كتاب : الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِر
المؤلف : الشَّيْخ زَيْنُ الْعَابِدِيْنَ بْنِ إِبْرَاهِيْمِ بْنِ نُجَيْمٍ

مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْضًا لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ جَوَازَهُ ،وَلَا يُرَاعَى مَا شَرَطَهُ دَائِمًا وَأَمَّا اسْتِوَاءُ الْمُسْتَحِقِّينَ عِنْدَ الضِّيقِ فَمُخَالِفٌ لِمَا فِي مَذْهَبِنَا لِمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ
الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ ، شَرَطَ الْوَاقِفُ أَمْ لَا ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ ، ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ ( انْتَهَى ) .
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ الْإِمَامُ وَالْمُدَرِّسُ وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ لِتَعْبِيرِهِ بِالْكَافِ ، فَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُمْ النَّاظِرُ ،
وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الشَّادِّ زَمَنَ الْعِمَارَةِ وَالْكَاتِبِ بِهِمْ لَا فِي كُلِّ زَمَانٍ ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْجَابِي الْمُبَاشِرِ لِلْجِبَايَةِ بِهِمْ ، وَالسَّوَّاقُ مُلْحَقٌ بِهِمْ أَيْضًا ، وَالْخَطِيبُ مُلْحَقٌ بِالْإِمَامِ بَلْ هُوَ إمَامُ الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ قَيَّدَ الْمُدَرِّسَ بِمُدَرِّسِ الْمَدْرَسَةِ وَظَاهِرُهُ إخْرَاجُ مُدَرِّسِ الْجَامِعِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ ؛ فَإِنَّ مُدَرِّسَ الْمَدْرَسَةِ إذَا غَابَ تَعَطَّلَتْ الْمَدْرَسَةُ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ كَمُدَرِّسِي الرُّومِ ، أَمَّا مُدَرِّسُ الْجَامِعِ كَأَكْثَرِ الْمُدَرِّسِينَ بِمِصْرَ ، فَلَا،
وَلَا يَكُونُ مُدَرِّسُ الْمَدْرَسَةِ مِنْ الشَّعَائِرِ إلَّا إذَا لَازَمَ التَّدْرِيسَ عَلَى حُكْمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَمَّا مُدَرِّسُو زَمَانِنَا فَلَا ، كَمَا لَا يَخْفَى .
وَظَاهِرُ مَا فِي الْحَاوِي تَقْدِيمُ الْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ عَلَى بَقِيَّةِ الشَّعَائِرِ لِتَعْبِيرِهِ بِثُمَّ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمُبَاشِرَ وَالشَّادَّ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْعِمَارَةِ والمزملاتي ، وَالشِّحْنَةَ وَكَاتِبَ الْغَيْبَةِ ، وَخَازِنَ الْكُتُبِ ، وَبَقِيَّةَ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ لَيْسُوا مِنْهُمْ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْمُؤَذِّنِينَ بِالْإِمَامِ وَكَذَا الْمِيقَاتِيُّ لِكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلْمَسْجِدِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْحَاوِي تَقْدِيمُ مَنْ ذَكَرْنَاهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمْ كَالْعِمَارَةِ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِوَاءَ

الْعِمَارَةِ بِالْمُسْتَحِقِّ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْطُهُ ،وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ فَكَذَا هُمْ الْجَامِكِيَّةُ فِي الْأَوْقَافِ لَهَا شَبَهُ الْأُجْرَةِ وَشَبَهُ الصِّلَةِ وَشَبَهُ الصَّدَقَةِ ، فَيُعْطَى كُلُّ شَبَهٍ مَا يُنَاسِبُهُ فَاعْتَبَرْنَا شَبَهَ الْأُجْرَةِ فِي اعْتِبَارِ زَمَنِ الْمُبَاشَرَةِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَعْلُومِ وَالْحِلِّ لِلْأَغْنِيَاءِ ، وَشَبَهَ الصِّلَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ ، وَشَبَهَ الصَّدَقَةِ لِتَصْحِيحِ أَصْلِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ابْتِدَاءً ، فَإِذَا مَاتَ الْمُدَرِّسُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ مَثَلًا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَقَبْلَ ظُهُورِهَا ، وَقَدْ بَاشَرَ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ ، يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ وَقْتَ قِسْمَةِ الْغَلَّةِ إلَى مُدَّةِ مُبَاشَرَتِهِ وَإِلَى مُبَاشَرَةِ مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَيُبْسَطُ الْمَعْلُومُ عَلَى الْمُدَرِّسَيْنِ ، وَيُنْظَرُ كَمْ يَكُونُ مِنْهُ لِلْمُدَرِّسِ الْمُنْفَصِلِ وَالْمُتَّصِلِ ، فَيُعْطَى بِحِسَابِ مُدَّتِهِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ اعْتِبَارُ زَمَانِ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَإِدْرَاكِهَا كَمَا اُعْتُبِرَ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ ، بَلْ يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُدَرِّسِ وَالْفَقِيهِ وَصَاحِبِ وَظِيفَةٍ مَا وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ وَالْأَعْدَلُ .
كَذَا حَرَّرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ زَمَنِ مَجِيءِ الْغَلَّةِ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فِي غَيْرِ الْأَوْقَافِ الْمُؤَجَّرَةِ عَلَى الْأَقْسَاطِ الثَّلَاثَةِ ، كُلَّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قِسْطٌ ، فَيَجِبُ اعْتِبَارُ إدْرَاكِ الْقِسْطِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الرَّابِعِ حَتَّى تَمَّ وَهُوَ مَخْلُوقٌ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَمَنْ لَا فَلَا ، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِلْوَقْفِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : مَا إذَا أَجَّرَهَا الْوَاقِفُ ثُمَّ أَرْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ لِبُطْلَانِ الْوَقْفِ بِرِدَّتِهِ فَانْتَقَلَتْ إلَى وَرَثَتِهِ ، وَفِيمَا إذَا أَجَّرَ أَرْضَهُ ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَاتَ تَنْفَسِخُ .
ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي آخِرِ شَرْحِهِالنَّاظِرُ إذَا أَجَّرَ إنْسَانًا فَهَرَبَ وَمَالُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ حَتَّى ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُأَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا وَقْفٌ وَكَذَّبَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ ، وَقَدْ كَتَبْنَا نَظَائِرَهَا فِي الْإِقْرَارِ

وَقَعَتْ حَادِثَةٌ ، وَقَفَ الْأَمِيرُ عَلَى فُلَانٍ ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً دُونَ الْإِنَاثِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ صُرِفَ إلَى كَذَا فَهَلْ قَوْلُهُ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً قَيْدٌ لِلْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ حَتَّى لَا تَسْتَحِقَّ أُنْثَى وَلَا وَلَدُ أُنْثَى ؟ أَمْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَبْنَاءِ دُونَ الْآبَاءِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ ، وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ ؟ أَمْ هُوَ قَيْدٌ لِلْآبَاءِ دُونَ أَبْنَاءٍ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ وَلَوْ كَانَ أُنْثَى ؟ فَأَجَبْتُ هُوَ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُ الْوَصْفِ بَعْدَ مُتَعَاطِفَيْنِ لِلْأَخِيرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى { مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } بَعْدَ قَوْله تَعَالَى { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ } وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَقْصُودَهُ حِرْمَانُ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ ، ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا ، وَتَخْصِيصُ أَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ وَلَوْ كَانُوا إنَاثًا لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِمْ ، وَبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ : فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَقُلْ أَبْنَاءُ الذُّكُورِ وَلَا أَبْنَاءُ الْأَوْلَادِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ جَعَلَهُ قَيْدًا فِي الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَرَأَيْت الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ فِي التَّمْهِيدِ نَقَلَ أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَ الْجُمَلِ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ .
وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ .
وَأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَأَمَّا بِثُمَّ فَيَعُودُ إلَى الْأَخِيرِ اتِّفَاقًا الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِمَصَالِحِ الْوَقْفِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي يَبْعُدُ عَنْهُ يَسْتَدِينُ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ . النَّاظِرُ إذَا فَرَضَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ التَّفْوِيضُ بِالشَّرْطِ صَحَّ مُطْلَقًا ، وَإِلَّا فَإِنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنْ فَوَّضَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْيَتِيمَةِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَغَيْرِهَا ، وَإِذَا صَحَّ التَّفْوِيضُ بِالشَّرْطِ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ لَهُ التَّفْوِيضَ وَالْعَزْلَ ، كَمَا حَرَّرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا فَوَّضَ فِي

مَرَضِ مَوْتِهِ بِلَا شَرْطٍ وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَزْلُ وَالتَّفْوِيضُ إلَى غَيْرِهِ كَالْإِيصَاءِ .
وَسُئِلْت عَنْ نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّرْطِ ثُمَّ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ .
فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ مُعَيِّنٌ بِالشَّرْطِ ثُمَّ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا ؟
فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ إنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ بِمَوْتِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْوِيضِ ، وَإِنْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَنْتَقِلُ لَهُ مَا دَامَ الْمُفَوِّضُ إلَيْهِ بَاقِيًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ ، وَعَنْ وَاقِفِ شَرْطٍ مُرَتِّبًا لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَفَزِعَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ ، ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَى الْفُقَرَاءِ ؟ فَأَجَبْتُ بِالِانْتِقَالِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ لَهُ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّرِ لَهُ الْأَخْذُ إلَّا النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ ، ذَكَرَ الْحُسَامِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّ لِلْقَاضِي نَصْبُ الْقَيِّمِ بِغَيْرِ شَرْطٍ ، وَلَيْسَ لَهُ نَصْبُ خَادِمٍ لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطٍ ، فَاسْتَفَدْتُ مِنْهَا مَا ذَكَرْتُهُ يُكْرَهُ إعْطَاءُ فَقِيرٍ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ فَأَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ .
إلَّا إذَا أَوْقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ فَلَا يُكْرَهُ كَالْوَصِيَّةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْمُرَتَّبِ الْكَثِيرِ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْفُقَرَاءِ ، فَلْيُحْفَظْ : إذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مُدَّعِيهِمَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْقَرَابَةِ وَالْفَقْرِ ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِهَةِ الْقَرَابَةِ .
وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ فَقِيرٌ مُعْدِمٌ ، وَمَنْ لَهُ نَفَقَةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا مَالَ لَهُ فَقِيرٌ ، إنْ كَانَتْ لَا تَجِبُ إلَّا بِالْقَضَاءِ كَذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ ، كَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ
إذْ جَعَلَ تَعْمِيرَ الْوَقْفِ فِي سَنَةٍ وَقَطَعَ مَعْلُومَ الْمُسْتَحِقِّينَ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ فَمَا قَطَعَ لَا يَبْقَى لَهُمْ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ ، إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ زَمَنَ التَّعْمِيرِ ، بَلْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ عَمَّرَهُ أَوْ لَا .
وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ النَّاظِرَ إذَا صَرَفَ لَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ( انْتَهَى ) .
وَفَائِدَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ لَوْ جَاءَتْ الْغَلَّةُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَفَضَلَ شَيْءٌ بَعْدَ صَرْفِ مَعْلُومِهِمْ هَذِهِ السَّنَةَ ، لَا يُعْطِيهِمْ الْفَاضِلَ عِوَضًا عَمَّا قَطَعَ .
وَقَدْ اُسْتُفْتِيتُ عَمَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الْفَاضِلَ عَنْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْعُتَقَاءِ ، وَقَدْ قُطِعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِي سَنَةٍ شَيْءٌ بِسَبَبِ التَّعْمِيرِ

، هَلْ يُعْطِي الْفَاضِلَ فِي الثَّانِيَةِ لَهُمْ أَمْ لِلْعُتَقَاءِ ؟ فَأَجَبْتُ لِلْعُتَقَاءِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
وَإِذَا قُلْنَا بِتَضْمِينِ النَّاظِرِ إذَا صَرَفَ لَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَهُ لِكَوْنِهِمْ قَبَضُوا مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا ؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا ، لَكِنْ نَقَلُوا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ أَنَّ مُودِعَ الْغَائِبِ إذَا أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِذْنِ الْقَاضِي ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِلْكُهُ لِاسْتِنَادِ مِلْكِهِ إلَى وَقْفِ التَّعَدِّي .
كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ : إنَّ الْمَضْمُونَاتِ يَمْلِكُهَا الضَّامِنُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي ، حَتَّى لَوْ غَيَّبَ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ وَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ مَلَكَهَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَنَفَذَ بَيْعُهُ السَّابِقُ ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنْ بَحْثِ الْمِلْكِ .
وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ .
لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ الْفَاضِلُ إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَظْهَرْ دَيْنٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ .
فَصُرِفَ الْفَاضِلُ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ ، يُسْتَرَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ ( انْتَهَى ) ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَقْتَ الدَّفْعِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْقَابِضُ ، فَكَانَ لِلنَّاظِرِ اسْتِرْدَادُهُ ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ صَرَفَ عَلَيْهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ ، وَكَذَا لَا يُرَدُّ مَا إذَا أَذِنَهُ الْقَاضِي بِالدَّفْعِ إلَى زَوْجَةِ الْغَائِبِ فَلَمَّا حَضَرَ جَحَدَ النِّكَاحَ وَحَلَفَ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ : إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمَرْأَةِ ( انْتَهَى ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ وَقْتَ الدَّفْعِ ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ الْخَطَأُ فِي الْإِذْنِ ، فَإِنَّمَا دَفَعَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إذْنِ الْقَاضِي فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ مَلَكَ الْمَدْفُوعَ بِالضَّمَانِ ، فَلَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ .
وَفِي النَّوَازِلِ : سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارًا عَلَى مَسْجِدٍ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ مِنْ عِمَارَتِهِ فَهُوَ لِلْفُقَرَاءِ ، فَاجْتَمَعَتْ الْغَلَّةُ ، وَالْمَسْجِدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْعِمَارَةِ .
هَلْ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ ؟ قَالَ لَا تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ غَلَّةٌ كَثِيرَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ لِلْمَسْجِدِ حَدَثٌ وَالدَّارُ بِحَالٍ لَا تُغِلُّ .
قَالَ الْفَقِيهُ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ هَكَذَا .
وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا لَوْ احْتَاجَ الْمَسْجِدُ وَالدَّارُ إلَى الْعِمَارَةِ أَمْكَنَ الْعِمَارَةَ مِنْهَا صَرَفُ الزِّيَادَةَ عَلَى
هَلْ يُعْطِي الْفَاضِلَ فِي الثَّانِيَةِ لَهُمْ أَمْ لِلْعُتَقَاءِ ؟ فَأَجَبْتُ لِلْعُتَقَاءِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
وَإِذَا قُلْنَا بِتَضْمِينِ النَّاظِرِ إذَا صَرَفَ لَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَهُ لِكَوْنِهِمْ قَبَضُوا مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا ؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا ، لَكِنْ نَقَلُوا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ أَنَّ مُودِعَ الْغَائِبِ إذَا أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِذْنِ الْقَاضِي ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِلْكُهُ لِاسْتِنَادِ مِلْكِهِ إلَى وَقْفِ التَّعَدِّي .
كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ : إنَّ الْمَضْمُونَاتِ يَمْلِكُهَا الضَّامِنُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي ، حَتَّى لَوْ غَيَّبَ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ وَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ مَلَكَهَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَنَفَذَ بَيْعُهُ السَّابِقُ ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ التَّضَمُّنِ نَفَذَ ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنْ بَحْثِ الْمِلْكِ .
وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ .
لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ الْفَاضِلُ إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَظْهَرْ دَيْنٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ .
فَصُرِفَ الْفَاضِلُ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ ، يُسْتَرَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ ( انْتَهَى ) ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَقْتَ الدَّفْعِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْقَابِضُ ، فَكَانَ لِلنَّاظِرِ اسْتِرْدَادُهُ ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ صَرَفَ عَلَيْهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ ، وَكَذَا لَا يُرَدُّ مَا إذَا أَذِنَهُ الْقَاضِي بِالدَّفْعِ إلَى زَوْجَةِ الْغَائِبِ فَلَمَّا حَضَرَ جَحَدَ النِّكَاحَ وَحَلَفَ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ : إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَرْأَةَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمَرْأَةِ ( انْتَهَى ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ وَقْتَ الدَّفْعِ ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ الْخَطَأُ فِي الْإِذْنِ ، فَإِنَّمَا دَفَعَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إذْنِ الْقَاضِي فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ مَلَكَ الْمَدْفُوعَ بِالضَّمَانِ ، فَلَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ .
وَفِي النَّوَازِلِ : سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارًا عَلَى مَسْجِدٍ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ مِنْ عِمَارَتِهِ فَهُوَ لِلْفُقَرَاءِ ، فَاجْتَمَعَتْ الْغَلَّةُ ، وَالْمَسْجِدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْعِمَارَةِ .
هَلْ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ ؟ قَالَ لَا تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ غَلَّةٌ كَثِيرَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ

لِلْمَسْجِدِ حَدَثٌ وَالدَّارُ بِحَالٍ لَا تُغِلُّ .
قَالَ الْفَقِيهُ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ هَكَذَا .
وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا لَوْ احْتَاجَ الْمَسْجِدُ وَالدَّارُ إلَى الْعِمَارَةِ أَمْكَنَ الْعِمَارَةَ مِنْهَا صَرَفُ الزِّيَادَةَ عَلَىالْفُقَرَاءِ ، عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ ( انْتَهَى بِلَفْظِهِ ) .
فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي أَوْقَافِ الْقَاهِرَةِ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ إمْسَاكُ قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعِمَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا يَحْتَاجُ الْمَوْقُوفُ إلَى الْعِمَارَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لِلْفَقِيهِ .
وَعَلَى هَذَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِ الْعِمَارَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَالسُّكُوتِ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَلَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا ، وَمَعَ الِاشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ .
نَعَمْ إذَا اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ .
وَعَلَى هَذَا فَيَدَّخِرُ النَّاظِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرًا لِلْعِمَارَةِ .
وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ عَلَّلَهُ فِي النَّوَازِلِ بِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ لِلْمَسْجِدِ حَدَثٌ وَالدَّارُ بِحَالٍ لَا تُغِلُّ .
وَحَاصِلُهُ جَازَ خَرَابُ الْمَسْجِدِ أَوْ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ ، وَالْمَوْقُوفُ لَا غَلَّةَ لَهُ فَيُؤَدِّي الصَّرْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ غَيْرِ ادِّخَارِ شَيْءٍ لِلتَّعْمِيرِ إلَى خَرَابِ الْعَيْنِ الْمَشْرُوطِ تَعْمِيرُهَا أَوَّلًا .
وَصِيُّ الْوَاقِفِ نَاظِرٌ عَلَى أَوْقَافِهِ كَمَا هُوَ مُتَصَرِّفٌ فِي أَمْوَالِهِ وَلَوْ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا بَعْدَ جَعْلِ الْأَوَّلِ كَانَ الثَّانِي وَصِيًّا لَا نَاظِرًا ، كَمَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ .
وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ ، فَإِنَّ مُقْتَضَى مَا قَالُوا فِي الْوَصَايَا أَنْ يَكُونَا وَصِيَّيْنِ
حَيْثُ لَمْ يُعْزَلْ الْأَوَّلُ فَيَكُونَانِ نَاظِرَيْنِ .
فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ غَيْرُهُ .
كِتَابُ الْبُيُوعِ
أَحْكَامُ الْحَمْلِ ذَكَرْنَاهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَهُ بَيْعُهُ وَهُوَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي أَحْكَامِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ لَا الْمُقَيَّدِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ، وَالِاسْتِيلَادِ ، وَالْكِتَابَةِ ، وَالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَالرِّقِّ ، وَالْمِلْكِ بِسَائِرِ أَسْبَابِهِ ، وَحَقُّ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ يَسْرِي إلَيْهِ ، وَحَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي الدَّيْنِ ، فَيُبَاعُ مَعَ أُمِّهِ لِلدَّيْنِ ، وَحَقُّ الْأُضْحِيَّةِ ، وَالرَّهْنُ فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَمَا زَادَ

عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَيَتْبَعُهَا فِي الرَّهْنِ ، فَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ كَانَ رَهْنًا مَعَهَا بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ، وَالْكَفِيلَةِ ، وَالْمَغْصُوبَةِ ، وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا ، فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا
كَمَا فِي الرَّهْنِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ . وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ مَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً وَحَمْلَهَا ، أَوْ مَعَ حَمْلِهَا أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ دَابَّةً كَذَلِكَ فَإِنْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُمْ بِفَسَادٍ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا بِكَوْنِهِ مَجْهُولًا لَا اسْتِثْنَاءً مِنْ مَعْلُومٍ ، فَصَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا .
نَقُولُ هُنَا بِفَسَادِ الْبَيْعِ بِكَوْنِهِ جَمْعًا بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ ، لَكِنْ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : بَعْدَ مَا أَعْتَقَ الْحَمْلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ ، وَتَجُوزُ هِبَتُهَا
وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهَا بَعْدَ تَدْبِيرِ الْحَمْلِ عَلَى الْأَصَحِّ ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ . وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَمَلَتْ أَمَةٌ كَافِرَةٌ لِكَافِرٍ مِنْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ هَلْ يُؤْمَرُ مَالِكُهَا بِبَيْعِهَا لِصَيْرُورَةِ الْحَمْلِ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ .
وَلِحَالِ أَنَّ سَيِّدَهُ كَافِرٌ ؟ وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ الْإِجَازَةِ لَهُ وَيَنْبَغِي فِيهِ الصِّحَّةُ ؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ لِلْمَعْدُومِ .
فَالْحَمْلُ أَوْلَى ،وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَصِيَّةِ بَلْ أَوْلَى .
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَنِينِ تَبَعًا لِأُمِّهِ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْحَيَوَانَاتِ ، فَالْوَلَدُ مِنْهَا لِصَاحِبِ الْأُنْثَى لَا لِصَاحِبِ الذَّكَرِ كَذَا فِي كَرَاهِيَةِ الْبَزَّازِيَّةِ .وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْجِنَايَةِ فَلَا يُدْفَعُ مَعَهَا إلَى وَلِيِّهَا وَكَذَا لَا يَتْبَعُهَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ ، وَلَا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ فِي الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَلَا فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْأُمِّ ، وَلَا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا ، وَلَا تُقْتَلُ ، وَلَا تُحَدُّ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهَا ،وَلَا يَتَزَكَّى الْجَنِينُ بِزَكَاةِ أُمِّهِ . فَلَا يَتْبَعُهَا فِي سِتَّةِ مَسَائِلَ ، وَلَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ مَا دَامَ مُتَّصِلًا بِهَا ؛ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ إلَّا فِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً يُفْرَدُ بِهَا فِي الْإِعْتَاقِ ، وَالتَّدْبِيرِوَالْوَصِيَّةِ بِهِ وَلَهُ ؛ وَالْإِقْرَارِ بِهِ وَلَهُ ، بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتُونِ فِي الْوَصِيَّةِ ، وَالْإِقْرَارِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ . وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ لِأُمِّهِ ، وَيَرِثُ وَيُورَثُ فَإِنَّ مَا يَجِبُ فِيهِ مِنْ الْغُرَّةِ يَكُونُ مَوْرُوثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ ، وَيَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا ، وَيَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأُمُّ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا ، وَبِإِقْرَارِهِ لَا كَمَا فِي الْكَنْزِ

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ثَانِيَةً وَلَدُ الْبَهِيمَةِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَ مَعَهَا وَقْتَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ .
رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ فَسْخٍ فِي حَقِّ الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعُ عِيبَ بِقَضَاءٍ لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ .
الثَّانِيَةُ : لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الرَّدِّ بِعَيْبِ قَضَاءٍ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي ، وَكَانَ مَنْقُولًا لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَجَازَ .
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ فَسْخًا فِي حَقِّ الْكُلِّ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ حَتَّى رَأَيْنَا نَصَّ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا ، كَذَا فِي بُيُوعِ الْخِيرَةِ . الِاعْتِبَارُ لِلْمَعْنَى لَا لِلْأَلْفَاظِ ، صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْكَفَالَةُ ، فَهِيَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ حَوَالَةٌ ، وَهِيَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَتِهِ كَفَالَةٌ .
وَلَوْ قَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت أَوْ شَاءَ أَبِي أَوْ زَيْدٌ .
إنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ كَانَ بَيْعًا بِخِيَارٍ لِلْمَعْنَى وَإِلَّا بَطَلَ التَّعْلِيقُ ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُهُ .
وَلَوْ وَهْب الدَّيْنَ لِمَنْ عَلَيْهِ كَانَ إبْرَاءً لِلْمَعْنَى فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الصَّحِيحِ . وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ ، كَانَ بَيْعًا لِلْمَعْنَى لَكِنَّهُ ضَمِنَ اقْتِضَاءً فَلَا تُرَاعَى شُرُوطُهُ ، وَإِنَّمَا تُرَاعَى شُرُوطُ الْمُقْتَضَى ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ أَهْلًا لِلْإِعْتَاقِ .
وَلَا يَفْسُدُ بِأَلْفٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ .
وَلَوْ رَاجَعَهَا بِلَفْظِ النِّكَاحِ صَحَّتْ لِلْمَعْنَى .
وَلَوْ نَكَحَهَا بِلَفْظِ الرَّجْعَةِ صَحَّ أَيْضًا .
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ إذْنًا لَهُ بِالتِّجَارَةِ ، وَتَعَلَّقَ عِتْقُهُ بِالْأَدَاءِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى لَا كِتَابَةً فَاسِدَةً ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَا لَا يُحْصَى كَبَنِي تَمِيمٍ صَحَّ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ بَيَانُ الْجِهَةِ كَالْفُقَرَاءِ ، لَا لِلَّفْظِ لِيَكُونَ تَمَلُّكًا لِمَجْهُولٍ ، وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ خُذْ هَذَا بِكَذَا فَقَالَ أَخَذْت ، وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَعَ ذِكْرِ الْبَدَلِ .
وَبِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ وَالِاشْتِرَاكِ ، وَالْإِدْخَالِ وَالرَّدّ وَالْإِقَالَةِ عَلَى قَوْلٍ ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مُفَصَّلًا مَعْزُوًّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ . وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِلَفْظِ الصُّلْحِ عَنْ الْمَنَافِعِ وَبِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ .
وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِ الْعَيْنِ لِلْحَالِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ .

وَيَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَعَكْسِهِ .
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ بِعْتُ نَفْسَك مِنْك بِأَلْفٍ كَانَ إعْتَاقًا عَلَى مَالٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ كُلَّ الرِّبْحِ كَانَ الْمَالُ قَرْضًا وَلَوْ شَرَطَ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً .
وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ عَلَى نِصْفِهِ قَالُوا إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ كَالْإِبْرَاءِ وَكَوْنُهُ عَقْدَ صُلْحٍ يَقْتَضِي الْقَبُولَ ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ رُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ . وَلَوْ وُهِبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَبِلَ كَانَتْ إقَالَةً .
وَخَرَجَتْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ : مِنْهَا : لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ ، وَلَا الْعَارِيَّةُ بِالْإِجَارَةِ بِلَا أُجْرَةٍ ، وَلَا الْبَيْعُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ .
وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ بِأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ وَإِنْ نَوَى .
وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ تُرَاعَى فِيهِمَا الْأَلْفَاظُ لَا الْمَعْنَى فَقَطْ .
فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا فِي كِيسٍ أَبْيَضَ فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَأَدَّاهَا فِي كِيسٍ أَحْمَرَ لَمْ يَعْتِقْ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ مُنَجَّزًا فَعَلَّقَهُ عَلَى كَائِنٍ لَمْ تَطْلُقْ .
وَفِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ نَظَرُوا إلَى جَانِبِ اللَّفْظِ ابْتِدَاءً فَكَانَتْ هِبَةً ابْتِدَاءً ، وَإِلَى جَانِبِ الْمَعْنَى فَكَانَتْ بَيْعًا انْتِهَاءً ، فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهُ مِنْ الْخِيَارَاتِ وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ .
بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ وَلِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ،كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الشِّرَاءُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُبَاشِرِ نَفَذَ ، فَلَا يَتَوَقَّفُ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ ، وَلَا شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْمُخَالِفِ ، وَلَا إجَارَةُ الْمُتَوَلِّي أَجِيرًا لِلْوَقْفِ بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ بَلْ يَنْفُذُ عَلَيْهِمْ وَالْوَصِيُّ كَالْمُتَوَلِّي وَقِيلَ تَقَعُ الْإِجَارَةُ لِلْيَتِيمِ ، وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ . الْأَمِيرُ وَالْقَاضِي إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ بَاطِلَةٌ وَلَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ لَهُ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ . الذَّرْعُ وَصْفٌ فِي الْمَذْرُوعِ إلَّا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ .
كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ . الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ لَا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ . تَكَرُّرُ الْإِيجَابِ مُبْطِلٌ لِلْأَوَّلِ إلَّا فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالِ ، كَذَا فِي بَيْعِ الذَّخِيرَةِ .
الْعُقُودُ تَعْتَمِدُ فِي صِحَّتِهَا الْفَائِدَةَ فَمَا لَمْ يَفْدِ لَمْ يَصِحَّ ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ اسْتَوَيَا وَزْنًا وَصِفَةً

كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ كَسُكْنَى دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ .
إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : لَا يَمْلِكُهُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ كَمَا فِي الْأُصُولِ . الثَّانِيَةُ : لَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا لَا يَمْلِكُهُ بِهِ بِالْقَبْضِ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ . الثَّالِثَةُ : لَوْ كَانَ مَقْبُوضًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً لَا يَمْلِكُهُ بِهِ .
الرَّابِعَةُ : الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ مَلَكَهُ .
وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الْمِلْكِ كُلُّهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ ؛ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ وَلَا لُبْسُهُ ، وَلَا وَطْؤُهَا لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً وَلَوْ وَطِئَهَا ضَمِنَ عُقْرَهَا ، وَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ لَوْ كَانَتْ عَقَارًا .
الْخَامِسَةُ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ . إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبُطْلَانِ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ، وَفِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي إقَالَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ .
لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ النَّقْدِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي ، مَعَ أَنَّهُ يَدَّعِي فَسَادَ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ تَحَالَفَا ، وَإِذَا سَمَّى شَيْئًا وَأَشَارَ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ ، كَمَا إذَا سَمَّى يَاقُوتًا وَأَشَارَ إلَى زُجَاجٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا سَمَّى هَرَوِيًّا وَأَشَارَ إلَى مَرْوِيٍّ ، قِيلَ بَاطِلٌ ، فَلَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ ، وَقِيلَ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
كُلُّ عَقْدٍ أُعِيدَ وَجُدِّدَ فَإِنَّ الثَّانِيَ بَاطِلٌ فَالصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَاطِلٌ ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالنِّكَاحُ بَعْدَ النِّكَاحِ كَذَلِكَ .كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
وَالْحَوَالَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ بَاطِلَةٌ ، كَمَا فِي التَّلْقِيحِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : الشِّرَاءُ بَعْدَ الشِّرَاءِ صَحِيحٌ ، أَطْلَقَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَيَّدَهُ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَكْثَرَ ثَمَنًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ وَإِلَّا فَلَا .

الثَّانِيَةُ : الْكَفَالَةُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ صَحِيحَةٌ لِزِيَادَةِ التَّوْثِيقِ ، بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ فَإِنَّهَا نَقْلٌ فَلَا يَجْتَمِعَانِ كَمَا فِي التَّلْقِيحِ
وَأَمَّا الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ ؛ فَالثَّانِيَةُ فَسْخٌ لِلْأُولَى ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
التَّخْلِيَةُ تَسْلِيمٌ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ النَّقْدِ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ رَدًّا لَهُ .
الثَّانِيَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْعِمَادِيُّ . وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ أَنَّهَا تَسْلِيمٌ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ اتِّفَاقًا .
الرَّابِعَةُ : فِي الْهِبَةِ الْجَائِزَةِ فِي رِوَايَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ يَثْبُتُ فِي ثَمَانٍ : الْبَيْعُ ، وَالْإِجَارَةُ ، وَالْقِسْمَةُ ، وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ ، وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ وَالْخُلْعُ لَهَا ،وَالْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ لِلْقِنِّ لَا لِلسَّيِّدِ وَلِلزَّوْجِ .
هَكَذَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الْأُسْرُوشَنِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ ، وَتَبِعَهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَزِدْت عَلَيْهَا فِي الشَّرْحِ سَبْعًا أُخْرَى فَصَارَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ :
الْكَفَالَةُ ، وَالْحَوَالَةُ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ،وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ ، كَمَا فِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ مِنْ بَحْثِ الْهَزْلِ ، وَالتَّسْلِيمُ لِلشُّفْعَةِ بَعْدَ الطَّلَبِ ، كَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْهُ ،وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ،وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ إلْحَاقًا لَهُمَا بِالْإِجَارَةِ
وَلَا يَدْخُلُ الْخِيَارُ فِي سَبْعَةٍ : النِّكَاحِ ، وَالطَّلَاقِ إلَّا الْخُلْعَ لَهَا ، وَالْيَمِينِ ، وَالنَّذْرِ ، وَالْإِقْرَارِ إلَّا الْإِقْرَارَ بِعَقْدٍ يَقْبَلُهُ وَالصَّرْفِ ، وَالسَّلَمِ .
يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي الصَّرْفِ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ إلَّا فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَ رَجُلٌ بَدَلَ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي إتْبَاعَ الْجَانِي ، وَتَفَرَّقَ الْعَاقِدَانِ قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمُتْلِفِ فَإِنَّ الصَّرْفَ لَا يَفْسُدُ عِنْدَهُمَا ، خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا فِي الْجَامِعِ
الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا
شَرْطُ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ وَإِحَالَةٍ مَعْلُومَيْنِ ، وَإِشْهَادٍ ، وَخِيَارٍ ، وَنَقْدِ ثَمَنٍ إلَى ثَلَاثَةٍ ، وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى مَعْلُومٍ ، وَبَرَاءَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ ، وَقَطْعِ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ ، وَتَرْكِهَا عَلَى النَّخِيلِ بَعْدَ إدْرَاكِهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ ، وَوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ ، وَعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَتَسَلَّمَ الثَّمَنَ ، وَرَدِّهِ بِعَيْبٍ وُجِدَ ، وَكَوْنِ الطَّرِيقِ

لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي ، وَعَدَمِ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِهِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَإِطْعَامُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَّا إذَا عَيَّنَ مَا يُطْعِمُ الْآدَمِيَّ وَحَمْلُ الْجَارِيَةِ ،وَكَوْنُهَا مُغَنِّيَةً وَكَوْنُهَا حَلُوبًا وَكَوْنُ الْفَرَسِ هِمْلَاجًا وَكَوْنُ الْجَارِيَةِ مَا وَلَدَتْ وَإِيفَاءُ الثَّمَنِ فِي بَلَدٍ آخَرَ ، وَالْحَمْلُ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي فِيمَا لَهُ حَمْلٌ بِالْفَارِسِيَّةِ وَحَذْوُ النَّعْلِ ، وَخَرَزُ الْخُفِّ ، وَجَعْلُ رُقْعَةٍ عَلَى الثَّوْبِ وَهِيَ خِيَاطَتُهَا ، وَكَوْنُ الثَّوْبِ سُدَاسِيًّا ، وَكَوْنُ السَّوِيقِ مَلْتُوتًا بِسَمْنٍ ، وَكَوْنُ الصَّابُونِ مُتَّخَذًا مِنْ كَذَا جَرَّةٍ مِنْ الزَّيْتِ وَبَيْعُ الْعَبْدِ إلَّا إذَا قَالَ مِنْ فُلَانٍ وَجَعَلُهَا بِيعَةً وَالْمُشْتَرِي ذِمِّيٌّ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ أَنْ يَجْعَلَهَا الْمُسْلِمُ مَسْجِدًا وَيَرْضَى الْجِيرَانُ إذَا عَيَّنَهُمْ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْكُلُّ مِنْ الْخَانِيَّةِ .
الْجَوْدَةُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ هَدَرٌ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ :
فِي مَالِ الْمَرِيضِ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَفِي مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالْوَقْفِ ، وَفِي الْقَلْبِ .
الرَّهْنُ إذَا انْكَسَرَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ، فَلِلرَّاهِنِ تَضْمِينُ الْمُرْتَهِنِ قِيمَتَهُ ذَهَبًا وَتَكُونُ رَهْنًا ، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الرَّهْنِ .
مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ إلَّا الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهَا دُونَ اسْتِثْنَائِهَا .
مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ وَوَقْتَ الْقَبْضِ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ ، إلَّا إذَا حَمَلَهُ الْبَائِعُ إلَى بَيْتِ الْمُشْتَرِي ، فَلَا يَرُدُّهُ إذَا رَآهُ .
إلَّا إذَا أَعَادَهُ إلَى الْبَائِعِ .
بَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ فَبَاطِلٌ : إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ لِلْمَالِكِ ، وَهِيَ فِي التَّلْقِيحِ .
وَفِيمَا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ .
وَهِيَ فِي الْبَدَائِعِ . وَفِيمَا إذَا بَاعَ عَرَضًا مِنْ غَاصِبٍ عَرَضٌ آخَرُ لِلْمَالِكِ بِهِ ، وَهِيَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
بَيْعُ الْبَرَاءَاتِ الَّتِي يَكْتُبُهَا الدِّيوَانُ لِلْعُمَّالِ لَا يَصِحُّ ، فَأَوْرَدَ أَنَّ أَئِمَّةَ بُخَارَى جَوَّزُوا بَيْعَ خُطُوطِ الْأَئِمَّةِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَالَ الْوَقْفِ قَائِمٌ ثَمَّةَ .
وَلَا كَذَلِكَ هُنَا .
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
بَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ إلَّا فِيمَا يَسْتَجِرُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْبَقَّالِ ، إذَا حَاسَبَهُ عَلَى أَثْمَانِهَا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهَا فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ أَجَّرَ .
مَلَكَ الْإِقَالَةَ إلَّا فِي مَسَائِلَ ، اشْتَرَى الْوَصِيُّ مِنْ مَدْيُونِ الْمَيِّتِ دَارًا بِعِشْرِينَ وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ لَمْ تَصِحَّ

الْإِقَالَةُ .
اشْتَرَى الْمَأْذُونُ غُلَامًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةٌ لَمْ تَصِحَّ وَلَا يَمْلِكَانِ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَيَمْلِكَانِهِ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ
وَالْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ لَوْ أَجَّرَ الْوَقْفَ ثُمَّ أَقَالَ وَلَا مَصْلَحَةَ لَمْ تَجُزْ عَلَى الْوَقْفِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ بِخِلَافِهِ بِالْبَيْعِ تَصِحُّ وَيَضْمَنُ ، وَالْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ عَلَى خِلَافٍ ، تَصِحُّ إقَالَةُ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ ، وَلِلْوَارِثِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ .
لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ إلَّا فِي اللُّقَطَةِ وَفِي إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ .
بَيْعُ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بَعْدَ هَلَاكِ الثَّمَنِ الْمَوْقُوفُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْقُوفِ عَلَى إجَازَتِهِ ، وَلَا يَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَهُ إلَّا فِي الْقِسْمَةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا فِي الشُّفْعَةِ وَلَهَا صُورَتَانِ ، فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ إذَا أَجَازَ نَفَذَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا أَجَازَ الْغَرِيمُ قِسْمَةَ الْوَارِثِ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعُ .
الْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا .
كَحَقِّ الشُّفْعَةِ ؛ فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالِ بَطَلَتْ وَرَجَعَ بِهِ وَلَوْ صَالَحَ الْمُخَيَّرَةَ بِمَالِ لِتَخْتَارَهُ بَطَلَ وَلَا شَيْءَ لَهَا ، وَلَوْ صَالَحَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِمَالِ لِتَتْرُكَ نَوْبَتَهَا لَمْ يَلْزَمْ وَلَا شَيْءَ لَهَا ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّفْعَةِ .
وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْوَظَائِفِ فِي الْأَوْقَافِ .
وَخَرَجَ عَنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ وَمِلْكُ النِّكَاحِ ،وَحَقُّ الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الشُّفْعَةِ وَالْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا صَالَحَ الْمَكْفُولَ لَهُ بِمَالِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَجِبْ وَفِي بُطْلَانِهَا رِوَايَتَانِ ، وَفِي بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ رِوَايَتَانِ ، وَكَذَا بَيْعُ الشِّرْبِ ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا إلَّا تَبَعًا .
الْعَقْدُ الْفَاسِدُ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ لَزِمَ وَارْتَفَعَ الْفَسَادُ إلَّا فِي مَسَائِلَ : أَجَّرَ فَاسِدًا فَأَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ صَحِيحًا فَلِلْأَوَّلِ نَقْضُهَا .
الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرَهِ لَوْ بَاعَ صَحِيحًا فَلِلْمُكْرَهِ نَقْضُهُ .
الْمُشْتَرِي فَاسِدًا إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا فَلِلْبَائِعِ نَقْضُهُ وَكَذَا إذَا زَوَّجَ .
الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ:
إحْدَاهُمَا : فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ الْأَسِيرَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ دَرَاهِمَ زُيُوفًا أَوْ عُرُوضًا مَغْشُوشَةً ، جَازَ إنْ كَانَ حُرًّا ، وَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ .

الثَّانِيَةُ : يَجُوزُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ وَالنَّاقِصِ فِي الْجِبَايَاتِ .
لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِلثَّمَنِ الْحَالِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ وَلَوْ أَمَرَ عَبْدًا لِيَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى لِلْآمِرِ وَلَوْ بَاعَهُ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا ، إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فَلِلْبَائِعِ نَقْضُ تَصَرُّفِهِ إلَّا فِي التَّدْبِيرِ وَالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِيلَاءِ ،وَلَهُ إبْطَالُ الْكِتَابَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ شِرَاءُ الْأُمِّ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ غَيْرُ نَافِذٍ عَلَيْهِ ، إلَّا إذَا اشْتَرَتْ مِنْ أَبِيهِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ .
إقَالَةُ الْإِقَالَةِ صَحِيحَةٌ إلَّا فِي السَّلَمِ لِكَوْنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا سَقَطَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ التَّخَالُفِ .
لِلْمُسْتَأْمَنِ بَيْعُ مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ دُونَ أُمِّ وَلَدِهِ .
وَمَنْ بَاعَ مَالَ الْغَائِبِ بَطَلَ بَيْعُهُ ، إلَّا الْأَبَ الْمُحْتَاجَ كَذَا فِي نَفَقَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ .
الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ لَرَجَعَ عَلَيْهِ .
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ دَاخِلٌ عَلَى الْحُكْمِ لَا عَلَى الْبَيْعِ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ .
إذَا اشْتَرَطَ الْمَالِكُ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ .
كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ ، فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ .
الْمَرَافِقُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي الْمَنَافِعُ ، وَالْحُقُوقُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَرَافِقُ هِيَ الْحُقُوقُ .( انْتَهَى ) .
الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْبَائِعِ إلَّا فِي الِاسْتِصْنَاعِ فَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الصَّانِعِ إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ التَّأْجِيلِ فَالْقَوْلُ لَنَا فِيهِ لَا فِي السَّلَمِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَلَا تَحَالُفَ إلَّا فِي السَّلَمِ

رَأْسُ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَهُوَ قَبْلَهَا ؛ فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَعْدَهَا كَقَبْلِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ بَعْدَهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهَا .
بَدَلُ الصَّرْفِ كَرَأْسِ الْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِيهِمَا ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَقَبْلِهَا بِخِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ .وَالْكُلُّ فِي الشَّرْحِ .
يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لِلتَّحَالُفِ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
أَسْلَمَا ثَمَّةَ وَلَمْ يَخْرُجَا إلَيْنَا ، وَبَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ ، وَبَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَشَرِيكَيْ الْعَنَانِ كَمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
كِتَابُ الْكَفَالَةِ
بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا ضَمِنَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَبَرْهَنَ فُلَانٌ عَلَى أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ .
فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالِ ثُمَّ كَلَّفَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمُصَالَحِ إلَى عِتْقِ الْأَصِيلِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَكَفَلَ بِهِ فَمَاتَ الْكَفِيلُ حَلَّ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ فَقَطْ ، فَلِلْمُطَالِبِ أَخْذُهُ مِنْ وَارِثِ الْكَفِيلِ ، وَلَا رُجُوعَ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عِنْدَنَا ، كَذَا فِي الْمَجْمَعِ .
أَدَاءُ الْكَفِيلِ يُوجِبُ بَرَاءَتَهُمَا لِلطَّالِبِ إلَّا إذَا أَحَالَهُ الْكَفِيلُ عَلَى مَدْيُونِهِ ، وَشَرَطَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْهِدَايَةِ الْغَرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ ، فَلَوْ قَالَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ ، فَسَلَكَهُ فَأَخَذَهُ

اللُّصُوصُ ، أَوْ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ ، فَلَا ضَمَانَ .
وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا فَظَهَرَتْ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ ؛ فَلَا رُجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمُخْبِرِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : الْأُولَى : إذَا كَانَ الْغَرُورُ بِالشَّرْطِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِمَا غَرِمَهُ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ .
الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ .
وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ ، وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ أَنْ يُسَلَّمَ الْبِنَاءُ لَهُ .
وَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا ابْنِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ ؛ فَظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ لِلْغَرُورِ ، وَكَذَا إذَا قَالَ بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ ، فَبَايَعُوهُ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ رَجَعُوا عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ ، وَكَذَا إذَا ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا وَلَا بُدَّ فِي الرُّجُوعِ مِنْ إضَافَتِهِ إلَيْهِ وَالْأَمْرِ بِمُبَايَعَتِهِ كَذَا فِي مَأْذُونِ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ .
الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَاهُ .
وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا .
وَفِي الْعَارِيَّةِ وَالْهِبَةِ لَا رُجُوعَ لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْغَرُورِ مِنْ الْبُيُوعِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مَسَائِلَ مُهِمَّةً مِنْ هَذَا النَّوْعِ .
مِنْهَا : لَوْ جَعَلَ الْمَالِكُ نَفْسَهُ دَلَّالًا فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَتُهُ وَقَدْ أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ مَا أَتْلَفَهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ .
وَمِنْهَا : إذَا غَرَّ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ وَقَالَ لَهُ قِيمَةُ مَتَاعِي كَذَا فَاشْتَرِهِ .
فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَبِهِ يُفْتَى .
وَكَذَا إذَا غَرَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ ، وَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي بِغَرُورِ الدَّلَّالِ .
وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنَّ الْغَرُورَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ .
قَاصِرٌ وَتَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي مَسْأَلَتَانِ فِي بَابِ مُتَفَرِّقَاتِ بُيُوعِ الْكَنْزِ ، اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ ، ارْتَهِنِّي فَأَنَا عَبْدٌ .

لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لِسَمَاعِ دَعْوَى عَلَيْهَا ،وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ،وَفِي الْأَبِ إذَا أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِضَمَانِ ابْنِهِ فَطَلَبَهُ الضَّامِنُ مِنْهُ فَعَلَى الْأَبِ إحْضَارُهُ لِكَوْنِهِ فِي تَدْبِيرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الثَّالِثَةُ : سَجَّانُ الْقَاضِي خَلَّى رَجُلًا مِنْ الْمَسْجُونِينَ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَطْلُبَ السَّجَّانَ بِإِحْضَارِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الرَّابِعَةُ : ادَّعَى الْأَبُ مَهْرَ بِنْتِهِ مِنْ الزَّوْجِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَطَلَبَ مِنْ الْأَبِ إحْضَارَهَا ؛ فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا أَمَرَ الْقَاضِي الْأَبَ بِإِحْضَارِهَا وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ ، وَإِلَّا أَرْسَلَ إلَيْهَا أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقَضَاءِ .
مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ ؛ كَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : أَمَرَهُ بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ بِأَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا عَنِّي .
وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ .
فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ مُقَابِلًا بِمِلْكِ مَالٍ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطِهِ وَإِلَّا فَلَا .
وَذَكَرَ لَهُ أَصْلًا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَلْيُرَاجَعْ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مُطَالَبٌ بِتَسْلِيمِ الْأَصِيلِ إلَى الطَّالِبِ مَعَ قُدْرَتِهِ ،إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ ، إلَّا كَفِيلَ النَّفْسِ ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ؛ كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ .( انْتَهَى ) .
وَهَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا قَالَ لَا حَقَّ لِي قَبْلَهُ وَلَا لِمُوَكَّلِي وَلَا لِيَتِيمٍ أَنَا وَصِيُّهُ وَلَا لِوَقْفٍ أَنَا مُتَوَلِّيهِ ، فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ .
ضَمَانُ الْغَرُورِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ضَمَانُ الْكَفَالَةِ ( انْتَهَى ) .
لِلْكَفِيلِ مَنْعُ الْأَصِيلِ مِنْ السَّفَرِ ، إنْ كَانَتْ كَفَالَتُهُ حَالَّةً لِيُخَلِّصَهُ مِنْهَا إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ ،وَفِي الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ يَرُدُّهُ إلَيْهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا

كَانَتْ بِأَمْرِهِ .
لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِدَيْنٍ صَحِيحٍ ، وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ .
قُلْت:إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا ؛ قَالُوا : لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ الْمَاضِيَةِ صَحَّتْ مَعَ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا
وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا أَوْ بِيَوْمٍ يَأْتِي وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ .
الْقَاضِي يَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ إذَا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتْرُكْ شُهُودَهُ أَوْ أَقَامَ وَاحِدًا .
أَوْ ادَّعَى وَقَالَ شُهُودِي حُضُورٌ وَيَأْخُذُ كَفِيلًا بِإِحْضَارِ الْمُدَّعِي وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ ،وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَلَبِ كَفِيلٍ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْوِصَايَةَ وَالْوَكَالَةَ وَهُمَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ ، وَمَا إذَا ادَّعَى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَوْ دَيْنًا غَيْرَهَا ، وَمَا إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ لِمَأْذُونٍ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ عَلَى مَوْلَاهُ دَيْنًا ، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ فَإِنَّهُ يَكْفُلُ ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ
كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى
لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ
فَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي إلَّا بِالْحُجَّةِ ، وَهِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ أَوْ النُّكُولُ،كَمَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي خَطَّ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَتَبَ ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ ، كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ .
وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ : اشْتَرَى حَانُوتًا فَوَجَدَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى بَابِهِ مَكْتُوبًا وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا ، لَا يَرُدُّهُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا تُبْنَى الْأَحْكَامُ عَلَيْهَا ( انْتَهَى ) .
وَعَلَى هَذَا ، الِاعْتِبَارِ بِكِتَابَةِ وَقْفٍ عَلَى كِتَابٍ أَوْ مُصْحَفٍ .
قُلْت: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : كِتَابُ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ إلَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ لِحَامِلِهِ ،كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ .
وَيُمْكِنُ إلْحَاقُ الْبَرَاءَةِ السُّلْطَانِيَّةِ بِالْوَظَائِفِ فِي زَمَانِنَا إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ أَنَّهُ لَا يُزَوَّرُ ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْأَمَانِ لَحِقْنَ الدَّمَ فَلَا .

الثَّانِيَةُ : يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ .
وَتَعَقَّبَهُ الطَّرَسُوسِيُّ بِأَنَّ مَشَايِخَنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ رَدُّوا عَلَى مَالِكٍ فِي عَمَلِهِ بِالْخَطِّ لِكَوْنِ الْخَطِّ يُشْبِهُ الْخَطَّ ، فَكَيْفَ عَمِلُوا بِهِ هُنَا ؟
وَرَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَالَهُ وَعَلَيْهِ . وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَفِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ : ادَّعَى مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ : كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْته ، لَا يَكُونُ إقْرَارًا .
وَكَذَا لَوْ قَالَ : مَا كَانَ فِي جَرِيدَتِك فَعَلَيَّ ، إلَّا إذَا كَانَ فِي الْجَرِيدَةِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ ، أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي شَيْئًا مَعْلُومًا .
فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا كَانَ تَصْدِيقًا ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ لَا يَلْحَقُ بِالْمَجْهُولِ ، وَكَذَا إذَا أَشَارَ إلَى الْجَرِيدَةِ وَقَالَ : مَا فِيهَا فَهُوَ عَلَيَّ ، كَذَلِكَ يَصِحُّ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ ( انْتَهَى ) .
مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ إذَا امْتَنَعَ عَنْ قَضَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ
وَلِذَا قَالُوا : إنَّ الْمَدْيُونَ لَا يُضْرَبُ فِي الْحَبْسِ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُغَلُّ .
قُلْت: إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَاتِ ، وَإِذَا لَمْ يَقْسِمْ بَيْنَ نِسَائِهِ وَوَعَظَ فَلَمْ يَرْجِعْ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ الْقِسْمِ ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مَعَ قُدْرَتِهِ ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِهِ .
وَالْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ أَنَّ الْحَقَّ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ فِيهَا ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَ لَا يُقْضَى
وَكَذَا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ .
وَحَقُّهَا فِي الْجِمَاعِ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ لَا إلَى خَلَفٍ
لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي عَلَى حَقٍّ مَجْهُولٍ ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ خِيَانَةً مُبْهَمَةً لَمْ يَحْلِفْ إلَّا فِي مَسَائِلَ ،كَمَا فِي دَعْوَى الْخَانِيَّةِ :
الْأُولَى : إذَا اتَّهَمَ الْقَاضِي وَصِيَّ الْيَتِيمِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا اُتُّهِمَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُمَا نَظَرًا لِلْيَتِيمِ وَالْوَاقِفِ .
الثَّالِثَةُ :إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ عَلَى الْمُودَعِ خِيَانَةً مُطْلَقَةً فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الرَّابِعَةُ : الرَّهْنُ الْمَجْهُولُ .
الْخَامِسَةُ : فِي دَعْوَى الْغَصْبِ .
السَّادِسَةُ : فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ ، وَهِيَ إحْدَى الثَّلَاثِ الَّتِي تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى بِمَجْهُولٍ فَصَارَتْ سِتًّا .

الْقَضَاءُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي خَمْسٍ ؛ فَفِي أَرْبَعٍ يَتَعَدَّى إلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ بَعْدَهُ : فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَالنَّسَبِ ، وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ ، وَالنِّكَاحِ .
كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى .
وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ يَقْتَصِرُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ الْمَحْكُومِ بِهِ ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي وَاحِدَةٍ يَتَعَدَّى إلَى مَنْ تَلَقَّى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْمِلْكَ مِنْهُ ، فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ وَالْقَضَاءِ كَانَ قَضَاءً عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ ، فَلَوْ بَرْهَنَ الْبَائِعُ بَعْدَهُ عَلَى الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ عَيْنٌ مِنْ يَدِ وَارِثٍ بِقَضَاءٍ بِبَيِّنَةٍ ذَكَرْت أَنَّهُ وَرِثَهَا كَانَ قَضَاءً عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ وَالْمَيِّتِ ، فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ وَارِثٍ آخَرَ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ لِمُلَّا خُسْرو مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ .
وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ حُكْمٌ عَلَى الْكَافَّةِ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْ وَاحِدٍ .
وَكَذَا الْعِتْقُ وَفُرُوعُهُ .
وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ فَعَلَى الْكَافَّةِ مِنْ التَّارِيخِ لَا قَبْلَهُ ، يَعْنِي إذَا قَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ : إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ ، فَقَالَ بَكْرٌ : إنِّي كُنْت عَبْدَ بِشْرٍ مَلَكَنِي مُنْذُ سِتَّةِ أَعْوَامٍ فَأَعْتَقَنِي وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ ، انْدَفَعَ دَعْوَى زَيْدٍ .
ثُمَّ إذَا قَالَ عَمْرٌو لِبَكْرٍ إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ وَأَنْتِ مِلْكِي الْآنَ ، وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ ، وَيُفْسَخُ الْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ ، وَيُجْعَلُ مِلْكًا لِعَمْرٍو
وَدَلَّ عَلَيْهِ أَنَّ قَاضِي خَانْ قَالَهُ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ .
فَصَارَتْ مَسَائِلُ الْبَابِ عَلَى قِسْمَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : عِتْقٌ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ ،وَالْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ .
وَلَا يَكُونُ قَضَاءً قَبْلَهُ .
فَلْيَكُنْ هَذَا عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّ الْكُتُبَ الْمَشْهُورَةَ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْفَائِدَةِ ( انْتَهَى ) .

وَهُنَا فَائِدَةٌ أُخْرَى هِيَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْكَافَّةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالرِّقِّ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ .
اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِهَا ،وَلَا بُدَّ مِنْ التَّطَابُقِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : فِي الْوَقْفِ يَقْضِي بِأَقَلِّهِمَا .
كَمَا فِي شَهَادَاتِ فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزِيًّا إلَى الْخَصَّافِ .
الثَّانِيَةُ : فِي الْمَهْرِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ يَقْضِي بِالْأَقَلِّ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الثَّالِثَةُ : شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالْعَطِيَّةِ تُقْبَلُ .
الرَّابِعَةُ : شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ ، وَهُمَا فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ .
الْخَامِسَةُ : شَهِدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ تُقْبَلُ ، كَمَا فِي الْعُمْدَةِ .
السَّادِسَةُ : شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَالْآخَرُ بِالْفَارِسِيَّةِ تُقْبَلُ ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ فِيهِمَا ، وَهِيَ:
السَّابِعَةُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي الْقَذْفِ ، كَذَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ وَذَكَرْت فِي الشَّرْحِ سِتَّ عَشْرَةَ أُخْرَى فَالْمُسْتَثْنَى ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْخَصَّافِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْوَكَالَةِ مَسَائِلَ تُزَادُ عَلَيْهَا فَلْتُرَاجَعْ
وَقَدْ ذَكَرْت فِي الشَّرْحِ إنَّ الْمُسْتَثْنَى اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً وَبَيَّنْتهَا مُفَصَّلَةً
يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ ،وَيَوْمُ الْقَتْلِ يَدْخُلُ .
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة وَالْفُصُولِ ، وَعَلَيْهَا فُرُوعٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فَإِنَّ يَوْمَ الْقَتْلِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ الَّتِي مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا بِتَارِيخٍ مُنَاقِضٍ لِمَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الدَّفْعِ فِي الدَّعْوَى ذَكَرَ مَسْأَلَةً الصَّوَابُ فِيهَا أَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ ، فَارْجِعْ إلَيْهَا إنْ شِئْت .
وَذَكَرْت مَسَائِلَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي الدَّعْوَى فِي تَرْجَمَةِ الْمَوْتِ فَلْتُرَاجَعْ .
وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي الشَّرْحِ فِي بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

شَاهِدُ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يُقْبَلُ لِفِسْقِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
أَبَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعِمَارَةَ مَعَ شَرِيكِهِ فَلَا جَبْرَ عَلَيْهِ .
إلَّا فِي جِدَارِ يَتِيمَيْنِ ، لَهُمَا وَصِيَّانِ وَيُخَافُ سُقُوطُهُ ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَرَرًا فَإِنَّ الْآبِيَ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ يُجْبَرُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ،وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْفِ كَذَلِكَوَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ بِالْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَلَا يَعْرِفُونَهُ ، وَإِذَا شَهِدُوا بِرَهْنٍ لَا يَعْرِفُونَهُ ، أَوْ بِغَصْبِ شَيْءٍ مَجْهُولٍ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ
الشَّهَادَةُ بِرَهْنٍ مَجْهُولٍ صَحِيحَةٌ إلَّا إذَا لَمْ يَعْرِفُوا قَدْرَ مَا رَهَنَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنَ ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِلِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ احْتِيَاطًا فَإِنْ أَبَى الْخَصْمُ لَا يُجْبَرُ ، كَمَا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْخَصْمُ إخْرَاجَ دَفْتَرِ الْحِسَابِ يَأْمُرُهُ بِإِخْرَاجِهِ وَلَا يَجْبُرُهُ .
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
قَضَاءُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعِ الِاخْتِلَافِ جَائِزٌ لَا فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ ،وَمَحَلُّ الْأُولَى فِيمَا إذَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَافُ السَّلَفِ ، وَالثَّانِي لَيْسَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ حَادِثٌ ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلًا دُونَ الثَّانِيكُلُّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إلَّا فِي مَسَائِلَ عَشْرَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْقُنْيَةِ :
الْوَصِيُّ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ رَقِيقِهِ
وَفِي بَيْعِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ ، وَإِذَا ادَّعَى اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍوَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاضِي إجَارَةَ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ
وَفِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَاكَ الْعَيْنِ
أَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ وَفِي قَوْلِ الْعَبْدِ الْبَائِعِ أَنَا مَأْذُونٌ
وَلِلْأَبِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ إذَا اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ، وَاخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِوَفِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْأَبُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ وَادَّعَاهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ
وَفِيمَا يَدَّعِيه الْمُتَوَلِّي مِنْ الصَّرْفِ
الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ النِّتَاجَ
أَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّوَالدَّفْعُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ صَحِيحٌ .
وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ فَكَمَا يُسْمَعُ الدَّفْعُ قَبْلَهُ يُسْمَعُ بَعْدَهُ
لَكِنْ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ
وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ

التَّنَاقُضُ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا فِيمَا كَانَ مَحَلَّ الْخَفَاءِ ، وَمِنْهُ تَنَاقُضُ الْوَصِيِّ ، وَالنَّاظِرِ ، وَالْوَارِثِ .
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَتْ فِي الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ ، كَمَا فِي شَهَادَةِ الظَّهِيرِيَّةِ ،إلَّا إذَا كَانَ عَبْدَيْنِ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ فَشَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَيْهِمَا بِالْعِتْقِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ كَمَا فِي الْعَتَاقِ
وَمِنْهَا بَيِّنَةُ النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ إلَّا فِي عَشْرٍ:
فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى عَدَمِ شَيْءٍ فَشَهِدَا بِالْعَدَمِ ،
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَسْلَمَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ قَالَ : الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ النَّصَارَى
وَفِيمَا إذَا أَشْهَدَا بِنِتَاجِ الدَّابَّةِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِهِ
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا بِخُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ وَلَمْ يَسْتَثْنِ ،
وَفِيمَا إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ أَهْلَ مَدِينَةٍ فَشَهِدَا أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَكُونُوا فِيهَا وَقْتَ الْأَمَانِ ،
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يُذْكَرْ فِي عَقْدِ السَّلَمِ وَفِي الْإِرْثِ إذَا قَالُوا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْ الظِّئْرُ بِلَبَنِ الشَّاةِ لَا بِلَبَنِ نَفْسِهَا ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ،
وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ النَّفْيِ الْمُتَوَاتِرِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَفِي أَيْمَانِ الْهِدَايَةِ : لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحِيطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا فِي عَدَمِ الْقَبُولِ تَيْسِيرًا ، ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَفْيُ مَعْنًى بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ
الْقَضَاءُ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ وَلَا يُنْقَضُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي شَهَادَةِ الظَّهِيرِيَّةِ .
الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِعِلْمِ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِالْمَفْهُومِ فِي كَلَامِ النَّاسِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَالْأَدِلَّةِ ، وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مِنْ جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَأَمَّا مَفْهُومُ الرِّوَايَةِ فَحُجَّةٌ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ الْحَجِّ
الْحَقُّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ .
قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ ، كَذَا فِي لِعَانِ الْجَوْهَرَةِ
إذَا سُئِلَ الْمُفْتِي عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُفْتِي بِالصِّحَّةِ حَمْلًا عَلَى الْكَمَالِ ، وَهُوَ وُجُودُ الشَّرَائِطِ كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُفْتِي إنَّمَا يُفْتِي بِمَا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ فِي الْوَقْفِ بِالْأَنْفَعِ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا ، كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ : فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفِ .
وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ،وَالْمُتَرْجِمِ ، وَفِي جُودَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَدَاءَتِهِ ، وَفِي الْإِخْبَارِ بِالتَّفْلِيسِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ،وَفِي رَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَفِي إثْبَاتِ الْعَيْبِ وَبِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ عِنْدَ الِاعْتِلَالِ ، وَفِي إخْبَارِ الشَّاهِدِ بِالْمَوْتِ ، وَفِي تَقْدِيرِ أَرْشِ الْمُتْلَفِ .
وَزِدْت أُخْرَى : يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي إذَا أَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى عَيْنٍ تَعَذَّرَ حُضُورُهَا ، كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَعَثَهُ لِتَحْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ فَقَالَ :حَلَّفْتهَا ، لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدٍ مَعَهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى النَّاسُ أَحْرَارٌ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ وَالْقِصَاصِ ، وَالْحُدُودِ ، وَالدِّيَةِإذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ وَإِنْ تَعَمَّدَ كَانَ عَلَيْهِ ، كَذَا فِي سَيْرِ الْخَانِيَّةِ .
وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ . لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ نَحْوُ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ،إلَّا ضَمَانُ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ ، بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِهِ .
وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً عَامًّا بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ تَرِكَةَ وَالِدِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ مِنْهَا إلَّا اسْتَوْفَاهُ .ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ، وَبَرْهَنَ ، يُقْبَلُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا ، تُسْمَعُ .
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَبَحَثَ فِيهِ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا رَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَالرَّابِعَةُ : صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ ، الْأَصَحُّ جَوَازُ دَعْوَاهُ فِي حِصَّتِهِ ،كَذَافِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ الْخَامِسَةُ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى ، كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ

إذَا سُئِلَ الْمُفْتِي عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُفْتِي بِالصِّحَّةِ حَمْلًا عَلَى الْكَمَالِ ، وَهُوَ وُجُودُ الشَّرَائِطِ كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُفْتِي إنَّمَا يُفْتِي بِمَا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ فِي الْوَقْفِ بِالْأَنْفَعِ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيّ
ِيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا ، كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ : فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفِ .
وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ، وَالْمُتَرْجِمِ ، وَفِي جُودَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَدَاءَتِهِ ، وَفِي الْإِخْبَارِ بِالتَّفْلِيسِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ، وَفِي رَسُولِ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَفِي إثْبَاتِ الْعَيْبِ وَبِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ عِنْدَ الِاعْتِلَالِ ، وَفِي إخْبَارِ الشَّاهِدِ بِالْمَوْتِ ، وَفِي تَقْدِيرِ أَرْشِ الْمُتْلَفِ .
وَزِدْت أُخْرَى : يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي إذَا أَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى عَيْنٍ تَعَذَّرَ حُضُورُهَا ، كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَعَثَهُ لِتَحْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ فَقَالَ : حَلَّفْتهَا ، لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدٍ مَعَهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى النَّاسُ أَحْرَارٌ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي الشَّهَادَةِ وَالْقِصَاصِ ، وَالْحُدُودِ ، وَالدِّيَةِ
إذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ وَإِنْ تَعَمَّدَ كَانَ عَلَيْهِ ، كَذَا فِي سَيْرِ الْخَانِيَّةِ .
وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ . لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ نَحْوُ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ، إلَّا ضَمَانُ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ ، بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِهِ .
وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً عَامًّا بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ تَرِكَةَ وَالِدِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ مِنْهَا إلَّا اسْتَوْفَاهُ .
ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ، وَبَرْهَنَ ، يُقْبَلُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا ، تُسْمَعُ .
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَبَحَثَ فِيهِ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا رَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ
الرَّابِعَةُ : صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ ، الْأَصَحُّ جَوَازُ دَعْوَاهُ فِي حِصَّتِهِ ، كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ
الْخَامِسَةُ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى ، كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الرِّبَا لَا يَصِحُّ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ ، وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ .
وَفِي الْيَتِيمَةِ لَوْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَذْرَ لَهُ تُسْمَعُ .
ثُمَّ قَالَ : لَوْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمُتَأَخِّرِينَوَفِي الْيَتِيمَةِ أَيْضًا : مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَاقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ ، وَأَبْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ ، وَعَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ تُسْمَعُ ( انْتَهَى ) وَفِي قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ : قَسَّمَا أَرْضًا مُشْتَرَكَةً وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَزَرَعَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ بِالْغَبْنِ ، فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ ( انْتَهَى ) . وَفِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ إنَّمَا يَمْنَعُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي ، فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي سَلَّمَهَا لَهُ ، وَلَا يَمْنَعُهُ الْإِبْرَاءُ . وَفِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى الْوَكَالَةِ .
وَفِي الرَّابِعِ عَشَرَ مِنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ : أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ صَحَّ .
إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهُ بِلَا تَارِيخٍ يُقْبَلُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ثُمَّ ادَّعَى ، لَا تُسْمَعُ حَتَّى يُبَرْهِنَ أَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ .
وَالْفَرْقُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ إلَّا بِحَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَهُ يُفِيدُ جَوَابَ حَادِثَةٍأَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا ، وَأَبْرَأَهُ عَامًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدُ أَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَهُمَا أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ، فَإِنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ ، وَلَا يَمْنَعُهَا الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ادَّعَى بِمَا يَبْطُلُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ
وَقَوْلُ قَاضِي خَانْ فِي الصُّلْحِ أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ بَعْدَهُ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ .
وَلَوْ بَرْهَنَ بَعْدَهُ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ ، وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِيمَا ادَّعَى ، يُقْبَلُ ( انْتَهَى ) .
يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ إقْرَارَهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ مُبْطِلٌ ، وَلَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّنَاقُضِ .
كَفَلَ عَنْهُ بِأَلْفٍ لِرَجُلٍ يَدَّعِيه فَبَرْهَنَ الْكَفِيلُ عَلَى إقْرَارِ الْمَكْفُولِ لَهُ ، وَهُوَ يَجْحَدُ أَنَّهُ قِمَارٌ أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ لَا يُقْبَلُ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الطَّالِبُ عِنْدَ الْقَاضِي

بِرِبًا .
وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّهَا تُسْمَعُ عِنْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى ، وَقَدْ بَطَلَتْ هَذِهِ هُنَا لِلتَّنَاقُضِ ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهَا ( انْتَهَى ) .
وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ فِي الْمُدَايَنَاتِ مِنْ مَسْأَلَةِ دَعْوَى الرِّبَا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ ، وَآخِرُ مَا فِي الْجَامِعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ الْأَصِيلِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ، حَيْثُ قَالَ : وَيُقَالُ لَهُ اُطْلُبْ خَصْمَكَ فَخَاصِمْهُ ( انْتَهَى ) .
تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى فِي الْحَدِّ الْخَالِصِ ،وَالْوَقْفِ ،وَعِتْقِ الْأَمَةِ ، وَحُرِّيَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ وَفِيمَا تَمَحَّضَ لِلَّهِ تَعَالَى كَرَمَضَانَ ، وَفِي الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ دَفْعُ الدَّعْوَى صَحِيحٌ ،وَكَذَا دَفْعُ الدَّفْعِ ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَصِحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ،وَكَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَصِحُّ بَعْدَهَاوَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ ، كَمَاكَتَبْنَاهُ فِي الشَّرْحِ وَكَمَا يَصِحُّ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ عِنْدَ غَيْرِهِ وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْإِشْهَادِ يَصِحُّ بَعْدَهُ ، هُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ : الْأُولَى : إذَا قَالَ لِي دَفْعٌ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ .
الثَّانِيَةُ : لَوْ بَيَّنَهُ لَكِنْ قَالَ : بَيِّنَتِي بِهِ غَائِبَةٌ عَنْ الْبَلَدِ لَمْ يُقْبَلْ .
الثَّالِثَةُ : لَوْ بَيَّنَ دَفْعًا فَاسِدًا لَوْ كَانَ الدَّفْعُ صَحِيحًا وَقَالَ : بَيِّنَتِي حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ يُمْهِلُهُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي ، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْإِمْهَالُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ ،كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ،وَادَّعَى إيفَاءَهُ أَوْ الْإِبْرَاءَ ، فَإِنْ قَالَ : بَيِّنَتِي فِي الْمِصْرِ ، لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ ، وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ .
الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ ،كَمَا ذَكَرْته فِي الشَّرْحِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى إيفَاءَهُ لَمْ يُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ ، إلَّا إذَا ادَّعَى إيفَاءَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَالتَّفَرُّقِ عَنْ الْمَجْلِسِ ،كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الدَّفْعُ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ .
لَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ قَصْدًا بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَنِيَابَةٍ وَوِلَايَةٍ ، إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :

الْأُولَى : أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي .
الثَّانِيَةُ : أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي .
كَذَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ الْقُنْيَةِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : الْأُولَى : لِرَجَاءِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعِي .
الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ رِيبَةٌالْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : إذَا فَسَقَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ ، وَإِذَا وَلَّى فَاسِقًا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ ،وَجَوَابُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ .
الثَّانِيَةُ :الْإِذْنُ لِلْآبِقِ صَحِيحٌ ، وَإِذَا أَبَقَ الْمَأْذُونُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ .
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْقَضَاءِمَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا ، إلَّا إذَا ادَّعَى إرْثًا أَوْ نَفَقَةً أَوْ حَضَانَةً فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ ، أَوْ جَدُّهُ ، أَوْ ابْنُهُ ، أَوْ ابْنُ ابْنِهِ ، لَا تُقْبَلُ .
بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ وَالزَّوْجِيَّةِ وَالْوَلَاءِ بِنَوْعَيْهِ .
وَكَذَا مُعْتَقُ أَبِيهِ ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِيهِ .
وَتَمَامُهُ فِي بَابِ دَعْوَةِ النَّسَبِ مِنْ الْجَامِعِ . لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ إلَّا تَبَعًا أَوْ ضَرُورَةً .
فَالْأَوْلَى إثْبَاتُ تَوْكِيلِ كَافِرٍ كَافِرًا بِكَافِرَيْنِ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ عَلَى خَصْمٍ كَافِرٍ فَيَتَعَدَّى إلَى خَصْمٍ مُسْلِمٍ آخَرَوَكَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى عَبْدٍ كَافِرٍ بِدَيْنٍ وَمَوْلَاهُ مُسْلِمٌ ، وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى وَكِيلٍ كَافِرٍ مُوَكِّلُهُ مُسْلِمٌ ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِهَا شَهَادَةً عَلَى الْمُسْلِمِ قَصْدًا ، وَفِيمَا

سَبَقَ ضِمْنًا .
وَالثَّانِي فِي مَسْأَلَتَيْنِ :فِي الْإِيصَاءِ شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى كَافِرٍ ، وَأَحْضَرَ مُسْلِمًا عَلَيْهِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ ، وَفِي النَّسَبِ شَهِدَ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ ابْنُ الْمَيِّتِ فَادَّعَى عَلَى مُسْلِمٍ بِحَقٍّ .
وَتَمَامُهُ فِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ .
لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِنَفْسِهِ ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ .
أَوْ كَانَ الْقَاضِي غَرِيمَ مَيِّتٍ فَأَثْبَتَ أَنَّ فُلَانًا وَصِيُّهُ صَحَّ ، وَبَرِئَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ امْتَنَعَ الْقَضَاءُ وَبِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَنْ غَائِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَدْيُونُ الْغَائِبِ ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ .
وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْجَامِعِ .
أَمِينُ الْقَاضِي كَالْقَاضِي لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ وَلَوْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي ، فَبَيْن وَصِيِّ الْقَاضِي وَأَمِينِهِ فَرْقٌ مِنْ هَذِهِ ، وَمَنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيٍّ لَهُ وَلَوْ مَنْصُوبُ الْقَاضِي ، بِخِلَافِهِ مَعَ أَمِينِهِ وَهُوَ مَنْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي : جَعَلْتُك أَمِينًا فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا قَالَ : بِعْ هَذَا الْعَبْدَ وَلَمْ يَزِدْ .
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَمِينُهُ فَلَا تَلْحَقُهُ عُهْدَةٌ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ ،وَصَحَّحَ الْبَزَّازِيُّ مِنْ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ فَلْيُرَاجَعْ .
يَنْصِبُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي مَوَاضِعَ:
إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ
أَوْ لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ ،
وَفِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ صَغِيرٌ ،
وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى مِنْ مُورِثِهِ شَيْئًا وَأَرَادَ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ
وَفِيمَا إذَا كَانَ أَبُ الصَّغِيرِ مُسْرِفًا مُبَذِّرًا فَيَنْصِبُهُ لِلْحِفْظِ .
وَذَكَرَ فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَوْضِعًا آخَرَ يَنْصِبُهُ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ . وَطَرِيقُ نَصْبِهِ أَنْ يَشْهَدُوا عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَلَمْ يَنْصِبْ وَصِيًّا ، فَلَوْ نَصَبَهُ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ ، فَالْوَصِيُّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ ،
وَلَا يَلِي النَّصْبَ إلَّا قَاضِي الْقُضَاةِ وَالْمَأْمُورُ بِذَلِكَ .
لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ إلَّا مِنْ قَرِيبٍ مَحْرَمٍ ، أَوْ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ ،

بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ ، وَلَا خُصُومَةَ لَهُمَا .
وَزِدْت مَوْضِعَيْنِ مِنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ ؛مِنْ السُّلْطَانِ وَوَالِي الْبَلَدِ ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ مَنْعَهَا إنَّمَا هُوَ لِلْخَوْفِ مِنْ مُرَاعَاتِهِ لِأَجْلِهَا ، وَهُوَ أَنَّ رَاعِيَ الْمَلِكِ وَنَائِبَهُ لَمْ يُرَاعَ لِأَجْلِهَا . إذَا ثَبَتَ إفْلَاسُ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَالسُّؤَالِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ بِلَا كَفِيلٍ إلَّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ، وَأَلْحَقْت بِهِ مَالَ الْوَقْفِ ،وَفِيمَا إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ غَائِبًا .
لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ ، إلَّا إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ قَاضٍ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ بِهِ .
ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ . لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ إلَّا فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ .
قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ : حُكِيَ أَنَّ أُمَّ بِشْرٍ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَقَالَ : فَرِّقُوا بَيْنَهُمَا .
فَقَالَتْ لَيْسَ لَك ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { أَنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } فَسَكَتَ الْحَاكِمُ . شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا عِنْدَ النَّاسِ لَمْ تُقْبَلْ ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ .قَضَاءُ الْأَمِيرِ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُوَلًّى مِنْ الْخَلِيفَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ الْحَاكِمُ كَالْقَاضِي إلَّا فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَهُ لَا يَتَعَدَّى إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ .
وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْوَكَالَةِ مَسْأَلَةً فِي اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ خَالَفَ الْحُكْمَ فِيهَا الْقَاضِي كُلُّ مَوْضِعٍ تَجْرِي فِيهِ الْوَكَالَةُ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ فِيهِ ، وَمَا لَا فَلَا .
فَانْتَصَبَ عَنْهُ فِي التَّفْرِيقِ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ وَعَدَمُ الْكَفَاءَةِ ، وَلَا يَنْتَصِبُ عَنْهُ فِي الْفُرْقَةِ بِالْإِبَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَاللِّعَانِ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ .

لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُقِرٍّ إلَّا فِي وَارِثٍ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ،فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ لِلتَّعَدِّي ، وَفِي مُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَيُثْبِتُهَا الْوَكِيلُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ .
وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إقَامَتِهَا مَعَ الْإِقْرَارِ بِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَقَّعُ الضَّرَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ لَوْلَاهَا فَيَكُونُ هَذَا أَصْلًا ( انْتَهَى ) .
ثُمَّ رَأَيْت رَابِعًا كَتَبْته فِي الشَّرْحِ مِنْ الدَّعْوَى ، وَهُوَ الِاسْتِحْقَاقُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِهِ مَعَ إقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ
وَلَا تُسْمَعُ عَلَى سَاكِتٍ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي دَعْوَى فِي الشَّرْعِ .
ثُمَّ رَأَيْت خَامِسًا فِي الْقُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى جَامِعِ الْبَرْغَزِيِّ لَوْ خُوصِمَ الْأَبُ بِحَقٍّ عَنْ الصَّبِيّ فَأَقَرَّ ، لَا يَخْرُجُ عَنْ الْخُصُومَةِ ، وَلَكِنْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَأَمِينِ الْقَاضِي إذَا أَقَرَّ خَرَجَ عَنْ الْخُصُومَةِ ( انْتَهَى ) .
ثُمَّ رَأَيْت سَادِسًا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ .
ثُمَّ رَأَيْت سَابِعًا فِي إجَازَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مِنْ آخَرَ فَأَقَامَ الْأَوَّلُ الْبَيِّنَةَ ، فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَاضِرًا تُقْبَلُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ، وَإِنْ كَانَ يُقِرُّ بِمَا يَدَّعِي هَذَا الْمُدَّعِي ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تُقْبَلُ ( انْتَهَى ) . كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ كَبِيرَةٌ وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الطَّلَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ الذَّهَابِ .
وَفِيمَا إذَا قَامَ الْحَقُّ بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونُ أَسْرَعَ قَبُولًاوَأَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ جَائِرًا ، وَأَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ بِمَا يَسْقُطُ ، وَأَنْ يَكُونَ مُعْتَقَدُ الْقَاضِي خِلَافَ مُعْتَقَدِ الشَّاهِدِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُهُ الْفَاسِقُ إذَا تَابَ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ إلَّا الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ ، وَالْمَعْرُوفَ بِالْكَذِبِ ، وَشَاهِدَ الزُّورِ إذَا كَانَ عَدْلًا ، عَلَى مَا فِي الْمَنْظُومَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْقَبُولُ .
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ إلَّا إذَا شَهِدَ الْجَدُّ لِابْنِ ابْنِهِ عَلَى أَبِيهِ لِأُمِّهِ ، إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ لِأُمِّهِ أَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ .
وَالْأُمُّ فِي نِكَاحِهِ .
إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ فَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى ، فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ

وَالصُّلْحِ وَالْإِقْرَارِ ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّطَوُّعِ ، كَمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ بَيْعٍ وَفَسَادِهِ ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ .
إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَحَلَفَ كُلٌّ بِعَتْقِهِ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ ، فَلَا تَحَالُفَ ، وَلَا فَسْخَ ، وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ . الْقَضَاءُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ سَنَةٍ لَا تُسْمَعُ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ سَمَاعِهَا .
الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ :
فِي السُّؤَالِ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ ، وَلَكِنْ لَا جَبْرَ عَلَى بَيَانِهِ ، وَفِي طَلَبِ الْمُحَاسَبَةِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَا جَبْرَ ، وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ ، وَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشُّهُودِ ، وَفِي السُّؤَالِ عَنْ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ ،وَفِي تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ إنْ رَآهُ جَائِزًا كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ ، وَفِيمَا إذَا بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَقَارَ الصَّغِيرِ ، فَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي نَقْضِهِ ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ ، وَفِي مُدَّةِ حَبْسِ الْمَدْيُونِ وَفِي تَقْيِيدِ الْمَحْبُوسِ إذَا خِيفَ فِرَارُهُ ، وَفِي حَبْسِ الْمَدْيُونِ فِي حَبْسِ الْقَاضِي أَوْ اللُّصُوصِ إذَا خِيفَ فِرَارُهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ، وَفِي سُؤَالِ الشَّاهِدِ عَنْ الْأَيْمَانِ إذَا اتَّهَمَهُ ، وَفِيمَا إذَا تَصَرَّفَ النَّاظِرُ فِيمَا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الْوَقْفِ أَوْ رَهْنِهِ ، فَالرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي ، إنْ شَاءَ عَزَلَهُ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ ثِقَةً ، بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ ؛ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا وَبَرْهَنَ ، فَإِنَّهُ تُقْبَلُ .
وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ، ثُمَّ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا ، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ وَيَسْتَرِدُّهَا وَالْعُقْرَ ، كَذَا فِي بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ ،وَزِدْت عَلَيْهَا مَسَائِلَ .
الْأُولَى : بَاعَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَقْلًا عَنْ الْمَشَايِخِ : التَّنَاقُضُ لَا يَضُرُّ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفُرُوعِهَا ( انْتَهَى ) .
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى التَّدْبِيرَ أَوْ الِاسْتِيلَادَ

تُسْمَعُ ،فَالْهِبَةُ فِي كَلَامِ الْفَتَاوَى مِثَالٌ فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ ، سَوَّى بَيْنَ دَعْوَى الْبَائِعِ التَّدْبِيرَ وَالْإِعْتَاقَ ، وَذَكَرَ خِلَافًا فِيهِمَا .
الثَّانِيَةُ : اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَائِعَهَا كَانَ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً أَوْ مَسْجِدًا .
وَالثَّالِثَةُ : اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَهُ .
الرَّابِعَةُ : بَاعَ أَرْضًا ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ ، وَهِيَ فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ وَقَضَائِهَا .
وَفَصْلٌ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِيهِ فِي آخِرِ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلْيُنْظَرْ ثَمَّةَ .
وَفَصْلٌ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ آخَرُ وَرَجَّحَهُ .
وَظَاهِرُ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَبُولُ مُطْلَقًا .
الْخَامِسَةُ : بَاعَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ .
السَّادِسَةُ : الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى كَذَلِكَ .
السَّابِعَةُ : الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَذَلِكَ ، ذُكِرَ الثَّالِثُ فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَكَذَا كُلُّ مَنْ بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى الْفَسَادَ .
وَشَرَطَ الْعِمَادِيُّ التَّوْفِيقَ .
بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ ، وَذَكَرَ فِيهَا اخْتِلَافًا .
وَمِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ لَمْ تُقْبَلْ .
وَمِنْهَا لَوْ ضَمِنَ الدَّرْكَ ثُمَّ ادَّعَى الْمَبِيعَ لَمْ تُقْبَلْ .
لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بَيَانُ السَّبَبِ إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
لَا تَثْبُتُ الْيَدُ فِي الْعَقَارِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي ؛وَلَا يَكْفِي التَّصَادُقُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى إلَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ،أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا : إلَّا فِي مَسَائِلَ :
ادَّعَى دَيْنًا بِسَبَبٍ فَشَهِدَا بِالْمُطْلَقِ أَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ أَقَلَّ .
ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَشَهِدَا بِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ .
ادَّعَى إنْشَاءَ فِعْلٍ كَغَصْبٍ وَقَتْلٍ فَشَهِدَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ .
ادَّعَى الْكَفَالَةَ عَنْ فُلَانٍ فَشَهِدَا بِهَا كَفَالَةً عَنْ آخَرَ .
ادَّعَى مِلْكَ عَيْنٍ بِالشِّرَاءِ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَشَهِدَا بِالْمُطْلَقِ .
ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدَا بِسَبَبٍ .
وَقَالَ الْمُدَّعِي : هُوَ لِي

بِذَلِكَ السَّبَبِ .
ادَّعَى الْإِيفَاءَ فَشَهِدَا بِالْإِبْرَاءِ أَوْ التَّحْلِيلِ .
ادَّعَى الْهِبَةَ فَشَهِدَا بِالصَّدَقَةِ كَمَا فِي التَّلْخِيصِ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّلْخِيصِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً فَلْيُرَاجَعْ .
الْإِمَامُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَالتَّعْزِيرِكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ .
وَفِي التَّهْذِيبِ يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ .
الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ نَصَّ أَصْحَابُنَا فِيهَا عَلَى عَدَمِ النَّفَاذِ :
لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ بِالتَّفْرِيقِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْإِنْفَاقِ غَائِبًا عَلَى الصَّحِيحِ لَا حَاضِرًا ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ مَزْنِيَّةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَمْ يَنْفُذْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ أُمِّ مَزْنِيَّتِهِ أَوْ بِنْتِهَا ، أَوْ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ ، أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالتَّقَادُمِ ، أَوْ بِعَدَمِ تَأْجِيلِ الْعِنِّينِ ، أَوْ بِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِلَا رِضَاهَا ، أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى الْحُبْلَى أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ، أَوْ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ عَلَى الْحَائِضِ ، أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ ، أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِكَلِمَةٍ ،أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ عَقِبَهُ .
أَوْ بِنِصْفِ الْجِهَازِ لِمَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ بَعْدَ الْمَهْرِ وَالتَّجْهِيزِ بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ ، أَوْ قَضَى لِوَلَدِهِ ،أَوْ رَفَعَ إلَيْهِ حُكْمَ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ ، أَوْ الْحُكْمُ بِحَجْرِ سَفِيهٍ أَوْ بِصِحَّةِ بَيْعِ نَصِيبِ السَّاكِتِ مِنْ قِنٍّ حَرَّرَهُ أَحَدُهُمَا ، أَوْ بِبَيْعِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا ، أَوْ بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الْأَظْهَرِ .
وَقِيلَ يَنْفُذُ عَلَى الْأَصَحِّ ، أَوْ بِبُطْلَانِ عَفْوِ الْمَرْأَةِ عَنْ الْقَوَدِ ، أَوْ بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ ، أَوْ بِزِيَادَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي مَعْلُومِ الْإِمَامِ مِنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ ، أَوْ بِحِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الثَّانِي ، أَوْ بِعَدَمِ مِلْكِ الْكَافِرِ مَالَ الْمُسْلِمِ بِإِحْرَازِهِ بِدَرَاهِمَ ، أَوْ بِبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ يَدًا بِيَدٍ ، أَوْ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُحْدِثِ ، أَوْ بِقَسَامَةٍ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِتَلَفِ مَالٍ ، أَوْ بِحَدِّ الْقَذْفِ بِالتَّعْرِيضِ ،أَوْ بِالْقُرْعَةِ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ ، أَوْ بِعَدَمِ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا،لَمْ يَنْفُذُ فِي الْكُلِّ .
هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالصَّيْرَفِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة .
الشَّاهِدُ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعِلَّةٍ ثُمَّ زَالَتْ الْعِلَّةُ فَشَهِدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا مِنْ أَرْبَعَةٍ:

الْعَبْدِ ، وَالْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ ، وَالْأَعْمَى ، وَالصَّبِيِّ ، إذَا شَهِدُوا فَرُدَّتْ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ شَهِدُوا تُقْبَلُ .
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ .
وَسَوَاءٌ شَهِدَ عِنْدَ مَنْ رَدَّهُ أَوْ غَيْرَهُ ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ سِنِينَ أَوْ لَا ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ . لِلْخَصْمِ أَنْ يَطْعَنَ فِي الشَّاهِدَيْنِ بِثَلَاثَةٍ : أَنَّهُمَا عَبْدَانِ أَوْ مَحْدُودَانِ أَوْ شَرِيكَانِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ .
الْقَضَاءُ الضِّمْنِيُّ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةُ ، فَإِذَا شَهِدَا عَلَى خَصْمٍ بِحَقٍّ وَذَكَرَا اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَقَضَى بِذَلِكَ الْحَقَّ ، كَانَ قَضَاءً بِنَسَبِهِ ضِمْنًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَادِثَةِ النَّسَبِ .
وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ فَرَعَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ حُكْمًا ، وَذَكَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يُقَاسُ عَلَى الْآخَرَ ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلْيُنْظَرْ .
وَهُوَ مِنْ مُهِمَّاتِ مَسَائِلِ الْقَضَاءِ .
وَعَلَى هَذَا ، لَوْ شَهِدَ بِأَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةَ فُلَانٍ وَكَّلَتْ زَوْجَهَا فُلَانًا فِي كَذَا عَلَى خَصْمٍ مُنْكِرٍ وَقَضَى بِتَوْكِيلِهَا كَانَ قَضَاءً بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا .
وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى ،
وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الرَّمَضَانِيَّةِ ؛ أَنْ يُعَلِّقَ رَجُلٌ وَكَالَةَ فُلَانٍ بِدُخُولِ رَمَضَانَ وَيَدَّعِي بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ وَيَتَنَازَعَانِ فِي دُخُولِهِ فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَاهُ ، فَيَثْبُتُ رَمَضَانُ فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ التَّوْكِيلِ . وَأَصْلُ الْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى كَفَالَةً عَلَى رَجُلٍ بِمَالِ بِإِذْنِهِ فَأَقَرَّ بِهَا ، وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَبَرْهَنَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا كَانَ قَضَاءً عَلَيْهِ قَصْدًا ، وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ ضِمْنًا .
وَلَهُ فُرُوعٌ وَتَفَاصِيلُ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ .
قَالَ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى : إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ ، وَلَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْوُلَاةِ انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ ، وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ لَا تَنْعَزِلُ وُلَاتُهُ وَقُضَاتُهُ ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْخُلَاصَةِ ، وَفِي هِدَايَةِ النَّاطِفِيِّ : لَوْ مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ ؛ وَكَذَا مَوْتُ أُمَرَاءِ النَّاحِيَةِ ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ .
السُّلْطَانُ إذَا عَزَلَ الْقَاضِي انْعَزَلَ النَّائِبُ ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْقَاضِي ، وَفِي الْمُحِيطِ إذَا عَزَلَ السُّلْطَانُ الْقَاضِي انْعَزَلَ نَائِبُهُ ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْقَاضِي ، حَيْثُ لَا يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ ، هَكَذَا قِيلَ .
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ النَّائِبُ بِعَزْلِ الْقَاضِي ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبُ الْعَامَّةِ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي ؟ وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ( انْتَهَى ) .

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ :مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَلَهُ أُمَرَاءُ وَعُمَّالٌ فَالْكُلُّ عَلَى وِلَايَتِهِ ، وَفِي الْمُحِيطِ مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ ، وَكَذَا أُمَرَاءُ النَّاحِيَةِ ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ ، وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ وَإِذَا مَاتَ لَا .
وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ : وَإِذَا مَاتَ الْخَلِيفَةُ لَا يَنْعَزِلُ قُضَاتُهُ وَعُمَّالُهُ .
وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ وَمَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ لَا يَنْعَزِلُ خَلِيفَتُهُ ( انْتَهَى ) .
فَتَحَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فِي انْعِزَالِ النَّائِبِ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَمَوْتِهِ ، وَقَوْلُ الْبَزَّازِيِّ : الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ بِالْأَوْلَى .
لَكِنْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ النُّوَّابَ الْآنَ يَنْعَزِلُونَبِعَزْلِ الْقَاضِي وَمَوْتِهِ لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، فَهُوَ كَالْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ ، وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ الْآنَ أَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ .
وَلِهَذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ : وَنَائِبُ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ نَائِبُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ( انْتَهَى ) .
فَهُوَ كَالْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ ،لَكِنْ جَعَلَ فِي الْمِعْرَاجِ كَوْنَهُ كَوَكِيلِ قَاضِي الْقُضَاةِ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ .
وَعِنْدَنَا إنَّمَا هُوَ نَائِبُ السُّلْطَانِ .
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة : إنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا هُوَ رَسُولٌ عَنْ السُّلْطَانِ فِي نَصْبِ النُّوَّابِ ( انْتَهَى ) .
وَفِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ : لَوْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ يَبْقَى مَا نَصَبَهُ عَلَى حَالِهِ ، ثُمَّ رَقَمَ يَبْقَى قَيِّمًا ( انْتَهَى ) .
وَفِي التَّهْذِيبِ : وَفِي زَمَانِنَا لَمَّا تَعَذَّرَتْ التَّزْكِيَةُ بِغَلَبَةِ الْفِسْقِ اخْتَارَ الْقُضَاةُ اسْتِحْلَافَ الشُّهُودِ ،كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ(انْتَهَى).
وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ فِي بَابِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ : اعْلَمْ أَنَّ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدِ أَمْرٌ مَنْسُوخٌ ، وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ ، حَرَامٌ ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي فَتَاوَى الْقَاعِدِيِّ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَمَرَ قُضَاتَهُ بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ ، يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَنْصَحُوا السُّلْطَانَ

وَيَقُولُوا : لَهُ لَا تُكَلِّفْ قُضَاتَك أَمْرًا ، إنْ أَطَاعُوك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُ الْخَالِقِ ، وَإِنْ عَصَوْك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُك إلَى آخِرِ مَا فِيهَا .
لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ ، فَلَوْ قَالَ : رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ وَقَعْت فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ أَبْطَلْت حُكْمِي لَمْ يَصِحَّ ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا إذَا كَانَ مَعَ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ .
وَفِي الْكَنْزِ بِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ ( انْتَهَى ) .
إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : إذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ اسْتِنْبَاطًا مِنْ تَقْيِيدِ الْخُلَاصَةِ بِالْبَيِّنَةِ .
الثَّانِيَةُ :إذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ نَقْضُهُ ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَدَّلَ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِ .
الثَّالِثَةُ : إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ دُونَ غَيْرِهِ ، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ .
أَمْرُ الْقَاضِي حُكْمٌ كَقَوْلِهِ سَلِّمْ الْمَحْدُودَ إلَى الْمُدَّعِي ،وَالْأَمْرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ ، وَالْأَمْرُ بِحَسْبِهِ ، إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ ؛ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَحْتَاج بَعْضُ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِأَنْ يُصْرَفَ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ إلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْفَتْوَى ، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ صَحَّ .
فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمٌ مِنْهُ ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ ابْنِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ .
وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ وَصِيٍّ أَقَامَهُ فَمَذْكُورَةٌ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ فَصْلِ ( تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي فِي مَالِ الْيَتِيمِ ) فَقَالَ : لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْقَاضِي مَا لَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَكَذَا عَكْسُهُ ، وَأَمَّا مَا شَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَقَبِلَهُ وَصِيُّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ، وَلَوْ وَصِيًّا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي ( انْتَهَى ) .
وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مَا وَقَفَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغُرَمَائِهِ ثُمَّ ظَهَرَ مَالٌ آخَرَ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَيَشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَرْضًا تُوقَفُ ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ إذَا بَاعَ الثُّلُثَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الثُّلُثَيْنِ أَرْضًا تُوقَفُ ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي حُكْمٌ ،بِخِلَافِ غَيْرِهِ

كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ ، إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَعْطَى فَقِيرًا مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ ، حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِيمَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْقَاضِي فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي كَانَ وَكِيلًا فَلَا يَكُونُ فِعْلُهُ حُكْمًا ، حَتَّى لَوْ رَفَعَ عَقْدَهُ إلَى مُخَالِفٍ كَانَ لَهُ نَقْضُهُ .كَذَا فِي الْقَاسِمِيَّةِ .
فَالْمُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ .
وَقَوْلُهُمْ إنَّ فِعْلَهُ حُكْمٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ الْقَوْلِيِّ دُونَ الْفِعْلِيِّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ .
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ . إذَا قَالَ الْمُقِرُّ لِسَامِعِ إقْرَارِهِ لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
إذَا قَالَ لَهُ الْمُقِرُّ لَهُ : لَا تَشْهَدْ عَلَيْهِ بِمَا أَقَرَّ فَحِينَئِذٍ لَا يَسَعُهُ ، كَمَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ حِيَلِ الْمُدَايِنَاتِ ، ثُمَّ قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا رَجَعَ الْمُقِرُّ لَهُ ، وَقَالَ : إنَّمَا نَهَيْتُك لِعُذْرٍ وَطَلَبَ مِنْهُ الشَّهَادَةَ .
قِيلَ يَشْهَدُ ، وَقِيلَ :لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي غَرِيمَ الْمَيِّتِ بِأَنَّ الدَّيْنَ وَاجِبٌ لَك عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا أَبْرَأْته مِنْهُ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ.
إنَّمَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُسَخَّرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُسَخَّرٌ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَا .
إثْبَاتُ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ جَائِزٌ إنْ كَانَ الْقَاضِي عَرَفَ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ .لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِالرِّدَّةِ وَالْفِسْقِ ، وَلَا يَنْعَزِلُ وَالِي الْجُمُعَةِ بِالْعِلْمِ بِالْعَزْلِ حَتَّى يَقْدُمَ الثَّانِي ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي الْقَاضِي ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَنْشُورِ إذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَقَدْ عَزَلْتُك فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِهِ . طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي كِتَابَةَ حُجَّةِ الْإِبْرَاءِ فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ لَمْ يَكْتُبْ لَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ،
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ حُجَّةَ الِاسْتِيفَاءِ وَلَهَا حُجَّةَ الطَّلَاقِ ، وَقَالَ الْقَاضِي قَضَيْت بِكَذَا عَلَيْك بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ يُقْبَلُ إرْسَالُ الْقَاضِي إلَى الْمُخَدَّرَةِ لِلدَّعْوَى وَالْيَمِينِ .
لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى ، وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا لَا يُحْضِرْهُ الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا ، وَيَحْلِفُ الْعَبْدُ وَلَوْ مَحْجُورًا ، وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ وَيُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ . الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ .
لَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي أَنَّهُ حَلَّفَ الْمُخَدَّرَةَ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ .

الْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ، فَلَوْ وَلَّاهُ قَاضِيًا بِمَكَانِ كَذَا لَا يَكُونُ قَاضِيًا فِي غَيْرِهِ .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ :وَقَضَاءُ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَكَانِ وِلَايَتِهِ لَا يَصِحُّ .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ لَا فِي وِلَايَتِهِ ؛ فَاخْتَارَ فِي الْكَنْزِ عَدَمَ صِحَّةِ قَضَائِهِ ، وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ الصِّحَّةَ ، وَاقْتَصَرَ قَاضِي خَانْ عَلَيْهِ .
وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَقَارِ لَا فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ : قَضَى فِي وِلَايَتِهِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى قَضَائِهِ فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ ( انْتَهَى ) .
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ قَالَ : لَا أَدْرِي أَمُؤْمِنٌ أَنَا أَوْ لَا ، لِلشَّكِّ فِي الْإِيمَانِ ، وَكَذَا إمَامَتُهُ كَذَا فِي شَهَادَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى فِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَالْوَقْفِ ، وَهِلَالِ رَمَضَانَ ،وَغَيْرِهِ إلَّا هِلَالَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى ،وَالْحُدُودِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا بِلَا دَعْوَى فِي النَّسَبِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ النَّسَبِ ، وَجَزَمَ بِالْقَبُولِ ابْنُ وَهْبَانَ،وَفِي تَدْبِيرِ الْأَمَةِ وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ ،وَالْخُلْعِ ، وَالْإِيلَاءِ ،وَالظِّهَارِ وَلَا تُقْبَلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا .
وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا .
وَالنِّكَاحُ يَثْبُتُ بِدُونِ الدَّعْوَى كَالطَّلَاقِ لِأَنَّ حِلَّ الْفَرْجِ وَالْحُرْمَةَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَجَازَ ثُبُوتُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى .
كَذَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ فِي النِّكَاحِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ؛ إنْ كَانَ حَاضِرًا كَفَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ،وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ .
وَلَا تَكْفِي النِّسْبَةُ إلَى الْفَخِذِ وَلَا إلَى الْحِرْفَةِ ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاسْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا .
وَتَكْفِي النِّسْبَةُ إلَى الزَّوْجُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِعْلَامُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حِلْيَتِهَا ، وَيَكْفِي فِي الْعَبْدِ اسْمُهُ وَمَوْلَاهُ وَأَبٌ مَوْلَاهُ ، وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا فِي التَّعْرِيفِ ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ لِلشَّاهِدِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَكْثَرُ مِنْ عَدْلَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ .
وَالْقَاضِي هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَيَكْتُبُ حِلَاهَا ، لَا الشَّاهِدُ .
الْكُلُّ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
لَا اعْتِبَارَ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ إلَّا إذَا أَقَامَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ الْقَاضِي إلَى آخَرَ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي ، قَالَ : سَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ

الْقَاضِي عَلَاءَ الدِّينِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ : عِنْدَنَا كَثِيرًا أَنَّ الرَّجُلَ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالِ فِي صَكٍّ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا عَلَيْهِ .
وَنَحْنُ نُفْتِي أَنَّهُ إنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ ، وَإِنْ كَانَ مُنَاقِضًا ، لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى هَذَا الْإِقْرَارِ ( انْتَهَى ) .
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ قَالَ أُسْتَاذُنَا : وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَشْتَرِي الذَّهَبَ الرَّدِيءَ زَمَانًا الدِّينَارُ بِخَمْسَةِ دَوَانِقَ ، ثُمَّ تَنَبَّهَ فَاسْتَحَلَّ مِنْهُمْ فَأَبْرَءُوهُ عَمَّا بَقِيَ لَهُمْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا .
فَكَتَبْت أَنَا وَغَيْرِي أَنَّهُ يَبْرَأُ .
وَكَتَبَ رُكْنُ الدِّينِ الزَّنْجَانِيُّ : الْإِبْرَاءُ لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ .
وَقَالَ : بِهِ أَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ الْحَكَمِيُّ مُعَلِّلًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ ، وَقَالَ : هَكَذَا سَمِعْت عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : فَقَرُبَ مِنْ ظَنِّي أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدٍ ، فَكُنْت أَطْلُبُ الْفَتْوَى لِأَمْحُوَ جَوَابِي عَنْهُ فَعَرَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى عَلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَّاطِيِّ ، فَأَجَابَ أَنَّهُ يَبْرَأُ إنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْهَلَاكِ ، وَغَضِبَ مِنْ جَوَابِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ فَازْدَادَ ظَنِّي بِصِحَّةِ جَوَابِي .وَلَمْ أَمْحُهُ .
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ فِي غِنَاءِ الْفُقَهَاءِ ، مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ : جُمْلَةُ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يُمْلَكُ الْعِوَضُ فِيهَا بِالْقَبْضِ ، فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ عَلَى مِلْكِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ لِرَدِّ مِثْلِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدَّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا رَدَّ عَيْنِ مَا اسْتَهْلَكَ ، وَبِرَدِّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا يَرْتَفِعُ الْعَقْدُالسَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي فَصْلِ الرِّبَا،فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةٌ نُقِضَ عَقْدُ الرِّبَا،لِيَجِبَ ذَلِكَ حَقًّا لِلشَّرْعِ ،وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا ، إنْ كَانَ قَائِمًا لَا رَدُّ ضَمَانِهِ ( انْتَهَى )
وَقَدْ أَفْتَيْتُ آخِذًا مِنْ الْأُولَى بِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا أَنَّ الْبَعْضَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ ، وَإِنَّمَا فُعِلَ مُوَاطَأَةً وَحِيلَةً تُقْبَلُ . لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْمَحْبُوسِ إلَّا بِرِضَاءِ خَصْمِهِ إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ أَوْ أُحْضِرَ الدَّيْنُ لِلْقَاضِي فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ. تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصْلَحَةِ ؛ فَمَا خَرَجَ عَنْهَا مِنْهُ بَاطِلٌ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ فِي الْقَوَاعِدِ .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ ابْنَ الْوَاقِفِ مِنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ

وَوَلَّى غَيْرَهُ بِلَا خِيَانَةٍ لَمْ يَصِحَّ ، كَمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مِنْ الْوَقْفِ ، وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْقَضَاءِ .
وَلَوْ عَيَّنَ لِلنَّاظِرِ مَعْلُومًا وَعَزَلَ ، نَظَرَ الثَّانِي إنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ لَهُ بِقَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ دُونَهُ أَجْرَاهُ الثَّانِي عَلَيْهِ ، وَإِلَّا جَعَلَ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ وَحَطَّ الزِّيَادَةَ ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا .
وَمِنْهَا حُرْمَةُ إحْدَاثِ تَقْرِيرِ فِرَاشِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ أَنَّ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي الَّذِي لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعُهْدَةِ ، وَنَقَلْنَا هُنَاكَ فَرْعًا مِنْ فَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ ؛ طَالَبَ الْقَيِّمُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى ، فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ .( انْتَهَى ) .
لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِقْرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي ؛ لِأَنَّهُ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضُ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ .
وَفِي الْكَافِي مِنْ الشَّهَادَاتِ . الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ مُسَخَّرٌ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ . وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ .
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ شَهِدَا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ ، وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَالْأُولَى أَوْلَى .
تَنَازَعَا فِي وَلَاءِ رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَبَرْهَنَ كُلٌّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا .
كَمَا لَوْ بَرْهَنَا عَلَى نَسَبِ وَلَدٍ كَانَ بَيْنَهُمَا .
وَأَيُّ بَيِّنَةٍ سِيقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى سُئِلَ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ عَنْ الثَّمَنِ ؛ فَقَالُوا : لَا نَعْلَمُ لَمْ تُقْبَلْ .
وَبِالنِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ ؛ فَقَالُوا : لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ ، كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِجَوَازِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ : شَهِدَا بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ ، وَقَالَا : لَا نَدْرِي أَكَانَ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فَهُوَ عَلَى الْمَرَضِ ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ : كَانَ يَهْذِي ؛ يُصَدَّقُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ وَفِي الْخِزَانَةِ : قَالَا : هُوَ زَوْجُ الْكُبْرَى ، لَكِنْ لَا نَدْرِي الْكُبْرَى ، نُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْكُبْرَى هَذِهِ .
شَهِدَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَلَا نَعْلَمُ هَلْ هِيَ فِي الْحَالِ امْرَأَتُهُ أَمْ لَا ؟ .
أَوْ شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ هَذَا الْعَيْنَ ، وَلَا نَدْرِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ فِي مِلْكِهِ فِي الْحَالِ أَمْ لَا ؟ يُقْضَى بِالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ فِي الْحَالِ بِالِاسْتِصْحَابِ .
وَالشَّاهِدُ فِي الْعَقْدِ شَاهِدٌ فِي الْحَالِ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْجَامِعِ : الشَّاهِدُ عَايَنَ دَابَّةً تَتْبَعُ دَابَّةً وَتَرْتَضِعُ ، لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ .( انْتَهَى ) .

لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الشَّرْحِ عَنْ الْمُحِيطِ ، وَقَالَ فِيهِ : إنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ وَغَرَائِبِهِ فَيَجِبُ حِفْظُهَا .
اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةٍ : الْقِمَارُ عَلَيْهِ ، وَكَثْرَةُ الْحَلِفِ عَلَيْهِ ، وَإِخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِسَبَبِهِ ، وَاللَّعِبُ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ الْفِسْقِ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ.
الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ فِي الْمَنْقُولِ ، وَأَمَّا فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ فَلَا فَرْقَ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ.
شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ مَقْبُولَةٌ ، إلَّا بِزِنَاهَا وَقَدْ قَذَفَهَا كَمَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ ، وَفِيمَا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِأَنَّهَا أَمَةٌ لِرَجُلٍ يَدَّعِيهَا فَلَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ ، وَالْمُدَّعِي يَقُولُ : أَذِنْت لَهَا فِي النِّكَاحِ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْخَانِيَّةِ
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
فِيمَا إذَا شَهِدَ نَصْرَانِيٌّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً .
كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَيِّتًا وَكَانَ لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يَدَّعِيه .
فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِلْإِرْثِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى نَصْرَانِيٍّ مَيِّتٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ مَدْيُونُ مُسْلِمٍ وَفِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِعَيْنٍ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ .
وَفِيمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ نَصَارَى عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ ،إلَّا إذَا قَالُوا : اسْتَكْرَهَهَا فَيُحَدُّ الرَّجُلُ وَحْدَهُ ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
وَفِيمَا إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَبْدًا فِي يَدِ كَافِرٍ فَشَهِدَ كَافِرَانِ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَى بِهِ فُلَانٌ الْقَاضِي الْمُسْلِمُ لَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ
لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْقَاتِلِ إذَا شَهِدَ بِعَفْوِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ، وَصُورَتُهُ فِي شَهَادَاتِ الْخَانِيَّةِ ؛ ثَلَاثَةٌ قَتَلُوا رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ شَهِدُوا بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ الْوَلِيَّ قَدْ عَفَا

عَنَّا ؛قَالَ الْحَسَنُ : لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَفَا عَنَّا وَعَنْ هَذَا الْوَاحِدِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : رَحِمَهُ اللَّهُ تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ .
وَقَالَ الْحَسَنُ : تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ ( انْتَهَى ) .
كَتَبْنَا فِي قَاعِدَةِ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ فَلِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ ذَكِيَّةٌ بِحُكْمِ الْحَالِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَى هَذَا فَرَّعْت لَوْ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ ، لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ وَهُوَ صَحِيحٌ .
وَكَذَا عَكْسُهُ لَوْ رَأَوْهُ فِي فِرَاشٍ أَوْ بِهِ مَرَضٌ ظَاهِرٌ ، فَلَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا عَمَلًا بِالْحَالِ ، لَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُمْ : أَنَا صَحِيحٌ .
هَلْ يَشْهَدُونَ بِصِحَّتِهِ أَوْ يُحَكِّمُونَ قَوْلَهُ ؟ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ شَهِدُوا بِهَا وَإِلَّا حَكَوْا قَوْلَهُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ الْقَاضِي هَلْ ظَهَرَ عَلَيْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَرَضِهِ ؟ فَإِنْ أَخْبَرُوا بِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ صَحِيحٌ ، وَإِلَّا عَمِلَ بِهِ ، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى .
وَفِي جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ : شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ جَرَحَهُ وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ ، يَحْكُمُ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُمْ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ .
وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ أَنْ يَقُولُوا : مَاتَ مِنْ سُقُوطِهِ ، لِأَنَّ إضَافَةَ الْأَحْكَامِ إلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ لَا إلَى سَبَبٍ يُتَوَهَّمُ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ فِي مَيِّتٍ بِمَحَلَّةٍ عَلَى رَقَبَتِهِ حَيَّةٌ مُلْتَوِيَةٌ ( انْتَهَى ) .
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَا بِالثَّمَنِ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
وَتُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ . قَالَ فِي بَسِيطِ الْأَنْوَارِ لِلشَّافِعِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مَا لَفْظُهُ : وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ : إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَخْذُ عُشْرِ مَا يَتَوَلَّى مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالْأَوْقَافِ ، ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ ( انْتَهَى ) .
وَلَمْ أَرَ هَذَا لِأَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ ذُكِرَ الْعُشْرُ لِلْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ .

لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْبُرْهَانِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ : دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ ، وَدَعْوَى الْآبِقِ .
لَا تَحْلِيفَ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي إلَّا فِي أَرْبَعٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَذْكُورَةٍ فِي الْخُلَاصَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ مَذْكُورَةٍ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ :فِي الْوَقْفِ ،وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ وَتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا .
وَحُرِّيَّةِ الْأَمَةِ ، وَتَدْبِيرِهَا ،وَالْخُلْعِ ، وَهِلَالِ رَمَضَانَ،وَالنَّسَبِ .
وَزِدْت خَمْسَةً مِنْ كَلَامِهِمْ أَيْضًا : حَدُّ الزِّنَا ، وَحَدُّ الشُّرْبِ ؛ وَالْإِيلَاءُ ، وَالظِّهَارُ ، وَحُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْفِ الشَّهَادَةُ بِأَصْلِهِ ،وَأَمَّا بِرِيعِهِ فَلَا .
وَعَلَى هَذَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ ، فَلَا جَوَابَ لَهَا فَالدَّعْوَى حِسْبَةً لَا تَجُوزُ .
وَالشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى جَائِزَةٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلْتُحْفَظْ .
ثُمَّ زِدْت سَادِسَةً مِنْ الْقُنْيَةِ فَصَارَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا :
وَهِيَ الشَّهَادَةُ عَلَى دَعْوَى مَوْلَاهُ نَسَبَهُ وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا جَرْحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْقَاضِي ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَاهِدَ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ بِلَا عُذْرٍ يُفَسَّقُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، نَصُّوا عَلَيْهِ فِي الْحُدُودِ ، وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ فِي الْكُلِّ ، وَهِيَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْيَتِيمَةِ ، وَقَدْ أَلَّفْت فِيهَا رِسَالَةً ، قُلْنَا : شَاهِدُ حِسْبَةٍ وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعِي حِسْبَةٍ إلَّا فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَصْلَ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا تُسَمَّعُ عِنْدَ الْبَعْضِ ،وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ الْمُتَوَلِّي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ .
فَإِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَالْأَجْنَبِيُّ بِالْأَوْلَى .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا .
وَهَلْ يُقْبَلُ تَجْرِيحُ الشَّاهِدِ حِسْبَةً ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ ، لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى

لَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ عِتْقِهِ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٍ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِيوَلَا يُحَالُ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا أَيْضًا لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي بَيَانُ السَّبَبِ ،وَتَصِحُّ بِدُونِهِ إلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ ، وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الدَّيْنَ عَلَى تَرِكَةِ زَوْجِهَا وَالثَّانِيَةُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ، وَالْأُولَى فِي الشَّرْحِ مِنْ الدَّعْوَى الشَّهَادَةُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : إذَا شَهِدُوا بِحُرِّيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ تُقْبَلُ ، لَا بَعْدَ مَوْتِهَا .
الثَّانِيَةُ : شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِإِعْتَاقِهِ تُقْبَلُ .
وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْعَبْدُ .وَهُمَا فِي آخِرِ الْعِمَادِيَّةِ .
وَالْأُولَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى الضَّعِيفِ ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَهُ اشْتِرَاطُ دَعْوَاهُ فِي الْعَارِضَةِ وَالْأَصْلِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ .
وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ مِنْ الْمُحِيطِبَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَالْإِعْتَاقَ وَكَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ تُسْمَعُ فِيهِمَا ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُسْمَعُ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْوَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ذِكْرُ اسْمِ أُمِّهِ وَلَا اسْمِ أَبِ أُمِّهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ رَقِيقَةً .
صَرَّحَ بِهِ فِي آخِرِ الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ ، كَمَا فِي دَعْوَى الْقُنْيَةِ .
الْقَضَاءُ بَعْدَ صُدُورِهِ صَحِيحًا لَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِ أَحَدٍ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِبُطْلَانِهِ ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ ، إلَّا فِي الْمَقْضِيِّ بِحُرِّيَّتِهِ ، وَفِيمَا إذَا ظَهَرَ الشُّهُودُ عَبِيدًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ بِالْبَيِّنَةِ ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لَكِنْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحٍيُحَلَّفُ الْمُنْكِرُ إلَّا فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً بَيَّنَّاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
إذَا ادَّعَى رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ذِي الْيَدِ اسْتِحْقَاقَ مَا فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ لِلْآخَرِ لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ : دَعْوَى الْغَصْبِ ، وَالْإِيدَاعِ ، وَالْإِعَارَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مُفَصَّلًا ، فِي الْخُلَاصَةِ : فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ

فَإِذَا أَنْكَرَهُ يُسْتَحْلَفُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرَهَا .
وَالصَّوَابُ إلَّا فِي أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي الشَّرْحِ يَجُوزُ قَضَاءُ الْأَمِيرِ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ إلَى الْقَاضِي ،إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ فَقَضَاءُ الْأَمِيرِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ ،
وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِأَنَّ تَوْلِيَةَ بَاشَا مِصْرَ قَاضِيًا لِيَحْكُمَ فِي أَقْضِيَتِهِ بِمِصْرَ مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا الْمُوَلَّى مِنْ السُّلْطَانِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ ذَلِكَ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْمُوَلَّى لَا يَكُونُ قَاضِيًا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ قَبْلَ الْوُصُولِ مُطْلَقًا وَعَدَمُ جَوَازِ اسْتِنَابَتِهِ بِإِرْسَالِ نَائِبٍ لَهُ فِي مَحَلِّ قَضَائِهِ ، وَعَمَلُ الْقُضَاةِ الْآنَ عَلَى إرْسَالِ نَائِبٍ حِينَ التَّوْلِيَةِ فِي بَلَدِ السُّلْطَانِ ،وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَحِينَئِذٍ لَا كَلَامَ فِيهِ.
حَادِثَةٌ :
ادَّعَى أَنَّهُ غَرَسَ أَثْلًا فِي أَرْضٍ مَحْدُودَةٍ بِكَذَا مِنْ مُدَّةِ ثَمَانِيَ عَشْرَ سَنَةٍ ، عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ إنْ ظَهَرَ لَهَا مَالِكٌ دَفَعَ أُجْرَتَهَا ، وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَتَعَرَّضُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ ، فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَثْلَ الْمَذْكُورَ غَرَسَهُ مُسْتَأْجِرُ الْوَقْفِ لَهُ ، فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِأَنَّهُ غَرَسَهُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ ، فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَلَمْ يَطْلُبْ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسُئِلْتُ عَنْ الْحُكْمِ ، فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا أَنَّهُ خَارِجٌ أَوْ ذُو يَدٍ ، وَعَلَى كُلٍّ لَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى ؛ فَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ وَأَنَّهُ خَارِجٌ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ أَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْغَرْسِ وَشَهِدَا عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى طَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ الْبُرْهَانَ ، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى مَا ادَّعَى قُدِّمَ بُرْهَانُ الْخَارِجِ ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فَلَيْسَ كَالنِّتَاجِ ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ وَأَنَّ النَّاظِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُعَارِضُهُ وَبَرْهَنَ ، فَبَرْهَنَ النَّاظِرُ عَلَى غِرَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ ، قُدِّمَ بُرْهَانُ النَّاظِرِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا ، وَهَلْ التَّرْجِيحُ لِبَيِّنَةِ النَّاظِرِ لِكَوْنِهَا تُثْبِتُ الْغَرْسَ بِحَقٍّ ، وَالْأُولَى تُثْبِتُهُ غَصْبًا ؟ قُلْت : لَا تَرْجِيحَ بِذَلِكَ .
ثُمَّ سُئِلْت لَوْ أَرَّخَا فِي الْغَرْسِ ؟ فَأَجَبْت بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ

الْخَارِجِ ، إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ فَيُقَدَّمُ ،لِأَنَّ الْغَرْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ .
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ : إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهَذَا حُكْمُهُ ، ثُمَّ رَأَيْت فِي غَصْبِ الْقُنْيَةِ لَوْ غَرَسَ الْمُسْلِمُ فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ كَانَتْ سَبِيلًا ( انْتَهَى ) .
فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ الْأَثْلُ وَقْفًا إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ فِي الْوَقْفِ وَلَمْ يَغْرِسْ لَهُ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ لَا وَقْفًا .
وَذُكِرَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَقْفِ حُكْمُ مَا إذَا غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ
لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ إلَّا فِي أَجَلِ السَّلَمِ دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ .
وَدَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ لَا ،كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ .
اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ ، إلَّا فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ حَالَ قَضَائِهِ قُبِلَ مِنْهُ ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ بِإِقْرَارِ رَجُلٍ بِحَدٍّ .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلصَّدْرِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ، إلَّا عَلَى وَارِثٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُوصٍ لَهُ ؛ فَلَا تُسْمَعُ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَّا إذَا وَهَبَ جَمِيعَ مَالَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهُ لَهُ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ ذَا يَدٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ انْدَفَعَتْ الدَّعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى :إذَا ادَّعَى الْإِرْثَ عَنْهُ فَإِنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ بِخِلَافِ دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْهُ .
الثَّانِيَةُ : إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ وَقَالَ : أَمَرَنِي بِالْقَبْضِ مِنْك لَمْ تَنْدَفِعْ
وَالْفَرْقُ فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ .
دَعْوَى الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْقَاضِي لَا تَصِحُّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ :
الْأُولَى : الشَّهَادَةُ بِالْوَقْفِ ؛ أَيْ بِأَنَّ قَاضِيًا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِصِحَّتِهِ ، صَحَّتْ .
الثَّانِيَةُ : الشَّهَادَةُ بِالْإِرْثِ أَيْ بِأَنَّ قَاضِيًا مِنْ الْقُضَاةِ قَضَى بِأَنَّ الْإِرْثَ لَهُ ، صَحَّتْ .
وَهُمَا فِي الْخِزَانَةِ

وَدَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي أَرْبَعٍ :
مَسْأَلَتَيْ الْقَاضِي .
وَالثَّالِثَةُ :الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ فِي صِغَرِهِ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوهُ
الرَّابِعَةُ : الشَّهَادَةُ بِأَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِهِ .
وَالْكُلُّ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ .
الْخَامِسَةُ : نِسْبَةُ فِعْلٍ إلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَنْ نَسَبَهُ عَلَى التَّعْيِينِ
السَّادِسَةُ : نِسْبَةُ فِعْلٍ إلَى وَصِيِّ يَتِيمٍ كَذَلِكَ ،وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الْأَخِيرَتَيْنِ إلَى الْأُولَى الْقَضَاءُ بِالْحُرِّيَّةِ قَضَاءٌ عَلَى الْكَافَّةِ ، إلَّا إذَا قُضِيَ بِعِتْقٍ عَنْ مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْكَافَّةِ مِنْ ذَلِكَ التَّارِيخِ ، فَلَا تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى مِلْكٍ بَعْدَهُ ، وَتُسْمَعُ قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْأَجَلِ إلَّا فِي السَّلَمِ فَلِمُدَّعِيهِ الشِّرَاءُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ وَكَذَا الِاسْتِيدَاعُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا إذَا خَافَ مِنْ الْغَاصِبِ تَلَفَ الْعَيْنِ فَاشْتَرَاهَا أَوْ أَخَذَهَا وَدِيعَةً ، ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
لَكِنْ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي الْجَهَالَةُ فِي الْمَنْكُوحَةِ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَفِي الْمَهْرِ إنْ كَانَتْ فَاحِشَةً فَمَهْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ ، كَعَبْدٍ ، وَفِي الْبَيْعِ وَفِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ ، إلَّا إذَا ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ فَادَّعَى الْآخَرُ عَلَيْهِ حَقًّا فِي دَارٍ أُخْرَى فَتَبَايَعَا الْحَقَّيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ ، وَفِي الْإِجَارَةِ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ فِي الْعَيْنِ أَوْ فِي الْأُجْرَةِ كَهَذَا أَوْ هَذَا ، وَفِي الدَّعْوَى تَمْنَعُ الصِّحَّةَ إلَّا فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ .
وَفِي الشَّهَادَةِ كَذَلِكَ إلَّا فِيهِمَا ، وَفِي الرَّهْنِ وَفِي الِاسْتِحْلَافِ تَمْنَعُهُ إلَّا فِي سِتٍّ : هَذِهِ الثَّلَاثَةُ ،وَادَّعَى خِيَانَةً مُبْهَمَةً عَلَى الْمُودِعِ ، وَتَحْلِيفُ الْوَصِيِّ عَنْ اتِّهَامِ الْقَاضِي لَهُ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي ، وَفِي الْإِقْرَارِ لَا تَمْنَعُهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِهِ ، وَفِي الْوَصِيَّةِ لَا تَمْنَعُهَا وَالْبَيَانُ إلَى الْمُوصِي أَوْ وَارِثِهِ ، وَفِي الْمُنْتَقَى ؛ لَوْ قَالَ : أَعْطَوْا فُلَانًا شَيْئًا أَوْ جُزْءًا مِنْ مَالِي أَعْطَوْهُ مَا شَاءُوا ، فِي الْوَكَالَةِ فَإِنَّ فِي الْمُوَكِّلِ فِيهِ وَتَفَاحَشَتْ مَنَعَتْ وَإِلَّا فَلَا ، وَفِي الْوَكِيلِ تَمْنَعُ كَهَذَا أَوْ هَذَا وَقِيلَ : لَا ، وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا ، وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ، وَفِي الْحُدُودِ تَمْنَعُ كَهَذَا زَانٍ أَوْ هَذَا
لَا يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ وَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَقِّ إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْبِ
فَإِنَّ لِلْبَائِعِ إنْكَارَهُ لِيُقِيمَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ عَلَى بَائِعِهِ .
وَفِي الْوَصِيِّ إذَا عَلِمَ بِالدَّيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي بُيُوعِ النَّوَازِلِ

إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً عَلَى النِّتَاجِ فِي مِلْكِهِ وَذُو الْيَدِ كَذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ .
هَكَذَا أَطْلَقَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ .
قُلْت : إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ : لَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي عَبْدٍ فَقَالَ الْخَارِجُ : إنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِي وَأَعْتَقْته وَبَرْهَنَ ، وَقَالَ ذُو الْيَدَ : وُلِدَ فِي مِلْكِي فَقَطْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْخَارِجُ : دَبَّرْته أَوْ كَاتَبْته فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ .
الثَّانِيَةُ :لَوْ قَالَ الْخَارِجُ : وُلِدَ فِي مِلْكِي مِنْ أَمَتِي هَذِهِ وَهُوَ ابْنِي قُدِّمَ عَلَى ذِي الْيَدِ .
إذَا بَرْهَنَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ عَلَى نَسَبِ صَغِيرٍ قُدِّمَ ذُو الْيَدِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فِي الْخِزَانَةِ .
الْأُولَى : لَوْ بَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَهُمَا حُرَّانِ ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى أُمِّهِ .
فَهُوَ لِلْخَارِجِ .
الثَّانِيَةُ : لَوْ كَانَ ذُو الْيَدِ ذِمِّيًّا وَالْخَارِجُ مُسْلِمًا ، فَبَرْهَنَ الذِّمِّيُّ بِشُهُودٍ مِنْ الْكُفَّارِ ، وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ قُدِّمَ الْخَارِجُ سَوَاءٌ بَرْهَنَ بِمُسْلِمِينَ أَوْ بِكَافِرِينَ وَلَوْ بَرْهَنَ الْكَافِرُ بِمُسْلِمِينَ قُدِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا لَا يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا الْكِتَابِيُّ عَلَى الْمَجُوسِيِّ فِي الدَّعَاوَى إلَّا فِي دَعْوَى النَّسَبِ ، كَمَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ إذَا شَهِدُوا لَهُ بِأَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ سَبَبِهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا شَهِدُوا بِأَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ قَضَى بِأَنَّهُ وَارِثُهُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي آخِرِ الدَّعَاوَى إذَا شَهِدُوا لَهُ بِقَرَابَةٍ بِأَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ ، لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنُوا أَنَّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ .
إلَّا فِي الِابْنِ وَالْبِنْتِ وَابْنِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْأُمِّ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ الْحُجَّةُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ إقْرَارٌ أَوْ نُكُولٌ عَنْ يَمِينٍ أَوْ يَمِينٌ أَوْ قَسَامَةٌ أَوْ عِلْمُ الْقَاضِي بَعْدَ تَوْلِيَتِهِ أَوْ قَرِينَةٌ قَاطِعَةٌ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ الدَّعْوَى ، إلَّا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ .
الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخَمِّسَةِ مِنْ الدَّعْوَى .
الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَعَ الْيَمِينِ ، وَلَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مَفْرُوضَةً بِالْقَضَاءِ أَوْ بِفَرْضِ الْأَبِ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْأُمُّ كَمَا فِي نَفَقَاتِ الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى

الْإِنْفَاقَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَأَنْكَرَتْ .
وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : الْمَدْيُونُ إذَا ادَّعَى الْإِيفَاءَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ : إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إذَا تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَجْهًا .
وَقُلْت فِي الشَّرْحِ : إنَّهَا عَلَى خَمْسِ مِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَوَالتَّصْدِيقُ إقْرَارٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الشَّرْحِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ .
لَا يُقْضَى بِالْقَرِينَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ ، ذَكَرْتهَا فِي الشَّرْحِ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِالْقَاضِي إذَا حَكَمَ فِي شَيْءٍ وَكَتَبَ فِي السِّجِلِّ يُجْعَلُ كُلُّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا كَانَتْ لَهُ وَخَمْسٌ مِنْ السِّجِلَّاتِ لَا يَجْعَلُ الْقَاضِي كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ : النَّسَبُ ، وَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ ، وَفَسْخُ النِّكَاحِ بِالْعُنَّةِ ، وَفَسْخُ الْبَيْعِ بِالْإِبَاقِ ، وَتَفْسِيقُ الشَّاهِدِ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ
كِتَابُ الْوَكَالَةِ
الْأَصْلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَيَّدَ عَلَى وَكِيلِهِ فَإِنْ كَانَ مُفِيدًا اعْتَبَرَهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا لَا ،وَإِنْ كَانَ نَافِعًا مِنْ وَجْهٍ ضَارًّا مِنْ وَجْهٍ ،فَإِنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا لَا ، وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ مِنْهَا : بِعْهُ بِخِيَارٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ .
بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ ، وَهُمَا فِي الْمُحِيطِ .
وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ : بِعْهُ بِكَفِيلٍ بِعْهُ بِرَهْنٍ ، وَبِعْهُ نَسِيئَةً فَبَاعَهُ نَقْدًا ، بِخِلَافِ بِعْهُ نَسِيئَةً لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا ، وَلَا تَبِعْ إلَّا نَسِيئَةً ، لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا بِعْهُ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَهُ فِي غَيْرِهِ نَفَذَ .
لَا تَبِعْهُ إلَّا فِي سُوقِ كَذَا لَا .
وَنَظِيرُهُ بِعْهُ بِشُهُودٍ ، لَا تَبِعْهُ إلَّا بِشُهُودٍ .
فَلَا مُخَالَفَةَ مَعَ النَّهْيِ إلَّا فِي قَوْلِهِ : لَا تَبِعْ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ وَفِي قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَمَا فِي الصُّغْرَى فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ ،بِخِلَافِ لَا تَبِعْ حَتَّى تَقْبِضَ .
لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ الْحُقُوقِ ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الْوَكِيلِ فَلَا يَمْلِكُ النَّهْيَ الْوَكِيلُ يَمْلِكُ الْمَوْقُوفَ كَالنَّافِذِ فَلَا يُنْهِيهَا .
وَتَمَامُهُ فِي نِكَاحِ الْجَامِعِالْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ فِي بَرَاءَتِهِ دُونَ رُجُوعِهِ ، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى خَمْسِ مِائَةٍ ، فَاشْتَرَى وَادَّعَى الزِّيَادَةَ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ ، تَحَالَفَا وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا لِلتَّعَذُّرِ ، بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ حَالَ قِيَامِهَا ، وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ .
لَا يَصِحُّ عَزْلُ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ إلَّا بِعِلْمِ الْمُوَكِّلِ ، إلَّا الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِبَيْعِ

مَالِهِ ، ذَكَرَهُ فِي وَصَايَا الْهِدَايَةِ قُلْتُ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَانْحَصَرَ فِي الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ وَالْخُصُومَةِ
لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ ، مُتَبَرِّعًا ، إلَّا فِي مَسَائِلَ إذَا وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ عَيْنٍ وَغَابَ ، لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ إلَيْهِ وَالْمَغْصُوبُ وَالْأَمَانَةُ سَوَاءٌ ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ أَوْ بَعْدُ ،وَفِيمَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَغَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .
وَمِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ : لَا جَبْرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالْبَيْعِ مِنْهُ وَطَلَاقِ فُلَانَةَ وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ إذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ .
وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُحِيلُ الْمُوَكِّلَ وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إنْ ضَمِنَ لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمِ تَفْوِيضٍ إلَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِدُونِهِمَا فَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ ، وَالْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ ، فَدَفَعَ الْآخَرُ جَازَ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ كَمَا فِي كَفَالَةِ الْخَانِيَّةِ وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : مِنْ بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ :إذَا بَاعَ وَكِيلُ الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ ، لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا بَاعَ مِنْ ابْنِهِ ،وَفِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ أَحَدِ الِابْنَيْنِ مِنْ الْآخَرِ يَجُوزُ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ الْمَأْمُورِ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ فِي الْجِنْسِ نَفَذَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَخَالَفَ فِي الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ . الْوَكِيلُ إذَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ لَزِمَ الْآمِرَ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْوَكَالَةُ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ ، بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ ؛ فَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْهَا لَا يَقْتَصِرُ ، وَطَلِّقْ نَفْسَكَ يَقْتَصِرُ ، إلَّا إذَا قَالَ إنْ شِئْتَ فَيَقْتَصِرُ ، وَكَذَا طَلِّقْهَا إنْ شَاءَتْ ،كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ

الْوَكِيلُ عَامِلٌ لِغَيْرِهِ فَمَتَى كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ بَطَلَتْ ، وَلِذَا قَالَ فِي الْكَنْزِ : وَبَطَلَ تَوْكِيلُهُ الْكَفِيلَ بِمَالٍ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلِذَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ .
وَيَصِحُّ عَزْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ ،بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا أَمْسَكَ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَفَعَلَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ أَمْسَكَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ .
الثَّانِيَةُ : الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
الثَّالِثَةُ : الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَمْسَكَ الْمَدْفُوعَ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ الرَّابِعَةُ : الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَلِكَ ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا ،وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَلَمْ يُضِفْ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ .
الْخَامِسَةُ : الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَمْسَكَهُ وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ نَاوِيًا الرُّجُوعَ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
السَّادِسَةُ :إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهِبَتِهِ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا حَطُّ الْكُلِّ عَنْهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، كَمَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِالْوَصِيُّ فَإِنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ وَالنَّفْعُ ظَاهِرٌ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي شِرَائِهِ لِلْغَيْرِ ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِالْآمِرُ إذَا قَيَّدَ الْفِعْلَ بِزَمَانٍ ؛ كَبِعْ هَذَا غَدًا أَوْ أَعْتِقْهُ غَدًا ، فَفَعَلَهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ غَدٍ جَازَ كَذَا فِي حُجَجِ الْخَانِيَّةِ مَنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي شَيْءٍ مَلَّكَهُ فِي بَعْضِهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَتَوَقَّفَ عِنْدَهُمَا ، أَوْ فِي شِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى

أَحَدَهُمَا صَحَّ ، أَوْ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ مَلَكَ قَبْضَ بَعْضِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا الْكُلَّ مَعًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ تَوَقَّفَ مَا لَمْ يَشْتَرِ الْبَاقِيَ كَمَا فِي الْكَنْزِ الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَأَجَازَ مَا فَعَلَهُ وَكِيلُهُ نَفَذَ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ التَّوْكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ صَحِيحٌ ؛ فَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فُلَانًا فِي شِرَاءِ كَذَا فَفَعَلَ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَأْمُورِ وَهُوَ عَلَى آمِرِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ .
الْوَكِيلُ إذَا كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً مُطْلَقَةً مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ وَوَقْفَ الْبَيْتِ . وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهَا رِسَالَةً .
الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا أَوْ مَدْيُونًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولٍ فَهَلَكَ ، فَإِنْ كَانَ رَسُولَ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ رَسُولَ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُ الدَّائِنِ ابْعَثْ بِهَا مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ رِسَالَةً لَهُ مِنْهُ ؛ فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الْمَدْيُونِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ إرْسَالٌ ، فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الدَّائِنِ وَبَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ إلَّا لِإِسْقَاطِ عَدَمِ الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَمِنْ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ : مَنْ جَاءَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا وَمَنْ أَخَذَ أُصْبُعَكَ أَوْ قَالَ لَكَ كَذَا فَادْفَعْ مَالِي عَلَيْكَ إلَيْهِ ، يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَجْهُولٌ فَلَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ
الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ .
إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ ،وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمَانَاتِ ، وَفِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَكَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِعْتُهُ أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُهَا وَهَلَكَتْ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْبَيْعِ ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا .
الْكُلُّ

فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي اخْتِلَافِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُولَى ؛ قَالَ : فَلَوْ قَالَ كُنْتُ وَقَبَضْت فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَكَانَ مُتَّهَمًا ، وَقَدْ بَحَثَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ كَذَلِكَ ، وَلَمْ يَنْتَبِهْ بِمَا فَرَّقَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ ( انْتَهَى ) .
وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ مَسْأَلَةً لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَنَّهُ قَبَضَ وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ : الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْقَرْضِ إذَا قَالَ قَبَضْتُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُقْرَضُ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ . إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ ، إلَّا فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَفَاءً ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ .
إذَا قَبَضَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ اسْتِحْسَانًا ، إلَّا فِي الصَّرْفِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْوَكِيلُ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ .
أَوْ وَكَّلَ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ ، إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عِبَارَتُهُ ، وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي .
الشَّيْءُ الْمُفَوَّضُ إلَى اثْنَيْنِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا ، كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ وَالنَّاظِرَيْنِ وَالْقَاضِيَيْنِ وَالْحَكَمَيْنِ وَالْمُودَعَيْنِ وَالْمَشْرُوطِ لَهُمَا الِاسْتِبْدَالُ وَالْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لَهُ أَوْ الِاسْتِبْدَالَ مَعَ فُلَانٍ فَإِنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْفِرَادَ دُونَ فُلَانٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ .
الْوَكِيلُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ ، وَلَمْ يُعْلِمْ الْوَكِيلُ الْبَائِعَ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ، وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعَهَا لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُكِّلَ رَجُلٌ بِقَبْضِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ وَالْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ فَدَفَعَهَا لَهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ إذَا هَلَكَتْ ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا

كِتَابُ الْإِقْرَارِ
الْمُقَرُّ لَهُ إذَا كَذَّبَ الْمُقِرَّ بَطَلَ إقْرَارُهُ ، إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ ، وَيُزَادُ الْوَقْفُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا رَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ ،كَمَا فِي الْإِسْعَافِ ، وَالطَّلَاقُ وَالنَّسَبُ وَالرِّقُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
الْإِقْرَارُ لَا يُجَامِعُ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ إلَّا عَلَى مُنْكِرٍ إلَّا فِي أَرْبَعٍ : فِي الْوَكَالَةِ،وَالْوِصَايَةِ ،وَفِي إثْبَاتِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي،كَمَا فِي وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ قُبِلَ وَسَقَطَ حَقُّ الرَّدِّ ،كَذَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ، إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِحُرِّيَّتِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ تُقْبَلْ ،كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ ، بِنَاءً عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُفْتِي ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْقُنْيَةِ .
إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا ، فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِصِحَّتِهِ كَمَا فِي سَرِقَةِ الظَّهِيرِيَّةِ.
الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ ؛ فَلَا يَطِيبُ لَهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا إلَّا فِي مَسَائِلَ ، فَإِنْشَاءٌ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ ، وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ أَنْكَرَ يُحَلَّفُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنْشَاءُ مِلْكٍ ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ .
مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ ؛ كَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَالْمُرَاجِعِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ ، وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ .
وَتَفَارِيعُهُ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ : قُلْتُ فِي الشَّرْحِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهَا دُونَ الْإِخْبَارِ بِهَا .
الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَاف مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَقْفِ .
الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَفِي سَبَبِهِ،لَا أُقِرُّ لَهُ بِعَيْنٍ وَدِيعَةً أَوْ مُضَارَبَةً

أَوْ أَمَانَةً ، فَقَالَ لَيْسَ لِي وَدِيعَةٌ لَكِنْ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ ،وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ فَلَهُ أَخْذُهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى مِلْكِهِ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ،وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ فَلَهُ مِثْلُهَا لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ ،كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ .
الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بَطَلَ إقْرَارُهُ ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ بِأَلْفٍ وَالْبَائِعُ بِأَلْفَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِأَلْفَيْنِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي إقْرَارِهِ ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ بِالْقَضَاءِ ؛ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ .
وَمِنْهُ مَا فِي الْجَامِعِ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَالَةً فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ عَلَى الْكَفِيلِ ،كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْيُونِ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ .
وَخَرَجَتْ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَتَانِ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ يَجْمَعُهُمَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ لَا يَكُونُ تَكْذِيبًا لَهُ .
الْأُولَى : لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَقَضَى بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَعْتِقَ عَلَيْهِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَجَحَدَ وَحَلَفَ وَقَضَى لَهُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِرْ الْغَرِيمُ مُكَذَّبًا حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ بَيِّنَةٌ تُقْبَلُ.
وَزِدْتُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ صَرِيحًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِبَيِّنَةٍ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ ، لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ ، فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ .
الثَّانِيَةُ : وَلَدَتْ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ وَفُطِمَ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَفَرَضَ الْقَاضِي لَهُ النَّفَقَةَ وَلَهَا بَيِّنَةٌ ثُمَّ حَضَرَ الْأَبُ وَنَفَاهُ لَاعَنَ وَقُطِعَ النَّسَبُ .
وَلَهَا أُخْتَانِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ، أَوْ بِوَقْفِيَّةِ دَارٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَمَا لَا يَخْفَى ، وَمَسْأَلَةُ الْوَقْفِ مَذْكُورَةٌ فِي الْإِسْعَافِ قَالَ : لَوْ أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ طَرَفًا مِنْ مَسَائِلِ الْمُقِرِّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا

وَذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَسْأَلَةً فِي الْوَصِيَّةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَهِيَ : رَجُلٌ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ وَلَهُ ابْنٌ فَقَطْ ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ ، فَأَنْكَرَ الِابْنُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ بُزَيْغٌ ، فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي قَضَى بِسَالِمٍ ، وَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُ الْوَارِثِ بِبُزَيْغٍ ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَارِثُ بِبُزَيْغٍ صَحَّ ، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمُوصَى لَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا مَسْأَلَةً تُخَالِفُهَا فَلْتُرَاجَعْ قَبْلَ قَوْلِهِ وُلِدَ .
الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ ، فَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ أَنَّ الدَّارَ لِغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسَائِلَ : لَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ بِدَيْنٍ فَلِلدَّائِنِ حَبْسُهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الْعَيْنِ فَلَهُ بَيْعُهَا لِقَضَائِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ ، وَلَوْ أَقَرَّتْ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ بِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِي زَوْجِهَا وَصَدَّقَهَا الْأَبُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ ، وَلَوْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ لَمْ يَمْلِكْ الرَّجْعَةَ ، وَإِذَا ادَّعَى وَلَدَ أَمَتِهِ الْمَبِيعَةِ وَلَهُ أَخٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَتَعَدَّى إلَى حِرْمَانِ الْأَخِ مِنْ الْمِيرَاثِ لِكَوْنِهِ لِلِابْنِ ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ حُرَّةٍ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ صَحَّتْ ، وَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ أَخِيهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ ، بَاعَ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ عَلَى التَّلْجِئَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْعَيْبِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ بَاطِلٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَدَاهُ صَحِيحَتَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا ، مَثَلًا : لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ .
فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِالسَّوِيَّةِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، قَرْضًا أَقْرَضَنِيهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ ، صَحَّ الْإِقْرَارُ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ وَلَا يُتَصَوَّرَانِ مِنْهُ ، لَكِنْ إنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي

الْجُمْلَةِ ( انْتَهَى ) .
وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ صَحِيحٌ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا كَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَا يَصْلُحُ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ بَطَلَ ، لِكَوْنِهِ مُحَالًا .
يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ مَا لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ ،فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ تَأْجِيلَ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حِينَ وَجَبَ .
وَجَبَ مُؤَجَّلًا صَحَّ إقْرَارُهُ ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَقْذُوفُ الْعَفْوَ عَنْ الْقَاذِفِ ، وَلَوْ قَالَ الْمَقْذُوفُ كُنْتُ مُبْطِلًا فِي دَعْوَايَ سَقَطَ الْحَدُّ ، كَذَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ حِيَلِ الْمُدَايَنَاتِ .
وَفَرَّعْتُ عَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ ، وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ : لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْوَارِثِ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ وَارِثٍ آخَرَ ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَرِيضِ وَارِثَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَبْرَأْتُهُ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ ، كَمَا فِي حِيَلِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْوَارِثِ .
فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَى هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبِنْتَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبُوهَا لَا حَقَّ لَهَا فِيهَا ، وَقَدْ أَجَبْتُ فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَوْجِهَا فِيهَا مُسْتَنِدًا لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ ؛ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَأَثْبَتَهُ وَأَبْرَأَهُ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ،
وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا ، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ(انْتَهَى).
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى حِيَلِ الْخَصَّافِ : قَالَتْ فِيهِ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي مَهْرٌ ، أَوْ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( انْتَهَى ) .
وَفِيهَا قَبْلَهُ : وَإِبْرَاءُ الْوَارِثِ لَا يَجُوزُ فِيهِ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْقَضَاءِ .وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ .
وَفِي الْجَامِعِ إقْرَارُ الِابْنِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى وَالِدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أُمِّهِ صَحَّ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ وَهَبَهُوَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْهُ ( انْتَهَى ) .

فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا ،وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ : قَوْلُهَا فِيهِ لَا مَهْرَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا شَيْءَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ مَهْرٌ .
قِيلَ لَا يَصِحُّ ، وَقِيلَ يَصِحُّ .
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ( انْتَهَى ) .
لِأَنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ الْمَهْرِ لِظُهُورِ أَنَّهُ عَلَيْهِ غَالِبًا .
وَكَلَامُنَا فِي غَيْرِ الْمَهْرِ .
وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بَعْدَهُ : ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَدُيُونًا وَدِيعَةً فَصَالَحَ مَعَ الطَّالِبِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ سِرًّا وَأَقَرَّ الطَّالِبُ فِي الْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ ، لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، وَإِنْ بَرْهَنُوا أَنَّهُ كَانَ لِمُوَرِّثِنَا عَلَيْهِ أَمْوَالٌ لِكَنَّةِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَصَدَ حِرْمَانَنَا لَا تُسْمَعُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَارِثَ الْمُدَّعِي وَجَرَى مَا ذَكَرْنَاهُ ؛ فَبَرْهَنَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنَّ أَبَانَا قَصَدَ حِرْمَانَنَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَمْوَالٌ تُسْمَعُ ( انْتَهَى ) .
لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لِتَقَدُّمِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالصُّلْحِ مَعَهُ عَلَى يَسِيرٍ ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى التُّهْمَةِ .
وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ : أَقَرَّ فِيهِ بِعَبْدٍ لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِيهِ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْعِتْقُ مِنْ الثُّلُثِ ( انْتَهَى ) .
لِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا نَفَاهُ مِنْ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي أَوْ لَا حَقَّ لِي ؛ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فَمَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ ؛ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ مِنْهُ أَوْ إبْرَاءٍ .
إلَّا فِي ثَلَاثٍ : لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ وَدِيعَةٍ مَعْرُوفَةٍ ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً ، أَوْ بِقَبْضِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ مَدْيُونِهِ .
كَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَارِيَّةَ .
وَالْمَعْنَى فِي الْكُلِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيثَارُ الْبَعْضِ .
فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا الْكِتَابِ ،وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ ، مِمَّنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِنَقْلِ كَلَامِهِمْ وَفَهْمِهِ ، أَنَّ النَّفْيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ خَطَأٌ كَمَا سَمِعْتُهُ ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْإِقْرَارَ هَهُنَا بِأَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي وَإِنَّهُ عِنْدِي عَارِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا لَا حَقَّ لِي فِيهِ فَيَصِحُّ ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ ،فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ الْمَنْقُولُ فِي جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ .
ذَكَرَ بَكْرٌ أَشْهَدَ الْمَجْرُوحُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ ، إنْ كَانَ جُرْحُهُ

مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ لَا يَصِحُّ إشْهَادُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ يَصِحُّ إشْهَادُهُ لِاحْتِمَالِ الصِّدْقِ ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ جَرَحَهُ وَمَاتَ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ الْمَيِّتِ إلَى آخِرِهِ .
ثُمَّ قَالَ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ الْمَقْذُوفُ : لَمْ يَقْذِفْنِي فُلَانٌ .
إنْ لَمْ يَكُنْ قَذْفُ فُلَانٍ مَعْرُوفًا يُسْمَعُ إقْرَارُهُ وَإِلَّا لَا ( انْتَهَى ) .
الْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفِعْلِ فِي الصِّحَّةِ .
إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إسْنَادِ النَّاظِرِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ فَإِنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحٌ ، لَا الصِّحَّةُ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ ،لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْمَالِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ ، إنَّهَا خَمْسُ مِائَةٍ ، لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ ( انْتَهَى ) . اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ ،فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ فِي الْمَرَضِ ، أَوْ فِي كَوْنِهِ فِي الصِّغَرِ أَوْ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّغَرِ .
كَذَا فِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ . وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ صَغِيرًا فَالْقَوْلُ لَهُ ، وَإِنْ أَسْنَدَ إلَى حَالِ الْجُنُونِ ، فَإِنْ كَانَ مَعْهُودًا قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا . مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ صَدَّقَ الْمُقِرَّ أَوْ كَذَّبَهُ تُقْبَلُ ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِشَيْءٍ وَقَالَ كُنْتُ فَعَلْتُهُ فِي الصِّحَّةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ إسْنَادٍ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ . قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : لَوْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ فِي صِحَّتِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَادَّعَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ .
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ مَرَضِهِ ( انْتَهَى ) .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ . مَجْهُولُ النَّسَبِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صَحَّ وَصَارَ عَبْدَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَأَكُّدِ حُرِّيَّتِهِ بِالْقَضَاءِ ، أَمَّا بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِحَدٍّ كَامِلٍ أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِذَا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ فَأَحْكَامُهُ بَعْدَهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ أَحْكَامُ الْعَبِيدِ ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ ، وَفِي الْمُنْتَقَى ؛ يُصَدَّقُ إلَّا فِي خَمْسَةٍ : زَوْجَتِهِ ، وَمُكَاتَبِهِ ، وَمُدَبَّرِهِ ، وَأُمِّ وَلَدِهِ ، وَمَوْلَى مُعْتَقِهِ .

أَقَرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبُرْهَانٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ يَقْبَلُ النَّقْضَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ،بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِالنَّسَبِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ لِغَيْرِالْمَحْكُومِ لَهُ ، وَلَا بُرْهَانُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنَّسَبِ مِمَّا يَتَعَدَّى
فَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ لِمَجْهُولٍ ، أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَحَكَمَ بِهِ بِطَرِيقَةٍ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ ابْنٌ لِغَيْرِ الْعَبْدِ الْمُقِرِّ ، وَهِيَ تَصْلُحُ حِيلَةً لِدَفْعِ دَعْوَى النَّسَبِ ، وَشَرَطَ فِي التَّهْذِيبِ تَصْدِيقَ الْمَوْلَى ، وَفِي الْيَتِيمَةِ مِنْ الدَّعْوَى : سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَاقْتَسَمَهُ الْوَارِثُونَ ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ كَانَ أَبِي ، وَأَثْبَتَ النَّسَبَ عِنْدَ الْقَاضِي بِالشُّهُودِ وَأَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ .فَيَقُولُ لَهُ الْوَارِثُونَ : بَيِّنْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي مَاتَ نَكَحَ أُمَّكَ .هَلْ يَكُونُ هَذَا دَفْعًا ؟
فَقَالَ : إنْ قَضَى الْقَاضِي بِثُبُوتِ نَسَبِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَبُنُوَّتُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الزِّيَادَةِ ( انْتَهَى ) .
جَهَالَةُ الْمُقِرِّ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ : لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَجَمَعَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ إلَّا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَدْيُونًاأَوْ مُكَاتَبًاكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ .
الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ إلَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ دَارٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ قَالَ :عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا ( انْتَهَى ) .
إذَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ لَزِمَهُ بَيَانُهُ إلَّا إذَا قَالَ لَا أَدْرِي عَلَيَّ لَهُ سُدُسٌ أَمْ رُبُعٌ ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ . إذَا تَعَدَّدَ الْإِقْرَارُ بِمَوْضِعَيْنِ لَزِمَهُ الشَّيْئَانِ ، إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ ؛ لَوْ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ ، وَكَذَا فِي التَّزْوِيجِ ؛ وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِالْجِرَاحَةِ فَهِيَ ثَلَاثٌ ،كَمَا فِي إقْرَارِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي .

إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِمَهْرٍ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ الْمَهْرَ ، عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ ، وَيُجْعَلُ زِيَادَةً إنْ قَبِلَتْ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ لِعَدَمِ قَصْدِهَا كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لَهَا كِسْوَةً مَاضِيَةً ، فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إنَّهَا تَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَهَا إذَا ادَّعَتْ ، فَإِنْ ادَّعَتْهَا بِلَا قَضَاءٍ وَلَارِضَاءٍ لَمْ يَسْمَعْهَا لِلسُّقُوطِ وَإِلَّا سَمِعَهَا وَلَا يَسْتَفْسِرُالْمُقِرَّ(انْتَهَى).
يَعْنِي فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهَا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ فَتَلْزَمُهُ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا صَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَرِضَاءٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمُطْلَقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَلْزَمَهُ .
كِتَابُ الصُّلْحِ
الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بَيْعٌ ،إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى .
الْأُولَى : مَا إذَا صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَقَبَضَهُ ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ .
الثَّانِيَةُ :لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ بَطَلَ الصُّلْحُ وَفِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ لَا(انْتَهَى)
وَيُزَادُ مَا فِي الْمَجْمَعِ : لَوْ صَالَحَهُ عَنْ شَاةٍ عَلَى صُوفِهَا يَجُزُّهُ ،يُجِيزُهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ،وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ .
وَعَلَى صُوفِ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا .
كَمَا فِي الشَّرْحِ ، مَعَ أَنَّ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ لَا يَجُوزُ .الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ : فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
أَجَّلَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ لِلْآخِذِ صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ . أَجَّلَتْ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ زَوْجَهَا بَعْدَ الْحُلُولِ صَحَّ وَلَهَا الرُّجُوعُ .
اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَمْهَلَهُ الْمُدَّعِي صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ .
الصُّلْحُ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ ؛ إذْ لَا نِزَاعَ وَيَصِحُّ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَفْعًا لِلنِّزَاعِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي بَعْدَهُ عَلَى أَصْلِ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ إلَّا فِي صُلْحِ الْوَصِيِّ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى إنْكَارٍ إذَا صَالَحَ عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ ، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَأَقَامَهَا تُقْبَلُ ، وَلَوْ طُلِبَ يَمِينُهُ لَا يَحْلِفُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ . الثَّانِيَةُ : إذَا ادَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُنَا لَيْسَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ ،كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى

عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى ، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ .
الصُّلْحِ لَمْ تُقْبَلْ ، وَإِنْ بَعْدَهُ تُقْبَلْ ، وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى صُلْحٍ قَبْلَهُ بَطَلَ الثَّانِي إذْ الصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ .
الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ، وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى إنْكَارٍ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ فَلْيُحْفَظْ ،وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا لِتَرْكِ شَرْطِ الدَّعْوَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ ، وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ .
فَيُقَالُ إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .
صُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ صَحِيحٌ لَا بَيْعُهُ .
وَصُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِجَنِينِ الْأَمَةِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَبَيَانُهُ فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة . طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا ،وَطَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ يَكُونُ إقْرَارًا .
الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى شَيْءٍ إنَّمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْعُقْبَى ، إلَّا إذَا قَالَ : صَالَحْتُكَ عَلَى كَذَا وَأَبْرَأْتُك عَنْ الْبَاقِي .
الصُّلْحُ إذَا كَانَ مِنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ إجَارَةً ، وَلَوْ كَانَ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَّا إذَا صَالَحَهُ عَلَى غَلَّتِهِ أَوْ غَلَّةِ الدَّارِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ كَثَمَرَةِ النَّخْلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَالْقِصَاصِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ،الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ إلَّا دَعْوَى الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى .لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْحَدِّ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ إذَا كَانَ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ صَالَحَ الْمَحْبُوسَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا لَمْ تُقْبَلْ إلَّا إذَا كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حَبْسُهُ ظُلْمًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ . الصُّلْحُ يَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالنَّقْضَ إلَّا إذَا صَالَحَ عَنْ الْعَشَرَةِ عَلَى خَمْسَةٍ . كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
ادَّعَى فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ

كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ
إذَا فَسَدَتْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ ، إلَّا فِي الْوَصِيِّ يَأْخُذُ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَمِلَ .كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ .
إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَهَا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ عَكْسُهُ فَلِلْمُضَارِبِ ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ : شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ : الثُّلُثَ ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ ، لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ إلَّا الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّصِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ،وَلِلْمُضَارِبِ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا إلَى أَجَلٍ لَا يَبِيعُ إلَيْهِ التُّجَّارُ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا الْبَاطِلَ . لَا يَتَجَاوَزُ الْمُضَارِبُ مَا عَيَّنَهُ لَهُ رَبُّ الْمَالِ إلَّا إذَا قُيِّدَ عَلَيْهِ بِسُوقٍ بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا إذَا قُيِّدَ بِأَهْلِ بَلَدٍ كَأَهْلِ الْكُوفَةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِمْ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُمْ .
الْمُضَارَبَةُ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالْوَقْتِ فَتَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ ، تُصْرَفُ أَوَّلًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَّا إذَا صَارَ الْمَالُ عَرُوضًا .
إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا تَعْمَلْ بِرَأْيِكَ صَحَّ نَهْيُهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ .
أَطْلَقَهَا ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ عَمِلَ نَهْيَهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ .
كِتَابُ الْهِبَةِ
هِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ .
قَبُولُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْهِبَةَ صَحِيحٌ إلَّا إذَا وَهَبَ لَهُ مَا لَا نَفْعَ لَهُ وَتَلْحَقُهُ مُؤْنَتُهُ ، فَإِنَّ قَبُولَهُ بَاطِلٌ وَيُرَدُّ إلَى الْوَاهِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ .
تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ ، وَمِنْهُ لَوْ وَهَبَتْ مِنْ ابْنِهَا مَا عَلَى أَبِيهِ لَهَا .فَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ لِلتَّسْلِيطِ .
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَهُ لَمْ يَجُزْوَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا أَقَرَّ الدَّائِنُ أَنَّ الدَّيْنَ لِفُلَانٍ وَأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِيهِ فَهُوَ صَحِيحٌ ، لِكَوْنِهِ إخْبَارًا لَا تَمْلِيكًا ، وَيَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .

الْهِبَةُ تَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِكَمَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا : نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ .
وَالثَّانِيَةُ : الْعَيْنُ الْمُوصَى بِهَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ دَفْعُهَا إلَى الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي مَعَ أَنَّهَا صِلَةٌ .
الثَّالِثَةُ : الشُّفْعَةُ ؛ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَسْلِيمُ الْعَقَارِ إلَى الشَّفِيعِ مَعَ أَنَّهَا صِلَةٌ شَرْعِيَّةٌ ، وَلِذَا لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ النَّفَقَاتِ .
قُلْتُ الرَّابِعَةُ : مَالُ الْوَقْفِ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ تَسْلِيمُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ صِلَةٌ مَحْضَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ وَإِلَّا فَفِيهِ شَائِبَتُهَا .
كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ:
إذَا قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ كَانَ إبْرَاءً عَامًّا كَقَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ ، إلَّا إذَا طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ فَقَالَ لَهُ طَالِبْ الْأَصِيلَ ، فَقَالَ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ:
الْأُولَى : إذَا أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ . الثَّالِثَةُ : إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَالَةِ ، وَقِيلَ يَرْتَدُّ .
الرَّابِعَةُ : إذَا قَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ .كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ .
الْإِبْرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ إلَّا فِي الْإِبْرَاءِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْقَضَاءِ الْمُطَالَبَةُ لَا أَصْلُ الدَّيْنِ ، فَيَرْجِعُ الْمَدْيُونُ بِمَا أَدَّاهُ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ ، وَإِذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ فَلَاوَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَطْلَقَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ ،وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ مِنْ الْهِبَةِ .

وَعَلَى هَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ .
فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ وَرَجَعَ عَلَيْهَا .
وَحَكَى فِي الْمَجْمَعِ خِلَافًا فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ الْمُحْتَالِ الْمُحِيلَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ .
فَأَبْطَلَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الدَّيْنِ ، وَصَحَّحَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ .
وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ : تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَنْ إنْسَانٍ ثُمَّ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ عَلَى وَجْهِ الْإِسْقَاطِ فَلِلْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا تَبَرَّعَ بِهِ(انْتَهَى)
وَتَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا مَسَائِلُ :
مِنْهَا لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا بِخِلَافِ هَلَاكِهِ بَعْدَ الْإِيفَاءِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
وَمِنْهَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ .
بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ كَذَا فِي وِكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
هِبَةُ الدَّيْنِ كَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
مِنْهَا لَوْ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ لَمْ يَرْجِعْ .
وَمِنْهَا فِي الْكَفَالَةِ كَذَلِكَ .
وَمِنْهَا تَوَقُّفُهَا عَلَى الْقَبُولِ عَلَى قَوْلٍ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ .
وَمِنْهَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ : قِيلَ لَا تُقْبَلُ وَبَيَانُهُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَمَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ لِلْأَوَّلِ نَحْوُ إنْ أَدَّيْتُ إلَيَّ غَدًا كَذَا فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْبَاقِي ، وَإِذَا ، وَمَتَى كَانَ ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِلثَّانِي نَحْوُ قَوْلِهِ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ غَدًا كَذَا .
وَتَمَامُ تَفْرِيعِهِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ بَابِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ ، وَلِلْأَوَّلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلِلثَّانِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ .
وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمَجْهُولِ لِلثَّانِي ، وَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدْيُونَيْهِ أَبْرَأْتُ أَحَدَكُمَا لَمْ يَصِحَّ لِلثَّانِي .
ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَلَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثُ مَدْيُونَ مُوَرِّثِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَوْتِهِ ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا ، فَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ يَصِحُّ وَكَذَا بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَوْ بَاعَ عَيْنًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ ثُمَّ ظَهَرَ مَوْتُهُ صَحَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ ، فَهُنَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ، وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ قَالُوا صَحَّ التَّوْكِيلُ نَظَرًا إلَى جَانِبِ الْإِسْقَاطِ ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى جَانِبِ التَّمْلِيكِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ

وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ عَامِلٌ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ بَرَاءَةُ نَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ
وَأَجَبْنَا عَنْهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ .
كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ
فَكُرِهَ لِلْمُرْتَهِنِ سُكْنَى الْمَرْهُونَةِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقِفُ فِي ظِلِّ جِدَارِ مَدْيُونِهِ ، فَذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ كَذَا فِي كَرَاهَتِهَا الْقَوْلُ لِلْمُمَلِّكِ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَدَفَعَ شَيْئًا فَالتَّعْيِينُ لِلدَّافِعِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَعْيِينُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ ، وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا فَأَدَّى شَيْئًا وَقَالَ هَذَا مِنْ نِصْفِهِ ، فَإِنْ كَانَ التَّعْيِينُ مُفِيدًا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالَّا أَوْ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ وَالْآخَرُ لَا ، صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا ،
وَلَوْادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الدَّلَّالُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ الْمَهْرِ ، وَقَالَتْ هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِي الْمُهَيَّإِ لِلْأَكْلِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ :
الْأُولَى : الْقَرْضُ .
الثَّانِيَةُ : الثَّمَنُ عِنْدَ الْإِقَالَةِ .
الثَّالِثَةُ : الثَّمَنُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَهُمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الرَّابِعَةُ : إذَا مَاتَ الْمَدْيُونُ الْمُسْتَقْرِضُ فَأَجَّلَ الدَّائِنُ الْوَارِثَ .
الْخَامِسَةُ : الشَّفِيعُ إذَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ الثَّمَنُ حَالًّا فَأَجَّلَهُ الْمُشْتَرِي .
السَّادِسَةُ : بَدَلُ الصَّرْفِ .
السَّابِعَةُ : رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ .آخِرُ الدَّيْنَيْنِ قَضَاءً لِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَلْفٌ قَرْضٌ فَبَاعَ مِنْ مُقْرِضِهِ شَيْئًا بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ .
وَالْمُقْرِضُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْجَامِعِ . الْقَرْضُ لَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي وَصِيَّةٍ كَمَا ذَكَرُوهُ قُبَيْلَ الرِّبَا ،
وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْحُودًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ كَمَا فِي صَرْفِ الظَّهِيرِيَّةِ ،
وَفِيمَا إذَا حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ ،
وَفِيمَا إذَا أَحَالَ الْمُقْرِضُ بِهِ عَلَى إنْسَانٍ فَأَجَّلَهُ الْمُسْتَقْرِضُ كَذَا فِي مُدَايِنَاتِ الْقُنْيَةِ .
الْوَكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ إذَا أَبْرَأَ وَلَمْ يُضِفْ إلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى .
الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِحَقٍّ قَضَاءً لَا دِيَانَةً إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ لَمْ يَبَرَّ كَمَا فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ .
لَكِنْ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى ؛ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَبْرَأُ قَضَاءً وَدِيَانَةً وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ .
وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ : أَحَالَتْ إنْسَانًا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ

الْمَهْرِثُمَّ وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الدَّفْعِ لَا تَصِحُّ .
قَالَ أُسْتَاذُنَا :وَلَهُ ثَلَاثُ حِيَلٍ إحْدَاهَا شِرَاءُ شَيْءٍ مَلْفُوفٍ مِنْ زَوْجِهَا بِالْمَهْرِ قَبْلَ الْهِبَةِ .
وَالثَّانِيَةُ صُلْحُ إنْسَانٍ مَعَهَا عَنْ الْمَهْرِ بِشَيْءٍ مَلْفُوفٍ قَبْلَ الْهِبَةِ .
وَالثَّالِثَةُ هِبَةُ الْمَرْأَةِ لِابْنٍ صَغِيرٍ لَهَا قَبْلَ الْهِبَةِ ( انْتَهَى )
وَفِي الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ نَذْكُرُهُ فِي أَحْكَامِ الدَّيْنِ مِنْ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ .
الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى تَسْلِيمِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمَدْيُونِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ.
هَكَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْكَفَالَةِ وَهِيَ أَيْضًا فِي الْخَانِيَّةِ وَالنِّهَايَةِ ، وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ : عَلَيْهِ بُرٌّ مَشْرُوطٌ تَسْلِيمُهُ فِي بُولَاقَ فَلَقِيَهُ الدَّائِنُ بِالصَّعِيدِ وَطَلَبَ تَسْلِيمَهُ فِيهِ مُسْقِطًا عَنْهُ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى بُولَاقَ ،فَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِالصَّعِيدِ ، وَلَكِنْ نَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ قَوْلَيْنِ فِي السَّلَمِ ، وَظَاهِرُهُمَا تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ إلَّا لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ يُقِيمَ الْمَدْيُونُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ .
وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ فِي الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ ؛ لِأَنَّ وَإِنْ أَسْقَطَ عَنْهُ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى بُولَاقَ فَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ بُرٌّ بِالصَّعِيدِ .
إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ دَيْنَهُ لِفُلَانٍ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَنْهُ وَلِهَذَا كَانَ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُقِرِّ وَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَى أَيِّهِمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ هِيَ مَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ : الْمَهْرُ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي لِفُلَانٍ أَوْ لِوَالِدِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَالْقُنْيَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا وَكِيلُهُ فِي سَبَبِ الْمَهْرِ كَمَا لَا يَخْفَى ، وَالْحِيلَةُ فِي أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ وَلَا إبْرَاؤُهُ مِنْهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ مَذْكُورَةٌ فِي فَنِّ الْحِيَلِ مِنْهُ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ .
لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا دَيْنٌ وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ النَّفَقَةِ بِلَا رِضَاءِ الزَّوْجِ ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ لِأَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَضْعَفُ فَصَارَ كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَشَابَهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْحَقَّيْنِ جَيِّدًا وَالْآخَرُ رَدِيئًا .
لَا يَقَعُ التَّقَاصُّ بِلَا تَرَاصٍّ .
عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ وَلِلْمُودَعِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ لَمْ تَصِرْ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ حَتَّى يَجْتَمِعَا وَبَعْدَ الِاجْتِمَاعِ لَا تَصِيرُ قِصَاصًا مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ قَبْضًا ، وَإِنْ فِي يَدِهِ يَكْفِي الِاجْتِمَاعُ بِلَا تَجْدِيدِ قَبْضٍ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ قِيَامِهِ فِي يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ ( انْتَهَى ) .

إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الدَّيْنِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ ، وَإِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ.
كِتَابُ الْإِجَارَاتِ
فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ بَابِ الِاسْتِصْنَاعِ :وَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَجَازَهَا الْمَالِكُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا ،وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ فَالْكُلُّ لِلْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْمَاضِي لِلْغَاصِبِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لِلْمَالِكِ ( انْتَهَى )
الْغَصْبُ يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ أَوْ بِحِمَايَةٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْقُنْيَةِ.
التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ يُوجِبُ الْأَجْرَ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَلَا تَجِبُ بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ كَمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ .
وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالتَّمَكُّنِ.
الثَّانِيَةُ : إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهَافَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا .
الثَّالِثَةُ : إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا كُلَّ يَوْمٍ بِدَانَقٍ فَأَمْسَكَهُ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ لِبْسٍ ، لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لَبِسَهُ لَتَخَرَّقَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
وَتَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي زَمَانِ إمْسَاكِهَا عِنْدَهُ يَضْمَنُهَا ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي إمْسَاكِهَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ إمْسَاكِهَا .
كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ.
الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ أَخْذٌ ، فَإِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ تَصِحَّ ،وَالْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُدَّةِ جَائِزٌ ، وَإِنْ زِيدَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا

كَمَا لَوْ رَخُصَتْ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ وَقْفًا ،فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةِ فَاسِدَةً أَجَّرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عِوَضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ ،لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ رَجَعَ الْقَاضِي إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ ، فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَسَخَهَا ، وَالْوَاحِدُ يَكْفِي عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى،كَمَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَأَنْفَعِ الْوَسَائِلِ .
وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ،وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ ،وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ الْمُتَوَلِّي فَسْخَهَا الْقَاضِي ،كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ، ثُمَّ يُؤَجِّرُهَا مِمَّنْ زَادَ ،فَإِنْ كَانَتْ دَارًا أَوْ حَانُوتًا عَرَضَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ وَكَانَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا لَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ ، وَإِنْ أَنْكَرَ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى أَنَّهَا إضْرَارٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا ؛ فَإِنْ كَانَتْ فَارِغَةً عَنْ الزَّرْعِ فَكَالدَّارِ ، وَإِنْ مَشْغُولَةً لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا لِغَيْرِ صَاحِبِ الزَّرْعِ ، لَكِنْ تُضَمُّ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مَا بَنَى أَوْ غَرَسَ ، فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا مُشَاهَرَةً فَإِنَّهَا تُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ إذَا فَرَغَ الشَّهْرُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا ، وَالْبِنَاءُ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ لِلْوَقْفِ أَوْ يَصْبِرُ حَتَّى يَتَخَلَّصَ بِنَاؤُهُ ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً لَمْ تُؤَجَّرْ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا تُضَمُّ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ كَالزِّيَادَةِ وَبِهَا زَرْعٌ ،وَأَمَّا إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الصُّغْرَى .
هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ كَلَامِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ
إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ ، صَحِيحًا كَانَ الْعَقْدُ أَوْ فَاسِدًا ، فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْمُبْدَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَدَلَ .
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسَ الْعَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا عَجَّلَهُ ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي آخِرِ إجَارَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ .
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا تَنْفَسِخُ بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَّا إذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ كَالِاسْتِكْتَابِ فَلِصَاحِبِ الْوَرَقِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ .
وَأَصْلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ .
لِرَبِّ الْبَذْرِ الْفَسْخُ دُونَ الْعَامِلِ ، وَمِنْ أَعْذَارِهَا الْمُجَوِّزَةِ لِفَسْخِهَا الدَّيْنُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ، لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهَا ، فَلَهُ فَسْخُهَا وَضَمِنَ بَيْعَهَا إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَالَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ ، وَإِلَّا جَازَ صَحَّ اسْتِئْجَارُ قَلَمٍ بِبَيَانِ الْأَجْرِ وَالْمُدَّةِ .
أَجَّرَ الْغَاصِبُ ثُمَّ مَلَكَ نَفَذَتْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِوَضْعِ شَبَكَةِ الصَّيْدِ جَازَ وَكَذَا اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ لِلْمُرُورِ إنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ اسْتَأْجَرَ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ ، وَلِغَيْرِهَا جَازَ كَالِاسْتِئْجَارِ لِكِتَابَةٍ أَوْ لِغِنَاءٍ أَوْ لِبِنَاءِ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ .
اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ لِيَحْتَطِبَ جَازَ إنْ وَقَّتَ.
اسْتَأْجَرَتْ زَوْجَهَا لِغَمْزِ رِجْلِهَا لَمْ يَجُزْاسْتَأْجَرَ شَاةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ أَوْ جَدْيَيْهِ لَمْ يَجُزْ اسْتَأْجَرَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَجُزْ إضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ جَائِزَةٌ .
دَفَعَ دَارِهِ إلَى آخَرَ لِيُرَمِّمَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ.
الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا ، إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا جَازَتْ ، وَقِيلَ لَا .
اسْتَأْجَرَ دَرَاهِمَ لِيَعْمَلَ فِيهَا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَلَا أَجْرَ وَيَضْمَنُهَا ، وَلَوْ لَيُزَيِّنَ بِهَا جَازَتْ إنْ وَقَّتَ .
وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ بِأَجْرٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ لَهُ ،وَكَذَا أَلْبَانُ الْغَنَمِ وَصُوفُهَا ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ مُطْلَقًا قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِالْجَوَازِ وَيَنْصَرِفُ إلَى شَدِّ الثِّيَابِ عَلَيْهَا أَوْ الدَّابَّةِ ، وَبِعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا الثَّمَرَةُ .
دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ لَهُ بِالنِّصْفِ فَسَدَتْ كَاسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا .
يُفْسِدُهَا الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ طَعَامِ الْعَبْدِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَتَطْيِينِ الدَّارِ وَمَرَمَّتِهَا وَتَغْلِيقِ الْبَابِ وَإِدْخَالِ جِذْعٍ فِي سَقْفِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ اسْتَعَانَ بِرَجُلٍ فِي السُّوقِ لِيَبِيعَ مَتَاعَهُ فَطَلَبَ مِنْهُ أَجْرًا فَالْعِبْرَةُ لِعَادَتِهِمْ ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رَجُلًا فِي حَانُوتِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَانْتَفَعَ بِهِ فِي الْمِصْرِ ، فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ دَابَّةً لَا .

اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَسَاقَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ إلَّا لِعُذْرٍ بِهَاالْأَجِيرُ الْكَاتِبُ إذَا أَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ ، فَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ خُيِّرَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ ، إنْ كَانَ فِي الْبَعْضِ فَقَطْ أَعْطَاهُ بِحِسَابِهِ مِنْ الْمُسَمَّى اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ جَحْدِهَا وَجَبَ الْأَجْرُ وَقِيمَتُهُ ، لَوْ هَلَكَ حَمَلَ أَحَدُ الْأَجِيرِينَ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ شَرِيكَيْنِ وَجَبَ لَهُمَا كُلُّهُ ، وَإِلَّا فَلِلْحَامِلِ النِّصْفُ قَصَرَ الثَّوْبَ الْمَجْحُودَ فَإِنْ قَبِلَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الصَّبَّاغُ وَالنَّسَّاجُ .
لَا يَسْتَحِقُّ الْخَيَّاطُ أَجْرَ التَّفْصِيلِ بِلَا خِيَاطَةٍ .
الصَّيْرَفِيُّ بِأَجْرٍ إذَا ظَهَرَتْ الزِّيَافَةُ فِي الْكُلِّ اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ وَفِي الْبَعْضِ بِحِسَابِهِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ دَفَعَ الْمُؤَجِّرُ لَهُ الْمِفْتَاحَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَتْحِ لِصِنَاعَةٍ ؛ إنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْحُ بِلَا كُلْفَةٍ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا أَجَّرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ سَكَنَا فِيهَا فَلَا أَجْرَ .
مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا أَجْرَ لِمَنْ دَلَّهُ .
إنْ دَلَلْتنِي عَلَى كَذَا فَلَكَ كَذَا فَدَلَّهُ ، فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَشْيِ لِأَجْلِهِ .
وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ : مَنْ دَلَّنَا عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ .
وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى .
وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا عَقْدَ إجَارَةٍ هُنَا .
وَلِهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِكَوْنِهِ بَيَّنَ الْمَوْضِعَإجَارَةُ الْمُنَادِي وَالسِّمْسَارِ وَالْمُحَامِي وَنَحْوِهَا جَائِزَةٌ لِلْحَاجَةِ .
السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضَاءٌ وَقَبُولٌ .
قَالَ الرَّاعِي لَا أَرْضَى بِالْمُسَمَّى وَإِنَّمَا أَرْضَى بِكَذَا ، فَسَكَتَ الْمَالِكُ فَرَعَى لَزِمَتْهُ .
وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلسَّاكِنِ اُسْكُنْ بِكَذَا وَإِلَّا فَانْتَقِلْ فَسَكَنَ لَزِمَهُ مَا سَمَّى الْأُجْرَةُ لِلْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَاصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ .
وَجَبَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَ الِاصْطِلَامِ وَسَقَطَ مَا بَعْدَهُ

لَا يَلْزَمُ الْمُكَارِيَ الذَّهَابُ مَعَهَا وَلَا إرْسَالُ غُلَامٍ مَعَهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْآجِرَ بِتَخْلِيَتِهَا .
اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ حَوْضٍ ، عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ ، وَبَيَّنَ الْعُمْقَ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ كَانَ لَهُ رُبُعُ الْأَجْرِ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْعَشَرَةِ مِائَةٌ ،وَالْخَمْسَةُ فِي الْخَمْسَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكَانَ لَهُ رُبُعُ الْعَمَلِ
اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ قَبْرٍ فَحَفَرَهُ فَدَفَنَ فِيهِ غَيْرَ مَيِّتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا أَجْرَ لَهُ.
بِعْهُ لِي بِكَذَا وَلَك كَذَا فَبَاعَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ .
مَتَى وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْهُ .
اكْتَرَاهَا بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ إنْ مُتَفَاوِتًا لَمْ تَصِحَّ ، وَإِلَّا صَحَّتْ دَارِي لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ أَوْ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ أَجَّرْتُك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ . أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا مَعَهُ فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا الْمُسْتَأْجِرُ إذَا بَنَى فِيهَا بِلَا إذْنٍ فَإِنْ بِلَبِنٍ فَلَهُ رَفْعُهُ ، وَإِنْ بِتُرَابِهَا فَلَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ .
تَفْسُدُ إجَارَةُ الْحَمَّالِ لِطَعَامِ الْمُعَيَّنِ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ ، وَكَذَا بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ .
شَرَطَ الْحَمَّامِيُّ أَنَّ أَجْرَ زَمَنِ التَّعْطِيلِ مَحْطُوطٌ عَنْهُ صَحِيحٌ ، لَا أَنْ يَحُطَّ كَذَا ، وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِاشْتِرَاطِ خَرَاجِهَا أَوْ عُشْرِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِرَدِّهَا مَكْرُوبَةً .
أُجْرَةُ حَمَّالِ حِنْطَةِ الْقَرْضِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْمُقْرِضُ بِإِذْنِ الْمُسْتَقْرِضِ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أُجْبِرَ أَجْرُ نَزْحِ بَيْتِ الْخَلَاءِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ السَّاكِنُ لِلْعَيْبِ .
وَكَذَا إصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَتَطْيِينُ السَّطْحِ وَنَحْوُهُمَا لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَإِخْرَاجِ تُرَابِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ وَكُنَاسَتِهِ وَرَمَادِهِ ، لَا تَفْرِيغَ الْبَالُوعَةِ .
رَدُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَاجِبٌ فِي مَكَانِ الْإِجَارَةِ
الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا انْفَسَخَتْ انْفَسَخَتْ الثَّانِيَةُ

الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ لِلْمُؤَجِّرِ لَا تَصِحُّ وَلَا تَنْقُصُ الْأُولَى .
النُّقْصَانُ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ إذَا كَانَ يَسِيرًا جَائِزٌ .
أَجَّرَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ ،فَالثَّانِيَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ رَدَّهَا بَطَلَتْ وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأُجْرَةُ لَهُ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ سَنَةٍ فَمَضَى نِصْفُهَا بِلَا عَمَلٍ فَلَهُ الْفَسْخُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَوْتِهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَلَا قَاضِيَ فِي الطَّرِيقِ وَلَا سُلْطَانَ فَتَبْقَى إلَى مَكَّةَ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَفْعَلَ الْأَصْلَحَ لِلْمَيِّتِ وَالْوَرَثَةِ ؛ فَيُؤَجِّرَهَا لَهُ إنْ كَانَ أَمِينًا أَوْ يَبِيعُهَا بِالْقِيمَةِ ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ لِلْإِيَابِ رَدَّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ ،وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا بِلَا خَصْمٍ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْ ثَمَنِ مَا فِي يَدِهِ وَإِذَا أُعْتِقَ الْأَجِيرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ يُخَيَّرُ ، فَإِنْ فَسَخَهَا فَلِلْمُوَلِّي أَجْرُ مَا مَضَى وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى ، وَلَوْ بَلَغَ الْيَتِيمُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ إجَارَةِ الْوَصِيِّ إلَّا إذَا أَجَّرَ الْيَتِيمُ فَلَهُ فَسْخُهَا .
أَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أُعْتِقَ نَفَذَتْ وَمَا عَمِلَ فِي رِقِّهِ فَلِمَوْلَاهُ وَفِي عِتْقِهِ لَهُ ، وَلَوْ مَاتَ فِي خِدْمَتِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ ضَمِنَهُ .
مَرَضُ الْعَبْدِ وَإِبَاقُهُ وَسَرِقَتُهُ عُذْرٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي فَسْخِهَا ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَمَلُهُ فَاسِدًا ،لَا عَدَمَ حِذْقِهِ ادَّعَى نَازِلُ الْخَانِ وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ وَسَاكِنُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْأَجْرُ وَاجِبٌ .
اخْتَلَفَ صَاحِبُ الطَّعَامِ وَالْمَلَّاحِ فِي مِقْدَارِهِ ،فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مُسَلَّمًا لَهُ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ فَارِغَةً بِحُكْمِ الْحَالِ ، إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ .
قَالَ الْفَضْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : إلَّا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فَارِغَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ .
كَمَا فِي آخِرِ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَا تَطِيبُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِخِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا كَبِنَاءٍ ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ

اخْتَلَفَا فِي الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ وَالْغَلَقِ وَالْمِيزَابِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إلَّا فِي اللَّبِنِ الْمَوْضُوعِ وَالْبَابِ وَالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَالْجِذْعِ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا
الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ :
النَّاظِرُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ ،وَالْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا ، وَالسُّلْطَانُ إذَا أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْغَازِي ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا .
هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَذَكَرَهَا الْوَلْوَالِجِيُّ ،وَذَكَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضِينَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْقَاضِي ، فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى بِالتَّلْفِيقِ أَرْبَعًا وَزِدْتُ عَلَيْهَا مَسَائِلَ:
الْأُولَى : الْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الثَّانِيَةُ : الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ ابْنِهِ ، ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا .
الثَّالِثَةُ : إذَا مَاتَ الْوَارِثُ مُجَهِّلًا مَا أَوْدَعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ .
الرَّابِعَةُ :إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ .
الْخَامِسَةُ :إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ .
السَّادِسَةُ :إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجَهِّلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَهُ مَحْجُورًا .
وَهَذِهِ الثَّلَاثُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْخَلَّاطِيِّ فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى عَشْرًا وَقُيِّدَ بِتَجْهِيلِ الْغَلَّةِ لِأَنَّ النَّاظِرَ .
إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ لَا يَعْلَمُهَا فَإِنْ بَيَّنَهَا وَقَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتُهَا .
فَلَا تَجْهِيلَ إنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ عَلَى مَقَالَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ

أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا فَلَا تَجْهِيلَ ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ :
وَالْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّجْهِيلِ إذَا لَمْ يُعَرِّفْ الْوَارِثَ الْوَدِيعَةَ ، أَمَّا إذَا عَرَّفَ الْوَارِثُ الْوَدِيعَةَ وَالْمُودِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْتُهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ؛ إنْ فَسَّرَهَا وَقَالَ هِيَ كَذَا وَكَذَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ ( انْتَهَى ) .
وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ التَّجْهِيلَ ، وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ مَاتَ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ .
فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ جِدَارَ غَيْرِهِ لِوَضْعِ جُذُوعِهِ وَوَضَعَهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُعِيرُ الْجِدَارَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهَا ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ وَقْتَ الْبَيْعِ ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
إذَا تَعَدَّى الْأَمِينُ ثُمَّ أَزَالَهُ يَزُولُ الضَّمَانُ ؛كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْحِفْظِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ بِالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ وَالشَّرِيكِ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً .
وَالْمُودِعُ وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ ، وَهِيَ فِي الْفُصُولِ إلَّا الْأَخِيرَةَ فَهِيَ فِي الْمَبْسُوطِ .
الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ وَلَا تُرْهَنُ .
وَالْمُسْتَأْجَرُ يُؤَجَّرُ وَيُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ وَالْعَارِيَّةُ تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ ،قِيلَ يُودَعُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْعَارِيَّةُ ؛ إذْ تَصِحُّ إعَارَتُهُمَا وَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْإِيدَاعِ ، وَقِيلَ لَا ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يُسَلِّمُهَا إلَى غَيْرِ عِيَالِهِ وَإِنَّمَا جَازَتْ الْإِعَارَةُ لِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ لِلْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْإِيدَاعِ ؛ فَإِنْ قِيلَ إذَا أَعَارَ فَقَدْ أَوْدَعَ ، قُلْنَا ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ .
وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ لَا يُودَعُ وَلَا يُعَارُ وَلَا يُؤَجَّرُ ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَيَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْإِجَارَةَ دُونَ الْإِعَارَةِ كَمَا فِي وَصَايَا الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ
الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مُودَعٌ .
فَلَا يَمْلِكُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَا ، إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا ، وَلَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ ، فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهَا .
فَلَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ

كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُسَقَّفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّونَ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ إلَّا بِالشَّرْطِ .
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ إذَا سَمَّى لَهُ أَجْرًا لِيَأْتِيَ بِهَا جَازَ ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ إلَّا إذَا وَقَّتَ لَهُ وَقْتًا
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ جَعَلَ لِلْكَفِيلِ أَجْرًا لَمْ يَصِحَّ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْوَدِيعَةَ بِأَجْرٍ مَضْمُونَةٌ .
وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ : إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ صَحَّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهَنَ .
كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحَقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ ؛كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْوَكِيلِ وَالنَّاظِرُ إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَيَاةِ مُسْتَحِقِّهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِإلَّا فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَدَفَعَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقِيَضِ الْعَيْنِ .
وَالْفَرْقُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
الْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ .
إلَّا إذَا كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ خَالَفَتْ الظَّاهِرَ ، وَكَذَا الْمُتَوَلِّي الْأَمِينُ إذَا خَلَطَ بَعْضَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِبَعْضٍ أَوْ الْأَمَانَةَ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ ، فَالْمُودَعُ إذَا خَلَطَهَا بِمَالِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ ضَمِنَهَا وَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَهَا فَرَدَّهُ ،وَخَلَطَهُ بِهَا ضَمِنَهَا
وَالْعَامِلُ إذَا سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا وَخَلَطَ الْأَمْوَالَ ثُمَّ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا لِأَرْبَابِهَا ، وَلَا تَجْزِيهِمْ عَنْ الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلًا بِالْأَخْذِ وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ أَوْقَافٍ مُخْتَلِفَةٍ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي ، وَالسِّمْسَارُ إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَأَثْمَانَ مَا بَاعَهُ ضَمِنَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِذْنِ بِالْخَلْطِ وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ ضَمِنَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ : لَا يَضْمَنُ الْأَمِينُ بِالْخَلْطِ ، وَالْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ ، أَوْ مَالَ رَجُلٍ بِمَالِ آخَرَ ، وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ مَالَ الْوَقْفِ بِمَالِ نَفْسِهِ ، وَقِيلَ يَضْمَنُ .
وَلَوْ أَتْلَفَ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَهُ لَمْ يَبْرَأْ .
وَحِيلَةُ بَرَاءَتِهِ إنْفَاقُهُ فِي التَّعْمِيرِ أَوْ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُنَصِّبَ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَيَبْرَأُ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ الْأَمِينُ إذَا هَلَكَتْ الْأَمَانَةُ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا

فَهَلَكَتْ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الرَّقِيقُ إذَا اكْتَسَبَ وَاشْتَرَى شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ أَوْدَعَهُ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِكَوْنِهِ مَالَ الْمَوْلَى ، مَعَ أَنَّ لِلْعَبْدِ يَدًا مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ شَيْئًا وَغَابَ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي شَيْءٍ كَإِذْنِهِ أَمَانَةً وَضَمَانًا وَرُجُوعًا وَعَدَمَ رُجُوعٍ وَخَرَجَتْ عَنْهُ مَسْأَلَتَانِ :
الْمُودَعُ إذَا أَذِنَ إنْسَانًا فِي دَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُودِعِ فَدَفَعَهَا لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ الدَّافِعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الثَّانِيَةُ : حَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ ؛ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ آذَنَ أَحَدُهُمَا مُسْتَأْجِرَهُ بِالْعِمَارَةِ فَعَمَّرَ ، لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الشَّرِيكِ السَّاكِتِ ، وَلَوْ عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ ،كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ . لَا يَجُوزُ لِلْمُودِعِ الْمَنْعُ بَعْدَ الطَّلَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
لَوْ كَانَتْ سَيْفًا فَطَلَبَهُ لِيَضْرِبَ بِهِ ظُلْمًا .
أَوْ كَانَتْ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بِمَالٍ لِغَيْرِهِ أَوْ قَبْضٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الْمُودَعُ إذَا أَزَالَ التَّعَدِّيَ زَالَ الضَّمَانُ إلَّا إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ مُوَقَّتًا فَتَعَدَّى بَعْدَهُ ثُمَّ أَزَالَهُ لَمْ يَزُلْ الضَّمَانُ ،كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الْمُودَعُ إذَا جَحَدَهَا ضَمِنَهَا إلَّا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ النَّقْلِ كَمَا فِي الْأَجْنَاسِ ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ بِأَجْرٍ فَمَضْمُونَةٌ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ، وَتَقَدَّمَتْ
لِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَارِيَّةَ مَتَى شَاءَ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
لَوْ اسْتَعَارَ أَمَةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَصَارَ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا ، لَهُ الرُّجُوعُ لَا الرَّدُّ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَى الْفِطَامِ ،وَلَوْ رَجَعَ فِي فَرَسِ الْغَازِي قَبْلَ الْمُدَّةِ فِي مَكَانٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ .
وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ ، وَفِيمَا إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حَتَّى يَحْصُدَهُ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَتُتْرَكْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إلَّا فِي عَارِيَّةِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ ، تَحْلِيفُ الْأَمِينِ عِنْدَ دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ الْهَلَاكِ ؛ قِيلَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ ، وَقِيلَ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ ، وَلَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِيَمِينِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَصِيِّ وَحَلَفَ لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ ، كَذَا فِي وَدِيعَةِ الْمَبْسُوطِ لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدِ رَبِّهَا لَمْ يَبْرَأْ سَوَاءٌ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا أَوْ لَا ، هُوَ الصَّحِيحُ .
وَاخْتَلَفَ

الْإِفْتَاءُ فِيمَا إذَا رَدَّهَا إلَى بَيْتِ مَالِكِهَا أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ إلَى الْوَارِثِ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ إنْ كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ ، وَلَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا وَإِلَّا فَلَا .
إلَّا إذَا دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ ، وَلَوْ قَضَى الْمُودَعُ بِهَا دَيْنَ الْمُودِعِ ضَمِنَ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَبْرَأُ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ .
ادَّعَى الْمُودَعُ دَفْعَهَا إلَى مَأْذُونِ مَالِكِهَا ، وَكَذَّبَاهُ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَتِهِ .
لَا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ .
الْمَأْذُونُ لَهُ بِالدَّفْعِ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَاهُ ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا كَالْغَصْبِ وَالدَّيْنُ لَا .
كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ .
وَمِنْ الثَّانِي مَا إذَا أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْمِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ وَهِيَ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ مِنْ الْعِمَادِيِّ اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَهُوَ عَلَى الذَّهَابِ دُونَ الْمَجِيءِ ، وَلَوْ اسْتَعَارَ بَعِيرًا فَهُوَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ .
الْمُسْتَطِيعُ لَا يَمْلِكُ الْإِبْضَاعَ وَالْإِيدَاعَ ، وَالْأَبْضَاعُ الْمُطْلَقَةُ كَالْوَكَالَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالْمَشِيئَةِ ، حَتَّى إذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ : اشْتَرِ لِي بِهِ ثَوْبًا صَحَّ ، كَمَا إذَا قَالَ : اشْتَرِ لِي بِهِ أَيَّ ثَوْبٍ شِئْتَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِضَاعَةً ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا صَحَّ .
وَالْبِضَاعَةُ كَالْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَالْمُسْتَبْضِعُ لَا ، إلَّا إذَا كَانَ فِي قَصْدِهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِرْبَاحَ أَوْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ( انْتَهَى ) الْإِعَارَةُ كَالْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ .
الْقَوْلُ لِلْمُودَعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ إلَّا إذَا قَالَ : أَمَرْتَنِي بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعْتهَا إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ رَبُّهَا فِي الْأَمْرِ ، فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا .
وَالْمُودَعُ ضَامِنٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى ،كَذَا فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْأَصْلِ لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ .
الْمُودَعُ : إذَا قَالَ : لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي ، وَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا ، وَلَا بَيِّنَةَ ، يُعْطِيهَا لَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهَا بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا اُسْتُوْدِعَ بِجَهْلِهِ .
مَاتَ رَجُلٌ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَجَمِيعُ مَا تَرَكَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ ، وَصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بِالْحِصَصِ كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا

كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ
الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ ، عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ ،كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ إلَّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْعِبَادَاتِ وَزَوَالِ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ
وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ وَفِي الْإِنْفَاقِ وَفِي صِحَّةِ وَصَايَاهُ بِالْقُرْبِ مِنْ الثُّلُثِ .
فَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي هَذِهِ ، وَحُكْمُهُ كَالْعَبْدِ فِي الْكَفَّارَةِ ، فَلَا يُكَفَّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ .
لَوْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ صَحَّ ، وَلَا يَجْزِيهِ عَنْهَا وَلَا يَصُومُ لَهَا .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ .
وَأَمَّا إقْرَارُهُ فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا عِنْدَهُمَا ( انْتَهَى ) .
يَعْنِي بِنَاءً عَلَى الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ .
الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْمَالِ ، وَإِذَا قُتِلَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ ؛ لَوْ أَتْلَفَ مَا اقْتَرَضَهُ وَمَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَمَا أُعِيرَ لَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ
وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ ، وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا ، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ .
قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : وَهِيَ مِنْ مُشْكِلَاتِ إيدَاعِ الصَّبِيِّ .
قُلْت : لَا إشْكَالَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا ، وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ كَمَا لَا يَخْفَى الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ وَعَكْسُهُ .
كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ .
لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ لِلْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ الْمَحْجُورِ وَلَا بَيِّنَةَ ، وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ .
أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَا يَكُونُ إذْنًا إلَّا إذَا قَالَ : بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ،بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَايِعُوا ابْنِي إذَا قَالَ لَهُ : آجِرْ نَفْسَك ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ ، أَوْ بِعْ ثَوْبِي ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ كَانَ إذْنًا بِالتِّجَارَةِ ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
وَالْآمِرُ بِالشِّرَاءِ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ ، فَلَوْ قَالَ : اشْتَرِ لِي ثَوْبًا ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ ، وَلَا لِلُبْسٍ كَانَ إذْنًا ، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فَلْيَحْفَظْهُ .
الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إلَّا إذَا كَانَ الْآذِنُ مُضَارِبًا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ فَأَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمُضَارَبَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً .
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْأَصَحُّ عِنْدِي التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

إذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ السَّفِيهَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ صَحَّ ، فَإِنْ قَصَّرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ وَقَعَ وَلَا يَلْزَمُهَاوَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ ، وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ ، وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ فَأَطْلَقَهُ آخَرُ جَازَ إطْلَاقُهُ ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ ، وَلَا يَجُوزُ لِلثَّالِثِ تَنْفِيذُ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلْخَصَّافِ .
وَوَقْفُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بَاطِلٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَصَحَّحَهُ الْبَلْخِيُّ ، وَأَبْطَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ .
وَلَا يَصِيرُ السَّفِيهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عِنْدَ الثَّانِي .
وَلَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي ، وَلَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْحَجْرُ بِالرُّشْدِ .
وَلَا بُدَّ مِنْ إطْلَاقِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِمَا .
وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ .
وَوَقَعَتْ حَادِثَةٌ : حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ ثُمَّ ادَّعَى الرُّشْدَ ، وَادَّعَى خَصْمُهُ بَقَاءَهُ عَلَى السَّفَهِ وَبَرْهَنَا ، فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا .
وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى السَّفَهِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ .
مِنْ الْحَجْرِ : الظَّاهِرُ زَوَالُ السَّفَهِ ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ يَمْنَعُهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ لَا يَنْحَجِرُ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي ، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ : إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ قَضَى لِمَنْ بَرْهَنَ ؛ فَإِنْ بَرْهَنَا فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِثْبَاتِ فَكُلُّ بَيِّنَةٍ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ لَمْ تُقْبَلْ .
وَهُنَا بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ فَلَمْ تُقْبَلْ .
الْمَأْذُونُ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَمَا فِي إجَارَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَجُزْ الْغَرِيمُ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ ، وَلَوْ وَهَبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهَا ، وَيَبِيعُهُ الْقَاضِي فَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَلِلْوَاهِبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَصَايَا .
الْمَأْذُونُ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ : بَايِعُوا عَبْدِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ.
كِتَابُ الشُّفْعَةِ
هِيَ بَيْعٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي ضَمَانِ الْغَرَرِ لِلْجَبْرِ ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ

فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ ،كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَالِكِ الْقَدِيمِ وَاسْتِيلَادِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ .
فَرُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي وَرِضَاهُ بِالْعَيْبِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ كَالْأَجَلِ وَبِرَدِّهَا عَلَى الْبَائِعِ لَا تَسْلَمُ لِلْمُشْتَرِي .
وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْفَسْخِ دُونَ التَّحَوُّلِ .
قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ : وَالتَّحَوُّلُ أَصَحُّ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ بِهِ الْمَعْلُومُ لَا يُؤَخَّرُ لِلْمَوْهُومِ ،فَلَوْ قَطَعَ عَيْنَيْ رَجُلَيْنِ فَحَضَرَ ، أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ لَهُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ ،وَلَوْ حَضَرَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِكُلِّهَا كَذَا فِي جِنَايَاتِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ .
بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا ، فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ .
وَإِلَّا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ إنْ رَدَّهَا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَبُ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَكَانَ شَفِيعَهَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا .
وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ .
إذَا كَانَتْ دَارُ الشَّفِيعِ مُلَازِقَةً لِبَعْضِ الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَازَقَهُ فَقَطْ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ بَيْعِ دُورِ مَكَّةَ وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهَا يَصِحُّ الطَّلَبُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَى مُوَكِّلِهِ ، فَإِنْ سَلَّمَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ وَبَطَلَتْ هُوَ الْمُخْتَارُ .
وَالتَّسْلِيمُ مِنْ الشَّفِيعِ لَهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا سَمِعَ بِالْبَيْعِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ يَطْلُبُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ ثُمَّ يَشْهَدُ إنْ قَدَرَ ، وَإِلَّا وَكَّلَ أَوْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَرْسَلَهُ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ تَسْلِيمُ الْجَارِ مَعَ الشَّرِيكِ صَحِيحٌ ، وَلَوْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ لَمْ يَأْخُذْ الْجَارُ .
سَلَامُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يُبْطِلُهَا ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ .
الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ مِنْ الشَّفِيعِ يُبْطِلُهَا قَضَاءً مُطْلَقًا وَلَا يُبْطِلُهَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إذَا صَبَغَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ ، إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ .
وَفِيهِ نَظَرٌ أَخَّرَ الشَّفِيعُ الْجَارُ الطَّلَبَ لِكَوْنِ الْقَاضِي لَا يَرَاهَا فَهُوَ مَعْذُورٌ ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ فَامْتَنَعَ فَأَخَّرَ الْيَهُودِيُّ إذَا سَمِعَ بِالْبَيْعِ يَوْمَ السَّبْتِ فَلَمْ يَطْلُبْ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا .
تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي طَلَبَ الشَّفِيعِ حِينَ عَلِمَ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ احْتَالَ لِإِبْطَالِهَا يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ .
وَفِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ خِلَافُهُ ؛ اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِلَا يَمِينٍ

هِبَةُ بَعْضِ الثَّمَنِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِحَطُّ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا يَلْتَحِقُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ لَهُ دَعْوَى فِي رَقَبَةِ الدَّارِ وَشُفْعَةٌ فِيهَا ؛ يَقُولُ : هَذِهِ الدَّارُ دَارِي ، وَأَنَا أَدَّعِيهَا فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيَّ ، وَإِلَّا فَأَنَا عَلَى شُفْعَتِي فِيهَا اسْتَوْلَى الشَّفِيعُ عَلَيْهَا بِلَا قَضَاءٍ ، فَإِنْ اعْتَمَدَ قَوْلَ عَالِمٍ لَا يَكُونُ ظَالِمًا ، وَإِلَّا كَانَ ظَالِمًا .
وَفِي جِنَايَاتِ الْمُلْتَقَطِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ،أَشْيَاءُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ الْعَقْلُ وَالشُّفْعَةُ وَأُجْرَةُ الْقَسَّامِ وَالطَّرِيقُ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ( انْتَهَى )
كِتَابُ الْقِسْمَةِ
الْغَرَامَاتُ إذَا كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَهِيَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ .
وَفَرَّعَ عَلَيْهَا الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقِسْمَةِ مَا إذَا غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَهْلَ قَرْيَةٍ ، فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى هَذَا ، وَهِيَ فِي كَفَّارَةِ التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا خِيفَ الْغَرَقُ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا فَأَلْقَوْا ، فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ ( انْتَهَى )
الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِيَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ إنْ كَانَ وَاسِعًا لَا يَضُرُّ ، وَكَذَا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا شَيْئًا مِنْ الطُّرُقِ فِي مَحَلَّتِهِمْ ، وَفِي دُورِهِمْ إنْ لَمْ يَضُرَّ .
وَلَهُ بِنَاءُ ظُلَّةٍ فِي هَوَاءِ طَرِيقٍ إنْ لَمْ يَضُرَّ ، لَكِنْ إنْ خُوصِمَ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُنِعَ مِنْهُ ، وَبَعْدَهُ هُدِمَ الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ فَإِنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ لَا جَبْرٍ وَقُسِّمَ وَإِلَّا بَنَى ثُمَّ أَجَّرَهُ لِيَرْجِعَ .
بَنَى أَحَدَهُمَابِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَطَلَبَ رَفْعَ بِنَاءَهُ قُسِّمَ ، فَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْبَانِي فِيهَا ، وَإِلَّا هُدِمَ .
لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ تَأَذَّى جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ تَنُّورًا وَحَمَّامًا وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِظُهُورِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إلَّا ذَا قَضَى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ وَنَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاءِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِالتَّرَاضِي ، أَمَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا تُنْتَقَضُ بِظُهُورِ وَارِثٍ .
وَاخْتَلَفُوا فِي ظُهُورِ الْمُوصَى لَهُ

كِتَابُ الْإِكْرَاهِ
بَيْعُ الْمُكْرَهِ يُخَالِفُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِي أَرْبَعٍ : يَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ ، وَيُنْتَقَضُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ ،وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ دُونَ الْقَبْضِ وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُكْرَهِ مَضْمُونٌ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى .
أَمْرُ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَعَّدْهُ ،وَأَمْرُ غَيْرِهِ لَا ، إلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ يَقْتُلُهُ أَوْ يَقْطَعُ يَدَهُ أَوْ يَضْرِبُهُ ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ تَلَفِ عُضْوِهِ .
كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِيأَجْرَى الْكُفْرَ عَلَى لِسَانِهِ بِوَعِيدِ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ ، كَفَرَ وَبَانَتْ امْرَأَتُهُ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى الْقَطْعِ لَمْ يَسَعْهُأُكْرِهَ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فَأَبَى حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا أُكْرِهَ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ أُكْرِهَ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُكْرِهِ إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ أَوْ بِالْقَرَابَةِ .
إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرِهِ فَإِنَّهُ يَفْسَخُ تَصَرُّفَهُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ إجَارَةٍ إلَّا التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالْإِعْتَاقَ .
أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ وَقَعَ إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِهِ فَوَكَّلَأُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ قَدْرُهُ وَبَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ ( انْتَهَى )
كِتَابُ الْغَصْبِ
الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إلَّا فِي الْوَقْفِ .

الْمَغْصُوبِ إذَا غُصِبَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي إنَّمَا يُضَمِّنُ الثَّانِيَ ، كَذَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ .
إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ فَمَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا ، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا ، وَلَا يُؤْمَرُ بِعِمَارَتِهَاإلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ . الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ ، فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ : أَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ أَمْضَيْتُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ ،إلَّا فِي خَمْسَةٍ : .
الْأُولَى : إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا .
الثَّانِيَةُ : إذَا كَانَ مَوْلًى لِلْمَأْمُورِ .
الثَّالِثَةُ : إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ عِنْدَ الْغَيْرِ كَأَمْرِهِ عَبْدَ الْغَيْرِ بِالْإِبَاقِ أَوْ بِقَتْلِ نَفْسِهِ ، فَإِنَّ الْآمِرَ يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ سَيِّدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ ، بِخِلَافِ مَالِ غَيْرِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَغْرَمُهُ الْمَوْلَى يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ .
الرَّابِعَةُ : إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَالِ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ الصَّبِيُّ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ .
الْخَامِسَةُ : إذَا أَمَرَهُ بِحَفْرِ بَابٍ فِي حَائِطِ الْغَيْرِ فَحَفَرَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي السِّرَاجِيَّةِ : يَجُوزُ لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الشِّرَاءَ مِنْ مَالِ الْمَرِيضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ .
الثَّانِيَةُ : إذَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَكَانَ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا .
الثَّالِثَةُ : إذَا مَاتَ بَعْضُ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ فَبَاعُوا قُمَاشَهُ وَعُدَّتَهُ وَجَهَّزُوهُ بِثَمَنِهِ وَرَدُّوا الْبَقِيَّةَ

إلَى الْوَرَثَةِ ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا .
وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ .
وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَسَائِلُ الاستحسانية : ذَبَحَ شَاةَ قَصَّابٍ شَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ ، ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فِي أَيَّامِهَا لَمْ يَضْمَنْ .
أَطْلَقَهُ فِي الْأَصْلِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَ قِدْرًا عَلَى كَانُونٍ فِيهِ لَحْمٌ وَوَضَعَ الْحَطَبَ فَأَوْقَدَ غَيْرُهُ وَطَبَخَهُ ، وَكَذَا لَوْ طَحَنَ بُرًّا جَعَلَهُ فِي دَوْرَقٍ وَرَبَطَ الْحِمَارَ فَسَاقَهُ ،وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حِمْلَهُ السَّاقِطَ فِي الطَّرِيقِ فَتَلِفَ ، وَكَذَا لَوْ أَعَانَهُ فِي رَفْعِ الْجَرَّةِ فَانْكَسَرَتْ ، وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فُوَّهَةَ الطَّرِيقِ فَسَقَاهَا حِينَ سَدَّهَا صَاحِبُهَا
وَمِنْهَا إحْرَامُ رَفِيقِهِ لِإِغْمَائِهِ ،وَسَقْيُ أَرْضِهِ بَعْدَ بَذْرِ الْمُزَارِعِ .
وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ .
وَالْكُلُّ مِنْ كِتَابِ الْمَرْضَى مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا فَلَوْ رَمَى سَهْمًا مِنْ مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَهُ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ يَضْمَنُهُ ، وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ لَمْ تَضْمَنْ نِصْفَ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ إلَّا بِتَعَمُّدِ الْإِفْسَادِ بِأَنْ تَعْلَمَ بِالنِّكَاحِ ، وَأَنْ يَكُونَ الْإِرْضَاعُ مُفْسِدًا لَهُ وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ .
وَالْجَهْلُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ لِدَفْعِ الْفَسَادِ كَمَا فِي إرْضَاعِ الْهِدَايَةِ الْعَقَارُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
إذَا جَحَدَهُ الْمُودِعُ ، وَإِذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ ، وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : مَالُ الْيَتِيمِ ،وَمَالُ الْوَقْفِ ، وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ ،وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ : سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا .
كَذَا فِي وَصَايَا الْقُنْيَةِ .
لَا تَصِيرُ الدَّارُ مُعَدَّةً لَهُ بِإِجَارَتِهَا إنَّمَا تَصِيرُ مُعَدَّةً إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ ،وَبِإِعْدَادِ الْبَائِعِ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي الْغَاصِبِ ، إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ

أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ كَسُكْنَى الْمُرْتَهَنِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَسَكَنَهَا سَنَتَيْنِ وَدَفَعَ أُجْرَتَهُمَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً ، لِكَوْنِهِ دَفَعَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إلَّا إذَا دَفَعَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ الْمُؤَجِّرُ .
أَجَّرَ الْفُضُولِيُّ دَارًا مَوْقُوفَةً وَقَبَضَ الْآجِرُ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْعُهْدَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَجْرَ الْمِثْلِ وَيَرُدُّهُ إلَى الْوَقْفِ .
أَجَّرَهَا الْغَاصِبُ وَرَدَّ أُجْرَتَهَا إلَى الْمَالِكِ تَطِيبُ لَهُ ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ إجَازَةٌ اللَّحْمُ قِيَمِيٌّ . قَالَ لِلْغَاصِبِ ضَحِّ بِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ ضَمِنَهَا وَإِنْ بَعْدَهُ لَا .
الْأَجْرُ قِيَمِيٌّ وَكَذَا فِي الْفَحْمِ .
أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ ، فَنَظَرَ إلَيْهَا فَسَالَ الدَّمُ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْخَلِّ . الْخَشَبُ إذَا كَسَّرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ ، وَلَوْ كَسَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الرُّجُوعُ .
عَثَرَ فِي زِقِّ إنْسَانٍ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ إلَّا إذَا وَضَعَهُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ .
الْآمِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : مَا إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا ؛ أَوْ مَوْلًى لِمَأْمُورٍ ، أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ ، كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَزِدْتُ رَابِعَةً مَا إذَا أَمَرَ الْأَبُ ابْنَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
لَا يَجُوزُ دُخُولُ بَيْتِ إنْسَانٍ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا فِي الْغَزْوِ ، كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ، وَفِيمَا إذَا سَقَطَ ثَوْبُهُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ وَخَافَ لَوْ أَعْلَمَهُ أَخَذَهُ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ . حَفَرَ قَبْرًا فَدَفَنَ فِيهِ آخَرُ مَيِّتًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ؛ فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْحَافِرِ فَلِلْمَالِكِ النَّبْشُ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجُهُ وَلَهُ التَّسْوِيَةُ وَالزَّرْعُ فَوْقَهَا ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ ضَمِنَ الْحَافِرُ قِيمَةَ حَفْرِهِ مِمَّنْ دُفِنَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لَا يُكْرَهُ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ سَعَةٌ ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ لَا يَدْرِي بِأَيِّ أَرْضٍ يَمُوتُ ، هَكَذَا ذَكَرَ الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَفْرِوَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ ، فَهِيَ صُورَتَانِ ؛ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ ، وَفِي مُبَاحِهِ فَلَهُ تَضْمِينُ قِيمَةِ الْحَفْرِ

كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ
الصَّيْدُ مُبَاحٌ إلَّا لِلتَّلَهِّي أَوْ حِرْفَةٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
وَعَلَى هَذَا فَاِتِّخَاذُهُ حِرْفَةً كَصَيَّادِي السَّمَكِ حَرَامٌ .
وَأَسْبَابُ الْمِلْكِ ثَلَاثَةٌ مُثْبِتٌ لِلْمِلْكِ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُبَاحِ .
وَنَاقِلٌ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا ، وَخِلَافُهُ كَمِلْكِ الْوَارِثِ ، فَالْأَوَّلُ شَرْطُهُ خُلُوُّ الْمَحَلِّ عَنْ الْمِلْكِ ، فَلَوْ اسْتَوْلَى عَلَى حَطَبٍ جَمَعَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَفَازَةِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقْلِشِ مَا يَجِدُهُ بِلَا تَعْرِيفٍ وَلَوْ أَرْسَلَ إنْسَانٌ مِلْكَهُ وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ لَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ ، فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ بَعْدَهُ حَتَّى قُشُورِ الرُّمَّانِ الْمُلْقَاةِ فِي الطَّرِيقِ .
لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ يَمْلِكُ قُشُورَ الرُّمَّانِ وَلَوْ أَلْقَى بَهِيمَةً مَيِّتَةً فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَلَخَهَا وَأَخَذَ جِلْدَهَا فَلِمَالِكِهَا أَخْذُهُ ، فَلَوْ دَبَغَهُ رَدَّ لَهُ مَا زَادَ الدِّبَاغُ إنْ كَانَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ .
وَالِاسْتِيلَاءُ قِسْمَانِ ؛ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ ، فَالْأَوَّلُ بِوَضْعِ الْيَدِ ، وَالثَّانِي بِالتَّهْيِئَةِ ؛ فَإِذَا نَصَبَ الشَّبَكَةَ لِلصَّيْدِ مَلَكَ مَا تَعَقَّلَ ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَصَبَهَا لِلْجَفَافِ وَإِذَا نَصَبَ الْفُسْطَاطَ فَتَعَقَّلَ الصَّيْدَ بِهِ مَلَكَهُ ،وَلَوْ نَصَبَهَا لَهُ فَتَعَقَّلَ بِهَا فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ ؛ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ مَلَكَهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِصَيْدِ الذِّئَابِ وَغَابَ فَقَدَّمَ آخَرُ مَيْتَةً لِصَيْدِهَا فَوَقَعَ الذِّئْبُ فِي الْبِئْرِ فَهُوَ لِحَافِرِهِ وَمَا تَعَسَّلَ فِي أَرْضِهِ فَهُوَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُهَيِّئْهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ إنْزَالِهَا .
بِخِلَافِ النَّحْلِ وَالظَّبْيِ إذَا تَكَنَّسَ أَوْ بَاضَ الصَّيْدُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِهَا إلَّا بِالتَّهْيِئَةِ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ لَأَخَذَهُ .
وَلَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5