كتاب : الكفاية في علم الرواية
المؤلف : أحمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب البغدادي

تريد به ما يضاد الحظر والمنع وعلى هذا رأينا كافة شيوخنا يجيزون للأطفال الغيب عنهم من غير أن يسألوا عن مبلغ أسنانهم وحال تمييزهم ولم ترهم اجازوا لمن لم يكن مولودا في الحال ولو فعله فاعل يصح لمقتضى القياس أبا والله أعلم

باب في وصف أنواع الإجازة وضروبها
فاولها المناولة وهي أرفع ضروب الإجازة وأعلاها وصفتها أن يدفع المحدث الى الطالب أصلا من أصول كتبه أو فرعا قد كتبه بيده ويقول له هذا الكتاب سماعي من فلان وأنا عالم بما فيه فحدث به عني فإنه يجوز للطالب روايته عنه وتحل تلك الإجازة محل السماع عند جماعة من أئمة أصحاب الحديث أخبرنا أبو بكر البرقاني قال ثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال ثنا إبراهيم بن عيسى بن عبد الله يعرف بابن أبي أيوب قال ثنا زياد بن يونس عن عثمان بن مكتل عن عبيد الله بن عمر أنه قال دفع الي بن شهاب صحيفة فقال نسخ ما فيها وحدث به عني قلت أو يجوز ذلك قال نعم ألم تر الرجل يشهد على الوصية ولا يفتحها فيجوز ذلك ويؤخذ به أخبرني عبد الله بن يحيى السكري قال أنا محمد بن عبد الله بن ابرهيم الشافعي قال ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر قال ثنا بن الغلابي قال ثنا يحيى بن معين سمعت أبا مسهر وذكر أصحاب الزهري فقال أحسن أهل الشام حالا من عرض قال يريد أنها مناولة أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي أخبرنا أبو مسلم بن مهران قال أنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال قال أبو علي صالح بن محمد سماع بن جريج عن الزهري كله عرض ومناولة

أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ قال ثنا أبي قال سمعت أحمد بن إسحاق بن بهلول القاضي يقول تذاكرنا بحضرة إسماعيل بن إسحاق السماع فقال إسماعيل بن إسحاق قال إسماعيل بن أبي أويس السماع على ثلاثة وجه القراءة على المحدث وهو أصحها وقراءة المحدث والمناولة وهو قوله ارويه عنك وأقول ثنا وذكر عن مالك مثل ذلك حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الخلال قال أنا المروزي قال قال أبو عبد الله إذا أعطيتك كتابي وقلت لك اروه عني وهو من حديثي فما تبالي أسمعته أو لم تسمعه فأعطانا المسند ولأبي طالب مناولة قال الخطيب بمثابة ما ذكرنا أن يحمل الطالب الى المحدث جزءا قد كتب من أصله أو من فرع نقل من أصله فيدفعه اليه ويستجيره إياه فيقول قد أجزته لك ويرده اليه الا أنه يجب على الراوي أن ينظر فيه ويصححه ان كان يحفظ ما فيه وإلا قابل به أصل كتابه أخبرني الحسن بن محمد الخلال قال ثنا محمد بن العباس الخزاز قال ثنا أبو بكر الباغندي قال ثنا أبو نعيم الحلبي قال كنا عند مالك بن أنس فاتاه عثمان بن صالح أو صالح بن عثمان فقال له يا أبا عبد الله الرقعة فأخرج رقعة فقال قد نظرت فيها وهي من حديثي فأروها عني أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب الفقيه قال قرأت على أبي بكر أحمد بن سلم حدثكم عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ورأيت عبد الرحمن الطبيب جاء أبي بجزئين فقال له اجزها فقال له ضعه فلما خرج قال لعبد الرحمن آتى غدا فأخذ الكتابين فعرض بهما كتابه فأصلح له بخطه فلما صلح قال ان أحببت أن تروي عني هذا فافعل أو كما قال أو على هذا المعنى أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال قرأت بخط محمد بن يحيى يعني الذهلي إجازة كتبها للأصبهانيين بسم الله الرحمن الرحيم

أتاني سعيد بن عمرو أبو عثمان البرذعي بهذه الأحاديث المتضمنة هذه الرقعة وسألني ان أجيزها ليوسف بن زياد ومحمد بن مهدي ومحمد بن يحيى بن منده ومحمد بن هارون وأحمد بن علي بن الجارود ومحمد بن عبد الله بن ممك وعلي بن الحسن بن سلم وهذه أحاديثي قد سمعتها من هؤلاء الرهط المسمين في هذه الرقعة فقد أجزتها لهم فليرووها عني ان أحبوا ذلك وأحب كل واحد منهم على الإنفراد فقد أبحت لهم ذلك وكتبه محمد بن يحيى بخطه فاما إذا رد المحدث الى الطالب كتابه من غير أن ينظر فيه وأجاز له روايته عنه فان ذلك لا يصح لجواز أن لا يكون من حديثه أو يكون من حديثه الا أنه غير صحيح قد أسقط في النقل بعض أسانيده أو متونه أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا حنبل بن إسحاق قال سألت أبا عبد الله عن القراءة فقال لا بأس بها إذا كان رجل يعرف ويفهم قلت له فالمناولة قال ما أدري ما هذا حتى يعرف المحدث حديثه وما يدريه ما في الكتاب وكان أبو عبد الله ربما جاءه الرجل بالرقعة من الحديث فيأخذها فيعارض بها كتابه ثم يقرؤها على صحابها قال أبو عبد الله وأهل مصر يذهبون الى هذا وأنا لا يعجبني فاما القراءة فقد فعله قوم ورأوه جائزا وأنا أراه حسنا جائزا قال وسيان أن يقول حدثنا وأخبرنا وقرأت قلت وأراه في قوله وأهل مصر يذهبون الى هذا أعني المناولة للكتاب وإجازة روايته من غير أن يعلم الراوي هل ما فيه من حديثه أم لا والله أعلم ولو قال الراوي للمستجيز حدث بما في الكتاب عنى أن كان من حديثي مع براءتي من الغلط والوهم كان ذلك جائزا حسنا أخبرني الحسن بن أحمد الحربي قال أنا أحمد بن جعفر بن حمدان ان العباس بن

يوسف الشكلي حدثهم قال سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت عبد الله بن وهب يقول كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل يكتب هكذا على يديه وأشار الربيع بيده فقال يا أبا عبد الله هذه الكتب من حديثك أحدث بها عنك فقال له مالك ان كان من حديثي فحدث بها عني أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال ثنا أبي قال ثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال ثنا إسحاق بن سويد الرملي قال ثنا بن أبي أويس عن مالك بن أنس قال كان بن شهاب يؤتى بالصحيفة وأشار بإصبعيه الإبهام والتي تليها فيها أحاديث بن شهاب فيقال له وهي مطوية هذه أحاديثك فيقول نعم فيقال له أيحدث بها عنك فنقول ثنا بن شهاب فيقول نعم قال مالك وما فتحها بن شهاب ولا قرأها ولا قرئت عليه قال مالك ويرى ذلك بن شهاب جائزا قلت قد يحتمل أن يكون قد تقدم نظر بن شهاب في الصحيفة وعرف صحتها وأنها من حديثه وجاء بها بعد إليه من يثق به فلذلك استجاز الإذن في روايتها من غير أن ينشرها وينظر فيها والله أعلم ولو قال المحدث للطالب وقد أدخله الى خزانة كتبه ارو جميع هذه الكتب عني فانها سماعاتي من الشيوخ المكتوبة عنهم وأحاله على تراجمها ونبهه على طرق أوائلها كان ذلك بمثابة ما قدمنا ذكره في الصحة لأنه أحاله على أعيان مسماة مشاهدة وهو عالم بما فيها وأمره برواية ما تضمنت من سماعاته فهو بمنزلة ما لو قال رجل لرجل قد تصدقت عليك بما في هذا الصندوق أو بما اشتملت عليه هذه الصرة والقائل صحيح العقد تام الملك لا دين عليه عالم بجميع ما ذكرناه مجملا ومفصلا عارف بقيمته فقال المتصدق عليه قد قبلت ذلك منك فأمره أن يجوزه الى ملكه ففعل فان ذلك جائز صحيح لا شبهة فيه أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي قال أنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا محمد بن جعفر الراشدي قال ثنا أبو بكر الأثرم قال سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يسأل عن أبي اليمان وكان الذي سأله عنه قد سمع منه فقال له أي شيء تنبش على نفسك ثم قال أبو عبد الله هو يقول أنا شعيب واستحل ذلك لشيء عجيب قال أبو عبد الله كان أمر شعيب في الحديث عسرا جدا وكان علي بن عياش سمع منه وذكر قصة لأهل حمص أراها أنهم سألوه ان يأذن لهم أن رووا عنه فقال لهم لا ترووا هذه الأحاديث عني قال أبو عبد الله ثم كلموه وحضر ذلك أبو اليمان فقال لهم ارووا تلك الأحاديث عني قلت لأبي عبد الله مناولة فقال لو كان مناولة كان لم يعطهم كتبا ولا شيئا انما سمع هذا فقط فكان بن شعيب يقول أن أبا اليمان جاءني فأخذ كتب شعيب مني بعد وهو يقول أخبرنا فكأنه استحل ذلك بأن سمع شعيبا يقول لهم ارووه عني

ذكر كيفية العبارة عن الرواية عن المناولة
أخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي في كتابه الي وحدثنيه محمد بن يوسف النيسابوري عنه قال أنا أبو الميمون البجلي قال أنا أبو زرعة قال حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن عمرو بن أبي سلمة قال قلت للأوزاعي في المناولة أقول فيها ثنا قال ان كنت حدثتك فقل فقلت أقول أخبرنا فقال لا قلت فكيف أقول قال قل قال أبو عمرو وعن أبي عمرو وقد كان غير واحد من السلف يقول في المناولة أعطاني فلان أو دفع الي كتابه وشبيها بهذا القول وهو الذي نستحسنه أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا العباس بن محمد الدوري قال ثنا عبيد بن يعيش قال ثنا يونس بن بكير قال ثنا محمد بن إسحاق عن شيبة بن نصاح مولى أم سلمة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال دفع الي أبو رافع كتابا فيه استفتاح

الصلاة قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام في الصلاة كبر فقال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين وذكر بقية الحديث أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج قال ثنا محمد ين يعقوب الأصم قال ثنا أبو بكر الصغاني قال ثنا إبراهيم بن عرعرة قال دفع إلينا معاذ بن هشام كتابا فقال هذا ما سمعت من أبي وكان فيه عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم أحرم في دبر صلاتي العشي أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر قال أنا علي بن عمر الحافظ قال ثنا أبو الطيب يزيد بن الحسن بن يزيد البزاز قال ثنا محمد بن مسلم بن واره قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال ثنا نافع بن يزيد أعطانيه وأنا شاك أن أكون عرضته عليه أم لا قال حدثني بن غزية وهو عمارة بن غزية عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أن أمه فاطمة بنت حسين حدثته أن عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تقول ان رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرضه الذي مات فيه قال لفاطمة يا فاطمة احنى علي فحنت عليه فناجاها ساعة ثم انكشفت وهي تبكي وعائشة حاضرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد ذلك بساعة احنى علي يا بنية فحنت عليه فناجاها ساعة ثم انكشفت عنه تضحك وذكر تمام الحديث أخبرنا أبو الحسن علي بن القاسم بن الحسن الشاهد بالبصرة قال ثنا علي بن إسحاق المادرائي قال ثنا محمد بن عبيد الله المنادي قال ثنا يونس بن محمد قال ثنا حماد بن سلمة قال أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبيد الله بن أنس وساق حديث الصدقات بطوله أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال ثنا أبي قال وجدت في كتاب جدي ثنا

بن رشدين قال سمعت أحمد بن صالح وسئل عن الإجازة فقال لا تجوز الإجازة البتة الا أن يقول أعطاني فلان كتابا كما قال حماد بن سلمة أخذت عن ثمامة بن عبد الله بن أنس فيقول هذا أعطاني فلان أو أجاز لي فلان ولا يقول فيه ثنا ولا أخبرنا قيل لأحمد فان أعطاه كتابا لم ينظر فيه قال لا يجوز لا أن يعطيه كتابا قد رآه ونظر فيه وعرفه قال أحمد أجاز مالك الإجازة مرة وكرهها مرة ولم يجزها قلت فمذهب أحمد بن صالح أن المحدث إذا قال للطالب أجزت لك ان تروي عني ما شئت من حديثي لا يصح ذلك دون أن يدفع اليه أصوله أو فروعا كتبت منها ونظر فيها وصححها وقد أجاز غير واحد من الأئمة ان يقال في المناولة أخبرنا وحدثنا أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال ثنا أبو العباس الوليد بن بكر الأندلسي قال العلماء من أصحاب الحديث مجتمعون على تصحيح الإجازة ووقوع الحكم بها واختلفوا في العبارة بالتحديث بها فقال مالك قل في ذلك ما شئت من حدثنا أو أخبرنا وقال غيره قل أنبأنا وهو مذهب الأوزاعي وروينا مثله عن شعبة وقال آخرون يقول أجاز لي وأطلق التحديث لا غير أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي قال أنا الحسن بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن أحمد بن معدان قال ثنا محمد بن عبد الله بن حميد المكي قال حدثني بشر بن عبيد الدارسي قال ثنا صالح بن عمرو عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يدفع المحدث كتابه ويقول ارو عني جميع ما فيه يسعه أن يقول حدثني فلان عن فلان أخبرنا علي بن أبي علي البصري قال ثنا علي بن عمرو بن سهل الحريري قال ثنا محمد بن خالد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي قال حدثني جدي أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة قال ثنا يحيى بن صالح قال كنت عند مالك بن أنس جالسا

فسأله رجل فقال يا أبا عبد الله الكتاب تقرؤه علي أو اقرؤه عليك أو تجيزه لي فكيف أقول فقال له قل في ذلك كله ان شئت حدثنا مالك بن أنس أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر قال ثنا الوليد بن بكر قال ثنا أبو العباس تميم بن محمد بن تميم التميمي الزاهد بالقيروان قال ثنا أبو الغصن يعيش السوسي إفريقي ثقة قال سمعت عون بن يوسف مغربي ثقة يقول سمعت عبد الله بن وهب يقول كنت عند مالك بن أنس جالسا فجاءه رجل قد كتب الموطأ يحمله في كسائه فقال له يا أبا عبد الله هذا موطؤك قد كتبته وقابلته فأجزه لي فقال قد فعلت قال فكيف أقول أخبرنا مالك أو حدثنا مالك قال له مالك قل أيهما شئت أخبرني أبو القاسم الأزهري قال ثنا محمد بن المظفر الحافظ قال ثنا محمد بن محمد الباغندي قال ثنا أبو نعيم يعني الحلبي قال دخلت على مالك بن أنس ومعي إسماعيل بن صالح فأخرج كتابا مشدودا فقال هذا كتابي قد نظرت فيه فاروه عني فاني قد صححته فقال له إسماعيل فنقول ثنا مالك بن أنس قال نعم أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق قال أنا الحسن بن عبد الرحمن قال ثنا الساجي يعني زكريا بن يحيى قال ثنا هارون بن سعيد الأيلي قال ثنا أبو زيد بن أبي الغمر قال اجتمع بن وهب وابن القاسم وأشهب بن عبد العزيز أني إذا أخذت الكتاب من المحدث أن أقول فيه أخبرني أخبرنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال سمعت القاسم بن أبي صالح يقول سمعت إبراهيم بن الحسين يقول سمعت أبا اليمان الحكم بن نافع يقول قال لي أحمد بن حنبل كيف سمعت الكتب من شعيب بن أبي حمزة قلت قرأت عليه بعضه وبعضه قرأه علي وبعضه إجازة لي وبعضه مناولة فقال قل في كله أخبرنا شعيب أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم الدينوري قال سمعت أبا الحسن علي بن أحمد البيع الهمذاني بها يقول سمعت عبد الرحمن الجلاب يقول سمعت إبراهيم بن الحسين فذكر نحوه وقال في آخره قل في كله ثنا ثنا

ذكر النوع الثاني من أنواع الإجازة
وهو أن يدفع الطالب الى الراوي صحيفة قد كتب فيها إن رأى الشيخ أن يجيز لي جميع ما يصح عندي من حديثه فعل فيقول له الراوي بلفظه قد أجزت لك كلما سألت أو يكتب له ذلك تحت خطه في الصحيفة فيقرؤه عليه فهذا النوع دون المناولة في المرتبة لأنه لم ينص في الإجازة على شيء بعينه ولا أحاله على تراجم كتب بأعيانها من أصوله ولا من الفروع المقروءة عليه وإنما احاله على ما يصح عنده عنه وهو في تصحيح ما روى الناس عنه على خطر لأنه لا يقطع على صحة ما روى عنه الا بتواتر من الخبر وانتشار يقوم في الظاهر مقام التواتر وفي باب المناولة التي قدمنا ذكرها يقطع على صحة رواياته فيها فيجب على الطالب الذي اطلقت له الإجازة أن يتفحص عن أصول الراوي من جهة العدول الأثبات فما صح عنده من ذلك جاز له أن يحدث به ويكون مثال ما ذكرناه من قول الرجل قد وكلتك في جميع ما صح عندك انه ملك لي ان تنظر فيه على وجه الوكالة المفروضة فان هذا ونحوه عند الفقهاء من أئمة المدينة صحيح ومتى صح عنده وجوب الملك للموكل كان له التصرف فيه وكذلك فهذه الإجازة المطلقة متى صح عنده في الشيء انه من حديثه جاز له أن يحدث به عنه سألت أبا بكر البرقاني عن الإجازة المطلقة والمكاتبة قال هما شيء واحد في ترك الاحتجاج بهما الا أن يدفع الى الشيخ جزؤ من حديثه أو كتاب من كتبه فينظر فيه فإذا عرفه وصح عنده ما فيه إجازة لصاحبه واذن له في روايته عنه فاما أن يقول له قد أجزت لك حديثي فاروه عني ويطلق ذلك من غير تعيين له فليس بشيء قال أبو بكر وكذلك إذا بعث اليه الشيخ كتابا قد نظر فيه وصححه وكاتبه بأن يرويه عنه جاز ذلك وإذا كاتبه بأن يروي عنه حديثه من غير تعيين له فليس بشيء أو كما قال قال الخطيب ولا أرى أبا بكر وهن إطلاق الإجازة الا لما

في تصحيح أحاديث الراوي من المشقة وعدم أمان الخطر في ذلك لا غير يدل على ما ذكرته اني دفعت اليه ورقة قد كتبت فيها أسماء جماعة وسألته أن يجيز لهم أشياء وعينت ذكرها ثم كتبت في أثرها وغير ذلك من سائر العلوم التي سمعها منثورة ومصنفة وعلى سبيل المذاكرة وما جمعه وصنفه وتكلم عليه فكتبت في ظهر الورقة قد استخرت الله تعالى جل اسمه كثيرا وأجزت لمن سمى في الصفحة قبل هذه جميع ما صح لديهم من حديثي مما ذكروه ولم يذكروه أن يرووه عني على الإجازة إذا صح لهم ذلك من أصولي وكتب أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي بيده حدثني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال أنا محمد بن العباس الخزاز قال ثنا سليمان بن إسحاق الجلاب قال سألت إبراهيم الحربي قلت كتاب الكلبي وقد تقطع علي والذي هو عنده يريد الخروج فكيف ترى لي ترى ان استجيزه وأسأله ان يكتب به الي قال لك قل له يكتب به إليك فتقول كتب الي فلان والإجازة ليس هي شيئا قال الخطيب وقد ذكرنا فيما تقدم الرواية عن إبراهيم الحربي انه كان لا يعد الإجازة والمناولة شيئا وها هنا قد اختار المكاتبة على إجازة المشافهة والمناولة ارفع من المكاتبة لأن المناولة اذن ومشافهة في رواية لمعين والمكاتبة مراسلة بذلك فأحسب إبراهيم رجع عن القول الذي اسلفناه عنه الى ما ذكره هاهنا من تصحيح المكاتبة وأما اختياره لها على إجازة المشافهة فإنه قصد بذلك إذا لم يكن للمستجيز بما استجازه نسخة منقولة من أصل المجيز ولا مقابلة به وهذا القول في معنى ما ذكره لي البرقاني عند سؤالي إياه عن الإجازة المطلقة ونرى ان إبراهيم ذهب الى أن الإجازة لمن لم يكن له نسخة منقولة من الأصل أو مقابلة به ليس شيئا لأن تصحيح ذلك سماعا للراوي مقابلا بأصل كتابه وربما كان في غير البلد الذي الطالب فيه متعذر الا بعد المشقة والمكاتبة بما يروى وإنفاذه الى الطالب أقرب الى السلامة وأجدر بالصحة وأبعد من الخطر والله أعلم

ذكر النوع الثالث من أنواع الإجازة
وهو أن يكتب الراوي بخطه جزءا من سماعه أو حديثا ويكتب معه الى الطالب أني قد أجزت لك روايته بعد أن صححته بأصلي أو بعد أن صححه لي من اثق به فهذا النوع شبيه بالمناولة لولا مزية المشافهة فإذا عرف المكتوب اليه خط الراوي وثبت عنده انه كتابه اليه فله أن يروي عنه ما تضمن كتابه ذلك من أحاديث ويكون بمنزلة كتاب القاضي في حكم يحكم به الى قاض آخر في بلد بعيد عنه فإنه إذا صح عنده بالبينة انه كتابه اليه فله أن يمضيه وكذلك المكتوب اليه بالإجازة يجوز له أن يحدث بها على الشرط الذي قدمنا ذكره أخبرنا علي بن القاسم الشاهد قال ثنا علي بن إسحاق بن محمد المادرائي قال ثنا محمد بن عبيد الله بن المنادى قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن قتادة عن أبي عثمان النهدي قال أتانا كتاب عمر رضي الله عنه ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد أما بعد فاتزروا وارتدوا وانتعلوا وقابلوا النعال وارموا بالخفاف والسراويلات وعليكم بلبس أبيكم إسماعيل وإياكم وزي العجم واخشوشنوا واقطعوا الركب وانزوا على الخيل نزوا وارموا الأغراض وإن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن الحرير وأشار بأصبعه فما عتمنا انها الأعلام أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا محمد بن أحمد بن النضر قال ثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله وكان كاتبا له قال كتب اليه عبد الله بن أبي أوفي حين خرج الى الحرورية فقرأته فإذا فيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا لله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا ان الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال اللهم منزل

الكتاب ومجرى السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن الحسين بن أبي الحنين قال ثنا الحسن بن بشر قال حدثني أبي عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال كتبت سبيعة الأسلمية الى عبد الله بن عتبة تروى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أمرها بالنكاح بعد قليل من وفاة زوجها بعدما وضعت أخبرنا أبو بكر البرقاني قال قرأت على إسحاق النعالي أخبركم عبد الله بن إسحاق المدائني قال ثنا الحسن هو بن أحمد بن أبي شعيب قال ثنا مسكين بن بكير عن شعبة قال كتب الي منصور بحديث ثم لقيته فقلت أحدث به عنك قال أوليس إذا كتبت إليك فقد حدثتك قال ثم لقيت أيوب السختياني فسألته فقال مثل ذلك قال الخطيب وأستحب أن يكون الكتاب بخط الراوي ولا يلزمه ذلك بل ان أمر غيره أن يكتب عنه ويقول في الكتاب وكتابي هذا إليك بخط فلان ويسميه جاز وهذا كله من باب الإستيثاق فان فعل كان أثبت وان لم يذكر في الكتاب اسم الكاتب له جاز والمقصود أن يثبت عند المكاتب ان ذلك الكتاب هو من الراوي المجيز تولاه بنفسه أو أمر غيره بكتبه عنه أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال أنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار قال ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال ثنا يعلى بن عبيد قال ثنا محمد بن سوقة عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن وراد قال كتب المغيرة بن شعبة الى معاوية وزعم وزاد أنه كتبه بيده انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسم قال ان الله حرم ثلاثا ونهى عن ثلاث عقوق الوالدة وابذ البنات ولا وهات ونهى عن ثلاث قيل وقال واضاعة المال والحاف السؤال

وإذا كان الكتاب بخط الراوي فإنه يبدأ فيه بنفسه فيقول من فلان بن فلان الى فلان بن فلان أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي البزاز قال ثنا أبو عبد الله محمد بن خلد العطار قال ثنا سليمان بن توبة قال ثنا معلى بن منصور قال ثنا هشيم قال ثنا منصور عن بن سيرين عن بن العلاء عن العلاء يعني بن الحضرمي انه كتب الى النبي صلى الله عليه و سلم فبدأ بنفسه حدثني محمد بن أحمد بن علي الدقاق قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي قال ثنا أبو محمد بن خلاد قال سمعت الحسن بن المثنى يقول سمعت سليمان بن حرب يقول سمعت حماد بن زيد يقول كان الناس يكتبون من فلان بن فلان الى فلان بن فلان أما بعد أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا حنبل بن إسحاق قال ثنا سريج قال ثنا حماد بن سلمة قال قال حميد وكان بكر بن عبد الله يقول يكتب بسم الله الرحمن الرحيم الى فلان بن فلان ولا يكتب لفلان بن فلان أخبرنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل وهلال بن محمد بن جعفر الحفار قال إبراهيم ثنا وقال هلال أنا الحسين ين يحيى ين عياش القطان قال ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال ثنا سليم بن أخضر قال ثنا بن عون عن محمد قال ذكروا عند بن عمر أن رجلا كتب بسم الله الرحمن الرحيم لفلان فقال بن عمر مه أسماء الله له قال الخطيب وان بدأ الكاتب باسم المكتوب اليه فقد كره ذلك غير واحد من السلف واجازه بعضهم وكان أحمد بن حنبل يستحب إذا كتب الصغير الى الكبير ان يقدم اسم المكتوب اليه وكان هو رحمه الله يبدأ باسم من يكاتبه صغيرا كان أو كبيرا أخبرنا عبد الكريم بن أحمد الضبي قال ثنا خال أبي علي الحسين بن إسماعيل المحاملي

قال ثنا أبي قال ثنا محمد بن محمد بن عون قال ثنا معاذ بن معاذ قال كتبت الى شعبة فبدأت باسمه فكتب الي ينهاني وزعم أن الحكم كان يكرهه أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال أنا دعلج بن أحمد بن دعلج قال ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن الحسين بن الترك قال سمعت أبا جعفر أحمد بن سعيد الدارمي يقول كتب الي أبو عبد الله أحمد بن حنبل لأبي جعفر أكرمه الله من أحمد بن حنبل أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرى قال أنا إسماعيل بن علي الخطبي قال ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال رأيت أبي إذا كتب يكتب الى أبي فلان بن فلان من أحمد بن محمد بن حنبل أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال ثنا عثمان بن أحمد قال ثنا حنبل قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا حماد بن زيد قال رأيت أيوب يكتب بسم الله الرحمن الرحيم الى عبد الله بن القاسم من أيوب بن أبي تميمة قال حنبل سألت أبا عبد الله عن ذلك وكانت كتبه التي يكتب بها الى فلان بن فلان فقلت له وسألته فقال النبي صلى الله عليه و سلم حيث كتب الى كسرى وقيصر وكتب كلما كتب على ذلك وأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وعمر كتب الى عتبة بن فرقد فهذه السنة وهذا الذي يكتب اليوم لفلان محدث لا أعرفه قلت فالرجل يبدأ بنفسه قال اما الأب فلا أحب الا أن يقدمه باسمه فلا يبدأ ولد باسمه على والده والكبير السن كذلك يوقره به وغير ذلك لا بأس

وقد اختلفت ألفاظ أهل العلم في حكاية المكاتبة فمن أحسن ذلك ما حدثناه أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسن البادا بلفظه قال ثنا أبو عبد الله أحمد بن قانع بن مرزوق القاضي قال ثنا الحسن بن المثنى بن معاذ قال ثنا عمي عبيد الله بن معاذ قال كتب زكريا بن أبي زائدة وهو قاضي الكوفة الى أبي وهو قاضي البصرة من زكريا بن أبي زائدة الى معاذ بن معاذ سلام عليك فاني أحمد إليك الله الذي لا اله الا هو واساله أن يصلى على محمد عبده أما بعد أصلحنا الله وإياك بما أصلح به الصالحين فإنه هو اصلحهم حدثنا العباس بن ذريح عن الشعبي قال كتبت عائشة رضي الله عنها الى معاوية رضي الله عنه أما بعد فإنه من يعمل بمعاصي الله بعد حامده من الناس له ذاما والسلام قال حسن بن المثنى وأنا رأيت الكتاب الذي كتبه بن أبي زائدة الى أبي أخبرنا محمد بن أحمد ين يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال حدثني أبو أحمد الحافظ قال ثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال ثنا أحمد بن يوسف السلمي قال هذه نسخة كتاب أبي بكر بن عياش الى يحيى بن يحيى بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر بن عياش الى يحيى بن يحيى سلام عليك فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد عصمنا الله وإياك بالتوفيق والسداد الذي يرضى لعباده الصالحين وسلمنا وإياك من جميع الآفات جاءنا أبو أسامة فذكر انك أحببت أن أكتب إليك بهذه الأحاديث فقد كتبها ابني املاء مني بها إليك فهي حديث مني لك عمن سميت لك في كتابنا هذا فاروها وحدث بها عني فاني قد عرفت انك هويت ذاك وكان يكفيك أن تسمع ممن سمعها مني ولكن النفس تطلع الى ما هويت فبارك الله لنا ولك في جميع الأمور وجعلنا ممن يهوى طاعته ورضوانه والسلام عليك

ويجب إذا كتب الراوي الكتاب ان يشده ويختمه قبل انفاذه لئلا يغير شيء فيه وذلك أحوط وقد كان غير واحد من السلف يفعله أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا إبراهيم بن المنذر قال ثنا عبد الله بن الحارث المخزومي قال كتب بن جريج الى بن أبي سبرة وكتب اليه بأحاديث من أحاديثه وختم عليها أخبرنا أبو الفرج محمد بن عمر بن محمد الجصاص قال أنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال كتب الي قتيبة بن سعيد قال كتبت إليك بخطي وختمت الكتاب بخاتمي ونقشه الله ولي سعيد وهو خاتم أبي يذكر أن الليث بن سعد حدثهم عن عقيل عن الزهري عن علي بن الحسين ان الحسين بن علي حدثه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم طرقه وفاطمة فقال ألا تصلون قلت يا رسول الله انما أنفسنا بيدالله فإذا شاء ان يبعثنا بعثنا قال فانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قلت له ذلك ثم سمعته وهو مار يضرب فخذه ويقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلا أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الدينوري بها قال أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني الحافظ قال أخبرني جعفر بن عيسى الحلواني قال ثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال ثنا إسحاق بن عيسى الطباع قال كتب الي مالك بن أنس جواب كتابي اليه بلغني كتابك تذكر حديثا سقط عليك تسالني عنه حديث عبد الله بن عمر وتسأل ان أكتب به إليك وما أحب الي حفظك وقضاء حاجتك وإرشادك الى كل خير فإنك ممن أحب حفظه من إخواني وبقاء الود بيني وبينه وأرجو وفاءه واستقامة مريرته وذلك حديث قد عرفته حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر بال وهو بالسوق ثم توضأ وغسل وجهه ويديه ومسح

رأسه ثم رجع الى المسجد فدعى الى جنازة ليصلي عليها فدعا بماء فمسح على خفيه ثم صلى على الجنازة قال إسحاق ثم لقيت مالكا بعد فسألته عن الحديث فحدثني به كما كتب به الي وكان نقش خاتمه حسبي الله ونعم الوكيل ولو لم يكتب الراوي الى الطالب شيئا من حديثه لكنه كتب اليه قد اجزت لك أن تروي عني الكتاب الفلاني أو الحديث الفلاني كان في الصحة بمنزلة ما ذكرناه آنفا قرأت بخط إسماعيل بن إسحاق القاضي إجازة قد كتبها لأحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي نسختها بسم الله الرحمن الرحيم من إسماعيل بن إسحاق الى أحمد بن إسحاق بن بهلول سلام عليك فاني أحمد إليك الله الذي لا اله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله أما بعد فقد أجزت لك كتاب الناسخ والمنسوخ عن بن زيد بن أسلم وكتاب العلل عن علي بن المديني وكتاب الرج على محمد بن الحسن وكتاب أحكام القرآن ومسائل بن أبي أويس عن مالك والمسائل المبسوطة عن مالك فاحمل ذلك عني وكتب إسماعيل بيده

ذكر كيفية العبارة بالرواية عن المكاتبة
أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي قال أنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد قال قال لي الحسين بن محمد الشريكي سألت أحمد بن منصور عن ذلك يعني الإخبار عن المكاتبة فقال أحبه الى ان يقول كتب الي فلان حدثنا فلان وهذا هو مذهب أهل الورع والنزاهة والتحري في الرواية وكان جماعة من السلف يفعلونه أخبرنا عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي قال أنا حمزة بن محمد بن العباس قال ثنا جعفر بن هاشم قال ثنا حفص بن عمر أبو عمر الضرير قال ثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا أيوب السختياني قال كتب الي والله نافع أن بن عمر قال قال رسول الله

صلى الله عليه و سلم لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال أنا إسحاق بن بكر عن أبيه عن جعفر بن ربيعة أن هشام بن عروة كتب اليه يذكر عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر ركعتين هكذا قال ولم يذكر بين عائشة وبين هشام أباه عروة أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا عبد الله بن إسحاق البغوي قال أنا أحمد بن الهيثم قال ثنا سعيد بن داود الزنبري قال ثنا مالك قال كتب الي كثير بن عبد الله المزني يحدث عن أبيه عن جده عن مالك بن الحارث انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فان له من الأجر مثل من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة لا ترضي الله ورسوله فان عليه اثم من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من آثام الناس شيئا وذهب غير واحد من علماء المحدثين الى أن قول ثنا في الرواية عن المكاتبة جائز أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال ثنا سلم بن قادم قال ثنا بقية قال حدثني شعبة قال قلت لمنصور إذا كتبت الى أقول حدثني فقال إذا كتبت إليك أليس قد حدثتك أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني محمد بن وهب الحراني قال حدثني سكين بن عبد العزيز قال ثنا شعبة قال كتب الى منصور بحديث فلقيته فقلت أحدث به عنك قال أوليس إن كتبت به إليك فقد حدثتك قال وسألت أيوب السختياني عن

ذلك فقال مثل ذلك وقال يعقوب حدثنا محمد بن مصفي قال ثنا بقية عن شعبة عن أيوب وغيره قال إذا كتب إليك العالم فقد حدثك أخبرنا علي بن أبي علي البصري قال أنا عبد العزيز جعفر الخرقي قال ثنا أبو عمران موسى بن سهل الجوني قال ثنا عيسى بن حماد زغبة قال ثنا الليث قال ثنا عبد الله بن عمر قال حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال بينا ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر فأووا الى غار في جبل وذكر الحديث بطوله أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي قال أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري الجوهري قال سمعت أبا زكريا يحيى بن عثمان يقول سمعت أبا صالح يقول سمعت الليث بن سعد يقول أنبأني أبو عثمان عبد الحكم بن اعين بهذا الكتاب عن عبد الله بن عمر العمري مختوما بخاتمه ولم يسمع الليث من عبد الله بن عمرو إنما روايته عنه كتابة قلت وحدث الليث أيضا عن بكير بن عبد الله بن الأشج عدة أحاديث قال في كل واحد منها حدثني بكير وذكر أنه لم يسمع منه شيئا وإنما كتب اليه بتلك الأحاديث وقد أوردنا بعضها في كتاب التفصيل لبهم المراسيل وسقنا الخبر عن الليث بذلك أخبرنا بن الفضل قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب قال ثنا يزيد بن بشر قال أخبرني بن وهب قال أخبرني الليث قال أخذت من خالد بن يزيد كتبا لم أعرضها عليه وأنا أحدث بها عنه قال بن وهب ولقد كان يحيى بن سعيد يكتب الي الليث بن سعد فيقول حدثني يحيى بن سعيد وكان هشام بن عروة يكتب اليه فيقول حدثني هشام أخبرني أحمد بن علي البادا قال أنا مخلد بن جعفر إجازة قال قال لنا أبو حفص عمر بن الحسن قال لوين كتب الي وحدثني واحد وإن كتب النبي صلى الله عليه و سلم قد صارت دينا يدان بها والعمل بها لازم للخلق وكذلك ما كتب به أبو بكر وعمر وغيرهما من الخلفاء الراشدين فهو معمول به ومن ذلك كتاب القاضي الى القاضي يحكم به ويعمل به أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق قال أنا الحسن بن عبد الرحمن عن بعض أهل العلم قال وأما الكتاب من المحدث الى آخر بأحاديث يذكر أنها أحاديثه سمعها من فلان كما رسمها في الكتاب فان المكاتب لا يخلو من أن يكون على يقين من أن المحدث كتب بها اليه أو يكون شاكا فيه فان كان شاكا فيه لم يجز له روايته عنه وان كان متيقنا له فهو وسماعه الإقرار منه سواء لأن الغرض من القول باللسان فيما تقع العبارة فيه باللفظ انما هو تعبير اللسان عن ضمير القلب فإذا وقعت العبارة عن الضمير بأي سبب كانت من أسباب العبارة إما بكتاب وإما بإشارة وإما بغير ذلك مما يقوم مقامه فان ذلك كله سواء فقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم ما يدل على أنه أقام الإشارة مقام القول في باب العبارة وهو حديث الرجل الذي أخبره أن عليه عتق رقبة وأحضره جاريته وقال انها أعجمية فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم أين ربك فأشارت الى السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال أعتقها

ذكر النوع الرابع من أنواع الإجازة
وهو أن يكتب المحدث الى الطالب قد أجزت لك جميع ما صح ويصح عندك من حديثي ولا يعين له شيئا كما عين في الإجازة المذكورة في النوع الثالث فهذا النوع أخفض مرتبة من الإجازة بشيء مسمى وعلى المكتوب اليه فيه أمر أن أحدهما وجوب تصحيح ما يسمى حديثا للمكاتب اليه بالإجازة كوجوب تصحيح الوكيل توكيل التفويض ما يسمى ملكا للموكل فإذا صح له ذلك احتاج الى أمر آخر وهو أن يثبت عنده من الوجه الذي يعتمد عليه ان ذلك المحدث كتب اليه تلك الإجازة ومثال ما ذكرناه شهادة الشهود باشهاد القاضي على كتابه الى القاضي ثم يصح للطالب التحديث كما يصح للقاضي الإنفاذ وللموكل النظر فهذا كله في القياس واحد وحكمه غير مختلف

ذكر النوع الخامس من أنواع الإجازة
وهو أن يأتي الطالب الى الراوي بخبر فيدفعه اليه ويقول له أهذا من حديثك فيتصفح الراوي أوراقه وينظر فيما تضمن ثم يقول له نعم هو من حديثي ويرده اليه أو يدفع اليه الراوي ابتداء بعض أصوله ويقول له هذا من سماعاتي فيذهب به الطالب فيحدث به عنه من غير أن يستجيز منه في الوجهين جميعا ومن غير أن يقول له الراوي حدث به عني فهذا يكون صحيحا عند طائفة من أهل العلم لو فعل غير أنا لم نر أحدا فعله وهكذا لو رأى الطالب في يد الراوي جزءا ينظر فيه فقال له ما في هذا فقال له الراوي أحاديث من سماعي عن بعض شيوخي فاستنسخه الطالب بعد من غير علم الراوي ثم حدث به عنه من غير استئذان له في ذلك فهذا في الحكم بمثابة الذي قبله وقد مثله من قال أنه صحيح برجل جاء الى رجل بصك فيه ذكر حق فقال له أتعرف هذا الصك فيقول نعم هذا الصك دين علي لفلان ما أديته بعد أو يقول له ابتداء في هذا الصك ذكر دين لفلان علي أو يجد في يده صكا يقرؤه فيقول له ما في هذا الصك فيقول ذكر حق لفلان علي وهو كذا وكذا ما أديته بعد والقائل مجد غيرها زل صحيح العقد ثم يسمعه الآخر بعد ذلك ينكر ذلك الصك في مخاصمته فلانا الذي أقر له فان له أن يشهد على المنكر بإقراره على نفسه بما في الصك لفلان المذكور دينا عليه وهذا مذهب مالك بن أنس وغيره من أهل الحجاز وبه قال أصحاب الشافعي وفي نحو هذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم خيركم الذي يأتي بشهادته قبلأن يسألها فإذا جاز له أن يشهد بما سمع الإقرار به من غير أن يأذن له المقر في أدائه والشهادات آكد من الروايات فلأن يشهد على المقر بما يرويه من غير استئذانه في ذلك أولى

أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا إبراهيم بن منذر قال ثنا عبد الله بن وهب ومطرف قالا ثنا مالك بن أنس قال قال لي يحيى بن سعيد أكتب لي أحاديث الأقضية من أحاديث بن شهاب قال فكتبت ذلك له قال فكأني أنظر اليه في صحيفة صفراء فقيل لما لك يا أبا عبد الله أعرض ذلك عليك قال هو أفقه من ذلك أخبرنا الحسن بن أبي بكر بن شاذان ح وأخبرني عبد الله بن أبي الحسين بن بشران قال الحسن ثنا وقال الآخر أنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البزاز قال ثنا أبو برزة الفضل بن محمد الحاسب قال ثنا أبو الإصبغ محمد بن سماعه الرملي قال ثنا مهدي بن إبراهيم قال ثنا مالك قال قال لي يحيى بن سعيد الأنصاري أكتب لي ما سمعت من بن شهاب قال فكتبته في رق أصفر فأتيته به في المسجد فيما بين المغرب والعشاء فدفعته اليه فقال رجل لمالك ما قرأته ولا قرأه عليك قال هو كان أفقه من ذلك أخبرني عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر قال ثنا بن الغلابي قال ثنا أبو زكريا يحيى بن معين قال قدم معاوية بن سلام على يحيى بن أبي كثير فأعطاه كتابا فيه أحاديث زيد بن أبي سلام فرواه ولم يسمعه منه أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البزاز الكرخي قال ثنا محمد بن عبد الله بن العباس قال ثنا عبد الله بن عبد الرحمن السكري قال أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق العطار قال ثنا قاسم بن يزيد المقرى الوراق قال سمعت وكيعا يقول لو أن رجلا دفع الى رجل كتابا فقال له قد حدثتك بما فيه كان قد حدثه آخر الجزء العاشر بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الحادي عشر رب زدني علما

قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب لفظا قال أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال أنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران قال أنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال سألت أبا علي صالح بن محمد البغدادي عن أحاديث أبي اليمان عن شعيب عن الزهري فقال يقال لم يسمع أبو اليمان من شعيب ولا شعيب من الزهري ولكنه كان كتاب فقلت لأبي علي يصحح الحديث من هذا الوجه فقال نعم أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي قال ثنا بن خلاد قال وقال بعض المتأخرين ممن يقول بالظاهر إذا دفع المحدث الى الذي يسأله ان يحدثه كتابا ثم قال قد قرأته ووقفت على ما فيه وقد حدثني بجميعه فلان بن فلان على ما في هذا الكتاب سواء حرفا بحرف فان للقول له ما وصفنا ان يرويه عنه فيقول حدثني أو أخبرني فلان أن فلانا حدثه ولا يقول حدثني فلان أن فلانا قال حدثنا فلان ثم يسوق الحديث الى آخره لأن قوله حدثني فلان إن فلانا قال حدثنا حكاية توجب سماع الألفاظ وهو لم يسمع الألفاظ وسواء إذا اعترف له بما وصفنا ان يقول له قد أجزت لك ان ترويه أو لا يقول ذلك لان الغرض انما هو سماع المخبر الإقرار من المخبر فهو إذا سمعه لم يحتج الى أن يأذن له في أن يرويه عنه ألا ترى ان رجلا لو سمع من رجل حديثا ثم قال له المحدث لا أجيز لك أن ترويه عني كان ذلك لغوا وللسامع ان يرويه إجازة المحدث له أو لم يجزه فكذا أيضا إذا أخبر أنه قد قرأه ووقف على ما فيه وأنه قد سمع من فلان كما في كتابه لم يحتج أن يقول اروه عني ولا قد أجزته لك ولا يضره أن يقول لا تروه عني ولا أن يقول لست أجيزه لك بل روايته في كلتا الحالتين جائزة قال الخطيب وقد قال بعض أهل العلم لا يجوز لأحد أن يروي عن المحدث ما لم يسمعه منه أو يجزه له وإن ناوله إياه مثل ما ذكرناه ومثلناه في أول النوع الخامس وصحة الرواية لما نوول موقوفة على الإجازة وممن ذهب الى هذا المذهب القاضي أبو بكر محمد بن الطيب فان محمد بن عبيد الله المالكي حدثني عنه قال فان قال ما وجه قول المحدث قد أجزت لك ان تحدث بما صح عندك من حديثي وحدث عني بما في كتابي هذا وما الفرق بين أن يقول ذلك وبين ان لا يقوله قيل الفرق بين ذلك وفائدة المناولة والإجازة ان العدل الثقة إذا قال حدث عني بما في هذا الكتاب من حديثي وحدث بما صح عندك من حديثي فقد أجزت لك التحديث به لم يجز في صفته ان يقول ذلك وهو شاك فيما في كتابه ومرتاب به فلا يقول حدث بما صح عندك من حديثي الا وهو في نفسه على صفة يجوز أن يحدث به عنه فإذا لم يقل ذلك لم يجز التحديث لما ناوله ولم يجزه لأنه تناول الكتاب الذي يشك فيما فيه وقد يصح عند الغير من حديثه ما يعتقد في كثير منه انه لا يحدث به لعلل في حديثه هو أعرف بها كما انه قد يشهد بالشهادة من لا يجوز عنده أن يقيمها ولا أن يشهد شاهد عليها وإذا شهد على شهادته كان ذلك بمثابة ادائه لها وعلم انها في نفسه على صفة يجوز إقامتها فكذلك سبيل الإجازة والمناولة من العدل الثقة

باب الرواية إجازة عن إجازة
إذا دفع المحدث الى الطالب كتابا وقال له هذا من حديث فلان وهو إجازة لي منه وقد أجزت لك ان ترويه عني فإنه يجوز له روايته عنه كما يجوز ذلك فيما كان سماعا للمحدث فأجازه له وقد كان أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري سمع من محمد بن إسماعيل البخاري كتاب التاريخ الكبير غير أجزاء يسيرة من آخره فإنه لم يسمعها وأجازها البخاري له ثم روى بن فارس الكتاب وسمعه منه أبو الحسن علي بن إبراهيم المستملي المعروف بالنجاد سوى ذلك القدر الذي لم يسمعه بن فارس من البخاري فان المستملي أخذه عن بن فارس إجازة أيضا ثم روى المستملي ببغداد جميع الكتاب وسمعه منه كافة أهل العلم من أصحاب الحديث وكتبه عنه أبو الحسن الدارقطني وغيره بكماله وقرىء عليه ما في آخره إجازة عن بن فارس عن إجازة البخاري له ذلك وقرأت بخط أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الحافظ المعروف بابن عقدة إجازة قد كتبها لأبي محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي الحافظ المعروف بابن السقاء نسختها بسم الله الرحمن الرحيم من أحمد بن محمد بن سعيد الى أبي محمد عبد الله بن محمد بن عثمان سلام عليك فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد وعلى آله أما بعد فان أحمد بن عبد الله بن آدم سألني ان أجيز لك ما سمعه من حديثي وما صح عندك من حديثي وقد أجزت ذلك لك وكلما أجيز لي أو قول قلته أو شيء قرأته في كتاب وكتبت إليك بذلك فاروه عن كتابي ان أحببت ذلك وكتب أحمد بن محمد بن سعيد بخطه في شوال سنة خمس وعشرين وثلثمائة

ذكر الخبر عمن نظم الإجازة شعرا
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال سمعت أبا أحمد الغطريفي يقول سمعت عمران بن موسى السختياني يقول كتبت الى أحمد بن المقدام بأحاديث وكتبت في آخر الكتاب شعرا ... كتابي اليكم فافهموه فإنه ... رسول اليكم والكتاب رسول ... ... فهذا سماعي من رجال لقيتهم ... لهم ورع في دينهم وعقول ... ... فإن شئتم فارووه عني فانما ... يقولون ما قد قلته وأقول ... ... ألا فاحذروا التصحيف فيه فإنما ... يحول من تصحيفه المعقول ... كذا رواه لنا أبو نعيم على فساد الشعر وقد حدثني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال ثنا أحمد بن إبراهيم يعني بن شاذان قال ثنا حبشون الخلال قال ثنا عمر بن الحسن بطريق مكة قال سألت أبا الأشعث أحمد بن المقدام العجلي ان يجيز لبعض إخوانه شيئا من حديثه قال فكتب إليهم على ظهر الكتاب ... كتابي اليكم فافهموه فإنه ... رسول اليكم والكتاب رسول

فهذا سماعي من رجال لقيتهم ... لهم ورع مع فهمهم وعقول ... ... سماعي الا فاحكوه عني فانكم ... تقولون ما قد قلته وأقول ... ... الا فاحذورا التصحيف فيه فربما ... تغير عن تصحيفه فيحول ... حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن جعفر الوفراوندي بالكرج قال أنشدنا الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري الثقفي قال أنشدنا أبو علي الحسين بن محمد المقرى قال أنشدني أبو بكر بن مجاهد قال أنشدني محمد بن الجهم السمري ... أتاني أناس يسألون إجازة ... كتاب المعاني والعجول مغفل ... ... فقلت لهم فيه من النحو غامض ... وهمز وإدغام خفي ومشكل ... ... وما فيه جمع الساكنين كليهما ... ونبر إليه قد يشار وينقل ... ... ولا يؤمن التحريف فيه بطوله ... وتصحيف اشباه بأخرى تبدل ... ... وأكره فيما قد سألتم غروركم ... ولست بما عندي من العلم أبخل ... ... فمن يروه فليروه بصوابه ... كما قاله الفراء فالصدق أجمل ... أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال ثنا أحمد بن إسحاق قال انا أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد القاضي قال كتب الي بعض وزراء الملوك يسألني إجازة كتاب الفته فكتبت الكتاب اليه ووقعت عليه ... يا أبا القاسم الكريم المحيا ... زانك الله بالتقى والرشاد ... ... وتولاك بالكفاية والعز ... وطول البقاء والاسعاد ... ... ارو عني هذا الكتاب فقد هذبت ... ما قد حواه من مستفاد ... ... وشكلت الحروف منه فقامت ... لك بالشكل في نظام السداد ... ... جاء مستخلصا لسبك المعاني ... كالدنانير من يد النقاد ... ... نظم شعر ونثر قول يروقان ... كنور الرياض غب العماد ... ... لا يعنيك بالهجاء ولا يشكل ... في الخط بين صاد وضاد ... ... وكأن السطو منه سموط ... بل عقود يلحن في أجياد ... ... فتحفظ ما فيه من ملح الآداب ... واضبط طرائق الإسناد ... ... واحذر اللحن في الرواية والتحريف ... فيها والكسر في الإنشاد ... ... والقياس الجلي يوجدك الإخبار ... في نشره على الأفراد

باب القول في الرواية عن الوصية بالكتب
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال ثنا أيوب قال أوصى لي أبو قلابة بكتب فأتيت بها من الشام فأعطيت كراءها بضعة عشر درهما أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال ثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد قال مات أبو قلابة بالشام فأوضى بكتبه لأيوب فأرسل أيوب فجيء بها عدل راحلة قال أيوب فلما جاءني قلت لمحمد جاءني كتب بن قلابة فأحدث منها قال نعم ثم قال لا آمرك ولا أنهاك أخبرنا بن رزق قال انا إسماعيل بن علي الخطبي وأبو علي بن الصواف وأحمد بن جعفر بن حمدان قالوا ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا عفان قال ثنا حماد عن أيوب قال قلت لمحمد ما ترى في كتب أبي قلابة قد جاءت ارويها قال نعم قال ثم قال بعد ذلك لا آمرك ولا أنهاك قلت يقال أن أيوب كان قد سمع تلك الكتب غير أنه لم يحفظها فلذلك استفتى محمد بن سيرين عن التحديث منها ولا فرق بين ان يوصى العالم لرجل بكتبه وبين ان يشتريها ذلك الرجل بعد موته في انه لا يجوز له الرواية منها الا على سبيل الوجادة وعلى ذلك أدركنا كافة أهل العلم اللهم الا ان يكون تقدمت من العالم إجازة لهذا الذي صارت الكتب له بأن يروي عنه ما يصح عنده من سماعاته فيجوز أن يقول فيما يرويه من الكتب أخبرنا أو حدثنا على مذهب من أجاز أن يقال ذلك في أحاديث الإجازة مع انه قد كره الرواية عن الصحف التي ليست مسموعة غير واحد من السلف أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال أنا أحمد بن محمود قراءة ثنا محمد بن أبي هارون قال ثنا أحمد بن نصر قال ثنا محمد بن مخلد الحمصي قال ثنا سويد عن حصين بن عبد الرحمن عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا وجد أحدكم كتابا فيه علم لم يسمعه من عالم فليدع بإناء وماء فلينقعه فيه حتى يختلط سواده مع بياضه أخبرنا محمد قال ثنا صالح قال ثنا أبو علي الحسن بن يزيد الدقيقي قال ثنا عمر بن جعفر الطبري قال ثنا عبد الرحمن بن موسى قال ثنا الخليل بن سعيد قال ثنا سليمان بن عيسى عن بن عون قال قلت لابن سيرين ما تقول في رجل يجد الكتاب يقرؤه أو ينظر فيه قال لا حتى يسمعه من ثقة أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا محمد بن أبي عمر قال ثنا سفيان قال سمعت عاصما يقول أردت أن اضع عند بن سيرين كتابا من كتب العلم فأبى ان يقبل وقال لا يبيت عندي كتاب أخبرنا بن الفضل قال انا دعلج بن أحمد قال أنا أحمد بن علي الأبار قال حدثني أبو عمار يعني الحسين بن حريث قال سمعت وكيعا يقول لا ينظر في كتاب لم يسمعه لا يأمن ان يعلق قلبه منه وأجاز جماعة الرواية عن الوجادة في الكتب

ذكر بعض أخبار من كان من المتقدمين يروي عن الصحف وجادة ما ليس بسماع له
ولا إجازة )
أخبرنا الحسن بن أبي بكر بن شاذان قال أنا أحمد بن سلمان النجاد الفقيه قال ثنا إسماعيل بن إسحاق قال ثنا إسحاق بن محمد الفروي قال ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن

بن عمر أنه وجد في قائم سيف عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة فإذا كانت خمسا ففيها شاة وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض وذكر الحديث بطوله أخبرنا محمد بن الحسين قال أنا عبد الله بن جعفر قال أنا يعقوب بن سفيان قال حدثني أبو بكر الحميدي قال ثنا سفيان قال ثنا مساور يعني الوراق عن أخيه سيار قال قيل للحسن يا أبا سعيد عمن هذه الأحاديث التي تحدثنا قال صحيفة وجدناها أخبرنا بن رزق قال أخبرنا عثمان بن أحمد قال ثنا حنبل بن إسحاق قال ثنا علي يعني بن المديني قال سمعت يحيى هو بن سعيد يقول قال التيمي ذهبوا بصحيفة جابر الى الحسن فرواها أو قال فأخذها وأتوني بها فلم أروها قلت ليحيى سمعت هذا من التيمي فقال برأسه أي نعم أخبرني بن الفضل قال أنا دعلج قال أنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا الحسن يعني بن علي الحلواني قال ثنا عفان قال قال لي همام ين يحيى قدمت أم سليمان اليشكري بكتاب سليمان فقرىء على ثابت وقتادة وأبي بشر والحسن ومطرف فرووها كلها وأما ثابت فروى منها حديثا واحدا أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا علي بن عبد الله المديني قال قال يحيى رأيت في كتاب عندي عتيق لسفيان حدثني عبد الله بن ذكوان أبو الزناد قال حدثني بن سعيد قال حدثني أبو صالح مولى السفاح حديث زيد عجل لي وأضع لك قال هذا يحيى من أجل توصيل إسناده حدثني قال حدثني أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري قال انا عمر بن أحمد الواعظ قال ثنا محمد بن جعفر العسكري قال ثنا جعفر بن أبي عثمان قال سمعت علي بن المديني يقول وائل بن داود لم يسمع من ابنه انما كانت له صحيفة في بيته أخبرنا محمد بن عبد الواحد الأكبر قال أنا محمد بن العباس الخزاز قال ثنا أحمد بن سعيد السوسي قال ثنا العباس بن محمد قال سمعت يحيى بن معين يقول ثنا وكيع قال سمعت شعبة يقول حديث أبي سفيان عن جابر انما هي صحيفة أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال انا أبو مسلم بن مهران قال أنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال سألت أبا علي صالح بن مسلم البغدادي عن عمرو بن شعيب فقال ثقة ولكن أحاديثه لا أدري كيف هي وأحاديثه صحيفة ورثوها أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي قال أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال ثنا جدي قال سمعت سليمان بن حرب ح وأخبرني عبد الله بن يحيى السكري قال انا محمد بن عبد الله الشافعي قال ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر قال ثنا بن الغلابي واللفظ لحديثه قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد عن قبيصة بن مروان بن المهلب عن أبي عمران الجوني قال كنا نسمع بالصحيفة فيها علم فننتابها كما ينتاب الرجل الفقيه حتى قدم علينا ههنا آل الزبير ومعهم قوم فقهاء أخبرنا بن الفضل قال أنا دعلج أنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا أبو عبد الله بن أخي بن وهب قال ثنا عمي قال ثنا حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب قال أودعني فلان كتابا أو كلمة تشبه هذه فوجدت فيه عن الأعرج قال وكان يحدثنا بأشياء مما في الكتاب ولا يقول أخبرنا ولا ثنا

باب الكلام في التدليس وأحكامه
التدليس للحديث مكروه عند أكثر أهل العلم وقد عظم بعضهم الشأن في ذمه وتبجح بعضهم بالبراءة منه فمما حفظنا عمن كان يكرهه ويذمه ما أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال أنا علي بن محمد بن أحمد المصري قال ثنا عمر بن عبد العزيز بن مقلاص قال سمعت أبي يقول سمعت الشافعي يقول قال شعبة بن الحجاج التدليس أخو الكذب أخبرنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علان الوراق قال أنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي قال ثنا الحسن بن علي قال ثنا بندار قال ثنا غندر قال سمعت شعبة يقول

التدليس في الحديث أشد من الزنا ولأن أسقط من السماء أحب الي من ان ادلس أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال أنا الحسين بن إدريس قال ثنا بن عمار قال سمعت المعافى يقول سمعت شعبة يقول لأن أزني أحب الي من ادلس فقلت له يا أبا مسعود ما تقول أنت في التدليس قال أدنى ما فيه التزين أخبرني أبو القاسم الأزهري قال ثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال ثنا جدي قال سمعت سليمان بن حرب يقول سمعت جرير بن حازم يقول وذكر التدليس والمدلسين فعابه وقال أدنى ما يكون فيه انه يرى الناس انه سمع ما لم يسمع وقال ثنا جدي قال سمعت الحسن بن علي يقول سمعت أبا أسامة يقول خرب الله بيوت المدلسين ما هم عندي الا كذابون أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سليمان الأصبهاني المؤدب قال أنا أبو بكر بن المقرى قال ثنا علي بن محمد الرقي قال ثنا الميموني قال ثنا خالد بن خداش قال قال سمعت حماد بن زيد يقول التدليس كذب ثم ذكر حديث النبي صلى الله عليه و سلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور قال حماد ولا أعلم المدلس الا متشبعا بما لم يعط حدثني عبيد الله بن أبي الفتح قال ثنا أحمد بن محمد بن عمران قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا أبو الربيع الزهراني قال كان بن المبارك يقول لأن نخر من السماء أحب الي من أن ندلس حديثا أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال لنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني عبد الله بن محمد الفرهياني قال سمعت هاشم بن زهير أخا الفياض قال كان وكيع ربما قال في الحديث حدثنا وربما لم يقل قال فقلنا لجار لنا يقال له أبو الوفاء كان لا يحسن شيئا سله لم يقول في بعضه حدثنا ولا يقول في بعضه قال فتقدم اليه فسأله قال فقال له وكيع أما وجد القوم خطيبا غيرك نحن لا نستحل

التدليس في الثياب فكيف في الحديث أخبرنا أبو سعد الماليني قال أنا عبد الله بن عدي الحافظ قال سمعت عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم امام مسجد أبي خليفة يقول سمعت محمد بن موسى السواق يقول قال بن الشاذكوني لما حضرته الوفاة اللهم ما اعتذرت فاني لا أعتذر أني قذفت محصنة ولا دلست حديثا قال عبد الرحمن وذكر خصلة أخرى فنسيتها أخبرني الحسن بن أبي طالب قال أنا أحمد بن محمد بن عمران قال ثنا أحمد بن محمد بن أبي حامد صاحب بيت المال قال سمعت عباسا الدوري يقول حدثني بعض أصحابنا قال قال عبد الرزاق قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث فمضيت وطفت وتعلقت بأستار الكعبة وقلت يا رب مالي أكذاب أنا أمدلس انا قال فرجعت الى البيت فجاؤني قال أبو بكر الخطيب والتدليس على ضربين قد أفردنا في ذكر كل واحد منهما بشرحه وبيانه كتابا الا انا نورد في هذا الكتاب شيئا منه إذ قد كان مقتضيا له الضرب الأول تدليس الحديث الذي لم يسمعه الراوي ممن دلسه عنه بروايته إياه على وجه يوهم انه سمعه منه ويعدل عن البيان بذلك ولو بين انه لم يسمعه من الشيخ الذي دلسه عنه فكشف ذلك لصار ببيانه مرسلا للحديث غير مدلس فيه لأن الإرسال للحديث ليس بإيهام من المرسل كونه سامعا ممن لم يسمع منه وملاقيا لمن لم يلقه الا ان التدليس الذي ذكرناه متضمن للإرسال لا محالة من حيث كان المدلس ممسكا عن ذكر من بينه وبين من دلس عنه وإنما يفارق حاله حال المرسل بإيهامه السماع ممن لم يسمع منه فقط وهو الموهن لأمره فوجب كون هذا التدليس متضمنا للإرسال والإرسال لا يتضمن التدليس لأنه لا يقتضي إيهام السماع ممن لم يسمع منه ولهذا المعنى لم يذم العلماء من أرسل الحديث وذموا من دلسه والتدليس يشتمل على ثلاثة أحوال تقتضي ذم المدلس وتوهينه فأحدها ما ذكرناه من ايهامه السماع ممن لم يسمع منه وذلك مقارب الأخبار بالسماع ممن لم يسمع منه والثانية عدوله عن الكشف الى الإحتمال وذلك خلاف موجب الورع والأمانة والثالثة ان المدلس انما لم يبين من بينه وبين من روى عنه لعلمه بأنه لو ذكره لم يكن مرضيا مقبولا عند أهل النقل فلذلك عدل عن ذكره وفيه أيضا أنه إنما لا يذكر من بينه وبين من دلس عنه طلبا لتوهيم علو الإسناد والأنفة من الرواية عمن حدثه وذلك خلاف موجب العدالة ومقتضى الديانة من التواضع في طلب العلم وترك الحمية في الإخبار بأخذ العلم عمن أخذه والمرسل المبين بريء من جميع ذلك

ذكر شيء من أخبار بعض المدلسين
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال لم يسمع سعيد بن أبي عروبة من الحكم بن عتيبة شيئا ولا من حماد ولا من عمرو بن دينار ولا من هشام بن عروة ولا من إسماعيل بن أبي خالد ولا من عبيد الله بن عمر ولا من أبي بشر ولا من زيد بن أسلم ولا من أبي الزناد قال أبي وقد حدث عن هؤلاء كلهم ولم يسمع منهم شيئا أخبرنا علي بن محمد بن الحسن الحربي قال أنا عبد الله بن عثمان الصفار قال أنا محمد بن عمران بن موسى الصيرفي قال ثنا عبد الله بن علي بن المديني قال سألت أبي عن حديث رواه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن بن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عرضت على أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد قال بن جريج لم يسمع من المطلب بن عبد الله بن حنطب كان يأخذ أحاديثه عن بن أبي يحيى عنه أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه قال أنا الحسين بن إدريس

قال سمعت بن عمار يقول كان أبو معاوية إذا ذهب في حاجة أوصى من يترك عند الأعمش ان يتحفظ عليه ما يمر بعده قال فكان يجيء فيسأله عما مر بعده قال فجئت يوما فذكروا لي أنه ذكر عن مجاهد من إيجاب المغفرة اطعام المسلم السغبان قال فسألته عنه قال فقال أليس أنت حدثتني به عن هشام عن سعيد العلاف عن مجاهد قال فقلت له فحدثني به فحدثه به قال بن عمار فألقى الأعمش أبا معاوية وهشاما وسعيدا وقال مجاهد ثم قال بن عمار حدثنا أبو معاوية عن هشام بن حسان عن سعيد العلاف عن مجاهد قال من إيجاب المغفرة اطعام المسلم السغبان أخبرنا محمد بن يوسف القطان النيسابوري قال أنا محمد بن عبد الله الحافظ قال ثنا أبو الطيب محمد بن أحمد الكرابيسي قال ثنا إبراهيم بن محمد المروزي قال ثنا علي بن خشرم قال كنا عند سفيان بن عيينة في مجلسه فقال الزهري فقيل له حدثكم الزهري فسكت ثم قال الزهري فقيل له سمعته من الزهري فقال لا لم أسمعه من الزهري ولا ممن سمعه من الزهري حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري حدثني عبيد الله بن أبي الفتح قال أنا عمر بن محمد بن علي الناقد قال ثنا عبد الله بن ناجية قال ثنا أبو رفاعة عبد الله بن محمد بن حبيب القاضي قال ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال ثنا بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد بن علي قال كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا جاءه مال لم يبيته ولم يقيله قال فقال له رجل يا أبا محمد سماع من عمرو بن دينار قال دعه لا تفسده قال يا أبا محمد سماع من عمرو بن دينار قال ويحك لا تفسده بن جريج عن عمرو بن دينار قال يا أبا محمد سماع من بن جريج قال ويحك لم تفسده الضحاك بن مخلد أبو عاصم

عن بن جريج قال يا أبا محمد سماع من أبي عاصم قال ويحك لم تفسده حدثني علي بن المديني عن الضحاك بن مخلد عن بن جريج عن عمرو بن دينار قال بن عيينة تلوموني على علي بن المديني لما أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني أخبرني أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي قال أنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ ببخارا قال أنا علي بن محمد بن جعفر بن حرب الكناني السراج قال ثنا محمد بن علي بن الحسين البلخي قال ثنا أبو بكر محمد بن سعيد بن قتيبة بخاري الأصل قال ثنا محمد بن سهل بن طرخان يعرف بالكاتب قال ثنا محمد بن سلام البيكندي قال ثنا عبد الله بن المبارك قال قلت لشريك بن عبد الله النخعي تعرف أبا سعد البقال قال أي والله أعرفه عالي الإسناد أنا حدثته عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الندم توبة فتركني وترك عبد الكريم وترك زياد بن أبي مريم وحدث عن عبد الله بن معقل عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج بن أحمد قال أنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا أبو هشام قال ثنا يحيى بن آدم قال حدثت شابا من أهل الحديث عن سفيان عن مجالد عن الشعبي عن شريح قال لا يقضى على الغائب قال فسمعت هشام يذكره عن مجالد عن الشعبي قال فلقيت الشاب فقلت اربح الشاب حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي فقال الشاب هشيم والله عني عنك عن سفيان

عن مجالد عن الشعبي وقال الأبار ثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال سمعت الفضل يعني بن موسى يقول قيل لهشيم ما يحملك على هذا يعني التدليس قال انه أشهى شيء أخبرني أبو القاسم الأزهري قال ثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن قال ثنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثني أحمد بن زهير قال سمعت يحيى يقول الثوري أمير المؤمنين في الحديث وكان يدلس أخبرنا محمد بن جعفر بن علان قال أنا أبو الفتح محمد بن الحسين الحافظ قال ثنا الحسن بن علي قال ثنا محمد بن يحيى الأزدي قال سمعت يزيد بن هارون يقول قدمت الكوفة فما رأيت بها أحدا الا وهو يدلس الا مسعر بن كدام وشريكا وأخبار المدلسين تتسع وقد ذكرت اسماءهم وسقت كثيرا من رواياتهم المدلسة في كتاب التبيين لأسماء المدلسين فغنيت عن اعادتها في هذا الموضع وقال فريق من الفقهاء وأصحاب الحديث أن خبر المدلس غير مقبول لأجل ما قدمنا ذكره من أن التدليس يتضمن الإيهام لما لا أصل له وترك تسمية من لعله غير مرضي ولا ثقة وطلب توهم علو الإسناد وان لم يكن الأمر كذلك وقال خلق كثير من أهل العلم خبر المدلس مقبول لأنهم لم يجعلوه بمثابة الكذاب ولم يروا التدليس ناقضا لعدالته وذهب الى ذلك جمهور من قبل المراسيل من الأحاديث وزعموا أن نهاية أمره أن يكون التدليس ليس بمعنى الإرسال وقال بعض أهل العلم إذا دلس المحدث عمن لم يسمع منه ولم يلقه وكان ذلك الغالب على حديثه لم تقبل رواياته وأما إذا كان تدليسه عمن قد لقيه وسمع منه فيدلس عنه رواية مال يسمعه منه فذلك مقبول بشرط أن يكون الذي يدلس عنه ثقة وقال آخرون خبر المدلس لا يقبل الا أن يورده على وجه مبين غير محتمل للإيهام فان أورده على ذلك قبل وهذا هو الصحيح عندنا وسنذكر كيفية اللفظ الذي يزيل عنه الإيهام فيما بعد إن شاء الله تعالى أخبرني أبو بكر أحمد بن سليمان بن علي المقرى الواسطي قال ثنا عبد الرحمن بن

عمر الخلال قال ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال ثنا جدي قال التدليس جماعة من المحدثين لا يرون به بأسا وكرهه جماعة منهم ونحن نكرهه ومن رأى التدليس منهم فانما يجوزه عن الرجل الذي قد سمع منه ويسمع من غيره عنه ما لم يسمعه منه فيدلسه يرى انه قد سمعه منه ولا يكون ذلك أيضا عندهم الا عن ثقة فاما من دلس عن غير ثقة وعمن لم يسمع هو منه فقد جاوز حد التدليس الذي رخص فيه من رخص من العلماء أخبرنا محمد بن جعفر بن علان الوراق قال قال لنا أبو الفتح الأزدي الحافظ قد كره أهل العلم بالحديث مثل شعبة وغيره التدليس في الحديث وهو قبيح ومهانة والتدليس على ضربين فان كان تدليسا عن ثقة لم يحتج ان يوقف على شيء وقبل منه ومن كان يدلس عن غير ثقة لم يقبل منه الحديث إذا أرسله حتى يقول حدثني فلان أو سمعت فنحن نقبل تدليس بن عيينة ونظرائه لأنه يحيل على ملىء ثقة ولا نقبل من الأعمش تدليسه لأنه يحيل على غير ملىء والأعمش إذا سألته عمن هذا قال عن موسى بن طريف وعباية بن ربعي وابن عيينة إذا وقفته قال عن بن جريج ومعمر ونظرائهما فهذا الفرق بين التدليسين حدثني أبو القاسم الأزهري قال ثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال ثنا جدي قال سألت يحيى بن معين عن التدليس فكرهه وعابه قلت له أفيكون المدلس حجة فيما روى أو حتى يقول حدثنا وأخبرنا فقال لا يكون حجة فيما دلس وقال حدث سألت علي بن المديني عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل حدثنا قال إذا كان الغالب عليه التدليس فلا حتى يقول حدثنا قال علي والناس يحتاجون في حديث سفيان الى يحيى القطان لحال الأخبار يعني علي أن سفيان كان يدلس وأن يحيى القطان كان يوقفه على ما سمع مما لم يسمع قلت اللفظ الذي يرتفع به الإيهام ويزول به الإشكال في رواية المدلس ان يقول سمعت فلانا يقول ويحدث ويخبر أو قال لي فلان أو ذكر لي أو حدثني وأخبرني من لفظه أو حدث وأنا أسمع أو قرئ عليه وأنا حاضر وما يجري مجرى

هذه الألفاظ مما لا يحتمل غير السماع وما كان بسبيله أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا عثمان بن أحمد قال ثنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله قال ثنا أبو داود قال قال شعبة كنت أعرف إذا حدثنا قتادة ما سمع مما لم يسمع كان إذا جاء ما سمع قال ثنا أنس وثنا الحسن وثنا مطرف وثنا سعيد وإذا جاء ما لم يسمع يقول قال سعيد بن جبير وقال أبو قلابة أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أنا دعلج قال أنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة قال كنت أنظر الى فم قتادة فإذا قال ثنا كتبت وإذا قال حدث لم أكتب أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال علي بن المديني قال قال يحيى بن سعيد لم أكن اهتم لسفيان أن يقول لمن فوقه قال سمعت فلانا ولكن كان يهمني أن يقول هو سمعت فلانا وحدثني فلان فإن قيل يجب أن لا تقبلوا قول المدلس أخبرني فلان لأن ذلك لفظ يستعمل في السماع وفي غيره فيقال أخبرني على معنى المناولة والإجازة والمكاتبة يقال لا يلزم هذا لأنا قد بينا فيما تقدم ان قول حدثني وأخبرني فلان لفظ موضوع ظاهره للمخاطبة وان استعمل ذلك فيما قرئ على المحدث والطالب يسمع وإنما يستعمل أخبرني في المناولة والإجازة والمكاتبة اتساعا ومجازا فان كان كذلك وجب حمل الكلام على ظاهره المفيد للسماع ورفع اللبس والإشكال على أن المدلس إذا قال أخبرني فلان وهو يرى استعمال ذلك جائزا في أحاديث الإجازة والمكاتبة والمناولة وجب أن يقبل خبره لان أقصى حاله أن يكون قوله أخبرني فلان انما هو إجازة مشافهة أو مكاتبة وكل ذلك مقبول فان قيل لم إذا عرف تدليسه في بعض حديثه وجب حمل جميع حديثه على ذلك مع جواز أن لا يكون كذلك قلنا لأن تدليسه الذي بان لنا صير ذلك هو

الظاهر من حاله كما أن من عرف بالكذب في حديث واحد صار الكذب هو الظاهر من حاله وسقط العمل بجميع أحاديثه مع جواز كونه صادقا في بعضها فكذلك حال من عرف بالتدليس ولو بحديث واحد فإن وافقه ثقة على روايته وجب العمل به لاجل رواية الثقة له خاصة دون غيره وربما لم يسقط المدلس اسم شيخه الذي حدثه لكنه يسقط ممن بعده في الإسناد رجلا يكون ضعيفا في الرواية أو صغير السن ويحسن الحديث بذلك وكان سليمان الأعمش وسفيان الثوري وبقية بن الوليد يفعلون مثل هذا أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا العباس بن محمد الدوري قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان الثوري يوما حديثا ترك فيه رجلا فقيل له يا أبا عبد الله فيه رجل قال هذا أسهل الطريق قرأت في كتاب أبي مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي أخبرنا محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار قال أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهويه عن بقية قال حدثني أبو وهب الأسدي قال ثنا نافع عن بن عمر قال لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه قال أبي هذا الحديث له علة قل من يفهمها روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم وعبيد الله بن عمرو وكنيته أبو وهب هو أسدي وكان بقية بن الوليد كنى عبيد الله ونسبه الى بني أسد لكيلا يفطن له حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي وكان بقية من افعل الناس لهذا واما ما قال إسحاق في روايته عن بقية عن أبي وهب حدثنا نافع فهو وهم غير أن وجهه عندي ان إسحاق لعله حفظ عن بقية هذا الحديث ولم يفطن لما عمل بقية من تركه إسحاق من الوسط وتكنيته عبيد الله بن عمرو فلم يفتقد لفظه بقية في قوله ثنا نافع أو عن نافع قال الخطيب وقول أبي حاتم كله في هذا

الحديث صحيح وقد روى الحديث عن بقية كما شرح قبل أن يغيره ويدلسه لإسحاق أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا الحسين بن علي التميمي قال ثنا محمد بن المسيب أبو عبد الله قال ثنا موسى بن سليمان قال ثنا بقية قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن نافع عن بن عمر قال قال النبي صلى الله عليه و سلم لا تعجبوا لإسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة عقله ويقال ان ما رواه مالك بن أنس عن ثور بن زيد عن بن عباس كان ثور يرويه عن عكرمة عن بن عباس وكان مالك يكره الرواية عن عكرمة فاسقط اسمه من الحديث وأرسله وهذا لا يجوز وان كان مالك يرى الاحتجاج بالمراسيل لأنه قد علم أن الحديث عمن ليس بحجة عنده وأما المرسل فهو أحسن حالة من هذا لأنه لم يثبت من حال من أرسل عنه انه ليس بحجة أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الاشناني بنيسابور قال سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول سمعت أبا سعيد عثمان بن سعيد الدارمي يقول سمعت يحيى بن معين وسئل عن الرجل يلقى الرجل الضعيف من بين ثقتين فيوصل الحديث ثقة عن ثقة ويقول أنقص من الحديث وأصل ثقة عن ثقة يحسن الحديث بذلك فقال لا يفعل لعل الحديث عن كذاب ليس بشيء فإذا هو قد حسنه وثبته ولكن يحدث به كما روى قال أبو سعيد كان الأعمش ربما فعل ذا وأما الضرب الثاني من التدليس هو أن يروي المحدث عن شيخ سمع منه حديثا فغير اسمه أو كنيته أو نسبه أو حاله المشهور من امره لئلا يعرف والعلة في فعله ذلك كون شيخه غير ثقة في اعتقاده أوفى أمانته أو يكون متأخر الوفاه قد شارك الراوي عنه جماعة دونه في السماع منه أو يكون أصغر من الراوي عنه سنا أو تكون أحاديثه التي عنده عنه كثيرة فلا يحب تكرار الرواية عنه يغير حاله لبعض هذه

الأمور وأنا أسوق من أخبار من كان يفعل ذلك بعض ما تيسر إن شاء الله تعالى أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أبي قال بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير فكان يكنيه بأبي سعيد فيقول قال أبو سعيد وكان هشيم يضعف حديث عطية قلت الكلبي يكنى أبا النضر وإنما غير عطية كنيته ليوهم الناس انه يروي عن أبي سعيد الخدري التفسير الذي كان يأخذه عنه أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال أنا أبو محمد علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري قال ثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال حدثني الزبير بن بكار قال حدثني رجل ثقة قال قال لي أبو الحسن المدائني أبو اليقظان هو سحيم بن حفص وسحيم لقب واسمه عامر بن حفص وكان لحفص بن يقال له محمد وكان أكبر أولاده فكنيته لنا به ولم يكن يكنى به وكان حفص أسود شديد السواد يعرف بالأسود قال لي أبو اليقظان سمتني أمي خمسة عشر يوما عبد الله فإذا قلت حدثنا أبو اليقظان فهو أبو اليقظان وإذا قلت سحيم بن حفص وعامر بن حفص وعامر بن أبي محمد وعامر بن الأسود وسحيم بن الأسود وعبد الله بن فائد وأبو إسحاق المالكي فهو أبو اليقظان حدثني القاضي أبو عبد الله الصيمري قال ثنا علي بن الحسن الرازي قال ثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال ثنا أحمد بن زهير قال سمعت يحيى بن معين يقول كان مروان بن معاوية يغير الأسماء يعني على الناس يحدثنا عن الحكم بن أبي خالد وإنما هو الحكم بن ظهير أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال ثنا يوسف بن أحمد بن يوسف الصيدلاني بمكة قال ثنا محمد بن عمرو بن موسى العقيلي قال محمد بن سعيد المصلوب يغيرون اسمه إذا حدثوا عنه فمروان الفزاري يقول محمد بن حسان ويقول أيضا محمد بن محمد بن أبي قيس ويقول محمد بن أبي زينب ويقول محمد بن أبي زكريا ويقول محمد

بن أبي الحسن وقال بن عجلان وعبد الرحيم بن سليمان محمد بن سعيد بن حسان بن قيس وبعضهم يقول عن أبي عبد الرحمن الشامي ولا يسميه ويقولون محمد بن حسان الطبري وهذا كله محمد بن سعيد المصلوب أخبرني علي بن أبي الحسين الدقاق قال قرأت على الحسين بن هارون الضبي عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال سمعت عبد الله بن أحمد بن سوادة أبا طالب يقول قلب أهل الشام اسم محمد بن سعيد الزنديق على مائة اسم وكذا وكذا اسما قد جمعتها في كتاب وهو الذي أفسد كثيرا من حديثهم قال أبو العباس بن سعيد محمد بن سعيد الأسدي أبو عبد الله الشامي ويقال أبو عبد الرحمن المصلوب في الزندقة وقال عبد الرحيم يعني بن سليمان محمد بن غانم قال أبو معاوية أبو قيس محمد بن عبد الرحمن وربما قال عبد الرحيم بن أبي قيس ويقال الربضي ويقال الطبري ويقال محمد بن حسان ويقال محمد بن عبد الرحمن روى عنه الثوري والحسن بن صالح وقال المقرى عن سعيد بن أبي أيوب عن بن عجلان عن محمد بن سعيد بن حسان بن قيس وهو هذا أخبرنا أبو بكر البرقاني قال ثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي قال ثنا أحمد بن طاهر الميانجي قال ثنا سعيد بن عمرو البرذعي قال قال أبو زرعة قلت لابن نمير شيخ يحدث عنه الحماني يقال له علي بن سويد فقال لم تفطن من هذا قلت لا قال هذا معلى بن هلال جعل الحماني معلى عليا ونسبه الى جده وهو معلى بن هلال بن سويد وقد أخبرنا بحديث الحماني عنه أبو الحسن محمد بن عمر بن عيسى البلدي قال أنا

أبو العباس أحمد بن إبراهيم الإمام ببلد قال ثنا علي بن حرب قال ثنا يحيى بن عبد الحميد قال ثنا علي بن سويد عن نفيع أبي داود عن جابر بن عبد الله قال قال النبي صلى الله عليه و سلم يغفر للمؤذن مد صوته ويشهد له يوم القيامة كل من سمع صوته من شجر أو حجر أو مدر أو بشر أو رطب أو يابس ويكتب له مثل أجر من صلى بأذانه وساق حديثا طويلا أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول سمعت العباس بن محمد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول حديث من مات مريضا مات شهيدا كان بن جريج يقول فيه إبراهيم بن أبي عطاء يكنى عن اسمه وهو إبراهيم بن أبي يحيى وكان قدريا رافضيا أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج بن أحمد قال أنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا بن أبي سكينة الحلبي قال سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يقول حكم الله بيني وبين مالك بن أنس هو سماني قدريا وأما بن جريج فإني حدثته من مات مرابطا مات شهيدا فحدث عني من مات مريضا مات شهيدا ونسبني الى جدي من قبل أمي إبراهيم بن أبي عطاء قلت هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي واسم أبي يحيى سمعان مولى عمرو بن عبد نهم ويقال ان بن جريج أيضا روى عنه فقال ثنا أبو الذئب وروى عنه محمد بن عمر الواقدي أحاديث كثيرة قال في بعضها ثنا أبو إسحاق بن محمد وقال في موضع آخر ثنا أبو إسحاق الأسلمي وفي موضع آخر أبو إسحاق بن أبي عبد الله وروى عنه عبد الرزاق بن همام فقال ثنا الأسلمي بن محمد وروى عنه سعيد بن سليمان بن سعيد الأسلمي شيخ ليعقوب بن محمد الزهري فقال حدثني أبو إسحاق بن سمعان وروى عنه مروان بن معاوية فسماه عبد الوهاب المغربي وقد ذكرنا روايات هؤلاء المذكورين عنه في كتابنا الموضح لاوهام الجمع والتفريق وذكرنا أيضا فيه روايات خلق كثير

عن قوم غيروا أسماءهم وأنسابهم المشهورة فمنهم محمد بن محمد بن سليمان الباغندي كان يروي عن يحيى بن أبي طالب فيقول ثنا عبد الله بن الزبرقان وعن محمد بن غالب التمتام فيقول ثنا عبد الله بن غالب التمار ومحمد بن المظفر الحافظ كان يروي عن أبي الحسين عمر بن الحسن الأشناني فيقول ثنا عبد الله بن الحسن الشيباني وعن عبد الباقي بن قانع القاضي فيقول ثنا عبد الله بن مرزوق وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري كان يروي عن محمد بن خلف بن المرزبان فيقول ثنا عبد الله بن خلف وأبو عبيد الله المرزباني كان يروي عن محمد بن يحيى الصولي فيقول ثنا أبو بكر الجرجاني والحارث بن أبي أسامة حدث عن أبي بكر بن أبي الدنيا المصنف وقال ثنا أبو بكر الأموي وقال في موضع آخر ثنا عبد الله بن عبيد وفي موضع آخر ثنا عبد الله بن سفيان الأموي وفي موضع آخر ثنا أبو بكر بن سفيان الكوفي وإبراهيم الحربي حدث عن علي بن داود القنطري فقال ثنا علي بن أبي سليمان وحدث الحارث بن أبي أسامة عن أخيه محمد فقال ثنا محمد بن أبي سليمان وحدث أبو معاوية الضرير عن الحسن بن عمارة فقال ثنا عبد الله بن عبد الرحمن شيخ كان في بجيلة وبكار بن بشر الفزاري حدث عن علي بن غراب فقال ثنا علي بن عبد العزيز وحدث عنه مروان بن معاوية فقال ثنا علي بن أبي الوليد وحدث أبو بكر بن مجاهد عن أبي بكر بن أبي داود السجستاني فقال ثنا عبد الله بن أبي عبد الله وحدث أيضا عن محمد بن الحسن بن زياد النقاش فقال ثنا محمد بن سند وروى أبو جعفر بن شاهين عن النقاش فقال ثنا محمد بن أبي سعيد الموصلي وحدث مروان بن معاوية الفزاري عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث

الفزاري فقال ثنا إبراهيم بن أبي حصن وحدث أبو بكر بن أبي الدنيا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري فقال ثنا إبراهيم بن أبي عثمان وفي موضع آخر فقال ثنا أبو إسحاق الجزري وحدث محمد بن محمد بن سليمان الباغندي عن إسحاق بن شاهين الواسطي فقال ثنا إسحاق بن أبي عمران وحدث عبد الله بن أحمد بن حنبل عن إسحاق بن منصور الكوسج فقال حدثنا إسحاق بن أبي عيسى وحدث أيضا عن زهير بن محمد بن قمير فقال ثنا زهير بن أبي زهير وعن الحكم بن موسى فقال ثنا الحكم بن أبي زهير وحدث يعقوب بن شيبة عن أحمد بن محمد بن حنبل فقال ثنا أحمد بن هلال وروى قيس بن الربيع عن أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي فقال ثنا عمير مولى عنبسة بن سعيد وروى عبد الله بن عمر المعروف بمشكدانه عن اسيد بن زيد الجمال عن عمرو بن شمر فقال ثنا أبو محمد مولى بني هاشم عن عمرو بن أبي عمرو وإستيفاء ما ورد في هذا المعنى يطول فمن أحب الوقوف عليه بكماله فلينظر في كتابنا الذي قدمنا ذكره حدثني العلاء بن حزم الأندلسي قال أنا محمد بن الحسين بن بقاء الهمذاني قال انا جدي عبد الغني بن سعيد الأزدي قال ثنا أبو بكر الذارع قال ثنا علان قال ثنا قبيطة قال ثنا أبو سعيد الحداد أحمد بن داود قال سمعت وكيعا يقول من كنى من يعرف بالاسم أو سمي من يعرف بالكنية فقد جهل العلم قال الخطيب وفي الجملة فان كان من روى عن شيخ شيئا سمعه منه وعدل عن تعريفه بما اشتهر من امره فخفى ذلك على سامعه لم يصح الاحتجاج بذلك الحديث للسامع لكون الذي حدث عنه في حاله ثابت الجهالة معدوم العدالة ومن كان هذا صفته فحديثه ساقط والعمل به غير لازم على الأصل الذي ذكرناه فيما تقدم والله أعلم

باب القول في الرجلين يشتركان في الاسم والنسب فتجيء الرواية عن أحدهما
من غير بيان وأحدهما عدل والآخر فاسق )
مثال ما ذكرناه ان إسماعيل بن أبان الغنوي شيخ كان بالكوفة غير ثقة وإسماعيل بن أبان الوراق كان بها أيضا ثابت العدالة وعصرهما متقارب وقد ذكرهما يحيى بن معين فقال فيما حدثني عبيد الله بن أبي الفتح قال ثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال ثنا عثمان بن إسماعيل السكري قال سمعت عباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول إسماعيل بن أبان الغنوي كذاب لا يكتب حديثه وإسماعيل بن أبان الوراق ثقة وكان يعقوب بن شيبة بن الصلت قد كتب عنهما جميعا فلو ورد حديث ليعقوب عن إسماعيل بن أبان لم يبين في الرواية أي الرجلين هو ولا عرف السامع ما تميز ذلك من جهة العلم بشيوخهما والإستدلال بروايتهما وجب التوقف فيه وترك العمل به لأنه لا يؤمن ان يكون رواية الغنوي الذي ثبت جرحه وقد بينا فيما سلف انه لا يجوز العمل بخبر من لا يعرف عدالته ولا يؤمن أن يكون مجروحا اللهم الا ان يكون يعقوب قد قال انما أخبركم عن الثقة العدل الذي له هذا الاسم والنسب ولا اروي لكم عن الآخر شيئا فأما إذا لم يبين ذلك بوجه من الوجوه ولا كان للسامع سبيل الى التمييز فلا سبيل الى العمل بالخبر لاجل ما ذكرناه ومما يضاهي أمر إسماعيل بن أبان أن في رواة الحديث اثنين يقال لكل واحد منهما إسماعيل بن مسلم وهما بصريان في طبقة واحدة وحدثا جميعا عن الحسن البصري نزل أحدهما مكة فنسب إليها وكنيته أبو ربيعة وكان متروك الحديث والآخر يكنى أبا محمد وهو ثقة وقد ذكرهما أيضا يحيى بن معين فقال فيما أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني قال سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول وسألته يعني يحيى بن معين عن إسماعيل بن مسلم المكي فقال ليس بشيء قلت فإسماعيل بن مسلم العبدي فقال ثقة ويميز بينهما بان المتروك يعرف بالمكي والآخر يعرف بالبصري والعبدي وبأن الضعيف يروي عنه سفيان الثوري ويزيد بن هارون وأبو عاصم النبيل والثقة يروي عنه يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وأبو نعيم فمن أشكل عليه أمرهما في حديث وروى له عن أحدهما فليميزه ببعض ما ذكرنا وإلا وجب عليه التوقف عن العمل بذلك الخبر حتى يتضح له

باب القول في الرجل يروي الحديث يتقن سماعه الا أنه لا يدري ممن سمعه
أخبرنا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال أنا محمد بن العباس الخزاز قال أنا إبراهيم بن محمد الكندي قال أنا أبو موسى محمد بن المثنى قال حدثني سهل يعني بن بكار قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد قال كنت أحدث الحسن بالحديث فأسمعه يحدث به فأقول من حدثك فيقول لا أدري الا أنه ثقة قال الخطيب قول على زيد كنت أحدث الحسن يعني انه كان يذاكره بالحديث فيرويه الحسن بعد ولعل الحسن قد كان تقدم سماعه إياه من بعض الرواة الا أنه لا يصح الاحتجاج بما هذه حاله لأن الراوي للحسن مجهول أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا عثمان بن أبي شيبة قال ثنا بن إدريس عن شعبة عن عبد الله بن صبيح عن محمد بن سيرين قال ثلاثة كانوا يصدقون من حدثهم أنس وأبو العالية والحسن البصري أراد بن سيرين انهم كانوا يأخذون الحديث عن كل أحد ولا يبحثون عن حاله لحسن ظنهم به وهذا الكلام قاله بن سيرين على سبيل التعجب منهم في فعلهم وكراهته لهم ذلك والله أعلم أخبرنا محمد بن الحسين قال أنا بن درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد عن بن عون عن محمد قال كان ههنا ثلاثة يصدقون كل من حدثهم قال سليمان كأنه كره ذلك منهم حدثني محمد بن عبيد الله المالكي انه قرأ على القاضي أبي بكر محمد بن الطيب قال ولا يقبل خبر من جهلت عينه وصفته لأنه حينئذ لا سبيل الى معرفة عدالته هذا قول كل من شرط العدالة ولم يقبل المرسل فأما من قال ان العدالة هي ظاهر الإسلام فإنه يقبل خبر من جهلت عينه لأنه لا يكون الا مسلما ويجب عليهم ان لا يقبلوا خبره حتى يعلموا مع إسلامه انه بريء من الفسق المسقط للعدالة ومع الجهل بعينه لا يؤمن ان يكون ممن أصاب فسقا إذا ذكر عرفوه به

فصل ولو قال الراوي حدثنا الثقة وهو يعرفه بعينه واسمه وصفته الا انه لم
يسمه لم يلزم السامع قبول ذلك الخبر )
لان شيخ الراوي مجهول عنده ووصفه إياه بالثقة غير معمول به ولا معتمد عليه في حق السامع لجواز أن يعرف إذا سماه الراوي بخلاف الثقة والأمانة

باب في قول الراوي حدثت عن فلان وقوله حدثنا شيخ لنا
لا يصح الاحتجاج بما كان على هذه الصفة لأن الذي يحدث عنه مجهول عند السامع وقد ذكرنا انه لو قال حدثنا الثقة ولم يسمه لم يلزم السامع قبول ذلك الخبر مع تزكية الراوي وتوثيقه لمن روى عنه فبان لا يلزم الخبر عن المجهول الذي لم يزكه الراوي أولى أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال قال عبد الله بن الزبير الحميدي وإن كان رجل معروفا بصحبة رجل والسماع منه مثل بن جريج عن عطاء أو هشام بن عروة عن أبيه وعمرو بن دينار عن عبيد بن عمير ومن كان مثل هؤلاء في ثقتهم ممن يكون الغالب عليه السماع ممن حدث عنه فأدرك عليه انه ادخل بينه وبين من حدث رجلا غير مسمى أو أسقطه ترك ذلك الحديث الذي أدرك عليه فيه انه لم يسمعه ولم يضره ذلك في غيره حتى يدرك عليه فيه مثل ما أدرك عليه في هذا فيكون مثل المقطوع قلت وقل من يروي عن شيخ فلا يسميه بل يكنى عنه الا لضعفه وسوء حاله مثل ما أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر قال ثنا الحسين بن عمر الضراب قال ثنا حامد بن محمد بن شعيب قال ثنا سريج بن يونس قال ثنا مروان بن معاوية قال أخبرني شيخ عن حميد بن هلال العدوي عن عبد الله بن مطرف قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم من أقل الناس غفلة وكان إذا أمسى يقول امسينا وأمسى الملك لله والعزة لله رب العالمين أسألك من خير هذه الليلة نورها وبركتها وطهورها وهداها ومعافاتها وإذا أصبح قال أصبحنا وأصبح الملك لله والحمدلله والعزة لله رب العالمين أسألك من خير هذا اليوم من نوره وبركته وطهوره وهداه ومعافاته وإذا رأى الهلال قال هلال خير الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وكذا وجاء بشهر كذا وكذا أسألك من خير هذا الشهر نوره وبركته وهداه وطهوره ومعافاته قال سريج قيل لمروان سم الشيخ قال قد أخذنا حاجتنا منه ونغطيه بهواه

باب الاحتجاج بخبر من عرفت عينه وعدالته وجهل اسمه ونسبه
أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي قال أنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا وكيع قال ثنا القاسم بن الفضل قال حدثني ثمامة بن حزن القشيري قال سألت عائشة عن النبيذ فقالت هذه خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم لجارية حبشية فاسألها فقالت كنت انبذ لرسول الله صلى الله عليه و سلم في سقاء عشاء فأوكيه عشاء فإذا أصبح شرب منه حدثني محمد بن عبيد الله المالكي عن القاضي أبي بكر محمد بن الطيب قال ومن جهل اسمه ونسبه وعرف انه عدل رضا وجب قبول خبره لأن الجهل باسمه لا يخل بالعلم بعدالته
باب في الراوي يقول ثنا فلان أو فلان هل يصح الاحتجاج بحديثه ذلك
ان كان كل واحد من الرجلين اللذين سماهما عدلا فان الحديث ثابت والإحتجاج به جائز لأنه قد عينهما وتحقيق سماع ذلك الحديث من أحدهما وكلاهما ثابت العدالة

ومثال ذلك ما أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي قال ثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن حمدان النيسابوري بخوارزم قال أملى علينا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي قال ثنا أبو صالح الفراء محبوب بن موسى قال أنا أبو إسحاق الفزاري قال ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء أو عن زيد بن وهب ان سويد بن غفلة الجعفي دخل على علي بن أبي طالب رضي الله عنه في امارته فقال يا أمير المؤمنين اني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما له أهل من الإسلام لأنهم يرون انك تضمر لهما على مثل ذلك وإنهم لم يجترئوا على ذلك الا وهم يرون ان ذلك موافق لك وذكر حديث خطبة علي وكلامه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهم وقوله في آخره ألا ولن يبلغني عن أحد يفضلني عليهما الا جلدته حد المفترى قال أبو عبد الله البوشنجي هذا الحديث الذي سقناه ورويناه من الأخبار الثابتة لأمانة حماله وثقة رجاله وإتقان آثريه وشهرتهم بالعلم في كل عصر من اعصارهم الى حيث بلغ من نقله الى الإمام الهادي علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى كأنك شاهد حول المنبر وعلي فوقه وليس مما يدخل إسناده وهم ولا ضعف لقول الراوي عن أبي الزعراء أو عن زيد بن وهب لما لعله نوهمه شكا فيه وليس مثل هذا الشك يوهن الخبر ولا يضعف به الأثر لأنه حكاه عن أحد الرجلين وكل منهما ثقة مأمون وبالعلم مشهور إنما لو كان الشك فيه ان يقول عن أبي الزعراء أو عن غيره كان الوهن يدخله إذ لا يعلم الغير من هو فأما إذا صرح الراوي وأفصح بالناقلين انه عن أحدهما فليس هذا بموضع ارتياب تفهموا رحمكم الله قال أبو بكر قد مثل أبو عبد الله البوشنجي الشك الذي يوهن الخبر بما أغنى عن كلامنا فيه وبمثابته بل أشد وهنا منه ان يكون شك الراوي في سماعه الحديث من زيد أو عمرو بعينهما واحدهما ثقة والآخر ثابت الجرح مثل ما أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا العباس بن الوليد قال أنا بن شعيب قال أخبرني روح بن جناح عن عبد الملك بن حسين النخعي انه أخبرهم عن قزعة أو عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري انه قال أصبنا سبي أوطاس وهو سبي حنين فاردنا أن نتمتع بهن وقد كان بأيدي الناس منهن سبايا فسألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فسكت ثم قال استبرئوهن بحيضة وإنما كان هذا أشد وهنا من الحديث الذي يعين فيه أحد الرجلين وهو ثقة ثم يقال أو غيره لأن الغير الذي لم يسم لا يعرف أهو عدل أم لا مع احتمال حاله الأمرين معا والحديث الذي ذكرناه آنفا سمي فيه رجلان أحدهما ثقة وهو قزعة والآخر ثابت الجرح وهو عطية فقد ارتفعت الجهالة بعدالته وثبت العلم بجرحه فحاله لا يحتمل الا الجرح وهو أسوأ حالا ممن احتمل الجرح وغيره

باب في المحدث يروي حديثا عن الرجلين أحدهما مجروح هل يجوز للطالب أن
يسقط اسم المجروح ويقتصر على حمل الحديث عن الثقة وحده )
مثال ذلك ما أخبرنا القاضي أبو بكر الحيري قال أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال أنا عبد الله بن وهب قال أخبرني بن لهيعة وابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم رمى جمرة العقبة أول يوم ضحى وهي واحدة وأما بعد ذلك فبعد زوال الشمس وهكذا لو كان الحديث عن الليث بن سعد وابن لهيعة أو عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة فان

بن لهيعة مجروح ومن عداه كلهم ثقة ولا يستحب للطالب ان يسقط المجروح ويجعل الحديث عن الثقة وحده خوفا من أي يكون في حديث المجروح ما ليس في حديث الثقة وربما كان الراوي قد أدخل أحد اللفظين في الآخر أو حمله عليه وقد سئل أحمد بن حنبل عن مثل هذا في الحديث يروى عن ثابت البناني وأبان بن أبي عياش عن أنس فقال فيه نحوا مما ذكرنا قرأت على إبراهيم بن عمر البرمكي عن عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الخلال قال أخبرني حرب بن إسماعيل أن أبا عبد الله قيل له فإذا كان الحديث عن ثابت وأبان عن أنس يجوز أن أسمي ثابتا وأترك أبانا قال لا لعل في حديث أبان شيئا ليس في حديث ثابت وقال ان كان هكذا فأحب أن يسميهما وكان مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما يسقط المجروح من الإسناد ويذكر الثقة ثم يقول وآخر كناية يكنى به عن المجروح وهذا القول لا فائدة فيه لأنه إن كان ذكر الآخر لاجل ما اعتللنا به فان خبر المجهول لا يتعلق به الأحكام وإثبات ذكره وإسقاطه سواء إذ ليس بمعروف وإن كان عول على معرفته هو به فلم ذكره بالكناية عنه وليس بمحل الأمانة عنده ولا أحسب الا استجاز إسقاط ذكره والإقتصار على الثقة لأن الظاهر اتفاق الروايتين على أن لفظ الحديث غير مختلف واحتاط مع ذلك بذكر الكناية عنه مع الثقة تورعا وان كان لا حاجة به اليه والله أعلم آخر الجزء الحادي عشر بسم الله الرحمن الرحيم رب زدني علما قال أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال

باب فيمن سمع حديثا من رجلين فحفظه عنهما واختلط عليه لفظ أحدهما بالآخر
انه لا يجوز افراد روايته عن أحدهما )
أخبرنا عبد العزيز بن علي الوراق قال أنا أبو بكر محمد بن أحمد قال ثنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد قال ثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري قال ثنا علي بن عبد الله بن جعفر قال ثنا سفيان قال سمعت من عبدة بن أبي لبابة وسمعته من عبد الملك بن عمير سمعاه من وراد كاتب المغيرة بن شعبة قال كتب معاوية الى المغيرة أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد قال سفيان مرة أي شيء كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا قضى صلاته قال كان يقول إذا قضى الصلاة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد قال سفيان سمعته من عبدة منذ تسع وستين سنة وسمعته من عبد الملك فاختلط على هذا من هذا واستحب لمن أصابه مثل هذا أن يبينه خوفا من أن يفرق الطالب روايته عنه في موضعين يفرده في كل واحد منهما عن أحد الشيخين ظنا منه أنهما اتفقا في روايته على لفظ واحد
باب القول فيمن روى حديثا ثم نسيه هل يجب العمل به أم لا
مثال ذلك ما أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال أنا الربيع بن سليمان قال أنا الشافعي قال أنا بن عيينة

عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن بن عباس قال كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم بالتكبير قال عمرو بن دينار ثم ذكرته لأبي معبد بعد فقال لم أحدثكه قال عمر وقد حدثنيه قال وكان من أصدق موالي بن عباس قال الشافعي كأنه نسيه بعد ما قد حدثه إياه أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال ثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش المتوثي قال ثنا علي بن مسلم الطوسي قال ثنا وهب يعني بن جرير قال أخبرنا شعبة قال سمعت عبد الرحمن بن القاسم قال كان زوج بريرة عبدا قال شعبة لقيته بواسط فسألته عنه فلم يعرفه وقد اختلف الناس في العمل بمثل هذا وشبهه فقال أهل الحديث وعامة الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وغيرهما وجمهور المتكلمين ان العمل به واجب إذا كان سامعه حافظا والناسي له بعد روايته عدلا وهو القول الصحيح وزعم المتأخرون من أصحاب أبي حنيفة انه لا يجب قبول الخبر على هذا السبيل ولا العمل به قالوا ولهذا لزم اطراح حديث الزهري في المرأة تنكح بغير اذن وليها وحديث سهيل بن أبي صالح في القضاء باليمين مع الشاهد لأنهما لم يعترفا به لما ذكراه واعتلوا لذلك بما سنذكره بعد إن شاء الله وقد أخبرنا بحديث الزهري أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا زياد بن أيوب أبو هاشم حدثنا إسماعيل بن علية قال ثنا بن جريج قال أخبرني سليمان بن موسى عن الزهري عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل فان أصابها فلها مهرها بما أصاب منها فان اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له وقال بن جريج فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه وقال زياد بن أيوب دلويه سقط علي في الحديث عروة لم أفهم من إسماعيل وعروة فيه ثابت وأما حديث سهيل فأخبرناه الحسن بن أبي بكر قال أنا أبو سهل بن زياد القطان

قال ثنا إسماعيل بن إسحاق قال ثنا يحيى الحماني قال ثنا عبد العزيز بن محمد وسليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قضى بشاهد ويمين قال عبد العزيز فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه والذي يدل على صحة ما ذهبنا اليه انه إذا كان راوي الخبر الذي نسيه عدلا والذي حفظه عنه عدلا فإنهما لم يحدثا الا بما سمعاه ولو احتملت حالهما غير ذلك لخرجا عن حكم العدالة وكان السهو والنسيان غير مأمون على الإنسان ولا يستحيل ان يحدثه وينسى انه قد حدثه وذلك غير قادح في أمانته ولا تكذيب لمن يري عنه ولهذا كان سهيل بعد أن نسي حديثه وذكره له ربيعة يقول حدثني ربيعة عني عن أبي ويسوق الحديث أخبرناه عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الواعظ قال ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي بمكة قال ثنا أبو يحيى بن أبي مسرة قال ثنا أحمد بن محمد الأزرق قال ثنا الدراوردي عن ربيعة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قضى باليمين مع الشاهد قال الدراوردي ثم أتيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فقال حدثني ربيعة عني عن أبي ثم ذكره لي وقد روى جماعة من أهل العلم أحاديث ثم نسوها وذكروا بها فكتبوها عمن حفظها عنهم وكانوا يروونها ويقول كل واحد منهم حدثني فلان عني عن فلان بكذا وكذا ويسوقون تلك الأحاديث وقد جمعناه في كتاب افردناه لها وهذا كله يدل على أنهم كانوا يجوزون نسيانهم تلك الاخبار وانه كان غير مستحيل عليهم فلا يوجبون لأجله رد خبر العدل ولا القدح فيه أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي قال ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال ثنا محمد بن جعفر الراشدي قال ثنا أبو بكر الأثرم قال قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل يضعف الحديث عندك بمثل هذا أن يحدث الرجل الثقة بالحديث عن الرجل

فيسأله عنه فينكره ولا يعرفه فقال لا ما يضعف عندي بهذا فقلت مثل حديث الولي ومثل حديث اليمين مع الشاهد فقال قد كان معتمر يروي عن أبيه عن نفسه عن عبيد الله بن عمر قلت لأبي عبد الله من روى هذا عن معتمر قال بعض أصحابنا بلغني عنه أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الداودي قال أنا علي بن عمر الحافظ قال ثنا محمد بن مخلد قال ثنا جعفر بن أحمد بن سام قال قلت لأبي عبد الله حبيش بن مبشر الفقيه حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم لا نكاح الا بولي قال يحيى بن معين يصححه فان اشتجروا فان السلطان ولي من لا ولي له فقلت هذا من كلام عائشة فقال لا هذا من كلام النبي صلى الله عليه و سلم ولو لم يكن هذا الحديث ما كان السلطان ولي من لا ولي له عند الناس كلهم فقلت فابن جريج يقول سألت الزهري فلم يعرفه فقال نسي الزهري هذا الحديث كما نسي بن عمر حديث صلاة القنوت وكما نسي سمرة حديث العقيقة ولم يقل هذا عن الزهري غير بن عليه عن بن جريج كذا قال يحيى بن معين ويدل على صحة ما ذكرناه أيضا انه ليس من شرط العمل بالخبر ذكر راويه له وعلمه بأنه قد حدث به لأنه لو كان كذلك لم يجب العمل بخبر المريض والمغلوب على عقله والميت بعد روايته لأنه ليس أحد من هؤلاء يعلم انه روى ما يروى عنه فالسهو والنسيان دون هذه الأمور وأيضا فان أهل العلم كافة اتفقوا على العمل باللفظ الزائد في الحديث إذا قال راويه لا أحفظ هذه اللفظة وأحفظ اني رويت ما عداها وكذلك سبيل نسيانه لرواية جميع الحديث لأنه غير معصوم من النيسان والراوي عنه ضابط عدل فوجب قبول خبره فان قال المخالف قولنا في اللفظ الزائد كقولنا في جميع الحديث قيل هذا شيء لا نعلم أحدا قال به فركوبه باطل ولو جاز ركوب ذلك لوجب جواز مثله إذا قال الراوي لا أذكر أني رويت هذا الحديث على هذا الإعراب متى روى عنه باعراب يوجب حكما ولو اسقط لم يوجب ذلك الحكم فلا خلاف في أن نسيانه

لاعراب لفظ الخبر لا يوجب رد الخبر فان قال الفرق بين نسيان اللفظ من الحديث ونسيان اعرابه وبين نسيان الحديث بأسره ان مثل نسيان اللفظ والإعراب يجوز في العادة ولا يجوز نسيان الحديث بأسره قيل أي عادة في ذلك بل المعتاد كون ذلك اجمع على طريقة واحدة وإنما يختلف بأن نسيان جملة الحديث أقل من نسيان اللفظة منه وإذا كان الأمر كذلك ثبت ما قلناه أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي قال أنا عبد الله بن إسحاق البغوي قال ثنا أبو زيد بن طريف قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال سمعت أبا خالد الأحمر يقول سمعت الأعمش يقول سمعت من أبي صالح الف حديث ثم مرضت فنسيت بعضها أخبرنا بن الفضل قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا أبو بكر يعني الحميدي قال ثنا أبو معاوية الضرير قال ثنا سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى يوم تمور السماء مورا قال تدور دورا فسألنا سفيان عنه فقال لا أحفظه أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال أنا محمد بن العباس الخزاز قال أنا إبراهيم بن محمد الكندي قال ثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال سمعت رياح بن خالد يقول لسفيان بن عيينة في مسجد الحرام سنة إحدى وتسعين يا أبا محمد أبو معاوية يحدث عنك بشيء ليس تحفظه ووكيع يحدث عنك بشيء ليس تحفظه فقال صدقهم فاني كنت قبل اليوم أحفظ مني اليوم وقد اعتل المخالف بأن كمال العقل يمنع من نسيان جميع الحديث إذا ذكر أنه حدث به في مجلس كذا في موضع كذا في وقت كذا وهذا باطل لأن كل عاقل يعلم بمستقر العادة ان كامل العقل ينسي ما هو أكثر من ذلك فلا يعتبر بهذه الدعوى واعتل أيضا بأن الراوي إذا نسي الخبر ولم يذكر انه من سماه حرم عليه العمل بموجبه وعمل غيره تبع لعمله به فإذا حرم عليه ذلك حرم على غيره فيقال له ومن الذي يسلم لك ما ذكرته بل ما أنكرت من وجوب عمله إذا نسيه وأخبره به العدل عنه فان هذا هو الواجب عليه على ان ما ذكره لو كان صحيحا لوجب إذا حرم على العالم العمل بما كان أفتى العامي به إذا غلب على ظنه أن الحق في غير ما أفتاه أن يحرم على العامي العمل بما افتاه به وإذا حرم على الحاكم العمل بشهادة الواحد حرم على الشاهد اقامتها وذلك باطل فسقط ما قاله

باب الكلام في إرسال الحديث ومعناه وهل يجب العمل بالمرسل أم لا
لا خلاف بين أهل العلم ان إرسال الحديث الذي ليس بمدلس هو رواية الراوي عمن لم يعاصره أو لم يلقه نحو رواية سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومحمد بن المنكدر والحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتادة وغيرهم من التابعين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وبمثابته في غير التابعين نحو رواية بن جريج عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ورواية مالك بن أنس عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورواية حماد بن أبي سليمان عن علقمة فهذه كلها روايات ممن سمينا عمن لم يعاصروه وأما رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه فمثاله رواية الحجاج بن أرطاة وسفيان الثوري وشعبة عن الزهري وما كان نحو ذلك مما لم نذكره والحكم في الجميع عندنا واحد وكذلك الحكم فيمن أرسل حديثا عن شيخ لقيه الا انه لم يسمع ذلك الحديث منه وسمع ما عداه وقد اختلف العلماء في وجوب العمل بما هذه حاله فقال بعضهم انه مقبول ويجب العمل به إذا كان المرسل ثقة عدلا وهذا قول مالك وأهل المدينة وأبي حنيفة وأهل العراق وغيرهم وقال محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه وغيره من أهل العلم لا يجب العمل به وعلى ذلك أكثر الأئمة من حفاظ الحديث ونقاد الأثر واختلف مسقطوا العمل بالمرسل في قبول رواية الصحابي خبرا عن النبي

صلى الله عليه و سلم لم يسمعه منه مثل ما أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن محمد الأصبهاني الحافظ بنيسابور قال أنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان قال أنا عمران بن موسى بن مجاشع قال ثنا محمد بن خلاد قال ثنا معتمر عن أبيه قال حدثنا أنس قال ذكر لي ان النبي صلى الله عليه و سلم قال لمعاذ من لقي الله تعالى لا يشرك يعني به شيئا دخل الجنة فقال يا نبي الله أفلا أبشر الناس قال لا اني أتخوف ان يتكلوا فقال بعضهم لا تقبل مراسيل الصحابة لا للشك في عدالتهم ولا لأن فيهم من خرج عنها بجرم كان منه ولكن لأنه قد يروي الراوي منهم عن تابعي وعن أعرابي لا تعرف صحبته ولا عدالته فلذلك يجب العمل بترك مرسله ولو قال لست أروي لكم الا عن سماعي من الرسول الله صلى الله عليه و سلم أو من صحابي لوجب علينا قبول مرسله وقال آخرون مراسيل الصحابة كلهم مقبولة لكون جميعهم عدولا مرضيين وان الظاهر فيما أرسله الصحابي ولم يبين السماع فيه انه سمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم أو من صحابي سمعه عن النبي صلى الله عليه و سلم واما من روى منهم عن غير الصحابة فقد بين في روايته ممن سمعه وهو أيضا قليل نادر فلا اعتبار به وهذا هو الأشبه بالصواب عندنا لما أخبرنا محمد بن أبي عمرو الصوفي بنيسابور قال ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني الحافظ قال ثنا إبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن إسماعيل قالا ثنا أبو كريب قال ثنا إسحاق بن منصور قال ثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب يقول ليس كلنا سمع حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم كانت لنا ضيعة وأشغال وكان الناس لم يكونوا يكذبون يومئذ فيحدث الشاهد الغائب وأخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا يحيى بن جعفر قال أنا عبد الوهاب بن عطاء قال انا إسماعيل بن مسلم عن

الحسن عن أنس بن مالك انه قال ليس كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعناه منه ولكن حدثنا أصحابنا ونحن قوم لا يكذب بعضهم بعضا ومن القائلين بقبول المراسيل من يقدم ما أرسله الأئمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على مسند من ليس في درجتهم اعتلالا بأنهم لا يرسلون الا ما ظهر وبان واشتهر وحصل لهم العلم بصحته قال وانتشاره وظهوره أقوى من مسند الواحد ومن جرى مجراه ومنهم من يعمل بمراسيل كبار التابعين دون مراسيل من قصر عنهم ومنهم من يقبل مراسيل جميع التابعين إذا استووا في العدالة وكذلك مراسيل من بعد التابعين ومنهم من يقبل مراسيل من عرف منه النظر في أحوال شيوخه والتحري في الرواية عنهم دون من لم يعرف بذلك أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال سمعت جعفر بن عبد الواحد الهاشمي يقول لأحمد بن صالح قال يحيى بن سعيد مرسل الزهري شبه لا شيء فغضب أحمد وقال ما ليحيى ومعرفة علم الزهري ليس كما قال يحيى أخبرني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي قال أنا علي بن عمر الحافظ قال ثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل الضبي المحاملي قال ثنا أحمد بن عبد الله بن أبي عتاب قال ثنا أحمد بن أبي شريح الرازي قال سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي الذاب عن أهل السنة والمنكر على أهل البدعة يقول إرسال الزهري عندنا ليس بشيء وذلك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم أخبرنا محمد بن الحسين قال أنا بن درستويه قال ثنا يعقوب قال حدثني الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله وهو أحمد بن حنبل يقول مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها وليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح فإنهما ياخذان عن كل أحد وأخبرنا محمد بن الحسن قال انا بن درستويه قال ثنا يعقوب قال قال بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول مرسل مالك احب الي من مرسل سفيان

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال ثنا علي بن عبد الله بن المديني قال قال يحيى بن سعيد مرسلات مجاهد احب الي من مرسلات عطاء بكثير كان عطاء يأخذ عن كل ضرب وقال يحيى مرسلات بن أبي خالد ليس بشيء ومرسلات عمرو بن دينار احب الي قال يحيى وكان شعبة يضعف إبراهيم عن علي قال يحيى إبراهيم عن علي احب الي من مجاهد عن علي قال بن المديني وسمعته يقول أول ما طلبت في الحديث وقع في يدي كتاب فيه مرسلات عن أبي مجلز فجعلت لا اشتهيها وأنا يومئذ غلام وسمعته يقول مالك عن سعيد بن المسيب احب الي من سفيان عن إبراهيم قال وكل ضعيف قال وسمعته يقول سفيان عن إبراهيم شبه لا شيء لأنه لو كان فيه انسان صاح به وقال يحيى مرسلات سعيد بن جبير احب الي من مرسلات عطاء قلت ليحيى فمرسلات مجاهد قال سعيد احب الي قلت ليحيى فمرسلات مجاهد احب إليك أم مرسلات طاوس قال ما أقربهما وسمعت يحيى يقول مرسلات أبي إسحاق عندي شبه لا شيء والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير وقال يحيى مرسلات بن عيينة شبه الريح ثم قال يحيى أي والله وسفيان بن سعيد قلت ليحيى فمرسلات مالك بن أنس قال هي احب الي ثم قال يحيى ليس في القوم أصح حديثا من مالك قال الخطيب والذي نختاره من هذه الجملة سقوط فرض العمل بالمراسيل وان المرسل غير مقبول والذي يدل على ذلك ان إرسال الحديث يؤدي الى الجهل بعين راويه ويستحيل العلم بعدالته مع الجهل بعينه وقد بينا من قبل انه لا يجوز قبول الخبر الا ممن عرفت عدالته فوجب لذلك كونه غير مقبول وأيضا فان العدل لو سئل عمن أرسل عنه فلم يعد له لم يجب العمل بخبره إذا لم يكن معروف العدالة من جهة غيره وكذلك حاله إذا ابتدأ الإمساك عن ذكره وتعديله

لأنه مع الإمساك عن ذكره غير معدل له فوجب ان لا يقبل الخبر عنه فان قيل ليس الأمر على هذا لان إرسال الثقة تعديل منه لمن أرسل عنه وبمثابة نطقه بتزكيته قلنا هذا باطل من وجوه أولها انه قد علم من حال العدول انهم يمسكون عن تعديل الراوي وجرحه فإذا سئلوا عنه جرحوه تارة وعدلوه أخرى فعلم ان امساكهم عن الجرح ليس بتعديل وكذلك امساكهم عن التعديل ليس بجرح ويدل على ذلك أيضا انه لو ساغ ان يقال ان الإمساك عن الجرح تعديل لساغ ان يقال ان الإمساك عن التعديل جرح ويدل على فساد ذلك أيضا انه قد اتفق على أنه لا يقنع من المعدل للشهود إذا سئل عنهم بالإمساك عن جرحهم ولا يقنع في جرحهم بالإمساك عن تعديلهم دون إيراد لفظ يقع به ذلك ويدل على أن الإمساك عن المرسل عنه ليس بتعديل له انه قد يمكن ان يكون الممسك غير عالم بحاله من عدالة أو جرح فيمسك عن الامرين للجهل بهما وهذا مقتضى ظاهر الحال في الإمساك عن جرحه وتعديله فسقط ما قالوه وجميع ما ذكرناه يدل على فساد قول المخالف ان رواية العدل عمن أرسل عنه تعديل له ولأنه لو كان الأمر على ما ذكر لوجب إذا ترك المحدث الرواية عمن يعلم انه سمع منه مع علمه بثقته وذكره سماعه ان يكون ذلك جرحا ولما اتفق على فساد هذا وأنه قد يترك العدل الرواية عمن يعرف عدالته جاز وصح أيضا أن يروي عمن يعرف جرحه أو عمن لا يعرفه عدلا ولا مجروحا ولا أقل من هذه الرتبة فدل على صحة ما ذكرناه على انا لو سلمنا للمخالف ما ادعاه من ان رواية العدل عمن أرسل عنه ممسكا عن جرحه تعديل له وبمثابة لفظه بتزكيته وانه لم يرو عنه الا هو مرضي عنده لم يجب علينا تقليده في ذلك لأنه يجوز ان نعرفه بالفسق وما يبطل العدالة لو ذكره لنا وانما نقبل تعديله إذا ذكر لنا الذي أرسل عنه وعرفنا عينه

ولم نعرفه نحن ولا غيرنا بجرح يسقط العدالة فاما ان نقبل تعديل من لا نعرف عينه فذلك باطل فلو قال المرسل حدثني العدل الثقة عندي بكذا لم يقبل ذلك منه حتى يذكر اسمه فلعلنا أو غيرنا نعرفه عند تسميته بخلاف العدالة فإذا لم يقبل النطق بتزكية من لم يذكر عينه فان الإمساك عن جرحه اوهى وأضعف ويدل على ذلك أيضا ان شهادة شهود الفرع على شهادة شهود الأصل في الحقوق لا تكفي في تعديل شهود الأصل وكان يجب على ما ذكره المخالف ان تكفي لأن شهود الفرع إذا كانوا عدولا فلن يشهدوا عند الحاكم الا على شهادة عدول عندهم يجب الحكم بشهادتهم ولما اتفق على ان ذلك لا يكفي بل يجب ان يعينوا للحاكم شهود الأصل حتى يجتهد في عدالتهم لجواز أن يعرفهم الحاكم أو غيره بخلاف العدالة لزم مثله فيما ذكرناه فان قال فرق بين إرسال الخبر وبين الشهادة وهو أنه قد اقتصر في الخبر على أخبرنا فلان عن فلان عن فلان ولم يجز مثل ذلك في الشهادة فلما جاز ان يقبل خبر المخبر عمن يجوز أن يكون سمع منه ويجوز أن يكون حدث عنه ولم يقبل مثل ذلك في الشهادة وجب افتراق الحكم في وجوب ذكر شهود الأصل ومن أرسل الثقة عنه قلنا لا يجب ما قلت من وجوه أحدها انه لو وجب افتراقهما لوجب افتراقهما في وجوب معرفة كونهما عدلين حتى لا يجب تعديل المخبر عنه بلفظ ولا برواية عنه وترك جرح له وإن كان لا بد من تزكية الشاهد ولما لم يجب ذلك وكان من امسك عن ذكره مجهول العين والعدالة سقط ما ذكرت ولأن قول القائل المعاصر لغيره الذي قد علم لقاؤه له وسماعه منه حدثنا فلان عن فلان عن فلان قول ظاهر يقتضي ان شيخه الذي يحدث عنه قد سمع ممن بعده بلا واسطة فان جاز أن يقول ثنا فلان عن فلان وبينهما رجل لم يذكره غير أن ذلك يكون تجوزا وتوسعا وحذفا في الكلام وليس يجوز صرف الكلام عن ظاهره بغير دليل فوجب لذلك حمله على ظاهره وارسال

العدل عن غيره مع الإمساك عن ذكره ليس بجرح له ولا تعديل في جملة ولا تفصيل بل ظاهر الحال في ذلك انه لا يعرف حاله بشيء مما بيناه قبل فبان فساد قول المخالف وانما استجاز كتبة الحديث الإقتصار على العنعنة لكثرة تكررها ولحاجتهم الى كتب الأحاديث المجملة بإسناد واحد فتكرار القول من المحدث ثنا فلان عن سماعه من فلان يشق ويصعب لأنه لو قال أحدثكم عن سماعي من فلان وروى فلان عن سماعه من فلان وفلان عن سماعه من فلان حتى يأتي على أسماء جميع مسندي الخبر الى ان يرفع الى النبي صلى الله عليه و سلم وفي كل حديث يرد مثل ذلك الإسناد لطال وأضجر وربما كثر رجال الإسناد حتى يبلغوا عشرة وزيادة على ذلك وفيه اضرار بكتبة الحديث وخاصة المقلين منهم والحاملين لحديثهم في الأسفار ويذهب بذكر ما مثلناه مدة من الزمان فساغ لهم لأجل هذه الضرورة استعمال عن فلان وليس بالعلماء والحكام ضرورة في ترك تزكية الرواة والشهود بل ذلك فرضهم وسهل متأت منهم وإذا كان الأمر على ما ذكرناه وضح صحة ما ذهبنا اليه وفساد قول مخالفينا أخبرنا محمد بن الحسين انا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال سمعت عبد الرحمن بن إبراهيم دحيما قال ثنا الوليد قال كان الأوزاعي إذا حدثنا يقول ثنا يحيى قال ثنا فلان قال ثنا فلان حتى ينتهي قال الوليد فربما حدثت كما حدثني وربما قلت عن عن عن تخففنا من الاخبار أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال ثنا بشر بن موسى قال قال عبد الله بن الزبير الحميدي فان قال قائل فما الحجة في ترك الحديث المقطوع والذي يكون في إسناده رجل ساقط وأكثر من ذلك ولم يزل الناس يحدثون بالمقطوع وما كان في إسناده رجل ساقط وأكثر قال عبد الله قلت لان الموصول وإن لم يقل فيه سمعت حتى ينتهي الحديث الى النبي صلى الله عليه و سلم فإن ظاهره السامع المدرك حتى يتبين فيه غير ذلك

كظاهر الشاهد الذي يشهد على الأمر المدرك له فيكون ذلك عندي كما يشهد لإدراكه من شهد عليه وما شهد فيه حتى اعلم منه غير ذلك والمقطوع العلم يحيط بأنه لم يدرك من حدث عنه فلا يثبت عندي حديثه لما احطت به علما وذلك كشاهد شهد عندي على رجل لم يدركه انه تصدق بداره أو أعتق عبده فلا أجيز شهادته على من لم يدركه

باب ذكر ما احتج به من ذهب الى قبول المراسيل وايجاب العمل بها والرد
عليه )
قال بعض من احتج بصحة المراسيل لو كان حكم المتصل والمنقطع مختلفا لبينه علماء السلف ولألزموا أنفسهم التحفظ من رواية كل مرسل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وبينوا ذلك لأتباعهم بل كان المنقطع عند أهل النظر أبين حجة وأظهر قوة من المتصل فان من وصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بالإسناد إذا كان لما سمع مؤديا والى الأمة ما حمل مسلما وإذا قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كان للشهادة قاطعا ولصدق من رواه له ضامنا ولا يظن بثقة عدل ان يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الا لتلقيه خبرا متواطئا وهذا الكلام غير صحيح فاما قوله لو كان حكم المتصل والمنقطع مختلفا لبينه علماء السلف ولألزموا أنفسهم التحفظ من رواية كل مرسل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وبينوا ذلك لأتباعهم فانا نقول انهم قد بينوا اختلاف المتصل والمنقطع هذا بن شهاب الزهري يقول لإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ما أخبرنيه محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج بن أحمد قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا علي بن حجر عن عتبة بن أبي حكيم قال جلس إسحاق بن أبي فروة الى الزهري فجعل يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له الزهري ما لك قاتلك الله تحدث بأحاديث ليس لها أزمة وروى عن غير بن شهاب شبيه بهذا المعنى

أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني معاذ بن شعبة البصري قال ثنا معتمر عن كهمس عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال لو لقيت هذا يعني الحسن لنهيته عن قوله قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صحبت بن عمر ستة أشهر فلم اسمعه يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الا في حديث واحد أخبرنا بن الفضل قال ثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا عثمان يعني بن أبي شيبة قال ثنا جرير عن رجل عن عاصم الأحول عن بن سيرين قال لا تحدثني عن الحسن ولا عن أبي العالية بشيء فإنهما لا يباليان عمن أخذا الحديث حدثنا محمد بن يوسف النيسابوري الأعرج قال أنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ قال أنا علي بن حمشاذ العدل قال سمعت محمد بن شاذان يقول سمعت أحمد بن سعيد بن صخر يقول سمعت أبا إسحاق الطالقاني يقول سألت بن المبارك قلت الحديث الذي يروي من صلى عن أبويه فقال من رواه قلت شهاب بن خراش فقال ثقة عمن قلت عن الحجاج بن دينار فقال ثقة عمن فقلت عن النبي صلى الله عليه و سلم فقال ان ما بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه و سلم مفازة تنقطع فيها اعناق الإبل أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي حدثنا أبو حنيفة الواسطي قال سمعت أحمد بن الفرج يقول سمعت مالك بن إسماعيل النهدي يقول سمعت بن المبارك يقول طلب الإسناد المتصل من الدين وقد كان أحمد بن حنبل يختار الأحاديث الموقوفات عن الصحابة على المرسلات عن النبي صلى الله عليه و سلم لذلك حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال أنا أبو بكر الخلال قال أخبرني محمد بن موسى ان إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال قلت لأبي عبد الله حديث مرسل عن النبي صلى الله عليه و سلم برجال ثبت احب إليك أو حديث عن بعض الصحابة

والتابعين متصل برجال ثبت قال أبو عبد الله عن الصحابة اعجب الي أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا أبو عبيدة السري بن يحيى بن أخي هناد قال ثنا جعفر بن محمد بن عمار القاضي قال حدث بن السماك وسأله انسان عن إسناد حديث فقال هذا من المرسلات عرفا أخبرنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال ثنا عبد الرحمن بن حمدان قال ثنا هلال بن العلاء قال سمعت أبي يقول حمل أصحاب الحديث على بن عيينة يوما فصعد فوق غرفة فقال له أخوه تريد أن يتفرقوا عنك حدثهم بغير إسناد فقال انظروا الى هذا يأمرني ان اصعد فوق البيت بغير درجة قال صالح يعني ان الحديث بلا إسناد ليس بشيء وان الإسناد درج المتون به يوصل إليها أخبرني أبو بكر محمد بن المظفر الدينوري قال ثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال ثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال سمعت أحمد بن نصر المقرى يقول سمعت إبراهيم بن معدان يقول قال بن المبارك مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال ثنا أبو عيسى احمد بن يحيى بن محمد بن شاذان الجوهري قال ثنا جدي قال سألت علي بن المديني عن إسناد حديث سقط علي فقال تدري ما قال أبو سعيد الحداد قال الإسناد مثل الدرج ومثل المراقي فإذا زلت رجلك عن المرقاة سقطت والرأي مثل المرج أخبرني أبو القاسم الأزهري قال أنا عبيد الله بن محمد النوري قال ثنا محمد بن حمدويه المروزي ثنا أبو الموجه ح وأخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال ثنا إبراهيم بن محمد البخاري قال أنا أبو الموجه محمد بن عمرو بن الموجه قال أنا عبدان قال سمعت عبد الله هو بن المبارك يقول الإسناد عندي من الدين لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ولكن إذا قيل له من حدثك بقي

أخبرنا محمد بن عيسى قال ثنا صالح بن أحمد قال حدثني أبو أحمد القاسم بن أبي صالح قال ثنا إبراهيم بن الحسين قال ثنا محمد بن إسماعيل الجعفري قال حدثني عبد الله بن سلمة بن أسلم قال ما كنا نتهم أن أحدا يكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم متعمدا حتى جاءنا قوم من أهل المشرق فحدثوا عن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم الذين كانوا عندهم بأحاديث لا نعرفها فالتقيت انا ومالك بن أنس فقلت يا أبا عبد الله والله انه لينبغي لنا ان نعرف حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ممن هو وعمن أخذنا فقال صدقت يا أبا سلمة فكنت لا أقبل حديثا حتى يسند لي وتحفظ مالك بن أنس الحديث من ايامئذ فجئت عبد الله بن الحسن في السويقة فقال يا بن سلمة بن أسلم ما بلغني انك تحدث تقول حدثني فلان عن فلان قلت بلى خلط علينا شيعتكم من أهل العراق وجاؤونا بأحاديث عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فحدثته بعض ما حفظت فعجب له وقال أصبت يا بن أخي فزادني في ذلك رغبا أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان قال

انا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس قال ثنا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن حدثنا عبد الرحمن بن الحكم بن بشير قال حدثني أبي قال سمعت عمرو بن قيس يقول ينبغي لصاحب الحديث أن يكون مثل الصيرفي الذي ينقد الدراهم فان الدراهم فيها الزيف والبهرج وكذلك الحديث واما كتب أصحاب الحديث المراسيل والرواية لها فإنه على ضروب أحدها لاستعمال ما تضمنت من الأحكام عند من رأى قبولها ووجوب العمل بها مع اجماعهم على الفرق بينها وبين المسندات في الصحة والثبات ومنهم من يكتبها على معنى المعرفة لعلل المسندات بها لان في الرواة من يسند حديثا يرسله غيره ويكون الذي أرسله احفظ وأضبط فيجعل الحكم له وقد قال أحمد بن حنبل بمثل هذا فيما حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الخلال قال أخبرني الميموني قال تعجب الى أبو عبد الله ممن يكتب الإسناد ويدع المنقطع ثم قال وربما كان المنقطع أقوى إسنادا أو أكثر قلت بينه لي كيف قال يكتب الإسناد متصلا وهو ضعيف ويكون المنقطع أقوى إسنادا منه وهو يرفعه ثم يسنده وقد كتبه هو على انه متصل وهو يزعم انه لا يكتب الا ما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم معناه لو كتب الإسنادين جميعا عرف المتصل من المنقطع يعني ضعف ذا وقوة ذا

ومنهم من يكتبها مسندة ويرويها مرسلة على معنى المذاكرة والتنبيه ليطلب اسنادها المتصل ويسال عنه وربما ارسلوها اقتصارا وتقريبا على المتعلم لمعرفة أحكامها كما يفعل الفقهاء الآن في تدريسهم فإذا أريد الإستعمال احتيج الى بيان الإسناد ألا ترى الى عروة بن الزبير لما أنكر على عمر بن عبد العزيز تأخير الصلاة وأرسل له خبر أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه و سلم في صلاة جبريل استثبته عمر بن عبد العزيز لحاجته الى استعمال الخبر وقال له اعلم ما تقول يا عروة فأبان له إسناده ليقطع بذلك عذره وكان ابتداء عروة عمر بالخبر على سبيل المذاكرة والتنبيه ليسأل عمر عنه فلما احتيج الى استعماله استثبته عمر فيه فأسنده له أخبرنا بذلك أبو الحسن محمد بن عمر الحطراني قال ثنا أبو العباس عمرو بن هشام بن عمرو البلدي ببلد قال نا أبو محمد بكر بن سهل بن إسماعيل القرشي قال ثنا عبد الله بن يوسف التنيسي ح وأخبرنا بشري بن عبد الله الرومي قال أنا محمد بن بدر قال أنا بكر بن سهل قال ثنا عبد الله بن يوسف قال انا مالك عن بن شهاب ان عمر بن عبد العزيز اخر الصلاة يوما وهو بالكوفة فدخل عليه عروة بن الزبير فأخبره ان المغيرة بن شعبة اخر الصلاة يوما وهو بالكوفة فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت ان جبريل نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يذكر محمد بن بدر هذه الدفعة الأخيرة واتفقا فيما بعد ثم قال بهذا أمرت فقال عمر لعروة اعمل ما تحدث يا عروة أو أن جبرائيل هو أقام لرسول الله صلى الله عليه و سلم وقت الصلاة قال عروة كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه قال عروة ولقد حدثتني عائشة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلى العصر والشمس في حجرتها قبل ان تظهر

وقول المخالف ان المنقطع عند أهل النظر أبين حجة وأظهر قوة من المتصل دعوى باطلة لأن أهل العلم لم يختلفوا في صحة الاحتجاج بالمسانيد واختلفوا في المراسيل أو لو كان القول الذي قاله المخالف صحيحا لوجب ان تكون القصة بالعكس في ذلك وقد اختلف أئمة أهل الأثر في أصح الأسانيد وأرضاها وإليهم المرجع في ذلك وقولهم هو الحجة على من سواهم فكل قال على قدر اجتهاده وذكر ما هو الأولى عنده ونص على المسند دون المرسل فدل ذلك على تنافيهما واختلاف الأمر فيهما

ذكر المحفوظ عن أئمة أصحاب الحديث في أصح الأسانيد
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا أبو حامد بن جبلة الصائغ النيسابوري قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال سمعت محمد بن سهل بن عسكر قال سمعت سليمان بن حرب يقول أصح الأسانيد أيوب عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله عنه وأخبرنا أبو نعيم قال ثنا أبو حامد قال حدثنا السراج قال سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول سألت عبد الرزاق أي الإسناد أصح فقال الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي رضي الله تعالى عنه أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الواحد المروروذي قال ثنا محمد بن عبد الله بن نعيم الضبي بنيسابور قال سمعت أبا الوليد الفقيه غير مرة يقول سمعت محمد بن سليمان بن خالد الميداني يقول سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه أخبرنا أبو بكر البرقاني قال قرأت على محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي حدثكم أبو منصور يحيى بن أحمد بن زياد قال سألت يحيى بن معين قلت الافراد احب إليك أو التمتع أو القران قال الافراد وذكر إسناد عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة وقال ليس إسناد أثبت من هذا

وأخبرنا البرقاني قال قرأت على أبي العباس بن حمدان حدثكم أبو العباس السراج قال سمعت محمد بن إسماعيل يقول أصح الإسناد مالك عن نافع عن بن عمر أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن إسحاق السراج قال سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن أصح إسناد فقال مالك عن نافع عن بن عمر أخبرنا البرقاني قال قرأت على أبي العباس بن حمدان حدثكم تميم بن محمد قال ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي قال سمعت الفضيل بن عياض يقول منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مثل هذه السارية أخبرنا الحسن بن علي الطناجيري قال انا عمر بن أحمد الواعظ قال ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال ثنا الحسين بن محمد الطيالسي قال حدثني أبي قال سمعت محمد بن أبي خالد قال سمعت بن المبارك يقول إذا جاءك سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فكأنك تسمعه يعني من النبي صلى الله عليه و سلم أخبرني علي بن محمد بن الحسين الدقاق قال أنا علي بن الحسين بن هارون القاضي عن أبي العباس بن سعيد قال ثنا عبد الله بن محمد بن أحمد بن نوح البلخي قال سمعت أبي يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول ما اجمع الناس على شيء اجماعهم على هذا الإسناد سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال أنا أبو بكر الخلال قال أنا محمد بن زيد الهمذاني قال سمعت عبد الله بن حمدان الدينوري قال قال علي بن المديني لأصحابه تعالوا حتى نذكر إسنادا من يذكر إسنادا من اليوم الى النبي صلى الله عليه و سلم لم يختلف فيه قال قلنا أنت عن سفيان عن الزهري قال لا انا ولا سفيان ولا الزهري قلنا فمن ليس ندري قال ولكني أدري حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة أخبرني محمد بن محمد بن عبد الواحد قال ثنا محمد بن عبد الله بن نعيم النيسابوري قال أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الأصبهاني عن بعض شيوخه قال سمعت سليمان بن داود يقول أصح الأسانيد كلها يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن

أبي هريرة أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه قال انا الحسين بن إدريس قال قال بن عمار قال وكيع لا أعلم في الحديث شيئا أحسن إسنادا من هذا شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن أبي موسى فقلنا منصور عن إبراهيم وأيوب عن أبي سيرين ومالك عن نافع عن بن عمر فقال لم تصنعوا شيئا فقال يعني وكيع منصور كان يأخذ العطاء قال وشعبة لم يكن يرى السيف وعمرو بن مرة كذاك ومرة كذاك قال وعلقمة خرج مع علي والإسناد هو شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن أبي موسى الأشعري أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عبد العزيز بن جعفر البرذعي قال ثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن قال ثنا أبو جعفر أحمد بن إسماعيل بن عاصم المصري بمصر املاء قال سمعت عبيد بن رجال يقول سمعت بن بكير يقول لأبي زرعة الرازي يا أبا زرعة ليس ذا زعزعة عن زوبعة انما ترفع السنن تنظر الى النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه بين يديه ثنا مالك عن نافع عن بن عمر وقول المخالف ان المرسل للحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم قاطع للشهادة وضامن بصدق من حدثه غير صحيح لأنه قد يعني بقوله قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما روى له وقد يعتقد أيضا القطع على قول من روى له بوجه لا يوجب القطع ونحن غير متعبدين بتقليده في تحقيق القول بل يجب ان نسأله من أين علم ذلك هذا قولنا في تابعي الصحابة فأما من بعد التابعين وتابعي التابعين إذا قالوا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فالغلط إليهم فيما يستدلون به على قولهم أسرع فلا يجب تقليدهم وقد بينا فيما تقدم ان خلقا

من أهل العلم حدثوا عمن لا ترتضي أحوالهم وغيروا أسماءهم وأنسابهم تدليسا للرواية عنهم ومثل ذلك غير مأمون على المرسل وان يكون قصد إسقاط ذكر الذي أرسل عنه خوفا من ان لا يكتب حديثه إذا سماه لضعف روايته وسقوط عدالته أخبرنا أبو سعيد الحسين بن محمد بن عبد الله بن حسنويه الكاتب بأصبهان قال ثنا أبو جعفر أحمد بن جعفر بن أحمد بن معبد السمسار قال ثنا عمر بن أحمد بن السني قال ثنا محمد بن غالب أبو يحيى العطار ح وأخبرني القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال ثنا أبو القاسم عبد الله بن عتاب بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب العبدي قال أنا علي بن عبد الله بن مبشر قال ثنا أبو يحيى محمد بن سعيد العطار واللفظ لابن السني عن أبي يحيى قال نصر بن حماد الوراق قال كنا قعودا على باب شعبة نتذاكر قال فقلت حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر قال كنا نتناوب رعاية الإبل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فجئت ذات يوم والنبي صلى الله عليه و سلم جالس وحوله أصحابه فسمعته يقول من توضأ فأحسن الوضوء ثم دخل المسجد فصلى ركعتين واستغفر الله غفر الله له قال فقلت بخ بخ قال فجذبني رجل من خلفي فالتفت فإذا هو عمر بن الخطاب فقال الذي قال قبل أحسن قال من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قيل له ادخل من أي أبواب الجنة شئت قال فخرج الي شعبة فلطمني ثم دخل ثم خرج فقال ما له قعد يبكي فقال له عبد الله بن إدريس انك أسأت اليه فقال أما تنظر ما يحدث عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة انا قلت لأبي إسحاق من حدثك قال حدثني عبد الله بن عطاء عن عقبة قلت سمع عبد الله بن عطاء من عقبة قال فغضب ومسعر بن كدام حاضر فقال أغضبت الشيخ فقال مسعر عبد الله بن عطاء بمكة فرحلت الى مكة لم ارد الحج أردت الحديث فلقيت عبد الله بن عطاء فسألته فقال سعد بن إبراهيم حدثني فقال لي مالك بن أنيس سعيد بالمدينة لم يحج العام فرحلت الى المدينة فلقيت سعدا فقال الحديث

من عندكم زياد بن مخراق حدثني قال شعبة فقلت أيش هذا الحديث بينا هو كوفي إذ صار مدنيا إذ رجع الى البصرة قال أبو يحيى هذا الكلام أو نحوه قال فرجعت الى البصرة فلقيت زياد بن مخراق فسألته فقال ليس هو من بابتك قلت حدثني به قال لا تريده قلت حدثني به قال حدثني شهر بن حوشب عن أبي ريحانة عن عقبة قال شعبة فلما ذكر شهرا قلت دمر على هذا الحديث لو صح لي مثل هذا الحديث كان أحب الي من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن بكير المقرى قال أنا عثمان بن أحمد بن سمعان الرزاز قال ثنا هيثم بن خلف ح وأخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي واللفظ له قال ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد قال ثنا الهيثم بن خلف الدوري قال ثنا محمود بن غيلان قال سمعت المؤمل ذكر عنده الحديث الذي يروى عن أبي عن النبي صلى الله عليه و سلم في فضل القرآن فقال لقد حدثني رجل ثقة سماه قال حدثني رجل ثقة سماه قال أتيت المدائن فلقيت الرجل الذي يروي هذا الحديث فقلت له حدثني فاني أريد أن آتي البصرة فقال هذا الرجل الذي سمعناه منه هو بواسط في أصحاب القصب قال فأتيت واسطا فلقيت الشيخ فقلت اني كنت بالمدائن فدلني عليك الشيخ وإني أريد آتي البصرة قال ان هذا الذي سمعت منه هو بالكلاء فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكلاء فقلت له حدثني فاني أريد أن آتي عبادان فقال ان الشيخ الذي سمعناه منه هو بعبادان فأتيت عبادان فلقيت الشيخ فقلت له اتق الله ما حال هذا الحديث أتيت المدائن فقصصت عليه ثم واسطا ثم البصرة فدللت عليك وما ظننت الا ان هؤلاء كلهم قد ماتوا فأخبرني بقصة هذا الحديث فقال انا اجتمعنا هنا فرأينا الناس قد رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه وأخذوا في هذه الأحاديث فقعدنا فوضعنا لهم هذه الفضائل حتى يرغبوا فيه واستدل من أوجب قبول المراسيل والعمل بها بأنه لو لم يجب ذلك فيها لم يكن لروايتها وجه وهذا خطأ ظاهر لأنه قد يروى من الأخبار ويسمع ما لا يعمل به عند بعض العلماء ويعمل به عند غيره ويكتب أيضا ما العمل عند الكل على

خلافه للمعرفة به وقد يروى عن الضعفاء والمتروكين الذين لا يصح الاحتجاج بأحاديثهم والتعلق بما ذكر المخالف لا وجه له أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال ثنا إبراهيم بن محمد بن عوف قال ثنا محمد بن مصفى قال ثنا بقية قال قال لي الأوزاعي تعلم من العلم ما لا يؤخذ به كما تتعلم ما يؤخذ به أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الروياني قال انا يوسف بن أحمد بن يوسف الصيدلاني بمكة قال ثنا محمد بن عمر بن موسى العقيلي قال ثنا يحيى بن عثمان قال ثنا نعيم بن حماد قال حدثني حاتم القاص وكان ثقة قال سمعت سفيان الثوري يقول اني لأروي الحديث على ثلاثة أوجه أسمع الحديث من الرجل أتخذه دينا وأسمع من الرجل اقف حديثه وأسمع من الرجل لا أعبأ بحديثه وأحب معرفته أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ قال ثنا دعلج بن أحمد قال ثنا محمد بن نعيم قال حدثني أبو أحمد محمود بن غيلان قال سمعت بن المبارك يقول اني لأسمع الحديث فاكتبه وما من رأيي ان اعمل به ولا أن أحدث به ولكن أتخذه عدة لبعض أصحابي ان عمل به أقول عمل بالحديث ولو كان حكم المتصل والمرسل واحدا لما ارتحل كتبة الحديث وتكلفوا مشاق الأسفار الى ما بعد من الأقطار للقاء العلماء والسماع منهم في سائر الآفاق ومن قبل قد سلك غير واحد من الصحابة هذه الطريقة في الرحلة للسماع حتى قال عبد الله بن مسعود لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله تعالى مني تبلغه الإبل لأتيته ورحل أبو أيوب الأنصاري الى مصر في سبب حديث واحد وكذلك جابر بن عبد الله رحل الى مصر أيضا في حديث حتى سمعه من عبد الله بن أنيس وقال سعيد بن المسيب ان كنت لأسير في طلب الحديث الواحد مسيرة الليالي والأيام ورحل الحسن من البصرة الى الكوفة في مسألة وقال الشعبي في حديث رواه ان كان الراكب ليركب الى المدينة فيما دونه وقال أبو العالية كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم

ونحن بالبصرة فما نرضى حتى نركب الى المدينة فنسمعها من أفواههم واستيعاب ما ورد في هذا المعنى يطول وقد ذكرناه في كتاب آخر بالأسانيد التي ادته إلينا فلو كان المرسل يغني عن المتصل إذ هو بمثابته لما تعب القوم هذا التعب كله ولا اعملوا المطي بالرحل وادخلوا المشاق على أنفسهم وتشددوا على من سمعوا منه التشدد المأثور عنهم والنظر يدل على انهم انما فعلوا ذلك لافتراق الحكم في الرواية بين الإتصال والإرسال والله أعلم أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد بن عبد الرحمن بن نوح الفقيه الإمام يقول لو أن المرسل من الأخبار والمتصل سيان لما تكلف العلماء طلب الحديث بالسماع ولما ارتحلوا في جمعه مسموعا ولا التمسوا صحته ولكان أهل كل عصر إذا سمعوا حديثا من عالمهم وهو يقال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا وكذا لم يسألوه عن إسناده وقد روينا عن جماعة من التابعين وأتباع التابعين كانوا يسألون عن السنة ثم يقولون للتابعين هل من أثر وإذا ذكر الأثر قالوا هل من قدوة وإنما يعنون بذلك الإسناد المتصل ولم يقتصروا على قول الزهري وإبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فكيف يقتصروا من مالك والنعمان إذا قالا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أخبرنا محمد بن الحسين القطان انا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني بن نمير قال ثنا بن إدريس قال سمعت الأعمش يقول جالست إياس بن معاوية فحدث بحديث فقلت عمن تذكر هذا فضرب لي مثل رجل من الخوارج فقلت أنى تضرب هذا المثل تريد أن اكنس الطريق بثوبي فلا ادع بعرة ولا خنفساء الا حملتها حدثني الحسن بن أبي طالب قال ثنا علي بن عمرو الحريري قال ثنا أبو صالح عبد الرحمن بن سعيد الأصبهاني قال ثنا رسته يعني عبد الرحمن بن عمر قال سمعت

الأصمعي يقول حضرت بن عيينة وأتاه أعرابي فقال كيف أصبح الشيخ يC فقال سفيان بخير بحمد الله قال ما تقول في امرأة من الحاج حاضت قبل ان تطوف بالبيت فقال تفعل ما يفعل الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت فقال هل من قدوة قال نعم عائشة حاضت قبل ان تطوف بالبيت فأمرها النبي صلى الله عليه و سلم ان تفعل ما يفعل الحاج غير الطواف قال هل من بلاغ عنها قال نعم حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة بذلك قال الأعرابي لقد استسمنت القدوة وأحسنت البلاغ والله لك بالرشاد

باب في مراسيل سعيد بن المسيب ومن يلحق به من كبار التابعين
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال انا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم في كتابه قال سمعت العباس بن محمد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول أصح المراسيل مراسيل سعيد بن المسيب أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال انا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يقول مرسلات سعيد بن المسيب أصح المراسيل أخبرنا القاضي طاهر بن عبد الله الطبري قال انا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص قال ثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف قال حدثنا المزني قال قال الشافعي وإرسال بن المسيب عندنا حسن قال الخطيب اختلف الفقهاء من أصحاب الشافعي في قوله هذا منهم من قال أراد الشافعي به ان مرسل سعيد بن المسيب حجة لأنه روى حديثه المرسل في النهي عن بيع اللحم بالحيوان وأتبعه بهذا الكلام وجعل الحديث أصلا إذ لم يذكر غيره فيجعل ترجيحا له وإنما فعل ذلك بهذا الكلام وجعل الحديث تتبعت فوجدت كلها مسانيد عن الصحابة من جهة غيره

ومنهم من قال لا فرق بين مرسل سعيد بن المسيب وبين مرسل غيره من التابعين وإنما رجح الشافعي به والترجيح بالمرسل صحيح وإن كان لا يجوز أن يحتج به على اثبات الحكم وهذا هو الصحيح من القولين عندنا لان في مراسيل سعيد ما لم يوجد مسندا بحال من وجه يصح وقد جعل الشافعي لمراسيل كبار التابعين مزية على من دونهم كما استحسن مرسل سعيد بن المسيب على من سواه أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال أنا أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم قال ثنا أحمد بن موسى الجوهري ح وأخبرنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال ثنا محمد بن حمدان الطرائفي قال ثنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي المنقطع مختلف فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من التابعين فحدث حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه و سلم اعتبر عليه بأمور منها ان ينظر الى ما أرسل من الحديث فان شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه الى رسول الله صلى الله عليه و سلم بمثل معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قيل ما ينفرد به من ذلك ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذي قبل عنهم فان وجد ذلك كانت دلالة تقوي له مرسله وهي أضعف من الأولى وإن لم يوجد ذلك نظر الى بعض ما يروى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قولا له فان وجد يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم كانت هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله الا عن أصل يصح ان شاء الله تعالى قال الشافعي رحمه الله وكذلك ان وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم ثم يعتبر عليه بان يكون إذا سمي من روي عنه لم يسم مجهولا ولا مرغوبا عن الرواية عنه فيستدل بذلك على صحته فيما يروى عنه قال الشافعي ويكون إذا شرك أحدا من الحفاظ في حديث لم يخالفه فان خالفه ووجد حديثه انقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى لا يسع أحدا منهم قبول مرسله وإذا وجدت الدلالة لصحة حديثه بما وصفت احببنا ان يقبل مرسله ولا نستطيع ان نزعم ان الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل وذلك ان معنى المنقطع مغيب يحتمل ان يكون حمل عمن يرغب عن الرواية عنه إذا سمي وان بعض المنقطعات وإن وافقه مرسل مثله فقد يحتمل ان يكون مخرجهما واحدا من حديث من لو سمي لم يقبل وان بعض قول أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم إذا قال برأيه لو وافقه لم يدل على صحة مخرج الحديث دلالة قوية إذا نظر فيهما ويمكن ان يكون انما غلط به حين سمع قول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يوافقه ويحتمل مثل هذا فيمن يوافقه من بعض الفقهاء فأما من بعد كبار التابعين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فلا أعلم منهم واحدا يقبل مرسله لامور أحدها انهم أشد تجوزا فيمن يروون عنه والآخر أنهم يؤخذ عليهم الدلائل فيما ارسلوا بضعف مخرجه والآخر كثرة الإحالة في الإخبار وإذا كثرت الاحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه

باب ذكر الفرق بين قول الراوي عن فلان وان فلانا فيما يوجب الإتصال
والإرسال )
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا حامد بن سهل الثغري أبو جعفر قال ثنا معلى بن أسد قال ثنا وهيب عن أيوب

عن نافع عن بن عمر عن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه و سلم أينام أحدنا وهو جنب قال ليتوضأ ثم لينم وأخبر عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال أنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي قال ثنا موسى بن هارون قال ثنا بن نمير قال ثنا أبي قال ثنا عبيد الله عن نافع ان بن عمر قال يا رسول الله صلى الله عليك أيرقد أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ ظاهر الرواية الأولى يوجب ان يكون من مسند عمر من مسند عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم ونظير ما ذكرناه حديث جابر في دخول سليك المسجد والنبي النبي صلى الله عليه و سلم يخطب فأمره ان يصلي ركعتين أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري قال ثنا أبو محمد حاجب بن أحمد الطوسي قال ثنا محمد بن حماد قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة وهو يخطب يعني النبي صلى الله عليه و سلم فجلس فقال النبي صلى الله عليه و سلم إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم ليجلس وأخبرني أبو محمد عبد الله بن أبي الحسين بن بشران المعدل قال أنا محمد بن الحسن بن علي اليقطبني قال حدثني أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن إسماعيل البجلي برأس العين قال ثنا إسحاق بن زريق حدثنا إبراهيم بن خالد المؤذن قال ثنا الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن السليك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم ليجلس حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الخلال قال أنا سليمان بن الأشعث قال سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال كان مالك زعموا يرى عن فلان وان فلانا سواء

وذكر أحمد مثل حديث جابر أن سليكا جاء والنبي صلى الله عليه و سلم يخطب وعن جابر عن سليك انه جاء والنبي صلى الله عليه و سلم يخطب قال وسمعت أحمد قيل له ان رجلا قال عروة ان عائشة قالت يا رسول الله وعن عروة عن عائشة سواء قال كيف هذا سواء ليس هذا بسواء قلت وتأثير الخلاف بين اللفظين انما يتبين في رواية غير الصحابي مثل ما ذكره أحمد من رواية عروة عن عائشة وان عائشة ومثله أيضا ما أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال ثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة السليطي بنيسابور قال ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن الحسين بن الترك قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت قلت وارأساه وارأساه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك فقالت عائشة واثكلاه والله اني لاظنك تحب موتي ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض ازواجك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم بل أنا وارأساه لقد هممت أو أردت أن أرسل الى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون ثم قال يأبى الله ويدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون وأخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج بنيسابور قال أنا بشر بن أحمد بن بشر الإسفرائيني قال ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الذهلي وأبو زكريا يحيى بن محمد بن غالب النسوي قالا ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال سمعت القاسم بن محمد يقول قالت عائشة وارأساه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ذاك لو كان وأنا حي ثم ساق الحديث مثل ما تقدم سواء الا أن فيه ثم قلت يا نبي الله وذكر بشر أن الحديث على لفظ إبراهيم بن علي فلفظ الحديث الأول يوجب لاسناده الإتصال والثاني يوجب الإرسال آخر الجزء الثاني عشر بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثالث عشر رب سهل وسلم قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب رحمه الله تعالى

باب القول فيما روى من الأخبار مرسلا ومتصلا هل يثبت ويجب العمل به أم لا
مثال ذلك ما أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف الصياد قال ثنا أحمد بن يوسف بن خلاد قال ثنا الحارث بن محمد التميمي قال ثنا الحسن بن قتيبة قال ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا نكاح الا بولي أخبرناه أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال ثنا أحمد بن خالد الوهبي قال ثنا إسرائيل ح وأخبرنا أبو سعيد أيضا وأبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عثمان الطرازي قالا ثنا أبو العباس الأصم قال ثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي قال ثنا طلق بن غنام قال ثنا إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا نكاح الا بولي وقال طلق ثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم مثله

أخبرنا أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن عبد الله البزاني بأصبهان

قال أنا عبد الله بن الحسن بن بندار المديني قال ثنا أسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن حفص قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي بردة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا نكاح الا بولي أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق قال أنا أحمد بن سلمان النجاد قال ثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن جعفر غندر قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا نكاح الا بولي وكان يونس بن أبي إسحاق السبيعي وابنه إسرائيل وقيس بن الربيع يروون هذا الحديث عن أبي إسحاق مسندا متصلا وكان سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج يرويانه عن أبي إسحاق مرسلا فقال أكثر أصحاب الحديث ان الحكم في هذا أو ما كان بسبيله للمرسل وقال بعضهم ان كان عدد الذين ارسلوه أكثر من الذين وصلوه فالحكم لهم وقال بعضهم إن كان من أرسله أحفظ من الذي وصله فالحكم للمرسل ولا يقدح ذلك في عدالة الذي وصله ومنهم من قال لا يجوز أن يقال في مسند الحديث الذي يرسله الحفاظ انه عدل لأن إرسالهم له يقدح في مسنده فيقدح في عدالته ومنهم من قال الحكم للمسند إذا كان ثابت العدالة ضابطا للرواية فيجب قبول خبره ويلزم العمل به وان خالفه غيره وسواء كان المخالف له واحدا أو جماعة وهذا القول هو الصحيح عندنا لأن إرسال الراوي للحديث ليس بجرح لمن وصله ولا تكذيب له ولعله أيضا مسند عند الذين رووه مرسلا أو عند بعضهم الاأنهم أرسلوه لغرض أو نسيان والناسي لا يقضى له على الذاكر وكذلك حال راوي الخبر إذا أرسله مرة ووصله أخرى لا يضعف ذلك أيضا له لأنه قد ينسى فيرسله ثم يذكر بعده فيسنده أو يفعل الأمرين معا عن قصد منه لغرض له فيه

أخبرني الحسن بن أبي طالب قال ثنا طاهر بن محمد بن سهلويه النيسابوري قال ثنا أبو حامد الشرقي قال ثنا حاتم بن يونس الجرجرائي قال قلت لأبي الوليد الطيالسي ما تقول في النكاح بلا ولي قال لا يجوز قلت ما الحجة في ذلك قال قال ثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا نكاح الا بولي قلت لأبي الوليد إن شعبة والثوري يرسلانه قال فاسرائيل تابع قيسا أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد الوكيل قال أنا أبو علي الحسن بن محمد بن أحمد بن شعبة المروزي قال ثنا محمد بن أحمد بن محبوب قال ثنا أبو عيسى الترمذي قال حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم لا نكاح الا بولي حديث فيه اختلاف رواه إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم ورواه أسباط بن محمد وزيد بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم ورواه أبو عبيدة الحداد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم نحوه ولم يذكر فيه عن أبي إسحاق وقد روى عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه و سلم أيضا وروى شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه و سلم لا نكاح الا بولي وقد ذكر بعض أصحاب سفيان عن سفيان عن أبي موسى ولا يصح رواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم لا نكاح الا بولي عندي أصح لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة وان كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث فان رواية

هؤلاء عندي أشبه لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان قال ثنا أبو داود قال أنا شعبة قال سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق سمعت أبا بردة يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا نكاح الا بولي قال نعم فدل هذا الحديث ان سماع شعبة والثوري هذا الحديث في وقت واحد وإسرائيل هو أثبت في أبي إسحاق أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى يقول سمعت محمد بن هارون المكي يقول سمعت محمد بن إسماعيل البخاري وسئل عن حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا نكاح الا بولي فقال الزيادة من الثقة مقبولة وإسرائيل بن يونس ثقة وان كان شعبة والثوري أرسلاه فان ذلك لا يضر الحديث

باب بيان حكم الحديث يختلف على روايه في قوله حدثني وبلغني
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري قال ثنا محمد بن إسماعيل قال ثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عراك انه بلغه ان نوفل بن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من الصلاة صلاة من فاتته فكأنه وتر أهله وماله فقال بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول هي صلاة العصر وهكذا رواه عيسى

بن حماد زغبة عن الليث بن سعد أخبرناه القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله الدينوري بها قال أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني قال أنا أبو عبد الرحمن النسائي قال انا عيسى بن حماد زغبة قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك انه بلغه ان نوفل بن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله قال بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول هي صلاة العصر وقد خالف الليث جعفر بن ربيعة فرواه عن عراك كذلك ان نوفلا حدثه به وتابعه محمد بن إسحاق فرواه عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك كذلك أما حديث جعفر فأخبرناه محمد بن الحسين القطان قال أنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال ثنا محمود بن محمد يعني المروزي قال ثنا إبراهيم بن عبد الله هو الخلال قال أنا عبد الله قال ثنا حيوة بن شريح ح وأخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسن الدينوري قال أنا أبو بكر بن السني قال أنا أبو عبد الرحمن النسائي قال انا سويد بن نصر قال أنا عبد الله هو بن المبارك عن حيوة بن شريح قال أنا جعفر بن ربيعة ان عراك بن مالك حدثه أن نوفل بن معاوية حدثه انه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله هذا آخر حديث سويد وزاد إبراهيم قال عراك وأخبرني عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله وأما حديث بن إسحاق فأخبرناه القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين قال انا أحمد بن محمد بن إسحاق قال أنا أبو عبد الرحمن النسائي قال أنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم قال ثنا عمي قال ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك قال سمعت نوفل بن معاوية يقول صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله قال بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم هي العصر والحكم يوجب القضاء في هذا الحديث لجعفر بن ربيعة بثبوت ايصاله الحديث لثقته وضبطه ورواية الليث ليس تكذيبا له لجواز أن يكون عراك بلغه هذا الحديث عن نوفل بن معاوية ثم سمعه منه بعد فرواه على الوجهين جميعا والله أعلم

( باب قول التابعي حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ولم يسم هل يكون ذلك حجة )
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال أنا أحمد بن محمد بن هارون الخلال قال أنا محمد بن علي بن محمود قال ثنا أبو بكر الأثرم قال قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل إذا قال رجل من التابعين حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فالحديث صحيح قال نعم أخبرنا أبو بكر البرقاني قال أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال أنا الحسين بن إدريس قال وسألته يعني محمد بن عبد الله بن عمار إذا كان الحديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أيكون ذلك حجة قال نعم وإن لم يسمه فان جميع أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم كلهم حجة

باب في قول التابعي عن الصحابي يرفع الحديث وينميه ويبلغ به ورواية
أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي املاء بنيسابور قال أنا أبو أحمد الحافظ قال أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال ثنا جدي أحمد بن منيع قال ثنا مروان بن شجاع الخصيفي عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال الشفاء في ثلاثة شرطة محجم ولعقة من عسل وكية من نار وأنهى أمتي عن الكي رفع الحديث حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال أنا أبو بكر الخلال قال أخبرني محمد بن علي بن

محمود قال ثنا الأثرم ان أبا عبد الله قيل له فإذا قال يرفع الحديث فهو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال فأي شيء أخبرنا بشرى بن عبد الله قال أنا محمد بن بدر قال ثنا بكر بن سهل قال ثنا عبد الله بن يوسف قال أنا مالك بن أنس عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي انه قال كان الناس يؤمرون ان يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلم الا أنه ينمى ذلك قال مالك يرفع ذلك أخبرنا أبو عثمان سعيد بن العباس بن محمد القرشي الهروي قال أنا أبي قال ثنا أبو يزيد حاتم بن محبوب السامي قال ثنا عبد الجبار بن العلاء العطار قال ثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به قال الناس تبع لقريش في هذا الشان مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا علي يعني بن المديني قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رواية تقاتلون قوما صغار الأعين ذلف يعني الأنف كأن وجوههم المجان المطرقة قلت لسفيان عن أبي الزناد ونعالهم الشعر قال أراه قد قاله كل هذه الألفاظ كناية عن رفع الصحابي الحديث وروايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يختلف أهل العلم ان الحكم في هذه الأخبار وفيما صرح برفعه سواء في وجوب القبول والتزام العمل

باب في الحديث يرفعه الراوي تارة ويقفه أخرى ما حكمه
حدثنا أبو طالب يحيى بن علي بن الطيب الدسكري لفظا بحلوان قال أنا أبو بكر بن المقرى بأصبهان قال أخبرنا أبو يعلى احمد بن علي بن المثنى قال ثنا محمد بن سهل هو بن عسكر قال ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة قال بن عسكر فقال له فتى من أهل مرو يقال له أحمد بن سعيد هذا الحديث كنت لا ترفعه قال ذلك على ما حدثنا وهذا على ما نحدث اختلاف الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في الحديث ضعفا لجواز أن يكون الصحابي يسند الحديث مرة ويرفعه الى النبي صلى الله عليه و سلم ويذكره مرة أخرى على سبيل الفتوى ولا يرفعه فحفظ الحديث عنه على الوجهين جميعا وقد كان سفيان بن عيينة يفعل هذا كثيرا في حديثه فيرويه تارة مسندا مرفوعا وقفه مرة أخرى قصدا واعتمادا وإنما لم يكن هذا مؤثرا في الحديث ضعفا مع ما بيناه لأن إحدى الروايتين ليس مكذبة للأخرى والأخذ بالمرفوع أولى لأنه أزيد كما ذكرنا في الحديث الذي يروي موصولا ومقطوعا وكما قلنا في الحديث الذي ينفرد راويه بزيادة لفظ يوجب حكما لا يذكره غيره ان ذلك مقبول والعمل به لازم والله أعلم أخبرني أبو عبد الله الحسين بن عمر بن محمد بن عبد الله القصاب قال ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان املاء قال ثنا الفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة قال ثنا بندار قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا شعبة عن السدي عن مرة عن عبد الله قال وإن منكم الا واردها قال يردونها ثم يصدرون بأعمالهم قال عبد الرحمن فقلت لشعبة ان إسرائيل حدثني عن السدي عن مرة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم فقال شعبة قد سمعته من السدي مرفوعا ولكني عمدا أدعه

باب في الحديث يروي عن الصحابي قال قال هل يكون مرفوعا
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا العباس بن محمد بن حاتم الدوري قال ثنا شاذان قال أنا شعبة قال أخبرني إدريس الاودي عن أبيه عن أبي هريرة قال قال لا يصلي أحدكم وهو يجد الخبث هكذا قال شاذان أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال أنا محمد بن عمرو بن البختري الرزاز قال ثنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان قال أنا زيد بن الحباب قال أنا أبو المنيب العتكي عن بن بريدة عن أبيه قال قال الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا أخبرنا محمد بن عمر النجار أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن جعفر بن محمد الخرقي حدثنا محمد بن عبدة بن حرب القاضي قال ثنا أزهر بن مروان قال ثنا عبد الوارث قال ثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال قال إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فان شدة الحر من فيح جهنم قرأت في أصل كتاب دعلج بن أحمد ثم أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني قال أنا أبو الحسن بن صغيرة قال حدثنا دعلج قال ثنا موسى بن هارون بحديث حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال قال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه قال موسى إذا قال حماد بن زيد والبصريون قال قال فهو مرفوع قلت للبرقاني أحسب ان موسى عني بهذا القول أحاديث بن سيرين خاصة فقال كذا تحسب قلت ويحقق قول موسى هذا ما أخبرناه بن الفضل قال أنا عبد الله بن جعفر قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا يحيى بن خلف قال ثنا بشر بن الفضل عن خالد قال قال محمد بن سيرين كل شيء حدثت عن أبي هريرة فهو مرفوع فالحديث الأول الذي عن أبي هريرة والحديث الذي بعده عن بريدة على ما ذكره موسى بن هارون ليسا مما يعد مرفوعا وإنما شبه فيهما بالرفع وقد وردا من غير الطريقين اللذين ذكرناهما مرفوعين

( باب في حكم قول الصحابي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بكذا ونهى عن كذا هل يجب حمله على أنه سمع ذلك منه أو يجوز كونه رواية عن غيره عنه )
أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال أنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطان قال ثنا زهير بن محمد قال ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه قال أمر النبي صلى الله عليه و سلم بقتل الوزغ وسماه فويسقا أخبرنا أبو القاسم إبراهيم بن عبد الواحد بن محمد بن الحباب الدلال قال أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيام أيام التشريق اختلف الناس فيما ذكرناه وما هو مثله فقال أكثر العلماء الواجب في ذلك حمله على أن الصحابي سمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال قوم يجوز أن يكون سمعه منه ويجوز كونه راويا له عن غيره والا ظهر هو القول الأول وكذلك قول الصحابي حدث أو أخبر أو قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو بمثابة قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر بكذا وينهى عن كذا والدليل عليه انه إذا قال هذه الأقاويل من عرفت معاصرته لرسول الله صلى الله عليه و سلم وسماعه منه وتلقيه عنه وجب ان يكون ظاهر قوله مقتضيا لسماع ذلك منه وإن حاز أن يكون قد حدث عنه ومن حمل ذلك على انه مروي له عنه يحتاج الى دليل لأنه خلاف ظاهر الحال ويدل عليه أيضا ان الذي يقتضيه ظاهر العدالة ان لا يقول الراوي من الصحابة أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بكذا أو قال كذا الا وهو عالم متحقق لقول ما أضاف اليه وإذا روى له الواحد والإثنان ذلك لم يكن عالما ولا متحققا لأمره وقوله بل يجوز التوهم والظن فيه فلا يجوز إضافة أمر الى النبي صلى الله عليه و سلم بغلبة ظن فصار الظاهر من قول الصحابي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بكذا علمه بأنه أمر وذلك لا يحصل له بخبر الواحد الا أنه يلزم على هذا تجويز تواتر الأخبار عليه فيحصل عالما بأنه أمر له من جهة التواتر وإن لم يكن سمع الأمر منه ولا شك في أن بين قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر بكذا وبين قوله أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بكذا فرقا وإن ذكره للسماع لا يحتمل سواه وقوله أمر بكذا يحتمل اخباره بالأمر كما يحتمل سماعه وإن كان الظاهر ما قلناه من السماع

باب في حكم قول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا ومن السنة كذا
هل يجب حمله على أمر الرسول الله صلى الله عليه و سلم ونهيه أو يجوز كونه أمرا ونهيا له ولغيره أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا يحيى بن أبي طالب قال أنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا بن عون عن حميد بن زاذويه عن أنس بن مالك قال أمرنا أو قال نهينا أن لا نزيد أهل الكتاب على وعليكم أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري قال ثنا محمد بن يعقوب الأصم قال

ثنا محمد بن إسحاق الصنعاني قال أنا عبد الوهاب قال ثنا بن عون عن محمد بن سيرين أن أنس بن مالك قال نهينا ان يبيع حاضر لباد أخبرنا عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال أنا عبد الخالق بن الحسن المعدل قال ثنا محمد بن سليمان بن الحارث قال ثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي قال ثنا شعبة بن الحجاج عن مسعر بن كدام عن وبرة بن عبد الرحمن عن همام بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال ان من السنة الغسل يوم الجمعة قال أكثر أهل العلم يجب أن يحمل قول الصحابي أمرنا بكذا على أنه أمر الله ورسوله وقال فريق منهم يجب الوقف في ذلك لأنه لا يؤمن ان يعني بذلك أمر الأئمة والعلماء كما انه يعني بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم والقول الأول أولى بالصواب والدليل عليه ان الصحابي إذا قال أمرنا بكذا فانما يقصد الاحتجاج لاثبات شرع وتحليل وتحريم وحكم يجب كونه مشروعا وقد ثبت انه لايجب بأمر الأئمة والعلماء تحليل ولا تحريم إذا لم يكن ذلك أمرا عن الله ورسوله وثبت ان التقليد لهم غير صحيح وإذا كان كذلك لم يجز ان يقول الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا ليخبر بإثبات شرع ولزوم حكم في الدين وهو يريد أمر غير الرسول ومن لا يجب طاعته ولا يثبت شرع بقوله وانه متى أراد أمر من هذه حاله وجب تقييده له بما يدل على انه لم يرد أمر من يثبت بامره شرع وهذه الدلالة بعينها توجب حمل قوله من السنة كذا على انها سنة الرسول الله صلى الله عليه و سلم فان قيل هل تفصلون بين قول الصحابي ذلك في زمن النبي صلى الله عليه و سلم وبين قوله بعد وفاته قيل لا لأنا لا نعرف أحدا فصل بين ذلك فأما إذا قال ذلك من بعد الصحابة فلا يمتنع ان يعني بذلك أمر الأئمة بذلك الشيء وأمرهم حجة يجب اتباعها ويحرم مخالفتها وإن كان قد قالوه رأيا واجتهادا ولم يسمع من النبي صلى الله عليه و سلم فيه شيء فاجماع الأئمة على التحليل والتحريم يثبت به الحكم كأمر النبي صلى الله عليه و سلم وقد يفصل بين القائل لذلك من الصحابة وبين القائل له ممن بعدهم بأن القائل من الصحابة وقد جعل له بحق معاصرة رسول الله صلى الله عليه و سلم تلقيه عنه والسماع منه ومن بعده فليس كذلك فيحتمل أن يريد به أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ويحتمل ان يريد به أمر غيره من أئمة الدين وأيضا فإنه إذا حمل قول القائل أمرنا بكذا على انه أمر من الأئمة بذلك الشيء فإنه قد تضمن ذلك كون النبي صلى الله عليه و سلم آمرا به لأنه قد ثبت أنه قد أمر بفعل ما اجتمعت الأمة على الأمر به ونهى عما نهت عنه وانما يمنع من حمل ظاهر الرواية على أنه أمر من لا يثبت بأمره ونهيه حكم من شرع ولا يجب به العمل وليس هذه حال أمر الأئمة بالشيء

باب في حكم قول الصحابي كنا نقول كذا ونفعل كذا على عهد رسول الله صلى
الله عليه و سلم هل يكون شرعا )
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرى قال انا إسماعيل بن علي الخطبي قال ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة أبو القاسم قال حدثني أبي عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله ان عبد الله بن عمر قال انا قد كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه و سلم حي أفضل امة رسول الله صلى الله عليه و سلم بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا يحيى بن أبي طالب قال أنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا سعيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم يعني العزل

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن أبي عمران البيع بالدينور قال أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني الحافظ قال أنا أبو عبد الرحمن النسائي قال أنا عيسى بن حماد قال أنا الليث عن يزيد عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان ان عياض بن عبد الله بن سعد حدثه أن أبا سعيد الخدري قال كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاع اقط لا نخرج غيره قول الصحابي كنا نقول كذا ونفعل كذا من ألفاظ التكثير ومما يفيد تكرار الفعل والقول واستمرارهم عليه فمتى أضاف ذلك الى زمن النبي صلى الله عليه و سلم على وجه كان يعلم رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا ينكره وجب القضاء بكونه شرعا وقام اقراره له مقام نطقه بالأمر به ويبعد فيما كان يتكرر قول الصحابة له وفعلهم إياه ان يخفى على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وقوعه ولا يعلم به ولا يجوز في صفة الصحابي ان يعلم إنكارا كان من النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك فلا يرويه لأن الشرع والحجة في إنكاره لا في فعلهم لما ينكره وراوي ذلك انما يحتج بمثل هذه الرواية في جعل الفعل شرعا ولا يمكن في صفته رواية الفعل الذي ليس بشرع وتركه رواية إنكاره له الذي هو الشرع فوجب ان يكون المتكرر في زمن الرسول الله صلى الله عليه و سلم مع اقراره شرعا ثابتا لما قلناه ومما يدل على ذلك ما أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال انا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا يزيد بن إبراهيم عن عمرو بن دينار قال قال بن عمر كنا لا نرى بكراء الأرض بأسا حتى حدثنا رافع بن خديج ان النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن كراء الأرض فكان بن عمر يقول لقد نهى بن خديج عن أمر نافع لنا أفلا ترى ان بن عمر لم يستجز ان يذكر ما كانوا يفعلونه من استكراء الأرض الا بالجمع بينه وبين حديث رافع عن النبي صلى الله عليه و سلم في النهي عنه ومتى جاءت رواية عن الصحابة بانهم كانوا يقولون أو يفعلون شيئا ولم يكن في الرواية ما يقتضي إضافة وقوع ذلك الى زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن حجة فلا دلالة على انه حق الا ان يعلم جواز ذلك من جهة الإجتهاد فيحكم به وإن علم انه مذهب لجميع الأئمة وجب القطع على انه شرع ثابت يحرم مخالفته ويجب المصير اليه

باب القول في حكم الخبر يرويه المحدث تارة زائدا وأخرى ناقصا
إذا كان المحدث قد روى خبرا فحفظ عنه ثم أعاد روايته على النقصان من الرواية المتقدمة وحذف بعض منه فان الإعتماد على روايته الأولى والعمل بما تقتضيه الزم وأولى أخبرنا محمد بن علي بن الفتح الحربي قال أنا عمر بن إبراهيم المقرى قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال ثنا أبو خيثمة قال ثنا حفص بن غياث قال ثنا عاصم عن أبي عثمان قال قلت له انك تحدثنا بالحديث فربما حدثتناه كذلك وربما نقصته قال عليك بالسماع الأول وإن كان لما أعاد روايته زاد في متنه وذكر ما لم يورده في الدفعة الأولى فالحكم يتعلق بالرواية المتأخرة دون المتقدمة والعلة في الموضعين جميعا ان الزيادة مقبولة من العدل ويحتمل ان يكون تعمد اختصار الحديث والحذف منه لما رواه ناقصا وأورده في الدفعة الأخرى بكماله فلا تكون إحدى الروايتين مكذبة للأخرى كما ذكرناه في رواية الحديث مرفوعا تارة وموقوفا أخرى ان ذلك لا يؤثر ضعفا فيه
باب القول في حكم خبر العدل إذا انفرد برواية زيادة فيه لم يروها غيره
قال الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث زيادة الثقة مقبولة إذا انفرد بها

ولم يفرقوا بين زيادة يتعلق بها حكم شرعي أو لا يتعلق بها حكم وبين زيادة توجب نقصانا من أحكام تثبت بخبر ليست فيه تلك الزيادة وبين زيادة توجب تغيير الحكم الثابت أو زيادة لا توجب ذلك وسواء كانت الزيادة في خبر رواه راويه مرة ناقصا ثم رواه بعد وفيه تلك الزيادة أو كانت الزيادة قد رواها غير ولم يروها هو وقال فريق ممن قبل زيادة العدل الذي ينفرد بها انما يجب قبولها إذا أفادت حكما يتعلق بها وأما إذا لم يتعلق بها حكم فلا وقال آخرون يجب قبول الزيادة من جهة اللفظ دون المعنى وحكى عن فرقة ممن ينتحل مذهب الشافعي انها قالت تقبل الزيادة من الثقة إذا كانت من جهة غير الراوي فأما ان كان هو الذي روى الناقص ثم روى الزيادة بعد فانها لا تقبل وقال قوم من أصحاب الحديث زيادة الثقة إذا انفرد بها غير مقبولة ما لم يروها معه الحفاظ وترك الحفاظ لنقلها وذهابهم عن معرفتها يوهنها ويضعف امرها ويكون معارضا لها والدي نختاره من هذه الأقوال ان الزيادة الواردة مقبولة على كل الوجوه ومعمول بها إذا كان راويها عدلا حافظا ومتقنا ضابطا والدليل على صحة ذلك أمور أحدها اتفاق جميع أهل العلم على انه لو انفرد الثقة بنقل حديث لم ينقله غيره لوجب قبوله ولم يكن ترك الرواة لنقله ان كانوا عرفوه وذهابهم عن العلم به معارضا له ولا قادحا في عدالة راويه ولا مبطلا له وكذلك سبيل الإنفراد بالزيادة فان قيل ما أنكرت ان يكون الفرق بين الأمرين انه غير ممتنع سماع الواحد الحديث من الراوي وحده وانفراده به ويمتنع في العادة سماع الجماعة لحديث واحد وذهاب زيادة فيه عليهم ونسيانها الا الواحد بل هو أقرب الى الغلط والسهو منهم فافترق الأمران قلت هذا باطل من وجوه غير ممتنعة

أحدها ان يكون الراوي حدث بالحديث في وقتين وكانت الزيادة في أحدهما دون الوقت الآخر ويحتمل أيضا ان يكون قد كرر الراوي الحديث فرواه أولا بالزيادة وسمعه الواحد ثم اعاده بغير زيادة اقتصارا على انه قد كان أتمه من قبل وضبطه عنه من يجب العمل بخبره إذا رواه عنه وذلك غير ممتنع وربما كان الراوي قد سها عن ذكر تلك الزيادة لما كرر الحديث وتركها غير متعمد لحذفها ويجوز أن يكون ابتدأ بذكر ذلك الحديث وفي أوله الزيادة ثم دخل داخل فأدرك بقية الحديث ولم يسمع الزيادة فنقل ما سمعه فيكون السامع الأول قد وعاه بتمامه وقد روى مثل هذا في خبر جرى الكلام فيه بين الزبير بن العوام وبين بعض الصحابة أخبرناه أبو الحسن علي بن القاسم بن الحسن الشاهد بالبصرة قال ثنا علي بن إسحاق المادرائي قال ثنا جنيد بن حكيم قال حدثنا مصعب يعني بن عبد الله الزبيري قال ثنا الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن أبيه قال سمع الزبير رجلا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما فرغ الرجل من حديثه قال له الزبير هل سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه و سلم قال نعم قال صدقت ولكنك كنت يومئذ غائبا ورسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث عن رجال من أهل الكتاب فجئت في آخر الحديث ورسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث فحسبت انه يحدث عن نفسه هذا ومثله يمنعنا من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وكذلك روى عن زيد بن ثابت انه قال لرافع بن خديج في روايته عن رسول الله صلى الله عليه و سلم النهي عن كراء المزارع أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل وأبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال إبراهيم حدثنا وقال هلال انا الحسين بن يحيى ين عياش القطان قال حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي قال ثنا يزيد بن زريع عن عبد الرحمن بن إسحاق ح وأخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد

الهاشمي قال ثنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي قال ثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا بن علية قال أبو داود وثنا مسدد قال ثنا بشر يعني بن المفضل المعني عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن الوليد بن أبي الوليد عن عروة بن الزبير قال قال زيد بن ثابت يغفر الله لرافع بن خديج انا والله اعلم بالحديث منه انما أتاه رجلان قال مسدد من الأنصار ثم اتفقا قد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان كان هذا شانكم فلا تكروا المزارع زاد مسدد فسمع قوله تكروا المزارع واللفظ لحديث أبي داود ويجوز أن يسمع من الراوي الإثنان والثلاثة فينسى اثنان منهما الزيادة ويحفظها الواحد ويرويها ويجوز أن يحضر الحماعة سماع الحديث فيتطاول حتى يغشى النوم بعضهم أو يشغله خاطر نفس وفكر قلت في أمر آخر فيقتطعه عما سمعه غيره وربما عرض لبعض سامعي الحديث أمر يوجب القيام ويضطره الى ترك استتمام الحديث وإذا كان ما ذكرناه جائزا فسد ما قاله المخالف أخبرنا أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر الإمام بأصبهان قال ثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال ثنا علي بن عبد العزيز قال ثنا أبو نعيم قال سليمان وثنا معاذ بن المثنى قال ثنا محمد بن كثير قال ثنا سفيان عن جامع بن شداد أبي صخرة المحاربي عن صفوان بن محرز المازني عن عمران بن حصين قال اتى نفر من بني تميم النبي صلى الله عليه و سلم فقال اقبلوا البشرى يا بني تميم فقالوا قد بشرتنا فأعطنا فرئى ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء نفر من أهل اليمن فقال اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا قد قبلنا يا رسول الله فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث ببدء الخلق والعرش فجاء رجل فقال يا عمران راحلتك فقمت فليتني لم أقم ويدل أيضا على صحة ما ذكرناه ان الثقة العدل يقول سمعت وحفظت ما لم يسمع الباقون وهم يقولون ما سمعنا ولا حفظنا وليس ذلك تكذيبا له وإنما

هو أخبار عن عدم علمهم بما علمه وذلك لا يمنع علمه به ولهذا المعنى وجب قبول الخبر إذا انفرد به دونهم ولأجله أيضا قبلت الزيادة في الشهادة إذا شهدوا جميعا بثبوت الحق وشهد بعضهم بزيادة حق آخر وبالبراءة منه ولم يشهد الآخرون واما علة من اعتل في ترك قبولها ببعد ذهابها عن الجماعة وحفظ الواحد لها فقد بينا فسادها فيما تقدم وجواز ذلك من غير وجه وأما فصل من فصل بين ان تكون الزيادة موجبة لحكم أو غير موجبة له فلا وجه له لأنه إذا وجب قبولها مع ايجابها حكما زائدا فبأن تقبل إذا لم توجب زيادة حكم أولى لان ما يثبت به الحكم أشد في هذا الباب ومن الأحاديث التي تفرد بعض رواتها بزيادة فيها توجب زيادة حكم ما أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن محمد الأصبهاني الحافظ بنيسابور قال انا أبو عمرو بن حمدان قال ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه قال حدثنا أبو كريب قال ثنا بن أبي زائدة عن سعد بن طارق قال حدثني ربعي بن حراش عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وذكر خصلة أخرى قوله وجعلت تربتها لنا طهورا زيادة لم يروها فيما أعلم غير سعد بن طارق عن ربعي بن حراش فكل الأحاديث لفظها وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا الحسن بن مكرم بن حسان قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا مالك بن مغول عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم أي العمل أفضل قال الصلاة في أول وقتها ثم أي قال الجهاد في سبيل الله قلت ثم أي قال بر الوالدين

قوله في أول وقتها زيادة لا نعلم رواها في حديث بن مسعود الا عثمان بن عمر عن مالك بن مغول وكل الرواة قالوا عن مالك الصلاة لوقتها وأما فصل من فصل بين ان تكون الزيادة في الخبر من رواية روايه بغير زيادة وبين ان تكون من رواية غيره فإنه لا وجه له لأنه قد يسمع الحديث متكررا تارة بزيادة وتارة بغير زيادة كما يسمعه على الوجهين من راويين وقد ينسى الزيادة تارة فيرويه بحذفها مع النسيان لها والشك فيها ويذكرها فيرويها مع الذكر واليقين وكما انه لو روى الحديث ونسيه فقال لا أذكر أني رويته وقد حفظ عنه ثقة وجب قبوله برواية الثقة عنه فكذلك هذا وكما لو روى حديثا مثبتا لحكم وحديثا ناسخا له وجب قبولهما فكذلك حكم خبره إذا رواه تارة زائدا وتارة ناقصا وهذه جملة كافية

باب في وجوب اطراح المنكر والمستحيل من الأحاديث
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال انا علي بن محمد بن احمد المصري قال ثنا يحيى بن أيوب العلاف قال سمعت يحيى بن بكير يقول حدثني زين بن شعيب المعافري عن أبي شريح عن شراحيل بن يزيد عن مسلم بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يكون دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تعرفوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم ان يضلوكم أو يفتنوكم قال يحيى بن بكير وكان مالك بن أنس يعجب بزين بن شعيب المعافري أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا إبراهيم بن منقذ الخولاني بمصر قال حدثني إدريس بن يحيى عن بكر

بن مضر عن عمارة بن غزية عن عبد الملك بن سعيد بن سويد عن أبي أسيد أو عن أبي حميد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له اشعاركم وأبشاركم وترون انه منكم قريب فأنا أولاكم به وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون انه منكم بعيد فانا أبعدكم منه أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال ثنا أبو العباس محمد بن نصر بن مكرم المعدل وأحمد بن إبراهيم بن شاذان قالا ثنا أبو بكر بن أبي داود قال ثنا المسيب بن واضح قال ثنا سليم أبو مسلم المكي وهو بن مسلم عن يونس بن يزيد عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما حدثتم عني مما تعرفونه فخذوه وما حدثتم عني مما تنكرونه فلا تأخذوا به قال فإني لا أقول المنكر ولست من أهله صلى الله عليه و سلم أخبرنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل قال ثنا أحمد بن كامل القاضي قال ثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال ثنا محمد بن عبيد يعني المحاربي قال ثنا صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال سيأتيكم عني أحاديث مختلفة فما جاءكم موافقا لكتاب الله وسنتي فهو مني وما جاءكم مخالفا لكتاب الله تعالى وسنتي فليس مني أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق البزاز قال أنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن سنقة بقراءتي عليه قال ثنا الحسن بن الطيب الشجاعي قال ثنا قتيبة قال ثنا الربيع عن سيار أبي المنهال عن أبي العالية قال لا تقوم الساعة حتى يمشي إبليس في الطرق والأسواق فيقول حدثني فلان عن فلان عن النبي صلى الله عليه و سلم

بكذا أو كذا أخبرني محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج بن أحمد قال أنا أحمد بن علي الأبار قال حدثني عبد الرحيم بن خازم البلخي قال ثنا الحكم الخاستي قال سمعت حماد بن زيد يقول وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه و سلم اثنى عشر الف حديث أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه قال ثنا محمد بن خلف بن جيان الخلال قال ثنا الحسين بن إسماعيل قال ثنا أبو أمية الطرسوسي قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن جعفر بن سليمان قال سمعت المهدي يقول أقر عندي رجل من الزنادقة انه وضع أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناس أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل قال أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن أبيه قال قال الربيع بن خثيم ان من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار نعرفه وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل ننكره كتب إلينا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي وحدثناه محمد بن يوسف النيسابوري عنه قال ثنا أبو الميمون البجلي قال ثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري قال ثنا أحمد بن أبي الحواري قال ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت الأوزاعي يقول كنا نسمع الحديث ونعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف فما عرفوا منه أخذناه وما أنكروا منه تركناه أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنا دعلج بن أحمد ثنا أحمد بن علي الأبار قال قال أبو غسان يعني زنيجا قال جرير كنت إذا سمعت الحديث جئت به الى المغيرة فعرضته عليه فما قال لي القه ألقيته

باب ذكر ما يقبل فيه خبر الواحد وما لا يقبل فيه
خبر الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلفين العلم بها والقطع عليها والعلة في ذلك انه
( ! ! إذا لم يعلم ان الخبر قول رسول الله صلى الله عليه و سلم كان أبعد من العلم بمضمونه فأما ما عدا ذلك من الاحكام التي لم يوجب علينا العلم بان النبي صلى الله عليه و سلم قررها وأخبر عن الله عز و جل بها فان خبر الواحد فيها مقبول والعمل به واجب ويكون ما ورد فيه شرعا لسائر المكلفين ان يعمل به )
وذلك نحو ما ورد في الحدود والكفارات وهلال رمضان وشوال وأحكام الطلاق والعتاق والحج والزكاة والمواريث والبياعات والطهارة والصلاة وتحريم المحظورات ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل وحكم القرآن الثابت المحكم والسنة المعلومة والفعل الجاري مجرى السنة كل دليل مقطوع به وإنما يقبل به فيما لا يقطع به مما يجوز ورود التعبد به كالاحكام التي تقدم ذكرنا لها وما أشبهها مما لم نذكره
باب القول في تعارض الاخبار وما يصح التعارض فيه وما لا يصح
حدثت عن أبي أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الحافظ قال سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول لا أعرف انه روى عن رسول الله

صلى الله عليه و سلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادان فمن كان عنده فليأت به حتى اؤلف بينهما حدثني محمد بن عبيد الله المالكي انه قرئ على القاضي أبي بكر محمد بن الطيب قال الأخبار على ضربين ضرب منها يعلم ان رسول الله صلى الله عليه و سلم تكلم به إما بضرورة أو دليل ومنها مالا يعلم كونه متكلما به وكل خبرين علم ان النبي صلى الله عليه و سلم تكلم بهما فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه وإن كان ظاهرهما متعارضين لأن معنى التعارض بين الخبرين والقرآن من أمر ونهي وغير ذلك ان يكون موجب أحدهما منافيا لموجب الآخر وذلك يبطل التكليف ان كانا أمرا ونهيا وإباحة وحظرا أو يوجب كون أحدهما صدقا والآخر كذبا ان كانا خبرين والنبي صلى الله عليه و سلم منزه عن ذلك اجمع معصوم منه باتفاق الأمة وكل مثبت للنبوة وإذا ثبت هذه الجملة وجب متى علم ان قولين ظاهرهما التعارض ونفي أحدهما لموجب الآخر أن يحمل النفي والإثبات على أنهما في زمانين أو فريقين أو على شخصين أو على صفتين مختلفتين هذا ما لا بد منه مع العلم باحالة مناقضته صلى الله عليه و سلم في شيء من تقرير الشرع والبلاغ وهذا مثل ان يعلم انه قال الصلاة واجبة على أمتي وقال أيضا ليست بواجبه أو الحج واجب على زيد هذا وهو غير واجب عليه وقد نهيت عن الفعل ولم انه عنه وهو مطيع لله فيه وهو عاص به وأمثال ذلك فيجب أن يكون المراد بهذا أو نحوه انه آمر للأمة بالصلاة في وقت وغير آمر لها بها في غيره وآمر لها بها إذا كانت متطهرة ونهيها إذا كانت محدثة وآمل لزيد بالحج إذا قدر وغير آمر إذا لم يقدر فلا بد من حمل ما علم انه تكلم به من التعارض على بعض هذه الوجوه وليس يقع التعارض بين قوليه الأبان يقدر كونه آمر بالشيء وناهيا عنه لمن أمر به على وجه ما امره به وذلك احالة في وصفه

باب القول في ترجيح الأخبار
ما أوجب العلم من الاخبار لا يصح دخول التقوية والترجيح فيه لان المعلومين إذا تعارضا استحال تقوية أحدهما على الآخر إذ العلوم كلها تتعلق بسائر المعلومات

على طريقة واحدة لا يصح التزايد والإختلاف فيها واما ما لا يوجب من الإخبار دخول التقوية والترجيح فيها إذا لم يمكن الجمع بينها في الإستعمال لتعارضها في الظاهر وإنما يصبح دخول الترجيح فيما لأنها تقتضي غلبة الظن دون العمل والقطع ومعلوم ان الظن يقوي بعضه على بعض عند كثرة الأحوال والأمور المقوية لغلبته فصح بذلك تقوية أحد الخبرين على الآخر بوجه من الوجوه فتارة بكثرة الرواة وتارة بعدالتهم وشدة ضبطهم وتارة بما يعضد أحد الخبرين من الترجيحات التي نذكرها بعد إن شاء الله وكل خبر واحد دل العقل أو نص الكتاب أو الثابت من الأخبار أو الإجماع أو الأدلة الثابتة المعلومة على صحته وجد خبر آخر يعارضه فإنه يجب اطراح ذلك المعارض والعمل بالثابت الصحيح اللازم لأن العمل بالمعلوم واجب على كل حال أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال أنا محمد بن نعيم الضبي قال ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه البخاري قال ثنا عبد العزيز بن حاتم قال ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول إجماع الناس على شيء أوثق في نفسي من سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود فمما يوجب تقوية أحد الخبرين المتعارضين وترجيحه على الآخر سلامته في متنه من الاضطراب وحصول ذلك في الآخر لان الظن بصحة ما سلم متنه من الاضطراب يقوي ويضعف في النفس سلامة ما اختلف لفظ متنه وان كان اختلافا يؤدي الى اختلاف معنى الخبر فو آكد واظهر في اضطرابه وأجدر أن يكون راويه ضعيفا قليل الضبط لما سمعه أو كثير التساهل في تغيير لفظ الحديث وان كان اختلاف اللفظ لا يوجب اختلاف معناه فهو أقرب من الوجه الأول غير أن ما لم يختلف لفظه أولى بالتقديم عليه فان قيل يجب ان تكون رواية الزيادة في المتن اضطرابا قلنا لا يجب ذلك لأنه في معنى خبرين منفصلين على ما بيناه وإن عرف محدث بكثرة الزيادات في الأحاديث التي يرويها الجماعة الحفاظ بغير زيادة وسبق الى الظن قلة ضبطه وتساهله بالتغيير والزيادة قدم خبر غيره عليه

ومما يوجب ذلك أيضا ان يكون سنده عاريا من الاضطراب وسند الآخر مضطربا واضطراب السند أن يذكر راويه رجالا فيلبس اسماءهم وانسابهم ونعوتهم تدليسا للرواية عنهم وانما يفعل ذلك غالبا في الرواية عن الضعفاء وقد يرجح أحد الخبرين بان يكون مرويا في تضاعيف قصة مشهورة متداولة معروفة عند أهل النقل لأن ما يرويه الواحد مع غيره أقرب في النفس الى الصحة مما يرويه الواحد عاريا عن قصة مشهورة وقد يرجح أيضا بضبط راويه وحفظه وقلة غلطه لأن الظن يقوى بذلك أخبرنا محمد بن جعفر بن علان الوراق قال أنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي قال ثنا أبو يعلى أحمد بن علي قال ثنا الحارث بن سريج قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول انما يستدل على حفظ المحدث إذا لم يختلف عليه الحفاظ ويرجح أيضا بأن يقول راويه سمعت فلانا ويقول راوي الآخر كتب الى فلان لأن المخبر عن السماع والتلقي إذا كان ضابطا أبعد عن الغلط فيما سمعه والآخر يخبر عن كتاب يجوز دخول التحريف والغلط فيه ويرجع أيضا بأن يكون أحدهما منسوبا الى النبي صلى الله عليه و سلم ومرفوعا اليه والآخر مختلفا فيه فيروي تارة مرفوعا وأخرى موقوفا لان ما كان مختلفا فيه أمكن ان لا يكون مرفوعا ولا يمكن مثل ذلك فيما اجمع انه عن النبي صلى الله عليه و سلم ويرجع بان يكون أحدهما قد اختلف النقلة على راويه فمنهم من يروي عنه الحديث في اثبات حكم عن النبي صلى الله عليه و سلم ومنهم من يرويه عنه في نفى ذلك الحكم والآخر لم يختلف نقلته في انه روى أحدهما ويرجح بأن يكون راوي الخبر من هو صاحب القصة والآخر ليس كذلك وهذا نحو رواية ميمونة بنت الحارث قالت تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله

وسلم ونحن حلالان فوجب تقديم خبرها على خبر بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه و سلم تزوجها وهو محرم لأنها اعرف بالقصة ويرجح بان يوافق مسند المحدث مرسل غيره من الثقات فيجب ترجيح ما اجتمع فيه الإتصال والإرسال على ما انفرد عن ذلك ويرجح بان يطابق أحد المتعارضين عمل الأمة بموجبه لجواز أن تكون عملت بذلك لأجله ولم تعمل بموجب الآخر لعلة فيه ويرجح بكثرة الرواة لأحد الخبرين لان الغلط عنهم والسهو ابعد وهو الى الأقل أقرب ويرجح بان يكون رواته فقهاء لان عناية الفقيه بما يتعلق من الاحكام أشد من عناية غيره بذلك أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الواحد المروروذي قال ثنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ بنيسابور قال ثنا أبو الطيب محمد بن أحمد المذكر قال ثنا إبراهيم بن محمد المروزي عن علي بن خشرم قال قال لنا وكيع أي الإسنادين احب اليكم الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فقلنا الأعمش عن أبي وائل فقال يا سبحان الله الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ وسفيان فقيه ومنصور فقيه إبراهيم فقيه وعلقمة فقيه وحديث تداوله الفقهاء خير من ان يتداوله الشيوخ أخبرني علي بن أبي علي البصري قال ثنا محمد بن خلف بن محمد الخلال قال ثنا محمد بن هارون بن حميد قال ثنا إبراهيم بن سعيد قال سمعت وكيعا يقول حديث الفقهاء احب الي من حديث المشايخ ويرجح بأن يكون أحد الخبرين خارجا على وجه البيان للحكم والآخر ليس كذلك وهذا نحو قول النبي صلى الله عليه و سلم أيما إهاب دبغ فقد طهر ولم يفصل بين جلد ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل فهو مقدم على ما روى عنه من نهيه عن جلود السباع ان تفترش لأنه لم يقصد بذلك النهي بيان نجاستها بل يجوز ان يكون نهى عن ذلك لأن في افتراشها خيلاء وتشبها بملوك الأعاجم وليس

في الخبر تصريح بنجاستها فوجب تقديم خبر الدباغ أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال ثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن حيان قال ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب قال ثنا أبو حاتم يعني الرازي قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله الأصل قرآن وسنة فان لم يكن فقياس عليهما وإذا اتصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وصح الاخذ منه فهو سنة والإجماع أكبر من الخبر المفرد والحديث على ظاهره فإذا احتمل المعاني فما اشبه منها ظاهره أولاها به وإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسنادا أولاها وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع بن المسيب ولا يقاس أصل على أصل ولا يقال لاصل نم وكيف وانما يقال للفرع لم فإذا صح قياسه على الأصل صح وقامت به الحجة

أقسام الكتاب
1 2 3