كتاب : الإتقان في علوم القرآن
المؤلف : عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي

النوع الستون
في فواتح السور
5204 - أفردها بالتأليف ابن أبي الأصبع في كتاب سماه الخواطر السوانح في أسرار الفواتح وأنا ألخص هنا ما ذكره مع زوائد من غيره
5205 - اعلم أن الله افتتح سور القرآن بعشرة أنواع من الكلام لا يخرج شيء من السور عنها
5206 - الأول الثناء عليه تعالى والثناء قسمان إثبات لصفات المدح ونفي وتنزيه من صفات النقص فالأول التحميد في خمس سور وتبارك في سورتين والثاني التسبيح في سبع سور
قال الكرماني في متشابه القرآن التسبيح كلمة استأثر الله بها فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل لأنه الأصل ثم بالماضي في الحديد والحشر لأنه أسبق الزمانين ثم بالمضارع في الجمعة والتغابن ثم بالأمر في الأعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها
5207 - الثاني حروف التهجي في تسع وعشرين سورة وقد مضى الكلام عليها مستوعبا في نوع المتشابه ويأتي الإلمام بمناسباتها في نوع المناسبات
5208 - الثالث النداء في عشر سور خمس بنداء الرسول الأحزاب والطلاق والتحريم والمزمل والمدثر وخمس بنداء الأمة النساء والمائدة والحج والحجرات والممتحنة
5209 - الرابع الجمل الخبرية نحو يسألونك عن الأنفال براءة من الله أتى أمر الله اقترب للناس حسابهم قد أفلح المؤمنون سورة

أنزلناها تنزيل الكتاب الذين كفروا إنا فتحنا قتربت الساعة الرحمن علم قد سمع الله الحاقة سأل سائل إنا أرسلنا نوحا لا أقسم في موضعين عبس إنا أنزلناه لم يكن القارعة ألهاكم إنا أعطيناك فتلك ثلاث وعشرون سورة
5210 - الخامس القسم في خمس عشرة سورة سورة أقسم فيها بالملائكة وهي والصافات وسورتان بالأفلاك البروج والطارق وست سور بلوازمها فالنجم قسم بالثريا والفجر بمبدأ النهار والشمس بآية النهار والليل بشطر الزمان والضحى بشطر النهار والعصر بالشطر الآخر أو بجملة الزمان
وسورتان بالهواء الذي هو أحد العناصر والذاريات والمرسلات وسورة بالتربة التي هي منها أيضا وهي الطور وسورة بالنبات وهي والتين وسورة بالحيوان الناطق وهي والنازعات وسورة بالبهيم وهي والعاديات
5211 - السادس الشرط في سبع سور الواقعة والمنافقون والتكوير والانفطار والانشقاق والزلزلة والنصر
5212 - السابع الأمر في ست سور قل أوحي اقرأ قل يا أيها الكافرون قل هو الله أحد قل أعوذ المعوذتين
5213 - الثامن الاستفهام في ست سور عم يتساءلون هل أتاك ألم نشرح ألم تر أرأيت
5214 - التاسع الدعاء في ثلاث ويل للمطففين ويل لكل همزة تبت
5215 - العاشر التعليل في لإيلاف قريش هكذا جمع أبو شامة قال وما ذكرناه في الدعاء يجوز أن يذكر مع الخبر وكذا الثناء كله خبر إلا سبح فإنه في قسم الأمر وسبحان يحتمل الأمر الدعاء والخبر
ثم نظم ذلك في بيتين فقال
أثنى على نفسه سبحانه بثبوت ... الحمد والسلب لما استفتح السورا
والأمر شرط الندا والتعليل والقسم الدعا ... حروف التهجي استفهم الخبرا
5216 - وقال أهل البيان من البلاغة حسن الابتداء وهو أن يتأنق في أول الكلام لأنه أول ما يقرع السمع فإن كان محررا أقبل السامع على الكلام ووعاه وإلا أعرض عنه ولو كان الباقي في نهاية الحسن فينبغي أن يؤتى فيه بأعذب اللفظ

وأجزله وأرقه وأسلسه وأحسنه نظما وسبكا وأصحه معنى وأوضحه وأخلاه من التعقيد والتقديم والتأخير الملبس أو الذي لا يناسب
قالوا وقد أتت جميع فواتح السور على أحسن الوجوه وأبلغها وأكملها كالتحميدات وحروف الهجاء والنداء وغير ذلك
5217 - ومن الابتداء الحسن نوع أخص منه يسمى براعة الاستهلال وهو أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه ويشير إلى ما سيق الكلام لأجله والعلم الأسنى في ذلك سورة الفاتحة التي هي مطلع القرآن فإنها مشتملة على جميع مقاصده كما قال البيهقي في شعب الإيمان أخبرنا أبو القاسم بن حبيب أنبأنا محمد بن صالح بن هانئ أنبأنا الحسين بن الفضل حدثنا عفان بن مسلم عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان القرآن ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب
فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة
5218 - وقد وجه ذلك بأن العلوم التي احتوى عليها القرآن قامت بها الأديان أربعة علم الأصول ومداره على معرفة الله وصفاته وإليه الإشارة ب رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة النبوات وإليه الإشارة ب الذين أنعمت عليهم ومعرفة المعاد وإليه الإشارة ب مالك يوم الدين
وعلم العبادات وإليه الإشارة ب إياك نعبد وعلم السلوك وهو حمل النفس على الآداب الشرعية والانقياد لرب البرية وإليه الإشارة ب إياك نستعين إهدنا الصراط المستقيم
وعلم القصص وهو الاطلاع على أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية ليعلم المطلع على ذلك سعادة من أطاع الله وشقاوة من عصاه وإليه الإشارة بقوله صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
فنبه في الفاتحة على جميع مقاصد القرآن وهذا هو الغاية في براعة الاستهلال مع ما اشتملت عليه من الألفاظ الحسنة والمقاطع المستحسنة وأنواع البلاغة
وكذلك أول سورة اقرأ فإنها مشتملة على نظير ما اشتملت عليه الفاتحة من براعة الاستهلال لكونها أول ما أنزل من القرآن فإن فيها الأمر بالقراءة والبداءة

فيها باسم الله وفيه الإشارة إلى علم الأحكام وفيها ما يتعلق بتوحيد الرب وإثبات ذاته وصفاته من صفة ذات وصفه فعل
وفي هذه الإشارة إلى أصول الدين وفيها ما يتعلق بالإخبار من قوله علم الإنسان ما لم يعلم ولهذا قيل إنها جديرة أن تسمى عنوان القرآن لأن عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله

النوع الحادى والستون
فىخواتم السور
5219 - هى أيضا مثل الفواتح فى الحسن لأنها آخر ما يقرع الأسماع فلهذا جاءت متضمنة للمعاني البديعة مع إيذان السامع بانتهاء الكلام حتى يبقى معه للنفوس تشوق إلى ما يذكر بعد لأنها بين أدعية ووصايا وفرائض وتحميد وتهليل ومواعظ ووعد ووعيد إلى غير ذلك كتفصيل جملة المطلوب في خاتمة الفاتحة إذ المطلوب الأعلى الإيمان المحفوظ من المعاصي المسببة لغضب الله والضلال ففصل جملة ذلك بقوله الذين أنعمت عليهم والمراد المؤمنون ولذلك أطلق الإنعام ولم يقيده ليتناول كل إنعام لأن من أنعم الله عليه بنعمة الإيمان فقد أنعم عليه بكل نعمة لأنها مستتبعة لجميع النعم ثم وصفهم بقوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين يعني أنهم جمعوا بين النعم المطلقة وهي نعمة الإيمان وبين السلامة من غضب الله تعالى والضلال المسببين عن معاصيه وتعدي حدوده
وكالدعاء الذي اشتملت عليه الآيتان من آخر سورة البقرة
وكالوصايا التي ختمت بها سورة آل عمران
والفرائض التي ختمت بها سورة النساء وحسن الختم بها لما فيها من أحكام الموت الذي هو آخر أمر كل حي ولأنها آخر ما أنزل من الأحكام
وكالتبجيل والتعظيم الذي ختمت به المائدة
وكالوعد والوعيد الذي ختمت به الأنعام
وكالتحريض على العبادة بوصف حال الملائكة الذي ختمت به الأعراف
وكالحض على الجهاد وصلة الأرحام الذي ختم به الأنفال

وكوصف الرسول ومدحه والتهليل الذي ختمت به براءة
وتسليته الذي ختمت به يونس ومثلها خاتمة هود ووصف القرآن ومدحه الذي ختم به يوسف والوعيد والرد على من كذب الرسول الذي ختم به الرعد
ومن أوضح ما آذن بالختام خاتمة إبراهيم هذا بلاغ للناس . . الآية ومثلها خاتمة الأحقاف وكذا خاتمة الحجر بقوله واعبد ربك حتى يأتيك اليقين وهو مفسر بالموت فإنها في غاية البراعة
وانظر إلى سورة الزلزلة كيف بدئت بأهوال القيامة وختمت بقوله فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
وانظر براعة آخر آية نزلت وهي قوله واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله وما فيها من الإشعار بالآخرية المستلزمة للوفاة
وكذلك آخر سورة نزلت وهي سورة النصر فيها الإشعار بالوفاة كما أخرج البخاري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أن عمر سألهم عن قوله إذا جاء نصر الله والفتح فقالوا فتح المدائن والقصور قال ما تقول يا بن عباس قال أجل ضرب لمحمد نعيت له نفسه
وأخرج أيضا عنه قال كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله فقال عمر إنه من قد علمتم ثم دعاهم ذات يوم فقال ما تقولون في قول الله إذا جاء نصر الله والفتح فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لي أكذلك تقول يا بن عباس فقلت لا قال فما تقول قلت هو أجل رسول الله أعلمه به قال إذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا فقال عمر إني لا أعلم منها إلا ما تقول

النوع الثاني والستون
في مناسبة الآيات والسور
5220 - أفرده بالتأليف العلامة أبو جعفر بن الزبير شيخ أبي حيان في كتاب سماه البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن ومن أهل العصر الشيخ برهان الدين البقاعي في كتاب سماه نظم الدرر في تناسب الآي والسور وكتابي الذي صنعته في أسرار التنزيل كافل بذلك جامع لمناسبات السور والآيات مع ما تضمنه من بيان وجوه الإعجاز وأساليب البلاغة وقد لخصت منه مناسبات السور خاصة في جزء لطيف سميته تناسق الدرر في تناسب السور
5221 - وعلم المناسبة علم شريف قل اعتناء المفسرين به لدقته
وممن أكثر فيه الإمام فخر الدين وقال في تفسيره
أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط
5222 - وقال ابن العربي في سراج المريدين ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني منتظمة المباني علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة ثم فتح الله لنا فيه فلما لم نجد له حملة ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه
5223 - وقال غيره أول من أظهر علم المناسبة الشيخ أبو بكر النيسابوري وكان غزير العلم في الشريعة والأدب وكان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه

السورة وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة
5224 - وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام المناسبة علم حسن لكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط ومن ربط ذلك فهو متكلف بما لا يقدر عليه إلا بربط ركيك يصان عن مثله حسن الحديث فضلا عن أحسنه فإن القرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة شرعت لأسباب مختلفة وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض
5225 - وقال الشيخ ولي الدين الملوي قد وهم من قال لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المفرقة
وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلا وعلى حسب الحكمة ترتيبا وتأصيلا فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف كما أنزل جملة إلى بيت العزة ومن المعجز البين أسلوبه ونظمه الباهر والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففي ذلك علم جم وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له
انتهى
5226 - وقال الإمام الرازي في سورة البقرة ومن تأمل في لطائف نظم هذه السورة وفي بدائع ترتيبها علم أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه فهو أيضا بسبب ترتيبه ونظم آياته ولعل الذين قالوا إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك إلا أني رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف غير منتبهين لهذه الأسرار وليس الأمر في هذا الباب إلا كما قيل
والنجم تستصغر الأبصار صورته ... والذنب للطرف لا للنجم في الصغر

فصل
5227 - المناسبة في اللغة المشاكلة والمقاربة ومرجعها في الآيات ونحوها إلى معنى رابط بينها عام أو خاص عقلي أو حسي أو خيالي أو غير ذلك من أنواع العلاقات أو التلازم الذهني كالسبب والمسبب والعلة والمعلول والنظيرين والضدين ونحوه

وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا بأعناق بعض فيقوى بذلك الارتباط ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء فنقول ذكر الآية بعد الأخرى إما أن يكون ظاهر الارتباط لتعلق الكلم بعضه ببعض وعدم تمامه بالأولى فواضح
وكذلك إذا كانت الثانية للأولى على وجه التأكيد أو التفسير أو الاعتراض أو البدل وهذا القسم لا كلام فيه
وإما إلا يظهر الارتباط بل يظهر أن كل جملة مستقلة عن الأخرى وأنها خلاف النوع المبدوء به
فإما أن تكون معطوفة على الأولى بحرف من حروف العطف المشتركة في الحكم أو لا فإن كانت معطوفة فلا بد أن يكون بينهما جهة جامعة على ما سبق تقسيمه كقوله تعالى يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وقوله والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون للتضاد بين القبض والبسط والولوج والخروج والنزول والعروج وشبه التضاد بين السماء والأرض
ومما الكلام فيه التضاد ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب والرغبة بعد الرهبة وقد جرت عادة القرآن إذا ذكر أحكاما ذكر بعدها وعدا ووعيدا ليكون باعثا على العمل بما سبق ثم يذكر آيات توحيد وتنزيه ليعلم عظم الآمر والناهي وتأمل سورة البقرة والنساء والمائدة تجده كذلك
وإن لم تكن معطوفة فلا بد من دعامة تؤذن باتصال الكلام وهي قرائن معنوية تؤذن بالربط
5228 - وله أسباب
أحدها التنظير فإن إلحاق النظير بالنظير من شأن العقلاء كقوله كما أخرجك ربك من بيتك بالحق عقب قوله أولئك هم المؤمنون حقا فإنه تعالى أمر رسوله أن يمضي لأمره في الغنائم على كره من أصحابه كما مضى لأمره في خروجه من بيته لطلب العير أو للقتال وهم له كارهون والقصد أن كراهتهم لما فعله من قسمة الغنائم ككراهتهم للخروج وقد تبين في الخروج الخير من الظفر والنصر

والغنيمة وعز الإسلام فكذا يكون فيما فعله في القسمة فليطعيوا ما أمروا به ويتركوا هوى أنفسهم
5229 - الثاني المضادة كقوله في سورة البقرة إن الذين كفروا سواء عليهم . . الآية فإن أول السورة كان حديثا عن القرآن وأن من شأنه الهداية للقوم الموصوفين بالإيمان فلما أكمل وصف المؤمنين عقب بحديث الكافرين فبينهما جامع وهمي بالتضاد من هذا الوجه وحكمته التشويق والثبوب على الأول كما قيل وبضدها تتبين الأشياء
فإن قيل هذا جامع بعيد لأن كونه حديثا عن المؤمنين بالعرض لا بالذات والمقصود بالذات هو مساق الكلام إنما هو الحديث عن القرآن لأنه مفتتح القول
قيل لا يشترط في الجامع ذلك بل يكفي التعلق على أي وجه كان ويكفي وجه الربط ما ذكرناه لأن القصد تأكيد أمر القرآن والعمل به والحث على الإيمان ولهذا لما فرغ من ذلك قال وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فرجع إلى الأول
5230 - الثالث الاستطراد كقوله تعالى يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوأتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير قال الزمخشري هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقب ذكر بدو السوءات وخصف الورق عليهما إظهارا للمنة فيما خلق من اللباس ولما في العري وكشف العورة من المهانة والفضيحة وإشعارا بأن الستر باب عظيم من أبواب التقوى
وقد خرجت على الاستطراد قوله تعالى لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون فإن أول الكلام ذكر للرد على النصارى الزاعمين نبوة المسيح ثم استطرد للرد على العرب الزاعمين بنوة الملائكة
ويقرب من الاستطراد حتى لا يكادان يفترقان حسن التخلص وهو أن ينتقل مما ابتدئ به الكلام إلى المقصود على وجه سهل يختلسه اختلاسا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع عليه الثاني لشدة الالتئام بينهما

5231 - وقد غلط أبو العلاء محمد بن غانم في قوله لم يقع منه في القرآن شيء لما فيه من التكلف
وقال إن القرآن إنما ورد على الاقتضاب الذي هو طريقة العرب من الانتقال إلى غير ملائم
وليس كما قال ففيه من التخلصات العجيبة ما يحير العقول
5232 - وانظر إلى سورة الأعراف كيف ذكر فيها الأنبياء والقرون الماضية والأمم السالفة ثم ذكر موسى إلى أن قص حكاية السبعين رجلا ودعائه لهم ولسائر أمته بقوله واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة وجوابه تعالى عنه ثم تخلص بمناقب سيد المرسلين بعد تخلصه لأمته بقوله قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين من صفاتهم كيت وكيت وهم الذين يتبعون الرسول النبي الأمي
وأخذ في صفاته الكريمة وفضائله
5233 - وفي سورة الشعراء حكى قول إبراهيم ولا تخزني يوم يبعثون فتخلص منه إلى وصف المعاد بقوله يوم لا ينفع مال ولا بنون . . الخ
5234 - وفي سورة الكهف حكى قول ذي القرنين في السد بعد دكه الذي هو من أشراط الساعة ثم النفخ في الصور وذكر الحشر ووصف مآل الكفار والمؤمنين
5235 - وقال بعضهم الفرق بين التخلص والاستطراد أنك في التخلص تركت ما كنت فيه بالكلية وأقبلت على ما تخلصت إليه وفي الاستطراد تمر بذكر الأمر الذي استطردت إليه مرورا كالبرق الخاطف ثم تتركه وتعود إلى ما كنت فيه كأنك لم تقصده وإنما عرض عروضا
قيل وبهذا يظهر أن ما في سورتي الأعراف والشعراء من باب الاستطراد لا التخلص لعوده في الأعراف إلى قصة موسى بقوله ومن قوم موسى أمة . . إلى آخره
وفي الشعراء إلى ذكر الأنبياء والأمم
5236 - ويقرب من حسن التخلص الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع مفصولا بهذا كقوله في سورة ص بعد ذكر الأنبياء هذا ذكر وإن للمتقين

لحسن مآب فإن هذا القرآن نوع من الذكر لما انتهى ذكر الأنبياء وهو نوع من التنزيل أراد أن يذكر نوعا آخر وهو ذكر الجنة وأهلها ثم لما فرغ قال هذا وإن للطاغين لشر مآب فذكر النار وأهلها
5237 - قال ابن الأثير هذا في هذا المقام من الفصل الذي هو أحسن من الوصل وهي علاقة أكيدة بين الخروج من كلام إلى آخر
ويقرب منه أيضا حسن المطلب قال الزنجاني والطيبي وهو أن يخرج إلى الغرض بعد تقدم الوسيلة كقوله إياك نعبد وإياك نستعين
5238 - قال الطيبي ومما اجتمع فيه حسن التخلص والمطلب معا قوله تعالى حكاية عن إبراهيم فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين إلى قوله رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين

قاعدة
5239 - قال بعض المتأخرين الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات في جميع القرآن هو أنك تنظر إلى الغرض الذي سيقت له السورة وتنظر ما يحتاج إليه ذلك الغرض من المقدمات وتنظر إلى مراتب تلك المقدمات في القرب والبعد من المطلوب وتنظر عند انجرار الكلام في المقدمات إلى ما يستتبعه من استشراف نفس السامع إلى الأحكام أو اللوازم التابعة له التي تقتضي البلاغة شفاء الغليل بدفع عناء الاستشراف إلى الوقوف عليها فهذا هو الأمر الكلي المهيمن على حكم الربط بين جميع أجزاء القرآن فإذا فعلته تبين لك وجه النظم مفصلا بين كل آية وآية في كل سورة
انتهى
تنبيه
5240 - من الآيات ما أشكلت مناسبتها لما قبلها من ذلك قوله تعالى في

سورة القيامة لا تحرك به لسانك لتعجل به . . الآيات فإن وجه مناسبتها لأول السورة وآخرها عسر جدا فإن السورة كلها في أحوال القيامة حتى زعم بعض الرافضة أنه سقط من السورة شيء وحتى ذهب القفال فيما حكاه الفخر الرازي أنها نزلت في الإنسان المذكور قبل في قوله ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر قال يعرض عليه كتابه فإذا أخذ في القراءة تلجلج خوفا فأسرع في القراءة فيقال له لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا أن نجمع عملك وأن نقرأ عليك فإذا قرأناه عليك فاتبع قرآنه بالإقرار بأنك فعلت ثم إن علينا بيان أمر الإنسان وما يتعلق بعقوبته
انتهى
وهذا يخالف ما ثبت في الصحيح أنها نزلت في تحريك النبي لسانه حالة نزول الوحي عليه
5241 - وقد ذكر الأئمة لها مناسبات
منها أنه تعالى لما ذكر القيامة وكان من شأن من يقصر عن العمل لها حب العاجلة وكان من أصل الدين أن المبادرة إلى أفعال الخير مطلوبة فنبه على أنه قد يعترض على هذا المطلوب ما هو أجل منه وهو الإصغاء إلى الوحي وتفهم ما يرد منه والتشاغل بالحفظ قد يصد عن ذلك فأمر بألا يبادر إلى التحفظ لأن تحفيظه مضمون على ربه وليصغ إلى ما يرد عليه إلى أن ينقضي فيتبع ما اشتمل عليه
ثم لما انقضت الجملة المعترضة رجع الكلام إلى ما يتعلق بالإنسان المبتدأ بذكره ومن هو من جنسه فقال كلا وهي كلمة ردع كأنه قال بل أنتم يا بني آدم لكونكم خلقتم من عجل تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة
5242 - ومنها أن عادة القرآن إذا ذكر الكتاب المشتمل على عمل العبد حيث يعرض يوم القيامة أردفه بذكر الكتاب المشتمل على الأحكام الدينية في الدنيا التي تنشأ عنها المحاسبة عملا وتركا كما قال في الكهف ووضع الكتاب فترى

المجرمين مشفقين مما فيه إلى أن قال ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل الآية وقال في سبحان فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم إلى أن قال ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن . . الآية
وقال في طه يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا إلى أن قال فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه
5243 - ومنها أن أول السورة لما نزل إلى ولو ألقى معاذيره صادف أنه في تلك الحالة بادر إلى تحفظ الذي نزل وحرك به لسانه من عجلته خشية من تفلته فنزل لا تحرك به لسانك لتعجل به إلى قوله ثم إن علينا بيانه ثم عاد إلى الكلام إلى تكملة ما ابتدئ به
5244 - قال الفخر الرازي ونحوه مالو ألقى المدرس على الطالب مثلا مسألة فتشاغل الطالب بشيء عرض له فقال له ألق إلي بالك وتفهم ما أقول ثم كمل المسألة فمن لا يعرف السبب يقول ليس هذا الكلام مناسبا للمسألة بخلاف من عرف ذلك
5245 - ومنها أن النفس لما تقدم ذكرها في أول السورة عدل إلى ذكر نفس المصطفى كأنه قيل هذا شأن النفوس وأنت يا محمد نفسك أشرف النفوس فلتأخذ بأكمل الأحوال
5246 - ومن ذلك قوله تعالى يسألونك عن الأهلة . . الآية فقد يقال أي رابط بين أحكام الأهلة وبين حكم إتيان البيوت
وأجيب بأنه من باب الاستطراد لما ذكر أنها مواقيت للحج وكان هذا من أفعالهم في الحج كما ثبت في سبب نزولها ذكر معه من باب الزيادة في الجواب على ما في السؤال كما سئل عن ماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته
5247 - ومن ذلك قوله تعالى ولله المشرق والمغرب . . الآية فقد يقال ما وجه اتصاله بما قبله وهو قوله ومن أظلم ممن منع مساجد الله . . الآية

5248 - وقال الشيخ أبو محمد الجويني في تفسيره سمعت أبا الحسن الدهان بقول وجه اتصاله هو أن أن ذكر تخريب بيت المقدس قد سبق أي فلا يجرمنكم ذلك واستقبلوه فإن لله المشرق والمغرب
1 -

فصل
5249 - من هذا النوع مناسبة فواتح السور وخواتمها وقد أفردت فيه جزءا لطيفا سميته مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع
وانظر إلى سورة القصص كيف بدئت بأمر موسى ونصرته وقوله فلن أكون ظهيرا للمجرمين وخروجه من وطنه وختمت بأمر النبي بألا يكون ظهيرا للكافرين وتسليته عن إخراجه من مكة ووعده بالعود إليها لقوله في أول السورة إنا رادوه
5250 - قال الزمخشري وقد جعل الله فاتحة سورة قد أفلح المؤمنون وأورد في خاتمتها إنه لا يفلح الكافرون فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة
وذكر الكرماني في العجائب مثله
5251 - وقال في سورة ص بدأها بالذكر وختمها به في قوله إن هو إلا ذكر للعالمين
5252 - وفي سورة ن بدأها بقوله ما أنت بنعمة ربك بمجنون وختمها بقوله إنه لمجنون
5253 - ومنه مناسبة فاتحة السورة لخاتمة ما قبلها حتى أن منها ما يظهر تعلقها به لفظا كما في فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش فقد قال الأخفش اتصالها بها من باب فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا
5254 - وقال الكواشي في تفسير المائدة لما ختم سورة النساء أمرا بالتوحيد

والعدل بين العباد أكد ذلك بقوله يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود
5255 - وقال غيره إذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختم به السورة قبلها ثم هو يخفي تارة ويظهر أخرى كافتتاح سورة الأنعام بالحمد فإنه مناسب لختام المائدة من فصل القضاء كما قال تعالى وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين
وكافتتاح سورة فاطر بالحمد لله فإنه مناسب لختام ما قبلها من قوله وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل كما قال تعالى فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين وكافتتاح سورة الحديد بالتسبيح فإنه مناسب لختام سورة الواقعة بالأمر به
وكافتتاح سورة البقرة بقوله آلم ذلك الكتاب فإنه إشارة إلى الصراط في قوله اهدنا الصراط المستقيم كأنهم لما سألوا الهداية إلى الصراط قيل لهم ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب وهذا معنى حسن يظهر فيه ارتباط سورة البقرة بالفاتحة
5256 - ومن لطائف سورة الكوثر أنها كالمقابلة للتي قبلها لأن السابقة وصف الله فيها المنافق بأربعة أمور البخل وترك الصلاة والرياء فيها ومنع الزكاة فذكر فيها في مقابلة البخل إنا أعطيناك الكوثر أي الخير الكثير وفي مقابلة ترك الصلاة فصل أي دم عليها وفي مقابلة الرياء لربك أي لرضاه لا للناس وفي مقابلة منع الماعون وانحر وأراد به التصدق بلحم الأضاحي
5257 - وقال بعضهم لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم
أحدها بحسب الحروف كما في الحواميم
الثاني لموافقة أول السورة لآخر ما قبلها كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة
الثالث للتوازن في اللفظ كآخر تبت وأول الإخلاص
الرابع لمشابهة جملة السورة لجملة الأخرى كالضحى وألم نشرح

5258 - قال بعض الأئمة وسورة الفاتحة تضمنت الإقرار بالربوبية والالتجاء إليه في دين الإسلام والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية وسورة البقرة تضمنت قواعد الدين وآل عمران مكملة لمقصودها فالبقرة بمنزلة إقامة الدليل على الحكم وآل عمران بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم ولهذا ورد فيها ذكر المتشابه لما تمسك به النصارى
وأوجب الحج في آل عمران وأما في البقرة فذكر أنه مشروع وأمر بإتمامه بعد الشروع فيه وكان خطاب النصارى في آل عمران أكثر كما أن خطاب اليهود في البقرة أكثر لأن التوراة أصل والإنجيل فرع لها والنبي لما هاجر إلى المدينة دعا اليهود وجاهدهم وكان جهاده للنصارى في آخر الأمر كما كان دعاؤه لأهل الشرك قبل أهل الكتاب ولهذا كانت السور المكية فيها الدين الذي اتفق عليه الأنبياء فخوطب به جميع الناس والسور المدنية فيها خطاب من أقر بالأنبياء من أهل الكتاب والمؤمنين فخوطبوا بيا أهل الكتاب يا بني إسرائيل يأيها الذين آمنوا
وأما سورة النساء فتضمنت أحكام الأسباب التي بين الناس وهي نوعان مخلوقة لله ومقدورة لهم كالنسب والصهر ولهذا افتتحت بقوله اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ثم قال واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام فانظر هذه المناسبة العجيبة في الافتتاح وبراعة الاستهلال حيث تضمنت الآية المفتتح بها ما أكثر السورة في أحكامه من نكاح النساء ومحرماته والمواريث المتعلقة بالأرحام وأن ابتداء هذا الأمر كان بخلق آدم ثم خلق زوجه منه ثم بث منهما رجالا ونساء في غاية الكثرة
وأما المائدة فسورة العقود تضمنت بيان تمام الشرائع ومكملات الدين والوفاء بعهود الرسل وما أخذ على الأمة وبها تم الدين فهي سورة التكميل لأن فيها تحريم الصيد على المحرم الذي هو من تمام الإحرام وتحريم الخمر الذي هو من تمام حفظ العقل والدين وعقوبة المعتدين من السراق والمحاربين الذي هو من تمام حفظ الدماء والأموال وإحلال الطيبات الذي هو من تمام عبادة الله تعالى ولهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد كالوضوء والتيمم والحكم بالقرآن على كل دين ولهذا كثر فيها من لفظ الإكمال والإتمام وذكر فيها أن من ارتد عوض الله خير منه ولا يزال هذا الدين كاملا ولهذا ورد أنها آخر ما نزل لما فيها من إشارات الختم والتمام
وهذا الترتيب بين هذه السور الأربع المدنيات من أحسن الترتيب

5259 - وقال أبو جعفر بن الزبير حكى الخطابي أن الصحابة لما اجتمعوا على القرآن وضعوا سورة القدر عقب العلق استدلوا بذلك على أن المراد بهاء الكناية في قوله إنا أنزلناه في ليلة القدر الإشارة إلى قوله اقرأ قال القاضي أبو بكر ابن العربي وهذا بديع جدا
2 - فصل
5260 - قال في البرهان ومن ذلك افتتاح السور بالحروف المقطعة واختصاص كل واحدة بما بدئت به حتى لم يكن لترد الم في موضع الر ولا حم في موضع طس
قال وذلك أن كل سورة بدئت بحرف منها فإن أكثر كلماتها وحروفها مماثل له فحق لكل سورة منها ألا يناسبها غير الواردة فيها فلو وضع ق موضع ن لعدم التناسب الواجب مراعاته في كلام الله وسورة ق بدئت به لما تكرر فيها من الكلمات بلفظ القاف من ذكر القرآن والخلق وتكرير القول ومراجعته مرارا والقرب من ابن آدم وتلقي الملكين وقول العتيد والرقيب والسائق والإلقاء في جهنم والتقدم بالوعد وذكر المتقين والقلب والقرون والتنقيب في البلاد وتشقق الأرض وحقوق الوعيد وغير ذلك
وقد تكرر في سورة يونس من الكلم الواقع فيها الراء مائتا كلمة أو أكثر فلهذا افتتحت ب الر
واشتملت سورة ص على خصومات متعددة فأولها خصومة النبي مع الكفار وقولهم أجعل الآلهة إلها واحدا ثم اختصام الخصمين عند داود ثم تخاصم أهل النار ثم اختصام الملأ الأعلى ثم تخاصم إبليس في شأن آدم ثم في شأن بنيه وإغوائهم
و الم جمعت المخارج الثلاثة الحلق واللسان والشفتين على ترتيبها وذلك إشارة إلى البداية التي هي بدء الخلق والنهاية التي هي بدء الميعاد والوسط الذي هو المعاش من التشريع بالأوامر والنواهي وكل سورة افتتحت بها فهي مشتملة على الأمور الثلاثة
وسورة الأعراف زيد فيها الصاد على الم لما فيها من شرح القصص قصة

آدم فمن بعده من الأنبياء ولما فيها من ذكر فلا يكن في صدرك حرج ولهذا قال بعضهم معنى المص ألم نشرح لك صدرك
وزيد في الرعد راء لأجل قوله رفع السموات ولأجل ذكر الرعد والبرق وغيرهما
5261 - واعلم أن عادة القرآن العظيم في ذكر هذه الحروف أن يذكر بعدها ما يتعلق بالقرآن كقوله ألم ذلك الكتاب الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق المص كتاب أنزل إليك الر تلك آيات الكتاب طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى طسم تلك آيات الكتاب يس والقرآن ص والقرآن حم تنزيل الكتاب ق والقرآن إلا ثلاثت سور العنكبوت والروم ون ليس فيها ما يتعلق به وقد ذكرت حكمة ذلك في أسرار التنزيل
5262 - وقال الحزاني في معنى حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال اعلم أن القرآن منزل عند انتهاء الخلق وكمال كل الأمر بدأ فكان المتحلي به جامعا لانتهاء كل خلق وكمال كل أمر فلذلك هو قسيم الكون وهو الجامع الكامل ولذلك كان خاتما وكتابه كذلك وبدأ المعاد من حين ظهوره فاستوفى صلاح هذه الجوامع الثلاث التي قد خلت في الأولين بداياتها وتمت عنده غاياتها بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وهي صلاح الدنيا والدين والمعاد التي جمعها قوله اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمرى وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي
وفي كل صلاح إقدام وإحجام فتصير الثلاثة الجوامع ستة هي حروف القرآن الستة ثم وهب حرفا جامعا سابعا فردا لا زوج له فتمت سبعة فأدنى تلك الحروف هو حرفا صلاح الدنيا فلها حرفان حرف الحرام الذي لا تصلح النفس والبدن إلا بالتطهر منه لبعده عن تقويمها والثاني حرف الحلال الذي تصلح النفس والبدن عليه لموافقته تقويمها وأصل هذين الحرفين في التوراة وتمامهما في القرآن
ويلي ذلك حرفا صلاح المعاد أحدهما حرف الزجر والنهى الذي لا تصلح

الآخرة إلا بالتطهر منه لبعده عن حسناتها والثاني حرف الأمر الذي تصلح الآخرة عليه لتقاضيه لحسناتها وأصل هذين الحرفين في الإنجيل وتمامهما في القرآن
ويلي ذلك حرفا صلاح الدين أحدهما حرف المحكم الذي بان للعبد فيه خطاب ربه والثاني حرف المتشابه الذي لا يتبين للعبد فيه خطاب ربه من جهة قصور عقله عن إدراكه
فالحروف الخمسة للاستعمال وهذا الحرف السادس للوقوف والاعتراف بالعجز وأصل هذين الحرفين في الكتب المتقدمة كلها وتمامهما في القرآن ويختص القرآن بالحرف السابع الجامع وهو حرف المثل المبين للمثل الأعلى
ولما كان هذا الحرف هو الحمد افتتح الله به أم القرآن وجمع فيها جوامع الحروف السبعة التي بثها في القرآن فالأولى تشتمل على حرف الحمد السابع والثانية تشتمل على حرفي الحلال والحرام اللذين أقامت الرحمانية بهما الدنيا والرحيمية الآخرة والثالثة تشتمل على أمر الملك القيم على حرفي الأمر والنهي الذين يبدأ أمرهما في الدين والرابعة تشتمل على حرفي المحكم في قوله إياك نعبد والمتشابه في قوله وإياك نستعين ولما افتتح أم القرآن بالسابع الجامع الموهوب ابتدئت البقرة بالسادس المعجوز عنه وهو المتشابه
انتهى كلام الحراني
والمقصود منه هو الأخير وبقيته ينبو عنه السمع وينفر منه القلب ولا تميل إليه النفس وأنا أستغفر الله من حكايته على أني أقول في مناسبة ابتداء البقرة ب الم أحسن مما قال وهو أنه لما ابتدئت الفاتحة بالحرف المحكم الظاهر لكل أحد بحيث لا يعذر أحد في فهمه ابتدئت البقرة بمقابلة وهو الحرف المتشابه البعيد التأويل أو المستحيله
3 -

فصل
5263 - ومن هذا النوع مناسبة أسماء السور لمقاصدها وقد تقدم في النوع السابع عشر الإشارة إلى ذلك
وفي عجائب الكرماني إنما سميت السور السبع حم على الاشتراك في الاسم لما بينهن من التشاكل الذي اختصت به وهو أن كل واحدة منها استفتحت بالكتاب أو صفة الكتاب مع تقارب المقادير في الطول والقصر وتشاكل الكلام في النظام

فوائد منثورة
5264 - في المناسبات في تذكرة الشيخ تاج الدين السبكي ومن خطه نقلت سأل الأمام ما الحكمة في افتتاح سورة الإسراء بالتسبيح والكهف بالتحميد وأجاب بأن التسبيح حيث جاء مقدم على التحميد نحو فسبح بحمد ربك سبحان الله والحمد لله
وأجاب ابن الزملكاني بأن سورة سبحان لما اشتملت على الإسراء الذي كذب المشركون به النبي وتكذيبه تكذيب لله سبحانه وتعالى أتى بسبحان لتنزيه الله تعالى عما نسب إلى نبيه من الكذب وسورة الكهف لما أنزلت بعد سؤال المشركين عن قصة أصحاب الكهف وتأخر الوحي نزلت مبينة أن الله لم يقطع نعمته عن نبيه ولا عن المؤمنين بل أتم عليهم النعمة بإنزال الكتاب فناسب افتتاحها بالحمد على هذه النعمة
5265 - في تفسير الخويي ابتدئت الفاتحة بقوله الحمد لله رب العالمين فوصف بأنه مالك جميع المخلوقين وفي الأنعام والكهف وسبأ وفاطر لم يوصف بذلك بل بفرد من أفراد صفاته وهو خلق السموات والأرض والظلمات والنور في الأنعام وإنزال الكتاب في الكهف وملك ما في السموات وما في الأرض في سبأ وخلقهما في فاطر لأن الفاتحة أم القرآن ومطلعه فناسب الإتيان فيها بأبلغ الصفات وأعمها وأشملها
5266 - في العجائب للكرماني إن قيل كيف جاء يسألونك أربع مرات بغير واو يسألونك عن الأهلة يسألونك ماذا ينفقون يسألونك عن الشهر الحرام يسألونك عن الخمر ثم جاء ثلاث مرات بالواو ويسألونك ماذا ينفقون ويسألونك عن اليتامى ويسألونك عن المحيض
قلنا لأن سؤالهم عن الحوادث الأول وقع متفرقا وعن الحوادث الأخر وقع في وقت واحد فجئ بحرف الجمع دلالة على ذلك
فإن قيل كيف جاء ويسألونك عن الجبال فقل وعادة القرآن مجئ قل

في الجواب بلا فاء أجاب الكرماني بأن التقدير لو سئلت عنها فقل
فإن قيل كيف جاء وإذا سألك عبادي عني فإني قريب وعادة السؤال يجئ جوابه في القرآن بقل قلنا حذفت للإشارة إلى أن العبد في حالة الدعاء في أشرف المقامات لا واسطة بينه وبين مولاه
ورد في القرآن سورتان أولهما يأيها الناس في كل نصف سورة فالتي في النصف الأول تشتمل على شرح المبدأ والتي في الثاني على شرح المعاد

النوع الثالث والستون
في الآيات المشتبهات
5267 - أفرده بالتصنيف خلق أولهم فيما أحسب الكسائي ونظمه السخاوي وألف في توجيهه الكرماني كتابه البرهان في متشابه القرآن وأحسن منه درة التنزيل وغرة التأويل لأبي عبد الله الرازي وأحسن من هذا ملاك التأويل لأبي جعفر بن الزبير ولم أقف عليه وللقاضي بدر الدين بن جماعة في ذلك كتاب لطيف سماه كشف المعاني عن متشابه المثاني وفي كتابي أسرار التنزيل المسمى قطف الأزهار في كشف الأسرار من ذلك الجم الغفير
والقصد به إيراد القصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة بل تأتي في موضع واحد مقدما وفي آخر مؤخرا كقوله في البقرة وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة وفي الأعراف وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا
وفي البقرة وما أهل به لغير الله وسائر القرآن وما أهل لغير الله به
أو في موضع بزيادة وفي آخر بدونها نحو سواء عليهم أأنذرتهم في

البقرة وفي يس وسواء عليهم أأنذرتهم
وفي البقرة ويكون الدين لله وفي الأنفال كله لله
أو في موضع معرفا وفي آخر منكرا أو مفردا وفي آخر جمعا أو بحرف وفي آخر بحرف آخر أو مدغما وفي آخر مفكوكا وهذا النوع يتداخل مع نوع المناسبات
وهذه أمثلة منه بتوجيهها
5278 - قوله تعالى في البقرة هدى للمتقين وفي لقمان هدى ورحمة للمحسنين . . لأنه لما ذكر هنا مجموع الإيمان ناسب المتقين ولما ذكر ثم الرحمة ناسب المحسنين
5269 - قوله تعالى وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا وفي الأعراف فكلا بالفاء قيل لأن السكنى في البقرة الإقامة وفي الأعراف اتخاذ المسكن فلما نسب القول إليه تعالى وقلنا يا آدم ناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى والأكل ولذا قال فيه رغدا وقال حيث شئتما لأنه أعم
وفي الأعراف ويا آدم فأتى بالفاء الدالة على ترتيب الأكل على السكنى المأمور باتخاذها لأن الأكل بعد الاتخاذ و من حيث لا تعطى عموم معنى حيث شئتما
5270 - قوله تعالى واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل وقال بعد ذلك ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ففيه تقديم العدل وتأخيره والتعبير بقبول الشفاعة تارة وبالنفع أخرى وذكر في حكمته أن الضمير في منها راجع في الأولى إلى النفس الأولى وفي الثانية إلى النفس الثانية فبين في الأولى أن النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل وقدمت الشفاعة لأن الشافع يقدم الشفاعة عل بذل العدل عنها
وبين في الثانية أن النفس المطلوبة بجرمها لا يقبل منها عدل عن نفسها ولا

تنفعها شفاعة شافع منها وقدم العدل لأن الحاجة إلى الشفاعة إنما تكون عند رده ولذلك قال في الأولى لا يقبل منها شفاعة وفي الثانية ولا تنفعها شفاعة لأن الشفاعة إنما تقبل من الشافع وإنما تنفع المشفوع له
5271 - قوله تعالى وإذ نجيناكم من آل فرعون يسوونكم سوء العذاب يذبحون وفي إبراهيم ويذبحون بالواو لأن الأولى من كلامه تعالى لهم فلم يعدد عليهم المحن تكرما في الخطاب والثانية من كلام موسى فعددها
وفي الأعراف يقتلون وهو من تنويع الألفاظ المسمى بالتفنن
5272 - قوله تعالى وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية . . الآية وفي آية الأعراف اختلاف ألفاظ ونكتته أن آية البقرة في معرض ذكر النعم عليهم حيث قال يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي إلى آخره فناسب نسبة القول إليه تعالى وناسب قوله رغدا لأن المنعم به اتم وناسب تقديم وادخلوا الباب سجدا وناسب خطاياكم لأنه جمع كثرة وناسب الواو في وسنزيد لدلالتها على الجمع بينهما وناسب الفاء في فكلوا لأن الأكل مترتب على الدخول
وآية الأعراف افتتحت بما فيه توبيخهم وهو قولهم اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ثم اتخاذهم العجل فناسب ذلك وإذ قيل لهم وناسب ترك رغدا
والسكنى تجامع الأكل فقال وكلوا وناسب تقديم ذكر مغفرة الخطايا وترك الواو في سنزيد
ولما كان في الأعراف تبعيض الهادين بقوله ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق ناسب تبعيض الظالمين بقوله الذين ظلموا منهم ولم يتقدم في البقرة مثله فترك
وفي البقرة إشارة إلى سلامة غير الذين ظلموا لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم والإرسال أشد وقعا من الإنزال فناسب سياق ذكر النعمة في البقرة ذلك وختم آية البقرة ب يفسقون ولا يلزم منه الظلم والظلم يلزم منه الفسق فناسب كل لفظة منها سياقه
وكذا في البقرة فانفجرت وفي الأعراف فانبجست لأن الانفجار

أبلغ في كثرة الماء فناسب سياق ذكر النعم التعبير به
5273 - قوله تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة وفي آل عمران معدودات قال ابن جماعة لأن قائل ذلك فرقتان من اليهود إحداهما قالت إنما نعذب بالنار سبعة أيام عدد أيام الدنيا والأخرى قالت إنما نعذب أربعين عدة أيام عبادة آبائهم العجل فآية البقرة تحتمل قصد الفرقة الثانية حيث عبر بجمع الكثرة وآل عمران بالفرقة الأولى حيث أتى بجمع القلة
5274 - وقال أبو عبد الله الرازي إنه من باب التفنن قوله تعالى إن هدى الله هو الهدى وفي آل عمران إن الهدى هدى الله لأن الهدى في البقرة المراد به تحويل القبلة وفي آل عمران المراد به الدين لتقدم قوله لمن تبع دينكم ومعناه إن دين الله الإسلام
5275 - قوله تعالى رب اجعل هذا بلدا آمنا وفي إبراهيم هذا البلد آمنا لأن الأول دعا به قبل مصيره بلدا عند ترك هاجر وإسماعيل به وهو واد فدعا بأن يصير بلدا والثاني دعا به بعد عوده وسكنى جرهم به ومصيره بلدا فدعا بأمنه
5276 - قوله تعالى قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وفي آل عمران قل آمنا بالله وما أنزل علينا لأن الأولى خطاب للمسلمين والثانية خطاب للنبي و إلى ينتهى بها من كل جهة و على لا ينتهى بها إلا من جهة واحدة وهي العلو والقرآن يأتي المسلمين من كل جهة يأتي مبلغه إياهم منها وإنما أتى النبي من جهة العلو خاصة فناسب قوله علينا ولهذا أكثر ما جاء في جهة النبي ب على وأكثر ما جاء في جهة الأمة ب إلى
5277 - قوله تعالى تلك حدود الله فلا تقربوها وقال بعد ذلك فلا تعتدوها لأن الأولى وردت بعد نواه فناسب النهى عن قربانها والثانية بعد أوامر فناسب النهى عن تعديها وتجاوزها بأن يوقف عندها

5278 - قوله تعالى نزل عليك الكتاب وقال وأنزل التوراة والأنجيل لأن الكتاب أنزل منجما فناسب الإتيان ب نزل الدال على التكرير بخلافهما فإنهما أنزلا دفعة
5279 - قوله تعالى ولا تقتلوا أولادكم من إملاق وفي الإسراء خشية إملاق لأن الأولى خطاب للفقراء المقلين أي لآ تقتلوهم من فقر بكم فحسن نحن نرزقكم ما يزول به إملاقكم ثم قال وإياهم أي نرزقكم جميعا والثانية خطاب للأغنياء أي خشية فقر يحصل لكم بسببهم ولذا حسن نحن نرزقهم وإياكم
5280 - قوله تعالى فاستعذ بالله إنه سميع عليم وفي فصلت فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم
قال ابن جماعة لأن آية الأعراف نزلت أولا وآية فصلت نزلت ثانيا فحسن التعريف أي هو السميع العليم الذي تقدم ذكره أولا عند نزوغ الشيطان
5281 - قوله تعالى المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض وقال في المؤمنين بعضهم أولياء بعض وفي الكفار والذين كفروا بعضهم أولياء بعض لأن المنافقين ليسوا متناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة فكان بعضهم يهودا وبعضهم مشركين فقال من بعض أي في الشك والنفاق والمؤمنون متناصرون على دين الإسلام وكذلك الكفار المعلنون بالكفر كلهم أعوان بعضهم ومجتمعون على التناصر بخلاف المنافقين كما قال تعالى تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى
فهذه أمثلة يستضاء بها وقد تقدم منها كثير في نوع التقديم والتأخير وفي نوع الفواصل وفي أنواع أخر
تم الجزء الثالث من كتاب الإتقان في علوم القرآن ويليه الجزء الرابع وأوله النوع الرابع والستون في إعجاز القرآن

النوع الرابع والستون
في إعجاز القرآن
5282 - أفرده بالتصنيف خلائق منهم الخطابي والرماني والزملكاني والإمام الرازي وابن سراقة والقاضي أبو بكر الباقلاني قال ابن العربي ولم يصنف مثل كتابه
5283 - اعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة وهي إما حسية وإما عقلية وأكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية لبلادتهم وقلة بصيرتهم وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية ليراها ذوو البصائر كما قال ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا
أخرجه البخاري قيل إن معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم فلم يشاهدها إلا من حضرها ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقه العادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه
وقيل المعنى أن المعجزات الواضحة الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار كناقة صالح وعصا موسى ومعجزة القرآن تشاهد بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرا
5284 - قال في فتح الباري ويمكن نظم القولين في كلام واحد فإن محصلهما لا ينافي بعضه بعضا
ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله تعالى معجز لم يقدر واحد على معارضته بعد تحديهم بذلك قال تعالى وإن أحد من المشركين

استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله فلولا أن سماعه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه ولا يكون حجة إلا وهو معجزة
وقال تعالى وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم فأخبر أن الكتاب آية من آياته كاف في الدلالة قائم مقام معجزات غيره وآيات من سواه من الأنبياء ولما جاء به النبي إليهم وكانوا أفصح الفصحاء ومصاقع الخطباء وتحداهم على أن يأتوا بمثله وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا كما قال تعالى فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ثم تحداهم بعشر سور منه في قوله تعالى أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله ثم تحداهم بسورة في قوله أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله . . الآية ثم كرر في قوله وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله . . الآية فلما عجزوا عن معارضته والإتيان بسورة تشبهه على كثرة الخطباء فيهم والبلغاء نادى عليهم بإظهار العجز وإعجاز القرآن فقال قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا هذا وهم الفصحاء اللد وقد كانوا أحرص شيء على إطفاء نوره وإخفاء أمره فلو كان في مقدرتهم معارضته لعدلوا إليها قطعا للحجة
ولم ينقل عن أحد منهم أنه حدث نفسه بشيء من ذلك ولا رامه بل عدلوا إلى العناد تارة وإلى الإستهزاء أخرى فتارة قالوا سحر وتارة قالوا شعر وتارة قالوا أساطير الأولين كل ذلك من التحير والإنقطاع ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم وسبي ذراويهم وحرمهم وإستباحة أموالهم وقد كانوا آنف شيء وأشده حمية فلو علموا أن الإتيان بمثله في قدرتهم لبادروا إليه لأنه كان أهون عليهم كيف وقد أخرج الحاكم عن ابن عباس قال جاء الوليد بن المغيرة إلى النبي فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض

لما قبله قال قد علمت قريش أني من أكثرها مالا قال فقل فيه قولا يبلغ قومك إنك كاره له قال وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وأنه ليعلو ولا يعلى عليه وأنه ليحطم ما تحته قال لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قال دعني حتى أفكر فلما فكر قال هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره
5285 - قال الجاحظ بعث الله محمدا أكثر ما كانت العرب شاعرا وخطيبا وأحكم ما كانت لغة وأشد ما كانت عدة فدعا أقصاها وأدناها إلى توحيد الله وتصديق رسالته فدعاهم بالحجة فلما قطع العذر وأزال الشبهة وصار الذي يمنعهم من الإقرار الهوى والحمية دون الجهل والحيرة حملهم على حظهم بالسيف فنصب لهم الحرب ونصبوا له وقتل من عليتهم وأعلامهم وأعمامهم وبني أعمامهم وهو في ذلك يحتج عليهم بالقرآن ويدعوهم صباحا ومساء إلى أن يعارضوه إن كان كاذبا بسورة واحدة أو بآيات يسيرة
فكلما إزداد تحديا لهم بها وتقريعا لعجزهم عنها تكشف من نقصهم ما كان مستورا وظهر منه ما كان خفيا فحين لم يجدوا حيلة ولا حجة قالوا له أنت تعرف من أخبار الأمم ما لا نعرف فلذلك يمكنك ما لا يمكننا
قال فهاتوها مفتريات فلم يرم ذلك خطيب ولا طمع فيه شاعر ولا طمع فيه لتكلفه ولو تكلفه لظهر ذلك ولو ظهر لوجد من يستجيده ويحامي عليه ويكايد فيه ويزعم أنه قد عارض وقابل وناقض
فدل ذلك العاقل على عجز القوم مع كثرة كلامهم وإستحالة لغتهم وسهولة ذلك عليهم وكثرة شعرائهم وكثرة من هجاه منهم وعارض شعراء أصحابه وخطباء أمته لأن سورة واحدة وآيات يسيرة كانت أنقض لقوله وأفسد لأمره وأبلغ في تكذيبه وأسرع في تفريق أتباعه من بذل النفوس والخروج من الأوطان وإنفاق الأموال
وهذا من جليل التدبير الذي لا يخفي على من هو دون قريش والعرب في الرأي والعقل بطبقات ولهم القصيد العجيب والرجز الفاخر والخطب الطوال البليغة والقصار الموجزة ولهم الأسجاع والمزدوج واللفظ المنثور
ثم يتحدى به أقصاهم بعد أن أظهر عجز أدناهم فمحال أكرمك الله أن يجتمع هؤلاء كلهم على الغلط في الأمر الظاهر والخطأ المكشوف البين مع التقريع بالنقص

والتوقيف على العجز وهم أشد الخلق أنفة وأكثرهم مفاخرة والكلام سيد عملهم وقد احتاجوا إليه والحاجة تبعث على الحيلة في الأمر الغامض فكيف بالظاهر الجليل المنفعة وكما أنه محال أن يطبقوا ثلاثا وعشرين سنة على الغلط في الأمر الجليل المنفعة فكذلك محال أن يتركوه وهم يعرفونه ويجدون السبيل إليه وهم يبذلون أكثر منه إنتهى

فصل
5286 - لما ثبت كون القرآن معجزة نبينا وجب الإهتمام بمعرفة وجه الإعجاز وقد خاض الناس في ذلك كثيرا فبين محسن ومسيء فزعم قوم أن التحدي وقع بالكلام القديم الذي صفة الذات وأن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وبه وقع عجزها وهو مردود لأن ما لا يمكن الوقوف عليه لا يتصور التحدي به والصواب ما قاله الجمهور أنه وقع بالدال على القديم وهو الألفاظ
5287 - ثم زعم النظام أن إعجازه بالصرفة أي أن الله صرف العرب عن معارضته وسلب عقولهم وكان مقدورا لهم لكن عاقهم أمر خارجي فصار كسائر المعجزات
وهذا قول فاسد بدليل قل لئن اجتمعت الإنس والجن . . الآية فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم ولو سلبوا القدرة لم يبق لهم فائدة لإجتماعهم لمنزلته منزلة إجتماع الموتى وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره هذا مع أن الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن فكيف يكون معجزا وليس فيه صفة إعجاز بل المعجز هو الله تعالى حيث سلبهم القدرة على الإتيان بمثله
وأيضا فيلزم من القول بالصرفة زوال الإعجاز بزوال زمان التحدي وخلو القرآن من الإعجاز وفي ذلك خرق لإجماع الأمة أن معجزة الرسول العظمى باقية ولا معجزة له باقية سوى القرآن
5288 - قال القاضي أبو بكر ومما يبطل القول بالصرفة أنه لو كانت المعارضة ممكنة وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزا وإنما يكون بالمنع معجزا فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه
قال وليس هذا بأعجب من

قول فريق منهم إن الكل قادرون على الإتيان بمثله وإنما تأخروا عنه لعدم العلم بوجه ترتيب لو تعلموه لوصلوا إليه به ولا بأعجب من قول آخرين إن العجز وقع منهم وأما من بعدهم ففي قدرته الإتيان بمثله وكل هذا لا يعتد به
5289 - وقال قوم وجه إعجازه ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة ولم يكن ذلك من شأن العرب
5290 - وقال آخرون ما تضمنه من الإخبار عن قصص الأولين وسائر المتقدمين حكاية من شاهدها وحضرها
5291 - وقال آخرون ما تضمنه من الإخبار عن الضمائر من غير أن يظهر ذلك منهم بقول أو فعل كقوله إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله
5292 - وقال القاضي أبو بكر وجه إعجازه ما فيه من النظم والتأليف والترصيف وأنه خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب ومباين لأساليب خطاباتهم
قال ولهذا لم يمكنهم معارضته
قال ولا سبيل إلى معرفة إعجاز القرآن من أصناف البديع التي أودعوها في الشعر لأنه ليس مما يخرق العادة بل يمكن إستدراكه بالعلم والتدريب والتصنع به كقول الشعر ورصف الخطب وصناعة الرسالة والحذق في البلاغة وله طريق تسلك فأما شأو نظم القرآن فليس له مثال يحتذي ولا إمام يقتدي به ولا يصح وقوع مثله إتفاقا
قال ونحن نعتقد أن الإعجاز في بعض القرآن أظهر وفي بعضه أدق وأغمض
5293 - وقال الإمام فخر الدين وجه الإعجاز الفصاحة وغرابة الأسلواب والسلامة من جميع العيوب
5294 - وقال الزملكاني وجه الإعجاز راجع إلى التأليف الخاص به لا مطلق التأليف بأن اعتدلت مفرداته تركيبا وزنة وعلت مركباته معنى بأن يوضع كل فن في مرتبته العليا في اللفظ والمعنى
5295 - وقال ابن عطية الصحيح والذي عليه الجمهور والحذاق في وجه

إعجازه أنه بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه وذلك أن الله أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره
والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول ومعلوم ضرورة أن أحدا من البشر لا يحيط بذلك فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة
وبهذا يبطل قول من قال إن العرب كان في قدرتها الإتيان بمثله فصرفوا عن ذلك والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط ولهذا ترى البليغ ينقح القصيدة أو الخطبة حولا ثم ينظر فيها فيغير فيها وهلم جرا وكتاب الله تعالى لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد
ونحن تتبين لنا البراعة في أكثره ويخفي علينا وجهها في مواضع لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذوق وجودة القريحة
وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة موسى بالسحرة وفي معجزة عيسى بالأطباء فإن الله إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما تكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره فكان السحر قد إنتهى في مدة موسى إلى غايته وكذلك الطب في زمن عيسى والفصاحة في زمن محمد
5296 - وقال حازم في منهاج البلغاء وجه الإعجاز في القرآن من حيث إستمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها في جميعه إستمرارا لا يوجد له فترة ولا يقدر عليه أحد من البشر وكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلا في الشيء اليسير المعدود ثم تعرض الفترات الإنسانية فينقطع طيب الكلام ورونقه فلا تستمر لذلك الفصاحة في جميعه بل توجد في تفاريق وأجزاء منه
5297 - وقال المراكشي في شرح المصباح الجهة المعجزة في القرآن تعرف بالتفكر في علم البيان وهو كما إختاره جماعة في تعريفه ما يحترز به عن الخطأ في تأديه المعنى وعن تعقيده وتعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه لمقتضى الحال لأن جهة إعجازه ليست مفردات ألفاظه وإلا لكانت قبل نزوله معجزة ولا

مجرد تأليفها وإلا لكان كل تأليف معجزا ولا إعرابها وإلا لكان كل كلام معرب معجزا ولا مجرد أسلوبه وإلا لكان الإبتداء بأسلوب الشعر معجزا والأسلوب الطريق ولكان هذيان مسيلمة معجزا ولأن الإعجاز يوجد دونه أي الأسلوب في نحو فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا فاصدع بما تؤمر
ولا بالصرف عن معارضتهم لأن تعجبهم كان من فصاحته ولأن مسيلمة وابن المقفع والمعري وغيرهم قد تعاطوها فلم يأتوا إلا بما تمجه الأسماع وتنفر منه الطباع ويضحك منه في أحوال تركيبه وبها أي بتلك الأحوال أعجز البلغاء وأخرس الفصحاء
فعلى إعجازه دليل إجمالي وهو أن العرب عجزت عنه وهو بلسانها فغيرها أحرى ودليل تفصيلي مقدمته التفكر في خواص تركيبه ونتيجته العلم بأنه تنزيل من المحيط بكل شيء علما
5298 - وقال الأصبهاني في تفسيره اعلم أن إعجاز القرآن ذكر من وجهين أحدهما إعجاز يتعلق بنفسه والثاني بصرف الناس عن معارضته فالأول إما أن يتعلق بفصاحته وبلاغته أو بمعناه أما الإعجاز المتعلق بفصاحته وبلاغته فلا يتعلق بعنصره الذي هو اللفظ والمعنى فإن ألفاظه ألفاظهم قال تعالى قرآنا عربيا بلسان عربي ولا بمعانيه فإن كثيرا منها موجود في الكتب المتقدمة قال تعالى وإنه لفي زبر الأولين وما هو في القرآن من المعارف الإلهية وبيان المبدإ والمعاد والإخبار بالغيب فإعجازه ليس براجع إلى القرآن من حيث هو قرآن بل لكونها حاصلة من غير سبق تعليم وتعلم ويكون الإخبار بالغيب إخبارا بالغيب سواء كان بهذا النظم أو بغيره موردا بالعربية أو بلغة أخرى بعبارة أو بإشارة فإذن النظم المخصوص صورة القرآن واللفظ والمعنى عنصره وبإختلاف الصور يختلف حكم الشيء واسمه لا بعنصره كالخاتم والقرط والسوار فإنه باختلاف صورها إختلفت أسماؤها لا بعنصرها الذي هو الذهب والفضة والحديد فإن الخاتم المتخذ من الذهب ومن الفضة ومن الحديد يسمى خاتما وإن كان العنصر مختلفا وإن إتخذ خاتم وقرط وسوار من ذهب إختلفت أسماؤها بإختلاف صورها وإن كان العنصر واحدا

قال فظهر من هذا أن الإعجاز المختص بالقرآن يتعلق بالنظم المخصوص
5299 - وبيان كون النظم معجزا يتوقف على بيان نظم الكلام ثم بيان أن هذا النظم مخالف لنظم ما عداه فنقول مراتب تأليف الكلام خمس
الأولى ضم الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض لتحصل الكلمات الثلاث الإسم والفعل والحروف
والثانية تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض لتحصل الجمل المفيدة وهو النوع الذي يتداوله الناس جميعا في مخاطباتهم وقضاء حوائجهم ويقال له المنثور من الكلام
والثالثة ضم بعض ذلك إلى بعض ضما له مباد ومقاطع ومداخل ومخارج ويقال له المنظوم
والرابعة أن يعتبر في أواخر الكلام مع ذلك تسجيع ويقال له المسجع
والخامسة أن يجعل له مع ذلك وزن ويقال له الشعر والمنظوم إما محاورة ويقال له الخطابة وإما مكاتبة ويقال له الرسالة فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام ولكل من ذلك نظم مخصوص والقرآن جامع لمحاسن الجميع على نظم غير نظم شيء منها يدل على ذلك أنه لا يصح أن يقال له رسالة أو خطابة أو شعر أو سجع كما يصح أن يقال هو كلام والبليغ إذا قرع سمعه فصل بينه وبين ما عداه من النظم ولهذا قال تعالى وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنبيها على أن تأليفه ليس على هيئة نظم يتعاطاه البشر فيمكن أن يغير بالزيادة والنقصان كحالة الكتب الأخرى
5300 - قال وأما الإعجاز المتعلق بصرف الناس عن معارضته فظاهر أيضا إذا إعتبر وذلك أنه ما من صناعة محمودة كانت أو مذمومة إلا وبينها وبين قوم مناسبات خفية وإتفاقات جميلة بدليل أن الواحد يؤثر حرفة من الحرف فينشرح صدره بملابستها وتطيعه قواه في مباشرتها فيقبلها بإنشراح صدر ويزاولها باتساع قلب فلما دعا الله أهل البلاغة والخطابة الذين يهيمون في كل واد من المعاني بسلاطة لسانهم إلى معارضة القرآن وعجزهم عن الإتيان بمثله ولم يتصدوا

لمعارضته لم يخف على أولى الألباب أن صارفا إلهيا صرفهم عن ذلك وأي إعجاز أعظم من أن يكون كافة البلغاء عجزة في الظاهر عن معارضته مصروفة في الباطن عنها
إنتهى
5301 - وقال السكاكي في المفتاح اعلم أن إعجاز القرآن يدرك ولا يمكن وصفه كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة
وكما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت ولا يدرك تحصيله لغير ذوي الفطرة السليمة إلا باتقان علمي المعاني والبيان والتمرين فيهما
5302 - وقال أبو حيان التوحيدي سئل بندار الفارسي عن موضع الإعجاز من القرآن فقال هذه مسألة فيها حيف على المعنى وذلك أنه شبيه بقولك ما موضع الإنسان من الإنسان فليس للإنسان موضع من الإنسان بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته ودللت على ذاته كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء فيه إلا وكان ذلك المعنى آية في نفسه ومعجزة لمحاوله وهدى لقائله وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كلامه وأسراره في كتابه فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده
5303 - وقال الخطابي ذهب الأكثرون من علماء النظر إلى أن وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة لكن صعب عليهم تفصيلها وصغوا فيه إلى حكم الذوق
قال والتحقيق أن أجناس الكلام مختلفة ومراتبها في درجات البيان متفاوتة فمنهما البليغ الرصين الجزل ومنها الفصيح الغريب السهل ومنها الجائز الطلق الرسل وهذه أقسام الكلام الفاضل المحمود فالأول أعلاها والثاني أوسطها والثالث أدناها وأقربها فحازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة وأخذت من كل نوع شعبة فانتظم لها بانتظام هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة وهما على الإنفراد في نعوتهما كالمتضادين لأن العذوبة نتاج السهولة والجزالة والمتانة يعالجان نوعا من الزعورة فكان إجتماع الأمرين في نظمه مع نبو كل واحد منهما عن الآخر فضيلة خص بها القرآن ليكون آية بينة لنبيه

وإنما تعذر على البشر الإتيان بمثله لأمور منها أن علمهم لا يحيط بجميع أسماء اللغة العربية وأوضاعها التي هي ظروف المعاني ولا تدرك أفهامهم جميع معاني الأشياء المحمولة على تلك الألفاظ ولا تكمل معرفتهم باستيفاء جميع وجوه النظوم التي بها يكون ائتلافها وإرتباط بعضها ببعض فيتوصلوا باختيار الأفضل من الأحسن من وجوهها إلى أن يأتوا بكلام مثله وإنما يقوم الكلام بهذه الأشياء الثلاثة لفظ حاصل ومعنى به قائم ورباط لهما ناظم
وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة حتى لا ترى شيئا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه ولا ترى نظما أحسن تأليفا وأشد تلاؤما وتشاكلا من نظمه وأما معانيه فكل ذي لب يشهد له بالتقدم في أبوابه والترقي إلى أعلى درجاته
وقد توجد هذه الفضائل الثلاث على التفرق في أنواع الكلام فأما أن توجد مجموعة في نوع واحد منه فلم توجد إلا في كلام العليم القدير فخرج من هذا أن القرآن إنما صار معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف مضمنا أصح المعاني من توحيد لله تعالى وتنزيهه له في صفاته ودعاء إلى طاعته وبيان لطريق عبادته من تحليل وتحريم وحظر وإباحة ومن وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وإرشاد إلى محاسن الأخلاق وزجر عن مساويها واضعا كل شيء منها موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه ولا يتوهم في صورة العقل أمر أليق به منه مودعا أخبار القرون الماضية وما نزل من مثلات الله بمن مضى وعاند منهم منبئا عن الكوائن المستقبلة في الأعصار الآتية من الزمان جامعا في ذلك بين الحجة والمحتج له والدليل والمدلول عليه ليكون ذلك آكد للزوم ما دعا عليه وإنباء عن وجوب ما أمر به ونهي عنه
ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عنه قوى البشر ولا تبلغه قدرتهم فانقطع الخلق دونه وعجزوا عن معارضته بمثله أو مناقضته في شكله
ثم صار المعاندون له يقولون مرة إنه شعر لما رأوه منظوما ومرة أنه سحر لما رأوه معجوزا عنه غير مقدور عليه
وقد كانوا يجدون له وقعا في القلوب وقرعا في النفوس يرهبهم ويحيرهم فلم يتمالكوا أن يعترفوا به نوعا من الإعتراف ولذلك قالوا إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة
وكانوا

مرة بجهلهم يقولون أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا مع علمهم أن صاحبهم أمي وليس بحضرته من يملي أو يكتب في نحو ذلك من الأمور التي أوجبها العناد والجهل والعجز
ثم قال وقد قلت في إعجاز القرآن وجها ذهب عنه الناس وهو صنيعه في القلوب وتأثيره في النفوس فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما ولا منثورا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال ومن الروعة والمهابة في حال آخر ما يخلص منه إليه قال تعالى لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وقال الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم
إنتهى
5304 - وقال ابن سراقة إختلف أهل العلم في وجه إعجاز القرآن فذكروا في ذلك وجوها كثيرة كلها حكمة وصواب وما بلغوا في وجوه إعجازه جزءا واحدا من عشر معشاره فقال قوم هو الإيجاز مع البلاغة
وقال آخرون هو البيان والفصاحة
وقال آخرون هو الرصف والنظم
وقال آخرون هو كونه خارجا عن جنس كلام العرب من النظم والنثر والخطب والشعر مع كون حروفه في كلامهم ومعانيه في خطابهم وألفاظه من جنس كلماتهم وهو بذاته قبيل غير قبيل كلامهم وجنس آخر متميز عن أجناس خطابهم حتى إن من اقتصر على معانيه وغير حروفه أذهب رونقه ومن إقتصر على حروفه وغير معانيه أبطل فائدته فكان في ذلك أبلغ دلالة على إعجازه
وقال آخرون هو كون قارئه لا يكل وسامعه لا يمل وإن تكررت عليه تلاوته
وقال آخرون هو ما فيه من الإخبار عن الأمور الماضية
وقال آخرون هو ما فيه من علم الغيب والحكم على الأمور بالقطع

وقال آخرون هو كونه جامعا لعلوم يطول شرحها ويشق حصرها
إنتهى
5305 - وقال الزركشي في البرهان أجمع أهل التحقيق على أن الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال لا بكل واحد على إنفراده فإنه جمع ذلك كله فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع إشتماله على الجميع بل وغير ذلك مما لم يسبق فمنها الروعة التي له في قلوب السامعين وأسماعهم سواء المقر والجاحد
ومنها أنه لم يزل ولا يزال غضا طريا في أسماع السامعين وعلى ألسنة القارئين
ومنها جمعه بين صفتي الجزالة والعذوبة وهما كالمتضادين لا يجتمعان غالبا في كلام البشر
ومنها جعله آخر الكتب غنيا عن غيره وجعل غيره من الكتب المتقدمة قد يحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه كما قال تعالى إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون
5306 - وقال الرماني وجوه إعجاز القرآن تظهر من جهات ترك المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة والتحدي للكافة والصرفة والبلاغة والإخبار عن الأمور المستقبلة ونقض العادة وقياسه بكل معجزة
قال ونقض العادة هو أن العادة كانت جارية بضروب من أنواع الكلام معروفة منها الشعر ومنها السجع ومنها الخطب ومنها الرسائل ومنها المنثور الذي يدور بين الناس في الحديث فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة في الحسن تفوق به كل طريقة وتفوق الموزون الذي هو أحسن الكلام
قال وأما قياسه بكل معجزة فإنه يظهر إعجازه من هذه الجهة إذ كان سبيل فلق البحر وقلب العصا حية وما جرى هذا المجرى في ذلك سبيلا واحدا في الإعجاز إذ خرج عن العادة وقعد الخلق فيه عن المعارضة
5307 - وقال القاضي عياض في الشفا اعلم أن القرآن منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه
5308 - أولها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن

5309 - الثاني صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وإنتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له
قال وكل واحد من هذين النوعين الإيجاز والبلاغة بذاتها والأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما إذ كل واحد خارج عن قدرتها مباين لفصاحتها وكلامها خلافا لمن زعم أن الإعجاز في مجموع البلاغة والأسلوب
5310 - الوجه الثالث ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد
5311 - الرابع ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك فيورده على وجهه ويأتي به على نصه وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب
قال فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بينه لا نزاع فيها
ومن الوجوه في إعجازه غير ذلك أي وردت بتعجيز قوم في قضايا وإعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا ولا قدروا على ذلك كقوله لليهود فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا فما تمناه أحد منهم وهذا الوجه داخل في الوجه الثالث
ومنها الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته وقد أسلم جماعة عند سماع آيات منه كما وقع لجبير بن مطعم أنه سمع النبي يقرأ في المغرب بالطور قال فلما بلغ هذه الآية أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون إلى قوله المسيطرون كاد قلبي أن يطير
قال وذلك أول ما وقر الإسلام في قلبي
وقد مات جماعة عند سماع آيات منه أفردوا بالتصنيف
ثم قال ومن وجوه إعجازه كونه آية باقية لا يعدم ما بقيت الدنيا مع تكفل الله بحفظه
ومنها أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه بل الإكباب على تلاوته يزيده

حلاوة وترديده يوجب له محبة وغيره من الكلام يعادي إذا أعيد ويمل مع الترديد ولهذ وصف القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الرد
ومنها جمعه لعلوم ومعارف لم يجمعها كتاب من الكتب ولا أحاط بعلمها أحد في كلمات قليلة وأحرف معدودة
قال وهذا الوجه داخل في بلاغته فلا يجب أن يعد فنا مفردا في إعجازه
قال والأوجه التي قبله تعد في خواصه وفضائله لا إعجازه
وحقيقة الإعجاز الوجوه الأربعة

الأول
فليعتمد عليها
إنتهى
تنبيهات
الأول
5312 - إختلف في قدر المعجز من القرآن فذهب بعض المعتزلة إلى أنه متعلق بجميع القرآن والآيتان السابقتان ترده
وقال القاضي يتعلق الإعجاز بسورة طويلة كانت أو قصيرة تشبثا بظاهر قوله بسورة
وقال في موضع آخر يتعلق بسورة أو قدرها من الكلام بحيث يتبين فيه تفاضل قوى البلاغة قال فإذا كانت آية بقدر حروف سورة وإن كانت كسورة الكوثر فذلك معجز
قال ولم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقل من هذا القدر
وقال قوم لا يحصل الإعجاز بآية بل يشترط الآيات الكثيرة
وقال آخرون يتعلق بقليل القرآن وكثيره لقوله فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين قال القاضي ولا دلالة في الآية لأن الحديث التام لا تتحصل حكايته في أقل من كلمات سورة قصيرة
الثاني
5313 - اختلف في أنه هل يعلم إعجاز القرآن ضرورة قال القاضي فذهب أبو الحسن الأشعري إلى أن ظهور ذلك على النبي يعلم ضرورة وكونه معجزا

يعلم بالإستدلال قال والذي نقوله إن الأعجمي لا يمكنه أن يعلم إعجازه إلا إستدلالا وكذلك من ليس ببليغ فأما البليغ الذي قد أحاط بمذاهب العرب وغرائب الصنعة فإنه يعلم من نفسه ضرورة عجزه وعجز غيره عن الإتيان بمثله

الثالث
5314 - اختلف في تفاوت القرآن في مراتب الفصاحة بعد إتفاقهم على أنه في أعلى مراتب البلاغة بحيث لا يوجد في التراكيب ما هو أشد تناسبا ولا إعتدالا في إفادة ذلك المعنى منه فاختار القاضي المنع وأن كل كلمة فيه موصوفة بالذروة العليا وإن كان بعض الناس أحسن إحساسا له من بعض
واختار أبو نصر القشيري وغيره التفاوت فقال لا ندعي أن كل ما في القرآن أرفع الدرجات في الفصاحة وكذا قال غيره في القرآن الأفصح والفصيح
وإلى هذا نحا الشيخ عز الدين بن عبد السلام ثم أورد سؤالا وهو أنه لم لم يأت القرآن جميعه بالأفصح وأجاب عنه الصدر موهوب الجزري بما حاصله أنه لو جاء القرآن على ذلك لكان على غير النمط المعتاد في كلام العرب من الجمع بين الأفصح والفصيح فلا تتم الحجة في الإعجاز فجاء على نمط كلامهم المعتاد ليتم ظهور العجز عن معارضته ولا يقولوا مثلا أتيت بما لا قدرة لنا على جنسه كما لا يصح من البصير أن يقول للأعمى قد غلبتك بنظري لأنه يقول له إنما تتم لك الغلبة لو كنت قادرا على النظر وكان نظرك أقوى من نظري فأما إذ فقد أصل النظر فكيف يصح مني المعارضة
الرابع
5315 - قيل الحكمة في تنزيه القرآن عن الشعر الموزون مع أن الموزون من الكلام رتبته فوق رتبة غيره أن القرآن منبع الحق ومجمع الصدق وقصارى أمر الشاعر التخييل بتصور الباطل في صورة الحق والإفراط في الإطراء والمبالغة في الذم والأيذاء دون إظهار الحق وإثبات الصدق ولهذا نزه الله نبيه عنه ولأجل شهرة الشعر بالكذب سمى أصحاب البرهان القياسات المؤدية في أكثر الأمر إلى البطلان والكذب شعرية
وقال بعض الحكماء لم ير متدين صادق اللهجة مفلقا في شعره

وأما ما وجد في القرآن مما صورته صورة الموزون فالجواب عنه أن ذلك لا يسمى شعرا لأن شرط الشعر القصد ولو كان شعرا لكان كل من اتفق له في كلامه شيء موزون شاعرا فكان الناس كلهم شعراء لأنه قل أن يخلو كلام أحد عن ذلك وقد ورد ذلك على ألسنة الفصحاء فلو اعتقدوه شعرا لبادروا إلى معارضته والطعن عليه لأنهم كانوا أحرص شيء على ذلك وإنما يقع ذلك لبلوغ الكلام الغاية القصوى في الإنسجام
وقيل البيت الواحد وما كان على وزنه لا يسمى شعرا وأقل الشعر بيتان فصاعدا وقيل الرجز لا يسمى شعرا أصلا وقيل أقل ما يكون من الرجز شعرا أربعة أبيات وليس ذلك في القرآن بحال

الخامس
5316 - قال بعضهم التحدي إنما وقع للإنس دون الجن لأنهم ليسوا من أهل اللسان العربي الذي جاء القرآن على أساليبه وإنما ذكروا في قوله قل لئن اجتمعت الإنس والجن تعظيما لإعجازه لأن للهيئة الإجتماعية من القوة ما ليس للأفراد فإذا فرض إجتماع الثقلين فيه وظاهر بعضهم بعضا وعجزوا عن المعارضة كان الفريق الواحد أعجز
وقال غيره بل وقع للجن أيضا والملائكة منويون في الآية لأنهم لا يقدرون أيضا على الإتيان بمثل القرآن
قال الكرماني في غرائب التفسير إنما إقتصر في الآية على ذكر الإنس والجن لأنه كان مبعوثا إلى الثقلين دون الملائكة
السادس
5317 - سئل الغزالي عن معنى قوله تعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا
فأجاب الإختلاف لفظ مشترك بين معان وليس المراد نفي إختلاف الناس فيه بل نفى الإختلاف عن ذات القرآن يقال هذا كلام مختلف أي لا يشبه أوله آخره في الفصاحة أو هو مختلف الدعوى أي بعضه يدعو إلى الدين وبعضه يدعو إلى الدنيا وهو مختلف النظم فبعضه على وزن الشعر وبعضه منزحف وبعضه

على أسلوب مخصوص في الجزالة وبعضه على أسلوب يخالفه
وكلام الله منزه عن هذه الإختلافات فإنه على منهاج واحد في النظم مناسب أوله آخره وعلى درجة واحدة في غاية الفصاحة فليس يشتمل على الغث والسمين ومسوق لمعنى واحد وهو دعوة الخلق إلى الله تعالى وصرفهم عن الدنيا إلى الدين وكلام الآدمين تتطرق إليه هذه الإختلافات إذ كلام الشعراء والمترسلين إذا قيس عليه وجد فيه اختلاف في منهاج النظم ثم اختلاف في درجات الفصاحة بل في أصل الفصاحة حتى يشتمل على الغث والسمين فلا تتساوى رسالتان ولا قصيدتان بل تشتمل قصيدة على أبيات فصيحة وأبيات سخيفة وكذلك تشتمل القصائد والأشعار على أغراض مختلفة لأن الشعراء والفصحاء في كل واد يهيمون فتارة يمدحون الدنيا وتارة يذمونها وتارة يمدحون الجبن ويسمونه حزما وتارة يذمونه ويسمونه ضعفا وتارة يمدحون الشجاعة ويسمونها صرامة وتارة يذمونها ويسمونها تهورا ولا ينفك كلام آدمي عن هذه الإختلافات لأن منشأها إختلاف الأغراض والأحوال والإنسان تختلف أحواله فتساعده الفصاحة عند إنبساط الطبع وفرحه وتتعذر عليه عند الإنقباض وكذلك تختلف أغراضه فيميل إلى الشيء مرة ويميل عنه أخرى فيوجب ذلك إختلافا في كلامه بالضرورة فلا يصادف إنسان يتكلم في ثلاث وعشرين سنة وهي مدة نزول القرآن فيتكلم على غرض واحد ومنهاج واحد ولقد كان النبي بشرا تختلف أحواله
فلو كان هذا كلامه أو كلام غيره من البشر لوجدوا فيه إختلافا كثيرا

السابع
5318 - قال القاضي فإن قيل هل تقولون إن غير القرآن من كلام الله معجز كالتوراة والإنجيل قلنا ليس شيء من ذلك بمعجز في النظم والتأليف وإن كان معجزا كالقرآن فيما يتضمن من الإخبار بالغيوب وإنما لم يكن معجزا لأن الله تعالى لم يصفه بما وصف به القرآن ولأنا قد علمنا أنه لم يقع التحدي إليه كما وقع في القرآن ولأن ذلك اللسان لا يتأتى فيه من وجوه الفصاحة ما يقع فيه التفاضل الذي ينتهي إلى حد الإعجاز وقد ذكر ابن جني في الخاطريات في قوله قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى أن العدول عن قوله وما أن نلقي

لغرضين أحدهما لفظي وهو المزاوجة لرؤوس الآي والآخر معنوي وهو أنه تعالى أراد أن يخبر عن قوة أنفس السحرة وإستطالتهم على موسى فجاء عنهم باللفظ أتم وأوفى منه في إسنادهم الفعل إليه
ثم أورد سؤالا وهو إنا نعلم أن السحرة لم يكونوا أهل لسان فنذهب بهم هذا المذهب من صنعه الكلام وأجاب بأن جميع ما ورد في القرآن حكاية عن غير أهل اللسان من القرون الخالية إنما هو معرب عن معانيهم وليس بحقيقة ألفاظهم ولهذا لا يشك في أن قوله تعالى قالوا إن هذين لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى أن هذه الفصاحة لم تجر على لغة العجم

الثامن
5319 - قال البارزي في أول كتابه أنوار التحصيل في أسرار التنزيل اعلم أن المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض وكذلك كل واحد من جزأي الجملة قد يعبر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر ولا بد من إستحضار معاني الجمل أو إستحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ ثم إستعمال أنسبها وأفصحها وإستحضار هذا متعذر على البشر في أكثر الأحوال وذلك عتيد حاصل في علم الله تعالى فلذلك كان القرآن أحسن الحديث وأفصحه وإن كان مشتملا على الفصيح والأفصح والمليح والأملح ولذلك أمثلة منها قوله تعالى وجنى الجنتين دان لو قال مكانه وثمر الجنتين قريب لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجنى والجنتين ومن جهة أن الثمر لا يشعر بمصيره إلى حال يجني فيها ومن جهة مؤاخاة الفواصل
ومنها قوله تعالى وما كنت تتلوا من قبله من كتاب أحسن من التعبير ب تقرأ لثقله بالهمزة
ومنها لا ريب فيه أحسن من لاشك فيه لثقل الإدغام ولهذا كثر ذكر الريب
ومنها ولا تهنوا أحسن من ولا تضعفوا لخفته
و وهن العظم مني أحسن من ضعف لأن الفتحة أخف من الضمة
ومنها آمن أخف من صدق ولذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق
و آثرك

الله أخف من فضلك
و آتى أخف من أعطى
و أنذر أخف من خوف
و خير لكم أخف من أفضل لكم والمصدر في نحو هذا خلق الله يؤمنون بالغيب أخف من مخلوق و الغائب و تنكح أخف من تتزوج لأن تفعل أخف من تفعل ولهذا كان ذكر النكاح فيه أكثر
ولأجل التخفيف والاختصار استعمل لفظ الرحمة والغضب والرضا والحب والمقت في أوصاف الله تعالى مع أنه لا يوصف بها حقيقة لأنه لو عبر عن ذلك بألفاظ الحقيقة لطال الكلام كأن يقال يعامله معاملة المحب والماقت فالمجاز في مثل هذا أفضل من الحقيقة لخفته واختصاره وابتنائه على التشبيه البليغ فإن قوله فلما آسفونا انتقمنا منهم أحسن من فلما عاملونا معاملة المغضب أو فلما أتوا إلينا بما يأتيه المغضب
انتهى
5320 - التاسع قال الرماني فإن قال قائل فلعل السور القصار يمكن فيها المعارضة قيل لا يجوز فيها ذلك من قبل أن التحدي قد وقع بها فظهر العجز عنها في قوله فأتوا بسورة فلم يخص بذلك الطوال دون القصار
فإن قال فإنه يمكن في القصار أن تغير الفواصل فيجعل بدل كل كلمة ما يقوم مقامها فهل يكون ذلك معارضة قيل له لا من قبل أن المفحم يمكنه أن ينشيء بيتا واحدا ولا يفصل بطبعه بين مكسور وموزون فلو أن مفحما رام أن يجعل بدل قوافي قصيدة رؤبة
وقاتم الأعماق خاوي المخترق ... مشتبه الأعلام لماع الخفق
بكل وفد الريح من حيث انخرق ...
فجعل بدل المخترق الممزق وبدل الخفق الشفق وبدل انخرق انطلق لأمكنه ذلك ولم يثبت له به قول الشعر ولا معارضة رؤبة في هذه القصيدة عند أحد له أدنى معرفة فكذلك سبيل من غير الفواصل

النوع الخامس والستون
في العلوم المستنبطة من القرآن
5321 - قال تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء وقال ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء
5322 - وقال ستكون فتن قيل وما المخرج منها قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم
أخرجه الترمذي وغيره
5323 - وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين قال البيهقي يعني أصول العلم
5324 - وأخرج البيهقي عن الحسن قال أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان
5325 - وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة وجميع السنة شرح للقرآن
5326 - وقال أيضا جميع ما حكم به النبي فهو مما فهمه من القرآن
5327 - قلت ويؤيد هذا قوله إني لا أحل إلا ما أحل الله ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه أخرجه بهذا اللفظ الشافعي في الأم
5328 - وقال سعيد بن جبير ما بلغني حديث عن رسول الله على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله

5329 - وقال ابن مسعود إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله تعالى
أخرجهما ابن أبي حاتم
5330 - وقال الشافعي أيضا ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها فإن قيل من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة قلنا ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول وفرض علينا الأخذ بقوله
5331 - وقال الشافعي مرة بمكة سلوني عما شئتم أخبركم عنه في كتاب الله فقيل له ما تقول في المحرم يقتل الزنبور فقال بسم الله الرحمن الرحيم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
5332 - وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان عن النبي أنه قال اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر وعمر
5333 - وحدثنا سفيان عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور
5334 - وأخرج البخاري عن ابن مسعود أنه قال لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى فبلغ ذلك امرأة من بني أسد فقالت له إنه بلغني أنك لعنت كيت كيت فقال ومالي لا ألعن من لعن رسول الله وهو في كتاب الله تعالى فقالت لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه كما تقول قال لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فإنه قد نهى عنه
5335 - وحكى ابن سراقة في كتاب الإعجاز عن أبي بكر بن مجاهد أنه قال يوما ما شيء في العالم إلا وهو في كتاب الله فقيل له فأين ذكر الخانات فيه

فقال في قوله ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم فهي الخانات
5336 - وقال ابن برجان ما قال النبي من شيء فهو في القرآن به أو فيه أصله قرب أو بعد فهمه من فهمه وعمه عنه من عمه وكذا كل ما حكم به أو قضى وإنما يدرك الطالب من ذلك بقدر اجتهاده وبذل وسعه ومقدار فهمه
5337 - وقال غيره ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي ثلاثا وستين سنة من قوله في سورة المنافقين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها فإنها رأس ثلاث وستين سورة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده
5338 - وقال ابن الفضل المرسي في تفسيره جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم بها ثم رسول الله خلا ما استأثر به سبحانه وتعالى ثم ورث ذلك عنه معظم سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتضاءل أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علومه وقامت كل طائفة بفن من فنونه فاعتنى قوم بضبط لغاته وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وعددها وعدد كلماته وآياته وسوره وأحزابه وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة والآيات المتماثلة من غير تعرض لمعانيه ولا تدبر لما أودع فيه فسموا القراء
5339 - واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال واللازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى إن بعضهم أعرب مشكله وبعضهم أعربه كلمة كلمة

5340 - واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ولفظا يدل على معنيين ولفظا يدل على أكثر فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه وخاضوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين والمعاني وأعمل كل منهم فكره وقال بما اقتضاه نظره
5341 - واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية مثل قوله تعالى لو كان فيهما ءالهة إلا الله لفسدتا إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم بأصول الدين
5342 - وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضي العموم ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص والإخبار والنص والظاهر والمجمل والمحكم والمتشابه والأمر والنهي والنسخ إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن أصول الفقه
5343 - وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فأسسوا اصوله وفرعوا فروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا وسموه بعلم الفروع وبالفقه أيضا
5344 - وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السالفة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا وأول الأشياء وسموا ذلك بالتاريخ والقصص
5345 - وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال وتكاد تدكدك الجبال فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد والتحذير والتبشير وذكر الموت والمعاد والنشر والحشر والحساب والعقاب والجنة والنار فصولا من المواعظ وأصولا من الزواجر فسموا بذلك الخطباء والوعاظ
5346 - واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة يوسف

في البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤياه الشمس والقمر والنجوم ساجدة وسموه تعبير الرؤيا
واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب فإن عسر فمن الحكم والأمثال
ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم وعرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله وامر بالعرف
5347 - وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك علم الفرائض واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول واستخرجوا منه أحكام الوصايا
5348 - ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج وغير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت
5349 - ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق والمبادئ والمقاطع والمخالص والتلوين في الخطاب والإطناب والإيجاز وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع
5350 - ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها مثل الفناء والبقاء والحضور والخوف والهيبة والأنس والوحشة والقبض والبسط وما أشبه ذلك هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه
5351 - وقد احتوى على علوم أخرى من علوم الأوائل مثل الطب والجدل والهيئة والهندسة والجبر والمقابلة والنجامة وغير ذلك أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وذلك إنما باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله تعالى وكان بين ذلك قواما وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله تعالى شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ثم زاد على طب الأجسام بطب القلوب وشفاء الصدور

5352 - وأما الهيئة ففي تضاعيف سوره من الآيات التي ذكر فيها ملكوت السموات والأرض وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات
5353 - وأما الهندسة ففي قوله انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب . . الآية
5354 - وأما الجدل فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئا كثيرا ومناظرة إبراهيم نمرود ومحاجته قومه أصل في ذلك عظيم
5355 - وأما الجبر والمقابلة فقد قيل إن أوائل السور فيها ذكر مدد وأعوام وأيام لتواريخ أمم سالفة وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ مدة أيام الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض
5356 - وأما النجامة ففي قوله أو أثارة من علم فقد فسره بذلك ابن عباس
5357 - وفيه أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها كالخياطة في قوله وطفقا يخصفان
5358 - والحدادة آتوني زبر الحديد وألنا له الحديد . . الآية
5359 - والبناء في آيات
5360 - والنجاة واصنع الفلك بأعيننا
5361 - والغزل نقضت غزلها
5362 - والنسج كمثل العنكبوت اتخذت بيتا
5363 - والفلاحة أفرأيتم ما تحرثون . . الآيات
5364 - والصيد في آيات
5365 - والغوص كل بناء وغواص وتستخرجوا منه حلية

5366 - والصياغة واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا
5367 - والزجاجة صرح ممرد من قوارير المصباح في زجاجة
5368 - والفخارة فأوقد لي يا هامان على الطين
5369 - والملاحة أما السفينة . . الآية
5370 - والكتابة علم بالقلم
5371 - والخبز أحمل فوق رأسي خبزا
5372 - والطبخ بعجل حنيذ
5373 - والغسل والقصارة وثيابك فطهر
قال الحواريون وهم القصارون
5374 - والجزارة إلا ما ذكيتم
5375 - والبيع والشراء في آيات
5376 - والصبغ صبغة الله جدد بيض وحمر
5377 - والحجارة وتنحتون من الجبال بيوتا
5378 - والكيالة والوزن في آيات
5379 - والرمي وما رميت إذ رميت وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
5380 - وفيه من أسماء الآلات وضروب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع ويقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله ما فرطنا في الكتاب من شيء انتهى كلام المرسي ملخصا

5381 - وقال ابن سراقة من بعض وجوه إعجاز القرآن ما ذكر الله فيه من أعداد الحساب والجمع والقسمة والضرب والموافقة والتأليف والمناسبة والتنصيف والمضاعفة ليعلم بذلك أهل العلم بالحساب أنه صادق في قوله وأن القرآن ليس من عنده إذ لم يكن ممن خالط الفلاسفة ولا تلقى الحساب وأهل الهندسة
5382 - وقال الراغب إن الله تعالى كما جعل نبوة النبيين نبينا محمد مختتمة وشرائعهم بشريعته من وجه منتسخة ومن وجه مكملة متممة جعل كتابه المنزل عليه متضمنا لثمرة كتبه التي أولادها أولئك كما نبه عليه بقوله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وجعل من معجزة هذا الكتاب أنه مع قلة الحجم متضمن للمعنى الجم بحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه والآلات الدنيوية عن استيفائه كما نبه عليه بقوله ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله فهو وإن كان لا يخلو للناظر فيه من نور ما يريه ونفع ما يوليه
كالبدر من حيث التفت رأيته ... يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا
كالشمس في كبد السماء وضوءها ... يغشى البلاد مشارقا ومغاربا
5383 - وأخرج أبو نعيم وغيره عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال قيل لموسى عليه السلام يا موسى إنما مثل كتاب أحمد في الكتب بمنزلة وعاء فيه لبن كلما مخضته أخرجت زبدته
5384 - وقال القاضي أبو بكر بن العربي في قانون التأويل علوم القرآن خمسون علما وأربعمائة علم وسبعة آلاف علم وسبعون ألف علم على عدد كلم القرآن مضروبة في أربعة إذ لكل كلمة ظهر وبطن وحد ومطلع وهذا مطلق دون اعتبار تركيب وما بينها من روابط وهذا ما لا يحصى ولا يعلمه إلا الله
قال وأما علوم القرآن فثلاثة توحيد وتذكير وأحكام فالتوحيد يدخل فيه معرفة المخلوقات ومعرفة الخالق بأسمائه وصفاته وأفعاله والتذكير منه الوعد والوعيد والجنة والنار وتصفية الظاهر والباطن والأحكام منها التكاليف كلها وتبيين المنافع

والمضار والأمر والنهي والندب
ولذلك كانت الفاتحة أم القرآن لأن فيها الأقسام الثلاثة وسورة الإخلاص ثلثه لاشتمالها على أحد الأقسام الثلاثة وهو التوحيد
5385 - وقال ابن جرير القرآن يشتمل على ثلاثة أشياء التوحيد والإخبار والديانات ولهذا كانت سورة الإخلاص ثلثه لأنها تشمل التوحيد كله
5386 - وقال علي بن عيسى القرآن يشتمل على ثلاثين شيئا الإعلام والتشبيه والأمر والنهي والوعد والوعيد ووصف الجنة والنار وتعلم الإقراء بسم الله وبصفاته وأفعاله وتعليم الاعتراف بأنعامه والاحتجاج على المخالفين والرد على الملحدين والبيان عن الرغبة والرهبة والخير والشر والحسن والقبيح ونعت الحكمة وفصل المعرفة ومدح الأبرار وذم الفجار والتسليم والتحسين والتوكيد والتقريع والبيان عن ذم الأخلاق وشرف الآداب
5387 - وقال شيذلة وعلى التحقيق إن تلك الثلاثة التي قالها ابن جرير تشمل هذه كلها بل أضعافها فإن القرآن لا يستدرك ولا تحصى عجائبه
5388 - وأنا أقول قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها وفيه عجائب المخلوقات وملكوت السموات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثرى وبدء الخلق وأسماء مشاهير الرسل والملائكة وعيون أخبار الأمم السالفة كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة وفي الولد الذي سماه عبد الحارث ورفع إدريس وغرق قوم نوح وقصة عاد الأولى والثانية وثمود والناقة وقوم يونس وقوم شعيب الأولين والآخرين وقوم لوط وقوم تبع وأصحاب الرس وقصة إبراهيم في مجادلة قومه ومناظرته نمروذ ووضعه إسماعيل مع أمه بمكة وبنائه البيت وقصة الذبيح وقصة يوسف وما أبسطها وقصة موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتل القبطي ومسيره إلى مدين وتزوجه بنت شعيب وكلامه تعالى بجانب الطور ومجيئه إلى فرعون وخروجه وإغراق عدوه وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصعقة وقصة القتيل وذبح البقرة وقصته مع الخضر وقصته في قتال الجبارين وقصة القوم الذين ساروا في سرب من الأرض إلى الصين وقصة طالوت وداود مع

جالوت وفتنته وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ وفتنته وقصة القوم الذين خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مغرب الشمس ومطلعها وبنائه السد وقصة أيوب وذي الكفل وإلياس وقصة مريم وولادتها وعيسى وإرساله ورفعه وقصة زكريا وابنه يحيى
وقصة أصحاب الكهف وقصة أصحاب الرقيم وقصة بخت نصر وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة وقصة أصحاب الجنة وقصة مؤمن آل يس وقصة أصحاب الفيل
5389 - وفيه من شأن النبي دعوة إبراهيم به وبشارة عيسى وبعثه وهجرته ومن غزواته سرية ابن الحضرمي في البقرة وغزوة بدر في سورة الأنفال وأحد في آل عمران وبدر الصغرى فيها والخندق في الأحزاب والحديبية في الفتح والنضير في الحشر وحنين وتبوك في براءة وحجة الوداع في المائدة ونكاحه زينب بنت جحش وتحريم سريته وتظاهر أزواجه عليه وقصة الإفك وقصة الإسراء وانشقاق القمر وسحر اليهود إياه
5390 - وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته وكيفية الموت وقبض الروح وما يفعل بها بعد وصعودها إلى السماء وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة وعذاب القبر والسؤال فيه ومقر الأرواح وأشراط الساعة الكبرى وهي نزول عيسى وخروج الدجال ويأجوج ومأجوج والدابة والدخان ورفع القرآن والخسف وطلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة وأحوال البعث من النفخات الثلاث نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة القيام
والحشر والنشر وأهوال الموقف وشدة حر الشمس وظل العرش والميزان والحوض والصراط والحساب لقوم ونجاة آخرين منه وشهادة الأعضاء وإتيان الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهر والشفاعة والمقام المحمود والجنة وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والثمار والحلي والأواني والدرجات ورؤيته تعالى
والنار وأبوابها وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وألوان العذاب والزقوم والحميم
5391 - وفيه جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في حديث ومن أسمائه مطلقا ألف اسم ومن أسماء النبي جملة
5392 - وفي شعب الإيمان البضع والسبعون وشرائع الإسلام الثلاثمائة وخمسة عشر

5393 - وفيه أنواع الكبائر وكثير من الصغائر
وفيه تصديق كل حديث ورد عن النبي إلى غير ذلك مما يحتاج شرحه إلى مجلدات
5394 - وقد أفرد الناس كتبا فيما تضمنه القرآن من الأحكام كالقاضي إسماعيل وبكر بن العلاء وأبي بكر الرازي والكيا الهراسي وأبي بكر بن العربي وعبد المنعم بن الفرس وابن خويز منداد
وأفرد آخرون كتبا فيما تضمنه من علم الباطن وأفرد ابن برجان كتابا فيما تضمنه من معاضدة الأحاديث
وقد ألفت كتابا سميته الإكليل في استنباط التنزيل ذكرت فيه كل ما استنبط منه من مسألة فقهية أو أصلية أو اعتقادية وبعضا مما سوى ذلك كثير الفائدة جم العائدة يجري مجرى الشرح لما أجملته في هذا النوع فليراجعه من أراد الوقوف عليه

فصل
5395 - قال الغزالي وغيره آيات الأحكام خمسمائة آية وقال بعضهم مائة وخمسون قيل ولعل مرادهم المصرح به فإن آيات القصص والأمثال وغيرها يستنبط منها كثير من الأحكام
5396 - قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتاب الإمام في أدلة الأحكام معظم آي القرآن لا يخلوا عن أحكام مشتملة على آداب حسنة وأخلاق جميلة ثم من الآيات ما صرح فيه بالأحكام فمنها ما يؤخذ بطريق الاستنباط إما بلا ضم إلى آية أخرى كاستنباط صحة أنكحه الكفار من قوله وامرأته حمالة الحطب وصحة صوم الجنب من قوله فالآن باشروهن إلى قوله حتى يتبين لكم الخيط . . الآية
وإما به كاستنباط أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله وحمله
وفصاله في عامين قال ويستدل على الأحكام تارة بالصيغة وهو ظاهر وتارة بالإخبار مثل أحل لكم حرمت عليكم الميتة كتب عليكم الصيام وتارة بما رتب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر أو نفع أو ضر وقد نوع الشارع ذلك أنواعا كثيرة ترغيبا لعباده وترهيبا وتقريبا إلى أفهامهم فكل فعل عظمه الشرع أو مدحه أو مدح فاعله لأجله أو أحبه أو أحب فاعله أو رضي به أو رضي عن

فاعله أو وصفه بالاستقامة أو البركة أو الطيب أو أقسم به أو بفاعله كالإقسام بالشفع والوتر وبخيل المجاهدين وبالنفس اللوامة أو نصبه سببا لذكره لعبده أو لمحبته أو لثواب عاجل أو آجل أو لشكره له أو لهدايته إياه أو لإرضاء فاعله أو لمغفرة ذنبه وتكفير سيآته أو لقبوله أو لنصرة فاعله أو بشارته أو وصف فاعله بالطيب أو وصف الفعل بكونه معروفا أو نفي الحزن والخوف عن فاعله أو وعده بالأمن أو نصب سببا لولايته أو أخبر عن دعاء الرسول بحصوله أو وصفه بكونه قربة أو بصفة مدح كالحياة والنور والشفاء فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب
وكل فعل طلب الشارع تركه أو ذمه أو ذم فاعله أو عتب عليه أو مقت فاعله أو لعنه أو نفى محبته أو محبة فاعله أو الرضا به أو عن فاعله أو شبه فاعله بالبهائم أو بالشياطين أو جعله مانعا من الهدى أو من القبول أو وصفه بسوء أو كراهة أو استعاذ الأنبياء منه أو أبغضوه أو جعل سببا لنفي الفلاح أو لعذاب عاجل أو آجل أو لذم أو لوم أو ضلالة أو معصية أو وصف بخبث أو رجس أو نجس أو بكونه فسقا إو إثما أو سببا لإثم أو رجس أو لعن أو غضب أو زوال نعمة أو حلول نقمة أو حد من الحدود أو قسوة أو خزي أو ارتهان نفس أو لعداوة الله ومحاربته أو لاستهزائه أو سخريته أو جعله الله سببا لنسيانه فاعله أو وصفه نفسه بالصبر عليه أو بالحلم أو بالصفح عنه أو دعا إلى التوبة منه أو وصف فاعله بخبث أو احتقار أو نسبه إلى عمل الشيطان أو تزيينه أو تولي الشيطان لفاعله أو وصفه بصفة ذم ككونه ظلما أو بغيا أو عدوانا أو إثما أو مرضا أو تبرأ الأنبياء منه أو من فاعله أو شكوا إلى الله من فاعله أو جاهروا فاعله بالعداوة أو نهوا عن الأسى والحزن عليه أو نصب سببا لخيبة فاعله عاجلا أو آجلا أو رتب عليه حرمان الجنة وما فيها أو وصف فاعله بأنه عدو لله أو بأن الله عدوه أو أعلم فاعله بحرب من الله ورسوله أو حمل فاعله إثم غيره أو قيل فيه لا ينبغي هذا أو لا يكون أو أمر بالتقوى عند السؤال عنه أو أمر بفعل مضاده أو بهجر فاعله أو تلاعن فاعلوه في الآخرة أو تبرأ بعضهم من بعض أو دعا بعضهم على بعض أو وصف فاعله بالضلالة وأنه ليس من الله في شيء أو ليس من الرسول وأصحابه أو جعل اجتنابه سببا للفلاح أو جعله سببا لإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين أو قيل هل أنت منته أو نهى الأنبياء عن الدعاء لفاعله أو رتب عليه إبعادا أو طردا

أو لفظة قتل من فعله أو قاتله الله أو أخبر أن فاعله لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه ولا يصلح عمله ولا يهدي كيده أو لا يفلح أو قيض له الشيطان أو جعل سببا لإزاغة قلب فاعله أو صرفه عن آيات الله وسؤاله عن علة الفعل فهو دليل على المنع من الفعل ودلالته على التحريم أظهر من دلالته على مجرد الكراهة
5397 - وتستفاد الإباحة من لفظ الإحلال ونفي الجناح والحرج والإثم والمؤاخذة ومن الإذن فيه والعفو عنه ومن الامتنان بما في الأعيان من المنافع ومن السكوت عن التحريم ومن الإنكار على من حرم الشيء من الإخبار بأنه خلق أو جعل لنا والإخبار عن فعل من قبلنا من غير ذم لهم عليه
فإن اقترن بإخباره مدح دل على مشروعيته وجوبا أو استحبابا انتهى كلام الشيخ عز الدين
5398 - وقال غيره قد يستنبط من السكوت
وقد استدل جماعة على أن القرآن غير مخلوق بأن الله ذكر الإنسان في ثمانية عشر موضعا وقال إنه مخلوق وذكر القرآن في أربعة وخمسين موضعا ولم يقل إنه مخلوق ولما جمع بينهما غاير فقال الرحمن علم القرآن خلق الإنسان

النوع السادس والستون
في أمثال القرآن
5399 - أفرده بالتصنيف الإمام أبو الحسن الماوردي من كبار أصحابنا قال تعالى ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون وقال تعالى وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون
5400 - وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله ان القرآن نزل على خمسة أوجه حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فاعملوا بالحلال واجتنبوا الحرام واتبعوا المحكم وآمنوا بالمتشابه واعتبروا بالأمثال
5401 - قال الماوردي من أعظم علم القرآن علم أمثاله والناس في غفلة عنه لاشتغالهم بالأمثال وإغفالهم الممثلات والمثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام والناقة بلا زمام
5402 - وقال غيره قد عده الشافعي مما يجب على المجتهد معرفته من علوم القرآن فقال ثم معرفة ما ضرب فيه من الأمثال الدوال على طاعته المبينة لاجتناب معصيته
5403 - وقال الشيخ عز الدين إنما ضرب الله الأمثال في القرآن تذكيرا ووعظا فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب أو على إحباط عمل أو على مدح أو ذم أو نحوه فإنه يدل على الأحكام
5404 - وقال غيره ضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور كثيرة التذكير

والوعظ والحث والزجر والاعتبار والتقرير وتقريب المراد للعقل وتصويره بصورة المحسوس فإن الأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص لأنها أثبت في الأذهان لأستعانة الذهن فيها بالحواس ومن ثم كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد
وتأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر وعلى المدح والذم وعلى الثواب والعقاب وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره وعلى تحقيق أمر أو إبطاله قال تعالى وضربنا لكم الأمثال فامتن علينا بذلك لما تضمنته من الفوائد
5405 - وقال الزركشي في البرهان ومن حكمته تعليم البيان وهو من خصائص هذه الشريعة
5406 - وقال الزمخشري التمثيل إنما يصار إليه لكشف المعاني وإدناء المتوهم من الشاهد فإن كان المتمثل له عظيما كان المتمثل به مثله وإن كان حقيرا كان المتمثل به كذلك
5407 - وقال الأصبهاني لضرب العرب الأمثال واستحضار العلماء النظائر شأن ليس بالخفي في إبراز خفيات الدقائق ورفع الأستار عن الحقائق تريك المتخيل في صورة المتحقق والمتوهم في معرض المتيقن والغائب كأنه مشاهد وفي ضرب الأمثال تبكيت للخصم الشديد الخصومة وقمع لسورة الجامح الأبي فإنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثر في وصف الشيء في نفسه ولذلك أكثر الله تعالى في كتابه وفي سائر كتبه الأمثال ومن سور الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال وفشت في كلام النبي وكلام الأنبياء والحكماء

فصل
5408 - أمثال القرآن قسمان ظاهر مصرح به وكامن لا ذكر للمثل فيه فمن أمثلة الأول قوله تعالى مثلهم كمثل الذي استوقد نارا . . الآيات ضرب فيها للمنافقين مثلين مثلا بالنار ومثلا بالمطر
5409 - أخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال هذا مثل ضربه الله للمنافقين كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم

المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء فلما ماتوا سلبهم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه وتركهم في ظلمات بقول في عذاب
أو كصيب هو المطر ضرب مثله في القرآن فيه ظلمات يقول ابتلاء ورعد وبرق تخويف يكاد البرق يخطف أبصارهم يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين كلما أضاء لهم مشوا فيه يقول كلما أصاب المنافقون في الإسلام عزا اطمأنوا فإن أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله ومن الناس من يعبد الله على حرف . . الآية
5410 - ومنها قوله تعالى أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها . . ألاية أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال هذا مثل ضربه الله احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها فأما الزبد فيذهب جفاء وهو الشك وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض وهو اليقين كما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في النار كذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك
5411 - وأخرج عن عطاء قال هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر
5412 - وأخرج عن قتادة قال هذه ثلاثة أمثال ضربها الله في مثل واحد يقول كما اضمحل هذا الزبد فصار جفاء لا ينتفع به ولا ترجى بركته كذلك يضمحل الباطل عن أهله وكما مكث هذا الماء في الأرض فأمرعت وربت بركته وأخرجت نباتها وكذلك الذهب والفضة حين أدخل النار فأذهب خبثه كذلك يبقى الحق لأهله
وكما اضمحل خبث هذا الذهب حين أدخل في النار كذلك يضمحل الباطل عن أهله
5413 - ومنها قوله تعالى والبلد الطيب . . الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال هذا مثل ضربه الله للمؤمن يقول هو طيب وعمله طيب كما أن البلد الطيب ثمرها طيب والذي خبث ضرب مثلا للكافر كالبلد السبخة المالحة والكافر هو الخبيث وعمله خبيث
5414 - ومنها قوله تعالى أيود أحدكم أن تكون له جنة . . ألاية أخرج

البخاري عن ابن عباس قال قال عمر بن الخطاب يوما لأصحاب النبي فيمن ترون هذه الآية نزلت أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب قالوا الله أعلم فغضب عمر وقال قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن عباس في نفسي منها شيء فقال يا بن أخي قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس ضربت مثلا لعمل قال عمر أي عمل قال ابن عباس لرجل غني يعمل بطاعة الله ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله
5415 - وأما الكامنة فقال الماوردي سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول سمعت أبي يقول سألت الحسين بن الفضل فقلت إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن فهل تجد في كتاب الله خير الأمور أوساطها قال نعم في أربعة مواضع قوله تعالى لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك وقوله تعالى والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وقوله تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط وقوله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا
قلت فهل تجد في في كتاب الله من جهل شيئا عاداه قال نعم في موضعين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم
قلت فهل تجد في كتاب الله احذر شر من أحسنت إليه قال نعم وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله
قلت فهل تجد في كتاب الله ليس الخبر كالعيان قال في قوله تعالى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي
قلت فهل تجد في الحركات البركات قال في قوله تعالى ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة

قلت فهل تجد كما تدين تدان قال في قوله تعالى من يعمل سوءا يجز به
قلت فهل تجد فيه قولهم حين تقلي ندري قال وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا
قلت فهل تجد فيه لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل
قلت فهل تجد فيه من أعان ظالما سلط عليه قال كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير
قلت فهل تجد فيه قولهم لا تلد الحية إلا حية قال قوله تعالى ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
قلت فهل تجد فيه للحيطان آذان قال وفيكم سماعون لهم
قلت فهل تجد فيه الجاهل مرزوق والعالم محروم قال من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا
قلت فهل تجد فيه الحلال لا يأتيك إلا قوتا والحرام لا يأتيك إلا جزافا قال إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم

فائدة
5416 - عقد جعفر بن شمس الخلافة في كتاب الآداب بابا في ألفاظ من القرآن جارية مجرى المثل وهذا هو النوع البديعي المسمى بإرسال المثل وأورد من ذلك قوله تعالى
ليس لها من دون الله كاشفة
لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
الآن حصحص الحق

وضرب لنا مثلا ونسي خلقه
ذلك بما قدمت يداك
قضي الأمر الذي فيه تستفتيان
أليس الصبح بقريب
وحيل بينهما وبين ما يشتهون
لكل نبإ مستقر
ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله
قل كل يعمل على شاكلته
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
كل نفس بما كسبت رهينة
ما على الرسول إلا البلاغ
ما على المحسنين من سبيل
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة
الآن وقد عصيت قبل
تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى
ولا ينبئك مثل خبير
كل حزب بما لديهم فرحون

ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم
وقليل من عبادي الشكور
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
قل لا يستوي الخبيث والطيب
ظهر الفساد في البر والبحر
ضعف الطالب والمطلوب
لمثل هذا فليعمل العاملون
وقليل ما هم
فاعتبروا يا أولي الأبصار
في ألفاظ أخر

النوع السابع والستون
في أقسام القرآن
5417 - أفرده ابن القيم بالتصنيف في مجلد سماه التبيان والقصد بالقسم تحقيق الخبر توكيده حتى جعلوا مثل والله يشهد إن المنافقين لكاذبون قسما وإن كان فيه إخبار بشهادة لأنه لما جاء توكيدا للخبر سمي قسما
وقد قيل ما معنى القسم منه تعالى فإنه إن كان لأجل المؤمن فالمؤمن مصدق بمجرد الإخبار من غير قسم وإن كان لأجل الكافر فلا يفيده
وأجيب بأن القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم إذا أرادات أن تؤكد أمرا
وأجاب أبو القاسم القشيري بأن الله ذكر القسم لكمال الحجة وتأكيدها وذلك أن الحكم يفصل باثنين إما بالشهادة وإما بالقسم فذكر تعالى في كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة فقال شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم وقال قل إي وربي إنه لحق وعن بعض الأعراب أنه لما سمع قوله تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والآرض إنه لحق صرخ وقال من ذا الذي أغضب الجليل حتى ألجأه إلى اليمين
ولا يكون القسم إلا باسم معظم وقد أقسم الله تعالى بنفسه في القرآن في سبعة مواضع
الآية المذكورة بقوله قل إي وربي

قل بلى وربي لتبعثن
فوربك لنحشرنهم والشياطين
فوربك لنسألنهم أجمعين
فلا وربك لا يؤمنون
فلا أقسم برب المشارق والمغارب
5418 - والباقي كله قسم بمخلوقاته كقوله تعالى والتين والزيتون والصافات والشمس والليل والضحى فلا أقسم بالخنس
5419 - فإن قيل كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القسم بغير الله
قلنا أجيب عنه بأوجه
أحدها أنه على حذف مضاف أي ورب التين ورب الشمس وكذا الباقي
الثاني إن العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون
الثالث أن الأقسام إنما تكون بما يعظمه المقسم أو يجله وهو فوقه والله تعالى ليس شيء فوقه فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لأنها تدل على بارئ وصانع
5420 - وقال ابن أبي الإصبع في أسرار الفواتح القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع لأن ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل
5421 - وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال إن الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلا بالله
5422 - وقال العلماء أقسم الله تعالى بالنبي في قوله لعمرك لتعرف الناس عظمته عند الله ومكانته لديه
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال ما

خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره قال لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون
5423 - وقال أبو القاسم القشيري القسم بالشيء لا يخرج عن وجهين إما لفضيلة أو لمنفعة فالفضيلة كقوله وطور سينين وهذا البلد الأمين والمنفعة نحو والتين والزيتون
5424 - وقال غيره أقسم الله تعالى بثلاثة أشياء بذاته كالآيات السابقة وبفعله نحو والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها وبمفعوله نحو والنجم إذا هوى والطور وكتاب مسطور
5425 - والقسم إما ظاهر كالآيات السابقة وإما مضمر وهو قسمان قسم دلت عليه اللام نحو لتبلون في أموالكم وقسم دل عليه المعنى نحو وإن منكم إلا واردها تقديره والله
5426 - وقال أبو علي الفارسي الألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان
أحدهما ما تكون كغيرها من الأخبار التي ليست بقسم فلا تجاب بجوابه كقوله وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ورفعنا فوقكم الطور خذوا فيحلفون له كما يحلفون لكم وهذا ونحوه يجوز أن يكون قسما وأن يكون حالا لخلوه من الجواب
والثاني ما يتلقى بجواب القسم كقوله وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن
5427 - وقال غيره أكثر الأقسام في القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلا بالواو فإذا ذكرت الباء أتي بالفعل كقوله وأقسموا بالله يحلفون بالله ولا تجد الباء مع حذف الفعل ومن ثم كان خطأ من جعل قسما بالله إن الشرك

لظلم بما عهد عندك بحق إن كنت قلته فقد علمته
5428 - وقال ابن القيم اعلم أنه سبحانه وتعالى يقسم بأمور على أمور وإنما يقسم بنفسه المقدسة الموصوفة بصفاته أو بآياته المستلزمة لذاته وصفاته وإقسامه ببعض المخلوقات دليل على أنها من عظيم آياته فالقسم إما على جملة خبرية وهو الغالب كقوله فورب السماء والأرض إنه لحق وإما على جملة طلبية كقوله فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون مع أن هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه فيكون من باب الخبر وقد يراد به تحقيق القسم فالمقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه فلا بد أن يكون مما يحسن فيه وذلك كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها فأما الأمور المشهودة الظاهرة كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها وما أقسم عليه الرب فهو من آياته فيجوز أن يكون مقسما به ولا ينعكس وهو سبحانه وتعالى يذكر جواب القسم تارة وهو الغالب ويحذفه أخرى كما يحذف جواب لو كثيرا للعلم به
والقسم لما كان يكثر في الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفى بالباء ثم عوض من الباء الواو في الأسماء الظاهرة والتاء في اسم الله تعالى كقوله وتالله لأكيدن أصنامكم
5429 - قال ثم هو سبحانه وتعالى يقسم على أصول الإيمان التي تجب على الخلق معرفتها تارة يقسم على التوحيد وتارة يقسم على أن القرآن حق وتارة على أن الرسول حق وتارة على الجزاء والوعد والوعيد وتارة يقسم على حال الإنسان
فالأول كقوله والصافات صفا إلى قوله إن إلهكم لواحد
والثاني كقوله فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم

والثالث كقوله يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى . . الآيات
والرابع كقوله والذاريات إلى قوله إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع والمرسلات إلى قوله إنما توعدون لواقع
والخامس كقوله والليل إذا يغشى إلى قوله إن سعيكم لشتى . . الآيات والعاديات إلى قوله إن الإنسان لربه لكنود والعصر إن الإنسان لفي خسر . . والتين إلى قوله لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . . الآيات لا أقسم بهذا البلد إلى قوله لقد خلقنا الإنسان في كبد
5430 - قال وأكثر ما يحذف الجواب إذا كان في نفس المقسم به دلالة على المقسم عليه فإن المقصود يحصل بذكره فيكون حذف المقسم عليه أبلغ وأوجز كقوله ص والقرآن ذي الذكر فإنه في القسم به من تعظيم القرآن ووصفه بأنه ذو الذكر المتضمن لتذكير العباد ما يحتاجون إليه والشرف والقدر ما يدل على المقسم عليه وهو كونه حقا من عند الله غير مفترى كما يقول الكافرون ولهذا قال كثيرون إن تقدير الجواب إن القرآن لحق وهذا مطرد في كل ما شابه ذلك كقوله ق والقرآن المجيد وقوله لا أقسم بيوم القيامة فإنه يتضمن إثبات المعاد وقوله والفجر . . الآيات فإنها أزمان تتضمن أفعالا معظمة من المناسك وشعائر الحج التي هي عبودية محضة لله تعالى وذل وخضوع لعظمته وفي ذلك تعظيم ما جاء به محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام
5431 - قال ومن لطائف القسم قوله والضحى والليل إذا سجى

الآيات أقسم تعالى على إنعامه على رسوله وإكرامه له وذلك متضمن لتصديقه له فهو قسم على صحة نبوته وعلى جزائه في الآخرة فهو قسم على النبوة والمعاد وأقسم بآيتين عظيمتين من آياته
وتأمل مطابقة هذا القسم وهو نور الضحى الذي يوافي بعد ظلام الليل المقسم عليه وهو نور الوحي الذي وافاه بعد احتباسه عنه حتى قال أعداؤه ودع محمدا ربه فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوحي ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه

النوع الثامن والستون
في جدل القرآن
5432 - أفرده بالتصنيف نجم الدين الطوفي قال العلماء قد اشتمل القرآن العظيم على جميع أنواع البراهين والأدلة وما من برهان ودلالة وتقسيم وتحذير يبنى من كليات المعلومات العقلية والسمعية إلا وكتاب الله قد نطق به لكن أورده على عادة العرب دون دقائق طرق المتكلمين لأمرين
أحدهما بسبب ما قاله وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم
والثاني أن المائل إلى طريق المحاجة هو العاجز عن إقامة الحجة بالجليل من الكلام فإن من استطاع أن يفهم بالأوضح الذي يفهمه الأكثرون لم ينحط إلى الأغمض الذي لا يعرفه إلا الأقلون ولم يكن ملغزا فأخرج تعالى مخاطباته في محاجة خلقه في أجلى صورة ليفهم العامة من جليلها ما يقنعهم وتلزمهم الحجة وتفهم الخواص من أثنائها ما يربى على ما أدركه فهم الخطباء
5433 - وقال ابن أبي الإصبع زعم الجاحظ أن المذهب الكلامي لا يوجد منه شيء في القرآن وهو مشحون به وتعريفه أنه احتجاج المتكلم على ما يريد إثباته بحجة تقطع المعاند له فيه على طريقة أرباب الكلام
ومنه نوع منطقي تستنتج منه النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة فإن الإسلاميين من أهل هذا العلم ذكروا أن من أول سورة الحج إلى قوله وأن الله يبعث من في القبور خمس نتائج تستنتج من عشر مقدمات قوله ذلك بأن الله هو الحق لأنه قد ثبت عندنا بالخبر المتواتر أنه

تعالى أخبر بزلزلة الساعة معظما لها وذلك مقطوع بصحته لأنه خبر أخبر به من ثبت صدقه عمن ثبتت قدرته منقول إلينا بالتواتر فهو حق ولا يخبر بالحق عما سيكون إلا الحق فالله هو الحق
وأخبر تعالى أنه يحيي الموتى لأنه أخبر عن أهوال الساعة بما أخبر وحصول فائدة هذا الخبر موقوفة على إحياء الموتى ليشاهدوا تلك الأهوال التي يعملها الله من أجلهم وقد ثبت أنه قادر على كل شيء
ومن الأشياء إحياء الموتى فهو يحيى الموتى
وأخبر أنه على كل شيء قدير لأنه أخبر أنه من يتبع الشياطين ومن يجادل فيه بغير علم يذقه عذاب السعير ولا يقدر على ذلك إلا من هو على كل شيء قدير فهو على كل شيء قدير
وأخبر أن الساعة آتية لا ريب فيها لأنه أخبر بالخبر الصادق أنه خلق الإنسان من تراب إلى قوله لكيلا يعلم بعد علم شيئا
وضرب لذلك مثلا بالأرض الهامدة التي ينزل عليها الماء فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج ومن خلق الإنسان على ما أخبر به فأوجده بالخلق ثم أعدمه بالموت ثم يعيده بالبعث وأوجد الأرض بعد العدم فأحياها بالخلق ثم أماتها بالمحل ثم أحياها بالخصب وصدق خبره في ذلك كله بدلالة الواقع المشاهد على المتوقع الغائب حتى انقلب الخبر عيانا صدق خبره في الإتيان بالساعة
ولا يأتي بالساعة إلا من يبعث من في القبور لأنها عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة فهي آتية لا ريب فيها وهو سبحانه وتعالى يبعث من في القبور
5434 - وقال غيره استدل سبحانه وتعالى على المعاد الجسماني بضروب
أحدها قياس الإعادة على الابتداء كما قال تعالى كما بدأكم تعودون كما بدأنا أول خلق نعيده أفعيينا بالخلق الأول
ثانيها قياس الإعادة على خلق السموات والأرض بطريق الأولى قال تعالى أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر . . الآية
ثالثها قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات
رابعها قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر
وقد روى الحاكم

وغيره أن أبي بن خلف جاء بعظم ففته فقال أيحيى الله هذا بعد ما بلي ورم فأنزل الله قل يحييها الذي أنشأها أول مرة فاستدل سبحانه وتعالى برد النشأة الأخرى إلى الأولى والجمع بينهما بعلة الحدوث
ثم زاد في الحجاج بقوله الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا وهذه في غاية البيان في رد الشيء إلى نظيره والجمع بينهما من حيث تبديل الأعراض عليهما
خامسها في قوله تعالى وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى . . الآيتين وتقريرهما أن اختلاف المختلفين في الحق لا يوجب انقلاب الحق في نفسه وإنما تختلف الطرق الموصلة إليه والحق في نفسه واحد فلما ثبت أن ها هنا حقيقة موجودة لا محالة وكان لا سبيل لنا في حياتنا إلى الوقوف عليها وقوفا يوجب الائتلاف ويرفع عنا الاختلاف إذ كان الاختلاف مركوزا في فطرنا وكان لا يمكن ارتفاعه وزواله إلا بارتفاع هذه الجبلة ونقلها إلى صورة غيرها صح ضرورة أن لنا حياة أخرى غير هذه الحياة فيها يرتفع الخلاف والعناد وهذه هي الحالة التي وعد الله بالمصير إليها فقال ونزعنا ما في صدورهم من غل حقد فقد صار الخلاف الموجود كما ترى أوضح دليل على كون البعث الذي ينكره المنكرون
كذا قرره ابن السيد
5435 - ومن ذلك الاستدلال على أن صانع العالم واحد بدلالة التمانع المشار إليها في قوله لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا لأنه لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام ولا يتسق على أحكام ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما وذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد الآخر إماتته فإما أن تنفذ إرادتهما فيتناقض لاستحالة تجزي الفعل إن فرض الاتفاق أو لامتناع اجتماع الضدين إن فرض الاختلاف وإما ألا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عجزه والإله لا يكون عاجزا

فصل
5436 - من الأنواع المصطلح عليها في علم الجدل السبر والتقسيم ومن

أمثلته في القرآن قوله تعالى ثمانية أزواج من الضأن اثنين . . الآيتين فإن الكفار لما حرموا ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى رد تعالى ذلك عليهم بطريق السبر والتقسيم فقال إن الخلق لله خلق من كل زوج مما ذكر ذكرا وأنثى فمم جاء تحريم ما ذكرتم أي ما علته لا يخلو إما أن يكون من جهة الذكورة أو الأنوثة أو اشتمال الرحم الشامل لهما أو لا يدرى له علة وهو التعبدي بأن أخذ ذلك عن الله تعالىوالأخذ عن الله تعالى إما بوحي وإرسال رسول أو سماع كلامه ومشاهدة تلقى ذلك عنه وهو معنى قوله أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فهذه وجوه التحريم لا تخرج عن واحد منها
والأول يلزم عليه أن يكون جميع الذكور حراما والثاني يلزم عليه أن يكون جميع الإناث حراما والثالث يلزم عليه تحريم الصنفين معا فبطل ما فعلوه من تحريم بعض في حالة وبعض في حالة لأن العلة على ما ذكر تقتضي إطلاق التحريم والأخذ عن الله بلا واسطة باطل ولم يدعوه وبواسطة رسول كذلك لأنه لم يأت إليهم رسول قبل النبي وإذا بطل جميع ذلك ثبت المدعى وهو أن ما قالوه افتراء على الله وضلال
5437 - ومنها القول بالموجب قال ابن أبي الأصبع وحقيقته رد كلام الخصم من فحوى كلامه
5438 - وقال غيره هو قسمان
أحدهما أن تقع صفة في كلام الغير كناية عن شيء أثبت له حكم فيثبتها لغير ذلك الشيء كقوله تعالى يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة . . الآية ف الأعز وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم و الأذل عن فريق المؤمنين وأثبت المنافقون لفريقهم إخراج المؤمنين من المدينة فأثبت الله في الرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم وهو الله ورسوله والمؤمنون وكأنه قيل صحيح ذلك ليخرجن الأعز منها الأذل لكن هم الأذل المخرج والله ورسوله الأعز المخرج
والثاني حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده مما يحتمله بذكر متعلقه ولم أر من أورد له مثالا من القرآن وقد ظفرت بآية منه وهي قوله تعالى

ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم
5439 - ومنها التسليم وهو أن يفرض المحال إما منفيا أو مشروطا بحرف الامتناع لكون المذكور ممتنع الوقوع لامتناع وقوع شرطه ثم يسلم وقوع ذلك تسليما جدليا ويدل على عدم فائدة ذلك على تقدير وقوعه كقوله تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض
المعنى ليس مع الله من إله ولو سلم أن معه سبحانه وتعالى إلها لزم من ذلك التسليم ذهاب كل إله من الاثنين بما خلق وعلو بعضهم على بعض فلا يتم في العالم أمر ولا ينفذ حكم ولا تنتظم أحواله والواقع خلاف ذلك ففرض إلهين فصاعدا محال لما يلزم منه المحال
5440 - ومنها الإسجال وهو الإتيان بألفاظ تسجل على المخاطب وقوع ما خوطب به نحو ربنا آتنا ما وعدتنا على رسلك ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم فإن في ذلك إسجالا بالإيتاء والإدخال حيث وصفا بالوعد من الله الذي لا يخلف وعده
5441 - ومنها الانتقال هو أن ينتقل المستدل إلى إستدلال غير الذي كان آخذا فيه لكون الخصم لم يفهم وجه الدلالة من الأول كما جاء في مناظرة الخليل الجبار لما قال له ربي الذي يحيي ويميت فقال الجبار أنا أحيي وأميت ثم دعا بمن وجب عليه القتل فأعتقه ومن لا يجب عليه فقتله فعلم الخليل أنه لم يفهم معنى الإحياء والإماتة أو علم ذلك وغالط بهذا الفعل فانتقل عليه السلام إلى استدلال لا يجد الجبار له وجها يتخلص به منه فقال إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فانقطع الجبار وبهت ولم يمكنه أن يقول أنا الآتي بها من المشرق لأن من هو أسن منه يكذبه
5442 - ومنها المناقضة وهي تعليق أمر على مستحيل إشارة إلى استحالة وقوعه كقوله تعالى ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط

5443 - ومنها مجاراة الخصم ليعثر بأن يسلم بعض مقدماته حيث يراد تبكيته وإلزامه كقوله تعالى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم . . الآية فقولهم إن نحن إلا بشر مثلكم . . الآية فيه اعتراف الرسل بكونهم مقصورين على البشرية فكأنهم سلموا انتفاء الرسالة عنهم وليس مرادا بل هو من مجاراة الخصم ليعثر فكأنهم قالوا ما ادعيتم من كوننا بشرا حق لا ننكره ولكن هذا لا ينافي أن يمن الله تعالى علينا بالرسالة

النوع التاسع والستون
فيما وقع في القرآن من الأسماء والكنى والألقاب
في القرآن من أسماء الأنبياء والمرسلين خمس وعشرون هم مشاهيرهم
أسماء الأنبياء والمرسلين في القرآن
54441 4 - 1 - آدم أبو البشر ذكر قوم أنه أفعل وصف مشتق من الأدمة ولذا منع الصرف
5445 - قال الجواليقي أسماء الأنبياء كلها أعجمية إلا أربعة آدم وصالح وشعيب ومحمد
5446 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي الضحى عن ابن عباس قال إنما سمى آدم لأنه خلق من أديم الأرض
5447 - وقال قوم هو اسم سرياني أصله آدام بوزن خاتام عرب بحذف الألف الثانية
5448 - وقال الثعلبي التراب بالعبرانية آدام فسمى آدم به
5449 - وقال ابن أبي خيثمة عاش تسعمائة سنة وستين سنة
5450 - وقال النووي في تهذيبه اشتهر في كتب التواريخ أنه عاش ألف سنة
54512 1 - 2 - نوح قال الجواليقي أعجمي معرب
زاد الكرماني ومعناه بالسريانية الساكن
وفي نسخة الشاكر

5452 - وقال الحاكم في المستدرك إنما سمى نوحا لكثرة بكائه على نفسه واسمه عبد الغفار
قال وأكثر الصحابة على أنه قبل إدريس
5453 - وقال غيره هو نوح بن لمك بفتح اللام وسكون الميم بعدها كاف بن متوشلخ بفتح الميم وتشديد المثناة المضمومة بعدها وفتح الشين المعجمة واللام بعدها معجمة بن أخنوخ بفتح المعجمة وضم النون الخفيفة بعدها واو ساكنة ثم معجمة وهو إدريس فيما يقال
5454 - وروى الطبراني عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله من أول الأنبياء قال آدم قلت ثم من قال نوح وبينهما عشرون قرنا
5455 - وفي المستدرك عن ابن عباس قال كان بين آدم ونوح عشرة قرون
وفيه عنه مرفوعا بعث الله نوحا لأربعين سنة فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا
5456 - وذكر ابن جرير أن مولد نوح كان بعد وفاة آدم بمائة وستة وعشرين عاما
5457 - وفي التهذيب للنووي أنه أطول الأنبياء عمرا
54583 8 - 3 - إدريس قيل إنه قبل نوح
5459 - قال ابن إسحاق كان إدريس أول بني آدم أعطي النبوة وهو أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن أنوش بن قينان بن شيث ابن آدم
5460 - وقال وهب بن منبه إدريس جد نوح الذي يقال له خنوخ وهو اسم سرياني
وقيل عربي مشتق من الدراسة لكثرة درسه الصحف
5461 - وفي المستدرك بسند واه عن الحسن عن سمرة قال كان نبي الله إدريس أبيض طويلا ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد كثير شعر الرأس
وكانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى وفي صدره نكتة بياض من غير برص فلما رأى الله من أهل الأرض ما رأى من جورهم واعتدائهم في أمر الله رفعه

إلى السماء السادسة فهو حيث يقول ورفعناه مكانا عليا
5462 - وذكر ابن قتيبة أنه رفع وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة
5463 - وفي صحيح ابن حبان أنه كان نبيا رسولا وأنه أول من خط بالقلم
5464 - وفي المستدرك عن ابن عباس قال كان فيما بين نوح وإدريس ألف سنة
54654 5 - 4 - إبراهيم قال الجواليقي هو اسم قديم ليس بعربي وقد تكلمت به العرب على وجوه أشهرها إبراهيم وقالوا إبراهام وقرئ به في السبع
وإبراهيم بحذف الياء وإبرهم وهو اسم سرياني معناه أب رحيم وقيل مشتق من البرهمة وهي شدة النظر حكاه الكرماني في عجائبه
وهو ابن آزر واسمه تارح بمثناة وراء مفتوحة وآخره حاء مهملة بن ناحور بنون ومهملة مضمومة بن شاروخ بمعجمة وراء مضمومة وآخرة خاء معجمة بن راغو بغين معجمة بن فالخ بفاء ولام مفتوحة ومعجمة ابن عابر بمهملة وموحدة بن شالخ بمعجمتين بن أرفخشد بن سام بن نوح
5466 - قال الواقدي ولد إبراهيم على رأس ألفي سنة من خلق آدم
5467 - وفي المستدرك من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة قال إختتن إبراهيم بعد عشرين ومائة سنة
ومات ابن مائتي سنة
5468 - وحكى النووي وغيره قولا أنه عاش مائة وخمسة وسبعين
54695 9 - 5 - إسماعيل قال الجواليقي ويقال بالنون آخره
5470 - قال النووي وغيره هو أكبر ولد إبراهيم
54716 1 - 6 - إسحاق ولد بعد إسماعيل بأربع عشرة سنة وعاش مائة وثمانين سنة
وذكر أبو علي بن مسكويه في كتاب نديم الفريد أن معنى إسحاق بالعبرانية الضحاك

547272 - 7 - يعقوب عاش مائة وسبعا وأربعين سنة
54738 3 - 8 - يوسف في صحيح ابن حبان من حديث أبي هريرة مرفوعا إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
5474 - وفي المستدرك عن الحسن أن يوسف ألقي في الجب وهو ابن اثنتي عشرة سنة ولقي أباه بعد الثمانين وتوفي وله مائة وعشرون
5475 - وفي الصحيح أنه أعطى شطر الحسن
قال بعضهم وهو مرسل لقوله تعالى ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات
وقيل ليس هو يوسف بن يعقوب بل يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب
ويشبه هذا ما في العجائب للكرماني في قوله ويرث من آل يعقوب أن الجمهور على أنه يعقوب بن ماثان وأن امرأة زكريا كانت أخت مريم بنت عمران بن ماثان قال والقول بأنه يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم غريب
انتهى
وما ذكر أنه غريب هو المشهور والغريب الأول ونظيره في الغرابة قول نوف البكاكي إن موسى المذكور في سورة الكهف في قصة الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل بل موسى بن منشى بن يوسف وقيل ابن إفرائيم بن يوسف وقد كذبه ابن عباس في ذلك
وأشد من ذلك غرابة ما حكاه النقاش والماوردي أن يوسف المذكور في سورة غافر من الجن بعثه الله رسولا إليهم وما حكاه ابن عسكر أن عمران المذكور في آل عمران هو والد موسى لا والد مريم
وفي يوسف ست لغات بتثليث السين مع الياء والهمزة وبتركه والصواب أنه أعجمي لا اشتقاق له
54769 6 - 9 - لوط قال ابن إسحاق هو لوط بن هاران بن آزر
وفي المستدرك عن ابن عباس قال لوط ابن أخي إبراهيم
547710 10 - هود قال كعب كان أشبه الناس بآدم وقال ابن مسعود كان رجلا جلدا أخرجهما في المستدرك
5478 - وقال ابن هشام اسمه عابر بن أرفخشذ بن سام بن نوح

5479 - وقال غيره الراجح في نسبه أنه هود بن عبد الله بن رباح بن حاوذ بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح
548011 11 - صالح قال وهب هو ابن عبيد بن حاير بن ثمود بن حاير بن سام بن نوح بعث إلى قومه حين راهق الحلم وكان رجلا أحمر إلى البياض سبط الشعر فلبث فيهم أربعين عاما
5481 - وقال نوف الشامي صالح من العرب لما أهلك الله عادا عمرت ثمود بعدها فبعث الله إليهم صالحا غلاما شابا فدعاهم إلى الله حتى شمط وكبر ولم يكن بين نوح وإبراهيم نبي إلا هود وصالح أخرجهما في المستدرك
5482 - وقال ابن حجر وغيره القرآن يدل على أن ثمودا كان بعد عاد كما كان عاد بعد قوم نوح
5483 - وقال الثعلبي ونقله عن النووي في تهذيبه ومن خطه نقلت هو صالح بن عبيد بن أسيف بن ماشج بن عبيد بن حاذر بن ثمود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بعثه الله إلى قومه وهو شاب وكانوا عربا منازلهم بين الحجاز والشام فأقام فيهم عشرين سنة ومات بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة
548412 12 - شعيب قال ابن إسحاق هو ابن ميكاييل كذا بخط الذهبي في اختصار المستدرك
وقال غيره ابن ملكاين وقيل ابن ميكيل بن يشجن بن لاوى بن يعقوب
ورأيت بخط النووي في تهذيبه ابن ميكيل بن يشجن بن مدين بن إبراهيم الخليل كان يقال له خطيب الأنبياء وبعث رسولا إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة وكان كثير الصلاة وعمي في آخر عمره
واختار جماعة أن مدين وأصحاب الأيكة أمة واحدة
5485 - قال ابن كثير ويدل لذلك أن كلا منهما وعظ بوفاء المكيال والميزان فدل على أنهما واحد
واحتج الأول بما أخرجه عن السدي وعكرمة قالا ما بعث الله نبيا مرتين إلا شعيبا مرة إلى مدين فأخذهم الله بالصيحة ومرة إلى أصحاب الأيكة فأخذهم الله بعذاب يوم الظلة
5486 - وأخرج ابن عساكر في تاريخه من حديث عبد الله بن عمرو

مرفوعا أن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله إليهما شعيبا
قال ابن كثير وهو غريب وفي رفعه نظر قال ومنهم من زعم أنه بعث إلى ثلاث أمم والثالثة أصحاب الرس
548713 13 - موسى هو ابن عمران يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب عليه السلام لاخلاف في نسبه وهو اسم سرياني
5488 - وأخرج أبو الشيخ من طريق عكرمة عن ابن عباس قال إنما سمى موسى لأنه ألقي بين شجر وماء فالماء بالقبطية مو والشجر سا
5489 - وفي الصحيح وصفه أنه آدم طوال جعد كأنه من رجال شنوءة
5490 - قال الثعلبي عاش مائة وعشرين سنة
549114 14 - هارون أخوه شقيقه وقيل لأمه فقط وقيل لأبيه فقط حكاهما الكرماني في عجائبه
كان أطول منه فصيحا جدا مات قبل موسى وكان ولد قبله بسنة
5492 - وفي بعض أحاديث الإسراء
صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها أسود تكاد لحيته تضرب سرته من طولها فقلت يا جبريل من هذا قال المحبب في قومه هارون بن عمران
5493 - وذكر ابن مسكويه أن معنى هارون بالعبرانية المحبب
549415 15 - داود هو ابن إيشى بكسر الهمزة وسكون التحتية وبالشين المعجمة بن عوبد بوزن جعفر بمهملة وموحدة بن باعر بموحدة ومهملة مفتوحة بن سلمون بن يخشون بن عمى بن يارب بتحتيه وآخره موحدة بن رام بن حضرون بمهملة ثم معجمة بن فارص بفاء وآخره مهملة بن يهوذ بن يعقوب
5495 - في الترمذي أنه كان أعبد البشر قال كعب كان أحمر الوجه سبط الرأس أبيض الجسم طويل اللحية فيها جعودة حسن الصوت والخلق وجمع له النبوة والملك
5496 - قال النووي قال أهل التاريخ عاش مائة سنة مدة ملكه منها أربعون سنة وكان له اثنا عشر ابنا

54971616 - سليمان ولده قال كعب كان أبيض جسيما وسيما وضيئا جميلا خاشعا متواضعا وكان أبوه يشاوره في كثير من أموره مع صغر سنة لوفور عقله وعلمه
5498 - وأخرج ابن جبير عن ابن عباس قال ملك الأرض مؤمنان سليمان وذو القرنين وكافران نمروذ وبخت نصر
5499 - قال أهل التاريخ ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وابتدأ بناء بيت المقدس بعد ملكه بأربع سنين ومات وله ثلاث وخمسون سنة
550017 17 - أيوب قال ابن إسحاق الصحيح أنه كان من بني إسرائيل ولم يصح في نسبه شيء إلا أن اسم أبيه أبيض
5501 - وقال ابن جرير هو أيوب بن موص بن روح بن عيص بن إسحاق
5502 - وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط وأن أباه ممن آمن بإبراهيم وعلى هذا فكان قبل موسى
5503 - وقال ابن جرير كان بعد شعيب
5504 - وقال ابن أبي خيثمة كان بعد سليمان ابتلي وهو ابن سبعين وكانت مدة بلائه سبع سنين وقيل ثلاث عشرة وقيل ثلاث سنين
5505 - وروى الطبراني أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة
550618 18 - ذو الكفل قيل هو ابن أيوب
في المستدرك عن وهب أن الله بعث بعد أيوب ابنه بشر بن أيوب نبيا
وسماه ذا الكفل وأمره بالدعاء إلى توحيده وكان مقيما بالشام عمره حتى مات وعمره خمس وسبعون سنة
5507 - وفي العجائب للكرماني قيل هو إلياس وقيل هو يوشع بن نون وقيل هو نبي اسمه ذو الكفل
وقيل كان رجلا صالحا تكفل بأمور فوفى بها وقيل هو زكريا من قوله وكفلها زكريا
انتهى
5508 - وقال ابن عسكر قيل هو نبي تكفل الله له في عمله بضعف عمل غيره من الأنبياء

وقيل لم يكن نبيا وإن اليسع استخلفه فتكفل له أن يصوم النهار ويقوم الليل وقيل أن يصلي كل يوم مائة ركعة وقيل هو اليسع وإن له اسمين
550919 19 - يونس هو ابن متى بفتح الميم وتشديد التاء الفوقية مقصور ووقع في تفسير عبد الرازق أنه اسم أمه
5510 - قال ابن حجر وهو مردود بما في حديث ابن عباس في الصحيح ونسبه إلى أبيه
قال فهذا أصح قال ولم أقف في شيء من الأخبار على اتصال نسبه وقد قيل إنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس
روى ابن أبي حاتم عن أبي مالك أنه لبث في بطن الحوت أربعين يوما وعن جعفر الصادق سبعة أيام وعن قتادة ثلاثة وعن الشعبي قال التقمه ضحى ولفظه عشية
5511 - وفي يونس ست لغات تثليث النون مع الواو والهمزة والقراءة المشهورة بضم النون مع الياء قال أبو حيان وقرأ طلحة ابن مصرف بكسر يونس ويوسف أراد أن يجعلهما عربيين مشتقين من أنس و أسف وهو شاذ
551220 20 - إلياس قال ابن إسحاق في المبتدأ هو ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى بن عمران
5513 - وقال ابن عسكر حكى القتبي أنه من سبط يوشع
5514 - وقال وهب إنه عمر كما عمر الخضر وإنه يبقى إلى آخر الدنيا
5515 - وعن ابن مسعود أن إلياس هو إدريس وسيأتي قريبا وإلياس بهزة قطع اسم عبراني وقد زيد في آخره ياء ونون في قوله تعالى سلام على إلياسين كما قالوا في إدريس إدراسين ومن قرأ آل يس فقيل المراد آل محمد
551621 21 - اليسع قال ابن جبير هو ابن أخطوب بن العجوز قال والعامة تقرؤه بلام واحدة مخففة وقرأ بعضهم والليسع بلامين وبالتشديد

فعلى هذا هو عجمي وكذا على الأولى وقيل عربي منقول من الفعل من وسع يسع
551722 22 - زكريا كان من ذرية سليمان بن داود وقتل بعد قتل ولده وكان له يوم بشر بولده اثنتان وتسعون سنة وقيل تسع وتسعون وقيل مائة وعشرون
وزكريا اسم أعجمي وفيه خمس لغات أشهرها المد والثانية القصر وقرئ بهما في السبع وزكريا بتشديد الياء وتخفيفها وزكر كقلم
551823 23 - يحيى ولده أول من سمي يحيى بنص القرآن ولد قبل عيسى بستة أشهر ونبئ صغيرا وقتل ظلما وسلط الله على قاتليه بخت نصر وجيوشه
ويحيى اسم عجمي وقيل عربي
قال الواحدي وعلى القولين لا ينصرف
قال الكرماني وعلى الثاني إنما سمى به لأنه أحياه الله بالإيمان وقيل لأنه حي به رحم أمه وقيل لأنه استشهد والشهداء أحياء وقيل معناه يموت كالمفازة للمهلكة والسليم للديغ
551924 24 - عيس بن مريم بنت عمران خلقه الله بلا أب وكانت مدة حمله ساعة وقيل ثلاث ساعات وقيل ستة أشهر وقيل ثمانية أشهر وقيل تسعة ولها عشر سنين وقيل خمسة عشرة ورفع وله ثلاث وثلاثون سنة وفي أحاديث أنه ينزل ويقتل الدجال ويتزوج ويولد له ويحج ويمكث في الأرض سبع سنين ويدفن عند النبي وفي الصحيح أنه ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس يعني حماما
وعيسى اسم عبراني أو سرياني
1 -

فائدة
5520 - أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا عيسى ومحمد
552125 25 - محمد سمى بأسماء كثيرة منها محمد وأحمد
2 - فائدة
5522 - أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال خمسة سموا قبل أن

يكونوا محمد ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ويحيى إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى وعيسى مصدقا بكلمة من الله وإسحاق ويعقوب فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب
5523 - قال الراغب وخص لفظ أحمد فيما بشر به عيسى تنبيها على أنه أحمد منه ومن الذين قبله

أسماء الملائكة
وفيه من أسماء الملائكة
55241 4 - 1 - 2 - جبريل وميكائيل وفيهما لغات جبريل بكسر الجيم والراء بلا همز وجبريل بفتح الجيم وكسر الراء بلا همز وجبرائيل بهمزة بعد الألف وجبراييل بياءين بلا همز وجبرئيل بهمزة وياء بلا ألف وجبرئل مشددة اللام وقرئ بها
5525 - قال ابن جني وأصله كوريال فغير بالتعريب وطول الاستعمال إلى ما ترى وقرئ ميكاييل بلا همز وميكئل وميكال
5526 - أخرج ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس قال جبريل عبد الله وميكاييل عبيد الله وكل اسم فيه إيل فهو معبد لله
5527 - وأخرج عن عبد الله بن الحارث قال إيل الله بالعبرانية
5528 - وأخرج ابن ابي حاتم عن عبد العزيز بن عمير قال اسم جبريل في الملائكة خادم الله
فائدة
5529 - قرأ أبو حيوة فأرسلنا إليها روحنا بالتشديد وفسره ابن مهران بأنه اسم لجبريل حكاه الكرماني في عجائبه
55303 0 - 3 - 4 - وهاروت وماروت أخرج ابن أبي حاتم عن علي قال هاروت وماروت ملكان من ملائكة السماء وقد أفردت في قصتهما جزءا
55315 1 - 5 - الرعد ففي الترمذي من حديث ابن عباس أن اليهود قالوا للنبي أخبرنا عن الرعد فقال ملك من الملائكة موكل بالسحاب

5532 - وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال الرعد ملك يسبح
5533 - وأخرج عن مجاهد إنه سئل عن الرعد فقال هو ملك يسمى الرعد ألم تر أن الله يقول ويسبح الرعد بحمده
55346 4 - 6 - والبرق فقد أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم قال بلغنا أن البرق ملك له أربعة وجوه وجه إنسان ووجه ثور ووجه نسر ووجه أسد فإذا مصع بذنبه فذلك البرق
55357 5 - 7 - ومالك خازن النار
55368 6 - 8 - والسجل أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر قال السجل ملك وكان هاروت وماروت من أعوانه
5537 - وأخرج عن ابن عمر قال السجل ملك وأخرج عن السدي قال ملك موكل بالصحف
55389 8 - 9 - وقعيد فقد ذكر مجاهد أنه اسم كاتب السيئات أخرجه أبو نعيم في الحلية
فهؤلاء تسعة
553910 10 - وأخرج ابن أبي حاتم من طرق مرفوعة وموقوفة ومقطوعة أن ذا القرنين ملك من الملائكة فإن صح أكمل العشرة
554011 11 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى يوم يقوم الروح قال ملك من أعظم الملائكة خلقا فصاروا أحد عشر
554112 12 - ثم رأيت الراغب قال في مفرداته في قوله تعالى هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين قيل إنه ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما روى أن السكينة تنطق على لسان عمر

أسماء الصحابة
5542 - وفيه من أسماء الصحابة زيد بن حارثة

5543 - والسجل في قول من قال إنه كاتب النبي أخرجه أبو داود والنسائي من طريق أبي الجوزاء عن ابن عباس

أسماء المتقدمين من غير الأنبياء والرسل
وفيه من أسماء المتقدمين غير الأنبياء والرسل
5544 - عمران أبو مريم وقيل أبو موسى أيضا وأخوها هارون وليس بأخي موسى كما في حديث أخرجه مسلم وسيأتي آخر الكتاب
5545 - وعزيز وتبع وكان رجلا صالحا كما أخرج الحاكم وقيل نبي حكاه الكرماني في عجائبه
5546 - ولقمان وقد قيل إنه كان نبيا والأكثر على خلافه وأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق عكرمة عن ابن عباس قال كان لقمان عبدا حبشيا نجارا
5547 - ويوسف الذي في سورة غافر
5548 - ويعقوب في أول سورة مريم على ما تقدم
5549 - وتقي في قوله فيها إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا
قيل إنه اسم رجل كان من أمثل الناس أي إن كنت في الصلاح مثل تقي حكاه الثعلبي
وقيل اسم رجل كان يتعرض للنساء وقيل إنه ابن عمها أتاها جبريل في صورته حكاهما الكرماني في عجائبه
أسماء النساء
5550 - وفيه من أسماء النساء مريم لا غير لنكتة تقدمت في نوع الكناية ومعنى مريم بالعبرية الخادم
وقيل المرأة التي تغازل الفتيان حكاهما الكرماني
5551 - وقيل إن بعلا في قوله أتدعون بعلا اسم امرأة كانوا يعبدونها حكاه ابن عسكر

أسماء الكفار
وفيه من أسماء الكفار
5552 - قارون وهو ابن يصهر ابن عم موسى كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس
وجالوت وهامان وبشرى الذي ناداه الوارد المذكور في سورة يوسف بقوله يا بشرى في قول السدي أخرجه ابن أبي حاتم
وآزر أبو إبراهيم وقيل اسمه تارح وآزر لقب أخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال إن أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزر إنما كان اسمه تارح
وأخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال معنى آزر الصنم
وأخرج عن مجاهد قال ليس أزر أبا إبراهيم
ومنها النسيء أخرج ابن أبي حاتم عن أبي وائل قال كان رجل يسمى النسئ من بني كنانة كان يجعل المحرم صفرا يستحل به الغنائم
أسماء الجن
وفيه من أسماء الجن
5553 - أبوهم إبليس وكان إسمه أولا عزازيل أخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان إبليس اسمه عزازيل
5554 - وأخرج ابن جرير عن السدي قال كان اسم إبليس الحارث قال بعضهم هو معنى عزازيل
5555 - وأخرج ابن جرير وغيره من طريق الضحاك عن ابن عباس قال إنما سمى إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله آيسه منه
5556 - وقال ابن عسكر قيل في اسمه قترة حكاه الخطابي
وكنيته أبو كردوس وقيل أبو قترة وقيل أبو مرة وقيل أبو لبينى حكاه السهيلي في الروض الأنف

أسماء القبائل
5557 - وفيه من أسماء القبائل يأجوج ومأجوج وعاد وثمود ومدين وقريش والروم
أسماء الأقوام بالإضافة
5558 - وفيه من الأقوام بالإضافة قوم نوح وقوم لوط وقوم تبع وقوم إبراهيم وأصحاب الأيكة وقيل هم مدين وأصحاب الرس وهم بقية من ثمود قاله ابن عباس
وقال عكرمة هم أصحاب ياسين وقال قتادة هم قوم شعيب وقيل هم أصحاب الأخدود واختاره ابن جرير
أسماء الأصنام
5559 - وفيه من أسماء الأصنام التي كانت أسماء لأناس ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وهي أصنام قوم نوح واللآت والعزى ومناة وهي أصنام قريش وكذا الرجز فيمن قرأه بضم الراء ذكر الأخفش في كتاب الواحد والجمع أنه اسم صنم
5560 - والجبت والطاغوت قال ابن جرير ذهب بعضهم إلى أنهما صنمان كان المشركون يعبدونهما ثم أخرج عن عكرمة قال الجبت والطاغوت صنمان
5561 - والرشاد في قوله في سورة غافر وما أهديكم إلا سبيل الرشاد قيل هو اسم صنم من أصنام فرعون حكاه الكرماني في عجائبه
5562 - وبعل وهو صنم قوم إلياس
5563 - وآزر على أنه اسم صنم
5564 - روى البخاري عن ابن عباس ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت
5565 - وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة أنهم أولاد آدم لصلبه

5566 - وأخرج البخاري عن ابن عباس قال كان اللات رجلا يلت سويق الحاج وحكاه ابن جنى عنه أنه قرأ اللات بتشديد التاء وفسره بذلك وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد

أسماء البلاد والأمكنة
وفيه من أسماء البلاد والبقاع والأمكنة والجبال
5567 - بكة إسم لمكة فقيل الباء بدل من الميم ومأخذه من تمككت العظم أي اجتذبت ما فيه من المخ وتمكك الفصيل ما في ضرع الناقة فكأنها تجتذب إلى نفسها ما في البلاد من الأقوات
وقيل لأنها تمك الذنوب أي تذهبها وقيل لقلة مائها
وقيل لأنها في بطن واد تمكك الماء من جبالها عند نزول المطر وتنجذب إليها السيول
وقيل الباء أصل ومأخذه من البك لأنها تبك أعناق الجبابرة أي تكسرهم فيذلون لها ويخضعون وقيل من التباك وهو الازدحام لازدحام الناس فيها في الطواف وقيل مكة الحرم وبكة المسجد خاصة وقيل مكة البلد وبكة البيت وموضع الطواف وقيل البيت خاصة
5568 - والمدينة سميت في الأحزاب بيثرب حكاية عن المنافقين وكان اسمها في الجاهلية فقيل لأنه إسم أرض في ناحيتها وقيل سميت بيثرب بن وائل من بني إرم بن سام بن نوح لأنه أول من نزلها وقد صح النهى عن تسميتها به لأنه كان يكره الاسم الخبيث وهو يشعر بالثرب وهو الفساد أو التثريب وهو التوبيخ
5569 - وبدر وهي قرية قرب المدينة أخرج ابن جرير عن الشعبي قال كانت بدر لرجل من جهينة يسمى بدرا فسميت به
قال الواقدي فذكرت ذلك لعبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح فأنكراه وقالا لأي شيء سميت الصفراء ورابغ هذا ليس بشيء إنما هو اسم الموضع
وأخرج عن الضحاك قال بدر ما بين مكة والمدينة
5570 - وأحد قرئ شاذا إذ تصعدون ولا تلوون على أحد
5571 - وحنين وهي قرية قرب الطائف

5572 - وجمع وهي مزدلفة
5573 - والمشعر الحرام وهو جبل بها
5574 - ونقع قيل هو اسم لما بين عرفات إلى مزدلفة حكاه الكرماني
5575 - ومصر وبابل وهي بلد بسواد العراق
5576 - والأيكة وليكة بفتح اللام بلد قوم شعيب والثاني اسم البلدة والأول اسم الكورة
5577 - والحجر منازل ثمود ناحية الشام عند وادي القرى
5578 - والأحقاف وهي جبال الرمل بين عمان وحضرموت وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنها جبل بالشام
5579 - وطور سيناء وهو الجبل الذي نودي منه موسى
5580 - والجودي وهو جبل بالجزيرة
5581 - وطوى اسم الوادي كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس وأخرج من وجه آخر عنه أنه سمى طوى لأن موسى طواه ليلا وأخرج عن الحسن قال هو واد بفلسطين قيل له طوى لأنه قدس مرتين وأخرج عن مبشر بن عبيد قال هو واد بأيلة طوي بالبركة مرتين
5582 - والكهف وهو البيت المنقور في الجبل
5583 - والرقيم أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال زعم كعب ان الرقيم القرية التي خرجوا منها وعن عطية قال الرقيم واد وعن سعيد بن جبير مثله وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال الرقيم واد بين عقبان وأيلة دون فلسطين وعن قتادة قال الرقيم اسم الوادي الذي فيه الكهف وعن أنس بن مالك قال الرقيم الكلب
5584 - والعرم أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال العرم اسم الوادي
5585 - وحرد قال السدي بلغنا أن اسم القرية حرد أخرجه ابن أبي حاتم
5586 - والصريم أخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير أنها أرض باليمن تسمى بذلك

5587 - وق وهو جبل محيط بالأرض
5588 - والجرز هم اسم أرض
5589 - والطاغية قيل اسم البقعة التي أهلكت بها ثمود حكاهما الكرماني

أسماء الأماكن الأخروية
وفيها من أسماء الأماكن الأخروية
5590 - الفردوس وهو أعلى مكان في الجنة
5591 - وعليون قيل أعلى مكان في الجنة وقيل اسم لما دون فيه أعمال صلحاء الثقلين
5592 - والكوثر نهر في الجنة كما في الأحاديث المتواترة
5593 - وسلسبيل وتسنيم عينان في الجنة
5594 - وسجين اسم لمكان أرواح الكفار
5595 - وصعود جبل في جهنم كما أخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعا
5596 - وغي وأثام وموبق والسعير وويل وسائل وسحق أودية في جهنم أخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك في قوله وجعلنا بينهم موبقا قال واد في جهنم من قيح
5597 - وأخرج عن عكرمة في قوله موبقا قال هو نهر في النار
وأخرج الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود في قوله فسوف يلقون غيا قال واد في جهنم وأخرج الترمذي وغيره من حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله قال ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال ويل واد في جهنم من قيح
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها غليظ وموبق وأثام وغي

5598 - وأخرج عن سعيد بن جبير قال السعير واد من قيح في جهنم وسحق واد في جهنم
5599 - وأخرج عن أبي زيد في قوله سأل سائل هو واد من أودية جهنم يقال له سائل
5600 - والفلق جب في جهنم في حديث مرفوع أخرجه ابن جرير
5601 - ويحموم دخان أسود أخرجه الحاكم عن ابن عباس
5602 - وفيه من المنسوب إلى الأماكن ألأمي قيل نسبة إلى أم القرى مكة
5603 - وعبقري قيل إنه منسوب إلى عبقر موضع للجن ينسب إليه كل نادر
5604 - والسامري قيل منسوب إلى أرض يقال لها سامرون وقيل سامرة
5605 - والعربي قيل منسوب إلى عربة وهي باحة دار إسماعيل عليه السلام أنشد فيها
وعربة أرض ما يحل حرامها ... من الناس إلا اللوذعي الحلاحل
يعني النبي

أسماء الكواكب
5606 - وفيه من أسماء الكواكب الشمس والقمر والطارق والشعري
فائدة
في أسماء الطير
5607 - قال بعضهم سمى الله في القرآن عشرة أجناس من الطير السلوى والبعوض والذباب والنحل والعنكبوت والجراد والهدهد والغراب وأبابيل والنمل فإنه من الطير لقوله في سليمان علمنا منطق الطير وقد فهم كلامها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال النملة التي فقه سليمان كلامها كانت ذات جناحين

فصل
في الكنى والألقاب في القرآن
5608 - أما الكنى فليس في القرآن منها غير أبي لهب واسمه عبد العزى ولذلك لم يذكر باسمه لأنه حرام شرعا وقيل للإشارة إلى أنه جهنمي
5609 - وأما الألقاب فمنها إسرائيل لقب يعقوب ومعناه عبد الله وقيل صفوة الله وقيل سرى الله لأنه أسرى لما هاجر
أخرج ابن جرير من طريق عمير عن ابن عباس أن إسرائيل كقولك عبد الله
5610 - وأخرج عبد الرحمن بن حميد في تفسيره عن أبي مجلز قال كان يعقوب رجلا بطيشا فلقى ملكا فعالجه فصرعه الملك فضرب على فخذيه فلما رأى يعقوب ما صنع به بطش به فقال ما أنا بتاركك حتى تسميني اسما فسماه إسرائيل قال أبو مجلز ألا ترى أنه من أسماء الملائكة
5611 - وفيه لغات أشهرها بياء بعد الهمزة ولام وقرئ إسراييل بلا همز
قال بعضهم ولم يخاطب اليهود في القرآن إلا ب يا بني إسرائيل دون يا بني يعقوب لنكتة وهو أنهم خوطبوا بعبادة الله وذكروا بدين أسلافهم موعظة لهم وتنبيها من غفلتهم فسموا بالاسم الذي فيه تذكرة بالله تعالى فإن إسرائيل اسم مضاف إلى الله في التأويل ولما ذكر موهبته لإبراهيم وتبشيره به قال يعقوب وكان أولى من إسرائيل لأنها موهبة بمعقب آخر فناسب ذكر اسم يشعر بالتعقيب
5612 - ومنها المسيح لقب لعيسى ومعناه قيل الصديق وقيل الذي ليس لرجله أخمص وقيل الذي لا يمسح ذا عاهة إلا برئ وقيل الجميل وقيل الذي يمسح الأرض أي يقطعها وقيل غير ذلك
5613 - ومنها إلياس قيل إنه لقب إدريس أخرج ابن إبي حاتم بسند حسن عن ابن مسعود قال إلياس هو إدريس وإسرائيل هو يعقوب وفي قراءته وإن إدراس لمن المرسلين سلام على إدراسين وفي قراءة أبي وأن إيليسين سلام على إيليسين

5614 - ومنها ذو الكفل قيل إنه لقب إلياس وقيل لقب اليسع وقيل لقب يوشع وقيل لقب زكريا
5615 - ومنها نوح اسمه عبد الغفار ولقبه نوح لكثرة نوحه على نفسه في طاعة ربه كما أخرجه ابن أبي حاتم عن يزيد الرقاشي
5616 - ومنها ذو القرنين واسمه إسكندر وقيل عبد الله بن الضحاك بن سعد وقيل المنذر بن ماء السماء وقيل الصعب بن قرين بن الهمال
حكاهما ابن عسكر
ولقب ذا القرنين لأنه بلغ قرني الأرض المشرق والمغرب وقيل لأنه ملك فارس والروم وقيل كان على رأسه قرنان أي ذؤابتان وقيل كان له قرنان من ذهب وقيل كانت صفحتا رأسه من نحاس وقيل كان على رأسه قرنان صغيران تواريهما العمامة وقيل إنه ضرب على قرنه فمات ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الآخر وقيل لأنه كان كريم الطرفين وقيل أنه انقرض في وقته قرنان من الناس وهو حي وقيل لأنه أعطي علم الظاهر وعلم الباطن وقيل لأنه دخل النور والظلمة
5617 - ومنها فرعون واسمه الوليد بن مصعب وكنيته أبو العباس وقيل أبو الوليد وقيل أبو مرة
وقيل إن فرعون لقب لكل من ملك مصر
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال كان فرعون فارسيا من أهل إصطخر
5618 - ومنها تبع قيل كان اسمه أسعد بن ملكي كرب وسمى تبعا لكثرة من تبعه
وقيل إنه لقب ملوك اليمن سمي كل واحد منهما تبعا أي يتبع صاحبه كالخليفة يخلف غيره

النوع السبعون
في المبهمات
5619 - أفرده بالتأليف السهيلي ثم ابن عساكر ثم القاضي بدر الدين بن جماعة
ولي فيه تأليف لطيف جمع فوائد الكتب المذكورة مع زوائد أخرى على صغر حجمه جدا وكان من السلف من يعتني به كثيرا
قال عكرمة طلبت الذي خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم أدركه الموت أربع عشرة سنة
أسباب الإبهام في القرآن
5620 - وللإبهام في القرآن أسباب
أحدهما الإستغناء ببيانه مع موضع آخر كقوله صراط الذين أنعمت عليهم فإنه مبين في قوله مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
5621 - الثاني أن يتعين لإشتهاره كقوله وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ولم يقل حواء لأنه ليس له غيرها
ألم تر إلى الذين حاج إبراهيم في ربه والمراد نمروذ لشهرة ذلك لأنه المرسل إليه قيل وقد ذكر الله فرعون في القرآن باسمه ولم يسم نمروذ لأن فرعون

كان أذكى منه كما يؤخذ من أجوبته لموسى ونمروذ كان بليدا ولهذا قال أنا أحيي وأميت وفعل ما فعل من قتل شخص والعفو عن آخر وذلك غاية البلادة
5622 - الثالث قصد الستر عليه ليكون أبلغ في إستعطافه نحو ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا . . الآية هو الأخنس بن شريق وقد أسلم بعد وحسن إسلامه
5623 - الرابع ألا يكون في تعيينه كبير فائدة نحو أو كالذي مر على قرية واسألهم عن القرية
5624 - الخامس التنبيه على العموم وأنه غير خاص بخلاف ما لو عين نحو ومن يخرج من بيته مهاجرا
5625 - السادس تعظيمه بالوصف الكامل دون الإسم نحو ولا يأتل أولو الفضل والذي جاء بالصدق وصدق به إذ يقول لصاحبه والمراد الصديق في الكل
5626 - السابع تحقيره بالوصف الناقص نحو إن شانئك هو الأبتر

تنبيه
5627 - قال الزركشي في البرهان لا يبحث عن مبهم أخبر الله باستئثاره بعلمه كقوله وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم قال والعجب ممن تجرأ وقال إنهم قريظة أو من الجن
قلت ليس في الآية ما يدل على أن جنسهم لا يعلم وإنما المنفي علم أعيانهم ولا

ينافيه العلم بكونهم من قريظة أو من الجن وهو نظير قوله في المنافقين وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم فإن المنفي علم أعيانهم ثم القول في أولئك بأنهم بنو قريظة أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد والقول بأنهم من الجن أخرجه ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن غريب عن أبيه مرفوعا عن النبي فلا جرأة

فصل
في ذكر آيات المبهمات
5628 - أعلم أن علم المبهمات مرجعه النقل المحض لا مجال للرأي فيه ولما كانت الكتب المؤلفة فيه وسائر التفاسير يذكر فيها أسماء المبهمات والخلاف فيها دون بيان مستند يرجع إليه أو عزو يعتمد عليه ألفت الكتاب الذي ألفته مذكورا فيه عزو كل قول إلى قائله من الصحابة والتابعين وغيرهم معزوا إلى أصحاب الكتب الذين خرجوا ذلك بأسانيدهم مبينا فيه ما صح سنده وما ضعف فجاء لذلك كتابا حافلا لا نظير له في نوعه وقد رتبته على ترتيب القرآن وأنا ألخص هنا مبهماته بأوجز عبارة تاركا العزو والتخريج غالبا إختصارا وإحالة على الكتاب المذكور وأرتبه على قسمين
5629 - القسم الأول فيما أبهم من رجل أو امرأة أو ملك أو جني أو مثنى أو مجموع عرف أسماء كلهم أو من أو الذي إذا لم يرد به العموم
5630 - قوله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة هو آدم وزوجه حواء بالمد لأنها خلقت من حي
5631 - وإذ قتلتم نفسا إسمه عاميل
5632 - وابعث فيهم رسولا منهم هو النبي
5633 - ووصى بها إبراهيم بنيه هم إسماعيل وإسحاق ومدين وزمران وسرح ونفش ونفشان وأميم وكيسان وسورح ولوطان ونافش

5634 - والأسباط أولاد يعقوب إثنا عشر رجلا يوسف وروبيل وشمعون ولاوي ويهوذا ودان ونفتالي بفاء ومثناة وكاد ويأشير وإيشاجر وريالون وبنيامين
5635 - ومن الناس من يعجبك قوله هو الأخنس بن شريق
5636 - ومن الناس من يشري نفسه هو صهيب
5637 - إذ قالوا لنبي لهم هو شمويل وقيل شمعون وقيل يوشع
5638 - ومنهم من كلم الله قال مجاهد موسى
ورفع بعضهم درجات قال محمد
5639 - الذي حاج إبراهيم في ربه نمروذ بن كنعان
5640 - أو كالذي مر على قرية عزير وقيل أرمياء وقيل حزقيل
5641 - امرأة عمران حنة بنت فاقوذ
5642 - وامرأتي عاقر هي أشياع أو أشيع بنت فاقود
5643 - مناديا ينادي للإيمان هو محمد
5644 - إلى الطاغوت قال ابن عباس هو كعب بن الأشرف أخرجه أحمد
5645 - وإن منكم لمن ليبطئن هو عبد الله بن أبي
5646 - ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا هو عامر بن الأضبط الأشجعي وقيل مرداس والقائل ذلك نفر من المسلمين منهم أبو قتادة

وملحم بن جثامة
وقيل إن الذي باشر القول محلم وقيل إنه الذي باشر قتله أيضا وقيل قتله المقداد بن الأسود وقيل أسامة بن زيد
5647 - ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت هو ضمرة بن جندب وقيل ابن العيص رجل من خزاعة وقيل أبو ضمرة بن العيص وقيل إسمه سبرة وقيل هو خالد بن حزام وهو غريب جدا
5648 - وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا هم شموع بن زكور من سبط روبيل وشوقط بن حوري من سبط شمعون وكالب بن يوفنا من سبط يهوذا وبعورك بن يوسف من سبط إيشاجر ويوشع بن نون من سبط إفراثيم بن يوسف وبلطي بن روفوا من سبط بنيامين وكرابيل بن سودي من سبط زبالون وكدي بن شاس من سبط منشأ بن يوسف وعماييل بن كسل من سبط دان وستور بن ميخائيل من سبط أشير ويوحنا بن وقوسى من سبط نفتالي وإل بن موخا من سبط كاذلوا
5649 - قال رجلان هما يوشع وكالب
5650 - نبأ ابني آدم هما قابيل وهابيل وهو المقتول
5651 - الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها بلعم ويقال بلعام بن آير ويقال باعر ويقال باعور
وقيل هو أمية بن أبي الصلت وقيل صيفي بن راهب وقيل فرعون وهو أغربها
5652 - وإني جار لكم عنى سراقة بن جعشم
5653 - فقاتلوا أئمة الكفر قال قتادة هم أبو سفيان وأبو جهل وأمية بن خلف وسهيل بن عمرو وعتبة بن ربيعة
5654 - إذ يقول لصاحبه هو أبو بكر الصديق

5655 - وفيكم سماعون لهم قال مجاهد هم عبد الله بن أبي بن سلول ورفاعة بن التابوت وأوس بن قيظي
5656 - ومنهم من يقول ائذن لي هو الجد بن قيس
5657 - ومنهم من يلمزك في الصدقات هو ذو الخويصرة
5658 - إن نعف عن طائفة منكم هو مخشي بن حمير
5659 - ومنهم من عاهد الله هو ثعلبة بن حاطب
5660 - وآخرون اعترفوا بذنوبهم قال ابن عباس هم سبعة أبو لبابة وأصحابه وقال قتادة سبعة من الأنصار أبو لبابة وجد بن قيس وخذام وأوس وكردم ومرداس
5661 - وآخرون مرجون هم هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب ابن مالك وهم الثلاثة الذين خلفوا
5662 - والذين اتخذوا مسجدا ضرارا قال ابن إسحاق إثنا عشر من الأنصار خذام بن خالد وثعلبة بن حاطب وهو من بني أمية بن زيد ومعتب بن قشير وأبو حبيبة بن الأزعر وعباد بن حنيف وجارية بن عامر وإبناه مجمع وزيد ونبتل بن الحارث وبحزج وبجاد بن عثمان ووديعة بن ثابت
5663 - لمن حارب الله ورسوله هو أبو عامر الراهب
5664 - أفمن كان على بينة من ربه وهو محمد ويتلوه شاهد منه هو جبريل وقيل هو القرآن وقيل أبو بكر وقيل علي
5665 - ونادى نوح ابنه إسمه كنعان وقيل يام
5666 - وامرأته قائمة إسمها سارة
5667 بنات لوط ريثا ورغوثا

5668 - ليوسف وأخوه بنيامين شقيقه
5669 - قال قائل منهم هو روبيل وقيل يهوذا وقيل شمعون
5670 - فأرسلوا واردهم هو مالك بن دعر
5671 - وقال الذي اشتراه هو قطيفير أو أطيفير لامرأته هي راعيل وقيل زليخا
5672 - ودخل معه السجن فتيان هو مجلث وبنوه وهو الساقي وقيل راشان ومرطش وقيل شرهم وسرهم
5673 - للذي ظن أنه ناج هو الساقي
5674 - عند ربك هو الملك ريان بن الوليد
5675 - بأخ لكم هو بنيامين وهو المتكرر في السورة
5676 - فقد سرق أخ له عنوا يوسف
5677 - قال كبيرهم هو شمعون وقيل روبيل
5678 - آوى إليه أبوية هما أبوه وخالته ليا وقيل أمه وإسمها راحيل
5679 - ومن عنده علم الكتاب هو عبد الله بن سلام وقيل جبريل
5680 - أسكنت من ذريتي هو إسماعيل
5681 - ولوالدي إسم أبيه تارح وقيل أزر وقيل يازر وإسم أمه مثاني وقيل نوفا وقيل ليوثا
5682 - إنا كفيناك المستهزئين قال سعيد بن جبير هم خمسة الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل وأبو زمعة والحارث بن قيس والأسود بن عبد يغوث

5683 - رجلين أحدهما أبكم هو أسيد بن أبي العيص
5684 - ومن يأمر بالعدل عثمان بن عفان
5685 - كالتي نقضت غزلها هي ريطة بنت سعيد بن زيد مناة بن تميم
5686 - إنما يعلمه بشر عنوا عبد بن الحضرمي وإسمه مقيس وقيل عبدين له يسار وجبر وقيل عنوا قينا بمكة إسمه بلعام وقيل سلمان الفارسي
5687 - أصحاب الكهف تمليخا وهو رئيسهم والقائل فأووا إلى الكهف والقائل ربكم أعلم بما لبثتم وتكسلمينا وهو القائل كم لبثتم ومرطوش وبراشق وأيونس وأريسطانس وشلططيوس
5688 - فابعثوا أحدكم بورقكم هو تمليخا
5689 - من أغفلنا قلبه هو عيينة بن حصن
5690 - واضرب لهم مثلا رجلين هما تمليخا وهو الخير وفطروس وهما المذكوران في سورة الصافات
5691 - قال موسى لفتاه هو يوشع بن نون وقيل أخوه يثربي
5692 - فوجدا عبدا هو الخضر وإسمه بليا
5693 - لقيا غلاما إسمه جيسور بالجيم وقيل بالحاء
5694 - وراءهم ملك هو هدد بن بدد
5695 - وأما الغلام فكان أبواه إسم الأب كازيرا والأم سهوى
5696 - لغلامين يتيمين هما أصرم وصريم
5697 - فناداها من تحتها قيل عيسى وقيل جبريل

5698 - ويقول الإنسان هو أبي بن خلف وقيل أمية بن خلف وقيل الوليد بن المغيرة
5699 - أفرأيت الذي كفر هو العاصي بن وائل
5700 - وقتلت نفسا هو القبطي وإسمه فاقون
5701 - السامري إسمه موسى بن ظفر
5702 - من أثر الرسول هو جبريل
5703 - ومن الناس من يجادل هو النضر بن الحارث
5704 - هذان خصمان أخرج الشيخان عن أبي ذر قال نزلت هذه الآية في حمزة وعبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة والوليد بن عتبة
5705 - ومن يرد فيه بإلحاد قال ابن عباس نزلت في عبد الله بن أنيس
5706 - الذين جاءوا بالإفك هم حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وعبد الله بن أبي وهو الذي تولي كبره
5707 - ويوم يعض الظالم هو عقبة بن أبي معيط
5708 - لم أتخذ فلانا هو أمية بن خلف وقيل أبي بن خلف
5709 - وكان الكافر قال الشعبي هو أبو جهل
5710 - امرأة تملكهم هي بلقيس بنت شراحيل
5711 - فلما جاء سليمان إسم الجائي منذر
5712 - قال عفريت من الجن إسمه كوزن
5713 - الذي عنده علم هو آصف بن برخيا كاتبه وقيل رجل يقال

له ذو النور وقيل أسطوم وقيل مليخا وقيل بلخ وقيل هو ضبة أبو القبيلة وقيل جبريل وقيل ملك آخر وقيل الخضر
5714 - تسعة رهط هم رعمى ورعيم وهرمى وهريم ودأب وصواب ورأب ومسطع وقدار بن سالف عاقر الناقة
5715 - فالتقطه آل فرعون إسم الملتقط طابوث
5716 - امرأة فرعون آسية بنت مزاحم
5717 - أم موسى يحانذ بنت يصهر بن لاوى وقيل ياء وخا وقيل أباذخت
5718 - وقالت لأخته إسمها مريم وقيل كلثوم
5719 - هذا من شيعته هو السامري وهذا من عدوه إسمه فاتون
5720 - وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى هو مؤمن آل فرعون وإسمه شمعان وقيل شمعون وقيل جبر وقيل حبيب وقيل حزقيل
5721 - امرأتين تذودان هما ليا وصفوريا وهي التي نكحها وأبوهما شعيب وقيل يثرون ابن أخي شعيب
5722 - وإذ قال لقمان لابنه إسمه باران بالموحدة وقيل داران وقيل أنعم وقيل مشكم
ملك الموت اشتهر على الألسنة أن اسمه عزرائيل ورواه أبو الشيخ بن حبان عن وهب
5723 - أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة
5724 - ويستأذن فريق منهم النبي قال السدي هما رجلان من بني حارثة أبو عرابة بن أوس وأوس بن قيظي
5725 - قل لأزواجك وبناتك قال عكرمة كانت تحته يومئذ تسع

نسوة عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة وصفية وميمونة وزينب بنت جحش وجويرية
وبناته فاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم
5726 - أهل البيت قال هم علي وفاطمة والحسن والحسين
5727 - للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه هو زيد بن حارثة أمسك عليك زوجك هي زينب بنت جحش
5728 - وحملها الإنسان قال ابن عباس هو آدم
5729 - إذ أرسلنا إليهم اثنين هما شمعون ويوحنا والثالث بولس وقيل هم صادق وصدوق وشلوم
5730 - وجاء من أقصى المدينة رجل هو حبيب النجار
5731 - أو لم ير الإنسان هو العاص بن وائل وقيل أبي بن خلف وقيل أمية بن خلف
5732 - فبشرناه بغلام هو إسماعيل أو إسحاق قولان شهيران
5733 - نبأ الخصم هما ملكان قيل إنهما جبريل وميكائيل
5734 - جسدا هو شيطان يقال له أسيد وقيل صخر وقيل حبقيق
5735 - مسني الشيطان قال نوف الشيطان الذي مسه يقال له مسعط
5736 - والذي جاء بالصدق محمد وقيل جبريل وصدق به محمد وقيل أبو بكر
5737 - اللذين أضلانا إبليس وقابيل
5738 - رجل من القريتين عنوا الوليد بن المغيرة من مكة ومسعود بن عمرو الثقفي وقيل عروة بن مسعود من الطائف

5739 - ولما ضرب ابن مريم مثلا الضارب له عبد الله بن الزبعرى
5740 - طعام الأثيم قال ابن جبير هو أبو جهل
5741 - وشهد شاهد من بني إسرائيل هو عبد الله بن سلام
5742 - أولوا العزم من الرسل أصح الأقوال أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد
5743 - ينادي المناد هو إسرافيل
5744 - ضيف إبراهيم المكرمين قال عثمان بن محصن كانوا أربعة من الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل ورفائيل
5745 - وبشروه بغلام قال الكرماني أجمع المفسرون على أنه إسحاق إلا مجاهدا فإنه قال هو إسماعيل
5746 - شديد القوى جبريل
5747 - أفرأيت الذي تولى هو العاصي بن وائل وقيل الوليد بن المغيرة
5748 - يدع الداع هو إسرافيل
5749 - قول التي تجادلك هي خولة بنت ثعلبة في زوجها هو أوس بن الصامت
5750 - لم تحرم ما أحل الله لك هي سريته مارية
5751 - أسر النبي إلى بعض أزواجه هي حفصة نبأت به أخبرت عائشة
5752 - إن تتوبا وإن تظاهرا هما عائشة وحفصة وصالح المؤمنين هما أبو بكر وعمر أخرجه الطبراني في الأوسط

5753 - امرأة نوح والعة وامرأة لوط والهة وقيل واعلة
5754 - ولا تطع كل حلاف نزلت في الأسود بن عبد يغوث وقيل الأخنس بن شريق وقيل الوليد بن المغيرة
5755 - سأل سائل هو النضر بن الحارث
5756 - رب اغفر لي ولوالدي إسم أبيه لمك بن متوشلخ وإسم أمه شمخا بنت أنوش
5757 - سفيهنا هو إبليس
5758 - ذرني ومن خلقت وحيدا هو الوليد بن المغيرة
5759 - فلا صدق ولا صلى . . الآيات نزلت في أبي جهل
5760 - هل أتى على الإنسان هو آدم
5761 - ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا قيل هو إبليس
5762 - أن جاءه الأعمى هو عبد الله بن أم مكتوم
5763 - أما من استغنى هو أمية بن خلف وقيل هو عتبة بن ربيعة
5764 - لقول رسول كريم قيل جبريل وقيل محمد
5765 - وأما الإنسان إذا ما ابتلاه . . الآيات نزلت في أمية بن خلف
5766 - ووالد هو آدم
5767 - فقال لهم رسول الله هو صالح
5768 - الأشقى هو أمية بن خلف
5769 الأتقى هو أبو بكر الصديق

5770 - الذي ينهى عبدا هو أبو جهل والعبد هو النبي
5771 - إن شانئك هو العاصي بن وائل وقيل أبو جهل وقيل عقبة بن أبي معيط وقيل أبو لهب وقيل كعب بن الأشرف
5772 - امرأته امرأة أبي لهب أم جميل العوراء بنت حرب بن أمية

القسم الثاني في مبهمات الجموع الذين عرفت أسماء بعضهم
5773 - وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله سمي منهم رافع بن حرملة
5774 - سيقول السفهاء سمي منهم رفاعة بن قيس وقردم بن عمر وكعب بن الأشرف ورافع بن حرملة والحجاج بن عمرو والربيع بن أبي الحقيق
5775 - وإذا قيل لهم اتبعوا . . الآية سمي منهم رافع ومالك بن عوف
5776 - يسألونك عن الأهلة سمي منهم معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم
5777 - يسألونك ماذا ينفقون سمي منهم عمرو بن الجموح
5778 - يسألونك عن الخمر سمي منهم عمر ومعاذ وحمزة
5779 - ويسألونك عن اليتامى سمي منهم عبد الله بن رواحة
5780 - ويسألونك عن المحيض سمي منهم ثابت بن الدحداح وعباد بن بشر وأسيد بن الحضير مصغر
5781 - ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب سمي منهم النعمان بن عمرو والحارث بن زيد
5782 - الحواريون سمي منهم فطرس ويعقوبس ويحنس وأندرايس

وفيلس ودرنايوطا وسرجس وهو الذي ألقى عليه شبهة
5783 - وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا . . هم إثنا عشر من اليهود سمي منهم عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحارث بن عمرو
5784 - كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم قال عكرمة نزلت في إثنى عشر رجلا منهم أبو عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت ووحوح ابن الأسلت زاد ابن عسكر وطعيمة بن أبيرق
5785 - يقولون هل لنا من الأمر من شيء سمي من القائلين عبد الله بن أبي
5786 - يقولون لو كان من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا سمي من القائلين عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير
5787 - وقيل لهم تعالوا قاتلوا القائل ذلك عبد الله والد جابر بن عبد الله الأنصاري والمقول لهم عبد الله بن أبي وأصحابه
5788 - الذين استجابوا لله هم سبعون منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وطلحة وابن عوف وابن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو عبيدة بن الجراح
5789 - الذين قال لهم الناس سمي من القائلين نعيم بن مسعود الأشجعي
5790 - الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء قال ذلك فنحاص وقيل حيي بن أخطب وقيل كعب بن الأشرف
5791 - وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله نزلت في النجاشي وقيل في عبد الله بن سلام وأصحابه
5792 - وبث منهما رجالا كثيرا ونساء قال ابن إسحاق أولاد آدم لصلبه

أربعون في عشرين بطنا كل بطن ذكر وأنثى وسمي من بنيه قابيل وهابيل وإياد وشبونة وهند وصرابيس ومخور وسند وبارق وشيث وعبد المغيث وعبد الحارث وود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ومن بناته أقليمة وأشوف وجزوزة وعزورا وأمة المغيث
5793 - ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة قال عكرمة نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت وكردم بن زيد وأسامة بن حبيب ورافع بن أبي رافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب
5794 - ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا نزلت في الجلاس بن الصامت ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشر
5795 - ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم سمي منهم عبد الرحمن بن عوف
5796 - إلا الذين يصلون إلى قوم قال ابن عباس نزلت في هلال بن عويمر الأسلمي وسراقة بن مالك المدلجي وفي بني خزيمة بن عامر بن عبد مناف
5797 - ستجدون آخرين قال السدي نزلت في جماعة منهم نعيم بن مسعود الأشجعي
5798 - إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم سمى عكرمة منهم على بن أمية بن خلف والحارث بن زمعة وأبا قيس بن الوليد بن المغيرة وأبا العاصي بن منبه بن الحجاج وأبا قيس بن الفاكه
5799 - إلا المستضعفين سمي منهم ابن عباس وأمه أم الفضل لبانة بنت الحارث وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام
5800 - الذين يختانون أنفسهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر
5801 - لهمت طائفة منهم أن يضلوك هم أسيد بن عروة وأصحابه

5802 - ويستفتونك في النساء سمي من المستفتين خولة بنت حكيم
5803 - يسألك أهل الكتاب سمى منهم ابن عسكر كعب بن الأشرف وفنحاصا
5804 - لكن الراسخون في العلم قال ابن عباس هم عبد الله بن سلام وأصحابه
5805 - يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة سمي منهم جابر بن عبد الله
5806 - ولا آمين البيت الحرام سمي منهم الحطم بن هند البكري
5807 - يسألونك ماذا أحل لهم سمي منهم عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيان وعاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويمر بن ساعدة
5808 - إذ هم قوم أن يبسطوا سمي منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب
5809 - ولتجدن أقربهم مودة . . ألايات نزلت في الوفد الذين جاءوا من عند النجاشي وهم اثنا عشر وقيل ثلاثون وقيل سبعون وسمي منهم إدريس وإبراهيم والأشرف وتميم وتمام ودريد
5810 - وقالوا لولا أنزل عليه ملك سمي منهم زمعة بن الأسود والنضر ابن الحارث بن كلدة وأبي بن خلف والعاصي بن وائل
5811 - ولا تطرد الذين يدعون ربهم سمي منهم صهيب وبلال وعمار وخباب وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وسلمان الفارسي
5812 - إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء سمي منهم فنحاص ومالك بن الضيف
5813 - قالوا لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتي رسل الله سمي منهم أبو جهل والوليد بن المغيرة

5814 - يسألونك عن الساعة سمي منهم حمل بن قشير وشمويل بن زيد
5815 - يسألونك عن الأنفال سمي منهم سعد بن أبي وقاص
5816 - وإن فريقا من المؤمنين لكارهون سمي منهم أبو أيوب الأنصاري ومن الذين لم يكرهوا المقداد
5817 - إن تستفتحوا سمي منهم أبو جهل
5818 - وإذ يمكر بك الذين كفروا هم أهل دار الندوة سمي منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان وأبو جهل وجبير بن مطعم وطعيمة بن عدي والحارث بن عامر والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود وحكيم بن حزام وأمية بن خلف
5819 - وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق . . الآية سمي منهم أبو جهل والنضر بن الحارث
5820 - إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم سمي منهم عتبة بن ربيعة وقيس بن الوليد وأبو قيس بن الفاكه والحارث بن زمعة والعاصي ابن منبه
5821 - قل لمن في أيديكم من الأسرى كانوا سبعين منهم العباس وعقيل ونوفل بن الحارث وسهيل بن بيضاء
5822 - وقالت اليهود عزيز ابن الله سمي منهم سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى ومحمد بن دحية وشأس بن قيس ومالك بن الصيف
5823 - الذين يلمزون المطوعين سمي من المطوعين عبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي
5824 - والذين لا يجدون إلا جهدهم أبو عقيل ورفاعة بن سعد

5825 - ولا على الذين إذا ما أتوك سمي منهم العرباض بن سارية وعبد الله بن مغفل المزني وعمرو المزني وعبد الله بن الأزرق الأنصاري وأبو ليلى الأنصاري
5826 - فيه رجال يحبون أن يتطهروا سمي منهم عويم بن ساعدة
5827 - إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان نزلت في جماعة منهم عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة
5828 - بعثنا عليكم عبادا لنا هم طالوت وأصحابه
5829 - وإن كادوا ليفتنونك قال ابن عباس نزلت في رجال من قريش منهم أبو جهل وأمية بن خلف
5830 - وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا سمى ابن عباس من قائلي ذلك عبد الله بن أبي أمية
وذريته سمي من أولاد إبليس شبر والأعور وزلنبور ومسوط واسم
5831 - وقالوا إن نتبع الهدى معك سمي منهم الحارث بن عامر بن نوفل
5832 - أحسب الناس أن يتركوا هم المؤذون على الإسلام بمكة منهم عمار بن ياسر
5833 - وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا سمي منهم الوليد بن المغيرة
5834 - ومن الناس من يشتري لهو الحديث سمي منهم النضر بن الحارث
5835 - فمنهم من قضى نحبه سمي منهم أنس بن النضر
5836 - قالوا الحق أول من يقول جبريل فيتبعونه

5837 - وانطلق الملأ سمي منهم عقبة بن أبي معيط وأبو جهل والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب والأسود بن يغوث
5838 - وقالوا ما لنا لا نرى رجالا سمي من القائلين أبو جهل ومن الرجال عمار وبلال
5839 - نفرا من الجن سمى منهم زوبعة وحسي ومسي وشاصر وماصر والأرد وإنيان والأحقم وسرق
5840 - إن الذين ينادونك من وراء الحجرات سمي منهم الأقرع بن حابس والزبرقان بن بدر وعيينة بن حصن وعمرو بن الأهتم
5841 - ألم تر إلى الذين تولوا قوما قال السدي نزلت في عبد الله بن نفيل من المنافقين
5842 - لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم نزلت في قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر
5843 - إذا جاءكم المؤمنات سمي منهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وأميمة بنت بشر
5844 - يقولون لا تنفقوا يقولون لئن رجعنا سمي منهم عبدالله بن أبي
5845 - ويحمل عرش ربك . . الآية سمي من حملة العرش إسرافيل ولبنان وروفيل
5846 - أصحاب الأخدود ذو نواس وزرعة بن أسد الحميري وأصحابه
5847 - بأصحاب الفيل هم الحبشة قائدهم أبرهة الأشرم ودليلهم أبو رغال
5848 - قل يا أيها الكافرون نزلت في الوليد بن المغيرة والعاصي بن

وائل والأسود ابن المطلب وأمية بن خلف
5849 - النفاثات بنات لبيد بن الأعصم
5850 - وأما مبهمات الأقوام والحيوانات والأمكنة والأزمنة ونحو ذلك فقد استوفيت الكلام عليها في تأليفنا المشار إليه

النوع الحادي والسبعون
في أسماء من نزل فيهم القرآن
5851 - رأيت فيهم تأليفا مفردا لبعض القدماء لكنه غير محرر وكتاب أسباب النزول والمبهمات يغنيان عن ذلك وقد قال ابن أبي حاتم ذكر عن الحسين بن زيد الطحان أنبأنا إسحاق بن منصور أنبأنا قيس عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله قال قال علي ما في قريش أحد إلا ونزلت فيه آية قيل له ما نزلت فيك قال ويتلوه شاهد منه
5852 - ومن أمثلته ما أخرجه أحمد والبخاري في الأدب عن سعد بن أبي وقاص قال نزلت في أربع آيات يسألونك عن الأنفال ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وآية تحريم الخمر وآية الميراث
5853 - وأخرج ابن أبي حاتم عن رفاعة القرظي قال نزلت ولقد وصلنا لهم القول في عشرة أنا أحدهم
5854 - وأخرج الطبراني عن أبي جمعه جنيد بن سبع وقيل حبيب بن سباع قال فينا نزلت ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين

النوع الثاني والسبعون
في فضائل القرآن
5855 - أفرده بالتصنيف أبو بكر بن أبي شيبة والنسائي وأبو عبيد القاسم بن سلام وابن الضريس وآخرون وقد صح فيه أحاديث باعتبار الجملة وفي بعض السور على التعيين ووضع في فضائل القرآن أحاديث كثيرة ولذلك صنفت كتابا سميته خمائل الزهر في فضائل السور حررت فيه ما ليس بموضوع
وأنا أورد في هذا النوع فصلين
الفصل الأول
فيما ورد في فضله على الجملة
5856 - أخرج الترمذي والدارمي وغيرهما من طريق الحارث الأعور عن علي سمعت رسول الله يقول ستكون فتن قلت فما المخرج منها يا رسول الله قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم هو الحبل المتين وهو الذكر الحكيم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم
5857 - وأخرج الدارمي من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا القرآن أحب إلى الله من السموات والأرض ومن فيهن
5858 - وأخرج أحمد والترمذي من حديث شداد بن أوس ما من مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة من كتاب الله تعالى إلا وكل الله به ملكا يحفظه فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهب متى يهب

5859 - وأخرج الحاكم وغيره من حديث عبد الله بن عمرو من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من يجد ولا يجهل مع من يجهل وفي جوفه كلام الله
5860 - وأخرج البزار من حديث أنس أن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره
5861 - وأخرج الطبراني من حديث ابن عمر ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر ولا ينالهم الحساب هم على كثيب من مسك حتى يفرغ من حساب الخلائق رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأم به قوما وهم به رضوان . . الحديث
5862 - وأخرج أبو يعلى والطبراني من حديث أبي هريرة القرآن غنى لا فقر بعده ولا غنى دونه
5863 - وأخرج أحمد وغيره من حديث عقبة بن عامر لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار
قال أبو عبيد أراد بالإهاب قلب المؤمن وجوفه الذي قد وعى القرآن
وقال غيره معناه من جمع القرآن ثم دخل النار فهو شر من الخنزير
وقال ابن الأنباري معناه أن النار لا تبطله ولا تقلعه من الأسماع التي وعته والأفهام التي حصلته كقوله في الحديث الآخر أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء أي لا يبطله ولا يقلعه من أوعيته الطيبة ومواضعه لأنه وإن غسله الماء في الظاهر لا يغسله بالقلع من القلوب
5864 - وعند الطبراني من حديث عصمة بن مالك لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقته النار
وعنده من حديث سهل بن سعد لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار
5865 - وأخرج الطبراني في الصغير من حديث أنس من قرأ القرآن يقوم به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه حرم الله لحمه ودمه على النار وجعله رفيق السفرة الكرام البررة حتى إذا كان يوم القيامة كان القرآن حجة له
5866 - وأخرج أبو عبيد عن أنس مرفوعا القرآن شافع مشفع وماجد مصدق من جعله إمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار
5867 - وأخرج الطبراني من حديث أنس
حملة القرآن عرفاء أهل الجنة

5868 - وأخرج النسائي وابن ماجه والحاكم من حديث أنس قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته
5869 - وأخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام سمان قلنا نعم قال فثلاث آيات يقرآ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عظام سمان
5870 - وأخرج مسلم من حديث جابر بن عبد الله خير الحديث كتاب الله
5871 - وأخرج أحمد من حديث معاذ بن أنس من قرأ القرآن في سبيل الله كتب مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
5872 - وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة ما من رجل يعلم ولده القرآن إلا توج يوم القيامة بتاج في الجنة
5873 - وأخرج أبو داود وأحمد والحاكم من حديث معاذ بن أنس من قرأ القرآن فأكمله وعمل به ألبس والده تاجا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم فما ظنكم بالذي عمل بهذا
5874 - وأخرج الترمذي وابن ماجه وأحمد من حديث علي من قرأ القرآن فاستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار
5875 - وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة من تعلم آية من كتاب الله استقبلته يوم القيامة تضحك في وجهه
5876 - وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث عائشة الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام والبررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران
5877 - وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث جابر من جمع القرآن كانت له عند الله دعوة مستجابة إن شاء عجلها في الدنيا وإن شاء ادخرها في الآخرة
5878 - وأخرج الشيخان من حديث أبي موسى مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل

الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها
5879 - وأخرج الشيخان من حديث عثمان خيركم وفي لفظ إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه زاد البيهقي في الأسماء وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه
5880 - وأخرج الترمذي والحاكم من حديث ابن عباس إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب
5881 - وأخرج ابن ماجه من حديث أبي ذر لأن تغدو فتتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة
5882 - وأخرج الطبراني من حديث ابن عباس من تعلم كتاب الله ثم اتبع ما فيه هداه الله به من الضلالة ووقاه يوم القيامة سوء الحساب
5883 - وأخرج ابن أبي شيبة من حديث أبي شريح الخزاعي أن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا
5884 - وأخرج الديلمي من حديث علي حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله
5885 - وأخرج الحاكم من حديث أبي هريرة يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده يا رب ارض عنه فيرضى عنه ويقال له اقره وارقه ويزاد له بكل آية حسنة
5886 - وأخرج من حديث عبد الله بن عمر الصيام والقرآن يشفعان للعبد
5887 - وأخرج من حديث أبي ذر إنكم لا ترجعون إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعني القرآن

الفصل الثاني
فيما ورد في فضل سور بعينها ما ورد في الفاتحة
5888 - أخرج الترمذي والنسائي والحاكم من حديث أبي بن كعب مرفوعا

ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني
5889 - وأخرج أحمد وغيره من حديث عبد الله بن جابر أخير سورة في القرآن الحمد لله رب العالمين
5890 - وللبيهقي في الشعب والحاكم من حديث أنس أفضل القرآن الحمد لله رب العالمين
5891 - وللبخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى أعظم سورة في القرآن الحمد لله رب العالمين
5892 - وأخرج عبد الله في مسنده من حديث ابن عباس فاتحة الكتاب تعدل ثلثي القرآن

ما ورد في البقرة وآل عمران
5893 - أخرج أبو عبيد من حديث أنس أن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه
5894 - وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة وعبد الله بن مغفل
5895 - وأخرج مسلم والترمذي من حديث النواس بن سمعان يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران
وضرب لهما رسول الله ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال كأنهما غمامتان أو غيايتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما
5896 - وأخرج أحمد من حديث بريدة تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان تظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف

5897 - وأخرج ابن حبان وغيره من حديث سهل بن سعد إن لكل شيء سناما وسنام القرآن سورة البقرة من قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام
ومن قرأها في بيته ليلا لم يدخله الشيطان ثلاث ليال
5898 - وأخرج البيهقي في الشعب من طريق الصلصال من قرأ سورة البقرة توج بتاج في الجنة
5899 - وأخرج أبو عبيد عن عمر بن الخطاب موقوفا من قرأ البقرة وآل عمران في ليلة كتب من القانتين
5900 - وأخرج البيهقي من مرسل مكحول من قرأ سورة البقرة وسورة آل عمران يوم الجمعة صلت عليه الملائكة إلى الليل

فصل
ما ورد في آية الكرسي
5901 - أخرج مسلم من حديث أبي بن كعب أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي
5902 - وأخرج الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن البقرة وفيها أية هي سيدة آي القرآن آية الكرسي
5903 - وأخرج الحارث بن أبي أسامة عن الحسن مرسلا أفضل القرآن سورة البقرة وأعظم آية فيها آية الكرسي
5904 - وأخرج ابن حبان والنسائي من حديث أبي أمامة من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت
5905 - وأخرج أحمد من حديث أنس آية الكرسي ربع القرآن
ما ورد في خواتيم البقرة
5906 - أخرج الأئمة الستة من حديث أبي مسعود من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه
5907 - وأخرج الحاكم من حديث النعمان بن بشير إن الله كتب كتابا قبل أن

يخلق السموات والأرض بألقي عام وأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ولا يقرءان في دار فيقربها شيطان ثلاث ليال

ما ورد في آخر آل عمران
5908 - أخرج البيهقي من حديث عثمان بن عفان من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة
ما ورد في الأنعام
5909 - أخرج الدارمي وغيره عن عمر بن الخطاب موقوفا الأنعام من نواجب القرآن
ما ورد في السبع الطوال
5910 - أخرج أحمد والحاكم من حديث عائشة من أخذ السبع الطوال فهو خير
ما ورد في هود
5911 - أخرج الطبراني في الأوسط بسند واه من حديث علي لا يحفظ منافق سورا براءة وهود ويس والدخان وعم يتساءلون
ما ورد في آخر الإسراء
5912 - أخرج أحمد من حديث معاذ بن أنس آية العز وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك إلى آخر السورة
ما ورد في الكهف
5913 - أخرج الحاكم من حديث أبي سعيد من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين
5914 - وأخرج مسلم من حديث أبي الدرداء من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال
5915 - وأخرج أحمد من حديث معاذ بن أنس من قرأ أول سورة الكهف

وآخرها كانت له نورا من قدمه إلى رأسه ومن قرأها كلها كانت له نورا ما بين الأرض والسماء
5916 - وأخرج البزار من حديث عمر من قرأ في ليلة فمن كان يرجو لقاء ربه . . الآية كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة

ما ورد في آلم السجدة
5917 - أخرج أبو عبيد من مرسل المسيب بن رافع تجيء ألم السجدة يوم القيامة لها جناحان تظل صاحبها فتقول لا سبيل عليك لا سبيل عليك
5918 - وأخرج عن ابن عمر موقوفا قال في تنزيل السجدة وتبارك الملك فضل ستين درجة على غيرهما من سورة القرآن
ما ورد في يس
5919 - أخرج أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم من حديث معقل بن يسار يس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له اقرءوها على موتاكم
5920 - وأخرج الترمذي والدارمي من حديث أنس إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات
5921 - وأخرج الدارمي والطبراني من حديث أبي هريرة من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له
5922 - وأخرج الطبراني من حديث أنس من دام على قراءة يس كل ليلة ثم مات مات شهيدا
ما ورد في الحواميم
5923 - أخرج أبو عبيد عن ابن عباس موقوفا إن لكل شيء لبابا ولباب القرآن الحواميم
5924 - وأخرج الحاكم عن ابن مسعود موقوفا الحواميم ديباج القرآن
ما ورد في الدخان
5925 - أخرج الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك

ما ورد في المفصل
5926 - أخرج الدارمي عن ابن مسعود موقوفا إن لكل شيء لبابل ولباب القرآن المفصل
الرحمن
5927 - أخرج البيهقي من حديث علي مرفوعا لكل شيء عروس وعروس القرآن الرحمن
المسبحات
5928 - أخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن عرباض بن سارية أن النبي كان يقرأ المسبحات كل ليلة قبل أن يرقد ويقول فيهن آية خير من ألف أية
قال ابن كثير في تفسير الآية المشار إليها قوله هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم
5929 - وقد أخرج ابن السني عن أنس أن النبي أوصى رجلا إذ أتى مضجعه أن يقرأ سورة الحشر وقال إن مت مت شهيدا
5930 - وأخرج الترمذي من حديث معقل بن يسار من قرأ حين يصبح ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة
5931 - وأخرج البيهقي من حديث أبي أمامة من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار فمات في يومه أو ليلته فقد أوجب الله له الجنة
تبارك
5932 - أخرج الأربعة وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له تبارك الذي بيده الملك
5933 - وأخرج الترمذي من حديث ابن عباس هي المانعة هي المنجية تنجي من عذاب القبر

5934 - وأخرج الحاكم من حديثه وددت أنها في قلب كل مؤمن تبارك الذي بيده الملك
5935 - وأخرج النسائي من حديث ابن مسعود من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر

الأعلى
5936 - أخرج أبو عبيد عن أبي تميم قال قال رسول الله إني نسيت أفضل المسبحات فقال أبي بن كعب لعلها سبح اسم ربك الأعلى قال نعم
القيمة
5937 - أخرج أبو نعيم في الصحابة من حديث إسماعيل بن أبي حكيم المزني الصحابي مرفوعا إن الله ليسمع قراءة لم يكن الذين كفروا فيقول أبشر عبدي فوعزتي لأمكنن لك في الجنة حتى ترضى
الزلزلة
5938 - أخرج الترمذي من حديث أنس من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن
العاديات
5939 - أخرج أبو عبيد من مرسل الحسن إذا زلزلت تعدل بنصف القرآن والعاديات تعدل بنصف القرآن
ألهاكم
5940 - أخرج الحاكم من حديث ابن عمر مرفوعا ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم قالوا ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية قال أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر
الكافرون
5941 - أخرج الترمذي من حديث أنس قل يا أيها الكافرون ربع القرآن
5942 - وأخرج أبو عبيد من حديث ابن عباس قل يا أيها الكافرون تعدل بربع القرآن

5943 - وأخرج أحمد والحاكم من حديث نوفل بن معاوية اقرأ قل يا أيها الكافرون ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك
5944 - وأخرج أبو يعلى من حديث ابن عباس ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك بالله تقرءون قل يا أيها الكافرون عند منامكم

النصر
5945 - أخرج الترمذي من حديث أنس إذا جاء نصر الله والفتح ربع القرآن
الإخلاص
5946 - أخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وفي الباب عن جماعة من الصحابة وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن الشخير ومن قرأ قل هو الله أحد في مرضه الذي يموت فيه لم يفتن في قبره وأمن من ضغطة القبر وحملته الملائكة يوم القيامة بأكفها حتى تجيزه الصراط إلى الجنة
5947 - وأخرج الترمذي من حديث أنس من قرأ قل هو الله أحد كل يوم مائتي مرة محي عنه ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين ومن أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه ثم قرأ قل هو الله أحد مائة مرة فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب يا عبدي ادخل عن يمينك الجنة
5948 - وأخرج الطبراني من حديث ابن الديلمي من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة في الصلاة أو غيرها كتب الله له براءة من النار
5949 - وأخرج في الأوسط من حديث أبي هريرة من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بني له قصر في الجنة ومن قرأها عشرين مرة بني له قصران ومن قرأها ثلاثين مرة بني له ثلاثة
5950 - وأخرج في الصغير من حديثه من قرأ قل هو الله أحد بعد صلاة الصبح اثنتي عشرة مرة فكأنما قرأ القرآن أربع مرات وكان أفضل أهل الأرض يومئذ إذا اتقى

المعوذتان
5951 - أخرج أحمد من حديث عقبة أن النبي قال له ألا أعلمك سورا ما أنزل في التوراة ولا في الزبور ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها قلت بلى قال قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس
5952 - وأخرج أيضا من حديث ابن عباس أن النبي قال له ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون قال بلى قال قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس
5953 - وأخرج أبو داود والترمذي عن عبد الله بن خبيب قال قال رسول الله اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء
5954 - وأخرج ابن السني من حديث عائشة من قرأ بعد صلاة الجمعة قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبع مرات أعاذه الله من السوء إلى الجمعة الأخرى
5955 - وبقيت أحاديث من هذا الفصل أخرتها إلى نوع الخواص
تنبيه
5956 - أما الحديث الطويل في فضائل القرآن سورة سورة فإنه موضوع كما أخرج الحاكم في المدخل بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة الجامع من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا فقال أني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة
5957 - وروى ابن حبان في مقدمة تاريخ الضعفاء عن ابن مهدي قال قلت لميسرة بن عبد ربه من أين حئت بهذه الأحاديث من قرأ كذا فله كذا قال وضعتها أرغب الناس فيها
5958 - وروينا عن المؤمل بن إسماعيل قال حدثني شيخ بحديث أبي بن كعب في فضائل سور القرآن سورة سورة فقال حدثني رجل بالمدائن وهو حي فصرت إليه فقلت له من حدثك قال حدثني شيخ بواسط وهو حي فصرت

إليه فقلت له من حدثك قال حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه فقلت له من حدثك قال حدثني شيخ بعبادان فصرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال هذا الشيخ حدثني فقلت يا شيخ من حدثك فقال لم يحدثني أحد ولكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن
5959 - قال ابن الصلاح ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم

النوع الثالث والسبعون
في أفضل القرآن وفاضله
5960 - اختلف الناس هل في القرآن شيء أفضل من شيء فذهب الإمام أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن حبان إلى المنع لأن الجميع كلام الله ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه
وروي هذا القول عن مالك قال يحيى بن يحيى تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ ولذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها
5961 - وقال ابن حبان في حديث أبي بن كعب ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن إن الله لا يعطي لقارئ التوراة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي القارئ أم القرآن إذ الله سبحانه وتعالى بفضله فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه قال وقوله أعظم سورة أراد به الأجر لا أن بعض القرآن أفضل من بعض
5962 - وذهب آخرون إلى التفضيل لظواهر الأحاديث منهم إسحاق بن راهوية وأبو بكر بن العربي والغزالي
5963 - وقال القرطبي إنه الحق ونقله عن جماعة من العلماء والمتكلمين
5964 - وقال الغزالي في جواهر القرآن لعلك أن تقول قد أشرت إلى تفضيل بعض آيات القرآن على بعض والكلام كلام الله فكيف يفارق بعضها بعضا وكيف يكون بعضها أشرف من بعض فاعلم أن نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى الفرق بين آية الكرسي وآية المداينات وبين سورة الإخلاص وسورة تبت وترتاع على اعتقاد الفرق نفسك الخوارة المستغرقة بالتقليد فقلد صاحب الرسالة فهو الذي أنزل عليه القرآن وقال يس قلب القرآن وفاتحة الكتاب أفضل سور القرآن وآية الكرسي سيده آي القرآن وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن والأخبار الواردة في

فضائل القرآن وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل وكثرة الثواب في تلاوتها لا تحصى
انتهى
5965 - وقال ابن الحصار العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة بالتفضيل
5966 - وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره فقل هو الله أحد أفضل من تبت يدا أبي لهب
5967 - وقال الخويي كلام الله أبلغ ن كلام المخلوقين وهل يجوز أن يقال بعض كلامه أبلغ من بعض الكلام جوزه قوم لقصور نظرهم
5968 - وينبغي أن تعلم أن معنى قول القائل هذا الكلام أبلغ من هذا أن هذا في موضعه له حسن ولطف وذاك في موضعه له حسن ولطف وهذا الحسن في موضعه أكمل من ذاك في موضعه
قال فإن من قال إن قل هو الله أحد أبلغ من تبت يدا أبي لهب يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب وبين التوحيد والدعاء على الكافر وذلك غير صحيح بل ينبغي أن يقال تبت يدا أبي لهب دعاء عليه بالخسران فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه وكذلك في قل هو الله أحد لا توجد عبارة تدل على الوحدانية أبلغ منها فالعالم إذا نظر إلى تبت يدا أبي لهب في باب الدعاء بالخسران ونظر إلى قل هو الله أحد في باب التوحيد لا يمكنه أن يقول أحدهما أبلغ من الآخر
انتهى
5969 - وقال غيره اختلف القائلون بالتفضيل فقال بعضهم الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب بحسب انفعالات النفس وخشيتها وتدبرها وتفكرها عند ورود أوصاف العلا
5970 - وقيل بل يرجع لذات اللفظ وأن ما تضمنه قوله تعالى وإلهكم إله واحد . . الآية وآية الكرسي وآخر سورة الحشر وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ليس موجودا مثلا في تبت يدا أبي لهب وما كان مثلها فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها
5971 - وقال الحليمي ونقله عنه البيهقي معنى التفضيل يرجع إلى أشياء
أحدها أن يكون العمل بآية أولى من العمل بأخرى وأعود على الناس

وعلى هذا يقال آيات الأمر والنهي والوعد والوعيد خبر من آيات القصص لأنها إنما أريد بها تأكيد الأمر والنهي والإنذار والتبشير ولا غنى بالناس عن هذه الأمور وقد يستغنون عن القصص فكان ما هو أعود عليهم وأنفع لهم مما يجري مجرى الأصول خيرا لهم مما يجعل تبعا لما لا بد منه
الثاني أن يقال الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء الله تعالى وبيان صفاته والدلالة على عظمته أفضل بمعنى أن مخبراتها أسنى وأجل قدرا
الثالث أن يقال سورة خير من سورة أو آية خير من آية بمعنى أن القارئ يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل ويتأدى منه بتلاوتها عبادة كقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين فإن قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى والاعتصام بالله ويتأدى بتلاوتها عبادة الله لما فيها من ذكره سبحانه وتعالى بالصفات العلا على سبيل الاعتقاد لها وسكون النفس إلى فضل ذلك بالذكر وبركته فأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم وإنما يقع بها علم
5972 - ثم لو قيل في الجملة إن القرآن خير من التوراة والإنجيل والزبور بمعنى أن التعبد بالتلاوة والعمل واقع به دونها والثواب بحسب قراءته لا بقراءتها أو أنه من حيث الإعجاز حجة النبي المبعوث وتلك الكتب لم تكن معجزة ولا كانت حجج أولئك الأنبياء بل كانت دعوتهم والحجج غيرها لكان ذلك أيضا نظير ما مضى
وقد يقال إن سورة أفضل من سورة لأن الله جعل قراءتها كقراءة أضعافها مما سواها وأوجب بها من الثواب ما لم يوجب بغيرها وإن كان المعنى الذي لأجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا كما يقال إن يوما أفضل من يوم وشهرا أفضل من شهر بمعنى العبادة فيه تفضل على العبادة في غيره والذنب فيه أعظم منه في غيره وكما يقال إن الحرم أفضل من الحل لأنه يتأدى فيه من المناسك ما لا يتأدى في غيره والصلاة فيه تكون كصلاة مضاعفة مما تقام في غيره
انتهى كلام الحليمي
5973 - وقال ابن التين في حديث البخاري لأعلمنك سورة هي أعظم السور معناه أن ثوابها أعظم من غيرها
5974 - وقال غيره إنما كانت أعظم السور لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن ولذلك سميت أم القرآن

5975 - وقال الحسن البصري إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن ثم أودع علوم القرآن الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة
أخرجه البيهقي
وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على الله تعالى بما هو أهله وعلى التعبد بالأمر والنهي وعلى الوعد والوعيد وآيات القرآن لا تخلو عن أحد هذه الأمور
5976 - وقال الإمام فخر الدين المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة الإلهيات والمعاد والنبوات وإثبات القضاء والقدر لله تعالى فقوله الحمد لله رب العالمين يدل على الإلهيات وقوله مالك يوم الدين يدل على المعاد وقوله إياك نعبد وإياك نستعين . . يدل على نفي الجبر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره وقوله اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله وعلى النبوات
فلما كان المقصد الأعظم من القرآن هذه المطالب الآربعة وهذه السورة مشتملة عليها سميت أم القرآن
5977 - وقال البيضاوي هي مشتملة على الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الطريق المستقيم والاطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء
5978 - وقال الطيبي هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين
أحدها علم الأصول ومعاقده معرفة الله تعالى وصفاته وإليها الإشارة بقوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة النبوة وهي المرادة بقوله أنعمت عليهم ومعرفة المعاد وهو المومي إليه قوله مالك يوم الدين
وثانيها علم الفروع وأسه العبادات وهو المراد بقوله إياك نعبد
وثالثها علم ما يحصل به الكمال وهو علم الأخلاق وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية والالتجاء إلى جناب الفردانية والسلوك لطريقه والاستقامة فيها وإليه الإشارة بقوله وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم
ورابعها علم القصص والأخبار عن الأمم السالفة والقرون الخالية السعداء منهم والأشقياء وما يتصل بها من وعد محسنهم ووعيد مسيئهم وهو المراد بقوله

أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
5979 - وقال الغزالي مقاصد القرآن سنة ثلاثة مهمة وثلاثة متمة الأولى تعريف المدعو إليه كما أشير إليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهو الآخرة كما أشير إليه مالك يوم الدين
والأخرى تعريف أحوال المطيعين كما أشير إليه بقوله الذين أنعمت عليهم وحكاية أقوال الجاحدين وقد أشير إليها ب المغضوب عليهم ولا الضالين وتعريف منازل الطريق كما أشير إليه بقوله إياك نعبد وإياك نستعين انتهى
ولا ينافي هذا وصفها في الحديث الآخر بكونها ثلثي القرآن لأن بعضهم وجهه بأن دلالات القرآن الكريم إما أن تكون بالمطابقة أو بالتضمن أو بالالتزام وهذه السورة تدل على جميع مقاصد القرآن بالتضمن والالتزام دون المطابقة والاثنان من الثلاثة ثلثان ذكره الزركشي في شرح التنبيه وناصر الدين بن الميلق قال وأيضا الحقوق ثلاثة حق الله على عباده وحق العباد على الله وحق بعض العباد على بعض وقد اشتملت الفاتحة صريحا على الحقين الأولين فناسب كونها بصريحها ثلثين
وحديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين شاهد لذلك
5980 - قلت ولا تنافي أيضا بين كون الفاتحة أعظم السور وبين الحديث الآخر أن البقرة أعظم السور لأن المراد به ما عدا الفاتحة من السور التي فصلت فيها الأحكام وضربت الأمثال وأقيمت الحجج إذ لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه ولذلك سميت فسطاط القرآن
5981 - قال ابن العربي في أحكامه سمعت بعض أشياخي يقول فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر ولعظيم فقهها أقام ابن عمر ثماني سنين على تعليمها
أخرجه مالك في الموطأ
5982 - وقال ابن العربي أيضا إنما صارت آية الكرسي أعظم الآيات لعظم مقتضاها فإن الشيء إنما يشرف بشرف ذاته ومقتضاه وتعلقاته وهي في آي القرآن كسورة الإخلاص في سورة إلا أن سورة الإخلاص تفضلها بوجهين
أحدهما أنها سورة وهذه آية والسورة أعظم لأنه وقع التحدي بها فهي أفضل من الآية التي لم يتحد بها

والثاني أن سورة الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفا وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفا فظهرت القدرة في الإعجاز بوضع معنى معبر عنه بخمسين حرفا ثم يعبر عنه بخمسة عشر وذلك بيان لعظيم القدرة والانفراد بالوحدانية
5983 - وقال ابن المنير اشتملت آية الكرسي على ما لم تشمل عليه آية من أسماء الله تعالى وذلك أنها مشتملة على سبعة عشر موضعا فيها اسم الله تعالى ظاهرا في بعضها ومستكنا في بعض وهي الله هو الحي القيوم ضمير لا تأخذه و له وعنده و بإذنه و يعلم و علمه و شاء و كرسيه و يؤده ضمير حفظهما المستتر الذي هو فاعل المصدر وهو العلي العظيم
وإن عددت الضمائر المتحملة في الحي القيوم العلي العظيم والضمير المقدر قبل الحي على أحد الأعاريب صارت اثنين وعشرين
5984 - وقال الغزالي إنما كانت آية الكرسي سيدة الآيات لأنها اشتملت على ذات الله وصفاته وأفعاله فقط ليس فيها غير ذلك ومعرفة ذلك هي المقصد الأقصى في العلوم وما عداه تابع له والسيد اسم للمتبوع المقدم فقوله الله إشارة إلى الذات لا إله إلا هو إشارة إلى توحيد الذات الحي القيوم إشارة إلى صفة الذات وجلاله فإن معنى القيوم الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره وذلك غاية الجلال والعظمة
لا تأخذه سنة ولا نوم تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من أوصاف الحوادث والتقديس عما يستحيل أحد أقسام المعرفة له ما في السموات وما في الأرض إشارة إلى الأفعال كلها وإن جميعها منه وإليه من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه إشارة إلى انفراده بالملك والحكم والأمر وأن من يملك الشفاعة إنما يملكها بتشريفه إياه والإذن فيها وهذا نفي الشركة عنه في الحكم والأمر يعلم ما بين أيديهم إلى قوله شاء إشارة إلى صفة العلم وتفضيل بعض المعلومات والانفراد بالعلم حتى لا علم لغيره إلا ما أعطاه ووهبه على قدر مشيئته وإرادته وسع كرسية السموات والأرض إشارة إلى عظمة ملكه وكمال قدرته ولا يؤده حفظهما إشارة إلى صفة القدرة وكمالها وتنزيهها عن الضعف والنقصان وهو العلي العظيم إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات
فإذا تأملت هذه المعاني ثم تلوت جميع آي القرآن لم تجد جملتها مجموعة

في آية واحدة فإن شهد الله فيها إلا التوحيد وسورة الإخلاص ليس فيها إلا التوحيد والتقديس و قل اللهم مالك الملك ليس فيها إلا الأفعال والفاتحة فيها الثلاثة لكن غير مشروحة بل مرموزة والثلاثة مجموعة مشروحة في آية الكرسي
والذي يقرب منها في جمعها آخر الحشر وأول الحديد ولكنها آيات لا آية واحدة فإذا قابلت آية الكرسي بأحد تلك الآيات وجدتها أجمع للمقاصد فلذلك استحقت السيادة على الآي كيف وفيها الحي القيوم وهو الاسم الأعظم كما ورد به الخبر انتهى كلام الغزالي
ثم قال إنما قال في الفاتحة أفضل وفي آية الكرسي سيدة لسر وهو أن الجامع بين فنون الفضل وأنواعها الكثيرة يسمى أفضل فإن الفضل هو الزيادة والأفضل هو الأزيد وأما السؤدد فهو رسوخ معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع ويأبى التبعية والفاتحة تتضمن التنبيه على معان كثيرة ومعارف مختلفة فكانت أفضل وآية الكرسي تشتمل على المعرفة العظمى التي هي المقصودة المتبوعة التي يتبعها سائر المعارف فكان اسم السيد بها أليق
انتهى
ثم قال في حديث قلب القرآن يس إن ذلك لأن الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهو مقرر في هذه السورة بأبلغ وجه فجعلت قلب القرآن لذلك واستحسنه الإمام فخر الدين
5985 - وقال النسفي يمكن أن يقال إن هذه السورة ليس فيها إلا تقرير الأصول الثلاثة الوحدانية والرسالة والحشر وهو القدر الذي يتعلق بالقلب والجنان وأما الذي باللسان وبالأركان ففي غير هذه السورة فلما كان فيها أعمال القلب لا غير سماها قلبا ولهذا أمر بقراءتها عند المحتضر لأن في ذلك الوقت يكون اللسان ضعيف القوة والأعضاء ساقطة لكن القلب قد أقبل على الله تعالى ورجع عما سواه فيقرأ عنده ما يزداد به قوة في قلبه ويشتد تصديقه بالأصول الثلاثة
انتهى
5986 - واختلف الناس في معنى كون سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن فقيل كأنه سمع شخصا يكررها تكرار من يقرأ ثلث القرآن فخرج الجواب على هذا
وفيه بعد عن ظاهر الحديث وسائر طرق الحديث ترده
5987 - وقيل لأن القرآن يشتمل على قصص وشرائع وصفات وسورة

الإخلاص كلها صفات فكانت ثلثا بهذا الاعتبار
5988 - وقال الغزالي في الجواهر معارف القرآن المهمة ثلاثة معرفة التوحيد والصراط المستقيم والآخرة
وهي مشتملة على الأول فكانت ثلثا
وقال أيضا فيما نقله عنه الرازي القرآن مشتمل على البراهين القاطعة على وجود الله تعالى ووحدانيته وصفاته إما صفات الحقيقة وإما صفات الفعل وإما صفات الحكم فهذه ثلاثة أمور وهذه السورة تشتمل على صفات الحقيقة فهي ثلث
5989 - وقال الخويي المطالب التي في القرآن معظمها الأصول الثلاثة التي بها يصح الإسلام ويحصل الإيمان وهي معرفة الله والاعتراف بصدق رسوله واعتقاد القيام بين يدي الله تعالى فإن من عرف أن الله واحد وأن النبي صادق وأن الدين واقع صار مؤمنا حقا ومن أنكر شيئا منها كفر قطعا
وهذه السورة تفيد الأصل الأول فهي ثلث القرآن من هذا الوجه
5990 - وقال غيره القرآن قسمان خبر وإنشاء والخبر قسمان خبر عن الخالق وخبر عن المخلوق فهذه ثلاثة أثلاث وسورة الإخلاص أخلصت الخبر عن الخالق فهي بهذا الاعتبار ثلث وقيل تعدل في الثواب وهو الذي يشهد له ظاهر الحديث والأحاديث الواردة في سورة الزلزلة والنصر والكافرين لكن ضعف ابن عقيل ذلك وقال لا يجوز أن يكون المعنى فله أجر ثلث القرآن لقوله من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات
5991 - قال ابن عبد البر السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام فيها وأسلم ثم أسند إلى إسحاق بن منصور قلت لأحمد بن حنبل قوله قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ما وجهه فلم يقل لي فيها على أمر وقال لي إسحاق بن راهويه معناه أن الله لما فضل كلامه على سائر الكلام جعل لبعضه أيضا فضلا في الثواب لمن قرأه تحريضا على تعليمه لا أن من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات كان كمن قرأ القرآن جميعه هذا لا يستقيم ولو قرأها مائتي مرة
قال ابن عبد البر فهذان إمامان بالسنة ما قاما ولا قعدا في هذه المسألة
5992 - وقال ابن الميلق في حديث إن الزلزلة نصف القرآن لأن أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وهذه السورة تشتمل على أحكام

الآخرة كلها إجمالا وزادت على القارعة بإخراج الأثقال وتحديث الأخبار وأما تسميتها في الحديث الآخر ربعا فلأن الإيمان بالبعث ربع الإيمان في الحديث الذي رواه الترمذي لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالموت ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر فاقتضى هذا الحديث أن الإيمان بالبعث الذي قررته هذه السورة ربع الإيمان الكامل الذي دعا إليه القرآن
5993 - وقال أيضا في سر كون ألهاكم تعدل ألف آية إن القرآن ستة آلاف آية ومائتا آية وكسر فإذا تركنا الكسر كان الألف سدس القرآن وهذه السورة تشتمل على سدس مقاصد القرآن فإنها فيما ذكره الغزالي ستة ثلاث مهمة وثلاث متمة وتقدمت وأحدها معرفة الآخرة المشتمل عليه السورة والتعبير عن هذا المعنى بألف آية أفخم وأجل وأضخم من التعبير بالسدس
5994 - وقال أيضا في سر كون سورة الكافرين ربعا وسورة الإخلاص ثلثا مع أن كلا منهما يسمى الإخلاص أن سورة الإخلاص اشتملت من صفات الله على ما لم تشتمل عليه الكافرون وأيضا فالتوحيد إثبات إلهية المعبود وتقديسه ونفي إلهية ما سواه وقد صرحت الإخلاص بالإثبات والتقديس ولوحت إلى نفي عبادة غيره والكافرون صرحت بالنفي ولوحت بالإثبات والتقديس فكان بين الرتبتين من التصريحين والتلويحين ما بين الثلث والربع
انتهى

تذنيب
5995 - ذكر كثيرون في أثر أن الله جمع علوم الأولين والآخرين في الكتب الآربعة وعلومها في القرآن وعلومه في الفاتحة فزادوا علوم الفاتحة في البسملة وعلوم البسملة في بائها
ووجه بأن المقصود من كل العلوم وصول العبد إلى الرب وهذه الباء باء الإلصاق فهي تلصق العبد بجناب الرب وذلك كمال المقصود
ذكره الإمام الرازي وابن النقيب في تفسيرهما

النوع الرابع والسبعون
في مفردات القرآن
5996 - أخرج السلفي في المختار من الطيوريات عن الشعبي قال لقي عمر بن الخطاب ركبا في سفر فيهم ابن مسعود فأمر رجلا يناديهم من أين القوم قالوا أقبلنا من الفج العميق نريد البيت العتيق فقال عمر إن فيهم لعالما وأمر رجلا أن يناديهم أي القرآن أعظم فأجابه عبد الله الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال نادهم أي القرآن أحكم فقال ابن مسعود إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى قال نادهم أي القرآن أجمع فقال فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فقال نادهم أي القرآن أحزن فقال من يعمل سوءا يجز به فقال نادهم أي القرآن أرجى فقال قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم . . الآية فقال أفيكم ابن مسعود قالوا نعم
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره بنحوه
5997 - وأخرج عبد الرزاق أيضا عن ابن مسعود قال أعدل آية في القرآن إن الله يأمر بالعدل والإحسان وأحكم آية فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره إلى اخرها
وأخرج الحاكم عنه قال إن أجمع آية في القرآن للخير والشر إن الله يأمر بالعدل والإحسان
5998 - وأخرج الطبراني عنه قال ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم . . الآية وما في القرآن آية أكثر

تفويضا من آية في سورة النساء القصرى ومن يتوكل على الله فهو حسبه . . ألاية
5999 - وأخرج أبو ذر الهروي في فضائل القرآن من طريق يحيى بن يعمر عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله يقول إن أعظم آية في القرآن الله لا إله إلا هو الحي القيوم . . وأعدل آية في القرآن إن الله يأمر بالعدل والإحسان . . إلى آخرها وأخوف أية في القرآن فمن يعمل مثال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وأرجى آية في القرآن قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله . . إلى آخرها
6000 - وقد اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولا
أحدها آية الزمر
6001 - والثاني أو لم تؤمن قال بلى أخرجه الحاكم في المستدرك وأبو عبيد عن صفوان بن سليم قالا التقى ابن عباس وابن عمر فقال ابن عباس أي آية في كتاب الله أرجى فقال عبد الله بن عمر قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم . . ألاية فقال ابن عباس لكن قول الله وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فرضى منه قوله بلى قال فهذا لما يعترض في الصدر مما يوسوس به الشيطان
6002 - الثالث ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب أنه قال إنكم يا معشر أهل العراق تقولون أرجى آية في القرآن قل يا عبادي الذين أسرفوا . . الآية لكنا أهل البيت نقول أن أرجى آية في كتاب الله ولسوف يعطيك ربك فترضى وهي الشفاعة
6003 - الرابع ما أخرجه الواحدي عن علي بن الحسين قال أشد آية على أهل النار فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد إن الله لا يغفر أن يشرك به . . الآية
6004 - وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال أحب آية إلي في القرآن إن الله لا يغفر أن يشرك به . . الآية

6005 - الخامس ما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن المبارك أن أرجى آية في القرآن قوله تعالى ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة إلى قوله ألا تحبون أن يغفر الله لكم
6006 - السادس ما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة عن أبي عثمان النهدي قال ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة من قوله وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا
6007 - السابع والثامن قال أبو جعفر النحاس في قوله فهل يهلك إلا القوم الفاسقون إن هذه الآية عندي أرجى آية في القرآن إلا أن ابن عباس قال أرجى آية في القرآن وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وكذا حكاه عنه مكي ولم يقل على إحسانهم
6008 - التاسع روى الهروي في مناقب الشافعي عن ابن عبد الحكم قال سألت الشافعي أي آية أرجى قال قوله يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة قال وسألته عن أرجى حديث للمؤمن قال إذا كان يوم القيامة يدفع إلى كل مسلم رجل من الكفار فداؤه
6009 - العاشر قل كل يعمل على شاكلته
6010 - الحادي عشر وهل نجازي إلا الكفور
6011 - الثاني عشر إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى حكاه الكرماني في العجائب
6012 - الثالث عشر وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير
6013 - حكى هذه الأقوال الأربعة النووي في رءوس المسائل والأخير ثابت عن علي ففي مسند أحمد عنه قال ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى حدثنا بها رسول الله وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وسأفسرها لك يا علي ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا

فبما كسبت أيديكم والله أكرم من أن يثني العقوبة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه
6014 - الرابع عشر قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف قال الشبلي إذا كان الله أذن للكافر بدخول الباب إذا أتى بالتوحيد والشهادة أفتراه يخرج الداخل فيها والمقيم عليها
6015 - الخامس عشر آية الدين ووجهه أن الله أرشد عباده إلى مصالحهم الدنيوية حتى انتهت العناية بمصالحهم إلى أمرهم بكتابة الدين الكثير والحقير فمقتضى ذلك ترجى عفوه عنهم لظهور العناية العظيمة بهم
6016 - قلت ويلحق بهذا ما أخرجه ابن المنذر عن ابن مسعود أنه ذكر عنده بنو إسرائيل وما فضلهم الله به فقال كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح وقد كتبت كفارته على أسكفة بابه وجعلت كفارة ذنوبكم قولا تقولونه تستغفرون الله فيغفر لكم والذي نفسي بيده لقد أعطانا الله آية لهي أحب إلي من الدنيا وما فيها والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله . . الآية
6017 - وما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة عن ابن عباس قال ثماني آيات نزلت في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت أولهن يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والثانية والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات والثالثة يريد الله أن يخفف عنكم . . الآية والرابعة إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه . . الآية والخامسة إن الله لا يظلم مثقال ذرة . . الآية والسادسة ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله . . الآية والسابعة إن الله لا يغفر أن يشرك به . . الآية والثامنة والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم . . الآية
6018 - وما أخرجه ابن حاتم عن عكرمة قال سئل ابن عباس أي آية أرجى في كتاب الله قال قوله إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله

6019 - أشد آية ما أخرجه ابن راهويه في مسنده أنبأنا أبو عمرو العقدي أنبأنا عبد الجليل بن عطية عن محمد بن المنتشر قال قال رجل لعمر بن الخطاب إني لأعرف أشد آية في كتاب الله تعالى فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال مالك نقبت عنها حتى علمتها ما هي قال من يعمل سوءا يجز به فما منا أحد يعمل سوءا إلا جزي به فقال عمر لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك ورخص ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما
6020 - وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال سألت أبا برزة الأسلمي عن أشد آية في كتاب الله تعالى على أهل النار فقال فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا
6021 - وفي صحيح البخاري عن سفيان قال ما في القرآن آية أشد علي من لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم
6022 - وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال ما في القرآن أشد توبيخا من هذه الآية لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت . . الآية
6023 - وأخرج ابن المبارك في كتاب الزهد عن الضحاك بن مزاحم قرأ في قول الله لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت قال والله ما في القرآن آية أخوف عندي منها
6024 - وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال ما أنزلت على النبي آية كانت أشد عليه من قوله وتخفي في نفسك ما الله مبديه . . الآية
6025 - وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين لم يكن شيء عندهم أخوف من هذه الآية ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين
6026 - وعن أبي حنيفة أخوف آية في القرآن واتقوا النار التي أعدت للكافرين

6027 - وقال غيره سنفرغ لكم أيها الثقلان ولهذا قال بعضهم لو سمعت هذه الكلمة من خفير الحارة لم أنم
6028 - وفي النوادر لأبي زيد قال مالك أشد آية على أهل الأهواء قوله يوم تبيض وجوه وتسود وجوه . . الآية فتأولها على أهل الأهواء
انتهى
6029 - وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال آيتان في كتاب الله ما أشدهما على من يجادل فيه ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد
6030 - وقال السعيدي سورة الحج من أعاجيب القرآن فيها مكي ومدني وحضري وسفري وليلي ونهاري وحربي وسلمي وناسخ ومنسوخ فالمكي من رأس الثلاثين إلى آخرها والمدني من رأس خمس عشرة إلى رأس الثلاثين والليلي خمس آيات من أولها والنهاري من رأس تسع آيات إلى رأس اثنتي عشرة والحضري إلى رأس العشرين
6031 - قلت والسفري أولها والناسخ أذن للذين يقاتلون . . الآية والمنسوخ الله يحكم بينكم . . الآية نسختها آية السيف وقوله وما أرسلنا من قبلك . . نسختها سنقرؤك فلا تنسى
6032 - وقال الكرماني ذكر المفسرون أن قوله تعالى يأيها الذين آمنوا شهادة بينكم . . الآية من أشكل آية في القرآن حكما ومعنى وإعرابا
6033 - وقال غيره قوله تعالى يا بني آدم خذوا زينتكم . . الآية جمعت أصول أحكام الشريعة كلها الأمر والنهي والإباحة والخبر
6034 - وقال الكرماني في العجائب في قوله تعالى نحن نقص عليك أحسن القصص قيل هو قصة يوسف وسماها أحسن القصص لاشتمالها على ذكر حاسد ومحسود ومالك ومملوك وشاهد ومشهود وعاشق ومعشوق وحبس

وإطلاق وسجن وخلاص وخصب وجدب وغيرها مما يعجز عن بيانها طوق الخلق
7035 - وقال ذكر أبو عبيدة عن رؤبة ما في القرآن أعرب من قوله فاصدع بما تؤمر
6036 - وقال ابن خالويه في كتاب ليس ليس في كلام العرب لفظ جمع لغات ما النافية إلا حرف واحد في القرآن جمع اللغات الثلاث وهو قوله ما هن أمهاتهم قرأ الجمهور بالنصب وقرأ بعضهم بالرفع وقرأ ابن مسعود ماهن بأمهاتهم بالباء قال وليس في القرآن لفظ على افعوعل إلا في قراءة ابن عباس ألا إنهم يثنوني صدورهم
6037 - وقال بعضهم أطول سورة في القرآن البقرة وأقصرها الكوثر وأطول آية فيه آية الدين وأقصر أية فيه والضحى والفجر وأطول كلمة فيه رسما فأسقيناكموه
6038 - وفي القرآن آيتان جمعت كل منهما حروف المعجم ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة . . الآية محمد رسول الله . . الآية
6039 - وليس فيه حاء بعد حاء بلا حاجز إلا في موضعين عقدة النكاح حتى لا أبرح حتى
6040 - ولا كافان كذلك إلا مناسككم ما سلككم
6041 - ولا غينان كذلك إلا ومن يبتغ غير الإسلام
6042 - ولا آية فيها ثلاثة وعشرون كافا إلا آية الدين
6043 - ولا آيتان فيهما ثلاثة عشر وقفا إلا آيتا المواريث
6044 - ولا سورة ثلاث آيات فيها عشر واوات إلا والعصر إلى آخرها

6045 - ولا سورة إحدى وخمسون آية فيها اثنان وخمسون وقفا إلا سورة الرحمن
ذكر أكثر ذلك ابن خالويه
6046 - وقال أبو عبد الله الخبازي المقرئ أول ما وردت على السلطان محمود بن ملكشاه سألني عن آية أولها غين فقلت ثلاثة غافر الذنب وآيتان بخلف غلبت الروم غير المغضوب عليهم
6047 - ونقلت من خط شيخ الإسلام ابن حجر في القرآن أربع شدات متوالية في قوله
نسيا رب السموات
في بحر لجي يغشاه موج
قولا من رب رحيم
ولقد زينا السماء

النوع الخامس والسبعون
في خواص القرآن
6048 - أفرده بالتصنيف جماعة منهم التميمي وحجة الإسلام الغزالي ومن المتأخرين اليافعي وغالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصالحين وها أنا أبدأ بما ورد من ذلك في الحديث ثم ألتقط عيونا مما ذكره السلف والصالحون
6049 - أخرج ابن ماجه وغيره من حديث ابن مسعود عليكم بالشفاءين العسل والقرآن
6050 - وأخرج أيضا من حديث علي خير الدواء القرآن
6051 - وأخرج أبو عبيد عن طلحة بن مصرف قال كان يقال إذا قرئ القرآن عند المريض وجد لذلك خفة
6052 - وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع أن رجلا شكا إلى النبي وجع حلقه قال عليك بقراءة القرآن 6053 وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال جاء رجل إلى النبي فقال إني أشتكي صدري قال اقرأ القرآن لقول الله تعالى وشفاء لما في الصدور
6054 - وأخرج البيهقي وغيره من حديث عبد الله بن جابر في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء
6055 - وأخرج الخلعي في فوائده من حديث جابر بن عبد الله فاتحة الكتاب شفاء من كل شيء إلا السام والسام الموت
6056 - وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري فاتحة الكتاب شفاء من السم

6057 - وأخرج البخاري من حديثه أيضا قال كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم فهل معكم راق فقام معها رجل فرقاه بأم القرآن فبرئ فذكر للنبي فقال وما كان يدريه أنها رقية
6058 - وأخرج الطبراني في الأوسط عن السائب بن يزيد قال عوذني رسول الله بفاتحة الكتاب تفلا
6059 - وأخرج البزار من حديث أنس إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد فقد أمنت من كل شيء إلا الموت
6060 - وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة إن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان
6061 - وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند بسند حسن عن أبي بن كعب قال كنت عند النبي فجاء أعرابي فقال يا نبي الله إن لي أخا وبه وجع قال وما وجعه قال به لمم قال فاتني به فوضعه بين يديه فعوذه النبي بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وهاتين الآيتين وإلهكم إله واحد وآية الكرسي وثلاث آيات من آخر سورة البقرة وآية من آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو وآية من الأعراف إن ربكم الله وآخر سورة المؤمنين فتعالى الله الملك الحق وآية من سورة الجن وأنه تعالى جد ربنا وعشر آيات من أول الصافات وثلاث آيات من آخر سورة الحشر وقل هو الله أحد والمعوذتين فقام الرجل كأنه لم يشك قط
6062 - وأخرج الدارمي عن ابن مسعود موقوفا من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة وآية الكرسي وآيتين بعد آية الكرسي وثلاثا من آخر سورة البقرة لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه ولا يقرأن على مجنون إلا أفاق 6063 وأخرج البخاري عن أبي هريرة في قصة الصدقة إن الجني قال له إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فقال النبي أما إنه صدقك وهو كذوب

6064 - وأخرج المحاملي في فوائده عن ابن مسعود قال قال رجل يا رسول الله علمني شيئا ينفعني الله به قال اقرأ آية الكرسي فإنه يحفظك وذريتك وحفظ دارك حتى الدويرات حول دارك
6065 - وأخرج الدينوري في المجالسة عن الحسن أن النبي قال إن جبريل أتاني فقال إن عفريتا من الجن يكيدك فإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي
6066 - وفي الفردوس من حديث أبي قتادة من قرأ آية الكرسي عند الكرب أغاثه الله
6067 - وأخرج الدارمي عن المغيرة بن سبيع وكان من أصحاب عبد الله قال من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينس القرآن أربع من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث من آخرها
6068 - وأخرج الديلمي من حديث أبي هريرة مرفوعا آيتان هما قرآن وهما يشفيان وهما مما يحبهما الله الآيتان من آخر سورة البقرة
6069 - وأخرج الطبراني عن معاذ أن النبي قال له ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك من الدين مثل صبر أداه الله عنك قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء إلى قوله بغير حساب رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك
6070 - وأخرج البيهقي في الدعوات عن ابن عباس إذ استصعبت دابة أحدكم أو كانت شموسا فليقرأ هذه الآية في أذنيها أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون
6071 - وأخرج البيهقي في الدعوات
6072 - وأخرج البيهقي في الشعب بسند فيه من لا يعرف عن علي موقوفا سورة الأنعام ما قرئت على عليل إلا شفاه الله

6073 - وأخرج ابن السني عن فاطمة أن رسول الله لما دنا ولادها أمر أم سلمة وزينب بنت جحش أن يأتيا فيقرآ عندها آية الكرسي و إن ربكم الله . . ألاية ويعوذاها بالمعوذتين
6074 - وأخرج ابن السني أيضا من حديث الحسين بن علي أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا أن يقولوا بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره . . الآية
6075 - وأخرج ابن أبي حاتم عن ليث قال بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر يقرأن في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور الآية التي في سورة يونس فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إلى قوله المجرمون وقوله فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون إلى آخر أربع آيات وقوله إنما صنعوا كيد ساحر . . . الآية
6076 - وأخرج الحاكم وغيره من حديث أبو هريرة ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل فقال يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت و وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا
6077 - وأخرج الصابوني في المائتين من حديث ابن عباس مرفوعا هذه الآية أمان من السرق قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن . . إلى آخر السورة
6078 - وأخرج البيهقي في الدعوات من حديث أنس ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل ولا مال ولا ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيه آفة دون الموت
6079 - وأخرج الدارمي وغيره من طريق عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش قال من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من الليل قامها
قال عبده فجربناه فوجدناه كذلك

6080 - وأخرج الترمذي والحاكم عن سعد بن أبي وقاص دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شيء إلا استجاب الله له
6081 - وعن ابن السني إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج عنه كلمة أخي يونس فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
6082 - وأخرج البيهقي وابن السني وأبو عبيد عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن مبتلى فأفاق فقال رسول الله ما قرأت في أذنه قال أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا . . إلى آخر السورة فقال لو أن رجلا مؤمنا قرأ بها على جبل لزال
6083 - وأخرج الديلمي وأبو الشيخ بن حيان في فضائله من حديث أبي ذر ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس إلا هون الله عليه
6084 - وأخرج المحاملي في أماليه من حديث عبد الله بن الزبير من جعل يس أمام حاجة قضيت له
وله شاهد مرسل عن الدارمي
6085 - وفي المستدرك عن أبي جعفر محمد بن علي قال من وجد في قلبه قسوة فليكتب يس في جام بماء ورد وزعفران ثم يشربه
6086 - وأخرج ابن الضريس عن أبي سعيد بن جبير أنه قرأ على رجل مجنون سورة يس فبرئ
6087 - وأخرج ايضا عن يحيى بن أبي كثير قال من قرأ يس إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسى ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح أخبرنا من جرب ذلك
6088 - وأخرج الترمذي من حديث أبي هريرة من قرأ الدخان كلها وأول غافر إلى إليه المصير وآية الكرسي حين يمسى حفظ بها حتى يصبح ومن قرأها حين يصبح حفظ بها حتى يمسى
رواه الدارمي بلفظ لم ير شيئا يكرهه
6089 - وأخرج البيهقي والحارث بن أبي أسامة وأبو عبيد عن ابن مسعود

من قرأ كل ليلة سورة الواقعة لم تصبه فاقة أبدا
6090 - وأخرج البيهقي في الدعوات عن ابن عباس موقوفا في المرأة يعسر عليها ولادها قال يكتب في قرطاس ثم تسقى باسم الله الذي لا إله إلا هو الحليم الكريم سبحان الله وتعالى رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون
6091 - وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال إذا وجدت في نفسك شيئا يعني الوسوسة فقل هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم
6092 - وأخرج الطبراني عن علي قال لدغت النبي عقرب فدعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ قل يأيها الكافرون و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس 6093 وأخرج أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن مسعود أن النبي كان يكره الرقى إلا بالمعوذات
6094 - وأخرج الترمذي والنسائي عن أبي سعيد كان رسول الله يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فأخذها وترك ما سواها
6095 - فهذا ما وقفت عليه في الخواص من الأحاديث التي لم تصل إلى حد الوضع ومن الموقوفات عن الصحابة والتابعين
6096 - وأما مالم يرد به أثر فقد ذكر الناس من ذلك كثيرا جدا الله أعلم بصحته
6097 - ومن لطيف ما حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر عن شيوخه عن ميمونة بنت شاقول البغدادية قالت آذانا جار لنا فصليت ركعتين وقرأت من فاتحة كل سورة آية حتى ختمت القرآن وقلت اللهم اكفنا أمره ثم نمت وفتحت عيني وإذا به قد نزل وقت السحر فزلت قدمه فسقط ومات

تنبيه
6098 - قال ابن التين الرقي بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو

الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله
فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجثماني
6099 - قلت ويشير إلى هذا قوله لو أن رجلا موقنا قرأ بها على جبل لزال
6100 - وقال القرطبي تجوز الرقية بكلام الله وأسمائه فإن كان مأثورا استحب
6101 - وقال الربيع سألت الشافعي عن الرقية فقال لا بأس أن يرقى بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله
6102 - وقال ابن بطال في المعوذات سر ليس في غيرها من القرآن لما اشتملت عليه من جوامع الدعاء التي تعم أكثر المكروهات من السحر والحسد وشر الشيطان ووسوسته وغير ذلك فلهذا كان يكتفي بها
6103 - وقال ابن القيم في حديث الرقية بالفاتحة إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالمين ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها لتضمنها جميع ما في الكتاب فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله ومجامعها وإثبات المعاد وذكر التوحيد والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة به والهداية منه وذكر أفضل الدعاء وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق والعمل به ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته وضال لعدم معرفته له مع ما تضمنته من إثبات القدر والشرع والأسماء والمعاد والتوبة وتزكية النفس وإصلاح القلب والرد على جميع أهل البدع
وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من كل داء انتهى

مسألة
6104 - قال النووي في شرح المهذب لو كتب القرآن في إناء ثم غسله وسقاه المريض فقال الحسن البصري ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي لا بأس به وكرهه

النخعي قال ومقتضى مذهبنا أنه لا بأس به فقد قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما لو كتب على حلوى وطعام فلا بأس بأكله
انتهى
6105 - قال الزركشي ممن صرح بالجواز في مسألة الإناء العماد النيهي مع تصريحه بأنه لا يجوز ابتلاع ورقة فيها آية لكن أفتى ابن عبد السلام بالمنع من الشرب أيضا لأنه تلاقيه نجاسة الباطن
وفيه نظر

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7