كتاب : المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد، ابن تيمية الحراني

ابن لوصية النصيب فتجتمع أربعة وثلاثة أخماس فإذا بسطتها ليزول الكسر صحت كما قدمنا وإن شئت ضربت مخرج كل وصية في مخرج الأخرى يكن هنا أربعة وعشرين ألق منها واحدا أبدا فإن الباقي هو المال ثم انقص من مخرج الوصية بالجزء واحدا أبدا يبقى خمسة هي النصيب.
وإذا أوصى له بنصيب ابن إلا ربع المال وبنوه ثلاثة فقد فضل عليه كل ابن بالربع فخذ لكل ابن ربعا يبقى ربع اقسمه بينه وبينهم فيخرج له نصف ثمن وهو سهم من ستة عشر ولكل ابن خمسة.
ولو قال: إلا ربع الباقي بعد الوصية فالباقي بعدها ثلاثة أنصباء فألق ربعها من النصيب يبقى ربعه هو الوصية زده على أنصباء البنين وابسط الكل أرباعا تصح من ثلاثة عشر.
ولو قال إلا ربع الباقي بعد النصيب فالباقي بعده مال إلا نصيبا زد عليه ربعه وعادل به ثلاثة أنصباء يخرج خمسة أموال تعدل سبعة عشر نصيبا فاقلب وحول بأن تجعل المال سبعة عشر والنصيب خمسة فتكون الوصية اثنين.
ولو أوصى بثلثي ماله لوارث وأجنبي فرد على الوارث فالثلث كله للأجنبي ولو أجازوا للوارث وحده فله الثلث فالثلث بينهما وهل للأجنبي الثلث أو السدس فيه الوجهان.
وإذا أوصى لرجل بمائة ولآخر بتمام الثلث على المائة ولثالث بثلث ماله فلم تجز الورثة فإن جاوز ثلثه مائتين فقيل لكل وصية نصفها.
وقال القاضي: لصاحب الثلث نصفه ولصاحب المائة مائة ولصاحب التمام نصف ما فوق المائتين وهو الصحيح وإن جاوز الثلث مائة ولم يجاوز مائتين فعلى الأول لكل وصية نصفها يعادل الأول لكل وصية.
وقال القاضي: لصاحب الثلث نصفه ونصف الآخر كله لصاحب المائة دون صاحب الإتمام مع المعادة به.

وعندي تبطل وصية التمام ههنا ويقتسم الآخران الثلث كأن لا وصية لغيرهما كما إذا لم يجاوز الثلث مائة.
وإذا أوصى لرجل بعبد ولآخر بتمام الثلث عليه فمات العبد قبل الموصي قومت التركة بدونه ثم ألقيت قيمته من ثلثها فما بقي فهو لوصية التمام.

باب الموصى إليه

باب الموصى إليه
لا تصح الوصية إلا إلى عاقل بالغ عدل وإن كان رقيقا أو امرأة ويشترط إسلامه إلا أن يكون الموصي كافرا ففيه وجهان.
فإن وجدت هذه الشروط عند الموت دون الوصية فعلى وجهين [الصحيح الصحة] وعنه تصح الوصية إلى المراهق وإلى الفاسق ويضم إليه أمين.
ولا يصح أن يوصى إلا في معلوم له فعله كقضاء الديون ورد الودائع والغصوب وتفرقة الثلث والنظر لأطفاله وتزويج مولياته ويقوم الوصي مقامه في الإجبار وعدمه وعنه لا تصح الوصية بالنكاح وقال ابن حامد إن كان لها عصبة لم تصح الوصية بنكاحها وإلا فتصح.
ولو أوصى إليه باستيفاء ديونه والورثة بلغ حضر أو غيب لم تصح.
وللموصى إليه قبول الوصية قبل موت الموصي وبعده وعزل نفسه عنها فيهما إذا وجد حاكما وعنه ليس له عزلها بعد الموت ولا قبله إذا لم يعلمه بذلك.
وللموصي عزله متى شاء.
وليس للعبد إذا أوصي إليه أو وكل أن يقبل إلا بإذن سيده.
ومن أوصى إلى رجل ثم بعده إلى آخر فهما وصيان إلا أن يقول قد عزلت الأول وليس لأحدهما أن يستقل بالتصرف إلا أن يجعل له ذلك ومن مات منهما أو جن أو فسق أبدل بأمين.
وإذا جحد الورثة دينا يعلم به الوصي أو بعض التركة الموصى بتفرقة ثلثها،

وتعذر إثباته فهل للوصي في الباطن قضاء الدين وتكميل الثلث من بقية التركة؟ على روايتين [الصحيح أن له ذلك].
وكذلك من كان لميت عليه دين فقضى به دينا يعلمه على الميت هل يبرأ في الباطن على الروايتين [الصحيح: أنه يبرأ في الباطن وفي الظاهر لا يبرأ].
ومن عليه لميت دين موصى به لمعين فله دفعه إليه وإن شاء إلى وصي الميت ولو كان ثم وصية غير معينة في دين لم يبرأ بدفعه إلا إلى الوارث والوصي جميعا.
وإذا احتيج إلى بيع شيء من العقار لقضاء دين أو نفقة للصغار وفي بيع بعضه ضرر فللوصي بيع الكل على الصغار والكبار إذا امتنعوا أو غابوا.
ومن أوصى لمولى عليه بمن يعتق عليه لزم وليه قبول الوصية إلا أن يكون بحيث تلزمه نفقته فلا يجوز له قبولها وإذا أوصى إليه بتفرقة الثلث ففرقه ثم ظهر على الميت دين مستغرق لم يضمن الوصي ما فرقه وعنه يضمن.
وإذا قال ضع ثلثي حيث شئت أو أعطه لمن شئت لم يجز له أخذه وله صرفه إلى ولده عندي ومنع منه أصحابنا.
ومن مات بموضع لا حاكم فيه ولا وصي كالمفاوز والقفار جاز لمن حضره من المسلمين حوز تركته وبيع ما يرى بيعه منها إلا أن أحمد قال في الجواري أحب إلي أن يلي بيعهن حاكم.
قال القاضي: هذا منه على طريق الاختيار.
ومن أوصى بوصايا ولم يجعل له وصيا أو مات عن واجب كزكاة وحج وغيرهما: فالورثة في تنفيذه كوصية لو كان نص عليه.

كتاب الفرائض
مدخل

كتاب الفرائض
الأسباب المثبتة للإرث ثلاثة لا غير: نكاح ورحم وولاء عتق وعنه يثبت عند عدمهن بعقد الموالاة وإسلامه على يديه وبكونهما من أهل الديون ولا يحمل عليه.
والمجمع على توريثهم من الذكور عشرة الابن وابنه وإن سفل والأب وأبوه وإن علا والأخ من كل جهة وابن الأخ للأب من الأم والعم وابنه كذلك إلا من الأم والزوج والسيد المعتق.
ومن الإناث سبع البنت وبنت الابن والأم والجدة والأخت والزوجة والمعتقة.
وهم على أربعة أضرب:.
الأول : وارث بالفرض لا غير وهم خمسة الزوج والزوجة والأم والجدة وولد الأم.
فأما الزوج: فله من زوجته الربع إذا كان لها ولد أو ولد ابن والنصف مع عدمها.
وللزوجة منه واحدة كانت أو أكثر الثمن مع ولده أو ولد ابنه والربع مع عدمهما.
وأما الأم: فلها السدس مع الولد أو ولد الإبن أو الاثنين فصاعدا من الإخوة والأخوات ولها فيما عدا ذلك الثلث إلا في مسألتين وهما زوج وأبوان أو زوجة وأبوان فإن لها ثلث الباقي بعد فرض الزوجة فيهما وقد روى عنه أنها ترث مع الفرض بالتعصيب إذا كانت ملاعنة وسيأتي ذكره.
وأما الجدات فلا يرثن إلا مع فقد الأم ولا يرث منهن إلا أم الأم وأم الأب وأم الجد وإن علون أمومة.

وفرض الواحدة وما فوقها السدس إذا تحاذين وإلا فهو لأقربهن وعنه أن البعدى من جهة الأم تشارك القربى من جهة الأب.
والجدات المتحاذيات مثل: أم أم أم أم وأم أم أم أب وأم أم أبي أب ولا يرث منهن جملة فوق ثلاث وترث الجدة مع ابنها بأبي الميت أو جده وعنه لا ترث.
فعلى هذه إذا كان مع الأب وأمه أم أم فلها السدس كاملا وقيل: نصفه معادة لها من الأب بأمه وكذلك الوجهان لو كان معهما أم أم أم إلا أن تسقط البعدى بالقربى فلا يكون لها شيء وعلى القول بالمعادة وتورث الجدة ذات القرابتين بهما وعنه بأقواهما.
وأما ولد الأم: فلا يرثون إلا مع عدم العصبة الولد وولد الابن والأب والجد وللواحد منهما السدس ذكرا كان أو أنثى وللإبنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية.
الضرب الثاني : الوارث بالفرض وله تعصيب بغيره وهو أربعة البنات وبنات الإبن والأخوات من الأبوين والأخوات من الأب فهؤلاء لا يفرض لهن مع إخوتهن ولا لبنات الإبن أيضا مع ابن عمهن بل يقتسمون ما ورثوا للذكر مثل حظ الانثيين فإن عدم فللبنت الواحدة النصف وللبنتين فصاعدا الثلثان وبنات الإبن بمنزلة البنات إذا لم يكن معهن بنات فإن كان معهن بنت واحدة فلهن معها السدس واحدة كانت أو أكثر تكملة للثلثين.
وإذا استكمل البنات الثلثين سقط بنات الابن وكذلك إذا استكملهما بنت وبنات ابن سقط بنات ابن الابن إلا أن يكون فيهن أو بإزائهن أو أسفل منهن ذكر من بني الابن فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين ولا يعصب من أسفل منه بحال.

وفرض الأخوات من الأبوين كفرض البنات إذا لم يكن بنات والأخوات من الأب مثلهن عند عدمهن ومعهن كبنات الابن مع البنات لكن لا يعصبهن من أسفل منهن بحال والأخوات مع البنات عصبة يرثن ما فضل كالإخوة ولهن تعصيب بالجد يذكر في موضعه.
ولا يرث ولد الإبن مع الإبن بحال ولا ولد الأبوين أو الأب مع ثلاثة الأب والإبن وابنه وإن نزل.
ولا يرث ولد الأب مع الأخ للأبوين.
الضرب الثالث: ذو فرض هو عصبة بنفسه وهو الأب والجد.
فأما الأب فليس له مع ذكور الولد إلا السدس فرضا وله مع إناث الولد السدس فرضا والفاضل عن الفروض بالتعصيب وهو مع عدم الولد وولد الابن عصبة لا غير.
وأما الجد: فلا يرث إلا مع فقد الأب وهو كالأب في أحواله الثلاثة وله حال رابع مع الإخوة والأخوات للأبوين أو للأب فيقاسمهم بمنزلة أخ إلا إذا كان الثلث أحظ له فإنه يعطاه والباقي لهم فإن كان معهم ذو فرض أعطى فرضه ثم للجد الأحظ من المقاسمة أو ثلث الباقي أو سدس جميع المال فإن لم يفضل عن الفروض غير السدس أعطيه وسقط من معه منهم إلا في الأكدرية وهي زوج وأم وأخت وجد للزوج النصف وللأم الثلث وللأخت النصف وللجد السدس لم يقسم قسم الأخت والجد وهو أربعة من تسعة بينهما على ثلاثة فتصح من سبعة وعشرين للزوج تسعة وللأم ستة وللجد ثمانية وللأخت أربعة ولا فرض يبتدأ للأخت مع الجد ولا عول في مسائلهما إلا في هذه المسألة.
وإذا كان أم وأخت وجد فللأم الثلث والباقي للجد والأخت أثلاثا وتسمى الخرقاء لكثرة أقوال الصحابة رضي الله عنهم فيها.
وولد الأب كولد الأبوين في مقاسمة الجد إذا انفردوا فإن اجتمعوا عاد ولد

الأبوين الجد بولد الأب ثم أخذوا منهم قسمهم إلا أن يكون ولد الأبوين أختا واحدة فيتمم لها النصف وما فضل لهم ولا يقع ذلك في مسألة فيها فرض غير السدس.
فإذا كان جد وأختان من جهتين: فالمال بينهم على أربعة ثم تأخذ التي للأبوين قسم الأخرى ولو كان معهم أخ لأب فللجد الثلث وللتي من الأبوين النصف ويبقى للأخ وأخته السدس ويصح من ثمانية عشر فإن كان معهم أم فلها السدس وللجد ثلث الباقي وللأخت للأبوين النصف والباقي لهما ويصح من أربعة وخمسين وتسمى مختصرة زيد ولو كان معهما أخ آخر من أب صحت من تسعين وتسمى تسعينية زيد.
الضرب الرابع: عصبة بنفسه لا يرث بفرض بحال وهم بقية من سمينا وإرث العصبة مختص بأقربهم فيسقط من بعد منهم.
وأقرب العصبات بأنفسهم: الإبن ثم ابنه وإن نزل ثم الأب ثم الجد وإن علا والأخ إلا من الأم وقد بينا حكم اجتماعهما ثم بنو الأخوة وإن نزلوا ثم العم إلا من الأم ثم بنوه كذلك ثم أعمام الأب ثم بنوهم كذلك ثم على هذا أبدا لا يرث بنو أب أعلى من بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم.
وأولى ولد كل أب أقربهم إليه فإن استووا فمن كان لأبوين فهو أولى ممن كان لأب حتى في أخت لأبوين وأخ لأب مع البنت.
وإذا لم يبق عصبة من النسب ورث المعتق ثم عصبته من النسب ثم من الولاء ثم أهل الرد ثم ذوو الأرحام ثم بيت المال.
وقد روي عنه تقديم الرد والرحم على الولاء والعمل على الأول.
وإذا انفرد العصبة أخذ المال فإن كان معه ذو فرض بدئ به وما فضل فللعصبة فإن لم يفضل شيء سقط العصبة كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة

لأب: للزوج النصف وللأم السدس ولولد الأم الثلث وسقط ولد الأب.
ولو كانوا ولد أبوين فكذلك وتسمى المشتركة والحمارية.
ولو كان مكانهم أخوات لأبوين أو لأب عالت إلى عشرة وتسمى ذات الفروخ.
وإذا كان بعض بني العم زوجا أو أخا لأم أخذ فرضه وشارك من بقي في تعصيبه.
ومن انقطع نسبه من الأب لكونه منفيا بلعان أو ولد زنا أو استلحقته امرأة دون زوجها وألحقناه بها ورثت أمه وذو الفروض منهم فروضهم فكان عصبته بعد ذكور ولده عصبة أمه اختارها الخرقي وعنه أن أمه عصبته فإن لم تكن فعصبتها وعنه إن كان له ذو فرض رد عليهم وإن لم يكن ذو فرض بحال فعصبته عصبة أمه حكاها القاضي.
فعلى هذه: إذا خلف أما وبنتا وخالا فالباقي بعد سدس الأم ونصف البنت رد عليهما وعلى الثانية هو للأم وعلى الأولى هو للخال.
ولو خلف الأم ومولاها فالباقي بعد ثلث الأم لمولاها على الأولى ولها على الثانية والثالثة وقد تضمنت الثالثة تقديم الرد على الولاء.
وإن خلف خالا وخالة أو خالا ومولى أم فالمال للخال رواية واحدة.
وإن مات ابن ابن ملاعنة عن أمه وجدته الملاعنة فالباقي بعد ثلث الأم للملاعنة على الثانية وأما على الأولى والثالثة فالكل للأم.
وإذا مات ابن عتيق الملاعنة عن الملاعنة وعصبتها فقيل المال لعصبتها على الروايات والأصح أنه لها على الثانية نص عليه في رواية ابن القاسم.
وإذا أسلم مجوسي له قرابتان أو حاكم إلينا ورثناه بهما وعنه بأقواهما وكذلك المسلم يطأ ذات محرم بشبهة فيولدها.
فإذا خلف أمه وهي أخته من أبيه وعما ورثت الثلث بالأمومة،

والنصف بكونها أختا والباقي للعم فإن كان معها أخت أخرى لم ترث بالأمومة إلا السدس إذ قد انحجبت بنفسها وبالأخرى.
ولا يورث كافر بنكاح ذات محرم ولا بنكاح لا يقر عليه لو أسلم.

باب أصول المسائل والفروض وبيان العول والرد

باب أصول المسائل والفروض وبيان العول والرد
الفروض ستة : نصف وربع وثمن وثلثان وثلث وسدس.
فإذا كان في المسألة نصف وما بقي أو نصفان فقط فأصلهما من اثنين وإذا كان فيها ثلث وثلثان أو أحدهما فهي من ثلاثة وإن كان فيها ربع فقط أو معه نصف فهي من أربعة فإن كان ثمن وحده أو معه نصف فمن ثمانية فهذه أربعة أصول لا تعول ولنا ثلاثة أصول قد تعول.
فإذا كان مع النصف سدس أو ثلث أو ثلثان فهي من ستة وتعول إلى سبعة وثمانية وتسعة وعشرة ولا تجاوزها.
وإن كان مع الربع سدس أو ثلث أو ثلثان فهي من اثنى عشر ولا تعول إلا إلى ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر.
وإذا كان مع الثمن سدس أو ثلثان فأصلها من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين لا غير وتسمى المخيلة لقلة عولها والمنبرية لقول علي رضي الله عنه فيها على المنبر صار ثمنها تسعا.
وإذا لم تستغرق الفروض المال ولم تكن عصبة رد الفاضل على ذوي الفروض على قدرها في الصحيح عنه إلا على الزوج والزوجة.
فإن كان من يرد عليه واحدا فله المال كله وإن كان جماعة من جنس واحد كبنات أو جدات اقتسموه كالعصبة.
وإن اختلف الجنس فهل عدد سهامهم من أصل ستة أبدا يكن أصل مسألتهم.

فإذا كان سدسان كجدة وأخ لأم فهي من اثنين وإن كان سدس وثلث كأم وأخ لأم فهي من ثلاثة.
وإن كان نصف وسدس كأم وبنت فهي من أربعة.
وإن كان نصف وثلث كأخت وأم أو نصف وسدسان كثلاث أخوات متفرقات أو ثلثان وسدس كبنات وأم فهي من خمسة.
فهذه أربعة أصول لا غير لأهل الرد إذا انفردوا.
فإن كان معهم أحد الزوجين فاجعل فرضه كوصية مع ميراث واعمل كما قدمنا في الوصايا.
فعلى هذا إذا كان زوج ومسألة أهل الرد من اثنين أو زوجة ومسألتهم من ثلاثة صارت المسألة من أربعة.
وإن كان زوجة ومسألتهم من اثنين صارت من ثمانية.
وإن كان الربع لأحدهما ومسألتهم من أربعة صارت من ستة عشر.
وإن كان للزوجة الثمن ومسألتهم من أربعة صارت من اثنين وثلاثين.
وإن كان الثمن ومسألتهم من خمسة صارت من أربعين.
فهذه خمسة أصول لهم مع أحد الزوجين لا يتصور غيرها.
ومن انكسرت مسألته منهم صححت على ما سنذكره وإن شئت صححت مسألة الرد وحدها أولا ثم زدت عليها لنصف الزوجية مثلها وللربع مثل ثلثها وللثمن مثل سبعها تكن الزيادة فرض الزوجية ثم إن كان معك كسر بسطت الكل من مخرجه لإزالته.

باب تصحيح المسائل وعمل المناسخات وقسمة التركات
باب تصحيح المسائل، وعمل المناسخات وقسمة التركات.
إذا لم تنقسم سهام فريق من الورثة عليهم قسمة صحيحة فاضرب عددهم إن باين سهامهم أو وفقه إن وافقها بجزء من الأجزاء كالثلث والربع ونحوه في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة فما بلغ فمنه تصح ويصير لواحدهم ما كان لجماعتهم أو وفقه.
وإن كان الكسر على فريقين أو أكثر وتماثلت بعد اعتبار موافقتها السهام كخمسة وخمسة اكتفيت بأحدهما.
وإن تناسبت بأن كان الأقل جزءا واحدا من الأكثر كنصفه أو عشره اكتفيت بأكثرها ثم ضربته في المسألة.
وإن تباينت كخمسة وستة وسبعة ضربت بعضها في بعض ثم المبلغ في المسألة وإن توافقت كستة وثمانية عشر أخذت اثنين منها فضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ثم وافقت بين المبلغ وبين الثالث وضربت وفق أحدهما في الآخر ثم في المسألة وعولها إن عالت فما بلغ فمنه تصح.
فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من أصل المسألة يضرب في العدد الذي ضربته في المسألة فما بلغ فهو له إن كان واحدا وإن كان جماعة قسمته بينهم.
وإذا مات بعض ورثة الميت قبل قسمة تركته وورثته يرثونه على حسب ما ورثوا الأول بعصبته لهما فاقسم إرثهم بين من بقي ولا تنظر إلى أول ميت وإن لم يكن كذلك فصحح مسألة الأول ثم اقسم سهام الثاني منها على مسألته فإن انقسمت صحت المسألتان مما صحت منه الأولى وإن لم تنقسم طلبت الموافقة بين سهامه ومسألته ثم ضربت وفق مسألته أو جميعها إن لم توافق في المسألة الأولى ثم كل من له شيء من الأولى مضروب في الثانية أو وفقها ومن له شيء من الثانية مضروب في سهام الميت الثاني أو وفقها.

مثاله: زوجة وثلاث أخوات مفترقات هي من ثلاثة عشر ماتت الأخت من الأبوين وخلفت مع أختيها عما فمسألتها من ستة كسهامها للعم منها سهمان ويصير للأخت من الأب خمسة وللأخت من الأم ثلاثة وثلاثة الزوجة بحالها فصحت المسألتان من ثلاثة عشر.
ولو خلفت الأخت مع أختيها ثلاثة أعمام لصحت مسألتها من ثمانية عشر وهي توافق سهامها بالسدس فتضرب سدس الثمانية عشر في الأولى تكن تسعة وثلاثين ولو خلفت مع أختيها زوجا لعالت مسألتها إلى سبعة وهي مباينة لسهامها فتضرب السبعة في الثلاثة عشر تكن أحدا وتسعين ومنها تصح المسألتان والقسمة كما سبق.
فإن مات ثالث جمعت سهامه كما صحت منه الأولتان وعملت فيها كعملك في مسألة الثاني مع الأول وكذلك تعمل في الرابع ومن بعده.
وإذا كان الموتى بعد الأول لا يرث بعضهم بعضا من تلاد ماله فقط كالغرقى فاجعل مسائلهم كأعداد انكسرت عليهم سهامهم وصحح كما قدمنا.
وإذا خلف الميت تركة معلومة وأردت قسمتها على مسألته فانسب منها نصيب كل وارث إن أمكنك ثم أعطه مثل تلك النسبة من التركة وإن شئت قسمت التركة على المسألة وضربت الخارج بالقسمة في سهام كل وارث يكن المرتفع حقه وإن شئت ضربت سهامه في التركة ثم قسمت المرتفع على المسألة فالخارج حقه.
وإن شئت في مسائل المناسخات قسمت التركة على المسألة الأولى ثم أخذت نصيب الثاني فقسمته على مسألته وكذلك الثالث ومن بعده ومتى توافقت المسألة والتركة فاقسم وفق التركة على وفق المسألة.
وإذا أردت القسمة على قراريط الدينار فاجعل عدد القراريط كتركة معلومة واعمل كما ذكرنا.

ولو كانت التركة سهاما من عقار كربع وخمس ونحوه فإن شئت أن تجمعها من قراريط الدينار وتقسمها كما قلنا وإن شئت طلبت الموافقة بينها وبين المسألة ثم ضربت المسألة أو وفقها في مخرج سهام العقار ثم كل من له شيء من المسألة تضربه في السهام الموروثة من العقار أو وفقها ومن له شيء من تركة الميت تضربه في مسألته أو وفقها.

باب ميراث ذوي الأرحام

باب ميراث ذوي الأرحام
وهم أولى من بيت المال إلا إذا لم نقل بالرد وهم كل نسب ليس بذي فرض ولا تعصيب ويورثون بالتنزيل فينزل ولد بنات الصلب وولد بنات الإبن وولد الأخوات كأمهاتهم وبنات الأخوة للأم وبنات الأعمام من الأبوين أو الأب وبنات بنيهم وولد الإخوة كآبائهم وأبو الأم والخال والخالة كالأم وأبو أم الأم وأخوها وأختها وأبو أم الأب وأخوها وأختها بمنزلتهما وأم أبي الجد كابنها والعم من الأم والعمات كلهن كالأب وعنه كالعم من الأبوين وعنه العمة لأبوين أو لأب كالجد.
فعلى هذه: العمة لأم والعم لأم كالجدة أمهما وعم الأب من الأم وعماته هل هم كالجدة أو كعم الأب من الأبوين أو كأبي الجد مبني على هذا الاختلاف.
فهؤلاء وكل مدل بنسب له فرض أو تعصيب ومن أدلى بهم متى انفرد أحدهم أخذ المال كله وإن اجتمعوا جعلت كل واحد منهم في إرثه وحجبه والحجب به كأقرب وارث إليه أدلى به سواء قرب منه أو بعد إلا أن يسبقه إليه أو إلى وارث آخر غيره وتجمعهما جهة الأبوة أو الأمومة أو البنوة فإنه يسقط بالسابق.
والبنوة كلها جهة واحدة وعنه أن كل ولد للصلب جهة وهي الصحيحة عندي وعنه ما يدل على أن كل وارث يدلي به جهة.

وقيل: الجهات أربع الثلاث المذكورة والأخوة وقيل: خمس بالعمومة فإذا كان ثلاث بنات عمومة مفترقين فالمال لبنت العم من الأبوين نص عليه.
وكذلك إن كان معهن بنت عمة.
ولو كان مع الجميع بنت أخ لأبوين أو لأب فالمال لها.
ويلزم من قال الجهات أربع أو خمس أو كل وارث جهة أن يسقط بنت الأخ وبنت العم للأبوين أو الأب ببنت العم من الأم وبنت العم من الأم وبنت العمة لكنا نزلناهما أبا وهو بعيد.
وإذا كان معك بنت بنت وبنتا بنت أخرى فلبنت البنت حق أمها النصف ولبنتي الأخرى مثله وإذا كن ثلاث بنات إخوة مفترقين فالسدس لبنت الأخ من الأم والباقي لبنت الأخ للأبوين كآبائهن.
وإذا كانت بنت بنت بنت وابن أخ لأم فالمال لها دونه تلغي السبق إلى الوارث لاختلاف الجهة.
وإذا كان خالة أب وأم أبي أم فالمال للثانية لأنها كالأم والأخرى كالجدة.
وإذا كانت بنت بنت بنت وبنت بنت ابن فالمال بينهما على أربعة إن قلنا كل ولد للصلب جهة وإن قلنا كلهم جهة فالمال للثانية لسبقها إلى الوارث.
ولو كان معهما بنت بنت بنت أخرى فالمال لولد بنتي الصلب على الأولى ولولد الابن على الثانية.
وإذا كانت بنت بنت وبنت بنت أخرى وبنت بنت ابن فعلي الأولى المال للأوليين وعلى الثانية هو بين الأولى والثالثة على أربعة.
وإذا كان عمة وابن خال فله الثلث ولها الثلثان فإن كان معهما خالة أم سقط بها ابن الخال فكان لها السدس والباقي للعمة على المذهب.

وإن قلنا كل وارث جهة فلا شيء للخالة والقسمة كما تقدم.
وإذا كانت خالة أم وخالة أب فالمال لهما بالسوية كجدتين فإن كان معهما أم أبي أم أسقطتهما عند من جعل كل وارث جهة وعلى المذهب تسقط دونهما.
وإذا كان ابن ابن أخت لأم وبنت ابن ابن أخ لأب فله السدس ولها الباقي ويلزم من جعل الأخوة جهة أن يجعل المال للبنت وهو بعيد جدا حيث يجعل أجنبيين أهل جهة واحدة.
وإذا أدلى جماعة بوارث واحد ولم يتفاضلوا بالسبق إليه فنصيبه بينهم على حسب ميراثهم منه لو ورثوه إذا أدلوا إليه بأنفسهم سواء اختلفت منازلهم منه كأخواته المفترقات أو إخوته المفترقين أو كأبيه وإخوته مثل أبي أم وخال وخالة أو تساوت منازلهم منه كأولاده أو إخوته غير المفترقين لكن يسوى بين ذكرهم وأنثاهم وعنه تفضيل الذكر إلا في ولد الأم وعنه التسوية إلا في الخال والخالة خاصة.
وإن كان إدلاؤهم إليه بواسطة إما متحدة مثل أولاد خال أو أبوي أم وإما متعددة مثل أولاد خال وأولاد خالة جعلت المدلين كميت ورثه الواسطة ثم الواسطة كميت ورثه المدلون به وفي تفضيل الذكر على الأنثى فيه الروايتان.
وإذا أدلى ذوو رحم بقرابتين ورث بهما.
ولا عول في مسائل ذوي الرحم إلا في أصل الستة فإنه يؤول إلى سبعة كخالة وست بنات وست أخوات مفترقات.
وإذا كان معهم أحد الزوجين أعطى فرضه بلا حجب ولا عول وقسم الباقي بينهم على مسألة انفرادهم نص عليه.
وقيل يقسم الباقي بينهم كما يقسم بين من أدلوا به فإذا خلف زوجة وبنت بنت وبنت أخ لأب فللزوجة الربع والباقي بينهما نصفين على المنصوص وتصح من ثمانية.

وعلى الثاني الباقي بينهما على سبعة لبنت البنت أربعة ولبنت الأخ ثلاثة وتصح من ثمانية وعشرين.

باب ميراث الحمل

باب ميراث الحمل
من مات عن ورثة فيهم حمل فطلب القسمة من لا يسقطه أعطي أقل ما يرث ووقف للحمل نصيب ذكرين إلا أن يكون نصيب ابنين أكثر فنقفه ولا يعطى من قد يسقطه الحمل شيئا فإذا وضع أعطي نصيبه ورد الباقي إلى مستحقه وإذا استهل المولود صارخا أو عطس أو أرتضع أو تنفس ورث وورث ولا يكفي مجرد الحركة والاختلاج.
وفيمن ظهر بعضه واستهل ثم انفصل باقيه ميتا روايتان.
وإذا ولدت توأمين فاستهل أحدهما وجهل عينه عين بالقرعة.
وإذا مات الكافر عن حمل منه لم يرثه لحكمنا بإسلامه قبل وضعه نص عليه وكذلك إن كان من غيره فأسلمت أمه قبل وضعه.

باب ميراث المفقود

باب ميراث المفقود
من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كتجارة وسياحة ونحوهما انتظر به تمام تسعين سنة من يوم ولد وعنه ينتظر أبدا بغير تقدير بل يجعل ذلك إلى اجتهاد الحاكم.
وقال ابن عقيل: ينتظر به تمام مائة وعشرين سنة من ولادته.
وإن كان ظاهرها الهلاك كمن فقد من بين أهله أو في مفازة مهلكة كالحجاز أو بين الصفين في الحرب أو في لجة البحر إذا غرقت سفينته ونجا قوم دون قوم انتظر به تمام أربع سنين فقط وعنه تمامهن مع أربعة أشهر وعشر ثم يجعل ماله لورثته.
وعنه ما يدل على أنه كالقسم الأول.

باب ميراث الخنثى

باب ميراث الخنثى
الخنثى: من له ذكر رجل وفرج امرأة فإن سبق البول من ذكره فهو رجل وإن سبق من فرجه فهو امرأة وإن خرج منهما اعتبر أكثرهما وقيل: لا تعتبر الكثرة فإن استويا فهو مشكل فإن رجي انكشاف حاله لصغره أعطي هو ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يبلغ فتظهر منه علامات الذكور من نبات لحيته أو الإمناء من ذكره أو علامات النساء من الحيض أو تفلك الثدي ونحوه نص عليه فيعمل بذلك فإن أيس من ذلك لموته أو بلوغه وعدم العلامات أعطي هو ومن معه ممن يختلف إرثه بذكوريته وأنوثيته

نصف ما يرثه لو كان ذكرا ونصف ما يرثه لو كان أنثى إلا أن يرث بأحدهما فقط فيعطى نصفه وسواء كان الخنثى ومن معه يتزاحمان من جهتين مختلفتين كولد خنثى وعم أو كولد خنثى أو أب أو كأخت لأبوين وولد أب خنثى أو من وجه واحد كالأولاد والإخوة المتفقين أو ذوي الفروض العائلة.
وطريق العمل في القسمين أن تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى ثم تضرب إحداهما: أو وفقها إن توافقتا في الأخرى والمتناسب هنا نوع من المتوافق أو تجتزىءبإحداهما: إن تماثلتا ثم تضرب ذلك في الحالين ثم من له شيء من إحدى المسألتين يضرب في الأخرى أو وفقها وفي المتماثلتين تجمع ماله منهما.
وإن شئت نسبت نصف ميراثه إلى جملة التركة ثم بسطت المكسور الذي يجتمع معك من مخرج يجمعها فمنه تصح المسألة.
وفي القسم الثاني وجه ثان وهو أن تنظر ما لكل واحد منهما بدون المزاحمة المتحدة ثم تجمع ذلك وتقسم عليه ميراثهما.
مثال ذلك: ابن وولد خنثى فعلى الأول تصح من اثني عشر بطريق الضرب للابن سبعة وللخنثى خمسة وكذلك بطريق النسبة بأن تقول للخنثى في حال النصف وفي حال الثلث فله نصفهما الربع والسدس وللابن في حال الثلثان وفي حال النصف فله نصفهما ثلث وربع فابسطها لتصح بلا كسر تكن اثني عشر كما سبق وعلى الثاني المال بينهما على سبعة لأن للابن إذا انفرد المال وللخنثى إذا انفرد ثلاثة أرباعه فيقسم المال عليهما يكن ما ذكرنا.
ولو كان معهما زوجة أو أم قسمت الباقي بعد فرضها على اثني عشر على الأول وعلى سبعة على الثاني.
ولو كان زوج وأخت لأبوين وولد أب خنثى فللأخت في حال نصف المال وفي حال ثلاثة أسباعه فتعطى نصفهما وهو بعد البسط ثلاثة عشر من أصل

ثمانية وعشرين وللزوج كذلك وللخنثى سبع المال في حال لا غير فيعطى نصفه وهو سهمان من الأصل المذكور.
وعلى الثاني: يقسم المال على نصف ونصف ونصف سدس فتصح من ثلاثة عشر للخنثى سهم ولكل واحد من الآخرين ستة.
ولو كان زوج وأم وإخوة لأم وولد أب خنثى فعلى الأول نقول ليس للخنثى إلا نصف عائل وهو الثلث فيعطى نصفه وهو سدس المال وللباقين المال في حال والثلثان في حال فيعطون نصفهما خمسة أسداس المال على ستة فتصح من ستة وثلاثين وكذلك تصح بطريق الضرب.
وعلى الثاني نقول للخنثى ربع المال وللباقين نصف وسدس وثلث فيقسم المال عليهما فتصح من خمسة عشر.
وإذا كان معك خنثيان أو أكثر نزلتهم بعدد أحوالهم فللخنثيين أربعة أحوال وللثلاثة ثمانية وللأربعة ستة عشر وعلى هذا أبدا كلما زاد واحدا تضاعف عدد أحوالهم.
وقيل: ينزلون حالين لا غير ذكورا وإناثا.
فإن تزاحموا هم وغيرهم من وجه واحد ففيها وجه ثالث وهو قسمة حقهم بينهم على أنصبائهم منفردين مثاله ابن وولدان خنثيان.
فعلى الأحوال هي من مائتين وأربعين للابن ثمانية وتسعون ولكل خنثى أحد وسبعون.
وعلى الحالين: هي من أربعة وعشرين للابن عشرة ولكل خنثى سبعة.
وعلى الثالث: هي من عشرة للإبن أربعة ولكل خنثى ثلاثة.
فإن أردت العمل لتعطى اليقين قبل الإياس من انكشاف حالهم نزلتهم بجميع أحوالهم قولا واحدا وكذلك إن أردت ذلك في المفقودين فصاعدا.

باب ميراث الغرقى والهدمى

باب ميراث الغرقى والهدمى
إذا مات متوارثان معا وعلم الورثة ذلك لم يتوارثوا وإن جهلوا كيف ماتا أو تحققوا السابق وجهلوا عينه ورث كل واحدا منهما من صاحبه من تلاد ماله دون ما ورثه عن الميت معه فيقدر أحدهما مات أولا ويورث الآخر من تركته ثم يقسم إرثه منها على ورثته الأحياء ثم يصنع بالآخر وتركته كذلك.
فلو مات كذلك أخوان أحدهما عتيق زيد والآخر عتيق عمرو صار مال كل واحد منهما لمعتق الآخر ولو علموا السابق ثم نسوه فالحكم كما لو جهلوه أولا.
وقال القاضي في خلافه لا يمتنع أن نقول هنا بالقرعة وإن ادعى ورثة كل ميت سبق الآخر ولا بينة أو تعارضت بذلك البينة تحالف ورثتهما لإسقاط الدعوى ولم يتوارثا نص عليه في أمرأة وابنها ماتا فقال زوجها ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها مات ابنها فورثته ثم ماتت فورثناها حلف كل واحد منهما لإبطال دعوى صاحبه وكانت تركة الابن لأبيه وتركة المرأة لأخيها وزوجها نصفين.
وقال ابن أبي موسى: يعين السابق بالقرعة.
وقال أبو الخطاب وغيره: يتوارثان كما لو جهل الورثة حالهما.
وخرجوا على المنصوص امتناع الإرث مع الجهل والصحيح التفرقة كما اختاره الخرقي.
ولو عين الورثة وقت موت أحدهما وشكوا هل مات الآخر قبله أو بعده ورث من شك في وقت موته من الآخر إذ الأصل بقاؤه وقيل: لا توارث بينهما بحال وهو متعذر.

باب ميراث المطلقة

باب ميراث المطلقة
من أبان زوجته في غير مرض الموت المخوف قطع التوارث بينهما فأما طلاقه الرجعي فلا يقطعه مالم تنقض عدتها.
وإن أبانها في مرض موته المخوف متهما بقصد حرمانها كمن طلقها الثلاث ابتداء أو طلقة بعوض من أجنبي أو علق الثلاث على فعل لا بد لها منه كصلاة الفرض وكلام أبيها ففعلته أو وطئ حماته أو قال للذمية إذا أسلمت أو للأمة إذا أعتقت فأنت طالق ثلاثا أو علم أن سيد الأمة قال لها أنت حرة غدا فأبانها اليوم أو علقه في الصحة على مرضه أو على فعل نفسه فعله في المرض أو على تركه كقوله: "لأتزوجن عليك فلم يفعل حتى مات أو وكل في صحته من يطلق متى شاء فطلق في مرضه ورثته ما دامت في العدة رواية واحدة ولم يرثها فإن انقضت العدة أو كان الطلاق قبل الدخول لم ترثه وعنه ترثه مالم تتزوج.
فعلى هذا إن تزوج أربعا سواها ثم مات فميراث الزوجية بين الخمس وعنه وهو الأصح أن ربعه للمبتوتة وثلاثة أرباعه للأربع إن تزوجهن في عقد وإلا فللثلاث السوابق للعقد.
ولو كان مكان المبتوتة أربع ففرض الزوجية للتمان على الأول وللمطلقات فقط على الثاني فإن ماتت إحدى المطلقات أو تزوجت فقسطها للموجودات إن تزوجهن في عقد وإلا قدمت السابقة إلى أن يكمل بالمطلقات أربع.
وكذلك حكم من تزوج أربعا بعد أربع وقال أخبرنني بانقضاء عدتهن فكذبنه ومكناه من التزوج أو من لم يتهم في المبتوتة لقصد الحرمان كمريض طلقها بائنا بسؤالها أو ابتداء فارتدت ثم عادت فأسلمت أو علقه بفعل لها منه بد ففعلته أو أبان منجزا من لا ترث كالذمية والأمة فعتقت وأسلمت أو علقه

بمجيء الغد فعتقت وأسلمت قبله أو علقه في الصحة على شرط ليس من صنعه ولا صنعها أو من صنعها ولها منه بد فوطئ في المرض أو وطئ المريض المجنون أم زوجته فهو كطلاق الصحيح وعنه كالمريض المتهم.
ولو علقه في الصحة على فعل لها لا بد لها منه ففعلته في المرض أو قذفها في الصحة وبانت منه باللعان في المرض ففيه روايتان.
أصحهما: أنه كابتداء الإبانة في المرض.
وإذا فعلت المريضة ما يقطع نكاحها لم ينقطع إرث زوجها في العدة وفيما بعدها وجهان إلا إذا لم يتهم به كفسخ المعتقة تحت عبد فينقطع على الأصح كإبانة المسلم للكافرة.
ومن أكره زوجة أبيه أو جده المريض وهو له وارث على ما يفسخ نكاحها لم يقطع إرثها إلا أن يكون له امرأة ترث سواها وسواء تم إرثه أو انقطع لتجدد قتل أو حجب ونحوه وإن طاوعته لم ترث على الأصح.
ومن مات عن زوجات نكاح بعضهن فاسد أو منقطع قطعا يمنع الإرث ولم تعلم عينها أخرج الوارثان بالقرعة.
ومن ادعت عليه زوجته طلاقا يقطع الإرث فجحد لم ترثه إن مات إذا كانت مقيمة على قولها.

باب موانع الإرث من قتل ورق واختلاف دين

باب موانع الإرث من قتل ورق واختلاف دين
القاتل عمدا أو خطأ بمباشرة أو سبب لا يرث من قتله قتلا مضمونا بقود أو دية أو كفارة.
فأما مالا يضمنه كالقتل قودا أو حدا أو دفعا عن النفس أو قتل العادل الباغي أو الباغي العادل على الأصح فلا يمنعه الإرث وعنه يمنع الباغي دون غيره وعنه يمنع فلا يرث قاتل بحال.

ولا يرث مسلم كافرا ولا كافر مسلما إلا بالولاء وعنه لا يتوارثان به أيضا فإن أسلم الكافر قبل القسمة لميراث المسلم ورث منه وعنه لا يرث كالرقيق يعتق قبل القسمة.
ويرث الكفار بعضهم بعضا وإن اختلفت مللهم وعنه أن اليهود ملة والنصرانية ملة وسائر الكفر ملة وأن كل ملة لا ترث الأخرى.
ويتوارث الذمي والمستأمن والمستأمن والحربي وكذلك الذمي والحربي نص عليه وقال أكثر أصحابنا لا يتوارثان.
والمرتد لا يرث أحدا إلا أن يسلم قبل قسمة الميراث ففيه الروايتان فإن مات أو قتل على ردته فماله فيء وعنه لورثته من المسلمين وعنه لورثته من أهل دينه الذي اختاره.
والرقيق لا يورث وإن قلنا يملك بل ماله لسيده ولا يرث أحدا بحال وقيل: في المكاتب خاصة يموت له عتيق ثم يؤدي فيعتق إنه يأخذ إرثه بالولاء.
والمعتق بعضه يورث عنه ما ملكه بجزء حريته ويرث ويحجب بقدر ما فيه منها.
فإذا كانت بنت نصفها حر مع أم وعم أخذت بنصف الحرية نصف النصف وحجبت به الأم عن نصف السدس فيبقى لها الربع ويبقى للعم سهمان من أربعة.
فإن كان مكانها ابن فقيل له نصف المال وقيل: نصف الباقي بعد ربع الأم وهو اختيار أبي بكر وفيه بعد وقيل: ينظر ما تستحقه بكمال الحرية مع ذي الفرض وهو هنا خمسة أسداس المال فتعطى نصفه وهو الأصح.
وكذلك الخلاف في كل عصبة نصفه حر مع فروض ينقص به فإن لم ينقص به كجدة وعم مع ابن نصفه حر فعلى الأول له نصف المال وعلى الآخرين له نصف الباقي بعد الفرض وهو أصح.

ولو كان معه فرض تسقطه حريته كابن نصفه حر وأخت وعم فله النصف ولها نصف الباقي فرضا بلا خلاف والباقي للعصبة.
ولو كان معه عصبة مثله كابنين نصف أحدهما حر فالمال بينهما أرباعا بأن نقول له لك بالحرية النصف فينصفها نصفه ونقول للحر أخوك يحجبك بالحرية عن النصف فينصفها عن نصفه فيبقى لك ثلاثة أرباع.
وقيل المال بينهما أثلاثا جمعا للحرية فيهما وقسمة لإرثهما على طريق العول فإن كان نصفهما حر فلهما ثلاثة أرباع المال بالسوية تنزيلا لهما وخطابا بأحوالهما من حرية ورق مجتمعين ومفترقين.
وقيل: ينزلان مجتمعين في الحرية والرق لا غير فيكون لهما بحريتهما المال وبنصفها نصفه والباقي للعصبة وقيل: المال كله لهما جمعا للحرية فيهما بمنزلة ابن.
ولو كان ابن وبنت نصفهما حر وعم فلهما على ثلاثة خمسة أثمان المال على الأول ونصفه على الثاني وثلاثة أرباعه على الثالث.
ولو كان معهما آخر فلها السدس على الوجوه كلها وللإبن على الأول خمسة وعشرون من أصل اثنين وسبعين وللبنت أربعة عشر وعلى الثاني هل لهما على ثلاثة نصف المال أو نصف الباقي بعد السدس على وجهين وعلى الثالث هل لهما على ثلاثة ثلاثة أرباع المال أو ثلاثة ارباع الباقي بعد السدس؟ على الوجهين.
ولو كان ابن وابن ابن نصفهما حر فللابن النصف ولابن الابن على الأول الربع وعلى الثالث النصف واختاره أبو بكر ولا شيء له على الأوسط.
ولو كان ابن حر وابن نصفه حر وابن ثلثه حر فعلى الأول هي من ستة وثلاثين للمكمل ثلاثة وعشرون وللنصف ثمانية وللآخر خمسة وعلى الثاني تقول لهم ثلث المال بينهم بالسوية وسدسه للمكمل والمنصف والباقي للمكمل.

فيجتمع له خمسة وعشرون وللمنصف سبعة وللآخر أربعة وعلى الثالث المال بينهم على أحد عشر.
وإذا كان عم وبنتان نصف إحداهما: حر فعلى الأول للحرة ربع وسدس وللأخرى سدس وعلى الثاني لهما ثلاثة أرباع الثلثين وهو النصف بينهما على ثلاثة وقيل: على أربعة وعلى الثالث يقسم النصف ونصف السدس بينهما أثلاثا.
ولو كان نصفهما حرا فلهما بالسوية على الأول خمسة أثمان ثلثي المال وعلى الثاني ثلثه وهو نصف الثلثين وعلى الثالث نصفه والباقي للعصبة.
وإذا كانت بنت وبنت ابن نصفهما حر وعم فللبنت الربع ولبنت الابن على الأحوال السدس وعلى الحالين نصف السدس وعلى الجمع الربع والباقي للعم.
وإذا كان أم وجدة نصفهما حر فللأم السدس وللجدة على الأول ربع السدس وعلى الثالث نصف السدس ولا شيء لها على الأوسط.
ولو كانت الجدة حرة لأخذت نصف السدس وجها واحدا.
وإذا كان مع أم أخوان بأحدهما رق فلها الثلث كاملا اختاره القاضي وابن عقيل.
وقال أبو الخطاب: ينقصها منه بقدر ما فيه من الحرية فيحجبها بنصف حريته عن نصف السدس وبثلثها عن ثلثه وبربعها عن ربعه والأول أصح.
ويرد على المعتق بعضه إذا كان ذا فرض وكذلك إن كان عصبة ولم يصبه من التركة بقدر حريته من نفسه لكن أيهما استكمل بالرد أزيد من قدر حريته من نفسه منع الزيادة وردت على غيره إن أمكن وإلا فهي لبيت المال.
فإذا كانت بنت نصفها حر فلها نصف التركة بالفرض والرد وإن كان مكانها ابن فله نصف التركة بالعصوبة والباقي في المسألتين لبيت المال.
ولو كان ابنان نصفهما حر وقلنا لهما نصف التركة أو ثلاثة أرباعها مع عصبة سواهما فالباقي لهما بالرد إذا لم يكن عصبة.

وإذا كانت بنت وجدة نصفهما حر فالتركة لهما نصفين بالفرض والرد لا يردهما على قدر فرضهما لئلا يأخذ من نصفه حر فوق نصف التركة.
وإن كان ثلاثة أرباعهما حرا فالتركة بينهما أرباعا على قدر فرضيهما لفقد الزيادة الممتنعة.
وإن كان ثلثهما حرا فلهما ثلثا التركة بالسوية والباقي لبيت المال.
ولو كان أم حرة وابن نصفه حر فالتركة بينهما إذا لم يكن عصبة بالسوية على الوجوه الثلاثة مع العصبة.
وقال أبو بكر يرد الباقي عليهما على قدر حقيهما فتكون التركة بينهما أخماسا على اختياره وعلى أول وجه أثلاثا وعلى ثالث وجه أثمانا.
وقياس قوله هذا: أن يرد على المعتق بعضه على قدر حقه مطلقا وإن جاوز قدر حريته وأن من فيه شيء من حرية يكمل له المال إذا انفرد والأول أصح.

باب الولاء
باب الولاء.
كل من أعتق رقيقا بعوض أو في واجب من نذر أو زكاة أو كفارة أو تبرعا سائبة بأن يقول له لاولاء لي عليك أو غير سائبة أو عتق عليه برحم أو استيلاد أو كتابة أو تدبير أو وصية بعتقه فله عليه الولاء وإن اختلف دينهما وعلى أولاده من سرية أو زوجة عتيقه وعلى معتقيه ومعتقي أولاده الموصوفين وأولادهم أبدا ما تناسلوا ويرث به حيث بينا من قبل ثم من بعده أقرب عصبته.
وعنه في المكاتب إن أدى إلى الورثة فولاؤه لهم وإن أدى إليهما فالولاء بينهما على ذلك والأول أصح.
وعنه في السائبة والمعتق في الواجب لاولاء عليه بل ماله لبيت المال.
وعنه يرد ولاؤه في عتق مثله.

وهل ولاية الإعتاق للسيد أو الإمام على روايتين.
فإذا خلف بنته ومعتقه فالمال بينهما على الأولى وعلى الثانية هو للبنت بالفرض والرد وعلى الثالثة نصفه للبنت ونصفه يصرف في العتق.
ومن كان أبوه حر الأصل وأمه عتيقة فلا ولاء عليه وكذلك بالعكس وعنه عليه الولاء لمولى أبيه.
وإن كانت أمه عتيقة وأبوه مجهول النسب فلا ولاء عليه وقيل: عليه لمولى أمه.
ومن اعتق عبده عن غيره بغير إذنه وقع العتق والولاء للمعتق إلا أن يعتق عن ميت في واجب عليه فيقعان للميت.
ولو قال له الغير أعتق عبدك عني أو أعتقه عني مجانا أو أعتقه عني وعلى ثمنه ففعل فالعتق وولاؤه للسائل وإن كان عن واجب ويجزئه عنه ولا يلزمه العوض إلا حيث التزمه وعنه يلزمه العوض إلا حيث نفاه وعنه العتق والولاء للمسؤول لا للسائل إلا حيث التزم العوض.
وإن قال أعتق عبدك وعلى ثمنه أو أعتق عنك وعلى ثمنه ففعل فالثمن على السائل والولاء والعتق للمسؤول وإن كان عن واجب ويجزىءعنه ويحتمل أن لا يجزىءعن الواجب.
وقال القاضي في موضع لا يجزىءعن الواجب ويقع العتق والولاء للسائل وفيه بعد.
ومن قال له كافر أعتق عبدك المسلم عني وعلى ثمنه فهل يصح ذلك على وجهين.
ولا يرث المرأة من الولاء إلا عتقاؤها وعتقاؤهم وأولادهم ومن جزؤوا ولاءه وعتقاء ابنها إذا كانت ملاعنة على رواية قد ذكرت وعنه في بنت المعتق خاصة يرث نقلها أبو طالب واحتج بخبر ابنة حمزة.

فلو اشترى رجل وأخته أباهما بالسوية فعتق ثم اشترى عبدا وأعتقه ثم مات المعتق بعد الأب ورثه الابن دون البنت على الأولى وعلى الثانية يرثانه أثلاثا.
ولا يرث بالولاء ذو فرض إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن والجد مع الإخوة حيث يفرض له معهم في النسب نص عليه.
وقيل لا فرض لهما بحال بل يسقطان مع الابن ويجعل الجد كأحد الإخوة وإن كثروا.
ولا يباع الولاء ولا يوهب ولا يورث وإنما يرث به أقرب عصبة السيد إليه يوم موت عتيقه لا يوم موت السيد.
فإذا مات السيد عن ابنين ثم مات أحدهما عن ابن ثم مات العتيق فإرثه لابن معتقه ولو خلف أحد الابنين ابنا والآخر تسعة ثم مات العتيق فإرثه بينهم على عددهم.
وعنه يورث الولاء كما يورث المال لكن يختص العصبة فيكون لابن الابن المفرد نصف الإرث في المسألتين.
وإذا ماتت امرأة عن ابن وعصبة سواه ولها عتيق فولاؤه لابنها وعقله على عصبتها فإن انقرض بنوها فالولاء لعصبتها.
ونقل عنه جعفر بن محمد أن الولاء لعصبة بنيها دون عصبتها وهو موافق لقوله: الولاء يورث.

باب جر الولاء
باب جر الولاء.
كل من عتق عليه رقيق بمباشرة أو سبب لم ينجر عنه ولاؤه فأما إن تزوج عبد بعتيقة قوم ثم حملت منه وولدت فولاء أولادها لمولى أمهم فإن عتق الأب انجر ولاؤهم إلى معتقه ولا يعود إلى مولى أمهم بحال وإن عتق جدهم

قبل الأب لم يجر ولاءهم بحال وعنه يجره إلى مولاه بكل حال ثم إن عتق والأب حي فعتق بعده انجر إليه الولاء منه وإلا بقي له وعنه إن عتق والأب ميت جر الولاء وإن عتق والأب حي لم يجره بحال سواء عتق الأب بعد أو مات قنا حكاها الخلال وعنه يجره إذا عتق والأب ميت فأما إن عتق في حياته لم يجره حتى يموت قنا فيجر من حين موته ويكون في حياة الأب لمولى الأم نقلها أبو بكر في الشافي.
ولو اشترى أحد الأولاد أباه عتق عليه وله ولاؤه وولاء إخوته ويبقى ولاء نفسه لمولى أمه ولا ينجر عنه.
ولو اشترى هذا الولد عبدا فأعتقه ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه ثبت له ولاؤه وجر ولاء معتقه فصار لكل واحد منهما ولاء الآخر.
ومثله لو أعتق الحربي عبد كافرا ثم سبى العتيق معتقه ثم أعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه.
ولو سبى المسلمون العتيق فاسترق ثم أعتق فولاؤه لمعتقه الآخر وقيل: للأول فقط وقيل: لهما.
فعلى الأول وهو الأصح لا ينجر ما كان للأول قبل الرق من ولاء ولد أو عتيق إلى الأخير.

باب دور الولاء

باب دور الولاء
إذا اشترى رجل وأخته أباهما نصفين فقد عتق وثبت ولاؤه لهما وجر كل واحد منهما نصف ولاء صاحبه ويبقى نصفه لموالي أمه فإن مات الأب ورثاه بالنسب أثلاثا فإن ماتت البنت بعده ورثها أخوها بالنسب.
فإن مات أخوها بعدهما فماله لمواليه وهم أخته وموالي أمه فلموالي أمه النصف والنصف الآخر لموالي الأخت وهم أخوها وموالي أمها فلموالي أمها

نصف ذلك وهو الربع يبقى الربع وهو الجزء الدائر لأنه خرج من تركة الأخ وعاد إليه فقيل هو لمواليهما لموالي أمه الثلثان ولموالي أمها الثلث.

باب الإقرار بمشارك في الإرث

باب الإقرار بمشارك في الإرث
إذا أقر الورثة كلهم وهم جماعة أو واحد بوارث للميت يشاركهم أو يسقطهم فصدقهم أو كان صغيرا أو مجنونا ثبت نسبه وإرثه وإن أقر بعض الورثة لم يثبت نسبه إلا أن يشهد عدلان منهم أو من غيرهم أنه ابنه مثلا أو أنه ولد على فراشه أو أنه أقر به ويلزم المقر إذا لم يثبت نسبه أن يدفع إليه ما في يده إن كان يحجبه وإلا فما فضل عن إرثه فإن لم يفضل شيء لم يلزمه له شي.
فإذا خلف ابني ابن فأقر أحدهما بأخ فله ثلث ما في يده وإن أقر بأخت فلها خمس ما في يده وإن أقر بابن للميت فله كل ما في يده ولو خلف أخا من أب وأخا من أم فأقر الأخ للأب وحده بأخ من أبوين أخذ ما في يده.
وقال أبو الخطاب: يأخذ نصفه وهو سهو.
وإن أقر به الأخ من الأم وحده فلا شيء له.
وطريقة العمل في الباب كله أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وتراعي الموافقة ثم تعطي المنكر سهمه من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار وتعطي المقر سهمه من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وما فضل فهو للمقر به.
ولو خلف اثنين فأقر أحدهما بأخوين وصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسبه فصاروا ثلاثة للمقر ربع المال وللمنكر ثلثه وللمتفق عليه كذلك إن جحد الرابع وإلا فله الربع والباقي للمجحود وتصح من اثني عشر.
وعند أبي الخطاب: إذا صدق المتفق عليه بالمجحود لم يأخذ من المنكر إلا ربع ما في يديه حيث كذبه فيما زاد عليه فتبقى الزيادة في يده وتصح من ثمانية:

للمنكر ثلاثة وللمجحود سهم ولكل واحد من الآخرين سهمان.
وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما إن اتفقا أو اختلفا فكانا توأمين وإلا فوجهان.
وإن أقر بأحدهما ثم بالآخر وكذب الأول بالثاني ثبت نسب الأول دون الثاني وأخذ الأول نصف ما في يد المقر والثاني ثلث ما بقي في يده وإن كذب الثاني بالأول وهو مصدق به ثبت نسب الثلاثة والمال بينهم وقيل: يسقط نسب الأول ويأخذ الثاني ثلثي ما في يده وثبت ما في يد المقر.
ومن أقر بزوجه لمورثه لزمه من إرثها بقدر حقه.
ومن أقر في مسألة عول بمن يزيل العول كزوج وأختين أقرت إحداهما: بأخ ضربت مسألة الإقرار في مسألة الإنكار يكن ستة وخمسين فتعمل كما ذكرنا للزوج أربعة وعشرون وللمنكرة ستة عشر وبيد المقر مثلها لها بإقرارها سبعة يبقى سبعة فتعطى للأخ فإن صدقها الزوج فهو يدعي أربعة والأخ يدعي أربعة عشر فاقسم التسعة الفاضلة على سهامهما الثمانية عشر اتساعا للزوج سهمان وللأخ سبعة.
فإن كان زوج وأم وأخت فأقرت الأخت بأخ فاضرب وفق مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن اثنين وسبعين للأم ثمانية عشر وللزوج مع إنكاره سبعة وعشرون وبيد الأخت مثلها لها بإقرارهما ثمانية يبقى بيدها تسعة عشر للأخ منها ستة عشر يبقى ثلاثة لا يدعيها أحد فقيل تقر بيد المقرة وقيل: تجعل لبيت المال وقيل: تقسم بين المقرة والزوج بالسوية.
فإن صدق الزوج المقرة فهو يدعي سبعة والأخ يدعي ستة عشر مجموعهما خمسة وعشرون فأقسم عليهما التسعة عشر بأن تضرب خمسة وعشرين في أصل المسألة ثم كل من له شيء منها يضرب في خمسة وعشرين ومن له شيء من خمسة وعشرين يضرب في تسعة عشر.

ومن قال لرجل مات أبي وأنت أخي فقال بل هو أبي ولست بأخي لم يقبل إنكاره وإن قال مات أبوك وأنا أخوك فقال لست أخي فالمال للمقر به وإن قال ماتت زوجتي وأنت أخوها فقال لست بزوجها فهل يقبل إنكاره؟ على وجهين.
_______________
آخر الجزء الأول. ويتلوه إن شاء الله تعالى الجزء الثاني، وأوله كتاب العتق وكان تمام طبعه بمطبعة السنة المحمدية في شهر شوال سنة 1369هجرية على صاحبها الصلاة والسلام.

المجلد الثاني
كتاب العتق

مدخل
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب العتق
العتق من أعظم القرب وعتق العبد أفضل من عتق الأمة وعنه عتق الإماء للنساء أفضل.
وفي استحباب عتق من لا كسب له وكراهية كتابته روايتان.
وينعقد العتق بصريح القول وكناياته مع النية.
فصريحه لفظ العتق والحرية كيف تصرفا.
وكناياته قد خليتك وأطلقتك واذهب حيث شئت ونحوه.
فأما قوله لا سبيل أو لا سلطان أو لا ملك أو لا رق لي عليك وقد فككت رقبتك وملكتك نفسك وأنت مولاي وأنت لله وأنت سائبة فعنه أنه كناية وعنه أنه صريح.
وأما قوله للأمة أنت طالق1 أو حرام فليس بصريح وفي كونه كناية روايتان المذهب أنه كناية.
ولو قال لعبده وهو أسن منه أنت ابني لم يعتق وإن أمكن أن يكون منه لكن له نسب معروف فعلى وجهين ويحتمل أن يعتق فيهما.
وإذا قال لعبده أنت حر بألف أو بعتك نفسك بألف فقيل عتق ولزمه الألف وإن لم يقبل لم يعتق.
وإن قال أنت حر على ألف أو وعليك ألف أو على أن تعطيني ألفا فكذلك في إحدى الروايتين والأخرى يعتق بلا قبول ولا شيء عليه.
__________
1 بهامش الأصل: هذا لفظ موضوع للطلاق، وذلك إنما يلحق الزوجة.

وإن قال أنت حر على أن تخدمني سنة عتق بلا قبول ولزمته الخدمة على ظاهر كلامه وقيل كالتي قبلها.
وإذا قال مماليكي أحرار دخل فيه مكاتبوه ومدبروه وأمهات ولده وأشقاصه وعبيد عبده التاجر.
وكذلك إن قال عبدي حر أو زوجتي وطالق ولم ينو معينا تناول الكل.
وإن قال أحد عبدي حر ولم ينوه أو عينه ونسيه أو قال أول ما تلد أمتي حر فولدت ولدين وأشكل السابق أعتق أحدهما بالقرعة فإن بان للناسي أن الذي أعتقه أخطأته القرعة عتق وهل يرق الآخر على وجهين.
وإذا قال رجل إن كان هذا الطائر غرابا فعبدي حر وقال الآخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر ولم يستيقناه لم يحكم بعتق واحد منهما فإن اشتري أحدهما عبد الآخر فقيل يعتق على المشتري وقيل إنما يعتق إذا تكاذبا وإلا يعتق أحدهما بالقرعة وهو الأصح.
ومن مثل بعبده مثل أن قطع منه عضوا أو حرقة عتق للأثر نص عليه.
ومن ملك ذا رحم محرم عتق عليه وعنه لا يعتق إلا عمود النسب فإن ملكه حملا عتق عليه من حين ملكه وعنه لا يعتق حتى يولد في ملكه حيا.
فلو زوج ابنه بأمته فولدت ولدا بعد موت جده فهو تركة موروثة عنه كما نقله المروزي وعلى الأول هو حر كما نقله أبو طالب وغيره.
ولو ملك ولده أو ولد ولده من الزنا لم يعتق على المنصوص وقيل يعتق.
وإذا أعتقت الأمة الحامل عتق حملها إلا أن يستثنى وإن أعتق الحمل عتق ولم تعتق أمه وعنه لا يعتق الحمل فيها حتى تضعه حيا فيكون كمن علق عتقه بشرط.
ولو أعتق الموسر أمة حملها لغيره عتق عليه وضمن قيمته ذكره القاضي وعند أنه باق لمالكه.

ومن أعتق بعض عبده عتق عليه كله.
وإن أعتق الموسر شركا له في عبد أو كاتبه فأدى إليه أو ملكه بفعله ممن يعتق عليه عتق عليه كله ولم يصح من شريكه عتق بعد ذلك ويضمن حق الشريك بقيمته وقت العتق وإن كان معسرا عتق نصيبه وبقي نصيب الشريك له وعنه يعتق كله ويستسعى العبد في بقيته.
وإن ملك الموسر قهرا كالإرث بعض من يعتق عليه لم يسر في أصح الروايتين.
وإذا أعتق الكافر الموسر شركا له من مسلم فهل يسري على وجهين.
وإذا كان شقص الشريك مكاتبا أو مدبرا لم تمتنع السراية وهل يضمن شقص الكتابة بقيمته مكاتبا أو بما بقي عليه على روايتين.
وقال القاضي تمتنع السراية إلا أن تبطل الكتابة أو التدبير فيسري حينئذ.
ومن مات وله مكاتب وأعتق بعض الورثة حصته فهل يسرى على وجهين.
وإذا كان لرجل نصف عبد ولآخر ثلثه ولآخر سدسه فأعتق موسران منهم نصيبهما معا تساويا في ضمان الباقي وولائه وقيل يجعل على قدر ملكيهما.
وإذا ادعى كل واحد من الشريكين الموسرين أن شريكه أعتق نصيبه عتق العبد كله واستحلف كل واحد الآخر لدعوى ضمان السراية.
وإن كان أحدهما معسرا1 عتق نصيبه خاصة.
إن كانا معسرين لم يعتق منه شيء فإن اشترى أحدهما نصيب صاحبه حكم بعتقه ولم يسر إلى نصيبه وقال أبو الخطاب يعتق جميعه.
وإذا قال لشريكه الموسر إذا اعتقت نصيبك فنصيبي مع نصيبك حر
__________
1 كذا بالأصل, ولعل الصواب "موسرا"

فأعتق الشريك عتق الباقي بالسراية مضمونا وإن قال فنصيبي مع نصيبك حر عتق بالشرط مجانا ولو قال ذلك لمعر عتق بالشرط فيهما.
ومن قال لأمته إذا ولدت ولدا أو أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ميتا ثم حيا أو قال آخر ولد تلدينه حر فولدت فولدت حيا ثم ميتا ثم لم تلد بعده شيئا فهل يعتق الحي على روايتين.
ويصح من الحر تعليق عتق الرقيق على ملكه وفي العبد وجهان وعنه لا يصح بحال.
ولو قال لعبد أجنبي إن كلمتك فأنت حر ثم ملكه ثم كلمه لم يعتق رواية واحدة.
وإذا قال آخر مملوك أملكه فهو حر وصححنا الصفة فملك عبيدا ثم مات فآخرهم حر من ملكه وكسبه له.
ومن حلف بطلاق أو عتاق على شيء ثم أبان الزوجة وباع العبد ثم عاد إليه فيمينه باقية.
وإن فعل المحلوف عليه قبل عودهما لم تنحل يمينه أيضا وعنه في العتق تنحل ويخرج في الطلاق مثله وهو اختيار أبي الحسن التميمي

باب التدبير

باب التدبير
كل من صحت وصيته صح تدبيره فإذا قال لرقيقه أنت حر أو معتق بعد موتي أو أنت مدبر أو دبرتك عتق بموته من ثلثه.
ولو علق التدبير أو العتق بشرط ومات قبل وجوده بطل.
وإذا قال لعبده إن شئت فأنت مدبر اختصت مشيئته بالمجلس وقيل لا تختص به مثل إذا شئت ومتى شئت وهو الصحيح المفتي به.
فإن قال أنت حر بعد موتي بشهر أو أن تخدم زيدا سنة بعد موتي ثم أنت حر فهل يصح ويعتق بذلك على روايتين [الصحيح الصحة والعتق].

فإن قلنا يصح فأبرأه زيد من الخدمة عتق في الحال فإن كانت الخدمة الموصى بها لكنيسة وهما نصرانيان فأسلم العبد قبل تمامها عتق في الحال وهل تلزمه القيمة لبقية الخدمة على روايتين.
ويجوز بيع المدبر وهبته وعنه لا يجوز إلا أن يبيعه في الدين وعنه يباع العبد دون الأمة.
وإذا بطل تدبيره بالقول أو باع المدبر ثم اشتراه لم يبطل كالعتق المعلق بصفة وعنه يبطل كالوصية.
وإذا أسلم مدبر الكافر ألزم بإزالة ملكه عنه وقيل لا يلزم به إذا استدام تدبيره بل يحال بينهما ويلزم بنفقته حتى يعتق بموته.
وإذا دبر الموسر شريكا له في عبد لم يسر إلى حق شريكه وقيل يسرى ويضمن قيمته ويصير كله مدبرا.
وللسيد وطء مدبرته وأم ولده وولدهما من غيره يعتق بموته بمنزلتهما إلا ما ولدتاه قبل الاستيلاد والتدبير فلا يعتق.
وولد المعتقة بالصفة يتبعها إذا كان حملا حين التعليق أو الصفة وإن حملته وضعته فيما بينهما فعلى وجهين ويخرج في مثل ولد المدبرة مثل ذلك

باب الكتابة

باب الكتابة
لا تصح الكتابة إلا من جائز بيعه وهي مستحبة لمن علم من عبده كسبا وأمانة وعنه تجب عليه إذا طلبها وتعتبر في المرض من رأس المال وقال أبو الخطاب من الثلث.
وتنعقد بقوله كاتبتك على كذا وإن لم يقل فإذا أديته فأنت حر ويحتمل أن يشترط قول ذلك أو نيته ولا تصح إلا على عوض مباح معلوم منجم نجمين.

أو أكثر يعلم لكل نجم قسطه فإذا أدى النجوم أو أبرىء منها عتق وقال ابن أبي موسى تصح على نجم واحد.
ولا تنفسخ بموت السيد ولا جنونه ولا يملك واحد منهما فسخها إلا السيد إذا عجز العبد بأن يحل نجم فلا يؤديه وعنه لا يعجز حتى يحل نجمان.
ويملك تعجيز نفسه مع قدرته على الكسب ولا يملكه إذا ملك الوفاء وعنه يملكه وعنه يعتق بملك الوفاء.
ومن مات عن وفاء وقلنا لم يعتق بملكه فهل تنفسخ الكتابة على روايتين.
وإذا كاتبه بشرط فاسد كشرط الخيار للسيد أو الولاء لغيره لغا الشرط وصح العقد ويتخرج فسادهما وإذا فسدت الكتابة لذلك أو لجهل العوض أو تحريمه فهي جائزة من الطرفين ويحصل العتق فيها بالأداء دون الإبراء.
وفي انفساخها بموت السيد والحجر عليه لجنون أو لسفه واستتباع الأولاد والاكتساب فيها وجهان.
فأما الصحيحة فيملك بمجردها كسبه ونفعه ولا يبيعه سيده درهما بدرهمين.
ويملك كل تصرف يصلح ماله من البيع والإجارة ونحوهما وينفق على نفسه ورفيقه وولده الذين يتبعونه إلا إذا عجز ولم يفسخ سيده كتابته فتلزم النفقة سيده ويتبعه ولده من أمته وهل تصبر به أم ولد على وجهين.
ولا يتبعه ولده من أمه لسيده إلا بالشرط فإن كان أمه تبعها ما ولدته في الكتابة قنا كان أو مكاتبا.
وله أن يسافر ويأخذ الصدقة إلا أن يشترط عليه تركهما وعنه لا يصح الشرط.
وليس له أن يتسرى ولا يتزوج ولا يقرض ولا يتبرع ولا يكفر بالمال إلا بإذن سيده وهل له أن يبيع نساء أو يرهن أو يضارب أو يقتص إذا قتل

بعض رقيقه بعضا أو يزوج رقيقه أو يكاتبه أو يعتقه بمال في ذمته بغير إذن سيده على وجهين.
وولاء من يكاتبه ويعتقه للسيد الأول وقيل يكون للمكاتب إن عتق وله أن يتملك ذوي رحمه المحرم بالهبة والوصية فأما بالشراء بغير إذن فعلى وجهين.
وإذا ملكهم لم يجز بيعهم وكسبهم له ومتى عتق عتقوا وإن عجز رقوا معه ومن كاتب أمة وشرط وطأها جاز نص عليه.
وقال ابن عقيل لا يجوز فإن وطئء بلا شرط أدب ويلزمه مهرها إذا لم تطاوعه ومع المطاوعة وجهان.
ومن حبس مكاتبه مدة لزمه أجرة المدة وقيل إنظاره مثلها وقيل أرفقهما بالمكاتب.
وعلى السيد إذا أدى مكاتبه إيتاؤه ربع كتابته فإن عجلة له أو وضع عنه بقدره جاز وإن أدى ثلاثة أرباع الكتابة وعجز عن الربع لم يعتق ولسيده الفسخ نص عليه وقيل يعتق.
وظاهر قول أبي الخطاب عدم العتق ومنع السيد من الفسخ وإذا كاتبه على عوض فأداه فبان به عيب فله أرشه أو عوضه إن رده ولم يترك العتق.
ومن كاتب بعض عبده أو شركا له في عبد بغير إذن شريكه جاز وملك من كسبه بقدر ما كوتب منه.
وإذا كاتب اثنان عبدهما على التساوي أو التفاضل جاز ولم يؤد إليهما إلا على قدر ملكيهما فإن خص أحدهما بالأداء لم يعتق نصيبه إلا أن يكون بإذن الآخر فإنه على وجهين.
ومن كاتب عبيدا له صفقة بعوض واحد صح وقسم بينهم على قدر قيمتهم يوم العقد.
وقال أبو بكر على عددهم وأيهم أدى قسطه عتق وإن عجز الباقون.

وقال أبو بكر لا يعتق واحد منهم حتى يؤدى الكل وإذا أدوا وادعى أحدهم أنه أدى أكثر مما عليه فالقو قول من أنكره.
وإذا كاتب ثلاثة عبدا فأدعى الأداء إليهم فصدقه اثنان وأنكره الثالث شاركهما فيما أقر بقبضه وقبلت شهادتهما عليه في عتق حصته وبراءة المكاتب منه على المنصوص وقياس المذهب رد شهادتهما.
وإذا اختلف السيد ومكاتبه في قدر مال الكتابة فالقول قول السيد مع يمينه وعنه قول المكاتب1.
لزمه فداء نفسه قبل الكتابة وقيل يتحاصان فإن بادر فأدى ولما يحجر عليه عتق واستقر الفداء عليه وإن أعتقه سيده فالفداء على السيد وإن عجز وجنايته على سيده فله تعجيزه وإن كانت على غيره ففداؤه على السيد وإلا بيع فيها قنا.
والواجب فداء الجناية بالأقل من أرشها أو قيمته وعنه إن كان الفداء للأجنبي على المكاتب أو على السيد إذا أعتقه فبأقلهما وإن كان للسيد أو عليه حيث خير بينه وبين البيع فبالأرش كله وقيل بالأرش كله بكل حال.
وإذا لزمته ديون معاملة فعجز عنها تعلقت بذمته دون رقبته وعنه بهما وهو أصح عندي.
ويجوز بيع المكاتب ويبقى مكاتبا عند المشتري فإن أدى إليه عتق وله ولاؤه وإلا عاد قنا له وكتابته كالعيب إذا لم يعلم بها المشتري وعنه لا يجوز بيعه.
__________
1 كذا بالأصل. والظاهر أن في الكلام نقصاً، يتعلق بجانب المكاتب، قال في المغني "وإن جنى المكاتب: بدئ بجانيته قبل كتابته فإن كان عجز كان سيده مخيرا بين أن يفديه إن كان أقل من جنايته، أو يسلمه الخ"

وإذا اشترى المكاتبان كل واحد منهما الآخر صح الشراء الأول وحده فإن جهل السابق بطلا.
ومن مات وفي ورثته زوجة مكاتبة انفسخ نكاحها ويحتمل أن تبقى إلى أن يعجزوا.
وإذا أسلم عبد الكافر ألزم بإزالته عن ملكه فإن أبي بيع عليه وهل تصح كتابته ويكفي1 على وجهين.
ومن أولد أمته ثم كاتبها أو كاتبها ثم أولدها فأدت عتقت وكسبها لها وإن مات ولم تؤد عتقت بموته وهل كسبها لها أو للورثة على وجهين.
وكذلك إذا كاتب مدبرة أو دبر مكاتبة ثم مات ولم تؤدى وجهل الثلث فأما إن عجز عنه عتق منه بقدره وهل له بقدره من كسبه على الوجهين ويبقى باقيه مكاتبا بقسطه.
__________
1 كذا بالأصل

باب أحكام أمهات الأولاد

باب أحكام أمهات الأولاد
إذا علقت من الحر أمته ثم ولدت أو وضعت ما يتبين به بعض خلق الإنسان فهي له أم ولد تعتق بموته وإن لم يملك غيرها ولا يجوز له بيعها ولا هبتها ولا وقفها ولا رهنها ولا الوصية بها وله مع ذلك تزويجها واستخدامها وإجارتها ويعزر قاذفها وعنه يحد.
ولو ألقت نطفة أو علقة لم تكن بها أم ولد وإن كانت مضغة لا تخطيط فيها فعلى روايتين.
ولو أحبل أمة غيره بنكاح أو غيره ثم ملكها لم تصر أم ولده بحال وعنه تصير بذلك وعنه إن ملكها حاملا صارت أم ولد وإلا فلا.
فعلى الأولى والثالثة إذا أقر بولد من أمته أنه ولده ثم مات ولم يتبين هل استولده في ملكه أو قبله وأمكنا ففي كونها أم ولد وجهان.

وإذا أسلمت أم ولد الكافر حيل بينه وبينها ما لم يسلم وألزم نفقتها إن لم يكن لها كسب إلى أن يموت فتعتق وعنه لا يلزمه نفقتها بحال ويستسعى في قيمتها تم تعتق.
ومن جنت أم ولده فهل يلزمه فداؤها بالأرش كله أو بالأقل منه ومن قيمتها على روايتين فإن عادت فداها كلما جنت كذلك وعنه يتعلق ذلك بذمتها.
وإن قتلت سيدها عمدا عتقت ولوليه القصاص وإن اختار المال أو كان القتل خطأ لزمها الأقل من قيمتها أو ديته.
وإذا وطئ الحر أو والده أمة المكاتبة أو لأهل غنيمة وهو منها فأحبلها صارت أم ولده وولده حر لا حق به ويضمن قيمتها لا غير وعنه يضمن قيمتها ومهرها فقط وعنه يضمن معها قيمة الولد وكذلك حكم الأب يحبل أمه ولده لكن لا يطالبه ولده بما لزمه في حياته كسائر ما يثبت له في ذمته وقيل لا يثبت له في ذمته ههنا شيء وهو ظاهر كلامه ولو لم يحبلها الواطئ من هؤلاء لزمه المهر إلا الأب فإنه على الوجهين.
ومن وطئ أمه بينه وبين غيره فلم تحمل لزمه نصف مهرها لشريكه وهي على ملكهما وإن أحبلها صارت أم ولده وولده حر ولم يلزمه لشريكه سوى نصف قيمتها وعنه يلزمه معه نصف مهرها دون نصف قيمه الولد وعنه يلزمانه معا.
فإن وطئ الشريك بعد ذلك وأحبلها لزمه مهرها ثم إن جهل إيلاد الأول أو أنها مستولدة له فولده حر ويفديهم يوم الولادة وإلا فهم رقيق.
وسواء كان الأول موسرا أو معسرا على نص أحمد والخرقي وقيل إن كان معسرا لم يسر استيلاده وتصير أم ولد لهما من مات منهما عتق نصفه وإن أعتقه وهو موسر عتق نصيب شريكه مضمونا وقيل مجانا وقيل لا يعتق.

ولو كاتبا أمة لهما ثم وطئاها ولم تلد فلها المهر على كل واحدة منهما وإن ولدت من أحدهما صارت له أم ولد ومكاتبة ويغرم لشريكه نصفها مكاتبا ولها كمال المهر ونصف قيمة الولد في رواية وفي رواية لا يغرم للولد شيئا وقيل يغرم للشريك نصف قيمتها قنا ونصف مهرها وتكون كلها له أم ولد ونصفها لا غير مكاتبا.
وقال القاضي لا يسري استيلاد أحدهما في المكاتبة إلا أن تعجز فينظر حينئذ فإن كان موسرا قوم عليه نصيب شريكه وإلا فلا ولو ولدت وألحق الولد بهما فهي أم ولد لهما وكتابتها بحالها.

كتاب النكاح
مدخل

كتاب النكاح
النكاح للتائق سنة مقدمة على فعل العبادة إلا أن يخشى الزنا بتركه فيجب وعنه يجب عليه مطلقا وهو إن لم تتق نفسه إليه خلقه أو لكبر أو غيره مباح وعنه مستحب.
والأولى أن يتخير البكر الأجنبية ذات الدين والحسب من نساء يعرفن بكثرة الولادة وأن لا يزيد على امرأة واحدة.
ويجوز لمن أراد خطبة امرأة أن ينظر إلى ما يظهر منها غالبا كالرقبة واليد والقدم وله النظر إلى ذلك وإلى الرأس والساقين من الأمة المسلمة وذوات محارمه وقيل له فيهما نظر ما عدا ما بين السرة والركبة وعنه لا ينظر الخاطب والمحرم إلا الوجه والكفين وعنه الوجه خاصة.
ولعبد المرأة نظر وجهها وكفيها وكذلك لغير أولى الإربة من كبر أو عنة ونحوهما وعنه المنع.
وللصبي المميز أن ينظر غير ما بين السرة والركبة إلا إذا كان ذا شهوة فانه كالمحرم وعنه كالأجنبي البالغ.

ويجوز للرجل مع الرجل وللمرأة مع المرأة ومع الرجل نظر غير العورة وعنه ليس للكافرة من المسلمة ولا للمرأة من الرجل مالا يظهر غالبا.
ويجوز النظر إلى الغلام لغير شهوة إذا أمن ثورانها.
وللطبيب أن ينظر من الأجنبية ما تدعو إليه الحاجة ولمن يشهد عليها أو يقابلها نظر الوجه لا غير للحاجة ولا يجوز النظر لشهوة لأحد ممن ذكرنا.
ويجوز لأحد الزوجين نظر بدن الآخر حتى الفرج ولمسه وكذلك السيد مع سريته فإن زوجها لم يبح له أن ينظر إلا غير العورة.
ولا يباح التصريح بخطبة المعتدة للأجنبي ويباح التعريض إلا فيمن تباح برجعة أو عقد وقيل بإباحته في غير الرجعية وهذه الرواية هي المذهب والتعريض كقوله إني في مثلك لراغب ولا تسبقيني بنفسك وتجيبه ما يرغب عنك وإن قضى شيء كان ونحوه.
ولا يحل لأحد أن يخطب على خطبة مسلم إن أجيب صريحا وإن رد جاز وإن أجيب تعريضا فعلى روايتين إحداهما لا يحل إن علم وهو المذهب.
وإن لم يعلم أأجيب أم لا فعلى وجهين أحدهما يجوز وهو المذهب والتعويل في إجابته ورده إلى ولى المرأة إن كانت مجبرة وإلا فإليها.
والأولى عقد النكاح يوم الجمعة مساء وأن يخطب قبله بخطبة ابن مسعود وأن يقال بعده بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في خير وعافية وإذا زفت إليه قال اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه.
ولا ينعقد النكاح إلا بإيجاب وقبول ولا يصح تعليقه بشرط مستقل ولا يصح الإيجاب إلا بلفظ النكاح أو التزويج بالعربية لمن يحسنها وبمعناهما الخاص بكل لسان لمن لا يحسنهما إلا أن يقدر على تعلمهما ففيه وجهان [أحدهما لم يلزمه التعليم].

والقبول كالإيجاب في ذلك فيقول تزوجتها أو قبلت النكاح ونحوه فإن اقتصر على قوله قبلت أو قال الخاطب للولي أزوجت فقال نعم وللمتزوج أقبلت فقال نعم صح نص عليهما وقيل لا يصح.
وينعقد نكاح الأخرس بكتابته أو إشارته نص عليه وفي كتابة القادر على النطق وجهان [أحدهما لا يصح إلا باللفظ].

باب شروط النكاح
باب شروط النكاح1
لا يصح النكاح إلا بتعيين الزوجين في العقد فلو قال زوجتك بنتي وله بنات لم يصح حتى يشير إليها أو يسميها أو يصفها بما تتميز به.
ولو خطب امرأة فسمى له في العقد غيرها فقبل يظنها المخطوبة لم يصح.
ولا يصح إلا برضا الزوج حرا كان أو عبدا إلا الصغير والمجنون إذا زوجهما أبوهما أو وصية أو الحاكم بعده أو سيدهما إن كانا مملوكين فيصح نص عليه ويحتمل أن لا يجبر العبد بحال.
ولا يصح نكاح امرأة إلا برضا وليها وإذنها إذا لم تكن ممن يجبر وإذن الثيب النطق وإن ثابت بزنا وإذن البنت البكر الصمات وإن بكت أو ضحكت.
ولا أثر لزوال عذرتها بوثبة أو إصبع.
وولي الأمة سيدها وإن كان فاسقا أو مكاتبا وله إجبارها إلا أن تكون مكاتبة.
وولى الحرة أقرب رجل يوجد من عصبتها يوافقها في دينها إذا كان مكلفا حرا رشيدا عدلا مستور الحال وعنه يلي الفاسق وبالعتق المرأة خاصة.
__________
1 بهامش الأصل: ذكر الشيخ مجد الدين شروط النكاح خمسة: الولي والشهود، وتعين الزوجين، والكفاءة، والحكمان للنزاع.

فإن عدم هؤلاء فالسلطان وأحقهم بذلك أب المرأة ثم أبوه وإن علا ثم ابنها ثم ابنه وإن سفل ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها وعنه هما سواء ثم بنو الإخوة كذلك وإن سفلوا ثم العم ثم بنوه كذا فيهما ثم أقرب عصبة النسب بترتيب الإرث ثم المولى المعتق ثم أقرب عصبته ثم السلطان وعنه أن الابن أولى من الجد.
فعلى هذا هل الجد أولى من الأخ أو بالعكس أو هما سواء على ثلاث روايات.
ويجبر الأب بنته المجنونة والصغيرة التي لم تستكمل سبع سنين ولا تجبر الثيب المكلفة وفي الثيب والبكر المميزتين بعد التسع والبكر البالغة روايات أحدها له إجبار بناته الأبكار مطلقا وتثبت لها دون سبع سنين وهو المذهب لا من لها تسع فأكثر رواية يجبرهن ورواية يجبر البكرين دون الثيب وثالثه يجبر المميزتين دون البالغة وأينما قلنا لا يجبر المميزه بد التسع فهل لها إذن صحيح على روايتين إحداهما يسن استئذانها وأمها.
وليس لبقية أولياء الحرة أن يجبروها إلا المجنونة إذا ظهر منها الميل إلى الرجال وهل لهم تزويج الصغيرة بعد التسع بالإذن على الروايتين إحداهما لهم ذلك ولها إذن صحيح معتبر وهو المذهب في صحة إذنها وعنه لهم تزويج الصغيرة ويفيد الحل والأرث ولها الخيار إذا بلغت.
ولا عبرة للمرأة في تزويج نفسها ولا غيرها بحال فعلى هذا يزوج أمتها بإذنها من يزوجها وعنه يزوجها أي رجل أذنت له ولا تباشر العقد وعنه لها مباشرته بنفسها فيخرج منها صحة تزويجها لنفسها ولغيرها بإذن الولي وأنه بدون إذنه كتزويج الفضولي وكذلك الروايات الثلاث في عتيقتها إن طلبت النكاح وقلنا تلي عليها وإن قلنا لا تلي زوج بدون إذنها أقرب عصبتها إن وجد وإلا فالسلطان.
ولا يلي مسلم نكاح كافرة إلا بالملك أو السلطنة.

ولا يلي كافر نكاح مسلمة إلا بملك نقره له عليها كمن أسلمت أم ولده أو مكاتبتة أو مدبرته في وجه.
ويلي الكافر نكاح موليته الكافرة من كافر ومسلم.
وهل يباشر تزويج المسلم في المسألتين أو يشترط أن يباشره بإذنه مسلم أو الحاكم خاصة فيه ثلاث أوجه.
ويعتبر لنكاح المعتق بعضها إذن المعتق ومالك بقيتها كما يعتبر في الأمة لاثنين إذنهما.
وإذا عضل ولى الحرة الأقرب أو غاب غيبة منقطعة زوج الأبعد وعنه في العضل يزوج الحاكم ويخرج مثله في الغيبة وهي معتبرة بما لا يقطع إلا بكلفة ومشقة نص عليه.
وقال الخرقي مالا يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجيب عنه.
وقال القاضي مالا تقطعه القافلة في السنة إلا مرة.
ويحتمل أن يكتفي بمسافة القصر.
وإذا زوج الأبعد ولم يعضل الأقرب ولم يغب فهو كتزويج أجنبي فضولي.
وإذا استوت درجة أولياء الحرة فإيهم زوج صح لكن الأولى تقديم أفضلهم ثم أسنهم فإن تشاحوا أقرع بينهم فإن سبق من أخطأته القرعة فزوج صح وقيل لا يصح.
وإذا زوج وليان من اثنين وجهل أسبق العقدين أو كيف وقعا فسخ الحاكم النكاحين ثم نكحت من شاءت منهما ومن غيرهما وعنه يقرع بينهما فمن قرع أمر صاحبه بالطلاق ولا صداق عليه ثم يجدد القارع عقده وقيل إذا أمكن وقوعهما معا بطلا ولم يحتج إلى حاكم ولم يقرع كما لو علم وقوعهما معا.
ولا يجوز لولي المرأة المجبرة كعتيقته أو بنت عمه المجنونة أن يتزوجها إلا بولي غيره وإن كان لها إذن تزوجها بإذنها وولايته ووكلت في أحد طرفي العقد.

فإن تولاهما بنفسه أو تولاهما من اجتمعا له تعين ذلك كزوج وكله الولي أو أولى وكله الزوج أو وكيل من الطرفين أو ولى فهما كمن زوج ابنه الصغير ببنت أخيه ونحو ذلك جاز في إحدى الروايتين ويكفي أن يقول زوجت فلانة فلانا أو تزوجتها فيما اذا كان هو الزوج.
والرواية الأخرى لا يجوز لأحد أن يتولى طرفي العقد إلا من يجبر فيهما كمن يزوج أمته أو بنته المجبرة لعبده الصغير وقيل يجوز تولي الطرفين إلا الزوج خاصة.
وإذا قال قد جعلت عتق أمتي صداقها أو قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها صح بذلك العتق وفي النكاح روايتان.
وقال ابن حامد إن قال مع ذلك وتزوجتها صح النكاح وإلا فلا فإن قلنا يصح فطلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمتها وإن قلنا لا يصح استأنفا نكاحا بإذنها ومهرها العتق فإن أبت لزمها قيمة نفسها.
ولا ينعقد النكاح إلا بشهادة بينة يثبت بها عند التجاحد إلا المستورة الحال إذا لم تثبته بها ففي عقده بها وجهان وكذا عقده بشهادة عدوي الزوج أو المرأة أو الولي أو متهم لرحم من أحدهم وجهان وعنه ينعقد بحضور فاسقين.
وإن تزوج مسلم ذمية بشهادة أهل الذمة لم ينعقد إلا إذا قبلنا شهادة بعضهم على بعض ففيه وجهان وعنه جواز النكاح بلا شهادة إذا لم يكتموه.
وإذا زوجت المرأة بغير كفء لها في الدين والمنصب أو الحرية واليسار أو الصناعة صح النكاح لكن لمن لم يرض بذلك من المرأة والأولياء المستورين الفسخ وهل للأبعد الفسخ مع رضى الأقرب على روايتين وعنه أنه باطل.
فلا يصح أن تزوج عفيفة بفاجر ولا حرة بعبد ولا موسرة بمعسر ولا بنت بزاز بحجام ولا نافي1 بحائك ولا عربية بعجمي والعرب بعضهم لبعض
__________
1 كذا في الأصل ولعلها "ولا بنت كاتب بحائك".

أكفاء وسائر الناس أكفاء وعنه لا تزوج قرشية بغير قرشي ولا هاشمية بغير هاشمي وعنه لا يبطل بعقد الكفاءة إلا في الدين والمنصب خاصة وإذا زالت الكفاءة المذكورة بعد العقد فلها الفسخ دون وليها وقيل لا فسخ لها.

باب المحرمات في النكاح
باب المحرمات في النكاح1
المحرمات على التأييد بالنسب سبع أمهات الرجل وهن أمه وجدته من كل جهة وإن علت وبناته من ملك أو شبهة أوزنا وبنات أولاده وإن سفلوا وأخته من أي جهة كانت وبنات أخيه وبنات أخته وأولادهما وإن سفلوا وعماته وخالاته وإن علون ولا تحرم بناتهن ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
والمحرمات بالصهر أربع زوجات آبائه وزوجات أبنائه وأمهات زوجته فيحرمن بالعقد ولا تحرم بناتهن والرابعة بنات زوجته المدخول بها وهن الربائب فإن زوال نكاحها قبل الدخول بطلاق أو فسخ أو موت بعد الخلوة أو قبلها فله نكاح بناتها وعنه الخلوة والموت كالدخول في تحريمهن.
ووطء المرأة بملك أو شبهة أو وزنا كعقد النكاح في تحريم المصاهرة فإن كانت الموطوءة ميتة أو صغيرة لا يوطأ مثلها فعلى وجهين وهل الخلوة ونظر الفرج والمباشرة دونه إذا كن لشهوة كالوطء في ذلك على روايتين.
ومن تلوط بغلام حرم على كل واحد منهما أم الآخر وبنته نص عليه.
وخرجه أبو الخطاب على روايتي المباشرة.
ويحرم الجمع بين الأختين وبين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها بالنكاح فمن تزوجهما في عقد أو عقدين فوقعا معا فهو باطل وإن سبق أحد العقدين أو تزوج إحداهما في عدة الأخرى فنكاح الثانية باطل.
__________
1 إذا كان الحكم عليهما إلينا: وجب إقامة الحد عليهما وهو القتل كما حققه شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وغيرهما من المحققين رحمهم الله.

ويحرم الجمع بينهما في تسرى ملك اليمين أيضا وعنه يكره ولا يحرم والأول المذهب فإن ملك أختين بشراء أو غيره فله وطء إحداهما ومنع منه أبو الخطاب حتى يحرم الأخرى كما يأتي ذكره والأول أصح فإذا وطئ إحداهما لم تبح له الأخرى حتى يحرم الموطوءة على نفسه بتزويجها أو إزالة ملكه عنها واستبرائها وهل يكفي تحريمها بالكتابة على وجهين.
وإذا حرم الموطوءة ثم رجعت إليه بعد أن وطئ الباقية أقام على وطئها واجتناب الراجعة عندي والمنصوص أنه يجتنبهما حتى يحرم إحداهما.
ولو رجعت قبل وطء الباقية وطئ أيتهما شاء عندي فظاهر كلام الخرقي تحريمهما حتى يحرم إحداهما.
وقال صاحب المغني فيه تباح له الراجعة دون الباقية.
ولو خالف أولا فافترشهما واحدة بعد واحدة لزمه أن يمسك عنهما حتى يحرم إحداهما.
وقال القاضي في المجرد المحرمة هي الثانية فله إذا استبرأها وطء الأولى.
ومن اشترى أخت زوجته صح ولم تبح له ما دامت الزوجة في حبسه فإن خالف ووطئها فعلى الوجهين في واطئ الأختين بالملك.
ومن تزوج أخت سريته لم يصح النكاح وعنه يصح.
فعلى هذا هل تحرم السرية أم تباح بعد استبرائها الزوجة1 أو يحرمان معا حتى يحرم إحداهما على روايتين وكذا هاتان الروايتان لو تزوجها بعد ما حرم سريته ثم رجعت إليه السرية والنكاح هنا بحالة رواية واحدة.
__________
1 وفي المغني "وإن تزوج امرأة ثم اشترى أختها صح الشراء ولم تحل له. لأن النكاح كالوطء فأشبه مالو وطيء أمته ثم اشترى أختها. فإن وطئ أمته حرمت عليه حتى يستبرئ الأمة، ثم تحل له زوجته دون أمته. لأن النكاح أقوى وأسبق"

ولو أعتق سريته في مدة الاستبراء لزواج أختها ففي صحته الروايتان ولا يطأ مع صحته حتى يتمم الاستبراء.
ومن ملك أما وبنتا فله وطء إحداهما وتحرم به الأخرى أبدا ذكره القاضي وقياس قول أبي الخطاب منعه أولا حتى يحرم إحداهما.
ومن تزوج أما وبنتا في عقد صح في حق البنت دون الأم وقيل يفسد في حقهما.
ومن جمع في عقد بين محللة ومحرمة مفردتين فهل يصح في المحللة على روايتين.
ولا يحل لحر أن يجمع فوق أربع زوجات ولا لعبد أن يجمع إلا اثنتين ويجوز لمن عتق نصفه فما زاد ولم يكمل أن يجمع ثلاثا نص عليه وقيل هو كالعبد وأيهم طلق واحدة من منتهى جمعه لم يجز أن يتزوج أخرى حتى تنقضي عدتها فإن قال قد أخبرتني بانقضاء عدتها فكذبته صدق في تجويز نكاح الزائدة والأخت وقيل لا يصدق في سقوط النفقة والسكنى.
ومن وطئ امرأة بشبهة أو زنا لم يجز له في العدة أن يتزوج أختها ولا يطأها إن كانت زوجته نص عليه وفي وطء أربع سواها بالزوجية وابتداء العقد على أربع وجهان.
ويجوز في مدة استبراء العتيقة نكاح أربع سواها.
ويحرم نكاح الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب وتقضى العدة وعنه يعتبر إن نكحها الزاني بها توبته أيضا.
ويحرم نكاح الموطوءة بشبهة في العدة إلا على الواطئ إذا لم تكن قد لزمتها عدة من غيره فإنه على روايتين أصحهما جوازه.
ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال ولا لمسلم نكاح كافرة إلا حرائر أهل الكتاب غير الحربيات وفي الحربيات وجهان وعنه يحل له نكاح إمائهم أيضا.

ومن كان أحد أبويه لا كتاب له فاختار دين الكتابي منهما فهل يحل لنا مناكحته وذبيحته على روايتين.
وليس لمجوسي نكاح كتابية نص عليه وفي عكسها وجهان.
ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا بشرطين أن لا يجد طولا لنكاح حرة ولا ثمن أمة وأن يخاف عنت العزوبة إما لحاجة المتعة وإما للحاجة إلى خدمة المرأة لكبر أو سقم أو غيرهما فيجوز نص عليه ومتى لم تعفه أمة جاز أن يتزوج ثانية وكذلك الثالثة والرابعة وعنه لا يباح له سوى واحدة.
فإن تزوج الأمة مع الشرطين ثم أيسر أو تزوج حرة فهل ينفسخ نكاح الأمة على روايتين.
ومن تزوج أمة على حرة وهو عبد أو حر خائف للعنت لمرضها أو غيبتها أو لشبقة أو غير ذلك عاجز عن طول حرة أخرى جاز وعنه المنع فيهما فإن جمع بينهما في عقد صح النكاحان على الأولى وعلى الثانية هل يفسد النكاح الأمة وحده أم النكاحان على وجهين.
ولو جمع بينهما في العقد حر يجد الطول أولا يخشى العنت فسد نكاح الأمة خاصة وعنه النكاحان معا.
وليس للعبد نكاح سيدته ولا للسيد نكاح أمته ولا للأب نكاح أمة ولده ولا للأم نكاح عبد ولدها إلا أن يكون الأبوان رقيقان فيجوز.
وإذا اشترى أحد الزوجين أو ولده الحر أو مكاتبه الزوج الآخر انفسخ نكاحهما وقيل عنه لا ينفسخ بشراء الولد.
وكل امرأة حرم نكاحها حرم وطؤها بملك اليمين إلا الإماء الكتابيات.
ولا يحل نكاح الخنثى المشكل حتى يتبين أمره نقله الميموني.
وقال الخرقي إذا قال أنا رجل لم ينكح إلا النساء وإن قال أنا امرأة لم ينكح إلا رجلا.

فعلى هذا إن عاد عن قوله الأول وليس بمتزوج منع نكاح الصنفين بالكلية عندي.
وظاهر قول أصحابنا لا يمنع من الصنف الأول إن عاد إليه وإن عاد أولا وقد نكح انفسخ نكاحه من المرأة دون الرجل وفي نكاحه لما يستقبل الوجهان.

باب حكم الشروط والعيوب في النكاح

باب حكم الشروط والعيوب في النكاح
إذا شرط لها في النكاح أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو أن لا يتسرى أو يتزوج عليها أو أن يطلق ضرتها صح العقد والشرط ومتى لم يف لها فلها فسخ النكاح.
وإن شرط أن لا مهر لها أو لا نفقة أو يفضلها في القسم أو ينقصها منه أو اشترط أحدهما على الآخر ترك الوطء ونحوه صح العقد ولغا الشرط نص عليه.
وقيل يفسدان وقيل لا يفسد العقد إلا فيما شرطت عليه أن لا يطأ خاصة.
وإن شرط فيه الخيار أو إن جاءها بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما صح العقد دون الشرط وعنه فسادهما ونقل عنه ابن منصور صحتهما وبعدها القاضي.
ومن زوج وليته من رجل على أن يزوجه الآخر وليته فأجابه ولا مهر بينهما لم يصح العقد ويسمى نكاح الشغار وإن سموا مهرا صح العقد بالمسمى نص عليه.
وقال الخرقي لا يصح أصلا وقيل إن قال فيه ويضع كل واحد مهر الأخرى لم يصح وإلا صح وهو الأصح.
ومن تزوج امرأة إلى مدة وهو نكاح المتعة أو على أنه إذا أحلها لمن قبله طلقها أو فلا نكاح بينهما لم يصح العقد ويتخرج أن يصح ويلغو التوقيت والشرط.
ولو نوى الزوج ذلك بقلبه فهو كما لو شرطه نص عليه وكذا لو زوجها.

المطلق ثلاثا من عبده بنية أن يهبه أو يبيعه منها ليفسخ النكاح فهو كنية الزوج التحليل ولا أثر لنية من لا فرقه بيده.
ومن تزوج امرأة وشرطها مسلمة فبانت كتابية فله خيار الفسخ وإن ظنها مسلمة ولم تعرف بكفر سابق أو شرطها كتابية فبانت بخلافة فوجهان وإن شرطها بكرا أو جميلة أو نسيبة أو شرط نفي عيب لا يثبت به الفسخ كالعمى والشلل فبانت بخلافة ففي ثبوت الفسخ له روايتان منصوصتان وقيل له في الفسخ شرط النسب خاصة.
وإن شرطها أمة فباتت حرة فلا فسخ له.
وإن تزوجها يعتقدها حرة فبانت أمة ففرق بينهما إلا من يباح له نكاح الإماء فإن له الخيار إن شرطها حرة أو ظنها حرة الأصل وإن ظنها عتيقة فلا خيار له وولده بكل حال أحرار حرا كان أو عبدا ويفديهم الحر في الحال.
وللعبد إذا عتق بمثل ما بينا في الغصب ويرجع بذلك مع الشرط على من غره ولمستحق الفداء أن يطالب به الغار ابتداء نص عليه.
ومتى رضي بالمقام معها رقيقة فما علقت به بعد الرضى فرقيق.
ومن تزوجت رجلا على شرط صفة فبان دونها فلا خيار لها إلا في شرط الحرية وفي شرط النسب إذا لم تخل بالكفاءة وجهان.
وإذا كان بأحد الزوجين جنون أو جذام أو برص أو كان الرجل قد جب ذكره أو بعضه فلم يبق ما يجامع به أو كانت المرأة فتقاء بانخراق السبيلين أو مسدودة الفرج فلا يسلكه الذكر لرتق أو قرن أو عفل فلمن وجد ذلك بصاحبه خيار الفسخ فأما بخر الفم وهو نتنه أو بخر الفرج وهو نتن يكون فيه عند الوطء أو انخراق مخرجي البول والمنى فيه أو القروح السائلة فيه أو الباسور أو الناصور أو الاستحاضة أو استطلاق النجو أو الخصاء وهو قطع الخصيتين أو السل وهو سل البيضتين أو الوجاء وهو رضهما وكون

أحدهما خنثى غير مشكل ففي ثبوت الخيار بهما وجهان.
وفيمن وجد بصاحبه عيبا به مثله وجهان وإن حدث به بعد العقد فقال أبو بكر وابن حامد لا خيار له وقال القاضي له الخيار.
وإذا ادعى من جب بعض ذكره الجماع ببقيته فأنكرته فالقول قولها وقيل قوما ما لم تكن بكرا.
وإذا بان الزوج عنينا لا يمكنه الإيلاء بأن ادعت المرأة ذلك فأقر به أجل سنة منذ رافعته فإن وطئها فيها وإلا فلها الفسخ هذا ظاهر المذهب.
وقال أبو بكر لها الفسخ في الحال وهو أصح عندي.
وإن أنكر العنة ولم يدع وطئا فالقول قوله مع يمينه فإن أبى أن يحلف أجل السنة وعنه إن كانت بكرا أجل بقولها.
وظاهر قول الخرقي تأجيله للبكر والثيب بدعواهما.
وإن أنكر العنة وادعى وطأها وكانت بكرا أريت للنساء فإن شهدن أنها بكر أجل وعليها اليمين إن قال أزلت بكارتها وعادت وإلا فلا وإن شهدن بزوال عذرتها لم تؤجل وعليه اليمين إن قالت زالت عذرتي بغير ما ادعاه وإلا فلا.
وكذلك حكم من أقر بالعنة وأجلناه ثم ادعى وطأها في قطع الأجل وتتميمه.
وإن كانت ثيبا فادعى وطأها ابتداء وأنكر العنة فالقول قوله مع يمينه وإن ادعاه بعدما ثبتت عنته وأجل فالقول قولها مع يمينها.
ونقل عنه ابن منصور القول قوله مع يمينه في الحالتين ونقل مهنا وأبو داود تخلى معه ويقال له أخرج ماءك على شيء فإن فعل وادعت أنه ليس بمنى جعل على النار فإن ذاب فهو منى وسقط قولها وإلا سقط قوله.
ومتى اعترفت أنه وطئها في هذا النكاح مرة بطل كونه عنينا وإن ثبت أنه وطئها في الدبر أو في نكاح سابق أو وطئ غيرها ففي زوال عنته وجهان.
وخيار العيب والشرط على التراخي لا يسقط إلا بما يدل على الرضى من قول

أو استمتاع أو تمكين منه مع العلم إلا في العنة فإنه لا يسقط بغير القول ويفتقر الفسخ بهما إلى حكم حاكم.
وأي الزوجين فسخ قبل الدخول فلا مهر وإن فسخ بعده فلها المهر المسمى.
وقيل عنه مهر المثل في فسخ الزوج خاصة لشرط أو عيب قديم وقيل فيه ينسب قدر نقص مهر المثل كذلك إليه كاملا فيحط عنه من المسمى بنسبته سواء فسخ أو أمضى ويرجع الزوج إذا فسخ على من غره من المرأة أو الولي أو الوكيل وعنه لا يرجع فإن لم تكن قبضته المرأة وهي الغارة سقط على الأولى دون الثانية.
وليس لولي حرة ولا أمة تزويجها بمعيب إلا أن تختاره وهي أهل للاختيار فإن خالف وزوج صح ولها الخيار وإذا اختارته الحرة ابتداء والعيب جب أو عنة لم يملك منعها وإن كان جنونا أو جذاما أو برصا ملكه في أصح الوجهين.
وإذا عتقت الأمة تحت حر أو عبد أو عتقا معا فالنكاح باق ولها الفسخ بغير حاكم على التراخي مالم ترض به وعنه لا فسخ لها إلا تحت عبد لم يعتق وهو الأصح فإن عتق قبل فسخها أو مكنته من وطئها سقط خيارها فإن ادعت الجهل بالعتق ومثلها يجعله فخيارها بحاله وفي جهلها يملك الفسخ روايتان فإن طلقت قبل أن يفسخ وقع الطلاق وقيل يوقف فإن فسخت تبينا عدم وقوعه وإلا وقع.
وإذا أعتقت المعتدة الرجعية فلها الفسخ فإن رضيت بالمقام سقط خيارها وقيل لا يسقط.
وإذا فسخت المعتقة قبل الدخول فلا مهر وعنه يجب نصفه لسيدها وإن فسخت بعد الدخول أو أقامت فللسيد المهر كله.
ولا خيار للمعتق بعضها تحت عبد وعنه لها الخيار.
فعلى الأولى لو زوج مدبرة له لا يملك غيرها وقيمتها مائة بعبد على مائتين مهرا ثم مات لم يكن لها الفسخ قبل الدخول لئلا يتبين به رق بعضها.

وأي زوجة ثبت لها الفسخ بعيب أو شرط أو عتق فلا حكم لوليها فيه بحال وإن كانت صغيرة أو مجنونة بل تخير إذا بلغت وعقلت.

باب نكاح الكفار

باب نكاح الكفار
الكفار في صحة النكاح بينهم وفساده كالمسلمين لكن نقرهم على فاسده إذا اعتقدوا حله ولم يرتفعوا إلينا وعنه لا يقرون على مالا مساغ له في الإسلام كنكاح ذات المحرم ونكاح المجوسي الكتابية ونحوه.
فإن أتونا لنعقد لهم عقدا لم نعقد إلا على حكم الإسلام وإن عقدوه ثم ارتفعوا أو أسلم الزوجان أقررناهما إلا لقيام مفسد لابتداء العقد وعنه ما يدل على أنه يعتبر أن يكون المفسد مؤبدا أو مجمعا عليه.
فإذا أسلما والمرأة بنته من رضاع أو وزنا أو هي في عدة من مسلم متقدمة على العقد فرق بينهما وإن كانت العدة من كافر فروايتان منصوصتان.
وإن كانت حبلى من زنا قبل العقد أو قد شرط فيه الخيار مطلقا أو إلى مدة هما فيها فوجهان.
وإن أسلما وكان العقد بلا مولى أو بلا شهود أو في عدة وقد انقضت أو على أخت وقد ماتت أقرا عليه.
فإن قهر حربية فوطئها أو طاوعته واعتقداه نكاحا أقرا عليه وإلا فلا.
ولو طلق الكافر ثلاثا ثم استدام النكاح معتقدا لحله ثم أسلما لم يقرا عليه وعنه يقران وهو أصح عندي.
وأما المهر فأينما كان مسمى صحيحا أو فاسدا وقد قبضته فليس لها غيره وإن كان فاسدا ولم تقبضه أو لم يكن مسمى فرض لها مهر المثل وإن قبضت بعض المسمى وجب قسط ما بقي من مهر المثل ويعتبر القسط فيما يدخله الكيل

والوزن به وفي المعدود بعده وقيل بقيمته عند أهله وخرج القاضي رواية أخرى في الخمر والخنزير ونحوه أن لا شيء لها في معينه وأن لها في غير معينه قيمته.
وإذا أسلم الزوجان معا أو أسلم زوج الكتابية فهما على نكاحهما.
وإن أسلمت الزوجة أو الزوج وليست بكتابية انفسخ نكاحهما إذا لم يكن دخل بها ولا مهر لها في الحالين وعنه لها نصف المهر إن كان هو المسلم وإلا فلا.
فعلى هذه إن أسلما وقالت سبقني وقال بل هي سبقت فالقول قولها ولها نصف المهر وإن قالا سبق أحدنا ولا نعلم عينه فكذلك لها نصف المهر قاله أبو الخطاب.
وقال القاضي إن لم تكن قبضته لم يجز أن تطالبه بشيء وإن كانت قبضته لم يرجع عليها بما فوق النصف.
وإن قال هو أسلمنا معا ونكاحنا بحاله فقالت بل سبق أحدنا فلا نكاح فوجهان.
وإن كان إسلام أحدهما بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة فإن أسلم الثاني قبل انقضائها بقي نكاحهما وإلا تبينا انفساخه منذ اختلف الدينان وعنه ينفسخ في الحال كما قبل الدخول وعنه الوقف بإسلام زوجة الكتابي والانفساخ لغيره.
فان وطئها في عدتها وقلنا بالوقف فلم يسلم الثاني فيها لزمه مهر المثل وإن أسلم فلا شيء لها كذلك ويجب لها نفقة العدة إن أسلمت قبله وإلا فلا.
فإن اختلفا في السابق فالقول قولها وقيل قوله ولا يسقط مهرها المسمى بحال.
وإذا أسلم وتحته أختان فأسلمتا معه اختار إحداهما وإن كانتا أما وبنتا حرمتا أبدا إلا إذا لم يدخل بالأم فإنه يثبت نكاح البنت.
وإذا أسلم وقد تزوج فوق أربع في عقد أو عقود فأسلمن معه أو كن كتابيات أمسك أربعا وفارق البواقي كقوله لأربع من ثمان أمسكت هؤلاء

أو أخترتهن أو رضيتهن فتبين البواقي أو يقول تركت هؤلاء الأربع أو فسخت نكاحهن ونحوه فيثبت نكاح الأخر.
وعدة ذوات الفسخ من حين اختياره وقيل من حين إسلامه.
فإن أبى الاختيار أجبر عليه وألزم نفقتهن إلا أن يختار فإن طلق إحداهن أو وطئها فهو مختار لها وإن ظاهر منها أو آلى فعلى وجهين فان طلق الجميع قلنا أخرج بالقرعة أربعا منهن فكن المختارات وله نكاح البواقي بعد عدة الأربع وقيل لا يقرع ولا ينكح شيئا منهن إلا بعد زواج وإصابة فان مات فعلى الجميع عدة الوفاة.
قال القاضي في المجرد عليهن الأطول من عدة الوفاة أو عدة الطلاق.
وأما الإرث فلأربع منهن بالقرعة.
ولو أسلم معه البعض دون البعض ولسن بكتابيات لم يجز أن يختار إمساكا ولا فسخا إلا في مسلمة ثم إن شاء عجل الإمساك في الكل أو البعض وإن شاء أخره حتى يسلم البواقي أو تنقضي عدتهن وقيل متى نقصت الكوافر عن أربع لزمه تعجيله بقدر النقص.
وإذا عجل اختيار أربع قد أسلمن فعدة البواقي إن لم يسلمن من وقت إسلامه وإن أسلمن فهل هي كذلك أو من وقت اختياره على وجهين.
وإذا انقضت عدة البواقي ولم يسلم إلا أربع أو أقل فقد لزم نكاحهن.
ولو اختار أولا فسخ نكاح مسلمة صح إن تقدم إسلام أربع سواها وإلا لم يصح بحال وقيل يوقف فان تكمل بعده إسلام أربع سواها ثبت الفسخ فيها وإلا بطل.
وإذا أسلم حر وتحته إماء لم يدخل بهن فأسلمن معه أو قد دخل بهن فأسلمن وأسلم مجتمعين أو مفترقين في العدة انفسخ نكاحهن إلا أن يكون وقت اجتماع

إسلامه وإسلامهن عادم الطول خائف العنت فإنه يختار منهن مايعفه ولو أربعا على الأصح أو واحدة لا غير في رواية ويفارق البواقي ومن عتق منهن بين إسلامه وإسلامها وهي تعفه تعينت وانفسخ نكاح البواقي سواء أسلمن قبلها أو بعدها كما لو أسلم وتحته حرة تعفه.
وأما إذا أسلمت الحرة في العدة قبلهن أو بعدهن فقد انفسخ نكاحهن.
ولو عتقت إحداهن بعد إسلامه وإسلامها لم يؤثر واختار من الجميع.
وإذا اجتمع ببعضهن في إلاسلام وفيه الشرطان وببعضهن وليسا فيه اختار ممن اجتمع بهن وفيه الشرطان دون البواقي.
ولو كان تحت عبد أربع نسوة فأسلموا معا أو مفترقين في العدة فاختار منهن اثنتين ولو عتق قبل أن يختار فكذلك ولو أسلم ثم عتق ثم أسلمن أو أسلمن ثم عتق ثم أسلم الجميع كالحر.
ولا مهر بفسخ قبل الدخول لحرمة الجمع في جميع ما ذكرنا.
وإذا ارتد الزوجان معا قبل الدخول أو أحدهما انفسخ النكاح وتنصف مهرها بردته وسقط بردتها وفيما إذا ارتدا معا وجهان.
ولو كانت الردة بعد الدخول فهل تتنجز الفرقة أو تقف على انقضاء العدة على روايتين.
فإن قلنا تقف فلها نفقة العدة إلا إذا ارتدت وحدها.
وإذا انتقل الكتابيان أو أحدهما إلى دين لا نقرهما عليه فهو كالردة وإن أقررناها عليه فنكاحهما بحالة إلا في تمجسه دونها فانه كالردة وفي تمجسها دونه وجهان سبق أصلهما.

كتاب الصداق
مدخل

كتاب الصداق
يستحب تسمية المهر في العقد وتخفيفه وأن لا يزاد على مهور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته وهو من أربعمائة درهم إلى خمسمائة درهم وإن زاد فلا بأس ولا يتقدر أقله.
وإذا خلا العقد عن ذكره بتفويض المرأة أو بدونه فلها مهر المثل بالعقد وكذلك كل مهر فسدت تسميته وعنه إن فسدت لتحريمه كخمر أو خنزير أو حر يعلمانه فسد بها العقد واختاره الخلال.
ولو أصدقها عصيرا فبان خمرا أو عبدا فبان حرا أو مغصوبا صح رواية واحدة ووجبت قيمته.
وكل ما صح عوضا في بيع أو إجارة صح مهرا إلا منافع الزوج الحر المقدرة بالزمان فإنها على روايتين ومالا يصح عوضا فيهما لم يصح مهرا إلا لعذر يرجى زواله أو جهل يسير فإنه يحتمل فيه على الأصح.
فإذا تزوجها على أن يشتري لها عبد زيد أو على عبد له أبق أو مغتصب يحصله أو على دين من سلم أو غيره أو مبيع اشتراه ولم يقبضه أو على قصيدة لا يحسنها يتعلمها صح ذلك على المنصوص وعليه تحصيله وإن تعذر فقيمته وقيل لا تصح التسمية للجهالة.
وإن تزوجها على عبد من عبيدة أو عبد مطلق صح نص عليه وتعطى من عبيده وسطهم وعنه بالقرعة وفي المطلق لها الوسط من رقيق البلد نوعا وقيمة كالسندي بالعراق.
وصحح أبو الخطاب التسمية في عبد من عبيده دون المطلق حتى يصفه وأبطلها أبو بكر فيهما.
وإذا جاءها بقيمة الموصوف والوسط وقلنا بصحته فهل يلزمه قبولها علي وجهين.

والحكم في دابة من دوابه وثوب من ثيابه ونحو كعبد من عبيده.
والحكم في ثوب هروى وقفيز حنطة وقنطار زيت ونحوه كعبد مطلق.
ولو تزوجها على دار غير معينة أو ثوب أو دابة أو حمل يظن أو على ما يثمر شجرة أو على ما في بيته من متاع أو على حكم أحدهما أو على رد عبد لها أبق حيث كان أو خدمتها فيما شاءت سنة ونحوه لم تصح التسمية قولا واحدا.
وإذا تزوجها على تعليم قرآن أو فقه لم يصح إلا أن نصحح أخذ الأجرة عليه1.
وإذا تزوج نسوة أو خالعهن بعوض واحد صح وقسم بينهن على قدر مهور مثلهن وقيل في الخلع على مهورهن المسماة وقيل فيهما على عددهن كما لو قال فيه وبينهن.
وإذا ظهر بالمهر أو عوض الخلع المنجز عيب أو نقص صفة شرطت فيه وقد غبن بالعقد وجب الأرش أو الرد وأخذ القيمة كاملة وعنه لا أرش مع إمساكه وإن عقد عليه في الذمة فإنما يجب إبداله لا الأرش ولا القيمة.
وإذا تزوجها على مهر مؤجل ولم يسم الأجل صح نص عليه ومحله فرقتهما وقيل لا يصح حتى يسمى الأجل.
وإذا تزوجها على ألف إن لم يكن له زوجة وعلى ألفين إن بان له زوجة أو على ألف إن كان أبوها حيا وألفين إن كان ميتا صحت التسمية في المسألة الأولى دون الثانية نص عليه.
وقال أبو بكر تفسد فيهما وقيل تصح فيهما.
وإذا تزوجها على ألف لها وألف لأبيها أو على أن يعطيها ألفا ويعطي
__________
1 روى البخاري ومسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج التي أرادت أن تهب نفسها له لرجل من أصحابه، وقال له: زوجتكها بما معك من القرآن" وفي السنة أيضاً "أن سليم تزوجت أبا طلحة باسلامه".

أباها ألفا أو على ألفين على أن يعطي أباها منهما ألفا صح وكانت الألفان مهرها فإن قبضا وطلق قبل الدخول رجع عليها بنصف الألفين ولا شيء على الأب.
ولو شرط ذلك لغير الأب فالمسمى لهما دونه هذا نص أحمد رحمه الله وقيل لها في الصورة الأولى والثانية مهر المثل وفي الثالثة المسمى ويلغو شرطه للغير إلا لأب يصح تملكه.
وإذا توطآ في السر قبل العقد على أكثر مما يسمى فيه أو أنقص أخذ بالمسمى في العقد.
وإذا ألحقت بالمهر بعد العقد زيادة لحقت ولزمت وكانت كالأصل فيما يقرره وينصفه نص عليه ويتخرج أن تسقط بما ينصفه.
وإذا زيد مهر الأمة المزوجة وقد عتقت فالزيادة لها نص عليه.
وإذا كرر العقد بمهرين سرا وعلانية أخذ بالمهر الزائد وهو العلانية وإذا انعقد العقد بغيره نص عليه وقاله الخرقي.
وقال القاضي يؤخذ بمهر أول عقد من سر أو علانية فإن ادعى الزوج أنه عقد واحد تكرر وقالت بل عقدان بينهما فرقة فالقول قولها مع يمينها ولها المهران.
ومن أعتق أمته بسؤالها على أن تنكحه صح العتق والشرط ثم إن نكحته وإلا لزمها قيمة نفسها وكذلك إن قال أعتقتك على أن تتزوجي بي فرضيت بذلك ويتخرج هنا أن تعتق بمجرد قوله من غير قبول ولا عوض كقوله أعتقتك على ألف.
ومن أعتقت عبدها على أن يتزوج بها بسؤالها وبدونه عتق ولم يلزمه شيء.
ولا يصح أن يصدق امرأة طلاق ضرتها وعنه يصح فيكون لها مهر الضرة إن فات طلاقها بموتها وقيل مهر المثل.

ومن زوج موليته بدون مهر مثلها لزم الزوج تمامه وعنه يختص الولي بالتمام إلا إذا أذنت فيه أو فعله الأب فإنه يلزم المسمى فقط وليس لأحد نقضه ويحتمل في تزويج الأب الثيب الكبيرة أن يجب التمام كما بينا.
ومن زوج ابنه الصغير بمهر المثل أو أزيد صح ولم يلزم إلا ذمة الابن وعنه إن كان معسرا لزم الأب ضمانه.
ونكاح العبد بإذن سيده صحيح وبدونه باطل وعنه يقف على إجازته ويتعلق المهر مع الإذن برقبته وعنه بذمة السيد وعنه بهما وعنه بذمتيهما ذمة العبد أصالة وذمة السيد ضمانا.
فإن نكح بلا إذن ووطئ فيه تعلق برقبته مهر المثل وعنه المسمى وعنه خمساه سواء علما التحريم أو جهلاه وعنه إن علماه فلا مهر بحال.
ومن زوج عبده من أمته لم يجب مهر وإن سمى وهو المذهب وقيل يجب ويسقط وقيل يجب ويتبعه به السيد إذا عتق وهو المنصوص عنه.
وإذا زوج عبده بحرة بألف ثم باعها العبد بثمن في ذمتها تحول مهرها إلى ثمنه إن قلنا يتعلق برقبته وإن قلنا يتعلق بذمة السيد فهو مع الثمن على حكم مقاصد الدينين وإن علقناه بذمتيهما سقط عنهما عن العبد إذا صار لها وعن سيده إذ هو ضامنه ويبقى الثمن للسيد عليهما وقيل لا يسقط المهر لثبوته قبل أن يملكه.
وأصلها من ثبت له دين على عبد ثم ملكه هل يسقط علي وجهين.
ولو كان البيع قبل الدخول فالحكم في نصف المهر كما بيناه في الكل إن نصفناه وإلا سقط في رواية سنذكرها.
ولو باعها العبد بمهرها قبل الدخول أو بعده صح البيع وانفسخ النكاح وهل يرجع قبل الدخول ببدل النصف أو الكل على الروايتين.

باب حكم المسمى ومهر المثل

باب حكم المسمى ومهر المثل
تملك المهر بالعقد فإن كان عيناه فنماؤه لها ومن شرط تصرفها ودخوله في ضمانها قبضه إلا المتميز فإنه على روايتين كما بيناه في البيع.
ويتقرر المسمى بواحد من ثلاثة لا غير أحدهما الوطء في الفرج.
والثاني خلوة من يطأ مثله بمن يوطأ مثلها إلا مع مانع حسى كالجب والرتق أو شرعي كالحيض والإحرام فإنه على روايتين ولو منعته أن يطأ لم يتقرر بها.
الثالث موت أحدهما ولو بقتل نفسه أو غيره.
وإذا مات الزوج وقد طلق في مرضه ولم يخل ولم يطأ ففي تقرره روايتان وعنه أن اللمس دون الفرج بلا خلوة مقرر رابع.
ويسقط المهر قبل التقرر بكل فرقة جاءت من جهة الزوجة بردة أو إرضاع أو فسخ بإعسار أو غير ذلك.
ويتنصف بطلاقه وخلعه وبكل فرقة من أجنبي أو من الزوج إلا فسخه لعيب أو شرط فإنه يسقطه وكذا إسلامه في رواية ذكرت ولو كانت الفرقة بسبب منهما أو منها أو من أجنبي كلعانهما وشرائهما له فهل يسقطه أو ينصفه على روايتين وكذا في شرائه لها من مستحق مهرها وتخالعهما إذا قلنا هو فسخ فوجهان.
وإذا كان المسمى عينا فقبضته ثم تنصف وهو فائت بتلف أو انتقال أو مستحق بدين أو شفعة رجع المثلى بنصف مثله وفي غيره ينصف قيمته يوم الفرقة على أدنى صفاته من يوم العتد إلى يوم القبض إلا المتميز إذا قلنا يضمنه بالعقد فتعتبر صفته وقت العقد وإن كان باقيا بصفته ملك نصفه قهرا كالإرث نص عليه وقيل لا يملكه حتى يختار ملكه فيكون ما ينمو قبله لها لكن يمنع من التصرف فيه.
وإن كان له زيادة منفصله رجع في نصفه دونها وعنه يرجع بنصفهما.

وإن كانت متصلة كسمن وتعلم فله قيمة نصفه كما سبق إلا إذا شاءت دفعه زائدا فيلزمه ويتخرج أن يجب دفعه بزيادته كالمنفصلة وأولى.
وإن كان ناقص الصفة فللزوج نصف قيمته كما وصفنا أو نصفه ناقصا لا غير نص عليه.
وخرج القاضي رواية بالأرش مع نصفه.
ولو وصلته بعين مالها كأرض بنتها وثوب صبغته فبذلت النصف بزيادته لزمه قبوله وإن بذلت نصف قيمة الأصل وطلب الزوج نصفه وبذل قيمة زيادته فله ذلك عند الخرقي وقال القاضي ليس له إلا القيمة.
وإذا تلف المهر أو نقص بيدها بعد ما تنصف ضمنته وقيل في المتميز لا تضمنه.
قعلى هذا إن ادعت ذلك وادعاه الزوج قبل الطلاق فالقول قولها مع يمينها.
والكل إذا سقط كالنصف في جميع ما ذكرنا.
وإذا فات النصف مشاعا أو معينا من المتنصف أخذ النصف الباقي وقيل في المعين غير المثلى يأخذ نصف الباقي ونصف قيمة الفائت.
وإذا كان المسمى في الذمة فقبض ثم سقط أو تنصف فهو كالعين فيما ذكرنا لكن يعتبر في تقويمه صفته يوم قبضته ولا ترجع بنمائه وإن رجع بنماء العين وهل يجب رده بعينه مع بقائه بصفته على وجهين.
إذا كان المسمى تعليم سورة فعلمها إياها رجع إن سقط بأجرة تعليمه وإن تنصف بنصفها ولو طلق قبل الدخول أو بعده ولم يعلمها لزمه أجرة ما عليه وعنه يعلمها من وراء حجاب إذا أمن الفتنة ولو تعلمته من غيره لزمته الأجرة فإن قال أنا علمتها فقالت بل غيره فالقول قولها وقيل قوله.
وإذا وجب مهر المثل لفقد التسمية أو فسادها فلها المطالبة بفرضه فإن اتفقا على قدر وإلا فرضه الحاكم بقدره.

ويسقطه إلى غير متعة ما يسقط المسمى ويقرره وعنه لا يقرر الموت إلا نصفه إذا لم يسم ولم يفرض وينصفه ما ينصف المسمى في رواية وعنه ينصف ما وجب لفساد التسمية ويسقطه ما وجب لفقدها إلى المتعة وهي اختيار الخرقي وعنه يسقطهما إلى المتعة وهو أصح عندي.
ومتى فرض فهو كالمسمى في التنصيف وغيره وعنه كالذي لم يفرض في وجوب المتعة.
وتختلف المتعة بيسر الزوج وعسره وأعلاها خادم وأدناها كسوة تجزيها لصلاتها وعنه يتولى تقديرها الحاكم وعنه هي متاع بقدر نصف مهر المثل.
ولا تسقط المتعة بهبة مهر المثل قبل الفرقة1 وقيل تسقط.
ولا متعة إلا لهذه المفارقة قبل الفرض والدخول وعنه تجب لكل مطلقة وعنه تجب للكل إلا لمن دخل بها2 وسمى مهرها.
ويعتبر مهر المثل بمن يساويها من نساء أقاربها من أم وأخت وعمة وخالة وبنت عم ونحوهن وعنه يختص نساء العصبة.
وتعتبر المساواة في العقل والدين والسن والأدب والمال والجمال والبكارة والثيوبة والبلد فإن لم يكن في نسائها إلا فوقها أو دونها زيد ونقص بقدر ذلك فإن كان عادتهم تخفيف مهر عشيرتهم دون غيرهم اعتبر ذلك وإن كان عادتهم تأجيل المهر ففي فرضه مؤجلا وجهان ومن لم يكن لها أقارب اعتبرت بنساء بلدها ثم بأقرب النساء شبها بها.
__________
1 بهامش الأصل: لقوله تعالى: 236:2{وَمَتِّعُوهُنَّ} فأوجب لها المتعة بالطلاق، وهي إنما وهبت مهر المثل فلا تدخل المتعة فيه ولا تصح اسما لها قبل الفرقة، لأنه مما لم يجب بالشفقة.اهـ
2 وفي نسخة بهامش الأصل: على نسخة الأصل بخط شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية: إلا لمن يدخل بها، وكذا هو خط المصنف في مسودة شرح الهداية. وهو الصواب لكنها بخط المصنف في المحرر: إلا لمن دخل بها.

والذي بيده عقده النكاح هو الزوج لا الأب فإذا طلق قبل الدخول فمن عفا من الزوجين للآخر عن حقه من المهر وهو جائز التبرع صح عفوه ولا عفو للأب بحال.
ونقل ابن منصور عنه أن الأب يصح عفوه عن نصف مهر ابنته البكر إذا طلقت قبل الدخول وقيل يشترط مع ذلك صغرها أو جنونها.
ولو زوج ابنه الطفل وأقبض مهره ثم رجع إليه بردة أو رضاع قبل الدخول لم يجز عفوه عنه رواية واحدة.
ومن وهبت زوجها مهرها أو أبرأته منه ثم وجد ما يسقطه أو ينصفه رجع عليها بعوضه وعنه لا يرجع بشئ وعنه يرجع مع الهبة دون الإبراء وهو الأصح.
ولو وهبته نصفه ثم تنصف رجع بالباقي على الأولى وبنصفه وهو الربع على الأخرى.
ولو قضى المهر أجنبي متبرعا ثم سقط أو تنصف فالراجع للزوج وقيل للأجنبي.
وللمرأة منع تسليم نفسها حتى تقبض مهرها إلا أن يكون مؤجلا فعليها التسليم قبل حلوله فإن حل المؤجل قبل التسليم فوجهان فإن سلمت نفسها طوعا ثم أرادت المنع ملكته عند ابن حامد وقال أكثر أصحابنا لا تملكه.
ولو قبضته ثم سلمت نفسها ثم بان معيبا فوجهان أصحهما هنا تملكه وإذا أعسر بالمهر أو بان معسرا به فلها طلب الفسخ به قبل الدخول وبعده قاله أبو بكر ولا يفسخ إلا الحاكم.
قال ابن حامد لا فسخ لها بعده فإن اختارت المقام فلا فسخ لها بعد ذلك ويبقى لها منع نفسها منه.
وإذا كانت الزوجة أمة فالمنع والفسخ المذكوران إلى سيدها.

وليس للأب قبض مهر ابنته الرشيدة إلا بإذنها وعنه له ذلك في البكر مالم تمنعه.
وإذا اختلف الزوجان في قبض المهر أخذ بقولها وإن اختلفا فيما يستقر به أخذ بقوله وإن اختلفا في قدر المسمى أخذ بقوله مع يمينه وعنه بقول مدعي مهر المثل ولم يذكر اليمين فيخرج وجوبها على وجهين ولو آدعى دونه وادعت فوقه رد إليه ولو اختلفا في عينه فهو علي روايتين في القدر لكن الواجب قيمة لا شيء من المعينين وقيل إن كان معين المرأة أعلى قيمة وهو كمهر المثل أو أقل وأخذ بقولها أعطيته بعينه.
وإذا افترقا عن نكاح فاسد بطلاق أو غيره فلا مهر فيه.
وإن وطئها أو خلا بها لزمه المسمى وعنه مهر المثل وقيل لا شيء عليه بالخلوة.
ويجب مهر المثل للموطوءة بشبهة والمكرهة على الزنا في قبل أو دبر وهل يجب معه للمكرهة أرش البكارة على روايتين منصوصتين وعنه إن كانت الموطوءة ذات محرم فلا مهر لها كاللواط.
وإذا دفع أجنبية فأذهب عذرتها فهل عليها أرش البكارة أو مهر المثل على روايتين وإن فعله الزوج ثم طلق قبل الدخول لم يلزمه شيء سوى نصف المسمى.
من يجوز هجرة ولا من عمم بدعوته وتدعى الجفلى ولا من دعا بعد اليوم الأول.

باب الوليمة

باب الوليمة
يستحب لمن تزوج الوليمة وأن لا ينقصها من شاة وإجابته في أول يوم إذا كان مسلما وعين من دعاه واجبة وقيل فرض كفاية وقيل مستحبة.
ولا تجب إجابة ذمي ولا من يجوز هجرة ولا من عمم بدعوته وتدعى الجفلى ولا من دعا بعد اليوم الأول.

ودعوة الختان وما سوى العرس مباحة لا تكره ولا تستحب نص عليه وكذا إجابتها.
ولا يجوز لمن حضر الوليمة قطع صوم واجب ويستحب الأكل للمتنفل والمفطر عند القاضي وقيل إن لم ينكسر قلب الداعي بإتمام النفل فهو أولى.
ولا يباح الأكل إلا بصريح إذن أو قرينة.
ويستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده وعنه يكره قبله.
ومن دعاه اثنان قدم أسبقهما ثم إن أتيا معا قدم أدينهما ثم أقربهما رحما ثم جوارا ثم بالقرعة.
وإذا علم في الدعوة منكرا كالخمر والزمر وأمكنه الإنكار حضر وأنكر وإلا فلا يحضر ولو حضر فشاهد منكرا أزاله إن قدر وجلس وإلا انصرف وإن علم به ولم يره ولم يسمعه فله الجلوس.
ويجوز افتراش ما فيه صورة حيوان وجعله وسائد ولا يجوز تعليقه وستر الحيطان به وفي جواز ذلك بستور خالية من صور الحيوان روايتان.
والنثار والتقاطه مكروه تنزيها وعنه لا يكره كالمضحى يقول من شاء اقتطع ويملكه من أخذه أو وقع في حجره مع القصد له وبدون القصد وجهان.
باب عشرة النساء.
من تزوج حرة وجب تسليمها إليه إن طلبه وتسلمها عليه إن بذلته إذا استكملت تسع سنين إلا أن يكون بها ما يمنع الاستمتاع بالكلية ويرجى زواله من مرض وإحرام ونحوه فلا يجب معه ابتداء تسليم ولا تسلم.
وأيهما سأل أن يمهل مدة ليصلح أمره أمهل بقدرها ويجب التسليم والتسلم في داره إلا أن تشترط دارها فيجب فيما شاءت منهما وولي من به صغر أو جنون منهما بمنزلته في ذلك.

وإن تزوج أمة وجب تسليمها كما سبق ليلا ولا يجب نهارا إلا بشرط.
فإن بذلها فيه السيد بلا شرط لزم الزوج قبوله وإن كانا شرطا أن يكون فيه عند السيد فوجهان.
وعلى الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف ويجتنبا تكره بذل الواجب1 وله أن يستمتع بها مالم يضر أو يشغلها عن فرض.
وعليه أن يطأها في كل أربعة أشهر مرة مع القدرة وأن يبيت ليلة من كل أربع عند الحرة ومن كل سبع عند الأمة وقيل ثمان وينفرد إن شاء فيما بقى فإن أبى ذلك من غير عذر وطلبت الفرقة فرق بينهما وعنه لا يفرق بذلك وعنه ما يدل على أنه لا يلزمه وطء ولا بيتوتة إذا لم يتركهما ضرارا.
ومن سافر عن زوجته فوق ستة أشهر وطلبت قدومه فأباه من غير عذر فرق بينهما نص عليه.
ولا يحل وطء زوجة ولا سرية في الدبر.
وله العزل عن سريته ولا يباح عن زوجته الحرة إلا بإذنها وإن كانت أمة لم يبح إلا بإذن سيدها نص عليها وقيل بل بإذنهما وقيل لا يباح العزل بحال وقيل يباح بكل حال.
ويستحب أن يقول عند الجماع "بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا" وأن لا تكثر الكلام معه وأنه لا ينزع قبل فراغها وأن يتوضأ لمعاودة الوطء.
وله إلزامها بغسل الحيض وإزالة النجاسة والشعر الذي تعافه النفس وترك السكر وتناول المحرمات وفي غسل الجنابة روايتان وفي المنع من أكل مباح يؤذي ريحه وجهان وعنه لا تجبر الذمية على غسل الحيض أيضا فيطأ بدونه وله أن يجمع بين نسائه وإمائه بغسل.
__________
1 كذا بالأصل ولعل الصواب "ويجتنبا ما يكرهما في بذل الواجب".

ولا يطأ إحداهن بحيث تراه أخرى ولا يحدثها بما يحرى بينهما.
وليس له أن يجمع بين زوجتين في مسكن إلا برضاهما.
وله منع زوجته عن الخروج من منزله والأولى أن يأذن فيه لمرض بعض محارمها أو موته وله السفر بها مالم تشترط بلدها.
وإن كانت أمة لم يملكه إلا بإذن سيدها وهل يملكه سيدها بدون إذن الزوج على وجهين.
وللسيد السفر بعبده المزوج بدون إذن زوجته نص عليه.

باب القسم

باب القسم
وعلى الرجل أن يساوي بين زوجاته في القسم وعماده الليل فيخرج في نهاره لمعاشه وقضاء حقوق الناس إلا من معاشه الليل كالحارس ونحوه فعماد قسمه النهار.
وليس له البداءة بإحداهن ولا السفر بها لنقلة أو غيبة إلا بقرعة أو رضا من البواقي ولا تسقط القرعة بالقضاء لمن بقي إلا في سفر الغيبة وفي سفر النقلة وجهان وتقضي ما تخلله السفر أو تعقبه من الإقامة وإذا بات عند واحدة بقرعة أو غيرها لزمه المبيت عند الثانية ولا تجب التسوية في الوطء.
ويقسم لزوجته الأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن كانت كتابية والمعتق بعضها بحساب ذلك والحائض والنفساء والمريضة والمميزة والمجنونة التي لا يخشى منها والمعيبة ولغيرهن فيه.
وإذا عتقت الأمة في نوبتها أو في نوبة الحرة وهي المتقدمة فلها قسم حرة.
وإن عتقت في نوبة الحرة وهي المتأخرة فوجهان أحدهما تتم الحرة نوبتها على حكم الرق والثاني يسوى بينهما بقطع أو استدراك.
ومن دخل في نوبتها إلى أخرى لم يجز ليلا إلا لضرورة ولا نهارا

إلا لحاجة ثم إن لم يطل لم يقض وإن لبث لضرورة أو غيرها أو وطء قضى مثله من نوبة الأخرى وقيل لا يجب قضاء الوطء.
ولا قسم ولا نفقة لمن أبت المبيت عنده أو السفر معه أو سافرت بدون إذنه وإن سافرت بإذنه في حاجة له فهما له وإن كانت الحاجة لها فوجهان فيهما وقيل لها النفقة دون القسم.
وإذا تزوج بكرا أقام عندها سبعا ثم دار وإن كانت ثيبا فلها ثلاثا وإذا اختارت سبعا ويقضيهن للبواقي فلها ذلك.
وإذا زفت إليه أمرأتان وفاهما حق العقد وبدأ بمن سبقت فإن زفتا معا فيمن قرعت وإن أقرع كذلك وهو يريد السفر دخل حق العقد في قسم السفر فيقضيه إذا قدم الأخرى وقيل يسقط فلا يقضيه وقيل يقضيه لهما.
ومن طلق امرأة لها قسم لم تستوفه فقد عصى ومتى نكحها لزمه قضاؤه.
ومن وهبت قسمها لضرة لها بإذنه جاز وإن وهبته له جعله لمن شاء منهن حرة كانت أو أمة وقيل لا تهبه الأمة إلا بإذن السيد وهل له نقله عن مكانه لكل يلي نوبة الموهوبة على وجهين.
ومتى عادت في الهبة عاد حقها من حين رجعت ولو بذلت حقها بعوض لم يصح ذلك.
ولو أراد تسريحها بإحسان فبذلت أن يمسكها بلا قسم أو بلا نفقة جاز ذلك ولها فيه الرجوع.
ومن قسم لاثنتين من ثلاث ثم ترتب له رابعة بعود في هبة أو عن نشوز أو بنكاح وفاها عقدها وجعل ربع الزمن المستقبل للرابعة وثلاثة أرباعه للثالثة حتى يكتمل حقها ثم يستأنف التسوية بينهن.
ولا قسم عليه فيما ملكت يمينه وله الاستمتاع بهن متى شاء وإن أخذ من زمن الزوجات لكن يسوى في حرمانهن.

باب النشوز

باب النشوز
إذا بانت أماراته بأن تمنعه حقه أو تجيب متبرمة: زجرها بالقول ثم يهجرها في المضجع والكلام دون ثلاث ثم يضرب ضربا غير مبرح.
وإن ادعى كل واحد منهما أن الآخر ظلمه أسكنهما الحاكم بقرب ثقة يشرف عليهما ويلزمهما الإنصاف فإن تعذر وصارا إلى الشقاق بعث الحاكم حكمين مسلمين عدلين وفي اعتبار حريتهما وجهان والأولى كونهما من أهلهما فيكشفان عن حالهما ويفعلان بتوكيل الزوجين لهما ما يريانه إصلاحا من جمع أو فرقة بعوض أو بدونه فإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا وعنه يجبر الزوج أن يوكل في الفرقة بعوض وغيره وتجبر المرأة أن توكل في بذل العوض فإن فعلا وإلا جعله الحاكم للحكمين.
فإن غاب الزوجان أو أحدهما بقي نظر الحكمين على الرواية الأولى دون الثانية وقيل يبقى عليهما.
وإن جنا انقطع نظرهما على الأولى دون الثانية وقيل ينقطع عليهما.

باب الخلع

باب الخلع
الخلع لسوء عشرة بين الزوجين جائز لا يكره إلا إذا منعها حقها لتختلع منه ففعلت ولم تكن زنت فإنه لا يصح ولو وقع وحالها مستقيم كره وصح وعنه لا يصح وإذا لم نصححه رد العوض والنكاح بحاله إلا حيث نجعله طلاقا فإن وقع وقع رجعيا.
ويصح الخلع من كل زوج يصح طلاقه ومن والد الصبي والمجنون وسيدهما إن صححنا طلاقهما عليهما المذهب لا يصح.
ويصح بذل عوضه من كل زوجة جائزة التبرع ومن الأجنبي بأن يقول خالع زوجتك على ألف أو على سلعتي هذه وكذلك إن قال على مهرها أو سلعتها وأنا ضامن أو على ألف في ذمتها وأنا ضامن فتجيبه فيصح.

ويلزم الأجنبي وحده بذل العوض فإن لم يضمن حيث سمى العوض منها لم يصح الخلع وقيل إذا قلنا الخلع فسخ لم يصح مع الأجنبي بحال.
ولا يصح الخلع من صغيرة ولا سفيهة بحال لكن حيث يجعله طلاقا يقع رجعيا.
وإن اختلعهما وليهما بماليهما فهو كخلع الأجنبي بسلعة الزوجة وكذلك خلع الزوجة بسلعة الغير.
ويصح خلع الأمة بإذن سيدها ومحل العوض كمحله في استدانتها ولا يصح بدون إذنه بحال وقيل يصح وتتبع بعوضه بعد العتق.
ويصح أن يقبض المميز والسفيه والعبد غير المكاتب عوض خلعهم لغيرهم قاله القاضي ونص عليه أحمد في العبد وقيل لا يصح أن يقبضه إلا الولي والسيد.
والخلع طلقة بائنة وعنه بلفظ الخلع والمفاداة والفسخ فسخ لا ينقص به عدد الطلاق بحال وعنه إن نوى بهن الطلاق فهو طلاق وإلا فهو فسخ وهو الأصح.
ولا يقع بمعتدة من خلع طلاق بحال.
ومن طلق بعوض بشرط الرجعة لغا الشرط وحده لشرط الخيار فيه وقيل يلغو معه ويجب قدر مهرها وقيل يقع رجعيا بغير عوض.
وكل ما صح مهرا صح الخلع به لكن يكره بأكثر مما أعطاها تنزيها نص عليه وقال أبو بكر تحريما فيرد الزيادة.
ولا يصح الخلع إلا بعوض وعنه يصح بدون ذكره ولا يجب شيء فإن جعلا عوضه محرما يعلمانه كخمر وحر فهو كالخالي من ذكره وإن جعلاه

مالا يصح مهرا لغرر أو جهالة صح الخلع به على الثانية ووجب فيما يجهل حالا ومآلا كدار وثوب ونحوهما أدنى ما يتناوله الاسم وأما فيما يتبين في المال كحمل أمتها وما يحمل شجرها وآبق منقطع خبره وما في بيتها من متاع أو في يدها من الدراهم فله ما يتكسب أو يحصل منه ولا شيء عليها لما يتبين عدمه إلا ما كان بتغرير كمسألة المتاع والدراهم فيلزمها ثلاثة دراهم وأدنى ما يسمى متاعا.
وأما على الرواية الأولى ففيه خمسة أوجه.
أحدها وهو ظاهر كلامه صحه الخلع بالمسمى كما سبق لكن يجب أدنى ما يتناوله الاسم لما يتبين عدمه وإن لم تكن غرته كحمل الأمة والشجر.
الثاني صحته بمهرها فيما يجعله حالا ومآلا وصحته بالمسمى فيما يرجى تبينه فإن تبين عدمه رجع إلى مهرها وقيل إذا لم تغره فلا شيء عليها.
الثالث فساد المسمى وصحة الخلع بقدر مهرها.
الرابع بطلان الخلع قاله أبو بكر.
الخامس بطلانه بالمعدوم وقت العقد كما يحمل شجرها وصحته مع الوجود يقينا أو ظنا ثم هل يجب المسمى أو قدر المهر أو يفرق بين المتبين مآلا وبين غيره مبني على ما سبق.
وإذا خالعها على عبد مطلق فله الوسط إن قلنا به في المهر وإلا فهل له أي عبد أعطته أو قدر مهرها أو الخلع باطل ينبني على ما تقدم.
وإن خالع الحامل على نفقة عدتها منه صح وبرىء منها نص عليه وعلى قول أبي بكر الخلع باطل وقيل إن أوجبنا نفقة الزوجة بالعقد صح وإلا فهو خلع بمعدوم وقد بينا حكمه.
وإذا خالعها على إرضاع ولده مدة معينة فمات الولد رجع بأجرة بقية المدة.

وإذا تخالع كافران على خمر أو خنزير ثم أسلما قبل قبضه فلا شيء له وقيل له قيمته عند أهله وقيل له مهر المثل.
وإذا قالت طلقني بألف أو على ألف أو ولك ألف أو اخلعني كذلك أو إن طلقتني فلك علي ألف فقال طلقتك أو خالعتك طلقت وله الألف إذا كان في المجلس وإلا فلا يقع شيء ولها أن ترجع قبل إصابتها.
وإن قالت طلقني واحدة بألف أو على ألف فقال أنت طالق ثلاثا استحق الألف وإن قال أنت طالق ثلاثا بألف فهل يستحقها أو ثلثها على وجهين فإن قالت طلقني ثلاثا بألف أو ولك أو علي ألف فطلقها واحدة فهي تطليقة رجعية ولا شيء عليه نص عليه وقيل هي بائن بثلث الألف فإن كانت معه على واحدة والمسألة بحالها استحق الألف وقيل ثلثها إذا لم تعلم.
وإذا قال ابتداء أنت طالق بألف أو علي ألف أو وعليك ألف فلم تقبل طلقت رجعيا على المنصوص وقال القاضي في موضع تطلق إلا في الصورة1.
وقال ابن عقيل لا تطلق إلا في الآخرة2.
ويتخرج أن لا تطلق فيهن بناء على نظيرتهن في العتق.
ولو قبلته في المجلس بانت ولزمتها الألف على كل قول وقيل إذا جعلناه رجعيا بلا قبول فكذلك إذا قبل.
ومن قالت له زوجتاه طلقنا فطلق إحداهما بانت بقسطها من الألف ولو قالته إحداهما فكذلك عند القاضي.
وقيل وهو أصح إن طلاقه رجعي ولا شيء له.
__________
1 كذا في الأصل
2 في نسخة بالهامش "تطلق في الآخرة"

وإذا تخالعا بلفظ الخلع أو المفاداة أو الفسخ تراجعا بما بينهما من حقوق النكاح كما لو كان بلفظ الطلاق وعنه تسقط إن سكت عنها ولا تسقط بذلك نفقة العدة ولا بقية شيء خولع ببعضه.
وإذا كان مهرها مائة فخالعته قبل الدخول بخمسين فإنه يسقط عنه كله وقيل ثلاثة أرباعه ويبقى ربعه.
وإن قالت بالخمسين التي تستقر لي أو بخمسين منه على أن لا تبعة لي عليك أو بخمسين ولم تذكر المهر سقط كله وجها واحدا.
وإذا خالعته في مرض موتها فله المسمى إلا أن يزيد على إرثه منها وللورثة منع الزيادة.
ولو طلقها في مرضه طلاقا يمنع الإرث ثم أقرأ أو أوصى لها بشيء أعطيته ما لم يزد على إرثها منه ولو خالعها في مرضها وحاباها فهو من رأس المال.
وإذا خالع وكيل المرأة بمهرها مع الإطلاق أو بما قدرت لها مما دونها أو خالع وكيل الزوج بقدر المهر مع الإطلاق أو بما قدر له فما فوقهما لزم الخلع بذلك.
وإن خالف وكيلها بزيادة أو وكيله ينقص فقيل يبطل الخلع وقيل يصح ويضمن الوكيل الزيادة أو النقص وقيل لا يصح الخلع من وكيله والنكاح بحاله ويصح من وكيلها ويضمن الزيادة.
والطلاق المعلق بعوض كالخلع في الإبانة.
فإذا قال إن أعطيتيني ألفا أو إذا أذنتيني فأنت طالق فأعطته المسمى بأن أحضرته وأذنت في قبضه على فور أو تراخ بانت به وإن قال إن أعطيتيني هذا العبد أو هذا الثوب الهروي فأنت طالق فبان معيبا أو بان الثوب مرويا بانت منه ولا شيء له وقيل له رده وأخذ قيمته بالصفة سليما كما لو نجز الخلع عليه ولو بان حرا أو مغصوبا لم تطلق وعنه تطلق وله قيمته.

فإذا قال إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق فأي عبد أعطته بانت وملكه نص عليه.
وقال القاضي له عبد سليم وسط فمتى أعطته معيبا أو دون الوسط فله رده وطلب بدله والبينونة بحالها ولو بان مغصوبا لم تطلق.
ولو قال إن أعطيتيني ثوبا هرويا فأنت طالق فأعطته ثوبا فبان هرويا لم تطلق وإذا قال إن أعطيتيني خمرا أو هذا الخمر فأنت طالق ففعلت طلقت رجعيا ولا شيء عليها.
وإذا قال لزوجتين مكلفة ومميزة أنتما طالقتان بألف إن شئتما فقالتا قد شئنا بانت المكلفة بقسطها من الألف وطلقت المميزة رجعية بغير شيء وعنه لا مشيئة للمميزة فلا تطلق واحدة منهما.
وإذا اختلفا فقال خالعتك بألف فأنكرته أو قالت إنما خالعت غيري بانت بقوله والقول قولها مع يمينها في نفي العوض وإن قالت نعم وضمنها غيري لزمتها.
وإن اختلفا في قدر عوض الخلع أو تأجيله أخذ بقول المرأة نص عليه.
ويتخرج إذا شرطنا فيه العوض وكان بغير لفظ الطلاق أن يتحالفا ويرجع إلى المهر ويتخرج أن يؤخذ بقول الزوج إذا لم يجاوز المهر.

كتاب الطلاق
مدخل

كتاب الطلاق
لا يقع الطلاق إلا من زوج وعنه أن والد الصبي والمجنون وسيدهما يطلق عليهما ويقع في كل نكاح فاسد مختلف فيه كالمعقود بلا ولي نص عليه.
ويقع بائنا وقيل إن لم يعتقد صحته لم يقع.
ولا يقع في نكاح الفضولي قبل الإجازة وإن نفذناه.
ولا يقع إلا من عاقل بالغ وعنه يقع من المميز الذي يعقله.
ولا طلاق لمن أزال عقله إلا بسكر محرم فإنه على روايتين.
وكذلك الروايتان في عتقه ونكاحه وظهاره وإيلائه وبيعه وشرائه وردته وإسلامه وقذفه وسائر أقواله وزناه وقتله وشربه وسرقته وكل فعل يعتبر له العقل وعنه أنه كان كالمجنون في أقواله وكالصاحي في أفعاله.
وعنه أنه في الحدود كالصاحي وفي غيرها كالمجنون.
وعنه أنه فيما يستقل به مثل عتقه وقتله وغيرهما كالصاحي وفيما لا يستقل به مثل بيعه ونكاحه ومعاوضاته كالمجنون حكاها ابن حامد.
وألحق بعض أصحابنا من تناول البنج ونحوه كالسكران وفرق أحمد بينهما فألحقهما بالمجنون.
ولا طلاق ولا عتق ولا حلف لمن أكره عليه ظلما بالضرب أو الحبس أو عصر الساق أو أخذ المال إذا كان مثله يتضرر به ضررا بينا أو هدد بالقتل أو قطع الطرف من قادر يغلب على ظنه تحقيق تهديده إن لم يجبه وفي تهديده بغير القتل والقطع روايتان.
ويكره الطلاق لغير حاجة وعنه يحرم ويباح عند الحاجة إليه.
والسنة لمن أراده أن يطلق واحدة في أثناء طهر لم يصبها فيه ثم يدعها حتى تنقضي عدتها.

فإن طلق المدخول بها في حيض أو طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها أو في آخر طهر لم يصبها فيه كمن قال أنت طالق في آخر طهرك فهو طلاق بدعة يقع ويأثم به وتستحب رجعتها وعنه تجب رجعة للطلقة في الحيض ولا يطلقها في الطهر المتعقب له فإنه بدعة وعنه جواز ذلك.
ولو طلقها ثنتين أو ثلاثا بكلمة أو كلمات في طهر فما فوقه من غير مراجعة وقع وكان للسنة وعنه للبدعة وعنه الجمع في الطهر بدعة والتفريق في الأطهار سنة.
ولو طلق الثانية في طهر واحد بعد رجعة أو عقد لم يكن بدعة على الروايات وكذلك الثالثة.
وإذا كانت المرأة صغيرة أو آيسة أو حاملا قد استبان حملها أو لم يدخل بها فلا سنة في طلاقها ولا بدعة وعنه تثبتان من حيث العدد وعنه تثبت سنة الوقت للحامل واختاره الخرقي.
فإن قال لحامل أنت طالق للبدعة لم يقع في الحال.
وعلى الأولى إذا قال أنت طالق طلقة للسنة وطلقة للبدعة طلقت طلقتين في الحال إلا أن ينوي في غير الآيسة إذا صارت من أهل ذلك فيدين وفي الحكم يخرج على وجهين وإن قال لمن لها سنة وبدعة طلقت طلقة في الحال وطلقة في ضد حالها الراهنة.
وإن قال لها أنت طالق ثلاثا نصفها للسنة ونصفها للبدعة طلقت طلقتين في الحال والثالثة في ضد حالها الراهنة قاله القاضي.
وقال ابن أبي موسى تطلق الثلاث في الحال.
وإن قال لمن لها سنة وبدعة أنت طالق للسنة طلقت في الحال إن كانت في طهر لم يصبها فيه وإلا لم تطلق حتى يوجد ذلك.
وإن قال أنت طالق للبدعة طلقت في الحال إن كانت في حيض أو طهر

أصابها فيه وإلا طلقت إذا وجد أسبقهما وعندي تطلق طلقتين في الحال إذا كان زمن السنة وقلنا الجمع بدعة.
وإن قال أنت طالق ثلاثا للسنة طلقت ثلاثا في طهر لم يصبها فيه وفي رواية ثلاثا في ثلاثة أطهار لم يصبها لم تصب فيها وفي رواية تطلق واحدة في الطهر الموصوف وتطلق الثانية طاهرة بعد رجعة أو عقد وكذا الثالثة.
وإذا قال لها أنت طالق أقبح الطلاق أو أسمجه فهو كقوله للبدعة ويكون ثلاثا إن قلنا جمعها بدعة.
وإن قال أحسن الطلاق أو أجمله فهو كقوله للسنة إلا أن ينوي بهما أحسن أحوالك أو أقبحها كونك مطلقة فتطلق في الحال.
وإن قال أنت طالق طلقة حسنة قبيحة طلقت في الحال.
وإذا قال لمن لا بدعة لها أنت طالق في كل قرء طلقة وقلنا الأقراء الحيض لم تطلق بهن في الحال إلا الحائض غير المدخول بها فإذا وجد الحيض ممن تحيض منهن وقع بكل حيضة طلقة.
وإن قلنا الأقراء الأطهار طلقن في الحال إلا الحائض غير المدخول بها وفي الصغيرة وجهان ثم يقع بكل طهر متجدد في غير الآيسة منهن طلقة.
ولا يجوز لوكيل المطلق في الطلاق أن يطلق في زمن البدعة فإن فعل فهل يقع على وجهين.
ويباح الخلع والطلاق بسؤال المرأة في زمن بدعة الطلاق وقيل هو بدعة.
والنفاس كالحيض في جميع ما ذكرنا.
وتنقضي بدعتهما بانقطاع الدم وقيل يقف على الغسل.

باب صريح الطلاق وكناياته

باب صريح الطلاق وكناياته
صريحه لفظ الطلاق وما تصرف منه لا غير وقال الخرقي صريحه ثلاثة الطلاق والفراق والسراح وما تصرف منهن.
فإذا أتى بصريحه جدا أو هزلا وقع باطنا وظاهرا وسواء نواه أو أطلق فإن صرفه إلى ممكن فأراد أنت طالق من وثاق أو أراد أن يقول طاهر فسبق لسانه بطالق أو أراد طالق في نكاح سابق منه أو من غيره لم تطلق فإذا ادعى ذلك دين ولم يقبل منه في الحكم وعنه يقبل إلا أن تكذبه قرينة من غضب أو سؤالها الطلاق ونحوه فلا يقبل.
وفيما إذا أراد في نكاح سابق وجه آخر أنه يقبل إن ثبت ذلك وإلا فلا.
ولو قال أنت طالق ثم قال أردت إن فعلت كذا قبل في الباطن دون الحكم نص عليه ويتخرج قبوله فيهما.
وإن قال أردت أن أقول إن فعلت كذا ثم بدا لي فتركت الشرط ولم أرد الطلاق بالكلية دين ويتخرج في الحكم على روايتين.
ومن لطم زوجته أو أطعمها أو ألبسها ثوبا ونحوه وقال هذا طلاقك لزمه الطلاق إلا أن يفسره بمحتمل غيره فيقبل وقيل لا يلزمه حتى ينويه.
وإذا قال أنت طالق لا شيء أو ليس بشيء أو طلقة لا تلزمك طلقت.
وإن قال أنت طالق أولا لم تطلق ولو قال أنت طالق واحدة أولا فوجهان.
ومن أوقع طلاقا أو ظهارا أو إيلاء بامرأة ثم قال عقيبه لأخرى أشركتك معها أو أنت مثلها كان صريحا في الثانية نص عليه.
وعنه ما يدل على أنه كناية وقيل في الإيلاء خاصة لا يلزمها وإن نواه.

ومن كتب طلاق زوجته ونواه أو لم تكن له نية وقع وعنه لا يقع إلا بنية.
وإن قال قصدت تجويد خطى ونحوه لا الطلاق قبل منه على الأصح وإن كتبه بشيء لا يبين لم يقع وقيل يقع.
وصريح الطلاق في لسان العجم بهشتم فإن قاله عربي لا يفهمه أو نطق عجمي بلفظ الطلاق ولا يفهمه لم يقع بحال وقيل إن نوى موجبه عند أهله وقع وإلا فلا.
وكنايات الطلاق ضربان ظاهرة وخفية.
فالظاهرة سبع أنت خلية وبرية وبائن وبتة وبتلة وأنت حرة وأنت الحرج.
والخفية نحو اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي واعتدي واستبرئي واعتزلي وخليتك وأنت مخلاة وأنت واحدة ونحوه.
واختلف عنه في الحقي بأهلك وحبلك على غاربك وتقنعي وغطي شعرك وتزوجي من شئت وحللت للأزواج ولا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك فعنه أنها ظاهرة وعنه خفية.
ولا.
يقع الطلاق بكناية إلا بنية تقارن أول اللفظ وقيل يكفي أن تقارن أي جزء منه فإن كانا في حال خصومة وغضب أو ذكر للطلاق وقال لم أرد بها الطلاق قبل منه.
وعنه لا يقبل في الحكم خاصة وقيل يقبل منه في الألفاظ التي يكثر استعمالها في غير الطلاق نحو اذهبي واخرجي وشبهه.
وإذا نوى بالكناية الظاهرة الطلاق لزمه ثلاث إلا أن ينوي دونها فيدين فيه ويكون رجعيا وفي قبوله في الحكم روايتان وعنه يقع بها طلقة بائنة.
وكذا الروايات في قوله أنت طالق بلا رجعة أو طالق بائن أو طالق البتة.

ولو قال أنت طالق بائنة وقعت رجعية وعنه بائنة كما قال.
وأما الكناية الخفية فيقع بها واحدة رجعية مالم ينو به أكثر.
ولا يقع الطلاق بلفظ لا يحتمله نحو كلي واشربي واقعدي وبارك الله عليك ونحوه.
ومن قيل له أطلقت امرأتك فقال نعم أو قيل له ألك امرأة فقال قد طلقتها يريد الكذب طلقت.
وقال ابن أبي موسى إنما تطلق في الحكم كما لو قال كنت طلقتها وإذا قال قد حلفت بالطلاق أن لا أفعل كذا وهو كاذب دين ولزمه الطلاق في الحكم وعنه يلزمه فيهما ويجعل إنشاء.
وإن قال ليس لي امرأة أو ليست لي امرأة ونوى الطلاق وقع وعنه لا يقع شيء فعلى الأولى لو أقسم الله على ذلك فقد توقف عنه أحمد فيحتمل وجهين.
فإن قال لزوجته أنت على حرام أو ما أحل الله منك علي حرام فهو ظهار إلا أن ينوي به الطلاق أو اليمين فيلزمه ما نواه وعنه أنه يمين إلا أن ينوي ظهارا أو طلاقا فيلزمه وعنه هو ظهار بكل حال ولو وصله بقوله أعني به الطلاق أو طلاقا طلقت وهل يلزمه الثلاث مع الألف واللازم على روايتين وعنه أنه ظهار فيهما كما لو قال أنت علي كظهر أمي أعني به الطلاق.
وإذا قال وهبتك لأهلك ينوي به الطلاق فقبلوها فواحدة رجعية وإن ردوها فلا شيء وعنه إن قبلوها فثلاث وإن ردوها فواحدة.
وكذلك قوله وهبتك لنفسك.
وإذا قال لها أمرك بيدك ينوي به الطلاق ملكته على التراخي.
ولو قال مكانه اختاري اختص بالمجلس ما داما فيه ولم يشغلا بما يقطعه نص عليه مفرقا بينهما ولو قال طلقي نفسك فبأيهما يلحق على وجهين.

ولو قال ذلك لأجنبي كان على التراخي في الجميع.
ولفظ الخيار وأمرها بيدها توكيل بكناية يفتقر إلى نية الزوج الطلاق ويبطل برجوعه وبرد من وكله فيه وإذا أوقعه الوكيل بصريح أو كناية مع نيته وقع.
وإن وكل فيه بصريح لفظ فأوقعه بكناية فعلى وجهين.
وكل من اعتبرنا نيته فالقول قوله فيهما.
وإذا ادعى الزوج أنه رجع قبل إيقاع الوكيل فالقول قوله ذكره أصحابنا.
ولا تملك المرأة بقوله اختاري أو طلقي نفسك فوق طلقة إلا بنية الزوج فأما أمرك بيدك أو طلاقك بيدك أو وكلتك في الطلاق فهل تملك به الثلاث على روايتين.
وإذا قال طلقي ثلاثا فطلقت واحدة أو بالعكس طلقت فيهما واحدة.
وإذا قال طلقي من ثلاث ما شئت لم تملك فوق اثنتين.
والأجنبي كالمرأة في ذلك كله.
وإذا قال لاثنين طلقا ثلاثا فطلق أحدهما دونهما وقع ما اجتمعا عليه.
وإذا نوى بقوله اختاري أو أمرك بيدك طلاقها في الحال لزمه.
ولا يصح تخيير مميز ولا توكيل مميز إذا لم نصحح طلاق المميز نص عليه.
باب ما يختلف به عدد الطلاق.
إذا قال لمدخول بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق طلقت ثلاثا إلا أن ينوي بالتكرار تأكيدا أو إفهامها فيقبل.
ولو قال أنت طالق فطالق أو طالق ثم طالق أو طالق طلقة بل طلقتين أو طلقة بعدها طلقة أو قبل طلقة طلقت طلقتين ولو لم يدخل بها طلقت بأول طلقة ولغا ما بعدها.

وإذا قال أنت طالق طلقة قبلها طلقة أو بعد طلقة طلقت طلقتين معا عند أبي الخطاب وقيل بل متعاقبتين فمن لم يدخل بها بانت بطلقة.
ولو قال أنت طالق طلقة بل طلقة أو طالق بل طالق طلقت المدخول بها طلقتين وعنه طلقة.
ولو قال أنت طالق طلقة معها طلقة أو مع طلقة أو طالق وطالق طلقت طلقتين معا وإن لم يدخل بها.
والمعلق كالمنجز في ذلك تقدم الشرط أو تأخر.
فإذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق أو فأنت طالق طلقه معها طلقتان أو مع طلقتين أو قال أنت طالق وطالق فطالق إن دخلت الدار فدخلت طلقت ثلاثا.
وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق فطالق أو ثم طالق ثم طالق لم تطلق حتى تدخل فتطلق واحدة إن لم يدخل بها وإلا فثلاثا.
وقال الماضي لا يتعلق بالشرط مع حرف ثم إلا طلقة فتطلق المدخول بها طلقتين في الحال وتقف طلقة على الشرط وتطلق من لم يدخل بها إذا أخر الشرط طلقة ويلغو ما بعدها وإن قدمه طلقت الثانية ولغت الثالثة وتعليق الأولى بحاله.
فإن قال أنت طالق هكذا وأشار بأصابعه الثلاث طلقت ثلاثا إلا أن يقول بعد المقبوضين فيقبل.
وإذا قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث طلقت طلقتين وعنه ثلاثا وإن قال أنت طالق طلقة في طلقتين ولا نية وقع به طلقتان عند أبي بكر وقيل طلقة وقيل طلقتان بالحاسب وطلقة بغيره وقيل طلقتان بالحاسب وبغيره ثلاث وإن نوى بذلك طلقة فقط أو نوى طلقة مع طلقتين أو نوى موجب الحساب لزمه ما نواه وقيل نية من لم يعرف الحساب له كالمعدومة.

وإن قال أنت طالق مثلما طلق فلان زوجته ولم يعلم بعدد ما طلق فلان فهل يقع طلقة أو مثل طلاق فلان إن كان أزيد على وجهين.
وإن قال أنت طالق واحدة بل ضرتك ثلاثا طلقت واحدة وضرتها الثلاث.
وإذا قال لثلاث نسوة هذه أو هذه وهذه طالق طلقت الثالثة مع إحدى الأوليين وتخرج بالقرعة وقيل يقرع بين الأولى وبين الأخيرتين معا فيعمل بذلك.
وإذا قال أنت طالق نصف طلقة أو نصفى طلقة أو نصف طلقتين طلقت طلقة.
وإن قال نصفى طلقتين أو ثلاثة أنصاف طلقة طلقت طلقتين وإن قال ثلاثة أنصاف طلقتين طلقت ثلاثا نقله مهنا.
وقال ابن حامد طلقتين.
وإن قال أنت طالق نصف طلقة سدس طلقة أو نصف وثلث وسدس طلقة أو نصفا وثلثا وسدسا أو نصف طلقة وثلثها وسدسها طلقت طلقة فيهن وإن قال نصف طلقة وثلث طلقة وسدس طلقة طلقت ثلاثا.
وإذا قال أنت طالق اليوم غدا طلقت واحدة إلا أن ينوي طالق اليوم وطالق غدا أو نصف طلقة اليوم ونصفها غدا فتطلق ثنتين وإن نوى نصفها اليوم وباقيها غدا لزمه طلقة وقيل طلقتان.
وإن قال لأربع أوقعت بينكن طلقة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا وقع بكل واحدة طلقة.
وعنه يقع طلقتان في الصورة الثانية وثلاث في الثالثة والرابعة.
وإن قال أوقعت بينكن خمسا وقع بكل واحدة طلقتان على الأولى وثلاث على الثانية وإن قال أوقعت بينكن طلقة طلقة وطلقة وقع بكل واحدة على

الروايتين ثلاث وقيل يقع بها واحدة على الأولى خاصة وإذا قال نصفك أو رجلك أو إصبعك أو دمك أو روحك طالق طلقت وقال أبو بكر في الروح لا تطلق وحكاه عن أحمد.
وإن قال شعرك أو ظفرك أو سنك طالق لم تطلق نص عليه ويحتمل أن تطلق.
وإن قال حملك أوريقك أو دمعك أو عرقك طالق لم تطلق.
ولو قال يدك طالق ولا يد لها أو قال إذا دخلت الدار فيمينك طالق فدخلت وقد قطعت فوجهان.
وإذا قال الطلاق لازم لي أو أنت طالق ولم ينو عددا لزمته واحدة وعنه ثلاث.
وإن قال أنت طالق ونوى الثلاث لزمته وعنه لا تلزمه إلا واحدة فعلى الأولى إن قال أنت طالق واحدة ونوى ثلاثا فوجهان.
وإن قال أنت طالق كل الطلاق أو أكثره أو جمعيه أو منتهاه أو كألف أو بعدد الحصى أو القطر أو الريح أو الرمل أو التراب طلقت ثلاثا وتلغى نيته للواحدة.
وإن قال أشد الطلاق أو أغلظه أو أطوله أو أعرضه أو ملء الدنيا طلقت واحدة إلا أن ينوي أكثر.
باب الاستثناء في الطلاق.
يصح استثناء الأقل دون الأكثر في عدد الطلاق والمطلقات والأقارير نص عليه وفي النصف وجهان وقيل يصح في الأكثر أيضا فإذا قال أنت طالق ثلاثا إلا واحدة طلقت طلقتين على المنصوص.
وقال أبو بكر لا يصح الاستثناء في عدد الطلاق بحال والتفريع على الأول فإذا قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلثا أو إلا اثنتين طلقت ثلاثا.

وإن قال ثلاثا إلا ربع طلقة أو خمسا إلا ثلاثا أو ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة أو ثلاثا إلا اثنتين أو طلقتين وواحدة إلا واحدة أو طلقتين ونصفا إلا طلقة فوجهان في كل مسألة من ذلك أحدهما تطلق ثلاثا وإلا طلقتين.
وكذلك إن قال أنت طالق وطالق وطالق إلا طالقا أو إلا طلقة فعلى الأول إن أراد هنا استثناء الطلقة من المجموع دين وفي الحكم وجهان.
وإن قال أنت طالق ثلاثا واستثنى بقلبه إلا واحدة لزمه الثلاث في الحكم عند أبي الخطاب وعندي يلزمه باطنا وحكما.
وكذلك إن قال نسائي الأربع طوالق واستثنى بقلبه إلا فلانة فإن لم يقل فيها الأربع قبل ولم تطلق فلانة قاله القاضي وقال ابن حامد تطلق في الحكم.
ويشترط للاستثناء الاتصال المعتاد وأن ينويه قبل تكميل المستثنى منه.
وكذلك الشرط الملحق والعطف المغاير والاستثناء بالمشبه في نية العدد حيث يؤثران.

باب الشك في الطلاق

باب الشك في الطلاق
إذا شك في الطلاق أو في شرطه بني على يقين النكاح ويستحب له ترك الوطء.
وقيل إن كان الشرط أمرا عدميا كقوله لقد فعلت كذا وهو شاك فيه أو لم أفعل اليوم كذا وانقضى اليوم ثم شك في فعله لزمه الطلاق وتمام التورع من الشك قطعه برجعة أو عقد إن أمكن وإلا فبفرقة متيقنة بأن يقول إن لم تكن طلقت فهي طالق.
وإذا شك أو واحدة طلق أو ثلاثا بني على اليقين وملك الرجعة ولم يحرم عليه الوطء بعدها وقيل يحرم إذا حرمنا وطء الرجعية لأنه تيقن حرمته ثم شك في حله.

ولو قال لامرأتيه إحداكما طالق ولم ينو معينة عينت المطلقة بالقرعة وعنه يعين أيتهما شاء.
وإن طلق إحداهما بعينها ثم أنسيها أو جهلها ابتداء كمن قال إن كان هذا الطائر غرابا ففلانة طالق وإن لم يكن غرابا فعلانة طالق وغاب ولم يعرفه فعنه لا يقرع ههنا وعليه اعتزالهما حتى يتبين الحال وعنه وهو المشهور أنه يقرع كما في المبهمة وعليه نفقتهما إلى حين التبين أو القرعة وإذا أقرعنا ثم قال ذكرت المعينة وقد أخطأتها القرعة طلقت وردت إليه الأخرى مالم تكن تزوجت ولم تكن قرعتها بحاكم نص عليه وقال أبو بكر وابن حامد يحكم عليه بطلاقهما.
ومن رأى طائرا فقال إن كان غرابا فزوجتي طالق ثلاثا وقال آخر إن لم يكن غرابا فزوجتي طالق ثلاثا بني كل واحد على يقين نكاحه ثم إن اعتقد خطأ صاحبه حل له الوطء وإن شك ولم يدر كف عنه حتما وقيل ورعا.
من قال لزوجته وأجنبية إحداكما طالق أو قال سلمى طالق واسمهما كذلك طلقت زوجته فإن قال أردت الأجنبية دين باطنا ولم يقبل منه في الحكم نص عليه ويتخرج أن يقبل.
وإذا قال لزوجته إحداكما طالق غدا فماتت إحداهما قبل الغد طلقت الثانية وقيل لا تطلق إلا بقرعة تصيبها وإذا قال أنت طالق لمن ظنها زوجته فبانت أجنبية طلقت زوجته وإن كان بالعكس فعلى روايتين وكذلك حكم العتق.
ومن نادى زوجة له فأجابته ضرتها أو لم تجبه وهي الحاضرة فقال أنت طالق يظنها المناداة طلقت دون المواجهة وعنه تطلق المواجهة أيضا في الحكم وإن قال علمت أنها غير المناداة طلقت وإن قال أردت طلاق المناداة وإلا طلقت المواجهة وحدها.

وإذا قال إن كنت تحبين بقلبك أن يعذبك الله بالنار فأنت طالق أو لم يقل بقلبك فقالت أحبه وهي كاذبة لم تطلق وقيل تطلق وقيل لا تطلق إن قال بقلبك وإلا طلقت.

باب تعليق الطلاق بالشروط

باب تعليق الطلاق بالشروط
لا يصح تعليقه من غير الزوج فإذا قال رجل أن تزوجت فلانة أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق لم تطلق إن تزوجها وعنه يصح فتعلق.
ولو قال لأجنبية إن فعلت كذا فأنت طالق فنكحها ثم فعله لم تطلق رواية واحدة.
وإذا علق الطلاق بشرط قد يقع كقدوم زيد أو يقع لا محالة كطلوع الشمس لم تطلق حتى ينعقد الشرط فإن قال عجلت ما علقته لم يتعجل.
وإذا قال أنت طالق إن قمت ثم قال سبق لساني بالشرط ومرادي التنجيز طلقت في الحال.
وإذا تخلل الشرط وحكمه غيرهما تخللا منتظما كقوله أنت طالق يا زانية إن قمت لم يقطع التعليق.
وقال القاضي يحتمل أن يقطعه وتجعل كسكتة كما لو قال بينهما سبحان الله أو أستغفر الله.
وإذا علق الطلاق بوجود مستحيل عادة أو في نفسه فالأول كقوله أنت طالق لا طرت أو إن طرت أو صعدت السماء أو قلبت الحجر ذهبا أو إن شاءت البهيمة ونحوه والثاني كقوله إن رددت أمس أو جمعت بين الضدين أو شربت الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء فيه ونحوه لم تطلق كما لو حلف بالله على ذلك لم يلزمه شيء وقيل تطلق ويلغو الشرط وقيل تطلق في القسم الثاني دون الأول.

ولو علق الطلاق بعدمه كقوله لأطيرن أو إن لم أصعد السماء أو لأشربن أو إن لم أشرب في مسألة الكوز ونحوه طلقت في الحال.
وقيل في القسم الثاني لا تطلق بحال وفي الأول هو كالممكن عادة في تأخر الحنث إلى آخر حياته وقيل لوقته كقوله لأطيرن اليوم لم تطلق إلا في آخر الوقت وإن أطلق طلقت في الحال واليمين بالله كالطلاق في ذلك وقيل لا كفارة فيها كالغموس على الماضي والظهار والعتق والحرام والنذر كالطلاق فيما ذكرنا كله.
وإذا قال أنت طالق اليوم إذا جاء غد لم تطلق وقيل تطلق في الحال وقيل تطلق في الغد.
وإن قال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم لم تطلق عند أبي بكر وقال أبو الخطاب تطلق في آخر يومه إذا لم يطلقها فيه.
فصل في أدوات الشرط الغالب استعمالها
وهي ست إن وإذا ومتى وأي ومن وكلما ولا يقتضى تكرار الفعل منها إلا كلما.
وفي منى وجهان و من وأي المضافة إلى الشخص يقتضيان عموم ضميرهما فاعلا كان أو مفعولا وجميعها للتراخي إذا خلت عن نية الفور وحرف النفي فإن دخلها النفي كانت للتراخي ما لم تكن نية أو قرينة بفورية وعنه متى عزم على الترك بالكلية حنث حالة عزمه.
ومتي وأي المضافة إلى الوقت وكلما للفور وفي إذا ومن وأي المضافة إلى الشخص وجهان.
فإذا قال إن قمت أو إذا قمت أو متى قمت أو كلما قمت أو أي وقت

قمت أو أيتكن قامت أو من قامت منكن فهي طالق فمن قامت طلقت فإن تكرر القيام منها لم يتكرر الطلاق إلا في كلما وفي متى الوجهان ولو قامت الأربع في مسألة من قامت وأيتكن قامت طلقن وكذلك إن قال من أقمتها أو أيتكن أقمتها ثم أقامهن طلقن كلهن.
وعلى قياسه لو قال أي عبيدي ضربته أو من ضربته من عبيدي فهو حر فضربهم عتقوا كما لو قال أي عبيدي ضربك أو من ضربك من عبيدي فهو حر فضربوه كلهم عتقوا.
وإذا قال للنسوة أيتكن لم أطأها اليوم فضرائرها طوالق ولم يطأ في يومه طلقن ثلاثا ثلاثا.
وكذلك لو قال أيتكن حاضت فضرائرها طوالق ثم قلن قد حضن أو قال أيتكن لزمها طلاقي فضرائرها طوالق ثم قال لإحداهن أنت طالق طلقن ثلاثا ثلاثا.
وإذا اجتمعت شروط في عين كقوله إن كلمت رجلا فأنت طالق وإن كلمت فقيها فأنت طالق وإن كلمت شريفا فأنت طالق فكلمت رجلا ففيها شريفا طلقت ثلاثا.
وإذا قال إن أكلت رمانة فأنت طالق وإن أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت طلقتين.
ولو أتى بكلما مكان إن طلقت ثلاثا.
وإذا قال لأربع إن طلقت واحدة منكن فعبد من عبيدي حر وإن طلقت اثنتين فعبدان حران وإن طلقت ثلاثا فثلاثة أحرار وإن طلقت أربعا فأربعة أحرار ثم طلقهن معا أو متفرقات عتق عشرة أعبد.
ولو قال كلما مكان إن عتق خمسة عشر وقيل عشرون وقيل عشرة وهو خطأ.

وإذا قال إن لم أطلقك فأنت طالق فلم يطلق حتى مات أحدهما أوقال فضرتك طالق فمات أحدهم طلقت إذا بقى من حياة الميت مالا يتسع لقول أنت طالق.
وإن قال متى لم أطلقك أو أي وقت لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن تطليقها فيه طلقت.
وكذلك حكم إذا لم أطلقك أو أيتكن لم أطلقها أو من لم أطلقها منكن في وجه وفي وجه هو كحكم إن لم أطلقك.
ولو قال كلما لم أطلقك فأنت طالق فمضى ما يتسع لإيقاع ثلاث مترتبة لزمه ثلاث كذلك فإن لم يدخل بها بانت بالأولى.
وإذا قال أن قمت بفتح الهمزة فهو شرط إلا أن يقوله عارف بالعربية فتطلق في الحال وقال الخلال إذا لم ينو مقتضاه فهو شرط أيضا.
وإذا قال أنت طالق إن قمت أو قعدت أو لا قمت ولا قعدت طلقت بأحدهما.
ولو قال إن قمت وقعدت أو لا قمت وقعدت طلقت بهما كيفما وجدا وعنه بأحدهما.
وإذا ألحق شرطا بشرط بحرف الفاء فقال أنت طالق إن قمت فقعدت لم تطلق إلا بهما مرتين كما ذكر ولو ألحقه بإن أو بأن أو بإذا كقوله إن قمت إن قعدت أو قال إن قمت إذا قعدت لم تطلق حتى ينعدم المؤخر ذكره.
وإذا قال إن قمت أنت طالق فهو كما لو قاله بالفاء وقيل إن نوي الشرط وإلا طلقت في الحال كما لو قاله بالواو.

فصل في التقييد بالأوقات
إذا قال أنت طالق في هذا اليوم أو في هذا الشهر طلقت في الحال وإن قال في الغد أو في شهر كذا طلقت في أولهما فإن قال أردت في آخر اليوم أو في آخر والغد دين وهل يقبل في الحكم على روايتين.
ولو قال أنت طالق غدا أو يوم كذا وقال أردت آخره لم يقبل في الحكم ولم يدين على ما رواه مهنا وقيل يدين.
وإذا قال أنت طالق اليوم أو غدا أو أنت طالق غدا أو بعد غد طلقت في أسبق الوقتين.
وإذا قال أنت طالق في اليوم وفي غد وفي بعد غد طلقت ثلاثا ولو قاله بدون حرف في طلقت واحدة وقيل فيهما تطلق ثلاثا وقيل واحدة.
وإذا قال أنت طالق إلى شهر طلقت بمضي شهر إلا أن ينوي منجزا فيقع ويلغو توقيته.
وإذا قال أنت طالق في غد إذا قدم زيد فقدم فيه طلقت عقب قدومه.
وقال أبو الخطاب تطلق من أول الغد.
وإن قال أنت طالق يوم يقدم فلان ونوى باليوم الوقت طلقت ساعة يقدم من ليل أو نهار وإن نوى به النهار فقدم ليلا لم تطلق وإن قدم نهارا طلقت من أوله وقيل عقيب قدومه وإن لم ينو شيئا فهو كمن نوى الوقت وقيل كمن نوى النهار وإن قدم به مكرها أو ميتا لم يحنث وعنه أنه يحنث واختاره أبو بكر في التنبيه.
وإذا قال أنت طالق في أول آخر الشهر طلقت بطلوع فجر آخر يوم منه وقيل بأول ليلة السادس عشر منه وإن قال في آخره ففيه الوجهان وقيل تطلق في آخر جزء منه وإن قال في أوله طلقت بدخوله وإن قال في آخر

أوله طلقت بطلوع فجر أول يوم منه وقيل بغروب شمسه وقيل في آخر اليوم الخامس عشر منه.
وإذا قال مضت سنة فأنت طالق طلقت بمضي اثني عشر شهرا وهل كلها بالعدد أو واحد منها علي روايتين تقدم أصلهما.
وإن قال إذا مضت السنة فأنت طالق طلقت في سلخ ذي الحجة من سنة تعليقه.
فإن قال أردت بها اثني عشر شهرا خرج قبوله في الحكم على روايتين.
وإن قال أنت طالق في كل سنة طلقة طلقت طلقة في الحال وطلقة في أول محرم إن كانت يومئذ في نكاحه والثالثة في الآخر إلا أن يقول أردت بالسنة اثني عشر شهرا فإنه يقبل منه هنا ويصير بين كل طلقتين سنة كاملة.
وإن قال أردت أن تكون ابتداء السنين في المحرم المقبل دين وفي الحكم يخرج على روايتين.
ومتى كانت بائنا منه في مفتتح العام الثاني ثم نكحها في أثنائه طلقت الثانية عقيب العقد وكذا حكم الثالثة في الثالث ولو دامت بائنا حتى مضى العام الثالث لم تطلق بعده.
وإذا قال أنت طالق عند رأس الهلال أو إذا رأيت الهلال طلقت إذا رأى أو أكملت العدة عقيب غروب الشمس فإن قال أردت بالرؤية أن تراه بنفسها قبل ويتخرج أن لا يقبل إذا لم تكن قرينة.
وإذا قال إن رأيت فلانا فأنت طالق فرأته ميتا أو في ماء أو زجاج شفاف طلقت وإن رأت خياله في ماء أو مرآة لم تطلق.
وإذا قال أنت طالق أمس لم تطلق لذلك إلا أن يريد به الطلاق في الحال حكاه القاضي عن أحمد واختاره أبو بكر وقيل تطلق وإن لم ينو ويلغو ذكر أمس.

ونقل عنه مهنا إذا قال أنت طالق أمس وإنما تزوجها اليوم فليس هذا بشيء فمفهومه إن كانت في زوجيته بالأمس طلقت ولو قال أردت به الإخبار بطلاق ماض مني أو من فلان وأمكن ذلك قبل منه ويتخرج إذا قلنا تطلق بلا نية أن لا يقيل منه في الحكم إلا أن يعلم من غير جهته.
وإذا قال أنت طالق قبل أن أتزوج بك فهو كقوله أمس ولم تكن فيه زوجته كما تقدم وحكى عن أبي بكر تطلق هنا بخلاف ما لو قال في أمس حملا للفظه علي زوجية متوقعة في المستقبل.
وإذا قال أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم قبل كمال الشهر لم تطلق.
وإن قدم بعد شهر وجزء يتسع لوقوع الطلاق تبينا أنه وقع فيه فإن خالعها بعد اليمين بيوم وقدم زيد بعد الشهر بيومين صح الخلع وبطل الطلاق وإن قدم بعد شهر وساعة وقع الطلاق دون الخلع ولو قال قبل موتي بشهر فالحكم على ما فسرنا.
وإذا قال أنت طالق قبل موتي طلقت في الحال وإن قال مع موتي لم تطلق وإن قال يوم موتي احتمل وجهين.
وإذا تزوج بأمة والده ثم قال إذا مات أبي أو قال إذا اشتريتك فأنت طالق ثم مات أبوه أو اشتراها طلقت وقيل لا تطلق ولو كان قال إذا مالكتك فأنت طالق لم تطلق وجها واحدا.
ولو دبرها الأب وخرجت من ثلثه وقع العتق والطلاق معا.
فصل في التعليق بالحيض والحمل والولادة
وإذا قال لحائض أو طاهر إذا حضت حيضة فأنت طالق طلقت بانقطاع الدم من أول حيضة تستقبلها وقيل لا تطلق حتى تغتسل منها وإن لم يقل حيضة طلقت أول الحيضة المستقبلة ومتى بان أن الدم ليس بحيض تبينا أن لا طلاق.

وإن قال إذا طهرت فأنت طالق طلقت بابتداء أول طهر تستقبله.
وإن قال إن حضت نصف حيضة فأنت طالق فمتى حاضت حيضة مستقرة تبينا وقوع الطلاق في نصفها وقبل التبين هل يحكم بوقوعه ظاهرا بمضي نصف العادة أو سبعة أيام ونصف كلها ذات دم على وجهين.
وقيل يلغو قوله نصف حيضة ويصير كقوله إن حضت وقيل يلغو النصف ويصير كقوله إن حضت حضية.
ومن علق طلاقها بالحيض ثم ادعته فكذبها أو ادعاه فكذبته طلقت فيهما.
وإن قال إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فادعته وكذبها طلقت دون الضرة وإن قال إن حضتما فأنتما طالقتان ثم ادعتاه فصدعهما طلقتا وإن كذبهما فلا طلاق وإن صدق إحداهما لم تطلق إلا المكذبة وإن قال ذلك لأربع فقلن قد حضن فصدقهن طلقن وإن صدق ثلاثا طلقت الكذبة دونهن وإن صدق أقل من ثلاث فنكاح الأربع بحالة ولو قال كلما حاضت إحداكن فضراتها طوالق فقلن قد حضن فصدقهن طلقن ثلاثا ثلاثا وإن صدق واحدة لم تطلق وطلق البواقي طلقة طلقة وإن صدق اثنتين طلقتا طلقة طلقة والمكذبتان طلقتين طلقتين والمكذبة ثلاثا.
وإن قال لزوجتيه إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان لم تطلقا إلا بحيضتين منهما وقيل تطلقان بالشروع فيهما وقيل تطلقان بحيضة من إحداهما وقيل لا تطلقان بحال.
وإذا قال إن كنت حاملا فأنت طالق ثم ولدت بعد ما مضى ليمينه أكثر مدة الحمل لم تطلق وإن لم يمض طلقت من وقت اليمين إلا أن يطأها بعدها وتلده لسنة أشهر فصاعدا من أول وطئه فلا تطلق في الأصح عند أصحابنا.
والمنصوص عنه إن ظهر الحمل للنساء أو خفي فولدت لغالب المدة تسعة أشهر

فما دونها طلقت بكل حال ولا يحرم وطؤها عقيب اليمين مالم يظهر بها حمل وعنه يحرم بدون الاستبراء بحيضة مستقبلة أو ماضية لم يطأها بعدها.
ولو قال إن لم تكوني حاملا فأنت طالق فالحكم على عكس التي قبلها وقيل بعدم العكس في الصورة المستثناة وأنها لا تطلق لئلا يزال يقين النكاح بشك الطلاق.
ويحرم وطؤها عقب هذه اليمين إلى أن يظهر حملها وتزول الريبة فإن مضت ثلاثة أقراء ولم يظهر لها ريبة أبيحت للأزواج.
وإذا قال لها إذا حملت فأنت طالق فبانت حاملا طلقت في طاهر كلامه لأنه قال إذا قال لها إذا حملت فأنت طالق ثلاثا لم يقر بها حتى تحيض فإذا طهرت وطئها ثم أمسك حتى تحيض ثم تطهر ثم يطؤها عند كل طهر مرة وعندي أنه لا يمنع من قربانها مرة في أول مرة وأنها لا تطلق إلا بحمل متجدد.
وإذا قال أنت طالق طلقة إن كان حملك ذكرا وطلقتين إن كان أنثى فكان ذكرا وأنثى لم تطلق.
وإن قال أنت طالق طلقة إن كنت حاملا بذكر وطلقتين إن كنت حاملا بأنثى بان أنها قد طلقت ثلاثا.
وإذا قال إن ولدت فأنت طالق فإن ألقت ما تصير به الأمة أم ولد طلقت وإلا فلا فإن قالت قد ولدت فأنكر فالقول قوله فلا تطلق وقيل إن كان مقرا بالحمل طلقت وإلا فلا فإن شهد النساء بما قالت طلقت ويتخرج أن لا تطلق حتى يشهد من يثبت ابتداء الطلاق بشهادته كمن حلف بالطلاق ما غصبت أولا غصبت كذا ثم ثبت عليه الغصب برجل وامرأتين أو شاهد ويمين هل يثبت عليه الطلاق على وجهين.
فإن قال أنت طالق طلقة إن ولدت ذكرا وطلقتين إن ولدت أنثى فولدتهما

معا طلقت ثلاثا وإن سبق أحدهما بدون ستة أشهر وقع ما علق به وانقضت العدة بالثاني فلم يقع به شيء.
وقال ابن حامد يقع المعلق به أيضا فعلى الأولى إن أشكل السابق طلقت طلقة لتيقنها ولغا ما زاد.
وقال القاضي قياس المذهب تعيينه بالقرعة وإن كان بينهما فوق ستة أشهر فالحكم كما فصلنا إن قلنا الثاني تنقضي به العدة ولا يلحق بالمطلق وإن قلنا لا تنقضي به العدة أو ألحقناه به كملت به الثلاث.
وإذا قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ثلاثا مما طلقت ثلاثا وإن لم يقل ولدا فكذلك عند أبي الخطاب وعندي تطلق واحدة.
فصل في التعليق بالمشيئة
وإذا قال أنت طالق إن شئت أو إذا شئت أو متى شئت أو أي وقت شئت أو أين شئت أو كيف شئت لم تطلق حتى تقول قد شئت إما في المجلس أو بعده فتطلق وقيل في قوله إن شئت يختص بالمجلس.
فإن قلت قد شئت إن شئت فقال هو قد شئت لم تطلق فإن رجع في ذلك قبل أن تشاء لم يصح رجوعه كسائر التعليقات.
وروى عنه ابن منصور صحة رجوعه كلفظ الخيار وأمرك بيدك.
فإن قال أنت طالق واحدة إلا أن تشائي فشاءت ثلاثا طلقت ثلاثا وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا أن تشائي واحدة فشاءت واحدة طلقت واحدة قاله أبو بكر وقيل لا تطلق بحال فيهما.
وإذا قال أنت طالق وعبدي حر إن شاء زيد لم يقعا إلا بمشيئة زيد لهما مالم ينو غيره وإن شاء وهو سكران أو صبي مميز فعلى روايتين وإن شاء وهو أخرس بإشارة تفهم فهي كالنطق وقيل هي ملغاة إذا خرس بعد اليمين.

وإذا قال أنت طالق إلا أن يشاء زيد فمات زيد قبل أن يشاء طلقت في آخر حياته وقيل نتبين أنها طلقت وقت يمينه.
وإذا قال أنت طالق لرضى زيد أو لمشيئته طلقت في الحال إلا أن يريد الشرط فيقبل منه وقيل لا يقبل منه في الحكم وإذا قال أنت طالق إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله طلقت في الحال وإن قال إن لم يشأ الله أو ما لم يشأ الله فوجهان وكذلك حكم العتق مثله ولا يصح عن أحمد التفرقة بينهما في ذلك.
وإن قال إن فعلت كذا فأنت طالق إن شاء الله أو أنت طالق إن فعلت كذا إن شاء الله ثم فعله فعلى روايتين إلا أن ينوي رد المشيئة إلى الفعل فلا تطلق كقوله أنت طالق لا فعلت أو لا فعلن إن شاء الله.
فصل في التعليق بالتطليق والحلف
وإذا قال إذا طلقتك فأنت طالق أو فعبدي حر لم يحنث في يمينه هذه إلا بتطليق ينجزه أو يعلقه بعدها بشرط فيوجد ولو قال إذا وقع عليك طلاقي ثم طلقت منه للتنجيز أو وجود شرط تعليق سابق أو لاحق حنث.
وإذا قال لمدخول بها كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال لها أنت طالق لم تطلق إلا طلقتين ولو قال كلما وقع عليك طلاقي مكان كلما طلقتك طلقت ثلاثا.
ولو قال لها ولها ضرة كلما طلقت ضرتك فأنت طالق ثم قال مثله لضرتها ثم قال أنت طالق للمخاطبة أولا طلقت طلقتين وضرتها طلقة وإن لم يقله إلا للثانية طلقتا طلقة طلقة.
وإذا قال إذا طلقتك طلاقا أملك فيه الرجعة فأنت طالق ثلاثا ثم قال أنت طالق طلقت ثلاثا.
وإذا قال إذا طلقتك أو إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم.

قال أنت طالق فقال ابن عقيل تعليقه باطل ولا يقع سوى المنجز وقال أبو بكر والقاضي يقع تمام الثلاث من المعلق ويلغو قوله قبله.
وإذا قال إذا أتاك طلاق فأنت طالق ثم كتب إليها إذا أتاك كتابي فأنت طالق فأتاها كتابه طلقت طلقتين فان قال أردت فأنت طالق بالطلاق الأول دين وفي الحكم يخرج روايتين.
وإذا قال إن حلفت بطلاقك فعبدي حر أو فأنت طالق ثم قال أنت طالق إن قمت أو إن لم تقومي أو إن لم أقم أو لقد قمت ونحو مما فيه معنى الكف أو الحث حنث.
وإن قال أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج فليس يحالف فلا يحنث كما لو نجز الطلاق وقيل هو حالف فيحنث.
وإذا قال لمدخول بها إن حلفت بطلاقك فأنت طالق أو قال إن كلمتك فأنت طالق ثم قاله ثانيا طلقت طلقة وإن قال ثالثا طلقت ثانية وإن قاله رابعا طلقت ثالثة.
ولو قال لزوجتيه إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ثم قاله ثانيا طلقت طلقة طلقة فإن قاله ثالثا ولم يدخل بإحداهما فقد بانت قبله فلا يطلقان فإن تزوج البائن ثم قال لها إن قمت فأنت طالق حينئذ طلقت طلقة ولو أتى بكلما مكان إن طلقتا ثلاثا ثلاثا طلقة عقيب حلفه ثانيا وطلقتين لما تزوج البائن وحلف بطلاقها.
ولو قال كلما حلفت بطلاقكما فإحداكما طالق وكرره ثلاثا أو أكثر لم يقع به شيء.
ولو قال لمدخول بهما كلما حلفت بطلاق واحدة منكما فأنتما طالقتان ثم قاله ثانيا طلقتا طلقتين طلقتين ولو كان الجزاء فهي طالق طالق أو فضرتها طالق طلقتا طلقة طلقة ولو كان الجزاء فإحدا كما طالق وقع بإحداهما طلقة وعينت بالقرعة.

ولو قال لإحداهما إذا حلفت بطلاق ضرتك فأنت طالق ثم قال مثله للأخرى طلقت المخاطبة أولا فإن أعادة لها طلقت الأخرى.
فصل في التعليق بالكلام والإذن والخبر ونحوه
إذا قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فكلمته فلم يسمع لغفلة أو تشاغل أو كاتبته أو راسلته حنث ما لم ينو غير ذلك وإن أشارت إليه فوجهان.
وإن كلمته مجنونا أو سكرانا أو أصم بحيث يسمع لولا المانع حنث وقيل لا يحنث وإن كلمته ميتا أو مغمى عليه أو غائبا أو نائما فلم يستيقط لم يحنث وقال أبو بكر يحنث.
وإن قال إن كلمتك فأنت طالق فتحققي ذلك أو مري حنث مالم تكن له نية فإن قال إن بدأتك بالكلام فأنت طالق وقالت هي إن بدأتك بالكلام فعبدي حر فقد انحلت يمينه ثم بعد أن بدأته حنثت وإن بدأها انحلت يمينها.
وإن قال لغير مدخول بها إن كلمتك فأنت طالق وكرره ثلاثا فقد بانت بطلقة ولم تنعقد يمينه الثانية ولا الثالثة قاله القاضي وعندي تنعقد الثانية بحيث إذا تزوجها وكلمها طلقت إلا على قول التميمي بحل الصفة مع البينونة فانها قد انحلت بالثالثة.
وإذا قال لامرأته إن كلمتما زيدا وعمرا فأنتما طالقتان وقلنا لا يحنث ببعض المحلوف عليه فكلمت كل واحدة منهما طلقتا وقيل لا يقع شيء حتى تكلما كل واحد منهما كما لو قال إن كلمتما زيدا وكلمتما عمرا.
وإذا قال إن خالفت أمري فأنت طالق ثم نهاها فخالفته ولا نية له حنث وقيل لا يحنث وقيل يحنث إلا العارف بحقيقة الأمر والنهي.
وإذا قال إن خرجت بغير إذني أو لا بإذني أو حتى آذن لك فأنت

طالق فأذن لها مرة فخرجت ثم خرجت بغير إذن طلقت نص عليه وقيل لا تطلق ولو أذن لها فلم تخرج حتى نهاها ثم خرجت فعلى وجهين.
ولو حلف أن لا تخرج إلى غير الحمام إلا بإذنه فخرجت تريد الحمام وغيره حنث وإن خرجت له ثم بدا لها غيره فعلى وجهين.
وإذا قال من بشرتني منكن بقدوم أخي فهي طالق فأخبرته به متفرقتان طلقت أولاهن فقط إن كانت صادقة وإلا فأول صادقة بعدها ولو قال أخبرتني مكان بشرتني وكذلك عند القاضي وقال أبو الخطاب يطلقن وإن كذبن وعندي يطلقن مع الصدق ولا يطلقن بهن كاذبة.

باب جامع الأيمان

باب جامع الأيمان
يرجع في الأيمان إلى نية الحالف إذا احتملها لفظه ولم يكن بها ظالما ويقبل منه في الحكم إذا قرب الاحتمال من الظاهر وإن قوي بعده منه لم يقبل وإن توسط فروايتان وقد سبقت مسائل مستندها ذلك ولا ينفع الظالم تأويل يخالف الظاهر فإن لم تكن له نية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها ثم إلى وضع اللفظ شرعا أو عرفا ثم إلى وضعه لغة لكن إن كان معه تعيين قدم عليه على الأصح فإذا حلف لظالم ما لفلان عندي وديعة وهي عنده ينفعه فنوى غيرها أو نوى بما معنى الذي لم يحنث.
ومن حلف لا قضيت زيدا حقه في غد وقصده أن لا يجاوره أو السبب يقتضيه فقضاه قبله بر.
ولو حلف لا يبيع عبده إلا بمائه فباعه بأكثر لم يحنث وإن باعه بأقل حنث وإن دعى إلى غداء فحلف لا يتغذى لم يحنث بغداء غيره.
وإن حلف لا يشرب له الماء من عطش بقصد قطع المنة حنث بأكل خبزه واستعارة دابته وكل ما فيه منته.

ولو حلف لا يلبس من غزلها يقصد قطع منتها فباعه وانتفع بثمنه في شراء ثوب أو غيره حنث.
وإن حلف لا سرقت مني شيئا فخانته في وديعة وقصده أو السبب أن لا تخونه حنث وإلا فلا.
وإن حلف لا يأوى معها في دار سماها يريد جفاءها وليس للدار سبب هيج يمينه فآوى معها في غيرها حنث.
وإن حلف أن لا يفارق البلد إلا بإذن الوالي يريد ما دام كذلك أو السبب يقتضيه فعزل انحلت يمينه.
وكذلك من حلف لا تخرج زوجته أو عبده إلا بإذنه ثم طلق وأعتق.
ولو حلف لا يدخل الدار لطلم رآه فيها فزال ثم دخلها حنث إلا أن ينوي ما دام الظلم فيها.
ومن حلف لا يضرب امرأته فخنقها أو عضها أو نتف شعرها حنث ويحتمل أن لا يحنث إذا لم ينوا إيلامها.
وإن حلف ليتزوجن عليها لم يبر حتى يتزوج بنظيرتها ويدخل بها نص عليه وقيل يكفي العقد الصحيح كما لو حلف لا يتزوج عليها.
وإذا حلف ليضربنه مائه سوط فجمعها وضربه بها ضربة لم يبر ولو حلف للص أن لا يخبربه ولا يغمز عليه فسأله الوالي عن قوم هو منهم فبرأهم وسكت عنه يقصد التنبيه عليه حنث إلا أن ينوي حقيقة النطق والغمز.
وإذا حلف لا يدخل دار فلان هذه فدخلها وقد صارت فضاء أو مسجدا أو حماما أو باعها فلان أو لا لبست هذا القميص فجعله سراويل أو رداء أو عمامة أو لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا أو زوجة فلان هذه أو مملوكه فلانا أو صديقة فلانا فزال الملك والصدقة ثم كلمهم أو لا أكلت لحم هذا الجمل فصار كبشا أو هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا أو هذا اللبن فصار جبنا

ونحوه ثم أكل حنث في ذلك كله إذا لم يكن نية ولا سبب يختص الحال الأول.
وقال ابن عقيل لا يحنث ولو حلف لايأكلن من هذه البيضة أو التفاحة ثم عمل منها ناطفا أو شرابا بر بأكله منه على الأول دون الثاني وكذلك سائر هذه المسائل.
فصل
ومن حلف لا يهب لفلان أو لا يهدي له إلا لوصي له أو لا يتصدق عليه ففصل ولم يقبل فلان حنث ولو حلف لا يبيعه أو لا يؤجره أو لا يزوجه لم يحنث إلا بقبوله.
وإذا حلف لا يبيع أو ينكح فعقد عقدا فاسدا لم يحنث وقيل يحنث بالفاسد المختلف في صحته دون المجمع عليه.
ولو قيد يمينه بما يمنع الصحة كالحالف لا يبيع الخمر أو الحر حنث لصورة العقد على أصح الوجهين.
ومن حلف ليبيعن هذا العبد فباعه بقرض أو نسيئة بر وقيل لا يبر في النسيئة حتى يقبض الثمن.
ومن حلف لا يصوم أو لا يصلي حنث بالشروع الصحيح عند القاضي وعندي بالفراغ كما لو قال صوما أو صلاة وحنثه أبو الخطاب في الصلاة باستكمال ركعة.
ولو حلف لا يتصدق على فلان فوهبه لم يحنث وإن حلف لا يهبه حنث باعارته دون الصدقة عليه قاله أبو الخطاب.
وقال القاضي يحنث بالصدقة دون العارية ويحنث بالوقف عليه دون الوصية وفي محاباته في البيع وجهان.

فصل
ومن حلف لا يأكل اللحم فأكل مخا أو دماغا أو كبدا أو طحالا أو قلبا أو قانصة أو كرشا أو مصرانا أو كلية أو شحما أو شحم ثور ونحوه أو إليه أو مرق اللحم لم يحنث إلا أن يقصد اجتناب الدسم وإن أكل لحم السمك أو لحم مالا يؤكل لحمه فوجهان.
وإن حلف لا يأكل شحما فأكل اللحم الأحمر وحده لم يحنث وقال الخرقي يحنث وإن أكل بياض اللحم كثمين الظهر ونحوه حنث.
وقال أبن حامد لا يحنث لأن من حلف لا يأكل اللحم يحنث به.
وإن حلف لا يأكل رأسا أو بيضا حنث بأكل رءوس الطير والسمك وبيض السمك والجراد قاله القاضي وقال أبو الخطاب لا يحنث إلا برأس يؤكل في العادة مفردا أو ببيض يزائل بائضه حيا.
وإذا حلف لا يأكل لبنا فأكل زبدا أو كشكا أو أقطا أو جبنا أو لا يأكل زبدا أو سمنا فأكل لبنا أو لا يأكل بيضا فأكل ناطفا أو لا يأكل تفاحا فأكل من شرابه أو لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه لم يحنث.
وإن حلف لا يأكل سويقا فأكل حنطة فيها حبات شعير فوجهان وإن حلف لا يأكل سويقا أو هذا السويق فشربه أو لا يشربه فأكله فروى عنه مهنا لا يحنث وقال الخرقي يحنث وقال القاضي في المجرد يحنث في المعين دون المطلق وإن حلف لا يطعمه حنث بأكله وشربه دون مجردذوقه.
وإن حلف لا يشرب من دجلة أو البئر فاغترف بإناء فشرب حنث ولو حلف لا يشرب من الكوز فصب منه في إناء وشرب لم يحنث.
وإذا حلف لا يأكل الفاكهة فأكل ثمر النخل أو الكرم أو سائر الشجر رطبا

أو يابسا حنث وإن أكل قثاء أو خيارا أو خضرا لم يحنث وفي البطيخ وجهان وإن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا فأكل مذنبا حنث وقال ابن عقيل لا يحنث ولو أكل تمرا أو حلف لا يأكل تمرا وأكل رطبا أو بسرا أو دبسا أو ناطفا لم يحنث.
وإن حلف لا يأكل أدما فأكل بيضا أو شواء أو جبنا أو زيتونا حنث كما يحنث بالخل واللبن وكل مصطبغ به وفي التمر والملح وجهان.
ومن حلف لا يشم الريحان فشم وردا أو بنفسجا أو ياسمينا أو لا يشم وردا أو بنفسجا فشم دونهما أو ماء الورد حنث وقال القاضي لا يحنث.
ومن حلف لا يلبس حليا فلبس حلي ذهب أو فضة أو جوهر حنث وإن لبس عقيقا أو سبجا لم يحنث وإن لبس دراهم أو دنانير في مرسلة فوجهان.
وإن حلف لا يدخل دار فلان أو لا يركب دابته أو لا يلبس ثوبه ثم فعل ذلك فيما استأجره فلان أو أجره أو جعله لعبده حنث وإن كان فيما استعاره فلان لم يحنث وعنه يحنث بدخول الدار المستعارة.
وإن حلف لا يدخل دارا فدخل سطحها حنث وإن دخلها والباب بحيث إذا أغلق كان خارجا منها فوجهان.
وإن حلف لا يركب دابة عند فلان فركب دابة جعلت برسمه حنث وإن حلف لا يدخل بابها فحول ودخله حنث.
وإن حلف لا أدخل بيتا فدخل مسجدا أو حماما أو بيت شعر أو أدم أو لا يركب فركب سفينة حنث ويحتمل أن لا يحنث وإن حلف لا يتسرى فوطئ أمة له حنث ونقل عنه ابن منصور إن حلف وليست في ملكه فكذلك وإن حلف وقد ملكها حنث بالوطء بشرط أن لا يعزل.
وإن حلف لا يطأ دارا فدخلها راكبا أو ماشيا أو حافيا أو منتعلا حنث.
وإن حلف لا يتطيب وهو متطيب أو لا يتطهر وهو متطهر أو لا يتزوج وهو متزوج فاستدام ذلك لم يحنث.

قال القاضي في كتاب إبطال الحيل يحنث.
يدخل وإن حلف لا دارا وهو فيها فهل يحنث بالاستدامة إذا لم تكن له نية على وجهين وإن حلف لا يدخل بيته بارية فأدخل قصبا لذلك فنسجت فيه حنث وإن طرأ قصده والقصب فيها فعلى وجهين.
ولو حلف لا يدخل على فلان فدخل فلان عليه فأقام معه فعلى وجهين.
ولو حلف ليرحلن عن هذه البلدة أو الدار ففعل فهل يحنث إن عاد إليها على روايتين.
ولو حلف لا يركب دابة وهو راكبها أو لا يلبس ثوبا وهو لابسه أو لا يسكن دارا وهو ساكنها أو لا يساكن فلانا وهو مساكنه فاستدام ذلك حنث فإن أقام هذا الساكن أو المساكن لنقل متاعه أو لخوف على نفسه من الخروج حتى أمكنه لم يحنث وإن خرج دون متاعه وأهله حنث إلا أن يودع متاعه أو يعيره أو يزول ملكه عنه بهبة أو غيرها أو تأبى امرأته أن تخرج ولا يمكنه إجبارها فلا يحنث إذا خرج وحده وإن تشاغل هو وفلان ببناء الحاجز بينهما وهما متساكنان حنث وقيل لا يحنث وإن كان في الدار حجرتان تختص كل حجرة بباب ومرافق فسكن كل واحد في حجرة لم يحنث ولو حلف لا يسكن هذا البلد فخرج منه دون أهله ومتاعه حنث.
فصل.
وإذا حلف لا يكلم فلانا حينا ولم ينو شيئا فهو ستة أشهر نص عليه.
وإن قال دهرا أو عمرا أو زمانا فهو كالحين عند القاضي.
وقال أبو الخطاب هو لأقل ما يتناوله اللفظ وكذلك عنده إن قال بعيدا أو مليا وجعلهما القاضي فيما فوق الشهر وإن قال الزمان فهو كالحين عندهما وعندي هو للأبد كما لو قال الدهر أو العمر وإن قال شهورا

حمل على ثلاثة كقوله أياما وقال القاضي يحمل على اثنى عشر شهرا وإن قال إلى الحصاد فهو إلى أول مدته وعنه إلى آخرها.
وإن حلف لا كلمت فلانا حتى يكلمني أو حتى يبدأني بالكلام فتكلما معا حنث وإن حلف لا بدأته بالكلام فتكلما معا لم يحنث.
ومن حلف لا يتكلم فقرأ أو سبح أو ذكر الله لم يحنث وإن دق بابه فقال ادخلوها بسلام آمنين يقصد التنبيه بالقرآن لم يحنث.
فصل في النسيان والإكراه والتوكيل وتوابع ذلك
ومن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا ليمينه أو جاهلا بأنه المحلوف عليه كمن حلف لا يدخل على فلان بيتا فدخل بيتا هو فيه ولم يعلم أولا يكلمه فسلم عليه ولم يعرفه أو لا يفارقه إلا أن يقبض حقه فاحتال به وفارقه يظن أنه قد بر أو قبضه وفارقه فخرج رديا ونحو ذلك وعنه أنه يحنث وعنه لا يحنث بل يمينه باقية وعنه يحنث في الطلاق والعتق ولا يحنث في اليمين المكفرة وهو الأصح ولو فعله في جنونه لم يحنث كالنائم وقيل هو كالناسي.
وكذلك من حلف على غيره ممن يقصد منعه كالزوجة والولد ونحوهما ففعله ناسيا أو جاهلا هو على الروايات الثلاث وإذا حلف لا يكلم زيدا فسلم على جماعة هو فيهم ولم يعلم وقلنا يحنث الناسي فهل يحنث هنا علي روايتين أصحهما لا يحنث وإن علم به ولم ينوه ولم يستثنه بقلبه فروايتان أصحهما يحنث.
وإن حلف لا يفعل شيئا ككلام زيد ودخول الدار ونحوه فعله مكرها لم يحنث وعنه يحنث ويتخرج أن لا يحنث إلا في الطلاق والعتق ولو أدخل الدار محمولا ولم يقدر أن يمتنع لم يحنث وإن قدر أن يمتنع فوجهان وإن لم تحنثه ففي حنثه بالاستدامة وجهان.

وإذا حلف لا فارقتك حتى أستوفى منك حقي فهرب منه حنث نص عليه كقوله لا افترقنا وقال الخرقي لا يحنث وعندي إن أمكنه متابعته وإمساكه فلم يفعل حنث وإلا فلا وإن ألزمه الحاكم بفراقه لفلسه خرج على روايتين وإن حلف لا يستخدم فلانا فخدمه وهو ساكت لم ينهه حنث وقيل لا يحنث وقيل إن كان مملوكه حنث وإلا فلا.
ومن حلف لا يفعل شيئا فوكل فيه ففعله وكيله حنث وكذا إذا حلف لا يضرب عبده فضرب بأمره حنث.
ومن حلف على نفسه أو غيره ممن يقصد منعه أن لا يفعل شيئا لم يحنث بفعل بعضه وعنه يحنث إلا أن ينوي جميعه اختارها أبو بكر وذلك كمن حلف لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه أو لا يلبس ثوبا من غزلها أو نسجها أو شرائها ولبس ثوبا شاركت في غزله أو نسجها أو شرائه أو لا يبيع أمته ولا يهبها فباع بعضها ووهب بعضها وما أشبهه ولو قال لا ألبس من غزلها فلبس ثوبا فيه لها أو لا آكل طعاما فأكل طعاما شاركت في شرائه فقيل هو على الخلاف وعندي يحنث على الروايتين جميعا.
ولو حلف لا يدخل الدار فأدخل بعض جسده فهل يحنث على روايتين واختار أبو بكر هنا أنه لا يحنث ولو حلف ليدخلنها أو ليفعلن كذا لم يبر حتى يدخل بجسده كله ويفعل المسمى كله.
وإذا حلف ليأكلن هذا الرغيف اليوم أو ليشربن هذا الماء اليوم فتلف الماء والرغيف فيه حنث عقيب تلفهما وقيل في آخر اليوم وإن مات الحالف فيه حنث في آخر حياته وقيل لا يحنث ولو حلف ليفعلن ذلك في غد فتلف قبل الغد حنث في الحال نص عليه وقيل لا يحنث إلا في آخر الغد وقيل لا يحنث إذا كان باختياره فيحنث وفي وقت حنثه الوجهان ولو مات الحالف قبل الغد لم يحنث.

وإن حلف ليفعلن ذلك ووقت أو أطلق فمات الحالف أو تلفت العين قبل أن يمضي وقت يمكن فعله فيه حنث نص عليه ويتخرج أن لا يحنث.
وإذا حلف ليقضينه حقه في غد فقبل مجيئه أبرأه منه أو قبل مضيه أخذ عنه عوضا أو مات ربه فقضاه لورثته لم يحنث وقيل يحنث وقيل لا يحنث إلا مع البراءة أو الموت قبل الغد.

كتاب الرجعة
مدخل

كتاب الرجعة
إذا طلق في نكاح صحيح من دخل أو خلا بها دون ما يملكه من عدد الطلاق بغير عوض فله رجعتها ما دامت في العدة وإن سخطت وقال أبو بكر لا رجعة بالخلوة من غير دخول.
والذي يملكه الحر ثلاث تطليقات والعبد اثنتان وعنه الثلاث لزوج الحرة وإن كان عبدا والاثنتان لزوج الأمة وإن كان حرا والأول المذهب.
وألفاظ الرجعة راجعتها وأرجعتها وارتجعتها ورددتها وأمسكتها ونحوها فإن قال نكحتها أو تزوجتها فعلى وجهين.
ولا يصح الرجعة بشرط ولا يصح في الردة وقال ابن حامد يصح موقوفا كالطلاق.
ويباح له وطء الرجعية والخلوة بها والمسافرة بها وأن تتزين وتتشوف له.
وتحصل الرجعة بوطئها ولا تحصل بمباشرتها ولا نظر فرجها بشهوة ولا بالخلوة بها وعنه تحصل نقلها ابن منصور في الخلوة فاللمس ونظر الفرج أولى وعنه لا رجعة إلا بالقول وأنه لا يباح الوطء قبلها.
فعلى هذا هل من شرطها الإشهاد على روايتين وهل يلزمه مهر إن وطئها مكرهة ولم يراجع على وجهين.

وإذا قال لها راجعتك فقالت انقضت عدتي قبل رجعتك فالقول قوله وقال الخرقي قولها كما لو سبقته بدعوى الرجعة فعلى الأول إن تداعيا معا هل يؤخذ بقولها أو بالقرعة على وجهين.
وإذا راجعها في العدة وأشهد بها ولم يعلم حتى اعتدت ونكحت من أصابها ردت إليه ولم يطأها حتى تعتد من وطء الثاني وعنه هي زوجة الثاني وإن لم يكن له بينة برجعتها لم تقبل دعواه لكن إن صدقه الثاني وحده بانت منه ولم تعد إلى الأول وإن صدقته المرأة وحدها لم يقبل منها على الثاني ولم يلزمها المهر للأول وقال القاضي يلزمها ومتى بانت من الثاني عادت إلى الأول بغير عقد جديد.
ومن استوفى عدد طلاقه لم تحل له زوجته حتى تتزوج بغيره ويطأها وطأ مباحا في القبل وإن كان مراهقا أو ذميا إذا كانت ذمية وأدنى ما يكفي تغييب الحشفة فيه عن انتشار أنزل أو لم ينزل أو بقدرها إن كان مجبوبا.
ويحلها الوطء مع الإغماء والجنون كالنوم وقيل لا يحلها.
وإن وطئها في حيض أو نفاس أو صوم أو إحرام أو نكاح فاسد مختلف فيه لم يحلها نص عليه كالوطء في الردة وقيل يحلها.
وإذا كانت أمة يملكها المطلق لم تحل له بملك اليمين نص عليه وقيل تحل.
وإذا طلق العبد زوجته طلقة ثم عتق ملك تمام الثلاث وإن عتق بعد طلقتين فعلى روايتين.
ولو علق الثلاث في الرق بشرط فوجد وقد عتق لزمته الثلاث وقيل تلزمه ثنتان وتبقى له واحدة.
ومن غابت مطلقته المحرمة ثم ذكرت أنها تزوجت من أصابها وانقضت عدتها منه وأمكن ذلك فله نكاحها إن غلب على ظنه صدقها وإلا فلا

وكذلك إن تزوجت قاصرا وفارقها وادعت إصابته وهو ينكرها.
ومن تزوج مطلقته البائن بدون عدده بعد التزوج ممن أصابها بني على ما مضى من طلاقها كما لو لم تتزوج بعده وعنه تستأنف العدد.

كتاب الإيلاء
مدخل

كتاب الإيلاء
المولى من امتنع بحلفه من وطء زوجته مطلقا أو مدة فوق أربعة أشهر فتملك فراقه وذلك بستة شروط.
أحدها أن يحلف وهو زوج مكلف يتصور منه الوطء وإن كان كافرا أو عبدا أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه فلا إيلاء لصبي ولا مجنون ولا لعاجز عن الوطء بجب أو شلل به أو رتق بالمرأة وعنه صحة إيلائه ويفيء بالقول ولا إيلاء لمن قال لأجنبية والله لا وطئت فلانة أو لا طئتها إن تزوجتها مع لزوم الكفارة له بوطئها ويتخرج صحة إيلائه كظهاره ويتخرج صحته بشرط إضافته إلى النكاح كالطلاق في رواية.
الشرط الثاني أن يحلف بالله أو صفة من صفاته فلا إيلاء بالحلف بغيره وعنه يكون موليا بكل يمين من عتق وطلاق وظهار ونذر وتحريم مباح ونحوه وعنه الإيلاء باليمين المكفرة دون غيرها وإذا علق الإيلاء بشرط كقوله والله لا وطئتك إن شئت أو إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك إن شئت أو إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك أو إن وطئتك فوالله لا وطئتك لم يكن موليا حتى يوجد الشرط ويحتمل أن يجعل في شرط الوطء موليا في الحال ولو قال لا وطئتك إلا أن تختاري أو إلا أن تشائي لم يكن موليا وقال أبو الخطاب إن لم تشأ في المجلس كان موليا.
لم يكن موليا وقال أبو الخطاب إن لم تشأ في المجلس كان موليا.
الشرط الثالث أن يحلف على ترك الوطء في القبل بيمين يخصه أو يشله وغيره فإن قال لا وطئت في الدبر أو دون الفرج لم يكن موليا وإذا قال

والله لا وطئتك أو لا جامعتك أو لا باضعتك أو لا باشرتك أو لامستك أو لا باعلتك أو لا قربتك أو لا أتيتك أو لامستك أولا افترشتك أو لاغشيتك أو لا أصبتك أو أفضيت إليك أولا اغتسلت منك ونوى غير الوطء في القبل مما يحتمله اللفظ دين وكان موليا في الحكم.
وسائر الألفاظ المحتملة مثل لا ضاجعتك أو لا قربت فراشك أولا جمعتنا مخدة ونحوه لا يكون بها موليا إلا بالنية.
وإذا قال لنسائه الأربع والله لا أطؤكن وقلنا يحنث بوطء البعض أو قال لا وطئت واحده منكن أو قال كل واحدة منكن كان موليا من الجميع فإن ماتت إحداهن أو طلقها بقي الإيلاء في البواقي ولو وطئها حنث وانحل الإيلاء من البواقي وقيل يبقى الإيلاء لهن في طلب الفيئة وإن لم يحنث بوطئهن وهو أصح وإن قلنا لا يحنث بوطء البعض في الصورة الأولى ففيه وجهان أحدهما لا يكون موليا حتى يطأ ثلاثا فيصير حينئذ موليا من الرابعة والثاني هو مول منهن في الحال فعلى هذا إن طلق واحدة أو وطئها بقي الإيلاء في البواقي وإن ماتت واحدة لم يبق لهن ولا إيلاء على كلا الوجهين ولو نوى في الصورة الثانية واحدة بعينها اختصت بالإيلاء وإن نواها مبهمة عينت بالقرعة وقيل بتعيينه.
الشرط الرابع أن يحلف على تركه مطلقا أو أكثر من أربعة أشهر وعنه على أربعة فصاعدا أو يجعل غايته مالا يوجد فيها غالبا كظهور عيسي أو الدجال أو مجيء الثلج في الصيف ونحوه فان قال والله لا وطئتك في هذه البلدة أو إن وطئتك فلله على صوم هذا الشهر لم يكن موليا.
فان قال حتى يقدم فلان أو حتى يأذن أو يجيء المطر ونحوه مما لا يغلب على الظن خلو المدة منه فخلت منه فعلى روايتين.

وإن قال حتى تحبلي ولم يكن وطئها أو وطئها وحملنا يمينه على حبل متجدد فهو مول وإلا فعلى روايتين وإن قال لا وطئتك في السنة إلا مرة أو يوما لم يصر موليا حتى يطأها وقد بقي من السنة فوق أربعة أشهر وإن قال لا وطئتك سنة إلا يوما فكذلك وقيل هو مول في الحال.
وإذا قال والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فو الله لا وطئتك أربعة أخرى لم يكن موليا وقيل يكون موليا.
الشرط الخامس أن تنقضي أربعة أشهر من وقت يمينه ولم تنحل بحنث ولا تكفير ولا غيره وسواء كان في المدة مانع للوطء من قبله أو من قبلها أو لم يكن وقيل إن كان ذلك منها كمرض ونشوز وصوم فرض وإحرام وغيره لم تحسب عليه مدته وإن طرأ بها استؤنفت عند زواله ألا الحيض وفي النفاس وجهان ويتخرج أن تسقط أوقات المنع منها ويبني على ما مضى وإن طلقها طلقة رجعية في المدة لم تقطعها مالم تنقض عدتها نص عليه وقيل تقطعها كالبائنة فإن عادت إليه بعقد بعد زواج أو قبله أو برجعة إن قلنا بانقطاع المدة أو وقف بعد المدة فطلق ثم راجع وقلنا له الرجعة استؤنفت المدة إذا كان قد بقي فوق أربعة أشهر.
ويصح الإيلاء من الرجعية كالظهار وتحسب المدة من حين اليمين وعنه لا يصح الإيلاء منها.
ومدة إيلاء الرقيق كالحر وعنه فوق الشهرين كنصف مدة الحر.
الشرط السادس أن تطلب المرأة حرة كانت أو أمة الفيئة وهي الجماع بعد المدة فيمتنع من غير عذر فحينئذ يؤمر بالطلاق فإن طلق وإلا حبس وضيق عليه حتى يطلق وعنه يفرق الحاكم بينهما بما يراه من طلقة وثلاث وفسخ.
وتكون الطلقة منهما رجعية وعنه بائنة وعنه رجعية منه بائنة من

الحاكم فإن قال امهلوني حتى أصلي فرضي أو أتغذى أو ينهضم الطعام عني أو أنام فإني ناعس ونحوه أمهل بقدر ذلك ويمهل المحرم حتى يحل والمظاهر لطلب رقبة يعتقها ثلاثة أيام ولا يمهل لصيام الشهرين بل يلزم بالطلاق ويحتمل أن يقبل منه فيئة المعذور.
ومتى فاء المولى بالوطء انحلت يمينه وعليه كفارتها وأدنى ما يكفيه تغبيب الحشفة في الفرج وإن وطئ في الدبر أو دون الفرج لم يخرج من الفيئة وإن حنث به حيث يدخل في يمينه ولو وطئها في القبل وطأ محرما بحيض أو صوم أو إحرام ونحوه خرج به من الفيئة وقال أبو بكر لا يخرج به كالتي قبلها.
ولو عجل فكفر يمينه بعد المدة قبل الوطء لم يخرج من الفيئة وقيل يخرج.
ولو استدخلت المرأة ذكره وهو نائم أو وطئها ناسيا أو في حال جنونه وقلنا لا يحنث خرج من الفيئة وقيل لا يخرج وإذا لم يف المولى وأعفته المرأة سقط حقها وقيل لها أن تطالب بعد.
وإذا ادعى أن المدة لم تنقض أو أنه وطئها وكانت ثيبا فالقول قوله مع يمينه وعنه بلا يمين وإن كانت بكرا فشهدت امرأة أنها عذراء فالقول قولها وإلا فالقول قوله.
وإذا كان بالزوجة ما يمنع الوطء من مرض أو إحرام أو صوم فرض ونحوه لم تملك طلب الفيئة حتى يزول وإن كان بالزوج ومدته تطول أمر أن يفيء بلسانه فيقول المجبوب ونحوه لو قدرت لجامعتها ويقول المريض ونحوه متى قدرت جامعتها ثم متى قدر لزمه وإلا طلق وعنه فيئته بلسانه أن يقول قد فئت إليك ثم لا يلزمه شيء إذا قدر رواه عنه مهنا ولا يحنث بفيئة اللسان.

كتاب الظهار
مدخل

كتاب الظهار
الظهار محرم ويصح من كل زوج يصح طلاقه حتى الذمي وقيل لا يصح ظهار الصبي ولا إيلاؤه وإن صححنا طلاقه.
والظهار أن يشبه زوجته أو بعضها بظهر من تحرم عليه أبدا من نسب أو سبب أو عضو منها فيقول أنت علي كظهر أمي أو كبطن أختي أو كوجه حماتي أو يدك أو ظهرك علي كيد خالتي أو ظهر عمتي أو نحوه.
فإن قال أنت علي كأمي أو مثل أمي فهو مظاهر إلا أن يريد في الكرامة فيدين وفي الحكم على روايتين ولو لم يقل علي لم يكن مظاهرا إلا بالنية وإن قال كظهر أمي أو أجنبية فهو مظاهر وعنه ليس بمظاهر بل عليه كفارة يمين وعنه لا شيء عليه وعنه مظاهر في الرجل دون الأجنبية
وإن قال كظهر البهيمة فهل هو مظاهر على وجهين.
وإن قال أنت علي كالخمر والميتة والدم فعنه أنه ظهار وعنه أنه يمين إلا أن ينوي به طلاقا أو ظهارا فيلزمه ما نوى.
وإن قال أنا عليك كظهر أبي أو حرام ونوى به الظهار فهل هو مظاهر على وجهين.
ولا ظهار من أم ولده أو أمته وعليه به كفارة يمين نقله عنه جماعة ونقل عنه أبو طالب عليه كفارة ظهار ويخرج أن لا يلزمه شيء.
وإذا قالت الزوجة لزوجها أنت علي كظهر أبي فليست مظاهرة وعليها كفارة الظهار والتمكين قبلها وليس لها ابتداء القبلة والاستمتاع وعنه لا تجب إلا كفارة يمين وعنه لا شيء عليها.
وإن قالت قبل النكاح إن تزوجت فلانا فهو علي كظهر أبي كان ظهارا وعليها كفارة نص عليه في رواية أبي طالب.

وإذا قال لأجنبية أنت علي كظهر أمي أو علقه بتزوجها ولم يطأها إن تزوجها حتى يكفر نص عليه وقيل لا يصح كالطلاق وإن قال أنت علي حرام فكذلك إن أراد في كل حال وإلا فلا شيء عليه.
ويصح الظهار معلقا بشرط ومؤقتا بوقت بحيث إذا انقضى الوقت زال الظهار وإن أصابها فيه لزمته كفارته.
وإذا قال أنت علي كظهر أمي إن شاء الله لم يلزمه شيء نص عليه وقال ابن عقيل هو مظاهر وإذا كرر ظهار زوجته فكفارة واحدة وعنه كفارات مالم ينو التأكيد والإفهام.
وإن ظاهر من نسائه لزمته كفارة إن كان بكلمة وإلا فكفارات وعنه كفارة فيهما وعنه كفارات فيهما وعنه إن كان بكلمات في مجالس فكفارات وإلا فواحدة.
ويحرم قبل التكفير وطء المظاهر منها دون الاستمتاع بما دون الفرج وعنه تحريمها وعنه لا يحرم منها شيء على من كفارته الإطعام.
ولا تثبت الكفارة في الذمة إلا بالوطء وهو العود ويلزم إخراجها قبله عند العزم عليه وهذا نص أحمد وقال القاضي وأصحابه العود نفس العزم.
وتستقر الكفارة به بحيث لو مات أحدهما أو طلق بعد العزم وقبل الوطء لزمه التكفير عندهم وعلى المنصوص لا شيء عليه ولو وطئها في حال جنونه لزمته الكفارة نص عليه.
ومن بانت منه زوجته قبل العود ثم تزوجها قبل العود ثم تزوجها فالظهار بحالة ولو كانت أمة فملكها بشراء أو غيره فالظهار بحاله ولا يباح وطؤها إلا بكفارته وقال أبو بكر يحل له وطؤها وعليه كفارة يمين ويسقط ظهاره بذلك ويتخرج أن تحل له بملك اليمين بلا كفارة مع عود الظهار لو عتقت أو بيعت ثم تزوجها.

باب حكم كفارة الظهار وما في معناها وهن أربع

باب حكم كفارة الظهار وما في معناها وهن أربع
كفارة الظهار وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وكفارة القتل وهي كذلك وعنه لا إطعام فيها وكفارة الوطء في رمضان وكفارة اليمين وهما مذكورتان في موضعيهما.
فإن عجز عن الكفارة بقيت في ذمته إلى أن يقدر إلا كفارة رمضان في رواية قد ذكرت وقيل يسقط الجميع بالعجز والأصح التفرقة.
ولا تلزم الرقبة إلا لمن ملكها أو أمكنه تحصيلها بثمن مثلها فاضلا عما يحتاج إليه من مسكن وخادم ومركوب وعروض بذلة وثياب تجمل وكتب علم ووفاء دين وكفاية دائمة له ولمن يمونه وعنه لا يمنع الدين الكفارة.
ومن لم يجد رقبة إلا بزيادة مجحفة فوق ثمن المثل لم يلزمه شراؤها وإن كانت لا يتغابن بمثلها ولا يجحف بها فوجهان وإن كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة لزمه فإن لم تبع إلا بالنقد جاز أن يعدل إلى الصوم كالعادم وقيل لا يجوز إلا في الظهار خاصة إذا رجا إتمام الصوم قبل حصول المال ومن وهبت له رقبة لم يلزمه قبولها لذلك.
ومن لزمته الكفارة وهو موسر بالعتق ثم أعسر لم يجزئه سواء وبقي في ذمته إلى ميسرته فإن لزمته وهو معسر أجزأه الصوم وإن أيسر فيه أو قبله وعنه إن أيسر فيه أجزأه وإن أيسر قبله لزمه العتق وقيل يلزمه العتق في الحالين وإذا تكلف العتق من فرضه الصوم أجزأه وعنه فيمن حنث وهو عبد ثم عتق وأيسر لم يجزه غير الصوم وخرج أبو الخطاب في الحر المعسر مثله وفرق الخرقي بينهما.

ولا يجزئ في عتق الكفارات ونذر العتق المطلق إلا رقبة مؤمنة وعنه تجزئ الكافرة فيما سوى كفارة القتل ولا يجزئ إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا كالعمى وشلل اليد أو الرجل أو قطعهما أو قطع للإصبع الوسطى أو السبابة أو الإبهام أو أنملة من الإبهام أو قطع الخنصر والبنصر من يد واحدة فإن قطعتا من يدين أجزأ.
ولا يجزئ مريض مأيوس منه ولا نحيف عاجز عن العمل ولا جنين وإن ولد حيا ولا منقطع خبره إلا أن يتبين حياته ولا مجنون مطبق الجنون ولا أخرس به صمم أو لا تفهم إشارته.
ويجزئ المجدوع الأنف والأذن والمجبوب والخصي والأعرج يسيرا والمخنوق أحيانا والأخرس الذي يفهم ويفهم بالإشارة والأصم والأعور وعنه لا يجزئ الأعور.
ولا يجزئ من يعتق عليه بالملك ولا من علق عتقه بصفة ثم نواه عند وجودها فإن نجز عتقه للكفارة قبل وجود الصفة أو علق ابتداء عليها أجزأه.
ويجزئ المدبر والجاني وإن قتل في الجناية والأمة الحامل وإن استثنى حملها وولد الزنا والصغير وعنه لا يجزئ من له دون سبع سنين حيث يعتبر الإيمان ولا يجزئ من اشتراه بشرط العتق ولا أم الولد على الأصح فيهما.
ويجزئ عتق المكاتب وعنه لا يجزئ وعنه إن لم يؤد من كتابته شيئا أجزأه وإلا فلا.
وإذا أعتق شركا له في عبد وهو معسر ثم اشترى باقيه فأعتقه أجزأه إلا على قولنا بالاستسعاء وإن كان موسرا ونواه كله عن الكفارة لم يجزه نص عليه وكان كمن أعتق نصف عبد وقيل يجزئه.
وإذا أعتق نصفي عبدين أجزأه عند الخرقي وعند أبي بكر لا يجزئه وقيل.

إن كان باقيهما حرا أو أعتق كل واحد منهما عن كفارتين أجزأه وإلا فلا وهذا أصح.
ومن لزمه صوم متتابع في كفارة فتخلله شهر رمضان أو فطر عيد أو فطر لمرض أو حيض أو نفاس أو جنون أو إكراه أو نسيان كمن وطئ كذلك أو خطأ كمن أكل يظنه ليلا فبان نهارا أو مرض مخوف أو فطر حامل أو مرضع خوفا على أنفسهما لم ينقطع التتابع ولو صام لغيرها أو أفطر لغير عذر لزمه أن يستأنف ولو أفطر لعذر مبيح كالسفر والمرض غير المخوف أو أفطرت حامل أو مرضغ لتضرر ولدهما فعلى وجهين.
وإذا أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا أنقطع تتابعه وعنه لا ينقطع بوطئها ليلا ولا نهارا ناسيا كوطء غيرها.
ولا يجوز أن يعطى طعام كفارة إلا لمن يعطى من الزكاة لحاجته كالفقير وابن السبيل والغارم لمصلحته والمكاتب الكبير والفقير سواء وعنه لا يعطى مكاتبا ولا طفلا لم يأكل الطعام وإن أعطيا من الزكاة وإذا ردد الإطعام على مسكين شين يوما أو عشرة في كفارة اليمين فعنه يجزئه وعنه لا يجزئه وعنه إن لم يجد غيره أجزأه وإلا فلا وهو ظاهر المذهب وإن دفع إلى مسكين في يوم من كفارتين أجزأه وعنه لا يجزئه إلا عن واحدة ولا يجزئ في الكفارة غير أصناف الفطرة الخمسة وعنه يجزئ فيها من الخبر رطلان بالعراقي لكل مسكين وعنه يجزئ كل ما كان قوتا للبلد.
وإن أخرج القيمة أو غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه وعنه يجزئه.
ولا يجزئ التكفير إلا بنية فإن لزمته كفارة واحدة لم يلزمه تعيين السبب فإن عينه تعين عما لا تداخل بينهما بحيث إذا أخطأه لا يجزئه.
وإن لزمه كفارات أسبابها من أجناس كظهار وقتل وإفساد صوم فأعتق

رقبة عن أحدها ولم يعينه لم يجزئه عند القاضي وقال غيره يجزئه كما لو كانت من جنس ولا تداخل فيها وهو الأصح ولو كانت الأسباب من جنس يتداخل فتوى بكفارته واحدا منها مبهما أو معينا أجزأت عن الكل وإن غلط في تعيينه.

كتاب القذف واللعان
مدخل

كتاب القذف واللعان
إذا قذف المكلف بالزنا محصنا جلد إن كان حرا ثمانين جلدة وأربعين إن كان عبدا والمعتق بعضه بحسابه في ظاهر كلامه وقيل هو كالعبد وإن قذف غير المحصن عزر ولا يحد والد لولده في القذف.
ولمحصن كل حر مسلم عاقل عفيف عن الزنا يجامع مثله وفي اشتراط سلامته من وطء الشبهة وجهان وفي اشتراط بلوغه روايتان.
فإن قال لمحصنه زنيت وأنت صغيرة فإن فسره بصغر لدون تسع سنين لم يحد وإلا خرج على الروايتين وإن قال زنيت مكرهة لم يحد وإن قذف مجهولة وادعى عدم معرفتها فأنكرته ولا بينة فروايتان وكذلك الروايتان إن قال لحرة مسلمة زنيت وأنت كافرة أو أمة ولم يثبت أنها كانت كذلك بل أمكن فإن قلنا لا يحد فقالت أردت قذفي في الحال فأنكرها فعلى وجهين ولو طالبته بقذف سابق فقال كان في الصغر أو الشرك أو الرق وقد ثبتا فالقول قوله.
ومن قذف أمة أو ذمية لها ابن أو زوج مسلمان فهل يحد على روايتين.
ومن قذف محصنا في الظاهر فلم يحد حتى زال إحصانه حد قاذفه إلا أن يثبت تقدم المزيل على القذف بإقرار أو بينة فلا يحد.
والقذف محرم إلا في موضعين.
أحدهما أن يرى أمرأته تزني في طهر لم يصبها فيه فيعتزلها ثم تأتي بولد

يمكن أنه من الزاني فيلزمه قذفها ونفى ولدها وكذلك إن وطئها في طهر زنت فيه وقوى في ظنه أن الولد من الزاني لشبهه به أو لكونها لا تحمل من مائه أو غيره من القرائن.
الثاني أن يراها تزني ولا تلد أو تلد مالا يغلب على ظنه أنه من الزنا أو يستفيض زناها في الناس أو يخبره به ثقة لا يتهمه أو يرى رجلا معروفا بالفجور عندها فيباح قذفها ولا يجب فإن أتت بولد أسود وهما أبيضان أو بعكسه لم يبح نفيه لمجرد ذلك إلا مع القرائن وقيل يباح.
وألفاظ القذف صريحة وكناية.
فالصريحة نحو يا زاني يا عاهر قد زنيت فإن قال أردت يا زاني العين يا عاهر اليد ونحوه لم يقبل وإن قال يا معفوج يا لوطي فهو صريح إلا أن يقول أردت أنك تعمل عمل قوم لوط غير إتيان الذكران فوجهان وقال الخرقي إن قال أردت أنك من قوم لوط لم يحد.
وإذا قال لست بولد فلان فقد قذف أمه وإن قال لولده لست بولدي لم يكن صريحا بقذف أمه نص عليه وقيل هو قذف لها وإن قال أنت أزنى الناس أو زنت يداك أو رجلاك أو قال الرجل يا زانية أو لامرأة يا زاني فهو صريح بقذفه عند أبي بكر وقيل هو كناية وكذلك إن قال أنت أزنى من فلانة فإن قلنا هو صريح ففي فلانة وجهان وإن قال زنأت في الجبل فقال أبو بكر صريح وقاله ابن حامد إن كان يعرف اللغة وقال أردت الصعود في الجبل قبل منه فعلى قوله إذا لم يقل في الجبل ففيه الوجهان.
وأما الكناية فكقوله لامرأته قد فضحتيه أو نكست رأسه أو أفسدت فراشه أو يا فاجرة يا قحبة يا خبيثة أو لمن يخاصمه يا حلال ابن الحلال ما يعرفك

الناس بالزنا أو يقول لعربي يا فارسي يا قبطي يا رومي ونحوه فهذه كناية إن فسره بغير القذف قبل وعنه لا يقبل إلا بقرينة ظاهره في صرفه.
وإن قال أخبرني فلان أنك زنيت وكذبه فلان أو سمع رجلا يقذف رجلا فقال صدقت خرج على الروايتين وإن قال صدقت فيما قلت ففيه وجهان وقيل هو قذف وجها واحدا.
وإذا قذف أهل بلدته أو جماعة لا يتصور الزنا منهم عادة عزر به ولم يحد وكذلك إن قال ما أنت ابن فلانة نص عليه وكذا قياسه من قذف المجبوب والمنصوص عنه أنه يحد.
ولو قال لرجل اقذفني فقذفه عزر وقيل يحد.
ومن قال لأمرأته يا زانية فقالت بك زنيت سقط عنه حقها بتصديقها ولم تكن قاذفة نص عليه ونص فيمن قال لزوجته زنا بك فلان أنه قاذف لها فتخرج المسألتان على روايتين.
ومن قذف له موروث حي لم يكن له أن يطالب في حياته بموجب قذفه فان مات فقد طالب أو قلنا يورث مطلقا للوارث بصفة ما كان للموروث اعتبارا بإحصانه وإن قذف له موروث ميت فله حد القاذف بشرط إحصانه وإن لم يكن الموروث محصنا وقال أبو بكر لا حد يقذف ميت والأول أصح.
ويثبت حق قذف الميت والقذف الموروث لجميع الورثة حتى الزوجين نص عليه وقال القاضي في موضع يختص به من سواهما وقيل يختص العصبة ومن عفا عنه منهم قام به من بقي كاملا.
ويسقط حد القذف بالعفو عنه نص عليه وعنه ما يدل على أنه لا يسقط بل له العود إلى طلبه ولا يستوفى بدون الطلب رواية واحدة.
ومن تاب من قذف إنسان قبل علمه به فهل يشترط لتوبته إعلامه والتحلل منه على روايتين.

ومن قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلما كان أو كافرا.
ومن قذف الجماعة بكلمة واحدة فحد واحد إذا طالبوا مفترقين فحدود وإلا فواحد ومن قذفهم بكلمات حد لكل واحد حدا وعنه إن طالبوا مجتمعين فحد واحد.
ولو قال لزوجته وأجنبية زنيتما تعدد الواجب هنا ولم يتداخل نص عليه وقال أصحابنا إذا لم يلتعن فهو على الروايات في التداخل.
ومن حد للقذف بزنا أو لاعن إن كان زوجا ثم أعاده عزر وعنه يحد ولا يلاعن على الروايتين جميعا.
وإذا قذف من ثبت زناها بإقرار أو بينة عزر ولم يلاعن لدرئه إن كان زوجا.
فصل في اللعان
ومن قذف امرأته بالزنا ولم تصدقه لزمه ما يلزمه بقذفها أجنبية من حد أو تعزير لكن له إسقاطه باللعان حيث يصح.
ولا يصح اللعان إلا من الزوجين المكلفين سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو أحدهما كذلك وعنه لا يصح إلا من مسلمين حرين عدلين وعنه لا يصح إلا بين المحصنة وزوجها المكلف.
فعلى هذا لا لعان في قذف يوجب التعزير وعنه لا لعان بقذف غير المحصنة إلا لولد يريد نفيه.
وإذا قذفها ثم أبانها أو قال لها أنت طالق يا زانية ثلاثا لاعن كما لو لم يبنها وإن قال أنت طالق ثلاثا يا زانية أو أبانها ثم قذفها بزنا في الزوجية أو العدة أو قذف من تزوجها نكاحا فاسدا فإن كان ثم ولد يريد نفيه لاعن وإلا فلا ومن قذف زوجته بزنا قبل النكاح لم يلاعن وعنه يلاعن وعنه لا يلاعن إلا لولد ينفيه.
ولا يصح اللعان إلا بحضرة الحاكم أو نائبه.

وصفته أن يبدأ الرجل فيقول أربع مرات "أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه ويشير إليها وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها ثم يقول في الخامسة {أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ثم تقول هي أربع مرات "أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا" ثم تقول في الخامسة {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
وإذا قذفها برجل بعينه سقط حدهما بلعانه.
وإذا بدأت باللعان قبله أو نقص أحدهما شيئا من الألفاظ الخمسة لم يعتد به وإن أبدل لفظه "أشهد" باقسم أو أحلف أو لفظة اللعن بالإبعاد أو الغضب بالسخط فعلى وجهين ولا صح اللعان بغير لسان العربية إلا لمن لم يحسنها وقيل إن قدر على تعلمها لزمه.
ويصح لعان الأخرس بإشارته أو كتابته إذا فهمت وفيمن اعتقل لسانه وأيس من نطقه وجهان.
والسنة أن يتلاعنا قياما بمحضر جماعة في الأوقات والأماكن المعظمة وأن يقفا عند الخامسة ويضع رجل يده على فم الرجل وامرأة يدها على فم المرأة ويقال أتق الله فإنه الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة.
ومتى كانت المرأة خفرة بعث الحاكم من يلاعن بينهما.
ومن قذف نساء لزمه أن يفرد كل واحدة بلعان وعنه يجزئه لعان واحد فيقول "أشهد بالله إني لصادق فيما رميتكن به من الزنا" ثم تقول كل واحدة "أشهد بالله إنه لكاذب فيما رماني من الزنا" وأيتهن بدأت جاز وعنه إن كان القذف بكلمة واحدة أجزأه لعان واحد وإلا لزمه الإفراد.
وإذا قذفها وانتفى من ولدها لم ينتف حتى يتناوله اللعان إما صريحا كقوله "أشهد بالله لقد زنت وما هذا الولد ولدي" وتقول هي بالعكس وإما تضمينا

بأن يقول من قذفها بزنا في طهر لم يصبها فيه وادعى أنه اعتزلها حتى ولدت "أشهد الله إني لصادق فيما ادعيت عليها أو فيما رميتها به من الزنا" ونحوه.
وإذا تم تلاعنهما أفاد شيئين الفرقة بينهما وانتفاء الولد المنفى فيه وعنه لا يفيدهما إلا بحكم الحاكم وعنه لا يفيد الفرقة حتى يفرق الحاكم فإذا فرق انتفى الولد وهو اختيار الخرقي ويتخرج أن ينتفي نسب الولد لمجرد لعان الزوج وتقع الفرقة بينهما فسخا متأبد التحريم وعنه إن أكذب نفسه حلت له بنكاح جديد أو بملك يمين إن كانت أمة.
فعلى الأول وهو المذهب متى وقع اللعان بعد البينونة أو في نكاح فاسد فهل يفيد الحرمة المؤبدة على وجهين.
وإذا التعن الرجل ونكلت عنه المرأة حبست حتى تقر أو تلاعن وعنه يخلى سبيلها.
وإن مات أحدهما قبل تلاعنهما أو قبل تمامه ورثه الآخر ولم يتم اللعان إلا من الزوج لدرء الحد عنه حيث يلزمه ويلحقه نسب الولد في المسألتين نص عليه.
وقيل ينتفي عنه بلعانه وحده فان كان في صورة موتها قد أكمله وإلا تممه أو ابتدأه لذلك وإذا مات الولد لم يمنع موته مثل لعانهما ونفيه.
وإذا قال لزوجته ليس ولدك هذا مني ولم نجعله قاذفا أو قال معه ولم تزني أو لا أقذفك أو وطئت بشبهة أو مقهورة لنوم أو إغماء أو جنون أو إكراه ففيه روايتان منصوصتان.
أحدهما لا لعان بحال ويلزمه الولد وهي اختيار الخرقي.
والأخرى له أن يلاعن بنفي الولد فينتفي عنه بلعانه وحده وهي أصح عندي.
وإذا قذف زوجته فسكتت أو أعفته عن المطالبة أو صدقته مرة أو مرارا أو أثبت زناها بأربعة شهداء أو قذفها وهي محصنة فجنت أو وهي مجنونة

بزنا قبله أو وهي خرساء أو ناطقة ثم خرست ولم تفهم إشارتها وهناك ولد يريد نفيه فلا لعان بحال ويلزمه الولد على أكثر نصوصه وقيل له أن يلتعن وحده لنفيه وهو قياس الرواية الثانية في التي قبلها.
ولا يصح استلحاق الحمل قبل وضعه ولا نفيه ولا اللعان عليه لكن إن قال هو من زنا لاعن لدرء الحد ولم ينتف به إلا أن يصف زنا يلزم منه نفيه كمن ادعى زناها في طهر لم يصبها فيه واعتزلها حتى ظهر حملها ثم لاعنها لذلك ثم وضعته لمدة الإمكان من دعواه فإنه ينتفي عنه ولو زال النكاح بلعان لم ينتف الحمل أو المولود به لعدم دخوله فيه فله نفيه بلعان آخر قولا واحدا.
ويشترط لنفي الولد باللعان أن لا يتقدمه الإقرار به أو ما يدل عليه فأما إن أقر به أو بتوأمه أو نفاه وسكت عن توأمه أو هنئ به فسكت أو أمن على الدعاء به أو أخر نفيه مع إمكانه رجاء موته لحقه نسبه ولم يملك نفيه.
وقيل له تأخير نفيه ما دام في مجلس علمه فإن قال لم أعلم به أو بان لي نفيه أو بان النفي على القول وأمكن صدقه قبل وإلا فلا وقيل لا يقبل من غير القريب العهد بالإسلام سوى عدم العلم به.
وإن أخر النفي لمرض أو حبس أو غيبة أو أمر يمنع ذلك لم يسقط نفيه.
وإذا أكذب نفسه بعد نفيه لحقه نسبه وحد لقذف المرأة إن كانت محصنة وإلا عزر وإن كان قد لاعن ولو استحلقه ورثته بعده وقد نفاه باللعان لم يحلق به نص عليه وقال القاضي يلحق به.
وإذا نفى من لا يملك نفيه وقال هو من زنا لزمه الحد وهل له إسقاطه باللعان على روايتين.

باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق

باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق
ومن أتت زوجته بولد لم يلحقه إلا إذا أمكن أنه منه وإذا ولدته بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها وقيل مجاوزة أكثر مدة الحمل منذ أبانها وهو ممن يولد لمثله لحقه نسبه ما لم ينفه بلعان ومع ذلك لا يحكم ببلوغه إن شك فيه به ولا يستقر به مهر ولا تثبت به عدة ولا رجعة وقال أبو بكر لا يلحق نسبه بمن لم يعلم بلوغه ونقل عنه حرب فيمن طلق قبل البناء وأتت بولد فأنكره ينتفي عنه بغير لعان.
وإذا ولدته لدون ستة أشهر منذ تزوجها أو لأكثر مدة الحمل منذ أبانها أو أبانها حاملا فولدت ثم أتت بآخر بعد ستة أشهر أو تزوجها بحضرة الحاكم ثم طلقها في المجلس أو تزوجها وبينهما مسافة لا يصل إليها في المدة التي ولدت فيها أو كان الزوج صبيا له دون تسع سنين وقيل عشر سنين وقيل اثنتي عشرة أو بالغا لا ينزل الماء لجب أو لخصاء أو لهما لم يحلقه نسب وفي انقضاء العدة به منه خلاف سنذكره.
ومن أقرت بانقضاء عدتها منه بالحيض أو غيره أو سريته المعتقة بانقضاء استبراء العتق ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر بعده لم يلحقه وإن كان لدون ذلك لحقه.
وإذا ولدت الرجعية بعد أكثر مدة الحمل منذ طلقها ولدون ستة أشهر منذ أخبرت بانقضاء عدتها أو لم تخبر بانقضائها أصلا فهل يلحقه نسبه على روايتين.
ومن بلغها موت زوجها فقضت العدة ثم تزوجت فما ولدته عند الثاني لستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها لحق به خاصة نص عليه.
ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه وأطلق فأتت بولد لمدة الإمكان

لحقه نسبه إلا أن يدعي الاستبراء وهل يحلف على وجهين فإن قال الواطئ دون الفرج لم أنزل أو عزل ناحية فهل يلحقه على روايتين.
وإذا أقر بوطء أمته مرة ثم ولدت لأكثر من مدة الحمل فهل يلحقه على وجهين وإن ولدت منه أولا فاستلحقه لم يلحقه ما بعده إلا بإقرار مستأنف وقيل يلحقه.
ومن أقر بطفل أو مجنون مجهول النسب أنه ولده ألحق به رجلا كان أو امرأة حتى لو كان ميتا ورثه وعنه إن كان للمرأة زوج لم يلحق بها لحق ومتى كان المقر عبدا أو كافرا ألحق به نسبا لا رقا ولا دينا إلا ببينة توجب ذلك.
وإن ادعاه اثنان ولا فراش فهو لأسبقهما دعوة ما لم يكن للآخر بينة فيكون له وإن ادعياه معا ولأحدهما بينه قدم بها وإن تساويا في البينة أو عدمها عرض معهما أو مع أقاربهما إن ماتا على القافة فإن ألحقته بأحدهما لحق وكذلك إن توقفت فيه ونفقته عن الآخر وإن ألحقته بهما لم يلحق بهما لم يحلق إن كانا امرأتين فألحق بالرجلين فيرثانه ميراث أب واحد وهو يرثهما ميراث ولد كامل.
وإن نفته عنهما أو أشكل عليهما أو اختلف قافتان أو لم تكن قافة ضاع نسبة ولم يلحق بواحد منهما قاله أبو بكر وقال ابن حامد يترك حتى يبلغ فينتسب إلى من شاء منهما فيلحقه وعندي يلحق بهما.
وكذلك الحكم إن وطئ اثنان امرأة بشبهة أو أمة لهما في طهر واحد أو وطئت زوجة رجل أو ولد بشبهة وأتت بولد يمكن أنه منهما أرى القافة سواء ادعياه أو جحداه أو أحدهما وقد ثبت الافتراش ذكره القاضي وغيره.
وشرط أبو الخطاب في وطء الزوجة أن يدعي الزوج أنه من الشبهة فعلى قوله إن ادعاه لنفسه اختص به لقوة جانبه ومتى ألحق الزوج بالقافة والانتساب وهو ينكر فهل له نفيه بالتعانه على روايتين.
ويعتبر للقائف أن يكون ذكرا عدلا مجرب الإصابة وفي اعتبار حريته

وجهان ويكفي قائف واحد ومجرد خبره وعنه اعتبار قائفين ولفظ الشهادة منهما.
وإذا كان القافة ثلاثا فاتفق اثنان وخالفهما الثالث عمل بقولهما نص عليه وإذا كان التداعي والافتراش من ثلاثة أو أكثر فألحقته القافة بهم لحق نص عليه في الثلاثة وأومأ إليه فيما فوقهما وقال ابن حامد لا يلحق بهم ويكون كمن ادعاه اثنان وعدمت القافة وقال القاضي يلحق بثلاثة ولا يلحق بما فوقها.
ومن قال لسريته أو زوجته أو مطلقته لولد بيدها ما هذا ولدي ولا ولدته فإن شهدت امرأة مرضية وعنه امرأتان بولادته ثبت نسبه منه وإلا فلا وقيل يقبل قولها وقيل يقبل قول الزوجة دون المطلقة والسرية.

كتاب العدد
مدخل

كتاب العدد
كل امرأة فارقها زوجها فعليها العدة إلا المفارقة في الحياة قبل المسيس والخلوة أو بعدهما والزوج ممن لا يولد لمثله فلا عدة عليها ويعتبر للخلوة مطاوعتها وعلمه بها ولا يعتبر الخلو من مانع الصوم والإحرام والمرض والجب والعنة ونحوه وهل تجب العدة بتحمل ماء الرجل أو بالقبلة أو باللمس من غير خلوة على وجهين.
والنكاح الفاسد المختلف فيه كالصحيح فيما ذكرناه نص عليه.
وقال ابن حامد لا عدة فيه بموت ولا خلوة حتى يطأ فتجب عدة وطء الشبهة.
والمعتدات ست إحداهن الحامل فعدتها من الموت وغيره بوضع حملها كله حرة كانت أو أمة والحمل الذي تنقضي به عدتها ما تصير به الأمة أم ولد ولو كان حملها لا يلحق الزوج كزوجة الطفل والمطلقة عقيب العقد ونحوه لم تنقض

به عدتها وعنه تنقضي به وفيه بعد وعنه تنقضي به من غير الطفل لأنه يلحقه باستلحاقه.
وأقل مدة الحمل ستة أشهر وغالبها تسعة أشهر وأكثرها أربع سنين وعنه سنتان وأقل ما يتبين فيه الولد أحد وثمانون يوما.
الثانية المتوفى عنها زوجها وليست حاملا منه فعدتها مع الحرية بأربعة أشهر وعشرا والأمة شهرين وخمسة أيام والمعتق بعضها بحسابه.
وإذا مات زوج الرجعية في عدة الطلاق سقطت واستأنفت عدة الوفاة عقيب موته وعنه تعتد بأطولهما وإذا مات بعد عدة الطلاق لم يلزمها عدة وفاة وعنه يلزمها إن كان الطلاق في المرض وورثناها منه وكذلك من أبانها في المرض قبل الدخول أو بعده فاعتدت ثم مات ولو مات في العدة فعنه عليها عدة الوفاة فقط وعنه أطولهما وهو الصحيح إلا التي لا نورثها كالأمة والذمية ومن جاءت البينونة منها فلا يلزمها سوى عدة الطلاق رواية واحدة وأما البائن في الصحة فلا تنتقل بموته عن عدتها وإذا ارتابت المتوفى عنها لظهور أمارة الحمل من حركات أو انتفاخ بطن أو رفع حيض ونحوه قبل زوالها لم يصح وقيل يصح إذا ظهرت الريبة بعد شهور العدة.
ولو ظهرت الريبة بعد تزوجها لم يفسد بذلك إلا أن تأتي بعده بولد لدون ستة أشهر فيتبين فساده.
الثالثة ذات الأقراء المفارقة في الحياة فعدتها ثلاثة قروء مع حريتها أو حرية بعضها وقرءان مع رقها والأقراء هي الحيض.
ولا تعتد بحيضة طلقت فيها وهل تباح للأزواج وتمتنع الرجعة قبل غسلها من الحيضة الثالثة عل روايتين وبقية الأحكام من قطع الإرث والطلاق واللعان والنفقة وغيرها تحصل بانقطاع الدم رواية واحدة وعنه الأقراء الأطهار فتعتد

ببقية الطهر المطلق فيه قرءا فإذا طعنت في الحيضة الثالثة أو في الثانية مع الرق حلت.
وأقل ما تنقضي به العدة بالأقراء إن قلنا هي الحيض تسعة وعشرون يوما ولحظة للحرة وللأمة خمسة عشر يوما ولحظة إن قلنا الطهر ثلاثة عشر يوما وإن قلنا أقله خمسة عشر فثلاثة وثلاثون يوما ولحظة للحرة وسبعة وعشرون يوما ولحظتان للحرة وأربعة عشر ولحظتان للأمة إن قلنا أقل الطهر ثلاثة عشر يوما وإن قلنا خمسة عشر يوما فاثنان وثلاثون يوما ولحظتان للحرة وستة عشر ولحظتان للأمة.
ولو ولدت ثم طلقت فأقل ما تنقضي به العدة ما ذكرناه مع زيادة أربعين يوما مدة النفاس.
وإذا ادعت المعتدة انقضاء عدتها بالأقراء أو الولادة قبل قولها إذا كان ممكنا إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل إلا ببينة نص عليه وقبله الخرقي مطلقا.
ولو اتفقا على وقت الحيض أو الولادة واختلفا هل كان الطلاق قبله أم لا فالقول قوله كما في العدة بالأشهر.
الرابعة من فارقها حيا ولا تحيض لإياس أو صغر فعدتها ثلاثة أشهر حرة كانت أو أمة وعنه شهران للأمة وعنه شهر ونصف والمعتق بعضها بحسابه.
وإذا حاضت الصغيرة في عدة الأشهر ابتدأت عدة الأقراء وإذا قلنا هي الأطهار فهل يعد ما قبل الحيض قراء على وجهين ومن أيست في عدة الأقراء ابتدأت عدة آيسة فإذا أعتقت الأمة المعتدة بنت على عدة أمة إلا الرجعية فإنها تنتقل إلى عدة حرة.
الخامسة من ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه فعدتها سنة تسعة أشهر

للحمل وثلاثة لعدة الآيسة لكن تنقص الأمة منها شهرا أو سهرا ونصفا على خلاف سبق وقيل تقعد للحمل أكثر مدته ثم تعتد للأياس ولا تنتقض عدتها بعود الحيض بعدها وقيل تنتقض ما لم تتزوج.
وعدة البالغة التي لم تر دم حيض ولا نفاس والمستحاضة الناسية لوقتها ثلاثة أشهر وعنه سنة فأما إن علمت أن لها حيضة في كل شهر أو شهرين أو أربعين يوما ونحوه ونسيت وقتها فعدتها ثلاثة أمثال ذلك نص عليه وذات التمييز أو العادة تبنى عليهما.
ومن عرفت ما رفع حيضها من مرض أو رضاع ونحوه فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به أو تصير إلى الإياس فتعتد عدته.
السادسة امرأة المفقود تتربص أربع سنين من يوم فقد إن فقد بغيبة ظاهرها الهلاك وإلا فتتمة تسعين سنة من يوم ولد ثم تعتد فيهما للوفاة وهل يفتقر ضرب المدة وعدة الوفاة إلى حاكم على روايتين وعنه التوقف في أمره حتى يعلم موته ويرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم فإذا حكم بالفرقة نفذت ظاهرا لا باطنا بحيث لا تمنع طلاق المفقود ويتخرج أن تنفذ باطنا فيمتنع طلاقه وإذا تزوجت ثم قدم فالمنصوص ردها إليه إن لم يدخل بها الثاني وإن كان دخل بها خير القادم بين أخذها زوجة وبين تركها مع الثاني وأخذ مهرها منه وهل قدره بما أمهرها الأول أو الثاني على روايتين وفي رجوع الثاني به عليها روايتان والأقيس أن تكون زوجة القادم بلا خيار إلا أن نقول تنفذ الفرقة باطنا فتكون زوجة الثاني بكل حال.
ومن مات أو طلق وهو غائب من زوجته فعدتها من يوم مات أو طلق بالإحداد وعنه إن ثبت ذلك ببينة أو كانت عدتها لوضع الحمل فكذلك وإلا فعدتها من يوم بلغها الخبر.

وعدة الموطوءة بشبهة أو زنا عدة المطلقة إلا الأمة غير المزوجة فإنها تستبرأ بحيضة وعنه يكفي للزنا استبرأ بحيضه.
وإن كان لهذه الموطوءة زوج أو سيد حرم وطؤها عليه في هذه المدة وفي استمتاعه بها دون الفرج وجهان.
وإذا وطئت المعتدة لنكاح فاسد أو شبهة سواء تمت عدة الأولى ثم ابتدأت عدة الوطء فهل تنقطع العدة بذلك حيث لا يحتسب منها مقامها عند الثاني أم لا على وجهين وإن أتت بولد علم أنه من أحدهما بعينه انقضت به عدتها منه ثم اعتدت للآخر وكذلك إن لم يعلم وألحقته القافة بأحدهما وإن ألحقته بهما انقضت به عدتها منهما وللثاني أن ينكحها بشرط انقضاء العدتين وعنه تحرم عليه في النكاح الفاسد أبدا.
ومن وطئت زوجته بشبهة ثم طلقها اعتدت منه ثم أتمت للشبهة ويحتمل أن تتم للشبهة ثم تستأنف له.
وإذا وطئ اثنان امرأة بشبهة لزمها عدتان ومن وطئ معتدته البائن بشبهة استأنفت العدة لوطئه ودخل فيها بقية الأولى ولو وطئها زنا أتمت الأولى ثم ابتدأت للزنا.
وإذا طلقت الرجعية في عدتها أو فسخ نكاحها فيها لخيار عتق أو غيره بنت على ما مضى منها وإن زوجت ثم طلقت استأنفت العدة كما لو فسخت بعد الرجعة لعتق أو غيره وعنه تبنى إذا لم يطأها بعد الرجعة.
ولو نكح البائن منه في عدتها ثم طلقها فيها قبل الدخول بنت وعنه يستأنف.
ويلزم المتوفي عنها الإحداد في العدة وإن كانت ذمية أو صغيرة ولا يلزم الرجعية ولا الموطوءة بشبعه أو نكاح فاسد أو ملك يمين وفي البائن روايتين.
والإحداد تجنب الزينة والطيب والتحسين بالحناء والخضاب والكحل

الأسود والحفاف واسفيداج العرائس وتحمير الوجه ولبس الملون من الثياب للتحسين كالأحمر ولاأصفر والأخضر الصافي والأزرق الصافي ولا تحرم الثياب البيض ولا الملون لرفع الوسخ كالكحلي والأسود وذكر الخرقي أنها تجتنب النقاب.
وتجنب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه إلا أن تدعو ضرورة إلى تحولها منه بأن يحولها مالكه أو تخشى على نفسها فتنتقل إلى أقرب ما يمكن ولها الخروج في حوائجها نهارا لا ليلا.
ومن أذن لها زوجها في السفر معه أو بدونه للنقلة إلى بلد فمات قبل أن تفارق البيوت لزمها العود إلى منزلها للعدة وإن مات بعد ذلك خيرت بين البلدين ولو كان لغير النقلة لتجارة وزيارة فمات بعد مسافة القصر خيرت بين البلدين وإن مات بالقرب لزمها العود للعدة في منزلها وإن كان السفر لحج وقد أحرمت به قبل موته أو بعده فإن أمكنها العود إلى العدة في منزلها ثم إدراك الحج لزمها العود كذلك مع موته بالقرب مع البعد الحج فان رجعت منه وقد بقي شيء من عدتها أتمته في منزلها وأما مع القرب فهل تقدم العدة أو أسبقهما لزوما على روايتين وحيث تقدم العدة تتحلل لفوات الحج بعمرة.
والمطلقة الرجعية في وجوب ملازمة منزلها يوم الفرقة كالمتوفى عنها نص عليه وقيل هي كالزوجة فأي وقت خرجت أو تحولت بإذنه جاز.
وأما المبتوتة فعنه أنها كالمتوفي عنها والأشهر عنه أنه لا يلزمها العدة في منزل طلاقها بل لها النقلة إلى غيره وإن تكررت لكن هل لها البيتونة في غير المنزل الذي تكون فيه من غير نقلة عنه أو السفر عن البلد أم لا على روايتين هذا كله إذا لم يمنعها المطلق منه فأما إن أراد إسكاتها في منزله ولا محذور فيه أو في غيره مما يصلح لها تحصينا لفراشه لزمها سواء وجبت لها السكنى أو لم تجب كما في المستبرأة لعتق والمعتدة بشبهة أو نكاح فاسد.

باب الاستبراء

باب الاستبراء
من ملك أمة توطأ عن صغير أو كبير أو رجل أو لامرأة لم يحل له وطؤها ولا مقدماته حتى يستبرئها وعنه تباح مقدماته في المسبية خاصة وفي استبراء من لا يوطأ مثلها لصغرها روايتان.
ويجعل استبراء الحامل بوضع الحمل ومن تحيض بحيضة كاملة والآيسة الصغيرة بمضي شهر وعنه بمضي ثلاثة أشهر وعنه بشهرين وعنه بشهر ونصف وإن ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه فبذلك بعد تسعة أشهر وإن ارتفع لعارض انتظر عوده المستبرئ به أو الإياس فتستبرئ بالمدة.
ومن رجعت إليه بالعجز فكاتبته أو ذات رحم محرم منها ملكتها في الكتابة أو فك أمته من رهن أو أسلم هو أو هي بعد ردة أو اشترى عبده التاجر أمة ثم أخذها منه وقد حضن قبل ذلك لم يلزمه لذلك استبراء وإن استبرأ من مكاتبة أمه أو رجعت إليه لعجزه فوجهان أصحهما وجوب الاستبراء.
وإن أسلمت أمته المجوسية أو الوثنية فوجهان أصحهما الاستبراء لذلك ومن زوج أمته فطلقت قبل الدخول لم يلزمه استبراء لذلك وكذلك بعد الدخول بل تعتد فقط.
وإن اشترى أمة مزوجة فطلقت قبل الدخول لزمه الاستبراء وأما بعده فقيل يلزمه بعد العدة وقيل يدخل فيها.
ومن اشترى زوجة له أو معتدة منه بدون الثلاث فله وطؤها في عدتها فإن باعها فمتى تحل للمشتري فيه الوجهان.
ويجزئ استبراء من ملكها بشراء أو وصية أو غنيمة أو غيرها قبل القبض وعنه لا يجزئ إلا في الموروث وقيل لا يجزئ في الجميع ويكفي قبض الوكيل على الأصح.

ومن اشتريت بشرط الخيار فهل يجزئ استبراؤها إذا قلنا بنقل الملك على وجهين.
ومن باع أمة ثم رجعت إليه بإقالة أو فسخ حيث انتقل الملك لزمه استبراؤها وعنه لا يلزمه إذا لم تقبض منه أو اشتراها منه امرأة ولو فسخ لخيار شرط وقلنا يمنع نقل الملك لم يلزمه استبراء وإن قبضت منه.
ومن وطئ أمته ثم أراد بيعها لم يلزمه استبراؤها وعنه يلزمه لكن يصح البيع بدونه وعنه يلزمه ويفسد البيع بدونه.
ومن أراد تزويج سريته لزمه استبراؤها ولم يصح العقد بدونه وعنه يصح ولكن لا يطأ الزوج قبله.
ومن اشترى أمه فأراد قبل الاستبراء أن يزوجها مع الرق أو بعد العتق أو يتزوجهما بعد عتقها لم يجز ذلك بحال لكن هل يؤثر ذلك في فساد العقد أو تختص بمنع الوطء على روايتين وعنه له تزويجها من غيره إذا كان بائعها قد استبرأها أو لم يكن يطؤها وهو الأصح.
ومن أعتق أم ولده أو سريته أو مات عنها لزمها استبراء نفسها إلا أن تكون معتدة أو مزوجة ولا يلزمها استبراء فان مات زوجها وسيدها وجهل أسبقهما لزمها بعد موت آخرهما عدة حرة للوفاة فقط بلا استبراء إلا أن يعلم أن ما بين موتهما فوق شهرين وخمسة أيام أو يجهل المدة فيلزمها الأطول منهما وعنه لا يلزمها سوى عدة حرة للوفاة مطلقا.
وإذا اشترك رجلان في وطء أمة لزمها استبراءان.
ومن باع أمة بعد إقراره بوطئها ولم يستبرئها فأتت بولد لدون ستة أشهر من حين البيع لحقه نسبه والبيع باطل وكذلك إن أتت به لأكثر من ستة أشهر إلا أن يدعي المشتري أنه منه فيعرض على القافة أو يدعي استبراء وتأتي به لستة أشهر من بعده فيكون عبدا له إن لم يعترف به.

وإن استبرأ ثم باع فولدته لدون ستة أشهر من حين الاستبراء لحقه ولو ولدت بعد ستة أشهر من الاستبراء لم يلحقه إلا أن يدعيه ويصدقه المشتري ولو لم يكن أقر بوطئها حتى باع لم يلحقه الولد بحال إلا أن يدعيه ويصدقه المشتري وقيل يلحقه نسبه بدعواه في المسألتين إذا لم يدعه المشتري وكذا امتنع كونه عبدا.

كتاب الرضاع
مدخل

كتاب الرضاع
إذا ثاب للمرأة لبن عن حمل يلحقه نسب الواطئ فأرضعت به طفلا صارا في تحريم النكاح وجواز الخلوة والنظر أبوين له وهو ولدهما وانتشرت الحرمة من هذه الجهات الثلاث وأولاده وإن سفلوا أولاد ولدهما وأولاد كل واحد منهما من الآخر أو غيره إخوته وأخواته وآباؤهما أجداده وجداته وإخوة المرأة أخواله وأخواتها خالاته وإخوة الواطئ أعمامه وأخواته عماته ولا تنتشر حرمة الرضاع إلى من في درجة المرتضع من إخوته وأخواته وإلى من فوقه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته فتباح المرضعة لأخي المرتضع من النسب ولأخيه وتباح أمه من النسب وأخته منه لأبيه من الرضاع وأخيه ومن أرضعت بلبن ولد الزنا أو المنفى باللعان طفلا صار ولدها من الرضاعة ولم يصر ولدا للزاني والملاعن وقيل يصير ولدا لهما وقيل يصير ولدا للزاني والملاعن وقيل يصير ولدا لهما وقيل يصير ولدا للزاني دون الملاعن.
وإذا وطئ رجلان امرأة بشبهة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لهما إلا أن يلحقه القافة بأحدهما فينفرد ببنوته.
ومن تزوج امرأة لها لبن من زوج قبله فحبلت منه ولم يزد لبنها أو زاد قبل أو أن الزيادة للحبل فهو للأول وإن زاد في أوانه فأرضعت به طفلا فهو ولدهما وإن انقطع لبن الأول ثم ثاب بحبلها من الثاني فهو ابنه وحده عند أبي الخطاب وقال أبو بكر هو ابنهما ومتى ولدت فاللبن للثاني وحده إلا إذا لم يزد لبنها

ولم ينقص من الأول حتى ولدت فإنه يكون له على المنصوص وقيل هو للثاني وحده بكل حال.
وإذا ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم لم يثبت الحرمة نص عليه وعنه يثبتها فعلى هذه في لبن الخنثى المشكل وجهان.
ولا تحريم بلبن البهائم بحال.
ولا يحرم الرضاع إلا في الحولين فلو رضع طفل بعدهما بلحظة لم يحرم.
وقليلة في التحريم ككثيره وعنه لا يحرم إلا ثلاث رضعات وعنه لا يحرم إلا خمس وهو المذهب.
فعلى هاتين متى امتص من الثدي ثم تركه لشبع أو لتنفس أو لأمر ألهاه أو للانتقال إلى ثدي آخر أو قطع عليه قهرا ثم عاد عن قرب أو بعد فهي رضعة أخرى وقال ابن حامد إذا انقطع بغير اختياره فهما رضعة ما لم يطل الفصل بينهما.
والوجور والسعوط كالرضاع وعنه لا يحرمان فعلى الأول اللبن المشوب بغيره كالمحض وقال ابن حامد الحكم لأغلبهما.
ولا تحرم الحقنة باللبن نص عليه وقال ابن حامد لا يحرم.
ولبن الميتة محرم كالحية وقال الخلال لا يحرم.
ومن طلق امرأة لها منه لبن فتزوجت بطفل وأرضعته بلبنه أو تزوجت الطفل أولا ثم فسخت نكاحه بعيب أو عتق ثم تزوجت رجلا وثاب لها منه لبن فأرضعت به الطفل حرمت عليهما أبدا لصيرورتها أما وحليلة ابن.
ومن تزوج كبيرة لها لبن من غيره ولم يدخل بها وصغيرة أو أكثر فأرضعت الكبيرة الصغيرة بعد طلاقها أو طلاق إحداهما حرمت الكبيرة أبدا خاصة وبقي نكاح الصغيرة إذا لم تكن مطلقة وإن أرضعتها وهما في نكاحه حرمت الكبرى أيضا وبقي نكاح الصغرى وعنه ينفسخ نكاحها فإن أرضعت

صغيرة أخرى بعدها انفسخ نكاحهما على الأولى ولم ينفسخ على الثانية نكاح الثانية فإن أرضعت ثالثة بعدهما انفسخ نكاح الأوليين دون الثالثة على الأولى وعلى الثانية ينفسخ نكاح الكل وإن أرضعت واحدة منفردة ثم اثنتين انفسخ نكاح الثلاث رواية واحدة وله أن يتزوج من شاء منهن ولو كان دخل بالكبرى حرم الكل عليه أبدا.
وكل من حرمت عليه ابنة امرأة كأمة وجدته وأخته وربيبته إذا أرضعت طفلة حرمتها عليه.
وكل من حرمت عليه ابنة رجل كابنه وأخيه وابنه إذا أرضعت زوجته بلبنه طفلة حرمتها عليه وفسخت نكاحها إن كانت زوجته.
ومن تزوج طفلة وأرضعها بلبنه خمس أمهات أولاد له رضعة رضعة أو ثلاث زوجات له رضعتين رضعتين صار أباها وحرمت عليه وقيل لا تحرم كما لم تصر بنتا للمرضعات ولو أرضعها خمس بنات زوجة له رضعة رضعة حرمت الكبرى بجعلها جدة وكانت الصغرى معها على ما سبق في اجتماعهما أما وبنتا وقيل لا تصير جدة لانتفاء أمومة بناتها فيكون نكحهما بحاله.
وكل امرأة أفسدت نكاحها برضاع قبل الدخول فلا مهر لها وإن كانت طفلة بأن تدب فترضع من نائمة أو مضى عليها وإن كان بعد الدخول فمهرها بحاله لا يسقط وإن أفسده غيرها فلها على الزوج نصف المسمى قبل الدخول وجميعه بعده ويرجع به على المفسد منهما نص عليه وفي رواية أبي القاسم.
ومتى كان المفسد جماعة وزع على رضعاتهم المحرمة لا على عددهم وقيل لا يرجع بشيء بعد الدخول وهو الأقوى ومن تزوج امرأة ثم قال هي أختي من الرضاع انفسخ النكاح ثم إن كان قبل الدخول وصدقته فلا مهر وإن كذبته فلها نصف المهر وإن كان بعد الدخول فلها المهر بكل حال.
وإن قالت هي ذلك وأكذبها فهي زوجته في الحكم وإذا قال لمماثلته في سنه هي بنتي من الرضاع لم تحرم لتيقن كذبه.

كتاب النفقات
باب نفقة الزوجات

كتاب النفقات
باب نفقة الزوجات
يلزم الرجل نفقة زوجته قوتا وكسوة وسكنى بما يصلح لمثلها ولا يقدر قوتها هو ولا غيره بل يعتبر الحاكم عند التنازع بحالهما فيفرض للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من أجود خبز البلد وأدمه المعتاد لأمثالها وما يكتسى به مثلها من جيد القطن والكتان أو الخز أو الإبريسم وأقله قميص وسراويل ووقاية ومقنعة ومداس وجبة للشتاء وللنوم فراش ولحاف ومخدة وللجوس زلّي1 ورفيع الحصر وللفقيرة تحت الفقير قدر كفايتها من أدنى خبر البلد وأدمه وما يكتسى به أمثالها وينامون فيه ويجلسون فوقه وللمتوسطة تحت المتوسط وللموسرة تحت الفقير وبالعكس ما بين ذلك كله عادة ويلزمه إخدامها إذا كان مثلها لا تخدم نفسها أو احتاجت إليه لمرض ولا يلزمه أكثر من خادم فإن كان الخادم لها وإلا أقامة لها بشراء أو كراء أو عارية والتعيين إليه إلا في خادمها فلا يتعين إلا باتفاقهما.
ونفقة الخادم كنفقة الفقيرة تحت الفقير ولا تملك أن تخدم نفسها وتأخذ نفقه الخادم وهل للزوج أن يخدمها بدلا من الخادم على وجهين وعليه ما يعود بنظافة المرأة من دهن وسدر ومشط وثمن ماء ولا يلزمه دواء ولا أجرة طبيب ولا يلزمه ثمن طيب ولا حناء ونحوه إلا أن يريد منها التزين به ولا يلزمه للخادم شيء من ذلك وعليه دفع القوت لا قيمته في صدر نهار كل يوم إلا أن يتفقا على دفع قيمة أو تقديم أو تأخير لمدة تطول أو تقصر فيجوز ويلزمه كسوتها لكل عام فإذا قبضتها ثم تلفت أو سرقت لم يلزمه بدلها وإذا انقضت
__________
1 هو نوع من السجاد

السنة وهي باقية لزمه كسوة السنة الأخرى ويحتمل أن لا يلزمه وإن ماتت أو طلقها في أثناء السنة قبضت كسوتها أو نفقتها سلفا أو رجع عليها بقسط باقيها وقيل لا يرجع وقيل يرجع بالنفقة دون الكسوة لكن لا رجوع بقسط يوم الفرقة قولا واحدا.
ولو أنفقت من ماله وهو غائب فتبين موته فهل يرجع عليها بما أنفقته بعد موته على روايتين.
وإذا قبضت النفقة فلها التصرف فيها على وجه لا يضر بها ولا ينهك بدنها.
وإذا غاب مدة ولم ينفق لزمه نفقة الماضي وعنه لا يلزمه إلا أن يكون الحاكم قد فرضها وأما نفقة أقاربه فلا تلزمه لما مضى وإن فرضت إلا أن يستدان عليه بإذن الحاكم.
ولا نفقة للزوجة إلا إذا استكملت تسع سنين وتسلمها الزوج أو بذلت له بذلا يلزمه قبوله كما سبق في موضعه سواء كان صغيرا أو كبيرا يمكنه الوطء أو لا يمكنه وعنه يجب لبنت تسع فصاعدا النفقة بالعقد ما لم تمنعه نفسها ولا منعها أهلها والأول أصح.
وإذا بذلت له والزوج غائب لم يفرض لها حتى يراسله الحاكم ويمضي زمن يمكن أن يقدم في مثله.
وإذا بذلت التسليم ووقفته على قبض صداقها حيث تملك ذلك فلها النفقة.
ومن زوج أمته وسلمها ليلا ونهارا فهي كالحرة وإن سلمها ليلا لا غير لزمه نفقة النهار ولزم الزوج نفقة الليل من العشاء وتوابعه كالوطاء والغطاء ودهن المصباح ونحوه وقيل جملة نفقتها عليهما نصفين بالسوية قطعا للتنازع.
وإذا حبست المرأة في حق أو غصبها رجل أو نشرت أو حجت أو صامت تطوعا أو لنذر في الذمة أو صامت لكفارة أو قضاء رمضان قبل وقته ولم يكن ذلك بإذنه فلا نفقة لها وإن حجت الفريضة أو صلت المكتوبة في أول الوقت

وسنتها فلها النفقة وإن صامت أو حجت لنذر معين فوجهان وقيل إن كان النذر بإذنه أو قبل النكاح فلها النفقة وإلا فلا وإذا اختلفا في نشوزها أو أخذها النفقة فالقول قوله وإن اختلفا في بذل التسليم فالقول قوله مع اليمين فيهما.
وإذا عادت الناشر إلى الطاعة والزوج غائب لم تعد نفقتها حتى يعلم الزوج ويمضي زمن يقدم في مثله وكذلك المرتدة والمتخلفة عن الإسلام إذا أسلمتا في غيبة الزوج عند ابن عقيل وقال القاضي تعود نفقتهما بمجرد إسلامهما.
وإذا أعسر الزوج بنفقة القوت أو الكسوة أو بعضهما فللزوجة فسخ النكاح ولها المقام عنده وتبقى نفقة الفقيرة دينا عليه فإن اختارت المقام ثم بدا لها الفسخ ملكته وعنه لا تملكه كما لو رضيت بعسرته في الصداق وكذلك الخلاف إن تزوجته عالمة بعسرته فعلى هذه هل خيارها الأول على التراخي أو الفور يخرج على روايتي خيار العيب وعنه ما يدل على أنه لا فسخ للإعسار بالنفقة بحال وإن أعسر بنفقة ماضية فلا فسخ بذلك وكذلك في نفقة الموسرة أو المتوسطة والأدم أو الخادم ويبقى ذلك في ذمته وقال تسقط زيادة اليسار والتوسط.
وإذا أعسر بالسكنى فلا فسخ قاله القاضي وقال ابن عقيل لها الفسخ.
وإن أعسر زوج الأمة فرضيت به أو زوج الصغيرة أو المجنونة لم يملك وليهن الفسخ وقيل يملكه.
وإذا منع الموسر النفقة أو بعضها وقدرت له على مال أخذت منه كفايتها وكفاية ولدها بالمعروف بغير إذنه وإن لم تقدر عليه أجبره الحاكم على ذلك فإن تعذر دفع النفقة من ماله بأن غيبه وصبر على الحبس فلها فراقه وقال القاضي ليس لها ذلك بخلاف العسر.
ويفتقر الفسخ في جميع ذلك إلى حاكم.
وتجب نفقة المطلقة الرجعية طعاما وكسوة وسكناها كالزوجة سواء وأما البائن بفسخ أو طلاق فلها ذلك إن كانت حاملا وإلا فلا شيء لها وعنه لها

السكنى خاصة وإن لم ينفق عليها حائلا ثم بانت حاملا لزمه نفقة الماضي.
وإن أنفق يظنها حاملا فبانت حائلا رجع بما أنفق عليها لمجرد قولها ثلاثة أشهر وعنه لا ينفق حتى يشهد به النساء فإن مضت ثلاثة أشهر ولم يظهر حمل قطعت النفقة على الروايتين وفي الرجوع بما مضى روايتان.
إحداهما النفقة له فتجب إذا كان أحد الزوجين رقيقا وتثبت في ذمة الغائب وتلزم المعسر ولا تلزم غير الزوج من أقارب للحمل ولا تجب لناشز ولا لحامل من وطء شبهة أو نكاح فاسد أو ملك يمين.
والأخرى أنها تحمل فتجب لهؤلاء الأربع ولا تجب لها مع رقها أو رق زوجها وتسقط بمضي الزمان وإعسار الزوج وتلزم من تلزمه نفقة الحمل من نفس الأقارب على تقدير الولادة.
وأما المتوفى عنها فلا نفقة ولا سكنى لها بحال وعنه لها ذلك في التركة إذا كانت حاملا.

باب نفقة الأقارب

باب نفقة الأقارب
يلزم الإنسان نفقة والدية وولده بالمعروف إذا كانوا فقراء وله ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته وكذلك أجداده وإن علوا وولد ولده وإن سفلوا وعنه لا يلزمه نفقتهم إلا بشرط أن يرثهم بفرض أو تعصيب كسائر الأقارب عنده.
وعنه أنها تختص العصبة في عمودي النسب وغيرهم ثم هل يشترط أن يرثهم بالفرض أو التعصيب في الحال على روايتين.
إحداهما يشترط فلا نفقة على بعيد موسر يحجبه قريب معسر.
والأخرى يشترط ذلك في الجملة لكن إن كان يرثه في الحال ألزم بها مع اليسار دون الأبعد وإن كان فقيرا جعل كالمعدوم ولزمت الأبعد الموسر.
فعلى هذا من له ابن فقير وأخ موسر أو أب فقير وجد موسر تلزم نفقته.

الموسر منهما على الثانية ولا تلزمه فيهما على التي قبلها وعلى اشتراط الإرث في غير عمودي النسب خاصة يلزم الجد دون الأخ.
ولا نفقة على ذوي الأرحام من غير عمودي النسب نص عليه وخرج أبو الخطاب وجوبها على توريثهم ومن لزمته نفقته بالقرابة جماعة قسمت عليهم على قدر إرثهم إلا الأب فإنه يختص بنفقه ولده.
فإذا كان له أم وجد وابن وبنت فعليهما النفقة أثلاثا وإن كان له جدة وأخ لزم الجدة السدس والأخ الباقي وعلى هذا أبدا وإن كان له أم أم وأبو أم فالنفقة على أم الأم وإن كان له أم أم وأم أب فالنفقة عليهما وإذا كان له أم وبنت فالنفقة عليهما أرباعا ويتخرج أن لا يلزمهما سوى ثلثي النفقة لا تلزمه كل النفقة أو بقدر إرثه على روايتين1.
ومن لم يفضل عنه إلا نفقة واحد قدم الأقرب فالأقرب منه فإن استويا قدم العصبة على غيره وإلا فهما سواء وقيل يقدم من امتاز بفرض أو تعصيب فإنه تعارضت المزيتان أوفقدتا فهما سواء فإن كان له أبوان قدم الأب وقيل الأم وقيل هما سواء.
فإن كان معهما ابن قدم عليهما وقيل يقدمان عليه وقيل يقسمها بينهم.
وإذا كان أبو أب وأبو أم قدم أبو الأب لامتيازه بالتعصيب.
وإن اجتمع أبو أم وأبو أبي أب فعندي أبو الأم أولى وقال القاضي القياس تساويهما لتعارض قرب الدرجة وميزة العصوبة ويحتمل أن القريب والبعيد سواء إذا ألزمناه مع القدرة نفقتهما معا.
__________
1 كذا بالأصل وفي المغني "وإن كانت له أم وبنت فالنفقة بينهما أرباعا لأنهما يرثانه كذلك وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي: النفقة على البنت لأنها تكون عصبة مع أخيها".

ولا تجب نفقة الأقارب مع اختلاف الدين وعنه تجب في عمودي النسب خاصة ومن لزمته نفقة رجل لزمته نفقة زوجته وعنه لا تلزمه وعنه لا تلزمه إلا لزوجة الأب وعنه لا تلزمه إلا في عمودي النسب.
وتلزم نفقة ظئر الصبي من تلزمه نفقته ولا تلزمه لما فوق الحولين وليس للأب منع المرأة من إرضاع ولدها حتى لو طلبت أجرة المثل لذلك ووجدت متبرعة برضاعة فأمه أحق به بالأجرة وقيل له منعها بأجرة وبغيرها إذا كانت في حباله وإن امتنعت من إرضاعه لم تجبر إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه فتجبر وإن تزوجت بآخر فله منعها من إرضاع ولدها من الأول إلا أن يضطر إليها.

باب الحضانة

باب الحضانة
لا حضانة إلا لرجل من العصبة أو لامرأة وارثة أو مدلية بعصبة أو بوارث فإن عدموا فالحاكم وقيل إن عدموا ثبتت لمن سواهم من الأقارب ثم للحاكم.
وأحق النساء بها أم الطفل ثم جداته ثم أخواته ثم عماته وخالاته ثم خالات الأبوين وعمات الأب ثم بنات الإخوة والأخوات على العمات والخالات ومن بعدهن وهل تقدم أم الأم على أم الأب والأخت من الأم على الأخت من الأب والخالة على العمة وخالات الأب على عماته ومن يدلى من العمات والخالات بأم على من يدلى بأب أو بالعكس على روايتين.
وأحق رجال الحضانة بها الأب ثم الجد ثم أقرب العصبة وإذا كان مع نساء رجل قدمن عليه إلا الأب والجد فإن الأب يقدم على غير أمهات الأم والجد يقدم على غير أمهات الأبوين وعنه يقدمان على من سوى الأم وعنه تقديم الأخت من الأم والخالة على الأب.
فعلى هذه يحتمل تقديم نساء الحضانة على كل رجل ويحتمل أن يقدمن إلا على من أدلى به ويحتمل تقديم نساء الأم على الأب وأمهاته وسائر من

في جهته وأن كل امرأة في درجة رجل تقدم هي ومن أدلى بها عليه وعلى من أدلى به.
وقيل كل عصبة فإنه يقدم على كل امرأة هي أبعد منه وتتأخر عمن هي أقرب منه وإذا تساويا فعلى وجهين.
وليس لابن العم ونحوه حضانة الجارية إذا لم يكن محرما برضاع أو نحوه وإذا امتنعت الأم من حضانتها انتقلت إلى أمها وقيل إلى الأب.
ولا حضانة لرقيق ولا فاسق ولا كافر على مسلم ولا لامرأة مزوجة بأجنبي من الطفل وقيل لا حضانة لها وإن تزوجت بنسب إلا أن يكون جدا للطفل وعنه لها مع التزوج حضانة الجارية خاصة فإن زالت موانعهم رجعت إليهم وهل تعود في الطلاق الرجعي بمجرده أو حتى تنقضي العدة على وجهين.
ومتى أراد أحد الأبوين السفر إلى بلد بعيد لسكناه وهو وطريقة أمناء فالحضانة للأب وعنه للأم ولو بعد للحاجة أو قرب للسكنى فهي للأم وقيل للمقيم منهما وهل البعد ههنا مسافة القصر أو ما لا يمكن الذاهب إليه والعود في يومه على روايتين.
وإذا بلغ الغلام وهو عاقل سبع سنين فأبوه أحق به وعنه أمه وعنه يخير بينهما فإن لم يختر أقرع بينهما فإن حكمنا به للأب ابتداء أو عملا باختياره أو بالقرعة كان عنده ليلا ونهارا ولا يمنع أو يزور أمه ولا تمنع هي من تمريضه وإن حكمنا به لأمة كان عندها ليلا وعند أبيه نهارا ليؤدبه ويعلمه صناعة أو كتابة ومتى خير فاختار أحدهما ثم اختار الآخر نقل إليه وكذلك إن اختار أبدا.
وإن بلغت الجارية سبع سنين كانت عند أبيها ولا تمنع الأم من زيارتها وتمريضها

وسائر العصبات كالأب في التخيير والنقلة بالولد إلا من ليس بمحرم في حق الجارية.
وإذا استوى رجلان أو امرأتان كأختين أو أخوين عين أحدهما بالقرعة قبل السبع وبالتخيير بعدها والغلام والجارية سواء.
وإذا بلغت الجارية عاقلة فعليها أن تكون عند أبيها حتى تتزوج ويدخل بها الزوج وعنه عند أمه وقيل حيث شاءت إذا حكم برشدها كالغلام والمعتق كالطفل فيما ذكرنا.
ولا حضانة على الرقيق إلا لسيده فإن كان بعضه حرا تهايآ في حضانته سيده ومعتقه وذكره أبو بكر.
باب نفقة الرقيق والبهائم
يلزم السيد أن ينفق على رقيقه كفايتهم من قوت البلد ومؤنته ويزوجهم إذا طلبوا إلا الأمة إذا كان يستمتع بها ولا يكلفهم عملا لا يطيقونه ويريحهم وقت القائلة والنوم وأوقات الصلوات ويداوي مرضاهم ويركبهم في السفر عقبة.
ومتى امتنع السيد في ذلك فطلب الرقيق البيع لزمه بيعه وإذا ولى أحدهم طعامه أطعمه معه فإن أبى فليطعمه منه ولا يسترضع الأمة لغير ولدها إلا فيما فضل عن ريه ولا يجبر الرقيق على المخارجة ويجوز باتفاقهما.
وله تأديب رقيقه بما يؤدب به ولده وامرأته.
وعليه طعام بهائمه وسقيها وأن لا يحملها مالا تطيق ولا يحلب من لبنها ما يضر بولدها وإن عجز عن نفقتها أجبر على بيعها أو إجارتها أو ذبح ما يؤكل منها.

كتاب الجراح
مدخل

كتاب الجراح
القتل ثلاثة أضرب عمد وشبه عمد وخطأ والقود مختص بالعمد.
والعمد أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما بما يتلفه غالبا أو يصيبه بحديد أو غيره فيجرحه فيموت منه إلا أن يغرزه بإبرة ونحوها في غير مقتل فيموت في الحال ففي القود به وجهان وفيما سوى ذلك مما وصفنا القود قولا واحدا مثل أن يغرزه بابرة فيبقى ضمنا حتى يموت أو يضربه بخشبة كبيرة فوق عمود الفسطاط أو باللت1 أو الكودين أو السندان أو حجر كبير أو يلقي عليه حائطا أو سقفا أو يلقيه من شاهق أو يلقيه في نار أو ماء يغرقه ولا يمكنه التخلص منهما أو يكرر ضربه بعصا صغيرة أو يضربه في مقتل أو في حال ضعف لمرض أو صغر أو كبر أو في حر أو برد ونحوه أو يخنقه بحبل أو غيره أو يسد فمه وأنفه أو يعصر خصييه حتى يموت أو يحبسه ويمنعه الطعام والشراب حتى يموت جوعا وعطشا في مدة يموت في مثلها غالبا أو يقتله بسحر يقتل غالبا فكل ذلك عمد فيه القود.
وكذلك إن سقاه سما لا يعلم به أو خلطه بطعام ثم أطعمه إياه أو خلطه بطعام فأكله ولم يعلم به فمات وأما إن علم به وأكله وهو بالغ عاقل أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه.
فإن قال القاتل بالسم لم أعلم أنه سم يقتل لم يقبل قوله وقيل يقبل إذا كان مثله يجهله فيكون شبه عمد.
ومن شهدت عليه بينة بقتل عمد أو ردة أو زنا فقتل بذلك ثم رجعوا وقالوا عمدنا قتله بذلك أو قال الحاكم أو الولي علمت كذبهم وعمدت قتله فهو عمد محض ويلزمهم القود.
__________
1 اللت الدق, والشد والإيثاق والسحق. كذا في القاموس. ولعله هنا آلة تستعمل للدق ونحوه.

وتقتل الجماعة بالواحد وعنه لا يقتلون بل تلزمهم دية بينهم وعلى الأولى وعليها التفريع هل يلزمهم دية أو ديات على روايتين وإذا جرحه أحدهما جرحا والآخر مائة جرح أو قطع أحدهما كفه ثم الآخر بقية ذراعه فهما سواء في القود والدية.
وإن فعل به أحدهما فعلا لا تبقى الحياة معه كقطع حشوته أو مريئه أو ودجيه ثم ضرب عنقه الآخر فالقاتل هو الأول ويعزر الثاني وإن شق الأول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الآخر عنقه فالثاني هو القاتل وعلى الأول موجب جراحته وإن رماه من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقده فالقاتل هو الثاني وإن ألقاه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه أو كتفه وألقاه في أرض ذات حيات أو سباع فقتلته فالقاتل هو الملقى وعليه القود وقيل لا يجب إلا دية شبه العمد.
ومن أكره إنسانا على القتل فقتل فالقود أو الدية عليهما وإن أمر بالقتل مجنونا أو صبيا غير مميزا أو كبيرا يجهل أن القتل محرم أو أمر به سلطان عادل أو جائر ظلما لم يعرف ظلمه فيه فقتل فالقود أو الدية على الآمر خاصة.
وإن قبل المأمور المكلف عالما بخطر القتل فالقتل والضمان قودا أو دية عليه دون الآمر ويحتمل فيما إذا خشي مخالفة السلطان أن يجب عليهما.
ومن أمسك إنسانا لآخر ليقتله فقتله فهو القاتل ويحبس الممسك حتى يموت ولا يلزمه قود ولا دية وعنه هما قاتلان في حكم القود والدية.
ومن جرحه اثنان فعفا عن جرح أحدهما وسرايته ثم مات فالقود على الآخر رواية واحدة.
وإن اشترك اثنان فلا يجب القود على أحدهما مفردا لأبوة أو حرية أو إسلام أو فقد عمدية ووجب القود على شريكه وعنه لا يجب وعنه يجب إلا على شريك غير العمد.

وفي شريك السبع وشريك نفسه وشريك الولي المقتص وشريك ولي النفس المعالج بخياطة الجرح في اللحم وجهان.
أحدهما يجب على شريك الجميع الأب وعلى القن وعلى شريك غيرهما في حر نصف ديته وفي قن نصف قيمته وهو المذهب كشريك غير العمد.
ومتى قلنا لا قود عليه أو عدل إلى طلب المال منه لزمه نصف الدية في جميع الصور وقيل يلزمه كمالها في شريك المقتص كما في شريك السبع خاصة.
وأما قتل شبه العمد فأن يقصد جناية لا تقتل غالبا ولم يجرحه بها نحو أن يضربه في غير مقتل بسوط أو عصا صغيرة أو يلكزه أو يلقيه في ماء قليل أو يسحره بمالا يقتل غالبا أو يصيح بصبي على سطح أو معتوه أو عاقل مغتفلا له فيسقط فيموت في ذلك ونحوه ففيه الكفارة والدية.
وأما الخطأ فضربان.
أحدهما في الفعل بأن يرمى صيدا أو هدفا أو شخصا فيصيب إنسانا لم يقصده أو يكون نائما ونحوه فينقلب على إنسان فيقتله.
والثاني في القصد بأن يرعى من يظنه مباح الدم فيتبين آدميا معصوما أو يكون الجاني غير مكلف كالصبي والمجنون في ذلك الدية مع الكفارة إلا أن يقتل في دار الحرب أو في صف الكفار من يظنه حربيا فيتبين مسلما أو يتترس الكفار بمسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرموا فيرميهم قصدا لهم فيصيب المسلم فعليه الكفارة بلا دية وعنه وجوبها أيضا وعنه وجوب الدية في الصورة الثانية دون الأولى.
والقتل بالسبب كحفر البئر ونصب السكين تعديا ونحوه ملحق بالخطأ إذا لم يقصد به الجناية فإن قصدها به فهو شبه عمد وقد يقوى فيلحق بالعمد كما ذكرنا في الإكراه والشهادة.

باب ما يشترط لوجوب القود
باب ما يشترط لوجوب القود.
يشترط له عصمة المقتول والمكافأة بأن لا يفضله القاتل حالة الجناية بحرية أو إسلام أو مالكه له أو إيلاد ولا يؤثر فضله بذكورية أو عقل أو بلوغ.
فمن قتل حربيا أو مرتدا أو زانيا محصنا قبل ثبوت ذلك عند الحاكم أو بعده لم يضمنه بقود ولا دية وكذلك من قطع يد مرتد أو حربي فأسلما ثم ماتا ولو رماهما فأسلما قبل أن يقع بهما السهم فكذلك.
وقال القاضي في خلافه يضمنهما بالدية وقيل يضمن بها المرتد دون الحربي وإن قطع طرف مسلم فارتد ومات فلا قود ويجب الأقل من دية النفس أو الطرف مع العمد والخطأ وقيل يجب القود في الطرف مع العمد وهل يستوفيه الإمام أو وليه المسلم مع قولنا ماله في على وجهين وقيل لا قود ولا دية في عمد ذلك ولا خطئه وإن عاد إلى الإسلام ثم مات فعليه القود في النفس أو الدية نص عليه واختاره أبو بكر وقال القاضي إن كان زمن الردة مما يسري فيه القطع فلا قود ويجب نصف الدية.
ومن قال لرجل اقتلني أو أجرحني ففعل لم يضمنه بقود ولا دية نص عليه وقيل يضمن ذلك في ديته وقيل يضمن دية النفس للورثة ولا يضمن الجرح المندمل بشيء.
ولو قال ذلك العبد ضمن لسيده بالمال دون القود قولا واحدا.
ولا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد ويقتل العبد بالعبد وعنه إن كان القاتل أغلى قيمة لا يقتل.
ويقتل المرتد بالذمي والذمي بالمستأمن والكتابي بالمجوسي وإذا جرح ذمي أو مرتد ذميا أو عبد عبدا ثم أسلم الجارح أو عتق قبل موت المجروح أو بعده قتل به نص عليه وقيل لا يقتل.

ولو جرح مسلم ذميا أو حر عبدا ثم أسلم المجروح أو عتق ثم مات فلا قود ولو رمياهما فلم يصبهما السهم إلا بعد الإسلام ثم ماتا لم يجب القود عند الخرقي وأوجبه أبو بكر كما لو قتل من يعرفه ذميا أو عبدا فبان قد أسلم وعتق ولو قتل من يعرفه مرتدا فبان أنه مسلم ففي القود على قول أبي بكر وجهان.
ولو قتل من لا يعرف وادعى رقه أو كفره أو قد ملفوفا نصفين وأدعى كونه ميتا فأنكر وليه فالقول قول الولي وله القود وقيل قول الجاني.
ولا يقتل المكاتب بعبده وإن كان ذا رحم محرم منه كأخيه وولده إذا ملكهما فوجهان ولا يقتل الأبوان وإن علوا بالولد وإن سفل ويقتل الولد بهم وعنه لا يقتل أيضا.
ومتى ورث القاتل أو ولده شيئا من دمه سقط عنه القود مثل أن قتل امرأته فورثها ولدهما أو قتل أخاها فورثته ثم ماتت فورثها هو أو ولده وعنه ما يدل على أنه لا يسقط بانتقاله إلى الولد.
ولو قتل أحد الابنين أباه ثم الآخر أمه وهي في زوجة الأب سقط القود عن قاتل الأب وله أن يقتص من أخيه ويرثه على الأصح.
ويقتل المكلف بالطفل والمجنون ويقتل الرجل الخنثى بالمرأة ولا شيء لورثتهما وعنه يعطى ورثة الرجل نصف ديته وهي بعيدة جدا.

باب القود فيما دون النفس

باب القود فيما دون النفس
لا يؤخذ في ذلك أحد بغيره إلا من إذا قتله قتل به فيؤخذ به في الأطراف والجروح بشرط العمد المحض على الأصح والمساواة في الاسم والموضع ومراعاة الصحة والكمال وإمكان الإستيفاء من غير حيف.
فأما الأمن من الحيف فيشترط لجواز الاستيفاء دون الوجوب فتؤخذ العين الأنف والأذن والسن والجفن والشفة واليد والرجل والإصبع والكف والمرفق

والذكر والخصية كل واحد من ذلك بمثله وهل يجري القود في الإلية والشغر على وجهين ولا تؤخذ يمين بيسار ولا يسار بيمين ولا ما على من جفن أو شفة أو أنملة بما سفل ولا سن أو أصبع أو غيرهما بزائد ويؤخذ الزائد بالزائد إذا استويا محلا وخلقة ولا تؤخذ يد كاملة الأصابع بناقصتها ولا ذات الأظفار بذاهبتها ولا عين صحيحة بقائمة ولا لسان ناطق بأخرس ولا صحيح بأشل من يد أو رجل أو أصبع أو ذكر.
فأما من الأنف والأذن فوجهان وكذا في أخذ الأذن السمعية بالصماء والأنف الشام بالأخشم والتام منهما بالمخزوم وجهان.
وقال القاضي بالأخذ في الجميع إلا في المخزوم خاصة وأما ذكر فحل بذكر خصى أو عنين فعنه يؤخذ بها واختاره أبو بكر.
وعنه لا يؤخذ وعنه يؤخذ بذكر العنين دون الخصي.
واختاره ابن حامد ويؤخذ المعيب مما ذكرنا بمثله وبالصحيح من غير أرش قاله أبو بكر وقيل يوجب الأرش للنقص فقط كان كالإصبع أو صفة كالشلل وهو أشبه بكلام أحمد وقيل يجب لنقص القدر دون الصفة.
وإذا ادعى الجاني نقص العضو بشلل أو غيره فأنكره ولي الجناية فالقول قوله نص عليه.
وقال ابن حامد قول الجاني وقيل قول الولي إن اتفقا على سابقة سلامته وإلا قول الجاني.
ويقتص في كل طرف كانت جنايته من مفصل أولها حد ينتهي إليه كمارن الأنف وهو مالآن منه وفي كل جرح ينتهي إلى عظم كالموضحة وجرح العضد والساعد والسابق والفخذ والقدم.
ولا يقتص فيما سواهما كالجائفة وكسر العظم غير السن ونحو ذلك خشية الحيف ويعتبر قود الجروح بالمشاجة فمن أوضح بعض رأسه وقدره بقدر رأس

الشاج أو أزيد أوضحه في كل رأسه وفي الأرش الزائد وجهان.
وإن أوضحه في كل رأسه ورأس الجاني أكبر فله قدر شجته من أي الجانبين شاء ولو كانت الشجة بقدر بعض الرأس منهما لم يعدل من جانبها إلى غيره وإذا قطع بعض أذنه أو مارنه أو لسانه أو شفته أو حشفته أخذ منه مثله بأن يقدر ذلك بنسبة الأجزاء كالنصف والثلث والربع.
وقال أبو الخطاب لا يؤخذ بعض اللسان ببعض وهو الأصح.
وإذا كسر بعض سنة برد من سنة مثله بالنسبة أيضا إذا أمن قلعها وإذا شجه مأمومه أو منقله أو هاشمه فله أن يقتص منه موضحة ولا أرش له معها عند أبي بكر.
وقال ابن حامد يتم له في الهاشمة بخمسة أبعرة وفي المنقلة بعشرة وفي المأمومة بثمانية وعشرين وثلث.
وإذا قطع قصبة أنفه أو يديه من نصف ذراعيه أو رجليه من نصف ساقيه فله الدية دون القود نص عليه وقيل يقتص من المارن والكوع والكعب وهل يجب أرش الباقي مع القود إذا قلنا به أو مع الدية في العمد والخطأ على وجهين فإن قلنا لا قود ههنا فقطع يده من الكوع ثم تأكلت إلى نصف الذراع فلا قود له أيضا اعتبارا بالاستقرار قاله القاضي وعندي يقتص ههنا من الكوع.
ومن قطعت يده من المرفق فأراد القطع من الكوع منع قولا واحدا ويقتص من المنكب إذا لم يخف جائفة فإن خيفت فهل يقتص من المرفق على وجهين.
ويقتص من الشلاء إذا أمن من قطعها التلف فإن خالف واقتص مع الخوف من الشلاء أو المنكب أو من قطع نصف الساعد ونحوه أو من مأمومة أو جائفة مثل ذلك ولم يسر وقع الموقع ولم يلزمه شيء.

وإذا أوضح إنسانا فأذهب سمعه أو شمه أو ضوء عينيه فإنه يوضحه فإن ذهب ذلك وإلا استعمل دواء يذهبه ولا يجني على عضوه فإن تعذر إلا بجناية على العضو سقط عنه القود إلى دية ذلك في ماله وقيل تتعين ديته ابتداء إذا لم يذهب بالإيضاح وهل تلزمه في ماله أو على عاقلته على وجهين ولو أذهب ذلك عمدا بشجة لا قود فيها أو لطمة فهل يقتص منه بالدواء أو تتعين ديته من الابتداء على الوجهين.
ولا تؤخذ دية في عمد ولا خطأ لما يرجى عودة من منفعة أو عين ولا يقتص لما فيه القود منه إذا رجى عودة في مدة يقولها أهل الخبرة فإن مات فيها فلوليه في السن والظفر ديتهما وقيل لا شيء له إذا عودهما معتاد وأما فيما سواهما فله الدية أو القود حيث يشرع وقيل ليس له إلا الدية.
ولو عاد الذاهب في المدة أو بعدها كنبات السن واللسان والظفر ورجوع الشم والضوء لم يضمن إلا أن يعود ناقصا في قدر أوصفة فتجب لنقصة حكومة وعنه في الظفر خاصة يجب مع عوده على صفته خمسة دنانير ومع عودة أسود عشرة دنانير والأول أصح وترد دية ذلك إن كانت أخذت أو غرامة طرف الجاني إن كان قد اقتص منه ثم إن عاد الجاني رددت الغرامة.
ومن أبين منه ما يمكن إعادته والتحامه كسن ومارن وأذن فأعاده في الحال فثبت والتحم فحقه بحاله إن قلنا للمعاد ميتة وإن قلنا هو طاهر على الأصح فلا قود فيه ولا دية سوى حكومة نقصه نص عليه واختاره أبو بكر وقال القاضي حقه فيه بحاله ولو كان المعاد الملتحم من الجاني فللمقتص إبانته ثانيا نص عليه وقيل ليس له ذلك.
وإذا رجى الجاني بعد موت المجني عليه عود ما أذهبه أو التحامه فالقول قول الولي في إنكار ذلك.

وإذا اشترك جماعة في قطع طرف ولم تتميز أفعالهم مثل أن وضعوا جديدة على يده وتحاملوا عليها حتى ماتت لزمهم القود كالنفوس وعنه لا يجب كما لو تميزت أفعالهم.
ويضمن من أرش الجناية بالقود أو الدية في النفس وما دونها فلو قطع إصبعا فتأكلت إلى جنبها أخرى وسقطت من مفصل أو تأكلت اليد وسقطت من الكوع وجب القود في الكل وإن شلتا ففي الإصبع القود وفي الشلل الأرش وسراية القود مهدرة إلا أن يستوفيه قهرا مع الخوف منها لبرد أو حر أو كلول آلة ونحوه فيضمن بقية الدية.
ولا يقتص من الطرف قبل بروزه كما لا يطلب له دية وعنه يجوز لكن الأولى تركه فإن اقتص قبل ذلك بطل حقه من سراية الجناية فأيهما سري بعد ذلك كان هدرا.

باب استيفاء القود والعفو عنه

باب استيفاء القود والعفو عنه
موجب العمد أحد شيئين القود أو الدية فيخير الولي بينهما فإن عفا مجانا فهو أفضل وإن اختار أولا القود فله العفو على الدية والصلح على أكثر منها ويحتمل المنع وإن اختار الدية سقط القود ولم يملك طلبه بعد وعنه موجبه القود عينا مع التخيير بينهما وعنه أن موجبه القود عينا وأنه ليس له العفو على الدية بدون رضى الجاني فيكون قوده بحاله فإن عفا عن القود مطلقا فله الدية على الأولى دون الأخريين فإن مات القاتل أو قتل تعينت الدية في تركته لا غير وعنه ينتقل الحق إذا قتل إلى القاتل الثاني فيخير أولياء القتيل الأول بين قتله أو العفو عنه.
ويشترط لاسيتيفاء القود ثلاثة شروط.

أحدها كون مستحقه مكلفا فان كان صبيا أو مجنونا لم يستوف وحبس الجاني إلى البلوغ أو الإفاقة وعنه لوليهما من وصى وغيره استيفاؤه وعنهما في النفس والطرف فعلى هذه يجوز له العفو على الدية نص عليه.
فأما على الأولى فإن كانا محتاجين فقيل لوليهما العفو على الدية وقيل ليس له ذلك كالموسرين وقيل له ذلك في المجنون دون الصبي وهو المنصوص عنه.
وإذا قتلا قاتل أبيهما أو قطعا قاطعه قهرا سقط حقهما وقيل يكون ذلك جناية منهما تضمنها عاقلتهما وتتعين الدية لحقهما الأول وإن اقتصا مالا تحمل ديته العاقلة سقط حقهما وجها واحدا.
الشرط الثاني اتفاق الأولياء المشتركين فيه على استيفائه وليس لبعضهم أن ينفرد به إن كان من بقي غائبا أو صبيا أو مجنونا وينتظر القدوم والبلوغ والعقل وعنه لشريك الصبي والمجنون أن ينفرد به وإذا ماتا قبل البلوغ والعقل فحقهما من القود لورثتهما وقال ابن أبي موسى يسقط وتتعين الدية.
ومن انفرد بالقود حيث منعناه فلا قود عليه بل لشركائه في تركة الجاني حقهم من الدية ويرجع ورثته على المقتص بما فوق حقه وقيل يجب على المقتص لشركائه حقهم من الدية وتسقط عن الجاني.
وإذا عفا بعض الشركاء في القود عنه سقط وإن كان زوجا أو زوجة أو ذا رحم وللباقين حقهم من الدية على الجاني فإن قبله الباقون عالمين بالعفو وبسقوط القود ألزمهم القود وإلا فلا قود بل تلزمهم الدية.
وكل من ورث المال ورث القود على قدر إرثه من المال ومن لا وارث له فوليه الإمام إن شاء اقتص أو عفا على والدية لا أقل ولا مجانا.
الشرط الثالث أن يؤمن في الاستيفاء أن يتعدى الجاني فإذا وجب القود على حامل أو حائل فحبلت لم تقتل حتى تضع الولد وتسقيه اللبن ثم إن وجد من ترضعه وإلا تركت حتى تفطمه ولا يقتص منها في الطرف حتى تضع.

والحد في ذلك كالقود وقال القاضي يستحب تأخير الرجم مع وجود مرضعة لترضعه بنفسها ولا يجب ذلك فإن ادعت الحمل قبل قولها وحبست حتى يتبين أمرها وقيل لا يقبل إلا بشهادة النساء.
وإذا اقتص من الحامل ضمن المقتص جنينها وقيل يضمنه السلطان الذي مكنه فعلى هذا هل الأجرة في بيت المال أو في ماله على روايتين قيل يضمنه السلطان إلا أن يعلم المقتص وحده بالحمل فيضمن.
ولا يستوفى القود إلا بآلة الجناية ولا يستوفى إلا بحضرة السلطان وينظر في الولي فإن كان يحسن الاستيفاء ويقدر عليه مكنه منه وخيره بين المباشرة والتوكيل وقيل يمنع من المباشرة في الطرف خاصة وقيل يمنع منها فيهما واختاره ابن عقيل وإن لم يحسن الاستيفاء أمر بالتوكيل فإن احتاج إلى أجرة فهي على الجاني.
وإذا تشاح جماعة لهم الاستيفاء أيهم يباشره قدم أحدهم بالقرعة وقال ابن أبي موسى بتعيين الإمام.
وإذا قال الجاني للولي أنا أقتص لك من نفسي فرضي جاز ذلك ويحتمل المنع.
وإذا قتل أو قطع واحد جماعة في وقت أو في أوقات فرضي أولاهم بالقود أقيد بهم اكتفاء إلا أن يطلب كل فريق أن يقتص على الكمال فإن كان الجاني يقاد بواحد تعين بالقرعة وقيل بالسبق في صورته ويجب لمن بقي الدية.
ولو بادر فريق فطلب الدية أعطيها واستقل من بقي بالقود إلا أن يكونوا فريقين أو أكثر فالحكم فيه كما سبق.
ولا يستوفى القود في النفس إلا بضرب العتق بالسيف وإن كان القتل بغيره وعنه يجوز أن يفعل بالجاني كما فعل فإن لم يمت به ضربت عنقه وعنه إن كان فعله موجبا جاز أن يفعل به مثله وإن لم يكن موجبا قتل بالسيف

فقط وعنه جواز ذلك إن كان موجبا أو موجبا لقود الطرف لو انفرد وإلا فلا إلا أن يكون قد قتله بمحرم في نفسه كتحريم الخمر واللواط ونحوه فيقتل بالسيف من غير زيادة على الروايات كلها.
ولو أوضحه أو قطع أربعته ثم أوجأه قبل الاندمال فعلى الرواية الأولى هل يدخل قود الطرف في قود النفس كما يدخل في الدية أصلا على روايتين.
ومتى فعل به الولي كما فعل لم يضمنه بشيء وإن حرمناه وأما إن زاد على ما أتى به لم يجز رواية واحدة ويضمنه بديته لا بالقود سواء عفا عنه أو قتله.
ومن له قود في يمين فقطع يسار الجاني بها بتراضيهما أو قال له أخرج يمينك فأخرج يساره عمدا أو غلطا أو ظنا أنها تجزئ أجزأت على كل حال عند أبي بكر ولم يبق قود ولا ضمان وقال ابن حامد لا تجزئ ولا يضمن بالقود بل بالدية إلا أن يتعمد إخراجها لا عوضا عن يمينه فإنها تهدر والقود في اليمين بحالة للقاطع يستوفيه إذا اندملت اليسار إلا في صورة التراضي ففي سقوطه إلى الدية وجهان.
أحدهما وجبت الدية إن كان المقتص مجنونا وإن كان من عليه القود مجنونا لزم القاطع القود إن علم أنها اليسار وأنها لا تجزىء فأما إن جهل الضمان والآخر عاقلا ذهبت يده هدرا وإن كانت يمينه.
ومن وكل رجلا أن يقتص ثم عفا ولم يعلم الوكيل حتى اقتص فقيل لا شيء عليهما وقيل يضمن العافي دون الوكيل وقيل للمستحق تضمين من شاء منهما والضمان على العافي وقيل الضمان على عاقلة الوكيل وقيل بل في ماله حالا فعلى هذين إن كان عفوا تجب معه الدية وجبت للعافي في تركة الجاني.
ومن عفا عن قود في طرف على مال ثم قبل الاندمال قتله الجاني فلوليه القود في النفس أو العفو على الدية كاملة قاله أبو الخطاب وقال القاضي ليس

له العفو إلا على تتمة الدية إن نقص مال العفو عنها وإلا فلا شيء له سواه.
ومن قال لمن عليه قود في نفس أو طرف قد عفوت عنك أو عن جنايتك فقد برئ من قود ذلك وديته نص عليه وقيل لا يبرأ من الدية إلا أن يقر العافي أنه أرادها بلفظه وقيل يبرأ منهما إلا أن يقول إنما أردت القود دون الدية فيقبل منه مع يمينه.
وإذا عفا المجروح عمدا أو خطأ عن قود نفسه أو ديتها صح وعنه لا يصح عن قودها إذا كان الجرح مما لا قود فيه لو أندمل ويتخرج أن لا يصح عفوه عن الدية إذا قلنا يحدث ملكا للورثة والتصريح على الأول فإذا قال المجروح عفوت عن هذه الجراحة أو الشجة أو الضربة وما يحدث منها فلا شيء في سرايتها وإن لم يقل وما يحدث منها فكذا في إحدى الروايتين وفي الأخرى يضمن بقسطها من الدية.
ولو قال عفوت عن هذه الجناية فلا شيء في السراية رواية واحدة إلا إذا قال إنما اردت بالجناية الجراحة نفسها دون سرايتها وقلنا بالرواية الثانية في التي قبلها فانه يقبل مع يمينه وقيل لا يقبل ولو صولح عن الجراحة بمال أو قال في العمد عفوت عن قودها على ديتها أو لم يقل على ديتها وقلنا له ديتها ضمنت سرايتها بقسطها من الدية رواية واحدة ولو قال عفوت عن قود هذه الشجة وهي مما لا قود فيه ككسر العظام فعفوه باطل ولوليه مع سرايتها القود أو الدية.
وإذا قال المجروح للجاني قد أبرأتك أو أحللتك من دمى أو قتلي أو وهبتك ذلك ونحوه صح العفو معلقا بشرط موته فلو اندمل جرحه كان حقه فيه باقيا بحاله بخلاف قوله عفوت عنك أو عن جنايتك.
وكل عفو صححناه من المجروح مجانا مما يوجب المال عينا فإنه إذا مات

يعتبر من الثلث وينقض الدين المستغرق ويمتنع إذا كان للجاني ولم نصحح الوصية له وإن كان مما يوجب قودا نفذ من أصل التركة حتى لو لم يكن للعافي وهو مفلس تركة سوى ذمه نفذ عفوه عنه مجانا نص عليه.
وقيل إذا قلنا موجب العمد أحد شيئين لم تسقط الدية إلا كما تسقط حيث وجبت عينا ومثله العفو عن القود بلا مال من المحجور عليه لسفه أو فلس أو من الورثة مع الديون المستغرقة هل تسقط به الدية على وجهين.
ومن أبرأ جانيا حرا جنايته على عاقلته أو عبدا متعلقة برقبته لم يصح وإن أبرأ العاقلة أو السيد أو قال عفوت عن هذه الجناية ولم يسم للمبرأ منه صح.
وإذا وجب لعبد قود أو تعزير قذف فطلبه وإسقاطه إليه دون سيده إلا أن يموت فيملكه السيد.

باب ما يوجب الدية في النفس

باب ما يوجب الدية في النفس
كل من أتلف إنسانا بمباشرة أو سبب عمدا أو خطأ أو شبه عمد لزمته ديته إما في ماله أو على عاقلته على ما سنذكره فيما بعد إلا في عمد فيه القود فيلزمه أحدهما كما سبق.
فإذا ألقى على إنسان أفعى أو ألقاه عليها أو طلب إنسانا بسيف مجرد فهرب منه فوقع في شيء تلف به أو حفر بئرا حيث لا يجوز من فناء أو طريق أو وضع فيه حجرا أو صب ماء فتلف به إنسان فعليه ديته فإن قصد ذلك فهو شبه عمد وإلا فهو خطأ.
وإن حفر البئر ووضع الحجر آخر فعثر به إنسان فوقع في البئر فالضمان على واضع الحجر جعلا له كالدافع وعنه عليهما ولو كان أحدهما محقا والآخر متعديا فالضمان على المتعدي

ولو قرب صبيا من الهدف فقتله سهم فالضمان على ما قربه دون الرامي ومن غصب صغيرا فهلك عنده بحية أو صاعقة ففيه ديته وإن هلك بمرض لم يضمنه نقله أبو الصقر وعنه يضمنه نقله ابن منصور.
وقال ابن عقيل لا يضمن حتى الميت بالحية والصاعقة إذا لم تعرف تلك الأرض بذلك وإن قيد حرا مكلفا وغلة فأصابته الصاعقة أو الحية فوجهان.
وإذا اصطدم فارسان فماتا أو فرساهما ضمن كل واحد منهما ما أتلف الآخر.
وإن كان أحدهما يسير والآخر وافقا فما تلف للواقف يضمنه السائر وقيل لا يضمنه في الطريق الضيق وما تلف للسائر فليس بمضمون نص عليه وقيل يضمنه الواقف وقيل يضمنه مع ضيق الطريق دون سعته.
وإذا اصطدم ملاحان بسفينتين فغرقتا ضمن كل واحد منهما سفينة الآخر وما فيها فإن كان أحدهما منحدرا ضمن المصعدة إلا أن يكون غلبه ريح فلم يقدر على ضبطها ولا يضمن المصعد شيئا.
ومن أركب صبيين ليسا في ولايته دابتين فاصطدما فعليه ما تلف بصدمتهما.
ومن جنى على نفسه وطرفه خطأ فلا دية في ذلك وعنه على عاقلته دية ذلك إن بلغت الثلث له أو لورثته.
وإذا رمى ثلاثة بالمنجنيق فقتل الحجر رابعا فعلى عواقلهم ديته أثلاثا.
وإن قتل أحدهم فديته على صاحبيه نصفين وقيل عليهما ثلاثا الدية وهل تهدر بقية الدية أو تجب على عاقلته لورثته على الروايتين ولو زادوا على ثلاثة فالدية في أموالهم وعنه على عواقلهم.
وإذا سقط رجل في حفرة ثم ثان ثم ثالث ثم رابع فوقع بعضهم على بعض فماتوا أو بعضهم فدية الأول على الباقي ودية الثاني على الثالث والرابع ودية الثالث على الرابع ودية الرابع هدر وإن كان الأول جذب الثاني والثاني الثالث والثالث والرابع فدية الأول على الثاني والثالث نصفين.

وقيل بل عليهما ثلثاها وبقيتها تقابل جذبته فتسقط أو تجب على عاقلته وأما دية الثاني فعلى الأولى والثالث وقيل بل عليهما ثلثاها والثاني يقابل فعل نفسه ففيه الوجهان.
وعندي لا شيء منها على الأول بل على الثالث كلها أو نصفها والباقي يقابل فعل نفسه وأما دية الثالث فعلى الثاني وقيل على الأولين وقيل يخرج منها ما يقابل فعله كما تقدم وعندي أن دمه هدر وأما دية الرابع فعلى الثالث خاصة وقيل بل على الثلاثة.
ولو لم يسقط بعضهم على بعض بل ماتوا بسقوطهم أو قتلهم أسد في الحفرة ولم يتجاذبوا فدماؤهم مهدرة وإن تجاذبوا فدم الأول هدر وعليه دية الثاني وعلى الثاني دية الثالث وعلى الثالث دية الرابع وقيل دية الثالث على الأولين ودية الرابع على الثلاثة.
ولو تدافع وتزاحم عند الحفرة جماعة فسقط فيها منهم الأربعة متجاذبين كما وصفنا فهذه الصورة هي التي روى أن عليا رضي الله عنه قضى فيها للأول بربع الدية وللثاني بثلثها وللثالث بنصفها وللرابع بكمالها وجعل ذلك على قبائل للذين حفروا وازدحموا وأنه رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه1 وذهب إليه أحمد رضي الله عنه.
ومن اضطر إلى طعام أو شراب لغيره وليس بمضطر فمنعه حتى مات ضمنه نص عليه وألحق القاضي وأبو الخطاب به كل من أمكنه إنجاء شخص من هلكة فلم يفعل وفرق غيرهما بينهما.
__________
1 رواه أحمد والبيهقي والبزار عن حنش بن المعتمر عن علي، وقال: لا نعلمه يروى إلا عن علي ولا نعلم هذه الطريق وحنش بن المعتمر ضعيف. وانظر المنتقى [رقم 3994] وهي مسألة الزبية

وإذا أدب الرجل ولده أو السلطان رعيته بضرب العادة أو قطع ولي الصغير سلعته1 لمصلحته لم يضمن ما تلف به نص عليه ولو كان التأديب لحامل فأسقطت جنينا ضمنه المؤدب وكذا إذا شربت الحامل دواء لمرض فأسقطته ضمنته.
فأما إن طلب السلطان امرأة لكشف حق لله من حد أو تعزير أو استعدى عليها رجل بالشرطة في دعوى له فأسقطت ضمنه السلطان في الأولى والمستعدى في الثانية نص عليهما وقيل لا يضمنان ولو ماتت المرأة فزعا بذلك لم يضمنا وقيل يضمنان كما يضمنان الجنين.
ومن سلم ولده إلى السابح ليعلمه فغرق لم يضمنه كالبالغ سلم نفسه إليه وقيل يضمنه.
ومن أمر عاقلا أن ينزل بئرا أو يصعد شجرة فهلك بذلك لم يضمنه كما لو استأجره لذلك وقيل إن كان الآمر السلطان ضمنه واختاره القاضي في المجرد.
__________
1 السلعة زائدة صغيرة تخرج في الوجه أو غيره من الأعضاء.

باب ديات الأعضاء ومنافعها

باب ديات الأعضاء ومنافعها
من أتلف مما في الإنسان منه شيء واحد كالأنف واللسان والذكر ففيه دية النفس وما فيه منه شيئان كالعينين والأذنين والشفتين واللحيين وثديي المرأة وثندوتي الرجل واليدين والرجلين والإليتين والأنثيين وإسكتي المرأة ففيهما الدية وفي أحدهما نصفها وعنه في الشفعة السفلى ثلثا الدية وفي العليا ثلثها وفي المنخرين ثلثا الدية وفي الحاجز بينهما ثلثها وعنه فيهما الدية وفي الحاجز بينهما حكومة وفي الأجفان الأربعة الدية وفي كل واحد ربعها وفي أصابع اليدين الدية وكذلك أصابع الرجلين وفي كل إصبع عشر الدية وفي كل أنملة ثلث.

عشر الدية وإن كانت ذات الظفر إلا الإبهام فإنها مفصلان ففي كل مفصل نصف عشر الدية وفي الظفر خمس عشر الدية وفي كل سن من صغير وكبير إذا لم تثعر نصف عشر الدية وعنه إن لم يكن أثغر ففيها حكومة والثنية والرباعية والناب والضرس سواء وقيل إن قلع الكل أو فوق العشرين دفعة لم يجب سوى الدية وفي حشفة الذكر وحلمتي الثديين وكسر ظاهر السن دية العضو كله.
وفي قطع بعض الأذن والمارن واللسان والشفة والحلمة والحشقة والإلية والسن بالحساب من دية ذلك منسوبا بالأجزاء ونقل عنه أبو طالب في شحمة الأذن ثلث ديتها.
وفي شلل العضو وإذهاب نفعة والجناية على الشفتين بحيث لا ينطبقان على الأسنان وتسويد السن والأذن والأنف والظفر تسويدا لا يزول دية كاملة وعنه في تسويد السن ثلث ديتها وعنه حكومة كما لو اصفرت أو اخضرت نقله أبو بكر واختاره وقيل إن بقي نفعها أو بعضه ففيها الحكومة وإلا فالدية.
وفي العضو الأشل من يد أو رجل أو ذكر أو ثدي واللسان من الأخرس والطفل الذي أتى عليه أن يحركه بالبكاء1 ولم يحركه والعين القائمة وذكر الخصي والسن السوداء والثدي بلا حلمة والذكر بلا حشفة وقصبة الأنف واليد والإصبع الزائدتين حكومة وعنه ثلث دية ذلك كاملا وقيل الروايتان في السن السوداء المتعطل نفعها فأما إذا لم يتعطل ففيها ديتها كاملة.
وعنه في ذكر الخصي والعنين كمال الدية وعنه تكميلها لذكر العنين دون الخصي فلو قطع الذكر ثم الأنثيين أو الكل معا لزمه ديتان وإن بدأ بالأنثيين كملت ديتها وفي الذكر الروايتان.
__________
1 في المغني "قد بلغ إلى حد يتحرك بالبكاء"

وفي استحشاف الأنف والأذن وهو شللهما حكومة كما في عوجهما وقيل ديتهما كاملة.
وفي الأنف الأخشم والأذن الصماء والمخزوم منهما والمستحشف كمال ديته إذا قلنا يؤخذ به السالم من ذلك في العمد وإلا ففيه الحكومة.
ويجب في كل حاسة دية كاملة وهي السمع والبصر والشم والذوق.
وكذا يجب في الكلام والعقل ومنفعة المشي والنكاح والأكل.
وفي الجذب والصعر وهو يضربه فيصير الوجه في جانب وفي تسويده إذا لم يزل وإذا لم يستمسك البول أو الغائط ففي كل واحد من ذلك الدية وفي نقص ذلك إن علم بقدره بأن يجن بالجناية يوما ويفيق يوما أو يذهب منه ضوء عين أو سمع أذن.
وفي بعض الكلام بالحساب يقسم على ثمانية وعشرين حرفا وقيل يقسم على ما للسان فيه عمل من الحروف وهي ما سوى الشفوية الأربعة والحلقية الستة وإن لم يعلم قدر ذلك بأن صار مدهوشا أو نقص سمعه أو بصره أو صار في كلامه تمتمة أو عجلة أو نقص مشيته أو انحناء قليلا أو تقلصت شفته بعض التقلص أو تحركت سنه أو ذهب اللبن من ثدي المرأة ونحو ذلك ففيه حكومة.
وإن قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام أو بالعكس وجب نصف الدية اعتبارا بأكثرهما فإن قطع آخر بقية اللسان لزمه في الصورة الأولى نصف الدية اعتبارا بأكثرهما فإن قطع آخر بقية اللسان لزمه في الصورة الأولى نصف الدية وحكومة وفي الثانية ثلاثة أرباع الدية وقيل يجب في الصورة الأولى كما قدمنا وفي الثانية نصف الدية فقط اختاره القاضي في المجرد وقيل يجب ثلاثة أرباع الدية فيهما.
وإذا قطع لسانه فذهب ذوقه مع نطقه أو كان أخرس وجبت دية كاملة فقط وإن ذهبا بجناية مع بقاء اللسان ففيه ديتان.
ولو كسر صلبه فذهب مشيه ونكاحه ففيه ديتان وعنه دية.

وإن أذهب عقله بجناية لها أرش لم يدخل في دية العقل نص عليه
وإذا قطع أنفه فذهب شمه أو أذنه فذهب سمعه وجبت ديتان وسائر الأعضاء إذا أذهبها بنفعها لم تجب إلا دية واحدة.
وإذا اختلفا في نقص بصره أو سمعه فالقول قول المجني عليه.
وإن اختلفا في ذهاب بصره أرى أهل الخبرة به وقرب الشئ إلى عينيه في وقت غفلته.
وإن اختلفا في ذهاب سمعه أو شمه أو ذوقه صيح به في أوقات غفلته وتتبع بالروائح المنتنه وأطعم الأشياء المرة فإن ظهر منه حركة لذلك سقطت دعواه وإلا فالقول قوله مع يمينه في قدر ما أتلفه كل واحد منهما.
وفي كل واحد من الشعور إذا لم تنبت الدية وعنه حكومة وهي شعر الرأس واللحية والحاجبين وأهداب العينين.
فعلى الأولى في كل حاجب النصف وفي كل هدب الربع وفي بعض ذلك بقسطه ومتى عاد الشعر فنبت سقط موجبه وإذا أبقى من لحيته ما لاجمال فيه فهل يجب بالقسط أو كمال الدية أو حكومة على ثلاثة أوجه.
وإن قلع الجفن بهدبه لم تجب إلا دية الجفن وإن قلع اللحيين بالأسنان فعليه ديتهما ودية الأسنان وإن قطع كفا عليه بعض الأصابع دخل في دية الأصابع ما حاذاها ولزمه أرش بقية الكف.
ويجب في عين الأعور الدية كاملة نص عليه فإن قلعها الصحيح العينين عمدا فله قلع نظيرتها منه وأخذ الدية نص عليه وقيل لا شيء له من القلع وإن قلع الأعور عين الصحيح المماثلة لعينه الصحيحة عمدا فلا قود وعليه الدية كاملة نص عليه ويحتمل أن يقلع عينه ويعطي نصف الدية وإن كان خطأ لزمه نصف الدية وإن قلع الأعور عيني الصحيح عمدا خير بين الدية أو قلع عينه اكتفاء.

وفي قطع يد الأقطع عمدا نصف الدية كغيره وكذلك رجله وعنه كمال الدية بعين الأعور وعنه كمالها ذهبت الأولى مهدرة وإلا فنصفها.

باب أروش الشجاج وكسر العظام

باب أروش الشجاج وكسر العظام
الشجاج الجراح في الرأس والوجه وهي عشرة الخارصة التي تخرص الجلد أي تشقه قليلا وتدميه ثم البازلة وهي الدامية والدامغة وهي التي يسيل منها الدم ثم الباضعة وهي التي تبضع اللحم ثم المتلاحمة وهي الغائصة في اللحم ثم السمحاق وهي التي ما بينها وبين العظم قشرة رقيقة.
وجعل الخرقي الباضعة بين الخارصة والبازلة وأنها ما يشق اللحم بعد الجلد ولا يسيل منها دم.
فهذه خمس لا مقدار فيها بل فيها حكومة وعنه في البازلة بعير وفي الباضعة بعيران وفي المتلاحمة ثلاثة وفي السمحاق أربعة كما قضى زيد بن ثابت.
وأما الخمس الباقية فأولها الموضحة وهي ما توضح العظم وتبرزه ففيها خمسة أبعرة وعنه في موضحة الوجه عشرة والأول أصح فإن عمت الرأس ونزلت إلى الوجه فقيل هي موضحة وقيل موضحتان ولا تكون موضحة فيها مقدر إلا في الرأس أو وجه.
ثم الهاشمة وهي التي توضح العظم وتهشمه ففيها عشرة أبعرة فإن هشمه بمثقل ولم توضحه فعليه حكومة وقيل نصف دية الهاشمة كما لو هشمه على موضحة.
ثم المنقلة وهي ما توضح وتهشم وتنقل عظامها ففيها خمسة عشر بعيرا.
ثم المأمومة وهي التي تصل إلى جلدة الدماغ وتسمى الآمة.
ثم الدامغة وهي التي تخرق جلدة الدماغ فلكل واحدة منهما ثلث الدية.
وإذا أوضحه موضحتين بينهما حاجز لزمه عشرة أبعرة فإن ذهب الحاجز بجنايته أو بالسراية صار الكل موضحة وإن خرقه المجروح أو أجنبي فهي ثلاث مواضح وإن قال الجاني أنا خرقته فقال المجروح بل أنا أو فلان

قبل قوله على الجاني ولزمته الموضحتان ولم يقبل على فلان حتى يصدقه.
ومثله ما لو قطع ثلاث أصابع امرأة فالواجب ثلاثون بعيرا فإن قطع الرابعة قبل الاندمال عاد إلى عشرين فإن اختلفا فيمن قطعها فالقول قولها في بقاء الثلاثين عليه.
وإذا فرق الجاني ما بين موضحتين في الباطن فقط فهي موضحة وقيل موضحتان كما لو خرقه في الظاهر لا غير.
وإن شج جميع رأسه سمحاقا إلا موضعا منه أو أوضحه لزمه أرش موضحة لا غير.
وفي الجائفة ثلث الدية وهي التي تصل إلى باطن الجوف من بطن أو ظهر أو صدر أو نحر فرن جرحه من جانب فخرج من جانب آخر فهما جائفتان وقيل واحدة وإن جرحه في خده فنفذ إلي فمه ففيه حكومة.
وإن أجافه أو أوضحه ثم مد السكين إلى وركه أو قفاه فعليه مع دية الموضحة والجائفة حكومة لجرح القفا والورك وإن أجافه ووسع الجرح بآخر فهما جائفتان وإن وسع ظاهره دون باطنه أو بالعكس ففي توسعته حكومة.
وإن التحمت الجائفة ففتقها آخر فهي جائفة أخرى وكذلك الموضحة إذا نبت شعرها فإذا لم يكن نبت ففيها حكومة نص عليه.
وفي كسر الضلع إذا جبر مستقيما بعير وفي الترقوتين بعيران وفي إحداهما بعير نص عليه في رواية أبي طالب وظاهر قول الخرقي أن في الواحدة بعيرين فيكون فيهما أربعة.
وفي كسر كل واحد من الفخذ والساق والعضد والذراع وهو الساعد المشتمل على عظمي الزند بعير نص عليه في رواية صالح ورواه عن عمر عنه بعيران نقلها عنه أبو طالب وعنه في الزند الواحد أربعة أبعرة مما له عظمان وفيما سواه بعيران.

وما عدا ذلك من الجروح وكسر العظام مثل خرزة الصلب والعصعص ففيه حكومة.
والحكومة أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم وهي به قد برأت فما نقص فله مثل نسبته من الدية فإذا كانت قيمته عبدا سليما ستين وقيمته بالجناية مندملة خمسين ففيه سدس ديته إلا أن تكون الحكومة في محل له مقدر فلا يجاوز بها المقدر للمحل وفي بلوغه وجهان فإن لم تنقصه الجناية شيئا حال الاندمال قومت حال الجناية وقيل قبيل الاندمال التام وعنه ما يدل على أنه لا أرش فيها بحال فإن لم تنقصه بحال من الابتداء أو زادته حسنا كإزالة لحية امرأة أو سن زائدة ونحوه فلا شيء فيها على الأصح.
وإذا التحمت الجائفة أو الموضحة وما فوقها على غير شين لم يسقط موجبها رواية واحدة.
ومن أفزع إنسانا فأحدث بغائط أو بول لم يلزمه شيء وعنه يلزمه ثلث الدية لقضاء عثمان ين عفان بذلك.

باب مقادير الديات

باب مقادير الديات
دية الحر المسلم أحد خمسة أشياء مائة من الإبل أو ألف مثقال ذهبا أو اثنا عشر ألف درهم أو مائتا بقرة أو ألفا شاة فهذه أصول الدية إذا أحضر من عليه الدية شيئا منها لزمه قبوله وعنه الأصول ستة هذه الخمسة ومائتا حلة من حلل اليمن كل حلة بردان وعنه لا أصل إلا الإبل والباقي أبدال عنها فإن قدر على الإبل وإلا انتقل إليها.
فإن كان القتل عمدا أو شبه عمد وجبت الإبل أرباعا خمس وعشرون بنات مخاض وخمس وعشرون بنات لبون وخمس وعشرون حقه وخمس

وعشرون جذعة وعنه هي ثلاثون حقه وثلاثون جذعة وأربعون خلفة في بطونها أولادها وفي اعتبار كونها ثنايا وجهان.
ورن كان خطأ وجبت أخماسا ثمانون من الأربعة المذكورة بالسوية وعشرون بنو مخاض.
ويؤخذ في البقر النصف مسنات والنصف أتيعة والغنم نصفها ثنايا ونصفها أجذعة ولا تعتبر القيمة في ذلك بل السلامة من العيب وعنه يعتبر أن لا تنقص قيمتها عن دية الأثمان وعلى هذا يؤخذ في الحلل المتعارف فإن تنازعا فيها جعلت قيمة كل حلة ستين درهما.
وتغلظ دية القتل بالحرم والإحرام والشهر الحرام لكل واحد ثلث الدية نص عليه وزاد أبو بكر ثلثا بالرحم المحرم فإن اجتمعت هذه المحرمات لم يتداخل موجبها وظاهر قول الخرقي أنه لا تغليظ بذلك.
ودية نفس المرأة نصف دية الرجل وتتساوى جراحها مع جراحه فيما دون الثلث وفيما فوقه على النصف وفي وفق الثلث روايتان.
ودية الخنثى المشكل نصف دية ذكر ونصف دية أنثى وكذلك جراحه.
ودية الكتابي نصف دية المسلم وعنه ثلثها وكذلك جراحه.
ودية المجوسي والوثني ثمانمائة درهم ونساؤهم على النصف منهم كالمسلمين ولا يضمن من لم تبلغه الدعوة وقال أبو الخطاب إن كان له دين ففيه دية أهله وإلا فلا ضمان فيه.
وإذا قتل المسلم كافرا عمدا أضعفت عليه الدية لإزالة القود فيودي المجوسي بألف وستمائة درهم والكتابي بثلثي ديتي المسلم إن قلنا ديته ثلثها نص عليه.
ودية الرقيق من عبد أو أمة قيمته من نقد البلد بالغة ما بلغت وعنه لا يبلغ بها دية الحر وأما جراحه فعنه فيها ما نقصته مطلقا واختارها الخلال.

وعنه إن لم تكن مقدرة من الحر فكذلك وفي المقدرة منه تقدر من العبد منسوبة إلى قيمته.
ففي يده نصف قيمته وفي موضحته نصف عشر قيمته وفي سمعه وبصره قيمتاه مع بقاء ملك السيد عليه وعنه إن كانت جراحه عن إتلاف ضمنت بالنقدين من القيمة كما سبق.
وإن كانت عن تلف تحت اليد العادية ضمنت بما نقصت فعلى هذه متى قطع الغاصب يد المغصوب لزمه أكثر الأمرين وإن قطعها أجنبي ضمن المالك من شاء منهما نصف قيمته والقرار علي الجاني وما بقي من نقص ضمنه للغاصب خاصة.
وإذا جرح اثنان في وقتين عبدا أو حيوانا ولم يوجباه ثم سرى الجرحان فقال القاضي يلزم كل واحد منهما ما نقص بجرحه من قيمته ويتساويان في بقيتها وعندي يلزم الثاني نصف قيمته مجروحا بالجرح الأول ويلزم الأول تتمة قيمته سليما.
ومن رمى ذميا فلم يصبه السهم حتى أسلم ضمنه بدية مسلم وإن جرحه فلم يمت حتى أسلم ضمنه يدية ذمي عند أبي بكر وبدية مسلم عند ابن حامد وهو نص أحمد.
ومن رمى عبدا فلم يصبه السهم حتى عتق صمنه بدية حر لورثته ولا شيء لسيده فيها ولو جرحه فلم يمت حتى عتق فروايتان نقل حنبل يضمنه بقيمته لسيده ونقل حرب يضمنه بدية حر فيعطاها السيد إلا إن تزيد على أرش الجناية فتكون الزيادة للورثة ومتى أوجبت هذه الجناية القود فطلبه للسيد على الأولى وللورثة على الثانية فإن اقتصوا فلا شيء للسيد وإن عفوا على مال فللسيد منه ما ذكرنا.
ويجب في الجنين إذا سقط بجناية ميتا وكان حرا عشر دية أمه حرة وإن

كان مملوكا فعشر قيمتها إذا ساوتهما في الحرية والرق وإلا قدرت كذلك إلا أن يكون دين الأب أو الجنين أعلى منها دية لمجوسية تحت نصراني أو ذمية مات زوجها الذمي على أصلنا فيعتبر عشر بدل الأم كما لو كانت على ذلك الدين.
ولا يقتل في غرة الحر خنثى ولا معيب ولا من له دون سبع سنين.
وإذا سقط الجنين حيا ثم مات ففيه ما فيه مولود إلا أن يكون سقوطه لوقت لا يعيش لمثله بأن تضعه لدون ستة أشهر فيكون كالميت وإن اختلفا في حياته ولا بينه فأيهما يقدم قوله فيه وجهان.
وإذا أسقطت الأمة الحامل لمملوك جنينا ميتا بجناية وقد عتقت أو عتق جنينها وحدة قبل الجناية أو بعدها ضمن بغرة جنين حر وعنه بضمان جنين مملوك نقلها حرب وابن منصور وعنه إن سبق العتق الجناية ضمن بالغرة وإلا فبضمان الرقيق.
وإن ألقته حيا فمات ضمن بالدية كاملة إن سبق العتق الجناية وإلا ففيه الروايتان في الرقيق يجرح ثم يعتق.
وإذا جنى العبد خطأ أو عمدا لا قود فيه أو فيه قود واختير فيه المال أو أتلف مالا فسيده بالخيار بين شيئين فقط فداؤه أو بيعه في الجناية وعنه يخير بين الفداء أو دفعه بالجناية فقط وعنه يخير بين الثلاثة هل يلزمه الفداء إذا اختاره بالأقل من قيمته وأرش الجناية أو بالأرش كله على الروايتين وعنه رواية ثالثة فيما فيه القود خاصة يلزمه فداؤه بأقل الأمرين فأعتقه بعد علمه بالجناية لزمه جميع أرشها بخلاف ما إذا لم يعلم نقله ابن منصور ونقل عنه حرب لا يلزمه سوى الأقل أيضا وهل يلزمه إن اختار البيع أن يتولاه إذا طلب منه ولي الجناية ذلك أو يكفي مجرد تسليمه للبيع فيبيعه الحاكم على روايتين.
وإذا عفا الولي على رقبة العبد فيما فيه القود ملكه بغير رضا السيد وعنه

لا يملكه فعلى هذه في قدر ما يرجع به الروايات الثلاث.
وإذا خرج حرا فعفا عنه ثم مات من الجرح ولا مال له وقيمة العبد نصف الدية فاختار السيد فدواءه وقلنا يفديه بقيمته صح العفو في ثلثه وإن قلنا يفديه بالدية صح العفو في نصفها وللورثة نصفها لأن العفو صح في شيء من قيمته وله بزيادة الفداء شيء مثله فيبقى للورثة ألف دينار إلا ستين تعدل شيئين أجبر وقيل يخرج الشئ ربع الدية فللورثة شيئان تعدل النصف.
وإذا جنى العبد على جماعة في أوقات اشتركوا فيه بالحصص نص عليه.
فإن عفا مستحق منهم تعلق حق الباقين بجميع العبد وقيل بحصتهم منه لا غير.

باب العاقلة وما تتحمله

باب العاقلة وما تتحمله
عاقلة الجاني عصبته كلهم من النسب والولاء قريبهم وبعيدهم حاضرهم وغائبهم وعنه هم عصبته إلا أبناؤه إذا كان امرأة وهو الأصح وعنه عم العصبة إلا عمودي نسبه آباءه وأبناءه وعنه هم العمومة ومن بعدهم دون العمودين والإخوة.
ولا عقل على رقيق ولا صبي ولا مجنون بحال ولا على فقير وعنه يلزم الفقير المعتمل ولا على امرأة ولا خنثى وعنه يلزمهما بالولاء.
ولا تعاقل بين مسلم وكافر ولا بين ذمي وحربي ويتخرج تعاقلهما حيث نقول بتوارثهما.
وفي تعاقل الذميين روايتان فإن قلنا به وهو الأصح ففيه مع اختلاف مللهم وجهان.
ومن عدمت عاقلته أو عجزت عن حمل الجميع حل الدية أو بقيتها بيت المال وعنه أنه لا يحمل العقل بحال فإن تعذر أو لم يحمله سقطت ويحتمل أن

يلزم الجاني في ماله وقال القاضي الروايتان في المسلم فأما الذمي الذي لا عاقلة له فجنايته في ماله دون بيت المال.
وجناية المرتد في ماله وكذلك من رمى سهما واختلف دينه حالتي رمية وإصابته.
ولو اختلف دين الجارح حالتي الجرح والزهوق حملت عنه عاقلته حال الجرح وقيل إنما تحمل أرش الجرح فأما الزائد بالسراية ففي ماله وقيل الكل في ماله كالتي قبلها.
ولو جرح ابن معتقة فلم يسر أو رمى فلم يصب حتى انجر ولاؤه فهو كمن اختلف ديته فيهما.
أخطأ الإمام والحاكم في الحكم في بيت المال وعنه على عاقلتهما كخطئهما في غير الحكم.
ولا تحمل عاقلة الجاني عمدا محضا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا لم تصدقه به ولا ما دون ثلث الدية التامة كأرش الموضحة ودية المجوسي وغرة الجنين الميت دون أمة ولو ماتا بجناية واحدة فالغرة مع دية الأم على العاقلة سواء سبقته بالزهوق أو سبقها به.
وتحمل العاقلة شبه العمد مؤجلا في ثلاث سنين كالخطأ نص عليه واختاره الخرقي وعنه أنه في مال الجاني مؤجلا كذلك واختاره أبو يكر وقال أبو بكر مرة هو في ماله حالا.
وعمد الصبي والمجنون في حمل العاقلة له كالخطأ وعنه عمد المميز في ماله.
ولا تقدير فيما يحمله كل واحد من العاقلة بل يجتهد الحاكم فيه فيحمل كل واحد ما يسهل لا ما يشق نص عليه وقال أبو بكر يحمل الموسر نصف دينار والمتوسط ربع دينار وفي تكرره كل حول وجهان ويبدأ بالأقرب فالأقرب حتى تكمل الدية أو تنفد العاقلة وإن تساووا وكثروا وزع

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5