كتاب : الحماسة البصرية
المؤلف : أبو الحسن البصري

الجزء الأول
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله حمداً يكون لقائله ذخراً والصلاة على نبيه محمد القائل إن من البيان لسحراً صلاةً دائمةً على ممر الأيام تترى وعلى آله وأصحابه الذين أخفى بهم نجم الشرك قهراً وقسرا.
وأدام الله أيام سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبي أحمد المستعصم بالله أمير المؤمنين وخليقة رب العالمين:
خَلِيفَةٌ يُخْلِفُ الأَنْواء نائِلُهُ ... إِذا تَهَلَّلَ قلتَ: العارضُ الهَطِلُ
رِباعُهُ في جِوارِ اللّهِ واسِطَةٌ ... وحَبْلُهُ برسولِ اللّهِ مُتَّصلُ
رضوان الله على آبائه الراشدين والأئمة المهديين.
وبعد، فإنه لما كانت المجاميع الشعرية صقال الأذهان، ولأنواع المعاني كالترجمان وكان مولانا الملك الناصر صلاح الدنيا والدين ناصر الإسلام والمسلمين أبو المظفر يوسف بن الملك العزيز بن الملك الظاهر لا زال نافذ الأوامر في كل نجدٍ وغائر لهجاً بأشعار العرب التي هي ديوان الأدب، توخيت في تحرير مجموع محتوٍ على قلائد أشعارهم، وغرر أخبارهم، مجتنباً للإطالة والإطناب، بما تضمنته أبواب الكتاب لخزانته المعمورة، مما وقع لي من المجاميع المشهورة كأمالي العلماء، وحماسات الأدباء، ودواوين الشعراء، من فحول المحدثين والقدماء ومختارات الفضلاء كأشباه، الخالديين المحتوية على درر النظام، وجواهر الكلام، غير أنهما نسبا فيها أشياء إلى غير قائليها، ولم يقيدا الكتاب بترجمة أبواب، فغدت فرائده متبددة النظام، مستصعبةً على الحفظ والإفهام، فجاء مشتملاً على غرائب البديع، وملح الترصيف والترصيع.
ثم إن الشعر على اختلاف معانيه، وأصوله ومبانيه، ينقسم إلى نعوتٍ وأوصاف: فما وصف به الإنسان من الشجاعة والشدة في الحرب والصبر في مواطنها سمي حماسةً وبسالةً. وما وصف به من حسب وكرم وطيب محتد سمي مدحاً وتقريظاً وفخراً وما أثني عليه بشيءٍ من ذلك ميتاً يسمى رثاء وتأبينا. وما وصفت به أخلاقه المحمودة من حياء وعفة وإغضاء عن الفحشاء ومسامحة زلات الأخلاء سمي أدباً. وما وصف به النساء من حسن وجمال وغرام بهن سمي غزلاً ونسيباً. وما وصف به من إيقاد النيران ونباح الكلاب سمي قرىً وضيافة. وما وصف به من بخل وجبن وسوء خلق ونميمة سمي هجاء. وما وصفت به الأشياء على اختلاف أجناسها وأنواعها سمي نعتاً ووصفاً وملحاً وما ذكر من الإنابة إلى الله ورفض الدنيا سمي زهداً وعظةً، والله أعلم.
باب الحماسة
قال
عمرو بن الإطنابة الأنصاري
أَبَتْ لِي عِفَّتِي وأَبَى بَلائِي ... وأَخْذِي الحَمْدَ بالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
وإِقْدامِي على المَكْرُوهِ نَفْسِي ... وضَرْبِي هامَةَ البَطَلِ المُشِيحِ
وَقَوْلِي كلَّما جَشَأَتْ وجاشَتْ ... مَكانَكِ، تُحْمَدِي أَو تَسْتَرِيحِي
لأُكْسِبَها مآثِرَ صالِحات ... وأَحْمِي بَعْدُ عن عِرْضٍ صَحِيحِ
بِذِي شُطَب كمِثْلِ المِلْحِ صافٍ ... ونَفْسٍ ما تَقِرُّ على القَبيحِ
قال
العباس بن مرداس السلمي
مخضرم
أَلاَ هل أَتَى عِرْسِي مَكَرِّي ومُقْدَمِي ... بوادِي حُنَيْنٍ والأَسِنَّةُ شُرَّعُ
وَقَوْلِي إذا ما النَّفْسُ جاشَتْ لها قِرِي ... وهامٌ تَدَههْدَى بالسُّيُوفِ وأَذْرُعُ
كَأَنَّ السِّهامَ المُرْسَلاتِ كَواكِبٌ ... إذا أَدْبَرَتْ عن عَجْسِها وهْيَ تَلْمَعُ
قال
عمرو بن معد يكرب الزبيدي
مخضرم
ويكنى أبا ثور
ولَمَّا رَأَيْتُ الخَيْلَ زُوراً كَأَنَّها ... جَداوِلُ زَرْعٍ أُرْسِلَتْ فاسْبَطَرَّتِ
فجاشَتْ إِلَيَّ النَّفْسُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ... فرُدَّتْ على مَكْرُوهِها فاسْتَقَرَّتِ
عَلامَ تَقُولُ الرُّمْحُ يُثْقِلُ عاتِقِيإِذا أَنا لَمْ أَطْعَنْ إِذا الخَيْلُ كُرَّتِ
لَحَا اللّهُ جَرْماً كُلَّما ذَرَّ شارِقٌ ... وُجُوهَ كلابٍ هَارَشَتْ فازْبَأَرَّتِ

فَلمْ تُغْنِ جَرْمٌ نَهْدَها إِذْ تَلاقَتا ... ولكنَّ جَرْماً في اللِّقاءِ ابْذَعَرَّتِ
ظَلِلْتُ كأَنِّي للرِّمَاحِ دَرِيَّةٌ ... أُقاتِلُ عن أَبْناءِ جَرْمٍ وفَرَّتِ
فَلَوْ أَنَّ قَوْمِي أَنْطَقَتْنِي رماحُهُمْ ... نَطَقْتُ ولكنَّ الرِّماحَ أَجَرَّتِ

قال
حسان بن ثابت الأنصاري
مَتَى ما تَزُرْنا مِن مَعَدٍّ بعُصْبَةٍ ... وغَسَّانَ نَمْنَعْ حَوْضَنا أَنْ يُهَدَّمَا
بِكُلِّ فَتَى عَارِي الأَشَاجِع لاَحَهُ ... قِرَاعُ الكُمَاةِ يَرْشَحُ المِسْكَ والدَّمَا
وَلَدْنا بَنِي العَنْقَاءِ وابْنَ مُحَرِّقٍفأَكْرِمْ بِنا خالاً وأَكْرِمْ بِنا ابْنَمَا
يُسَوَّدُ ذو المالِ القَليلِ إِذا بَدَتْ ... مُرُوءتُهُ فِينا وإِنْ كانَ مُعْدِمَا
أَلَسْنا نَرُدُّ الكَبْشَ عن طِيَّةِ الهَوَى ... ونَقْلِبُ مُرَّانَ الوَشِيجِ مُحَطَّما
لنا الجَفَناتُ الغرُّ يَلْمَعْنَ بالضُّحَّى ... وأَسْيافنا يَقْطُرءنَ من نَجْدَةٍ دَمَا
أَبَى فِعْلنا المَعْرُوفَ أَنْ نَنْطِقَ الخَنا ... وقائِلنا بالعُرْفِ إِلاَّ تَكَلُّمَا
قال
النعمان بن بشير الأنصاري
مُعاوِيَ إِلاَّ تعْطِنا الحَقَّ تَعْتَرِفْ ... لِحَي الأَزْدِ مَشْدُوداً عليها العَمائِمُ
أَيَشْتُمُنا عَبْدُ الأَراقِمِ ضَلَّةً ... وما الذي تجْدِي عليكَ الأَراقِمُ
متى تَلْقَ مِنَّا عُصْبَةً خَزْرَجِيَّةً ... أَوِ الأَوْسَ يوماً تَخْتَرِمْكَ المَخارِمُ
فإِنْ كنتَ لم تَشْهَدْ بِبَدْرٍ وقِيعَةً ... أَذَلَّتْ قرَيْشاً والأُنوف روَاغِمُ
فسائِلْ بِنا حَيَّىْ لُؤَيِّ بن غالِبٍ ... وأَنتَ بما تُخْفِي مِن الأَمْرِ عالِمُ
أَلَمْ تَبْتَدِرْكمْ يومَ بَدْرٍ سُيوفنا ... ولَيْلكَ عمَّا نَابَ قَوْمَكَ نائِمُ
ضَرَبْناكم حتى تَفَرَّقَ جَمْعُكمْ ... وطارَت أَكفٌّ منكمُ وجَماجِمُ
وعاذَتْ على البيتِ الحرامِ عَوابِسٌ ... وأَنْتَ على خَوْفِ عليكَ التَّمائِمُ
وعَضَّتْ قريشٌ بالأَنامِلِ بِغْضَةً ... ومِنْ قَبْلُ ما عُضَّتْ علينا الأَباهِمُ
وإِنِّي لأُغْضِي عن أُمُور كثيرة ... سَتَرْقَى بها يوماً إِليكَ السَّلالِمُ
وقال
الفرزدق
همام بن غالب، أموي الشعر
أَأَسْلَمْتَنِي للمْوتِ أُمُّكَ هابِلٌ ... وأَنتَ دَلَنْظَى المَنْكِبَيْنِ سَمِين
خَمِيصٌ من الوُدِّ المُقَرِّبِ بَيْننا ... مِن الشَّنء رابِي القُصْريَيْنِ بَطِين
فإِنْ تك قد سالَمْتَ دُونِي فلا تقِمْ ... بِدارٍ بِها هُون العَزِيزِ يَكون
ولا تَأْمَنَنَّ الحَرْبَ إِنَّ اشْتِغارَها ... كَضَبَّةَ إذْ قالَ الحَدِيث شجُون
وقال
الأخنس بن شهاب بن شريق
وَكَمْ مِن فارِسٍ لا تَزْدَرِيهِ ... إذا شَخَصَتْ لمَوْفِقِه العُيُون
يَذِلُّ له العَزِيزُ وكُلُّ لَيْثٍ ... حَدِيدِ النَّابِ مَسْكَنُهُ العَرِينُ
عَلَوْتُ بَياضَ مَفْرِقِهِ بعَضْبٍ ... يَطِيرُ لِوَقْعِهِ الهَامُ السُّكُونُ
فَأَضْحَتْ عِرْسهُ ولَها عَلَيْه ... هُدُوّاً بَعدَ رَقْدَتِها أَنِينُ
كصَخْرَة إذْ تُسائِلُ في مِراجٍ ... وفِي جَرْمِ وعِلْمُهُما ظُنُونُ
تُسائِلُ عن أَخِيها كُلَّ رَكْب ... وعندَ جُهَيْنَةَ الخَبَرُ اليَقينُ
وقال
المرار بن سعيد الفقعسي
أموي الشعر
أَنا ابنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ ... عليه الطَّيْرُ تَرْقُبُه وُقُوعا
عَلاهُ بضَرْبَةٍ بَعَثَتْ بلَيْلٍ ... نَوائِحَهُ وأَرْخَصَتِ البُضُوعا

وقادَ الخَيْلَ عائِدَةً لكَلْبٍ ... تَرَى لِوَجِيفِها رَهَجاً سَرِيعا
عَجبْتُ لِقائِلِينَ صِهٍ لِهَدْر ... عَلاهُمْ يَقْرَعُ الشَّرَفَ الرَّفِيعا

قال
النابغة قيس بن حيان الجعدي
مخضرم
بَلَغْنا السَّماء مَجْدُنا وجُدُودُنا ... وإِنَّا لَنرْجُو بَعْدَ ذلكَ مَظْهَرا
لَقِيتُ الأُمُورَ صَعْبَهَا وذَلُولَها ... ولاقَيْتُ أَيَّاماً تُشِيبُ الحَزَوَّرا
وإِنَّا أُناسٌ ما نُعَوِّدُ خَيْلَنا ... إِذَا ما الْتَقَيْنا أَنْ تَحِيدَ وتَنْفِرَا
ونُنْكِرُ يومَ الرَّوْعِ أَلْوانَ خَيْلِنامِن الطَّعْنِ حتَّى نَحْسِبَ الجَوْنَ أَشَقَرا
ولَيْسَ بمَعْرُوفٍ لَنا أَنْ نَرُدَّها ... صحاحاً ولا مُسْتَنْكَراً أَن تُعَقَّرا
إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْشَ في ظُلُلاتِها ... سَواقِطُ مِن حَرٍّ وقَدْ كانَ أَظْهَرا
ولا خَيْرَ في حِلْمٍ إِذا لمْ يَكُنْ لهُ ... بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوهُ أَنْ يُكَدرا
ولا خَيْرَ في جَهْلٍ إِذا لمْ يَكُن لهُ ... حليم إِذا ما أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرا
وإِنْ جاء أَمْرٌ لا تُطيقان دَفْعَهُ ... فلا تَجْزَعا ممَّا قَضَى اللّهُ واصْبرا
أَلَمْ تَعْلَما أَنَّ المَلامَةَ نَفْعُها ... قَلِيلٌ إِذا ما الأَمْرُ وَلَّى فأَدْبَرا
تَذَكَّرْتُ والذِّكْرَى تُهَيِّجُ ذا الهَوَى ... ومِنْ عادةِ المَحْزُون أَنْ يَتَذَكَّرا
نَدَامايَ عِنْدَ المُنْذِرِ بن مُحَرِّقٍ ... فَأَصْبَحَ مِنْهُمْ ظاهِرُ الأَرْضِ مُقْفِرا
قال
أبو عطاء بن يسار السندي
من شعراء الدولتين
ويَوْمٍ كَيَوْمِ البَعْثِ ما فِيهِ حاكِمٌ ... ولا عاصِمٌ إِلاَّ قَناً ودُرُوعُ
حَبَسْتُ به نَفْسِي على مَوقِفِ الرَّدَى ... حِفاظاً، وأَطْرافُ الرِّماحِ شُرُوعُ
وما يَسْتَوي عندَ المُلِمَّاتِ إِنْ عَرَت ... صَبُورٌ على مَكْرُوهِها وَجَزُوعُ
قال
أبو أمامة زياد الأعجم
أموي الشعر
وَفِينا كُلُّ أَرْوَعَ لَمْ يُرَوَّعْ ... بمُزْدَلَفِ الجُمُوعِ إِلى الجُمُوعِ
جلاءُ جُفُونِهِ رَهَجُ السَّرايا ... وطِيبُ ثِيابِه صَدَأُ الدُّروعِ
قال
عبد الله بن سبرة الحرشي
إسلامي
وتروى للأغر بن عبد الله اليشكري
إِذا شالَتِ الجَوْزاءُ والنَّجْمُ طالِعٌ ... فكُلُّ مخَاضَاتِ الفُراتِ معَابرُ
وإِنِّي إذا ضَنَّ الأَمِيرُ بإِذْنِهِ ... على الإِذْن مِنْ نَفْسِي إذا شِئْتُ قادِرُ
قال
حريث بن عناب الطائي
إسلامي ونسبها أبو تمام
إلى أبان عبدة وليست له
إِذا نَحْنُ سِرْنا بَيْنَ شَرْقٍ ومَغْرِبٍ ... تَحَرَّكَ يَقْظَانُ التُّراب ونائِمُهْ
إِذا ما خَرَجْنا خَرَّتِ الأُكْمُ سُجَّداً ... لِعِزٍّ عَلا حَيْزُومُهُ وعلاَجمُهْ
بجَيْشٍ تضِلُّ البُلْقُ في حَجَراتِهِ ... بيَثْرِبَ أُخْراهُ وبالشَّامِ قادِمُهْ
وبِيضٍ خِفافٍ مُرْهفاَتٍ قَواطعٍ ... لِداوُدَ فيها أَثْرُهُ وخَواتِمُهْ
وزُرْق كَسَتْها رِيشَها مَضْرَحِيَّةٌ ... أَثِيتٌ خوَافِي رِيشِها وقَوَادِمُهْ
قال
بشار بن برد العقيلي
إِذَا المَلِكُ الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... مَشَيْنا إِليهِ بالسُّيوفِ نُعاتِبُهْ
وكُنَّا إِذا دَبَّ العَدُوُّ لِسُخْطِنا ... ورَاقَبَنا في ظاهِرٍ لا نُراقِبُهْ
دَلَفْنا له جَهْراً بكُلِّ مُثَقَّفٍ ... وأَبْيَضَ تَسْتَسْقِي الدِّماء مَضَاربُهْ
وجَيْشٍ كمِثْلِ الليلِ يَرْجُفُ بالقَنا ... وبالشَّوْكِ والخَطِّيِّ، حُمْرٌ ثَعالِبُهْ

غَدوْنا لهُ والشَّمسُ في سُتُراتِها ... تُطالِعُنا والطَّلُ لم يَجْرِ ذائِبُهْ
بِضَرْبٍ يَذُوقُ المَوْتَ من ذاقَ طَعْمَهُ ... وتُدْرِكُ مَنْ نَجَّى الفِرارُ مثَالِبُهْ
كَأَنَّ مُثارَ النَقْعِ فَوْقَ رُءُوسِنا ... وأَسْيافَنَا لَيْلٌ تَهاوَى كَواكِبُهْ
وأَرْعَنَ تَعْشَى الشَّمسُ دُونَ حَدِيدِه ... وتَخْلِسُ أَبْصارَ الكُماةِ كَتائِبُهْ
تَغَصُّ به الأَرضُ الفَضَاءُ إِذا غَدا ... تُزاحِمُ أَركانَ الجِبال مَناكِبُهْ
تَرَكْنا به كَلْباً وقَحْطانَ تَبْتَغِي ... مُجيراً مِن المَوْتِ المُطِلِّ مقَانِبُهْ

قال
القحيف بن خمير الخفاجي
لَعَمْرِي لَقَدْ أَمْسَتْ حَنِيفَةُ أَيْقَنَتْبِأَنْ لَيْسَ إِلاَّ بالرِّماحِ عِتابُها
فَخلُّوا طَرِيقَ الحَرْبِ لا تَعْرِضُوا لَها ... إِذ مُضَرُ الحَمْراءُ عَبَّ عُبابُها
فيا حَبَّذا قَيْسٌ لَدَى كُلِّ مَوْطِنٍ ... تُزايِلُ هامَ القَوْمِ فِيه رِقابُها
ومَنْ ذا الذي لا يَجْتَوي حَرْبَ عامِر ... إِذا ما تَلاقَتْ كَعْبُها وكِلابُها
لَعَمْري لَقدْ ضاقَتْ دِمَشْقٌ بأَهْلِها ... غَداةَ رَأَوْا قَيْساً تَرِفُّ عُقابُها
قال
معبد بن علقمة
جاهلي
فقُلْ لزُهَيْرٍ إِنْ شَتَمْتَ سَراتَنا ... فَلَسْنا بشَتَّامِينَ لِلْمُتَشَتِّمِ
ولكِنَّنا نَأْبَى الظِّلاَم، ونَعْتَصِي ... بكُلِّ رَقِيق الشَّفْرَتَيْن مُصَمِّم
ونَجْهَلُ أَحْياناً، ويَحْلُمُ رَأْيُنا، ... ونَشْتِمُ بالأَفْعال لا بالتَّكَلُّم
وإِنَّ التَّمادِي في الذي كان بَيْنَنَا ... بكَفَّيْكَ، فاسْتَأْخِرْ لهُ أَو تَقَدَّم
قال
أبو محجن
عبد الله بن حبيب الثقفي، مخضرم
لا تَسْأَلِي النَّاسَ عن مَالِي وَكَثْرَتِهِوسائِلِي النَّاسَ عن فِعْلِي وعَنْ خُلُقِي
قد يَعْلَمُ القَوْمُ أَنِّي مِن سَراتِهِمُ ... إِذا سَما بَصَرُ الرِّعدِيدَةِ الفَرق
أُعْطِي السِّنانَ غَداةَ الرَّوْعِ حِصَّتَهُ ... وعامِلُ الرُّمْح أُرْويهِ مِن العَلَقِ
وأَطْعُنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلاء عن عُرُض ... تَنْفِي المَسابيرَ بالإِزْباد والفَهَق
وأَكْشِفُ المَأْزِقَ المَكْرُوبَ غُمَّتُهُ ... وأَكْتُمُ السِّرَّ ضَرْبَةُ العُنُقِ
عَفُّ المَطالِبِ عَمَّا لَسْتُ نائِلَهُ ... وإِنْ ظُلِمْتُ شَدِيدُ الحِقْدِ والحَنَقِ
وقَدْ أَجُودُ وما مالِي بِذِي فَنَعٍ ... وقد أَكُرُّ وراء المُجْحَرِ البَرِقِ
سَيَكْثُرُ المالُ يَوماً بَعْدَ قِلَّتِهِويَكْتَسِي العُودُ بَعْدَ اليُبْسِ بالوَرَقِ
قال
العباس بن مرداس السلمي
مخضرم
أَكُلَيْبُ مالَكَ كُلَّ يومٍ ظالِماً ... والظُّلْمُ أَنْكَدُ غِبُّهُ مَلْعُونُ
أَتُرِيدُ قَوْمَكَ ما أَرَادَ بِوائِل ... يومَ القَلِيبِ سَمِيُّكَ المَطْعُونُ
وأَظُنُّ أَنَّكَ سَوْفَ يُنْفِذُ مِثْلَها ... في صَفْحَتَيْكَ سِنانِيَ المَسْنُونُ
قد كانَ قَوْمُكَ يَحْسِبُونَكَ سَيداً ... وإِخالُ أَنَّكَ سَيدٌ مَعْيُونُ
قال
جرير بن عطية
بن الخطفي اليربوعي
أَبَنِي حَنِيفَةَ حَكمُوا سُفهاءكُمْ ... إِني أَخافُ عَلَيْكُمُ أَنْ أَغْضَبَا
أَبَنِي حَنِيفَةَ إِنَّنِي إِنْ أَهْجُكُمْ ... أَدَع اليَمَامَةَ لا تُوارى أَرنَبَا
قال
عمرو بن كلثوم
أخو بني عميس الكناني
لَنَا حُصُونُ من الخَطِّيِّ عالِيَةٌ ... فِيها جدَاوِلُ من أَسْيافِنا البُتُر
فَمَنْ بَنَى مَدَراً مِن خَوْف حادِثَة ... فإِنَّ أَسْيافَنا تُغْنِي عن المَدَر
قال
لقيط بن وداعة الحنفي

إِذا ما ابْتَنَى النَّاسُ الحُصُونَ مَخَافَة ... حُصُونُ بَنِي لأْمٍ مُثَقَّفَةٌ سُمْرُ
وأَرْضٌ فَضاءُ لَيْسَ فِيها مَعاقِلٌ ... ولا وَزَرٌ إِلاَّ الصَّوارمُ والصَّبْرُ

قال
بشير بن عبد الرحمن الأنصاري
إِذا النَّاسُ عاذُوا بالحُصُونِ مخَافَةً ... جَعَلْنَا مَعاذاً بالسُّيُوف الصَّوارِمِ
وَلَوْلا دِفاعُ اللّهِ ثُمَّ قِراعُنا ... بأَسْيافِنا ما جازَ نَقْشُ الدَّراهِمِ
ولا قامَ سُلْطانٌ لأَهْلِ خِلافَةٍ ... ولا أَمَّ أَهْلَ الحَق أَهْلُ المَواسِم
أَبَى ذَمَّنا أَنَّا مَصالِيتُ في الوَغَى ... وأَنَّ قِرانا عاجلٌ غيرُ عاتِم
قال
آخر
دَعُوا الحَيَّةَ النَّضْنَاضَ لا تَعْرِضُوا لهفإِنَّ المَنايا بَيْنَ أَنْيابِهِ الخُضْرِ
ونحنُ إذا كاننَ البِناءُ على الثَّرَى ... بَنَيْنا على الشَّمْسِ المُنيرَةِ والبَدْرِ
قال
سويد بن الصامت
إسلامي
إِذا ما البِيضُ يَوْمَ الرَّوْعِ أَبْدَتْ ... مَحاسِنَها وأَبْرَزَتِ الخِداما
أَتَتْنِي مالِكٌ بلُيُوثِ غاب ... ضَراغِمَ لا يَرَوْنَ القَتْلَ ذاما
مَعاقِلُهُمْ صوارمُ مُرْهَفَاتٌ ... يُساقُونَ الكُماةَ بها السماما
قال
الأخنس بن شهاب التغلبي
جاهلي
لِكُل أُناسٍ مِن مَعَدٍّ عمارَةٌ ... عَرُوضٌ إِلَيْها يَلْجَئُون وجانبُ
ونحنُ أُناسٌ لا حِجازَ بأَرْضِنا ... سِوَى مُرْهَفات تَجْتَوِيها الكتَائِبُ
تَرَى رائِداتِ الخَيْلِ حَوْلَ بُيُوتِنا ... كمِعْزَى الحِجازِ أَعْوَزَتْها الزَّرائِبُ
فَوارِسُها مِن تَغْلِبَ ابنةِ وائِلٍ ... حُماةٌ كُماةٌ لَيْس فِيها أَشائِبُ
إِذا قَصُرَتْ أَسْيافُنا كانَ وَصْلُها ... خُطانا إِلى أعْدائِنا فنُضارِبُ
فللَّهِ قَومٌ مِثْلُ قَوْمِي سُوقَةً ... إِذا اجْتَمَعَتْ عندَ المُلُوكِ العَصائِبُ
أَرَى كلَّ قَوْمٍ قارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِم ... ونحنُ خَلَعْنا قَيْدَهُ فَهْوَ سارِبُ
أَرَى كُلَّ قَوْمٍ يَنْظُرُون إِليهمُ ... كما تَتَراءى في السَّماءِ الكَواكِبُ
قالت
ليلى بنت عبد الله الأخيلية
أموية الشعر
يا أَيُّها السَّدِمُ المُلَوي رَأْسَهُ ... لِيَقُودَ من أَهْلِ الحِجازِ بَريما
لا تَقْرَبَنَّ الدَّهْرَ آلَ مُطَرِّفٍ ... لا ظالِماً أَبداً ولا مَظْلُوما
قَومٌ رِباطُ الخَيْلِ حَوْلَ بُيُوتِهمْ ... وأَسِنَّةٌ زُرْقٌ تُخالُ نُجُوما
أَتُرِيدُ عَمْرَو بنَ الخَلِيعِ ودُونَهُ ... كَعْبٌ إِذَنْ لَوَجَدْتَهُ مَرْءُوما
إِنَّ الخَلِيعَ وَرَهْطَهُ في عامِر ... كالقَلْبِ أُلْبِسَ جُؤْجُؤاً وحَزيما
لا تُسْرعَنَّ إِلى رَبيعَةَ إِنَّهم ... جَمَعُوا سَواداً للعَدُوِّ عَظِيما
شَعْباً تَفَرَّقَ مِن جماعٍ واحِدٍ ... عَدَلَتْ مَعَدّاً تابِعاً وصمِيما
أَقْصِرْ فإِنَّكَ لو طَلَبْتَ بلادَهُمْ ... لاقَتْ بَكارَتُكَ الحِقاقُ قُرُوما
وتَعَاقَبَتْكَ كتَائِبُ ابنِ مُطَرِّفٍ ... فَأَرَتْكَ في وَضَحِ النَّهارِ نُجُوما
ومُخَرَّقٍ عَنْه القَمِيص تَخَالُهُ ... وَسْطَ البُيُوتِ مِن الحَياءِ سَقِيما
حتَّى إِذا رُفِع اللِّواءُ رَأيْتَهُ ... تَحْتَ اللِّواءِ على الخَمِيسِ زَعِيما
قال
قيس بن الخطيم
بن عدي الأوسي، جاهلي
طعَنْتُ ابنَ عبدِ اللّهِ طَعْنَةَ ثائِرٍ ... لها نَفَذٌ لَوْلاَ الشَّعاعُ أَضاءها
مَلَكْتُ بها كَفِّي فأَنْهَرْتُ فَتْقَها ... يَرَى قائِمٌ مِنْ دُونِها ما وَراءها

يَهُونُ عَلَيَّ أَنْ تَرُدَّ جراحُها ... عُيُونَ الأَواسي إِذْ حَمدْتُ بَلاءها
وكنتُ امرءاً لا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً ... أُسَبُّ بِها إِلاَّ كَشَفْتُ غِطاءها
وإِنِّيَ في الحَرْبِ العَوانِ مُوَكَّلٌ ... بإِقْدامِ نَفْسٍ لا أُرِيدُ بقَاءها
مَتَى يَأْتِ هذا المَوْتُ لم تُلْفَ حاجَةٌ ... لنَفْسِيَ إِلاَّ قد قَضَيْتُ قَضاءها

قال
العباس بن مرداس السلمي
أَلاَ مَن مُبْلِغٌ عَنِّي خُفافاً ... أَلُوكاً بَيْتُ أَهْلِكَ مُنتَهاها
أَنا الرَّجُلُ الذي حُدِّثتَ عنهُ ... إِذا الخَفِراتُ لَمْ تَسْتُرْ بُراها
فأَيِّى ما وَأَيُّكَ كانَ شَرّاً ... فَسِيقَ إِلى المقَامَةِ لا يرَاها
أَشُدُّ على الكَتِيبَةِ لا أُبالِي ... أَحَتفِي كانَ فِيها أَمْ سِواها
ولِي نَفسٌ تَتُوقُ إِلى المعَالِي ... سَتَتْلَفُ أَو أُبَلِّغُها مُناها
قال
الفرعل الطائي
وتروى لهني بن أحمر الكناني، وهو الأكثر
يا ضَمْرُ أَخبِرْنِي ولَسْتَ بِكاذِبٍ ... وأَخُوكَ ناصِحُكَ الذي لا يَكذِبُ
هل في السَّويَّةِ أَن إِذا اسْتَغنَيْتُمُ ... وأَمِنتُمُ فأَنا البَعِيدُ الأَجْنَبُ
وإِذا الشَّدائِدُ مَرَّةً أَشجَتْكُمُ ... فأَنا الأَحَبُّ إِليكُمُ والأَقْرَب
وإِذا تَكُونُ كَريهَةٌ أُدْعَى لَها ... وإذا يُحاسُ الحَيْسُ يُدْعَى جُنْدَبُ
عَجَبٌ لتلكَ قَضِيَّةً، وإِقامَتِي ... فِيكُمْ على تِلْكَ القَضِيَّةِ أَعجَبُ
هذا لَعَمْرُكُمُ الصَّغارُ بعَيْنِه ... لا أُمَّ لِي إنْ كانَ ذاكَ ولا أَبُ
أَلِمالِكِ خِصْبُ البلادِ ورعْيُها ... وليَ الثِّمادُ ورعْيُهُنَّ المُجْدِبُ
قال
الحارث بن كلدة الثقفي
إسلامي
أَلا رُبَّ مَنْ يَغْشَى الأَباعِدَ نَفْعُهُ ... وتَشْقَى به حتَّى المَماتِ أَقَارِبُهْ
فَخلِّ ابنَ عَمِّ السَّوْءِ والدَّهْرَ، إِنَّهُ ... سَيَكْفِيكَهُ أَيَّامُهُ وتَجاربُهْ
أَرانِي إِذا اسْتَغْنَيْتُمُ فَعَدوُّكُمْوأُدْعَى إِذا ما الدَّهْرُ نابَتْ نَوائِبُهْ
فإِنْ يَكُ خَيْرٌ فَالبَعِيدُ ينَالُهُ ... وإِنْ يَكُ شَرٌّ فابنُ عَمِّكَ صاحِبُهْ
لَعَلَّكَ يوماً أَنْ يَسُرَّكَ مَشْهَدِي ... إِذا جاء خَصْمٌ كالحُباب تُشاغِبُهْ
قال
ذؤيب بن حاضر التنوخي
وكُنَّا طَلَبْنا صُلْحَهُمْ قَبْلَ حَرْبهِمْفَلَجُّوا، وما كانَ اللَّجاجُ مِن الحَزْم
وقالُوا: شُتِمْنا، واسْتُخِفَّ بِجارِنَا،وضَرْبُ الطُّلَى بالبِيض أَدْهَى مِن الشَّتْمِ
فَلَمَّا وصَلْنا بالسُّيُوفِ أَكُفَّنَا ... وزالَ الحيَا رامُوا السَّلاَمةَ بالسِّلمِ
فهَلاَّ وفِي قَوْسِ المُرُوءةِ مَنْزَعٌ ... طَلَبْتُمْ رضانا قَبْلَ بادِرَةِ السَّهْم
قال
الأخطل غياث بن غوث التغلبي
أموي شعر
لَقَدْ حَمَلْتَ قَيْسَ بنَ عَيْلانَ حَرْبُنَاعلى يابِسِ السِّيْسَاءِ مُحْدَوْدِبِ الظَّهْر
تَنِقُّ بلا شَيْءٍ شُيوَخُ مُحارِبٍ ... وما خِلْتُها كانَتْ تَريشُ ولا تَبْرِي
ضَفادِعُ في ظَلْماءِ لَيْلٍ تجَاوَبَتْ ... فَدَلَّ عَلَيْها صَوْتُها حَيَّةَ البَحْرِ
ونَجَّى ابنَ بَدْرٍ رَكْضُهُ مِن رِماحِنا ... ونَضَّاخَةُ الأَعْطافِ مُلْهَبَةُ الحُضْرِ
إِذا قُلْتُ نالَتْهُ الرِّماحُ تَقَاذَفَتْبه سَوْحَقُ الرِّجْلَيْنِ سابِحَةُ الصَّدْرِ
كَأَنَّهُما والآلُ يَنْشَقُّ عَنْهُما ... إِذا هَبَطا فِيهِ يَعُومانِ في بَحْرِ
وظَلَّ يُفَدِّيها، وظَلَّتْ كَأَنَّها ... عُقابٌ دَعاها جُنْحُ لَيْلٍ إِلى وَكْرِ

يُسِرُّ إِلَيْها، والرِّماحُ تَنُوشُهُ: ... فِدىً لَكِ أُمِّي إِنْ سَبَقْتِ إِلى العَصْر
وتاللّهِ لو أَدْرَكْنَه لَقَذَفْنَهُ ... إلى صَعْبَةِ الأَرْجاءِ مُظْلِمَةِ القَعْر

قال
وعلة بن عبد الله الجرمي
ونسبها بعضهم إلى النجاشي واسمه قيس بن عمرو، مخضرم
ونَجَّى ابْنَ حَرْبٍ سابِحٌ ذُو عُلالَةٍ ... أَجَشُّ هَزِيمٌ، والرِّماحُ، دَوانِ
إِذا قُلْتُ أَطْرافُ الرِّماح تَنُوشُهُ ... مَرَتْهُ بهِ السَّاقانِ والقَدَمان
قال
صالح بن جناح اللخمي
لئِنْ كنتُ مُحْتاجاً إلى الحِلْمِ إِنَّني ... إِلى الجَهْلِ في بَعْضِ الأَحايينِ أَحْوَجُ
ولِي فَرَسٌ لِلْحِلْمِ بالحِلْمِ ملْجَمٌ ... ولِي فَرَسٌ للْجَهْلِ بالجَهْل مُسْرَج
فمَنْ شاء تَقْوِيمِي فإِنِّي مقَوَّمٌ ... ومَنْ شاء تَعْويجي فإِنِّي مُعَوَّج
وما كنتُ أَرْضَى الجَهْلَ خِدْناً ولا أَخاً ... ولكنَّنِي أَرْضَى بهِ حينَ أُحْرَج
فإنْ قال بَعْضُ النَّاسِ: فيهِ سَماجَةٌ، ... لقَدْ صَدَقُوا، والذُّلُّ بالحرِّ أَسْمَج
قال
عنترة بن شداد العبسي
جاهلي
أَحَوْلِي تَنْفُضُ اسْتُكَ مِذْ رَوَيْها ... لِتَقْتُلَنِي، فَها أَنا ذا عُمَارا
مَتى ما تَلْقَنِي فَرْدَيْن تَرْجُفْ ... رَوانِفُ أَلْيَتَيْكَ وتُسْتَطارا
وسَيْفِي صارِمٌ قَبَضَتْ عَلَيْهِ ... أَشاجعُ لا تَرَى فِيها إنْتِشَارا
حُسامٌ كالعَقِيقَةِ فَهْوَ كِمْعِي ... سِلاحِي، لا أَفَلَّ ولا فُطارا
ومُطَّرِدُ الكُعُوب أَحَصُّ صَدْقٌ ... تخَالُ سِنانَهُ في اللَّيلِ نَارا
سَتَعْلَمُ أَيُّنا للمَوْت أَدْنَى ... إذا دانَيْتَ لي الأَسَلَ الحِرارا
وخَيْلٍ قد دَلَفْتُ لَها بخَيْل ... عَلَيْها الأُسْدُ تَهْتَصرُ اهْتصارا
قال
خزز بن لوذان
جاهلي
وتروى لعنترة بن شداد
لا تَذكُري فَرسِي وما أَطعمْتُهُ ... فيكُونَ جلدُكِ مِثلَ جلدِ الأَجْرَب
كَذَبَ العَقِيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٌ ... إن كُنتِ سائِلَتِي غَبُوقاً فاذهَبي
إِنَّ الغَبُوقَ لَهُ وأَنتِ مَسُوءةٌ ... فَتَأَوَّهِي ما شِئتِ ثُمَّ تَحَوَّبِي
إِنَّ العَدُوَّ لَهُمْ إِلَيْكِ وَسِيلَةٌ ... أَن يَأْخُذُوكِ، تَكَحَّلِي وَتَخَضَّبي
ويكُونُ مَرْكَبُكِ القَعُودَ وحِدْجَهُ ... وابنُ النَّعامَةِ عِندَ ذلكَ مَرْكَبي
وأَنا امْروءٌ إن يَأْخُذُونِي عَنوَةً ... أُقرَن إِلى شَرِّ الرِّكاب وأُجْنَبُ
قال
الحارث بن عباد البكري
جاهلي
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامَةِ مِنِّي ... لَقحَت حَرْبُ وائل عَن حيال
قَرِّباها في مُقربَاتٍ عِجالٍ ... عابِساتٍ يَثِبْنَ وَثْبَ السَّعالِي
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامَةِ مِنِّي ... جَدَّ أَمْرٌ للمُعْضِلاتِ الثِّقالِ
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامَةِ مِنِّي ... تَبْتَغِي اليومَ قُوَّتِي واحْتِيالِي
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامَةِ مِنِّي ... باذِلاً مُهجَتِي لِزُرْقِ النِّصالِ
لَمْ أَكُن مِن جُناتِها عَلِمَ اللَّ ... هُ، وإِنِّي بحَرِّها اليومَ صال
قال
بشار بن برد العقيلي
إِذا ما غَضِبْنا غَضبةً مُضَريَّةً ... هَتكنا حِجَابَ الشَّمْسِ أَو قَطَرت دَما
إِذا ما أَعَرْنا سَيِّداً مِن قَبيلة ... ذُرَا مِنبَر صَلَّى عَلَيْنا وسَلَّما
قال
عنترة بن شداد العبسي
جاهلي
إِنِّي امْرُءٌ مِن خَيْر عَبْسٍ مَنصِباً ... شَطرِي، وأَحْمِي سائِرِي بالمُنصُل

وَلَقَدْ أَبِيتُ على الطَّوَى وأَظَلُّهُ ... حتَّى أَنالَ بهِ كَريمَ المَأْكَلِ
والخَيْلُ تَعْلَمُ والفَوارسُ أَنَّنِي ... فَرَّقتُ جَمْعَهُمُ بطَعْنَةِ فَيْصَل
بَكَرَت تُخَوِّفُنِي الحُتُوفَ كَأنَّنِي ... أَصْبَحْتُ عن غَرَضِ الحُتُوفِ بِمَعْزل
فأَجَبْتُها إِنَّ المَنِيَّةَ مَنهَلٌ ... لابُدَّ أَن أُسْقَى بِذاكَ المَنهَلِ
فاقَنيْ حَياءكِ لا أَبالَكِ واعْلَمِي ... أَنِّي امْرءٌ سأَمُوتُ إِن لمْ أُقتَلِ
ولقَدْ لَقِيتُ المَوْتَ يومَ لَقِيتُهُ ... مُتَسَرْبِلاً، والموتُ لم يَتَسَرْبَلِ
والخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُوهِ كَأنَّما ... سُقِيَت فَوارسُها نَقِيعَ الحَنظَلِ
إن يُلحَقُوا أَكرُرْ، وإِن يُسْتَلحَمُوا ... أَشدُدْ، وإِن نَزَلُوا بضَنك أَنزل

قال
زهير بن أبي سلمى
في معناه
مَن يَلقَ يوماً على عِلاَّتِهِ هَرِماً ... يَلقَ السَّماحَةَ مِنه والنَّدَى خُلُقا
قد جَعَلَ المُبْتَغُون الخَيْرَ في هَرِمٍ ... والسَّائِلُونَ إِلى أَبْوابهِ طُرُقَا
وليسَ مانِعَ ذِي قُرْبَى وذِي حَسَبٍ ... يوماً ولا مُعْدِماً من خابِطٍ وَرَقا
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطادُ الرِّجالَ إِذا ... ما كَذَّبَ اللَّيْثُ عن أَقْرانِهِ صَدَقا
يَطْعُنُهمْ ما ارْتَمَوْا، حتَّى إِذا اطَّعَنُواضارَبَ، حتَّى إِذا ما ضَارَبُوا اعْتَنَقَا
لو نالَ حَيٌّ من الدُّنْيا بمَنْزِلَة ... أُفْقَ السَّماءِ لنَالَتْ كَفُّهُ الأُفُقَا
قال
آخر
تَرَكْتُ الرِّكابَ لأَرْبابها ... وأَكْرَهْتُ نَفْسِي على ابْنِ الصَّعِقْ
جَعَلْتُ يَدَيَّ وشاحاً لهُ ... وبَعْضُ الفَوارِسِ لا يَعْتَنِقْ
قال
آخر
يا عَمْرُو لو نالَتْكَ أَرْماحُنا ... كنتَ كَمَنْ تَهْوى بهِ الهاويَهْ
أُلْفِيتَا عَيْناكَ عِنْدَ القَفا ... أَوْلَى فأَوْلَى لكَ ذا واقيَهْ
قال
عمرو بن معديكرب الزبيدي
الحَرْبُ أَوَّلُ ما تَكُون فُتَيَّةً ... تَسْعَى بِزِينَتِها لِكُلِّ جَهُولِ
حتَّى إِذا حَمِيَتْ، وشُبَّ ضِرامُها، ... عادَتْ عَجُوزاً غَيْرَ ذاتِ حَلِيلِ
شَمْطاءَ، جَزَّتْ رَأْسَها وَتَنَكَّرَتْ، ... مَكْرُوهَةً للشَّمِّ والتَّقْبِيلِ
قال
علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه
وتروى لحسان بن ثابت
نحنُ الخِيارُ من البَرِيَّةِ كُلِّها ... ونِظامُها وزِمامُ كُلِّ زمامِ
والخائِضُو غَمَراتِ كُلِّ كَرِيهَة ... والدَّافِعُون حَوادِثَ الأَيَّامِ
والمُبْرِمُونَ قُوَى الأُمُورِ بِعِزِّهِمْ ... والنَّاقِضُون مَرائرَ الإِبْرامِ
في كُلِّ مَعْرَكَةٍ تُطِيرُ سُيُوفُنا ... فيها الجَماجِمَ عن فِراخِ الهامِ
وتَرُدُّ عَادِيَةَ الخَمِيسِ رِماحُنَا ... وتُقيِمُ رَأْسَ الأَصْيَدِ القَمْقامِ
فاللّهُ أَكْرَمَنا بنَصْر نَبيِّهِ ... وبِنا أَقامَ دَعائِمَ الإِسْلامِ
قال
معاوية بن أبي سفيان
أَتانِيَ أَمْرٌ فيه للنَّاسِ غُمَّةٌ ... وفيه اجْتِداعٌ للأُنُوفِ أَصِيلُ
مُصابُ أَمِير المُؤْمِنينَ وهَدَّةٌ ... تَكَادُ لها صُمُّ الجِبال تَزُولُ
سأَبْكِي أَبا عَمْرٍو بكُلِّ مُثَقَّفٍ ... وبِيضٍ لَها في الدَّارِعِينَ صَلِيلُ
فلِلَّهِ عَيْنا مَنْ رَأَى مَثْلَ هالِكٍ ... أُصِيبَ بلا ذَنْب، وذاكَ جَلِيلُ
فأَمَّا التي فِيها المَوَدَّةُ بَيْنَنا ... فَلَيْس إِلَيْها ما حِيَيتُ سَبيلُ
سأُلْقِحُها حَرْباً عَواناً مُلِحَّةً ... وإِنِّي بها من عامِها لَكَفِيلُ
قال

أبو العلاء ثابت قطنة العتكي
أموي الشعر
المالُ نَهْبُ الدَّهْرِ ما أَخَّرْتَهُ ... ويكُونُ حَظُّكَ مِنْه ما يَتَقَدَّمُ
أَمْضِي، وظِلُّ المَوْتِ تَحءتَ ذُوءابتِي ... ويَظُنُّ صَحْبِيَ أَنَّنِي لا أَسْلَمُ
فسَلِمْتُ، والسَّيْفُ الحُسَامُ، وصَعْدَةٌ ... سَمْراءُ يَجْرِي بَيْنَ أَكْعُبِها الدَّمُ
وأَنا ابْنُ عَمِّكَ يَوْمَ ذلكَ دِنْيَةً ... وأَنا البَعِيدُ اليومَ مِنْكَ المُجْرِمُ
قال
أبو محجن الثقفي
لما حبسه سعد بن أبي وقاص
كَفَى حَزَناً أَنْ تَرْتَدِي الخَيْلُ بالقَنا ... وأُتْرَكُ مَشْدُوداً عَلَيَّ وَثَاقِيا
وقَدْ كُنْتُ ذا مالٍ كَثيرٍ وإِخْوَةٍ ... فقَدْ تَرَكُونِي واحِداً لا أَخَا لِيا
وقَدْ شَفَّ جِسْمِي أَنَّنِي كُلَّ شارِقٍ ... أُعالِجُ كَبْلاً مُصْمَتاً قد بَرانِيا
حَبِيساً عن الحَرْبِ العَوانِ وقَدْ بَدَتْ ... وإِعْمالُ غَيْرِي يومَ ذاكَ العَوالِيا
إِذا قُمْتُ عَنَّانِي الحَدِيدُ، وأُغْلِقَتْ ... مَصارِيعُ مِن دُونِي تُصِمُّ المُنادِيا
فلِلَّهِ دَرِّي يَوْمَ أُتْرَكُ مُوثَقاً ... وتَذْهَلُ عَنِّي أُسْرَتِي ورِجالِيا
وللّهِ عَهْدٌ لا أَخِيسُ بعَهْده ... لَئِنْ فُرِّجَتْ أَلاَّ أَزُورَ الحَوانِيا
قال
الأعشى عبد الله بن خارجة
الشيباني، أموي الشعر
وما أَنا في أَمْرِي ولا في خُصُومَتِي ... بمُهْتَضَمٍ حَقِّي ولا قَارعٍ سِنِّي
ولا مُسْلِمٍ مَوْلايَ عندَ جِنايَةٍ ... ولا مُظْهِرٍ خِذْلانَهُ عِنْدما يَجْنِي
وإِنَّ فُؤَاداً بَيْنَ جَنْبَيَّ عالِمٌ ... بما أَبْصَرَتْ عَيْنِي وما سَمِعَتْ أُذْنِي
وفَضَّلَنِي في العِلْمِ والشِّعْر أَنَّنِي ... أَقُولُ على عِلْمٍ وأَعْلَمُ ما أَعْنِي
قال
عبد الملك بن معاوية الحارثي
أموي الشعر
يَلقَى السُّيُوفَ بوَجْههِ وبنَحْرهِ ... ويُقِيمُ هامَتَهُ مَقامَ المِغفَر
ما إِن يُريدُ، إِذا الرِّماحُ شَجَرْنَهُ، ... دِرْعاً سِوَى سِرْيالِ طِيب العُنصُر
ويَقولُ للطِّرْفِ أَصْطَبرْ لِشَبا القَنا ... فَعَقَرْتُ رُكنَ المَجْدِ إِنْ لَمْ تُعْقَر
وإِذا تَأَمَّلَ شَخْصَ ضَيْفٍ مُقْبلٍ ... مُتَسَرْبلٍ أَثْوابَ مَحْلٍ أَغْبَرِ
أَوْ ما إِلى الكَوْماءِ هذا طارِقٌ ... نَحَرَتْنِيَ الأَعْداءُ إِنْ لَمْ تُنْحَري
قال
المثقب عائذ بن محصن العبدي
جاهلي
وتروى لعلبة بن يزيد أحد بني سليم، وهو الأكثر
تَهَزَّأَتْ عِرْسِيَ واسْتَنْكَرَتْ ... شَيْبِي، فَفِيها جَنَفٌ وازْورارْ
لا تُكْثِري هُزْءًا ولا تَعْجَبِي ... فلَيْسَ بالشَّيْبِ على المَرءِ عارْ
عَمْرَكِ هل تَدْرِينَ أَنَّ الفَتى ... شَبابُهُ ثَوْبٌ عليه مُعارْ
ولا أَرَى مالاً إِذا لم يَكُنْ ... زَعْفٌ وخَطَّارٌ ونَهْدٌ مُغارْ
مُسْتَشْرِفُ القُطرَيْنِ عَبْلُ الشَّوَى ... مُحَنَّبُ الرِّجْلَيْنِ فيه اقوِرارْ
وأَطرُقُ الحانِيَّ في بَيْتِهِ ... بالشَّرْبِ حتَّى تُسْتَباحَ العُقارْ
فذاكَ عَصْرٌ قد خَلا، والفَتى ... تُلوِي ليَالِيهِ به والنَّهارْ
لا يَنفَعُ الهارِبَ إِيغالُهُ ... ولا يُنَجِّي ذا الحِذار الحِذارْ
قال
القطامي عمير بن شييم
أموي الشعر
وإِنْ ثَوَّبَ الدَّاعِي بشَيْبانَ زُعْزِعَت ... رِماحٌن وجاشَت مِن جَوانِبِها القِدْرُ
هُمُ يومَ ذي قار أَناخُوا فجَالَدُوا ... كتَائبَ كِسْرَى بَعْدَ ما وَقَدَ الجَمْرُ
قال
عنترة بن شداد العبسي
جاهلي

يا شاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لهُ ... حَرُمَتْ عليّ ولَيْتَها لَمْ تَحْرُمِ
هَلاَّ سَأَلْتِ الخَيْلَ يا ابنَةَ مالِكٍ ... إِنْ كنتِ جاهِلَةً بما لم تَعْلَمِي
إِذْ لا أَزالُ على رِحالَةِ سابِحٍ ... نَهْدٍ تَعاوَرَهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ
طَوْراً يُجَرَّدُ للطِّعانِ وتارَةً ... يَأَوِي إِلى حَصِدِ القِسِيّ عَرَمْرَمِ
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّنِي ... أَغْشَى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَمِ
ومُدَدِّجٍ كَرِهَ الكُمَاةُ نِزَالَهُ ... لا مُمْعِنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسْلِمِ
بَطَلٌ كَأنَّ ثِيابَهُ في سَرْحَةٍ ... يُحْذَى نِعالَ السِّبْت لَيْسَ بتَوْأَمِ
جادَتْ يَدايَ لهُ بعاجِلِ طَعْنَةٍ ... بِمُثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَوَّمِ
فشَكَكْتُ بالرُّمحِ الطَّوِيلِ ثِيابَهُ ... لَيْسَ الكَرِيمُ على القَنا بِمُحَرَّمِ
فتَرَكْتُهُ جَزَرَ السِّباعِ يَنْشْنَهُ ... ما بَيْنَ قُلَّةِ رَأْسِهِ والمِعْصَمِ
وَمَشكِّ سابِغَةٍ هَتَكْتُ عُرُوشَها ... بالسَّيْفِ عن حامِي الحَقِيقَةِ مُعْلِمِ
لمَّا رَآنيَ قد نَزَلْتُ أُرِيدُهُ ... أَبْدَى نَواجِذَهُ لِغَيْرِ تَبَسُّمِ
فطَعَنْتُهُ بالرُّمْحِ ثم عَلَوْتُهُ ... بِمُهَنَّدٍ صافِي الحَدِيدَةِ مِخْذَمِ
لمَّا رَأَيْتُ القَوْمَ أَقْبَلَ جَمْعُهُمْ ... يتَذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّمِ
ولقَدْ رَأَيْتُ القَوْمَ أَقْبَلَ جَمْعُهُمْ ... يتَذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّمِ
ولقَدْ شَفَى نَفْسِي وأَبْرَأ سُقْمَها ... قَوْلُ الفَوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرُ أَقْدِمِ
يَدْعُونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كَأَنَّها ... أَشْطانُ بِئْرٍ في لَبانِ الأَدْهَمِ
إِذْ يَتَّقُونَ بيَ الأَسِنَّةَ لَمْ أَخِمْ ... عَنْها ولكنِّي تَضايَقَ مُقْدَمِي
ما زِلْتُ أَرْميهِمْ بثُغْرَةِ نَحْرِهِ ... ولَبانِهِ حتَّى تَسَرْبَلَ بالدَّمِ
فازْوَرَّ مِن وَقْعِ القَنا بِلبَانِهِ ... وشَكا إِليَّ بِعَبْرَةٍ وتَحَمْحُمِ
لو كان يَدْرِي ما المُحاوَرَةُ اشْتَكَى ... ولَكانَ لو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمِي
والخَيْلُ تَقْتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً ... ما بَيْنَ شَيْظَمَة وأَجْرَدَ شَيْظَمِ
نُبِّئْتُ عَمْراً غيرَ شاكِرِ نِعْمَتي ... والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنَفْسِ المُنْعِمِ
وإِذا ظُلِمْتُ فِإنَّ ظُلْمِيَ باسِلٌ ... مُرٌّ مَذاقَتُهُ كَطَعْمِ العَلْقَمِ
ولَقَدْ شَرِبْتُ مِن المُدامَةِ بَعْدَ ما ... رَكَد الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ
فإِذا شَرِبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِكٌ ... مالِي وعِرْضِي وافِرٌ لم يُكْلَمِ
وإِذا صَحَوْتُ فما أُقَصِّرُ عن نَدىً ... وكما عَلِمْتِ شَمائِلي وتَكَرُّمِي
وحَليلِ غانِيَةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلاً ... تَمْكُو فَرِيصَتُهُ كَشِدْقِ الأَعْلَمِ
سَبَقَتْ يَدايَ له بعاجلِ طَعْنَةٍ ... ورَشاشِ نافِذَةٍ كَلَوْنِ العَنْدَمِ
ولقَدْ خَشِيتُ بأَنْ أَمُوتَ ولَمْ تَكُنْ ... للحَرْبِ دائِرَةٌ على ابَنَيْ ضمْضَمِ
الشَّاتِمَيْ عِرْضِي ولَمْ أَشْتُمْهُما ... والنَّاذِرَيْنِ إِذا لَمُ أَلْقَهُما دَمِي
إِنْ يَفْعَلا فَلَقَدْ تَرَكْتُ أَباهُما ... جَزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نَسْر قَشْعَمِ

قال
مهلهل بن ربيعة الجشمي
جاهلي واسمه امرؤ القيس

أَلَيْلَتَنا بذِي حُسُمٍ أَنِيري ... إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ فلا تَحُورِي
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طالَ لَيْلِي ... فقَدْ يُبْكَ مِن الليلِ القَصِيرِ
وأَنْقَذَنِي بَياضُ الصُّبْحِ مِنْها ... لقَدْ أُنْقِذْتُ مِن شَرٍّ كَبِيرِ
كَأنَّ كَواكِبَ الجَوْزاءِ عُوذٌ ... مُعَطَّفَةٌ على رُبَعٍ كَسِيرِ
تَلأْلأُ، واسْتَقَلَّ لها سُهَيْلٌ، ... يَلُوحُ كَقِمَّةِ الجَمَلِ الغَديرِ
وتَحْنُو الشِّعْرِيان إلى سُهَيْلٍ ... كفِعْلِ الطَّالِبِ القَذَفِ الغَيُورِ
كأَنَّ العُذْرَتَيْنِ بكَفِّ سَاعٍ ... أَلَحَّ على ثِمَائِلِهِ ضَرِيرِ
كَانَّ بَناتَ نَعْش تَالِيات ... قِطارٌ عامِدٌ للشَّامِ، زُورِ
تَتَابَعُ، مِشْيَةَ الإِبِلِ الزَّهارَى، ... لِتَلْحَقَ كُلَّ تَالِيَةٍ عَبُورِ
كَأَنَّ الفَرْقَدَيْنِ يَدا مُفِيضٍ ... أَلَحَّ على إِفاضَتِهِ قَمِيرِ
كَأنَّ الجَدْيَ، في مَثْناةِ رِبْقٍ، ... أَسِيرٌ أَو بِمَنْزِلَةِ الأَسِيرِ
كَأَنَّ مَجَرَّةَ النَّسْرَيْنِ نَهْجٌ ... لكُلِّ حَزِيقَةٍ تُحْدَى وعِيرِ
كَأَنَّ التَّابِعَ المِسْكِينَ فيها ... أَجِيرٌ أَوْ بِمَنْزِلَةِ الأَجِيرِ
كَأَنَّ المُشْتَرِي حُسْناً ضِياءً ... بِنيقٍ قاهِرٍ مِن فَوْقِ قُورِ
كَأَنَّ النَّجْمَ إِذْ وَلَّى سُحَيْراً ... فِصالٌ جُلْنَ في يومٍ مَطِيرِ
كَواكِبُ لَيْلَةٍ طالَتْ وغَمَّتْ ... فَهذا الصُّبْحُ صاغِرَةً فغُورِ
فلو نُبشَ المَقابِرُ عن كُلَيْبٍ ... فيُخْبِرَ بالذَّنائِبِ أَيُّ زِيرِ
وإِنِّي قد تَرَكْتُ بواردات ... بُجَيْراً في دَمٍ مِثْل العَبيرِ
هَتَكْتُ به بُيُوتَ بَنِي عُبادٍ ... وبعْضُ القَتْلِ أَشْفَى للصُّدُورِ
وهَمَّامَ بنَ مُرَّةَ قد تَرَكْنَا ... عليه القَشْعَمانِ مِن النُّسُورِ
فِدىً لِبَنِي الشَّقِيقَةِ يومَ جاءُوا ... كأُسْدِ الغابِ لَجَّتْ في زَئِيرِ
كَأَنَّ رِماحَهُمْ أَشْطانُ بِئْرٍ ... مَخُوفٍ هَدْمُ عَرْشَيْها جَرُورِ
كَأَنَّا غُدْوَةً وَبَنِي أَبِينا ... بجَنْبِ عُنَيْزَةٍ رَحَيا مُدِيرِ
تَظَلُّ الخَيْلُ عاكِفَةً عليهِمْ ... كَأَنَّ الخَيْلَ تُرْحَضُ في غَدِيرِ
فَلَوْلا الرِّيحُ أُسْمِعَ أَهْلُ حَجْر ... نَقافَ البيضِ تُقْرَعُ بالذُّكُورِ

قال
تأبط شرا
ً
ثابت بن جابر من بني فهم، جاهلي
تقولُ سُلَيْمَى لِجاراتِها ... أَرَى ثابِتاً قد غَدا مُرْمِلا
لها الوَيْلُ ما وَجَدَتْ ثابتاً ... أَلَفَّ اليَدَيْن ولا زُمَّلا
ولا رَعِشَ السَّاق عِنْدَ الجِرا ... ءِ إِذا بادَرَ الحَمْلَةَ الهَيْضَلا
يفُوتُ الجِيادَ بِتَقْرِيبِهِ ... ويَكْسُو هوَادِيهَا القَسْطَلا
وأَدْهَمَ قد جُبْتُ جِلْبابَهُ ... كما اجْتابَتِ الكاعِبُ الخَيْعَلا
علا ضَوْءُ نارٍ تَنَوَّرْتُها ... فبِتُّ لها مُدْبِراً مُقْبِلا
إِلى أَن حَدا الصُّبْحُ أَثْناءهُ ... ومَزَّقَ جِلْبابَهُ الأَلْيَلا
فَأَصْبَحْتُ والغُولُ لِي جارَةٌ ... فيا جارَتِي أَنتِ ما أَهْوَلا
وطالَبْتُها بُضْعَها فالْتَوَتْ ... فكانَ مِن الرَّأْي أَنْ تُقْتَلا
عَظايَةُ أَرْضٍ لها حُلَّتا ... نِ مِنْ وَرَقِ الطَّلْحِ لم تُغْزَلا
فمَنْ كانَ يَسْأََلْ عن جارَتِي ... فإِنَّ لَها باللِّوى مَنْزلا
قال

النابغة الذبياني
واسمه زياد
قالت بنُو عامِرٍ خالُوا بَنِي أَسَدٍ ... يا بُؤْسَ للجَهْلِ ضَرَّاراً لأَقْوامِ
إِنِّي لأَخْشَى أَنْ يكُونَ لكُمْ ... من أَجْلِ بَغْضائِكُمْ يَوْمٌ كأَيَّامِ
تَبْدُو كَواكِبُهُ والشَّمْسُ طالِعَةٌ ... نُورٌ بنُور وإِظْلامٌ بإِظْلامِ
قال
آخر
وقُلْتُمْ لنا: كُفُّوا الحُرُوبَ، لَعَلَّنانَكُفُّ، وَوَثَّقْتُمْ لَنا كُلَّ مَوْثِقِ
فَلَمَّا كَفَفْنا الحَرْبَ كانتْ عُهُودُكمْ ... كَلَمْع سَراب بالمَلا مُتَأَلِّقِ
قال
زفر بن الحارث الكلابي
لَعَمْرِي لقد أَبْقَتْ وَقِيعَةُ راهِطٍ ... لِمَرْوانَ صَدْعاً بَيْنَنَا مُتَشائِيا
فلَمْ تَر مِنِّي نَبْوَةٌ قَبْلَ هذِه ... فِرارِي وتَرْكِي صاحِبَيَّ ورَائِيا
عَشِيَّةَ أَجْرِي في الصَّعِيدِ ولا أَرَى ... مِن النَّاسِ إِلاَّ مَنْ عَلَيَّ ولا لِيا
أَيَذْهَبُ يومٌ واحِدٌ إِنْ أَسَأَتُهُ ... بصالِحِ أَعْمالِي وحُسْنِ بَلائِيا
وقَدْ يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرَى ... وتَبْقَى حزَازاتُ النُّفُوس كما هِيا
أَرينِي سِلاحِي لا أَبالَك إِنَّنِي ... أَرَى الحَرْبَ لا تَزْدادُ إِلاَّ تَمادِيا
قال
هبيرة بن أبي وهب المخزومي
إسلامي
لَعَمْرُكَ ما وَلَّيْتُ ظَهْري محمداً ... وأَصْحابَهُ جُبْناً، ولا خِيفَةَ القَتْلِ
ولكنَّنِي قَلَّبْتُ أَمْرِي فَلَمْ أَجِدْ ... غَناءً لِسَيْفِي إِنْ ضَرَبْتُ ولا نَبْلِي
وقَفْتُ، فَلَمَّا خِفْتُ ضَيْعَةَ مَوْقِفِي ... نَجَوْتُ كَضِرْغَامٍ هِزَبْرٍ أَبي شبْلِ
قال
أوس بن حجر
جاهلي
وفي رواية تنسب لعمرو بن معديكرب
أَجاعِلَةٌ أُمُّ الحُصَيْنِ خَزايَةً ... عليَّ فِرارِي أَنْ لَقِيتُ بَنِي عَبْسِ
لَقِيتُ أَبا شَأْسٍ وشَأْساً ومالِكاً ... وقَيْساً فَجاشَتْ مِن لقائِهِمُ نَفْسِي
كأَنَّ جُلُودَ النُّمْرِ جِيبَتْ عَلَيْهِمُإِذا جَعْجَعُوا بَيْنَ الإِناخَةِ والحَبْسِ
أَتَوْنا فَضَمُّوا جانِبَيْنا بِصادِقٍمِن الطَّعْنِ فِعْلَ النَّارِ بالحَطَبِ اليَبْسِ
ولَمَّا دَخَلْنا تَحْتَ فَيْىءِ رِماحِهِمْخَبَطْتُ بكَفِّي أَطْلُبُ الأَرْضَ باللَّمْسِ
فأُبْتُ سَلِيماً لَمْ تُمَزَّقْ عِمامَتِي ... ولكنَّهُمْ بالطَّعْنِ قد خَرَّقُوا تُرْسِي
ولَيْسَ يُعابُ المَرْءُ مِن جُبْن يَوْمه ... وقَدْ عُرِفَتْ مِنْهُ الشَّجاعَةُ بالأَمْس
قال
الفرار السلمي
مخضرم وبه سمي الفرار
وكَتِيبةٍ لَبَّسْتُها بكَتِيبَةٍ ... حتَّى إِذا الْتَبَسَتْ نَفَضْتُ لَها يَدِي
فَتَرَكْتُهُمْ تَقِصُ الرِّماحُ ظُهُورَهُمْ ... مِنْ بَيْنِ مُنْعَفِرٍ وآخَرَ مُسْنَدِ
ما كانَ يَنْفَعُنِي مَقالُ نِسائِهِمْ ... وقُتِلْتُ دُونَ رِجالِها: لا تَبْعَد
قال
الحارث بن هشام المخزومي
مخضرم
اللّهُ يَعْلَمُ ما تَرَكْتُ قِتالَهُمْ ... حتَّى عَلَوْا فَرَسِي بأَشْقَرَ مُزْبد
وعَلِمْتُ أَنِّي إِنْ أُقاتِلْ واحِداً ... أُقْتَلْ، ولا يَضْرُرْ عَدُوِّي مَشْهَدِي
ووَجَدْتُ رِيحَ المَوْتِ مِنْ تِلْقائِهِمْ ... في مَأْزِقٍ، والخَيْلُ لَمْ تَتَبَدَّدِ
فصَدَدْتُ عَنْهُمْ، والأَحِبَّةُ فِيهمُ ... طَمَعاً لَهُمْ بِعقابِ يَوْم مُرْصَدِ
قال
حسان بن ثابت
في الحارث بن هشام
إِنْ كُنْتِ كاذِبَةَ الذي حَدَّثْتِنِي ... فنَجَوْتِ مَنْجَى الحارِثِ بنِ هِشامِ
تَرَكَ الأَحِبَّةَ أَنْ يُقاتِلَ دُونَهُمْ ... ونَجا بِرَأْسِ طِمِرَّةٍ ولِجامِ

جَرْداء تَمْزَعُ في الغُبارِ كَأَنَّها ... سِرْحانُ غَابٍ في ظِلالِ غمَامِ
مَلأَتْ به الفَرْجَيْنِ فارْمَدَّتْ بهِ ... فَثَوَى أَحِبَتُّهُ بِشَرِّ مُقَامِ
لَوْلا الإِلَهُ وجَرْيُها لَتَرَكْتَهُ ... جَزَرَ السِّباعِ ودُسْنَه بحَوامِ

قال
عمرو بن عنترة الطائي
ولَمَّا سَمِعْتُ الخَيْلَ تَدْعو مُقَاعِساً ... عَلِمْتُ بأَنَّ اليومَ أَغْبَرُ فاجِرُ
نَجَوْتُ نَجاءً لَيْسَ فِيهِ وَتِيرَةٌ ... كأَنِّي عُقَابٌ دونَ تَيْمَنَ كاسِرُ
قال
الطرماح بن حكيم
أموي الشعر
لقَدْ زادَنِي حُبّاً لِنَفْسِيَ أَنَّنِي ... بَغِيضٌ إِلى كُلِّ امْرِىءٍ غَيْر طائِلِ
وأَنِّي شَقِيٌّ باللِّئامِ ولَنْ تَرَى ... شَقِيّاً بِهِمْ إِلاَّ كَرِيمَ الشَّمائِلِ
إِذا ما رآنِي قَطَّعَ الطَّرْفَ بَيْنَهُ ... وبَينِيَ فِعْلَ العارِفِ المُتَجاهِلِ
مَلأْتُ عليه الأَرْضَ، حتَّى كأنَّها ... مِنَ الضِّيقِ في عَيْنَيْهِ كِفَّةُ حابِلِ
أَكُلُّ امرىءٍ أَلْفَى أَباهُ مُقَصِّراً ... مُعادٍ لأَهْلِ المَكْرُماتِ الأَوائِلِ
إِذا ذُكِرَتْ مَسْعاةُ والدِهِ اضْطَنَى ... ولا يَضْطَنِي مِنْ شَتْمِ أَهْلِ الفَضائِلِ
وما مُنِعَتْ دارٌ، ولا عَزَّ أَهْلُها ... مِن النَّاسِ إِلاَّ بالقَنا والقَنابِلِ
ومَنْ يَلْتَمِسْ مِ، طَيِّىءٍ تِرَةً لهُ ... يَكُنْ كالثُّرَيّا مِنْ يَدِ المُتَناول
قال
عبيد بن أيوب
بن ضرار العنبري، إسلامي
كأَنَّ بلادَ اللّهِ، وهْيَ عَرِيضَةٌ ... على الخائِفِ المَطْرُودِ، كِفَّةُ حابِلِ
يُؤَتَّى إِليه أَنَّ كُلَّ ثَنِيَّة ... تَطَلَّعَها تَرْمِي إِلَيهِ بَقاتِلِ
قال
النابغة الذبياني
واسمه زياد بن معاوية، جاهلي
تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها ... لسِتَّةِ أَعْوامٍ، وذا العامُ سابِع
كأَنَّ مَجَرَّ الرَّامِساتِ ذُيُولَها ... عَلَيْها قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوانِعُ
على حِينَ عاتَبْتُ المَشِبَ عَلَى الصِّبا ... فقلتُ: أَلَمَّا تَصْحُ، والشَّيْبُ وازِعُ
وقَدْ حالَ هَمٌّ دُونَ ذلكَ شاغِلٌ ... وُلُوجَ الشِّغاف تَبْتَغِيهِ الأَصابعُ
وَعِيدُ أَبِي قابُوسَ في غَيْرِ كُنْهِهِ ... أَتانِي، ودُونِي راكِسٌ فالضَّواجعُ
فبِتُّ، كأَنِّي ساوَرَتْنِي خَئِيلَةٌ ... مِنَ الرُّقْشِ، في أَنْيابِها السُّمُّ ناقِعُ
يُسَهَّدُ مِنْ نَوْمِ العِشاءِ سَلِيمُها ... لحَلْيِ النِّساءِ في يَدَيْهِ قَعاقعُ
تَناذَرَها الرَّاقُونَ مِنْ سُوءِ سَمِّها ... تُطَلِّقُهُ عَصْراً وعَصْراً تُراجِعُ
وخُبِّرْتُ خَيْرَ النَّاسِ أَنَّكَ لُمْتَنِي ... وتلكَ التي تَسْتَكُّ مِنْها المَسامِعُ
تَوَعَّدُ عَبْداً لم يَخُنْكَ أَمانَةً ... وتَتْرُكُ عَبْداً ظالِماً وهْوَ ضالِعُ
لكلَّفْتِني ذَنْبَ امْرِىءٍ وتَرَكْتَهُ ... كَذِي العُرِّ يُكْوَى غَيْرُهُ وهْوَ راتِعُ
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً،وهَلْ يَأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وهْوَ طائِعُ
لَعَمْرِي، وما عَمْرِي عليَّ بِهَيِّنٍ ... لقَدْ نَطَقَتْ بُطْلاً عليَّ الأَقارِعُ
أَقارِعُ عَوْفٍ، لا أُحاوِلُ غَيْرَها، ... وُجُوهٌ كِلابٍ تَبْتَغِي مَن تُجادِعُ
فإِنْ كنتَ لاذا الضِّغْنِ عنِّي مُكَذِّباً، ... ولا حَلفِي على البَراءةِ نافِعُ
ولا أَنا مَأْمُونٌ بقَوْلٍ أَقُولُهُ ... وأَنْتَ بِأَمْرٍ لا مَحالَةَ واقِعُ

فإنَّكَ كاللَّيْلِ الذي هو مُدْرِكِي ... وإِنْ خِلْتُ أَنَّ المُنْتَأَى عَنْكَ واسِعُ
خَطاطِيفُ حُجْنٌ في حِبالٍ مَتِينَة ... تَمُدُّ بِها أَيْد إِليكَ نَوازِعُ
سيَبْلُغُ عُذْراً أَو نجَاحاً مِن امْرِىءٍ ... إِلى رَبِّهِ، رَبِّ البَريَّةِ، راكِعُ

مضرس بن ربعي
جاهلي
يا أَيُّها الرَّجُلُ المُهْدِي قَوارِصَهُ ... أَبْصِر طَريقَكَ، لا يَشْخَصْ بكَ البَصَرُ
لا يُلْقِيَنَّكَ في أَفْواهِ مَهْلَكَة ... قَوْلُ السِّفاهِ، وضَعْفٌ حينَ تَأْتَمِرُ
يا ابْنَ اسْتِهاطُلْتَ لمَّا بنْتُ عَنْكَ ولَوْرَأَيْتَ في النَّوْمِ شَخْصِي نالكَ القصَرُ
فإِنْ قَرُبَتْ، فلا أَهْلٌ ولا رَحُبَتْ ... أَرْضٌ عليكَ، ولا اخْتِيرَتْ لكَ الخِيَرُ
وإِنْ بَعُدْتَ، فأَقْصاها وأَبْعَدُها ... في مَنْزِلٍ ما بِهِ شَمْسٌ ولا قَمَرُ
شَحْطَ المَزارِ على عَلْياء شامِخَةٍ ... مِنْ دُونِ قُنَّتِها يُسْتَنْزَلُ المَطَرُ
لا زِلْتَ حَرْباً ولا سالَمْتَنا أَبَداً ... فما لَدَيْكَ لَنا نَفْعٌ ولا ضَرَرُ
نَحْنُ الذين لَنا مَجْدٌ ومَكْرُمَةٌ ... والسَّابِقُون إِذا ما أُغْلِيَ الخَطَرُ
والمانِعُونَ إِذا كانَتْ مُمانَعَةٌ ... والعائِدُونَ بِحُسْناهُمْ إِذا قَدَرُوا
قال
الأشجع السلمي
من شعراء الدولة العباسية
وعلى عَدُوِّكَ يا ابنَ عمِّ محمدٍ ... رَصَدان، ضَوْءُ الصُّبْحِ والإِظْلامُ
فإِذا تَنَبَّهَ رُعْتَهُ، وإِذا هَدَا ... سَلَّتْ عليهِ سُيُوفَكَ الأَحْلامُ
قال
علي بن جبلة
العكوك
وما لامْرىءٍ حاوَلْتَهُ منكَ مَهْرَبٌ ... ولَوْ رَفَعَتْهُ في السَّماءِ المطَالعُ
ولا هاربٌ لا يَهْتَدِي لمكانه ... ظَلامٌ ولا ضَوْءٌ مِن الصُّبْح ساطِعُ
قال
قيس بن رفاعة الواقفي
من بني واقف بن امرئ القيس
أَنَا النَّذِيرُ لَكُمْ منِّي مُجاهَرَةً ... كيْ لا أُلامَ على نَهْيٍ وإِنْذارِ
فإِنْ عَصَيْتُمْ مَقالِي فاعْتَرِفُوا ... أَنْ سَوْفَ تَلْقُونَ خِزْياً ظاهِرَ
لَتَرْجِعُنَّ أَحادِيثاً مُلَعَّنَةً ... لَهْوَ المُقِيمِ ولَهْوَ المُدْلِجِ السَّارِي
مَنْ كانَ في نَفْسِهِ حَوْجاءُ يَطْلُبُها ... عِنْدِي فإِنِّي له رَهْنٌ بإِصْحارِ
أُقِيمُ عَوْجَتَهُ إِنْ كانَ ذا عِوَجٍ ... كما يُقَوِّمُ قِدْحَ النَّبْعَةِ الباري
وصاحِبُ الوتْر لَيْس الدَّهْرَ مُدْركَهُ ... عِنْدِي وإِنِّي لَدَرَّاكٌ بأَوْتاري
مَنْ يَصْلَ ناري بلا ذَنْب ولا تِرَة ... يَصْلَ بنارِ كَريمٍ غَيْر غَدَّار
قال
أبو الطفيل عامر بن وائلة الليثي
إسلامي
رَأَتْني فقالتْ: أَنتَ شَيْخٌ، وإِنَّما ... يَرُوقُ الغَوانِي مُجْدِبُ الخَدِّ خَالِعُ
لكِ الخَيْرُ لو أَبْصَرْتِنِي يوم مَأْزقٍ ... وقَدْ لَمَعَتْ فيه السُّيوفُ القَواطِعُ
وعندَ النَّدَى، ناهِيكِ بِي مِنْ أَخِي الندى ... وعندَ حِجاجِ القَوْمِ قَوْلِي قاطِعُ
يَعُدُّونَنِي شَيْخاً، وقَدْ عِشْتُ حِقْبَةً ... وهُنَّ عن الأَزْواجِ نَحْوي نَوازع
وما شابَ رَأْسِي مِن سِنِينَ تَتَابَعَتْ ... عليَّ، ولكنْ شَيَّبَتْنِي الوقَائِعُ
وما قَصَّرَتْ بي هِمَّتِي دُونَ بُغْيَتِي ... ولا دَنَّسَتْنِي منذُ كنتُ المَطامِعُ
قال
حارثة بن بدر الغداني
وإِنَّا لَتَسْتَحْلِي المَنايا نُفُوسُنا ... ونَتْرُكُ أُخْرَى مُرَّةً لا نَذُوقُها

وشَيَّبَ رَأْسِي قَبْلَ حِين مَشِيبةِ ... رُعُودُ المَنايا بَيْنَنا وبُرُوقُها

قال
عمرو بن معديكرب الزبيدي
أَشابَ الرَّأْسَ أَيَّامٌ طِوالٌ ... وَهمٌّ ما تُفارِقُهُ الضُّلُوعُ
وسَوْقُ كَتِيبَةٍ دَلَفَتْ لأُخْرَى ... كأَنَّ زُهاءها رَأْسٌ صَلِيعُ
دَنَتْ، واسْتَأَخَرَ الأَوْغالُ عَنْهَا ... وخُلِّيَ بَيْنَهُمْ إِلاَّ الوَرِيعُ
إِذا لمْ تَسْتَطِعْ شَيْئاً فَدَعْهُ ... وجاوِزْهُ إِلى ما تَسْتَطِيعُ
وصِلْهُ بالزَّماعِ فكُلُّ أَمْرٍ ... سَما لَكَ أَوْ سَمَوْتَ لهُ وَلُوعُ
قال
في معناه
الأعشى عبد الرحمن بن عبد الله
الهمداني، أموي الشعر
إِذا حاجَةٌ وَلَّتْكَ لا تَسْتَطِيعُها ... فَخُذْ طَرَفاً مِن حاجَةٍ حِينَ تَسْبِقُ
فذلكَ أَحْرى أَنْ تَنالَ جَسيمَها ... ولَلْقَصْدُ أَبْقَى في الأُمُور وأَوْفَقُ
قال
القتال الكلابي
عبيد بن مجيب بن المضرحي
وكنيته أبو المسيب، إسلامي
نَشَدْتُ زياداًن والمَقامَةُ بَيْنَنَا، ... وذَكَّرْتُُ أَرْحامَ سِعْرٍ وهَيْثَم
ولمَّا دَعانِي لَمْ أُجِبْهُ لأَنَّنِي ... خَشِيتُ عليه وَقْعَةً مِن مُصَمِّمِ
فلمَّا أَعادَ الصَّوْتَ لمْ أَكُ عاجزاً ... ولا وَكِلاَ في كُلِّ دَهْيَاء صَيْلَم
فلمَّا رَأَيتُ أَنَّه غيرُ مُنْتَه ... أَمَلْتُ له كَفِّي بلَدْن مُقَوَّمِ
فلمَّا رَأَيتُ أَنَّنِي قد قَتَلْتُهُ ... نَدِمْتُ عليهِ، أَيَّ ساعَةِ مَنْدَمِ
قال
نهشل بن حري
بن ضمرة الدارمي، مخضرم
ويومٍ، كَأَنَّ المُصْطَلِينَ بِحَرِّهِ، ... وإِنْ لمْ يَكُنْ جَمْرٌ، قِيامٌ على الجَمْر
صَبَرْنا لهُ حتَّى يَبُوخَ وإنَّما ... تُفَرَّجُ أَيَّامُ الكَرِيهَةِ بالصَّبْر
ومَنْ عَدَّ مَسْعاةً فلا تُكْذَبَنَّها ... ولا تَكُ كالأَعْمَى يقولُ ولا يَدْري
قال
عمرو بن معديكرب الزبيدي
أَعاذِلَ إِنَّما أَفْنَى شَبابِي ... رُكُوبِي في الصَّرِيخِ إِلى المُنادِي
أَعاذِلَ شِكَّتِي سَيْفِي ورُمْحي ... وكُلُّ مُقَلِّسٍ سَلِسِ القِيادِ
ولَوْ لاقَيْتَنِي ومعِي سِلاحِي ... تَكَشَّفَ شَخْمُ قَلْبِكَ عن سَوادِ
أُرِيدُ حياتَهُ ويُرِيدُ قَتْلِي ... عَذِيرَكَ مِن خَلِيلِكَ مِن مُرادِ
ويَبْقَى بَعْدَ حِلْمِ القَوْمِ حِلْمِي ... ويَنْفَدُ قَبْلَ زادِ القَوْمِ زادِي
قال
أنيف بن زيان النهشلي
ولمَّا التَقَى الصَّفَّانِ واشْتَجَرَ القَنا ... نِهالاً، وأَسْبابُ المَنايا نِهالُها
تَبَيَّنَ لِي أَنَّ القَمَاءَةَ ذِلَّةٌ، ... وأَنَّ أَعِزَّاء الرِّجالِ طِوالُها
فلمَّا أَتَيْنا السَّفْحَ مِن بَطْنِ حائِلٍ ... بحيْثُ تَلاقَى طَلْحُها وسَيالُها
دَعَوْا لِنِزارٍ، وانْتَمَيْنا لِطِّيءٍ، ... كأُسْدِ الشَّرَى إِقْدامُها ونِزالُها
ولمَّا الْتَقَيْنا بَيَّنَ السَّيْفُ بَيْنَنَا ... لِسائِلَةٍ عَنَّا حَفِيٍّ سُؤالُها
ولمَّا عَضِينا بالسُّيُوفِ تَقَطَّعَتْ ... وسائِلُ كانتْ قَبْلُ سِلْماً حِبالُها
فَوَلَّوْا، وأَطْرَافُ الرِّماحِ عَلَيْهِمُ ... قَوادِرُ، مَرْبُوعاتُها وطِوالُها
ولمَّا تَدانَوْا بالرِّماحِ تَضَلَّعَتْ ... صُدورُ القَنا مِنْهُم، وعَلَّتْ نِهالُها
قال
الفرزدق
همام بن غالب، أموي الشعر
تَصَرَّمَ عَنِّي وُدُّ بَكْرِ بنِ وائِلٍ ... وما خِلْتُ مِنِّي وُدُّهُمْ يَتَصَرَّمُ

قَوارصُ تَأْتِينِي ويَحْتَقِرُونَها ... وقَدْ يَمْلأُ القَطْرُ الإِناء فَيَفْعَمُ

قال
عبيد بن أيوب
بن ضرار العنبري
وطالَ احْتِضانِي السَّيْفَ، حتَّى كَأنَّما ... يُلاطُ بِكَشْحِي جَفْنُهُ وحَمائِلُهْ
أَخُو عَزَمات، صاحَبَ الجِنَّ وانْتَأَى ... عن الإِنْسِ حتَّى قد تَقَضَّتْ وسائِلُهْ
لهُ نَسَبُ الإِنْسِيِّ يُعْرَفُ نَجْرُهُ، ... ولِلْجِنِّ مِنْهُ شَكْلُهُ وشَمائِلُهُ
قال
معن بن أوس المزني
تَكَنَّفَهُ الوُشاةُ فأَزْعَجُوهُ ... ودَسُّوا مِن فَضالَةَ غَيْرَ وانِي
فَلَوْلا أَنَّ أُمَّ أُبِيهِ أُمِّي ... وأَنِّي مَنْ هَجاهُ فقَدْ هجانِي
إِذَنْ لأَصابَهُ مِنِّي هجاءٌ ... تَناقَلُهُ الرُّواةُ على لِسانِي
أُعَلِّمُهُ الرِّمايَةَ كُلَّ يَوْمٍ ... فلمَّا اشْتَدَّ ساعدُهُ رَمانِي
قال
كعب بن معدان الأشقري
أموي الشعر
كأَنَّ القَنا الخَطِّيَّ فِينا وفِيهمُ ... شَواطِنُ بِئْر هَيَّجَتْها المَواتِحُ
هُناك قَذَفْنا بالرِّماحِ، فما يُرَى ... مِن القَوْمِ في جَمْعِ الفَرِيقَيْنِ رامِحُ
ودُرْنا كما دَارتْ على قُطْبها الرَّحَى ... ودارَتْ على هامِ الرِّجالِ الصَّفائِحُ
قال
آخر
ولَمْ أَرَ كالمِقْدامِ أَبْعَدَ هِمَّةً ... وأَرْبَطَ جَأْشاً حِينَ تَخْتَلِفُ السُّمْرُ
فتىً إِنْ هو اسْتَغْنَى تَخَرَّقَ في الغِنَىوإِنْ قَلَّ مالاً لمْ يَضَعْ مَتْنَهُ الفَقْرُ
ولَسْتَ تَراهُ جازعاً لِمُصيبَة ... ولا فَرحاً بالدَّهْر إِنْ أَسْعَدَ الدَّهْرُ
قال
عبد القيس بن خفاف البرجمي
صَحَوْتُ وزَايَلَنِي باطِلِي ... لَعَمْرُ أَبِيكَ زِيالاً طَوِيلا
وَأَصْبَحْتُ أَعْدَدْتُ لِلنَّائِبا ... تِ عِرْضاً بَرِيئاً وغَضْباً صَقيلا
وَوَقْعَ لسانٍ كَحَدِّ السِّنانِ ... ورُمْحاً مِن الخَطِّ لدْناً طَوِيلا
وسابغَةً من جِياد الدُّرُو ... عِ تَسْمَعُ للسَّيفِ فيها صَلِيلا
كَمَتْنِ الغَدِيرِ زَفَتْهُ الدَّبُورُ ... يَجُرُّ المُدَجِّجُ مِنْها فُضولا
فهذا عَتادِي، وإِنِّي امْرُؤٌ ... أُوالِي الكَرِيمَ وأَجْفُو البَخِيلا
ونارٍ دَعَوْتُ بها الطَّارِقِي ... نَ واللَّيْلُ مُلْقٍ عَلَيْها سُدُولا
إِلى مَلِقٍ بضُيُوفِ الشِّتاءِ ... إِذا الرِّيحُ هَبَّتْ بِلَيْلٍ بَلِيلا
حَلِيمٌ، ولكنَّهُ في الحُرُوبِ ... إِذا ما تَلَظَّتْ تَراهُ جَهُولا
رَأَى أَنَّه جَزَرٌ للمَنُونِ ... ولَوْ عاشَ في الدَّهْرِ عُمْراً طَوِيلا
فطاوَعَ رائِدَهُ في الهَوَى ... وعاصَى على ما أَحَبَّ العَذُولا
قال
آخر
تَراهُ كَمَتْنِ السَّيْفِ، أَصْدَأَ مَتْنَهُ ... تَقادُمُهُ، والنَّصْلُ ماضِي المضَارِبِ
تَغَرَّبَ يَبْغِي اليُسْرَ، لَيْسَ لِنَفْسِهِ ... خُصُوصاً، ولكنْ لابْنِ عَمٍّ وصاحِبِ
ومَنْ لَمْ يَزَلْ يَخْشَى العَواقِبَ لمْ يَزَلْ ... مَهيناً رَهِيناً في حِبالِ العَواقِبِ
رَأَى العَجْزَ في طُولِ الثَّواءِ بِلا غِنىً ... فأَعْمَلَ فيهِ يَعْمَلاتِ الرَّكائِبِ
وأَشْفَقَ مِن أَسْرِ التَّبَلُّدِ مُقْتِراً ... فلَمْ يُنْجِهِ إِلاَّ نَجاءُ النَّجائِب
قال
أبو تمام الطائي
في معناه
أَعاذِلَتي ما أَخْشَنَ اللَّيْلَ مَرْكَباً ... وأَخْشَنُ مِنْهُ في المُلِمَّاتِ راكبُهْ
دَعِيني وأَهْوالَ الزَّمان أُفانِها ... فأَهْوالُهُ العُظْمَى تَلِيها رغَائِبُهْ

أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ الزِّمَاعَ على السُّرَىأَخُو النُّجْحِ عِنْدَ النَّائِباتِ وصاحِبُهْ
وقَلْقَلَ نَأْيٌ مِنْ خُراسَانَ جَأْشَهافَقُلْتُ: اطْمَئِنِّي، أَنْضَرُ الرَّوْضِ عازِبُهْ

قال
قطري بن الفجاءة
أحد الخوارج
أَقولُ لها، وقَدْ طارَتْ شعَاعاً ... مِن الأَبْطال: وَيْحكِ لا تُرَاعِي
فإِنَّكِ لو سَأَلْتِ بقَاء يَوْمٍ ... على الأَجَلِ الذي لَكِ لَنْ تُطاعي
فَصَبْراً في مَجالِ المَوْتِ صَبْراً ... فَما نَيْلُ الخُلُودِ بِمُسْتَطاعِ
ولا ثَوْبُ البقَاءِ بثَوْبِ عِزٍّ ... فيُطْوَى عن أَخِي الخَنَعِ اليَراع
سَبِيلُ المَوْتِ غايَةُ كُلِّ حَيٍّ ... فَداعِيهِ لأَهْلِ الأَرْضِ داعِي
ومَنْ لا يُعْتَبَط " ْ يَسْأَمْ ويَهْرَمْ ... وتُسْلمْهُ المَنُونُ إِلى انْقِطاعِ
وما للْمرءِ خَيْرٌ في حَياة ... إذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المتاع
قال
أيضا
ً
لا يرْكَنَنْ أَحَدٌ إِلى الإِحْجامِ ... يوْمَ الوَغَى مُتَخَوِّفاً لِحِمامِ
فلَقَدْ أَرانِي للرِّماحِ دَرِيَّةً ... مِن عن يَمِينِي مَرَّةً وأَمامِي
حتَّى خَضَبْتُ بِما تَحَدَّرَ من دَمِي ... أَكْنافَ سَرْجِي أَو عِنانَ لِجامِي
ثُمَّ انْصَرَفْتُ وقَدْ أَصَبْتُ ولَمْ أُصَبْ ... جَذَعَ البَصِيرَةِ قارِحَ الإِقْدام
قال
المثقب العبدي
لَعَمْرُكَ إِنَّنِي وأَبا رياحٍ ... على طُولِ التَّهاجُر مُنْذُ حِينِ
لأُبْغِضُهُ ويُبْغضُنِي وأَيْضاً ... يَرانِي دُونَهُ وأَراهُ دُونِي
فَلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبحْنا ... جَرَى الدَّميَان بالخَبَر اليَقين
فإِمَّا أَنْ تَكُونَ أَخِي بحَقٍّ ... فأَعْرفَ منكَ غَثِّي مِن سَمِينِي
وإِلاَّ فاطَّرحْنِي واتَّخِذْنِي ... عَدُوّاً أَتَّقِيكَ وتَتَّقِينِي
وما أَدْري إِذا يَمَّمْتُ أَرْضاً ... أُريدُ الخَيْرَ أَيُّهُما يَلِينِي
أَأَلْخَيْرُ الذي أَنَا أَبْتَغِيه ... أَم الشَّرُّ الذي هو يَبْتَغِينِي
قال
العريان بن سهلة النبهاني
من طيئ
أَقولُ للنَّفْسِ تَأْساءً وتَعْزِيَةً ... إِحْدَى يَدَيَّ أَصابَتْنِي ولَمْ تُردِ
كِلاهُما خَلَفٌ مِن فَقْد صاحِبهِ ... هذا أَخِي حِينَ أَدْعُوهُ، وَلَدِي
قال
المتلمس عبد المسيح بن جرير
جاهلي
وكُنَّا إِذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... أَقَمْنا لهُ مِن زَيْغِهِ فَتَقَوَّما
أَمُنْتَفِلاً مِن نَصْر بُهْثَةَ خِلْتَنِيأَلاَ إِنَّنِي مِنْهُمْ وإِنْ كنتُ أَيْنَما
لِذِي الحِلمِ قَبْلَ الْيَوْمِ مَا تُقرَعُ الْعَصَاوَمَا عُلِّمَ الإِنسَانُ إِلاَّ لِيَعْلَمَا
وَلَوْ غَيْرُ أَخْوالِي أَرادُوا نَقِيصَتِيجَعَلْتُ لَهُمْ فَوْقَ العَرانِينِ مِيسَما
وما كنتُ إِلاَّ مِثْلَ قاطِعِ كَفِّهِ ... بكَفٍّ لهُ أُخْرَى، فأَصْبَحَ أَجْذَما
فلمَّا أَصابَتْ هَذِهِ حَتْفَ هَذِهِ ... فلَمْ تَجدِ الأُخْرَى عَلَيْها مُقَدَّما
فلمَّا اسْتَقادَ الكَفَّ بالكَفِّ لم يَجِدْ ... لهُ دَركاً في أَن تَبِينا فأَحْجَما
فَأَطْرَقَ إِطْراقَ الشُّجاعِ، ولَوْ يَرَى ... مساغاً لِنابَيْهِ الشُّجاعُ لَصَمَّما
أَحَارثُ إِنَّا لو تُساطُ دِماؤُنا ... تَزايَلْنَ حتَّى لا يَمَسَّ دَمٌّ دَما
وأَصْبَحْتَ تَرْجُو أَنْ أَكُونَ لِعَقْبِكُمْزَنِيماً، فما أُحْرزْتُ أَنْ أَتَكَلَّما
تُعَيِّرُنِي أُمِّي رجالٌ ولَنْ تَرَى ... أَخا كَرَم إِلاَّ بأَنْ يَتَكَرَّما
إِذا ما أَدِيمُ القَوْمِ أَنْهَجَهُ البِلَى ... فلا بُدَّ يوماً للقُوَى أَنْ تَجَذَّمَا

والأصل فيه أن عامر بن الظرب العدواني كان حكيم العرب، يقضي بينهم. فلما أسن تغير عقله وصار يخطىء في حكومته. وكان له ابن عم يتصدى موضعه. فقال له أهله: إنك ربما خلطت في حكومتك، ونحن نخاف أن يزول بنا فلان عنن هذا الأمر. فقال: فاجعلوا بيني وبينكم علامةً، إذا خلطت عرفوني من غير كلام فأنتبه لذلك. فقالوا: نقيم لك أمتك فلانة.
وكانت فهمةً لبيبةً. فكانت إِذا خلط قرعت له العصا علامة أنه قد أخطأ، فيرجع إلى فكره ويزول عن تخليطه.

قال
يزيد بن الحكم الكلابي
إسلامي
دَفَعْناكُمُ بالقَوْلِ حَتَّى بَطِرْتُمُ ... وبالرَّاحِ حَتَّى كانَ دَفْعَ الأَصابِعِ
فلمَّا رَأيْنا جَهْلَكُمْ غَيْرَ مُنْتَهٍ ... وما غابَ مِن أَحْلامِكُمْ غَيْرَ راجعِ
مَسِسْنا مِن الآباءِ شَيْئاً، وكُلُّنا ... إِلى حَسَبٍ في قَوْمِهِ غير واضِعِ
فلمَّا بَلَغْنا الأُمَّهات وَجَدْتُمُ ... بَنِي عَمِّكُمْ كانُوا كِرامَ المَضاجع
ويروى أن الأمين كتب إلى المأمون: يا ابن السوداء
فكتب إليه المأمون يقول:
لا تَحْقِرَنَّ امْرءًا مِن أَنْ تَكُونَ له ... أُمٌّ مِن الرُّومِ أَو سَوْداءُ عَجْماءُ
فإِنَّما أُمَّهاتُ القَوْم أَوْعيَةٌ ... مسْتَوْدَعاتٌ، وللأَحْساب آباءُ
فَرُبَّ مُعْرَبَةٍ لَيْسَتْ بمُنْجِبَةٍ ... وَرُبَّما أَنْجَبَتْ لِلْفَحْل سَوْداءُ
قال
الهيثم بن الأسود النخعي
جاهلي
وأَعْلَم عِلْماً ليسَ بالظَّنِّ أَنَّه ... إِذا ذَلَّ مَوْلَى المَرْءِ فهْوَ ذَلِيلُ
وأَنَّ لِسانَ المَرْءِ ما لَمْ تَكُنْ له ... حَصاةٌ على عَوَراتِهِ لَدَلِيلُ
قال
طرفة بن العبد
جاهلي
أًَبا منْذِرٍ أَفْنَيْتَ، فاسْتَبْق بَعْضَناحَنانَيْكَ، بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِن بَعْضِ
أَبا منْذِرٍ كانتْ غُروراً صَحِيفَتِي ... ولَمْ أُعْطِكُمْ في الطَّوْعِ مالِي ولا عِرْضِي
رَدِيتُ، ونَجَّا اليَشْكُريَّ حِذارهُ ... وحادَ كما حادَ الأَزَبُّ عن الدَّحْضِ
قال
آخر
سَمَوْنا لَهُمْ بالخَيْلِ تَرْدِي كأَنَّها ... سَعالٍ وعِقْبانُ اللِّوى حِينَ يُرْكَبُ
فقالُوا لَنا: إِنَّا نُرِيدُ لِقَاءكُمْ، ... فقُلْنا لَهُمْ: أَهْلٌ تَمِيمٌ ومَرْحَبُ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّا نَفُلُّ عَدُوَّناإِذا احْشَوْشَدُوا في جَمْعِهِمْ وتَأَشَّبُوا
بِضَرْب يَفُضُّ البَيْضَ شِدَّةُ وَقْعِهِ ... ووَخْزٍ تُرَى منْهُ الأَسِنَّةُ تُخْضَبُ
قال
هدبة بن خشرم
إسلامي
طَرِبْت، وأَنْتَ أَحْياناً طَرُوبُ ... وكَيْفَ! وقَدْ تَغَشَّاكَ المَشِيبُ
يُجِدُّ النَّأْيُ ذِكْرَكِ في فُؤادِي ... إِذا ذَهَلَتْ على النَّأْيِ القُلُوب
عَسَى الهَمُّ الذي أَمْسَيْتُ فِيهِ ... يكُونُ وَراءه فَرَجٌ قَريب
فَيأْمَنَ خائِفٌ، وَيُفَكَّ عانٍ، ... ويَأْتِيَ أَهْلَه الرَّجُلُ الغَرِيبُ
أَلاَ لَيْتَ الرِّياحَ مُسَخَّراتٌ ... لِحاجَتِنا تُباكِرُ أَو تَؤُوبُ
فتُخْبِرَنا الشَّمالُ إِذا أَتَتْنا ... وتُخْبِرَ أَهْلَنا عَنَّا الجَنُوبُ
بَأَنَّا قد نَزَلْنَا دارَ بَلْوى ... فتُخْطِئُنا المَنِيَّةُ أَو تُصِيبُ
فإِنْ يَكُ صَدْرُ هذا اليومِ وَلَّى ... فإنَّ غَداً لِناظِرِهِ قَرِيبُ
وقَدْ عَلِمَتْ سُلَيْمَى أَنَّ عُودِي ... على الحَدَثانِ ذُو أَيْدٍ صَلِيبُ
وَأنَّ خَلائِقِي كَرَمٌ، وأَنِّي ... إِذا أَبْدَتْ نَواجِذَها الخُطُوبُ
أُعِينُ على مَكارِمِها، وأَغْشَى ... مَكارهَها إِذا هابَ الهَيُوبُ
وإِنِّي في العَظائِمِ ذُو غَناءٍ ... وأُدْعَى للسَّماحِ فأَسْتَجِيبُ

وإِنِّي لا يَخافُ الغَدْرَ جارِي ... ولا يَخْشَى غَوائِلِيَ القَرِيبُ
على أَنَّ المَنِيَّةَ قد تُوافِي ... لِوَقْتٍ والنَّوائِبُ قد تَنُوبُ

قال
السموأل بن عاديا
جاهلي
ويروى لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي، من شعراء الدولة العباسية
إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنَسْ مِن اللُّؤْمِ عِرْضَهُ ... فكُلُّ رِداءٍ يَرْتَدِيهِ جَمِيلُ
وإِنْ هُو لَمْ يَحْمِلْ على النَّفْسِ ضَيْمَها ... فَلَيْسَ إلى حُسْنِ الثَّناءِ سبيلُ
وقائِلَةٍ: ما بالُ أُسْرَةِ عادِيا ... تَبارَى، وفِيهمْ قِلَّةٌ وخُمُولُ
تُعَيِّرُنا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنا ... فقلتُ لها: إِنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ
وما ضَرَّنا أَنَّا قَلِيلٌ وجَارُنا ... عَزِيزٌ، وجارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ
وما قَلَّ مَنْ كانَتْ بَقاياهُ مثْلَنا ... شَبابٌ تَسامَى لِلْعُلا وَكُهُولُ
لَنا جَبَلٌ يَحْتَلُّه مَنْ نُجِيره ... مُنِيفٌ، يَردُّ الطَّرْفَ وهْوَ كَلِيلُ
رَسَا أَصْلُه تَحْتَ الثَّرَى، وسَما بِهِ ... إِلى النَّجْمِ فَرْعٌ لا يُنال طَويل
هو الأَبْلَقُ الفَرْدُ الذي سارَ ذِكْرُهُ ... يَعِزُّ على مَنْ رَامهُ فيَطُولُ
وإِنَّا لَقَوْمٌ ما نَرَى القَتْلَ سُبَّةً ... إِذا ما رَأَتْهُ عامِرٌ وَسُلُولُ
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوْتِ آجالنَا لَنا ... وتَكْرَهُهُ آجالُهُمْ فتَطُولُ
وما ماتَ مِنَّا سَيِّدٌ حَتْفَ أَنْفِهِ ... ولا طُلَّ مِنَّا حَيْثُ كانَ قَتِيلُ
تَسِيل على حَدِّ الظُّباتِ نُفُوسنا ... ولَيْسَتْ على غَيْرِ الظُّباتِ تَسِيلُ
صَفَوْنا فَلَمْ نَكْدَرْ، وأَخْلَصَ سِرَّنا ... إِناثٌ أَطابَتْ حَمْلَنا وفُحُولُ
عَلَوْنا إِلى خَيْرِ الظُّهُورِ، وحَطَّنا ... لِوَقْتٍ إِلى خَيْرِ البُطُونِ نُزُولُ
فنَحْنُ كماءِ المُزْنِ، ما فِي نِصابِنا ... كهَامٌ، ولا فِينا يُعَدُّ بَخِيلُ
ونُنْكِرُ إِنْ شِينَا على النَّاسِ قَوْلَهُمْ ... ولا يُنْكِرُونَ القَوْلَ حِينَ نَقُولُ
إِذا سَيِّدٌ مِنَّا خَلا قامَ سَيِّدٌ ... قَؤُولٌ لِما قال الكِرامُ فَعُولُ
وما أُخْمِدَتْ نارٌ لنَا دُونَ طارِقٍ ... ولا ذَمَّنا في النَّازِلِينَ نَزِيلُ
وَأيَّامُنا مَشْهُورَةٌ في عَدُوِّنا ... لَها غُرَرٌ مَعْلُومَةٌ وحُجُولُ
وأَسْيافُنا في كُلِّ شَرْقٍ ومَغْرِبٍ ... بِها مِن قِراعِ الدَّارِعينَ فُلُولُ
مُعَوَّدَةً أَلاَّ تُسَلَّ نِصالُها ... فتُغْمَدَ حتَّى يُسْتَباحَ قَبِيلُ
سَلِي، إِنْ جَهِلْت، النَّاسَ عَنَّا وعَنْهُمُ ... فلَيْسَ سَواءً عالِمٌ وجَهُولُ
فإِنَّ بَنِي الدَّيّان قُطْبٌ لقَوْمِهِمْ ... تَدُورُ رحَاهُمْ حَوْلَهُمْ وتَجُولُ
قال
جعفر بن علبة الحارثي
لا يَكْشِف الغَمَّاءَ إِلاَّ ابنُ حُرَّةٍ ... يَرَى غَمَراتِ المَوْتِ ثمَّ يَزُورُها
نُقَاسِمُهُمْ أَسْيافَنا شَرَّ قِسْمَةِ ... فَفِينا غَواشِيها وفِيهمْ صُدُورُها
قال
جرير بن عطية بن الخطفي
لمَّا تَذَكَّرْتُ بالدَيْرَيْنِ أَرَّقَنِي ... صَوْتُ الدَّجاجِ وقَرْعٌ بالنَّواقِيسِ
فقلتُ للرَّكْبِ، إِذْ جَدَّ الرَّحِيل بِنا: ... يَا بُعْدَ يَبْرِينَ مِن بابِ الفَرادِيسِ
عَلَّ الهَوَى مِنْ بَعِيدٍ أَنْ يُقَرِّبَهُ ... أُمُّ النُّجومِ، ومَرُّ القَوْمِ بالعِيسِ

إِني، إِذا الشَّاعِرُ المَغْرورُ حَرَّبَنِي، ... جارٌ لِقَبْرٍ على مَرَّانَ مَرْموسِ
نَحْمِي، ونَغْتَصِب الجَبَّارَ نَجْنُبُه ... في مُحْصَدٍ مِن حِبالِ القِدِّ مَخْموسِ
وابن اللَّبونِ إِذا ما لُزَّ فِي قَرَنِ ... لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيسِ
أَقْصِرْ، فإِنَّ نِزاراً لَنْ يفاخِرَهمْ ... فَرْعٌ لَئِيمٌ وأَصْلٌ غَيْر مَغْروسِ
هَلْ مِنْ حلومٍ لأَقْوامٍ فننذِرَهمْ ... ما جَرَّبَ النَّاس مِن عَضِّي وتَضْريسِي

قال
الفرزدق همام بن غالب
ومَغْبوقَة دونَ العِيالِ، كأَنَّها ... جَرادٌ إِذا أَجْلَى مع الفَزَعِ الفَجْرُ
تَرَكْنَ ابنَ ذِي الجَدَّيْنِ يَنْشِج مُسْنَداً ... ولَيْسَ له إِلاَّ أَلاءتَه قَبْرُ
إِذا سُوِّمَتْ للبَأْسِ أَغْشَى صُدُورَها ... أُسُودٌ عليها المَوْتُ عادَتُهَا الهَصْرُ
غَداةَ أَحَلَّتْ لابْنِ أَصْرَمَ طَعْنَةٌ ... حُصَيْنٍ عَبِبيطاتِ السَّدائِفِ والخَمْرُ
قال
ربيعة بن مقروم الصبي
أَمِنْ آلِ هِنْدٍ عَرَفْتَ الرُّسُوما ... بحُمْرانَ قَفْراً أَبَتْ أَنْ تَرِيما
وَقَفْت، أُسائِلها، ناقَتِي ... وما أَنا أَمْ ما سُؤالِي الرُّسُوما
وذَكَّرَنِي العَهْدُ أيَّامَها ... فهاجَ التَّذَكُّرُ قَلْباً سَقِيما
فإِنْ تَسْأَلِينِي فإِنِّي امْرُؤٌ ... أُهِينُ اللَّئِيمَ وأَحْبُو الكَرِيما
وقَوْمِي، فإِنْ أَنْتَ كَذَّبْتَنِي ... بِقَوْلِيَ فاسْأَلْ بِقَوْمِي عَلِيما
طِوالُ الرماحِ غَداةَ الصَّباحِ ... ذَوُو نَجْدَةٍ يَمْنَعُونَ الحَرِيما
بَنو الحَرْبِ يَوْماً إِذا اسْتَلأَمُوا ... حَسِبْتَهمُ في الحَدِيدِ القُرُوما
ودارِ هَوانٍ أَنِفِنا المُقامَ ... بِها، فحَلَلْنا مَحَلاًّ كَرِيما
وثَغْرٍ مَخُوفٍ أَقَمْنا بهِ ... يَهابُ به غَيْرُنا أَنْ يُقِيما
جَعَلْنا السُّيُوفَ به والرِّماحَ ... مَعاقِلَنا والحَدِيدَ النَّظِيما
قال
زهير بن أبي سلمى
يا حارِ لا أُرْمَيَنْ منكمْ بداهِيَة ... لَمْ يَلْقَها سُوقَةٌ قَبْلِبي ولا مَلِكُ
ارْدُدْ يَساراً، ولا تَعْنُفْ عَلَيَّ، ولاتَمْعَكْ بِعِرْضِكَ، إِنَّ الغادِرَ المَعِكُ
تَعَلَّمْنْ هَا لَعْمَرُ اللّهِ ذا قَسَماً ... فاقْصِدْ بذَرْعِكَ وانْظرْ أَين تَنْسَلِكُ
لَئِنْ حَلَلْتَ بجَوٍّ في بَنِي أَسَدٍ ... في دِينِ عَمْرٍو، وحالَتْ بَيْنَنَا فَدَكُ
لَيَأْتِينَّكَ مِني مَنْطِقٌ قَذَعٌ ... باقٍ، كما دَنَّسَ القُبْطِيَّةَ الوَدَكُ
وقال امروء القيس بن حجر الكندي
قولا، لدُودانَ عَبِيدِ العَصا: ... ما غَرَّكمْ بالأَسَدِ الباسِلِ
قد قَرَّتِ العَيْنانِ مِن مالِكٍ ... ومِنْ بَنِي عَمْرٍو ومِن كاهِلِ
يا راكِباً بَلِّغ إِخْوانَنا ... مَنْ كانَ مِن كِنْدَةَ أَو وائِلِ
ليَجْلِسُوا، نحن كَفَيْناهُمُ ... ضَرْبَ الجَبانِ العاجِزِ الخاذِلِ
نَطْعَنُهُمْ، سُلْكَى ومُخْلُوجَةً ... كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
حَلَّتْ لِيَ الخَمْرُ وكنتُ امْرءاً ... عن شُرْبِها في شُغْلٍ شاغِلِ
فاليومَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِب ... إثْماً مِن اللّهِ ولا واغِلِ
قال
أيضا
ً
أَرَى أُمَّ عَمْرٍو دَمْعُها قد تَحَدَّرا ... بُكاءً على عَمْرٍو، وما كانَ أَصْبَرا
إِذا قلتُ: هذا صاحِبٌ قد رَضِيتُهُ ... وقَرَّتْ به العَيْنانِ بُدِّلْتُ آخَرا
كذلكَ حَظي، لا أُصاحِبُ صاحِباً ... مِن النَّاسِ إِلاَّ خانَنِي وتَغَيَّرا

وكُنَّا أُناساً قَبْلَ غَزْوَةِ قَرْمَلٍ ... وَرِثْنا الغِنى والمَجْدَ أَكْبَرَ أَكْبَرَا
أَشِيمُ مَصابَ البَرْقِ، أَيْنَ مَصابُهُ ... ولا شَيْء يَشْفِي مِنْكِ يا ابْنَةَ عَفْزَرا
مِن القاصِراتِ الطَّرْفِ، لو دَبَّ مُحْوِلٌ ... مِن الذَّر فوقَ الإِتْبِ مِنْها لأَثَّرا
فدَعْها، وسَل الهَمَّ عنكَ بجَسْرَةٍ ... ذَمُولٍ إِذا صامَ النَّهارُ وهَجَّرا
تُقَطِّعُ غِيطاناً كأَنَّ مُتُونَها، ... إِذا أَظْهَرَتْ، تُكْسَى مُلاءً مُنَشَّرا
تُطايِرُ شُذَّانَ الحَصا بِمَناسِمٍ ... صِلابِ العُجَى مَلْثُومُها غَيْرُ أَمْعَرا
عَلَيْها فَتىً لَمْ تَحْمِلِ الأَرْضُ مِثْلَهُ ... أَبَرَّ بِميثاقٍ وأَوْفَى وأَصْبَرا
أَلا هَلْ أَتاها والحَوادِثُ جَمَّةٌ ... بأَنَّ امرأَ القَيْسِ بن تَمْلِكَ بَيْقَرا
تَذَكَّرْتُ أَهْلِي الصَّالِحينَ، وقَدْ أَتَتْ ... على حَمَلٍ خُوصُ الركاب وأَوْجَرا
ولمَّا بَدَتْ حَوْرانُ، والآلُ دُونَها،نَظَرْتَ، فَلَمْ تَنْظُرْ بعَيْنَيْكَ مَنْظَرا
تَقَطَّعُ أَسْبابُ اللُّبانَةِ والهَوَى ... عَشِيَّةَ جاوَزْنا حَماةَ وشَيْزَرا
بَكَى صاحِبي لمَّا رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ ... وأَيْقَنَ أَنَّا لاحِقانِ بقَيْصَرا
فقلتُ له: لا تَبْكِ عَيْنُكَ، إِنَّما ... نُحاوِلُ مُلْكاً أَو نَمُوتَ فَنُعْذَرا
فإِنِّي أَذِينٌ إِنْ رَجَعْتُ مُمَلَّكاً ... بسَيْرٍ تَرَى مِنْه الفُرانِقَ أَزْوَرا
على ظَهْرِ عادِيٍّ يُحارُ به القَطا ... إِذا ساقَهُ العَوْدُ الدِّيافِيُّ جَرْجَرا
لقَدْ أَنْكَرَتْنِي بَعْلَبَكُّ وأَهْلُها ... وَلاَبْنُ جُرَيْجٍ كانَ في حِمْصَ أَنْكَرا
وما جَبُنَتْ خَيْلِي، ولكنْ تَذَكَّرَتْ ... مَرابِطَها مِن بَرْ بَعِيصَ ومَيْسَرا
أَلا رُبَّ يومٍ صالحٍ قد شَهِدْتُهُ ... بِتاذِفَ ذاتِ التَّلِّ مِنْ فَوْقِ طَرْطَرا
ولا مِثْلَ يَوْمٍ في قُدارَ ظَلِلْتُهُ ... كأَنِّي وأَصْحَابِي على قَرْنِ أَعْفَرا
تَبَصَّرْ خَلِيلِي، هل تَرَى ضَوْء بارقٍ ... يُضِيءُ الدُّجَى والليلَ مِن سَرْوِ حِمْيرا

قال
أيضا
ً
أَلا انْعَمْ صَباحاً أَيُّها الطَّلَلُ الباليوهل يَنْعَمَنْ مَنْ كان في العُصُرِ الخالِي
وهَلْ يَنْعَمَنْ إِلاَّ سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ ... قَلِيلُ الهُمُومِ ما يَبِيتُ بأَوْجال
وهلْ يَنْعَمَنْ مَن كان آخِرُ عَهْدِهِ ... ثلاثينَ شَهْراً في ثَلاثةِ أَحْوالِ
دِيارٌ لِسَلْمَى عافِياتٌ بِذِي الخالِ ... أَلَحَّ عَلَيْها كُلُّ أَسْحَمَ هَطَّالِ
لَيالِيَ سَلْمَى إِذْ تُرِيكَ مُنَصَّباً ... وجِيداً كجِيدِ الرِّثْمِ ليس بِمِعْطال
لَطِيفَةُ طَيِّ الكَشْحِ، غَيْرَ مُفاضَةٍ ... إذا انْحَرَفَتْ مُرْتَجَّةً غَيْرُ مِتْفالِ
كَأَنَّ على لَبّاتِها جَمْرُ مُصْطَلٍ ... أَصابَ غَضاً جَزْلاً وكُفَّ بأَجْزالِ
إِذا ما الضَّجِيعُ ابْتَزَّها مِن ثِيابِها ... تَمِيلُ عليه هَوْنَةً غَيْرَ مِجْبالِ
يُضِيءُ الفِراشَ وَجْهُها لِضَجيعِها ... كمِصْباحِ زَيْتٍ في قَنادِيلِ ذُبّالِ
أَلا زَعَمَتْ بسْباسَةُ اليومَ أَنَّنِي ... كَبرْتُ، وأَنْ لا يَشْهَدُ اللَّهْوَ أَمْثالي
كَذَبْتِ، لقَدْ أُصْبى على المَرْءِ عِرْسَهُوأَمْنَعُ عِرْسِي أَنْ يُزَنَّ بِها الخالِي
ومِثْلِكِ بَيْضاءِ التَّرائِبِ طَفْلَةٍ ... لَعُوبٍ تُنَسِّينِي إِذا قُمْتُ سِرْبالِي
تَنَوَّرْتُها مِن أَذْرِعاتٍ وأَهْلُها ... بيثْرِبَ أَدْنَى دارِها نَظَرٌ عالِ

نَظَرْتُ إِليها والنُّجُومُ كَأَنَّها ... مَصابِيحُ رُهْبانٍ تُشَبُّ لِقُفَّالِ
سَمَوْتُ إليها بَعْدَ ما نامَ أَهْلُها ... سُمُوَّ حَبابِ الماءِ حالاً على حالِ
فقالتْ سَباكَ اللّهُ إِنَّكَ فاضِحِي ... أَلَسْتَ تَرَى السُّمّارَ والنَّاسَ أَحْوالِي
فقلتُ يَمِينَ اللّهِ أَبْرَحُ قاعِداً ... ولَوْ قَطَّعُوا رَأْسِي لَدَيكِ وأَوْصالِي
فلمَّا تنازعْنا الحديث وأَسْمَحَتْ ... هَصَرْتُ بفوْدَيْ ذِي شمارِيخ مَيَّال
فصِرْنا إِلى الحُسْنَى ورَقَّ كلامُنا ... ورُضْتُ فذلَّتْ صَعْبَةً أَيَّ إِذْلالِ
حَلفْتُ لها باللّهِ حَلْفةَ فاجِرٍ ... لنامُوا فما إِنْ مِن حديثٍ ولا صال
وأَصبحتُ مَعْشُوقُا وأَصبحَ بَعْلُها ... عليه القَتامُ كاسِفَ الظَّنِّ والبالِ
يَغِطُّ غَطِيطَ البَكْرِ شُدَّ خِناقُهُ ... لِيَقْتُلَنِي، والمَرْءُ ليس بقَتَّالِ
ولَيْس بذِي سَيْفٍ فَيَقْتُلَنِي بهِ، ... وليسَ بذِي رُمْحٍ ولي بِنَبَّال
كَأَنِّي لَمْ أَرْكَبْ جَواداً لِلذَّةٍ، ... ولَمْ أَتَبَطَّنْ كاعِباً ذات خَلْخالِ
ولَمْ أَسْبَإِ الزِّقَّ الرَّوِيَّ، ولَمْ أَقُلْلِخَيْلِيَ: كُرِّي كَرَّةً، بَعْدَ إِجْفَالِ
ولَمْ أَشْهَدِ الخَيْلَ المُغِيرَةَ بالضُّحَى ... على هَيْكَلٍ فَهْدِ المَراكِلِ جَوَّالِ
سَلِيمِ الشَّظا، عَبْلِ الشَّوَى، شَنِخِ النَّسا ... ، له حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ على الغالِ
وصُمِّ حَوامٍ ما يَقِينَ مِن الوَجَى ... كَأنَّ مكانَ الرِّدْفِ مِنْه على رالِ
كَأَنِّي بفَتْخاءِ الجَناحَيْنِ لِقْوَةٍ ... صَيُودٍ مِن العِقْبانِ طَأْطَأْتُ شِمْلالِي
تَخَطَّفُ خِزَّانَ الأُنَيْعِمِ بالضُّحَى ... وقَدْ جَحَرَتْ مِنْها ثَعالِبُ أَوْرالِ
كأَنَّ قلُوبَ الطَّيْرِ، رَطْباً ويابِساًلَدَى وَكْرِها، العُنَّابُ والحَشَفُ البالِي
فلَوْ أَنَّ ما أَسْعَى لأَدْنَى مَعِيشَةٍ ... كَفانِي، ولَمْ أَطْلُبْ، قَلِيلٌ مِن المالِ
ولكنَّما أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ، ... وقَدْ يُدْركُ المَجْدَ المُؤَثَّلَ أَمْثالي

قال
حسان بن ثابت الأنصاري
ما أُبالِي أَنَبَّ بالحَزْنِ تَيْسٌ ... أَمْ لَحانِي بظَهْرِ غَيْبٍ لَئِيمُ
إَنَّ خالِي خَطِيبُ جابِيَةِ الجَوْ ... لانِ عِنْدَ النُّعْمانِ حينَ يَقُومُ
وأَبِي في سُمَيْحَةَ القائِلُ الفا ... صِلُ يومَ التقَتْ عليه الخُصوم
وأَنا الصَّقْرُ عِنْدَ بابِ ابنِ سَلْمَى ... يوْمَ نُعْمانُ في الكُبُولِ مُقِيمُ
وُأبَيٌّ ووافِدٌ أُطْلِقا لي ... ثُم رُحْنا وقُفْلُهُمْ مَحْطُومُ
وَسَطَتْ نِسْبَتِي الذَّوائِبَ فِيهِمْ ... كُلُّ دارٍ مِنْها أَبٌ لِي عَظِيمُ
رُبَّ حِلْمٍ أَضاعَهُ عَدَمُ الما ... لِ، وجَهْلٍ غَطَّى عليه النَّعِيمُ
وقُرَيْشٌ تَلُوذُ مِنَّا لِواذاً ... لمْ يُقِيمُوا وخَفَّ مِنْها الحُلُومُ
قال
قيس بن زهير
جاهلي
أَلَمْ يَأَتِيكَ، والأَنْباءُ تَنْمِي ... بما لاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ
ومَحْبِسُها على القُرَشِيِّ تُشرَى ... بأَدْراعٍ وأَسْيافٍ حِدادِ
كما لاَقيْتُ مِن حَمَلِ بنِ بَدْر ... وإخْوَتِهِ على ذاتِ الإِصادِ
فهُمْ فَخَرُوا عليَّ بِغَيْرِ فَخْر ... ورَدُّوا، دُونَ غَايَتِهِ، جَوادِي
وكنتُ إِذا مُنِيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ ... دَلَفْتُ له بداهِيَةٍ نَآدِ
وقَدْ دَلَفُوا إِليَّ بفِعْلِ سَوْءٍ ... فأَلْفَوْنِي لهمْ صَعْبَ القِيادِ

أُطَوِّفُ ما أُطَوِّفُ ثُم آوي ... إِلى جارٍ كجَارِ أَبِي دُؤادِ

قال
الأفوه الأودي
صلاءة بن عمرو، جاهلي
إِنْ تَرَىْ رَأْسِيَ فِيه قَزَعٌ ... وشَواتِي خَلَّةٌ فِيها دُوارُ
أَصْبَحَتْ مِنْ بَعْدِ لَوْنٍ واحِدٍ ... وَهْيَ لَوْنانِ، وفِي ذاكَ اعْتِبارُ
فصُرُوفُ الدَّهْرِ في أَطْباقِهِ ... خِلْفَةٌ، فِيها ارْتِفاعٌ وانْحِدارُ
بَيْنَما النَّاسُ على عَلْيائِها ... إِذْ هَوَْا في هُوَّةٍ فِيها فَغَارُوا
إِنَّما نِعْمَةُ قَوْمٍ مُتْعَةٌ ... وحَياةُ المَرْءِ ثَوْبٌ مُسْتَعار
ولَيالِيهِ إِلالٌ لِلقُوَى ... مِن مُداةٍ تَخْتَلِيها وشِفار
تَقْطَع اللَّيلةُ مِنْهُ قُوَّةً ... وكَما كَرَّتْ عليه لا تُغار
حَتَمَ الدَّهْر عَلَيْنا أَنَّهُ ... ظَلَفٌ ما نالَ مِنَّا وجُبَار
فلَه في كُلِّ يَوْمٍ عَدْوَةٌ ... لَيْس عَنْها لامرىءٍ طارَ مطَار
رَيَّشَتْ جُرْهُمٌ نَبْلاً فَرَمَى ... جُرْهُماً مِنْهُنَّ فُوقُ وغِرارُ
عَلَّمُوا الطَّعْنَ مَعَدّاً في الكُلَى ... وادِّراعَ الَّلأَمِ، فالطَّرْفُ يَحارُ
ورُكُوبَ الخَيْلِ تَعْدُو المَرَطَى ... قد عَلاها نَجَدٌ فِيه احِمْرارُ
يا بَنِي هاجَرَ ساءتْ خُطَّةً ... أَنْ تَرُومُوا النِّصْفَ مِنَّا ونُجارُ
إِنْ يَجُلْ مُهْرِيَ فيكُمْ جَوْلَةً ... فعَلَيْهِ الكَرُّ فِيكُمْ والفِرارُ
كشِهابِ القَذْفِ يَرْمِيكُمْ به ... فارِسٌ في كَفِّهِ للحَرْبِ نارُ
فارِسٌ صَعْدتُهُ مَسْمُومَقٌ ... يَخْضِبُ الرُّمْحَ إِذا طارَ الغُبارُ
مُسْتَطِيرٌ، لَيْسَ مِن جَهْلٍ، وهَلْ ... لأَخِي الحِلْمِ على الحَرْبِ وَقَارُ
يَحْلُمُ الجاهِلُ للسِّلْمِ ولا ... يَقِرُ الحِلْمُ إِذا ما القَوْمُ غارُوا
نحنُ قُدْنا الخَيْلَ حتَّى انْقَطَعَتْ ... شُدَّنُ الأَفْلاءِ عَنْها والمِهارُ
كُلَّما سِرْنا تَرَكْنا مَنْزِلاً ... فِيه شَتَّى مِن سِباعِ الأَرْضِ عَارُوا
وتَرَى الطَّيْرَ على آثارِنا ... رَأْيَ عَيْنٍ، ثِقَةً أَنْ سَتُعارُ
جَحْفَلٌ أَوْرَقُ، فيهِ هَبْوَةٌ ... ونُجُومٌ تَتَلَظَّى، وشَرارُ
قال
عمرو بن معديكرب الزبيدي
لَيْسَ الجَمالُ بِمِئْزَرٍ، ... فاعْلَمْ، وإِنْ رُدِّيتَ بُرْدَا
إِنَّ الجَمالَ مَعادِنٌ ... ومَناقِبٌ أَوْرَثْنَ مَجْدَا
أَعْدَدْتُ لِلحَدَثَانِ سا ... بِغَةً وعَدَّاءً عَلَنْدْى
نَهْداً، وذا شُطَبٍ يَقُ ... دُّ البَيْضَ والأَبْدَان قَدَّا
وَعِلْمِتُ أَنِّي يومَ ذا ... كَ مُنازِلٌ كَعْباً ونَهْدَا
قَوْمٌ إِذا لَبِسُوا الحَدِي ... دَ تَنَمَّرُوا حَلَقاً وقِدَّا
كُلُّ امْرِىءٍ يَجْرِي إلى ... يَوْمِ الهِياجِ بِما اسْتَعَدَّا
لَمَّا رَأَيْتُ نِساءَنا ... يَفْحَصْنَ بالمَعْزاءِ شَدَّا
وبَدَتْ لَمِيسُ كأَنَّها ... قَمَرُ السَّماءِ إِذا تَبَدّى
وبَدَتْ مَحاسِنُها التي ... تَخْفَى، وكانَ الأَمْرُ جِدّا
نازَلْتُ كَبْشَهُمُ ولَمْ ... أَرَ مِن نِزالِ الكَبْشِ بُدّا
هُمْ يَنْذِرُونَ دَمِي، وأَنْ ... ذِرُ إِنْ لَقِيتُ بأَنْ أَشُدّا
كَمْ مِن أَخٍ لِيَ صالِحٍ ... بَوَّأْتُهُ بِيَدَيَّ لَحْدا

ما إِنْ جَزِعْتُ ولا هَلِعْ ... تُ ولا يَرُدُّ بُكايَ زَنْدا
أَلْبَسْتُهُ أَثْوابَهُ ... وخُلِقْتُ، يومَ خُلِقْتُ، جَلْدا
أُغْنِي غَناء الذَّاهِبي ... نَ، أُعَدُّ لِلأَعْداءِ عَدّا
ذَهَبَ الذينَ أُحِبُّهُمْ ... وبَقِيتُ مَثْلَ السَّيْفِ فَرْدا

قال
أبو قيس
الحارث بن الأسلت الأوسي
قالتْ، ولَمْ تَقْصِدْ، لِقِيلِ الخَنا ... مَهْلاً! فَقَدْ أَبْلَغْتِ أَسْماعِي
مَنْ يَذُقْ الحَرْبَ يَجِدْ طَعْمَها ... مُرَّا، وتَحْبِسْهُ بجَعْجَاع
قد حَصَّتِ البَيْضَةُ رَأْسِي، فما ... أَطْعَمُ نَوْماً غَيْرَ تَهْجَاعِ
أَعْدَدْتُ للأَعْداءِ مَوْضُونَةً ... مُفاضَةً كالنَّهَيِ بالقاعِ
هَلاَّ سَأَلْتِ القَوْمَ إِذ قَلَّصَتْ ... ما كانَ إِبْطائِي وإِسْراعِي
أَحْفِزُها عَنِّي بذِي رَوْنَقٍ ... مُهَنِّدِ كالمِلْحِ قَطَّاعِ
قد أَبْذُلُ المالَ على حُبِّهِ ... فِيهمْ، وآتِي دَعْوَةَ الدَّاعِ
وأَضْرِبُ القَوْنَسَ يومَ الوَغَى ... بالسَّيْفِ، لَمْ يَقْصُرْ به باعِي
أَسْعَى على حَيِّ بَنِي مالِكٍ ... كُلُّ امْرِىءٍ في شَأْنِهِ ساع
قال
سويد بن خذاق العبدي
لَنْ تَجْمَعُوا وُدِّي ومَعْتَبَتِي ... أَو يُجْمَعَ السَّيْفانِ في غَمْدِ
ومَكَرْتَ مُلْتَمِساً مَوَدَّتَنا ... والمَكْرُ مِنْكَ عَلامةُ العَمْدِ
وشَهَرْتَ سَيْفَكَ كَيْ تُحاربنَا ... فانْظُرْ لنَفْسكَ مَنْ به تُرْدِي
قال
الحصين بن الحمام المري
مخضرم
تَأَخَّرْتُ أَسْتَبْقِي الحَياةَ، فَلَمْ أَجِدْلِنَفْسِي حَياةً مِثْلَ أَنْ أَتَقَدَّما
فلَسْنا على الأَعْقابِ تَدْمَى كُلُومُنا ... ولكنْ على أَقْدامِنا يَقْطُر الدَّما
نفَلِّق هاماً مِن رِجالٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنا، وهُمْ كانوا أَعَقَّ وأَظْلَما
ولمَّا رَأَيْنا الصَّبْرَ قد حِيلَ دُونَهُ، ... وإِنْ كان يَوماً ذا كَواكِبَ مُظْلِما
صَبَرْنا، فكان الصَّبْرُ مَنَّا سَجِيَّةً ... بأَسْيافِنا يَقْطَعْنَ كَفّاً ومِعْصَما
فُلسْت بمُبْتاعِ الحياةِ بسُبَّةٍ ... ولا مُرْتَقٍ من خَشْيَةِ الموْتِ سُلَّما
ولمَّا رَأَيْت الوُدَّ ليس بنافِع ... عَمَدْت إِلى الأَمْر الذي كان أَحْزَما
قال
العباس بن عبد المطلب
مخضرم
أَبَى قَوْمُنا أَنْ يُنْصِفونا، فأَنْصَفَتْ ... قواطِعُ في أَيْمانِنَا تَقْطرُ الدَّما
إِذا خالَطَتْ هامَ الرِّجالِ رَأَيْتَها ... كبَيْضِ نَعامٍ في الوَغَى قد تَحَطَّما
وَزَعْناهُمُ وَزْعَ الخَوامِسِ بُكْرَةً ... بكلِّ يَمانِيٍّ إِذا عَضَّ صَمَّما
تَرَكْناهُمُ لا يَسْتَحِلُّونَ بَعْدَها ... لِذي رَحِمٍ يَوْماً مِن النَّاسِ مَحْرَما
قال
زفر بن الحارث الكلابي
إسلامي
وكُنَّا حَسِبْنا كلَّ بَيْضَاء شَحْمَةً ... لَيالِيَ لاقَيْنا جُذامَ وحِمْيَرا
فلمَّا قَرَعْنا النَّبْعَ بالنَّبْعِ بَعْضَهُ ... بِبَعْضٍ أَبَتَ عِيدانهُ أَنْ تَكَسَّرا
ولمَّا لَقِينا عُصْبَةً تَغْلِبِيَّةً ... يَقودُونَ جُرْداً للمَنِيَّةِ ضمَّرا
سَقَيْناهُمُ كَأَساً، سَقَوْنا بِمِثْلِها ... ولكنَّهمْ كانوا على المَوْتِ أَصْبَرا
قيل إن منصفات العرب ثلاث، فأولها قصيدة عامر
وقال عامر بن أسحم بن عدي النكري، جاهلي
أَلَمْ تَرَ أَنَّ جِيرَتَنا اسْتَقَلُّوا ... فِنيَّتنا ونِيَّتهمُ فَرِيق

تَلاَقَيْنا بِسَبْسَبِ ذِي طُرَيْفٍ ... وبَعْضهمْ على بَعْضٍ حَنِيقُ
فجاءُوا عارِضاً بَرِداً، وجئْنا ... كمِثْلِ السَّيْل أَزَّ به الطَّريقُ
كَأنَّ النَّبْلَ بَيْنَهمُ جَرادٌ ... تصَفِّقهُ شآمِيَةٌ خَرِيقُ
كَأنَّ هَزِيزَنا لمَّا التَقَيْنا ... هَزِيز أَباءةٍ فِيها حَرِيقُ
بكلِّ قَرارَةٍ مِنَّا ومِنْهمْ ... بَنان فَتىً وجُمْجُمَةٌ فَلِيقُ
فكَمْ مِن سَيِّدٍ فينا وفِيهمْ ... بذي الطَّرْفاءِ مَنْطِقهُ شَهِيقُ
فأَشْبَعَنا السِّباعَ وأَشْبَعُوها ... فراحَتْ كلُّها تَئِقٌ يَفوقُ
وأَبكيْنا نِساءهُم وأَبْكَوْا ... نِساءً ما يَجِفُّ لهنَّ مُسوقُ
يُجاوِبْنَ النِّباحَ بكلِّ فَجْرٍ ... وقَدْ بَحَّتْ مِن النَّوْحِ الحُلوقُ
تَرَكْنا الأَبْيَضَ الوَضَّاحَ مِنْهمْ ... كَأنَّ سَوادَ لِمّتِهِ العُذوقُ
تَعاوَرَهُ رِماحُ بَنِي لكَيْزٍ ... فخَرَّ كأَنَّهُ سَيْفٌ ذَلِيقُ
وقَدْ قَتَلوا به مِنَّا غُلاماً ... كَرِيماً، لَمْ تأَشِّبْهُ العُرُوقُ
فلمَّا اسْتَيْقَنوا بالصَّبْر مِنَّا ... تذكِّرَتِ الأَواصِرُ والحُقوقُ
فأَبْقَيْنا، ولَوْ شِئْنا تَرَكْنا ... لُجَيْماً لا تَقُودُ ولا تَسُوقُ

قال
عبد الشارق بن عبد العزى
الجهني، جاهلي
أَلاَ حُيِّيتِ عَنَّا يا رُدَيْنا ... نُحَيِّيها وإِنْ عَزَّتْ عَلَيْنا
رُدَيْنَةُ لو شَهِدْتِ غَداةَ جِئْنا ... على أَضَماتِنا وقَدْ اجْتَوَبْنَا
فأَرْسَلْنا أَبا عَمْرٍو رَبيّاً ... فقال: أَلاَ انْعَمُوا بالقَوْمِ عَيْنا
ودَسُّوا فارِساً مِنْهُمْ عِشاءً ... فلَمْ نَغْدِرْ بفارِسِهمْ لَدَيْنا
فجاءُوا عارِضاً بَرِداً وجِئْنا ... كمِثْلِ السَّيْلِ نَرْكَبُ وازِعَيْنا
فنادَوْا: يا لَبُهْثَةَ، إِذْ رَأَوْنا ... فقُلْنا: أَحْسِنِي مَلاً جُهَيْنا
سَمِعْنا نَبْأَةً عن ظَهْرِ غَيْبٍ ... فجُلْنا جَوْلَةً ثُم ارْعَوَيْنا
فلمَّا أَنْ تَواقَفْنا قَلِيلاً ... أَنَخْنا لِلْكلاكِلِ فأَرْتَمَيْنا
فلمَّا لَمْ نَدَعْ قَوْساً ورمُحاً ... مَشَيْنا نَحْوَهُمْ ومَشَوا إِلَيْنا
فمَنْ يرَنَا يَقلْ: سَيْلٌ عَزِيفٌ ... نَكُرُّ عليهُمُ وهُمُ عَلَيْنا
تَلأَلُؤَ مُزْنَةٍ بَرَقَتْ لأُخْرَى ... إِذا حَجَلُوا بأَسْيافٍ رَدَيْنا
شَدَدْنا شَدَّةً فقَتَلْتُ مِنْهُمْ ... ثَلاثَةَ فِتْيَةٍ وقَتَلْتُ قَيْنا
وشَدُّوا شَدَّةً أُخْرَى فَجَرُّوا ... بأَرْجُلِ مِثْلِهِمْ ورَمَواْ جَوَيْنا
وكانَ أَخِي جُوَيْنٌ ذا حِفاظٍ ... وكان القَتْلُ لِلْفِتْيانِ زَيْنا
فآبُوا بالرِّماحِ مُكَسَّراتٍ ... وأُبْنا بالسُّيوفِ قدِ انْحَنَيْنا
وباتُوا بالصَّعِيدِ لهُمْ أُحاحٌ ... ولَوْ خَفَّتْ لنا الكَلْمَى سَرَيْنا
قال
العباس بن مرداس السلمي
سَمَوْنا لهُمْ سَبْعَاً وعِشْرِينَ ليلةً ... نَجُوبُ مِن الأَعْراضِ قَفْراً بسابِسَا
فلَمْ أَرَ مِثْلَ الحَيِّ حَيّاً مُصَبَّحاً ... ولا مِثْلَنا يومَ التَقَيْنا فَوارِسا
أَكَرَّ وأَحْمَى للحَقِيقةِ منهمُ ... وأَضْرَبَ مِنَّا بالسُّيوفِ القَوانِسا
إِذا ما شَدَدْنا شَدَّةً نَصَبُوا لَنا ... صُدُورُ المَذاكِي والرِّماحَ المَداعِسا
إِذا الخَيْلُ جالَتْ عن صَريعٍ نُكِرُّها ... عليهمْ، فما يَرْجِعَنَ إِلاَّ عَوابسا

وكنتُ أَمامَ القَوْمِ أَوَّلَ ضارِبٍ ... وطاعَننْتُ، إِذْ كان الطِّعانُ تَخالُسا
وكانَ شُهُودِي مَعْبَدٌ ومُخارِقٌ ... وبِشْرٌ، وما اسْتَشْهَدْتُ ِإلاَّ الأَكايِسا
ومارَسَ زَيْدٌ، ثُم أَقْصَرَ مُهْرُهُ، ... وحُقَّ له في مِثْلِها أَنْ يُمارِسا
ولَوْ ماتَ مِنْهُمْ مَنْ جَرَحْنا لأَصبح ... تْ ضِباعٌ بأَكْنافِ الأَراكِ عَرائِسا
ولكنَّهُمْ في الفارِسِيِّ، فلا تَرَى ... مِن القَوْمِ إِلاَّ في المُضاعَفِ لابِسا
فإِنْ يَقْتُلُوا مِنَّا كًمِيَّاً، فإِنَّنا ... أَبَأنا به قَتْلَى تُذِلُّ المَعاطِسا
قَتَلْنا به في مُلْتَقَى القَوْمِ خَمْسَةً ... وقاتِلَهُ زِدْنا مع اللَّيْلِ سادِسا
وكُنَّا إِذا ما الحَرْبُ شُبَّتْ نَشُبُّها ... ونَضْرِبُ فِيها الأَبْلَجَ المتُقَاعِسا

قال
أبو ثمامة العازب بن براء الضبي
أَقولُ، لِمُحْرِزٍ لمَّا التَقَيْنا: ... تَنَكَّبْ، لا يُقَطِّرْكَ الزِّحامُ
أَتَسْأَلُنِي السَّوِيَّةَ وَسْطَ عَمْرٍو؟ ... أَلاَ إِنَّ السَّوِيَّةَ أَنْ تُضامُوا
فجارُكَ عِنْدَ بَيْتِكَ لَحْمُ ظَبْيٍ ... وجارىَ عِنْدَ بَيْتِي لا يُرامُ
قال
فلحس الأسود
وقد ضربه مولاه
ولَوْلا عُرَيْقٌ فيَّ مِن حَبَشِيَّةٍ ... يَرُدُّ إِباقِي بَعْدَ حَوْلٍ مُجَرَّمِ
وبَعْدَ السُّرَى في كُلِّ طَخْياء حِنْدِسِ ... وبَعْدَ طُلُوعِي مَخْرِمَا بَعْدَ مَخْرِمِ
عَلمْتَ بأَنِّي خَيْرُ عَبْدٍ لنَفْسِهِ ... وأَنَّكَ عِنْدِي مَغْنَمٌ أَيُّ مَغْنَمِ
أَيَضْرِبُنِي فَرْداًن ولَوْ كان مُفْرَداً ... تَبَيَّنَ أَنَّ اللَّيْتَ غَيْرُ مُقَلَّم
قال
آخر
وكان أعزل فوقع عليه صاحب سيف فأخذ سلبه
فَلْو كان في كَفِّي الذي في يَمِينِهِ ... لَعادَ، كَما قد عُدْتُ، مُخْتَلَسَ الرَّحْل
ولكنْ رآنِي حاسِراً، وبكَفِّهِ ... كمِثْلِ شُعاعِ الشَّمْسِ يُومِضُ بالقَتْل
فَفازَ بأَثْوابي، وفُزْتُ بحَسْرَة ... لَها بَيْنَ أَثْناءِ الحَشا لَوْعَةٌ تَغْلِي
قال
سلمي بن ربيعة
من بني السيد
زَعَمَتْ تُماضِرُ أَنَّنِي إِمَّا أَمُتْ ... يَسْدُدْ أُبَيْنُوها الأَصاغِرُ خَلَّتِي
تَرِبَتْ يَداك، وهَلْ رَأَيْتِ لقَوْمِهِ ... مِثْلِي، على يُسْرِي وحينَ تَعِلَّتِي
رَجُلاً إِذا ما النَّائِباتُ غَشِينَهُ ... أَكْفَى لمُعْضِلَةٍ وإِنْ هي جَلَّتِ
ولَقَدْ رأبت ثأي العَشِيرةِ بَيْنَها ... وكَفَيْتُ جانِيَها اللَّتَيَّا والَّتِي
وصَفَححْتُ عن ذِي جَهْلِها، ومَحَضْتُها ... نُصْحِي، ولَمْ تُصِبِ العَشِيرَةُ زَلَّتِي
وكَفَيْتُ مَوْلايَ الأَحَمَّ جَرِيرَتِي ... وحَبَسْتُ سائِمَتِي على ذِي الخَلَّةِ
ومُناخِ نازِلَةٍ كَفَيْتُ، وفارِسٍ ... نَهَلَتْ قَناتِي مِن مَطاهُ وعَلَّتِ
وإِذا العَذارَى بالدُّخانِ تَقَنَّعَتْ ... واسْتَعْجَلَتْ نَصْبَ القُدُورِ فَمَلَّتِ
دارَتْ بأَرْزاقِ العُفاهِ مَغالِقٌ ... بَيَدَىَّ مِن قَمَعِ العِشارِ الجِلَّةِ
قال
آخر
لا غَرْوَ إِنَّا مَعْشَرٌ ... حامُو الحقِيقَةِ والذِّمار
نَحْمِي الحَواصِنَ إِنِّها ... قَيْدُ الكَريمِ مِن الفِرار
قال
أعرابي من ربيعة
جاهلي
ولمَّا التَقَتْ حَلَقاتُ البطان ... ودَرَّ سَحابُ الرَّدَى فاكْفَهَرَّ
لَبِسْتُ لبَكْرٍ وأَشْياعِها ... وقَدْ حَمِسَ البَأْسُ جَلْدَ النَّمِرْ
فأَوْرَدْتُهُمْ مَوْرِداً لَمْ يَكُنْ ... لهُمْ عَنْهُ إِذْ وَرَدُوهُ صَدَرْ

فَوَلَّوْا شِلالاَ ولا يَعْلَمُونَ ... أَمَرْخٌ خيامُهُمُ أَمْ عُشَرْ
عَبادِيدَ شَتَّى أَيادِي سَبَا ... يَسوقُهُمُ عارِضٌ مُنْهَمِرْ
إِذا الغِرُّ رَوَّعَهُ ذُعْرُهُ ... ثَناهُ إِلى الحَرْبِ كَهْلُ مِكَرّ
ومَنْ رامَ بالخَفْضِ نَيْلَ العُلا ... فقَدْ رامَ مِنْه مَراماً عَسِرْ
وما العَزْمُ إِلاَّ لِمُسْتَأْثِرٍ ... إِذا هَمَّ بالأَمْرِ لَمْ يَسْتَثِرْ
وقَدْ يُنْكَبُ المَرْءُ في أَمْنِهِ ... ويَأْمَنُ مَكْرُوهَ ما يَنْتَظِرْ
وإِنِّي لأَصْفَحُ عن قُدْرَةٍ ... وأَعْذُبُ حِيناًن وحِيناً أُمِرْ
ويُعْجَمُ عُودِي إِذا رابَنِي ... مِن الدَّهْرِ رَيْبٌ فلا يَنْكَسِرْ
وأَجْزي القُرُوضَ بأَمْثالِها ... فبالخَيْر خَيْراً وبالشَرِّ شَرّ

قال
الفند الزماني
أَيَأ طَعْنَةَ ما شَيْخٍ ... كَبِيرٍ يَفَنٍ بالِ
تَفَتّيْتُ بها إِذْ كَ ... ره الشِّكَّةَ أَمْثالِي
تُقِيمُ المَأَتَمَ الأَعْلَى ... على جُهْدٍ وإِعْوالِ
كَجَيْبٍ الدِّفْنِسِ الوَرْها ... ءِ رِيعَتْ بَعْدَ إِجْفَالِ
ولَوْلا نَبْلُ عَوْضٍ في ... حُظُبَّايَ وأَوْصالِي
لَطاعَنْتُ صُدُورَ الخَيْ ... لِ طَعْناً لَيْس بالآلِي
ولا تُبْقِي صُرُوفُ الدَّهْ ... ر إنْساناً على حالِ
قال
سويد بن كراع
لَئِنْ ظَفِرْتُمْ بشَيْخٍ مِن مَشاِيخِنالا يَحْمِلُ الرُّمْح والصَّمْصامَةَ الذَّكَرا
ولا يَخُوضُ غِمارَ الحَرْبِ مُنْصَلِتاً ... ولا يَرَى لِلرَّدَى ورْداً ولا صَدَرا
فكَمْ قَتَلْنا لكُمْ فِتْيانَ مَلْحَمَة ... رَأْدَ الضُّحَى، وَجَبينُ الشَّمْسِ قد ظَهَرا
قال
نفيع بن منظور الفقعسي
أَبا مالِكٍ! لا يُدْرَكُ الوتْرُ بالخَنا ... ولكنْ بأَطْرافِ المُثَقَّفَةِ السُّمْرِ
قَتَلْتُمْ عُمَيْراً، لا تَعُدُّونَ غَيْرَهُ ... وكَمْ قد قَتَلْنا مِن عُمَير ومِن عَمْر
قال
أبو كبير الهذلي
جاهلي
ولقَدْ سَرَيْتُ على الظَّلامِ بِمِغْشَمٍ ... جَلْدٍ مِن الفِتْيانِ غَيْرِ مُثَقَّلِ
مِمَّنْ حَمَلْنَ به وهُنَّ عَواقِدٌ ... حُبُكَ النِّطاق، فشَبَّ غَيْرَ مُهَبَّلِ
ومُبَرَّىءٍ مِن كُلِّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ، ... وفَسادِ مُرْضِعةٍ، وداءٍ مُغْيلِ
حَمَلَتْ به في لَيْلَةٍ مَزْءُودَةٍ ... كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لَمْ يُحْلَلِ
فَأَتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ، مُبَطَّناً ... سُهُداً، إِذا ما نامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ
فإِذا نَبَذْتَ له الحَصاةَ رَأَيْتَهُ ... ينزُو لوقعَتها طمور الأخيلِ
وإذا يهب من المنام رأيته ... كَرُتُوبِ كَعْبِ السَّاقِ ليس بزمل
ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طَيَّ المِحْمَلِ
وإِذا رَمَيْتَ به الفِجاجَ رَأَيْتَهُ ... يَهْوِي مَخارِمَها هُوِيَّ الأجْدَلِ
وإِذا نَظَرْتَ إشلى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ ... بَرَقَتْ، كَبَرْقِ العارِضِ المُتَهَلِّلِ
صَعْبُ الكَرِيهَةِ، لا يُرامُ جَنابةُ ... ماضِي العَزِيمَةِ كالحُسامِ المِقْصَل
يَحْمِي الصِّحَابَ إِذا تكُونُ كَرِيهَةٌ ... وإِذا هُمُ نَزَلُوا فَمَأْوَى العُيَّل
قال
سعد بن ناشب المازني
إسلامي
تُفَنِّدُنِي، فِيما تَرَى مِن شَراسَتِي ... وشِدَّةِ نَفْسِي، أُمُّ سَعْد وما تَدْرِي
فقلْتُ لَها: إِنَّ الكَرِيمَ وإِنْ حَلا، ... لَيُلْفَى على حالٍ أَمَرَّ مِن الصَّبْرِ

وفي اللِّينِ ضَعْفٌ، والشَّراسَةُ هَيْبَةٌ،ومَنْ لمْ يُهَبْ يُحْمَلْ على مَرْكَبٍ وَعْرِ
وما بِي على مَن لانَ لِي مِن فَظاظَةٍ ... ولكنَّنِي فَظٌّ أَبِيٌّ على القَسْرِ
أُقِيمُ صغَا ذِي المَيْلِ حتَّى أَرُدَّهُ ... وأَخْطِمُهُ حتَّى يَعُودَ إلى القَدْرِ
فإنْ تَعْذُلِينِي، تَعْذُلِي بِي مُرَزَّءًاكَرِيمَ نَثا الإِعْسارِ، مُشْتَرَكَ اليُسْرِ
إِذا هَمَّ أَلْقَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ عَزْمَهُوصَمَّمَ تَصْمِيمَ السُّرَيْجِيِّ ذِي الأَثْرِ

قال
الربيع بن زياد العبسي
يصف الحرب
قِيدَتْ لَهُمْ فَيْلَقٌ شَهْباءُ كالِحَةٌ ... بالمَوْتِ تُمْرَى وللأَبْطالِ تَقْتَسِرُ
صَرِيفُ أَنْيابِها صَوْتُ الحَدِيدِ إِذا ... فَضَّ الحَدِيدَ بِها أَبْناؤُها الوُقُرُ
ودَرُّها المَوْتُ يَقْرِي في مَحالِبَها ... لِلْوارِدينَ يُوافِي ورْدَها الصَّدَرُ
مَنِ اقْتَراها اقْتَرَتْ كَفَّاهُ حَقَّهُما ... أَوِ اجْتلاها بَدا مِنْها لهُ عِبَرُ
في جَوِّها البِيضُ والماذِيُّ مُخْتَلِطٌ ... والجُرْدُ والمُرْدُ والخَطِّيَّةُ السُّمُرُ
حتَّى إِذا واجَهَتْها وهْيَ كالِحَةً ... شَوْهاءُ مِنْها حِمامُ المَوْتِ يُنْتَظَرُ
جاءتْ بكُلِّ كَمِيٍّ مُعْلِمٍ ذَكَرٍ ... في كَفِّه ذَكَرٌ يَسْعَى به ذَكَرٌ
مُسْتَوْرِدِينَ الوَغَى للمَوْتِ رَدُّهُم ... يَوْمَ الحِفاظِ على ذُوّادِهِمْ عَسِرٌ
لهُمْ سَرابِيل مِن ماءِ الحَدِيدِ ومِنْ ... نَضْحِ الدِّماءِ سَرابِيلٌ لَهُمْ أُخَرُ
مُظاهَرَاتٌ عليهِمْ يَوْمَ بَأْسِهمْ ... لَوْنانِ جَوْنٌ وأُخْرَى فَوْقَها حُمُرُ
في يَوْمِ حَتْفٍ يُهالُ النَّاظِرُونَ لهُ ... ما إِنْ يَبِينُ لَهُمْ شَمْسٌ ولا قَمَرُ
فالبِيضُ يَهْتِفْنَ والأَبْصارُ خاشِعَةٌ ... مِمَّا تَرَى وخُدُودُ القَوْمِ تَنْعَفِرُ
تَكْسُوُهم مرْهَفاتٌ غَيْر مخْزِيَةٍ ... يَشْفِي اخْتِلاس ظُباها مَنْ به صَعَر
هِنْدِيَّةٌ كاشْتعالِ النَّارِ يَعْصِمهُمْ ... بِها مَغاوير عن أَحْسابِهِمْ غُيرُ
قال
أدهم بن خازم الضبي
بَنِي عامِرٍ أَضْرَمْتُمُ الحَرْبَ بَيْنَنَا ... وبَيْنَكُمُ بَعْدَ المَوَدَّةِ والقُرْبِ
غَدَرْتُمْ ولَمْ نَغْدِرْ، وقُمْتُمْ ولَمْ نَقُمإِلى حَرْبِنا لمَّا قَعَدْنا عن الحَرْبِ
وكُنَّا وأَنْتُمْ مِثْلَ كَفٍّ وساعِدٍ ... فصِرْنا وَأَنْتُمْ مِثْلَ شَرْقٍ إِلى غَرْبِ
فما نَسْلُبُ القَتْلَى كما قد فَعَلْتُمُولا نَمْنَعُ الأَسْرَى مِن الأَكْلِ والشُّرْب
وسَلْبُ ثِيابِ المَيْتِ عارٌ وذِلَّةٌ ... ومَنْعُ الأَسِيرِ الزَّادَ مِن أَقْبَح السَّب
قال
مالك بن مخارق العبدي
ومَنْ يَسْلُبُ القَتْلَى، فإِنَّ قَتِيلَنا ... وإِنْ كان مَشْنُوءًا، يُجَنُّ ويُقْبَرُ
وإِنَّا لَوَرَّادُونَ في كُلِّ حَوْمَة ... إذا جَعَلَتْ صُمُّ القَنا تَتَكَسَّرُ
قال
إياس بن مالك
بن عبد الله الطائي
سَمَوْنا إِلى جَيْشٍ الحَرُورِيِّ بَعْدَما ... تَناذَرَهُ أَعْرابُهُمْ والمُهاجِرُ
بجَمْعٍ تَظَلُّ الأُكْمُ ساجِدَةً لهُ ... وأَعْلامُ سَلْمَى والهِضابُ النَّوادِرُ
دَلَفْنا إِليهِمْ، والسُّيُوفُ عِصِيُّنا ... وكُلٌّ لِكُلِّ يَوْمَ ذلكَ واتِر
كِلا ثَقَلَيْنا طامِعٌ في غَنِيمَةٍ ... وقَدْ قَدَّرَ الرَّحمنُ ما هو قادِرُ
فلَمَّا أُدَّرَكْناهُمْ وقَدْ قَلَّصَتْ بِهِمْ ... إلى الحَيِّ خُوصٌ كالحَنِيِّ ضَوامِرُ
فلَمْ أَر يَوْماً كان أَكْثَرَ سالِباً ... ومُسْتَلَبَاً، والنَّقْعُ في الجَوِّ ثائِرُ

وأَكْثَرَ مِنَّا يافِعاً يَبْتَغِي العُلا ... يُضاربُ قِرْناً دَارعاً، وهْوَ حاسِرُ
فما كَلَّتِ الأَيْدِي، ولا أنْأَ طَرَا القَنا،ولا عَثَرَتْ مِنَّا الجُدُودُ العَواثِرُ

قال
زيد الخيل
بن مهلهل الطائي مخضرم
بَنِي عامِرٍن هل تَعْرفُونَ إِذا غَدا ... أَبُو مُكْتِفٍ قد شَدَّ عَقْدَ الدَّوابِرِ
بجَيْشٍ تَضَلُّ البُلْقُ في حَجَراتِهِ ... تَرَى الأُكْمَ فِيه سُجَّداً لِلْحَوافِرِ
وجَمْعٍ كَمِثْلِ اللَّيلِ، مُرْتَجِسِ الوَغَى ... كَثِيرٍ تَوالِيهِ، سَرِيعِ البَوادِرِ!
أَبَتْ عادَةٌ لِلْوَرْدِ أَنْ يَكْرَهَ الوَغَى ... وحاجَةُ رُمْحِي في نُمَيْرِ بن عامِرِ
قال
رجل من محارب
مَعاقِلُنا في الحَرْبِ جُرْدٌ كأَنَّها ... أَجادِلُ في جَوِّ السَّماءِ كواسِرُ
وسُمْرٌ مِن الخَطِّيِّ ذاتُ أَسِنَّةٍ ... وبِيضٌ كأَمْثالِ البُرُوق بوَاتِرُ
إِذا ما انْتَضَيْناها ليومِ كَريهَةٍ ... رَأَيْتَ له هامَ العِدَى يَتَطايَرُ
قال
الحارث بن وعلة الحرمي
جاهلي
وقيل وعلة بن لحارث. وقيل لابن ذئبة الثقفي. وقيل هي لكنانة ابن عبد ياليل الثقفي. وكان عبد الملك ابن مروان يتمثل بها عند جلوسه للمظالم
ما بالُ مَنْ أَسْعَى لأَجْبُرَ عَظْمَهُ ... حِفاظاً، ويَنْوِي مِن سَفاهَتِهِ كَسْري
أًظُنُّ خُطُوبَ الدَّهْرِ بَيْنِي وبَيْنَهُمْسَتَحْمِلُهُمْ مِنِّي على مَرْكَبٍ وَعْر
وإِنِّي وإِيَّاكُمْ كَمَنْ نَبَّهَ القَطاولَوْ لَمْ تُنَبَّهْ باتَتِ الطَّيْرُ لا تَسْرِي
أَعُودُ على ذِي الجَهْلِ مِنْهُمْ تَكَرُّماًبحِلْمِي، ولَوْ عاقَبْتُ ما جُرْتُ في الأَمْرِ
أَناةً وحِلْماً وانْتِظاراً بِهِمْ غَداً ... فما أَنا بالوانِي ولا الضَّرَعِ الغمْرِ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنِّي تخاف عَرامَتِي ... وأَنَّ قَناتِي لا تَلِين على القَسْرِ
قال
بلعاء بن قيس الكناني
وتمثل بها المنصور
دَعَوْت أَبا لَيْلَى إِلى السِّلْمِ كَيْ يَرَىبَرَأْيٍ أَصِيلٍ، أًَو يَؤولَ إلى حِلْمِ
دَعانِي أَشُّبُ الحَرْبَ بَيْنِي وبَيْنَهُ ... فقلْتُ له: مَهْلاً، هَلُمَّ إِلى السِّلْمِ
فلمَّا أَبَى، أَرْسَلْتُ فَضْلَةَ ثَوْبِهِ ... إِلَيْه، فَلَمْ يَرْجعْ بحَزْمٍ ولا عَزْمِ
وحِينَ رَمانِيها رَمَيْتُ سَوادَهُ ... ولابُدَّ أَنْ يُرْمَى سَوادُ الذي يَرْمِي
فكانَ صَرِيعَ الخَيْلِ أَوَّلَ وَهْلَةٍ ... فبُعْداً له مُخْتارَ عَجْزٍ على عِلْمِ
إِذا أَنْتَ حَرَّكْتَ الوَغَى وشَهِدْتَها ... وأَفْلَتَّ مِنْ قَتْل، فلابُدَّ مِن كَلْمِ
وقال آخر
إِذا كان في نَفْسِ ابنِ عَمِّكَ إحْنَةٌ ... فلا تَسْتَثِرْها، سَوْفَ يَبْدُو دَفِينُها
فإِنِّي رَأَيْتُ النَّارَ تَكْمُنُ في الصَّفا ... ولابُدَّ يَوْماً أَنْ يَلُوحَ كَمِينُها
وقال تأبط شراً، ثابت بن جابر الفهمي، جاهلي
إِذا المَرْءُ لَمْ يَحْتَلْ، وقَدْ جَدَّ جِدُّهُ ... أَضاعَ، وقاسَى أَمْرَه وهْوَ مدْبِر
ولكنْ أَخُو الحَزْمِ الذي لَيْس نازلاً ... به الخَطْبُ إِلاَّ وهْوَ لِلقَصْدِ مُبْصِرُ
فذاكَ قَرِيعُ الدَّهْرِ ما عاشَ حُوَّلٌ ... إِذا سُدَّ مِنْه مَنْخِرٌ جاشَ مَنْخِرُ
أَقولُ لِلْحِيانٍ وقَدْ صَفِرَتْ لَهُمْ ... وِطابِي، ويَوْمِي ضَيِّقُ الجُحْرِ مُعْورُ
هُما خُطتَّا إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ ... وإِما دَمٌ، والقَتْلُ بالحُرِّ أَجْدَرُ
وأُخْرَى أُصادِي النَّفْسَ عَنْها وإِنَّها ... لمَوْرِدُ حَزْمٍ إِنْ فَعَلْتُ ومَصْدَرُ
فرَشْتُ لها صَدْرِي، فزَلَّ عن الصَّفا ... به جُوْءجُوءُ عَبْلٌ، ومَتْنٌ مخَصَّر

فخالَطَ سَهْلَ الأَرْضِ، لَمْ يَكْدِحِ الصَّفابه كَدْحَةً، والمَوْتُ خَزْيانُ يَنْظُرُ
فأُبْتُ إِلى فَهْم، وما كِدْتُ آيباً، ... وكَمْ مِثْلِها فارَقْتُها وهْي تَصْفرُ

قال
عبد الله بن جذل الطعان
الكناني، جاهلي
لَعَمْرِي لقَدْ سَحَّتْ دُمُوعُكَ سَحَّةَ ... تُبَكِّي على قَتْلَى سُلَيْمٍ وأَشْجَعا
فَهَلاَّ شُتَيْراً أَو مَعادَ بنَ خالِدبَكَيْتَ، ولَمْ يَتُْكْ لكَ الدَّهْرُ مَجْزَعا
تُبَكِّي على قَتْلَى سُلَيْمٍ سفَاهَةً ... وتَتْرُكُ مَنْ أَمْسَى مُقِيماً بصَلْفَعا
كمُرْضِعَةً أَوْلادَ أُخْرَى وضَيَّعَتْ ... بَنِيها، فَلَمْ تَرْقَعْ بذلكَ مَرْقَعا
قال
عدي بن زيد العبادي
جاهلي
ذَرِينِي، إِنَّ أَمْرَكِ لَنْ يُطاعا ... وما أَلْفَيْتِنِي أَمْرِي مُضاعا
أَلا تلكَ الثَّعالِبُ قد تَعاوَتْ ... عليَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِياعا
فإِنْ لَمْ تَنْدَمُوا فَثَكِلتُ عَمْراً ... وهاجَرْتُ المُرَوَّقَ والسَّماعا
ولا مَلَكَتْ يَدايَ عِنانَ طِرْفٍ ... ولا أَبْصَرْتُ مِن شَمْس شُعاعا
وخُطَّةَ ماجِد كَلَّفْتُ نَفْسِي ... إِذا ضاقُوا رَحُبْتُ بها ذِراعا
قال
المنخل اليشكري
جاهلي
إِنْ كُنْتِ عاذِلَتِي فَسِيرِي ... نَحْوَ العِراقِ، ولا تَحُورِي
لا تَسْأَلِي عن جُلِّ ما ... لِي وآسْأَلِي كَرَمِي وخِيري
وفَوارِسٍ كأُوار حَ ... رِّ النَّارِ، أَحْلاسِ الذُّكُور
شَدُّوا دَوابِرَ بَيْضهِمْ ... في كُلِّ مُحْكَمَةِ القَتِيرِ
واسْتَلأَمُوا وتَلَبَّبُوا، ... إِنَّ التَلَبُّبَ لِلْمُغِيرِ
وعلى الجِيادِ المُضْمَرا ... تِ فَوارِسٌ مِثْلُ الصُّقُورِ
يَخْرُجْنَ مِن خَلَلِ الغُبا ... رِ يَجفْنَ بالنَّعَمِ الكَثِيرِ
يَرْفُلْنَ، في المِسْكِ الذَّكِيِّ ... وصائِكٍ كَدَمِ النَحِير
يَعْكفْنَ مِثْلَ أَساودِ ال ... تَنُّومِ لَمْ تُعْكَفْ لِزُور
أَقْرَرْتُ عَيْنِي مِن أُول ... ئِكَ والفَوائِحِ بالعَبِيرِ
فإِذا الرِّياحُ تَناوَحَتْ ... بِجوانِبِ البَيْتِ الكَسِيرِ
أَلْفَيْتَنِي هَشَّ اليَدَيْ ... نِ بَمْريِ قِدْحِي أَوْ شَجِيرِي
ولقَدْ دَخَلْتُ على الفَتَا ... ةِ الخِدْرِ في اليومِ المَطِيرِ
الكاعِبِ الحَسْناءِ تَرْ ... فُلُ في الدِّمَقْسِ وفي الحَرِيرِ
فدَفَعْتُها فَتدافَعَتْ ... مَشْيَ القَطاةِ إِلى الغَدِيرِ
ولَثَمْتُها فتَنَفَّسَتْ ... كَتَنَفُّسِ الظَّبْيِ البَهِيرِ
فدَنَتْ وقالَتْ: يا مُنَخَّ ... لُ، ما بجِسْمِكَ مِن حَرُورِ
ما شَفَّ جِسْمِي غَيْرُ حُ ... بِّكِ فاهْدَئِي عَنِّي وسِيرِي
وأُحِبُّها وتُحِبُّنِي ... ويُحِبُّ ناقَتَها بَعِيرِي
يَا رَبَّ يَومٍ لِلمُنحَّلِ ... قد لَهَا فِيهِ، قصير
ولقَدْ شَرِبْتُ مِن المُدا ... مَةِ بالصَّغِيرِ وبالكَبِيرِ
وشَرِبْتُ بالخَيْلِ الإِنا ... ثِ وبالمُطَهَّمَةِ الذُّكُورِ
فإِذا انْتَشَيْتُ فإِنَّنِي ... رَبُّ الخَورْنَق والسَديرِ
وإِذا صَحَوْتُ فإِنَّنِي ... رَبُّ الشُّوَيْهَةِ والبَعِيرِ
يا هِنْدُ مَنْ لِمُتَيَّمٍ ... يا هِنْدُ لِلْعانِي الأَسِيرِ
قال
حباب بن أفعى العجلي
وقِرْنٍ، قد رَأَيْتُ له، كَمِيٍّ ... فلَمْ يُدْبِرْ وأَقْبَلَ إِذْ رَآنِي
يَجُرُّ قَناتَهُ حتَّى اتَّجَهْنا ... كِلانا وارِدانِ إِلى الطِّعانِ

فأَخْطَأَ رُمْحُهُ، وأَصابَ رُمْحِي ... وما عَيَّ القِتالَ ولا أَلانِي
وإِنَّ مَنِيَّتِي قَدْ أَنْسَأَتْنِي ... إِلى أَنْ شِبْتُ، أَو ضَلَّتْ مَكانِي

قال
حرثان ذو الإصبع
العدواني، جاهلي
لاهِ ابن عَمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَب ... عَنِّي، ولا أَنتَ دَيّانِي فتَخْزونِي
ولا تَقُوتُ عِيالِي يَوْمَ مَسْغَبَةٍ ... ولا بنَفْسِكَ في العَزَّاءِ تَكْفِينِي
يا عَمْرُو إِلاَّ تَدَعْ شَتْمِي ومَنْقَصَتِي ... أَضْربْكَ حيث تقولُ الهامةُ اسْقونِي
إِنِّي لَعَمْرُكَ ما بابِي بِذِي غَلَقٍ ... على الصَّدِيقِ، ولا خَيْرِي بمَمْنُون
فإِنْ ترِدْ عَرَضَ الدُّنيا بمَنْقَصَتِي ... فإِنَّ ذلكَ مِمَّا ليس يُشْجِينِي
لَوْلا أَواصِرُ قرْبَى لَسْتَ تَحْفَظها ... ورَهْبَةُ اللّهِ في مَوْلىً يُعادِينِي
إِذاً بَرَيْتكَ بَرْياً لا انْجِبارَ لَهُ ... إِنِّي رأَيْتكَ لا تَنْفَكُّ تَبْرِينِي
إِليكَ عَنِّي، فمَا أُمِّي بِراعِيَةٍ ... تَرْعَى المَخاضَ، ولا رَأْيِي بِمَغْبُونِ
إِنَّ الذي يَقْبِض الدُّنْيا ويَبْسُطها ... إِنْ كانَ أَغْناكَ عنِّي سَوْفَ يُغْنِينِي
كلُّ امْرِىءٍ راجعٌ يوماً لِشيمَتِهِ ... وإِنْ تَخَلَّقَ أَخْلاقاً إِلى حِينِ
وأَنْتُمُ مَعْشَرٌ زَيْدٌ على مائةٍ ... فأَجْمِعُوا أَمْرَكمْ كُلاً فَكِيدُونِي
فَإِنْ عَرَفْتُمْ سَبِيلَ الرُّشْدِ فانْطَلِقواوإِنْ جَهِلْتمْ سَبِيلَ الرُّشْدِ فَأْتونِي
ماذا عَلَّي، وإِن كنتمْ ذَوي رَحِمٍ ... أَلاَّ أَحِبَّكمُ إِذْ لَمْ تحِبُّونِي
واللّهِ لو كَرهَتْ كَفِّي مُصاحَبَتِي ... لقلْت، إِذْ كَرِهَتْ قرْبِي لها: بِينِي
قلْ للذي لست أَدْري مِن تَلَوُّنهِ ... أَناصِحٌ أَمْ على غِشٍّ يُداجِينِي
إِنِّي لأُكْثِرُ مِمَّا سُمْتَنِي عَجَباً ... يَدٌ تَشجُّ، وأُخرَى مِنكَ تَأْسُونِي
تَغتابُنِي عِندَ أَقوامٍ، وتَمْدَحُنِي ... في آخَرِينَ، وكلٌّ عنكَ يَأْتِينِي
لو كنتُ أَعْرِف مِنكَ الوُدَّ، هانَ له ... عليَّ بَعْضَ الذي أَصْبَحْت تولِينِي
قد كنت أُولِيكمُ مالِي، وأَمْنَحَكمْ ... وُدِّي علَى مُثبَتٍ في الصَّدْرِ مَكنونِ
لو تَشرَبُونَ دَمي لَمْ يَرْوَ شاربُكمْ ... ولا دِماؤكمْ جَمْعاً ترَوِّينِي
لا يُخرجُ الكَرْهُ مِنِّي مَأْبيَةٍ ... ولا أَلِين لمَن لا يَبْتَغِي لِينِي
ليس الصَّدِيق الذي تخشَى غَوائِلهُ ... ولا العَدُوُّ على حال بمَأْمُون
قال
سلمة بن مرة الشيباني
جاهلي
وكان أسر امرأ القيس بن عمرٍو، وكان سلمة قصيراً. فأطلق امرأ القيس على الفداء. فلما جاءه يطلبه، نظرت إليه بنت امرىء القيس فاحتقرته لقصره، فقال:
أَلا زَعَمَتْ بِنتُ امْرىءِ القَيْسِ أَنَّنِي ... قَصِيرٌ، وقَدْ أَعْيا أَباها قَصِيرُها
ورُبَّ طوِيلٍ قد نزعْتُ ثِيابَهُ ... وعانقتهُ، والخيْلُ تَدْمَى نحُورُها
وقدْ عَلِمتُ خَيْلُ امرىءِ القَيْسِ أَنَّنِيكَرَرْتُ، ونارُ الحَرْبِ تَغْلِي قُدُورُها
ولَوْ شَهدَتْنِي يومَ أَلْقَيْتُ كَلْكَلِي ... على شَيْخِها، ما كانَ يَبْدُو نَكِيرُها
قال
نضلة السلمي
وكان حقيراً دميماًن ذا عزةٍ وبأس
أَلَمْ تَسَلِ الفَوارِسَ يومَ غَوْلٍ ... بنَضْلَةَ، وهْوَ مَوْتُورٌ مُشِيحُ
رَأَوْهُ فازْدَرَوْهُ، وهْوَ حُرٌّ ... ويَنْفَعُ أَهْلَهُ الرَّجُلُ القَبِيحُ
فشَدَّ عليهُم بالسَّيفِ صَلْتاً ... كما عَنَّى الشَّبا الفَرَسُ الجَمُوحُ

وأَطْلَقَ غُلَّ صاحِبِهِ وأَرْدَى ... قَتِيلاً منهمُ ونَجا جَرِيحُ
ولَمْ يَخْشَوْا مصَالَتَهُ عليهمْ ... وتحتَ الرَّغْوَةِ اللَّبَنُ الصَّرِيحُ

قال
أبو الوليد الأنصاري
حسان بن ثابت
لَعَمْرُكَ ما المُعْتَزُّ، يَأْتِي بِلادَنا ... لِنَمْنَعَهُ، بالضَّائِعِ المُتَهَضَّمِ
ولا ضَيْفُنا عِنْدَ القِرَى بمُدَفَّعٍ ... ولا جارُنا في النَّائِباتِ بمُسْلَمِ
ولا السَّيِّدُ الجَبَّارُ، حينَ يُريدُنا ... بكَيْدٍ، على أَرْماحِنا بمُحَرَّمِ
نُبِيحُ حِمَى ذي العِزِّ حينَ نَكِيدُهُ ... ونَحْمِي حِمانا بالوَشِيج المُقَوَّمِ
ونحنُ إِذا لَمْ يُبْرِمِ النَّاسُ أَمْرَهُمْ ... نكونُ على أَمْرٍ مِن الحَقِّ مُبْرَم
ولَوْ وُزِنَتْ رَضْوَى بحِلْمِ سرَاتِنا ... لَمالَ برَضْوَى حِلْمُنا ويَلَمْلَمِ
نكُون زِمامَ القائِدِينَ إِلى الوَغَى ... إِذا الفَشِلُ الرِّعْدِيدُ لَمْ يَتَقَدَّمِ
فنحنُ كذاكَ الدَّهْرَ ما هَبَّتِ الصَّبا ... نُعودُ على جُهَّالِهِمْ بالتَّحَلُّمِ
فلَوْ فَهِمُوا أَو وُقِّفُوا رُشْدَ أَمْرِهِمْلَعُدْنا عليهمْ بَعْدَ بُؤْسَى بأَنْعُمِ
قال
آخر
يَزِيدُ اتِّساعاً في الكَريهَةِ صَدْرَهُ ... تَضايُقُ أَطْرافِ الوَشِيجِ المُقَوَّمِ
فما شارِبٌ بَيْنَ النَّدامَى مُعَلَّلٌ ... بِأَطْرَبَ مِنْهُ بَيْنَ سَيْفٍ ولَهْذَمِ
كأَنَّ نُفُوسَ النَّاسِ في سَطَواتِهِ ... فَراشٌ تَهاوَى في حَريق مُضَرَّم
قال
المقشعر بن جديع النصري
وكان قد طعن محمد بن طلحة التيمي يوم الجمل، واسم الجمل: عسكر
وأَشْعَثَ قَوَّامٍ بآياتِ رَبِّهِ ... قَلِيلِ الأَذَى فِيما تَرَى العَيْنُ مُسْلِمِ
هَتَكْتُ له بالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ ... فخَرَّ صَريعاً لليَدَيْنِ وللفَمِ
يُذَكِّرُنِي حاسمِيمَ، والرُّمْحُ شاجرٌ ... فهَلاَّ تَلا حامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ
على غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ ليس تابِعاًعَلِيَّا، ومَنْ لا يَتْبَعِ الحَقَّ يَنْدَمِ
قال
شبيب بن يزيد بن نعيم
الشيباني الشاري
يعير الحجاج لما هرب من غزالة امرأته وهي في تسعمائة فارس وتروى لعمران بن حطان
أَسَدٌ عليَّ وفي الحُرُوب نَعامَةٌ ... رَبْداءُ تَجْفِلُ مِن صَعِيرِ الصَّافِرِ
هَلاَّ بَرَزْتَ إِلى غَزالَةَ في الوَغَى ... بَلْ كان قَلْبُكَ في جَناحَيْ طائِرِ
صَدَعَتْ غَزالَةُ جَمْعَهُمْ بفَوارِسٍ ... جَعَلَتْ كَتائِبَهُمْ كأَمْسِ الدَّابِرِ
قال
شريك بن الأعور الحارثي
إسلامي
أَيَشْتِمُنِي مُعاوِيَةُ بنُ حَرْبٍ ... وسَيْفِي صارِمٌ ومَعِي لِسانِي
وحَوْلِي مِنْ بَنِي يَمَنٍ لُيُوثٌ ... ضَراغِمَةٌ تَهَشُّ إِلى الطِّعانِ
فلا تَبْسُطْ لِسانَكَ يا ابْنَ حَرْبٍ ... فإِنَّكَ قد بَلَغْتَ مَدَى الأَمَانِ
فإِنْ تَكُ مِن أُميَّةَ في ذُراها ... فإِنِّي مِن ذُرَى عَبْدِ المَدانِ
وإِنْ تَكُ للشَّقاءِ لنا أَمِيراً ... فإِنَّا لا نُقِيمُ على الهَوانِ
مَتَى ما تَدْعُ قَوْمَكَ أَدْعُ قَوْمِي ... وتَخْتَلِفُ الأَسِنَّةُ بالطِّعانِ
قال
الأشتر النخعي
واسمه مالك
ابن الحارث بن عبد يغوث بن سلمة بن ربيعة
بَقَّيْتُ وَفْرى وانْحَرَفْتُ عن العُلا ... ولَقِيتُ أَضْيافِي بوَجْهِ عَبُوسِ
إِنْ لَمْ أَشُنَّ على ابْنِ حَرْبٍ غارَةً ... لَمْ تَخْلُ يوماً مِن نِهابِ نُفُوسِ
خَيْلاً كَأَمْثالِ السَّعالِي شُزَّباً ... تَعْلُو بِبيضٍ في الكَرِيهَةِ شُوسِ

حَمِيَ الحَدِيدُ عليهمُ فكأَنَّهُ ... وَمَضانُ بَرْقٍ أَو شُعاعُ شُمُوسِ

قال
أبو علي البصير
عباسي
أَكْذَبْتُ أَحْسَنَ ما يَظُنُّ مُؤَمِلِّي ... وهَدَمْتُ ما شادَتْهُ لِي أَسْلافِي
وعَدِمْتُ عاداتِي التي عُوِّدْتُها ... قِدْماً مِن الإِتْلافِ والإِخْلافِ
وغَضَضْتُ مِن نارِي لِيَخْفَى ضَوْؤُها ... وقَرَيْتُ عُذْراً كاذِباً أَضْيافِي
إِنْ لَمْ أَشُنَّ على عَليٍّ حُلَّةً ... تُضْحِي قَذىً في أَعْيُنِ الأَشْرافِ
قال
القَتال الكلابي
عبادة بن مجيب بن المضرحي
إِذا هَمَّ هَمّاً لَمْ يَرَ اللَّيلَ غُمَّةً ... عليهِ، ولَمْ تَصْعُبْ عليه المَراكِبُ
قَرَى الهَمَّ، إِذْ ضافَ، الزَّماعَ وأَصْبَحَتْمَنازِلُهُ تَعْتَسُّ فِيها الثَّعالِبُ
يَرَى أَنَّ بَعْدَ العُسْر يُسْراً ولا يَرَى ... إِذا كانَ يُسْرٌ أَنَّهُ الدَّهْرَ لازبُ
قال
عامر بن الطفيل العامري
وإِنِّي وإِنْ كنتُ ابنَ فارِسِ بهُمَةٍ ... وفِي السِّرِّ مِنْها والصَّرِيحِ المُهَذَّبِ
فما سَوَّدَتْنِي عامِرٌ عن كَلالَةٍ ... أَبَى اللّهُ أَنْ أَسْمُو بأُمٍّ ولا أَبِ
ولكنَّنِي أَحْمِي حِماها، وأَتَّقِي ... أَذاها، وأَرْمي مَن رَماها بمِقْنَبِ
قال
بشامة بن الغدير
جاهلي
وَجَدْتُ أَبِي فِيهِمْ وجَدِّيَ قَبْلَهُ ... يُطاعُ ويُؤْتَى أَمْرُهُ وهْوَ مُحْتَبِ
فلَمْ أَتَعَمَّدْ للرِّياسَةِ فيهمُ ... ولكنْ أَتَتْنِي طائِعاً غَيْرَ مُتْعَبِ
قال
آخر
قد قال قَوْمٌ أَعْطِهِ لِقَدِيمِهِ ... جَهِلُوا، ولكنْ أَعْطِنِي لِتَقَدُّمِي
فأَنا ابنُ نَفْسِي لا ابنُ عِرْضِيَ، أَجْتَدِي ... بالسَّيْفِ، لا برُفاتِ تلكَ الأَعْظُمِ
وقالت
كبشة بنت معديكرب
الزبيدية، جاهلية
ترثي أخاها عبد الله بن معد يكرب
أَرْسَلَ عبدُ اللّهِ إِذْ حانَ يَوْمُهُ ... إِلى قَوْمِهِ: لا تَعْقِلُوا لهُمُ دَمِي
ولا تَأْخُذُوا مِنْهُمْ إِفالاً وأَبْكُراً ... وأُتْرَكَ في بَيْتٍ بِصَعْدَةَ مُظْلِمِ
ودَعْ عَنْكَ عَمْراً، إِنَّ عَمْراً مُسالِمٌوهَلْ بَطْنُ عَمْرٍو غَيْرُ شِبْر لمَطْعَمِ
فإِنْ أَنْتثمُ لَمْ تَثْأَرُوا بأَخِيكُمُ ... فمَشُّوا بِآذان النَّعام المُصَلَّمِ
ولا تَشْرَبُوا إِلاَّ فُضُولَ نِسائِكُمْ ... إِذا ارْتَمَلَتْ أَعقابُهُنَّ مِن الدَّمِ
قال
سالم بن دارة
مخضرم
أَيا راكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... على نَأْيِهمْ مِنِّي القَبائِلَ مِن عُكْلِ
فلا صُلْحَ حتى تَنْحِطَ الخَيْلُ بالقَنَا ... وتُوقَدَ نار الحَرْب بالحَطَب الجَزْل
وجُرْدٍ تَعالَى بالكُماةِ كأَنَّما ... تُلاحِظُ من غَيْظٍ بأَعْيُنِها القُبْلِ
عليها رِجالٌ جالدُوا يومَ مَنْعَجٍ ... ذَوِي التَّاجِ ضَرَّبُو المُلوكِ على وَهْلِ
بضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكَناتِهِ ... وطَعْن كأَفْواهِ المُقَرِّحَةِ الهُدْل
وكُنَّا حَسِبْنا فَقْعَساً قَبْلَ هَذِه ... أَذَلَّ على وَقْعِ الهَوانِ مِن النَّعْلِ
فقَدْ نَظَرَتْ نَحْوَ السَّماءِ، وسَلَّمَتْعلى النَّاسِ واعْتاضَتْ بخِصْبٍ عن المَحْل
فإِنْ أَنتُم لَمْ تَثْأَرُوا بأَخِيكُمُ ... فكُونُوا نِساءً للخُلُوقِ ولِلكُحْلِ
وبِيعُوا الرُّدَيْنِيّاتِ بالحَلىْ، واقْعُدُواعن الحَرْبِ، واعْتاضُوا المَغازِلَ بالنَّبْلِ
قال
آخر
خُذُوا العَقْلَ إِنْ أَعْطاكُمُ القَوْمُ عَقْلَكُمْوَكُونوا كَمَنْ سِيْمَ الهَوانَ فَأَرْبَعَا
ولا تُكْثِرُوا فِيها الضِّجاجَ، فإِنَّهُ مَحا ... السَّيْفُ ما قالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعا
قال

عمرو بن أسد الفقعسي
رَأَيْتُ مَوالِيَّ الأُلَى يَخْذُلُونَنِي ... على حَدَثانِ الدَّهْر إِذْ يَتَقَلَّبُ
فهَلاَّ أَعَدُّونِي لِمثْلِي، تَفاقَدُوا ... وفي الأَرْضِ مَبْثُوثاً شُجَاعٌ وعَقْرَبُ
وهَلاَّ أَعَدُّونِي لِمثْلِي، تَفاقَدُواإِذا الخَصْمُ أَبْزَى مائِلُ الرَّأْسِ أَنْكَبُ
فلا تَأْخُذُوا عَقْلاً مِن القَومِ، إِنَّنِي ... أَرَى العار يَبْقَى والمَعاقِل تَذْهَبُ
كأَنَّكَ لم تُسْبَقْ مِن الدَّهْرِ ليلةً ... إِذا أَنْتَ أَدْرَكْتَ الذي كنتَ تَطْلُبُ
قال
القطامي
لَم تَرَ قَوْماً هُمُ شَرٌّ لإِخْوتِهِمْ ... مِنَّا، عَشِيَّةَ يَجْرِي بالدَّم الوادِي
نَقْرِيهُمُ لَهْذَمِيَّاتٍ نَقُدُّ بها ... ما كانَ خاطَ عَلَيْهِمْ كُلُّ زَرَّادِ
قال
جرير بن الخطفي
كيفَ العَزاءُ، ولَمْ أَجدْ مُذْ بِنْتُمُ ... قَلْباً يَقِرُّ ولا شَراباً يَنْقَعُ
ولقَد صَدَقْتُكِ في الهَوَى، وكَذَبْتِنِي ... وخَلَبْتِنِي بمَواعِد لا تَنْفَعُ
بانَ الشَّبابَ حَمِيدَةٌ أَيَّامُهُ ... لو أَنَّ ذلكَ يُشْتَرَى أَو يَرْجِعُ
رَجَفَ العِظامُ مِن البِلَى، وتَقاذَفَتْ ... سِنِّي، وفيَّ لمُصْلِحٍ مُسْتَمَعُ
أَعْدَدْتُ للشُّعراءِ كَأْساً مُرَّةً ... عِنْدِي يُخالِطُها السِّمامُ المُنَقَعُ
هَلاَّ سَأَلْتِ بَنِي تَمِيمٍ أَيُّنا ... يَحْمِي الذِّمارَ، ويُسْتَجارُ فيَمْنَعُ
مَنْ كان يَسْتَلِبُ الجَبَابِرَ تاجَهُمْ ... ويَضُرُّ إِنْ رفِعَ الحَدِيثُ ويَنْفَعُ
زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سَيَقْتُلُ مَرْبعاً ... أَبْشِرْ بطُولِ سَلامَةٍ يا مَرْبَعُ
قال
معقر بن حمار البارقي
أَمِنْ آلِ شَعْثاء الحُمُولُ البوَاكِرُ ... معَ الصُّبحِ قد زالَتْ بهِنَّ الأَباعِرُ
وحَلَّتْ سُلَيمَى بَينَ هَضْبٍ وأَيْكْةٍ ... فلَيْسَ عَلَيْها يومَ ذلكَ قادِرُ
فأَلْقَتْ عصاها واستَقَرَّتْ بها النَّوَى ... كما قَرَّ عَيناً بالإِياب المُسافِرُ
فصَبَّحَا أَمْلاكُها بكَتِيبَةٍ ... عَلَيها إِذا أَمسَتْ مِن اللّهِ ناظِرُ
يُفَرِّجُ عَنَّا ثَغْرَ كُلِّ مَخُوفَةٍ ... جَوادٌ كسِرْحانِ الأَباءةِ ضامِرُ
وكُلُّ طَمُوحٍ في الجراءِ كَأنَّها ... إِذا غُمِسَتْ في الماءِ فَتْخاءُ كامرُ
قال
المتلمس الضبعي
واسمه جرير
فلا تَقْبَلَنْ ضَيْماً مَخافَةَ مِيتَةٍ ... ومُوتَنْ بِها حُرّاً، وجِلْدُكَ أَمْلَسُ
فمِنْ طَلَبِ الأَوْتارِ ما حَزَّ أَنْفَهُ ... قَصِيرٌ، وخاضَ الموتَ بالسَّيْفِ بَيْبَسُ
نَعامَة لمَّا صَرَّعَ القَومُ رَهطَهُ ... تَبَيَّنَ في أَثْوابِهِ كيفَ يَلْبَسُ
وما النَّاسُ إِلاَّ ما رَأَوْا وتَحَدَّثواوما العَجْز إِلاَّ أَنْ يُضامُوا فيَجْلِسُوا
قال
زيد الخيل بن مهلهل الطائي
مخضرم
تَذَكَّرَ وَطْبَهُ لمَّا رآنِي ... أُقَلِّبُ صَعْدَةً مِثْلَ الهِلالِ
وأَسْلَمَ عِرْسَهُ لمَّا التَقَينَا ... وأَيْقَنَ أَنَّنا صُهْبُ السِّبالِ
فإِنْ يَبْرَأْ فلَم أَنْفِثْ عليه ... وإِنْ يَهْلِكْ فإِنِّي لا أُبالِي
وقَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ أَنْ سَيفِي ... كَرِيهٌ كلَّما دُعِيَتْ نَزالِ
أُغادِيهِ بصَقْلٍ كلَّ يوم ... وأَعْجُمُهُ بِهاماتِ الرِّجالِ
قال
أيضا
ً
نَجَّا سلامَة والرِّماحُ شَواجِرٌ ... دَعْواهُمُ دَعْوَى بَنِي الصَّيْداءِ
لَوْلاَ ادِّعاؤهُمُ بدعوَى غَيرهِم ... ورَدَتْ نساؤهُم على الأَطْواءِ
قال
أيضا
ً

يا بَنِي الصَّيداءِ رُدُّوا فَرَسِي ... إِنَّما يُفْعَلُ هذا بالذَّلِيلْ
إِنَّهُ مُهْرِي وقَدْ عَوَّدتهُ ... دَلَجَ اللَّيلِ وإِبطاء القَتِيلْ

قال
أيضا
ً
رَأَتْنِي كأَشْلاءِ اللِّجامِ، ولَنْ تَرَىأَخا الحَرْبِ إِلاَّ أشْعَثَ اللَّوْنِ أَغْبَرا
أَخا الحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ به الحَرْبُ عَضَّهاوإِن شَمَّرَتْ عن ساقِها الحَرْبُ شَمَّرا
قال
شداد بن معاوية العبسي
فمَنْ يَك سائِلً عنِّي فإِنِّي ... وجرْوَةَ لا تباعُ ولا تعارُ
مُقَرَّبَة الشِّتاءِ ولا تَراها ... وراء الحَيِّ تَتْبَعُها المِهارُ
أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي العُشَراءِ عنِّي ... عَلانِيَةً، وما يُغْنِي السِّرارُ
قَتَلْت سَراتَكمْ وَتَرَكْت مِنْكمْ ... خشاراً، قَلَّما نَفَعَ الخشارُ
قال
القحيف العجلي
أَبَيْتَ اللَّعْنَ، إِنَّ سَكابِ عِلْقٌ ... نَفِيسٌ لا تعارُ ولا تباعُ
مُفَدَّاةٌ مُكَرَّمَةٌ عَلَيْنا ... تجاعُ لها العِيالُ ولا تجاع
سَلِيلَة سابِقَيْنِ تَناجَلاها ... إِذا نسِبا يَضمُّهما الكراعُ
فلا تَطْمَعْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ فِيها ... ومَنْعُكَها لَشَيْءٌ يُسْتَطاعُ
قال
قطري بن الفجاءة
لَعَمْرُكَ إِنِّي في الحياةِ لَزاهِدٌ ... وفي العَيْشِ ما لَمْ أَلْقَ أُمَّ حَكِيمِ
مِن الخَفِراتِ البِيضِ لَمْ أَرَ مِثْلَها ... شِفاءً لِذِي داءٍ ولا لِسَقِيمِ
فلَوْ شَهِدَتْنِي يومَ دُولابَ أَبْصَرتْ ... طِعانَ فَتىً في الحربِ غَيْرِ مُلِيمِ
غَداةَ طَفَتْ عَلْماءِ بَكْرُ بن وائِلٍ ... وأُلاَّفها مِن يَحْصُبٍ وسَلِيمِ
ومالَ الحجازِيُّونَ نحوَ بلادِهمْ ... وعُجْنا صُدورَ الخيلِ نحوَ تَمِيمِ
قال
معاوية بن مالك
بن جعفر بن كلاب
إِذا سَقَط السَّماءُ بأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْناهُ، وإِنْ كانوا غِضابا
بِكلِّ مُقَلِّصٍ عَبْلٍ شَواهُ ... إِذا وُضِعَتْ أَعِنَّتهنَّ ثابا
ودافِعَةِ الحِزامِ بمِرْفَقَيْها ... كَشاةِ الرَّبْلِ آنَسَتِ الكِلابا
قال
الحارث بن ظالم اليربوعي
رَفَعْت السَّيْفَ إِذ قالوا قرَيْشاً ... وبَيَّنْتُ الشَّمائِلَ والقبابا
فما قَوْمِي بثَعْلَبَةَ بن سَعْدٍ ... ولا بغَزارَةَ الشُّعْرِ الرِّقابا
وقَوْمِي إِنْ سَأَلْتِ بَنو لؤَيٍّ ... بمكَّةَ، عَلَّمُوا مُضَرَ الضِّرابا
أَقَمْنا للكَتائِبِ كلَّ يَوْم ... سُيوفَ المَشْرَفِيَّةِ والحِرابا
قال
الراجز
إِنِّي وكلُّ شاعِرٍ مِن البَشَرْ ... شَيْطانه أُنْثَى وشَيْطانِي ذَكَرْ
فَما رآنِي شاعِرٌ إِلاَّ اسْتَتَرْ ... فِعْلَ نجومِ الليلِ عايَنَّ القَمَرْ
قال
عمرو بن عبد الجن
جاهلي
أَمَا ودِماءٍ مائِراتٍ تخَالها ... على قُنَّةِ العُزَّى أَوِ النَّشْرِ عَنْدَما
وما قَدَّسَ الرُّهْبان في كلِّ هَيْكَلٍ ... أَبيلَ الأَبِيلِينَ المسِيحَ بنَ مَرْيَما
لقَدْ هَزَّ منِّي عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ ... حُساماً، إِذا لاقَى الضَّرِيبَةَ صَمَّما
قال
قراد بن حنش الصاردي
إِذَأ اجْتَمَعَ العَمْران عَمْرُ وبن جابرٍ ... وبَدْرُ بن عَمْرٍو خِلْتَ ذبْيانَ تبَّعا
وأَلْقَوْا مَقالِيدَ الأُمورِ إِليهمُ ... جميعاً قِماءً كارِهِينَ وطُوَّعا
هُمُ صَلَبُوا العَبْدِيَّ في جِذْعِ نَخْلَة ... فلا عَطَسَتْ شَيبانُ إِلاَّ بأجدَعا
قال
عبيد الله بن الحر الجعفي

وقَدْ عَلِمَتْ خَيْلِي بِساباطَ أَنَّنِي، ... إِذا حِيلَ دُونَ الطَّعْنِ، غَيْرُ عَنُودِ
أَكُرُّ ورَاء المُجْحَرِينَ، وأَدَّعِي ... مَوارِيثَ آباءٍ لنا وجُدُودِ

قال
مقبل بن عبد العزى
جاهلي
أَيُوعُدِنِي أَبو عَمْرٍو ودُونِي ... رِجالٌ لا يُنَهْنِهُها الوَعِيدُ
رجالٌ مِن بَنِي سَهْم بن عَمْرٍو ... إِلى أَبْياتِهِمْ يَأْوِي الطَّرِيدُ
وكَيْف أَخافُ أَو أَخْشَى وَعِيداً ... ونَصْرُهُمُ إِذا أَدْعُو عَتِيدُ
قال
بشر بن صفوان الكلبي
إسلامي
أَقادَتْ بنو مَرْوانَ قَيْساً دِماءنا ... وفِي اللّهِ إِنْ لمْ يُنْصِفُوا حَكَمٌ عَدْلُ
كَأَنَّكُمْ لمْ تَشْهَدُوا مَرْجَ رَاهِطٍولَمْ تَعْلَمُوا مَنْ كانَ ثَمَّ لهُ الفَضْلُ
وَقَيْناكُمُ حَرَّ القَنا بِنُحُورِنا ... ولَيْس لَكُمْ خَيْلٌ هناكَ ولا رَجْلُ
ولمَّا رَأَيْتُمْ واقِدَ الحَرْبِ قد خَبا ... وطابَ لَكُمْ مِنْها المَشارِبُ والأَكْلُ
تَناسَيْتُمُ مَسْعاتَنا وبَلاءنا ... وخامَرَكُمْ مِنْ سُوءِ بَغْيِكُمُ جَهْلُ
فلا تَعْجَلُوا إِنْ دَارَتِ الحَرْبُ بَيْنَناوَزلَّتْ عن المَوْطاةِ بالقَدَمِ النَّعلُ
قال
خداش بن زهير العامري
أَلَمْ تَعْلَمِي، والعِلْمُ يَنْفَعُ أَهْلَهُ ... ولَيْس الذي يَدْري كآخَرَ لا يَدْري
بأَنَّا على سَرَّائِنا غَيْرُ جُهَّلٍ ... وأَنَّا على ضَرَّائِنا مِن ذَوي الصَّبْرِ
ونَفْرِي سَرابِيلَ الكُماةِ عليهمُ ... إِذا ما التَقَيْنا بالمُهَنَّدَةِ البُتْرِ
وقَدْ عَلِمَتْ قَيْسُ بنُ عَيْلانَ أَنَّنا ... نَحُلُّ، إِذا خافَ القَنابلُ، بالثَّغْرِ
وَنَصْبِرُ لِلمَكْرُوهِ عندَ لِقائِهِ ... فنَرْجعُ عنه بالغَنِيمَةِ والذِّكْرِ
قال
عبيد بن الأبرص الأسدي
جاهلي
يا ذَا المُخَوِّفُنا بِقَتْ ... لِ أَبِيهِ إِذْلالاً وحَيْنا
إِنَّا إِذا عَضَّ الثِّقا ... فُ برَأْسِ صَعَدَتِنا لَوَيْنا
نَحْمِي حَقِيقَتَنا وبَعْ ... ضُ القَوْمِ يَسْقُطُ بَيْنَ بَيْنا
هَلاَّ سَأَلْتَ جُمُوعَ كِنْ ... دَةَ يومَ وَلَّوْا أَيْنَ أَينا
أَيَّامَ نَضْرِبُ هامَهُمُ ... بِبَواتِرٍ حتَّى انْحَنَيْنا
نحنُ الأُلَى، فاجْمَعْ جُمُو ... عَكَ ثُمَّ وَجِّهْهُم إِلينا
قال
طرفة بن العبد
جاهلي
أَلاَ أَيُّهَا الَّلائِمِي أَحْضُرُ الوَغَىوأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هل أَنتَ مُخْلِدِي
فإِنْ كنتَ لا تَسْتطِيعُ دَفْعَ مَنِيَّتِي ... فدَعْنِي أُبادِرْها بما مَلَكَتْ يَدِي
أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بَخِيلٍ بِمِسالِهِ ... كقَبْرِ غَوِيٍّ في البطَالَةِ مُفْسِدِ
أَرَى المَوْتَ بَعْتامُ الكِرامَ ويَصْطَفى ... عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ
أَرَى الدَّهْرَ كَنْزاً ناقِصاً كُلَّ ليلةٍوما تَنْقُصِ الأَيَّامُ والدَّهْرُ يَنْفَدِ
لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوْت ما أَخْطَأَ الفَتى ... لكا لْطِّوَلِ المُرْخَى وثِنْياهُ باليَدِ
فما لِي أَرانِي وابنَ عَمِّيَ مالِكاً ... مَتَى أَدْنُ مِنْه يَنْأَ عنِّي ويَبْعُدِ
وقَرَّبْتُ بالقُرْبَى، وجَدِّكَ إِنَّهُ ... متَى يَكُ أَمْرٌ للنَّكِيثَةِ أشْهَدِ
وإِن أُدْعَ للجُلَّى أَكُنْ من حُماتِها ... وإِنْ يَأْتِكَ الأَعْداءُ بالجَهْدِ أَجْهَدِ
وإِنْ يَقْذِفُوا بالقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهمْبكأَسِ حِياضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّهَدُّدِ
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضاضَةً ... على المَرْءِ مِن وَقْعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ

أَنَا الرَّجلُ الضَّرْبُ الذي تَعْرِفُونَهُ ... خَشاشٌ كَرأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
فآلَيْتُ لا يَنْفكُّ كَشْحِي بِطانَةً ... لِعَضْبٍ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ
حُسامٍ إِذا ما قُمْتُ مُنْتَصِراً به ... كَفَى العَوْدَ مِنْه البَدْءُ لَيْسَ بمُعْضَدِ
أَخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عن ضَرِيبَةٍ ... إِذَا قِيلَ مَهْلاَ قال حاجزُهُ قَدِ
إِذا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلاحَ وَجَدْتَنِيمَنِيعاً إِذا ابْتَلَّتْ بقائِمِهِ يَدِي
فإِنْ مُتُّ فانْعَيْنِي بما أَنا أَهْلُهُ ... وشُقِّي عليَّ الجَيْبَ يا ابنةَ مَعْبَدِ
ولا تَجْعَلِينِي كامْرِىءٍ لَيْس هَمُّهُ ... كَهَمِّي، ولا يُغْنِي غَنائِي ومَشْهَدِي
بَطِيءٍ عن الجُلَّى سَرِيعٍ إِلى الخَنا ... ذَلِيلٍ بأَجْماعِ الرِّجالِ مُلَهَّدِ
ولكننْ نَفَى عنِّي الأَعادِيَ جُرْأَتِي ... عليهمْ، وإِقْدامِي وصِدْقِي ومَحْتِدِي
ويَوْمَ حَبَسْتُ النَّءسَ عندَ عِراكِهِ ... حِفاظاً على عَوْراتِهِ والتَّهَدُّدِ
على مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتى عندَه الرَّدَى ... مَتَى تَعْتَرِكْ فيه الفَرائِصُ تُرْعَدِ

قال
سهم بن حنظلة الغنوي
وتروى لكعب بن سعد بن عمرو بن عقبة الغنوي
لا يَحْمِلَنَّكَ إِقتارٌ على زَهَدٍ ... ولا تَزَلْ في عَطاءِ اللّهِ مُرْتَغِبا
بَيْنَا الفَتى في نَعِيمٍ يَطْمَئِنُّ بهِ ... أَخْنَى ببُؤْس عليه الدَّهْرُ فانْقَلَبا
فاعْصِ العَواذِلَ، وارْمِ الليلَ عن عُرُضٍ ... بِذِي سَبِيبٍ يُقاسِي لَيْلَهُ خَبَبا
شَهْمِ الفُؤادِ، قَبِيضِ الشَّدِّ مُنْجَرِدٍفَوْتِ النَّواظِرِ، مَطْلُوباً وإِنْ طَلَبا
كالسِّمْعِ، لَمْ يَنْقُب البَيْطارُ سُرَّتَهُولَمْ يَدِجْهُ ولَمْ يَغْمِزُ لهُ عَصَبا
حتَّى تُصادِفَ مالاً، أَو يُقالَ فتىً ... لاقَى التي تَشْعَبُ الفِتْيانَ فانْشَعَبا
قال
جريبة بن الأشيم الفقعسي
أموي الشعر
إِذا الخيلُ صاحَتْ صِياحَ النُّسُورِ ... جَزَزْنا شَراسِيفَها بالجِذَمْ
إِذا الدَّهْرُ عَضَّتْكَ أَنْيابُهُ، ... لَدَى الشَّرِّ، فأْزِمْ بهِ ما أَزَمْ
عَرَضْنا: نَزالِ، فلَمْ يَنْزِلُوا ... وكانتْ نَزالِ عليهمْ أَطَمْ
قال
بشر بن أبي خازم
جاهلي
أَتُوعِدُنِي بقَوْمِكَ يا ابنَ سُعْدَى ... وما بَيْنِي وبَيْنَكَ مِن ذِمامِ
متَى ما أَدْعُ في أَسَدٍ تُجِبْني ... مُسَوَّمَةٌ على خَيْلٍ صِيامِ
تَتابَعُ نَحو داعِيها سِراعاً ... كما انْسَلَّ الفَريدُ مِن النِّظامِ
قال
الأعشى ميمون
جاهلي
صَدَّتْ هُرَيْرَةُ عنَّا ما تُكلِّمُنا ... جَهْلاً بأُمِّ خُلَيْدٍ، حَبْلَ مَنْ تَصِلُ
أَأَنْ رَأَتْ رَجُلاً أَعْشَى أَضَرَّ بهِ ... رَيْبُ المَنُونِ وذَهْرٌ مُفْنِدٌ خَبلُ
قالتْ هُرَيرةُ لمَّا جئْتُ زائِرها ... وَيْلِي عليكَ، وويْلِي منكَ يا رجُلُ
وقَدْ غَدَوْتُ إِلى الحانُوتِ يتْبَعُنِي ... شاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ
في فِتْيَةٍ كسُيوفِ الهِنْدِ قد عَلِمُوا ... أَنْ هالِكٌ كُلٌّ مَنْ يَحْفَى ويَنْتَعِلُ
سائِلْ بَنِي أَسَدٍ عَنَّا فقَدْ عَلِمُوا ... أَنْ سَوْف يَأْتِيكَ مِن أَنْبائِنا شَكَلُ
إِنْ تَرْكَبُوا، فرُكُوبُ الخَيْلِ عادَتُنا ... أو تَنْزِلُوننَ، فإِنَّا مَعْشَرٌ نُزُلُ
أَبْلِغْ يَزِيدَ بنِي شَيْبانَ مَأْلُكَةً ... أَبا ثُبَيْتٍ أَمَا تَنْفَكُّ تَأْتَكِلُ

أَلَسْتَ مُنْتَهِياً عن نَحْتِ أَثْلَتِنا ... ولَسْتَ واطِئَها ما أَطَّتِ الإِبِلُ
كناطِحٍ صَخْرَةً يوماً لِيَفْلِقَها ... فلَمْ يَضْرِها، وأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعْلُ
لَئِنْ مُنِيتُمْ بِنا عن غِبِّ مَعْرَكَةٍ ... لا تُلْفِنا مِن دِماءِ القَوْمِ نَنْتَفِلُ
أَتَنْتَهُونَ، ولا يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ ... كالطَّعْنِ، يَذْهبُ فيهِ الزَّيْتُ والفُتُلُ

قال
الفرزدق
هَيْهَاتَ مَا سَغِبَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها ... فاسْتَجْهَلَتْ حُلَمَاءهَا سُفَهَاؤُهَا
حَرْبٌ تَشَاجَرَ بَيْنَهُمْ بضَغَائِن ... قد كَفَّرَتْ آباءها أَبْناؤُها
قال
آخر
وأَنا النَّذِيرُ إِليكُمُ مُسْوَدَّةً ... يَصِلُ الأَعَمُّ إِليكُمُ أَقْوادَها
أَبْناؤُها مُتَكَنِّفُونَ أَباهُمُ ... حَنِقُو الصُّدُورِ، وما هُمُ أَوْلادَها
قال
عمرو بن لاي بن عائذ
بن تيم اللات
يا رُبَّ مَنْ يُبْغِضُ أَذْوادَنا ... رُحْنَ على بَغْضائِهِ واغْتَدَيْنْ
لو يَنْبُتُ المَرْعَى على أَنْفِهِ ... لَرُحْنَ مِنْهُ أُصُلاً قد رَعَيْنْ
قال
المرقش الأكبر
لَيْسَ على طُولِ الحياةِ نَدَمْ ... ومِنْ وَراءِ المَرْءِ ما يَعْلَمْ
لا يُبْعِدِ اللّهُ التَّلَبُّبَ وال ... غاراتِ إِذْ قالَ الخَمِيسُ: نَعَم
والعَدْوَ بَيْنَ المَجْلِسَيْن إِذا ... أَدَ العَشِيُّ وتَنادَى العَم
قال
عمرو بن الإطنابة الخزرجي
إِنِّي مِن القَوْمِ الذين إِذا انْتَدَوْا ... بَدَءُوا بِحَقِّ اللّهِ ثُمَّ النَّائِلِ
المَانِعِينَ مِن الخَنا جاراتِهِمْ ... والحاشِدِينَ على طَعامِ النَّازِلِ
والعاطِفِينَ على الطِّعانِ خُيُولَهُمْ ... والنَّازِلِينَ لِضَرْبِ كُلِّ مُنازِلِ
والخالِطِينَ حَلِيفَهُمْ بِصَرِيحِهِمْ ... والباذِلِينَ عَطاءهُمْ للسَّائِلِ
والضَّارِبِينَ الكَبْشَ يَبْرُقُ بَيْضُهُ ... ضَرْبَ المُهَجْهِجِ عن حِياضِ الآبِل
والقائِلينَ فلا يُعابُ خَطِيبُهُمْ ... يومَ المَقامَةِ بالكلامِ الفاصِلِ
خُزْرٌ عُيُونُهُمُ إِلى أَعْدائِهِمْ ... يَمْشُونَ مَشْيَ الأُسْدِ تحتَ الوابِلِ
قال
عنترة بن الأخرس الطائي
وتروى لبهدل بن أم قرفة الطائي وقرفة أمه واسمها فاطمة بنت ربيعة ابن بدر الفزاري
أَطِلْ حَمْلَ الشَّناءةِ لِي وبُغْضِي ... وعِشْ ما شِئْتَ، وانْظُرْ مَنْ تَضِيرُ
فما بِيَدَيْكَ خَيْرٌ أَرْتَجِيهِ ... وغَيْرُ صُدُودِكَ الخَطْبُ الكَبِيرُ
إِذا أَبْصَرْتَنِي أَعْرَضْتَ عَنِّي ... كأَنَّ الشَّمسَ مِن قِبَلِي تَدُورُ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ شِعْريَ سارَ عنِّي ... وشِعْرُكَ حَوْلَ بَيْتِكَ لا يَسِيرُ
قال
رجل من لخم
يحرض الأسود اللخمي، وذلك أنه كانت حربٌ بين ملوك غسان وملوك العراق وهم لخمٍ. فظفر الغسانيون باللخميين، وقتلوا جماعةً منهم. ثم من آخر السنة التقوا في ذلك الموضع، وكان قد جمع اللخميون جمعاً عظيماً فظفروا بالغسانيين وأسروا منهم جماعةً، وأراد ملكهم الأسود بن المنذر البقيا عليهم. فقام رجلٌ من قومه وكان قد قتل أخٌ له يحرضه على قتلهم فقال:
ما كُلُّ يومٍ يَنالُ المَرْءُ ما طَلَبا ... ولا يُسَوِّغُهُ المِقْدارُ ما وَهَبا
وأَحْزَمُ النَّاسِ مَنْ إِنْ نالَ فُرْصَتَهُلَمْ يَجْعَلِ السَّبَبَ المَوْصُولَ مُقْتَضَبا
وأَنْصَفُ النَّاسِ في كُلِّ المَواطِنِ مَنْ ... سَقَى المُعادِينَ بالكَأْسِ الذي شَرِبا
ولَيْسَ يَظْلِمُهُمْ مَنْ راحَ يَضْرِبُهُمْ ... بِحَدِّ سَيْفٍ بهِ مِنْ قَبْلِهِ ضُرِبا

والعَفْوُ إِلاَّ عن الأَكْفاءِ مَكْرُمَةً ... مَن قالَ غَيْرَ الذي قد قُلْتُهُ كَذَبا
قَتَلْتَ عَمْراً، وتَسْتَبْقِي يَزِيدَ لقَدْرَأَيْتَ رَأْياً يَجُرُّ الوَيْلَ والحَرَبا
لا تَقْطَعَنْ ذَنَبَ الأَفْعَى وتُرْسِلَهاإِنْ كنتَ شَهْماً فأَلْحِقْ رَأْسَها الذَّنَبا
هُمْ جَرَّدُوا السَّيْفَ فاجْعَلْهُمْ له جَزَراًوأَضْرَمُوا النَّارَ فاجْعَلْهُمْ لها حَطَبا
واذْكُرْ لمَنْجاهُمُ مَثْوَى أَبِي كَرِبٍ ... وحَبْسَ آلِ عَدِيِّ عِنْدَهُمْ حِقَبا
أَمْسَتْ تُضَرَّبُ بالبَلْقَاءِ هامَتُهُ ... ونحنُ نَسْتَعْمِلُ اللَّذَّاتِ والطَرَبا
إِنْ تَعْفُ عنهمْ، يقولُ النَّاسُ كُلُّهُمُ ... لَمْ تَعْفُ حِلماً، ولكنْ عَفْوُهُ رَهَبا
أَنِمْ حُقُوداً لنا فِيهمْ مُماطَلَةً ... وما تَنامُ إِذا لَمْ تُنْبهِ الغَضَبا
وكانَ أَحْسَنَ مِن ذا العَفْوِ لو هَرَبُوا ... لكنَّهُمْ أَنِفُوا مِن مِثْلكَ الهَرَبا
لا عَفْوَ عن مِثْلِهِمْ في مِثْل ما طَلَبُوافإِنْ يَكُنْ ذاكَ، كانَ الهُلْكَ والعَطَبا
إِنْ حاوَلُوا المُلْكَ، قالَ النَّاسُ: حَقُّهُمُولَيْسَ طالِبُ حَقٍّ مِثْلَ مَنْ غَصَبا
هُمُ أَهِلَّة غَسَّانٍ، ومَجْدُهُمُ ... عالٍ، فإِنْ حاوَلُوا مُلْكاً فلا عَجَبا
وعَرَّضُوا بَفِدَاءٍ واصِفِينَ لنا ... خَيْلاً وإِبْلاً تَرُوقُ العُجْمَ والعَرَبا
أَيَحْلِبُونَ دَماً مِنَّا ونَحْلُبُهُمُ ... رسْلاً، لقد شَرَفُونا في الوَرَى حَلَبا
علامَ نَقْبَلُ إِبْلاً منهمُ، وهُمُ ... لا فِضَّةً قبِلُوا مِنَّا ولا ذَهَبا
اسْقِ الكِلابَ دَماً مِ، عُصْبَةٍ دَمُهُمْ ... عندَ البَرِيَّةِ تَسْتَشْفِي به الكَلَبا
لَمْ يَتْرُكُوا سَبَباً للصُّلْحِ جُهْدَهُم ... فلا تَكُنْ أَنتَ أَيضاً تارِكاً سَبَبا
لو لَمْ تَسِرْ جازَ أَنْ تَعْفُو مُحاجَزَةًواللَّيْثُ لا يُحْسِنُ البُقْيا إِذا وَثَبا

قال
لقيط بن حارثة بن معبد الإيادي
جاهلي
يحذر قومه من غزو كسرى ويحثهم على قتاله
يا دارَ عَمْرَةَ مِن مُحْتَلِّها الجَرَعا ... هاجَتْ لكَ الهَمَّ والأَحْزانَ والوَجَعا
بل يا أَيُّها الرَّاكِبُ المُزْجى مَطِيَّتَهُ ... إِلى الجَزِيرَةِ مُرْتاداً ومُنْتَجِعا
أَبْلِغْ إِياداً، وخَلِّلْ في سَراتِهِمُإِنِّي أَرَى الرَّأْيَ، إِنْ لَمْ أُعْصَ قد نَصَعا
يا لَهْفَ نَفْسِيَ إِنْ كانَتْ أُمُورُكُمُشَتَّى، وأُحْكِمَ أَمْرُ النَّاسِ فاجْتَمَعا
أَلاَ تَخافُونَ قَوْماً لا أَبَا لَكُمُ ... أَمْسَوا إِليكمْ كأَمْثالِ الدَّبا سِرَعا
لو أَنَّ جَمْعَهُمُ رامُوا بِهَدَّتِهِ ... شُمَّ الشَّماريخِ مِن تَهْلان لانْصَدَعا
في كُلِّ يومٍ يَسُنُّونَ الحِرابَ لكم ... لا يَهْجَعُون إِذا ما غافِلٌ هَجَعا
لا حَرْثَ يَشْغَلُهُمْ بل لا يَرَوْنَ لهمْ ... مِن دُونِ قَتْلِكُمُ رَيّاً ولا شِبَعا
وأَنتمُ تَحْرُثُونَ الأَرْضَ عن سَفَهٍ ... في كلِّ ناحيةٍ تَبْغُون مُزْدَرَعا
وتُلْقِحُونَ حِيالَ الشَّوْلِ آوِنَةً ... وتَنْتِجُونَ بدارِ القُلْعَةِ الرُّبُعا
وتَلْبَسُونَ ثِيابَ الأَمْنِ ضاحِيَةً ... لا تَجْمَعُون، وهذا الجَيْشُ قد جَمَعا
مالِي أَراكُمْ نِياماً في بُلَهْنِيَةٍ ... وقد تَرَوْنَ شِهابَ الحَرْبِ قد سَطَعا
وقَدْ أَظَلَّكُمُ مِن شَطْرِ ثَغْرِكُمُ ... هَوْلٌ، له ظُلَمٌ، تَغْشاكُمُ قِطَعا
صُونُوا جِيادَكُمُ، واجْلُوا سُيُوفَكُمُ ... وجَدِّدُوا للقِسِيِّ النَّبْلَ والشِّرَعا
واشْرُوا تِلادَكُمُ في حِرْزِ أَنْفُسِكُمْ ... وحِرْزِ نِسْوَتِكُمْ لا تَهْلِكُوا جَزَعا

أَذْكُوا العُيُونَ وَراء السَّرْحِ، واحْتَرِسُواحتَّى تُرَى الخَيْلُ مِن تَعْدائِها رُجُعا
لا تُثْمِرُوا المالَ للأَعْداءِ إنَّهمُ ... إنْ يَظْهَرُوا يَحْتَوُوكُمْ والتِّلادَ مَعا
هَيْهاتَ ما زالتِ الأَمْوالُ مُذْ أَبَدٍ ... لأَهْلِها إِنْ أجِيبُوا مَرَّةً تَبَعا
قُومُوا قِياماً على أَمْشاطِ أَرْجُلِكُمْثُمَّ افْزَعُوا، قد يَنالُ الأَمْرَ مَن فَزِعا
وَقَلِّدُوا أَمْرَكُمُ، للّهِ دَرُّكُمُ، ... رَحْبَ الذِّراعِ، بأَمْرِ الحربِ مُضْطَلِعا
لا مُتْرَفاً إِنْ رَخاءُ العَيْشِ ساعَدَهُ ... ولا إِذا عَضَّ مَكْرُوهٌ بهِ خَشَعا
مُسَهَّدُ النَّوْمِ، تَعْنِيهِ أُمورُكُمُ ... يَرُومُ فِيها إلى الأَعْداءِ مُطَّلَعا
ما انْفَكَّ يَحْلُبُ هذا الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ ... يكُونُ مُتَّبَعاً يوماً ومُتَّبِعا
لا يَطْعَمُ النَّومَ إِلاَّ رَيْثَ يَحْفِزُهُ ... هَمٌّ، يكَأدُ شَباهُ يَحْطِمُ الضِّلَعا
حتَّى اسْتَمَرَّتْ على شَزْرٍ مَرِيرَتُهُمُسْتَحْكِمُ الرَّأْيِ، لا قَحْماً ولا ضرَعا
عَبْلَ الذِّراعِ أَبِيّاً ذا مُزابَنَةٍ ... في الحَرْبِ يَحْتَبِلُ الرِّنْبالَ والسَّبُعا
لقَدْ مَحَنْتُ لكمْ وُدِّي بِلا دَخَلٍفاسْتَيْقِظُوا، إِنَّ خَيْرَ العِلْمِ ما نَفَعا

قال
سديف بن ميمون
مولى السفاح
أَصْبَحَ المُلْكُ ثابِتَ الآساسِ ... بالبَهالِيلِ مِن بَنِي العَبَّاسِي
يا كَريمَ المُطَهَّلاِينَ مِن الرِّجْ ... سِ ويا راسَ كُلِّ طَوْدٍ وارسِ
أَنتَ مَهْدِيُّ هاشِمٍ وهُداها ... كَم أُناسٍ رَجَوْكَ بَعْدَ أُناسِ
لا تُقِيلَنَّ عَبْدَ شَمْسٍ عِثاراً ... وارْمِها بالمَنُونِ والإِتْعاسِ
ذُلُّها أَظْهَرَ التَّوَدُّدَ مِنْها ... وبها منكمُ كَحَزِّ المَواسِي
ولقَدْ ساءَنِي وساء سَوائِي ... قُرْبُها مِن نَمارِقٍ وكَراسِ
لا تَلِينُوا لقَوْلِها وازْجُرُوها ... فالدَّواهِي تُجَنُّ بالأَحْلاسِ
أَنْزِلُوها بحيثُ أَنْزَلَها اللَّ ... هُ بدارِ الهَوانِ والإِنْكاسِ
واذْكُرُوا مَصْرَعَ الحُسَيْنِ وزَيْدٍ ... وقَتِيلاً بجانِبِ المِهْراسِ
والقَتِيلَ الذي بِحَرَّانَ أَضْحَى ... ثاوِياً بَيْنَ غُرْبَةٍ وتَناسِ
نِعْمَ شِبْلُ الهِراشِ مَوْلاكَ شِبْلٌ ... لو نَجا مِن حَبائِلِ الإِفْلاسِ
قال
أيضا
ً
يا ابنَ عَمِّ النَّبِيِّ أَنتَ ضِياءُ ... اسْتَبَنَّا بكَ المُبِينَ الجَلِيَّا
جَرِّدِ السَّيْفَ، وارْفَعِ السَّوْطَ حتَّى ... لا تَرَى فوقَ ظَهْرِها أُمَوِيَّا
لا يَغُرَّنْكَ ما تَرَى مِن رِجالٍ ... إِنَّ تحتَ الضُّلُوعِ داءً دَوِيَّا
بَطَنَ البُغْضُ في القَدِيمِ، فأَضْحَى ... ثاوِياً في قُلُوبِهِمْ مَطْويَّا
قال
عبد يغوث بن وقاص الحارثي
جاهلي
وكان قد أسرته تميم فشدوا لسانه بنسعةٍ، خوفاً أن يهجوهم، إلا في وقت أكله وشربه.
فقال: أطلقوا لساني حتى أذم قومي واقتلوني قتلة كريمةً بأن تسقوني خمراً وتقطعوا الأكحلين مني فأنزف حتى أموت، ففعلوا فقال في ذلك:
أَلاَ لا تَلُومانِي كَفَى اللَّوْمَ ما بِيا ... فما لَكُما في اللَّوْمِ خَيْرٌ ولا لِيا
أَلَمْ تَعْلَما أَنَّ المَلامَةَ نَفْعُها ... قَلِيلٌ، وما لَوْمِي أَخِي مِن شِمالِيا
فيا راكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فبَلِّغَنْ ... نَدامايَ مِن نَجْرانَ أَلاَّ تَلاقِيا
أَقولُ، وقَدْ شَدُّوا لِسانِي بنِسْعَة: ... مَعاشِرَ تَيْمٍ أَطْلِقُوا عن لِسانِيا
مَعاشِرَ تَيْمٍ قد مَلَكْتُمْ فأَسْجِحُوا ... فإِنَّ أَخاكُمْ لَمْ يكُنْ مِن بَوائِيا

وتَضْحَكُ منِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ ... كأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيراً يَمانِيا
كأَنِّي لمْ أَرْكَبْ جَواداًن ولَمْ أَقُلْ ... لخَيْلِيَ: كُرِّي قاتِلِي مِن وَرائِيا
ولَمْ أَسْبَأ الزِّقَّ الرَّوِيَّ، ولَمْ أَقُلْلأَيْسارِ صِدْقٍ: أَعْظِمُوا ضَوْءَ نارِيا
وقد عَلِمْتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّنِي ... أَنا اللَّيْثُ مَعْدُوّاً عليه وعادِيا
وقد كُنتُ نَحَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ ال ... مَطِيِّ، وأَمْضِي حيثُ لا خَلْقَ ماضِيا
وأَنْحَرُ للشَّرْبِ الكرامِ مَطِيَّتِي ... وأَقْسِمُ بينَ القَيْنَتَيْن ردائِيا
وعادِيَةٍ سَوْمَ الجَرادِ وَزَعْتُها ... بكَفِّي، وقَدْ أَنْحَوْا إِليَّ العَوالِيا
تَطَلُّ نِساءُ التَّيْمِ حَوْلِي رَواكِداً ... يُراوِدْنَ منِّي ما تُرِيدُ نِسائِيا
وكنتُ، إِذا ما الخيلُ شَمَّصَها القَنا ... ، لَبيقاً بتَصْرِيفِ القَناةِ بَنانِيا

قال
عمرو بن الأهتم المنقري
جَزَى اللّهُ خَيْراً مِنْقَراً مِن قَبِيلةٍ ... إِذا الموتُ بالموتِ ارْتَدَى وتَأَزَّرا
دَعَوْتُهُمُ فاسْتَعْجَلُونِي بنَصْرِهِمْ ... إِليَّ غِضاباً يَنْفُنُونَ السَّنَوَّرا
قال
الأشهب بن رميلة النهشلي
وما نَفَى عنكَ قَوْماً أَنتَ خائِفُهُمْ ... كمِثْلِ وَقْمِكَ جُهَّالاً بجُهَّالِ
فاقعَس إِذا حَدِبُوا، واحْدَبْ إِذا قَعَسُوا ... وَوازِنِ الشَّرَّ مِثْقالاً بمِثْقالِ
قال
الشنقري الأزدي
جاهلي
لا تَقْبُرُونِي إِنَّ قَبْرِي مُحَرَّمٌ ... عليكمْ، ولكنْ أَبْشِرِي أُمَّ عامِرِ
إِذا احْتُمِلَتْ رَأْسِي، وفي الرَّأْسِ أَكْثرِي وغُودِرَ عندَ المُلْتَقَى ثُمَّ سائِرِي
هُنالِكَ لا أَرْجُو حَياةً تَسْرُّنِي ... سَجِيسَ اللَّيالي مُبْسَلاً بالجَرائِرِ
قال
سويد بن أبي كاهل
أموي الشعر
وكان الحجاج يملأ صوته بها على المنبر
بَسَطَتْ رابعَةُ الحَبْلَ لنا ... فوَصَلْنا الحَبْلَ مِنْها فانْقَطَعْ
تَمْنَحُ المِرْآةَ وَجْهاً واضِحاً ... كشُعاعِ الشَّمْسِ في الغَيْمِ سَطَحْ
هَيَّجَ الشَّوْقَ خَيالٌ زائِرٌ ... مِن حَبِيبٍ خَفِرٍ فِيه قَدْعْ
شاحِط جازَ إِلى أَرْحُلِنا ... عُصَبَ الغاب طُرُوقاً لَمْ يُرَعْ
آنِسٍ كانَ إِذا ما اعْتَادَنِي ... حالَ دُونَ النَّوْمِ مِنِّي فامْتَنَعْ
وكذاكَ الحُبُّ ما أَشْجَعَهُ ... يَرْكَبُ الهَوْلَ ويَعْصِي مَنْ وَزَعْ
وأَبِيتُ الليلَ ما أَرْقُدُهُ ... وبِعَيْنَيَّ إِذا نَجْمٌ طَلعْ
فإِذا ما قُلْتُ: ليْلٌ قد مَضى، ... عَطف الأَوَّلُ مِنْه فرَجَعْ
يَسْحَبُ الليلُ نُجُوماً ظُلَّعاً ... فتوالِيها بَطِيئاتُ التَّبَعْ
كم جَشِمْنا دُون سَلْمى مَهْمَهاً ... نازِحَ الغوْرِ إِذا الآلُ لمعْ
وَفلاةٍ واضِحٍ أَقْرابُها ... بالِياتٌ مِثْلُ مُرْفَتِّ القَزَعْ
فَركِبْناها على مُجْهُولِها ... بصِلابِ الأَرْضِ فِيهِنَّ شَجَعْ
يَدَّرِعْنَ الليلَ يَهْوِينَ بنا ... كَهَوِيِّ الكُدْرِ صَبَّحْنَ الشَّرَعْ
مِن بَنِي بَكْرٍ بها مَمْلَكَةٌ ... مَنْظَرٌ فِيهمْ، وفِيهمْ مُسْتَمَعْ
مِن أُناسٍ لَيْس مِن أَخْلاقِهِمْ ... عاجِلُ الفُحْشِ ولا سُوءُ الجَزَعْ
وُزُنُ الأَحْلامِ إِنْ هُمْ وازَنُوا ... صادِقُو البَأَسِ إِذا البَأْسُ نَصَعْ
وإِذا ما حُمِلُّوا لَمْ يَظْلَعُوا ... وإِذا حَمَّلْتَ ذا الشِّفِّ ظَلَعْ

عادةً كانتْ لهمْ مَعْلُومَةً ... في قَدِيمِ الدَّهْرِ لَيْستْ بالبِدَعْ
رُبَّ مَنْ أَنْضَجْتُ غَيْظاً قَلْبَهُ ... قد تَمَنَّى لِيَ مَوْتاً لمْ يُطَعْ
ويَرانِي كالشَّجا في حَلْقِهِ ... عَسِراً مَخْرَجُهُ، ما يُنْتَزَعْ
مُزْبِدٌ يَخْطِرُ ما لَمْ يَرَنِي ... فإِذا أَسْمَعْتُهُ صَوْتِي انْقَمَعْ
ويُحَيِّينِي إِذا لاقَيْتَهُ ... وإِذا يَخْلُو لهُ لَحْمِي وَقَعْ
قد كَفانِي اللّهُ ما في نَفْسِهِ ... ومَتَى ما يَكْفِ شَيْئاً لَمْ يُضَعْ
أَنْفُضُ الغَيْبَ برَجْمٍ صائِبٍ ... لَيْس بالطَّيْشِ ولا بالمُرْتَجَعْ
كم مُسِرٍّ لِيَ حِقْداً قَلْبُهُ ... فإِذا قابَلَهُ شَخْصِي رَكَعْ
وَرِثَ البغضة عن آبائِهِ ... حافِظُ العَقْلِ لما كانَ اسْتَمَعْ
فسَعَى مَسْعاتَهُمْ في قَوْمِهِ ... ثُمَّ لمْ يَظْفَرْ ولا عَجْزاً وَدْعْ
زَرَعَ الدَّاءَ، ولَمْ يُدْرِكْ بهِ ... تِرَةً فاتَتْ، ولا وَهْياً رَقَعْ
مُقْعِياً يَرْدِي صَفاةً لَمْ تُرَمْ ... في ذُرَى أَعْيَطَ وَعْرِ المُطَّلَعْ
لا يَراها النَّاسُ إِلاَّ فَوْقَهُمْ ... فَهْيَ تَأَتِي كَيْف شاءتْ وتَدَعْ
وعَدُوٍّ جاهِدٍ ناضَلْتُهُ ... في تَراخِي النَّاسِ عنَّا والجُمَعْ
ساجِدِ المَنْخِرِ لاَ يَرْفَعُهُ ... خاشِعِ الطَّرْفِ، أَصَمَّ المُسْتَمَعْ
فتَساقَيْنا بِسُرٍّ ناقِعٍ ... في مَقامٍ لَيْسَ يَثْنِيهِ الوَرَعْ
فَرَّ منِّي هارِباً شَيْطانُهُ ... حيثُ لا يُعْطِي ولا شَيْئاً مَنَعْ
وَرَأَى منِّي مَقاماً صادِقاً ... ثابِتَ المَوْطِنِ كَتَّامَ الوَجَعْ
ولِساناً صَيْرَفِيّاً صارماً ... كحُسامِ السَّيْفِ ما مَسَّ قَطَعْ

قال
المرار بن منقذ
عَجِبَتْ خَوْلَةُ إِذْ تُنْكِرُنِي ... أَمْ رَأَتْ خَوْلَةُ شَيْخاً قد كَبِرْ
وكَساهُ الدَّهْرُ شِيْباً ناصِعاً ... وتَحَقَّ الظَّهْرُ مِنْهُ فأُطِرْ
إِنْ تَرَى سِبَّا فإِنِّي ماجِدٌ ... ذُو بَلاءٍ حَسَنٍ، غَيْرُ غُمُرْ
ما أَنا اليومَ على شَيْءٍ مَضَى ... يا ابنةَ القَوْمِ تَوَلَّى بِحَسِرْ
قد لَبسْتُ الدَّهْرَ من أَفْنانِهِ ... كُلَّ فَنٍّ حَسَنٍ مِنْه حَبِرْ
كم تَرى مِن شانِىءٍ يَحْسُدُنِي ... قد وَراهُ الغَيْظُ في صَدْرٍ وَغِرْ
وحَشَوْتُ الغَيْظَ في أَضْلاعِهِ ... فَهْوَ يَمْشِي حَظَلاناً كالنَّقِرْ
لَمْ يَضِرْنِي، ولقَدْ بَلَّعْتُهُ ... قِطَعَ الغَيْظِ بِصابٍ وصَبِرْ
فهْوَ لا يَبْرَأُ ما في صَدْرِه ... مِثْلَ ما وَقَّدَ عَيْنَيْهِ النَّمِر
ويَرَى دُونِي، فلا يَسْطِيعُنِي،، ... خَرْطَ شَوءكٍ مِن قَتادٍ مُسْمَهِرْ
أَنا مِن خِنْدِفَ في صُيَّابِها ... حيثُ طابَ القِبْصُ مِنْهُ وكَثُرْ
ولِي النَّبْعَةُ مِن سُلاَّفِها ... ولِيَ الهامَةُ مِنْها والكُبُرْ
ولِيَ الزَّنْدُ الذي يُورَى بهِ ... إِنْ كَبا زَنْدُ لَئِيمٍ أَو قَصُرْ
وأَنا المَذْكُورُ في فِتْيانِها ... بِفَعالِ الخَيْرِ، وإِنْ فِعْلٌ ذُكِرْ
أَعْرِفُ الحَقَّ فلا أُنْكِرُهُ ... وكِلابِي أُنُسٌ غَيُرْ عُقُرْ
ر تَرَى كَلْبِيَ إِلاَّ آنِساً ... إِنْ أَتَى خابِطُ لَيْلٍ لَمْ يَهِرْ
كَثُرَ النَّاسُ فما يُنْكِرِهُمْ ... مِنْ أَسِيفٍ يَبْتَغِي الخَيْرَ وَحُرُّ

وَهَوَى الْقَلْب الَّذِي أَعْجَبَهُ ... صَورَةٌ أَحْسَنُ مَنْ لاثَ الأُزُرْ
راقَهُ مِنْها بَياضٌ ناصِعٌ ... يُؤْنِقُ العَيْنَ، وفَرْعٌ مُس بَكِرْ
جَعْدَةٌ فَرْعاءُ في جُمْجُمَة ... ضَخْمَةٍ تَفْرُقُ عَنْها كالضُّفُرْ
وَهْيَ هَيْفاءُ هَضِيمٌ كَشْحُها ... فَخْمَةٌ حيثُ يُشَدُّ المُؤْتَزَرْ
وإِذا تَمْشِي إِلى جارتِها ... لمْ تَكَدْ تَبْلُغُ حتَّى تَنْبَهِرْ
ثُمَّ تَنْهَدُّ على أَنْماطِها ... مِثْلَ ما مالَ كَثِيبٌ مُنْقَعِرْ
صُورَةُ الشَّمْسِ على صُورَتِها ... كُلَّما تَغْرُبُ شَمْسٌ أَو تَذُرْ
تَرَكَتْنِي لَيْس بالحَيِّ ولا ... مَيِّتٍ لاقَى وَفاةً فَقُبِرْ
ما أَنا الدَّهْرَ بِناسٍ ذِكْرَها ... ما غَدَتْ وَرْقاءُ تَدْعُو ساقَ حُرْ

قال
الرماح بن ميادة
وقالتْ: حَذارِ القَوْمَ إِنَّ صُدُورَهُمْ، ... وعَيْشِ أَبِي، حِقْداً عليكَ تَفُورُ
فقلتُ لها قد يُؤْخَذُ الظَّبْيُ غِرَّةً ... وتُصْطادُ شاةُ الكَلْبِ وَهْوَ عَقُورُ
وقال
إذا تَخازَرْتُ وما بِي مِن خَزَرْ
ثُمَّ كَسَرْتُ العَيْنَ مِن غَيْر عَوَرْ
ألْفَيْتَنِي أَلْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرْ
أَحْمِلُ ما حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وشَرّ
كالحَيَّةِ النَّضْناضِ في أَصْلِ الحَجَرْ
قال
عامر بن الطفيل العامري
وقَدْ عَلِمَتْ عُلْيا هَوازِنَ أَنَّنِي ... أَنا الفارِسُ الحامِي حَقِيقَةَ جَعْفَرٍ
وقَدْ عَلِمَ المَزْنُوقُ أَنِّي أَكُرُّهُ ... عَلى جَمْعِهِمْ كَرَّ المَنِيحِ المُشَهَّر
إِذا ازْوَرَّ مِن وَقْعِ الرِّماحِ زَجَرْتُهُوقلتُ له: ارْجِعْ مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرِ
أَلَسْتَ تَرَى أَرْمَاحَهُمْ فِيَّ شُرَّعاً ... وأَنتَ حِصانٌ ماجِدُ العِرْقِ، فاصْبِرِ
أَرَدْتُ لكيْ ما يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّنِيصَبَرْتُ، وأَخْشَى مِثْلَ يَوْمِ المُشَقَّرِ
قال
زهير بن مسعود الضبي
ورويت شذاً لعنترة بن شداد العبسي
هَلاَّ سَأَلْتِ مَداكِ اللّهُ، ما حَسَبِي ... عندَ الطِّعانِ إِذا ما احْمَرَّتِ الحَدَقُ
وجالَتِ الخَيْلُ بالأَبْطالِ مُعْلَمَةً ... شُعْثَ النَّواصِي عليها البِيضُ تَأْتَلِقُ
هل أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُهُقَدْ بَلَّ أَثْوابَهُ مِن جَوْفِهِ العَلَقُ
وقَدْ غَدَوْتُ أَمامَ الحَيِّ، يَحْمِلُنِي ... فَهْدُ المَراكِلِ في أَقْرابِهِ بَلَقُ
حتَّى أَنالَ عليه كُلَّ مَكْرُمَة ... إِذا تَضَجَّعَ عنها الواهِنُ الحَمِقُ
قال
عمرو بن يربوع الغنوي
يخاطب عمرو بن معد يكرب الزبيدي الأكبر، جاهلي
ولَوْ كنتَ يا عَمرُو أَنتَ الخَبِيرَ ... بِشِيبِ غَنِيٍّ وشُبَّانِهَا
وبالكَرِّ مِنْها على المُعْلِمِينَ ... وبالضَرْبِ مِن بَعْد قَطْعانِها
لَكُنْتَ نَجَوتَ على سَلْهَبٍ ... تُثِيرُ الغُبارَ بِصَوَّانِها
نَكَحْنا نِساءهُمُ عَنْوَةً، ... بِبِيضِ الصفاحِ ومُرَّانِها
قال
بعض اللصوص
إذا ما كنتُ ذا فَرَسٍ ورُمْحٍ ... فما أَنا بالفَقِيرُ إِلى الرِّجالِ
لَعَلَّكِ أَنْ يَسُوءكِ أَنْ تَرَيْنِي ... أُريغُ المالَ بالأَسَلِ الطِّوالِ
ذَرِينِي أَبْتَغِي نَشَباً، فإِنِّي ... رَأَيْتُ الفَقْرَ داعِيَةَ السُّؤَالِ
رأَيتُ الفَقْرَ وَيْبَ أَبِيكِ ذُلاًّ ... ولَمْ أَرَ مَنْ يَعِزُّ بغَيْرِ مالِ
قال
أعشى تغلب
ربيعة بن تجوان، وكان نصرانيا
ً
كأَنَّ بَنِي مَرْوانَ بَعْدَ وَلِيدِهِمْ ... جَلامِيدُ ما تَنْدَى وإِنْ بَلَّها القَطْرُ

وكانُوا أُناساً يَنْضَحُونَ فأَصْبَحُوا ... وأَكْثَرُ ما يُعْطُونَكَ النَّظَرُ الشَّزْرُ
أَلَمْ يَكُ غَدْراً ما فَعَلْتُمْ بشَمْعَلٍوقَدْ خابَ مَنْ كانتْ سَرِيرَتَهُ الغَدْرُ
وكائِنْ دَفَعْنا عنكُمُ مِن عَظِيمةٍ ... ولكنْ أَبَيْتُمْ، لا وَفاءُ ولا شُكْرُ
فإِنْ تَكْفُرُوا ما قَدْ عَلِمْتُمْ فرُبَّماأُتِيحَ لكنْ قَسْراً بأَسْيافِنا النَّصْرُ

قال
لقيط بن مرة الأسدي
وأَبْقَتْ لِيَ الأَيَّامُ بَعْدَك مُدْرِكاً ... ومُرَّةَ، والدُّنْيا قَلِيلٌ عِتابُها
قَزِينَيْنِ كالذِّئْبَيْنِ يَقْتَسِمَانِنِي ... وشَرُّ صَحاباتِ الرِّجالِ ذِئابُها
إِذا رَأَيا لِي غَفْلَةً آسَدا لها ... أَعادِيَّ، والأَعْداءُ كَلْبَي كِلابُها
فقَدْ جَعَلَتْ نَفْسِي تَطِيبُ لِضَغْمَةٍ ... لِضَغْمِهِمَاهَأ يَقْرَعُ العَظْمَ نابُها
فَلَوْلاَ رَجاءٌ أَنْ تَثُوبا، ولا أَرَى ... عُقُولَكُما إِلاَّ بَعِيداً ذَهابُها
سَقَيْتُكُما قَبْلَ التَّفَرُّقِ شَرْبَةً ... شَدِيداً على باغِي الظِّلامِ طِلابُها
قال
ضابئ بن أرطاة البرجمي
وقائِلَة لا يُبْعِدُ اللّهُ ضابئاً ... إِذا القِرْنُ لَمْ يُوجَدْ له مَنْ يُنازلُهْ
هَمَمْتُ، ولَمْ أَفْعَلْ، وكِدْتُ، ولَيْتَني ... تَرَكْتُ على عُثْمانَ تَبْكِي حَلائِلُهْ
فلا يُعْطِيَنْ بَعْدِي امْرُوءٌ ضَيْمَ خُطَّةحِذارَ لِقاءِ المَوْتِ، والموتُ قاتِلُهْ
قال
عبد الله بن الزبير الأسدي
أَقولُ لإِبراهيمَ لمَّا لَقِيتُهُ: ... أَرَى الأَمْرَ أَمْسَى هالِكاً مُتَشَعِّبا
تَخَيَّرْ، فإِمَّا أَنْ تَزُورَ ابنَ ضابِىءٍعُمَيْراً، وإِمَّا أَنْ تَزُورَ المُهَلَّبا
هُما خُطَّتا خَسْفٍ، ننَجاؤُكَ مِنْهُما ... رُكُوبُكَ حَوْلِيّاً مِن الثَّلْجِ أَشْهَبا
وإِلاَّ فما الحَجَّاجُ مُغْمِدَ سَيْفِهِيَدَ الدَّهْرِ، حتَّى يَنْزِلَ الطِّفْلُ أَشْيَبا
قال
عبد الله بن الزبعري
مخضرم
كُلُّ بُؤْسٍ ونَعِيمٍ زائِلٌ ... وبَناتُ الدَّهْرِ يَلْعَبْنَ بكُلّ
والعَطِيَّاتُ خِساسٌ بَيْنَنا ... وسَواءٌ قَبْرُ مُثْرٍ ومُقِلْ
لَيْت أَشْياخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا ... جَزَعَ الخَزْرَجِ مِن وَقَعِ الأَسَلْ
حِينَ حَكَّتْ بِقَناةٍ بَرْكَها ... واسْتَحرَّ القَتْلُ في عَبد الأَشَلْ
فقَبِلْنا النِّصْفَ من سادَتِهمْ ... وعَدَلْنا مَيْلَ بَدْرٍ فاعْتَدَلْ
قال
خفاف بن ندبة
جاهلي
فإِنْ تَكُ خَيْلِي قد أُصِيبَتْ صَمِيمُها ... فعَمْداً على عَيْنِي تَيَمَّمْتُ مالِكا
وَقَفْتُ له عَلْوَى، وقَدُ خامَ صُحْبَتِي ... لأَبْنِيَ مَجْداً أَو لأَثْأَرَ هالِكا
لَدُنْ ذَرَّ قَرْنُ الشَّمسِ حينَ رَأَيْتُهُمْ ... سِراعاً على خَيْلٍ تَؤُمُّ المَسالِكا
تَيَمَّمْتُ كَبْشَ القَوْمِ لمَّا عَرَفْتُهُ ... وجانَبْتُ شُبَّانَ الرِّجال الصَّعالِكا
وجادَتْ له مِنِّي يَمِينِي بطَعْنَةٍ ... كَسَتْ مَتْنَهُ مِن أسْوَدِ اللَّونِ حالِكا
وقلتُ له، والرُّمْحُ يَأْطِرُ مَتْنَهُ: ... تَأَمَّلْ خُفافاً، إِنَّنِي أَنا ذَلِكا
فَخَرَّ صَرِيعاً، وانْتَقَذْنا جَوادَهُ ... وحالَفَ بَعْدَ الأَهْلِ صُمّاً دَكادِكا
قال
آخر
أَلَمْ نُطْلِقْكُمُ فَكَفَرْتُمُونا ... ولَيْسَ الكُفْرُ مِن شِيَمِ الكِرام
فَخافُوا عَوْدَةً للدَّهْرِ فِيكُمْ ... فإِنَّ الدَّهْرَ يَغْدُرُ بالأَنامِ
قال
سحيم بن وثيل الرياحي
إسلامي
أَنا ابنُ جَلا وطَلاَّعُ الثَّنايا ... مَتى أَضَعِ العِمامةَ تَعْرِفُونِي

صَلِيبُ العُودُ مِن سَلَفَىْ نِزارٍ ... كنَصْلِ السَّيفِ وضَّاحُ الجَبِينِ
أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي ... ونَجَّذَنِي مُعاوَدَةُ الشُّئُونِ
عَذَتُ البُزْلَ إِذْ هيَ قَارَعَتْنِي ... فما شَأْنِي وشَأْنُ بَنِي اللَّبُونِ

قال
رشيد بن رميض العنزي
نامَ الحُداةُ وابنُ هِنْدٍ لم يَنَمْ
هذا أوانَ الشَّدِّ فاشْتَدِّي زِيَمْ
باتَ يُقاسِيها غُلامٌ كالزَّلَمْ
خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّافُ القَدَمْ
قد لَفَّها اللَّيلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
لَيْس بِراعِي إِبِلٍ ولا غَنَمْ
ولا بجَزَّارٍ على ظَهْرِ وَضَمْ
مَنْ يَلْقَنِي يُودِ كما أَوْدَتْ إِرَمْ
قال
آخر
وكائِنْ مِن عَدُوٍّ ظِلْتُ أُبْدِي ... له وُدّاً به القَنِيصُ
أُكاشِرُهُ، وأَعْلَمُ أَنْ كِلانا ... على ما ساء صاحِبَهُ حَريصُ
قال
آخر
أَيا قَوْمَنا قد ذُقْتُمُ حَرْبَ قَوْمِكُمْ ... وجَرَّبْتمُوها، والسُّيوف تَوَقَّدُ
وحاوَلْتمُ صُلْحاً، ولَسْنا نريدُهُ ... ولكنْ رَأَيْنا البَغْيَ عاراً يُخَلَّدُ
وفِينا، وإِنْ اصْطَلَحْنا، ضَغائِنٌ ... فإِنْ عُدْتمُ للحَرْبِ، فالعَوْدُ أَحْمَدُ
قال
شقيقي بن جزء الباهلي
أَتوعِدُنِي بقَوْمِكَ يا ابنَ جَحْل ... أُشاباتٍ يُخالونَ العِبادا
بما جَمَّعْتَ مِن حَضَنٍ وعَمْرٍو ... وما حَضَنٌ وعَمْرٌو والجيادا
قال
النجاشي الحارثي
أموي الشعر
أَبْلِغْ شِهاباًن وخَيْرُ القَوْلِ أَصْدَقهُ ... إِنَّ الكَتائِبَ لا يُهْزَمْنَ بالكتب
تُهْدِي الوَعِيدَ بأَعْلَى الرَّمْلِ مِن إِضَمٍفإِنْ أَرَدْتَ مِصاعَ القَوْمِ فاقْتَرب
وإِنْ تَغِبْ في جُمادَى عن وقَائِعِنا ... فسَوْفَ نَلْقاكَ في شَعْبانَ أَو رَجَب
قال
بشر بن عوانة
جاهلي
أَفاطِمَ لو شَهِدْتِ ببَطْنِ خَبْتٍ ... وقد لاقَى الهِزَبْرُ أَخاكِ بِشْرا
إِذَنْ لَرَأَيْتِ لَيْثاً أَمَّ ليثاً ... هِزَبْراً أَغْلَباً يَبْغِي هِزَبْرا
تَبَهْنَسَ إِذْ تَقاعَسَ عنه مُهْرِي ... مُحاذَرَةً فقلْت: عُقِرْتَ مُهْر
أَنِلْ قَدَمَيَّ ظَهْرَ الأَرْضِ إِنِّي ... وَجَدْت الأَرْضَ أَثْبَتَ منكَ ظَهْرا
وقلتُ لهُ وقَدْ أَبْدى نِصالاً ... مُحَدَّدَةً ووَجْهاً مُكْفَهِرا
يُدِلُّ بِمخْلَبٍ وبحَدِّ نابٍ ... وباللَّحَظاتِ تَحْسَبُهنَّ جَمْرا
وفِي بُمْنايَ ماضِي الحَدِّ أَبْقَى ... بمَضَرِبِهِ قِراعُ الخَطْبِ أُثْرا
أَلَمْ يَبْلغْكَ ما فَعَلَتْ ظباهُ ... بكاظِمَةٍ غداةَ لَقِيت عَمْرا
وقَلْبِي مِثْلُ قَلْبِكَ كيفَ يَخْشَى ... مُصاوَلَةً، ولَسْت أَخاف ذُعْرا
وأَنتَ تَرُومُ للأَشْبالِ قوتاً ... ومطَّلَبِي لِبنْتِ العَمِّ مَهْرا
ففيم تَرُمُ مِثْلِي أَنْ يُوَلى ... وَيَتْرُكَ في يَدَيكَ النَّفْسَ قَسْرا
نَصَحْتكَ فالْتَمِسْ يا لَيْث غَيْرِي ... طَعاماً، إِنَّ لَحْمِي كانَ مرَّا
فلَمَّا ظَنَّ أَنَّ الغِشَّ نُصْحِي ... وخالَفَنِي كأَنِّي قلْت هُجْرا
مَشَى ومَشَيْت مِن أَسدَيْننِ راما ... مَراماً كانَ إِذْ طَلَباهُ وَعْرا
يُكَفْكِفُ غِيلَةً إِحْدَى يَدَيْهِ ... ويَبْسُطُ للوُثُوب عَلَيَّ أُخْرَى
هَزَزْتُ له الحُسامَ فخِلْتُ أَنِّي ... شَقَقْتُ به لَدَى الظَّلْماءِ فَجْرا
وجُدْتُ له بجائِشَةٍ رَآها ... بأَنْ كَذَبَتْهُ ما مَنَّتْهُ غَدْرا
وأَطْلَقْتُ المُهَنَّدَ مِن يَمِينِي ... فقَدَّ له مِن الأَضْلاعِ عشْرا

بضَرْبَةِ فَيْصَلٍ تَرَكَتْهُ شَفْعاً ... وكانَ كأَنَّه الجُلْمُودُ وَتْرا
فخَرَّ مُضَرَّجاً بِدَمٍ كأَنِّي ... هَدَمْت به بناءً مُشْمَخِرَّا
وقلتُ له: يَعِزُّ عَلَيَّ أَنِّي ... قَتلتُ مُناسِبِي جَلَداً وقَهْرا
ولكنْ رُمْتَ شَيْئاً لَمْ يَرُمْهُ ... سِواكَ، فَلَمْ أَطِقْ يا لَيْثُ صَبْرا
تُحاوِلُ أَنْ تُعَلِّمَنِي فِراراً ... لَعَمْرُ أَبِي لَقدْ حاولتَ نُكْرا
فلا تَبْعَدْ فَقَدْ لاقَيْتَ حُرّاً ... يُحاذِرُ أَنْ يُعابَ فمُتَّ حُرّا

قال
قيس بن زهير
جاهلي
تَعَلَّمْ أَنَّ خَيْرَ النَّاسِ مَيْتاً ... على جَفْر الهَباءةِ لا يَريمُ
ولولا ظُلْمَهُ ما زلْتُ أَبْكِي ... عليه الدَّهْرَ ما طَلَعَ النُّجُومُ
ولكنَّ الفَتَى حَمَلَ بنَ بنَ بَدْرٍ ... بَغَى، والبَغْيُ مَرْتَعُهُ وَخِيمُ
أَظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عليَّ قَوْمِي ... وقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الحَلِيم
ومارَسْتُ الرِّجالَ ومارَسُونِي ... فمُعْوَجٌّ عليَّ ومُسْتَقِيمُ
قال
عطارد بن قران
خَلِيلَيّ مِن عُلْيا نِزارٍ سُقِيتُما ... وأُعْفِيتُما مِن سَيِّىءِ الحَدَثان
أَلَمْ تُخْبراني اليومَ أَنْ قد عَرَفْتُما ... بذِي الشِّيحِ داراً ثم لا تَقِفان
لقَدْ هَزئَتْ منِّي بنَجْرانَ أَنْ رَأَتْ ... مَقامِيَ في الكَبْلَيْن أُمُّ أَبَانِ
كأَنِّي جَوادٌ ضَمَّهُ القَيْدُ بَعْدَما ... جَرَى سابقاً في حَلْبَةٍ ورهان
كأَنْ لَمْ تَرَ قَبْلِي أَسِيراً مُكَبَّلاً ... ولا رَجُلاً يُرْمَى به الرَّجَوان
خَلِيلَيَّ لَيْس الرَّأْيُ في صَدْر واحِدٍ ... أَشِيرا عليَّ اليومَ ما تَرَيان
أَأَرْكَبُ صَعْبَ الأَمْر، إِنَّ ذَلُولَهُ ... بنَجْرانَ لا يُقْضَى لحِين أَوان
قال
شمعلة بن الأخضر
ويومَ شَقِيقَةِ الحَسَنَيْنِ لاقَتْ ... بَنُو شَيْبانَ أَعْماراً قِصارا
هَزَمْنا جَيْشَهُمْ لمَّا التَقَيْنا ... وما صَبَرُوا لنا إِلاَّ غِرارا
شَكَكْنا بالرِّماحِ وهُنَّ صُورٌ ... صِماخَيْ شَيْخِهِمْ حتَّى اسْتَدارا
فخَرَّ على الأَلاءةِ لَمْ يُوسَّدْ ... وقَدْ صارَ الدِّماءُ له خِمارا
تَرَكْناهُ يَمُجُّ دماً نَجِيعاً ... يَرَى لِبُطُونِ راحَتِهِ اصْفِرارا
قال
نصر بن سيار
أموي الشعر
أَرَى خَلَلَ الرَّمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ ... ويُوشِكُ أَنْ يكُونَ له ضِرامُ
فإِنْ لَمْ يُطْفِهِ عُقَلاءُ قَوْمٍ ... فإِنَّ وَقُودَهُ جُثَثٌ وهامُ
فإِنَّ النَّارَ بالعُودَيْنِ تُذْكَى ... وإِنَّ الحَرْبَ أَوَّلُها كَلامُ
فقلتُ مِن التَّعَجُّب: لَيْتَ شِعْرِي! ... أَأَيْقاظٌ أُمَيَّةُ أَمْ نِيَامُ
فإِنْ يَكُ قَوْمُنا أَمْسَوْا رُقُوداً ... فقُلْ: هُبُّوا، فَقَدْ حانَ القِيامُ
تَعَزَّوْا عن زَمانِكُمُ وقُولُوا: ... على الإسْلامِ والعَرَبِ السَّلامُ
قال
أبو مسلم الخراساني
أَدْرَكْتُ بالحَزْمِ والكِتْمان ما عَجَزَ ... تْ عنه مُلُوكُ بني مَرْوانَ إِذْ حَشَدُوا
مازِلْتُ أَسْعَى عليهمْ في دِيارهُمُ ... والقَوْمُ في مُلْكِهِمْ في الشَّام قَدْ رَقَدُوا
حتَّى ضَرَبْتُهُم بالسَّيفِ فانْتَبَهُوا ... مِن رَقْدَةٍ لَمْ يَنَمْها قَبْلَهُمْ أَحَدُ
ومَنْ رَعَى غَنَماً في أَرْضِ مَسْبَعَةِ ... ونامَ عَنْها تَوَلَّى رَعْيَها الأَسَدُ
قال
ماجد بن مخارق الغنوي

إِذا ما وُتِرْنا لَمْ نَنَمْ عن تِراتِنا ... ولَمْ نَكُ أَوْغالاً نُقِيمُ البَواكِيا
ولكنَّنا نَعْلُو الجِيادَ شَوازِباً ... فنَرْمِي بها نحوَ التِّراتِ المَرامِيا
وقائِلةٍ، خَوْفاً عليَّ مِن الرَّدَى ... وقَدْ قلتُ: هاتِي ناولِيني سِلاحيا
لكَ الخَيْرُ، لا تَعْجَلْ إِلى حَرْبِ مَعْشَرٍفَريداً وَحِيداً، وابْغِ نَفْسَكَ ثانِيا
فقلتُ: أَخِي سَيْفِي، ورُمْحِي نَاصِرِي ... ودِرْعِيَ لِي حِصْنٌ، ومُهْرِي قِلاعِيا
ولَسْتُ بباقٍ حينَ تَدْنُو مَنِيَّتِي ... ولا هالِكٍ مِن قَبْل يَدْنُو حِمامِيا
سأُتْلِفُ نَفْسِي أَو سأَبْلُغُ هِمَّتِي ... فأَغْنَى وأُغْنِي مَن أَرَدْتُ بِمالِيا
وأَظْلِمُ نَفْسِي للصَّدِيقِ حَفِيظَةً ... وتَظْلِمُ أَعْدائِي يَدِي ولِسانيا
وما النَقْرُ أَنْجانِي، ولا العَجْزُ عافَنِي ... ولكنَّ مالِي ضاقَ بِي عن فَعالِيا

قال
السليك بن السلكة
فلا يَغْرُرْكَ صُعْلُوكٌ نَؤُومٌ ... إِذا أَمْسَى يُعَدُّ مِن العِيالِ
إِذَا أَضْحَى تَفَقَّدَ مَنْكِبَيْهِ ... وأَبْصَرَ لَحْمَهُ حَذَرَ الهُزالِ
ولكنْ كُلُّ صُعْلُوكٍ ضَرُوبٍ ... بنَصْلِ السَّيفِ هاماتِ الرِّجالِ
قال
عروة الصعاليك
جاهلي
إِذا المَرْءُ لَمْ يَطْلُبُ مَعاشاً لِنَفْسِهِشَكا الفَقْرَ أَو لامَ الصَّدِيقَ فأَكْثَرا
وصارَ على الأَدْنَيْنَ كَلاِّ وأَوْشَكَتْ ... قُلُوبُ ذَوِي القُرْبَى له أَنْ تَنَكَّرا
وما طالِبُ الحاجاتِ مِنْ حَيْثُ تُبْتَغَى ... مِن النَّاسِ إلاَّ مَنْ أَبَرَّ وشَمَّرا
فسِرْ في بلادِ اللّهِ والتَمِسِ الغِنَى ... تَعِشْ ذا يَسارٍ أَو تَمُوتَ فتُعْذَرا
ولا تَرْضَ مِنْ عَيْشٍ بدُونٍ ولا تَنَمْ ... وكَيْف ينامُ الليلَ مَن كانَ مُعْسِرا
قال
عبيد بن أيوب
بن ضرار العنبري، وكان لصا
ً
تقولُ، وقَدْ أَلْمَمْتُ بالجِنِّ لَمَّةً ... مُخَصَّبَةُ الأَطْرافِ خُرْسُ الخَلاخِلِ
أَهَذا خَدِينُ الذِّئْبِ والغُولِ والذي ... يَهِيمُ بِرَيَّاتِ الحِجالِ الهَراكِلِ
رَأَتْ خَلَقَ الدِّرْسَيْنِ أَسْوَدَ شاحِباًمِن القَوْمِ بَسَّاماً كَرِيمَ الشَّمائِلِ
تَعَوَّدَ مِن آبائِهِ فَتَكاتِهِمْ ... وإِطْعامَهُمْ في كُلِّ غَيْراء ماحِلِ
إِذا صادَ صَيْداً لفه بضِرامَةٍ ... وَشِيكاًن ولَمْ يُنْظِرْ لِغَلْيِ المَراجِلِ
فَنَهْساً كنَهْسِ الصَّقْرِ ثُم مِراسَهُ ... بكَفَّيْهِ رَأْسَ الشِّيخَةِ المُتمايِلِ
إِذا ما أَرادَ اللّهُ ذُلَّ قَبِيلَةٍ ... رَماها بتَشْتِيتِ الهَوَى والتَّخَاذُلِ
وأَوَّلُ عَجْزِ القَوْمِ عَمَّا يَنُوبُهُمْ ... تَدافُعُهُمْ عنه وطُولُ التَّواكُلِ
قال
أيضا
ً
لقَدْ خِفْتُ، حتَّى لو تَمُرُّ حَمامةٌ ... لَقلتُ: عَدُوٌّ أَو طَلِيعَةُ مَعْشَرِ
وخِفْتَ خَلِيلِي ذا الصَّغاءِ ورابَنِي ... وقِيلَ: فُلانٌ أَو فُلانَةُ فاحْذَرِ
فأَصْرَحْتُ كالوَحْشِيِّ يَتْبَعُ ما خَلا ... ويترُك مَأْنُوسَ البلادِ المُدَعْثَرِ
إِذا قِيلَ خَيْرٌ، قلتُ: هَذِي خَدِيعَةٌ، ... وإِنْ قِيلَ شَرٌّ، قلتُ: حَقٌّ فشمِّرِ
قال
عمرو بن براقة
الهمداني، جاهلي
تقولُ سُلَيْمَى لا تَعَرَّضْ لِتَلْفَةٍ ... ولَيْلُكَ عن لَيْلِ الصَّعالِيكِ نائِمُ
وكَيْف يَنامُ الليلَ مَن جُلُّ مالِهِ ... حُسامٌ كلَوْنِ المِلْحِ أَبْيَضُ صارِمُ
أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ الصَّعالِيكَ نَوْمُهمْ ... قَلِيلٌ إِذا نامَ الخَلِيُّ المُسالِمُ

كَذَبْتُمْ، وبَيْتِ اللّهِ لا تَأْخُذُونَها ... مُراغَمَةً ما دامَ للسَّيفِ قائِمُ
متى تَجْمَعِ القَلْبَ الذَّكِيَّ وصارماً ... وأَنْفاً حَمِيّاً تَجْتَنِبْكَ المَظالِمُ
متى تَجْمَعِ المالَ المُمَنَّعَ بالقَنا ... تَعِشْ ماجِداً أَو تَخْتَرِمْكَ المَخارِمُ
وكنتُ إِذا قَوْمٌ غَزَوْنِي غَزَوْتُهمْ ... فهَلْ أَنا في ذا يالَ هَمْدانَ ظالِمُ
فلا صُلْحَ حتَّى تُقْرَعَ الخيلَ بالقَنا ... وتُضْرَبَ بالبيضِ الرِّقاق الجَماجم

قال
عروة بن الورد
العبسي، جاهلي
قلتُ لِقَوْمٍ بالكَنِيفِ: تَرَوَّحُوا ... عَشِيَّةَ بِتْنا عندَ ماوانَ رُزَّحِ
تَنالُوا الغِنَى، أَو تَبْلُغُوا بنُفُوسِكُم ... إِلى مُسْتراحٍ مِن حِمامٍ مُبَرِّحِ
ومَن يَكُ مِثْلِي ذا عِيالٍ ومُقْتِراً ... مِن المالِ يَطْرَحْ نَفْسَه كلَّ مَطْرَحِ
لِيَبْلُغَ عُذْراً أَو يُصِيبَ غَنِيمَةً ... ومُبْلِغُ نَفْس عُذْرَها مِثْلُ مُنْجِحِ
قال
أبو النشناش النهشلي
أموي الشعر
وسائِلَةٍ أَيْنَ ارْتِحالِي وسائِلٍ ... ومَن يَسأَلُ الصُّعْلُوكَ أَينَ مَذاهِبُهْ
إِذ المَرْءُ لَمْ يَسْرَحْ سَواماً ولَمْ يُرِحْسَواماً ولَمْ تَعْطِفْ عليهِ أَقاربُهْ
فَللْمَوْتُ خَيْرٌ للفَتَى مِن قُعُودِهِ ... عَدِيماً ومِن مَوْلىً تَدِبُّ عَقارِبُهْ
فلَمْ أَرَ مِثْلَ الفَقْرِ ضاجَعَهُ الفَتَى ... ولا كَسَوادِ اللَّيلِ أَخْفَقَ طالِبُهْ
فمُتْ مُعْدِماً أَوْ عِشْ كَرِيماً فإِنَّنِيأَرَى المَوْتَ لا يَنْجُو مِن الموتِ هارِبُهْ
ودَعْ عنكَ مَوْلَى السَّوْءِ والدَّهْرَ إِنَّهُ ... سَيَكْفِيكَهُ أَيَّامُهُ وتَجارِبُهْ
قال
جابر بن الثعلب الطائي
وقامَ إِليَّ العاذِلاتُ يَلُمْنَنِي ... يَقُلْنَ: أَلاَ تَنْفَكُّ تَرْحَلُ مَرْحَلا
فإِنَّ الفَتَى ذا الحَزْمِ رامٍ بنَفْسِهِ ... جَواشِنَ هذا الليلِ كَيْ يَتَمَوَّلا
ومَنْ يَفْتَقِر في قَوْمِهِ يَحْمَدِ الغِنَى ... وإِنْ كانَ فيهِمْ واسِطَ العَمِّ مُخْولا
كأَنَّ الفَتَى لَمْ يَعْرَ يوماً إِذا اكْتَسَى ... ولم يَكُ صُعْلُوكاً إِذا ما تَمَوَّلا
ولَمْ يَكُ في بُؤْسٍ إِذا نامَ لَيْلَهُ ... يُناغِي غَوالاً فاتِرَ الطَّرْفِ أَكْحَلا
ويُزْري بعَقْلِ المرءِ قِلَّةُ مالِهِ ... وإِنْ كان أَسْرَى مِن رجالٍ وأَحْوَلا
إِذا جانِبٌ أَعْياكَ فاعْمِدْ لجانِبٍ ... فإِنَّكَ لاقٍ في بِلاد مُعَوَّلا
قال
أحمر بن سالم
إسلامي
مُقِلٌ رَأَى الإِقْلالَ عارً، فلَمْ يَزَلْ ... يَجُوبُ بِلادَ اللّهِ حتَّى تَمَوَّلا
إِذا جابَ أَرْضاً يَنْتَوِيها رَمَتْ به ... مَهامِهَ أُخْرَى عِيسُهُ فتَغَلْغَلا
ولَمْ يثْنِهِ عمَّا أَرادَ مَهابَةٌ ... ولكنْ مَضَى قُدْماً وإِنْ كانَ مُبْسَلا
يُلاقِي الرَّزايا عَسْكَراً بَعْدَ عَسْكَرٍويَغْشَى المَنايا جَحْفَلاً ثُمَّ جَحْفَلا
على ثِقَةٍ أَنْ سَوْفَ يَغْدُو مُجَدِّلاً ... على المالِ قِرْناً أَو يَرُوحُ مُجَدَّلا
فلمَّا أَفادَ المالَ جادَ بفَضْلِهِ ... لِمَنْ جاءهُ يَرْجُو جَداهُ مُؤَمَّلا
وإِنَّ امْرَءاً قد باعَ بالمالِ نَفْسَهُ ... وجاد به أَهْلٌ لأَنْ لا يُبخَّلا
قال
الحريش السعدي
أموي الشعر
آلا خَلِّنِي أَذْهَبْ لِشَأَنِي، ولا أَكُنْ ... على النَّاسِ كَلاًّ، إِنَّ ذا لَشَدِيدُ
أَرَى الضَّرْبَ في البُلْدانِ يُغْنِي مَعاشِراً ... ولَمْ أَرَ مَن يُجْدِي عليه قُعُودُ

أَتَمْنَعُنِي خَوْفَ المَنايا، ولَمْ أَكُنْ ... لأَهْرُبَ مِمَّا لَيْس عنه مَحِيدُ
فلَوْ كنتُ ذا مالٍ لَقُرِّبَ مَجْلِسِي ... وقِيلَ إِذ أَخْطَأْتُ أَنتَ سَدِيدُ
فدَعْنِي أُطَوِّفْ في البلادِ لَعَلَّنِي ... أَسُرُّ صَدِيقاً أَو يُساءُ حَسُودُ

قال
هدبة بن خشرم
ولَسْتُ بِمفْراحٍ إِذا الدَّهْرُ سَرَّنِي ... ولا جازِعٍ مِن صَرْفِهِ المُتَقَلِّب
ولستُ بِباغِي الشَّرِّ والشَّرُّ تارِكِي ... ولكنْ مَتى أُحْمَلْ على الشَّرِّ أَرْكَب
قال
بعض بني سليم
فإِنْ تَسْأَلِينِي كَيْف أَنتَ فإِنَّنِي ... صَبُورٌ على رَيْبِ الزَّمانِ صَلِيبُ
يَعِزُّ عليَّ أَنْ تُرَى بِي كآبَةٌ ... فيَشْمَتُ عادٍ أَو يُساءُ حَبِيبُ
قال
الوليد بن عقبة
أَلاَ أَبْلِغْ مُعاوِيَةً بن حَرْبٍ ... فإِنَّكَ مِن أَخِي ثِقَةٍ مُسليمُ
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المُعَنَّى ... تُهَدِّرُ مِن دمَشْقَ ولا تَرِيمُ
فإِنَّكَ والكِتابَ إِلى عليٍّ ... كَدابِغَةٍ وقَدْ حَلِمَ الأَدِيمُ
فلَوْ كنتَ القَتِيلَ وكانَ حَيّاً ... لَشَمَّرَ لا أَلَفُّ ولا سَؤُومُ
قال
آخر
لولا ابنُ عَفَّانَ الإِمامُ لقَدْ ... أَغْضَيْتَ مِن شَتْمِي على رَغْمِ
كانتْ عُقُوبَةُ ما صَنَعْتَ كما ... كانَ الزِّناءُ عُقُوبَةَ الرَّجْمِ
قال
عبد العزيز بن زرارة
وكان معاوية بن أبي سفيان ينشدها كثيراً
قد عِشْتُ في النَّاسِ أَطْواراً على خُلُق ... شَتَّى، وقاسَيْتُ فِيها اللِّينَ والفَظَعا
كُلاًّ بَلَوْتُ، فلا النَّعْماءُ تُبْطِرُنِي ... ولا تَخَشَّعْتُ مِن مَكْرُوهَةٍ جَزَعا
لا يَمْلأُ الهَوْلُ صَدْري قَبْلَ مَوْقِعِهِ ... ولا أَضِيقُ به ذَرْعاً إِذا وَقَعا
باب المديح والتقريظ
قال
سواد بن قارب
وكان رئيه قد أتاه ثلاث ليالٍ في حال سنته. يضربه برجله ويقول له: قم يا سواد بن قارب واعقل إن كنت تعقل. إنه قد بعث نبيٌّ من لؤي بن غالب يدعو الله وإلى عبادته. فقصد النبي صلى الله عليه وسلم، ووقع في قلبه حبه الإسلام. فلما شاهده أنشده:
أَتانِي رَئِيمُيِّ بَعْدَ هَدْىءٍ وَرَقْدَةٍ ... ولَمْ يكُ فِيما قد بَلَوْتُ بكاذِب
ثلاثَ ليالٍ قَوْلُهُ كُلَّ ليلةٍ ... أَتاكَ رَسولٌ مِن لُؤَيِّ بن غالِب
فشَمَّرْتُ عن ذَيْلِ الرِّداءِ ووَسَّطَتْبِيَ الذِّعْلِبُ الوَجْناءُ بَيْنَ السَّباسِب
فأَشْهَدُ أَنَّ اللّهَ لا شَيْءَ غَيْرُهُ ... وأَنَّكَ مَأْمُونٌ على كلِّ غائِبِ
وأَنَّكَ أَدْنَى المُرْسَلِينَ وَسِيلَةً ... إِلى اللّهِ يابنَ الأَكْرَمِينَ الأَطايبِ
فَمْرنا بما يَأَتِيكَ يا خَيْرَ مُرْسَلٍ ... وإِنْ كانَ فيما جِئْتَ شَيْبُ الذَّوائِب
وكُنْ لي شَفِيعاً يومَ لا ذُو شَفاعَةٍ ... سِواكَ بمُغْن عن سَوادِ بنِ قارِب
ثم أسلم على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفرح النبي بإسلامه.
قال
مالك بن عوف اليربوعي
ما إِنْ رَأَيْتُ ولا سَمِعْتُ بواحِدٍ ... في النَّاسِ كُلِّهِمُ بمِثْلِ محمدِ
أَوْفَى وأَعْطَى للجَزيلِ إِذا اجْتُدِي ... وإِذا يَشَأَ يُخْبرْكَ عمَّا في غَد
قال
أبو طالب بن عبد المطلب
بن عبد مناف
وأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بوَجْهِهِ ... ثِمالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ للأَرَامِلِ
يَلُوذُ به الهُلاَّكُ مِن آلِ هاشِمٍ ... فَهُمْ عندَهُ في نِعْمَةٍ وفَواضِلِ
وأَصبحَ فِينا أَحمدٌ في أُرُومَةٍ ... تُقَصِّرُ عنها سَوْرَةُ المُتَطاوِلِ

حَلِيمٌ رَشِيدٌ عادِلٌ غَيْرُ طائِشٍ ... يُوالِي إِلاهاً ليسَ عنه بغافِل

قال
الأعشى ميمون بن قيس
بن جندل
أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْناكَ لَيْلةَ أَرْمَدا ... وعادَكَ ما عادَ السَّلِيمَ المُسَهَّدا
وما ذاكَ مِن عِشْقِ النِّساءِ وإِنَّما ... تَناسَيْتَ قبلَ اليومِ خُلَّةَ مَهْدَدا
ولكنْ أَرَى الدَّهْر الذي هو خاتِرٌ ... إِذا أَصْلَحَتْ كَفَّايَ عادَ فَأَفْسَدا
شَبابٌ وشَيْبٌ وافْتِقارٌ وثَرْوَةٌ ... فللَّهِ هذا الدَّهرُ كيفَ تَرَدَّدا
أَلاَ أَيُّهذا السَّائِلِي أَيْنَ يَمَّمَتْ ... فإِنَّ لها في أَهْلِ يَثْرِبَ مَوْعِدا
أَجَدَّتْ برِجْلَيْها نَجاءً وراجَعَتْ ... يداها خِنافاً لَيِّناً غَيرَ أَحْرَدا
فأَمَّا إِذا ما أَدْلَجَتْ فَتَرى لها ... رَقِيبَيْن: جَدْياً لا يَغِيبُ وفَرْقَدا
وفِيها إِذا ما هَجَّرَتْ عَجْرَفِيَّةٌ ... إِذا خِلْتَ حِرْباء الوَدِيقَةِ أَصْيَدا
فآلَيْتُ لا أَرْثِي لها مِن كَلالَةٍ ... ولا مِن حَفىً حتَّى تُلاقِي محمَّدا
متى ما تُناخِي عند بابِ ابنِ هاشِم ... تُرِيحي، وتَلْقَى مِن فَواضِلِهِ يَدا
نَبِيٌّ يَرَى ما لا تَرَوْنَ وذِكْرُهُ ... أَغارَ لَعَمْرِي في البلادِ وأَنْجَدا
له صَدَقاتٌ ما تُغِبُّ ونائِلٌ ... وليسَ عَطاءُ اليوم مانِعَهُ غَدا
إِذا أَنتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزادٍ مِن التُّقَى ... ولاقَيْتَ بعدَ الموتِ مَن قد تَزَوَّدا
نَدِمْتَ على أَنْ لا تكُونَ كمِثْلِهِ ... وأَنَّكَ لَمْ تُرْصِدْ لما كانَ أَرْصَدا
فإِيَّاكَ والمَيْتاتِ لا تَقْرَبَنَّها ... ولا تَأَخُذَنْ سَهْماً حَدِيداً لِتَفْصِدا
وصَلِّ على حين العَشِيَّاتِ والضُّحَى ... ولا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ، واللّهَ فاعْبُدا
قال
العباس بن مرداس السلمي
مخضرم
يا أَيُّها الرَّجُلُ الذي تَهْوِي بهِ ... وَجْناءُ مُجْمَرَةُ المَناسِمِ عِرْمِسُ
إِذْ ما أَتَيْتَ على الرَّسُولِ فقُلْ لهُ ... حَقّاً عليكَ إِذا اطْمَأَنَّ المَجْلِسُ
يا خيرَ مَن رَكِبَ المَطِيّ ومَنْ مَشَى ... فوقَ التُّرابِ إِذا تُعَدُّ الأَنْفُسُ
إِنَّا وَفَيْنا بالذي عاهَدْتَنا ... والخَيْلُ تُقْدَعُ بالكُماةِ وتُضْرَسُ
إِذْ سالَ مِن أَفْناءِ بُهْثَةَ كُلِّها ... جَمْعٌ تَظَلُّ به المَخارمُ تَرْجُسُ
حتَّى صَبَحْنا أَهْلَ مَكَّةَ فَيْلَقاً ... شَهْباء يَقْدُمُها الهُمامُ الأَشْوَسُ
مِن كلِّ أَغْلَبَ مِن سُلَيْمٍ فَوْقَه ... بَيْضاءُ محكمة الدِّخالِ وقَوْنَسُ
يَغْشَى الكَتِيبَةَ مُعْلِماً وبكَفِّهِ ... عَضْبٌ يَقُدُّ بهِ، ولَدْنٌ مِدْعَسُ
كانُوا أَمامَ المؤمنينَ دَريَّةً ... والشَّمسُ يومئذ عليهمْ أَشْمُسُ
قال
امرؤ القيس
وتَعْرِفُ فِيه مِن أَبِيهِ شَمائِلاً ... ومِن خالِه ومِن يَزِيدَ ومِن حُجُرْ
سَماحَةَ ذا وبِرَّ ذا ووَفاء ذا ... ونائِلَ ذا إِذا صَحا وإِذا سَكِرْ
قال
النابغة الذبياني
كِلِينِي لِهَمِّ يا أُمَيْمَةَ ناصِب ... ولَيْلٍ أُقاسِيهِ بَطِيءِ الكَواكِبِ
تَقاعَسَ، حتَّى قلتُ: لَيْس بمُنْقَض ... ى ولَيْس الذي يَرْعَى النُّجومَ بآيبِ
وصَدْرٍ أَرَاحَ الليلُ عازِبَ هَمِّهِ ... تَضاعَفَ فيه الحُزْنُ مِنْ كُلِّ جانِب
عَلَيَّ لعَمْرٍو نِعْمَةٌ بَعْدَ نِعْمَةٍ ... لِوالِدِهِ لَيْسَتْ بِذاتِ عَقاربِ

لَهُمْ شِيَمٌ لَمْ يُعْطِها اللّهُ غَيْرَهُمْ ... مِن النَّاسِ، والأَحْلامُ غَيْرُ عَوازب
بَنُو عَمِّهِ دِنْياً وعَمْرِو بن عامِرٍ ... أُولئكَ قَوْمٌ بَأَسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
إِذا ما غَزْوا بالجَيْشِ حَلَّقَ فَوْقَهُمْ ... عَصائِبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بعَصائِبِ
يُصاحِبْنَهُمْ حتَّى يُغِرْنَ مَغارَهُمْ ... مِن الضَّارِياتِ بالدِّماءِ الدَّوارِبِ
تَراهُنَّ خَلْفَ القَوْمِ خُزْراً عُيُونُها ... جُلُوسَ الشُّيُوخِ في مُسُوكِ الأَرانِب
جَوانحُ، قد أَيْقَنَّ أَنَّ قَبيلَهُ ... إِذا ما الْتَقَى الجَمْعان أَولُ غالِب
لَهُنَّ عَلَيْهمْ عادَةٌ قد عَرَفْنَها ... إِذا عُرِّضَ الخَطِّيُّ فَوْقَ الكَوالب
على عارفاتٍ للطِّعان عَوابس ... بهنَّ كُلُومٌ بَيْنَ دامٍ وجالِب
إِذا اسْتُنْزِلُوا عَنْهُنَّ لِلطَّعْنِ أَرْقَلُواإِلى المَوْتِ إِرْقالَ الجِمالِ المَصاعِب
ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بهِنَّ فُلُولٌ مِن قِراعِ الكَتائِب
تَقُدَّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُهُ ... ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ
ولا يَحْسِبُونَ الخَيْرَ لا شَرَّ بَعْدَهُ ... ولا يَحْسِبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لازب

قال
أيضا
ً
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ... ولَيْسَ وَراء اللّهِ للمَرْءِ مَذْهَبُ
لَئِنْ كنتَ قد بُلِّغْتَ عنِّي خِيانَةً ... لَمُبْلِغُكَ الواشِي أَغَشُّ وأَكْذَبُ
ولسْتَ بمُسْتَبْبقٍ أَخاً لا تَلُمُّهُ ... على شَعَثٍ، أَيُّ الرِّجال المُهَذَّبُ
ولكنَّنِي كنتُ امْرأَ لِيَ جانِبٌ ... مِن الأَرْضِ فِيه مُسْتَرادٌ ومَطْلَبُ
مُلُوكٌ وإِخْوانٌ إِذا ما أَتَيْتُهُمْ ... أُحَكَّمُ في أَمْوالِهِمْ وأُقَرَّبُ
كفِعْلِكَ في قَوْمٍ أَراكَ اصْطَنَعْتَهُم ... فَلَمْ تَرَهُمْ في شُكْرِ ذلكَ أَذْنَبُوا
أَلَمْ تَر أَنَّ اللّهَ أَعْطاكَ سُورَةً ... تَرَى كلَّ ملْكِ دُونَها يَتَذَبْذَبُ
فإِنَّكَ شَمْسٌ والمُلُوكُ كَواكِبٌ ... إِذا طَلَعَتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهنَّ كَوْكَبُ
قال
زهير بن أبي سلمى
إِنَّ البَخِيلَ مُلَوَّمٌ حيثُ كانَ ول ... كِنَّ الجَوادَ على عِلاَّتِهِ هَرِمُ
هو الجوادُ الذي يُعْطِيكَ نائِلَهُ ... عَفْواًن ويُظْلَمُ أَحْياناً فيَظَّلِمُ
وإِنْ أَتاهُ خَلِيلٌ يومَ مَسْغَبَةٍ ... يقُولُ لا غائِبٌ مالِي ولا حَرِمُ
ومِنْ ضَريبَتِهِ التَّقْوَى، ويَعْصِمُهُ ... مِنْ سَيِّىءِ العَثَراتِ اللّهُ والرَّحِمُ
مُوَرَّثُ المَجْدِ، لا يَغْتالُ هِمَّتَهُ ... عن الرِّيَاسَةِ لا عَجْزٌ ولا سَأَمُ
كالْهَنْدُوانِيِّ لا يُخْزيكَ مَشْهَدُهُ ... وَسْطَ السُّيُوفِ إِذا ما تُضْرَبُ البُهَمُ
قال
أيضا
ً
وفِيهِمْ مَقاماتٌ حِسانٌ وُجُوهُها ... وأَنْدِيَةٌ يَنْتَابُها القَوْلُ والفِعْلُ
فإِنْ جِئْتَهُمْ أَلْفَيْتَ حَوْلَ بُيُوتِهمْ ... مَجالِسَ قد يُشْفَى بأَحْلامِها الجَهْل
بعَزْمَةِ مَأَمُورٍ مُطِيعٍ وآمِرٍ ... مُطاعٍ، فلا يُلْفَى لحَزْمِهِمُ مِثْلُ
على مُكْثِر بِهِمْ رِزْقُ مَنْ يَعْتَرِيهمْ ... وعندَ المُقِلِّينَ السَّماحَةُ والبَذْلُ
سَعَى بَعْدَهُمْ قَوْمٌ لِكَي يُدْركُوهُمُفلَمْ يَفْعَلُوا، ولَمْ يُلامُوا، ولَمْ يَأْلُوا
فما كانَ مِن خَيْرٍ أَتَوْهُ فإِنَّما ... تَوارَثَهُ آباءُ آبائِهِمْ قَبْلُ
وهَلْ يُنْبِتُ الخَ " ِّيَّ إِلاَّ وَشِيجُهُ ... وتُغْرَسُ إِلاَّ في مَنابِتها النَّخْلُ
قال
الكميت زيد بن الأخنس

طَرِبْتُ وما شَوْقاً إِلى البِيضِ أَطْرَبُ ... ولا لَعِباً منِّي وذو الشَّيْبِ يَلْعَبُ
وَلَمْ تُلْهِنِي دارٌ ولا رَسْمُ منْزِلٍ ... ولَمْ يَتَطَرَّبْنِي بَنانٌ مُخَضَّبُ
ولا أَنا مِمَّا يَزْجُرُ الطَّيْرَ هَمُّهُ ... أَصاحَ غُرابٌ أَمْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ
ولا السَّانِحاتُ البارحاتُ عَشِيَّةً ... أَمَرَّ سَلِيمُ القَرْنِ أَمْ مَرَّ أَعْضَبُ
ولكنْ إِلى أَهْلِ الفَضائِلِ والنُّهَى ... وخَيْرِ بَنِي حَوَّاء، والخَيْرُ يُطْلَبُ
إِلى النَّفَرِ البِيضِ الذين بحُبِّهمْ ... إِلى اللّهِ فِيما نابَنِي أَتَقَرَّبُ
بَنِي هاشِمٍ رَهْطِ النَّبِيِّ وأَهْلِهِ ... بهِمْ ولَهُمْ أَرْضَى مِراراً وأغْضَبُ
خَفَضْتُ لَهُمْ مِنِّي جَنَاحَيْ مَوَدَّةٍ ... إِلى كَنَفٍ وعِطْفاهُ أَهْلٌ ومَرْحَبُ
وكنتَ لَهُمْ مِن هَؤُلاءِ وهَؤُلا ... مِجَنّاً، على أَنِّي أُذَمُّ وأُقْصَبُ
فلا زِلْتُ فِيهِمْ حيثُ يَتَّهِمُونَنِي ... ولا زِلْتُ في أَشْباعِهِمْ أَتَقَلَّبُ
فما لِيَ إِلاَّ آلَ أَحمدَ شِيعَةٌ ... وما لِيَ إِلاَّ مَذْهَب الحَقِّ مَذْهبُ
إِليكمْ ذوي آلِ النَّبِيِّ تَطَلَّعَتْ ... نَوازِعُ مِن قَلْبِي ظِماءُ وأَلْبُبُ
بأَيِّ كتابٍ أَم بأَيَّةِ سُنَّةٍ ... يُرَى حُبُّهُمْ عاراً عليَّ ويُحْسَبُ
يُشِيرُونَ بالأَيْدِي إِليَّ، وَقَوْلُهُمْ ... أَلا خابَ هذا، والمُشِيرُونَ أَخْبَبُ
وَجَدْنا لكمْ في آلِ حامِيمَ آيَةً ... تَأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْربُ
على أَيِّ جُرْمٍ أَمْ بأَيَّةِ سِيرَةٍ ... أُعَنَّفُ في تَقْرِيبِهِمْ وأُكَذَّبُ
أُناسٌ بهِمْ عَزَّتْ قُرَيْشٌ فأَصْبَحَتْ ... وفِيهِمْ خِباءُ المَكْرماتِ المَطَنَّبُ
أُولئِكَ إِنْ شَطَّتْ بهِمْ غَرْبَةُ النَّوَىأَمانِيُّ نَفْسِي، والهَوَى حيثُ يَقْرُبُوا
مَضَوْا سَلَفاً، لابُدَّ أَنَّ طَريقَنا ... إِليهمْ تغادٍ نَحْوَهُمْ مُتَأَوِّبُ
فَيا مُوقِداً ناراً لِغَيْركَ ضَوْءُها ... ويا حاطِباً في حَبْل غَيْركَ تَحْطِبُ

قال
جندب بن خارجة
بن سعد الطائي
إِلى أَوْسِ بْنِ حارِثَةَ بنِ لأَمٍ ... لِيَقْضِيَ حاجَتِي فِيمَنْ قَضاها
فَما وَطِىء الحَصَى مِثْلُ ابن سُعْدَى ... ولا لَبسَ النِّعالَ ولا احْتَذاها
إِذا ما رايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... سَما أَوْسٌ إِليها فاحْتَواها
قال
الشماخ بن ضرار الذبياني
إسلامي
ولَسْتُ إِذا الهُمُومُ تَجَرَّضَتْنِي ... بأَخْضَعَ في الحَوادِثِ مُسْتَكِينِ
فَسلِّ الهَمَّ عنكَ بذاتِ لَوْث ... عُذافِرَةٍ مُضَبَّرَة أَمُون
إِذا بَلَّغْتِنِي وحَمَلْتِ رَحْلِي ... عَرابَةَ، فاشْرَقِي بدَمِ الوَتِينِ
إِليكَ بَعَثْتُ رَاحِلَتِي تَشَكَّى ... حُرُوثاً بَعْدَ مَحْفِدِها السَّمِينِ
إِذا الأَرْطَى تَوَسَّدَ أَبْرَدَيْهِ ... خُدُودُ جَوازِىءٍ بالرَّمْلِ عِينِ
رَأَيْتُ عَرابَةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو ... إِلى الخَيْراتِ مُنْقَطِعَ القَرين
إِذا ما رايَةٌ رُفِعَتْ لمَجْد ... تَلَقَّاها عرابَةُ باليَمِينِ
فِدىً لِعَطائِكَ الحَسَن المُوَفَّى ... رَجاءُ المُخْلِفاتِ مِن الظُّنُون
قال
أبو نواس الحكمي
أَقُولُ لِناقَتِي إِذْ بَلَّغَتْنِي ... لقَدْ أَصْبَحتِ عندِي باليَمِين
ولَمْ أَجْعَلْكِ لِلْغِرْبان نَهْباً ... ولا قُلْتُ اشْرَقِي بدَمِ الوَتِين
حَرُمْتِ على الأَزمَّةِ والوَلايا ... وأَعْلاق الرِّحالَةِ والوَضين

قال
الفرزدق
أَقُولُ لِناقَتِي لَمَّا تَرامَتْ ... بِنا بِيدٌ مُسَرْبَلَةُ القتَامِ
إِلامَ تَلَفَّتِينَ وأَنْتِ تَحْتي ... وخَيْرُ النَّاسِ كُلِّهمُ أَمامي
مَتَى تَردِي الرُّصافَةَ تَسْتَريحِي ... مِن التَّهْجير والدَّبَر الدَّوامي
قال
أبو نواس الحكمي
فإِذا المَطِيُّ بِنا بَلَغْنَ محمداً ... فظُهُورُهُنَّ على الرِّجالِ حرامُ
قَرَّبننا مِن خَيْر مَن وَطِىء الحَصَى ... فَلَها عَلَيْنا حُرْمَةٌ وذِمامُ
قال
عبد الله بن رواحة
إسلامي
إِذا بَلَّغْتِنِي وحَمَلْتِ رَحْلِي ... مَسِيرَةَ أَرْبَعٍ بَعْدَ الحِساءِ
فَشأْنَكِ، فانْعَمِي وخَلاكِ ذَمٌّ ... ولا أَرْجعُ إِلى أَهْلِي ورَائِي
قال
ذو الرمة
أَقُولُ لها، إِذْ شَمَّرَ السَّيْرُ واسْتَوَتْ ... بها البيدُ واسْتَنَّتْ عليها الحَرائرُ
إِذا ابنُ أَبي مُوسَى بلالٌ بَلَغْتِهِ ... فقامَ بفَأْسٍ بَيْنَ عَيْنَيْكِ جازرُ
وأَنتَ امْرُؤٌ مِن أَهْلِ بَيْتِ ذُؤَابَةٍ ... لَهُمْ قَدَمٌ مَعْرُوفَةٌ ومَفاخِرُ
أُسُودٌ إِذا ما أَبْدَتِ الحَرْبُ ساقَها ... وفي سائِر الدَّهْر الغُيوثُ المَواطِرُ
يَطِيبُ تُرابُ الأَرْضِ إِنْ نَزَلُوا بها ... وتَخْتالُ أَنْ تَعْلُو عليها المَنابرُ
وما زلْتَ تَسْمُو للمُعالي، وتَحْتَبي ... حُبا المَجْدِ مُذْ شُدَّت عليكَ المَآزرُ
قال
داود بن سلم
في قثم بن العباس
نَجَوْتِ مِن حَلٍّ ومِن رِحْلَةٍ ... يا ناقَ إِنْ قَرّيْتِنِي مِن قُثَمْ
إِنَّكِ إِنْ بَلَّغْتِنِيهِ غداً ... عاشَ لنا اليُسْرُ وماتَ العَدَمْ
في باعِهِ طُولٌ، وفي وَجْهِهِ ... نُورٌن وفي العِرْنِين مِنْه شَمَمْ
لَمْ يَدْرِ مالاً، وبَلَى قد دَرَى ... فَعافَها، واعْتاضَ عَنْها نَعَمْ
أَصَمُّ عن ذِكْرِ الخَنا سَمْعُهُ ... وما عن الخبر بهِ مِن صَمَمْ
قال
ذو الرمة
سَمِعْتُ، النَّاسُ يَنْتَجعُونَ غَيْثاً ... فقُلْتُ لِصَيْدَحَ: انْتَجِعِي بِلالا
تُناخِي عندَ خَيْرِ فتىً يَمانٍ ... إِذا النَّكْباءُ عارَضَتِ الشَّمالا
وأَبْعَدِهِمْ مَسافَةَ غَوْرِ عَقْلٍ ... إِذا ما الأَمْرُ ذُو الشُّبُهاتِ غَالا
وخَيْرهِمُ مآثِرَ أَهْلِ بَيْتٍ ... وأَكْرَمِهِمْ، وإِنْ كَرُمُوا، فَعالا
كأَنَّ النَّاسَ حينَ تَمُرُّ حَتَّى ... عَواتِقَ لَمْ تكنْ تَدَعُ الحِجالا
قِياماً يَنْظُرُون إِلى بِلالٍ ... رِفاقُ الحَجِّ أَبْصَرَتِ الهِلالا
فَقَدْ رَفَعَ الإِلهُ بِكُلِّ أُفْقٍ ... لِضَوْئِكَ يا بِلالُ سَناً طُوالا
كضَوْءِ الشَّمْسِ لَيْسَ بهِ خَفاءُ ... وأُعْطِيتَ المَهابَةَ والجَمالا
تَرَى مِنهُ العِمامَةَ فَوْقَ وَجْه ... كأَنَّ على صَحِيفَتِهِ صِقالا
قال
المثقب العبدي
فَسَلِّ الهَمَّ عنكَ بذاتِ لَوْثٍ ... عُذافِرَةٍ كمِطْرَقَةِ القُيُون
إِذا ما قُمْتُ أَحْدِجُها بلَيْلٍ ... تَأَوَّهُ آهَة الرَّجْلِ الحَزِينِ
تقولُ إِذا دَرَأْتُ لها وَضِيناً ... أَهَذا دينُهُ أَبداً ودِينِي
أَكُلُّ الدَّهْرِ حَلٌّ وارْتِحالٌ ... أَمَا تُبْقِي عَلَيَّ ولا تَقِينِي
ثَنَيْتُ زِمامَها، وَوَضَعْتُ رَحْلِي ... ونُمْرُقَةً رَفَدْتُ بِها يَمِينِي
فَرُحْتُ بِها تُعارِضُ مُسَبْطِرّاً ... على صَحْصاحِهِ وعلى المُتُونِ
إِلى عَمْرٍو ومِن عَمْرٍو أَتَتْنِي ... أَخِي النَّجَداتِ والحِلْمِ الرَّصِين
قال

جنادة بن مرداس العقيلي
إِليكَ اعْتَسَفْنا بَطْنَ خَبْتٍ بِأَيْنُقٍ ... نَوازِعَ، لا يَبْغِينَ غَيْرَكَ مَنْزِلا
رُعَيْنَ الحِمَى شَهْرَيْ رَبيعٍ كِلَيْهِما ... فجئْنَ كما شَيَّدْتَ بالشِّيدِ هَيْكلا
فلمَّا رَعاها السَّيْرُ عادَتْ كأَنَّها ... أَهِلَّةُ صَيْف رَدَّها البُرْجُ أُفَّلا
قال
الأعشى ميمون
أَغَرُّ أَبْلَجُ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بهِ ... لو صارَعَ القَوْمَ عن أَحْسابِهمْ صَرَعَا
قد حَمَّلُوهُ حَدِيثَ السِّنِّ ما حَمَلَتْ ... ساداتُهُمْ فأَطاقَ الحِمْلَ واضْطَلَعا
لا يَرْقَعُ النَّاسُ ما أَوْهَى ولَوْ جَهَدُوا ... أَنْ يَرْقَعُوه ولا يُوهُونَ ما رَقَعا
قال
أبو الشيمي محمد بن عبد الله
الخزاعي
وعِصابَةٍ صَرَفَتْ إِليكَ وُجُوهَها ... نَكَباتُ دَهْرٍ للفَتَى عَضَّاضِ
شَدُّوا بأَكْوارِ الرِّحالِ مَطِيَّهُمْ ... مِن كُلِّ أَهْوَجَ لِلْحَصَى رَضَّاضِ
قَطَعُوا إِليكَ نِياطَ كُلِّ تَنُوفَةٍ ... ومَهامِه مُلْسِ المُتُونِ عِراضِ
أَكَلَ الوَجِيفُ لُحُومَها ولُحُومَهُمْ ... فأَتَوْكَ أَنْقاضاً على أَنْقاضِ
ولقَدْ أَتَيْنَ على الزَّمانِ سَواخِطاً ... ورَجَعْنَ عنكَ وهُنَّ عنهُ رَواضِ
لأَبِي محمدٍ المُرَجَّى راحَتا ... مَلِكٍ إِلى شَرَفِ العُلَى نَهَّاضِ
فَيَدٌ تَدَفَّقَ بالنَّدَى لِوَلِيِّهِ ... ويَدٌ على الأَعْداءِ سُمٌّ قاضِ
راضَ الأُمُورَ ورُضْنَهُ بعَزيمة ... وكَفاكَ رَأْيُ مُرَوَّضِ رَوّاضِ
قال
الممزق شأس بن نهار
العبدي
يمدح عمرو بن النعمان بن المنذر الأكبر. وكان قد هم أن يغزو عبد القيس. فلما سمع بالقصيدة رجع عن ذلك.
وناجِيَةٍ عَدَّيْتُ مِن عِنْدِ ماجِدٍ ... إِلى واحِدٍ مِن غَيْرِ سُخْطٍ مُفَرِّق
لِتُبْلِغَنِي مَن لا يُكَدِّرُ نِعْمَةً ... بغَدْرٍ ولا يَزْكُو إِلَيْهِ تَمَلُّقِي
تَخاسَى يَداها بالحَصَى وَتُرضُّه ... بأَسْمَرَ صَرَّافٍ إِذا حَمْيَ مُطْرِقِ
وقَدْ ضَمَرتْ حتَّى الْتَقَى مِن نُسُوعِهاقُوَى ذِي ثَلاثٍ لَمْ تَكُنْ قَبْلُ تَلْتَقِي
وقَدْ تَخِذَتْ رِجْلِي إِلى جَنْبِ غَرْزِها ... نَسِيفاً كأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
وأَضْحَتْ بِجَوٍّ يَصْرُخُ الذِّيبُ حَوْلَها ... وكانَتْ بِقاعٍ ناعِمِ النَّبْتِ سَمْلَقِ
تَرُوحُ وتَغْدُو ما يُحَلُّ وَضِينُها ... إِليكَ ابنَ ماءِ المُزْنِ وابنَ مُحَرِّقِ
عَلَوْتُمْ مُلُوكَ الأَرْضِ بالحَزْمِ والتُّقَىوغَرْبِ نَدىً مِن غُرَّةِ المَجْدِ يَسْتَقِي
وأَنتَ عَمُودُ المُلْكِ مَهْما تَقُلْ يُقَلْ ... ومَهْما تَضَعْ مِن باطل لا يُحَقَّقِ
فإِنْ يَجْبُنُوا تَشْجُعْ، وإِنْ يَبْخَلُوا تَجُدْوإِنْ يَخْرُقُوا بالأَمْرِ تَفْصِلْ فتَفْرُقِ
أَحَقَّاً أَبَيْتَ اللَّعْنَ أَنَّ ابنَ فَرْتَنَىعلى غَيْرِ إِجْرامٍ بِرِيقِي مُشَرِّقِي
فإِنْ كنتُ مَأْكُولاً فكُنْ أَنتَ آكِلِي ... وإِلاَّ فأَدْرِكْنِي ولَمَّا أُمَزَّقِ
قال
الأحوص بن محمد
بن عبد الله بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري
إِذا كُنْتَ عِزْهاةً عن اللَّهْوِ الصِّبا ... فكُنْ حَجَراً مِن يابِسِ الصَّخْرِ جَلْمَدا
هلِ العَيْشُ إِلاَ ما تَلَذُّ وتَشْتَهِي ... وإِنْ لامَ فِيهِ ذُو الشَّنانِ وفَنَّدَا
لَعَمْري لَقَدْ لاقَيْتُ يومَ مُوَقَّرٍ ... أَبَا خالِد في الحَيِّ يَحْمِلُ أَسْعُدا
وأَوْقَدْتُ نارِي باليَفاعِ فلَمْ تَدَعْ ... لِنِيرانِ أَعْدائِي بِنُعْماكَ مَوْقِدا
وما كانَ مالِي طارِفاً عن تِجارَةٍ ... وما كانَ مِيراثاً مِن المالِ مُتْلَدا

ولكنْ عَطاءٌ مِن إِمامٍ مُبارَك ... مَلاَ الأَرْضَ مَعْرُوفاً وعَدْلاً وسُؤدُدا
فإِنْ أَشُكُرِ النُّعْمُى التي سَلَفَتْ لهُ ... فأَعْظِمْ بِها عِنْدِي إِذا ذُكِرَتْ يَدا
أَهانَ تِلادَ المالِ لِلحَمْدِ إِنَّهُ ... إِمامُ هُدىً يَجْرِي على ما تَعَوَّدا
فكَمْ لكَ عِنْدِي مِن عَطاءٍ ونِعْمَةٍ ... تَسُوءُ عَدُوّاً غائِبِينَ وشُهَّدا
فَلَوْ كانَ بَذْلُ المالِ والعُرْفِ مُخْلِداًمِن النَّاسِ إِنْساناً لَكُنتَ المُخَلَّدا
فأُقْسِمُ لا أَنْفَكُّ ما عِشْتُ شاكِراً ... لِنُعْماكَ ما ناحَ الحمَامُ وغَرَّدا

قال
الفرزدق
تقُولُ لمَّا رَأَتْنِي وَهْيَ طَيِّبَةٌ ... على الفِراشِ ومِنْها الدَّلُّ والخَفَرُ
أَصْدِرْ هُمُومَكَ لا يَقْتُلْكَ وارِدُها ... فكُلُّ وَارِدَةٍ يَوْماً لها صَدَرُ
فعُجْتُها قِبَلَ الأَخْبارِ مَنْزِلَةً ... والطَّيِّبِي كُلِّ ما الْتاثَتْ بهِ الأُزُرُ
إِذا رَجا الرَّكْبُ تَعْرِيساً ذَكَرْتَ لَهُمْغَيْثاً يكُونُ على الأَيْدِي لهُ دِرَرُ
وكَيْفَ تَرْجُونَ تَغْمِيضاً وأَهْلُكُمُ ... بِحَيْثُ تَلْحَسُ عن أَوْلادِها البَقَرُ
سِيرُوا، فإِنَّ ابنَ لَيْلَى عن أَمامِكُمُ ... وبادِرُوهُ فإِنَّ العُرْفَ مُبْتَدَرُ
فأَصْبَحُوا قَدْ أَعَادَ اللّهُ دَوْلَتَهُمْإِذْ هُمْ قُرَيْشٌ وإِذْ ما مِثْلَهُمْ بَشَرُ
ولَنْ يَزالَ إِمامٌ مِنهُم مَلِكٌ ... إِليه يَشْخَصُ فَوْقَ المِنْبَرِ البَصَرُ
قال
الأحوص بن محمد
بن عبد الله بن عاصم الأنصاري
فَلأشكُرَنَّكَ حُسْنَ ما أَوْلَيْتَنِي ... شُكْراً تَحُلُّ بِهِ المَطِيُّ وتَرْحَلُ
مِدَحاً يكونُ لكُمْ غَرائِبُ شِعْرِها ... مَبْذُولَةً ولِغَيْرِكُمْ لا تُبْذَلُ
وأَرَاك تَفْعَلُ ما تَقولُ وبَعْضُهم ... مَذِقُ اللِّسان يقولُ ما لا يَفْعَلُ
إِنَّ امْرَءً قد نالَ منكَ قَرابةً ... يَرْجُو مَنافِعَ غَيْرِها لَمُضَلَّلُ
قال
كثير بن عبد الرحمن
الخزاعي
عَجِبْتُ لِتَرْكِي خُطَّةُ الرُّشْدِ بَعْدَما ... بَدا لِيَ مِن عَبْد العزيز قَبُولُها
حَلَفْتُ بِرَبِّ الرَّاقِصاتِ إِلى مِنىً ... يَغُولُ البلادَ نَصُّها وذَمِيلُها
لَئِنْ عادَ لِي عبدُ العزيزِ بِمِثْلِها ... وأَمْكَنَنِي مِنْها إِذَنْ لا أُقِيلُها
إِذا ابْتَدَرَ النَّاسُ المَكارِمَ بَذَّهُمْ ... عَراضَةُ أَخْلاقِ ابنِ لَيْلَى وطُولُها
بَسَطْتَ لِباغِي العُرْفِ كَفّاً خَصِيَةً ... تَنالُ العِدَى بَلْهَ الصَّدِيقَ فُضُولُها
قال
محمد بن عبيد الله
بن عمرو بن معاوية بن عتبه بن أبي سفيان
رَأَيْنَ الغَوانِي الشَّيْبَ لاحَ بمَفْرِقيفأَعْرَضْنَ عَنِّي عَنِّي بالوُجُوهِ النَّواضِرِ
وكُنَّ إِذا أَبْصَرْنَنِي أَو سَمِعْنَنِي ... دَنَوْنَ فَرَقَّعْنَ الكُوَى بالمَحاجِرِ
لَئِنْ حُجِمَتْ عَنِّي نَواظِرُ أَعْيُنٍ ... رَمَيْنَ بأَحْداقِ المَها والجَآذِرِ
فإِنِّي مِن قَوْمٍ كَرِيمٍ نِجارُهُمْ ... لأَقْدامِهِمْ صيغَتْ رُءُوسُ المَنابر
قال
الشماخ بن ضرار الذبياني
مخضرم
وشُعْثٍ نَشاوَى مِن كَرىً عندَ ضُمَّرٍ ... أَنَخْنَ بَجْعجاعٍ كَرِيم المُعَرَّجِ
بَعَثْتُهُمُ والليلُ حَيْرانُ ضارِبٌ ... بأَرْواقِهِ والصُّبْحُ لَمْ يَتَبَلَّجِ
وأَشْعَثَ قَدْ قَدَّ السِّفارُ قَمِيصَهُ ... وَجَرُّ شِواءٍ بالعَصا غيرُ مُنْضَجِ
دَعَوْتُ إِلى ما نابَنِي فأَجابَنِي ... كَرِيمٌ مِن الفِتْيانِ غيرُ مُزَلَّجِ

فتىً يَمْلأُ الشِّيزَى ويُرْوِي سِنانَهُ ... ويَضْرِبُ في رَأْسِ الكَمِيِّ المُدَجَّجِ
فتىً لَيْس بالرَّاضِي بأَدْنَى مَعِيشَةٍ ... ولا في بُيُوتِ الحَيِّ بالمُتَوَلجِ

قال
الأحوص زيد بن عتاب
اليربوعي
وكنتُ إِذا ما بابُ مَلْكٍ قَرَعْتُهُ ... قَرَعْتُ بآباءٍ ذَوِي شَرَفٍ ضَخْمِ
بآباءِ عَتَّابٍ وكانَ أَبُوهُمُ ... إِلى الشَّرَفِ الأَعْلَى بآبائِهِ ينْمِي
هُمُ مَلَكُوا الأَمْلاكَ آلَ مُحَرِّقٍ ... وزادُوا أَبا قابُوسَ رَغْماً على رَغْمِ
وكُنَّا إِذا قَوْمٌ رَمَيْنا صَفاتَهُمْ ... تَرَكْنا صُدُوعاً في الصَّفاةِ التي نَرْمِي
قالت
الذلفاء
هل مِن سَبِيلٍ إِلى خَمْرٍ فأَشْرَبَها ... أَمْ هل سَبيلٌ إِلى نَصْرِ بن حَجَّاجِ
إِلى فَتىً ماجِدِ الأَعْراقِ مُقْتَبَلٍ ... تُضِيءُ غُرَّتُهُ في الحالِكِ الدَّاجِي
نِعْمَ الفَتى في ظَلامِ اللَّيلِ نُصْرَتُهُ ... لِبائِسٍ أَو لِمسْكِينٍ ومُحْتاجِ
قال
الفرزدق همام بن غالب
هذا الذي تَعْرِفُ البَطْحاءُ وَطْأَتَهُ ... والبَيْتُ يَعْرِفُهُ والحِلُّ والحَرَمُ
هذا ابنُ خَيْرِ عِبادِ اللّهِ كُلِّهِمُ ... هذا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ
إِذا رَأَتْهُ قُريْشٌ قالَ قائِلُها ... إِلى مَكارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ
يَكادُ يُمْسِكُهُ، عِرْفانَ راحَتِهِ، ... رُكْنُ الحَطِيمِ إِذا ما جاء يَسْتَلِمُ
مَنْ يَعْرِفِ اللّهَ يَعْرِفْ أَوَّلِيَّةَ ذا ... الدِّينُ مِن بَيْتِ هذا نالَهُ الأُمَمُ
فلَيْسَ قَوْلُكَ مَنْ هذا بِضائِرِهِ ... العُرْبُ تَعْرِفُ مَن أَنْكَرْت والعَجَمُ
هذا ابنُ فاطمة إِنْ كُنتَ جاهِلَهُ ... بجَدِّهِ أَنْبِياءُ اللّهِ قد خُتِمُوا
لو يَعْلَمُ البَيْتُ مَن قد جاء يَلْثِمُهُ ... لَظَلَّ يَلْثِمُ مِنْه ما وَطِي القَدَمُ
يَنْشَقُّ نُورُ الهُدَى عن نُورِ غُرَّتِهِكالشَّمْسِ تَنْجابُ عن إِشْراقِها الظُّلَمُ
ما قالَ لا قَطُّ إِلاَّ في تَشَهُّدِهِ ... لَوْلا التَشَهُّدُ كانتْ لاءهُ نَعَمُ
يَنْمِي إِلى ذِرْوَةِ المَجْدِ التي قَصُرَتْ ... عن نَيْلِها عَرَبُ الإسْلامِ والعَجَمُ
إِنْ عُدَّ أَهْلُ التُّقَى كانُوا أَئِمَّتَهُمْأَو قِيلَ: مَن خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ قِيلَ: هُم
مَنْ جَدُّهُ دانَ فَضْلُ الأَنَّبياءِ لهُ ... وفَضْلُ أُمَّتِهِ دانَتْ لهُ الأُمَمُ
لا يُخْلِفُ الوَعْدُ، مَيْمُونٌ نَقِيَبتُهُ، ... رَحْبُ الفِناءِ، أَرِيبٌ حينَ يَعْتَزِمُ
مِن مَعْشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وبُغْضُهُمُ ... كُفْرٌ، وقُرْبُهُمُ مَنْجىً ومُعْتَصَمُ
مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ اللّهِ ذِكْرُهُمُ ... في كُلِّ دِينٍن ومَخْتُومٌ بهِ الكَلِمُ
يُسْتَدْفَعُ البؤْسُ والبَلْوَى بحُبِّهِمُ ... ويُسْتَرَبُّ بهِ الإِحْسانُ والنِّعَمُ
همُ الغُيُوثُ إِذا ما أَزْمَةٌ أَزَمَتْوالأُسْدُ أُسْدُ الشَّرَى والبَأْسُ مُحْتَدِمُ
يَأْبَى لَهُمْ أَنْ يَحُلَّ الذَّمُّ ساحَتَهُمْخِيمٌ كَرِيمٌ وأَيْدٍ بالنَّدَى هُضُمُ
قال
الحزين بن وهب الكناني
أموي الشعر
قالُوا: دِمَشْقَ، فإِنَّ الخَيِّرِينَ بها،ثُمَّ ائْتِ مِصْرَ فَثَمَّ النَّائِلُ العَمَمُ
لَمَّا وَقَفْتُ عليهِ بالجُمُوعِ ضُحىً ... وقد تَعَرَّضَتِ الحُجّابُ والخَدَمُ
حَيَّيْتُهُ بِسَلامٍ وَهْوَ مُرْتَفِقٌ ... وضَجَّةُ القَوْمِ عندَ البابِ تَزْدَحِمُ
يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى مِن مَهابَتِهِ ... فلا يُكَلَّمُ إِلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ

في كَفِّهِ خَيْزُرانٌ ريحُهُ عَبِقٌ ... مِن كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنِينِهِ شَمَمُ
لا يُخْلِفُ الوَعْدَ، مَيْمُونٌ نَقِيبَتُهُ ... رَحْبُ الفِناءِ أَرِيبٌ حينَ يَعْتَزِمُ
كمْ صارِخٍ بكَ مِن راجٍ وراجِيَةٍِ ... يَدْعُوكَ: يا قُثَمَ الخَيْراتِ، يا قُثَمُ

قال
أبو الطمحان القيني
إِذا لَبسُوا عَمائِمَهمْ ثَنَوْها ... على كَرَمٍ، وإِنْ سَفَرُوا أَنارُوا
يَبِيعُ ويَشْتَري لَهمُ سِواهُمْ ... ولكنْ بالرِّماحِ هُمُ تِجارُ
إِذا ما كنْتَ جارَ بَنِي لؤَيٍّ ... فأَنتَ لأكْرَمِ الثَّقَلَيْن جارُ
قال
عبد الرحمن بن حسان
بن ثابت الأنصاري
أَعِفّاءُ تَحْسِبُهمْ لِلْحيا ... ءِ مَرْضَى تَطاوَلُ أَسْقامُها
يَهون عليهم إِذا يَغْضَبُو ... نَ سُخْط العُداةِ وإِرْغامُها
وَرتْق الفتوق، وفَتْق الرُّتوق ... ونَقْض الأُمُور وإِبْرامُها
قال
الكميت
قادَ الجُيُوشَ لخَمْسَ عَشْرَةَ حِجَّةً ... ولِداتهُ إِذْ ذاكَ في أَشْغالِ
قَعَدَتْ بهمْ هِمَّاتهمْ، وسَمَتْ بهِ ... هِمَمُ المُلوكِ وسَوْرَة الأبْطالِ
في كَفِّهِ قَصَباتُ كُلِّ مُقَلَّد ... يَوْمَ الرِّهان وفَوْزُ كُلِّ نِضالِ
حمزة بن بيض الحنفي
أَتَيْناكَ فِي حاجَةٍ فاقْضِهَا ... وقُلْ مَرْحَباً يَجِبِ المَرْحَبُ
فإِنَّكَ في الفَرْعِ مِن أُسْرَةٍ ... لها البَيْتُ والشَّرْقُ والمَغْرِبُ
بَلَغْتَ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِن سِنِيْ ... كَ ما يَبْلُغُ السَّيِّدُ الأَشْيَبُ
فَهَمُّكَ فِيها جسامُ الأُمُورِ ... وهَمُّ لِداتِكَ أَنْ يَلْعَبُوا
قال
أبو الجويرية العبدي
أموي الشعر
أَنَخْنا بِفَيّاضِ اليَدَيْنِ، يَمينُهُ ... تُبَكِّرُ بالمَعْرُوفِ ثُمَّ تَرَوَّحُ
ويُدْلِجُ في حاجاتِ مَن هو نائِمٌ ... ويُورِي كَرِيماتِ النَّدَى حينَ يَقْدَح
إِذا اعْتَمَّ بالبُرْدِ اليَمانِيِّ خِلْتَهُ ... هِلالاً بَدا في جانِبِ الأُفْقِ يَلْمَحُ
يَزِيدُ على سَرْوِ الرِّجالِ بسَرْوِهِ ... ويَقْصُرُ عنه مَدْحُ مَن يَتَمَدَّحُ
يَمُدُّ نِجادَ السَّيْفِ حتَّى كأَنَّهُ ... بأَعْلَى سَنامَيْ فالِجٍ يَتَطَوَّحُ
يُلَقِّحُ نارَ الحَرْبِ بَعْدَ حِيالِها ... ويَخْدِجُها إِيقاعُهُ حينَ تَلْقَحُ
قال
كثير عزة
جَرَى ناشِئاً للحَمْدِ في كُلِّ حَلْبَة ... فجاء مَجيىء السَّابِقِ المُتَمَهِّلِ
أشَدُّ حَياءً مِن فَتاةٍ حَيِيَّةٍ ... وأَمْضَى مَضاء مِن سِنانٍ مُؤَلَّلِ
قال
أمية بن أبي الصلت
مخضرم
أَأَذْكُرُ حاجَتِي أَم قد كَفانِي ... حَياؤُكَ، إِنَّ شِيمَتَكَ الحَياءُ
وعِلْمُكَ بالحُقُوق وأَنْتَ فَرْعٌ ... لكَ الحَسَبُ المُؤَثَّلُ والسَّناءُ
خَلِيلٌ لا يُغَيِّرُهُ صباح ... عن الخُلُقِ الجَمِيلِ ولا مَساءُ
إِذا أَثْنَى عليكَ المَرْءُ يَوْماً ... كَفاهُ مِن تَعَرُّضِهِ الثَّناءُ
يُبارِي الرِّيحَ مَكْرُمَةً وجُوداً ... إِذا ما الكَلْبُ أَجْحَرَهُ الشِّتاءُ
قال
ولده
القاسم بن أمية
يا طالِبَ الخَيْراتِ عِنْدَ سَراتِنا ... أَقْصِدُ، هُدِيتَ، إِلى بنِي دُهْمانِ
الأَكْثَرِينَ الأَطْيَبِينَ أُرُومَةً ... أَهْلِ التَّراءِ وطَيِّبِي الأَعْطَان
ولَقَدْ بَلَوْتُ النَّاسَ ثُمَّ خَبَرْتُهُمُ ... فوَجَدْتُ أَكْرَمَهُمْ بَنِي الدَّيَّان
قَوْمٌ إِذا نَزَلَ الحَرِيبُ بِدارِهِمْ ... تَرَكُوهُ رَبَّ صَواهِل وقِيان

وإِذا دَعَوْتُهُمُ ليَوْمِ كَرِيهَة ... سَدُّوا شُعاعَ الشَّمسِ بالخِرْصان
لا يَنْكُتونَ الأَرْضَ عندَ سُؤالِهِمْ ... لِتَطَلُّبِ العِلاَّتِ بالعِيدان
بل يَبْسُطونَ وجُوهَهمْ فَتَرى لها ... عندَ اللِّقاءِ كأَحْسَنِ الأَلْوان

قال
جرير بن الخطفي
فما كَعْبُ بن مامَةَ وابن سُعْدَى ... بأَجْوَدَ منكَ يا عُمَرُ الجَوادا
وتَبْنِي المَجْدَ يا عَمْرُ بنَ لَيْلَى ... وتَكْفِي المُمْحِلَ السَّنَةَ الجَمَادا
يَعُودُ الحِلْمُ منكَ على قرَيشٍ ... ونَفْرِجُ عنهمُ الكرَبَ الشِّدادا
وتَدْعُو اللّهَ مُجْتَهِداً لِيَرْضَى ... وتَذْكرُ في رَعِيَّتِكَ المَعادا
تَزَوَّدْ مِثْلَ زادِ أَبِيكَ فِينا ... فنِعْمَ الزَّادُ زادُ أَبيكَ زادا
قال
عبد الله بن الزبير
وتروى لعمرو بن كميل
سأَشْكرَ عَمْراً إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتِبي ... أَيادِيَ لَمْ تُمْنَنْ وإِنْ هي جَلَّتِ
فتىً غيرُ مَحْجُوبِ الغِنَى عن صَدِيقِهِولا مُظْهِرُ الشَّكْوَى إِذا النَّعْلُ زَلَّتِ
رَأَى خَلَّتِي مِن حيث يَخْفَى مَكانُها ... فكانَتْ قَذَى عَيْنَيْهِ حتَّى تَجَلَّت
قال
أيضا
ً
فلا مَجْدَ إِلاَّ مَجْدُ أسْمَاء فَوْقَهُ ... ولا جَرْىَ إِلاَّ جَرْىُ أَسْماء فاضِلُهْ
تَراهُ إِذا ما جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً ... كأَنَّكَ تُعْطِيهِ الذي أَنتَ سائِلُهْ
ولَوْ لَمْ يَكُنْ في كَفِّهِ غَيْرُ نَفْسِهِ ... لجَادَ بِها، فَلْيَتَّق اللّهَ سائِلُهْ
قال
آخر
وكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقاعِ بن شَوْرٍ ... ولا يَشْقَى بقَعقاعٍ جَلِيسُ
ضَحُوكُ السِّنِّ إِنْ نَطَقُوا بخَيْر ... وعندَ الشَّرِّ مِطْراقٌ عَبُوسُ
قال
حسان بن ثابت الأنصاري
للّهِ دَرُّ عِصابَةٍ نادَمْتُهُمْ ... يوماً بجِلِّقَ في الزَّمان الأَوَّلِ
أَوْلادُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبيهمُ ... قَبْرِ ابن مارِيَةَ الجَوادِ المُفْضِلِ
بِيضُ الوُجُوهِ، كَرِيمَةٌ أحْسابُهُمْ ... شُمُّ الأُنُوفِ مِن الطِّرازِ الأَوَّلِ
يُغْشَوْنَ، حتَّى ما تَهِرُّ كِلابُهُمْ، ... لا يَسْأَلُونَ عن السَّوادِ المُقْبِلِ
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَرِيصَ عليهمُ ... بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرَّحيقِ السَّلْسَلِ
المُلْحِقينَ فَقِيرَهُمْ بغَنِيِّهِمْ ... والمُشْفِقِينَ على الضَّعِيفِ المُرْمِل
والضَّارِبِينَ الكَبْشَ يَبْرُقُ بَيْضُهُ ... حتَّى يَطِيحَ بهِ بَنانُ المَفْصِلِ
كِلْتَاهُما حَلَبُ العَصِير، فعاطِنِي ... بزُجاجَةٍ أَرْخاهُما لِلْمِفْصَلِ
بزجاجةٍ رَقَصَتْ بِما في قَعْرِها ... رَقَصَ الَقلُوصِ براكِبٍ مُسْتَعْجل
قال
الحطيئة جرول بن أوس العبسي
ماذا تَقُولُ لأَفْراخٍ بِذِي مَرَخٍ ... حُمْرِ الحَواصِلِ لا ماءُ ولا شَجَرُ
أَلْقَيْتَ كاسِيَهُمْ في قَعْرِ مُظْلِمَة ... فاغْفِرْ، عليكَ سَلامُ اللّهِ يا عُمَرُ
أَنْتَ الإِمامُ الذي مِن بَعْدِ صاحِبِهِ ... أَلْقَتْ إِليكَ مَقالِيدَ النُّهَى البَشَرُ
لَمْ يُؤْثِرُوكَ بها إِذْ قَدَّمُوكَ لَها ... لكنْ لأَنْفُسِهِمْ كانتْ بكَ الخِيَرُ
فامْنُنْ على صِبْيَةٍ بالرَّمْلِ مَسْكَنُهُمْبَيْنَ الأَباطِحِ تَغْشاهُمْ بِها القِرَرُ
أَهْلِي فِداؤُكَ، كم بَيْنِي وبَيْنَهُمُ ... مِن عَرْضِ دَوِّيَّة يَعْمَى بها الخَبرُ
قال
الأعشى ميمون
وكان قد أسره رجلٌ من كلب وكان قد هجاه وهو لا يعرفه فنزل ذلك الرجل بشريح بن السموأل، فمر بالأعشى فناداه بقوله:
شُرَيْحُ، لا تَتْرُكَنِّي بَعْدَ ما عَلِقَتْ ... حِبالَكَ اليومَ بَعْدَ القِّدِّ أَظْفاري

قد جُلْتُ ما بَيْنَ بانِقْيا إِلى عَدَنٍ ... وطالَ في العُجْمِ تَكْراري وتَسْياري
فكانَ أَكْرَمَهُمْ عَهْداً وأَوْثَقَهُمْ ... عَقْداً أَبُوكَ بعُرْفٍ غَيْر إِنْكار
كالغَيْثِ ما اسْتَمْطَرُوهُ جادَ وابلُهُ ... وفي الشَّدائِدِ كالمُسْتَأَسِدِ الضَّاري
كُنْ كالسَّمَوْأَلِ إِذْ طافَ الهُمامُ به ... في جَحْفَلٍ كَسَوادِ اللَّيْلِ جَرَّار
إِذْ سامَهُ خُلَّتَيْ خَسْفٍ، فقالَ له: ... قُلْ ما تَشاءُ، فإِنِّي سامِعٌ حار
فقالَ: غَدْرٌ وثُكْلٌ أَنتَ بَيْنَهُما ... فاخْتَرْ، فَما فِيهما حَظٌّ لِمُخْتار
فشَكَّ غَيْرَ طَوِيلٍ، ثُمَّ قالَ له: ... اقْتُلْ أَسِيرَكَ، إِنِّي مانِعٌ جاري
فسَوْفَ يُعْقِبُنِيهِ، إِنْ ظَفِرْتَ بهِ، ... رَبٌّ كَرِيمٌ وبِيضٌ ذاتُ أَطْهار
فاخْتارَ أَدْرُعَهُ كَيْ لا يُسَبَّ بها ... ولَمْ يَكُنْ وَعْدُهُ فِيها بخَتَّار
وَقَالَ لا أَشْتَري عاراً بمَكْرُمَةٍ ... فاخْتارَ مَكْرُمَةَ الدُّنْيا على العار
والصَّبْرُ مِنْه قَدِيماً شِيمَةٌ خُلُقٌ ... وزَنْدُهُ في الوفَاءِ الثَّاقِبُ الوَاري
فجاء شريح إلى الكلبي فقال: هبلي هذا الأسير المضرور، فوهبه له. فقال له شريح: أقم عندي حتى أكرمك. فقال الأعشى: من تمام صنيعك بي أن تعطيني ناقةً ناجيةً وتطلقني، ففعل. ومضى من ساعته. وبلغ الكلبي أنه الأعشى، وكان قد هجا ومه وهو لا يعرفه. فأرسل إلى شريح يطلبه منه، فأخبره بخبره، فندم على إطلاقه.

قال
الفرزدق
وكان قد هرب من زياد إلى سعيد بن العاص. فمثل بين يديه وعنده الحطيئة وكعب ابن جعيل، فاستجار به منه وأنشد.
أَرِقْتُ فلَمْ أَنَمْ لَيْلاً طَوِيلا ... أُراقِبُ هل أَرَى النَّسْرَيْن زالا
فقالَ لِيَ الذي يَعْنِيهِ شَأْنِي ... نَصِيحَةَ نُصْحِهِ سِرّاً وقَالا
عليكَ بَنِي أُمَيَّةَ فاسْتَجِرْهُمْ ... وخُذْ مِنْهُمْ لِما تَخْشَى حِبالا
حَلَفْتُ بمَنْ أَتَى كَنَفَيْ حِراءٍ ... ومَنْ وافَى بحَجَّتِهِ إِلالا
إِليكَ فَرَرْتُ مِنْكَ ومِن زِيادٍ ... ولَمْ أَحْسِبْ دَمِي لَكُما حَلالا
ولكِنِّي هَجَوْتُ، وقَدْ هَجانِي ... مَعاشِرُ قد رَضَخْتُ لَهُمْ سِجالا
فإِنْ يَكُنِ الهِجاءُ أَباحَ قَتْلِي ... فَقَدْ قُلْنا لِشاعِرِهمْ وقَالا
تَرَى الغُرَّ الجَحاجِحَ مِن قُرَيشٍ ... إِذا ما الأَمْرُ في الحَدَثانِ غالا
قِياماً يَنْظُرُونَ إِلى سَعِيدٍ ... كَأَنَّهُمُ يَرَوْنَ بهِ الهِلالا
قال
السائب بن فروخ الأعمى
من مخضرمي الدولتين
لَيْتَ شِعْرِي مِن أَيْنَ رائِحَةُ المِسْ ... كِ، وما إِنْ خالُ بالخَيْفِ أُنْسِي
حينَ غابَتْ بَنُو أُمَيَّةَ عنهُ ... والبَهالِيلُ مِن بَنِي عَبْد شَمْسِ
خُطَباءٌ على المَنابِرِ، فُرْسا ... نٌ عليها، وقَالَةٌ غَيْرُ خُرْسِ
أَهْلُ حِلْمٍ إِذا الحُلُومُ اسْتُفِزَّتْ ... وَوُجُوهٌ مِثْلُ الدَّنانير مُلْسِ
قال
عبيد الله بن قيس الرقيات
لو كانَ حَوْلِي بَنُو أُمَيَّةَ لَمْ ... يَنْطِقْ رِجالٌ إِذا هُمُ نَطَقُوا
إِنْ جَلَسُوا لَمْ تَضِقْ مَجالِسُهُمْ ... أَو رَكِبُوا ضاقَ عنهمُ الأُفُقُ
كَمْ فِيهمُ مِن فَتىً أَخِي ثِقَةٍ ... عن مَنْكِبَيْهِ القَمِيصُ مُنْخَرِقُ
تُحِبُّهُمْ عُوَّذُ النِّساءِ إِذا ... ما احْمَرَّ تحت القَوانِسِ الحَدَقُ
وأَنْكَرَ الكَلْبُ أَهْلَهُ وعَلا الشَّرُّ ... م وطاحَ المُرَوَّعُ الفَرقُ
فرِيحُهُمْ عندَ ذاكَ أَذْكَى مِن ال ... مِسْكِ وفِيهمْ لِخابطٍ وَرَقُ
قال

أيضا
ً
كَيْف نَوْمِي على الفِراشِ ولَمَّا ... تَشْمَلِ الشَّامَ غارَةٌ شَعْواءُ
تُذْهِلُ الشَّيْخَ عن بَنِيهِ وتُبْدِي ... عن خِدامِ العَقِيلَةُ العَذْراءُ
إِنَّما مُصْعَبٌ شِهابٌ مِن اللَّ ... ه تَجَلَّت عن وَجْهِهِ الظَّلْماءُ
مُلْكُهُ مُلْكُ رَأْفَةٍ لَيْس فِيه ... جَبَرُوتٌ، كَلاَّ ولا كِبْرياءُ
يَتَّقِي اللّهَ في الأُمُورِ، وقَدْ أَف ... لَحَ مَن كانَ دِينَهُ الاتِّقاءُ
قال
عبد الله بن الزبير الأسدي
أموي الشعر
إِذا ماتَ ابنُ خارِجَةَ ابنِ حِصْنٍ ... فلا مَطَرَتْ على الأَرْضِ السَّماءُ
ولا رَجَعَ الوُفُودُ بغُنْم جَيْش ... ولا حَمَلَتْ على الطُّهْرِ النِّساءُ
فبُوركَ في بَنِيكَ وفي بَنيهمْ ... إِذا ذُكِرُوا، ونَحنُ لَهُمْ فِداءُ
قال
طفيل الغنوي
أَما ابْنُ طَوْقٍ فقَدْ أَوْفَى بذِمَّتِهِ ... كما وَفَى بِقِلاصِ النَّجْمِ حادِيها
قد حَلَّ رَابيَةً لَمْ يَعْلُها أَحَدٌ ... صَعْباً مَباءتُها صَعْباً مَراقِيها
قال
الحطيئة جرول بن أوس
أَمِنْ رَسْمِ دارٍ مَرْبَعٌ ومَصِيفُ ... لِعَيْنَيْكَ مِن ماءِ الشُّؤُونِ وَكِيفُ
تَذَكَّرْتُ فِيها الجَهْلَ حتَّى تَبادَرَتْ ... دُمُوعِي، وأَصْحابي عَلَيَّ وُقُوفُ
إِليكَ سَعِيدَ الخَيْرِ جُبْتُ مَهامِهاً ... يُقابلُنِي آلٌ بِها وتُنُوفُ
ولَوْلاَ أَصِيلُ اللُّبِّ غَضٌّ شَبابُهُ ... كَريمٌ لأَيَّامِ المَنُونِ عَرُوفُ
إِذا هَمَّ بالأَعْداءِ لَمْ يَثْنِ هَمَّهُ ... كَعابٌ عليها لُؤْلُؤٌ وشُنُوفُ
حَصانٌ لها في البَيْتِ زيٌّ وبَهْجَةٌ ... وتَمْشِي كما تَمْشِي القَطاةُ قَطُوفُ
ولَوْ شاء وارَى الشَّمْسَ مِنْ دُونِ وَجْهِه ... حِجابٌ ومَطْويُّ السَّراةِ مُنِيفُ
قال
الأخطل غياث بن غوث
إِلى إِمامٍ تُغادِينا فَواضِلُهُ ... أَظْفَرَهُ اللّهُ، فَلْيَهْنِىء له الظَّفَرُ
نَفْسِي فِداءُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ إِذا ... أَبْدَى النَّواجِذَ يَوْماً باسِلٌ ذَكَرُ
الخائِضُ الغَمْرِ، والمَيْمُونُ طائِرُهُ ... أَغَرُّ أَبْلَجُ يُسْتَسْقَى به المَطَرُ
والهَمُّ بَعْدَ نَجِيِّ النَّفْسِ يَبْعَثُهُبالحَزْمِ والأَصْمَعانِ القَلْبُ والحَذَرُ
حُشْدٌ على الحَقِّ، عَيَّافُو الخَنا، أُنُفٌإِذا أَلَمَّتْ بهِمْ مَكْرُوهَةٌ صَبَرُوا
شُمْسُ العَداوَةِ حتَّى يُسْتقادَ لَهُمْ ... وأَعْظَمُ النَّاسِ أَحْلاماً إِذا قَدَرُوا
قال
الشماخ معقل بن ضرار الذبياني
إِليكَ نَشْكُو عَرابَ اليَوْمَ فَاقَتَنا ... يا ذا البَلاءِ ويا ذا السُّؤْددِ الباقِي
يا ابْنَ المُجَلِّي عن المَكْرُوبِ كُرْبَتَهُ ... والفاتِح الغُلَّ عنه بَعْدَ إِيثاقِ
والشَّاعِب الصَّدْعَ قد أَعْيا تَلاحُمُه ... والأَمْرَ يَفْتَحُهُ مِن بَعْدِ إِغْلاق
قال
عدي بن الرقاع
أموي الشعر
وإِذا الرَّبِيعُ تَتابَعَتْ أَنْسواؤُهُ ... فَسَقى خُناصِرَةَ الأَحَصِّ وجادَها
نَزَلَ الوَلِيدُ بِها فكانَ لأَهْلِها ... غَيْثاً أَغاثَ أَنِيسَها وبِلادَها
أَوْ ما تَرَى أَنَّ البَرِيَّةَ كُلَّها ... أَلْقَتْ خَزائِمَها إِليهِ فقَادَها
غَلَبَ المَسامِيحَ الوَلِيدُ سَماحَةً ... وكَفَى قُرَيْشاً ما يَسُوءُ وسادَها
ولَقَدْ أَرادَ اللّهُ إِذْ وَلاَّكَها ... مِن أُمَّةٍ إِصْلاحَها ورَشادَها
ومنها في التشبيه الرائع:

تُزْجى أَغَنَّ، كَأَنَّ إِبْرَةَ رَوْقه ... قَلَمٌ أَصابَ من الدَّواةِ مِدادَها

قال
زهير بن أبي سلمى
ولَنِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أَنْتَ إِذا ... دُعِيَتْ: نَزال، وَلُجَّ في الذُّعْر
ولأَنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وبَعْ ... ضُ القَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لا يَفْرِي
ولأَنْتَ أَحْيا مِن مُخَدَّرَةٍ ... عَذْراء تَقْطُنُ جانبَ الخدْر
والسِّتْرُ دُونَ الفاحِشاتِ وما ... يَلْقاكَ دُونَ الخَيْر مِن ستْرِ
مُتَصَرِّفٌ لِلْمَجْدِ مُعْتَرِفٌ ... للنَّائِباتِ يَراحُ للذِّكْر
ولأَنْتَ أَشْجَعُ حينَ تَتَّجهُ ال ... أبْطالُ مِن لَيْث أَبى أَجْر
وَرَدٍ عُراضِ السَّاعِدَيْنِ حَدِي ... دِ النَّابِ بَيْنَ ضَراغِمٍ غُثْرِ
يَصْطادُ أَحْدانَ الرِّجال فَما ... تَنْفَكُّ أَجْريهِ على ذُخْر
قال
المسيب بن علس
أَنتَ الرَّئِيسُ إِذا هُمُ نَزَلُوا ... وتَواجَهُوا كالأُسْدِ والنُّمْر
لو كنتَ مِن شَيْءٍ سِوَى بَشَرٍ ... كنتَ المُنَوِّرَ لَيْلَةَ البَدْرِ
ولأَنْتَ أَجْوَدُ بالعَطاءِ مِن ال ... رَّيَّانِ لمَّا جاء بالقَطْرِ
ولأَنْتَ أَشْجَعُ مِن أُسامَةَ إِذْ ... راث الصَّريخُ ولُجَّ في الذُّعْر
قال
عمر بن لجأ التيمي
آلُ المُهَلَّب قَوْمٌ خُوِّلُوا كَرَماً ... ما نالَهُ عَرَبيٌّ لا ولا كادَا
لو قِيلَ للمَجْدِ: حِدْ عَنهمْ وخَلِّهِمُ ... بما احْتَكَمْتَ مِن الدنْيا، لما حادَا
إِنَّ المكارِمَ أَرْواحٌ يكُونُ لها ... آلُ المُهَلَّبِ دُونَ النَّاسِ أَجْسادَا
آلُ المُهَلَّبِ قَوْمٌ إِنْ مَدَحْتُهُمُ ... كانُوا الأَكارِمَ آباءً وأَجْدادا
إِنَّ العَرانِينَ نَلْقاها مُحَسَّدَةً ... ولا تَرَى للِئامِ النَّاسِ حُسَّادا
قال
مروان بن أبي حفصة
واسمه يزيد مولى مروان بن الحكم
بَنُو مَطَرٍ عندَ اللِّقاءِ كَأنَّهُمْ ... أُسُودٌ لها في أَرْضِ خَفَّانَ أَشْبُلُ
هُمُ يَمْنَعُونَ الجارَ حتَّى كَأَنَّما ... لِجارِهِمُ بَيْنَ السِّماكَيْنِ مَنْزِلُ
بَهالِيلُ في الإِسْلام سادُوا ولَمْ يَكُنْ ... كأَوَّلِهِمْ في الجاهِلِيَّةِ أَوَّلُ
هُمُ القَوْمُ إِنْ قالُوا أَصابُوا، وإِنْ دُعُواأَجابُوا، وإِنْ أَعْطَوْا أطابُوا وأَجْزَلُوا
قال
أيضا
ً
قد آمَنَ اللّهُ مِن خَوْفٍ ومِنْ عَدَمٍ ... مَنْ كانَ مَعْنٌ له جاراً مِن الزَّمَن
مَعْنُ بنُ زائِدَةَ المُوفِي بِذِمَّتِهِ ... والمُشْتَرِي الحَمْدَ بالغالِي مِنَ الَّمَن
يَرَى العَطايا التي تَبْقَى مَحامِدُها ... غُنْماً، إِذا عَدَّها المُعْطِي مِن الغَيَ
بَنَى لِشَيْبانَ مَجْداً لا زَوالَ له ... حَتَّى تَزُولَ ذُرَى الأَرْكان مِن حَضَن
قال
ابن أبي السمط
فَتىً لا يُبالِي المُدْلِجُونَ بِنُورِهِ ... إِلى بابِهِ أَلاَّ تُضِيء الكَواكِبُ
له حاجِبٌ عن كُلِّ أَمْرٍ يَعِيبُهُ ... ولَيْس له عن طالِبِ العُرْفِ حاجِبُ
أَصَمُّ عن الفَحْشاءِ حتَّى كأَنَّهُ، ... إِذا ذُكِرَتْ في مَجْلِسِ القَوْمِ، غائِبُ
قال
مروان بن صرد
من شعراء الدولة العباسية
إِنَّ السِّنانَ وحَدَّ السَّيْفِ لو نَطَقا ... تَحَدَّثا عنكَ يومَ الرَّوعِ بالعَجَب
أَنْفَقْتَ مالَكَ تُعْطِيهِ وتَبْذُلُهُ ... يا مُتْلِفَ الفِضَّةِ البَيْضاءِ والذَّهَبِ
عِيدانُكُمْ خَيْرُ عِيدان وأَطْيَبُها ... عِيدانُ نَبْع ولَيْس النَّبْعُ كالغَرَبِ
قال
بشار بن برد

إِنَّما لَذَّةُ الجَوادِ ابْنِ سَلْمٍ ... في عَطاءٍ ومَوْكِبٍ لِلِّقاءِ
لَيْس يُعْطِيكَ لِلرَّجاءِ ولا للخَوْ ... فِ، ولَكنْ يَلَذُّ طَعْمَ العَطاءِ
تَسْقُطُ الطَّيْرُ حَيْثُ يُلْتَقَطُ الحَبُّ ... وتُغْشَى مَنازِلُ الكُرَماءِ
فعَلَى عُقْبَةَ السَّلامُ مُقِيماً ... وإِذا سارَ تَحْتَ ظِلِّ اللِّواءِ

قال
حجية بن المضرب
إِذا كُنتَ سَآلاً عن المَجْدِ والعُلا ... وأًيْنَ العَطاءُ الجَزْلُ والنائِلُ الغَمْرُ
فَنقِّبْ عن الأُمْلُوكِ، واهْتِفْ بِيَعْفُرٍ ... وعِشْ جارَ ظِلٍّ لا يُغالِبُهُ الدَّهْرُ
أُولئكَ قَوْمٌ شَيَّدَ اللّهُ فَخرَهُمْ ... فما فَوْقَه فَخرٌ، وإِن عَظُمَ الفَخرُ
أُناسٌ إِذا ما الدَّهْرُ أَظلَمَ وَجْهُهُ ... فأَيْديهِمُ بِيضٌ وأَوْجُهُهُمْ زُهْرُ
يَصُونُونَ أَحْساباً ومَجْداً مُؤثَّلاً ... ببَذلِ أَكُفٍّ دُونَها المُزنُ والبَحْرُ
سَمَوْا في المَعالِي رُتبَةً فَوقَ رُتبةٍ ... أَحَلَتْهُمُ حيثُ النَّعائِمُ والنَّسْرُ
أَضاءت لَهُمْ أَحْسابُهُمْ فَتَضاءلَت ... لِنُورِهِمُ الشَّمْسُ المُنِيرَةُ والبَدْرُ
ولَو لامَسَ الصَّخرَ الأَصَمَّ أَكُفُّهُمْ ... أَفاضَ ينَابِيعَ النَّدَى ذلك الصَّخرُ
ولو كان في الأَرْضِ البَسِيطَةِ مِثلُهُمْ ... لِمُختَبِطٍ عافٍ لَمَا عُرِفَ الفَقرُ
شَكَرْتُ لكُمْ آلاءكُمْ وبَلاءَكُمْ ... وما ضاعَ مَعْرُوفٌ يُكافِئُهُ شُكرُ
قال
علي بن جبلة العكوك
كَلُّ مَن في الأَرْضِ مِن مَلِكٍ ... بيْنَ بادِيهِ إِلى حَضَرِهْ
مُسْتَعِيرٌ مِنْكَ مَكْرُمَةً ... يَكْتَسِيها يومَ مُفْتَخَرِهْ
إِنَّما الدُّنْيا أَبُو دُلَفٍ ... بَيْنَ مَبْداهُ ومُحْتَضَرِهْ
فإِذا وَلَّى أَبو دُلَفٍ ... وَلَّتِ الدُّنْيا على أَثَرِهْ
مَلِكٌ تَنْدَى أَنامِلُهُ ... كانْبِلاجِ النَّوْءِ عن مَطَرِهْ
مُسْتَهِلٌّ عن مَواهِبِهِ ... كابْتِسامِ الرَّوْضِ عن زَهَرِهْ
المَنايا في مَقانِبهِ ... والعَطايا في ذَرَى حُجَرِهْ
قال
أيضا
ً
دِجْلَةُ تَسْقِي، وأَبُو غانِمٍ ... يُطْعِمُ منْ تَسْقِي مِن النَّاسِ
يَرْتُقُ ما تَفْتُقُ أَعْداؤُهْ ... ولَيْس يَأْسُو فَتْقَهُ آسِي
النّاسُ جسْمٌ، وإِمامُ الهُدَى ... رَأْسٌ، وأَنتَ العَيْنُ في الرَّاسِ
قال
إبراهيم بن هرمة
من مخضرمي الدولتين
كَرِيمٌ له وَجْهان: وَجْهٌ لَدَى الرِّضا ... طَلِيقٌ، ووَجْهٌ في الكَريهَةِ باسِلُ
له لَحظَاتٌ عن حِفافَيْ سَرِيرِهِ ... إِذا كَرَّها فيها عِقابٌ ونائِلُ
وأُمُّ الذي آمَنْتَ آمِنَةُ الرَّدَى ... وأُمُّ الذي حاوَلْتَ بالثُّكْلِ ثاكِلُ
فأُقْسِمُ ما أَكبْا زِنادَكَ قادِحٌ ... ولا أَكْذَبَتْ فِيكَ الرَّجاء القَوابِلُ
ولا رَجَعَتْ ذا حاجةٍ عنكَ عِلَّةٌ ... ولا عاقَ خَيْراً عاجلاً فيكَ آجلُ
قال
آخر
قَناً لَمْ يَضِرْها، في الكَرِيهَةِ عِنْدَما ... طَعَنْتَ بِها، أَلاَّ تَسُنَّ نِصالَها
ولَمْ تُصْدِفِ الخَيْلَ العِتاقَ عن الرَّدى ... مُحاذَرَةً لمَّا وَزَعْتَ رِعالَها
لَدَى هَبْوَةٍ ما كانَ سَيْفُكَ تَحْتَها ... ووَجْهُكَ إِلاَّ شَمْسَها وهِلالَها
قال
مسلم بن الوليد
كأَنَّهُ قَمرٌ أَو ضَيْغَمٌ هَصِرٌ ... أَو حَيَّةٌ ذَكَرٌ أَو عارِضٌ هَطِلُ
به تَعارَفَتِ الأَحْياءُ وأْتَلَفَتْ ... إِذْ أَلَّفَتْهُمْ إِلى مَعْرُوفِهِ السُّبُلُ

في عَسْكَرٍ تَشْرَقُ الأَرْضُ الفَضاءُ بهِ ... كاللَّيلِ أَنْجُمُهُ القِضْيانُ والأَسَلُ
لا يُمْكِنُ الطَّرْفَ مِنْه أَنْ يُحِيطَ بِهِما يَأْخُذُ السَّهْلُ مِن عُرْضَيْهِ والجَبَل

قال
عبيد الله بن قيس الرقيات
لَعَمْرِي لَئِنْ كانتْ قُرَيشٌ بأَسْرِها ... وُجُوهاًن لأَنْتُمْ في الوُجُوهِ عُيونُ
كما لَيْسَ يَخْفَى الفَضْلُ أَيْنَ مَكانُهُكذا لَيْسَ يَخْفَى الفَضْلُ أَيْنَ يَكُونُ
قال
أبو العتاهية
إِنِّي أَمِنْتُ من الزَّمانِ ورَيْبِهِ ... لمَّا عَلِقْتُ من الأَمِير حِبالا
لو يَسْتَطِيعُ النَّاسُ مِنْ إِجْلالِهِ ... تَخِذُوا له حُرَّ الوُجُوه نِعالا
إِنَّ المَطايا تَشْتَكِيكَ لأَنَّها ... قَطَعَتْ إِليكَ سَباسِباً ورِمالا
فإِذا وَرَدْنَ بنا وَرَدْنَ خَفائِفاً ... وإِذا صَدَرْنَ بنا صَدَرْنَ ثِقالا
قال
منصور النميري
من شعراء الدولة العباسية
إِنَّ المَكارِمَ والمَعْرُوفَ أُوْدِيَةٌ ... أَحَلَّكَ اللّهُ مِنْها حيثُ تَجْتَمِعُ
إِذا رَفَعْتَ امرءًا فاللّهُ رافِعُهُ ... ومَنْ وَضَعْتَ مِن الأَقْوامِ يَتَّضِعُ
يَقْظانُ لا يَتَعايا بالخُطُوبِ إِذا ... نابَتْ، ولا يَعْتَرِيهِ الضِّيقُ والزَّمَعُ
لَيْلٌ مِن النَّقْعِ لا شَمْسٌ ولا قَمَرٌ ... إِلاَّ جَبِينُكَ والمَذْرُوبَةُ الشُّرُعُ
مُسْتَحْكِمُ الرَّأْيِ، مُسْتَغْنٍ بوَحْدَتِهِعن الرِّجالِ، بِرَيْبِ الدَّهْرِ مُضْطَلِعُ
إِنْ أَخْلَفَ القَطْرُ لَمْ تُخْلِفْ مَخايِلُهُأَوْ ضاقَ أَمْرٌ ذَكَرناهُ فَيَتَّسِعُ
لَمَّا أَخْذتُ بكَفِّي حَبْلَ طاعَتِهِ ... أَيْقَنْتُ أَنِّي مِن الأَحْداثِ مُمْتَنِعُ
مَن لَمْ يَكُنْ بأَمِين اللّهِ مُعْتَصِماً ... فلَيْس بالصَّلَواتِ الخَمْسِ يَنْتَفِعُ
قال
جرير بن عطية بن الخطفي
أَمِيرُ المُؤْمِنينَ على صِراطٍ ... إِذا اعْوَجَّ المَوارِد مُسْتَقِيمِ
وَلِيُّ الحَقِّ حِينَ يَؤُمُّ حَجّاً ... صُفُوفاً بَيْنَ زَمْزَمَ والحَطِيمِ
يَرَى لِلْمُسْلِمِين عَلَيْه حَقّاً ... كَفِعْل الوالِدِ الرَّؤُوفِ الرَّحيمِ
إِذا بَعْضُ السِّنينَ تَعَرَّقَتْنا ... كَفَى الأَيْتامَ فَقْدَ أَبِي اليَتِيم
فيا أَيْنَ المُطْعِمِينَ إِذا شَتَوْنا ... ويا أَيْنَ الذَّئِدِينَ عن الحَرِيم
قال
الفرزدق همام بن غالب
فَلأَمْدَحَنَّ بَنِي المُهَلَّبِ مِدْحَةً ... غَرَّاءَ ماهِرَةً على الأَشْعارِ
مِثْلَ النُّجُومِ أَمامَها قَمْرَاؤُها ... تَجْلُو الدُّجَى وتُضِيءُ لَيْلَ السَّارِي
وَرِثُوا الطِّعانَ عن المُهَلَّبِ والقِرَى ... وخَلائِقاً كَتَدفُّقِ الأَنْهارِ
وإِذا الرِّجالُ رَأَوْا يَزيدَ رَأَيْتَهُمْ ... خُضُعَ الرِّقابِ نَواكِسَ الأَبْصارِ
مَلِكٌ عليه مَهابَةٌ المُلْكِ الْتَقَى ... قَمَرُ السَّماءِ وشَمْسُ كُلِّ نَهارِ
ما زالَ مُذْ عَقَدَتْ يَداهُ إِزارَهُ ... فسَما فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأَشْبارِ
يُدْنِي خَوافِقَ مِن خَوافِقَ تَلْتَقِي ... في ظِلٍّ مُعْتَبَطِ الغُبارِ مُثارِ
قال
أبو الشغب العبسي
في ولده رباط
وتروى للأقرع بن معاذ العامري
رَأَيْتُ رِباطاً، حِينَ تَمَّ شَبابُهُ ... وَوَلَّى شَبابِي، لَيْسَ ي بِرِّهِ عَتْبُ
إِذا كانَ أَوْلادُ الرِّجالِ حَزازَةً ... فأَنْتَ الحَلالُ الحُلْوُ والبارِدُ العَذْب
لنَا جانِبٌ مِنْه دَمِيثٌ، وجانِبٌ ... إذا رامَهُ الأَعْداءُ مَرْكَبُهُ صَعْبُ

وتَأَخُذُهُ عِنْدَ المَكارمِ هِزَّةٌ ... كما اهْتَزَّ تَحْتَ البارِح الغُصُنُ الرَّطْبُ

قال
سلم الخاسر
أَبْلِغْ الفِتْيانَ مَأْلَكَةً ... إِنَّ خَيْرَ الوُدِّ ما نَفَعا
إِنَّ قَرْماً مِن بَنِي مَطَرٍ ... أَتْلَفَتْ كَفَّاهُ ما جَمعا
كُلَّما عُدْنا لِنائِلِهِ ... عادَ في مَعْرُوفِهِ جَذَعا
قال
أبو النجم العجلي
إِنَّ الأَعادِيَ لن تَنالَ رِماحَنا ... حتَّى تُنالَ كَواكِبُ الجَوْزاءِ
كَمْ في لُجَيْمٍ مِن أَغَرَّ كَأَنَّهُ ... صُبْحٌ يَشُقُّ طَيالِسَ الظَّلْماءِ
قال
سحبان وائل
في طلحة الطلحات
يا طَلْحَ أَكْرَمَ مَنْ مَشَى ... حَسَباً وأَعْطاهُمْ لِتالِدْ
مِنْكَ العَطاءُ فأَعْطِنِي ... وعَلَيَّ مَدْحُكَ في المَشاهِدْ
قال
عمرو القنا
بن عميرة العنري من بني تميم
إِذا النُّجُومُ بصُرّادِ اللِّحَى خُضِبَتْشَهرَيْ رَبِيعٍ، ومَجَّ النَّضْرَةَ العُودُ
واسْتَوْحَشَ الجُودُ في أَزْمِ الشِّتاءِ فَفِي ... نادِيهمُ الحَزْمُ والأَحلامُ والجُودُ
ما مِثْلَهُمْ بَشَرٌ عندَ الحُروبِ إِذا ... قالَ المُحَرِّضُ عن أَحْسابِكُمْ ذُودُوا
القائِلِينَ، إِذا هُمْ بالقَنا خَرَجُوا ... مِن غَمْرَةِ المَوْتِ في حَوْماتِها: عُودُوا
عادُوا، فَعادُوا كِراماً لا تَنابلَةً ... عِندَ اللِّقاءِ ولا رُعْشٌ رَعادِيدُ
قال
عبيد بن العرندس
الكلابي جاهلي
هَيْنُونَ لَيْنُونَ، أَيْسارٌ ذَوُو كَرَمٍ ... سُوَّاسُ مَكرُمَةٍ أَبْناءُ أَيْسَارِ
إِن يُسْأَلُوا الخَيْرَ يُعْطُوهُ، وإِن خُبِرُوافي الجَهْدِ أُدْرِكَ مِنهُمْ طِيبُ أَخبارِ
وإِنْ تَوَدَّدْتَهُمْ لانُوا، وإِن شُهِمُوا ... كَشَفْتَ آسادَ حَرْبٍ غَيْرَ أغْمارِ
فِيهِمْ ومِنْهُمْ يُعَدُّ المَجْدُ مُتَّلِداً ... ولا يُعَدُّ نثا خِزْيٍ ولا عارِ
لا يَنْطِقُونَ عن الفَحْشاءِ إِنْ نَطَقُوا ... ولا يُمارُونَ إِنْ مارَوْا بإِكْثارِ
مَن تَلْقَ مِنْهُمْ، تَقُلْ: لاقَيْتُ سَيِّدَهُمْمِثْلَ النُّجُوم التي يَسْرِي بها السَّارِي
قال
أبو الشيص محمد بن زر
بن الخزاعي
كَرِيمٌ يَغُضُّ الطَّرْفَ فَضْلَ حَياتِهِ ... ويَثْنُو وأَطْرافُ الرِّماحِ دَوانِ
وكالسَّيْفِ إِنْ لايَنْتَهُ لانَ مَتْنُهُ ... وحَدَّاهُ، إِنْ خاشَنْتَهُ، خَشِنانِ
قال
يحيى بن زياد الحارثي
تَخالُهُمُ لِلْحِلْمِ صُمّاً عن الخَنا ... وخُرْساً عن الفَحْشاءِ عندَ التَّهاجُرِ
ومَرْضَى إِذا لاقَوْا حَياءً وعِفَّةً ... وعندَ المَنايا كاللُّيُوثِ الخَوادِرِ
لَهُمْ ذُلُّ إِنْصافٍ ولَيِنُ تَواضُعٍ ... بِهِمْ ولَهُمْ ذَلَّتْ رِقابُ المَعاشِرِ
كأَنَّ بهمْ وَصْماً يَخافُونَ عَيْبَهُ ... وما وَصْمُهُمْ إِلاَّ اتِّقاءُ المَعايِرِ
قال
آخر
فَتىً لا تَراهُ الدَّهْرَ إِلاَّ مُشَمِّراً ... لِيُدْرِكَ ثَأْراً أَو لِيُرْغِمَ لُوَّا
تَبَسَّمَتِ الآمالُ عن طِيبِ ذِكْرهِ ... وإِنْ كانَ يُبْكِيها إِذا ما تَجَهَّما
قال
ذو الرمة
أَنْتَ الرَّبِيعُ إِذا ما لَمْ يَكُنْ مَطَرٌوالسَّائِسُ الحازِمُ المَفْعُولُ ما أَمَرا
ما زِلْتَ في دَرَجاتِ العِزِّ مُرْتَقِياًتَسْمُو وَيَنْمِي بِكَ الفَرْعانِ مِن مُضَرا
حتَّى بَهَرْتَ فَما تَخْفَى على أَحَدٍ ... إِلاَّ على أحَدٍ لا يَعْرِفُ القَمَرا
حَلَلْتَ مِن مُضَرَ الحَمْراءِ ذِرْوَتَها ... وباذِخَ العِزِّ مِن قَيْس إِذا هَدَرا
قال
آخر

أقسام الكتاب
1 2 3