كتاب : تدريب الراوي في شرح تقريب النووي
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

أبي هريرة مرفوعا المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم قال وعلته ما أسند عن محمد بن كثير حدثنا سفيان عن حجاج عن رجل عن أبي سلمة فذكره الثامن أن يكون الراوي عن شخص أدركه وسمع منه لكنه لم يسمع منه أحاديث معينة فإذا رواها عنه بلا واسطة فعلتها أنه لم يسمعها منه كحديث يحيى ابن أبي كثير عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أفطر عند أهل بيت قال أفطر عندكم الصائمون الحديث قال فيحيى رأى أنسا وظهر من غير وجه أنه لم يسمع منه هذا الحديث ثم اسند عن يحيى قال حدثت عن أنس فذكره التاسع أن تكون طريقه معروفة يروي أحد رجالها حديثا من غير تلك الطريق فيقع من رواه من تلك الطريق بناء على الجادة في الوهم كحديث المنذر بن عبد الله الحزامي عن عبد العزيز بن الماجشون عن عبد الله دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا افتتح الصلاة قال سبحانك اللهم الحديث قال أخذ فيه المنذر طريق الجادة وإنما هو من حديث عبد العزيز ثنا عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي العاشر ان يروي الحديث مرفوعا من وجه وموقوفا من وجه كحديث أبي فروة يزيد بن محمد ثنا ابي عن أبيه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا من ضحك في صلاته يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء قال وعلته ما أسند وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان قال سئل جابر فذكره قال الحاكم وبقيت أجناس لم نذكرها وإنما جعلنا هذه مثالا لأحاديث كثيرة

النوع التاسع عشر المضطرب
هو الذي يروى على أوجه مختلفة متقاربة فإن رجحت إحدى الروايتين بحفظ راويها أو كثرة صحبته المروي عنه أو غير ذلك فالحكم للراجحة ولا يكون مضطربا والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بعدم الضبط ويقع في الإسناد تارة وفي المتن أخرى وفيهما من راو أو جماعة وما ذكره الحاكم من الأجناس يشمله القسمان المذكوران فيما تقدم وإنما ذكرناه تمرينا للطالب وإيضاحا لما تقدم ( النوع التاسع عشر المضطرب هو الذي يروى على أوجه مختلفة ) من راو واحد مرتين أو أكثر او من راويين أو رواة ( متقاربة ) وعبارة ابن الصلاح متساوية وعبارة ابن جماعة متقاومة بالواو والميم أي ولا مرجح ( فإن رجحت إحدى الروايتين ) أو الروايات ( بحفظ راويها ) مثلا ( أو كثرة صحبته المروى عنه أو غير ذلك ) من وجوه الترجيحات ( فالحكم للراجحة ولا يكون ) الحديث ( مضطربا ) لا الرواية الراجحة كما هو ظاهر ولا المرجوحة بلى هي شاذة أو منكرة كما تقدم ( والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بعدم الضبط ) من رواته الذي هو شرط في الصحة والحسن ( ويقع ) الاضطراب ( في الإسناد تارة وفي المتن أخرى و ) يقع ( فيهما ) أي الإسناد والمتن معا وهذه مزيدة على ابن الصلاح ( من راو ) واحد أو راويين ( أو جماعة ) مثاله في الإسناد ما رواه أبو داود وابن ماجه من طريق إسمعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن جده حريث عن أبي هريرة مرفوعا إذا صلى أحدكم فليجعل شيئا تلقاء وجهه الحديث وفيه فإن لم يجد عصا

ينصبها بين يديه فليخط خطا اختلف فيه على إسماعيل اختلافا كثيرا فرواه بشر بن المفضل وروح بن القاسم عنه هكذا ورواه سفيان الثوري عنه عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة ورواه حميد بن الأسود عنه عن أبي عمرو بن محمد بن عمرو عن جده حريث بن سليم عن أبي هريرة ورواه وهيب بن خالد وعبد الوارث عنه عن أبي عمرو بن حريث عن جده حريث ورواه ابن جريج عنه عن حريث بن عمار عن أبي هريرة ورواه ذواد بن علبة الحارثي ( 1 ) عنه عن أبي عمرو بن محمد عن جده حريث بن سليمان قال أبو زرعة الدمشقي لا أعلم أحدا بينه وبين نسبه غير ذواد ورواه سفيان بن عيينة عنه واختلف فيه على ابن عيينة فقال ابن المديني عن ابن عيينة عن إسماعيل عن أبي محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث رجل من بني عذرة ورواه محمد بن سلام ( 2 ) البيكندي عن أبي عيينة مثل رواية بشر بن المفضل وروح ( 3 ) ورواه مسدد عن ابن عيينة عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة ورواه عمار بن خالد الواسطي عن ابن عيينة عن إسمعيل عن أبي عمرو ابن محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث بن سليم هكذا

مثل ابن الصلاح بهذا الحديث لمضطرب الإسناد وقال العراقي في النكت اعترض عليه بأنه ذكر أن الترجيح إذا وجد انتفى الاضطراب وقد رواه سفيان الثوري وهو أحفظ ممن ذكرهم فينبغي أن ترجح روايته على غيرها وأيضا فإن الحاكم وغيره صححوا هذا الحديث قال والجواب ان وجوه الترجيح فيه متعارضة فسفيان وإن كان أحفظ إلا أنه انفرد بقوله أبي عمرو ابن حريث عن أبيه وأكثر الرواة يقولون عن جده وهم بشر وروح ووهيب وعبد الوارث وهم من ثقات البصريين وأئمتهم ووافقهم على ذلك من حفاظ الكوفة ابن عيينة وقولهم أرجح للكثرة ولأن إسمعيل بن أمية مكي وابن عيينة كان مقيما بها والأمران مما يرجح به وخالف الكل ابن جريج وهو مكي فتعارضت حينئذ وجوه الترجيح وانضم إلى ذلك جهالة راوي الحديث وهو شيخ إسمعيل فإنه لم يرو عنه غيره مع الاختلاف في اسمه واسم أبيه وهل يرويه عن أبيه أو جده أو هو نفسه عن أبي هريرة وقد حكى تضعيف هذا الحديث عن ابن عيينة فقال عنه لم نجد شيئا نشد به هذا الحديث ولم يجيء إلا من هذا الوجه وضعفه أيضا الشافعي والبيهقي والنووي في الخلاصة وقال شيخ الإسلام اتقن هذه الروايات رواية بشر وروح وأجمعها رواية حميد بن الأسود ومن قال أبو عمرو بن محمد أرجح ممن قال أبو محمد عمرو فإن رواة الأول أكثر وقد اضطرب من قال أبو محمد فمرة وافق الأكثرين فتلاشى الخلاف

قال والتي لا يمكن الجمع بينها رواية من قال أبو عمرو بن حريث مع رواية من قال أبو محمد بن عمرو بن حريث ورواية من قال حريث بن عمار وما في الروايات يمكن الجمع بينها فرواية من قال عن جده لا تنافي من قال عن أبيه لأن غايته أنه أسقط الأب فتبين المراد برواية غيره ورواية من قال عن أبي عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث يدخل في الأثناء عمرا لا تنافي من أسقطه لأنهم يكثرون نسبة الشخص إلى جده المشهور ومن قال سليم يمكن ان يكون اختصره من سليمان كالترخيم قال والحق أن التمثيل لا يليق إلا بحديث لولا الاضطراب لم يضعف وهذا الحديث لا يصلح مثالا فإنهم اختلفوا في ذات واحدة فإن كان ثقة لم يضر هذا الاختلاف في اسمه ونسبه وقد وجد مثل ذلك في الصحيح ولهذا صححه ابن حبان لأنه عنده ثقة ورجح أحد الأقوال في اسمه واسم أبيه وإن لم يكن ثقة فالضعف حاصل بغير جهة الاضطراب نعم يزداد به ضعفا قال ومثل هذا يدخل في المضطرب لكون رواته اختلفوا ولا مرجح وهو وارد على قولهم الاضطراب يوجب الضعف قال والمثال الصحيح حديث أبي بكر أنه قال يا رسول الله أراك شبت قال شيبتني هود وأخواتها قال الدارقطني هذا مضطرب فإنه لم يرو إلا من طريق أبي إسحاق ( 1 ) وقد

اختلف عليه فيه على نحو عشرة أوجه فمنهم من رواه مرسلا ومنهم من رواه موصولا ومنهم من جعله من مسند ابي بكر ومنهم من جعله من مسند سعد ومنهم من جعله من مسند عائشة وغير ذلك ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض والجمع متعذر قلت ومثله حديث مجاهد عن الحكم بن سفيان عن النبي صلى الله عليه و سلم في نضح الفرج بعد الوضوء قد اختلف فيه على عشرة أقوال فقيل عن مجاهد عن الحكم أو ابن الحكم عن أبيه وقيل عن مجاهد عن الحكم بن سفيان عن أبيه وقيل عن مجاهد عن الحكم غير منسوب عن أبيه وقيل عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه وقيل عن مجاهد عن سفيان بن الحكم أو الحكم بن سفيان وقيل عن مجاهد عن الحكم بن سفيان بلا شك وقيل عن مجاهد عن رجل من ثقيف يقال له الحكم او أبو الحكم وقيل عن مجاهد عن ابي الحكم أو أبي الحكم ابن سفيان وقيل عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن النبي صلى الله عليه و سلم ومثال الاضطراب في المتن فيما أورده العراقي حديث فاطمة بنت قيس قالت سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن الزكاة فقال إن في المال لحقا سوى الزكاة رواه الترمذي هكذا من رواية شريك عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة ورواه ابن ماجه من هذا الوجه بلفظ ليس في المال حق سوى الزكاة قال فهذا اضطراب لا يحتمل التأويل قيل وهذا أيضا لا يصلح مثالا فإن شيخ شريك ضععيف فهو مردود

من قبل ضعف راويه لا من قبل اضطرابه وأيضا فيمكن تأويله بأنها روت كلا من اللفظين عن النبي صلى الله عليه و سلم وأن المراد بالحق المثبت المستحب وبالمنفي الواجب والمثال الصحيح ما وقع في حديث الواهبة نفسها من الاختلاف في اللفظة الواقعة منه صلى الله عليه و سلم ففي رواية زوجتكها وفي رواية زوجناكها وفي رواية أمكناكها وفي رواية ملكتكها فهذه الفاظ لا يمكن الاحتجاج بواحد منها حتى لو احتج حنفي مثلا على أن التمليك من ألفاظ النكاح لم يسغ له ذلك قلت وفي التمثيل بهذا نظر أوضح من الأول فإن الحديث صحيح ثابت وتأويل هذه الألفاظ سهل ن فإنها راجعة إلى معنى واحد بخلاف الحديث السابق وعندي أن أحسن مثال لذلك حديث البسملة السابق فإن ابن عبد البر أعله بالاضطراب كما تقدم والمضطرب يجامع المعلل لأنه قد تكون علته ذلك تنبيه وقع في كلام شيخ الإسلام السابق أن الاضطراب قد يجامع الصحة ن وذلك بأن يقع الاختلاف في اسم رجل واحد وأبيه ونسبته ونحو ذلك ويكون ثقة فيحكم للحديث بالصحة ولا يضر الاختلاف فيما ذكر مع تسميته مضطربا وفي الصحيحين أحاديث كثيرة بهذه المثابة وكذا جزم الزركشي بذلك في مختصره فقال قد يدخل القلب والشذوذ والاضطراب في قسم الصحيح والحسن ( فائدة ) صنف شيخ الإسلام في المضطرب كتابا سماه المقترب

النوع العشرون المدرج
هو أقسام أحدها مدرج في حديث النبي صلى الله عليه و سلم بأن يذكر الراوي عقبيه كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلا فيتوهم أنه من الحديث ( النوع العشرون المدرج هو أقسام أحدها مدرج في حديث النبي صلى الله عليه و سلم بأن يذكر الراوي عقيبه كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلا ) بالحديث من غير فصل ( فيتوهم أنه من ) تتمة ( الحديث ) المرفوع ويدرك ذلك بوروده منفصلا في رواية أخرى أو بالتنصيص على ذلك من الراوي أو بعض الأئمة المطلعين أو باستحالة كونه صلى الله عليه و سلم يقول ذلك مثال ذلك ما رواه أبو داود ثنا عبيد الله بن محمد النفيلي ثنا زهير ثنا الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة قال أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ بيد عبد الله بن مسعود فعلمنا التشهد في الصلاة الحديث وفيه إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد فقوله إذا قلت إلى آخره وصله زهير بن معاوية بالحديث المرفوع في رواية أبي داود هذه وفيما رواه عنه أكثر الرواة قال الحاكم وذلك مدرج في الحديث من كلام ابن مسعود وكذا قال البيهقي والخطيب وقال المصنف في الخلاصة اتفق الحفاظ على أنها مدرجة وقد رواه شبابة بن سوار ( 1 ) عن زهير ففصله فقال قال عبد الله إذا قلت ذلك إلى آخره

رواه الدارقطني وقال شبابة ثقة وقد فصل آخر الحديث وجعله من قول ابن مسعود وهو أصح من رواية من أدرج وقوله أشبه بالصواب لأن ابن ثوبان رواه عن الحسن كذلك مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وعن غيره عن ابن مسعود على ذلك وكذا ما أخرجه الشيخان من طريق ابن ابي عروبة وجرير بن حازم عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة من اعتق شقصا وذكرا فيه الاستسقاء قال الدارقطني فيما انتقده على الشيخين وقد رواه شعبة وهشام وهما أثبت الناس في قتادة فلم يذكر فيه الاستسعاء ووافقهما همام وفصل الاستسعاء من الحديث وجعله من قول قتادة قال الدارقطني وذلك أولى بالصواب وكذا حديث ابن مسعود رفعه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار ففي رواية أخرى قال النبي صلى الله عليه و سلم كلمة وقلت أنا أخرى فذكرها فأفاد ذلك أن إحدى الكلمتين من قول ابن مسعود ثم وردت رواية ثالثة أفادت أن الكلمة التي هي من قوله هي الثانية وأكد ذلك رواية رابعة اقتصر فيها على الكلمة الأولى مضافة إلى النبي صلى الله عليه و سلم وفي الصحيح عن أبي هريرة مرفوعا للعبد المملوك أجران والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك فقوله والذي نفسي بيده إلخ من كلام أبي هريرة لأنه يمتنع منه صلى الله عليه و سلم أن يتمنى الرق ولأن أمه لم تكن إذ ذاك موجودة حتى يبرها

تنبيه هذا القسم يسمى مدرج المتن ويقابله مدرج الإسناد وكل منهما ثلاثة أنواع اقتصر المصنف في الأول على نوع واحد تبعا لابن الصلاح وأهمل نوعين وأهمل من الثاني نوعا وهو عند ابن الصلاح فأما مدرج المتن فتارة يكون في آخر الحديث كما ذكره وتارة في أوله وتارة في وسطه كما ذكره الخطيب وغيره والغالب وقوع الإدراج آخر الخبر ووقوعه أوله أكثر من وسطه لأن الراوي يقول كلاما يريد أن يستدل عليه بالحديث فيأتي به بلا فصل فيتوهم أن الكل حديث مثاله ما رواه الخطيب من رواية أبي قطن وشبابة فرقهما عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار فقوله أسبغوا الوضوء مدرج من قول أبي هريرة كما بين في رواية البخاري عن آدم عن شعبة عن محمد ابن زياد عن أبي هريرة قال أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم صلى الله عليه و سلم قال ويل للأعقاب من النار قال الخطيب وهم أبو قطن وشبابة في روايتهما له عن شعبة على ما سقناه وقد رواه الجم الغفير عنه كرواية آدم ومثال المدرج في الوسط والسبب فيه إما استنباط الراوي حكما من الحديث قبل أن يتم فيدرجه أو تفسير بعض الألفاظ الغريبة ونحو ذلك فمن الأول ما رواه الدارقطني في السنن من رواية عبد الحميد بن جعفر عن هشام عن عروة عن أبيه عن بسرة بنت صفوان قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من مس ذكره أو أنثييه أو رفغيه ( 1 ) فليتوضأ

والثاني أن يكون عنده متنان بإسنادين فيرويهما بأحدهما قال الدارقطني كذا رواه عبد الحميد عن هشام ووهم في ذكر الأنثيين والرفغ وإدراجه لذلك في حديث بسرة والمحفوظ أن ذلك قول عروة وكذا رواه الثقات عن هشام منهم أيوب وحماد بن زيد وغيرهما ثم رواه من طريق أيوب بلفظ من مس ذكره فليتوضأ قال وكان عروة يقول إذا مس رفغيه أو أنثييه أو ذكره فليتوضأ وكذا قال الخطيب فعروة لما فهم من لفظ الخبر أن سبب نقض الوضوء مظنة الشهوة جعل حكم ما قرب من الذكر كذلك فقال ذلك فظن بعض الرواة أنه من صلب الخبر فنقله مدرجا فيه وفهم الآخرون حقيقة الحال ففصلوا ومن الثاني حديث عائشة في بدء الوحي كان النبي صلى الله عليه و سلم يتحنث في غار حراء وهو التعبد الليالي ذوات العدد فقوله وهو التعبد مدرج من قول الزهري وحديث فضالة انا زعيم والزعيم الحميل يبيت في ربض الجنة الحديث فقوله والزعيم الحميل مدرج من تفسير ابن وهب وأمثلة ذلك كثيرة قال ابن دقيق العيد والطريق إلى الحكم بالإدراج في الأول أو الأثناء صعب لا سيما إن كان مقدما على اللفظ المروى أو معطوفا عليه بواو العطف ( الثاني ان يكون عنده متنان ) مختلفان ( بإسنادين ) مختلفين ( فيرويهما بأحدهما ) أو يروي أحدهما بإسناده الخاص به ويزيد فيه من المتن الآخر ما ليس في الاول ومنه أن يسمع الحديث من شيخه إلا طرفا منه فيسمعه بواسطة عنه فيرويه تاما بحذف الواسطة وابن الصلاح ذكر هذين القسمين دون ما ذكره المصنف وكأن

المصنف رأى دخولهما فيما ذكره مثال ذلك حديث رواه سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا الحديث فقوله ولا تنافسوا مدرج أدرجه ابن أبي مريم من حديث آخر لمالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا وكلا الحديثين متفق عليه من طريق مالك وليس في الأول ولا تنافسوا وهي في الثاني وهكذا الحديثان عند رواة الموطأ قال الخطيب وهم فيها ابن أبي مريم عن مالك عن ابن شهاب وإنما يرويها مالك في حديثه عن أبي الزناد وروى أبو داود من رواية زائدة وشريك فرقهما والنسائي من رواية سفيان بن عيينة كلهم عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل ( 1 ) بن حجر في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فيه ثم جئتهم بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب فقوله ثم جئتهم إلى آخره ليس هو بهذا الإسناد وإنما أدرج عليه وهو من رواية عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض اهله عن وائل وهكذا رواه مبينا زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد فميزا قصة تحريك الأيدي وفصلاها من الحديث وذكرا إسنادهما قال موسى بن هارون الحمال وهما أثبت ممن روى رفع الأيدي تحت الثياب

الثالث أن يسمع حديثا من جماعة مختلفين في إسناده أو متنه فيرويه عنهم باتفاق عن عاصم عن أبيه عن وائل ( الثالث أن يسمع حديثا من جماعة مختلفين في إسناده أو متنه فيرويه عنهم باتفاق ) ولا يبين ما اختلف فيه ولفظة المتن مزيدة هنا كأنه أراد بها ما تقدم من أن يكون المتن عنده بإسناد إلا طرفا منه وقد تقدم مثاله ومثال اختلاف السند حديث الترمذي عن بندار عن ابن مهدي عن سفيان الثوري عن واصل ومنصور والأعمش عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله قال قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم الحديث فرواية واصل هذه مدرجة على رواية منصور والأعمش لأن واصلا لا يذكر فيه عمرا بل يجعله عن أبي وائل عن عبد الله هكذا رواه شعبة ومهدي بن ميمون ومالك بن مغول وسعيد بن مسروق عن واصل كما ذكره الخطيب وقد بين الإسنادين معا يحيى بن سعيد القطان في روايته عن سفيان وفصل أحدهما من الآخر رواه البخاري في صحيحه عن عمرو بن علي عن يحيى بن سفيان عن منصور والأعمش كلامهما عن أبي وائل عن عمرو عن عبد الله وعن سفيان عن واصل عن ابي وائل عن عبد الله من غير ذكر عمرو قال عمرو بن علي فذكرته لعبد الرحمن وكان حدثنا عن سفيان عن الأعمش ومنصور وواصل عن ابي وائل عن عمرو فقال دعه قال العراقي لكن رواه النسائي عن بندار عن ابن مهدي عن سفيان عن واصل وحده عن أبي وائل عن عمرو فزاد في السند عمرا من غير ذكر أحد وكأن ابن مهدي لما حدث به عن سفيان عن منصور والأعمش وواصل بإسناد واحد ظن الرواة عن ابن مهدي اتفاق طرقهم فاقتصر على أحد

وكله حرام وصنف فيه الخطيب كتابا شفى وكفى النوع

الحادي والعشرون الموضوع
هو المختلق المصنوع وشر الضعيف وتحرم روايته مع العلم به في أي معنى كان إلا مبينا ويعرف الوضع بإقرار واضعه شيوخ سفيان ( كله ) أي الإدراج بأقسامه ( حرام ) بإجماع أهل الحديث والفقه وعبارة ابن السمعاني وغيره من تعمد الإدراج فهو ساقط العدالة وممن يحرف الكلم عن مواضعه وهو ملحق بالكذابين وعندي أن ما أدرج لتفسير غريب لا يمنع ولذلك فعله الزهري وغير واحد من الأئمة ( وصنف فيه ) أي نوع المدرج ( الخطيب كتابا ) سماه الفصل للوصل المدرج في النقل ( شفى وكفى ) على ما فيه من إعواز وقد لخصه شيخ الإسلام وزاد عليه قدره مرتين وأكثر في كتاب سماه تقريب المنهج بترتيب المدرج ( النوع الحادي والعشرون الموضوع هو ) الكذب ( المختلق المصنوع و ) هو ( شر الضعيف ) وأقبحه ( وتحرم روايته مع العلم به ) أي بوضعه ( في أي معنى كان ) سواء الأحكام والقصص والترغيب وغيرها ( إلا مبينا ) أي مقرونا ببيان وضعه لحديث مسلم من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ( 1 ) ( ويعرف الوضع ) للحديث ( بإقرار واضعه ) أنه وضعه كحديث فضائل القرآن الآتي اعترف بوضعه ميسرة

او معنى إقراره أو قرينة في الراوي أو المروي فقد وضعت أحاديث يشهد بوضعها ركاكة لفظها ومعانيها وقال البخاري في التاريخ الأوسط حدثني يحيى الأشكري عن علي بن حدير قال سمعت عمر بن صبح يقول أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه و سلم وقد استشكل ابن دقيق العيد الحكم بالوضع بإقرار من ادعى وضعه لأن فيه عملا بقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع قال وهذا كاف في رده لكن ليس بقاطع في كونه موضوعا لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه قيل وهذا ليس باستشكال منه إنما هو توضيح وبيان وهو أن الحكم بالوضع بالإقراد ليس بأمر قطعي موافق لما في نفس الأمر لجواز كذبه في الإقراد على حد ما تقدم أن المراد بالصحيح والضعيف ما هو الظاهر لا ما في نفس الأمر ونحا البلقيني في محاسن الاصطلاح قريبا من ذلك ( أو معنى إقراره ) عبارة ابن الصلاح وما يتنزل منزلة إقراره قال العراقي كأن يحدث بحديث عن شيخ ويسأل عن مولده فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ولا يعرف ذلك الحديث إلا عنده فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عن ذلك الشيخ ولا يعرف إلا برواية هذا عنه وكذا مثل الزركشي في مختصره ( أو قرينة في الراوي أو المروي فقد وضعت أحاديث ) طويلة ( يشهد بوضعها ركاكة لفظها ومعانيها ) قال الربيع بن خثيم إن للحديث ضوء كضوء النهار تعرفه وظلمة كظلمة الليل تنكره وقال ابن الجوزي الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم وينفر منه قلبه في الغالب

وقال البلقيني وشاهد هذا أن إنسانا لو خدم إنسانا سنتين وعرف ما يجب وما يكره فادعى إنسان أنه كان يكره شيئا يعلم ذلك أنه يحبه فبمجرد سماعه يبادر إلى تكذيبه وقال شيخ الإسلام المدار في الركة على ركة المعنى فحيثما وجدت دل على الوضع وإن لم ينضم إليه ركة اللفظ لأن هذا الدين كله محاسن والركة ترجع إلى الرداءة وقال أما ركاكة اللفظ فقط فلا تدل على ذلك لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى فغير الفاظه بغير فصحيح نعم إن صرح بأنه من لفظ النبي صلى الله عليه و سلم فكاذب قال ومما يدخل في قرينة حال المروي ما نقل عن الخطيب عن أبي بكر بن الطيب أن من جملة دلائل الوضع أن يكون مخالفا للعقل بحيث لا يقبل التأويل ويلتحق به ما يدفعه الحس والمشاهدة أو يكون منافيا لدلالة الكتاب القطعية أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي أما المعارضة مع إمكان الجمع فلا ومنها ما يصرح بتكذيب رواة جمع المتواتر أو يكون خبرا عن أمر جسيم تتوفر الدواعي على نقله بمحضر الجمع ثم لا ينقله منهم إلا واحد ومنها الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير او الوعد العظيم على الفعل الحقير وهذا كثير في حديث القصاص والأخير راجع إلى الركة قلت ومن القرائن كون الراوي رافضيا والحديث في فضائل أهل البيت وقد اشار إلى غالب ما تقدم الزركشي في مختصره فقال ويعرف بإقرار واضعه أو من حال الراوي كقوله سمعت فلانا يقول وعلمنا وفاة المروي عنه قبل وجوده أو من حال المروي لركاكة ألفاظه حيث تمتنع الرواية بالمعنى ومخالفته القاطع ولم يقبل التأويل أو لتضمنه لما تتوفر الدواعي على قلة أو لكونه أصلا في الدين ولم يتواتر كالنص الذي تزعم الرافضة أنه دل على إمامة علي وهل يثبت بالبينة على أنه وضعه يشبه ان يكون فيه التردد في ان شهادة الزور

هل تثبت بالبينة مع القطع بأنه لا يعمل به وفي جمع الجوامع لابن السبكي أخذا من المحصول وغيره كل خبر أوهم باطلا ولم يقبل التأويل فمكذوب أو نقص منه ما يزيل الوهم ومن المقطوع بكذبه ما نقب عنه من الأخبار ولم يوجد عند أهله من صدور الرواة وبطون الكتب وكذا قال صاحب المعتمد قال العز بن جماعة وهذا قد ينازع في إفضائه إلى القطع وإنما غايته غلبة الظن ولهذا قال العراقي يشترط استيعاب الاستقراء بحيث لا يبقى ديوان ولا راو إلا وكشف أمره في جميع أقطار الأرض وهو عسر أو متعذر وقد ذكر أبو حازم في مجلس الرشيد حديثا بحضرة الزهري فقال الزهري لا أعرف هذا الحديث فقال أحفظت حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا قال فنصفه قال أرجو قال اجعل هذا من النصف الآخر ( 1 ) وقال ابن الجوزي ما أحسن قول القائل إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع قال ومعنى مناقضته للأصول أن يكون خارجا عن دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة ومن أمثلة ما دل على وضعه قرينة في الراوي ما أسنده الحاكم عن سيف بن عمر التميمي قال كنت عند سعد بن طريف فجاء ابنه من الكتاب يبكي فقال مالك قال ضربني المعلم قال لأخزينهم اليوم حدثني عكرمة عن ابن عباس مرفوعا معلمو صبيانكم شراركم أقلهم رحمة لليتيم وأغلظهم على المسكين وقيل لمأمون بن أحمد الهروي ألا ترى إلى الشافعي ومن تبعه بخراسان فقال حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا عبيد الله بن معدان الأزدي عن

وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو مجلدين أعني ابا الفرج بن الجوزي فذكر كثيرا مما لا دليل على وضعه بل هو ضعيف أنس مرفوعا يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي هو سراج امتي وقيل لمحمد بن عكاشة الكرماني إن قوما يرفعون أيديهم في الركوع وفي الرفع منه فقال حدثنا المسيب بن واضح ثنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أنس مرفوعا من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له ومن المخالف للعقل ما رواه ابن الجوزي من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده مرفوعا أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت عند المقام ركعتين وأسند من طريق محمد بن شجاع البلخي عن حسان بن هلال عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة مرفوعا إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت فخلق نفسه منها هذا لا يضعه مسلم بل ولا عاقل والمتهم به محمد بن شجاع كان زائغا في دينه وفيه أبو المهزم قال شعبة رأيته ولو أعطي درهما وضع خمسين حديثا ( وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو مجلدين أعنى أبا الفرج بن الجوزي فذكر ) في كتابه ( كثيرا مما لا دليل على وضعه بل هو ضعيف ) بل وفيه الحسن والصحيح وأغرب من ذلك أن فيها حديثا من صحيح مسلم كما سأبينه قال الذهبي ربما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حسانا قوية قال ونقلت من خط السيد أحمد بن أبي المجد قال صنف ابن الجوزي كتاب الموضوعات فأصاب في ذكره أحاديث شنيعة مخالفة للنقل والعقل وما لم يصب فيه إطلاقه الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها كقوله فلان ضعيف أو ليس بالقوي او لين وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه ولا فيه مخالفة ولا معارضة لكتاب ولا سنة ولا إجماع ولا حجة بأنه

موضوع سوى كلام ذلك الرجل في راويه وهذا عدوان ومجازفة انتهى وقال شيخ الإسلام غالب ما في كتاب ابن الجوزي موضوع والذي ينتقد عليه بالنسبة إلى ما لا ينتقد قليل جدا قال وفيه من الضرر أن يظن ما ليس بموضوع موضوعا عكس الضرر بمستدرك الحاكم فإنه يظن ما ليس بصحيح صحيحا قال ويتعين الاعتناء بانتقاد الكتابين فإن الكلام في تساهلهما أعدم الانتفاع بهما إلا لعالم بالفن لأنه ما من حديث إلا ويمكن أن يكون قد وقع فيه تساهل ( 1 ) قلت قد اختصرت هذا الكتاب فعلقت أسانيده وذكرت منها موضع الحاجة وأتيت بالمتون وكلام ابن الجوزي عليها وتعقبت كثيرا منها وتتبعت كلام الحفاظ في تلك الأحاديث خصوصا شيخ الإسلام في تصانيفه وأماليه ثم أفردت الأحاديث المتعقبة في تأليف وذلك أن شيخ الإسلام ألف القول المسدد في الذب عن المسند اورد فيه اربعة وعشرين حديثا في المسند وهي في الموضوعات وانتقدها حديثا حديثا ومنها حديث في صحيح مسلم وهو ما رواه من طريق أبي عامر العقدي عن أفلح بن سعيد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن طالت بك مدة أوشك أن ترى قوما يغدون

في سخط الله ويروحون في لعنته في أيديهم مثل اذناب البقر قال شيخ الإسلام لم أقف في كتاب الموضوعات على شيء حكم عليه بالوضع وهو في أحد الصحيحين غير هذا الحديث وإنها لغفلة شديدة ثم تكلم عليه وعلى شواهده وذيلت على هذا الكتاب بذيل في الأحاديث التي بقيت في الموضوعات من المسند وهي أربعة عشر مع الكلام عليها ثم ألفت ذيلا لهذين الكتابين سميته القول الحسن في الذب عن السنن أوردت في مائة وبضعة وعشرين حديثا ليست بموضوعة منها ما هو في سنن أبي داود وهي أربعة أحاديث منها حديث صلاة التسبيح ومنها ما هو في جامع الترمذي وهو ثلاثة وعشرون حديثا ومنها ما هو في سنن النسائي وهو حديث واحد ومنها ما هو في ابن ماجه وهو ستة عشر حديثا ومنها ما هو في صحيح البخاري رواية حماد بن شاكر وهو حديث ابن عمر كيف يا ابن عمر إذا عمرت بين قوم يخبئون رزق سنتهم هذا الحديث أورده الديلمي في مسند الفردوس وعزاه للبخاري وذكر سنده إلى ابن عمر ورأيت بخط العراقي أنه ليس في الرواية المشهورة وأن المزي ذكر أنه في رواية حماد بن شاكر فهذا حديث ثان من أحاديث الصحيحين ومنها ما هو في تأليف البخاري غير الصحيح كخلق أفعال العباد أو تعاليقه في الصحيح او في مؤلف أطلق عليه اسم الصحيح كمسند الدارمي والمستدرك وصحيح ابن حبان أو في مؤلف معتبر كتصانيف البيهقي فقد التزم أن لا يخرج فيها حديثا يعلمه موضوعا ومنها ما ليس في أحد هذه الكتب وقد حررت الكلام على ذلك حديثا حديثا فجاء كتابا حافلا وقلت في آخره نظما ... كتاب الأباطيل للمرتضى ... أبي الفرج الحافظ المقتدى ... تضمن ما ليس من شرطه ... لذي البصر الناقد المهتدى

والواضعون أقسام أعظمهم ضررا قوم ينسبون إلى الزهد وضعوه حسبة ... ففيه حديث روى مسلم ... وفوق الثلاثين عن أحمد ... وفرد رواه البخاري في ... رواية حماد المسند ... وعند سليمان قل أربع ... وبضع وعشرون في الترمذي ... وللنسائي واحد وابن ما ... جه ست عشرة إن تعدد ... وعند البخاري لافي الصحيح ... وللدارمي الحبر في المسند ... وعند ابن حبان والحاكم ال ... إمام وتلميذه الجهبذي ... وتعليق إسنادهم اربعون ... وخذ مثلها واستفد وانقد ... وقد بان ذلك مجموعه ... وأوضحته لك كي تهتدي ... وثم بقايا لمستدرك ... فما جمع العلم في مفرد ( 1 ) ...

( والوضعون أقسام ) بحسب الأمر الحامل لهم على الوضع ( أعظمهم ضررا قوم
ينسبون إلى الزهد وضعوه حسبة )
أي احتسابا للأجر عند الله

في زعمهم فقبلت موضوعاتهم ثقة بهم ( في زعمهم ) الفاسد ( فقبلت موضوعاتهم ثقة بهم ) وركونا إليهم لما نسبوا إليه من الزهد والصلاح ولهذا قال يحيى القطان ما رأيت الكذب في أحد اكثر منه فيمن ينسب إلى الخير أي لعدم علمهم بتفرقة ما يجوز لهم وما يمتنع عليهم أو لأن عندهم حسن ظن وسلامة صدر فيحملون ما سمعوه على الصدق ولا يهتدون لتمييز الخطأ من الصواب لكن الواضعون منهم وإن خفي حالهم على كثير من الناس فإنه لم يخف على جهابذة الحديث ونقاده وقد قيل لابن المبارك هذه الأحاديث الموضوعة فقال تعيش لها الجهابذة إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ومن أمثلة ما وضع حسبة ما رواه الحاكم بسنده إلى ابن عمار المرزوي أنه قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم من أين ذلك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا فقال إني رأيت الناس قد اعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة وكان يقال لأبي عصمة هذا نوح الجامع قال ابن حبان جمع كل شيء إلا الصدق ( 1 )

وجوزت الكرامية الوضع في الترغيب والترهيب وروى ابن حبان في الضعفاء عن ابن مهدي قال قلت لميسرة بن عبد ربه من اين جئت بهذه الأحاديث من قرأ كذا فله كذا قال وضعتها أرغب الناس وكان غلاما جليلا يتزهد ويهجر شهوات الدنيا وغلقت أسواق بغداد لموته ومع ذلك كان يضع الحديث وقيل [ له ] عند موته حسن ظنك قال كيف لا وقد وضعت في فضل علي سبعين حديثا وكان أبو داود النخعي أطول الناس قياما بليل واكثرهم صياما بنهار وكان يضع قال ابن حبان وكان أبو بشر أحمد بن محمد الفقيه المرزوي من أصلب أهل زمانه في السنة وأذبهم عنها وأقمعهم لمن خالفها وكان يضع الحديث وقال ابن غدي كان وهب بن حفص من الصالحين مكث عشرين سنة لا يكلم احدا وكان يكذب كذبا فاحشا ( وجوزت الكرامية ) وهم قوم من المبتدعة نسبوا إلى محمد بن كرام السجستاني المتكلم بتشديد الراء في الأشهر ( 1 ) ( الوضع في الترغيب والترهيب ) دون ما يتعلق به حكم من الثواب والعقاب ترغيبا للناس في الطاعة وترهيبا لهم عن المعصية واستدلوا بما روى في بعض طرق الحديث من كذب علي متعمدا ليضل به الناس وحمل بعضهم حديث من كذب علي أي قال إنه شاعر أو مجنون وقال بعضهم إنما نكذب له لا عليه

وهو خلاف إجماع المسلمين الذين يعتد بهم ووضعت الزنادقة جملا فبين جهابذة الحديث أمرها ولله الحمد وقال محمد بن سعيد المصلوب ( 1 ) الكذاب الوضاع لا باس إذا كان كلام حسن أن يضع له إسنادا وقال بعض أهل الرأي فيما حكاه القرطبي ما وافق القياس الجلي جاز أن يعزي إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال المصنف زيادة على ابن الصلاح ( وهو ) وما أشبه ( خلاف إجماع المسلمين ) الذين يعتد بهم ) بل بالغ الشيخ أبو محمد الجويني فجزم بتكفير واضع الحديث ( ووضعت الزنادقة جملا ) من الأحاديث يفسدون بها الدين ( فبين جهابذة الحديث ) أي نقاده بفتح الجيم جمع جهبذ بالكسر وآخره معجمة ( أمرها ولله الحمد ) روى العقيلي بسنده إلى حماد بن زيد قال وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه و سلم اربعة عشر ألف حديث منهم عبد الكريم بن ابي العوجاء الذي قتل وصلب في زمن المهدي قال ابن عدي لما أخذ ليضرب عنقه قال وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام وكبيان ابن سمعان النهدي الذي قتله خالد القسري وأحرقه بالنار قال الحاكم وكمحمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة فروى عن حميد عن أنس مرفوعا أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله وضع هذا الاستثناء لما كان يدعو إليه من الإلحاد والزندقة والدعوة إلى التنبي

وهذا القسم مقابل القسم الأول من أقسام الواضعين زاده المصنف على ابن الصلاح ومنهم قسم يضعون انتصارا لمذهبهم كالخطابية ( 1 ) والرافضة وقوم من السالمية روى ابن حبان في الضعفاء بسنده إلى عبد الله بن يزيد المقري أن رجلا من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه فإنا كنا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا وروى الخطيب بسنده عن حماد بن سلمة قال أخبرني شيخ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع الأحاديث وقال الحاكم كان محمد بن القاسم الطايكاني ( 2 ) من رءوس المرجئة وكان يضع الحديث على مذهبهم ثم روى بسنده على المحاملي قال سمعت أبا العيناء يقول انا والجاحظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن ابي شيبة العلوي قال لا يشبه آخر هذا الحديث أوله وأبى أن يقبله وقسم تقربوا لبعض الخلفاء والأمراء بوضع ما يوافق فعلهم وآراءهم كغياث ابن إبراهيم حيث وضع للمهدي في حديث لا سبق إلا في نصل أو خف أو

حافر فزاد فيه أو جناح وكان المهدي إذ ذاك يلعب بالحمام فتركها بعد ذلك وأمر بذبحها وقال أنا حملته على ذلك وذكر أنه لما قام قال أشهد أن قفاك قفا كذاب أسنده الحاكم وأسند عن هارون بن أبي عبيد الله عن أبيه قال قال المهدي ألا ترى ما يقول لي مقاتل قال إن شئت وضعت لك أحاديث في العباس قلت لا حاجة لي فيها وضرب كانوا يتكسبون بذلك ويرتزقون به في قصصهم كأبي سعيد المدائني وضرب امتحنوا بأولادهم أو ربائب أو وراقين فوضعوا لهم أحاديث ودسوها عليهم فحدثوا بها من غير أن يشعروا كعبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي وكحماد بن سلمة ابتلى بربيبه ابن أبي العوجاء فكان يدس في كتبه وكمعمر كان له ابن أخ رافضي فدس في كتبه حديثا عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال نظر النبي صلى الله عليه و سلم إلى علي فقال أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة ومن أحبك فقد أحبني وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله والويل لمن أبغضك بعدي فحدث به عبد الرزاق عن معمر وهو باطل موضوع كما قاله ابن معين وضرب يلجون إلى إقامة دليل على ما أفتوا به بآرائهم فيضعون وقيل إن الحافظ أبا الخطاب بن دحية كان يفعل ذلك وكأنه الذي وضع الحديث في قصر المغرب وضرب يقلبون سند الحديث ليستغرب فيرغب في سماعه منهم كابن أبي حية وحماد النصيبي وبهلول بن عبيد وأصرم بن حوشب وضرب دعتهم حاجة إليه فوضعوه في الوقت كما تقدم عن سعد بن طريف ومحمد بن عكاشة ومأمون الهروي

وربما أسند الواضع كلاما لنفسه أو لبعض الحكماء وربما وقع في شبه الوضع بغير قصد فائدة قال النسائي الكذابون المعروفون بوضع الأحاديث أربعة ابن أبي يحيى بالمدينة والواقدي ببغداد ومقاتل بخراسان ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام ( وربما أسند الواضع كلاما لنفسه ) كأكثر الموضوعات ( أو لبعض الحكماء ) أو الزهاد أو الإسرائيليات كحديث المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء لا أصل له من كلام النبي صلى الله عليه و سلم بل هو كلام بعض الأطباء قيل إنه الحرث بن كلدة طبيب العرب ومثله العراقي في شرح الألفية بحديث حب الدنيا رأس كل خطيئة قال فإنه إما من كلام مالك بن دينار كما رواه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان بإسناده إليه او من كلام عيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم كما رواه البيهقي في الزهد ولا أصل له من حديث النبي صلى الله عليه و سلم إلا من مراسيل الحسن البصري كما رواه البيهقي في شعب الإيمان ومراسيل الحسن عندهم شبه الريح وقال شيخ الإسلام إسناده إلى الحسن حسن ومراسيله أثنى عليها أبو زرعة وابن المديني فلا دليل على وضعه والأمر كما قال ( وربما وقع ) الراوي ( في شبه الوضع ) غلطا منه ( بغير قصد ) فليس بموضوع حقيقة بل هو بقسم المدرج أولى كما ذكره شيخ الإسلام في شرح النخبة قال بأن يسوق الإسناد فيعرض له عارض فيقول كلاما من عند نفسه فيظن بعض من سمعه أن ذلك متن ذلك الإسناد فيرويه عنه كذلك كحديث رواه ابن ماجه عن إسماعيل بن محمد الطلحي عن ثابت بن موسى الزاهد عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار قال

ومن الموضوع الحديث المروي عن أبي بن كعب في فضل القرآن سورة سورة الحاكم دخل ثابت على شريك وهو يملي ويقول حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وسكت ليكتب المستملي فلما نظر إلى ثابت قال من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وقصد بذلك ثابتا لزهده وورعه فظن ثابت أنه متن ذلك الإسناد فكان يحدث به وقال ابن حبان إنما هو قول شريك فإنه قاله عقب حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم فأدرجه ثابت في الخبر ثم سرقه منه جماعة من الضعفاء وحدثوا به عن شريك كعبد الحميد بن بجر وعبد الله ابن شبرمة وإسحق بن بشر الكاهلي وجماعة آخرين ( ومن الموضوع الحديث المروي عن أبي بن كعب ) مرفوعا ( في فضل القرآن سورة سورة ) من أوله إلى آخره فروينا عن المؤمل بن إسماعيل قال حدثني شيخ به فقلت للشيخ من حدثك فقال حدثني رجل بالمدائن وهو حي فصرت إليه فقلت من حدثك فقال حدثني شيخ بواسط وهو حي فصرت إليه فقال حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه فقال حدثني شيخ بعبادان فصرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال هذا الشيخ حدثني فقلت يا شيخ من حدثك فقال لم يحدثني أحد ولكنا ررأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن قلت ولم اقف على تسمية هذا الشيخ إلا أن ابن الجوزي أورده في الموضوعات من طريق بزيع بن حسان ( 1 )

وقد أخطأ من ذكره من المفسرين عن علي بن زيد بن جدعان وعطاء بن أبي ميمونة عن زر بن حبيش عن أبي وقال الآفة فيه من بزيع ثم أورده من طريق مخلد بن عبد الواحد عن علي وعطاء وقال الآفة فيه من مخلد فكأن أحدهما وضعه والآخر سرقه أو كلاهما سرقه من ذلك الشيخ الواضع ( وقد أخطأ من ذكره من المفسرين ) في تفسيره كالثعلبي والواحدي والزمخشري والبيضاوي قال العراقي لكن من أبرز إسناده منهم كالأولين فهو أبسط لعذره إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده وإن كان لا يجوز له السكوت عليه وأما من لم يبرز سنده وأورده بصيغة الجزم فخطؤه أفحش ( 1 ) تنبيهات الأول من الباطل أيضا في فضائل القرآن سورة سورة حديث ابن عباس وضعه ميسرة كما تقدم وحديث ابي أمامة الباهلي أورده الديلمي من طريق سلام

ابن سليم المدائني عن هرون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عنه الثاني ورد في فضائل السور مفرقة أحاديث بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف ليس بموضوع ولولا خشية الإطالة لأوردت ذلك هنا لئلا يتوهم أنه لم يصح في فضائل السور شيء خصوصا مع قول الدارقطني أصح ما ورد في فضائل القرآن فضل قل هو الله أحد ومن طالع كتب السنن والزوائد عليها وجد من ذلك شيئا كثيرا وتفسير الحافظ عماد الدين بن كثير أجل ما يعتمد عليه في ذلك فإنه أورد غالب ما جاء في ذلك مما ليس بموضوع وإن فاته أشياء وقد جمعت في ذلك كتابا لطيفا سميته خمائل الزهر في فضائل السور واعلم أن السور التي صحت الأحاديث في فضائلها الفاتحة والزهراوان والأنعام والسبع الطول مجملا ( 1 ) والكهف ويس والدخان والملك والزلزلة والنصر والكافرون والإخلاص والمعوذتان وما عداها لم يصح فيه شيء الثالث من الموضوع أيضا حديث الارز والعدس والباذنجان والهريسة وفضائل من اسمه محمد وأحمد وفضل أبي حنيفة وعين سلوان وعسقلان إلا حديث أنس الذي في مسند أحمد على ما قيل فيه من النكارة ووصايا علي وضعها حماد بن عمرو النصيبي ووصية في الجماع وضعها إسحق بن نجيح الملطي

النوع الثاني والعشرون المقلوب
هو نحو حديث مشهور عن سالم جعل عن نافع ليرغب فيه ونسخة العقل وضعها داود المحبر وأوردها الحارث بن أبي أسامة في مسنده وحديث القس بن ساعدة أورده البزار في مسنده والحديث الطويل عن ابن عباس في الإسراء أورده ابن مردويه في تفسيره وهو نحو كراسين ونسخ ستة رووا عن أنس وهم أبو هدبة ودينار ونعيم بن سالم والأشج وخراش ونسطور ( النوع الثاني والعشرون المقلوب هو ) قسمان الأول أن يكون الحديث مشهورا براو فيجعل مكانه آخر في طبقته ( نحو حديث مشهور عن سالم جعل عن نافع ليرغب فيه ) لغرابته أو عن مالك جعل عن عبيد الله بن عمر وممن كان يفعل ذلك من الوضاعين حماد بن عمرو النصيبي وأبو إسماعيل إبراهيم بن أبي حية إليسع وبهلول بن عبيد الكندي قال ابن دقيق العيد وهذا هو الذي يطلق على راويه أنه يسرق الحديث قال العراقي مثاله حديث رواه عمرو بن خالد الحراني عن حماد النصيبي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدؤهم بالسلام الحديث فهذا حديث مقلوب قلبه حماد فجعله عن الأعمش فإنما هو معروف بسهيل بن أبي صالح عن أبيه هكذا أخرجه مسلم من رواية شعبة والثوري وجرير بن عبد الحميد وعبد العزيز الدراوردي ( 1 ) كلهم عن سهيل قال ولهذا كره أهل الحديث تتبع الغرائب فإنه قلما يصح منها

تنبيه قال البلقيني قد يقع القلب في المتن قال ويمكن تمثيله بما رواه حبيب ابن عبد الرحمن عن عمته أنيسة مرفوعا إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا وإذا اذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا الحديث رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والمشهور من حديث ابن عمر وعائشة إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم قال فالرواية بخلاف ذلك مقلوبة قالا إلا أن ابن حبان وابن خزيمة لم يجعلا ذلك من المقلوب وجمعا باحتمال أن يكون بين بلال وبين أم مكتوم تناوب قال ومع ذلك فدعوى القلب لا تبعد ولو فتحنا باب التأويلات لا ندفع كثير من علل الحديث قال ويمكن أن يسمى ذلك بالمعكوس فيفرد بنوع ولم ار من تعرض لذلك انتهى وقد مثل شيخ الإسلام في شرح النخبةالقلب في الإسناد بنحو كعب بن مرة ومرة بن كعب وفي المتن بحديث مسلم في السبعة الذين يظلهم الله ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله قال فهذا مما انقلب على أحد الرواة وإنما هو حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه كما في الصحيحين قلت

وقلب أهل بغداد على البخاري مائة حديث امتحانا فردها على وجوهها فأذعنوا بفضله ووجدت مثالا آخر وهو ما رواه الطبراني من حديث أبي هريرة إذا أمرتكم بشيء فائتوه وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ما استطعتم فإن المعروف ما في الصحيحين ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم القسم الثاني أن يؤخذ إسناد متن فيجعل على متن آخر وبالعكس وهذا قد يقصد به ايضا الإعراب فيكون كالوضع ن وقد يفعل اختبارا لحفظ المحدث أو لقبوله التلقين وقد فعل ذلك شعبة وحماد بن سلمة وأهل الحديث ( وقلب أهل بغداد على البخاري ) لما جاءهم ( مائة حديث امتحانا فردها على وجوهها فأذعنوا بفضله ) وذلك فيما رواه الخطيب حدثني محمد بن أبي الحسن الساحلي انا أحمد بن حسن الرازي سمعت أبا أحمد بن عدي يقول سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوه إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري وأخذوا الوعد للمجلس فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم من البغداديين فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث فقال البخاري لا أعرفه فسأله عن آخر فقال لا أعرفه فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري

بالعجز والتقصير وقلة الفهم ثم انتدب إليه رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري لا أعرفه فلم يزل يلقي إليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه ثم انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال أما حديثك الأول فهو كذا وحديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها واسانيدها إلى متونها فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل تنبيهات الأول قال العراقي في جواز هذا الفعل نظر لأنه إذا فعله أهل الحديث لا يستقر حديثا وقد أنكر حرمي ( 1 ) على شعبة لما قلب أحاديث على أبان بن أبي عياش وقال يا بئس ما صنع وهذا يحل الثاني قد يقع القلب غلطا لا قصدا كما يقع الوضع كذلك وقد مثله ابن الصلاح بحديث رواه جرير بن حازم عن ثابت عن أنس مرفوعا إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني فهذا حديث انقلب إسناده على جرير وهو

ليحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم هكذا رواه الأئمة الخمسة وهو عند مسلم والنسائي من رواية حجاج ابن أبي عثمان الصواف عن يحيى وجرير إنما سمعه من حجاج فانقلب عليه وقد بين ذلك حماد بن زيد فيما رواه أبو داود في المراسيل عن احمد بن صالح عن يحيى بن حسان عنه قال كنت أنا وجرير عند ثابت فحدث حجاج عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه فظن جرير أنه إنما حدث ثابت عن أنس الثالث هذا آخر ما أورده المصنف من أنواع الضعيف وبقي عليه المتروك ذكره شيخ الإسلام في النخبة وفسره بأن يرويه من يتهم بالكذب ولا يعرف ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفا للقواعد المعلومة قال وكذا من عرف بالكذب في كلامه وإن لم يظهر منه وقوعه في الحديث وهو دون الأول انتهى وتقدمت الإشارة إليه عقب الشاذ والمنكر الرابع تقدم أن شر الضعيف الموضوع وهذا أمر متفق عليه ولم يذكر المصنف ترتيب أنواعه بعد ذلك ويليه المتروك ثم المنكر ثم المعلل ثم المدرج ثم المقلوب ثم المضطرب كذا رتبه شيخ الإسلام وقال الخطابي شرها الموضوع ثم المقلوب ثم المجهول وقال الزركشي في مختصره ما ضعفه لا لعدم اتصاله سبعة اصناف شرها الموضوع ثم المدرج ثم المقلوب ثم المنكر ثم الشاذ ثم المضطرب انتهى قلت وهذا ترتيب حسن وينبغي جعل المتروك قبل المدرج وأن يقال فيما ضعفه لعدم اتصال شره المعضل ثم المنقطع ثم المدلس ثم المرسل وهذا واضح ثم رأيت شيخنا الإمام الشمني نقل قول

فرع إذا رأيت حديثا بإسناد ضعيف فلك أن تقول هو ضعيف بهذا الإسناد ولا تقل ضعيف المتن لمجرد ذلك الإسناد إلا أن يقول إمام إنه لم يرو من وجه صحيح أو إنه حديث ضعيف مفسرا ضعفه فإن أطلق ففيه كلام يأتي قريبا الجوزقاني المعضل أسوأ حالا من المنقطع والمنقطع أسوأ حالا من المرسل وتعقبه بأن ذلك إذا كان الانقطاع في موضوع واحد فهو يساوي المعضل ( 1 ) فرع فيه مسائل تتعلق بالضعيف ( إذا رأيت حديثا بإسناد ضعيف فلك أن تقول هو ضعيف بهذا الإسناد ولا تقل ضعيف المتن ) ولا ضعيف وتطلق ( بمجرد ضعف ذلك الإسناد ) فقد يكون له إسناد آخر صحيح ( إلا أن يقول إمام إنه لم يرو من وجه صحيح ) أو ليس له إسناد يثبت به ( أو إنه حديث ضعيف مفسرا ضعفه فإن أطلق ) الضعيف ولم يبين سببه ( ففيه كلام يأتي قريبا ) في النوع الآتي فوائد الأولى إذا قال الحافظ المطلع الناقد في حديث لا أعرفه اعتمد ذلك في

وإذا أردت رواية الضعيف بغير إسناد فلا تقل قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا وما اشبهه من الجزم بل قل روي كذا أو بلغنا كذا أو ورد أو جاء أو نقل وما أشبهه نفيه كما ذكر شيخ الإسلام فإن قيل يعارض هذا ما حكى عن أبي حازم أنه روى حديثا بحضرة الزهري فأنكره وقال لا أعرف هذا فقيل له أحفظت حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم كله قال لا قال فنصفه قال ارجو قال اجعل هذا من النصف الذي لم تعرفه هذا وهو الزهري فما أظنك بغيره ( 1 ) وقريب منه ما أسنده ابن النجار في تاريخه عن ابن أبي عائشة قال تكلم شاب يوما عند الشعبي فقال الشعبي ما سمعنا بهذا فقال الشاب كل العلم سمعت قال لا قال فشطره قال لا قال فاجعل هذا في الشطر الذي لم تسمعه فأفحم الشعبي قلنا أجيب عن ذلك بأنه كان قبل تدوين الأخبار في الكتب فكان إذ ذاك عند بعض الرواة ما ليس عند الحفاظ وأما بعد التدوين والرجوع إلى الكتب المصنفة فيبعد عدم الاطلاع من الحافظ الجهبذ على ما يورده غيره فالظاهر عدمه الثانية ألف عمر بن بدر الموصلي وليس من الحفاظ كتابا في قولهم لم يصح شيء في هذا الباب وعليه في كثير مما ذكره انتقاد ( 2 ) الثالثة قولهم هذا الحديث ليس له أصل أو لا أصل له قال ابن تيمية معناه ليس له إسناد ( وإذا أردت رواية الضعيف بغير إسناد فلا تقل قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا وما أشبهه من صيغ الجزم ) بأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قاله ( بل قل روي ) عنه ( كذا أو بلغنا ) عنه ( كذا أو ورد ) عنه ( أو جاء ) عنه ( أو نقل ) عنه ( وما أشبهه ) من صيغ التمريض كروى

وكذا ما تشك في صحته ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى والأحكام كالحلال والحرام ومما لا تعلق له بالعقائد والأحكام بعضهم ( وكذا ) تقول في ( ما تشك في صحته ) وضعفه أما الصحيح فاذكره بصيغة الجزم ويقبح فيه صيغة التمريض كما يقبح في الضعيف صيغة الجزم ( ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ) الضعيفة ( ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى ) وما يجوز ويستحيل عليه وتفسير كلامه ( والأحكام كالحلال والحرام و ) غيرهما وذلك كالقصص وفضائل الأعمال والمواعظ وغيرها ( مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام ) ومن نقل عنه ذلك ابن حنبل وابن مهدي وابن المبارك قالوا إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا تنبيه لم يذكر ابن الصلاح والمصنف هنا وفي سائر كتبه لما ذكر سوى هذا الشرط وهو كونه في الفضائل ونحوها وذكر شيخ الإسلام له ثلاثة شروط أحدها أن يكون الضعف غير شديد فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه نقل العلائي الاتفاق عليه

النوع الثالث والعشرون صفة من تقبل روايته وما يتعلق به
الثاني أن يندرج تحت اصل معمول به الثالث أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط وقال هذان ذكرهما ابن عبد السلام وابن دقيق العيد وقيل لا يجوز العمل به مطلقا قاله أبو بكر بن العربي وقيل يعمل به مطلقا وتقدم عزو ذلك إلى ابي داود وأحمد وانهما يريان ذلك أقوى من رأي الرجال وعبارة الزركشي الضعيف مردود ما لم يقتض ترغيبا أو ترهيبا أو تتعدد طرقه ولم يكن المتابع منحطا عنه وقيل لا يقبل مطلقا وقيل يقبل إن شهد له أصل واندرج تحت عموم انتهى ويعمل بالضعيف ايضا في الأحكام إذا كان فيه احتياط ( 1 ) ( النوع الثالث والعشرون صفة من تقبل روايته ) ومن ترد ( وما يتعلق به )

وفيه مسائل إحداها أجمع الجماهير من أئمة الحديث والفقه أنه يشترط فيه أن يكون عدلا ضابطا بأن يكون مسلما بالغا عاقلا سليما من اسباب الفسق وخوارم المروءة من الجرح والتعديل ( وفيه مسائل إحداها أجمع الجماهير من أئمة الحديث والفقه ) على ( أنه يشترط فيه ) أي من يحتج بروايته ( أن يكون عدلا ضابطا ) لما يرويه وفسر العدل ( بأن يكون مسلما بالغا عاقلا ) فلا يقبل كافر ومجنون مطبق بالإجماع ومن تقطع جنونه وأثر في زمن إفاقته وإن لم يؤثر قبل قاله ابن السمعاني ولا صغير على الأصح وقيل يقبل المميز إن لم يجرب عليه الكذب ( سليما من أسباب الفسق وخوارم المروءة ) ( 1 ) على ما حرر في الشهادات من كتب الفقه وتخالفها في عدم اشتراط الحرية والذكورة قال تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا وقال واشهدوا ذوي عدل منكم وفي الحديث لا تأخذوا العلم إلا ممن تقبلون شهادته رواه البيهقي في المدخل من حديث ابن عباس مرفوعا وموقوفا وروى أيضا من طريق الشعبي عن ابن عمر عن عمر قال كان يأمرنا أن لا نأخذ إلا عن ثقة وروى الشافعي وغيره عن يحيى بن سعيد قال سألت ابنا لعبد الله بن عمر عن مسألة فلم يقل فيها شيئا فقيل له إنا لنعظم أن يكون مثلك ابن إمامي هدى تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم فقال أعظم والله من ذلك عند الله وعند عن عرف الله وعند من عقل عن الله أن أقول بما ليس لي فيه علم أو خبر عن غير ثقة

متيقظا حافظا إن حدث من حفظه ضابطا لكتابه إن حدث منه عالما بما يحيل المعنى إن روى به الثانية تثبت العدالة بتنصيص عدلين عليها أو بالاستفاضة فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم وشاع الثناء عليه بها كفى فيها كمالك والسفيانين والأوزاعي والشافعي وأحمد واشباههم قال الشافعي وقال سعيد بن إبراهيم لا يحدث عن النبي صلى الله عليه و سلم إلا الثقات أسنده مسلم في مقدمة الصحيح وأسند عن ابن سيرين إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم وروى البيهقي عن النخعي قال كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وإلى صلاته وإلى حاله ثم يأخذون عنه وفسر الضبط بأن يكون ( متيقظا ) غير مغفل ( حافظا إن حدث من حفظه ضابطا لكتابه ) من التبديل والتغيير ( إن حدث منه ) ويشترط فيه مع ذلك أن يكون ( عالما بما يحيل المعنى إن روى به ) ( الثانية تثبت العدالة ) للراوي ( بتنصيص عالمين عليها ) وعبارة ابن الصلاح معدلين وعدل عنه لما سيأتي أن التعديل إنما يقبل من عالم ( أو بالاستفاضة ) والشهرة ( فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم ) من أهل الحديث أو غيرهم ( وشاع الثناء عليه بها كفى فيها ) أي في عدالته ولا يحتاج مع ذلك إلى معدل ينص عليها ( كمالك والسفيانين والأوزاعي والشافعي وأحمد ) بن حنبل ( واشباههم ) قال ابن الصلاح هذا هو الصحيح في مذهب الشافعي وعليه الاعتماد في أصول الفقه وممن ذكره من أهل الحديث الخطيب ومثله بمن ذكر وضم

وتوسع ابن عبد البر فيه فقال كل حامل علم معروف العناية به محمول أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه وقوله هذا غير مرضي إليهم الليث وشعبة وابن المبارك ووكيعا وابن معين وابن المديني ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره وقد سئل ابن حنبل عن إسحق بن راهويه فقال مثل إسحق يسأل عنه وسئل ابن معين عن أبي عبيد فقال مثلى يسأل عن أبي عبيد أبو عبيد يسأل عن الناس ( 1 ) وقال القاضي أبو بكر الباقلاني الشاهد والمخبر إنما يحتاجان إلى التزكية إذا لم يكونا مشهورين بالعدالة والرضى وكان أمرهما مشكلا ملتبسا ومجوزا فيهما العدالة وغيرها قال والدليل على ذلك أن العلم بظهور سيرهما واشتهار عدالتهما أقوى في النفوس من تعديل واحد واثنين يجوز عليهما الكذب والمحاباة ( وتوسع ) الحافظ أبو عمر ( ابن عبد البر فيه فقال كل حامل علم معروف العناية به ) فهو عدل ( محمول ) في أمره ( أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه ) ووافقه على ذلك ابن المواق من المتأخرين لقوله صلى الله عليه و سلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين رواه من طريق العقيلي من رواية معان بن رفاعة السلامي ( 2 ) عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري مرفوعا ( وقوله هذا غير مرضي ) والحديث من الطريق الذي أورده مرسل أو معضل وإبراهيم هو الذي أرسله قال فيه ابن القطان لا نعرفه

البتة ومعان أيضا ضعفه ابن معين وأبو حاتم وابن حبان وابن عدي والجوزجاني نعم وثقة ابن المديني وأحمد وفي كتاب العلل للخلال أن أحمد سئل عن هذا الحديث فقيل له كأنه موضوع فقال لا هو صحيح فقيل له ممن سمعته فقال من غير واحد قيل من هم قال حدثني به مسكين إلا أنه يقول عن معان عن القاسم بن عبد الرحمن ومعان لا بأس به انتهى قال ابن القطان وخفي على أحمد من أمره ما علمه غيره ( 1 ) قال العراقي وقد ورد هذا الحديث متصلا من رواية علي وابن عمر وابن عمرو وجابر بن سمرة وأبي امامة وأبي هريرة وكلها ضعيفة لا يثبت منها شيء وليس فيها شيء يقوي المرسل قال ابن عدي ورواه الثقات عن الوليد بن مسلم عن إبراهيم العذري ثنا الثقة من أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكره ثم على تقدير ثبوته إنما يصح الاستدلال به لو كان خبرا ولا يصح حمله على الخبر لوجود من يحمل العلم وهو غير عدل وغير ثقة فلم يبق له محمل إلا على الأمر ومعناه أنه أمر للثقات بحمل العلم لأن العلم إنما يقبل عنهم والدليل على ذلك أن في بعض طرقه عند ابن أبي حاتم ليحمل هذا العلم بلام الأمر وذكر ابن الصلاح في فوائد رحلته أن بعضهم ضبطه بضم الياء وفتح الميم مبنيا للمفعول ورفع العلم وفتح العين واللام من عدوله وآخره تاء فوقية فعولة بمعنى فاعل أي كامل في عدالته أي إن الخلف هو العدولة والمعنى

الثالثة يعرف ضبطه بموافقته الثقات المتقنين غالبا ولا تضر مخالفته النادرة فإن كثرت اختل ضبطه ولم يحتج به إن هذا العلم يحمل اي يؤخذ عن كل خلف عدل فهو أمر بأخذ العلم عن العدول والمعروف في ضبطه فتح ياء يحمل مبنيا للفاعل ونصب العلم مفعوله والفاعل عدوله جمع عدل ( الثالثة يعرف ضبطه ) أي الراوي ( بموافقة الثقات المتقنين ) الضابطين إذا اعتبر حديثه بحديثهم فإن وافقهم في روايتهم ( غالبا ) ولو من حيث المعنى فضابط ( ولا تضر مخالفته ) لهم ( النادرة فإن كثرت ) مخالفته لهم وندرت الموافقة ( اختل ضبطه ولم يحتج به ) في حديثه فائدة ذكر الحافظ أبو الحجاج المزي في الأطراف أن الوهم تارة يكون في الحفظ وتارة يكون في القول وتارة في الكتابة قال وقد روى مسلم حديث لا تسبوا أصحابي عن يحيى بن يحيى وأبي بكر وأبي كريب ثلاثتهم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ووهم عليهم في ذلك إنما رووه عن أبي معاوية عن الأعمش عن ابي صالح عن أبي سعيد كذلك

الرابعة يقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور ولا يقبل الجرح إلا مبين السبب رواه عنهم الناس كما رواه ابن ماجه عن أبي كريب أحد شيوخ مسلم فيه قال والدليل على أن ذلك وقع منه في حال كتابته لا في حفظه أنه ذكر أولا حديث أبي معاوية ثم ثنى بحديث جرير وذكر المتن وبقية الإسناد ثم ثلث بحديث وكيع ثم ربع بحديث شعبة ولم يذكر المتن ولا بقية الإسناد عنهما بل قال عن الأعمش بإسناد جرير وأبي معاوية بمثل حديثهما فلولا أن إسناد جرير وأبي معاوية عنده واحد لما جمعهما في الحوالة عليهما ( الرابعة يقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور ) لأن أسبابه كثيرة فيثقل ويشق ذكرها لأن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول لم يفعل كذا لم يرتكب كذا فعل كذا وكذا فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه وذلك شاق جدا ولا يقبل الجرح إلا مبين السبب لأنه يحصل بأمر واحد ولا يشق ذكره لأن الناس مختلفون في أسباب الجرح فيطلق أحدهم الجرح بناء على ما اعتقده جرحا وليس بجرح في نفس الأمر فلا بد من بيان سببه لينظر هل هو قادح أو لا قال ابن الصلاح وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله وذكر الخطيب أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث كالشيخين وغيرهما ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة وعمرو ابن مرزوق واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم وهكذا فعل أبو داود وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه ويدل على ذلك أيضا أنه ربما استفسر الجارح فذكر

ما ليس بجرح وقد عقد الخطيب لذلك بابا روى فيه عن محمد بن جعفر المدائني قال قيل لشعبة لم تركت حديث فلان قال رأيته يركض على برذون ( 1 ) فتركت حديثه وروى عن مسلم بن إبراهيم أنه سئل عن حديث صالح المري فقال وما تصنع بصالح ذكروه يوما عند حماد بن سلمة فامتخط حماد وروي عن وهيب بن جرير قال قال شعبة أتيت منزل المنهال بن عمرو فسمعت صوت الطنبور فرجعت فقيل له فهلا سألت عنه إذ لا يعلم هو وروينا عن شعبة قال قلت للحكم بن عتيبة لم لم ترو عن زاذان قال كان كثير الكلام وأشباه ذلك قال الصيرفي وكذا إذا قالوا فلان كذاب لا بد من بيانه لأن الكذب يحتمل الغلط كقوله كذب أبو محمد ولما صحح ابن الصلاح هذا القول أورد على نفسه سؤالا فقال ولقائل أن يقول إنما يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح والتعديل وقلما يتعرضون فيها لبيان السبب بل يقتصرون على مجرد قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بشيء وهذا حديث ضعيف أو حديث غير ثابت ونحو ذلك واشتراط بيان السبب يفضي إلى تعطيل ذلك وسد باب الجرح في الأغلب الأكثر

وأما كتب الجرح والتعديل التي لا يذكر فيها سبب الجرح ففائدتها التوقف فيمن جرحوه فإن بحثنا عن حاله وانزاحت عنه الريبة وحصلت الثقة به قبلنا حديثه كجماعة في الصحيحين بهذه المثابة ثم أجاب عن ذلك بما ذكره المصنف في قوله ( وأما كتب الجرح والتعديل التي لا يذكر فيها سبب الجرح ) فإنا وإن لم نعتمدها في إثبات الجرح والحكم به ( ففائدتها التوقف فيمن جرحوه ) عن قبول حديثه لما أوقع ذلك عندنا من الريبة القوية فيهم ( فإن بحثنا عن حاله وانزاحت عنه الريبة وحصلت الثقة به قبلنا حديثه كجماعة في الصحيحين بهذه المثابة ) كما تقدمت الإشارة إليه ومقابل الصحيح أقوال أحدها قبول الجرح غير مفسر ولا يقبل التعديل إلا بذكر سببه لأن أسباب العدالة يكثر التصنع فيها فيبنى المعدل على الظاهر نقله إمام الحرمين والغزالي والرازي في المحصول الثاني لا يقبلان إلا مفسرين حكاه الخطيب والأصوليون لأنه كما قد يجرح الجارح بما لا يقدح كذلك يوثق المعدل بما لا يقتضي العدالة كما روى يعقوب الفسوي ( 1 ) في تاريخه قال سمعت إنسانا يقول لأحمد بن يونس عبد الله العمري ضعيف قال إنما يضعفه رافضي مبغض لآبائه لو رأيت لحيته وهيئته لعرفت أنه ثقة فاستدل على ثقته بما ليس بحجة لأن الحسن الهيئة يشترك فيه العدل وغيره

الخامسة الصحيح أن الجرح والتعديل يثبتان بواحد وقيل لا بد من اثنين الثالث لا يجب ذكر السيب في واحد منهما إذا كان الجارح والمعدل عالمين بأسباب الجرح والتعديل والخلاف في ذلك بصيرا مرضيا في اعتقاده وأفعاله وهذا اختيار القاضي أبي بكر ونقله عن الجمهور واختاره إمام الحرمين والغزالي والرازي والخطيب وصححه الحافظ أبو الفضل العراقي والبلقيني في محاسن الاصطلاح واختار شيخ الإسلام تفصيلا حسنا فإن كان من جرح مجملا قد وثقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنا من كان إلا مفسرا لأنه قد ثبتت له رتبة الثقة فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون إلا من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه ونقدوه كما ينبغي وهم أيقظ الناس فلا ينقض حكم أحدهم إلا بأمر صريح وإن خلا عن التعديل قبل الجرح فيه غير مفسر إذا صدر من عارف لأنه إذا لم يعدل فهو حيز المجهول وإعمال قول المجرح فيه أولى من إهماله وقال الذهبي وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة انتهى ولهذا كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجمعوا على تركه ( الخامسة الصحيح أن الجرح والتعديل يثبتان بواحد ) لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر فلم يشترط في جرح راويه وتعديله لأن التزكية بمنزلة الحكم وهو أيضا لا يشترط فيه العدد ( وقيل لا بد من اثنين ) كما في الشهادة وقد

وإذا اجتمع فيه جرح فالجرح مقدم تقدم الفرق قال شيخ الإسلام ولو قيل يفصل بين ما إذا كانت التزكية مسندة من المزكى إلى اجتهاده أو إلى النقل عن غيره لكان متجها لأنه إن كان الأول فلا يشترط العدد أصلا لأنه بمنزلة الحكم وإن كان الثاني فيجري فيه الخلاف ويتبين أيضا أنه لا يشترط فيه العدد لأنه اصل النقل لا يشترط فيه فكذا ما تفرع منه انتهى وليس لهذا التفصيل الذي ذكره فائدة إلا نفي الخلاف في القسم الأول وشمل الواحد العبد والمرأة وسيذكره المصنف من زوائده ( وإذا اجتمع فيه ) أي الراوي ( جرح ) مفسر ( وتعديل فالجرح مقدم ) ولو زاد عدد المعدل هذا هو الأصح عند الفقهاء والأصوليين ونقله الخطيب عن جمهور العلماء ( 1 ) لأن مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدل ولأنه مصدق للمعدل فيما أخبر به عن ظاهر حاله إلا أنه يخبر عن أمر باطن خفي عنه وقيد الفقهاء ذلك بما إذا لم يقل المعدل عرفت السبب الذي ذكره الجارح ولكنه تاب وحسنت حاله فإنه حينئذ يقدم المعدل قال البلقيني ويأتي ذلك أيضا هنا إلا في الكذب كما سيأتي وقيده ابن دقيق العيد بأن يبنى على أمر مجزوم به لا بطريق اجتهادي كما اصطلح عليه أهل الحديث في الاعتماد في الجرح على اعتبار حديث الراوي بحديث غيره والنظر إلى كثرة الموافقة والمخالفة ورد بأن أهل الحديث لم يعتمدوا ذلك في معرفة

وقيل إن زاد المعدلون قدم التعديل وإذا قال حدثني الثقة أو نحوه لم يكتف به على الصحيح الضبط والنقل واستثنى أيضا ما إذا عين سببا فنفاه المعدل بطريق معتبر كأن قال قتل غلاما ظلما يوم كذا فقال المعدل رأيته حيا بعد ذلك أو كان القاتل في ذلك الوقت عندي فإنهما يتعارضان ( 1 ) وتقييد الجرح بكونه مفسرا جار على ما صححه المصنف وغيره كما صرح به ابن دقيق العيد وغيره ( وقيل إن زاد المعدلون ) في العدد على المجرحين ( قدم التعديل ) لأن أكثرتهم تقوي حالهم وتوجب العمل بخبرهم وقلة المجرحين تضعف خبرهم قال الخطيب وهذا خطأ وبعد ممن توهمه لأن المعدلين وإن كثروا لم يخبروا عن عدم ما أخبر به الجارحون ولو أخبروا بذلك لكانت شهادة باطلة على نفي وقيل يرجح بالأحفظ حكاه البلقيني في محاسن الاصطلاح وقيل يتعارضان فلا يترجح أحدهما إلا بمرجح حكاه ابن الحاجب وغير عن ابن شعبان من المالكية قال العراقي وكلام الخطيب يقتضي نفي هذا القول فإنه قال اتفق أهل العلم على أن من جرحه الواحد والاثنان وعدله مثل عدد من جرحه فإن الجرح به أولى ففي هذه الصورة حكاية الإجماع على تقديم الجرح خلاف ما حكاه ابن الحاجب ( وإذا قال حدثني الثقة أو نحوه ) من غير أن يسميه ( لم يكتف به ) في التعديل ( على الصحيح ) حتى يسمية لأنه وإن كان ثقة عنده فربما لو سماه

وقيل يكتفي فإن كان القائل عالما كفي في حق موافقه في المذهب عند بعض المحققين لكان ممن جرحه غيره بجرح قادح بل إضرابه عن تسميته ريبة توقع ترددا في القلب بل زاد الخطيب أنه لو صرح بأن كل شيوخه ثقات ثم روى عمن لم يسمه لم يعمل بتزكيته لجواز أن يعرف إذا ذكره بغير العدالة ( وقيل يكتفي ) بذلك مطلقا كما لو عينه لأنه مأمون في الحالتين معا ( فإن كان القائل عالما ) أي مجتهدا كمالك والشافعي وكثيرا ما يفعلان ذلك ( كفى في حق مواقفه في المذهب ) لا غيره ( عند بعض المحققين ) قال ابن الصباغ لأنه لم يورد ذلك احتجاجا بالخبر على غيره بل يذكر لأصحابه قيام الحجة عنده على الحكم وقد عرف هو من روى عنه ذلك واختاره إمام الحرمين ورجحه الرافعي في شرح المسند وفرضه في صدور ذلك من أهل التعديل وقيل لا يكفي أيضا حتى يقول كل من أروى لكم عنه ولم أسمه فهو عدل ( 1 ) قال الخطيب وقد يوجد في بعض من أبهموه الضعف لخفاء حاله كرواية مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق فائدتان الأولى لو قال نحو الشافعي أخبرني من لا أتهم فهو كقوله أخبرني الثقة وقال الذهبي ليس بتوثيق لأنه نفي للتهمة وليس فيه تعرض لإتقانه ولا لأنه حجة

قال ابن السبكي وهذا صحيح غير أن هذا إذا وقع من الشافعي على مسألة دينية فهي والتوثيق سواء في أصل الحجة وإن كان مدلول اللفظ لا يزيد على ما ذكره الذهبي فمن ثم خالفناه في مثل الشافعي أما من ليس مثله فالأمر كما قال انتهى قال الزركشي والعجب من اقتصاره على نقله عن الذهبي مع أن طوائف من فحول أصحابنا صرحوا به منهم السيرافي والماوردي والروياني الثانية قال ابن عبد البر إذا قال مالك عن الثقة عن بكير بن عبد الله الأشج فالثقة مخرمة بن بكير وإذا قال عن الثقة عن عمرو بن شعيب فهو عبد الله بن وهب وقيل الزهري وقال النسائي الذي يقول مالك في كتابه الثقة عن بكير يشبه أن يكون عمرو بن الحارث وقال غيره قال ابن وهب كل ما في كتاب مالك أخبرني من لا أتهم من أهل العلم فهو الليث بن سعد وقال أبو الحسن الآبري ( 1 ) سمعت بعض أهل الحديث يقول إذا قال الشافعي أخبرنا الثقة عن ابن أبي ذؤيب فهو ابن أبي فديك وإذا قال أخبرنا الثقة عن الليث بن سعد فهو يحيى بن حسان وإذا قال أخبرنا الثقة عن الوليد بن كثير فهو أبو أسامة وإذا قال أخبرنا الثقة عن الأوزاعي فهو عمرو ابن أبي سلمة وإذا قال أخبرنا الثقة عن ابن جريج فهو مسلم بن خالد وإذا قال أخبرنا الثقة عن صالح مولى التوأمة فهو إبراهيم بن يحيى انتهى ونقله غيره عن أبي حاتم الرازي

وقال شيخ الإسلام ابن حجر في رجال الأربعة إذا قال مالك عن الثقة عمرو ابن شعيب فقيل هو عمرو بن الحارث أو ابن لهيعة وعن الثقة عن بكير بن الأشج قيل هو مخرمة بن بكير وعن الثقة عن ابن عمر هو نافع كما في موطأ ابن القاسم وإذا قال الشافعي عن الثقة عن ليث بن سعد قال الربيع هو يحيى ابن حسان وعن الثقة عن أسامة بن زيد هو إبراهيم بن يحيى وعن الثقة عن حميد هو ابن علية وعن الثقة عن معمر هو مطرف بن مازن وعن الثقة عن الوليد بن كثير هو أبو أسامة وعن الثقة عن يحيى بن أبي كثير لعله ابنه عبد الله ابن يحيى وعن الثقة عن يونس بن عبيد عن الحسن هو ابن علية وعن الثقة عن الزهري هو سفيان بن عيينة انتهى وروينا في مسند الشافعي عن الأصم قال سمعت الربيع يقول كان الشافعي إذا قال أخبرني من لا أتهم يريد به إبراهيم بن يحيى وإذا قال أخبرني الثقة يريد به يحيى بن حسان وقد روى الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عبد الله بن الحارث إن لم أكن سمعته من عبد الله بن الحرث عن مالك بن أنس عن يزيد بن قسيط عن سعيد بن المسيب أن عمر وعثمان قضيا في الملطاة ( 1 ) بنصف دية الموضحة قال الحافظ أبو الفضل الفلكي الرجل الذي لم يسم الشافعي هو أحمد بن حنبل وفي تاريخ ابن عساكر قال عبد الله بن أحمد كل شيء في كتاب

وإذا روى العدل عمن سماه لم يكن تعديلا عند الأكثرين وهو الصحيح وقيل هو تعديل الشافعي أخبرنا الثقة عن أبي ( 1 ) وقال شيخ الإسلام يوجد في كلام الشافعي أخبرني الثقة عن يحيى بن أبي كثير والشافعي لم يأخذ عن أحد ممن ادرك يحيى بن أبي كثير فيحتمل أنه أراد بسنده عن يحيى قال وذكر عبد الله بن أحمد أن الشافعي إذا قال أخبرنا الثقة وذكر أحدا من العراقيين فهو يعني أباه ( وإذا روى العدل عمن سماه لم يكن تعديلا عند الأكثرين ) من أهل الحديث وغيرهم ( وهو الصحيح ) لجواز رواية العدل عن غير العدل فلم تتضمن روايته عنه تعديله وقد روينا عن الشعبي أنه قال حدثنا الحرث وأشهد بالله أنه كان كذابا وروى الحاكم وغيره عن أحمد بن حنبل أنه رأى يحيى بن معين وهو يكتب صحيفة معمر عن ابان عن أنس فإذا اطلع عليه إنسان كتمه فقال له أحمد تكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس وتعلم أنها موضوعة فلو قال لك قائل أنت تتكلم في أبان ثم تكتب حديثه فقال يا أبا عبد الله أكتب هذه الصحيفة فأحفظها كلها وأعلم أنها موضوعة حتى لا يجيء إنسان فيجعل بدل أبان ثابتا ويرويها عن معمر عن ثابت عن أنس فأقول له كذبت إنما هي عن معمر عن أبان لا عن ثابت ( وقيل هو تعديل ) إذ لو علم فيه جرحا لذكره ولو لم يذكره لكان غاشا في الدين قال الصيرفي وهذا خطأ لأن الرواية تعريف له والعدالة بالخبرة وأجاب الخطيب بأنه قد لا يعرف عدالته ولا جرحه وقيل إن كان العدل

وعمل العالم وفتياه على وفق حديث رواه ليس حكما بصحته ولا مخالفته قدح في صحته ولا في رواته الذي روى عنه لا يروي إلا عن عدل ( 1 ) كانت روايته تعديلا وإلا فلا واختاره الأصوليون كالآمدي وابن الحاجب وغيرهما ( وعمل العالم وفتياه على وفق حديث رواه ليس حكما ) منه ( بصحته ) ولا بتعديل رواته لإمكان أن يكون ذلك منه احتياطا أو لدليل آخر وافق ذلك الخبر وصحح الآمدي وغيره من الأصوليين أنه حكم بذلك وقال إمام الحرمين إن لم يكن في مسالك الاحتياط وفرق ابن تيمية بين أن يعمل به في الترغيب وغيره ( ولا مخالفته ) له ( قدح ) منه ( في صحته ولا في رواته ) لإمكان أن يكون ذلك لمانع من معارض أو غيره وقد روى مالك حديث الخيار ولم يعمل به لعمل أهل المدينة بخلافه ولم يكن ذلك قدحا في نافع راويه وقال ابن كثير في القسم الأول نظر إذا لم يكن في الباب غير ذلك الحديث وتعرض للاحتجاج به في فتياه أو حكمه أو استشهد به عند العمل بمقتضاه قال العراقي والجواب أنه يلزم من كون ذلك الباب ليس فيه غير هذا الحديث أن لا يكون ثم دليل آخر من قياس أو إجماع ولا يلزم المفتي أو الحاكم أن يذكر

السادسة رواية مجهول العدالة ظاهرا وباطنا لا تقبل عند الجماهير ورواية المستور وهو عدل الظاهر خفي الباطن يحتج بها بعض من رد الأول وهو قول بعض الشافعيين قال الشيخ جميع أدلته بل ولا بعضها ولعل له دليلا آخر وأستأنس بالحديث الوارد في الباب وربما كان يرى العمل بالضعيف وتقديمه على القياس كما تقدم تنبيه مما لا يدل على صحة الحديث أيضا كما ذكره أهل الأصول موافقة الإجماع له على الأصح لجواز أن يكون المستند غيره وقيل يدل وكذلك بقاء خبر تتوفر الدواعي على إبطاله وقال الزيدية يدل وافتراق العلماء بين متأول للحديث ومحتج به قال ابن السمعاني وقوم يدل لتضمنه تلقيهم له بالقبول وأجيب باحتمال أنه تأوله على تقدير صحته فرضا لا على ثبوتها عنده ( السادسة رواية مجهول العدالة ظاهرا وباطنا ) مع كونه معروف العين برواية عدلين عنه ( لا تقبل عند الجماهير ) وقيل تقبل مطلقا وقيل إن كان من روى عنه فيهم من لا يروي عن غير عدل قبل وإلا فلا ( ورواية المستور وهو عدل الظاهر خفي الباطن ) أي مجهول العدالة باطنا ( يحتج بها بعض من رد الأول وهو قول بعض الشافعيين ) كسليم الرازي قال لأن الإخبار مبني على حسن الظن بالراوي ولأن رواية الأخبار تكون عند من يتعذر عليه معرفة العدالة في الباطن فاقتصر فيها على معرفة ذلك في الظاهر بخلاف الشهادة فإنها تكون عند الحكام فلا يتعذر عليهم ذلك ( قال الشيخ )

يشبه أن يكون العمل على هذا في كثير من كتب الحديث في جماعة من الرواة تقادم العهد بهم وتعذرت خبرتهم باطنا وأما مجهول العين فقد لا يقبله بعض من يقبل مجهول العدالة ثم من روى عنه عدلان عيناه ارتفعت جهالة عينه قال الخطيب المجهول عند أهل الحديث من لم يعرفه العلماء ولا يعرف حديثه إلا من جهة واحد وأقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين مشهورين ل ابن الصلاح ويشبه أن يكون العمل على هذا ) الرأي ( في كثير من كتب الحديث ) المشهورة ( في جماعة من الرواة تقادم العهد بهم وتعذرت خبرتهم باطنا ) وكذا صححه المصنف في شرح المهذب ( وأما مجهول العين ) وهو القسم الثالث من أقسام المجهول ( فقد لا يقبله بعض من يقبل مجهول العدالة ) ورده هو الصحيح الذي عليه أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم وقيل يقبل مطلقا وهو قول من لا يشترط في الراوي مزيدا على الإسلام وقيل إن تفرد بالرواية عنه من لا يروى إلا عن عدل كابن مهدي ويحيى بن سعيد واكتفينا في التعديل بواحد قبل وإلا فلا وقيل إن كان مشهورا في غير العلم بالزهد أو النجدة قبل وإلا فلا واختاره ابن عبد البر وقيل إن زكاه أحد من أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه قبل وإلا فلا واختاره أبو الحسن بن القطان وصححه شيخ الإسلام ( ثم من روى عنه عدلان عيناه ارتفعت جهالة عينه قال الخطيب ) في الكفاية وغيرها ( المجهول عند أهل الحديث من لم تعرفه العلماء ) ولم يشتهر بطلب العلم في نفسه ( ولا يعرف حديثه إلا من جهة ) راو ( واحد وأقل ما يرفع الجهالة ) عنه ( رواية اثنين مشهورين ) فأكثر

ونقل ابن عبد البر عن أهل الحديث ونحوه قال الشيخ ردا على الخطيب وقد روى البخاري عن مرداس الأسلمي وسلم عن ربيعة ابن كعب الأسلمي ولم يرو عنهما غير واحد والخلاف في ذلك متجه كالاكتفاء بتعديل واحد والصواب نقل الخطيب ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة فإنهما صحابيان مشهوران والصحابة كلهم عدول عنه وإن لم يثبت له بذلك حكم العدالة ( ونقل ابن عبد البر عن أهل الحديث نحوه ) ولفظه كما نقله ابن الصلاح في النوع السابع والأربعين كل من لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول إلا أن يكون رجلا مشهورا في غير حمل العلم كاشتهار مالك بن دينار بالزهد وعمرو بن معد يكرب بالنجدة ( قال الشيخ ) ابن الصلاح ( ردا على الخطيب ) في ذلك ( وقد روى البخاري ) في صحيحه ( عن مرداس ) بن مالك ( الأسلمي و ) ( مسلم ) في صحيحه ( عن ربيعة بن كعب الأسلمي ولم يرو عنهما غير واحد ) وهو قيس بن أبي حازم عن الأول وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن الثاني وذلك مصير منهما إلى أن الراوي يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه قال ( والخلاف في ذلك متجه كالاكتفاء بتعديل واحد ) قال المصنف ردا على ابن الصلاح ( والصواب نقل الخطيب وقد نقله أيضا أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي وغيره ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة فإنهما صحابيان مشهوران والصحابة كلهم عدول ) فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم بتعدد الرواة قال العراقي هذا الذي قاله النووي متجه إذا ثبتت الصحبة ولكن بقي الكلام في أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أو لا تثبت إلا برواية اثنين عنه وهو محل نظر واختلاف

بين أهل العلم والحق أنه إن كان معروفا بذكره في الغزوات أو في من وفد من الصحابة أو نحو ذلك فإنه تثبت صحبته وإن لم يرو عنه إلا راو واحد ومرداس من أهل الشجرة أن وربيعة من أهل الصفة فلا يضرهما انفراد راو واحد عن كل منهما على ذلك ليس بصواب بالنسبة إلى ربيعة فقد روى عنه أيضا نعيم المجمر وحنظلة بن علي وأبو عمران الجوني قال وذكر المزي والذهبي أن مرداسا روى عنه أيضا زياد بن علاقة وهو وهم إنما ذاك مرداس بن عروة صحابي آخر كما ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وابن منده وابن عبد البر والطبراني وابن قانع وغيرهم ولا أعلم في خلافا تنبيه قال العراقي إذا مشينا على ما قاله النووي أن هذا لا يؤثر في الصحابة ورد عليه من خرج له البخاري أو مسلم من غيرهم ولم يرو عنهم إلا واحد قال وقد جمعتهم في جزء منفرد منهم عند البخاري جويرية بن قدامة تفرد عنه أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي وزيد بن رباح المدني تفرد عنه مالك والوليد ابن عبد الرحمن الجارودي تفرد عنه ابن المنذر وعند مسلم جابر بن إسماعيل الحضرمي تفرد عنه عامر بن سعد قال شيخ الإسلام أما جويرية فالأرجح أنه جارية عم الأحنف صرح بذلك بن أبي شيبة في مصنفه وجارية بن قدامة صحابي شهير روى عنه الأحنف ابن قيس والحسن البصري ( 1 ) وأما زيد بن رباح فقال فيه أبو حاتم ما أرى

بحديثه بأسا وقال الدارقطني وغيره ثقة وقال ابن عبد البر ثقة مأمون وذكره ابن حبان في الثقات فانتفت عنه الجهالة بتوثيق هؤلاء وأما الوليد فوثقه أيضا الدارقطني وابن حبان وأما جابر فوثقه ابن حبان وأخرج له ابن خزيمة في صحيحه وقال إنه ممن يحتج به وأما خباب فذكره جماعة في الصحابة فائدتان الأولى جهل جماعة من الحفاظ قوما من الرواة لعدم علمهم بهم وهم معروفون بالعدالة عند غيرهم وأنا أسرد ما في الصحيحين من ذلك أحمد ابن عاصم البلخي جهله أبو حاتم لأنه لم يخبر بحاله ووثقه ابن حبان وقال روى عنه أهل بلده إبراهيم بن عبد الرحمن المخزومي ( 1 ) جهله ابن القطان وعرفه غيره فوثقه ابن حبان وروى عنه جماعة أسامة بن حفص المدني جهله الساجي وأبو القاسم اللالكائي قال الذهبي ليس بمجهول روى عنه أربعة أسباط أبو اليسع جهله أبو حاتم وعرفه البخاري بيان بن عمر وجهله أبو حاتم ووثقه ابن المديني وابن حبان وابن عدي وروى عنه البخاري وأبو زرعة وعبيد الله ابن واصل الحسين بن الحسن بن يسار جهله أبو حاتم ووثقه أحمد وغيره الحكم ابن عبد الله البصري جهله أبو حاتم ووثقه الذهلي وروى عنه اربعة ثقات عباس بن الحسين القنطري جهله أبو حاتم ووثقه أحمد وابنه وروى عنه البخاري والحسن بن علي المعمري وموسى بن هرون الحمال وغيرهم محمد بن الحكم المروزي جهله أبو حاتم ووثقه ابن حبان وروى عنه البخاري

فرع يقبل تعديل العبد والمرأة العارفين ومن عرفت عينه وعدالته وجهل اسمه احتج به الثانية قال الذهبي في الميزان ما علمت في النساء من راتهمت ولا من تركوها وجميع من ضعف منهم إنما هو للجهالة ( 1 ) فرع في مسائل زادها المصنف على ابن الصلاح ( يقبل تعديل العبد والمرأة العارفين ) لقبول خبرهما وبذلك جزم الخطيب في الكفاية والرازي والقاضي أبو بكر بعد أن حكى عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه لا يقبل في التعديل النساء لا في الرواية ولا في الشهادة واستدل الخطيب على القبول بسؤال النبي صلى الله عليه و سلم بريرة عن عائشة في قصة الإفك قال بخلاف الصبي المراهق فلا يقبل تعديله إجماعا ( ومن عرفت عينه وعدالته وجهل اسمه ) ونسبه ( احتج به ) وفي الصحيحين من ذلك كثير كقولهم ابن فلان أو والد فلان وقد جزم بذلك الخطيب في الكفاية ونقله عن القاضي أبي بكر الباقلاني وعلله بأن الجهل باسمه لا يخل بالعلم بعدالته ومثله بحديث ثمامة بن حزن القشيري سألت عائشة عن النبيذ فقالت هذه خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم لجارية حبشية فسلها الحديث

وإذا قال أخبرني فلان أو فلان وهما عدلان احتج به فإن جهل عدالة أحدهما أو قال فلان أو غيره لم يحتج به ( وإذا قال أخبرني فلان أو فلان ) على الشك ( وهما عدلان احتج به ) لأنه قد عينهما وتحقق سماعه بذلك الحديث من أحدهما وكلاهما مقبول قاله الخطيب ومثله بحديث شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي الزغراء أو عن زيد بن وهب أن سويد بن غفلة دخل علي بن أبي طالب فقال يا أمير المؤمنين إني مررت بقوم يذكرون أبا بكر وعمر الحديث ( فإن جهل عدالة أحدهما أو قال فلان أو غيره ) ولم يسمه ( لم يحتج به ) لاحتمال أن يكون المخبر مجهول فائدة وقع في صحيح مسلم أحاديث أبهم بعض رجالها كقوله في كتاب الصلاة حدثنا صاحب لنا عن إسماعيل بن زكريا عن الأعمش وهذا في رواية ابن ماهان أما رواية الجلودي ففيها حدثنا محمد بن بكار حدثنا إسماعيل وفيه أيضا وحدثت عن يحيى بن حسان ويونس المؤدب فذكر حديث أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين وقد رواه أبو نعيم في المستخرج من طريق محمد بن سهل بن عسكر عن يحيى بن حسان ومحمد بن سهل من شيوخ مسلم في صحيحه ورواه البزار عن أبي الحسن بن مسكين وهو ثقة عن يحيى بن حسان وفي الجنائز حدثني من سمع حجاجا الأعور بحديث خروجه صلى الله عليه و سلم إلى البقيع وقد رواه عن حجاج غير واحد منهم الإمام أحمد بن يوسف بن سعيد المصيصي وعنه أخرجه النسائي ووثقه وفي الجوائح حدثني غير واحد من أصحابنا قالوا حدثنا إسماعيل بن أبي أويس بحديث عائشة في الصوم وقد رواه

البخاري عن إسماعيل فهو أحد شيوخ مسلم فيه وفي الاحتكار حدثني بعض أصحابنا عن عمرو بن عون ثنا خالد بن عبد الله وقد أخرجه أبو داود عن وهب ابن بقية عن خالد ووهب من شيوخ مسلم في صحيحه وفي المناقب حدثت عن أبي أسامة وممن روى ذلك عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة بحديث أبي موسى إن الله إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها الحديث وقد رواه عن إبراهيم الجوهري عن أبي أسامة جماعة منهم أبو بكر البزار ومحمد ابن المسيب الأرغياني ( 1 ) وأحمد بن فيل البالسي ( 2 ) ورواه عن الأرغياني ابن خزيمة وإبراهيم المزكي وأبو أحمد الجلودي وغيرهم وفي القدر حدثني عدة من أصحابنا عن سعيد بن أبي مريم بحديث أبي سعيد لتركبن سنن من قبلكم وقد وصله إبراهيم بن سفيان عن محمد بن يحيى عن ابن أبي مريم وأخرج في الجنائز حديث الزهري حدثني رجال عن أبي هريرة بمثل حديث من شهد الجنازة وقد وصله قبل ذلك من حديث الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة ومن حديثه عن سعيد بن المسيب عنه وأخرج في الجهاد حديث الزهري قال بلغني عن ابن عمر نفل رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية وقد وصله قبل ذلك عن الزهري عن سالم عن أبيه ومن طريق نافع عن ابن عمر وأخرج فيه حديث هشام عن أبيه قال أخبرت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال

السابعة من كفر ببدعته لم يحتج به بالاتفاق ومن لم يكفر قيل لا يحتج به مطلقا لقد حكمت فيهم بحكم الله وقد وصله من رواية أبي سعيد وأخرج في الصلاة حديث أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة في السهو وفي آخره قال وأخبرت عن عمران بن حصين أنه قال وسلم والقائل ذلك ابن سيرين عن أبي هريرة كما رجحه الدارقطني وقد وصل لفظ السلام من طريق أبي المهلب عن عمران في حديث آخر وأخرج في اللعان حديث ابن شهاب بلغنا أن أبا هريرة كان يحدث الحديث إن امرأتي ولدت غلاما أسود وهو متصل عنده من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وعنده وعند البخاري من حديث ابن المسيب عنه فهذا ما وقع فيه من هذا النوع وقد تبين اتصاله ( السابعة من كفر ببدعته ) وهو كما في شرح المهذب للمصنف المجسم ومنكر علم الجزئيات قيل وقائل خلق القرآن فقد نص عليه الشافعي واختاره البلقيني ومنع تأويل البيهقي له بكفران النعمة بأن الشافعي قال ذلك في حق حفص القرد لما أفتى بضرب عنقه وهذا راد للتأويل ( لم يحتج به بالاتفاق ) قيل دعوى الاتفاق ممنوعة فقد قيل إنه يقبل مطلقا وقيل يقبل إن اعتقد حرمة الكذب وصححه صاحب المحصول وقال شيخ الإسلام التحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته لأن كل طائفة تدعي أن مخالفتها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر مخالفيها فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف والمعتمد أن الذي ترد بدعته روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة أو اعتقد عكسه وأما من لم يكن كذلك وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله ( ومن لم يكفر ) فيه خلاف ( قيل لا يحتج به مطلقا ) ونسبه الخطيب لمالك لأن في

وقيل يحتج به إن لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه وحكى عن الشافعي وقيل يحتج به إن لم يكن داعية إلى بدعته ولا يحتج به إن كان داعية وهذا هو الأظهر الأعدل وقول الكثير أو الأكثر وضعف الأول باحتجاج صاحبي الصحيحين وغيرهما بكثير من المبتدعة غير الدعاة الرواية عنه ترويجا لأمره وتنويها لذكره ولأنه فاسق ببدعته وإن كان ببدعته وإن كان متأولا يرد كالفاسق بلا تأويل كما استوى الكافر المتأول وغيره ( وقيل يحتج به إن لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه ) سواء كان داعية أم لا ولا يقبل إن استحل ذلك ( وحكى ) هذا القول ( عن الشافعي ) حكاه عنه الخطيب في الكفاية لأنه قال أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم قال وحكى هذا أيضا عن ابن أبي ليلى والثوري والقاضي أبي يوسف ( وقيل يحتج به إن لم يكن داعية ) إلى بدعته ولا يحتج به إن كان داعيته إليها لأن تزيين بدعته قد تحمله على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه ( وهذا ) القول هو الأظهر الأعدل وقول الكثير أو الأكثر ) من العلماء 0 وضعف ) القول ( الأول باحتجاج صاحبي الصحيحين وغيرهما بكثير من المبتدعة غير الدعاة ) كعمران بن حطان وداود بن الحصين قال الحاكم وكتاب مسلم ملآن من الشيعة وقد ادعى ابن حبان الاتفاق على رد الداعية وقبول غيره بلا تفصيل تنبيهات الأول قيد جماعة قبول الداعية بما إذا لم يرو ما يقوي بدعته صرح بذلك الحافظ أبو إسحق الجوزجاني شيخ أبي داود والنسائي فقال في كتابه معرفة

الرجال ومنهم زائغ عن الحق أي عن السنة صادق اللهجة فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكرا إذا لم يقو به بدعته وبه جزم شيخ الإسلام في النخبة وقال في شرحها ما قاله الجوزجاني متجه لأن العلة التي لها رد حديث الداعية واردة فيما إذا كان الظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية الثاني قال العراقي اعترض عليه بأن الشيخين أيضا احتجا بالدعاة فاحتج البخاري بعمران بن حطان وهو من الدعاة واحتجا بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني ( 1 ) وكان داعية إلى الإرجاء وأجاب بأن أبا داود قال ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج قال ولم يحتج مسلم بعبد الحميد بل أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين الثالث الصواب أنه لا يقبل رواية الرافضة وساب السلف كما ذكره المصنف في الروضة في باب القضاء في مسائل الإفتاء وإن سكت في باب الشهادات عن التصريح باستثنائهم إحالة على ما تقدم لأن سباب المسلم فسوق فالصحابة والسلف من باب أولى وقد صرح بذلك الذهبي في الميزان فقال البدعة على ضربين صغرى كالتشيع بلا غلو أو بغلو كمن تكلم في حق من حارب عليا فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والغلو فيه والحط على أبي بكر

وعمر والدعاء إلى ذلك ن فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة وأيضا فما استحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم انتهى وهذا الذي قاله هو الصواب الذي لا يحل لمسلم أن يعتقد خلافه وقال في موضع آخر اختلف الناس في الاحتجاج برواية الرافضة على ثلاثة أقوال المنع مطلقا والترخص مطلقا إلا من يكذب ويضع والثالث التفصيل بين العارف بما يحدث وغيره وقال أشهب سئل مالك عن الرافضة فقال لا تكلموهم ولا ترووا عنهم وقال الشافعي لم أر أشهد بالزور من الرافضة وقال يزيد بن هارون يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة وقال شريك احمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة وقال ابن المبارك لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف الرابع من الملحق بالمبتدع من دأبه الاشتغال بعلوم الأوائل كالفلسفة والمنطق صرح بذلك السلفي في معجم السفر والحافظ أبو عبد الله بن رشيد في رحلته فإن انضم إلى ذلك اعتقاده بما في علم الفلسفة من قدم العالم ونحوه فكافر أو لما فيها مما ورد الشرع بخلافه وأقام الدليل الفاسد على طريقتهم فلا نأمن ميله إليهم وقد صرح بالحط على من ذكر وعدم قبول روايتهم وأقوالهم ابن الصلاح في فتاويه والمصنف في طبقاته وخلائق من الشافعية وابن عبد البر وغيره من المالكية خصوصا أهل المغرب والحافظ سراج الدين القزويني وغيره من الحنفية وابن تيمية وغيره من الحنابلة والذهبي لهج بذلك في جميع تصانيفه

فائدة أردت أن أسرد هنا من رمي ببدعته ممن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما وهم إبراهيم بن هطمان أيوب بن عائذ الطائي ذر بن عبد الله المرهبي شبابة بن سوار عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى الحماني عبد المجيد بن عبد العزيز ابن أبي رواد عثمان بن غياث البصري عمر بن ذر عمر بن مرة محمد بن حازم أبو معاوية الضرير ورقاء بن عمر اليشكري يحيى بن صالح الوحاظي يونس بن بكير هؤلاء رموا بالإرجاء وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار إسحق بن سويد العدوي بهز بن أسد حريز بن عثمان حصين بن نمير الواسطي خالد بن سلمة الفأفاء عبد الله بن سالم الأشعري قيس بن أبي حازم هؤلاء رموا بالنصب وهو بغض علي رضي الله عنه وتقديم غيره عليه إسماعيل بن إبان إسماعيل بن زكريا الخلقاني جرير ابن عبد الحميد أبان بن تغلب الكوفي خالد بن مخلد الفطواني سعيد بن فيروز ابو البختري سعيد بن أشوع سعيد بن عفير عباد بن العوام عباد بن يعقوب عبد الله بن عيسى ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى عبد الرزاق بن همام عبد الملك بن أعين عبيد الله بن موسى العبسي عدي بن ثابت الأنصاري على بن الجعد علي بن هاشم بن البريد الفضل بن دكين فضيل بن مرزوق الكوفي فطر بن خليفة محمد بن جحادة الكوفي محمد ابن فضيل بن غزوان مالك بن إسماعيل أبو غسان يحيى بن الخراز هؤلاء رموا بالتشيع وهو تقديم علي على الصحابة ثور بن زيد المدني ثور بن يزيد الحمصي حسان بن عطية المحاربي الحسن بن ذكوان داود بن الحصين زكريا بن إسحق سالم بن عجلان سلام بن مسكين سيف بن

الثامنة تقبل رواية التائب من الفسق إلا الكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يقبل أبدا وإن حسنت طريقته كذا قاله أحمد بن حنبل والحميدي شيخ البخاري والصيرفي الشافعي قال الصيرفي سليمان المكي شبل بن عباد شريك بن أبي نمر صالح بن كيسان عبد الله بن عمرو أبو معمر عبد الله بن أبي لبيد عبد الله بن أبي نجيح عبد الأعلى بن عبد الأعلى عبد الرحمن بن إسحق المدني عبد الوارث بن سعيد الثوري عطاء بن أبي ميمونة العلاء بن الحارث عمرو بن زائدة عمران بن مسلم القصير عمير بن هانئ عوف الأعرابي كهمس بن المنهال محمد بن سواء البصري هرون بن موسى الأعور النحوي هشام الدستوائي وهب بن منبه يحيى بن حمزة الحضرمي هؤلاء رموا بالقدر وهو زعم أن الشر من خلق العبد بشر بن السرى رمى برأي أبي جهم وهو نفي صفات الله تعالى والقول بخلق القرآن عكرمة مولى ابن عباس الوليد بن كثير هؤلاء الحرورية وهم الخوارج الذين أنكروا على علي التحكيم وتبرؤا منه ومن عثمان وذويه وقاتلوهم علي بن هشام رمي بالوقف وهو أن لا يقول القرآن مخلوق أو غير مخلوق عمران بن حطان من القعدية الذين يرون الخروج على الأئمة ولا يباشرون ذلك فهؤلاء المبتدعة ممن أخرج لهم الشيخان أو أحدهما ( الثامنة تقبل رواية التائب من الفسق ) ومن الكذب في غير الحديث النبوي كشهادته للآيات والأحاديث الدالة على ذلك ( إلا الكذب في أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا تقبل ) رواية التائب منه ( أبدا وإن حسنت طريقته كذا قاله أحمد بن حنبل و ) أبو بكر ( الحميدي شيخ البخاري و ) أبو بكر ( الصيرفي الشافعي ) بل ( قال الصيرفي ) زيادة على ذلك في شرح الرسالة

كل من أسقطنا خبره بكذب لم نعد لقبوله بتوبة ومن ضعفناه لم نقوه بعده بخلاف الشهادة وقال السمعاني من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه قلت هذا كله مخالف لقاعدة مذهبنا ومذهب غيرنا ولا نقوي الفرق بينه وبين الشهادة ( كل من أسقطنا خبره ) من أهل النقل ( بكذب ) وجدناه عليه ( لم نعد لقبوله بتوبة ) تظهر ( ومن ضعفناه لم نقوه بعده بخلاف الشهادة ) قال المصنف ويجوز أن يوجه بأن ذلك جعل تغليظا عليه وزجرا بليغا عن الكذب عليه صلى الله عليه و سلم لعظم مفسدته فإنه يصير شرعا مستمرا إلى يوم القيامة بخلاف الكذب على غيره والشهادة فإن مفسدتهما قاصرة ليست عامة ( وقال ) أبو المظفر ( السمعاني من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه ) قال ابن الصلاح وهذا يضاهي من حيث المعنى ما ذكره الصيرفي قال المصنف ( قلت هذا كله مخالف لقاعدة مذهبنا ومذهب غيرنا ولا نقوى الفرق بينه وبين الشهادة ) وكذا قال في شرح مسلم المختار القطع بصحة توبته وقبول روايته كشهادته كالكافر إذا أسلم وأنا أقول إن كانت الإشارة في قوله هذا كله لقول أحمد والصيرفي والسمعاني فلا والله ما هو بمخالف ولا بعيد والحق ما قاله الإمام أحمد تغليظا وزجرا وإن كانت لقول الصيرفي بناء على أن قوله يكذب عام في الكذب في الحديث وغيره فقد أجاب عنه العراقي بأن مراد الصيرفي ما قاله أحمد أي في الحديث لا مطلقا بدليل قوله من أهل النقل وتقييده بالمحدث في قوله أيضا في شرح الرسالة وليس يطعن على المحدث إلا أن يقول تعمدت الكذب فهو كاذب في الأول ولا يقبل خبره يعد ذلك انتهى

وقوله ومن ضعفناه أي بالكذب فانتظم مع قول أحمد وقد وجدت في الفقه فرعين يشهدان لما قاله الصيرفي والسمعاني فذكروا في باب اللعان أن الزاني إذا تاب وحسنت توبته لا يعود محصنا ولا يحد قاذفه بعد ذلك لبقاء ثلمة عرضه فهذا نظير أن الكاذب لا يقبل خبره أبدا وذكروا أنه لو قذف ثم زنى بعد القذف قبل أن يحد القاذف لم يحد لأن الله تعالى أجرى العادة أنه لا يفضح أحدا من أول مرة فالظاهر تقدم زناه قبل ذلك فلم يحد له القاذف وكذلك نقول فيمن تبين كذبه الظاهر تكرر ذلك منه حتى ظهر لنا ولم يتعين لنا ذلك فيما روى من حديثه فوجب إسقاط الكل وهذا واضح بلا شك ولم ار أحدا لما حررته ولله الحمد ( 1 ) فائدة من الأمور المهمة تحرير الفرق بين الرواية والشهادة وقد خاض فيه المتأخرون وغاية ما فرقوا به الاختلاف في بعض الأحكام كاشتراط العدد وغيره وذلك لا يوجب تخالفا في الحقيقة قال القرافي أقمت مدة أطلب الفرق بينهما حتى ظفرت به في كلام المازري فقال الرواية هي الإخبار عن عام

لا ترافع فيه إلى الحكام وخلافه الشهادة وأما الأحكام التي يفترقان فيها فكثيرة لم أر من تعرض لجمعها وأنا أذكر منها ما تيسر الأول ك العدد لا يشترط في الرواية بخلاف الشهادة وقذ ذكر ابن عبد السلام في مناسبة ذلك أمورا أحدها أن الغالب من المسلمين مهابة الكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم بخلاف شهادة الزور الثاني أنه قد ينفرد بالحديث راو واحد فلو لم يقبل لفات على أهل الإسلام تلك المصلحة بخلاف فوت حق واحد على شخص واحد الثالث أن بين كثير من المسلمين عداوات تحملهم على شهادة الزور بخلاف الرواية عنه صلى الله عليه و سلم الثاني لا تشترط الذكورية فيها مطلقا بخلاف الشهادة في بعض المواضع ( 1 ) الثالث لا تشترط الحرية فيها بخلاف الشهادة مطلقا الرابع لا يشترط فيها البلوغ في قول الخامس تقبل شهادة المبتدع إلا الخطابية ولو كان داعية ولا تقبل رواية الداعية ولا غيره إن روى موافقه السادس تقبل شهادة التائب من الكذب دون روايته السابع من كذب في حديث واحد رد جميع حديثه السابق بخلاف من تبين شهادته للزور في مرة لا ينقض ما شهد به قبل ذلك

الثامن لا تقبل شهادة من جرت شهادته إلى نفسه نفعا أو دفعت عنه ضررا وتقبل ممن روى ذلك التاسع لا تقبل الشهادة لأصل وفرع ورقيق بخلاف الرواية العاشر والحادي عشر والثاني عشر الشهادة إنما تصح بدعوى سابقة وطلب لها وعند حاكم بخلاف الرواية في الكل الثالث عشر للعالم الحكم بعلمه في التعديل والتجريح قطعا مطلقا بخلاف الشهادة فإن فيها ثلاثة أقوال أصحها التفصيل بين حدود الله تعالى وغيرها الرابع عشر يثبت الجرح والتعديل في الرواية بواحد دون الشهادة على الأصح الخامس عشر الأصح في الرواية قبول الجرح والتعديل غير مفسر من العالم ولا يقبل الجرح في الشهادة إلا مفسرا السادس عشر يجوز أخذ الأجرة على الرواية بخلاف أداء الشهادة إلا إذا احتاج إلى مركوب السابع عشر الحكم بالشهادة تعديل بل قال الغزالي اقوى منه بالقول بخلاف عمل العالم أو فتياه بموافقة المروي على الأصح الثامن عشر لا تقبل الشهادة على الشهادة إلا عند تعسر الأصل بموت أو غيبة أو نحوها بخلاف الرواية التاسع عشر إذا روى شيئا ثم رجع عنه سقط ولا يعمل به بخلاف الرجوع عن الشهادة بعد الحكم

التاسعة إذا روى حديثا ثم نفاه المسمع فالمختار أنه إن كان جازما بنفيه بأن قال ما رويته ونحوه وجب رده ولا يقدح في باقي روايات الراوي عنه العشرون إذا شهدا بموجب قتل ثم رجعا وقالا تعمدنا لزمهما القصاص ولو اشكلت حادثة على حاكم فتوقف فروى شخص خبرا عن النبي صلى الله عليه و سلم فيها وقتل الحاكم به رجلا ثم رجع الرواي وقال كذبت وتعمدت ففي فتاوى البغوي ينبغي أن يجب القصاص كالشاهد إذا رجع قال الرافعي والذي ذكره القفال في الفتاوى والإمام أنه لا قصاص بخلاف الشهادة فإنها تتعلق بالحادثة والخبر لا يختص بها الحادي والعشرون إذا شهد دون أربعة بالزنا حدوا للقذف في الأظهر ولا تقبل شهادتهم قبل التوبة وفي قبول روايتهم وجهان المشهور منهما القبول ذكره الماوردي في الحاوي ونقله عنه ابن الرفعة في الكفاية والأسنوي في الألغاز ( التاسعة إذا روى ) ثقة عن ثقة ) حديثا ثم نفاه المسمع ) لما روجع فيه ( فالمختار ) عند المتأخرين ( انه إن كان جازما بنفيه بأن قال ما رويته ) أو كذب علي ( ونحوه وجب رده ) لتعارض قولهما مع أن الجاحد هو الأصل ( و ) لكن ( لا يقدح ) ذلك ( في باقي روايات الراوي عنه ) ولا يثبت به جرحه لأنه أيضا مكذب لشيخه في نفيه لذلك وليس قبول جرح كل منهما أولى من الآخر فتساقطا فإن عاد الأصل وحدث به أو حدث فرع آخر ثقة عنه ولم يكذبه فهو مقبول صرح به القاضي أبو بكر والخطيب وغيرهما ومقابل المختار في الأول عدم رد المروي واختاره السمعاني وعزاه الشاشي للشافعي وحكى الهندي

فإن قال لا أعرفه أو لا أذكره أو نحوه لم يقدح فيه ومن روى حديثا ثم نسيه جاز العمل به على الصحيح وهو قول الجمهور من الطوائف خلافا لبعض الحنفية الإجماع عليه وجزم الماوردي والروياني بأن ذلك لا يقدح في صحة الحديث إلا أنه لا يجوز للفرع أن يرويه عن الأصل فحصل ثلاثة أقوال وثم قول رابع أنهما يتعارضان ويرجح أحدهما بطريقه وصار إليه إمام الحرمين ومن شواهد القبول ما رواه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم بالتكبير قال عمرو بن دينار ثم ذكرته لأبي معبد بعد فقال لم أحدثك قال عمرو قد حدثتنيه قال الشافعي كأنه نسيه بعد ما حدثه إياه والحديث أخرجه البخاري من حديث ابن عيينة ( فإن قال ) الأصل ( لا أعرفه أو لا أذكره أو نحوه ) مما يقتضي جواز نسيانه ( لم يقدح فيه ) ولا يرد بذلك ( ومن روى حديثا ثم نسيه جاز العمل به على الصحيح وهو قول الجمهور من الطوائف ) أهل الحديث والفقه والكلام ( خلافا لبعض الحنفية ) في قولهم بإسقاطه بذلك وبنوا عليه رد حديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من رواية ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى باليمين مع الشاهد زاد أبو داود في رواية أن عبد العزيز الدراوردي قال فذكرت ذلك لسهيل فقال أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه

قال عبد العزيز وقد كان سهيل أصابته علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه ورواه أبو داود أيضا من رواية سليمان بن بلال عن ربيعة قال سليمان فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فقال ما أعرفه فقلت له إن ربيعة أخبرني به عنك قال فإن كان ربيعة أخبرك عني فحدث به عن ربيعة عني فإن قيل إن كان الراوي معرضا للسهو والنسيان فالفرع أيضا كذلك فينبغي أن يسقطا أجيب بأن الراوي ليس بناف وقوعه بل غير ذاكر والفرع جازم مثبت فقدم عليه قال ابن الصلاح وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعد ما حدثوا بها وكان أحدهم يقول حدثني فلان عني عن فلان بكذا وصنف في ذلك الخطيب أخبار من حدث ونسي وكذلك الدارقطني من ذلك ما رواه الخطيب من طريق حماد بن سلمة عن عاصم عن أنس قال حدثني ابناي عني عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يكره فص الخاتم مما سواه وروى من طريق بشر بن الوليد ثنا محمد بن طلحة حدثني روح أني حدثته بحديث عن زبيد عن مرة عن عبد الله أنه قال إن هذا الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم ومن طريق الترمذي صاحب الجامع حدثنا محمد بن حميد حدثنا جرير قال حدثنيه علي بن مجاهد عني وهو عندي ثقة عن ثعلبة عن الزهري قال إنما كره المنديل بعد الوضوء لأن الوضوء يوزن ومن طريق إبراهيم بن بشار ثنا سفيان بن عيينة حدثني وكيع أني حدثته عن

ولا يخالف هذا كراهة الشافعي وغيره الرواية عن الأحياء العاشرة من أخذ على التحديث أجرا لا تقبل روايته عند أحمد وإسحاق وأبي حاتم وتقبل عند ابي نعيم الفضل وعلي بن عبد العزيز وآخرين وأفتى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي بجوازها لمن امتنع عليه الكسب لعياله بسبب التحديث عمرو بن دينار عن عكرمة من صياصيهم قال من حصونهم ( ولا يخالف هذا كراهية الشافعي وغيره ) كشعبة ومعمر ( الرواية عن الأحياء ) لأنهم إنما كرهوا ذلك لأن الإنسان معرض للنسيان فيبادر إلى جحود ما روي عنه وتكذيب الراوي له وقيل إنما كره ذلك لاحتمال أن يغير المروى عنه عن الثقة والعدالة بطارئ يطرأ عليه يقتضي رد حديثه المتقدم قال العراقي وهذا حدس وظن غير موافق لما اراده الشافعي وقد بين الشافعي مراده بذلك كما رواه البيهقي في المدخل بإسناده إليه أنه قال لا تحدث عن حي فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان قاله لابن عبد الحكم حين روى الشافعي حكاية فأنكرها ثم ذكرها ( العاشرة من أخذ على التحديث أجرا لا تقبل عند أحمد ) بن حنبل ( وإسحاق ) بن راهويه ( وأبي حاتم ) الرازي ( وتقبل عند أبي نعيم الفضل ) ابن دكين شيخ البخاري ( وعلي بن عبد العزيز ) البغوي ( وآخرين ) ترخصا ( وأفتى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي ) أبا الحسين بن النقور ( بجوازها ل ) أنه من ( من امتنع عليه الكسب لعياله بسبب التحديث ( 1 ) ) ويشهد له جواز أخذ

الوصي الأجرة من مال اليتيم إذا كان فقيرا أو اشتغل بحفظه عن الكسب من غير رجوع عليه لظاهر القرآن فائدة هذا أول موضع وقع فيه ذكر إسحاق بن راهويه وقد سئل لم قيل له ابن راهويه فقال إن أبي ولد في الطريق فقالت المراوزة راهويه يعني أنه ولد في الطريق وفي فوائد رحلة ابن رشيد مذهب النحاة في هذا وفي نظائره فتح الواو وما قبلها وسكون الياء ثم هاء والمحدثون ينحون به نحو الفارسية فيقولون هو بضم ما قبل الواو وسكونها وفتح الياء وإسكان الهاء فهي هاء على كل حال والتاء خطأ قال وكان الحافظ أبو العلاء العطاء يقول أهل الحديث لا يحبون ويه قال شيخ الإسلام ولهم في ذلك سلف رويناه في كتاب معاشرة الأهلين عن أبي عمرو عن إبراهيم النخعي أن ويه اسم شيطان قلت ذكر ياقوت في معجم الأدباء نحو ما ذكره ابن رشيد وقال قد صيره ابن بسام بسكون الواو وفتح الياء فقال في نفطويه ... رأيت في النوم أبي آدما ... صلى عليه الله ذو الفضل ... فقال أبلغ ولدي كلهم ... من كان في حزن وفي سهل

الحادية عشرة لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه كمن لا يبالي بالنوم في السماع أو يحدث لا من أصل مصحح أو عرف بقبول التلقين في الحديث أو كثرة السهو في روايته إذا لم يحدث من أصل أو كثرة الشواذ والمناكير في حديثه قال ابن المبارك وأحمد والحميدي وغيرهم من غلط في حديث فبين له فأصر ... بأن حواء أمهم طالق ... إن كان نفطوية من نسلي ... وقال المصنف في تهذيبه في ترجمة أبي عبيد بن حربويه هو بفتح الباء الموحدة والواو وسكون الياء ثم هاء ويقال بضم الباء مع إسكان الواو وفتح الياء ويجري هذان الوجهان في نظائره كسيبويه ونفطويه وراهويه وعمرويه فالأول مذهب النحويين وأهل الأدب والثاني مذهب المحدثين انتهى ( الحادية عشرة لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه كمن لا يبالي بالنوم في السماع ) منه أو عليه ( أو يحدث لا من أصل صحيح ) مقابل على أصله أو أصل شيخه ( أو عرف بقبول التلقين في الحديث ) بأن يلقن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه كما وقع لموسى بن دينار ونحوه ( أو كثرة السهو في روايته إذا لم يحدث من أصل ) صحيح بخلاف ما إذا حدث منه فلا عبرة بكثرة سهوه لأن الاعتماد حينئذ على الأصل لا على حفظه ( أو كثرة الشواذ والمناكير في حديثه ) قال شعبة لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ وقيل له من الذي تترك الرواية عنه قال من أكثر عن المعروف من الرواية ما لا يعرف وأكثر الغلط ( قال ) عبد الله ( بن المبارك وأحمد بن حنبل والحميدي وغيرهم من غلط في حديث فبين له ) غلطه ( فأصر

على روايته سقطت رواياته وهذا صحيح إن ظهر أنه أصر عنادا أو نحوه الثانية عشرة أعرض الناس هذه الأزمان عن اعتبار مجموع الشروط المذكورة لكون المقصود إبقاء سلسلة الإسناد المختص بالأمة فليعتبر ما يليق بالمقصود وهو كون الشيخ مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بفسق أو سخف وبضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم وبروايته من أصل موافق على روايته ) لذلك الحديث ولم يرجع ( سقطت رواياته ) كلها ولم يكتب عنه قال ابن الصلاح وفي هذا نظر قال ( وهذا صحيح إن ظهر أنه أصر عنادا أو نحوه ) وكذا قال ابن حبان قال ابن مهدي لشعبة من الذي تترك الرواية عنه قال إذا تمارى في غلط مجمع عليه ولم يتهم نفسه عند اجتماعهم على خلافه قال العراقي وقيد ذلك بعض المتأخرين بأن يكون المبين عالما عند المبين له وإلا فلا حرج إذا ( الثانية عشرة أعرض الناس ) في ( هذه الأزمان ) المتأخرة ( عن اعتبار مجموع ) هذه ( الشروط المذكورة ) في رواية الحديث ومشايخه لتعذر الوفاء بها على ما شرط ( لكون المقصود ) الآن ( صار إبقاء سلسلة الإسناد المختص بالأمة ) المحمدية والمحاذرة من انقطاع سلسلتها ( فليعتبر ) من الشروط ( ما يليق بالمقصود ) المذكور على تجرده وليكتف بما يذكر ( وهو كون الشيخ مسلما بالغا غير متظاهر بفسق أو سخف ) يخل بمروءته لتحقق عدالته ( و ) يكتفي ( بضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط ) ثقة ( غير متهم وبروايته من أصل ) صحيح ( موافق

لأصل شيخه وقد قال نحو ما ذكرناه الحافظ أبو بكر البيهقي الثالثة عشرة في ألفاظ الجرح والتعديل وقد رتبها ابن أبي حاتم لأصل شيخه وقد قال نحو ما ذكرناه الحافظ أبو بكر البيهقي ) وعبارته توسع من توسع في السماع من بعض محدثي مزاننا الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كسبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث قال فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لا يقبل منه ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا صلى الله عليه و سلم وكذا قال السلفي في جزء له في شرط القراءة وقال الذهبي في الميزان ليس العمدة في زماننا على الرواة بل على المحدثين والمفيدين ( 1 ) الذين عرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين قال ثم من المعلوم أنه لا بد من صون الراوي وستره وفي هذا المعنى قال ابن معوذ ... تروى الأحاديث عن كل مسامحة ... وإنهما لمعانيها معانيها ... ( الثالثة عشرة في ألفاظ الجرح والتعديل وقد رتبها ابن أبي حاتم ) في مقدمة

فأحسن فألفاظ التعديل مراتب اعلاها ثقة أو متقن أو ثبت أو حجة أو عدل حافظ أو ضابط كتابه الجرح والتعديل وفصل طبقات ألفاظهم فيها ( فأحسن ) وأجاد ( 1 ) ( فألفاظ التعديل مراتب ) ذكرها المصنف كابن الصلاح تبعا لابن أبي حاتم أربعة وجعلها الذهبي والعراقي خمسة وشيخ الإسلام ستة ( أعلاها ) بحسب ما ذكره المصنف ( ثقة أو متقن أو ثبت أو حجة أو عدل حافظ أو ) عدل ( ضابط ) وأمل المرتبة التي زادها الذهبي والعراقي فإنها أعلى من هذه وهو ما كرر فيه أحد هذه الألفاظ المذكورة إما بعينه كثقة ثقة أو لا كثقة ثبت ( 2 ) أو ثقة حجة أو ثقة حافظ والرتبة التي زادها شيخ الإسلام أعلى

الثانية صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به قال ابن أبي حاتم هو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية وهو كما قال لأن هذه العبارة لا تشعر بالضبط فيعتبر حديثه على ما تقدم وعن يحيى بن معين من مرتبة التكرير وهي الوصف بأفعل كأوثق الناس وأثبت الناس أو نحوه كإليه المنتهى في التثبت ( 1 ) قلت ومنه لا أحد أثبت منه ومن مثل فلان وفلان لا يسأل عنه ولم أر من ذكر هذه الثلاثة وهي في ألفاظهم فالمرتبة التي ذكرها المصنف أعلى هي ثالثة في الحقيقة ( الثانية ) من المراتب وهي رابعة بحسب ما ذكرناه ( صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به ) زاد العراقي أو مأمون أو خيار أو ليس به بأس ( قال ابن أبي حاتم ) من قيل فيه ذلك ( هو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية ) قال ابن الصلاح ( وهو كما قال لأن هذه العبارة لا تشعر بالضبط فيعتبر حديثه ) بموافقة الضابطين ( على ما تقدم ) في أوائل هذا النوع ( وعن يحيى بن معين ) أنه قال

إذا قلت لا بأس به فهو ثقة ولا يقاوم قوله عن نفسه نقل ابن أبي حاتم عن أهل الفن لأبي خيثمة وقد قال له إنك تقول فلان به بأس فلان ضعيف ( إذا قلت ) لك ( لا بأس به فهو ثقة ) وإذا قلت لك هو ضعيف فليس هو ثقة لا يكتب حديثه فأشعر باستواء اللفظين قال ابن الصلاح وهذا ليس في حكاية عن غيره من أهل الحديث بل نسبه إلى نفسه خاصة ( ولا يقاوم قوله عن نفسه نقل ابن أبي حاتم عن أهل الفن ) قال العراقي ولم يقل ابن معين إن قولي ليس به بأس كقولي ثقة حتى يلزم منه التسوية إنما قال إن من قال فيه هذا فهو ثقة وللثقة مراتب فالتعبير بثقة أرفع من التعبير بلا بأس به وإن اشتركا في مطلق الثقة ويدل على ذلك أن ابن مهدي قال حدثنا أبو خلدة ( 1 ) فقيل له أكان ثقة فقال كان صدوقا وكان مأمونا وكان خيرا الثقة شعبة وسفيان وحكى المرزوي قال سألت ابن حنبل عبد الوهاب بن عطاء ثقة قال لا تدري ما الثقة إنما الثقة يحيى بن سعيد القطان تنبيه جعل الذهبي قولهم محله الصدق مؤخرا عن قولهم صدوق إلى المرتبة التي

الثالثة شيخ فيكتب وينظر الرابعة صالح الحديث يكتب للاعتبار وأما ألفاظ الجرح فمراتب تليها وتبعه العراقي لأن صدوقا مبالغة في الصدق بخلاف محله الصدق فإنه دال على أن صاحبها محله ومرتبته مطلق الصدق ( الثالثة ) من المراتب وهي خامسة بحسب ما ذكرنا ( شيخ ) قال ابن أبي حاتم ( فيكتب ) حديثه ( وينظر ) فيه وزاد العراقي في هذه المرتبة مع قولهم محله الصدق إلى الصدق ما هو شيخ وسط مكرر جيد الحديث حسن الحديث وزاد شيخ الإسلام صدوق سيء الحفظ صدوق يهم صدوق له أوهام صدوق تغيير بآخره قال ويلحق بذلك من رمي بنوع بدعة كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء والتجهم ( الرابعة ) وهي سادسة بحسب ما ذكرنا ( صالح الحديث ) فإنه ( يكتب ) حديثه ( للاعتبار ) وينظر فيه وزاد العراقي فيها صدوق إن شاء الله أرجو أن لا بأس به صويلح وزاد شيخ الإسلام مقبول ( وأما الفاظ الجرح فمراتب ) ايضا أدناها ما قرب من التعديل ( فإذا قالوا لين الحديث كتب

فإذا قالوا لين الحديث كتب حديثه وينظر اعتبارا وقال الدارقطني إذا قلت لين الحديث لم يكن ساقطا ولكن مجروحا بشيء لا يسقط عن العدالة وقولهم ليس بقوي يكتب حديثه وهو دون لين وإذا قالوا ضعيف الحديث فدون ليس بقوي ولا يطرح بل يعتبر به وإذا قالوا متروك الحديث أو واهيه أو كذاب فهو ساقط لا يكتب حديثه حديثه وينظر ) فيه ( اعتبارا وقال الدارقطني ) لما قال له حمزة بن يوسف السهمي إذا قلت فلان لين أيش تريد ( إذا قلت لين ) الحديث ( لم يكن ساقطا ) متروك الحديث ( ولكن مجروحا بشيء لا يسقط عن العدالة ) ومن هذه المرتبة ما ذكره العراقي فيه لين فيه مقال ضعف تعرف وتنكر وليس بذاك ليس بالمتين ليس بحجة ليس بعمدة ليس بمرضى للضعف ما هو فيه خلف تكلموا فيه مطعون فيه سيء الحفظ ( وقولهم ليس بقوي يكتب ) أيضا ( حديثه ) للاعتبار ( وهو دون لين ) فهي أشد في الضعف ( وإذا قالوا ضعيف الحديث فدون ليس بقوي ولا يطرح بل يعتبر به ) أيضا وهذه مرتبة ثالثة ومن هذه المرتبة فيما ذكره العراقي ضعيف فقط منكر الحديث حديثه منكر واه ضعفوه ( وإذا قالوا متروك الحديث أو واهيه أو كذاب فهو ساقط لا يكتب حديثه ) ولا يعتبر به

ولا يستشهد إلا أن هاتين مرتبتان وقبلهما مرتبة أخرى لا يعتبر بحديثها أيضا وقد أوضح ذلك العراقي فالمرتبة التي قبل وهي الرابعة رد حديثه ردوا حديثه مردود الحديث ضعيف جدا واه بمرة طرحوا حديثه مطرح مطرح الحديث ارم به ليس بشيء لا يساوي شيئا ويليها متروك الحديث متروك تركوه ( 1 ) ذاهب ذاهب الحديث ساقط هالك فيه نظر سكتوا عنه لا يعتبر به لا يعتبر بحديثه ليس بالثقة ليس بثقة غير ثقة ولا مأمون متهم بالكذب أو بالوضع ويليها كذاب يكذب دجال وضاع يضع وضع حديثا ( 2 )

ومن ألفاظهم فلان روى عنه الناس وسط مقارب الحديث مضطرب لا يحتج به مجهول لا شيء ليس بذاك ليس بذاك القوي فيه أو في حديثه ضعف ما أعلم به بأسا ويستدل على معانيها بما تقدم ( ومن ألفاظهم ) في الجرح والتعديل ( فلان روى عنه الناس وسط مقارب الحديث ) وهذه الألفاظ الثلاثة من المرتبة التي يذكر فيها شيخ وهي الثالثة من مراتب التعديل فيما ذكره المصنف ( مضطرب لا يحتج به مجهول ) وهذه الألفاظ الثلاثة في المرتبة التي فيها ضعيف الحديث وهي الثالثة من مراتب التجريح ( لا شيء ) هذه من مرتبة رد حديثه التي أهملها المصنف وهي الرابعة ( ليس بذلك ليس بذاك القوي فيه ) ضعف ( أو في حديثه ضعف ) هذه من مرتبة لين الحديث وهي الأولى ( ما أعلم به بأسا ) هذه أيضا منها أو من آخر مراتب التعديل كأرجو أن لا بأس به قال العراقي وهذه أرفع في التعديل لأنه لا يلزم من عدم العلم بالبأس حصول الرجاء بذلك قلت وإليه يشير صنيع المصنف ( ويستدل على معانيها ) ومراتبها ( بما تقدم ) وقد تبين ذلك ( 1 )

تنبيهات الأولى البخاري يطلق فيه نظر وسكتوا عنه فيمن تركوا حديثه ويطلق منكر الحديث على من لا تحل الرواية عنه الثاني ما تقدم من المراتب مصرح بأن العدالة تتجزا لكنه باعتبار الضبط وهل تتجزأ باعتبار الدين وجهان في الفقه ونظيره الخلاف في تحزيء لاجتهاد وهو الأصح فيه وقياسه تجزؤ الحفظ في الحديث فيكون حافظا في نوع دون نوع من الحديث وفيه نظر الثالث قولهم مقارب الحديث قال العراقي ضبط في الأصول الصحيحة بكسر الراء وقيل إن ابن السيد حكى فيه الفتح والكسر وأن الكسر من ألفاظ التعديل والفتح من ألفاظ التجريح قال وليس ذلك بصحيح بل الفتح والكسر معروفان حكاهما ابن العربي في شرح الترمذي وهما على كل حال من ألفاظ التعديل وممن ذكر ذلك الذهبي قال وكأن قائل ذلك فهم من فتح الراء أن الشيء المقارب هو الرديء وهذا من كلام العوام وليس معروفا في اللغة وإنما هو على الوجهين من قوله صلى الله عليه و سلم سددوا وقاربوا فمن كسر قال إن معناه حديثه مقارب لحديث غيره ومن فتح قال معناه أن حديثه يقاربه حديث غيره ومادة فاعل تقتضي المشاركة انتهى وممن جزم بأن الفتح تجريح البلقيني في محاسن الاصطلاح وقال حكى ثعلب تبر مقارب أي رديء انتهى وقولهم إلى الصدق ما هو وللضعف ما هو

معناه قريب من الصدق ( 1 ) والضعف فحرف الجر يتعلق بقريب مقدرا وما زائدة في الكلام كما قال عياض والمصنف في حديث الجساسة عند مسلم من قبل المشرق ما هو المراد إثبات أنه في جهة المشرق وقولهم واه بمرة أي قولا واحدا لا تردد فيه فكأن الباء زائدة وقولهم تعرف وتنكر أي يأتي مرة بالمناكير ومرة بالمشاهير

النوع الرابع والعشرون كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه
تقبل رواية المسلم البالغ ما تحمله قبلهما ومنع الثاني قوم فأخطؤا الرابع والعشرون كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه تقبل رواية المسلم البالغ ما تحمله قبلهما ) في حال الكفر والصبا ( ومنع الثاني ) أي قبول رواية ما تحمله في الصبا ( قوم فأخطؤا ) لأن الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة كالحسن والحسين وعبد الله بن الزبير وابن عباس والنعمان بن بشير والسائب بن يزيد والمسور بن مخرمة وغيرهم من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ وبعده وكذلك كان أهل العلم يحضرون الصبيان مجالس الحديث ويعتدون بروايتهم بعد البلوغ ومن أمثلة ما تحمل في حالة الكفر حديث جبير بن مطعم المتفق عليه أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في المغرب بالطور وكان جاء في فداء اسرى بدر قبل أن يسلم وفي رواية للبخاري وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي ولم يجر الخلاف السابق هنا كأنه لأن الصبي غالبا ما تحمله في صباه بخلاف الكافر نعم رأيت القطب القسطلاني في كتابه المنهج في علوم الحديث ( 1 ) أجرى الخلاف فيه وفي الفاسق أيضا

قال جماعة من العلماء يستحب أن يبتدئ بسماع الحديث بعد ثلاثين سنة وقيل بعد عشرين والصواب في هذه الأزمان التبكير به من حين يصح سماعه وبكتبه وتقييده حين يتأهل له ويختلف باختلاف الأشخاص ونقل القاضي عياض رحمه الله أن أهل الصنعة حددوا أول زمن يصح فيه السماع بخمس سنين وعلى هذا بعد ثلاثين سنة ) وعليه أهل الشام ( وقيل بعد عشرين ) سنة وعليه أهل الكوفة قيل لموسى بن إسحاق كيف لم تكتب عن أبي نعيم فقال كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة وقال سفيان الثوري كان الرجل إذا أراد أن يطلب الحديث تعبد قبل ذلك عشرين سنة وقال أبو عبد الله الزبيري من الشافعية يستحب كتب الحديث في العشرين لأنها مجتمع العقل قال وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض أي الفقة ( والصواب في هذه الأزمان ) بعد أن صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد ( التبكير به ) أي بالسماع ( من حين يصح سماعه ) أي الصغير ( وبكتبه ) أي الحديث ( وتقييده ) وضبطه ( حين يتأهل له ) ويستعد ( و ) ذلك ( يختلف باختلاف الأشخاص ) ولا ينحصر في سن مخصوص ( ونقل القاضي عياض أن أهل الصنعة حددوا أول زمن يصح فيه السماع ) للصغير ( بخمس سنين ) ونسبه غيره للجمهور وقال ابن الصلاح ( وعلى هذا

وكل هذا مستحب باتفاق العلماء ولا يجوز ابدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه في الكتب المؤلفة وما سمعته من لفظ المحدث فهو على الملاف في الراوية بالمعنى ان كان قائله يجوز اطلاق كليهما والا فلا يجوز أو حدثنا ووجهه ان حدثني أكمل مرتبة فيقتصر في حالة الشك على الناقص ومقتضاه قول ذلك ايضا في المسألة الاولى الا أن البيهقي اختار في مسألة القطان أن يوحد وكل هذا مستحب باتفاق العلماء لا واجب ولا يجوز ابدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه في الكتب المؤلفة وان كان في اقامة أحدهما مقام الاخر خلاف لا في نفس ذلك التصنيف بأن يغير ولا فيما ينقل منه الى الاجزاء والتخاريج وما سمعته من لفظ المحدث فهو اي ابداله على الخلاف في الرواية بالمعنى فان جوزناها جاز الابدال ان كان قائله يرى التسوية بينهما ويجوز اطلاق كليهما بمعنى والا فلا يجوز ابدال ما وقع منه ومنع ابن حنبل الابدال جزما فائدة عقد الرامهر مزى أبوابا في تنويع الالفاظ السابقة منها الاتيان بلفظ الشهادة كقول ابي سعيد أشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم انه نهى عن الجر ان ينتبذ فيه وقول عبد الله بن طاوس أشهد على والدي أنه قال أشهد على جابر ابن عبد الله انه قال اشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال أمرت أن أقاتل الناس الحديث وقول ابن عباس شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر الحديث في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح ومنها تقديم الاسم فيقول فلان حدثنا أو أخبرنا ومنها سمعت فلانا يأثر عن فلان ومنها قلت

الرابع اذا نسخ السامع أو المسمع حال القراءة فقال ابراهيم الحربي وابن عدي والاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني الشافعي لا يصح السماع وصححه الحافظ موسى بن هارون الحمال واخرون وقال ابوبكر الصبغي الشافعي لفلان احدثك فلان او اكتتبت عن فلان ومنها زعم لنا فلان عن فلان ومنها حدثني فلان ورد ذلك الى فلان ومنها دلني فلان على ما دل عليه فلان ومنها سألت فلانا فألجأ الحديث الى فلان ومنها خذعني كما أخذته عن فلان وساق لكل لفظة من هذه أمثلة الرابع اذا نسخ السامع او المسمع حال القراءة فقال ابراهيم بن اسحاق ابن بشير الحربي الشافعي و الحافظ ابو احمد ابن عدي والاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني الشافعي وغير واجد من الائمة لا يصح السماع مطلقا نقله الخطيب في الكفاية عنه وزاد عن ابي الحسن بن سمعون وصححه اي السماع الحافظ موسى بن هرون الحمال واخرون مطلقا وقد كتب ابو حاتم حالة السماع عند عارم وكتب عبد الله ابن المبارك وهو يقراء عليه وقال ابو بكر احمد بن اسحاق الصبغي الشافعي

بيان أقسام طرق تحمل الحديث ومجامعها ثمانية أقسام الاول سماع لفظ الشيخ وهو املاء وغيره من حفظ ومن كتاب وهو ارفع الاقسام عند الجماهير قال القاضي عياض لا خلاف انه يجوز في هذا للسامع ان يقول في روايته حدثنا واخبرنا وانبأنا وسمعت فلانا وقال لنا وذكر لنا قال الخطيب أرفعها سمعت بيان أقسام طرق تحمل الحديث هي ترجمة ومجامعها ثمانية أقسام الاول سماع لفظ الشيخ وهو املاء وغيره اي تحديث من غير املاء وكل منهما يكون من حفظ للشيخ ومن كتاب له وهو ارفع الاقسام اي اعلى طرق التحمل عند الجماهير وسيأتي مقابله في القسم الاتي والاملاء أعلى من غيره وان استويا في اصل الرتبة قال القاضي عياض أسنده اليه ليبرأ من عهدته لا خلاف انه يجوز في هذا للسامع من الشيخ ان يقول في روايته عنه حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت فلانا يقول وقال لنا فلان وذكر لنا فلان قال ابن الصلاح وفي هذا نظر وينبغي فيما شاع استعماله من هذه الالفاظ مخصوصا بما سمع من غير لفظ الشيخ ان لا يطلق فيما سمع من لفظه لما فيه من الايهام والالباس وقال العراقي ما ذكره عياض وحكى عليه الاجماع متجه ولا شك انه لا يجب على السامع ان يبين هل كان السماع املاء او عرضا قال نعم اطلاق أنبأنا بعد أن اشتهر استعمالها في الاجازة يؤدي الى ان نظن بما اداه بها انه اجازة فيسقطه من لا يحتج بها فينبغي ان لا يستعمل في السماع لما حدث من ا صطلاح قال الخطيب أرفعها اي العبارات في ذلك سمعت في الاجازة

ثم حدثنا وحدثني ثم أخبرنا وهو كثير في الاستعمال ثم حدثنا وحدثني فانه لا يكاد احد يقول سمعت في الاجازة والمكاتبة ولا في ليس ما لم يسمعه بخلاف حدثنا فان بعض أهل العلم كان يستعملها في الاجازة وروى عن الحسن انه قال حدثنا ابو هريرة وتأول حدث أهل المدينة والحسن بها الا انه لم يسمع منه شيئا قال ابن الصلاح ومنهم من اثبت له سماعا منه قال ابن دقيق العيد وهذا اذا لم يقدم دليل قاطع على ان الحسن لم يسمع منه لم يجز أن يصار اليه قال العراقي قال أبو زرعة وأبو حاتم من قال عن الحسن البصري حدثنا أبو هريرة فقد أخطأ قال والذي عليه العمل انه لم يسمع منه قاله غيرهما أيوب وبهز بن أسد ويونس بن عبيد والنسائي والخطيب وغيرهم وقال ابن القطان ليست حدثنا بنص في أن قائلها سمع ففي صحيح مسلم في حديث الذي يقتله الدجال فيقول أنت الدجال الذي حدثنا به رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ومعلوم ان ذلك الرجل متأخر الميقات أي فيكون المراد حدث أمته وهو منهم لكن قال معمر انه الخضر فحينئذ لا مانع من سماعه قال الخطيب ثم يتلو حدثنا أخبرنا وهو كثير في الاستعمال حتى ان جماعة لا يكادون يستعملون فينا سمو من لفظ الشيخ غيرها منهم حماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك وهشيم بن بشير وعبيد الله بن موسى وعبد الرزاق ويزيد ابن هرون وعمرو بن عوف ويحيى بن يحيى التميمي واسحاق بن راهويه وأبو مسعود احمد بن الفرات ومحمد بن أيوب الرازيان وغيرهم وقال احمد أخبرنا أسهل من حدثنا حدثنا شديد قال بن الصلاح

والصواب الذي قاله المحققون انه لا يجوز ذلك وقال احمد في الحرف يدغمه الشيخ فلا يفهم وهو معروف ارجو ان لا تضيق روايته عنه وقال في الكلمة تستفهم من المستملى ان كانت مجتمعا عليها فلا بأس وعن خلف بن سالم ان الناس كثير لا يسمعون قال اسمعهم انت وقال الاعمش كنا نجلس الى ابراهيم النخعي مع الحلقة فربما يحدث بالحديث فلا يسمعه من تنحي عنه فيسأل بعضهم بعضا عما قال ثم يروونه وما سمعوه منه وعن حماد بن زيد انه قال لمن استفهمه كيف قلت قال استفهم من يليك قال بن الصلاح وهذا تساهم من فعله والصواب الذي قاله المحققون انه لا يجوز ذلك وقال العراقي لاول هو الذي عليه العمل لان المستملى في حكم من يقرأ على الشيخ ويعرض حديثه عليه وكل يشترط أن يسمع الشيخ المملى لفظ المستملي كالقارىء عليه والاحوط ان يبين حالة الاداء أن سماعه لذلك أو لبعض الالفاظ من المستملى ما فعله ابن خزيمة وغيره بأن يقول أنا بتبليغ فلان وقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن سمرة سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول يكون اثنا عشر اميرا فقال كلمة لم اسمعها فسألت ابي فقال كلهم من قريش وقد أخرجه مسلم عنه كاملا من غير أن يفصل جابر الكلمة التي استفهمها من أبيه وقال احمد بن حنبل في الحرف الذي يدغمه الشيخ فلا يفهم عنه وهو معروف أرجو أن لا تضيق روايته عنه وقال في الكلمة تستفهم من المستملى ان كانت مجتمعا عليها فلا بأس بروايتها عنه وعن خلف بن سالم

منع ذلك الخامس يصح السماع من وراء حجاب اذا عرف صوته ان حدث بلفظه او حضوره بمسمع منه ان قرىء عليه ويكفي في المعرفة وخبر ثقة وشرط شعبة رؤيته وهو خلاف الصواب وقول الجمهور المخرمي منع ذلك فانه قال سمعت ابن عيينة يقول نا عمرو بن دينار يريد حدثنا فاذا قيل له قل حدثنا قال لا أقول لاني لم اسمع من قوله حدثنا ثلاثى احرف لكثرة الزحام ونهي ح د ث وقال خلف بن تميم سمعت من الثوري عشرة الاف حديث او نحوها فكنت استفهم جليسي فقلت لزائدة فقال لا تحدث منها الا بما حفظ قلبك وسمع أذنك فألقيتها الخامس يصح السماع ممن هو وراء حجاب اذا عرف صوته ان حدث بلفظه او عرف حضوره بمسمع اي مكان يسمع منه ان قرىء عليه ويكفي في المعرفة بذلك خبر ثقة من اهل الخبرة بالشيخ وشرط شعبة رؤيته وقال اذا حدثك المحدث فلم تره فلا ترو عنه فلعله شيطان قد تصور في صورته يقول حدثنا وأخبرنا وهو خلاف الصواب وقول الجمهور فقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالاعتماد على سماع صوت ابن أم مكتوم

القسم الثاني القراءة على الشيخ ويسميها أكثر المحدثين عرضا سواء قرأت أو غيرك وأنت تسمع من كتاب أو حفظ حفظ الشيخ أم لا إذا أمسك أصله هو أو ثفة وهي رواية صحيحة ( القسم الثاني ) من أقسام التحمل ( القراءة على الشيخ ويسميها أكثر المحدثين عرضا ) من حيث أن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه كما يعرض القرآن على المقرئ لكن قال شيخ الإسلام ابن حجر في شرح البخاري بين القراءة والعرض عموم وخصوص لأن الطالب إذا قرأ كان أعم من العرض وغيره ولا يقع العرض إلا بالقراءة لأن العرض عبارة عما يعرف به الطالب أصل شيخه معه أو مع غيره بحضرته فهو أخص من القراءة انتهى ( سواء قرأت ) عليه بنفسك ( أو قرأ غيرك ) عليه ( وأنت تسمع ) وسواء كانت القراءة منك أو من غيرك ( من كتاب أو حفظ ) وسواء في الصور الأربع ( حفظ الشيخ ) ما قرىء عليه ( أم لا إذا أمسك أصله هو أو ثقة ) غيره كما سيأتي قال العراقي وكذا إن كان ثقة من السامعين يحفظ ما قرئ وهو مستمع غير غافل فذلك كاف أيضا قال ولم يذكر ابن الصلاح هذه المسألة والحكم فيها متجه ولا فرق بين إمساك الثقة لأصل الشيخ وبين حفظ الثقة لما يقرأ وقد رأيت غير واحد من أهل الحديث وغيرهم اكتفى بذلك انتهى وقال شيخ الإسلام ينبغي ترجيح الإمساك في الصور كلها على الحفظ لأنه خوان وشرط الإمام أحمد في القارئ أن يكون ممن يعرف ويفهم وشرط إمام الحرمين في الشيخ أن يكون بحيث لو فرض من القارئ تحريف أو تصحيف لرده وإلا فلا يصح التحمل بها ( وهي ) أي الرواية بالقراءة بشرطها ( رواية صحيحة

بلا خلاف في جميع ذلك إلا ما حكي عن بعض من لا يعتد به ( بلا خلاف في جميع ذلك إلا ما حكي عن بعض من لا يعتد به ) إن ثبت عنه وهو أبو عاصم النبيل رواه الرامهرمزي عنه وروى الخطيب عن وكيع قال ما أخذت حديثا قط عرضا وعن محمد بن سلام انه أدرك مالكا والناس يقرؤون عليه فلم يسمع منه لذلك وكذلك عبد الرحمن بن سلام الجمحي لم يكتف بذلك فقال مالك أخرجوه عني وممن قال بصحتها من الصحابة فيما رواه البيهقي في المدخل أنس وابن عباس وأبو هريرة ومن التابعين ابن المسيب وأبو سلمة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار وابن هرمز وعطاء ونافع وعروة والشعبي والزهري ومكحول والحسن ومنصور وأيوب ومن الأئمة ابن جريج والثوري وابن أبي ذئب وشعبة والأئمة الأربعة وابن مهدي وشريك والليث وأبو عبيد والبخاري في خلق لا يحصون كثرة وروى الخطيب عن إبراهيم بن سعد أنه قال لا تدعون تنطعكم يا أهل العراق العرض مثل السماع واستدل الحميدي ثم البخاري على ذلك بحديث ضمام بن ثعلبة لما أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال له إني سائلك فمشدد عليك ثم قال أسألك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك الحديث في سؤاله عن شرائع الدين فلما فرغ قال آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي فلما رجع إلى قومه اجتمعوا إليه فأبلغهم فأجازوه أي قبلوه منه وأسلموا وأسند البيهقي في المدخل عن البخاري قال قال أبو سعيد الحذاء وعندي خبر عن النبي صلى الله عليه و سلم

وأبطلها جماعات من الطوائف وهو احدى الروايتين عن الشافعي وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم لا يعمل بها كالمرسل وهذا باطل وأبطلها جماعات من الطوائف من المحدثين كشعبة قال لو جازت الاجازة لبطلت الرحلة وابراهيم الحربي وابو نصر الوائلي وابي الشيخ الاصبهاني والفقهاء كالقاضي حسين والماوردي وأبي بكر الخجندي الشافعي وأبي طاهر الدباس الحنفي وعنهم ان من قال فغيره أجازت لك أن تروى عني ما لم تسمع فكأنه قال أجزت لك أن تكذب علي لان الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع وهو احدى الروايتين عن الشافعي وحكاه الامدي عن ابي حنيفة وابي يوسف ونقله القاضي عبد الوهاب عن مالك وقال ابن حزم انها بدعة غير جائزة وقيل ان كان المجيز والمجاز عالمين بالكتاب جاز والا فلا واختاره ابو بكر الرازي من الحنفيه وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم لا يعمل بها اي بالمروى بها كالمرسل مع جواز التحديث بها وهذا باطل لانه ليس في الاجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثقة بها وعن الاوزاعي عكس ذلك وهو العمل بها دون التحديث قال ابن الصلاح وفي الاحتجاج لتجويزها غموض ويتجه ان يقال اذا جاز له ان يروى عنه مروياته فقد اخبره بها جملة فهو كمن لو اخبره بها تفصيلا

واخباره بها غير متوقف على التصريح قطعا كما في القراءة وانما الغرض حصول الافهام والفهم وذلك حاصل بالاجازة المفهمة وقال الخطيب في الكفاية احتج بعض أهل العلم لجوازها بحديث ان النبي صلى الله عليه و سلم كتب سورة براءة في صحيفة ودفعها لابي بكر ثم بعث على بن ابي طالب فأخذها منه ولم يقرأها عليه ولا هو أيضا حتى وصل الى مكة ففتحها وقرأها على الناس وقد أسند الرامهر مزى عن الشافعي أن الكرابيسي أراد أن يقرأ عليه كتبه فأبي وقال خذ كتب الزعفراني فانسخها فقد اجزت لك فأخذها اجازة أما الاجازة المقترنة بالمناولة فستأتي في القسم الرابع تنبيه اذا قلنا بصحة الاجازة فالمتبادر الى الاذهان انها دون العرض وهو الحق وحكى الزركشي في ذلك مذاهب ثانيها ونسبة لاحمد بن ميسرة المالكي انها على وجهها خير من السماع الردىء قال واختار بعض المحققين تفضيل الاجازة على السماع مطلقا ثالثها انهما سواء حكى ابن عات ففي ريحانة التنفس عن عبد الرحمن بن احمد بن بقي بن مخلد انه كان يقول الاجازة عندي وعند ابي وجدي كالسماع وقال الطوفي الحق التفصيل ففي عصر السلف السماع اولى وأما بعد ان

والأحوط في الرواية بها قرأت على فلان أو قرئ عليه وأنا أسمع فأقر به ثم عبارات السماع مقيدة كحدثنا أو أخبرنا قراءة عليه وأنشدنا في الشعر قراءة عليه ومنع إطلاق حدثنا وأخبرنا ابن المبارك ويحيى بن يحيى التميمي وأحمد بن حنبل والنسائي وغيرهم وجوزها طائفة قيل إنه مذهب الزهري ومالك وابن عيينه ويحيى القطان والبخاري وجماعات من المحدثين ومعظم الحجازيين والكوفيين لأنها أضبط له قال ولهذا كان السماع من لفظه في الإملاء أرفع الدرجات لما يلزم منه تحرير الشيخ والطالب وصرح كثيرون بأن القراءة بنفسه أعلى مرتبة من السماع بقراءة غيره وقال الزركشي القارئ والمستمع سواء ( والأحوط ) الأجود ( في الرواية بها ) أن يقول ( قرأت على فلان ) إن قرأ بنفسه ( أو قرئ عليه وأنا أسمع فأقر به ثم ) يلي ذلك ( عبارات السماع مقيدة ) بالقراءة لا مطلقة ( كحدثنا ) بقراءتي أو قراءة عليه وأنا أسمع ( أو أخبرنا ) بقراءتي أو ( قراءة عليه ) وأنا أسمع أو أنبأنا أو نبأنا أو قال لنا كذلك ( وأنشدنا في الشعر قراءة عليه ومنع إطلاق حدثنا وأخبرنا ) هنا عبد الله ( ابن المبارك ويحيى بن يحيى التميمي وأحمد بن حنبل والنسائي وغيرهم ) قال الخطيب وهو مذهب خلق كثير من اصحاب الحديث ( وجوزها طائفة قيل إنه مذهب الزهري ومالك ) وسفيان ( ابن عيينة ويحيى ) بن سعيد ( القطان والبخاري وجماعات من المحدثين ومعظم الحجازيين والكوفيين ) كالثوري وأبي حنيفة وصاحبيه والنضر بن شميل ويزيد بن هارون وأبي عاصم النبيل ووهب بن جرير وثعلب والطحاوي وألف فيه جزء

ومنهم من أجاز فيها سمعت ومنعت طائفة حدثنا وأجازت أخبرنا وهو مذهب الشافعي وأصحابه ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق وقيل إنه مذهب أكثر المحدثين وروى عن ابن جريج والأوزاعي وابن وهب وروي عن النسائي أيضا وصار هو الشائع الغالب على أهل الحديث وأبي نعيم الأصبهاني وحكاه عياض عن الأكثرين وهو رواية عن أحمد ( ومنهم من أجاز فيها سمعت ) أيضا وروي عن مالك والسفيانين والصحيح لا يجوز وممن صححه أحمد بن صالح والقاضي أبو بكر الباقلاني وغيرهما ويقع في عبارة السلفي في كتابه التسميع سمعت بقراءتي وهو إما تسامح في الكتابة لا يستعمل في الرواية أو رأي مفصل بين التقييد والإطلاق ( ومنعت طائفة ) إطلاق ( حدثنا وأجازت ) إطلاق ( أخبرنا وهو مذهب الشافعي وأصحابه ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق وقيل إنه مذهب أكثر المحدثين ) عزاه لهم محمد بن الحسن التميمي الجوهري في كتاب الإنصاف قال فإن أخبرنا علم يقوم مقام قائله أنا قرأته عليه لا أنه لفظ به لي ( وروي عن ابن جريج والأوزاعي وابن وهب ) قال ابن الصلاح وقيل إنه أول من أحدث الفرق بين اللفظين بمصر وهذا يدفعه النقل عن ابن جريج والأوزاعي إلا أن يعني أنه أول من فعل ذلك بمصر ( وروي عن النسائي أيضا ) حكاه الجوهري المذكور قال ابن الصلاح ( وصار ) الفرق بينهما ( هو الشائع الغالب على أهل الحديث ) وهو اصطلاح منهم أرادوا به التمييز بين النوعين والاحتجاج له من حيث اللغة فيه عناد وتكلف

قال ومن أحسن ما حكي عمن ذهب هذا المذهب ما حكاه البرقاني عن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي أحد رؤساء الحديث بخراسان أنه قرأ على بعض الشيوخ عن الفربري صحيح البخاري وكان يقول له في كل حديث حدثكم الفربري فلما فرغ الكتاب سمع الشيخ يذكر أنه إنما سمع الكتاب من الفربري قراءة عليه فأعاد قراءة الكتاب كله وقال في جميعه أخبركم الفربري قال العراقي وكأنه كان يرى إعادة السند في كل حديث وهو تشديد والصحيح أنه لا يحتاج إليه كما سيأتي فائدة قول الراوي أخبرنا سماعا أو قراءة هو من باب قولهم أتيته سعيا وكلمته مشافهة وللنحاة فيه مذاهب أحدها وهو رأي سيبويه أنها مصادر وقعت موقع فاعل حالا كما وقع المصدر موقعه نعتا في زيد عدل وانه لا يستعمل منها إلا ما سمع ولا يقاس فعلى هذا استعمال الصيغة المذكورة في الرواية ممنوع لعدم نطق العرب بذلك الثاني وهو للمبرد أنها ليست أحوالا بل مفعولات لفعل مضمر من لفظها وذلك المضمر هو الحال وأنه يقاس في كل ما دل عليه الفعل المتقدم وعلى هذا تخرج الصيغة المذكورة بل كلام أبي حيان في تذكر يقتضي أن أخبرنا سماعا مسموع وأخبرنا قراءة لم يسمع وأنه يقاس على الأول على هذا القول

فروع الأول إذا كان أصل الشيخ حال القراءة بيد موثوق به مراع لما يقرأ أهل له فإن حفظ الشيخ ما يقرأ فهو كإمساكه أصله وأولى وإن لم يحفظ فقيل لا يصح السماع والصحيح المختار الذي عليه العمل أنه صحيح فإن كان بيد القارئ الموثوق بدينه ومعرفته فأولى بالتصحيح ومتى كان الأصل بيد غير موثوق به لم يصح السماع إن لم يحفظه الشيخ الثالث وهو للزجاج قال يقول سيبويه فلا يضمر لكنه مقيس الرابع وهو للسيرافي قال هو من باب جلست قعودا منصوب بالظاهر مصدرا معنويا ( فروع الأول إذا كان أصل الشيخ حال القراءة ) عليه ( بيد ) شخص ( موثوق به ) غير الشيخ ( مراع لما يقرأ أهل له فإن حفظ الشيخ ما يقرأ ) عليه ( فهو كإمساكه أصله ) بيده ( وأولى ) لتعاضد ذهني شخصين عليه ( وإن لم يحفظ ) الشيخ ما يقرأ عليه ( فقيل لا يصح السماع ) حكاه القاضي عياض عن الباقلاني وإمام الحرمين ( والصحيح المختار الذي عليه العمل ) بين الشيوخ وأهل الحديث كافة ( أنه صحيح ) قال السلفي على هذا عهدنا علماءنا عن آخرهم ( فإن كان ) أصل الشيخ ( بيد القارئ الموثوق بدينه ومعرفته ) يقرأ فيه والشيخ لا يحفظه ( فأولى بالتصحيح ) خلافا لبعض أهل التشديد ( ومتى كان الأصل بيد غير موثوق به ) القارئ أو غيره ولا يؤمن إهماله ( لم يصح السماع إن لم يحفظه الشيخ

الثاني إذ قرأ على الشيخ قائلا أخبرك فلان أو نحوه والشيخ مصغ إليه فاهم له غير منكر وصح السماع وجازت الرواية به ولا يشترط نطق الشيخ على الصحيح الذي قطع به جماهير أصحاب الفنون وشرط بعض الشافعيين والظاهر يبين نطقه وقال ابن الصباغ الشافعي ليس له أن يقول حدثني وله أن يعمل به وأن يرويه قائلا قرئ عليه وهو يسمع الثالث قال الحاكم الذي اختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول فيما سمعه من لفظ الشيخ حدثني الثاني إذا قرأ على الشيخ قائلا أخبرك فلان أو نحوه ) كقلت أخبرنا فلان ( والشيخ مصغ إليه فاهم له غير منكر ) ولا مقر لفظا ( صح السماع وجازت الرواية به ) اكتفاء بالقرائن الظاهرة ( ولا يشترط نطق الشيخ ) بالإقرار كقوله نعم ( على الصحيح الذي قطع به جماهير أصحاب الفنون ) الحديث والفقه والأصول ( وشرط بعض الشافعيين ) كالشيخ أبي إسحاق الشيرازي وابن الصباغ وسليم الرازي ( و ) بعض ( الظاهريين ) المقلدين لداود الظاهري ( نطقه ) به ( وقال ابن الصباغ الشافعي ) من المشترطين ( ليس له ) إذا رواه عنه ( أن يقول حدثني ) ولا أخبرني ( وله أن يعمل به ) أي بما قرئ عليه ( وأن يرويه قائلا ) قرأت عليه أو ( قرئ عليه وهو يسمع ) وصححه الغزالي والآمدي وحكاه عن المتكلمين وحكى تجويز ذلك عن الفقهاء والمحدثين وحكاه الحاكم عن الأئمة الأربعة وصححه ابن الحاجب وقال الزركشي يشترط أن يكون سكوته لا عن غفلة أو إكراه وفيه نظر ولو أشار الشيخ برأسه أو أصبعه للإقرار ولم يتلفظ فجزم في المحصول بأنه لا يقول حدثني ولا أخبرني قال العراقي وفيه نظر ( الثالث قال الحاكم الذي أختاره ) أنا في الرواية ( وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول ) الراوي ( فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ حدثني ) بالإفراد

ومع غيره حدثنا وما قرأ عليه أخبرني وما قرئ بحضرته أخبرنا وروى نحوه عن ابن وهب وهو حسن فإن شك فالأظهر أن يقول حدثني او يقول أخبرني لا حدثنا وأخبرنا ( و ) فيما سمعه منه ( مع غيره حدثنا ) بالجمع ( وما قرأ عليه ) بنفسه ( أخبرني وما قرئ ) على المحدث ( بحضرته أخبرنا وروى نحوه عن ) عبد الله ( بن وهب ) صاحب مالك روى الترمذي عنه في العلل قال ما قلت حدثنا فهو ما سمعت مع الناس وما قلت حدثني هو ما سمعت وحدي وما قلت أخبرنا فهو ما قرئ على العالم وأنا شاهد وما قلت أخبرني فهو ما قرأت على العالم ورواه البيهقي في المدخل عن سعيد بن أبي مريم وقال عليه أدركت مشايخنا وهو قول الشافعي وأحمد قال ابن الصلاح ( وهو حسن ) رائق قال العراقي وفي كلامهما أن القارئ يقول أخبرني سواء سمعه معه غيره أم لا وقال ابن دقيق العيد في الاقتراح إن كان معه غيره قال أخبرنا فسوى بين مسألتي التحديث والإخبار قلت الأول أولى ليتميز ما قرأه بنفسه وما سمعه بقراءة غيره ( فإن شك ) الراوي هل كان وحده حالة التحمل ( فالأظهر أن يقول حدثني أو يقول أخبرني لا حدثنا وأخبرنا ) لان الأصل عدم غيره أما إذا شك هل قرأ بنفسه أو سمع بقراءة غيره قال العراقي قد جمعهما ابن الصلاح مع المسألة الأولى وأنه يقول أخبرني لأن عدم غيره هو الأصل وفيه نظر لأنه يحقق سماع نفسه ويشك هل قرأ بنفسه والأصل أنه لم يقرأ وقد حكى الخطيب في الكفاية عن البرقاني أنه كان يشك في ذلك فيقول قرأنا على فلان قال وهذا حسن لأن ذلك يستعمل فيما قرأه غيره أيضا كما قاله أحمد بن صالح والنفيلي وقد اختار يحيى بن سعيد القطان في شبه المسألة الأولى الإتيان بحدثنا وذلك إذا شك في لفظ شيخه هل قال حدثني

وكل هذا مستحب باتفاق العلماء ولا يجوز إبدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه في الكتب المؤلفة وما سمعته من لفظ المحدث فهو على الخلاف في الرواية بالمعنى إن كان قائله يجوز إطلاق كليهما وإلا فلا يجوز أو حدثنا ووجهه أن حدثني أكمل مرتبة فيقتصر في حالة الشك على الناقص ومقتضاه قول ذلك أيضا في المسألة الأولى إلا أن البيهقي اختار في مسألة القطان أن يوحد ( وكل هذا مستحب باتفاق العلماء ) لا واجب ( ولا يجوز إبدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه في الكتب المؤلفة ) وإن كان في إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف لا في نفس ذلك التصنيف بأن يغير ولا فيما ينقل منه إلى الأجزاء والتخاريج ( وما سمعته من لفظ المحدث فهو ) أي إبداله ( على الخلاف في الرواية بالمعنى ) فإن جوزناها جاز الإبدال ( إن كان قائله ) يرى التسوية بينهما و ( يجوز إطلاق كليهما ) بمعنى ( وإلا فلا يجوز ) إبدال ما وقع منه ومنع ابن حنبل الإبدال جزما فائدة عقد الرامهرمزي أبوابا في تنويع الألفاظ السابقة منها الإتيان بلفظ الشهادة كقول أبي سعيد أشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن الجر أن ينتبذ فيه وقول عبد الله بن طاوس اشهد على والدي أنه قال اشهد على جابر ابن عبد الله أنه قال أشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال أمرت أن أقاتل الناس الحديث وقول ابن عباس شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر الحديث في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح ومنها تقديم الاسم فيقول فلان حدثنا أو أخبرنا ومنها سمعت فلانا يأثر عن فلان ومنها قلت

الرابع إذا نسخ السامع أو المسمع حال القراءة فقال إبراهيم الحربي وابن عدي والأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني الشافعي لا يصح السماع وصححه الحافظ موسى بن هارون الحمال وآخرون وقال أبو بكر الصبغي الشافعي لفلان أحدثك فلان أو اكتتبت عن فلان ومنها زعم لنا فلان عن فلان ومنها حدثني فلان ورد ذلك إلى فلان ومنها دلني فلان على ما دل عليه فلان ومنها سألت فلانا فألجأ الحديث إلى فلان ومنها خذ عني كما أخذته عن فلان وساق لكل لفظة من هذه أمثلة ( الرابع إذا نسخ السامع أو المسمع حال القراءة فقال إبراهيم ) بن إسحق ابن بشير ( الحربي الشافعي و ) الحافظ أبو أحمد ( ابن عدي والأستاذ أبو إسحق الأسفرايني الشافعي ) وغير واجد من الأئمة ( لا يصح السماع ) مطلقا نقله الخطيب في الكفاية عنه وزاد عن أبي الحسن بن سمعون ( وصححه ) أي السماع ( الحافظ موسى ابن هرون الحمال ( 1 ) وآخرون ) مطلقا وقد كتب أبو حاتم حالة السماع عند عارم وكتب عبد الله ابن المبارك وهو يقرأ عليه ( وقال أبو بكر ) أحمد بن إسحق ( الصبغي الشافعي ( 2 )

يقول حضرت ولا يقول أخبرنا والصحيح التفصيل فإن فهم المقروء صح وإلا لم يصح ويجري هذا الخلاف فيما إذا تحدث الشيخ أو السامع أو أفرط القارئ في الإسراع يقول ) في الأداء ( حضرت ولا يقول ) حدثنا ولا ( أخبرنا والصحيح التفصيل فإن فهم ) الناسخ ( المقروء صح ) السماع ( وإلا ) أي وإن لم يفهمه ( لم يصح ) وقد حضر الدارقطني بمجلس إسماعيل الصفار فجلس ينسخ جزأ كان معه وإسماعيل يملي فقال له بعض الحاضرين لا يصح سماعك وأنت تنسخ فقال فهمي للإملاء خلاف فهمك ثم قال تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن فقال لا فقال الدارقطني أملى ثمانية عشر حديثا فعدت الأحاديث فوجدت كما قال ثم قال الحديث الأول عن فلان عن فلان ومتنه كذا والحديث الثاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها فعجب الناس منه قلت ويشبه هذا ما روي عنه أيضا أنه كان يصلي والقارئ يقرأ عليه فمر حديث فيه نسير بن ذعلوق ( 1 ) فقال القارئ بسير فسبح فقال يسير فتلا الدارقطني ن والقلم وقال حمزة بن محمد بن طاهر كنت عند الدارقطني وهو قائم يتنفل فقرأ عليه القارئ عمرو بن شعيب فقال عمرو بن سعيد فسبح الدارقطني فأعاده ووقف فتلا الدارقطني يا شعيب أصلواتك تأمرك ( ويجري هذا الخلاف ) والتفصيل ( فيما إذا تحدث الشيخ أو السامع أو أفرط القارئ في الإسراع )

أو هينم القارئ أو بعد بحيث لا يفهم والظاهر أنه يعفى عن نحو الكلمتين ويستحب للشيخ أن يجيز للسامعين رواية ذلك الكتاب وإن كتب لأحدهم كتب سمعه مني وأجزت له روايته كذا فعل بعضهم ولو عظم مجلس المملي فبلغ عنه المستملي فذهب جماعة من المتقدمين وغيرهم إلى أنه يجوز لمن سمع المستملي أن يروي ذلك عن المملي بحيث يخفي بعض الكلام ( أو هينم القارئ ) أي أخفى صوته ( أو بعد ) السامع ( بحيث لا يفهم ) المقروء ( والظاهر أنه يعفى ) في ذلك ( عن ) القدر اليسير الذي لا يخل عدم سماعه بفهم الباقي ( نحو ) الكلمة و ( الكلمتين ويستحب للشيخ أن يجيز للسامعين رواية ذلك الكتاب ) أو الجزء الذي سمعوه وإن شمله السماع لاحتمال وقوع شيء مما تقدم من الحديث والعجلة والهينمة فينجبر بذلك ( وإن كتب ) الشيخ ( لأحدهم كتب سمعه مني وأجزت له روايته كذا فعل بعضهم ) قال ابن عتاب الأندلسي لا غنى في السماع عن الإجازة لأنه قد يغلط القارئ ويغفل الشيخ أو السامعون فينجبر ذلك بالإجازة وينبغي لكاتب الطباق أن يكتب إجازة الشيخ عقب كتابة السماع قال العراقي ويقال إن أول من فعل ذلك أبو طاهر إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي فجزاه الله خيرا في سنة ذلك لأهل الحديث فلقد حصل به نفع كبير ولقد انقطع بسبب ترك ذلك وإهماله اتصال بعض الكتب في بعض البلاد بسبب كون بعضهم كان له فوت ولم يذكر في طبقة السماع إجازة الشيخ لهم فاتفق أن كان بعض المفوتين آخر من بقي ممن سمع بعض ذلك الكتاب فتعذر قراءة جميع الكتاب عليه كأبي الحسن بن الصواف الشاطبي راوي غالب النسائي عن ابن باقا ( ولو عظم مجلس المملي فبلغ عنه المستملي فذهب جماعة من المتقدمين وغيرهم إلى أنه يجوز لمن سمع المستملي أن يروي ذلك عن المملي ) فعن ابن عيينة أنه قال له أبو مسلم المستملي

والصواب الذي قاله المحققون أنه لا يجوز ذلك وقال أحمد في الحرف يدغمه الشيخ فلا يفهم وهو معروف أرجو أن لا تضيق روايته عنه وقال في الكلمة تستفهم من المستملي إن كانت مجتمعا عليها فلا بأس وعن خلف بن سالم إن الناس كثير لا يسمعون قال أسمعهم أنت وقال الأعمش كنا نجلس إلى إبراهيم النحعي مع الحلقة فربما يحدث بالحديث فلا يسمعه من تنحى عنه فيسأل بعضهم بعضا عما قال ثم يروونه وما سمعوه منه وعن حماد بن زيد أنه قال لمن استفهمه كيف قلت قال استفهم من يليك قال ابن الصلاح وهذا تساهل ممن فعله ( والصواب الذي قاله المحققون أنه لا يجوز ذلك ) وقال العراقي الأول هو الذي عليه العمل لأن المستملي في حكم من يقرأ على الشيخ ويعرض حديثه عليه ولكن يشترط أن يسمع الشيخ المملي لفظ المستملي كالقارئ عليه والأحوط أن يبين حالة الأداء أن سماعه لذلك أو لبعض الألفاظ من المستملي كما فعله ابن خزيمة وغيره بأن يقول انا بتبليغ فلان وقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن سمرة سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها فسألت أبي فقال كلهم من قريش وقد أخرجه مسلم عنه كاملا من غير أن يفصل جابر الكلمة التي استفهمها من أبيه ( وقال أحمد ) بن حنبل ( في الحرف الذي يدغمه الشيخ فلا يفهم ) عنه ( وهو معروف أرجو أن لا تضيق روايته عنه وقال في الكلمة تستفهم من المستملى إن كانت مجتمعا عليها فلا بأس ) بروايتها عنه ( وعن خلف بن سالم )

منع ذلك الخامس يصح السماع من وراء حجاب إذا عرف صوته إن حدث بلفظه أو حضوره بمسمع منه إن قرئ عليه ويكفي في المعرفة خبر ثقة وشرط شعبة رؤيته وهو خلاف الصواب وقول الجمهور المخرمي ( 1 ) ( منع ذلك ) فإنه قال سمعت ابن عيينة يقول نا عمرو بن دينار يريد حدثنا فإذا قيل له قل حدثنا قال لا أقول لأني لم أسمع من قوله حدثنا ثلاثة أحرف لكثرة الزحام وهي ح د ث وقال خلف بن تميم سمعت من الثوري عشرة آلاف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة فقال لا تحدث منها إلا بما حفظ قلبك وسمع أذنك فألقيتها ( الخامس يصح السماع ممن ) هو ( وراء حجاب إذا عرف صوته إن حدث بلفظه أو ) عرف ( حضوره بمسمع ) أي مكان يسمع ( منه إن قرئ عليه ويكفي في المعرفة ) بذلك ( خبر ثقة ) من أهل الخبرة بالشيخ ( وشرط شعبة رؤيته ) وقال إذا حدثك المحدث فلم تره فلا ترو عنه فلعله شيطان قد تصور في صورته يقول حدثنا وأخبرنا ( وهو خلاف الصواب وقول الجمهور ) فقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالاعتماد على سماع صوت ابن أم مكتوم

السادس إذا قال المسمع عند السماع لا ترو عني أو رجعت عن إخبارك ونحو ذلك غير مسند ذلك إلى خطأ أو شك ونحوه لم تمتنع روايته ولو خص بالسماع قوما فسمع غيرهم بغير علمه جاز لهم الرواية عنه ولو قال أخبركم ولا أخبر فلانا لم يضر قاله الأستاذ أبو إسحاق المؤذن في حديث إن بلالا يؤذن بليل الحديث مع غيبة شخصه عمن يسمعه وكان السلف يسمعون من عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين وهن يحدثن من وراء حجاب ( السادس إذا قال المسمع بعد السماع لا ترو عني أو رجعت عن إخبارك ) أو ما اذنت لك في روايته عني ( ونحو ذلك غير مسند ذلك إلى خطأ ) منه فيما حدث به ( أو شك ) فيه ( ونحوه لم تمتنع روايته ) فإن أسنده إلى نحو ما ذكر امتنعت ( ولو خص بالسماع قوما فسمع غيرهم بغير علمه جاز لهم الرواية عنه ولو قال أخبركم ولا أخبر فلانا لم يضر ) ذلك فلانا في صحة سماعه ( قاله الأستاذ أبو إسحاق ) الإسفرايني جوابا لسؤال الحافظ أبي سعيد النيسابوري عن ذلك فائدة قال الماوردي يشترط كون المتحمل بالسماع سميعا ويجوز أن يقرأ الأصم بنفسه ( 1 )

القسم الثالث الإجازة وهي أضرب الأول أن يجيز معينا لمعين كأجزتك البخاري أو ما اشتملت عليه فهرستي وهذا أعلى أضربها المجردة عن المناولة فالصحيح الذي قاله الجمهور من الطوائف واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بها ( القسم الثالث ) من أقسام التحمل ( الإجازة وهي أضرب ) تسعة وذكرها المصنف كابن الصلاح سبعة ( الأول أن يجيز معينا لمعين كأجزتك ) أو أجزتكم أو أجزت فلانا الفلاني ( البخاري أو ما اشتملت عليه فهرستي ( 1 ) ) أي جملة عدد مروياتي قال صاحب تثقيف اللسان الصواب أنها بالمثناة الفوقية وقوفا وإدماجا وربما وقف عليها بعضهم بالهاء وهو خطأ قال ومعناها جملة العدد للكتب لفظة فارسية ( وهذا أعلى أضربها ) أي الإجازة ( المجردة عن المناولة والصحيح الذي قاله الجمهور من الطوائف ) أهل الحديث وغيرهم ( واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بها ) وادعى أبو الوليد الباجي وعياض الإجماع عليها وقصر أبو مروان الطبني الصحة عليها

وأبطلها جماعات من الطوائف وهو إحدى الروايتين عن الشافعي وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم لا يعمل بها كالمرسل وهذا باطل ( وابطلها جماعات من الطوائف ) من المحدثين كشعبة قال لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة وإبراهيم الحربي وأبو نصر الوائلي وابي الشيخ الأصبهاني والفقهاء كالقاضي حسين والماوردي وأبي بكر الخجندي ( 1 ) الشافعي وأبي طاهر الدباس الحنفي وعنهم أن من قال لغيره أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع فكأنه قال أجزت لك أن تكذب علي لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع ( وهو إحدى الروايتين عن الشافعي ) وحكاه الآمدي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ونقله القاضي عبد الوهاب عن مالك وقال ابن حزم إنها بدعة غير جائزة وقيل إن كان المجيز والمجاز عالمين بالكتاب جاز وإلا فلا واختاره أبو بكر الرازي من الحنفية ( وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم لا يعمل بها ) أي بالمروي بها ( كالمرسل ) مع جواز التحديث بها ( وهذا باطل ) لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثقة بها وعن الأوزاعي عكس ذلك وهو العمل بها دون التحديث قال ابن الصلاح وفي الاحتجاج لتجويزها غموض ويتجه أن يقال إذا جاز له أن يروي عنه مروياته فقد أخبره بها جملة فهو كما لو أخبره بها تفصيلا

وإخباره بها غير متوقف على التصريح قطعا كما في القراءة وإنما الغرض حصول الإفهام والفهم وذلك حاصل بالإجازة المفهمة وقال الخطيب في الكفاية احتج بعض أهل العلم لجوازها بحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم كتب سورة براءة في صحيفة ودفعها لأبي بكر ثم بعث علي بن أبي طالب فأخذها منه ولم يقرأها عليه ولا هو أيضا حتى وصل إلى مكة ففتحها وقرأها على الناس وقد اسند الرامهرمزي عن الشافعي أن الكرابيسي اراد أن يقرأ عليه كتبه فأبى وقال خذ كتب الزعفراني فانسخها فقد أجزت لك فأخذها إجازة أما الإجازة المقترنة بالمناولة فستأتي في القسم الرابع تنبيه إذا قلنا الإجازة فالمتبادر إلى الأذهان أنها دون العرض وهو الحق وحكى الزركشي في ذلك مذاهب ثانيها ونسبه لأحمد بن ميسرة المالكي أنها على وجهها خير من السماع الرديء قال واختار بعض المحققين تفضيل الإجازة على السماع مطلقا ثالثها أنهما سواء حكى ابن عات في ريحانة التنفس عن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد أنه كان يقول الإجازة عندي وعند أبي وجدي كالسماع وقال الطوفي الحق التفصيل ففي عصر السلف السماع أولى وأما بعد أن دونت الدواوين وجمعت السنن واشتهرت فلا فرق بينهما

الضرب الثاني يجيز معينا غيره كأجزتك مسموعاتي فالخلاف فيه أقوى وأكثر والجمهور من الطوائف جوزوا الرواية وأوجبوا العمل بها الثالث يجيز غير معين بوصف العموم كأجزت المسلمين أو كل وأحد أو أهل زماني وفيه خلاف للمتأخرين فإن قيدها بوصف حاصر فأقرب إلى الجواز ومن المجوزين القاضي أبو الطيب والخطيب وأبو عبد الله بن منده وابن عتاب والحافظ أبو العلاء ( الضرب الثاني يجيز معينا غيره ) أي غير معين ( كأجزتك أو أخبرتكم جميع ( مسموعاتي ) أو مروياتي ( فالخلاف فيه ) أي في جوازها ( أقوى وأكثر ) من الضرب الأول ( والجمهور من الطوائف جوزوا الرواية ) بها ( فأوجبوا العمل ) بما روى ( بها ) بشرطه ( الثالث يجيز غير معين بوصف العموم كأجزت ) جميع ( المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني وفيه خلاف للمتأخرين فإن قيدها ) أي الإجازة العامة ( بوصف حاصر ) كأجزت طلبة العلم ببلد كذا أو من قرأ علي قبل هذا ( فأقرب إلى الجواز ) من غير المقيدة بذلك بل قال القاضي عياض ما أظنهم اختلفوا في جواز ذلك ولا رأيت منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقوله لأولاد فلان أو أخوة فلان واحترز بقوله حاصر ما لا حصر فيه كأهل بلد كذا فهو كالعامة المطلقة وافرد القسطلاني هذه بنوع مستقل ومثله بأهل بلد معين أو إقليم أو مذهب معين ( ومن المجوزين ) للعامة المطلقة ( القاضي أبو الطيب ) الطبري ( والخطيب ) البغدادي ( وأبو عبد الله بن منده و ) أبو عبد الله ( ابن عتاب والحافظ أبو العلاء )

وآخرون قال الشيخ ولم يسمع عن أحد يقتدي به الرواية بهذه قلت الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وهذا يقتضي صحتها وأي فائدة لها غير الرواية بها الحسن بن أحمد العطار الهمداني ( وآخرون ) كأبي الفضل بن خيرون وأبي الوليد ابن رشد والسلفي وخلائق جمعهم بعضهم في مجلد ورتبهم على حروف المعجم لكثرتهم ( قال الشيخ ) ابن الصلاح ميلا إلى المنع ( ولم يسمع عن أحد يقتدى به الرواية بهذه ) قال والإجازة في اصلها ضعف وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا قال المصنف ( قلت الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وهذا يقتضي صحتها وأي فائدة لها غير الرواية بها ) وكذا صرح في الروضة بتصحيح صحتها قال العراقي وقد روى بها من المتقدمين الحافظ أبو بكر بن خبر ومن المتأخرين الشرف الدمياطي وغيره وصححها أيضا ابن الحاجب قال وبالجملة ففي النفس من الرواية بها شيء والأحوط ترك الرواية بها قال إلا المقيدة بنوع حصر فإن الصحيح جوازها انتهى وكذا قال شيخ الإسلام في العامة المطلقة قال إلا أن الرواية بها في الجملة أولى من إيراد الحديث معضلا قال البلقيني وما قيل من أن أصل الإجازة العامة ما ذكره ابن سعد في الطبقات ثنا عفان ثنا حماد ثنا علي بن زيد عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب قال من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر

الرابع إجازة بمجهول أو له كأجزتك كتاب السنن وهو يروي كتبا ليس فيه دلالة لأن العتق النافذ لا يحتاج إلى ضبط وتحديث وعمل بخلاف الإجازة ففيها تحديث وعمل وضبط فلا يصح أن يكون ذلك دليلا لهذا ولو جعل دليله ما صح من قول النبي صلى الله عليه و سلم بلغوا عني الحديث لكان له وجه قوي انتهى فائدة قال شيخ الإسلام في معجمه كان محمد بن أحمد بن عرام الإسكندري يقول إذا سمعت الحديث من شيخ وأجازنيه شيخ آخر سمعه من شيخ رواه الأول عنه بالإجازة فشيخ السماع يروي عن شيخ بالإجازة وشيخ الإجازة يرويه عن ذلك الشيخ بعينه بالسماع كان ذلك في حكم السماع على السماع انتهى وشيخ الإسلام يصنع ذلك كثيرا في أماليه وتخاريجه قلت فظهر لي من هذا القول أن يقال إذا رويت عن شيخ بالإجازة الخاصة عن شيخ بالإجازة العامة وعن آخر بالإجازة العامة عن ذلك الشيخ بعينه بالإجازة الخاصة كان ذلك في حكم الإجازة الخاصة عن الإجازة الخاصة مثال ذلك أن أروي عن شيخنا أبي عبد الله محمد بن محمد التنكري وقد سمعت عليه وأجاز لي خاصة عن الشيخ جمال الدين الأسنوي فإنه أدرك حياته ولم يجزه خاصة واروي عن الشيخ أبي الفتح المراغي بالإجازة العامة عن الأسنوي بالخاصة ( الرابع إجازة ) لمعين ( بمجهول ) من الكتب ( أو ) إجازة بمعين من الكتب ( له ) أي لمجهول من الناس ( كأجزتك كتاب السنن وهو يروي كتبا

في السنن أو أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي وهناك جماعة مشتركون في هذا الاسم فهي باطلة فإن أجاز لجماعة مسمين في الإجازة أو غيرها ولم يعرفهم بأعيانهم ولا أنسابهم ولا عددهم ولا تصفحهم صحت الإجازة كسماعهم منه في مجلسه في هذا الحال وأما أجزت لمن يشاء فلان أو نحو هذا ففيه جهالة وتعليق فالأظهر بطلانه وبه قطع القاضى أبو الطيب الشافعي وصححه ابن الفراء الحنبلي وابن عمروس المالكي في السنن ) أو أجزتك بعض مسموعاتي ( أو أجزت محمد بن خالد الدمشقي وهناك جماعة مشتركون في هذا الاسم ) ولا يتضح مراده في المسألتين ( فهي باطلة ) فإن اتضح بقرينة فصحيحة ( فإن أجاز لجماعة مسمين في الإجازة أو غيرها ولم يعرفهم بأعيانهم ولا أنسابهم ولا عددهم ولا تصفحهم ) وكذا إذا سمي المسئول له ولم يعرف عينه ( صحت الإجازة كسماعهم منه في مجلسه في هذا الحال ) أي وهو لا يعرف أعيانهم ولا أسماءهم ولا عددهم ( وأما أجزت لمن يشاء فلان أو نحو هذا ففيه جهالة وتعليق ) بشرط ولذلك أدخل في ضرب الإجازة المجهولة والعراقي أفرده كالقسطلاني بضرب مستقل لأن الإجازة المعلقة قد لا يكون فيها جهالة كما سيأتي ( فالأظهر بطلانه ) للجهل كقوله أجزت لبعض الناس ( وبه قطع القاضي أبو الطيب الشافعي ) قال الخطيب وحجتهم القياس على تعليق الوكالة ( وصححه ) أي هذا الضرب من الإجازة أبو يعلى ( ابن الفراء الحنبلي و ) أبو الفضل محمد بن عبيد الله ( بن عمروس المالكي ) وقال إن الجهالة ترتفع عند وجود المشيئة ويتعين المجاز له عندها قال الخطيب وسمعت ابن الفراء يحتج لذلك بقوله صلى الله عليه و سلم لما أمر زيدا على غزوة مؤتة فإن قتل زيد فجعفر فإن قتل جعفر فابن رواحة فعلق التأمير قال وسمعت أبا عبد الله الدامغاني

ولو قال أجزت لمن يشاء الإجازة فهو كأجزت لمن يشاء فلان وأكثر جهالة ولو قال أجزت لمن يشاء الرواية عني فأولى بالجواز لأنه تصريح بمقتضى الحال ولو قال أجزت لفلان كذا إن شاء روايته عني أو لك إن شئت أو أحببت أو أردت فالأظهر جوازه يفرق بينها وبين الوكالة بأن الوكيل ينعزل بعزل الموكل له بخلاف المجاز قال العراقي وقد استعمل ذلك من المتقدمين الحافظ أبو بكر بن أبي خيثمة صاحب التاريخ وحفيد يعقوب بن شيبة فإن علقت بمشيئة مبهم بطلت قطعا ( ولو قال أجزت لمن يشاء الإجازة فهو كأجزت لمن يشاء فلان ) في البطلان بل ( وأكثر جهالة ) وانتشارا من حيث إنها معلقة بمشيئة من لا يحصر عددهم ولو قال أجزت لمن يشاء الرواية عنى فأولى بالجواز لأنه تصريح بمقتضى الحال ) من حيث إن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له لا تعليق في الإجازة وقاسه ابن الصلاح على بعتك إن شئت قال العراقي لكن الفرق بينهما تعيين المبتاع بخلافه في الإجازة فإنه مبهم قال والصحيح فيه عدم الصحة قال نعم وزانه هنا أجزت لك أن تروي عني إن شئت الرواية عني قال والأظهر الأقوى هنا الجواز لانتفاء الجهالة وحقيقة التعليق انتهى وكذا قال البلقيني في محاسن الاصطلاح وأيد البطلان في المسألة الأولى ببطلان الوصية والوكالة فيما لو قال وصيت بهذه لمن يشاء أو وكلت في بيعها من شاء أن يبيعها قال وإذا بطل في الوصية مع احتمالها ما لا يحتمله غيرها فهنا أولى ( ولو قال أجزت لفلان كذا إن شاء روايته عني أو لك إن شئت أو أحببت أو أردت فالأظهر جوازه ) كما تقدم

الخامس الإجازة للمعدوم كأجزت لمن يولد لفلان واختلف المتأخرون في صحتها فإن عطفه على موجود كأجزت لفلان ومن يولد له أو لك ولعقبك ما تناسلوا فأولى بالجواز وفعل الثاني من المحدثين أبو بكر بن ابي داود وأجاز الخطيب الأول وحكاه عن ابن الفراء وابن عمروس وأبطلها القاضي أبو الطيب وابن الصباغ الشافعيان وهو الصحيح الذي لا ينبغي غيره ( الخامس الإجازة للمعدوم كأجزت لمن يولد لفلان واختلف المتأخرون في صحتها فإن عطفه على موجود كأجزت لفلان ومن يولد له أو لك ) ولولدك ( ولعقبك ما تناسلوا فأولى بالجواز ) مما إذا أفرده بالإجازة قياسا على الوقف ( وفعل الثاني من المحدثين ) الإمام ( أبو بكر ) عبد الله ( بن أبي داود ) السجستاني فقال وقد سئل الإجازة قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة يعني الذين لم يولدوا بعد قال البلقيني ويحتمل أن يكون ذلك على سبيل المبالغة وتأكيد الإجازة وصرح بتصحيح هذا القسم القسطلاني في المنهج ( وأجاز الخطيب الأول ) أيضا وألف فيها جزءا وقال إن أصحاب مالك وأبي حنيفة أجازوا الوقف على المعدوم وإن لم يكن أصله موجودا قال وإن قيل كيف يصح أن يقول أجازني فلان ومولده بعد موته يقال كما يصح أن يقول وقف على فلان ومولده بعد موته قال ولأن بعد أحد الزمانين من الآخر كبعد أحد الوطنين من الآخر ( وحكاه ) أي الصحة فيما ذكر ( عن ابن الفراء ) الحنبلي ( وابن عمروس ) المالكي ونسبه عياض لمعظم الشيوخ ( وأبطلها القاضي أبو الطيب وابن الصباغ الشافعيان وهو الصحيح الذي لا ينبغي غيره ) لأن الإجازة في حكم الإخبار جملة بالمجاز فكما لا يصح الإخبار للمعدوم لا تصح الإجازة له أما إجازة من يوجد

وأما الإجازة للطفل الذي لا يميز فصحيحة على الصحيح الذي قطع به القاضي أبو الطيب والخطيب خلافا لبعضهم مطلقا فلا يجوز إجماعا ( وأما الإجازة للطفل الذي لا يميز فصحيحة على الصحيح الذي قطع به القاضي أبو الطيب والخطيب ) ولا يعتبر فيه سن ولا غيره ( خلافا لبعضهم ) حيث قال لا يصح كما لا يصح سماعه ولما ذكر ذلك لأبي الطيب قال يصح أن يجيز للغائب ولا يصح سماعه قال الخطيب وعلى الجواز كافة شيوخنا واحتج له بأنها إباحة المجيز للمجاز له أن يروى عنه والإباحة تصح للعاقل ولغيره قال ابن الصلاح كأنهم رأوا الطفل أهلا لتحمل هذا النوع ليؤدي به بعد حصول الأهلية لبقاء الإسناد وأما المميز فلا خلاف في صحة الإجازة له تنبيه أدمج المصنف كابن الصلاح مسألة الطفل في ضرب الإجازة للمعدوم وأفردها القسطلاني بنوع وكذا العراقي وضم إليها الإجازة للمجنون والكافر والحمل فأما المجنون فالإجازة له صحيحة وقد تقدم ذلك في كلام الخطيب وأما الكافر فقال لم أجد فيه نقلا وقد تقدم أن سماعه صحيح قال ولم أجد عن أحد من المتقدمين والمتأخرين الإجازة للكافر إلا أن شخصا من الأطباء يقال له محمد بن عبد السيد سمع الحديث في حال يهوديته على أبي عبد الله الصوري وكتب اسمه في الطبقة مع السامعين وأجاز الصوري لهم وهو من جملتهم وكان ذلك بحضور المزي فلولا انه يرى جواز ذلك ما أقر عليه ثم هدى الله هذا اليهودي إلى الإسلام وحدث وسمع منه أصحابنا قال والفاسق والمبتدع أولى بالإجازة من الكافر ويؤديان إذا زال المانع قال وأما الحمل فلم أجد

السادس إجازة ما لم يتحمله المجيز بوجه ليرويه المجاز إذا تحمله المجيز قال القاضي عياض لم أر من تكلم فيه ورأيت بعض المتأخرين يصنعونه ثم حكى عن قاضي قرطبة أبي الوليد منع ذلك قال عياض وهو الصحيح فيه نقلا إلا أن الخطيب قال لم نرهم أجازوا لمن لم يكن مولودا في الحال ولم يتعرض لكونه إذا وقع يصح أولا قال ولا شك أنه أولى بالصحة من المعدوم قال وقد رأيت شيخنا العلائي سئل لحمل مع أبويه فأجاز واحترز أبو الثناء المنبجي فكتب أجزت للمسلمين فيه قال ومن عمم الإجازة للحمل وغيره أعلى وأحفظ وأتقن إلا أنه قد يقال لعله ما تصفح أسماء الاستدعاء حتى يعلم هل فيه حمل أم لا إلا أن الغالب أن أهل الحديث لا يجيزون إلا بعد تصفحهم قال وينبغي بناء الحكم فيه على الخلاف في أن الحمل هل يعلم أو لا فإن قلنا يعلم وهو الأصح صحت الإجازة للمعدوم انتهى وذكر ولده الحافظ ولي الدين أبو زرعة في فتاويه المكية وهي أجوبة اسئلة سأله عنها الحافظ أبو الفضل الهاشمي أن الجواز فيما بعد نفخ الروح أولى وأنها قبل نفخ الروح مرتبة متوسطة بينها وبين الإجازة للمعدوم فهي أولى بالمنع من الأولى وبالجواز من الثانية ( السادس إجازة ما لم يتحمله المجيز بوجه ) من سماع أو إجازة ( ليرويه المجاز ) له ( إذا تحمله المجيز قال القاضي عياض ) في كتابه الإلماع هذا ( لم أر من تكلم فيه ) من المشايخ ( ورأيت بعض المتأخرين ) والعصريين ( يصنعونه ثم حكى عن قاضي قرطبة أبي الوليد ) يونس بن مغيث ( منع ذلك ) لما سئله وقال يعطيك ما لم يأخذ هذا محال ( قال عياض و ) هذا ( هو الصحيح ) فإنه يجيز ما لا خبر عنده

وهذا هو الصواب فعلى هذا يتعين على من أراد أن يروي عن شيخ أجاز له جميع مسموعاته أن يبحث حتى يعلم أن هذا مما تحمله شيخه قبل الإجازة وأما قوله أجزت لك ما صح أو يصح عندك من مسموعاتي فصحيح تجوز الرواية به لما صح عنده سماعه له قبل الإجازة وفعله الدارقطني وغيره السابع إجازة المجاز كأجزتك مجازاتي فمنعه بعض من لا يعتد به منه ويأذن له بالتحديث بما لم يحدث به ويبيح ما لم يعلم هل يصح له الإذن فيه قال المصنف ( وهذا هو الصواب ) قال ابن الصلاح وسواء قلنا إن الإجازة في حكم الإخبار بالمجاز جملة او إذن إذ لا يجيز بما لا خبر عنده منه ولا يؤذن فيما لم يملكه الآذن بعد كالإذن في بيع ما لم يملكه وكذا قال القسطلاني الأصح البطلان فإن ما رواه داخل في دائرة حصر العلم بأصله بخلاف ما لم يروه فإنه لم ينحصر قال المصنف كابن الصلاح ( فعلى هذا يتعين على من أراد أن يروي عن شيخ أجاز له جميع مسموعاته أن يبحث حتى يعلم أن هذا مما تحمله شيخه قبل الإجازة ) له ( وأما قوله أجزت لك ما صح أو يصح عندك من مسموعاتي فصحيح تجوز الرواية به لما صح عنده ) بعد الإجازة ( سماعه له قبل الإجازة وفعله الدارقطني وغيره ) قال العراقي وكذا لو لم يقل ويصح فإن المراد بقوله ما صح حال الرواية لا الإجازة ( السابع إجازة المجاز كأجزتك مجازاتي ) أو جميع ما أجيز روايته ( فمنعه بعض من لا يعتد به ) وهو الحافظ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي شيخ ابن الجوزي وصنف في ذلك جزءا لأن الإجازة ضعيفة فيقوى الضعف باجتماع

والصحيح الذي عليه العمل جوازه وبه قطع الحفاظ الدارقطني وابن عقدة وأبو نعيم وأبو الفتح نصر المقدسي وكان أبو الفتح يروي بالإجازة عن الإجازة وربما والى بين ثلاث وينبغي للراوي بها تأملها لئلا يروي ما لم يدخل تحتها فإن كانت إجازة شيخ شيخه أجزت له ما صح عنده من سماعي فرأى سماع شيخ شيخه فليس له روايته عن شيخه عنه حتى يعرف أنه صح عند شيخه كونه من مسموعات شيخه إجازتين ( والصحيح الذي عليه العمل جوازه وبه قطع الحفاظ ) أبو الحسن ( الدارقطني و ) أبو العباس ( ابن عقدة ( 1 ) وأبو نعيم ) الأصبهاني ( وأبو الفتح ) نصر المقدسي ( يروي بالإجازة عن الإجازة وربما والى بين ثلاث ) إجازات وكذلك الحافظ أبو الفتح بن أبي الفوارس والى بين ثلاث إجازات ووالى الرافعي في أماليه بين اربع أجائز والحافظ قطب الدين الحلبي بين خمس أجائز في تاريخ مصر وشيخ الإسلام في أماليه بين ست ( وينبغي للراوي بها ) أي بالإجازة عن الإجازة ( تأملها ) أي تأمل كيفية إجازة شيخ شيخه لشيخه ومقتضاها ( لئلا يروي ) بها ( مالم يدخل تحتها ) فربما قيدها بعضهم بما صح عند المجاز له أو بما سمعه المجيز ونحو ذلك ( فإن كانت إجازة شيخ شيخه أجزت له ما صح عنده من سماعي فرأى سماع شيخ شيخه فليس له روايته عن شيخه عنه حتى يعرف أنه صح عند شيخه كونه من مسموعات شيخه ) وكذا إن

فرع قال أبو الحسين بن فارس الإجازة مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث يقال استجزته فأجازني إذا أسقاك ماء لماشيتك وأرضك كذا طالب العلم يستجيز العالم علمه فيجيزه فعلى هذا يجوز أن يقال أجزت فلانا مسموعاتي ومن جعل الإجازة إذنا وهو المعروف يقول أجزت له رواية مسموعاتي ومتى قال قيدها بما سمعه لم يعتد إلى مجازاته وقد زل غير واحد من الأئمة بسبب ذلك قال العراقي وكان ابن دقيق العيد لا يجيز رواية سماعه كله بل يقيده بما حدث به من مسموعاته هكذا رأيته بخطه ولم أر له إجازة تشمل مسموعه وذلك أنه كان شك في بعض سماعاته فلم يحدث به ولم يجزه وهو سماعه على ابن المقير فمن حدث عنه بإجازته منه بشيء مما حدث به من مسموعاته فهو غير صحيح قلت لكنه كان يجيز مع ذلك جميع ما أجيز له كما رأيته بخط أبي حيان في النضار فعلى هذا لا تتقيد الرواية عنه بما حدث به من مسموعاته فقط إذ يدخل البافي فيما أجيز له ( فرع قال أبو الحسين ) أحمد ( بن فارس ) اللغوي ( الإجازة ) في كلام العرب ( مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث يقال ) منه ( استجزته فأجازني إذا أسقاك ماء لماشيتك وأرضك ) قال ( كذا ) لك ( طالب العلم يستجيز العالم ) أي يسأله أن يجيزه ( علمه فيجيزه ) إياه قال ابن الصلاح ( فعلى هذا يجوز أن يقال أجزت فلانا مسموعاتي ) أو مروياتي متعديا بغير حرف جر من غير حاجة إلى ذكر لفظ الرواية ( ومن جعل الإجازة إذنا ) وإباحة وتسويغا ( وهو المعروف يقول أجزت له رواية مسموعاتي ومتى قال

أجزت له مسموعاتي فعلى الحذف كما في نظائره قالوا إنما تستحسن الإجازة إذا علم المجيز ما يجيز وكان المجاز من أهل العلم واشترطه بعضهم وحكى عن مالك وقال ابن عبد البر الصحيح أنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة في معين لا يشكل إسناده وينبغي للمجيز كتابة أن يتلفظ بها فإن اقتصر على الكتابة مع قصد الإجازة صحت أجزت له مسموعاتي فعلى الحذف كما في نظائره ) وعبارة القسطلاني في المنهج الإجازة مشتقة من التجوز وهو التعدي فكأنه عدى روايته حتى أوصلها للراوي عنه ( قالوا إنما تستحسن الإجازة إذا علم المجيز ما يجيزه وكان المجاز ) له ( من أهل العلم ) أيضا لأنها توسع وترخيص يتأهل له أهل العلم لمسيس حاجتهم إليها قال عيسى بن مسكين الإجازة رأس مال كبير ( واشترطه بعضهم ) في صحتها فبالغ ( وحكى عن مالك ) حكاه عنه الوليد بن بكر من أصحابه ( وقال ابن عبد البر الصحيح انها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة في ) شيء ( معين لا يشكل إسناده وينبغي للمجيز كتابة أى بالكتابة ( أن يتلفظ بها ) أى بأجازة أيضا ( فأن أقتصر على الكتابة ) ولم يتلفظ ( مع قصد الإجازة صحت ) لأن الكتابة كناية وتكون حينئذ دون الملفوظ بها في الرتبة وإن لم يقصد الإجازة قال العراقي فالظاهر عدم الصحة قال ابن الصلاح وغير مستبعد تصحيح ذلك بمجرد هذه الكتابة في باب الرواية التي جعلت فيه القراءة على الشيخ مع أنه لم يتلفظ بما قرئ عليه إخبارا منه بذلك تنبيه لا يشترط القبول في الإجازة كما صرح به البلقيني قلت فلو رد فالذي ينق

القسم الرابع المناولة في النفس الصحة وكذا لو رجع الشيخ عن الإجازة ويحتمل أن يقال إن قلنا الإجازة إخبار لم يضر الرد ولا الرجوع وإن قلنا إذن وإباحة ضرا كالوقف والوكالة ولكن الأول هو الظاهر ولم أر من تعرض لذلك فائدة قال شيخنا الإمام الشمني الإجازة في الاصطلاح إذن في الرواية لفظا أو خطا يفيد الإخبار الإجمالي عرفا وأركانها أربعة المجيز والمجاز له والمجاز به ولفظ الإجازة ( القسم الرابع ) من أفسام التحمل ( المناولة ) والأصل فيها ما علقه البخاري في العلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب لأمير السرية كتابا وقال لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا فلما بلغ ذلك المكان قرأه على الناس وأخبرهم بأمر النبي صلى الله عليه و سلم وصله البيهقي والطبراني بسند حسن قال السهيلي احتج به البخاري على صحة المناولة فكذلك العالم إذا ناول التلميذ ( 1 ) كتابا جاز له أن يروى عنه ما فيه قال وهو فقه صحيح قال البلقيني وأحسن ما يستدل به عليها ما استدل به الحاكم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد

هي ضربان مقرونة بالإجازة ومجردة فالمقرونة أعلى أنواع الإجازة مطلقا ومن صورها أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه أو مقابلا به ويقول هذا سماعي أو راويتي عن فلان فاروه أو أجزت لك روايته عني ثم يبقيه معه تمليكا أو لينسخه أو نحوه عبد الله بن حذافة وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى وفي معجم البغوي عن يزيد الرقاشي قال كنا إذا أكثرنا على أنس بن مالك أتانا بمجال ( 1 ) له فألقاها إلينا وقال هذه أحاديث سمعتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم وكتبتها وعرضتها ( هي ضربان مقرونة بالإجازة ومجردة ) عنها ( فالمقرونة ) بالإجازة ( أعلى أنواع الإجازة مطلقا ) ونقل عياض الاتفاق على صحتها ( ومن صورها ) وهو أعلاها كما صرح به عياض وغيره ( أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه أو ) فرعا ( مقابلا به ويقول ) له ( هذا سماعي أو روايتي عن فلان ) أو لا يسميه ولكن اسمه مذكور في الكتاب المناول ( فاروه ) عني ( أو أجزت لك روايته عني ثم يبقيه معه تمليكا أو لينسخه ) ويقابل به ويرده ( أو نحوه

ومنها أن يدفع إليه الطالب سماعه فيتأمله الشيخ وهو عارف متيقظ ثم يعيده إليه ويقول هو حديثي أو روايتي فاروه عني أو أجزت لك روايته وهذا سماه غير واحد من أئمة الحديث عرضا وقد سبق أن القراءة عليه تسمى عرضا فليسم هذا عرض المناولة وذاك عرض القراءة وهذه المناولة كالسماع في القوة عند الزهري وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري ومجاهد والشعبي وعلقمة وإبراهيم وأبي العالية وأبي الزبير وأبي المتوكل ومالك وابن وهب وابن القاسم وجماعات آخرين ومنها أن يدفع إليه ) أي إلى الشيخ ( الطالب سماعه ) أي سماع الشيخ أصلا أو مقابلا به ( فيتأمله ) الشيخ ( وهو عارف متيقظ ثم يعيده إليه ) أي يناوله للطالب ( ويقول ) له ( هو حديثي أو روايتي ) عن فلان أو عمن ذكر فيه ( فاروه عني أو أجزت لك روايته وهذا سماه غير واحد من أئمة الحديث عرضا ) وقد سبق أن القراءة عليه تسمى عرضا فليسم هذا عرض المناولة وذلك عرض القراءة وهذه المناولة كالسماع في القوة ) والرتبة ( عند الزهري وربيعة ويحيى ابن سعيد الأنصاري ) من المدنيين ( ومجاهد المكي والشعبي وعلقمة وإبراهيم ) النخعيان من الكوفيين ( وأبي العالية ) البصري ( وأبي الزبير ) المكي ( وأبي المتوكل ) البصري ( ومالك ) من أهل المدينة ( وابن وهب وابن القاسم ) وأشهب من أهل مصر ( وجماعات آخرين ) من الشاميين والحراسانيين وحكاه الحاكم عن طائفة من مشايخه قال البلقيني وأرفع من حكى عنه من المدنيين ذلك أبو بكر بن عبد الرحمن أحد الفقهاء السبعة وعكرمة مولى ابن عباس ومن دونه العلاء بن عبد الرحمن

والصحيح أنها منحطة عن السماع والقراءة وهو قول الثوري والأوزاعي وابن المبارك وأبي حنيفة والشافعي والبويطي والمزني وأحمد وإسحاق ويحيى بن يحيى وهشام بن عروة ومحمد بن عمرو بن علقمة ومن دونهم عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد ومن أهل مكة عبد الله بن عثمان بن خيثم وابن عيينة ونافع الجمحي وداود العطار ومسلم الزنجي ( 1 ) ومن أهل الكوفة أبو بردة الأشعري وعلي بن ربيعة الأسدي ومنصور بن المعتمر وإسرائيل والحسن ابن صالح وزهير وجابر الجعفي ومن أهل البصرة قتادة وحميد الطويل وسعيد بن أبي عروبة وكهمس وزياد بن فيروز وعلي بن زيد بن جدعان وداود بن أبي هند وجرير بن حازم وسليمان بن المغيرة ومن المصريين عبد الله بن الحكم وسعيد بن عفير ويحيى بن بكير ويوسف بن عمرو ونقل ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول أن بعض أصحاب الحديث جعلها أرفع من السماع لأن الثقة بكتاب الشيخ مع إذنه فوق الثقة بالسماع منه وأثبت لما يدخل من الوهم على السامع والمسمع ( والصحيح أنها منحطة عن السماع والقراءة وهو قول ) سفيان ( الثوري والأوزاعي وابن المبارك وأبي حنيفة والشافعي والبويطي والمزني وأحمد وإسحاق ) بن راهويه ( ويحيى بن يحيى ) وأسنده الرامهرمزي عن مالك

قال الحاكم وعليه عهدنا أئمتنا وإليه نذهب ومن صورها أن يناول الشيخ الطالب سماعه ويجيزه له ثم يمسكه الشيخ وهذا دون ما سبق وتجوز روايته إذا وجد الكتاب أو مقابلا به موثوقا بموافقته ما تناولته الإجازة كما يعتبر في الإجازة المجردة ولا يظهر في هذه المناولة كبير مزية على الإجازة المجردة في معين ( قال الحاكم وعليه عهدنا أئمتنا وإليه نذهب ) قال العراقي وقد اعترض ذكر ابي حنيفة مع هؤلاء بأن صاحب القنية من اصحابه نقل عنه وعن محمد أن المحدث إذا أعطاه الكتاب وأجاز له ما فيه ولم يسمعه ولم يعرفه لم يجز قال والجواب أن البطلان عندهما لا للمناولة والإجازة بل لعدم المعرفة فإن الضمير في قوله ولم يعرفه إن كان للمجاز وهو الظاهر لتتفق الضمائر فمقتضاه أنه إذا عرف ما أجيز له صح وإن كان للشيخ فسيأتي أن ذلك لا يجوز إلا إن كان للطالب موثوقا بخبره قلت ومما يعترض به في ذكر الأوزاعي أن البيهقي روى عنه في المدخل قال في العرض يقول قرأت وقرئ وفي المناولة يتدين به ولا يحدث ( ومن صورها أن يناول الشيخ الطالب سماعه ويجيزه ثم يمسكه الشيخ ( عنده ولا يبقيه عند الطالب ( وهذا دون ما سبق ) لعدم احتواء الطالب على ما يحمله وغيبته عنه ( وتجوز روايته ) عنه ( إذا وجد ذلك الكتاب ) المناول له مع غلبة ظنه بسلامته مع التغيير ( أو ) وجد فرعا ( مقابلا به موثوقا بموافقته ما تناولته الإجازة ) كما يعتبر ذلك ( في الإجازة المجردة ولا يظهر في هذه المناولة كبير مزية على الإجازة المجردة ) عنها ( في معين ) من الكتب

وقال جماعة من أصحاب الفقه والأصول لا فائدة فيها وشيوخ الحديث قديما وحديثا يرون لها مزية معتبرة ومنها أن يأتيه الطالب بكتاب ويقول هذا روايتك فناولنيه وأجز لي روايته فيجيبه إليه من غير نظر فيه وتحقق لروايته فهذا باطل فإن وثق بخبر الطالب ومعرفته اعتمده وصحت الإجازة كما يعتمده في القراءة فلو قال حدث عني بما فيه إن كان من حديثي مع براءتي ( و ) قد ( قال جماعة من أصحاب الفقه والأصول لا فائدة فيها ) وعبارة القاضي عياض منهم وعلى التحقيق فليس لها شيء زائد على الإجازة للشيء المعين من التصانيف ولا فرق بين إجازته إياه أن يحدث عنه بكتاب الموطأ وهو غائب أو حاضر إذ المقصود تعيين ما أجازه ( و ) لكن ( شيوخ الحديث قديما وحديثا يرون لها مزية معتبرة ) على الإجازة المعينة ( ومنها أن يأتيه الطالب بكتاب ويقول ) له ( هذا روايتك فناولنيه وأجز لي روايته فيجيبه إليه ) اعتمادا عليه ( من غير نظر فيه و ) لا ( تحقق لروايته ) له ( فهذا باطل فإن وثق بخبر الطالب ومعرفته ) وهو بحيث يعتمد مثله ( اعتمده وصحت الإجازة ) والمناولة ( كما يعتمد في القراءة ) عليه من أصله إذا وثق بدينه ومعرفته قال العراقي فإن فعل ذلك والطالب غير موثوق به ثم تبين بعد ذلك بخبر من يعتمد عليه أن ذلك كان من مروياته فهل يحكم بصحة الإجازة والمناولة السابقين لم أر من تعرض لذلك والظاهر نعم لزوال ما كنا نخشاه من عدم ثقة المجيز انتهى ( فلو قال حدث عني بما فيه إن كان من حديثي مع براءتي

من الغلط كان جائزا حسنا الضرب الثاني المجردة بأن يناوله مقتصرا على هذا سماعي فلا تجوز الرواية بها على الصحيح الذي قاله الفقهاء وأصحاب الأصول وعابوا المحدثين المجوزين من الغلط ) والوهم ( كان ) ذلك ( جائزا حسنا الضرب الثاني ) المناولة ( المجردة عن الإجازة بأن يناوله ) الكتاب كما تقدم ( مقتصرا على ) قوله ( هذا سماعي ) أو من حديثي ولا يقول له اروه عني ولا أجزت لك روايته ونحو ذلك ( فلا تجوز الرواية بها على الصحيح الذي قاله الفقهاء وأصحاب الأصول وعابوا المحدثين المجوزين ) لها قال العراقي ما ذكره النووي مخالف لكلام ابن الصلاح فإنه إنما قال فهذه مناولة مختلفة لا تجوز الرواية بها وعابها غير واحد من الفقهاء والأصوليين على المحدثين الذين أجازوها وسوغوا الرواية بها وحكى الخطيب عن طائفة من أهل العلم أنهم صححوها ومخالف أيضا لما قاله جماعة من أهل الأصول منهم الرازي فإنه لم يشترط الإذن بل ولا المناولة بل إذا أشار إلى كتاب وقال هذا سماعي من فلان جاز لمن سمعه أن يرويه عنه سواء ناوله أم لا وسواء قال له اروه عني أم لا وقال ابن الصلاح إن الرواية بها تترجح على الرواية بمجرد إعلام الشيخ لما فيه من المناولة فإنها لا تخلو من إشعار بالإذن في الرواية قلت والحديث والأثر السابقان أول القسم يدلان على ذلك فإنه ليس فيهما تصريح بالإذن نعم الحديث الذي علقه البخاري فيه ذلك حيث قال لا تقرأه

فرع جوز الزهري ومالك وغيرهما إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالمناولة وهو مقتضى قول من جعلها سماعا وحكى عن أبي نعيم الأصبهاني وغيره جوازه في الإجازة المجردة حتى تبلغ مكان كذا فمفهومه الأمر بالقراءة عند بلوغ المكان وعندي أن يقال إن كانت المناولة جوابا لسؤال كأن قال له ناولني هذا الكتاب لأرويه عنك فناوله ولم يصرح بالإذن صحت وجاز له أن يرويه كما تقدم في الإجازة بالخط بل هذا أبلغ وكذا إذا قال له حدثني بما سمعت من فلان فقال هذا سماعي من فلان كما وقع من أنس فتصح أيضا وما عدا ذلك فلا فإن ناوله الكتاب ولم يخبره أنه سماعه لم تجز الرواية به بالاتفاق قاله الزركشي فرع في ألفاظ الأداء لمن تحمل الإجازة والمناولة ( جوز الزهري ومالك وغيرهما ) كالحسن البصري ( إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالمناولة وهي مقتضى قول من جعلها سماعا وحكي عن أبي نعيم الأصبهاني وغيره ) كأبي عبد الله المرزباني ( جوازه ) أي إطلاق حدثنا وأخبرنا ( في الإجازة المجردة ) أيضا وقد عيبا بذلك لكن حكاه القاضي عياض عن ابن جريج وحكاه الوليد بن بكر عن مالك وأهل المدينة وصححه إمام الحرمين ولا مانع منه ومن اصطلاح أبي نعيم أن يقول أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه ويريد بذلك أنه أخبره إجازة وأن ذلك قرئ عليه لأنه لم يقل وأنا أسمع بدليل أنه قد يصرح بأنه سمعه بواسطة عنه وتارة يضم إليه وأذن لي فيه وهذا اصطلاح له مو

والصحيح الذي عليه الجمهور وأهل التحري المنع وتخصيصها بعبارة مشعرة بها كحدثنا وأخبرنا إجازة أو مناولة وإجازة أو إذنا أو في إذنه أو فيما اذن لي فيه أوفيما أطلق لي روايته أو أجازني أو لي أو ناولني أو شبه ذلك وعن الأوزاعي تخصيصها بخبرنا والقراءة بأخبرنا واصطلح قوم من المتأخرين على إطلاق أنبأنا في الإجازة واختاره صاحب كتاب الوجازة قال المصنف كابن الصلاح ( والصحيح الذي عليه الجمهور وأهل التحري ) والورع ( المنع ) من إطلاق ذلك ( وتخصيصها بعبارة مشعرة بها ) تبين الواقع ( كحدثنا ) إجازة أو مناولة و إجازة ( وأخبرنا إجازة أو مناولة وإجازة أو إذنا أو في إذنه أو فيما أذن لي فيه أو فيما أطلق لي روايته أو أجازني أو ) أجاز ( لي أو ناولني أو شبه ذلك ) كسوغ لي أن أروي عنه وأباح لي ( وعن الأوزاعي تخصيصها ) أي الإجازة ( بخبرنا ) بالتشديد ( و ) تخصيص ( القراءة بأخبرنا ) بالهمزة قال العراقي ولم يخل من النزاع لأن خبر وأخبر بمعنى واحد لغة واصطلاحا واختار ابن دقيق العيد أنه لا يجوز في الإجازة أخبرنا لا مطلقا ولا مقيدا لبعد دلالة لفظ الإجازة على الإخبار إذ معناه في الوضع الإذن في الرواية قال ولو سمع الإسناد من الشيخ وناوله الكتاب جاز له إطلاق أخبرنا لأنه صدق عليه أنه أخبره بالكتاب وإن كان إخبارا جمليا فلا فرق بينه وبين التفصيلي ( واصطلح قوم من المتأخرين على إطلاق أنبأنا في الإجازة واختاره ) أبو العباس الوليد بن بكر المعمري ( صاحب كتاب الوجازة ) في تجويز

وكان البيهقي يقول أنبأني إجازة وقال الحاكم الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول فيما عرض على المحدث شفاها أنبأني وفيما كتب إليه كتب إلي الإجازة وعليه عمل الناس الآن والمعروف عند المتقدمين أنها بمنزلة أخبرنا وحكى عياض عن شعبة أنه قال في الإجازة مرة أنبأنا ومرة أخبرنا قال العراقي وهو بعيد عنه فإنه كان ممن لا يرى الإجازة ( وكان البيهقي يقول انبأني ) وأنبأنا ( إجازة ) وفيه التصريح بالإجازة مع رعاية اصطلاح المتأخرين ( وقال الحاكم الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول فيما عرض على المحدث فأجازه شفاها أنبأني وفيما كتب إليه كتب إلي ) واستعمل قوم من المتأخرين في الإجازة باللفظ شافهني وأنا مشافهة وفي الإجازة بالكتابة كتب إلي وأنا كتابة أو في كتابة قال ابن الصلاح ولا يسلم من الإيهام وطرف من التدليس أما المشافهة فتوهم مشافهته بالتحديث وأما الكتابة فتوهم أنه كتب إليه بذلك الحديث بعينه كما كان يفعله المتقدمون وقد نص الحافظ أبو المظفر الهمداني على المنع من ذلك للإيهام المذكور قلت بعد أن صار الآن ذلك اصطلاحا عري من ذلك وقد قال القسطلاني بعد نقله كلام ابن الصلاح إلا أن العرف الخاص من كثرة الاستعمال يرفع ما يتوقع من الإشكال

وقد قال أبو جعفر بن حمدان كل قول البخاري قال لي فلان عرض ومناولة وعبر قوم عن الإجازة بأخبرنا فلان أن فلانا حدثه أو أخبره واختاره الخطابي وحكاه وهو ضعيف واستعمل المتأخرون في الإجازة الواقعة في رواية من فوق الشيخ حرف عن فيقول من سمع شيخا بإجازته عن شيخ قرأت على فلان عن فلان ( وقد قال أبو جعفر ) أحمد ( بن حمدان ) النيسابوري ( كل قول البخاري قالي لي فلان عرض ومناولة ) وتقدم أنها محمولة على السماع وأنها غالبا في المذاكرة وأن بعضهم جعلها تعليقا وابن منده إجازة ( وعبر قوم ) في الرواية بالسماع ( عن الإجازة بأخبرنا فلان أن فلانا حدثه أو أخبره ) فاستعملوا لفظ أن في الإجازة ( واختاره الخطابي وحكاه وهو ضعيف ) بعيد عن الإشعار بالإجازة وحكاه عياض عن اختيار أبي حاتم قال وأنكر بعضهم هذا وحقه أن ينكر فلا معنى له يفهم المراد منه ولا اعتيد هذا الوضع في المسألة لغة ولا عرفا قال ابن الصلاح وهو فيما إذا سمع منه الإسناد فقط وأجاز له ما رواه قريب فإن فيها إشعارا بوجود أصل الأخبار وإن أجمل المخبر به ولم يذكره تفصيلا قلت واستعمالها الآن في الإجازة شائع كما تقدم في العنعنة ( واستعمل المتأخرون في الإجازة الواقعة في رواية من فوق الشيخ حرف عن فيقول فيمن سمع شيخا بإجازته عن شيخ قرأت على فلان عن فلان ) كما

ثم إن المنع من إطلاق حدثنا وأخبرنا لا يزول بإباحة المجيز ذلك القسم الخامس الكتابة وهي أن يكتب الشيخ مسموعه لحاضر أو غائب بخطه أو بأمره وهي ضربان مجردة عن الإجازة ومقرونة بأجزتك ما كتبت لك أو إليك ونحوه من عبارة الإجازة وهذا في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة وأما المجردة فمنع الرواية بها قوم منهم القاضي الماوردي الشافعي تقدم في العنعنة قال ابن مالك ومعنى عن في نحو رويت عن فلان وأنبأتك عن فلان المجاوزة لأن المروى والمنبأ به مجاوز لمن أخذ عنه ( ثم إن المنع من إطلاق حدثنا وأخبرنا ) في الإجازة والمناولة ( لا يزول بإباحة المجيز ذلك كما اعتاده قوم من المشايخ في إجازاتهم لمن يجيزون إن شاء قال حدثنا وإن شاء قال أخبرنا لأن إباحة الشيخ لا يغير بها الممنوع في المصطلح ( القسم الخامس ) من أقسام التحمل ( الكتابة ) وعبارة ابن الصلاح وغيره المكا تبة ( وهي أن يكتب الشيخ مسموعه ) أو شيئا من حديثه ( لحاضر ) عنده ( أو غائب ) عنه سواء كتب ( بخطه أو ) كتب عنه ( بأمره ) ( وهي ضربان مجردة عن الإجازة ومقرونة بأجزتك ما كتبت لك أو ) كتبت ( إليك أو ) ما كتبت به إليك ( ونحوه من عبارة الإجازة وهذا في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة ) بالإجازة ( وأما ) الكتابة ( المجردة ) عن الإجازة ( فمنع الرواية بها قوم منهم القاضي ) أبو الحسن الماوردي الشافعي ) في الحاوي والآمدي وابن القط

وأجازها كثيرون من المتقدمين والمتأخرين منهم أيوب السختياني ومنصور والليث وغير واحد من الشافعيين وأصحاب الأصول وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث ويوجد في مصنفاتهم كتب إلي فلان قال حدثنا فلان والمراد به هذا وهو معمول به عندهم معدود في الموصول لإشعاره بمعنى الإجازة وزاد السمعاني فقال هي أقوى من الإجازة ( وأجازها كثيرون من المتقدمين والمتأخرين منهم أيوب السختياني ومنصور والليث ) وابن سعد وابن أبي سبرة ورواه البيهقي في المدخل عنهم وقال في الباب آثار كثيرة عن التابعين فمن بعدهم وكتب النبي صلى الله عليه و سلم إلى أعماله بالأحكام شاهدة لقولهم ( وغير واحد من الشافعيين ) منهم أبو المظفر السمعاني ( وأصحاب الأصول ) منهم الرازي ( وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث ويوجد في مصنفاتهم ) كثيرا ( كتب إلى فلان قال حدثنا فلان والمراد به هذا وهو معمول به عندهم معدود في الموصول ) من الحديث دون المنقطع ( لإشعاره بمعنى الإجازة وزاد السمعاني فقال هي أقوى من الإجازة ) قلت وهو المختار بل وأقوى من أكثر صور المناولة وفي صحيح البخاري في الأيمان والنذور وكتب إلى محمد بن بشار وليس فيه بالمكاتبة عن شيوخه غيره وفيه وفي صحيح مسلم أحاديث كثيرة بالمكاتبة في أثناء السند منها ما أخرجاه عن داود ( 1 ) قال كتب معاوية إلى المغيرة أن أكتب إلى

ثم يكفي معرفته خط الكاتب ومنهم من شرط البينة وهو ضعيف ثم الصحيح أنه يقول في الرواية بها كتب إلي فلان قال حدثنا فلان أو أخبرني فلان مكاتبة أو كتابة ونحوه ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم فكتب إليه الحديث في القول عقب الصلاة وأخرجا عن ابن عون قال كتب إلي نافع فكتب إلى أن النبي صلى الله عليه و سلم أغار على بني المصطلق الحديث وأخرجا عن سالم أبي النضر عن كتاب رجل من أسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم كتب إلى عمر بن عبيد الله حين سار إلى الحرورية يخبره بحديث لا تتمنوا لقاء العدو وأخرجا عن هشام قال كتب إلى يحيى بن أبي كثير عن عبد الله ابن أبي قتادة عن أبيه مرفوعا إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني وعند مسلم حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص قال كتب إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم فكتب إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي فذكر الحديث ( ثم يكفي ) في الرواية بالكتابة ( معرفته ) أي المكتوب له ( خط الكاتب ) وأن لم تقم البينة عليه ( ومنهم من شرط البينة ) عليه لأن الخط يشبه الخط فلا يجوز الاعتماد على ذلك ( وهو ضعيف ) قال ابن الصلاح لأن ذلك نادر والظاهر أن خط الإنسان لا يشتبه بغيره ولا يقع فيه إلباس وإن كان الكاتب غير الشيخ فلا بد من ثبوت كونه ثقة كما تقدمت الإشارة إليه في نوع المعلل ( ثم الصحيح أنه يقول في الرواية بها كتب إلي فلان قال حدثنا فلان أو أخبرني فلان مكاتبة أو كتابة أو نحوه ) وكذا حدثنا

ولا يجوز إطلاق حدثنا وأخبرنا وجوزه الليث ومنصور وغير واحد من علماء المحدثين وكبارهم القسم السادس إعلام الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه مقتصرا عليه فجوز الرواية به كثير من أصحاب الحديث والفقه والأصول والظاهر منهم ابن جريج وابن الصباغ الشافعي وأبو العباس الغمري بالمعجمة المالكي مقيدا بذلك ( ولا يجوز إطلاقي حدثنا أو أخبرنا وجوزه الليث ومنصور وغير واحد من علماء المحدثين وكبارهم ) وجوز آخرون أخبرنا دون حدثنا روى البيهقي في المدخل عن أبي عصمة سعد بن معاذ قال كنت في مجلس أبي سليمان الجوزقاني فجرى ذكر حدثنا وأخبرنا فقلت إن كلاهما سواء فقال بينهما فرق الا ترى محمد بن الحسين قال رجل لعبده إن أخبرتني بكذا فأنت حر فكتب إليه بذلك صار حرا وإن قال إن حدثتني بكذا فأنت حر فكتب إليه بذلك لا يعتق ( القسم السادس ) من أقسام التحمل ( إعلام الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه ) من فلان ( مقتصرا عليه ) دون أن يأذن في روايته عنه ( فجوز الرواية به كثير من أصحاب الحديث والفقه والأصول والظاهر منهم ابن جريج وابن الصباغ الشافعي وأبو العباس ) الوليد بن بكر ( الغمري بالمعجمة ) نسبة إلى بني الغمر بطن من غافق ( 1 ) ( المالكي ) ونصره في كتابه الوجازة وحكاه

قال بعض الظاهرية لو قال هذه روايتي لا تروها كان له روايتها عنه والصحيح ما قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم أنه لا تجوز الرواية به لكن يجب العمل به إن صح سنده القسم السابع الوصية هي أن يوصي عند عياض عن الكثير واختاره الرامهرمزي وهو مذهب عبد الملك بن حبيب المالكي وجزم به صاحب المحصول وأتباعه بل ( قال بعض الظاهرية لو قال هذه روايتي ) وضم إليه أن قال ( لا تروها ) عني أو لا أجيزها لك ( كان له ) مع ذلك ( روايتها عنه ) وكذا قال الرامهرمزي أيضا قال عياض وهذا صحيح لا يقتضي النظر سواه لأن منعه أن يحدث لا لعلة ولا ريبة لا يؤثر لأنه قد حدثه فهو شيء لا مرجع فيه قال المصنف كابن الصلاح ( والصحيح ما قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم أنه لا تجوز الرواية به ) وبه قطع الغزالي في المستصفى قال لأنه قد لا يجوز روايته مع كونه سماعه لخلل يعرفه فيه وقاس ابن الصلاح وغيره ذلك على مسألة استرعاء الشاهد إن تحمل الشهادة فإنه لا يكفي إعلامه بل لا بد أن يأذن له أن يشهد على شهادته قال القاضي عياض وهذا القياس غير صحيح لأن للشهادة على الشهادة لا تصح إلا مع الإذن في كل حال والحديث عن السماع والقراءة لا يحتاج فيه إلى إذن باتفاق وأيضا فالشهادة تفترق من الرواية في أكثر الوجوه وعلى المنع قال المصنف كابن الصلاح ( لكن يجب العمل به ) أي بما أخبره الشيخ أنه سمعه ( إن صح سنده ) وادعى عياض الاتفاق على ذلك ( القسم السابع ) من أقسام التحمل ( الوصية وهي أن يوصي ) الشيخ ( عند

موته أو سفره بكتاب يرويه فجوز بعض السلف للموتى له روايته عنه وهو غلط والصواب أنه لا يجوز القسم الثامن الوجادة وهي مصدر لوجد مولد غير مسموع من العرب موته أو سفره ) لشخص ( بكتاب يرويه ) ذلك الشيخ ( فجوز بعض السلف ) وهو محمد بن سيرين وأبو قلاية ( للموصى له روايته عنه ) بتلك الوصية قال القاضي عياض لأن في دفعها له نوعا من الإذن وشبها من العرض والمناولة قال وهو قريب من الإعلام ( وهو غلط ) عبارة ابن الصلاح وهذا بعيد جدا وهو إمازلة عالم أو متأول على أنه اراد الرواية على سبيل الوجادة ولا يصح تشبيهه بقسم الإعلام والمناولة ( والصواب أنه لا يجوز ) وقد أنكر ابن ابي الدم على ابن الصلاح وقال الوصية أرفع رتبة من الوجادة بلا خلاف وهي معمول بها عند الشافعي وغيره فهذا أولى ( القسم الثامن ) من أقسام التحمل ( الوجادة وهي ) بكسر الواو ( مصدر لوجد مولد غير مسموع من العرب ) قال المعافى بن زكريا النهرواني فرع المولدون قولهم وجادة فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة من تفريق العرب بين مصادر وجد للتمييز بين المعاني المختلفة قال ابن الصلاح يعني قولهم وجد ضالته وجدانا ومطلوبه وجودا وفي الغضب موجدة وفي الغنى وجدا وفي الحب وجد ( 1 )

وهي أن يقف على أحاديث بخط راويها لا يرويها الواجد فله أن يقول وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتابه بخطه حدثنا فلان ويسوق الإسناد والمتن أو قرأت بخط فلان عن فلان هذا الذي استمر عليه العمل قديما وحديثا وهو من باب المنقطع وفيه شوب اتصال وجازف بعضهم فأطلق فيها حدثنا وأخبرنا وأنكر عليه ( وهي أن يقف على أحاديث بخط راويها ) غير المعاصر له أو المعاصر ولم يسمع منه أو سمع منه ولكن ( لا يرويها ) أي تلك الأحاديث الخاصة ( الواجد ) عنه بسماع ولا إجازة ( فله أن يقول وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتابه بخطه حدثنا فلان ويسوق الإسناد والمتن أو قرأت بخط فلان عن فلان هذا الذي استمر عليه العمل قديما وحديثا ) وفي مسند أحمد كثير من ذلك من رواية ابنه عنه بالوجادة ( وهو من باب المنقطع و ) لكن ( فيه شوب اتصال ) بقوله وجدت بخط فلان وقد تسهل بعضهم فأتى فيها بلفظ عن فقال قال ابن الصلاح وذلك تدليس قبيح إذا كان بحيث يوهم سماعه منه ( وجازف بعضهم فأطلق فيها حدثنا وأخبرنا وأنكر عليه ) ولم يجوز ذلك أحد يعتمد عليه تنبيهات وقع في صحيح مسلم أحاديث مروية بالوجادة وانتقدت بأنها من باب المقطوع كقوله في الفضائل حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة أن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليتفقد يقول أين أنا اليوم الحديث وروي أيضا بهذا السند حديث قال لي رسول

وإذا وجد حديثا في تاليف شخص قال ذكر فلان أو قال فلان أخبرنا فلان وهذا منقطع لا شوب فيه وهذا كله إذا وثق بأنه خطه أو كتابه وإلا فليقل بلغني عن فلان أو وجدت عنه ونحوه أو قرأت في كتاب أخبرني فلان أنه بخط فلان أو ظننت أنه خط فلان أو ذكر كاتبه أنه فلان أو تصنيف فلان أو قيل بخط أو تصنيف فلان وإذا نقل من تصنيف فلا يقل قال فلان إلا إذ وثق بصحة النسخة الله صلى الله عليه و سلم إني لأعلم إذا كنت عني راضية وحديث تزوجني لست سنين وأجاب الرشيد العطار بأنه روى الأحاديث الثلاثة من طرق أخرى موصوله إلى هشام وإلى أبي أسامة قلت وجواب آخر وهو أن الوجادة المنقطعة أن يجد في كتاب شيخه لا في كتابه عن شيخه فتأمل ( وإذا وجد حديثا في تأليف شخص ) وليس بخطه ( قال ذكر فلان أو قال فلان أخبرنا فلان وهذا منقطع لا شوب ) من الاتصال ( فيه وهذا كله إذا وثق بأنه خطه أو كتابه وإلا فليقل بلغني عن فلان أو وجدت عنه ونحوه أو قرأت في كتاب أخبرني فلان أنه بخط فلان أو ظننت أنه بخط فلان أو قيل بخط ) فلان ( أو ) قيل إنه ( تصنيف فلان ) ونحو ذلك من العبارات المفصحة بالمستند وقد تستعمل الوجادة مع الإجازة فيقال وجدت بخط فلان وأجازه لي ( وإذن نقل ) شيئا ( من تصنيف فلا يقل ) فيه ( قال فلان ) أو ذكر بصيغة الجزم ( إلا إذا وثق بصحة النسخة بمقابلته ) على أصل مصنفه

بمقابلته أو ثقة لها فإن لم يوجد هذا ولا نحوه فليقل بلغني عن فلان أو وجدت في نسخة من كتابه ونحوه وتسامح أكثر الناس في هذه الأعصار بالجزم في ذلك من غير تحر والصواب ما ذكرناه فإن كان المطالع متقنا لا يخفى عليه غالبا الساقط أو المغير رجونا الجزم له وإلى هذا استرح كثير من المصنفين في نقلهم أما العمل بالوجادة فنقل عن معظم المحدثين المالكين وغيرهم أنه لا يجوز وعن الشافعي ونظار أصحابه جوازه وقطع بعض المحققين الشافعيين بوجوب العمل بها عند حصول الثقة وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه هذه الأزمان غيره ( أو ) مقابلة ( ثقة بها فإن لم يوجد هذا ولا نحوه فليقل بلغني عن فلان أو وجدت في نسخة من كتابه ونحوه وتسامح أكثر الناس في هذه الأعصار بالجزم في ذلك من غير تحر ) وتثبت فيطالع أحدهم كتابا منسوبا إلى مصنف معين وينقل منه عنه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلا قال فلان أو ذكر فلان كذا ( والصواب ما ذكرناه فإن كان المطالع ) عالما فطنا ( متقنا ) بحيث ( لا يخفى عليه الساقط أو المغير رجونا جواز الجزم له ) فيما يحكيه ( وإلى هذا استروح كثير من المصنفين في نقلهم ) من كتب الناس ( وأما العمل بالوجادة فنقل عن معظم المحدثين والفقهاء المالكيين وغيرهم أنه لا يجوز وعن الشافعي ونظار أصحابه جوازه وقطع بعض المحققين الشافعيين بوجوب العمل بها عند حصول الثقة ) به ( وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه ) في ( هذه الأزمان غيره )

النوع الخامس والعشرون كتابة الحديث وضبطه
وفيه مسائل قال ابن الصلاح فانه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شروطها قال البلقيني واحتج بعضهم للعمل بالوجادة بحديث أي الخلق أعجب إيمانا قالوا الملائكة قال وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم قالوا الأنبياء قال وكيف لا يؤمنون وهم يأتيهم الوحي قالوا نحن قال وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم قالوا فمن يا رسول الله قال قوم يأتون من بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها قال البلقيني وهذا استنباط حسن قلت المحتج بذلك هو الحافظ عماد الدين بن كثير ذكر ذلك في أوائل تفسيره والحديث رواه الحسن بن عرفة ( 1 ) في جزئه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وله طرق كثيرة أوردتها في الأمالي وفي بعض ألفاظه بل قوم من بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين يؤمنون به ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم أجرا أخرجه أحمد والدارمي والحاكم من حديث أبي جمعة الأنصاري وفي لفظ للحاكم من حديث عمر يجدون الورق المعلم فيعملون بما فيه فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا ( النوع الخامس والعشرون كتابة الحديث وضبطه وفيه مسائل

إحداها اختلف السلف في كتابة الحديث فكرهها طائفة وأباحها طائفة ثم أجمعوا على جوازها وجاء في الإباحة والنهي حديثان ( 1 ) احداها اختلف السلف ) من الصحابة والتابعين ( في كتابة الحديث فكرهها طائفة ) منهم ابن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وابن عباس وآخرون ( وأباحها طائفة ) وفعلوها منهم عمر وعلي وابنه الحسن وابن عمرو وأنس وجابر وابن عباس وابن عمر أيضا والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعمر ابن عبد العزيز وحكاه عياض عن أكثر الصحابة والتابعين منهم أبو قلابة وأبو المليح ومن ملح قوله فيه يعيبون علينا أن نكتب العلم وندونه وقد قال الله عز و جل علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى قال البلقيني وفي المسألة مذهب ثالث حكاه الرامهرمزي وهو الكتابة والمحو بعد الحفظ ( ثم أجمعوا ) بعد ذلك ( على جوازها ) وزال الخلاف قال ابن الصلاح ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الأخيرة ( وجاء في الإباحة والنهي حديثان ) فحديث النهي ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه وحديث الإباحة قوله صلى الله

عليه وسلم اكتبوا لأبي شاه ( 1 ) متفق عليه وروى أبو داود والحاكم وغيرهما عن ابن عمرو قال قلت يا رسول الله إني أسمع منك الشيء فأكتبه قال نعم قال في الغضب والرضا قال نعم فإني لا أقول فيهما إلا حقا قال أبو هريرة ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أكثر حديثا عليه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب رواه البخاري وروى الترمذي عن أبي هريرة قال كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال استعن بيمينك وأومأ بيده إلى الخط ( 2 ) واسند الرامهرمزي عن رافع بن خديج قال قلت يا رسول الله إنا نسمع منك اشياء أفنكتبها قال اكتبوا ذلك ولا حرج وروى الحاكم وغيره من حديث أنس وغيره موقوفا قيدوا العلم بالكتاب

فالإذن لمن خيف نسيانه والنهي لمن أمن وخيف اتكاله أو نهي حين خيف اختلاطه بالقرآن وأذن حين أمن وأسند الديلمي عن علي مرفوعا إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بسنده وفي الباب أحاديث غير ذلك وقد اختلف في الجمع بينها وبين حديث أبي سعيد السابق كما أشار إليه المصنف بقوله ( فالإذن لمن خيف نسيانه والنهي لمن أمن ) النسيان ووثق بحفظه ( وخيف اتكاله ) على الخط إذا كتب فيكون النهي مخصوصا وقد أسند ابن الصلاح هنا عن الأوزاعي أنه كان يقول كان هذا العلم كريما يتلقاه الرجال بينهم فلما دخل في الكتب دخل فيه غيره أهله ( أو نهى ) عنه ( حين خيف اختلاطه بالقرآن وأذن ) فيه ( حين أمن ) ذلك فيكون النهي منسوخا وقيل المراد النهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لأنهم كانوا يسمعون تأويل الآية فربما كتبوه معها فنهوا عن ذلك لخوف الاشتباه وقيل النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه والأذن في غيره ومنهم من أعل حديث أبي سعيد وقال الصواب وقفه عليه قاله البخاري وغيره وقد روى البيهقي في المدخل عن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق عمر يستخير الله فيها ثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال إني كنت أردت أن أكتب السنن وأني ذكرت قوما كانوا قبلكم

ثم على كاتبه صرف الهمة إلى ضبطه وتحقيقه شكلا ونقطا يؤمن اللبس ثم قيل إنما يشكل المشكل ونقل عن أهل العلم كراهة الإعجام كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا ( ثم على كاتبه صرف الهمة إلى ضبطه وتحقيقه شكلا ونقطا يؤمن ) معهما ( اللبس ) ليؤديه كما سمعه قال الأوزاعي نور الكتاب إعجامه قال الرامهرمزي أي نقطه أن يبين التاء من الياء والحاء من الخاء قال والشكل تقييد الإعراب وقال ابن الصلاح إعجام المكتوب يمنع من استعجامه وشكله يمنع من إشكاله قال وكثيرا ما يعتمد الواثق على ذهنه وذلك وخيم العاقبة فإن الإنسان معرض للنسيان انتهى وقد قيل إن النصارى كفروا بلفظة أخطؤا في إعجامها وشكلها قال الله في الإنجيل لعيسى أنت نبيى ولدتك من البتول فصحفوها وقالوا أنت بنيي ولدتك مخففا وقيل أول فتنة وقعت في الإسلام سببها ذلك أيضا وهي فتنة عثمان رضي الله عنه فإنه كتب للذي أرسله أميرا إلى مصر إذا جاءكم فاقبلوه فصفحوها فاقتلوه فجرى ما جرى وكتب بعض الخلفاء إلى عامل له ببلد أن أحص المخنثين أي بالعدد فصحفها بالمعجمة فخصاهم ( ثم قيل إنما يشكل المشكل ونقل عن أهل العلم كراهية الإعجام ) أي النقط

والإعراب إلا في الملتبس وقيل يشكل الجميع الثانية ينبغي أن يكون اعتناؤه بضبط الملتبس من الأسماء أكثر ( والإعراب ) أي الشكل ( إلا في الملتبس ) إذ لا حاجة إليهما في غيره ( وقيل يشكل الجميع ) قال القاضي عياض وهو الصواب لا سيما للمبتدى وغير المتبحر في العلم فإنه لا يميز ما يشكل مما لا يشكل ولا صواب وجه إعراب الكلمة من خطئه قال العراقي وربما ظن أن الشيء غير مشكل لوضوحه وهو في الحقيقة محل نظر محتاج إلى الضبط وقد وقع بين العلماء خلاف في مسائل مرتبة على إعراب الحديث كحديث ذكاة الجنين ذكاة أمه فاستدل به الجمهور على أنه لا تجب ذكاة الجنين بناء على رفع ذكاة أمه ورجح الحنفية الفتح على التشبيه أي يذكى مثل ذكاة أمه ( الثانية ينبغي أن يكون اعتناؤه بضبط الملتبس من الأسماء أكثر ) فإنها لا تستدرك بالمعنى ولا يستدل عليها بما قبل ولا بعد قال أبو إسحاق النجيرمي ( 1 ) أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس لأنه لا يدخله القياس ولا قبله ولا بعده شيء يدل عليه وذكر أبو علي الغساني أن عبد الله بن إدريس قال لما حدثني شعبة بحديث الحوراء عن الحسن بن علي كتب تحته حور عين لئلا أغلط

ويستحب ضبط المشكل في نفس الكتاب وكتبه مضبوطا واضحا في الحاشية قبالته ويستحب تحقيق الخط دون مشقة وتعليقه ويكره تدقيقه فأقرأه أبو الجوزاء بالجيم والزاي ( ويستحب ضبط المشكل في نفس الكتاب وكتبه أيضا ( مضبوطا واضحا في الحاشية قبالته ) فإن ذلك أبلغ لأن المضبوط في نفس الأسطر ربما داخله نقط غيره وشكله مما فوقه أو تحته لا سيما عند ضيقها ودقة الخط قال العراقي وأوضح من ذلك أن يقطع حروف الكلمة المشكلة في الهامش لأنه يظهر شكل الحرف بكتابته مفردا في بعض الحروف كالنون والياء التحتية بخلاف ما إذا كتبت الكلمة كلها قال ابن دقيق العيد في الاقتراح ومن عادة المتقنين أن يبالغوا في إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة في الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا ( ويستحب تحقيق الخط دون مشقة وتعليقه ) ( 1 ) قال ابن قتيبة قال عمر بن الخطاب شر الكتابة المشق وشر القراءة الهذرمة وأجود الخط أبينه انتهى والمشق سرعة الكتابة ( ويكره تدقيقه ) أي الخط لأنه لا ينتفع به من في نظره ضعف وربما ضعف نظر كاتبه بعد ذلك فلا ينتفع به

إلا من عذر كضيق الورق وتخفيفه للحمل في السفر ونحوه وينبغي ضبط الحروف المهملة قيل تجعل تحت الدال والراء والسين والضاد والطاء والعين النقط التي فوق نظائرها وقيل فوقها كقلامة الظفر مضطجعة على قفاها وقيل تحتها حرف صغير مثلها وقد قال أحمد بن حنبل لابن عمه حنبل بن إسحاق ورآه يكتب خطا دقيقا لا تفعل أحوج ما تكون إليه يخونك ( إلا من عذر كضيق الورق وتخفيفه للحمل في السفر ونحوه وينبغي ضبط الحروف المهملة ) أيضا قال البلقيني يستدل لذلك بما رواه المرزباني وابن عساكر عن عبيد بن أوس الغساني قال كتبت بين يدي معاوية كتابا فقال لي يا عبيد أرقش كتابك فإني كنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا معاوية أرقش كتابك قلت وما رقشه يا أمير المؤمنين قال أعط كل حرف ما ينوبه من النقط قال البلقيني فهذا عام في كل حرف ثم اختلف في كيفية ضبطها ( قيل يجعل تحت الدال والراء والسين والصاد والطاء والعين النقط التي فوق نظائرها ) ( 1 ) واختلف على هذا في نقط السين من تحت فقيل كصورة النقط من فوق وقيل لا بل يجعل من فوق كالأثافي ومن تحت مبسوطة صفا ( وقيل ) يجعل ( فوقها ) أي المهملات المذكورة صورة هلال ( كقلامة الظفر مضجعة على قفاها وقيل ) يجعل ( تحتها حرف صغير مثلها ) ويتعين ذلك في الحاء قال القاضي عياض وعليه عمل أهل المشرق والأندلس

وفي بعض الكتب القديمة فوقها خط صغير وفي بعض تحتها همزة ولا ينبغي أن يصطلح مع نفسه برمز لا يعرفه الناس وإن فعل فليبين في أول الكتاب أو آخره مراده وأن يعتني بضبط مختلف الروايات وتمييزها فيجعل كتابه على رواية ثم ما كان في غيرها من زيادات ألحقها في الحاشية أو ( وفي بعض الكتب القديمة فوقها خط صغير ) كفتحة وقيل كهمزة ( وفي بعضها تحتها همزة ) فهده خمس علامات فائدة لم يتعرض أهل هذا لفن للكاف واللام وذكرهما أصحاب التصانيف في الخط فالكاف إذا لم تكتب مبسوطة تكتب في بطنها كاف صغيرة أو همزة واللام يكتب في بطنها لام أي هذه الكلمة بحروفها الثلاثة لا صورة ل ويوجد ذلك كثيرا في خط الأدباء والهاء آخر الكلمة يكتب عليها هاء مشقوقة تميزها من هاء التأنيث التي في الصفات ونحوها والهمزة المكسورة هل تكتب فوق الألف والكسرة أسفلها أو كلاهما أسفل اصطلاحان للكتاب والثاني أصح ( ولا ينبغي أن يصطلح مع نفسه ) في كتابه ( برمز لا يعرفه الناس ) فيوقع غيره في حيرة فهم مراده ( فإن فعل ) ذلك ( فليبين في أول الكتاب أو آخره مراده وينبغي أن يعتنى بضبط مختلف الروايات وتمييزها فيجعل كتابه ) موصولا ( على رواية ) واحدة ( ثم ما كان في غيرها من زيادات ألحقها في الحاشية أو

نقص أعلم عليه أو خلاف كتبه معينا في كل ذلك من رواه بتمام اسمه لا رامزا إلا أن يبين أول الكتاب أو آخره واكتفى كثيرون بالتمييز بحمرة فالزيادة تلحق بحمرة والنقص يحوق عليه بحمرة مبينا اسم صاحبها أول الكتاب أو آخره الثالثة ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة نقل ذلك عن جماعات من المتقدمين واستحب الخطيب أن تكون غفلا فإذا قابل نقط وسطها نقص أعلم عليه أو خلاف كتبه معينا في كل ذلك من رواه بتمام اسمه لا رامزا ) له بحرف أو بحرفين من اسمه ( إلا أن يبين أول الكتاب أو آخره ) مراده بتلك الرموز ( 1 ) ( واكتفى كثيرون بالتمييز بحمرة فالزيادة تلحق بحمرة والنقص يحوق عليه بحمرة مبينا اسم صاحبها أول الكتاب أو آخره ) هذا الفرع كله ذكره ابن الصلاح عقب مسألة الضرب والمحو قدمه المصنف هنا للمناسبة مع الاختصار ( الثالثة ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة ) للفصل بينهما ( نقل ذلك عن جماعات من المتقدمين ) كأبي الزناد وأحمد بن حنبل وإبراهيم الحربي وابن جرير ( واستحب الخطيب أن تكون ) الدارات ( غفلا فإذا قابل نقط وسطها ) أي نقط وسط كل دائرة عقب الحديث الذي يفرغ منه أو خط في وسطها خطا قال وقد كان بعض أهل العلم لا يعتد من سماعه إلا بما كان كذلك أو في معناه

ويكره في مثل عبد الله وعبد الرحمن بن فلان كتابة عبد آخر السطر واسم الله مع ابن فلان أول الآخر وكذا يكره رسول آخره والله صلى الله عليه و سلم أوله وكذا ما أشبهه وينبغي أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يسأم من تكراره ومن أغفله حرم حظا عظيما ( ويكره في مثل عبد الله وعبد الرحمن بن بن فلان ) وكل اسم مضاف إلى الله تعالى ( كتابة عبد آخر السطر واسم الله مع ابن فلان أول الآخر ) وأوجب اجتناب مثل ذلك ابن بطة والخطيب ووافق ابن دقيق العيد على أن ذلك مكروه لا حرام ( وكذا يكره ) في رسول الله أن يكتب ( رسول آخره والله صلى الله عليه و سلم أوله وكذا ما أشبهه ) من الموهمات والمستشنعات كأن يكتب قاتل من قوله قاتل ابن صفية في النار في آخر السطر وابن صفية في أوله أو يكتب فقال من قوله في حديث شارب الخمر فقال عمر أخزاه الله ما أكثر ما يؤتى به آخره وما بعده أوله ولا يكره فصل المتضايفين إذا لم يكن فيه مثل ذلك كسبحان الله العظيم يكتب سبحان آخر السطر والله العظيم أوله مع أن جمعهما في سطر واحد أولى ( وينبغي أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه و سلم ) كلما ذكر ( ولا يسأم من تكراره ) فإن ذلك من أكثر الفوائد التي يتعجلها طالب الحديث ( ومن أغفله حرم حظا عظيما ) فقد قيل في قوله صلى الله عليه و سلم إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة صححه ابن حبان إنهم أهل الحديث لكثرة ما يتكرر ذكره في الرواية فيصلون عليه وقد أوردوا في ذلك حديث من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر

ولا يتقيد فيه بما في الأصل إن كان ناقصا له ما دام اسمي في ذلك الكتاب وهذا الحديث وإن كان ضعيفا فهو مما يحسن إيراده في هذا المعنى ولا يلتفت إلى ذكر ابن الجوزي له في الموضوعات فإن له طرقا تخرجه عن الوضع وتقتضي أن له أصلا في الجملة فأخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة وأبو الشيخ الأصبهاني والديلمي من طريق أخرى عنه وابن عدي من حديث أبي بكر الصديق والأصبهاني في ترغيبه من حديث ابن عباس وأبو نعيم في تاريخ أصبهان من حديث عائشة وذكر البلقيني في محاسن الاصطلاح هنا عن فضل الصلاة للتجيبي قال جاء بإسناد صحيح من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب عن أنس يرفعه إذا كان يوم القيامة جاء أصحاب الحديث وبأيديهم المحابر فيرسل الله إليهم جبريل فيسألهم من أنتم وهو أعلم فيقولون أصحاب الحديث فيقول ادخلوا الجنة طالما كنتم تصلون على نبيي في دار الدنيا وهذا الحديث رواه الخطيب عن الصوري عن ابن الحسين بن جميع عن محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي عن الطبراني عن الزبير عن عبد الرزاق به وقال إنه موضوع والحمل فيه على الرقي قلت له طريق غير هذه عن أنس أوردها الديلمي في مسند الفردوس وقد ذكرتها في مختصر الموضوعات تنبيه ينبغي أن يجمع عند ذكره صلى الله عليه و سلم بين الصلاة عليه بلسانه وبنانه ذكره التجيبي ( ولا يتقيد فيه ) أي ما ذكر من كتابة الصلاة عليه صلى الله عليه و سلم ( بما في الأصل إن كان ناقصا ) بل يكتبه ويتلفظ به عند القراءة مطلقا

وكذا الثناء على الله سبحانه وتعالى كD وشبهه وكذا الترضي والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار وإذا جاءت الرواية بشيء منه كانت العناية به أشد ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم لأنه دعاء لا كلام يرويه وإن وقع في ذلك الإمام أحمد مع أنه كان يصلي نطقا لا خطا فقد خالفه غيره من الأئمة المتقدمين ومال إلى صنيع أحمد وابن دقيق العيد فقال ينبغي أن تصحبها قرينة تدل على ذلك كرفع رأسه عن النظر في الكتاب وينوي بقلبه أنه هو المصلي لا حاك لها عن غيره وقال عباس العنبري وابن المديني ما تركنا الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في كل حديث سمعناه وربما عجلنا فنبيض الكتاب في حديث حتى نرجع إليه ( وكذا ) ينبغي المحافظة على ( الثناء على الله سبحانه وتعالى كD ) وسبحانه وتعالى ( وشبهه ) وإن لم يكن في الأصل قال المصنف زيادة على ابن الصلاح ( وكذا الترضي والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار ) قال المصنف في شرح مسلم وغيره ولا يستعمل عز و جل ونحوه في النبي صلى الله عليه و سلم وإن كان عزيزا جليلا ولا الصلاة والسلام في الصحابة استقلالا ويجوز تبعا ( وإذا جاءت الرواية بشيء منه كانت العناية به ) في الكتاب ( أشد ) وأكثر ( ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم ) هنا وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى صلوا عليه وسلموا تسليما وإن وقع ذلك في خط الخطيب وغيره قال حمزة الكتاني كنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة دون السلام فرأيت النبي صلى الله عليه و سلم في المنام فقال لي مالك لا تتم

والرمز إليهما في الكتابة بل يكتبهما بكمالهما الرابعة عليه مقابلة كتابه بأصل شيخه وإن إجازة الصلاة علي ( و ) يكره ( الرمز إليهما في الكتابة ) بحرف أو حرفين كمن يكتب صلعم ( بل يكتبهما بكمالهما ) ويقال إن أول من رمزهما بصلعم قطعت يده ( الرابعة عليه ) وجوبا كما قال عياض ( مقابلة كتابه بأصل شيخه وإن إجازة ) فقد روى ابن عبد البر وغيره عن يحيى بن أبي كثير والأوزاعي قالا من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج وقال عروة بن الزبير لابنه هشام كتبت قال نعم قال عرضت كتابك قال لا قال لم تكتب أسنده البيهقي في المدخل وقال الأخفش إذا نسخ الكتاب ولم يعارض ثم نسخ ولم يعارض خرج أعجميا قال البلقيني وفي المسألة حديثان مرفوعان أحدهما من طريق عقيل عن ابن شهاب عن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبيه عن جده قال كنت أكتب الوحي عند النبي صلى الله عليه و سلم فإذا فرغت قال اقرأ فأقرؤه فإن كان فيه سقط أقامه ذكره المرزباني في كتابه الحديث الثاني ذكره السمعاني في أدب الإملاء من حديث عطاء بن يسار قال كتب رجل عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال له كتبت قال نعم قال عرضت قال لا قال لم تكتب حتى تعرضه فيصح قال وهذا أصرح في المقصود إلا أنه مرسل انتهى قلت الحديث الأول رواه الطبراني في الأوسط بسند رجاله موثوقون

وأفضلها أن يمسك هو وشيخه كتابيهما حال التسميع ويستحب أن ينظر معه من لا نسخة معه لا سيما إن أراد النقل من نسخته وقال يحيى بن معين لا يجوز أن يروي من غير اصل الشيخ إلا أن ينظر فيه حال السماع والصواب الذي قاله الجماهير أنه لا يشترط نظره ولا مقابلته بنفسه بل يكفي مقابله ثقة أي وقت كان ويكفي مقابلته بفرع قوبل بأصل الشيخ ومقابلته بأصل أصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ فإن لم يقابل أصلا فقد أجاز له الرواية منه ( وأفضلها أن يمسك هو وشيخه كتابيهما حال التسميع ) وما لم يكن كذلك فهو أنقص رتبة وقال أبو الفضل الجارودي أصدق المعارضة مع نفسك وقال بعضهم لا يصح مع أحد غير نفسه ولا يقلد غيره حكاه عياض عن بعض أهل التحقيق قال ابن الصلاح وهو مذهب متروك والقول الأول اولى ( ويستحب أن ينظر معه ) فيه ( من لا نسخة معه ) من الطلبة حال السماع ( لا سيما إن أراد ) النقل ( من نسخته وقال يحيى بن معين لا يجوز ) للحاضر بلا نسخة ( أن يروى من غير أصل الشيخ إلا أن ينظر فيه حال السماع ) قال ابن الصلاح وهذا من مذاهب أهل التشديد ( والصواب الذي قاله الجمهور أنه لا يشترط ) في صحة السماع ( نظره و ) أنه ( لا ) يشترط ( مقابلته بنفسه بل تكفي مقابلة ثقة ) له ( أي وقت كان ) حال القراءة أو بعدها ( ويكفي مقابلته بفرع قوبل بأصل الشيخ ومقابلته بأصل أصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ ) لأن الغرض مطابقة كتابه لأصل شيخه فسواء حصل ذلك بواسطة أو غيرها ( فإن لم يقابل ) كتابه بالأصل ونحوه ( أصلا فقد أجاز له الرواية منه ) والحالة

الأستاذ أبو إسحاق وآباء بكر الإسماعيلي والبرقاني والخطيب إن كان الناقل صحيح النقل قليل السقط ونقل من الأصل وبين حال الرواية أنه لم يقابل ويراعى في كتاب شيخه مع من فوقه ما ذكرنا في كتابه ولا يكن كطائفة إذا رأوا سماعه لكتاب سمعوا من أي نسخة اتفقت وسيأتي فيه خلاف وكلام آخر في أول النوع الآتي الخامسة المختار في تخريج الساقط وهو اللحق بفتح اللام والحاء أن يخط من موضع سقوطه هذه ( الأستاذ أبو إسحاق ) الأسفرايني ( وآباء بكر ) بلفظ الجمع في أباء وهم ( الإسماعيلي والبرقاني والخطيب ) بشروط ثلاثة ( إن كان الناقل ) للنسخة ( صحيح النقل قليل السقط و ) إن كان ( نقل من الأصل و ) إن ( بين حال الرواية أنه لم يقابل ) ذكر الشرط الأخير فقط الإسماعيلي وهو مع الثاني الخطيب والأول ابن الصلاح وأما القاضي عياض فجزم بمنع الرواية عند عدم المقابلة وإن اجتمعت الشروط ( ويراعى في كتاب شيخه مع من فوقه ما ذكرنا ) أي يراعيه ( في كتابه ولا يكن كطائفة ) من الطلبة ( إذا أرادوا سماعه ) أي الشيخ ( لكتاب سمعوا ) عليه ذلك الكتاب ( من أي نسخة اتفقت وسيأتي فيه خلاف وكلام آخر في أول النوع الآتي ) ( الخامسة المختار في ) كيفية ( تخرج الساقط ) في الحواشي ( وهو اللحق ) بفتح اللام والحاء المهملة يسمى بذلك عند أهل الحديث والكتابة أخذا من الإلحاق أو من الزيادة فإنه يطلق على كل منهما لغة ( أن يخط من موضع سقوطه

في السطر خطا صاعدا معطوفا بين السطرين عطفه يسيرة إلى جهة اللحق وقيل يمد العطفة إلى أول اللحق ويكتب اللحق قبالة العطفة في الحاشية اليمنى إن اتسمت إلا أن يسقط في آخر السطر فيخرجه إلى الشمال في السطر خطا صاعدا ) إلى فوق ( معطوفا بين السطرين عطفة يسيرة إلى جهة ) الحاشية التي يكتب فيها ( اللحق وقيل يمد العطفة ) من موضع التخريج ( إلى أول اللحق ) واختاره ابن خلاد قال ابن الصلاح وهو غير مرضي لأنه وإن كان فيه زيادة بيان فهو تسخيم للكتاب وتسويد له لا سيما عند كثرة الإلحاقات قال العراقي إلا أن لا يكون مقابله خاليا ويكتب في موضع آخر فيتعين حينئذ جر الخط إليه أو يكتب قبالته يتلوه كذا وكذا في الموضع الفلاني ونحو ذلك لزوال اللبس ( ويكتب اللحق قبالة العطفة في الحاشية اليمنى إن اتسعت ) له لاحتمال أن يطرأ في بقية السطر سقط آخر فيخرج له إلى جهة اليسار فلو خرج للأولى إلى اليسار ثم ظهر في السطر سقط آخر فإن خرج له إلى اليسار أيضا اشتبه موضع هذا بموضع ذاك وإن خرج للثاني إلى اليمين تقابل طرفا التخريجتين وربما التقيا لقربهما فيظن أنه ضرب على ثانيتهما ( إلا أن يسقط في آخر السطر فيخرجه إلى ) جهة ( الشمال ) قال القاضي عياض لا وجه لذلك لقرب التخريج من اللحق وسرعة لحاق الناظر به ولأنه أمن نقص حديث بعده قال العراقي نعم إن ضاق ما بعد آخر السطر لقرب الكتابة من طرف الورق أو لضيقه بالتجليد بأن يكون السقط في الصفحة اليمنى فلا بأس

وليكتبه صاعدا إلى أعلى الورقة فإن زاد اللحق على سطر ابتدأ سطوره من اعلى إلى أسفل فإن كان في يمين الورقة انتهت إلى باطنها وإن كان في الشمال فإلى طرفها ثم يكتب في انتهاء اللحق صح وقيل يكتب مع صح رجع وقيل يكتب الكلمة المتصلة به داخل الكتاب وليس بمرضي لأنه تطويل موهم حينئذ بالتخريج إلى جهة اليمين وقد رأيت ذلك في خط غير واحد من أهل العلم انتهى ( وليكتبه ) أي الساقط ( صاعدا إلى أعلى الورقة ) من أي جهة كان لاحتمال حدوث سقط حرف آخر فيكتب إلى أسفل ( فإن زاد اللحق على سطر ابتدأ سطوره من أعلى إلى أسفل فإن كان ) التخريج ( في يمنى الورقة انتهت ) الكتابة ( إلى باطنها وإن كان في ) جهة ( الشمال فإلى طرفها ) تنتهي الكتابة إذ لو لم يفعل ذلك لا نتقل إلى موضع آخر بكلمة تخريج أو اتصال ( ثم يكتب في انتهاء اللحق ) بعده ( صح ) فقط ( وقيل يكتب مع صح رجع وقيل يكتب الكلمة المتصلة داخل الكتاب ) ليدل على أن الكلام انتظم ( وليس بمرضي لأنه تطويل موهم ) لأنه قد يجيء في الكلام ما هو مكرر مرتين وثلاثا لمعنى صحيح فإذا كررنا الحرف لم نأمن أن يوافق ما يتكرر حقيقة أو يشكل أمره فيوجب ارتيابا وزيادة إشكال قال عياض وبعضهم يكتب انتهى اللحق قال والصواب صح هذا كله في التخريج الساقط

وأما الحواشي من غير الأصل كشرح وبيان غلط أو اختلاف رواية أو نسخة ونحوه فقال القاضي عياض لا يخرج له خط والمختار استحباب التخريج من وسط الكلمة المخرج لأجلها السادسة شأن المتقنين التصحيح والتضبيب والتمريض فالتصحيح كتابة صح على كلام صح رواية ومعنى وهو عرضة للشك أو الخلاف والتضبيب ويسمى التمريض أن يمد خط أوله كالصاد ( وأما الحواشي ) المكتوبة ( من غير الأصل كشرح وبيان غلط أو اختلاف في رواية أو نسخة ونحوه فقال القاضي عياض ) الأولى أنه ( لا يخرج له خط ) لأنه يدخل اللبس ويحسب من الأصل بل يجعل على الحرف ضبة أو نحوها تدل عليه قال ابن الصلاح ( والمختار استحباب التخريج ) لذلك أيضا ولكن ( من ) على ( وسط الكلمة المخرج لأجلها ) لا بين الكلمتين وبذلك يفارق التخريج للساقط ( السادسة شأن المتقنين ) من الحذاق ( التصحيح والتضبيب والتمريض ) مبالغة في العناية بضبط الكتاب ( فالتصحيح كتابة صح على كلام صح رواية ومعنى وهو عرضة للشك ) فيه ( او الخلاف ) فيكتب ذلك الوجه ليعرف أنه لم يغفل عنه وأنه قد ضبط وصح على ذلك الوجه ( والتضبيب ويسمى ) أيضا ( التمريض أن يمد على الكلمة خط أوله كالصاد ) هكذا ص وفرق بين الصحيح والسقيم حيث كتب على الأول حرف كامل لتمامه وعلى الثاني حرف ناقص ليدل نقص الحرف على اختلاف الكلمة ويسمى ذلك ضبة لكون الحرف مقفلا بها

ولا يلزق بالممدود عليه يمد على ثابت نقلا فاسد لفظا أو معنى أو ضعيف أو ناقص ومن الناقص موضع الإرسال أو الانقطاع وربما اختصر بعضهم علامة التصحيح فأشبهت الضبة ويوجد في بعض الأصول القديمة في الإسناد الجامع جماعة معطوفا بعضهم على بعض تشبه الضبة بين أسمائهم وليست ضبة وكأنها علامة اتصال لا يتجه لقراءة كضبة الباب يقفل بها نقله ابن الصلاح عن أبي القاسم الإفليلي ( 1 ) اللغوي ( ولا يلزق ) التضبيب ( بالممدود عليه ) لئلا يظن ضربا وإنما ( يمد ) هذا التضبيب ( على ثابت نقلا فاسدا لفظا أو معنى ) أو خطأ من الجهة العربية أو غيرها ( أو مصحف او ناقص ) فيشار بذلك إلى الخلل الحاصل وأن الرواية ثابتة به لاحتمال أن يأتي من يظهر له فيه وجه صحيح ( ومن الناقص ) الذي يضبب عليه ( موضع الإرسال أو الانقطاع ) في الإسناد ( وربما اختصر بعضهم علامة التصحيح ) فيكتبها هكذا ص ( فأشبهت الضبة ويوجد في بعض الأصول القديمة في الإسناد الجامع جماعة ) من الرواة في طبقة ( معطوفا بعضهم على بعض علامة تشبه الضبة ) فيما ( بين أسمائهم ) فيتوهم من لا خبرة له أنها ضبة ( وليست ضبة وكأنها علامة اتصال ) بينهم أثبت تأكيدا للعطف خوفا من أن يجعل عن مكان الواو

السابعة إذا وقع في الكتاب ما ليس منه نفي بالضرب أو الحك أو المحو أو غيره وأولاها الضرب ثم قال الأكثرون يخط فوق المضروب عليه خطا بينا دالا على إبطاله مختلطا به ولا يطمسه بل يكون ممكن القراءة ويسمى هذا الشق وقيل لا يخلط ( السابعة إذا وقع في الكتاب ما ليس منه نفي ) عنه إما ( بالضرب ) عليه ( أو الحك ) له ( أو المحو ) بأن تكون الكتابة في لوح أو رق أو ورق صقيل جدا في حال طراوة المكتوب وقد روي عن سحنون أنه كان ربما كتب الشيء ثم لعقه ( أو غيره وأولاها الضرب ) فقد قال الرامهرمزي قال أصحابنا الحك تهمة وقال غيره كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع حتى لا يبشر شيء لأن ما يبشر منه ربما يصح في رواية أخرى وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر من رواية هذا صحيحا في رواية الآخر فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشر بخلاف ما إذا خط عليه وأوقفه رواية الأول وصح عند الآخر اكتفى بعلامة الآخر عليه بصحته ( ثم ) في كيفية هذا الضرب خمسة أقوال ( قال الأكثرون يخط فوق المضروب عليه خطا بينا دالا على إبطاله ) بكونه ( مختلطا به ) أي بأوائل كلماته ( ولا يطمسه بل يكون ) ما تحته ( ممكن القراءة ويسمى هذا ) الضرب عند أهل المشرق و ( الشق ) عند أهل المغرب وهو بفتح المعجمة وتشديد القاف من الشق وهو الصدع أو شق العصا وهو التفريق كأنه فرق بين الزائد وما قبله وبعده من الثابت بالضرب وقيل هو النشق بفتح النون والمعجمة من نشق الظبي في حبالته علق فيها فكأنه أبطل حركة الكلمة وإعمالها بجعلها في وثاق يمنعها من التصرف ( وقيل لا يخلط ) أي الضرب

بالمضروب عليه بل يكون فوقه معطوفا على أوله وآخره وقيل يحوق على أوله نصف دائرة وكذا آخره وإذا كثر المضروب عليه فقد يكتفى بالتحويق أوله وآخره وقد يحوق أول كل سطر وآخره ومنهم من اكتفى بدائرة صغيرة أول الزيادة وآخرها وقيل يكتب لا في أوله وإلى في آخره وأما الضرب على المكرر فقيل يضرب على الثاني وقيل يبقى أحسنهما صورة وأبينهما ( بالمضروب عليه بل يكون فوقه ) منفصلا عنه ( معطوفا ) طرفا الخط ( على أوله وآخره ) مثاله هكذا ( وقيل ) هذا تسويد بل ( يحوق على أوله نصف دائرة وكذا ) على ( آخره ) بنصف دائرة أخرى مثاله هكذا ( ) ( و ) على هذا القول ( إذا كثر ) الكلام ( المضروب عليه فقد يكتفى بالتحويق أوله أو آخره ) فقط ( وقد يحوق أول كل سطر وآخره ) في الأثناء أيضا وهو أوضح ( ومنهم من ) استقبح ذلك أيضا و ( اكتفى بدائرة صغيرة أول الزيادة وآخرها ) وسماها صفرا لإشعارها بخلو ما بينهما من صحة ومثال ذلك هكذا ه ( وقيل يكتب لا في أوله ) او زائدا ومن ( وإلى آخره ) قال ابن الصلاح ومثل هذا يحسن فيما سقط في رواية وثبت في رواية وعلى هذين القولين أيضا إذا كثر المضروب عليه إما يكتفي بعلامة الإبطال أوله وآخره أو يكتب على أول كل سطر وآخره وهو أوضح هذا كله في زائد غير مكرر ( وأما الضرب على المكرر فقيل يضرب على الثاني ) مطلقا دون الأول لأنه كتب على صواب فالخطأ أولى بالإبطال ( وقيل يبقى أحسنهما صورة وأبينهما ) قراءة ويضرب على الآخر هكذا حكى ابن خلاد القولين من غير مراعاة لأوائل السطور وآخرها وللفصل بين المتضايقين ونحو ذلك

وقال القاضي عياض إن كانا أول سطر ضرب على الثاني أو آخره فعلى الأول أو أول سطر وآخر آخر فعلى آخر السطر فإن تكرر المضاف والمضاف إليه أو الموصوف والصفة ونحوه روعي اتصالهما وأما الحك والكشط فكرهها أهل العلم الثامنة غلب عليهم الاقتصار على الرمز في حدثنا وأخبرنا وشاع بحيث لا يخفى فيكتبون من حدثنا الثاء والنون والألف وقد تحذف الثاء ( وقال القاضي عياض ) هذا إذا تساوت الكلمتان في المنازل بأن كانتا في اثناء السطر أما ( إن كانا أول سطر ضرب على الثاني أو آخره فعلى الأول ) يضرب صوتا لأوائل السطور وأواخرها عن الطمس ( أو ) الثانية ( أول سطر و ) الأولى ( آخر ) سطر ( آخر فعلى آخر السطر ) لأن مراعاة أول السطر أولى ( فإن تكرر المضاف والمضاف إليه أو الموصوف والصفة ونحوه روعي اتصالهما ) بأن لا يضرب على المتكرر بينهما بل على الأول في المضاف والموصوف أو الآخر في المضاف إليه والصفة لأن ذلك مضطر إليه للفهم فمراعاته أولى من مراعاة تحسين الصورة في الخط قال ابن الصلاح وهذا التفصيل من القاضي حسين ( وأما الحك والكشط والمحو فكرهها أهل العلم ) كما تقدم ( الثامنة غلب عليهم الاقتصار ) في الخط ( على الرمز في حدثنا وأخبرنا ) لتكررها ( وشاع ) ذلك وظهر ( بحيث لا يخفى ) ولا يلتبس ( فيكتبون من حدثنا الثاء والنون والألف ) ويحذفون الحاء والدال ( وقد تحذف الثاء )

ومن أخبرنا أنا ولا يحسن زيادة الباء قبل النون وإن فعله البيهقي وقد يزاد راء بعد الألف ودال أول رمز حدثنا ووجدت الدال في خط الحاكم وأبي عبد الرحمن السلمي والبيهقي أيضا ويقتصر على الضمير ( و ) يكتبون ( من أخبرنا أنا ) أي الهمزة والضمير ( ولا تحسن زيادة الباء قبل النون وإن فعله البيهقي ) وغيره لئلا تلتبس برمز حدثنا ( وقد تزاد راء بعد الألف ) قبل النون أو خاء كما وجد في خط المغاربة ( 1 ) ( و ) قد تزاد ( دال أول رمز حدثنا ) ويحذف الحاء فقط ( ووجدت الدال ) المذكورة ( في خط الحاكم وأبي عبد الرحمن السلمي والبيهقي ) هكذا قال ابن الصلاح فالمصنف حاك كلامه أو رأى ذلك أيضا أو وجدت في كلامه مبنيا للمفعول تنبيه يرمز أيضا حدثني فيكتب ثنى أو دثنى دون أخبرني وأنبأنا وأنبأني وأما قال فقال العراقي منهم من يرمز لها بقاف ثم اختلفوا فبعضهم يجمعها مع أداة التحديث فيكتب قثنا يريد قال حدثنا قال وقد توهم بعض من رآها هكذا أنها لواو التي تأتي بعد حاء التحويل وليس كذلك وبعضهم يفردها فيكتب ق ثنا وهذا اصطلاح متروك وقال ابن الصلاح جرت العادة بحذفها خطا ولا بد من النطق بها حال القراءة

وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر كتبوا عند الانتقال من إسناد ح ولم يعرف بيانها عمن تقدم وكتب جماعة من الحفاظ موضعها صح فيشعر ذلك بأنها رمز صح وقيل من التحويل من إسناد إلى إسناد وقيل لأنها تحول بين الإسنادين فلا تكون من الحديث ولا يلفظ عندها بشيء وقيل هي رمز إلى قولنا الحديث وإن أهل المغرب كلهم يقولون إذا وصلوا إليها الحديث والمختار أن يقول حاويمر وسيأتي ذلك في الفرع التاسع من النوع الآتي ( وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر ) وجمعوا بينهما في متن واحد ( كتبوا عند الانتقال من إسناد إلى إسناد ح ) مفردة مهملة ( 1 ) ( ولم يعرف بيانها ) أي بيان أمرها ( عمن تقدم وكتب جماعة من الحفاظ ) كأبي مسلم الليثي وأبي عثمان الصابوني ( موضعها صح فيشعر ذلك بأنها رمز صح ) قال ابن الصلاح وحسن إثبات صح هنا لئلا يتوهم أن حديث هذا الإسناد سقط ولئلا يركب الإسناد الثاني على الإسناد الأول فيجعلا إسنادا واحدا ( وقيل ) هي حاء ( من التحويل من إسناد إلى إسناد وقيل ) هي حاء من حائل ( لأنها تحول بين إسنادين فلا تكون من الحديث ) كما قيل بذلك ( ولا يلفظ عندها بشيء وقيل هي رمز إلى قولنا الحديث وإن أهل المغرب كلهم يقولون إذا وصلوا إليها الحديث والمختار أنه يقول ) عند الوصول إليها ( حاويمر )

التاسعة ينبغي أن يكتب بعد البسملة اسم الشيخ ونسبه وكنيته ثم يسوق المسموع ويكتب فوق البسملة أسماء السامعين وتاريخ السماع أو يكتبه في حاشية أول ورقة أو آخر الكتاب أو حيث لا يخفى منه وينبغي أن يكون بخط ثقة معروف الخط ولا بأس عند هذا بأن لا يصحح الشيخ عليه ولا بأس أن يكتب سماعه بخط نفسه إذا كان ثقة كما فعله الثقات التاسعة ( ينبغي ) في كتابة التسميع ( أن يكتب ) الطالب ( بعد البسملة اسم الش المسمع ( ونسبته وكنيته ) قال الخطيب وصورة ذلك حدثنا أبو فلان فلان بن فلان الفلاني قال حدثنا فلان ( ثم يسوق المسموع ) على لفظه ( ويكتب فوق البسملة أسماء السامعين ) وأنسابهم ( وتاريخ ) وقت ( السماع أو يكتبه في حاشية أول ورقة ) من الكتاب ( أو آخر الكتاب أو ) موضع آخر ( حيث لا يخفى منه ) والأول أحوط قال الخطيب وإن كان السماع في مجالس عدة كتب عند انتهاء السماع في كل مجلس علامة البلاغ ( وينبغي أن يكون ) ذلك ( بخط ثقة معروف الخط ولا بأس ) عليه ( عند هذا بأن لا يصحح الشيخ عليه ) أي لا يحتاج حينئذ إلى كتابة الشيخ خطه بالتصحيح ( ولا بأس أن يكتب سماعه بخط نفسه إذا كان ثقة كما فعله الثقات ) قال ابن الصلاح وقد قرأ عبد الرحمن بن منده جزءا على أبي أحمد الفرضي وسأله خطه ليكون حجة له فقال له يا بني عليك بالصدق فإنك إذا عرفت به لا يكذبك أحد وتصدق فيما تقول وتنقل وإذا كان غير ذلك فلو قيل لك

وعلى كاتب التسميع والتحري وبيان السامع والمسمع والمسموع بلفظ وجيز غير محتمل ومجانبة التساهل فيمن يثبته والحذر من إسقاط بعضهم لغرض فاسد فإن لم يحضر فله أن يعتمد في حضورهم خبر ثقة حضر ومن ثبت في كتابه سماع غيره فقبيح به كتمانه ومنعه نقل سماعه منه أو نسخ الكتاب وإذا أعاره فلا يبطئ عليه فإن منعه فإن كان ما هذا خط الفرضي ماذا تقول لهم ( وعلى كاتب التسميع التحري ) في ذلك والاحتياط ( وبيان السامع والمسمع والمسموع بلفظ غير محتمل ومجانبة التساهل فيمن يثبته والحذر من إسقاط بعضهم ) أي السامعين ( لغرض فاسد ) فإن ذلك مما يؤديه إلى عدم انتفاعه بما سمع ( فإن لم يحضر ) مثبت السماع ما سمع ( فله أن يعتمد ) في إثباته ( في حضورهم ) على ( خبر ثقة حضر ) ذلك ( ومن ثبت في كتابه سماع غيره فقبيح به كتمانه ) إياه ( ومنعه نقل سماعه ) منه ( أو نسخ الكتاب ) فقد قال وكيع اول بركة الحديث إعارة الكتب وقال سفيان الثوري من بخل بالعلم ابتلى بإحدى ثلاث أن ينساه أو يموت ولا ينتفع به أو تذهب كتبه قلت وقد ذم الله تعالى في كتابه مانع العارية بقوله ويمنعون الماعون وإعارة الكتب أهم من الماعون ( وإذا أعاره فلا يبطئ عليه ) بكتابه إلا بقدر حاجته قال الزهري إياك وغلول الكتب وهو حبسها عن أصحابها وقال الفضيل ليس من فعال أهل الورع ولا من فعال الحكماء أن يأخذ سماع رجل وكتبه فيحبسه عنه ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه ( فإن منعه ) إعارته ( فإن كان

سماعه مثبتا برضا صاحب الكتاب لزمه إعارته وإلا فلا كذا قاله أئمة مذاهبهم في أزمابهم منهم القاضي حفص بن غياث الحنفي وإسماعيل القاضي المالكي وأبو عبد الله الزبيري الشافعي وحكم به القاضيان والصواب الأول سماعا مثبتا ) فيه ( برضا صاحب الكتاب ) أو بخطه ( لزمه إعارته وإلا فلا كذا قاله أئمة مذاهبهم في ازمانهم منهم القاضي حفص بن غياث الحنفي ) من الطبقة الأولى من أصحاب أبي حنيفة ( وغسماعيل ) بن إسحاق ( القاضي المالكي ) إمام أصحاب مالك ( وأبو عبيد الله الزبيري الشافعي وحكم به القاضيان ) الأولان أما حكم حفص فروى الرامهرمزي أن رجلا ادعى على رجل بالكوفة سماعا منعه إياه فتحا كما إليه فقال لصاحب الكتاب أخرج إلينا كتبك فما كان من سماع هذا الرجل بخط يدك ألزمناك وما كان بخطه أعفيناك منه قال الرامهرمزي فسألت أبا عبد الله الزبيدي عن هذا فقال لا يجيء في هذا الباب حكم أحسن من هذا لأن خط صاحب الكتاب دال على رضاه باستماع صاحبه معه واما حكم إسماعيل فروى الخطيب انه تحوكم إليه في ذلك فأطرق مليا ثم قال للمدعى عليه إن كان سماعه في كتابك بخط يدك فيلزمك أن تغيره ( وخالف فيه بعضهم والصواب الأول ) وهو الوجوب قال ابن الصلاح وقد تعاضدت أقوال هذه الأئمة في ذلك ويرجع حاصلها إلى أن سماع غيره إذا ثبت في كتابه برضاه فيلزمه إعارته إياه قال وقد كان لا يلفي له وجه ثم وجهته بأن ذلك بمنزلة شهادة له عنده فعليه أداؤها بما حوته وإن كان فيه بذل ماله كما يلزم متحمل الشهادة أداؤها وإن كان فيه

فإذا نسخه فلا ينقل سماعه إلى نسخته إلا بعد المقابلة المرضية ولا ينقل سماع إلى نسخة إلا بعد مقابلة مرضية إلا أن يبين كونها غير مقابلة

النوع السادس والعشرون صفة رواية الحديث
تقدم جمل منه في النوعين قبله وغيرهما وقد شدد قوم في الرواية فأفرطوا بذل نفسه بالسعي إلى مجلس الحكم لأدائها وقال البلقيني عندي في توجيهه غير هذا وهو أن مثل هذا من المصالح العامة التي يحتاج إليها مع حصول علقة بين المحتاج والمحتاج إليه تقضي إلزامه بإسعافه في مقصده قال وأصله إعارة الجدار لوضع جذوع الجار عليه وقد ثبت ذلك في الصحيحين وقال بوجوب ذلك جمع من العلماء وهو أحد قولي الشافعي فإذا كان يلزم الجار بالعارية مع دوام الجذوع في الغالب فلأن يلزم صاحب الكتاب مع عدم دوام العارية أولى ( فإذا نسخه فلا ينقل سماعه إلى نسخته ) أي لا يثبته عليها ( إلا بعد المقابلة المرضية و ) كذا ( لا ينقل سماع ) ما ( إلى نسخة إلا بعد مقابلة مرضية ) فلا يغتر بتلك النسخة ( إلا أن يبين كونها غير مقابلة ) على ما تقدم النوع السادس والعشرون صفة رواية الحديث ) وآدابه وما يتعلق بذلك ( تقدم جمل منه في النوعين قبله وغيرهما ) كألفاظ الأداء ( وقد شدد قوم في الرواية فأفرطوا ) أي بالغوا

وتساهل آخرون ففرطوا فمن المشددين من قال لا حجة إلا فيما رواه من حفظه وتذكره روي عن مالك وابي حنيفة وأبي بكر الصيدلاني الشافعي ومنهم من جوزها من كتابه إلا إذا خرج من يده وأما المتساهلون فتقدم بيان جمل عنهم في النوع الرابع والعشربن ومنهم قوم ( وتساهل ) فيها ( آخرون ففرطوا ) أي قصروا ( فمن المشددين من قال لا حجة إلا فيما رواه ) الراوي ( من حفظه وتذكره روى ) ذلك ( عن مالك وأبي بكر الصيدلاني ) المروزي ( الشافعي ) فروى الحاكم من طريق ابن عبد الحكم عن أشهب قال سئل مالك أيؤخذ العلم ممن لا يحفظ حديثه وهو ثقة فقال لا قيل فإن أتى بكتب فقال سمعتها وهو ثقة فقال لا يؤخذ عنه أخاف أن يزاد في حديثه بالليل يعني وهو لا يدري وعن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت أشهب يقول سئل مالك عن الرجل الغير فهم يخرج كتابه فيقول هذا سمعته قال لا تأخذ إلا عمن يحفظ حديثه أو يعرف وروى البيهقي عن مالك وعن أبي الزناد قال أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون لا يؤخذ عنهم شيء من الحديث يقال ليس من أهله ولفظ مالك لم يكونوا يعرفون ما يحدثون وهذا مذهب شديد وقد استقر العمل على خلافه فلعل الرواة في الصحيحين ممن يوصف بالحفظ لا يبلغون النصف ( ومنهم من جوزها من كتابه إلا إذا خرج من يده ) بالإعارة أو ضياع أو غير ذلك فلا يجوز حينئذ منه لجواز تغييره وهذا أيضا تشديد ( وأما المتساهلون فتقدم بيان جمل عنهم في النوع الرابع والعشرين ) في وجوه التحمل ( ومنهم قوم

رووا من نسخ غير مقابلة بأصولهم فجعلهم الحاكم مجروحين قال وهذا كثير تعاطاه قوم من أكابر العلماء والصلحاء وقد تقدم في آخر الرابعة من النوع الماضي أن النسخة التي لم تقابل تجوز الرواية منها بشروط فيحتمل أن الحاكم يخالف فيه ويحتمل أنه أراد إذا لم توجد الشروط والصواب ما عليه الجمهور وهو التوسط فإذا قام في التحمل والمقابلة بما تقدم جازت الرواية منه وإن غاب إذا كان الغالب سلامته من التغيير لا سيما إن كان رووا من نسخ غير مقابلة بأصول فجعلهم الحاكم مجروحين قال وهذا كثير تعاطاه قوم من أكابر العلماء والصلحاء ) وممن نسب إليه التساهل ابن لهيعة كان الرجل يأتيه بالكتاب فيقول هذا من حديثك فيحدثه به مقلدا له ( 1 ) قال المصنف زيادة على ابن الصلاح ( وقد تقدم في آخر الرابعة من النوع الماضي أن النسخة التي لم تقابل تجوز الرواية منها بشروط فيحتمل أن الحاكم يخالف فيه وحتمل أنه أراد ) بما ذكره ( إذا لم توجد الشروط والصواب ما عليه الجمهور وهو التوسط ) بين الإفراط والتفريط فخير الأمور الوسط وما عداه شطط ( فإذا قام ) الراوي ( في التحمل والمقابلة ) لكتابه ( بما تقدم ) من الشروط ( جازت الرواية منه ) أي من الكتاب ( وإن غاب ) عنه ( إذا كان الغالب ) على الظن من أمره ( سلامته من التغيير ) والتبديل ( لا سيما إن كان

ممن لا يخفى عليه التغيير غالبا فروع الأول الضرير إذا لم يحفظ ما سمعه فاستعان بثقة في ضبطه وحفظ كتابه واحتاط عند القراءة عليه بحيث يغلب على ظنه سلامته من التغيير صحت روايته وهو أولى بالمنع من مثله في البصير قال الخطيب والبصير الأمي كالضرير الثاني إذا أراد الرواية من نسخة ليس فيها سماعه ولا هي مقابلة به ولكن سمعت على شيخه أو فيها سماع شيخه أو كتبت عن شيخه وسكنت ممن لا يخفى عليه التغيير غالبا ) لأن الاعتماد في باب الرواية على غالب الظن ( فروع ) أربعة عشر ( الأول الضرير إذا لم يحفظ ما سمعه فاستعان بثقة في ضب طه ) أي ضبط سماعه ( وحفظ كتابه ) عن التغيير ( واحتاط عند القراءة عليه بحيث يغلب على ظنه سلامته من التغيير صحت روايته وهو أولى بالمنع من مثله في البصير قال الخطيب والبصير الأمي ) فيما ذكر ( كالضرير ) وقد منع من روايتهما غير واحد من العلماء ( الثاني إذا أراد الرواية من نسخة ليس فيها سماعه ولا هي مقابلة به ) كما هو الأولى في ذلك ( لكن سمعت على شيخه ) الذي سمع هو عليه في نسخة خلافها ( أو فيها سماع شيخه ) على الشيخ الأعلى ( أو كتبت عن شيخه وسك

نفسه إليها لم يجز الرواية منها عند عامة المحدثين ورخص فيه أيوب السختياني ومحمد بن بكر البرساني قال الخطيب والذي يوجبه النظر أنه متى عرف أن هذه الأحاديث هي التي سمعها من الشيخ جاز له أن يرويها إذا سكنت نفسه إلى صحتها وسلامتها هذا إذا لم يكن له إجازة عامة من شيخه لمروياته أو لهذا الكتاب فإن كانت جاز له الرواية منها وله أن يقول حدثنا وأخبرنا وإن كان في النسخة سماع شيخ شيخه نفسه إليها لم تجز له الرواية منها عند عامة المحدثين ) وقطع به ابن الصباغ لأنه قد يكون فيها رواية ليست في نسخة سماعه ( ورخص فيه أيوب السختياني ومحمد بن بكر البرساني ( 1 ) ) ( قال الخطيب والذي يوجبه النظر ) التفصيل وهو ( انه متى عرف أن هذه الأحاديث هي التي سمعها من الشيخ جاز ) له ( أن يرويها ) عنه ( إذا سكنت نفسه إلى صحتها وسلامتها ) وإلا فلا قال ابن الصلاح ( هذا إذا لم يكن له إجازة عامة عن شيخه لمروياته أو لهذا الكتاب فإن كانت جاز له الرواية منها ) مطلقا إذ ليس فيه أكثر من رواية تلك الزيادات بالإجازة ( وله أن يقول حدثنا وأخبرنا ) من غير بيان للإجازة والأمر قريب يتسامح بمثله ( وإن كان في النسخة سماع شيخ شيخه

فيحتاج أن يكون له إجازة عامة من شيخه ومثلها من شيخه الثالث إذا وجد في كتابه خلاف حفظه فإن كان حفظ منه رجع وإن كان حفظ من فم الشيخ اعتمد حفظه إن لم يشك وحسن أن يجمع فيقول حفظي كذا وفي كتابي كذا وإن خالفه غيره قال حفظي كذا وقال فيه غيري أو فلان كذا وإذا وجد سماعه في كتابه ولا يذكره فعن أبي حنيفة وبعض الشافعية لا يجوز روايته ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه وأبي يوسف ومحمد جوازها وهو الصحيح وشرطه أن يكون السماع بخطه أو خط من يثق به والكتاب مصون فيحتاج أن تكون له إجازة عامة من شيخه و ) ويكون لشيخه إجازة ( مثلها من شيخه ) ( الثالث إذا وجد ) الحافظ الحديث ( في كتابه خلاف ) ما في ( حفظه فإن كان حفظ منه رجع إليه وإن كان حفظ من فم الشيخ اعتمد حفظه إن لم يشك وحسن أن يجمع ) بينهما في رواية ( فيقول حفظي كذا وفي كتابي كذا ) هكذا فعل شعبة وغيره ( وإن خالفه غيره ) من الحفاظ فيما يحفظ ( قال حفظي كذا وقال فيه غيري أو فلان كذا ) فعل ذلك الثوري وغيره ( وإذا وجد سماعه في كتابه ولا يذكره فعن أبي حنيفة وبعض الشافعية لا يجوز ) له ( روايته ) حتى يتذكر ( ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه وأبي يوسف ومحمد ) بن الحسن ( جوازها وهو الصحيح ) لعمل العلماء به سلفا وخلفا وباب الرواية على التوسعة ( وشرطه أن يكون السماع بخطه أو خط من يثق به والكتاب مصون ) بحيث

يغلب على الظن سلامته من التغيير وتسكن إليه نفسه فإن شك لم يجز الرابع إن لم يكن عالما بالألفاظ ومقاصدها خبيرا بما يحيل معانيها لم تجز له الرواية بالمعنى بلا خلاف بل يتعين اللفظ الذي سمعه فإن كان عالما بذلك فقالت طائفة من أصحاب الحديث والفقة والأصول لا تجوز إلا بلفظه وجوز ( يغلب على الظن سلامته من التغيير وتسكن إليه نفسه ) وإن لم يذكر أحاديثه حديثا حديثا ( فإن شك ) فيه ( لم يجز ) الاعتماد عليه وكذا إن لم يكن الكتاب بخط ثقة بلا خلاف وعبر في الروضة والمنهاج كأصليهما عن الشرط بقوله محفوظ عنده فأشعر بعدم الاكتفاء بظن سلامته من التغيير وتعقبه البلقيني في التصحيح فإن المعتمد عند العلماء قديما وحديثا العمل بما يوجد من السماع والإجازة مكتوبا في الطباق التي يغلب على الظن صحتها وإن لم يتذكر السماع ولا الإجازة ولم تكن الطبقة محفوظة عنده انتهى وهذا هو الموافق لما هنا وقد مشي عليه صاحب الحاوي الصغير فقال ويروى بخط المحفوظ ولم تكن الطبقة محفوظة عنده ( الرابع إن لم يكن الراوي عالما بالالفاظ ) ومدلولاتها ( ومقاصدها خبيرا بما يحيل معانيها ) بصيرا بمقادير التفاوت بينهما ( لم تجز له الرواية ) لما سمعه ( بالمعنى بلا خلاف بل يتعين اللفظ الذي سمعه فإن كان عالما بذلك فقالت طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول لا يجوز إلا بلفظه ) وإليه ذهب ابن سيرين وثعلب وأبو بكر الرازي من الحنفية وروي عن ابن عمر ( وجوز

بعضهم في غير حديث النبي صلى الله عليه و سلم ولم يجوز فيه وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف يجوز بالمعنى في جميعه إذا قطع بأداء المعنى بعضهم في غير حديث النبي صلى الله عليه و سلم ولم يجوز فيه وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف ) منهم الأئمة الأربعة ( يجوز بالمعنى في جميعه إذا قطع بأداء المعنى ) لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف ويدل عليه روايتهم القصة الواحدة بألفاظ مختلفة وقد ورد في المسألة حديث مرفوع رواه ابن منده في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن سليمان بن أكتمة الليثي قال قلت يا رسول الله إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا فقال إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس ( 1 ) فذكر ذلك للحسن فقال لولا هذا ما حدثنا واستدل لذلك الشافعي بحديث أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه قال وإذا كان الله برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف علمنا منه بأن الكتاب قد نزل لتحل لهم قراءته وإن اختلف لفظهم فيه ما لم يكن اختلافهم إحالة معنى كان ما سوى كتاب الله سبحانه أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يحل معناه وروى البيهقي عن مكحول قال دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع

فقلنا له يا أبا الأسقع حدثنا بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس فيه وهم ولا مزيد ولا نسيان فقال هل قرأ أحد منكم من القرآن شيئا فقلنا نعم وما نحن له بحافظين جدا إنا لنزيد الواو والألف وننقص قال فهذا القرآن مكتوب بين أظهركم لا تألونه حفظا وأنتم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون فكيف بأحاديث سمعناها من رسول الله صلى الله عليه و سلم عسى أن لا نكون سمعناها منه إلا مرة واحدة حسبكم إذا حدثناكم بالحديث على المعنى وأسند أيضا في المدخل عن جابر بن عبد الله قال قال حذيفة إنا قوم عرب نردد الأحاديث فنقدم ونؤخر وأسند أيضا عن شعيب بن الحبحاب قال دخلت أنا وعبدان على الحسن فقلنا يا أبا سعيد الرجل يحدث بالحديث فيزيد فيه أو ينقص منه قال إنما الكذب على من تعمد ذلك وأسند أيضا عن جرير بن حازم قال سمعت الحسن يحدث بأحاديث الأصل واحد والكلام مختلف وأسند عن ابن عون قال كان الحسن وإبراهيم والشعبي يأتون بالحديث على المعاني وكان القاسم بن محمد وابن سيرين ورجاء بن حيوة يعيدون الحديث على حروفه وأسند عن أبي أويس قال سألنا الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث إذا أصبت معنى

الحديث فلم تحل به حراما ولم تحرم به حلالا فلا بأس واسند عن سفيان قال كان عمرو بن دينار يحدث بالحديث على المعنى وكان إبراهيم بن ميسرة لا يحدث إلا على ما سمع وأسند عن وكيع قال إن لم يكن المعنى واسعا فقد هلك الناس قال شيخ الإسلام ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلغاتها للعارف به فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى وقيل إنما يجوز ذلك للصحابة دون غيرهم وبه جزم ابن العربي في أحكام القرآن قال لأنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث والصحابة اجتمع فيهم أمران الفصاحة والبلاغة جبلة ومشاهدة أقوال النبي صلى الله عليه و سلم وأفعاله فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة واستيفاء المقصود كله وقيل يمنع ذلك في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ويجوز في غيره حكاه ابن الصلاح ورواه البيهقي في المدخل عن مالك وروي عنه أيضا انه كان يتحفظ من الباء والياء والتاء في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال ذلك ايضا واستدل له بقوله رب مبلغ أوعى من سامع فإذا رواه بالمعنى فقد أزال عن موضعه معرفه ما فيه وقال الماوردي إن نسي اللفظ جاز لأنه تحمل اللفظ والمعنى وعجز عن أداء أحدهما فيلزمه أداء الآخر لا سيما أن تركه قد يكون كتما للأحكام فإن لم ينسه لم يجز أن يورده بغيره لأن في كلامه صلى الله عليه و سلم من الفصاحة

وهذا في غير المصنفات ولا يجوز تغيير مصنف وإن كان بمعناه وينبغي للراوي بالمعنى أن يقول عقبيه أو كما قال أو نحوه أو شبهه أو ما أشبه هذا من الألفاظ ما ليس في غيره وقيل عكسه وهو الجواز لمن يحفظ اللفظ ليتمكن من التصرف فيه دون من نسيه وقال الخطيب يجوز بإزاء مرادف وقيل إن كان موجبه علما جاز لأن المعول على معناه ولا تجب مراعاة اللفظ وإن كان عملا لم يجز وقال القاضي عياض ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن كما وقع للرواة كثيرا قديما وحديثا وعلى الجواز الأولى إيراد الحديث بلفظه دون التصرف فيه ولا شك في اشتراط أن لا يكون مما تعبد بلفظه وقد صرح به هنا الزركشي وإليه يرشد كلام العراقي الآتي في إبدال الرسول بالنبي وعكسه وعندي أنه يشترط أن لا يكون من جوامع الكلم ( وهذا ) الخلاف إنما يجري ( في غير المصنفات ولا يجوز تغيير ) شيء من ( مصنف ) وإبداله بلفظ آخر ( وإن كان بمعناه ) قطعا لأن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص لما كان عليهم في ضبط الألفاظ من الجرح وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه الكتب ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره ( وينبغي للراوي بالمعنى أن يقول عقيبه أو كما قال أو نحوه أو شبهه او ما أشبه هذا من الألفاظ ) وقد كان قوم من الصحابة يفعلون ذلك وهم أعلم الناس بمعاني الكلام خوفا من الزلل لمعرفتهم بما في الرواية بالمعنى من الخطر

وإذا اشتبهت على القارئ لفظة فحسن أن يقول بعد قراءتها على الشك أو كما قال لتضمنه إجازة وإذنا في صوابها إذا بان الخامس اختلف في رواية بعض الحديث الواحد دون بعض فمنعه بعضهم مطلقا بناء على منع الرواية بالمعنى ومنعه بعضهم مع تجويزها بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبل هذا وجوزه بعضهم مطلقا روى ابن ماجه وأحمد والحاكم عن ابن مسعود أنه قال يوما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فاغرورقت عيناه وانتفخت أوداجه ثم قال أو مثله أو نحوه أو شبيه به وفي مسند الدارمي والكفاية للخطيب عن أبي الدرداء أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال او نحوه أو شبهه وروى ابن ماجه وأحمد عن أنس بن مالك انه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ففرغ قال أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( وإذا اشتبهت على القارئ لفظه فحسن أن يقول بعد قراءتها على الشك أو كما قال لتضمنه إجازة ) من الشيخ ( وإذنا في ) رواية ( صوابها ) عنه ( إذا بان ) قال ابن الصلاح ثم لا يشترط إفراد ذلك في الإجازة كما تقدم قريبا ( الخامس اختلف العلماء في رواية بعض الحديث الواحد دون بعض ) وهو المسمى باختصار الحديث ( فمنعه بعضهم مطلقا بناء على منع الرواية بالمعنى ومنعه بعضهم من تجويزها بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبل هذا ) وإن رواه هو مرة أخرى أو غيره على التمام جاز ( وجوزه بعضهم مطلقا )

والصحيح التفصيل وجوازه من العارف إذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة بتركه وسواء جوزناها بالمعنى أم لا رواه قبل تاما أم لا هذا إن ارتفعت منزلته عن التهمة فأما من رواه تاما فخاف إن رواه ثانيا ناقصا أن يتهم بزيادة أولا أن نسيان لغفلة وقلة ضبط ثانيا فلا يجوز له النقصان ثانيا ولا ابتداء إن تعين عليه قيل وينبغي تقييده بما إذا لم يكن المحذوف متعلقا بالمأتي به تعلقا يخل بالمعنى حذفه كالاستثناء والشرط والغاية ونحو ذلك والأمر كذلك فقد حكى الصفي الهندي الاتفاق على المنع حينئذ ( والصحيح التفصيل ) وهو المنع من غير العالم ( وجوازه من العارف إذا كان ما تركه ) متميزا عما نقله ( غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة ) فيما نقله ( بتركه و ) على هذا يجوز ذلك ( سواء جوزناها بالمعنى أم لا ) سواء ( رواه قبل تاما أم لا ) لأن ذلك بمنزلة خبرين منفصلين وقد روى البيهقي في المدخل عن ابن المبارك قال علمنا سفيان اختصار الحديث ( هذا إن ارتفعت منزلته عن التهمة فأما من رواه ) مرة ( تاما فخاف إن رواه ثانيا ناقصا أن يتهم بزيادة ) فيما رواه ( أولا أو نسيان لغفلة وقلة ضبط ) فيما رواه ( ثانيا فلا يجوز له النقصان ثانيا ولا ابتداء إن تعين عليه ) أداء تمامه لئلا يخرج بذلك باقيه عن الاحتجاج به قال سليم فإن رواه أولا ناقصا ثم أراد روايته تاما وكان ممن يتهم بالزيادة كان ذلك عذرا له في تركها وكتمانها

وأما تقطيع المصنف الحديث في الأبواب فهو إلى الجواز أقرب قال الشيخ ولا يخلو من كراهة وما أظنه يوافق عليه السادس ينبغي أن لا يروي بقراءة لحان أو مصحف ( وأما تقطيع المصنف الحديث ) الواحد ( في الأبواب ) بحسب الاحتجاج به في المسائل كل مسألة على حدة ( فهو إلى الجواز أقرب ) ومن المنع أبعد ( قال الشيخ ) ابن الصلاح ( ولا يخلو من كراهة ) وعن أحمد ينبغي أن لا يفعل حكاه عنه الخلال قال المصنف ( وما أظنه يوافق عليه ) فقد فعله الأئمة مالك والبخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم تنبيه قال البلقيني يجوز حذف زيادة مشكوك فيها بلا خلاف وكان مالك يفعله كثيرا تورعا بل كان يقطع إسناد الحديث إذا شك في وصله قال ومحل ذلك زيادة لا تعلق للمذكور بها فإن تعلق ذكرها مع الشك كحديث العرايا في خمسة أوسق او دون خمسة أوسق فائدة يجوز في كتابة الأطراف الاكتفاء ببعض الحديث مطلقا وإن لم يفد ( السادس ينبغي ) للشيخ ( أن لا يروي ) حديثه ( بقراءة لحان أو مصحف )

وعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف فقد قال الأصمعي إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قوله صلى الله عليه و سلم من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار لأنه لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه ( 1 ) وشكا سيبويه حماد بن سلمة إلى الخليل فقال له سألته عن حديث هشام بن عروة عن أبيه في رجل رعف فانتهرني وقال أخطأت إنما هو رعف بفتح العين فقال الخليل صدق أتلقى بهذا الكلام أبا أسامة ( وعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف ) روى الخطيب عن شعبة قال من طلب الحديث ولم يبصر العربية كمثل رجل عليه برنس وليس له رأس وروى أيضا عن حماد بن سلمة قال مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة ولا شعير فيها وروى الخليلي في الإرشاد عن العباس بن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه قال جاء عبد العزيز الدراوردي في جماعة إلى أبي ليعرضوا عليه كتابا فقرأ لهم

وطريقه في السلامة من التصحيف الأخذ من أفواه أهل المعرفة والتحقيق وإذا وقع في روايته لحن أو تحريف فقد قال ابن سيرين وابن سخبرة يرويه كما سمعه والصواب وقول الأكثرين يرويه على الصواب الدراورديوكان رديء اللسان يلحن فقال أبي ويحك يا دراوردي أنت كنت إلى إصلاح لسانك قبل النظر في هذا الشأن أحوج منك إلى غير ذلك ( وطريقه في السلامة من التصحيف الأخذ من أفواه أهل المعرفة والتحقيق ) والضبط عنهم لا من بطون الكتب ( وإذا وقع في روايته لحن أو تحريف فقد قال ابن سيرين و ) عبد الله ( بن سخبرة ) وأبو معمر وأبو عبيد القاسم بن سلام فيما رواه البيهقي عنهما ( يرويه ) على الخطأ ( كما سمعه ) قال ابن الصلاح وهذا غلو في اتباع اللفظ والمنع من الرواية بالمعنى ( والصواب وقول الأكثرين ) منهم ابن المبارك والأوزاعي والشعبي والقاسم ابن محمد وعطاء وهمام والنضر بن شميل انه ( يرويه على الصواب ) لا سيما في اللحن الذي لا يختلف المعنى به واختار ابن عبد السلام ترك الخطأ والصواب أيضا حكاه عنه ابن دقيق العيد أما الصواب فإنه لم يسمع كذلك وأما الخطأ فلأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يقله كذلك

وأما إصلاحه في الكتاب فجوزه بعضهم والصواب تقريره في الأصل على حاله مع التضبيب عليه وبيان الصواب في الحاشية ثم الأولى عند السماع أن يقرأه على الصواب ثم يقول في روايتنا أو عند شيخنا أو من طريق فلان كذا وله أن يقرأ ما في الأصل ثم يذكر الصواب وأحسن الإصلاح بما جاء في رواية أو حديث آخر وإن كان الإصلاح بزيادة ساقط فإن لم يغاير معنى الأصل فهو على ما سبق ( وأما إصلاحه في الكتاب ) وتغيير ما وقع فيه ( فجوزه بعضهم ) أيضا ( والصواب تقريره في الأصل على حاله مع التضبيب عليه وبيان الصواب في الحاشية ) كما تقدم فإن ذلك أجمع للمصلحة وأنفى للمفسدة وقد يأتي من يظهر له وجه صحته ولو فتح باب التغيير لجسر عليه من ليس بأهل ( ثم الأولى عند السماع أن يقرأه ) أولا ( على الصواب ثم يقول ) وقع ( في روايتنا أو عند شيخنا أو من طريق فلان كذا وله أن يقرأ ما في الأصل ) أولا ( ثم يذكر الصواب ) وإنما كان الأول أولى كيلا يتقول على رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لم يقل ( وأحسن الإصلاح ) أن يكون ( بما جاء في رواية ) أخرى ( أو حديث آخر ) فإن ذكره أمن من التقول المذكور ( وإن كان الإصلاح بزيادة الساقط ) من الأصل ( فإن لم يغاير معنى الأصل فهو على ما سبق ) كذا عبر ابن الصلاح أيضا وعبارة العراقي فلا بأس بإلحاقه في الأصل من غير تنبيه على سقوطه بأن يعلم أنه سقط في الكتابة كلفظة ابن في النسب

وإن غاير تأكد الحكم بذكر الأصل مقرونا بالبيان فإن علم أن بعض الرواة أسقطه وحده فله أيضا أن يلحقه في نفس الكتاب مع كلمة يعني هذا إذا علم أن شيخه رواه علىالخطأ فأما إن رواه في كتاب نفسه وغلب على ظنه أنه من كتابه لا من شيخه فيتجه إصلاحه في كتابه وروايته وكحرف لا يختلف المعنى به وقد سأل أبو داود أحمد بن حنبل فقال وجدت في كتابي حجاج عن جريج يجوز لي أن أصلحه ابن جريج قال أرجو أن يكون هذا لا بأس به وقيل لمالك أرأيت حديث النبي صلى الله عليه و سلم يزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد فقال أرجو أن يكون خفيفا ( وإن غاير ) الساقط معنى ما وقع في الأصل ( تأكد الحكم بذكر الأصل مقرونا بالبيان ) لما سقط ( فإن علم أن بعض الرواة ) له ( أسقطه وحده ) وأن من فوقه من الرواة أتى به ( فله أيضا أن يلحقه في نفس الكتاب مع كلمة يعني ) قبله كما فعل الخطيب إذ روى عن أبي عمر بن مهدي عن المحاملي بسنده إلى عروة عن عمرة يعني عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدني إلي رأسه فأرجله قال الخطيب كان في أصل ابن مهدي عن عمرة قالت كان فألحقنا فيه ذكر عائشة إذ لم يكن منه بد وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه وإنما سقط من كتاب شيخنا وقلنا له ما فيه يعني لأن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك قال وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا ثم روى عن وكيع قال أنا أستعين في الحديث بيعني ( هذا إذا علم أن شيخه رواه ) له ( على الخطأ فأما إن رواه في كتاب نفسه وغلب على ظنه أنه ) أي السقط ( من كتابه لا بد من شيخه فيتجه ) حينئذ ( إصلاحه في كتابه و ) في ( روايته ) عند تحديثه كما تقدم عن أبي داود

كما إذا درس من كتابه بعض الإسناد أو المتن فإنه يجوز استدراكه من كتاب غيره إذا عرف صحته وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط كذا قاله أهل التحقيق ومنعه بعضهم وبيانه حال الرواية أولى وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب غيره أو حفظه فإن وجد في كتابه كلمة غير مضبوطة أشكلت عليه جاز أن يسأل عنها العلماء بها ويرويها على ما يخبرونه ( كما إذا درس من كتابه بعض الإسناد أو المتن ) بتقطع أو بلل ونحوه ( فإنه يجوز ) له ( استدراكه من كتاب غيره إذا عرف صحته ) ووثق به بأن يكون أخذه عن شيخه وهو ثقة ( وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط كذا قال اهل التحقيق ) وممن فعله نعيم بن حماد ( ومنعه بعضهم ) وإن كان معروفا محفوظا نقله الخطيب عن أبي محمد بن ماسي ( وبيانه حال الرواية أولى ) قاله الخطيب ( وهكذا الحكم ) جار ( في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب ) ثقة ( غيره أو حفظه ) كما روي عن أبي عوانة وأحمد وغيرهما ويحسن أن يبين مرتبته كما فعل يزيد بن هرون وغيره ففي مسند أحمد حدثنا يزيد بن هرون أنا عاصم بالكوفة فلم أكتبه فسمعت شعبة يحدث به فعرفته به عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا سافر قال اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وفي غير المسند عن يزيد أنا عاصم وثبتني فيه شعبة فإن بين أصل التثبت من دون من ثبته فلا يأمن فعله أبو داود في سننه عقب حديث الحكم بن حزن قال ثبتني في شيء منه بعض أصحابنا ( فإو وجد في كتابه كلمة ) من غريب العربية ( غير مضبوطة أشكلت عليه جاز أن يسأل عنها العلماء بها ويرويها على ما يخبرونه ) به فعل ذلك أحمد وإسحق وغيرهما

السابع إذا كان الحديث عنده عن اثنين أو أكثر واتفقا في المعنى دون اللفظ فله جمعهما في الإسناد ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما فيقول أخبرنا فلان وفلان واللفظ لفلان أو هذا لفظ فلان قال أو قالا أخبرنا فلان ونحوه من العبارات ولمسلم في صحيحه عبارة حسنة كقوله حدثنا أبو بكر وأبو سعيد كلاهما عن أبي خالد قال أبو بكر حدثنا أبو خالد عن الأعمش فظاهره أن اللفظ لأبي بكر فإن لم يخص فقال أخبرنا وروى الخطيب عن عفان بن سلمة أنه كان يجيء إلى الأخفش وأصحاب النحو يعرض عليهم نحو الحديث يعربه ( السابع إذا كان الحديث عنده عن اثنين أو أكثر ) من الشيوخ ( واتفقا في المعنى دون اللفظ فله جمعهما ) أو جمعهم ( في الإسناد ) مسمين ( ثم يسوق الحديث على لفظ ) رواية ( أحدهما فيقول أخبرنا فلان وفلان واللفظ لفلان أو هذا لفظ فلان ) وله أن يخص فعل القول من له اللفظ وأن يأتي به لهما فيقول بعد ما تقدم ( قال أو قالا أخبرنا فلان ونحوه من العبارات ولمسلم في صحيحه عبارة حسنة ) أفصح مما تقدم ( كقوله حدثنا أبو بكر ) بن أبي شيبة ( وأبو سعيد ) الأشج ( كلاهما عن أبي خالد قال أبو بكر حدثنا أبو خالد عن الأعمش فظاهره ) حيث أعاده ثانيا ( أن اللفظ لأبي بكر ) قال العراقي ويحتمل أنه أعاده لبيان التصريح بالتحديث وأن الأشج لم يصرح ( فإن لم يخص ) أحدهما بنسبة اللفظ إليه بل أتى ببعض لفظ هذا وبعض لفظ الآخر ( فقال أخبرنا

فلان وفلان وتقاربا في اللفظ قالا حدثنا فلان جاز على جواز الرواية بالمعنى فإن لم يقل تقاربا فلا بأس به على جواز الرواية بالمعنى وإن كان قد عيب به البخاري أو غيره وإذا سمع من جماعة مصنفا فقابل نسخته بأصل بعضهم ثم رواه عنهم وقال اللفظ لفلان فيحتمل جوازه ومنعه فلان وفلان وتقاربا في اللفظ ) أو والمعنى واحد ( قالا حدثنا فلان جاز على جواز الرواية بالمعنى ) دون ما إذا لم يجوزها قال ابن الصلاح وقول أبي داود حدثنا مسدد وأبو توبة المعنى قالا حدثنا ابو الأحوص يحتمل أن يكون من قبيل الأول فيكون اللفظ لمسدد ويوافقه أبو توبة في المعنى ويحتمل أن يكون من قبيل الثاني فلا يكون أورد لفظ أحدهما خاصة بل رواه عنهما بالمعنى قال وهذا الاحتمال يقرب في قول مسلم المعنى واحد ( فإن لم يقل ) ولا شبهة ( فلا بأس به على جواز الرواية بالمعنى وإن كان قد عيب به البخاري أو غيره وإذا سمع من جماعة ) كتابا ( مصنفا فقابل نسخته بأصل بعضهم ) دون الباقي ( ثم رواه عنهم ) كلهم ( وقال اللفظ لفلان ) المقابل بأصله ( فيحتمل جوازه ) كالأول لأن ما أورده قد سمعه بنصه ممن يذكر أنه بلفظه ( و ) يحتمل ( منعه ) لأنه لا علم عنده بكيفية رواية الآخرين حتى يخبر عنها بخلاف ما سبق فإنه اطلع فيه على موافقة المعنى قاله ابن الصلاح وحكاه أيضا العراقي ولم يرجح شيئا من الاحتمالين وقال البدر بن جماعة في المنهل الروي يحتمل تفصيلا آخر وهو النظر إلى الطرق فإن كانت متباينة بأحاديث مستقلة لم يجز وإن كان تفاوتها في ألفاظ أو لغات أو اختلاف ضبط جاز

الثامن ليس له أن يزيد في نسب غير شيخه أو صفته إلا أن يميزه فيقول هو ابن فلان الفلاني أو يعني ابن فلان ونحوه فإن ذكر شيخه نسب شيخه في أول حديث ثم اقتصر في باقي أحاديث الكتاب على اسمه أو بعض نسبه فقد حكى الخطيب عن أكثر العلماء جواز روايته تلك الأحاديث مفصوله عن الأول مستوفيا نسب شيخ شيخه وعن بعضهم الأولى أن يقول يعني ابن فلان وعن علي بن المديني وغيره يقول حدثني شيخي أن فلان ابن فلان حدثه وعن بعضهم أخبرنا فلان هو ابن فلان واستحبه الخطيب وكله جائز وأولاده الثامن ليس له أن يزيد في نسب غير شيخه ) من رجال الإسناد ( أو صفته ) مدرجا ذلك حيث اقتصر شيخه على بعضه ( إلا أن يميزه فيقول ) مثلا ( هو ابن فلان الفلاني أو يعني ابن فلان ونحوه ) فيجوز فعل ذلك أحمد وغيره ( فإن ذكر شيخه نسب شيخه ) بتمامه ( في أول حديث ثم اقتصر في باقي أحاديث الكتاب على اسمه أو بعض نسبه فقد حكى الخطيب عن أكثر العلماء جواز روايته تلك الأحاديث مفصولة عن ) الحديث ( الأول مستوفيا نسب شيخ شيخه و ) حكى ( عن بعضهم ) أن ( الأولى ) فيه أيضا ( أن يقول يعني ابن فلان و ) حكي ( عن علي بن المديني وغيره ) كشيخه أبي بكر الأصبهاني الحافظ أنه ( يقول حدثني شيخي أن فلان ابن فلان حدثه و ) حكي ( عن بعضهم ) أنه يقول ( أنا فلان هو ابن فلان واستحبه ) أي هذا الأخير ( الخطيب ) لأن لفظ أن استعملهما قوم في الإجازة كما تقدم قال ابن الصلاح ( وكله جائز وأولاه ) أن

هو ابن فلان أو يعني ابن فلان ثم قوله أن فلان ابن فلان ثم أن يذكره بكماله من غير فصل التاسع جرت العادة بحذف قال ونحوه بين رجال الإسناد خطأ وينبغي للقارئ اللفظ بها وإذا كان فيه قرء على فلان أخبرك فلان أو قرئ على فلان حدثنا فلان فليقل القارئ في الأول قيل له أخبرك فلان وفي الثاني قال حدثنا فلان وإذا تكرر لفظ قال كقوله حدثنا صالح قال قال الشعبي فإنهم يحذفون أحدهما يقول ( هو ابن فلان أو يعني ابن فلان ثم ) بعده ( قوله أن فلان بن فلان ثم ) بغده ( أن يذكره بكماله من غير فصل ) تنبيه قال في الاقتراح ومن الممنوع أيضا أن يزيد تاريخ السماع إذا لم يذكره الشيخ أو يقول بقراءة فلان أو بتخريج فلان حيث لم يذكره ( التاسع جرت العادة بحذف قال ونحوه بين رجال الإسناد خطأ ) اختصارا ( وينبغي للقارئ اللفظ بها ) عبارة ابن الصلاح ولا بد من ذكره حال القراءة ( وإذا كان فيه قرئ على فلان أخبرك فلان أو قرئ على فلان حدثنا فلان فليقل القارئ في الأول قيل له أخبرك فلان وفي الثاني قال حدثنا فلان ) قال ابن الصلاح وقد جاء هذا مصرحا به خطا قلت وينبغي أن يقال في قرأت على فلان قلت له أخبرك فلان ( وإذا تكرر لفظ قال كقوله ) أي البخاري ( حدثنا صالح ) بن حيان ( قال قال ) عامر ( الشعبي فإنهم يحذفون أحدهما

خطأ فليلفظ بهما القارئ ولو ترك القارئ قال في هذا كله فقد أخطأ والظاهر صحة السماع خطا ) وهي الأولى فيما يظهر ( فليلفظ بهما القارئ ) جميعا قال المصنف من زيادته ( ولو ترك القارىء قال في هذا كله فقد أخطأ والظاهر صحة السماع ) لأن حذف القول جائز اختصارا جاء به القرآن العظيم وكذا قال ابن الصلاح أيضا في فتاويه معبرا بالأظهر قال العراقي وقد كان بعض أئمة العربية وهو العلامة شهاب الدين عبد اللطيف ابن المرحل ينكر اشتراط المحدثين التلفظ بقال في أثناء السند وما أدري ما وجه إنكاره لأن الأصل هو الفصل بين كلامي المتكلمين للتمييز بينهما وحيث لم يفصل فهو مضمر والإضمار خلاف الأصل قلت وجه ذلك في غاية الظهور لأن أخبرنا وحدثنا بمعنى قال لنا إذ حدث بمعنى قال ونا بمعنى لنا فقوله حدثنا فلان حدثنا فلان معناه قال لنا فلان قال لنا فلان وهذا واضح لا إشكال فيه وقد ظهر لي هذا الجواب وأنا في أوائل الطلب فعرضته لبعض المدرسين فلم يهتد لفهمه لجهله بالعربية ثم رأيته بعد نحو عشر سنين منقولا عن شيخ الإسلام وأنه كان ينصر هذا القول ويرجحه ثم وقفت عليه بخطه فلله الحمد تنبيه مما يحذف في الخط أيضا في اللفظ لفظ أنه كحديث البخاري عن عطاء بن أبي ميمونة سمع أنس بن مالك أي أنه سمع قال ابن حجر في شرحه لفظ أنه يحذف في الخط عرفا

العاشر النسخ والأجزاء المشتملة على أحاديث بإسناد واحد كنسخة همام عن أبي هريرة منهم من يجدد الإسناد أول كل حديث وهو أحوط ومنهم من يكتفي به في أول حديث أو أول كل مجلس ويدرج الباقي عليه قائلا في كل حديث وبالإسناد أو وبه وهو الأغلب فمن سمع هكذا فأراد غير الأول بإسناده جاز عند الأكثرين ومنعه أبو أسحق الإسفرايني وغيره ( العاشر النسخ والأجزاء المشتملة على أحاديث بإسناد واحد كنسخة همام ) ابن منبه ( عن ابي هريرة ) رواية عبد الرزاق عن معمر عنه ( منهم من يجدد الإسناد ) فيذكره ( أول كل حديث ) منها ( وهو أحوط ) وأكثر ما يوجد في الأصول القديمة وأوجبه بعضهم ( ومنهم من يكتفي به في أول حديث ) منها ( أو أول كل مجلس ) من سماعها ( ويدرج الباقي عليه قائلا في كل حديث ) بعد الحديث الأول ( وبالإسناد أو وبه وهو الأغلب ) الأكثر ( فمن سمع هكذا فأراد رواية غير الأول ) مفردا عنه ( بإسناد جاز ) له ذلك ( عند الأكثرين ) منهم وكيع وابن معين والإسماعيلي لأن المعطوف له حكم المعطوف عليه وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد في أبواب بإسناده المذكور في أوله ( ومنعه ) الأستاذ ( أبو إسحاق الإسفراييني وغيره ) كبعض أهل الحديث رأوا ذلك تدليسا

فعلى هذا طريقه أن يبين كقول مسلم حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام قال هذا ما حدثنا أبو هريرة وذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أدنى مقعد أحدكم وذكر الحديث وكذا فعله كثير من المؤلفين وأما إعادة بعض الإسناد آخر الكتاب فلا يرفع هذا الخلاف ( فعلى هذا طريقه أن يبين ) ويحكي ذلك وهو على الأول أحسن ( كقول مسلم ) في الرواية من نسخة همام ( حدثنا محمد بن رافع ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام ) بن منبه بكسر الموحدة المشددة ( قال هذا ما حدثنا أبو هريرة وذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني أدنى مقعد أحدكم في الجنة الحديث ) واطرد لمسلم ذلك ( وكذا فعله كثير من المؤلفين ) وأما البخاري فإنه لم يسلك قاعدة مطردة فتارة يذكر أول حديث في النسخة ويعطف عليه الحديث الذي يساق الإسناد لأجله كقوله في الطهارة حدثنا أبو اليمان أنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج أنه سمع أبا ه نريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول نحن الآخرون السابقون وقال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الحديث فأشكل على قوم ذكره نحن الآخرون السابقون في هذا الباب وليس مراده إلا ما ذكرناه وتارة يقتصر على الحديث الذي يريده وكأنه أراد بيان أن كلا الأمرين جائز ( واما إعادة بعض ) من المحدثين ( الإسناد آخر الكتاب ) أو الجزء ( فلا يرفع هذا الخلاف ) الذي يمنع إفراد كل حديث بذلك الإسناد عند روايتها لكونه لا يقع متصلا بواحد من

إلا أنه يفيد احتياطا وإجازة بالغة من أعلى أنواعها الحادي عشر إذا قدم المتن كقال النبي صلى الله عليه و سلم كذا أو المتن وأخر الإسناد كروى نافع عن النبي صلى الله عليه و سلم كذا ثم يقول أخبرنا به فلان عن فلان حتى يتصل صح وكان متصلا فلو أراد من سمعه هكذا تقديم جميع الإسناد فجوزه بعضهم وينبغي فيه خلاف كتقديم بعض المتن على بعض بناء على منع الرواية بالمعنى ( إلا أنه يفيد احتياطا ) ويتضمن ( إجازة بالغة من أعلى أنواعها ) قلت ويفيد سماعه لمن لا يسمعه أولا ( الحادي عشر إذا قدم ) الراوي ( المتن ) على الإسناد ( كقال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا ) ثم يذكر الإسناد بعده ( أو المتن وأخر الإسناد ) من أعلى ( كروى نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم كذا ثم يقول أخبرنا به فلان عن فلان حتى يتصل ) بما قدمه ( صح وكان متصلا فلو أراد من سمعه هكذا تقديم جميع الإسناد ) بأن يبدأ به أولا ثم يذكر المتن ( فجوزه بعضهم ) أي أهل الحديث من المتقدمين قال المصنف في الإرشاد وهو الصحيح قال ابن الصلاح ( وينبغي ) أن يكون ( فيه خلاف كتقديم بعض المتن على بعض ) أي كالخلاف فيه فإن الخطيب حكى فيه المنع ( بناء على منع الرواية بالمعنى ) والجواز على جوازها قال البلقيني وهذا التخريج ممنوع والفرق أن تقديم بعض الألفاظ يؤدي إلى الاخلال بالمقصود في العطف وعود الضمير ونحو ذلك بخلاف تقديم السند كله أو بعضه فلذلك جاز فيه ولم يتخرج على الخلاف انتهى

أقسام الكتاب
1 2 3 4