كتاب:متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة
المؤلف:برهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني

شيء ومن أوصى إليه ولم يعلم بالوصية حتى باع شيئا من التركة فهو وصي والبيع جائز ولا يجوز بيع الوكيل حتى يعلم ومن أعلمه من الناس بالوكالة يجوز تصرفه ولا يكون النهي عن الوكالة حتى يشهد عنده شاهدان أو رجل عدل وإذا باع القاضي أو أمينه عبدا للغرماء وأخذ المال فضاع واستحق العبد لم يضمن وإن أمر القاضي الوصي ببيعه للغرماء ثم استحق أو مات قبل القبض وضاع المال رجع المشتري على الوصي ورجع الوصي على الغرماء

فصل آخر
وإذا قال القاضي قد قضيت على هذا بالرجم فارجمه أو بالقطع فاقطعه أو بالضرب فاضربه وسعك أن تفعل وإذا عزل القاضي فقال لرجل أخذت منك ألفا ودفعتها إلى فلان قضيت بها عليك فقال الرجل أخذتها ظلما فالقول قول القاضي وكذلك لو قال قضيت بقطع يدك في حق هذا إذا كان الذي قطعت يده والذي أخذ منه المال مقرين أنه فعل ذلك وهو قاض ولا يمين عليه ولو أقر القاطع والآخذ بما أقر به القاضي لا يضمن أيضا ولو زعم المقطوع يده أو المأخوذ ماله أنه فعل ذلك قبل التقليد أو بعد العزل فالقول للقاضي أيضا ولو أقر القاطع أو الآخذ في هذا الفصل بما أقر به القاضي يضمنان ولو كان المال في يد الآخذ قائما وقد أقر بما أقر به القاضي والمأخوذ منه المال صدق القاضي في أنه فعله في فضائه أو ادعى أنه فعله في غير قضائه يؤخذ منه = كتاب الشهادات
الشهادة فرض تلزم الشهود ولا يسعهم كتمانها إذا طالبهم المدعي والشهادة في الحدود يخير فيها الشاهد بين الستر والإظهار والستر أفضل إلا أنه يجب أن يشهد بالمال في السرقة فيقول أخذ ولا يقول سرق والشهادة على مراتب منها الشهادة في الزنا يعتبر فيها أربعة من الرجال ولا تقبل فيها شهادة النساء ومنها الشهادةببقية الحدود والقصاص تقبل فيها شهادة رجلين ولا تقبل فيها شهادة النساء وما سوى ذلك من الحقوق يقبل فيها شهادة رجلين أو رجل وامرأتين سواء كان الحق مالا أو غير مال وتقبل في الولادة والبكارة والعيوب بالنساء في موضع لا يطلع عليه الرجال شهادة امرأة واحدة ولا بد في ذلك كله من العدالة ولفظة الشهادة فإن لم يذكر الشاهد لفظة الشهادة وقال أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته قال أبو حنيفة يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم ولا يسأل عن حال الشهود حتى يطعن الخصم إلا في الحدود والقصاص فإنه يسأل عن الشهود وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله لا بد أن يسأل عنهم في السر والعلانية في سائر الحقوق ثم التزكية في السر أن يبعث المستورة إلى المعدل فيها النسب والحلى والمصلى ويردها المعدل وفي العلانية لا بد أن يجمع بين المعدل والشاهد وفي قول من رأى أن يسأل عن الشهود لم يقبل قول الخصم أنه عدل وإذا كان رسول القاضي الذي يسأل عن الشهود واحدا جاز والإثنان أفضل ولا يشترط أهلية الشهادة في المزكى في تزكية السر
فصل
وما يتحمله الشاهد على ضربين أحدهما ما يثبت حكمه بنفسه مثل البيع والإقرار والغصب والقتل وحكم الحاكم فإذا سمع ذلك الشاهد أو رآه وسعه أن يشهد عليه ويقول أشهد أنه باع ولا يقول أشهدني ولو سمع من وراء الحجاب لا يجوز له أن يشهد ولو فسر للقاضي لا يقبله إلا إذا كان دخل البيت وعلم أنه ليس فيه أحد سواه ثم جلس على الباب وليس في البيت مسلك غيره فسمع إقرار الداخل ولا يراه له أن يشهد ومنه مالا يثبت حكمه فيه بنفسه مثل الشهادة على الشهادة فإذا سمع شاهدا يشهد بشيء لم يجز له أن يشهد على شهادته إلا أن يشهده عليها وكذا لو سمعه يشهد الشاهد على شهادته لم يسع السامع أن يشهد ولا يحل للشاهد إذا رأى خطه أن يشهد إلا أن يتذكر الشهادة ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إلا النسب والموت والنكاح والدخولوولاية القاضي فإنه يسعه أن يشهد بهذه الأشياء إذا أخبره بها من يثق به ومن كان في يده شيء سوى العبد والأمة وسعك أن تشهد أنه له
 باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل
ولا تقبل شهادة الأعمى ولا المملوك ولا المحدود في القذف وإن تاب ولو حد الكافر في قذف ثم أسلم تقبل شهادته ولا تقبل شهادة الوالد لولده وولده ووالده ولا شهادة الولد لأبويه وأجداده ولا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر ولا شهادة المولى لعبده ولا لمكاتبه ولا شهادة الشريك لشريكه فيما هو من شركتهما وتقبل شهادة الرجل لأخيه وعمه ولا تقبل شهادة مخنث ولا نائحة ولا مغنية ولا مدمن الشرب على اللهو ولا من يلعب بالطيور ولا من يغني للناس ولا من يأتي بابا من الكبائر التي يتعلق بها الحد ولا من يدخل الحمام من غير إزار أو يأكل الربا أو يقامر بالنرد والشطرنج ولا من يفعل الأفعال المستحقرة كالبول على الطريق والأكل على الطريق ولا تقبل شهادة من يظهر سب السلف وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض وإن اختلفت مللهم ولا تقبل شهادة الحربي على الذمي وتقبل شهادة المستأمنين بعضهم على بعض إذا كانوا من أهل دار واحدة فإن كانوا من دارين كالروم والترك لا تقبل وإن كانت الحسنات أغلب من السيئات والرجل ممن يجتنب الكبائر قبلت شهادته وإن ألم بمعصية وتقبل شهادة الأقلف والخصي وولد الزنا وشهادة الخنثى جائزة وشهادة العمال جائزة وإذا شهد الرجلان أن أباهما أوصى إلى فلان والوصي يدعى ذلك فهو جائز استحساناوإن أنكر الوصي لم يجز وإن شهدا أن أباهما الغائب وكله بقبض ديونه بالكوفة فادعى الوكيل أو أنكره لم تقبل شهادتهما ولا يسمع القاضي الشهادة على جرح مجرد ولا يحكم بذلك إلا إذا شهدوا على إقرار المدعي بذلك تقبل ولو أقام المدعي البينة أن المدعى استأجر الشهود لم تقبل ومن شهد ولم يبرح حتى قال أوهمت بعض شهادتي فإن كان عدلا جازت شهادته
 باب الاختلاف في الشهادة
الشهادة إذا وافقت الدعوى قبلت وإن خالفتها لم تقبل ويعتبر اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أبي حنيفة فإن شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل الشهادة عنده وعندهما تقبل على الألف إذا كان المدعي يدعي هذا الألفين وعلى المائة والمائتان والطلقة والطلقتان والثلاث وإن شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة والمدعي يدعي ألفا وخمسمائة قبلت الشهادة على الألف ونظيره الطلقة والطلقة والنصف والمائة والمائة والخمسون وإن قال المدعي لم يكن لي عليه إلا الألف فشهادة الذي شهد بالألف والخمسمائة باطلة وإذا شهدا بألف وقال أحدهما قضاه منها خمسمائة قبلت شهادتهما بالألف ولم يسمع قوله أنه قضاه خمسمائة إلا أن يشهد معه آخر وينبغي للشاهد أن لا يشهد بألف حتى يقر المدعي أنه قبض خمسمائة وقال في الجامع الصغير رجلان شهدا على رجل بقرض ألف درهم فشهد أحدهما أنه قد قضاها فالشهادة جائزة على القرض وإذا شهد شاهدان أنه قتل زيدا يوم النحر بمكة وشهد آخران أنه قتله يوم النحر بالكوفة واجتمعوا عند الحاكم لم يقبل الشهادتين فإن سبقت إحداهما وقضى بها ثم حضرت الأخرى لم تقبل وإذا شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها قطع وإن قال أحدهما بقرة والآخر ثورا لم يقطع عند أبي حنيفة وقالا لا يقطع في الوجهين ومن شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشتراه بألف وخمسمائة فالشهادة باطلة وكذلك الكتابة وكذا الخلع والإعتاق على مال والصلح عن دم العمد إذا كان المدعي هو المرأة أو العبد أو القاتل وإن كانت الدعوى من جانب آخر فهو بمنزلة دعوى الدين وفي الرهن إن كان المدعي هو الراهن لا يقبل وإن كان المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين فأما النكاح فإنه يجوز بألف استحسانا وقالا هذا باطل في النكاح أيضا
فصل في الشهادة على الإرث
ومن أقام بينة على دار أنها كانت لأبيه أعارها أو أودعها الذي هي في يده فإنه يأخذها ولا يكلف البينة أنه مات وتركها ميراثا له وإن شهدوا أنها كانت في يد فلان مات وهي في يده جازت الشهادة وإن قالوا لرجل حي نشهد أنها كانت في يد المدعي منذ أشهر لم تقبل وإن أقر بذلك المدعى عليه دفعت إلى المدعي وإن شهد شاهدان أنه أقر أنها كانت في يد المدعي دفعت إليه
 باب الشهادة على الشهادة
الشهادة على الشهادة جائزة في كل حق لا يسقط بالشبهة وتجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين ولا تقبل شهادة واحد على شهادة واحد وصفة الإشهاد أن يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع أشهد على شهادتي أني أشهد أن فلان بن فلان أقر عندي بكذا وأشهدني على نفسه وإن لم يقل أشهدني على نفسه جاز ويقول شاهد الفرع عند الأداء أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته أن فلانا أقر عنده بكذا وقال لي أشهد على شهادتي بذلك ومن قال اشهدني فلان على نفسه لم يشهد السامع على شهادته حتى يقول له اشهد على شهادتي ولا تقبل شهادة شهود الفرع إلا أن يموت شهود الأصل أو يغيبوا مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا أو يمرضوا مرضا لا يستطيعون معه حضور مجلس الحاكم فإن عدل شهود الأصل شهود الفرع جاز وكذا إذا شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر صح وإن سكتوا عن تعديلهم جاز وينظر القاضي في حالهم وإن أنكر شهود الأصل الشهادة لم تقبل شهادة شهود الفرع وإذا شهد رجلان على شهادة رجلين على فلانة بنت فلان الفلانية بألف درهم وقالا أخبرانا أنهما يعرفانها فجاء بامرأة وقالا لا ندري أهي هذه أم لا فإنه يقال للمدعي هات شاهدين يشهدان أنها فلانة وكذا كتاب القاضي إلى القاضي ولو قالوا في هذين البابين التميمية لم يجز حتى ينسبوها إلى فخذها
فصل
قال أبو حنيفة رحمه الله شاهد الزور أشهره في السوق ولا أعزره وقالا نوجعه ضربا ونحبسه وفي الجامع الصغير شاهدان أقرا أنهما شهدا بزور لم يضربا وقالا يعزران
كتاب الرجوع عن الشهادة
وإذا رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها سقطت ولا ضمان عليهما فإن حكم بشهادتهم ثم رجعوا لم يفسخ الحكم وعليهم ضمان ما أتلفوا بشهادتهم ولا يصح الرجوع إلا بحضرة الحاكم وإذا شهدا شاهدان بمال فحكم الحاكم به ثم رجعا ضمنا المال للمشهود عليه فإن رجع أحدهما ضمن النصف وإن شهد بالمال ثلاثة فرجع أحدهما فلا ضمان عليه فإن رجع آخر ضمن الراجعان نصف الحق وإن شهد رجل وامرأتان فرجعت امرأة ضمنت ربع الحق وإن رجعتا ضمنتا نصف الحق وإن شهد رجل وعشر نسوة ثم رجع ثمان فلا ضمان عليهن فإن رجعت أخرى كان عليهن ربع الحق وإن رجع الرجل والنساء فعلى الرجل سدس الحق وعلى النسوة خمسة أسداسه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا على الرجل النصف وعلى النسوة النصف فإن رجع النسوة العشرة دون الرجل كان عليهن نصف الحق على القولين ولو شهد رجلان وامرأة بمال ثم رجعوا فالضمان عليهما دون المرأة وإن شهد شاهدان على امرأة بالنكاح بمقدار مهر مثلها ثم رجعا فلا ضمان عليهما وكذلك إذا شهدا بأقل من مهر مثلها وكذلك إذا شهدا على رجل بتزويج امرأة بمقدار مهر مثلها وإن شهدا بأكثر من مهر المثل ثم رجعا ضمنا الزيادة وإن شهدا ببيع شيء بمثل القيمة أو أكثر ثم رجعا لم يضمنا وإن كان بأقل من القيمة ضمنا النقصان وإن شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الدخول بها ثم رجعا ضمنا نصف المهر وإن شهدا على أنه أعتق عبده ثم رجعا ضمنا قيمته وإن شهدوا بقصاص ثم رجعوا بعد القتل ضمنوا الدية ولا يقتص منهموإذا رجع شهود الفرع ضمنوا ولو رجع شهود الأصل وقالوا لم نشهد شهود الفرع على شهادتنا فلا ضمان عليهم وإن قالوا أشهدناهم وغلطنا ضمنوا وهذا عند محمد رحمه الله وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لا ضمان عليهم ولو رجع الأصول والفروع جميعا يجب الضمان عندهما على الفروع لا غير وإن قال شهود الفرع كذب شهود الأصل أو غلطوا في ذلك لم يلتفت إلى ذلك وإن رجع المزكون عن التزكية ضمنوا وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمنون وإذا شهد شاهدان باليمين وشاهدان بوجود الشرط ثم رجعوا فالضمان على شهود اليمين خاصة
كتاب الوكالة
كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره وتجوز الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق وكذا بإيفائها واستيفائها إلا في الحدود والقصاص فإن الوكالة لا تصح باستيفائها مع غيبة الموكل عن المجلس وقال أبو يوسف رحمه الله لا تجوز الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود أيضا كما في الشهادة على الشهادة وكما في الاستيفاء وقال أبو حنيفة رحمه الله لا يجوز التوكيل بالخصومة من غير رضا الخصم إلا أن يكون الموكل مريضا أو غائبا مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا وقالا يجوز التوكيل بغير رضا الخصم ومن شرط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف وتلزمه الأحكام والوكيل ممن يعقل العقد ويقصده وإذا وكل الحر العاقل البالغ أو المأذون مثلهما جاز وإن وكلا صبيا محجورا يعقل البيع والشراء أو عبدا محجورا جاز ولا يتعلق بهما الحقوق وتتعلق بموكلهما والعقد الذي يعقده الوكلاء على ضربين كل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع والإجارة فحقوقه تتعلق بالوكيل دون الموكل يسلم المبيع ويقبض الثمن ويطالب بالثمن إذا اشترى ويقبض المبيع ويخاصم في العيب ويخاصم فيه وكل عقد يضيفه إلى موكله كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد فإن حقوقه تتعلق بالموكل دون الوكيل فلايطالب وكيل الزوج بالمهر ولا يلزم وكيل المرأة تسليمها وإذا طالب الموكل المشتري بالثمن فله أن يمنعه إياه فإن دفعه إليه جاز ولم يكن للوكيل أن يطالبه به ثانيا
 باب الوكالة بالبيع والشراء
فصل في الشراء
ومن وكل رجلا بشراء شيء فلا بد من تسمية جنسه وصفته أو جنسه ومبلغ ثمنه إلا أن يوكله وكالة عامة فيقول ابتع لي ما رأيت ثم إن كان اللفظ يجمع أجناسا أو ما هو في معنى الأجناس لا يصح التوكيل وإن بين الثمن وإن كان جنسا يجمع أنواعا لا يصح إلا بيان الثمن أو النوع وفي الجامع الصغير ومن قال لآخر اشتر لي ثوبا أو دابة أو دارا فالوكالة باطلة وإن سمى ثمن الدار ووصف جنس الدار والثوب جاز ومن دفع إلى آخر دراهم وقال اشتر لي بها طعاما فهو على الحنطة ودقيقها وإذا اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب فله أن يرده بالعيب ما دام المبيع في يده فإن سلمه إلى الموكل لم يرده إلا بإذنه ويجوز التوكيل بعقد الصرف والسلم فإن فارق الوكيل صاحبه قبل القبض بطل العقد ولا يعتبر مفارقة الموكل وإذا دفع الوكيل بالشراء الثمن من ماله وقبض المبيع فله أن يرجع به على الموكل فإن هلك المبيع في يده قبل حبسه هلك من مال الموكل ولم يسقط الثمن وله أن يحبسه حتى يستوفي الثمن فإن حبسه فهلك كان مضمونا ضمان الرهن عند أبي يوسف رحمه الله وضمان المبيع عند محمد وإذا وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى عشرين رطلا بدرهم من لحم يباع منه عشرة أرطال بدرهم لزم الموكل منه عشرة بنصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يلزمه العشرون بدرهم ولو وكله بشراء شيء بعينه فليس له أن يشتريه لنفسه وإن وكله بشراء عبد بغير عينه فاشترى عبدا فهو للوكيل إلا أن يقول نويت الشراء للموكل أو يشتريه بمال الموكل ومن أمر رجلا بشراء عبد بألف فقال قد فعل ومات عندي وقال الآمراشتريته لنفسك فالقول قول الآمر فإن كان دفع إليه الألف قالقول قول المأمور ومن قال لآخر يعني هذا العبد لفلان فباعه ثم أنكر أن يكون فلان أمره ثم جاء فلان وقال أنا أمرته بذلك فإن فلانا يأخذه فإن قال فلان لم آمره لم يكن ذلك له إلا أن يسلمه المشتري له يكون بيعا عنه وعليه العهدة ومن أمر رجلا بأن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم له ثمنا فاشترى له أحدهما جاز إلا فيما لا يتغابن الناس فيه ولو أمره بأن يشتريهما بألف وقيمتهما سواء فعند أبي حنيفة رحمه الله أن اشترى أحدهما بخمسمائة أو أقل جاز وإن اشترى بأكثر لم يلزم الآمر إلا أن يشتري الباقي ببقية الألف قبل أن يختصما استحسانا وقال أبو يوسف ومحمد أن اشترى أحدهما بأكثر من نصف الألف بما يتغابن الناس فيه وقد بقي من الألف ما يشتري بمثله الباقي جاز ومن له على آخر ألف درهم فأمره بأن يشتري بها هذا العبد فاشتراه جاز وإن أمره أن يشتري بها عبدا بغير عينه فاشتراه فمات في يده قبل أن يقبضه الآمر مات من مال المشتري وإن قبضه الآمر فهو له عند أبي حنيفة وقالا هو لازم للآمر إذا قبضه المأمور ومن دفع إلى آخر ألفا وأمره ان يشتري بها جارية فاشتراها فقال الآمر اشتريتها بخمسمائة وقال المأمور اشتريتها بألف فالقول قول المأمور وإن لم يكن دفع إليه الألف فالقول قول الآمر ولو أمره أن يشتري له هذا العبد ولم يسم له ثمنا فاشتراه فقال الآمر اشتريته بخمسمائة وقال المأمور بألف وصدق البائع المأمور فالقول قول المأمور مع يمينه
فصل في التوكيل بشراء نفس العبد
وإذا قال العبد لرجل اشتر لي نفسي من مولاي بألف ودفعها إليه فإن قال الرجل للمولى اشتريته لنفسه فباعه على هذا فهو حر والولاء للمولى وإن لم يعين للمولى فهو عبد للمشتري والألف للمولى وعلى المشتري ألف مثله ومن قال لعبد اشتر لي نفسك من مولاك فقال لمولاه بعني نفسي لفلان بكذا ففعل فهو للآمر وإن عقد لنفسه فهو حر وكذا لو قال يعني ولم يقل لفلان فهو حر
فصل في البيع والوكيل بالبيع والشراء لا يجوز له أن يعقد مع أبيه وجده ومن لا تقبل شهادته له عند أبي حنيفة وقالا يجوز بيعه منهم بمثل القيمة إلا من عبده أو مكاتبة والوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز بيعه بنقصان لا
يتغابن الناس فيه ولا يجوز إلا بالدراهم والدنانير والوكيل بالشراء يجوز عقده بمثل القيمة وزيادة يتغابن الناس في مثلها ولا يجوز بما لا يتغابن الناس في مثله والذي لا يتغابن الناس فيه ما لا يدخل تحت تقويم المقومين وقيل في العروض ( ده ينم ) وفي الحيوانات ( ده يازده ) وفي العقارات ( ده دوازده ) وإذا وكله ببيع عبد له فباع نصفه جاز عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز إلا أن يبيع النصف الآخر قبل أن يختصما وإن وكله بشراء عبد فاشترى نصفه فالشراء موقوف فإن اشترى باقيه لزم الموكل ومن أمر رجلا ببيع عبده فباعه وقبض الثمن أو لم يقبض فرده المشتري عليه بعيب لا يحدث مثله بقضاء القاضي ببينة أو باباء يمين أو باقرار فإنه يرده على الآمر وكذلك إن رده عليه بعيب يحدث مثله بينة أو بابا يمين فإن كان ذلك بإقراره لزم المأمور ومن قال لآخر أمرتك ببيع عبدي بنقد فبعته بنسيئة وقال المأمور أمرتني ببيعه ولم تقل شيئا فالقول قول الآمر وإن اختلف في ذلك المضارب ورب المال فالقول قول المضارب ومن أمر رجلا ببيع عبده فباعه وأخذ بالثمن رهنا فضاع في يده أو أخذ به كفيلا فتوى المال عليه فلا ضمان عليه فصل
وإذا وكل وكيلين فليس لأحدهما أن يتصرف فيما وكلا به دون الآخر إلا أن يوكلهما بالخصومة أو بطلاق زوجته بغير عوض أو بعق عبده بغير عوض أو برد وديعة عنده أو قضاء دين عليه وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل به إلا أن يأذن له الموكل أو يقول له اعمل برأيك فإن وكل يغير إذن موكلهفعقد وكيله بحضرته جاز وإن عقد في حال غيبته لم يجز إلا أن يبلغه فيجيزه ولو قدر الأول الثمن للثاني فعقد بغيبته يجوز وإذا زوج المكاتب او العبد أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة أو باع أو اشترى لها لم يجز قال أبو يوسف ومحمد المرتد إذا قتل على ردته والحربي كذلك
 باب الوكالة بالخصومة والقبض
الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض فإن كانا وكيلين بالخصومة لا يقبضان إلا معا والوكيل بقبض الدين يكون وكيلا بالخصومة عند أبي حنيفة وقالا لا يكون خصما والوكيل بقبض العين لا يكون وكيلا بالخصومة بالاتفاق حتى أن من وكل وكيلا بقبض عبد له فأقام الذي هو في يده للبينة على أن الموكل باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب وكذلك العتاق والطلاق وغير ذلك وإذا أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي جاز إقراره عليه ولا يجوز عند غير القاضي ومن كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم لم يكن وكيلا في ذلك أبدا ومن ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم أمر بتسليم الدين إليه فإن حضر الغائب فصدقه وإلا دفع إليه الغريم الدين ثانيا ويرجع به على الوكيل إن كان باقيا في يده وإن كان ضاع في يده لم يرجع عليه إلا أن يكون ضمنه عند الدفع ومن قال أني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بالتسليم إليه فإن وكل وكيلا بقبض ماله فادعى الغريم أن صاحب المال قد استوفاه فإنه يدفع المال إليه ويتبع رب المال فيستحلفه وإن وكله بعيب في جارية فادعى البائع رضا المشتري لم يرد عليه حتى يحلف المشتري بخلاف مسألة الدين ومن دفع إلى رجل عشرة دراهم لينفقها على أهله فأنفق عليهم عشرة من عنده فالعشرة بالعشرة
 باب عزل الوكيل
وللموكل أن يعزل الوكيل عن الوكالة فإن لم يبلغه العزل فهو على وكالتهوتصرفه جائز حتى يعلم وتبطل الوكالة بموت الموكل وجنونه جنونا مطبقا ولحاقه بدار الحرب مرتدا وإذا وكل المكاتب ثم عجز أو المأذون له ثم حجر عليه أو الشريكان فافترقا فهذه الوجوه تبطل الوكالة عل الوكيل علم أو لم يعلم وإذا مات الوكيل أو جن جنونا مطبقا بطلت الوكالة وإن لحق بدار الحرب مرتدا لم يجز له التصرف إلا أن يعود مسلما ومن وكل آخر بشيء ثم تصرف بنفسه فيما وكل به بطلت الوكالة
كتاب الدعوى
المدعي من لا يجبر الخصومة إذا تركها والمدعي عليه من يجبر على الخصومة ولا تقبل الدعوى حتى يذكر شيئا معلوما في جنسه وقدره فإن كان عينا في يد المدعى عليه كلف إحضارها ليشير إليها بالدعوى وإن لم تكن حاضرة ذكر قيمتها ليصير المدعي معلوما وإن ادعى عقارا حدده وذكر أنه في يد المدعي عليه وإنه يطالبه به وإن كان حقا في الذمة ذكر أنه يطالبه به وإذا صحت الدعوى سأل القاضي المدعي عليه عنها فإن اعترف قضى عليه بها وإن أنكر سأل المدعي البينة فإن أحضرها قضى بها وإن عجز عن ذلك وطلب يمين خصمه استحلفه عليها
 باب اليمين
وإذا قال المدعي لي بينة حاضرة وطلب اليمين لم يستحلف ولا ترد اليمين على المدعي ولا تقبل بينة صاحب اليد في الملك المطلق وبينة الخارج أولى وإذا نكل المدعي عليه عن اليمين قضى عليه بالنكول وألزمه ما ادعى عليه وينبغي للقاضي أن يقول له إني أعرض عليك اليمين ثلاثا فإن حلفت وإلا قضيت عليك بما ادعاه فإذا كرر للعرض عليه ثلاث مرات قضى عليه بالنكول وإن كانت الدعوى نكاحا لم يستحلف المنكر عند أبي حنيفة ولا يستحلف عنده في النكاح والرجعة والفيء في الإيلاء والرق والاستيلاد والنسب والولاء والحدود واللعانوعندهما يستحلف في ذلك كله إلا في الحدود واللعان ويستحلف السارق فإن نكل ضمن ولم يقطع وإذا ادعت المرأة طلاقا قبل الدخول استحلف الزوج فإن نكل ضمن نصف المهر في قولهم جميعا ومن ادعى قصاصا على غيره فجحده استحلف بالإجماع ثم أن نكل عن اليمين فيما دون النفس يلزمه القصاص وإن نكل في النفس حبس حتى يحلف أو يقر عند أبي حنيفة وقالا يلزمه الأرش فيهما وإذا قالا المدعي لي بينة حاضرة قيل لخصمه أعطه كفيلا بنفسك ثلاث أيام فإن فعل وإلا أمر بملازمته إلا أن يكون غريبا فيلازم مقدار مجلس القاضي
فصل في كيفية اليمين والاستحلاف
واليمين بالله دون غيره وقد تؤكد بذكر أوصافه ولا يستحلف بالطلاق ولا بالعتاق ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى عليه السلام والمجوسي بالله الذي خلق النار والوثني لا يحلف إلا بالله ولا يحلفون في بيوت عبادتهم ولا يجب تغليظ اليمين على المسلم بزمان ولا مكان ومن ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحد استحلف بالله ما بينكما بيع قائم فيه ولا يستحلف بالله ما بعت ويستحلف في الغصب بالله ما يستحق عليك رده ولا يحلف بالله ما غصبت وفي النكاح بالله ما بينكما نكاح قائم في الحال وفي دعوى الطلاق بالله ما هي بائن منك الساعة بما ذكرت ولا يستحلف بالله ما طلقها ومن ورث عبدا وادعاه آخر يستحلف على علمه وإن وهب له أو اشتراه يحلف على البتات ومن ادعى على آخر مالا فافتدى يمينه أو صالحه منها على عشرة دراهم فهو جائز وليس له أن يستحلفه على تلك اليمين أبدا
 باب التحالف
وإذا اختلف المتبايعان في البيع فادعى أحدهما ثمنا وادعى البائع أكثر منه أو اعترف البائع بقدر من المبيع وادعى المشتري أكثر منه وأقام أحدهم االبينةقضي له بها وإن أقام كل واحد منهما بينة كانت البينة المثبتة للزيادة أولى ولو كان الاختلاف في الثمن والمبيع جميعا فبينة البائع أولى في الثمن وبينة المشتري أولى في المبيع وإن لم يكن لكل واحد منهما بينة قيل للمشتري إما أن ترضى بالثمن الذي ادعاه البائع وإلا فسخنا البيع وقيل للبائع إما أن تسلم ما ادعاه المشتري من المبيع وإلا فسخنا البيع فإن لم يتراضيا استحلف الحاكم كل واحد منهما على دعوى الآخر ويبتدىء بيمين المشتري وإن كان بيع عين بعين أو ثمن بثمن بدأ القاضي بيمين أيهما شاء وصفة اليمين أن يحلف البائع بالله ما باعه بألف ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين فإن حلفا فسخ القاضي البيع بينهما وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه دعوى الآخر وإن اختلف في الأجل أو في شرط الخيار أو في استيفاء بعض الثمن فلا تحالف بينهما والقول قول من ينكر الخيار والأجل مع يمينه فإن هلك المبيع ثم اختلفا لم يتحالفان ويفسخ البيع على قيمة الهالك وإن هلك أحد العبدين ثم اختلفا في الثمن لم يتحالفا عند أبي حنيفة إلا أن يرضى البائع أن يترك حصة الهالك من الثمن وفي الجامع الصغير القول قول المشتري مع يمينه عند أبي حنيفة إلا أن يشاء البائع أن يأخذ العبد الحي ولا شيء له من قيمة الهالك وقال أبو يوسف يتحالفان في الحي ويفسخ العقد في الحي والقول قول المشتري في قيمة الهالك وقال محمد يتحالفان عليهما ويرد الحي وقيمة الهالك وإن اختلفا في قيمة الهالك يوم القبض فالقول قول البائع وأيهما أقام البينة تقبل بينته وإن أقامها فبينة البائع أولى اشترى عبدين وقبضهما ثم رد أحدهما بالعيب وهلك الآخر عنده يجب عليه ثمن ما هلك عنده ويسقط عنه ثمن ما رده وينقسم الثمن على قيمتهما فإن اختلفا في قيمة الهالك فالقول قول البائع وإن أقامها البينة فبينة البائع أولى ومن اشترى جارية وقبضها ثم تقايلا ثم اختلفا في الثمن فإنهما يتحالفان ويعود البيع الأول ولو قبض البائع المبيع بعد الإقالة فلا تحالف عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافا لمحمدومن أسلم عشرة دراهم في كر حنطة ثم تقايلا ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المسلم إليه ولا يعود السلم وأذا اختلف الزوجان في المهر فادعى الزوج أنه تزوجها بألف وقالت تزوجني بألفين فأيهما أقام البينة تقبل بينته وإن أقاما البينة فالبينة بينة المرأة وإن لم تكن لها بينة تحالفا عند أبي حنيفة ولا يفسخ النكاح ولكن يحكم مهر المثل فإن كان مثل ما اعترف به الزوج أو أقل قضي بما قال الزوج وإن كان مثل ما ادعته المرأة أو أكثر قضي بما ادعته المرأة وإن كان مهر المثل أكثر مما اعترف به الزوج وأقل مما ادعته المرأة قضي لها بمهر المثل ولو ادعى الزوج النكاح على هذا العبد والمرأة تدعيه على هذه الجارية فهو كالمسألة المتقدمة إلا أن قيمة الجارية إذا كانت مثل مهر المثل يكون لها قيمتها دون عينها وإن اختلفا في الإجارة قبل استيفاء المعقود عليه تحالفا وترادا فإن وقع الاختلاف في الأجرة يبدأ بيمين المستأجر وإن وقع الاختلاف في المنفعة يبدأ بيمين المؤجر فأيهما نكل لزمه دعوى صاحبة وأيهما أقام البينة قلت ولو أقاماها فبينة المؤجر فأيهما نكل الاختلاف في الأجرة وإن كان في المنافع فبينة المستأجر أولى وإن كان فيهما قبلت بينة كل واحد منهما فيما يدعيه من الفضل وإن اختلفا بعد الاستيفاء لم يتحالفا وكان القول قول المستأجر وإن اختلفا بعد استيفاء بعض المعقود عليه تحالفا وفسخ العقد فيما بقي وكان القول في الماضي قول المستأجر وإذا اختلف المولى والمكاتب في مال الكتابة لم يتحالفا عند أبي حنيفة وقالا يتحالفان وتفسخ الكتابة وإذا اختلف الزوجان في متاع البيت فما يصلح للرجال فهو للرجل كالعمامة وما يصلح للنساء فهو للمرأة كالوقاية وما يصلح لهما كالآنية فهو للرجل فإن مات أحدهما واختلفت ورثته مع الآخر فما يصلح للرجال والنساء فهو الباقي منهما والطلاق والموت سواء لقيام الورثة مقام مورثهم وقال محمد ما كان للرجال فهو للرجل وما كان للنساء فهو للمرأة وما يكون لهما فهو للرجل أو لورثته وإن كان أحدهما مملوكا فالمتاع للحر في حالة الحياة وللحي بعد الممات وهذا عند أبي حنيفة وقالا للعبد المأذون له في التجارة والمكاتب بمنزلة الحر
فصل فيمن لا يكون خصما
وإذا قال المدعي عليه هذا الشيء أودعنيه فلان الغائب أو رهنه عندي أو غصبته منه وأقام بينة على ذلك فلا خصومة بينه وبين المدعي وقال أبو يوسف آخرا أن كان الرجل صالحا فالجواب كما قلناه وإن كان معروفا بالحيل لا تندفع عنه الخصومة ولو قال الشهود أودعه رجل لا نعرفه لا تندفع عنه الخصومة وإن قال ابتعته من الغائب فهو خصم وإن قال المدعي غصبته مني أو سرقته مني لا تندفع الخصومة وإن أقام ذو اليد البينة على الوديعة وإن قال المدعي سرق مني وقال صاحب اليد أودغنبيه فلان وأقام البينة لم تندفع الخصومة وإذا قال المدعي ابتعته من فلان وقال صاحب اليد أودعنيه فلان ذلك سقطت الخصومة بغير بينة
 باب ما يدعيه الرجلان
وإذا ادعى اثنان عينا في يد آخر كل واحد منهما يزعم أنها له وأقام البينة قضي بها بينهما فإن ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة وأقاما البينة لم يقض بواحدة من البينتين ويرجع إلى تصديق المرأة لأحدهما وإن أقرت لأحدهما قبل إقامة البينة فهي امرأته وإن أقام الآخر البينة قضي بها ولو تفرد أحدهما بالدعوى والمرأة تجحد فأقام البينة وقضى بها القاضي له ثم ادعى آخر وأقام البينة على مثل ذلك لا يحكم بهاإلا أن يؤقت شهود الثاني سابقا ولوادعى اثنان كل واحد منهما بالخيار إن شاء أخذ نصف العبد بنصف الثمن وإن شاء ترك فإن قضى القاضي به بينهما فقال أحدهما لا أختار لم يكن للآخر أن يأخذ جميعه ولو ذكر كل واحد منهما تاريخا فهو للأول منهما ولو وقتت إحداهما ولم توقت الأخرى فهو لصاحب الوقت وإن لم يذكرا تاريخا ومع أحدهما قبض فهو أولى وإن ادعى أحدهما شراء والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة ولا تاريخ معهما فالشراء أولى والهبة والقبض والصدقة مع القبض سواء حتى يقضى بينهما وإذا ادعى أحدهما الشراء وادعت امرأته أنهتزوجها عليه فهما سواء وإن ادعى أحدهما رهنا وقبضا والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة فالرهن أولى وإن أقام الخارجان البينة على الملك والتاريخ فصاحب التاريخ الأقدم أولى ولو ادعيا الشراء من واحد وأقاما البينة على تاريخين فالأول أولى وإن أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من آخر وذكرا تاريخا فهما سواء ولو وقتت إحدى البينتين وقتا ولم توقت الآخرى قضي بينهما نصفين ولو ادعى أحدهما الشراء من رجل والآخر الهبة والقبض من غيره والثالث الميراث من أبيه والرابع الصدقة والقبض من آخر قضي بينهم أرباعا فإن أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ وصاحب اليد بينة على ملك أقدم تاريخا كان أولى وإن أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج فصاحب اليد أولى ولو أقام أحدهما البينة على الملك والآخر على النتاج فصاحب النتاج أولى أيهما كان ولو قضى بالنتاج لصاحب اليد ثم أقام ثالث البينة على النتاج يقضى له إلا أن يعيدها ذو اليد وكذلك النسيج في الثياب التي لا تنسج إلا مرة وكذلك كل سبب في الملك لا يتكرر وإن أقاما لخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه كان صاحب اليد أولى وإن أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من الآخر ولا تاريخ معهما تهاترت البينتان وتترك الدار في يد ذي اليد وإن أقام أحد المدعين شاهدين والآخر أربعة فهما سواء وإذا كانت دار في يد رجل ادعاها اثنان أحدهما جميعها والآخر نصفها وأقاما البينة فلصاحب الجميع ثلاثة أرباعها ولصاحب النصف ربعها عند أبي حنيفة وقالا هي بينهما ثلاثا ولو كانت في أيديهما سلم لصاحب الجميع نصفها على وجه القضاء ونصفها لاعلى وجه القضاء وإذا تنازعا في دابة وأقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت عنده وذكرا تاريخا وسن الدابة يوافق أحد التاريخين فهو أولى وإن أشكل ذلك كانت بينهما وإذا كان عبد في يد رجل أقام رجلان عليه البينة أحدهما بغصب والآخر بوديعة فهو بينهما
فصل في التنازع بالأيدي
وإذا تنازعا في دابة أحدهما راكبها والآخر متعلق بلجامها فالراكب أولى وكذا إذا كان أحدهما راكبا في السرج والآخر رديفه فالراكب في السرج أولى وكذا إذا تنازعا في بعير وعليه حمل لأحدهما وللآخر كوز معلق فصاحب الحمل أولى وكذا إذا تنازعا في قميص أحدهما لابسه والآخر متعلق بكمه فاللابس أولى ولو تنازعا في بساط أحدهما جالس عليه والآخر متعلق به فهو بينهما وإذا كان ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر فهو بينهما نصفان وإذا كان صبي في يد رجل وهو يعبر عن نفسه فقال أنا حر فالقول قوله ولو قال أنا عبد لفلان فهو عبد للذي هو في يده وإن كان لا يعبر عن نفسه فهو عبد للذي هو في يده وإذا كان الحائط لرجل عليه جذوع أو متصل ببنائه وللآخر عليه هرادى فهو لصاحب الجذوع والاتصال والهرادى ليست بشيء ولو كان لكل واحد منهما عليه جذوع ثلاثة فهو بينهما وإن كان جذوع أحدهما أقل من ثلاثة فهو لصاحب الثلاثة وللآخر موضع جذعه ولو كان لأحدهما جذوع وللآخر اتصالا فالأول أولى وإذا كانت دار منها في يد رجل عشرة أبيات وفي يد آخر بيت فالساحة بينهما نصفان وإذا ادعى رجلان أرضا أنها في يده لم يقض أنها في يد واحد منهما حتى يقيما البينة أنها في أيديهما وإن أقام أحدهما البينة جعلت في يده وإن أقاما البينة جعلت في أيديهما وإن كان أحدهما قد لبن في الأرض أو بنى أو حفر فهي في يده
 باب دعوى النسب
وإذا باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم باع فهو ابن للبائع وأمه أم ولد له ويرد الثمن وإن ادعاه المشتري مع دعوة البائع أو بعده فدعوى البائع أولى وإن جاءت به لأكثر من سنتين من وقت البيع لم تصح دعوة البائع إلا إذا صدقه المشتري وإن جاءت به لأكثرمن ستة أشهر من وقت البيع ولأقل من سنتين لم تقبل دعوة البائع فيه إلا أن يصدقه المشتري فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يثبت الاستيلاد في الأم وإن ماتت الأم فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يثبت النسب في الولد وأخذه البائع ويرد الثمن كله في وقول أبي حنيفة وقالا يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم ومن باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع الأول فهو ابنه ويبطل البيع ومن ادعى نسب أحد التوأمين ثبت نسبهما منه وإن لم يكن أصل العلوق في ملكه ثبت نسب الولد الذي عنده ولا ينقض البيع فيما باع وإن كان الصبي في يد رجل فقال هو ابن عبدي فلان الغائب ثم قال هو ابني لم يكن ابنه ابدا وإن جحد العبد أن يكون ابنه عند أبي حنيفة وقالا إذا جحد العبد فهو ابن المولى وإذا كان الصبي في يد مسلم ونصراني فقال النصراني هو ابني وقال المسلم هو عبدي فهو ابن النصراني وهو حر ولو كانت دعوتهما دعوة البنوة فالمسلم أولى وإذا ادعت امرأة صبيا أنه ابنها لم تجز دعواها حتى تشهد امرأة على الولادة ولو كانت معتدة فلا بد من حجة تامة عند أبي حنيفة وإن كان لها زوج وزعمت أنه ابنها منه وصدقها الزوج فهو ابنهما وإن لم تشهد امرأة وإن كان الصبي في أيديهما وزعم الزوج أنه ابنه من غيرها وزعمت أنه ابنها من غيره فهو ابنهما ومن اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل غرم الأب قيمة الولد يوم يخاصم ولو مات الولد لاشيء على الأب ولو قتله الأب يغرم قيمته وكذا لو قتله غيره فاخذ ديته ويرجع بقيمة الولد على بائعه
كتاب الإقرار
وإذا أقر الحر العاقل بحق لزمه إقراره مجهولا كان ما أقر به أو معلوما ويقال له بين المجهول فإن لم يبين أجبره القاضي على البيان فإن قال لفلان على شيء لزمه أن يبين ماله قيمة والقول قوله مع يمينه إن ادعى المقر له أكثر منذلك وكذا إذا قال لفلان علي حق ولو قال لفلان علي مال فالمرجع إليه في بيانه ويقبل قوله في القليل والكثير إلا أنه لا يصدق في أقل من درهم ولو قال مال عظيم لم يصدق في أقل من مائتي درهم ولو قال أموال عظام فالتقدير بثلاثة نصب من أي فن سماه ولو قال دراهم كثيرة لم يصدق في أقل من عشرة عند أبي حنيفة وعندهما لم يصدق في أقل من مائتين ولو قال دراهم فهي ثلاثة إلا أن يبين أكثر منها ولو قال كذاكذا درهما لم يصدق في أقل من أحد عشر درهما ولوقال كذا كذا درهما لم يصدق في أقل من أحد وعشرين ولو قال كذا درهما فهو درهم ولو ثلث كذا بغير واو فأحد عشر وإن ثلث بالواو فمائة واحد وعشرون وإن ربع يزاد عليها ألف وإن قال له علي أو قبل فقد أقر بالدين ولو قال المقر هو وديعة ووصل صدق ولو قال عندي أو معي أو في بيتي أو في كيسي أو في صندوقي فهو إقرار بأمانة في يده ولو قال له رجل لي عليك ألف فقال أنزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قضيتكها فهو إقرار ومن أقر بدين مؤجل فصدقه المقر له في الدين وكذبه في التأجيل لزمه الدين حالا ويستحلف المقر له على الأجل وإن قال له على مائة ودرهم لزمه كلها دراهم ولو قال مائة وثوب لزمه ثوب واحد والمرجع في تفسير المائة إليه وكذا إذا قال مائة وثوبان بخلاف ما إذا قال مائة وثلاثة أثواب ومن أقر بتمر في قوصرة لزمه التمر والقوصرة ومن أقر بدابة في اصطبل لزمه الدابة خاصة ومن أقر لغيره بخاتم لزمه الحلقة والفص ومن أقر له بسيف فله النصل والجفن والحمائل ومن أقر بحجلة فله العيدان والكسوة وإن قال غصبت ثوبا في منديل لزماه جميعا وكذا لو قال على ثوب في ثوب وإن قال ثوب في عشرة أثواب لم يلزمه إلا ثوب واحد عند أبي يوسف وقال محمد لزمه أحد عشر ثوبا ولو قال لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب لزمه خمسة ولو قال أردت خمسة مع خمسة لزمة عشرة ولو قال له علي من درهم إلى عشرة أو قال ما بين درهم إلى عشرة لزمه تسعة عند أبيحنيفة ولو قال له من داري ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط فله ما بينهما وليس له من الحائطين شيء
فصل
ومن قال لحمل فلانة علي ألف درهم فإن قال أوصى له فلان أو مات أبوه فورثه فالإقرار صحيح ثم إذا جاءت به حيا في مدة يعلم أنه كان قائما وقت الإقرار لزمه وإن جاءت به ميتا فالمال للموصي والمورث حتى يقسم بين ورثته ولو جاءت بولدين حيين فالمال بينهما ولو قال المقر باعني أو أقرضني لم يلزمه شيء فإن أبهم الإقرار لم يصح عند أبي يوسف وقال محمد يصح ومن أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل صح إقراره ولزمه ومن اقر بشرط الخيار بطل الشرط ولزمه المال
 باب الاستثناء ومافي معناه
ومن استثنى متصلا بإقراره صح الاستثناء ولزمه الباقي وسواء استثنى الأقل أو الأكثر فإن استثنى الجميع لزمه الإقرار وبطل الاستثناء ولو قال له علي مائة درهم إلا دينار أو إلا قفيز حنطة لزمه مائة درهم إلا قيمة الدينار أو القفيز ولو قال له علي مائة درهم إلا ثوبا لم يصح الاستثناء وقالا محمد لايصح فيهما ومن أقر بحق وقال إن شاء الله متصلا لا يلزمه الإقرار ومن أقر بدار واستثنى بناءها لنفسه فللمقر له الدار والبناء ولو قال بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان فهو كما قال ولو قال له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه فإن ذكر عبدا بعينه قيل للمقر له إن شئت فسلم العبد وخذ الألف وإلا فلا شيء لك وإن قال من ثمن عبد اشتريته ولم يعينه لزمه الألف ولا يصدق في قوله ما قبضت عند أبي حنيفة وصل أم فصل ولو قال ابتعت منه عينا إلا أني لم أقبضه فالقول قوله وكذا لو قال من ثمن خمر أو خنزير لزمه الألف ولم يقبل تفسيره عند أبي حنيفة وصل أم فصل وقالا إذا وصل لا يلزمه شيء ولو قال له علي ألفدرهم من ثمن متاع أو قال أقرضني ألف درهم ثم قال هي زيوف أو نبهرجة وقال المقر له الجياد لزمه في قول أبي حنيفة وقالا أن قال موصولا يصدق وإن قال مفصولا لا يصدق ولو قال لفلان علي ألف درهم زيوف ولم يذكر البيع ولاقرض قيل يصدق وقيل لا يصدق ولو قال اغتصبت منه ألفا أو قال أودعني ثم قال هي زيوف أو نبهرجة صدق وصل أم فصل وإن قال في هذا كله ألفا ثم قال إلا أنه ينقص كذا لم يصدق وإن وصل صدق ومن أقر بغصب ثوب ثم جاء بثوب معيب فالقول قوله ومن قال لآخر أخذت منك ألف درهم وديعة فهلكت فقال لا بل أخذتها غصبا فهو ضامن وإن قال أعطيتنيها وديعة فقال لا بل غصبتها لم يضمن فإن قال هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها منه فقال فلان هي لي فإنه يأخذها ولو قال أجرت دابتي هذه فلانا فركبها وردها أو قال أجرت ثوبي هذا فلانا فلبسه ورده وقال فلان كذبت وهما لي فالقول قوله عند أبي حنيفة وقال محمد وأبو يوسف القول قول الذي أخذ منه الدابة أو الثوب ولو قال خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فلان الثوب ثوبي فهو على هذا الخلاف في الصحيح
 باب إقرار المريض
وإذا أقر الرجل في مرض موته بديون وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضه باسباب معلومة فدين الصحة والدين المعروف الأسباب مقدم فإذا قضيت وفضل شيء يصرف إلى ما أقر به في حالة المرض فإذا لم يكن عليه ديون في صحته جاز إقراره وكان المقر له أولى من الورثة ولو أقر المريض
لوارثه لا يصح إلا أن يصدقه فيه بقية الورثة فإن أقر لأجنبي جاز وإن أحاط بماله ومن أقر لأجنبي ثم قال هو ابني ثبت نسبه منه وبطل إقراره له فإن أقر لأجنبية ثم تزوجها لم يبطل إقراره لها ومن طلق زوجته في مرضه ثلاثا ثم أقر لها بدين ومات فلها الأقل من الدين ومن ميراثها منه
فصل
ومن أقر بغلام يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه وصدقه الغلام ثبت نسبه منه وإن كان مريضا ويشارك الورثة في الميراث ويجوز إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى ويقبل إقرار المرأة بالوالدين والزوج والمولى ولا يقبل بالولد إلا أن يصدقها الزوج أو تشهد بولادته قابلة ومن أقر بنسب من غير الوالدين والولد نحو الأخ والعم لا يقبل إقراره في النسب فإن كان له وارث معروف قريب أو بعيد فهو أولى بالميراث من المقر له وإن لم يكن له وارث استحق المقر له ميراثه ومن مات أبوه فأقر بأخ لم يثبت نسب أخيه ويشاركه في الميراث ومن مات وترك ابنين وله على آخر مائة درهم فأقر أحدهما أن أباه قبض منها خمسين لا شيء للمقر وللآخر خمسون
كتاب الصلح
الصلح على ثلاث أضرب صلح مع إقرار وصلح مع سكوت وهو ألا يقر المدعي عليه ولا ينكر وصلح مع إنكار وكل ذلك جائز وإن وقع الصلح عن إقرار اعتبر فيه ما يعتبر في البياعات إن وقع عن مال بمال فتجري فيه الشفعة إذا كان عقارا ويرد بالعيب ويثبت فيه خيار الشرط والرؤية ويفسده جهالة البدل وإن وقع عن مال بمنافع يعتبر بالإجارات فيشترط التوقيت فيها ويبطل الصلح بموت أحدهما في المدة والصلح عن السكوت والإنكار في حق المدعي عليه لافتداء اليمين وقطع الخصومة وفي حق المدعى لمعنى المعاوضة ويجوز أن يختلف حكم العقد في حقهما كما يختلف حكم الإقالة في حق المتعاقدين وإذا صالحا عن دار لم يجب فيها الشفعة وإذا كا ن الصلح عن إقرار واستحق بعض المصالح عنه رجع المدعي عليه بحصة ذلك من العوض وإن وقع الصلح عن سكوت أو إنكار فاستحق المتنازع فيه رجع المدعي بالخصومة ورد العوض ولو استحق المصالح عليه عن إقرار رجع بكل المصالح عنه وإن استحق بعضه رجع بحصته وإن كان الصلح عن إنكار أو سكوت رجعبالدعوى في كله أو بقدر المستحق إذا استحق بعضه وإن ادعى حقا في دار ولم يبينه فصولح عن ذلك ثم استحق بعض الدار لم يرد شيئا من العوض ولو ادعى دارا فصالحه على قطعة منها لم يصح الصلح
فصل
والصلح جائز عن دعوى الأموال والمنافع ويصح عن جنايات العمد والخطأ ولا يجوز الصلح عن دعوى حد وكذا لا يجوز الصلح عما أشرعه إلى طريق العامة وإذا ادعى رجل على امرأة نكاحا وهي تجحد فصالحته على مال بذلته حتى يترك الدعوى جاز وكان في معنى الخلع وإن ادعت امرأة نكاحا على رجل فصالحها على مال بذله لها جازوإن ادعى على رجل أنه عبده فصالحه على مال أعطاه جاز وكان في حق المدعي بمنزلة الإعتاق على مال وإذا قتل العبد المأذون له رجلا عمدا لم يجز له أن يصالح عن نفسه وإن قتل عبد له رجلا عمدا فصالح عنه جاز ومن غصب ثوبا هرويا قيمته دون المائة فاستهلكه فصالحه منها على مائة درهم جاز عند أبي حنيفة وقالا يبطل الفضل على قيمته بما لا يتغابن الناس فيه وإذا كان العبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر فصالحه الآخر على أكثر من نصف قيمته فالفضل باطل وإن صالحه على عروض جاز
 باب التبرع بالصلح والتوكيل به
ومن وكل رجلا بالصلح عنه فصالح لم يلزم الوكيل ما صالح به عنه إلا أن يضمنه والمال لازم للموكل وإن صالح عنه رجل بغير أمره فهو على أربعة أوجه إن صالح بمال وضمنه ثم الصلح وكذلك إذاقال صالحتك على ألفي هذه أو علي عبدي هذا صح الصلح ولزمه تسليمه وكذلك لو قال على ألف وسلمها ولو قال صالحتك على ألف فالعقد موقوف فإن اجازه المدعي عليه جاز ولزمه الألف وإن لم يجزه بطل
 باب الصلح في الدين
وكل شيء وقع عليه الصلح وهو مستحق بعقد المداينة لم يحمل على المعاوضة وإنما يحمل على أنه استوفى بعض حقه واسقط باقيه كمن له على آخر ألف درهم فصالحه على خمسمائة وكمن له على آخر ألف جياد فصالحة على خمسمائة زيوف جاز وكأنه أبراه عن بعض حقه ولو صالح على ألف مؤجلة جاز وكأنه أجل نفس الحق ولو صالحه على دنانير إلى شهر لم يجز ولو كانت له ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة لم يجز وإن كان له ألف سود فصالحه على خمسمائة بيض لم يجز ومن له على آخر ألف درهم فقال إدى لي غرامتها خمسمائة على أنك بريء من الفضل ففعل فهو بريء فإن لم يدفع إليه الخمسمائة غدا عاد عليه الألف وهو قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف رحمه الله لا يعود عليه ومن قال لآخر لا أقر لك بمالك حتى تؤخره عني أو تحط عني ففعل جاز عليه
فصل في الدين المشترك
وإذا كان الدين بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب فشريكه بالخيار إن شاء اتبع الذي عليه الدين بنصفه وإن شاء أخذ نصف الثوب إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين ولو استوفى أحدهما نصف نصيبه من الدين كان لشريكه أن يشاركه فيما قبض ثم يرجعان على الغريم بالباقي ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين سلعة كان لشريكه أن يضمنه ربع الدين وإذا كان السلم بين شريكين فصالح أحدهما عن نصيبه على رأس المال لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله يجوز الصلح
فصل في التخارج
وإذا كانت الشركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه إياه والتركة عقار أو عروض جاز قليلا كان ما اعطوه أو كثيرا وإن كانت التركة فضةفأعطوه ذهبا أو كانت انت ذهبا فأعطوه فضة فكذلك وإن كان في التركة دين على الناس فأدخلوه في الصلح على أن يخرجوا المصالح عنه ويكون الدين لهم فالصلح باطل وإن شرطوا أن يبرأ الغرماء منه ولا يرجع عليهم بنصيب المصالح فالصلح جائز = كتاب المضاربة
المضاربة عقد على الشركة بمال من أحد الجانبين والعمل من الجانب الآخر ولا تصح إلا بالمال الذي تصح به الشركة ومن شرطها أن يكون الربح بينهما مشاعا لا يستحق احدهما دراهم مسماة فإن شرط زيادة عشرة فله أجر مثله ولا بد أن يكون المال مسلما إلى المضارب ولا يد لرب المال فيه وإذا صحت المضاربة مطلقة جاز للمضارب أن يبيع ويشتري ويوكل ويسافر ويبضع ويودع ولا يضارب إلا أن يأذن له رب المال أو يقول له اعمل برأيك وإن خص له رب المال التصرف في بلد بعينه أو في سلعة بعينها لم يجز له أن يتجاوزها فإن خرج إلى غير تلك البلدة فاشترى ضمن وكذلك إن وقت للمضاربة وقتا بعينه يبطل العقد بمضيه وليس للمضارب أن يشتري من يعتق على رب المال لقرابة أو غيرها ولو فعل صار مشتريا لنفسه دون المضاربة فإن كان في المال ربح لم يجز له أن يشتري من يعتق عليه وإن اشتراهم ضمن مال المضاربة وإن لم يكن في المال ربح جاز أن يشتريهم فإن زادت قيمتهم بعد الشراء عتق نصيبه منهم ولم يضمن لرب المال شيئا ويسعى العبد في قيمة نصيبه منه فإن كان مع المضارب ألف بالنصف فاشترى بها جارية قيمتها ألف فوطئها فجاءت بولد يساوي الفا فادعاه ثم بلغت قيمة الغلام ألفا وخمسمائة والمدعي موسر فإن شاء رب المال استسعى الغلام في الف ومائتين وخمسين وإن شاء أعتق وله أن يستسعي الغلامش
 باب المضارب يضارب
وإذا دفع المضارب المال إلى غيره مضاربة ولم يأذن له رب المال لم يضمن بالدفع ولا يتصرف المضارب الثاني حتى يربح فإذا ربح ضمن الأول لرب المال وإذا دفع إليه رب المال مضاربة بالنصف وأذن له أن يدفعه إلى غيره فدفعه بالثلث وقد تصرف الثاني وربح فإن كان رب المال قال له على أن ما رزق الله فهو بيننا نصفان فلرب المال النصف وللمضارب الثاني الثلث وللمضارب الأول السدس وإن كان قال له على أن ما رزقك الله فهو بيننا نصفان فللمضارب الثاني الثلث والباقي بين المضارب الأول ورب المال نصفان ولو كان قال له فما ربحت من شيء فبيني وبينك نصفان وقد دفع إلى غيره بالنصف فللثاني النصف والباقي بين الآول ورب المال ولو كان قاله على أن ما رزق الله تعالى فلي نصفه أو قال له فما كان له من فضل فبيني وبينك نصفان وقد دفع إلى آخر مضاربة بالنصف فلرب المال النصف وللمضارب الثاني النصف ولا شيء للمضارب الأول وإن شرط للمضارب الثاني ثلثي الربح فلرب المال النصف وللمضارب الثاني النصف ويضمن المضارب الأول للثاني سدس الربح في ماله
فصل
وإذا شرط المضارب لرب المال ثلث الربج ولعبد رب المال ثلث الربج على أن يعمل معه ولنفسه ثلث الربح فهو جائز ولوعقد العبد المأذون عقد المضاربة مع أجنبي وشرط العمل على المولى لا يصح إن لم يكن عليه دين وإن كان العبد دين صح عند أبي حنيفة رحمه الله
فصل في العزل والقسمة
وإذا مات رب المال أو المضارب بطلت المضاربة وإن ارتد رب المال ولحق بدار الحرب بطلت المضاربة ولو كان المضارب هو المرتد فالمضاربة على حالها فإن عزل رب المال المضارب ولم يعلم بعزله حتى اشترى وباع فتصرفه جائز وإنعلم بعزله والمال عروض فله أن يبيعها ولا يمنعه العزل من ذلك ثم لا يجوز أن يشتري بثمنها شيئا آخر فإن عزله ورأس المال دراهم أو دنانير وقد نضت لم يجز له أن يتصرف فيها وإذا افترقا وفي المال ديون وقد ربح المضارب فيه أجبره الحاكم على اقتضاء الدين وإن لم يكن له ربح لم يلزمه الاقتضاء ويقال له وكل رب المال في الاقتضاء وما هلك من مال المضاربة فهو من الربح دون رأس المال فإن زاد الهالك على الربح فلا ضمان على المضارب وإن كانا يقتسمان الربح والمضاربة بحالها ثم هلك المال بعضه أو كله ترادا الربح حتى يستوفي رب المال رأس المال وإذا استوفى رأس المال فإن فضل شيء كان بينهما وإن نقص فلا ضمان على المضارب فلو اقتسما الربح وفسخا المضاربة ثم عقداها فهلك المال لم يترادا الربج الأول
فصل فيما يفعله المضارب
ويجوز للمضارب أن يبيع ويشتري بالنقد والنسيئة ولو احتال بالثمن على الأيسر أو الأعسر جاز ولا يزوج عبدا ولا أمة من مال المضاربة فإن دفع شيئا من مال المضاربة إلى رب المال بضاعة فاشترى رب المال وباع فهو على المضاربة وإذا عمل المضارب في المصر فليست نفقته في المال وإن سافر فطعامه وشرابه وكسوته وركوبه فيه ولو بقي شيء في يده بعد ما قدم مصره رده في المضاربة وأما الدواء ففي ماله وإذا ربح أخذ رب المال ما أنفق من رأس المال فإن باع المشاع مرابحة حسب ما انفق على المتاع من الحمل ونحوه ولا يحتسب ما أنفق على نفسه فإن كان معه ألف فاشترى بها ثيابا فقصرها أو حملها بمائة من عنده وقد قيل له اعمل برأيك فهو متطوع وإن صبغها أحمر فهو شريك بما زاد الصبغ فيها ولا يضمن
فصل آخر
فإن كان معه ألف بالنصف فاشترى بها بزا فباعه بألفين ثم اشترى بالألفين عبدا فلم ينقدهما حتى ضاعا يغرم رب المال ألفا وخمسمائة والمضارب خمسمائة ويكون ربع العبد للمضارب وثلاثة أرباعه على المضاربة ويكون رأسالمال ألفين وخمسمائة ولا يبيعه مرابحة إلا على ألفين ومن كان معه ألف فاشترى رب المال عبدا بخمسمائة وباعه إياه بألف فإنه يبيعه مرابحة على خمسمائة ولو اشترى المضارب عبدا بألف وباعه من رب المال بألف ومائتين باعه مرابحة بألف ومائة فإن كان معه ألف بالنصف فاشترى بها عبدا قيمته ألفان فقتل العبد رجلا خطأ فثلاثة أرباع الفداء على رب المال وربعه على المضارب وإن كان معه ألف فاشترى بها عبدا فلم ينقدها حتى هلكت الألف يدفع رب المال ذلك الثمن ورأس المال جميع ما يدفع إليه رب المال
فصل في الاختلاف
وإذا كان مع المضارب ألفان فقال دفعت إلي ألفا وربحت ألفا وقال رب المال لا بل دفعت إليك ألفين فالقول قول المضارب ومن كان معه ألف درهم فقال هي مضاربة لفلان بالنصف وقد ربح ألفا وقال فلان هي بضاعة فالقول قول رب المال ولو قال المضارب أقرضتني وقال رب المال هي بضاعة أو وديعة أو مضاربة فالقول لرب المال والبينة بينة المضارب ولو ادعى رب المال المضاربة في نوع وقال الآخر ما سميت لي تجارة بعينها فالقول للمضارب ولو ادعى كل واحد منهما نوعا فالقول لرب المال ولو أقام البينة فالبينة بينة المضارب ولو وقتت البينتان فصاحب الوقت الأخير أولى
كتاب الوديعة
الوديعة أمانة في يد المودع إذا هلكت لم يضمنها وللمودع أن يحفظها بنفسه وبمن في عياله فإن حفظها بغيرهم أو أودعها غيرهم ضمن إلا أن يقع في داره حريق فيسلمها إلى جاره أو يكون في سفينة فخاف الغرق فيلقيها إلى سفينة أخرى ولا يصدق على ذلك إلا يبينة فإن كلبها صاحبها فمنعها وهو يقدر على تسليمها ضمنهاوإن خلطها المودع بماله حتى لا تتميز ضمنها ثم لا سبيل للمودع عليها عند أبي حنيفة وقالا إذا خلطها بجنسها شركه إن شاء ولو خلط المائع بجنسه فعند أبي حنيفة ينقطع حق المال إلى ضمان وعند أبي يوسف يجعل الأقل تابعا للأكثر وعند محمد شركه بكل حال وإن اختلطت بماله من غير فعله فهو شريك لصاحبها فإن أنفق المودع بعضها ثم رد مثله فخلطه بالباقي ضمن الجميع وإذا تعدى المودع في الوديعة بأن كانت دابة فركبها أو ثوبا فلبسه أو عبدا فاستخدمه أو أودعها عند غيره ثم أزال التعدي فردها إلى يده زال الضمان فإن طلبها صاحبها فجحدها ضمنها وللمودع أن يسافر بالوديعة وإن كان لها حمل ومؤنة عند أبي حنيفة وقالا ليس له ذلك إذا كان لها حمل ومؤنة وإذا نهاه المودع أن يخرج بالوديعة فخرج بها ضمن وإذا أودع رجلان عند رجل وديعة فحضر أحدهما يطلب نصيبه منها لم يدفع إليه نصيبه حتى يحضر الآخر عند أبي حنيفة وقالا يدفع إليه نصيبه وإن أودع رجل عند رجلين شيئا مما يقسم لم يجز أن يدفعه أحدهما إلى الآخر ولكنهما يقتسمانه فيحفظ كل واحد منهما نصفه وإن كان مما لا يقسم جاز أن يحفظه أحدهما بإذن الآخر وإذا قال صاحب الوديعة للمودع لا تسلمها إلى زوجتك فسلمها إليها لا يضمن وفي الجامع الصغير إذا نهاه أن يدفعها إلى أحد من عياله فدفعها إلى من لا بد له منه لا يضمن وإن كان له منه بد ضمن وإن قال احفظها في هذا البيت فحفظها في بيت آخر من الدار لم يضمن وإن حفظها في دار أخرى ضمن ومن أودع رجلا وديعة فأودعها أخر فهلكت فله أن يضمن الأول وليس له أن يضمن الآخر عند أبي حنيفة وقالا له أن يضمن أيهما شاء فإن ضمن الأول لا يرجع على الآخر وإن ضمن الآخر رجع على الأول ومن كان في يده ألف فادعاها رجلان كل واحد منهما أنها له أودعها إياه وأبى أن يحلف لهما فالألف بينهما وعليه ألف أخرى بينهما= كتاب العارية
العارية جائزة وهي تمليك المنافع بغير عوض وتصح بقوله أعرتك وأطعمتك هذه الأرض ومنحتك هذا الثوب وحملتك على هذه الدابة إذا لم يرد به الهبة وأخدمتك هذا العبد وداري لك سكنى وداري لك عمري سكنى وللمعير أن يرجع في العارية متى شاء والعارية أمانة إن هلكت من غير تعد لم يضمن وليس للمستعير أن يؤاجر ما استعاره فإن آجره فعطب ضمن وله أن يعيره إذا كان مما لايختلف باختلاف المستعمل وعارية الدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود قرض وإذا استعار أرضا ليبني فيها أو ليغرس جاز وللمعير أن يرجع فيها ويكلفه قلع البناء والغرس وضمن المعير ما نقص البناء والغرس بالقلع إن كان وقت العارية ورجع قبل الوقت أما إذا لم يوقت فلا ضمان عليه ولو استعارها ليزرعها لم تؤخذ منه حتى يحصد الزرع وقت أو لم يوقت وأجرة رد العارية على المستعير وأجرة رد العين المستأجرة على المؤجر وأجرة ردالعين المغصوبة على الغاصب وإذا استعار دابة فردها إلى اصطبل مالكها فهلكت لم يضمن وإن استعار عبدا فرده إلى دار المالك ولم يسلمه إليه لم يضمن ولو رد المغصوب أو الوديعة إلى دار المالك ولم يسلمه إليه ضمن ومن استعار دابة فردها مع عبده أو أجيره لم يضمن وكذا إذا ردها مع عبد رب الدابة أو أجيره وإن ردها مع أجنبي ضمن ومن أعار أرضا بيضاء للزراعة يكتب أنك أطعمتني عند أبي حنيفة وقالا يكتب أنك أعرتني
كتاب الهبة
الهبة عقد مشروع وتصح بالإيجاب والقبول والقبض فإن قبضها الموهوب له في المجلس بغير أمر الواهب جاز وإن قبض بعد الافتراق لم يجز إلا أن يأذن لهالواهب في القبض وتنعقد الهبة بقوله وهبت ونحلت وأعطيت وكذا تنعقد بقوله أطعمتك هذا الطعام وجعلت هذا الثوب لك وأعمرتك هذا الشيء وحملتك على هذه الدابة إذ نوى بالحمل الهبة ولو قال كسوتك هذا الثوب يكون هبة ولو قال منحتك هذه الجارية كانت عارية ولو قال داري لك هبة سكنى أو سكنى هبة فهي عارية وكذا إذا قال عمري سكنى أو نحلة سكنى أو سكنى صدقة أو صدقة عارية أو عارية هبة ولو قال هبة تسكنها فهي هبة ولا تجوز الهبة فيما يقسم إلا محوزة مقسومة وهبة المشاع فيما لا يقسم جائزة ولو وهب من شريكه لا يجوز ومن وهب شقصا مشاعا فالهبة فاسدة فإن قسمه وسلمه جاز ولو وهب دقيقا في حنطة أو دهنا في سمسم فالهبة فاسدة فإن طحن وسلمه لم يجز وإذا كانت العين في يد الموهوب له ملكها بالهبة وإن لم يجدد فيها قبضا وإذا وهب الأب لابنه الصغير هبة ملكها الابن بالعقد وإن وهب له أجنبي هبة تمت بقبض الأب وإن وهب لليتيم هبة فقبضها له وليه وهو وصي الأب أو جد اليتيم أو وصية جاز وإن كان في حجر أمه فقبضها له جائز وكذا إذا في حجر أجنبي يربيه وإن قبض الصبي الهبة بنفسه جاز وإذا وهب اثنان من واحد دارا جاز وإن وهبها واحد من اثنين لا يجوز عند أبي حنيفة وقالا يصح وفي الجامع الصغير إذا تصدق على محتاجين بعشرة دراهم أو وهبها لهما جاز ولو تصدق بها غلى غنيين أو وهبها لهما لم يجز وقالا يجوز للغنيين أيضا ولو وهب لرجلين دارا لأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها لم يجز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يجوز
 باب الرجوع في الهبة
وإذا وهب هبة لأجنبي فله الرجوع فيها إلا أن يعوضه عنها أو تزيد زيادة متصلة أو يموت أحد المتعاقدين أو تخرج الهبة عن ملك الموهوب له وإن وهب لآخر أرضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخلا أو بنى بيتا أو دكانا أو أريا وكان ذلكزيادة فيها فليس له أن يرجع في شيء منها فإن باع نصفها غير مقسوم رجع في الباقي وإن لم يبع شيئا منها له أن يرجع في نصفها وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فلا رجوع فيها وكذلك ما وهب أحد الزوجين للآخر وإذا قال الموهوب له للواهب خذ هذا عوضا عن هبتك أو بدلا عنها أو في مقابلتها فقبضه الواهب سقط الرجوع وإن عوضه أجنبي عن الموهوب له متبرعا فقبض الواهب العوض بطل الرجوع وإذا استحق نصف الهبة رجع بنصف العوض وإن استحق نصف العوض لم يرجع في الهبة إلا أن يرد ما بقي ثم يرجع وإن وهب دارا فعوضه من نصفها رجع الواهب في النصف الذي
لم يعوض ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما أو بحكم الحاكم وإذا تلفت العين الموهوبة فاستحقها مستحق وضمن الموهوب له لم يرجع على الواهب بشيء وإذ وهب بشرط العوض اعتبر التقابض في المجلس في العوضين وتبطل بالشيوع فإن تقابضا صح العقد وصار في حكم البيع يرد بالعيب وخيار الرؤية وتستحق فيه الشفعة
فصل
ومن وهب جارية إلا حملها صحت الهبة وبطل الاستثناء ولو أعتق ما في بطنها ثم وهبها جاز ولو دبر ما في بطنها ثم وهبها لم يجز فإن وهبها له على أن يردها عليه أو على أن يعتقها أو يتخذها أم ولد أو وهب له دارا أو تصدق عليه بدار على أن يرد عليه شيئا منها أو يعوضه شيئا منها فالهبة جائزة والشرط باطل ومن كان له على آخر ألف درهم فقال إذا جاء غد فهي لك أو أنت بريء منها أو قال إذا أديت إلي النصف فلك النصف أو أنت بريء من النصف الباقي فهو باطل والعمرى جائزة للمعمر له حال حياته ولورثته من بعده والرقبى باطلة عند ابي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف جائزة
فصل في الصدقة
والصدقة كالهبة لا تصح إلا بالقبض فلا تجوز في مشاع يحتمل القسمة ولا رجوع في الصدقة ومن نذر أن يتصدق بماله يتصدق بجنس ما يجب فيه الزكاة ومن نذرأن يتصدق بملكه لزمه أن يتصدق بالجميع ويقال له أمسك ما تنفقه على نفسك وعيالك إلى أن تكتسب مالا فإذا اكتسب يتصدق بمثل ما أنفق
كتاب الإجارات
الإجارة عقد على المنافع بعوض ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة والأجرة معلومة وما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة أي مدة كانت وتارة تصير معلومة بالتسمية كمن استأجر رجلا على صبغ ثوبه أو خياطته أو استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها وتارة تصير المنفعة معلومة بالتعيين والإشارة كمن استأجر رجلا لأن ينقل له هذا الطعام إلى موضع معلوم
 باب الأجر متى يستحق
الأجرة لا تجب بالعقد وتستحق بأحد معان ثلاثة إما بشرط التعجيل أو بالتعجيل من غير شرط أو باستيفاء المعقود عليه وإذا قبض المستأجر الدار فعليه الأجرة وإن لم يسكنها فإن غصبها غاصب من يده سقطت الأجرة وإن وجد الغصب في بعض المدة سقط بقدره ومن استأجر دارا فللمؤاجر أن يطالبه بأجرة كل يوم إلا أن يبين وقت الاستحقاق في العقد وكذلك إجارة الأراضي ومن استأجر بعيرا إلى مكة فللجمال أن يطالبه بأجرة كل مرحلة وليس للقصار والخياط أن يطالب بالأجرة حتى يفرغ من العمل إلا أن يشترط التعجيل ومن استأجر خبازا ليخبز له في بيته قفيزا من دقيق بدرهم لم يستحق الأجر حتى يخرج الخبز من التنور فإن أخرجه ثم احترق من غير فعله فله الأجرة ومن استأجر طباخا ليطبخ له طعاما للوليمة فالغرف عليه ومن استأجر إنسانا ليضرب له لبنا استحق الأجرة إذا أقامها عند أبي حنيفةوقالا لا يستحقها حتى يشرجها وكل صانع لعمله أثر في العين كالقصار والصباغ فله أن يحبس العين بعد الفراغ من عمله حتى يستوفي الأجر وكل صانع ليس لعمله أثر في العين فليس له أن يحبس العين للأجر كالحمال والملاح وإذا شرط على الصانع أن يعمل بنفسه فليس له أن يستعمل غيره وإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعمله
فصل
ومن استأجر رجلا ليذهب إلى البصرة فيجيء بعياله فذهب ووجد بعضهم قد مات فجاء بمن بقي فله الأجر بحسابه وإن استأجره ليذهب بكتابه إلى فلان بالبصرة ويجيء بجوابه فذهب فوجد فلانا ميتا فرده فلا أجر له وإن ترك الكتاب في ذلك المكان وعاد يستحق الأجر بالذهاب بالإجماع وإن استأجره ليذهب بطعام إلى فلان بالبصرة فذهب فوجد فلانا ميتا فرده فلا أجر له في قولهم جميعا
 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها
ويجوز استئجار الدور والحوانيت للسكنى وإن لم يبين ما يعمل فيها وله أن يعمل كل شيء إلا أنه لا يسكن حدادا ولا قصارا ولا طحانا لأن فيه ضررا ظاهرا ويجوز استئجار الأراضي للزراعة وللمستأجر الشرب والطريق وإن لم يشترط ولا يصح العقد حتى يسمى ما يزرع فيها أو يقول على أن يزرع فيها ما شاء ويجوز أن يستأجر للساحة ليبني فيها أو ليغرس فيها نخلا أو شجرا ثم إذا انقضت مدة الإجارة لزمه أن يقلع البناء والغرس ويسلمها فارغة إلا أن يختار صاحب الأرض أن يغرم له قيمة ذلك مقلوعا ويتملكه فله ذلك أو يرضى بتركه على حاله فيكون البناء لهذا والأرض لهذا وفي الجامع الصغير إذا انقضت مدة الإجارة وفي الأرض رطبة فإنها تقلع ويجوز استئجار الدواب للركوب والحمل فإن أطلق الركوب جاز له أن يركب من شاء وكذلك إذا استأجر الدواب للركوب والحمل فإن أطلق الركوب جاز له أن يركب من شاء وكذلك إذا استأجر ثوبا للبس وأطلق جاز فيما ذكرنا وإن قال على أن يركبها فلان أو يلبس الثوب فلان فاركبها غيره أو ألبسه غيره فعطب كان ضامنا وإن سمى نوعا وقدر معلوما يحمله على الدابة مثل أن يقول خمسة أقفزةحنطة فله أن يحمل ما هو مثل الحنطة في الضرر أو أقل كالشعير والسمسم وليس له أن يحمل ما هو اضر من الحنطة كالملح والحديد وإن استأجرها ليحمل عليها قطنا سماه فليس له أن يحمل عليها مثل وزنه حديدا وإن استأجرها ليركبها فأردف معه رجلا فعطبت ضمن نصف قيمتها ولا معتبر بالثقل وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارا من الحنطة فحمل عليها أكثر منه فعطبت ضمن ما زاد الثقل إلا إذا كان حملا لا يطيقه مثل تلك الدابة فحينئذ يضمن كل قيمتها وإن كبح الدابة بلجامها أو ضربها فعطبت ضمن عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن إذا فعل فعلا متعارفا وإن استأجرها إلى الحيرة فجاوز بها إلى القادسية ثم ردها إلى الحيرة ثم نفقت فهو ضامن وكذلك العارية ومن اكترى حمارا بسرج فنزع ذلك السرج وأسرجه بسرج يسرج بمثله الحمر فلا ضمان عليه وإن كان لا يسرج بمثله الحمر يضمن وإن أوكفه بإكاف لا يوكف بمثله الحمر يضمن وإن أوكفه بإكاف يوكف بمثله الحمر ضمن عند أبي حنيفة وقال يضمن بحسابه وإن استأجر حمالا ليحمل له طعاما في طريق كذا فأخذ في طريق غيره يسلكه الناس فهلك المتاع فلا ضمان عليه وإن بلغ فله الأجر وإن كان طريقا لا يسلكه الناس فهلك ضمن وإن بلغ فله الأجر وإن حمله في البحر فيما يحمله الناس في البر ضمن وإن بلغ فله الأجر ومن استأجر ارضا ليزرعها حنطة فزرعها رطبة ضمن ما نقصها ولا أجرله ومن دفع إلى خياط ثوبا ليخيطه قميصا بدرهم فخاطه قباء فإن شاء ضمنه قيمة الثوب وإن شاء أخذ القباء وأعطاه اجر مثله ولا يجاوز به درهما
 باب الإجارة الفاسدة
الإجارة تفسدها الشروط كما تفسد البيع والواجب في الإجارة الفاسدة أجر المثل لا يجاوز به المسمى ومن استأجر دارا كل شهر بدرهم فالعقد صحيح في شهر واحد فاسد في بقية الشهور إلا أن يسمي جملة شهور معلومة فلو سمى جملة شهور معلومة جاز فإن سكن ساعة من الشهر الثاني صح العقد فيه وليس للمؤجر أن يخرجهإلى أن ينقضي وكذلك كل شهر سكن في أوله ساعة وإن استأجر دارا سنة بعشرة دراهم جاز وإن لم يبين قسط كل شهر من الأجرة ثم يعتبر ابتداء المدة مما سمى وإن لم يسم شيئا فهو من الوقت الذي استأجره ثم إن كان العقد حين يهل الهلال فشهور السنة كلها بالأهلة وإن كان في أثناء الشهر فالكل بالأيام ويجوز أخد أجرة الحمام والحجام ولا يجوز أخذ أجرة عسب التيس ولا الاستئجار على الأذان والحج وكذا الإمامة وتعليم القرآن والفقه ولا يجوز الاستئجار على الغناء والنوح وكذا سائر الملاهي ولا يجوز إجارة المشاع عند أبي حنيفة إلا من الشريك وقالا إجارة المشاع جائزة ويجوز استئجار الظئر بأجرة معلومة ويجوز بطعامها وكسوتها استحسانا عند أبي حنيفة وقالالا يجوز وفي الجامع الصغير فإن سمي الطعام دراهم ووصف جنس الكسوة وأجلها ودرعها فهو جائز ولو سمى الطعام وبين قدره جاز ولا يشترط تأجيله ويشترط بيان مكان الإيفاءعند أبي حنيفة خلافا لهما وفي الكسوة يشترط بيان الأجل مع بيان القدر والجنس وليس للمستأجر أن يمنع زوجها من وطئها فإن حبلت كان لهم أن يفسخوا الإجارة إذا خافوا على الصبي من لبنها وعليها أن تصلح طعام الصبي وإن ارضعته في المدة بلبن شاة فلا أجر لها ومن دفع إلى حائك غزلا لينسجه بالنصف فله أجر مثله وكذا إذا استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه فالإجارة فاسدة ولا يجاوز بالأجر قفيزا ومن استأجر رجلا ليخبز له هذه العشرة المخاتيم من الدقيق اليوم بدرهم فهو فاسد عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد في الإجارات هو جائز ومن استأجر أرضا على أن يكريها ويزرعها ويسقيها فهو جائز فإن شرط أن يثنيها أو يكري أنهارها أو يسرقنها فهو فاسد وإن استأجرها ليزرعها بزراعة أرض أخرى فلا خير فيه وإذا كان الطعام بين رجلين فاستأجر أحدهما صاحبه أو حمار صاحبه على أن يحمل نصيبه فحمل الطعام كله فلا أجر له ومن استأجر أرضا ولم يذكر أنه يزرعها أو أي شيء يزرعها فالإجارة فاسدة فإن زرعها ومضى الأجل فله المسمى ومن استأجر حمارا إلى بغداد بدرهمولم يسم ما يحمل عليه فحمل مايحمل الناس فنفق في نصف الطريق فلا ضمان عليه فإن بلغ إلى بغداد فله ألأجر المسمى وإن اختصما قبل أن يحمل عليه نقضت الإجارة
 باب ضمان الأجير
الأجراء على ضربين أجير مشترك وأجير خاص فالمشترك من لا يستحق الأجرة حتى يعمل كالصباغ والقصار والمتاع أمانة في يده فإن هلك لم يضمن شيئا عند أبي حنيفة وهو قول زفر ويضمنه عندهما إلا من شيء غالب كالحريق الغالب والعدو المكابر وما تلف بعمله كتخريق الثوب من دقه وزلق الحمال وانقطاع الحبل الذي يشد به المكاري الحمل وغرق السفينة من مدها مضمون عليه إلا أنه لا يضمن به بني آدم ممن غرق في السفينة أو سقط من الدابة وإن كان بسوقه وقوده وإذا استأجر من يحمل له دنا من الفرات فوقع في بعض الطريق فانكسر فإن شاء ضمنه قيمته في المكان الذي حمله ولا أجر له وإن شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي انكسر وأعطاه أجره بحسابه وإذا فصد الفصاد أو بزغ البزاغ ولم يتجاوز الموضع المعتاد فلا ضمان عليه فيما عطب من ذلك وفي الجامع الصغير بيطار بزغ دابة بدانق فنفقت أو حجام حجم عبدا بأمر مولاه فمات فلا ضمان عليه والأجير الخاص الذي يستحق الأجرة بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل كمن استؤجر شهرا للخدمة أو لرعي الغنم ولا ضمان على الأجير الخاص فيما تلف في يده ولا ما تلف من عمله
 باب الإجارة على أحد الشرطين
وإذا قال للخياط إن خطت هذا الثوب فارسيا فبدرهم وإن خطته روميا فبدرهمين جاز وأي عمل من هذين العملين عمل استحق الأجرة وكذا إذا قال للصباغ إن صبغته بعصفر فبدرهم وإن صبغته بزعفران فبدرهمين وكذا إذا خيرهبين شيئين بأن قال أجرتك هذه الدار شهرا بخمسة أو هذه الدار الأخرى بعشرة وكذا إذا خيره بين مسافتين مختلفتين بأن قال أجرتك هذه الدابة إلى الكوفة بكذا أو إلي واسط بكذا وكذا إذا خيره بين ثلاثة أشياء وإن خيره بين أربعة أشياء لم يجز ولو قال أن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم فإن خاطه اليوم فله درهم وإن خاطه غدا فله أجر مثله عند أبي حنيفة لا يجاوز به نصف درهم وفي الجامع الصغير لا ينقص من نصف درهم ولا يزاد على درهم وقال أبو يوسف ومحمد الشرطان جائزان ولو قال أن سكنت في هذا الدكان عطارا فبدرهم في الشهر وإن سكنته حدادا فبدرهمين جاز وأي الأمرين فعل استحق المسمى فيه عند أبي حنيفة وقالا الإجارة فاسدة وكذا إذا استأجر بيتا على أنه إن سكن فيه عطارا فبدرهم وإن سكن فيه حدادا فبدرهمين فهو جائز عند أبي حنيفة وقالا ل يجوز ومن استأجر دابة إلى الحيرة بدرهم وإن جاوز بها إلى القادسية فبدرهمين فهو جائز ومن استأجرها إلى الحيرة على أنه حمل عليها كر شعير فبنصف درهم وإن حمل عليها كر حنطة فبدرهم فهو جائز في قول أبي حنيفة وقالا لا يجوز
 باب إجارة العبد
ومن استأجر عبدا ليخدمه فليس له أن يسافر به إلا أن يشترط ذلك ومن استأجر عبدا محجورا عليه شهرا وأعطاه الأجر فليس للمستأجر أن يأخذ منه الأجر ومن غصب عبدا فآجر العبد نفسه فأخذ الغاصب الأجرة فأكله فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة وقالا هو ضامن وإن وجد المولى الأجر قائما بعينه أخذه ويجوز قبض العبد الأجر في قولهم جميعا ومن استأجر عبدا هذين الشهرين شهرا بأربعة وشهرا بخمسة فهو جائز والأول منهما بأربعة ومن استأجر عبدا شهرا بدرهم فقبضه في أول الشهر ثم جاء آخر الشهر وهو آبق أو مريض فقال المستأجر أبق أو مرض حين أخذته وقال المولى لم يكن ذلك إلا قبل أن تأتي بساعة فالقول قول المستأجر وإن جاء به وهو صحيح فالقول قول المؤاجر
 باب الاختلاف في الإجارة وإذا اختلف الخياط ورب الثوب فقال رب الثوب أمرتك أن تعمله قباء وقال الخياط بل قميصا أو قال صاحب الثوب للصباغ أمرتك أن تصبغه أحمر فصبغته أصفر وقال الصباغ لا بل أمرتني أصفر فالقول لصاحب الثوب وإذا حلف فالخياط ضامن وإن قال صاحب الثوب عملته لي بغير أجر وقال الصانع بأجر فالقول قول صاحب الثوب عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف إن كان الرجل حريفا له فله الأجر وإلا فلا وقال محمد إن كان الصانع معروفا بهذه الصنعة بالأجر فالقول قوله
 باب فسخ الإجارة
ومن استأجر دارا فوجد بها عيبا يضر بالسكنى فله الفسخ وإذا خربت الدار أو انقطع شرب الضيعة أو انقطع الماء عن الرحى انفسخت الإجارة ولو انقطع ماء الرحى والبيت مما ينتفع به لغيرالطحن فعليه من الأجر بحصته وإذا مات أحد المتعاقدين وقد عقد الإجارة لنفسه انفسخت الإجارة وإن عقدها لغيره لم تنفسخ ويصح شرط الخيار في الإجارة وتفسخ الإجارة بالأعذار عندنا وهو كمن استأجر حدادا ليقلع ضرسه لوجع به فسكن الوجع أو استأجر طباخا ليطبخ له طعام الوليمة فاختلعت منه تفسخ الإجارة وكذا من استأجر دكانا في السوق ليتجر فيه فذهب ماله وكذا إذا آجر دكانا أو دارا ثم أفلس ولزمته ديون لا يقدر على قضائها إلا بثمن ما آجر فسخ القاضي العقد وباعها في الديون ومن استأجر دابة ليسافر عليها ثم بداله من السفر فهو عذر وإن بدا للمكاري فليس ذلك بعذر ولو مرض المؤاجر فقعد فكذا الجواب ومن أجر عبده ثم باعه فليس بعذر وإذا استأجر الخياط غلاما فأفلس وترك العمل فهو عذر وإن أراد ترك الخياطة وإن يعمل في الصرف فهو ليس بعذر ومن استأجر غلاما ليخدمه في المصر ثم سافر فهو عذر وكذا إذا أطلق
مسائل منثورة
ومن استأجر أرضا أو استعارها فأحرق الحصاد فاحترق شيء من أرض أخرى فلا ضمان عليه وإذا أقعد الخياط أو الصباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنص فهو جائز ومن استأجر جملا يحمل عليه محملا وراكبين إلى مكة جاز وله المحمل المعتاد وإن شاهد الجمال المحمل فهو أجود وإن استأجر بعيرا ليحمل عليه مقدارا من الزاد فأكل منه في الطريق جاز له أن يرد عوض ما أكل وكذا غير الزاد من المكيل والموزون
كتاب المكاتب
وإذا كاتب المولى عبده أو أمته عل مال شرط عليه وقبل العبد ذلك صار مكاتبا ويجوز أن يشترط المال حالا ويجوز مؤجلا ومنجما وتجوز كتابة العبد الصغير إذا كان يعقل البيع والشراء ومن قال لعبده جعلت عليك ألفا تؤديها إلي نجوما أول النجم كذا وآخره كذا فإذا أديتها فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق فإن هذه مكاتبة وإذا صحت الكتابة خرج المكاتب عن يد المولى ولم يخرج عن ملكه فإن أعتقه عتق بإعتاقه ويسقط عنه بدل الكتابة وإذا وطىء المولى مكاتبته لزمه العقر وإن جنى عليها أو على ولدها لزمته الجناية وإن أتلف مالا لها غرم
فصل في الكتابة الفاسدة
وإذا كاتب المسلم عبده على خمر أو خنزير أو على قيمته فالكتابة فاسدة فإن أدى الخمر عتق وإذا عتق بأداء عين الخمر لزمه أن يسعى في قيمته ولا ينقص عن المسمى ويزاد عليه وكذلك إن كاتبه على شيء بعينه لغيره لم يجز وإن كاتبه على مائة دينار على أن يرد المولى إليه عبدا بغير عينه فالكتابة فاسدة عند أبي حنيفةومحمد وقال أبو يوسف هي جائزة ويقسم المائة الدينار على قيمة المكاتب وعلى قيمة عبد وسط فيبطل منها حصة العبد فيكون مكاتبا بما بقي وإذا كاتبه على حيوان غير موصوف فالكتابة جائزة وينصرف إلى الوسط ويجبر على قبول القيمة وإذا كاتب النصراني عبده على خمر فهو جائز وأيهما أسلم فللمولى قيمة الخمر وإذا قبضها عتق
 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله ويجوز للمكاتب البيع والشراء والسفر فإن شرط عليه أن لا يخرج من الكوفة فله أن يخرج استحسانا ولا يتزوج إلا بإذن المولى ولا يهب ولا يتصدق إلا بالشيء اليسير ولا يتكفل ولا يقرض فإن وهب على عوض لم يصح فإن زوج أمته جاز وكذلك أن كاتب عبده فإن أدى الثاني قبل أن يعتق الأول فولاؤه للمولى فلو أدى الأول بعد ذلك وعتق لا ينتقل الولاء إليه وإن أدى الثاني بعد عتق الأول فولاؤه له وإن أعتق عبده على مال أو باعه من نفسه أو زوج عبده لم يجز وكذلك الأب الوصي في رقيق الصغير بمنزلة المكاتب فإما المأذون له فلا يجوز له شيء من ذلك عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف له أن يزوج أمته
فصل
وإذا اشترى المكاتب أباه أو ابنه دخل في كتابته وإن اشترى ذا رحم محرم منه لأولاد له لم يدخل في كتابته عند أبي حنيفة وقالا يدخل وإذا اشترى أم ولده دخل ولدها في الكتاب ولم يجز بيعها وإن ولد له ولد من أمة دخل في كتابته وكسبه له وكذلك إن ولدت المكاتبة ولدا ومن زوج أمته من عبده ثم كاتبها فولدت منه ولدا دخل في كتابتها وكان كسبه لها وإن تزوج المكاتب بإذن مولاه امرأة زعمت أنها حرة فولدت منه ولدا ثم استحقت فأولادها عبيد ولا يأخذهم بالقيمة وكذلك العبد يأذن له المولى بالتزويج وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد أولادها أحرار بالقيمة وإن وطىء المكاتب أمة على وجه الملكبغير إذن المولى ثم استحقها رجل فعليه العقر يؤخذ به في الكتابة وإن وطئها على وجه النكاح لم يؤخذ به حتى يعتق وكذلك المأذون له وإذا اشترى المكاتب جارية شراء فاسدا ثم وطئها فردها أخذ بالعقر في المكاتبة وكذلك العبد المأذون له
فصل وإذا ولدت المكاتبة من المولى فهي بالخيار إن شاءت مضت على الكتابة وإن شاءت عجزت نفسها وصارت أم ولد له نسب ولدها ثابت من المولى وهو حر وإذا مضت على الكتابة أخذت العقر من مولاها ثم إن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة وإن ماتت هي وتركت
مالا تؤدي منه مكاتبتها وما بقي ميراث لابنها فإن لم تترك مالا فلا سعاية على الولد ولو ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى إلا أن يدعيه فلو لم يدعه وماتت من غير وفاء سعى هذا الولد فلو مات المولى بعد ذلك عتق وبطل عنه السعاية وإذا كاتب المولى أم ولده جاز فإن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة وإن كاتب مدبرته جاوز وإن مات المولى ولا مال له غيرها فهي بالخيار بين أن تسعى في ثلثي قيمتها أو جميع مال الكتابة وإن دبر مكاتبته صح التدبير ولها الخيار إن شاءت مضت على الكتابة وإن شاءت عجزت نفسها وصارت مدبرة فإن مضت على كتابتها فمات المولى ولا مال له غيرها فهي بالخيار إن شاءت سعت في ثلثي مال الكتابة أو ثلثي قيمتها عند أبي حنيفة وقالا تسعى في الأقل منهما وإذا أعتق المولى مكاتبه عتق بإعتاقه وسقط بدل الكتابة وإن كاتبه على ألف درهم إلى سنة فصالحه على خمسمائة معجلة فهو جائز وإذا كاتب المريص عبده على ألفي درهم إلى سنة وقيمته ألف ثم مات ولا مال له غيره ولم تجز الورثة فإنه يؤدي ثلثي الألفين حالا والباقي إلى أجله أو يرد رقيقا عند أبي حنيفة وابي يوسف وقال محمد يؤدى ثلثي الآلف حالا والباقي إلى أجله وإن كاتبه على ألف إلى سنة وقيمته ألفان ولم تجز الورثة يقال له أد ثلثي القيمة حالا أو ترد رقيقا في قولهم جميعا
 باب من يكاتب عن العبد
وإذا كاتب الحر عن عبد بألف درهم فإن أدى عنه عتق وإن بلغ العبد فقبل فهو مكاتب ولو أدى الحر البدل لا يرجع على العبد وإذا كاتب العبد عن نفسه وعن عبد آخر لمولاه وهو غائب فإن أدى الشاهد أو الغائب عتقا وأيهما أدى عتقا ويجبر المولى على القبول وأيهما أدى لا يرجع على صاحبه وليس للمولى أن يأخذ العبد الغائب بشيء فإن قبل العبدالغائب أو لم يقبل فليس ذلك منه بشيء والكتابة لازمة للشاهد وإذا كاتبت الأمة عن نفسها وعن ابنين لها صغيرين فهو جائز وأيهم أدى لم يرجع على صاحبه ويجبر المولى على القبول ويعتقون
 باب كتابة العبد المشترك
وإذا كان العبد بين رجلين إذن أحدهما لصاحبه أن يكاتب نصيبه بألف درهم ويقبض بدل الكتابة فكاتب وقبض بعض الألف ثم عجز فالمال للذي قبض عند أبي حنيفة وقالا هو مكاتب بينهما وما أدى فهو بينهما وإذا كانت جارية بين رجليه كاتباها فوطئها أحدهما فجاءت بولد فادعاه ثم وطئها الآخر فجاءت بولد فادعاه ثم عجزت فهي أم ولد للأول ويضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها ويضمن شريكه كمال العقر وقيمة الولد ويكون ابنه وأيهما دفع العقر إلى المكاتبة جاز وهذا كله قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد هي أم ولد للأول ولا يجوز وطء الآخر فلا يثبت نسب الولد منه ولا يكون حرا عليه بالقيمة ويلزمه جميع العقر ويضمن الأول لشريكه في قياس قول أبي يوسف نصف قيمتها مكاتبة وفي قول محمد يضمن الأقل من نصف قيمتها ومن نصف مابقي من بدل الكتابة وإن كان الثاني لم يطأها ولكن دبرها ثم عجزت بطل التدبير وهي أم ولد للأول ويضمن لشريكه نصف عقرها ونصف قيمتها والولد ولد الأول وإن كان كاتباها ثم أعتقها أحدهما وهو موسر ثم عجزت يضمن المعتق لشريكه نصف قيمتها ويرجع بذلكعليها عند أبي حنيفة وقالا لا يرجع عليها وإن كان العبد بين رجلين دبره أحدهما ثم أعتقه الآخر وهو موسر فإن شاء الذي دبره ضمن المعتق نصف قيمته مدبرا وإن شاء استسعى العبد وإن شاء أعتق وإن أعتقه أحدهما ثم دبره الآخر لم يكن له أن يضمن المعتق ويستسعى العبد أو يعتق وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إذا دبره أحدهما فعتق الآخر باطل ويضمن نصف قيمته موسرا كان أو معسرا وإن أعتقه أحدهما فتدبير الآخر باطل ويضمن نصف قيمته إن كان موسرا ويسعى العبد في ذلك إن كان معسرا
 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى
وإذا عجز المكاتب عن نجم نظرالحاكم في حاله فإن كان له دين يقبضه أو مال يقدم عليه لم يعجل بتعجيزه وانتظر عليه اليومين أو الثلاثة فإن لم يكن له وجه وطلب المولى تعجيزه عجزه وفسخ الكتابة وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يعجزه حتى يتوالى عليه نجمان فإن أخل بنجم عند غير السلطان فعجز فرده مولاه برضاه فهو جائز ولو لم يرض به العبد لا بد من القضاء بالفسخ وإذا عجز المكاتب عاد إلى أحكام الرق فإن مات المكاتب وله مال لم تنفسخ الكتابة وقضى ما عليه من ماله وحكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته وما بقي فهو ميراث لورثته ويعتق أولاده وإن لم يترك وفاء وترك ولدا مولودا في الكتابة سعى في كتابة أبيه على نجومه فإذا أدى حكمنا بعتق أبيه قبل موته وعتق الولد وإن ترك ولدا مشترى في الكتابة قيل له إما أن تؤدي بدل الكتابة حالا أو ترد رقيقا فإن اشترى ابنه ثم مات وترك وفاء ورثه ابنه وكذلك إن كان هو وابنه مكاتبين كتابة واحدة فإن مات المكاتب وله ولد من حرة وترك دينا وفاء لمكاتبته فجنى الولد فقضى به على عاقلة الأم لم يسكن ذلك قضاء بعجز المكاتب وإن اختصم موالي الأم وموالي الأب في ولائه فقضى به لموالي الأم فهوقضاء بالعجز وما أدى المكاتب من الصدقات إلى مولاه ثم عجز فهو طيب للمولى وإذا جنى العبد فكاتبه مولاه ولم يعلم بالجناية ثم عجز فإنه يدفع أو يفدى وكذلك إذا جنى المكاتب ولم يقض به حتى عجز وإن قضى به عليه في كتابته ثم عجز فهو دين يباع فيه وإذا مات مولى المكاتب لم تنفسخ الكتابة وقيل له أد المال إلى ورثة المولى على نجومه فإن اعتقه أحد الورثة لم ينفذ عتقه
كتاب الولاء
وإذا أعتق المولى مملوكه فولاؤه له فإن شرط أنه سائبة فالشرط باطل والولاء لمن أعتق وإذا أدى المكاتب عتق والولاء للمولى وإن عتق بعد موت المولى وكذا العبد الموصى بعتقه أو بشرائه وعتقه بعد موته وإن مات المولى عتق مدبروه وأمهات أولاده وولاؤهم له ومن ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه وولاؤه له وإذا زوج عبد رجل أمة لآخر فأعتق مولى الأمة الأمة وهي حامل من العبد عتقت وعتق حملها وولاء الحمل لمولى الأم لا ينتقل عنه أبدا وكذلك إذا ولدت ولدا لأقل من ستة أشهر أو ولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر فإن ولدت بعد عتقها لأكثر من ستة أشهر ولدا فولاؤه لموالي الأم فإن أعتق الأب جر ولاء ابنه وانتقل عن موالي الأم إلى موالي الأب وفي الجامع الصغير وإذا تزوجت معتقة بعبد فولدت أولادا فجنى الأولاد فعقلهم على موالي الإم فإن أعتق الأب ولاء الأولاد إلى نفسه ولا يرجعون على عاقبة الأب بما عقلوا ومن تزوج من العجم بمعتقة من العرب فولدت له أولادا فولاء أولادها لمواليها عند أبي حنيفة وهو قول محمد وقال أبو يوسف حكمه حكم أبيه وفي الجامع الصغير نبط كافر تزوج بمعتقة كافرة ثم أسلم النبطي ووالى رجلا ثم ولدت أولادا قال أبو حنيفة ومحمد مواليهم موالي أمهم وقال أبو يوسف مواليهم موالي أبيهم وولاء العتاقة تعيب وهو أحق بالميراث من العمة والخالة فإن كان للمعتق عصبة من النسب فهوأولى من المعتق وإن لم يكن له عصبة من النسب فميراثه للمعتق فإن مات المولى ثم مات المعتق فميراثه لبني المولى دون بناته لأنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو عتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن ولو ترك المولى ابنا وأولاد ابن آخر فميراث المعتق للإبن دون بني الابن
فصل في ولاء الموالاة
وإذا أسلم رجل على يد رجل وولاه على أن يرثه ويعقل عنه إذا جنى أو أسلم على يد غيره ووالاه فالولاء صحيح وعقله على مولاه فإن مات ولا وارث له غيره فميراثه للمولى وإن كان له وارث فهو أولى منه وإن كانت عمة أو خالة أو غيرهما من ذوي الأرحام وللمولى أن ينتقل عنه بولائه إلى غيره مالم يعقل عنه وإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول بولائه إلى غيره وليس لمولى العتاقة أن يوالي أحدا
كتاب الإكراه
الإكراه يثبت حكمه إذاحصل ممن يقدر على إيقاع ما توعد به سلطانا كان أو لصا وإذا أكره الرجل على بيع ماله أو على شراء سلعة أو على أن يقر لرجل بألف أو يؤاجر داره وأكره على ذلك بالقتل أو بالضرب الشديد أو بالحبس فباع أو اشترى فهو بالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه ورجع بالمبيع فإن كان قبض الثمن طوعا فقد أجاز البيع وإن قبضه مكرها فليس ذلك بإجازة وعليه رده إن كان قائما في يده وإن هلك المبيع في يد المشتري وهو غير مكره ضمن قيمته للبائع وللمكره أن يضمن المكره إن شاء فلو ضمن المكره رجع على المشتري بالقيمة وإن ضمن المشتري نفذ كل شراء كان بعد شرائه ولا ينفذ ما كان قبله
فصل
وإن أكره على أن يأكل الميتة أو يشرب الخمر إن أكره على ذلك بحبس أو بضرب أو قيد لم يحل له إلا أن يكره بما يخاف منه على نفسه أو علىعضو من أعضائه فإذا خاف على ذلك وسعه أن يقدم على ما أكره عليه وكذا على هذا الدم ولحم الخنزير ولا يسعه أن يصبر على ما توعد به فإن صبر حتى أوقعوا به ولم يأكل فهو آثم وإن أكره على الكفر بالله تعالى والعياذبالله أو بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيد أو بحبس أو ضرب لم يكن ذلك إكراها حتى يكره بأمر يخاف منه على نفسه إو على عضو من أعضائه فإذا خاف على ذلك وسعه أن يظهر ما أمروه به ويوري فإن أظهر ذلك وقلبه مطمئن بالإيمان فلا إثم عليه فإن صبر حتى قتل ولم يظهر الكفر كان مأجورا وإن أكره على إتلاف مال مسلم بأمر يخاف منه على نفسه أو على عضو من اعضائه وسعه أن يفعل ذلك ولصاحب المال أن يضمن المكره وإن أكرهه بقتل على قتل غيره لم يسعه أن يقدم عليه ويصبر حتى يقتل فإن قتله كان آثما والقصاص على المكره إن كان القتل عمدا وإن أكره على طلاق امرأته أو عتق عبده ففعل وقع ما أكره عليه عندنا ويرجع على الذي أكرهه بقيمة العبد ويرجع بنصف مهر المرأة إن كان قبل الدخول وإن لم يكن في العقد مسمى يرجع على المكره بما لزمه من المتعة ولو أكره على التوكيل بالطلاق والعتاق ففعل الوكيل جاز استحسانا وإن اكرهه على الزنا وجب عليه الحد عند أبي حنيفة إلا أن يكرهه السلطان وقال أبو يوسف ومحمد لا يلزمه الحد وإذا أكرهه على الردة لم تبن امرأته منه
كتاب الحجر
الأسباب الموجبة للحجر ثلاثة الصغر والرق والجنون فلا يجوز تصرف الصغير إلا بإذن وليه ولا تصرف العبد إلا بإذن سيده ولا يجوز تصرف المجنون المغلوب بحال ومن باع من هؤلاء شيئا أو اشترى وهو يعقل البيع ويقصده قالوا لي بالخيار إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة وإن شاء فسخه وهذه المعاني الثلاثة توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال إلا إذا كان فعلا يتعلق به حكم يندرىءبالشبهات كالحدود والقصاص والصبي والمجنون لا تصح عقودهما ولا إقرارهما ولا يقع طلاقهما ولا إعتاقهما وإن أتلفا شيئا لزمهما ضمانه فأما العبد فإقراره نافذ في حق نفسه غير نافذ في حق مولاه فإن أقر بمال لزمه بعد الحرية وإن أقر بحد أو قصاص لزمه في الحال وينفذ طلاقه
 باب الحجر للفساد
قال أبو حنيفة رحمه الله لا يحجر على الحر العاقل البالغ السفيه وتصرفه في ماله جائز وإن كان مبذرا مفسدا يتلف ماله فيما لا غرض له فيه ولا مصلحة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يحجر على السفيه ويمنع من التصرف في ماله وإذا حجر القاضي عليه ثم رفع إلى قاض آخر فأبطل حجره وأطلق عنه جاز ثم عند أبي حنيفة إذا بلغ الغلام غير رشيد لم يسلم إليه ماله حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة فإن تصرف فيه قبل ذلك نفذ تصرفه فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة يسلم إليه ماله وإن لم يؤنس منه الرشد وقالا لا يدفع إليه ماله أبدا حتى يؤنس رشده ولا يجوز تصرفه فيه وإن أعتق عبدا نفذ عتقه عندهما وإذا صح عندهما كان على العبد أن يسعى في قيمته ولو دبر عبده جاز ولو جاءت جاريته بولد فادعاه يثبت نسبه منه وكان الولد حرا والجارية أم ولد له وإن لم يكن معها ولد وقال هذه أم ولدي كانت بمنزلة أم الولد لا يقدر على بيعها وإن مات سعت في جميع قيمتها وإذا تزوج امرأة جاز نكاحها وإن سمى لها مهرا جاز منه مقدار مهر مثلها وبطل الفضل ولو طلقها قبل الدخول بها وجب لها النصف في ماله وكذا إذا تزوج بأربع نسوة أو كل يوم واحدة وتخرج الزكاة من مال السفيه وينفق على أولاده وزوجته ومن تجب نفقته عليه من ذوي أرحامه فإن أراد حجة الإسلام لم يمنع منها ولا يسلم القاضي النفقة إليه ويسلمها إلى ثقة من الحاج ينفقها عليه في طريق الحج ولو أراد عمرة واحدة لم يمنع منها ولا يمنع من ا لقران ولا يمنع من أن يسوقبدنة فإن مرض وأوصى بوصايا في القرب وأبواب الخير جاز ذلك في ثلثه ولا يحجر على الفاسق إذا كان مصلحا لما له عندنا والفسق الأصلي والطارىء سواء
فصل في حد البلوغ
بلوغ الغلام بالاحتلام والاحبال والإنزال إذا وطىء فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم له ثمان عشرة سنة عند أبي حنيفة وبلوغ الجارية بالحيض والاحتلام والحبل فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم لها سبع عشرة سنة وهذا عند أبي حنيفة وقالا إذا تم للغلام والجارية خمس عشرة سنة فقد بلغا وإذا راهق الغلام أو الجارية الحلم وأشكل أمره في البلوغ فقال قد بلغت فالقول قوله وأحكامه أحكام البالغين
 باب الحجر بسبب الدين
قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا أحجر في الدين وإذا وجبت ديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه لم أحجر عليه فإن كان له مال لم يتصرف فيه الحاكم ولكن يحبسه أبدا حتى يبيعه في دينه وقالا إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه ومنعه من البيع والتصرف والإقرار حتى لا يضر بالغرماء وباع ماله إن امتنع المفلس من بيعه وقسمه بين غرمائه بالحصص عندهما وإن كان دينه دراهم وله دراهم قضى القاضي بغير أمره وإن كان دينه دراهم وله دنانير أو على ضد ذلك باعها القاضي في دينه ويباع في الدين النقود ثم العروض ثم العقار يبدأ بالأيسر فالأيسر ويترك عليه دست من ثياب بدنه ويباع الباقي فإن أقر في حال الحجر بإقرار لزمه ذلك بعد قضاء الديون ولو استفاد مالا آخر بعد الحجر نفذ إقراره فيه وينفق على المفلس من ماله وعلى زوجته وولده الصغار وذوي أرحامه ممن تجب نفقته عليه فإن لم يعرف للمفلس مال وطلب غرماؤه حبسه وهو يقول لا مال لي حبسه الحاكم في كل دين التزمه بعقد كالمهر والكفالة ولا يحول بينه وبين غرمائه بعد خروجه من الحبس بل يلازمونه ولا يمنعونه من التصرف والسفرويأخذون فضل كسبه يقسم بينهم بالحصص وقالا إذا أفلسه الحاكم حال بين غرمائه وبينه إلا أن يقيموا البينة إن له مالا ولو دخل في داره لحاجته لا يتبعه بل يجلس على باب داره إلى أن يخرج ولو كان الدين للرجل على المرأة لا يلازمها ومن أفلس وعنده متاع لرجل بعينه ابتاعه منه فصاحب المتاع أسوة للغرماء فيه
كتاب المأذون
وإذا أذن المولى لعبده في التجارة إذنا عاما جاز تصرفه في سائر التجارات ولو باع أو اشترى بالغبن اليسير فهو جائز وكذا بالفاحش عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما ولو جابة في مرض موته يعتبر من جميع ماله إذا لم يكن عليه دين وإن كان فمن جميع ما بقي وله أن يسلم ويقبل السلم وله أن يوكل بالبيع والشراء ويرهن ويرتهن ويملك أن يتقبل الأرض ويستأجر الأجراء والبيوت ويأخذ الأرض مزارعة ويشتري طعاما فيزرعه في أرضه وله أن يشارك شركة عنان ويدفع المال مضاربة ويأخذها وله أن يؤاجر نفسه عندنا فإن أذن له في نوع منها دون غيره فهو مأذون في جميعها وإن أذن له في شيء بعينه فليس بمأذون وأقرار المأذون بالديون والغصوب جائز وكذا بالودائع وليس له أن يتزوج ولا يزوج مماليكه ولا يكاتب إلا أن يجيزه المولى ولا دين عليه ولا يعتق على مال ولا يقرض ولا يهب بعوض ولا بغير عوض وكذا لا يتصدق إلا أن يهدى اليسير من الطعام أو يضيف من يطعمه وله أن يحط من الثمن بالعيب مثل ما يحط التجار وله أن يؤجل في دين وجب له وديونه متعلقة برقبته يباع للغرماء إلا أن يفديه المولى ويقسم ثمنه بينهم بالحصص فإن فضل شيء من ديونه طولب به بعد الحرية ولا يباع ثانيا ويتعلق دينه بكسبه سواء حصل قبل لحوق الدين أو بعده ويتعلق بما يقبل من الهبة ولا يتعلق بما انتزعه المولى من يده قبل الدين وله أن يأخذ غلة مثله بعد الدين فإن حجر عليه لم ينحجر حتى يظهر حجره بين أهل سوقه ولو مات المولى أو جنأو لحق بدار الحرب مرتدا صار المأذون محجورا عليه وإذا أبق العبد صار محجورا عليه وإذا ولدت المأذون لها من مولاها فذلك حجر عليها ويضمن المولى قيمتها إن ركبتها ديون وإذا استدانت الأمة المأذون لها أكثر من قيمتها فدبرها المولى فهي مأذون لها على حالها وإذا حجر على المأذون فإقراره جائز فيما في يده من المال عند أبي حنيفة رحمه الله وإذا لزمته ديون تحيط بماله ورقبته لم يملك المولى ما في يده ولو أعتق من كسبه عبدا لم يعتق عند أبي حنيفة وقالا لا يملك مافي يده ويعتق وعليه قيمته وإن لم يكن الدين محيطا بماله جاز عتقه في قولهم جميعا وإن باع من المولى شيئا بمثل قيمته جاز وإن باعه بنقصان لم يجز عند أبي حنيفة وقالا إن باعه بنقصان يجوز البيع ويخير المولى إن شاء أزال المحاباة وإن شاء نقض البيع وإن باعه المولى شيئا بمثل القيمة أو أقل جاز البيع فإن سلم المبيع إليه قبل قبض الثمن بطل الثمن وإن أمسكه في يده حتى يستوفي في الثمن جاز ولو باعه بأكثر من قيمته يؤمر بإزالة المحاباة أو بنقض البيع وإذا أعتق المولى المأذون وعليه ديون فعتقه جائز وما بقي من الديون يطالبه به بعد العتق فإن كان أقل من قيمته ضمن الدين لا غير فإن باعه المولى وعليه دين يحيط برقبته وقبضه المشتري وغيبه فإن شاء الغرماء ضمنوا البائع قيمته وإن شاءوا ضمنوا المشترى وإن شاءوا أجازوا البيع وأخذوا الثمن فإن ضمنوا البائع قيمته ثم رد على المولى بعين فللمولى أن يرجع بالقيمة ويكون حق الغرماء في العبد ولو كان المولى باعه من رجل وأعلمه بالدين فللغرماء أن يردوا البيع فإن كان البائغ غائبا فلا خصومة بينهم وبين المشتري عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف المشتري خصمهم ويقضي لهم بدينهم ومن قدم مصرا وقال أنا عبد لفلان فاشترى وباع لزمه كل شيء من التجارة إلا أنه لا يباع حتى يحضر مولاه وإن قال هو محجور فالقول قوله
فصل
وإذا أذن ولي الصبي للصبي في التجارة فهو في البيع والشراء كالعبد المأذون إذا كان يعقل البيع والشراء حتى ينفذ تصرفه= كتاب الغصب
ومن غصب شيئا له مثل كالمكيل والموزون فهلك في يده فعليه مثله فإن لم يقدر على مثله فعليه قيمته يوم يختصمون عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف يوم الغصب وقال محمد يوم الانقطاع ومالا مثل له فعليه قيمته يوم غصبه وعلى الغاصب رد العين المغصوبة والواجب الرد في المكان الذي غصبه منه فإن ادعى هلاكها حبسه الحاكم حتى يعلم أنها لو كانت باقية لأظهرها ثم قضى عليه ببدلها والغصب فيما ينقل ويحول وإذا غصب عقارا فهلك في يده لم يضمنه عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقتل محمد رحمه الله يضمنه وما نقص منه بفعله أو سكناه ضمنه في قولهم جميعا وإن نقص بالزراعة يغرم النقصان عند أبي حنيفة ومحمد فيأخذ رأس ماله ويتصدق بالفضل وقال أبو يوسف لا يتصدق بالفضل وإذا هلك النقلي في يد الغاصب بفعله أو بغير فعله ضمنه وإن نقص في يده ضمن النقصان ومن غصب عبدا فاستغله فنقصته الغلة فعليه النقصان ويتصدق بالغلة فلو هلك العبد في يد الغاصب حتى ضمن له أن يستعين بالغلة في أداء الضمان ومن غصب ألفا فاشترى بها جارية فباعها بألفين ثم اشترى بالألفين جارية فباعها بثلاثة آلاف درهم فإنه يتصدق بجميع الربح عندهما خلافا لأبي يوسف وإن اشترى بالألف جارية تساوي ألفين فوهبها أو طعاما فأكله لم يتصدق بشيء في قولهم جميعا
فصل فيما يتغير بفعل الغاصب
وإذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب حتى زال اسمها ومعظم منافعها زال ملك المغصوب منه عنها وملكها الغاصب وضمنها ولا يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها كمن غصب شاة وذبحها وشواها أو طبخها أو حنطة فطحنها أو حديدا فاتخذه سيفا أو صفرا فعمله آنية وإن غصب فضة أو ذهبا فضربها دراهم أو دنانير أو آنية لم يزل ملك مالكها عنها عند أبي حنيفة رحمه الله فيأخذها ولا شيء للغاصب وقالا يملكها الغاصب وعليه مثلها ومن غصب ساحة فبنى عليها زال ملك المالكعنها ولزم الغاصب قيمتها ومن ذبح شاة غيره فمالكها بالخياران شاء ضمنه قيمتها وسلمها إليه وإن شاء ضمنه نقصانها وكذا الجزور وكذا إذا قطع يدهما ومن خرق ثوب غيره خرقا يسيرا ضمن نقصانه والثوب لمالكه وإن خرق خرقا كبيرا يبطل عامة منافعه فلمالكه أن يضمنه جميع قيمته ومن غصب أرضا فغرس فيها أو بنى قيل له اقلع البناء والغرس وردها فإن كانت الأرض تنقص بقلع ذلك فللمالك أن يضمن له قيمة البناء وقيمة الغرس مقلوعا ويكونان له ومن غصب ثوبا فصبغه أحمر أو سويقا فلته بسمن فصاحبه بالخيار إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض ومثل السويق وسلمه للغاصب وإن شاء أخذهما وغرم ما زاد الصبغ والسمن فيهما ولو صبغه أسود فهو نقصان عند أبي حنيفة وعندهما زيادة
فصل
ومن غصب عينا فغيبها فضمنه المالك فيمتها ملكها والقول في القيمة قول الغاصب مع يمينه إلا أن يقيم المالك البينة بأكثر من ذلك فإن ظهرت العين وقيمتها أكثر مما ضمن وقد ضمنها بقول المالك أو ببينة أقامها أو بنكول الغاصب عن اليمين فلا خيار للمالك وهو الغاصب فإن كان ضمنه بقول الغاصب مع يمينه فهو بالخيار إن شاء أمضى الضمان وإن شاء أخذ العين ورد العوض ومن غصب عبدا فباعه فضمنه المالك قيمته فقد جاز بيعه وإن أعتقه ثم ضمن القيمة لم يجز عتقه وولد المغصوبة ونماؤها وثمرة البستان المغصوب أمانة في يد الغاصب إن هلك فلا ضمان عليه إلا أن يتعدى فيها أو يطلبها مالكها فيمنعها إياه وما نقصت الجارية بالولادة في ضمان الغاصب فإن كان في قيمة الولد وفاء به انجبر النقصان بالولد وسقط ضمانه عن الغاصب ومن غصب جارية فزنى بها فحبلت ثم ردها وماتت في نفاسها يضمن قيمتها يوم علقت ولا ضمان عليه في الحرة وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن في الأمة أيضا ولا يضمن الغاصب منافع ما غصبه إلا أن ينقص باستعماله فيغرم النقصان
فصل في غصب ما لا يتقوم
وإذا أتلف المسلم خمر الذمي أو خنزيره ضمن قيمتهما فإن أتلفها لمسلم لم يضمن فإن غصب من مسلم خمرا فخللها أو جلد ميتة فدبغه فلصاحب الخمر أن يأخذ الخل بغير شيء ويأخذ جلد الميتة ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه وإن استهلكها ضمن الخل ولم يضمن الجلد عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن الجلد مدبوغا ويعطى ما زاد الدباغ فيه ومن كسر لمسلم بربطا أو طبلا أو مزمارا أو دفا أو اراق له سكرا أو منصفا فهو ضامن وبيع هذه الأشياء جائز عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد لا يضمن ولا يجوز بيعها ومن غصب أم ولد أو مدبره فماتت في يده ضمن قيمة المدبرة ولا يضمن قيمة أم الولد عند أبي حنيفة وقالا يضمن قيمتهما
كتاب الشفعة
الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ثم للخليط في حق المبيع كالشرب والطريق ثم للجار وليس للشريك في الطريق والشرب والجار شفعة مع الخليط في الرقبة فإن سلم فالشفعة للشريك في الطريق فإن سلم أخذها الجار ولا يكون الرجل بالجذوع على الحائط شفيع شركة ولكنه شفيع جوار والشريك في الخشبة تكون على حائط الدار جاز وإذا اجتمع الشفعاء فالشفعة بينهم على عدد رؤوسهم ولا يعتبر اختلاف الأملاك والشفعة تجب بعقد البيع وتستقر بالأشهاد ولا بد من طلب المواثبة وتملك بالأخذ إذا سلمها المشتري أو حكم بها الحاكم
 باب طلب الشفعة والخصومة فيها
وإذا علم الشفيع بالبيع أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة ثم ينهض منه ويشهد على البائع إن كان المبيع في يده أو على المبتاع أو عند العقار فإذا فعل ذلكاستقرت شفعته ولا تسقط الشفعة بتأخير هذا الطلب عند أبي حنيفة رحمه الله وهو رواية عن أبي يوسف وقال محمد أن تركها شهرا بعد الإشهاد بطلت وإذا تقدم الشفيع إلى القاضي فادعى الشراء وطلب الشفعة سأل القاضي المدعى عليه فإن اعترف بملكه الذي يشفع به وإلا كلفه بإقامة البينة فإن عجز البينة استحلف المشتري بالله ما يعلم إلا أنه مالك للذي ذكره مما يشفع به فإن نكل أو قامت للشفيع بينة تثبت ملكه في الدار التي يشفع بها وثبت الجوار فبعد ذلك سأله القاضي هل ابتاع أم لا فإن أنكر الابتياع قيل للشفيع أقم البينة فإن عجز عنها استحلف المشتري بالله ما ابتاع أو بالله ما استحق عليه في هذه الدار شفعة من الوجه الذي ذكره وتجوز المنازعة في الشفعة وإن لم يحضر الشفيع الثمن إلى مجلس القاضي فإذا قضى القاضي بالشفعة لزمه إحضار الثمن وإذا قضى له بالدار فللمشتري أن يحبسه حتى يستوفي الثمن وإن أحضر الشفيع البائع والمبيع في يده فله أن يخاصمه في الشفعة ولا يسمع القاضي البينة حتى يحضر المشتري فيفسخ البيع بمشهد منه ويقضي بالشفعة على البائع ويجعل العهدة عليه ومن اشترى دارا لغيره فهو الخصم للشفيع إلا أن يسلمها إلى الموكل وإذا قضى القاضي للشفيع بالدار ولم يكن رآها فله خيار الرؤية وإن وجد بها عيبا فله أن يردها وإن كان المشتري شرط البراءة منه
فصل في الاختلاف
وإن اختلف الشفيع والمشتري في الثمن فالقول قول المشتري ولو أقاما البينة فالبينة للشفيع وإذا ادعى المشتري ثمنا وادعى البائع أقل منه ولم يقبض الثمن أخذه الشفيع بما قاله البائع وكان ذلك حطا عن المشتري ولو ادعى البائع الأكثر يتحالفان ويترادان وأيهما نكل ظهر أن الثمن ما يقوله الآخر فيأخذها الشفيع بذلك وإن حلفا يفسخ القاضي البيع على ما عرف ويأخذها الشفيع بقول البائع وإن كان قبض الثمن أخذ بما قال المشتري إن شاء ولم يلتفت إلى قول البائع
فصل
فيما يؤخذ به المشفوع
وإذا حط البائع عن المشتري بعض الثمن يسقط ذلك عن الشفيع وإن حط جميع الثمن لم يسقط عن الشفيع وإن زاد المشتري للبائع لم تلزم الزيادة في حق الشفيع ومن اشترى دارا بعرض أخذها الشفيع بقيمته وإن اشتراها بمكيل أو موزون أخذها بمثله وإن باع عقارا بعقار أخذ الشفيع كل واحد منهما بقيمة الآخر وإذا باع بثمن مؤجل فللشفيع الخيار إن شاء أخذها بثمن حال وإن شاء صبر حتى ينقضي الأجل ثم يأخذها وليس له أن يأخذها في حال بثمن مؤجل وإذا اشترى ذمى بخمر أو خنزير دارا وشفيعها ذمى أخذها بمثل الخمر وقيمة الخنزير وإن كان شفيعها مسلما أخذها بقيمة الخمر والخنزير فصل
وإذا بنى المشتري فيها أو غرس ثم قضى للشفيع بالشفعة فهو بالخيار إن شاء أخذ بالثمن وقيمة البناء والغرس وإن شاء كلف المشتري قلعه ولو أخذها الشفيع فبنى فيها أو غرس ثم استحقت رجع بالثمن وإذا انهدمت الدار أو احترق بناؤها أو جف شجر البستان بغير فعل أحد فالشفيع بالخيار إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك وإن نقض المشتري البناء قيل للشفيع إن شئت فخذ العرصة بحصتها وإن شئت فدع وليس للشفيع أن يأخذ النقض ومن ابتاع أرضا وعلى نخلها ثمر أخذها الشفيع بثمرها وكذلك إن ابتاعها وليس في النخيل ثمر فأثمر في يد المشتري فإن جذه المشتري ثم جاء الشفيع لا يأخذ الثمر في الفصلين جميعا فإن جذه المشتري سقط عن الشفيع حصته وهذا جواب الفصل الأول أما في الفصل الثاني ياخذ ما سوى الثمر بجميع الثمن
 باب ما تجب فيه الشفعة ومالا تجب
الشفعة واجبة في العقار وإن كان مما لا يقسم ولا شفعة في العروض والسفنوالمسلم والذمي في الشفعة سواء وإذا ملك العقار بعوض هو مال وجبت فيه الشفعة ولاشفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها أو يخالع المرأة بها أو يستأجر بها دارا أو غيرها أو يصالح بها عن دم عمد أو يعتق عليها عبدا أو يصالح عليها بإنكار فإن صالح عليها فإقرار وجبت الشفعة ولا شفعة في هبة إلا أن تكون بعوض مشروط ومن باع بشرط الخيار فلا شفعة للشفيع فإن أسقط الخيار وجبت الشفعة وإن اشترى بشرط الخيار وجبت الشفعة ومن ابتاع دارا شراء فاسدا فلا شفعة فيها فإن سقط حق الفسخ وجبت الشفعة وإذا اقتسم الشركاء العقار فلا شفعة لجارهم بالقسمة وإذا اشترى دارا فسلم الشفيع الشفعة ثم ردها المشتري بخيار رؤية أو شرط أو بعيب بقضاء قاض فلا شفعة للشفيع وإن ردها بعيب بغير قضاء أو تقايلا البيع فللشفيع الشفعة
 باب ما تبطل به الشفعة
وإذا ترك الشفيع الإشهاد حين علم بالبيع وهو يقدر على ذلك بطلت شفعته وكذلك إن أشهد في المجلس ولم يشهد على أحد المتبايعين ولا عند العقار وإن صالح من شفعته على عوض بطلت شفعته ورد العوض وإذا مات الشفيع بطلت شفعته وإن مات المشتري لم تبطل وإذا باع وهو الشفيع ما يشفع به قبل أن يقضي له بالشفعة بطلت شفعته ووكيل البائع إذا باع وهو الشفيع فلا شفعة له ووكيل المشتري إذا ابتاع فله الشفعة وكذلك لو ضمن الدرك عن البائع وهو الشفيع فلا شفعة له وإذا بلغ الشفيع أنها بيعت بألف درهم فسلم ثم علم أنها بيعت بأقل أو بحنطة أو شعير قيمتها ألف أو أكثر فتسليمه باطل وله الشفعة وإذا قيل له أن المشتري فلان فسلم الشفعة ثم علم أنه غيره فله الشفعة ولو علم أن المشتري هو مع غيره فله أن يأخذ نصيب غيره ولو بلغه شراء النصف فسلم ثم ظهر شراء الجميع فله للشفعة
فصل وإذا باع دارا إلا بمقدار ذراع منها في طول الحد الذي يلي الشفيع فلا شفعة له وإذا ابتاع منها سهما بثمن ثم ابتاع بقيتها فالشفعة للجار في السهم الأول دون الثاني ولا تكره الحيلة في إسقاط الشفعة عند أبي يوسف وتكره عند محمد
مسائل متفرقة
وإذا اشترى خمسة نفر دارا من رجل فللشفيع أن يأخذ نصيب أحدهم وإن اشتراها رجل من خمسة أخذها كلها أو تركها ومن اشترى نصف دار غير مقصوم فقاسمه البائع أخذ الشفيع النصف الذي صار للمشتري أو يدع ومن باع دارا وله عبد مأذون عليه دين فله الشفعة وكذا إذا كان العبد هو البائع فلمولاه الشفعة وتسليم الأب والوصي الشفعة على الصغير جائز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر هو على شفعته إذا بلغ
كتاب القسمة
وينبغي للقاضي أن ينصب قاسما يرزقه من بيت المال ليقسم بين الناس بغير أجر فإن لم يفعل نصب قاسما يقسم بالأجر ويجب أن يكون عدلا مأمونا عالما بالقسمة ولا يجبر القاضي الناس على قاسم واحد ولو اصطلحوا فاقتسموا جاز إلا إذا كان فيهم صغير فيحتاج إلى أمر القاضي ولا يترك القسام يشتركون وأجرة القسمة على عدد الرؤوس عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد على قدر الأنصباء وإذا حضر الشركاء عند القاضي وفي أيديهم دار أو ضيعة وادعوا أنهم ورثوها عن فلان لم يقسمها القاضي عند أبي حنيفة رحمه الله حتى يقيموا البينة على موته وعدد ورثته وقال صاحباه يقسمها باعترافهم ويذكر في كتاب القسمة أنه قسمها بقولهم وإن كان المال المشترك ما سوى العقار وادعوا أنه ميراث قسمه في قولهم جميعا ولو ادعوا في العقار أنهم اشتروه قسمه بينهم وإن ادعوا الملك ولم يذكرواكيف انتقل إليهم قسمه بينهم وفي الجامع الصغير أرض ادعاها رجلان وأقاما البينة أنها في أيديهما وأرادا القسمة لم يقسمها حتى يقيما البينة أنها لهما وإذا حضر وارثان وأقاما البينة على الوفاة وعدد الورثة والدار في أيديهم ومعهم وارث غائب قسمها القاضي بطلب الحاضرين وينصب وكيلا يقبض نصيب الغائب وكذا لو كان مكان الغائب صبي يقسم وينصب وصيا يقبض نصيبه ولو كانوا مشترين لم يقسم مع غيبة أحدهم وإن كان العقار في يد الوارث الغائب أو شيء منه لم يقسم وكذا إذا كان في يد مودعه وكذا إذا كان في يد الصغير وإن حضر وارث واحد لم يقسم وإن أقام البينة ولو كان الحاضرصغيرا وكبيرا نصب القاضي عن الصغير وصيا وقسم إذا أقيمت البينة وكذا إذا حضر وارث كبير أو موصى له بالثلث فيها فطلبا القسمة وأقاما البينة على الميراث والوصية يقسمه
فصل في ما يقسم وما لا يقسم
وإذا كان كل واحد من الشركاء ينتفع بنصيبه قسم بطلب أحدهم وإن كان ينتفع أحدهم ويستضربه الآخر لقلة نصيبه فإن طلب صاحب الكثير قسم وإن طلب صاحب القليل لم يقسم وإن كان كل واحد منهما يستضر لصغره لم يقسمها إلا بتراضيهما ويقسم العروض إذا كانت من صنف واحد ولا يقسم الجنسين بعضهما في بعض ويقسم كل مكيل وموزون والمعدود والمتقارب وتبر الذهب والفضة والحديد والنحاس والإبل بانفرادها والبقر والغنم ولا يقسم شاة وبعيرا وبرذونا وحمارا ولا يقسم الأواني ويقسم الثياب الهروية ولا يقسم ثوبا واحدا ولا ثوبين إذا اختلفت قيمتهما وقال أبو حنيفة لا يقسم الرقيق والجواهر وقالا يقسم الرقيق ولا يقسم حمام ولا بئر ولا رحى إلا أن يتراضى الشركاء وكذا الحائط بين الدارين وإذا كانت دور مشتركة في مصر واحد قسم كل دار على حدتها في قول أبي حنيفة وقالا إن كان الأصلح لهم قسمة بعضها في بعض قسمها وإن كانت دار وضيعة أو دار وحانوت قسم كل واحد منهما على حدة
فصل في كيفية القسمة
وينبغي للقاسم أن يصور ما يقسمه ويعدله ويذرعه ويقوم البناء ويفرز كل نصيب عن الباقي بطريقه وشربه حتى لا يكون لنصيب بعضهم بنصيب البعض تعلق ثم يلقب نصيبا بالأول والذي يليه بالثاني والثالث على هذا ثم يخرج القرعة فمن خرج اسمه أولا فله السهم الأول ومن خرج ثانيا فله السهم الثاني ولا يدخل في القسمة الدراهم والدنانير إلا بتراضيهم وإذا كان أرض وبناء فعن أبي يوسف أنه يقسم كل ذلك على اعتبار القيمة فإن قسم بينهم ولأحدهم مسيل في نصيب الآخر أو طريق لم يشترط في القسمة فإن أمكن صرف الطريق والمسيل عنه ليس له أن يستطرق ويسيل في نصيب الآخر وإن لم يمكن فسخت القسمة ولو اختلفوا في رفع الطريق بينهم في القسمة إن كان يستقيم لكل واحد طريق يفتحه في نصيبه قسم الحاكم من غير طريق يرفع لجماعتهم وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بين جماعتهم ولو اختلفوا في مقداره جعل على عرض باب الدار وطوله والطريق على سهامهم كما كان قبل القسمة ولو شرطوا أن يكون الطريق بينهما أثلاثا جاز وإن كان أصل الدار نصفين وإذا كان سفل لا علو عليه وعلو لا سفل له وسفل له علو قوم كل واحد على حدته وقسم بالقيمة ولا معتبر بغير ذلك وإذا اختلف المتقاسمون وشهد القاسمان قبلت شهادتهما ولو شهد قاسم واحد لا تقبل
 باب دعوى الغلط في القسمة والاستحقاق فيها
وإذا ادعى أحدهم الغلط وزعم أن مما أصابه شيئا في يد صاحبه وقد أشهد على نفسه بالاستيفاء لم يصدق على ذلك إلا ببينة فإن لم تقم له بينة استحلف الشركاء فمن نكل منهم جمع بين نصيب الناكل والمدعي فيقسم بينهما على قدر أنصبائهما وإن قال قد استوفيت حقي وأخذت بعضه فالقول قول خصمه مع يمينه وإن قال أصابني إلى موضع كذا فلم يسلمه إلي ولم يشهد على نفسه بالاستيفاء وكذبه شريكه تحالفا وفسخت القسمةولو اختلفا في التقويم لم يلتفت إليه إلا إذا كانت القسمة بقضاء القاضي والغبن فاحش ولو اقتسما دارا وأصاب كل واحد طائفة فادعى أحدهما بيتا في يد الآخر أنه مما أصابه بالقسمة وأنكر الآخر فعليه إقامة البينة وإن أقاما البينة يؤخذ ببينة المدعي وإن كان قبل الإشهاد على القبض تحالفا وترادا وكذا إذا اختلفا في الحدود وأقاما البينة يقضى لكل واحد بالجزء الذي هو في يد صاحبه وإن قامت لأحدهما بينة قضي له وإن لم تقم لواحد منهما تحالفا
فصل
وإذا استحق بعض نصيب أحدهما بعينه لم تفسخ القمسة عند أبي حنيفة رحمه الله ورجع بحصة ذلك في نصيب صاحبه وقال أبو يوسف رحمه الله تفسخ القسمة ولو وقعت القسمة ثم ظهر في التركة دين محيط ردت القسمة ولو أبرأه الغرماء بعد القسمة أو أداه الورثة من مالهم والدين محيط أو غير محيط جازت القسمة
فصل في المهايأة
المهايأة جائزة استحسانا ولو وقعت فيما يحتمل القسمة ثم طلب أحدهم القسمة يقسم وتبطل المهايأة ولا يبطل التهايؤ بموت أحدهما ولا بموتهما ولو تهايآ في دار واحدة على أن يسكن هذا طائفة وهذا طائفة أو هذا علوها وهذا أسفلها جاز ولكل واحد أن يستغل ما أصابه بالمهايأة شرط ذلك في العقد أو لم يشترط ولو تهايآ في عبد واحد على أن يخدم هذا يوما وهذا يوما جاز وكذا في البيت الصغير ولو اختلفا في التهايؤ من حيث الزمان والمكان في محل يحتملهما يأمرهما القاضي بأن يتفقا فإن اختاراه من حيث الزمان يقرع في البداية ولو تهايآ في العبدين على أن يخدم هذا هذا العبد والآخر الآخر جاز عندهما ولو تهايآ فيهما على أن نفقة كل عبد على من يأخذه جاز ولو تهايآ في دارين عل ى أن يسكن كل واحد منهما دارا جاز ويجبر القاضي عليه وفي الدابتين لا يجوز التهايؤ على الركوبعند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يجوز والتهايؤ على الاستغلال في الدارين جائز ولا يجوز في الدابتين عنده خلافا لهما ولو كان نخل أو شجر أو غنم بين اثنين فتهايآ على أن يأخذ كل واحد منهما طائفة يستثمرها أو يرعاها ويشرب ألبانها لا يجوز
كتاب المزارعة
قال أبو حنيفة رحمه الله المزارعة بالثلث والربع باطلة وقالا هي جائزة وإذا فسدت عنده فإن سقى الأرض وكربها ولم يخرج شيء منه فله أجر مثله ثم المزارعة لصحتها على قول من يجيزها شروط أحدها كون الأرض صالحة للزراعة والثاني أن يكون رب الأرض والمزارع من أهل العقد وهو لايختص به والثالث بيان المدة والرابع بيان من عليه البذر والخامس بيان نصيب من لا بذر من قبله والسادس أن يخلي رب الأرض بينها وبين العامل حتى لو شرط عمل رب الأرض يفسد العقد والسابع الشركة في الخارج بعد حصوله والثامن بيان جنس البذر
وهي عندهما على أربعة أوجه إن كانت الأرض والبذر لواحد والبقر والعمل لواحد جازت المزارعة وإن كانت الأرض لواحد والعمل والبقر والبذر لواحد جازت وإن كانت الأرض والبذر والبقر لواحد والعمل من آخر جازت وإن كانت الأرض والبقر لواحد والبذر والعمل لآخر فهي باطلة
ولا تصح المزارعة إلا على مدة معلومة وإن يكون الخارج شائعا بينهما فإن شرطا لأحدهما قفزانا مسماة فهي باطلة وكذا إذا شرطا أن يرفع صاحب البذر بذره ويكون الباقي بينهما نصفين وكذلك إن شرطا ما على الماذيانات والسواقي لأحدهما وكذا إذا شرطا لأحدهما التبن وللآخر الحب وكذا إذا شرطا التبن نصفين والحب لأحدهما بعينه ولو شرطا الحب نصفين ولم يتعرضاللتبن صحت ثم التبن يكون لصاحب البذر ولو شرطا الحب نصفين والتبن لصاحب البذر صحت وإن شرطا التبن للآخر فسدت
وإذا صحت المزارعة فالخارج على الشرط وإن لم تخرج الأرض شيئا فلا شيء للعامل وإذا فسدت فالخارج لصاحب البذر ولو كان البذر من قبل رب الأرض فللعامل أجر مثله لا يزاد على مقدار ما شرط له من الخارج عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد له أجر مثله بالغا ما بلغ وإن كان البذر من قبل العامل فلصاحب الأرض أجر مثل أرضه ولو جمع بين الأرض والبقر حتى فسدت المزارعة فعلى العامل أجر مثل الأرض والبقر وإذا استحق رب الأرض الخارج لبذره في المزارعة الفاسدة طاب له جميعه وإن استحقه العامل أخذ قدر بذره وقدر أجر الأرض وتصدق بالفضل وإذا عقدت المزارعة فامتنع صاحب البذر من العمل لم يجبر عليه وإن امتنع الذي ليس من قبله البذر أجبره الحاكم على العمل ولو امتنع رب الأرض والبذر من قبله وقد كرب المزارع الأرض فلا شيء له في عمل الكراب وإذا مات أحد المتعاقدين بطلت المزارعة ولو مات رب الأرض قبل الزراعة بعدما كرب الأرض وحفر الأنهار انتقضت المزارعة ولا شيء للعامل بمقابلة ما عمل وإذا فسخت المزارعة بدين فادح لحق صاحب الأرض فاحتاج إلى بيعها فباع جاز كما في الإجارة وليس للعامل أن يطالبه بما كرب الأرض وحفر الأنهار بشيء ولو نبت الزرع ولم يستحصد لم تبع الأرض في الدين حتى يستحصد الزرع ويخرجه القاضي من الحبس إن كان حبسه بالدين وإذا انقضت مدة المزارعة والزرع لم يدرك كان على المزارع أجر مثل نصيبه من الأرض إلى أن يستحصد والنفقة على الزرع عليهما على مقدار حقوقهما فإن أنفق أحدهما بغير إذن صاحبه وأمر القاضي فهو متطوع ولو أراد رب الأرض أن يأخذ الزرع بقلا لم يكن له ذلك ولو أراد المزارع أن يأخذه بقلا قيل لصاحب الأرض اقلع الزرع فيكون بينكما أو اعطه قيمة نصيبه أو أنفق أنت على الزرع وارجع بما تنفقه في حصتهولو مات المزارع بعد نبات الزرع فقالت ورثته نحن نعمل إلى أن يستحصد الزرع وأبى رب الأرض فلهم ذلك ولا أجر لهم بما عملوا وكذلك أجرة الحصاد والرفاع والدياس والتذرية عليهما بالحصص فإن شرطاه في المزارعة على العامل فسدت
كتاب المساقاة
قال أبو حنيفة رحمه الله المساقاة بجزء من الثمر باطلة وقالا جائزة إذا ذكر مدة معلومة وسمى جزأ من الثمر مشاعا ويشترط تسمية الجزء مشاعا فإن سميا في المعاملة مدة يعلم أنه لا يخرج الثمر فيها فسدت المعاملة ولو سميا مدة قد يبلغ الثمر فيها وقد يتأخر عنها جازت ثم لو خرج في الوقت المسمي فهو على الشركة وإن تأخر فللعامل أجر المثل وتجوز المساقاة في النخل والشجر والكرم والرطاب وأصول الباذنجان وليس لصاحب الكرم أن يخرج العامل من غير عذر وكذا ليس للعامل أن يترك العمل بغير عذر فإن دفع نخلا فيه ثمر مساقاة والثمر يزيد بالعمل جاز وإن كانت قد انتهت لم يجز وإذا فسدت المساقاة فللعامل أجر مثله وتبطل المساقاة بالموت فإن مات رب الأرض والخارج بسر فللعامل أن يقوم عليه كما كان يقوم قبل ذلك إلى أن يدرك الثمر ولو التزم العامل الضرر يتخير ورثة الآخر بين أن يقتسموا البسر على الشرط وبين أن يعطوه قيمة نصيبه من البسر وبين أن ينفقوا على البسر حتى يبلغ فيرجعوا بذلك في حصة العامل من الثمر ولو مات العامل فلورثته أن يقوموا عليه وإن كره رب الأرض فإن إرادوا أن يصرموه بسرا كان صاحب الأرض بين الخيارات الثلاثة وإن ماتا جميعا فالخيار لورثة العامل فإن أبى ورثة العامل أن يقوموا عليه كان الخيار في ذلك لورثة رب الأرض وإذا انقضت مدة المعاملة والخارج بسر أخضر فهذا والأول سواء للعامل أن يقوم عليها إلى أن يدرك لكن بغير أجر وتفسخ بالأعذارومن دفع أرضا بيضاء إلى رجل سنين معلومة يغرس فيها شجرا على أن تكون الأرض والشجر بين رب الأرض والغارس نصفين لم يجز ذلك وجميع الثمر والغرس لرب الأرض وللغارس قيمة غرسه وأجر مثله فيما عمل
كتاب الذبائح
الذكاة شرط حل الذبيحة وهي اختيارية كالجرح فيما بين اللبة واللحيين واضطرارية وهي الجرح في أي موضع كان من البدن ومن شرطه أن يكون الذابح صاحب ملة التوحيد إما اعتقادا كالمسلم أو دعوى كالكتابي وأن يكون حلالا خارج الحرم وذبيحة المسلم والكتابي حلال ولا تؤكل ذبيحة المجوسي والمرتد والوثني والمحرم وكذا لا يؤكل ما ذبح في الحرم من الصيد وإن ترك الذابح التسمية عمدا فالذبيحة ميتة لا تؤكل وإن تركها ناسيا أكل والمسلم والكتابي في ترك التسمية سواء ثم التسمية في ذكاة الاختيار تشترط عند الذبح وهي على المذبوح وفي الصيد تشترط عند الإرسال والرمي وهي على الآلة ويكره أن يذكر مع اسم الله تعالى شيئا غيره وأن يقول عند الذبح اللهم تقبل من فلان والذبح بين الحلق واللبة وفي الجامع الصغير لا بأس بالذبح في الحلق كله وسطه وأعلاه وأسفله والعروق التي تقطع في الذكاة أربعة الحقوم والمريء والودجان وعندنا إن قطعها حل الأكل وإن قطع أكثرها فكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا بد من قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين ويجوز الذبح بالظفر والسن والقرن إذا كان منزوعا حتى لا يكون بأكله بأس إلا أنه يكره هذا الذبح ويجوز الذبح بالليطة والمروة وكل شيء أنهر الدم إلا السن القائم والظفر القائم ويستحب أن يحد الذابح شفرته ومن بلغ بالسكين النخاع أو قطع الرأس كره له ذلك وتؤكل ذبيحته وإن ذبح الشاة من قفاها فبقيت حية حتى قطع العروق حل وإنماتت قبل قطع العروق لم تؤكل وما استأنس من الصيد فذكاته الذبح وما توحش من النعم فذكاته العقر والجرح وكذا ما تردى من النعم في بئر ووقع العجز عن ذكاة الاختيار والمستحب في الإبل النحر فإن ذبحها جاز ويكره والمستحب في البقر والغنم الذبح فإن نحرهما جاز ويكره ومن نحر ناقة أو ذبح بقرة فوجد في بطنها جنينا ميتا لم يؤكل أشعر أو لم يشعر وهذا عند أبي حنيفة وقالا إذا تم خلقه أكل
فصل فيما يحل أكله وما لا يحل
ولا يجوز أكل ذي ناب من السباع ولا ذي مخلب من الطيور ولا بأس بغراب الزرع ولا يؤكل الأبقع الذي يأكل الجيف وكذا الغداف قال أبو حنيفة رحمه الله لا بأس بأكل العقعق ويكره أكل الضبع والضب والسلحفاة والزنبور والحشرات كلها ولا يجوزأكل الحمر الأهلية والبغال ويكره لحم الفرس عند أبي حنيفة ولا بأس بأكل الأرنب وإذا ذبح مالا يؤكل لحمه طهر جلده ولحمه إلا الآدمي والخنزير ولا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك ويكره أكل الطافي منه ولا بأس بأكل الجريث والمارماهي وأنواع السمك والجراد بلا ذكاة
كتاب الأضحية
الأضحية واجبة على كل حر مسلم مقيم موسر في يوم الأضحى عن نفسه وعن ولده الصغار ويذبح عن كل واحد منهم شاة أو يذبح بقرة أو بدنة عن سبعة ولو اشترى بقرة يريد أن يضحي بها عن نفسه ثم اشترك فيها ستة معه جاز استحسانا وليس على الفقير والمسافر أضحية ووقت الأضحية يدخل بطلوع الفجر من يوم النحر إلا أنه لا يجوز لأهل الأمصار الذبح حتى يصلي الإمام العيد فأما أهل السواد فيذبحون بعد الفجر وهي جائزة في ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده ولو لميضح حتى مضت أيام النحر إن كان أوجب على نفسه أو كان فقيرا وقد اشترى الأضحية تصدق بها حية وإن كان غنيا تصدق بقيمة شاة اشترى أو لم يشتر ولا يضحى بالعمياء والعوراء والعرجاء التي لا تمشي إلى المنسك ولا العجفاء ولا تجزى مقطوعة الأذن والذنب ولا التي ذهب أكثر أذنها وذنبها وإن بقي أكثر الأذن والذنب جاز ويجوز أن يضحى بالجماء والخصي والثولاء والجرباء والسكاء وهذا إن كانت هذه العيوب قائمة وقت الشراء ولو اشتراها سليمة ثم تعيبت بعيب مانع إن كان غنيا عليه غيرها وإن كان فقيرا تجزئه هذه ولو أضجعها فاضطربت فانكسرت رجلها فذبحها أجزأه استحسانا وكذا لو تعيبت في هذه الحالة فانفلتت ثم أخذت من فوره وكذا بعد فوره عند محمد خلافا لأبي يوسف والأضحية من الإبل والبقر والغنم ويجزىء من ذلك كله الثنى فصاعدا إلى الضأن فإن الجذع منه يجزىء وإذا اشترى سبعة بقرة ليضحوا بها فمات أحدهم قبل النحر وقالت الورثة اذبحوها عنه وعنكم أجزأهم وإن كان شريك الستة نصرانيا أو رجلا يريد اللحم لم يجز عن واحد منهم ولو ذبحوها عن صغير في الورثة أو أم ولد جاز ولو مات واحد منهم فذبحها الباقون بغير إذن الورثة لا تجزئهم ويأكل من لحم الأضحية ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر ويستحب أن لا ينقص الصدقة عن الثلث ويتصدق بجلدها أو يعمل منه آلة تستعمل في البيت ولا بأس بأن يشتري به ما ينتفع في البيت بعينه مع بقائه ولا يشتري به مالا ينتفع به إلا بعد استهلاكه كالخل والأبازير ولا يعطى أجرة الجزار من الأضحية ويكره أن يجز صوف أضحيته وينتفع به قبل أن يذبحها والأفضل أن يذبح أضحيته بيده إن كان يحسن الذبح ويكره أن يذبحها الكتابي وإذا غلط رجلان فذبح كل واحد منهما أضحية الآخر أجزأ عنهما ولا ضمان عليهما ومن غصب شاة فضحى بها ضمن قيمتها وجاز عن أضحيته= كتاب الكراهية
المروي عن محمد رحمه الله أن كل مكروه حرام إلا أنه لما لم يجد فيه نصا قاطعا لم يطلق عليه لفظ الحرام وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب وهو يشتمل على فصول منها
فصل في الأكل والشرب
قال أبو حنيفة يكره لحوم الأتن وألبانها وأبوال الإبل وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بأبوال الإبل ولا يجوز الأكل والشرب والأدهان والتطيب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء ولا بأس باستعمال آنية الرصاص والزجاج والبلور والعقيق ويجوز الشرب في الإناء المفضض والركوب على السرج المفضض والجلوس على الكرسي المفضض والسرير المفضض إذا كان يتقي موضع الفضة وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف يكره ذلك ومن أرسل أجيرا له مجوسيا أو خادما فاشترى لحما فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم وسعه أكله وإن كان غير ذلك لم يسعه أن يأكل منه ويجوز أن يقبل في الهدية والاذن قول العبد والجارية والصبي ويقبل في المعاملات قول الفاسق ولا يقبل في الديانات إلا قول العدل ويقبل فيها قول العبد والحر والأمة إذا كانوا عدولا ومن دعي إلى وليمة أو طعام فوجد ثمة لعبا أو غناء فلا بأس بأن يقعد ويأكل
فصل في اللبس
ولا يحل للرجال لبس الحرير ويحل للنساء إلا أن القليل عفو وهو مقدار ثلاثة أصابع أو أربعة كالأعلام والمكفوف بالحرير ولا بأس بتوسده والنوم عليه عند أبي حنيفة وقالا يكره ولا بأس بلبس الحرير والديباج في الحرب عندهما ويكره عند أبي حنيفة رحمه الله ولا بأس بلبس ما سداه حرير ولحمته غير حرير كالقطن والخزفي الحرب وغيره وما كان لحمته حريرا وسداه غير حرير لا بأس به في الحرب ويكره في غيره ولا يجوز للرجال التحلي بالذهب ولا بالفضة إلا بالخاتم والمنطقة وحلية السيف من الفضة والتختم بالذهب على الرجال حرام ولا بأس بمسمار الذهب يجعل في حجر الفص ولا تشد الأسنان بالذهب وتشد بالفضة ويكره أن يلبس الذكور من الصبيان الذهب والحرير وتكره الخرقة التي تحمل فيمسح بها العرق وكذا التي يمسح بها الوضوء أو يمتخط بها ولا بأس بأن يربط الرجل في أصبعه أو خاتمه الخيط للحاجة
فصل في الوطء والنظر والمس
ولا يجوز أن ينطر الرجل إلى الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة ولا يحل له أن يمس وجهها ولا كفيها وإن كان يأمن الشهوة والصغيرة إذا كانت لا تشتهي يباح مسها والنظر إليها ويجوز للقاضي إذا أراد أن يحكم عليها وللشاهد إذا أراد أداء الشهادة عليها النظر إلى وجهها وإن خاف أن يشتهي ومن أراد أن يتزوج امرأة فلا بأس بأن ينظر إليها وإن علم أنه يشتهيها ويجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع المرض منها وينبغي أن يعلم امرآة مداواتها فإن لم يقدر يستر كل عضو منها سوى موضع المرض وكذا يجوز للرجل النظر إلى موضع الاحتقان من الرجل وينظر الرجل من الرجل إلى جميع بدنه إلا ما بين سرته إلى ركبته وما يباح النظر إليه للرجل من الرجل يباح المس ويجوز للمرأة أن تنظر من الرجل إلى ما ينظر الرجل إليه منه إذا أمنت الشهوة وتنظر المرأة من المرأة إلى ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من الرجل وينظر الرجل من أمته التي تحل له وزوجته إلى فرجها وينظر الرجل من ذوات محارمه إلى الوجه والرأس والصدر والساقين والعضدين ولا ينظر إلى ظهرها وبطنها وفخذها ولا بأس بأن يمس ما جاز أن ينظر إليه منها إلا إذا كان يخاف عليها أو على نفسه الشهوةولا بأس بالخلوة والمسافرة بهن وينظر الرجل من مملوكة غيره إلى ما يجوز أن ينظر إليه من ذوات محارمه ولا بأس بأن يمس ذلك إذا أراد الشراء وإن خاف أن يشتهي وأذا حاضت الأمة لم تعرض في إزار واحد والخصى في النظر إلى الأجنبية كالفحل ولا يجوز للمملوك أن ينظر من سيدته إلاإلى ما يجوك للأجنبي النظر إليه منها ويعزل عن أمته بغير إذنها ولا يعزل عن زوجته إلا بإذنها
فصل في الاستبراء وغيره
ومن اشترى جارية فإنه لا يقربها ولا يلمسها ولا يقبلها ولا ينظر إلى فرجها بشهوة حتى يستبرئها ويجب في جارية للمشترى فيها شقص فاشترى الباقي ولا يجب الاستبراء إذا رجعت الآبقة أو ردت المغصوبة والمؤاجرة أو فكت المرهونة والاستبراء في الحامل بوضع الحمل وفي ذوات الأشهر بالشهر وإذا حاضت في أثنائه بطل الاستبراء بالأيام ولا بأس بالاحتيال لإسقاط الاستبراء عند أبي يوسف خلافا لمحمد ولا يقرب المظاهر ولا يلمس ولا يقبل ولا ينظر إلى فرجها بشهوة حتى يكفر ومن له أمتان أختان فقبلهما بشهوة فإنه لا يجامع واحدة منهما ولا يقبلها ولا يمسها بشهوة ولا ينظر إلى فرجها بشهوة حتى يملك فرج الأخرى غيره بملك أو نكاح أو يعتقها ويكره أن يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه وهذا عند أبي حنيفة ومحمد ولا بأس بالمصافحة
فصل في البيع
ولا بأس ببيع السرقين ويكره بيع العذرة ومن علم بجارية أنها لرجل فرأى آخر يبيعها وقال وكلني صاحبها ببيعها فإنه يسعه أن يبتاعها ويطأها ولو أن امرآة أخبرها ثقة أن زوجها الغائب مات عنها أو طلقها ثلاثا أو كان غير ثقة وأتاها بكتاب من زوجها بالطلاق ولا تدري أنه كتابه أم لا إلا أن أكبر رأيها أنه حق فلا بأس بأن تعتد ثم تتزوج وإذا باع المسلم خمرا وأخذ ثمنها وعليه دين فإنه يكرهلصاحب الدين أن يأخذ منه وإن كان البائع نصرانيا فلا بأس به ويكره الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم إذا كان ذلك في بلد يضر الاحتكار بأهله وكذلك التلقي فإما إذا كان لا يضر فلا بأس به ومن احتكر غلة ضيعته أو ما جلبه من بلد آخر فليس بمحتكر ولا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس ويكره بيع السلاح في أيام الفتنة ولا بأس ببيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرا ومن أجر بيتا ليتخذ فيه بيت نار أو كنيسة أو بيعة أو يباع فيه الخمر بالسواد فلا بأس به ومن حمل لذمي خمرا فإنه يطيب له الأجر عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يكره له ذلك ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة ويكره بيع أرضها ومن وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما شاء يكره له ذلك
مسائل متفرقة
ويكره التعشير والنقط في المصحف ولا بأس بحلية المصحف ولا بأس بأن يدخل أهل الذمة المسجد الحرام ويكره استخدام الخصيان ولا بأس بإحصاء البهائم وإنزاء الحمير على الخيل ولا بأس بعيادة اليهودي والنصراني ويكره أن يقول الرجل في دعائه أسألك بمعقد العز من عرشك ويكره أن يقول الرجل في دعائه بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك ويكره اللعب بالشطرنج والنرد والأربعة عشر وكل لهو ولا بأس بقبول هدية العبد التاجر وإجابة دعوته واستعارة دابته وتكره كسوته الثوب وهديته الدراهم والدنانير ومن كان في يده لقيط لا أب له فإنه يجوز قبضه الهبة والصدقة له ولا يجوز للملتقط أن يؤاجره ويجوز للأم أن تؤاجر ابنها إذا كان في حجرها ولا يجوز للعم ولو أجر الصبي نفسه لا يجوز إلا إذا فرغ من العمل ويكره أن يجعل الرجل في عنق عبده الراية ولا يكره أن يقيده ولا بأس بالحقنة يريد بها التداوي ولا بأس برزق القاضي ولا بأس بأن تسافر الأمة وأم الولد بغير محرم= كتاب إحياء الموات
الموات مالا ينفع به من الأراضي لانقطاع الماء عنه أو لغلبة الماء عليه أو ما أشبه ذلك مما يمنع الزراعة فما كان منها عاديا لا مالك له أو كان مملوكا في الإسلام لا يعرف له مالك بعينه وهو بعيد من القرية بحيث إذا وقف إنسان من أقصى العامر فصاح لا يسمع الصوت فيه فهو موات ثم من أحياه بإذن الأمام ملكه وإن أحياه بغير إذنه لم يملكه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يملكه ويملكه الذمي بالإحياء كما يملكه المسلم ومن حجر ارضا ولم يعمرها ثلاث سنين أخذها الإمام ودفعها إلى غيره ولا يجوز إحياء ما قرب من العامر ويترك مرعى لأهل القرية ومطرحا لحصائدهم ومن حفر بئرا في برية فله حريمها فإن كانت للعطن فحريمها أربعون ذراعا وإن كانت للناضح فحريمها ستون ذراعا وهذا عندهما وعند أبي حنيفة رحمه الله أربعون ذراعا وإن كانت عينا فحريمها خمسمائة ذراع فمن أراد أن يحفر في حريمها منع منه والقناة لها حريم بقدر ما يصلحها والشجرة تغرس في أرض موات لها حريم أيضا حتى لم يكن لغيره أن يغرس شجرا في حريمها وما ترك الفرات أو الدجلة وعدل عنه الماء ويجوز عوده إليه لم يجز إحياؤه وإن كان لا يجوز أن يعود إليه فهو كالموات إذا لم يكن حريما لعامر ومن كان له نهر في أرض غيره فليس له حريم عند أبي حنيفة إلا أن يقيم بينة على ذلك وقالا له مسناة النهر يمشي عليها ويلقي عليها طينه وفي الجامع الصغير نهر لرجل إلى جنبه مسناة ولآخر خلف المسناة أرض تلزقها وليست المسناة في يد إحداهما فهي لصاحب الأرض عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا هي لصاحب النهر حريما
فصول في مسائل الشرب
فصل في المياه
وإذا كان لرجل نهر أو بئرا أو قناة فليس له أن يمنع شيئا من الشفة والشفة الشرب لبني آدم والبهائم
فصل في كرى الأنهار
الأنهار ثلاثة نهر غير مملوك لأحد لم يدخل ماؤه في المقاسم بعد كالفرات ونحوه ونهر مملوك دخل ماؤه في القسمة إلا أنه عام ونهر مملوك دخل ماؤه في القسمة وهو خاص والفاصل بينهما استحقاق الشفعة به وعدمه فالأول كريه على السلطان من بيت مال المسلمين فإن لم يكن في بيت المال شيء فالإمام يجبر الناس على كريه وأما الثاني فكريه على أهله لا على بيت المال ومن أبى منهم يجبر على كريه وأما الثالث وهو الخاص من كل وجه فكريه على أهله ثم قيل يجبر الآبي كما في الثاني وقيل لا يجبر ولا يجبر لحق الشفة كما إذا امتنعوا جميعاومؤنة كرى النهر المشترك عليهم من أعلاه فإذا جاوز أرض رجل رفع عنه عند أبي حنيفة وقالا هي عليهم جميعا من أوله إلى آخره بحصص الشرب والأرضين
فصل في الدعوى والاختلاف والتصرف فيه
وتصح دعوى الشرب بغير أرض استحسانا وإذا كان نهر لرجل يجري في أرض غيره فأراد صاحب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه ترك على حاله وإذا كان نهر بين قوم واختصموا في الشرب كان الشرب بينهم على قدر أراضيهم وليس لأحد من الشركاء في النهر أن يسوق شربه إلى أرض له أخرى ليس لها في ذلك شرب وكذا أذا أراد أن يسوق شربه في أرضه الأولى حتى ينتهي إلى هذه الأرض الأخرى وإذا سقى الرجل أرضه أو مخرها ماء فسال من مائها في أرض رجل فغرقها أو نزت أرض جاره من هذا الماء لم يكن عليه ضمانها
كتاب الأشربة
الأشربة المحرمة أربعة الخمر وهي عصير العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد والعصير إذا طبخ حتى يذهب أقل من ثلثيه ونقيع التمر وهو السكر ونقيع الزبيبإذا اشتد وغلى وقال في الجامع الصغير وما سوى ذلك من الأشربة فلا بأس به وقال فيه أيضا وكان أبو يوسف يقول ما كان من الأشربة يبقى بعدما يبلغ عشرة أيام ولا يفسد فإني أكرهه ثم رجع إلى قول أبي حنيفة رحمه الله وقال في المختصر ونبيذ التمر والزبيب إذا طبخ كل واحد منهما أدنى طبخة حلال وإن اشتد إذا شرب منه ما يغلب على ظنه أنه لا يسكره من غير لهو ولا طرب ولا بأس بالخليطين ونبيذ العسل والتين ونبيذ الحنطة والذرة والشعير حلال وإن لم يطبخ وعصير العنب إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه حلال وإن اشتد ولا بأس بالانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير وإذا تخللت الخمر حلت سواء صارت خلا بنفسها أو بشيء يطرح فيها ولا يكره تخليلها ويكره شرب دردى الخمر والامتشاط به ولا يحد شاربه إن لم يسكر ويكره الاحتقان بالخمر وإقطارها في الإحليل ويكره أكل خبز عجن عجينه بالخمر
كتاب الصيد
فصل في الجوارح
ويجوز الاصطياد بالكلب المعلم والفهد والبازي وسائر الجوارح المعلمة وفي الجامع الصغير وكل شيء علمته من ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطيور فلا بأس بصيده ولا خير فيما سوى ذلك إلا أن تدرك ذكاته وتعليم الكلب أن يترك الأكل ثلاث مرات وتعليم البازي أن يرجع ويجيب إذا دعوته وإذا أرسل كلبه المعلم أو بازيه وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات حل أكله فإن أكل منه الكلب أو الفهد لم يؤكل وإن أكل منه البازي أكل ولو انه صاد صيودا ولم يأكل منها ثم أكل من صيد لا يؤكل هذا الصيد ولو أن صقرا فر من صاحبه فمكث حينا ثم صاد لا يؤكل صيده ولو شربالكلب من دم الصيد ولم يأكل منه أكل ولو أخذ الصيد من المعلم ثم قطع منه قطعة وألقاها إليه فأكلها يؤكل ما بقي ولو نهس الصيد فقطع منه بضعة فأكلها ثم أدرك الصيد فقتله ولم يأكل منه لم يؤكل ولو ألقى ما نهسه واتبع الصيد فقتله ولم يأكل منه وأخذه صاحبه ثم مر بتلك البضعة فأكلها يؤكل الصيد وإن أدرك المرسل الصيد حيا وجب عليه أن يزكيه وأن ترك تذكيته حتى مات لم يؤكل وكذا البازي والسهم ولو أدركه ولم يأخذه فإن كان في وقت لو أخذه أمكنه ذبحه لم يؤكل وإن كان لا يمكنه ذبحه أكل وإن أدركه فذكاه حل له وإذا أرسل كلبه المعلم على صيد وأخذ غيره حل ولو أرسله على صيد كثير وسمى مرة واحدة حالة الإرسال فلو قتل الكل يحل بهذه التسمية الواحدة ومن أرسل فهدا فكمن حتى يستمكن ثم أخذ الصيد فقتله يؤكل وكذا الكلب إذا اعتاد عادته ولو أخذ الكلب صيدا فقتله ثم أخذ آخر فقتله وقد أرسله صاحبه أكلا جميعا ولو قتل الأول فجثم عليه طويلا من النهار ثم مر به صيد آخر فقتله لا يؤكل الثاني ولو أرسل بازيه المعلم على صيد فوقع على شيء ثم اتبع الصيد فأخذه وقتله فإنه يؤكل ولو أن بازيا معلما أخذ صيدا فقتله ولا يدري أرسله إنسان أم لا لا يؤكل وإن خنقه الكلب ولم يجرحه لم يؤكل وإن شاركه كلب غير معلم أو كلب مجوسي أو كلب لم يذكر اسم الله عليه لم يؤكل ولو رده عليه الكلب الثاني ولم يجرحه معه ومات بجرح الأول يكره أكله ولو لم يرده الكلب الثاني على الأول لكنه اشد على الأول حتى اشتد على الصيد فأخذه وقتله لا بأس بأكله وإذا أرسل المسلم كلبه فزجره مجوسي فانزجر بزجره فلا بأس بصيده ولو أرسله مجوسي فزجره مسلم فانزجر بزجره لم يؤكل وإن لم يرسله أحد فزجره مسلم فانزجر فأخذ الصيد فلا بأس بأكله ولو أرسل المسلم كلبه على صيد وسمى فأدركه فضربه ووقذه ثم ضربه فقتله أكل وكذا إذا أرسل كلبين فوقذه أحدهما ثم قتله الآخر أكل ولو أرسل رجلان كل واحد منهما كلبا فوقذه أحدهما وقتله الآخر أكل والملك للأول
فصل في الرمي
ومن سمع حسا فظنه حس صيد فرماه أو أرسل كلبا أو بازيا عليه فأصاب صيدا ثم تبين أنه حس صيد حل المصاب وإن تبين أنه حس آدمي أو حيوان أهلي لا يحل المصاب والطير الداجن الذي يأوي البيوت أهلي والظبي الموثق بمنزلته ولو رمى إلى طائر فأصاب صيدا ومر الطائر ولا يدري وحشي هو أو غير وحشي حل الصيد ولو رمى إلي بعير فأصاب صيدا ولا يدري ناد هو أم لا لا يحل الصيد ولو رمى إلى سمكة أو جرادة فأصاب صيدا يحل في رواية عن أبي يوسف ولو رمى فأصاب المسموع حسه وقد ظنه آدميا فإذا هو صيد يحل وإذا سمى الرجل عند الرمي أكل ما أصاب إذا جرح السهم فمات فإن ادركه حيا ذكاه وإذا وقع السهم بالصيد فتحامل حتى غاب عنه ولم يزل في طلبه حتى أصابه ميتا أكل وإن قعد عن طلبه ثم أصابه ميتا لم يؤكل ولو وجد به جراحة سوى سهمه لا يحل وإذا رمى صيدا فوقع في الماء أو وقع على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض لم يؤكل وإن وقع على الأرض ابتداء أكل وما أصابه المعراض بعرضه لم يؤكل وإن جرحه يؤكل ولا يؤكل ما أصابته البندقية فمات بها وإذا رمى صيدا فقطع عضوا منه أكل الصيد ولا يؤكل العضو ولو قده نصفين أو قطعه أثلاثا والأكثر مما يلي العجز أو قطع نصف رأسه أو أكثر منه يحل المبان والمبان منه ولو ضرب عنق شاة فأبان رأسها يحل ولو ضرب صيدا فقطع يدا أو رجلا ولم يبنه إن كان يتوهم الالتئام والاندمال فإذا مات حل أكله ولا يؤكل صيد المجوسي والمرتد والوثني ومن رمى صيدا فأصابه ولم يثخنه ولم يخرجه عن حيز الامتناع فرماه آخر فقتله فهو للثاني ويؤكل وإن كان الأول أثخنه فرماه الثاني فقتله فهو للأول ولم يؤكل والثاني ضامن لقيمته للأول غير ما نقصته جراحته ويجوز اصطياد ما يؤكل لحمه من الحيوان وما لا يؤكل= كتاب الرهن الرهن ينعقد بالإيجاب والقبول ويتم بالقبض وإذا قبضه المرتهن محوزا مفرغا متميزا تم العقد فيه ومالم يقبضه فالراهن بالخيار إن شاء سلمه وإن شاء رجع عن الرهن وإذا سلمه إليه فقبضه دخل في ضمانه ولايصح الرهن إلا بدين مضمون وهو مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين فإذا هلك في يد المرتهن وقيمته والدين سواء صار المرتهن مستوفيا لدينه وإن كانت قيمة الرهن أكثر فالفضل أمانة في يده فإن كانت أقل سقط من الدين بقدره ورجع المرتهن بالفضل وللمرتهن أن يطالب الراهن بديته ويحبسه به وإذا طلب المرتهن دينه يؤمر بإحضار الرهن وإذا أحضره أمر الراهن بتسليم الدين إليه أولا وإن طالبه بالدين في غير البلد الذي وقع العقد فيه إن كان الرهن مما لا حمل له ولا مؤنة فكذلك الجواب وإن كان له حمل ومؤنه يستوفى دينه ولا يكلف إحضار الرهن ولو سلط الراهن العدل على بيع المرهون فباعه بنقد أو نسيئة جاز فلو طالب المرتهن بالدين لا يكلف المرتهن إحضار الرهن وكذا إذا أمر المرتهن ببيعه فباعه ولم يقبض الثمن ولو قبضه يكلف إحضاره إلا أن الذي يتولى قبض الثمن هو المرتهن ولو وضع الرهن على يد العدل وأمر أن يودعه غيره ففعل ثم جاء المرتهن يطلب دينه لا يكلف إحضار الرهن ولو وضعه العدل في يد من في عياله وغاب وطلب المرتهن دينه والذي في يده يقول أودعني فلان ولا أدري لمن هو يجبر الراهن على قضاء الدين وكذلك إذا غاب العدل بالرهن ولا يدري أين هو ولو أن الذي أودعه العدل جحد الرهن وقال هو مالي لم يرجع المرتهن على الراهن بشيءحتى يثبت كونه رهنا وإن كان الرهن في يده ليس عليه أن يمكنه من البيع حتى يقضيه الدين ولو قضاه البعض فله أن يحبس كل الرهن حتى يستوفي البقية فإذا قضاه الدين قيل له سلم الرهن إليه فلو هلك قبل التسليم استرد الراهن ما قضاه وكذلك لو تفاسخا الرهن له حبسه مالم يقبض الدين أو يبرئه
ولا يبطل الرهن إلا بالرد على الراهن على وجه الفسخ ولو هلك في يده سقط الدين إذا كان به وفاء بالدين وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن لا باستخدام ولا سكنى ولا لبس إلا أن يأذن له المالك وليس له أن يبيع إلا بتسليط من الراهن وليس له أن يؤاجر ويعبر وللمرتهن أن يحفظ الرهن بنفسه وزوجته وولده وخادمه الذي في عياله وإن حفظه بغير من في عياله أو أودعه ضمن وإذا تعدى المرتهن في الرهن ضمنه ضمان الغصب بجميع قيمته فلو رهنه خاتما فجعله في خنصره فهو ضامن ولو جعله في بقية الأصابع كان رهنا بما فيه ولو رهنه سيفين أو ثلاثة فتقلدها لم يضمن في الثلاثة وضمن في السيفين وأجرة البيت الذي يحفظ فيه الرهن على المرتهن وكذلك أجرة الحافظ وأجرة الراعي ونفقة الرهن على الراهن ومداواة الجراحة ومعالجة القروح ومعالجة الأمراض والفداء من الجناية تنقسم على المضمون والأمانة والخراج على الراهن خاصة والعشر فيما يخرج مقدم على حق المرتهن وما أداه أحدهما مما وجب على صاحبه فهو متطوع وما أنفق أحدهما مما يجب على الآخر بأمر القاضي يرجع عليه
 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لايجوز
ولايجوز رهن المشاع ولا رهن ثمرة على رؤوس النخيل دون النخيل ولا زرع الأرض دون الأرض ولا رهن النخيل في الأرض دونها وكذا إذا رهن الأرض دون النخيل أو دون الزرع أو النخيل دون الثمن ولو رهن النخيل بمواضعها جاز ولو كان فيه تمر يدخل في الرهن ويدخل البناء والغرس في رهن الأرض والدار والقرية ولو رهن الدار بما فيها جاز ولو استحق بعضه إن كان الباقي يجوز ابتداء الرهن عليه وحده بقي رهنا بحصته وإلآ بطل كله ولا يصح الرهن بالأمانات كالودائع والعواري والمضاربات ومال الشركة وكذلك لا يصح بالأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع في يد البائع فأما الأعيان المضمونة بعينها وهو أن يكون مضمونا بالمثل أو بالقيمة عند هلاكه مثل المغصوب وبدل الخلع والمهر وبدل الصلح عن دم العمد يصحالرهن بها والرهن بالدرك باطل والكفالة بالدرك جائزة ويصح الرهن براس مال السلم وبثمن الصرف والمسلم فيه والرهن بالمبيع باطل فإن هلك ذهب بغير شيء وإن هلك الرهن بثمن الصرف ورأس مال السلم في مجلس العقد تم الصرف والسلم وصار المرتهن مستوفيا لدينه حكما وإن افترقا قبل هلاك الرهن بطلا وإن هلك الرهن بالمسلم فيه بطل السلم بهلاكه ولو تفاسخا السلم وبالمسلم فيه رهن يكون ذلك رهنا برأس المال حتى يحبسه ولو هلك الرهن بعد التفاسخ يهلك بالطعام المسلم فيه ولا يجوز رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد ولا يجوز الرهن بالشفعة ولا بالعبد الجاني والعبد المديون المأذون ولا بأجرة النائحة والمغنية ولا يجوز للمسلم أن يرهن خمرا أو يرتهنه من مسلم أو ذمي ولو اشترى عبدا ورهن بثمنه عبدا أو خلا أو شاة مذبوحة ثم ظهر العبد حرا أو الخل خمرا أو الشاة ميتة فالرهن مضمون وكذا إذا قتل عبدا ورهن بقيمته رهنا ثم ظهر أنه حر وكذا إذا صالح على إنكار ورهن بما صالح عليه رهنا ثم تصادقا أن لا دين فالرهن مضمون ويجوز للأب أن يرهن بدين عليه عبدا لابنه الصغير ولو هلك يهلك مضمونا والوديعة تهلك أمانة والوصي يمنزلة الأب وإذا جاز الرهن يصير المرتهن مستوفيا دينه لو هلك في يده ويصير الأب موفيا له ويضمنه للصبي وإذا رهن الأب متاع الصغير من نفسه أو من ابن له صغيرا أو عبد له تاجر لا دين عليه جاز ولو ارتهنه الوصي من نفسه أو من هذين أو رهن عينا له من اليتيم بحق لليتيم عليه لم يجز وإن استدان الوصي لليتيم في كسوته وطعامه فرهن به متاعا لليتيم جاز وكذلك لو اتجر لليتيم فارتهن أو رهن وإذا رهن الأب متاع الصغير فأدرك الابن ومات الأب ليس للابن أن يرده حتى يقضي الدين ولو كان الأب رهنه لنفسه فقضاه الابن رجع به في مال الأب وكذا إذا هلك قبل أن يفتكه ولو رهنه بدين على نفسه وبدين على الصغير جاز فإن هلك ضمن الأب حصته من ذلك للولد ولو رهن الوصي متاعا لليتيم في دين استدانه عليه وقبض المرتهن ثم استعاره الوصي لحاجة اليتيم فضاع في يد الوصي فإنه خرج من الرهن وهلك من مال اليتيم والمال دين على الوصي ثم يرجع بذلك على الصبي ولو استعاره لحاجة نفسه ضمنه للصبي ولو غصبه الوصيبعد ما رهنه فاستعمله لحاجة نفسه حتى هلك عنده فالوصي ضامن لقيمته فإن كانت قيمته مثل الدين أداه إلى المرتهن ولا يرجع على اليتيم وإن كانت قيمته أقل أدى قدر القيمة إلى المرتهن وأدى الزيادة من مال اليتيم وإن كانت قيمة الرهن أكثر من الدين أدى قدر الدين من القيمة إلى المرتهن والفضل لليتيم وإن كان لم يحل الدين فالقيمة رهن ولو أنه غصبه واستعمله لحاجة صغير حتى هلك في يده يضمنه لحق المرتهن ولا يضمنه لحق الصغير ويجوز رهن الدراهم والدنانير والمكيل والموزون فإن رهنت بجنسها فهلكت هلكت بمثلها من الدين وإن اختلفا في الجودة وفي الجامع الصغير فإن رهن أبريق فضة وزنه عشرة بعشرة فضاع فهو بما فيه فإن كانت قيمته أقل من الدين فهو الخلاف ومن باع عبدا على أن يرهنه المشتري شيئا بعينه جاز استحسانا ولو امتنع المشتري عن تسليم الرهن لم يجبر عليه ولكن البائع بالخيار إن شاء رضي بترك الرهن وإن شاء فسخ البيع إلا أن يدفع المشتري الثمن حالا أو يدفع قيمة الرهن رهنا ومن اشترى ثوبا بدراهم فقال للبائع امسك هذا الثوب حتى أعطيك الثمن فالثوب رهن
فصل
ومن رهن عبدين بألف فقضى حصة أحدهما لم يكن له أن يقبضه حتى يؤدى باقي الدين فإن رهن عينا واحدة عند رجلين بدين لكل واحد منهما عليه جاز وجميعها رهن عند كل واحد منهما فإن تهايآ فكل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر والمضمون على كل واحد منهما حصته من الدين فإن أعطى أحدهما دينه كان كله رهنا في يد الآخر وإن رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا فهو جائز والرهن رهن بكل الدين فللمرتهن أن يمسكه حتى يستوفي جميع الدين فإن أقام الرجلان كل واحد منهما البينة على رجل أنه رهنه عبده الذي في يده وقبضه فهو باطل ولو مات الراهن والعبد في أيديهما فأقام كل واحد منهما البينة على ما وصفنا كان في يد كل واحد منهما نصفه رهنا يبيعه بحقه استحسانا
 باب الرهن يوضع على يد العدل
وإذا اتفقا على وضع الرهن على يد العدل جاز وليس للمرتهن ولا للراهن أنيأخذه منه فلو هلك في يده هلك في ضمان المرتهن ولو دفع العدل إلى الراهن أو المرتهن ضمن وإذا ضمن العدل قيمة الرهن بعدما دفع إلى أحدهما وقد استهلكه المدفوع إليه أو هلك في يده لا يقدر أن يجعل القيمة رهنا في يده وإن كان ضمنها بالدفع إلى المرتهن فالراهن يأخذ القيمة منه وإذا وكل الراهن المرتهن أو العدل أو غيرهما ببيع الرهن عند حلول الدين فالوكالة جائزة وإن شرطت في عقد الرهن فليس للراهن أن يعزل الوكيل وإن عزله لم ينعزل ولو وكله بالبيع مطلقا حتى ملك البيع بالنقد والنسيئة ثم نهاه عن البيع نسيئة لم يعمل نهيه وكذا إذا غزله المرتهن لا ينعزل وإن مات الراهن لم ينعزل وللوكيل أن يبيعه بغير محضر من الورثة كما يبيعه في حال حياته بغير محضر منه وإن مات المرتهن فالوكيل على وكالته وإن مات الوكيل انتقضت الوكالة ولا يقوم وارثه ولا وصيه مقامه وليس للمرتهن أن يبيعه إلا برضا الراهن وليس للراهن أن يبيعه إلا برضا المرتهن فإن حل الأجل وأبى الوكيل الذي في يده الرهن أن يبيعه والراهن غائب أجبر على بيعه وكذلك الرجل يوكل غيره بالخصومة وغاب الموكل فأبى أن يخاصم أجبر على الخصومة وإذا باع العدل المرهن فقد خرج من الرهن ولثمن قائم مقامه فكان رهنا وإن لم يقبض بعد وإن باع الرهن فأوفى المرتهن الثمن ثم استحق الرهن فضمنه العدل كان بالخيار إن شاء ضمن الراهن قيمته وإن شاء ضمن المرتهن الثمن الذي أعطاه وليس له أن يضمنه غيره وإن مات العبد المرهون في يد المرتهن ثم استحقه رجل فله الخيار إن شاء ضمن الراهن وإن شاء ضمن المرتهن فإن ضمن الراهن فقد مات بالدين وإن ضمن المرتهن يرجع على الراهن بما ضمن من القيمة وبدينه
 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره
وإذا باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن فالبيع موقوف فإن أجاز المرتهن جاز وإن قضاه الراهن دينه جاز أيضا وإذا نفذ البيع بإجازة المرتهن ينتقل حقهإلى بدله هو الصحيح وإن لم يجز المرتهن البيع وفسخه انفسخ في رواية حتى لو افتك الراهن الرهن لا سبيل للمشتري عليه في أصح الروايتين لا ينفسخ بفسخه ولو باعه الراهن من رجل ثم باعه بيعا ثانيا من غيره قبل أن يجيزه المرتهن فالثاني موقوف أيضا على إجازته ولو باع الراهن ثم أجر أو وهب أو رهن من غيره وأجاز المرتهن هذه العقود جاز البيع الأول ولو اعتق الراهن عبد الرهن نفذ عتقه ثم إن كان الراهن موسرا والدين حالا طولب بأداء الدين وإن كان الدين مؤجلا أخذت منه قيمة العبد وجعلت رهنا مكانه حتى يحل الدين وإن كان معسرا سعى العبد في قيمته وقضى به الدين إلا إذا كان بخلاف جنس حقه ثم يرجع بما سعى على مولاه إذا أيسر ولو أقر المولى برهن عبده بأن قال له رهنتك عند فلان وكذبه العبد ثم أعتقه تجب السعاية ولو دبره الراهن صح تدبيره بالاتفاق ولو كانت أمه فاستولدها الراهن صح الاستيلاد بالاتفاق وإذا صحا خرجا من الرهن فإن كان الراهن موسرا ضمن قيمتهما وإن كان معسرا استسعى المرتهن المدبر وأم الولد في جميع الدين وكذلك لو استهلك الراهن الرهن فإن استهلكه أجنبي فالمرتهن هو الخصم في تضمينه فيأخذ القيمة وتكون رهنا في يده ولو استهلكه المرتهن والدين مؤجل غرم القيمة وكانت رهنا في يده حتى يحل الدين وإذا حل الدين وهو على صفة القيمة استوفى المرتهن منها قدر حقه ثم إن كان فيه فضل يرده على الراهن وإن نقصت عن الدين بتراجع السعر إلى خمسمائة وقد كانت قيمته يوم الرهن ألفا وجب بالاستهلاك خمسمائة وسقط من الدين خمسمائة وإذا أعار المرتهن الرهن للراهن ليخدمه أو ليعمل له عملا فقبضه خرج من ضمان المرتهن فإن هلك في يد الراهن هلك بغير شيء وللمرتهن أن يسترجعه إلى يده وكذلك لو أعاره أحدهما أجنبيا بإذن الآخرسقط حكم الضمان ولكل واحد منهما أن يرده رهنا كما كان ولو مات الراهن قبل الرد إلى المرتهن يكون المرتهن أسوة للغرماء وإذا استعار المرتهن الرهن من الراهن لعمل به فهلك قبل أن يأخذ في العمل هلك على ضمان الرهن وكذاإذا هلك بعد الفراغ من العمل ولو هلك في حالة العمل هلك بغير ضمان وكذا إذ أذن الراهن المرتهن بالاستعمال ومن استعار من غيره ثوبا ليرهنه فما رهنه به من قليل أو كثير فهو جائز ولو عين قدرا لا يجوز للمستعير أن يرهنه بأكثر منه ولا بأقل منه وكذلك التقييد بالجنس وبالمرتهن وبالبلد وإذا خالف كان ضامنا ثم إن شاء المعير ضمن المستعير ويتم عقد الرهن فيما بينه وبين المرتهن وإن شاء ضمن المرتهن ويرجع المرتهن بما ضمن وبالدين على الراهن وإن وافق إن كانت قيمته مثل الدين أو أكثر فهلك عند المرتهن يبطل المال عن الراهن ووجب مثله لرب الثوب على الراهن وإن كانت قيمته أقل من الدين ذهب بقدر القيمة وعلى الراهن بقية دينه للمرتهن ولو كانت قيمته مثل الدين فأراد المعير أن يفتكه جبرا عن الراهن لم يكن للمرتهن إذا قضى دينه أن يمتنع بخلاف الأجنبي إذا قضى الدين ولو هلك الثوب العارية عند الراهن قبل أن يرهنه أو بعدما أفتكه فلا ضمان عليه ولو اختلفا في ذلك فالقول للراهن كما لو اختلفا في مقدار ما أمره بالرهن به فالقول للمعير ولو رهنه المستعير بدين موعود وهو إن يرهنه به ليقرضه كذا فهلك في يد المرتهن قبل الإقراض والمسمى والقيمة سواء يضمن قدر الوعود المسمى ولو كانت العارية عبدا فأعتقه المعير جاز ثم المرتهن بالخيار إن شاء رجع بالدين على الراهن وإن شاء ضمن المعير قيمته وتكون رهنا عنده إلى أن يقبض دينه فيردها إلى المعير ولو استعار عبدا أو دابة ليرهنه فاستخدم العبد أو ركب الدابة قبل أن يرهنهما ثم رهنهما بمال مثل قيمتهما ثم قضى المال فلم يقبضهما حتى هلكا عند المرتهن فلاضمان على الراهن وكذا إذا أفتك الرهن ثم ركب الدابة أو استخدم العبد فلم يعطب ثم عطب بعد ذلك من غير صنعة لا يضمن وجناية الراهن على الرهن مضمونة وجناية المرتهن عليه تسقط من دينه بقدرها وجناية الرهن على الراهن والمرتهن وعلى مالهما هدر ومن رهن عبدا يساوي ألفا بألف إلى أجل فنقص في السعر فرجعت قيمته إلى مائة ثم قتله رجل وغرم قيمته مائة ثم حل الأجل فإن المرتهنيقبض المائة قضاءعن حقه ولا يرجع على الراهن بشيء وإن كان أمره الراهن أن يبيعه فباعه بمائة وقبض المائة قضاء من حقه فيرجع بتسعمائة وإن قتله عبد قيمته مائة فدفع مكانه افتكه بجميع الدين وإذا قتل العبد الراهن قتيلا خطأ فضمان الجناية على المرتهن وليس له أن يدفع ولو فدى طهر المحل فبقي الدين على حاله ولا يرجع على الراهن بشيء من الفداء ولو أبى المرتهن أن يفدى قيل للراهن ادفع العبد او افده بالدية فإذا امتنع عن الفداء يطالب الراهن بحكم الجناية ومن حكمها التخيير بين الدفع والفداء فإن اختارالدفع سقط الدين وكذلك إن فدى ولو استهلك العبد المرهون مالا يستغرق رقبته فإن أدى المرتهن الدين الذي لزم العبد قديتيه على حاله كما في الفداء وإن أبى قيل للراهن بعه في الدين إلا أن يختار أن يؤدى عنه فإن أدى بطل دين المرتهن وإن لم يؤد وبيع العبد فيه يأخذ صاحب دين العبد دينه فإن فضل شيء ودين غريم العبد مثل دين المرتهن أو أكثر فالفضل للراهن وبطل دين المرتهن وإن كان دين العبد أقل سقط من دين المرتهن بقدر دين العبد وما فضل من دين العبد يبقى رهنا كما كان ثم إن كان دين المرتهن قد حل أحذه به وإن كان لم يحل أمسكه حتى يحل وإن كان ثمن العبد لا يفي بدين الغريم أخذ الثمن ولم يرجع بما بقي على أحد حتى يعتق العبد ثم إذا أدى بعده لا يرجع على أحد وإن كانت قيمة العبد ألفين وهو رهن بألف وقد جنى العبد يقال لهما افدياه فإن تشاحا فالقول لمن قال أنا أفدى راهنا كان أو مرتهنا ويكون المرتهن في الفداء متطوعا في حصة الأمانة حتى لا يرجع على الراهن ولو أبى المرتهن أن يفدي وفداه الراهن فإنه يحتسب على المرتهن نصف الفداء من دينه ولو كان المرتهن فدى والراهن حاضر فهو متطوع وإن كان غائبا لم يكن متطوعا وإذا مات الراهن باع وصية الرهن وقضى الدين وإن لم يكن له وصي نصب القاضي له وصيا وأمره ببيعه وإن كان على الميت دين فرهن الوصي بعض التركة عند غريم من غرمائه لم يجز وللآخرين أن يردوه فإن قضى دينهم قبل أن يردوه جاز ولو لم يكن للميتغريم آخر جاز الرهن وبيع في دينه وإذا ارتهن الوصي بدين للميت على رجل جاز
فصل
ومن رهن عصيرا بعشرة قيمته عشرة فتخمر ثم صار خلا يساوي عشرة فهو رهن بعشرة ولو رهن شاة قيمتها عشرة بعشرة فماتت فدبغ جلدها فصار يساوي درهما فهو رهن بدرهم ونماء الرهن للراهن وهو مثل الولد والثمر واللبن والصوف فإن هلك يهلك بغير شيء وإن هلك الأصل وبقي النماء افتكه الراهن بحصته يقسم الدين على قيمة الرهن يوم القبض وقيمة النماء يوم الفكاك فما أصاب الأصل يسقط من الدين وما أصاب النماء افتكه الراهن ولو رهن شاة بعشرة وقيمتها عشرة وقال الراهن للمرتهن احلب الشاة فما حلبت فهو لك حلال فحلب وشرب فلا ضمان عليه في شيء من ذلك ولا يسقط شيء من الدين فإن لم يفتك الشاة حتى ماتت في يد المرتهن قسم الدين على قيمة اللبن الذي شرب وعلى قيمة الشاة فما أصاب الشاة سقط وما أصاب اللبن أخذه المرتهن من الراهن وتجوز الزيادة في الرهن ولا تجوز في الدين ( عند أبي حنيفة ومحمد ولا يصير الرهن رهنا بها وقال أبو يوسف تجوز الزيادة في الدين أيضا ) وإذا ولدت المرهونة ولدا ثم إن الراهن زاد مع الولد عبدا وقيمة كل واحد ألف فالعبد رهن مع الولد خاصة يقسم ما في الولد عليه وعلى العبد الزيادة ولو كانت الزيادة مع الأم يقسم الدين على قيمة الأم يوم العقد وعلى قيمة الزيادة يوم القبض فما أصاب الأم قسم عليها وعلى ولدها فإن رهن عبدا يساوي ألفا بألف ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعله مكان الأول ولو أبرأ المرتهن الراهن عن الدين أو وهبه منه ثم هلك الرهن في يد المرتهن يهلك بغير شيء استحسانا وكذا إذا ارتهنت المرأة رهنا بالصداق فابرأته أو وهبته أو ارتدت والعياذ بالله قبل الدخول أو اختلعت منه على صداقها ثم هلكالرهن في يدها يهلك بغير شيء في هذا كله ولم تضمن شيئا ولو استوفي المرتهن الدين بإيفاء الراهن أو بإيفاء متطوع ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين ويجب عليه رد ما استوفى منه وهو من عليه أو المتطوع بخلاف الأبراء وكذا إذا اشترى بالدين عينا أو صالح عنه على عين وكذلك إذا أحال الراهن المرتهن بالدين على غيره ثم هلك الرهن بطلت الحوالة ويهلك بالدين وكذا لو تصادقا على أن لا دين ثم هلك الرهن يهلك بالدين
كتاب الجنايات
القتل على خمسة أوجه عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطأ والقتل بسبب فالعمد ما تعمد ضربه بسلاح أو ما أجري مجرى السلاح كالمحدد من الخشب وليطة القصب والمروة المحددة والنار وموجب ذلك ألمأثم والقود إلا أن يعفو الأولياء أو يصالحوا وشبه العمد عند أبي حنيفة أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا ما أجرى مجرى السلاح وقال أبو يوسف ومحمد إذا ضربه بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة فهو عمد وشبه العمد أن يتعمد ضربه بما لا يقتل به غالبا وموجب ذلك على القولين الاثم والكفارة والدية مغلظة على العاقلة ويتعلق به حرمان الميراث والخطأ على نوعين خطأ في القصد وهو أن يرمى شخصا يظنه صيدا فإذا هو آدمي أو يظنه حربيا فإذا هو مسلم وخطأ في الفعل وهو أن يرمي غرضا فيصب آدميا وموجب ذلك الكفارة والدية على العاقلة ولا إثم فيه ويحرم من الميراث وما أجري مجرى الخطأ مثل النائم ينقلب على رجل فحكمه حكم الخطأ في الشرع وأما القتل بسبب كحافر البئر وواضع الحجر في غير ملكه وموجبه إذا تلف فيه آدمي الدية على العاقلة ولا كفارة فيه ولا يتعلق به حرمان الميراث وما يكون شبه عمد في النفس فهو عمد فيما سواها
 باب ما يوجب القصاص ومالا يوجبه
القصاص واجب بقتل محقون الدم على التأييد إذا قتل عمدا ويقتل الحر بالحر والحر بالعبد والمسلم بالذمي ولا يقتل بالمستأمن ولا يقتل الذمي بالمستأمن ويقتل المستأمن بالمستأمن ويقتل الرجل بالمرأة والكبير بالصغير والصحيح بالأعمى والزمن وبناقص الأطراف وبالمجنون ولا يقتل الرجل بابنه ولا يقتل الرجل بعبده ولا مدبره ولا مكاتبه ولا بعبد ولده ومن ورث قصاصا على أبيه سقط ولا أستوفى القصاص إلا بالسيف وإذا قتل المكاتب عمدا وليس له وارث إلا المولى وترك وفاء فله القصاص عند أبي حنيفة وأبي سيف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا أرى في هذا قصاصا ولو ترك وفاء وله وارث غير المولى فلا قصاص وإن اجتمعوا مع المولى وإن لم يترك وفاء وله ورثة أحرار وجب القصاص حتى يجتمع الراهن والمرتهن وإذا قتل المعتوه فلأبيه أن يقتل وله أن يصالح وكذلك إن قطعت يد المعتوه عمدا والوصي بمنزلة الأب في جميع ذلك إلا أنه لا يقتل ومن قتل وله أولياء صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا القاتل عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا ليس لهم ذلك حتى يدرك الصغار ومن ضرب رجلا بمر فقتله فأن أصابه بالحديد قتل به وأن أصابه بالعود فعليه الدية ومن غرق صبيا أو بالغا في البحر فلا قصاص عليه عند أبي حنيفة وقالا يقتص منه ومن جرح رجلا عمدا فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعليه القصاص وإذا التقى الصفان من المسلمين والمشركين فقتل مسلم مسلما ظن أنه مشرك فلا قود عليه وعليه الكفارة ومن شج نفسه وشجه رجل وعقره أسد وأصابته حية فمات من ذلك كله فعلى الأجنبي ثلث الدية
فصل
ومن شهر على المسلمين سيفا فعليهم أن يقتلوه وإن شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله المشهور عليه عمدا فعليه الدية في ماله ومن شهر على غيرهسلاحا في المصر فضربه ثم قتله الأخر فعلى القاتل القصاص ومن دخل عليه غيره ليلا وأخرج السرقة فاتبعه وقتله لا شيء عليه
 باب القصاص فيما دون النفس
ومن قطع يد غيره عمدا من المفصل قطعت يده وإن كانت يده أكبر من اليد المقطوعة ومن ضرب عين رجل فقلعها لا قصاص عليه وإن كانت قائمة فذهب ضوؤها فعليه القصاص وفي السن القصاص وإن كان سن من يقتص منه أكبر من سن الآخر وفي كل شجة تتحقق فيها المماثلة القصاص ولا قصاص في عظم إلا في السن وليس فيما دون النفس شبه عمد إنما هو عمد أو خطأ ولا قصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس ولا بين الحر والعبد ولا بين العبدين ويجب القصاص في الأطراف بين المسلم والكافر ومن قطع يد رجل من نصف الساعد أو جرحه جائفة فبرأ منها فلا قصاص عليه وإذا كانت يد المقطوع صحيحة ويد القاطع شلاء أو ناقصة الأصابع فالمقطوع بالخيار إن شاء قطع اليد المعيبة ولا شيء له غيرها وإن شاء أخذ الأرش كاملا ولو سقطت المؤوفة قبل اختيار المجني عليه أو قطعت ظلما فلا شيء له ومن شج رجلا فاستوعبت الشجة ما بين قرنيه وهي لا تستوعب ما بين قرني الشاج فالمشجوج بالخيار إن شاء اقتص بمقدار شجته يبتدىء من أي الجانبين شاء وإن شاء أخذ الأرش ولا قصاص في اللسان ولا في الذكر إلا أن تقطع الحشفة
فصل
وإذا اصطلح القاتل وأولياء القتيل على مال سقط القصاص ووجب المال قليلا كان أو كثيرا وإن كان القاتل حرا أو عبدا فأمر الحر ومولى العبد رجلا بأن يصالح عن دمهما على ألف درهم ففعل فالألف على الحر ومولى العبد نصفان وإذا عفا أحد الشركاء عن الدم أو صالح من نصيبه على عوض سقط حق الباقين عن القصاص وكان لهم نصيبهم من الدية وإذا قتل جماعة واحدا عمدا اقتص منجميعهم وإذا قتل واحد جماعة فحضر أولياء المقتولين قتل لجماعتهم ولا شيء لهم غير ذلك فإن حضر واحد منهم قتل له وسقط حق الباقين ومن وجب عليه القصاص إذا مات سقط القصاص وإذا قطع رجلان يد رجل واحد فلا قصاص على واحد منهما وعليهما نصف الدية وإن قطع واحد يمنى رجلين فحضرا فلهما أن يقطعا يده ويأخذا منه نصف الدية يقتسمانه نصفين سواء قطعهما معا أو على التعاقب وإذا أقر العبد بقتل العمد لزمه القود ومن رمى رجلا عمدا فنفذ السهم منه إلى آخر فماتا فعليه القصاص للأول والدية للثاني على عاقلته
فصل
ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده أو قطع يده عمدا ثم قتله خطأ أو قطع يده خطأ فبرأت يده ثم قتله خطأ أو قطع يده عمدا فبرأت ثم قتله عمدا فإنه يؤخذ بالأمرين جميعا وإن كان قطع يده عمدا ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده فإن شاء الإمام قال اقطعوه ثم اقتلوه وإن شاء قال اقتلوه ومن ضرب رجلا مائة سوط فبرأ من تسعين ومات من عشرة ففيه دية واحدة وإن ضرب رجلا مائة سوط وجرحته وبقي له أثر تجب حكومة عدل ومن قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك فعلى القاطع الدية في ماله وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك فهو عفو من النفس ثم إن كان خطأ فهو الثلث وإن كان عمدا فهو من جميع المال وإذا قطعت المرأة يد رجل فتزوجها على يده ثم مات فلها مهر مثلها وعلى عاقلتها الدية إن كان خطأ وإن كان عمدا ففي مالها ولو تزوجها على اليد وما يحدث منها أو على الجناية ثم مات من ذلك والقطع عمد فلها مهر مثلها وإن كان خطأ يرفع عن العاقلة مهر مثلها ولهم ثلث ما ترك وصية ومن قطعت يده فاقتص له من اليد ثم مات فإنه يقتل المقتص منه ومن قتل وليه عمدا فقطع يد قاتله ثم عفا وقد قضي له بالقصاص أو لم يقض فعلى قاطع اليد دية اليد عند أبي حنيفة وقالا لا شيء عليهومن له القصاص في الطرف إذا استوفاه ثم سرى إلى النفس ومات يضمن دية النفس عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا يضمن
 باب الشهادة في القتل
ومن قتل وله ابنان حاضر وغائب فأقام الحاضر البينة على القتل ثم قدم الغائب فإنه يعيد البينة عند أبي حنيفة وقالا لا يعيدها وإن كان خطأ لم يعيدها بالإجماع فإن كان أقام القاتل البينة إن الغائب قد عفا فالشاهد خصم ويسقط القصاص وكذلك عبد بين رجلين قتل عمدا وأحد الرجلين غائب فهو على هذا فإن كانت الأولياء ثلاثة فشهد اثنان منهم على الآخر أنه قد عفا فشهادتهما باطلة وهو عفو منهما فإن صدقهما القاتل فالدية بينهم أثلاثا وإن كذبهما فلا شيء لهما وللآخر ثلث الدية وإذا شهد الشهود أنه ضربه فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعليه القود إذا كان عمدا وإذا اختلف شاهدا القتل في الأيام أو في البلد أو في الذي كان به القتل فهو باطل وكذا إذا قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لا أدري بأي شيء قتله فهو باطل وإن شهدا أنه قتله وقالا لا ندري بأي شيء قتله ففيه الدية استحسانا وإذا أقر رجلان كل واحد منهما أنه قتل فلانا فقال الولي قتلتماه جميعا فله أن يقتلهما وإن شهدوا على رجل أنه قتل فلانا وشهد آخرون على آخر بقتله وقال الولي قتلتماه جميعا بطل ذلك كله
 باب في اعتبار حالة القتل
ومن رمى مسلما فارتد المرمي إليه والعياذ بالله ثم وقع به السهم فعلى الرامي الدية عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا شيء عليه ولو رمى إليه وهو مرتد فأسلم ثم وقع به السهم فلا شيء عليه في قولهم جميعا وكذا إذا رمى حربيا فأسلم وإن رمى عبدا فأعتقه مولاه ثم وقع السهم به فعليه قيمته للمولى ومن قضى عليه بالرجم فرماه رجل ثم رجع أحد الشهود ثم وقع به الحجر فلا شيء على الرامي
وإذا رمى المجوسي صيدا ثم أسلم ثم وقعت الرمية بالصيد لم يؤكل وإن رماه وهو مسلم ثم تمجس والعياذ بالله أكل ولو رمى المحرم صيدا ثم حل فوقعت الرمية بالصيد فعليه الجزاء وإن رمى حلال صيدا ثم أحرم فلا شيء عليه
كتاب الديات
وفي شبه العمد دية مغلظة على العاقلة وكفارة على القاتل وكفارته عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ولا يجزىء فيه الإطعام ويجزئه رضيع أحد أبويه مسلم ولا يحزىء ما في البطن وهو الكفارة في الخطأ وديته عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله مائة من الإبل أرباعا خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة ولا يثبت التغليظ إلا في الإبل خاصة وقتل الخطأ تجب به الدية على العاقلة والكفارة على القاتل والدية في الخطأ مائة من الإبل أخماسا عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن مخاض وعشرون حقة وعشرون جذعة ومن العين ألف دينار ومن الورق عشرة آلاف درهم ولا تثبت الدية إلا من هذه الأنواع الثلاثة عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا منها ومن البقر مائتا بقرة ومن الغنم الفا شاة ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان ودية المرأة على النصف من دية الرجل ودية المسلم والذمي سواء
فصل فيما دون النفس
وفي النفس الدية وفي المارن الدية وفي اللسان الدية وفي الذكر الدية وفي العقل إذا ذهب بالضرب الدية وكذا إذا ذهب سمعه أو بصره أو شمه أو ذوقه وفي اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية وفي شعر الرأس الدية وفي الشارب حكومة عدل وهو الأصح ولحية الكوسج إن كان على ذقنه شعرات معدودة فلا شيء في حلقه وإن كان أكثر من ذلك وكان على الخد والذقن جميعا لكنه غير متصل ففيهحكومة عدل وإن كان متصلا ففيه كمال الدية وفي الحاجبين الدية وفي أحدهما نصف الدية وفي العينين الدية وفي اليدين الدية وفي الرجلين الدية وفي الشفتين الدية وفي الأذنين الدية وفي الأنثيين الدية وفي كل واحد من هذه الأشياء نصف دية وفي ثدي المرأة الدية وفي إحداهما نصف دية المرأة وفي حلمتي المرأة الدية كاملة وفي أحداهما نصفها وفي أشفار العينين الدية وفي احداهما ربع الدية ولو قطع الجفون بأهدابها ففيه دية واحدة وفي كل أصبع من أصابع اليدين والرجلين عشر الدية والأصابع كلها سواء وفي كل أصبع فيها ثلاثة مفاصل ففي أحدها ثلث دية الأصبع وما فيها مفصلان ففي أحدهما نصف دية الأصبع وفي كل سن خمس من الإبل ومن ضرب عضوا فأذهب منفعته ففيه دية كاملة كاليد إذاشلت والعين إذا ذهب ضوؤها ومن ضرب صلب غيره فانقطع ماؤه تجب الدية وكذا لو أحدبه فلو زالت الحدوية لا شيء عليه
فصل في الشجاج
الشجاج عشرة الحارصة والدامعة والدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة والآمة ففي الموضحة القصاص إن كانت عمدا ولا قصاص في بقية الشجاج وفيما دون الموضحة حكومة عدل وفي الموضحة إن كانت خطأ نصف عشر الدية وفي الهاشمة عشر الدية وفي المنقلة عشر الدية ونصف عشر الدية وفي الآمة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية فإن نفذت فهما جائفتان ففيهما ثلثا الدية
فصل
وفي أصابع اليد نصف الدية فإن قطعها مع الكف ففيه أيضا نصف الدية وإن قطعها مع نصف الساعد ففي الأصابع والكف نصف الدية وفي الزيادة حكومة عدل وإن قطع الكف من المفصل وفيها أصبع واحدة ففيه عشر الدية وإن كان أصبعان فالخمس ولا شيء في الكف عند أبي حنيفة ولو كانفي الكف ثلاثة أصابع يجب أرش الأصابع ولا شيء في الكف بالإجماع وفي الأصبع الزائدة حكومة عدل وكذلك السن الشاغية وفي عين الصبي وذكره ولسانه إذا لم تعلم صحته حكومة عدل وكذلك لو استهل الصبي ومن شج رجلا فذهب عقله أو شعر رأسه دخل أرش الموضحة في الدية وإن ذهب سمعه أو بصره أو كلامه فعليه أرش الموضحة مع الدية وفي الجامع الصغير ومن شج رجلا موضحة فذهبت عيناه فلا قصاص في ذلك عند أبي حنيفة وقالا في الموضحة القصاص وإن قطع أصبع رجل من المفصل الأعلى فشل ما بقي من الأصبع أو اليد كلها لا قصاص عليه في شيء من ذلك وكذلك لو كسر بعض سن رجل فاسود ما بقي ولو قال اقطع المفصل واترك ما يبس أو اكسر القدر المكسور واترك الباقي لم يكن له ذلك وإن قطع أصبعا فشلت إلى جنبها أخرى فلا قصاص في شيء من ذلك عند أبي حنيفة ولو كسر بعض السن فسقطت فلا قصاص ولو قلع سن رجل فنبتت مكانها أخرى سقط الأرش في قول أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه الأرش كاملا وعن أبي يوسف رحمه الله أنه تجب حكومة عدل ولو قلع سن غيره فردها صاحبها في مكانها ونبت عليه اللحم فعلى القالع الأرش بكماله وكذا إذا قطع أذنه فألصقها فالتحمت ومن نزع سن رجل فانتزع المنزوعة سنه سن النازع فنبتت سن الأول فعلى الأول لصاحبه خمسمائة درهم ولو ضرب إنسان سن إنسان فتحركت يستأني حولا فلو أجله القاضي سنة ثم جاء المضروب وقد سقطت سنه فاختلفا قبل السنة فيما سقط بضربه فالقول للمضروب وإن اختلفا في ذلك بعد السنة فالقول للضارب ولو لم تسقط لا شيء على الضارب ولو لم تسقط ولكنها اسودت يجب الأرش في الخطأ على العاقلة وفي العمد في ماله ولا يجب القصاص وكذا إذا كسر بعضه واسود الباقي وكذا لواحمر أو اخضر ومن شج رجلا فالتحمت ولم يبق لها أثر ونبت الشعر سقط الأرش عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف يجب عليه أرش الألم وهو حكومة عدل وقال محمد أجرة الطبيب ومن ضرب رجلا مائة سوطفجرحه فبرأ منها فعليه أرش الضرب ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله خطأ قبل البرء فعليه الدية وسقط أرش اليد ومن جرح رجلا جراحة لم يقتص منه حتى يبرأ وكل عمد سقط القصاص فيه بشبهة فالدية في مال القاتل وكل أرش وجب بالصلح فهو في مال القاتل وإذا قتل الأب ابنه عمدا فالدية في ماله في ثلاث سنين وكل جناية اعترف بها الجاني فهي في ماله ولا يصدق على عاقلته وعمد الصبي والمجنون خطأ وفيه الدية على العاقلة وكذلك كل جناية موجبها خمسمائة فصاعدا والمعتوه كالمجنون
فصل في الجنين
وإذا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ففيه غرة وهي نصف عشر الدية وهي على العاقلة وتجب في سنة ويستوي فيه الذكر والأنثى فإن ألقته حيا ثم مات ففيه دية كاملة وإن ألقته ميتا ثم ماتت الأم فعليه دية بقتل الآم وغرة بإلقائها وإن ماتت الأم من الضربة ثم خرج الجنين بعد ذلك حيا ثم مات فعليه دية في الأم ودية في الجنين وإن مات ثم ألقته ميتا فعليه دية في الأم ولا شيء في الجنين وما يجب في الجنين موروث عنه ولا يرثه الضارب حتى لو ضرب بطن امرأته فألقت ابنه ميتا فعلى عاقلة الأب غرة ولا يرث منها وفي جنين الآمة إذا كان ذكرا نصف عشر قيمته لو كان حيا وعشر قيمته لو كان أنثى فإن ضربت فأعتق المولى ما في بطنها ثم ألقته حيا ثم مات ففيه قيمته حيا ولا تجب الدية وإن مات بعد العتق ولا كفارة في الجنين والجنين الذي قد استبان بعض خلقه بمنزلة الجنين التام في جميع هذه الأحكام
 باب ما يحدث الرجل في الطريق
ومن أخرج إلى الطريق الأعظم كنيفا أو ميزابا أو جرصنا أو بنى دكانا فلرجل من عرض الناس أن ينزعه ويسع للذي عمله أن ينتفع به ما لم يضربالمسلمين وليس لأحد من أهل الدرب الذي ليس بنافذ أن يشرع كنيفا ولا ميزابا إلا بإذنهم وإذا أشرع في الطريق روشنا أو ميزابا أو نحوه فسقط على إنسان فعطب فالدية على عاقلته وكذلك إذا تعثر بنقضه إنسان أو عطبت به دابة وإذا عطب بذلك رجل فوقع على آخرفماتا فالضمان على الذي أحدثه فيهما وإن سقط الميزاب نظر فإن أصاب ما كان منه في الحائط رجلا فقتله فلا ضمان عليه وإن أصابه ما كان خارجا من الحائط فالضمان على الذي وضعه فيه ولو أصابه الطرفان جميعا وعلم ذلك وجب نصف الدية وهدر النصف ولو لم يعلم أي طرف أصابه يضمن النصف ولو أشرع جناحا إلى الطريق ثم باع الدار فأصاب الجناح رجلا فقتله أو وضع خشبة في الطريق ثم باع الخشبة وبرىء إليه منها فتركها المشتري حتى عطب بها إنسان فالضمان على البائع ولو وضع في الطريق جمرا فأحرق شيئا يضمنه ولو حركته الريح إلى موضع آخر ثم أحرق شيئا لم يضمنه ولو استأجر رب الدار العملة لإخراج الجناح أو الظلة فوقع فقتل إنسانا قبل أن يفرغوا من العمل فالضمان عليهم وإن سقط بعد فراغهم فالضمان على رب الدار استحسانا وكذا إذا صب الماء في الطريق فعطب به إنسان أو دابة وكذا إذا رش الماء أو توضأ بخلاف ما إذا فعل ذلك في سكة غير نافذة وهو من أهلها أو قعد أو وضع متاعه ولو تعمد المرور في موضع صب الماء فسقط لا يضمن الراش ولو رش فناء حانوت بإذن صاحبه فضمان ما عطب على الآمر استحسانا وإذا استأجر أجيرا ليبني له في فناء حانوته فتعقل به إنسان بعد فراغه من العمل فمات يجب الضمان على الآمر استحسانا ولو كان أمره بالبناء في وسط الطريق فالضمان على الأجير ومن حفر بئرا في طريق المسلمين أو وضع حجرا فتلف بذلك إنسان فديته على عاقلته وإن تلفت به بهيمة فضمانها في ماله ولو وضع حجرا فنحاه غيره عن موضعه فعطب به إنسان فالضمان على الذي نحاه وفي الجامع الصغير في البالوعة يحفرها الرجل في الطريق فإن أمره السلطان بذلك أو أجبره عليه لميضمن وإن كان بغير أمره فهو متعد وكذا إن حفره في ملكه لم يضمن وكذا إذا حفره في فناء داره ولو حفر في الطريق ومات الواقع فيه جوعا أو غما لاضمان على الحافر عند أبي حنيفة وإن استأجر إجراء فحفروها له في غير فنائه فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنها في غير فنائه وإن علموا ذلك فالضمان على الأجراء وإن قال لهم هذا فنائي وليس له فيه حق الحفر فحفروه فمات فيه إنسان فالضمان على الأجراء قياسا وفي الاستحسان الضمان على المستأجر ومن جعل قنطرة بغير إذن الإمام فتعمد رجل المرور عليها فعطب فلا ضمان على الذي جعل القنطرة وكذلك أن وضع خشبة في الطريق فتعمد رجل المرور عليها ومن حمل شيئا في الطريق فسقط على إنسان فعطب به فهو ضامن وكذا إذا سقط فتعثر به إنسان وإن كان رداء قد لبسه فسقط عنه فعطب به إنسان لم يضمن وإذا كان المسجد للعشيرة فعلق رجل منهم فيه قنديلا أو جعل فيه بواري أو حصاة فعطب به رجل لم يضمن وإن كان الذي فعل ذلك من غير العشيرة ضمن وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن في الوجهين وإن جلس فيه رجل منهم فعطب به رجل لم يضمن إن كان في الصلاة وإن كان في غير الصلاة ضمن وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن على كل حال ولو كان جالسا لقراءة القرآن أو للتعليم أو للصلاة أو نام فيه في أثناء الصلاة أو نام في غير الصلاة أو مر فيه مار أو قعد فيه لحديث فهو هذا الاختلاف وأما المعتكف فقد قيل على هذا الاختلاف وقيل لا يضمن بالاتفاق وإن جلس رجل من غير العشيرة فيه في الصلاة فتعقل به إنسان ينبغي أن لا يضمن
فصل في الحائط المائل
وإذا مال الحائط إلى طريق المسلمين فطولب صاحبه بنقضه وأشهد عليه فلم ينقضهفي مدة يقدر على نقضه حتى سقط ضمن ما تلف به من نفس أو مال ولو بنى الحائط مائلا فى الابتداء قالوا يضمن ما تلف بسقوطه من غير إشهاد وتقبل شهادة رجلين أو رجل وامرأتين على التقدم وإن مال إلى دار رجل فالمطالبة إلى مالك الدار خاصة ولو سقط الحائط المائل على إنسان بعد الإشهاد فقتله فتعثر بالقتيل غيره فعطب لا يضمنه وإن عطب بالنقض ضمنه ولو عطب بجرة كانت على الحائط فسقطت بسقوطه وهي ملكه ضمنه وإن كان ملك غيره لا يضمنه وإذا كان الحائط بين خمسة رجال أشهد على أثرهم فقتل إنسانا ضمن خمس الدية ويكون ذلك على عاقلته وإن كانت دار بين ثلاثة نفر فحفر أحدهم فيها بئرا والحفر كان بغير رضا الشريكين الآخرين أو بنى حائطا فعطب به إنسان فعليه ثلثا الدية على عاقلته وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه نصف الدية على عاقلته في الفصلين
 باب جناية البهيمة والجناية عليها
الراكب ضامن لما أوطأت الدابة ما أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها أو كدمت أو خبطت وكذا إذا صدمت ولا يضمن ما نفحت برجلها أو ذنبها فإن أوقفها في الطريق ضمن النفحة أيضا وإن إصابت بيدها أو برجلها حصاة أو نواة أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا ففقأ عين إنسان أو أفسد ثوبه لم يضمن وإن كان حجرا كبيرا ضمن فإن راثت أو بالت في الطريق وهي تسير فعطب به إنسان لم يضمن وكذا إذا أوقفها لذلك والسائق ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها والقائد ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها وفي الجامع الصغير وكل شيء ضمنه الراكب ضمنه السائق والقائدإلا أن على الراكب الكفارة فيما أوطأته الدابة بيدها أو برجلها ولا كفارة عليهما ولا على الراكب فيما وراء الإيطاء ولو كان راكب وسائق قيل يضمن السائق ما أوطأت الدابة وإذا اصطدم فارسان فماتا فعلى عاقلة كل منهما دية الآخر ومن ساق دابة فوقع السرج على رجل فقتلهضمن وكذا على هذا سائر أدواته كاللجام ونحوه وكذا ما يحمل عليها ومن قاد قطارا فهو ضامن لما أوطأ فإن وطىء بعير إنسانا ضمن به القائد والدية على العاقلة وإن كان معه سائق فالضمان عليهما وإن ربط رجل بعيرا إلى القطار والقائد لا يعلم فوطىء المربوط إنسانا فقتله فعلى عاقلة القائد الدية ثم يرجعون بها عل عاقلة الرابط ومن أرسل بهيمة وكان لها سائقا فأصابت في فورها يضمنه ولو أرسل طيرا أو ساقه فأصاب في فوره لم يضمن ولو أرسل بهيمة فأفسدت زرعا على فوره ضمن المرسل وإن مالت يمينا أو شمالا وله طريق آخر لا يضمن ولو انفلتت الدابة فأصابت مالا أو آدميا ليلا أو نهارا لا ضمان على صاحبها شاة لقصاب فقئت عينها ففيها ما نقصها وفي عين بقرة الجزار وجزوره ربع القيمة وكذا في عين الحمار والبغل والفرس ومن سار على دابة في الطريق فضربها رجل أو نخسها فنفحت رجلا أو ضربته بيدها أو نفرت فصدمته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا وإن ألقت الراكب فقتلته كان ديته على عاقلة الناخس ولو وثبت بنخسه على رجل أو وطئته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب ولو وطئت رجلا في سيرها وقد نخسها الناخس بإذن الراكب فالدية عليهما نصفين جميعا إذا كانت في فورها الذي نخسها ومن قاد دابة فنخسها رجل فانفلتت من يد القائد فأصابت في فورها فهو على الناخس وكذا إذا كان لها سائق فنخسها غيره ولو نخسها شيء منصوب في الطريق فنحت إنسانا فقتلته فالضمان على من نصب ذلك الشيء
 باب جناية المملوك والجناية عليه
وإذا جنى العبد جناية خطأ قيل لمولاه إما أن تدفعه بها أو تفديه فإن دفعه ملكه ولي الجناية وإن فداه فداه بأرشها وكل ذلك يلزمه حالا وأيهما اختاره وفعله لا شيء لولي الجناية غيره فإن عاد فجنى كان حكم الجناية الثانية كحكم الجناية الأولى وإنجنى جنايتين قيل للمولى إما أن تدفعه إلى ولي الجنايتين يقتسمانه على قدر حقيهما وإما أن تفديه بأرش كل واحد منهما وإن كانوا جماعة يقتسمون العبد المدفوع على قدر حصصهم وإن فداه فداه بجميع أروشهم ولو قتل واحدا وفقأ عين آخر يقتسمانه أثلاثا وللمولى أن يفدى من بعضهم ويدفع إلى بعضهم مقدار ما تعلق به حقه من العبد فإن أعتقه المولى وهو لا يعلم بالجناية ضمن الأقل من قيمته ومن أرشها وإن أعتقه بعد العلم بالجناية وجب عليه الأرش ومن قال لعبده إن قتلت فلانا أو رميته أو شججته فأنت حر فهو مختارللفداء إن فعل ذلك وإذا قطع العبد يد رجل عمدا فدفع إليه بقضاء أو بغير قضاء فأعتقه ثم مات من قطع اليد فالعبد صلح بالجناية وإن لم يعتقه رد على المولى وقيل للأولياء اقتلوه أو اعفوا عنه وإذا جنى العبد المأذون له جناية وعليه ألف درهم فأعتقه المولى ولم يعلم بالجناية فعليه قيمتان قيمة لصاحب الدين وقيمة لأولياء الجناية وإذا استدانت الأمة المأذون لها أكثر من قيمتها ثم ولدت فإنه يباع الولد معها في الدين وإن جنت جناية لم يدفع الولد معها وإذا كان العبد لرجل زعم رجل آخر أنه مولاه أعتقه فقتل العبد وليا لذلك الرجل الزاعم خطأ فلا شيء له وإذا أعتق العبد فقال لرجل قتلت أخاك خطأوأنا عبد وقال الآخر قتلته وأنت حر فالقول قول العبد ومن أعتق جارية ثم قال لها قطعت يدك وأنت أمتي وقالت قطعتها وأنا حرة فالقول قولهاوكذلك كل ما أخذ منها إلا الجماع والغلة استحسانا وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يضمن إلا شيئا قائما بعينه يؤمر برده عليها وإذا أمر العبد المحجور عليه صبيا حرا بقتل رجل فقتله فعلى عاقلة الصبي الدية ولا شيء على الآمر وكذلك إن أمر عبدا يخاطب مولى القاتل بالدفع أو الفداء وإذا قتل العبد رجلين عمدا ولكل منهما وليان فعفا أحد ولي كل واحد منهما فإن المولى يدفع نصفه الآخرين أو يفديه بعشرة آلاف درهم فإن كان قتل أحدهما عمدا والآخر خطأ فعفا أحد ولي العمد فإن فداه المولى فداه بخمسة عشر ألفا خمسة آلاف للذي لم يعفمن ولي العمد وعشرة آلاف لولي الخطأ وإن دفعه إليهم أثلاثا ثلثاه لولي الخطأ وثلثه لغير العافي من ولي العمد عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يدفعه أرباعا ثلاثة أرباعه لولي الخطأ وربعه لولي العمد وإذا كان عبد بين رجلين فقتل مولى لهما فعفا أحدهما بطل الجميع عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يدفع الذي عفا نصف نصيبه إلى الآخر أو يفديه بربع الدية
فصل
ومن قتل عبدا خطأ فعليه قيمته لا تزاد على عشرة آلاف درهم فإن كانت قيمته عشرة آلاف درهم أو أكثر قضي له بعشرة آلاف إلا عشرة وفي الأمة إذا زادت قيمتها على الدية خمسة آلاف إلا عشرة وفي يد العبد نصف قيمته لا يزاد على خمسة آلاف إلا خمسة ومن قطع يد عبد فأعتقه المولى ثم مات من ذلك فإن كان له ورثة غيرالمولى فلا قصاص فيه وإلا اقتص منه وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا قصاص في ذلك وعلى القاطع أرش اليد وما نقصه ذلك إلى أن يعتقه ويبطل الفضل ومن قال لعبديه أحدكما حر ثم شجا فأوقع العتق على أحدهما فأرشهما للمولى ولو قتلهما رجل تجب دية حر وقيمة عبد ومن فقأ عيني عبد فإن شاء المولى دفع عبده وأخذ قيمته وإن شاء أمسكه ولا شيء له من النقصان عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إن شاء أمسك وأخذ ما نقصه وإن شاء دفع العبد وأخذ قيمته
فصل في جناية المدبر وأم الولد
وإذا جنى المدبر أو أم الولد جناية ضمن المولى الأقل من قيمته ومن أرشها وجنايات المدبر وإن توالت لا توجب إلا قيمة واحدة فإن جنى جناية أخرى وقد دفع المولى القيمة إلى ولي الأولى بقضاء فلا شيء عليه وإن كان المولى دفع القيمة بغير قضاء فالولي بالخيار إن شاء اتبع المولى وإن شاء اتبع ولي الجناية وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا شيء على المولى وإذا أعتق المولى المدبروقد جنى جنايات لم تلزمه إلا قيمة واحدة وأم الولد بمنزلة المدبر في جميع ما وصفنا وإذا أقر المدبر بجناية الخطأ لم يجز إقراره ولا يلزمه به شيء عتق أو لم يعتق
 باب غصب العبد والمدبر والصبي والجناية في ذلك
ومن قطع يد عبده ثم غصبه رجل ومات في يده من القطع فعليه قيمته أقطع وإن كان المولى قطع يده في يد الغاصب فمات من ذلك في يد الغاصب لا شيء عليه وإذاغصب العبد المحجور عليه عبدا محجورا عليه فمات في يده فهو ضامن ومن غصب مدبرا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى فجنى عنده جناية أخرى فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ويرجع المولى بنصف قيمته على الغاصب ويدفعه إلى ولي الجناية الأولى ثم يرجع بذلك على الغاصب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يرجع بنصف قيمته فيسلم له وإن كان جنى عندالمولى فغصبه رجل فجنى عنده جناية أخرى فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ويرجع بنصف القيمة على الغاصب ومن غصب عبدا فجنى في يده ثم رده فجنى جناية أخرى فإن المولى يدفعه إلى ولي الجنايتين ثم يرجع على الغاصب بنصف القيمة فيدفعه إلى الأول ويرجع به على الغاصب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يرجع بنصف القيمة فيسلم له وإن جنى عند المولى ثم غصبه فجنى في يده دفعه المولى نصفين ويرجع بنصف قيمته فيدفعه إلى الأول ولا يرجع به ومن غصب مدبرا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى ثم غصبه ثم جنى عنده جناية فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ثم يرجع بقيمته على الغاصب فيدفع نصفها إلى الأول ويرجع به على الغاصب ومن غصب صبيا حرا فمات في يده فجأة أو بحمى فليس عليه شيء وإن مات من صاعقة أو نهشة حية فعلى عاقلة الغاصب الدية استحسانا وإذا أودع صبي عبدا فقتله فعلى عاقلته الدية وإن اودع طعاما فأكله لم يضمن وإن استهلك مالا ضمن
 باب القسامة
وإذا وجد القتيل في محلة ولا يعلم من قتله استحلف خمسون رجلا منهم يتخيرهم الولي بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا وإذا حلفوا قضي على أهل المحلة بالدية ولا يستحلف الولي ومن أبى منهم اليمين حبس حتى يحلف وإن لم يكمل أهل المحلة كررت الأيمان عليهم حتى تتم خمسين ولا قسامة على صبي ولا مجنون ولا امرأة ولا عبد وإن وجد ميتا لا أثر به فلا قسامة ولا دية ولو وجد بدن القتيل أو أكثر من نصف البدن أوالنصف ومعه الرأس في محلة فعلى أهلها القسامة والدية وإن وجد نصفه مشقوقا بالطول أو وجد أقل من النصف ومعه الرأس أو وجد يده أو رجله أو رأسه فلا شيء عليه ولو وجد فيهم جنين أو سقط ليس به أثر الضرب فلا شيء على أهل المحلة وإن كان به أثر الضرب وهو تام الخلق وجبت القسامة والدية عليهم وإن كان ناقص الخلق فلا شيء عليهم وإذا وجد القتيل على دابة يسوقها رجل فالدية على عاقلته دون أهل المحلة فإن اجتمعوا فعليهم وإن مرت دابة بين القريتين وعليها قتيل فهو على أقربهما وإن وجد القتيل في دار إنسان فالقسامة عليه والدية على عاقلته ولا تدخل السكان في القسامة مع الملاك عند أبي حنيفة رحمها الله وقال ابو يوسف رحمه الله هو عليهم جميعا وهي على أهل الخطة دون المشترين عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف الكل مشتركون وإن بقي واحد منهم فكذلك وإن لم يبق واحد منهم بأن باعوا كلهم فهو على المشترين وإذا وجد قتيل في دار فالقسامة على رب الدار وعلى قومه وتدخل العاقلة في القسامة إن كانوا حضورا وإن كانوا غيبا فالقسامة على رب الدار ويكرر عليه الايمان وإن وجد القتيل في دار مشتركة نصفها لرجل وعشرها لرجل ولآخر ما بقي فهو على رؤوس الرجال ومن اشترى دارا ولم يقبضها حتى وجد فيها قتيل فهو على عاقلة البائع وإن كان في البيع خيار لأحدهما فهو على عاقلة الذيفي يده ومن كان في يده دار فوجد فيها قتيل لم تعقله العاقلة حتى تشهد الشهود أنها للذي في يده وإن وجد قتيل في سفينة فالقسامة على من فيها من الركاب والملاحين وإن وجد في مسجد محلة فالقسامة على أهلها وإن وجد في المسجد الجامع أو الشارع الأعظم فلا قسامة فيه والدية على بيت المال ولو وجد في السوق إن كان مملوكا فعند أبي يوسف رحمه الله تجب على السكان وعندهما على المالك وإن لم يكن مملوكا كالشوارع العامة التي بنيت فيها فعلى بيت المال ولو وجد في السجن فالدية على بيت المال وعلى قول أبي يوسف رحمه الله الدية والقسامة على أهل السجن وإن وجد في برية ليس بقربها عمارة فهو هدر وإن وجد بين قريتين كان على أقربهما وإن وجد في وسط الفرات يمر به الماء فهو هدر وإن كان محتبسا بالشاطىء فهو على أقرب القرى من ذلك المكان وإن ادعى الولى على واحد من أهل المحلة بعينه لم تسقط القسامة عنهم وإن ادعى على واحد من غيرهم سقطت عنهم وإذا التقى قوم بالسيوف فأجلوا عن قتيل فهو على أهل المحلة إلا أن يدعي الأولياء على أولئك أو على رجل منهم بعينه فلم يكن على أهل المحلة شيء ولا على أولئك حتى يقيموا البينة ولو وجد قتيل في معسكر قاموا بفلاة من الأرض لا ملك لأحد فيها فإن وجد في خباء أو فسطاط فعلى من يسكنها الدية والقسامة وإن كان خارجا من الفسطاط فعلى أقرب الأخبية وإن كان القوم لقوا قتالا ووجد قتيل بين أظهرهم فلا قسامة ولا دية وإن كان للأرض مالك فالعسكر كالسكان فيجب على المالك عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف وإذا قال المستحلف قتله فلان استحلف بالله ما قتلت ولا عرفت له قاتلا غير فلان وإذا شهد اثنان من أهل المحلة على رجل من غيرهم أنه قتل لم تقبل شهادتهما
ولو ادعى على واحد من أهل المحلة يعينه فشهد شاهدان من أهلها عليه لم تقبل الشهادة ومن جرح في قبيلة فنقل إلى أهله فمات
من تلك الجراحة فإن كان صاحب فراش حتى مات فالقسامة والدية على القبيلة وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا قسامة ولا دية ولو أن رجلا معه جريح به رمقحمله إنسان إلى أهله فمكث يوما أو يومين ثم مات لم يضمن الذي حمله إلى أهله في قول ابي يوسف رحمه الله وفي قياس قول أبي حنيفة رحمه الله يضمن ولو وجد رجل قتيلا في دار نفسه فديته على عاقلته لورثته عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد وزفر رحمهم الله لا شي فيه ولو أن رجلين كانا في بيت وليس معهما ثالث فوجد أحدهما مذبوحا قال أبو يوسف يضمن الآخر الدية وقال محمد لا يضمنه ولو وجد قتيل في قرية لامرأة فعند أبي حنيفة ومحمد عليها القسامة تكرر عليها الأيمان والدية على عاقلتها أقرب القبائل إليها في النسب وقال أبو يوسف على العاقلة أيضا ولو وجد رجل قتيلا في أرض رجل جانب قرية ليس صاحب الأرض من أهلها قال هو على صاحب الأرض
كتاب المعاقل
والدية في شبه العمد والخطأ وكل دية تجب بنفس القتل على العاقلة والعاقلة الذين يعقلون والعاقلة أهل الديوان إن كان القاتل من أهل الديوان يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل أخذ منها ومن لم يكن من أهل الديوان فعاقلته قبيلته وتقسم عليهم في ثلاث سنين لا يزاد الواحد على أربعة دراهم في كل سنة وينقص منها وإن لم يكن تتسع القبيلة لذلك ضم إليهم أقرب القبائل على ترتيب العصبات ولو كانت عاقلة الرجل أصحاب الرزق يقضى بالدية في أرزاقهم في ثلاث سنين في كل سنة الثلث وأدخل القاتل مع العاقلة فيكون فيما يؤدى كأحدهم وليس على النساء والذرية ممن كان له حظ في الديوان عقل ولا يعقل أهل مصر عن مصر آخر ويعقل أهل كل مصر عن أهل سوادهم ومن كان منزله بالبصرة وديوانه بالكوفة عقل عنه أهل الكوفة ومن جنى جناية من أهل المصر وليس له في الديوان عطاء وأهل البادية أقرب إليه ومسكنه المصر عقل عنه أهل الديوان من ذلك المصر ولو كان البدوي نازلا في المصر لا مسكن له فيهلا يعقله أهل المصر وإن كان لأهل الذمة عواقل معروفة يتعاقلون بها فقتل أحدهم قتيلا فديته على عاقلته بمنزلة المسلم وإن لم تكن لهم عاقلة معروفة فالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى بها عليه ولا يعقل كافر عن مسلم ولا مسلم عن كافر وعاقلة المعتق قبيلة مولاه ومولى الموالاة يعقل عنه مولاه وقبيلته ولا تعقل العاقلة أقل من نصف عشر الدية وتتحمل نصف العشر فصاعدا وما نقص من ذلك يكون في مال الجاني ولا تعقل العاقلة جناية العمد ولا ما لزم بالصلح أو باعتراف الجاني إلا أن يصدقوه ومن أقر بقتل خطأ ولم يرفعواإلى القاضي إلا بعد سنين قضي عليه بالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى ولو تصادق القاتل وولى الجناية على أن قاضي بلد كذا قضى بالدية على عاقلته بالكوفة بالبينة وكذبهما العاقلة فلا شيء على العاقلة ولم يكن عليه شيء في ماله إلا أن يكون له عطاء معهم فحينئذ يلزمه بقدر حصته وإذا جنى الحر على العبد فقتله خطأ كان على عاقلته قيمته وابن الملاعنة تعقله عاقلة أمه فإن عقلوا عنه ثم ادعاه الأب رجعت عاقلة الأم بما أدت على عاقلة الأب في ثلاث سنين من يوم يقضى القاضي لعاقلة الأم على عاقلة الأب
كتاب الوصايا
 باب في صفة الوصية ما يجوز من ذلك وما يستحب منه وما يكون رجوعا عنه
الوصية غير واجبة وهي مستحبة ولا تجوز بما زاد على الثلث إلا أن يجيزها الورثة بعد موته وهم كبار ولا معتبر بإجازتهم في حال حياته وكل ما جاز بإجازة الوارث يتملكه المجاز له من قبل الموصي ولا تجوز للقاتل عامدا كان أو خاطئا بعد أن كان مباشرا ولو إجازتها الورثة جاز عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا تجوز ولا تجوز لوارثه والهبة من المريض للوارث في هذا نظير الوصية إلا أن تجيزها الورثة ويجوز أن يوصي المسلم للكافروالكافر للمسلم وفي الجامع الصغير الوصية لأهل الحرب باطلة وقبول الوصية بعد الموت فإن قبلها الموصى له حال الحياة أو ردها فذلك باطل ويستحب أن يوصي الإنسان بدون الثلث والموصى به يملك بالقبول إلا في مسألة واحدة وهو أن يموت الموصي ثم يموت الموصى له قبل القبول فيدخل الموصى به في ملك ورثته ومن أوصى وعليه دين يحيط بماله لم تجز الوصية إلا أن يبرئه الغرماء ولا تصح وصية الصبي ولا تصح وصية المكاتب وإن ترك وفاء وتجوز الوصية للحمل وبالحمل إذا وضع لأقل من ستة أشهر ومن وقت الوصية ومن أوصى بجارية إلا حملها صحت الوصية والاستثناء ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية وإذا صرح بالرجوع أو فعل ما يدل على الرجوع كان رجوعا وإن جحد الوصية لم يكن رجوعا ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان فهي حرام وربا لا يكون رجوعا بخلاف ما إذا قال فهي باطلة ولو قال أخرتها لا يكون رجوعا بخلاف ما إذا قال تركت ولو قال العبد الذي أوصيت به لفلان فهو لفلان كان رجوعا بخلاف ما غذا أوصى به لرجل ثم أوصى به لآخر وكذا إذا قال فهو فلان وارثي يكون رجوعا عن الأول ولو كان فلان الآخر ميتا حين أوصى فالوصية الأولى على حالها ولو كان فلان حين قال ذلك حيا ثم مات قبل موت الموصي فهي للورثة
 باب الوصية بثلث المال
ومن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بثلث ماله ولم تجز الورثة فالثلث بينهما وإن أوصى لأحدهما بالثلث وللآخر بالسدس فالثلث بينهما أثلاثا وإن أوصى لأحدهما بجميع ماله وللآخر بثلث ماله ولم تجز الورثه فالثلث بينهما على أربعة أسهم عندهما وقال أبو حنيفة رحمه الله الثلث بينهما نصفان ولا يضرب أبو حنيفة للموصى له بما زاد على الثلث إلا في المحاباة والسعاية والدراهم المرسلة وإذا أوصى بنصيب ابنه فالوصية باطلة ولو اوصى بمثل نصيب ابنه جاز ومن اوصى بسهممن ماله فله أخس سهام الورثة إلا أن ينقص عن السدس فيتم له السدس ولا يزاد عليه وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا له مثل نصيب أحد الورثة ولا يزاد على الثلث إلا أن يجيز الورثة ولو أوصى بجزء من ماله قيل للورثة أعطوه ما شئتم ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر له ثلث مالي وأجازت الورثة فله ثلث المال ويدخل السدس فيه ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في غيره سدس مالي لفلان فله سدس واحد ومن أوصى بثلث دراهمه أو بثلث غنمه فهلك ثلثا ذلك وبقي ثلثه وهو يخرج من ثلث ما بقي من ماله فله جميع ما بقي ولو أوصى بثلث ثيابه فهلك ثلثاها وبقي ثلثها وهو يخرج من ثلث ما بقي من ماله لم يستحق إلا ثلث ما بقي من الثياب ولو أوصى بثلث ثلاثة من رقيقه فمات اثنان لم يكن له إلا ثلث الباقي وكذا الدور المختلفة ومن أوصى لرجل بألف درهم وله مال عين ودين فإن خرج الألف من ثلث العين دفع إلى الموصى له ومن أوصى لزيد وعمرو بثلث فإذا ماله عمرو ميت فالثلث كله لزيد ومن أوصى بثلث ماله ولا مال له واكتسب مالا استحق الموصى له ثلث ما يملكه عند الموت ومن أوصى بثلث ماله لأمهات أولاده وهن ثلاث وللفقراء والمساكين فلهن ثلاثة أسهم من خسمة أسهم ولو أوصى بثلثه لفلان وللمساكين فنصفه لفلان ونصفه للمساكين عندهما وعند محمد ثلثه لفلان وثلثا للمساكين ولو أوصى للمساكين له صرفه إلى مسكين واحد عندهما وعنده لا يصرف إلا إلى مسكينين ومن أوصى لرجل بمائة درهم ولآخر بمائة ثم قال لآخر قد أشركتك معهما فله ثلث كل مائة ومن قال لفلان علي دين فصدقوه فإنه يصدق إلى الثلث وإن أوصى بوصايا غير ذلك يعزل الثلث لأصحاب الوصايا والثلثان للورثة وإذا عزل يقال لأصحاب الوصايا صدقوه فيما شئتم ويقال للورثة صدقوه فيما شئتم فيؤخذ أصحاب الثلث بثلث ما أقروا والورثة بثلثي ما أقروا ومن أوصى لأجنبي ولوارثه فللأجنبي نصف الوصية وتبطل وصية الوارث ومن كان له ثلاثة أثوابجيد ووسط ورديء فأوصى بكل واحد لرجل فضاع ثوب ولا يدري أيها هو والورثة تجحد ذلك فالوصية باطلة إلا أن يسلم الورثة الثوبين الباقيين فإن سلموا زال المانع وهو الجحود فيكون لصاحب الجيد ثلثا الثوب الأجود ولصاحب الأوسط ثلث الجيد وثلث الأدون فثبت الأدون ولصاحب الأدون ثلثا الثوب الأدون وإذا كانت الدار بين رجلين فأوصى أحدهما ببيت بعينه لرجل فإنها تقسم فإن وقع البيت في نصيب الموصي فهو للموصى له وإن وقع في نصيب الآخر فللموصى له مثل ذرع البيت ومن أوصى من مال رجل لآخر بألف بعينه فأجاز صاحب المال بعد موت الموصي فإن دفعه فهو جائز وله أن يمنع وإذا اقتسم الإبنان تركة الأب الفا ثم أقر أحدهما لرجل أن الأب أوصى بثلث ماله فإن المقر يعطيه ثلث ما في يده ومن أوصى لرجل بجارية فولدت بعد موت الموصي ولدا وكلاهما يخرجان من الثلث فهما للموصى له وإن لم يخرجا من الثلث ضرب بالثلث وأخذ ما يخصه منهما جميعا في قول أبي يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة يأخذ ذلك من الأم فإن فضل شيء أخذه من الولد وهذا إذا ولدت قبل القسمة فإن ولدت بعد القسمة فهو للموصى له
فصل في اعتبار حالة الوصية
وإذا أقر المريض لامرأة بدين أو أوصى لها بشيء أو وهب لها ثم تزوجها ثم مات جاز الإقرار وبطلت الوصية والهبة وإذا أقر المريض لابنه بدين وابنه نصراني أو وهب له أو أوصى له فأسلم الابن قبل موته بطل ذلك كله والمقعد والمفلوج والأشل والمسلول إذا تطول ذلك ولا يخاف منه الموت فهبته من جميع المال وإن وهب عندما أصابه ذلك ومات من أيامه فهو من الثلث إذا صار صاحب فراش
 باب العتق في مرض الموت
ومن أعتق في مرضه عبدا أو باع وحابى أو وهب فذلك كله جائز وهو معتبر من الثلث ويضرب به مع أصحاب الوصايا وإن حابى ثم أعتق وضاق الثلث عنهما فالمحاباة أولى عند أبي حنيفة رحمه الله ومن أعتق ثم حابى فهما سواء وقالا العتق أولى في المسألتين ومن أوصى بأن يعتق عنه بهذه المائة عبد فهلك منها درهم لم يعتق عنه بما بقي عند أبي حنيفة رحمه الله وإن كانت وصيته بحجة يحج عنه بما بقي من حيث يبلغ وإن لم يهلك منها وبقي شيء من الحجة يرد على الورثة وقالا يعتق عنه بما بقي ومن ترك ابنين ومائة درهم وعبدا قيمته مائة درهم وقد كان أعتقه في مرضه فأجاز الوارثان ذلك لم يسع في شيء ومن أوصى بعتق عبده ثم مات فجنى جناية ودفع بها بطلت الوصية ومن أوصى بثلث ماله لآخر فأقر الموصى له الوراث أن الميت أعتق هذا العبد فقال الموصى له أعتقه في الصحة وقال الوارث أعتقه في المرض فالقول قول الوارث ولا شيء للموصى به إلا أن يفضل من الثلث شيء أو تقوم له البينة أن العتق في الصحة ومن ترك عبدا فقال للوارث أعتقني أبوك في الصحة وقال رجل لي على أبيك ألف درهم فقال صدقتما فإن العبد يسعى في قيمته عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يعتق ولا يسعى في شيء
فصل
ومن أوصى بوصايا من حقوق الله تعالى قدمت الفرائض منها قدمها الموصي أو أخرها مثل الحج والزكاة والكفارات فإن تساوت في القوة بدىء بما قدمه الموصى إذا ضاق عنها الثلث وما ليس بواجب قدم منه ما قدمه الموصي ومن أوصى بحجة الإسلام أحجوا عنه رجلا من بلده يحج راكبا فإن لم تبلغ الوصية النفقة أحجوا عنه من حيث تبلغ ومن خرج من بلده حاجا فمات في الطريق وأوصى أن يحج عنه يحج عنه من بلده
 باب الوصية للأقارب وغيرهم
ومن أوصى لجيرانه فهم الملاصقون عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا هم الملاصقونوغيرهم ممن يسكن محلة الموصي ويجمعهم مسجد المحلة ومن أوصى لأصهاره فالوصية لكل ذي رحم محرم من امرأته وكذا يدخل فيه كل ذي رحم محرم من زوجة أبيه وزوجة ابنه وزوجة كل ذي رحم محرم منه ولو مات الموصي والمرأة في نكاحه أو في عدته من طلاق رجعي فالصهر يستحق الوصية وإن كانت في عدته من طلاق بائن لا يستحقها ومن أوصى لأختانه فالوصية لزوج كل ذات رحم محرم منه وكذا محارم الأزواج ومن أوصى لأقاربه فهي للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم منه ولا يدخل فيه الوالدان والولد ويكون ذلك للإثنين فصاعدا وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال صاحباه الوصية لكل من ينسب إلى أقصى أب له في الإسلام وإذا أوصى لأقاربه وله عمان وخالان فالوصية لعميه ولو ترك عما وخالين فللعم نصف الوصية والنصف للخالين ومن أوصى لأهل فلان فهي على زوجته عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا كل من يعولهم وتضمهم نفقته ولو أوصى لآل فلان فهو لأهل بيته ولو أوصى لأهل بيت فلان يدخل فيه أبوه وجده ومن أوصى لولد فلان فالوصية بينهم والذكر والأنثى فيه سواء ومن أوصى لورثة فلان فالوصية بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين
 باب الوصية بالسكنى والخدمة والثمرة
وتجوز الوصية بخدمة عبده وسكنى داره سنين معلومة وتجوز بذلك أبدا فإن خرجت رقبة العبد من الثلث يسلم إليه ليخدمه وإن كان لا مال له غيره خدم الورثة يومين والموصى له يوما فإذا مات الموصى له عاد إلى الورثة ولو مات الموصى له في حياة الموصي بطلت ومن أوصى لآخر بثمرة بستانه ثم مات وفيه ثمرة فله هذه الثمرة وحدها وإن قال له ثمرة بستاني أبدا فله هذه الثمرة وثمرته فيما يستقبل ما عاش وإن أوصى له بغلة بستانه فله الغلة القائمة وغلته فيما يستقبل ومن أوصى لرجل بصوف غنمه أبدا أو بأولادها أو بلبنها ثم مات فله ما في بطونهامن الولد وما في ضروعها من اللبن وما على ظهورها من الصوف يوم يموت الموصى سواء قال أبدا أو لم يقل
 باب وصية الذمي
وإذا صنع يهودي أو نصراني بيعة أو كنيسة في صحته ثم مات فهو ميراث ولو أوصى بذلك لقوم مسمين فهو من الثلث وأن أوصى بداره كنسية لقوم غير مسمين جازت الوصية عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا الوصية باطلة وإذا دخل الحربي دارنا بأمان فأوصى لمسلم أو ذمي بماله كله جاز
 باب الوصي وما يملكه
ومن أوصى إلى رجل فقبل الوصي إلى وجه الموصي وردها في غير وجهه فليس برده فإن ردها في وجهه فهو رد وإن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي فهو بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل وإن لم يقبل حتى مات الوصي فقال لا أقبل ثم قال أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه من الوصية حين قال لا أقبل ومن أوصى إلى عبد أو كافر أو فاسق أخرجهم القاضي عن الوصاية ونصب غيرهم ومن أوصى إلى عبد نفسه وفي الورثة كبار لم تصح الوصية وإن كانوا صغارا كلهم فالوصية إليه جائزة عند أبي حنيفة ولا تجوز عندهما ومن يعجز عن القيام بالوصية ضم إليه القاضي غيره ومن أوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله دون صاحبه إلا في شراء كفن الميت وتجهيزه وطعام الصغار وكسوتهم ورد الوديعة بعينها ورد المغصوب والمشتري شراء فاسدا وحفظ الأموال وقضاء الديون وتنفيذ وصية بعينها وعتق عبد بعينه والخصومة في حق الميت وقبول الهبة وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف وجميع الأموال الضائعة ومقاسمة الوصي الموصى له عن الورثة جائزة ومقاسمته الورثة عن الموصى له باطلة فإن قاسم الورثة وأخذ نصيب الموصى له فضاع رجع الموصى لهبثلث ما بقي وإن كان الميت أوصى بحجة فقاسم الورثة فهلك ما في يده حج عن الميت من ثلث ما بقي وكذلك إن دفعه إلى رجل ليحج عنه فضاع ما في يده ومن أوصى بثلث الف درهم فدفعها الورثة إلى القاضي فقسمها والموصى له غائب فقسمته جائزة وإذا باع الوصي عبدا من التركة بغير محضر من الغرماء فهو جائز ومن أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فضاع في يده فاستحق العبد ضمن الوصي ويرجع فيما ترك الميت وإن قسم الوصي الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه وقبض الثمن فهلك واستحق العبد رجع في مال الصغير وإذا احتال الوصي بمال اليتيم فإن كان خيرا لليتيم جاز ولا يجوز بيع الوصي ولا شراؤه إلا بما يتغابن الناس في مثله وإذا كتب كتاب الشراء على وصي كتب كتاب الوصية على حدة وكتاب الشراء على حده وبيع الوصي على الكبير الغائب جائز في كل شيء إلا في العقار ولا يتجر في المال والوصي أحق بمال الصغير من الجد فإن لم يوص الأب فالجد بمنزلة الأب
فصل في الشهادة
وإذا شهد الوصيان أن الميت أوصى إلى فلان معهما فالشهادة باطلة إلا أن يدعيها المشهود له وكذلك الابنان ولو شهد الوارث صغير بشيء من مال الميت أو غيره فشهادتهما باطلة وإن شهدا لوارث كبير في مال الميت لم يجز وإن كان في غير مال الميت جاز وإذا شهد رجلان لرجلين على ميت بدين ألف درهم وشهد الآخران للأولين بمثل ذلك جازت شهادتهما فإن كانت شهادة كل فريق للآخر بوصية ألف درهم لم تجز ولو شهد أنه أوصى لهذين الرجلين بجاريته وشهد المشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين بعبده جازت الشهادة بالاتفاق ولو شهدا بأنه أوصى لهذين الرجلين بثلث ماله وشهد الشهود لهما أنه أوصى للشاهدين بثلث ماله فالشهادة باطلة وكذا إذا شهد الأولان أن الميت أوصى لهذين الرجلين بعبد وشهد المشهود لهما أنه أوصى للأولين بثلث ماله فهي باطلة= كتاب الخنثى
فصل في بيانه
وإذا كان للمولود فرج وذكر فهو خنثى فإن كان يبول من الذكر فهو غلام وإن كان يبول من الفرج فهو أنثى وإن بال منهما فالحكم للأسبق وإن كانا في السبق على السواء فلا معتبر بالكثرة عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا ينسب إلى أكثرهما بولا وإذا بلغ الخنثى وخرجت له لحية أو وصل إلى لانساء فهو رجل ولو ظهر له ثدي كثدي المرأة أو نزل له لبن في ثديه أو حاض أو حبل أو أمكن الوصول إليه من الفرج فهو امرأة وإن لم يظهر أحدى هذه العلامات فهو خنثى مشكل
فصل في أحكامه
وإذا وقف خلف الإمام قام بين صف الرجال والنساء قال فإن قام في صف النساء فأحب إلى أن يعيد صلاته وإن قام في صف الرجال فصلاته تامة ويعيد الذي عن يمينه وعن يساره والذي خلفه بحذائه صلاتهم احتياطا قال وأحب إلينا أن يصلي بقناع ويجلس في صلاته جلوس المرأة وإن صلى بغير قناع أمرته أن يعيد وتبتاع له أمه تختنه إن كان له مال وإن لم يكن له مال ابتاع له الإمام أمة من بيت المال فإذا ختنته باعها ورد ثمنها في بيت المال ويكره له في حياته لبس الحلى والحرير وأن يتكشف قدام الرجال أو قدام النساء وأن يخلو به غير محرم من رجل أو امرأة وأن يسافر من غير محرم من الرجال وأن أحرم وقد راهق قال أبو يوسف رحمه الله لا علم لي في لباسه وقال محمد يلبس لباس المرأة ومن حلف بطلاق أو عتاق إن كان أول ولد تلدنيه غلاما فولدت خنثى لم يقع حتى يستبين أمر الخنثى ولو قال كل عبد لي حرا وقال كل أمة لي حرة وله مملوك خنثى لم يعتق حتى يستبين أمره وإن كان قال القولين جميعا عتق وإن قالالخنثى أنا رجل أو أنا امرأة لم يقبل قوله إذا كان مشكلا وإن لم يكن مشكلا ينبغي أن يقبل قوله وإن مات قبل ان يستبين أمره لم يغسله رجل ولا امرأة وييمم بالصعيد ولا يحضر إن كان مراهقا غسل رجل ولا امرأة امرأة وإن سجي قبره فهو أحب وإذا مات فصلى عليه وعلى رجل وامرأة وضع الرجل مما يلي الإمام والخنثى خلفه والمرأة خلف الخنثى ولو دفن مع رجل في قبر واحد من عذر جعل الخنثى خلف الرجل ويجعل بينهما حاجز من صعيد وإن كان مع امرأة قدم الخنثى قال وإن جعل على السرير نعش المرأة فهو أحب إلي ويكفن كما تكفن الجارية وهو أحب إلي لو مات أبوه وخلف ابنا فالمال بينهما عند أبي حنيفة أثلاثا للابن سهمان وللخنثى سهم وهو أنثى عنده في الميراث إلا أن يتبين غير ذلك
مسائل شتى
وإذا قرىء على الأخرس كتاب وصيته فقيل له انشهد عليك بما في هذا الكتاب فأومأ برأسه أي نعم أو كتب فإذا جاء من ذلك ما يعرف أنه أقر فهو جائز ولا يجوز ذلك في الذي يعتقل لسانه وإذا كان الأخرس يكتب كتابا أو يومي إيماء يعرف به فإنه يجوز نكاحه وطلاقه وعتاقه وبيعه وشراؤه ويقتص له ومنه ولا يجد ولا يحد له وكذلك الذي صمت يوما أو يومين لعارض وإذا كانت الغنم مذبوحة وفيها ميته فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى فيها وأكل وإن كانت الميتة أكثر أو كانا نصفين لم تؤكل والله أعلم
تم المتن بحمد الله وحسن رعايته وتوفيقه والله نسأل أن يمن علينا بخيره وفضله آمين تم بحمد الله متن بداية المبتدى
أقسام الكتاب
1 2