الكتاب : معاني القرآن الكريم
المؤلف : ابو جعفر احمد بن محمد بن اسماعيل النحاس

يروى انهم دعوا النبي إلى الصلاة فيه كما صلى في مسجد قباء
قال سهل بن سعيد وأبو سعيد الخدري اختلف رجلان في عهد النبي في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد النبي وقال الآخر هو مسجد قباء فاتيا النبي فسالاه فقال النبي هو مسجدي هذا
وفي حديث أبي سعيد وذلك خير كثير
104 - ثم قال جل وعز فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين آية 108

يروى ان النبي سألهم عن طهورهم فقالوا إنا نستنجي بالماء فقال أحسنتم
والهاء في قوله أحق أن تقوم فيه يعود على مسجد النبي
والهاء في قوله فيه رجال يحبون أن يتطهروا يعود على مسجد قباء ويجوز ان تكون تعود على مسجد النبي
105 - وقوله جل وعز أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم 0 آية 109
والشفا الحرف والحد
والجرف ما جرفه السيل
والهاري المتهدم الساقط

106 - وقوله جل وعز لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم آية 110
قال قتادة أي شكا كأنهم عوقبوا بهذا
وقال السدي أي حزازة
107 - ثم قال جل وعز إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم آية 110
قال عطاء ومجاهد وقتادة إلا أن تقطع قلوبهم الا أن يموتوا
وقال غيرهم أي إلا ان يتوبوا توبة يندمون فيها على ما فعلوا حتى يكونوا بمنزلة من قد قطع قلبه

وقرأ عكرمة إلى أن على الغاية
108 - وقوله جل وعز إن الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بان لهم الجنة آية 111
هذا تمثيل كما قال جل وعز أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى
109 - وقوله جل وعز التائبون العابدون الحامدون السائحون آية 112
قال الحسن أي التائبون من الشرك العابدون الله وحده السائحون
روي عن النبي انه قال الصائمون وقد صح عن ابن مسعود

قال أبو جعفر وأصل السيح الذهاب على وجه الأرض ومنه قيل ماء سيح ومنه سمي سيحان
وقيل للصائم سايح لأنه تارك للمطعم والمشرب والنكاح فهو بمنزلة السايح
110 - ثم قال جل وعز الراكعون الساجدون آية 112
أي المؤدون الفرائض
ثم قال جل وعز الآمرون بالمعروف أي بالإيمان بالله جل وعز
ثم قال والناهون عن المنكر أي عن الكفر
ويجوز ان يكون المعنى ألاحرون بكل معروف والناهون عن كل منكر

والحافظون لحدود الله أي العاملون بأمر الله جل وعز ونهيه
111 - وقوله جل وعز ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى آية 113
وروى أبو الخليل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال مررت برجل من المسلمين يستغفر لأبيه وقد مات مشركا قال فنهيته فقال قد استغفر إبراهيم لأبيه فأتيت النبي فأخبرته فأنزل الله ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعده إياه إلى آخر الآيتين
وفي بعض الروايات فذكرت ذلك للنبي فقرأ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين الآيتين

وروى الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابيه أن النبي جاء ابا طالب حين حضرته الوفاة وكان أبو جهل وعبد الله بن أمية عند فقال النبي أي عم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية أترغب عن ملة عبد المطلب فابى ان يقول لا إله إلا الله فقال النبي أما والله لأستغفرن لك ما لم انه فانزل الله عز و جل ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين وأنزل إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء
قال ابن مسعود ناجى النبي قبر أمه وبكى وقال إني استأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي ونزل ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين
وقيل معنى إلا عن موعدة وعدها إياه إن أباه وعده

أن يسلم فاستغفر له
فلما تبين له أنه عدو لله بإقامته الكفر تبرأ منه
وقال عبد الله بن عباس لما تبين له أنه عدو لله بان مات وهو كافر تبرأ منه
112 - وقوله عز و جل إن إبراهيم لأواه حليم آية 114
روى أبو ظبيان عن ابن عباس أنه قال الأواه الموقن
وروي عن عبد الله بن مسعود قولان أصحهما إسنادا ما رواه حماد عن عاصم عن زر عن ابن مسعود أنه قال هو الدعاء والآخر انه الرحيم
وروي عن مجاهد أنه الفقيه
وقال كعب إذا ذكر النار تأوه

قال أبو جعفر وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأن هذه كلها من صفات إبراهيم إلا ان أحسنها في اللغة الدعاء لأن التأوه إنما هو صوت قال المثقب ... إذا ما قمت ارحلها بليل ... تأوه آهة الرجل الحزين ...
وقول كعب أيضا حسن أي كان يتأوه إذا ذكر النار
وقال سعيد بن جبير المسبح وقيل الذي يتأوه من الذنوب فلا يعجل إلى معصية فلم يستغفر لأبيه إلا لوعده لأن الاستغفار للكافر ترك الرضا لأفعل الله عز و جل واحكامه
113 - وقوله جل وعز وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون آية 115
قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله أي يحتج عليهم بامره كما قال تعالى وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها

ففسقوا فيها
وقال مجاهد يبين لهم أمر إبراهيم ألا يستغفروا للمشركين خاصة ويبين لهم الطاعة والمعصية عامة
وروي أنه لما نزل تحريم الخمر وشدد فيها سألوا النبي عمن مات وهو يشربها فأنزل الله عز و جل وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون
114 - وقوله جل وعز لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة آية 179 قال عبد الله بن محمد بن عقيل بن ابي طالب خرجوا في غزوة تبوك في حر شديد وكان الرجلان والثلاثة على البعير الواحد فعطشوا يوما عطشا شديدا فأقبلوا ينحرون الإبل ويشقون أكراشها ويشربون ما فيها

115 - ثم قال جل وعز من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم 0 آية 117
تزيغ تميل وليس ميلا عن الإسلام وإنما هموا بالقفول فتاب الله عليهم وأمرهم به
116 - وقول عز و جل وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت آية 118
كان أبو مالك يقول خلفوا عن التوبة
وحكي عن محمد بن يزيد معنى خلفوا تركوا لأن معنى خلفت فلانا فارقته قاعدا عما نهضت فيه

وقرأ عكرمة بن خالد خلفوا أي أقاموا بعقب رسول الله
وروي عن جعفر بن محمد أنه قرأ خالفوا
ومعنى رحبت وسعت
ومعنى وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه وأيقنوا
117 - وقوله جل وعز ثم تاب عليم ليتوبوا آية 118
فيه جوابان
أحدهما أن المعنى ثم تاب عليهم ليثبتوا على التوبة كما

قال تعالى ياأيها الذين آمنوا آمنوا
والآخر أنه فسح لهم ولم يعجل عقابهم كما فعل بغيرهم قال جل وعز فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم
118 - وقوله جل وعز يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين آية 119
قيل مع الصادقين الذين يصدقون في قولهم وعملهم
وقيل الذين يصدقون في إيمانهم ويوفون بما عاهدوا عليه كما قال تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
119 - وقوله جل وعز ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب ان يتخلفوا عن رسول الله آية 120
وقد قال بعد هذا وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين آية 122
قال قتادة أمروا ألا يتخلفوا عن رسول الله إذا خرج

بنفسه فإذا وجه سرية تخلف بعضهم ليسمعوا الوحي والأمر والنهي فيخبروا به من كان غائبا
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وما كان المؤمنون لينفروا كافة انها ليست في الجهاد ولكن لما دعا رسول الله على مضر بالسنين أجدبت بلادهم فكانت القبيلة تقبل بأسرها حتى يحلوا بالمدينة من الجهد واجهدوهم فأنزل الله عز و جل يخبر رسوله أنهم ليسوا مؤمنين فردهم رسول الله إلى عشائرهم وحذر قومهم أن يفعلوا فعلهم فذلك قوله سبحانه ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون
وبهذا الإسناد قال يعني ما كان المؤمنون لينفروا جميعا ويتركوا النبي وحده والتأويلان متقاربان والمعنى إنهم لا ينفرون كلهم ويدعون حفظ أمصارهم وعمرانها ومنع الأعداء

منها وعليهم حفظ نبيهم كما خفف عليهم حفظ أمصارهم من الأعداء
120 - ثم قال جل وعز ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا محمصة في سبيل الله آية 120
ظمأ أي عطش ولا نصب وهو أشد التعب
قال قتادة والمخمصة المجاعة
121 - وقوله جل وعز وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادته هذه إيمانا آية 124
أي فمن المنافقين من يقول أيكم زادته هذ إيمانا لأنه إذا آمن بها فقد ازداد إيمانه
122 - ثم قال جل وعز وأما الذين في قلوبهم مرض آية 125
أي شك فزادتهم رجسا إلى رجسهم أي كفرا إلى كفرهم
123 - وقوله جل وعز أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين آية 126

قال الحسن أي يبتلون بالغزو في كل سنة مرة أو مرتين
قال مجاهد أي يبتلون بالسنة والجدب
124 - وقوله جل وعز وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد آية 127
لأنهم منافقون فكان بعضهم يومئ إلى بعض فيقول ايكم زادته هذه إيمانا ثم انصرفوا
يجوز أن يكون المعنى ثم انصرفوا من موضعهم
ويجوز أن يكون المعنى ثم انصرفوا عن الإيمان

125 - ثم قال جل وعز صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون آية 127
قال الزجاج أي أضلهم مجازاة على فعلهم
126 - وقول جل وعز لقد جاءكم رسول من أنفسكم آية 128
روى جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال لم يكن في نسب رسول الله شيء يعاب قال انا من نكاح لا من سفاح
قال أهل اللغة يجوز أن يكون المعنى لقد جاءكم رسول من أنفسكم أي بشر كما أنكم بشر فأنتم تفقهون عنه
ويجوز أن يكون المعنى أنه من العرب فهو منكم فأنتم

تقفون على صدقه ومذهبه
127 - ثم قال جل وعز عزيز عليه ما عنتم آية 128
أي شديد عليه عنتكم
وأصل العنت الهلاك فقيل لما يؤدي إلى الهلاك عنت
128 - ثم قال جل وعز حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم آية 128
قال قتادة أي حريص على من لم يسلم أن يسلم
129 - ثم قال جل وعز فإن تولو فقل حسبي الله آية 129
أي يكفيني الله
يقال أحسبني الشيء إذا كفاني

130 - ثم قال جل وعز لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم آية 129
وقرأ ابن محيصن وهو رب العرش العظيم
وهي قراءة حسنة بينة
وروي عن ابن عباس أن آخر آية نزلت لقد جاءكم رسول من انفسكم تمت سورة براءة والحمد لله

تفسير سورة يونس مكية وآياتها 109 آية

بسم الله الرحمن الرحيم سورة يونس وهي مكية
1 - قوله عز و جل آلر تلك آيات الكتاب الحكيم آية 1
روى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى آلر قال أنا الله أرى
قال أبو جعفر حدثنا علي بن الحسين قال نا الزعفراني قال نا علي بن الجعد قال نا شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس آلر قال أنا الله أرى
وفي رواية عكرمة عن ابن عباس آلر و حم و ن حروف الرحمن مقطعة
قال أبو جعفر قد بينا هذا في أول سورة البقرة
ومعنى الحكيم عند أهل اللغة المحكم كما قال

تعالى هذا ما لدي عتيد أي معد
2 - وقوله جل وعز أكان للناس عجبا ان أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس آية 2
روي انه يراد بالناس ها هنا أهل مكة لأنهم قالوا العجب الم يجد الله رسولا إلا يتيم ابي طالب فانزل الله جل وعز أكان للناس عجبا ان أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس
3 - ثم قال جل وعز وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم آية 2
قال ابن عباس أي منزل صدق
وقيل القدم العمل الصالح
وقيل السابقة
ويروى عن الحسن أو قتادة قال القدم محمد يشفع لهم

وقال أبو زيد رجل قدم أي شجاع
وقال قتادة أي سلف صدق
وقال مجاهد أي خير
وفي رواية علي بن أبي طلحة عنه قال سبقت لهم السعادة في الذكر الأول
وهذه الأقوال متقاربة والمعنى منزلة رفيعة
4 - وقوله جل وعز ما من شفيع إلا من بعد إذنه آية 3
ولم يجر للشفيع ذكر لأنه قد عرف المعنى إذ كانوا يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قال الله جل وعز ما من شفيع إلا من بعد إذنه أي لا يشفع شفيع إلا لمن ارتضى
5 - وقوله جل وعز وعد الله حقا إن يبدأ الخلق ثم يعيده آية 4

وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع أنه يبدأ الخلق ثم يعيده
قال أبو جعفر وفتحها يحتمل معنيين
أحدهما لأنه
والآخر وعد الله انه
والقسط العدل
6 - وقوله جل وعز هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل آية 5
ولم يقل وقدرهما لأن المقدر لعدد السنين والحساب القمر وهو ثمان وعشرون منزلة
قال أبو إسحاق ويحتمل أن يكون المعنى وقدرهما ثم حذف كما قال ... نحن بما عندنا وانت بما ... عندك راض والرأي مختلف

7 - وقوله جل وعز إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم آية 9
قال مجاهد أي يجعل لهم نورا يمشون به
ويروى عن النبي ما يقوي هذا أنه قال يتلقى المؤمن عمله في أحسن صورة فيؤنسه ويهديه ويتلقى الكافر عمله في اقبح صورة فيوحشه ويضله هذا معنى الحديث
8 - وقوله جل وعز دعواهم فيها سبحانك اللهم آية 10
أي دعاؤهم تنزيه الله جل وعز وتحيتهم فيها سلام أي يحيي بعضهم بعضا بالسلامة
ويجوز ان يكون الله جل وعز يحييهم بالسلام إكراما لهم

9 - ثم قال جل وعز وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين آية 10
فخبر أن افتتاح دعائهم تنزيه الله وآخره شكره
10 - وقوله جل وعز ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم آية 11
قال مجاهد وهو دعاء الرجل عند الغضب على أهله وولده فلو عجل لهم ذلك لماتوا
وقيل إته قولهم اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء
فلو عجل لهم هذا لهلكوا
11 - وقوله جل وعز وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما آية 12

ويجوز أن يكون المعنى وإذا مس الإنسان الضر مضطجعا أو قاعدا أو قائما دعانا
ويجوز ان يكون التقدير دعانا على أحدى هذه الأحوال
12 - ثم قال جل وعز فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه آية 12
روى أبو عبيد عن أبي عبيدة أن مر من مذهب استمر
وقال الفراء أي استمر على ما كان عليه من قبل ان يمسه الضر
13 - وقوله جل وعز ولقد اهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا آية 13
قوله تعالى وما كانوا ليؤمنوا فيه قولان
أحدهما الله جل وعز أخبر بما يعلم منهم لو بقاهم

والآخر انه جازاهم على كفرهم بأن طبع على قلوبهم
3 - ويدل على هذا أنه قال كذلك نجزي القوم المجرمين
14 - وقوله جل وعز وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله آية 15
قال قتادة الذين قالوا هذا مشركو اهل مكة
وقال غيره أي ائت تقرآن ليس فيه ذكر البعث والنشور ولا سب آلهتنا قال الله جل وعز قل ما يكون لي ان ابدله من تلقاء نفسي آية 15
15 - ثم قال تعالى قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به آية 16
قال الضحاك أي ولا أشعركم به ولا أعلمكم به

16 - ثم قال جل وعز فقد لبثت فيكم عمرا من قبله آية 16
قال قتادة لبث فيهم اربعين سنة واقام سنتين يرى رؤيا الأنبياء وتوفي وهو ابن اثنتين وستين سنة
17 - وقوله جل وعز ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم آية 18
أي ما لايضرهم إن لم يعبدوه ولا ينفعهم إن عبدوه 18 ثم قال جل وعز ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبؤن الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض آية 18
أي اتعبدون ما لا يشفع ولا ينصر ولا يميز وتقولون هو يشفع لنا عند الله فتكذبون وهل يتهيأ لكم ان تنبؤه بما لا يعلم
19 - وقوله جل وعز وما كان الناس إلا مة واحدة فاختلفوا آية 19

فيه ثلاثة أقوال
أبينها قول مجاهد وهو انهم كانوا في وقت آدم على دين واحد ثم اختلفوا
والقول الثاني أن هذا عام يراد به الخاص وأنه يراد بالناس ها هنا العرب خاصة
والقول الثالث أنه مثل قوله كل مولود يولد على الفطرة أي ثم يختلفون بعد ذلك
20 - وقوله جل وعز وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم آية 21
يراد بالناس ها هنا الكفار كما قال تعالى إن الإنسان لربه لكنود

وقال الحسن ذلك المنافق
والرحمة ها هنا الفرج و من بعد ضراء أي من بعد كرب إذا لهم مكر في آياتنا أي يحتالون حتى يجعلوا سبب الرحمة في غير موضعه
قال مجاهد إذا لهم مكر في آياتنا استهزاء وتكذيب
21 - وقوله جل وعز حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة آية 22
قيل المعنى حتى إذا كنتم في الفلك ثم حولت المخاطبة إلى النبي فصار المعنى وجرين بهم يا محمد
وقيل العرب تقيم الغائب مقام الشاهد فتخاطبه مخاطبته ثم ترده إلى الغائب
22 - وقوله عز و جل وظنوا أنهم أحيط بهم آية 22
يقال لمن وقع في بلية قد أحيط به كأن البلاء أحاط به واصل هذا أن العدو إذا أحاط بموضع فقد هلك أهله

23 - وقوله جل وعز إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق آية 22
البغي الترامي إلى الفساد قال الأصمعي يقال بغى الجرح يبغي بغيا إذا ترامى إلى فساد
24 - ثم قال جل وعز يا أيها إنما الناس بغيكم على أنفسكم آية 22
أي عملكم بالظلم يرجع عليكم
25 - ثم قال جل وعز متاع الحياة الدنيا آية 23
أي ما تنالون بالبغي والفساد فإنما هو شيء تتلذذون به في الدنيا هذا قول أهل اللغة
وروي عن سفيان بن عيينة أنه قال اراد أن البغي متاع الحياة الدنيا أي عقوبته تعجل لصاحبه في الدنيا

كما يقال البغي مصرعة وقال جل وعز ثم بغي عليه لينصرنه الله 26 وقوله جل وعز إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام آية 24
اختلط النبات مع المطر والمطر مع النبات
27 - وقوله جل وعز حتى إذا اخذت الأرض زخرفها آية 24
الزخرف في اللغة كمال الحسن ومنه قيل للذهب زخرف
28 - ثم قال جل وعز كأن لم تغن بالأمس آية 24
أي كأن لم تنعم

والمعنى عند أهل اللغة كأن لم تعمر
والمعاني المنازل التي يعمرها الناس وغنيت بالمنزل أقمت به وعمرته
29 - وقوله جل وعز والله يدعو إلى دار السلام آية 25 3 قال قتادة دار السلام الجنة والسلام الله عز و جل
قال أبو جعفر المعنى على هذا والله يدعو إلى داره
وإعادة الاسم إذا لم يكن مشكلا أفخم
قال أبو إسحاق ويجوز ان يكون المعنى والله أعلم يدعو إلى الدار التي يسلم فيها من الآفات
30 - وقوله جل وعز للذين أحسنوا الحسنى وزيادة آية 26
قال أبو جعفر الذي عليه أهل الحديث أن الحسنى

الجنة والزيادة النظر إلى الله جل اسمه حدثنا الحسين بن عمر قال نا هناد قال نا وكيع عن أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي موسى في قول الله تعالى للذين أحسنوا الحسنى قال الجنة وزيادة قال النظر إلى الله جل وعز
حدثنا الحسين قال نا هناد قال نا قبيصة قال نا حماد بن سلمة وقرىء على ابن بنت منيع عن هدبة بن خالد قال نا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال إن رسول الله قرأ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة فقال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون وما هو ألم يثقل الله موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة وينجنا من النار فيكشف عن الحجاب ويتجلى فينظرون إليه جل وعز قال فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة
قال أبو جعفر وفي حديث ابن بنت منيع ويجرنا وفي

حديثه فينظرون إلى الله جل وعز
31 - ثم قال جل وعز ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة آية 26
قال ابن عباس القتر سواد الوجوه
وقال غيره القتر جمع قترة وهي الغبرة
ومعنى يرهق يغشى والذلة الهوان
وفي حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة قال بعد نظرهم إلى ربهم
والعاصم المانع
32 - وقوله جل وعز كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما آية 27

القطع جمع قطعة ومن قرأ قطعا فهو اسم ما قطع يقال قطعة قطعا واسم ما قطعت قطع
33 - وقوله جل وعز ثم نقول للذين أشركوا مكانكم آية 28
أي انتظروا مكانكم توعد فزيلنا بينهم من قولك زلت الشيء من الشيء أي نحيته وزيلت على التكثير
34 - ثم قال جل وعز فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم آية 29
لأنهم قالوا من يشهد لك أنك رسول الله
35 - وقوله جل وعز هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت آية 29
قال مجاهد أي تختبر
ومعناه تجده وتقف عليه

وفي تتلو قولان
قال الأخفش أي تقرأ كما قال وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك
والقول الآخر أن معنى تتلو تتبع كما قال
قد جعلت دلوي تستتليني
36 - وقوله جل وعز كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا آية 33
ثم بين الكلمة فقال أنهم لا يؤمنون فالمعنى حق عليهم أنهم لا يؤمنون
ويجوز ان يكون المعنى لأنهم لا يؤمنون وتكون الكلمة العقاب

37 - وقوله جل وعز وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله آية 37
معناه لأن يفترى أي لأن يختلق
ويجوز أن يكون المعنى وما كان هذا القرآن ان يفترى من دون الله كما تقول وما كان هذا القرآن كذبا
38 - ثم قال جل وعز ولكن تصديق الذي بين يديه آية 37
يجوز ان يكون المعنى ولكن تصديق الشيء الذي القرآن بين يديه أي يصدق ما تقدمه من الكتب وأنباء الأمم
ويجوز أن يكون المعنى أنه يصدق ما لم يأت من أمر الساعة
39 - وقوله جل وعز أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله آية 38
المعنى بسورة مثل سوره مثل واسأل القرية والمراد الجنس

وقيل المعنى فأتوا بقرآن مثل هذا القرآن والسورة قرآن فكنى عنها بالتذكير على المعنى ولو كان على اللفظ لقيل مثلها
40 - ثم قال جل وعز وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين آية 38
أي ادعوا من يعينكم ممن يذهب إلى مذهبكم إن كنتم صادقين أنه مفترى
41 - ثم قال جل وعز بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه آية 39
قيل يراد بهذا والله أعلم من كذب وهو شاك
وقيل بما لم يحيطوا بعلمه أي بما فيه من الوعيد على كفرهم
ولما ياتهم تأويله أي ما يؤول إليه ذلك الوعيد وقيل ولما يأتهم تأويله أي لم يعرفوه فهذا يدل على الى الأخ يوسف العلي من كانت له رسالة أرجو

انه يجب ان ينظر في التأويل
ويجوز أن يكون المعنى ولما ياتهم ما يؤول إليه أمرهم من العقاب
42 - وقوله جل وعز ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين آية 40
أي منهم من يعلم أنه حق ويظهر الكفر عنادا وإبقاء على رياسته ومنهم من لا يؤمن به في السر والعلانية
43 - وقوله جل وعز ومنهم من يستمعون إليك فأنت تسمع الصم أي ظاهرهم ظاهر من يستمعون وهم لشدة عداوتهم وانحرافهم عن النبي بمنزلة الصم

ثم قال جل وعز ولو كانوا لا يعقلون آية 42 3 أي ولو كانوا مع هذا جهالا
44 - ثم قال جل وعز ومن هم من ينظر إليك افانت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون آية 43 ومنهم من ينظر إليك أي يديم النظر إليك كما قال تعالى ينظرون إليك تدور اعينهم كالذي يغشى عليه من الموت
45 - وقوله جل وعز ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط آية 47
قال مجاهد يعني يوم القيامة
والمعنى على هذا فإذا جاء رسولهم يشهد عليهم بالإيمان والكفر كما قال تعالى فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد

وقال جل وعز وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا
وقال غير مجاهد يجوز أن يكون إنه لا يعذب احدا حتى يجيئه الإعذار والإنذار وإنما يأتي بهذا الرسل
46 - وقوله جل وعز ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار آية 45
أي قريب ما بين موتهم ومبعثهم ثم قال يتعارفون بينهم أي يعرف بعضهم بعضا وهو اشد لتوبيخهم إذا عرف بعضهم بعضا بالإضلال والفساد
47 - وقوله جل وعز وإلما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك آية 47
قال مجاهد أي وإما نرينك العذاب في حياتك أو

نتوفينك قبل ذلك فإلينا مرجعهم
وقال غيره يريد بقوله جل وعز وإما نرينك بعض الذي لغدهم وقعة بدر والله أعلم
48 - وقوله جل وعز قل ارايتم إن اتاكم عذابه بياتا او نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أية 50
يجوز أن يكون المعنى ماذا يستعجل من الله
ويجوز ان يكون ماذا يستعجل من العذاب المجرمون
قال أبو جعفر وهذا أشبه بالمعنى لقوله تعالى أثم إذا ما وقع آمنتم به
49 - ثم قال جل وعز الآن وقد كنتم به تستعجلون آية 51
وفي الكلام حذف والمعنى الآن تؤمنون به

50 - وقوله جل وعز ويستنبئونك أحق هو آية 53
المعنى ويستخبرونك فيقولون أحق هو
قل إي وربي إنه لحق أي المعنى نعم
51 - وقوله جل وعز وما أنتم بمعجزين آية 53
أي ما أنتم ممن يعجز عن ان يجازى بكفره
52 - وقوله جل وعز وأسروا الندامة لما رأوا العذاب آية 54
في معناه قولان
احدهما أن الرؤساء الدعاة إلى الكفر أسروا الندامة لما رأوا العذاب
والآخر ان أسروا بمعنى أظهروا

وقال أبو العباس إن كان هذا صحيحا فمعناه بدت الندامة في أسرة وجوههم وواحدها سرار وهي الخطوط التي في الجبهة
53 - وقوله جل وعز يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم آية 57
يعني القرآن
54 - وقوله جل وعز قل بفضل الله وبرحمته فليفرحوا آية 58
قال الحسن فضله الإسلام ورحمته القرآن
وقال أبو التياح بفضل الله يعني الإسلام وبرحمته يعني القرآن فبذلك فلتفرحوا يا أصحاب محمد هو خير مما يجمعون قال يعني الكفار

وروى عكرمة عن ابن عباس بفضل الله القرآن وبرحمته أن جعلنا من أهله
55 - وقوله جل وعز قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا آية 59
قال مجاهد يعني البحائر والسوائب
وقال الضحاك يعني بقوله وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا
56 - وقوله جل وعز وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه آية 61
معنى وما تكون في شأن أي وأي وقت تكون في شأن من عبادة أو غيرها وما تتلو منه من قرآن قال أبو إسحاق المعنى من الشأن
57 - وقوله جل وعز إذ تفيضون فيه آية 61
أي تأخذون فيه ومنه أفاض في الحديث

58 - وقوله جل وعز وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة آية 61
أي وما يبعد ولا يغيب
ومثقال الشيء وزنه والذرة النملة الصغيرة
59 - وقوله جل وعز ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون آية 62
يروى أن رجلا قال للنبي من أولياء الله فقال الذين إذا رؤوا ذكر الله
حدثنا ابو جعفر قال نا الحسين بن عمر الكوفي ببغداد قال نا العلاء بن عمرو قال نا يحيى بن اليمان عن أشعث بن إسحاق القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال يذكر الله جل وعز برؤيتهم

60 - وقوله جل وعز لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة آية 64
قال عبادة بن الصامت سالت رسول الله عن قوله جل وعز لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة فقال هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أوترى له وفي الآخرة الجنة
وفيها قول آخر رواه شعبة عن ابن عمران الجوني عن عبد الله ابن الصامت عن أبي ذر قلت للنبي الرجل يعمل لنفسه خيرا ويحبه الناس فقال تلك عاجل بشرى المؤمنين في الدنيا
61 - وقوله جل وعز لا تبديل لكلمات الله آية 64 أي لا خلف لوعده
وقيل معنى لا تبديل لكلمات الله لا تبديل لأخباره أي لا ينسخها شيء ولا تكون إلا كما قال

62 - وقوله جل وعز ولا يحزنك قولهم آية 65
أي لا يحزنك إيعادهم وتكذيبهم واستطالتهم عليك
63 - وقوله جل وعز إن العزة لله جميعا آية 65
أي إن الغلبة لله
64 - وقوله جل وعز وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون آية 66
أي يحدسون ويحزرون
65 - وقوله جل وعز هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا آية 67
أي مبصرا فيه على النسب كما قال في عيشة راضية أي ذات رضى أي يرضى بها

66 - وقوله جل وعز إن عندكم من سلطان بهذا آية 68
أي ما عندكم من حجة بهذا
67 - ثم قال جل وعز قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون آية 69
تم الكلام
ثم قال متاع في الدنيا أي ذلك متاع في الدنيا
68 - وقوله جل وعز فأجمعوا أمركم وشركاءكم آية 71
قال الفراء معناه وادعوا شركاءكم قال والإجماع الإعداد والعزيمة على الأمر
وقال أبو العباس هو محمول على المعنى لأن معنى أجمعوا واجمعوا واحد
وقال أبو إسحاق المعنى مع شركائكم قال وقول الفراء لا معنى له لأنه إن كان يذهب إلى أن المعنى وادعوا شركاءكم ليعينوكم فمعناه معنى مع وإن كان يذهب إلى الدعاء فقط فلا

معنى لدعائهم لغير شيء
وقرأ الجحدري ويروى عن الأعرج فاجمعوا أمركم يوصل الألف وفتح الميم
وقرأ الحسن فأجمعوا أمركم وشركاؤكم
قال أبو جعفر وهذا يدل على انهما لغتان بمعنى واحد 69 وقوله جل وعز ثم لا يكن امركم عليكم غمة آية 71
فيه قولان
أحدهما أن معنى غمة كمعنى غم
والآخر وهو أصح في اللغة ان المعنى ليكن أمركم ظاهرا يقال القوم في غمة إذا عمي عليهم أمرهم والتبس ومن هذا غم الهلال على الناس أي غشية ما غطاه

والغم من هذا إنما هو ما غشي القلب من الكرب فضيقه واصل هذا مشتق من الغمامة
70 - وقوله جل وعز ثم اقضوا إلي ولا تنظرون آية 71
أي ثم افعلوا ما بدا لكم
قال الكسائي ويقرأ وأفضوا إلي بقطع الألف والفاء
71 - وقوله جل وعز قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا آية 78
قال قتادة أي لتلوينا
قال أبو جعفر وهذا معروف في اللغة يقال لفته يلفته إذا عدله ومن هذا التفت إنما هو عدل عن الجهة التي بين يديه
72 - ثم قال تعالى وتكون لكما الكبرياء في الأرض آية 78

قال مجاهد أي الملك وذلك معروف في اللغة وإنما قيل للملك كبرياء لأنه أكبر ما ينال في الدنيا
73 - وقوله جل وعز فلما القوا قال موسى ما جئتم به السحر آية 81
من قرأ آلسحر فمعناه عنده التوبيخ أي أي شيء جئتم به آلسحر هو
74 - وقوله جل وعز فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه آية 83
قال ابن عباس أي قليل
وقال مجاهد يعني أنه لم يؤمن به منهم أحد وإنما آمن أولادهم
وقال بعض أهل اللغة إنما قيل لهم ذرية لأن آباءهم قبط وأمهاتهم من بني إسرائيل كما قيل لمن سقط من فارس إلى اليمن

الأبناء يذهب إلى أنهم رجال مذكورون
75 - ثم قال جل وعز على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم آية 83
فقال وملئهم لأنه قد علم أن معه من يأتمر له ويرجع إلى قوله
وقيل المعنى على خوف من آل فرعون
76 - وقوله جل وعز ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين آية 86
قال مجاهد أي لا تهلكنا بأيدي أعدائنا ولا تعذبنا بعذاب من عندك فيقول أعداؤنا لو كانوا على حق لما سلطنا عليهم ولما عذبوا أي فيفتتنوا بذلك
وقال أبو مجلز لا يظهروا فيروا أنهم خير منا

77 - وقوله عز و جل واجعلوا بيوتكم قبلة آية 87
قال ابن عباس أي مساجد
وقال مجاهد أي نحو الكعبة
وقال إبراهيم النخعي كانوا على خوف كما أخبر الله جل وعز فأمروا أن يصلوا في بيوتهم لئلا يلحقهم أذى
78 - وقوله جل وعز ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك آية 88
وليضلوا
المعنى فأصارهم ذلك إلى الضلال كما قال جل وعز فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا أي فآل أمرهم إلى ذلك وكأنهم فعلوا ذلك لهذا

وبعض أهل اللغة يقول لام الصيرورة وهي لام كي على الحقيقة
79 - وقوله جل وعز ربنا اطمس على أموالهم آية 88
قال قتادة بلغنا أن أموالهم وزروعهم صارت حجارة
قال مجاهد أي أهلكها
قال أبو جعفر ومعروف في اللغة أن يقال طمس الموضع إذا عفا ودرس
80 - ثم قال جل وعز واشدد على قلوبهم آية 88
قال مجاهد أي بالضلالة
وقال غيره أي قسها
والمعنى واحد
81 - ثم قال عز و جل فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم آية 88
قال مجاهد دعا عليهم
قال أبو جعفر وهذا لأنهم إذا رأوا العذاب لم ينفعهم الإيمان فقد دعا عليهم

قال أبو إسحاق قال أبو العباس هو معطوف على قوله ربنا ليضلوا عن سبيلك
82 - وقوله جل وعز قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما آية 89
قال قتادة دعا موسى وأمن هارون
حدثنا محمد بن الحسين بن سماعة بالكوفة قال نا أبو نعيم قال نا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية قال قد أجيبت دعوتكما قال دعا موسى فأمن هارون صلى الله عليهما
قال أبو جعفر وهو حسن عند أهل اللغة لأن التأمين دعاء ألا ترى أن معنى آمين استجب
83 - وقوله جل وعز وجاورنا لبني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا آية 90

وقرأ قتادة فاتبعهم فرعون وجنوده بوصل الألف
قال الأصمعي يقال اتبعه بقطع الألف إذا لحقه وأدركه واتبعه بوصل الألف إذا اتبع أثره أدركه أو لم يدركه وكذلك قال أبو زيد
وقيل اتبعه بوصل الآلف في الأمر اقتدى به واتبعه بقطع الآلف خيرا أو شرا هذا قول أبي عمرو
وقيل هما واحد
وقرأ قتادة بغيا وعدوا والعدو الظلم
84 - وقوله جل وعز حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل آية 90
روى شعبة عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب قالا

سمعنا سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال شعبة رفعه أحدهما إلى النبي قال إن جبرائيل عليه السلام كان يدس الطين فيجعله في في فرعون قال مخافة أن يقول لا إله إلا أنت فيغفر له
وقال عون بن عبد الله بلغني أن جبرائيل قال للنبي عليه السلام ما ولد إبليس ولدا قط أبغض إلي من فرعون وأنه لما أدركه الغرق قال آمنت الآية فخشيت أن يقولها فيرحم فأخذت تربة أو طينة فحشوتها في فيه
وقيل إن جبرائيل إنما فعل هذا به عقوبة له على عظيم ما كان يأتي
85 - وقوله جل وعز فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية آية 92
قال قتادة لم تصدق طائفة من الناس أنه غرق فأخرج لهم

ليكون عظة وآية
وقال غيره الاية فيه أنه يدعي أنه رب وكان قومه يعبدونه فأراهم الله إياه بعدما غرقه
ومن الآية فيه أنه غرق هو وقومه فأخرج دونهم
قال أبو عبيدة معنى ننجيك نلقيك على نجوة من الأرض
وقال غيره النجوة والنبوة ما ارتفع من الأرض
وقرىء ننجيك والمعنى واحد
وروري عن يزيد المكي أنه قرأ فاليوم ننحيك بالحاء
ببدنك قيل أي وحدك وقيل بدرعك
وقال مجاهد بحسدك وهذا أحسن الأقوال

قيل معناه بجسدك فقط أي عريانا بغير روح
86 - وقوله جل وعز ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق آية 93
أي أنزلناهم
قال قتادة يعني الشام وبيت المقدس
وقال الضحاك مصر والشام
87 - وقوله جل وعز فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسال الذين يقرؤون الكتاب من قبلك آية 94
في معناه أقوال 1 منها أن المخاطبة للنبي مخاطبة لأمته فالمعنى على هذا فإن كنتم في شك كما قال تعالى ياأيها النبي إذا طلقتم النساء

2 - وقيل هذا كما يقال إن كنت أبي فافعل كذا وهو أبوه 3 وقيل إن ها هنا بمعنى ما كما قال جل وعز إن الكافرون إلا في غرور والمعنى فما كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك سؤال ازدياد كما قال تعالى إخبارا عن إبراهيم قال بلى ولكن ليطمئن قلبي
وقال أبو العباس محمد بن يزيد المعنى يا محمد قل للشاك إن كنت في شك فاسأل الذين يقرءون الكتاب أي سل من آمن من أهل الكتاب فيخبرك بصفة النبي في كتابه

قال الحسن لم يسال ولم يشك
وقال الضحاك الذين يقرءون الكتاب يعني بهم من آمن من أهل الكتاب وكان من أهل التقوى
88 - وقوله جل وعز إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يؤمنون آية 96
قال قتادة أي إن الذين حق عليهم غضب الله وسخطه بمعصيتهم لا يؤمنون
89 - وقوله جل وعز فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس آية 98
قال قتادة لم يؤمن قوم حين رأوا العذاب إلا قوم يونس
وقال غيره لم يروا العذاب وإنما رأوا دليله فقبلت توبتهم
وذكر هذا على أثر قصة فرعون لأنه آمن حين رأى العذاب فلم ينفعه ذلك

قال قتادة خرج قوم يونس ففرقوا بين البهائم وأولادها واقاموا يدعون الله جل وعز فتاب عليهم
90 - وقوله جل وعز إلا قوم يونس 0 آية 98
هذا عند الخليل وسيبويه استثناء ليس من الأول
وقال غيرهما هو استثناء منقطع لأنهم أمة غير الأمم الذين استثنوا منهم ومن غير جنسهم وشكلهم وإن كانوا من بني آدم
ومعنى إلى حين إلى حين فناء آجالهم
91 - وقوله جل وعز ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا آية 99
فيه قولان

أحدهما أنه قد سبق في علمه أنه لن يؤمن إلا من قد سبقت له السعادة في الكتاب الأول كما روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال خبره جل وعز أنه لن يؤمن إلا من قد سبق له من الله سعادة في الذكر الأول ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاء في الذكر الأول
والقول الآخر ولو شاء ربك لعاجل الكافر بالعقوبة فآمن الناس كلهم ولكن لو كان ذلك لم يكن لهم في الإيمان ثواب فوقعت المحنة بالحكمة
وعن ابن عباس ويجعل الرجس قال السخط
ثم قال على الذين لا يعقلون أي لا يعقلون عن الله حججه ومواعظه وبراهينه الدالة على النبوة
92 - ثم قال جل وعز قل انظروا ماذا في السموات والأرض آية 101
أي من الدليل على قدرة الله جل ذكره

ثم قال وما تغني الآيات والنذر أي الأدلة والنذر جمع نذير وهو الرسول عن قوم لا يؤمنون أي لا يصدقون حتى يروا العذاب
93 - ثم قال جل وعز فهل ينتظرون إلا مثل ايام الذين خلوا من قبلهم آية 102
يعني هؤلاء المكذبين من العقاب
إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم
قال قتادة يقول وقائع الله جل وعز في الذين خلوا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود
94 - ثم قال جل وعز ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا آية 103
أي من ذلك الهلاك كذلك أي كما فعلنا بالماضين
95 - ثم قال جل وعز يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني آية 104

أي الذي أدعوكم إليه فلم تعلموا أنه حق فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله من الأوثان وغيرها التي لا تنفع شيئا ولا تضر ولكن أعبد الله الذي لا ينبغي أن تشكو فيه الذي يتوفاكم أي يقبض الخلق فيميتهم وأمرت أن أكون من المؤمنين أي وهو أمرني أن أكون من المصدقين
96 - ثم قال جل وعز وأن أقم وجهك للدين حنيفا آية 105
أن الثانية عطف على الأولى أي أقم نفسك على دين الإسلام حنيفا مائلا إلى الإسلام ولا تكونن من المشركين أي ممن أشرك في عبادته الأنداد
97 - وقوله جل وعز ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك آية 106
أي في دين ولا دنيا فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين أي فإن فعلت ذلك فعبدتها فإنك إذا من الظالمين لأنفسهم

98 - ثم قال جل وعز وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو آية 107
أي دون ما يعبده هؤلاء المشركون وإن يردك بخير أي برخاء ونعمة وعافية وسرور فلا راد لفضله أي فلا يقدر أحد أن يحول بينك وبين ذلك ولا يرده عنك لأنه الذي بيده ذلك لا إلى غيره
99 - وقوله جل وعز قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم آية 108
أي القرآن الذي فيه بيان ما بالناس إليه حاجة فمن اهتدى سلك سبيل الحق فإنما يهتدي لنفسه أي فإنما يستقيم على الهدى لخير نفسه ومن ضل أي عدل عن الحق الذي أتاه فإنما يضل عليها أي فإنما يجني به على نفسه لا على غيرها
100 - وقوله جل وعز وما أنا عليكم بوكيل آية 108
أي بمسلط على تقويمكم إنما أمركم إلى الله جل وعز هو الذي يقوم من شاء منكم وإنما أنا مبلغ
101 - وقوله جل وعز واتبع ما يوحى إليك آية 109
أي اعمل به

ثم قال جل وعز واصبر أي على ما أصابك في الله من مشركي قومك حتى يحكم الله أي حتى يقضي فيهم
وقيل أمره بفعل فاصل وهو خير الحاكمين أي خير القاضين وأعدل الفاصلين
وقال ابن زيد هذا منسوخ حكم الله بجهادهم وأمر بالغلظة عليم وقال غيره حكم بينه وبينهم يوم بدر فقتلهم بالسيف وأمر نبيه فيمن بقي منهم أن يسلك بهم سبيل من أهلك منهم أو يتوبوا تمت سورة يونس

تفسير سورة هود مكية وآياتها 123 آية

بسم الله الرحمن الرحيم سورة هود وهي مكية
1 - من ذلك قوله جل وعز آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت آية 1
المعنى هو كتاب أحكمت آياته
قال الحسن أحكمت بالأمر والنهي ثم فصلت بالثواب والعقاب
وقال قتادة أحكمها والله من الباطل ثم فصلها بعلمه وبين حلالها وحرامها والطاعة والمعصية
وقال مجاهد فصلت فسرت
وقيل أحكمت فلا ينسخها شيء بعدها ثم فصلت أنزلت شيئا بعد شيء

ومن أحسنها قول قتادة أي احكمها من الخلل والباطل
ثم قال جل وعز من لدن حكيم خبير
قال قتادة أي من عند حكيم خبير
2 - ثم قال جل وعز ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير آية 2
يجوز أن يكون المعنى بأن لا تعبدوا إلا الله
ويجوز أن يكون المعنى لئلا تعبدوا
ويجوز أن يكون المعنى أمرتم أن لا تعبدوا إلا الله
3 - وقوله جل وعز وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى آية 3
يمتعكم يعمركم وقيل لا يهلككم
وأصل الإمتاع الإطالة ومنه أمتع الله بك ومتع
قال قتادة إلى أجل مسمى أي إلى الموت

4 - وقوله جل وعز ويؤت كل ذي فضل فضله آية 3
أي من كان له عمل صالح أوتي ثوابه
5 - وقوله جل وعز ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه آية 5
قال عبد الله بن شداد كان أحدهم يمر بالنبي فيثني صدره ويتغشى ثوبه كراهة أن يراه النبي
وقال أبو رزين كان الرجل يضطجع على شقه ويتغشى ثوبه ليستخفي
وقال مجاهد يثنون صدورهم شكا وامتراء ليستخفوا منه أي من الله إن استطاعوا
وقال الحسن يعني حديث النفس فأعلم الله جل وعز أنهم حين يستغشون ثيابهم في ظلمة الليل وفي أجواف بيوتهم يعلم تلك

الساعة ما يسرون وما يعلنون
قال أبو جعفر وهذه المعاني متقاربة أي يسرون عداوة النبي ويطوون
ومن صحيح ما فيه ما حدثناه علي بن الحسين قال قال الزعفراني حدثنا حجاج قال ابن جريج أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس يقرأ ألا إنهم تثنوني صدورهم قال سألته عنه فقال كان ناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم
ويروى أن بعضهم قال أغلقت بابي وارخيت ستري وتغشيت ثوبي وثنيت صدري فمن يعلم بي فأعلم الله جل وعز أنه يعلم ما يسرون وما يعلنون
ونظيره ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم
ومن قرأ تثنوني صدورهم وهي قراءة ابن عباس ذهب إلى

معنى التكثير كما يقال احلولى الشيء وليست تثنوني حتى يثنوها فالمعنى يؤول إلى ذاك
6 - وقوله جل وعز وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها آية 6
يقال لكل ما دب من الناس وغيرهم داب ودابة على المبالغة تأنيث على الصفة والخلقة
7 - وقوله جل وعز ويعلم مستقرها ومستودعها آية 6
قال عبد الله بن مسعود مستقرها في الرحم و مستودعها في الأرض التي تموت فيها
وقال مقسم عن عبد الله بن عباس مستقرها حيث تأوي إليه ومستودعها حيث تموت في الأرض

وقيل مستقرها ما يستقر عليه عملها و مستودعها ما تصير إليه
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس مستقرها في الرحم ومستودعها في الصلب
8 - وقوله جل وعز وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام آية 7
فخبر جل وعز ان من قدر على هذا لا يعجزه شيء
9 - ثم قال جل وعز وكان عرشه على الماء آية 7
قال سعيد بن جبير سألت ابن عباس على أي شيء كان الماء ولم يخلق سماء ولا أرضا فقال على متن الريح
10 - ثم قال جل وعز ليبلوكم ايكم أحسن عملا ىية 7
أي ليختبركم فيظهر منكم ما يجازيكم عليه لأنه إنما يجازي على الفعل وإن كان قد علمه قبل

11 - وقوله عز و جل ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين آية 7
ويقرأ ساحر
قال أبو جعفر قال أبو إسحاق والسحر عندهم باطل فكأنهم قالوا إن هذا إلا باطل
12 - وقوله جل وعز ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة آية 8
قال ابن عباس أي إلى أجل معدود
وقال مجاهد أي إلى حين
13 - وقوله جل وعز وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون آية 8 أي جزاء استهزائهم والمعنى أحاط بهم العذاب

14 - وقوله جل وعز ولئن أذقنا الإنسان آ ية 9
أي الكفار منا رحمة أي رزقا
15 - وقوله جل وعز إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات آية 11
استثناء ليس من الأول بمعنى لكن ويجوز أن يكون استثناء من الهاء لأن تقديره إن الإنسان والانسان الجنس
16 - وقوله جل وعز أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك آية 12
أي كراهة أن يقولوا
ثم قال تعالى إنما أنت نذير أي إنما عليك أن تنذرهم وليس عليك أن تأتيهم من الآيات بما اقترحوا
17 - وقوله جل وعز قل فأتوا بعشر سور مثله آية 13
المعنى كل سورة منها مثل سورة منه وادعوا من

استطعتم من دون الله أي ليعينكم
18 - وقوله جل وعز من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون آية 15
قال الضحاك يعنى المشركين إذا عملوا عملا جوزوا عليه في الدنيا
وقال سعيد بن جبير من عمل عملا يريد به غير الله جوزي به في الدنيا وقال مجاهد من عمل عملا ولم يتقبل منه أعطي ثوابه في الدنيا
قال أبو جعفر وأحسنها قول الضحاك لقوله بعد ذلك أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار
قال مجاهد لا يبخسون لا ينقصون

19 - وقوله جل وعز افمن كان على بينة من ربه آية 17
قال عكرمة وإبراهيم ومنصور يعني النبي ويتلوه شاهد منه جبريل عليه السلام
وقال ابن عباس ومجاهد وإبراهيم شاهد منه أي جبريل
وقال الحسن شاهد منه يعني لسانه
وقال الضحاك أفمن كان على بينة من ربه محمد ويتلوه شاهد منه أي من الله وهو جبريل عليه السلام
وقال أبو جعفر حدثني سعيد بن موسى بقرقيسيا قال نا نخلد بن مالك عن محمد بن سلمة عن خصيف أفمن كان على بينة من ربه قال النبي ويتلوه شاهد منه قال

جبريل عليه السلام
قال أبو جعفر تكون الهاء في ربه للنبي وفي يتلوه تعود على البينة لأن البينة والبيان واحد وفي منه تعود على اسم الله جل وعز
وقول الحسن يحتمل المعنى أي ولسانه يعبر عنه ويميز
ويجوز أن تكون الهاء في منه تعود على من
وقيل الشاهد القرآن ويتلوه يكون بعده تاليا شاهدا ومن قبله أي ومن قبل الشاهد وقد قيل أفمن كان على بينة من ربه يعني به النبي والمسلمون واستشهد صاحب هذا القول بقوله أولئك يؤمنون به والمعنى على القول الأول أفمن كان على بينة من ربه كالذي يريد الحياة الدنيا وزينتها
20 - ثم قال جل وعز ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة آية 17
أي يصدقه

وقيل هو معطوف على الشاهد أي ويتلوه كتاب موسى
وقال مجاهد في قوله ومن قبله كتاب موسى التوراة
21 - ثم قال جل وعز ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده آيه 17
قال قتادة الأحزاب أهل الملل كلهم
وقال سعيد بن جبير كنت إذا وجدت الحديث عن النبي صحيحا أصبت مصداقه في كتاب الله فأفكرت في قول النبي ليس يسمع بي أحد فلا يؤمن بي ولا يهودي ولا نصراني إلا دخل النار فطلبت مصداقه في كتاب الله فإذا هو

ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده والأحزاب أهل الأديان كلها لأنهم يتحاربون
22 - وقوله جل وعز ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم آية 18
قال الضحاك الأشهاد الأنبياء والمرسلون قال الله جل وعز فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا
وقال مجاهد الأشهاد الملائكة
وقال سفيان سألت الأعمش عن الأشهاد فقال هم الملائكة
23 - وقوله جل وعز يضاعف لهم العذاب ماكانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون آية 20

قال قتادة ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خبرا فينتفعوا به ولا يبصرون خيرا فيأخذوا به
وحكى الفراء عن بعض المفسرين أن المعنى يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع ولا يعقلون
وذهب إلى أن هذا مثل قولهم جزيته فعله وبفعله
ومن أحسن ما قيل فيه وهو معنى قول ابن عباس إن المعنى لا يستطيعون أن يسمعوا الحق سماع منتفع ولا يبصرونه بصر مهتد لاشتغالهم بالكفر الذي كانوا عليه مقيمين
وقد روي عنه ما كانوا يستطيعون السمع يعني الآلهة
24 - وقوله جل وعز مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع آية 24

قال الضحاك الأصمى والصم مثل للكافر والبصير والسميع مثل للمؤمن
قال أبو جعفر وهذا قول حسن يدل عليه قوله تعالى هل يستويان مثلا فدل هذا على أن هذا لاثنين
25 - وقوله جل وعز فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا آية 27
الملأ الرؤساء والأراذل الأشرار الذين ليسوا برؤساء واحدهم أرذل
26 - وقوله جل وعز بادي الرأي آية 27
ويقرأ بادىء الرأي بالهمز فمعنى المهموز ابتداء الرأي أي إنما اتبعوك ولم يفكروا ولم ينظروا ولو فكروا لم

يتبعوك
ومعنى الذي ليس بمهموز اتبعوك في ظاهر الرأي وباطنهم على خلاف ذلك
يقال بدا يبدو إذا ظهر
ويحتمل أن يكون معناه اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يفكروا في باطنه وعاقبته فيكون على هذا القول بمعنى المهموز
27 - وقوله جل وعز قال يا قوم ارأيتم إن كنت على بينة من ربي آية 28
أي على يقين وبيان وهذا جواب لهم لأنهم عابوا من اتبعه فقال أرأيتم إن كنت على بينة من ربي أي فإذا كنت على بينة من ربي فمن اتبعني فهو بصير ومغفور له
28 - ثم قال جل وعز وآتاني رحمة من عنده آية 28

قال الفراء يعني الرسالة لأنها نعمة ورحمة
29 - ثم قال جل وعز فعميت عليكم آية 28
أي لم تفهموها يقال عميت عن كذا وعمي علي كذا أي لم أفهمه والمعنى فعميت الرحمة
ويقرأ فعميت فقيل هو مثل دخل الخف في رجلي مجاز إلا أن الرحمة هي التي تعمى وصاحبها يعمى
وقال ابن جريج وآتاني رحمة من عنده الإسلام والهدى والحكم والنبوة
30 - ثم قال جل وعز أنلزمكموها وأنتم لها كارهون آية 28
أي أنوجبها عليكم وأنتم كارهون لفهمها

31 - ثم قال الله جل وعز وما أنا بطارد الذين آمنوا آية 29
فدل بهذا على أنهم سألوه أن يطردهم
32 - ثم قال جل وعز إنهم ملاقوا ربهم آية 29
أي فيجازي من طردهم على ما فعل
قال الفراء معنى من ينصرني من يمنعني
33 - ثم قال جل وعز ولا أقول للذين تزدري أعينكم آية 31
معنى تزدري تستقل وتستخس يقال زريت على الرجل إذا عبته واستخسست فعله وأزريت به إذا قصرت به
والمعنى إنكم قلتم إن هؤلاء اتبعوني في ظاهر الرأي وإنما أدعو إلى توحيد الله جل وعز فمن اتبعني قبلته وليس علي ما غاب

34 - وقوله جل وعز قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين آية 32
وقرأ ابن عباس فأكثرت جدلنا والجدال والجدل المبالغة في الخصومة
وقال مجاهد جادلتنا أي ماريتنا
قال الزجاج ومعنى إن كان الله يريد أن يغويكم أي يضلكم ويهلككم
وقيل يخيبكم
وقال محمد بن جرير يغويكم يهلككم بعذابه حكى عن طي أصبح فلان غاويا أي مريضا واغويته أهلكته ومنه فسوف يلقون غيا

35 - وقوله جل وعز أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي آية 35
أي إن اختلقته فعلي إثم الاختلاق وأنا بريء مما تجرمون أي من تكذيبكم
ومن قرأ أجرامي بفتح الهمزة ذهب إلى جمع جرم
36 - وقوله جل وعز وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن آيه 36
قال الضحاك فدعا عليهم أي لما أخبر بهذا قال إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
37 - ثم قال جل وعز فلا تبتئس بما كانوا يفعلون آية 36
ثم قال مجاهد وقتادة أي فلا تحزن

قال أبو جعفر وهو عند أهل اللغة حزن مع استكانة 38 وقوله جل وعز ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه آية 38
يروى أنهم كانوا يمرون به وهو يصنع الفلك فيقولون هذا الذي كان يزعم أنه نبي قد صار نجارا
39 - ثم قال جل وعز قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون آية 38
أي إن تستجهلونا فنحن نستجهلكم كما استجهلتمونا
40 - ثم قال جل وعز فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم آية 39
أي من يؤول أمره إلى هذا فهو الجاهل
41 - وقوله جل وعز حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور آية 40
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال أي وطلع

الفجر كأنه يذهب إلى تنوير الصبح
قال عبد الله بن عباس التنور وجه الأرض وكانت علامة بين نوح وربه جل وعز أي إذا رايت الماء قد فار على وجه الأرض فاركب أنت وأصحابك السفينة
وقال قتادة التنور أعلى الأرض واشرفها وكان ذلك علامة له
وكان مجاهد يذهب إلى أنه تنور الخابز
وقال الشعبي جاء الماء من ناحية الكوفة
قال أبو جعفر وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأن الله قد خبرنا ان الماء قد جاء من السماء والأرض فقال ففتحنا أبواب

السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة
42 - وقوله جل وعز قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين آية 40
قال مجاهد أي ذكرا وأنثى
وقال قتادة أي من كل صنفين
والزوج في اللغة واحد معه آخر لا يستغني عنه
يقال عندي زوجان من الخفاف وما أشبه ذلك
43 - ثم قال جل وعز وأهلك إلا من سبق عليه القول آية 40
أي إلا من سبق عليه القول بالهلاك

ثم قال جل وعز ومن آمن أي واحمل من آمن 44 ثم قال جل وعز وما ىمن معه إلا قليل آية 40
يروى عن ابن عباس أنه قال حمل معه ثمانين
وقال قتادة ما آمن معه إلا ثمانية خمسة بنين وثلاث نسوة
45 - وقوله جل وعز وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها آية 41
أي بالله إجراؤها وارساؤها ومن قرأ مجداها ومرساها ذهب إلى ان المعنى جريها ورسوها أي ثباتها
وروي عن أبي رجاء العطاردي أنه قرأ باسم الله مجريها ومرسيها على النعت

46 - وقوله جل وعز ونادى نوح ابنه وكان في معزل آية 42
قال عبد الله بن عباس ما بغت امرأة نبي قط وكان ابنه
وقال سعيد بن جبير هو ابنه لأن الله عز و جل خبرنا بذلك
وقال عكرمة إن شئتم حلفت لكم أنه ابنه
وقال الضحاك هو ابنه قال الله جل وعز ونادى نوح ابنه
وقال مجاهد ليس هو ابنه ويبين ذلك قول الله تبارك وتعالى فلا تسألني ما ليس لك به علم
قال الحسن لم يكن ابنه وإنما ولد على فراشه فنسب إليه
والقول الأول ابين وأصح لجلالة من قاله وأن قوله إنه ليس من أهلك ليس مما ينفي عنه انه ابنه وقد قال الضحاك معناه ليس من أهل دينك ولا من أهل ولايتك

وقال سفيان معناه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم
قال أبو جعفر وهذان القولان حسنان في اللغة والأول أولى
وروى ابو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قرأ ونادى نوح ابنه وكان في معزل يريد ابنها ثم حذف الألف
ومثل هذا لا يجوز عند أهل العربية علمته
ويجوز أن يكون معنى وكان في معزل أي في معزل عن دين أبيه ويكون في معزل عن السفينة وهذا أشبه
ومعنى يعصمني يمنعني

47 - وقوله جل وعز قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم آية 43
فيه قولان
أحدهما أنه استثناء ليس من الأول
والآخر أنه على النسبة فيكون المعنى لا معصوم كما قال من ماء دافق أي مدفوق
وذكر محمد بن جرير قولا ثالثا وزعم أنه أولى ما قيل فيه فقال لا مانع اليوم من أمر الله الذي قد نزل بالخلق من الغرق والهلاك إلا من رحم أي إلا الله كما تقول لا منجي اليوم إلا الله فمن في موضع رفع ولا تجعل عاصم بمعنى معصوم ولا إلا بمعنى لكن
48 - ثم قال جل وعز وحال بينهما الموج فكان من المغرقين آية 43

قال الفراء أي حال بين ابن نوح وبين الجبل الماء فكان من المغرقين
49 - وقوله جل وعز وقيل يا ارض ابلعي ماءك آية 44
قال قتادة أي ابلعي كل ماء عليك ويا سماء أقلعي أي لا تمطري
ثم قال جل وعز وغيض الماء آية 44
قال مجاهد أي نقص
وقال قتادة أي ذهب
ثم قال جل وعز وقضي الأمر أي قضي الأمر بهلاكهم
ثم قال واستوت على الجودي آية 44
قال الضحاك هو جبل الموصل
50 - وقوله جل وعز إنه عمل غير صالح آية 46
في معناه أقوال

منها ان المعنى انه ذو عمل غير صالح
وقيل إن عمله عمل غير صالح
وقال قتادة معناه إن سؤالك إياي ما ليس لك به علم في قوله سآوي إلى جبل يعصمني من الماء عمل غير صالح وهذا عمل غير صالح
قال أبو جعفر وهذا أحسن ما قيل فيه لأن عبد الله بن مسعود قرأ إنه عمل غير صالح أن تسألني ما ليس لك به علم
51 - وقوله جل وعز قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك آية 48
قال محمد بن كعب قد دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة ودخل في قوله وأمم سنمتعهم كل فاجر إلى يوم القيامة

وقال الضحاك نحوا من هذا إلا أنه بخلاف هذه الألفاظ وتقديره في العربية على مذهبه على ذرية أمم ممن معك وذرية أمم سنمتعهم ثم حذف كما قال واسأل القرية
52 - ثم قال جل وعز تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تلمها أنت ولا قومك من قبل هذا آية 49
أي ما أوحيناه إليك من خبر نوح لم تكن تعلمه أنت ولا قومك لأنهم ليسوا أهل كتاب
53 - وقوله جل وعز يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني آية 51
قال مجاهد أي خلقني
54 - وقوله جل وعز ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا آية 52
يروى أنهم كانوا اصحاب زروع وعمارة وكانوا يسكنون

رمالا بين الشام واليمن فبعثت عليهم الريح فكانت تدخل في أنوفهم وتخرج من أدبارهم فتقطعهم
و مدرارا على التكثير أي يتبع بعضها بعضا
55 - ثم قال جل وعز ويزدكم قوة إلى قوتكم آية 52
قال مجاهد أي شدة إلى شدتكم
وقال غيره كانوا قد أقاموا ثلاث سنين لا يولد لهم
56 - وقوله جل وعز إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء آية 54
قال مجاهد اصابتك بسوء أي بجنون بسبك إياها
ويقال عراه واعتراه واعتره إذا ألم به ومنه وأطعموا القانع والمعتر وقال الشاعر

أتيتك عاريا خلقا ثيابي ... على خوف تظن بي الظنون ...
المعنى ما نقول إلا اصابك بعض آلهتنا بجنون لسبك إياها
57 - وقوله عز و جل قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون آية 55
وهذا من علامات النبوة أن يكون الرسول وحده يقول لقومه فكيدوني جميعا وكذلك قال النبي لقريش وقال نوح فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة
58 - ثم قال جل وعز إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها آية 56
أي هي في قبضته وتنالها قدرته

59 - ثم قال جل وعز إن ربي على صراط مستقيم آية 56
قال مجاهد أي على الحق أي يجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته لا يظلم أحدا ولا يقبل إلا الإيمان به
قال أبو جعفر والصراط في اللغة المنهاج الواضح
والمعنى إن الله جل ثناؤه وإن كان يقدر على كل شيء فإنه لا يأخذهم إلا بالحق
60 - وقوله جل وعز ولا تضرونه شيئا آية 57
أي لا تقدرون له على ضرره إذا أراد إهلاككم
وقيل لا يضره هلاككم إذا أهلككم أي لا تنقصونه شيئا لأنه سواء عنده أكنتم أم لم تكونوا
61 - ثم قال جل وعز إن ربي على كل شيء حفيظ آية 57
أي يحفظني من أن ينالني بسوء
62 - وقوله جل وعز واتبعوا أمر كل جبار عنيد آية 59

العنيد والعنود والعاند المدافع بغير حق 63 ثم قال جل وعز وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة آية 60
أي والحقوا
ومعنى فما تزيدونني غير تخسير غير تخسير لكم إذا ازددتم كفرا
64 - وقوله جل وعز وياقوم هذه ناقة الله لكم آية آية 64
يروى أنها خرجت من صخرة
65 - وقوله جل وعز فيأخذكم عذاب قريب آية 64
أي قريب ممن مسها
66 - وقوله جل وعز فاصبحوا في ديارهم جاثمين آية 67

قال قتادة أي ميتين
67 - وقوله جل وعز كأن لم يغنوا فيها آية 68
قال قتادة أي كأن لم يعيشوا فيها
قال الأصمعي المغاني المنازل
قال غيره غنيت بالمكان إذا نزلت به
والمعنى كأن لن يقيموا فيها في سرور وغبطة
68 - وقوله جل وعز ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى آية 69
أي بالبشرى بالولد
69 - ثم قال جل وعز قالوا سلاما قال سلام آية 69
ويقرأ قال سلم
قال الفراء سلم وسلام واحد كما يقال حل وحلال
70 - ثم قال جل وعز فما لبثت أن جاء بعجل حنيذ آية 69

روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال هو النضيج وكذلك قال قتادة
وقال الضحاك هو الموقد عليه حتى ينضج
وقول أبو عبيدة حينذ بمعنى محنوذ أي مشوي يقال حنذت فرسي أي عرقته
والمعنى فما ابطأ إذ تضيفوه بأن جاءهم بعجل ثم حذف الباء من أن
وقيل الرسل جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام بالبشرى البشارة بإسحاق
وقيل البشارة بهلاك قوم لوط
71 - وقوله جل وعز فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم آية 70

يقال نكر وأنكر واستنكر بمعنى
قال قتادة كان الضيف إذا نزل ولم يأكل رأوا أنه لم يأت بخير وأنه قد أتى بشر
72 - ثم قال جل وعز وأوجس منهم خيفة آية 70
أي أضمر قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط أي أرسلنا بالعذاب وامرأته قائمة وهو قاعد
73 - وقوله تعالى فضحكت فبشرنا ها بإسحاق ومن وراء غسحاق يعقوب آية 71
فيه أقوال
أحسنها انهح لما لم يأكلوا نكرهم وخافهم فلما قالوا لا تخف وخبروه أنهم رسل فرح بذلك فضحكت امرأته سرورا بفرحه

وروى الفراء أن بعض المفسرين قال المعنى فبشرناهم بإسحاق فضحكت
قال أبو جعفر وهذا القول لا يصح لأن التقديم والتأخير لا يكون في الفاء
وقيل فضحكت فحاضت
وهذا قول لا يعرف ولا يصح
وقيل إنها كانت قالت له أحسب أن هؤلاء القوم سينزل بهم عذاب فضم لوطا إليك فلما جاء الرسل بما قالته سرت به فضحكت وهذا إن صح إسناد فهو حسن
وقال قتادة ضحكت من غفلة القوم وقد أتاهم العذاب
74 - وقوله جل وعز ومن وراء إسحاق يعقوب آية 71
قال الشعبي الوراء ولد الولد

وقال بعض أهل النظر في هذا دليل على أن إسماعيل هو الذبيح لأنها بشرت بانها تعيش حتى يولد إسحاق وحتى يولد لإسحاق يعقوب وكيف يؤمر بذبحه وقد بشرت بان يولد له
75 - وقوله جل وعز قالت يا ويلتي أالد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا آية 72
قال الفراء يروى أنه كان لها حين بشرت ثمان وتسعون سنة وإبراهيم أكبر منها بسنة
76 - وقوله جل وعز فلما ذهب عن إبراهيم الروع آية 74
قال قتادة أي الفزع
وقوله جل وعز وجاءته البشرى آية 74
قال قتادة بشروه بأنهم إنما أتوا بالعذاب إلى قوم لوط وأنه لا يخاف

قال معمر وقال غير قتادة بشروه بإسحاق
وروى حميد بن هلال عن جندب عن حذيفة قال المجادلة ها هنا أنه قال لهم أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين أتهلكونهم قالوا لا قال فإن كان فيهم أربعون قالوا لا قال فإن كان فيهم ثلاثون قالوا لا قال فإن كان فيهم عشرون قالوا لا قال فإن كان فيهم عشرة أو خمسة شك حميد قالوا لا قال قتادة نحوا منه قال فقال يعني إبراهيم قوم ليس فيهم عشر من المسلمين لا خير فيهم قال عبد الرحمن بن سمرة كانوا اربعمائة الف
77 - وقوله جل وعز ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم آية 77
أي ساءه مجيئهم لما يعرف من قومه
وروي أنهم أتوه واستضافوه فقام معهم وكانوا قد أمروا أن لا

يهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات فقال لهم إن قومي شر خلق الله ثلاث مرات
78 - ثم قال جل وعز وضاق بهم ذرعا آية 77
قال أبو العباس يقال ضقت بالأمر ذرعا إذا لم تجد في قدرتك القيام به وهو مأخوذ من الذراع لأن فيها القوة
79 - ثم قال جل وعز وقال هذا يوم عصيب آية 77
قال مجاهد أي شديد وذلك يعرف في اللغة يقال وذلك يعرف في اللغة يقال عصيب وعصبصب للشديد المنكر
80 - وقوله جل وعز وجاءه قومه يهرعون إليه آية 78
قال ابن عباس أي يسرعون
وقال مجاهد يهرولون في المشي
وقال أهل اللغة يقال أهرع إذا جاء مسرعا وكان مع

ذلك يرعد
81 - وقوله جل وعز قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم آية 78
فيه أقوال
أحسنها قول مجاهد قال يريد نساء أمته ويقوة قول الله جل وعز وأزواجه أمهاتهم
ويروى أن أبي بن كعب وابن مسعود قرءا وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم
وقيل المعنى هؤلاء بناتي إن اسلمتم
وقيل كان في ملتهم جائز أن يتزوج الكافر المسلمة
وقال عكرمة لم يعرض عليهم بناته ولا بنات أمته وإنما قال لهم هذا لينصرفوا

82 - وقوله جل وعز قال لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد آية 80 ي
قال مجاهد يعني العشيرة
83 - وقوله جل وعز فأسر بأهلك بقطع من الليل آية 81
قال قتادة أي بطائفة من الليل يقال سرى واسرى إذا سار بالليل
فإن قيل السرى لا يكون إلا بالليل فما معنى بقطع من الليل
فالجواب أنه لو لم يقل بقطع من الليل جاز أن يكون أوله
84 - وقوله جل وعز ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك آية 81
المعنى فاسر بأهلك إلا امرأتك
ويروى أنها في بعض القراءات كذا وقرأ أبو عمرو إلا امرأتك بالرفع

85 - وقوله جل وعز وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل آية 82
فيه أقوال
قال مجاهد هو بالفارسية أي أولها حجارة وآخرها طين
وقال قتادة أي من طين
وقال أبو جعفر وهذان القولان حسنان
وإنما ذهب مجاهد إلى أن أصله بالفارسية ثم أعرب
قال أبو جعفر وإنما استحسناه لأنه قال في موضع آخر حجارة من طين
قال أبو عبيدة السجيل الشديد وأنشد ضربا تواصى بهالأبطال سجينا
ورد عليه هذا القول عبد الله بن مسلم وقال هذا سجين وذاك سجيل وكيف يستشهد به
قال أبو جعفر وهذا الرد لا يلزم لأن أبا عبيدة ذهب إلى

أن اللام بدل من النون لقرب إحداهما من الأخرى
وقول أبي عبيدة يرد من جهة أخرى وهي أنه لو كان على قوله لكان حجارة سجيلا لأنه لا يقال حجارة من شديد لأن شديدا نعت
وقوله جل وعز منضود أي بعضه يعلو بعضا يقال نضدت المتاع واللبن إذا جعلت بعضه على بعض فهو منضود ونضيد قال الشاعر ... خلت سبيل أتي كان يحبسه ... ورفعته إلى السجفين فالنضد ...
ويقال سجيل من قولهم أسجلت إذا أعطيت ويقال هو من السجل كأنه مما كتب عليهم وقدر أن يصيبهم
قال أبو جعفر وأبو إسحاق يستحسن هذا القول قال ويدل عليه قوله تعالى إن كتاب الفجار لفي سجين و ما أدراك ما

سجين كتاب مرقوم وسجين وسجيل واحد
86 - وقوله جل ذكره مسومة عند ربك آية 83
قال مجاهد أي معلمة
قال أبو جعفرويقال سومت الشيء إذا علمته ويروى أنه كان عليها أمثال الخواتيم
وقال الحسن معلمة وفيها دليل أنها ليست من حجارة الدنيا وانها مما عذب به
ويقال سومت الشيء إذا أرسلته إرسالا إلا أنه لم يقل هذا في هذا الحرف
87 - ثم قال جل وعز وما هي من الظالمين ببعيد آية 83
قال مجاهد يرهب بهذا قريشا
وقال غيره المعنى من ظالمي هذه الأمة
قال أبو جعفر والقولان يرجعان إلى معنى واحد
وقيل وما هي ممن عمل قوم لوط ببعيد
88 - وقوله جل وعز وإلى مدين أخاهم شعيبا آية 84

المعنى وإلى أهل مدين
وقوله تعالى ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير آية 84
قال الحسن كان سعرهم رخيصا
والذي توجه اللغة أن يكون عاما
89 - وقوله جل وعز بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين آية 86
قال الحسن حظكم من الله جل وعز
قال مجاهد أي طاعة الله
قال أبو جعفر والمعنى ما يبقي له ثوابه
90 - وقوله جل وعز قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا آية 87

قال سفيان عن الأعمش أي قراءتك
ودل بهذا على أنهم كانوا كفارا
ثم قال أن أو نفعل في أموالنا ما نشاء
روي عن زيد بن أسلم أنه قال كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم
وقيل معنى أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إذا تراضينا فيما بيننا بالبخس فلم تمنعنا منه
قال أبو جعفر قال أبو إسحاق معنى إنك لأنت الحليم الرشيد على السخرية
وقال غيره معناه إنك لأنت الحليم الرشيد عند نفسك
91 - وقوله جل وعز قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا آية 88
قيل حلالا
وقيل ما وفق له من الطاعة

92 - ثم قال جل وعز وما أريد ان أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه آية 88
قال قتادة أي ليس أنهاكم عن شيء وأركبه
ومعنى وإليه أنيب وإليه أرجع
93 - وقوله جل وعز ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي آية 89
قال قتادة أي لا يحملنكم
قال أبو جعفر والشقاق في اللغة العداوة كأنه يصير في شق غير شقه 94 وقوله جل وعز وما قوم لوط منكم ببعيد آية 89
يقال إن أقرب إلإهلاكات التي عرفوها إهلاك قوم لوط
أي فالعظة لكم فيها بينة بقربه منكم
95 - وقوله جل وعز قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا آية 91
قال سفيان بلغنا أنه كان مصابا ببصره

قال أبو جعفر وحكى أهل اللغة ان حمير تقول للأعمى ضعيف أي قد ضعف بذهاب بصره كما يقال له ضرير أي قد ضر بذهاب بصره كما يقال مكفوف أي قد كف عن النظر بذهاب بصر
96 - وقوله جل وعز ولولا رهطك لرجمناك آية 91
أي ولولا عشيرتك لقتلناك بالرجم قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله أي أنتم تزعمون أنكم تتركون قتلي من أجل عشيرتي ولا تخافون من الله جل وعز في ردكم أمره
ويقال إن رهطه كانوا على ملتهم فلذلك أظهروا الميل إليهم
97 - وقوله جل وعز واتخذتموه وراءكم ظهريا آية 92
قال مجاهد أي تركتم ما جئتكم به

قال أهل اللغة المعنى واتخذتم أمر الله وراءكم ظهريا يقال اتخذته ظهريا وجعلت حاجته بظهر أي إذا لم تعن بذلك
98 - وقوله جل وعز وأخذت الذين ظلموا الصيحة آية 93
يروى ان جبرائيل صاح بهم صيحة فماتوا أجمعون وبين هذا قوله تعالى فأصبحوا في ديارهم جاثمين أي ميتين لا حراك لهم
99 - ثم قال جل وعز كأن لم يغنوا فيها آية 94
قال قتادة أي كان لم يعيشوا فيها
قال أبو جعفر وقد ذكرناه فيما تقدم وهو مأخوذ من الصوت لأنه إنما يقال مغنى للمنزل إذا كان أهله فيه
100 - ثم قال جل وعز ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود آية 95

يقال بعد يبعد إذا هلك ومن النأي بعد يبعد
101 - وقوله جل وعز ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين آية 96
السلطان الحجة ومن هذا قيل للوالي سلطان لأنه حجة الله جل وعز في الأرض
ويقال إنه مأخوذ من السليط وهو ما يضاء به
102 - وقوله جل وعز ويوم القيامة بئس الرفد المرفود آية 99
قال مجاهد زيدوا لعنة يوم القيامة
قال أبو جعفر والرفد في اللغة المعونة والأعطاء والمعنى الذي يقوم لهم مقام المعونة اللعن
والتقدير بئس الرفد رفد المرفود

103 - وقوله جل وعز ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد آية 100
قال قتادة القائم ما كان خاويا على عروشه والحصيد ما لا اثر له
104 - وقوله جل وعز وما زادوهم غير تتبيب آية 101
قال مجاهد وقتادة غير تخسير
قال أبو جعفر وكذلك هو عند أهل اللغة ومنه تبت يدا أبي لهب
105 - وقوله جل وعز يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذن آية 105
وقد قال في موضع آخر واقبل بعضهم على بعض يتساءلون

ففي هذا جوابان
أحدهما أنه مثل قوله هذا يوم لا ينطقون
والمعنى لا ينطقون بحجة لهم كما يقال لمن تكلم كثيرا بغير حجة بينة لم يأت بشيء ولم يتكلم بشيء
والجواب الآخر أن ذلك اليوم فيه أهوال وشدائد فمرة يمنعون من الكلام ومرة يؤذن لهم فعلى هذا لا تكلم نفس إلا بإذنه
106 - وقوله جل وعز فمنهم شقي وسعيد آية 105
روى عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن عمر قال لما نزلت فمنهم شقي وسعيد قلت يا رسول الله فعلام نعمل أعلى شيء قد فرغ منه أم على شيء لم يفرغ منه قال بلى على شيء قد فرغ منه يا عمر وجرت به الأقلام ولكن كل ميسر لما خلق له

107 - وقوله جل وعز فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك آية 107
في هذا أجوبة منها أن العرب خوطبت على ما تعرف وتستعمل وهم يقولون لا أكلمك ما اختلف الليل والنهار وما دامت السماوات والأرض يريدون بذلك الأبد
ويكون معنى إلا ما شاء ربك سوى ما شاء ربك من زيادة أهل النار في العذاب وأهل الجنة في النعيم وقد صح أنهم يزادون
روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي أنه قال قال الله جل وعز أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلعتم ثم قرأ أبو هريرة فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين

وقيل معنى إلا معنى سوى ايضا إلا أن المعنى سوى ما شاء ربك من الزيادة في الخلود
وهذان قولان حسنان لأنه معروف في اللغة أن يقال لك عندي كذا وكذا إلا كذا وسوى كذا وغير كذا
وحكى سيبويه لو كان معي رجل إلا زيد فهذا بمعنى سوى وغير
وحكى الكوفيون لك عندي الف إلا ألفين ويعبر عن إلا في مثل هذا أنها بمعنى سوى وغير ولكن والمعاني متقاربة
وقيل هذا استثناء لأنهم يقيمون في قبورهم فالمعنى على هذا إلا ما شاء ربك من مقامهم في قبورهم
وقيل هذا استثناء لأن قوما من الموحدين يدخلون النار ثم تخرجون منها
فالمعنى على هذا خالدين في النار ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك من إخراج من شاء برحمته وشفاعة

النبي
وقال جابر بن عبد الله في قوله عز و جل عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا إنه الشفاعة
ويكون المعنى في أهل الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك من دخول قوم النار وخروجهم إلى الجنة
حدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا أحمد بن داود بن موسى البصري المعروف بالمكي قال نا شيبان بن فروخ قال نا أبو هلال قال نا قتادة في هذه الآية وأما الذين شقوا ففي النار إلى قوله فعال لما يريد فقال عند هذا حدثنا أنس ابن مالك أن رسول الله قال يخرج قوم من النار قال قتادة لا نقول كما يقول أهل حروراء
وقيل في هذا قول خامس وهو أن المعنى خالدين فيها

أبدا ثم قال إلا ما شاء ربك فخاطبهم على ما يعرفون من الاستثناء ورد الأمر إلى الله جل جلاله كما قال تعالى لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وقد بين هذا بقوله عطاء غير مجذوذ قال مجاهد أي غير مقطوع
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال جذذت الشيء أي قطعته
وقد قيل في هذه الآية قول سادس يكون الاستثناء لمقامهم في عرصة القيامة
وقال قتادة تبدل هذه السماء وهذه الأرض
فالمعنى خالدين فيها ما دامت تلمك السماء وتلك الأرض المبدلتان من هاتين

108 - وقوله جل وعز وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص آية 109 روى سفيان عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال ما كتب لهم من خير أو شر
109 - وقوله جل وعز ولولا كلمة سبقت من ربك آية 110
أي بالتأخير إلى يوم القيامة لقضي بينهم يعني في الدنيا
110 - وقوله جل ذكره ولا تركنوا إلى الذين ظلمو فتمسكم النار آية 113
قال عكرمة أي تودوهم وتطيعوهم
111 - وقوله جل وعز وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل آية 114
قال الحسن طرفا النهار الصبح والعصر وزلفا من الليل المغرب والعشاء قال النبي هما زلفتا الليل

وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال طرفا النهار الصبح والظهر والعصر وزلفا من الليل العشاء والعتمة
وروى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد وزلفا من الليل قال ساعة من الليل إلى العتمة
وقول مجاهد الأول احسن لأنه يجتمع به الصلوات الخمس
ولأن ابن عباس قال في قوله تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات يعني الصلوات الخمس
وروى علقمة والأسود عن عبد الله أن رجلا أتى النبي فقال يا رسول الله إني وجدت امرأة في بستان فقبلتها والتزمتها ونلت منها كل شيء إلا الجماع فافعل في ما شئت فانزل الله جل وعز وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال معاذ بن جبل يا رسول الله أخاص له أم عام للناس فقال بل عام

والمعروف من قراءة مجاهد وزلفى بضم الزاي وبحرف التأنيث
وقرأ ابن محيصن بهذه القراءة إلا أنه نون في الإدراج ويقرأ وزلفا من الليل وهو واحد مثل الحلم والقراءة المشهورة وزلفا وأنشد سيبويه ... طي الليالي زلفا فزلفا ... سماوة الهلال حتى احقوقفا ...
وهو جمع زلفة وهو ساعة تقرب من أخرى ومنه الزلفة ومنه سميت مزدلفة لأنها منزلة تقرب من عرفة
112 - وقوله جل وعز فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية آية 116
قيل أولوا طاعة

وقيل أولو تمييز
وقيل أولو حظ من الله جل وعز
113 - وقوله جل وعز واتبع الذين ظلموا ما أترفو فيه آية 116
قال مجاهد من تملكهم وتجبرهم وتركهم الحق
114 - وقوله جل وعز ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة آية 118
أي على دين واحد
115 - ثم قال جل وعز ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم آية 119
قال أبو جعفر وهذه الآية من المشكل وقد قيل فيها أقوال
روى عبد الكريم الجزري عن مجاهد انه قال وللرحمة خلقهم

وكذلك قال قتادة
وروي عن الحسن فيها أقوال
منها أنه قال وللاختلاف خلقهم
ومنها أنه يقال وللرحمة خلقهم
ومنها أنه قال خلقهم للجنة والنار والشقاء والسعادة
وقيل هذا القول الذي عليه أهل السنة وهو أبينها وأجمعها
والذي رواه عبد الكريم عن مجاهد ليس بناقض له لأنه قد بينه حجاج في روايته عن ابن جريج عن مجاهد انه قال في قول الله جل وعز ولا يزالون مختلفين قال أهل الباطل إلا من

رحم ربك قال أهل الحق ولذلك خلقهم قال للرحمة خلق أهل الجنة
قال أبوجعفر فهذا قول بين مفسر
ومن قال أيضا خلقهم للاختلاف فليس بناقض لهذا لأنه يذهب إلى ان المعنى وخلق أهل الباطل للاختلاف
وأبينها قول الحسن الذي ذكرناه ويكون المعنى ولا يزال أهل الباطل مختلفين في دينهم إلا من رحم الله وأهل الإسلام لا يختلفون في دينهم ولذلك خلق أهل السعادة للسعادة وأهل الشقاء للشقاء وبين هذا قوله جل وعز وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين آية 119
وقيل التقدير ينهون عن الفساد في الأرض ولذلك خلقهم
116 - وقوله جل وعز وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك آية 120
أي تزيدك به تثبيتا كما قال جل ذكره قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي

117 - ثم قال جل وعز وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين آية 120
قال أبو موسى وابن عباس والحسن ومجاهد في هذه الحق في هذه السورة
وقال شعبة سمعت قتادة يقول في هذه الدنيا
وهذا القول حسن إلا أنه يعارض بان ذلك يقال قد جاءه الحق في هذه السورة وغيرها وإن كان هذا لا يلزم لأنه لم ينف شيئا ألا ترى أنه يقال فلان في الحق إذا جاءه الموت ولا يراد به انه كان في باطل فتكون هذه السورة خصت بهذا توكيدا لما فيها من القصص والمواعظ

118 - وقوله جل وعز وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون آية 121
أي عاملون ما أنتم عليه
وهذا تهديد ووعيد ألا ترى ان بعده وانتظروا إنا منتظرون إلى قوله وما ربك بغافل عما تعملون تمت سورة هود

تفسير سورة يوسف مكية وآياتها 111 آية

بسم الله الرحمن الرحيم سورة يوسف وهي مكية
1 - من ذلك قوله جل جلاله وتقدست أسماؤه آلر آية 1
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس أنا الله أرى
وقد تقدم شرح هذه الحروف
2 - وقوله جل وعز تلك آيات الكتاب المبين آية 1
أي هذه تلك الآيات والتي كنتم توعدون بها في التوراة
3 - وقوله جل وعز إنا أنزلناه قرءانا عربيا آية 2
يجوز أن يكون المعنى إنا أنزلنا القرآن عربيا

ويجوز أن يكون المعنى إنا أنزلنا خبر يوسف وهذا أشبه بالمعنى لأنه يروى أن اليهود قالوا سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر وعن خبر يوسف فأنزل الله جل وعز هذا بمكة موافقا لما في التوراة
وفيه زيادة ليست عندهم فكأن هذا النبي إذ اخبرهم ولم يقرأ كتابا قط ولا هو في موضع كتاب بمنزلة إحياء عيسى عليه السلام الميت
4 - وقوله جل وعز نحن نقص عليك أحسن القصص آية 3
أي نبين لك والقاص الذي يأتي بالقصة على حقيقتها
5 - ثم قال جل وعز بما أوحينا إليك هذا القرآن آية 3
أي بوحينا
ثم قال وإن كنت من قبله لمن الغافلين
أي لمن الغافلين عن قصة يوسف لأنه لم يقرأ كتابا قبل

ذلك وإنما علمها بالوحي
6 - وقوله جل ذكره إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين آية 4
قال قتادة والضحاك وهذا لفظ قتادة الأحد عشر كوكبا إخوته والشمس والقمر أبوه وأمه
قال معمر وقال غير قتادة أبوه وخالته
وقال غيره أول لأحد عشر كوكبا أحد عشر رجلا يستضاء بهم كما يستضاء بالكواكب وأول القمر أباه وأول الشمس أمه أو خالته
وقال عبد الله بن شداد بن الهاد كان تفسير رؤيا يوسف بعد اربعين سنة وذلك مستعمى الرؤيا

7 - وقوله جل وعز قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا آية 5
أي فيحتالوا عليك
8 - وقوله جل وعز وكذلك يجتبيك ربك آية 6
أي يختارك واصله من جبيت الشيء أي حصلته ومنه جبيت الماء في الحوض
9 - ثم قال جل وعز ويعلمك من تأويل الأحاديث آية 6
قال مجاهد أي تأويل الرؤيا
وقال غيره أي أخبار الأمم
10 - ثم قال جل ذكره ويتم نعمته عليك آية 6
فأخبره أنه يكون نبيا لأنه قال كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق

11 - وقوله جل وعز لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين آية 7
قيل بصيرة
وقيل أي عبرة
وروي انها في بعض المصاحف عبرة للسائلين
12 - ثم قال جل وعز إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى ابينا منا ونحن عصبة آية 8
أي جماعة
وقال بعض أهل اللغة العصبة العشرة إلى الأربعين
13 - ثم قال جل وعز إن أبانا لفي ضلال مبين آية 8
أي ضل في محبة يوسف لا في دينه
14 - وقوله جل وعز اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا آية 9
فيه حذف والمعنى أو اطرحوه أرضا يبعد فيها عن أبيكم

ودل على هذا الحذف يخل لكم وجه أبيكم أي يفرغ لكم وتكونوا من بعده أي تكونوا من بعد إهلاكه قوما صالحين أي تائبين
15 - ثم قال جل وعز قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف والقو في غيابة الجب آية 10
الغيابة عند أهل اللغة كل ما غيب عنك والجب البئر التي ليس بمطوية
ويروى ان الجب ها هنا بئر بيت المقدس وهي من جبيت أي قطعت كأنها قطعت ولم يحدث فيها شيء بعد القطع
قال الضحاك الذي قال لهم لا تقتلوا يوسف هو الذي قال فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي ابي وهو أكبرهم وقال غيره هو يهوذا وكان أشدهم

16 - وقوله جل وعز أرسله معنا غدا نرتع ونلعب آية 12
روى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد وورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أي نتحافظ ونتكالأ
وزاد ابن أبي نجيح في روايته ونتحارس
قال هارون سألت أبا عمرو بن العلاء رحمه الله كيف قالوا ونلعب وهم أنبياء فقال لم يكونوا يومئذ انبياء
ومن قرأ يرتع ويلعب بالياء فمعناه عندي يرعى الإبل يقال رعى وارتعى بمعنى واحد وهذه قراءة أهل المدينة
وروي عن مجاهد نرتع بالنون وكسر التاءيقال ارتع صاحبه وإبله فرتعت أي اقامت في المرتع والله أعلم بما اراد
وقرأ أهل الكوفة يرتع ويلعب بإسكان العين ومعناه يتسع في الخصب ويأكل ويقال رتعت الإبل إذا رعت كيف شاءت وكذا غيرها وأرعيتها تركتها ترعى ويقال فلان راتع أي مخصب ومنه

ترتع ما غفلت حتى إذ ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار ...
وكذا معنى نرتع بفتح النون وإسكان العين وهي قراءة ابي عمرو واهل مكة
وروى سعيد عن قتادة قال نرتع ننشط ونلهو وهو كمعنى الأول
وأما حجة أبي عمرو أنهم لم يكونوا يومئذ أنبياء فلا يحتاج إلى ذلك لأنه ليس باللعب الصاد عن ذكر الله جل وعز
وقال النبي ألا بكرا تلاعبها وتلاعبك
17 - وقوله جل وعز وأوحينا إليه لتنبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون آية 15
يجوز أن يكون المعنى واوحينا إليه في الجب وهم لا يشعرون

بذلك الوحي هذا قول قتادة
ويجوز ان يكون المعنى لتخبرنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون
18 - وقوله جل ذكره قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق آية 17
أي ننتضل
والمعنى نستبق في الرمي
19 - وقوله جل وعز وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين آية 17
اي قد اتهمتنا ووقع بقلبك أنا لا نصدق فانت لا تصدقنا
20 - وقوله جل وعز وجاءوا على قميصه بدم كذب آية 18
روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال كان دم سخلة
وروى سفيان عن سمأل عن عكرمة عن ابن عباس قال

لما نظر إليه قال كذبتم لو أكله الذئب لخرق القميص
وقال الحسن لما نظر إلى الدم ولم ير في القميص شقا ولا خرقا قال ما عهد بالذئب حليما
والمعنى بدم ذي كذب أي مكذوب فيه
21 - ثم قال جل وعز بل سولت لكم أنفسكم أمرا آية 18
أي زينت
22 - ثم قال جل وعز فصبر جميل آية 18 3 ويروى ان النبي سئل عن الصبر الجميل فقال هو الذي لا شكوى معه
والمعنى عند أهل النظر الذي لا شكوى معه بغير رضى بقضاء الله فإذا كانت الشكوى إلى الله جل وعز كما قال إني مسني الضر و إنما أشكو بثي وحزني إلى الله أو

كانت برضى فصاحبها صابر كما قال النبي في علته بل أنا وارأساه
23 - وقوله جل وعز وجاءت سيارة آية 19
أي قوم يسيرون
فأرسلوا واردهم وهو الذي يرد لاستقاء الماء
فأدلى دلوه
قال الأصمعي يقال أدليت الدلو إذا أرسلتها ودلوتها إذا استقيت
24 - وقوله جل وعز قال يا بشراي هذا غلام آية 19
قال السدي والأعمش كان اسمه بشرى
وقال غيرهما المعنى يا ايتها البشرى
قال أبو جعفر وهذا القول الصحيح لأن أكثر القراء يقرأ يا بشراي هذا غلام

والمعنى في نداء البشرى التنبيه لمن حضر وهو أوكد من قولك تبشرت كما تقول با عجباه أي يا عجب هذا من أيامك أو من آياتك فاحضر وهذا مذهب سيبويه
25 - وقوله جل وعز وأسروه بضاعة آية 19
روى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قال أسروه المدلي ومن معه من التجار الباقين لئلا يستشركوهم فيه إذا عرفوا ثمنه وقالوا إنما استبضعناه
وروى معمر عن قتادة قال أسروا بيعه والمعنى على هذا للأخوة كما روي انه لما وجد أظهر إخوته أنه بضاعة لأصحاب الماء
26 - وقوله جل ثناؤه وشروه بثمن بخس آية 20
أي ذي بخس والبخس النقصان
وقال الشعبي البخس القليل والمعدودة عشرون

درهما
وقال قتادة بخس أي ظلم
وقال الضحاك بخس أي حرام
وروي عن ابن عباس وابن مسعود ونوف انهم قالوا اشتروه بعشرين درهما
وقال مجاهد وشروه أي باعوه حين أخرجه المدلي وكانوا باعوه باثنين وعشرين درهما وهم أحد عشر
27 - ثم قال جل وعز دراهم معدودة آية 20
قال الفراء إنما قال معدودة ليدل على قلتها لأنهم كانوا لا يزنون إلا أوقية والأوقية اربعون درهما
28 - ثم قال جل وعز وكانوا فيه من الزاهدين آية 20
قال أبو عبيدة قال بعض المفسرين إنما زهدوا فيه لقلة علمهم بمنزلته من الله جل وعز 29 وقوله جل وعز وقال الذي اشترا من مصر لامراته أكرمي مثواه آية 21

أي مقامه والمعنى أكرميه وقت مثواه ومنه ثويت في المكان إذا اقمت فيه كما قال الشاعر
رب ثاو يمل منه الثواء
30 - ثم قال جل وعز عسى ان ينفعنا أو نتخذه ولدا آية 21
أي نتبناه
وروى سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال أفرس الناس ثلاثة العزيز حين قال لامراته أ كرمي مثواه عسى أن ينفعنا وابنة شعيب حين قالت لأبيها إن خير من استأجرت القوي الأمين وأبو بكر حين ولى عمر
31 - وقوله جل وعز ولما بلغ أشده آية 22
قيل الأشد ثلاث وثلاثون سنة
وقيل ثلاثون

والأكثر انه من تسع عشرة سنة إلى اربعين
وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك الأشد الحلم
وسبيوبه يذهب إلى أنه جمع شدة مثل نعمة وانعم
32 - ثم قال جل وعز آتيناه حكما وعلما آية 22
والفرق بين الحكيم والعالم أن الحكيم هو الذي يعمل بعلمه ويمتنع من الأشياء القبيحة ومنه قيل حكمة الدابة
33 - وقوله جل وعز وراودته التي هوفي بيتها عن نفسه آية 23
معنى راود فلان فلانة طالبها على الفاحشة وترك ذكر الفاحشة لعلم السامع
34 - وقوله جل وعز وقالت هيت لك آية 23

قال سعيد بن جبير أي تعالة
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال لا تنطعوا في القرآن فإنما هو مثل قول أحدكم هلم وتعال ثم قرأ عبد الله وقالت هيت لك بفتح الهاء والتاء
وروي عن مجاهد وعكرمة أنهما قرءا وقالت هئت لك بالهمز
قال قتادة قرأ ابن عباس هئت لك
قال عكرمة أي تهيأت لك
وأنكر الكسائي هذه القراءة وقال لا أعرف هئت لك بمعنى تهيأت وهي عند البصريين جيدة لأنه يقال هاء الرجل يهاء ويهييء هيأة فهاء يهيء مثل جاء يجيء وهئت مثل جئت
35 - ثم قال جل وعز معاذ الله إنه ربي آية 23
يجوز أن يكون المعنى إن الله ربي فلا أعصيه

ويجوز أن يكون المعنى إن الملك ربي أي مولاي
36 - وقوله جل وعز ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه آية 24
قال أبو جعفر الذي عليه أهل الحديث والمتقدمون أنه هم بها حتى مثل له يعقوب
حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال نا داود بن عمرو الضبي عن نافع وهو ابن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة قال سئل ابن عباس رحمه الله ما بلغ من هموم يوسف فقال جلس يحل هميانا له فنودي يا يوسف لا تك كالطائر يزني وعليه الريش

فيقعد بلا ريش فلم يتعظ على النداء فراى برهان ربه ففر وفرق
وفي رواية ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال سألت ابن عباس عما بلغ من منةهموم يوسف فذكر نحوه إلا انه قال جلس بين رجليها ورأى يعقوب
وروى الأعمش عن مجاهد قال حل سراويله فتمثل له يعقوب فقال له يا يوسف فولى هاربا
وروى سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال مثل له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته من أنامله
وروى إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال رأى صورة يعقوب يقول له يوسف يوسف
قال أبو صالح رأى صورة يعقوب في سقف البيت يقول يا

يوسف يا يوسف
وقال الضحاك نحوا من هذا قال أبو عبيد القاسم بن سلام وقد زعم بعض من يتكلم في القرآن برايه أن يوسف لم يهم بها يذهب إلى أن الكلام انقطع عند قوله ولقد همت به قال ثم استأنف فقال وهم بها لولا ان رأى برهان ربه بمعنى لولا ان رأى برهان ربه لهم بها واحتج بقوله ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وبقوله واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه هم بها وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم
قال أبو جعفر وكلام ابي عبيد هذا كلام حسن بين لمن لم يمل إلى الهوى والذي ذكر من احتجاجهم بقول ذلك ليعلم أني

لم أخنه بالغيب لا يلزم لأنه لم يواقع المعصية
وأيضا فإنه قد صح في الحديث أن جبريل قال له حين قال ذلك ليعلم أني لم اخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ولا حين هممت فقال وما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء
وكذلك احتجاجهم بقوله واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر لا يلزم لأنه يجوز ان يكون هذا بعد الهموم
وقال الحسن إن الله جل وعز لم يذكر معاصي الأنبياء ليعيرهم بها ولكنه ذكرها لئلا تيأسوا من التوبة
وقيل معنى وهم أنه شيء يخطر على القلب كما قال النبي من هم بسيئة ثم لم يعملها لم تكتب عليه فهذا مما يخطر بالقلب ولو هم بها على أنه يواقعها لكان ذلك عظيما
وفي الحديث إني لأستغفر الله جل وعز في اليوم والليلة مائة

مرة
قال ابو جعفر وقد بينا قول من يرجع إلى قوله من أهل الحديث والروايات
وأهل اللغة المحققون على قولهم
قال أبو إسحاق يبعد أن يقال ضربتك لولا زيد وهممت بك لولا زيد وإنما الكلام لولا زيد لهممت بك فلو كان ولقد همت به ولهم بها لولا أن رأى برهان ربه لجاز على بعد وإنما المعنى لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به
وقال بعض اهل اللغة المعنى وهم بدفها 37 وقوله جل جلاله كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء آية 24
السوء خيانة صاحبه والفحشاء ركوب الفاحشة
حدثنا احمد بن محمد الأزدي قال نا محمد بن إبراهيم بن جناد قال نا الحسن بن عبد العزيز الجروي قال حدثني أبو مروان واثنى عليه خيرا قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن

جابر في قول الله جل وعز كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء قال السوء الثناء القبيح والفحشاء الزنا
38 - وقوله جل وعز واستبقا الباب آية 25
قال قتادة يعني يوسف وامرأة العزيز
39 - وقوله جل وعز وألفيا سيدها لدى الباب آية 25
أي صادفاه فحضرها عند ذلك كيد فقالت ما جزاء من اراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم
40 - وقوله جل وعز وشهد شاهد من أهلها آية 26
قال أبو هريرة تكلم ثلاثة في المهد صاحب يوسف وعيسى وصاحب جريج
وروى شريك عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال كان صبيا في البيت أو قال في المهد شك شريك

وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو صبي في البيت
وقال هلال بن إساف تكلم ثلاثة في المهد أحدهم صاحب يوسف
وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رجلا ذا لحية
وقال سفيان عن جابر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه قال كان من خاصة الملك
وقال عكرمة لم يكن بصبي ولكن كان رجلا حكيما
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال كان رجلا
وروى أبو عاصم عن المثنى عن القاسم وشهد شاهد من أهلها قال قميصه
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وشهد شاهد من أهلها قال قد القميص الشاهد

والقد في اللغة القطع
41 - وقوله جل وعز قال أنه من كيدكن آية 28
المعنى إن قولك ما جزاء من أراد بأهلك سوءا من كيدكن
ثم قال يوسف أعرض عن هذا أي لا تفشه
42 - ثم قال تعالى واستغفري لذنبك آية 29
ويروى أنه كان قليل الغيرة
43 - وقوله جل وعز وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا آية 30
وروى معاوية بن أبي صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال شغفها غلبها
وروى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال دخل تحت شغافها
قال أبو جعفر والقولان يرجعان إلى شيء واحد لأن الشغاف

حجاب القلب فالمعنى وصل حبه إلى شغفاها فغلب على قلبها قال الشاعر ... وقد حال هم دون ذلك داخل ... دخول الشغاف تبتغيه الأصابع ...
وقد قيل إن الشغاف داء وأنشد الأصمعي للراجز يتبعها وهي له شغاف
وروي عن ابي رجاء وقتادة أنهما قرءا قد شعفها حبا بالعين غير معجمة وبفتحها
قال أبو جعفر معناه عند أكثر أهل اللغة قد ذهب بها كل مذهب لأن شعفات الجبال أعاليها وقد شعف بذلك شعفا

بإسكان العين أي أولع به إلا أن أبا عبيد أنشد بيت امرىء القيس ... أيقتلني وقد شعفت فؤادها ... كما شعف المهنؤة الرجل الطالي ...
قال فشبهت لوعة الحب وجواه بذلك
وروي عن الشعبي انه قال الشغف حب والشعف جنون
44 - وقوله جل وعز فلما سمعت بمكرهن ارسلت إليهن آية 31
يقال كيف سمى هذا مكرا فالجواب فيه أنها أطلعتهن واستكتمتهن فأفشين سرها فسمي ذلك مكرا
45 - وقوله جل وعز وأعتدت لهن متكأ آية 31
روى سفيان عن منصور عن مجاهد قال المتكأ مثقلا

الطعام والمتك مخففة الأترج
وروى إسماعيل بن إبراهيم عن أبي رجاء عن الحسن قال المتكأ الطعام
وروى معمر عن قتادة قال المتكأ الطعام
وقيل المتكأ كل ما اتكىء عليه عند الطعام أو شراب أو حديث وهذا هو المعروف عند أهل اللغة إلا أن الروايات قد صحت بذلك
وحكى القتبي أنه يقال اتكأنا عن فلان أي أكلنا
وقد قيل إن المتك الزماورد وقيل يقال بتكه إذا قطعه وشقه فكأن الميم بدل من الباء كما يقال لازم ولا زب في نظائر له كثيرة
46 - وقوله جل وعز فلما رأينه أكبرنه آية 32

روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أعظمنه
قال أبو جعفر وهذا هو الصحيح ومن قال حضن فقد جاء بما لايعرف وحضن لا يتعدى
والمعنى هالهن فأعظمنه
47 - ثم قال جل وعز وقطعن أيديهن آية 31
روى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال حزا بالسكين
يريد مجاهد أنه ليس قطعا تبين منه اليد إنما هو خدش وحز وذلك معروف أن يقال إذا خدش الانسان يد صاحبه قد قطع يده
48 - ثم قال جل وعز وقلن حاش الله آية 31
قال مجاهد أي معاذ الله
والذي قال حسن واصله من قولك فلان في حشا فلان أي في ناحيتا فإذا قلت حاشا لزيد فمعناه تنحية لزيد

وحاش لله أي نحى الله هذا من هذا
49 - ثم قال جل وعز ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم آية 31
وقرىء ما هذا بشرى أي بمشترى
والأول أشبه لأن بعده إن هذا إلا ملك كريم ولأن مثل بشرى يكتب في الصحف بالياء
50 - وقول جل وعز ولقد راودته عن نفسه فاستعصم آية 32
معنى فاستعصم فامتنع
وقوله جل وعز قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه آية 33
روي ان الزهري قرأ قال رب السجن أحب إلي

ومعناه أن أسجن أحب إلي
ومن قرأ بالكسر السجن فمعناه عنده موضع السجن أحب إلي مما يدعونني إليه
51 - ثم قال جل وعز وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين آية 33
يقال صبا إلى اللهو صبوا
وروى الفراء صبأ إذا مال إليه
ثم قال تعالى فاستجاب له ربه آية 34
فحمله على المعنى لأن في كلامه معنى الدعاء وإن لم يذكر دعاء
52 - وقوله جل وعز ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات آية 35

قال مجاهد يعني قد القميص
وقال قتادة يعني قد القميص وحز الأيدي
ثم بين الذي بدا لهم فقال جل وعز ليسجننه حتى حين
53 - وقوله جل وعز ودخل معه السجن فتيان آية 36
يجوز أن يكونا شابين وأن يكون شيخين والعرب تستعمل هذا
54 - ثم قال جل ذكره قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا آية 36
في هذا أقوال منها
أن الخمر ها هنا العنب ومنها أن المعنى عنب خمر ومنها أن يكون مثل قولك أن أعصر زيتا أي أعصر ما يؤول أمره إلى الزيت كما قال

الحمد لله العلي المنان ... صار الثريد في رؤوس العيدان ...
وإنما يعني السنبل فسماه ثريدا لأن الثريد منه وهذا قول حسن
والأول أبينها وأهل التفسير علي
حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني أحمد بن سعيد قال وهب بن جرير عن أبيه عن علي بن الحكم عن الضحاك في وقوله إني أراني أعصر خمرا قال فالخمر العنب وإنما يسمي أهل عمان العنب الخمر
55 - ثم قال تبارك وتعالى وقال الآخر إني أحمل فوق راسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين آية 36
في هذا قولان
أحدهما إنا نراك تحسن تأويل الرؤيا
والقول الآخر يروى عن الضحاك أنه كان يعين المظلوم ويعود المريض وينصر الضعيف ويوسع للرجال
فحاد عن جوابهما إلى غير ما سألاه عنه فقال لا يأتيكما
وفي هذا قولان

أحدهما أن ابن جريج قال لم يرد أن يعبر لهما الرؤيا فحاد عن مسلئتهما فلم يتركاه حتى عبرها
وقال غيره اراد ان يعلمهما انه نبي وأنه يعلمها بالغيب فقال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما
ويروى أن الملك كان إذا أراد قتل إنسان وجه إليه بطعام بعينه لا يتجاوزه
ثم أعلمهما أن ذلك العلم من عند الله لا بكهانة ولا تنجيم فقال ذلكما مما علمني ربي
56 - ثم أعلمهما أنه مؤمن فقال إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله آية 37
ثم قال بعد ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ذلك من فضل الله علنا أن جعلنا أنبياء وعلى الناس أن بعثنا إليهم رسلا

57 - ثم دعاهما إلى الإسلام بعد فقال يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الل الواحد القهار آية 39
58 - وقوله جل وعز يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا آية 41
أي يكون على شراب الملك
قال عبد الله بن مسعود لما عبر لهما الرؤيا قالا ما رأينا شيئا فقال قضي الأمر الذي فيه تستفتيان
وقال أبو مجلز كان أحدهما صادقا والآخر كاذبا فقال قضي الأمر الذي فيه تستفتيان أي وقع على ما قلت حقا كان أو باطلا
59 - وقوله جل وعز وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك آية 42
قال مجاهد عند الملك وذلك معروف في اللغة أن يقال للسيد رب قال الأعشى ... ربي كريم لا يكدر نعمة ... وإذا تنوشد بالمهارق أنشدا

60 - وقوله جل وعز فأنساه الشيطان ذكر ربه آية 42
قال مجاهد فأنسى يوسف الشيطان ذكر ربه أن يساله ويتضرع إليه حتى قال لأحد الفتيين اذكرني عند ربك
وروى إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال قال نبي الله لولا كلمة يوسف يعني قوله اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث
قال ثم يبكي الحسن ويقول نحن ينزل بنا الأمر فنشكوا إلى الناس
61 - وقوله جل وعز فلبث في السجن بضع سنين آية 42
روى معمر عن قتادة قال يعني أنه لبث في السجن سبع سنين
وقال وهب اقام أيوب في البلاء سبع سنين وأقام يوسف في

السجن سبع سنين
قال الفراء ذكروا أنه لبث سبعا بعد خمس سنين بعد قوله اذكرني عند ربك قال والبضع ما دون العشر
قال الأخفش البضع من واحد إلى عشرة
وقال قتادة البضع يكون بين الثلاث والتسع والعشر وهو قول الأصمعي
قال العتبي قال أبو عبيدة ليس البضع العقد ولا نصف العقد نذهب إلى أنه من الواحد إلى الأربعة
وقال قطرب البضع ما بن لثلاث إلى التسع
قال أبو جعفر قيل اصحهما قول الأصمعي لأن داود بن هند روى عن الشعبي ان النبي قال لأبي بكر رحمه الله حين خاطر قريشا في غلبة الروم فارس فمضى ست سنين وقال أبو

بكر سيغلبون في بضع سنين فقال النبي كم البضع فقال ما بين الثلاث إلى التسع فخاطرهم ابو بكر وزاد فجاء الخبر بعد ذلك أن الروم قد غلبت فارس
62 - وقوله جل وعز وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف آية 43
والعجاف التي قد بلغت النهاية في الهزال
ومعنى عبرت الرؤيا أخرجتها من حال النوم إلى حال اليقظة مأخوذ من العبر وهو الشاطىء 63 وقوله جل وعز قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين آية 44
روى معمر عن قتادة أي أخلاط والضغث عند أهل اللغة كذلك يقال لكل مختلط من بقل أو حشيش أوغيرهما ضغث
أي هذه الرؤيا مختلطة ليست ببينة

64 - وقوله جل وعز وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمه آية 45
روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وسفيان عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس بعد أمة بعد حين
روى عفان عن همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ وادكر بعد أمه والمعروف من قراءة ابن عباس وعكرمة وادكر بعد أمة
وفسراه بعد نسيان والمعنيان متقاربان لأنه ذكر بعد حين وبعد نسيان
65 - ثم قال تعالى أنا أنبئكم بتأويله آية 45
أي أنا أخبركم
وقرأ الحسن آتيكم بتأويله وقال كيف يبئهم العلج

قال أبو جعفر ومعنى أنبئكم صحيح حسن أي أنا أخبركم إذا سألت
66 - ثم قال جل وعز فأرسلون يوسف ايها الصديق آية 46
وفي الكلام حذف والمعنى فذهب فقال يا يوسف
67 - وقوله جل وعز لعلي ارجع إلى الناس لعلهم يعلمون آيه 46 يجوز أن يكون المعنى لعلهم تأويل رؤيا الملك
ويجوز ان يكون لعلهم يعلمون بموضعك فتخرج من السجن
68 - قال تزرعون سبع سنين دأبا آية 47
أي تباعا واعتيادا

قال أبو عبيدة معنى تحصنون تحرزون
69 - وقوله جل ذكر ثم ياتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون آية 49
روى معاوية بن صالح عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس قال يعصرون العنب والزيت
ويقرأ تعصرون و يعصرون ويعصرون
وزعم أبو عبيدة أن معنى يعصرون ينجون من العصرة والعصر وهما المنجا وأنشد أحمد بن حعفر لأبي زبيد ... صاديا يستغيث غير مغاث ... ولقد كان عصره المنجود ...
والمنجود الفزع
قال أبو جعفر والأجود في هذا أن يكون المعنى فيه ما قال

ابن عباس وابن جريج في يعصرون
وأما معنى تعصرون فمعناه تمطرون من قوله وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا
وكذلك معنى تعصرون
70 - وقوله جل وعز وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك آية 50
يروى ان النبي تعجب من صبره وقال لو كنت مكانه ثم جاء الرسول لبادرت 3 ثم قال فاساله ما بال النسوة الللاتي قطعن أيديهن آية 50

ولم يذكر امرأة العزيز فيهن حسن عشرة منه وأدبا
71 - وقول جل وعز قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه آية 51
روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال جمع فرعون النسوة فقال لهن أنتن راودتن يوسف عن نفسه فقالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين فقال يوسف ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب إن الله لا يهدي كيد الخائنين فقال جبريل عليه السلام وغمزه ولا حين هممت فقال وما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء

قال أبو جعفر وهذا كلام غامض عند أهل العربية لأن كلام يوسف مختلط بما قبله وغير منفصل منه ألا تراه خبر عن امرأة العزيز أنها قالت انا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ثم اتصل به قول يوسف ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب
ونظيره إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون
قال أبو جعفر وفي الاية تأويل آخر
روى حجاج ن ابن جريج قال قال يوسف ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب
وقال ابن جريج وهذا من تقديم القرآن وتأخيره
قال أراد ان يبين عذره قبل ان يخرج من السجن فهذا على هذا التأويل قاله يوسف في السجن
وعلى تأويل ابن عباس قاله يوسف بعد ما خرج من السجن حين جمعه الملك مع النسوة

قال أبو جعفر والتأويلان حسنان والله أعلم بحقيقة ذلك
قال مجاهد وقتادة معنى حصحص الحق تبين
قال أبو إسحاق هو مأخوذ من الحصة أي بانت حصة الحق من حصة الباطل
72 - وقوله جل وعز وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي آية 54
أي أجعله خالصا لنفسي لا يشركني فيه غيره
73 - ثم قال جل ذكره فلما كلمة قال إنك اليوم لدينا مكين أمين آية 54
أي قد تبينا أمانتك وبراءتك مما قرفت به
قال اجعلني على خزائن الأرض آية 55
أي على أموالها

إني حفيظ عليم
أي حافظ للأموال وأعلم المواضع التي يجب أن أجعلها فيها
74 - وقوله جل وعز ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم آية 59
قيل في الكلام حذف والمعنى سألهم عن أمورهم فلما خبروه وجرى الكلام إلى هذا قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني اوفى الكيل وأنا خير المنزلين
قيل لأنه أحسن ضيافتهم
75 - وقوله جل وعز وقال لفتيته آية 62
قيل يراد بالفتية والفتيان ها هنا المماليك
ثم قال اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون آية 62
قال أبو جعفر في هذا قولان
أحدهما ان المعنى إذا رأوا البضاعة في رحالهم وهي ثمن الطعام رجعوا لأنهم أنبياء لا يأخذون شيئا بغير ثمن

وقيل إذا رأوا البضاعة في الرحال علموا أن هذا لا يكون من أمر يوسف فرجعوا
76 - وقوله جل وعز قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل آية 64
لأنهم قالوا في أخيه ارسله معنا غدا نرتع ونلعب وإنا له لحافظون
وقالوا في هذا فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون
فضمنوا له حفظهما
77 - وقوله جل وعز قالوا يا أبانا نا نبغي آية 65
يجوز ان يكون المعنى أي شيء نبغي وقد ردت إلينا بضاعتنا
ويجوز أن يكون المعنى ما نبغي شيئا ويكون ما نافية
ثم قال و نميز أهلنا ونحفظ أخانا آية 65

يقال مار أهله يميرهم ميرا وميرة إذا جاء بأقواتهم من بلد إلى بلد
78 - ثم قال جل وعز ونزداد كيل بعير آية 65
قال ابن جريج لأنه كان يعطي كل رجل منهم كيل بعير
قال مجاهد يعني وقر حمار
وقال بعضهم يسمى الحمار بعيرا يعني أنها لغة
فأما أهل اللغة فلا يعرفون انه يقال للحمار بعير والله أعلم بما أراد
ثم قال ذلك كيل يسير آية 65
أي سهل عليه
79 - وقوله جل وعز إلا أن يحاط بكم آية 66
أي إلا أن تهلكوا وتغلبوا

80 - ثم قال جل وعز فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل آية 66
أي كفيل
81 - قوله جل وعز وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة آية 67
قال الضحاك خاف عليهم العين
وقال غيره العين حق لأن النبي كان يعوذ الحسن والحسين رصي الله عنهما فيقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل لامة
وقيل كره ان يلحقهم شيء فيتوهم أنه من العين فيؤثم في ذلك
والدليل على صحة هذا القول حديث النبي إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تقدموا عليه

وجواب آخر أن يكون كره ان يدخلوا فيستراب بهم والله عز و جل أعلم
82 - وقوله جل وعز ولما دخلوا من حيث أمرهم ابوهم ما كان يعني عنهم من الله من شيء إلا حاجة آية 68
قيل المعنى أنه لو قضي عليهم شيء لأصابهم دخلوا مجتمعين أو متفرقين
وقيل المعنى لو قضي أن تصيبهم العين لأصابتهم متفرقين كما تصيبهم مجتمعين
83 - ثم قال جل وعز إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها آية 68 3 قال مجاهد يعني خوفه عليهم العين
84 - وقوله جل وعز ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه آية 69 إ يقال آويت فلانا بالمد إذا ضممته إليك وأويت إليه أي لجأت إليه

ومعنى فلا تبتئس فلا تحزن من البؤس
85 - وقوله جل وعز فلما
جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل اخيه آية 70
قال قتادة هي مشربة الملك
وقال الضحاك هو الإناء الذي يشرب فيه الملك
وروى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال صواع الملك شيء من فضة يشبه المكوك من ذهب وفضة مرصع بالجواهر يجعل على الرأس
وكان للعباس واحد في الجاهلية
86 - وقوله جل وعز ثم أذن مؤذن ايتها العير إنكم لسارقون آية 70
أي أعلم ونادى يقال آذنت أي أعلمت وأذنت أي أعلمت مرة بعد مرة

والمعنى يا أصحاب العير
وقال إنكم لسارقون ولم يسرقوا الصواع
قيل لأنهم أخذوا يوسف فباعوه فاستجاز ان يقول لهم إنكم لسارقون
وقيل يجوز ان يكون الصواع جعل في رحالهم ولم يعلم الذي ناداهم بذلك فيكون كاذبا
وقال أحمد بن يحيى أي حالكم حال السراق وهكذا كلام العرب وكان المنادي حسب ان القوم سرقوه ولم يعلم بصنيع يوسف
وقيل يجوز ان يكون اذان المؤذن عن امر يوسف واستجاز ذلك بهم أنهم قد كانوا سرقوا سرقة في بعض الأحوال يعني بذلك تلك السرقة لا سرقتهم الصواع

وقال بعض أهل التأويل كان ذلك خطأ من فعل يوسف فعاقبه الله عز و جل إذ قالوا له إن يسرق فقد سرق اخ له من قبل
87 - وقول جل وعز وأنا به زعيم آية 72
قال الضحاك أي كفيل
وقال قتادة أي حميل
قال الفراء زعيم القوم رئيسهم ومتكلمهم
قال أبو جعفر وهذا قريب من الأول لأن حميلهم هو رئيسهم

وروى أبو أمامة عن النبي انه قال والزعيم غارم مختصر
يعني بالزعيم الضامن
88 - وقوله جل وعز قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض آية 73
يروى انهم كانوا لا ينزلون على أحد ظلما ولا يرهبون زرع أحد وانهم جعلوا على أفواه إبلهم الأكمه لئلا تعيث في زروع الناس
89 - ثم قال جل وعز وما كنا سارقين آية 73
يروى انهم ردوا البضاعة التي جعلت في رحالهم أي فمن رد ما وجده كيف يكون سارقا

90 - ثم قال تعالى قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين آية 74 3 ي
قال إن هذه هي الحيلة التي ذكرها الله في قوله كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك آية 76
قال الضحاك أي في سلطان الملك وذلك أنه كان حكم الملك إذا سرق إنسان شيئا غرم مثله وكان حكم يعقوب إذا سرق إنسان استعبد فرد الحكم إليهم لهذا
91 - ثم قال جل وعز ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك إلا ان يشاء الله آية 76
أي إلا بمشيئته تعالى
92 - ثم قال تعالى نرفع درجات من نشاء آية 76
ويقرأ درجات من نشاء بمعنى من نشاء درجات
93 - ثم قال تعالى وفوق كل ذي علم عليم آية 76
قيل حتى ينتهي العلم إلى الله جل جلاله

وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال يكون ذا أعلم من ذا والله فوق كل عالم
وروى سفيان عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير قال كنا عند ابن عباس رحمه الله فتحدث بحديث فتعجب منه رجل فقال سبحان الله وفوق كل ذي علم عليم فقال ابن عباس بئس ما قلت الله العليم وهو فوق كل عالم
94 - وقوله جل وعز
قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل آية 77
قال مجاهد يعنون يوسف
ويروى انه كان راى صورة تعبد فأخذها ورمى بها وإنما فعل ذلك إنكارا ان يعبد غير الله
95 - ثم قال جل وعز فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم آية 77

ثم بين الذي أسر بقوله قال أنتم شر مكانا
أي أنتم سرقتم على الحقيقة إذ بعتم أخاكم
96 - ثم قال تعالى والله أعلم بما تصفون آية 77
أي الله أعلم أسرق أخوه أم لا
97 - وقوله جل وعز فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا آية 80
أي يئسوا تركوا أخاهم وانفردوا يتناجون كيف يرجعون إلى يعقوب وليس معهم أخوهم

98 - ثم قال تعالى قال كبيرهم ألم تعلموا ان أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله آية 80
قيل كبيرهم يهوذا
قال مجاهد هو شمعون وليس بكبيرهم في السن لأن روبيل أكبر منه
يذهب مجاهد إلى أن المعنى قال كبيرهم في العقل ورئيسهم لا كبيرهم في السن وقال قتادة في قوله تعالى قال كبيرهم هو روبيل ذهب إلى أنه كبيرهم في السن والله أعلم بحقيقة ذلك
99 - وقوله تعالى فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي آية 80
يعني أرض مصر لأن كل أحد على الأرض
100 - وقوله جل وعز ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا ابانا إن ابنك سرق آية 81
وحكي أنه قرىء سرق

حدثني محمد بن عمر قال حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن عثمان بن شبيب قال نا أبو جعفر أحمد بن أبي سريج قالا نا علي بن عاصم عن داو وهود ابن ابي هند عن سعيد بن جبير قال نا ابن عباس يقرؤها يا أبانا إن ابنك سرق
وحدثني محمد بن أحمد بن عمر قال نا ابن شاذان قال نا أحمد بن سريج البغدادي قال سمعت الكسائي يقرأ يا أبانا إن ابنك سرق مرفوعة بالسين
و سرق تحتمل معنيين
أحدهما اتهم بالسرقة
والآخر علم منه السرق
ومعنى بل سولت أي بل زينت
101 - وقوله جل وعز وتولى عنهم وقال يا أسفا على يوسف آية 84
قال ابن عباس أي يا حزنا
وقال مجاهد أي يا جزعا

102 - ثم قال تعالى وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم آية 84
قال قتادة أي لم يقل باسا
وكذلك هو في اللغة يقال فلان كظيم وكاظم أي حزين لا يشكو حزنه
103 - وقوله جل وعز قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف آية 85
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس تفتأ أي لا تزال
وقال مجاهد تفتؤ أي تفتر
والأول المعروف عند أهل اللغة يقال ما فتىء وما فتأ أي مازال

104 - ثم قال تعالى حتى تكون حرضا آية 85
قال ابن جريج عن مجاهد أي دون الموت
وقال الضحاك أي باليا مبرا
والقولان متقاربان يقال أحرضه المرض فحرض ويحرض إذا دام سقمه وبلي
قال الفراء الحارض الفاسد الجسم والعقل وكذلك الحرض
وقال أبو عبيدة الحرض الذي قد اذابه الحزن
وقال غيره منه حرضت فلانا أي أفسدت قلبه
105 - ثم قال تعالى أو تكون من الهالكين آية 85
وقال الضحاك أي من الميتين

106 - وقوله جل وعز قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله آية 86
والبث أشد من الحزن
قال قتادة ولا تيأسوا من روح الله أي من رحمته وقوله جل وعز قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة آية 88
وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال أي ورق رديئة لا تجوز إلا بوضيعة
وقال مجاهد أي قليلة
وقال قتادة أي يسيرة
وقال عبد الله بن الحارث كان معهم متاع الأعراب من سمن وصوف وما أشبههما
وهذه الأقوال متقاربة واصله من التزجية وهي الدفع والسوق يقال فلان يزجي العيس أي يدفع والمعنى أنها

بضاعة تدفع ولا يقبلها كل أحد
واحتج مالك بقوله تعالى فأوف لنا الكيل في ان أجرة الكيال والوزان على البايع
108 - وقوله جل وعز قال لا تثرتب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين آية 92
التثريب التعيير واللوم وإفساد الأمر ومنه ثربت أمره أي أفسدته
ومنه الحديث إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب أي ولا يعيرها بالزنا
109 - وقوله جل وعز ولما فصلت العير قال ابوهم إني لأجد ريح يوسف آية 94
قال ابن عباس هاجت ريح فشم ريح القميص من مسيرة ثمانية أيام
ثم قال لولا أن تفندون آية 94

قال ابن عباس تسفهون
وقال عطاء والضحاك أي تكذبون
والقول الأول هو المعروف يقال فنده تفنيدا إذا عجزه كما قال
أهلكتني باللوم والتفنيد
ويقال افند إذا تكلم بالخطأ والفند الخطأ من الكلام والرأي كما قال الشاعر ... إلا سليمان إذ قال المليك له ... قم في البرية فاحددها عن الفند ...
110 - وقوله جل وعز وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين آية 99
قال ابن جريج أي سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله

قال وهذا من تقديم القرآن وتأخيره
يذهب ابن جريج إلى أنهم قد دخلوا مصر فكيف يقول ادخلوا مصر إن شاء الله
111 - ثم قال تعالى ورفع ابويه على العرش آية 100
قال قتادة أي على السرير
ثم قال تعالى وخروا له سجدا آية 100
وقال قتادة وكان هذا من تحيتهم
قال ابن جريج كانوا يفعلون هذا كما تفعل فارس
والمعنى وخروا لله سجدا
والقول الأول أشبه وهو سجود على غير عبادة وإن كان قد نهي المسلمون عن هذا فإنه على ماروي أنها تحية كانت لهم
قال الحسن كان بين مفارقة يوسف اباه إلى ان اجتمع معه

ثمانون سنة لا يهدأ يعقوب فيها ساعة عن البكاء وليس أحد في ذلك الوقت أكرم على الله من يعقوب
والقي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة وعاش بعد لقائه يعقوب ثلاثا وعشرين سنة ومات وهو ابن عشرين ومائة
112 - وقوله جل وعز رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث آية 101
ويجوز ان تكون من ها هنا للتبعيض أي قد آتيتني بعض الملك وعلمتني بعض التأويل
ويجوز ان تكون لبيان الجنس أي أتيتني الملك وعلمتني تأويل الأحاديث
ويدل على هذا الجواب تؤتي الملك من تشاء
113 - وقوله جل وعز وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين آية 103

أي لست تقدر على هداية من أردت
114 - وقوله جل وعز وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون آية 105
أي فكم من آية في رفع السموات بغير عمد ومجاري الشمس والقمر والنجوم وفي الأرض من نخلها وزرعها أي يعلمونها
115 - ثم قال جل وعز وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون آية 106
قال عكرمة هو قوله تعالى ولئن سالتهم من خلقهم ليقولن الله
فإذا سئلوا عن صفته وصفوة بغيرها ونسبوه إلى أن له ولدا
وقال أبو جعفر يذهب عكرمة إلى أن الإيمان ها هنا إقرارهم

116 - ثم قال تعالى أفأمنوا ان تأتيهم غاشية من عذاب الله آية 107
قال مجاهد أي تغشاهم
قال ابو جعفر ومعناه تجللهم ومنه هل أتاك حديث الغاشية
117 - ثم قال تعالى أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون آية 107
أي فجأة من حيث لا يقدروا
118 - وقوله جل وعز قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة آية 108
أي على يقين ومنه فلان مستبصر بهذا
119 - وقوله جل وعز حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا آية 109
روى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها في قوله جل وعز حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا قالت استياس الرسل من إيمان من كذبهم من قومهم وظنوا أن من آمن

من قومهم قد كذبوهم لما لحقهم من البلاء والامتحان
وروى ابن أبي مليكة عن عروة عن عائشة قالت لحق المؤمنين البلاء والضرر حتى ظن الرسل انهم قد كذبوهم لما لحقهم
وقال قتادة حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وأيقنوا أن قومهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا
يذهب قتادة إلى ان الظن ها هنا يقين وذلك معروف في اللغة والمعنى أن الرسل كانوا يترجون أن يؤمن قومهم ثم استياسوا من ذلك فجاءهم النصر
والقول الأول اشبه بالمعنى وهو أعلى إسنادا والله أعلم

بما أراد
وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس وظنوا أنهم قد كذبوا بالتخفيف وضم الكاف
قال أبو جعفر في معناه عن ابن عباس روايتان أ روى ابن ابي مليكة عنه انهم ضعفوا قال إنهم بشر ب والقول الثاني أنه روي عن سفيان عن عطاء عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظن قومهم قد كذبوا جاءهم نصرنا
قال أبو جعفر الضمير في كذبوا يعود على القوم على هذا

وقرأ مجاهد وظنوا انهم قد كذبوا بالتخفيف وفتح الكاف
وفسره وظن قومهم انهم قد كذبوا وهو كالذي قبله في المعنى
وروي عنه في قوله تعالى حتى إذا استيأس الرسل قولان
أحدهما حتى إذا استيأس الرسل أن يأتي قومهم العذاب
والقول الثاني أحسن وهو حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم
120 - وقوله جل وعز لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب آية 111 قال مجاهد يعني يوسف وإخوته
121 - ثم قال جل وعز ماكان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه
قال سفيان يعني التوراة والإنجيل والكتب وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون انتهت سورة يوسف

تفسير سورة الرعد مدنية
وآياتها 43 آية

بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الرعد وهي مدنية
1 - من ذلك قوله جل وعز آلمر تلك آيات الكتاب آية 1
هذا تمام الكلام
ومن ذهب إلى ان كل حرف من هذه يؤدي عن معنى قال المعنى أنا االله أرى
2 - وقوله جل وعز الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها آية 2
المعنى ترونها بغير عمد

ويجوز أن يكون الضمير يعود على العمد
3 - ثم قال جل وعز وسخر الشمس والقمر آية 2 أي أنهما مقهوران مدبران فهذا معنى التسخير في اللغة
4 - ثم قال تعالى وهو الذي مد الأرض آية 3
أي بسطها
وجعل فيها رواسي أي جبالا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين أي صنفين وكل صنف زوج
5 - ثم قال تعالى وفي الأرض قطع متجاورات آية 4
وفي هذا قولان
قال ابن عباس يعني الطيب والخبيث والسباخ

والعذاب
وكذلك قال مجاهد
والقول الآخر أن في الكلام حذفا والمعنى وفي الأرض قطع متجاورات وغير متجاورات كما قال سرابيل تقيكم الحر والمعنى وتقيكم البرد ثم حذف ذلك لعلم السامع
و المتجاورات المدن وما كان عامرا وغير متجاورات الصحارى وما كان غير عامر
6 - ثم قال تعالى وجنات من أعناب آية 4 أي وفيها جنات من أعناب
وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان آيه 4
وقرأ صنوان بضم الصاد أبو رجاء وأبو عبد الرحمن وطلحة

وروى أبو غسحاق عن البراء قال الصنوان المجتمع وغير صنوان المتفرق
حدثنا زهير بن شريك قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا زهير بن معاوية قال أبو إسحاق عن البراء في قوله
صنوان وغير صنوان قال الصنوان ما كان أصلحه واحدا وهو متفرق وغير صنوان التي تنبت وحدها
وكذلك هو في اللغة يقال للنخلة إذا كانت فيها نخلة أخرى أو أكثر صنوان فإذا تفرقت قيل غير صنوان
7 - ثم قال جل وعز يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل آية 4
أي في الثمر أي هي تأتي مختلفة وإن كان الهواء واحدا فقد علم أن ذلك ليس من أجل الهواء ولا الطبع وأن لها مدبرا

وروى سفيان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى ونفضل بعضها على بعض في الأكل قال الحلو والحامض والفارسي والدقل
8 - ثم قال تعالى وإن تعجب فعجب قولهم آية 5
أي إن تعجب من إنكارهم البعث بعد هذه الدلائل فإن ذلك ينبغي ان يتعجب منه
9 - وقوله تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة آية 6

روى معمر عن قتادة قال بالعقوبة قبل العافية
قال غيره يعني قولهم اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء
10 - ثم قال تعالى وقد خلت من قبلهم المثلات آية 6
قال مجاهد يعني المثال الأمثال
وقال قتادة يعني العقوبات
قال أبو جعفر وهذا القول أولى لأنه معروف في اللغة أن يقال للعقوبة الشديدة مثلة ومثلة وروى عن الأعمش أنه قرأ المثلات بضم الميم والثاء و هذا جمع مثله
وروي عنه أنه قرأ المثلات بضم الميم وإسكان الثاء

وهذا أيضا جمع مثلة
ويجوز المثلات تبدل من الضمة فتحة لثقلها
وقيل تأتي بالفتحة عوضا من الهاء
وروي عن الأعمش أيضا أنه قرأ المثلات بفتح الميم وإسكان الثاء فهذا جمع مثلة ثم حذف الضمة لثقلها
11 - وقوله جل وعز وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم آية 6
روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال لما نزلت وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب قال قال رسول الله لولا عفو الله ورحمته وتجاوزه لما هنا أحدا عيش ولولا عقابه ووعيده وعذابه لاتكل كل واحد
12 - وقوله تعالى إنما أنت منذر ولكل قوم هاد آية 7
قال مجاهد وقتادة وهذا معنى كلامهما إنما أنت منذر يعني النبي ولكل قوم هاد أي نبي

يدعوهم
وروى سفيان عن أبي الضحى إنما أنت منذر قال النبي ولكل قوم هاد قال الله جل وعز
وروى علي بن الحكم عن الضحاك ولكل قوم هاد قال الله عز و جل
وقال أبو صالح المعنى لكل قوم داعي هدى أو داعي ضلالة
والذي يذهب إليه جماعة من أهل اللغة أن المعنى أنهم لما اقترحوا الايات أعلم الله جل وعز أن لكل قوم نبيا يهديهم ويبين لهم وليس عليه أن يأتيهم من الآيات بما يقترحون
وروى سفيان عن عطاء عن سعيد بن جبير في قوله تعالى إنما أنت منذر قال النبي ولكل قوم هاد قال الله جل ذكره

وروى سفيان عن السدي عن عكرمة في قوله جل وعز الله يعلم ما تحمل كل أنثى قال سفيان يعني من ذكر أو أنثى
13 - ثم قال تعالى وما تغيض الأرحام وما تزداد آية 8
قال الحسن والضحاك هو نقصان الولد عن تسعة أشهر وزيادته عليها
وقال قتادة تغيض السقط وتزداد على التسعة أشهر
وقال مجاهد الغيض النقصان فإذا اهراقت المرأة الدم وهي حامل انتقص الولد وإذا لم تهرق الدم عظم الولد وتم
وقال سعيد بن جبير إذا حملت المرأة ثم حاضت نقص ولدها ثم تزداد به الحمل مقدار ما جاءها الدم به
وقال عكرمة الغيض أن ينقص الولد بمجيء الدم والزيادة أن يزيد مقدار ما جاءها الدم فيه حتى تستكمل تسعة أشهر

سوى الأيام التى جاءها الدم فيها
14 - وقوله جل وعز سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار آية 10
قال ابن عباس السارب الظاهر
قال قتادة السارب الظاهر الذاهب
وقال مجاهد ومن هو مستخف بالليل أي مستتر بالمعاصي وسارب بالنهار ظاهر
وقال بعض أهل اللغة ومن هو مستخف بالليل أي ظاهر من خفيته إذا أظهرته وسارب بالنهار أي مستتر من قولهم انسرب الوحش إذا دخل كناسه
قال أبو جعفر القول الأول أولى لجلالة من قال به وأشبه بالمعنى لأن المعنى والله أعلم سواء منكم من أسر منطقه أو

أعلنه واستتر بالليل او ظهر بالنهار وكل ذلك في علم الله سواء
وهو في اللغة أشهر وأكثر
قال الكسائي يقال سرب يسرب سربا وسروبا إذا ذهب
وحكى الأصمعي خل له سربه أي طريقه
15 - ثم قال جل وعز له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله آية 11
في الآية ثلاثة أقوال
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال ملائكة يحفظونه فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه
وروى معاوية بن صالح عن علي بن ابي طلحة عن ابن

عباس له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله قال بإذن الله وهي من أمر الله وهي ملائكة
قال الحسن عن أمر الله
قال مجاهد وقتادة وهذا لفظ قتادة وهي ملائكة تتعاقب بالليل والنهار عن أمر الله أي بأمر الله
فهذا قول
والقول الثاني أنه روي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه قال هم السلاطين الذين لهم قوم من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم من أمر الله فإذا جاء أمر الله لم ينفعوا شيئا
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو السلطان المتحرس من الله وذلك أهل الشرك
وروى شعبة عن شرقي عن عكرمة قال هم الأمراء

فهذان قولان
والقول الثالث أن ابن جريج قال هو مثل قوله عن اليمين وعن الشمال قعيد فالذي عن اليمين يكتب الحسنات والذي عن الشمال يكتب السيئات
و يحفظونه أي يحفظون عليه كلامه وفعله
وأولى هذه الأقوال الأول لعلو إسناده وصحته
ويقويه أن مالك بن أنس روى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال لله ملائكة يتعاقبون فيكم بالليل والنهار وذكر الحديث
وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى إن قرآن الفجر كان مشهودا قال تدور كالحرس ملائكة الليل وملائكة النهار

وروى ابن عيينة عن عمرو عن ابن عباس انه قرأ معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه
فهذا قد بين المعنى
وقال الحسن في المعنى يحفظونه عن أمر الله وهذا قريب من الأول أي حفظهم إياه من عند الله لا من عند أنفسهم
وروى عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء في قوله له معقبات من بين يديه ومن خلفه قال النبي
وهذا يريد الملائكة أيضا
وعن بعضهم أنه قرأ معاقيب من بين يديه ومن خلفه و معاقيب جمع معقب وتفسيره كتفسير الأول
16 - وقوله جل وعز وما لهم من دونه من وال آية 11
أي ليس أحد يتولاهم من دون الله

ووال وولي واحد كما يقال قدير وقادر وحفيظ وحافظ
17 - وقوله جل وعز هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا آية 12
قال الحسن ومجاهد وقتادة أي خوفا للمسافر وطمعا للحاضر
والمعنى ان المسافر يخاف من المطر ويتأذى به
قال الله تعالى أذى من مطر
والحاضر المنتفع بالمطر يطمع فيه إذا رأى البرق
18 - ثم قال تعالى وينشىء السحاب الثقال آية 12
قال مجاهد التي فيها المطر

19 - ثم قال تعالى ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته آية 13
روى سفيان عن سالم عن أبي صالح قال الرعد ملك يسبح
وروى عثمان بن الأسود عن مجاهد قال الرعد ملك يسمى الرعد ألا تسمع إلى قوله ويسبح الرعد بحمده
وروى سفيان عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد قال الرعد ملك يزجر السحاب بصوته
وقال عكرمة الرعد ملك يصوت بالسحاب كالحادي بالإبل

وروي أن ابن عباس كان إذا سمع صوت الرعد قال سبحان الذي سبحت له
وروى مالك عن عامر بن عبد الله عن أبيه كان إذا سمع صوت الرعد لهي من حديثه وقال سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثم يقول إن هذا وعيد لأهل الأرض شديد
20 - ثم قال تعالى ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله آية 13
يجوز أن تكون الواو واو حال أي يصيب بها من يشاء في حال مجادلته
لأنه يروى أن أربد سأل النبي فقال أخبرنا عن ربنا أهو من نحاس أو من حديد فأرسل الله صاعقة فقتلته

ويجوز ان يكون قوله وهم يجادلون في الله منقطعا من الأول
21 - ثم قال تعالى وهو شديد المحال آية 13
قال ابن عباس أي الحول
وقال قتادة أي الحيلة
وقال الحسن المكر
وروي عن الحسن أنه قال أي الهلاك
وهذه أقوال متقاربة واشبهها بالمعنى والله أعلم أنه الإهلاك لأن المحل الشدة فكأن المعنى شديد العذاب والإهلاك
وقد قال جماعة من أهل اللغة منهم أبو عبيدة وابو عبيد هو المكر من قولهم محل به وأنشد بيت الأعشى

فرع نبع يهتز في غصن المجد ... غزير الندى شديد المحال ...
وقال أبو عبيد الشبه بقول ابن عباس ان يكون قرأ شديد المحال بفتح الميم
فأما الأعرج فالمعروف من قراءته المحال بفتح الميم
ومعناه كمعنى الحول من قولهم لا حول ولا قوة إلا بالله
فأما معنى المكر من الله فهو إيصال المكروه إلى من يستحقه من حيث لا يشعر
22 - وقوله جل وعز له دعوة الحق آية 14
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال لا إله إلا الله
وكذلك قال قتادة والضحاك

23 - ثم قال تعالى والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه آية 14
قال مجاهد أي يشير إلى الماء بيده ويدعوه بلسانه
وقال غيره أي الذي يدعو الأصنام بمنزلة القابض على الماء لا يحصل له شيء
24 - وقوله جل وعز ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها آية 15
قيل من أسلم طوعا ومن لم يسلم حتى فحص عن رأسه بالسيف فكان أول دخوله كرها
وقيل إنما وقع هذا على العموم لأن كل من عبد غير الله فإنما يقصد إلى ما يعظم في قلبه والله العظيم الكبير

والسجود في اللغة الخضوع والانقياد وليس شيء إلا وهو يخضع لله وينقاد له
25 - ثم قال تعالى وظلالهم بالغدو والآصال آية 15
يروى ان الكافر يسجد لغير الله وظله يسجد لله وهذا من الانقياد والخضوع
وقيل الظلال ها هنا الأشخاص
26 - وقوله جل وعز أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم آية 16
أي هل رأوا غير الله خلق مثل خلقه فتشابه الخلق عليهم

27 - وقوله تعالى أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها آية 17
قال ابن جريج أخبرني ابن كثير قال سمعت مجاهدا يقول بقدر ملئها
قال ابن جريج بقدر صغرها وكبرها
وقرأ الأشهب العقيلي فسالت أودية بقدرها والمعنى واحد
وقيل معناها بما قدر لها
28 - ثم قال تعالى فاحتمل السيل زبدا رابيا آية 17
أي طالعا عاليا
قال مجاهد تم الكلام
29 - ثم قال تعالى ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله آية 17

قال مجاهد المتاع الحديد والنحاس والرصاص
قال غيره الذي يوقد عليه ابتغاء حلية الذهب والفضة
30 - ثم قال تعالى فأما الزبد فيذهب جفاء آية 17
قال مجاهد أي جمودا
قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله يقال أجفأت القدر إذا غلت حتى ينضب زبدها وإذا جمد في أسفلها
قال أبو زيد وكان رؤبة يقرأ فيذهب جفالا
يقال جفلت الريح السحاب إذا قطعته وأذهبته

31 - ثم قال تعالى وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض آية 17
قال مجاهد وهو الماء وهذا مثل للحق والباطل أي إن الحق يبقى وينتفع به والباطل يذهب ويضمحل كما يذهب هذا الزبد وكذهاب خبث هذه الأشياء
32 - ثم قال تعالى كذلك يضرب الله الأمثال آية 17
تم الكلام
33 - ثم قال جل وعز للذين استجابوا لربهم الحسنى آية 18
قال قتادة هي الجنة
34 - وقوله تعالى اولئك لهم سوء الحساب آية 18

قال أبو الجوزاء عن ابن عباس يعني المناقشة بالأعمال
ويدل على هذا الحديث من نوقش الحساب هلك
قال فرقد قال لي إبراهيم يا فرقد أتدري ما سوء الحساب قلت لا قال أن يحاسب العبد بذنبه كله لا يغفر له منه شيء
35 - وقوله تعالى جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم آية 23
أي من كان صالحا
لا يدخلونها بالأنساب
36 - ثم قال تعالى والملائكة يدخلون عليهم من كل باب آية 23
أي تكرمة من الله لهم
37 - ثم قال تعالى سلام عليكم بما صبرتم آية 24

أي يقولون سلام عليكم بما صبرتم
38 - ثم قال جل وعز فنعم عقبى الدار آية 24
قال أبو عمران الجوني فنعم عقبى الدار الجنة من النار
39 - وقوله جل وعز وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع آية 26
3 - قال مجاهد أي تذهب
40 - قوله عز و جل قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من اناب آية 27
أناب إذا رجع إلى الطاعة

41 - ثم قال تعالى الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله آية 28
أي بتوحيده والثناء عليه
42 - ثم قال تعالى ألا بذكر الله تطمئن القلوب آية 28
أي التي هي قلوب المؤمنين
قال مجاهد يعني أصحاب محمد
43 - ثم قال تعالى الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم آية 29
قال ابن عباس وابو أمامة طوبى شجرة في الجنة
وكذلك قال عبيد بن عمير
وقال مجاهد هي الجنة
وقال عكرمة أي نعم ما لهم
وقال إبراهيم طوبى أي خير وكرامة

وهذه الأقوال متقاربة لأن طوبى فعلى من الطيب أي من العيش الطيب لهم وهذه الأشياء ترجع إلى الشيء الطيب
44 - ثم قال تعالى وحسن مآب آية 29
قال مجاهد أي مرجع
45 - وقوله تعالى ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى آية 31
قال ابن عباس قال الكفار للنبي سير لنا الجبال قطع لنا الأرض أحيي لنا الموتى
وقال مجاهد قالوا للنبي بعد لنا هذه الجبال وادع لنا أن يكون لنا زرع وقرب منا الشام فإنا نتجر إليه وأحيي لنا الموتى
قال قتادة قالت قريش للنبي أحيي لنا الموتى حتى نسألهم عن الذي جئت به أحق هو فأنزل الله ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى

قال لو فعل هذا بأهل الكتاب لفعل بكم
وهذه الأقوال كلها توجب أن الجواب محذوف لعلم السامع لأنهم سألوا فكان سؤالهم دليلا على جواب لو
ونظيره لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد
وقال الشاعر ... فلو لأنها نفس تموت سوية ... ولكنها نفس تساقط أنفسا ...
فحذف جواب لو أي لتسلت

وفي الحذف من الاية قولان
أكثر أهل اللغة يذهب إلى أن المعنى ولو أن قرآن سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى لكان هذا القرآن
وقال بعضهم المعنى لو فعل بهم هذا لما آمنوا كما قال تعالى ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله
قال أبو جعفر وقيل في الكلام تقديم وتأخير والمعنى وهم يكفرون بالرحمن ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أي وهم يكفرون ولو وقع هذا
46 - وقوله جل وعز أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا آية 31
قال أبو جعفر في هذه الاية اختلاف كثير

روى جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم وعكرمة عن ابن عباس أنه قرأ أفلم يتبين الذين آمنوا مختصر
وفي كتاب خارجة ان ابن عباس قرأ أفلم يتبين للذين آمنوا
وروى المنهال بن عمير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس افلم ييأس الذين آمنوا أي افلم يعلم
واكثر أهل اللغة على هذا القول
وممن قال به أبو عمرو بن العلاء وأبو عبيدة قال سحيم بن وثيل ... اقول لهم بالشعب إذ ييسرونني ... الم تيأسوا أني ابن فارس زهدم

ويروى إذ ياسرونني
فمعنى أفلم ييأس الذين آمنوا ألم يعلموا
وروى معاوية بن صالح بن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس في قوله أفلم ييأس الذين آمنوا قال افلم يعلم
وفي الآية قول آخر
قال الكسائي لا أعرف هذه اللغة ولا سمعت من يقول يئست بمعنى علمت ولكنه عندي من اليأس بعينه والمعنى إن الكفار لما سألوا تسيير الجبال بالقرآن وتقطيع الأرض وتكليم الموتى اشرأب لذلك المؤمنون وطمعوا في أن يعطى الكفار ذلك فيؤمنوا فقال الله أفلم ييأس الذين آمنوا أي افلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء لعلمهم أن الله لو أراد أن يهديهم لهداهم كما تقول قد يئست من فلان ان يفلح والمعنى لعلمي به

47 - وقوله تعالى ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة آية 31
قال ابن عباس يعني السرايا
وكذلك قال عكرمة وعطاء الخراساني إلا أن ابا عاصم روى عن شبيب عن عكرمة عن ابن عباس قال النكبة
وقال مجاهد قارعة أي سرية ومصيبة تصيبهم
والقارعة في اللغة المصيبة العظيمة
48 - ثم قال جل وعز أو تحل قريبا من دارهم آية 31
قال مجاهد وعكرمة وقتادة أو تحل انت يا محمد قريبا من دارهم
حدثنا سعيد بن موسى بقرقيسيا قال حدثنا مخلد بن مالك

عن محمد بن سلمة عن خصيف قال القارعة السرايا التي كان يبعث بها رسول الله أو تحل أنت يا محمد قريبا من دارهم
قال الحسن أو تحل القارعة قريبا من دارهم
49 - ثم قال تعالى حتى يأتي وعد الله آية 31
قال مجاهد وقتادة أي فتح مكة
50 - وقوله تعالى افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت آية 33
قال قتادة هو الله جل جلاله
وقال الضحاك يعني نفسه جل وعز وهو القائم على عباده من كان منهم برا ومن كان منهم فاجرا يرزقهم ويطعمهم وقد جعلوا لله شركاء

51 - قال الله قل سموهم ولو سموهم لكذبوا وأنبؤه بما لا يعلمه وذلك قوله تعالى أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض آية 33
52 - وقوله تعالى مثل الجنة التي وعد المتقون آية 35
روى النضر بن شميل عن الخليل قال مثل بمعنى صفة فالمعنى على هذا صفة الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار كما تقول صفة فلان أسمر لأن معناه فلان أسمر
وقال أبو إسحاق مثل الله لنا ما غاب بما نراه وكذلك كلام العرب فالمعنى مثل الجنة التي وعد المتقون جنة تجري من تحتها الأنهار

53 - وقوله تعالى وإليه مآب آية 36
قال قتادة أي إليه مصير كل عبد
54 - وقوله تعالى يمحو الله ما يشاء وثبت آية 39
وقرأ ابن عباس ويثبت
روي عنه يحكم الله جل وعز أمر السنة في شهر رمضان فيمحو ما يشاء ويثبت إلا الحياة والموت والشقوة والسعادة
وفي رواية أبي صالح يمحو الله مما كتب الحفظة ما ليس للإنسان وليس عليه ويثبت ما له وعليه
وحدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يمحو الله ما

يشاء يقول يبدل الله من القرآن ما يشاء فينسخه ويثبت ما يشاء فلا يبدله
وعنده أم الكتاب يقول جملة ذلك عنده في أم الكتاب الناسخ والمنسوخ وكذلك قال قتادة
وقال ابن جريج يمحو الله ما يشاء أي ينسخ وكأن معنى ويثبت عنده لا ينسخه فيكون محكما
ويثبت بالتشديد على التكثير
قال أبو جعفر ويثبت بالتخفيف أجمع لهذه الأقوال من يثبت
وكان أبو عبيد قد اختار ويثبت على أن أبا حاتم قد أوما إلى أن معناهما واحد
وروى عوف عن الحسن قال يمحو من جاء أجله ويثبت من لم يجيء أجله بعد إلى أجله

54 - قوله عز و جل وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب آية 40
أي إما نرينك بعض ما وعدناك من إظهار دين الإسلام على الدين كله أو نتوفينك قبل ذلك فإنما عليك أن تبلغهم وعلينا أن نحاسبهم فنجازيهم بأعمالهم
ثم بين جل وعز أنه كان ما وعد
55 - فقال أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها آية 41
يظهر الإسلام بإخراج ما في يد المشركين وإظهار المسلمين عليهم

وفي هذه الاية أقوال هذا أشبهها بالمعنى
ومن الدليل على صحته قوله جل وعز افلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون وهذا القول مذهب الضحاك
وروى سلمة بن نبيط عنه أنه قال في قول الله تعالى أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها قال هو ما تغلب عليه من بلادهم
وروى عكرمة عن ابن عباس قال هو خراب الأرض حتى يكون في ناحية منها أي حتى يكون العمران في ناحية منها
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد ننقصها من أطرافها قال الموت موت الفقهاء والعلماء

56 - ثم قال تعالى والله يحكم لا معقب لحكمه آية 41
قال الخليل لا راد لقضائه
قال أبو جعفر والمعنى ليس أحد يتعقب حكمه بنقض ولا تغيير
57 - وقوله تعالى قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب آية 43
قال ابن جريج عن مجاهد عبد الله بن سلام
وقال شعبة عن الحكم عن مجاهد ومن عنده علم الكتاب هو الله تبارك وتعالى

وقال سليمان التيمي هو عبد الله بن سلام
وقال قتادة منهم عبد الله بن سلام فإنه قال نزل في قرآن ثم تلا ومن عنده علم الكتاب
وأذكر هذا القول الشعبي وعكرمة
قال الشعبي نزلت هذه الآية قبل أن يسلم عبد الله بن سلام
وقال سعيد بن جبير وعكرمة هذه الاية نزلت بمكة فكيف نزلت في عبد الله بن سلام

وقال الحسن أي كفى بالله شهيدا وبالله مرتين يذهب إلى ان من تعود على اسم الله
قال أبو جعفر وهذا احسن ما قيل في هذه الاية من وجهات
إحداها أنه يبعد ان يستشهد الله بأحد من خلقه
ومنها ما أنكره الشعبي وعكرمة
ومنها أنه قرىء ومن عنده علم الكتاب بكسر الميم والدال والعين روي ذلك عن النبي وإن كان في الرواية ضعف روى ذلك سليمان بن الأرقم عن الزهري بن سالم عن ابيه ان النبي قرأ ومن عنده علم وكذلك روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما قرآ
ولا اختلاف بين المفسرين ان المعنى ومن عند الله فأن

يكون معنى القراءتين واحدا أحسن
وروى محبوب عن إسماعيل بن محمد اليماني أنه قرأ ومن عنده علم الكتاب بضم العين ورفع الكتاب
قال أبو جعفر وقول من قال هو عبد الله بن سلام وغيره يحتمل أيضا لأن البراهين إذا صحت وعرفها من قرأ الكتب التي أنزلت قبل القرآن كان أمرا مؤكدا
والله أعلم بحقيقة ذلك انتهت سورة الرعد

تفسير سورة إبراهيم مكية وآياتها 52 آية

بسم الله الرحمن الرحيم سورة إبراهيم وهي مكية
وهي مكية إلا آيتين منها فإنهما نزلتا بالمدينة فيمن قتل من المشركين يوم بدر وهما الم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا إلى آخر الآيتين
1 - قوله تبارك وتعالى الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم آية 1
الظلمات الكفر والنور الإسلام على التمثيل لأن الكفر بمنزلة الظلمة والإسلام بمنزلة النور

والباء في قوله بإذن ربهم متعلقة بقوله لتخرج الناس والمعنى في قوله بإذن ربهم أنه لا يهتدي أحد إلا بإذن الله
ويجوز ان يكون المعنى بتعليمك إياهم
ثم بين النور فقال إلى صراط العزيز الحميد
2 - ومعنى قوله تعالى ويبغونها عوجا آية 3
ويطلبون غير القصد
3 - وقوله جل وعز وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه آية 4

أي بلغة قومه ليبين لهم أي ليفهمهم لتقوم عليهم الحجة
4 - وقوله جل وعز ولقد ارسلنا موسى بآياتنا آية 5
قال مجاهد أي بالآيات البينات يعني قوله ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات
5 - وقوله تعالى ودكرهم بأيام الله آية 5
قال أبي بن كعب أي بنعم الله
وقال غيره بإهلاكه من قبلهم وبانتقامه منهم بكفرهم

6 - وقوله تعالى وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ انجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم آية 7
وفي موضع آخر يذبحون بغير واو
ومعنى الواو يوجب انه قد أصابهم من العذاب شيء سوى التذبيح وإذا كان بغير واو فإنما هو تبيين الأول
7 - وقوله جل وعز ويستحيون نساءكم آية 7
أي لا يقتلونهن من الحياة أي يدعونهن يحيين
وفي الحديث عن النبي اقتلوا شيوخ المشركين

واستحيوا شرخهم
8 - ثم قال تعالى وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم آية 6
قال المعنى في إنجائ غياكم منهم نعمة عظيمة ويكون البلاء ها هنا النعمة
وقيل فيما جرى منهم عليكم بلاء أي بلية
وقيل البلاء ها هنا الاختبار 9 وقوله جل وعز وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ىية 7
تأذن بمعنى أعلم من قولهم آذنه فأذن بالأمر وهذا كما يقال توعدته وأوعدته بمعنى واحد

10 - قوله تعالى والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله آية 9
روى سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميون ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله في قوله والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله قال كذب النسابون
وروي عن ابن عباس قال بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون
وروي عن عروة بن الزبير أنه قال ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل
11 - وقوله تعالى جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا ايديهم في أفواههم آية 9
في معنى هذا أقوال
أ قال مجاهد ردوا على الرسل قولهم وكذبوهم

ب قال قتادة ردوا على الرسل ما جاءوا به
فهذا على التمثيل وهو مذهب أبي عبيدة أي تركوا ما جاءهم به الرسل فكانوا بمنزلة من رده إلى فيه وسكت فلم يقل
وقيل فردوا أيديهم في أفواههم ردوا ما لو قبلوه كان نعما في أفواههم أي بأفواههم أي بألسنتهم ج وقيل ردوا نعم الرسل لأن إرسالهم نعم عليهم بالنطق وبالتكذيب د وفي الآية قول رابع وهو أولاها وأجلها إسنادا
قال أبو عبيد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله

فردوا أيديهم في أفواههم قال عضوا عليها غيضا
قال أبو جعفر والدليل على صحة هذا القول قوله عز و جل وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ
قال الشاعر ... لو ان سلمى أبصرت تخددي ... ودقة في عظم ساقي ويدي ... وبعد أهلي وجفاء عودي ... عضت من الوجد بأطراف اليد ...
12 - وقوله جل وعز ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد آية 14
أي ذلك لمن خاف مقامه بين يديه والمصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول لأنه متشبث بهما

13 - وقوله تعالى واستفتحوا آية 15
قال مجاهد وقتادة واستنصروا
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يستفتح القتال بصعاليك المهاجرين
14 - ثم قال تعالى وخاب كل جبار عنيد آية 15
قال ابو اسحاق الجبار عند أهل اللغة الذي لا يرى لأحد عليه حقا
قال مجاهد العنيد المعاند المجانب للحق
وقال قتادة العنيد الذي أبى ان يقول لا إله إلا الله
15 - ثم قال تعالى من ورائه جهنم آية 16

أي من أمامه وليس من الأضداد ولنه من توارى أي استتر
16 - ثم قال تعالى ويسقى من ماء صديد آية 16
قال ابن عباس أي قد خالط لحمه ودمه
قال الضحاك يعني القيح والصديد
وقال مجاهد هو القيح و الصديد
وقال غيره يجوز أن يكون هذا تمثيلا أي يسقى ما هو بمنزلة القيح والصديد
ويجوز أن يكون يسقى القيح والصديد

17 - ثم قال تعالى يتجرعه ولا يكاد يسيغه آية 17 أي يبلعه
18 - ثم قال تعالى ويأتيه الموت من كل مكان آية 17
أي من كل مكان من جسده
19 - ثم قال تعالى وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ آية 17
أي من أمامه عذاب جهنم
حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج قال حدثنا أحمد بن الحسين قال قال فضيل بن عياض في قول الله تبارك وتعالى ومن ورائه عذاب غليظ قال حبس الأنفاس
20 - ثم قال تعالى مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به

الريح في يوم عاصف آية 18
أي لم يقبل منهم
وعاصف على النسق أي الريح فيه شديدة
ويجوز أن يكون التقدير عاصف الريح
21 - وقوله جل وعز وقال الشيطان لما قضي الأمر آية 22
أي فرغ منه فدخل أهل الجنه الجنه وأهل النار النار إن الله وعدكم وعد الحق أي وعد من أطاعه الجنة ومن عصاه النار ووعدتكم فأخلفتكم أي وعدتكم خلاف ذلك وما كان لي عليكم من سلطان أي من حجة أبينها إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي أي إلا أن أغويتكم فتابعتموني

22 - ثم قال تعالى ما أنا بمصرخكم آية 22
قال مجاهد وقتادة أي بمغيثكم
ويروى أنه يخاطب بهذا في النار
ومعنى إني كفرت بما اشركتمون من قبل أي كفرت بشرككم إياي
23 - وقوله جل وعز ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة آية 24
حدثنا محمد بن جعفر الفاريابي قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا وهب بن خالد قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ذات يوم لأصحابه
أنبؤوني بشجرة تشبه المسلم لا يتحات ورقها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قال فوقع في قلبي أنها النخلة قال فسكت القوم فقال النبي هي النخلة فقلت لأبي لقد كان وقع في قلبي أنها النخلة

فقال فما منعك أن تكون قلته لرسول الله لأن تكون قلته أحب إلي من كذا وكذا فقلت كنت في القوم وأبو بكر فلم تقولا شيئا فكرهت أن أقول وروى الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال هي النخلة
وكذلك وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله جل وعز وضرب الله مثلا كلمة طيبة قال لا إله إلا الله كشجرة طيبة قال المؤمن أصلها ثابت لا إله إلا الله ثابت في قلب المؤمن

24 - ومثل كلمة خبيثة قال الشرك كشجرة خبيثة قال المشرك اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار أي ليس للمشرك أصل يعمل عليه
وروى شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك كشجرة طيبة قال النخلة قال والشجرة الخبيثة الحنظلة
25 - وقوله جل وعز تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها آية 25
روى ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد قال كل سنة
وروى عطاء بن السائب وطارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كل ستة أشهر

وروى أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس قال الحين حينان حين يعرف مقداره وحين لا يعرف مقداره فأما الذي يعرف مقداره فقوله تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها
وقال عكرمة هو ستة أشهر
وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال الحين يكون غدوة وعشية
وقال الضحاك في قوله تؤتى أكلها كل حين قال في الليل والنهار وفي الشتاء والصيف وكذلك المؤمن ينتفع بعمله كل وقت
قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة لأن الحين

عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره وأنشد الأصمعي بيت النابغة ... تناذرها الراقون من سوء سمها ... تطلقه حينا وحينا تراجع ...
فهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت
غير أن الأشبه في الآية أن يكون الحين السنة لأن إدراك الثمرة كل عام وكذا طلعها
وقد روي عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال أدنى الحين سنة
وروى سفيان عن الحكم وحماد قالا الحين سنة ومعنى اجتثت قطعت جثتها بكمالها

26 - وقوله جل وعز يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة آية 27
روى معمر عن طاووس عن أبيه في يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا قال لا إله إلا الله وفي الآخرة عند المساءلة في القبر
وقال البراء بن عازب وأبو هريرة هذا عند المساءلة إذا صار في القبر
وروى شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعيد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي في قول الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال رسول الله في القبر إذا سئل
وروى معمر عن قتادة قال بلغني أن هذه الأمة تبتلى في

قبورها فيثبت الله الذين آمنوا
ويروى أنه يقال له من ربك وما دينك ومن نبيك فمن ثبته الله قال الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي
فهذا تثبيت في الآخرة
والتثبيت في الدنيا أنه لم يوفق لها إلا وقد كان اعتقاده في الدنيا
27 - وقوله تعالى ألم تر إلى الذين بدلعوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار آية 28
قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه هم كفار قريش

وقال عبد الله بن عباس رحمه الله هم قادة المشركين يوم بدر أحلوا قومهم أي الذين اتبعوهم دار البوار وهي جهنم دارهم في الآخرة
قال أبو جعفر البوار في اللغة الهلاك
28 - وقوله تعالى من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال آية 31
قال أبو عبيدة البيع هاهنا الفدية
قال أبو جعفر وأصل البيع في اللغة أن تدفع وتأخذ عوضا منه والذي قال أبو عبيدة حسن جدا وهو مثل قوله تعالى واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ومثل قوله تعالى ولا يقبل منها عدل أي قيمة

والخلال والمخالة والخلة بمعنى الصداقة
قال الشاعر ... صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ... ولست بمفلي الخلال ولا قالي ...
29 - وقوله جل وعز وآتاكم من كل ما سألتموه آية 34
قال مجاهد أي من كل ما رغبتم إليه فيه
قال أبو جعفر وهذا قول حسن يذهب إلى أنهم قد أعطوا مما لم يسالوه وذلك معروف في اللغة أن يقال امض إلى فلان فإنه يعطيك كل ما سألت وإن كان يعطيه غير ما سأل

وفي الاية قول آخر وهو أنه لما قال جل وعز وآتاكم من كل ما سألتموه لم ينف غير هذا
على ان الضحاك قد قرأ وآتاكم من كل ما سالتموه وقد رويت هذه القراءة عن الحسن ايضا
وفسره الضحاك وقتادة على النفي
وقال الحسن أي من كل الذي سالتموه
بمعنى وآتاكم من كل الأشياء التي سالتم
قال أبو جعفر وقول الحسن أولى والآخر يجوز على بعد وبعده أنه بالواو أحسن عطفا بمعنى وما سألتموه إلا أنه يجوز على بعد

30 - وقوله جل وعز وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام آية 35
وقرأ الجحدري وعيسى واجنبني بقطع الآلف ومعناه اجعلني جانبا
وكذلك معنى اجنبني وجنبني معناه ثبتني على توحيدك كما قال تعالى واجعلنا مسلمين لك وهما مسلمان
31 - ثم قال تعالى رب إنهن أضللن كثيرا من الناس آية 36
وهن لا يعقلن فالمعنى إن كثيرا من الناس ضلوا بسببهن
وهذا كثير في اللغة يقال فتنتني هذه الدار أي استحسنتها فافتتنت بسببها فكأنها فتنتني
32 - وقوله جل وعز فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم آية 37

وقرا مجاهد تهوى إليهم
معنى تهوي تنزع وتهوى تحب
حدثنا محمد بن الحسن بن سماعة قال نا أبو نعيم قال نا عيسى بن قرطاس قال أخبرني المسيب بن رافع قال قال ابن عباس إن إبراهيم حين قال رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع إلى قوله فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم فلو أن إبراهيم قال اجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لغلبكم عليه الترك والديلم
وقرىء على علي بن الحسين القاضي بمصر عن الحسن ابن محمد عن يحيى بن عباد قال حدثنا شعبة عن الحكم قال سألت عطاء وطاووسا وعكرمة عن قوله جل وعز

فاجعل أفئدة من الناس قالوا الحج
33 - وقوله جل وعز رب اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي آية 40
المعنى واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة
34 - ثم قال ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب آية 41
قيل إنما دعا بهذا أولا فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه
وقيل يعني بوالديه آدم وحواء
وقرأ سعيد بن جبير اغفر لي الوالدي يعني أباه
وقرأ النخعي ويحيى بن يعمر اغفر لي ولولدي يعني ابنيه

35 - وقول جل وعز مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم آية 43
قوله مهطعين
قال مجاهد وابو الضحى أي مديمي النظر
وقال قتادة أي مسرعين
والمعروف في اللغة أن يقال أهطع إذا أسرع
قال أبو عبيدة وقد يكون الوجهان جميعا يعني الإسراع مع إدامة النظر
36 - ثم قال تعالى مقنعي رؤسهم آية 43
قال مجاهد أي رافعيها
وقال قتادة المقنع الرافع رأسه شاخصا ببصره لا يطرف

قال أبو جعفر وهذا قول أهل اللغة إلا أن أبا العباس قال يقال اقنع إذا رفع رأسه وأقنع إذا طأطأ رأسه ذلا وخضوعا قال وقد قيل في الآية القولان جميعا
قال ويجوز أن يرفع راسه مديما لنظر ثم يطاطئه خضوعا وذلا
قال أبو جعفر والمشهور في اللغة ان يقال للرافع راسه مقنع
وروي انهم لا يزالون يرفعون رؤسهم وينظرون ما يأتي من عند الله جل وعز وأنشد أهل اللغة ... يباكرن العضاه بمقنعات ... نواجذهن كالحدإ الوقيع ...
يصف أبلا وأنهن رافعات رؤسهن كالفؤوس
ومنه قيل مقنعة لارتفاعها

ومنه قنع الرجل إذا رضي وقنع إذا سال أي أتى ما يتقنع منه
37 - وقوله جل وعز لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء آية 43
روى سفيان عن أبي إسحاق عن مرة وأفئدتهم هواء قال متخرقة لا تعي شيئا يعني من الخوف
وروى حجاج عن ابن جريج قال هواء ليس فيها شيء من الخير كما يقال للبيت الذي ليس فيه شيء هواء
وقيل وصفهم بالجبن والفزع أي قلوبهم منخوبة
وأصل الهواء في اللغة المجوف الخالي ومنه قول زهير ... كان الرحل منها فوق صعل ... من الظلمان جؤجؤه هواء

أي ليس فيها مخ ولا شيء وقال حسان ... ألا ابلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوف نخب هواء ...
38 - وقوله جل وعز وأنذر الناس يوم ياتيهم العذاب آية 44
أي خوفهم
39 - وقوله جل وعز أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال آية 44
قال مجاهد أي أقسمتم انكم لا تموتون لقريش
40 - وقوله جل وعز وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال آية 46

قرأ عمر بن الخطاب رحمه الله عليه وإن كاد بالدال
وقرأ علي بن ابي طالب رضوان الله عليه وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بفتح اللام ورفع الفعل وكاد بالدال هذا المعروف من قراءته
والمشهور من قراءة عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وإن كاد بالدال
وقرأ مجاهد وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال وهي قراءة الكسائي ومجاهد وإن معناها لو أي ولو كان مكرهم لتزول منه الجبال لم يبلغوا هذا ولن يقدروا على الإسلام وقد شاء الله تبارك وتعالى ان يظهره على الدين كله

قال أبو جعفر وهذا معروف في كلام العرب كما يقال لو بلغت أسباب السماء وهو لا يبلغها فمثله هذا
وروي في قراءة أبي بن كعب رحمه الله ولولا كلمة الله لزال مكرهم الجبال
وقال قتادة وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال قال حين دعوا لله ولد وقد قال سبحانه تكاد السموات يتفطرن منه
ومن قرأ وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ذهب إلى ان المعنى ما كان مكرهم ليزول به القرآن على تضعيفه وقد ثبت ثبوت الجبال
وقال الحسن مكرهم أوهى وأضعف من أن تزول منه الجبال وقرأ بهذه القراءة

وقد قيل في معنى الرفع قول آخر يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ان نمروذ لما جوع النسور وعلق لها اللحم في الرماح فاستعلى فيل فقيل له أين تريد أيها الفاسق فاهبط قال فهو قوله جل وعز وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال
وقال عبد الله بن عباس مكرهم ههنا شركهم وهو مثل قوله تعالى تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا 41 وقوله جل وعز يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار ىية 48
روى غسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود قال تبدل أرضا بيضاء مثل الفضة لم يسفك عليها دم حرام ولا يفعل فيها خطيئة

وقال جابر سالت أبا جعفر محمد بن علي عن قول الله عز و جل يوم تبدل الأرض غير الأرض قال تبدل خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة ثم قرأ وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام
حدثنا الحسن بن فرج بغزة قال نا يوسف بن عدي قال حدثنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت سالت النبي عن قول الله جل وعز يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله قال على الصراط
وقال الحسن تبدل تلأرض كما يقول القائل لقد تبدلت يدينا قال تذهب شمسها وقمرها ونجومها وأنهارها وجبالها فذلك هو التبديل

42 - وقوله جل وعز وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد ىية 49
قال قتادة في الأغلال والأقياد
43 - وقوله جل وعز سرابيلهم من قطران وتعشى وجوههم النار آية 50
قال الحسن هو قطران الإبل
وروي عن جماعة من التابعين أنهم قالوا هو النحاس
والمعروف في اللغة انه يقال للنحاس قطر قال الله عز و جل وأسلنا له عين القطر
وقرأ ابن عباس وعكرمة سرابيلهم من قطر آن وفسراه بالنحاس
قال أبو جعفر وهذا هو الصحيح ومنه قوله تعالى وأسلنا له عين القطر والسرابيل القمص

وقال عكرمة وآن انتهى حره ويقال إن الهمزة بدل من الحاء
فإن قيل فلعل الحاء بدل الهمزة قيل ذلك أولى لأنه مأخوذ من الحين تمت سورة إبراهيم تم الجزء الثالث من معاني القرآن الكريم بحمد الله وتوفيقه في البلد الحرام مكة المكرمة 4

تفسير سورة الحجر مكية وآياتها 99 آية
6

سورة الحجر وهي مكية
1 - من ذلك قوله جل وعز ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين
روى سفيان عن خصيف عن مجاهد عن حماد عن إبراهيم قال يدخل قوم من الموحدين النار فيقول لهم المشركون ما أغنى عنكم إسلامكم وإيمانكم وأنتم معنا في النار فيخرجهم الله جل وعز منها فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانو مسلمين
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ذلك يوم القيامة
وروى عن ابن عباس قال يقول المشركون لمن أدخل النار من الموحدين ما نفعكم ما كنتم فيه وأنتم في النار فيغضب الله

جل وعز لهم فيخرجون الى نهر يقال له نهر الحياة فينبتون فيه ثم تبقى على وجوههم علامة يعرفون بها يقال هؤلاء الجهنميون فيسألون الله جل وعز أن يزيل ذلك عنهم فيزيله عنهم ويدخلهم الجنة فيتمنى المشركون أن لو كانوا مسلمين
وقيل إذا عاين المشركون تمنوا الإسلام
فاما معنى رب ها هنا فإنما هي في كلام العرب للتقليل وأن فيها معنى التهديد وهذا تستعمله العرب كثيرا لمن تتوعده وتتخدده يقول الرجل للآخر ربما ندمت على ما تفعل ويشكون في تندمه ولا يقصدون تقليله بل حقيقة المعنى أنه

يقول لو كان هذا مما يقل أو يكون مرة واحدة لكان ينبغي أن لا تفعله
وأما قول من قال أن رب تقع للتكثير فلا يعرف في كلام العرب
وقيل إن هذا إنما يكون يوم القيامة إذا أفاقوا من الأهوال التي هم فيها فإنما يكون في بعض المواطن
والقول الأول أصحها
والدليل على أنه وعيد وتهدد قوله بعد ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون
2 - ثم قال تعالى وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم أي لا يتقدمه ولا يتأخره وقوله جل وعز لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين

معنى لو ما و لولا و هلا واحد وأنشد أهل اللغة ... تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بنى ضوطرى لولا الكمي المقنعا ...
أي هلا تعدون الكمي المقنعا
وروى حجاج عن ابن جريج قال في هذا تقديم وتأخير يذهب ال أن جوابه قوله تعالى ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون يذهب الى أن هذا متصل بقوله تعالى لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين

4 - ثم قال تعالى ما ننزل الملائكة إلا بالحق
قال مجاهد أي بالأرسال والعذاب 5
ثم قال تعالى وما كانوا إذا منظرين
أي لو نزلت الملائكة ما أمهلوا ولا قبلت توبتهم كما قال تعالى ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر 6
وقوله جل وعز إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
قال ثابت وقتادة حفظه الله من أن تزيد الشياطين فيه باطلا أو تبطل منه حقا وقال مجاهد هو عندنا

7 - وقوله جل وعز ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين
أي فرق الأولين 8
وقوله جل وعز كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به
روى سفيان عن حميد عن الحسين قال كذلك نسلك الشرك
وقال أبو عبيد حدثنا حجاج عن أبن جريج عن مجاهد قال نسلك التكذيب
قال أبو جعفر وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير وأهل اللغة إلا من شذ منهم فإن بعضهم قال المعنى كذلك نسلك القرآن واحتج بأن النبي صلع لما تلا القرآن عليهم وأسمعهم إياه ووصل الى قلوبهم وكان ذلك بأمر الله وقوته كان الله عز و جل هو الذي يسلكه في قلوبهم على هذا المعنى

وقيل لما خلقهم خلقة يفهمون بها ما يأتيهم من الوحي فإذا خلقهم خلقه يفهمون بها ما يسلك ذلك في قلوبهم فكأنه سلكه 9
ثم قال جل وعز وقد خلت سنة الأولين
أي قد تقدمت سنتهم في التكذيب بالآيات والبراهين وكفرهم فهؤلاء يقتفون آثارهم 10
ثم قال جل وعز ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فطلوا فيه يعرجون
قال عبد الله بن عباس أي فظلوا الملائكة فيه يعرجون أي يذهبون ويجيئون
قال أهل اللغة عرج يعرج إذا صعد وارتفع ومنه قول العامة عرج بروح فلان

11 - ثم قال تعالى لقالوا إنما سكرت أبصارنا قال ابن عباس أخذت
قال أبو جعفر والمعروف من قراءة مجاهد والحسن سكرت بالتخفيف قال الحسن أي سحرت وحكى أبو عبيد عن أبي عبيدة أنه يقال سكرت أبصارهم أذا عشيها سمادير حتى لا يبصروا وقال الفراء من قرأ سكرت أخذه من سكون الريح قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربه والأصل فيها ما قال أبو عمرو بن العلاء يC قال هو من السكر في الشراب

وهذا قول حسن أي غشيهم ما غطى أبصارهم كما غشى السكران ما غطى عقله
وسكور الريح سكونها وفتورها وهو يرجع الى معنى التخيير 12
وقوله جل وعز ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين قال مجاهد يعني الكواكب قال أبو جعفر ومن قال أنها إثنا عشر برجا فقوله يرجع الى هذا لأنها كواكب عظام ومعروف في اللغة أن يقال برج يبرج إذا ظهر وارتفع فقيل لهذا الكواكب بروج لظهروها وثباتها وراتفاعها والبرج كبر العين

13 - ثم قال تعالى وحفظناها من كل شيطان رجيم أي لا يصل اليها ولا يسمع شيئا من الوحي إلا مسارقة وكان هذا من علامة نبوة محمد صلع ولا نعلم أحدا من الشعراء شبه شيئا بسرعة الكواكب إلا في الإسلام ولو كان هذا قبله لشبهوا به قال ابن جريج الرجيم الملعون قال الكسائي كل رجيم في القرآن فهو بمعنى الشتيم قيل رجيم بمعنى مرجوم أي يرجم بالكواكب

14 - وقوله جل وعز وأنبتنا فيها من كل شيء موزون روى معاويه بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وأنبتنا فيها من كل شيء موزون قال أي معلوم وكذلك روى علي بن الحكم عن الضحاك وقال أبو صالح وعكرمة أي مقدور وقال مجاهد أي مقدر بقدر ومعناه مقدر لا يزيد على قدر الله ولا ينقص فكأنه موزون وقيل أراد بموزون ما يوزن من الذهب والفضة والحديد والرصاص وشبهه

والمعنى على هذا وأنبتنا في الجبال من كل شيء موزون 15
ثم قال تعالى وجعلنا لكم فيها معايش أي في الأرض 16
ثم قال تعالى ومن لستم له برازقين قال مجاهد يعني الدواب والأنعام وقال غيره يعني المماليك والدواب قال أبو جعفر وهذا أولى لأن من لا تكون لما لا يعقل إلا أن يختلط معه من يعقل والمعنى وجعلنا لكم المماليك والدواب والأنعام ويجوز أن يكون المعنى أعشناكم وأعشنا من لستم له برازقين

17 - وقوله تعالى وإن من شيء إلا عندنا خزائنه أخبر أن خزائن الأشياء بيده أي أنه جل وعز حافظها والمتولي تدبيرها 17 وقوله جل وعز وأرسلنا الرياح لواقح قال عبد الله بن مسعود تحمل الرياح الماء فتلقح السحاب وتمريه فيدر كما تدر اللقحة ثم يمطر
وقال ابن عباس تلقح الرياح الشجر والسحاب وتمرية
وقال أبو رجاء قلت للحسن وأرسلنا الرياح لواقح فقال تلقح الشجر قلت والسحاب قال والسحاب
وقال أبو عبيدة لواقح أي ملاقح يذهب الى أنه جمع ملقحة وملقح ثم حذفت منه الزوائد

قال أبو جعفر وهذا بعيد وإنما يجوز حذف الزوائد من مثل هذا في الشعر ولكنه جمع لاقحة ولاقح على الحقيقة بلا حذف هو على أحد معنيين يجوز أن يقال لها لاقح على النسب أي ذات القاح كأنها تلقح السحاب والشجر كما جاء في التفسير وهو قول أبي عمرو
ويجوز أن يقال لها لاقح أي حامل والعرب تقول للجنوب لاقح وحامل وللشمال حائل وعقيم وقال الله عز و جل حتى إذا أقلت سحابا ثقالا فأقلت وحملت واحد
19 - وقوله جل وعز ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال المستقدمون القرون

الأولى و المستأخرون أمه محمد صلع وروى سفيان عن أبيه عن عكرمة قال المستقدمون كل من خرج و المستأخرون كل من كان أصلاب الرجال
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال المستقدمون مان مات و المستأخرون الأحياء وروى سفيان عن أبان بن أبي عياش عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ولقد علمنا المستقدمين منكم الصف الأول ولقد علمنا المستأخرين الصف الأخر
حدثنا محمد بن إدريس قال نا إبراهيم بن مرزوق قال نا مسلم بن ابراهيم قال نا نوح بن قيس قال نا عمرو بن

مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس في قول الله تبارك وتعالى ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين قال كانت امرأة جميله تصلي مع النبي صلع فكان رجال يتقدمون حتى لا يروها وكان رجال يتأخرون فإذا ركع النبي صلع وضع أحدهم يده على ركبته ونظر اليها من تحت ضبعه فأنزل الله ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين
20 - وقوله تعالى عز و جل ولقد خلقنا الانسان من صلصال فيه قولان أحدهما رواه معاوية بن صالح عن على بن أبي طلحة

عن ابن عباس قال الصلصال الطين اليابس وروى معمر عن قتادة هو الطين ييبس فتصير له صلصلة وقال الضحاك هو الطين الصلب
والقول الآخر رواه ابن نجيح وابن جريج عن مجاهد قال الصلصال المنتن
وقال أبو جعفر والقولان يحتملان وإن كان الأول ابين القول الله جل وعز خلق الأنسان من صلصال كالفخار
وحكى أبو عبيدة أنه يقال للطين اليابس صلصال ما لم تأخذه النار فإذا أخذته النار فهو فخار
وأنشد أهل اللغة ... كعدو المصلصل الجوال ...
والصلصلة الصوت

وقال الفراء هو طين حر يخلط برمل فيسمع له صلصلة وأما القول الثاني فالأصل فيه صلال ثم أبدل من إحدى اللامين صاد
وحكى الكسائي أنه يقال صل اللحم وأصل إذا أنتن
21 - ثم قال جل وعز من حما مسنون فالحمأ والحمأة الطين الأسود المتغير وفي المسنون أربعة أقوال
روى سفيان عن الأعمش عن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال المسنون المنتن وكذلك روى قيس بن الربيع عن الأعمش عن مسلم عن سعيد ابن جبير قال خلق الإنسان من صلصال من طين لازب وهو الجيد ومن حما مسنون وهو المنتن وروى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال هو المنتن

وذهب الى هذا القول من أهل اللغة الكسائي وأبو عمرو الشيباني وزعم أبو عمرو الشيباني أن قول الله لم يتسنه من هذا وأن الأصل فيه لم يتسنن فأبدل من إحدى النونين هاء فهذا قول والقول الأخر وهو مذهب أبي عبيدة أن المسنون المصبوب
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال المسنون الرطب فهذا بمعنى المصبوب لأنه لا يكون مصبوبا إلا وهو رطب وهذا قول حسن لأنه يقال سننت الشيء أي صببته وفي الحديث ان الحسن كان يسن الماء على وجهه سنا ولو كان هذا من

أسن الماء لكان مؤسنا
والقول الثالث قول الفراء وهو المحكوك ولا يكون إلا متغيرا من سننت الحديد
والقول الرابع أنه المصبوب على مثال وصورة من سنة الوجه 22 وقوله جل وعز قال فإنك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم قال سفيان بلغني أن الوقت المعلوم النفخة الأولى 23 وقوله جل وعز قال هذا صراط علي مستقيم أحدهما وهو مذهب مجاهد قال الحق طريقة علي وهو يرجع الى كما يقال في التوعد طريقك على فاعمل ما شئت

وكما قال تعالى إن ربك لبالمرصاد والقول الآخر إن هذا صراط على أمري وتحت إرادتي وقرأ قيس بن عبادة قال هذا صراط على مستقيم وقال أي رفيع ومعناه رفيع في الدين والحق
24 - وقوله جل وعز إلا من اتبعك من الغاوين أي الضالين 25 وقوله جل وعز وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم أي لكل منزل منهم من العذاب على قدر منزلته في الذنب
وروى مالك بن مغول عن حميد عن ابن عمر ان رسول الله صلع قال لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل سيفه على أمتي أو قال على أمة محمد

26 - وقوله جل وعز ونزعنا ما في صدورهم من غل الغل عند أهل اللغة الشحناء والسخيمة والعداوة يقال منه غل يغل
ويقال من الغلول وهو السرقة من المغنم غل يغل ويغال من الخيانة أغل يغل كما قال الشاعر ... جزى الله عنا جمرة ابنة نوفل ... جزاء مغل بالأمانة كاذب ...
27 - ثم قال جل وعز إخوانا على سرر متقابلين روى سفيان عن ابن ابي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى متقابلين قال لا ينظر أحدهم الى قفا صاحبه

28 - ثم قال جل وعز لا يمسهم فيها نصب أي تعب 29 وقوله جل وعز نبيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم أي أخبر
وروى ان النبي صلع خرج على أصحابه وهم يضحكون فقال أتضحكون وبين أيديكم الجنة والنار فشق ذلك عليهم فأنزل الله نبيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم 30 وقوله جل وعز قالوا لا توجل معناه لا تفزع والقانطون اليائسون

31 - قوله جل وعز إلا إمرأته قدرنا إنها لمن الغابرين قيل قدرنا بمعنى علمنا وقدرنا على بابه أي هو في تقديرنا وفيما أخبرناه به هكذا والغابر الباقي وقد يستعمل للذاهب والمعنى إنها لمن الباقين في الهلاك وأنشد أهل اللغة ... لا تكسع الشول بأغبارها ... إنك لا تدري من الناتج ...
الأغبار بقايا اللبن 32 وقوله جل وعز قال إنكم قوم منكرون قال مجاهد أنكرهم لوط صلع وقيل أنكرهم إبراهيم صلع لأنهم لم يأكلوا من

طعامه وكانوا ينكرون أمر الضيف إذا لم يأكل 33 ثم قال جل وعز قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون قال مجاهد بالعذاب قال أبو جعفر المعنى بل جئناك بما كانوا يشكون من نزول العذاب بهم 34 وقوله تعالى فأسر بأهلك بقطع من الليل السرى لا يكون إلا بالليل إلا ان قوله تعالى بقطع يدل على ذهاب كثير من الليل 35 ثم قال تعالى ولا يلتفت منكم أحد

قيل نهى عن الإلتفات الى ما في المنازل لئلا يقع الشغل به عن المضي 36 وقوله جل وعز وقضينا اليه ذلك الأمر أي أخبرناه به ثم بينه فقال تعالى أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين أي أن آخرهم مستأصل وقال الفراء الدابر الأصل 37 وقوله تعالى قالوا أولم ننهك عن العالمين يروى أنهم كانوا نهوه أن يضيف أحد 38 ثم قال جل وعز قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين

هذا الجواب محمول على المعنى والمعنى أنهم أرادوهم للفساد فقال لهم لوط صلع هؤلاء بناتي فتزوجوا وأحسن ما قيل في هذا أن أزواج كل نبي بمنزلة أمهات أمته وأولاد أمته بمنزلة أولاده 39 وقوله جل عز لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال لعمرك لعيشك
وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس قال لحياتك وروى أن إبراهيم النخعي كره أن يقول الرجل لعمري قال لأن معناه وحياتي وكذلك هو عند أهل اللغة

قال سيبوية العمر والعمر واحد ولا يستعملون في القسم إلا الفتح لخفته وحكى لعمري وكله بمعنى العمر وهذه فضيلة للنبي صلع أقسم الله جل وعز بحياته
قال أبو الجوزاء ما سمعت الله جل وعز حلف بحياة أحد غيره صلى
قال سفيان سألت الأعمش عن قوله تعالى لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون فقال أقسم بالنبي إنهم لفي غفلتهم يترددون 40 وقوله جل وعز فأخذتهم الصيحة مشرقين

أي فأخذتهم الصيحة بالعذاب وقت إشراق الشمس 41 وقوله جل وعز إن في ذلك لآيات للمتوسمين قال مجاهد أي للمتفرسين قال الضحاك أي للناظرين قال أبو جعفر وحقيقته توسمت الشيء نظرت نظر متثبت حتى تثتب حقيقة سمة الشيء 42 وقوله عز و جل وإنها لبسبيل مقيم يجوز أن يكون المعنى وإن الآيات ويجوز أن يكون المعنى وإن مدينة قوم لوط

قال مجاهد لبسبيل مقيم لبطريق معلم أي واضح
43 - وقوله جل وعز وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين قال الضحاك ألأيكة الغيضة ذات الشجر قال أبو جعفر وكذلك هو في اللغة يقال للشجرة أيكة وجمعها أيك ويروى أن شجرهم كان دوما وأما رواية من روى أن ليكة أسم القرية التي كانوا فيها والأيكة البلاد كلها فلا يعرف في اللغة ولا يصح
44 - وقوله جل وعز فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين

قال الضحاك أي لبطريق مستبين أي يمرون عليها في أسفارهم قال أبو جعفر ومعروف في اللغة أن يقال للطريق إمام لأنه يؤتم به ويتبع
45 - وقوله جل وعز ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وروى معمر عن قتادة قال الحجر الوادي يذهب الى انه اسم له 46 وقوله عز و جل وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين أي آمنين أن تسقط 47 وقوله جل وعز فاصفح الصفح الجميل قال مجاهد هذا قبل أن يؤمر بالقتال

48 - وقوله جل وعز ولقد آتيناك سبعا من المثاني روى عبد خير عن علي بن أبي طالب أنه قال في قوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني يعني فاتحة الكتاب وكذلك قال أبو هريرة هي فاتحة الكتاب وليس فيها بسم الله الرحمن الرحيم وكذلك روى أبو يحيى عن مجاهد وكذلك روى معمر عن قتادة وروى سفيان بن منصور عن مجاهد عن أبن عباس قال آتيناك سبعا من المثاني قال السبع الطول وكذلك روى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال السبع الطول البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس

كذلك في الحديث وكذلك قال الضحاك هي السبع الطول وكذلك روى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال السبع المثاني والقرآن العظيم أم القرآن قال الضحاك القرآن العظيم سائره وقد صح عن علي بن ابي طالب انه قال السبع المثاني الحمد وقال به قتادة وفسر معناه قال لأن فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة فريضة او نافلة والمعنى على هذا القول ولقد آتيناك سبع آيات مما يثنى في الصلاة ومن ها هنا لبيان الجنس على هذا القول كما قال

تعالى فاجتنبوا الرجس من الأوثان ويجوز ان يكون المعنى مما يثنى به على الله لأن في الحمد ثناء على الله وذكر توحيده وملكه يوم الدين وتكون من على هذا القول لبيان الجنس أيضا ويجوز أن تكون للتبعيض ويكون المعنى ولقد آتيناك سبع آيات من المثاني أي من القرآن الذي يثنى فيه الآيات والقصص ويثنى فيه على الله وهذا أحسن وهو مذهب أبي مالك لأنه قال المثاني القرآن وأما من قال هي السبع الطول فقد فسر سعيد بن جبير مذهبه فقال لأنه تثنى فيها الحدود والفرائض فتكون من على هذا لبيان الجنس

ويجوز ان تكون للتبعيض على ما تقدم وروى أبو عبيد أن سفيان بن عيينة كان يتلو هذه الآية يتأولها على حديث النبي صلع ليس منا من لم يتغن بالقرآن قال أي يستغني به قال فأمر الله جل وعز النبي صلع أن يستغني بالقرآن عن المال فقال تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم 49 ثم قال جل وعز لاتمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم وروى عن عبد الله بن عمر أنه قال من حفظ القرآن فرأى أن أحدا أعطى أفضل مما أعطى فلقد صغر عظيما وعظم صغيرا

قال مجاهد في قوله تعالى لا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم قال الأغنياء الأشباه أي أمثال في النعم والأزواج في اللغة الأصناف
50 - وقوله جل وعز وقل إني أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين في الكلام حذف والمعنى وقل إني أنا النذير المبين عقابا كما أنزلنا على المقتسمين وفي المقتسمين أقوال أحدها إنهم قوم تحالفوا على عضه النبي صلع

والقول الآخر أنه روى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله تعالى كما أنزلنا على المقتسمين فقال اليهود والنصارى الذين جعلوا القرآن عضين قال آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه وقال الضحاك المقتسمين أهل الكتاب مزقوا الكتب وفرحوا بما عندهم منها وقال مجاهد المقتسمين أهل الملل قال ابن جريج وقال عطاء هم المشركون من قريش مزقوا القول في القرآن فقال بعضهم هو شعر وقال بعضهم هو سحر وقال بعضهم هو أساطير الأولين فذلك العضون وقال عكرمة عضين سحر وكان أبو عبيدة يذهب الى ان عضين مأخوذ من الأعضاء قال أبو جعفر وهو قول حسن أي فرقوا القول وأنشد

وليس دين الله بالمعضى ...
أي المفرق
وكان الفراء يذهب الى أنه مأخوذ من العضاة وهي شجر وكان الكسائي يذهب الى أنه يجوز أن يكون مأخوذا منهما 51 وقوله جل وعز فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين قال مجاهد أي اجهر بالقرآن في الصلاة قال ومنه تصدع القوم إذا افترقوا قال ومنه الصداع لأنه انفراق قبائل الرأس

قال أبو جعفر ومعروف عند أهل اللغة انه يقال صدع بالحق إذا أبانه وأظهره وكأنه أبن وأظهر وأنشد أبو عبيدة لأبي ذؤيب يصف عيرا وأتنا وأنه يحكم فيها ... وكأنهن ربابه وكأنه ... يسر يفيض على القداح ويصدع ...
ومن هذا قيل للصبح صديع كما قال كأن بياض لبته صديع ...
وأبو العباس يذهب إلى أن المعنى فاصدع الباطل بما تؤمر به أي افرق

52 - وقوله جل وعز إنا كفيناك المستهزئين
حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن نافع قال نا سلمة بن شعيب بن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وعثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس في قوله تعالى إنا كفيناك المستهزئين قالا المستهزءون الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب مروا رجلا رجلا على النبي صلع ومعه جبريل عليه السلام فإذا رجل منهم قال له جبريل كيف تجد هذا فيقول بئس عبد الله فيقول جبريل كفينا كه
فاما الوليد ابن المغيرة فتردى فتعلق سهم بردائه فذهب يجلس فقطع أكحله فنزف فمات
وأما الأسود بن عبد يغوث فأتى بغصن فيه شوك فضرب به وجهه فسالت حدقتاه على وجهه وكان يقول دعوت على محمد دعوة ودعى علي دعوة فاستجيب لي واستجيب له دعا علي أن أعمى فعميت ودعوت عليه أن يكون وحيدا طريدا في أهل يثرب فكان كذلك
وأما العاص بن وائل فوطىء على شوكة فتساقط لحمه عن عظامه حتى هلك
وأما الأسود بن المطلب وعدي بن قيس فإن أحدهما قام في

الليل وهو مطمئن ليشرب من جرة فلم يزل يشرب حتى انفتق بطنه فمات وأما الآخر فلدغته حبة فمات
وقوله جل وعز فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين أي كن من المصلين
وقوله جل وعز واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
قال سالم بن عبد الله ومجاهد أي الموت

قال أبو جعفر ونظير هذا وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا
والفائدة في هذا أنه لو قال واعبد ربك مطلقا ثم عبده مرة واحدة كان مطيعا وإذ ا قال ما دمت حيا أو أبدا أو حتى يأتيك اليقين كان معناه لا تفارق هذا تمت سورة الحجر

تفسير سورة النحل مكية وآياتها 128 آية

بسم الله الرحمن الرحيم سورة النحل وهي مكية
قال عبد الله بن عباس إلا ثلاث آيات نزلن بين مكة والمدينة حين رجع النبي صلع من أحد وقد قتل حمزة ومثل به فقال النبي لأمثلن بثلاثين منهم وقال المسلمون لنمثلن بهم فأنزل الله وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به الى آخر ثلاث آيات 1
قوله جل وعز أتى أمر الله فلا تستعجلوه قال بعضهم أتى بمعنى يأتي لأنه قد عرف المعنى فصار مثل قولك إن أكرمتني أكرمتك وقيل أخبار الله بالماضي والمستقبل شيء واحد لأنه قد علم

أنه يكون فهو بمنزلة ما قد كان وقول ثالث وهو أحسنها وذلك أ نهم استبعدوا ماوعدهم الله من العقاب فأخبر الله جل وعز أن ذلك قريب فقال أتى أمر الله أي هو القرب بمنزلة ما قد أتى كما قال تعالى إقتربت الساعة وكما يقال أتاك الخبر أي قرب منك وقال الضحاك أي جاء القرآن بالفرائض والحكام والحدود
وقوله جل وعز ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده

روى هشيم عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن عباس قال الروح خلق من خلق الله وأمر من أمره صورهم على صور بني آدم لاينزل في السماء ملك إلا ومعه واحد منهم وروى ابن جريج عن مجاهد قال لاينزل ملك إلا ومعه روح وقال إسماعيل بن أبي خالد سألت أبا صالح عن الروح فقال لهم صور كصور بني آدم وليسوا منهم وقال الحسن تنزل الملائكة بالروح أي بالنبوة وروى معمر عن قتادة تنزل الملائكة بالروح قال بالوحي والرحمة قال أبو جعفر وهذا قول حسن وقد رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أي ينزلهم بما هو بمنزلة الروح والحياة كما قال تعالى فروح وريحان

وقيل معناه رحمة
وقوله جل وعز والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون روى اسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال النسل وروى ابن جريج عن مجاهد قال الدفء لباس ينسج والمنافع الركوب والبن واللحم قال أبو جعفر وهذا قول حسن أي ما يدفىء من أوبارها وغير ذلك وأحسب مذهب ابن عباس أن المنافع النسل لا الدفء على أن الأموي قد روى أن الدفء عند العرب نتاج الابل والانتفاع بها فيكون هذا فيه

4 - وقوله جل وعز ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون
روى معمر عن قتادة قال إذا راحت أعظم ما تكون أسنمة من السمن وضروعها محفلة
قال أبو جعفر والمعنى عند أهل اللغة وتريحونهابالعشي يقال أرحت الإبل اذا انصرفت بها من المرعى الذي تكون فيه بالليل ويقال للموضع المراح وفي الحديث إذا سرقها من المراح قطع
ومعنى تسرحون تغدون بها الى المرعى سرحت الإبل أسرحها سرحا وسروحا إذا غدوت بها الى المرعى فخليتها ترعى وسرحت هي في المعتدي واللازم واحد

5 - وقوله جل وعز وتحمل أثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس روى ابن جريج عن مجاهد قال إلا بمشقة وقال غيره المعنى لولا الإبل لم تبلغوا البلدان إلا بمشقة وقد قرئ إلا بشق الأنفس وهي بمعنى الأول إلا أنه مصدر
6 - وقوله جل وعز والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة تأول هذا جماعة منهم عبد الله بن عباس على أنه لا يحل أكل هذه لقوله في الإبل ومنها تأكلون ولم يقل هذا في الخيل والبغال والحمير

7 - وقوله جل وعز ويخلق مالا تعلمون وظاهره عام إلا أن عبد الرحمن بن معاوية القرشي حدثنا قال حدثنا موسى بن محمد عن ابن السدي عن أبيه في قوله تعالى ويخلق مالا تعلمون قال السوس في الثياب
8 - وقوله جل وعز وعلى الله قصد السبيل قال الضحاك أي تبيين الهدى والضلالة وقال مجاهد أي طريق الحق وهذه تشبه قال هذا صراط علي مستقيم أي على منهاجي وديني وكذا وعلى الله قصد السبيل أي القصد فيها ما كان على دين الله وقيل هو تبيين الحق والبراهين والحجج

وقيل إنه يراد بالسبيل ها هنا الإسلام
9 - ثم قال جل وعز ومنها جائر أي ومن السبل جائر أي عادل عن الحق وأنشدني أبو بكر ابن أبي الأزهر قال أنشدني بندار ... لما خلطت دماءنا بدمائها ... سار الثفال بها وجار العاذل ...
وروى عن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ ومنكم جائر وكذلك قرأ عبد الله بن مسعود ذا على التفسير
10 - ثم قال تعالى ولو شاء لهداكم أجمعين أي لو شاء لأنزل آية تضطركم الى الإيمان ولكنة أراد أن يثيب ويعاقب

وقوله جل وعز هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون قال قتادة والضحاك فيه تسيمون فيه ترعون قال أبو جعفر وكذا هو في اللغة يقال أسمت الإبل أي رعيتها فأنا مسيم وهي مسامة وسائمة
12 - وقوله جل وعز وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه قال قتادة من الدواب والأشجار والثمار
وقوله جل وعز وترى الفلك مواخر فيه قال الضحاك تذهب وتجيء والمخر في اللغة الشق يقال محرت السفينة تمخر وتمخر إذا شقت الماء وسمعت لها صوتا وذلك عند هبوب الرياح ومخر

الأرض إنما هو شق الماء إياها
14 - وقوله جل وعز وألقى في الأرض رواسي قال الحسن أي جبالا قال أبو جعفر يقال رسا يرسو إذا ثبت وأقام ثم قال تعالى أن تميد بكم قال ابراهيم أي تكفأ قال أبو جعفر يقال ماد يميد إذا تحرك ومال
وروى معمر عن قتادة قال سمعت الحسن يقول لما خلق الله الأرض كادت تميد فقالوا لا تقر هذه عليها أحدا فأصبحوا وقد خلق الله الجبال ولم تدر الملائكة مما خلقت الجبال
15 - ثم قال جل وعز وأنهارا وسبلا

أي وجعل فيها أنهارا وسبلا قال قتادة أي طرقا
16 - ثم قال جل وعز وعلامات وبالنجم هم يهتدون روى سفيان عن منصور عن ابراهيم قال من النجوم علامات ومنها ما يهتدي به وقال الفراء الجدي والفرقدان قال أبو جعفر والذي عليه أهل التفسير وأهل اللغة سواه أن النجم ها هنا بمعنى النجوم وخلق الله النجوم زينة للسماء ورجوما للشياطين وليعلم بها عدد السنين والحساب وليهتدي بها
17 - وقوله جل وعز والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون يعني الأوثان

وقرأ محمد اليماني والذين يدعون من دون الله بضم الياء وفتح العين
18 - وقوله جل وعز أموات غير أحياء أي هم أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون يجوز أن يكون المعنى وما تشعر الأصنام ويجوز أن يكون المعنى وما يشعر المشركون متى يبعثون
19 - وقوله جل وعز ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة الوزر في اللغة الحمل الثقيل وقيل للإثم وزر على التمثيل
20 - ثم قال تعالى ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم

قال مجاهد يحملون إثم من أضلوه ولا ينقص من إثم المضل شيء
21 - وقوله جل وعز قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وقرأ الأعرج السقف قال مجاهد يعني بهذا نمرود بن كنعان الذي حاج إبراهيم في ربه ويروي أنه بنى بنيانا عظيما فخر وقد قيل هذا تمثيل أي أهلكهم الله فكانوا بمنزلة من سقط عليه بينانه وهلك وقيل أحبط الله أعمالهم فكانوا بمنزلة من سقط عليه بنيانه والفائدة في قوله تعالى من فوقهم أنه قد يقال سقط

على منزل كذا إذا كان يملكه وإن لم يكن وقع عليه
22 - وقوله جل وعز ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم المعنى أين الذين كنتم تدعون أنهم شركائي أي أين شركائي على قولكم والله جل وعز لا شريك له
23 - وقوله جل وعز فألقوا السلم أي الإستسلام أي أذعنوا واستسلموا
24 - وقوله جل وعز هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أي لقبض أرواحهم أو يأتي أمر ربك أي بالعذاب والزلزلة والخسف
25 - وقوله جل وعز وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا

قال قوم ذم الله هؤلاء الذين جعلوا شركهم عن مشيئته وقال قوم من قال هذا فقد كفر
قال أبو جعفر هذا غلط في التأويل ولا يقبل في التفسير على أنهم قالوا هذا على جهة الهزء كما قال قوم شعيب لنبيهم إنك لأنت الحليم الرشيد أي إنك أنت الحليم الرشيد على قولك وقد تبين هذا بقوله إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وفي قراءة أبي فإن الله لا هادي لمن أضل الله وهو شاهد لمن قرأ لا يهدي وهي القراءة البينة كما قال وما توفيقي إلا بالله
وروى عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ لا يهدي من يضل وأحسن ما قيل في هذا ما رواه أبو عبيد عن الفراء أنه يقال هدى يهدي بمعنى اهتدى يهتدي قال تعالى أمن لا يهدي إلا أن يهدي بمعنى يهتدي

قال أبو عبيد ولا نعلم أحدا روى هذا غير الفراء وليس بمتهم فيما يحكيه قال أبو جعفر حكى لي عن محمد بن يزيد كأن معنى لا يهدي من يضل من علم ذلك منه وسبق له ذلك عنده قال ولا يكون يهدي بمعنى يهتدي إلا أن تقول يهدي أو يهدي
26 - وقوله جل وعز ليبين لهم الذي يختلفون فيه يحتمل معنيين أحدهما أن يكون متعلقا بفعل محذوف دل عليه جملة الكلام وهو أن يكون المعنى بل يبعثهم ليبن لهم الذي يختلفون فيه والقول الآخر أن يكون متعلقا بقوله ولقد بعثنا في كل أمة رسولا فيكون المعنى ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين
27 - وقوله جل وعز والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا

يقال إنه يراد به بلال وصهيب والذي يوجب جملة الكلام أن يكون عاما ويروي أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان إذا دفع الى المهاجرين أعطياتهم قال لهم هذا ما وعدكم الله في الدنيا وما ذخر لكم في الآخرة أكثر ثم يتلو والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر وروى هشيم عن داود ابن أبي هند عن الشعبي في قوله لنبوئنهم في الدنيا حسنة قال المدينة وكذا قال الحسن وقال الضحاك يعني بالحسنة النصر والفتح ولأجر الآخرة أكبر الجنة وروى ابن جريج عن مجاهد لنبوئنهم في الدنيا حسنة قال لسان صدق

28 - وقوله جل وعز وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم قيل لهم هذا لأنهم قالوا أبعث الله بشرا رسولا
29 - ثم قال تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون قيل يعني به أهل الكتاب لأنهم مقرون أن الرسل من بني آدم وقال وكيع سألت سفيان عن قوله فاسألوا أهل الذكر فقال سمعنا أنهم من أسلم من أهل التوراة والأنجيل ثم قال تعالى بالبينات والزبر أي بالبراهين والكتب

30 - وقوله جل وعز أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين روى معمر عن قتادة قال في أسفارهم وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال بالليل والنهار
31 - ثم قال تعالى أو يأخذهم على تخوف قال الضحاك آخذ طائفة وادع طائفة فتخاف الطائفة الباقية أن ينزل بها ما نزل بصاحبتها وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس أو يأخذهم على تخوف قال على تنقص وتفزع وروى ابن جريج عن ابن كثير عن مجاهد قال تنقصا قال أبو جعفر وهذا القول هوالمعروف عند أهل اللغة يقال أخذهم على خوف وعلى تخوف إذا تنقصهم كما قال ابن عباس ومجاهد ومعنى التنقص أن ينقصهم في أموالهم وفي زروعهم وفي

خيرهم شيئا بعد شيء حتى يهلكهم وقال الليث على تخوف سمعت أنه على عجل وقول الضحاك على تخوف أي يأخذ هذه القرية ويدع هذه عندها أي فتخاف
32 - وقوله جل وعز يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله قال قتادة الفيء الظل وقال غيره التفيؤ رجوعه من موضع الى موضع خاضعا منقادا وكذلك معنى السجود وقال قتادة عن اليمين بالغداة وقوله والشمائل بالعشي
34 - ثم قال الله جل وعز وهم داخرون قال قتادة أي صاغرون

34 - وقوله جل وعز ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة قيل المعنى ولله يسجد ما في السموات من الملائكة وما في الأرض من دابة والملائكة أي والملائكة الذين في الأرض والله أعلم بما أراد وقال الضحاك كل شيء فيه روح دابة يسجد لله عز و جل
35 - وقوله جل وعز وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين أي لا تعبدوا من دون الله شيئا وإن كنتم تتقربون بعبادته الى الله وجاء باثنين توكيدا وقيل المعنى لا تتخذوا اثنين إلهين
36 - وقوله جل وعز وله ما في السموات والأرض وله الدين واصبا

روى عكرمة عن ابن عباس قال واجبا وقيل الطاعة على كل الأحوال وإن كان فيها الوصب وهو التعب وهذا معنى قول الحسن
وروى معمر عن قتادة وله الدين واصبا قال دائما ألا تسمع الى قوله ولهم عذاب واصب أي دائم وكذا قال ميمون بن مهران
وروى ابن جريج عن مجاهد وله الدين واصبا قال الإخلاص والواصب الدائم
وهذا هو المعروف في اللغة يقال وصب يصب وصوبا إذا

دام والدين الطاعة والمعنى أن كل من يطاع تزول طاعته بهلاك أو زوال إلا الله جل وعز
37 - ثم قال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله أي ما يكن بكم من سعة في رزق أو صحة في بدن فمن الله ثم إذا مسكم الضر وهو البلاء والمشقة فإليه تجأرون أي تدعون وتستغيثون يقال جأر يجأر جؤارا إذا رفع صوته مستغيثا من جوع أو غيره
38 - وقوله جل وعز ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم قيل المعنى ليجعلوا النعمة سببا الى الكفر كما قال تعالى ربنا ليضلوا عن سبيلك

وقيل ليجحدوا النعمة التي أنعم عليهم كما قال الشاعر ... والكفر مخبثة لنفس المنعم ...
39 - ثم قال تعالى فتمتعوا فسوف تعلمون وهذا على التهديد كما قال تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فإنا قد أرسلنا الرسل وبينا وأنذرنا فمن شاء فليكفر بعد هذا فإن العقوبة حالة به
40 - ثم قال جل وعز ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم يعني ما كانوا يجعلونه لأصنامهم من زرعهم وأنعامهم كما قال تعالى فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا 41 ثم قال جل وعز ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون

أي ولهم البنون
42 - ثم قال جل وعز وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا أي ظل كئيبا مغموما والعرب تقول هذا لكل مغموم قد تغير لونه من الغم أسود وجهه
43 - ثم قال جل وعز وهو كظيم الكظيم الحزين الذي يخفي غيظه ولا يشكو ما به
44 - ثم قال جل وعز يتوارى من القوم من سوء ما بشر به
يروى أن أحدهم كان إذا ولد له يتوارى في ذلك الوقت أو قبله فإن ولد له ذكر سر به وإن ولدت له أنثى استتر وربما وأدها

45 - ثم بين ذلك بقوله تعالى أيمسكه على هون أم يدسه في التراب وقرأ الجحدري أم يدسها في التراب يردها على قوله بالأنثى ويلزمه أن يقرأ أيمسكها
وقرأ عيسى بن عمر أيمسكه على هوان وقال هوان وهون واحد وقرأ الأعمش أيمسكه على سوء
وحكى أبو عبيد عن الكسائي قال في لغة قريش الهون والهوان بمعنى واحد وقال لغة بني تميم يجعل الهون مصدر الشيء الهين
46 - ثم قال جل وعز ألا ساء ما يحكمون

لأنهم جعلوا لله البنات وهم يكرهونها هذه الكراهية
47 - ثم قال جل وعز للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وروى سعيد عن قتادة قال المثل الأعلى الإخلاص والتوحيد المعنيان واحد أي لله جل وعز التوحيد ونفى كل معبود دونه
48 - وقوله جل وعز ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة أي على الأرض ولم يجر لها ذكر لأنه قد عرف المعنى

49 - وقوله جل وعز ويجعلون لله ما يكرهون يعني البنات ثم قال تعالى وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى قال مجاهد هو قولهم لنا البنون وقال غيره الحسنى الجنة
50 - ثم قال جل وعز لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون وقيل لا رد لكلامهم وجرم بمعنى وجب وحق وقال أبو جعفر وقد استقصينا القول فيه
51 - ثم قال تعالى وأنهم مفرطون

كذا قرأ الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير بفتح الراء والتخفيف واختلفوا في تفسيره فقال الحسن مفرطون معجلون الى النار وقال هشيم أخبرنا أبو بشر وحصين عن سعيد ابن جبير وأنهم مفرطون قال متروكون منسيون وروى ابن جريح عن مجاهد قال مفرطون منسيون
قال أبو جعفر وقول الحسن أشهر في اللغة وأعرف وحكى أهل اللغة هو فارط وفرط وفي حديث النبي صلع
أنا فرطكم على الحوض أي متقدمكم إليه حتى تردوا على وأفرطته إذا قدمته وأنشد جماعة من أهل اللغة

فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا ... كما تعجل فراط لوراد ...
وقال بقول سعيد بن جبير ومجاهد أبو عبيدة والكسائي والفراء قال أبو جعفر فعلى قول الحسن معجلون مقدمون الى النار وعلى قول سعيد بن جبير ومجاهد متروكون في النار وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس وأنهم مفرطون مبالغون في الإساءة كما يقال فرط فلان على فلان إذا أربى عليه وقال له أكثر مما قال من الشر
وقرأ أبو جعفر والسدي وأنهم مفرطون ومعناه

مضيعون أي كانوا مضيعين في الدنيا
52 - وقوله جل وعز وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا الفرث ما يكون في الكرش يقال أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها والمعنى أن الطعام يكون فيه ما في الكرش ويكون منه الدم ثم يخلص اللبن من الدم
ثم قال تعالى سائغا للشاربين أي سهلا لا يشجي به من شربه
54 - ثم قال جل وعز ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا روى عمرو بن سفيان عن ابن عباس قال السكر ما حرم من ثمرتها والزرق الحسن ما كان حلالا من ثمرتها وروى شعبة عن مغيره عن إبراهيم والشعبي قالا السكر ما حرم وقد نسخ

وروى معمر عن قتادة قال السكر نبيذ للأعاجم وقد نسخت
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال السكر قد حرم وقال مجاهد السكر ما حرم من الخمر والرزق الحسن ما أحل من التمر والعنب قال أبو جعفر الأولى أن تكون الآية منسوخة لأن تحريم الخمر كان بالمدينة والنحل مكية
والرواية عن ابن عباس كأن معناها أن الآية على الإخبار بأنهم يفعلون ذلك لا أنه أذن لهم في ذلك وذلك معناه وهي رواية تضعف من جهة عمرو بن سفيان

قال أبو جعفر وفي معنى السكر قول آخر قال أبو عبيدة السكر الطعم وأنشد ... جعلت عيب الأكرمين سكرا ...
أي جعلت ذمهم طعما
قال أبو جعفر قال الزجاج وقول أبي عبيدة هذا لا يعرف وأهل التفسير على خلافة ولا حجة له في البيت الذي أنشده لأن معناه عند غيره أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس
55 - وقوله جل عز وأوحى ربك الى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا روى عن الضحاك أنه قال ألهمها

وأصل الوحي في اللغة الإعلان بالشيء في ستره فيقع ذلك بالإلهام وبالإشارة وبالكتابة وبالكلام الخفي
56 - وقوله جل وعز فاسلكي سبل ربك ذللا روى معمر وسعيد عن قتادة قال مطيعة قال أبو جعفر ويحتمل في اللغة أن يكون قوله ذللا للسبل لأنه يقال سبيل ذلول وسبل ذلل أي سهلة السلوك ويحتمل أن يكون للنحل أي هي منقادة مسخرة
57 - وقوله جل وعز يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للشفاء فيه قولان أحداهما أن المعنى في القرآن شفاء للناس وهذا قول حسن أي فيما قصصنا عليكم من الآيات

والبراهين شفاء للناس وقيل في العسل شفاء للناس وهذا القول بين أيضا لأن أكثر الأشربة والمعجونات التي يتعالج بها أصلها من العسل
58 - وقوله جل وعز ومنكم من يرد الى أرذل العمر أي يهرم حتى ينقص عقله
59 - ثم قال جل وعز لكي لا يعلم بعد علم شيئا أي حتى يعود بعد العلم جاهلا أي لتعلموا أن الذي رده الى هذه الحال قادر على أن يميته ثم يحييه
60 - وقوله جل وعز والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء

روى سعيد عن قتادة قال هذا مثل ضربه الله أي إذا كان لأحدكم مملوك لم تسغ نفسه أن يعطيه مما يملك والله جل وعز أولى أن ينزه عن هذا
ومنى هذا القول أنهم عمدوا الى رزق الله فجعلوا للأصنام منه نصيبا وله نصيبا والمعنى إنكم كلكم بشر ويكون لأحدكم المملوك فلا يرد عليه مما يملك شيئا ولا يساويه فيه فكيف تعمدون الى رزق الله فتجعلون منه نصيبا وللأوثان نصيبا
61 - ثم قال جل وعز أفبنعمة الله يجحدون أي أفأن أنعم الله عليهم جحدوا بالنعمة وجعلوا ما رزقهم لغيره وقيل المعنى أفأن أنعم عليهم بالبيان والبراهين جحدوا نعمه

قال الضحاك هذا المثل لله جل وعز وعيسى أي أنتم لا تفعلون هذا بعبيدكم فكيف ترضون لي باتخاذ بشر ولدا تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
62 - وقوله جل وعز والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا روى سعيد عن قتادة في قوله والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا قال خلق حواء من ضلع آدم
وقال غيره جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم
63 - ثم قال جل وعز وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله بن

مسعود قال الحفدة الأختان
وروى سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال الحفدة الأصهار
وروى شعبة عن زر قال سألني ابن مسعود عن الحفدة فقلت هم الأعوان قال هم الأختان وقال علقمه وأبو الضحى الحفدة الأختان وقال إبراهيم الحفدة الأصهار قال أبو جعفر وقد اختلف في الأختان والأصهار فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها

وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان الى بنى فلان وصاهر وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها ويجوز أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات وتزوجونهم فيكون لكم بسببهن أختان وقد قيل في الآية غير هذا قال عكرمة الحفدة ولد الرجل من نفعة منهم وقال الحسن وطاووس ومجاهد الحفدة الخدم

قال أبو جعفر وأصل الحفدة في اللغة الخدمة والعمل يقال حفد يحفد حفدا وحفودا وحفدانا إذا خدم وعمل ومنه وإليك نسعى ونحفد ومنه قول الشاعر ... حفد الولائد حولهن وأسلمت ... بأكفهن أزمة الأجمال ...
وقول من قال هم الخدم حسن على هذا إلا إنه يكون منقطعا مما قبله عند أبي عبيد وينوي به التقديم والتأخير كأنه قال وجعل لكم حفدة أي خدما وجعل لكم من أزواجكم بنين
64 - وقوله جل وعز ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا

أي لا يملكون أن يرزقوهم شيئا
65 - ثم قال جل وعز ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال قال الضحاك لا تعبدوا من دونه ما لا ينفعكم ولا يضركم ولا يرزقكم
66 - وقوله جل وعز ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هذه الآية مشكلة وفيها أقوال قال مجاهد والضحاك هذا المثل لله جل ذكره ومن عبد من دونه وقال قتادة هذا المثل للمؤمن والكافر

يذهب قتادة الى أن العبد المملوك هو الكافر لأنه لا ينتفغ في الآخرة بشيء من عبادته والى أن معنى ومن رزقناه منا رزقا حسنا المؤمن
وقال بعض أهل اللغة القول الأول أحسن لأنه وقع بين كلامين لا نعلم بين أهل التفسير اختلافا إلا من شذ منهم انهما لله جل وعز وهما فلا تضربوا لله الأمثال وبعده وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه يعني الوثن لأنه كل على من عنده وثقل والمولى الولي
67 - ثم قال جل وعز هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم يعني نفسه جل وعز وكذا قال قتادة الله جل وعز يأمرنا بالعدل وهو على صراط مستقيم

والمعنى على هذا في قوله جل وعز ضرب الله مثلا عبدا مملوكا أنه يعني به ما عبد من دونه لأنه لا يملك ضرا ولا نفعا و من رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا وهذا لله جل وعز لأنه الجواد الرزاق للأنسان من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم
وروى عن ابن عباس وهذا لفظه المروي عنه قال نزلت هذه الآية ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق منه سرا وجهرا ومولاه أبو الجواب الذي كان ينهاه وقيل نزلت في رجلين وضرب الله مثلا رجلين الأبكم منهما الكل على مولا أسيد بن أبي العاص والذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم هو عثمان بن عفان رحمة الله عليه كان عثمان يكفل مولاه فعثمان الذي ينفق

بالعدل وهو على صراط مستقيم والآخر الأبكم وقال الحسن عبدا مملوكا هو الصنم
وأولى الأقوال في هذا قول ابن عباس رواه عنه حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن ابراهيم عن عكرمة عن ابن عباس فبين ابن عباس رحمه الله أن هذه الآية نزلت في عبد بعينه لم يكن له مال ولا يقال في كل عبد لا يقدر على شيء فنزلت فيه وفي سيد كان له مال ينفق منه وأن الآية الأخرى نزلت في رجل بعينه لم يكن له مال وكان كلا على مولاه أي ابن عمه أو قريبه وضرب الله هذه الأمثال ليعلم أنه إله واحد وأنه لا ينبغي أن يشبه به غيره ولا يصح قول من من قال إنه صنم لأن الصنم لا يقع عليه اسم عبد

68 - وقوله جل وعز ولله غيب السماوات والأرض أي علم ما غاب فيهما عن العباد ثم قال وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب قال قتادة هو أن يقول جل وعز كن فذلك كلمح البصر أو هو أقرب وقال غيره المعنى أو هو أقرب عندكم ولم يرد أنها على هذا القرب وانما أراد أن يعرفنا قدرته
69 - وقوله جل وعز ألم يروا الى الطير مسخرات في جو السماء الجو الهواء البعيد وأبعد منه السكاك الواحدة سكاكة
70 - وقوله جل وعز والله جعل لكم من بيوتكم سكنا

أي موضعا تسكنون فيه
71 - ثم قال جل وعز وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا يعني بيوت الأدم وما أشبهها والأنعام الإبل والبقر والغنم
72 - ثم قال تعالى تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم أي يخف عليكم حملها في سفركم وإقامتكم
73 - ثم قال تعالى ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا الى حين فالأصواف للضأن والأوبار للإبل والأشعار للمعز قال قتادة الأثاث المال وقال الضحاك الأثاث المال والزينة والأثاث عند أهل اللغة متاع البيت نحو الفرش والأكسية

وقد أث يئث أثا إذ صار ذا أثاث قال أبو زيد واحد الأثاث أثاثه ثم قال تعالى ومتاعا الى حين روى معمر عن قتادة الى أجل وبلغة
74 - وقوله جل وعز والله جعل لكم مما خلق ظلالا يعني ظلالا الشجر والله أعلم
75 - ثم قال تعالى وجعل لكم من الجبال أكنانا أي ما يكنكم الواحد كن
76 - ثم قال تعالى وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر روى معمر عن قتادة قال يعني قمص الكتان
77 - ثم قال تعالى وسرابيل تقيكم بأسكم قال قتادة يعني الدروع

وروى عثمان بن عطاء عن أبيه قال إنما خوطبوا بما يعرفون قال جل وعز وجعل لكم من الجبال أكنانا وما جعل لهم من السهل أكثر وأعظم ولكنهم كانوا أصحاب جبال وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وما يقي البرد أكثر ولكنهم أصحاب حر
وقال الفراء يحي بن زياد المعنى تقيكم الحر وتقيكم البرد ثم حذف كما قال الشاعر ... فما أدري إذا يممت وجها ... أريد الخير أيهما يليني

والمعنى أي الخير والشر لأنه إذا أراد الخير أتقى الشر
78 - ثم قال تعالى كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون روى عن ابن عباس لعلكم تسلمون وقال أي من الجراحات وإسناده ضعيف رواه عباد بن العوام عن حنظلة عن شهر بن حوشب عن ابن عباس وظاهر القرآن يدل على الإسلام لأنه عدد النعم ثم قال لعلكم تسلمون
79 - ثم قال جل وعز فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها روى سفيان عن السدي قال يعني محمدا صلع قال أبو جعفر وهذا القول حسن والمعنى يعرفون أن امر

النبي صلى الله عليه و سلم حق ثم ينكرونه
وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعني المساكين والأنعام وما يرزقون منها والسرابيل من الحديد والثياب أنعم الله بذلك عليهم فلم يشكروا وقالوا إنما كان لآبائنا وورثناها عنهم
80 - وقوله جل وعز ويوم نبعث من كل أمة شهيدا يروى أن نبي كل أمة شاهد عليها
81 - وقوله جل وعز فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون أي جحدتم آلهتهم كما قال تعالى سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا
82 - ثم قال جل وعز وألقوا الى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون

روى سعيد عن قتادة قال استسلموا وذلوا وضل عنهم ما كانوا يفترون أي يشركون
83 - وقوله جل وعز الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب
روى مسروق عن عبد الله قال زيدوا عقارب أنيابها كالنخل الطوال
84 - وقوله جل وعز ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء روى أبان بن ثعلب عن مجاهد قال تبيانا للحلال من الحرام
85 - وقوله تعالى ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها قال مجاهد يعني تغليظ اليمين

86 - وقوله جل وعز ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة هذه آية مشكلة تحتاج الى تدبير قال قتادة الدخل الخيانة
وقال غيره المعنى لا تحلفوا أو تؤكدوا عليكم الأيمان ثم تحنثوا فتكونوا كامرأة غزلت غزلا فأبرمته وأحكمته ثم نقضته والأنكاث ما نقض من الخز والوبر وغيرهما ليغزل ثانية ومنه قيل ناكث
وروى في التفسير أن امرأة يقال لها ربطة ابنة سعد كانت تغزل بمغزل كبير فإذا أبرمته وأتقنته أمرت جارتها فنقضته

قال الضحاك في قوله تعالى أن تكون أمة هي أربى من أمة أي أكثر قال فأمروا بوفاء العهد وإن كانوا كثيرا
وروى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال كانوا يحلفون القوم ويعاهدونهم فاذا علموا أن غيرهم أكثر منهم وأقوى نقضوا عهدهم وحالفوا غيرهم فنهاهم الله جل ذكره عن ذلك
والمعنى عند أهل اللغة لأن تكون أمة وبأن تكون أمة هي أربى من أمة أي هي أغنى وأكثر أي لا تعاهدوا قوما فإذا أمنوا نقضتم العهد ليكون أصحابكم أغنى وأقوى
87 - وقوله جل وعز من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون روى عن أبن عباس أنه قال الحياة الطيبة الرزق الحلال ثم

يصير الى الله فيجزية أجره بأحسن ما كان يعمل وروى عن ابن عباس رواه الحكم عن عكرمة عنه أنه قال الحياة الطيبة القناعة وروى ابن كثير عن سعيد بن جبير في قوله تعالى فلنحيينه حياة طيبة قال في الآخرة يحييه حياه طيبة
وروى عوف عن الحسن ليس لأحد حياة طيبة إلا في الجنة
88 - وقوله جل وعز فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم

المعنى إذا أردت أن تقرأ وهذا كما تقول إذا أكلت فقل بسم الله ومثله في كتاب الله عز و جل يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم الى الصلاة
89 - وقوله جل وعز إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون روى ابن نجيح عن مجاهد قال سلطانه حجته قال والذين هم به مشركون يعدلونه برب العالمين وقال غير مجاهد لو كان المعنى على أنهم أشركوا بالشيطان لكانوا مؤمنين ولكن المعنى والذين والذين هم من أجله مشركون كما تقول صار فلان بك عالما أي من أجلك

90 - وقوله جل وعز وإذا بدلنا آية مكان آية روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال رفعناها وجعلنا موضعها غيرها وقال غيره أي نسخنا آية بأية هي أشد عليهم منها قالوا إنما أنت مفتر أي كاذب فقال جل وعز إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله أي الذي إذا رأوا آية لا يأتي بها إلا نبي كذبوا بها فهؤلاء أكذب الكاذبين
91 - وقوله جل وعز ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يحلدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين روى سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عكرمة قال هو غلام لبني عامر بن لؤي يقال أرى له يعيش وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو سلمان الفارسي رحمه الله وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد هو عبد الله بن الحضرمي وهو رومي كان يحسن الكتابة قال أبو عبيد وقال غير مجاهد أسمه جبر

قال أبو جعفر وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأنه يجوز أن يكونوا أومأوا الى هؤلاء جميعا وزعموا أنهم يعلمونه وأصل الألحاد في اللغة الميل
92 - وقوله جل وعز من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر رحمة الله لأنه قارب بعض ما ندبوه اليه
93 - ثم قال تعالى ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله

أي من فتح صدره لقبوله
94 - وقوله جل وعز ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا هذا كله في عمار والمعنى وصبروا على الجهاد
95 - وقوله جل وعز يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها
يروى أن كعبا قال لعمر بن الخطاب رحمه الله تزفر جهنم يوم القيامة زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه يقول يا رب نفسي حتى إن إبراهيم خليل الرحمن ليجثو على ركبتيه ويقول لا أسألك إلا نفسي ثم قال كعب إن هذا لفي كتاب الله وتلا يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وقال غيره يدل على هذا يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه

96 - وقوله جل وعز وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة روى معمر عن قتادة قال هي مكة وقال غيره كان أهلها في أمن ودعة ثم ابتلاهم الله بالقتل والجوع سبع سنين قال تعالى فأذاقها الله لباس الجوع والخوف وأصل الذوق بالفم ثم استعمل للابتلاء وللاختبار
97 - وقوله جل وعز فمن اضطر غير باغ ولا عاد قال أبو جعفر قد ذكرناه في سورة البقرة وروى عن ابن عباس أنه قال من أكل الميتة وهو غير مضطر

إليها فهو باغ عاد
وروى عن سعيد بن جبير ومجاهد أنهما قالا إذا أخاف السبيل وقطع الطريق لم تحلل له الميتة هذا معنى قولهما
98 - وقوله جل وعز ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام قال مجاهد يعني البحائر والسيب
99 - وقوله جل وعز وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل قال قتادة هو قوله تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر
100 - وقوله جل وعز إن إبراهيم كان أمة قانتا لله روى الشعبي عن مسروق قال تلا عبد الله بن مسعود رحمه

الله إن إبراهيم كان أمة قانتا لله فقال إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله أتدرون ما الأمة هو الذي يعلم الناس الخير أتدرون ما القانت هو المطيع قال أبو جعفر لم يقل في هذه الآية أحسن من هذا لأنه إذا كان يعلم الناس الخير فهو يؤتم به وهذا مذهب أبي عبيدة والكسائي
القنوت القيام فقيل للمطيع قانت لقيامه بطاعة الله وروى أبو يحيى عن مجاهد إن إبراهيم كان أمة قانتا لله قال كان مؤمنا وحده والناس كلهم كفار وقال بعض أهل اللغة يقوي هذا حديث النبي صلع أنه ذكر زيد بن عمرو بن نفيل فقال كان أمة وحده
وقوله وآتيناه في الدنيا حسنة قال مجاهد لسان صدق
101 - وقوله جل وعز إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه

روى سعيد بن جبير عن قتادة قال أحله بعضهم وحرمة بعضهم وقال مجاهد تركوا الجمعة واختاروا السبت
102 - وقوله جل وعز أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وجادلهم بالتي هي أحسن هي منسوخة
103 - وقوله جل وعز وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به قال قتادة لما مثلوا بحمزة رضي الله عنه قال لنمثلن بهم فأنزل الله جل وعز هذه الآية وروى على بن الحكم عن الضحاك قال نزلت هذه الآية قبل القتال وقبل سورة براءة

قال أبو جعفر وهذا القول أولى وقد قال زيد بن أسلم نحوه
قال لما قدم رسول الله صلع المدينة أذن له في جهاد المشركين والغلظة عليهم ويدلك على أن هذا نزل بمكة قوله تعالى ولاتك في ضيق مما يمكرون وأكثر مكرهم وحزنه صلع عليهم كان بمكة
فأما حديث أبي هريرة وابن عباس لما قتل حمزه رحمة الله عليه قال النبي صلع لأمثلن بسبعين منهم فنزلت وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به فإسنادهما ضعيف

وقوله جل أسمه إن الله مع الذين أتقوا والذين هم محسنون روى عن الحسن أنه قال اتقوا الله جل وعز فيما حرم عليكم وأحسنوا في أداء فرائضه أنتهت سورة النحل

تفسير سورة الإسراء مكية
وآياتها 111 آية

بسم الله الرحمن الرحيم سورة الإسراء وهي مكية
1 - من ذلك قوله تعالى جده سبحان الذي أسرى بعبده ليلا يروى أن النبي صلع سئل عن معنى سبحان فقال إنزاه الله من السوء وفي بعض الحديث براءة الله من السوء
قال سيبويه وغيره معناه براءة الله من السوء وأنشد

أقول لما جائني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر ...
وروى معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صلع قال قمت في الحجر لما كذبني قومي ليلة أسري بي فأثنيت على ربي وسألته أن يمثل لي بيت المقدس فرفع لي فجعلت أنعت لهم آياته
وروى سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول فقال المسجد الحرام قلت ثم أي قال ثم المسجد الأقصى قلت كم بينهما قال أربعون سنة ثم قال أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد

2 - وقوله جل وعز من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله من المسجد الحرام يعني مكة الى المسجد الأقصى يعني بيت المقدس الذي باركنا حوله قيل فجر حوله الأنهار وأنبت الثمار
3 - ثم قال جل وعز لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير لنريه من آياتنا ما رأى من الأنبياء وآثارهم
4 - وقوله جل وعز وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل أي دللناهم به على الهدى

5 - ثم قال جل وعز
ألا تتخذوا من دوني وكيلا ويقرأ أن لا يتخذوا على إضمار بمعنى وعهدنا إليهم وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح ألا تتخذوا من دوني وكيلا قال شريكا قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة أن يقال لكل من قام مقام آخر في أي شيء كان هو شريكه وقال الفراء ألا تتخذوا من دوني وكيلا أي كافيا
6 - وقوله جل وعز ذرية من حملنا مع نوح روى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال على النداء أي ذرية من حملنا

قال أبو جعفر أي حرف نداء مثل يا وروى سفيان عن حميد عن مجاهد أنه قرأ ذرية بفتح الذال وتشديد الراء والياء
وروى عن زيد بن ثابت ذرية بكسر الذال وتشديد الراء والياء فأما عامر بن عبد الواحد فحكي أن زيدا قرأ ذرية بفتح الذال وتشديد الراء والياء
7 - ثم قال جل وعز إنه كان عبدا شكورا روى معمر عن قتادة قال كان إذا لبس ثوبا قال بسم الله وإذا نزعه قال الحمد لله
وروى معمر عن منصور عن إبراهيم قال شكره أنه إذا أكل قال بسم الله فإذا فرغ من الأكل قال الحمد لله

6 - وقوله جل وعز وقضينا الى بني إسرائيل في الكتاب قال سفيان أي على بني إسرائيل قال ابن عباس قضينا أعلمنا
9 - وقوله جل وعز فإذا جاء وعد أولاهما أي أولى المرتين بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال لجاءوا من ناحية فارس أول مرة ومعهم بختنصر فهزمهم بنو إسرائيل ثم رجعوا في

الثانية فقتلوا بني إسرائيل ودمروهم تدميرا
قال قتادة بعث عليهم في أول مرة جالوت وفي الثانية بختنصر
10 - ثم قال جل وعز فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال جاسوا مشوا قال أبو جعفر المعروف عند أهل اللغة أنه يقال جسنا دور بني فلان وجسناها إذا قهروهم وغلبوهم
11 - وقوله جل وعز ثم رددنا لكم الكرة عليهم أي الدولة وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا

يجوز أن يكون نفيرا بمعنى نافر مثل قدير وقادر
ويجوز أن يكون جمع نفر مثل عبيد وكليب ومعيز وأصله من ينفر مع الرجل من عشيرته وأصحابه
12 - وقوله جل وعز فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم فإذا جاء وعد الآخرة أي من المرتين ليسوءوا وجوهكم
روى زائد عن الأعمش قال الله ليسوء وجوهكم

وقال غيره ليسوء الوعد وجوهكم
ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ لنسوء وجوهكم بالنون وهي قراءة الكسائي وفي الكلام حذف والمعنى فاذا جاء وعد الآخرة بعثناهم لنسوء وجوهكم
وروى عن أبي بن كعب أنه قرأ فإذا جاء وعد الآخرة لنسوءن وجوهكم بالنون الخفيفة واللام المفتوحة والوقف عليه لنسوءا مثل لنسفعا وهو على غير حذف ومن قرأ ليسوءوا فالمعنى عنده للعباد وفيه حذف
13 - وقوله عز و جل وليتبروا ما علوا تتبيرا قال ابن جريج ليدمروا تدميرا كذا قال ابن عباس قال أبو جعفر وكذلك هو في اللغة يقال تبر الشيء إذا

كسرة ومنه التبر
14 - وقوله جل ذكره وإن عدتم عدنا روى مبارك عن الحسن قال إن عدتم الى المعصية عدنا الى العقوبة
15 - وقوله جل وعز وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا قال مجاهد أي يحصرون فيها وقال الحسن فراشا ومعادا وروى معمر عن قتادة قال محبسا قال أبو جعفر ومعروف في اللغة أن يقال حصرت الرجل أي حبسته ويقال للموضع الذي يحبس فيه حصير ويقال أحصره المرض والأصل فيه واحد

16 - وقوله جل وعز إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم المعنى يهدي للحال التي هي أقوم والحال التي هي أقوم توحيد الله واتباع رسله والعمل بطاعته
17 - وقوله جل وعز ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا
روى معمر عن قتادة قال يدعو الإنسان على نفسه بما لو استجيب له لهلك ويدعو على ولده وماله ثم قال تعالى وكان الإنسان عجولا قيل يعجل بالدعاء على نفسه ولا يعجل الله بالإجابة
وروى عن سلمان انه قال أول ما خلق الله من آدم

رأسه فاقبل ينظر الى سائره يخلق فلما دنا المساء قال رب عجل قبل الليل فقال الله تعالى وكان الإنسان عجولا
18 - وقوله جل وعز وجعلنا الليل والنهار آيتين
الآية في اللغة الدلالة والعلامة أي جعلناهما دالين على أن خالقهما ليس كمثله شيء ودالين على عدد السنين والحساب
19 - ثم قال جل وعز فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة
روى هشيم عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس فمحونا آية الليل قال هو السواد الذي ترونه في القمر
ويروي أن ابن الكواء سأل علي بن أبي طالب عن السواد الذي في القمر فقال لو سألت عما ينفعك في دنياك

وآخرتك ذاك أن الله يقول وجعلنا الليل والنهار آيتين الى آخر الآية فآية النهار الشمس وآية الليل القمر وصحوه السواد الذي فيه
20 - وقوله جل ثناؤه وجعلنا آية النهار مبصرة روى الحسن عن قتادة قال منيرة قال أبو جعفر وهذا مذهب الفراء فقد قال مبصرة بمعنى مضيئة وقال غيره هذا على التشبيه أي ذات إبصار أي يبصرون بها
21 - وقوله جل وعز وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه

روى منصور وابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد قال عمله وقال الضحاك رزقه وأجله وشقاءه وسعادته
وروى ابن جريج عن عطاء الخرساني عن ابن عباس قال طائره ما قدر عليه يكون معه حيثما كان ويزول معه أينما زال
وقيل طائره حظه
قال أبو جعفر والمعاني متقاربة إنما هو ما يطير من خير أو شر على التمثيل كما تقول هذا في عنق فلان أي يلزمه كما تلزم القلادة

22 - ثم قال جل وعز ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا روى جرير بن حازم عن حميد عن مجاهد أنه قرأ ويخرج له يوم القيامه كتابا قال يريد يعني ويخرج له الطائر كتابا أي عمله كتابا
وروى عن مجاهد ويخرج وكذلك قرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وقرأ الحسن ويخرج له يوم القيامة كتابا بفتح الياء أيضا ورويت هذه القراءة عن ابن عباس فإنه قال سيحول عمله كتابا وقرأ الحسن يلقاه بضم الياء وتشديد القاف

23 - وقوله جل وعز وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا روى معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن أبي هريره قال إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة والمعتوه والأصم والأبكم والأخرس والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام فأرسل اليهم رسولا أن ادخلوا النار فيقولون كيف ولم يأتنا رسول قال ولو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما فيرسل الله عليهم رسولا فيطيعه من كان يريد أن يطيعه ثم قرأ أبو هريرة وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
وقال غيره يوم القيامة ليس بيوم تعبد ولا محنة فيرسل الى أحد رسول ولكن معنى الآية وما كنا معذبين أحدا في الدنيا بالإهلاك حتى نبعث رسولا

24 - وقوله جل وعز وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها يقرأ هذا الحرف على وجوه
روى عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ أمرنا بالقصر والتخفيف وكذلك يروي عن ابن عباس
وروى عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه أنه قرأ أمرنا مترفيها وكذلك قرأ أبو عثمان النهدي وأبو العالية وقرأ الحسن والأعرج وابن أبي اسحق آامرنا مترفيها
وروى أمرنا مترفيها على فعلنا عن ابن عباس هذه القراءة أيضا
قال أبو جعفر من قرأ أمرنا مترفيها ففي قراءته ثلاثة أقوال
أحدها وأثبتها ما قاله ابن جريج وزعم أنه قول ابن

عباس وهو أن المعنى أمرناهم بالطاعة ففسقوا
قال محمد بن يزيد قد علم أن الله عز و جل لا يأمر إلا بالعدل والإحسان كما قال تعالى إن الله يأمر بالعدل والإحسان فقد علم أن المعنى أمرنا مترفيها بالطاعة فعصوا قال مجاهد مترفوها فساقها وقال أبو العالية مستكبروها والمعنى أمرناهم بالطاعة والفاسق إذا أمر بالطاعة عصى فعصوا فحق عليهم القول بالعصيان أي وجب

والقول الثاني في معنى أمرنا قال معمر عن قتادة قال أمرنا أكثرنا
قال الكسائي يجوز أن يكون أمرنا بمعنى أمرنا من الإمارة وأنكر أن يكون أمرنا بمعنى أكثرنا وقال لا يقال في هذا إلا أمرنا
قال أبو جعفر وهذا القول الثالث أعني قول الكسائي ينكره أهل اللغة
وقد حكى أبو زيد وأبو عبيدة أنه يقال أمرنا بمعنى أكثرنا ويقوي ذلك الحديث المرفوع خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة والسكة المأبورة النخل الملقح والمهرة المأمورة الكثيرة النتاج

فأما معنى أمرنا ففيه قولان أحدهما رواه معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال أمرنا سلطنا وكذلك قال أبو عثمان النهدي
وروى وكيع عن ابي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أنه قرأ أمرنا مثقلة أي سلطنا مستكبريها
والقول الثاني رواه الكسائي عن ابي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أمرنا أي أكثرنا وليس بمبعد ما رواه الكسائي ويكون مثل سمن الدابة وسمنته وأسنمته
قال أبو جعفر وهذا أولى قال جل وعز ففسقوا فيها فوصف أنهم جماعة والقرية الواحدة لا توصف إن فيها جماعة امراء

إن قيل يكون واحدا فقد قيل وهذا خصوص والهلاك بالكثرة فتكثر المعاصي فأما معنى ءآمرنا فأكثرنا كذلك
قال الحسن ويحتمل معنى آمرنا أكثرنا عدهم وأكثرنا يسارهم وحقيقة أمر كثرت املاكه من مال أو غير ذلك من حالة ومن لقد جئت شيئا إمرا
قال الكسائي عظيما وقال هارون في قراءة أبي وإذا أردنا أن نهلك قرية بعثنا فيا أكابر مجرميها فمكروا فيها فحق عليها القول

فاما معنى آمرنا فلا يكاد يعرف لأنه إنما يقال أمر القوم إذا كثروا وآمرهم الله أي أكثرهم ولا يعرف أمرهم الله
25 - وقوله جل وعز من كان يريد العاجله عجلنا له فيها ما نشاء العاجلة أي الدنيا عجلنا له فيها مانشاء وتقرأ ما يشاء
قال ابو جعفر والمعنيان واحد أي ما شاء الله ويجوز أن يكون ل من
26 - وقوله جل وعز ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا أي مباعدا يقال دحره يدحره دحرا ودحورا إذا أبعده

ثم أخبر تعالى أنه يرزق المؤمن والكافر فقال كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك
27 - وقوله جل ذكره وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه روى مبارك عن الحسن قال قضى أمر ألا تعبدوا إلا إياه
وروى سفيان عن الأعمش قال قرأ عبد الله بن مسعود ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
28 - ثم قال تعالى وبالوالدين إحسانا أي وأمر أن تحسنوا بالوالدين إحسانا
29 - وقوله جل وعز فلا تقل لهما أف

روى عن مجاهد أنه قال لا تستقذرهما كما كانا لا يستقذرانك والمعنى عن أهل اللغة لا تستثقلهما ولا تغلظ عليهما في القول والناس يقولون لما يستثقلونه أف له وأصل هذا أن الإنسان إذا وقع عليه الغبار أو شيء يتأذى به نفخه فقال أف وقيل إن أف وسخ الأظفار وإن التف الشيء الحقير نحو وسخ الأذن والقول الأول أعرف
30 - ثم قال جل وعز ولا تنهرهما أي لا تكلمهما بصياح ولا بضجر
يقال نهره وانتهره بمعنى واحد وبين هذا بقوله وقل لهما قولا كريما

31 - وقوله جل وعز واخفض لهما جناح الذل من الرحمة قرأ سعيد بن جبير ويحيى بن وثاب وعاصم الجحدري واخفض لهما جناح الذل من الرحمة بكسر الذال ومعنى الضم كن لهما بمنزلة الذليل المقهور إكراما وإعظاما وتبجيلا
وروى هشام بن عروة عن أبيه وبعضهم يقول عن عائشة واخفض لهما جناح الذل من الرحمة هو أن يطيعهما ولا يمتنع من شيء أراداه وقال عطاء لا ترفع يدك عليهما
وقال سعيد بن المسيب هو قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ

ويقال ذل يذل ذلا وذلة ومذلة فهو ذاك وذليل ومعنى الذل بالكسر السمح عنهما يقال رجل ذليل بين الذل إذا كان سمحا لينا مواتيا
وكذلك يقال دابة ذلول بين الذل إذا كان مواتيا ومنه وذللت قطوفها تذليلا
32 - وقوله جل وعز ربكم أعلم بكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا
روى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال ألأوابون الراجعون الى الخير كما في قول الله إنه أواب
قال أبو جعفر قريء على الفريابي عن قتيبة قال حدثنا ابن

لهيعة عن أبي هبيرة عن حنش بن عبد الله عن ابن عباس انه قال الأواب الحفيظ الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير في قوله تعالى إنه كان للأوابين غفورا قال هم الذين يذكرون ذنوبهم في الخلا ثم يستغفرون الله
وروى يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب الأواب الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ثم يذنب يتوب
قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة والأصل في هذا أنه يقال آب يئوب إذا رجع فهو آيب و أواب على التكثير

33 - وقوله جل وعز وآت ذا القربى حقه قال عكرمة أي صلته التي تريد أن تصله بها
34 - ثم قال تعالى والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا
روى حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال التبذير النفقة في غير طاعة الله وكذلك روى عن عبد الله بن مسعود إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين معنى إخوان الشياطين أي في المعصية لما عصوا وعصا أولئك جمعتهم المعصية فسموا إخوانا وكلما جمعت شيئا الى شيء فقد آخيت بينهما ومنه إخاء النبي له بين أصحابه
35 - وقوله جل وعز وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا

قال قتادة أي عدهم وقال عكرمة إن أعرضت عنهم لرزق تنتظره فعدهم وقل لهم سيكون فإذا جاءنا شيء أعطيناكم وقال الحسن قولا ميسورا أي لينا
والمعنى عند أهل اللغة يسر فقرهم عليهم بدعائك لهم
36 - ثم قال جل وعز ولا تجعل يدك مغلوله الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا
قال قتادة ولا تجعل يدك مغلوله الى عنقك أي لا تمتنع من النفقة في الطاعة ولا تبسطها كل البسط أي لا تنفق في معصية

فتقعد ملوما محسورا قال عكرمة وقتادة أي نادما
وروى ابن ابي نجيح عن مجاهد فتقعد ملوما قال مذنبا أو آثما محسورا قد انقطع بك
قال أبو جعفر وكذلك المحسور في اللغة يقول حسره السفر إذا انقطع به وكذلك البعير حسير ومحسور إذا انقطع ووقف وهو أشد من الكلال
37 - وقوله جل وعز ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق الإملاق الفقر وكانوا يئدون بناتهم

38 - وقوله جل وعز إن قتلهم كان خطآء كبيرا بكسر الخاء والمد
وروى عن الحسن كان خطآء بفتح الخاء والمد قال أبو جعفر وأعرف هذه القراءات عند أهل اللغة كان خطأ كبيرا قال أبن جريج وزعم أنه قوله ابن عباس وهو قول مجاهد الخطأ الخطيئة
قال أبو جعفر وهذا المعروف في اللغة يقال خطيء يخطأ خطأ إذا اثم وتعمد الذنب وقد حكى في المصدر خطأ
وأخطأ يخطيء إخطاء والأسم الخطأ إذا لم يتعمد الذنب

فأما قراءة من قرأ كان خطاء بالكسر والمد والفتح والمد فلا يعرف في اللغة ولا في كلام العرب
29 - وقوله جل وعز ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق بين هذا الحديث لا يحل دم أمرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث خلال شرك بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس
40 - ثم قال جل وعز ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا اختلف المتقدمون من العلماء في السلطان الذي جعل للولي

فروى خصيف عن مجاهد قال حجته التي جعلت له أن يقتل قاتله
وذهب جماعة من العلماء الى أن هذا هو السلطان الذي جعل له وأنه ليس له أن يأخذ الدية إلا أن يشاء القاتل وقال الضحاك في السلطان الذي جعل له إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا
والقول عند أهل المدينة وأهل الكوفة قول مجاهد إن السلطان ههنا القود خاصة لا ما سواه
وذهب الشافعي رحمه الله الى قول الضحاك غير أنه قال كان يستحق إذا عفا أخذ الدية أشترط ذلك أو لم يشترطه والحجة له فمن عفي له من أخيه شيء

والحديث ولي المقتول بأحد النظرين
41 - ثم قال جل وعز فلا يسرف في القتل
روى خصيف عن مجاهد قال لا يقتل غير قاتله وروى منصور عن طلق بن حبيب قال لا تقتل غير قاتلك ولا تمثل به وروى خصيف عن سعيد بن جبير قال لا يقتل اثنين بواحد وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال لا يقتل أبا القاتل ولا ابنه وقرأ حذيفة فلا تسرف في القتل بالتاء

وروى العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد قال هو للقاتل الأول والمعنى عنده على هذا فلا تسرف أيها القاتل
42 - ثم قال جل وعز إنه كان منصورا روى ابن كثير عن مجاهد قال إن المقتول كان منصورا ومعنى قوله ان الله نصره بوليه
وروى أنه في قراءة أبي فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا
قال أبو جعفر الأبين بالياء وتكون للولي لأنه إنما يقال لا يسرف لمن كان له أن يقتل فهذا للولي

وقد يجوز بالتاء ويكون للولي أيضا إلا أنه يحتاج فيه الى تحويل المخاطبة
43 - وقوله جل وعز ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن قال محمد سألت عبيدة عن قوله تعالى ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف
فقال يستقرض فإذا استغنى رد ثم تلا فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وقال أبو العالية نحوا من هذا
وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ما يقوي هذا
حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد النحوي قال حدثنا الحسن بن غليب قال نا يوسف بن عدي قال نا أبو الأحوص عن أبي إسحق عن يرفا مولى عمر قال قال عمر بن

الخطاب رضوان الله عليه يا يرفا إني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم إذا احتجت أخذت منه فإذا أيسرت رددته وإني إن استغنيت استعففت عنه فإني قد وليت من أمر المسلمين أمرا عظيما
وقال سعيد بن المسيب لا يشرب الماء من مال اليتم قال فقلت له إن الله يقول ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال فقال إنما ذلك لخدمتة وغسل ثوبه
وروى أبو يحيى وليث عن مجاهد قال لا تقرب مال اليتيم إلا للتجارة ولا تستقرض قال فأما قوله تعالى ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإنما معناه فليأكل من ماله بالمعروف يعني من مال نفسه
وقال بهذا جماعة من الفقهاء وأهل النظر حتى قال أبو

يوسف لعل قوله ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف منسوخ بقوله يا أيها الذين آمنو لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
44 - ثم قال جل وعز حتى يبلغ أشده وبيان هذا في قوله حتى إذا بلغوا النكاح قال مجاهد أي الحلم
45 - وقوله جل وعز وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم
روى ابن جريج عن مجاهد قال القسطاس العدل وقال الضحاك هو الميزان
46 - ثم قال تعالى ذلك خير وأحسن تأويلا

قال قتادة أي أحسن عاقبة أي ما يئول إليه الأمر في الدنيا والآخرة وقيل أحسن من النقصان
47 - وقوله جل وعز ولا تقف ما ليس لك به علم
روى عن ابن عباس قال لا تقل ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا قال يسأل أكان ذاك أم لا
وقال ابن الحنفية رحمة الله عليه هذا في شهادة الزور وروى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قال لا تقف لا ترم

قال أبو جعفر وهذه الأقوال ترجع الى معنى واحد وهو من قفوت الشيء أي اتبعت أثره والمعنى لا تتبعن لسانك ما لم تعلمه فتتكلم بالحدس والظن
وحكى الكسائي ولا تقف من القيافة وهو بمعنى الأول على القلب
48 - وقوله جل وعز ولا تمش في الأرض مرحا أي متكبرا متبذخا
49 - ثم قال جل وعز إنك لن تحرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا فيه لأهل اللغة قولان

7 - أحدهما أن المعنى إنك لن تنقب الأرض والآخر لن تقطعها كلها قال أبو جعفر وهذا أبين كأنه مأخوذ من الخرق وهو الصحراء الواسعة ويقال فلان أخرق من فلان أي أكثر سفرا وغزوا منه
50 - وقوله جل ثناؤه كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها ويقرأ سيئة عند ربك مكروها

وقيل الأول أبين لأنه قد تقدم قوله وآت ذا القربى حقه وأشياء حسنة وسيئة فقال كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها وأيضا فإنه لم يقل مكروهة
51 - ثم قال جل وعز ذلك مما اوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا أي مقصى مباعدا ومنه اللهم ادحر عنا الشيطان
52 - ثم قال جل وعز أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا لأنهم قالوا الملائكة بنات الله تعالى الله

53 - وقوله جل وعز قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا الى ذي العرش سبيلا
قال قتادة المعنى إذا لتقربوا الى الله
وقال سعيد بن جبير إذا لطلبوا إليه طريقا للوصول ليزيلوا ملكه جل وعز
54 - وقوله جل وعز وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم
قيل تسبيحه لدلالته على قدرة الله وأنه خالقه وأكثر أهل التفسير منهم عكرمة على أن المعنى وإن من شيء فيه الروح إلا يسبح بحمده

قال أبو جعفر وهذا القول أولى لأنه قال ولكن لا تفقهون تسبيحهم
55 - وقوله جل وعز وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا فيه قولان
أحدهما أن الحجاب الطبع على قلوبهم ودل على هذا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه والقول الآخر أن الحجاب منع الله إياه منهم
56 - ثم قال جل وعز وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا
قال أبو الجوزاء الذكر قول لا إله إلا الله

57 - ثم قال تعالى نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى أي ذوو نجوة أي سرار ثم بين ما يتناجون به فقال جل ثناءه إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا في معناه قولان قال مجاهد أي مخدوعا وقال أبو عبيدة أي له سحر والسحر والسحر الرئة
والمعنى عنده إن تتبعون إلا بشرا أي ليس بملك قال أبو جعفر والقول الأول أنسب بالمعنى وأعرف في كلام العرب لأنه يقال ما فلان إلا مسحور أي مخدوع كما قال تعالى إني لأظنك يا موسى مسحورا

أي مخدوعا قال الشاعر ... أرانا موضعين لحتم غيب ... ونسحر بالطعام وبالشراب ...
أي نعلل بهما فكأنهما نخدع ويبينه قوله تعالى انظر كيف ضربوا لك الأمثال
وقال في موضع أخر ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر
58 - وقوله جل وعز وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا
قال مجاهد أي ترابا وهو قول الفراء
وقال أبو عبيدة والكسائي يقال منه رفت رفتا أي حطم

59 - ثم قال جل وعز إئنا لمبعوثون خلقا جديدا أي مجددا
60 - ثم قال جل وعز قل كونوا حجارة أو حديدا
قال مجاهد أي ما شئتم فستعادون
قال أبو جعفر وهذا قول حسن لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا حجارة وإنما المعنى أنهم قد أقروا بخالقهم وأنكروا البعث فقيل لهم استشعروا أن تكونوا ما شئتم فلو كنتم حجارة أو حديدا لبعثتم كما خلقتم أول مرة
61 - ثم قال عز و جل أو خلقا مما يكبر في صدوركم أي يعظم
قال ابن عمر ومجاهد وعكرمة وأبو صالح والضحاك في قوله

تعالى أو خلقا مما يكبر في صدوركم هو الموت
وفي الحديث أنه يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار
62 - وقوله جل وعز فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو
أي يحركونها من فوق الى أسفل ومن أسفل الى فوق كما يفعل المتعجب المستبطىء للشيء
يقال أنغض رأسه فنغض ينغض وينغض وينغض أي تحرك

63 - وقوله جل وعز يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده قال سفيان أي بأمره والمعنى عند أهل التفسير مقرين أنه خالقكم
64 - وقوله جل وعز وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم أي يفسد ويهيج
65 - وقوله جل وعز أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيله
وقرأ عبد الله بن مسعود أولئك الذين تدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة
قال هؤلاء من العرب عبدوا أناسا من الجن فاسلم الجنيون ولم يعلم الذين عبدوهم

وروى شعبة عن السدي عن ابي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة قال عيسى وعزير وقيل الملائكة الذين عبدوهم قوم من العرب
66 - وقوله جل وعز وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا قال مجاهد مبيدوها أو معذبوها
67 - ثم قال جل وعز كان ذلك في الكتاب مسطورا أي مكتوبا يقال سطر إذا كتب
روى عن عبد الله بن عباس أنه قال أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما هو كائن
68 - وقوله جل وعز وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون هذه آية مشكلة وفي الكلام حذف

والمعنى ما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحتموها إلا أن تكذبوا بها فتهلكوا كما فعل بمن كان قبلكم
وقد أخر الله أمر هذه الأمة الى يوم القيامة فقال سبحانه بل الساعة موعدهم
69 - ثم قال جل وعز وآتينا ثمود الناقة مبصرة قال مجاهد أي آية
والمعنى ذات إبصار يبصر بها ويتبين بها صدق صالح عليه السلام

70 - ثم قال جل وعز فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا أي فظلموا بتكذيبهم بها
71 - وقوله جل وعز وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس روى شعبة عن أبي رجاء عن الحسن قال عصمك منهم
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هم في قبضته
72 - ثم قال جل وعز وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك هي الرؤيا التي رآها ليلة أسرى به
وزاد عكرمة هي رؤيا يقظة

قال سعيد بن المسيب إلا فتنة للناس أي إلا بلاء للناس
73 - ثم قال جل وعز والشجرة المعلونه في القرآن
قال سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك هي شجرة الزقوم
وقال غيرهم إنما فتن الناس بالرؤيا وشجرة الزقوم أن جماعة ارتدوا وقالوا كيف يسرى به الى بيت المقدس في ليلة واحدة وقالوا لما أنزل الله إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كيف تكون في النار شجرة ولا تأكلها
فكان ذلك فتنة لقوم واستبصارا لقوم منهم أبو بكر الصديق رضى الله عنه

ويقال إنما سمى الصديق ذلك الوقت فإن قال قائل لم يذكر في القرآن لعن هذه الشجرة قال أبو جعفر ففي ذلك جوابان أحدهما أنه لقد لعن آكلوها والجواب الآخر أن العرب تقول لك طعام ضار مكروه ملعون
74 - وقوله جل وعز قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي

أي فضلت وفي الكلام حذف والمعنى أرأيتك هذا الذي فضلت علي لم فضلته وقد خلقتني من نار وخلقته من طين ثم حذف هذا لعلم السامع
75 - ثم قال جل وعز لئن أخرتني الى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا
قال أبو جعفر أكثر أهل اللغة على أن المعنى لأستولين عليهم ولأستأصلنهم من قولهم احتنك الجراد الزرع إذا ذهب به كله
وقيل هو من قولهم حنك الدابة يحنكها إذا ربط حبلا في حنكها الأسفل وساقها حكى ذلك ابن السكيت

وحكى أيضا احتنك دابته مثل حنك فيكون المعنى لأسوقنهم كيف شئت
76 - ثم قال جل وعز قال اذهب فمن تعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا موفور وموفر واحد يقال وفرته ووفرته كما قال الشاعر ... ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره ومن لا يتقي الشتم يشتم ...
77 - ثم قال جل وعز واستفزز من استطعت منهم بصوتك أي استخف قال مجاهد بصوتك بالغناء والمزامير
78 - ثم قال جل وعز وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وركهم في الأموال والأولاد

روى سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس قال كل خيل سارت في معصية الله وكل رجل مشت في معصية الله وكل مال أصيب من حرام وكل ولد غية فهو للشيطان
وقال غيره مشاركته في الأموال هي السائبة والبحيرة وفي الأولاد قولهم عبد العزى وعبد الحارث
وقرأ قتادة وأجلب عليهم بخيلك ورجالك
79 - ثم قال جل وعز وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا هذا أمر فيه معنى التهدد والوعيد كما قال تعالى فمن شاء

فليؤمن ومن شاء فليكفر
80 - وقوله جل وعز إن عبادي ليس لك عليهم سلطان قيل أي خلصائي كما قال تعالى فادخلي في عبادي
81 - ثم قال جل وعز وكفى بربك وكيلا أي منجيا لخلصائه من الشيطان
والفراء يذهب الى أن معنى وكيلا كاف وكذا قال في قوله جل وعز ألا تتخذوا من دوني وكيلا
82 - ثم قال جل وعز ربكم الذي يزجي لكم الفلك أي يسوق
83 - وقوله جل وعز أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل

عليكم حاصبا
الحاصب الريح التي ترمي بالحصباء وهي الحصى الصغار
84 - وقوله جل وعز أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح
قال ابن عباس هي التي تغرق
قال أبو جعفر يقال قصفه إذا كسره كأنها من شدتها تكسر الشجر
85 - وقوله جل وعز فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا
قال مجاهد ثائرا
قال أبو جعفر وهو من الثأر وكذلك يقال لكل من طلب

بثأر أو غيره تبيع وتابع ومنه قوله تعالى فأتباع بالمعروف أي مطالبة
86 - وقوله جل وعز ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا
قال عبد الله بن عباس فضلوا بأنهم يأكلون بأيديهم والبهاثم تأكل بأفواهها
وقال غيره فضلوا بالفهم والتمييز وبما سخر لهم
87 - ثم قال جل وعز يوم ندعو كل أناس بإمامهم

روى عن ابن عباس أي بنبيهم وقال الحسن والضحاك بكتابهم
قال أبو جعفر ويدل على هذا قوله بعد فمن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا الفتيل الذي يكون في شق النواة والنقير النقرة التي فيها والقطمير الفوقة التي تكون على النواة أي لا يظلمون مقدار هذا الحقير
88 - ثم قال جل وعز ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا
قال عكرمة قال رجل لعبد الله بن عباس كيف يكون في الآخرة أعمى فقال له أخطأت التأويل ألا ترى أنه جل وعز عدد النعم ثم قال ومن كان في هذه أعمى أي من عمي عن هذه النعم

التي يراها وتدله على قدرة الله فهو فيما لم يره من أمر الآخرة أعمى وكذلك قال قتادة
وقال غيره ومن كان في الدنيا أعمى وقد فسح الله له في العمر ووعده قبول التوبة ودعاه الى الطاعة فلم يجب وعمى عن ذلك فهو في الآخرة إذا كان لا تقبل منه توبة ولا إنابة أعمى وأضل سبيلا
89 - ثم قال جل وعز وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك المعنى كادوا يفتنونك لأن إن و اللام تدل على التوكيد

ويروي أنهم قالوا للنبي صلع اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالي حتى نجلس معك ونستمع منك فهم النبي بذلك ميلا منه الى أن يؤمنوا فعصم صلع وأنزل الله تبارك وتعالى وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك الى قوله إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات
قال مالك بن دينار سألت جابر بن زيد عن قوله إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات فقال إذا لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات
قال أبو جعفر وكذلك معناه عند أهل اللغة وخوطب بهذا النبي صلع لأن الثواب به جزل كما قال تعالى يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ولمشاهدة

الأنبياء والملائكة والآيات العظام كان في ذلك الخطاب من الفائدة أنه علم به أن هذا حكم الله فيمن عصاه من الأنبياء فكيف غيرهم
90 - ثم قال جل وعز وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجونك منها قيل المعنى يستفزونك بالقتل
قال عوف عن الحسن هموا بإخراج النبي صلع من مكة وأراد الله بقاء أهل مكة فأمره ان يخرج منها مهاجرا الى المدينة فخرج بأمر الله ولو أخرجوه لهلكوا كما قال سبحانه وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا
قال أهل التفسير خلافك أي بعدك

وحكى عن العرب جاء فلان خلف فلان وخلافة أي بعده وقد يجيء خلاف بمعنى مخالفة
91 - وقوله جل وعز أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل روى سفيان عن ابي اسحاق عن الأسود عن عبد الله قال دلوكها غروبها
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس لدلوك الشمس لغروبها
وروى الشعبي عن ابن عباس دلوكها زوالها
وروى الزهري عن سالم عن ابن عمر دلوك الشمس بعد نصف النهار وهو وقت الظهر
وروى مالك والليث عن نافع عن ابن عمر قال دلوك الشمس زوالها

وكذلك روي عن جعفر بن محمد رحمة الله عليه
قال أبو جعفر الدلوك في اللغة الميل فهي تميل عند الزوال وعند الغروب إلا أن الزوال في هذا أكثر على ألسن الناس
ويدل عليه أن بعده الى غسق الليل فيدخل فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبعده وقرآن الفجر فلا يمتنع أن يكون غسق الليل أوله وذلك عند غروب الشمس قال ذلك أبو هريرة وهو يقوي قول من قال الدلوك ميلها للزوال
قال أبن عباس غسق الليل اجتماع الليل وظلمته
وقال قتادة أوله

92 - ثم قال جل وعز وقرآن الفجر فسمى الصلاة قرآنا لأنها لا تكون إلا بالقرآن
93 - ثم قال جل وعز إن قرآن الفجر كان مشهودا
روى أبو هريرة عن النبي صلع قال صلاة الفجر تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار واقرءوا إن شئتم وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا
94 - وقوله عز و جل ومن الليل فتهجد به نافلة لك قال علقمة والأسود التهجد بعد النوم

قال أبو جعفر التهجد عند أهل اللغة التيقظ والسهر والهجود النوم يقال تهجد إذا سهر وهجد إذا نام
يروى عن مجاهد أن هذا للنبي صلع خصيصا وأن معنى نافلة لك للنبي خاص لأنه قد غفر له ذنوبه فهي ناقلة من أجل أنه لا يعملها في كفارة الذنوب والناس يعملون ما سوى المكتوبات لكفارات الذنوب
وقال غيره نافلة لك أي ليست بفرض لأن النفل كل ما لا يجب فعله والنافلة في اللغة الزيادة
95 - ثم قال جل وعز عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
روى داود الأودي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلع في قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال هو

المقام الذي أشفع فيه لأمتي
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال كل عسى واجبة
قال أبو عبيدة يعني في القرآن
96 - وقوله جل وعز وقل رب ادخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق قال الحسن وقتادة هو دخول المدينة وخروجه من مكة
وقال الضحاك هو خروجه من مكة ودخوله مكة يوم الفتح آمنا

وقال مجاهد هو دخوله في الرسالة وأمر الله جل وعز
97 - ثم قال جل وعز واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا قال الشعبي وعكرمة أي حجة ثابتة وقال مجاهد أي حجة
وذهب الحسن الى أنه العز والنصر وإظهار دينه على الدين كله
98 - وقوله جل وعز وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
روى معمر عن قتادة قال الحق القرآن والباطل الشيطان قال وزهق هلك

99 - وقوله جل وعز وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين
ليست من ها هنا للتبعيض وإنما هي لبيان الجنس
والمعنى وننزل ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ثم بين فقال من القرآن كما قال سبحانه فاجتنبوا الرجس من الأوثان
100 - وقوله جل وعز وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه قال مجاهد أي تباعد منا
وقرأ يزيد بن القعقاع وناء بجانبه الهمزة مؤخرة واللغة الأولى أعرف وهذا على قلب الهمزة
101 - ثم قال جل وعز وإذا مسه الشر كان يؤوسا

روى سعيد عن قتادة قال يئس قنط
102 - وقوله جل وعز قل كل يعمل على شاكلته قال الحسن على نيته
وقال مجاهد أي على حدته وعلى طبيعته وقال الضحاك على ناحيته وهذا يرجع الى قول الحسن ومجاهد
وحقيقة المعنى والله أعلم كل يعمل على النحو الذي جرت به عادته وطبعة
والمعنى وليس ينبغي أن يكون كذلك إنما ينبغي أن يتبع الحق حيث كان وقد ظهرت البراهين وتبين الحق
قال أبو جعفر وهذا يرجع الى قول الحسن

103 - وقوله جل وعز ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي
روي عن عبد الله بن مسعود قال كنت مع النبي صلع فسألته اليهود عن الروح فسكت فحسبت أنه يوحى اليه فتنحيت فأنزل عليه ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
يعني اليهود فقالوا نجد مثله في التوراة قل الروح من أمر ربي
قال أبو جعفر وقد تكلم العلماء في الروح
فروى عطاء عن ابن عباس قال الروح ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح الله الى يوم القيامة

وقال أبو صالح الروح خلق كخلق بني آدم وليسوا بني آدم لهم أيد وأرجل
وقيل الروح جبريل عليه السلام واحتج صاحب هذا القول بقوله سبحانه نزل به الروح الأمين
قال محمد بن إسحق وزعموا أنه ناداهم يعني النبي صلع الروح جبريل وكذا روى عن ابن عباس والحسن
قال ابن عباس وجبريل قائم بين يدي الله جل ثناؤه يوم القيامة
وقيل هو عيسى صلى الله عليه و سلم أي هو من أمر الله وليس كما يقول النصارى
وقيل الروح القرآن لقوله تعالى وكذلك أوحينا أليك

روحا من أمرنا والله أعلم بما أراد غير أنه قد أخبرنا أنه من أمر الله جل وعز
فإن قال قائل كيف قيل لليهود وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وقد أوتوا التوراة
فالجواب أن قليلا وكثيرا إنما يعرفان بالإضافة الى غيرهما فإذا أضيفت التوارة الى علم الله جل وعز كانت قليلا من كثير ألا ترى الى قوله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا
104 - وقوله جل وعز ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك

أي لو شئنا لأذهبناه من الصدور والكتب ثم لا تجد لك به علينا وكيلا أي من يتوكل في رده
قال الحسن أي يمنعك منا إذا أردناك
105 - ثم قال جل وعز إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا وهذا استثناء ليس من الأول أي لكن الله ثبته رحمة منه وتفضلا
106 - وقوله جل وعز قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا قال الحسن أي معينا

107 - وقوله جل وعز ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل أي وجهنا القول بكل مثل وهو من قوله صرفت اليك كذا أي عدلت به اليك
108 - ثم أخبر الله أنهم لما عجزوا أن يأتوا بمثله وانقطعت حجتهم اقترحوا الآيات فقال جل وعز وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا وقد أراهم الله من الآيات ما هو أكثر من هذا من انشقاق القمر وغير ذلك
وقال مجاهد ينبوع عيون
قال أبو جعفر وهو عند أهل اللغة من نبع ينبع وينبع

ومنه سمى مال علي بن أبي طالب رضى الله عنه ينبع
109 - وقوله جل وعز أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا
روى معمر عن قتادة قال كسفا قطعا
وحكى الفراء أنه سمع أعرابيا يقول أعطني كسفه من هذا الثوب أي قطعة
ويقرأ كسفا والمعنى على هذه القراءة للسماء كلها أي طبقا
واشتقاقه من كسفت الشيء أي غطيته
110 - ثم قال جل وعز أو تأتي بالله والملائكة قبيلا
روى معمر وسعيد عن قتادة قال قبيلا أي عيانا

قال أبو جعفر ذهب الى أنه من المقابلة
وقال غيره قبيلا أي كفيلا يقال قبلت به أي كفلت وتقبل فلان بكذا أي تكفل به
111 - ثم قال جل وعز أو يكون لك بيت من زخرف
روى مجاهد قال كنا لا ندري ما الزخرف فرأيناه في قراءة ابن مسعود أو يكون لك بيت من ذهب
وقال أبو جعفر الزخرف في اللغة الزينة والذهب من الزينة
112 - وقوله جل وعز أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه أي كتابا بنبوتك

فأعلم الله أنه لو فعل بهم ذلك ما آمنوا فقال تعالى ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين
113 - وقوله جل وعز وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا
فاعلم الله أن الأعدل الأبلغ أن يبعث الى كل خلق من كان من جنسه فقال قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا فقالوا من يشهد لك بهذا فقال جل وعز قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم
114 - وقوله جل وعز ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما

وفي الحديث عن النبي صلع ان الذي امشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم
قال ابن عباس عميا لا يرون شيئا يسرهم وبكما لا ينطقون بحجة وصما لا يسمعون ما يسرون به
115 - ثم قال جل وعز مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا
قال مجاهد كلما خبت أي كلما طفئت أو قدت وقال الضحاك كلما سكنت
قال أبو جعفر يقال خبت النار إذا سكن لهبها فإن سكن لهبها وعاد الجمر رمادا قيل كبت فإن طفيء بعض الجمر وسكن اللهب قيل خمدت فإن ظفئت كلها قيل

همدت تهمد همودا
ومعنى زدناهم سعيرا زدناهم نارا تسعر أي تلتهب
116 - وقوله جل وعز قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق
روى حجاج عن ابن جريج قال الإنفاق الفقر عن ابن عباس
وروى معمر عن قتادة قال الإنفاق الفقر وحكى أهل اللغة أنفق وأصرم وأعدم واقتر إذا قل ماله
117 - ثم قال جل وعز وكان الإنسان قتورا

روى حجاج عن ابن جريج قال قتورا بخيلا عن ابن عباس
118 - وقوله جل وعز ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات
روى شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن صفوان بن عسال أن يهوديا قال لصاحبه تعال حتى نسأل هذا النبي صلع فقال له الآخر لا تقل له النبي فإنه إن سمعها صارت له أربعة أعين قال فأتاه فسأله عن هذه الآية ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فقال لا تشركوا بالله شيئا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببريء الى سلطان ليقتله ولا تسحروا ولا تفروا من الزحف وعليكم خاصة اليهود ألا تعدوا في السبت قال فقبلوا يده وقالوا نشهد انك رسول الله قال فما يمنعكم أن تتبعوني قالوا إن دواد صلع دعا ألا يزال في ذريته نبي وإنا نخشى إذا اتبعناك ان تقتلنا اليهود

وقال الحسن والشعبي ومجاهد والضحاك في قوله تعالى ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات هي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنون ونقص من الثمرات واليد والعصا
هذا معنى قولهم
119 - ثم قال جل وعز فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم
روى عن أبن عباس أنه قرأ فسأل بني أسرائيل

والمعنى على هذه القراءة فسأل بني إسرائيل والمعنى فلم يرد فرعون ما جاء به موسى صلع من الآيات والبراهين بأكثر من انه أخبر أنه ظان ان موسى عليه السلام ساحر فقال إني لأظنك يا موسى مسحورا
120 - وقوله جل وعز قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر
وروى عن علي بن أبي طالب رحمه الله عليه أنه قرأ لقد علمت بضم التاء وقال والله ما علم فرعون وإنما هو موسى الذي علم
قال أبو جعفر والقراء كلهم على فتح التاء إلا الكسائي فإنه ضمها ولو صح الحديث عن علي رحمة الله لم يحتج في ذلك الى نظر وكانت القراءة به أولى ولكن إنما رواه أبو اسحق عن رجل من مراد عن علي رحمة الله عليه
وعلم فرعون بذلك أوكد في الحجة عليه وقد احتج في ذلك عبد الله بن عباس بحجة قاطعة فقال إنما هو لقد

علمت كما قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم
حدثنا إبراهيم بن شريك قال نا أحمد بن عبد الله بن يونس قال نا زهير قال حدثنا أبو أسحق قال سمعت أبا عبيدة يسأل سعد بن عياض عن قوله تعالى لقد علمت ما أنزل هؤلاء قال سعد هو كقول الرجل لصاحبه وهو يحاوره لقد علمت
قال زهير قال أبو اسحاق وحدثني رجل من مراد أنه سمع عليا يقول والله ما علم عدو الله ولكن موسى الذي علم قال لقد علمت أنا ثم قال وإني لأظنك يا فرعون مثبورا

روى المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ملعونا
وروى ابن جريج عن مجاهد قال هالكا
وروى معمر عن قتادة قال مهلكا
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال ملعونا وروى عنه جويبر قال هالكا
قال أبو جعفر وهذه الأقوال ترجع الى شيء واحد لأنه حكى أهل اللغة ما ثبرك عن هذا أي ما منعك منه وصرفك عنه فالمعنى ممنوع من الخير
121 - ثم قال جل وعز فأراد أن يستفزهم من الأرض أي يزيلهم عنها إما بقتل أو بتنحيه

122 - وقوله جل وعز وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا قال مجاهد وقتادة أي جميعا وروى سفيان عن منصور عن أبي رزين قال من كل قوم قال أبو جعفر وهذا أولى عند أهل اللغة لأنه يقال لففت الشيء إذا خلطته
وقال الأصمعي اللفيف جمع ليس له واحد وهو مثل الجميع
123 - وقوله جل وعز وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا أي تبشر المطيعين الجنة وتنذر العاصين بالنار

124 - وقوله جل وعز وقرآنا فرقناه قال أبو عمرو رحمه الله فرقناه بيناه
125 - ثم قال تعالى لتقرأه على الناس على مكث قال مجاهد أي على تؤدة
126 - وقوله جل وعز إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا قال الحسن أي للجباه وقال قتادة أي للوجوه والذقن عند أهل اللغة مجتمع اللحيين وهو أقرب

الأشياء الى الأرض من الوجوه إذا ابتدىء السجود
127 - ثم قال جل وعز قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فيروى أنهم قالوا ندعو اثنين فأعلم اله جل جلاله أنه لا يدعى غيره بأسمائه فقال أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى
128 - ثم قال جل وعز ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا فيها وجهان
أحدهما رواه الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلع يعلن إذا قرأ فيسب المشركون القرآن ومن أنزله ومن جاء به فصار يخفي

القراءة فأنزل الله جل وعز ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
والقول الآخر رواه هشام بن عروة عن أبيه قال قالت لي عائشة يا ابن أختي أتدري فيم أنزل ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال قلت لا قالت أنزل في الدعاء
قال أبو جعفر والإسنادان حسنان والدعاء يسمى صلاة ولا يكاد يقع ذلك للقراءة قال الأعمش ... تقول بنتي وقد قربت مرتحلا ... يا رب جنب أبي الأوصابا والوجعا ...
... عليك مثل الذي صليت فاغتمضي ... نوما فإن لجنب المرء مضطجعا

ويقال إنه إنما قيل صلاة أنها لا تكون إلا بدعاء والدعاء صلاة فسميت باسمه
129 - وقوله جل وعز ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل أي لم يحتج الى من ينتصر له
130 - ثم قال عز و جل وكبره تكبيرا أي عظمه تعظيما أنتهت سورة الإسراء ولله الحمد والمنة

تفسير سورة الكهف مكية
وآياتها 110 آية

بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الكهف وهي مكية
1 - من ذلك قوله جل وعز الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما في هذا قولان
أحدهما أنها على التقديم والتأخير والمعنى الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا يروى هذا المعنى عن ابن عباس ومجاهد

قال أبو جعفر حدثنا بكر بن سهل قال نا عبد الله بن صالح قال نا معاوية بن صالح قال حدثني علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ولم يجعل له عوجا قيما يقول أنزل الكتاب عدلا قيما ولم يجعل له عوجا ملتبسا
والقول الأخر رواه سعيد عن قتادة قال في بعض القراءات الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ولكن جعله قيما
2 - وفي قوله تعالى ولم يجعل له عوجا قولان
أحدهما أنه لم يجعله مختلفا كما قال سبحانه ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا
والقول الأخر أنه لم يجعله مخلوقا كما روى عن ابن عباس انه قال في قوله تعالى قرآنا عربيا غير ذي عوج قال غير مخلوق

3 - وفي قوله جل وعز قيما قولان أحدهما رواه جويبر عن الضحاك قال مستقيما والقول الآخر أنه قيما على الكتب أي يصدقها
4 - ثم قال جل وعز لينذر بأسا شديدا من لدنه المعنى لينذركم بأسا شديدا كما قال تعالى إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه
5 - ثم قال جل وعز كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا المعنى كبرت تلك الكلمة كلمة عند الله وهي قولهم إتخذ الله ولدا أي كبرت من كلمة

وقيل فيه معنى التعجب كما يقال لقاض قضى بالحق ما أقضاه فيكون المعنى ما أكبرها من كلمة وقرأ الحسن ومجاهد ويحيى بن يعمر كبرت كلمة تخرج من أفواههم بالرفع ومعناه عظمت يقال كبر الشيء إذا عظم وكبر إذا أسن
6 - وقوله جل وعز فلعلك باخع نفسك على آثارهم روى سعيد عن قتادة قال قاتل نفسك ثم قال على آثارهم أي بعدهم

7 - ثم قال جل وعز إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا قال قتادة أي غضبا قال مجاهد أي جزعا وهذا أشبه أي حزنا عليهم
8 - وقوله جل وعز إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها قال قطرب أي ما على الأرض مما تزين به
9 - ثم قال جل وعز لنبلوهم أيهم أحسن عملا أي لنختبرهم

10 - وقوله جل وعز وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا روى سعيد عن قتادة قال أي لا شجر فيها ولا نبات ولا بناء وقال مجاهد أي بلقعا قال أبو جعفر والصعيد في اللغة وجه الأرض ومنه قيل للتراب صعيد والجرز في اللغة الأرض التي لا نبات فيها
قال الكسائي يقال جرزت الأرض تجرز وجرزها القوم يجرزونها إذا أكلوا كل ما فيها من النبات والزرع فهي مجروزة وجرز
11 - وقوله جل وعز أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا

قال الضحاك الكهف الغار في الوادي و الرقيم الوادي
وقال يزيد بن درهم سئل أنس بن مالك عن الكهف والرقيم فقال الكهف الجبل والرقيم الكلب
وروى سفيان بن سعيد عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أنه سأل كعبا ما الرقيم فقال هو اسم القرية التي خرجوا منها
وقال عكرمة الرقيم الدواة وقال مجاهد الرقيم الكتاب وقال السدي الصخرة وقال الفراء الرقيم لوح من رصاص كتبت فيه أسماؤهم وأنسابهم ودينهم وممن هربوا

وقال أبو عبيدة الرقيم الوادي الذي فيه الكهف وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كل القرآن أعلم إلا أربعا غسلينا وحنانا والأواه والرقيم
وروى سفيان بن حسين عن يعلي بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه ذكر أصحاب الكهف فقال إن الفتية فقدوا فطلبهم أهلوهم فلم يجدوهم فرفع ذلك الى الملك فقال ليكونن لهم نبأ وأحضر لوحا من رصاص فكتب فيه أسماءهم وجعله في خزائنه فذلك اللوح هو الرقيم
وروى وكيع عن ابي مكين عن سعيد بن جبير قال الرقيم لوح فيه أسماء فتية رقمت أسماؤهم في الصخرة فذلك الكتاب
وفي بعض الروايات أنه كتب أسماؤهم وخبرهم في لوح وجعل على باب الكهف

قال أبو جعفر والروايات التي رويت عن ابن عباس ليست بمتناقضة لأن القول الأول إنما سمعه من كعب والقول الثاني يجوز أن يكون عرف الرقيم بعده وأحسن ما قيل فيه أنه الكتاب وذلك معروف في اللغة يقال رقمت الشيء أي كتبته قال الله عز و جل كتاب مرقوم ورقيم بمعنى مرقوم كما يقال قتيل بمعنى مقتول
وروى ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى كانوا من آياتنا عجبا قال هم عجب
قال أبو جعفر يذهب مجاهد الى أنه ليس بإنكار على النبي صلع أن يكون عنده انهم عجب

وقد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يقول ليس هم بأعجب آياتنا
12 - وقوله جل وعز إذ أوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا أي أرشدنا الى أحب الأشياء إليك
13 - وقوله جل وعز فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا أي منعناهم من أن يسمعوا
والمعنى أنمناهم لأنهم إذا سمعوا انتبهوا ثم قال سنين عددا

وفي الفائدة في قوله عددا قولان أحدهما أنه توكيد وإفراد من الواحدة والآخر أنه توكيد معنى الكثرة لأن القليل لا يحتاج الى عدد لأنه قد عرف
14 - وقوله جل وعز ثم بعثناهم أي من نومهم يقال لمن أحيي أو أقيم من نومه مبعوث لأنه كان ممنوعا من الانبعاث والتصرف
15 - ثم قال جل وعز لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا

قال مجاهد أي عددا قال أبو جعفر والأمد في اللغة الغاية
16 - وقوله جل وعز وربطنا على قلوبهم قال قتادة أي بالإيمان والمعنى عند أهل اللغة صبرناهم وثبتناهم
17 - ثم قال جل وعز إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها فأنكروا أن يعبد مع الله غيره
18 - ثم قال تعالى لقد قلنا إذا شططا قال قتادة أي كذبا قال أبو جعفر والشطط في اللغة التجاوز في الجور
19 - ثم قال جل وعز هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا

يأتون عليهم بسلطان بين
روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس كل سلطان في القرآن فهو حجة
20 - وقوله جل وعز وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله والمعنى اعتزلتم ما يعبدون إلا الله فإنكم لم تتركوا عبادته
رووى سعيد عن قتادة قال في قراءة ابن مسعود وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله

21 - ثم قال جل وعز فأووا الى الكهف أي صيروه مأواكم
ثم قال جل وعز ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيء لكم من أمركم مرفقا
قريء بفتح الميم وكسرها وهو ما يرتفق به وكذلك مرفق الإنسان ومرفقه ومنهم من يجعل المرفق بفتح الميم وكسر الفاء من الأمر والمرفق من الإنسان وقد قيل المرفق بفتح الميم الموضع كالمسجد وهما لغتان
22 - وقوله جل وعز ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله روى أن النبي صلع سئل عن فتية مضوا في الزمن الأول

وعن رجل طواف وعن الروح فقال رسول الله صلع غدا أخبركم عن ذلك ولم يستثن فمكث عنه جبريل بضع عشرة ليلة ثم جاءه بسورة الكهف ونزل في قوله أخبركم به غدا ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله
23 - ثم قال جل وعز وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا اي عسى أن يعطيني من الآيات والدلائل ما هو أرشد وأبين من خبر أصحاب الكهف
24 - ثم قال جل وعز ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا في معناه ثلاثة أقوال

أ قال مجاهد هذا عدد ما لبثوا ب وقال قتادة في قراءة ابن مسعود وقالوا لبثوا في كهفهم ج والقول الثالث أن الله خبر بما لبثوا الى أن بعثوا من الكهف ولا نعلم كم مذ بعثوا الى هذا الوقت فقال سبحانه قل الله أعلم بما لبثوا أي من أي وقت مبعثهم الى هذا الوقت
قال أبو جعفر واحسن هذه الأقوال الأول وإنما يقع الإشكال فيه لقوله جل وعز قل الله أعلم بما لبثوا ففر قوم الى أن قالوا هو معطوف على قوله تعالى سيقولون
قال أبو جعفر وإنما اخترنا القول الأول لأنه أبلغ وأن

ابن فضيل روى عن الأجلح عن الضحاك قال لما أنزلت ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة قالوا أسنين أم شهروا أم أياما فأنزل الله جل وعز سنين
قال أبو جعفر فأما ما أشكل من قوله تعالى قل الله أعلم بما لبثوا فنحن نبينه يجوز أن يكون لما اختلفوا في مقدار ما لبثوا ثم أخبر الله جل وعز به فقال قل الله أعلم بما لبثوا أي هو أعلم به من المختلفين فيه
وقول آخر أحسن من هذا أن يكون اعلم بمعنى عالم وذلك كثير موجود في كلام العرب قال الله جل وعز وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه أجود الأقوال فيه أن معناه هو هين عليه وهو اختيار أبي العباس ومنه الله اكبر بمعنى كبير ومنه قول الفرزدق

إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعز وأطول ...
وقول الآخر ... أصبحت أمنحك الصدود وإنني ... قسما إليك مع الصدود لأميل ...
وقول الآخر ... لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعدو المنية أول ...
25 - وقوله جل وعز أبصر به وأسمع المعنى ما أبصره وأسمعه أي هو عالم بقصة أصحاب الكهف وغيرهم

26 - ثم قال رجل وعز ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا
نظيره قوله تعالى فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول
ومن قرأ ولا تشرك في حكمه أحدا فمعناه عنده لا تنسب أحدا الى أنه يعلم الغيب
27 - وقوله جل وعز لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا قال مجاهد أي ملجأ أي يمنعك منه جل وعز
قال أبو جعفر وهو حسن في اللغة وأصله في اللغة من اللحد وهو من الميل والملحد المائل عن الحق العادل عنه فإذا ألحدت الى الشيء فقد ملت اليه

28 - قوله جل وعز واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه
روى ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر قال الصلاة المكتوبة
قال مجاهد وإبراهيم الصلوات الخمس
29 - ثم قال جل وعز ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا أي لا تتجاوزهم الى المترفين
وروى عن الحسن أنه قرأ ولا تعد عينيك عنهم

بتشديد الدال والنصب
30 - ثم قال جل وعز ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا قال مجاهد أي ضياعا قال أبو جعفر وقيل إسرافا وقيل ندما وهذه الأقوال متقاربة وهو من الإفراط في الشيء والتجاوز فيه وبين هذا أن سفيان بن سعيد قال هو عيينه بن حصن وقال غيره قال أنا أشرف مضر وأجلها فهذا هو التجاوز بعينه

وقال الفراء فرطا متروكا قد تركت فيه الطاعة
31 - ثم قال جل وعز وقل الحق من ربكم المعنى وقل الذي جئتكم به الحق الحق من ربكم
32 - ثم قال جل وعز فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر هذا على التهديد
33 - ثم قال جل وعز إنا أعتدنا للظالمين نارا أي جعلناها لهم عتادا والعتاد الثابت اللازم وهو مثل العدة
34 - ثم قال جل وعز أحاط بهم سرادقها السرادق في اللغة كل شيء محيط بشيء

قيل أنه يراد به الدخان الذي يحيط بالكفار يوم القيامة وهو الذي ذكره الله في قوله سبحانه انطلقوا الى ظل ذي ثلاث شعب
35 - ثم قال جل وعز وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه
روى هشيم عن عوف عن الحسن قال جاء قوم الى عبد الله بن مسعود يسألونه عن المهل فأخذ فضة فاذابها حتى انماعت ثم أذن لهم بالدخول فقال لهم هذا أشبه بالمهل
وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال

المهل دردي الزيت وروى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال المهل القيح والدم قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة وإنما هو ما تمهل وسكن وأكثر ما يستعمل لدردي الزيت كما قال ابن عباس
36 - ثم قال جل وعز يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا المعنى وساءت النار مرتفقا قال مجاهد أي مجتمعا وقال غيره أي مجلسا

قال أبو جعفر والمعروف في اللغة أن المرتفق المتكأ وانشد أهل اللغة ... إني أرقت فبت الليل مرتفقا ... كأن عيني فيها الصاب مذبوح ...
قال أبو جعفر ولا يمتنع أن يكون المعنى موضع مرتفق
37 - وقوله جل ذكره إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا
قال أبو جعفر حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال حدثنا محمد بن حميد قال نا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي اسحاق عن البراء بن عازب قال قدم أعرابي الى رسول الله صلع في حجة الوداع والنبي واقف بعرفات على ناقته الصهباء فقال إني رجل متعلم فأخبرني عن قول الله إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا قال النبي عليه السلام يا أعرابي ما أنت منهم ببعيد وما هم منك ببعيد هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف معي

أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فاعلم قومك أن هذا الآية نزلت في هؤلاء الأربعة
38 - وقوله جل وعز أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار العدن الإقامة ثم قال تجري من تحتهم الأنهار أي ماء الأنهار
39 - ثم قال جل وعز يحلون فيها من أساور من ذهب أساور جمع أسورة وأسورة جمع سوار ويقال سوار

وحكى قطرب أن أساور جمع أسوار ولا يعرف ذلك
40 - ثم قال جل وعز ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق السندس رقيق الديباج والإستبرق ثخينه
41 - ثم قال جل وعز متكئين فيها على الأرائك وهي السرر في الحجال
42 - ثم قال جل وعز نعم الثواب وحسنت مرتفقا أي حسنت الجنة مرتفقا
43 - وقوله جل وعز واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب

يروى أن اليهود قالوا سلوه عن أصحاب الكهف وعن الروح وعن رجلين فأنزل الله عز و جل هذا وجعله مثلا لجميع الناس
44 - ثم قال جل وعز وحففناهما بنخل أي حوطناهما به وقد حف القوم بفلان إذا حدقوا
45 - ثم قال جل وعز وجعلنا بينهما زرعا فأخبر أنه ليس بينهما إلا عمران
46 - ثم أخبر أنهما في تأدية الحمل والثمر على النهاية فقال كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا أي ولم تنقص
47 - ثم قال جل وعز وفجرنا خلالهما نهرا

فأخبر أن شربهما كان من نهر وهو أغزر الشرب
48 - ثم قال جل وعز وكان له ثمر ويقرأ ثمر فالثمر معروف وفي الثمر قولان أ قال مجاهد كل ما كان في القرآن من ثمر فهو المال وما كان من ثمر فهو من الثمار ب وقال أبو عمران الجوني الثمر أنواع المال والثمر الثمرات
ج وقال أبو يزيد المدني الثمر الأصل والثمر الثمرة
قال أبو جعفر وكأنه يريد بالأصل الشجر وما أشبهها
وهذه الثلاثة الأقوال ترجع الى معنى واحد وهو ان الثمر المال

والقول الآخر حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني عمران بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا شعيب بن إسحق قال حدثنا هارون قال حدثني أبان بن تغلب عن الأعمش أن الحجاج قال لو سمعت أحدا يقول وكان له ثمر لقطعت لسانه فقلت للأعمش اتأخذ بذلك قال لا ولا نعمة عين فكان يقرأ ثمر ويأخذه من جمع الثمر
قال أبو جعفر فالتقدير على هذا القول أنه جمع ثمرة على ثمار ثم جمع ثمارا على ثمر وهو حسن في العربية إلا أن القول الأول أشبه والله أعلم لأن قوله تعالى كلتا الجنتين آتت أكلها يدل على أن له ثمرا
49 - ثم قال جل وعز فقال لصاحبه وهو يحاوره أي يخاطبه أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا

النفر الرهط وهو ما دون العشرة وأراد ها هنا الأتباع والخدم والولد
50 - قال الله جل وعز ودخل جنته وهو ظالم لنفسه وكل من كفر فقد ظلم نفسه لأنه يولجها النار
51 - ثم قال تعالى قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة
فكفر بالبعث وبأن الدنيا تفنى
52 - ثم قال جل وعز ولئن رددت الى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا وهذا مما يسأل عنه فيقال كيف ينكر البعث ويقول ولئن رددت الى ربي ويحكم أنه يعطي خيرا منهما
فالجواب أن المعنى ولئن رددت الى ربي على قولك وقد أعطاني في الدنيا فكما أعطاني في الدنيا فهو يعطيني في الآخرة

ونظير هذا قوله جل وعز أين شركائي أي على قولكم ومن قرأ منها أراد الجنة
53 - ثم قال جل وعز قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة فألزمه الكفر بقوله
54 - ثم قال جل وعز ثم سواك رجلا أي كملك
56 - ثم قال جل وعز لكن هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا فدل هذا على أنه كان مشركا

والمعنى لكن أنا
56 - ثم قال جل وعز ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله المعنى هذه الجنةهي ما شاء الله ويجوز أن يكون المعنى ما شاء الله كان والمعنى لا يكون لأحد إلا ما شاء الله وليس لأحد في بدنه ولا ماله قوة إلا بالله
وروى عمرو بن ميمون عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلع ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة من تحت العرش

قال قلت بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال لا قوة إلا بالله إذا قالها العبد قال الله أسلم عبدي واستسلم
57 - ثم قال جل وعز إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك
يجوز أن يكون أراد في الدنيا وأن يكون أراد في الآخرة
58 - ثم قال جل وعز ويرسل عليها حسبانا من السماء قال قتادة والضحاك أي عذابا

وقال أبو عبيدة هي المرامي جمع مرماة وشيء فيه الحصب
والمعروف في اللغة ان الحسبان والحساب واحد قال الله جل وعز الشمس والقمر بحسبان
وقول قتادة والضحاك صحيح المعنى كأنه قال أو يرسل عليها عذاب حساب ما كسبت يداه وهو مثل قوله تعالى واسأل القرية
59 - ثم قال جل وعز فتصبح صعيدا زلقا الصعيد في اللغة وجه الأرض الذي لا نبات عليه والزلق ما نزل فيه الأقدام

60 - ثم قال جل وعز أو يصبح ماؤها غورا أي غائرا والتقدير ذا غور
62 - ثم قال جل وعز فلن تستطيع له طلبا أي لم يبق له أثر فيطلب من أجله
62 - ثم قال جل وعز وأحيط بثمره أي أحاط الله العذاب بثمره
63 - ثم قال تعالى فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهذا يوصف به النادم
64 - ثم قال جل وعز وهي خاوية على عروشها

الخاوية في اللغة الخالية والعروش السقوف والمعنى أن حيطانها قيام وقد سقطت سقوفها فكان الحيطان على السقوف
65 - وقوله جل وعز ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله قال مجاهد أي عشيرة
66 - وقوله جل وعز هنالك الولاية لله الحق أي يؤمنون بالله وحده ويتبرءون مما كانوا يعبدون ويقرأ الولاية بكسر الواو والمعنى على الفتح لأن الولاية المعروف أنها الإمارة
67 - ثم قال جل وعز هو خير ثوابا وخير عقبا

العقب عند أهل اللغة والعقبى والعاقبة واحد وهو ما يصير إليه الأمر
68 - ثم قال جل وعز واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فاصبح هشيما الهشيم ما جف من الثياب أو تفتت ويقال هشمته أي كسرته
69 - ثم قال جل وعز تذروه الرياح أي تنسفه ضرب الله هذا المثل للحياة الدنيا لأن ما مضى منها بمنزلة ما لم يكن
70 - وقوله جل وعز والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا

قال أبو جعفر حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا خالد هو ابن عبد الله عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس قال الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن عمارة بن صياد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول في الباقيات الصالحات إنها قول العبد
سبحان الله والله أكبر والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

قال أبو جعفر وروى عن ابن عباس أيضا أنه قال الباقيات الصالحات الصلاة والصوم والحج والغزو والتهليل والتسبيح
ولا يمتنع شيء من هذا عند أهل اللغة لأنه كل ما بقي ثوابه جاز أن يقال له هذا
71 - ثم قال جل وعز وخير أملا أي خير ما يؤمل
72 - ثم قال جل وعز ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة في قوله باروزة قولان أحدهما قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها وهدم بنيانها فهي بارزة أي ظاهرة وعلى هذا القول أهل التفسير وهو البين

والقول الآخر إن معنى بارزة قد أبرز من فيها من الموتى فيكون هذا على النسب كما قال كليني لهم يا أميمة ناصب
73 - ثم قال جل وعز وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا أي لم نبق
74 - ثم قال جل وعز وعرضوا على ربك صفا أي لا يسترهم شيء ولا يحجبهم

75 - ثم قال جل وعز لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة قيل معناه بعثناكم كما خلقناكم أول مرة وقيل هو كما روى أنهم يحشرون حفاة عراة غرلا
76 - ثم قال جل وعز بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا أي كنتم تنكرون البعث
77 - ثم قال جل وعز ووضع الكتاب في الكلام حذف والمعنى ووضع الكتاب في يد كل أمريء إما في يمينة وإما في شماله

78 - ثم يبين هذا بقوله فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها أي تراهم خائفين وجلين مما فيه من أعمالهم السيئة ويقولون ما شأن هذا الكتاب لا يبقى صغيرة من ذنوبنا ولا كبيرة إلا حفظها وضبطها
79 - ثم قال جل وعز ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا أي إنما تقع العقوبة على المجازاة وأصل الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه
80 - وقوله جل وعز وإذ قلنا للملائكة أسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن في هذا قولان أحدهما أنه نسب الى الجن لأنه عمل عملهم والقول الآخر أنه منهم

81 - ثم قال جل وعز ففسق عن أمر ربه أي فخرج وحكى الفراء فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وقال رؤبة ... يهوين في نجد وغورا غائرا ... فواسقا عن قصدها جوائرا ...
وفي هذه الآية سؤال

يقال ما معنى ففسق عن أمر ربه ففي هذا قولان
أحدهما وهو مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى اتاه الفسق لما أمر فعصى فكان سبب الفسق أمر ربه كما تقول أطعمته عن جوع
والقول الآخر وهو مذهب محمد بن قطرب أن المعنى ففسق عن رد أمر ربه
82 - ثم قال جل وعز أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم

عدو أي عداء
83 - ثم قال جل وعز بئس للظالمين بدلا أي بئس ما اسبتدلوا من طاعة الله طاعة إبليس
84 - ثم قال جل وعز ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم أي لم يكونوا موجودين إذ ذاك
85 - ثم قال جل وعز وما كنت متخذ المضلين عضدا روى معمر عن قتادة قال أعوانا قال أبو جعفر وكذلك هو في اللغة يقال عضدني فلان وعاضدني أي أعانني وأعزني

86 - وقوله جل وعز ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا وفي معناه أقوال روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال مهلكا وكذلك قال الضحاك وروى معمر عن قتادة قال هلاكا وروى يزيد بن درهم عن أنس بن مالك في قوله تعالى وجعلنا بينهم موبقا قال واديا من قيح ودم في جهنم
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال واد في جهنم وكذلك قال نوف إلا أنه قال يحجر بينهم وبين المؤمنين وقال أبو عبيدة موبقا موعدا

وقال عوف موبقا أي جعلنا بينهم عداوة قال أبو جعفر واصح هذه الأقوال الأول لأنه معروف في اللغة أن يقال وبق يوبق ويابق وييبق ووبق يبق إذا هلك وأوبقه الله أي أهلكه ومنه أو يوبقهن بما كسبوا ومنه أوبقت فلانا ذنوبه فالمعنى جعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة إلا أنه يجوز أن يسمى الوادي موبقا لأنه يهلك
87 - ثم قال جل وعز ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها روى معمر عن قتادة قال أيقنوا

88 - ثم قال جل وعز ولم يجدوا عنها مصرفا قال أبو عبيدة أي معدلا
89 - وقوله جل وعز ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا قيل يراد بالإنسان ها هنا الكفار وهو في معنى جماعة كما قال تعالى إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقيل هو عام وفي الحديث ما يدل على أنه عام أن النبي صلع لما لام على بن أبي طالب رضى الله عنه وفاطمة معه في ترك الصلاة بالليل قال علي أنفسنا بيد الله إذا شاء أطلقها فخرج النبي صلع وهو يقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلا

90 - وقوله جل وعز وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين في الكلام حذف والمعنى إلا طلب أن تأتيهم سنة الأولين وسنة الأولين معاينة العذاب لأنهم قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فطلبوا العذاب
91 - ثم قال جل وعز أويأتيهم العذاب قبلا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال فجأة

قال الكسائي أي عيانا والمعنيان متقاربان ويقرأ قبلا فأكثر أهل اللغة على أنه جمع قبيل أي أنواعا وضروبا وقال بعضهم معنا يقابلهم كما يقال جاءه من قبل ومعنى قبلا أي استئنافا كما يقال لا أكلمك الى عشر من ذي قبل
92 - وقوله جل وعز بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا

روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال ملجأ وحكى أهل اللغة وأل يئل إذا نجا
93 - وقوله جل وعز وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا
والمعنى أهل القرى
94 - ثم قال جل عز وجعلنا لمهلكهم موعدا يجوز أن يكون المعنى لإهلاكهم فيكون مصدرا ويجوز أن يكون المعنى لوقت إهلاكهم ومن قرأ لمهلكهم ذهب الى أن المعنى لهلاكهم كما يقال جلس مجلسا واسم الموضع المجلس

وهلك مهلكا واسم الموضع المهلك
قال مجاهد موعدا أي أجلا
95 - ثم قال جل وعز وإذ قال موسى لفتاة لا أبرح قيل إنما قيل له فتاه لأنه كان يخدمه وهو يوشع ومعنى لا أبرح أي لا أزال وليس معناه لا أزول
96 - ثم قال جل وعز حتى أبلغ مجمع البحرين روى معمر عن قتادة قال بحر الروم بحر فارس

وقال غيره هو الموضع الذي وعده الله أن يلقى فيه الخضر
97 - ثم قال تعالى أو أمضى حقبا روى عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عمرو قال الحقب ثمانون سنة وروى ابن نجيح قال الحقب سبعون خريفا وروى معمر عن قتادة قال الحقب زمان قال أبو جعفر الذي يعرفه أهل اللغة أن الحقب

والحقبة زمان من الدهر مبهم غير محدود كما أن قوما و رهطا مبهم غير محدود والحقب بضمتين جمعه أحقاب ويجوز أن يكون أحقاب جمع حقب وحقب جمع حقبة ثم قال جل وعز فلما بلغا مجمع بينهما قال مجاهد أي بين البحرين وقال أبي بن كعب رحمه الله افريقيه
99 - ثم قال جل وعز نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا قيل كان النسيان من موسى صلع أن يتقدم الى يوشع بشيء من أمر الحوت

وكان النسيان من يوشع عليه السلام يخبره بسربه وقيل أن يقدمه ثم قال فاتخذ سيله في البحر سربا السرب في اللغة المذهب والمسلك
100 - وقوله جل وعز قال ذلك ما كنا نبغ أي الذي كنا نبغي لأنه وعد أن يلقى الخضر في الموضع الذي ينسرب فيه
101 - ثم قال جل وعز فارتدا على آثارهم قصصا أي رجعا في الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر قصصا والقصص أتباع الأثر

102 - وقوله جل وعز فوجدوا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما يعني به الخضر وقيل إنما سمى الخضر لأنه كان إذا صلى في مكان اخضر ما حوله
وفيما فعله موسى وهو من جله الأنبياء وقد أوتى التوراة من طلبه العلم والرحلة في ذلك ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم وإن كان قد بلغ نهايته وأحاط بأكثر ما يدركه أهل زمانه وأن يتواضع لمن هو أعلم منه
103 - وقوله جل وعز قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا هذا سؤال الملاطف والمخاطب المبالغ في حسن الأدب والمعنى هل يتفق لك ويخف عليك أن تأذن لي في مرافقتك لأقتبس من علمك ما يرشدني وهذا كما في الحديث هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلع يتوضأ
والرشد والرشد بمعنى واحد وهو كثير في اللغة العربية نحو

البخل والبخل والعرب والعرب
104 - وقوله جل وعز قال إنك لن تستطيع معي صبرا هذا قول الخضر لموسى ثم أعلمه العلة في ترك الصبر فقال وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا
أي وكيف تصبر على ما ظاهره خطأ ولم تخبر بوجه الحكمة فيه والأنبياء لا يقرون على منكر ولا يسعهم التقرير أي لا يسعك السكوت جريا على عادتك وحكمك
105 - وقوله جل وعز قال ستجدني إن شاء الله صابرا
هذا قول موسى للخضر أي سأصبر بمشيئة الله ولا أعصي لك أمرا أي قد ألزمت نفسي طاعتك ولن أعصي أمرك إن شاء الله
106 - وقوله جل وعز قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا

أي إن إنكرته فلا تعجل بالمسألة الى أن أبين لك الوجه فيه وحتى أكون أنا الذي أفسره لك
شرط عليه قبل بدء الرحله ألا يسأله ولا يستفسر عن شيء من تصرفاته حتى يكشف له عن سرها فقبل موسى شرطه رعاية لأدب المتعلم مع العالم
107 - وقوله جل وعز فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها
انطلق موسى والخضر يمشيان على ساحل البحر حتى مرت بهما سفينه فعرفوا الخضر فحملوهما بدون أجر فلما ركبا في السفينة عمد الخضر الى فأس فقلع لوحا من ألواح السفينه بعد أن أصبحت في لجة البحر فذلك قوله تعالى حتى إذا ركبا في السفينة خرقها أي خرقها الخضر
108 - وقوله جل وعز قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا أي قال له موسى منكرا عليه أخرقت السفينة لتغرق ركابها لقد فعلت شيئا عظيما هائلا

ومعنى إمرا أي شيئا عظيما من المنكر
ويروي أن موسى لما رأى ذلك أخذ ثوبه فجعله مكان الخرق ثم قال للخضر قوم حملونا بغير أجر عمدت الى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد فعلت أمرا هائلا عظيما
قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا أي قال له الخضر ألم أخبرك من أول الأمر إنك لا تستطيع أن تصبر على ما ترى من صنيعي ذكره بلطف في مخالفته للشرط
109 - ثم قال جل وعز قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا
معنى ترهقني تغشيني أي عاملني باليسر لا بالعسر
روى عن النبي صلع أنه قال كانت الأولى من موسى نسيانا وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر ما علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر

110 - وقوله جل وعز فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله
أي فقبل عذره وانطلقا بعد نزولهمامن السفينة يمشيان فمرابغلمان يلعبون وفيهم غلام وضيء الوجه جميل الصورة فأمسكه الخضر واقتلع رأسه بيده ثم رماه في الأرض قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا أي قال له موسى أقتلت نفسا طاهرة بريئة لم تذنب قط ولم تقتل نفسا حتى تقتل به لقد فعلت شيئا منكرا عظيما لا يمكن السكوت عنه قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا أي قال له الخضر ألم أخبرك أنك لن تستطيع الصبر على ما ترى مني وقره في الأول ثم واجهة بكاف الخطاب بقوله لك لعدم العذر هنا
ومعنى زكية أي بريئة لم ير ما يوجب قتلها
وقال هنا نكرا أي منكرا فظيعا أنكر من الأمر الأول وهو أبلغ من قوله إمرا في الآية السابقة وهو منصوب على ضربين
احدهما معناه أتيت شيئا نكرا

والثاني معناه جئت بشيء نكر فلما حذف الباء أفضى الى الفعل فنصبه
111 - ثم قال جل وعز قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا
أي إن انكرت عليك بعد هذه المرة واعترضت على ما يصدر منك فلا تصحبني معك فقد أعذرت الى ونبهتني على مخالفتي الشرط فأنت معذور عندي
112 - وقوله جل وعز فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها أي مشيا حتى وصلا الى قرية فطلبا طعاما فلم يعطوهما واستضافاهم فلم يضيفوهما
قال ابن عباس هي انطاكية وقال ابن سيرين هي الأيلة
113 - ثم قال تعالى فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه

والمعنى وجدا في القرية حائطا مائلا يوشك أن يسقط ويقع فمسحه الخضر بيده فاستقام وقيل إنه هدمه ثم بناه
وروى أن موسى قال للخضر قوم استطعمناهم فلم يطعمونا وضفناهم فل يضيفونا ثم قعدت تبني لهم الجدار لو شئت لتخذت عليه أجرا
وقوله تعالى يريد ان ينقض أي يوشك ان يسقط وهذا مجاز وتوسع وهو في كلام العرب وأشعارها كثير فمن ذلك قول عنترة ... وازور من وقع القنا بلبانه ... وشكا الى بعبرة وتحمحم ...
وقول الآخر ... يريد الرمح صدر أبي براء ... ويرغب عن دماء بني عقيل

114 - وقوله جل وعز قال هذا فراق بيني وبينك سيبويه يذهب الى أن إعادة بين في مثل هذا على التوكيد أي فراق بيننا كما يقال أخزى الله الكاذب مني ومنك أي منا
115 - وقوله جل وعز أما السفينه فكانت لمساكين يعملون في البحر
أهل اللغة جميعا لا نعلم بينهم اختلافا يقولون المسكين الذي لا شيء له والفقير الذي له الشيء اليسير وأكثر الفقهاء على ضد هذا فيهما ويحتجون بهذه الآية قال أبو جعفر قيل وليس قوله كانت لمساكين

يعملون في البحر يدل على أنهم كانوا يملكونها ألا ترى أن النبي صلع قال من باع عبدا له مال فماله للبائع
فليس قوله له مال مما يوجب أنه يملكه وهذا كثير جدا منه قول الله جل وعز وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت
ومنه قولهم باب الدار وجل الدابة والأشياء تضاف الى الأشياء ولا يوجب ذلك ملكا فأضيفت إليهم لأنهم كانوا يعملون فيها كما أضيف المال الى العبد لأنه معه
والاشتقاق يوجب ما قال أهل اللغة لأن مسكينا مأخوذ من السكون وهو عدم الحركة فكأنه بمنزلة الميت
والفقير كأنه الذي كسر فقاره فقد بقيت له بقية

ويدل على هذا أيضا حديث النبي صلع حدثنا أحمد بن منصور الحاسب قال حدثنا علي بن الجعد قال أنبأنا حماد ابن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريره يقول سمعت أبا القاسم عليه السلام يقول إن المسكين ليس بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان والأكله والأكلتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ويسأل الناس إلحافا
116 - وقوله جل وعز وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأ وكان أمامهم ملك قال أبو جعفر في وراء ها هنا قولان أحدهما أنه بمعنى أمام والآخر أنه بمعنى خلف على بابه كأنه قال على

طريقهم إذا رجعوا
والقول الأول أحسن لقراءة ابن عباس رحمه الله به وأن اللغة تجيزه لأن ما توارى عنك فهو وراء فهذا يقع لما كان أماما ثم قال يأخذ كل سفينه غصبا وقرأ عثمان رحمه الله كل سفينه صالحة غصبا
117 - ثم قال جل وعز وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين
روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأ وكان أبواه مؤمنين وكان كافرا

وروى أبي بن كعب عن النبي صلع قال طبع على الكفر فألقى على أبويه محبته
118 - ثم قال جل وعز فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فخشينا أن يرهقهما فأردنا أن يبدلهما
قال أبو حاتم هذا من كلام صاحب موسى يعني الخضر وقال غيره هو من قول الله جل وعز فان قال قائل كيف يجوز أن يكون فخشينا إخبارا عن الله
فالجواب عنه أن الفراء قال فخشينا بمعنى فعلمنا كما يقال ظننا بمعنى علمنا

وقال البصريون يقال خشيت الشيء بمعنى كرهته وبمعنى فزعت منه كما يقال للرجل أخشى أن يكون كذا وكذا أي أكره
وقال الأخفش وفي قراءة أبي فخاف ربك أن يرهقهما طغيانا وكفرا وقال غيره وكذلك هو في مصحف عبد الله والكلام في خفت و خشيت واحد حكى الأخفش خفت أن تقولا بمعنى كرهت أن تقولا ومعنى أن يرهقهما أن يلحقهما أي أن يحملهما على الرهق وهو الجهل

وقال أبو زيد أرهقته كلفته
119 - وقوله جل وعز فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما قال ابن جريج زكاة أي إسلاما وقال الفراء إصلاحا قال ابن جريج وحدثني عبد الله بن عثمان بن خشم عن سعيد بن جبير قال أبدلا منه جارية قال ابن جريج وهما بها أرحم قال ابن عباس أبدلا منه جارية فولدت نبيا
وحكى الفراء رحمته رحمة ورحمة وحكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء رحمة الله رحما

ويجوز على مذهب الخليل رحما بالفتح
120 - وقوله جل وعز وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما قال سعيد بن جبير ومجاهد علم وقال قتادة وعكرمة مال
وهذا القول أولى من جهة اللغة لأنه إذا قيل عند فلان كنز فإنما يراد به المال المدفون والمدخر فإن أراد غير ذلك بين فقال عنده كنز علم وكنز فهم ويحتمل أن يكون كما روى أنه لوح من ذهب مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله فهذا يجمع المال والعلم

121 - وقوله جل وعز وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا يدل على أن ذلك كان بوحي

122 - وقوله جل وعز ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا
روى ابو الطفيل أن ابن الكوا سأل علي بن أبي طالب رضى الله عنه عن ذي القرنين أكان نبيا أو ملكا فقال لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ونصح الله فنصحه الله ضرب على قرنه الأيمن فمات فبعثه الله ثم ضرب على قرنه الأيسر فمات ففيكم مثله
قال أبو جعفر وهذا أجل اسناد روى في تسميه بذي القرنين

وقد قيل كانت له ضفيرتان وقيل لأنه بلغ قطري الأرض المشرق والمغرب قال محمد بن إسحاق حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه إن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر اسمه مرزبان بن مردبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح قال ابن هشام واسمه الاسكندر وهو الذي بنى الاسكندرية فنسبت اليه
قال محمد بن إسحق وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي وكان رجلا قد أدرك الناس أن رسول الله صلع سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب
وقال خالد سمع عمر بن الخطاب رحمه الله عليه

رجلا يقول ياذا القرنين فقال عمر اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بالنبيين حتى تسميتم بالملائكة
123 - وقوله جل وعز إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا
روى على بن أبي طلحة عن ابن عباس قال علما والمعنى على هذا التفسير علما يصل به الى المسير في أقطار الأرض
124 - ثم قال تعالى فاتبع سببا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال منزلا وطريقا بين المشرق والمغرب
125 - ثم قال جل وعز حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة

قرأ عبد الله بن مسعود وابن الزبير حامية وقرأ ابن عباس حمئة
قال أبو جعفر حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا عمرو بن ميمون قال سمعت أبا حاضر يقول سمعت ابن عباس يقول كنت عند معاوية فقرأ تغرب في عين حامية فقلت ما نقرؤها إلا حمئة فقال لعبد الله بن عمرو كيف تقرؤها يا عبد الله بن عمرو قال كما قرأتها يا أمير المؤمنين فقلت في بيتي يا أمير المؤمنين أنزل القرآن
فأرسل معاوية الى كعب فقال أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال أما في العربية فأنتم أعلم بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين وأشار بيده الى المغرب فقلت لابن عباس لو كنت عندك فرفدتك بكلمة تزداد بها بصيرة في حمئة قال ابن عباس ما هي قلت فيما نأثر من قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين من قوله

بلغ المشارق والمغارب يبتغي ... أسباب أمر من حكيم مرشد ... فرأى مغيب الشمس عند غروبها ... في عين ذي خلب وثاط حرمد ...
فقال ابن عباس ما الخلب فقال الطين بكلامهم قال وما الثاط قلت الحمأة قال وما الحرمد قلت الأسود
قال أبو جعفر فهذا تفسير الحمأة يقال حمئت البئر إذا صارت فيها الحمأة وأحمأتها ألقيت فيها الحمأة وحمأتها أخرجت منها الحمأة
فأما قراءة من قرأ حامية فيحتمل معنيين
أحدهما أن يكون المعنى حمئة فكأنه قال حامئة أي ذات حمأة ثم خففت الهمزة
والمعنى الآخر أن يكون بمعنى حارة

ويحوز أن تكون حارة وهي ذات حمأ والله أعلم بحقيقته قال القتبي يجوز أن تكون هذه العين من البحر ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها فيقام حرف الصفة مقام صاحبة والله اعلم بذلك
126 - وقوله جل وعز ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال إبراهيم بن السري خيره بين هذين كما خير محمدا صلع فقال فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم
وقال علي بن سليمان المعنى قلنا يا محمد قالوا يا ذا القرنين

قال لأن بعده قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا
فكيف يقول لربه ثم يرد الى ربه وكيف يقول فسوف تعذبه والعبد لا يخاطب بهذا ولم يصح أن ذا القرنين نبي فيقول الله قلنا يا ذا القرنين
قال أبو جعفر وهذا موضع مشكل وليس بممتنع حذف القول والله أعلم بما أراد
وروى معمر عن قتادة في قوله جل وعز فسوف نعذبه قال بالقتل
127 - وقوله جل وعز ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا

لأن عذاب الآخرة أنكر من القتل
128 - ثم قال جل وعز وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى قيل الحسنى ها هنا الجنة ويقرأ فله جزاء الحسنى أي الإحسان
129 - ثم قال جل وعز وسنقول له من أمرنا يسرا أي قولا جميلا
130 - وقوله جل وعز ثم اتبع سببا ويقرأ ثم أتبع بقطع الألف أي سببا من الأسباب التي تؤدية الى أقطار الأرض قال الأصمعي يقال أتبعت القوم بقطع الألف أي لحقتهم

واتبعتهم بوصل الألف إذا مررت في آثارهم وإن لم تلحقهم
131 - ثم قال جل وعز حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا أي ليس لهم بنيان ولا قمص
قال الحسن إذا طلعت نزلوا الماء حتى تغرب
فأما معنى كذلك فقيل فيه حكمهم كحكم الذين تغرب عليهم الشمس أي هم كأولئك
132 - وقوله جل وعز ثم اتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين ويقرأ السدين

وقد فرق بينهما أبو عمرو وجماعة من أهل اللغة
فقال بعضهم السد ما كان من صنع الله والسد بالفتح ما كان من صنع الآدميين وقيل السد ما رأيته والسد ما ستر عينيك والصحيح في هذا ما قاله الكسائي أنهما لغتان بمعنى وإن زيد في هذا قيل السد المصدر والسد الأسم
133 - وقوله جل وعز قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ويقرأ خراجا
قال الفراء الخرج المصدر والخراج الاسم

وروى معمر عن قتادة خرجا قال عطية
وكذلك هو في اللغة يقال لك عندي خرج أي عطية وجعل والخراج هو المتعارف وإن كان اصله من ذا
134 - وقوله جل وعز قال ما مكني فيه ربي خير أي خير مما بذلتم لي
135 - ثم قال جل وعز فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما والردم في اللغة أكثر من السد لأنه شيء متكاثف بعضه على بعض
وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس بين السدين الجبلين أرمينية وأذربيجان

136 - ثم قال جل وعز آتوني زبر الحديد الزبر القطع الكبار من الحديد
137 - ثم قال تعالى حتى إذا ساوى بين الصدفين روى علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال الجبلين
138 - وقوله جل وعز قال انفخوا حتى إذا جعله نارا
قيل جعل قطع الحديد وجعل بينهما الحطب والفحم وأوقد عليها والحديد إذا أوقد عليه صار كالنار فذلك قوله حتى إذا جعله نارا
ثم أذاب الصفر فأفرغه عليه فذلك قوله تعالى قال آتوني أفرغ عليه قطرا أي أعطوني قطرا أفرغ عليه

ومن قرأ ائتوني فالمعنى عنده تعالوا أفرغ عليه نحاسا
139 - قال جل اسمه فما اسطاعوا أن يظهروه أي أن يعلوا عليه لطوله واملاسه يقال ظهرت على السطح أي علوت عليه
قال كعب فهم يعالجون فيه كل يوم فإذا أمسوا قالوا غدا ننقضه ولا يوفق لهم أن يقولوا إن شاء الله فإذا أذن الله في إخراجهم قالوا ان شاء الله فينقضونه فيخرجون فيشرب أولهم دجله والفرات حتى يمر آخرهم فيقول قد كان هنا هنا مرة ماء ويتأذى بهم أهل الأرض ويدعو عليهم عيسى صلى الله عليه و سلم فيهلكون

140 - وقوله جل وعز قال هذا رحمة من ربي أي هذا التمكين رحمة من ربي ثم قال تعالى فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء أي لاصقا بالأرض يقال ناقة دكاء أي لا سنام لها
141 - وقوله جل وعز وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ويجوز أن يكون يعني ب يومئذ يوم يخرجون من السد وأن يعني به يوم القيامة لقوله تعالى ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا

142 - وقوله جل وعز وكانوا لا يستطيعون سمعا أي لعداوتهم النبي صلع لا يستطيعون أن يسمعوا منه شيئا
أي يثقل ذلك عليهم كما تقول أنا لا أستطيع أن أكلمك
143 - وقوله جل وعز أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء
قال أبو إسحاق المعنى أفحسب الذين كفروا أن ينفعهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء
وروى عباد بن الربيع أن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه قرأ أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء
قال أبو عبيدة أي أرضوا بذلك أكفاهم ذلك
144 - ثم قال جل وعز إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا

النزل عند أهل اللغة ما هيء للضيف وما أشبهه والنزل بفتحتين الريع
145 - ثم قال جل وعز قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
روى أبو الطفيل أن عليا قال هم أهل حروراء
وروى عبد الله بن قيس عن علي قال هم الرهبان قال الأسود رؤى من علي بن أبي طالب فرح ومزاح فقام ابن الكوا اليشكري فقال يا أمير المؤمنين من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا أهم الحرورية فقال لا هم أهل الكتاب كان أولهم على الحق ثم كفروا وأشركوا
وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد قال قلت لسعد من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا أهم الخوارج فقال هم اليهود والنصارى أما اليهود فلم يؤمنوا

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5