كتاب : لباب النقول في أسباب النزول
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي

بسم الله الرحمن الرحيم

لمعرفة أسباب النزول فوائد واخطأ من قال لا فائدة له لجريانه مجرى التاريخ ومن فوائد الوقوف على المعنى أو إزالة الأشكال قال الواحدي : لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها وقال أبن دقيق العيد : بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن وقال ابن تيميه : معرفة أسباب النزول يعيب على فهم الآية فإن العلم في السبب يورث العلم في المسبب وقد أشكل على جماعة من السلف معاني آية حتى وقف على أسباب نزولها فزل عنهم الإشكال وقد بسطت أمثلة ذلك في النوع التاسع من كتاب الإتقان في علوم القرآن وذكرت لها فوائد أخرى من مباحث وتحقيقات لا يحتملها هذا الكتاب قال الواحدي : ولا يحل القول في أسباب النزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وقد قال محمد بن سيرين : سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال : أتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن وقال غيره : معرفة أسباب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا وربما لم يجزم بعضهم فقال : أحسب هذه الآية نزلت كما قال الزبير في قوله تعالى { فلا وربك لا يؤمنون } وقال الحاكم في علوم الحديث إذا أخبر الصحابي الذي شهد التنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند ومشى على هذا أبن الصلاح وغيره ومثلوه بما أخرجه مسلم عن جابر قال كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله : { نساؤكم حرث لكم } الآية وقال ابن تيميه قولهم نزلت الآية في كذا يراد به تارة أنها سبب النزول ويراد بها تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب كما نقول : عني بهذا الآية كذا وقد تنازع العلماء في قول الصحابي : نزلت هذه الآية في كذا هل يجري مجرى التفسير منه الذي ليس مسند ؟ فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله فيه واكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند احمد وغيره بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند انتهى وقال الزركشي في البرهان : قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال : نزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد في ذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع قلت : والذي يتحرر في سبب النزول أنه مت نزلت الآية أيام وقوعه ليجرح ما ذكره الواحدي في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شئ بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية كذكر قصة نوح وعاد وثمود ناء البيت ونحو ذلك وكذلك ذكره في قوله { واتخذ الله إبراهيم خليلا } ن وسبب اتخاذه خليلا فليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى

الأول : ما جعلناه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل فقد يقبل إذا صح المسند غليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة : كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جابر أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك
الثاني : كثيرا ما يذكر المفسرون لنزول الآية أسبابا متعددة وطريق الاعتماد في ذلك أن تنظر إلى العبارة الواقعة فإن عبر أحدهم بقوله نزلت في كذا والآخر نزلت في كذا ـ وذكر أمرا آخر فق تقدم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ بتناولهما كما بينته في كتابي الإتقان وحينئذ فحق مثل هذا أن يورد في تصانيف أسباب النزول وغنما يذكر في تصانيف أحكام القرآن وإن عبر واحد بقوله نزلت في كذا وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد كما قال ابن عمر في قوله { نساؤكم حرث لكم } إنها نزلت رخصة في وطء النساء في أدبارهن وصرح جابر بذكر سبب خلافه فاعتمد حديث جابر وإن ذكر واحد سببا غيره فقد نزلت عقب تلك الأسباب كما سيأتي في آية اللعان وقد نزلت مرتين كما سيأتي في آية الروح وفي خواتيم النحل وفي قوله { ما كان للنبي والذين آمنوا } الآية مما يعتمد في الترجيح النظر إلى الإسناد وكون أحد السببين حاضر القصة أو من علماء التفسير : كابن عباس وأبن مسعود وربما كان في إحدى القصتين فتلا فوهم الراوي فقال نزلت كما سيأتي في سورة الزمر
الثالث : أشهر كتاب في هذا الفن الآن كتاب الواحدي وكتابي هذا يتميز عليه في أمور أحدها الاختصار ثانيهما الجمع الكثير فقد حوى زيادات على ما ذكر الواحدي وقد ميزتها بصورة ( ن ) رمزا عليها ثالثها عزوة كل حديث إلى من خرجه من أصحاب الكتب المعتبرة كالكتب الستة والمستدرك وصحيح أبن حيان وسنن البيهقي والدار قطني ومسانيد أحمد والبراز وأبي يعلي ومعاجم الطبراني وتفسير أبن جرير وابن آبى حاتم وابن مردويه وأبي الشيخ وابن حيان والفرياني وعبد الرزاق ابن المنذر وغيرهم وأما الواحدي فتارة يورد الحديث بإسناده وفيه مع التطويل عدم العلم في مخرج الحديث فلا شك أن عزوه إلى أحد الكتب المذكورة أولى من عزوه إلى تخريج الواحدي لشهرتها واعتمادها وركون الأنفس إليها وتارة يورد مقطوعا فلا يدري هل له إسناد أولا رابعا تميز الصحيح من غيره والمقبول من المردود خامسا الجمع بين الراويات المتعددة سادسها تنحية ما ليس من أسباب النزول وهذا آخر المقدمة
ومن هنا نشرع في المقصود بعون الملك المعبود

أخرج الفرياني وابن جرير عن مجاهد قال أربع آيات من أول البقرة نزلت في المؤمنين وآيتان في الكافرين وثلاث عشرة آية في المنافقين ( ك ) وأخرج ابن جرير من طريق ابن اسحق عن محمد بن عكرمة عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس في قوله : { إن الذين كفروا } الآيتين أنهما نزلتا في يهود المدينة ( ك ) وأخرج عن الربيع بن أنس قال : آيتان نزلتا في قتال الأحزاب { إن الذين كفروا سواء عليهم } إلى قوله { ولهم عذاب عظيم }
قوله تعالي : { وإذا لقوا الذين آمنوا } أخرج الواحدي والثعلبي من طريق محمد بن مروان و السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في عبدالله بن آبى وأصحابه وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال عبدالله ا بن آبي : انظروا كيف أرد عنكم هؤلاء السفهاء فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال : مرحبا بالصديق سيد بني تيم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد عمر : فقال مرحبا بسيد بني كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد علي فقال مرحبا بابن عم الرسول وختنه سيد بني هاشم ما خر رسول الله ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثنوا عليه خيرا فرجع المسلمون إلى النبي صلى الله عليه و سلم وأخبروه بذلك فنزلت هذه الآية هذا الإسناد واه جدا فإن السدي الصغير كذاب وكذا الكلبي وأبو صالح ضعيف
قوله تعالى { أو كصيب } الآية ( ك ) أخراج ابن جرير من طريق السدي الكبير عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله إلى المشركين فأصابهم هذا المطر الذي ذكر الله فيه رعد شديد وصواعق وبرق جعلا كلما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذنهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما وإذا لمع البرق مشيا إلى ضوئه وإذا لم يلمع لم يبصرا فآتيا مكانهما يمشيان فجعلا يقولان : ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمدا فنضع أيدينا في يده فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده وحسن إسلامهما فضرب الله شأن هدين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة وكان المنافقين إذا حضروا مجلس رسول ا النبي صلى الله عليه و سلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا من كلام رسول الله أن ينزل فيه شيء أو يذكروا في شيء فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في أذنهما - وإذا أضاء لهم مشوا فيه - فإذا كثرت أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة أو فتحا مشوا فيه وقالوا : إن دين محمد حينئذ صدق واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهما البرق - وإذا اظلم عليهم قاموا - وكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم أصابهم البلاء قالوا هذا من أجل دين محمد وارتدوا كفارا كما قال ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما
قوله تعالى { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا } الآية ( ك ) أخرج ابن جرير عن السدي بأسانيده : لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين قوله : { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } وقوله { أو كصيب من السماء } قال المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال فأنزل الله { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا } إلى قوله تعالى { هم الخاسرون } وأخرج الواحدي من طريق عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن عباس قال : أن الله ذكر آلهة المشركين فقال { وإن يسلبهم الذباب شيئا } وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت فقالوا أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد ؟ أي شيء كان يصنع في هذا ؟ فأنزل الله هذا الآية عبد الغني واه جدا وقال عبد الرزاق في تفسيره : أخبرنا معمر عن قتاده لما ذكر الله العنكبوت والذباب قال المشركين : ما بال العنكبوت والذباب يذكران فأنزل الله هذه الآية وأخرج ابن حاتم عن الحسن قال لما نزلت { يا أيها الناس ضرب مثل } قال المشركون ما هذا من الأمثال فيضرب أو ما يشبه هذه الأمثال فأنزل الله { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا } الآية قلت : القول الأول أصح إسنادا وأنسب بما تقدم أول السورة وذكر المشركين لا يلائم كون الآية مدنية وما أوردناه عن قتادة و الحسن حكاه عنهما الواحدي بلا إسناد بلفظ قالت اليهود : وهو أنسب
قوله تعالى { أتأمرون الناس بالبر } أخرج الواحدي و الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في يهود أهل المدينة كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينه وبينهم رضاع من المسلمين : أثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرجل فإن أمره حق وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه
قوله تعالى { إن الذين آمنوا والذين هادوا } ( ك ) أخرج ابن أبي حاتم و العدني في مسنده من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : قال سلمان سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أهل دين كنت معهم فذكرت من صلاتهم وعبادتهم فنزلت { إن الذين آمنوا والذين هادوا } الآية وأخرج الواحدي من طريق عبد الله بن كثير عن مجاهد قال : لما قصي سلمان على رسول الله قصة أصحابه قال هم في النار قال سلمان فأظلمت على الأرض فنزلت { إن الذين آمنوا والذين هادوا } إلى قوله { يحزنون } قال فكأنما كشف عني جبل وأخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن السدي قال نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي
قوله تعالى { وإذا لقوا } الآية أخرج ابن جرير عن مجاهد [ قال : قام النبي عليه السلام يوم قريظة تحت حصونهم فقال : يا إخوان القردة ويا إخوان الخنازير ويا عبدة الطاغوت فقالوا : من أخبر محمدا في بهذا وما خرج هذا إلى منكم أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليكون حجة عليكم ] فنزلت الآية وأخرج من الطريق عكرمة عن ابن عباس قال : كانوا إذا لقوا الذين آمنوا أن صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا : أيحدث العرب بهذا ؟ فإنكم كنتم تستفتحون به عليهم فكان منهم فأنزل الله { وإذا لقوا } الآية وأخرج عن السدي قال : نزلت في ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا وكانوا يأتون المؤمنين من العرب بما تحدثوا به فقال بعضهم ليعض : أتحدثهم بما فتح الله عليكم من العذاب ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم وأكرم على الله منكم
قوله تعالى : { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } ( ك ) أخرج النسائي عن ابن العباس قال : نزلت هذه الآية في أهل الكتاب ( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : نزلت في أحبار اليهود وجدوا صفة النبي صلى الله عليه و سلم مكتوبة في التوراة : أكحل العين ربعة جعد الشعر حسن الوجه فمحوه حسدا وبغيا وقالوا نجده طويلا أزرق سبط الشعر
قوله تعالى : { وقالوا لن تمسنا النار } الآية أخرج الطبراني في الكبير و ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق ابن اسحق عن مجمد بن أبي و أحمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قدم رسول الله المدينة ويهود تقول : إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الناس بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة فإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله في ذلك { وقالوا لن تمسنا النار } - إلى قوله - { فيها خالدون }
وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس أن اليهود قالوا : لن ندخل النار إلا تحلة بقسم الأيام التي عبدنا فيها العجل أربعين ليلة فإذا انقضت انقطع العذاب فنزلت الآية وأخرج عن عكرمة وغبره
قوله تعالى : { وكانوا من قبل يستفتحون } الآية أخرج الحاكم في المستدرك و البيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس قال : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود فعادت في هذا الدعاء : اللهم آنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فيهزمون عطنان فلما بعث النبي عليه السلام كفروا به فأنزل الله : { وكانوا من قبل يستفتحون } بك يا محمد { على الكافرين }
( ك ) وأخرج ابن آبى حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه و سلم قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء وداود بن سلمة : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبرنا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله { ولما جاءهم كتاب من عند الله } الآية
قوله تعالى : { قل إن كانت لكم الدار الآخرة } الآية أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : قالت اليهود : لن يدخل الجنة إلى من كانوا هودا فأنزل الله { قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة } الآية
قوله تعالي : { قل من كان عدوا لجبريل } الآية ( ك ) روى البخاري عن أنس قال : سمع عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في أرض يخترف فأتي النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلى نبي : ما أول أشراط الساعة وما طعام أهل الجنة وما ينزع الولد من أبيه أو إلى أمه ؟ قال : أخبرني بهن جبريل آنفا قال : جبريل قال : نعم قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية { قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك } قال شيخ الإسلام ابن حجر في فتح الباري : ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ الآية ردا على اليهود ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ قال : وهذا هو المعتمد فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة عبد الله بن سلام فأخرج أحمد و الترمذي و النسائي من طريق بكر بن شهاب عن سعيد أبن جبير عن ابن عباس قال : أقبلت اليهود إلى رسول الله فقالوا : يا أبا القاسم آنا نسألك عن خمسة أشياء أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي فذكر الحديث وفيه أنهم سألوه عم حرم إسرائيل على نفسه وعن علامة النبي وعن الرعد وصوته وكيف تذكر المرأة وتؤنث وعمن يأتيه بخير السماء إلى آن قالوا : فأخبرنا من صاحبك ؟ قال : جبريل قالوا : جبريل ذاك ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان خيرا فنزلت
وأخرج أسحق بن راهويه في مسند و أبن جرير من طريق شعبي أن عمر كان يأتي اليهود فيسمع من التوراة فيتعجب كيف تصدق ما في القرآن قال : فمر بهم النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : نشدتكم بالله أتعلمون أنه رسول الله فقال عالمهم : نعم نعلم أنه رسول الله قلت فلما لا تتبعونه قالوا : سألناه من يأتيه بنبوته فقال عدونا جبريل لأنه ينزل بالغلطة والشدة والحرب والهلاك قلت فمن رسلكم من الملائكة ؟ قالوا ميكائيل بنزل بالقطر والرحمة قلت وكيف منزلتهما من ربهما ؟ قالوا : أحدهما عن يمينه والآخر عن الجانب الآخر قلت : فأنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل و إنني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا ثم أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وأنا أريد أن أخبره فلما لقيته قال : [ ألا أخبرك بآيات أنزلت علي ؟ فقلت : بلى يا رسول الله فقرأ { من كان عدوا لجبريل } قلت يا رسول الله والله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم فوجدت الله قد سبقني ] وإسناده صحيح إلى الشعبي وأخرجه ابن جرير من طريق السدي عن عمر ومن طريق قتاده
عن عمر وهما أيضا منقطعان
( ك ) وأخرج ابن ابي حاتم عن طريق آخر عن عبدالرحمن بن إبي ليلى أن يهوديا لقى عمر بن الخطاب فقال : إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا فقال عمر : من كان عدو الله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدوه قال : نزلت على لسان عمر فهذه طرق يقوي بعضها بعضا وقد نقل أبن جرير الإجماع على أن سبب نزول الآية ذلك
قوله تعالى { ولقد أنزلنا إليك } الآيتين أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : ابن صوريا للنبي صلى الله عليه و سلم : يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل الله عليك من آية بينة فأنزل الله في ذلك { لقد أنزلنا إليك آيات بينات } الآية وقال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله وذكر ما أخذ عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد والله ما عهد إلينا في محمد ولا أخذ علينا ميثاقا فأنزل الله { أو كلما عاهدوا } الآية
قوله تعالى { واتبعوا ما تتلو } الآية ( ك ) أخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : قالت اليهود انظروا إلى محمد يخلط الحق في الباطل يذكر سلمان مع الأنبياء أفما كان ساحرا يركب الريح فأنزل الله تعالى { أو كلما عاهدوا } الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه و سلم زمانا أمور من التوراة لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوا عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا : هذا أعلم بما أنزل الينا منا وأنهم سالوه عن السحر وخاصموه به فأنزل اله { واتبعوا ما تتلوا الشياطين }
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا } ( ك ) أخرج ابن المنذر عن السدي قال : كان رجلان من اليهود : مالك بن الصيف ورفاعه بن زيد إذا لقيا النبي صلى الله عليه و سلم قالا وهما يكلمانه : راعنا سمعك واسمع غير مسمع فظن المسلمون أن هذا شيء كان أهل الكتاب يعظمون به أنبياءهم فقالوا للنبي صلى الله عليه و سلم فانزل الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا }
وأخرج ابن نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : راعنا بلسان اليهود السب القبيح فلما سمعوا أصحابه يقولونه أعلنوا بها له فكانوا يقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم فنزلت فسمعها منهم سعد بن معاذ فقال لليهود : يا أعداء الله لئن سمعتها من رجل منكم بعد هذا المجلس لأضربن عنقه
( ك ) وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال كان الرجل يقول : ارعني سمعك فنزلت الآية ( ك ) وأخرج عن عطية قال : كان أناس من اليهود يقولون ارعنا سمعك حتى قالها أناس من المسلمين فكره الله لهم ذلك فنزلت ( ك ) وأخرج عن قتاده قال : كانوا يقولون راعنا سمعك فكان اليهود يأتون فيقولون مثل ذلك فنزلت
وأخرج عن عطاء قال : كانت لغة الأنصار في الجاهلية فنزلت وأخرج عن أبي العالية قال إن العرب كانوا إذا حدث بعضهم يقول أحدهم لصاحبه : ارعني سمعك فنهوا عن ذلك
قوله تعالى { ما ننسخ } الآية ( ك ) أخرج ابن أبى حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كان ربما ينزل على النبي صلى الله عليه و سلم الوحي بالليل ونسيه في النهار فأنزل الله { ما ننسخ } الآية
قوله تعالى { أم تريدون } الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : قال رافع بن حريمه ووهب بن زيد لرسول الله : يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرئه أو فجر لنا أنهار نتبعك ونصدقك فأنزل الله في ذلك : { أم تريدون أن تسألوا رسولكم } - إلى قوله - { سواء السبيل }
وكان بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود حسدا للعرب إذ خصهما الله في النبي وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام ما استطاعا : فأنزل الله فيهما { ود كثير من أهل الكتاب } الآية
( ك ) وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : سالت قريش محمدا أن يجعل لهم الصفا ذهبا فقال : نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم فأبوا ورجعوا فأنزل الله { أم تريدون } الآية
وأخرج عن السدي قال : سألت العرب محمدا صلى الله عليه و سلم أن ياتيهم بالله فيروه جهرة فنزلت
( ك ) وأخرج عن آبى العالية قال : قال رجل يا رسول الله لو كانت كفأرتنا ككفارات بني إسرائيل فقال النبي صلى الله عليه و سلم ما أعطاكم الله خير كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة وقد أعطاكم اله خيرا من ذلك قال تعالى : { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه } الآية والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن 2فأنزل الله { أم تريدون أن تسألوا رسولكم } آية
قوله تعالى { وقالت اليهود } الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : لما قدم أهل نجران من النصارى على الرسول الله صلى الله عليه و سلم اتتهم أحبار يهود وتنازعوا فقال ابن خزيمة : ماأنتم على شيء وكفر بعيس والانجيل فقالرجل من اهل نجران لليهود : ماأنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر في التوراة فأنزل الله في دلك { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء } الآية
قوله تعالى { ومن أظلم } الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق المنكور أن قريشا منعوا النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام فانزل الله { ومن أظلم ممن منع مساجد الله } الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال نزلت في المشركين حين صدوا رسول الله عن مكة يوم الحديبية
قوله تعالى { ولله المشرق والمغرب } أخرج مسلم و الترمذي و النسائي عن ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي على راحلته تطوعا أينما توجهت به وهو جاء من مكة إلى المدينة ثم قرأ ابن عمر { لله المشرق والمغرب } وقال في هذه نزلت هذه الآية
وأخرج الحاكم عنه قال : { فأينما تولوا فثم وجه الله } أن تصلي حيثما توجهت بك راحتك في التطوع وقد اعتمد وقال صحيح على شرط مسلم هذا أصح ما ورد في الآية إسنادا وقد اعتمده جماعة لكنه ليس فيه تصريح بذكر السبب بل قال : أنزلت في كذا وقد تقدم ما فيه وقد ورد التصريح بسبب نزولها
فأخرج ابن جرير و أبن أبى حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرا وكان بحي قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر في السماء فأنزل الله { فولوا وجوهكم شطره } فارتاب في ذلك اليهود قالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله : { قل لله المشرق والمغرب } وقال { فأينما تولوا فثم وجه الله } إسناده قوي والمعنى ايضا يساعده فليعتمد
وفي الآية روايات أخر ضعيفة فأخرج الترمذي و ابن ماجه و الدارقطني من طريق اشعث السمان عن عاصم بن عبد الله بن عامر ابن ربيعة عن أبيه قال : كنا مع الرسول في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل من على حياله فلما أصبحنا ذكرنا لرسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت { فأينما تولوا فثم وجه الله } قال الترمذي : غريب و أشعث يضعف في الحديث وأخرج الدار قطني و ابن مرديه من طريق العرزمي عن عطاء عن جابر قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة ولم نعرف القبلة فقالت طائفة منا قد عرفنا القبلة هي هاهنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا وقال بعضنا : القبلة هي هاهنا قبل الجنوب فصلوا وخطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه و سلم فسكت وأنزل الله { لله المشرق والمغرب } الآية
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث في سرية فآخذتهم ضبابة فلم يهتدوا إلى القبلة فصلوا ثم استبان لهم الشمس بعد ما طلعت أنهم صلوا لغير القبلة فلما جاءوا إلى رسول الله حدثوه فأنزل الله هذه الآية { ولله المشرق والمغرب } الآية
وأخرج ابن جرير عن قتادة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن أخا لكم مات يعني النجاشي فصلوا عليه قالوا : نصلي على رجل غير مسلم ] فنزلت { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } الآية قالوا : فانه كان لا يصلي إلى القبلة فأنزل الله { ولله المشرق والمغرب } الآية غريب خدا وهو مرسل أو معضل
( ك ) وأخرج ابن جرير أيضا عن مجاهد قال : لما نزلت { ادعوني أستجب لكم } قالوا إلى أين فنزلت { فأينما تولوا فثم وجه الله }
قوله تعالى { وقال الذين لا يعلمون } الآية أخرج ابن جرير و ابن آبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : قال رافع بن خزيمه لرسول الله : إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فيكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله في ذلك { وقال الذين لا يعلمون } الآية
قوله تعالى { إنا أرسلناك } الآية قال عبد الرزاق أنبأنا الثوري عن موسىبن عبيده عن محمد بن كعب [ قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ليت شعري ما فعل أبواي ] فنزلت { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } فما ذكرهما حتى توفاه الله مرسل واخرج ابن جرير من طريق ابن جريح قال : أخبرني داود بن عاصم ان النبي صلى الله عليه و سلم قال ذات يوم : اين أبواي فنزلت مرسل أيضا
قوله تعالى { ولن ترضى } أخرج الثعلبي عن ابن عباس قال : أن يهود المدينة المدينة ونصارى نجران كانو يرجون أن يوافقهم على دينهم فانزل الله { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى } الاية
قوله تعالى { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } روى البحاري وغيره عن عمر قال : وافقت ربي في ثلاث قلت : يا رسول الله لو أخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } وقلت : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع على رسول الله صلى الله عليه و سلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك له طرق كثيرة منها ما أخرجه ابن أبي حاتم و ابن مردوية عن جابر قال : لما طاف النبي صلى الله عليه و سلم قال له عمر : هذا مقام أبينا إبراهيم ؟ قال : نعم قال : أفلا نتخذه مصلى ؟ فأنزل الله : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى }
وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب أنه مر من مقام إبراهيم فقال : يا رسول الله أليس نقوم مقام خليل ربنا ؟ قال : بلى قال : أفلا نتخذه مصلى فلم نلبث إلا يسيرا حتى نزلت : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } وظاهر هذا وما أن الآية نزلت في حجة الوداع
قوله تعالى : { ومن يرغب عن ملة إبراهيم } الآية قال ابن عيينة : روي أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجرا إلى الإسلام فقال لهما : قد علمتما أن الله تعالى قال في التوراة : إ ني باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه أحمد فمن آمن به فقد اهتدى ورشد ومن لم يؤمن به فهو ملعون فأسلم سلمة وأبي مهاجر فنزلت فيه الآية
قوله تعالى : { وقالوا كونوا هودا } الآية أخرج ابن ابي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : قال ابن صوريا للنبي صلى الله عليه و سلم ما الهدي إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد وقالت النصارى مثل ذلك فأنزل الله فيهم : { وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا }
قوله تعالى { سيقول السفهاء من الناس } الآيات قال ابن إسحاق : حدثني إسماعيل بن ابي خالد عن أبي إسحاق عن البراء قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينظر أمر الله فأنزل الله : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام } فقال رجال من المسلمين : وددنا لو علمنا علم من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا قبل بيت المقدس فأنزل الله { وما كان الله ليضيع إيمانكم } وقال السفهاء من الناس : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فأنزل الله { سيقول السفهاء من الناس } إلى آخر ألآية له طرق نحوه وفي الصحيحين عن البراء : مات على القبلة قبل أن تحول الرجال وقتلوا وما ندر ما نقول لهم ؟ فأنزل الله : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } [ وأخرج ابن جرير من طريق السدي بأسانيده قال : لما صرف النبي صلى الله عليه و سلم نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة : تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه سبيلا ويوشك أن يدخل دينكم فأنزل الله { لئلا يكون للناس عليكم حجة } الآية ]
قوله تعالى : { ولا تقولوا لمن يقتل } الآية أخرج ابن منده في الصحابة من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : قتل تميم بن الحمام ببدر وفيه وفي غيره نزلت { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات } الآية قال أبو نعيم : اتفقوا على أنه عمير بن الحمام وأن السدي صحفه
قوله تعالى : { إن الصفا والمروة } الآية أخرج الشيخان وغيرهما عن عروة عن عائشة قال : قلت أرأيت قول الله { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } فما أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما فقالت عائشة : بئس ما قلت يا ابن أختي إنها لو كانت على ما أولتها عليها كانت فلا جناح عليه أن ليطوف بهما ولكنها إنما أنزلت لأن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة فسألوا عن ذلك رسول الله فقالوا : يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله : { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما }
وأخرج البخاري عن عاصم بن سليمان قال : سألت أسا عن الصفا والمروة ؟ قال : كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله { إن الصفا والمروة من شعائر الله }
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : كانت الشياطين في الجاهلية تطوف الليل أجمع بين الصفا والمروة وكان بينهما أصنام لهم فلما جاء الإسلام قال المسلمون : يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة فإنه شيء كنا نصنعه في الجاهلية فأنزل الله هذه الآية
قوله تعالى : { إن الذين يكتمون } الآية ( ك ) أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم من طريق سعيد وعكرمه عن ابن عباس قال : سالت معاذ ابن جبل وسعد بن معاذ وخارجه بن زيد نفرا من أحبار يهود عن بعض ما في التوراة فكتموهم إياه ابوا أن يخبرهم فانزل الله فيهم { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } الآية
قوله تعالى : { إن في خلق السموات } ا الآية أخرج سعيد بن منصور في سننه والقرياني في تفسير و البيهقي في شعب الأيمان عن أبي الضحى قال : لما نزلت { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } تعجب المشركون وقالوا إلها واحدا لئن كان صادقا فليأتنا بآية فأنزل الله { إن في خلق السموات والأرض } - إلى قوله { لقوم يعقلون } قلت هذا معضل لكن له شاهد
أخرج ابن أبي حاتم و أبو الشيخ في كتاب العظمة عن عطاء قال : نزل على النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } فقال كفار قريش بمكة : كيف يسع الناس إله واحد فأنزل الله { إن في خلق السموات والأرض } - إلى قوله - { قوم يعقلون } وأخرج ابن أبي حاتم و ابن مردويه من طريق جيد موصول عن ابن عباس [ قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه و سلم : ادع الله أن يجعل الصفا ذهبا نتقوى به على عدونا فأوحى الله إليه أني معطيهم ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين فقال : رب دعني وقومي فادعهم يوما في يوم ] فأنزل الله هذه الآية { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار } وكيف يسألونك عن الصفا وهم يرون من الايات ما هو أعظم
قوله تعالى { وإذا قيل لهم اتبعوا } ( ك ) أخرج ابن إبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمه عن ابن عباس قال : دعا رسوا الله صلى الله عليه و سلم اليهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم عذاب الله ونقمته فقال : رافع بن حريملة ومالك ابن عوف : بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أعلم وخيرا منا فأنزل الله في ذلك { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله } الآية
قوله تعالى { إن الذين يكتمون } الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله : { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } والتي في آل عمران : { إن الذين يشترون بعهد الله } نزلتا جميع في اليهود وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن العباس قال : نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود وعلمائهم كانوا يصيبون من سلفتهم الهدايا والفضل وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم فلما بعث محمد صلى الله عليه و سلم من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم فعمدوا إلى صفة محمد صلى الله عليه و سلم فغيروها ثم أخرجوها إليهم فانزل الله { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } الآية
قواه تعالى { ليس البر } الآية ( ك ) قال عبد الرزاق : أنبانا معمر عن قتاده قال : كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق فنزلت : { ليس البر أن تولوا وجوهكم } الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية مثله وأخرج ابن جرير و أبن المنذر عن قتاده قال : ذكر لنا أن رجلا سال النبي صلى الله عليه و سلم عن البر فأنزل الله هذه الآية { ليس البر أن تولوا } فدعا الرجل فتلاها عليه وكان قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم مات على ذلك يرجى له ويطمع له في خير فأنزل الله { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب } وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام وكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء فلم يأخذ بعضهم عن بعض حتى أسلموا فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدد والأموال فحلفوا أن لا يرضوا حتى يقتل العبد منا في الحر منهم وبالمرأة منا الرجل منهم فنزل فيهم : الحر في الحر والعبد بالعبد والأنثى في الأنثى
قوله تعالى : { وعلى الذين يطيقونه } الآية أخرج ابن سعد في طبقاته عن مجاهد قال : هذه الآية نزلت في مولاي قيس بن السائب { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } فأفطر وأطعم لكل يوما مسكينا
قوله تعالى : { وإذا سألك عبادي عني } الآية أخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و أبو الشيخ وغيرهم من طرق عن جرير بن عبد الحميد عن عبدة السجستاني عن الصلت بن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه عن جده قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ألقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فسكت عنه فأنزل الله : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } الآية
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أين ربنا ؟ فأنزل الله : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } الآية مرسل وله طرق أخرى
وأخرج ابن عساكر عن علي قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تعجزوا عن الدعاء فإن الله أنزل علي { ادعوني أستجب لكم } فقال رجل : يا رسول الله ربنا يسمع الدعاء أم كيف ؟ فأنزل الله { وإذا سألك عبادي عني } الآية ]
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح أنه بلغه لما نزلت { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } قالوا : لا نعلم أي ساعة ندعو فنزلت { وإذا سألك عبادي عني } إلى قوله { يرشدون }
قوله تعالى { أحل لكم ليلة الصيام } الآية روى أحمد و أبو داود و الحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال : [ كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا ثم أن رجلا من الأنصار يقال له قيس بن صرمة صلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح مجهودا وكن عمر قد أصاب من النساء بعدما نام فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فأنزل الله { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } ] هذا الحديث مشهور عن أبى ليلة لكنه لم يسمع عن معاذ وله شواهد فأخرج البخاري عن البراء قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا كان الرجل صائما حين الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال هل عندك طعام ؟ فقالت لا ولكني انطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عينه وجاءت امرأته فلما قالت : خيبته لك فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر }
وأخرج البخاري عن البراء قال : لما نزل صوم شهر رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله ن فكان الرجال يخونون أنفسهم فأنزل الله { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم } الآية
وأخرج أحمد و ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال ك كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر من عند النبي صلى الله عليه و سلم وقد سمر عنده فأراد امرأته ن فقالت : إني قد نمت ن فقال : ما نمت ووقع عليها وصنع وصنع كعب مثل ذلك فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فنزلت الآية
قوله تعالى : { من الفجر } روى البخاري عن سهل بن سعيد قال : لما نزلت { كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما ن فأنزل الله بعد - من الفجر - فعلموا إنما يعني الليل والنهار
قوله تعالى : { ولا تباشروهن } الآية أخرج ابن جرير عن قتادة قال : كان الرجل إذا اعتكف في المسجد جامع إن شاء فنزلت { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد }
قوله تعالي { ولا تأكلوا } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن امرؤ القيس بن عابس وعبدان بن أوشوع الحضرمي اختصما في أرض وأراد امرأ قيس أن يحلف ففيه نزلت { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل }

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : بلغنا أنهم قالوا : يا رسول الله لم خلقت الأهلة ؟ فأنزل الله { يسألونك عن الأهلة }
وأخرج أبو نعيم و ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس : أن معاذ بن جبل و ثعلبة بن غنمة قالا : يا رسول الله ما بال الهلال يبدو أو يطلع دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان لا يكن على حال واحد ؟ فنزلت { يسألونك عن الأهلة }
قوله تعالى { ليس البر } الآية روى البخاري عن البراء قال : كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره فأنزل الله { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } الآية
وأخرج ابن أبي حاتم و الحاكم وصححه عن جابر [ قال : كانت قريش تدعى الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الاحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الأحرام فبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم في بسيان إذ خرج من بابه ومعه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا يا رسول الله : أن قطبة بن عامر رجل فاجر وإنه خرج معك من الباب فقال له : ما حملك على ما فعلت ؟ قال رأيتك فعلته ففعلت قال : أني رجا أحمسي قال له فأن ديني من دينك ] فأنزل الله { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } الآية
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس نحوه وأخرج الطيالسي في مسنده عن البراء قال كانت الأنصار إذا قدموا من سفر لم يدخل الرجل من بابه فنزلت هذه الآية
وأخرج عبد بن حميد عن قيس بن حبترالنهلشي [ قال : كانوا إذا أحرموا لم يأتوا بيتا من وكانت الحمس بخلاف ذلك فدخل الرسول صلى الله عليه و سلم حائطا ثم خرج من بابه فأتبعه رجل يقال له رفاعة بن تابوت ولم يكن من الحمس فقالوا : يا رسول الله نافق رفاعة فقال ما حملك على ما صنعت ؟ قال تبعتك فقال إني من الحمس قال : فإن ديننا واحد ] فنزلت { ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها }
قوله تعالى : { وقاتلوا في سبيل الله } أخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في صلح الحديبية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما صد عن البيت ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه القابل فلم كان العام القابل تجهز هو وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي قريش بذلك وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام فأنزل الله ذلك
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : أقبل نبي الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون وصالحهم النبي صلى الله عليه و سلم على أن يرجع من عامه ذلك ثم يرجع من العام المقبل فلما كان العام المقبل أقبل وأصحابه حتى دخلوا مكة معتمرين في ذي القعدة فأقام بها ثلاث ليال وكان المشركون قد فخروا عليه حين وروده فأقصه الله منهم فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه فأنزل الله { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص }
قوله تعالى : { أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } روى البخاري عن حذبفة قال : نزلت هذه الآية في النفقة
وأخرج أبو داود و الترمذي وصححه و ابن حبان و الحاكم وغيرهم عن أبي أيوب الأنصاري قال : نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه قال بعضنا لبعض سرا : إن أموالنا قد ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله يرد علينا ما قلنا { أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي جبيرة بن الضحاك قال : كانت الأنصار يتصدقون ويعطون ما شار الله فأصابتهم سنة فأمسكوا فأنزل الله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }
وأخرج أيضا بسند صحيح عن النعمان بن بشير قال : كان الرجل يذنب الذنب فيقول : لا يغفر الله لي فأنزل الله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وله شاهد عن البراء وأخرجه الحاكم
قوله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } أخرج ابن أبي حاتم عن صفوان ابن أمية [ قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم متضخما بالزعفران عليه جبة فقال كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي ؟ فأنزل الله { وأتموا الحج والعمرة لله } فقال : أين السائل عن العمرة ؟ قال : هاأنذا فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم ألق عنك ثيابك ثم اغتسل واستنشق ما استطعت ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك ]
قوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا } الآية روى البخاري عن كعب بن عجرة أنه سئل عن قوله { ففدية من صيام } [ قال : حملت إلى النبي صلى الله عليه و سلم والقمل يتناثر على وجهي فقال : ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا أما تجد شاه ؟ قلت : لا قال صم ثلاث أيام وأطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام واحلق رأسك فنزلت في خاصة وهي لكم عامة ]
وأخرج أحمد عن كعب [ قال : كنا مع النبي صلى الله عليه مسلم بالحديبية ونحن محرمون وقد حصر المشركون وكانت لي وفرة فجعلت الهوام تساقط على وجهي فمر بي النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أيؤذيك هوام رأسك فأمره أن يحلق ] فقال : ونزلت هذه الآية { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك }
وأخرج الواحدي من طريق عطاء عن ابن عباس قال : لما نزلنا الحديبية جاء كعب بن عجرة تناثر هوام رأسه على وجه فقال : يا رسول الله هذا القمل قد أكلني فأنزل الله في ذلك الموقف { فمن كان منكم مريضا } الآية
قوله تعالى : { وتزودوا } الآية روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن متوكلون فأنزل الله : { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى }
قوله تعالى : { ليس عليكم جناح } الآية روى البخاري عن ابن عباس قال : كانت عاض ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في الموسم فسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فنزلت { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } في موسم الحج
وأخرج حمد و ابن أبي حاتم و ابن جرير و الحاكم وغيرهم عن أبي أمامة التيمي [ قال : قلت لابن عمر : إنا نكري فهل لنا من حج ؟ فقال ابن عمر : جاء رحل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله عن الذي سألتني عنه فلم يجنه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } فدعاه النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أنتم حجاج ]
قوله تعالى : { ثم أفيضوا } أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كانت العرب تقف بعرفة وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة فأنزل الله { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس }
قوله تعالى { فإذا قضيتم } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم يقول الرجل منهم : كان أبي يطعم ويحمل الحمالات ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله } الآية
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا عند الجمرة وذكروا آباءهم وفعال آبائهم فنزلت هذه الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون : اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاء وحسن لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا فأنزل الله فيهم : { فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق } ويجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب }
قوله تعالى : { ومن الناس من يعجبك } الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : لما أصيب السرية التي فيها عاصم ومرئد قال رجلان : من المنافقين : يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا لا هم قعدوا في أهليهم ولا هم ادوا رسالة صاحبهم فنزل الله { ومن الناس من يعجبك قوله } الآية
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : نزلت في الأخنسن شريق أقبل إلى النبي صلى الله عليه و سلم وأظهر الإسلام فأعجبه ذلك منه ثم خرج فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله الآية
قوله تعالى : { ومن الناس من يشري نفسه } الآية أخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده و ابن أبي حاتم عن سعيد بن مسيب [ قال : أقبل صهيب مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأتبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته وانتشل ما في كنانته ثم قال : يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا وأيم الله لا تصلون إلى حتى أرمي كل سهم معي في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم دللتكم على مالي بمكة وخليتم سبيلي قالوا : نعم فلما قدم النبي صلى الله عليه و سلم قال : ربح البيع أبا يحي ربح أبا يحي ] ونزلت { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد }
وأخرج الحاكم في المستدرك نحوه من طريق ابن المسيب عن صهيب موصولا وأخرج أيضا نحوه من مرسل عكرمة وأخرجه أيضا من الطريق جاد بن سلمة عن ثابت عن أنس وفيه التصريح بنزول الآية وقال : صحيح على شرط مسلم وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : نزلت في صهيب وأبي ذر وجندب ابن السكن أحد أهل أبي ذر
قوله تعالي : { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم } الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة قال : قال عبد الله بن سلام وثعلبة وابن يامين أسد وأسيد ابنا كعب وسعد بن عمرو وقبس بن زيد كلهم من يهود : يا رسول الله يوم السبت يوم نعظمه فدعنا فلنقم بها الليل فنزلت { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة } الآية
قوله تعالى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } الآية قال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن قتادة قال : نزلت هذه الآية في يوم الأحزاب أصاب النبي صلى الله عليه و سلم يومئذ بلاء وحصر
قوله تعالى : { يسألونك ماذا ينفقون } الآية أخرج ابن جرير عن ابن جريح قال : سأل المؤمنون رسول الله صلى الله عليه و سلم أين يضعون أموالهم فنزلت { يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير } الآية
وأخرج ابن المنذر عن أبي حيان أن عمر بن الجموح سأل النبي صلى الله عليه و سلم : ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها ؟ فنزلت
قوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام } الآية أخرج ابن جرير و أبن أبي حاتم و الطبراني في الكبير و البيهقي في سننه عن جندب بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يعث رهطا وبعث عليهم عبد الله بن جحش فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ولم يدروا أن ذلك من رجب أو جمادي فقال المشركون للمسلمين : قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } الآية فقال بعضهم : إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر فأنزل الله { إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم } وأخرجه ابن منده في الصحابة من طريق ابن عثمان ابن عطاء عن أبيه عن ابن عباس
قوله تعالى : { يسألونك عن الخمر } يأتي حديثها في سورة
قوله تعالى { يسألونك ماذا ينفقون } أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس أن نفرا من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : إنا لا ندري ما النفقة التي أمرنا بها في أموالنا فما ننفق منها ؟ فأنزل الله { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو } وأخرج أيضا عن يحي أنه بلغه أن معاذ بن جبل وثعلبة أتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالا : يا رسول الله إن لنا أرقاء وأهلين فما ننفق من أموالنا فأنزل الله هذه الآية
قوله تعالى : { ويسألونك عن اليتامى } أخرج أبو داود و النسائي و الحاكم وغيرهم عن ابن عباس قال : لما نزلت { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } و { إن الذين يأكلون أموال اليتامى } الآية إنطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله { ويسألونك عن اليتامى } الآية
وقوله تعالى { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } أخرج ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الواحدي عن مقاتل قال نزلت هذه الآية في ابن أبي مرثد الغنوي إستأذن النبي صلى الله عليه و سلم في عناق أن يتزوجها وهي مشركة وكانت ذات حظ وجمال فنزلت
قله تعالى { ولأمة مؤمنة } الآية أخرج الواحدي عن طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس نزلت هذه الآية في عبد الله بن رواحة كاتت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها ثم أنه فزع فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره وقال لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل فطعن عليه ناس وقالوا ينكح أمة فأنزل الله هذه الآية وأخرجه ابن جرير عن السدي منقطعا
قوله تعالى { ويسألونك عن المحيض } الآية روى الترمذي ومسلم عن أنس [ أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله علي وسلم فأنزل الله { ويسألونك عن المحيض } الآية فقال : اصنعوا كل شئ إلا النكاح ]
وأخرج البرودي في الصحابة من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس أن ثابت بن الدحداح سأل النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت { ويسألونك عن المحيض } الآية وأخرج ابن جرير عن السدي نحوه
قوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم } الآية روى الشيخان و أبو داود و الترمذي عن جابر قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم }
وأخرج أحمد و الترمذي عن ابن عباس قال : [ جاء عمر إلى الرسول الله صلى اله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكت قال : وما أهلكك ؟ قال : حولت رحلي الليلة فلم يرد عليه شيئا ] فأنزل الله الآية { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } أقبل و أدبر واتق الدبر والحيضة
وأخرج ابن جرير و ابن يعلي و ابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : أن رجل أصاب امرأته في دبرها فأنكر عليه الناس ذلك فنزلت { نساؤكم حرث لكم } الآية
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال : أنزلت هذه الآية في إتيان النساء في أدبارهن وأخرج الطبرني في الأوسط بسند جيد عنه قال : إنما أنزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم : { نساؤكم حرث لكم } رخصة في إتيان الدبر
وأخرج أيضا عنه : أن رجلا أصاب امرأة في دبرها في زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنكر الناس لك فأنزل الله { نساؤكم حرث لكم }
وأخرج أبو داود و الحاكم عن ابن عباس قال : إن ابن عمر - والله يغفرله - وهم إنما كان أهل هذا الحي من الأنصار وهم وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب كانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب أنهم لا يأتون النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة وكان هذا الحي من الأنصار قد اخذوا بذلك وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع ذلك فأنكرته عليه وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف فسرى أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني موضع الولد قال الحافظ بن حجر في شرح البخاري : السبب الذي ذكره ابن عمر في نزول الآية مشهور وكأن حديث أبي سعيد لم يبلغ ابن عباس وبلغه ابن عمر فوهمه فيه
قوله تعالى : { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } الآية أخرج ابن جرير من طريق ابن جريح قال : حدثت أن قوله { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } الآية نزلت في أبي بكر في شأن مسطح
قوله تعالى : { والمطلقات يتربصن } الآية أخرج أبو داود و ابن أبي حاتم عن أسماء بيت يزيد بن السكن الأنصارية قالت : طلقت على عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ولم يكن للمطلقة عدة فأنزل الله العدة للطلاق { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ذكر الثعلبي و هبة الله بن سلامة في الناسخ عن الكلبي و مقاتل أن إسماعيل بن عبد الله الغفاري طلق امرأته قتيلة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يعلم بحملها ثم علم فراجعها فولدت فماتت ومات ولدها فنزلت { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء }
قوله تعالى : { الطلاق مرتان } الآية أخرج الترمذي و الحاكم وغيرهما عن عائشة قالت : كان الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته : والله لا أطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدا قالت : كيف ذلك ؟ قال : أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك فذهبت المرأة فأخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم فسكت حتى نزل القرآن { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان }
قوله تعالى : { ولا يحل لكم } الآية أخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ عن ابن عباس قال : كان الرجل يأكل مال امرأته من نحلة الذي نحلها وغيره لا يرى أن عليه جناحا فانزل الله { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا }
أخرج ابن جرير عن ابن جريح قال : نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس وفي حبيبة وكانت اشتكته إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أتريدين عليه حديقته ؟ فقالت : نعم فذكر ذلك له قال : وتطيب لي بذلك قال نعم قال : قد فعلت فنزلت : { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا }
قوله تعالى : { فإن طلقها } الآية اخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حبان [ قال : نزلت هذه الآية في عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك كانت عند رفاعة بن وهب بن عتيك وهو ابن عمها فطلقها طلاقا بائنا فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي فطلقها فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : إنه طلقني قبل أن يمسني أفأرجع إلى الأول ؟ قال : لا حتى يمس ونزل فيها { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } فيجامعها { فإن طلقها } من بعد ما جامعها { فلا جناح عليهما أن يتراجعا } ]
قوله تعالى : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف } الآية أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ثم يطلقها يفعل ذلك يضرها ويعضلها فأنزل الله هذه الآية
وأخرج السدي قال : نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة ثم طلقها مضارة فأنزل الله { ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا }
قوله تعالى { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } أخرج ابن أبي عمر في مسنده و ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان الرجل يطلق ثم يقول : لعبت ويعتق ثم يقول : لعبت فأنزل الله { ولا تتخذوا آيات الله هزوا }
وأخرج ابن المنذر عن عبادة بن الصمت نحوه وأخرج ابن مردويه نحوه عن ابن عباس وأخرج ابن جرير نحوه عن المرسل الحسن
قوله تعالى : { وإذا طلقتم النساء } الآية روى البخاري و أبو داود و الترمذي وغيرهم عن معقل بن يسار أنه زوج أخته رجل من المسلمين فكانت عنده ثم طلقها تطليقة ولم يراجعها حتى انقضت العدة فهويها وهوته فخطبها مع الخطاب فقال له : يا لكع أكرمتك بها وزوجتك وطلقتها والله لا ترجع إليك أبدا فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه فأنزل الله { وإذا طلقتم النساء فبلغن } - إلى قوله - { وأنتم لا تعلمون } فلما سمعها معقل قال : سمعا لربي طاعة ثم دعاه وقال : أزوجك وأكرمك وأخرجه ابن مردويه من طرق كثيرة
ثم أخرج عن السدي قال : نزلت في جابر بن عند الله الأنصاري وكانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة فانقضت عدتها ثم رجع يريد رجعتها فأبا جابر فقال : طلقت ابنة عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية وكانت المرأة تريد زوجها قد راضته فنزلت هذه الآية ولأول أصح وهو أقوم
قوله تعالى : { حافظوا على الصلوات } الآية أخرج أحمد عن البخاري في تاريخه و أبو داود و البيهقي و ابن جرير عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي الظهر بالهاجرة وكان أثقل الصلاة على أصحابه فنزلت { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى }
أخرج أحمد و النسائي و ابن جرير عن زيد بن ثابت إن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي الظهر في الهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى }
وأخرج ألأمة الستة وغيرهم عن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جانبه في الصلاة حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } فأمرنا في السكوت ونهينا عن الكلام
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كنوا يتكلمون في الصلاة وكان الرجل يأمر أخاه بالحاجة فأنزل الله { وقوموا لله قانتين }
قوله تعالى : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } الآية أخرج إسحق ابن راهويه عن مقاتل بن حبان أن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة وله أولاد رجال ونساء ومعه أبواه وامرأته فمات في المدينة فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأعطى الوالدين وأعطى أولاده بال المعروف ولم يعطي امرأته شيئا غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول وفيه نزلت { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } الآية
قوله تعالى : { وللمطلقات متاع بالمعروف } الاية أخرج ابن جرير عن أزيد قال : لما نزلت { ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين } قال رجل : إن أحسنت فعلت وإن لم أرد ذلك لم أفعل فأنزل الله { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين }
قوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله } الآية روى ابن حبان في صحيحه وابن أبي حاتم و ابن مردويه عن ابن عمر [ قال : لما نزلت { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة } إلى آخرها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رب زد أمتي فنزلت { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } ]
قوله تعالى { لا إكراه في الدين } روى أبو داود و النسائي و ابن حبان عن ابن عباس قال : كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل عن نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا لا ندع أبناءنا فأنزل الله { لا إكراه في الدين }
أخرج ابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : نزلت { لا إكراه في الدين } في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له إبنان نصرانيان وهو مسلم فقال للنبي صلى الله عليه و سلم : ألا أستكرههما فإنهما أبيا إلا النصرانية ؟ فنزلت هذه الآية
قوله تعالى : { الله ولي الذين آمنوا } أخرج ابن جرير عن عبده بن أبي لبابة في قوله : { الله ولي الذين آمنوا } قال وهم الذين كانوا آمنوا بعيسى فلما جاءهم محمد صلى الله عليه و سلم آمنوا به وأنزلت فيهم هذه الآية
وأخرج عن مجاهد قال : كان قوم آمنوا في عيسى وقوم كفروا به فلما بعث الله محمد صلى الله عليه و سلم آمن به الذين كفروا في عيسى وكفر به الذين آمنوا بعيسى فأنزل الله هذه الآية
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } الآية روى الترمذي و الحاكم و ابن ماحه وغيرهم عن البراء قال : نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار
كنا أصحاب نخل وكان الرجل يأتي من نخلة على قدر كثرته وقلته وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الصيص والحشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } الآية
وروى أبو داود و النسائي و الحاكم عن سهل بن جنيف قال : كان الناس يتيممون شر ثمارهم يخرجونها في الصدقة فنزلت { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } وروى الحاكم عن جابر قال : أمر النبي صلى الله عليه و سلم بزكاة الفطر بصاع من تمر فجاء رجل بتمر رديء فنزل القرآن { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } الآية
قوله تعالى : { ليس عليك هداهم } روى النسائي و الحاكم و البزار و الطبراني وغيرهم عن ابن عباس قال : كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فسألوا فرخص لهم فنزلت هذه الآية { ليس عليك هداهم } - إلى قوله - { وأنتم لا تظلمون }
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنا لنبي صلى الله عليه و سلم كان بأمر أن لي يتصدق إلا على أهل الإسلام فنزلت { ليس عليك هداهم } الآية فأمر بالتصديق على كل من سأل من كل دين
قوله تعالى : { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار } الآية أخرج الطبراني و ابن أبي حاتم عن يزيد بن عبد الله بن غريب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه و سلم [ قال : نزلت هذه الآية { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم } في أصحاب الخيل ] يزيد وأبوه مجهولان
وأخرج عبدالرزاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب كانت معه أربعة دراهم فأنفق في الليل درهم وفي النهار درهم وفي السر درهم وعلانية درهما
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسيب قال : الآية نزلت في عبد الرحمن بن عوف وعثمان في نفقتهما في جيش العسرة
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا } الآية أخرج أبو يعلي في مسنده و ابن منده من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : بلغنا أن هذه الآية نزلة في بني عمرو بن عوف من ثقيف وفي بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لثقيف فلما أظهر الله رسوله على مكة وضع يومئذ الربا كله فأتى بنو عمرو وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسد وهو على مكة فقال بنو المغيرة : أما جعلنا أشقى الناس بالربا ووضع عن الناس غيرنا فقال بنو عمرو : صولحنا أن لنا ربانا فكتب عتاب فذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية و التي بعدها
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في ثقيف منهم مسعود وحبيب وربيعة وعبد ياليل : بنم عمرو وبنو عمير
قوله تعالى : { آمن الرسول } الآية روى أحمد و مسلم وغيرهم عن أبي هريرة [ قال لما نزلت { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } اشتد ذلك على الصحابة فأتوا رسول الله صلى الله علبه وسلم ثم جثوا على الركب فقالوا : قد أنزل الله عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصبنا ؟ بل قولوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فلما اقترفها القوم وذللت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها { آمن الرسول } الآية فلما فعلوا ذلك نسخها الله أنزل الله { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } آخرها ] وروى مسلم وغيره عن ابن عباس نحوه

أخرج ابن أبى حاتم عن الربيع النصارى أتوا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فخاصموه في عيس فأنزل الله : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } إلى بضع وثمانين أية منها وقال ابن إسحاق : حدثني مجمد ابن سهل بن أبي أمامه قال : لما قدم أهل نجران على الرسول صلى الله عليه و سلم يسألونه عن عيس ابن مريم نزلت فيهم فاتحة آل عمران رأس الثمانين منها أخرجه البيهقي في الدلائل
قوله تعالى : { قل للذين كفروا ستغلبون } روى أبو داود في سننه من طريق ابن أسحق عن محمد ابن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس [ أن الرسول صلى الله عليه و سلم لما أصاب من أهل بدر ما أصاب ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال : يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بما أصاب قريش فقالوا يا محمد لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا ] فأنزل الله { قل للذين كفروا ستغلبون } - إلى قوله { لأولي الأبصار }
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة : قال فنحاص اليهودي يوم بدر : لا يغرن محمد أن قتل قريش وغلبها إن قريشا لا تحسن القتال فنزلت الآية
قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين أوتوا } الآية أخرج ابن أبي حاتم و ابن المنذر عن عكرمة عن ابن عباس قال : [ دخل رسول صلى الله عليه و سلم بيت المدارس على جماعة من اليهود فدعاهم إلى الله فقال له نعيم بن عمرو والحرث بن يزيد : على أي دين أنت يا محمد ؟ قال : على ملة إبراهيم ودينه قال : فإن إبراهيم كان يهوديا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه و سلم : فهلما إلى التوراة فهي بيننا وبينكم فأبيا عليه ] فأنزل الله { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون } - إلى قوله - { يفترون }
قوله تعالى { قل اللهم مالك الملك } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن قتاده قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سأل ربه أن يجعل ملك الروم وفارس في أمته فأنزل الله : { قل اللهم مالك الملك } آية
قوله تعالى : { لا يتخذ } الآية أخرج ابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : كان الحجاج ابن عمرو حليف بكعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق وقيس بن زيد وقد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعد بن حثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء النفر من اليهود واحذروا مباطنتهم لا يفتنوكم عن كم فأبوأفأنزل الله فيهم { لا يتخذ المؤمنون } - إلى قوله - { الله على كل شيء قدير }
قوله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله } الآية أخرج ابن المنذر عن الحسن قال : قال أقوام على عهد نبينا : والله يا محمد إنا لنحب ربنا { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني } الآية :
قوله تعالى : { ذلك نتلوه عليك } أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم راهبا نجران فقال أحدهما : من أبو عيسى ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يعجل حتى يؤامر ربه فنزل عليه : { ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم } - إلى - { من الممترين } الآية
وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال : [ إن رهطا من نجران قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم وكان فيهم السيد والعاقب فقالوا : ما شأنك تذكر صاحبنا ؟ قال : من هو ؟ فقالوا : عيسى تزعم أنه عبد الله فقال : أجل فقالوا : فهل رأيت مثل عيسى أو أنبئت به ؟ ثم خرجوا من عنده فجاء جبريل فقال : قل لهم إذا أتوك { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } - إلى قوله - { من الممترين } الآية ]
( ك ) وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سلمان باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد النبي الحديث وفيه : فبعثوا إليه شرحبيل بن وداعة الهمداني وعبد الله بن شرحبيل الأصبحي وجبارا الحرثي فانطلقوا فأتوه فسألهم وسألوه فلم يزل بهم وبه المسألة حتى قالوا : ما تقول في عيسى ؟ قال : ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم فأصبح الغد وقد أنزل الله آيات { إن مثل عيسى عند الله } - إلى قوله - { فنجعل لعنة الله على الكاذبين } الآية
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن الأزرق بن قيس [ قال : قدم على النبي صلى الله عليه و سلم أسقف نجران والعاقب فعرض عليهما الإسلام فقالا : إنما كنا مسلمين قبلك قال : كذبتما إنه منع منكما الإسلام ثلاث قولكما إتخذ الله ولدا وأكلكما لحم الخنزير وسجودكما للصنم قالا : فمن أبو عيسى ؟ فما درى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يرد عليهما حتى أنزل الله { إن مثل عيسى عند الله } - إلى قوله - { وإن الله لهو العزيز الحكيم } فدعاهما إلى الملاعنة فأبيا وأقرا بالجزية ورجعا ]
قوله تعالى : { يا أهل الكتاب لم تحاجون } الآية روى ابن أسحق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال : إجتمعت نصارى نجران وأحبار اليهود عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فتنازعوا عنده فقال الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فأنزل الله { يا أهل الكتاب لم تحاجون } الآية أخرجه البيهقي في الدلائل
قوله تعالى : { وقالت طائفة } الآية روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قال عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحرث بن عوف بعضهم لبعض : تعالوا نؤمن بما أنزل الله على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع فيرجعون عن دينهم فأنزل الله فيهم { يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل } - إلى قوله - { واسع عليم }
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أبي مالك قال : كانت اليهود تقول أحبارهم للذين من دونهم : لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم فأنزل الله { قل إن الهدى هدى الله }
قوله تعالى { إن الذين يشترون } الآية روى الشيخان وغيرهما إن الأشعث قال : كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : [ ألك بينة ؟ قلت لا فقال : لليهودي : أحلف فقلت يا رسول الله إذن يحلف فيذهب مالي ] فأنزل الله { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } إلى آخر الآية
وأخرج البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا أقام سلعة له في السوق فحلف بالله لقد أعطي بها مالم يعطي ليوقع بها رجل من المسلمين فنزلت هذه الآية { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري : لامنافاة بين الحديثين بل يحمل على أن النزول كان بالسببين معا
وأخرج ابن جرير عن عكرمة : أن الآية نزلت في حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وغيرهما من اليهود الذين كتموا ما أنزل الله في التوراة وبدلوه وحلفوا أنه من عند الله قال الحافظ ابن حجر الآية محتملة ولكن العمدة في ذلك ما ثبت في الصحيح
قوله تعالى : { ما كان لبشر } الآية أخرج ابن أسحق و البيهقي عن ابن عباس قال : قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ودعاهم إلى الإسلام : أتريد يا مجمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ؟ قال : معاذ الله فأنزل الله في ذلك { ما كان لبشر } - إلى قوله - { بعد إذ أنتم مسلمون }
وأخرج عبد الرزاق في تفسيره عن الحسن قال : بلغني أن رجلا قال : يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك ؟ قال لا ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله فإنه لا يبغي أن يسجد لأحد من دون الله فأنزل الله { ما كان لبشر } - إلى قوله - { بعد إذ أنتم مسلمون }
قوله تعالى : { كيف يهدي الله قوما } الآيات روى النسائي و ابن حبان و الحاكم عن ابن عباس قال : كان رجل من الأنصار أسلم ثم ندم فأرسل إلى قومه : أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم هل لي من توبة ؟ فنزلت { كيف يهدي الله قوما كفروا } - إلى قوله - { فإن الله غفور رحيم } فأرسل إليه قومه فأسلم
وأخرج مسدد في مسنده و عبد الرزاق عن مجاهد قال : جاء الحارث ابن سويد فأسلم مع النبي صلى الله عليه و سلم ثم كفر فرجع إلى قومه فأنزل الله فيه القرآن { كيف يهدي الله قوما كفروا } - إلى قوله - { غفور رحيم } فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه فقالالحارث : أنك والله ما علمت لصدوق وإن رسول الهه صلى الله عليه و سلم لأصدق منك وأن الله لأصدق الثلاث فرجع فأسلم وحسن إسلامه
قوله تعالى { ومن كفر فإن الله غني } الآية ( ك ) أخرج سعيد بن منصور عن عكرمة قال لما نزلت { ومن يبتغ غير الإسلام دينا } الآية قالت اليهود فنحن مسلمون فقال الرسول صلى الله عليه و سلم : إن الله فرض على المسلمين حج البيت فقالوا : لم يكتب علينا وأبوا أن يحجوا فأنزل الله { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين }
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا } الآية أخرج الفرياني و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت الأوس والخزرج في الجاهلية بينهم شر فبينما هم جلوس ذكروا ما بينهم حتى غضيوا وقام بعضهم إلى بعض في السلاح فنزلت { وكيف تكفرون } الآية والآيتان بعدها
وأخرج ابن أسحق و أبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال : مر شاس بن قيس وكان يهوديا على نفر من الأوس والخزرج يتحدثون فغاظه ما رأى من تألفهم بعد العدواة فأمر شابا معه من يهود أن يجلس بينهم فيذكرهم يوم بعاث ففعل فتنازعوا وتفاخروا حتى وثب رجلان : أوس بن قظي من الأوس وجبار بن صخر من الخزرج فتقاولا وغضب الفريقان وتواثبوا للقتال فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء حتى وعظهم وأصلح بينهم فسمعوا وأطاعوا فأنزل الله في أوس وجبار ومن كان معهم { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب } الآية وفي شاس بن قيس { يا أهل الكتاب لم تصدون } الآية
قوله تعالى { ليسوا سواء } الآية أخرج ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن منده في الصحابة عن ابن عباس قال : لما اسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبد ومن اسم من يهود معهم فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قالت أحبار اليهود وأهل الكفر منهم : ما آمن بمحمد واتبعه إلا شرارنا ولو كانوا خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره فأنزل الله في ذلك { ليسوا سواء من أهل الكتاب } الآية
وأخرج أحمد وغيره عن ابن مسعود [ قال : أخر رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : أما أنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ] وأنزلت هذه الآية { ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة } - حتى بلغ - { والله عليم بالمتقين }
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا } أخرج ابن جرير و ابن أسحق عن ابن عباس قال : كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم } الآية
قوله تعالى { وإذ غدوت } أخرج ابن أبي حاتم و أبو يعلى عن المسور ابن خزمة قال : قلت لعبد الرحمن بن عوف : أخبرني عن قصتكم يوم أحد ا فقال : اقرأ بعد العشرين ومائة من آل عمران تجد قصتنا { وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال } - إلى قوله - { إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا } قال : هم الذين طلبوا الأمان من المشركين إلى قوله { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه } قال : هو تمني المؤمنين لقاء العدو إلى قوله { أفإن مات أو قتل انقلبتم } قال : هو صياح الشياطين يوم أحد : قتال محمد إلى قوله { أمنة نعاسا } قال ألقى عليهم النوم
وأخرج الشيخان عن جابر بن عبد الله قال : فينا نزلت في بني سلمة وبني حارثة { إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا }
وأخرج ابن شيبة في المصنف و ابن أبي حاتم عن الشعبي : أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق عليهم فأنزل الله { ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم } - إلى قوله { مسومين } فبلغت كرزا الهزيمة فلم يمد المشركين ولم يمد الله المسلمين بالخمسة
قوله تعالى : { ليس لك من الأمر شيء } الآية روى أحمد و مسلم عن أنسى أن النبي صلى الله عليه و سلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج في وجه حتى سال الدم من وجه فقال : كيف يفلح قوم فعلوا هذا بينهم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } الآية وروى أحمد و البخاري عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ اللهم العن فلانا اللهم العن الحرث بن هشام اللهم العن سهيل بن عمرو اللهم العن صفوان بن أمية ] فنزلت هذه الآية { ليس لك من الأمر شيء } إلى آخرها فتيب عليهم كلهم
وروى البخاري عن أبي هريرة نحوه قال الحافظ ابن حجر : طريق الجمع بين الحديثين : أنه صلى الله عليه و سلم دعا على المذكورين في صلاته بعد ما وقع له من الأمر المذكور يوم أحد فنزلت الآية في الأمرين معا فيما وقع له وفيما نشأعنه من الدعاء عليهم قال : لكن يشكل على ذلك ما وقع في مسلم من حديث أبي هريرة : [ أنه صلى الله عليه و سلم كان يقول في الفجر : اللهم العن رعلا وذكوان وعصية ] حتى أنزل الله { ليس لك من الأمر شيء } ووجه الإشكال أن الآية نزلت في قصة أحد وقصة رعل وذكوان بعدها ثم ظهرت لي علة الخبر وأن فيه إدراجا فإن قوله حتى أنزل الله منقطع من رواية الزهري عمن بلغه بين ذلك مسلم وهذا البلاغ لا يصح فيما ذكرته قال : ويحتمل أن يقال أن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر سبب الآية عن سببها قليلا ثم نزلت في جميع ذلك قلت : وورد في سبب نزولها أيضا ما أخرجه البخاري في تاريخه و ابن أسحق عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : جاء رجل من قريش إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إنك تنهى عن السب ثم تحول فحول قفاه إلى النبي صلى الله عليه و سلم وكشف أسته فلعنه ودعا عليه فأنزل الله { ليس لك من الأمر شيء }
الآية ثم أسلم الرجل فحسن إسلامه مرسل غريب
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا } أخرج الفريابي عن مجاهد قال : كانوا يتابعيون إلى الأجل فإذا حل الأجل زادوا عليهم وزادوا في الأجل فنزلت { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } وأخرج أيضا عن عطاء قال : كانت ثقيف تداين بني النضير في الجاهلية فإذا جاء الأجل قالوا : نربيكم وتؤخرون عنا ؟ فنزلت { لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة }
قوله تعالى { ويتخذ منكم شهداء } أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما أيطأ على النساء الخبر خرجن ليستخبرن فإذا رجلان مقبلان على البعير فقالت امرأة : ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالا : حي قالت : فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء فنزل القرآن على ما قالت { ويتخذ منكم شهداء }
قوله تعالى : { ولقد كنتم } الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس : أن رجالا من الصحابة كانوا يقولون : ليتنا نقتل كما قتل اصحاب بدر أو : ليت لنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلى فيه خيرا أو نلتمس الشهادة والجنة أو الحياة والرزق فأشهدهم الله أحدا فلأم يلبثوا إلا من شاء الله منهم فأنزل الله { ولقد كنتم تمنون الموت } الآية
قوله تعالى : { وما محمد إلا رسول } الآية أخرج المنذر عن عمر قال : تفرقنا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد فصعدت الجبل فسمعت يهود : تقول قتل محمد فقلت : لا أسمع أحدا يقول : قتل محمد إلا ضربت عنقه فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم والناس يتراجعون فنزلت { وما محمد إلا رسول } الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : لما أصابهم يوم أحد من القرح وتداعوا نبي الله قالوا : قد قتل فقال أناس : لو كان نبيا ما قتل وقال أناس : قاتلوا على ما قاتل على نبيكم حتى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به فأنزل الله { وما محمد إلا رسول } الآية
وأخرج البيهقي في الدلائل في مسنده عن الزهري : أن الشيطان صاح يوم أحد أن محمد قتل قال كعب بن مالك : وأنا أول من عرف رسول الله صلى الله عليه و سلم : رأيت عينيه من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي : هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله { وما محمد إلا رسول } الآية
قوله تعالى : { ثم أنزل عليكم } الآيات أخرج ابن راهويه عن الزبير قال : لقد رأيتني يوم أحد حين اشتد علينا الخوف وأرسل علينا النوم فما منا أحد إلا ذقنه في صدره فوا لله إني لسمع كالحلم قول معتب بن قشير : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتالنا ههنا فحفظتها فأنزل الله في ذلك { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا } - إلى قوله - { والله عليم بذات الصدور }
قوله تعالى : { وما كان لنبي أن يغل } الآية أخرج أبو داود و الترمذي و حسنة عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض الناس : لعل رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذها فأنزل الله { وما كان لنبي أن يغل } إلى آخر الآية
وأخرج الطبراني في الكبير بسند رجال ثقات عن ابن عباس قال : بعث النبي صلى الله عليه و سلم جيشا فردت رايته ثم بعث فردت ثم بعث فردت بغلول رأس غزال من ذهب فنزلت { وما كان لنبي أن يغل }
قوله تعالى { أو لما أصابتكم مصيبة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن عمر ابن الخطاب قال : عوقبوا يوم أحد بما صبعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعة وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلكم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم عل وجه فأنزل الله { أو لما أصابتكم مصيبة } الآية
قوله تعالى : { ولا تحسبن } الآية روى أحمد و أبو داود و الحاكم عن ابن عباس قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الحنة وتاكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقليهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله : أنا ابلغهم عنكم ] فأنزل الله هذه الآية { ولا تحسبن الذين قتلوا } الآية وما بعدها روى الترمذي عن جابر نحوه
قوله تعالى : { الذين استجابوا } الآية أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس [ قال : أن الله قذف الرعب في قلب أبي سفيان يوم أحد بعد الذي كان منه فرجع إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إن أبي سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب ] وكانت وقعة أحد في شوال وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى وانهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك فندب النبي صلى الله عليه و سلم الناس لينطلقوا معه فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال : أن الناس قد جمعوا لكم فأبى عليه الناس أن يتبعوه فقال : إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد فانتدب معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وسع وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو العبيدة بن الجراح في سبعين رجلا فساروا في طلب أبو سفيان فطلبوه حتى بلغوا الصفراء فإنزل الله { الذين استجابوا لله والرسول } الآية
( ك ) وأخرج الطبراني يسند صحيح عن ابن عباس قال : لما رجع المشركون من أحد قالوا : لا محمد قتلتم ولا الكواعب أردفتم بئس ما صنعتم ارجعوا فسمع رسول الله فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد أو بئر أبي عتبة فأنزل الله { الذين استجابوا لله والرسول } الآية وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه و سلم : موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا فأنزل الله { فانقلبوا بنعمة من الله } الآية
وأخرج ابن مردويه عن أبى رافع [ أن النبي صلى الله عليه و سلم وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال : إن القوم قد جمعوا لكم قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ] فنزلت فيهم هذه الآية
قوله تعالى : { لقد سمع الله } أخرج ابن أسحق و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : دخل أبو بكر بيت المدارس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص فقال له : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه غلينا لفقير ولو كان غنيا عنا ما استقرض من كما يزعم صاحبكم فغضب أبو بكر فضرب وجه فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد ما صنع صاحبن بي فقال : يا أبا بكر ما حملك على ما صنعت ؟ قال : يا رسول الله قال قولا عظيم يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء فجحد فنحاص فأنزل اله { لقد سمع الله قول الذين قالوا } الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتت اليهود النبي صلى الله عليه و سلم حين أنزل الله { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } فقالوا يا محمد افتقر ربك يسال عباده ؟ فأنزل الله { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير } الآية
قوله تعالى { ولتسمعن } الآية روى ابن أبي حاتم و ابن المنذر بسند حسن عن ابن عباس أنها نزلت فيما كان بين أبو بكر وفنحاص من قوله : إن الله فقبر ونحن اغنياء وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنها نزلت في كعب بن الأشراف فيما كان يهجو الرسول صلى الله عليه و سلم وأصحابه من الشعر
قوله تعالى : { لا تحسبن الذين يفرحون } الآية روى الشيخان وغيرهما من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن مروان قال لبوابه : أذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأجب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون فقال ابن عباس : ما لكم وهذه إنما نزلت هذه الآية في أهل الكتاب سألهم الرسول صلى الله عليه و سلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا قد اروه أنهم قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه
وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري أن رحالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عللاه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا : وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } الآية
اخرج عبد في تفسير عن زيد بن أسلم : أن رافع بن خديج وزيد بن ثابت كانا عند مروان فقال : يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } قال رافع : في أناس من المنافقين كانوا إذا خرج النبي صلى الله عليه و سلم اعتذروا قالوا : ما حبسنا عنكم إلا شغل فلوددنا أنا معكم فأنزل الله فيهم هذه الآية وكأن مروان أنكر ذلك فجزع رافع من ذلك فقال لزيد بن ثابت : أنشدك بالله هل تعلم ما أقول ؟ قال نعم قال الحافظ ابن حجر : يجمع بين قول ابن عباس بأنه يمكن أن تكون نزلت في الفريقين معا قال : وحكى الفراء أنها نزلت في قول اليهود : نحن أهل الكتاب الأول والصلاة والطاعة ومع ذلك لا يقرون بمحمد وروى ابن أبي حاتم من طريق عن جماعة من التابعين نحو ذلك ورجحه ابن جربر ولا مانع أن تكون نزلت في كل ذلك أنتهي
قوله تعالى { إن في خلق السموات } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتت قريش اليهود فقالوا : كيف عيسى ؟ قالوا : بم جاءكم موسى من الآيات ؟ قالوا عصاه وبد بيضاء للناظرين وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى قالوا يبرئ الأكمة والأبرص ويحي الموتى فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : أدع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا فدعا ربه فنزلت هذه الآية { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } فليتفكروا فيها
قوله تعالى { فاستجاب لهم } الآية أخرج عبد الرزاق و سعيد بن منصور و الترمذي و الحاكم و ابن أبي حاتم عن أم سلمة أهل قالت : يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة في شيء فأنزل الله { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى } إلى آخر الآية
قوله تعالى : { وإن من أهل الكتاب } الآية روى النسائي عن أنس لما جاء نعي النجاشي [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صلوا عليه قالوا : يا رسول الله نصلي على عبد حبشي ] فأنزل الله { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } وروى ابن جابر وفي المستدرك عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت في النجاشي { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } الآية

قوله تعالى : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } أخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح قال كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها فنهاهم الله عن ذلك فأنزل { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة }
قوله تعالى : { للرجال نصيب } أخرج أبو الشيخ و ابن حيان في كتاب الفرائض من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان أهل الجاهلية لا يورثون ا البنات ولا الصغار الذكور حتى يدركوا فمات رجل من الأنصار يقال له أوي بن ثابت وترك ابنتين وابنا صغير فجاء أبنا عمه خالد وعرطفة وهم عصبة فاخذوا ميراثه كله فاتت امرأته رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت له ذلك فقال : ما أدري ما أقول ؟ فنزلت { للرجال نصيب مما ترك الوالدان } الآية
قوله تعالى { يوصيكم الله } أخرج الأمة الستة عن جابر بن عبد الله فقال عادني رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين فوجدني النبي صلى الله عليه و سلم الأعقل شيئا فدعا بماء فتوضأ ثم رش علي فأفقت فقلت : ما تأمرني أن أصنع في مالي ؟ فنزلت { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين }
وأرج أحمد و أبو داود و الترمذي و الحاكم عن جابر قال جاءت امرأة سعيد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله هاتان ابنتا سعيد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا تنكحان إلا ولهما مال فقال يقضي الله في ذلك فنزلت آية الميراث قال الحافظ ابن حجر : تمسك بهذا من قال : إن الآية نزلت في قصة ابنتي سعد ولم تنزل في قصة جابر خصوصا أن جابر لم يكن له يومئذ ولد قال : والجواب أنها نزلت في الأمرين معا ويحتمل أن يكون نزول أولها في القصتين ولآخرها وهو قوله { وإن كان رجل يورث كلالة } في قصة جابر ويكون مراد جابر بقوله فنزلت { يوصيكم الله في أولادكم } : أي ذكر الكلالة المتصل بهذه الآية انتهي
وقد ورد السبب الثالث أخرج ابن جرير عن السدى قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري ولا الضعفاء من الغلمان لا يورث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر وترك امرأة يقال لها أم كحلة وخمس بنات فجاء الورثة يأخذون ماله فشكت أم كحلة ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله هذه الآية { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك } ثم قال في أم كحلة { ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن }
( ك ) وقد ورد في قصة سعد بن ربيع وجه آخر فأخرج القاضي إسماعيل في أحكام القرآن من طريق عبد الملك بن محمد بن حزم أن عمرة بنت حزام كانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها يوم أحد وكان له منها ابنة فأتت النبي صلى الله عليه و سلم تطلب ميراث ابنتها ففيها نزلت { يستفتونك في النساء } الآية
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } روى البخاري و أبو داود و النسائي عن ابن عباس قال : كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية
وأخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم بسند حسن عن أبي إمامة بن سهل بن حنيف قال : لما توفي أبو قيس بن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج زوجته وكان لهم ذلك في الجاهلية فأنزل الله { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } وله شاهد عن عكرمة عن ابن جابر
وأخرج ابن أبي حاتم و الفريابي و الطبراني عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار [ قال : توفي أبو قيس بن الأسلت وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس امرأته فقالت : إنما أعدك ولدا من صالحي قومك فاتت رسول الله صلى الله عليه مسلم فأخبرته فقال : ارجعي إلى بيتك ] فنزلت هذه الآية { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف }
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي [ قال : كان الرجل إذا توفي عن امرأته كان ابنه أحق بها أن ينكحها إن شاء إن لم تكن أمه أو ينكحها من شاء فلما مات أبو قيس بن الأسلت قام ابنه محصن فورث نكاح امرأته ولم يورثها من المال شيئا فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال ارجعي لعل الله ينزل فيك شيئا ] فنزلت هذه الآية { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } ونزلت { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } الآية
وأخرج أيضا عن الزهري قال : نزلت هذه الآية في ناس من الأنصار كان إذا مات الرجل منهم كان أملك الناس بامرأة وليه فيمسكها حتى تموت
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } قال : كنا نتحدث أنها نزلت في محمد صلى الله عليه و سلم حين نكح امرأة زيد بن حارثة قال المشركون في ذلك فنزلت { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } ونزلت { وما جعل أدعياءكم أبناءكم } ونزلت { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم }
قوله تعالى : { والمحصنات } الآية روى مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي عن أبي سعيد الخدري قال : أصبنا سبايا من سبي أوطاس لهن أزواج فكرهن أن نقع عليهن ولهن أزواج فسألنا النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } يقول إلا ما أفاء الله عليكم فاستحللنا بها فروجهن
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : نزلت يوم حنين لما فتح الله حنينا أصاب المسلمون نساء من نساء أهل الكتاب لهن أزواج وكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة قالت : إن لي زوجا فسئل صلى الله عليه و سلم عن ذلك فأنزل الله { والمحصنات من النساء } الآية
قوله تعالى : { ولا جناح } الآية أخرج ابن جرير عن معمر بن سلمان عن أبيه قال : زعم حضرمي أن رجالا كانوا يفرضون المهر ثم عس أن تدرك أحدهم العسرة فنزلت { ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة } قوله تعالى { فتمنوا الموت } روى الحاكم عن أم سلمة أنها قالت : يغزو الرجال ولا يغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله { ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض } وأنزل فيها { إن المسلمين والمسلمات }
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتت امرأة النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : يا نبي الله للذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين برجل أفنحن في العمل هكذا إن عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة فأنزل الله { فتمنوا الموت } الآية
قوله تعالى { والذين عقدت أيمانكم } الآية أخرج أبو داود في سننه من طريق ابن أسحق عن داود بن الحصين قال : كنت اقرأ على أم سعد ابنة الربيع وكانت مقيمة في حجر أبي بكر فقرأت { والذين عقدت أيمانكم } فقالت : لا ولكن والذين عقدت وإنما نزلت في أبي بكر وابنه حين الإسلام فحلف أبو بكر أن لا يورثه فلما أسلم أمره أن يؤتيه نصيبه
قوله تعالى : { الرجال قوامون } أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن [ قال : جاءت المرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم تستعدي على زوجها أنه لطمها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : القصاص ] أنزل الله { الرجال قوامون على النساء } الآية
وأخرج ابن جرير من طريق عن الحسن وفي بعضها أن رجلا من الأنصار لطم امرأته فجاءت تلتمس القصاص فجعل النبي صلى الله عليه و سلم بينهما القصاص فنزلت { ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه } ونزلت { الرجال قوامون على النساء } وأخرج نحوه عن ابن جريح و السدي
وأخرج ابن مردويه عن علي [ قال : أتى النبي صلى الله عليه و سلم رجل من الأنصار بامرأة له فقالت : يا رسول الله أنه ضريني فأثر في وجهي فقال رسول الله : ليس له ذلك ] فأنزل الله { الرجال قوامون على النساء } الآية فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا
قوله تعالى : { الذين يبخلون } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم فأنزل الله { الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل } الآية
وأخرج ابن جرير من طريق محمد بن أبي محمد بن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال : كان كردوم بن يزيد حليف كعب بن الأشراف وأسامة بن حبيب ونافع أبي نافع وبحري بن عمرو وحي بن أخطب ورفاعة بن يزيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار ينصحون لهم فيقولون : لا تنفقون أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون فأنزل الله { الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل } - إلى قوله - { وكان الله بهم عليما }
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا } الآية روى أبو داود و الترمذي و النسائي و الحاكم عن علي قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون فانزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون }
( ك ) وأخرج الفرياني و ابن أبي حاتم و أبن المنذر عن علي قال نزلت هذه الآية { ولا جنبا } في المسافر تصيبه الجنابة فتيمم ويصلي
وأخرج ابن مردويه عن الأسلع بن شريك قال : كنت ارحل ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة فخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو امرض فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل اله { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } الآية كلها
( ك ) وأخرج الطبراني عن الأسلع [ قال : كنت أخدم النبي صلى الله عليه و سلم وأرحل له فقال لي ذات يوم : يا أسلع قم فارحل فقلت يا رسول الله أصابتني جنابة فسكت رسول الله وأتاه جبريل بآية الصعيد فقال رسول الله قم يا أسلع وتيمم فأراني التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين فقمت فتيممت ثم رحلت ]
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب : أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم جنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجيدون ممرا ألا في المسجد فأنزل الله قوله { ولا جنبا إلا عابري سبيل }
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار كان مريضا فلم يستطيع أن يقوم فيتوضأ ولم يكن له خادم يناوله فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فانزل الله { وإن كنتم مرضى } الآية
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال نال أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم جراحة ففشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه مسلم فنزلت { وإن كنتم مرضى } الآية كلها
قوله تعالى : { ألم تر } الآية أخرج ابن أسحق عن ابن عباس قال كان رفاعة بن يزيد بن التابوت من عظماء اليهود وإذا كلم رسول اله صلى الله عليه و سلم لوى لسانه وقال ارعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام دعابة فأنزل الله فيه { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة }
قوله تعالى : { يا أيها الذين أوتوا الكتاب } الآية أخرج ابن أسحق عن ابن عباس [ قال : كلم رسول الله صلى الله عليه و سلم رؤساء أحبار اليهود منهم عبد الله بن صوريا وكعب بن أسيد فقال لهم : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوا لله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق فقالوا : ما نعرف ذلك يا محمد ] فأنزل الله فيهم { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا } الآية
قوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به } أخرج ابن أبي حاتم و الطبراني عن أبي أيوب الأنصاري [ قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام قال وما دينه قال يصلي ويوحد الله قال : استوعب منه دينه فإن أبى فابتعه منه فطلب الرجل ذلك منه فأبى عليه فأتى النبي ي صلى الله عليه و سلم فاخبره فقال : وجدته شحيحا على دينه ] فنزلت { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يزكون } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ويقربون قربانهم يزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب فأنزل الله { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } وأخرج ابن جرير نحوه عن عكرمة و مجاهد و أبي مالك وغيرهم
قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين أوتوا } الآية ( ك ) أخرج أحمد و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت قريش : ألا ترى هذا المنصبر المنبتر من قومه أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية قال انتم خير منا فنزلت فيهم { إن شانئك هو الأبتر } ونزلت { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } - إلى - { نصيرا }
وأخرج ابن إسحاق عن ابن عباس قال : كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وبني غطفان وبني قريظة ؟ وسلام بن أبي الحقيق وأبو رافع والربيع بن أبي الحقيق وأبو عمار وهوذه بن قيس وكان سائرهم من بني النضير فلما قدموا قريش قالوا : أحبار اليهود أهل علم بالكتب الأولى فاسألهم أدينكم خير أم دين محمد ؟ فسألهم فقالوا : دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه وممن اتبعه فأنزل الله { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } - إلى قوله - { ملكا عظيما }
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قال أهل الكتاب زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح فأي ملك أفضل من هذا فأنزل الله { أم يحسدون الناس } الآية وأخرج ابن سعد عن عمر مولى عفرة نحو ابسط منه
قوله تعالى : { إن الله يأمركم } أخرج ابن مرديه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس [ قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة دعا عثمان بن طلحة فلما أتاه قال : أرني المفتاح فأتاه به فلما بسط يده إليه قام العباس فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هات المفتاح يا عثمان فقال : هاك أمانة الله فقام ففتح الكعبة ثم خرج فطاف بالبت ثم أنزل عليه جبريل برد المفتاح فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } حتى فرغ من الآية ]
وأخرج شعبة في تفسيره عن حجاج عن ابن جريح قال : نزلت هذه الآية في عثمان بن طلحة أخذ منه رسول الله صلى الله عليه و سلم مفتاح الكعبة فدخل به البيت يوم فتح مكة فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فناوله المفتاح قال : وقال عمر بن الخطاب لما خرج الرسول من الكعبة وهو يتلو هذه الآية : فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك فقلت : ظاهر هذه أنها نزلت في جوف الكعبة
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله } روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في عبد الله بن حذافة بن قبس إذ بعثه النبي صلى الله عليه و سلم في سرية كذا أخرجه مختصرا وقال الداودي هذا الوهم يعني الإفتراء على ابن عباس فإن عبد الله بن حافة خرج على الجيش فغضب فأوقد نار وقالا اقتحموا فامتنع بعض وهم بعض أن يفعل قال : فإن كانت الآية نزلت قبل فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره وان كانت نزلت بعده فإنما قيل لهم : إنما الطاعة في المعروف وما قيل لهم تطيعوه ؟ وأجاب الحافظ ابن حجر بأن المقصود في قصته : فإن تنازعتم في شيء فإنهم تنازعوا في امتثال الأمر والطاعة والتوقف فرارا من النار فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد أخرج ابن جرير أنها نزلت في قصة جرت لعمار بن ياسر مع خالد بن الوليد وكان أميرا فأجار عمار رجلا بغير أمره فتخاصما فنزلت
قوله تعالى { ألم تر إلى الذين يزعمون } أخرج ابن أبي حاتم و الطبراني يسند صحصح عن ابن عباس قال : كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناس من المسلمين فأنزل الله { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا } - إلى قوله - { إلا إحسانا وتوفيقا }
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال : كان الخلاص بن الصامت ومتعب بن قشير ورافع بن زيد وبشر يدعون إلى الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية فأنزل الله فيهم { ألم تر إلى الذين يزعمون } الآية
أخرج ابن جرير عن الشعبي قال : كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة فقال اليهودي : أحاكمك إلى أهل دينك أو قال النبي لأنه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم فاختلفا واتفقا على أن يأتيا كاهنا جهينة فنزلت
قوله تعالى { فلا وربك } أخرج الائمة الستة عن عبد الله بن الزبير [ قال : خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك فقال الأنصاري : يا رسول الله إن كان ابن عمتك فتلون وجه ثم قال : اسق يا زبير ثم أحبس الماء حتى يرجع إلى الجدار ثم أرسل الماء جارك واستوعب للزبير حقه وكان أشر عليهما بأمر لهما فيه سعة ] قال الزبير : فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم }
وأخرج الطبراني في الكبير و الحميدي في مسنده عن أم سلمة قالت خاصم الزبير رجلا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقضى للزبير فقال الرجل : إنما قضى له لأنه أبن عمته فنزلت الآية { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك } الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن نسيب في قوله { فلا وربك } الآية قال : أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعه اختصما في ماء فقضى النبي صلى الله عليه و سلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن أبي الأسود قال : اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقضى بينهما فقال الذي قضى عليه : ردنا إلى عمر بن الخطاب فأتيا إليه فقال الرجل : قضى لي رسول الله صلى الله عليه و سلم على هذا فقال ردنا إلى عمر فقال : اكذاك ؟ قال : نعم فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله فأنزل الله { فلا وربك لا يؤمنون } الآية مرسل غريب في إسناده ابن لهيعة وله شاهد أخرجه رحيم في تفسيره من طريق عتبة بن ضمرة عن أبيه
( ك ) وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما نزلت { ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم } افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من اليهود فقال اليهودي : والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم فقتلنا أنفسنا فقال ثابت : والله لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا فأنزل الله { ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا }
وقوله تعالى { ومن يطع الله } [ أخرج الطبراني و ابن مردويه بسند لا بأس به عن عائشة قالت جاء رجل للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إنك لأحب إلى من نفسي وأنك لأحب إلى من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي وأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد النبي صلى الله عليه و سلم شيئا حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية { ومن يطع الله والرسول } الآية ]
واخرج ابن أبي حاتم عن مسروق قال : قال أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك فإنك لو قدمت لرفعت فوقنا ولم نرك فأنزل الله { ومن يطع الله والرسول }
وأخرج عكرمة [ قال : أتي فتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا نبي الله إن لنا منك نظرة في الدنيا ويوم القيامة لا نراك فأنك في الجنة في الدرجات العلي فأنزل الله هذه الآية فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم : أنت معي في الجنة إن شاء الله ] وأخرج ابن جرير نحوه من مرسل سعيد بن حبير ومسروق والربيع وقتاده والسدي
قوله تعالى { ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم } الآية أخرج النسائي و الحاكم عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له [ أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا نبي الله كنا في عز و نحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة قال : إلى أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم فلما حوله الله إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا ] فأنزل الله { ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم } الآية
قوله تعالى : { وإذا جاءهم } الآية روى مسلم عن عمر بن الخطاب قال : لما اعتزل النبي صلى الله عليه و سلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى وبقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه و سلم نساءه فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق نساءه فنزلت هذه الآية { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } فكنت أنا استنبط ذلك الأمر
قوله تعالى : { فما لكم في المنافقين } الآية روى الشيخان وغيرهما عن زيد بن ثابت أن رسول صلى الله عليه و سلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه فكان أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم فيهم فرقتين فرقة تقول نقتلهم وفرقة تقول لا فأنزل الله { فما لكم في المنافقين فئتين }
( ك ) وأخرج سعيد بن منصور و ابن أبي حاتم عن سعد بن معاذ [ قال : خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس ى فقال : من لي بمن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني فقال سعد بن معاذ : إن كان من الأوس قتلناه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا فأطعناك فقام سعد بن عباده فقال : ما بك يا ابن معاذ طاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم ولقد عرفت ما هو منك فقام أسيد بن حضير فقال : إنك يا ابن معاذ منافق وتحب النفاق فقام محمد بن سلمة فقال : اسكتوا يا أيها الناس فإن فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يأمرنا فننفذ أمره ] فأنزل الله { فما لكم في المنافقين }
وأخرج أحمد عن أعبد الرحمن بن عوف أن قوما من العرب أتوا رسول اله صلى الله عليه و سلم بالمدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة وحماها فأركسوا خرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من الصحابة فقالوا لهم : مالكم رجعتم ؟ قالوا : أصابنا وباء المدينة فقالوا أما لكم في رسل الله أسوة حسنة ؟ فقال بعضهم نافقوا وقال بعضهم لم ينافقوا فأنزل الله { فما لكم في المنافقين فئتين } الآية في إسناده تدليس وانقطاع ( ك )
قوله تعالى { إلا الذين يصلون } الآية أخرج ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي قال : لمل ظهر النبي صلى الله عليه و سلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج فأتيته فقلت : أنشدك النعمة بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توا دعهم فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام وإن لم يسلموا لم يحسن تغليب قومك عليهم فأخذ رسول الله صلى اله عليه وسلم بيد خالد فقال : اذهب معه ففعال ما يريد فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم وإن أسلمت قريش أسلموا معهم وأنزل الله { إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق } فكامن وصل إليهم كان معهم على عهدهم
وأخرج أبن أبي حاتم عن ابن عباس قال : { إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق } في هلال بن عويمر الأسلمي وسراقة بن مالك المدلجي وفي بني جذيمة بن عامر بن عبد مناف
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : نزلت { لا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق } في هلال بن عويمر الأسلمي وسراقة بن ملاك المدلجي وفي هلال بن جذيمة بن عامر بن مناف
وأخرج أيضا عن مجاهد أنها نزلت في هلال بن هويمر الأسلمي وكان بينه وبين المسلمين عهد وقصده ناس من قومه فكرة أن يقاتل المسلمين وكره أن يقاتل قومه
قوله تعالى : { وما كان لمؤمن } الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان الحرث بن يزيد من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج الحرث مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فلقيه عياش بالحرة فعلاه في السيف وهو يحسي أنه كافر ثم جاء النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فنزلت { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } وأخرج نحوه عن مجاهد والسدي
قوله تعالى : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } الآية أخرج ابن جرير من طريق ابن جريح عن عكرمة : [ أن رجلا من الأنصار قتل أخا مقيس ابن صبابة فأعطاه النبي صلى الله عليه و سلم الدية فقبلها ثم وثب على القاتل فقتله : فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا أؤمنه في حل ولا حرم فقتل يوم الفتح ] قال ابن جريح : وفيه نزلت هذه الآية { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } الآية
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم } الآية روى البخاري و الترمذي و الحاكم وغيره عن ابن عباس قال : مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وهو يسوق غنما له فسلم عليهم فقالوا ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا إليه وقتلوه وأتوا بغنمه النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم } الآية
وأخرج البزار من وجه آخر عن ابن عباس [ قال : بعث الرسول صلى الله عليه و سلم سرية فيها المقداد فلما أتوا القوم وجدهم قد تفرقوا وبقى رجل له مال كثير فقال : أشهد إن لا إله إلا الله فقتله المقداد فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : كيف لك بلا إله إلا الله غدا ] وأنزل الله هذه الآية وأخرج أحمد و الطبراني وغيرهما عن عبد الله بن أبي جدر الأسلمي قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة ومحلم ابن جثامة فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي فسلم علينا فحمل عليه محلم فقتله : فلم قدمنا على النبي صلى الله عليه و سلم وأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله } أ الآية وأخرج ابن جرير من حديث ابن عمر نحوه
وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن اسم المقتول مردوس بن نهيك من أهل فدك وأن اسم القاتل أسامة ابن بزيد وأن اسم أمير السرية غالب بن فضالة الليثي وأن قوم مرداس لما انهزموا بقي هو وحده وكن ألجأ غنمه بجبل فلما لحقوه قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فقتله أسامة بن يزيد فلما رجعوا أنزلت الآية
وأخرج ابن جرير من طريق السدي و عبد من طريق قتادة نحوه وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن ابن الزبير عن جابر قال : أنزلت هذه الآية { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام } في مردوس وهو شاهد حسن
وأخرج ابن منده عن جزء بن الحدرجان قال : وفد أخي مقداد إلى النبي صلى الله عليه و سلم من اليمن فلقيته سرية النبي صلى الله عليه و سلم فقال لهم : أنا مؤمن فلم يقبلوا منه وقتلوه فبلغني ذلك فخرجت إلى النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا } فأعطاني النبي صلى الله عليه و سلم دية أخي
قوله تعالى { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } الآية روى البخاري عن البراء قال : لما نزلت { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } [ قال النبي صلى الله عليه و سلم ك أدع فلانا فجاء ومعه الدواة واللوح والكتف فقال ا كتب { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله } وخلف النبي صلى الله عليه و سلم ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله : أنا ضرير فنزلت مكانها { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر } ] وروى البخاري وغيره من حديث زيد بن ثابت و الطبراني من حديث زيد بن أرقم وابن حبان من حديث الفلتان بن عاصم نحوه وروي الترمذي نحوه من حديث ابن عباس وفي قال عبد الله بن جحش و بن أم مكتوم أنا أعميان وقد سقت أحاديثهم في ترجمان القرآن وعند ابن جرير من طريق كثيرة مرسلة نحو ذلك
قوله تعالى : { إن الذين توفاهم } الآية روى البخاري عن ابن عباس أن أناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه و سلم فيأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل فأنزل الله { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } وأخرجه ابن مرديه وسمى منهم في روايته قيس بن الوليد بن المغيرة وأبا قيس بن الفاكه بن المغيرة والوليد بن عتبة بن ربيعة وعمرو بن أمية بن سفيان وعلي ابن أمية بن خلف وذكر في شأنهم أنهم خرجوا إلى بدر فلما رأوا قلة المسلمين دخلهم شك وقالوا : غر هؤلاء دينهم فقتلوا ببدر وأخرجه ابن أبي حاتم وزاد منهم الحرث بن زمعة بن السود والعاص ابن منبه بن الحجاج
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كان قوم بمكة قد أسلموا فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه و سلم كرهوا أن يهاجروا وخافوا فأنزل الله { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } - إلى قوله - { إلا المستضعفين }
وأخرج ابن المنذر و ابن جرير عن ابن عباس قال : كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يخفون الإسلام فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم فقال المسلمين هؤلاء مسلمون : فأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت { إن الذين توفاهم الملائكة } الآية فكتبوا بها إلى من بقي بمكة منهم وأنه لا عذر لهم فخرجوا فلحق بهم المشركون ففتنوهم فرجعوا فنزلت { ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله } فكتب المسلمون بذلك فتحزنوا فنزلت { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } الآية فكتبوا إليهم بذلك فخرجوا فلحقهم فنجا من نجا وقتل من قتل وأخرج ابن جرير من طريق كثيرة نحوه
قوله تعالى : { ومن يخرج من بيته } أخرج ابن أبي حاتم و أبو يعلي بسند جيد عن ابن عباس قال : خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله : احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فمات في الطريق قبل أن يصل النبي صلى الله عليه و سلم فنزل الوحي { ومن يخرج من بيته مهاجرا } الآية

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة الزرقي وكان بمكة فلما نزلت { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة } فقال إني لغني وإني لذو حيلة فتجهز يريد الني ي صلى الله عليه و سلم فأدركه الموت بالتنعيم فنزلت هذه الآية { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله }
وأخرج ابن جرير نحو ذلك من طريق سعيد بن جبير وعكرمة و قتادة و السدي و الضحاك وغيرهم وسمي في بعضها ضمرة بن العيص أو العيص ابن ضمرة وفي بعضها جندب بن ضمرة الجندعي وفي بعضها الضمري وفي بعضها رجل من بني ضمرة وفي بعضها رجل من بني خزاعة وفي بعضها رجل من بني ليث وفي بعضها من بني ليث وفي بعضها ما بني كنانة وفي بعضها من بني بكر
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن يزيد بن عبد الله بن قسط : أن جندع ابن ضمرة الضمري كان في مكة فمرض فقال لبينه : أخرجوني من مكة فقد قتلني غمها فقالوا : إلى أين ؟ فأومأ بيده نحو المدينة يريد الهجرة فخرجوا به فلما بلغوا أضاة بني غفار مات فأنزل الله فيه { ومن يخرج من بيته مهاجرا } الآية
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم و ابن منده و البارودي في الصحابة عن هشام ابن عروة عن أبيه : أن الزبير ابن العوام قال : هاجر خالد بن حرام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت فيه { ومن يخرج من بيته مهاجرا } الآية
وأخرج الأموي في مغازيه عن عبد الملك بن عمير [ قال لما بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى الله عليه و سلم أراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه قال : فليأت من يبلغه عني ويبلغني عنه فانتدب له رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه و سلم فقالا نحن رسل أكثم بن صيفي وهو يسألك من أنت وما أنت وبما جئت ؟ قال : أنا محمد بن عبد الله وأنا عبد الله ورسوله ثم تلا عليهم { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } الآية فأتيا أكثم فقالا له ذلك قال أي قوم إنه يأمر بمكارم الأخلاق وينهي عن ملائمها فكونوا في هذا الأمر رؤساء ولا تكونوا فيه أذنابا فركب بعيره متوجها إلى المدينة فمات في الطريق ] فنزلت فيه { ومن يخرج من بيته مهاجرا } الآية : مرسل إسناده ضعيف
وأخرج حاتم في كتاب المعمرين من طريقين عن ابن عباس : أنه سئل عن هذه الآية فقال : نزلت في أكثم بن صيفي قيل : فأين الليثي قال ؟ هذا قبل الليثي بزمان وهي خاصة عامة
قوله تعالى { وإذا ضربتم } الآية أخرج ابن جرير عن علي قال : سأل قوم من بني النجار رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول الله إن نضرب في الأرض فكيف نصلي ؟ فأنزل الله { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } ثم انقطع الوحي فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي صلى الله عليه و سلم فصلى الظهر فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم ؟ فقال قائل منهم : إن لهما أخرى مثلها في أثرها فأنزل الله بين الصلاتين { إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } - إلى قوله - { عذابا مهينا } فنزلت صلاة الخوف وأخرج أحمد و الحاكم وصححه البهيقي في الدلائل عن ابن عياش الزرقي قال : كنا مع رسول الله بعسفان فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى بنا النبي وصلى الله عليهم وسلم الظهر فقالوا : قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم ثم قالوا : يأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم فنزل جبريل بين الظهر والعصر { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } الحديث وروى الترمذي نحوه عن أبي هريرة و ابن جرير نحوه عن جابر بن عبد الله وابن عباس ( ك )
قوله تعالى : { ولا جناح عليكم } أخرج البخاري عن ابن عباس قال : نزلت { إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى } في عبد الرحمن بن عوف كان جريحا
قوله تعالى : { إنا أنزلنا } الآية روى الترمذي و الحاكم وغيرهما عن قتادة بن النعمان [ قال : كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر وكان بشير رجلا منافقا يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله ثم ينحله بعض العرب يقول : قال فلان كذا وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير فابتاع عمي رفاعة ابن زيد حملا من ادرمك فجعله في مشربة له فيها سلاح ودرع وسيف فعدي عليه من تحت فنقبت المشربة وأخذ الطعام والسلاح فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه فنقبت مشربتنا وذهب بطعامنا وسلاحنا فتجسسنا في الدار وسألنا فقيل لنا : قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم : فقال بنو ابيرق : ونحن نسأل في الدار والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجل منا له صلاح وإسلام فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال : أنا اسرق والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن السرقة قالوا : إليك عنا أيها الرجل فما أنت بصاحبها فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابنا فقال لي عمي : يا ابن أخي لو أتيت لرسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فأتيته فقلت : أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي فنقبوا مشربة له وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا وأما الطعام فلا حاجة لنا فيه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سأنظر في ذلك فلما سمع بنو أبيرق أتوا رجلا منهم يقال له أسيربن عروة فكلموه في ذلك فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا : يا رسول الله إن قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : عمدت أهل البيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير ثبت وبينة ؟ فرجعت فأخبرت عمي فقال : الله المستعان فلم نلبث أن نزل قرآن { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما } - بني أبيرق - { واستغفر الله } - أي مما قلت لقتادة إلى قوله { عظيما } فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالسلاح فرده إلى رفاعة ولحق في المشركين فنزل على سلافة بيت سعد ] فأنزل الله { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى } إلى قوله تعالى - { ضلالا بعيدا } قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم
وأخرج ابن سعد في الطبقات بسنده عن محمود بن لبيد قال : عدا بشير ابن الحرث على علية رفاعة بن زيد عم قتادة بن النعمان فنقبها من ظهرها وأخذ طعاما له ودرعين بأداتهما فأتى قتادة النبي صلى الله عليه و سلم فاخبره بذلك فدعا بشيرا سأله فأنكر وروى بذلك لبيد بن سهل رجلا من أهل الدار ذا حسب ونسب فنزل قرآن بتكذيب بشير وبراءة لبيد { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس } الآيات فلما نزل القرآن في بشير وعثر عليه هرب إلى مكة مرتدا فنزل على سلامة بيت سعد فجعل يقع في النبي صلى الله عليه و سلم فنزل فيه { ومن يشاقق الرسول } الآية وهجاه حسان بن ثابت حتى رجع في شهر ربيع سنة أربع من الهجرة
قوله تعالى : { ليس بأمانيكم } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قالت النصارى لا يدخل الجنة غيرنا وقالت قريش : إنا لانبعث فأنزل الله { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب }
وأخرج ابن جرير عن مسروق قال : تفاخر النصارى وأهل الإسلام فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم وقال هؤلاء نحن افضل منكم فانزل الله { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب }
وأخرج نحوه عن قتادة و الضحاك و السدي و أبي صالح ولفظهم نفاخر أهل الأديان وفي لفظ جلس من اليهود وناس من النصارى وناس من المسلمين فقال هؤلاء : نحن أفضل ن فنزلت واخرج أيضا عن مسروق قال : لما نزلت { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب } قال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء فنزلا هذه الآية { ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن }
قوله تعالى : { ويستفتونك في

النساء
} الآية روى البخاري عن عائشة في هذه الآية قالت : هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها قد شركته في مالها حتى في المذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في مالها فيعضلها فنزلت وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي : كان لجابر بنت عم دميمة لها مال ورثيه عن أبيها وكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها خشية أن يذهب الزوج بمالها فسأل النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك فنزلت
قوله تعالى { إن امرأة } الآية روى أبو داود و الحاكم عن عائشة قالت : فرقت سودة أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه و سلم حين أسنت فقالت : يومي لعائشة فأنزل الله { إن امرأة خافت من بعلها نشوزا } الآية وروى الترمذي مثبة عن ابن عباس
( ك ) وأخرج سعيد بن منصور عن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكرة منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد طلاقها ن قالت : لا تطلقني واقسم لي ما بدا ذلك فأنزل الله { وإن امرأة خافت } الآية وله شاهد موصول أخرجه الحاكم من طريق ابن المسيب عن رافع بن خديج
( ك ) أخرج الحاكم عن عائشة قال : نزلت هذه الآية { والصلح خير } في رجل كانت تحته امرأة ولدت له أولادا فأراد أن يستبدل بها فراضته على أن تقر عنده ولا يقسم لها
( ك ) وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : جاءت امرأة حين نزلت هذه الآية { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا } قالت : غني أريد أن يقسم لي من نفقتك قد كانت رضيت أن يدعها فلا يطلقها ولا يأتيها فأنزل الله { وأحضرت الأنفس الشح }
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : لما نزلت : هذه الآية في النبي صلى الله عليه سلم اختصم إليه رجلان : غني وفقير وكان الرسول مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم الغني فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير
قوله تعالى : { لا يحب الله الجهر } الآية أخرج هناد بن السرى في كتاب الزهد عن مجاهد قال : أنزلت { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم } في رجل أضاف رجلا بالمدينة فأساء قراه فتحول عنه فجعل يثني عليه بما أولاه فرخص له أن يثني عليه بما أولاه
قوله تعالى : { يسألك أهل الكتاب } الآية أخرج ابن جرير عن محمد ابن كعب القرظي قال جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : إن موسى جاءنا الألواح من عند الله فأتنا بالألواح حتى نصدقك فأنزل الله { يسألك أهل الكتاب } - إلى قوله - { بهتانا عظيما } فجثا رجل من اليهود فقال : ما انزل الله عليك ولا على موسى ولا على عيسى ولا على أحد شيئا فأنزل الله { وما قدروا الله حق قدره } الآية قوله تعالى : { إنا أوحينا إليك } الآية روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قال عدي بن زيد : ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء من بعد موسى فأنزل الله الآية
قوله تعالى : { لكن الله يشهد } الآية روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال : دخل جماعة من اليهود على الرسول صلى الله عليه و سلم فقال لهم إني والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله ن فقالوا ك ما نعل فأنزل الله { لكن الله يشهد }
قوله تعالى : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } الآية الآية روى النسائي من طريق أبي الزبير عن جابر [ قال : اشتكيت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت : يا رسول الله أوصي لأخواتي بالثلث قال : أحسن قلت بالشطر قال : أحسن ثم خرج ثم دخل علي فقال : لا أراك تموت في وجعك هذا إن الله أنزل أو بين ما لأخواتك وهو الثلثان فكان جابر يقول ] نزلت هذه الآية في { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } قال الحافظ ابن حجر هذه قصة أخرى لجابر غير التي تقدمت في أول السورة
( ك ) وأخرج ابن مردويه عن عمر انه سأل النبي صلى الله عليه و سلم كيف يورث الكلالة فأنزل الله { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } إلى آخرها
( تنبيه ) إذا تأملت ما أوردناه من أسباب النزول آيات هذه السورة عرفت الرد على من قال بأنها مكية

قوله تعالى { لا تحلوا شعائر الله } أخرج ابن جرير عن عكرمة قال : قدم الحطم بن هند البكري المدينة في عير له يحمل طعاما فباعه ثم دخل على النبي صلى الله عليه و سلم فبايعه وأسلم فلما ولى خارجا نظر إليه فقال لمن عنده : [ لقد دخل علي بوجه فاجر وولي بقفا غادر ] فلما قدم اليمامة ارتد عن الإسلام وخرج في عير له يحمل الطعام في ذي قعدة يريد مكة فلما سمع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم تهيأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوا في عيره فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله } فانتهي القوم وأخرج عن السدي نحوه
قوله تعالى : { ولا يجرمنكم } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن زبد ابن أسلم قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحديبية وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت وقد اشتد ذلك عليهم فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : نصد هؤلاء كما صدوا أصحابنا فأنزل الله { ولا يجرمنكم } الآية
قوله تعالى : { حرمت عليكم الميتة } الآية أخرج ابن منده في كتاب الصحابة من طريق عبد الله بن جبلة بن حبان بي حجر عن أبيه عن جده حبان فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا أوقد تحت قدر فيها لحم ميتة فأنزل تحريم الميتة فأكفأت القدر
قوله تعالى : { يسألونك ماذا أحل لهم } الآية روى الطبراني عن الحكم و البيهقي وغيرهم عن أبي رافع [ قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فاستأذن عليه فأذن له فأبطأ فأحذ رداءه فخرج إليه وهو قائم بالباب فقال : قد أذنا لك قال : أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو فأمر أبا رافع لا تدع كلبا بالمدينة إلا قتلته فأتاه ناس فقالوا : يا رسول الله ماذا يحل لنا من هذه الآمة التي أمرت بقتلها ] فنزلت { يسألونك ماذا أحل لهم } الآية وروى ابن جرير عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث أبا رافع في قتل الكلاب حتى بلغ العوالي فدخل عاصم بن عدي وسعد بن جثمة : وعويمر بن ساعدة فقالوا : ماذا أحل لنا يا رسول الله ؟ فنزلت { يسألونك ماذا أحل لهم } ا لآية
وأخرج عن محمد بن كعب القرظي قال : لما أمر النبي صلى الله عليه و سلم بقتل الكلاب قالوا : يا رسول الله ماذا يحا لنا من هذه الأمة فنزلت
وأخرج من طريق الشعبي أن عدي بن حاتم الطائي قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه و سلم يسأله عن صيد الكلاب فلم يدر ما يقول له حتى نزلت هذه الآية { تعلمونهن مما علمكم الله }
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين سألا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالا : يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة وأن كلاب آل ذريح تصيد البقر والخمير والظباء وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها فنزلت { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات }
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } الآية روى البخاري من طريق عمرو بن حرث عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قال : سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة فأناخ الرسول صلى الله عليه و سلم نزل فثنى رأسه في حجري راقدا وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال حبست الناس في قلادة ثم أن النبي صلى الله عليه و سلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمسي الماء فلم يجد فنزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } - إلى قوله - { لعلكم تشكرون } فقال سيد بن حضير : لقد بارك الله للناس فيكم آل أبي بكر وروى الطبراني من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قال : لما كان من أمر عقدي ما كان وقال أهل الإفك ما قالوا أخرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة أخرى فسقط أيضا عقدي حتى حبس الناس على التماسه فقال لي أبو بكر : بنية في كل سفر تكونين عناء وبلاء على الناس فأنزل الله الرخصة في التيمم فقال أبو بكر إنك لمباركة
تنبيهان : ( الأول ) ساق البخاري هذا الحديث من رواية عمرو بن الحرث وفيه التصريح بأن آية التيمم المذكورة في رواية غيره هي آية المائدة وأكثر الرواة قالوا : فنزلت آية التيمم ولم يبينوها وقال عبد الله أبن عبد البر : هذه معضلة ما وجدت لدائها دواء لأنا لا نعلم أي الآيتين عنت عائشة وقد قال ابن يطال : هي آية النساء ووجهة بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء وآية النساء لا ذكر للوضوء بها فيتجه تخصيصها بأية التيمم وأورد الواحدي هذا الحديث في أسباب النزول عند ذكر آية النساء أيضا ولا شك أن الذي مال أليه البخاري من أنها آية المائدة هو الصواب بها في الطريق المذكور
( الثاني ) دل الحديث على أن الوضوء كان واجبا عليهم قبل نزول الآية ولهذا استعظموا نزولهم على غير ماء ووقع من أبي بكر في حق عائشة ما وقع قال ابن عبد البر : معلوم عند جميع أهل المغازي أنه صلى الله عليه و سلم ولم يصل منذ فرضت عليه الصلاة إلا في وضوء ولا يدفع ذلك إلا جاحد أو معاند قال : والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ليكون فرضه متلو بالتنزيل وقال غيره : يحتمل أن تكون أول الآية نزل مقدما مع فرض الوضوء ثم نزل بقيتها وهو ذكر التيمم في هذه القصة قلت : الأول أصوب فان الوضوء كان مع فرض الصلاة بمكة والآية مدنية
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله } الآية وأخرج ابن جرير عن عكرمة ويزيد بن أبي الفداء واللفظ له : أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف حتى دخلوا على كعب بن الأشرف ويهود بني النضير ستعينهم في عقل أصابه فقالوا : نعم اجلس حتى نطعمك ونعطيك
الذي تسألنا فجلس فقال حيي ين أخطب لأصحابه : ولا ترون شرا أبدا فجاءوا إلى رحى عظيمة ليطرحوها عليه فأمسك الله عنهم أيديهم حتى جاءه جبريل فأقامه من ثمت فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم } الآية وأخرج نحوه عن عبد الله بن أبي بكر و عاصم بن عمير بن قتادة و مجاهد و عبد الله ابن كثير و أبى مالك
وأخرج عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو ببطن نخل في الغزوة السابعة فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب أن يفتكوا بالنبي صلى الله عليه و سلم فأرسلوا إليه الأعرابي - يعني الذي جاءه وهو نائم في بعض المنازل - فأحذ سلاحه وقال : من يحول بيني وبينك فقال : الله فشام السيف ولم يعاقبه
وأخرج أبي نعيم في دلائل النبوة من طريق الحسن عن جابر بن عبد الله [ أن رجلا من محارب يقال له غورث قال لقومه : أقتل لكم محمدا فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو جالس وسيفه في حجره فقال : يا محمد انظر إلى سيفك هذا ؟ قال : نعم فأخذه وجعل يهزه ويهم به فيكبته الله تعالى فقال : يا محمد أما تخافني ؟ قال لا : أما تخافني والسيف في يدي ؟ قال لا يمنعني الله منك ثم أغمد السيف ورده إلى رسول الله ] فأنزل الله الآية
قوله تعالى : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا } الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة [ قال : إن نبي الله صلى الله عليه و سلم أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال : أيكم اعلم ؟ فأشاروا إلى ابن صوريا فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى والذي رفع الطور والمواثيق التي أخذت عليهم حتى أخذه أفكل فقال : أنه لما كثر فينا جلدنا مائة وحلقنا الرءوس فحكم عليهم بالرجم ] فأنزل الله { يا أهل الكتاب } - إلى قوله - { صراط مستقيم }
قوله تعالى : { وقالت اليهود } الآيات روى ابن أسحق عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم نعمان بن قصي وبحر بن عمر وشاش ابن عدي فكلموه وكلمهم ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا : ما تخوفنا يا محمد نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى فأنزل الله فيهم { وقالت اليهود والنصارى } الآية
وروي عنه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم يهود إلى الإسلام ورغبهم فيه فأبوا عليه فقال لهم معاذ بن حبل وسعد بن عبادة : يا معشر يهود اتقوا الله فوا لله إنكم لتعلمون أنه رسول الله لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه بصفته فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا لكم هذا وما أنزل الله من كتاب موسى ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده فأنزل الله { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم }
قوله تعالى : { إنما جزاء الذين يحاربون } الآية وأخرج ابن جرير عن يزيد ابن أبي حبيب : أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس يسأله عن هذه الآية { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } فكتب أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في العرنيين ارتدوا عن الإسلام وقتلوا الراعي واستاقوا الإبل الحديث ثم أخرج عن جرير مثله وأخرج عبد الرزاق نحوه عن أبي هريرة
قوله تعالى : { السارق والسارقة } الآية ( ك ) روى أحمد و غيره عن عبد الله بن عمرو أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقطعت يدها اليمنى فقالت : هل لي من توبة يا رسول الله ؟ فأنزل الله في

سورة المائدة
{ فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح } الآية
قوله تعالى : { يا أيها الرسول } الآية ( ك ) روى أحمد و أبو داود عن ابن عباس قال : أنزل الله في طائفتين من اليهود قهرت إحداهما الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا فاصطلحوا على أن كل قتيل قتلته الذليلة فديته مائة وسق فكانوا على ذلك حتى قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا فأرسلت العزيزة أن ابعثوا إلينا بمائة وسق فقالت الذليلة وهل كان ذلك في حيين قط دينهما واحد ونسبتهما واحدة وبلدهما واحد دية بعضهم نصف دية يعض وآنا أعطيناكم هذا ضيما منكم وخوفا وفيقا فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم فكادت الحرب تهيج بينهما ثم ارتضوا على أن جعلوا رسول الله صلى الله عليه و سلم بينهما فأرسلوا إليه أناسا من المنافقين ليختبروا رأيه فأنزل الله { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } الآية
وروى أحمد و مسلم وغيرهما عن البراء ين عازب [ قال : مر على النبي صلى الله عليه و سلم بيهودي محمم مجلود فدعاهم فقال : هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ فقالوا : نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال : أنشدك الذي أنزل التوراة على موسى هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ فقال : لا والله ولولا أنك نشدتني لم أخبرك نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا زني الشريف تركناه وإذا زني الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا تعالوا حتى نجعل شيئا نقمة على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحمم والجلد فقال النبي صلى الله عليه و سلم : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه فأمر به فرجم ] فأنزل الله { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } - إلى قوله تعالى - { إن أوتيتم هذا فخذوه } يقولون ائتوا محمدا فأن أفتاكم بالتحمم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا إلى قوله تعالى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون }
0 - ( ك ) وأخرج الحميدي في مسنده عن جابر بن عبد الله قال : زنى رجل من أهل فدك فكتب أهل فدك إلى ناس بالمدينة أن اسألوا محمد عن ذلك فان أمر بالجلد فخذوه عنه وإن أمركم بالرجم فلا تأخذه عنه فسألوه عن ذلك فذكر نحو ما تقدم فأمر به فرجم فنزلت { فإن جاؤوك فاحكم بينهم } الآية وأخرج البيهقي في الدلائل من حديث أبي هريرة نحوه
قوله تعالى { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } روى ابن إسحق عن ابن عباس قال : قال كعب بن أسيد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس اذهبوا بنا إلى محمد لعلن نفتنه عن دينه فجاءوا فقالوا : يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وساداتهم وأنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا وأن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن بك فأبى ذلك وأنزل الله فيهم { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } - إلى قوله - { لقوم يوقنون }
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا } الآية أخرج ابن اسحاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم و البهيقي عن عبادة بن الصامت قال : لما حاربت بنو قينقاع تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي بن سلول وقام دونهم ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم وكان أحد بني عوف بن الخزرج وله من حلفهم مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي فحالفهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وتبرأ من حلف الكفار وولايتهم قال ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت القصة في المائدة - { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء } الآية
قوله تعالى : { إنما وليكم الله } الآية أخرج الطبراني في الأوسط بسند فيه مجاهيل عن عمار بن ياسر قال وقف على علي بن أبي طالب سائل وهو راكع في تطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فنزلت { إنما وليكم الله ورسوله } الآية وله شاهد قال عبد الرازق : حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس { إنما وليكم الله ورسوله } الآية قال نزلت في علي بن أبي طالب وروى ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس مثله وأخرج أيضا عن علي مثله وأخرج ابن جرير عن مجاهد و ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل مثله فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم } الآية روى أبو الشيخ و ابن حبان عن ابن عباس قال : كان رفاعة بن زبد بن التابوت وسويد بن الحرث قد أظهرا الإسلام ونافقا وكان رجل من المسلمين يوادهما فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم } إلى قوله { بما كانوا يكتمون } وبه قال : أتى النبي صلى الله عليه و سلم نفر من يهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ونافع بن أبي نافع وغازي بن عمر فسألوه عمن يؤمن به من الرسل قال : { آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } الآية فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : لا نؤمن بعيسى ولا بمن آمن به فأنزل الله فيهم { قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا } الآية ( ك )
قوله تعالى : { وقالت اليهود } الآية أخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رجل من اليهود يقال له النباش بن قيس : إن ربك بخيل لا ينفق فأنزل الله { وقالت اليهود يد الله مغلولة } الآية وأخرج أبو الشيخ من وجه آخر عنه قال : نزلت { وقالت اليهود يد الله مغلولة } في فنحاص رأس يهود قينوقاع
قوله تعالى : { يا أيها الرسول بلغ } الآية أخرج أبو الشيخ عن الحسن [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعا وعرفت أن الناس مكذبي فوعدني لأبلغن أو ليعذبني ] فأنزلت { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك }
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لمل نزلت { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } قال : يا رب كيف أصنع وأنا وحدي يجتمعون علي فنزلت { وإن لم تفعل فما بلغت رسالته }
وأخرج الحاكم و الترمذي عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه و سلم يحرس حتى نزلت هذه الآية { والله يعصمك من الناس } فأخرج رأسه من القبة فقال : يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله في هذا الحديث دليل على أنها - أي الآية - ليلية نزلت ليلا - فراشية - والرسول في فراشه
وأخرج الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : كان العباس عم الرسول صلى الله عليه و سلم فيمن يحرسه فلما نزلت { والله يعصمك من الناس } ترك الحرس
( ك ) وأخرج أيضا عن عصمة بن مالك الخطمي قال : كنا نحرس رسول الله صلى الله عليه و سلم بالليل حتى نزلت { والله يعصمك من الناس } فترك الحرس
( ك ) وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة [ قال : كنا إذا أصبحنا ورسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر تركنا له أعظم شجرة وأظلها فينزل تحتها فنزلت ذات يوم تحت الشجرة وعلق سيفه فيها فجاء رجل فأخذه وقال : يا محمد من يمنعك مني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الله يمنعني منك ضع السيف فوضعه ] فنزلت { والله يعصمك من الناس }
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن جابر بن عبد الله [ قال : لما غزا رسول الله صلى الله عليه و سلم بني أنمار نزل ذات الرقيع بأعلى نخل فبينا هو جالس على رأس بئر قد أدلى رجليه فقال الوارث من بني النجار : لأ قتلن محمدا فقال له أصحابه : كيف تقتله ؟ قال : أقول له أعطني سيفك فإذا أعطانيه قتلته فأتاه فقال له : يا محمد أعطني سيفك أشمه فأعطاه إياه فرعدت يده فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أحال الله بيني وبينك ما تريد ] فأنزل الله { يا أيها الرسول بلغ } الآية
( ك ) ومن غريب ما ورد في سبب نزولها ما أخرجه ابن مردويه و الطبراني عن ابن عباس [ قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يحرس وكان يرسل معه أبو طالب كل يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزلت هذه الآية { والله يعصمك من الناس } فأراد أن يرسل معه من يحرسه فقال : يا عم إن الله عصمني من الجن والأنس ] وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله نحوه وهذا يقتضي أن الآية مكية والظاهر خلافه
( ك ) قوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب } الآية روى ابن جرير و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال [ جاء رافع وسلام بن مشكم ومالك بن الصيف فقالوا : يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا ؟ قال : بلى ولكنكم أحدثتم وجحدتم بما فيها وكتمتم ما أمرتم أن تبينوه للناس قالوا : فإنا نأخذ بما في أيدينا فإنا على الهدى والحق ] فأنزل الله { قل يا أهل الكتاب لستم على شيء } الآية
قوله تعالى : { ولتجدن أقربهم مودة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن و عروة بن الزبير قالوا : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم عمرو بن أمية الضمري وكتب معه كتابا إلى النجاشي فقدم على النجاشي فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه وأرسل إلى الرهبان والقسيسين ثم أمر جعفر بن أبي طالب فقرأ عليهم سورة مريم فآمنوا بالقرآن وفاضت أعينهم من الدمع فهم الذين أنزل الله فيهم { ولتجدن أقربهم مودة } إلى قوله { فاكتبنا مع الشاهدين }
وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بعث النجاشي ثلاثين رجلا من خيار أصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأ عليهم سورة يس فبكوا فنزلت فيهم الآية
وأخرج النسائي عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع } وروى الطبراني عن ابن عباس نحوه أبسط منه
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا } الآية روى الترمذي وغيره عن ابن عباس : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي فحرمت علي اللحم فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } الآية
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس : أن رجالا من الصحابة : منهم عثمان بن مظغون حرموا النساء واللحم على أنفسهم وأخذوا الشفار ليقطعوا مذاكيرهم لكر تنقطع الشهوة عندهم ويتفرغوا للعبادة فنزلت
وأخرج نحوه ذلك مرسل عكرمة وأبي قلابة و مجاهد و النخعي والسدي وغيرهم وفي رواية السدي أنهم كانوا عشرة : منهم ابن مظغون وعلي ين أبي طالب وفي رواية عكرمة : منهم ابن مظغون وعلي وابن مسعود والمقداد بن الأسود وسالم مولى أبي حذيفة وفي رواية مجاهد منهم ابن مطغون وعبد الله بن عمر
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق السدي الصغير عن الكلبي و أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في رهط من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعثمان بن مظغون والمقداد بن الأسود وسالم مولى أبي حذيفة توافقوا أن يجبوا أنفسهم ويعتزلوا النساء ولا يأكلون من الطعام إلا قوتا وأن يسيحوا في الأرض كهيئة الرهبان فنزلت وروى ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أن عبد الله بن رواحة أضافه ضيف من أهله انتظارا له فقال لامرأته : حبست ضيفي من أجلي هو حرام علي فقالت امرأته : هو علي حرام فقال الضيف : هو علي حرام فلما رأى ذلك وضع يده وقال : كلوا بسم الله ثم ذهب للنبي صلى الله عليه و سلم فذكر الذي كان منهم ثم أنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم }
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر } الآية روى أحمد عن أبي هريرة قال : قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهما فأنزل الله { يسألونك عن الخمر والميسر } الآية فقال الناس : ما حرم علينا إنما قال إثم كبير وكانوا يشربون الخمر حتى كان يوم من الأيام صلى الرجل من المهاجرين أم أصحابه في المغرب فخلط في قراءته فأنزل الله أغلظ منها { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر } - إلى قوله - { فهل أنتم منتهون } قالوا انتهينا ربنا فقال الناس : يا رسول الله قتلوا في سبيل الله وماتوا على فراشهم وكانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان فأنزل الله { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } إلى آخر الآية وروى النسائي و البيهقي عن ابن عباس قال : إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار شربوا فلما أن ثمل القوم عبث بعضهم في بعض فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر في وجهه ورأسه ولحيته فيقول : صنع بي هذا أخي فلان وكانوا أخوة ليس في قلوبهم ضغائن فيقول : والله لو كان بي رءوفا رحيما ما صنع بي هذا حتى وقعت الضغائن في قلوبهم فأنزل الله هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر } الآية فقال ناس من المتكلفين : هي رجس وهي في بطن فلان وقد قتل يوم أحد فأنزل الله { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية
قوله تعالى : { قل لا يستوي } الآية أخرج الواحدي و الأصبهاني في الترغيب عن جابر : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر تحريم الخمر فقام أعرابي فقال : إني رجلا كانت هذه تجارتي فاعتقبت منها مالا فهل ينفع ذلك المال بطاعة الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم إن الله لا يقبل إلا طيبا ] فأنزل الله تصديقا لرسول الله صلي الله عليه وسلم { قل لا يستوي الخبيث والطيب } الآية
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا } الآية ( ك ) روى البخاري عن أنس بن مالك قال : خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم خطبة فقال رجل من أبي ؟ قال : فلان فنزلت هذه الآية فنزلت هذه الآية { لا تسألوا عن أشياء } الآية وروى أيضا عن ابن عباس قال : كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم استهزاء فيقول الرجل : من أبي ؟ ويقول الرجل تضل ناقته : أين ناقتي ؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء } حتى تفرغ من الآية كلها
وأخرج ابن جرير مثله من حديث أبي هريرة وروى أحمد و الترمذي و الحاكم عن علي [ قال : لما نزلت { ولله على الناس حج البيت } قالوا يا رسول الله في كل عام ؟ فسكت رسول الله قالوا : يا رسول الله في كل عام ؟ قال لا ولو قلت نعم لوجبت ] فأنزل الله { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم }
وأخرج ابن جرير مثله من حديث أبي هريرة و أبي أمامة ا وابن عباس قال الحافظ ابن حجر : لامانع أن تكون نزلت في الأمرين وحديث ابن عباس في ذلك أصح إسنادا
قوله تعالي : { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } الآية روى الترمذي وضعفه وغيره عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت } قال : برئ الناس منها غيري وغير عداء بن بداء وكانا نصرا نين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني سهم بقال له بديل بن أبي مريم بتجارة ومعه جام من فضة فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام فسألونا عنه فقلنا ما ترك غير هذا وما دفع إلينا غيره فلما أسلمت تأثمت من ذلك فأتيت أهله فخبرتهم الخير ودفعت إليهم خمسمائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألهم البينة فلم يجدوا فأمرهم أن يستحلفوه فحلف فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } إلى قوله { أن ترد أيمان بعد أيمانهم } فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا فنزعت الخمسمائة درهم من عدي بن بداء
( تنبيه ) جزم الذهبي بأن تميما النازل فيه غير تميم الداري وعزاه لمقاتل ابن حبان قال الحافظ ابن حجر : وليس بجيد للتصريح في هذا الحديث بأنه لداري

قوله تعالى : { قل أي شيء أكبر شهادة } الآية أخرج ابن أسحق و ابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن أبن عباس قال : جاء النحام ين زيد وقروم ين كعب وبجري ين عمرو فقالوا : [ يا محمد ما نعلم مع الله إلها غيره فقال : لا إله إلا الله بذلك بعثت وإلي ذلك أدعو ] فأنزل الله في قولهم { قل أي شيء أكبر شهادة }
قوله تعالى : { وهم ينهون عنه وينأون عنه } الآية روى الحاكم وغيره عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في أبي طالب كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه و سلم ويتباعد عما جاء به
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد ين أبي هلال قال : نزلت في عمومة النبي صلى الله عليه و سلم كانوا أشد الناس معه في العلانية : وأشد الناس عليه في السر
قوله تعالى : { قد نعلم إنه ليحزنك } الآية روى الترمذي و الحاكم عن علي أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه و سلم : إنا لا نكذبك ولكن نكذب بما جئت فأنزل الله { فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون }
قوله تعالى : { ولا تطرد } الآية روى ابن حبان و الحاكم عن سعد بن أبي وقاص قال
: لقد نزلت هذه الآية في ستة : أنا وعبد الله بن مسعود وأربعة قالوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم اطردهم فإننا نستحي أن نكون تبعا لك كهؤلاء فوقع في نفس النبي صلى الله عليه و سلم ما شاء الله فأنزل الله { ولا تطرد الذين يدعون ربهم } - إلى قوله - { أليس الله بأعلم بالشاكرين }
وروى احمد و الطبراني و ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه و سلم وعنده خباب بن الأرث وصهيب وبلال وعمار فقالوا : يا محمد أرضيت بهؤلاء وهؤلاء من الله عليهم من بيننا فلو طردت هؤلاء لاتبعناك فأنزل الله فيهم القرآن { وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا } - إلى قوله - { سبيل المجرمين }
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : جاء عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومطعم بن عدي والحرث ين نوفل في أشراف بني عبد مناف من أهل الكفر إلى أبي طالب فقالوا : لو أن ابن أخيك يطرد عنه هؤلاء الأعبد كان أعظم في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتباعنا إياه فكلم أبو طالب النبي صلى الله عليه و سلم فقال عمر بن الخطاب : لو فعلت ذلك حتى تنظر ما الذي يريدون فأنزل الله { وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم } - إلى قوله - { أليس الله بأعلم بالشاكرين } وكانوا بلال وعمار بن ياسر وسلما مولى أبي حذيفة وصالحا موالى أسيد وابن مسعود والمقداد بن عبد الله و واقد بن عبد الله الحنظلي وأشباههم فأقبل عمر فاعتذر من مقالته فأنزل الله { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا } الآية
وأخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم وغيرهما عن خباب [ قال : جاء الأقرع ابن حابس وعيينة بن حصن فوجدوا رسول الله صلى الله عليه و سلم مع بلال وصهيب وعمار وخباب قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين فلما رآوهم حول النبي صلى الله عليه و سلم حقروهم فأتوه فخلو به فقالوا إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا فإذا وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم أن شئت قال نعم ] فنزلت { ولا تطرد الذين يدعون ربهم } الآية ثم ذكر الأقرع وصاحبه فقال { وكذلك فتنا بعضهم ببعض } الآية وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجلس معنا فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فنزل { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } الآية قال ابن كثير : هذا حديث غريب فإن الآية مكية والأقرع وعيينة أسلما بهد الهجرة بدهر
وأخرج الفريابي و ابن أبي حاتم عن ماهان قال : جاء الناس إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : إنا أصبنا ذنوبا عظاما فما رد عليهم شيئا فأنزل الله { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا } الآية
( ك ) قوله تعالى { هو القادر } الآيات أخرج ابن أبي حاتم عن زيد ابن أسلم [ قال : لما نزلت { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم } الآية قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض قالوا ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال بعض الناس : لا يكون هذا أبدا أن يقتل بعضنا بعضا ونحن مسلمون ] فنزلت { انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون * وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل * لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون }
( ك ) قوله تعالى { الذين آمنوا } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن زحر عن بكر بن سوادة قال : حمل رجل منة العدو على المسلمين فقتل رجلا ثم حمل فقتل آخر ثم حمل فقتل آخر ثم قال : أينفعني الإسلام بعد هذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نعم فضرب فرسه فدخل فيهم ثم حمل على أصحابه فقتل رجلا ثم آخر ثم آخر ثم قتل قال : [ فيرون أن هذه الآية نزلت فيه { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } الآية قوله تعال : { وما قدروا الله } أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف فخاصم النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين ؟ وكان حبرا سمينا فغضب وقال : ما أنزل اله على بشر من شيء فقال له أصحابه ويحك ولا على موسى ] فأنزل الله { وما قدروا الله } الآية مرسل
وأخرج ابن جرير نحوه عن عكرمة تقدم حديث آخر في سورة النساء وأخرج ابن جرير من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : قالت اليهود ما أنزل الله من السماء كتابا فأنزلت
قوله تعالى : { ومن أظلم } الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء } قال : نزلت في مسيلمة ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله قال : نزلت في عبد الله بن مسعود بن أبي سرح كان يكتب للنبي صلى الله عليه و سلم فيملي عليه عزيز حكيم فيكتب غفور رحيم ثم يقرأ عليه فيقول : نعم سواء فرجع عن الإسلام ولحق قريش وأخرج عن السدي نحوه وزاد قال : إن كان محمدا يوحي إليه فقد أوحي وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله قال محمد سميعا عليما فقلت أنا عليما حكيما
قوله تعالى : { ولقد جئتمونا فرادى } الآية أخرج ابن جرير وغيره عن عكرمة قال : قال النضير بن الحرث : سوف تشفع لي اللات والعزي فنزلت هذه الآية { ولقد جئتمونا } فرادى - إلى قوله { شركاء }
قوله تعالى : { وأقسموا } الآية أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي [ قال : كلم رسول الله قريشا فقالوا : يا محمد تخبرنا أن موسى كلن معه عصا يضرب به الحجر وأن عيسى كان يحي الموتى ن وأن ثمود لهم الناقة فأتنا من الآيات حتى نصدقك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أي شيء تحبون أن آتيكم به ؟ قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا قال : فأن فعلت تصدقوني ؟ قالوا نعم فقام رسول الله يدعو فجاءه جبريل فقال له وإن شئت أصيح ذهبا فإن لم يصدقوا عند ذلك لنعذبهم وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم ] فأنزل الله { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } - إلى قوله - { يجهلون }
قوله تعالى : { فكلوا } الآية روى أبو داود و الترمذي عن ابن عباس قال : أتى ناس إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول الله أنأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله فأنزل الله { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين } - إلى قوله - { وإن أطعتموهم إنكم لمشركون }
وأخرج أبو داود و الحاكم وغيرهما عن ابن عباس في قوله { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم } قال : قالوا ما ذبح الله تأكلون وما ذبحتم انتم تأكلون فأنزل الله هذه الآية
واخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس قال : لما نزلت { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } أرسلت فارس إلى قريش أن خاصموه محمدا فقولوا له ما تذبح أنت بيدك بسكين حلال وما ذبح الله يشمشار من ذهب يعني الميتة حرام فنزلت هذه الآية { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم } قال الشياطين فارس وأولياؤهم قريش
قوله تعالى : { أو من كان ميتا } الآية أخرج أبو شيخ عن ابن عباس في قوله تعالى { أو من كان ميتا فأحييناه } قال : نزلت في عمر وأبي جهل وأخرج ابن جرير عن الضحاك مثله
قوله تعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا } الآية أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة ثم تسار فوا ونزلت هذه الآية
وأخرج عن ابن جريج : أنها نزلت في ثابت بت قيس بن شماس جد نخلة فأطعم حنى أمسى وليست له ثمرة

قوله تعالى : { خذوا زينتكم عند كل مسجد } الآية روى مسلم عن ابن عباس قال : كانت المرأة تطوف بالبيت في الجاهلية وهي عريانة وعلى فرجها خرقة وهي تقول : اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا فلا أحله فنزلت الآية { خذوا زينتكم عند كل مسجد } و نزلت { قل من حرم زينة الله } الآيتين
( ك ) قوله تعالى : { أولم يتفكروا } الآية أخرج ابن أبي حاتم و أبو الشيخ عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم قام على الصفا فدعا قريشا فجعل يدعوهم فخذا فخذا : يا بني فلان يحذرهم بأس الله ووقائعه فقال قائلهم : إن صاحبكم بمجنون بات يهوت إلى الصباح فأنزل الله { أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين }
قوله تعالى : { يسألونك عن الساعة } اخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس قال : قال حمل بن أبي قشير وسموءل بن زيد لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا كما تقول فإنا نعلم ما هي ؟ فأنزل الله { يسألونك عن الساعة أيان مرساها } الآية وأخرج أيضا عن قتادة قال : قالت قريش فذكر نحوه
قوله تعالى : { و إذا قرئ القرآن } الآية أخرج ابن أبي حاتم وغبره عن أبي هريرة قال : نزلت { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } في رفع الأصوات في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه و سلم وأخرج أيضا عته قال : كلموا يتكلمون في الصلاة فنزلت { وإذا قرئ القرآن } الآية وأخرج عن عبد الله بن مغفل نحوه وأخرج ابن جرير نحوه وأخرج ابن مسعود مثله
وأخرج عن الزاهري قال نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار كان رسول الله صلى الله عليه و سلم كلما قرأ شيئا قرأه قال سعيد بن منصور في سننهم حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب قال : كانوا يتلقون من رسول الله صلى الله عليه و سلم وإذا قرأ شيئا قرأوا حتى نزلت هذه الآية التي في الأعراف { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } قلت : ظاهر ذلك أن الآية مدنية

روى أبو داود و النسائي و ابن حبان و الحاكم عن ابن عباس [ قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : من قتل قتيلا فله كذا وكذا ومن أسر أسيرا فله كذا و كذا فأما المشيخة فثبتوا تحت الريات وأما الشبان فسارعوا إلى القتل وألغنائم فقالت : المشيخة للشبان أشركونا معكم فإنا كنا لكم رداءا ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه و سلم ] فنزلت { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول }
وروى أحمد عن أبي وقاص [ قال : لما كان يوم يدر قتل أخي عمير فقتلت به سعيد بن العاص وأخذت سيفه فأتيت به النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أذهب فاطرحه في القبض فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت

سورة الأنفال
فقال لي النبي صلى الله عليه و سلم : إذهب فخذ سيفك ]
وروى أبو داود و الترمذي و النسائي عن سعد [ قال : لما كان يوم بدر جئت في سيف فقلت يا رسول الله إن الله شفى صدري من المشركين هب لي السيف فقال : هذا ليس لي ولا لك فقلت : عسى أن يعطي هذا من لا يبلي بلائي فجاءني الرسول صلى الله عليه و سلم فقال : إنك سألتني وليس لي وإنه قد صار لي وهو لك ] قال : فنزلت { يسألونك عن الأنفال } الآية
( ك ) وأخرج ابن جرير عن مجاهد : أنهم سألوا النبي صلى الله عليه و سلم عن الخمس بعد الأربعة الأخماس فنزلت { يسألونك عن الأنفال } الآية
( ك ) قوله تعالى : { كما أخرجك } الآية أخرج ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري [ قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن بالمدينة وبلغه أن عير أبى سفيان قد أقبلت : ما ترون فيها لعل الله يغنماها ويسلمنا فخرجنا فسرنا يوما أو يومين فقال : ما ترون فيها ؟ فقلنا : يا رسول الله ما لنا طاقة بقتال القوم إنما أحرجنا للعير فقال المداد : لا تقولوا كما قوم موسى : اذهب أنت وربك فقاتلا أنا ههنا قاعدون ] فانزل الله { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون } وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه
( ك ) وأخرج ابن جرير عن مجاهد : أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الخمس بعد الأربعة الأخماس فنزلت { يسألونك عن الأنفال } الآية
( ك ) قوله تعالى : { إذ تستغيثون } الآية روى الترمذي عن عمربن الخطاب [ قال : نظر نبي الله صلى الله عليه و سلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فاستقبل القبلة ثم إن تهلك هذه العصبة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه وألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال : يا بني الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدن فأنزل الله { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين } فأمدهم الله بالملائكة ]
قوله تعالى : { وما رميت } الآية روى الحاكم عن سعيد بن مسيب عن أبيه قال : أقبل أبي بن خلف يوم أحد إلى النبي صلى الله عليه و سلم فخلوا سبيله فاستقبله مصعب بن عمير ورأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ترقوة أبي من فرحة بين سايغة الدرع والبيضة فطعنه بحربته فسقط عن فرسه ملم يخرج من طعنته دم فكسر ضلعا من أضلاعه فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا : ما أعجزك أنما هو خدش فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : بل أنا أقتل أبيا ثم قال والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون فتام قبل أن يقدم مكة فأنزل الله { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } الآية صحيح الإسناد لكنه غريب
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم خيبر دعا بقوس فرمي الحصن فأقبل السهم يهوي حتى قتل ابن أبي الحقيق وهو في فراشه فأنزل الله { وما رميت إذ رميت } الآية مرسل جيد الإسناد لكنه غريب المشهور أنها نزلت في رمية يوم بدر بالقبضة الحصباء
روى ابن جرير و أبن أبي حاتم و الطبراني عن حكيم بن حزام قال لما كان يوم بد سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست ورمى رسول الله صلى الله عليه و سلم بتلك الحصباء فانهزمنا فذلك قوله { وما رميت إذ رميت } الآية وأخرج أبو الشيخ نحوه عن جابر وابن عباس و ابن جرير من وجه آخر مرسلا نحوه
قوله تعالى : { إن تستفتحوا } الآية وروى الحاكم عن عبد الله بن ثعلبة ابن صغير قال : كان المستفتح أبا جهل فإنه قال حين التقى القوم : اللهم أينا كان أقطع الرحم وأتى بما لا يعرف فاحنه الغداة وكان ذلك استفتاحا فأنزل الله { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } - إلى قوله - { وأن الله مع المؤمنين } أخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : قال أبو جهل : اللهم انصر أعز الفئتين وأكرم الفرقتين فنزلت
قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله } روى سعيد ين نصير وغيره عن عبد الله ين أبي قتادة قال : نزلت هذه الآية { لا تخونوا الله والرسول } في أبي لبلبة بن عبد المنذر سأله بنو قريظة يوم قريظة ما هذا الأمر ؟ فأشار إلى حلقة يقول الذبح فنزلت ن قال أبو لبابة : مازالت قدماي حتى علمت أني خنت رسول الله
( ك ) وروى ابن جرير وغبره عن جابر بن عبد الله [ أن أبا سفيان خرج من مكة فأتى جبريل النبي صلى الله عليه و سلم : فقال : إن أبي سفيان بمكان كذا وكذا فقال الرسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان إن محمد يريدكم فخذوا حذركم ] فأنزل الله { لا تخونوا الله والرسول } الآية غريب جدا في سنده وسياقه نظر وأخرج ابن جرير عن السدي قال : كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه و سلم الحديث فيفشونه حتى يبلغ المشركين فنزلت
( ك ) قوله تعالى : { وإذ يمكر } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن نفرا من قريش ومن أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل فلما رأوه قالوا : من أنت ؟ قال : شيخ من أهل نجد سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم مني رأي ونصح قالوا : أجل فادخل فدخل معهم فقال : انظروا في شان هذا الرجل فقال قائل : احبسوه في وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة فإنما هو كأحدهم فقال عدو الله الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي والله ليخرجن رائد من محبسه إلى أصحابه فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم ثم يمنعوه منكم فما آمن عليكم أن يخرجكم من بلادكم فانظروا غير هذا الرأي فقال قائل : أخرجوه من بين أضهركم واستريحوا منه فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع فقال الشيخ النجدي : والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذ للقلوب بما يستمع من حديثه والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب ليجتمعن عليه ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم قالوا : صدق والله فانظروا رأيا غير هذا فقال أبو جهل : والله لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد ما رأي غيره قالوا : وما هذا ؟ قال : تأخذوا من كل قبيلة وسيطا شابا جلدا ثم يعطي كل غلام منهم سيفا صارما ثم يضربونه ضربة رجل واحد فإذا قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على الحرب قريش كلهم وأنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه فقال النجدي : هذا هو والله الرأي القول ما قال الفتى لا أرى غيره فتفرقوا على ذلك وهم مجمعون له فأتى جبريل النبي صلى الله عليه و سلم فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت وأخبره بمكر القوم فلم يبيت الرسول الله صلى الله عليه و سلم في بيته تلك الليلة وأذن الله له عند ذلك في الخروج وأنزل عليه بعد قدومه المدينة يذكر نعمته عليه { وإذ يمكر بك الذين كفروا } الآية
وأخرج ابن جابر من طريق عبيد بن عمير عن المطلب بن أبي وداعة [ أن أبا طالب قال للنبي صلى الله عليه و سلم ما يأتمر بك قومك ؟ قال : يريدون أن يحبسوني أو يخرجوني أو يقتلوني قال من حدثك بهذا ؟ قال : ربي قال نعم الرب ربك فاستوصى به خيرا قال : أنا أستوصي به بل هو يستوصي بي ] فنزلت { وإذ يمكر بك الذين كفروا } الآية قال ابن كثير : ذكر أبي طالب فيه غريب بل منكر لأن القصة ليلة الهجرة وذلك بعد موت أبي طالب بثلاث سنين
( ك ) قوله تعالى : { وإذا تتلى } الآية أخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : [ قتل النبي صلى الله عليه و سلم يوم بدر صبرا عقبة بن أبي معيط وطعيمة ابن عدي والنضر بن الحرث وكان المقداد أسير النضر أمر بقتله قال المقداد : يا رسول الله أسيري فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنه يقول في كتاب الله ما يقول ] قال وفيه أنزلت هذه الآية { وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا } الآية
قوله تعالى : { وإذ قالوا اللهم } الآية ( ك ) أخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق } الآية قال : نزلت في النضير ين الحرث وروى البخاري عن أنس قال : قال أبو جهل بن هشام اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزلت { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } الآية
( ك ) وأخرج ابن حرير عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قال كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون : غفرانك غفرانك فأنزل الله { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } الآية
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قال : قالت قريش بعضها لبعض : محمد أكرمه الله من بيننا { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } الآية فلما أمسوا ندموا على ما قالوا فقالوا غفرانك اللهم فأنزل الله { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } - إلى قوله - { لا يعلمون }
( ك ) وأخرج ابن جرير أيضا عن أبزى قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة فأنزل الله { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } فخرج إلى المدينة فأنزل الله { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } وكان أولئك البقية من المسلمين الذي بقوا فيها يستغفرون الله فلما خرجوا أنزل الله { وما لهم أن لا يعذبهم الله } الآية فأدن في فتح مكة فهو العذاب الذي وعدهم
قوله تعالى : { وما كان صلاتهم } الآية اخرج الواحدي عن ابن عمر قال : كانوا يطوفون البيت ويصفقون ويصفرون فنزلت هذه الآية
و أخرج ابن جرير عن سعيد قال : كانت قريش يعارضون النبي صلى الله عليه و سلم في الطواف يستهزئون به ويصفرون ويصفقون فنزلت
قوله تعالى : { إن الذين كفروا } الآية قال ابن أسحق : حدثني الزهري ومحمد بن يحي بن حبان وعاصم بن عمير بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن قالوا : لما أصيبت قريش يوم بدر ورجعوا إلى مكة مشى عبد الله بن أبي ربيعة عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أبي أمية في رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم فكلموا أبا سفيان ومن كان له فذلك العير من قريش تجارة فقالوا : يا معشر قريش إن محمد قد و تركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه فلعلنا أن ندرك منه ثأرا ففعلوه ن ففيهم كما ذكر عن ابن عباس أنزل الله { إن الذين كفروا ينفقون أموالهم } - إلى قوله - { يحشرون }
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحكيم بن عتبة قال نزلت في أبي سفيان أنفق على المشركين أربعين أوقية من ذهب
وأخرج ابن جرير عن ابن أبزي وسعيد بن جبير قالا : نزلت في أبي سفيان استأجر يوم أحد ألفين من الأحباش ليقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
( ك ) قوله تعالى : { ولا تكونوا } الآية أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : لما خرجت قريش من مكة إلى بدر خرجوا بالقيان والدفوف فأنزل الله - { ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا } الآية
قوله تعالى : { إذ يقول المنافقون } الآية روى الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : لما أنزل الله على نبيه بمكة { سيهزم الجمع ويولون الدبر } قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله أي جمع ؟ وذلك قبل يدر فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في آثارهم مصلتا بالسيف يقول { سيهزم الجمع ويولون الدبر } فكانت ليوم يدر فأنزل ألله فيهم { حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب } الآية وأنزل { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا } رماهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فوسعتهم الرمية و ملأت أعينهم وأفواههم حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه وفاه فأنزل الله { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } وأنزل في إبليس { فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه } الآية وقال عتبة ابن ربيعة وناس معه من المشركين يوم بدر : غر هؤلاء دينهم فأنزل الله { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم }
( ك ) قوله تعالى : { إن شر الدواب عند الله الذين كفروا } ا الآية أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : نزلت { إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون } في ستة رهط من اليهود فيهم ابن التابوت
قوله تعالى : { وإما تخافن } الآية روى أبو الشيخ عن ابن شهاب قال دخل جبريل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : قد وضعت السلاح وما زلت في طلب القوم فاخرج فان الله قد أذن لك في قريظة ن وأنزل فيهم { وإما تخافن من قوم خيانة } الآية
قوله تعالى : { يا أيها النبي حسبك الله } الآية ( ك ) روى البزار بسند ضعيف من طريق عكرمة عني ابن عباس قال : لما أسلم عمر قال المشركون : قد انتصف القوم منا اليوم فأنزل الله { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } وله شواهد
( ك ) أخرج الطبراني وغيره من طريق سعيد بي جبير قال : لما أسلم مع النبي صلى الله عليه و سلم تسعة وثلاثون رجلا وامرأة ثم أن عمر أسلم فكانوا أربعين نزل { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } الآية
( ك ) أخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال : لما أسلم مع النبي صلى الله عليه و سلم ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ثم اسلم عمر نزلت { يا أيها النبي حسبك الله } الآية وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن المسيب قال : لما أسلم عمر أنزل الله في إسلامه { يا أيها النبي } الآية
قوله تعالى : { إن يكن منكم عشرون صابرون } الآية أخرج أسحق بن اهويه في مسنده عن ابن عباس قال : لما افترض الله عليهم أن يقاتل الواحد عشرة ثقل وشق فوضع الله عنهم إلى أن يقاتل الواحد رجلين فأنزل الله { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } إلى آخر الآية
قوله تعالى : { وما كان لنبي } الآية روى أحمد وغيره عن أنس قال استشار النبي صلى الله عليه و سلم في الأسارى يوم بدر فقال : إن الله قد أمكنكم منهم فقال عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه فقال أبو بكر : نري أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء فعفا عنهم وقبل منهم الفداء فأنزل الله { لولا كتاب من الله سبق } الآية
وروي أحمد و الترمذي و الحاكم و ابن مسعود [ قال : لما كان يوم بدر وجيء بالأسارى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما تقولان في هؤلاء الأسارى ] الحديث وفيه : فنزل القرآن بقول عمر { ما كان لنبي أن يكون له أسرى } إلى آخر الآيات
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لم تحل الغنائم لم تحل لأحد سود الرؤوس من قبلكم كانت تنزل نار من السماء فتأكلها فلما كان يوم بدر وقعوا في الغمائم قبل أن تحل لهم فأنزل الله { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم }
قوله تعالى : { يا أيها النبي قل لمن في أيديكم } الآية روى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : قال العباس : في والله نزلت حين أخرت رسول الله صلى الله عليه و سلم بإسلامي وسألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي وجدت معي فأعطاني بها عشرين عبدا كلهم تاجر بمالي في يده مع أرجو من مغفرة الله
( ك ) قوله تعالى : { والذين كفروا } الآية أخرج ابن جرير و أبو الشيخ عن السدي عن أبي مالك قال : قال رجل : نورث أرحامنا المشركين فنزلت { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض }
( ك ) قوله تعالى : { وأولو الأرحام } الآيةأخرج ابن جرير عن ابن الزبير قال : كان الرجل يعاقد الرجل ترثني وأرثك فنزلت { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } الآية وأخرج ابن سعد من طريق هشام أبن عروة عن أبيه قال : آخي رسول الله صلى الله عليه و سلم بين الزبير بن العوام و بين كعب بن مالك قال الزبير : لقد رأيت كعبا أصابته الجراحة بأحد فقلت لو مات فانقطع عن الدنيا وأهلها لورثته فنزلت هذه الآية { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } فصارت المواريث بعد للأرحام والقرابات وانقطعت تلك المواريث في المؤاخاة

( ك ) قوله تعالى { قاتلوهم يعذبهم الله } الآية أخرج أبو الشيخ عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في خزاعة حين جعلوا يقتلون بني بكر في مكة وأخرج عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في خزاعة وأخرج عن السدي { يشف صدور قوم مؤمنين } قال هم خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه و سلم يشف صدور بني كعب
قوله تعالى { ما كان للمشركين } الآيات أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس قال : قال العباس حين أسر يوم يدر : إن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحجاج ـ ونفك العاني فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج } الآية
وأخرج مسلم و ابن حيان و أبو داود عن النعمان بن البشير قال : كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم في نفر من أصحابه فقال رحل منهم : ما أبالي أن لا أعمل للله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج وقال آخر بل عمارة المسجد الحرام قال آخر : بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم فزجرهم عمر وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر الرسول صلى الله عليه و سلم وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستفتيته فيما اختلفتم فيه فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج } إلى قوله { لا يهدي القوم الظالمين }
وأخرج الفريابي عن ابن سيرين قال لما قدم علي بن أبي طالب مكة فقال للعباس : أي عم ألا تهاجر ؟ ألا تلحق في رسول الله صلى الله عليه و سلم : فقال : اعمر المسجد و أحجب البيت فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج } الآية وقال لقوم سماهم : ألا تهاجروا إلا تلحقوا في رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا فأنزل الله { قل إن كان آباؤكم } الآية كلها وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي نحوه
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : افتخر طلحة بن سيبة والعباس وعلي بن أبي طالب فقال طلحة أنا صاحب البيت معي مفتاحه وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها فقال علي : لقد صليت إلى القبلة قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله { أجعلتم سقاية الحاج } الآية
قوله تعالى : { ويوم حنين } الآية اخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع ابن أنس أن رجلا قال يوم حنين : لن نغلب من قلة وكانوا اثني عشر ألفا فشق ذلك على النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم } الآية
( ك ) قوله تعالى : { وإن خفتم عيلة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معم بالطعام يتجرون فيه فلما نهوا عن أن يأتوا البيت قال المسلمون : من أين لنا الطعام ؟ فأنزل الله { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله }
وأخرج ابن جرير و أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } شق ذلك على المسلمين وقالوا : من يأتنا بالطعام وبالمتاع فأنزل الله { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله } وأخرج مثله عن عكرمة وعطية العوفي والضحاك وقتادة وغيرهم
( ك ) قوله تعالى { وقالت اليهود } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتي رسول الله صلى الله عليه و سلم سلام بن مشكم ونعمان ابن أوفي ومحمد بن دحية وشاس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيزا ابن الله فأنزل الله في ذلك { وقالت اليهود } الآية
( ك ) قوله تعالى : { إنما النسيء } الآية أخرج ابن جرير عن أبي مالك قال : كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا فيجعلون المحرم صفرا فيسجلون فيه المحرمات فأنزل الله { إنما النسيء زيادة في الكفر }
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم } الآية وأخرج ابن جرير عن مجاهد في هذه الآية قال : هذا حين أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح وحين أمرهم بالنفير في الصيف حين طابت الثمار واشتهوا الظلال وشق عليهم الخروج فأنزل الله { انفروا خفافا وثقالا }
( ك ) قوله تعالى : { إلا تنفروا } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن نجدة بن نفيع قال : سألت ابن عباس عذ هذه الآية فقال : استنفر رسول الله صلى الله عليه و سلم أحياء العرب فتثاقلوا عنه فأنزل الله { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } فامسك عنهم المطر فكان عذابهم
قوله تعالى : { انفروا خفافا وثقالا } الآية أخرج ابن جرير عن الحضرمي أنه ذكر له أناسا كانوا عسى أن يكوم أحدهم عليلا أو كبيرا فيقول إني آثم فأنزل الله { انفروا خفافا وثقالا }
قوله تعالى : { عفا الله عنك } الآية أخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون الأزدي قال : اثنتان فعلهما رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يؤمر فيهما بشيء : إذنه للمنافقين وأخذ الفداء عن الأسارير فأنزل لله { عفا الله عنك لم أذنت لهم }
قوله تعالى : { ومنهم من يقول ائذن لي } الآية أخرج الطبراني و أبو نعيم و ابن مردوية عن ابن عباس [ قال : لما أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يخرج إلى غزوة تبوك قال للجد بن قيس : يا جد بن قيس مال تقول في مجاهدة بني الأصفر فقال : يا رسول الله إني امرؤ صاحب نساء ومتي أري مساء بني الأصفر أفتن فأذن لي ولا تفتني ] فأنزل الله { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني } الآية وأخرج الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : اغزوا تغنموا بنات بني الأصفر : فقال ناس من المنافقين : إنه ليفتنكم بالنساء فأنزل الله { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني }
قوله تعالى : { إن تصبهم حسنة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن جابر ابن عبد الله قال : جعل المنافقون الذين تخلفوا بالمدينة يخبرون عن النبي صلى اله عليه وسلم أخبار السوء يقولون إن محمدا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه فساءهم ذلك فأنزل الله { إن تصبك حسنة تسؤهم } الآية
قوله تعالى : { قل أنفقوا } الآية أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قال الجدي بن قيس : إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتن ولكن أعينك بمالي قال ففيه نزلت { أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم } قال بقوله أعينك بمالي
قوله تعالى : { ومنهم من يلمزك } الآية روى البخاري عن أبي سعيد الخدري [ قال : بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة فقال : اعدل فقال ويلك من يعدل إذا لم اعدل ؟ ] فنزلت { ومنهم من يلمزك في الصدقات } الآية و أخرج ابن أبي حاتم عن جابر نحوه
قوله تعالى : { ومنهم الذين يؤذون النبي } الآية اخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان نبتل بن الحرث يأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم فيجلس إليه ويسمع منه وينقل حديثه إلى المنافقين فأنزل الله { ومنهم الذين يؤذون النبي } الآية
قوله تعالى : { ولئن سألتهم } الآيات وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوما : ما رأينا مثل قرآن هؤلاء ولا أرغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء منهم فقال له رجل : كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه و سلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ونزل القرآن قال ابن عمر : فأنا رايته متعلقا بحقب رسول الله صلى الله عليه و سلم والحجارة تنكيه وهو يقول : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله يقول : أبلله وآياته ورسوله تستهزئون ثم أخرج عن كعب بن مالك قال مخشي بن حمير : لوددت أني أقاضي على أن تضرب كل رجل منكم مائة مائة على أن ننجو من أن ينزل فينا القرآن فبلغ النبي صلى الله عليه و سلم فجاءوا يعتذرون فأنزل الله { لا تعتذروا } الآية فكان الذي عفا الله عنه مخشي ابن حمير فتسمى عبد الرحمن وسال الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمقتله فقتل يوم اليمامة لا يعلم مقتله ولا من قتله
واخرج ابن جرير عن قتادة : أن ناسا من المنافقين قالوا في غزوة تبوك ك يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات فأطلع الله نبيه صلى الله عليه و سلم على ذلك فأتاهم فقال : قلتم كذا كذا قالوا : إنما كنا نخوض وملعب فنزلت
قوله تعالى : { يحلفون بالله ما قالوا } الآية ( ك ) أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الخلاس بن سويد بن الصامت ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك وقال : لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير فرفع عمير بن سعيد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فحلف الله ما قلت فأنزل الله { يحلفون بالله ما قالوا } الآية فزعموا أنه تاب وحسنت توبته ( ك ) ثم أخرج عن كعب بن مالك نحوه وأخرج ابن سعد في الطبقات نحوه عن عروة
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال : سمع زيد بن أرقم رجلا من المنافقين يقول والنبي صلى الله عليه و سلم يخطب : إن كان هذا صدقا لنحن شر من الحمير فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فجحد القائل فأنزل الله { يحلفون بالله ما قالوا } الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس : [ كان الرسول صلى الله عليه و سلم جالسا في ظل شجرة فقال : إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان فطلع رجل أزرق فدعاه الرسول صلى الله عليه و سلم فقال : علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم ] فأنزل الله تعالى { يحلفون بالله ما قالوا } الآية
وأخرج عن قتادة قال إن رجلين اقتتلا : أحدهما من جهينة والآخر من غفار وكانت جهينة حلفاء الأنصار وظهر الغفري على الجهني فقال عبد الله بن أبي للاوس : انصروا أخاكم فوا لله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأ كلك لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فسعى رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرسل إليه فسأله فجعل يحلف باله ما قال فأنزل الله تعالى { يحلفون بالله ما قالوا } الآية
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : هم رجل يقال له الأسود بقتل النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت { وهموا بما لم ينالوا }
وأخرج ابن جرير و أبو الشيخ عن عكرمة أن مولى بني عدي بن كعب قتل رجلا من الأنصار فقضى النبي صلى الله عليه و سلم بالدية اثني عشر ألفا وفيه نزلت { وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله }
قوله تعالى { ومنهم من عاهد الله } الآية أخرج الطبراني و ابن مردويه و ابن أبي حاتم و البيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن أبي أمامة : [ أن ثعلبة ابن حاطب قال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا قال : ويحك يا ثعلبة قليل يؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه قال : والله لئن آتاني الله مالا لأوتين كل ذي حق حقه فدعا له فاتخذ غنما فنمت حتى ضاقت عليه أزقة المدينة فتنحى بها وكان يشهد الصلاة ثم يخرج أليها ثم نمت حتى تعذرت عليه مراعي المدينة فتنحى بها فكان يشهد الجمعة ثم يخرج إليها ثم نمت فتنحى بها فترك الجمعة والجماعة ثم أنزل الله على رسوله { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } فاستعمل على الصداقات رجلين وكتب لهما كتابا فأتيا ثعلبة فأقرأه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : انطلقا إلى الناس فإذا فرغتم فمروا بي ففعلا فقال ما هذا إلا أخت الجزية فانطلقا فأنزل الله { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله } - إلى قوله - { يكذبون } ] الحديث وأخرج ابن جرير و ابن مردويه عن طريق العوفي عن ابن عباس نحوه
قوله تعالى { الذين يلمزون المطوعين } روى الشيخان عن أبي مسعود قال : لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا : مراء وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا : إن الله لغني عن صدقة هذا فنزل { الذين يلمزون المطوعين } الآية وورد نحو هذا من حديث أبي هريرة وأبي عقيل وأبي سعيد الخدري و ابن عباس وعميرة بنت سهيل بن رافع أخرجها كلها ابن مردويه
( ك ) قوله تعالى { فرح المخلفون } الآية وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس أن يبعثوا معه وذلك في الصيف فقال رجال : يا رسول الله الحر شديد ولا نستطيع الخروج فلا تنفر في الحر فأنزل الله : { قل نار جهنم أشد حرا } الآية
وأخرج عن محمد بن كعب القرظي قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في حر شديد إلى تبوك فقال رجل من بني سلمة : لا تنفروا في الحر فأنزل الله { قل نار جهنم أشد حرا } الآية
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق ابن أسحق عن عاصم بن عمرو ابن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم قال : قال رجل من المنافقين : لا تنفروا في الحر فنزلت
قوله تعالى : { ولا تصل على أحد منهم } الآية روى الشيخان عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه فقام ليصلي عليه فقام عمر بن الخطاب فأحذ بثوبه وقال : يا رسول الله أتصلي وقد نهاك ربك أن تصلي على المنافقين ؟ قال : إنما خيرني الله فقال : { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة } و سأزيده على السبعين فقال : إنه منافق فصلي عليه فأنزل الله { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره } فترك الصلاة عليهم وورد ذلك من حديث عمر وأمس وجابر وغيرهم
( ك ) قوله تعالى : { ليس على الضعفاء } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت قال : كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه و سلم فكنت أكتب براءة فآني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ينظر ما ينزل عليه إذ جاءه أعمى بالقتال : كيف بي يا رسول وأنا أعمي ؟ فنزلت { ليس على الضعفاء } الآية
وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال : أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس أن يبعثوا غازين معه فجاءت عصابة من أصحابه : فيهم عبد الله بن معقل المزني فقال يا رسول الله احملنا ؟ فقال : والله لا أجد ما أحملكم عليه فولوا ولهم بكاء معز عليهم أن يحبسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا محملا فأنزل الله عز و جل { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم } الآية وقد ذكرت أسماءهم في المبهمات
قوله تعالى : { ومن الأعراب من يؤمن بالله } الآية أخرج ابن جرير عن مجاهد : أنها نزلت في بني مقرن الذين نزلت فبهم { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم }
وأخرج عبد الرحمن بن معقل المزني قال : كنا عشرة ولد مقرن فنزلت فينا هذه الآية
قوله تعالى : { وآخرون اعترفوا } الآية أخرج ابن مردويه و ابن أبي حاتم من طريق العوفي أبو لبابة وخمسة معه ثم أن أبا لبابة ورجلين معه تفكروا وندموا وأيقنوا بالهلاك وقالوا : نحن في الظلال والطمأنينة مع النساء ورسول الله صلى الله عليه و سلم والمؤمنين معه في الجهاد الله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو الذي يطلقها ففعلوا وبقي ثلاثة لم يوثقوا أنفسهم فرجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من غزوته فقال : من هؤلاء الموثقون بالسواري ؟ فقال رجل : هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم فقال : لا أطلقهم حتى أو مر بإطلاقهم فأنزل الله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } الآية فلما نزلت أطلقهم وعذرهم وبقي الثلاثة الذين لم يوثقوا أنفسهم لم يذكروا بشيء وهم الذين قال الله فيهم { وآخرون مرجون لأمر الله } فجعل أناس يقولون : هلكوا إذ لم ينزل عذرهم وآخرون يقولون عسى الله أن يتوب عليهم حتى نزلت { وعلى الثلاثة الذين خلفوا }
وأخرج ابن جرير من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس نحوه وزاد فجاء أبو لبابة بأموالهم فتصدق بها عنا وأستغفر لنا فقال : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا فأنزل الله { خذ من أموالهم صدقة } الآية وأخرج هذا القدر وحده عن سعيد ابن حبير و الضحاك وزيد بن اسلم وغيرهم
واخرج عن قتادة أنها نزلت في سبعة : أربعة منهم رابطوا أنفسهم في السواري وهم أبو لبابة ومرداس وأوس بن خذام وثعلبة بن وديعة وأخرج أبو الشيخ و ابن مندة في الصحابة من طريق الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : كان ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في تبوك ستة : أبو لبابة وأوس بن خذام وثعلبة بن وديعة وكعب بن مالك ومرارة بن ربيع وهلال بن أمية وجاءوا في أموالهم فقالوا : يا رسول الله خذ هذا الذي حبسنا عنك فقال : لا أحملهم حتى يكون قتال فنزل القرآن { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } الآية إسناد قوي
واخرج ابن مردويه يسند فيه الواقدي عن أم سلمة قالت : إن توبة أبي لبابة نزلت في بيتي فسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحك في السحر فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : تيب علي أبي لبابة فقلت : أوذنه بذلك ؟ فقال : ما شئت فقمت على الحجرة وذلك قبل أن يضرب الحجاب فقلت : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك فثار الناس ليطلقوه فقال : حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم فيكون هو الذي يطلقني فلما خرج إلى الصبح أطلقه فنزلت { وآخرون اعترفوا بذنوبهم }
قوله تعالى : { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا } الآية أخرج ابن مردويه عن طريق ابن أسحق قال : ذكر ابن شهاب الزهري عن ابن أكيمة الليثي عن ابن أخي أبي رهم الغفاري : [ أنه سمع أبا رهم وكان ممن بايع تحت الشجرة يقول : أتي من بني مسجد ضرار رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو متجهز إلى تبوك فقالوا : يا رسول الله أنا بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة الشاتية والليلة المطيرة وأنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه قال : إني على جناح سفر ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه فلما رجع نزل بذي أوان على ساعة من المدينة فأنزل الله في المسجد { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا } إلى آخر القصة فدعا مالك بن الدخشن ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي فقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدمه وأحرقاه ففعل ]
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس [ قال : لما بني رسول الله صلى الله عليه و سلم مسجد قباء خرج رجال من الأنصار منهم يخدج فبنوا مسجد النفاق فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أردت إلا الحسنى ] فانزل الله الآية
وأخرج ابن مردويه من طريق بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أن أناسا من الأنصار ابتنوا مسجدا فقال لهم أبو عامر : ابتنوا مسجدكم واستمدوا بما استطعتم من قوة وسلاح فأنى ذاهب إلى قيصر ملك فآتي بجند من الروم فأخرج محمدا وأصحابه فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا له : لقد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه فأنزل الله { لا تقم فيه أبدا }
وأخرج الواحدي عم سعد بن أبي وقاص قال : إن المنافقين عرضوا بمسجد قباء لأبي عامر الراهب إذا قدم ليكون إمامهم فيه فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلوا : أنا قد بنينا مسجدا فصل فيه فنزلت { لا تقم فيه أبدا }
واخرج الترمذي عن أبي هريرة قال : نزلت في أهل قباء { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } قال : كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم
( ك ) وأخرج عمر بن شبة في أخبار المدينة من طريق الوليد بن أبي سندر الأسلمي عن يحيي بن سهل الأنصاري عن أبيه : أن هذه الآية نزلت في أهل قباء كاموا يغسلون أدبارهم من الغائظ { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } الآية
( ك ) وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : أحدث قوم الوضوء في الماء من أهل قباء فنزلت فيهم { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين }
قوله تعالى : { إن الله اشترى } الآية أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : [ قال عبد الله بن رواحة لرسول الله صلى الله عليه و سلم اشترط لربك ولنفسك ما شئت ؟ قال : اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم واموالكم قالوا : فاذا فعلنا ذلك فما لنا ؟ قال : الجنة قالوا : ربح البيع لا نقبل ولا نستقبل ] فنزلت { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم }
قوله تعالى : { ما كان للنبي } ألاية أخرج الشيخان من طريق سعيد بن نسيب عن أبيه [ قال : لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال : أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل و عبد الله : يا ابا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه و سلم لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ] فنزلت : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } الآية وأنزل في أبي طالب { إنك لا تهدي من أحببت } ألاية ظاهر هذا أن الآية نزلت في مكة
( ك ) وأخرج الترمذي و حسنة و الحاكم عن علي قال : سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت له : أتستغفر لأبويك وهما مشركان فقال : استغفر أبراهيم أبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين }
وأخرج الحاكم و البيهقي في الدلائل وغيرهما عن ابن مسعود [ قال خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكي فبكيت لبكائه فقال : إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي ] فأنزل الله { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين }
وأخرج أحمد و ابن مردويه واللفظ له من حديث بريدة [ قال : كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم إذ وقف على عسفان فأبصر قبر أمه فتوضأ وصلى وبكي ثم قال : إني استأذنت ربي أن أستغفر لها فنهيت ] فأنزل الله { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين }
وأخرج الطبراني و ابن مردويه نحوه من حديث ابن عباس وأن ذلك بعد أن رجع من تبوك وسافر إلى مكة ومعتمرا فهبط عند ثنية عسفان قال الحافظ بن حجر : يحتمل أن يكون لنزول الآية أسباب : متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة وقصة علي وجمع غيره بتعدد النزول
( ك ) قوله تعالى : { لقد تاب الله على النبي } الآيات روى البخاري وغيره عن كعب بن مالك قال : لم أتخلف عن النبي صلى الله عليه و سلم في غزوة غزاها إلا بدرا حتى كانت غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها وآذن الناس للرحيل فذكر الحديث بطوله وفيه فأنزل الله توبتنا { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين } - إلى قوله - { إن الله هو التواب الرحيم } قال وفينا أنزل أيضا { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين }
قوله تعالى : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما نزلت { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } وقد كان تخلف عنه ناس في البدو يفقهون قومهم فقال المنافقون : قد بقي ناس في البوادي هلك أصحاب البوادي فنزلت { وما كان المؤمنون لينفروا كافة }
وأخرج عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان المؤمنون لحرصهم على الجهاد إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسام سرية خرجوا فيها وتركوا النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة في رقة من الناس فنزلت

قوله تعالى : { أكان للناس عجبا } أخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس قال : لما بعث الله محمد رسولا أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم فقالوا ك الله أعظم من أن بكون رسوله بشرا فأنزل الله { أكان للناس عجبا } الآية وأنزل { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا } الآية فلما كرر الله عليهم الحجج قالوا : وإذا كان بشرا فغير محمد كان أحق بالرسالة { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } يقولون : أشرف من محمد يعنون الوليد
بن المغيرة من مكة ومسعود بن عمرو والثقفي من الطائف فأنزل ردا عليهم { أهم يقسمون رحمة ربك } الآية

( ك ) روى البخاري عن ابن عباس في قوله { ألا إنهم يثنون صدورهم } قال : كان أناس يستحون أن يتخلوا فيفضوا بفروجهم إلى السماء وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم
وأخرج ابن جرير وغيره عن عبد الله بن شداد قال : كان أحدهم إذا مر بالنبي صلى الله عليه و سلم ثنى صدره لكيلا يراه فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما نزلت { اقترب للناس حسابهم } قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا فتناهى القوم قليلا ثم عادوا إلى مكرهم مكر السوء فأنزل الله { ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة } الآية وأخرج ابن جرير عن ابن جريج مثله
وروى الشيخان عن ابن مسعود : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فأنزل الله { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات } فقال الرجل : ألي هذه ؟ قال : لجميع أمتي كلها
وأخرج الترمذي وغيره عن أبي اليسر قال : أتتني امرأة تبتاع تمرا فقالت : إن في البيت أطيب منه فدخلت معي البيت فأهويت إليها فقبلتها فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال : أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا وأطرق طويلا حتى أوحى الله إليه { وأقم الصلاة طرفي النهار } - إلى قوله - { للذاكرين } وورد نحوه من حديث أبي أمامة ومعاذ ابن جبل وابن عباس وبريدة وغيرهم وقد استوفيت أحاديثهم في ترجمان القرآن

روى الحاكم وغيره عن سعد بن أبي وقاص قال : إنزل على النبي صلى الله عليه و سلم القرآن فتلاه عليهم زمانا فقالويا رسول الله لو حدثتنا فنزل { الله نزل أحسن الحديث } الاية زاد ابن أبي حاتم : فقالوا : يا رسول الله : لو ذكرتنا فأنزل الله { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم } الآية
زأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قالوا يا رسول الله لو قصصت علينا فنزل { نحن نقص عليك أحسن القصص } وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود مثله

أخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس : [ أن أربد بن قيس وعامر بن الطفيل قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه و سلم ن فقال عامر : يا محمد ما تجعل لي إن أسلمت ؟ قال : لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم قال : أتجعل لي الأمر من بعدك ؟ قال : ليس ذلك لك ولا لقومك فخرجا فقال عامر لأربد : إني أشغل عنك وجه محمد بالحديث فاضربه بالسيف فرجعا فقال عامر يا محمد قم معي أكلمك فقام معه ووقف يكلمه وسل أربد سيف فلما وضع يده على قائم السيف يبست والتفت رسول الله صلى الله عليه و سلم فرآه فانصرف عنهما فخرجا حتى إذا كلنا بالرقم أرسل الله على أربد صاعقة فقتلة ] فأنزل الله { الله يعلم ما تحمل كل أنثى } - إلى قوله - { شديد المحال }
وأخرج النسائي و البزار عن أنس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل من أصحابه إلى رجل من عظماء الجاهلية يدعوه إلى رسول الله فقال : ايش ربك الذي تدعوني إليه أمن حديد أو نحاس أو من فضة أو من ذهب ؟ فأتي النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فأعاد الثانية والثالثة فأرسل الله عليه صاعقة فأحرقته ونزلت هذه الآية { ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء } إلى أخرها
وأخرج الطبراني غيره عم عن ابن عباس قال : قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم : إن كان كما تقول فأرنا أشياخ الأول نكلمهم من الموتي وافسح لنا هذا الجبال جبال مكة التي قد ضمتنا فنزلت { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } الآية
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن عطية العوفي قال : قالوا : للنبيي صلى الله عليه و سلم : لو سيرت لنا اجبال مكة حتى تتسع فنحرث فيها أو قطعت لنا الأرض كما كان سليمان يقطع لقومه بالريح أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى يحي الموتى لقومه فأنزل الله { ولو أن قرآنا } الآية
( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قالت قريش حين أنزل { وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } : وما نراك يا محمد تملك من شيء لقد فرغ من الأمر فأنزل الله { يمحو الله ما يشاء ويثبت }

وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت هذه الآية في الذين قتلوا يوم بدر { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا } الآية

قوله تعالى : { ولقد علمنا } الآية روى الترمذي و النسائي و الحاكم وغيرهم عن ابن عباس قال : كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت بطيه فأنزل الله { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين }
( ك ) وأخرج ابن مرديمه عن داود بن صالح أنه سأل سهل بن حنيف الأنصاري : { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين } أنزلت في سبيل الله ؟ قال : لا ولكنها نزلت في صفوف الصلاة
قوله تعالى : { إن المتقين } الآية أخرج الثعلبي عن سلمان الفارسي لما سمع قوله تعالى { وإن جهنم لموعدهم أجمعين } فر ثلاثة أيام هاربا من الخوف لا يعقل فجيء به للنبي صلى الله عليه و سلم فسأله فقال : يا رسول الله أنزلت هذه الآية { وإن جهنم لموعدهم أجمعين } فوالدي بعثك بالحق لقد قطعت قلبي فأنزل الله { إن المتقين في جنات وعيون }
قوله تعالى : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين : أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر { ونزعنا ما في صدورهم من غل } قيل : وأي غل ؟ قال غل الجاهلية وإن بني تميم وبني عدي وبني هاشم كان بينهم في الجاهلية عداوة فلما أسلم هؤلاء القوم تحابوا فأخذت أبا بكر الخاصرة فجعل علي يسخن يده فيكمد بها خاصرة أبي بكر فنزلت هذه الآية
قوله تعالى : { نبئ عبادي } آلاتية ( ك ) أخرج الطبراني [ عن عبد الله ابن الزبير قال : مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفر من أصحابه يضحكون فقال : أتضحكون وذكر الجنة والنار بين أيديكم ؟ ] فنزلت هذه لآية { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم }
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن رجل من أصحاب رسول الله [ قال : اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال : لا أراكم تضحكون ثم أدبر ثم رجع القهقري فقال : إني خرجت حتى إذا كنت عند الحجر جاء جبريل فقال : يا محمد إن الله يقول لك لم تقنط عبادي ؟ ] { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم }
قوله تعالى : { إنا كفيناك المستهزئين } الآية ( ك ) أخرج البزار و الطبراني عن أنس بن مالك قال : مر النبي صلى الله عليه و سلم على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي - ومعه جبريل - فغمز جبريل بإصبعه فوقع مثل الظفر في أجسادهم فصارت قروحا حتى نتنوا فلم يستطيع أحد أن يدنو منهم فأنزل الله { إنا كفيناك المستهزئين }

( ك ) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال لما نزلت { أتى أمر الله } وغر أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى نزلت { فلا تستعجلوه } فسكتوا
وأخرج عبد الله بن الأمام أحمد في زوائد الزهد و ابن جرير و ابن أبي حاتم عن أبى بكر بن أبي حفص قال : لما نزلت { أتى أمر الله } قاموا فنزلت { فلا تستعجلوه }
فوله تعالى { وأقسموا } الآية أخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن أبى العالية قال : كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به : والذي أرجوه بعد الموت إنه كذا وكذا فقال له المشرك : إنك لتزعم أنك تبعث من بعد الموت فاقسم بالله جهد يمينه : لا يبعث الله من يموت فنزلت الآية
قوله تعالى : { والذين هاجروا } الآية أخرج ابن جرير عن داود بن أبي هند قال : نزلت { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا } - إلى قوله - { وعلى ربهم يتوكلون } في أبي جندل بن سهل
قوله تعالى : { ضرب الله مثلا } الآية أخرج ابن حرير عن ابن عباس في قوله { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا } قال : نزلت في رجل من قريش وعبده وفي قوله { رجلين أحدهما أبكم } قال : نزلت في عثمان ومولى له كان يكره الإسلام ويأباه وينهاه عن الصدقة والمعروف فنزلت فيهما
قوله تعالي : { يعرفون نعمة الله } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد [ قال : أن أعرابيا أتي النبي صلى الله عليه و سلم فسأله فقرأ عليه { والله جعل لكم من بيوتكم سكنا } قالالأعرابي : نعم ثم قرأعليه { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم } قال : نعم ثم قرأ عليه كل ذلك يقول نعم حتى بلغ { كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } فولي الأعرابي ] فأنزل الله { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون }
قوله تعالى : { وأوفوا } للآية ( ك ) × أخرج ابن جرير عن بريدة قال : نزلت هذه الآية في بيعة النبي صلى الله عليه و سلم
قوله تعالى : { ولا تكونوا } الآية اخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي حفص قال : كانت سعيدة الأسدية مجنونة تجمع الشعر والليف فنزلت هذه الآية { ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها } قول تعالى : { ولقد نعلم } الآية ( ك ) أخرج ابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلم قينا في مكة اسمه بلعام وكان أعجمي اللسان وكان المشركون يرون رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل عليه ويخرج من عنده فقالوا : إنما يعلمه بلعام فأنزل الله { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر } الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حصين عن عبد اله بن مسلم الحضرمي قال : كان لنا عبدان : أحدهما يقال له يسار والآخر جبر وكانا صقليين فكانا يقرآن كتابهما ويعلمان علمهما وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يمر بهما فيستمع قراءتهما فقالوا : إنما يعلم منهما فنزلت
قوله تعالى : { إلا من أكره } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يهاجر إلى المدينة أخذ المشركون بلال وخبابا وعمار بن ياسر فأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية فلما رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثه فقال : كيف كان قلبك حين قلت أكان منشرحا بالذي قلت ؟ قال لا فانزل الله { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان }
وأخرج عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا فكتب إليهم بعض الصحابة أن هاجروا إلى المدينة فخرجوا يريدون المدينة فأدر كتهم قريش في الطريق ففتنوهم فكفروا مكرهين ففيهم نزلت هذه الآية
( ك ) وأخرج ابن سعد في الطبقات عن عمر بن الحكم قال : كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري مل يقول وبلال وعامر بن فهيرة وقوم من المسلمين وفيهم نزلت هذه الآية { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا }
قوله تعالى : { وإن عاقبتم } الآية أخرج الحاكم و البيهقي في الدلائل و البزار عن آبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به فقال : لأمثلن بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل والنبي صلى الله عليه و سلم واقف بخواتم

سورة النحل
{ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } إلى آخر السورة فكف رسول الله صلى الله عليه و سلم وأمسك عما أراد
وأخرج الترمذي و حسنه و الحاكم عن آبي بن كعب قال : لمال كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون ومن المهاجرون ستة منهم حمزة ومثلوا بهم فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنريين عليهم فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله { وإن عاقبتم فعاقبوا } الآية وظاهر هذا تأخر نزولها إلى الفتح وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد وجمع ابن الحصار بأنها نزلت أولا بمكة ثانيا في أحد ثالثا يوم الفتح تذكيرا من الله لعباده

قوله تعالي : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } الآية أخرج ابن عبد البر بسند ضعيف عن عائشة [ قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أولاد المشركين فقال هم مع آبائهم ثم سألته بعد ذلك فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزلت { ولا تزر وازرة وزر أخرى } وقال : هم على الفطرة أو قال في الجنة ]
قوله تعالى { وإما تعرضن } الآية أخرج سعيد بن منصور عن عطاء الخراساني [ قال : جاء ناس من مزينة يستحملون رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ضنوا ذلك من غضب رسول الله صلى الله عليه و سلم ] فأنزل الله { وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة } الآية وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نزلت فيمن كان يسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم من المساكين
قوله تعالى : { ولا تجعل يدك } الآية ( ك ) أخرج سعيد بن منصور عن سيار أبي الحكم قال : أتي رسول الله صلى الله عليه و سلم بر وكان معطيا كريما فقسمه بين الناس فأتاه قوم فوجدوه قد فرغ منه فأنزل الله { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها } الآية
وأخرج ابن مردويه وغيره عن ابن مسعود [ قال : جاء غلام إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إن أمي تسألك كذا وكذا قال ما عندنا شيء اليوم قال فتقول لك اكسني قميصك فخلع قميصه فدفعه إليه فجلس في البيت حاسرا ] فأنزل الله { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }
( ك ) وأخرج أيضا عن أبي أمامة [ أن البني صلى الله عليه و سلم قال لعائشة أنفق ما على ظهر كتفي فقالت لا يبقي شيء ] فأنزل الله { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } الآية وظاهر دلك أنها مدنية
قوله تعالى : { وآت ذا القربى } الآية أخرج الطبراني وغيره عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت { وآت ذا القربى حقه } دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم فاطمة فأعطاها فدك قال ابن كثير : هذا مشكل فانه يشعر بأن الآية مدنية والمشهور خلافه وروى ابن مردويه عن ابن عباس مثله
قوله تعالى : { وإذا قرأت القرآن } الآية أخرج ابن المنذر عن ابن شهاب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا تلا على مشركي قريش ودعاهم إلى الكتاب قالوا : يهزؤون به { قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب } فأنزل الله قولهم { وإذا قرأت القرآن } الآيات
( ك ) قوله تعالى : { قل ادعوا } الآية أخرج البخاري وغيره عن ابن مسعود قال : كان الناس من الأنس يعبدون ناسا من الجن فأسلم الجن واستمسك الآخرون بعبادتهم فأنزل الله { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه } الآية
قوله تعالى : { وما منعنا } الآية أخرج الحاكم و الطبراني وغيرهما عن ابن عباس [ قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه و سلم أن يجعل الصفا لهم ذهبا وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا فقيل له إن شئت أن تستأني بهم وإن شئت تؤتهم الذي سألوا فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم قال : بل أستأني بهم ] فأنزل الله { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } الآية
وأخرج الطبراني و ابن مردويه منها عن الزبير نحوه أبسط منه
قوله تعالى : { وما جعلنا } الآية أخرج أبن يعلي عن أم هانئ أنه صلى الله عليه و سلم لما أسري به أصبح يحدث نفرا من قريش يستهزئون به فطلبوا من آية فوصف بيت المقدس وذكر لهم قصة العير فقال الوليد بن المغيرة : هذا ساحر فأنزل الله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } وأخرج ابن منذر عن الحسن نحوه
وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي أن الرسول صلى الله عليه و سلم أصبح يوما مهموما فقيل له مالك يا رسول الله لا تهتم فإن رؤياك فتنة لهم فأنزل الله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } وأخرج ابن أبي حاتم من حديث عمرو ابن العاص ومن حديث يعلي بن مرة ومن مرسل سعيد بن المسيب نحوها وأسانيدها ضعيفة
قوله تعالى : { والشجرة الملعونة في القرآن } الآية أخرج ابن أبي حاتم و البيهقي في البعث عن ابن عباس قال : ذكر الله الزقوم خوف به هذا الحي من قريش قال : أبو جهل هل تدرون ما هذه الزقوم الذي يخوفكم به محمد ؟ قالوا : لا قال الثريد بالزبد أما لئن أمكننا منها لنزقمنها زقما فأنزل الله { والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا } وأنزل { إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم }
قوله تعال : { وإن كادوا ليفتنونك } الآية أخرج ابن مردويه و ابن أبي حاتم من طريق أسحق عن محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال : خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا يا محمد تعال تمسح بآلهتنا وندخل معك في دينك وكان يحن إسلام قومه فرق لهم فأنزل الله { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك } - إلى قوله - { نصيرا } قلت : هذا أصح ما ورد في سبب نزولها وهو إسناد جيد وله شواهد أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير [ قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يستلم الحجر فقالوا : لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وما علي لو فعلت والله يعلم مني خلافة ] فنزلت وأخرج نحوه عن ابن شهاب وأخرج جبير بن نفير : أن قريشا أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا إن كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم فنكون نحن أصحابك فركن إليهم فنزلت
وأخرج عن محمد بن كعب القرظي : أنه صلى الله عليه و سلم قرأ { والنجم } - إلى قوله - { أفرأيتم اللات والعزى } فألقى عليه الشيطان : تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجي فنزلت فما زال مهموما حتى أنزل الله { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله } الآية وفي هذا دليل على أن هذه الآيات مكية ومن جعلها مدنية استدل بما أخرج ابن مردوبه من طريق العوفي عن ابن عباس أن شعبا قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أجلنا سنة حتى يهدي إلى آلهتنا فإن قبضنا الذي يهدي للآلهة أحرزنا ثم أسلمنا فهم أن يؤجلهم فنزلت وإسناده ضعيف
قوله تعالى : { وإن كادوا ليستفزونك } الآية أخرج ابن أبي حاتم و البيهقي في الدلائل من حديث شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم [ أن اليهود أتوا رسول الله صل الله عليه وسلم فقالوا : إن كنت نبيا فالحق بالشام فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء فصدق رسول الله صلى الله عليه ما قالوا فغزا غزوة تبوك يريد الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها } وأمره بالرجوع إلى المدينة قال له جبريل : سل ربك فإن لكل نبي مسألة فقال : ما تأمرني أن أسأل ؟ قال : { وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا } فهؤلاء نزلن في رجعته من تبوك ] هذا مرسل ضعيف الإسناد وله شاهد من مرسل سعيد بن جبير عن ابن أبي حاتم ولفظه : قالت المشركون للنبي صلى الله عليه و سلم كانت الأنبياء تسكن الشام فمالك والمدينة فهم أن يشخص فنزلت وله طريق أخري مرسلة عند ابن جرير أن بعض اليهود قاله له
قوله تعالي { وقل رب أدخلني } أخرج الترمذي عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم بمكة ثم أمر بالهجرة فنزلت عليه { قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا } وهذا صريح في أن الآية مكية وأخرجه ابن مردوبه بلفظ أصرح منه
قوله تعالى : { ويسألونك عن الروح } الآية أخرج البخاري عن ابن مسعود : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة وهو متوكئ على عسيب فمر بنفر من قريش فقال بعضهم : لو سألتموه فقالوا : حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحي أليه حتى صعد الوحي ثم قال : { الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }
وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال : قالت قريش لليهود علمونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا : سلوه عن الروح فسألوه فأنزل الله { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } قال ابن كثير يجمع بين الحديثين بتعدد النزول وكذا قال الحافظ ابن حجر أو يحمل سكوته حين سؤال اليهود على توقع مزيد بيان في ذلك وإلا فما في الصحيح أصح قلت ويرجع ما في الصحيح بأن راوية حاضر القصة بخلاف ابن عباس
قوله تعالى : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا } الآية أحرج ابن إسحاق و ابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : أتى النبي صلى الله عليه و سلم ابن مشكم في عامة من اليهود سماهم فقالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وإن هذا الذي جئت به لا نراه متناسقا كما تناسق التوراة فأنزل علينا كتابا نعرفه وإلا جئناك بمثل ما تأتي به فأنزل الله { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله } الآية
قوله تعالى : { وقالوا لن نؤمن لك } الآية أخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس : [ أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلان من بني عبد الدار وأبى البحتري والأسود بن المطلب وربيعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل وعبد الله بن أمية وأمية بن خلف والعاصي بن وائل ونبيها ومنبها ابني حجاج اجتمعوا فقالوا : يا محمد ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد سببت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما من قبيح إلي وقد جئته فيما بيننا وبينك فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تريد مالا جمعنا لك من أموالنا أكثر مالا وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب بذلنا أموالنا في طلب العلم حتى نبرئك منه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما بي مال تقولون ولكنه الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أن أكون لكم مبشرا ونذيرا قالوا : فإن كنت غير قابل منه ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلاد ولا أقل مالا وأشد عيشا منا فلتسأل لنا ربك الذي بعثك فليسير عنا هذه الجبال التي ضيقت علينا ولببسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهار كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من قد مضى من آبائنا فإن لم تفعل فسل ربك ملكا يصدقك بما تقول وأن يجعل لنا جنانا وكنوزا وقضورا من ذهب وفضة نعينك بها على ما نراك تبتغي فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس النعاش فإن لم تفعل فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهم وقام معه عبد الله بن أبي أمية فقال : يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل دلك ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب فوا لله لا أومن حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقي فيه وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي معك بنسخة منشورة ومعك أربعة من الملائكة فيشهدوا لك أنك كما تقول فانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم حزينا ] فأنزل عليه ما قاله عبد الله بن أبي أمية { وقالوا لن نؤمن لك } - إلى قوله - { بشرا رسولا }
وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن جبير في قوله { وقالوا لن نؤمن لك } : نزلت في أخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية مرسل صحيح شاهد لما سبقه يجبر المبهم في إسناده
قوله تعالى : { قل ادعوا الله } الآية وأخرج ابن مردوبه وغيره عن ابن عباس قال : صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة ذات يوم فدعا فقال في دعائه : يألله يا رحمن فقال المشركون : انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن ندعو الهين وهو يدعو ألهين فأنزل الله { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى }
قوله تعالى : { ولا تجهر } الآية أخرج البخاري و غيره عن ابن عباس في قوله { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } قال : نزلت ورسول الله صلى الله عليه و سلم مختف في مكة وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فكان المشركون إذا سمعوا القرآن سبوه ومن أنزله ومن جاء به فنزلت
وأخرج البخاري أيضا عن عائشة : أنها نزلت في الدعاء وأخرج ابن جرير من طريق ابن عباس مثله ثم رجح لكونها أصح سندا وكذا رجحها النووي وغبره قال الحافظ بن حجر : لكن محتمل الجمع بينهما بأنها نزلت في الدعاء داخل الصلاة وقد أخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء فنزلت
وأخرج ابن جرير و الحاكم عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية في التشهد وهي مبينة لمرادها في الرواية السابقة ولابن منبع في مسنده عن ابن عباس كانوا يجهزون بالدعاء : اللهم ارحمني فنزلت فأمروا أن لا يخافتوا ولا يجهروا
قوله تعالي : { وقل الحمد لله } الآية أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : إن اليهود والنصاري قالوا أتخذ الله ولدا وقالت العرب : لبيك لا شريك لك إلا شريكا وهو لك تملكه وما ملك قال الصايئون والمجوس : لولا أولياء الله لذل فأنزل الله { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك }

أخرج ابن جرير من إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس قال : بعثت قريش النضر بن الحرث وعقبة بين أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا : لهم : سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبرهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله فقالوا لهم : سلوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه كان لهم مر عجبا وسلوه عن رجل بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو ؟ فأقبلا حتى قدما على قريش فقالا : قد جئناكم بفصل بينكم وبين محمد فجاءوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألوه فقال : أخبركم غدا بما سألتم عنه ولم يستئن فانصرفوا ومكث رسول الله صلى الله عليه و سلم خمس عشر ليلة لا يحدث الله في دلك وحيا ولا يأتيه جبريل حتى ارجف أهل مكة وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه و سلم مكث الوحي عنه ثم جاءه جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبة إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف وقول الله { يسألونك عن الروح }
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر بن الحرث وأمية بن خلف والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب وأبو البحيري في نفر من قريش وكان الرسول صلى الله عليه و سلم قد كبر عليه ما يرى من خلاف قومه إياه وإنكارهم ما جاء به من النصيحة فأحزنه حزنا شديدا فأنزل الله { فلعلك باخع نفسك على آثارهم } الآية
وأخرج مردويه أيضا عن ابن عباس قال : نزلت { ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة } فقيل : يا رسول الله سنيين أم شهور ا ؟ فأنزل الله { سنين وازدادوا تسعا } وأخرجه ابن حرير عن الضحاك وأخرجه ابن مردويه أيضا عن ابن عباس قال : حلف النبي صلى الله عليه و سلم على يمين فمضى له أربعون ليلة فأنزل الله { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله }
قوله تعالى : { واصبر نفسك } الآية تقدم سبب النزول في سورة الأنعام في حديث خباب
قوله تعالى : { ولا تطع } الآية أخرج ابن مردويه من طريق حرير عن الضحاك عن ابن عباس في قوله { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا } قال : نزلت في أمية بن خلف الجمحي وذلك أنه دعا النبي ي صلى الله عليه و سلم إلى أمر كرهه الله : من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : حدثنا للنبي صلى الله عليه و سلم تصدى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له فنزلت وأخرج عن ابن هريرة قال : دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه و سلم وعنده سلمان فقال عيينة : إذا نحن أتيناك فأخرج هذا وأدخلنا فنزلت
قوله تعال { قل لو كان البحر } الآية أخرج الحاكم وغيره عن ابن عباس قال : قالت قريش لليهود : أعطنا شيئا نسأل عنه هذا الرجل ؟ فقالوا : سلوه عن الروح فسألوه فنزلت { يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } وقالت اليهود : أوتينا علما كثيرا أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة خيرا كثيرا فنزلت { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي } الآية قوله تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية أخرج ابن أبي حاتم و ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص عن طاوس قال : قال رجل : يا رسول الله إني أقف أريد وجه الله وأحب أن يرى موطني فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } وأخرجه الحاكم في المستدرك موصلا عن طاوس عن ابن عباس صححه على شرط الشيخين
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجتهد : كان رجل ما المسلمين يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه فأنزل الله { فمن كان يرجو لقاء ربه } الاية وأخرج أبن نعيم و ابن عساكر في تاريخه من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : قال جندب بن زهير : إذا صلى الرجل أو صام أو تصدق فذكر بخير ارتاح فزاد في ذلك لمقالة الناس له فنزلت في ذلك { فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية

قوله تعالى : { وما نتنزل إلا بأمر ربك } الآية أخرج البخاري عن ابن عباس [ قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لجبريل : ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ] فنزلت { وما نتنزل إلا بأمر ربك }
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : أبطأ جبريل في النزول أربعين يوما فذكر نحوه وأخرج ابن مردويه عن أنس [ قال : سأل النبي صلى الله عليه و سلم جبريل أي البقاع أحب إلى الله وأبغض إلى الله ؟ فقال ما أدري حتى أسأل فنزل جبريل وكان قد أبطأ فقال : لقد أبطأت علي حتى ظننت أن ترى علي موجدة فقال { وما نتنزل إلا بأمر ربك } الآية ]
وأخرج ابن اسحق عن ابن عباس : [ أن قريشا لما سألوا عن أصحاب الكهف مكث خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا فلما نزل جبريل قال له : أبطأت فذكره ]
قوله تعالى : { أفرأيت الذي كفر بآياتنا } الآية أخرج الشيخان وغيرهما عن خباب بن الأرث قال جئت العاصي بن وائل السهمي أتقاضاه حقا لي عنده فقال : لا أعطينك حتى تكفر بمحمد قلت لا حتى تموت وحتى تبعث قال : فإني لميت ثم لمبعوث فقلت : نعم فقال : إن لي هناك مالا وولدا فأقضيك فنزلت { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا }
قوله تعالى : { إن الذين آمنوا } أخرج ابن جرير عن عبد الرحمن ابن عوف لما هاجر إلى المدينة وجد نفسه على فراق أصاحبه بمكة : منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة بن خلف فأنزل الله { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا } قال : محبة في قلوب المؤمنين

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان أول ما أنزل الله عليه الوحي يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله { طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } وأخرج عبد الله بن حميد في تفسيره عن ربيع بن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يراوح بين قدميه ليقوم على كل رجل حتى نزلت { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى }
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قالوا لقد شقي هذا الرجل بربه فأنزل الله { طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى }
قوله تعالى { ويسألونك عن الجبال } الآية أخرج ابن المنذر عن ابن جريح قال : قالت قريش يا محمد كيف يفعل ربك في الجبال يوم القيامة فنزلت { ويسألونك عن الجبال } الآية
قولاه تعالى : { ولا تعجل بالقرآن من قبل } الآية أخرج ابن أبي خاتم عن السدي قال كان النبي صلى الله عليه سلم إذا نزل عليه جبريل بالقرآن أتعب نفسه في القرآن حتى يشق على نفسه فيخاف أن يصعد جبريل ولم يحفظه فأنزل الله { ولا تعجل بالقرآن } الآية وتقدم سورة النساء سبب أخر وهذا أصح
قوله تعالى : { ولا تمدن عينيك } الآية أخرج ابن أبي شيبة و ابن مردويه و البزار و أبو يعلي
عن أبي رافع قال : أضاف النبي وسل ضيفا فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقا إلى هلال رجب فقال : لا إلا برهن فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته فقال : [ أما والله وإني الأمين في السماء أمين في الأرض ] فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم }

أخرج ابن جرير عن قتادة قال : قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه و سلم إن ما تقول حقا ويسرك أن نؤمن لك فحول لنا الصفا ذهبا فأتاه جبريل ما تقول شئت كان الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا وإن شئت استأنيت بقومك أنزل الله { ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون }
وأخرج ابن المنذر عن جريح [ قال : نعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم نفسه فقال يا رب فمن لأمتي ؟ ] فنزلت { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي [ قال : مر النبي صلى الله عليه و سلم على أبي جهل وأبي سفيان وهما يتحدثان فلما رآه أبو جهل ضحك وقال لأبي سفيان هذا نبي بني مناف فغضب أبي سفيان وقال أتنكرون أن تكون لبني عبد مناف نبي فسمعهما رسول الله صلى الله عليه و سلم فرجع إلى أبو جهل فوقع به وخوفه وقال : ما أراك حتى يصيبك ما أصاب من غير عهده ] فنزلت { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا }
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : لما نزلت { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } قال ابن الزبعري : عبد الشمس والقمر والملائكة وعزيز فكل هؤلاء في النار مع آلهتنا فنزلت { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } ونزلت { ولما ضرب ابن مريم مثلا } - إلى - { خصمون }

قوله تعالى : { ومن الناس من يجادل } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله { ومن الناس من يجادل في الله } قال : نزلت في النضر بن الحرث
قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } الآية أخرج البخاري عن ابن عباس قال : كان الرجل يقدم المدينة فيسلم فإن ولدت له امرأته غلاما ونتجت خيله قال هذا دين صالح وإن لم تلد امرأته ذكر ولم تنتج خيله قال هذا دين سوء فأنزل الله { ومن الناس من يعبد الله على حرف } الآية
وأخرج ابن مردويه من طريق عطية عن ابن مسعود قال : أسلم رجل من اليهود فذهب في بصره وماله وولده فتشاءم بالإسلام فقال : لم أصب من ديني هذا خيرا ذهب بصري ومالي وولدي فنزلت { ومن الناس من يعبد الله على حرف } الآية
قوله تعالى { هذان خصمان } الآية أخرج الشيخان وغيرهما عن أبي ذر قال : نزلت هذه الآية { هذان خصمان اختصموا في ربهم } في حمزة وعبيدة وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة والوليد بن عتبة وأخرج الحاكم عن علي فال : فينا نزلت هذه الآية في مبارزتنا يوم بدر { هذان خصمان اختصموا في ربهم } - إلى قوله - { الحريق }
وأخرج من وجه آخر قال : نزلت في الذين بارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحرث وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس أنه نزلت في أهل الكتاب قالوا للمؤمنين : نحن أولى بالله منكم وأقدم كتابا ونبينا قبل نبيكم فقال المؤمنون : نحن أحق بالله منا بمحمد ونبيكم وبما أنزل الله من كتاب وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة مثله
قوله تعالى : { ومن يرد فيه بإلحاد } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث البني صلى الله عليه و سلم بن أنيس مع رجلين أحدهما مهاجر والآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة فنزلت فيه { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم } الآية
قوله تعالى : { وعلى كل ضامر } الآية أخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كانوا لا يركبون فأنزل الله { يأتوك رجالا وعلى كل ضامر } فأمرهم بالزاد ورخص لهم الركوب والمتجر
قوله تعالى : { لن ينال الله لحومها } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريح قال : كان أهل الجاهلية يضمخون البيت بلحوم الإبل ودمائها فقال أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فنحن أحق أن تضمخ فانزل الله { لن ينال الله لحومها } الآية
قوله تعالى { أذن للذين يقاتلون } الآية أخرج أحمد و الترمذي و حسنه و الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم من مكة فقال أبو بكر : أخرجوا نبيهم ليهلكن فأنزل الله { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير }
قوله تعالى { وما أرسلنا } الآية أخرج ابن أبي حاتم و ابن جرير من طريق بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال : قرأ النبي صلى اله عليه وسلم بمكة { والنجم } - فلما بلغ - { أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى } ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى فقال المشركون : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا فنزلت { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية
وأخرجه البزار و ابن مردويه من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عياس فيما أحسبه وقال : لا يروى متصلا إلا بهذا الإسناد وتفرد بواصله أمية بن خالد وهو ثقة مشهور وأخرجه البخاري عن ابن عباس بسند فيه الواقدي وابن مردويه من طريق ا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس وأورده ابن إسحاق في السيرة عن محمد بن كعب وموسى بن عقبة عن ابن شهاب وابن جرير عن محمد بن قيس وابن أبي حاتم عن السدي كلهم بمعني واحد وكلها إما ضعيفة أو منقطعة سوى طريق سعيد بن جبير الأولي قال الحافظ ابن حجر لكن كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا مع أن لها طريقين صحيحين مرسلين أخرجهما ابن جرير : أحدهما طريق من طريق الزهدي عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحرث بن هشام والآخر من طريق داود بن هند عن أبي العالية ولا عبرة يقول ابن العربي وعياض أن هذه الروايات باطلة لا أصل لها انتهى
قوله تعالى : { ومن عاقب بمثل ما عوقب به } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل أنها نزلت في سرية بعثها النبي صلى الله عليه و سلم فلقوا المشركين لليلتين بقيتا من المحرم فقال المشركون بعضهم لبعض : قاتلوا أصحاب محمد فإنهم يحرمون القتال في الشهر الحرام فناشدهم الصحابة وذكروهم بالله أن لا يتعرضوا لقتالهم فإنهم لا يستحلون القتال في السهر الحرام فأنى المشركون ذلك وقاتلوهم وبغوا عليهم فقاتلهم المسلمون ونصروا عليهم فنزلت هذه الآية

أخرج الحاكم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت { الذين هم في صلاتهم خاشعون } فطأطأ رأسه وأخرجه ابن مردويه بلفظ : كان يلتفت في الصلاة وأخرجه سعيد بن منصور عن ابن سيرين مرسلا : كان يقلب بصره فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين مرسلا : كان الصحابة يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة فنزلت وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر قال وافقت ربي في أربع نزلت { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } الآية فلما نزلت قلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين
وأخرج ابن أبي حاتم قال : كانت قريش تسمر حول البيت ولا تطوف به ويفتخرون به فأنزل الله { مستكبرين به سامرا تهجرون }
وأخرج النسائي و الحاكم عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد أنشدك بالله والرحم قد أكلنا العلهز يعني البر والدم فأنزل الله { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون }
وأخرج البيهقي في لدلائل بلفظ أن ابن اياز الحنفي لما أتي به النبي صلى الله عليه و سلم وهو أسير خلى سبيله وأسلم فلحق بمكة ثم رجع فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز فجاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين قال : بلى قال : فقد قتلت الآباء في السيف والأبناء بالجوع فنزلت

قوله تعالى : { الزاني لا ينكح إلا زانية } : أخرج النسائي عن عبد الله ابن عمر قال : كنت امرأة يقال لها أم وكانت تسافح فأراد رجل من أصحاب الرسول أن يتزوجها فأنزل الله { والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين } وأخرج أبو داود و الترمذي و النسائي و الحاكم من ىحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رجل يقال له مزيد يحمل من الأنبار إلىمكة حتى يأتيهم وكانت امرأة بمكة صديقة له يقال لها عناق فاستأذن النبي صلى الله عليه و سلم أن ينكحها فلم يرد عليه شيئا حنى نزلت { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } الآية فلا تنكحها
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : لما حرم الله الزنا فكان زوان عندهن جمال فقال لينطلقن فليتزوجن فنزلت
قوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم } الاية وأخرج البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس [ أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : البينة أو حد في ظهرك فقال : يا رسول الله إذا رأي أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة ؟ فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول البينة أو حد في ظهرك فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد ] فنزل جبريل فأنزل الله { والذين يرمون أزواجهم } فقرأ حتى بلغ { إن كان من الصادقين } وأخرجه أحمد بلفظ [ لما نزلت { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا } وقال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار : أهكذا نزلت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم ؟ قالوا يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور والله ما تزوج امرأة قط فجاترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته فقال سعد : والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من الله ولكني تعجبت أني لو وجدت لكاع يتفخدها رجل لم يكن لي أن أنحيه ولا أحركه حتى آتي بأريعة شهداء فوالله لا أتي بهن حتى يقضي حاجته قال : فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية و أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فجاءه من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلا فرأي بعينه وسمع بأدنه فلم يهجه حتى أصبح فغدا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال له : إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه و سلم ما جاء به واشتد عليه واجتمعت الأنصار فقالوا قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم ويبطل شهادته في الناس فقال هلال : والله إني لأرجو أن يجعل الله لي نمها مخرجا فوالله إن رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد أن يأمر بضربه أنزل الله عليه الوحي فامسكوا عنه حتى فرغ من الوحي ] فنزلت { والذين يرمون أزواجهم } الآية وأخرج أبو يعلي مثله من حديث أنس
وأخرج الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد قال : جاء عويمر إلى عاصم ابن عدي فقال : اسأل لي رسول الله صلى الله عليه و سلم أرأيت رجل وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع ؟ فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه و سلم فغاب رسول الله صلى الله عليه و سلم السائل فلقيه عويمر فقال : ما صنعت ؟ قال ما صنعت إنك تأتي بخير سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فغاب السائل فقال عويمر : فوا لله لآتين رسول الله صلى ا لله عليه وسلم فلأي سألنه فسأله فقال : إنه أنزل فيك وفي صاحبتك حديث قال الحافظ ابن حجر : اختلفت الأئمة في هذا المواضع فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا وإلى هذا جنح النووي وتبعه الخطيب فقال : لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد قال الحافظ ابن حجر : ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال فلما جاء عوبمر ولم يكن له علم بما وقع لهلال أعلمه النبي صلى الله عليه و سلم بالحكم ولهذا في قصة هلال : فنول جبريل في قصة عويمر : قد أنزل الله فيك فيؤول قوله قد أنزل الله فيك : أي فيمن وقع له مثل ما وقع لك وبهذا أجاب ابن الصباغ في الشامل وجنح القرطبي إلى تجويز نزول الآية مرتين
وأخرج البزار عن طريق زيد بن مطيع عن حذيفة قال : [ قال رسول الله صله الله عليه وسلم لأبي بكر : لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به ؟ قال كنت فاعلا به شرا قال وأنت يا عمر ؟ قال كنت أقول لعن الله الأعجاز وإنه لخبيث ] فنزلت قال الحافظ بن حجر : لا مانع من تعدد الأسباب
قوله تعالى : { إن الذين جاؤوا بالإفك } الآيات أخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة [ قالت : كان رسول الله صلى عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت وذلك بعدما أنزل الحجاب فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من غزوته وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة في الرحيل فقمت فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا عقد من جزع ظفار قد انقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون فحملوا هودجي على بعيري الذي كنت أركب وهم يحبسون أني فيه قالت : وكانت النساء إذ لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي عندما سار الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فتيممت منزلي الذي كنت فيه فظننت أن القوم سيفقدني فيرجعون إلى فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان ابن المعطل فد عرس وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأي سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان يراني قبل آن يضرب علي الحجاب فاستيقظت فاسترجاع حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي فوا لله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نخر الظهيرة فهلك من هلك من شأني وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبى سلول فقدمت المدينة فاشتكيت حين قدمنا شهرا والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك حتى خرجت بعد ما نقهت وخرجت مع أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح فقلت لها : بئس ما قلت تسبين رجلا شهد بدرا قالت : أي هنتاه ألم تسمعي ما قال قلت : وماذا قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي فلما دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت أتأذن لي أن آتي أبوي وأنا أريد أن أتقين الخبر من قبلهما فأذن لي فجئت أنوي فقلت لأمي : يا أماه ما يتحدث الناس ؟ قالت : أي بنية هوني عليك فوا لله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها قلت سبحان الله أوقد تحدث الناس بهذا فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقا لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب وأسامة ين زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله فأما أسامة أشار عليه من براءة أهله فقال : يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خبرا وأما علي فقال : لن يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصادقن فدعا بريرة فقال : أي بريرة هل رأيت من شيء يربك عن عائشة ؟ قالت : والذي بعثك في الحق إن رأيت عليها أمرا أغمضه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي فقال : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوا لله ما علمت على أهلي إلا خيرا قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقا لي دمع ثم بكيت تلك الليلة لا يرقا لي دمع ولا أكتحل بنوم وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي ثم دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم فسلم ثم جلس وقد لبث شهرا لا يوحي عليه في شأني شيء فتشهد ثم قال : أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فأن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه فإن العبد إذا اعترف في بذنب ثم تاب تاب الله عليه فلما قضى مقالته أبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : والله ما أدري ما أقول فقلت لأمي أجيبي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : والله ما أدري ماذا أقول فقلت وأنا جارية حديثة السن : والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ولئن قلت لكم إني بريئة واله يعلم أني بريئة ولا تصدقوني وفي رواية : ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني وإني والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ثم تحولت فاضطجعت على فراشي فوا لله ما رام رسول الله صلى الله عليه و سلم مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله على نبيه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء فلما سرى عنه كان أول كلمة تكلم بها أن قال ابشري يا عائشة أما الله فقد برأك ؟ فقالت لي أمي : قومي إليه فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي وأنزل الله { إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم } عشر آيات فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق عليه شيئا بعد الذي قال علي عائشة فأنزل الله { ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة } إلى { ألا تحبون أن يغفر الله لكم } قال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح كان ينفق عليه ] وفي الباب عن ابن عباس ابن عمر عند الطبراني وأبي هريرة عند البزار وأبي اليسر عند ابن مردويه
( ك ) وأخرج الطبراني عن خصيف قلت لسعيد ين جبير : أيما أشد الزنا أو القذف ؟ قال : قلت : إن الله يقول { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات } قال : إنما أنزل هذا في شأن عائشة خاصة في إسناده يحي الحماني ضعيف
( ك ) وأخرج أيضا عن الضحاك بم مزاحم قال : نزلت هذه الآية في نساء النبي صلى الله عليه و سلم خاصة { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات } الاية
( ك ) أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن أبن عباس قال نزلت هذه الآية في عائشة خاصة
( ك ) وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت : رميت بما رميت وأنا غافلة فبلغني بعد فبينما رسول الله صلى الله عليه و سلم عندي إذ أوحي أليه ثم استوى جالسا فمسح وجهه وقال : يا عائشة ابشري فقلت : بحمد الله لا بحمدك فقرأ { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات } حتى بلغ { أولئك مبرؤون مما يقولون }
( ك ) وأخرج الطبراني يسند رجاله ثقات عن عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم في قوله { الخبيثات للخبيثين } الآية قال : نزلت في عائشة حين رماها المنافق بالبهتان والفرية فبرأها من ذلك
( ك ) أخرج الطبراني بسندين فيهما ضعيف عن ابن عباس قال نزلت { الخبيثات للخبيثين } الآية للذين قالوا في زوج النبي صلى الله عليه و سلم ما قالوا من البهتان
( ك ) وأخرج الطبراني عن الحكم بن عتبة قال : لما خاض الناس في أنر عائشة أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عائشة فقال يا عائشة ما يقول الناس ؟ فقالت : لا أعتذر حتى ينزل عذري من السماء فأنزل الله فيها خمس عشر سورة من النور ثم قرأ حتى بلغ { الخبيثات للخبيثين } الآية مرسلة صحح الإسناد
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا } الآية أخرج الفريابي وابن جرير عن عدي بن ثابت قال : جاءت امرأة من الأنصار فقالت : يا رسول الله إني أكون في بيتي على حال لا أحب أن يراني عليها أحد وإنه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا علي تلك الحال فكيف أصنع ؟ فنزلت ؟ { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا } الآية
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حبان قال : لما نزلت آية الاستئذان في البيوت قال أبوة بكر ك يا رسول الله ن فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام ولهم بيوت معلومة على الطريق فكيف يستأذنون يسلمون و ليس فيها سكان ؟ فنزلت { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة } الآية
قوله تعالى : { قل للمؤمنات } الآية أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : بلغنا أن جابر بن عبد الله حدث أن أسماء بنت مرئد كانت في نخل لها فجعل النساء يدخلن عليها غير متأزرات فيبدو ما في أرجلهن يعني الخلاخل وتبدو صدورهن وذوائبهن فقالت أسماء : ما أقبح هذا فأنزل الله { وقل للمؤمنات } الآية
وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن امرأة اتخذت صرتكن من فضة اتخذت جزعا فمرت على قوم فضربت برجلها فوقع الخلخال على الجزع فصوت فأنزل الله { ولا يضربن بأرجلهن }
قوله تعالى : { والذين يبتغون الكتاب } الآية أخرج ابن السكن في معرفة الصحابة عن عبد الله بن صبيح عن أبيه قال : كنت مملوكا لخويطب ابن عبد العزى فسألته الكتابة فنزلت { والذين يبتغون الكتاب }
قوله تعالى : { ولا تكرهوا فتياتكم } الآية أخرج مسلم من طريق أبى سفيان عن جابر بن عبد الله قال : كان عبد الله بن أبي يقول لجارية له اذهبي فأبغينا شيئا فأنزل الله { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } الآية
وأخرج أيضا من هذا الطريق أن جارية لعبد الله بن أبي يقال لها مسيكة وأخرى يقال لها أميمة فكان يكرههما على الزنا فشكتا لرسول صلى الله عليه و سلم فأنزل الله { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } الآية
وأخرج الحاكم من طريق أبي الزبير عن جابرى قال : كانت مسكية لبعض الأنصار فقالت إن سيدي يكرهني على البغاء فنزلت { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } الآية
وأخرج البزار و الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال : كانت لعبد الله ابن أبي جارية تزني في الجاهلية فلما حرم الزنا قالت : لا والله لا أزني أبدا فنزلت { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } الآية وأخرج البزار بسند ضعيف عن أنس نحوه وسمى الجارية معاذة
وأخرج سعيد بن منصور عن شعبان عن عمرو بن دينار عن عكرمة أن عبد الله بن أبي كانت له أمتان : مسيكة ومعاذة فكان يكرههما على الزنا فقالت إحداهما : 'ن خيرا فقد استكثرت منه وإن كان غير ذلك فإنه ينبغي أن أدعه فأنزل الله { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } الآية
قوله تعالى : { وإذا دعوا } أخرج ابن أبي حاتم من مرسل الحسن قال : كان الرجل إذا كان بينه وبين الرجل منازعة فدعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو محق أذعن وعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم أعرض فقال : له بالحق وإذا أراد النبي أن يظلم فدعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم أعرض فقال أنطلق إلى فلان فأنزل الله { وإذا دعوا إلى الله ورسوله } الآية
قوله تعالى : { وعد الله الذين آمنوا } الآية أخرج الحاكم وصححه الطبراني عن ابن كعب قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة وكانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ولا يصيحون إلا فيه فقالوا : ترون حتى نبيت آمنين لا نخاف إلا الله فنزلت { وعد الله الذين آمنوا منكم } الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن البراء قال : فينا نزلت هذه الآية ونحن في خوف شديد
قوله تعالى : { ليس على الأعمى } قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن أبي نجيح عن مجاهد قال : كان الرجل يذهب بالأعمى و الأعرج والمريض إلى بيت أبيه أو بيت أخته أو بيت عمته أو بيت خالته فكانت الزمنى يتحرجون من ذلك يقولون إنما ذهب إلى بيوت غيرهم فنزلت هذه الآية رخصة لهم { ليس على الأعمى حرج } الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لما أنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } تحرج المسلمون وقالوا : الطعام من أفضل الأموال فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد فكف الناس عن ذلك فنزل { ليس على الأعمى حرج } إلى قوله { أو ما ملكتم مفاتحه } الآية
وأخرج عن الضحاك قال : كان أهل المدينة قبل البعث النبي صلى الله عليه و سلم لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا مريض ولا أعرج لأن الأعمى لا يبصر طيب الطعام والمريض لا يستوفي الطعام كما يستوفي الصحيح والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام فنزلت رخصة في مؤاكلتهم
وأخرج عن مقسم قال كانوا يتقون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج فنزلت وأخرج الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس قال : خرج الحرث غازيا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فخلف على أهله خالد بن زيد فحرج أن يأكل من طعامه وكان مجهودا فنزلت
قوله تعالى { وليس عليكم جناح } الآية أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة قالت : كان المسلمون يرغبون في النفر مع رسول صلى الله عليه و سلم فيدفعون مفاتيحهم إلى زمناهم ويقولون لهم قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما أحببتم وكانوا يقولون أنه لا يحل لنا انهم أذنوا عن غير طيب نفس فأنزل الله { ليس عليكم جناح } إلى قوله { أو ما ملكتم مفاتحه }
وأخرج ابن جرير عن الزهري أنه سئل عن قوله { ليس على الأعمى حرج } ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا ؟ فقال : أخبرني عبد الله بن عبد الله قال : أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمانهم وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ويقولون : قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا وكانوا يتحرجون من ذلك ـ ويقولون : لا ندخلها وهم غيب فأنزلت هذه الآية رخصة لهم
وأخرج عن قتادة قال : نزلت { ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا } في حي من العرب كان منهم لا يأكل طعامه وحده وكان يحمل بعض يوم حتى يجد من يأكله معه وأخرج عن عكرمة وأبي صالح قالا : كانت الأنصار إذا نزل بهم لا يأكلون حتى يأكل الضيف معهم فنزلت رخصة لهم
قوله تعالى : { إنما المؤمنون } الآية أخرج ابن أسحق و البيهقي في الدلائل عن عروة ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما قالوا : لما أقبلت قريش عام الأحزاب نزلوا بجمع من الأسيال من رومة بئر بالمدينة قائدها أبو سفيان وأقبلت غطفان حنى نزلوا بنعمى إلى جانب أحد وجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم الخبر فضرب الخندق على المدينة وعمل فيه وأبطأ رجال من المنافقين وجعلوا يأتون بالضعيف من العمل فيتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا إذن وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد منها يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم ويستأذنه في اللحوق لحاجته فيأذن له وإذا قضى حاجته رجع فأنزل الله في أولئك المؤمنين { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع } إلى قوله { والله بكل شيء عليم }
قوله تعالى { ولا تجعلوا } الآية أخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق الضحاك عن ابن عباس قال : كانوا يقولون يا محمد يا أبا القاسم فأنزل الله { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } فقالوا : يا نبي الله يا رسول الله

أقسام الكتاب
1 2