كتاب : المبسوط
المؤلف : محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني أبو عبد الله


وإذا حلف الرجل ليفعلن كذا وكذا فيما يستقبل ولم يوقت لذلك وقتا فهو على يمينه لا تقع عليه الكفارة حتى يهلك ذلك الشيء الذي حلف عليه فإذا هلك ذلك حنث ووجبت عليه الكفارة وكذلك

بلغنا عن إبراهيم
وإذا حلف الرجل فقال ورحمة الله لأفعلن كذا وكذا أو قال وغضب الله أو قال وسخط الله أو قال وعذاب الله أو قال وثواب الله أو قال ورضاء الله أو قال وعلم الله لا أفعل كذا وكذا ثم حنث في شيء من ذلك فليس في شيء من هذا يمين ولا كفارة
وإذا حلف الرجل بالله أو باسم من أسماء الله أو قال والله أو بالله أو تالله أو قال على عهد الله أو ذمة الله أو قال هو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو هو بريء من الإسلام أو قال أشهد أو أشهد بالله أو قال أحلف أو أحلف بالله أو على نذر أو على نذر لله أو أعزم أو أعزم بالله أو قال على يمين أو يمين لله فهذه كلها أيمان وإذا حلف بشيء منها ليفعلن كذا وكذا فحنث وجبت عليه الكفارة


محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك غير قوله أعزم أو أعزم بالله أو على نذر أو نذر لله أو على يمين

أو يمين لله فإن هذا ليس مما روي عن إبراهيم وكذلك إذا قال وعظمة الله وعزة الله وجلال الله وكبرياء الله وأمانة الله فحنث وجبت عليه الكفارة
وإذا حلف الرجل بحد من حدود الله أو بشيء من شرائع الإسلام من الصلاة والزكاة أو الصيام فليس في شيء من هذا يمين ولا كفارة ولا يكون اليمين إلا بالله ولا يكون بغيره
وكذلك لو حلف الرجل فقال هو يأكل الميتة أو يستحل الخمر أو الدم أو لحم الخنزير أو يترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام إن فعل كذا وكذا فليس في شيء من هذا يمين وليس عليه فيه كفارة إذا حنث


وكذلك لو حلف رجل فقال عليه لعنة الله أو قال غضب الله أو قال أمانة الله أو دعا على نفسه بغير ذلك فليس في شي من هذا يمين ولا كفارة إذا حنث وليس هذا بمنزلة قوله هو يهودي أو نصراني أو مجوسي وإذا قال الرجل عذبه الله أو أدخله النار أو حرمه الله الجنة فليس في شيء منها كفارة ولا يمين إنما هذا دعاء على نفسه
ولو أن رجلا حلف بالحج والعمرة أو جعل لله على نفسه صوما أو صلاة أو صدقة أو اعتكافا أو عتقا أو هديا أو شيئا مما هو لله طاعة فحلف بذلك فحنث لم يكن عليه كفارة يمين ولكن عليه في ذلك أن يصنع الذي قال


وإذا حلف الرجل بالمشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى المسجد الحرام أو إلى مكة أو إلى الحرم فحنث فعليه عمرة وإن شاء حجة وإن شاء حج راكبا وإن شاء ماشيا ويذبح لركوبه شاة
بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال من جعل عليه الحج ماشيا حج راكبا وذبح لركوبه شاة


وقال أبو حنيفة هذا كله واجب عليه غير قوله المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام وقال أبو يوسف ومحمد هذا والأول سواء
وإذا حلف الرجل بالمشي إلى بيت الله وهو ينوي مسجدا من مساجد الله سوى المسجد الحرام فليس عليه في ذلك شيء لأن المساجد كلها تدخل بغير إحرام ولا يدخل المسجد الحرام إلا بإحرام
وإذا حلف الرجل فقال على السفر إلى مكة أو الذهاب إليها أو الركوب إليها فليس عليه شيء وهذا وحلفه بالمشي سواء في القياس غير أني أخذت في حلفه بالمشي بالاستحسان ولأنها أيمان الناس


وإذا حلف الرجل فقال أنا محرم إن فعلت كذا وكذا أو قال أنا أهدي إن فعلت كذا وكذا أو قال أنا أمشي إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا وهو يريد بذلك أن لا يوجب على نفسه شيئا إنما يعد من نفسه عدة فليس عليه شيء وإن كان يريد الإيجاب على نفسه أو لم يكن له نية فعليه إذا حنث ما قال لأن أيمان الناس هكذا هي
وإذا حلف الرجل أن ينحر ما لا يحل له من ولد أو شيء غيره فليس عليه فيه شيء وإن كان يريد الإيجاب على نفسه وقال أبو حنيفة

ومحمد عليه في ولده شاة يذبحها وليس عليه في غير ولده شيء وقال أبو يوسف لاشيء عليه في ذلك


وإذا حلف الرجل يهدي ثم حنث ولم يكن له نية فعليه أن يهدي ما تيسر من الهدي شاة وإن شاء زاد على ذلك فجعلها بقرة أو جزورا فهو أفضل
وإذا حلف الرجل ببدنه فحنث فعليه إن شاء بقرة وإن شاء جزورا
وإذا حلف الرجل بالنذر وهو ينوي بذلك حجا أو عمرة أو عتقا أو صلاة أو شيئا من طاعة الله تعالى فعليه ذلك الذي حلف عليه ونواه ولا يكون عليه غيره وإن لم تكن له نية فعليه

كفارة يمين وإن حلف على معصية بالنذر فعليه فيه كفارة يمين ألا ترى أن الله عز وجل قد فرض الكفارة في الظهار وقد جعله الله منكرا من القول وزورا وقد بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه


وإذا حلف الرجل بالنذر وهو ينوي صياما ولا ينوي عددا منه فعليه إطعام عشرة مساكين كل مسكين ربعين بالحجاجي من حنطة
ولا ينبغي للرجل أن يحلف فيقول وأبيك وأبي فإنه بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك ونهى عن الحلف بحد من حدود الله وعن الحلف بالطواغيت


ولو أن رجلا قال إن كلمت فلانا فعلي يمين أو علي نذر أو حلف بشيء مما ذكرت لك من الأيمان وقال في ذلك إن شاء الله فوصلها باليمين ثم كلمه لم يكن عليه كفارة ولا حنث
قال محمد أخبرنا بذلك أبو حنيفة عن القاسم عن أبي عن عبدالله بن مسعود وذكر عبدالله عن نافع عن ابن عمر
وأبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وغيرهم أنهم قالوا من حلف على يمين وقال إن شاء الله فقد استثنى ولا حنث عليه ولا كفارة


وبلغنا عن عبدالله بن عباس أنه قال من حلف على يمين فاستثنى ففعل الذي حلف عليه فلا حنث عليه ولا كفارة قال وكذلك قال العبد الصالح { ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا } فلم يصبر ولم يؤمر بالكفارة


وكذلك بلغنا عن عطاء وطاوس وإبراهيم أنهم قالوا من حلف بعتق أو طلاق فقال إن شاء الله لم يقع الطلاق وكذلك لو قال إلا أن أرى غير ذلك أو قال إلا أن يبدو لي أو إلا أن أرى خيرا من ذلك


وإذا حلف الرجل على يمين فحنث فيها فعليه أي الكفارات شاء إن شاء أعتق وإن شاء أطعم عشرة مساكين وإن شاء كسى عشرة مساكين وإن لم يجد شيئا من ذلك فعليه الصيام ثلاثة أيام متتابعات


بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال كل شيء في القرآن آو آو فهو بالخيار إن شاء أعتق رقبة وإن شاء كسى وإن شاء أطعم


والعتق في كفارة اليمين تحرير رقبة يجزي فيها الصغير والكبير والكافر والمسلم لأن الله تعالى لم يسم في ذلك رقبة مؤمنة ويجوز فيه الأعور والأقطع إذا كان أقطع إحدى اليدين إحدى الرجلين ولا يجزي في ذلك الأعمى ولا المقطوع اليدين أو الرجلين ولا المعتوه المغلوب الذي لا يعقل ولا الأخرس ولا أشل اليدين يابستين لا ينتفع بهما ولا أشل الرجلين إذا كان كذلك ولا المقعد ولا تجزي فيه أم الولد ولا المدبر ولا يجزي المكاتب الذي قد أدى بعض مكاتبته فإن كان لم يؤد شيئا من مكاتبته ثم أعتق في ذلك أجرى عنه


ولو أن عبدا بين اثنين أعتقه أحدهما في كفارة اليمين ضمن لشريكه حصته لم يجز ذلك عنه لأنه كان بينه وبين الآخر ألا ترى أن شريكه إن شاء أعتق حصته وإن شاء استسعى في نصف قيمته
ولو أن العبد كان له كله أجزى عنه
وقال أبو يوسف ومحمد إذا أعتق عن يمينه عبدا وهو بينه وبين آخر وهو معسر فسعى العبد للآخر لم يجزه في الكفارة وإن كان المعتق غنيا ضمن حصة شريكه وأجزاه في الكفارة ولا يجزيه في قول أبي حنيفة في الوجهين في الكفارة
ولو أن رجلا اشترى أباه أو أمه أو ذا رحم محرم منه ينوي بذلك أن يعتقه في كفارة يمين أو ظهار عتق وأجزى عنه
وكذلك إن قال إن اشتريت فلانا فهو حر عن يميني ثم اشتراه عتق وأجزى عنه


ولو أن رجلا طلب إلى رجل أن يعتق عنه عبده في كفارة يمينه على شيء قد سماه له وجعله له ففعل ذلك أجزى عنه ولو قال أعتقه عني في كفارة يمين بغير شيء فأعتقه عنه كان في هذا قولان أحدهما قول أبي يوسف إن العتق يجزي عن المعتق عنه ويكون الولاء له والقول الآخر قول أبي حنيفة ومحمد إن العتق عن الذي أعتق والولاء له ولا يجزي العتق عن المعتق عنه والقول الأول أحبهما إلى أبي يوسف
وقال محمد قول أبي حنيفة أحب إلي وقال أبو يوسف إنما هذا بمنزلة طعام طلب إليه أن يطعم عنه فكذلك العتق
ولو أن رجلا أعتق نصف عبده في كفارة يمينه وأطعم خمسة مساكين لم يجز ذلك عنه لأن هذا ليس بطعام تام ولا عتق تام


ولو أن رجلا حنث وهو معسر فأخر الصوم حتى أصاب عبدا لم يجز عنه الصوم لأنه يجد ما يعتق


ولو أن رجلا اشترى عبدا بيعا فاسدا فقبضه وأعتقه عن يمينه كان عتقه جائزا ويجزي عنه في يمينه ذلك
ولو أن رجلا أعتق ما في بطن خادمه عن يمينه ثم ولدت الخادم ولدا من الغد فإن العتق جائز في الولد ولا يجزي عنه من اليمين
ولو أن رجلا أعتق ما في بطن خادمه عن يمينه ثم ولدت بعد ذلك لأكثر من ستة أشهر أو ولدت لأقل من ستة أشهر ولدا ميتا لم يجز عنه ذلك في الوجهين جميعا
ولو أن رجلا وجبت عليه كفارتان أو ثلاثة في أيام متفرقة فأعتق عنهن رقابا بعددهن ولم ينو لكل يمين رقبة بعينها أجزى ذلك عنه
وكذلك لو أعتق رقبة عن إحداهن وأطعم عن الأخرى عشرة مساكين وكسى عن الأخرى عشرة مساكين كان ذلك جائزا عنه وليس على المملوك إذا حلف في يمين وحنث عتق ولا يجزي عنه

ولو أعتق عنه مولاه لأن الولاء لا يكون له وليس يملك الرقبة وكذلك لو أطعم عنه مولاه أو كسى
وكذلك المكاتب والمدير وأم الولد وكذلك العبد يعتق بعضه فيقوم فيسعى فيما بقي من رقبته في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد في العبد الذي أعتق بعضه خاصة وهو بمنزلة الحر يجزي ذلك عنه إذا كان بأمره
والرجل والمرأة في اليمين إذا حنث وفي العتق سواء
ولو أن رجلا حلف على يمين فحنث فصام يومين ثم وجد اليوم الثالث ما يعتق لم يجد عنه الصوم وكذلك إن وجد ما يطعم أو يكسو لأن الله عز وجل يقول { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } فهذا قد وجد فلا يجزي عنه الصوم وكذلك إن وجد ما يطعم يفطر يومه ذلك وليس عليه شيء وعليه أي الكفارات شاء كفر بها يمينه وإن شاء تم على صومه ذلك ولم يعتد به وكان عليه أي الكفارات شاء غير الصوم وأحب إليه أن يتم
بلغنا عن عبدالله بن عباس وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا في الرجل

يكون عليه الكفارة فيصوم يومين ثم يجد في اليوم الثالث ما يطعم أو يكسو أن يعتق إنه يفطر ولا يعتد بصومه ذلك ويكفر بيمينه إن شاء أعتق وإن شاء أطعم وإن شاء كسا
ولو أن رجلا قال إن اشتريت فلانا فهو حر عن يمينه ثم اشتراه ينوي بذلك تلك اليمين عتق وأجزى عنه من كفارته
ولو اشترى أمة قد ولدت منه فأعتقها عن كفارته أو قال إن اشتريتها فهي حرة عن يمينه كانت حرة كما قال ولم تجز عنه في يمينه لأنها أم ولده وهي تعتق بالولد لو لم يقل فيها هذه المقالة
ولو أن رجلا من أهل الذمة حلف على يمين ثم أسلم حنث في يمينه تلك لم يكن عليه كفارة في عتق ولا غيره لأن الحلف كان منه في حال كفر والذي كان فيه من الكفر أعظم من الحنث

ولو أن رجلا أعتق عبدا عن كفارة يمين ينوي ذلك بقلبه ولم يتكلم بلسانه وقد تكلم بالعتق أجزى عنه في كفارة يمينه


ولو أن رجلا حلف على يمين فأعتق عنها قبل أن يحنث كان العتق جائزا ولا يجزي ذلك عن يمينه لأنه لم يحنث بعد ولم تجب عليه كفارة


ولو أن رجلا حلف في يمين فأعتق عبدا عند موته في يمينه وليس له مال غيره كان العتق جائزا من ثلثه ويسعى العبد في ثلثي قيمته ولا يجزي عنه في يمينه لما وجب عليه من السعاية
ولو أن رجلا أعتق عبدا على مال عن يمينه أو باعه نفسه عتق ولم يجز عنه في يمينه لما أخذ منه من الجعل
ولو أن رجلا قال لعبده أنت حر عن يميني على ألف درهم وقبل ذلك العبد لم يجز ذلك عنه
ولو أن المولى أبرأ العبد من الألف بعد ذلك لم يجز عنه من يمينه الذي كان فيه من الجعل ولا ينفعه إبراؤه إياه من المال بعد ذلك

ولو أن رجلا أعتق عبدا على مال عن يمينه عتق العبد ولا يجزي عنه في يمينه لما أخذ فيه من الجعل

باب الطعام في كفارة اليمين
بلغنا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ليرفأ مولى له أني أحلف على قوم لا أعطيهم ثم يبدو لي فأعطيهم فإذا أنا فعلت ذلك فأطعم عني عشرة مساكين كل مسكين نصف صاع من حنطة أو صاع من تمر

وبلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في كفارة

اليمين إطعام عشرة مساكين كل مسكين نصف صاع من حنطه
وإذا حنث الرجل في يمين فأطعم عشرة مساكين كل مسكين نصف صاع من حنطة أو دقيق أو سويق أجزاه ذلك وإن أطعم تمرا أو شعيرا أطعم كل مسكين مختوما بالحجاجي
ولو دعا عشرة مساكين فغداهم وعشاهم أجزاه ذلك ولو غداهم خبزا وعشاهم مثله وليس معه أدم أجزاه ذلك ولو غداهم سويقا وتمرا وعشاهم بمثل ذلك أجزاه ذلك ولو أعطاهم قيمة الطعام فأعطى كل مسكين قيمة نصف صاع أجزاه ذلك ولو غداهم وأعطاهم قيمة العشاء أجزاه ذلك ألا ترى أنه لو أعطى كل مسكين منهم درهما والدرهم

يبلغ أكثر من نصف صاع أجزاه ذلك فكان ذلك أفضل
وإذا دعا عشرة مساكين أحدهم صبي فطيم أو فوق ذلك شيئا فغداهم وعشاهم فإنه لا يسعه ولا يجزي عنه الصبي وعليه الآن إطعام مسكين واحد إن شاء أعطاه نصف صاع وإن شاء غداه وعشاه
ولو أطعم عشرة مساكين كل مسكين مدا من حنطة لم يجزه ذلك وعليه أن يعيد عليهم مدا مدا على كل إنسان منهم فإن لم يقدر عليهم استقبل الطعام
ولو أعطى مسكينا واحدا خمسة آصع لم يجزه ذلك وإن أعطاه نصف صاع وأعطاه من الغد نصف صاع حتى يكمل عشرة أيام أجزاه ذلك
ولو أنه أطعم عشرة مساكين من أهل الذمة كل مسكين نصف صاع من حنطة أجزاه ذلك ومساكين أهل الإسلام أحب إلي


ولو أعطى عشرة مساكين ذوي رحم محرم منه أجزاه ذلك ولكن لا يجزيه أن يطعم منها ولده ولا والده ولا أمه حرة كانت أو أم أمة ولا مملوكة له ولا مدبرة ولا مكاتبه ولا أم ولد

له ولا زوجة له حرة كانت أو أمة
ولو أن رجلا سأله منها وهو غني وهو لا يعلم بذلك فأعطاه أجزاه ذلك عنه في قول أبي حنيفة ومحمد ولا يجزيه في قول أبي يوسف إذا علم
ولو أنه أطعم خمسة مساكين وكسى خمسة مساكين أجزاه ذلك من الطعام إن كان الطعام أرخص من الكسوة وإن كان الكسوة أرخص من الطعام أجزى عن الكسوة


ولو أنه أطعم عشرة مساكين قبل أن يحنث في يمينه لم يجزه ذلك لأن اليمين لم تجد بعد ولو حنث في يمينه وهو معسر فأراد أن يكفر كان عليه الصوم فإن أيسر ووجد ما يتصدق به قبل أن يفرغ من الصوم لم يجزه الصوم وكانت عليه الكفارة إما عتق وإما كسوة وإما طعام
ولو كانت له دار يسكنها وليس له مال غيرها أجزى عنه الصوم لأن هذا تحل له الصدقة


ولو أطعم عنه رجل عشرة مساكين بأمره أجزى عنه ذلك ولو أنه أطعم عنه بغير أمره فرضى بذلك لم يجز عنه
ولو أن رجلا أطعم خمسة مساكين في كفارة يمينه ثم احتاج كان عليه أن يستقبل الصيام ولا يجزي ذلك الطعام عنه
ولو أن رجلا أطعم من كفارة اليمين أحدا من ولده وهو لا يعلم وهو موضع ذلك أجزاه ذلك عنه في قول أبي حنيفة ومحمد إذا علم بعد وفي قول أبي يوسف إذا أطعم أحدا من ولده وهو لا يعلم ثم

علم بعد ذلك فإنه لا يجزيه وكذلك الغني في قول أبي يوسف لا يجزي
ولو أن رجلا عليه يمينان فأطعم عنها عشرين مسكينا أجزى منه فإن أطعم لهما عشرة مساكين لكل مسكين صاع من حنطة لم يجزه ذلك إلا عن يمين واحدة ويجزيه في قول محمد
ولو أطعم ستين مسكينا من ظهار أو أطعمهم من كفارة غير الظهار أو أطعمهم من ايمان عليه شتى مختلفة فأطعم الطعام كله ضربة واحدة لكل مسكين من ذلك نصف صاع لكل يمين على حدة ولكل ظهار على حدة نصف صاع ولكل كفارة من رمضان نصف صاع أجزى عنه لأنها أيمان شتى مختلفة وجبت عليه وليس هذا كاليمين الواحدة وفي قول محمد ذلك كله يجزي وإذا أعطى رجل ثوبا لعشرة مساكين من كفارة يمينه فإنه لا يجزي عنه من الكسوة وإن كان يساوي الثوب ثمن الطعام فهو يجزي عنه من الطعام


وإذا وجبت على العبد أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد كفارة يمين لم يجز عنه الطعام وإن أذن له مولاه فيه ولكن عليه الصيام لأن العبد لا يملك الطعام ولو أن العبد أعتق فأطعم عشرة مساكين بعد عتقه أجزاه
ولو أن رجلا حلف على يمين وهو كافر ثم حنث بعد ما أسلم لم تكن عليه كفارة وكذلك إذا حلف وهو مسلم ثم رجع عن الإسلام ثم أسلم بعد ثم حنث فلا كفارة عليه
وإذا استثنى الرجل في يمينه فلا كفارة عليه ولا حنث
وإذا جعل الرجل لله عليه طعام مسكين ونوى عددا من المساكين فهو ذلك العدد فإن نوى كيلا من الطعام معلوما فهو ذلك الكيل وإن لم ينوي شيئا مسمى من الطعام ولا عدد مساكين فعليه طعام عشرة

مساكين كل مسكين نصف صاع من حنطه وكذلك إن قال أن كلمة فلانا فعلى إطعام مساكين أو قال إطعام عشرة مساكين وقد يعطى من المساكين من له الخادم والدار ويعطى من الصدقة ومن الزكاة من له الدار والخادم وبلغنا عن أبي حزم وعن إبراهيم والحسن أنهم قالوا ذلك


ولو أن رجلا أوصى المطعم عنه في كفارة أيمان عليه عند موته كان ذلك الطعام من ثلثه وكذلك لو أوصى بكسوه وكذلك لو أوصى بعتق عبد فإن لم يكن له مال غير العبد الذي أوصى بعتقه عتق العبد وسعى في ثلثي قيمته ولا يجزي عنه في كفارة يمينه وإن خرج من الثلث أجزى عنه وهو قول أبي حنيفة ومحمد
الصاع الأول ثمانية أرطال وهو مختوم في الحجاجي وهو

ربع الهاشمي قال محمد وكذلك ذكر المغيرة عن إبراهيم أنه قال وجدنا صاع عمر حجاجيا

باب الكسوة في كفارة اليمين
محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في قول الله عز وجل في الكفارة { أو كسوتهم } إن ذلك لكل مسكين ثوب


فإذا أعطى كل مسكين ثوبا أو إزارا أو رداء أو قميصا أو قباء أو كساء فإن ذلك يجزيه من الكفارة إذا كسى عشرة مساكين
ولو أعطى كل مسكين نصف ثوب لم يجز عنه ذلك من الكسوة ولكن كان يجزي عنه من الطعام إذا كان كل نصف

ثوب يساوي نصف صاع من الحنطة
ولو كسا كل مسكين قلنسوة أو خفين أو حمله على نعلين لم يجز ذلك عنه من الكسوة ولكنه يجزي عنه من الطعام إذا كان ذلك يساوي نصف صاع من حنطة
ولو أعطى مسكينا واحدا عشرة أثواب لم يجز ذلك عنه من عشرة مساكين ولكنه يجزي عنه من مسكين واحد
ولو أعطى في كل يوم ثوبا حتى يستكمل عشرة أثواب في عشرة أيام أجزى عنه ولو كسى عشرة مساكين كل مسكين ثوبا وكلهم ذو رحم محرم أجزى عنه ما لم يكن فيهم ولد ولا والد ولا زوجة ولا تجزى أن يكسو مكاتبا له ولا مدبرا ولا أم ولد
ولو كسى مكاتبا لغيره محتاجا أو عبدا من غيره محتاجا أو ام ولد لغيره ومولاها محتاجا أو مدبرا لغيره محتاجا أجزى عنه ذلك
ولو كسى عشرة مساكين من مساكين أهل الذمة أجزاه ذلك وفقراء المسلمين أحب إليه ولو أعطى عشرة مساكين كل مسكين من الطعام قدر

قيمة الثوب أجزاه ذلك من الكسوة ولو أعطى عشرة مساكين ثوبا بينهم وهو ثوب كثير القيمة نصيب كل مسكين منهم أكثر من قيمة الثوب كان ذلك في القياس يجزي عنه من الطعام ولا يجزي من الكسوة ألا ترى أنه لو أعطى كل مسكين ربع صاع من حنطة وذلك يساوي صاعا من التمر لم يجز عنه من الطعام فكذلك هذا الثوب
ولو أن هذا المد من الحنطة كان يساوي ثوبا كان يجزي من الكسوة ولا يجزي من الطعام
ولو أعطى عشرة مساكين دابة أو شاة أو عبدا أو أمة فإن كان قيمة ذلك تبلغ قيمة عشرة أثواب أجزاه من الكسوة وإن كان لا يبلغ قيمة عشرة أثواب وبلغ قيمة الطعام أجزى عنه من الطعام
ولو أن رجلا كسى عشرة مساكين أو أطعهم ثم إن رجلا أقام على تلك الكسوة والطعام سنة فقضى له به لم يجز ذلك عن الذي أطعم وكان عليه أن يستقبل الطعام
ولو أن رجلا كسى عن رجل بأمره عشرة مساكين أجزاه ذلك وإن لم يعطه له ثمنا ولو أعطى لها ثمنا أجزاه ذلك أيضا ولو كسى عشرة مساكين لغير أمره فرضي بذلك لم يجز عنه


ولو كسى عشرة مساكين قبل أن يحنث في يمينه ثم حنث فيها لم تجزه تلك الكسوة من كفارته وكان عليه الكسوة بعد الحنث لأنه لا يبدأ بالكفارة قبل الحنث ولو كسا عشرة مساكين ثم وجد بعضهم غنيا ليس بموضع للصدقة ولم يكن يعلم ذلك حتى كساه أجزى ذلك عنه لأنه ليس عليه أن يعلم أنهم فقراء إلا في الظاهر وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يجزيه في الغنى
ولو أنه أعطى من كفارة يمين في أكفان الموتى أو في بناء مسجد أو في قضاء دين ميت أو في عتق رقبة لم يجز ذلك عن يمينه بلغنا

عن إبراهيم النخعي أنه قال ذلك
ولو كسا ابن السبيل منقطع به أو غازيا أو حاجا منقطع به فكساه ثوبا أو أطعمه طعام مسكين أجزى ذلك عنه من مسكين واحد
ولو أن رجلا كانت عليه يمينان فكسا عشرة مساكين كل مسكين ثوبين أجزاه ذلك عن يمين واحدة وكانت عليه كسوة عشرة مساكين لليمين الأخرى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وأما في قول محمد فهو يجزى
ولو أن رجلا كسا خمسة مساكين والطعام أرخص من الكسوة أجزاه ذلك عنه من الطعام ولم يجز ذلك عنه من الكسوة


وإذا كسى الرجل المساكين أو أطعمه ثم مات بعضهم وهو وارثه فورث تلك الكسوة بعينها وذلك الطعام بعينه لم يفسد ذلك عليه كسوته ولا طعامه وكان ذلك يجزي عنه وكذلك لو اشترى منهم تلك الكسوة بعينها وذلك الطعام أجزى عنه في كفارة اليمين ولم يفسد ذلك عليه شيئا
ولو وهبه له أولئك المساكين كان قد أجزى عنه صدقته عليهم في كفارة يمينه ولا تفسد هبتهم له صدقته عليهم بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بريرة كان يتصدق عليها بالشيء فتهديه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقبله ويقول هو لها صدقة ولنا هدية

باب الصيام في كفارة اليمين
وإذا حنث الرجل في يمينه وهو معسر لا يجد ما يعتق ولا ما يكسو

ولا ما يطعم فعليه الصيام ثلاثة أيام متتابعة فإن صامها متفرقة لم يجز عنه بلغنا أنه في قراءة ابن مسعود ثلاثة أيام متتابعة
ولو صام ثلاثة أيام ثم أيسر في اليوم الثالث انتقض صومه ذلك وكانت عليه الكفارة لأن الله تعالى يقول { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } فهذا قد وجد فلا يجزيه الصوم وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عباس وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا ذلك
وإذا أحنث الرجل في يمينه وهو معسر ثم أيسر قبل أن يكفر فعليه العتق أو الكسوة أو الطعام
ولو حنث وهو موسر ثم احتاج كان عليه الصيام
وعلى العبد إذا حنث في يمينه الصيام ولا يجزيه شيء غير ذلك وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد ولو أعتق أحد منهم قبل

أن يصوم وأيسر لم يجزه الصوم وكان عليه أي الكفارات شاء
ولو أن رجلا أصبح مفطرا ثم عزم على صوم الضحى يريد بذلك كفارة يمين لم يجزه ذلك لأنه قد أصبح مفطرا ولو صام في كفارة اليمين ثم أكل في صومه ناسيا أو شرب ناسيا كان صومه ذلك تاما وأجزى عنه بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم رمضان فهو أشد من ذلك


ولو أن رجلا صام ثلاثة أيام ثم مرض في يوم منها فأفطر كان عليه أن يستقبل لأنها ليست بمتتابعة وكذلك المرأة لو صامت وحاضت في الثلاثة أيام كان عليها أن تستقبل الصوم لأنها قد تقدر أن تصوم ثلاثة أيام لا تكون فيها حائضا
ولو أن رجلا صام هذه الثلاثة أيام في أيام التشريق لم يجزه ذلك لأنه بلغنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر مناديه ألا لا تصوموا هذه الثلاثة الأيام إنما هي أيام أكل وشرب

فعلى هذا الذي صامها أن يستقبل الصيام
ولو أن رجلا صامها في رمضان كان صومه ذلك من رمضان جائزا وكان عليه أن يستقبل صيام اليمين بعد أن يفرغ من رمضان
ولو أن رجلا صام فيها يوم النحر أو يوم الفطر وهو يعلم بذلك أو لا يعلم ثم علم بعد ذلك لم يجزه ذلك من الصيام وكان عليه من يستقبل الصوم
ولو أن رجلا صامها في رمضان كان صومه ذلك من رمضان جائزا وكان عليه أن يستقبل صيام اليمين بعد أن يفرغ من رمضان ولو أن رجلا صام فيها يوم النحر أو يوم الفطر وهو يعلم بذلك أو لا يعلم ثم علم بعد ذلك لم يجزه ذلك من الصيام وكان 5 عليه أن يستقبل الصوم
ولو أن رجلا صامهن قبل أن يحنث في يمينه لم يجزه ذلك وكان عليه أن يستقبل الصوم إذا حنث ولو صامهن وهو يجد ما يطعم أو يكسو لم يجزه ذلك لأن الله عز وجل يقول { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } فهو قد وجد فلا يجزيه الصيام
ولو أن رجلا كان ماله غائبا عنه أو دين له على الناس فكان لا يجد ما يطعم ولا ما يكسو ولا يجد ما يعتق أجزاه أن يصوم

ثلاثة أيام في كفار يمينه
ولو أن رجلا له مال وعليه دين مثله أو أكثر أجزاه الصوم بعد ما يقضى دينه من ذلك المال ألا ترى أن الصدقة تحل لهذا


ولو أن عبدا صام في كفارة يمين ثم أعتق قبل أن يفرغ فأصاب مالا لم يجزه الصوم وكان عليه الطعام أو الكسوة أو العتق
ولو أن رجلا صام ستة أيام عن يمينين عليه أجزاه ذلك منهما إذا كان لا يجد ما يطعم وإن لم ينو ثلاثة أيام لكل واحد منهما أجزى عنه


ولو أن رجلا صام يومين ثم أفطر وأطعم ثلاثة مساكين أو بدأ بالطعام ثم الصيام لم يجزه ذلك وكان عليه أن يستقبل الصوم إن كان لا يجد ما يطعم 237


ولو أن رجلا كانت عليه يمينان وعنده طعام لإحداهما فأطعم لها ثم صام للأخرى أجزاه ذلك ولو صام لإحداهما ثم أطعم بعد ذلك للأخرى لم يجزه الصوم لأنه صام وهو يجد ما يطعم وكان عليه أن يستقبل الصوم التي صام لها
ولو صام رجل عن رجل بأمره في كفارة يمينه أو في غير ذلك لم يجزه ذلك وكذلك لو أن ميتا أوصى عند موته أن يصام عنه في كفارة يمين لم يجزه ذلك لأنه لا يصوم أحد عن أحد بلغنا ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما

باب اليمين في مجالس مختلفة
ولو أن رجلا حلف على أمر لا يفعله أبدا ثم حلف أيضا في 238

ذلك المجلس أو في مجلس آخر لا يفعله أيضا أبدا ثم فعل ذلك الذي حلف عليه كانت عليه كفارة يمينين إلا أن يكون نوى باليمين الأخرى اليمين الأولى فيكون عليه كفارة واحدة وإن لم يكن عنى باليمين الآخرة الأولى فعليه يمينان وعليه لهما كفارتان بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي وكذلك لو أراد باليمين الآخرة التغليظ والتشديد على نفسه 239


ولو أن رجلا حلف على حق امرئ مسلم على مال له عنده فحلف ما له عنده شيء وهو كاذب لم يكن عليه كفارة وكذلك كل يمين تكون على المدعي عليه إنما يحلف على شيء قد مضى
وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال اليمين الغموس تدع الديار بلاقع وهذا عندنا اليمين الغموس


وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من اقتطع بخصومته وجدله مال مسلم فليتبوأ مقعده من النار فحال

هذه اليمين شديدة والمأثم فيها عظيم ليس فيها كفارة
ولو أن رجلا حلف بالله لا يفعل كذا وكذا ثم حلف على ذلك أيضا بحج ثم حلف على ذلك أيضا بالعمرة ثم فعل ذلك الشيء كانت عليه

كفارة يمين وحج وعمرة بلغنا عن إبراهيم النخعي
ولو أن رجلا حلف بالله ليفعلن كذا وكذا فوقت لذلك وقتا وذلك الشيء معصية لله تعالى كان الذي يحق عليه من ذلك أن لا يتم على ذلك وأن يترك الذي حلف عليه فإذا ذهب الوقت ووجب عليه الحنث كفر بيمينه بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه
ولو أن رجلا حلف ليفعلن كذا وكذا ولم يوقت لذلك وقتا كان في سعة مما حلف عليه فمتى ما فعل ذلك بر في يمينه وخرج منها

إلا أن يموت قبل أن يفعل ذلك فإذا مات قبل أن يفعل ذلك وجبت عليه الكفارة وينبغي له أن يوصي بها عند موته
ولو أن رجلا حلف على يمين واستثنى فيها وقال إن شاء الله وصلها بيمينه خرج من يمينه
ولو أن رجلا حلف على ذلك بأيمان كثيرة بعد أن تكون متصلة فقال على كذا وكذا حجة وكذا كذا عمرة ومشى إلى بيت الله وماله في المساكين صدقة وعليه عهد الله وميثاقه إن كلمت فلانا إن شاء الله ثم كلمه لم يكن عليه حنث ولم يجب عليه شيء في

أيمانه وكذلك لو كان فيها عتق وطلاق وبلغنا ذلك عن عطاء وطاوس وإبراهيم النخعي وغيرهم أنهم قالوا من حلف بالطلاق أو بالعتاق فقال إن شاء الله فلا شيء عليه لا يقع عتاق ولا طلاق إذا استثنى وبلغنا عن عبد الله ابن عباس وعن ابن مسعود وابن عمر

وعن إبراهيم النخعي وغيرهم أنهم قالوا من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه ولا كفارة وكذلك لو قال إلا أن يبدو لي أو قال إلا أن أرى خيرا من ذلك فأما إذا قال إلا أن لا أستطيع ذلك فهو على وجهين إن كان يعني ما سبق من القضاء

فهو موسع عليه ولو أن يكلمه ولا يقع عليه شيء وإن كان يعني إلا أن لا أستطيع لشيء يعرض عليه من البلايا أو الحاجة التي حلف عليها فإن فعل ذلك قبل أن يعرض ذلك له حنث وإن فعل بعد ما يقع به ما قال لم يحنث وإن لم يكن له نية في الاستطاعة فهو على أمر يحدث ولا يكون عليه القضاء ولا على القدر إلا أن ينوي ذلك
ولو أن رجلا قال والله لا أكلم فلانا ولا فلانا إن شاء الله يعني بالاستثناء اليمينين جميعا ولم يكن بينهما سكوت كان الاستثناء عليهما جميعا وكذلك لو قال علي حجة إن كلمت فلانا وعلي عمرة

إن كلمت فلانا إن شاء الله فكلمه لم يحنث فأما إذا قال عبدي حر إن كلمت فلانا عبدي الآخر حر إن كلمت فلانا إن شاء الله ثم كلمه كان عبده الأول حرا في القضاء ولا يدين في ذلك إلا فيما بينه وبين الله تعالى
وكذا لو قال لامرأته إن كلمت فلانا فأنت طالق أنت طالق إن كلمت فلانا إن شاء الله ثم كلمت فلانا كان في القضاء يقع عليها التطليقة الأولى إذا كلمت فلانا وأما فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان يعني في الاستثناء ذلك كله فإنه لا يقع عليها شيء فيما بينه وبين الله تعالى
ولو قال إن كلمت فلانا فأنت طالق أنت طالق إن شاء الله كان هذا في القضاء يحنث وفيما بينه وبين الله تعالى لا يقع عليها شيء حتى تكلمه وكذلك العتق في هذا أيضا


وكذلك لو قال لامرأته إن حلفت بطلاقك فعبدي حر وقال لعبده إن حلفت بعتقك فامرأته طالق فإن عبده يعتق لأنه قد حلف بطلاق امرأته ألا ترى أنه لو قال إن كلمت فلانا فأنت طالق فإنه قد حلف بطلاقها وكان عبده حرا ولو قال لها إن حلفت بطلاقك فأنت طالق إن حلفت بطلاقك فأنت طالق إن حلفت بطلاقك فأنت طالق وقعت عليه تطليقة الأولى والثانية إن كان دخل بها وكانت في عدة منه لأنه قد حلف بطلاقها في المرة الثانية فصارت طالقا بالتطليقة الأولى وحلفه بطلاقها الثانية فصارت طالقا بالثانية أخرى وصارت الثالثة يمينا أخرى لم يحنث بعد أن عاد في الكلام وقعت عليها أيضا تطليقة أخرى وإن كان لم يدخل بها والمسألة على حالها وقعت عليها تطليقة واحة وسقط ما سوى ذلك
ولو أن رجلا قال لعبده أنت حر إن حلفت بطلاق امرأتي

ثم قال لامرأته أنت طالق إن شئت ولم يقل غير ذلك فإن عبده رقيق ولا يقع عليه العتق وليس هذا بيمين وذلك لو قال لها أمرك بيدك أو اختاري أو أنت طالق إذا حضت حيضة فليس هذا بيمين ألا ترى أنها لو قامت من مجلسها ذلك بطل ما جعل إليها من ذلك من أمرك بيدك أو اختاري
ولوقال لها أنت طالق إن دخلت هذه الدار لم يبطل ذلك أبدا وكانت طالقا متى ما دخلت الدار فهذه يمين يعتق بها العبد
وكذلك قوله أنت طالق إن تكلمت أو أنت طالق إن قمت

أو أنت طالق إن حضتي فهذه يمين أيضا يقع بها عتق العبد وطلاق المرأة

باب المساكنة في كفارة اليمين
ولو أن رجلا حلف بالله أن لا يساكن فلانا ولا نية له فساكنه في دار وكل واحد منهما في مقصورة وحدها لم يحنث فإن كان نوى ذلك فقد ساكنه ووقع عليه الحنث والكفارة فإن كان نوى حين حلف أن لا يساكنه في بيت أو في حجرة أو في منزل واحد

يكونان جميعا فيه لم يحنث حتى يساكنه فيما نوى وكذلك لو سمى بيتا أو لم يسمي بيتا ولو لم ينوه ثم ساكنه في قرية أو في مدينة وكل واحد منهما في دار وحدها لم يحنث ولم يقع عليه اليمين إلا أن ينوي ذلك فإن نوى أن لا يساكنه في مدينة ولا في قرية وفي مصر ولم يسم ذلك أو سمى ذلك فساكنه في شيء من ذلك حنثا ولا تكون المساكنة في ذلك إلا لم ينوي في دار واحدة أو بيت واحد
ولو حلف أن لا يساكنه في بيت فدخل عليه في بيته زائرا أو أضافه فأقام في بيته يوما أو يومين لم يحنث لأن هذا ليس بمساكنة إلا أن ينوي هذا وإنما المساكنة النقلة إليه بمتاعه وأهله ألا ترى أن الرجل قد يمر بالقرية فيدخلها ويبيت فيها ويقيل فيها ثم يقول ما سكنتها

قط فيكون صادقا
ولو أن رجلا كان ساكنا في دار فحلف أن لا يسكنها ولا نية له ثم أقام فيها بعد يمينه يوما أو أكثر من ذلك وقع عليه حنث وكان قد سكنها فينبغي له حين حلف أن يخرج منها من ساعته


ولو أن رجلا حلف أن لا يساكن فلانا في دار قد سماها بعينها فاقتسما الدار وضربا بينهما حائطا ثم فتح كل واحد بابا لنفسه ثم سكن الحالف في طائفة والآخر في طائفة كان قد ساكنه ووقع عليه الحنث لأنه قد ساكنه فيها بعينها
ولو حلف لا يساكنه في منزل ولم يكن له نية ولم يسم دارا بعينها وكانت الدار قد قسمت قبل ذلك فضربا حائطا بينهما وفتح كل واحد منهما بابا لنفسه على حدا ثم سكن الحالف في أحد القسمين والآخر في القسم الآخر لم يقع عليه الحنث وكان على يمينه كما هو ولم يكن عليه حنث ولا كفارة


ولو حلف رجل لا يساكن رجلا ولم يكن له نية فساكنه في دار عظيمة فيها مقاصير فكان الحالف في مقصورة يغلق عليها باب ويسكن الآخر في مقصورة أخرى لم يقع عليه الحنث وإنما يقع اليمين في هذا على منزل واحد ألا ترى لو كان ساكنا في ناحية من الدار مثل دار الوليد وكان الآخر في منزل في أقصاها أنه لا يحنث
وإذا حلف الرجل لا يساكن رجلا وهو يعني في بيت واحد فساكنه في منزل وكل واحد في بيت لم يحنث
ولو حلف أن لا يساكنه في دار فهو كما عنى إن ساكنه في دار حنث
وإذا حلف الرجل أن لا يسكن دارا بعينها فهدمت وبنيت بناء آخر فسكنها ولم يكن له نية فقد حلف لأنها تلك الدار بعينها

وإذا حلف الرجل لا يسكن دار فلان هذه فباع فلان داره تلك التي حلف عليها فسكنها الحالف فإن كان حين حلف نوى ما دامت لفلان فإنه لا يحنث فإن لم يكن نوى ذلك فإنه يحنث لأنها تلك الدار بعينها في قول محمد ولا يحنث في قول وأبي يوسف


وإذا حلف الرجل لا يسكن بيتا فهدم ذلك البيت حتى ترك صحراء ثم بنا بيتا آخر في ذلك الموضع فسكنه لم يحنث لأن هذا ليس بذلك البيت وهذا والدار مختلف قد تسمى الدار دارا ولا بناء فيها ولا يسمى البيت بيتا وهو صحراء وكل يمين حلف في هذه السكنى كلها بعتق أو طلاق أو غير ذلك فهو سواء
وإذا حلف الرجل لا يسكن دارا لفلان ولم يسم دارا بعينها ولم ينوها فسكن دارا له قد باعها لم يحنث وإن سكن دارا له

357 قد اشتراها حنث وإنما يقع اليمين على ما يملك يوم يسكنها ألا ترى أنه لو حلف لا يأكل من طعام لفلان فأكل من طعام قد ابتاعه فلان بعد تلك اليمين وقال أبو يوسف إذا حلف فالحلف على الدار التي يملك فلان يومئذ وإن اشترى دارا أخرى فسكنها أو دخلها لم يحنث ولا يشبه الدار الطعام والشراب
وإذا حلف الرجل لا يسكن دارا لفلان فسكن دارا لفلان والآخر لم يحنث لأنها ليست لفلان كلها ولو كانت لفلان كلها إلا سهما منها من مائة سهم لم يحنث الحالف


وإذا حلف الرجل لا يسكن دارا اشتراها فلان فاشترى فلان دارا لغيره فسكنها الحالف حنث إلا أن يكون نوى لا يسكن دارا اشتراها فلان لنفسه وإن نوى ذلك لم يحنث وإن كان حلف بعتق أو طلاق لم يدين في قضاء ووقع عليه ذلك وحنث
وإذا حلف الرجل لا يسكن بيتا ولا نية له فسكن بيتا من شعر من بيوت أهل البادية أو فسطاطا أو خيمة لم يحنث الحالف إذا كان من أهل الأحصار وإنما يقع هذا على معاني كلام الناس ولو كان من أهل بادية فسكن بيت شعر حنث

وإذا حلف الرجل لا يسكن بيتا لفلان ولا نية له فسكن صفة لفلان حنث لأن الصفة بيت إلا أن يكون نوى البيوت دون الصفات فإن نوى ذلك لم يحنث وكذلك لو حلف في هذا بعتق أو طلاق دين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء وإذا حلف الرجل لا يسكن دار فلان هذه فسكن منزلا منها فقد سكنها إلا أن يكون عنى لا يسكنها كلها فإن كان عنى ذلك لم يحنث حتى يسكنها كلها وإن لم يكن له نية فسكنها حنث لأن كلام الناس على هذا يقع وكذلك لو حلف على هذا بعتق أو طلاق


وإذا حلف الرجل لا يسكن دارا لفلان وهو يعني بأجر ولم يقع قبل هذا كلام فسكنها بغير أجر فقد حنث ولا تغني عنه النية ههنا شيئا لأنه لم يكن قبل هذا كلام يذكر فيه الأجر
وكذلك لو حلف لا يسكنها وهو يعني عاريا فسكنها بأجر أو سكنها على وجه غير عارية فإنه يحنث

باب الدخول في كفارة اليمين
وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتا لفلان ولم يسم بيتا بعينه ولم ينوه ولم يكن له نية في يمينه ثم دخل بيتا لفلان هو فيه ساكن

26 فأنه يحنث لأن هذا بيت لفلان ألا ترى أنك تقول بيت فلان ومنزل فلان وهو ساكن فيه بإجارة أو سكنى
وإذا حلف الرجل أن لا يدخل على فلان ولم يسم شيئا ولم يكن له نية فدخل عليه في بيته فإنه يحنث وكذلك إن دخل عليه في بيت لرجل آخر وكذلك لو دخل عليه في صفة البيت والبيت والصفة سواء لأن الصفة بيت ولو كان الحالف من أهل البادية فحلف أن لا يدخل عليه بيتا فدخل عليه في بيت شعر أو بيتا مبنيا كان سواء وكان يحنث في ذلك


ولو حلف رجل لا يدخل بيتا ابدا ولم يكن له نية ولم يسم شيئا فدخل المسجد لم يحنث ولو دخل الكعبة لم يحنث لأن الكعبة مصلى بمنزلة المسجد وكل شيء من المساكن يقع عليه اسم بيت فهو بيت يحنث فيه إن دخله وكل شيء لا يقع عليه اسم بيت فإنه لا يحنث ألا ترى أنه لو دخل عليه في قبة أو ظلة لم يحنث
وإذا حلف الرجل لا يدخل بيت فلان هذا فهدم ذلك البيت حتى صار صحراء ثم دخل ذلك المكان لم يحنث لأنه لا يسمى بيتا

وقد صار صحراء ولو بنى في موضعه بيتا آخر فدخله لم يحنث لأن هذا ليس بذلك البيت وليس الدار في هذا كالبيت
ولو حلف لا يدخل دارا بعينها فهدمت تلك الدار حتى صارت صحراء ثم دخلها حنث لأنها ليست دارا أخرى وكذلك لو بنيت دارا أخرى كانت تلك الدار بعينها والبيت لا يكون بيتا إلا بالبناء والدار قد تكون دارا بغير بناء
وإذا حلف الرجل ان لا يدخل على فلان ولم ينو شيئا فدخل الدار وفلان فيها لم يحنث ألا ترى أن فلانا لو كان في بيت منها لا يراه الداخل لم يكن داخلا عليه أرأيت لو كانت دارا عظيمة فيها منازل فكان فلان في منزل منها فدخل الحالف منزلا آخر منها وهو يحسب أن فلانا لم يحنث ولم يكن داخلا على فلان وإنما وقع اليمين في هذا إذا دخل عليه بيتا أو صفة
وإذا حلف الرجل لا يدخل على فلان بيتا فدخل بيتا وفلان فيه لا ينوي بذلك الدخول عليه لم يحنث أرأيت لو نوى الدخول على

غيره وهو البيت معه أكان يحنث إنما دخل على غير الذي حلف عليه
وإذا حلف الرجل أن لا يدخل على فلان دارا فدخل عليه في داره فإنه يحنث وكذلك لو نوى دارا ولم يسم
وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتا وهو فيه داخل فأقام فيه بعد الحلف أياما لم يحنث لأنه لم يدخل وليس الدخول في هذا كالسكنى ألا ترى أنه لم يستقبل دخولا مذ حلف والسكنى ما أقام في البيت فهو له ساكن ألا ترى أنه لو قال والله لأسكنن هذا البيت غدا وهو فيه يوم حلف ساكن فأقام فيه حتى مضى غدا كان ساكنا فيه وكان قد بر في يمينه وكان ساكنا كما قال


ولو قال والله لأدخلنه غدا ثم أقام حتى مضى غدا حنث لأنه لم يدخل كما قال قلت فإن نوى لأدخلنه غدا أن يقيم فيه كما هو ففعل ذلك قال هذا يبر ولا يحنث إذا نوى ذلك
وإذا قال الرجل والله لا أدخل هذه الدار إلا عابر سبيل فدخلها ليقعد فيها أو دخلها ليعود مريضا فيها أو دخلها ليطعم فيها ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث ولكن إذا دخلها مجتازا ثم بدا له فقعد فيها لم يحنث وإنما أضع اليمين إذا حلف لا يدخلها إلا عابر سبيل مثل قوله والله لا أدخلها إلا مار الطريق والله لا أدخلها إلا مجتازا إلا أن ينوي أن لا أدخلها يريد النزول فيها فان نوى ذلك فانه يسعه وإن دخلها يريد أن يطعم فيها أو يقعد لحاجة لا يريد المقام فيها فانه لا يحنث لأنهه كذلك نوى


وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان هذه فباع فلان داره تلك من آخر فدخلها الحالف ولم يكن له نية حين حلف فانه لا يحنث متى ما دخلها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد بن الحسن يحنث إذا قال هذه الدار فان كان نوى حين حلف أن لا يدخلها ما دامت لفلان فباعها فلان أو خرجت من ملكه بغير بيع فدخلها فانه لا يحنث وإن لم يكن له نية فانه يحنث متى ما دخلها في قول محمد بن الحسن ألا ترى أنه لو قال والله لا أكلم صاحب هذه الدار فكلمه بعد ما باعها حنث ألا ترى أنه لو قال والله لا أكلم فلانا زوج فلانة

فكلمه بعد ما طلقها حنث أو قال والله لا أكلم فلانة امرأة فلان فكلمها بعد ما طلقها حنث وكذلك لو قال والله لا أكلم عبد فلان هذا فكلمه بعد ما باعه فلان أو بعد ما أعتقه فانه يحنث في قول محمد
وإذا قال والله لا أدخل دار فلان هذه فجعلها فلان بستانا أو مسجدا أو جعلها غير ذلك فدخلها لم يحنث لأنها قد تغيرت عن حالها وصارت غير دار وكذلك لو صنعت بيعة أو حماما وكذلك لو كانت دارا صغيرة فجعلها بيتا واحدا وأشرع بابه إلى الطريق أو إلى دار فدخلها لم يحنث لأنها قد تغيرت وصارت بيتا

وإذا حلف الرجل لا يدخل لفلان دارا ولم يسم شيئا ولم يكن له نية فدخل دارا قد باعها فلان لم يحنث لأنه لم يدخل له دارا وإن دخل دارا وفلان فيها بإجارة أو بغير إجارة فانه يحنث لأنه قد دخل دار فلان ألا ترى أنك تقول دخلت منزل فلان

وإنما هو فيه بأجرة ويقول الرجل هذا منزلي وهذه داري وهو معه بالأجرة وهذا في كلام الناس جائز
وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتا بعينه فهدم سقف ذلك البيت وبقيت حيطانه ثم دخله حنث لأنه ذلك البيت ألا ترى أنك تقول هذا بيت فلان وقد هدم سقفه
وإذا حلف الرجل لا يدخل دارا اشتراها فلان ولم يكن له نية فدخل دارا اشتراها فلان لغيره فانه يحنث ألا ترى أن فلانا هو الذي اشتراها وإن كان حين حلف نوى لا يدخل دارا اشتراها فلان لنفسه فان النية تسعه ولا يحنث في دخوله هذه الدار

وإذا اشترى فلان دارا وآخر معه اشترياها جميعا لأنفسهما فدخلها لم يحنث لأن فلانا لم يشترها كلها
وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان فأدخله وهو كاره لم يحنث ألا ترى أنه إنما أدخلها ولم يدخل هو وإن أمر رجلا فاحتمله فأدخله فقد دخل وحنث وإن دخلها على دابة فقد دخل وحنث
وإذا حلف الرجل لا يضع قدمه في دار فلان فدخلها راكبا أو ماشيا عليه حذاء أو ليس عليه حذاء فانه يحنث لأن معاني كلام

الناس ههنا إنما تقع على الدخول وإن كان نوى حين حلف أن لا أضع قدمي فيها ماشيا فدخلها راكبا لم يحنث
وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان فقام على حائط من حيطانها حنث ولو قام في طابق باب الدار غير أن الباب إذا أغلق كان الرجل دونه وكذلك إن حلف لا يدخل بيتا فقام في بابه والباب بينه وبين البيت إذا أغلق فإنه لا يحنث ولو كان داخلا في البيت أو في الدار فحلف لا يخرج فقام في موضع والباب إذا أغلق كان الرجل خارجا من البيت والدار فإنه يحنث لأنه قد خرج


وإذا حلف الرجل لا يدخل دارا فأدخل إحدى رجليه الدار ولم يدخل الأخرى فإنه لا يحنث لأنه لم يدخل
وإذا حلف الرجل لا يدخل دارا لفلان بعينها فدخل من حائط لها ذليل حتى قام على سطح من سطوحها فقد دخل الدار ولو أنه دخل بيتا من تلك الدار قد أشرع إلى السكة كان قد دخل الدار وحنث


وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان ولا نية له فدخل بيتا في علوها على الطريق الأعظم أو دخل كنيفا منها شارعا إلى الطريق الأعظم حنث وكان هذا دخولا في الدار والله تعالى أعلم

باب الخروج في كفارة اليمين
وإذا حلف الرجل على امرأته بالطلاق أو بالعتاق أو بيمين غير ذلك لاتخرج من الدار حتى يأذن لها ولم يكن له نية فأذن لها مرة واحدة ثم خرجت بعد ذلك يغير إذن لم يقع عليه شيء من

تلك الأيمان وكذلك لو حلف بذلك لا تخرج أبدا إلا أن يأذن لها فإن كان نوى حين حلف أن لا تخرج أبدا حتى يأذن لها في كل مرة فخرجت مرة بإذنه ومرة بغير إذنه فإن اليمين يقع عليها
وإذا حلف الرجل لا تخرج امرأته من منزله إلا بإذنه أبدا فحلف على ذلك بعتق أو طلاق فخرجت مرة بإذنه ومرة أخرى بغير إذنه فإنه يحنث ويقع عليه اليمين ولو لم يسم في ذلك أبدا كان كذلك أيضا فإن نوى بذلك مرة واحدة فإنه إن أذن لها مرة واحدة

سقطت عنه الأيمان
وقوله إلا أن آذن لك مثل قوله حتى آذن لك ومثل قوله حتى يقدم فلان وقوله إلا بإذني مثل قوله لا تخرجي أبدا إلا راكبا أو على دابة أو إلا بدابة فلا بد من أن يكون ذلك معها في كل مرة وإلا حنث
وإذا حلف الرجل على امرأته لا تخرج من بيته فخرجت إلى الدار فإنه يحنث لأنه قد سمى البيت وكذلك لو حلف رجل على

رجل لا يدخل بيته فدخل داره لم يحنث لأن الحلف إنما كان على البيت
وإذا حلف الرجل على بعض أهله أن لا تخرج من باب هذه الدار فخرجت من هذه الدار من غير الباب لم يحنث وكذلك لو حلف لا يدخل من باب هذه الدار بابا بعينه فدخل من غير الباب لم يحنث ولو أحدث للدار بابا آخر فخرج منه أو دخل منه حنث

إلا أن يكون قال من هذا الباب فإنه لا يحنث لأن اليمين وقعت على الباب الأول وهذا باب آخر والبيت في هذا والدار سواء
ولو حلف لا تخرج من الدار فاحتملها هو فأخرجها لم يحنث لأنها لم تخرج إنما أخرجت وكذلك لو احتملها غيره فأخرجها إلا أن تكون هي امرأته فتكون هي التي خرجت ويقع عليها اليمين وإذا حلف على أحد من أهله لا يخرج من المنزل إلا أن يأذن له فأذن له حيث لا يسمع ولم يكن حاضرا لذلك فإن هذا لا يكون بإذن وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وفيها قول آخر قول أبي يوسف إن هذا إذا حضر أو لم يحضر


وإذا حلف الرجل على بعض أهله لا يخرج من المنزل إلا في كذا وكذا فخرجت في ذلك الشيء مرة ثم خرجت في غيره فإنه يحنث فإن كان عنى أن لا تخرج هذه المرة إلا في كذا وكذا فخرجت في تلك المرة ثم خرجت في غير ذلك لم يحنث وإذا خرجت لذلك الشيء الذي حلف عليه ثم بدا لها فانطلقت في غيره ولم تنطلق في ذلك لم يحنث لأن الخروج كان في الذي حلف عليه بعينه ولا يفسد ذلك انطلاقها في غيره
وإذا حلف الرجل على بعض أهله لا يخرج مع فلان من المنزل

ولا نية له فخرج معه غيره ثم خرج فلان فلحقه لم يحنث وكذلك لو حلف لا يدخل فلان عليها بيتا فدخل فلان البيت وليست المرأة فيه ثم دخلت المرأة بعد ذلك البيت وفلان فيه فاجتمعا جميعا لم يحنث لأن فلانا لم يدخل عليها إنما هي التي دخلت عليه
ولو حلف رجل على بعض أهله أن لا يخرج من الدار فدخل بيتا في علوها أو كنيفا شارعا إلى الطريق الأعظم لم يكن هذا خروجا من الدار ولم يحنث لأنها فيها بعد لأن الكنيف من الدار والعلو من الدار

باب الكفارة في اليمين في أكل الطعام
وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاما ولا يشرب شرابا فذاق من ذلك شيئا ولم يدخله جوفه ولا حلقه فإنه لا يحنث فأما إذا قال

لا أذوق طعاما ولا أذوق شرابا فذاق شيئا من ذلك لم يدخل جوفه فإنه يحنث وإن عنى شربه وأكله فإنه لا يحنث حتى يشربه ويأكله فأما إذا قال لا أذوق طعاما ولا أذوق شرابا ولا نية له فذاق شيئا من ذلك ولم يدخل جوفه فإنه يحنث ألا ترى أن الصائم يقول قد ذقت كذا وكذا ولا يفطره ذلك ولو تمضمض في وضوء الصلاة لم يحنث ولم يكن هذا من الذوق وإنما الذوق عندنا ما دخل فاه يريد أن يعلم ما طعمه
وإذا حلف الرجل لا يأكل شيئين من الطعام فسماهما فقال والله لا آكل كذا وكذا فأيهما أكل حنث ألا ترى أنه لو قال والله

لا آكل قليلا ولا كثيرا حنث ولو قال والله لا أذوق طعاما ولا شرابا فذاق أحدهما حنث وكذلك لو قال والله لا أكلم فلانا أو فلانا فأيهما كلم حنث
وإذا حلف الرجل لا يأكل لحما ولم يكن له نية فأكل سمكا لم يحنث لأن اللحم هنا واليمين إنما يقع على معاني كلام الناس ألا ترى أنه لو أكل ربيثا أو صحناء أو صيرا أو كنعدا لم يحنث

ولم يكن هذا من اللحم وإن كان يوم حلف عنى السمك مع اللحم فأكله حنث والطري والمالح في ذلك سواء ألا ترى إلى قول الله تبارك وتعالى في كتابه { لتأكلوا منه لحما طريا }


وإذا حلف الرجل لا يأكل لحما ولا نية فأي لحم أكل فانه يحنث إن أكل لحم غنم أو إبل أو بقر أو طير مشوي أو مطبوخا أو صفيفا فانه يحنث وكذلك لو أكل شيئا من البطون والرؤوس وكذلك

لو أكل شحما مما يكون مع اللحم حنث فأما إذا كان من شحم البطن فانه لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك لأن الشحم غير اللحم وكذلك لو أكل من الألية شيئا فانه لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك لأن الشحم والألية غير اللحم


وإذا حلف الرجل لا يأكل إداما ولا نية له فالإدام عندنا اللبن والزيت والخل والزبد وأشباه ذلك فان أكل شيئا من ذلك حنث وإذا أكل جبنا أو بيضا أو ما أشبه ذلك مما لا يؤتدم به لم يحنث

وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يحنث في كل شيء يؤكل مع الخبز مما الغالب عليه ذلك مثل اللحم المشوي والجبن ونحو ذلك فهو أدم كله يحنث

وإذا حلف الرجل لا يأكل من طعام فلان ولا نية له فاشترى فلان طعاما بعد اليمين فأكل منه فانه يحنث ما كان في ملكه يوم حلف الحالف وما أصاب بعد ذلك فهو سواء ألا ترى أنه طعامه وكذلك لو حلف لا يدخل منزلا فاشترى منزلا فدخله
وإذا اشترى الحالف من طعام المحلوف عليه أو وهبه لغيره فاشتراه أو اشتراه غيره فأكل منه الحالف لم يحنث لأنه ليس بطعام لفلان المحلوف عليه
وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاما ينوي طعاما بعينه أو حلف لا يأكل لحما ينوي لحما بعينه فأكل غيره من اللحم أو غيره من الطعام فانه لا يحنث
ولو حلف على ذلك بعينه أو طلاق لم يحنث فيما بينه وبين الله

تعالى فأما في القضاء فانه لا يدين في ذلك ويقع عليه العتق والطلاق
وإذا حلف الرجل لا يأكل شواء وهو ينوي كل شيء يشوي فأي ذلك أكل فانه يحنث فان لم يكن له نية فلا يقع هذا إلا على

اللحم فإن أكل لحما مشويا حنث وإن أكل غيره مما يشوي لم يحنث
وإذا حلف الرجل لا يأكل رأسا وهو ينوي الرؤوس كلها من السمك والغنم وغيرها فأي ذلك ما أكل فانه يحنث وإن لم يكن له نية فلا يقع هذا إلا على الغنم والبقر لأنها هي التي تباع فعليها يقع معاني كلام الناس وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد أما اليوم فإنما اليمين فيها على رؤس الغنم خاصة


وإذا حلف الرجل لا يأكل بيضا وهو ينوي بيض كل شيء من الطير والسمك وغيره فأي ذلك ما أكل حنث فان لم يكن له نية فإنما يقع هذا على بيض الطير من الدجاج والإوز وغيره من الطير فان أكل غيره لم يحنث وإن أكل شيئا منه حنث
وإذا حلف الرجل لا يأكل طبيخا وهو ينوي كل شيء يطبخ من اللحم وغيره فأكل شيئا من ذلك فانه يحنث وإن لم يكن له نية فإنما يقع هذا على اللحم فان كان أكل شيئا من ذلك مطبوخا حنث واللحم كله في ذلك وغيره سواء وإن أكل غير لحم

لم يحنث في قول أبي يوسف والقياس في هذا أنه يحنث في اللحم وغيره
وإذا حلف الرجل لا يأكل فاكهة ولا نية له فأكل عنبا أو رمانا أو رطبا فانه لا يحنث ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه { فاكهة ونخل ورمان } وقال في موضع آخر { وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا } فأخرج العنب من الفاكهة وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد نراه حانثا وإذا أكل

من صنوف الفاكهة شيئا فانه يحنث فان كان حين حلف نوى العنب والرمان والرطب فأكل من ذلك شيئا فانه يحنث ولا يدخل في الفاكهة القثاء ولا الخيار ولا الجزر ولا أشباه ذلك فأما المشمش والتين والخوخ والبطيخ وأشباه ذلك فان هذا كله يدخل في الفاكهة

وكذلك الفاكهة اليابسة يدخل فيها اللوز والجوز وأشباه ذلك
وإذا حلف الرجل لايأكل هذا الطعام اليوم فأكله غيره في ذلك اليوم فانه لا يقع عليه الحنث لأنه وقت وقتا فذهب الطعام قبل ذهاب ذلك الوقت وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف إذا حلف ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله غيره حنث إذا

غربت الشمس ألا ترى أن له مدة موقتة ولو أكل فيه الطعام بر في يمينه ولا يقع عليه اليمين والحنث قبل أن تمضي المدة وكذلك كل شيء حلف عليه ليفعلنه ووقت لذلك وقتا وحلف على ذلك بطلاق أو عتاق أو غير ذلك فذهب ذلك الذي حلف عليه قبل أن يمضي الوقت لم يحنث ولم يقع عليه اليمين في قول أبي حنيفة ومحمد ويحنث في قول أبي يوسف إذا كان ذلك الشيء الذي قد حلف عليه قد ذهب حتى لا يقدر عليه أرأيت رجلا حلف ليأكلن هذا الطعام غدا فأكله اليوم أو حلف ليقضين هذا الرجل غدا فقضاه اليوم أما كان هذا قدير ولا يقع عليه اليمين ولا حنث في قول أبي حنيفة ومحمد وفي قول أبي يوسف يحنث
وإذا حلف الرجل ليأكلن هذا الطعام ولم يوقت لذلك وقتا فأكله غيره فان الحالف يقع عليه اليمين والحنث ألا ترى أنه لا يستطيع أن يأكل ذلك الطعام وأنه ليس له فيه مدة وقتها لنفسه في أكله وكذلك لو مات الحالف قبل أن يأكله والطعام قائم بعينه فقد وجبت عليه اليمين وكذلك كل شيء حلف عليه من طعام أو شراب بطلاق أو عتاق فمات قبل أن يفعله فانه يحنث ووقع عليه اليمين ما كان من طلاق أو عتاق أو غيره ولو كانت له مدة قد وقتها في يمينه ثم مات قبل

أن يفعل ذلك وقبل تلك المدة لم يحنث ولو مضت المدة وهو حي والذي حلف عليه قائم بعينه فقد وقع عليه الحنث وقال زفر إذا خلت

المدة وقد هلك ذلك الشيء حنث
وإذا حلف الرجل لا يأكل من طعام يشتريه فلان فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه فانه يحنث إلا أن ينوي أن يشتريه هو وحده ألا ترى أن فلانا قد اشترى بعضه وأن الذي اشترى فلان طعام وكذلك لو حلف لا يأكل من طعام يملكه فلان ولو قال لا ألبس ثوبا يشتريه فلان أو يملكه فلان فلبس ثوبا اشتراه فلان وآخر معه لم يحنث لأن هذا لم يشتره فلان كله وإذا اشترى بعضه أو ملك بعضه فليس ذلك البعض بثوب ألا ترى أنه لو قال هذا الثوب لفلان كذب ولو قال هذا الطعام لفلان يعني بعضه صدق وقال أبو يوسف إذا حلف ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله إنسان آخر ثم مضى اليوم فانه يحنث
وإذا حلف الرجل لا يأكل من هذا الدقيق شيئا فأكل من خبزه ولم يكن له نية حين حلف فانه يحنث لأن الدقيق هكذا يؤكل 296 وإن كان عنى حين حلف لا يأكل الدقيق بعينه لم يحنث فأما إذا لم يكن له نية فإنما يقع هذا على ما يضع الناس ولو حلف لا يأكل من هذه الحنطة شيئا وهو يعني أن يأكلها حبا كما هي فأكل مما يخبز منها أو من سويقها لم يحنث وإن لم تكن له نية فأكل من خبزها فان أبا حنيفة قال إنه لا يحنث وإنما يضع من يقول هذا القول اليمين على القياس يقول لا يحنث إلا أن يأكلها حبا والقول الآخر قول أبي يوسف ومحمد إن اليمين إنما هي على ما يضع الناس فإذا أكل من خبزها حنت إلا أن يعني الحب بعينه


وإذا أكل الرجل من سويقها لم يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ألا ترى أنك تقول هذا الخبز حنطة ويقول الرجل أكلنا أجود حنطة في الأرض يعني الخبز
وإن حلف الرجل لا يأكل من هذا الطلع شيئا فأكل منه

بعد ما صار يسرا لم يحنث وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا البسر شيئا فأكل منه بعد ما صار رطبا أو تمرا لم يحنث ألا ترى انه

لو أكل من خل جعل من ذلك التمر لم يحنث لأنه قد تغير وخرج من ذلك الجنس
وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا اللبن شيئا فأكل منه حين صنع منه جبن أو أقط أو شيراز لم يحنث لأنه قد تغير حاله ألا ترى أنه لو حلف أنه لا يأكل طعاما وقال عنيت لونا من الطعام فأكل غيره فانه لا يحنث ولو كانت يمينه بعتق أو طلاق لم يقع عليه فيما بينه وبين الله تعالى في ذلك وأما في القضاء فانه يقع عليه في ذلك الطلاق والعتاق وإذا حلف الرجل لا يأكل هذا السويق فشربه شربا لم يحنث لأن الشرب غير الأكل


ولو حلف ليأكلن هذا السويق فأكله كله إلا حبة أو شبهها كان قد بر ولم يكن عليه الحنث ولو حلف ليأكلن هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو نحوها كان قد بر ولم يحنث لأن هذا معاني كلام الناس إلا أن يعني أن يأكلها فلا يترك منه شيئا
ولو حلف فقال لامرأتين له أيتكما أكلت هذه الرمانة فهي طالق فآكلتها المرأتان كلتاهما لم يقع على واحدة منهما شيء لأن كل واحدة منهما لم تأكلها كلها وكذلك لو أكلت إحداهما الثلثين والأخرى الثلث

وإذا حلف الرجل أن لا يأكل سمنا فأكل سويقا قد لت وأوسع بالسمن حتى يستبين فيه طعمه ويوجد فيه مكانة فانه يحنث لأنه قد أكل سمنا وكذلك كل شيء أكله وفيه سمن يوجد فيه طعمه ويستبين فيه فانه يحنث وإن كان لا يوجد طعمه ولا يرى

مكانه لم يحنث
وإذا حلف الرجل لا يأكل هذه التمرة فاختلطت بتمر فأكل

ذلك التمر فانه يحنث لأنه قد أكل التمرة التي حلف فيها ولو حلف على مثل ذلك على بيضة أو جوزة كان ذلك كله سواء
وإذا حلف أن لا يأكل شيئا من سمن نظر إليه في إناء فخلط ذلك السمن بعسل حتى غلب عليه العسل ولم ير فيع من السمن شيئا ولم يجد له طعما فأكل ذلك العسل لم يحنث لأن السمن قد ذهب وتغير وكذلك كل شيء خلط به ذلك السمن حتى يغلب عليه ذلك الشيء فلا يوجد للسمن طعم ولا يرى مكانه لم يحنث إذا أكله وليس هذا كالجوزة والبيضة وأشباه ذلك لأن هذا لم يختلط وإن كان لا يعرف لأنه على حاله لم يخالطه شيء
وإذا حلف الرجل أن لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها شعير حبة حبة ولم يكن له نية فانه يحنث لأنه قد أكل شعيرا


ولو حلف أن لا يأكل شحما فأكل لحما يخالطه شحم لم يحنث لأن هذا لحم عند الناس وليس هو بالشحم وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يحنث ألا ترى أنه لو حلف لا يشتري شعيرا فاشترى حنطة فيها شعير لم يحنث لأن الشرى على الحنطة وكذلك لو حلف لا يشتري حنطة فاشترى شعيرا فيه حنطة ولو حلف أن لا يأكل شعيرا حبا فأكل حنطة فيها حب شعير حبة حبة فانه يحنث

لأن الأكل مخالف للشراء لأن الأكل قد وقع ههنا على الشعير والشرى قد وقع على الحنطة
وإن حلف الرجل أن لا يأكل بسرا فأكل بسرا مذنبا ولم يكن له نية حين حلف فانه يحنث وإذا حلف أن لا يأكل رطبا فأكل ذلك البسر المذنب ففي هذا قولان قول إنه يحنث وإن هذا المذنب يقع عليه اسم البسر واسم الرطب وهذا قول أبي حنيفة ومحمد والقول الآخر إنه بسر وليس برطب حتى يرطب منه ما يسمى رطبا وهذا لا يحنث وهو قول أبي يوسف وقال زفر إذا وقع عليه اسم الرطب حنث وإذا لم يقع لم يحنث وبه نأخذ
ولو حلف الرجل أن لا يأكل بسرا فأكل رطبا وفي الرطب شيء من البسر لم يحنث في قول أبي يوسف لأن هذا الذي في الرطب

لا يسمى بسرا وأما في قول أبي حنيفة ومحمد فانه يحنث
وإذا حلف الرجل أن لا يأكل من هذا العنب شيئا فأكل منه بعد ما صار زبيبا لم يحنث لأنه ليس بعنب قد خرج من ذلك الجنس ونسب إلى غيره
ولو حلف أن لا يأكل جوزا ولا نية له فأكل منه رطبا أو يابسا فانه يحنث وكذلك كل شيء من هذا الضرب مثل اللوز والجوز والفستق والتين وأشباه ذلك
وإذا حلف الرجل لا يأكل من الحلو شيئا ولا نية له فأي شيء ما أكل من الحلو فانه يحنث من خبيص أو عسل أو سكر أو ناطف

أو أثباه ذلك
وإذا حلف الرجل لا يأكل خبيصا فأكل منه رطبا أو يابسا حنث
وإذا حلف الرجل أن لا يأكل شيئا فأكره على ذلك الشيء حتى أكل منه فانه يحنث والمكره على هذا وغيره سواء
ولو استحلفه رجل وأكره حتى حلف لا يأكل شيئا ثم أكل بعد ذلك فانه يحنث والمكره على الأكل وغير المكره سواء
وإذا حلف الرجل لا يأكل شيئا ثم أصابه مرض فأغمي عليه أو ذهب عقله فأكل منه فانه يحنث وكذلك لو أصابه فأكل حنث

وعليه الكفارة لأنه حلف وهو صحيح
وإذا حلف الرجل وهو ذاهب العقل ثم أكل وهو صحيح لم يحنث وكذلك لو حلف وهو صغير ثم أكل بعد ما أدرك وكبر لم يحنث ولم يكن عليه الكفارة لأن الحنث لم يجب عليه يوم الحلف
ولو حلف وهو كافر ثم أسلم ثم حنث في يمينه لم يجب عليه شيء


وإذا حلف لا يأكل تمرا وليس له نية فأكل قسبا لم يحنث وكذلك لو أكل بسرا مطبوخا فان كان نوى ذلك حين حلف فأكل منه فانه يحنث قال أبو يعقوب وقال محمد بن العنبر قال عثمان إن حلف بالفارسية لا يأكل تمرا فأكل قسبا فانه يحنث لأن القسب بالفارسية خشكيز
وإذا حلف لا يأكل تمرا فأكل رطبا لم يحنث إلا أن يكون عنى ذلك فأكله حنث وإن لم يكن له نية فإنما أضع اليمين في هذا على معاني كلام الناس
وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاما قد سماه بعينه فأدخله في يفيه فمضغه ثم ألقاه من فيه ولم يدخل في جوفه لم يحنث ولو مضغه حتى

يدخل في جوفه من مائه لم يحنث ألا ترى أنه لم يأكل وأن الأكل ليس بالمضغ ولو مصه فدخل جوفه طعمه ولم يدخل منه غير ذلك لم يحنث لأن هذا ليس بأكل أرأيت لو غسله فشرب ماءه أكان أكل شيئا قال لا
وإذا حلف الرجل لا يأكل حبا ولا نية له فأي الحب ما أكل من سمسم أو غيره فانه يحنث لأن كل شيء يقع عليه اسم الحب مما يأكل الناس فانه يدخل في يمينه ويقع عليه الحنث إذا أكله فان عنى شيئا من ذلك بعينه أو سماه فانه يحنث إن أكل ذلك ولا يحنث إن أكل غيره
وإذا حلف الرجل أن لا يأكل عسلا أو لبنا أو سويقا فشرب شيئا من ذلك شربا فانه لا يحنث وكذلك كل شيء يؤكل ويشرب إذا حلف لا يأكله فشربه لم يحنث لأن الشرب غير الأكل وإذا حلف لا يشرب فأكله لم يحنث لأن الشرب غير الأكل
وإذا حلف الرجل لا يأكل خبزا ولا نية له فأكل خبز الشعير فانه يحنث لأن خبز الشعير والحنطة في هذا سواء وهو خبز كله

وإن أكل من سوى خبز الحنطة والشعير فانه لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك فان نواه حنث وإن أكل جوزينج أو أشباه ذلك لم يحنث إلا أن يكون نوى ذلك فان نواه حنث وإن لم يكن له نية لم يحنث فيه لأنه لا يسمى خبزا


وإن حلف لا يأكل خبزا فأكل خبز الأرز ونحوه من الذرة وغيرها فان كان من أهل بلد ذلك طعامهم حنث وإن كان من أهل الكوفة ونحوهم مما لا يأكل ذلك عامتهم لم يحنث إلا أن ينوي ذلك
وإذا حلف الرجل لا يأكل تمرا فأكل حيسا فانه يحنث لأن هذا هو التمر بعينه لم يغلب عليه شيء
وإن دخل رجل على رجل فدعاه إلى الغداء فحلف أن لا يتغدى بطلاق أو عتاق أو غيره ولا نية له ثم قام إلى أهله فتغدى هناك

لم يحنث لأنه يمينه إذا وقعت جوابا لكلام الرجل وكذلك لو قال كل معي فحلف لا يأكل معه إنما يقع هذا جواب الكلام إلا أن ينوي غيره فيكون ما نوى

باب كفارة اليمين في الشرب في قول محمد
وإذا حلف الرجل لا يشرب شرابا ولا نية له فأي شراب شرب من الماء وغيره فانه يحنث وإن كان سمى شرابا بعينه فشرب غيره لم يحنث وكذلك لو نوى شرابا بعينه فحلف على ذلك بعتق أو طلاق ولم يسم الشراب فشرب غير الذي نوى فانه يدين ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء


وإذا حلف لا يشرب نبيذا ولا نية له فأي نبيذ شرب فانه يحنث والأنبذة في ذلك كلها سواء

وإذا حلف الرجل لا يشرب لبنا أبدا ولا نية له فأي لبن شرب من ألبان الإبل والبقر والغنم حنث وإن صب لبن في ماء فشرب منه فان كان اللبن غالبا على الماء يوجد طعمه ويرى فيه فهذا لبن وهو يحنث إن شرب وإن كان الماء هو الغالب حتى لا يرى اللبن فيه ولا يوجد طعمه فانه لا يحنث ألا ترى أن هذا ماء
ولو أن رجلا حلف لا يشرب ماء فشرب نبيذا لم يحنث وفي النبيذ ماء لأن الماء ههنا قد تغير
ولو حلف رجل لا يشرب لبنا أو عسلا فأوجر ذلك وجورا لم يحنث لأنه لم يشرب وكذلك لو صب في حلقه وهو كاره
وإذا حلف الرجل لا يشرب نبيذا فشرب سكرا لم يحنث لأن

هذا ليس بنبيذ ولا ينبغي له أن يشرب السكر وإثمه أعظم من الحنث والكفارة ولو شرب بختجا لم يحنث لأنه ليس بنبيذ ولو شرب عصيرا لم يحنث لأن هذا ليس بنبيذ وإنما يقع هذا على ما يسمى نبيذا
وإذا حلف الرجل لا يشرب مع فلان شرابا فشربا في مجلس واحد من شراب واحد فانه يحنث وإن كان الإناء الذي يشربان فيه مختلفا لأن الشراب هكذا يكون وإن اختلفت آنيتهم ألا ترى أنه يقال فلان يشرب مع فلان فان شرب الحالف من شراب وشرب الآخر من شراب غيره وقد ضمهما مجلس واحد فانه يحنث لأنه قد شرب مع فلان إلا أن يكون نوى حين حلف من شراب واحد

ألا ترى أنه لو قال لا آكل مع فلان طعاما أبدا فأكلا على مائدة واحدة من طعام مختلف حنث
وإذا حلف الرجل لا يذوق شرابا ولا نية له فذاقه بلسانه ولم يدخل جوفه منه شيئا فانه يحنث والذوق ما أدخل فمه يريد أن يعلم ما طعمه إلا أن يكون عنى أن يدخله جوفه
وإذا حلف الرجل لا يشرب شرابا فمضغ رمانة أو شبهها فمص ماءه ثم ألقى ما بقي لم يحنث لأن هذا ليس بشراب وكذلك لو حلف أن لا يأكله لم يحنث لأن هذا ليس بأكل
وإذا حلف الرجل لا يشرب الماء ولا نية له فشرب من الماء شيئا قليلا أو كثيرا حنث وكذلك لو حلف أن لا يأكل الطعام فأكل منه شيئا يسيرا حنث وإنما معنى اليمين ها هنا أن يأكل منه شيئا وإن كان حين حلف إنما عنى الماء كله أو الطعام كله لم يحنث أبدا لأنه لا يستطيع أن يشرب الماء كله ولا يأكل الطعام كله
وكذلك لو قال لا أشرب شراب فلان ولا آكل طعام فلان ألا ترى أنه لو قال لا أذوق الماء حنث إذا ذاق بعضه إلا أن

يكون عنى أن لا يشربه كله فانه لا يحنث
وإذا حلف الرجل لا يشرب شرابا فأكل عسلا أو لبنا لم يحنث وإن شرب واحدا منهما حنث لأنه يسمى الشراب فلا يقع ذلك إلا على ما يشرب
ولو حلف أن لا يذوق شرابا وهو يعني أن لا يشرب النبيذ خاصة فأكله أكلا لم يحنث لأنه قال لا أذوق شرابا إلا أن يكون عنى ذلك لأنه قال شراب
ولو حلف لا يذوق لبنا ولم يقل أشرب ولم يكن له نية فان أكل منه حنث وإن شرب منه حنث لأنه قد ذاقه في الوجهين جميعا
وإذا حلف الرجل لا يشرب الطلاء ولا نية له فشرب شيئا يقع

عليه اسم الطلاء فانه يحنث
وإذا حلف الرجل أن لا يشرب من دجلة ولا نية له فغرف منها بقدح ثم شرب من القدح فان أبا حنيفة قال لا يحنث إلا أن يضع فاه في دجلة نفسها فيشرب منها وقال أبو يوسف ومحمد يحنث وكذلك لو استقى من ماء دجلة فجعل في إناء ثم صب في قدح فشرب منه فانه يحنث في قول أبي يوسف ومحمد ولا يحنث في قول أبي حنيفه وقياس هذا في قول أبي يوسف ومحمد كل إناء لا يضعه

الرجل على فيه فيشرب منه فإنما المعنى فيه أن يأخذ منه فيشرب منه كما يشرب الناس ألا ترى أنه لو حلف لا يشرب من هذا الحب فاغترف منه بقدح فشرب أنه يحنث لأن معنى الكلام هذا

باب الكفارة في اليمين في الكسوة
وإذا حلف الرجل لا يشتري ثوبا ولا نية له فاشترى كساء خز أو طيلسانا أو ثوبا من البياض أو الوشي أو غيره فانه يحنث وكذا لو اشترى فروا أو قباء أو قميصا ولو اشترى مسحا أو بساطا

لم يحنث إنما أضع هذا على ما يلبس الناس ولا أضعه على البسط ولو اشترى قلنسوة لم يحنث لأن هذا ليس بثوب ولو اشترى خرقة لا تكون نصف ثوب لم يحنث فان اشترى أكثر من نصف ثوب حنث لأنه لا يسمى ثوبا ولو اشترى ثوبا صغيرا حنث
ولو حلف لا يلبس ثوبا ولا نية له كان مثل هذا سواء ولو سمى ثوبا بعينه فليس منه طائفة تكون أكثر من نصفه حنث
ولو حلف لا يلبس ثوبا بعينه فقطعه قباء أو قميصا أو جبة فحشاها فلبسها فانه يحنث


ولو حلف لا يلبس ثوبا وهو يعني من المروي فلبس من غيره ثوبا لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى فأما في القضاء فلا يدين وهو له لازم عتقا كان أو طلاقا ولو حلف على قميص لا يلبسه أبدا فجعله قباء فلبسه أو حلف على قباء لا يلبسه فجعله قميصا أو جبة محشوة فلبسها ولا نية له حين حلف لم يحنث لأنه قد تغير وخرج من ذلك الجنس ولو نوى لا يلبسه على حال حنث
وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوبا مسمى وهو لا بسه ولا نية له فتركه بعد الحلف عليه ساعة أو يوما فانه يحنث لأنه قد لبسه وإن كان نوى حين لبسا مستقبلا بعد أن ينزعه لم يحنث إلا أن يفعل ذلك ولو حلف على ذلك بعتق أو طلاق ونوى ذلك لم يدين في القضاء ولكن يدين فيما بينه وبين الله تعالى


وإذا حلف الرجل لا يلبس من غزل فلانة شيئا وليست له نية فلبس ثوبا قد غزلته حنث لأنه لبس الغزل هكذا يكون وإن عنى لبس الغزل بعينه قبل أن ينسج ثوبا فانه لا يحنث إذا لبسه ثوبا
وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوبا من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها وغزل أخرى فانه لا يحنث لأن الثوب كله ليس من غزلها إذا شركتها الأخرى فيه وكذلك لو حلف لا يلبس ثوبا من نسج فلان وكذلك لو حلف لا يلبس ثوبا من شراء فلان فاشترى

معه آخر لم يحنث وكل شيء من هذا يشرك المحلوف عليه آخر فان الحالف لا يحنث
وإذا حلف الرجل على ثوب أن لا يلبسه فقطعه قميصا أو قباء فلبسه فانه يحنث لأنه قد لبس ذلك الثوب ولم يغيره هذا ويخرجه من أن يكون ثوبا فهو ثوب بعد وإن كان مقطعا
وإذا حلف الرجل لا يلبس خزا ولا نية له فلبس ثوبا من هذه الثياب التي تسميها الناس الخز فانه يحنث لأنه هو خز عند الناس وإن لم يكن خالصا
وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوبا حريرا ولا ثوب إبريسم ولا نية له فلبس ثوب خز سداه إبريسم أو حرير لم يحنث وإنما يقع اليمين ههنا إن لبس ثوب حرير كله أو إبريسم كله ألا ترى

أنه لو لبس ثوبا علمه إبريسم أو حريرا لم يحنث ولو لبس ثوبا ملحما لحمته إبريسم أو حرير حنث وإن كان حين حلف لا يلبس حريرا ولا إبريسما ينوي سدى الثوب ولحمته وعلمه فليس ثوبا سداه أو علمه أو لحمته إبريسم حنث
وإذا حلف الرجل لا يلبس قطنا ولا نية له فلبس ثوب قطن فانه يحنث ولو لبس قباء ليس بقطن وهو محشو بقطن لم يحنث إنما أضع اليمين ههنا على ثوب من قطن إلا أن يعني الحشو وكذلك

لو حلف لا يلبس ثوبا من كتان فلبس ثوبا من قطن وكتان لم يحنث لأنه لم يلبس ما حلف عليه ألا ترى أنك تقول هذا الثوب قطن وكتان ولا تنسبه إلى أحدهما دون صاحبه والخز قد تنسبه إلى الخز دون الإبريسم
وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوب كتان فلبس ثوبا من قطن وكتان لم يحنث لأن هذا ليس بكتان كما قال ألا ترى أنه لا ينسب إلى كتان وليس هذا كالخز الخز ينسب إلى الخز ولا ينسب إلى ما فيه من الإبريسم والحرير


وإذا حلف الرجل أن لا يلبس ذلك القطن لقطن بعينه فجعل ذلك القطن ثوبا ولم يكن له نية حين حلف فانه يحنث إن لبس الثوب لأن القطن لا يلبس إلا هكذا
وإذا حلف لا يلبس ثوبا قد سماه بعينه فاتزر به أو تردى به أو اشتمل به فانه يحنث في أي ذلك ما صنع لأن هذا لبس
وإذا حلف أن لا يلبس هذا القميص وليست له نية فاتزر به أو تردى به حنث وإذا قال لا ألبس قميصا وليست له نية فارتدى به أو اتزر به لم يحنث وإنما أضع هذا على أن يلبسه كما يلبس القميص وعلى هذا معاني كلام الناس عندنا وأدع القياس فيه ألا ترى أنه لو قال ما لبست اليوم قميصا كان صادقا وكذلك القباء أرأيت لو حلف لا يلبس درعا حريرا فوضعه على عنقه كان هذا لابسا له وقال أبو يوسف ومحمد إذا سمى لا يلبس هذا القميص بعينه أو هذا القباء فاتزر به

أو تردى حنث لأنه قد لبسه
وإذا حلف الرجل لا يلبس قميصا فلبس قميصا ليس له كمان ولم يكن له نية حين حلف فانه يحنث ألا ترى أنه قميص وإن لم يكن له كمان وكذلك الدرع ألا ترى أن الرجل قد يشتري الكمين للدرع وليس للدرع كمان بعد وإنما ينسب إلى البدن
وإذا حلف لا يلبس ثوبا فوضعه على عنقه يريد بذلك الحمل لا يريد بذلك اللبس لم يحنث لأنه إنما حمل ولم يلبس

وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوبا فألبسه إياه رجل وهو مكره لم يحنث لأنه لم يلبس وإنما ألبس
وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوبا وهو ينوي ثوبا من الثياب خاصة فلبس غير ذلك فانه يسعه فيما بينه وبين الله تعالى ولو حلف رجل بعتق أو طلاق لم يدين في القضاء
وإذا حلف الرجل لا يلبس ولم يقل ثوبا وهو ينوي نوعا من الثياب خاصة فلبس غيره فانه يحنث من قبل أنه لم يسم شيئا وكذلك لو حلف لا يأكل وهو ينوي نوعا من الطعام أو حلف لا يشرب وهو ينوي نوعا من الشراب وليس له في شيء من هذا تسمية فانه يحنث لأنه لم يسم شيئا
وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوب فلان هذا الثوب بعينه وهو ينوي ما دام في ملكه فباعه فلبسه الذي حلف عليه بعد ذلك لم يحنث وإن لم يكن له نية فلبسه بعد ما باعه فانه لا يحنث أيضا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ويحنث في قول محمد
وإذا حلف الرجل لا يلبس من ثياب فلان شيئا وهو يعني ما عنده

فاشترى فلان ثيابا فلبس منها ثوبا فانه لا يحنث ولو اشترى منه ثوبا فلبسه لم يحنث لأنه قد خرج من ملك فلان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وكذلك لو اشتراه غيره منه وكذلك إن وهبه فلان لغيره وقبضه الموهوب له ثم لبسه الحالف لم يحنث وكذلك لو لبس ثوبا لفلان ولآخر لم يحنث لأنه ليس لفلان كله
وإذا حلف الرجل لا يكسو فلانا شيئا ولا نية له فكساه قلنسوة أو خفين أو جوربين أو نعلين حنث لأنه مما يكسى
ولو حلف رجل لا يكسو فلانا ثوبا فأعطاه درهما ليشتري به

ثوبا لم يحنث لأن هذا لم يكسه إنما وهب له دراهم ولو أرسل إليه بثوب كسوة حنث لأنه قد كساه لو كان حين حلف أن لا يكسوه ثوبا نوى لا يعطيه بيده إلى يده لم يحنث
وإذا حلف الرجل لا يلبس سلاحا أبدا لا نية له فتقلد سيفا أو تنكب قوسا أو ترسا لم يحنث لأنه قال لا ألبس سلاحا فلا يحنث حتى يلبس كما قال ولو لبس درع حديد ولم يكن معه غيره حنث لأنه هذا قد لبس السلاح ولو حلف لا يلبس درعا ولا نية له فلبس درعا من حديد أو درع امرأة فأي ذلك ما لبس فانه يحنث فان كان نوى حين حلف لبس الحديد دون ما سواه لم يحنث إلا فيه وإن كان نوى درع النساء دون الحديد لم يحنث إلا فيها


وإذا حلف الرجل لا يلبس شيئا ولا نية له فلبس درع حديد أو درع امرأة أو خفين أو نعلين أو قلنسوة فانه يحنث في أي ذلك ما لبس لأنه حلف لا يلبس شيئا فكل شيء وقع عليه اسم الشيء واسم لبس فانه يحنث إذا لبسه وتجب عليه الكفارة

باب الكفارة في الوفاء في اليمين
وإذا حلف الرجل ليقضين فلانا ماله رأس الشهر ولا نية له فله الليلة التي يهل فيها الهلال ويومها ذلك كله ألا ترى أنك تقول اليوم رأس الشهر وإنما أهل البارحة


وإذا حلف الرجل للرجل ليعطينه حقه صلاة الظهر فله وقت الظهر كله فإذا ذهب وقت الظهر قبل أن يعطيه وقع عليه الحنث وكذلك إذا غابت الشمس من اليوم الذي سمى رأس الشهر قبل أن يعطيه فانه يحنث
وإذا حلف ليعطينه عند طلوع الشمس فله من حين تطلع الشمس إلى أن تبيض
وإذا حلف ليعطينه يوم كذا وكذا فله ذلك اليوم كله فإذا غابت الشمس قبل أن يعطيه حنث
وإذا حلف ليعطينه ماله رأس الشهر فأعطاه قبل ذلك أو وهبه له الطالب أو أبرأه منه قبل الهلال وجاء الهلال وليس عليه شيء فانه لا يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد ويحنث في قول أبي يوسف وكذلك لو مات المطلوب وبقي الطالب فانه لا يحنث لأنه قد مات قبل مضي المدة ألا ترى أنه لو أعطاه فيما بقي من الشهر لم يحنث وكذلك لو حلف على هذا بعتق أو طلاق وكذلك لو أن المطلوب قضى ذلك إلى وكيل الطالب بر ولم يحنث


ولو حلف لا يعطيه حتى يأذن له فلان فمات فلان أو لا يكلمه حتى يأذن له فلان فمات فلان قبل أن يأذن له ثم كلمه أو أعطاه حقه لم يحنث لأن فلانا قد مات وانقطع إذنه في الإعطاء والكلام وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وفيها قول آخر غير هذا إنه يحنث وهو قول أبي يوسف إذا كلمه أو أعطاه وإن كان فلان قد مات قبل أن يأذن له فانه على يمينه
وإذا حلف الرجل ليأكلن طعاما سماه غدا أو ليلبسن ثوبا سماه غدا فاحترق ذلك الطعام أو ذلك الثوب قبل أن يجيء غد لم يحنث لأنه قد بقي من مدته ووقته شيء وقال أبو يوسف وزفر يحنث إذا مضى الغد
وإذا حلف الرجل ليضربن فلانا أو ليعطين فلانا ما له عليه أو ليكلمن فلانا في كذا وكذا ولم يوقت لذلك وقتا فمات المحلوف عليه قبل أن يفعل أو الحالف فان الحنث قد وقع على الحالف لأنه لم يفعل ذلك
وإذا حلف ليعطين فلانا ما له وفلان قد مات قبل ذلك وهو لا يعلم لم يكن عليه حنث وكذلك لو حلف ليضربن فلانا أو ليكلمن

فلانا أو ليقتلن فلانا وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وفيها قول آخر إنه يحنث في ذلك علم أم لم يعلم وهو قول أبي يوسف وزفر
وإذا حلف ليشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز فنظر فإذا ليس في الكوز ماء لم يحنث وكذلك لو حلف بالعتق أو بالطلاق على هذا الأمر لأنه لم يحلف على شيء ألا ترى أنه لو حلف ليكلمن هذا

الرجل وأشار بيده إلى رجل فإذا هو لا شيء لم يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد ويحنث في قول أبي يوسف وزفر في هذا كله
وإذا حلف بطلاق امرأته ليأتين البصرة ولم يوقت لذلك وقتا فمات قبل أن يأتيها كان الطلاق يقع على امرأته فان كان دخل بها فلها الميراث لأن الطلاق قد وقع عليها قبل الوقت وهو فار والعدة عليها أبعد الأجلين أربعة أشهر وعشر تستكمل فيها ثلاث حيض وإن لم يكن دخل بها فلا عدة عليها ولا ميراث لها لأنه قد حنث ووقع الطلاق عليها حيث مات ولم يأت البصرة وقال أبو يوسف في المسألة الأولى عليها العدة بالحيض وليس عليها الشهور ولو بقي الرجل لم يمت فماتت امرأته كان له الميراث منها لأن الحنث والطلاق لم يقع عليها بعد ألا ترى أنه يقدر أن يأتي البصرة وكذلك لو حلف بعتق عبده أو بيمين غير ذلك فمات قبل أن يقع وقع الحنث عليه
ولو حلف بطلاق امرأته ثلاثا إن لم تأت امرأته البصرة ولم يوقت لذلك وقتا فماتت قبل أن تأتيها وقع عليها الطلاق قبل أن

تموت ولا ميراث للزوج ولو مات الزوج وبقيت المرأة لم يقع عليها الطلاق وكان لها الميراث لأنها قد تقدر على أن تأتي البصرة وفي المسألة الأولى قد ماتت ولم تأت البصرة فوقع الحنث عليها وكذلك كل شيء حلف عليه الرجل ليفعلنه ولم يوقت فيه وقتا فمات قبل أن يفعله وجب عليه الحنث
ولو حلف رجل بعتق كل مملوك له أن لا يكلم فلانا وليس له مملوك يومئذ ثم اشترى رقيقا ثم كلم فلانا لم يقع عليهم العتق لأنه لم يحلف يوم حلف وهم عنده وإن كان له رقيق ثم حلف ثم باعهم ثم كلم فلانا وهم ليسوا في ملكه لم يقع عليهم العتق لأنه قد حنث وهم في غير ملكه
ولو قال إذا كلمت فلانا فكل مملوك لي يوم أكلمه حر ثم اشترى رقيقا ثم كلمه وهم عنده عتقوا وكذلك لو قال يوم أكلم فلانا فكل مملوك لي حر


ولو قال إذا كلمت فلانا فكل مملوك أملكه حر ثم ملك رقيقا ثم كلمه لم يعتقوا ولو ملك رقيقا بعد ما كلمه لم يعتقوا لأنه إنما ملكهم بعد كلامه فليس يعتق إلا ما كان في ملكه يوم حلف
ولو قال إذا كلمت فلانا فكل مملوك لي حر وله رقيق عبيد وإماء ومكاتبون ومدبرون وأمهات أولاد له ثم كلمه عتق هؤلاء كلهم غير المكاتبين فانهم لا يعتقون وإن قال عنيت الرجال دون النساء فانه يصدق فيما بينه وبين الله تعالى ولا يصدق في القضاء ولو قال لم أعن المدبر في ذلك لم يدين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يصدق في القضاء ولو لم يكن له نية لم يعتق مكاتبوه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد
ولو قال كل مملوك أشتريه حر يوم أكلم فلانا ثم اشترى رقيقا ثم كلم فلانا ثم اشترى آخرين بعد أولئك عتق الأولون الذين اشتراهم قبل كلام فلان ولم يعتق الذين اشتراهم بعد كلام فلان

ألا ترى أنه إنما وقع العتق على الأولين وكذلك الطلاق في جميع ما ذكرت في هذه الأيمان فهو في وقوعه والعتق سواء
وإذا حلف الرجل بعتق عبده إن لم يكلم فلانا فمات الحالف ولم يكلمه ولا مال له غير العبد فإن العبد يعتق ويسعى في ثلثي قيمته لأن العتق وقع عند الموت ولو مات المحلوف عليه وبقي الحالف عتق العبد ولم يسع في شيء
ولو قال رجل لامرأته أنت طالق ثلاثا إن كلمت فلانا ثم طلقها واحدة بائنة ثم كلمت فلانا فان كلمته وهي في عدتها وقع عليها ثلاث تطليقات وإن كلمته بعد ما انقضت العدة لم يقع عليها شيء
وإذا قال الرجل لامرأته إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق فقد حلف بطلاقها في المرة الثانية فيقع عليها التطليقة الأولى وإن قال إذا حلفت بطلاقك فعبدي حر

وقال لعبده إذا حلفت بعتقك فامرأتي طالق فقد حلف بطلاق امرأته وقد وقع العتق على عبده
وإذا حلف الرجل لا يطلق امرأته ولم يكن له نية فأمر رجلا فطلقها أو جعل أمرها في يديها فطلقت نفسها أو خلعها أو قال لها أنت مني بائن ينوي الطلاق فهذا طلاق كله يقع به الحنث فان كان حين حلف ينوي أن لا يكلم بالطلاق بلسانه لا ينوي إلا ذلك فأمر رجلا فطلقها أو جعل أمرها إليها فطلقت نفسها فانه لا يقع عليه الحنث فيما بينه وبين الله تعالى
وإذا حلف الرجل لا يعتق عبده فأمر رجلا فأعتقه أو قال أنت حر إن فعلت كذا وكذا ففعل ذلك فان العبد يعتق ويقع الحنث على مولاه لأنه هو أعتقه حيث قال ما قال وكذلك لو حلف

أن لا يطلق امرأته ثم قال أنت طالق إن دخلت الدار فدخلت الدار وقع الطلاق عليها ووقع عليه الحنث ولو قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثم حلف بالله أن لا يطلقها ثم دخلت الدار وقع عليها الطلاق ولا يقع على زوجها الحنث في القضاء لأنه لم يجعلها طالقا بعد ما حلف إنما جعلها قبل أن يحلف
ولو حلف لا يبيع عبدا ولا متاعا ولا نية له فأمر غيره فباعه لم يحنث لأن الذي باعه هو البائع وكذلك لو حلف لا يشتري متاعا أو عبدا فأمر غيره فاشترى له ألا ترى أن الخصم في هذا إذا وجد عيبا المشتري وليس الأمر من الخصومة في شيء وكذلك إذا أمره

فباعه فالخصومة للبائع
ولو حلف لا يتزوج امرأة فأمر غيره فزوجه حنث لأنه قد تزوج ألا ترى أنك تقول تزوج فلان للزوج ولا تستطيع أن تنسب ذلك

343 إلى الذي خاطب عنه وزوجه وقد تقول اشترى فلان لفلان متاعا أو عبدا أو باع فلان لفلان عبدا أو متاعا
وإذا حلف الرجل لا يشتري عبدا وهو ينوي أن لا يأمر غيره فيشتري له فأمر غيره فاشترى له حنث لأنه قد نوى ذلك وكذلك إذا حلف لا يبيع وهو ينوي أن لا يأمر غيره فباع فانه يحنث لأنه قد نوى ذلك
وإذا قال الرجل كل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا إن كلم فلانا فكلم فلانا وقد تزوج امرأة قبل كلامه بعد الحلف وامرأة بعد كلامه فان الطلاق يقع عليهما جميعا ويقع على كل شيء تزوج منذ حلف إلى أن تمضي هذه المدة ولو كان قال إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق ثلاثا فتزوج امرأة بعد اليمين ثم كلمه لم يقع عليها الطلاق وإن تزوج امرأة بعد الكلام إلى ثلاثين سنة وقع عليها الطلاق وهذا مخالف للباب الأول إنما يقع يمينه بعد الكلام والباب الأول يقع يمينه على ما تزوج منذ

حلف إلى ثلاثين سنة بعد الكلام وقبل
ولو قال إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها طالق ثلاثا كان كما قال ولا يقع على ما تزوج قبل كلامه وإن كان قدم الحلف ثم كلم فلانا وقع الطلاق ولو تزوج قبل الكلام لم يقع الطلاق وكذلك العتاق في هذا كله وكل امرأة تزوجها قبل الحلف في جميع ذلك لم يقع عليها شيء إنما يقع على ما يتزوج بعد كلامه إذا بدأ فقال إن كلمت فلانا
ولو قال كل امرأة أتزوجها طالق ثلاثا إن كلمت فلانا فتزوج بعد اليمين والكلام حنث ولا يحنث فيما سوى ذلك وكذلك العتق


وإذا وقع الحنث في امرأة فتزوجها زوج غيره ودخل بها ثم فارقها وانقضت عدتها ثم تزوجها الحالف لم يحنث فيها مرة أخرى ولا يقع عليها الطلاق
وإذا حلف الرجل لا يبيع لرجل شيئا قد سمى بعينه فباعه لآخر طلب ذلك إليه لم يحنث وكذلك لو حلف لا يشتري لفلان شيئا فأمره آخر فاشترى له والآمر ينوي أنه لفلان المحلوف عليه فان الحالف لا يحنث لأنه إنما اشتراه للذي أمره وكذلك إن باع للذي أمره وكذلك إن باع لنفسه أو اشترى لنفسه
وإذا حلف الرجل لا يشتري عبدا بعينه فاشتراه هو وآخر ذلك العبد فانه لا يحنث لأنه لم يشتره كله إنما اشترى نصفه
وإذا حلف رجل لا يهب لفلان هبة فتصدق عليه بصدقة لم يحنث

لان الصدقة غير الهبة ألا ترى أنه لا يرجع في الصدقة ولو حلف لا يهب له فوهب له هبة ولم يدفعها إليه ولم يقض فان الحالف يحنث إلا أن يكون نوى حين حلف هبة مقبوضة فلا يحنث حتى يكون مقبوضة ولو حلف لا يهب له هبة فوهب له هبة غير مقسومة وليست له نية حنث لأنها هبة
وكذلك لو أعمره عمرى وقبضها أو نحله نحلى وقبضه أو أعطاه عطية فقبضها حنث وكان هذا كله هبة ولو وهب له شيئا فأرسل به مع غيره حنث


وإذا حلف الرجل ليضربن مملوكه فلانا أو حلف لا يضربه فأمر غيره فضربه ولم يكن له نية أن يضربه بيده ولا يأمر به فانه قد ضربه حيث أمر به ألا ترى أن رجلا لو حلف ليخيطن هذا الثوب فأمر به فخيط أو ليبنين هذه الدار فأمر بها فبنيت كان قد بر في يمينه إلا أن يكون عنى ليفعلن ذلك بيده ألا ترى أنه يقول وقد بنيت داري ولم يبنها هو إنما بناها غيره
وكذلك لو حلف على شيء ليفعلنه مما يحسن فيه إذا أمر به غيره ففعله أن يقول قد فعلت كذا وكذا فان كان عملا لا يحسن به أن يقول قد فعلت كذا وكذا فذلك إنما فعله غيره فهذا لا يقع

اليمين إلا أن يفعله هو بنفسه
وإذا حلف ليضربن عبده فأمر به فضرب فقد بر ولو حلف لا يضربه فأمر به فضرب حنث إذا لم يكن له نية في ذلك ولو حلف بذلك على رجل حر لا يملكه لم يحنث حتى يضربه بيده ولا يشبه العبد في هذا الحر وكذلك السلطان لو حلف لا يضرب رجلا ولا نية له فأمر به فضرب حنث ألا ترى أنك تقول ضرب الأمير اليوم فلانا وضرب القاضي اليوم فلانا حدا ولو كان نوى حين حلف أن يضربه بيده لم يحنث حتى يضربه بيده وهو يدين في القضاء والله أعلم

باب الكفارة في اليمين في الخدمة
وإذا حلف الرجل لا يستخدم خادما قد كانت تخدمه ولا نية له

فجعلت الخادم تخدمه من غير أن يأمرها حنث لأنه قد استخدمها إذا كانت تخدمه على حالها التي كانت عليه حين حلف
ولو حلف على خادم لا يملكها أن لا يستخدمها فخدمته بغير أمره لم يحنث لأن خادمه في هذا وخادم غيره مختلف لأن خادمه إنما وضعه في بيته لخدمته فإذا تركه على ذلك الأمر يخدمه فهو خادمه وخادم غيره إذا لم يأمره هو بالخدمة لم يحنث
ولو حلف رجل لا تخدمني فلانة فخدمته بأمره أو بغير أمره خادمه كانت أو خادم غيره فانه يحنث وكل شيء من عمل بيته فانه خدمته

وإذا حلف الرجل لا أستخدم خادما لفلان ولا نية له فسألها وضوءا أو شرابا كان قد استخدمها وحنث في يمينه وكذلك لو أشار إليها أو أومأ إليها بخدمته فخدمته
ولو حلف لا يستعين بخادم لفلان فأشار إليها بوضوء أو بشراب أو أومأ إليها أو سألها ذلك بكلام ولم يكن له نية حين حلف كان قد استعان بها ووجب عليه الحنث أعانته أو لم تعنه إلا أن يكون نوى حين حلف أن يستعينها فتعينه فلا يحنث حتى تعينه
ولو حلف لا تخدمني خادم لفلان ولا نية له فاشترى من فلان خادما فخدمته لم يحنث ولو باع فلان الحالف من فلان المحلوف

عليه خادما فخدمت الحالف بعد البيع حنث إنما يقع اليمين في هذا على الحال التي تكون عليها الخادم يوم تخدم
فان كانت لفلان المحلوف عليه يوم تخدم الحالف فانه يحنث وإن كانت لغير المحلوف عليه يوم تخدم الحالف فانه لا يحنث
وإذا كان الحالف على مائدة مع قوم يطعمون وخادم المحلوف عليه تقوم عليهم في طعامهم وشرابهم كان الحالف قد حنث لأنها حيث خدمت القوم وهو فيهم فقد خدمته ولو كان حين حلف لا يستخدم خادما لفلان فقامت عليهم في هذه المنزلة ولم يستخدمها هو ولم يسألها لم يحنث وقوله لا تخدمني ولا استخدمها مختلف
ولو حلف أن لا يخدمني خادم فلان هذه بعينها وهو يعني ما دامت لفلان فباعها فخدمته لم يحنث وإن لم يكن له نية حين حلف

فخدمته بعدما باعها فإنه لا يحنث في قول أبي حنيفة وهو قول أبي يوسف ويحنث في قول محمد ألا ترى أنه لو قال لا يخدمني فلان مولى فلانة فخدمه المولى بعد ما باع الجارية أو حلف لا تخدمني فلانة امرأة فلان فخدمته بعد ما طلقها ثلاثا وقع عليه الحنث
ولو حلف لا تخدمني خادم لفلان فخدمته خادم بين فلان وبين آخر لم يحنث لأن الخادم ليست لفلان كلها وكذلك لو كان فيها شقص لغير فلان قليلا كان أو كثيرا فإنه لا يحنث إذا خدمته وكذلك لو قال كل مملوك ليس استخدمه فهو حر وليس إلا رقيق بينه وبين آخر فاستخدم واحد منهم ولم يحنث ولم يدخل عليه عتق ولو قال كل مملوك لي حر لا يعتق أحد منهم لأنه ليس له مملوك تام وإذا حلف الرجل لا يخدمه خادم لفلان وليست له نية في غلام ولا جارية فإنه يحنث في أي ذلك خدمه لأن كل واحد منهما خادم والصغيرة التي تخدمهم والكبيرة سواء في ذلك كله

باب اليمين في الركوب
وإذا حلف الرجل لا يركب دابة وليست له نية فركب فرسا أو حمارا أو بغل أو برذونا فإنه يحنث وكذلك إذا ركب غير ما سميت لك

من الدواب في القياس ولكني أدع القياس في ذلك فإذا ركب غير ما سميت لك من الدواب لم يحنث ولو ركب بعيرا أو بختية لم يحنث إنما أضع هذا على معاني كلام الناس إلا أن يكون نوى ذلك
وإذا حلف الرجل لا يركب وهو يعني الخيل فركب حمارا

لم يحنث وإذا حلف على ذلك بعتق أو طلاق دينته فيما بينه وبين الله تعالى ولا أدينه في القضاء ولو حلف أن لا يركب فرسا فركب برذونا أو حلف أن لا يركب برذونا فركب فرسا لم يحنث ولو حلف لا يركب شيئا من الخيل فركب فرسا أو برذونا أو فرسا فإنه يحنث لأن اسم الخيل يجمعها والبراذين لا يجمعها والفرس لا يجمعها
ولو حلف أن لا يركب وهو ينوي الحمر ولم يسم دابة ولا غير ذلك لم يكن نيته هذه بشيء وإن ركب بغلا حنث أو فرسا لأنه لم يقل لا أركب دابة إنما قال لا أركب وهذا لا يكون فيه نية


ولو حلف أن لا يركب دابة وهو راكب فمكث على حاله ساعة واقفا أو سائرا حنث لأنه راكب بعد يمينه فإن نزل حين حلف لم يحنث
ولو حلف لا يركب دابة فحمله إنسان على دابة وهو كاره لم يحنث لأنه لم يركب إنما حمل عليها وإن كان هو أذن في نفسه أو أمر بذلك فقد حنث
ولو حلف أن لا يركب دابة فركب دابة بسرج أو باكاف أو عريانا فإنه يحنث
ولو حلف أن لا يركب دابة لفلان فركب دابة لعبده لم يحنث إذا لم يكن له نية حين حلف فإن كان نوى حنث

وكذلك لو حلف أن لا يدخل دارا لفلان فدخل دارا لعبده وكذلك لو حلف أن لا يستخدم خادما لفلان فاستخدم خادما لعبده وسواء إن كان عبدا ليس عليه دين أو عليه دين وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وفيها قول آخر إنه يحنث إذا فعل شيئا من هذا لأن كل مال لعبده فهو للسيد وهو قول محمد
وإذا حلف الرجل لا يركب دابة لفلان فركب دابة لمكاتبه أو لعبد قد أعتق نصفه وهو يسعى في نصف قيمته لم يحنث وكذلك

لو حلف على خدمة عبد أو سكنى دار أو لبس ثوب فلبس ثوبا لمكاتبه
وإذا حلف الرجل لا يركب دابة لفلان فركب دابة لأم ولده أو لمدبره فهذا والعبد سواء القول في هذا مثل القول في العبد
وإذا حلف الرجل لا يركب مركبا ولا ينوي شيئا فركب في سفينة أو في محمل أو دابة بسرج أو باكاف أو رحالة فإنه يحنث وليس من هذا شيء إلا هو مركب
وإذا حلف الرجل أن لا يركب هذه الدابة بعينها فنتجت بعد اليمين فركب ولدها لم يحنث لأن ولدها غير ما حلف عليه
وإذا حلف الرجل أن لا يركب بهذا السرج فزاد فيه شيئا

أو نقص منه شيئا فركب فإنه يحنث لأنه ذلك السرج بعينه ولو بدل السرج بعينه وترك اللبد والصفة ثم ركب به لم يحنث وإذا حلف الرجل أن لا يركب دابة لفلان فركب دابة بينه وبين آخر لم يحنث لأنها ليست له كلها
وإذا حلف الرجل بالله ما له مال ولا نية له وليس له مال إلا دين على رجل مفلس كان أو ملئ فإنه لا يحنث وكذلك

لو كان رجلا قد غصبه ماله فاستهلكه فأقر له به أو جحده وهو قائم بعينه فهو سواء وإن كان له مال عند عبده فعرفه فإنه يحنث وكذلك لو كان عنده فضة أو ذهب قليلا كان أو كثيرا وإن لم يكن

عنده مال ولا نية إلا الدين الذي ذكرت لك وحلف حين حلف وهو ينوي الدين فإنه يحنث وإن لم يكن دين ولا عين وله عروض من حيوان أو غير ذلك فحلف بالله ما له ولا نية له فإنه لا يحنث وإنما اليمين في هذا على الدنانير والدراهم ويقع على الذهب والفضة وعلى كل مال غير ذلك للتجارة وما كان تجب فيه الزكاة من الإبل والغنم والبقر ولو كان حنطة أو أشبه ذلك للتجارة كان هذا كله مالا وكان يحنث في يمينه وإن كان حين حلف نوى الذهب والفضة خاصة لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء
وإذا حلف الرجل بالله مالي من مال وليس له مال وله

عبد له مال وعلى عبده دين أو ليس عليه دين فإنه لا يحنث إلا أن ينوي ذلك وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وفيها قول آخر إنه يحنث وهو قول محمد وكذلك المدبر وأم الولد فأما المكاتب والعبد يسعى في نصف قيمته فلا يكون ماله مال السيد والله أعلم

باب الأوقات في اليمين
وإذا حلف الرجل ليعطين فلانا إذا صلى الظهر حقه فله وقت الظهر كله إلى آخر الوقت ولكن ليعطيه قبل أن يخرج الوقت فإن خرج الوقت قبل أن يقضيه حنث وكذلك إذا حلف ليعطينه رأس الشهر فله الليلة التي أهل فيها الهلال ويومه كله فإن غابت الشمس

قبل أن يعطيه حنث
وإذا حلف ليعطينه طلوع الشمس فله من حين تطلع الشمس إلى أن ترتفع وتبيض
وإذا حلف ليعطينه رأس الشهر أو عند رأس الشهر أو عند طلوع الشمس أو عند صلاة الظهر فهذا كله والأول سواء وكذلك ليعطينه حين تطلع الشمس
وإذا حلف ليعطينه كل شهر درهما ولا نية له وقد حلف في أولى الشهر فإن ذلك الشهر الذي حلف فيه في يمينه فينبغي له أن يعطيه في كل شهر قبل أن يخرج درهما وكذلك إذا حلف ليعطينه كل شهر أو كل سنة وكذلك لو كان في آخر السنة أو في آخر الشهر


ولو أن رجلا كان عليه دين نجوما يعطيها في انسلاخ كل شهر فحلف ليعطينه النجوم في كل شهر كان له ذلك الشهر الذي جعل فيه النجم حتى أخره يعطيه متى شاء فيبر ولا يحنث
وإذا حلف ليعطينه عاجلا ولا نية له فالعاجل قبل أن يمضي الشهر فإن مضى شهر حنث
وإذا حلف الرجل ليعطينه في أول الشهر الداخل ولا نية له

فله أن يعطيه فيما بينه وبين أن يمضي أقل من النصف فإذا أعطاه في ذلك بر وإن مضى النصف قبل أن يعطيه حنث
وإذا حلف الرجل أن لا يعطي فلانا ما له عليه حينا ولا زمانا وليست له نية فأعطاه قبل ستة أشهر فإنه يحنث الحين عندنا والزمان ستة أشهر بلغنا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن الحين فقال يقول الله تعالى في كتابه { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } فجعله ستة أشهر


والدهر في قول يعقوب ومحمد ستة أشهر ولم يوقت أبو حنيفة في الدهر شيئا وقال أبو حنيفة لا أدري ما الدهر ولم يوقت فيه شيئا


وكذلك لو حلف أن لا يكلم فلانا حينا فهو ستة أشهر إن لم يكن له نية وإن نوى أكثر من ذلك أو أقل من ذلك فهو ما نوى وكذلك لو حلف أن لا يكلمه دهرا

وكذلك لو حلف أن لا يكلمه الأيام ولا نية له فإنه يترك كلامه عشرة أيام لأنها هي أيام ولا يكون منها أياما ألا ترى أنك إذا نسبتها إلى أكثر من عشرة قلت كذا وكذا يوما وقال أبو يوسف ومحمد الأيام سبعة أيام وإذا حلف أن لا يكلمه أياما وهو ينوي ثلاثة أيام فهو كما نوى وإن لم تكن له نية فهو آخر ما يكون منه عشرة أيام وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إن لم يكن له نية فهو ثلاثة أيام إلا أن ينوي أكثر من ذلك فهو كما نوى
وإذا حلف الرجل ليعطينه غدا في أول النهار ولا نية له كان موسعا عليه أن يعطيه فيما بينه وبين نصف النهار فإن انتصف النهار قبل أن يعطيه حنث
وإذا حلف الرجل ليعطينه مع حل المال أو حين يحل المال أو عند حل المال أو حيث يحل المال ولا نية له فهذا يعطيه ساعة يحل فإن أخره أكثر من ذلك حنث وإذا حلف لا يعطيه حتى يأذن له

فلان فمات فلان قبل أن يأذن له أن يعطيه فإنه لا يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد لأن فلانا إذنه قد انقطع ويحنث في قول أبي يوسف ولو كان حيا فأذن له وهو لا يسمع بالإذن ولا يعلم فأعطاه حنث لأن الإذن لا يكون إلا بمحضر منه حيث يعلم بذلك ألا ترى أنه لو قال لا أعطيه حتى يأذن لي فلان لم يكن له أن يعطيه حتى يأذن له معاينة أو يرسل إليه به وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف إذا أذن له حيث لا يعلم ولا يسمع فهو إذن فأما إذا مات فلان قبل أن يأذن له فليس له أن يعطيه فإذا أعطاه حنث
وإذا حلف الرجل لا يضرب عبده أبدا ولا نية له فوجآه بيده أو قرصه أو خنقه أو مد شعره أو عضه فأي هذا ما صنع به فهو ضرب وهو حانث لأن ما وصل إلى القلب من وجع فهو ضرب ولو حلف ليضربنه ففعل به من هذا شيء كان قد بر وكان هذا ضربا
وإذا حلف الرجل ليضربن عبده مائة سوط ولا نية له فضربه


مائة سوط وخفف فانه يبر لأنه مائة سوط ولو جمعها جماعة ثم ضربه بها لم يبر لأنه لم يضربه مائة سوط لأنها لم تقع به جميعا ولو ضربه سوطا واحدا له شعبتان خمسين سوطا كل سوط منها يقع به الشعبتان جميعا كان قد بر وكذلك لو جمع سوطين فضربه بهما جميعا وهما يقعان به جميعا بر ولو ضربه مائة سوط فوق الثياب بر
ولو حلف ليضربنه ولم يسم شيئا فبأي شيء ضربه به من يد أو رجل أو سوط أو غير ذلك فانه يبر
ولو حلف ليضربنه قبل الليل فمات الرجل قبل الليل لم يحنث لأنه بقي من الوقت شيء ولو حلف ليضربنه غدا فمات العبد قبل غد لم يحنث لأنه قد بقي من مدته التي وقت شيء لم يأت بعد فجاء ذلك الوقت ولا يقدر على أن يضربه وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف إذا وقت اليوم إلى الليل فمات العبد قبل الليل ولم يضربه فانه يحنث إذا جاء الليل ولو حلف أن يضربه فأمر به

فضرب بر لأن الرجل قد يقول ضربت غلامي وإنما أمر به فضرب ويقول قد ضرب اليوم الأمير رجلا وإنما أمر به فضرب ويقول قد ضرب القاضي اليوم رجلا وإنما أمر به فضرب
ولو حلف لا يضربه ولا نية له فأمر به فضرب كان قد حنث وكانت عليه الكفارة إلا أن يكون عنى حين حلف أن يضربه بيده فلا يحنث إذا كان على ذلك وكل شيء فعل من خياطة أو صباغة أو عمل شبه ذلك حلف عليه الرجل أن لا يفعله فأمر به ففعل فانه يحنث لأنه بمنزلة فعله إلا أن يكون نوى في يمينه أن يفعله بنفسه فان حلف على ذلك فأمر به غيره ففعله لم يحنث

باب البشارة
وإذا حلف الرجل أي غلماني بشرني بكذا فهو حر فبشره واحد بذلك ثم جاء آخر فبشره فالأول حر ولا يعتق الثاني لأن الأول هو البشير ولو بشروه معا جميعا عتقوا ولو بعث إليه غلام من غلمانه مع رجل بالبشارة فقال إن غلامك يبشرك بكذا وكذا فان العبد يعتق لأنه قد بشره ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه { وبشروه بغلام عليم } وإنما أرسل إليه بذلك وقوله تعالى

{ إن الله يبشرك بكلمة منه } فهذه بشارة وكذلك لو كتب إليه كتابا
وإن كان حين حلف نوى أن يشافهه مشافهة أو يكلمه به كلاما لم يعتق
وإذا حلف الرجل فقال أي غلام لي أخبرني بكذا كذا أو أعلمني بكذا وكذا فهو حر ولا نية له فأخبره غلام له بلك بكتاب أو بكلام أو برسول قال إن فلانا يقول لك كذا كذا فان الغلام يعتق لأن هذا خبر وإن أخبره بعد ذلك غلام آخر عتق لأنه قد قال أي غلام لي أخبرني فهو حر فان أخبروه جميعا كلهم عتقوا جميعا وإن كان حين حلف الخبر بكلام مشافهة لم يعتق أحد منهم إلا أن يخبروه بكلام مشافهة بذلك الخبر


وإذا قال أي غلماني حدثني فهذا على المشافهة لا يعتق أحد منهم
وإذا حلف الرجل لئن علم بمكان فلان ليخبرنك به ثم علم به الحالف والمحلوف له فلا بد من أن يخبره به وإن علما بأنه

قد حلف له على ذلك
وإذا حلف الرجل لآخر ليخبرنه بكذا وكذا ولا نية له فأخبره بذلك بكتاب أو أرسل إليه بذلك رسولا فقال إن فلانا يخبرك بكذا وكذا كان قد بر وكان هذا خبرا

باب الرجل يحلف على الأيام هل يدخل في ذلك الليل وغيره
ولو حلف الرجل فقال يوم أفعل كذا وكذا فعبدي حر ولا نية له ففعل ذلك ليلا عتق غلامه وإنما يقع هذا على إذا فعلت كذا وكذا ألا ترى إلى قول الله تبارك وتعالى في كتابه { ومن يولهم يومئذ دبره } فمن ولاهم الدبر بالليل والنهار فهو سواء
وإذا قال يوم أفعل كذا وكذا فعبدي حر وهو ينوي النهار دون الليل ففعل ذلك ليلا فانه لا يحنث ويدين في القضاء

وإذا قال ليلة أفعل كذا وكذا فعبدي حر ففعل ذلك نهارا لم يعتق عبده
ولو حلف رجل لا يبيت في مكان كذا وكذا فأقام في ذلك المكان ليلة حتى أصبح ولم ينم حنث لأن البيتوتة هو المكث فيها إلا أن يعني النوم وإذا أقام في ذلك المكان حتى يذهب أكثر من نصف الليل ثم خرج منه حنث ولو أقام إلى أقل من نصف الليل ثم خرج لم يحنث
وإذا حلف الرجل لا يظله ظل بيت ولا نية له فدخل ظل بيت حنث ولو قام في ظله خارجا لم يحنث إلا أن ينوي ذلك
ولو حلف أن لا يأويه بيت فآواه بيت ساعة من الليل أو من النهار ثم خرج لم يحنث حتى يكون فيه أكثر من نصف الليل أو أكثر من نصف النهار إلا أن يكون يعني لا يأوى لا يدخل

بيتا فدخل حنث وهذا قول أبي يوسف الأول ثم رجع فقال بعد ذلك إذا دخل ساعة حنث هو قول محمد ولو أدخل قدما واحدا ولم يدخل الأخرى لم يحنث حتى يدخلهما جميعا ولو أدخل جسده وهو قائم ما خلا رجليه لم يحنث لأن الجسد إنما هو تبع للرجلين فإذا لم يدخل الرجلين لم يحنث وكذلك لو حلف أن لا يخرج من البيت فأخرج قدما واحدا ولم يخرج الأخرى لم يحنث

باب الكفارة في اليمين في الكفالة
وإذا حلف الرجل لا يكفل بكفالة فكفل بنفس رجل عبد أو حر فقد حنث وكذلك لو كفل بثوب أو دابة وكذلك لو كفل بمال أو بما أدركه من درك في دار اشتراها حنث وكل شيء من هذا كفل فهو كفالة
ولو حلف أن لا يكفل عن إنسان بشيء فكفل بنفس رجل لم يحنث لأنه لم يكفل عنه بشيء والكفالة عنه ليست كالكفالة به


وإذا حلف الرجل أن لا يكفل عن فلان بشيء فأمره فلان فاشترى له ثوبا لم يحنث لأن هذا ليس بكفالة وإن كانت الدراهم على المشتري
وإذا حلف الرجل لا يكفل عن فلان بشيء ولا يضمن عن فلان شيئا فهما سواء الكفالة والضمان ولو أمره فلان أن يكفل عن رجل آخر أو يضمن عن رجل آخر ففعل ذلك لم يحنث
ولو كانت الدراهم على فلان وبها كفيل فأمر فلان الحالف فكفل عن كفيله لم يحنث الحالف لأنه لم يكفل عن فلان بعينه
ولو حلف لا يكفل عن فلان فكفل لغيره والدراهم التي كفل بها أصلها لفلان لم يحنث لأنه لم يكفل له بشيء وإن كان أصلها له وكذا لو كفل لعبده أو لأبيه أو لبعض أهله فكفل بها له لم يحنث


ولو كفل لفلان الذي حلف عليه بدراهم أصلها لغيره حنث
ولو حلف أن لا يكفل عن فلان فضمن عنه حنث إلا أن يكون عنى حين حلف اسم كفالة فان كان عنى أن لا أكفل ولكن أضمن فانه يسعه فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء لا يسعه وإن لم يكن له نية فهما سواء
ولو حلف أن لا يكفل عن فلان فأحال فلان عليه بمال له عليه لم يحنث إذا لم يكن للمحتال دين له عليه لأن هذا ليس بكفالة ألا ترى إنما أحال عليه بشيء هو له عليه وإنما هو وكيل الذي أحال عليه
ولو قال أضمن ما عندك لفلان فضمنه له لم يحنث لأنه لم يكفل عن فلان إنما ضمن ما عنده لهذا ألا ترى أن هذا المحتال

إنما هو وكيل لرب المال ولو كان لهذا المحتال له مال على الذي أحاله فاحتال به على الحالف أو ضمنه الحالف له وعلى الحالف مال للذي أحال عليه حنث لأن هذا كفيل

باب الكفارات في اليمين في الكلام
وإذا حلف الرجل لا يتكلم اليوم ولا نية له ثم صلى لم يحنث لأن هذا ليس بكلام ولو قرأ القرآن في غير صلاة أو سبح أو هلل

أو كبر أو حمد الله تعالى كان قد تكلم وحنث ووجبت عليه الكفارة وكذلك لو أنه أنشد شعرا حنث
ولو حلف لا يتكلم اليوم فتكلم بالفارسية أو بالنبطية أو بالسندية أو بالزنجية أو بأي لسان كان سوى منطقة العربية حنث لأنه كلام
وكذلك لو حلف لا يكلم فلانا فناداه من بعيد من حيث يسمع مثله صوته أو كان نائما فناداه أو أيقظه حنث ولو مر على قوم فسلم عليهم وهو فيهم حنث إلا أن لا ينوي الرجل فيهم وينوي غيره وإن ناداه وهو حيث لا يسمع الصوت لم يحنث وليس هذا بكلام

ولو كتب إليه أو أرسل إليه رسولا لم يحنث ولو أشار إليه بإشارة أو أومأ إليه إيماء لم يحنث لأن هذا ليس بكلام
وقال محمد في رجل قال والله لا أكلم مولاك وله موليان مولى أعلى ومولى أسفل ولا نية له قال أيهما كلم حنث
قال محمد وإذا قال الرجل لا أكلم جدك وله جدان من قبل أمه ومن قبل أبيه ولا نية له قال أيهما كلم حنث

باب الكفارة في اليمين في لزوم الغريم
وإذا حلف الرجل لا يفارق غريمه حتى يستوفي ما له عليه وله عليه شيء فلزمه ثم إن الغريم فر منه لم يحنث لأن الحالف لم يفارقه إنما فارقه المطلوب وكذلك لو أن المطلوب كابره مكابره حتى انفلت منه
ولو أن المطلوب أحاله على رجل بالمال أو أبرأه الطالب منه ثم فارقه لم يحنث لأنه فارقه ولا شيء عليه ولو أن المال توى عند المحتال عليه فرجع الطالب على المطلوب بالمال لم يحنث لأنه قد كان وقت يومئذ وقتا وهو قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يحنث إن فارقه قبل أن يستوفي منه ولو لم يحله يومئذ بالمال ولكنه أعطاه إياه فوجد فيها درهما زيفا أو أكثر من ذلك بعد ما فارقه

لم يحنث من قبل أن الدراهم الزيوف فضة ولو كان في الدراهم دراهم ستوقة وجدها بعد ما فارقه فان كانت فضة لم يحنث وإن كان من نحاس أكثرها والفضة أقلها حنث لأنه قد فارقه وليس له عليه شيء ولو أعطاه الدراهم وفارقه وجاء رجل فاستحقها فأخذها من الحالف فرجع الحالف على غريمه لم يحنث لأنه فارقه يوم فارقه على وفاء وكذلك لو باعه بالمال عبدا أو قبضه وفارقه ثم استحق العبد لم يحنث
ولو حلف المطلوب لأعطينك حقك عاجلا وهو يعني في نفسه وقتا كان الأمر على ما نوى وإن كان سنة لأن الدنيا كلها قليل عاجل فان لم يكن له نية فإني استحسن في ذلك أن يكون أقل من شهر بيوم فان تم شهر قبل أن يعطيه حنث
وإذا حلف لا يحبس عنه من حقه شيئا وله نية أن لا يحبسه به فهو ما نوى وإن لم يكن له نية فانه ينبغي له أن يعطيه ساعة حلف ويأخذ في عمل ذلك حتى يوفيه ولو حاسبه فأعطاه كل شيء له وأبرأه من ذلك الطالب ثم لقيه بعد أيام فقال له بقي لي عندك كذا كذا من قبل كذا كذا فذكر المطلوب ذلك وعرفه وقد كانا جميعا نسياه لم يحنث الحالف إذا أعطاه ذلك حين يذكره لأنه لم يحبسه ألا ترى أنه قد أوفاه حقه
وكذلك لو حلف أن لا يحبس عنه متاعه ثم قال له خذه فقال

الطالب قد أخذته كان الحالف قد بر ولا يكون حابسا لأنه قد خلى بين الطالب وبينه

باب الرجل يحلف لا يقعد على الشيء أو يستعير وهو لا يعرف فلانا
وإذا حلف الرجل لا يقعد على الأرض ولا نية له فقعد على البساط أو على فراش أو على وسادة لم يحنث ألا ترى أنه قد قعد على غير ما سمى ولو قعد على بوريا أو حصير لم يحنث ولو قعد على الأرض أو على ثيابه التي تلبس بينه وبين الأرض شيء حنث لأن هذا قد قعد على الأرض إذا لم يقعد على البساط ألا ترى أنه قد يقول قد قعدت على الأرض والآخر قد يقول قعدت على بساط وهذا على ثيابه وذا على ثيابه


وإذا حلف الرجل لا يقعد على الأرض وهو ينوي أن لا يقعد عليها فان كان تحته فراش أو بساط أو وسادة أو حصير أو بوريا لم يحنث
وإذا حلف لا يمشي على الأرض ولا نية له فيها فمشى حافيا أو بنعلين أو خفين أو جوربين فانه يحنث لأنه قد مشى على الأرض ولو مشى على بساط أو على فراش أو على وسادة لم يحنث لأنه لم يمش على الأرض ولو مشى على ظهر الأحجار حافيا أو بنعلين أو بخفين أو جوربين ولم يكن له نية فانه يحنث لأن ظهر الأحجار من الأرض
ولو حلف لا يدخل الفرات ولا نية له فمر على الجسر لم يحنث وكذلك إن دخل سفينة فان دخل الماء حنث


وإذا حلف الرجل لا يكلم فلانا إلى كذا كذا يعني بذلك أشهرا فهو كما نوى وإن لم يكن له نية ولم يسم شيئا فذلك إليه يكلمه بعد ذلك اليوم متى ما شاء ولو حلف لا يكلمه إلى قدوم الحاج أو إلى الحصاد أو إلى الدياس ولا نية له فحصد أول الناس أو داس أول الناس أو قدم أول الحاج فانه ينبغي له أن يكلمه إن شاء ولا يحنث
ولو حلف أن لا يؤم الناس يعني لا يصلي بهم فأم بعضهم ولم يكن له نية حنث
ولو حلف أن لا يكلم فلانا حتى الشتاء فجاء أول الشتاء فقد انقطعت اليمين وكذلك الصيف


ولو حلف لا يستعير من فلان شيئا فاستعار منه حائطا يضع عليه جذوعه ولم يكن له نية حين حلف فانه يحنث لأنه قد استعار وكذلك لو استعار منه بيتا أو دارا أو دابة أو دلوا أو ثوبا ولو دخل عليه فأضافه لم يحنث ولو دخل فاستقى من بئره بإذنه لم يكن عليه شيء ولم يكن هذا عارية
ولو حلف بالله ما يعرف فلانا ثم ذكر أنه قد كان يعرفه لم يحنث لأنه لم يكن يعرفه حين حلف ولو حلف ما يعرف فلانا ثم رآه بعد ذلك فقال هذا الذي حلفت عليه فقال الرجل بأني قد كنت أعرف وجه هذا الرجل لم يحنث
ولو أن رجلا عرف وجه رجل ولا يعرف اسمه فحلف ما يعرفه كان صادقا إلا أن يعني معرفة وجهه فان عنى معرفة وجهه حنث وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سأل رجلا عن رجل

فقال هل تعرفه فقال نعم فقال هل تدري ما اسمه قال لا قال أراك إذا لا تعرفه فكل معرفة يعرفه الرجل ولا يعرف ما اسمه فليس بمعرفة فان حلف أنه لا يعرفه فقد بر إلا أن يعني معرفة وجهه وسوقه وصنعته وقبيلته فانه يحنث

باب الكفارة في الأيمان في الأدهان والرياحين والخل
وإذا حلف الرجل لا يشتري بنفسجا ولا نية له فاشترى دهن بنفسج فانه يحنث وإنما أضع اليمين على الدهن ولا أضعها على الورد وكذلك لو حلف لا يشتري خيريا


ولو حلف لا يشتري حناء أو وردا كان هذا وذاك في القياس سواء ولكني استحسن أن أضع هذا على الورق والورد إذا لم يكن له نية ولو اشترى في هذا دهنا لم يحنث ولو اشترى في الأول ورقا لم يحنث


ولو حلف لا يشتري بزرا فاشترى دهن بزر فانه يحنث وإن اشترى حناء فانه لا يحنث إلا أن يكون نوى حين حلف
وإذا حلف لا يشتري بزا فأي البز اشترى فانه يحنث فان اشترى فراء

أو مسوحا أو طيالسة أو أكسية فانه لا يحنث لأن هذا ليس ببز
وإن حلف لا يشتري طعاما ولا نية له فاشترى حنطة أو دقيقا أو تمرا أو شيئا من الفواكه مما يؤكل فانه يحنث في القياس وأما في الاستحسان فينبغي أن لا يحنث إلا في الخبز والحنطة والدقيق


وإذا حلف لا يشتري سلاحا فاشترى شيئا من الحديد غير مصوغ فانه لا يحنث وكذلك لو اشترى سكينا أو سفودا لم يحنث وأما إذا اشترى درعا أو سيفا أو قوسا أو شبه ذلك حنث لأن هذا هو من السلاح
وإذا سأل رجل رجلا عن الحديث فقال أكان كذا كذا فقال نعم فقال الحالف قد والله حدثني بكذا وكذا يعني بقوله نعم فهو صادق فهذا حديث ألا ترى أنه يقرأ عليك الصك فيقول أشهد عليك بكذا وكذا فتقول أنت نعم فتقول قد أشهدني فلان بكذا وكذا فيصدق
وإذا حلف الرجل أن لا يشم طيبا فدهن به لحيته أو رأسه فوجد ريحه لم يحنث فان تشممه فقد حنث وإن دخل ريحه في أنفه

من غير أن يشممه فانه لا يحنث وليس شيء من الدهن بعد إلا أن يكون في طيب يطيب إنما الطيب ما جعل فيه العنبر والمسك وما أشبهه وما يجعل منه في الدهن فهو طيب
ولو حلف لا يشم دهنا ولا يدهن بدهن فأي الدهن ما ادهن به أو شمه فانه يحنث الزيت وما سواه
ولو حلف لا يشم ريحانا ولا نية له فشم آسا وما أشبهه من الرياحين حنث ولو شم ياسمينا أو وردا أو شبه ذلك فانه لا يحنث لأن هذا ليس بريحان

ولو أن امرأة حلفت أن لا تلبس حليا ولا نية لها فلبست خاتم فضة لم تحنث ألا ترى أن الرجال يلبسونه وليس يلبس الرجل الحلي وإن لبست سوارا أو قلبا أو خلخالا حنثت وكذلك لو لبست قلادة أو قرطا أو لبست عقد لؤلؤ لم تحنث لأنه ليس بحلي في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد فيها هو حلي وتحنث فيه ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه { وتستخرجوا منه حلية تلبسونها } وهو اللؤلؤ فيما بلغنا وقال في آية أخرى { يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا }

{ من أساور من ذهب ولؤلؤا }


ولو حلف رجل لا يقطع بهذه السكين أو بهذا المقص أو بهذا الجلم فكسره فجعل منه سكينا أخرى أو جلما آخر ثم عمل به وقطع لم يحنث
ولو حلف لا يتزوج اليوم ولا نية له فتزوج امرأة بغير شهود كان في القياس أن يحنث ولكني أدع القياس فلا يحنث ألا ترى أنه لو تزوج أمه أو أخته أو امرأة لها زوج لم يحنث فكذلك إذا تزوج امراة بغير شهود لأنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين للأثر الذي

جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولو حلف لا يشتري عبدا فاشترى عبدا بيعا فاسدا حنث وهذا والنكاح سواء في القياس في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ولكني أستحسن في البيع ألا ترى أنه لو أعتق هذا العبد جاز عتقه بعد أن يقبضه ولو طلق المرأة والنكاح فاسد لم يقع ذلك موقع الطلاق

باب الأيمان على الصلاة والصيام والزكاة
ولو حلف ليصلين اليوم ركعتين تطوعا فصلى ركعتين وهو على غير وضوء كان في القياس يحنث ولكنا لا نأخذ في هذا بالقياس ونقول لا يحنث وإنما نضع هذا على صلاة صحيحة
ولو حلف لا يصلي فافتتح الصلاة فقرأ ثم تكلم لم تكن صلاة

وكذلك لو ركع ما لم يسجد لأنك لا تستطيع أن تقول قد صلى حتى يصلي ركعة أو سجدتين وهذا استحسان في القياس يحنث
ولو حلف رجل لا يصوم فأصبح صائما ثم أفطر حنث لأنه قد صام ولو حلف لا يصوم يوما ثم صام ثم أفطر قبل الليل لم يحنث
ولو حلف ليفطرن عند فلان ولا نية له فأفطر على ماء وتعشى عند فلان كان قد حنث وإن كان قد نوى حين حلف العشاء لم يحنث
ولو حلف لا يتوضأ بكوز لفلان فوضأه فلان فصب عليه الماء من كوز لفلان فتوضأ وليست له نية حنث وكوز الصفر والأدم وغير ذلك في هذا سواء ولو توضأ بأناء لفلان غير الكوز لم يحنث
وكذلك لو حلف لا يشرب بقدح لفلان ولو كان فلان هو الذي توضأ وغسل يديه ووجهه رجليه لم يحنث لأنه لم يتوضأ

باب الحنث في اليمين والمشي إلى بيت الله تعالى
ولو أن رجلا تزوج أمة ثم قال لها إذا مات فلان مولاك

فأنت طالق ثنتين فمات المولى والزوج وارثه لا يعلم له وارث غيره فانه يقع عليه الطلاق كله ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ألا ترى أنه لو قال إذا مات مولاك فملكتك فأت حرة ثم قال إذا مات مولاك فملكتك فأنت طالق ثم مات المولى فورثها الزوج أن العتق يقع ولا يبطل الطلاق لأنهما وقعا جميعا بعد الملك بلا فصل ووقع في الباب الأول مع الملك بلا فصل
وإذا كان الرجل أمة فقال لها إذا مات فلان فأنت حرة فباعها من فلان ثم تزوجها ثم قال لها إذا مات مولاك فأنت طالق ثنتين ثم مات المولى وهو وارثه فانه لا يقع العتق ويلزمه الطلاق من قبل أن العتق لا يقع إلا بعد الملك وكان الملك بعد الموت بلا فصل فقد حنث قبل أن يقع العتق لأن العتق ههنا لا يقع إلا بعد الموت والملك يقع بعد الموت بلا فصل والطلاق يقع بعد حال واحد والعتق لا يقع إلا من بعد حالين بلا فصل والطلاق أولى ولا يقع العتاق لأنه حنث وهو في غير ملكه أرأيت لو قال إذا

مات فلان وهو يملكك فأنت حرة أو قال إذا مات فلان وهو يملكك فأن طالق ثنتين فإنها مثل الأولى أرأيت لو قال إن مات فلان وأنا أملكك فأنت حرة هل يقع العتاق ألا ترى أن العتاق لا يقع في هذا ولا في الباب الأول وهذا قول أبي يوسف وقال زفر يقع العتاق ولا يقع الطلاق وقال محمد لا يقع العتاق ولا الطلاق لأن العتاق وقع هو والملك جميعا معا ولا يقع طلاق الرجل على ما لا يملك فيفسد النكاح بالملك دون الطلاق
وإذا قال الرجل لأمته إذا باعك فلان فأنت حرة فباعها من فلان وقبضها ثم اشتراها منه فإنها لا تعتق لأنه لم يحنث وهي في ملكه أرأيت لو قال إن وهبك فلان فأنت حرة فباعها من فلان وقبضها ثم استودعها البائع ثم قال البائع هبها لي فقال هي لك أنها له وهذا قبول ولا تعتق لأن العتق والهبة وقعا

وهي في ملك غيره ألا ترى أن ملكه وقع فيها بعد خروجها من ملك الأول فكذلك لا تعتق إلا بعد ملكه وإنما وقع الحنث قبل الملك لأن الحنث وقع مع خروجها من ملك الأول وملك الثاني معا فلا تكون في حال واحدة حرة رقيقة
ولو قال إذا وهبك فلان مني فأنت حرة فوهبها له وهو قابض لها عتقت وكذلك لو قال إذا باعك فلان مني فأنت حرة فاشتراها عتقت
ولو قال رجل يا فلان والله لا أكلمك عشرة أيام والله لا أكلمك تسعة أيام والله لا أكلمك ثمانية أيام فقد حنث

مرتين وعليه اليمين الآخرة إن كلمه الثالثة في الثمانية الأيام وجبت عليه كفارة أخرى فان قال والله لا أكلمك ثمانية أيام والله لا أكلمك تسعة أيام والله لا أكلمك عشرة أيام فان عليه كفارتين وإن كلمه في الثمانية الأيام والتسعة الأيام وفي اليوم العاشر حنث
وإذا حلف الرجل فقال عليه المشي إلى بيت الله تعالى وكل مملوك له حر وكل امرأة له طالق ثلاثا إن دخل هذه الدار ثم قال رجل آخر وعلى مثل جميع ما جعلت على نفسك من هذه الأيمان إن دخلت الدار فدخل الثاني الدار فانه يلزمه المشي إلى بيت الله تعالى ولا يلزمه عتق ولا طلاق ألا ترى أنه لو قال على طلاق

امرأتي ولله على طلاق نسائي أن الطلاق لا يقع عليهم ولا يكون الطلاق قربة وليس عليه أن يتم ذلك


ولو قال والله لأطلقهن فهذا رجل حلف ليطلقن نساءه ولا يقع عليهن الطلاق حتى يفعل وأما العتق فقد جعل عليه عتق رقبة فان وفى بذلك فهو أفضل إن لم يف بذلك لم يؤخذ به في القضاء ألا ترى أن رجلا لو قال لله علي أن أعتق عبدي لم يعتق العبد بهذا القول ولكن الأفضل أن يفي بذلك فهذا أشد من الأولى والأولى أضعف ألا ترى أن رجلا لو قال عبده سالم حر إن

دخل الدار فقال رجل آخر على مثل ما جعلت على نفسك إن دخلت الدار فدخلها أنه لا شيء عليه لأنه لا يكون عليه عتق سالم لأنه لا يملكه فان كان عنى بذلك عتق عبد من عبيده الذي يملك فالأحسن أن يفي بذلك وهو آثم إن لم يف بذلك
وأما المشي إلى بيت الله تعالى والحج والعمرة والنذر والصيام وكل شيء يتقرب به العبد إلى ربه عز وجل حلف به رجل فقال رجل آخر على مثل ما حلفت به إن فعلت ففعل الثاني فانه عليه وكذلك لو قال الأول على عتق نسمة إن فعلت كذا وكذا ففعل إن عليه ذلك لأنه قربة إلى الله تعالى فعليه الوفاء بذلك عتق نسمة

آخر كتاب الأيمان والكفارات
تم المجلد الأول من كتاب الأصل للعلامة الجوزجاني تغمده الله برحمته وأدخله بحبوح جنته بمحمد وآله وصحبه وسلم

(1) *1

كتاب المكاتب


أبو سليمان قال محمد بن الحسن قلت أرأيت الرجل يكاتب عبدا له على ألف درهم وينجمها عليه نجوما يؤديها في كذا كذا سنة في كل سنة كذا كذا أو لكل شهر كذا كذا هل يجوز ذلك قال نعم


قلت أرأيت إن لم يكتب في مكاتبته إنك حر إذا أديت إلى جميع المكاتبة هل يعتق إذا أدى إليه جميع المكاتبة قال نعم وهو بمنزلة قوله إذا أديت إلى فأنت حر
قلت أرأيت إن لم يكن ضرب للمكاتبة أجلا وإنما قال وقد كاتبتك على مائة درهم هل يجوز ذلك قال نعم قلت فمتى يحل عليه المكاتبة قال المكاتبة حالة فان أداها إذا طلبه بها السيد وإلا رد في الرق
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له ونجمها عليه نجوما ولم يكتب في مكاتبته إذا عجز عن النجم فهو مردود في الرق قال فإذا عجز عن أول نجم اشترط ذلك السيد أو لم يشترط فهو مردود في الرق
قلت أرأيت المكاتب أله أن يتزوج بغير إذن مولاه قال لا قلت وكذلك المكاتبة قال نعم
قلت فهل للمكاتب أن يخرج من المصر بغير إذن مولاه قال نعم قلت ولم قال لأن المكاتب له أن يطلب ويسعى فيما يؤدي به مكاتبته وليس للسيد أن يمنعه من ذلك قلت وكذلك المكاتبة قال نعم


قلت أرأيت إن اشترط عليه أن لا يخرج من المصر إلا بإذنه هل يجوز ذلك قال لا والشرط باطل
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له أو أمة كاتبها على كر حنطة أو كر شعير أو سمى طعاما جيدا أو رديا أو وسطا هل يجوز ذلك قال نعم قلت وكذلك لو كاتبه على زيت أو سمن أو شيء مما يكال أو يوزن قال نعم
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له أو أمة على ألف درهم أو على مائة دينار ونجمها عليه نجوما فان عجز عن نجم منها فمكاتبته ألفا درهم هل يجوز هذه المكاتبة قال لا قلت لم قال لأنه اشترط ما ذكرت لك
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على نفسه وماله على ألف درهم وللعبد ألف درهم أو أكثر من ذلك هل يجوز ذلك قال نعم قلت وكذلك لو كاتب على ألف دينار وللعبد أكثر من ذلك قال نعم

قلت ولم قال لأنه لا يدخل بينه وبين عبده ربا
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على نفسه وماله وفي يدي العبد رقيق لسيده أو مال لسيده أيدخل ذلك في ماله قال لا قلت وما الذي يدخل في ماله من ذلك قال ما كان اكتسبه وكان له قبل ذلك
قلت أرأيت إن كان له رقيق هل يدخل ذلك الرقيق في ماله قال نعم
قلت أرأيت إن كانت عنده أعدل بز مما كان أعطاه سيده يتجر فيه هل يدخل ذلك في ماله قال لا
قلت أرأيت إن كان عبدا مأذونا في التجارة وكان في يده مال رقيق ومما كان اشترى فكاتبه السيد على نفسه وماله هل يكون

جميع ما في يده من ذلك في المكاتبة قال نعم إذا كان كما ذكرت قلت ولم قال لأنه في يده ومما اشترى فأما إذا كان في يده لعبيده مال فلا يدخل ذلك في مكاتبته إذا كاتبه على نفسه وماله قلت وكذلك كل ما كان وهب له بعلم سيده قال نعم
قلت أرأيت إن كان وهب له مال بغير علم سيده فكاتب على نفسه وماله أيدخل ذلك في مكاتبته قال نعم قلت ويجوز جميع ما ذكرت لك من المكاتبة قال نعم


قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على أن يخدمه شهرا هل تجوز هذه المكاتبة قال نعم قلت لم والخدمة غير معلومة قال أستحسن ذلك ألا ترى أنا نجيز المكاتبة على مال ليس بمعلوم قلت وكذلك لو كاتبه على أن يبني له دارا قد أراه أجرها وجصها وما يبني بها وكذلك على أن يحفر له بئرا قد وقها وسمى طولها وقدرها وأراه المكان قال نعم هذا أيضا في الاستحسان جائز

قلت أرأيت إن كاتبه على أن يخدم رجلا شهرا ففعل فخدم الرجل شهرا هل يعتق قال نعم قلت ويجوز المكاتبة على هذا في القياس قال نعم
قلت أرأيت المكاتب إذا كاتبه سيده على ألف يؤديها إلى غير سيده أيجوز ذلك قال نعم
قلت أرأيت إن كان على ألف درهم يضمنها لرجل على سيده أيجوز المكاتبة على هذا قال نعم المكاتبة جائزة والضمان جائز قلت لم أجزت المكاتبة قال لأن المكاتبة جائزة ولأنه ليس فيها بشرط لسيده فهو بمنزلة قوله قد كاتبتك على ألف درهم
قلت أرأيت إذا ضمن لرجل مالا بدون سيده سوى المكاتبة أيجوز ذلك قال لا قلت ولم قال لأن ضمان المكاتب

لا يجوز إلا أن يأذن له سيده ولم يأذن له قلت أرأيت إن ضمن سيده لغير سيده عن سيده أو أحال سيده عليه بمال من المكاتبة هل يجوز الضمان على هذا الوجه قال نعم قلت لم قال لأنه أحاله من المكاتبة
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على مال أو نجمها عليه نجوما ثم صالحه السيد على أن يعجل له بعض المكاتبة وحط عنه ما بقي هل يجوز ذلك قال نعم قلت ولم وأنت تكرهه في الدين قال لأن المكاتب بمنزلة عبده فلذلك لم أكرهه ولا يكون هذا بمنزلة الحق
قلت أرأيت إن صالحه من المكاتبة على عبد بعينه هل يجوز ذلك قال نعم قلت وكذلك لو صالحة على غير ذلك من العروض بعينه على دار أو أرض أو طعاما أو غير ذلك قال نعم
قلت أرأيت إن افترقا قبل أن يقبض ذلك السيد هل يفسد

ذلك الصلح قال لا قلت لم قال لأن الصلح قد وقع على شيء بعينه ألا ترى أنه لو اشترى ذلك الشيء بعينه بما عليه من المكاتبة جاز ذلك ولا تكون الفرقة فسادا للبيع
قلت أرأيت إن صالحه على عبد إلى أجل أو ثوب إلى أجل أو طعام إلى أجل أيجوز ذلك قال لا قلت لم قال لأن هذا فاسد قلت ولم قال لأنه صالحه بدين فلا يجوز
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له واشترط عليه خدمته شهرا مع المكاتبة أيجوز ذلك قال نعم
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على ألف درهم ونجمها عليه نجوما كل شهر على أن يؤدي مع كل نجم ثوبا قد سماه وسمى جنسه أيجوز ذلك قال نعم قلت وكذلك لو قال على أن تؤدي إلى مع مكاتبتك ألف درهم قال نعم قلت ولم أجزت هذا وقد اشترط شرطا غيرها فوقعت عليه المكاتبة قال لأن المكاتبة وقعت على جميع ما سمى وهو بمنزلة قوله قد كاتبتك على كذل وكذا
قلت أرأيت إن عجز عن شيء مما اشترط عليه مع نجومه وقد أدى نجمه وقد عجز عما كان اشترط عليه من الزيادة مع النجم أيرد في الرق قال نعم إذا عجز عما كان اشترط عليه من الرق قلت وكذلك لو كاتبه على مائة مثقال تبر من فضة أو ذهب هل يجوز قال نعم


قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له أو أمة على ألف درهم على أن يؤدي إليه كل شهر مائة درهم ولم يسم منتهى المكاتبة أيجوز ذلك قال نعم قلت ولم قال لأنه كاتبه على شيء معلوم
قلت أرأيت المكاتبة التي تجوز ما هي قال كل مكاتبة على دنانير أو دراهم أو شيء مما يكال أو يوزن بعد أن يسميه أو على ثياب بعد أن يسمى جنسها أو على خادم جائز
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على ألف درهم فأداها إلى السيد ثم جاء رجل فاستحق تلك الألف ما حال المكاتبة قال المكاتب حر يرجع عليه السيد بألف مكانها قلت لم عتق قال لأنه قد كان أدى إليه المكاتبة ولأن المكاتبة لم تقع على هذه الألف بعينها

باب ما لا يجوز من المكاتبة
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على قيمته أيجوز ذلك قال لا قلت أرأيت إن أدى إليه قيمته هل يعتق قال نعم قلت ولم وأنت لا تجيز المكاتبة قال إنما أفسدت المكاتبة لأنه كاتبه على شيء مسمى فإذا أدى إليه قيمته عتق
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على ثوب ولم يسم الثوب أيجوز ذلك قال لا قلت وكذلك لو كاتبه على دار أو غير ذلك من العروض بما ليس بمسمى ولا معلوم قال نعم قلت أرأيت

إن أدى إليه ثوبا هل يعتق قال لا قلت لم وأنت قد أجزته في الباب الأول قال ليسا سواء ولم يؤد في هذا الباب ما كاتبه عليه ألا ترى إنما كاتبه على ثوب ولم يسمه قلت وكذلك لو كاتب أمة له على هذا قال نعم
قلت أرأيت رجلا كاتب أمة له على ألف درهم على أن يطأها ما دامت مكاتبته هل تجوز هذه المكاتبة قال لا
قلت أرأيت إن كانت المكاتبة فاسدة فأدتها هل تعتق قال نعم قلت ولم وأنت لا تجيز المكاتبة قال لأن المكاتبة معروفة وإنما أفسدتها من قبل الشرط فان أدتها قبل أن ترد عتقت
قلت أرأيت إن كانت مكاتبة مثلها أكثر من ذلك هل يرجع السيد على شيء فضل من ذلك قال كان قوله الأول يرجع بفضل مكاتبة مثلها ثم رجع بعد ذلك فقال تؤدي فضل القيمة بعد ذلك وهو قول محمد
قلت أرأيت إن وطئها لمكاتبته التي كاتبها عليه أو كانت

قيمتها أكثر من هذه المكاتبة فأدت بعد ذلك المكاتبة هل يكون لها على سيدها صداق قال نعم قلت ولم والمكاتبة كان أصلها فاسدا ولم تكن مكاتبة صحيحة قال لأنها أدت فعتقت فلذلك كان على سيدها العقر قلت وقياس هذا غير البيع قال لا ألا ترى أن رجلا لو باع شيئا بيعا فاسدا خادما فوطئها البائع ثم دفعها إلى المشتري فقبضها المشتري فعتقها لم يكن على البائع فيما وطئ شيء لأنه قد ما يملك قلت وكذلك كل مكاتبة فاسدة قال نعم
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له أو أمة له مكاتبة فاسدة ثم مات السيد قبل أن تؤدي ما حالها قال هي مملوكة للورثة وتبطل المكاتبة قلت أرأيت إن أدت إلى الورثة المكاتبة بعد موت السيد قال تعتق في الاستحسان قلت فهل تعتق في القياس قال لا قلت بالقياس تأخذ أم بالاستحسان قال لا بل بالاستحسان
قلت أرأيت إن كاتب الرجل أمة له مكاتبة فاسدة ثم ولدت ولدا ثم ماتت المكاتبة قبل أن تؤدي ما حال الولد وهل عليه أن

يسعى فيما على أمه قال الولد رقيق وليس عليه سعاية في شيء قلت أرأيت إن استسعاه فيما على أمه فأداه هل يعتق قال نعم قلت ولم وأصل المكاتبة كانت فاسدة والمكاتبة إنما وقعت على الأم قال أستحسن ذلك وأدع القياس فيه
قلت أرأيت إن كاتب لأمه المكاتبة حية فولدت المكاتبة فأدت المكاتبة هل يعتق ولدها معها قال نعم قلت ولم يعتق الولد والمكاتبة فاسدة قال لأن الولد بمنزلة الأمة فإذا عتقت عتق
قلت أرأيت رجلا كاتب أمة له على أن تخدمه حياتها أو حياته هل تجوز المكتابة قال لا قلت وكذلك إن كان عبدا قال نعم
قلت أرأيت إن كاتبها على ألف درهم على أن كل ولد تلده فهو للسيد هل تجوز المكاتبة وهذا الشرط يفسدها قال لا


قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على ألف درهم على أن يخدمه بعد العتق وبعد أن يؤدي المكاتبة قال هذا قال لا قلت ولم قال لأنه اشترط في المكاتبة ما لا يعرف قلت أرأيت إن أدى مكاتبته هل يعتق قال نعم
قلت أرأيت إذا كاتبه على ألف درهم على وصيف مع أداء مكاتبته هل تجوز هذه المكاتبة قال نعم
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على ألف درهم وجعل أجلها إلى العطاء هل تجوز المكاتبة قال نعم قلت وكذلك لو كان إلى الحصاد أو إلى الدياس أو إلى نحو ذلك مما يعرف من الأجل


قال نعم أستحسن ذلك
قلت أرأيت إن قال المكاتب إنما أعجل المكاتبة فأؤديها هل يعتق قال نعم يعتق
قلت أرأيت الرجل يكاتب أمة له مكاتبه فاسدة على ميتة فولدت المكاتبة ولد ثم أعتق السيد أليس المكاتبة قبل أن تؤدي هل تعتق قال نعم ولا يعتق ولدها قلت ولما لا يعتق ولدها قال لأن المكاتبة فاسدة قلت ولو كاتبها على ألف درهم مكاتبة فاسدة فولدت ولدها ثم أعتق أليس ولدها قال يعتق ولدها معها
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا ما على ألف درهم وهي قيمته

على أنه إذا أدى يعتق وعليه ألف أخرى هل تجوز هذه المكاتبة قال نعم إذا أدى الألف درهم عتق وكانت عليه ألف أخرى قلت وتجوز هذه المكاتبة عندك قال نعم ولكن إذا أدى الألف الأولى عتق كذا في الأصول
قلت أرأيت رجلا كاتب أمة له على حكمه أو على حكمها هل تجوز هذه المكاتبة قال لا قلت أرأيت إن أدت قيمتها هل تعتق قال لا قلت ولم قال لأنه كاتبها على غير شيء مسمى
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على عبد غيره هل تجوز المكاتبة قال لا قلت ولم قال لأنه كاتبه على عرض لغيره ولا تجوز المكاتبة على أموال الناس من العروض ألا ترى أنه كاتبه على ما لا يملك


قلت وكذلك لو قال كاتبتك على دار فلان أو ثوب فلان أو على غير ذلك من العروض قال نعم قلت وكذلك لو قال على كر فلان لعينه أو طعام فلان بعينه قال نعم هذا كله فاسد
قلت ولو قال كاتبتك على ألف فلان هذه أكانت تجوز هذه المكاتبة قال نعم قلت لم قال لأنه كاتبه على دراهم فهو جائز
قلت أرأيت إن إدى العبد ألف درهم غيرها هل يعتق قال نعم قلت والدراهم لا تشبه العروض قال لا لأن عليه دراهم مثلها


قلت أرأيت إن قال كاتبتني على أن أعطيكها من مال فلان هل تجوز هذه المكاتبة قال نعم المكاتبة جائزة ويؤديها من حيث شاء
قلت أرأيت رجلا كاتب عبده على ألف درهم على أن العبد بالخيار يوما هل تجوز المكاتبة قال الكتابة جائزة والخيار جائز قلت وكذلك إن كان السيد بالخيار قال نعم
قلت أرأيت إن كاتب أمة فولدت ولدا قبل أن يمضي الخيار هل يكون ولدها مكاتبا معها وقد رضى المولى المكاتبة بعد ذلك قال نعم قلت وكذلك إن كانت هي بالخيار فرضيت قال نعم
قلت أرأيت إن مات المولى قبل أن يمضي الخيار قال موته بمنزلة رضاه قلت وكذلك إن ماتت المكاتبة بعده وبقي ولدها أيسعى الولد فيما على أمه وتجوز المكاتبة قال نعم قلت أرأيت إذا كاتبها على أنه بالخيار ثلاثة أيام فأعتق السيد نصفها قبل مضي الثلاثة أيام قال العتق جائز وهو رجوع في المكاتبة واختيار لردها ويستسعيها في نصف قيمتها في قول أبي حنيفة
قلت أرأيت إن كانت ولدت ولدا في الأيام الثلاثة فأعتق السيد الولد وقد كان السيد بالخيار هل يكون هذا اختيارا لرد المكاتب

قال نعم
قلت أرأيت إن كانت الأمة بالخيار قال يعتق ولدها ولا يرفع عنها بحساب قيمة الولد من المكاتبة قلت أرأيت إن مات الولد هل يرفع عنها شيء من مكاتبتها قال لا
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على ألف درهم يؤديها إليه نجوما وشرط إن هو عجز عن نجم منها فعليه مائة درهم سوى النجم هل تجوز هذه المكاتبة قال المكاتبة باطلة لا تجوز وهو قول محمد

باب المكاتبين جميعا والرجل يكاتب عبده على نفسه وعلى عبد له آخر غائب
قال محمد حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال إذا كاتب الرجل عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة فإن أديا عتقا وإن عجزا ردا رقيقا فهو جائز ولا يعتقان إلا جميعا

ولا يردان إلا جميعا
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل النجوم واحدة وكفل كل واحد منهما عن صاحبه وكتب إن أديا عتقا وإن عجزا ردا والمكاتبة ألف درهم وكاتبهما سواء فأدى أحدهما جميع المكاتبة هل يعتقان قال نعم قلت فهل يرجع الذي أدى على الآخر بشيء قال نعم يرجع عليه بنصف المكاتبة قلت ولم قال لأنه أدى النصف عن نفسه والنصف الآخر عن صاحبه ولأن المكاتبة كانت عليهما جميعا قلت فهل للسيد أن يأخذ أيهما شاء بجميع المكاتبة إذا كانت المكاتبة على ما ذكرت لك قال نعم
قلت أرأيت إذا أدى أحدهما نصف المكاتبة هل يرجع على الآخر بشيء قال نعم بنصف ما أدى قلت ولم قال لأن المكاتبة عليهما ولأن الأداء عليهما جميعا ألا ترى أنهما لا يعتقان إلا بأداء جميع المال
قلت أرأيت إن أدى حصته من المكاتبة هل يعتق قال لا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة قلت فان مات أحدهما أيرفع عن الحي قيمة الميت من المكاتبة قال لا قلت ولم قال لأنهما لو كانا حيين لم يعتقا إلا بأداء جميعها ألا ترى أن أحدهما إذا أدى حصته لم يعتق فكذلك إذا مات أحدهما لم يرفع عن الباقي شيئا من

المكاتبة ولم يعتق حتى يؤدي جميعا
قلت أرأيت إن كانت قيمة المكاتبتين مختلفة فأدى أحدهما جميع المكاتبة هل يرجع على صاحبه بشيء قال نعم تقوم قيمته من المكاتبة
قلت أرأيت إن كان السيد قد أعتق أحدهما هل يرجع على الباقي بشيء من المكاتبة قال نعم ويرفع عنه بقدر قيمة المعتق من ذلك قلت ولم وقد قلت إذا مات أحدهما لم يرفع عن الباقي من المكاتبة قال لأن العتق لا يشبه الموت لأن العتق بمنزلة ما قد قبض
قلت أرأيت إن كاتب أمتين جميعا وكانت المكاتبة على نحو ما ذكرت لك فولدت إحداهما ولدا فأعتق السيد الولد هل يجوز عنه قال نعم قلت فهل يرفع عنهما شيء من المكاتبة قال لا يرفع عنهما شيء
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على نفسه على عبد آخر غائب بألف درهم هل يجوز ذلك قال نعم في الاستحسان
قلت أفرأيت إذا أدى هذا جميع المكاتبة هل يعتقان جميعا قال نعم قلت فكيف يعتق الغائب وليس بمكاتب قال لأن السيد قد قبض جميع المكاتبة فهو بمنزلة قوله إذا أديت إلى ألفا فأنت حر وفلان ففعل ولأن المكاتبة عليهما جميعا قلت أرأيت إن لم يقل في المكاتبة إذا أديت إلى فأنما حران هل يعتقان إذا أدى

قال نعم قلت أرأيت إن أدى هذا المكاتب جميع المكاتبة هل يرجع على الغائب بشيء من المكاتبة قال لا قلت لم قال لأن الغائب لم يكن في المكاتبة معه
قلت أرأيت إن مات الغائب هل يرفع عن هذا شيء من المكاتبة قال لا
قلت أرأيت إن أدى حصة قيمته من المكاتبة هل يعتق قال لا حتى يؤدي جميعها قلت وكيف القياس في هذا قال يصير هذا المكاتب مكاتبا بقدر قيمته من المكاتبة ولا يلزمه غير ذلك لكني أدع القياس في هذا وأجعلهما حرين إذا أديا جميعا المكاتبة
قلت أرأيت إذا مات المكاتب منهما ما القول في الغائب وقد قدم فقال لا أؤدي شيئا قال هو مملوك ولا يلحقه شيء من المكاتبة قلت أرأيت إن رضي قال أنا أؤدي وجاء بجميع المكاتبة فدفعها إلى المولى وقال المولى لا أقبلها ولم يترك الميت شيئا ما القول في ذلك قال أما في القياس فهو مملوك لكني لا أدع القياس وأعتقه فأعتق الميت إذا أدى جميع المكاتبة هذا الحي منهما حالا
قلت أرأيت إن كانا حيين جميعا وأراد السيد أن يبيع الغائب

منهما هل له ذلك قال أما في القياس فنعم وأما في الاستحسان فحتى يعجز الآخر أو يؤدي
قلت أرأيت رجلا قال لعبد له قد كاتبت فلانا لعبد غائب على كذا كذا على أن يؤديها عنه فرضي بذلك الشاهد أيجوز ذلك قال لا قلت لم قال لأن الشاهد منهما مملوك ولم يكاتب على نفسه
قلت أرأيت إن أداها إلى المولى هل يعتق المكاتب قال نعم يعتق قلت ولم كان هذا مكاتبا قال لأني استحسنت من ذلك
قلت أرأيت رجلا حرا كاتب على عبد لرجل على أن يضمن عنه المكاتبة يؤديها إلى سيد العبد أيجوز ذلك قال لا قلت ولم قال لأن المكاتب لم يكاتبه على نفسه وضمان الرجل للمكاتبة للرجل لا يجوز على عبده
قلت أرأيت رجلا حرا كاتب على ابن له عبد لرجل أيجوز ذلك قال لا وهذا بمنزلة الباب الأول قلت وإن كان الابن صغيرا قال وإن كان
قلت أرأيت عبدا له ابن صغير وهما لرجل واحد كاتب على ولده هل يجوز ذلك قال لا قلت ولم قال لأنه لم يكاتب على نفسه وإنما كاتب على ولده ولو أدى في هذين الوجهين جميعا عتق المكاتب
قلت أرأيت رجلين لهما عبدان لكل واحد منهما عبد على حدة

كاتباهما جميعا مكاتبة واحدة بألف درهم وجعلا النجوم واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا هل يكون للسيد أن يأخذ كل واحد منهما أيهما شاء بجميع المكاتبة على ما ذكرت لك قال لا قلت فما القول في ذلك قال يكون كل واحد منهما مكاتبا بحصته بقدر قيمتهما فان كانا سواء كل واحد منهما بخمسمائة وإن كانت القيمة مختلفة قسمت المكاتبة على قيمتهما فكان كل واحد منهما مكاتبا لما يصيبه من المكاتبة
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا صغيرا هل يجوز ذلك قال نعم إن كان يعقل ويعبر عن نفسه قلت أرأيت إن كان صغيرا لا يتكلم ولا يعقل هل تجوز المكاتبة قال لا قلت لم قال لأنها ليست بمكاتبة وإنما تكون المكاتبة إذا عقل العبد ذلك قلت أفرأيت إن كاتب عن الصبي أبوه وهو حر هل يجوز ذلك قال لا قلت لم قال لا يجوز أن يضمن له ماله عن عبده ولا يكاتب عبده قلت وكذلك لو كان حرا كاتب على عبد رجل قال نعم قلت أرأيت إن أدى إليه جميع المكاتبة هل يعتق قال نعم قلت فهل يسلم المال لسيد العبد قال نعم
قلت ولا يكون للذي كاتب أن يرجع بشيء من ماله على السيد قال لا قلت فكيف القياس في هذا قال أما في القياس فيرجع فيأخذ ماله ويعتق العبد قلت ولم وهذا بمنزلة رجل

قال لرجل أعتق عبدك بألف درهم فأعطاه إياه فأعتقه ثم بدا له أن لا يعطيه شيئا هل يكون له ذلك قال نعم قلت فهل يرجع فيما أدى إلى المعتق إن أراد ذلك قال نعم
قلت أرأيت إن كان المولى قد استهلكه قال أما في المكاتبة فنستحسن أن لا يرجع وأما في العتق فيرجع فيكون ذلك دينا على المولى


قلت أرأيت رجلا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا ثم إن أحدهما عجز ورده المولى أو قدمه إلى القاضي فرده ولا يعلم القاضي بمكاتبة الآخر ثم إن الآخر أدى جميع المكاتبة هل يعتقان جميعا قال نعم قلت فلم يعتق الذي كان رد في الرق قال لأن عجزه ذلك باطل ولا يكون عجزهما إلا جميعا لأن المكاتبة واحدة قلت أرأيت إن كان المولى قد استسعى الذي لم يعجز بعد ذلك في نجم أو نجمين ثم عجز ورد في الرق أيضا والآخر غائب هل يكون رده ردا قال لا قلت فان كان القاضي قد رده قال وإن قلت أرأيت الرجلين إذا كاتبا عبدا واحدا مكاتبة واحدة غاب أحدهما وقدم الشاهد العبد المكاتب إلى القاضي وقد عجز هل يرده في الرق قال لا يرده حتى يجتمع الموليان جميعا
قلت ولو كان رجل واحد كاتب عبدا واحدا فمات المولى وترك ورثة هل يستطيع بعضهم أن يرد المكاتبة قبل أن يجتمعوا جميعا قال بل له ذلك ولا يرد إلا بقضاء قاض ولا يشبه هذا الأول أي الوارثين حضر معه فهو خصم قلت فكذلك لو كان المكاتب هو الميت وترك ولدين وكذا في المكاتبة لم يستطع المولى أن

يردا واحدا منهم والآخر غائب حتى يجتمعوا جميعا قال نعم قلت فان كان الباقي لم يسع في شيء بعد رد الأول قال وإن كان قلت ولم قال لأنه لا يكون ردهما إلا جميعا لأنه إذا رد أحدهما ثم أدى الآخر عتقا جميعا
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا ثم إن أحدهما ارتد عن الإسلام فرفع إلى الإمام فعرض عليه السلطان الإسلام فأبى فقتله ما حال الباقي قال لا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة قلت أفرأيت إذا أدى جميع المكاتبة هل يعتق هو والمقتول قال نعم قلت فان كان للمقتول ولد أحرار من امرأة حرة هل تجر ولاء ولده إلى مواليه قال نعم قلت ولم قال لأنه عتق حين أدى صاحبه المكاتبة
قلت أرأيت إذا كان المرتد منهما قد اكتسب مالا بقدر ردته ثم قتل ما القول في ذلك قال أخذ المولى ذلك من جميع ذلك المال جميع المكاتبة ويعتقان جميعا


قلت أرأيت إذا كان للمدبر ولد أحرار هل يرجعون على الباقي بحصته من المكاتبة إذا كان الوارث مولاه قال نعم قلت في حال مال المكاتب الذي بقي مما كان اكتسب في ردته بعد أداء المكاتبة أيكون لورثته قال نعم

قلت أرأيت إن ارتد أحدهما ولحق بدار الشرك هل يؤخذ هذا الباقي بجميع المكاتبة قال نعم ولا يعتق إلا بأداء جميعها قلت أرأيت إذا أذاها هل يعتق هو والمرتد الذي في دار الشرك قال نعم
قلت أفرأيت إن رجع المرتد مسلما هل يرجع الذي أدى بجميع حصته من المكاتبة عليه قال نعم قلت ولم قال لأنه كاتب المكاتبة عليهما جميعا
قلت أفرأيت المرتد بعد ذلك إن مات في دار الشرك وترك مالا يظهر المسلمون على ذلك فيأخذوه في دار الشرك هل يرجع هذا الذي أدى بحصته إلى المرتد في ماله ذلك ولم يقسم بعد قال لا قلت ولم قال لأنه قد صار فيئا ولا يكون عليه دين وهي فيء المسلمين قلت وكذلك إن كان قد قسم قال نعم قلت ولم قال ألا ترى أن رجلا لو استدان من رجل دينا ثم ارتد ولحق بدار الحرب ولم يترك مالا في دار الإسلام ثم ظهر المسلمون عليه فقتلوه وأخذوا ماله لم يكن

لغرمائه عليه سبيل وكذلك الباب الأول
قلت أفرأيت إن كان هذا المرتد في دار الشرك بعد فعجز عن هذا المقيم في دار الإسلام أيرده القاضي في الرق قال لا قلت أفرأيت إذا رد القاضي هذا أيكون رده ردا للآخر قال لا قلت فان رجع الآخر مسلما أيرده إلى مولاه رقيقا قال لا
قلت أرأيت رجلا كاتب عبد له وامرأته جميعا مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة وكفل كل واحد منهما عن صاحبه إن أديا عتقا وإن عجزا ردا ثم إن المكاتبة ولدت ولدا فقتل الولد لمن قيمته قال للأم كلها قلت ولا يكون للأب منه شيء قال لا
قلت وكذلك لو جرح جراحة أو اكتسب مالا قال نعم ذلك كله للأم دون الأب قلت ولم قال لأنه منها

قلت أرأيت إن كان المولى نفسه هو الذي قتل الولد وقيمته والمكاتبة سواء له أن يأخذها مكان المكاتبة ويقاص الأم بذلك ولم يحل شيء من ذلك قال لا إلا أن يشاء للأم قلت لم قال لأن قيمة الولد بمنزلة مال أخذه فيرده عليها إذا لم يحل عليها شيء من مكاتبتها لأن الولد إنما هو شيء لها
قلت أرأيت إن قاصها بذلك ورضيت هل تعتق هي وزوجها قال نعم قلت ولم قال لأن هذا بمنزلة أدائها جميع المال قلت فهل ترجع على الزوج بشيء قال نعم ترجع عليه بحصته من المكاتبة إذا حلت وتكون قيمة الولد كأنها هي بنفسها لأنه مال لها قلت أفرأيت إن كان الولد قيمته أكثر من المكاتبة وكان قد ترك مالا سوى ذلك لمن يكون ذلك الفضل وما ترك من مال قال للأم دون الأب قلت ولم قال لأنه مالها
قلت أفرأيت إن كان الولد جارية فولدت ولدا ثم قتل ولد الولد لمن تكون قيمته قال للجدة دون الأم قلت ولم قال لأن الأم لو قتلت كانت قيمتها للجدة فكذلك ولدها بمنزلتها قلت وكذلك كل ما كسبته قال نعم

قلت أفرأيت إذا ماتت المكاتبة وبقي ولدها وولد ولدها والزوج هل للمولى ببنيها سبيل في شيء من السعاية قال نعم عليهما من المكاتبة ما على أمهما قلت لم يكون على ولد الولد وأمهما حية قال لأنهما بمنزلة أمهما ألا ترى أن كسبهما وقيمتهما إنما هو للجدة فكذلك يلزمهما جميعا السعاية قلت ويكونان في ذلك بمنزلة الميتة قال نعم قلت وإنهما إذا أديا المكاتبة عتقوا جميعا قال نعم قلت فترجع الأم على الولد بشيء أو الولد على أمه بشيء قال لا قلت لم قال لأنهما إذا أديا عن أمهما أفيرجعان على الزوج

بشيء قال أيهما ما أدى جميعا المكاتبة رجع على الزوج بحصته من ذلك فيكون له خاصة دون الأم قال نعم قلت ولا يكون ذلك بمنزلة ميراث تركته الميتة قال لا قلت ولما قال لأن الذي أدى أحق به
قلت أفرأيت إن كانت الميتة حية لم تمت فولد للزوج ولد من جارية اشتراها أيكون قيمة ولده وجميع كسبه على نحو ما وصفت لك في شأن الأم قال نعم
قلت أرأيت الرجل إذا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة بألف درهم إن أديا عتقا وإن عجزا ردا وقيمتهما سواء ثم إن أحدهما أدى مائتي درهم ثم أعتقه المولى بعد ذلك وقيمته خمسمائة درهم وقيمة الآخر خمسمائة هل يرجع هذا المعتق على الآخر بشيء أو هل يرجع الباقي على المعتق بشيء وما حال الباقي

والمكاتبة قال يرجع هذا المعتق بنصف ما أدى على هذا الباقي ويرفع عن الباقي نصف ما بقي بعد أداء المعتق ويسعى فيما بقي قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن المكاتبة كان أصلها واحدا وكل شيء أدى أحدهما قل أو كثر رجع على صاحبه بنصف ذلك
قلت أرأيت إن كان أعتق الذي لم يرد شيئا قال يرفع عن الباقي نصف ما بقي من مكاتبته ويرجع الذي أدى بنصف ما أدى على المعتق وأيهما أعتق فانه يؤخذ على حاله مكاتبة صاحبه ويكون في ذلك بمنزلة الكفيل عنه لأن المكاتبة قد صحت قبل عتق هذا على غير وجه الكفالة وكذلك العتق

باب كتابة المكاتب
قلت أرأيت المكاتب هل تجوز مكاتبته قال نعم قلت وإن كان لم يؤد شيئا من مكاتبته قال وإن قلت أفرأيت مكاتبا كاتب عبدا له ثم إن المكاتب الثاني أدى مكاتبته هل يعتق قال نعم قلت ولم والذي كاتبه لم يعتق وأنت تزعم أن عتق المكاتب لا يجوز قال ليس هذا بمنزلة العتق هذا بمنزلة البيع استحسنا ذلك فأجزناه
قلت أفرأيت إن عجز الأول بعد ذلك هل يمضى عتق الثاني قال نعم عجز الأول أو لم يعجز قلت والثاني حر إذا أدى قال نعم
قلت أرأيت إن كان الأول لم يعجز لمن يكون ولاء الثاني قال لمولى المكاتب الأول
قلت أرأيت إن أدى المكاتب الأول بعد ذلك هل يرجع إليه ولاء مكاتبه قال لا قلت ولم قال لأن الآخر حيث عتق

صار مولى مولاه
قلت أرأيت إن عجز الأول فرد في الرق هل يرجع الثاني معه ولم يعجز قال لا ولكنه على مكاتبته يسعى فيها للمولى على نجومه
قلت أرأيت إذا مات المكاتب الأول وقد ترك مالا كثيرا وورثته أحرار أو لم يدع وارثا غير مولاه ما القول في ذلك وفي مكاتبته قال يأخذ المولى ما بقي من مكاتبته من تركته وما بقي فلورثته ويسعى المكاتب في لورثته في مكاتبته قال يأخذ المولى ما بقي من مكاتبته من تركته وما بقي فلورثته ويسعى المكاتب لورثته في مكاتبته قلت ويصير لمولاهم دون السيد إذا أدى إليهم المكاتبة قال نعم قلت فان عجز صار رقيقا لهم دون المولى قال نعم
قلت أفرأيت إن كان المكاتب لم يدع شيئا هل يرد الباقي في الرق ولم يعجز قال لا ولكنه يسعى في مكاتبته حتى يؤديها وإن كانت مكاتبة الثاني فيها وفاء بمكاتبة الأول أدى فان بقي شيء صار لورثة المكاتب الأول إن كان له وارث آخر غير المولى وإلا كان للمولى ويعتق هذا والميت جميعا ويكون ولاء الميت للمولى ويجر

ولاء ولده إن كان له أولاد أحرار من امرأة حرة ويكون ولاء الثاني للمولى الأول أيضا لأنه أدى فعتق قبل أن يعتق الميت
قلت أرأيت إن لم يكن في مكاتبة الثاني وفاء بمكاتبة الأول فأخذ المولى ما أدى الثاني هل يعتق الأول قال لا ولكن يعتق الثاني ولا يعتق الأول قلت فلمن يكون ولاء الثاني قال للمولى دون ورثة الأول قلت لم قال لأن المكاتب مات عاجزا مملوكا فأما إذا كان في مكاتبة الثاني وفاء فهذا مال تركه الميت الأول فإذا قبضه العبد عتق الأول والثاني جميعا
قلت أفرأيت إن عتق السيد فكاتب مكاتبة هل يجوز عتقه قال لا قلت ولم ولو أعتق المولى مكاتبة جاز قال لأن الثاني ليس للمولى فيه ملك ألا ترى لو أن المولى أعتق شيئا من رقيق مكاتبه لم يجز عنه وكذلك مكاتب المكاتبة
قلت أرأيت إن أعتق المولى مكاتبه الأول هل يعتق الثاني بعتقه قال لا ولكنه مكاتب على حاله للمعتق ويسعى له في

نجومه قلت ولا يكون للمولى عليه سبيل قال لا
قلت أرأيت إذا مات المكاتب الثاني وقد ترك مال فيه وفاء بمكاتبته أو ليس فيه وفاء قال إن ترك مالا فيه وفاء لمكاتبه أخذ المكاتب الأول في ذلك مكاتبته وينظر إلى ما بقي فان كان للميت ولد أحرار أو ورثة دون المولى فهو لهم وإن لم يكن له وارث ألا مولى المكاتب الأول فهو له ولاؤه ويجر ولاء ولده إن كان له ولد أحرار من امرأة حرة قلت ولا يكون للمكاتب من ماله ولا من ميراثه شيئا سوى مكاتبته قال لا قلت ولم لا يرثه وهو مكاتبه قال لا والمكاتب لا يرث وإنما هو بمنزلة العبد
قلت أرأيت المكاتب إذا كاتب عبدا له ثم أعتقه بعد المكاتبة هل يجوز عتقه قال لا قلت أفرأيت إن وهب له نصف المكاتبة وأخذ ما بقي منها هل يعتق قال لا قلت أفرأيت إن وهب له جميع المكاتبة هل يعتق قال لا
قلت أرأيت المكاتب إذا قال لعبده إذا أديت إلى ألف درهم فأنت حر وإذا أعطيتني ألف درهم فأنت حر وإذا جئتني بألف درهم فأنت حر هل يعتق في شيء من هذه الوجوه قال لا
قلت أرأيت مكاتبا كاتب جارية ثم إن المكاتب وطئها فعلقت ما حال الجارية قال إن شاءت مضت على مكاتبتها وإن شاءت

عجزت فتصير أم ولده لا يقدرا على بيعها قلت أرأيت إن اختارت العجز فأعتق المولى ولدها هل يجوز عتقه قال نعم قلت ولم ولو أعتقها في نفسها لم يجز عتقه قال لأنها ليست بمنزلة ولدها وولدها بمنزلة المكاتب ألا ترى أن المكاتب لا يقدر على بيع ولده على حال من الحالات أبدا ما تبقى أمة للمكاتب قلت أرأيت إن اختارت العجز أيكون للمكاتب أن يبيعها أو يبيع ولدها قال لا
قلت أرأيت إن أعتق السيد الولد بعد ذلك هل يجوز عتقه قال لا قلت لم وقد أجزت عتقه في ولدها قال لأنها ليست بمنزلة ولدها ألا ترى أن مولاها إذا أدى المكاتبة صارت أم ولده ويستخدمها ويطأها وأما ولدها معتق قلت أرأيت إن مات الولد هل للمكاتب أن يبيع الأم بعد ذلك قال ليس له أن يبيعها مات الولد أو لم يمت
قلت أرأيت المكاتب إذا كاتب جارية له فعمد السيد فوطئ مكاتبته فولدت منه أو لم تلد قال إن لم تلد فعليه العقر لها

وإن ولدت منه فعليه العقر وتمضى على مكاتبتها وليس في الولد قيمة والولد بمنزلة أمه يعتق بعتقها فان أدت عتقت وعتق ولدها قلت فيثبت نسب الولد منه قال نعم قلت لم لا يلزمه الولد بالقيمة في هذه الحال قال لأنه لا يكون عليه قيمة الولد ما دامت على مكاتبتها لأن القيمة لا تكون لها ولا للمكاتب ما دامت مكاتبة لأن ولدها بمنزلتها ألا ترى أنها لو حبلت من غيره لم يكن للمكاتب على الولد سبيل وكان بمنزلة أمه
قلت أرأيت إن عجزت ما القول في ذلك وما حال الولد قال يكون الولد للمولى بالقيمة وتكون للمكاتب قلت ولم قال

لأني استحسنت ذلك فأكره أن أجعله ولده رقيقا
قلت أرأيت الأم هل تصير أم ولد السيد قال لا ولكنها مملوكة للمكاتب
قلت أفرأيت المكاتب إذا كاتب جارية له ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق ثم وطئ السيد الجارية التي كاتبها فعلقت ما القول في ذلك قال هي في هذا الوجه بمنزلة ما كانت ويكون الولد ولده وتخير الجارية فان شاءت العجز عجزت وتصير أم ولده وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها وتأخذ عقرها منه فعلت
قلت أفرأيت إن لم يعجز المكاتب ولكنه مات بعد ما وطء السيد مكاتبته فعلقت ولم يترك شيئا قال هذه بمنزلة الأول أيضا قلت فان كان للمكاتب ورثة أحرار وفي المكاتبة فضل قال

هذه تمضي على مكاتبتها فان أدت عتقت ويكون ما بقي من المكاتبة سوى ما أخذ السيد لورثة المكاتب
قلت فان كان الذي وطئها المكاتب ثم مات ولم يترك مالا هل تخيرها في هذا الباب قال إن كانت لن تلد لم تخير وإن كانت ولدت خيرت فان شاءت سعت هي وولدها في مكاتبته الأولى ورفضت مكاتبتها وإن شاءت قبضت على مكاتبتها قلت ولم قال لأنه لم يترك مالا قلت فلو ترك مالا فيه وفاء بمكاتبته أدى مكاتبته وعتق وبطل عنها المكاتبة قال نعم
قلت أرأيت إن عجزت في الباب الأول والمدعي للولد المولى ومكاتب الأول ميت ما حالها وحال ولدها قال أما ولدها فحر وعلى أبيه قيمته فان كان في قيمته وفاء لمكاتبة عتق المكاتب وكانت الأم مملوكة لورثته إن كان له ولد أحرار قلت ولم قال لأن المكاتب وولدها بمنزلة مال التركة استحسنت أن أجعل الولد له

بالقيمة ولا يباع وأما الأم مملوكة لورثة المكاتب فان لم تكن له ورثة سوى المولى فهي أم ولد للمولى
قلت أرأيت إن مات المكاتب وترك مالا كثيرا ما القول في ذلك قال يردون ما بقي من المكاتبة إلى السيد والمكاتبة على مكاتبتها فان عجزت ردت في الرق ويكون الولد للسيد بالقيمة وتكون القيمة لورثة المكاتب قلت فما حال الأم قال هي مملوكة لورثة المكاتب إذا كان له ورثة سوى المولى قلت ولم جعلت عليه قيمة الولد في هذا الوجه قال لأن المكاتب مات وترك وفاء وقد قبض المولى مكاتبته من تركته فصار حرا فكأنه قد كان عتق قبل أن يموت ألا ترى أنه لو أدى المكاتبة عتق ثم إن مكاتبته عجزت وقد كان السيد وطئها فولدت منه جعلت لها الولد بالقيمة واستحسنت أن يسترقه المكاتب وأما الأم فمملوكة له قلت وكذلك إن مات وترك وفاء وقبض السيد ما بقي من مكاتبته ثم عجز بعد ذلك قال نعم


قلت أرأيت المكاتب يكاتب عبدا له ثم كاتب مكاتبه عبدا له أيضا أيجوز ذلك قال نعم قلت وكذلك لو كانت أمة له قال نعم
قلت أرأيت إن كاتب الثاني أمة له ثم إن المكاتب الأول وطئ مكاتبة الثاني فولدت منه ما القول في ذلك قال يأخذ عقرها منه وتمضي على مكاتبتها وولدها بمنزلتها فان أدت عتقت وعتق ولدها معها
قلت أرأيت إن عجزت فردت في الرق ما حالها وحال ولدها قال هي مملوكة لمولاها ويكون الولد للمكاتب الأول بقيمته قلت لم قال إني استحسنت ذلك وتركت القياس فيه وجعلته بمنزلة المولى إذا وطئ مكاتبة مكاتبه
قلت أفرأيت إذا أخذه بالقيمة أيكون بمنزلة يعتق بعتقه ويرق برقه ولا يكون له أن يبيعه قال نعم قلت فان أعتق المولى ولده بعد ذلك هل يجوز عتقه قال نعم
قلت أرأيت إن كتب المكاتب عبدا له ثم إن المكاتب الثاني كاتب أيضا عبدا له ثم إن المكاتب الأوسط عجز ما حال مكاتبه قال هو مكاتب للمكاتب الأول ويسعى له في مكاتبته فان أداها عتق وإن عجز رد في الرق وكان عبدا له قلت ولا يكون عجز

الأوسط عجزا للثالث قال لا
قلت أرأيت رجلا كاتب أمه له فولدت ولدا جارية ثم إن الولد ولد ولدا آخر فأعتق المولى المكاتبة هل يعتقون جميعا قال نعم
قلت أرأيت إن أعتق المولى الوسطى هل يعتق ولدها معها قال لا في قول أبي يوسف ومحمد وأما في قول أبي حنيفة فيعتق الأسفل معه قلت ولم قال لأنها بمنزلة ولد المكاتبة ولا يعتق إلا بعتقها فإذا أعتقت الجدة عتقوا جميعا وإن أعتق الوسطى لم يعتق غيرها ولا يعتق ولدها بعتقها لأنها ليست بمكاتبة نفسها وإنما يعتق ولدها بعتق جدتها في قول أبي يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة يعتق ولدها إذا عتق وقال أبو يوسف ومحمد ألا ترى أن كسبهما جميعا وقيمتهما للجدة ولا يكون للوسطى من كسب ولدها شيء
قلت أفرأيت الرجل إذا كاتب عبدا له فكاتب المكاتب عبدين له جميعا وجعل مكاتبتهما جميعا واحدة وجعل نجومهما واحدة وإن عجزا ردا وإن أديا عتقا هل يجوز ذلك كما يجوز لو كاتبهما المولى قال نعم
قلت أرأيت إن كاتب المكاتب عبدا له وجارية له جميعا مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا وكفل

كل واحد منهما لصاحبه ثم إن المكاتب الأول وطئ الجارية فعلقت منه فولدت ولدا ما حالها وحال ولدها قال ولدها بمنزلتها وهي على مكاتبتها وتأخذ عقرها من المكاتب قلت ولا تخيرها قال لا قلت ولم قال لأنها لا تكون عاجزة دون المكاتب الآخر الذي معها ألا ترى أنها لو عجزت لم ترد ولم تصر له أم ولد المكاتب لأن شريكها إذا أدى عنها عتق وعتقت معه لأن المكاتبة واحدة لا يعجزان إلا جميعا ولا يعتقان إلا جميعا ولا يكونان بمنزلتها لو كاتبها وحدها
قلت أرأيت إن أدى المكاتب مكاتبته هل يعتق ولدها بعتقه قال نعم قلت وتكون هي على مكاتبتها ولا يكون لها الخيار قال نعم قلت ولم وقد عتق سيدها قال هو سواء عتق أو لم يعتق ولا تكون عاجزة دون صاحبها ولا تعجزان إلا جميعا ولو عجزت لم ترد لأن صاحبها لو أدى عتقا جميعا فكذلك الباب الأول قلت فما لك أعتقت ولده حيث أعتق قال لأنه حيث صار حرا تعتق ولده بعتقه ألا ترى لو أن حرا كاتب عبدا له وأمة على

ما وصفت لك فوطئ الجارية فعلقت عتق الولد ولا تستطيع الجارية أن تعجز دون صاحبها وكذلك المكاتب إذا أدى فعتق
قلت أرأيت هذا المكاتب الذي كاتب عبدا وأمة له على مكاتبة واحدة على ما وصفت لك ثم عمد السيد الأول إلى الأمة فوطئها فولدت منه أيكون ولده حرا قال هو بمنزلة أمه يعتق بعتقها فان عجزت هي وصاحبها فردا جميعا كان له ولده بالقيمة وأما ما لم يعجز فليس عليه في الولد قيمة وهي بمنزلة أمه
قلت أفرأيت هذا المكاتب إذا كاتب عبدا له وامرأته جميعا مكاتبة واحدة فولدت امرأته ولدا يكون الولد وكسبه لها دون الأب كما يكون إذا كاتبها المولى قال نعم قلت أرأيت إذا كاتب السيد مكاتبتين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة ثم إن إحدى المكاتبتين ولدت ولدا فوطئ السيد ولد المكاتبة فعلقت هل تصير أم ولد له قال لا والولد حر قلت فهل يثبت نسب الولد قال نعم قلت فهل عليه في الولد

قيمة قال ليس عليه في الولد قيمة وهو حر قلت ولم قال لأن الأم الأولى إذا عتقت عتق ولدها معها وإن عجزت هي وصاحبها جميعا صار الولد ولده بغير قيمة قلت أفرأيت ابنتها التي وطئ السيد إن قالت أنا أريد أن أصير أم ولد للسيد أيكون ذلك لها قال لا
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له فكاتب المكاتب أمة له ثم إن مكاتبة المكاتب ولدت ولدا ثم ماتت وبقي ولدها ثم مات المكاتب بعد ذلك ما حال الولد قال يسعى فيما كان على أمه على نجومها فان أدى عتق وعتقت أمه معه وينظر إلى ما أداه فان كان فيه وفاء لمكاتبته الأولى عتق أيضا لأن ما أدى الولد فإنما يصير للمكاتب الأول قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن المكاتب الأول حيث مات صار ما على مكاتبته دينا له من تركته فمن ثم عتق المكاتب الأول
قلت أرأيت رجلا كاتب جاريتين له مكاتبة واحدة فأعتق إحداهما ووطئ الأخرى فعلقت منه قال تعتق التي أعتق وترفع حصتها من المكاتبة عن الأخرى وتخير الأخرى التي علقت منه فان شاءت سعت فيما بقي من المكاتبة فان أدت عتقت وإن شاءت عجزت وكانت أم ولد وتبطل المكاتبة عنهما جميعا


قلت أرأيت مكاتبة كاتبت عبدا لها على ألف درهم فولدت في مكاتبتها ولدا ثم ماتت ولم تدع شيئا قال يسعى الولد فيما على أمه ومكاتبها على مكاتبته يسعى في مكاتبته فما أدى من شيء أخذه المولى حتى يستوفي المكاتبة فان أدى قبل الولد عتق وولاؤه للمولى ثم يؤدي ذلك إلى المولى من مكاتبته ويعتق ولدها فان كان مكاتبته أكثر من مكاتبة مولاته فأدى مكاتبه مكاتبة مولاته إلى المولى عتق الولد ويقبض الولد منه ما بقي عليه ويعتق هو إذا أدى ذلك ويكون ولاؤه للولد وإن كان أدى مكاتبته قبل مكاتبة مولاته

وأدى ذلك فانه يعتق ويكون ولاؤه للمولى ثم يؤدي ذلك إلى المولى عن مكاتبته فتعتق هي ولدها الباقي ويكون ولاؤهم للمولى أيضا وذلك لأن الأولى عتقت بعد عتق الباقي ولا يكون لابنها ولاء حتى يعتق ابنها قبل عتق الأخرى ألا ترى أنها لو تركت مالا سوى المكاتبة أخذ المولى مكاتبتها من ذلك وأعتق الولد وكان ولاء المكاتب للولد قلت أرأيت إن أدى الأول قبل العتق هل يعتق قال نعم ويؤدي المكاتب إليه ما عليه من المكاتبة قلت أرأيت الابن هل تستسعيه في شيء أو تقضي عليه بالسعاية ما دام مكاتبا قال نعم أقضي عليه بما على أمه من المكاتبة يسعى فيه نجوما أو يكون في ذلك بمنزلة أمه قلت ولم وقد تركت مالا قال لأن ما على المكاتب إنما

هو دين ألا ترى أنه لو كان على رجل دين إلى رجل قضيت على الولد بالسعاية فإذا خرج الدين أخذه المولى فكذلك المكاتب
قلت أرأيت إن كان نجم المكاتب أجله إلى سنة والولد يحل عليه نجمه إلى شهر فقضيت عليه بالسعاية فحل عليه نجمه فعجز عنه فلم يؤده هل يرد في الرق قال نعم يرد في الرق قلت ولم قال لأن ما على المكاتب لا يقدر عليه إلا بعد حله ألا ترى لو أن المكاتبة تركت مالا على رجل إلى سنة ثم حل نجمه فلم يؤده رد في الرق وكذلك ما على المكاتب
قلت أفرأيت إذا رد في الرق ثم أدى المكاتب بعد ذلك وخرج الدين ما القول في ذلك قال ذلك كله للمولى وولده الأول رقيق قلت ولم قال لأنه إذا رد في الرق كان عبدا وكان ما ترك بعد ذلك من دين للمولى وكان هو رقيقا

باب مكاتبة الأب على نفسه وولده الصغار
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على نفسه وولده الصغار بألف درهم مكاتبة واحدة وجعل النجوم واحدة إذا أداها عتقوا وإذا عجز ردوا هل يجوز ذلك قال نعم قلت ولم أجزت هذا وقد دخل

ولده الصغار معه في المكاتبة من غير أن يرضوا بها ولا يعقلوها قال لأنه كاتب عليهم قلت أفرأيت إن أدى من المكاتبة قيمة نفسه هل يعتق قال لا يعتق هو ولا أحد من ولده حتى يؤدي جميع المكاتبة قلت ولم قال لأن المكاتبة واحدة ولا يعتقون إلا جميعا
قلت أفرأيت إن عجز الأب فرد في الرق هل يرد معه ولده قال نعم قلت أرأيت إن أدرك ولده فقالوا نحن نسعى في المكاتبة قال لا يلتفت إليهم لأن الأب حيث عجز فرد فهو رد لهم
قلت وكذلك إن أدركوا فعجز الأب بعد ما أدركوا فرد في الرق أيكون هذا ردا لهم جميعا قال نعم قلت أفرأيت إن قالوا بعد ذلك نحن نسعى في المكاتبة هل يلتفت إليهم قال لا
قلت أفرأيت إن مات الأب ولم يدع شيئا ما حال ولده قال يسعون في المكاتبة فان أدوا عتقوا وإن عجزوا ردوا رقيقا قلت أفرأيت إن كانوا صغارا لا يقدرون على أن يسعوا هل يردون في الرق قال نعم قلت أفرأيت إن كانوا صغارا

يقدرون على الأداء فسعى بعضهم في جميع المكاتبة فأداها إلى المولى هل يرجع على إخوته بشيء قال لا قلت فهل يعتقون جميعا قال نعم قلت فلم لا يرجع عليهم قال لأنه إنما أدى عن أبيه ولم يؤد عنهم قلت أفرأيت إن أدى من المكاتبة قدر قيمته هل يعتق قال لا حتى يؤدي جميع المكاتبة
قلت أفرأيت إن مات بعضهم هل يرفع عن نفسهم شيء من المكاتبة قال لا قلت ولم قال لأن المكاتبة على الأب ولأنهم لا يعتقون إلا بأدائها جميعا قلت وكذلك إن ماتوا جميعا وبقي واحد كان عليه جميع المكاتبة قال نعم
قلت أرأيت إن كانوا أحياء وقد مات الأب هل يكون للسيد أن يأخذ أيهما شاء بجميع المكاتبة قال نعم قلت لم قال لأنه كاتب عليهم ألا ترى أنه لا يعتق حتى يؤدي جميعا وهو في هذه الحال بمنزلة أبيه
قلت أفرأيت أن أحدهم إذا أدى جميع المكاتبة فأعتقوا جميعا ثم أصيب للمكاتب مال كثير ما القول في ذلك وهل يرجع هذا الذي

أدى المكاتبة في مال أبيه قال لا ويكون ذلك بينهم ميراثا جميعا قلت ولم لا يرجع به في مال أبيه قال لأنه بمنزلته في المكاتبة
قلت أفرأيت إن أعتق المولى بعضهم ما القول في ذلك قال عتقه جائز قلت فهل يرفع عن الباقين شيء من المكاتبة قال نعم يرفع عنهم بحصة قيمة هذا المعتق من المكاتبة قلت ولم قال لأن السيد قد أعتقه ولا يشبه العتق في هذا الموت بمنزلة ما قد قبض
قلت أرأيت إن كانت فيهم جارية فوطئها السيد فعلقت ما القول في ذلك قال يأخذ عقرها من السيد والولد ولده وهي مكاتبة على حالها قلت أرأيت إن قالت أنا أعجز وأصير أم ولد أيكون ذلك لها قال لا قلت ولم وقد ولدت من سيدها قال لأنها لا تكون عاجزة ما دام شركاؤها يسعون ألا ترى أن بعضهم أدوا عتقوا جميعا وعتقت معهم فلذلك لم يكن لها الخيار وهذا بمنزلة مكاتبتين كاتبهما رجل مكاتبة واحدة ثم وطئ إحداهما فعلقت فلا يكون لها الخيار وكذلك الباب الأول


قلت أرأيت إذا عجزوا جميعا هل تصير التي كانت ولدت أم ولد قال نعم
قلت أفرأيت إن كان الأب حيا فأدى جميع المكاتبة هل يرجع على ولده بشيء قال لا
قلت أفرأيت إن أدى بعض الولد جميع المكاتبة في حياة أبيه هل يرجع على أبيه بشيء قال لا قلت ولم قال لأنه شيء تطوع به على أبيه ولم يكن عليه شيء من المكاتبة مع أبيه وإنما كاتب الأب عنه
قلت أفرأيت إن كان ولده كبارا فكاتب على نفسه ولده بغير رضاهم ولا علمهم فأدى جميع المكاتبة هل يعتقون جميعا قال نعم قلت ولم قال لأن السيد قد كاتبه عليهم جميعا
قلت أرأيت إذا أدى الأب المكاتبة هل يرجع على ولده بشيء قال لا قلت ولم قال لأن الولد لم يرضوا بالمكاتبة ولم يكاتبوا على أنفسهم ولم يدخلوا مع الأب فيها
قلت أفرأيت رجلا كاتب مملوكا وامرأته مكاتبة واحدة على أنفسهما أولادهما وهم صغار وجعلا نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا ثم إن بعض الولد قتله إنسان خطأ لمن تكون قيمته قال

قيمته لهما جميعا يستعينان في مكاتبتهما وتكون للسيد أن يأخذها ويحبسها من المكاتبة قلت ولم قال لأن المولى ليس له على الولد سبيل ألا ترى أنه ليس له أن يستسعيه في شيء من المكاتبة وأن حقه على الأب والأم
قلت فان كان الولد قد غاب فأراد المولى أن يستسعيه بعد ذلك أله ذلك قال لا قلت لم قال لأنه كاتب أباه وأمه وهو صغير وإنما الحق على الأب والأم ما داما حيين لأنهما اللذان كاتبا
قلت أرأيت إذا كبر الولد فاكتسب مالا هل للأب على ماله سبيل قال لا
قلت أفرأيت إذا مات بعض الولد فاكتسب مالا يكون ذلك المال للأبوين جميعا يؤدي فيه المكاتبة وليس للسيد منه شيء قال نعم قلت ولم قال لأن المكاتبة على الأبوين وليس على الولد منه شيء
قلت أفرأيت إن أعتق السيد الولد هل يرفع عن الأبوين شيء من المكاتبة قال نعم قلت ولم قال لأن الولد قد دخلوا

معها في المكاتبة قلت وكم يرفع عنهما قال قدر حصة الولد من المكاتبة
قلت أفرأيت إذا اكتسب الولد مالا هل للأبوين أن يأخذا المال منه قال لا قلت ولم وقد زعمت أن كسب ولد المكاتبة لها قال ليسا بسواء لأن الولد إذا ولد في المكاتبة فهو بمنزلة أمه وإذا كان معها في المكاتبة فليس لها على كسبه سبيل لأنه مكاتب معها
قلت أفرأيت إن مات الأب أو الأم هل يكون للمولى على الولد سبيل في شيء من المكاتبة قال لا ما دام أحدهما حيا إلا أن يموتا جميعا فأما إذا ماتا جميعا كان على الولد أن يؤدي جميع مال المكاتبة حالة وإلا رد في الرق قلت ولم قال لأن جميع المكاتبة على الباقي منهما وذلك إذا كان المولى كاتب الأبوين على الأولاد وهم يومئذ كبار فأما إذا كان كاتبهما على أولادهما وهم صغار فهو بمنزلة ما ولد في مكاتبتهما في السعاية فيما عليهما من المكاتبة على النجوم إذا مات الأبوان

باب مكاتبة الوصي رقيق اليتامى
قلت أرأيت وصيا كاتب عبدا ليتامى هل يجوز ذلك قال نعم قلت أفرأيت إذا كاتبه الوصي ثم وهب له المال بعد ذلك هل يجوز ذلك قال لا قلت ولم وقد أجزت المكاتبة قال لأن الوصي لم يملك هذا المال الذي وهب ولا يهب ما لا يملك وإنما أجزت المكاتبة لأنها عندي بمنزلة البيع
قلت أرأيت إذا أقر الوصي أنه قد قبض المال من المكاتبة هل يجوز ذلك قال نعم ويعتق العبد
قلت أرأيت إن قال الوصي قد كنت كاتبته وأدى إلى

هل يصدق ويعتق بقوله ذلك قال لا قلت ولم وقد أجزته في الباب الأول قال لأن الباب الأول قد كاتبه ببينة فأما إذا قال قد كنت كاتبته وأدى إلى ولم يقم بينة فليس قوله ذلك بشيء ولا يصدق
قلت أفرأيت الوصي إذا كاتب عبدا وأمة لليتامى أهو سواء قال نعم قلت ويجوز ذلك قال نعم قلت أفرأيت الوصي إذا كاتب عبدا أو أمة وكل الوصي رجلا يقبض ذلك من المكاتبة أيجوز ذلك إن قبض الوكيل قال نعم
قلت أفرأيت إن أدرك اليتيم بعد ما كاتبه الوصي فأبى اليتيم أن يجيز المكاتبة والمكاتب على حاله لم يؤد شيئا هل له أن يرده قال لا ولكن المكاتبة جائزة ويستسعيه الولد
قلت أرأيت إن أدى المكاتب المكاتبة إلى الوصي بعد ما أدرك اليتيم هل يجوز ذلك قال لا قلت فان نهاه اليتيم أن يدفعه إلى الوصي قال وإن فلا يجوز أن يدفع إلى الوصي بمنزلة المديون فان كان العبد فأدى كاتبه ثم أدرك الصبي فليس له أن يقبض


قلت أرأيت إن قبضه اليتيم بعد ما يبلغ من المكاتب هل يجوز قال نعم يجوز وهو بمنزلة رجل أمر جلا أن يكاتب عبده فكاتبه
قلت أرأيت إن أدرك اليتيم فعمد الوصي فدفع إلى اليتيم ماله وبرئ إليه من الوصية ثم قبض الوصي بعد ذلك من المكاتب مكاتبته هل يجوز ذلك قال لا
قلت أرأيت إن كان القاضي قد أخرجه من الوصية إلى غيره هل للوصي الأول الذي كاتب المكاتب أن يأخذ شيئا قال لا
قلت أرأيت إن أدى إليه شيئا هل يبرأ منه قال لا قلت ولم قال لأنه ليس بوصي ولأن الوصي غيره قلت وكذلك إن قبض دينا لميت لم يجز ذلك قال نعم وهو في ذلك بمنزلة غيره
قلت أرأيت الوصي إذا كاتب عبدا أو أمة ثم عجز المكاتب فرده الوصي ورضي بذلك المكاتب هل يكون رده ردا قال نعم
قلت أرأيت الوصي إن كاتب عبدين لليتامى مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة هل يجوز ذلك قال نعم ويجوز

مكاتبة الوصي في جميع رقيق اليتامى فيما يجوز مكاتبة الرجل في رقيقه قال نعم
قلت أفرأيت الميت إذا كان له وصيان فكاتب أحدهما دون الآخر بغير إذن صاحبه هل يجوز ذلك قال لا قلت ولم قال لأنه لو باع أحدهما مملوكا لليتامى أو غير ذلك لم يجز فكذلك المكاتبة لا تجوز
قلت أرأيت إن كاتبه بإذن صاحبه أيجوز ذلك قال نعم وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وفي قياس قول أبي يوسف مكاتبة أحدهما بغير إذن صاحبه جائزة كما يجوز بيع أحدهما دون صاحبه
قلت أفرأيت إذا كاتب أحدهما مملوكا دون صاحبه بغير أمره فأدى إليه المملوك المكاتبة هل يعتق قال لا في قول أبي حنيفة ومحمد قلت لم قال لأن المكاتبة كانت باطلة


قلت أرأيت الوصي إذا أعتق عبدا لليتامى هل يجوز عتقه قال لا قلت فكيف أجزت مكاتبته ولم تجز عتقه قال لأن المكاتبة بمنزلة البيع فلا يجوز أن يعتق ما لا يملك
قلت أرأيت إن باعه نفسه بألف هل يجوز ذلك قال لا قلت فكيف لا يجوز هذا وتجوز المكاتبة وهذا بيع قال لأن هذا ليس بمكاتبة ولا بيع هذا عتق ولا يجوز بمنزلة قوله أنت حر على ألف درهم ألا ترى أنه لو قال له ذلك لم يجز فكذلك الباب الأول
قلت أرأيت الرجل أوصى إلى رجل ورثته كبار ليس فيهم صغار فكاتب الوصي رقيقهم هل تجوز مكاتبته قال لا قلت فلم أجزته إذا كانوا صغارا قال لأنهم إذا كانوا صغارا كان له أن يكاتب رقيقهم وإنما استحسنا إذا كانوا صغارا
قلت فان كان الورثة كبارا غيبا أهو سواء قال نعم ليس للوصي أن يكاتب إذا كان الورثة كبارا غيبا كان الورثة أم شهودا قلت وكذلك إن كانوا صغارا فكاتب بعد ما أدركوا قال نعم قلت ولم استحسنت ذلك قال لأن الورثة إذا كاتبوه جاز ذلك فأما إذا كانوا صغارا فمكاتبة الوصي جائزة
قلت أفرأيت إن كان بعض الورثة صغارا وبقيتهم كبارا

فكاتب الوصي رقيقا من رقيقهم فأبى الكبار أن يجيزوا ألهم ذلك قال نعم ولا يجوز المكاتبة قلت أفرأيت إن كان عليه دين وله وصي فكاتب الوصي بعض الرقيق هل يجوز ذلك قال لا قلت وإن كان الدين لا يحيط بماله قال وإن
قلت أرأيت إن كان للميت مال كثير وله عبد وعليه دين وماله أكثر من دينه وهو في يد الوصي فكاتب الوصي العبد ثم جاء الغرماء فأرادوا رد المكاتبة ما القول في ذلك قال يأخذ دينهم من المال وتجوز المكاتبة في هذا الوجه قلت ولم أجزتها قال لأن في المال وفاء وليس على العبد سبيل للغرماء
قلت أرأيت إن هلك المال في يد الوصي قبل أن يقبضه الغرماء قال المكاتبة مردودة ويباع العبد لغرماء قلت لم قال لأنه ليس للوصي أن يتلف مال الغرماء وإنما العبد في هذا الوجه للغرماء
قلت أرأيت الوصي إذا كاتب عبدا للورثة وهم غيب وهم كبار كلهم وقد كان أوصى إليه والورثة كلهم كبار فقدموا فأبوا أن يجيزوا المكاتبة ألهم أن يردوها قال نعم قلت ولم قال لأنه ليس للوصي أن يكاتب إذا كان الورثة كبارا ولا إذا كان على الميت دين ولا إذا كان الميت أوصى بثلث ماله لأنه قد وقع للموصي له بعض الرقيق


قلت أرأيت الوصي في أي شيء يجوز مكاتبته وفي أي شيء لا تجوز قال إذا كان الورثة صغارا ولم يوص بشيء من الرقيق ولم يكن عليه دين فمكاتبة الوصي جائزة وأما إذا كانوا كبارا فكان عليه دين أو أوصى بثلث ماله فلا يجوز مكاتبته


قلت أرأيت الوصي إذا كاتب عبدا لليتامى أو جارية فمكاتبته جائزة بمنزلة الرجل إذا كاتب عبد نفسه في جميع ما يجوز على المكاتب وله قال نعم قلت أرأيت إذا عجز المكاتب الذي قد كاتبه الوصي ورده الوصي في حياته هل يجوز رده قال نعم
قلت أرأيت إذا كاتب العبد ثم إن الوصي مات وأوصى إلى غيره أيكون وصي الميت بمنزلة الوصي الأول قال نعم
قلت فهل لوصي الوصي ان يكاتب كما يكاتب وصي الميت قال نعم
قلت أفرأيت أن يكاتب عبدا لليتيم أو جارية ثم كبر

اليتيم فعجز المكاتبة فرده في الرق وليس له وارث غيره يرضى المكاتب قال رده جائز
قلت أرأيت رجلا حضره الموت فأوصى بثلث ماله وترك عبيدا لم يترك غيرهم وترك يتامى صغارا لا مال لهم غير العبيد فكاتب الوصي بعض الرقيق فأدى إليه جميع المكاتبة هل يعتق حصة الورثة من العبيد قال نعم قلت فما حال العبد وما حال الوصي قال يأخذ الموصي له من المكاتبة حصته ويستسعى العبد في حصته منه
قلت أرأيت لو قال الموصي له إنما أضمن الورثة حصتي من العبد في أموالهم أيكون ذلك له قال لا إلا أن يكون للورثة من المال ما يضمنهم فيه الموصي له فان كانوا مياسير كان له أن يضمنهم إن شاء وليس له أن يضمن الوصي قلت ويسعى العبد قال نعم

باب مكاتبة المأذون له في التجارة
قلت أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا كان كاتب عبدا من عبيده أو أمة من إمائه هل تجوز مكاتبته قال لا قلت ولم وقد قلت إن للمكاتب أن يكاتب قال ليس المكاتب بمنزلة المأذون له في التجارة ألا ترى أن المكاتب ليس لأحد على ماله سبيل وإنما

استحسنا في المكاتب استحسانا ألا ترى أنا نجيز مكاتبة الوصي وهو لا يملك ما يكاتب ونجيز مكاتبة الرجل على ابنه إذا كان صغيرا
قلت وكذلك لو قال المأذون له في التجارة لعبده أنت حر على ألف درهم قال نعم هذا أيضا لا يجوز
قلت أرأيت المأذون له في التجارة إذا كان عليه دين أو لم يكن أسواء هو قال نعم هو سواء لا يجوز مكاتبته قلت وإن كاتبه فأدى إليه المكاتبة هل يعتق قال لا يعتق ولا يجوز مكاتبته

باب مكاتبة الأمة الحامل
قلت أرأيت رجلا كاتب أمة له حاملا هل تجوز المكاتبة قال نعم قلت ويكون ولدها بمنزلتها قال نعم قلت أفرأيت إذا ولدت أيكون للمولى على الولد سبيل في شيء من المكاتبة وله أن يأخذه بها قال لا ولهما المكاتبة على الأم
قلت أرأيت الرجل إذا كاتب أمة له حاملا على نفسها وعلى ما في بطنها من الولد ما القول في ذلك قال المكاتبة جائزة قلت أفرأيت إن أدت جميع المكاتبة هل تعتق قال نعم قلت أفرأيت إذا ولدت بعد ذلك ثم أدت بعد ما ولدت هل تعتق هي وولدها

قال نعم قلت لم قال لأن ولدها منها
قلت أفرأيت رجلا كاتب أمة له حاملا واستثنى ما في بطنها أتجوز المكاتبة قال لا قلت ولم قال لأنه كاتب ما في بطنها فلا يجوز
قلت أرأيت الرجل إذا كاتب أمة وهي حامل فولدت ثم إن الأم ماتت ما حال ولدها قال يسعى الولد في جميع المكاتبة ولا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة قلت ويسعى على نجوم أمه قال نعم فان أدى عتق وإن عجز رد
قلت أفرأيت إذا ولدت المكاتبة ولدا ثم هلكت وعليها دين وعليها بقية من مكاتبتها ما القول في ذلك قال يلزم الولد الدين والمكاتبة فيسعى فيهما جميعا وهو في ذلك بمنزلة أمه قلت ولم

قال لأنه مال لها ومنها ولا تعتق حتى يؤدي ما عليها
قلت أفرأيت إن أدى الولد المكاتبة قبل أن يؤدي الدين هل يعتق قال نعم ويرجع الغرماء على الولد بالدين يسعى فيه وهذا استحسان قلت أرأيت إن كان قد أدى المكاتبة ثم جاء الغرماء هل يأخذون من المولى ما أخذ منه قال لا قلت أرأيت إن عجز عن المكاتبة أيرده القاضي في الرق قال نعم قلت وإذا رد في الرق أيباع للغرماء قال نعم قلت ولا يتبعون المولى بما أخذ وسلم ذلك كله للمولى لأنه إنما كان بمنزلة غريم من الغرماء ألا ترى أن المكاتب يقضي غرماءه بعضهم دون بعض وعجز بعد ذلك أو لم يعجز ويتم ما صنع من ذلك فكذلك المولى
قلت أرأيت إن قتل الولد بعد موت الأم قبل أن يعجز وعلى أمه دين من مكاتبتها ما القول في ذلك قال يؤخذ من القاتل قيمته إذا كان القاتل خاطئا وذلك على العاقلة فيقضي منه الدين الذي كان على أمه وإن فضل منه شيء أدى جميع المكاتبة وعتق الولد وأمه فان بقي شيء بعد ذلك كان لورثة الابن فان لم يكن له وارث غير المولى فهو للمولى قلت أرأيت إن كان له أخ من أبيه هل يرثه من ذلك المال شيئا أو يكون لورثة أمه قال يكون ما بقي

لورثة الابن
قلت أرأيت إذا كاتب الرجل أمته فولدت ولدا في مكاتبتها أو كاتبها وهي حامل فولدت أهو سواء قال نعم قلت أرأيت إن أعتق المولى ولدها هل يعتق قال نعم قلت فهل يرفع عنها من المكاتبة شيء قال لا قلت ولم قال لأن المكاتبة على الأم دون الابن ولأن الولد لم يكن مع الأم في المكاتبة
قلت أفرأيت الرجل إذا كاتب أمته وهي حامل فولدت ابنا ثم إن الأم ماتت وعليها دين كثير وقد تركت مالا وفاء بالدين سواء وليس فيه فضل عن الدين قبضه المولى ذلك المال من المكاتبة هل يعتق الولد والأم جميعا قال نعم إذا أدى إليه الولد ويرجع بذلك المال الغرماء على المولى وهم أحق به من المولى قلت ويرجع المولى بمثل ذلك على الابن قال نعم قلت وإن كان الابن لم يؤده قال لم يعتق لأنه مال للغرماء قلت فما القول في ذلك قال يجيء الغرماء فيأخذون ذلك المال فيسعى الولد في المكاتبة
قلت أفرأيت إن كان القاضي دفع ذلك المال إلى المولى ولا يعلم أن عليه دينا يطلب من الولد أهو بمنزلة باب الأول

قال نعم
قلت أرأيت إن ماتت المكاتبة وبقي ولدها وعليها دين كثير ولم تدع شيئا والدين يحيط بقيمة الولد فعمد المولى فأعتق الولد أيجزي عتقه قال نعم ويسعى الولد في الدين لأصحاب الدين قلت فكيف أجزت عتقه وعلى أمه دين وإنما هو مال الغرماء قال لأن الغرماء في هذه الحال إنما لهم أن يستسعوه ولا يباع ما لم يعجز قلت ولم يفسد عليهم شيئا قال لا ألا ترى لو أن رجلا كاتب عبدا له فاستدان قبل عتقه جاز عتقه وكان ذلك الدين على العبد
قلت أفرأيت إذا كاتب الرجل أمته فولدت ولدا في مكاتبتها أو كانت حبلى حيث كاتبها ثم ولدت وكان السيد أعتق نصف المكاتبة قبل أن تلد هل يعتق من الولد شيء قال نعم يعتق منه مثل ما يعتق من أمه قلت فما حال الأم إذا أعتق نصفها قال إن شاءت سعت في نصف مكاتبتها ومضت عليها وإن شاءت عجزت وسعت في نصف قيمتها في قياس قول أبي حنيفة


قلت أفرأيت إن قالت أنا أسعى في نصف قيمتي وأعجز عن المكاتبة أيكون ذلك لها قال نعم
قلت أرأيت إن ماتت الأم بعد ذلك ما حال الولد قال يسعى الولد فيما على أمه
قلت أفرأيت إن كان نصف قيمة الولد أكثر من نصف قيمة الأم في كم يسعى الولد قال يسعى في نصف قيمة الأم ولا يسعى في شيء من قيمته قلت ولم قال لأنه إنما يسعى فيما على أمه
قلت أرأيت إن ماتت الأم وعليه دين ما القول في ذلك قال يسعى الولد في جميع ما كان على أمه من الدين ونصف قيمتها قلت ولم قال لأن الابن لا يعتق حتى يسعى فيما على أمه من نصف قيمتها قلت أرأيت إن أذى إلى المولى دون الغرماء هل يعتق قال نعم ويكون ما أدى للمولى ثم يؤدي بعد إلى الغرماء
قلت أرأيت إن أعتق المولى الولد هل يجوز عتقه قال نعم ويكون الدين عليه ولا يبطل الدين


قلت أرأيت إن كان الولد جارية فوطئها المولى فعلقت ثم مات المولى هل تسعى لورثته في شيء قال لا ولكن تعتق ويكون الدين الذي كان على أمها عليها قلت ولم لا تسعى في ما كان على أمها قبل ذلك من المكاتبة قال لأنها قد ولدت من سيدها وقال أبو يوسف ومحمد إذا أعتق نصف مكاتبته فهي حرة كلها فان كان لها ولد ولدته في مكاتبتها فهو حر معها ولا شيء عليهما من المكاتبة
قلت أفرأيت الرجل إذا كاتب أمته وهي حبلى فولدت في كتابتها فعجزت الأم فردت في الرق هل يرد ولدها قال نعم قلت أرأيت إن قال الولد أنا أسعى في المكاتبة هل له ذلك قال لا يلتفت إليه وعجز أمه عجزه
قلت أفرأيت إن كاتب الرجل أمته ثم ولدت في كتابتها فعمد رجل فقطع يد الولد لمن يكون له أرش قال لأمه قلت كبيرا كان الولد أو صغيرا قال نعم قلت وكذلك ما اكتسب الولد

كان للأم قال نعم
قلت أرأيت الولد إن أبى أن يدفعه إليها هل يقضي القاضي به للأم قال نعم قلت كبيرا كان الولد أو صغيرا قال نعم
قلت أرأيت إن عتقت الأم وفي يد الولد مال قد اكتسبه في المكاتبة لمن يكون ذلك المال قال للأم دون الولد قلت ولم قال لأن كل شيء كان في يديه قبل العتق فهو للأم لأنه مالها ألا ترى أنه كان لها أن تأخذ قبل العتق
قلت وكذلك لو كان جرح جراحة فلم يأخذ أرشها حتى أدت المكاتبة كان أرش ذلك الجرح للأم قال نعم
قلت أرأيت إن مات الولد من تلك الجراحة بعد أداء المكاتبة وبعد عتقه ما القول في ذلك والجراحة خطأ قال على الجارح قيمته للأم قلت ولم قال لأن الجراحة كانت وهو مكاتب فما كان من ذلك فهو للأم
قلت أرأيت إن مات الولد وترك مالا كثيرا وله ورثة أحرار ثم ماتت الأم قبل أن تأخذ من ذلك من المال شيئا ولم تترك شيئا قال ذلك المال مالها ويأخذ السيد منه بقية المكاتبة وما بقي لورثتها دون ورثة الابن قلت ولم قال لأن المال كان مالها قبل أن تموت لأنه قد اكتسبه قبل العتق
قلت أرأيت إن كاتب الرجل أمة فولدت ولدا في مكاتبتها ثم

اشترى الولد وباع هل جوز شيء من ذلك عليه قال نعم قلت لم وقد زعمت أن ماله لأمه قال لأنه بمنزلة أمه وليس بمملوك لها قلت أرأيت إن استدان الولد ثم ماتت الأم هل يسعى الولد فيما على أمه من المكاتبة وعليه دين يحيط برقبته قال نعم يسعى في المكاتبة فإن أداها فهو حر وإن عجز فهو رقيق
قلت أرأيت إذا أداها لغرمائه على شيء من ذلك سبيل قال لا لكن الدين عليه على حاله قلت ولم قال لأنه إذا أدى عتق
قلت أرأيت إن عجز عن المكاتبة أيرد في الرق قال نعم قلت ويباع لغرمائه ويؤدي عنه مولاه قال نعم
قلت أفرأيت إن ماتت المكاتبة وعليها دين كثير وتركت ولدها وعلى الولد دين فاكتسب مالا من أحق به قال يؤدي الدين الذي عليه وعلى أمه وعليه أن يسعى في المكاتبة قلت أفرأيت إن مات الولد بعد موت أمه وعليه دين وقد كان على أمه دين وترك مالا بأيهما يبدأ قال يبدأ بدينه فيؤدي فان فضل شيء كان في دين أمه قلت ولم وقد زعمت أن كسبه لأمه قال ألا ترى أنه لو كان للمكاتبة عبد فأذنت له في التجارة فاستدان دينا ثم ماتت وعليها

دين كان غرماء نفسه أحق برقبته حتى يستوفوا دينهم فكذلك الولد
قلت أفرأيت إذا كاتب الرجل أمته وهي حبلى فولدت في مكاتبتها ثم وطئ السيد المكاتبة فولدت منه ما القول في ذلك قال هي بالخيار إن شاءت أن تمضي على مكاتبتها مضت وتأخذ عقرها من سيدها وإذا أدت عتقت وعتق ولدها وإن عجزت ردت ورد ولدها وتصير أم ولده قلت فما حال ولدها الذي كان ولدته قبل ذلك قال رقيق للسيد قلت فلم قال لأنها علقت من سيدها بعد ما ولدت ذلك الولد قلت فان كاتب ولدها بعد ذلك الذي من غير سيدها ثم عجز أيكون عبدا قال نعم قلت أفرأيت إن كان السيد إنما وطئ الولد وهي جارية فولدت منه ولدا ما القول في ذلك قال هي على حالها والولد ولد السيد وتأخذ الجدة العقر

من السيد فيكون العقر لها دون الأم قلت ولم قال لأنه بمنزلة ما اكتسب الولد قلت وكذلك لو ولد لولدها ولد كان ما اكتسب ولد ولدها لها قال نعم قلت وكذلك ما جنى على ولد ولدها أو قتل كان أرش ذلك لها قال نعم قلت وولد ولدها بمنزلة ولدها في جميع ذلك قال نعم
قلت أرأيت إذا كاتب الرجل أمته وهي حامل فولدت أو حبلت في مكاتبتها وولدت ثم إن السيد دبر الأم ثم عجزت ما حال الولد قال الولد مملوك غير مدبر قلت ولم وقد دبر أمه وقد زعمت أن الأم إذا أعتقها السيد عتق ولدها قال لأن التدبير لا يشبه العتق لأن العتق بمنزلة أداء المكاتبة والتدبير بعد الولادة فان عجزت فقد انتقضت الكتابة فكأن الأم لم تكاتب وكأنها دبرت بعد ما ولدت بغير كتابة قلت أرأيت الرجل إذا كاتب أمة له فولدت ولدا في مكاتبتها ثم إنها ماتت ثم استدان الولد دينا بعد موت أمه ثم عجز الولد عن المكاتبة فرد في الرق هل يكون ذلك الدين في رقبته قال نعم
قلت أرأيت إذا كاتب الرجل أمته فولدت بنتا فاستدانت الابنة دينا ثم إن الابنة ولدت ولدا فاستدان ولدها دينا أيضا ثم

ماتت المكاتبة وعليها دين ما لقول في ذلك ولم تترك شيئا قال يستسعى الولدان جميعا في دين المكاتبة وفي المكاتبة ويكون دين كل واحد منهما عليه خاصة
قلت أرأيت إن عجزا وردا في الرق ما القول في ذلك قال يباعان في دين أنفسهما دون أمهما حتى يستوفي الغرماء فان فضل شيء لكان لغرماء المكاتبة قلت ولم قال لأن ما في رقابهما أحق أن يبدأ به مما في رقبة أمهما
قلت أرأيت إن كان ليس عليهما دين وقد ماتت المكاتبة واستسعى الوسطى في المكاتبة كلها هل يرجع على ولدها بشيء قال لا قلت وكذلك لو استسعى الولد الأسفل لم يرجع على أمه بشيء قال نعم قلت ولم قال لأنهما إنما أديا عن المكاتبة ولم يؤديا عن أنفسهما فليس لواحد منهما على صاحبه شيء
قلت أرأيت إن عجز أحدهما هل يرد في الرق قال لا حتى يعجزا جميعا قلت لم قال لأنهما بمنزلة ولد المكاتبة الذي ولدته ألا ترى أنه إذا كان ولدان لصلبها لم يعجز أحدهما دون الآخر قلت أرأيت إن مات أحدهما بعد موت الأم أيكون جميع المكاتبة على الباقية قال نعم ولا يعتق إلا بأداء جميعها قلت ولا يرفع

عنها شيء من المكاتبة بموت الذي مات قال لا
قلت أرأيت رجلا كاتب أمة له فولدت ولدا وكانت حاملا فولدت فكبر ولدها وارتد ولحق بدار الشرك ثم أدت المكاتبة مكاتبتها هل يعتق ولد المكاتبة الذي كان في دار الشرك معها قال نعم قلت ولم قال لأنه بمنزلة أمه قلت أرأيت إن سبي قبل أن يعتق فاستتيب فتاب هل يرد إلى مواليه قال نعم ولا يكون فيئا قلت ولم قال لأنه مكاتب
قلت أرأيت الرجل إن كان ولدها ابنة فاستتيبت فأبت هل تصير فيئا قال لا قلت فما حالها قال تحبس تتوب أو تموت
قلت أرأيت إن ماتت المكاتبة ولم تدع شيئا ما حالها وهل لولدها أن يستسعيها في المكاتبة قال نعم قلت ويخرجها القاضي حتى تسعى لسيدها قال نعم قلت أرأيت الرجل إذا كاتب الأمة فولدت ولدا فكبر ولدها

ثم ارتد عن الإسلام فاكتسب الولد مالا ثم أخذه السلطان فعرض عليه الإسلام فأبى فقتله ما حال المال قال المال للمكاتبة قلت ولم لا يكون لبيت المال قال لأنه مال المكاتب ألا ترى لو أن عبدا لرجل ارتد عن الإسلام فاكتسب مالا كان ذلك المال للمولى وكذلك ولد المكاتبة قلت أرأيت إذا قتل الولد الأم ما تقول في ذلك قال قتله إياها بمنزلة موتها ويسعى في المكاتبة ولا يكون عليه شيء من جنايته قلت ولم قال لأن الولد منها فهو بمنزلتها قلت وكذلك إن قتلت الأم الابن قال نعم
قلت أرأيت الرجل إذا كاتب أمته وهي حامل فولدت ثم إن الولد جنى جناية ما القول في ذلك قال الجناية عليه وفي رقبته فان كانت الجناية أقل من رقبته سعى في الجناية وإن كانت القيمة أقل سعى في القيمة قلت أرأيت إن ماتت الأم بعد ذلك ولم تترك شيئا ما القول في ذلك قال يسعى الولد في المكاتبة التي على أمه والجناية عليه في رقبته قلت أرأيت إذا جنت الأم جناية ثم ماتت قبل أن يقضي عليها بشيء وبقي ولدها ما القول في ذلك قال ينظر إلى قيمة الأم وإلى الجناية فيكون على الولد الأقل من ذلك يسعى فيه ويسعى في

المكاتبة فان عجز الولد قبل قضاء القاضي بطلت جناية الأم عن ولدها

باب مكاتبة الرجلين جميعا
قلت أرأيت عبدا بين رجلين كاتباه جميعا مكاتبة واحدة وجعلا النجوم واحدة هل تجوز هذه المكاتبة قال نعم قلت وكذلك

إن كانا عبدين بينهما قال لا يكون كل واحد منهما مكاتبا بينهما على حدة بحصته بقدر قيمته من المكاتبة فان أدى أحدهما حصته من المكاتبة إليهما جميعا عتق ولا يكون ضامنا عن الآخر لأن الآخر نصفه لهذا

ونصفه لهذا وهذا العبد نصفين بينهما ولا يضمن أحدهما عن عبد صاحبه ولا يجوز ولكن كل واحد منهما مكاتب على حدة بينهما لا يعتق إلا بأداء حصته إليهما جميعا قال نعم
قلت أرأيت إن كاتب الرجلان عبدا بينهما مكاتبة واحدة وجعلا نجومه واحدة إن أدى عتق وإن عجز رد رقيقا فأدى جميع المكاتبة إليهما هل يعتق ويكون الولاء بينهما قال نعم قلت أفرأيت إن أدى إلى أحدهما حصته من المكاتبة هل يعتق نصيبه منه قال لا

قلت ولم قال لأن المكاتبة واحدة ولا يعتق إلا بأدائه جميعا إليهما
قلت أرأيت إن أعتقه أحدهما بعد المكاتبة هل يجوز عتقه قال نعم قلت من أين اختلف هذا والذي أدى حصته من المكاتبة قال لأن هذا عتق وقبض نصيبه من المكاتبة ليس بعتق ألا ترى أنه لا يعتق حتى يقبضا جميعا المكاتبة
قلت أفرأيت إن وهب له أحدهما جميع حصته من المكاتبة وأبرأه وتركها له هل يعتق قال نعم قلت ويكون في ذلك بمنزلة قوله أنت حر قال نعم قلت ولا يكون بمنزلة أدائه إليه نصيبه من المكاتبة قال لا قلت أفرأيت إن أدى إلى أحدهما نصيبه من المكاتبة بإذن شريكه هل يعتق قال لا قلت ولم قال لأن إذنه وغير إذنه هاهنا سواء قلت أفرأيت إذا عجز بعد ما أخذ أحدهما نصيبه بإذن شريكه أيكون ما أخذ بينهما نصفان قال نعم
قلت أرأيت إن كاتباه جميعا مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما أعتقه أو وهب له حصته من المكاتبة ما القول في ذلك قال إن شاء المكاتب عجز فان عجز نظر فان كان المعتق منهما موسرا يوم أعتق فشريكه

بالخيار إن شاء ضمنه وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته وإن شاء أعتق وإن شاء العبد مضى على مكاتبته فان عجز فأعتقه السيد أو استسعى فالولاء بينهما وإن ضمن شريكه فالولاء لشريكه ويرجع الشريك بالضمان على العبد بما ضمن لشريكه قال فان كان المعتق موسرا فان شاء الشريك أعتق وإن شاء استسعى وهذا قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف فان كان المعتق موسرا فهو ضامن لشريكه نصف قيمة العبد والعبد حر لا سبيل عليه وأما في قول محمد فالعبد حر لا سبيل عليه ويضمن المولى المعتق إن كان موسرا الأقل من نصف القيمة ومن نصف ما بقي من المكاتبة وهو حر في جميع أمره
قلت أرأيت العبد إذا كان بين الرجلين فكاتباه جميعا مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما أعتق نصيبه ثم إن العبد مات وترك مالا كثيرا ما القول في ذلك قال يأخذ المولى الذي لم يعتق مما ترك نصف المكاتبة وما بقي فلورثته إن كان له ورثة أحرار وإن لم يكن له ورثة كان ما بقي لهما
قلت أرأيت عبدا بين رجلين كاتب أحدهما حصته بغير إذن شريكه أيكون للشريك أن يرد المكاتبة قال نعم ولا تجوز مكاتبته

إلا بإذن شريكه قلت ولم قال لأنه ليس له أن يكاتب إلا بإذن شريكه لأنه يمنع شريكه من البيع قلت أرأيت إن كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه أيجوز ذلك قال نعم قلت فهل يكون للشريك أن يبيع نصيبه قال لا قلت لم قال لأن نصيب شريكه مكاتب قلت فهل له أن يكاتب بعد ذلك قال نعم قلت فان لم يأذن له الشريك في ذلك أيكون ذلك له ويكون له أن يكاتب إن شاء شريكه وإن أبى قال نعم قلت لم وقد زعمت أنه ليس للواحد منهما أن يكاتب إلا بإذن شريكه قال لأن الأول قد كاتبه فكذلك يكون للآخر أن يكاتب وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إذا كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه فهو مكاتب كله لهما جميعا بينهما نصفين بما كاتبه عليه حتى يؤدي إليهما جميعا ويعتق كأنهما كاتباه جميعا على ذلك
قلت أفرأيت إذا كاتب أحدهما بدون شريكه وأخذ ما كاتبه عليه ما القول في ذلك في قول أبي حنيفة قال يأخذ شريكه نصف ما أخذ ويعتق ويرجع المكاتب على العبد بما أخذ شريكه منه

قلت ولم قال لأنه كاتب على نصيبه وقد أخذ شريكه نصف ما كاتبه عليه قلت فهل للشريك أن يضمن المكاتب إن كان موسرا قال لا قلت ولم قال لأنه أذن له في المكاتبة
قلت أرأيت إن أذن له أن يأخذ نصيبه من المكاتب ففعل وأخذ ما كاتبه عليه هل يكون للشريك منه شيء قال لا قلت ولم وقد زعمت في الباب الأول أن له أن يأخذ نصف ما كاتبه عليه قال لأن في المكاتبة الأولى لم يأذن له شريكه في الأخذ فمن ثم اختلفا ولأن ما اكتسب المكاتب من شيء فهو بينهما نصفان فكأنه قال بين الموليين والمكاتب فإذا أذن للمكاتب في دفعه من دين عليه ففعل ذلك لم يكن له أن يشاركه وله أن يرجع فيما بقي من نجوم العبد على الأداء ويشاركه فيما أخذ فيما يستقبل إذا نهاه عن القبض
قلت أرأيت إذا كان العبد بين الرجلين فكاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه وقبض المكاتبة هل يعتق قال نعم قلت ولم وقد زعمت أنه ليس له أن يكاتب قال ليس له أن يكاتب ولشريكه أن يرد المكاتبة ما لم يؤد فإذا أدى فهو حر لأنه بمنزلة قوله إذا أديت إلى ألف درهم فأنت حر ألا ترى أنه إذا قال ذلك

عتق فكان ما أخذ بينهما نصفين ويرجع المعتق منهما على العبد بما أخذ شريكه منه فكذلك إذا كاتبه بغير إذنه
قلت أرأيت إذا كاتب أحدهما نصفه بغير إذن شريكه وشريكه لا يعلم ثم إن المكاتب منهما أذن للآخر في كتابه نصيبه فكاتبه ثم علم الثاني بمكاتبة الأول فأراد أن يردها قال لا قلت ولم وقد كان له أن يردها قبل ذلك قال لأنه قد كاتب نصيبه فلا يكون له أن يرد بعد ذلك قلت أرأيت ما أخذ الأول من العبد أيكون للآخر فيه شيء قال لا ولا يكون للأول أيضا فيما أخذ الثاني شيئا إلا أن يكون الأول أخذ شيئا قبل مكاتبة الثاني فيرجع بنصف ذلك عليه فيأخذه منه قلت فلم قال لأن كل واحد منهما قد كاتب نصيبه
قلت أرأيت إذا أذن أحدهما لصاحبه في الكتابة لنصيبه ولم يأذن له في القبض فقبض هل يكون لواحد منهما فيما قبض صاحبه شيئا قال لا قلت ولم وقد زعمت أنه إذا كاتب أحدهما بإذن شريكه ولم يأذن له شريكه في القبض كان ما أخذ بينهما نصفين قال لأن إذن كل واحد منهما لصاحبه في المكاتبة إذن له في القبض

ألا ترى أن كل واحد منهما يأخذ نصيبه من المكاتبة فكيف يرجع على صاحبه بنصيبه
قلت أفرأيت إذا كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه وقد أذن له في القبض فقبض البعض فعجز فرد في الرق هل يكون لشريكه فيما أخذ من المكاتبة شيء قال لا قلت وإن كاتبه بعينه قال وإن قلت ولم قال لأنه قد كان أذن له في قبضه وجعله له قلت فكيف القياس في هذا قال القياس أن يشاركه فيما أخذ ولكنا ندع القياس ونستحسن
قلت أرأيت إذا كان العبد بين الرجلين فكاتبه أحدهما بغير إذن شريكه فكاتب نصيبه منه فأدى إليه ثم علم الشريك الآخر ما القول فيه قال يأخذ الذي لم يكاتب نصف المكاتبة ويرجع الذي كاتب بما أخذ منه شريكه على العبد وينظر فان كان الذي كاتبه موسرا فشريكه بالخيار إن شاء ضمه وإن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد فإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما نصفان فان ضمن شريكه فالولاء كله للذي كاتب ويرجع الذي كاتب على العبد بنصف القيمة الذي ضمن لشريكه قلت ولم يرجع قال لأن السعاية إنما كانت

على العبد والنصف الذي كان لشريكه قد كان له فصار كأنه عبد له فأعتق نصفه ويستسعى في النصف الباقي
قلت أفرأيت الذي كاتب العبد هل يرجع على العبد بما أخذ منه شريكه من المكاتبة قال نعم قلت ولم قال لأنه إنما كاتب حصته فلم يسلم له وإذا أخذ شريكه نصف ذلك رجع به على العبد
قلت أفرأيت إن كان إنما كاتب العبد كله بغير إذن شريكه فاستسعاه في نصف المكاتبة وأخذها منه هل يعتق قال لا قلت ولم وقد قبض منه جميع حصته قال لأنه لا يعتق إلا بأداء جميع ما كاتبه عليه قلت وكذلك لو كان وهب له نصف المكاتبة بعد ما كاتبه قال نعم قلت فان قال نعم قلت وهذا بمنزلة قوله قد وهبت لك المكاتبة كلها قال نعم قلت ولا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة إذا لم يهب له قال نعم

قلت أفرأيت إذا قدم شريكه أو علم بذلك بعد ما قبض جميع المكاتبة ما القول في ذلك قال يأخذ الشريك من الذي كاتبه نصف المكاتبة ثم هو بالخيار إن كان شريكه موسرا فإن شاء ضمنه وإن شاء أعتق وإن شاء استسعى والحال فيه كما وصفت لك في الباب الأول إلا أن الذي كاتب لا يرجع عن المكاتب بشيء مما أخذ منه شريكه من المكاتبة لأن الذي كاتب إنما على نصيبه ونصيب شريكه فأخذ حصته فإنما يأخذ حصته وحصة شريكه وليس هذا بمنزلة ما إذا كاتب حصته خاصة بغير إذا شريكه
قلت أرأيت الجارية تكون بين الرجلين فكاتباها جميعا فيطأها أحدهما بعد ذلك فتعلق منه ما القول في ذلك قال هي بالخيار إن شاءت أن تعجز فتصير أم ولده ويضمن لشريكه نصف عقرها ونصف قيمتها وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها مضت وأخذت عقرها من الواطئ قلت أرأيت إن مضت على كتابتها فوطئها الشريك

الآخر بعد ذلك فعلقت أيضا منه ثم إنها عجزت بعد ذلك ما القول في ذلك وما حال الولد وهل تصبر أم ولد لواحد دون صاحبه قال إذا عجزت بعد ذلك فولد الأول للأول وولد الآخر للثاني وتصير أم ولد للأول لأنها ولدت منه قبل أن تلد للآخر وعليه نصف قيمتها وعلى الثاني قيمة الولد ويثبت نسب كل واحد من الولدين من أبيه


قلت ارأيت جارية تكون بين الرجلين فكاتباها جميعا مكاتبة واحدة ثم إن المكاتبة ولدت ثم إن أحد الرجلين وطئ ابنتها فولدت منه هل يثبت نسبه قال نعم قال فما حال الأم قال هي على حالها
قلت أرأيت إن قالت أنا أصير أم ولد الذي وطأني أيكون ذلك لها قال لا قلت فهل على الذي وطئها عقرها قال نعم ويكون عقرها لأمها
قلت أرأيت إن عجزت الأم بعد ذلك ما حال الابنة قال تصير أم ولد للذي كانت ولدت منه وضمن نصف قيمتها لشريكه يوم علقت منه قلت ولم قال لأنها حيث عجزت أمها صارت هي عاجزة أيضا معها فلما وقعت في ملكها صارت أم ولد الذي كانت ولدت منه
قلت أفرأيت إن كانت الأم لم تعجز والمسألة على حالها ثم إن الشريك الذي لم يطأ أعتق الابنة بعد ما علقت من شريكه وولدت

هل يجوز عتقه قال نعم قلت فهل تسعى الابنة أو تكون على حالها قال هي حرة ولا سبيل عليها وولدها حر فان أدت أمها عتقت وإن عجزت الأم ردت في الرق وأما الابنة وولدها فلا يرد في الرق ويعتق نصف الذي أعتق منها ولا تسعى للذي وطئها في شيء وتصير حرة قلت ولم قال لأن الأم عجزت فردت في الرق وكانت الابنة قد أعتق نصفها قبل ذلك وقد ولدت الآخر ولا تسعى أم ولد الذي ولدت منه وهذا بمنزلة جارية بين الرجلين وطئها جميعا فادعيا ولدها ثم إن أحدهما أعتقها فإذا أعتقها أحدهما عتق نصيب الآخر أيضا لأنها أم ولد له وأم الولد لا تسعى وكذلك هذا في الباب الأول في المكاتبة في قول أبي حنيفة
قلت أرأيت المكاتبة في قول أبي حنيفة إذا كانت بين الرجلين كاتبان جميعا فولدت ثم إن أحد الشريكين أعتق ولدها هل يجوز عتقه قال نعم قلت فهل يعتق الولد كله قال لا بل يعتق نصفه وهو على حاله حتى تعجز الأم أو تعتق فيعتق معها قلت أرأيت ان عجزت الام بعد ذلك ما حال الولد قال

نصيب الذي كان أعتقه منه حر ويسعى للأخرا في نصف قيمته
قلت فهل على المعتق ضمان إن كان موسرا يوم كان أعتق قال نعم قلت وهو بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى وإن شاء ضمن قال نعم قلت ولم قال لأنه قد أفسد على شريكه
قلت أرأيت إذا كانت المكاتبة بين الرجلين فولدت ولدا ثم إنهما وطئا الابنة فعلقت فولدت منهما ثم إن الواطئين ماتا جميعا ما حال الولد وهل يكون موتهما بمنزلة عتقهما إياها قال نعم قلت فما حال الأم قال هي على مكاتبتها لورثتها قلت ولم عتق الولد ولم تعتق الأم قال لأنهما لو كانا أعتقا الولد في حال حياتهما عتق وكانت الأم على مكاتبتها فكذلك موتهما إذا كانت ولدت منهما لأن موتهما عتق منهما ألا ترى لو كانت الأم التي ولدت منهما ثم ماتا عتقت فكذلك ولدها بمنزلتها في هذه الحال
قلت أرأيت إذا كانا وطئا جميعا الأم فولدت منهما ولدا ثم ماتا هل تعتق قال نعم تعتق هي وولدها جميعا قلت وكيف عتق ولدها وإنما عتقت بغير المكاتبة قال لأن ولدها بمنزلتها وإذا أعتقت

عتق ولدها معها وإنما عتقت بالموت فكان العتق أكسبها لما عليها من المكاتبة فيعتق الولد لمكان ذلك ألا ترى أن الأم لو أدت فاستوفيا عتق الولد فكذلك هذه
قلت أرأيت إن عجزت ثم ولدت منهما جميعا ما حال ولدها الأول قال رقيق لهما قلت ولم وقد صارت أم ولد لهما قال لأن الولد كان قبل أن تصير أم ولد لهما ومن قبل أن تعلق منهما
وقال أبو يوسف ومحمد إذا كاتب بغير إذن شريكه ثم علقت منه فهي أم ولده وهي مكاتبة على حالها ويضمن نصف قيمتها ونصف عقرها وهذا إجازة للمكاتبة وهذا بمنزلة رجل له أمة ولدت منه ولدا ثم كاتبها بعد ذلك
قلت أرأيت الجارية تكون بين الرجلين كاتبها أحدهما بغير إذن شريكه ثم وطئها الذي كاتبها قبل أن يعلم شريكه بالمكاتبة وقبل أن تؤدي شيئا فولدت منه ولدا ما حالها قال هي أم ولد له والمكاتبة جائزة ويضمن الواطئ نصف قيمتها ونصف عقرها لشريكه ونصف العقر لها قلت ولا تجعل للمكاتبة خيارا قال بلى لها الخيار فان اختارت الكتابة كان لها نصف العقر سالما تستعين به وإن اختارت أن تكون أم ولد له لم يكن لها نصف العقر

قلت أرأيت إذا أجاز شريكه المكاتبة بعد ما علقت ولم يكن علم بالمكاتبة بعد قال إجازته باطلة وهي مكاتبة
قلت أرأيت إن وطئها الذي لم يكاتب فعلقت منه وقد كان كاتبها الآخر بغير إذنه قبل ذلك ما القول في ذلك قال هي أم ولد الذي علقت منه والمكاتبة على حالها حتى يردها الواطئ
قلت أرأيت إن كان كاتبها أحدهما بإذن شريكه ثم إن الآخر وطئها فولدت منه ما القول في ذلك قال المكاتبة بالخيار إن شاءت أن تعجز عن نصرة الذي كاتبها وتصير أم ولد للذي ولدت منه وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها فإذا أدت عتقت ولم تسع للآخر في شيء من قيمتها لأنها أم ولد له يوم عتقه
قلت أرأيت إن اختارت أن تمضي على المكاتبة هل على الذي وطئها عقر قال عليه نصف عقرها قلت ولم يكون عليه نصف العقر قال أن نصيبه منها ليس بمكاتب وإنما يكون عليه نصف العقر لأن النصف الآخر مكاتب فلا يكون عليه في نصيبه منها عقر لأن نصيبه رقيق له على حاله
قلت أرأيت إن كاتبها أحدهما بغير إذن شريكه وكاتب نصيبه منها فاكتسبت بعد ما كاتبها مالا كثيرا فأدت مكاتبتها ما القول في

ذلك وما حال ما في يديها من المال قال ينظر إلى نصف ما في يديها وما أخذ مولاها من مكاتبتها أجمع مما اكتسبته قبل أن تؤدي مكاتبتها فيكون الذي لم يكاتب النصف والنصف لها قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن نصيبه منها رقيق على حاله فنصف ما كان في يديها من مال فهو له والنصف الآخر لها
قلت أرأيت إن اكتسبت مالا بعد أداء المكاتبة ما القول في ذلك قال كل شيء اكتسبته بعد أداء المكاتبة فهو لها ليس للشريك الذي لم يكاتب عليها سبيل قلت ولم اختلف هذا والباب الأول قال لأنها إذا أدت مكاتبتها فقد عتق نصفها وللآخر عليها نصف قيمتها تسعى فيه ولا يصير له مما اكتسب بعد أداء المكاتبة شيء
قلت أرأيت إن ماتت قبل أن تؤدي شيئا من المكاتبة إلى الذي كان كاتبها وقد تركت مالا كثيرا ما القول في ذلك قال ينظر إلى

نصف جميع ما تركت فيكون للذي لم يكاتبها ويأخذ الذي كاتبها المكاتبة من النصف الثاني ثم يأخذ الذي لم يكاتب نصف قيمتها مما بقي إن كان شريكه معسرا فان كان لها ورثة أحرار كان ما بقي لهم ميراثا وإن لم يكن لها وارث غيرهما كان ما بقي بينهما نصفين وإن شاء ضمن الذي لم يكاتب الذي كاتب نصف قيمتها لأنه موسر كان له ذلك ويرجع به الذي الذي كاتب في مالها ويكون ولاؤها له وميراثها إن لم يكن لها وارث غيره وإن كان المولى الذي كاتب معسرا لم يكن للمولى الذي لم يكاتب إلا ضمان نصف قيمتها عليه ولكنه يأخذ ذلك من مالها سوى نصف الكسب الذي يأخذه
قلت أرأيت إن كانت ماتت بعد ما أدت المكاتبة وقد تركت مالا لا يدري متى اكتسبه قبل الأداء أو بعد الأداء قال إذا لم يعلم ذلك فالمال لها ويأخذ الذي لم يكاتب نصف قيمتها مما تركت فان كان لها ورثة أحرار كان ما بقي لهم فإن لم يكن ورثة كان بينهما نصفين وإن علم متى اكتسبت المال فما كان من ذلك قبل أداء المكاتبة فنصف ذلك للذي لم يكاتب ونصفه للباقي وما اكتسبت

بعد الأداء فهو للمكاتب
قلت أرأيت جارية بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه فأدت إليه المكاتبة ثم إن الآخر وطئها فعلقت منه ما القول في ذلك قال تسعى له في نصيبه ولا تصير أم ولده
قلت أرأيت الجارية إذا كانت بين رجلين فكاتباها جميعا مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما مات وترك ابنين فأعتق أحد الابنين المكاتبة هل يجوز عتقه قال لا قلت لم قال لأنه ورث مالا ولم يرث شيئا من الرقبة وإنما عتقته بمنزلة ترك المال إذا لم يكن وارث غيره قلت فما حال المكاتبة قال مكاتبتها على حالها قلت أرأيت إن عجزت هل ترد في الرق قال نعم ما لم يعتقها الابن الآخر فان عجزت بعد عتق الابن الآخر لم ترد في الرق
قلت أفرأيت إن وهب أحد ابني الميت جميع حصته للمكاتبة من المكاتبة هل يجوز ذلك قال نعم ولا تعتق وتسعى للآخر في حصته من المكاتبة فان أدت عتقت قلت أفرأيت إن وهب لها المال جميعا الوارثان والشريك هل تعتق قال نعم قلت فلم

قال أستحسن في هذا الوجه لأنهما إذا اجتمعا على ذلك أخذت نصيب الوارث معه
قلت أرأيت إن كان الوارث وطئها بعد موت أبيه فولدت منه ما القول في ذلك قال هي بالخيار إن شاءت أن تعجز وتصير أم ولد له ويضمن نصف قيمتها ونصف عقرها للآخر وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها مضت وتأخذ عقرها منه
قلت أفرأيت الجارية إذا كانت بين رجلين فكاتباها جميعا مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما ارتد عن الإسلام فأدت المكاتبة إليهما جميعا وهو مرتد ثم قتل مرتدا ما القول في ذلك وهل تعتق قال لا تعتق وليس أداؤها إليه بشيء قلت فما حالها قال ينظر إلى ما أخذ الشريك فيؤخذ نصفه ويستسعونها في النصف الباقي
قلت أرأيت إن عجزت هل ترد في الرق قال نعم قلت ولم صار هذا هكذا وكيف لا يعتق نصيب الذي لم يرتد قال لأن أداؤها إلى المرتد ليس بشيء ألا ترى أنه لو لم يكن فأدت

إلى أحدهما جميع نصيبه لم تعتق حتى تؤدي إليهما جميع المكاتبة لأن المكاتبة واحدة فلا تعتق إلا بأدائها جميعا وأداؤها إلى المرتد ليس بشيء ألا ترى لو أن رجلا كاتب أمة له ثم ارتد ثم قبض مكاتبتها ثم قتل مرتدا كان قبضه باطلا وكانت مكاتبته على حالها في قياس قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد فقبض المرتد في ذلك كله جائز بمنزلة قبض المسلم قال أبو يوسف قبض المرتد للمكاتبة جائز وهو بمنزلة المسلم في ذلك
قلت أرأيت المكاتبة إذا كانت بين رجلين فكاتباها مكاتبة واحدة ثم ارتد أحدهما ثم قبضا جميعا المكاتبة وهو مرتد ثم أسلم هل يجوز ذلك وتعتق المكاتبة قال نعم لأنه قد أسلم
قلت أرأيت إن كان حيث ارتد لحق أرض الحرب فاستسعاها هذا العبد في جميع المكاتبة فأداها إليه هل تعتق قال لا قلت ولم قال لأن أداءها إليه جميع المكاتبة لا يجوز

قلت أرايت إن أدت المكاتبة إلى هذا الشريك الثاني وإلى ورثة المرتد هل تعتق قال نعم إذا كان قد قضى بردته وبالميراث بين ورثته
قلت أفرايت إن ارتد احدهما ثم إن المكاتبة عجز فرداه جميعا في الرق ثم قتل المرتد على ردته هل يجوز ردهما ذلك قال لا وهو على مكاتبته قلت قال لأن المرتد لا يجوز شيء مما صنع إذا قتل أو لحق بدار الحرب قلت أرأيت عبدا بين رجلين كاتباه جميعا مكاتبة واحدة ثم إن أحد الموليين غاب فعجز عن مكاتبته فقدمه الشاهد إلى القاضي هل يرده القاضي في الرق قال لا قلت ولم قال لأن المولى الآخر غائب فلا يرد في الرق أبدا حتى يحضرا جميعا لأن المكاتبة واحدة قلت افرأيت إن رده الشاهد ورضى بذلك العبد هل يكون رده ردا قال لا وهو مكاتب على حاله قلت أفرأيت العبد يكون بين الرجلين فكاتب أحدهما العبد كله باذن شريكه أيجوز قال نعم قلت أفرأيت إن أدى المكاتب جميع المكاتبة إلى الذي كاتبه هل يعتق قال لا إلا أن يكون كتب الكتابة باسمه ووكله بقبضها قلت ولم قال لأنه ليس بوكيل لشريكه في قبضة المكاتبة

ألا ترى لو أن رجلا وكل رجلا أن يكاتب عبدا له فكاتبه وقبض المكاتبة لم يعتق العبد فان وكله بقبضها عتق وجاز قبضه وكذلك إذا وكل أحدهما صاحبه بالمكاتبة
قلت أرأيت الأمة تكون بين الرجلين كاتباها جميعا مكاتبة واحدة ثم إن أحد السيدين أعتق المكاتبة ما القول في ذلك قال المكاتبة بالخيار إن شاءت أن تعجز عجزت فان عجزت نظر فان كان الذي أعتق موسرا كان الشريك الآخر بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء ضمن وإن شاء استسعى
قلت أرأيت المكاتبة كانت بين الرجلين فكاتباها جميعا مكاتبة واحدة فولدت المكاتبة ابنة ثم إن المكاتبة ماتت فهل تسعى الابنة في شيء من المكاتبة قال نعم قلت أرأيت إن ولدت الابنة ابنة ما القول في ذلك وقد بلغت السعاية هل عليها شيء من السعاية قال نعم تسعيان جميعا في المكاتبة قلت ولم يسعى ولد الولد قال لأنهما جميعا ولد للمكاتبة ولأنهما لا يعتقان إلا بأداء المكاتبة ولأنهما يسعيان فيما على أمهما
قلت أرأيت إن أدى ولد الولد جميع مال المكاتبة هل ترجع على أمها بشيء قال لا قلت وكذلك إن أدت الأم لم ترجع

على ابنتها قال نعم هما سواء ولا ترجع واحدة منهما على صاحبتها بشيء قلت أفرأيت إن أعتقا الأم الباقية هل تعتق ابنتها قال لا قلت ولم قال لأن ابنتها لا تعتق إلا بعتق جدتها قلت فهل تسعى في المكاتبة بعد ذلك قال نعم تسعى في جميع مكاتبة جدتها قلت ولا يرفع عنها شيء من المكاتبة بعتق أمها قال لا قلت ولم قال لأنها إنما تؤدي عن جدتها ألا ترى أن الجدة لو كانت حية ثم أعتقا ولدها لم يرفع عنها شيء من المكاتبة
قلت أفرأيت إن كان أحد السيدين وطئ ابنة الابنة فعلقت منه ما القول في ذلك قال عليه عقرها وهي على حالها مكاتبة ولا تصير أم ولد قلت ولم قال لأن أمها معها فان أدت عتقتا جميعا ولا تصير إحداهما عاجزة دون الأخرى ألا ترى لو أن إحداهما عجزت ولم تعجز الأخرى كانتا على مكاتبتهما لأن الأخرى إذا أدت عتقتا جميعا قلت وكذلك لو وطئ الأم قال نعم قلت أرأيت إن كان وطئ أحد الموليين الابنة فعلقت ووطئ الآخر الأم

فعلقت فقالتا نحن نعجز أيكون ذلك لهما قال نعم إن شاءتا عجزتا وكانت كل واحدة منهما أم ولد الذي وطئها وإن شاءتا مضتا على مكاتبتهما فان مضتا على المكاتبة كان لكل واحد منهما عقرها وإن عجزتا كانت كل واحدة منهما أم ولد الذي وطئها ويضمن كل واحد منهما لصاحبه نصف قيمة الجارية ونصف عقرها
وقال أبو يوسف ومحمد إذا كاتب الرجل نصيبه من عبده بغير إذن شريكه فلشريكه أن يرد ذلك ولا يرده إلا بقضاء القاضي إلا أن يرضى العبد ومولاه الذي كاتبه أن يقضي المكاتبة
قال أبو حنيفة إذا أعتق ابنة المكاتب عتق ابنة ابنتها وقال

أبو يوسف ومحمد لا تعتق ابنة ابنتها كما في الكتاب

باب مكاتبة الرجل نصف عبده أو ثلثه أو ربعه
قلت أرأيت الرجل يكاتب نصف عبده هل يجوز ذلك قال نعم قلت وكذلك إذ كاتب ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر قال نعم
قلت أرأيت الرجل إذا كاتب نصف عبده فأدى المكاتبة ما حاله قال يعتق نصفه ويسعى بعد ذلك في نصف قيمته قلت ولم قال لأنه بمنزلة رجل أعتق نصف عبده فإذا أعتق نصف عبده سعى في نصف قيمته وكذلك إذا كاتب نصفه فأدى المكاتبة وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إذا كاتب نصفه فهو مكاتب كله بالذي كاتب به نصفه كما لو أنه لو أعتق نصفه بخمسمائة عتق كله وكذلك لو طلق نصفها بخمسمائة طلقت كلها بألف
قلت أفرأيت الرجل إذا كاتب نصف عبده في قول أبي حنيفة فاكتسب العبد مالا لمن يكون ذلك المال قال نصف كل شيء اكتسب العبد للمولى ونصفه للعبد قلت ولم قال لأن نصفه مكاتب ونصفه رقيق للسيد

517 قلت أرأيت إن أدى المكاتبة وفي يده مال قد كان اكتسبه في المكاتبة قبل الأداء هل يكون للمولى من ذلك شيئا قال يكون له نصف جميع ما كان في يده قبل الأداء
قلت أرأيت ما اكتسب العبد بعد الأداء هل يكون للمولى منه شيء قال لا ويكون جميع ما اكتسب له قلت ولم ونصفه رقيق للسيد قال لأنه إذا أدى إليه المكاتبة فقد صار نصفه حرا وصار للسيد عليه نصف قيمته يستسعيه فيها ولا يكون له على ماله سبيل
قلت أرأيت إن اكتسب مالا كثيرا بعد الأداء فقال العبد أسعى في نصف قيمتي نجوما وقال السيد بل آخذهما جميعا لأنها عندك أيقضي القاضي عليه أن يؤديها جميعا وعنده مثل نصف قيمته أو أكثر قال نعم قلت ولم قال لأن نصف القيمة دين عليه فإن كان عنده مال أخذه به فإنما يقضي عليه بأن يسعى على قدر ما يطيق إذا لم يكن عنده شيء
قلت أرأيت الرجل إذا كاتب نصف عبد له أله أن يحول بينه وبين العمل والطلب والكسب والسعاية في مكاتبته قال لا قلت ولم ونصفه رقيق له قال لأنه كاتب نصفه فليس له أن

يمنعه من الطلب قلت إن أراد أن يخرج من المصر أله أن يحول بينه وبين ذلك قال أما في القياس فنعم ولكنا ندع القياس ونستحسن أن لا يحول بينه وبين الخروج وطلب الكسب
قلت أرأيت إن كاتب الرجل نصف عبده فأراد أن يستخدمه يوما ويخلي عن العبد يوما يسعى أله ذلك قال هكذا ينبغي في القياس ولكنا ندع القياس ونستحسن فنقول لا يعرض له في شيء حتى يؤدي أو يعجز فإذا أدى استسعاه بعد ذلك في نصف قيمته ويكون نصف ما كان في يده قبل الأداء للمولى
قلت أرأيت إن أراد المولى أن يستسعيه يوما ويخل العبد يوما يكتسب أيكون له ذلك قال هذا والخدمة سواء ويكون ذلك له في القياس وأما في الاستحسان فلا والاستحسان في هذا أحب إلينا
قلت أرأيت رجلا كاتب نصف أمة له فولدت له ولدا في مكاتبتها ما حال ولدها قال ولدها بمنزلتها
قلت أرأيت إن أدت المكاتبة ما حال ولدها قال يعتق نصفها ونصف ولدها قلت فهل للسيد على الولد سبيل قال نعم يسعى

الولد في نصف قيمته وتسعى الأم في نصف قيمتها
قلت أرأيت ما اكتسب الولد في حال سعاية أمه قبل أن تؤدي لمن يكون ذلك الكسب قال نصف جميع ذلك للسيد ونصفه للأم قلت ولم قال لأن الولد بمنزلة أمه وكسبه بمنزلة كسب أمه ألا ترى أن السيد يأخذ نصف كسب أمه وكذلك الولد
قلت أرأيت ما اكتسب الولد بعد ما تؤدي الأم المكاتبة لمن يكون قال هو كله للولد ولا يكون للأم ولا للمولى منه شيء قلت ولم قال لأن الولد قد عتق نصفه فما كسب بعد ذلك فهو له
قلت أرأيت ما كان في يده من مال اكتسبه قبل أداء المكاتبة لمن يكون قال تأخذ الأم نصفه والمولى نصفه قلت ولم تأخذ الأم نصف الكسب قال لأن ولدها من كسبها ألا ترى لو أن مكاتبة ولدت ولدا كان كل ما اكتسب الولد من شيء فهو لها فكذلك الباب الأول
قلت أرأيت إن ماتت الأم قبل أن تؤدي شيئا من كتابتها ما حال الولد قال يسعى الولد فيما كان على أمه من المكاتبة فإذا أدى عتق نصفها ونصفه ويسعى بعد ذلك في نصف قيمته قلت ولم لا يسعى في نصف قيمة أمه قال لأنه إذا أدى المكاتبة عتق نصف أمه ونصفه وكان قد أدى جميع ما كان على الأم فيبقى نصفه رقيقا فيسعى المولى في نصف قيمته ألا ترى لو أن الأم أدت المكاتبة

في حياتها عتق نصفها ونصف ولدها ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته ولو ماتت الأم بعد ما أدت لم يسع الولد في شيء مما على أمه ولكن يسعى في نصف قيمته لأن الولد إنما يعتق منه ما يعتق من أمه وهذا بمنزلة رجل أعتق نصف أمته ونصف ولدها ولو أن هذا أعتق نصف أمته وهي حبلى فولدت بعد ذلك أو حبلت بعد ما عتق بعضها فهذا يسعى للولد فيما على أمه إذا ماتت وفي الباب الأول يسعى في نصف قيمة الأم لأنها ولدت في الباب قبل أن يعتق منها شيء
قلت أفرأيت إذا كاتب الرجل نصف أمته فولدت ولدا في مكاتبتها ثم ماتت الأم وقد استدانت دينا وقد تركت مالا كثيرا ما القول في ذلك قال يؤدي إلى الغرماء جميع دينهم من جميع ما تركت ونصف ما بقي للمولى ويأخذ المولى منه المكاتبة مما بقي من النصف الآخر فان بقي شيء بعد ذلك أخذ المولى نصف قيمتها منه وأعتقت الأم وكان ما بقي بعد ذلك لورثة الأم إن كان لها ورثة أحرار

ولا يكون للمولى منه ولا لولدها الذي ولدته في المكاتبة شيء لأن ولدها بمنزلة المملوك ألا ترى أنه يسعى في نصف قيمته فما دام يسعى فلا يرث
قلت أرأيت إن لم تدع الأم شيئا هل يسعى ولدها في الدين الذي على أمه قال نعم ويسعى للمولى في المكاتبة وفي نصف قيمة الولد
قلت أرأيت إن أدى إلى المولى المكاتبة قبل أن يؤدي إلى الغرماء هل يعتق نصف أمه ونصفه قال نعم قلت فهل ترجع الغرماء على المولى بما أخذ منه قال لا وتبيع الغرماء بالدين الولد قلت فهل يلزم الولد جميع ما كان على أمه من دين قال نعم
قلت أرأيت ما اكتسب الولد قبل أن يؤدي المكاتبة لمن يكون قال يكون نصفه للمولى ونصفه له بعد الدين فإنه يبدأ به أولا وما بقي على ما وصفت لك
قلت أرأيت رجلا كاتب نصف أمة له فاستدانت دينا ثم إنها عجزت وردت في الرق ما حال الدين قال يكون جميع الدين في جميع رقبتها إن أدى عنها المولى وإلا بيعت للغرماء قلت ولم يكون

522 الدين في جميع الرقبة وإنما كان كاتب نصفها قال لأن شراءها وبيعها كان جائزا عليها فلذلك لزمها جميع الدين
قلت أفرأيت إن كانت أمة بين رجلين فكاتبها أحدهما على نصيبه بإذن شريكه فاستدانت دينا هل يلزم نصف الذي لم يكاتب من الدين شيئا قال نعم
قلت أرأيت إن عجزت بعد ذلك ما حال الدين قال يكون جميع الدين في رقبتها كلها فان أدى عنها وإلا بيع كله للغرماء
قلت أرأيت عبدا بين رجلين أذن له أحدهما في التجارة دون نصيب الآخر قال نعم قلت وكذلك المكاتب إذا كاتب أحدهما بغير

إذن شريكه قال نعم قلت فان ابتاع الذي أذن له في التجارة نصف الآخر منه بعد ما لزم العبد الدين أيكون الدين في جميع رقبته أم في نصيب الأول قال بل في نصيب الأول
قلت أرأيت إن استدان العبد دينا بعد ذلك والسيد لا يعلم أيكون الدين في جميع رقبته قال لا ولكنه في النصف الأول قلت ولم قال لأنه على إذنه الأول
قلت أرأيت إن علم به السيد أنه يشتري ويبيع بعد ذلك فلم ينكر أيلزمه جميع الدين في رقبته قال أما في القياس فلا لأنه على حاله الأولى بعد ولكني أستحسن وألزمه الدين في جميع الرقبة قلت وكذلك العبد إذا كان بين الرجلين فكاتبه أحدهما لا بإذن شريكه ثم عجز ثم اشترى المولى المكاتب الذي كاتب أما في نصيب الآخر قال نعم
قلت أرأيت رجلا كاتب نصف عبد له أله أن يبيع نصفه الآخر قال لا قلت ولم وذلك النصف رقيق قال لأن

نصفه مكاتب قلت أرأيت إن باع ذلك النصف من المكاتب هل يجوز ذلك قال نعم ويعتق ذلك النصف الذي باع منه قلت فما حاله بعد ذلك قال المكاتب بالخيار إن شاء أن يعجز عجز وإن شاء العجز سعى في نصف قيمته وإن شاء مضى على مكاتبته
قلت أرأيت إن مضى على مكاتبته فأدى بعضها ثم عجز عنها

ما القول في ذلك قال ينظر إلى ما أدى وإلى نصف قيمته فيحسب له من نصف قيمته ما أدى ويسعى فيما بقي قلت ولم قال لأنه حيث عجز عن المكاتبة كان عليه أن يسعى في نصف قيمته
قلت أرأيت ما كان كسب قبل أن يبتاع نفسه وهو مكاتب لمن يكون قال نصفه للمولى ونصفه للمكاتب
قلت أرأيت إن كان أدى إلى المولى شيئا قبل أن يشتري نفسه فقال المولى اطرح نصف ذلك الأداء لأن لي نصف الكسب هل له ذلك قال نعم له ذلك إن كان أدى ذلك من كسب اكتسبه فان كان أدى ذلك من دين استدانه فلا شيء للمولى من ذلك قلت أرأيت إن قال المولى أنا أحاسبه بما أخذت منه قبل أن أبيعه نصفه فيكون لي نصف ذلك لأنه كان لي كسبه أيكون له ذلك قال نعم إن كان ذلك من كسب اكتسبه
قلت أرأيت رجلا كاتب نصف عبد له فاكتسب العبد مالا واشترى رقيقا أيكون نصف ما في يده من مال أو رقيق أو متاع للسيد قال نعم
قلت أرأيت إذا كاتب نصف عبده ثم إن السيد اشترى من المكاتب عبدا أو ثوبا أيجوز ذلك قال نعم يجوز نصفه ونصفه

للسيد قلت وكذلك ما كان اشترى المكاتب منه من شيء قال نعم قلت ولم قال لأن ما كان في يده للسيد
قلت أرأيت إن اشترى المكاتب من سيده عبدا هل يجوز قال أما في الاستحسان فهو جائز لأن شراءه وبيعه من غيره جائز وأما في القياس فلا يجوز إلا نصفه قلت ولم قال لأن نصفه مكاتب ونصفه رقيق وبالقياس نأخذ إلا أن يكون على العبد دين
تم بحمد الله ومنه طبع الجزء الثالث من كتاب الأصل للإمام محمد رضي الله عنه في اليوم الحادي عشر من ربيع الثاني سنة 1391 هـ ويتلوه في الجزء الرابع منه باب الرجل يكاتب عبده وهو مأذون له في التجارة والحمد لله على ذلك وصلاته وسلامه على رسوله سيد الأنبياء والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين

بسم الله الرحمن الرحيم

باب الرجل يكاتب عبده وهو مأذون له في التجاره
* قلت أرأيت رجلا أذن لعبده في التجارة ثم كاتبه وليس عليه دين هل تجوز المكاتبة قال نعم قلت والمأذون له في التجارة وغير المأذون له إذا لم يكن عليه دين سواء قال نعم قلت أرأيت إن كان عليه دين يحيط برقبته فكاتبه السيد والغرماء غيب لا يعلمون شيئا من ذلك ثم علموا بعد ما كاتبه ما القول في ذلك قال لهم أن يردوا المكاتبة قلت ولم قال لأن على العبد دينا ولأن هذا يتلف الرقبة ولا يباع في دينهم قلت أرأيت إن رضى الغرماء بذلك وقالوا لا نريد أن نبيعه حتى يستسعى ورضى المكاتب بذلك أيجوز ذلك قال نعم

قلت أرأيت إن أخذ السيد شيئا من مكاتبته لمن يكون قال هو للغرماء إلا أن يسلمه الغرماء للسيد قلت أرأيت إن كاتبه السيد والغرماء لا يعلمون فأدى إليه العبد مكاتبته كلها ثم علم الغرماء بذلك لمن يكون ما قبض السيد قال يرجع الغرماء على السيد بجميع ما أخذ من المكاتبة فان فضل شيء من دينهم فهم بالخيار إن شاؤا ضمنوا السيد قيمة العبد واتبعوا العبد بما بقى من الدين ولا يرجع المولى على العبد بالمكاتبة وإن شاء الغرماء اتبعوا العبد بما بقي عليه من دينهم وتركوا السيد

قلت أرأيت الرجل إذا كاتب عبده وهو مأذون له في التجارة وعليه دين لا يحيط برقبته هل يجوز مكاتبته وقد أبى الغرماء أن يجزوا وقد طلبوا دينهم قال يرد القاضي المكاتبة ويباع لهذا العبد إلا أن يؤدى عنه مولاه قلت وإن قل الدين قال وإن قل قلت أرأيت إن أدى السيد إلى الغرماء ما عليه من دين هل تجوز المكاتبة قال نعم قلت فهل يرجع السيد على المكاتب بما أدى عنه من الدين قال لا قلت ولم قال لأنه أصلح مكاتبته قلت أرأيت إن أبى السيد أن يؤدى عنه فقال المكاتب أنا أعجل جميع الدين الذي على أيجيز القاضى المكاتبة قال نعم قلت ولم وقد كان السيد كاتبه وعليه دين قال لأن المكاتب إذا أدى الدين جازت المكاتبة وكان كأنه كاتبه وليس عليه دين قلت أرأيت إن كاتبه وعليه دين يحيط برقبته فقال العبد حيث جاء الغرماء أنا أؤدى إليكم جميع الدين تعجيلا هل تجوز المكاتبة إذا

فعل ذلك قال نعم قلت أرأيت رجلا كاتب أمة له مأذونا لها في التجارة وعليها دين يحيط برقبتها فولدت ولدا في مكاتبتها ثم جاء الغرماء فأبوا أن يجيزوا المكاتبة فردها القاضي في الرق هل يباع ولدها معها في الدين إن لم يؤد المولى الدين قال نعم قلت أرأيت إن كان في الأم وفاء بالدين هل للغرماء على السيد سبيل قال لا قلت أرأيت إن كاتب الرجل أمة له مأذونا لها في التجارة وعليها دين فولدت ولدا في مكاتبتها ثم ماتت الأم ثم جاء الغرماء ما حال الولد قال يرد الولد في الرق ويباع للغرماء إلا أن يؤدى المولى ما كان من دين على أمه قلت أرأيت إن قال الولد أنا أعجل الدين هل تجوز المكاتبة إن فعل قال نعم قلت ولم قال لأن الولد بمنزلة أمه قلت أرأيت إذا كاتب الرجل أمة مأذونا لها في التجارة وعليها دين فولدت في مكاتبتها ولدا فأدت المكاتبة قبل أن يعلم الغرماء بشيء من ولدها هل تعتق ويعتق ولدها قال نعم قلت فهل يلزمها

الدين قال نعم قلت أرأيت الولد هل يلحقه شيء من الدين قال نعم وإن شاؤا اتبعوا بالدين الأم ويأخذ الغرماء من السيد ما أخذ من المكاتبة فان فضل من دينهم كانوا فيه بالخيار إن شاؤا ضمنوا للسيد قيمة الأم فيما بقى وإن شاؤوا اتبعوا الأم بجميع ذلك وإن شاؤا الولد ولكن لا يأخذون الولد بأكثر من قيمته قلت أرأيت إن ماتت الأم بعد أداء المكاتبة هل يلحق الولد من ذلك شيء قال نعم يلحقه الأقل من قيمته والدين لأنه ولدها وهي أمة بعد قلت ولم قال لأن الدين إنما كان على الأم فلا يلحق الولد شيء منه بعد عتقها إلا قيمته قلت أرأيت الأمة تكون بين رجلين فيأذن لها أحدهما في

التجارة فاستدانت دينا ثم إن الذي لم يأذن لها كاتب نصفه منها هل يجوز ذلك وقد كاتب باذن شريكه وقد جاء الغرماء فقالوا لا نجيز المكاتبة بمال قال لا يجوز قلت لم قال لأن للغرماء أن يبيعوا نصف الأمة وليس له أن يكاتب نصفها وإن أذن له الشريك لأن النصف الذي للشريك للغرماء قلت أرأيت إن رضى الغرماء بذلك هل يجوز وقالوا نحن نرضى أن تستسيعها قال نعم قلت أرأيت إن كاتب الذي لم يأذن لها في التجارة وأخذ المكاتبة هل

يعتق نصيبه منها قال نعم قلت أرأيت إن جاء للفرماء بعد ذلك هل يكون لهم على الذي كاتب شيء قال نعم يرجعون عليه بنصف ما أخذ ويرجع به الذي كاتب على المكاتبة ثانية قلت لم قال لأن ما أخذ من الأمة إنما هو للغرماء ألا ترى أن المكاتبة لو اكتسبت مالا قبل المكاتبة وعليها دين كان نصف ذلك الكسب في دينها ولو لم يكن عليها دين كان نصف ما أخذ لشريكه قلت أرأيت إن كاتب بأذن شريكه وأمره أن يقبض هل يكون للغرماء فيه شيء قال نعم قلت أرأيت عبدا بين رجلين أذن له أحدهما في التجارة فاستدان دينا هل للآخر أن يستغل نصيبه منه قال نعم قلت أرأيت إن كانت الأمة بين رجلين فأذن لها أحدهما في التجارة فاستدانت دينا ثم ولدت ولدا ثم جاء الغرماء هل لهم على ولدها سبيل قال نعم إن أدى مولاها ما عليها من الدين وإلا بيع نصيبه منها ومن ولدها حتى توفى الغرماء دينهم قلت أرأيت رجلا له عبد مأذون له في التجارة وعليه دين وأذن المأذون لعبده في التجارة فاستدان دينا ثم إن السيد كاتب عبده الأول فأدى إليه المكاتبة هل لغرماء المأذون له الأول على العبد المأذون له الآخر شيء قال لا قلت ولم قلت ولم قال لأن غرماءه أحق به

حتى يستوفوا دينهم فان فضل شيء كان لغرماء الأول قلت أرأيت أمة مأذونا لها في التجارة ولدت ولدا وعليها دين ثم إن السيد كاتب ولدها ثم جاء الغرماء هل لهم أن يردوا المكاتبة قال إن أدى السيد الدين أو كان في الأم وفاء بالدين جازت المكاتبة فان لم يؤد السيد أو لم يكن في الأم وفاء بطلت المكاتبة قلت ولم قال لأن الغرماء إذا ما بقى من مالهم شيء كانت الابنة تباع فيه فلا يجوز للسيد أن يكاتبها قلت وكذلك لو أعتقها السيد ضمن قيمتها إذا لم يكن في أمها وفاء قال نعم قلت أرأيت إذا كان السيد معسرا هل لهم أن يستسعوا الابنة فيما بقى من الدين قال نعم قلت ولم وإنما الدين على أمها قال لأنه في رقبة أمها وفي رقبتها جميعا ألا ترى أنها تباع هي وأمها في الدين جميعا قلت أرأيت رجلا أذن لأمته له في التجارة فاستدانت دينا بمكاتبتها فولدت ولدا في كتابتها ثم إن السيد أعتق ولدها هل يجوز عتقه قال نعم قلت أرأيت إن جاء الغرماء فردوا المكاتبة وبيعت الأم لهم فلم يكن لهم فيها وفاء بالدين أيضمن المولى قيمة

الولد قال نعم قلت ولم قال لأن الدين كان في رقابهم جميعا ألا ترى أنه لو لم يعتق الولد بعتقها بيعت مع أمها في الدين قلت أرأيت إذا كاتب الرجل أمة له مأذونا لها في التجارة فاستدانت دينا في مكاتبتها وقد كان عليها دين قبل المكاتبة ثم جاء الغرماء الأولون فردوا المكاتبة هل يشتركون جميعا في الثمن قال نعم قلت أرأيت إن أذن الرجل لأمته في التجارة فاستدانت دينا ثم كاتبها فولدت ولدا في المكاتبة فشب الولد فاشترى وباع ولزمه دين ثم جاء الغرماء الأولون فردوا الأم في الرق ما حال الولد قال تباع الأم للغرماء غرماء نفسها ويباع الابن لغرمائه خاصة دون غرماء أمه قلت ولم لا يكون للأولين شيء والولد بمنزلة أمه وما كان من دين على الأم فهو في رقبتهما جميعا قال لأن دين نفسه أحق من دين أمه قلت أرأيت رجلا أذن لأمته في التجارة فاستدانت دينا ثم ولدت ولدا فأذن له المولى في التجارة ثم إن ولدها اشترى وباع ولزمه دين هل يلزمه ذلك الدين قال نعم قلت ولم قال لأنه بمنزلة أمه قلت أرأيت إن بيعت الأم فلم يف ثمنها بالدين فبيع الولد لمن يكون ثمنه لغرمائه أو لغرماء أمه قال لغرمائه دون غرماء أمه قلت أرأيت رجلا كاتب عبدين له مأذونا لهما في التجارة وعليهما دين فكاتبهما مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة وعليهما دين يحيط

برقبتهما فغاب أحدهما فجاء الغرماء فأخذوا الشاهد منهما هل لهم أن يردوه في الرق قال لا قلت لم قال لأن الآخر غائب والمكاتبة واحدة ولأنهما يعتقان جميعا ويعجزان جميعا ألا ترى إن جاء الغائب فأدى عتق وعتق الآخر معه قلت فكيف يصنع الغرماء بهذا الشاهد قال يستسعونه فيما عليه من الدين وما أدى من المكاتبة فالغرماء أحق به قلت فهل للغرماء أن يضمنوا المولى قيمة العبدين قال لا قلت لم قال لأنه لم يجر فيهما عتاقه بعد ولأنهما إذا اجتمعا ردا في الرق ولكنهم إن شاؤا ضمنوه قيمة العبد الشاهد لأنه منعهم من بيعه فليس لهم أن يضمنوه قيمة الغائب قلت أرأيت إن اجتمعا جميعا فأجاز الغرماء مكاتبة أحدهما ولم يجيزوا مكاتبة الآخر هل لهم أن يردوا هذا الآخر في الرق دون الذي

أجازوا قال ليس لهم أن يردوا هذا الآخر في الرق قلت ولم قال لأن مكاتبتهما واحدة فلا يردان إلا جميعا ولا يعتقان إلا جميعا

باب ميراث المكاتب
قال أخبرنا محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن على وعبدالله وشريح رضي الله عنهم أن المكاتب إذا مات وترك مالا وورثة أنه يؤدى إلى المولى ما بقى من المكاتبة ويكون ما بقى لورثته قلت أرأيت المكاتب إذا مات وله ورثة أحرار وقد ترك وفاء

وعليه من مكاتبته بقية ما القول في ذلك قال يأخذ السيد ما بقى من مكاتبته مما ترك وما فضل فلورثته قلت فهل يعتق المكاتب قال نعم قلت فهل يجر ولاء ولده وله ولد أحرار من امرأة حرة وقد كان تزوجها وهي حرة قال نعم قلت أرأيت المكاتب إذا مات وترك ولدا ولد في المكاتبة من أمة له وله ولد سوى ذلك أحرار وترك مالا من يرثه قال يأخذ المولى ما بقى من مكاتبته ويكون ميراثه بين ولده الأحرار وبين الذين ولدوا له في المكاتبة قلت ولم والذين ولدوا في المكاتبة عبيد قال لأنه عتق فعتق ابنه الذي ولد في المكاتبة بعتقه ألا ترى أن المولى حيث قبض المكاتبة عتق المكاتب وعتق ولده معه فصاروا ورثته قلت أرأيت إن ترك المكاتب دينا فيه وفاء لمكاتبته ما حال الولد والدين لا يقدر قال يسعى هذا الولد الذي ولد في المكاتبة فيما على أبيه من المكاتبة قلت أرأيت إن سعى فيها فأداها هل يعتق قال نعم قلت أرأيت إن خرج دين أبيه بعد ذلك ما القول في ذلك ومعه إخوة له أحرار قال لا يرجع ولده الذي يسعى في المكاتبة

فيما سعى على والده ويكون ما ترك أبوه ميراثا بينه وبين إخوته قلت ولم لا يرجع فيما يسعى قال لأنه هو نفسه مال أبيه وما اكتسب أيضا وما أدى فهو من مال أبيه قلت أرأيت مكاتبا مات وعليه دين وترك ولدا أحرارا وترك وفاء وقد كان أوصى بوصية لرجل ودبر عبدا له ما القول في ذلك قال وصيته باطل وتدبيره باطل ويأخذ المولى ما بقى من المكاتبة وما بقى فللورثة قلت ولم أبطلت وصية المكاتب قال لأنه بمنزلة العبد قلت أرأيت مكاتبا مات وعليه دين وقد ترك وفاء ما القول في ذلك قال يبدأ بالدين فيقضى ثم يأخذ المولى ما بقى من المكاتبة بعد ذلك وما بقى فهو ميراث لورثته قلت أرأيت إن كان السيد قد أدانه دينا في مكاتبته ما القول في ذلك قال يبدأ بدين الأجنبيين فيؤدى إليهم ثم يؤدى إلى المولى ثم يأخذ المولى بعد ذلك ما بقى من المكاتبة وما بقى فلورثته وذلك إذا ترك وفاء بذلك كله فان لم يترك بعد دين الأجنبيين إلا مقدار المكاتبة أو الدين دين المولى فانه يبدأ بالمكاتبة قبل دين المولى لأنا إن بدأنا بالدين مات المكاتب عاجزا وبطل دين المولى قلت أرأيت إن لم يدع شيئا إلا قدر الدين هل للمولى منه شيء

قال لا ولكنه للغرماء قلت ولم لا يضرب المولى مع الغرماء بدينه فيما ترك المكاتب قال لأنه عبده فلا يضرب بدينه مع الغرماء قلت فهل يرث المكاتب إذا مات أخ له أو أب له حر قال لايرث المكاتب لأنه بمنزلة العبد قلت فهل يورث إذا مات قال نعم يأخذ مولاه ما بقى من مكاتبته وما بقى فلا قرب الناس ممن يرثه قلت أرأيت المكاتب إذا مات وقد كاتب عبدا له أيكون مكاتبة عبده ذلك ميراثا لورثته قال نعم ينظر إلى جميع ما ترك من مال وما كان له من دين على أحد وما كان له من مكاتبة فهو ميراث لورثته بعد ما يقبض المولى ما بقى من مكاتبته وهو في ذلك بمنزلته قلت أرأيت المكاتبة إذا ولدت ابنة وولد لولدها جارية وولد لولدها إبن ثم إن المكاتبة ماتت وتركت وفاء ما القول في ذلك وليس لها وارث إلا ولدها قال يأخذ المولى ما بقى من المكاتبة ولابنتها النصف بعد ذلك من جميع ما بقى وما بقى فهو للولى قلت أرأيت إن كانت ولدت غلاما وولد لابنها ولد ذكر من جارية ثم ماتت المكاتبة قال يأخذ المولى ما بقى من المكاتبة وما بقى فلابنها دون ابن ابنها

قلت أرأيت المكاتبة إذا ماتت وتركت مالا دينا ولها ولد قد ولدته في المكاتبة فاستسعاها القاضي فيما على الأم فعجزت هل ترد في الرق وقد أيس من الدين أن يخرج قال نعم إذا كان الأمر كما ذكرت ردت في الرق قلت أرأيت إن خرج المال بعد ذلك قال هو كله للمولى قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له وامرأته مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا فولدت المكاتبة في مكاتبتها ولدا ثم إن الولد اكتسب مالا ثم مات لمن يكون المال قال هو للأم دون الأب قلت لم قال لأن هذا اليس بميراث ولأن الولد عضو من أعضاء الأم وكسب الولد وماله أجمع للام دون الأب قلت أرأيت إن ماتت الأم وتركت مالا وفيه وفاء بمكاتبتها وفضل ولها ولد أحرار قد أعتقوا قبل المكاتبة ماالقول في ذلك قال يأخذ المولى مما تركت جميع ما بقى من المكاتبة والميراث بين ولدها الأحرار وبين زوجها ويرجع الولد على الزوج بما أدت عنه الأم لأن المكاتبة كانت عليهما جميعا ألا ترى أنها لو كانت حية فأدت

رجعت عليه بما أدت عنه من المكاتبة فكذلك ورثتها
قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له وابنا للعبد وهما رجلان جميعا مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا فمات الب وترك مالا كثيرا ما القول في ذلك وليس له وراث غير ابنه قال يأخذ المولى ما بقى من المكاتبة مما ترك الأب وما بقى فهو ميراث لابن المكاتب قلت ولم وهو مكاتب قال لأنه عتق الابن بعتق الأب وورثه من ذلك ولو كانت مكاتبتهما ليست بواحدة وكانت مكاتبتين متفرقتين فمات الأب وترك وفاء فأدى الابن إلى المولى بعد موت أبيه وعتق لم يرثه لأن أباه مات وهو مكاتب وإنما عتق بعد موته وبعد ما صار الميراث لغيره والذي ولد له في المكاتبة إنما عتق مع الأب فلذلك اختلفا قلت وكذلك الابن لو مات قال نعم لأنها إذا كانت مكاتبة ولدته فانما يعتق الابن بعتق الأب ألا ترى أن الأب لا يصير حرا والأول الابن حر معه وإذا كان في غير مكاتبة لم يكن كذلك قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له ثم مات وترك رجالا ونساء ثم مات المكاتب بعد ذلك وترك مالا كثيرا وليس له وارث إلا مواليه قال ينظر إلى مكاتبته مما ترك فيكون لجميع الورثة من الرجال والنساء

وما بقى من مال المكاتب للرجال دون النساء قلت لم قال لأن المكاتبة ميراث من الميت تركه فهو لجميع الورثة من الرجال والنساء فاذا قبض الورثة المكاتبة عتق المكاتب وكان ما بقى ميراثا للذكور من ولد المولى دون الإناث لأن هذا ولاء ولا يرث النساء شيئا منه قلت وكذلك لو أن المكاتب أدى إلى الورثة جميع المكاتبة ثم مات بعد ذلك قال نعم قلت فلن يكون ما أدى من المكاتبة قال لجميع ولد المولى من الرجال والنساء لأنه ميراث كله قلت أرأيت رجلا مات وترك ولدا رجلا ونساء فوهبوا له ما عليه من المكاتبة هل يعتق قال نعم قلت أرأيت إن مات وترك بعد ذلك مالا من يرثه قال الذكور دون الإناث قلت وكذلك لو أعتقوه جميعا ورثه الرجال دون النساء قال نعم قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن ولاءه للميت الذي كان كاتبه ولا يرث النساء من الولاء شيئا إلا ما أعتقن أو كاتبن وليس هذا بمنزلة ما كاتبن ولا ما أعتقن قلت أرأيت امرأة كاتبت عبدا لها ثم إن المكاتب كاتب عبدا له فأديا جميعا المكاتبة ثم مات المكاتب الأول وليس له وارث إلا مولاته هل ترثه قال نعم قلت أرأيت إن مات مكاتب المكاتب بعد ذلك وليس له وارث غيرها هل ترثه قال نعم قلت لم وقد زعمت أن النساء لا يرثن إلا ما أعتقن أو كاتبن قال هذا بمنزلة ما أعتقت هي لأن عتق

ما أعتقته وكتابة ما كاتبته في ذلك بمنزلة ما أعتقت أو كاتبت ومولى مولاها بمزلة مولاها قلت وكذلك لو أعتقت عبدا فأعتق مولاها ذلك عبدا ثم مات مولاها الأول ثم مات الآخر بعد ذلك وليس له وارث غيرها هل ترثه قال نعم لأن ما أعتق مولاها هو بمنزلة ما أعتقت قلت وكذلك ما أعتق مولى مولاها قال نعم قلت وكذلك ما كاتبت مكاتبتها أو أعتق المكاتب بعد ما أدى أو كاتب المكاتب بعد ما أدى قال نعم وهذا كله سواء ويرثه إذا مات قلت أرأيت المكاتب إذا مات قبل أن يؤدى شيئا أو قد أدى بعض مكاتبته قال يؤدى ما بقى من مكاتبته وما بقى فهو ميراث وقول عبدالله وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما في هذا أحب إلينا وبه نأخذ في الموت فأما إذا كان حيا فقول زيد رضي الله عنه نأخذ به إن عجز عن درهم من مكاتبته رد في الرق وذلك أيضا قول عائشة وقول ابن عمر رضي الله عنهم وبالله التوفيق

باب مكاتبة المملوك الصغير
* قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا صغيرا هل تجوز المكاتبة قال نعم إن كان يعقل جازت المكاتبة وإن كان لا يعقل لم تجز
قلت أرأيت الرجل إذا كاتب عبدا له وهو صغير لم يحتلم ولكنه

قد راهق وعرف ذلك هل يجوز قال نعم قلت أرأيت إن أجزت المكاتبة هل يكون في ذلك يمنزلة العبد الكبير قال نعم قلت أرأيت إن استدان دينا هل يلزمه قال نعم قلت أرأيت إن اشترى وباع هل يجوز قال نعم وهو في ذلك بمنزلة الكبير قلت أرأيت إن كاتب المملوك عبدا له هل يجوز قال نعم قلت وهو في ذلك بمنزلة الكبير قال نعم قلت أرأيت إن عجز هل يرد في الرق قبل أن يدرك قال نعم قلت أرأيت إن كاتب الرجل عبدا له صغيرا لا يعقل ولا يعرف ذلك ولا يقدر على أن يسعى فجاء رجل فأدى عنه تلك المكاتبة فقبلها المولى هل يعتق الصبي ما لم يتكلم قال لا يعتق وليس هذه بمكاتبة قلت لم وأنت تزعم لو أن رجلا كاتب عبدا له مكاتبة فاسدة فأداها عتق قال لأني لو أجزت هذا لأجزت لو أن رجلا كاتب ما في بطن جاريته فجاء رجل بعد ذلك فأدى عنه عتق وليس هذا بشيء

وهذا بمنزلة من لم يكاتب ويرد المال إلى صاحبه وإنما يجوز إذا كان يعقل ويتكلم ويعرف ذلك قلت أرأيت رجلا كاتب عبدين له صغيرين وقد راهقا ولم يحتلما مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا هل يكونان في ذلك بمنزلة الكبيرين قال نعم قلت ولا يعتقان إلا بأداء جميع المكاتبة قال نعم قلت أرأيت إن أدى أحدهما قيمته من المكاتبة هل يعتق قال لا يعتقان حتى يؤديا جميع المكاتبة كلها قلت أرأيت إن عجز أحدهما ولم يعجز الأخر هل يردان في الرق قال لا قلت ولم قال لأن الآخر إذا أدى جميع المكاتبة عتقا جميعا ولا يكون عجزهما إلا جميعا ولا عتقهما إلا بالأداء جميعا قلت أرأيت الرجل كاتب على عبد لرجل رضيع فرضى المولى بذلك هل يجوز ذلك قال لا قلت ولم قال لأن الرجل لا يجوز كتابته لرجل عن عبده وكذلك المكاتب قلت أرأيت

إن أدى إليه المكاتبة هل يعتق الصبي قال نعم قلت ولم وقد زعمت أن المكاتبة ليست بجائزة قال لأني استحسنت ذلك وجعلته بمنزلة قوله إذا أديت إلى كذا وكذا فعبدي حر ألا ترى أن الرجل لو لم يؤد شيئا ثم بلغ العبد وهو غائب يوم وقعت الكتابة فأجازها كان جائزا وكان الأداء على العبد يؤخذ بذلك وإن أداه الرجل عنه إلا درهما كان أداؤه عنه دائزا ولا يؤخذ العبد إلا بذلك الدرهم ويتم ما صنع ذلك فكذلك أداء الجميع أيضا جائز ولا يؤخذ ويقبض به العبد والصغير بمنزلة العبد الغائب

قلت أرأيت الرجل إذا كاتب عبدا له صغيرا قد راهق ثم إن المكاتب كاتب له عبدا آخر ثم عجز المكاتب الأول ما حال المكاتب الثاني قال هو مكاتب على حاله إن أدى عتق وإن عجز رد في الرق

باب الرجل يكاتب عن نفسه وعن عبد له آخر
* قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على نفسه وعبد له آخر غائب على ألف درهم مكاتبة واحدة وضمن المكاتبة هل يجوز هذا قال أما المكاتب فمكاتبته على نفسه جائزة ولا تجوز على الآخر الغائب قلت أرأيت إن أدى جميع المكاتبة هل يعتقان جميعا قال نعم قلت فهل يرجع هذا المكاتب على الغائب بشيء قال لا قلت ولم قال لأنهما لم يكاتبا جميعا ولأنه كاتب عنه بغير أمره قلت أرأيت إن عجز هذا المكاتب هل يرد في الرق قال نعم قلت ولم والآخر غائب قال لأن الآخر لم يدخل في المكاتبة لأنهما لم يكاتبا جميعا قلت أرأيت ان رد في الرق ثم جاء الآخر بعد ذلك فقال أنا أسعى في المكاتبة هل يلتفت إليه قال لا وهو عبد قلت أرأيت إن قدم قبل أن يؤدي فرضي بالمكاتبة فعجز المكاتب بعد ذلك هل يردان جميعا في الرق قال نعم قلت ولم وقد كان الآخر رضي

بالمكاتبة قال لأن الآخر ليس من هذا في شيء ولا يلتفت إليه ولم يكاتب هو لنفسه قلت أرأيت إن أدى هذا المكاتب حصة قيمته من المكاتبة هل يعتق قال لا قلت ولم قال لا يعتق حتى يؤدى جميع المكاتبة قال لأن المكاتبة قد لزمته جميعا يوم كاتب فلا يعتق إلا بأدائها جميعا قلت أرأيت إن مات المكاتب ولم يدع شيئا ما حال الآخر قال الآخر مملوك إلا أن يعجل جميع المكاتبة حالة فاني أستحسن أن أعتقهما جميعا وإن لم يؤده حالا رد في الرق قلت أرأيت إن قال الآخر أنا أسعى هل يلتفت إلى قوله قال لا قلت أرأيت إن قدم الغائب منهما فرضي بالمكاتبة ورضي السيد بعد ذلك أن يكون عليه وعلى المكاتبة يأخذ أيهما شاء فهل يجوز ذلك قال لا قلت ولا يكون للمولى عليه سبيل قال لا قلت لم وقد رضي المولى قال لأن الغائب لم يكن دخل في المكاتبة فليس يلزمه شيء من المكاتبة بعد ذلك رضي أو لم يرض قلت فكيف القياس في هذا الذي ذكرت لك قال إذا أدى المكاتب الذي كاتب قدر حصة قيمته من المكاتبة عتق ولكن أستحسن أن لا يعتق إلا بأداء

جميع المكاتبة لأنهما مكاتبة واحدة والنجوم واحدة والمال كله على المكاتب فلا يعتق إلا بأدائه قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له وعبدا له آخر وهما حاضران جميعا ورضى الآخر بذلك بعد وقوع المكاتبة وجعل المال على هذا الذي كاتب دون الآخر هل يجوز ذلك قال هذا والباب الأول سواء إذا لم تقع المكاتبة عليهما والنجوم والأداء عليهما جميعا لم تجز مكاتبة المكاتب على الآخر وضمانه على المال إلا أنى أستحسن إذا وقع الأمر على ما ذكرت لك فأدى المال أن يعتقان جميعا ولا يعتق المكاتب إلا بأداء جميع المال ندع القياس في ذلك
قلت أرأيت المولى إن أعتق الآخر الذي لم يدخل مع هذا في المكاتبة هل يرفع عن المكاتب ما بقى قال نعم قلت ولم وليس يلزمه شيء من مال المكاتبة قال لأنه قد أعتق فهو بمنزلة ما قد قبض هذا المال لأن المال إنما لزم المكاتب عنهما جميعا قلت أرأيت إن مات الذي لم يدخل في المكاتبة هل يرفع عن هذا شيء قال لا قلت أرأيت إذا كان أحدهما غائبا فكاتب الشاهد على نفسه وعلى الغائب ولا يدرى ما قيمة الغائب كيف القياس في هذا قال المكاتبة فاسدة قلت ولم قال لأني لا أدري ما يلزم

هذا المكاتب من المكاتبة لأن في القياس إنما يلزمه قدر قيمته من المكاتبة فاذا لم يعلم ما قيمة الآخر فالمكاتبة فاسدة ولكن أدع القياس وأجيز ذلك قلت أرأيت إن أدى جميع المكاتبة وهي فاسدة هل يعتق ويعتق الآخر معه قال نعم قلت لم وأنت قد أفسدت المكاتبة قال لأنه إذا أدى عتق لأن الرجل إذا كاتب عبده مكاتبة فاسدة فأدى المكاتبة قبل أن يرد في الرق عتق قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على نفسه وولد له صغار هل يجوز ذلك قال نعم قلت أرأيت إن كبر الولد وغاب الأب للمولى أن يستسعى الولد في شيء من المكاتبة قال لا قلت ولم قال لأن المكاتبة على الأب قلت أرأيت إن أدى الأب المكاتبة هل يعتقون جميعا قال نعم قلت فهل يرجع الأب على ولده بشيء قال لا قلت ولم قال لأنه كاتب على ولده وهم صغار ولأن الولد لم يكن عليهم شيء من المنكاتبة قلت أرأيت إن أدى الولد إلى المولى المكاتبة هل يرجعون على أبيهم بشيء قال لا قلت ولم قال لأن هذا شيئ تطوعوا به على أبيهم قلت أرأيت إن مات الأب ما حال الولد قال يسعون في المكاتبة على

النجوم فان أدوا عتقوا وإن عجزوا ردوا قلت أرأيت رجلاكاتب عبدا له على نفسه وعلى عبد له آخر برضى ذلك العبد ثم إن السيد باع العبد الذي لم يدخل في المكاتبة هل يجوز بيعه قال لا قلت ولم قال لأن المكاتب لو أدى المكاتبة عتقا جميعا قلت أرأيت الرجل إذا كاتب جارية له على نفسها وجارية له أخرى ثم إن السيد وطىء المكاتبة فعلقت فاختارت أن تعجز هل تكون الأخرى رقيقا قال نعم قلت أرأيت إن كان أيضا وطىء السيد التي لم تدخل في المكاتبة فعلقت هل تصير أم ولده قال أما من أجاز المكاتبة عليهما جميعا وأخذ بالاستحسان فيه لم يصيرها أم ولد لأن المكاتبة إذا أدت المكاتبة عتقا جميعا وأما في القياس فتصير أم ولد وتسعى المكاتبة في قدر قيمتها من المكاتبة وتعتق ولكن أدع القياس فلا تصير أم ولد وتكون على حالها قلت أرأيت إن دبر السيد التي لم تدخل في المكاتبة هل يرفع عن المكاتبة شيء قال لا قلت ولم وقد زعمت أنها إذا عتقت رفع عن هذه حصة قيمتها من المكاتبة قال

لأن المدبرة مملوكة على حالها ألا ترى أن المكاتبة إذا أدت عتقا جميعا قلت أرأيت الرجل إذا كاتب أمة له على نفسها وعلى أمة له أخرى ثم إن الأخرى ولدتا ولدا هل للمولى أن يبيع ولدها قال لا وهي بمنزلة أمها لأن المكاتبة إذا أدت عتقا جميعا قلت فهل للمولى أن يطأها قال أكره له ذلك قلت أرأيت السيد له أن يزوجها برضاها قال نعم قلت أرأيت إن ماتت الأخرى التي ضمنت شيئا من المكاتبة فأخذ المولى قيمتها وفي قيمتها وفاء بالمكاتبة هل تعتق المكاتبة قال نعم قلت فهل يرجع السيد على المكاتبة الأخرى بشيء قال لا لأنها لو كانت حية فأدت المكاتبة لم ترجع بشيء فكذلك قيمتها *

باب المكاتبة على الحيوان وغير ذلك من العروض
* قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على عبد إلى أجل هل يجوز ذلك قال نعم قلت وكذلك لو كاتب أمة له على عبد قال نعم قلت وكذلك لو كاتبها على وصيف قال نعم وقيمة ذلك عندنا أربعون دينارا في قياس قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد فعلى قدر الخلاء والرخص قلت وكذلك المكاتب يكون عليه وصيف وسط فجاء به هل يجبر المولى على أن يقبله قال نعم

قلت أرأيت إن أتى بقيمة الوصيف أربعون دينارا هل يجبر المولى على أخذ ذلك قال نعم قلت وتعتق المكاتبة قال نعم قلت ونجبر المكاتب على عبد وعلى خادم وعلى وصيف قال نعم قلت وتعتق المكاتبة إذا أداه قال نعم قلت ولم أجزت هذا قال استحسنت ذلك وتركت القياس فيه وهو في القياس سواء لا يجوز قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على عبد يعينه لرجل هل تجوز المكاتبة على هذا قال لا قلت ولم قال لأنه كاتبه على عبد رجل فلا يجوز قلت أرأيت إذا كاتبه على دابة هل تجوز المكاتبة قال لا قلت ولم وقد أجزته في الوصيف والعبد قال لأن الدواب مختلفة من البراذن والحمر والبغال وغير ذلك فمن ثم لم نجز لأنه لم يسم نوعا منها بعينه فمن ثم لم نجز قلت أرأيت إن كاتبه على ثوب هل تجوز المكاتبة قال لا

قلت لم قال لأن الثياب مختلفة فلم يسم نوعا فمن ثم لم نجز قلت أرأيت إن سمى نوعا من الثياب فقال له كاتبتك على كذا كذا ثوب مروى أو كذا كذا ثوب هروى أو غير ذلك من الثياب هل تجوز المكاتبة قال نعم قلت فما الذي يلزمه من ذلك قال وسط من الثياب التي سمي قلت وكذلك الدواب قال نعم قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على وصيف ولم يسم للمكاتبة أجلا هل تجوز هذه المكاتبة قال نعم ويكون الوصيف حالا فاذا أدى عتق حين يأخذ المولى وإلا رد في الرق قلت لم أجزت هذا ولم تسم له أجلا قال لأن هذا بمنزلة الدراهم ألا ترى أنه لو كاتبه على ألف درهم ولم يجعل لها أجلا كانت المكاتبة جائزة وكانت حالة فان أداها حين يأخذه فيها المولى وإلا رد في الرق وكذلك إذا كاتبه على وصيف أو على عبد قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على وصيف ثم صالحه من الوصيف على ثوب فدفعه المكاتب إليه وقبضه المولى هل يجوز ذلك قال نعم قلت وكذلك إن صالحه على دنانير قال نعم قلت وكذلك إن صالحه على دابة أو على غير ذلك من العروض قال نعم

قلت أرأيت إن صالحه على ثوب زطي نسيئة أو هروى هل يجوز ذلك قال لا قلت ولم وقد أجزته إذا كان يدا بيد قال لأنه إذا كان يدا بيد فهو جائز وإن كان نسيئة فلا يجوز دين بدين قلت وكذلك لو صالحه على كر من طعام بعينه قال لا يجوز ولا يجوز أن يصالحه إلا يدا بيد ألا ترى لو أن رجلا تزوج امرأة على خادم فصالحه من ذلك على ثوب نسيئة أو على طعام نسيئة لم يجز لأنه لا يجوز أن يبيع دينا بدين ألا ترى أنه لو كان لرجل على رجل دين فصالحه من ذلك على ثوب نسيئة لم يجز فكذلك الثياب في الباب الأول في المكاتبة قلت أرأيت رجلا كاتب أمة له على وصيف إلى أجل فولدت المكاتبة ولدا في مكاتبتها ثم إن المكاتبة ماتت ما حال الولد قال

عليه ما كان على أمه من الوصيف قلت وهو عندك بمنزلة المكاتبة على دنانير أو دراهم قال نعم قلت أرأيت لو كاتب مكاتبين له على وصيف مكاتبة واحدة ثم إن السيد أعتق أحدهما ما القول في ذلك قال يرفع عن الباقي من قيمة الوصيف بحصة الذي أعتق وينظر فان كان قيمتها سواء رفع عنه نصف الوصيف قلت ولم قال لأن هذا بمنزلة رجل كاتب عبدين له على ألف درهم وأعتق أحدهما وقيمتهما سواء فيرفع عن الباقي نصف المكاتبة قلت وكذلك إذا كاتبهما على وصيف قلت أرأيت رجلا كاتب أمة له على وصيف ثم إن الأمة أدت إليه الوصيف أو قيمته فعتقت ثم استحق ذلك من يد السيد ما القول في ذلك قال يرجع السيد على المكاتبة بما أعطته من ذلك والمكاتبة حرة ويكون الوصيف دينا عليها قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له على جارية فدفع إليه الجارية وقبضها ثم إن السيد وطىء الجارية فولدت منه ولدا ثم جاء رجل فاستحق الجارية ما القول في ذلك قال يأخذ المستحق الجارية وعقرها وقيمة أولادها من السيد ويرجع السيد على المكاتب بالجارية التي كاتبه عليها

وبقيمة أولادها ولا يرجع السيد على المكاتب بالعقر قلت ولم يرجع عليه بقيمة الأولاد قال لأنه غره وأعطاه جارية لا يملكها ألا ترى لو أن رجلا ابتاع من مكاتب له جارية فولدت من السيد أولادا ثم جاء رجل فاستحق الجارية أخذها وعقرها وأخذ قيمة ولدها من السيد ويرجع السيد بقيمة الولد على المكاتب لأنه قد غره وباعه ما لم يملك والمكاتب وغيره سواء قلت أرأيت المكاتبة على الوصيف والثوب إذا سمي جنسه بمنزلة المكاتبة على الدراهم والدنانير قال نعم قلت أرأيت إن كاتبه على دار قد سماها ووصفها هل تجوز المكاتبة قال لا قلت وكذلك لو كاتبه على أرض قال نعم قلت وكذلك كل شيء من من العروض إلا على ما سميت لك من الوصيف والثوب إذا سمي جلسه وأما على الأرضين والدار وغير ذلك فلا يجوز قال نعم قلت فان سمي دارا بعينها قال ذلك أفسد للمكاتبة قلت ولم قال لأن الدار لم تسم بعينها فقد كاتبه على شيء لا يعرف فان سماها فقد كاتبه عليها لم يملك

قلت وكذلك لو كاتبه على ياقوته ولؤلؤة أو غير ذلك من العروض قال نعم أيضا لا يجوز قلت أرأيت لو كاتبه على كرحنطة أو كر شعير أو سمسم أو كذا كذا من الزيت أو كذا كذا من السمن أو غير ذلك مما يكال أو يوزن هل تجوز المكاتبة على ذلك قال نعم قلت لم أجزت هذا في هذا الباب وقد أفسدته في العروض قال لأن هذا يكال ويوزن ويعرف وهذا عندنا بمنزلة الدراهم والدنانير قلت وكذلك إذا كاتبه على شيء مما يكال أو يوزن فهو جائز عندك قال نعم قلت أرأيت إن كاتبه على كر حنطة ولم يسم جيدا ولا رديا ولا وسطا هل تجوز المكاتبة قال نعم وله كروسط قلت ولم أجزته في هذا الباب وأنت لا تجيزه في السلم قال لأن المكاتبة لا تشبه السلم ألا ترى أني أجيز المكاتبة على الوصيف والسلم في الوصيف غير جائز ولا يجوز السلم في شيء من الحيوان والمكاتبة في الحيوان جائزة قلت قتل أرأيت إذا كاتبه على وصيف فدفع إليه المكاتب وصيفا له به عيب فاحش ما القول في ذلك قال إذا قبض السيد وصيف

الوصيف عتق المكاتب فان أصاب به السيد عيبا فاحشا بعد ذلك فرده على المكاتب رجع عليه بمثله ويصير المكاتب حرا قلت أرأيت إن استحق بعض العبد من السيد ما القول في ذلك قال السيد بالخيار إن شاء رد ما بقي من العبد وأخذ القيمة وإن شاء أمسكه وأخذ من المكاتبة بعد ما استحق وإن شاء رد ما بقي وأخذه عبدا كاملا

باب مكاتبة الذمي
قلت أرأيت رجلا من أهل الذمة كاتب عبدا له هل تجوز مكاتبته قال نعم قلت وهو في ذلك بمنزلة الرجل المسلم قال نعم قلت أرأيت ذميا كاتب عبدا له والعبد ذمي ثم إن العبد أسلم وهو مكاتب ما القول في ذلك قال هو على مكاتبته فان أدى عتق وإن عجز أجبر المولى على بيعه قلت ويسعى له في المكاتبة وهو مسلم قال نعم قلت من يرثه إن مات وقد أدى وليس له وارث من المسلمين قال ورثه بيت المال قلت أرأيت نصرانيا ابتاع عبدا مسلما فكاتبه هل تجوز مكاتبته

قال نعم قلت ولا يرد المكاتبة قال لا قلت ولم وأنت تجبر النصرانية على بيعه قال لأني أجبره على بيعه ما دام عبدا فأما إذا كاتبه فاني أجيز المكاتبة قلت أرأيت ذميا كاتب جارية له ثم أسلمت المكاتبة فولدت ولدا في مكاتبتها ثم إن المكاتبة ماتت أيكون ولدها بمنزلتها قال نعم قلت أرأيت الذمي إذا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة ثم إن أحد المكاتبين أسلم ما حالهما قال هما على مكاتبتهما وإسلامهما وإسلام أحدهما في ذلك سواء وهما على مكاتبتهما قلت أرأيت إذا أسلمت مكاتبة الذمي وهي من أهل الذمة لم لا تجبرها كما تجبر المكاتبة إذا علقت من سيدها قال لأن إسلامها وغير إسلامها في المكاتبة إذا علقت من سيدها قال لأن إسلامها وغير إسلامها في المكاتبة سواء لأن الذمي إنما يجبر على بيع الأمة المسلمة لمكان الخدمة والوطيء فاذا لم يكن عليها ذلك من أجل كتابة كاتبها

عليه لم تجبر المكاتبة لذلك لأنه لا سبيل له عليها في خدمة ولا وطيء قلت أرأيت ذميا كاتب عبدا له ذميا على دن من خمر هل تجوز المكاتبة على ذلك قال نعم قلت ولم أجزته قال لأن أهل الذمة لو تبايعوا الخمر فيما بينهم لأجزتها وكذلك المكاتبة قلت أرأيت إن كان العبد مسلما فكاتبه مولاه وهو ذمي على خمر هل يجوز قال لا المكاتبة باطل قلت ولم أبطلتها والمولى نصراني قال لأن العبد مسلم فلا أقضي على المسلم بالخمر فأرد المكاتبة وأجبره على بيع العبد قلت أرأيت إن أدى إليه الخمر قبل أن يرد القاضي المكاتبة ما القول في ذلك قال يعتق العبد قلت ولم يعتق وأنت لا تجيز المكاتبة قال لأنه بمنزلة قوله إذا أديت إلى كذا وكذا فأنت حر قلت أرأيت إذا عتق العبد وقد كان كاتبه على ما ذكرت لك هل للسيد على العبد شيء قال نعم له عليه قيمته دينا عليه قلت ولم وقد أدى إليه المكاتبة قال لأنه أدى إليه مالايحل له ولا تجوز

المكاتبة عليه قلت أرأيت إن كان السيد مسلما والعبد ذميا فكاتبه على خمر فهو بمنزلة الباب الأول لا يجوز قال نعم لا يجوز قلت أرأيت ذميا كاتب عبدا له من أهل الذمة على خمر ثم إن العبد أسلم ما القول في ذلك قال المكاتبة جائزة قلت فما يكون على العبد قال عليه قيمة الخمر قلت لم وأنت لا تجيز المكاتبة على الخمر قال لأنه كاتبه يوم كاتبه والمكاتبة جائزة فلا يفسدها إسلامه ولا يزيدها إلا شدة ويكون عليه قيمة الخمر يسعى فيها قلت أرأيت إن كان نجومه كل شهر أن يؤدي كذا كذا رطلا من خمر كيف يؤدي النجوم بعد إسلامه قال يؤدي قيمة كل نجم عند محل كل نجم فان عجز عن شيء من ذلك رد في الرق وإن عجز ورد في الرق أجبر مولاه على بيعه قلت وكذلك السيد هو الذي أسلم قال نعم إلا أنه لا يجبر على بيعه قلت أرأيت إن كان كاتبه على ميتة هل تجوز المكاتبة على ذلك قال لا والمكاتبة فاسدة قلت ولم وقد أجزت المكاتبة الفاسدة في الخمر قال لأن الميتة لا تشبه الخمر قلت وكذلك لو كاتبه على

دم قال نعم لا يجوز لأن الخمر مال وليس هذا بمال قلت أرأيت إن أدى إليه ما كاتبه عليه من هذا هل يعتق قال لا قلت ولم وقد أجزت في المكاتبة الفاسدة أن يعتق فأعتقته في الخمر قال لأن الميتة والدم لا تباع وليس لها ثمن ولو تبايعوا به لم أجزه ألا ترى لو أن رجلا باع عبدا بميتة ثم اعتقه المشتري بعد ما قبضه لم يجز عتقه فكذلك المكاتب قلت أرأيت إن كان السيد قال في المكاتبة حيث كاتبه على الميتة إذا أديتها فأنت حر أو دفعتها إلى فأنت حر فدفعها إليه وقبلها السيد هل يعتق قال نعم في هذا الوجه قلت لم قال لأنه قال له إن دفعتها إلى فأنت حر فانما يعتق بقوله أنت حر ولا يعتق بالأداء قلت فهل يرجع السيد عليه بعد ذلك بشيء قال لا قلت ولم قال لأن العبد إنما يعتق بعتقه إياه ليس بالأداء قلت أرأيت ذميا كاتب عبدا له ذميا على عبد أو على ثوب وقد سماه هل يجوز ذلك قال نعم قلت ولم قال لأنه كاتبه على شيء معلوم قلت وهو في ذلك عندك بمنزلة الرجل الحر المسلم إذا كاتب عبدا له في جميع العروض قال نعم قلت أرأيت ذميا كاتب أم ولد له ذمية ثم إنها أسلمت في مكاتبتها ما القول في ذلك قال تمضي على مكاتبتها فان أدت عتقت

وإن عجزت قضى القاضي عليها بقيمتها تسعى فيها ولا يكون للسيد عليها سبيل ولا ترد إليه قلت أرأيست إن قضى القاضي عليها بالسعاية في القيمة فعجزت هل ترد إلى مولاها وهو وذمي قال لا ولكنها تسعى ولا يلتفت إلى عجزها ما دام مولاها ذميا قلت أرأيت إن أسلم مولاها فعجزت هل ترد إليه فتصير أم ولده على حالها قال نعم قلت ولم وقد قضي القاضي عليها بالقيمة قال لأن مولاها مسلم ولأن ذلك ليس بعتق وإنما قضي القاضي عليها بالقيمة قال لأن مولاها كان نصرانيا ولم يكن يقدر على بيعها فلا يكون قضاء القاضي عليها بالقيمة عتق لها ولا تعتق إلا بالأداء قلت أرأيت إن أعتقها السيد بعد ما قضي القاضي عليها بالقيمة هل تبرأ من القيمة ويجوز عتقه قال نعم قلت وسواء إن أسلمت أو لم تسلم قال نعم قلت أرأيت إن مات السيد بعد ما قضي القاضي عليها بالقيمة وقد مات نصرانيا ما القول في ذلك قال تعتق من جميع ماله ولا تسعى في شيء ويبطل ما كان عليها من القيمة قلت ولم وقد كنت أخرجتها من يده وقضيت عليها بالسعاية قال لأن الرقبه في ملك

السيد بعد حتى تؤدي فاذا مات عتقت لأنها بمنزلة أم ولد مات عنها سيدها قلت أرأيت إن ولدت ولدا بعد ما قضي القاضي عليها بالسعاية وأعتق السيد ولدها هل يجوز عتقه قال نعم قلت أرأيت إذا مات السيد ولم يعتق الولد هل يعتق ولدها معها قال نعم قلت أرأيت إن ماتت الأم وبقي الولد أيسعى فيما كان على أمه فيما كان قضي عليها من القيمة قال نعم قلت وإن كان ذلك أكثر من قيمته أو أقل قال نعم قلت أرأيت إن عجز عن ذلك وقد أسلم السيد هل يرد إليه قال نعم ويكون بمنزلة أمه لأن أمه كانت تكون حرة من جميع المال وكذلك ولدها قلت أرأيت النصراني إذا كاتب أم ولده فأدت بعض المكاتبة ثم أسلمت ثم عجزت بعد ذلك فردها القاضي وقضى عليها بالقيمة لمن يكون ما أخذ السيد قال له قلت فلا تحتسب لها بما قبض منها مما أدت من قيمتها قال لا قلت فان أدت ذلك بعد إسلامها قال وإن أدت قلت ولم ثقال لأنها قد عجزت وردت في الرق وصارت

مملوكة وإنما قضي عليها بالسعاية بعد ما صار المال للسيد قلت أرأيت ذميا كاتب أمة له ذمية ثم وطئها فولدت ما القول في ذلك قال هي بالخيار إن شاءت أن تمضي على مكاتبتها وتأخذ عقرها من سيدها فعلت فان أدت عتقت وإن شاءت أن تعجز عجزت وهي أم ولد له قلت أرأيت إن أسلمت بعد ما علقت منه فاختارت العجز ما القول في ذلك قال يقضي عليها القاضي أن تسعى في قيمتها وتعتق فان أدت عتقت ولا سبيل للسيد عليها قلت أرأيت النصراني كاتب أم ولده ثم إنه مات هل تعتق قال نعم هي حرة قلت أرأيت النصراني إذا كاتب أمتين له من أهل الذمة مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة ثم إن النصارني وطيء إحداهما فعلقت ما القول في ذلك قال هما على مكاتبتهما والولد ولده وتأخذ عقرها منه قلت ولا تجيزها قال لا لأن الأخرى مكاتبة معها فلا تعتقان إلا جميعا ولا تعجزان إلا جميعا ولا تعجز إحداهما دون الآخرى

قلت أرأيت الذمي إذا كاتب مدبرة له هل يجوز ذلك قال نعم قلت أرأيت إن مات السيد قبل أدائها هل تعتق قال نعم هي حرة من الثلث وتبطل المكاتبة قلت أرأيت رجلا من أهل الذمة كاتب نصيبا له من عبد بينه وبين آخر بغير إذن شريكه والعبد ذمي والشريك مسلم فقكاتبه على خمر فأداها إلى الذمي ما القول في ذلك قال يعتق نصيبه من العبد فان كان موسرا فشريكه بالخيار إن شاء ضمن وإن شاء أعتق وإن شاء استسعى قلت فهل يكون له على شريكه مما قبض من المكاتبة سبيل قال لا قلت لم قال لأنه مسلم ولا يحل له الخمر ولا قيمتها فمن ثم لم أقض له على شريكه بشيء مما أخذ إذا استهلكه قلت أرأيت إذا كان العبد بين رجلين ذمي ومسلم والعبد ذمي فكاتب الذمي نصيبه باذن شريكه على خمر هل تجوز المكاتبة قال نعم قلت لم وشريكه مسلم قال لأن المسلم لم يكاتب نصيبه وإنما كاتب الذمي نصيبه فمكاتبة نصيبه على الخمر جائزة لأنه ذمي والعبد ذميب في قول أبي حنيفة قلت فهل يكون للمسلم فيما أخذ النصراني من المكاتبة شيء وقد استهلكه قال لا قلت لم وقد كاتبه باذنه قال لأنه كاتبه على ما لا يحل للمسلم فمن ثم لم يكن

له في شيء
قلت أرأيت إن كاتباه جميعا على خمر مكاتبة واحدة والنجوم واحدة هل تجوز المكاتبة قال لا قلت ولم قال لأنها مكاتبة واحدة ولا يحل للمسلم أن يكاتب على خمر فاذا أفسدت نصيب المسلم أفسدت نصيب الآخر قلت ولم أفسدت نصيب الذمي قال لأن المكاتبة واحدة ولا يعتق إلا بأدائهما جميعا ألا ترى لو أنهما كاتباه على دراهم مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما قبض نصيبه من المكاتبة لم يعتق نصيبه ولا يعتق إلا بأداء جميع المكاتبة إليهما فلذلك أفسدت مكاتبة الذمي
قلت أرأيت إن أدى إليهما ما كاتباه عليها من الخمر هل يعتق العبد قال نعم قلت فما حال العبد قال العبد حر ويكون عليه نصف قيمته للمسلم ويكون للنصراني نصف الخمر لأنه لا يحل له ما أخذ منه فلذلك كان للمسلم أن يرجع عليه بنصف قيمته
قلت أرأيت عبدا نصرانيا بين نصراني ومسلم كاتبه المسلم باذن شريكه على نصيبه منه فقبض المكاتبة هل يرجع النصراني عليه بشيء قال نعم إن لم يكن أذن له في قبض المكاتبة وهما في ذلك بمنزلة المسلمين

قلت أرأيت عبدا ذميا بين رجلين من أهل الذمة كاتباه جميعا على خمر مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما أسلم ما القول في ذلك قال يكون لهما جميعا قيمة الخمر دراهم على المكاتب قلت أرأيت إن أدى إلى المسلم حصته من المكاتبة دراهم هل يشاركه الذمي في ذلك قال نعم ويرجع هو على العبد بما أخذ منه شريكه قلت أرأيت إن أدى إلى الذمي الخمر هل يكون للمسلم فيما أدى إليه من شيء قال لا ولا يعتق بأدائها لأن المكاتبة قد تحولت دراهم قلت ولم قال لأني لا أدفع إلى المسلم الخمر قلت فهل يعتق نصيب النصراني منه قال لا قلت لم وقد قبض حصته التي له عليه قال لأن المكاتبة واحدة فلا يعتق حتى يستوفيا جميعا ولا أبطل حصة المسلم مما أخذ النصراني من قبل أن له خاصة ولكن أكره أن أدفع إلى المسلم خمرا وأقضي له بها
قلت أرأيت إن كاتب الذمي أمة له على خمر فولدت له ولدا في مكاتبتها ثم ماتت الأم ما حال الولد قال يسعى فيما على أمه من ذلك قلت فان أسلم ما يكون عليه قال عليه قيمة الخمر فيسعى فيها على نجوم أمه قلت متى تلزمه القيمة يوم كاتب الأم أو يوم يسلم قال يوم يسلم قلت لم قال لأنه أسلم والخمر عليه ألا ترى أن الأم لو أسلمت كان عليها قيمة ذلك يوم أسلمت فكذلك الولد

قلت أرأيت إن كانت ولدت ولدين ثم ماتت فأسلم أحدهما وبقي الآخر ما القول في ذلك قال عليهما قيمة الخمر يسعيان فيها قلت فهل له أن يستسعى المسلم منهما بجميع قيمة الخمر ويدع الآخر قال نعم إن شاء وإن شاء استسعى الآخر في قيمة الخمر وترك المسلم قلت ولم قال لأن له أن يستسعى أيهما شاء في جميع المكاتبة قلت أرأيت إن عجز أحدهما هل له أن يرده في الرق قال لا حتى يعجزا جميعا قلت أرأيت ذميا كاتب عبدا له ذميا على خمر فاشترى المكاتب جارية فوطئها فولدت ثم إن المكاتب مات وترك ولدا صغيرا لا يستطيع أن يسعى ما القول في ذلك قال تسعى الأم في المكاتبة على نجوم المكاتبة فان أدت عتقت وعتق ولدها وإن عجزت ردا في الرق جميعا قلت أرأيت ذميا كاتب عبدا له ذميا ثم إن المكاتب سباه أهل الحرب وأسلم في أيديهم ثم ظهر المسلمون على الدار ما حال المكاتب قال يرد إلى مولاه وهو على مكاتبته ولا يصير فيئا لأن المكاتب

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8