفظه بل عليه رده بخلاف الرهن والمال في يدالوكيل لأنهما بدل حق وليس أمانة أو وديعة

783 - مسألة إذا غصب جارية فزوجها من إنسان والزوج جاهل فوطئها ليس عليه الحد لكن عليه المهر ولا يرجع على الغاصب لأنه شرع في العقد على أن يضمن المهر قال والغاصب يكون طريقا فيه فيجوز للمالك أن يأخذ المهر من الغاصب كالمنافع التي هلكت في يد المشتري من الغاصب
784 - مسألة إذا استعار عبدا فثياب بدنه لا يكون مضمونا عليه على الصحيح من المذهب لأنه لم يأخذه مستعملا وإذا استعار دابة مع أكاف فالأكاف مضمونة عليه لأنه أخذه مستعملا ويحتمل أن يقال الثياب يكون مضمونا عليه لأنها حصلت في يده بسبب مضمون ولو أخذ عبدا على جهة السوم قال إن قلنا إذا باع العبد يدخل فيه ثياب بدنه فثيابه مضمونة عليه وإن قلنا لا يدخل فهو كثوب العبد المستعار
785 - مسألة رجل أخذه الصرع فسدد على مال إنسان فأتلفه أو على دراابزين المسجد فكسره قال يجب الضمان كالصبي يسقط عن المهد والله أعلم
786 - مسلم رجل أجر داره وللآخر فيها أقمشة على أن يحفظ المستأجر أقمشته فجاء ظالم ومنع المستأجر من الدار وأسكنها غيره فسرق المتاع قال لا ضمان على أحد أي سواء السارق لأن المستأجر لم يدخل المتاع في يده ولم يتعد فيه وغاصب الدار لم يوجد منه إلا منع المستأجر عن الدار لا عن المال والساكن لم يعده يده إلى المال
787 - مسألة رجل غصب عبدا من إنسان ثم إن العبد قتل الغاصب وأقر بقتله أو قامت عليه ثبت القصاص لوارث الغاصب فإن قتل قصاصا في يد المالك بعدما استرجعه له أن يرجع بقيمته في تركة الغاصب لأن سبب

وجوب القصاص كان في يده
788 - مسألة المالك إذا أخذ القيمة من الغاصب لأجل الحيلولة هل يملكها أم لا فإن قيل لا يملكها كيف يجوز أن يتصرف فيها أجاب يملكها وإن لم يملك الغاصب ما يوازه وهو المغصوب وما للحيلولة ولم يملك بمقابلته شيئا غير إن إحدى الحيلولتين وهي حيلولة اليد في الغصب أقوى من الأخرى أي حيلولة أخذ القيمة
789 - مسألة رجل تعدى على بساط إنسان دون إذنه قال لا يضمن البساط كما لو د خل أرضا لإنسان لا على قصد الغصب والاستيلاء لا يضمن الأرض فإن دخله نقص بقعوده عليه ضمن كما لو صعد شجرة لإنسان لا يضمنها فإن انكسرت غصنه منها لثقله ضمنها وكذلك لو رأى لقطة في الطريق فوضع عليها رجله لم يضمن فإن تحامل عليها ضمن
790 - مسألة بقرة وقعت في الوحل فجاء محتسب فأخرجها فماتت من جره قال يضمن لأنه أبيح له بشرط السلامة فإن أخرج فلم يدر أنها ماتت من جره وإخراجه أو من الوحل فلا ضمان بالشك وإن أخرجها سليمة لا يجوز له تضييعها وكذلك شاة استنفذها من ذئب لا يجوز تضييعها ثم ينظر إن كان يعرف مالكها عليه ردها فإن هلكت في يده قبل التمكن لم يضمن وإلا ضمن بخلاف ما لو أخذ المغصوب من الغاصب فهلكت في يده قبل أن يتمكن من الرد ضمن في قول لأنه أخذها من يد عادية وإن لم يعرف مالكها قال هو كاللقطة يلتقطها
791 - مسألة ولو أن رجلا بعث عبد الغير في شفل بغير إذن سيده فأبق هل يجب الضمان قال إن العبد أعجميا يرى طاعة غير سيده واجبا فيما

يأمره أو صغيرا ضمن قالا فلا يضمن إلا إذا قهره ضمن بكل حال وإن كان العبد مخبرا ولكن قال له هذا الذي استعمله اني من سيدك فاستعمله ضمن قال ولو أن الزوج بعث عبد زوجته في شغل دون إذنها فأبق ضمن بكل حال لأن عبد المرأة قد يرى طاعة زوج سيدتها واجبة فهو كالأعجمي في حق الأجنبي ولو بعث السيد عبده في شغل فاستقبله ظالم فضرب العبد فأبق هل يجب على الضارب ضمان قال إن هرب من الضارب فضل ولم يهتد إلى بيت سيده يجب الضمان وإلا فلا ضمان
792 - مسألة رجل دخل الحمام فزلقت رجله فسقط على طاس لغيره فكسره يضمن ولو جرح الطاس بدن الرجل لم يضمن صاحب الطاس ضمنه الداخل هذا إذا لم يضع الطاس على ممر الداخل فإن وضع على ممره وكان الداخل أعمى أو كان ليلا ضمن الواضع ما تلف من بدن الرجل ولم يضمن الداخل الطاس إلا أن يكون البيت ضيقا لم يكن للطاس موضع إلا الممر ضمن الداخل الطاس وكذلك لو أذن لإنسان في دخول داره فسقط على شيء من ماله فأهلكه ضمن الداخل إلا أن يكون على ممره وهو أعمى ولو دخل بغير إذن صاحب الدار ضمن بكل حال
793 - مسألة لو دعا عبدا لتنقية سطحه والعبد مأذون من جهة سيده فيه فسقط العبد من السلم فهلك ضمن إلا أن يكون بأجرة فإن سقط على متاع لصاحب الدار فهلك المتاع تعلق الضمان برقبته فإن كان بالسلم خلل بحيث لا يطيق حمل العبد سواء كان صاحب الدار عالما بحال السلم أو جاهلا والعبد جاهل لا يجب ضمان المتاع وإن هلك العبد يجب ضمانه على صاحب الدار

794 - مسألة بعيران يتراجلان فأصاب رجل أحدهما دابة إنسان فأهلكها قال إن لم يكن المالك معها لا يضمن ليلا كان أو نهارا ما بالنهار لا ضمان لأنه لم يحرزها على الطريق وبالليل صاحب الدابة متعد بإرسالها
795 - مسألة أتلف جلدا غير مدبوغ قال المالك كان جلدي مذكى وقال المتلف بل جلد ميتة فالقول قول المتلف مع يمينه لأن الأصل براءة ذمته بخلاف ما لو قتل فقال المولى كان حيا فيه قولان لأن ثمة لم يتفقا على مفارقة الروح وهاهنا اتفقا ولو أراق خمرا فاختلفا فقال المالك عصيرا وقال المتلف بل كان خمرا فالقول قول المالك مع يمينه لأن الأصل بقاء ماليته بخلاف الجلد لأنه بعد مفارقة الروح لم يكن له أصل في بقاء المالية ولو اتفقا على أنه قد يخمر وقال المالك صار خلا وقال المتلف بل كان خمرا فالقول قول المتلف مع يمينه
796 - مسألة إذا ضرب على يد فأشلها يجب قيمتها فإذا أخذ القيمة ثم صحت يد العبد قال عليه رد القيمة كما لو ذهب بصره فعاد فلو لم يأخذ القيمة حتى برأ قال لا يجب عليه أجر مثل هذا الشلل وبمثله لو غصب عبدا فشلت يده في يده أو ضرب يده فأشلها ثم رده عليه ضمن يده فإن صحت يده يجب أجر مثل عمله حالة الغصب وبعد الرد إلى أن صحت يده لأنه استولى عليه ودخل جميع ضمانه فما لم يعد إلى الحالة الأولى عليه ضمان وفي الجناية لم يستول عليه إنما عليه ضمان جنايته وقد زالت الجناية
797 - مسألة إذا اشترى أرضا فغرس فيها المشتري أو زرع ثم استحق قلع المستحق الزرع والغرس ورجع المشتري بالنقصان على البائع

وإن كان عبدا أنفق عليه هل يرجع بما أنفق وجهان الأصح أنه لا يرجع لأنه شرع فيه على أن يضمنه كذلك ما ادى من خراج الأرض وإن كان أرضا بنى فيها بآلة أدخل عليه من باب وجذع ولبن فللمشتري إخراجه وللمستحق قلعه وإن دخله نقص بالقلع وجب أن يرجع على البائع كنقص الغرس وإن كان قد بنى بتربتها وضرب اللبن من تربتها وزوقه وزين بما لا يكون فيه عين مال فللمستحق أخذه كذلك ولا يرجع على البائع قال ويحتمل أن يكون كالنفقة ويحتمل أن يفصل لأنه مجبور على الإنفاق وأداء الخراج وغير مجبور على البناء والتزويق
798 - مسألة لو اشترى أرضا شراء فاسدا فغرس فيها يقلع مجانا ولو اقتسم رجلان أيضا قسمة فاسدة فغرس أحدهما فيه جاهلا بفساده وجب أن يقلع وفي هذا إشكال وقد ذكر الأصحاب أن المشترى شراء فاسدا إذا كان جاهلا بفساد الشراء وغرس وبنى وغرس لا يقلع مجانا بخلاف الغصب لأنه متعدي قال صلى الله عليه و سلم ليس لعرق ظالم حق بخلاف المشتري فإنه غير متعدي فوجب أن يكون لعرقه حق
799 - مسألة أرض مشتركة بين رجلين بنى فيها أحدهما بغير إذن شريكه للشريك نقض بنائه مجانا فلو رضي به الشريك الآخر هل للباني نقضه قال يجوز لأن بناءه الأول وقع منقوضا وكان له في ملك نفسه نقضه فرضاء الآخر لا يؤثر في منعه من نقض بنائه وليس للشريك أن يقول إنك رضيت في الابتداء لأنه وإن رضي لم يكن رضاه معتبرا لعدم إذن شريكه وللباني أيضا نقضه وكذلك لو ضرب لبناء من طين مشترك دون إذن شريكه فلصاحبه إجباره على نقضه فلو رضي به صاحبه للضارب نقضه بخلاف ما لو ضرب اللبن من تراب مغصوب ورضي به المالك لم يكن للغاصب نقضه لأنه ليس فيه ملك حتى يملك نقضه بغير رضاء المالك
800 - مسألة إذا غصب أرضا من إنسان أو استأجر إجارة فاسدة

فأمسك مدة سبع سنين عليه أجرة مثل هذه المدة ولو كان في كل سنة نقد آخر من الدراهم يضمن أجر كل سنة من نقد تلك السنة فلو انقطع بعض النقود فلم يوجد يجب قيمة ذلك النقد باعتبار ذلك العام الذي أتلف فيه المنفعة ويقوم ذلك النقد بالدنانير ولا يقوم بالنقد الذي حدث بعده من الدراهم لأن تقويم الدراهم على التفاوت لا يجوز
801 - مسألة رجل غصب أرضا وغرس فيها ثم اشترى الأرض من مالكها ليس للمالك بعده قلع الأشجار فلو تقايلا البيع أورد إليه بعيب البائع تكليف الغاصب قلع الأشجار كما قبل البيع ولو حفر في أرض الغير بغير الأذن يضمن ما سقط فيها وهلك فلو أبرأه هل يبرأ وجهان ولو اشتراها الغاصب قبل الإبراء ثم سقط فيها شيء هل يضمن قال يحتمل هذين الوجهين ولو ردها بعد الشراء بعيب أو تقايلا فسقط فيه شيء يضمن ويعود أصل العدوان
802 - مسألة رجلان غصبا دابة فهلكت في أيديهما على كل واحد نصف قيمتها فلو أن المالك يظفر بأحدهما لا يأخذ منه إلا نصف القيمة لأن يده لم تثبت إلا على نصفها فلو أخذ الكل منه لا رجوع له إلا أن يظفر بمالك الدابة على شريكه الغاصب فيرجع على غريم غريمه كما لو ظفر بغير جنس حقه من مال المديون فأخذه أما إذا كانت الدابة قد هلكت في يد كل واحد منهما فكل واحد ضامن لجميعها فإذا أخذ المالك جميع القيمة من أحدها رجع الغارم على شريكه بالنصف وإن كان الهلاك في يد أحدهما رجع الغارم بجميع القيمة على من كان الهلاك في يده
803 - مسألة إذا غصب شيئا وباعه كان للمالك أن يدعي العين على المشتري والقيمة على البائع فإن أقر بالعين لا يقبل إقراره على

المشتري فلو ادعى العين بعد إقراره على المشتري فأقر أخذ العين ورد القيمة والمشتري يرجع بالثمن على البائع فأما إذا أنكر ونكل عن اليمين وحلف المدعي أخذ القيمة ثم ادعى على المشتري فأقر أخذ العين ورد القيمة إلى البائع وهل يرجع المشتري على البائع بالثمن قال يمكن بناؤه على أن يكون النكول ورد اليمين كالبينة أما كالإقرار إن قلنا كالإقرار يرجع لأنهما أقرا عليه وإن قلنا كالبينة لا يرجع لأن النكول ورد اليمين كالبينة في حق المتداعيين لا في حق الثالث وللمشتري أن يدعي على البائع وتحليفه ونكوله في حق المدعي لا يكون نكولا في حق المشتري ولو أن المدعي ادعى أولا على البائع وأقام عليه بينة وأخذ القيمة فإذا جاء وادعى المشتري يحتاج إلى اعادة البينة عليه لأن بينته على البائع كان لإثبات القيمة فيحتاج إلى إعادة البينة
804 - مسألة رجل زرع أرض إنسان بإذنه كانت دواب مالك الأرض تدخلها وتفسد الزرع فحفر حوالي الأرض خندقا بإذن وكيل المالك عند غيبته فتردى فيها دابة من دواب مالك الأرض فهلكت قال لا ضمان على الحافر وما حفر دون إذنه ضمن
805 - مسألة رجل فتح رأس دن لآخر بإذنه في بيت فوضع شيئا من الحنطة ثم ترك رأسه مفتوحا فدخل حمار صاحب البيت فأكل الحنطة فهلك منه لا يجب ضمان الدابة على من ترك رأس الدن مفتوحا ولا ضمان الحنطة فإن أخذ الحنطة وترك رأسه مفتوحا وأدخل حمار صاحب البيت فأكل الحنطة فمات يجب ضمانها عليه لأنه معتد بإدخال الحمار فيه كما لو ألقى بين يديه حشيشا مضرا فأكل ومات منه ضمن
الشفعة إذا كان الشفيع غائبا فبلغه الخبر فحضر قاضي بلد الغيبة فأثبته

وحكم له القاضي بالشفعة ثم لم يسر إلى بلد البيع قال لا تبطل شفعته لأنه تقرر بالقضاء فإن لم يحضر القاضي بأن قال أخذت وتوانى في دفع الثمن الثمن يبطل
القراض إذا قال رب المال للعامل في القراض إذا اشتريت عبدا فطوقه حتى لا يأبق فلم يطوق ضمن
806 - مسألة إذا أبق عبد القراض فنفقة الرد على رب المال إن لم يكن فيه ربح وقلنا لا يملك العامل إلا بعد المفاضلة وإن قلنا ملك بالظهور فعليهاه

باب المساقاة
إذا ساقى كرم إنسان ثم باعه المالك قال ينظر إن كان بعد خروج الثمرة يصح في نصيب رب المال في الثمار دون العامل ولا يشترط القطع لأنه باعه مع الأصل ثم العامل مع المشتري كما هو مع البائع وإن باع الثمرة لم يصح لأن قطع نصفه لا يمكن وإن باع قبل خروج الثمرة لا يصح لأن للعامل في الثمرة حقا كأنه يستثني بعض ما يخرج من ثمرة كما لو باع شجرة على أن يخرج من ثمرته يكون للبائع أو لا يكون للمشتري لا يصح
807 - مسألة أخذ أرضا للزراعة والبذر منهما على أن الربع يكون بينهما فبعد ما زرع جاء ظالم وأتلف الزرع قال إن لم يضيعه العامل فلا ضمان على الظالم وإن ضيعه أخذ المالك بحصته أيهما شاء والقرار على الظالم قال وعلى الزارع العامل وفي المساقاة الفاسدة على العامل حفظ المال والثمرة لأنه أمانة في يده وإن كان العقد فاسدا فلا يجوز تضييعه
808 - مسألة إذا أخذ أرضا ليزرع ببذر نفسه على أن لمالك الأرض نصفها فهذه محاسرة والريع للزارع وعلى الزارع كراء الأرض للمالك وإذا كرت الأرض فلم يزرع فعليه كراء ذلك تلك المدة وإن أخذ ليزرع ببذر من مالك الأرض

على المناصفة فالربع للمالك وعليه أجر مثل العمل للزارع وإن كان البذر بينها وعلى مالك الأرض نصف أجر عمل الزارع وعلى الزارع نصف كراء الأرض للمالك ولو أخذ ليكون البذر بينهما فكرت الأرض بآلته وثوره فلم يدفع مالك الأرض والبذر رجع العامل بنصف أجر عمله
809 - مسألة إذا كان البذر من واحد والأرض ولو نبت في العام القابل يكون لمالك البذور وليس لمالك الأرض من الآخر فالريع لمالك البذر ولصاحب الأرض مثل الأرض قلعه مجانا بل يقره بالأجر بخلاف ما لو حمل السيل نويات إلى أرض فنبت لمالك الأرض قلعه مجانا على أحد الوجهين لأن هاهنا وجد الأذن من مالك الأرض في العام الماضي وهناك لم يوجد
810 - مسألة عقد المزارعة الفاسدة والبذر بينهما الأرض لواحد فالريع يكون بينهما وصاحب الأرض يستحق نصف أجر المثل على شريكه فلو حصل الزرع فنبت مما تناثر في العام القابل قال هو كالعام الماضي يكون ما نبت بينهما ولمالك الأرض نصف أجر المثل لأنها أرضه مشغولة بزرع الغير بحكم إجارة فاسدة
811 - مسألة إذا تزارعا أو دفع أرضا إلى رجل ليزرع والبذر من المالك أو منهما على المناصفة فزرع العامل وبنت فتركه العامل حتى فسدت وأكلته الدواب قال لا ضمان عليه لأنه عقد فاسد ومال الغير إذا حصل في يده يجب حفظه لكن بعدما زرع خرج عن عهدته وبعدما نبت هو مالك جديد واستحفاظه كان من قبل وفي المساقاة حفظ الثمار عن الدواب لا يجب على العامل في وجه ه

باب الإجارات
استأجر رجلا ليضرب له لبنا في ملك المستأجر فضرب فأفسده الماء

يستحق الأجرة وإن كان شرط عليه الجمع فقبل أن يجف أفسده يستحق بقدر ما عمل
812 - مسألة ألزم ذمة إنسان بناء جداره في مكان فاستأجر الأجير رجلا ليبينة في مكان آخر ففعل لا يستحق الأول شيئا والثاني إن كان عالما فكذلك وإن كان جاهلا يستحق أجر المثل على الباني
813 - مسألة استأجر حانوتا ثم بنى الآخر على علوه حانوتا آخر فإن انتقص انتفاع المستأجر له منعه ولو أجر منه السفل دون العلو لامتنع له وإن انتفع بالسطح الجديد أو بالجدار عليه الأجرة
814 - مسألة عبد أبق من سيده فعمل لغيره بأجرة يثبت للسيد أجر المثل على المستأجر سواء كان المستأجر عالما بأنه أبق أو كان جاهلا وما أنفق على العبد أو صرف إليه من الأجر له في ذمة العبد حتى يعتق ولا يحط قدر النفقة بمثله ولو لم يأبق العبد والسيد لم ينفق عليه له أن يعمل بأجرة لغيره وينفق على نفسه ولا شيء للمولى ولاتبعه على العبد في حصته
815 - مسألة استأجر عبدا ليعمل له شهرا فعمل بعضه ثم لم يمكنه العمل لشدة برد أو مطر حتى مضى الشهر قال يجب عليه جميع الأجرة
816 - مسألة إذا بعث حماره على يد صبي إلى راع يسترعيه فجاء به الصبي فقال الراعي دعه يرتع مع الدواب ثم إن الراعي ساق الدواب فسار الحمار معها فهلكت لا ضمان لأنه أمين وبقوله دعه صار مستودعا كما لو جاء بوديعة ليودعه فقال ضعه صار مستودعا وأخذه من يد الصبي لا يصير به ضامنا كما لو بعث إليه كتابا فاستودعه شيئا

817 - مسألة إذا سلم ولده إلى معلم ليعلم القرآن على أن يرضيه فعلم يجب أجر المثل ولو مات الأب قبل أن يتم التعليم ثم أتمه قال يجب اجر مثل ما علم في حياة الأب في تركة الأب فأما ما علم بعد موته فلا يجب
818 - مسألة استأجر اجيرا لحفر بئر عشرة في عشرة حفر خمسة في خمسة يستحق بذلك القدر من الأجرة
819 - مسألة استأجر أجيرا ليرعى دوابه في مراتع غير مملوكة مدة معلومة هل له أن يرعى دواب الناس مع دواب المستأجر قال له ذلك إن لم يقلع خلل في دواب المستأجر ويستحق المسمى بكماله كما في المفاضلة إذا جاء رجل وقال لأحد الراميين إن أصبت هذه الرمية ولك علي كذا فأصاب استحق ما سمى له ويحتسب له بتلك الرمية في عقدة المناضلة
820 - مسألة استأجر أجيرا ليعمل عملا من خياطة وغيرها ثم الأجير استأجر المستأجر لذلك العمل هل يجوز قال يحتمل وجهين بناء على ما لو أجر الدار المستأجرة من أجرها
821 - مسألة استأجر رجلا ليبيع له ثوبا معينا جاز ثم أراد المستأجر بيع ذلك الثوب قال لا يجوز لأن الأجير استحق إيقاع العمل فيه كما لو استأجر أجيرا ليضع له ثوبا لا يجوز للمستأجر بيع ذلك الثوب
822 - مسألة أخذ كوزا من سقا مجانا ليشرب قال الكوز عارية والماء حكمه حكم المقبوض بالهبة الفاسدة قال الإمام ما شرب من الماء لا يضمن وإذا تلف البقية في يده أو قبل أن يشرب تلف في يده ضمن الكوز وهل يضمن الماء فكالموهوب فاسدا والكوز إنما ضمنه لأنه استعمله قال وهكذا إذا بعث هدية إلى إنسان في ظرف فاستعمله في الظرف ضمن الظرف وإن لم يستعمله في الظرف فالظرف يكون أمانة في يده لأن العادة جارية بتفريغ الظرف والكوز وهاهنا ما جرت العادات بتفريغه بل يشرب منه والشرب وإن كان تفريغا لكنه استعمال حتى لو أراد أن يصب في كوز آخر فلا يضمن الكوز

قال ولو باع من إنسان حنطة ثم سلمها إليه في وعاء له فرغه لا يضمن أما إذا استعار المشتري منه وعاء لينقله فيه فهو ضامن للوعاء وكذلك كل إناء حصل في يده لتفريغه لا يضمن وإن حصل الاستعمال ضمن ومن أبيح له طعام فأخذه ليأكل فسقط من يده واختلسته هرة هل يضمن ينبغي أن يكون كالمقبوض بحكم الهبة الفاسدة وجه الشبه أن هناك دفعه إليه ليملكه ولا يرجع كما أن هاهنا دفع إليه لكي لا يرجع
823 - مسألة ستر الكعبة إذا كان من ديباج وكذلك ما اتخذ فيه من ميزاب الذهب والفضة والحلقة منهما لا يعترض عليه لأنه أمر مجمع عليه لم يعترض على مثله أحد من الصحابة والتابعين قال عمر رضي الله عنه في الكعبة لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا أنفقه في سبيل الخير فقيل إن صاحبيك لم يفعلا فقال هما المرء إذا اقتدى بهما أما سائر المساجد لا يجوز تعليق ستر الديباج عليه ولا تذهيبها والكعبة مخصوص به لتعظيم امره كما اختص بأشياء من سائر البلاد وتنقيش المسجد إن لم يكن فيه أحكام لا يجوز قال عمر رضي الله عنه إياك أن تحمر وتصفر فتفتن الناس وإن كان فيه احكام فلا بأس فإن عثمان رضي الله عنه بين المسجد بالفضة والحجارة المنقوشة وتحلية المصحف بالذهب لا يجوز ومن فعل شيئا من ذلك بأن علق ستر ديباح أو اتخذ شيئا من ذهب أو ورق في المسجد أو حلى مصحفا في المسجد فلا يعد من المناكير التي يبالغ في الإنكار عليه كسائر المنكرات لأنه يفعله تعظيما لشعائر الإسلام وقد سامح في مثله العلماء وأهل الدين وأباحه بعضهم
824 - مسألة إذا أمر رجلا ليأخذ فرسا بحبله فرمى بالحبل فتعلق به فرس آخر ومات قال يضمن الثاني بالحبل كمن نصب شبكة فتعلق به قال آخر وإن كان الفرس الآخر للأمر لم يضمن
825 - مسألة استأجر رجلا لحفظ دابته فردها الأجير إلى بيت المستأجر فأخذها عبد المستأجر وأتلفها قال للمستأجر أن يرجع على الأجير بالضمان

ثم يتعلق حقه برقبة العبد
826 - مسألة لو أن رجلا قال لرجل استأجرتك بمائة درهم استأجرني من فلان هل يستحق الأجرة قال إن احتاج في استئجاره من فلان إلى تردد وتقلب يقع في مقابلته أجرة يستحق المسمى والا فلا
827 - مسألة دفع الحنطة إلى رجل ليطحن ففعل ليس له حبسه لاستيفاء الأجرة إذا فعله أثر وإن فعل ضمن فإن كان صاحب الطاحونة اعتمد على رجل في حفظ ما في الطاحونة فلم يحفظ على العادة حتى سرق هذا الطحين رجع صاحب الحنطة على صاحب الطاحونة وهو على الأجير
828 - مسألة دفع الحنطة إلى طحان وغاب الطحان وذهب إلى بيته وترك أجيره في الطاحونة فسرق الحنطة من الطاحونة تلك الليلة هل يجب الضمان قال إن كان الأجير أمينا لا ضمان على الطحان
829 - مسألة لو دفع رجل عينا إلى فتى يصلحه فوضعه في دكانه فسرق من دكانه وكان دكانه متصلا بخان لا يسكنه أحد هل يضمن قال إن كان باب الخان مغلقا ووراء الخان دور ما هو لا يكون حرزا ويضمن بوضعه فيه
830 - مسألة دفع دابة إلى رجل ليحفظها مع سائر الدواب وله شريك معه لحفظ الدواب فعضب الدابة من شريكه أو أغير عليها قال لا يضمن إن كان الشريك أمينا لم يضع لأن العادة جارية هكذا أن يلازمها واحد إنما يحفظها عددا إذا غاب واحد أناب عنه الآخر
831 - مسألة لو سكن مدة دار إنسان بإذن المالك ولم يشترط المالك أجرة ولا ذكرها ثم أراد المالك أن يطالبه بأجر مثل الدار تلك المدة قال ليس له ذلك

832 - مسألة إذا قطع شجرا مائلا إلى الطريق فسقط على حمار إنساني قال إن لم يكن مالك الحمار معه أو لم يكن له علم بأمر الشجرة يضمن القاطع حماره فإن كان معه وهو عالم بأمر الشجرة أو أعلمه صاحب الشجرة لم يضمن
833 - مسألة إذا استأجر امرأة لتعليم القرآن أو لتعمر المسجد فحاضت إن ألزم ذمتها بأجر ما مر بغيرها وإن استأجرها عينها قال فهو كما لو غصب المستأجر فللمستأجر الفسخ فإن أجاز لا يجب عليه أجرة مدة الحيض كما لو هربت الدابة ولا يقال يقع زمان الحيض مستثنى كزمان الليل أوقات الصلاة لأنها يوم نقل وتكرر وليس كما لو حاضت في صوم الشهرين لا ينقطع التتابع لأنه حق الله تعالى وهذا حق العبد فكذلك لم نقل عليه أجرة ذلك الزمان على أنا إذا أسرنا في الحقيقة فإن ها هنا لا يجب عن مدة الإجازة كما أن ثمة لا تكون صائمة
834 - مسألة دفع غزلا إلى نساج لينسجه وشرط أن لا يعمل لغيره ما لم يفرغ من نسجه فعمل في خلاله لغيره فامتد الزمان وسرق الكرباس في خلال النسخ قال لا يضمن لأن هذا الشرط فاسد فيصير المال في يده بحكم الإجارة الفاسدة والأجير المتشرك إذا أخر العمل لا يصير المال مضمونا عليه
835 - مسألة رجل دفع حماره إلى رجل ليحمل الحشيش نصفه لصاحب الحمار ونصفه للحامل فأخذ الحمار غاصب فلم يذهب في طلبه هل يضمن قال لا يضمن لأنه استعمل نصف الحمار في عمل مالكه والنصف لنفسه بالأجرة وهو نصف الحشيش والذهاب في الطلب ليس بشرط إن أمكنه دفع الغاصب حال ما غصب فتوانى ضمن
836 - مسألة شاة سقطت فلم يذبحها راع حتى ماتت لا ضمان عليه لأن المالك لم يأذن في ذبحها
837 - مسألة استأجر دابة إلى بلد ذهابا ورجوعا وأطلقت الدابة بالبلد الذي ذهب إليه ولم اي يمكنه ردها فتركها عند الحاكم أو عند أمين فمضت المدة لا

يجب عليه إلا نصف الأجرة والرد إلى المالك لا على المستأجر
838 - مسألة جماعة عقدوا الشركة على دود القز والبذر من واحد فلم يصح فدفع واحد دابته لنقل الورق فتلفت في يد الناقل لا ضمان عليه لأنه في يده بحكم الإجارة الفاسدة لأنه دفع ليأخذ شيء من الفيلج
839 - مسألة استأجر رجلا ليحمل أغناما إلى بلد كذا وليبيعه وقال إن قل العلف في الطريق فبعه بالإبل فقل العلف فوجد من يشتريه فلم يبعه ومضى على وجهه إلى ذلك البلد فهلكت بعض الأغنام وانتقص قيمة البعض قال يضمن الهالك والنقصان ويستحق من الأجرة بقدر ما مضى على حكم أمره ولا يستحق لما مضى بعد قلة العلف ووجود من يشتريها بالإبل
840 - مسألة رجل استأجر رجلا مدة مفتوحة على الأجير حق الله تعالى من حد أو حق العباد من قتل أو حبس لدعوى مال أو عقوبة بخرج فيستوفى الحق ويحبس وإن تعطل حق المستأجر كما يجب على الأجير ترك العمل لصلاة الجمعة ولا يطلق المحبوس بالحق لصلاة الجمعة
841 - مسألة استأجر رجلا ليشتري له عشرة أذرع من الكرباس فاشترى تسعة أذرع أو أحد عشر ذراعا فنسج زائدا عليه أو ناقصا عنه فالحكم كما ذكرنا
842 - مسألة رجل استأجر رجالا إجازة فاسدة لحفظ ماله فضيع الأجير المال المستأجر لحفظه قال يضمن الثمرة أو الزرع حتى تلفت يضمنان لأنهما التزما الحفظ فأشبها كالمودع والمودع إذا ضيع ما التزم حفظه يضمن

843 - مسألة استأجر حانوتا شهرا فأغلق بابه وغاب شهرين قال يضمن المسمى لشهر واحد وأجر المثل للشهر الثاني وقد رأيت للشيخ القفال لو استأجر حمارا يوما فبعد مضي اليوم إذا بقي الحمار عند المستأجر ولم ينتفع به ولا حبسه عن مالكه لا يجب الأجرة لليوم الثاني لأن الرد ليس بواجب عليه إنما عليه التخلية إذا طلب مالكه قال بخلاف الحانوت لأنه حبسه وعلقه
844 - مسألة رجل دفع دابة إلى إنسان ليحتطب نصفه لمالكها ونصفه لنفسه ففعل فهلكت الدابة عنده قال لا ضمان لأن نصفه استعمله للمالك والنصف الآخر استأجره للاحتطاب للمالك
845 - مسألة استأجر دابة ليخرج إلى قرية فخرج إلى قرية من جانب آخر قال بالخروج لا يضمن ما لم يجاوز مسافة القرية المعينة إلا أن يكون الطريق الذي خرج إليه أخشن وأخوف حينئد يضمن فإن لم يكن كذلك فلا ضمان
846 - مسألة العمل اليسير إذا كان فيه نوع حذاقة هل يجوز أن يقابل بعوض مثل إن كان لرجل طاحونة فطحن كل يوم عشرة أوقار جاء رجل قال استأجرني بدينار لأعمل فيه عملا يطحن كل يوم عشرين وقرا فاستأجره فضرب على اليقين ضربة واحدة فصارت تطحن في كل يوم عشرين وقرا قال لا تصح هذه إلا الإجارة
847 - مسألة إذا استأجر عبدا عشرة أيام يستعمله كما يستعمل المالك ويتركه بالليل في أوقات الراحة فلو استعمله في أوقات الراحة قال لا يجب عليه أجرة زائدة لأن جملة الزمان مستحقة له وتركه للراحة ليتوفر عليه عمله فإن استعمله ليلا ترك الراحة نهارا فإن لم يفعل فدخله نقص لتواتر العمل يجب عليه أرش النقصان هذا كما أن زمان الصلوات عليه تركه ليصلي فإن استعمله فيها لا يجب عليه زيادة أجر وعليه تركه لقضاء الصلوات
848 - مسألة رجل استأجر بيتا مدة وسلم المالك إليه فبعد انقضاء المدة

المستأجرة أغلق الباب فلم يسلم المفتاح إليه هل تلزمه الأجرة قال يلزمه لأنه لم يسلم إليه المفتاح لأن تسليم الدار إنما يكون بتسليم المفتاح في العرف والعادة فإذا لم يحل بينه وبين المالك فلم يوجد التخلية فيكون في ضمانه فتجب عليه الأجرة
849 - مسألة دفع دابة إلى إنسان ليروضها ولا يرتاض إلا بالضرب أو التحميل عليها فحملها على عادة ضرب الرواض أو حمل عليها أو أركبها مع نفسه غيره ليرتاض فهلكت لا ضمان على الرائض ولا على من أركبه كما لو ضربها فوق ضرب الراكب
850 - مسألة إذا صبغ ثوبا بصبغ نجس فما دام عين الصبغ عليه فهو نجس فإن زالت العين وبقي اللون فهو طاهر كلون الحناء ولو استأجر أجيرا ليصبغ ثوبه فصبغه بضع نجس قال إن كان لا يمكن إزالة عينه منه لا يستحق شيئا وعليه أن يغرم الثوب وإن أمكنه إزالة عينه دون لونه يستحق الأجرة دون مقصود المستأجر حاصل بكون الصبغ ويكون ذلك بمنزلة القذارة وهل له حبس الثوب لاستيفاء الأجرة إن جعلنا عمله أثرا فلا وإلا فبلى وأما الصبغ الذي هو عين فنجس لا يستحق عليه شيئا
851 - مسألة دفع بقرا إلى إنسان فقال ارعه وما يحصل من النتاج فهو لك فكان يرعاه فنتجت ولدا فجاء سارق وسرق الأم مع الولد قال يجب ضمان الولد دون الأم لأن الأم في يده كان بحكم الإجارة الفاسدة فلا يكون مضمونا عليه والولد في يده بحكم البيع الفاسد يكون مضمونا
852 - مسألة رجل استأجر رجلا وقال استأجرتك لتقلع هذه الأشجار من هذه الأرض على أن لك نصفها لا يجوز لأنه أجير على شيء هو شريك فيه فإن أقر بنصف الأشجار وقال استأجرتك على أن تقلع هذا النصف بهذا النصف بشرط أن تقلع هذا النصف جاز لأنه إذا باع الشجرة بشرط أن يقلعها المشتري صح

باب إحياء الموات
إن كان لرجل على نهر العام فمر ماء قد انسد حافتاه فحوله إلى موضع آخر جاز فلو لم تحكم الحافة أحكام الأول فخربه الماء ودخل أرض الغير فأفسده ماؤه يغرم لأن الأرتفاق مباح بالشارع على شرط السلامية كما حفر بئر عدوان فتردى فيها إنسان ضمن وليس كمن حفر بئر عدوان فألقى السيل فيها إنسانا لم يضمن لأن المتلف هو السيل ولا صنع لأحد في إجراء السيل وهاهنا لو صنع في إجراء السيل إليه بترك إحكام حافة النهر فصارت كما لو فتح طريق السيل على إنسان حتى أهلكه ضمن
853 - مسألة قال التراب الذي يحمله السيل من الموات فيجتمع في نهر العام مباح لكل من أخذ فلو جاز إنسان وحفر النهر وأخرج التراب إن أخرج التراب ليحمله فيبني به ويستعمله ملكه فليس لغيره أخذه وإن كان بعد في الشارع وإن أخرجه لتنقية النهر ولم يكن قصده تملك التراب فيباح لكل من أخذ من الشارع وإن اجتمع في نهر مشترك بين جماعة كان ذلك التراب لهم كغرق يحمله من موات فنبت في ملكه وإن حمله من أرض الغير فالتراب لمالكه على ما كان لا يملكه مالك النهر ولا من يأخذه
854 - مسألة رجل أخذ الجمد من ملك الغير هل لمالك الجمد أن يسترد قال إن كان المالك ساق الماء إلى أرضه قصدا فالجمد يكون ملكا له وله أن يسترد وإن انساق إلى ملكه بنفسه في الساقية أو ساق غيره الماء إلى ملكه وجمع فيه حتى انجمد فالجمد يكون ملكا للجامع غير أنه يعصي ولمالك الأرض أن يرجع عليه بأجر مثل الأرض لتلك المدة
855 - مسألة الذمي هل يغرس على شارع المسلمين بحيث لا يضر بالمارة قال يجب أن لا يجوز له أن يغرس ولا يمكن كما لا يملك موات دار الإسلام

باب الوقف
إذا وقف شيئا على الفقراء فافتقر الواقف لا يصرف إليه وكذلك كل وقف يمتلك منه الموقوف عليه شيئا من غلة أو ثمرة فلا ينصرف إلى الواقف وإن كان بتلك الصفة بخلاف ما لو وقف رباطا على المارة والمسافرين قال يجوز للواقف نزوله إذا كان مسافرا لأن ذلك الاستحقاق ليس استحقاق تملك كما لو وقف مسجدا له أن يصلي فيه أو مقبرة جاز أن يدفن فيه الواقف
856 - مسألة ذمي اتخذ مسجدا جاز وإن لم يكن قربه في اعتقاده كما لو بنى رباطا للمسلمين اعتبارا باعتقاد الإسلام كما بيع الشحم يجوز وإن كان لا يعتقد جوازه اعتبارا باعتقاد الإسلام ويحتمل أن لا تصح وصية الذمي ببناء المسجد ولا يصح وقفه المسجد لأن الوصية والوقف إنما يجوز فيما يكون عند الموصي قربة أو عند الواقف وهو لا يعتقده قربة ولا هو قربة عند الله لأن الله تعالى لا يقبل منه ذلك قال الله تعالى ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله فكيف يجوز أن يعمر ويتخذ ملكه مسجدا وهذا بخلاف العتق والتدبير يصح منه ذلك لأنه يعتقده قربة وهو عندنا قربة جاز ولو قال وقفت هذا على أن يطعم المساكين على رأس قبر أبي وأبوه ميت صح
857 - مسألة إذا قال وقفت هذا على فقراء أولادي ولا فقير في ولده وجب أن لا يصح كما لو قال على مسجد بيتي فإن كان فيهم فقراء وأغنياء صح ومن افتقر نفذ وصرف إليه
858 - مسألة إذا وقف مدرسة على أصحاب الشافعي رضي الله عنه شرط أن يكون فلان مدرسها أو قال حالة الوقف فوضت التدريس إلى فلان فهو لازم ولا يبذل المدرس كما لو قال وقفت هذا على أولادي الفقراء لا يبدل إلى الأغنياء أما إذا تم الوقوف ثم قال لواحد من العلماء اذهب فدرس أو

أقسام الكتاب
1 2 3 4