كتاب : المستجاد من فعلات الأجواد
المؤلف : القاضي التنوخي

حدث الأصمعي قال: لقيت أعرابياً نظيف الثياب حسن الوجه في بعض البادية، فقلت يا أعرابي من أين تأكل؟ فقال لي: لو اتكلت على أن آكل من حيث أعلم لطال جوعي.

نكتة
دخلت ليلى الأخيلية على الحجاج فقال لها: أنشديني أظرف ما استظرفت لتوبة بن الحمير فقالت: إن أظرف ما استظرفت له:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... علي وفوقي جندل وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح
ولقد مررت أيها الأمير على قبره فسلمت عليه فسمعت ذلك الصوت من القبر. فقال لها بعض جلساء الحجاج: إنما أسمعك ذلك الشبق. فقالت: أيها الأمير أتأذن لي في هذا أن أكلمه، فقال لها شأنك، فقالت: يا فتى هل رأيت توبة قط؟ قال لا، قالت: أما والله لو كنت رأيته لتمنيت أن لا يبقى في دارك عذراء إلا أصبحت حاملاً منه، فكأنما ألقمته حجراً.
نكتة
أهدى المعلى إلى المعتمر مرآة فقال له: كيف وقعت على مرآة؟ قال:كلما رأيت وجهك الحسن فيها ذكرتني فأمر له بمال.
نكتة
قال اجتمع قوم بباب الأوزاعي يتذاكرون، وأعرابي من كلب ساكت، فقال له الرجل: بحق ما سميتم خرس العرب. فقال: يا هذا أما علمت أن لسان الرجل لغيره وسمعه له.
نكتة
قال المبرد: قال لي عمارة " بن عقيل " قال لي عبد الله بن أبي السمط: يا عمارة أما علمت أن المأمون لا يبصر الشاعر. فقلت له: ومن أبصر منه فيه، إنا لننشده البيت فيسبقنا إلى عجزه من غير أن يكون سمعه، فقال: إني أنشدته بيتاً أجدت فيه فلم يحركه. قلت وما هو؟ قال:
أضحى أمام الهدى المأمون مشتغلاً ... بالدين والناس بالدنيا مشاغيل
فقلت: ما صنعت شيئاً، ما زدت على أن جعلته عجوزاً في محرابها سبحتها في يدها، فمن يقوم بأمر الدنيا إذا كان مشغولاً عنها وهو المطوق لها. ألا قلت كما قال " عمك " جرير في عبد العزيز بن مروان:
فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه ... ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله
نكتة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لامرأة: والله لأسوءنك. قالت: والله ما أنت على ذلك بقادر. قال: وكيف؟ قالت: أتستطيع أن تنزع عني الإسلام؟ قال: لا. قالت: فما يسوءني غيره.
نكتة
قال: أمر الرشيد يحيى بن خالد بهدم إيوان كسرى فقال له: لا تهدم بناء دل على فخامة بانيه، وإنكم أزلتم ملكه، وأوهنتك أمره فقال له: غششت يا مجوسي ثم أمر بنقضه. ثم فكر الرشيد فقدر لهدمه نفقة استكثرها فكف. فقال له يحيى: لم يحسن بك أن تهدم. فإذا بيت فكيف يحسن بك أن تعجز عن هدم شيء بناه غيرك والهدم أيسر من البناء فعلم نصحه.
نكتة
قال رجل للأحنف: أخبرني الثقة عنك بسوء. قال: الثقة لا ينم
نكتة
قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم: أليس لم تزل نبياً؟ قال: بلى قالوا: فلم لم تنطق في المهد كما نطق عيسى. قال: إن الله خلق عيسى من غير فحل فلولا أنه نطق في المهد لما كان لمريم عذر إذ أخذت بما يؤخذ به غيرها، وإنما ولدت من أبوين.
نكتة
قيل للمسيح عليه السلام: لو دعوت الله عز وجل أن يرزقك حماراً يوقيك ويحمل رحلك. فقال: أنا أكرم على الله من أن يجعلني خادم حمار.
نكتة
قالت عائشة رضي الله عنها: ذبحنا شاة فتصدقنا به " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل بقي منها شيء فقلت: يا رسول الله ما بقي منها إلا كتفها، فقال: كلها بقي إلا كتفها.
نكتة
قال المأمون لأحمد بن يسوف: أن أصحاب الصدقات قد تظلموا منك، قال: والله يا أمير المؤمنين ما رضي أصحاب الصدقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله فيهم: ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون. فكيف يرضون عني؟ فضحك المأمون.
نكتة
قال هشام بن عبد الملك لزيد بن علي رضي الله عنهما: بلغني أنك تريد الحلافة ولا تصلح لها لأنك ابن أمة. فقال: قد كان إسماعيل ابن أمة وإسحاق بن حرة فأخرج الله من صلبه خير ولد آدم.
نكتة
قال رجل لعائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين متى أعلم إني محسن؟ قالت إذا علمت أنك مسيء قال: متى أعلم أني مسيء؟ قالت: إذا علمت أنك محسن.
نكتة

قيل لرقية: ما بال القراء أشبق الناس؟ قالت لأن الله أراد أن يعف نساؤهم. قيل: فما بالهم أحد الناس؟ قالت عز القرآن في صدورهم. قيل: فما بالهم أشد الناس تمسكاً بما في أيديهم؟ قالت لأنهم اكتسبوه من حله، فيكرهون أن يضيعوه إلا في حقه.

نكتة
قيل ليحيى بن خالد: غير حاجبك. قال: فمن يعرف أخواني القدماء؟
نكتة
قال بعضهم لهشام: أنا أقول بالاثنين. قال: فتقول أن أحدهما يخلق شيئاً لا يستعين عليه بالآخر قال: نعم. قال: فما تصنع بالاثنين واحد خلق كل شيء أصلح لك " فانقطع "
نكتة
قال عمرو بن العاص لعدي بن حاتم الطائي: متى فقئت عينك يا أبا طريف؟ قال: يوم طعنت في دبرك وأنت مول، يعني يوم صفين.
نكتة
دخل معن بن زائدة على المنصور فأسرع في المشي وقارب. فقال له المنصور: كبرت سنك يا معن. فقال: في طاعتك يا أمير المؤمنين. فقال: وإنك مع ذلك لجلد، قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين. قال: وإن فيك لبقية. قال: هي لك يا أمير المؤمنين.
نكتة
مرت امرأة بسعيد بن المسيب وقد أقيم ليضرب. فقالت: يا شيخ لقد أقمت مقام الخزي. فقال: من مقام الخزي هربت.
نكتة
قال الرشيد يوماً لشريك القاضي: يا شريك، آية من كتاب الله ليس لك ولا لقومك فيها شيء. قال: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: )وإنه لذكر لك ولقومك(، فقال شريك: وآية أخرى يا أمير المؤمنين ليس لي ولا لقومي فيها شيء. قال: وما هي؟ فقال: )وكذب به قومك وهو الحق(.
نكتة
اشتكى عبد الله بن صفوان ضرسه فأتاه رجل يعوده فقال له: ما بك؟ قال: وجع الضرس. فقال: أما علمت ما يقول إبليس؟ قال: يقول دواؤه الكسر. فقال عبد الله بن صفوان: إنما يطيع الشيطان أولياؤه.
نكتة
عرض بعض القواد أصحابه فمر به رجل معه سيف رديء، فقال له: ويحك ما هذا السيف؟ أما علمت أن الرجل بسيفه؟ فقال: أصلح الله الأمير إنما هي مأمورة. فقال: هذا مما أمر أن لا يقطع شيئاً فاستبدل به غيره.
نكتة
دخل المأمون على أم الفضل بن سهيل يعزيها في ابنها الفضل، فقال لها فيما قال: إنك لم تفقدي منه إلا رؤيته فلا تجزعي فأنا ولدك مكانه. فقالت: يا أمير المؤمنين إن أمرأً أفادنيك ولداً الجدير أن أجزع عليه.
نكتة
قال رجل لثمامة: لا تقدر أن تؤخر ما قدم الله ولا تقدم ما أخر الله. قال: هذا على ضربين إن أردت أن أصير رأس الحمار ذنبه فلا، وإن أردت أن أقدم معاوية على علي وقد أخره الله فنعم.
نكتة
قال رجل لهشام القرطي: كم تعد " قال: من واحد إلى ألف ألف أو أكثر قال: لم أرد هذا، قال: كم تعد " من السن؟ قال اثنين وثلاثين سناً ست عشرة من أعلى وست عشرة من أسفل. قال: لم أرد هذا، قال: كم لك من السنين؟ قال: والله ما لي فيها شيء، السنون كلها لله تعالى. قال: يا هذا ما سنك؟ قال: عظم، قال ابن كم أنت؟ قال ابن اثنين رجل وامرأة. قال: كم أتى عليك؟ قال: لو أتى علي شيء لقتلني. قال: فكيف أقول؟ قال: تقول كم مضى من عمرك.
نكتة
قال عبد الله بن جابر لقهرمان له: إلى أين يا هامان؟ قال: أبني لك صرحاً.
نكتة
قال عمر بن عبد العزيز لنعيم بن سلامة الحميري ممازحاً: قومك الذين قالوا: ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم. فقال نعيم: الذي قال قومك أشد يا أمير المؤمنين إذ اقلوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فتبسم عمر.
نكتة
قال بلال بن أبي بردة لابن أبي علقمة: إنما دعوتك لأسخر منك، قال ابن أبي علقمة لئن فعلت ذلك لقد سخر أحد الحكمين من الآخر.
نكتة
قال معاوية يوماً لأهل الشام، وعنده عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه: هل سمعتم قول الله عز وجل تبت يدا أبي لهب وتب " ما أغنى عنه. قالوا: نعم " فإن أبا لهب عم " هذا الرجل وأشار إلى عقيل " فقال عقيل: يا أهل الشام هل سمعتم قوله تعالى: )وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد(؟ قالوا: نعم. قال فإنها " عمة هذا الرجل وأشار إلى معاوية " .
نكتة

قيل: مر مبارك التركي بابن أيوب المكي وهو اقف بباب الجسر فقال: يا أبا أيوب كيف ترى هذا الفرص؟ قال: فارهاً. قال: ثم مروا قبل منارة السعودي فقال له أيوب: من أين أقبلت؟ فقال من القسر، ألك حاجة يا أبا أيوب؟ قال: نعم تلحق مباركاً فتعطيه السين وتأخذ الصاد.

نكتة
قال رجل لعقيل بن أبي طالب، وكان عجيب الجواب،: إن فيكم يا بني هاشم لجمالاً. فقال هو منا في الرجال ومنكم في النساء.
نكتة
وقال رجل من ولد أبي جهل لشريك: أكان علي يقنت في الفجر؟ قال: نعم ويلعن فيه أباك.
نكتة
قيل لأبي العالية الرياحي كيف أصبحت؟ قال على خلاف ما يحب الله، خلاف ما يحب الشيطان، وخلاف ما أحب " قيل له كيف ذلك؟ " قال: لأن الله يحب أن أطيعه ولا أعصيه، ولست كذلك. والشيطان يحب أن أعصي الله وأطيعه ولست كذلك، وأنا أحب أن لا أهرم وأفتقر. لا أموت ولست كذلك.
نكتة
قيل تكلم رجل بين يدي المأمون فهذر ثم قال: أأسكت يا أمير المؤمنين. فقال: وهل تكلمت؟
نكتة
وذكر المبرد أن رجلاً جاء إلى عامل البصرة، وكان هذا العامل قد ولاه المنصور الإجراء على القواعد من النساء اللواتي لا أزواج لهن وعلى العميان والأيتام. فقال له: أسألك أيها العامل أن تثبتي مع القواعد من النساء، فقال له أولئك نساء فكيف أثتبك فيهن؟ قال: ففي العميان قال: أما هذا فنعم، لأن الله عز وجل: فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. قال له: وتتفضل بإثبات ولدي في الأيتام. قال: وذلك أيضاً، من تسكن أنت أباه فهو يتيم. فانصرف وقد أثبت في العمي في الأيتام.
نكتة
قيل لابن عمران: المختار بن أبي عبيد يزعم أنه يوحى إليه. قال: صدق الله عز وجل، وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم.
نكتة
أرسل الحسن بن سهل إلى دينار بن عبد الله ما دينك؟ فبعث إليه: ما ظننت أن حياً يسأل عن هذه المسألة، وما ظننتها إلا لمنكر ونكير: ديني الإسلام وطاعة الأمير.
نكتة
قال رجل لا بن عقاب: أعلم فلاناً بشكري، قال: قل حتى أسمع.
نكتة
قال رجل لسعيد بن عبد الملك الكاتب: تأمر بشيئاً؟ قال: نعم بتقوى الله وبإسقاط ألف " شيء " .
نكتة
أمر النعمان بتقييد عدي بن زيد، فلما قيد ضحك، فقيل له: أتضحك وأنت مقيد؟ قال: فأنا أبكي من يحله.
نكتة
التقى رجلان قرشي وأنصاري، فصغر القرشي بالأنصاري، فقال: الأنصاري ممن أنت؟ قال: من قريش. قال: فإن قريشاً ثلاثة أصناف، صنف آوينا نصرنا، وصنف مننا عليهم، وصنف قتلنا فمن انت؟
نكتة
قيل تكلم رجل في مجلس ابن عباس فخلط. فقال ابن عباس: بكلام مثلك رزق الطير المحبة.
نكتة
قال رجل في مجلس ابن حنيفة: ما كذبت قط. فقال أبو حنيفة: أما نحن فشهدنا عليك بهذه.
نكتة
نظر الفرزدق إلى شيخ من اليمن فقال كأنه عجوز سبإٍ فقال اليماني: عجوز سبإٍ خير من عجوز قريش، هذه قالت: رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين، وتلك حمالة الحطب.
نكتة
استقبل عبد الملك أخاه عبد العزيز حين رجع من مصر على ألف جمل، فقيل له عبد الملك: على كم كانت البداءة؟ قال: على ثلاثمائة بعير فقال عبد الملك: ما عير أحق بأن يقال لها " أيتها العير إنكم لسارقون " من هذه.
نكتة
قال أتى عدي بن أرطأة وهو أمير البصرة، وكان أعرابي الطبع إلى إياس بن معاوية وكان القاضي يومئذ في مجلس حكمه. فقال: يا هناه أين أنت؟ قال: إياس بينك وبين الحائط. قال: فاسمع مني، قال: للاستماع جلست، قال: إني تزوجت امرأة، قال: بالرفاء والبنين. قال: وشرطت لأهلها ألا أخرجها من بيتهم، قال أوف لهم بالشرط. قال: وأنا أريد الخروج، قال: في حفظ الله. قال: فاقض بيننا قال: قد فعلت. قال: فعلى من قضيت؟ قال: على ابن عمك.
نكتة
قال المدائني: دخل عمرو بن العاص على معاوية وهو يتغدى. فقال: هلم يا عمرو، قال: هنيئاً يا أمير المؤمنين أكلت آنفاً. فقال: أما علمت يا عمرو أن من شراهة المرء أن لا يدع في بطنه مستزاداً لمستزيد. فقال: قد فعلت يا أمير المؤمنين، قال: ويحك فلمن أبقيته ألمن هو أوجب حقاً من أمير المؤمنين؟ فلا أراك إلا ضيعت حقاً لحق لعلك لا تدركه، فقال عمرو: وماذا لقيت منك يا معاوية ثم دنا فأكل.
نكتة

قال قوم من الخوارج لمحمد بن الحنفية: لم غر ربك أبوك في الحروب ولم يغرر بالحسن والحسين؟ قال: لأنهما عيناه وأنا يمينه، فهو يدفع عن عينيه بيمينه.

نكتة
سئل بعضهم عن حاله عند الوفاة فقال: ما حال من يريد سفراً طويلاً بغير زاد، ويقدم على ملك عادل بغير حجة، ويسكن قبراً موحشاً بلا أنيس.
نكتة
قيل تفاخرت قريش عند معاوية، والحسن بن علي رضي الله عنه عنده لا ينطق، فقال معاوية: ما يمنعك من الكلام يا أبا محمد فما أنت والله بكليل اللسان ولا مشوب الحسب؟ فقال: يا أمير المؤمنين والله ما ذكروا مكرمة ولا فضيلة إلا ولي محضها ولبابها، ثم أنشد:
فيم المراء وقد سبقت مبرزاً ... سبق الجواد من المدى المتنفس
نكتة
أتى مروان برجل أخذ عن ابن أخ له. فقال الرجل: كيف أؤخذ عن ابن أخي ولا علم لي بما صنع؟ فقال له مروان: أرويت الشعر قال: لا. قال: أو ما سمعت قول الشاعر.
جانيك من يجني عليك وقد ... تعدي الصحاح مبارك الجرب
فقال الرجل: لكن الله عز وجل يقول: )ولا تزر وازرة وزر أخرى(. فقال مروان: صدق الله وكذب مروان، خلوا عنه.
نكتة
قال دخل أبو العيناء ذات يوم على المتوكل فقال له المتوكل: قد اشتقتك يا أبا العيناء. فقال: يا أمير المؤمنين إنما يشتاق العبد مولاه والمولى متى أراد عبده استدعاه. قال: لم لا تكثر من زيارتنا؟ قال: سرق حماري يا أمير المؤمنين. قال وكيف سرق؟ قال: لم أكن مع اللص فأخبرك. قال: فلم لم تأتنا على غيره؟ قال: يمنعني من ذلك قلة يساري، ومنة العواري، وذلة المكاري. فقال له المتوكل: ما أحسن خصالك لولا سوء فيك. قال: يا أمير المؤمنين أنا خزانة الخير والشر، والله تعالى قد مدح وذم. فقال في مدحه: نعم العبد إنه أواب. وقال في ذمه: هماز مشاء بنميم. وقال الشاعر:
إذا لم أنا أمدح على الخير أهله ... ولم أذمم النكس اللئيم المذمما
ففيم عرفت الخير والشر باسمه ... وشق لي الله المسامع والفما
نكتة
حكي أن المأمون انفرد من عسكره فمر بحي من أحياء العرب،فنظر إلى صبي قائم يملا قربة وهو يصيح: يا أبت أدرك فاهاً، فقد غلبني فوهاً لا طاقة لي بفيها. قال فعجب المأمون من فصاحته على صغره فقال للصبي من أنت بارك الله فيك فتسمى له. ثم قال: فمن أنت؟ فقال: المأمون من بني آدم. فقال صدقت فمن أي بني آدم؟ قال: من خيارهم، قال: فأنت من العرب إذاً فمن أيها؟ قال: من خيارهم. قال فمن مضر إذاً فمن أيها؟ قال: من خيارهم. قال: فمن قريش ورب الكعبة فمن أيهم؟ فقلت: من خيارهم. قال: فمن بين هاشم والله فمن أيهم؟ قلت أنا من تحسده بنو هاشم كلهم. قال: فتباعد عني وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. قال المأمون: فأعجبني والله ذكاؤه فقلت له: أيما أحب إليك مائة دينار معجلة أو عشرة آلاف درهم مؤجلة؟ قال لست أبيع عاجلاً بآجل. فبينا نحن كذلك إذ خرج شيخ ضعيف من البيت فحاولت أخذ الصبي. فقال أنا شيخ فانٍ وله والدة مثلي في الكبر والضعف وما لنا جميعاً سواه فلا تحرمناه فأمرت له بمائة دينار وانصرفت.
نكتة
دخل بعض الشعراء على عبد الله بن طاهر فأنشده شعراً حسناً وبحضرته أعرابي فقال الشاعر: من الرجل؟ قال: من العجم. فقال الشاعر: ما للعجم والشعر غنما يقول الشعر العرب ولا يقوله من العجم إلا من نزا على أمه عربي قال له الأعجمي: فمن لم يقل الشعر منكم فقد نزا على أمه أعجمي فأفحمه.
نكتة
دخل شريك القاضي على المهدي فقال له الربيع: خنت مال الله أيها الشيخ ومال أمير المؤمنين، قال له شريك: لو كان ذلك لأتاك سهمك.
أقسام الكتاب
1 2