كتاب : المبسوط
المؤلف : محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني أبو عبد الله

الجناية أتبعه أصحاب الدين وكان الدين في عنقه فان أدى المدفعوع اليه العبد الدين إلى الغرماء وإلا بيع لهم في دينهم فان كان فيه فضل عن الدين كان له وإن نقص لم يكن عليه شيء قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية فقضي عليه بها ثم جنى جناية أخرى فلم يقض بها عليه حتى عجز فرد في الرق ما القول فيه قال أما الجناية التي قضي عليه بها فذلك دين في عنقه وأما الجناية التي لم يقض بها عليه فهي جناية في عنقه ويخير المولى فان شاء دفعه بالجناية وإن شاء فداه وهذا بمنزلة الباب الأول الذي ذكرت لك الذي عجز وقد جنى جناية ولم يقض بها عليه حتى عجز وعليه دين قلت وكذلك لو جنى جناية فقضي عليه بها ثم عجز ثم جنى جناية أخرى قبل أن يخاصم في العبد قال نعم هذا أيضا بمنزلة الباب الأول قلت أرأيت المكاتب إذا جنى جناية فقضي عليه بها ثم جنى جناية أخرى فقضي بها عليه أيضا ثم عجز ما القول في ذلك قال ذلك دين عليه يباع فيه أو يؤدي عنه مولاه قلت أرأيت إذا جنى جناية أو جنايات فقضي عليه بها ثم عجز كان ذلك بمنزلة الدين عليه قال نعم قلت فان لم يقض بها عليه حتى عجز كان ذلك جناية في عنقه وكان كأنه جنى وهو عبد فان شاء مولاه فداه وإن شاء دفعه قال نعم

باب المكاتب يجني جناية ثم يموت قبل أن يقضي عليه أو بعد ما قضي عليه
قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية فلم يقض بها عليه حتى مات ولم يدع شيئا ما القول في ذلك قال الجناية باطل قلت وكذلك إن قضي عليه قال نعم قلت ولم قال لأن ذلك كأن في رقبته وفيما يترك فاذا مات ولم يدع شيئا بطل ذلك قلت فان كان قد ترك مالا قال ينظر إلى قيمته يوم جنى وإلى الجناية فيقضي عليه بالأقل من ذلك فيؤخذ ذلك من ماله ثم يؤدي إلى المولى ما بقي من المكاتبة فان فضل شيء فكان له ورثة أحرار سوى المولى كان لهم وإلا كان للمولى ويعتق المكاتب
قلت أرأيت إن كان قضي عليه بالجناية وقد مات وترك مالا قال يؤخذ ذلك من ماله ثم يؤدي إلى المولى ما بقي من المكاتبة وما بقي فهو ميراث لورثته قلت فهل يصل المولى إلى شيء من ماله أو يعطي ما بقي من المكاتبة حتى يؤدي إلى اصحاب الجناية حقهم قال لا قلت وسواء إن كان قضي عليه بها أو لم يقض قال نعم قلت ولم قال لأن ذلك دين في عنقه على المكاتب فيبدأ بالدين قبل المكاتبة

قلت أرأيت المكاتب إذا جنى جناية ثم مات قبل أن يقضي عليه بذلك وعليه دين وقد ترك مالا كثيرا ما القول في ذلك قال يبدأ بالدين فيؤدي إلى اصحاب الدين فان فضل شيء نظر إلى قيمة العبد يوم جنى الجناية فيؤخذ ما بقي الأقل من ذلك ثم يؤدي إلى المولى ما بقي من المكاتبة ويكون ما بقي ميراثا بين ورثته قلت أرأيت إن لم يكن فيما بقي وفاء ما القول في ذلك قال يبدأ فيؤدي الدين قبل الجناية فان فضل شيء كان لصاحب الجناية وإن لم يفضل شيء فلا شيء له قلت ولا يحاص صاحب الجناية صاحب الدين قال لا قلت ولم قال لأن المكاتب قد مات قبل أن يقضي عليه بالجناية وقبل أن تصير الجناية دينا عليه قلت أرأيت إن كان قضي عليه بالأقل من الجناية أو من القيمة قبل أن يموت ثم مات وعليه دين وقد ترك مالا ما القول في ذلك قال يكون ما ترك بين أصحاب الدين واضحا الجناية بالحصص قلت ومن أين اختلف هذا والأول قال لأنه قد قضي عليه بالجناية فقد صار دينا عليه وهو أسوة للغرماء فيما ترك
قلت أرأيت المكاتب إذا جنى جناية ثم مات قبل أن يقضي عليه بذلك أو بعد ما قضي عليه وقد ترك مالا وللمولى عليه دين ما القول في ذلك قال يبدأ بالجناية فيعطي أهل الجناية فان فضل شيء أخذ المولى دينه ثم أخذ بعد ذلك ما بقي من المكاتبة ويعتق العبد قلت

وسواء إن كان قضي عليه بالجناية أو لم يقض عليه قال نعم قلت ولم قال لأن دين غير المولى أحق من دين المولى فلا يكون للمولى شيء حتى يؤدي ما عليه من الجناية أو دين قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية ثم مات ولم يدع مالا إلا مائة درهم ولم يقض عليه بالجناية والمكاتبة أكثر مما ترك ما القول في ذلك قال يكون ما ترك للمولى قلت ولم قال لأنه قد مات عبدا ولم يترك وفاء ألا ترى أنه لو كان جنى فعجز قيل للمولى افده أو ادفعه قلت أرأيت إن ترك وفاء بالجناية والمكاتبة ما القول فيه قال الأمر فيه كما ذكرت لك في الباب الأول قلت أرايت إن ترك وفاء بالمكاتبة ولم يترك وفاء بالجناية وقد مات قبل أن يقضي عليه بشيء ما القول في ذلك قال يبدأ بالجناية قبل المكاتبة قلت ولم قال لأن المولى إذا قبض المكاتبة فقد صار حرا كله فأكره أن أدفع ذلك إلى المولى وعليه الجناية قلت فان لم يكن فيما ترك وفاء بالمكاتبة كان جميع ما ترك للمولى وبطلت الجناية قال نعم لأنه قد مات عبدا
قلت أرأيت مكاتبا مات وترك ابنا ولد له في المكاتبة من أمة له وعليه دين وجناية وقد كان قضي عليه بها أو لم يقض عليه بها

ما القول في ذلك قال يسعى في الدين ويسعى في الأقل من قيمة المكاتب يوم جنى وأرش الجناية ويسعى في المكاتبة ولا يجبر على أن يبدأ من ذلك بشيء قبل شيء غير أنه إن عجز عن شيء من النجوم أو أخره عن محله ولم يكن عنده وفاء بذلك حاضر رد في الرق فان رد في الرق بعد ما قضي عليه بالجناية فانه يباع ويكون الثمن بين الغرماء واصحاب الجنايات بالحصص وإن لم يقض عليه بالجناية حتى عجز فان الجناية باطل لا تلزمه من قبل أن المكاتب الأول مات عاجزا والجناية كانت في عنقه دون عنق الابن وصارت الجناية جناية عبد فلما مات عبدا بطل فلا يلزم الابن منها شيء لأن عجز الابن هو عجز الأب ألا ترى لو أن الابن أدى عتق أبوه أولا ترى لو أن المكاتب كان جنى فعجز فرد في الرق ثم مات لم يكن في عنق الابن شيء من جنايته قلت أرأيت مكاتبا مات وقد جنى جناية وترك ابنا قد ولد في مكاتبته من أمة له وهي حية مع ابنها ما القول في ذلك قال يقضي عليهما أن يسعيا في المكاتبة وفي الأقل من قيمة المكاتب يوم جنى وأرش الجناية قلت أرأيت إن كان قد قضي بها على المكاتب قال هي لازمة لهما يسعيان فيها وإن لم يكن قضي بها عليه حتى مات فرفعهما الأولياء إلى القاضي فقضي بها عليهما سعيا فيها أيضا

قلت أرأيت إن قضي القاضي عليهما بذلك فقتلت الأم قتيلا خطأ ما القول في ذلك قال يقضي عليها بالسعاية أن تسعى في قيمتها لأولياء القتيل ويسعيان فيما كان من جناية الأول قلت فان جنى الابن جناية أخرى فقتل قتيلا خطأ قال يقضي عليه أن يسعى في قيمته لأولياء القتيل ويسعيان فيما كان من جناية الأول قلت أرأيت إن كانت جنايتهما قبل يقضي عليهما بالجناية الأولى مع ذلك قلت ولم قال لأنه دين لحقهما من قبل الأب قلت أرايت إن عجزا فردا في الرق ما القول في ذلك قال يباع الابن في جنايته خاصة وتباع الأم في جنايتها خاصة إلا أن يؤدي عنهما المولى ما عليهما من ذلك فان فضل شيء من اثمانهما كان في جناية الأب وإن لم يفضل شيء من أثمانهما فلا شيء لصاحب جناية الأب قلت ولم قال لأن دينهما أحق أن يقضي من دين الأب ألا ترى لو مات الأب وعليه دين واستدان الابن دينا بعد ذلك ثم عجز بيع في دينه دون دين أبيه فكذلك الأول قلت أرايت المكاتبة إذا ماتت وتركت مائة درهم وتركت ابنا قد ولدته في مكاتبتها وعليها دين وقد قتلت قتيلا خطأ فقضي عليها أو لم يقض عليها ما القول في ذلك قال يقضي على الابن أن يسعى

في المكاتبة وأن يسعى في الدين وفي الأقل من الجناية ومن قيمة الأم ويسعى فيما وصفت لك والمائة بين أهل الجناية وأهل الدين بالحصص قلت أرأيت إن كان قضي عليها بالجناية أو لم يقض فهو سواء قال نعم قلت ولم قال لأن المكاتبة تركت ابنا يسعى في مكاتبتها وكأنها حية تسعى ألا ترى أنها لم تعجز حين كان بعدها من يسعى في المكاتبة قلت أرأيت لو أن الابن استدان دينا وجنى جناية فقضي علبيه بذلك مع ما قضي عليه من دين أمه ومن جنايتها كان عليه أن يسعى في ذلك كله فان عجز فرد في الرق بيع في دينه وجنايته خاصة دون دين أمه وجنايتها فان فضل شيء من ثمنه كان في دين أمه وجنايتها بالحصص وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم قال نعم قلت فان كان إنما عجز قبل أن يقضي عليه بالجناية قال يخير مولاه فان شاء فداه وإن شاء دفعه ويتبعه دينه عند أهل الجناية فيباع في دينه خاصة دون دين أمه وجنايتها فان فضل شيء بعد دينه لم يكن ذلك في دينه أمه وجنايتها قلت ولم وقد كان دينا في عنقه قبل أن يدفع إلى أصحاب الجناية قال لأن جنايته أولى من جناية أمه ودينها ألا ترى لو أن رجلا مات وترك عبدا وترك دينا كثيرا بيع العبد في دينه حتى يقضي فان جنى العبد جناية قيل للورثة وللغرماء ادفعوا أو افدوا فان فدوه كانوا متطوعين وبيع في دين مولاه الميت وإن فدعوه لم يتبعوه دين مولاه لأن جنايته أحق به من دين مولاه فكذلك ولد المكاتبة جنايته

إذا دفع بها أحق من دين المكاتبة لأنه دين كان على غيره وهذه الجناية عليه خاصة فهي أحق بالعبد من دين المكاتبة قلت أرأيت إن أمسكه المولى بعد ما قضي عليه بالجناية فأدى جنايته ودينه الذي كان في عنقه ما حال ما كان قضي به عليه من جناية أمه قال يباع في ذلك أو يؤدى عنه مولاه قلت ولم قال لأنه من الأم فديتها في رقبته قلت أرأيت المكاتب إذا جنى جناية ثم مات قبل أن يقضي عليه بشيء وترك رقيقا وعليه دين ما القول في ذلك قال يباع رقيقه في دينه ويبدأ به قبل الجنابة قلت ولم قال لأنه مات قبل أن يقضي عليه قلت أرأيت إن كان بقي عليه شيء هل يكون لصاحب الجناية قال نعم إن بقي شيء من تركته كان لهم حتى يستوفوا الأقل من قيمته من أرش الجناية وإن لم يبق شيء لم يكن لهم شيء فان بقي شيء بعد ذلك أدبت المكاتبة وما بقي فهو ميراث وإن كان الذي بقي بعد الدين أقل من المكاتبة التي بقيت بطلت الجناية وكان ذلك المال للمولى قلت أرأيت إن كان هذا المكاتب الذي ترك رقيقا منهم من قد أذن له في التجارة فاستدان دينا وقد مات المكاتب وعليه دين وعلى مملوكه هذا دين ما القول في ذلك قال يباع مملوكه هذا في دينه خاصة دون دين المكاتب فان بقي شيء من ثمنه كان في دين المكاتب قلت ولم قال لأن دينه أحق من دين سيده

قلت أرأيت عبدا لمكاتب قتل رجلا خطأ ثم مات المكاتب وعليه دين وبقي العبد وليس للمكاتب مال غيره ما القول في ذلك قال يخير المولى فان شاء دفعه هو والغرماء بالجناية ولا حق للغرماء فيه وإن شاء فداه بالدية ويباع في دين الغرماء قلت أرأيت إن كان على العبد دين أيضا مع جنايته ودين المكاتب قال يخير مولاه فان شاء دفعه ويتبعه دين نفسه أين ما كان ولا شيء لغرماء المكاتب فيه وإن شاء فداه ويتبعه غرماء العبد خاصة فان فضل شيء كان بين غرماء المكاتب قلت ولم قال من قبل أن المولى أمسكه وصار متطوعا في الفداء فصار الغرماء أحق به قلت أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها ولدا فجنت الأم جناية وجنى الولد جناية ثم مات الولد قبل أن يقضي بذلك أو بعد ما قضي عليه به هل يلزم الأم من جنايته شيء قال لا قلت ولم قال لأن الجناية كانت في عتق الولد فلا يلزم الأم من ذلك شيء قلت أرأيت إن ماتت الأم وبقي الولد وقد كان قضي عليها بالجناية أو لم يقض عليها أيقضي على الولد أن يسعى فيما على أمه من المكاتبة وفيما كان قضي به على الأم من الجناية ويسعى في جنايته أيضا قال نعم قلت أرأيت إن لم يكن قضي عليها قال يقضي على الولد أن يسعى في الأقل من جناية

أمه ومن قيمتها يوم جنت وكذلك جنايته يقضي عليه بها أيضا
قلت أرأيت إذا عجز الولد فرد في الرق ولم يكن قضي على أمه بالسعاية ولا عليه ما القول في ذلك قال تبطل جناية الأم ويخير السيد فان شاء دفعه بجنايته وإن شاء فداه قلت ولم أبطلت جناية الأم قال لأن الابن حيث عجز فقد ماتت الأم عاجزة فقط بطلت جنايتها وصارت جناية الولد في رقبته قلت أرايت إن كان قضي على الأم بالجناية وعلى الابن جميعا ثم عجز الولد ما القول فيه قال يباع الولد في جنايته إن لم يود عنه مولاه فان فضل شيء من الثمن كان في جناية أمه وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم قلت وكذلك إن كان قضي على الولد بالجنايتين جميعا قال نعم قلت ولم قال لأنه حيث قضي على الأم والولد بالجناية فقد صار ذلك دينا عليهما يباع الولد في دينه فيبدأ بدينه قبل دين أمه قلت أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها ثم جنت جناية فقضي عليها بالجناية ثم إنها عجزت فردت في الرق ما القول في ذلك قال إن أدى المولى ما كان قضي عليها به في الجناية وإلا بيعت في الجناية لأنه قد صار دينا في رقبتها فان كان في ثمنها وفاء لذلك وإلا بيع ولدها حتى يوفي ما كان في عنقها من ذلك فان فضل شيء من ثمن الولد كان للمولى قلت ولم يباع الولد في ذلك قال لأن ذلك قد صار دينا على الأم وولدها منها
قلت أرأيت إن كان على الولد دين حيث عجزت الأم فردت

في الرق ما القول في ذلك قال تباع الأم في دينها ويباع الابن في دين نفسه فان فضل شيء من تمن الولد كان في دين الأم إن لم يكن في ثمنها وفاء

باب جناية المكاتب على مولاه وجناية مولاه عليه
قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية على مولاه ما القول في ذلك قال جنايته على مولاه وعلى غيره سواء ينظر إلى جنايته على مولاه وإلى قيمته يوم جنى فيقضي عليه بالأقل من ذلك قلت أرأيت إذا قضي عليه بما ذكرت ثم جنى جناية أخرى ما القول فيه قال يقضي عليه بها أيضا ويسعى في الجنايتين جميعا فتكونان عليه جميعا قلت أرأيت إن لم يقض بجنايته على مولاه حتى جنى جناية أخرى ما القول في ذلك قال ينظر إلى قيمته وإلى الجنايتين جميعا فيقضي عليه بالأقل ذلك فان كانت قيمته أقل من الجنايتين جميعا فقضي عليه بالقيمة فيكون ذلك للمولى وللآخر على قدر جنايتهما يسعى في ذلك لهما قلت أرأيت إذا قضى عليه بذلك ثم عجز بعد ذلك ما القول فيه قال تبطل جناية المولى ويكون نصف جميع قيمة العبد للأجنبى بحصته إلا أن تكون جنايته أقل من ذلك فيباع له نصف العبد بذلك أويؤدي عنه المولى ذلك قلت فلم جعلت نصف جميع قيمة العبد للأجنبي وإنما كنت قضبت عليه بنصف القيمة قبل العجز قال لأني قضيت عليه بجميع الجناية دينا في عنقه فصار ذلك دينا في نصف قيمته فلما عجز كان جميع ما قضي به عليه دينا في عنقه فبطل نصفه بنصف المولى

قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية على مولاه وجنى جناية أخرى على أجنبي فقضي عليه بالجنايتين جميعا ثم إن المكاتب مات وترك ولدا ولد له في المكاتبة ما القول في ذلك قال يسعى فيما كان على المكاتب من ذلك ويسعى في المكاتبة قلت ولم يسعى في حصة المولى من ذلك قال لأن ذلك دين على المكاتب فولده بمنزلة قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية على مولاه فقضي عليه بها ثم جنى جناية أخرى على أجنبي فقضي عليه بها أيضا ثم إن المكاتب عجز ما القول في ذلك قال تبطل جناية المولى ويكون حق الأجنبي في عنقه يباع فيه كله أو يؤدي مولاه عنه قلت أرأيت رجلا جنى على مكاتبه جناية فقطع يده فقضي عليه بذلك والمكاتبة إلى أجل ثم إن المكاتب جنى على رجل جناية فقضي عليه بها ثم إنه عجز ما القول في ذلك قال تبطل جناية المولى على المكاتب ويباع المكاتب في جناية الأجنبي أو يؤدي مولاه عنه قلت أرأيت إن بيع في ذلك فلم يف ثمنه أقطع هل يكون على المولى شيء قال نعم قلت ولم وقد قطع يد المكاتب قبل جنايته على الأجنبي قال لأن أرش اليد كان دينا على المولى قبل أن يعجز المكاتب فلما جنى وهو مكاتب وقضي بالجناية عليه كان ذلك دينا له على مولاه فلحقه الدين

وأرش اليد على المولى لم تبطل عنه فلما عجز كان ما لحقه من دين في ماله من مال ألا ترى لو أن مكاتبا استهلك له مولاه ألف درهم ومكاتبته إلى أجل كان الألف دينا على مولاه فان استدان المكاتب بعد ذلك دينا في بيع أو شري ثم عجز أو مات اتبع المولى بذلك المال حتى يدفعه إلى غرماء المكاتب لأنه كان دينا للمكاتب على مولاه حين عجز فغرماؤه أحق بها من مولاه أو لا ترى أن المكاتب لو كان عليه دين ألف درهم ثم استهلك له مولاه ألف درهم ومكاتبته إلى أجل ثم استبان أن المكاتبة ألف درهم ثم مات ولم يترك غير الدين الذي على مولاه أن الغرماء يتبعون المولى جميعا الأولون والآخرون بالألف التي عليه فيقتسمونها ولو كان الدين يبطل في الباب الأول عن المولى لم يكن الدين الذي على المولى في هذا الباب للغرماء الأولين قلت أرأيت لو أن المكاتب جنى على الأجنبي فقضي عليه بقيمته ثم جنى عليه مولاه جناية بعد ذلك فقضي عليه بذلك ثم إن المكاتب عجز ما القول فيه قال يباع العبد في دين الأجنبي فان وفي وإلا نظر إلى ما نقص من قيمة العبد يوم جنى المكاتب فيضمن المولى ما نقص

من القيمة للأجنبي من أرش الجناية التي جناها على المكاتب فان كان ما نقص أكثر أو أقل ضمن الأقل من ذلك وهذا والباب الأول سواء قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن الأجنبي قد وجب له قيمة المكاتب يوم جنى عليه فنقصت بعد ذلك من جناية السيد فهو عليه ألا ترى لو أن عبدا جنى جناية على رجل ثم جنى المولى على العبد جناية وهو لا يعلم بجنايته فاختار دفع العبد ضمن ما جنى عليه فكذلك الباب الأول قلت ولم لا تضمنه قيمته يوم جنى عليه السيد قال لأن القيمة قد كانت وجبت للمجني عليه يوم جنى عليه
قلت أرأيت رجلا جنى على مكاتب له جناية ثم إن المكاتب مات وترك ولدا قد ولد له في المكاتبة ولم يدع شيئا ما القول في ذلك قال يسعى الولد فيما على المكاتب من المكاتبة وينظر إلى جناية المولى على المكاتب فيرفع عن الابن من المكاتبة بقدر ذلك فان كان في ذلك وفاء بالمكاتبة فالمكاتب والولد حران وإن كان فيه نقصان سعى الولد في الفصل على النجوم قلت أرأيت إن كان على المكات دين ما القول في ذلك قال يقضي على المولى بأرش ما كان جنى فيؤخذ ذلك منه فيؤدي إلى غرماء المكاتب فان وفي بالدين اتبع المولى ولد المكاتب بالسعاية في المكاتبة فان كان فيه فضل رفع الفضل من المكاتبة عن الولد فان لم يف بالدين سعى الولد في فضل الدين والمكاتبة
قلت أرايت مكاتبة جنت على مولاها جناية ثم ولدت ولدا في

مكاتبتها ثم ماتت المكاتبة قبل أن يقضي عليها وبقي ولدها ما القول في ذلك قال يقضي على الولد بالأقل من الجناية ومن قيمتها يوم جنت والمكاتبة أيضا تسعى في ذلك قلت أرأيت المكاتب إذا جنى على ابن مولاه جناية ما القول في ذلك قال جنايته على ابن مولاه وعلى الأجنبي سواء قلت وكذلك لو جنى على أبيه قال نعم قلت وكذلك لو جنى على كل ذمي رحم محرم منه قال نعم قلت أرأيت مكاتبا جنى على مولاه جناية فقضي عليه بقيمته والجناية أكثر من القيمة ثم إن المولى أعتق نصف المكاتب ما القول في ذلك قال ما كان قضي به عليه فهو عليه فهو على حاله كما كان ويسعى مع ذلك في الأقل من نصف قيمته ومن نصف المكاتبة قلت ولم قال لأن ذلك دين عليه قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية على عبد لمولاه هل يلزمه قال نعم عبد مولاه وعبد الأجنبي سواء قلت أرأيت مكاتبا جنى على مولاه ثم إن المكاتب ولد له ولد في المكاتبة فقضي على المكاتب بذلك ثم إن السيد أعتق المكاتب ما القول في ذلك قال يصير ذلك دينا على المكاتب قلت ولا يبطله العتق عنه قال لا ولكن العتق يزيد ذلك شدة
قلت أرأيت رجلا قطع يد مكاتبه فقضي عليه بنصف قيمته ثم

إن المكاتب قطع يد السيد بعد ذلك ما القول فيه قال يقضي على المكاتب بالأقل من قيمته يوم جنى ومن الجناية

باب العبد يجني ثم يكاتب
* قلت أرايت عبدا جنى جناية فقتل رجلا خطأ ثم إن سيده كاتبه وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم هل تجوز المكاتبة قال نعم المكاتبة جائزة وإن كان كاتبه وهو يعلم بالجناية ضمن جميع الجناية وإن كانت أكثر من القيمة قلت ولم قال لأنه قد اختار العبد حيث كاتبه فان كان لا يعلم ضمن القيمة قلت وهل لأصحاب الجناية أن يردوا المكاتبة قال لال قلت ولم قال لأن ما صنع المولى فيه فهو جائز من مكاتبة وغيرها ألا ترى أنه لو باعه جاز بيعه فكذلك
إذا كاتبه قلت أرايت إن كاتبه بعد ما قضي به لأصحاب الجناية قبل أن يقبضوه قال مكاتبته باطل قلت ولم قال لأنه كاتب ما لا يملك ألا ترى أنه لو أعتقه لم يجز عتقه ولو باعه لم يجز بيعه
قلت أرأيت عبدا جنى جناية فكاتبه السيد وهو لا يعلم بالجناية ثم إن العبد عجز فرد في الرق قبل أن يجيء أصحاب الجناية ما القول في ذلك قال يخير المولى فان شاء دفعه وإن شاء فداه قلت ولا يلزمه القيمة

ويصير العبد عبده قال لا قلت ولم وقد أخذت المكاتبة ولو جاء أصحاب الجناية والمكاتب لم يعجز قضيت على المولى بالقيمة قال لأن العبد عجز قبل أن يجيء اصحاب الجناية فكانت الجناية في عنقه كأنه لم يكاتب قلت إن علم السيد بالجناية بعد ما كاتبه أهو بهذه المنزلة قال نعم قلت ولم قال لأن علمه بعد ذلك ليس بشيء ألا ترى أنه لا يقدر أن يرده بعد ذلك في الرق حتى يعجز
قلت أرأيت إن مات المكاتب بعد ما عجز هل يضمن السيد لأصحاب الجناية شيئا قال لا قلت ولم قال لأن الجناية كانت في عنقه وقد بطلت حيث مات
قلت أرأيت المكاتب إن مات قبل أن يعجز ولم يدع شيئا أهو بهذه المنزلة قال نعم
قلت أرأيت إن مات وقد ترك وفاء بالمكاتبة أهو بهذه المنزلة قال لا ويضمن السيد هاهنا القيمة لأنه قد مات وترك وفاء فصارت الجناية على السيد قلت أرأيت إن مات وترك ولدا ولد في المكاتبة ما القول في ذلك قال يسعى الولد فيما على المكاتب من المكاتبة ويضمن السيد القيمة قلت ولم قال لأن ولد المكاتب بمنزلته ألا ترى أنه إذا أدى عتق وعتق المكاتب معه قلت أرأيت إن عجز الولد

فرد في الرق ما القول في ذلك قال لا تبطل القيمة عن السيد لأني ألزمتها إياه ولا يكون في عنق الولد منها شيء قلت أرأيت إن عجز الابن قبل القضاء بالقية قال قد مات الأب عبدا وبطلت الجناية قلت أرأيت إن كان المولى قد أدى القيمة إليهم هل يرجع فيها فيأخذها قال لا لأني قد قضيت بها عليه
قلت أرأيت عبدا بين رجلين جنى جناية فكاتبه أحدهما بغير إذن شريكه فأدى إليه المكاتبة ثم جاء أصحاب الجناية ما القول في ذلك قال إن كان الذي كاتب علم بالجناية فهو ضامن لنصف الجناية بالغة ما بلغت وإن كان لم يعلم فهو ضامن لنصف قيمة العبد إلا أن يكون نصف الجناية أقل وأما الذي لم يكاتب فلا شيء عليه وينظر إلى نصف الجناية وإلى نصف قيمة العبد فيكون في حصته من العبد الأقل من صنف الجناية ومن نصف القيمة فان كان الذي كاتب موسرا فالأخر بالخيار إن شاء ضمنه وإن شاء أعتق وإن شاء استسعى فان هو ضمنه أعطى ما أخذ منه من نصف القيمة لأصحاب الجناية وكذلك إن استسعى وإن هو أعتقه ضمن لأصحاب الجناية نصف القيمة قلت ولم لا يضمن جميع نصف الجناية وهو يعلم وقد أعتقه قال من قبل أنه لم يفسد عليهم شيئا وإنما أفسد عليهم الأول

قلت أرأيت الذي لم يكاتب هل يرجع بنصف ما أخذ الذي كاتب من المكاتبة قال نعم قلت فهل يكون لأصحاب الجناية شيء من ذلك قال لا قلت ولم قال لأنه بمنزلة الغلة فليس لأصحاب الجناية منه شيء ألا ترى لو أن عبدا جنى جناية فاستغله سيده لم يكن لأصحاب الجناية في الغلة شيء فكذلك الباب الأول قلت أرأيت إن كاتب أحدهما نصيبه باذن شريكه معه وهما يعلمان بالجناية أهو بهذه المنزلة أيضا قال نعم قلت أرأيت إن كاتب كل واحد منهما نصيبه باذن شريكه معه وهما يعلمان بالجناية هل يكون هذا اختيار منهما جميعا للجناية قال نعم قلت ولم قال لأنهما قد حالا بين أصحاب الجناية وبين قبض العبد فكذلك كان هذا منهما اختيار قلت أرأيت رجلا كاتب عبده وقد جنى جناية ثم إن العبد جنى جناية أخرى وهو مكاتب وقد كاتبه المولى وهو لا يعلم بالجناية الأولى فقضي عليه بالجناية الثانية ثم عجز العبد ثم جاء أصحاب الجناية الأولى يخاصمون ما القول في ذلك قال المولى بالخيار فان شاء دفعه إليهم وإن شاء فداه فان دفعه تبعه المقضي له بالجناية وهو مكاتب فيكون ذلك دينا في رقبته فان أدى عنه المقضي له بذلك وإلا بيع في دينه


قلت أرأيت إن عجز العبد قبل أن يقضي عليه بالجناية الثانية ما القول في ذلك قال المولى بالخيار إن شاء فداه بجميع الجنايتين وإن شاء دفعه إليهم

باب المكاتب يجني جنايات فيقضي عليه ببعضها ولا يقضي عليه ببعض حتى يعجز
قلت أرأيت المكاتب يجني جناية فيقتل رجلا خطأ ثم يقتل بعد ذلك رجلا خطأ قبل أن يقضي عليه بالجناية الأولى ثم جاء ولى أحدهما فقضي له بقيمة العبد ولا يعلم بالجناية الأخرى ثم عجز المكاتب بعد ذلك ما القول فيه وقد جاء الآخر بعد ذلك فخاصم قال يكون نصف قيمة العبد للمقضي له دينا في نصف العبد ويكون جناية الآخر في نصف العبد الباقي فان شاء مولاه فداه وإن شاء دفع نصفه فان أدى إلى المقضي له نصف قيمة العبد وإلا بيع نصف العبد له قلت ولم صار هذا هكذا قال لأنه قد صار للمقضي له في عنق العبد دين وأما الذي لم يقض له فجنايته على حالها في نصف رقبة العبد قلت ولم لا يكون جنايته في جميع رقبة العبد قال لأنه قد كان جنى قبل أن يقضي عليه للأول فكانت القيمة بينهما نصفين ألا ترى أنهما لو خاصما جميعا في مكاتبته قضي لهما عليه بالقيمة وجناية كل واحد منهما في نصف قيمته قلت ويصير جميع جنايته الذي لم يقض له في نصف العبد

قال نعم قلت ويصير للآخر الدين في نصف العبد قال نعم قلت وسواء أن كان قضي بالعبد لولى الأول أو لولى الآخر قال نعم قلت أرأيت مكاتبا قتل ثلاثة نفر خطأ فقضي عليه لأحدهم ثم إن العبد عجز ما القول في ذلك قال يكون للمقضي له في ثلث رقبة العبد ثلث قيمته دينا عليه وتكون جناية الآخرين في ثلثي رقبة العبد فان شاء المولى فدى ثلثه بجميع الجنايتين وإن شاء دفعه قلت أرأيت مكاتبا قتل رجلين خطأ فقضي لأحهما بقيمة ولال يعلم بجناية اخر ثم جاء الآخر ما القول في ذلك قال يقضي للآخر على المكاتب بنصف القيمة فيكون له ويرجع المكاتب على الأول بنصف القيمة قلت أرأيت إن خاصمه ولى أحدهما وقد علم بالجناية الأخرى بكم يقضي لهذا بنصف القيمة أو بجميعها قال بل بنصف القيمة قلت ولم قال لأن الجنايتين جميعا في عنقه وإنما حق هذا في نصف القيمة
قلت أرأيت مكاتبا قبل رجلا خطأ ثم قتل بعد ذلك آخر خطأ فقضي عليه باحدى الجنايتين ثم قتل آخر خطأ ثم جاء الآخران يطلبان بعد ذلك ما القول في ذلك قال يكون للمقضي له الأول نصف القيمة قيمة العبد التي كان قضي له بها ويقضي للمجني عليه الثالث بنصف قيمة العبد أيضا خاصة ويقضي له أيضا وللآخر الذي كان مع الأول بنصف القيمة فيكون بينهما على ثلاثة يضرب فيها الثالث بخمسة آلاف

ويضرب فيها الآخر بعشرة آلاف قلت ولم قال لأن الأول قد كان قضي له بنصف القيمة فصار حقه دينا في عنق العبد وبقي جناية الآخر في نصف العبد فلما جنى الجناية الثالثة صار في النصف الذي كان قضي به للأول فقضي عليه أيضا بنصف القيمة ثانية وصار النصف في النصف الباقي فصار نصف جناية الثالث والجناية الأولى جناية كلها في نصف العبد ألا ترى لو أن مكاتبا جنى جناية فقضي عليه بها ثم جنى جناية أخرى بعد ذلك فقضي عليه بها أيضا كان يسعى في الجنايتين جميعا ولو لم يقض عليه قضي لهما بقيمة واحدة فمن ثم قضي الثالث بنصف جنايته أيضا خاصة في نصف العبد لأن نصف العبد قد قضي به للأول فصار حقه دينا عليه وبقي للآخر حق جنايته فمن ثم صار هذا هكذا قلت أرأيت إن كان العبد قد عجز بعد ما جنى على الثالث وقد قضي لأحد الأولين بجنايته ولم يقض للآخر ما القول في ذلك قال يكون للمقضي عليه نصف قيمة العبد دينا في نصف رقبته ويصير نصف جناية الثالث في ذلك النصف ويصير نصف جنايته وجناية الآخر الذي لم يقض عليه في النصف الباقي فان دفع المولى العبد إليهم صار نصف العبد بين الأول والثالث الذي لم يقض له على ثلاثة فيضرب فيه الثالث بخمسة آلاف والأول بعشرة آلاف ويصير النصف الباقي

لولى المجنى عليه الثالث خاصة ويصير حق المقضي له في هذا النصف دينا فان أدى غليه نصف القيمة وإلا بيع له بدينه
قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية فقتل رجلا خطأ ثم قتل آخر خطأ بعد ذلك قبل أن يقضي عليه بالجناية الأولى ثم إن أحدهما خاصم في حقه فقضي له بنصف قيمة العبد فأداها إليه ثم جاء الآخر بعد ذلك يطلب ما القول فيه قال يقضي له على العبد بنصف قيمته يسعى فيها قلت فهل يتبع الذي أخذ من العبد نصف قيمته فيأخذ منه نصف ما أخذ قال لا قلت ولم قال لأن حقه إنما كانت جناية في عنق المكاتب حتى قضي له بها فصار نصف قيمته دينا عليه ألا ترى لو أن العبد عجز قبل أن يقضي له صارت جنايته في نصف عنق العبد فان شاء مولاه دفعه وإن شاء فداه قلت أرأيت إن مات المكاتب بعد ما استوفي المقضي له نصف قيمته قبل أن يقضي للآخر بشيء ولم يدع المكاتب شيئا هل يتبع الذي أخذ نصف القيمة بشيء قال لا قلت وكذلك لو أن المكاتب عجز فمات بعد ما عجز قال نعم قلت ولم قال لأن حقه إنما كان جناية في عنق العبد فلما مات بطلت قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية فقتل رجلا خطأ ثم قتل رجلا آخر بعد ذلك خطأ فقضي لأحدهما بنصف القيمة ثم إن العبد عجز فقتل بعد ما عجز رجلا آخر خطأ ما القول في ذلك قال أما المقضي له فحقه دين في نصف العبد لأنه قد كان قضي له به على المكاتب

قبل أن يعجز فصار نصف قيمة رقبته دينا في نصف العبد ويخير المولى فان شاء دفع العبد إلى ولي الثاني والثالث أو يفديه بجميع الجنايتين فان هو فداه بيع العبد للمقضي له بحقه أو يؤدي عنه المولى نصف القيمة فان دفع إليهما العبد كان نصف العبد لولي المجني عليه الثالث والنصف الآخر بين الثالث والثاني الذي لم يقض له على ثلاثة أسهم ويباع النصف الذي أخذ الثالث خاصة في دين صاحب الجناية التي قضي بها قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية فقتل رجلا خطأ ثم جنى جناية أخرى بعد ذلك ففقأ عين رجل خطأ ثم جاء المفقوءة عينه يخاصم المكاتب ما القول في ذلك قال يقضي له عليه بثلث قيمته يسعى فيه قلت ولم قال لأن المكاتب قد قتل وفقأ عينا فتصير قيمته بينهم على ثلاثة أسهم فيصير لولي المقتول ثلثا قيمته وللمفقوءة عينه ثلث قيمته ألا ترى أنهما لو خاصما المكاتب جميعا قضي لهما بقيمته جميعا عليه فيسعى فيها فيصير ثلثاها لولي المقتول وثلثها للمفقوءة عينه فكذلك إذا خاصم أحدهما قلت أرأيت إن عجز بعد ما قضي للمفقوءة عينه بثلث قيمته ما القول في ذلك قال يصير دية المقتول في ثلثي رقبة العبد فيخير المولى فان شاء فدى ذلك بجميع الجناية بالدية وإن شاء دفعه ويباع الثلث الباقي في دين المقضي له أو يؤدي عنه مولاه


قلت أرأيت المكاتب إذا جنى جناية بعد ما قضي بفقيء العين وهو مكاتب ثم عجز بعد ذلك ما القول فيه قال أما المقضي له فله ثلث قيمة العبد دينا في ثلث العبد ويصير لولي المجني عليه الثلث ثلث دية المقتول في ثلث العبد الذي فيه هذا الدين ويصير الثلثان من هذه الدية ودية الأول في هذين الثلثين الباقيين أيضا فيخير المولى مولى العبد فان شاء دفع العبد إليهما وإن شاء فداه بجميع الجنايتين فان فداه بيع ثلث العبد في دين المقضي له أو يؤدي عنه مولاه وإن دفعه كان ثلث العبد لولي المجني عليه الثالث خاصة ويصير حق المقضي له في ذلك الثلث إما أن يؤديه إليه وإما أن يباع في دينه ويصير الثلثان بينهما يضرب فيه ولي المجني عليه الآخر بثلثي الدية والذي لم يقض له بجميع الدية قلت ولم قال لأنه قد أخذ ثلث العبد بثلث الدية وإنما كان حق الأول الذي لم يقض له في ثلثي العبد لأن رقبته قد كانت وجبت له وللمفقوءة عينه فكان حقه في ثلثي رقبة العبد
قلت أرأيت مكاتبة جنت جناية فقتلت رجلا خطأ ثم فقأت عين آخر بعد ذلك ثم ولدت ولدا ثم إن المفقوءة عينه خاصم المكاتبة فقضي له بثلث قيمتها هل يقضي له في الولد بشيء قال لا قلت

أرأيت إن عجزت المكاتبة بعد ذلك ثم جاء ولي المقتول يخاصم وقد ردت في الرق ما القول في ذلك قال تكون دية المقتول في ثلثي رقبة الأم فان شاء المولى فدى ذلك بجميع الدية وإن شاء دفعه فان فداه بيع ثلث المكاتبة في دين المقضي له أو يؤدي عنها مولاها وكذلك إن دفع الثلثين قلت أرأيت إن بيع ثلث المكاتبة فلم يف بما كان قضي للمقضي عليه هل له في الولد شيء والولد حي قال نعم يباع ثلث الولد فيما بقي من حقه أويؤدي ذلك المولى قلت ولم قال لأن حقه دين في ثلث رقبة الأم فولدها منها ألا ترى لو أن مكاتبة عجزت وعليهغا دين وقد كانت ولدت ولدا في مكاتبتها فبيعت في الدين فلم يف ثمنها بالدين بيع معها ولدها فيما بقي من الدين وكذلك الباب الأول يكون ذلك في ثلث رقبة الأم والولد إذا لم يف قلت أرأيت إن كان إنما قضي لولى المقتول على المكاتبة فقضي عليها أن تسعى في ثلثي قيمتها ولم يقض للغمفقوءة عينه بشيء حتى عجزت وقد ولدت ولدا في كتابتها ما القول في ذلك قال تصير دية عين المفقوءة عينه في ثلث رقبتها فان شاء المولى فدى وإن شاء دفع ويباع ثلثاها للمقضي له فان وفي وإلا بيع ثلثا الولد أو يؤدي المولى الدين

قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية فقتل رجلا خطأ ثم قتل رجلين بعد ذلك خطأ فقضي لأحدهما بثلث القيمة ثم إن المكاتب عجز فقتل رجلا آخر بعد ما عجز خطأ ما القول في ذلك قال يكون للمقضي له ثلث قيمته دينا في ثلث رقبته ويخير المولى فان شاء دفع العبد إلى أولياء أصحاب الجناية وإن شاء فداه فان دفعه إليهم كان ثلث العبد لولي المقتول خاصة ويصير للمقضي له في ذلك الثلث ثلث القيمة دينا في رقبة العبد ويصير الثلثان بينهم يضرب فيه الأولون بجميع الدية ويضرب فيه الآخر بثلثي الدية
قلت أرأيت مكاتبا جنى جناية فقضى عليه بتلك الجناية ثم جنى جنايتين بعد ذلك فقضي عليه بأحدهما وقد قضي عليه في الجناية الأولى بجميع قيمته ثم عجز فرد في الرق ما القول في ذلك قال أما المقضي له الأول فجيمع ما كان قضي له من قيمة العبد في رقبة العبد وينظر إلى الجنايتين الأخراوين فان كانتا سواء كان نصف قيمة العبد دينا للمقضي له في نصف رقبة العبد ويصير جناية الباقي في نصف العبد فان شاء مولاه فداه وإن شاء دفعه فان فداه بيع العبد وكان نصف ثمنه خاصة للمقضي له الأول وكان النصف الباقي بينهما يضرب فيه الأول بما بقي من دينه ويضرب فيه الباقي بجميع دينه قلت ولم قال لأن الأول جميع دينه في جميع رقبة العبد ودين الباقي نصف العبد

قلت أرأيت إن كان السيد دفع نصف العبد بالجناية ما القول في ذلك قال يباع النصف الباقي لهما في دينهما فيقتسمانه نصفين ويكون ما بقي من دين الأول وهو نصف الدين في النصف الذي وقع إلى صاحب الجناية وإن أدى عنه مولاه وإلى بيع له في دينه قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن دين الأول كان في جميع رقبة العبد ودين الثاني كان في نصف رقبة العبد فصار هذا النصف الذي صار للمقضي له الثاني بينه وبين الأول وصار النصف الذي صار لصاحب الجناية الأول خاصة يباع له في دينه قلت أرأيت إن قضي للآخرين جميعا بقيمة العبد بعد ما كان جنى على الأول وقضي له وقد كانت جنايتهما بعد ما قضي للأول بجنايته ما القول في ذلك وقد عجز العبد فرد في الرق قال يصير حقهم دينا في رقبة العبد فان أدى المولى جميع دينهم وإلا بيع العبد لهم فكان الثمن نصفه للأول ونصفه للآخرين قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن الأول يضرب في الثمن بجميع القيمة لأن جميع القيمة دين في رقبته ويضرب الآخرين بقيمة رقبته أيضا فيصير لهما النصف ويصير للأول النصف قلت أرأيت مكاتبا جنى ثلاث جنايات فأتى على رقبته والجنايات سواء فقضي لواحد منهن بثلث رقبة العبد ثم إن أحد الباقيين وهب جنايته للمكاتب ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق ما القول في ذلك قال يصير حق المقضي له في ثلث العبد إما أن يؤدي عنه مولاه

ثلث قيمته أو يباع ذلك الثلث له ويخير المولى فان شاء دفع إلى الباقي ثلث العبد وإن شاء فداه بالدية ويصير الثلث الباقي من العبد لمولاه لاحق لهما فيه قلت ولم قال لأن رقبته قد كانت وجبت لهم جميعا فلما عفا أحدهم رجعت حصته من ذلك إلى السيد ألا ترى لو أن عبدا جنى جنايتين فعفا أحدهما عن جنايته قال نصفه للسيد وجناية الآخر في النصف الباقي فكذلك الأول
قلت أرأيت مكاتبا جنى جنايتين فعفا أحدهما عنه وقضي للآخر بحقه ثم عجز فرد في الرق كم يباع للآخر من العبد قال نصفه أو يؤدي عنه مولاه ويصير النصف الباقي للمولى قلت أرأيت مكاتبا جنى جنايتين خطأتين على رقبته فقضي لأحدهما بنصف رقبة المكاتب يسعى فيها ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق وفي يده مال كثير لا يفي بمكاتبته ما القول في ذلك قال يؤدي إلى المقضي له نصف قيمة العبد من ذلك ويخير المولى فان شاء دفع نصف العبد إلى الباقي وإن شاء فداه بالدية قلت أرأيت إن كان ما في يد المكاتب من المال حيث عجز قدر نصف قيمته أيؤدي ذلك كله إلى المقضي له قال نعم قلت ولم قال لأن ذلك دين في نصفه قلت أرأيت إن كان المال أقل من نصف القيمة أيباع

نصف العبد فيما بقي أو يؤدي عنه المولى قال نعم قلت ولا يكون للمقضي له نصف ذلك المال وإنما دينه في نصف رقبة العبد قال لأن المولى لا يصل إليه من ماله شيء حتى يؤدي ما عليه من دين وإن كان في نصف رقبته قلت أرأيت إن كان على العبد دين سوى ذلك قدر قيمة رقبته ما القول في ذلك قال يضرب فيه المقضي له بنصف القيمة ويضرب فيه الآخر بالدين فيقتسمانه على ذلك وينظر إلى ما بقي من دين صاحب الدين فيكون نصفه في حصة المجني عليه يباع فيها أو يؤدي عنه مولاه إلى المجني عليه إن دفع العبد ويكون ما بقي من دينه ودين الآخر في النصف الباقي يباع لهما أو يؤدي إليهما المولي دينهما قلت ولم لا يصير ما في يدي المكاتب من المال لصاحب الدين خاصة قال لأن ما في يديه من مال فهو بينهما بالحصص لأن مالهم دين عليه كله

باب جناية ولد المكاتب والجناية عليه
قلت أرأيت مكاتبا ولد له ولد في مكاتبته من أمة له فقتله رجل خطأ لمن يكون قيمته قال للمكاتب قلت وكذلك إن جرح جراحة كان أرش ذلك للمكاتب قال نعم قلت وكذلك لو كان اشترى ابنه في مكاتبته قال نعم قلت وكذلك لو اشترى أباه قال نعم قلت وكذلك لو كان اشترى ابن ابنه قال نعم قلت وكذلك المكاتبة إذا ولدت ولدا في مكاتبتها أو اشترته قال نعم قلت ولم قال لأن ولدها منها بمنزلة كسبها قلت وكذلك لو أن مكاتبة ولدت ولدا في كتابتها وولد لولدها ولد فالولد هاهنا من كسبها قال نعم قلت فان جنى على ولدها وولد ولدها فهو لها قال نعم قلت أرأيت كسب ولدها وولد ولدها لمن يكون قال لها قلت وكذلك كسب ولد المكاتب إذا ولد له في مكاتبته أو اشتراه قال نعم قلت أرأيت إن جنى على ولد المكاتب جناية فلم يخاصم في الجناية حتى أدت وعتقت لمن يكون أرش تلك الجناية قال للأم قلت ولم لا يكون للولد قال لأن ذلك بمنزلة كسبه وقد كان وجب للأم قبل أن تعتق ألا ترى أنه لو كان في يديه مال قد اكتسبه قبل أداء المكاتبة فانه للأم وللأب دونه وكذلك الجناية عليه
قلت أرأيت ولد المكاتبة إذا قتل رجلا خطأ أو جنى جناية

ما القول في ذلك قال يقضي عليه بالأقل من الجناية ومن قيمة رقبته ويسعى في الأقل من ذلك قلت فهل يلحق الأم من جناية الولد شيء قال لا قلت وإن مات الولد قبل أن يقضي عليه أو بعد ما قضي عليه قال وإن قلت أرأيت إن عجزت الأم قبل أن يقضي على الولد بشيء من الجناية ما القول في ذلك قال المولى بالخيار إن شاء دفع الولد وإن شاء فداه بالجناية قلت أرأيت إن كان قضي عليه بالجناية ثم عجزت الأم فردت في الرق ما القول في ذلك قال ذلك دين في عنقه يباع فيه أو يؤدي عنه مولاه قلت أرأيت إن لم يكن في قيمته وفاء هل يكون في عنق الأم من ذلك شيء قال لا قلت أرأيت إن كان قد قضي على الابن بالجناية ثم إن الأم عجزت فردت في الرق وعليها دين كثير ما القول في ذلك قال تباع الأم في دينها ويباع الولد فيما كان قضي به عليه من ذلك
قلت أرأيت إن لم يبق شيء من ثمن الأم عن دينها هل يشرك غرماء الأم ببقية دينهم غرماء الولد في ثمنه قال لا قلت ولم قال لأن دين الابن أحق أن يقضي من ثمنه من دين الأم قلت أرأيت إن فضل من ثمنه شيء عن دينه هل يكون في بقية دين الأم قال نعم قلت ولم قال لأن الولد بمنزلة الأم ألا ترى أنه

لو لم يكن على الولد دين بيع في دين أمه فكذلك إذا فضل من ثمنه شيء عن دينه
قلت أرأيت رجلا قتل ولد مكاتبة له ما القول في ذلك قال قيمته للأم قلت ولم قال لأنه منها ألا ترى أنه لو قتله غير المولى كان عليه قيمته لها فكذلك المولى
قلت أرأيت مكاتبة ولدت ولدا في مكاتبتها فجنى الولد جناية فقضي عليه بالأقل من قيمته ومن الجناية ثم إن الأم ضمنت ذلك عن ولدها لصاحب الجناية هل يجوز ذلك قال لا قلت ولم قال لأنه ليس عليها في هذه الجناية شيء وإنما هي على الولد قلت أرأيت إن أدت الأم فعتقت هل يجوز ذلك الضمان قال نعم قلت فان عجزت فردت في الرق قال لا يجوز ويكون ما كان من ذلك على الولد ولا يكون على الأم من ذلك الضمان شيء والضمان باطل قلت وكذلك لو كان على الولد دين فضمنته الأم قال نعم قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن على الولد ما كان من ذلك فهو عليه وليس بمنزلة المملوك لها ألا ترى أنها إذا أدت فعتقت كان ذلك الدين على الولد دونها وإن عجزت فردت في الرق كان ذلك على الولد في عنقه دونها قلت أرأيت رجلا كاتب عبدا له وامرأته مكاتبة وأحدة وجعل نجومها واحدة ثم إن المكاتبة ولدت ولدا في كتابتها في جنى على الولد جناية أو قتل خطأ لمن يكون أرش جنايته وقيمته قال

يكون ذلك كله للأم دون الأب قلت ولم قال لأنه من الأم وهو بمنزلة كسبها ألا ترى أن ما اكتسب الابن كان للأم دون الأب فكذلك الجناية عليه قلت أرايت إن أديا فعتقا لمن يكون ما كان جنى على الولد قال للأم دون الأب قلت ولم قال لأن هذا قد كان لها قبل أن يعتقا
قلت أرأيت إن قتل الأب ابنه خطأ أيلزمه من ذلك شيء قال نعم يسعى في الأقل من قيمته وقيمة ابنه والولد للأم إلا أن تكون قيمة الأب أقل من قيمة الأم فيسعى في الأقل قلت أرأيت إن أديا بعد ذلك فعتقا هل تكون تلك القيمة دينا للم عليه قال نعم قلت والأب في الجناية على الولد بمنزلة الأجنبي قال نعم قلت أرأيت إن قتل الولد الأم هل يلزمه شيء قال لا قلت ولم قال لأنه منها قلت وكذلك لو قتلت هي ولدها قال نعم لا يكون من جناية واحدة منهما على صاحبه شيء لأنه كان جنى على نفسه قلت أرأيت إن جنى الولد على الأب هل تلزمه تلك الجناية

قال نعم يلزمه الأقل من قيمته ومن الجناية وإن أديا فعتقا كان ذلك دينا عليه
قلت أرأيت إن قتل الولد الأب أيلزمه من ذلك شيء قال نعم يلزمه الأقل من قيمته ومن قيمة ابيه يسعى فيها قلت فهل يلزمه من المكاتبة شيء قال لا قلت ولم قال لأن أمه حية تسعى في المكاتبة قلت وكذلك إن كان الولد قتل الأم وبقي الأب لم يلزمه شيء من المكاتبة ما دام الأب حيا قال لا أما هذا فيلزمه لأنه بمنزلة أمه
قلت أرأيت إن قتل أباه خطأ ثم أدت الأم جميع المكاتبة فعتقت هل يعتق معها ولدها قال نعم هما حران جميعا قلت فلمن تكون السعاية التي سعى فيها الولد من قيمة الأب قال تأخذ الأم حصته مما أدعت عنه فتأخذ ذلك من الولد وما بقي من ذلك كان لورثة الأب ولا يرث القاتل إلا أن يكون صغيرا لأن قيمته على الابن كأنه مال تركه فتأخذ الأم من ذلك نصيبها الذي أدت عنهما وما بقي فهو على ما وصفت لك قلت فلمن يكون ما بقي من ذلك قال لورثة المكاتب إن كان له ورثة أحرار وإلا فهو للمولى قلت ولا ترث

المرأة من ذلك شيئا قال لا قلت ولم قال لأنه قد مات وهو مكاتب فعتقا جميعا حيث أدت قلت فهل يرث الولد من ذلك شيئا قال لا إلا أن يكون قتله وهو صغير قلت أرأيت رجلا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة فولد لأحدهما ولد في مكاتبته من أمة له ثم إن الأب جنى على الولد أو الولد جنى على الأب فهل يلزم أحدهما من جناية صاحبه شيء قال لا قلت ولم قال لأن جناية ولده عليه وجنايته على ولده كأنه جناها على نفسه
قلت أفرأيت إن قتل المكاتب الآخر الولد ما عليه من ذلك قال عليه الأقل من قيمته ومن قيمة الولد قلت ولمن يكون ذلك قال للأب قلت وكذلك إن أديا فعتقا كان ذلك دينا عليه للأب قال نعم قلت وكذلك كل جناية جنيت على الولد كان ذلك للأب قال نعم

باب إقرار المكاتب بالجناية
* قلت أرأيت مكاتبا أقر أنه قتل رجلا خطأ أو قطع يده هل يجوز

إقراره قال نعم ويقضي عليه بالأقل من قيمته ومن الجناية يسعى فيها ويلزمه ذلك ما دام مكاتبا قلت أرأيت إذا أدى فعتق هل يلزمه ذلك قال نعم وذلك دين عليه قلت أرأيت إن لم يقض عليه حتى عتق هل يلزمه ذلك الإقرار قال نعم
قلت أرأيت إن كان عجز وقد كان أقر بالجناية ولم يقض عليه بها حتى عجز هل يلزمه شيء من ذلك قال لا قلت ولم قال لأنه قد صار عبدا فلا يلزمه إقراره بالجناية لأن ذلك ليس بدين عليه وإنما يقضي عليه إذا كان مكاتبا فأما إذا عجز ولم يقض عليه بذلك فان إقراره باطل
قلت أرأيت إن كان قد قضي عليه بالجناية ثم عجز هل يلزمه شيء من ذلك قال لا قلت ولم قال لأنه إذا عجز فرد في الرق بطل إقراره لأن أصل ذلك جناية باقراره فلا يؤخذ به إذا عجز قلت أرأيت إن كان هذا قد أدى إليه ما كان قضى له به ثم عجز هل يرجع المولى فيأخذ منه ذلك قال لا قلت أرأيت إن كان قد أدى إليه نصفه وبقي نصفه ثم عجز هل يبطل عن المكاتب ما كان بقي عليه من ذلك قال نعم قلت فهل يرجع السيد بشيء مما كان أدى إليه من ذلك قال لا وهذا كله قول أبي حنيفة وهو

قول أبي يوسف ومحمد إلافي خصلة واحدة إذا قضي عليه بالجناية فلم يؤدها حتى عجز صارت دينا عليه في عتقه يباع فيها إلا أن يفديه مولاه لأنها حين قضي بها صارت دينا وتحولت عن حال الجناية قبل العجز ولو لم يؤخذ بها في حال المكاتبة قلت أرأيت مكاتبا أقر بأنه قتل رجلا عمدا ثم صالح ولي المقتول من دمه على مال هل يجوز ذلك ويقضي عليه به قال نعم قلت أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك فرد في الرق هل يلزمه ذلك بعد العجز ويكون ذلك في رقبته قال لا قلت ولم قال لأنه قد صار عبدا وبطل عنه القصاص حيث صالحه فصار كأنه أقر بقتل خطأ فلا يجوز ذلك حيث عجز قلت أرأيت إن كان قد أدى إليه ما كان صالحه هل يرجع بذلك عليه فيأخذ منه قال لا وهذا قول أبي حنيفة رحمة الله عليه وقال أبو يوسف ومحمد المال الذي صالح عليه لازم له وإن عجز قبل أن يدفعه إليه لأنه دين عليه وهو بمنزلة ما قضي به عليه من الإقرار بالجناية
قلت أرأيت مكاتبة ولدت ولدا في مكاتبتها ثم أقرت المكاتبة

أن ولدها قد جنى جناية على رجل هل يجوز إقرارها عليه قال لا قلت ولم قال لأن ذلك إنما يلزم الولد فلا يجوز إقرارها عليه قلت وإن أدت بعد ذلك فعتقت قال وإن قلت أرأيت إن مات الولد وترك مالا هل يأخذ المقر له بالجناية من ذلك المال شيئا لأن المكاتبة قد أقرت له بالجناية قال نعم له الأقل من قيمة الولد ومن أرش الجناية قلت ولم قال لأن ذلك المال لها وإقرارها على الولد بالجناية جائز فيما ترك قلت أرأيت إن أقرت بدين على الولد هل يلزمه والولد يجحد ذلك قال لا
قلت أرأيت إن كان الولد مات وترك مالا فأقرت بذلك هل يجوز ذلك في ذلك المال قال نعم قلت ولم قال لأنها قد أقرت بأن عليه دينا فلا تأخذ من ذلك المال شيئا حتى يؤدي ما عليه من الدين باقرارها ألا ترى أنه لو كان على الدين ثبت ما كان بقي في يديه مما اكتسب للغرماء قلت ولم وأنت تجعل ما اكتسب لولدها قال لأنه في هذا بمنزلة عبدها ألا ترى أنها لو أذنت لعبدها في التجارة فاستدان دينا كان ما اكتسب العبد للغرماء وما بيده من شرى أو بيع أو مال للغرماء فكذلك ولدها قلت أرأيت إن أقر الولد بأن الأم قد جنت جناية هل يلزمه

من ذلك شيء قال لا قلت ولم قال لأنه لا يلزمه ما أقر على أمه من جناية لأن ذلك لو جاز كان على الأم دونه قلت فان ماتت الأم وقد تركت مالا كثيرا ما القول في ذلك قال يؤدي إلى المولى ما بقي من المكاتبة وما بقي فهو ميراث للولد ويقضي في ذلك المال الذي بقي بعد المكاتبة على الولد بالأقل من الجناية ومن قيمة الأم قلت ولم قال لأن الولد أقر بجناية الأم فقد أقر بأنه لزمها الأقل من قيمتها ومن الجناية ألا ترى أنه لو أقر بدين على الأم في هذه الحال لزمه ذلك فيما ورث من الأم لأنه ليس له ميراث حتى يقضي الدين والجناية عليها دين فهي في هذا الوجه بمنزلة الدين
قلت أرأيت إن كان على الأم دين ببينة هل يجوز إقراره بالجناية على الأم أو بالدين قال لا حتى يقضي الدين الذي ببينة فان بقي شيء في يديه بعد ذلك قضى به الذي أقر له به قلت أرأيت إن كانت الأم لم تدع شيئا فقضي القاضي أن يسعى فيما على الأم هل يجوز إقراره الذي كان أقر به من جناية الأم وهو مقربه اليوم قال نعم يقضي عليه القاضي أن يسعى في الأقل من الجناية ومن القيمة قيمة الأم قلت أرأيت إن عجز بعد ذلك هل يلزمه ذلك في رقبته قال لا قلت أرأيت إن كان قد أدى ثم عجز فرد في الرق هل يؤخذ ذلك من الذي أداه إليه قال لا
قلت أرأيت مكاتبة ولدت ولدا في مكاتبتها ثم أقرت الأم بدين

على الولد ببينة وفي يديه مال قد كسبه هل يجوز إقرارها قال لا ويكون ذلك المال الذي في يدي الولد للغرماء الذين لهم البينة فان فضل شيء كان للذي أقرت له الأم وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم إلا أن يكتسب الولد مالا بعد ذلك فيكون ذلك المال في ذلك قلت ولم والولد يجحد قال لأن ما اكتسبه الولد فانما هو للأم فالأم تقول لا حق لي في هذا حتى يقضي الدين لأن ولدها بمنزلة عبدها وكسبه لها وإقرارها فيما في يديه جائز فان أدت عتقت وعتق وبطل إقرارها ذلك وكذلك إن عجزت فردت في الرق لم يكن في رقبة الولد من ذلك شيء وإنما يقضي بذلك ما دامت مكاتبة فيما في يدي الولد لأنه مالها
قلت أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها ولدا ثم أقرت الأم بأن الولد قد جنى جناية والولد يجحد ذلك ثم إن الولد قتل خطأ لمن تكون قيمته قال للأم قلت فهل يكون للمقر له شيء من أرش الجناية في تلك القيمة التي أقرت بها الأم قال نعم يقضي عليها في ذلك بالأقل من الجناية ومن القيمة قلت ولم قال لأن القيمة قد صارت مالا لها وقد أقرت بالجناية فكأنها أقرت بدين على الولد ألا ترى أنها لو كانت أقرت بدين كان في هذه القيمة فكذلك الجناية

قلت أرأيت إن كانت قد عجزت فردت في الرق بعد ما قتل الولد هل تكون تلك القيمة للذي أقرت له الأم بالجناية قال لا قلت ولم قال لأن ذلك قد صار مالا للمولى وقد بطل إقرارها حيث عجزت قلت وكذلك لو كانت أقرت على الابن بدين قال نعم قلت أرأيت لو كان قد قضي عليها بتلك القيمة قبل أن تعجز ودفع ذلك إلى المقضي له ثم إنها عجزت بعد ذلك هل يرجع المولى في تلك القيمة فيأخذها من المقر له قال لا
قلت أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها وإذا ثم إنها أقرت بدين على الولد ثم إنها عجزت فردت في الرق أما يلزم الولد ذلك الدين في عنقه قال لا قلت ولم قال لأن الولد قد صار عبدا للسيد فلا يجوز إقرارها في ذلك قلت فان كانت قد أقرت بأن الولد قد جنى جناية ثم عجزت فردت في الرق هل يجوز ذلك قدار ويلزم الولد قال لا قلت ولم قال لأن إقرارها فيما ذكرت على الولد باطل

باب المكاتب يوجد في داره قتيل أو أشرع شيئا من داره فيصيب إنسانا أو يضع حجرا في الطريق أو يحفر بئرا أو يحدث شيئا في غير ملكه
قلت أرأيت مكاتبا وجد في داره قتيل ما القول في ذلك قال يقضي على المكاتب بقيمته يسعى فيها قلت أرأيت إن كانت قيمته عشرة آلاف أو أكثر مال القول في ذلك قال يقضي عليه بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم قلت ولم قضيت عليه بما وجدت في داره قال لأن ذلك بمنزلة جنايته ألا ترى أنه لو وجد قتيل في دار حر كان على عاقلته
قلت أرأيت مكاتبا وجد نفسه قتيلا في داره ما القول في ذلك قال ليس على أحد شيء قلت ولم قال لأنه وجد قتيلا في دار نفسه فلا يقضي عليه بقيمته فيما ترك ولا يكون في ذلك بمنزلة الحر قلت والحر إذا وجد قتيلا في داره هل يكون ديته على عاقلته قال نعم وهذا قول ابي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد لا ترى في الحر أيضا دية ولا قسامة إذا أصيب قتيلا في دار نفسه
قلت أرأيت مكاتبا وجد قتيلا في دار مولاه ما القول في ذلك قال على المولي قيمة المكاتب في ماله قلت ولم قال لأن دار

المولى وغير المولى سواء وهذا عندي كالمولى لو قتله
قلت أرأيت إن كان المكاتب لم يدع شيئا سوى قيمته وليس في قيمة المكاتب وفاء بالمكاتبة هل على المولى شيء قال لا قلت ولم قال لأنه قتل عنده قلت فمتى يجعل عليه القيمة قال إذا ترك المكاتب وفاء وكان في قيمته وفاء لأنه يقضي عليه القيمة قال إذا ترك المكاتب وفاء وكان في قيمته وفاء لأنه يقضي عليه بالقيمة ويكون المولى يأخذ مكاتبته من ذلك ويكون ما بقي ميراثا لورثة المكاتب إن كان له ورثة أحرار قلت أرأيت إن لم يكن له وارث غير المولى وقد قتله هل يرثه قال لا ويكون ميراثه لأقرب الناس من المولى قلت ولم لا يرثه قال لأنه
قاتل قلت أرأيت إذا وجد قتيلا في دار مولاه فقضي عليه بالقيمة وقد ترك مالا كثيرا وليس له وارث غير المولى هل يرثه المولى بعد ما يستوفي المكاتبة قال نعم قلت ولم وقد قضيت عليه بالقيمة قال لأن هذا ليس بمنزلة جنايته بيده ألا ترى لو أن رجلا وجد قتيلا في دار ابيه ورثه الأب وكانت الدية على عاقلته فكذلك المكاتب وإنما يحرم القاتل الميراث إذا كان قاتلا بيده قلت أرأيت مكاتبا وجد في داره قتيل فقضي عليه بالقيمة ثم عجز ما القول في ذلك قال يكون ذلك دينا في عتقه فان أدى عنه مولاه وإلا بيع قلت ولم قال لأنه إذا قضي عليه بالجناية فقد صار ذلك دينا وإن لم يقض عليه فهي جناية على حالها في عتقه

يدفع بها أو يفدي قلت أرأيت مكاتبا حفر بئرا في طريق فوقع فيها إنسان فمات ما القول في ذلك قال يقضي عليه بقيمته يسعى فيها قلت وكذلك إذا وضع حجرا في طريق فعثر به إنسان فمات قال نعم قلت وكذلك إن صب ماء في الطريق فزلق به إنسان فمات قال نعم قلت وكذلك إذا شرع كنيفا أو ميزابا أو حجرا من داره فأصاب إنسانا فقتله قال نعم
قلت وكذلك إن كان سائقا أو قائدا فأوطأ إنسانا فقتله قال نعم يكون جميع ذلك جناية في عنقه فيقضي عليه بالأقل من قيمته ومن الجناية قلت أرأيت مكاتبا احتفر بئرا في طريق ثم أدى المكاتبة فعتق ثم سقط في البئر إنسان حر فمات ما القول في ذلك قال يقضي عليه بقيمته يوم احتفر البئر قلت أرأيت إن كانت قيمته عشرة آلاف درهم أو أكثر قال يقضي عليه بعشرة آلاف درهم إلا عشرة دراهم قلت أرأيت إن وقع فيها عبد فمات أو حر فانكسرت يده أو جرحته جراحة ما القول في ذلك قال يقضي عليه بالأقل من قيمته ومن قيمة العبد الواقع في البئر ومن أرش الجناية قلت وبأي القيمتين يقضي على المكاتب بقيمته يوم وقع فيها أو بقيمته يوم احتفر البئر

قال ينظر إلى قيمته يوم احتفر البئر وإلى الجناية فيقضي عليه بالأقل من ذلك قلت وكذلك لو وقع فيها إنسان وهو مكاتب قال نعم
قلت أرأيت مكاتبا احتفر بئرا في طريق وقيمته ألف درهم فزادت القيمة حتى صارت ألفين ثم وقع في البئر رجل فمات ما القول في ذلك قال يقضي على المكاتب بألف درهم يسعى فيها ويقضي عليه بالجناية بقيمته يوم احتفر البئر قلت ولم قضيت عليه بالقيمة يوم احتفر البئر وإنما وقعت الجناية بعد ذلك قال لأن الجناية كانت وقعت يوم احتفر البئر ألا ترى لو أن عبدا احتفر بئرا ثم أعتقه مولاه ثم سقط فيها رجل كان على المولى قيمته ولو لم يكن هذا هكذا كانت الدية على عاقلة المولى ومن جعل الجناية يوم وقع فيها الرجل فينبغي له أن يقضي بذلك على العاقلة قلت وكذلك لو كان مكاتب وضع حجرا في طريق وقيمته ألف درهم فزادت قيمته حتى صارت ألفين ثم عثر بالحجر رجل فمات قال نعم يقضي عليه بقيمته يوم وضع الحجر قلت وكذلك لو صب ماء فزلق به إنسان فقتله قال نعم يقضي عليه في جميع هذا بقيمته يوم فعل ذلك الشيء ولا ينظر إلى قيمته يوم وقعت الجناية لأنه بمنزلة الجناية عندنا يوم فعل ذلك ولو لم يكن هذا هكذا كان

إذا أصاب شيئا بعد ما يعتق المكاتب كان على عاقلة سيده فهذا خطأ وينظر إلى قيمته يوم احتفر البئر ووضع الحجر قلت أرأيت مكاتبا وجد في داره قتيل فعلم بالقتيل يوم علم وقيمة المكاتب ألف درهم بأي شيء يقضي عليه قال بقيمته يوم وجد القتيل في داره قلت أرأيت إن أقام المكاتب البينة أنه كان في داره هذه منه سنة وقيمته يومئذ ألف درهم أو علم بذلك قال يقضي عليه بقيمته بما قامت عليه البينة ألف درهم قلت ولم قال لأن ذلك بمنزلة جنايته وبمنزلة ما ذكرت لك من حفر البئر ووضع الحجر وغيره
قلت أرأيت المكاتب إذا احتفر بئرا في طريق ثم إن المكاتب جنى جناية بعد ذلك فقتل رجلا خطأ فجاء ولي المقتول يخاصمه فقضي على المكاتب بقيمته فأداها إليه ثم وقع إنسان في البئر فمات ما القول في ذلك قال يشرك الواقع في البءئ الذي أخذ القيمة فتكون بينهما نصفين إن كانت قيمته يوم احتفر البئر ويوم جنى على الثاني سواء قلت ولم يشاركه قال لأن المكاتب قد كان جنى يوم احتفر البئر وهو عندي بمنزلة مكاتب قتل قتيلين قلت أرايت إن كانت قيمته يوم احتفر البئر ألف درهم وقيمته يوم قتل ألفا ن ما القول في ذلك وقد أخذ ولي المقتول ألفين قال يسلم له ألف منها خاصة والألف الباقية يضرب فيها ولي المقتول بتسعة الآف ويضرب فيها ولي الواقع بعشرة آلاف قلت ولم صار هذا هكذا قال لأنه بمنزلة مكاتب قتل قتيلا وقيمته ألف فلم يقض عليه

بشيء حتى قتل آخر وقيمته ألفان فيكون الأف لولى الثاني خاصة والألف الباقية بينهما على ما وصفت لك
قلت أرأيت المكاتب إذا احتفر بئرا وقيمته ألف ثم زادت قيمته حتى صارت ألفين ثم وقع في البئر رجل فمات ما يلزم المكاتب قال قيمته يوم احتفر البئر
قلت أرأيت إن وقع فيها إنسان بعد ذلك وقد غرم القيمة للأول قال يشتركان في تلك القيمة فيقتسمانها نصفين وليس على المكاتب شيء بعد القيمة الأولى
قلت وكذلك إن وقع فيها إنسان بعد ذلك آخر قال نعم يشتركون في القيمة الأولى ولا يلزم المكاتب شيء بعد ذلك ابدا ممن وقع في البئر سوى القيمة الأولى قلت ولم لا يلزم المكاتب قيمة بعد القيمة الأولى وأنت تقول لو أن مكاتبا قتل قتيلا فقضي عليه بالقيمة ثم قتل آخر بعد ذلك قضي عليه بقيمة أخرى قال لأنه جان يوم احتفر البئر فصار كل من وقع فيها بعد ذلك كأنه جنى عليهم يومئذ ألا ترى أني أقضي عليه في البئر بقيمته يوم احتفر البئر فصار كل من وقع فيها بعد ذلك كأنه جنى عليه يومئذ وأجعل ذلك كأنه جنى عليهم جميعا ولو لم يكن هذا هكذا لم أقض عليه بقيمته يوم احتفر البئر وقضيت عليه بقيمته يوم وقع فيها فلا ينبغي أن يجعل عليه شيء في قول من لا يجعل الجناية يوم احتفر البئر جناية فلا يكون جناية بعد ذلك


قلت أرأيت مكاتبا مال حائط له فتقدم إليه فيه فسقط الحائط على إنسان قبل أن يهدمه فقتله ما القول في ذلك قال يلزم ذلك المكاتب في عنقه يقضي عليه بأن يسعى فيه
قلت وهذا بمنزلة البئر يحفرها أوالحجر يضعه في الطريق قال نعم قلت أرأيت مكاتبا أشرع كنيفا إلى الطريق فوقع الكنيف على إنسان فقتله ما القول في ذلك قال يضمن المكاتب قيمته قلت ولم قال لأن هذا مما أحدث المكاتب فاذا أصاب إنسانا فعليه الضمان

باب ما يغصب المكاتب أو يفسد أو يستهلك من الأموال
قلت أرأيت مكاتبا اغتصب رجلا عبدا فمات العبد في يديه وقيمة العبد أكثر من قيمة المكاتب ما القول في ذلك قال المكاتب ضامن لقيمة العبد بالغة ما بلغت ويكون ذلك دينا في عنقه قلت ولم قال لأن هذا ليس بجناية وإنما هذا غصب قلت وكذلك لو استهلك مالا لرجل أو دابة أو ثوبا إو غير ذلك قال نعم هو ضامن لجميع ما استهلك من هذا بالغا ما بلغ
قلت أرأيت مكاتبا اغتصب دابة فقلتها ما القول في ذلك قال على المكاتب قيمتها بالغة ما بلغت قلت ولم قال لأن هذا ليس بمنزلة الجناية وإنما هذا بمنزلة ما استهلك من الأموال


قلت أرأيت مكاتبا اغتصب رجلا عبدا وقيمته ألف درهم ثم زادت قيمته حتى صارت تساوي ألفين والمكاتب يساوي ألفين ثم إن المكاتب قتل العبد ما القول في ذلك قال مولى العبد بالخيار إن شاء أن يضمنه قيمته يوم اغتصبه ضمنه وإن شاء أن يضمنه قيمته يوم قتله ضمنه قلت ولم قال لأنه هو جنى عليه في هذا الوجه وقتله فهو ضامن لقيمته يوم قتله إلا أن تكون قيمته أقل من ذلك فيكون عليه الأقل
قلت أرأيت إن مات وقيمته ألفان أهو بهذه المنزلة قال أما هذا فيضمن قيمته يوم اغتصبه وليس هذا كالجناية إذا جنى هو عليه
قلت أرأيت إذا اغتصب المكاتب عبدا وقيمته ألف فزادت قيمة العبد حتى صارت ألفين ثم إن الماتب قتل العبد ثم قتل رجلا آخر بعد ذلك خطأ قبل أن يقضي عليه بقيمة العبد ما القول في ذلك قال مولى العبد بالخيار إن شاء ضمنه قيمة العبد يوم قتله فيقضي على المكاتب بقيمته يسعى فيها لولي المقتول ولمولى العبد يقتسمانها على دية المقتول وعلى قيمة العبد قلت ولم قال لأن المكاتب قد جنى جنايتين تزيدان على قيمته فقسمت قيمته بينهما على قدر الجناية قلت أرأيت إن اختار المولى أن يضمنه قيمته يوم اغتصبه وكانت أكثر القيمتين ما القول في ذلك قال إذا اختار المولى أن يضمنه قيمته يوم اغتصبه قضي على المكاتب بقيمة العبد يوم اغتصبه بالغة ما بلغت فيكون

ذلك دينا في عنقه يقضي لولي المقتول على المكاتب بقيمة رقبته فيسعى فيها قلت ولم وقد قلت في الباب الأول يشتركان فيها على قيمة العبد وعلى الدية قال لأن السيد إذا ضمنه قيمة العبد يوم قتله فقد صار ذلك جناية ولا يضمن في الجناية إلا قدر قيمته ألا ترى لو أن مكاتبا جنى جنايتين تزيدان على قيمته لم يقض عليه إلا بقيمته فأما إذا ضمنه قيمته يوم اغتصبه فذلك بمنزلة مال اغتصبه فصار ذلك دينا عليه فلا يشرك صاحب الجناية في قيمته ألا ترى لو أن مكاتبا قتل قتيلا خطأ وعليه دين أو اغتصبه مالا ثم جنى جناية كان يقضي على المكاتب لصاحب الجناية بقيمته ويكون الدين في عنقه يسعى فيه
قلت أرأيت رجلا كاتب نصف عبد له فاستهلك العبد مالا لرجل أو اغتصبه شيئا فاستهلكه ما القول في ذلك قال يكون ذلك دينا في عنقه يسعى فيه قلت ولم لا يباع النصف الذي لم يكاتب في نصف الدين قال لأن نصفه مكاتب ولا يجوز بيع النصف الذي لم يكاتب قلت ولم قال لأنه قد جرى فيه عتق غيره قلت أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها ثم إن المكاتبة اغتصبت مالا أو دابة فاستهلكتها ثم إنها ماتت ما القول في ذلك قال يلزم ولدها ما كانت الأم اغتصبت فيقضي على الولد أن يسعى في مكاتبته

وفي ذلك الدين قلت ولم قال لأن ذلك دين على الأم ألا ترى أنه لو كان على الأم دين يقضي على الولد أن يسعى فيه قلت أرأيت جميع ما استهلك المكاتب من الأموال والدواب والعروض أيكون ذلك بمنزلة الدين في عنقه قال نعم بالغا ما بلغ ولا يشبه هذا الجناية في الأنفس والجراحات قلت أرأيت مكاتبا قطع يد عبد ونصف قيمة المقطوعة يده أكثر من قيمة المكاتب بأي شيء يقضي عليه قال بقيمته قلت ولم قال لأن هذا جناية وما جنى العبد من جناية خطأ في نفس أو غيرها حرا كان أو مملوكا فانه يقضي على المكاتب بالأقل من الجناية ومن قيمته
قلت أرأيت مكاتبا استودعه رجل عبدا له فقتل المكاتب العبد خطأ ما القول في ذلك قال يقضي عليه بالأقل من قيمته ومن قيمة العبد قلت أرأيت إن استودعه رجلا مالا فاستهلكه قال يضمن جميع ذلك ويكون دينا في عنقه

باب الجناية على المكاتب
قلت أرأيت مكاتبا قتل عمدا وله ورثة أحرار أو ليس له

وارث غير المولى ولم يترك وفاء وفي قيمته وفاء بالمكاتبة قال لا يكون في هذا قصاص وعلى القاتل القيمة يؤديها فيستوفي منها المولى بقية مكاتبته وما بقي فهو ميراث لورثته إذا كان له ورثة سوى المولى فان لم يكن له وارث غير المولى ففيه القصاص قلت أرأيت رجلا قتل مكاتبا عمدا وقد ترك المكاتب وفاء وولدا أحرار ما القول في ذلك قال يضمن القاتل قيمته في ماله ولا قصاص عليه قلت ولم وقد قتله عمدا قال لأني لا أدري لمن أجعل القصاص ألا ترى أن المولى يأخذ من تركته مكاتبته وما بقي فهو ميراث لورثته وإنما لحق العتق بعد الموت فلا أجعل فيه القصاص للمولى ولا لورثته قلت أرأيت إن اجتمعوا جميعا على قتله الورثة والمولى هل يقتل ذلك قال لا ولكن عليه قيمته في ماله قلت أرأيت إن لم يدع المكاتب شيئا ما القول في ذلك قال القصاص في هذا الوجه للمولى قلت ولم قال لأنه قد قتل عمدا قلت أرأيت إن كان قد ترك وفاء ولا وارث له غير المولى ما القول في ذلك قال القصاص في هذا الوجه للمولى قلت ولم قال لأنه قد قتل عمدا قلت ولم وقد زعمت أنه إذا كان له ولد أحرار فليس على قاتله قصاص قال لأن المولى هو وارثه في هذا الوجه عبدا كان أو حرا وهو ولي الدم وهذا قول ابي حنيفة

وابي يوسف وقال محمد لا قود فيه ولا قصاص على قاتله لأن الحق إنما ورثه المولى من المكاتب والمكاتب لم يكن له قصاص فلذلك لا يكون لوراثه قصاص قلت أرأيت مكاتبا قتل عمدا وله ورثة أحرار أو ليس له وارث غير المولى ولم يبق له وفاء وفي قيمته وفاء بالمكاتبة قال لا يجوز في هذا قصاص وعلى العاقلة القيمة يستوفي منها بقية مكاتبته وما بقي فهو ميراث لورثته قلت أرأيت رجلا قتل مكاتبا خطأ ان يكون ذلك على عاقلته قال نعم قلت أرأيت إن قطع يده أو فقأ عينه أو جرحه جرحا ما على الجاني قال يضمن الجاني نصف قيمته إذا قطع يده أو فقأ عينه وكذلك جميع ما جنى عليه في جوارحه قلت أرأيت إن كان ذلك خطأ أيكون ذلك على عاقلة الجاني قال لا ولكن يكون عليه في ماله قلت ولم قال لأن المكاتب بمنزلة العبد ولأن العاقلة لا يضمن من العبد والمكاتب مأدون النفس
قلت أرأيت عبدا قطع يد مكاتب أو جرحه جرحا ما القول في ذلك قال يكون ارش جنايته في عنق العبد فان شاء مولاه فداه وإن شاء دفعه قلت أرأيت إن اختار المولى دفع العبد وقضي القاضي بذلك عليه ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق قبل أن يقتص من العبد ما القول

في ذلك قال العبد لمولى المكاتب
قلت أرأيت رجلا قطع يد مكاتب خطأ أو فقأ عينه ما القول في ذلك قال على القاطع ما نقص من قيمته قلت ولم وقد قطعت يده قال لأن المكاتب ليس بمنزلة العبد ولا يقدر على دفعه فلا يضمن القاطع الا ما نقصه وهو في ذلك بمنزلة المدبر وأم الولد ألا ترى لو أن رجلا قطع يد مدبر أو فقأ عينه كان عليه ما نقصه فكذلك المكاتب قلت أرأيت رجلا جنى على مكاتب جناية قطع يده أو فقأ عينه ثم إن المكاتب جنى على ذلك الرجل جناية ثم إن المكاتب عجز قبل أن يقضي عليه ما القول في ذلك قال يضمن الرجل أرش ما جنى على المكاتب للمولى ويخير المولى فان شاء دفع العبد بما كان جنى على الحر وإن شاء فداه قلت ولم جعلت على الحر أرش الجناية ة وقد جنى العبد عليه قال لأن ذلك قد كان وجب عليه قبل أن يجني المكاتب عليه قلت أرأيت إن كان جنى المكاتب على الحر ثم جنى الحر عليه ثم عجز قبل أن يقضي عليه ما القول في ذلك قال يخير المولى فان شاء دفعه وإن شاء فداه فان دفعه بطلت جنايه الحر عليه وإن فداه رجع المولى على الحر فأخذ منه أرش الجناية قلت ولم قال لأن المكاتب كان بدأ بالجناية فلما دفع إلى الحر صار ما كان جنى الحر عليه كأنما جنى على عبده وإذا فداه صار الأرش للمولى على الجاني قلت أرأيت رجلا كاتب نصف عبده ثم إن رجلا جنى على

المكاتب جناية ما القول في ذلك قال يضمن أرش الجناية فيكون نصف المال للمكاتب ونصفه للمولى قلت أرأيت إن قطع رجل يد المكاتب ما القول في ذلك قال يضمن ما نقصه فيكون نصف ذلك للمكاتب ونصفه للمولى قلت ولم قال لأن نصفه عبد له لم يكاتبه ولا يكون هذا بمنزلة لو كان مكاتبا كله وهذا قول ابي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إذا كاتب نصف عبده فهو مكاتب كله وما جنى عليه فهو له

باب عبد المكاتب يجني
قلت أرأيت عبد المكاتب جنى جناية فقتل رجلا خطأ أو جرحه جرحا ما القول في ذلك قال ذلك في عنقه إن شاء المكاتب دفعه وإتن اشاء فداه قلت فان فداه بجميع الدية هل يجوز ذلك قال نعم قلت أرأيت إن قضي القاضي على المكاتب بالدية واختار المكاتب إمساك عبده هل تكون الدية دينا عليه قال نعم قلت أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك فرد في الرق ما القول في ذلك قال يكون ذلك دينا في عنقه فان أدى عنه المولى وإلا بيع
قلت أرأيت عبد المكاتب جنى جناية على مولى المكاتب ما القول في ذلك قال جنايته على مولى المكاتب وعلى غيره سواء ويخير المكاتب فان شاء دفعه وإن شاء فداه
قلت أرأيت مكاتبا أقر على عبد له أنه جنى جناية فقتل رجلا خطأ أو جرحه هل يجوز ذلك قال نعم ويقضي به القاضي

ويخير المكاتب فان شاء فداه وإن شاء دفعه قلت ولم جاز هذا قال لأنه عبده فاقراره عليه جائز قلت أرأيت عبد المكاتب إذا قتل رجلا عمدا فصالح المكاتب ولى المقتول من ذلك على صلح هل يجوز ذلك قال نعم قلت ويصير ذلك دينا على المكاتب قال نعم قلت ولم قال لأنه حق قد لزم عبده فصلحه عنه جائز قلت أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك هل يكون ذلك الصلح دينا في عنق المكاتب قال نعم قلت أرأيت عبد المكاتب جنى جناية ثم إن المكاتب باعه وهو يعلم أولا يعلم ما القول في ذلك قال بيعه جائز علم أو لم يعلم ويضمن المكاتب قيمة العبد إن كان باعه وهو يعلم بالجناية فهو ضامن لجميع الجناية قلت ولم ضمنته جميع الجناية قال لأنه قد اختار العبد حيث باعه ألا ترى أنه لو خاصمه المجني عليه قبل أن يبيعه كان بالخيار إن شاء فداه وإن شاء دفعه قلت أرأيت عبد المكاتب جنى جناية ثم كاتب المكاتب بعد ذلك العبد هل تجوز مكاتبته قال نعم قلت ولم قال لأنه لو باعه جاز بيعه فكذلك مكاتبته قلت أرايت عبد المكاتب جنى جناية فقتل رجلا خطأ ثم إن العبد مات هل لصاحب الجناية على المكاتب شيء قال لا قلت ولم قال لأن الجناية كانت في عنق العبد

قلت أرأيت عبد المكاتب لو فقأ عينيه أو قطع يديه أو جدع أنفه فبريء ما القول في ذلك قال يخير المكاتب فان شاء دفع العبد وأخذ قيمته وإن ابي أن يدفع فلا شيء له والمكاتب في ذلك بمنزلة الحر قلت أرأيت إن باع المكاتب العبد بعد ذلك أو كاتبه وقد بريء العبد من ذلك هل له على الجاني شيء قال لا قلت ولم قال لأن هذا اختيار منه وهذا قول ابي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد له على الجاني مانقصه

باب الرجل يكاتب نصف عبد له ثم يجني جناية
قلت أرأيت رجلا كاتب نصف عبد له هل يجوز المكاتبة قال نعم
قلت أرأيت إن جنى المكاتب جناية فقتل رجلا خطأ ما القول في ذلك قال يسعى المكاتب في نصف قيمته لولى المقتول ويضمن له المولى نصف قيمته قلت ولم قال لأن نتصفه مكاتب ونصفه رقيق فما كان في عنقه من ذلك فنصفه على السيد ونصفه على المكاتب يسعى فيه قلت ولم لا يدفع السيد النصف الذي لم يكاتب إلى مولى المقتول قال لأن نصفه مكاتب فلا يقدر على دفع النصف الباقي ألا ترى أنه لو باعه لم يجز بيعه فكذلك لا يقدر على دفعه قلت أرأيت إن جنى جناية دون النفس أو قتل خطأ قال

ينظر إلى جنايته وإلى قيمته فيلزمه الأقل من ذلك فيكون نصف ذلك على السيد ونصفه على المكاتب يسعى فيه قلت أرأيت إتن جنى هذا المكاتب جناية فقتل رجلا خطأ فقضي على السيد بنصف القيمة والنصف على العبد ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق ما القول في ذلك قال يصير نصف القيمة في نصف العبد الذي كان قضي بها على المكاتب دينا فان أدى عنه مولاه وإلا بيع فيه نصف العبد والنصف الباقي دين على المولى قلت لم قال لأن القاضي قد قضي بذلك قبل أن يعجز فصار ذلك دينا له على السيد في نصف العبد فلا يتحول ذلك عن حاله قلت أرأيت رجلا كاتب نصف عبده ثم إن العبد جنى جناية فقتل رجلا خطأ فقضي القاضي عليه بما ذكرت لي وعلى المولى ثم إنه قتل آخر خطأ ما القول في ذلك قال يقضي أيضا ما ذكرت في رقبة المكاتب وعلى المولى ما وصفت لك إلا أن الآخر يبيع الأول في حصة المولى ولا يضمن المولى إلا نصف قيمته قلت أرأيت إن عجز بعد ما قضي عليه بالجناية للأول قبل أن يقضي عليه للآخر ما القول في ذلك قال للمقضي له نصف القيمة في نصف العبدين ونصفه على السيد ويخير السيد فان شاء دفع العبد إلى المجني عليه الثاني وإن شاء فداه فان دفعه كان للأول نصف قيمته دينا في نصف العبد يباع له ذلك النصف أو يؤديه إليه المدفوع إليه العبد ونصف القيمة

قلت أرأيت رجلا كاتب نصف أمة له ثم إنها ولدت ولدا ما حال ولدها قال ولدها بمنزلتها قلت أرايت إن جنى ولدها جناية ما القول في ذلك قال ينظر إلى الجناية وإلى القيمة فيقضي على الولد بالأقل من ذلك فيكون نصف ذلك عليه يسعى فيه ونصفه على المولى قلت ولم يلزم ذلك النصف المولى قال لأن الولد بمنزلة أمه ونصفها للمولى قلت أرأيت إن أعتق السيد الأم بعد ما جنى الولد جناية ما القول في ذلك قال الأم كلها حرة ويعتق نصف الولد ويسعى الولد في نصف قيمته للمولى قلت ولم قال لأن الولد يعتق منه بمقدار ما كان كوتب من الأم لو كانت أدت المكاتبة فعتق نصفها ونصف ولدها فكذلك عتق السيد الأم قلت أرأيت الجناية التي جناها الولد ما حالها قال نصف الجناية على الولد يسعى فيه ونصفها على المولى قلت ولم قال لأن نصف ذلك قد لزم المولى يوم جنى الولد ويستسعى العبد المولى في نصف قيمته
قلت أرأيت إن كان المولى إنما أعتق الولد وقد جنى جناية ولم يعتق الأم ما القول في ذلك قال الولد حر وينظر إلى الجناية وإلى قيمة الولد فيقضي عليه بالأقل من ذلك ويكون نصفه دينا على الولد

يسعى فيه ونصفه على المولى في ماله قلت ولم قال لأن الجناية يوم جنى الولد كان وجب نصف ذلك عليه ونصفه على المولى
قلت أرأيت رجلا كاتب نصف أمة له فولدت ولدا بعد ذلك ثم إن الولد جنى على أمه جناية أو جنت الأم على ولدها جناية هل يلزم واحدا منهما من جناية الآخر شيء قال نعم يلزم كل واحد منهما من جنايته على صاحبه الأقل من جميع قيمته ومن نصف الجناية فيكون نصف ذلك على المولى ونصفه للجاني على المولى
قلت أرأيت إن جنت الأم جناية ثم إن الأم ماتت قبل أن يقضي عليها ولم تدع شيئا ما القول في ذلك قال ولدها بمنزلتها وينظر إلى الجناية وإلى قيمة الأم فيكون نصف الأقل من ذلك على الولد ونصف ذلك على المولى يسعى الولد فيما عليه من ذلك ويسعى فيما على أمه من مكاتبتها قلت وكذلك إن كان قضي على الأم قال نعم قلت أرأيت إن جنى الولد بعد ذلك جناية ثم إنه عجز فرد في الرق وقد كان قضي عليه بجناية أمه قال يصير ما كان قضي عليه من جناية أمه دينا في نصفه ويخير المولى فان شاء فداه وإن شاء دفعه إلى صاحب جنايته ولا يبيع المقضي له بنصفه نصف القيمة لأن الدين دين أمه

فاذا دفع بجناية نفسه فهو أحق من دين أمه ألا ترى أن دينه أحق من دين أمه فكذلك جنايته أحق من دين أمه قلت أرأيت الرجل إذا كاتب نصف عبد له ثم إن العبد جنى جناية فأعتق السيد العبد ما القول في ذلك قال ينظر إلى الجناية وإلى قيمة العبد فيكون نصف الأقل من ذلك على المولى ونصفه على العبد يسعى فيه لأنه قد كان لزمه ذلك قبل أن يعتقه
قلت أرأيت إذا كاتب الرجل نصف عبده فجنى جناية ثم كاتب النصف الباقي بعد ذلك فجنى جناية أخرى ما القول في ذلك ولم يكن قضي للأول بشيء قال ينظر إلى الجناية الأولى وإلى قيمة العبد فيكون نصف الأقل من ذلك على السيد وينظر إلى نصف جناية الأول وجناية الآخر وإلى قيمة العبد فيقضي عليه بالأقل من ذلك فيكون ذلك بينهما على نصف جناية الآخر في نصف القيمة خاصة والنصف الباقي على قدر جنايتهما بينهما قلت ولم قال لأن المجني عليه الأول قد كان وجب له نصف ذلك على المولى ونصفه على المكاتب فما كان على المولى فهو دين عليه ونصف الجناية في نصفه فيقسم نصف قيمته على نصف الجناية الأولى وعلى نصف الجناية الآخرة فتصير بينهما على ذلك
قلت أرأيت إذا كاتب الرجل نصف عبد له فجنى جناية فلم يقض بها عليه حتى كاتب السيد النصف الباقي ثم إنه جنى جناية أخرى ثم إنه

عجز فرد في الرق ما القول في ذلك قال السيد بالخيار إن شاء دفع العبد إليهم وإن شاء فداه قلت ولم قال لأن العبد قد عجز قبل أن يقضي عليه بشيء فكأن الجنايتين كانتا بعد العجز قلت أرأيت إن كان قضي عليه بالجناية قبل أن يجني الثانية ولم يقض عليه بالثانية ثم عجز فرد في الرق ما القول في ذلك قال يكون للمقضي له نصف ما كان قضي به على السيد ونصفه دين في نصف العبد ويخير السيد فان شاء دفع العبد إلى الثاني وإن شاء فداه فان دفعه إليه تبعه الأول بنصف ما كان قضي به عليه في نصفه فان أدى عنه المدفعوع إليه وإلا بيع نصفه في ذلك قلت أرأيت رجلا كاتب نصف عبده فجنى جناية ثم كاتب السيد الباقي بعد ذلك فجني جناية أخرى ثم عجز عن المكاتبة الأولى هل يرد ذلك النصف الأول في الرق ويكون النصف الباقي على المكاتبة قال نعم قلت فما حال الجناية قال ينظر إلى الجنايتين وإلى قيمة العبد فيقضي على المولى بالأقل من قيمته ومن جميع جناية الأول ونصف جناية الآخر فيكون نصف جناية الأول في نصف قيمتة ألعبد على المولى خاصة ونصف جناية الأول ونصف جناية الآخر في نصف قيمة العبد فيقتسمانه على قدر جنايتهما وعلى المكاتب لصاحب الجناية الأخرى الأقل من النصف نصف جنايته ومن نصف قيمته قلت ولم قال لأنه لم يقض عليه بشيء من الجنايتين حتى عجز فكأنه جناهما في الحال التي خوصم فيها قلت وكذلك إن عجز عن المكاتبة

الثانية ولم يعجز عن الأولى قال نعم إلا أن المولى لا يغرم هاهنا إلا الأقل من نصف قيمته ومن نصف جناية الأول ونصف جناية الآخر فيقتسمان ذلك على قدر نصف جنايتهما ويقضي على المكاتب وفي النصف الذي كوتب أولا للآخر والأول بالأقل من نصف جنايتهما ومن نصف قيمته وهذا كله قياس قول ابي حنيفة وأما في قول ابي يوسف ومحمد فاذا كاتب الرجل نصف عبده فهو مكاتب كله والحكم فيه كالحكم في المكاتب

باب الرجل يكاتب عبدين له مكاتبة واحدة فيجني أحدهما على صاحبه أو على غيره
قلت أرايت رجلا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا ثم إن أحد المكاتبين جنى جناية هل يلزم صاحبه من ذلك شيء قال لا قلت وكذلك ما استدان أحدهما قال نعم لا يلزم واحدا منهما من جناية صاحبه شيء ولا من دينه قلت أرأيت إذا جنى أحدهما جناية ما القول في ذلك قال ينظر إلى الجناية وإلى القيمة فيقضي عليه بالأقل من ذلك يسعى فيه قلت أرأيت إن مات الجاني قبل أن يقضي عليه أو بعد ما قضي عليه هل يلزم المكاتب الباقي شيء من جنايته قال لا قلت ولا شيء من دينه الذي كان عليه قال لا قلت ولم قال

لأنه ليس يلزمه من دين الآخر شيء ولا من جنايته وإنما ذلك على الميت وإنما تلزمه المكاتبة خاصة قلت أرأيت رجلا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة ثم إن أحدهما قتل صاحبه خطأ وقيمتهما سواء ما القول في ذلك قال يلزم الجاني قيمة المقتول منهما يسعى فيها ويسعى في جميع المكاتبة مع ذلك قلت أرأيت إن أدى جميع المكاتبة إلى المولى وللمقتول ولد أحرار هل يعتقان جميعا قال نعم قلت فما حال ما أدى قال ينظر إلى قيمة المقتول وإلى نصف المكاتبة فان كانتا سواء فهو قصاص بما عليه قلت ولم قال لأن المكاتب الحي حين أدى جميع المكاتبة فانه يرجع على المقتول بنصف ما أدى لأنه أدى عنه وقد لزمه قيمة المقتول فصارت قصاصا قلت أرأيت إن كانت قيمته أكثر من نصف المكاتبة ما القول في ذلك قال يكون نصف المكاتبة التي أداها عليه من نصف القيمة قصاصا ويكون الفضل لورثة المقتول فان لم يكن له ورثة سوى المولى كان ذلك للمولى
قلت أرايت رجلا كاتب أمتين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أدتا عتقتا وإن عجزتا ردتا في الرق ثم ولدت إحداهما ولدا


ثم جنى الولد جناية على الآخرى قطع يدها أو فقأ عينها ما القول في ذلك قال ينظر إلى قيمة الولد وغلى الجناية فيقضي على الولد بالأقل من ذلك يسعى فيه قلت أرايت إذا جنى الولد جناية على الآخرى فقطع يدها ثم إن أم الولد أدت جميع المكاتبة فعتقتا جميعا ما حال الجناية قال ينظر إلى الجناية وغلى قيمة الولد يوم جنى فيكون على الولد الأقل من ذلك دينا عليه يسعى فيه وترجع التي أدت عليها بحصتها من المكاتبة قلت أرأيت إذا جنى الولد جناية على الآخرى فقضي عليه بالأقل من الجناية ومن قيمته ثم أدتا فعتقتا هل يلزم الولد ما كان قضي به عليه قال نعم قلت ولا يكون على الأم شيء من ذلك قال لا قلت أرأيت إذا جنى الولد جناية فقضي عليه بها أو لم يقض عليه حتى أدتا فعتقتا وفي يدي الولد مال ما القول في ذلك قال إن كان قضي على الولد بالجناية قبل أن تعتقا فقد صار ذلك دينا عليه يؤمئذ فما كان في يديه من مال قد أصابه فانه يقضي منه ذلك فان فضل شيء فهو للأم دون الولد وإن لم يفضل فان الفضل على الولد يسعى فيه قلت ولم يكون على الولد ما قضي في ذلك المال قال لأن ذلك دين على الولد لا يكون للأم شيء من ذلك حتى يقضي الدين
قلت وكذلك لو أن الولد استدان دينا ثم عتقتا وفي يديه مال قال يكون ذلك المال للغرماء حتى تستوفيه فان فضل شيء فهو للأم


قلت أرأيت إن لم يقض على الولد بالجناية حتى أدت الأم فعتقت وعتق ولدها معها ما القول في ذلك قال ينظر إلى الجناية وإلى قيمة الولد يوم جنى فيكون الأقل من ذلك دينا على الولد
قلت أرأيت ما كان في يدي الولد من مال لمن يكون قال للأم قلت ولا يكون لأصحاب الجناية شيء قال لا قلت ولم قال لأن ذلك المال كان للأم ولم تصر الجناية دينا على الولد حتى قضي بها عليه وقد عتق وهي جناية في عنقه ألا ترى لو أن الأم عجزت فردت في الرق قبل أن يقضي على الولد كان ما في يديه من مال للمولى ويكون الجناية في عنقه ولو كان قضي عليه قبل العجز كان ما في يده من مال للغرماء لأنه قد صار دينا عليه فكذلك الباب الأول
قلت أرايت رجلا كاتب أمتين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة ثم إن إحداهما ولدت ولدا ثم إن الأخرى جنت على الولد جناية ما القول في ذلك قال يقضي عليها بالأقل من قيمتها ومن الجناية فيكون ذلك للأم دون الولد قلت أرأيت إن لم يقض عليها بشيء حتى أدتا وعتق الولد لمن تكون الجناية قال للأم دون الولد لأنه وجب لها قبل أن يعتق قلت أرأيت إن أدت الأخرى جميع المكاتبة دون أم الولد وقد جنت الأخرى على الولد جناية تبلغ قدر حصتها من المكاتبة أيكون ذلك قصاصا بما يرجع عليها به مما أدت عنها قال نعم قلت ولم ذلك قال لأن ذلك دين للأم عليها فصار قصاصا


قلت أرأيت إذا كاتب الرجل عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة ثم إن أحدهما قتل صاحبه خطأ وقد ترك المقتول وفاء بالمكاتبة ما القول في ذلك قال يأخذ المولى من مال المقتول جميع المكاتبة ويكون ما بقي ميراثا لورثة المقتول إن كان له ورثة سوى المولى وإلا كان ذلك للمولى ويرجع الورثة على القاتل بحصته من المكاتبة التي أداها الميت بالأقل من قيمته ومن قيمة المقتل يوم قتله قلت ولم قال لأن المقتول قد أدعى عنه المكاتبة فلا بد من أن ترجع عليه بذلك وبقيمة المقتول

باب جناية المكاتب بين اثنين
قلت أرأيت عبدا بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه بغير أمر صاحبه ثم جنى جناية ثم أدى المكاتبة ثم خاصمهم صاحب الجناية بعد ذلك ما القول فيه قال يقضي على المكاتب بالأقل من نصف قيمته ونصف أرش الجناية وأما الشريك الذي لم يكاتب فانه يأخذ من شريكه نصف ما أخذ من المكاتبة ويرجع به الشريك على المكاتب والشريك الذي لم يكاتب بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى وإن شاء ضمن إن كان غنيا فان أعتق أو استسعى فالولاء بينهما نصفان فان فعل الشريك ذلك وقبض فهو ضامن للأقل من نصف قيمة المكاتب ومن أرش الجناية قلت وكذلك إن كاتبه الشريك باذن صاحبه قال نعم إلا أنه لا ضمان فيه
قلت أرأيت إن عجز المكاتب فرد رقيقا وقد كان قضي عليه


بما ذكرت فالقول فيه قال يباع نصف العبد بما قضي عليه به وهو نصف الذي كاتب بنصف الأرش ويقال للذي لم يكاتب ادفع نصيبك بنصف الجناية أو افده بنصف الأرش قلت أرأيت إن كان العبد بين رجلين فكاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه ثم اشترى المكاتب عبدا فجنى العبد جناية عنده ثم إن المكاتب أدى ما القول في ذلك قال يخير المكاتب والذي لم يكاتب فان شاءا دفعاه وإن شاءا فدياه بالدية قلت ولم قال لأن نصف العبد للذي لم يكاتب ونصفه للمكاتب
قلت أرأيت عبدا بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه ثم إن العبد ولد له من أمة له ولد في المكاتبة فجنى الولد جناية على الأب وجنى الأب على الولد بعد ذلك ما القول في ذلك وقد أدى الأب فعتق قال يكون في عنق الابن نصف قيمة نفسه ويسعى فيها للمولى الذي لم يكاتب لأنه عتق بأداء المكاتب والذي لم يكاتب بالخيار في المكاتب على ما وصفت لك وأما أم ولد المكاتب فان المكاتب ضامن لنصف قيمتها للذي لم يكاتب قلت ولم قال لأنها أم ولد ولا سعاية على أم الولد في حال وأما جناية الابن على الأب فقد جنى ونصفه مكاتب مع ابيه ونصفه رقيق والأب على تلك الحال فما كان في الابن من حصة الذي لم يكاتب فهو في عنق الابن يبطل من ذلك نصفه ويثبت نصفه في النصف وهو ربع قيمته ويثبت للابن مثل ذلك في نصف

الأب في حصة المولى الذي لم يكاتب فيكون قصاصا ولا يكون لأحد على أحد شيء قلت أرأيت إذا كاتب أمة بينه وبين رجل آخر فكاتب حصته منها ثم إنها ولدت ولدا فازدادت خيرا أو نقصت من غير عيب ثم أدت فعتقت فاختار الشريك أن يضمن الذي كاتب وهو موسر وقد كان كاتبها بغير إذن شريكه فانه يضمنه نصف قيمتها يوم عتقت ولا يلتفت إلى زيادتها ولا إلى نقصانها ألا ترى أني أجعل له نصف كسبها ونصف ولدها ونصف ما جنى عليها ولو كان الضمان إنما يجب له يوم كاتب لم يكن للشريك من ذلك شيء
قلت أرأيت أمة بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه منها ثم إنها ولدت ولدا فكاتب الآخر نصيبه من الولد ثم إن الولد جنى على أمه وجنت الأم عليه جناية لا تبلغ النفس ثم أديا فعتقا والموليان موسران ما القول في ذلك قال الذي كاتب الآم لا ضمان له على شريكه في الولد من قبل أن مكاتبة الأم مكاتبة للولد لأنها ولدت وهي مكاتبة وللذي كاتب الولد أن يضمن الذي كاتب الأم نصف قيمة الأم إن كان موسرا فان شاء استسعاها وإن شاء أعتقها فان أعتقها أو استسعاها كان ولاؤها وولاء ولدها بينهما فان ضمن مولى الأم الذي كان كاتبها فولاء الولد بينهما وولاء الأم للذي ضمن وجناية الولد على أمه وجناية

الأم عليه على ما وصفت لك في العبد وابنه إلا أن الذي يلحق كل واحد منهما لصاحبه في هذا الوجه ثلاثة أرباع قيمته فيكون قصاصا قلت أرأيت العبد يكون بين الرجلين فيفقأ عين أحدهما ثم إن الذي فقي عينه كاتبه ثم إنه جرحه جرحا ثم أدى فعتق وقد مات المولى من الجنايتين جميعا ما القول في ذلك قال الذي لم يكاتب بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء ضمن الذي كاتب إن كان موسرا وإن شاء استسعى إذا كان معسرا فاذا فعل أحد هذه الخصال دفع نصف قيمة العبد إلى ورثة الميت بجنايته ويقال للعبد عليك أن تسعى في الأقل من قيمتك ومن ربع الجناية بين ورثة الميت
قلت أرأيت عبدا بين رجلين جنى على أحدهما جناية فقيء عينه او قطع يده ثم إن الآخر باع نصف نصيبه من شريكه وهو يعلم بالجناية ثم إن العبد أيضا جنى عليه جناية أخرى ثم إن المولى الذي باع ربعه اشترى ذلك الربع من صاحب الجناية ثم كاتبه الذي جنى عليه على نصيبه ثم جنى عليه جناية أخرى ثم أدى فعتق ثم مات المولى من الجنايات كلها ما القول في ذلك قال يكون على المكاتب نصف قيمته بجنايته وهو مكاتب إلا أن يكون ربع الدية اقل من ذلك ويكون على الشريك الذي لم يكاتب سدس دية وربع سدس دية صاحبه ونصف قيمة العبد ولا يؤدي نصف القيمة حتى يعتق أو يستسعى أو يضمن
قلت أرأيت إن كان العبد بين رجلين فقطع يد رجل ثم باعه أحدهما من صاحبه وهو يعلم بالجناية ثم اشتراه فقطع يد آخر وفقأ

عين الأول ثم ماتا جميعا من ذلك ما القول فيه قال يقال للشريك الأول الذي كان اشتراه ادفع نصيبك الذي كان في يديك إلى أولياء القتيلين فيكون بينهم نصفين أو افده بعشرة آلاف لكل واحد خمسة آلاف ويقال للشريك البائع الأول ادفع إلى الأول ألفين وخمسمائة واجبة عليك أو افده بألفين وخمسمائة فادفعها إلى ولي القتيل الأول وافده بخمسة آلاف من الآخر وادفع النصف الذي في يديك إليهما فيقتسمانه اثلاثا ثلث لصاحب الجناية الأولى وثلثان لصاحب الجناية الآخرة قلت أرأيت إذا كان العبد بين رجلين قيمته ألف درهم فجنى جناية على رجل فكاتب أحدهما نصيبه وهو يعلم ثم جنى على ذلك الرجل جناية أخرى ثم كاتبه الآخر وهو لا يعلم ثم جنى عليه الثالثة ثم مات المجني عليه من ذلك وهو مكاتب لهما جميعا ما القول فيه قال على المولى الأول ربع الدية وعلى المولى الثاني الأقل من ربع الدية ومن نصف قيمته وعلى المكاتب أن يسعى في الأقل من جميع قيمته ومن نصف الدية
قلت أرأيت عبدا بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه باذن شريكه ثم إن العبد جنى جناية فقتل رجلا خطأ ثم إن المكاتب اشترى جارية فولدت له ولدا في مكاتبته ثم إن العبد مات ولم يقض عليه بالجناية وقد ترك مالا كثيرا ما القول في ذلك قال يكون نصف ما ترك للسيد الذي لم يكاتب ويأخذ الذي كاتب المكاتبة مما بقي من مال العبد

ويأخذ الذي لم يكاتب نصف قيمة العبد مما بقي من مال العبد إن كان الذي كاتب موسرا أو معسرا والولاء بينهما نصفان ولا ضمان على الذي كاتب وينظر إلى الجناية وإلى القيمة فيقضي بنصف الأقل من ذلك فيما ترك والنصف على الذي لم يكاتب وما بقي فهو ميراث إلا أنك تبدأ بالجناية فتقضي بها قلت ولم قال لأن نصيب الذي كاتب الجناية على العبد والنصف الباقي على الذي لم يكاتب ألا ترى أن العبد لو كان حيا فأدى المكاتبة لم يكن على المكاتب ضمان لأنه كاتب باذن شريكه والآخر بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى ويقضي في الجناية بنصف الأقل منها ومن نصف القيمة على الذي لم يكاتب في ماله قبل أن يؤدي السعاية لأنه اذن في المكاتبة فكذلك إذا مات وولده حي يسعى فيما عليه فان كان الولد مات قبله ثم مات المكاتب بعد ذلك فقبض المولى نصف السعاية من ماله ضمن المولى نصف الأقل من الأرش ونصف القيمة لصاحب الجناية
قلت أرأيت إن لم يدع المكاتب شيئا وترك ولده الذي ولد له في المكاتبة وقد ماتت الأم ما القول في ذلك قال الولد بمنزلة ابيه يسعى فيما على أبيه من المكاتبة ويقضي عليه بالأقل من نصف الجناية ومن نصف قيمة ابيه فاذا أدى ما على أبيه من المكاتبة عتق ويصير نصف ما اكتسب الولد للذي لم يكاتب إلى يوم عتق ويرجع السيد على الذي كاتب بنصف ما أخذ من الولد من المكاتبة ويرجع

الذي كاتب بذلك على الولد والشريك الذي لم يكاتب بالخيار إن شاء أعتق نصيبه من الولد وإن شاء استسعى فان استسعى أو قبض أو أعتقه ضمن نصف الأقل من الجناية ومن نصف قيمة الأب لأنه كان ذلك في عنق الأب فولده بمنزلته ولو لم يقبض من الولد شيئا ضمن أيضا الأقل من نصف الجناية ونصف قيمة الأب في الوجهين جميعا وهذا الباب كله على قياس قول ابي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إذا كان العبد بين رجلين فكاتب أحدهما نصيبه باذن شريكه فهو مكاتب كله بالمال الذي كاتبه عليه وأما إذا كان بينهما نصفين فاذا أدى جميع المكاتبة إليهما عتق وجنايته وهو مكاتب بمنزلة جناية الذي كوتب جميعه

باب جناية العبد على الحر واحدهما على صاحبه
قلت أرأيت عبدا جنى على حر جناية فقطع يده أو فقأ عينه وذلك كله خطأ فبرىء الحر ثم إن رجلا حرا جنى على العبد فقطع رجله خطأ أو يده أون فقأ عينه خطأ فبرىء العبد ولا يعلم أي الجنايتين كان قبل جناية الحر على العبد أو جناية العبد على الحر ثم جاء الحر المجني عليه يخاصم مولى العبد وجاء مولى العبد يخاصم الجاني على العبد فقال المولى للمجني عليه إنما جنى على عبدي قبل أن يجني عليك

وقال المجني عليه إنما جنى على قبل أن يجني عليه ما القول في ذلك قال القول قول المولى إذا حلف إلا أن يكون للمجني عليه بينة على ما ادعى فان لم يكن له بينة كان للمولى على الجاني على العبد نصف قيمة العبد ويخير المولى فان شاء دفع العبد إلى المجني عليه وإن شاء فداه بجميع الجناية ولا يكون للمجني عليه من نصف قيمة العبد الذي أخذ المولى شيء لأن ذلك للمولى حتى يعلم أن جناية العبد على الحر قبل
قلت وكذلك إن جنى عبد على حر فقطع يده أو فقأ عينه خطأ ثم جنى ذلك الحر على العبد فقطع يده أو فقأ عينه ثم برئا جميعا قال نعم هذا والأول سواء إذا كان لم يعلم أي الجنايتين كانت قبل قلت فلم صار هذا هكذا قال لأن أرش الجناية على العبد للمولى

حتى يعلم أن جناية العبد على الحر قبل ألا ترى لو أن عبدا فقأ عين حر أو قطع يده ثم إن المولى جرح عبده جراحة ولا يعلم أي ذلك قبل فقال المولى فعلت ذلك بعبدي قبل أن يجني عليك كان القول قول السيد والسيد بالخيار إن شاء دفع العبد وإن شاء فداه
قلت أرأيت عبدا وحرا التقيا ومع كل واحد منهما عصا فاضطريا فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة فبرئا جميعا ولا يدري أيهما بدأ بالضربة فقال المولى للحر أنت بدأت بالضربة وقال الحر بل العبد بدأ بها ما القول في ذلك قال القول قول المولى وعلى الحر نصف عشرة قيمة العبد للمولى والمولى بالخيار إن شاء دفع العبد إليه وإن شاء فداه بأرش الموضحة بخمسمائة قلت ولم قال لأن ارش موضحة العبد قد وجب للسيد على الحر
قلت أرأيت إن كان مع العبد موقف ومع الحر عصا فالتقيا فاضطربا فجرح كل واحد منهما صاحبه جراحة فمات العبد وبريء الحر فقال المولى للحر أنت بدأت بالضربة وقال الحر بل العبد بدأ بي ما القول في ذلك قال القول قول السيد ويكون جميع قيمة العبد على عاقلة الحر وينظر إلى قيمة العبد مجروحا يوم جرحه الحر وإلى قيمته صحيحا فيكون ما نقص العبد من ضربة الحر إلى يوم ضرب العبد الحر للسيد وينظر إلى ما بقي فيكون أرش جناية جراحة الحر فيه فان كان في ذلك فضل كان للسيد وإن كان فيه نقصان لم يكن على السيد شيء قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن الحر حيث ضرب

العبد وجب أرش ذلك عليه للمولى فلما ضرب العبد الحر كان أرش جراحة الحر في عنق العبد مجروحا وإنما يصير له قيمته في الحال التي ضربه فيها العبد قلت وسواء إن كان مع العبد في هذا الوجه سيف أو عصا إذا برئ الحر قال نعم قلت ولم قال لأنه إذا برئ فليس بينهما قصاص والسيف والعصا في ذلك سواء بمنزلة ألا ترى أن عبدا لو جرح حرا جراحة بسيف أو عصا فبرىء لم يكن بينهما قصاص
قلت أرأيت إن التقي حر وعبد ومع الحر سيف ومع العبد عصا فاضطربا فجرح كل واحد منهما صاحبه ولا يدري أيهما بدأ وقد مات العبد وبرئ الحر وأرش جراحة الحر أكثر من قيمة العبد فقال المولى للحر أنت بدأت فضربت عبدي وقال الحر بل العبد بدأ فضربني ما القول في ذلك قال القول قول السيد إن شاء السيد قتل الحر وإن شاء عفا عنه لأن القصاص قد وجب على الحر إلا أن يقيم بينة على ما ادعى ويبطل حق الحر قلت ولم قال لأن الحر ضرب العبد بالسيف فمات من ضربته وقد وجب عليه القصاص فكان حق الحر في عنق العبد وقد بطل لأن العبد مات قلت فان أقام الحر البينة على أن العبد بدأ بالضربة ما القول في ذلك قال هذا مثل الأول
قلت أرأيت إن كانت قيمة العبد عشرة آلاف أو أكثر وإنما شج الحر العبد موضحة ما القول في ذلك قال هذا والأول سواء
قلت أرأيت عبدا وحرا التقيا ومع كل واحد منهما عصا فاضطربا

فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة فبرئا جميعا ولا يعلم أيهما بدأ وقال السيد للحر لا أدري أيكما بدأ وأقر بذلك الحر أيضا ما القول في ذلك قال يخير السيد فان شاء فدى العبد وإن شاء دفعه فان دفعه إليه رجع السيد على الحر بنصف أرش جناية الحر على العبد قلت ولم يرجع السيد على الحر بنصف أرش الجناية قال لأن الحر إن كان بدأ بالضربة فقد وجب أرشها على الحر السيد وإن كان العبد هو الذي بدأ فلا يقضي للسيد على الحر حين دفعه إليه فاذا لم يعلم كان نصف ذلك على الحر للسيد لأنه لا يجب عليه في حال ويجب عليه في حال قلت أرأيت إن قال السيد أنا أفديه بكم يفديه قال يفديه بجميع أرش الجناية كلها ألا ترى لو علم أيهما بدأ فاختار السيد إمساك العبد في الوجهين جميعا كان عليه أن يفديه وكذلك إذا لم يعلم إذا اختار فداه قلت أرأيت إذا فداءه هل يرجع على السيد الحر بشيء قال نعم بجميع أرش الجناية قلت ولم قال لأنه لو علم أيهما بدأ فكان الحر الذي بدأ قبل ثم فداه السيد رجع على الحر بأرش جراحة العبد ولو كان العبد الذي بدأ واختار أن يفديه رجع على الحر بأرش جراحته كلها فكذلك إذا لم يعلم
قلت أرأيت عبدين التقيا ومع كل واحد منهما عصا فاضطربا فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة والسيدان مقران بالجراحتين جميعا وقد برئا جميعا ما القول في ذلك قال يخير كل واحد منهما فان شاءا

دفعاه وإن شاءا فدياه فان اختارا جميعا الدفع صار عبد هذا لهذا وعبد هذا لهذا ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء سوى ذلك قلت أرأيت إن اختارا جميعا الفداء ما القول فيه قال يفدي كل واحد منهما عبده بأرش جنايته عند صاحبه تاما ويصير عبد كل واحد منهما له قلت ولم قال لأن كل واحد منهما إذا فدى عبده رجع على صاحبه بما جنى على عبده فاذا دفع كل واحد منهما عبده لم يكن عليه شيء بعد ذلك لأن جناية كل واحد منهما في عنق صاحبه
قلت أرأيت إن علم إيهما بدأ بالضربة وقد شج كل واحد منهما صاحبه موضحة ما القول في ذلك قال يخير مولى العبد الضارب الذي كان بدأ بالضربة فان شاء فداه وإن شاء دفعه فان دفعه صار العبدان جميعا للمدفوع إليه ولا يرجع الدافع عليه لأن عبده هو الذي بدأ بالضربة فوجبت الجنابة في عنق عبده فلما جنى عليه فدفعه لم يكن له على الآخر شيء لأن العبد قد كان وجب لمولى المضروب يومئذ فان فداه رجع على الآخر بأرش جراحة عبده فيخير الآخر فان شاء دفع عبده وإن شاء فداه قلت أرأيت إن مات الذي بدأ بالضربة وبرئ الآخر وقيمة الميت خمسة آلاف وقيمة الباقي خمسة آلاف وقد شج الميت الباقي موضحة ما القول في ذلك قال يكون قيمة الميت منهما في عنق هذا الباقي فان شاء مولى الباقي فداه وإن شاء دفعه فان فداه بقيمة الميت رجع في القيمة فأخذ منهما أرش جراحة عبده ويكون الفضل للمولى وإن دفعه رجع

بأرش الشجة في عنق عبده الذي دفع ويخير الموضع إليه فان شاء فداه بأرش الجراحة وإن شاء دفعه إليه أيضا قلت ولم قال لأن أرش هذه الجراحة كانت في عنق العبد الأول فلما دفع إلى مولى الأول والعبد وقيمته صار أرش جراحة الباقي في ذلك ألا ترى لو أن عبدا شج عبدا موضحة ثم إن عبدا آخر قتل العبد الشاج خطأ خير مولاه فان شاء فداه وإن شاء دفعه إلى مولى العبد الميت فان فداه كان أرش جراحة المشجوج في ذلك فان كان في الأرش فضل كان للمولى وإن كان نقصان لم يكن عليه شيء وإن دفع العبد إلى مولى الميت خير مولى العبد الميت فان شاء دفع هذا العبد إلى مولى العبد الذي جرحه الميت وكذلك الباب الأول لأن قيمته بمنزلته وإن شاء فداه بأرش الجراحة
قلت أرأيت عبدين التقيا مع كل واحد منهما عصا فاضطربا فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة فبرئ كل واحد منهما والذي بدأ بالضربة معروف ثم إن عبدا لرجل قتل العبد الذي بدأ بالضربة خطأ ما القول في ذلك قال يكون قيمته في عنق العبد القاتل ويخير مولاه فان شاء فداه وإن شاء دفعه فان فداه نظر إلى قيمته وإلى أرش جراحة العبد الباقي فان كان في قيمته فضل كان الفضل للمولى ويكون ما بقي لمولى العبد الباقي قلت ولم قال لأن أرش جراحة عبده في هذه القيمة ثم يرجع مولى العبد المقتول بأرش جناية عبده فيكون في عنق العبد الباقي فان شاء مولاه فداه وإن شاء دفعه قلت ولم قال لأن

أرش تلك الجراحة كانت في عنق هذا الباقي ألا ترى لو أن ذلك العيد قتل فخير المولى مولى القاتل فاختار الفداء رجع مولى الآخر الباقي بأرش جناية عبده في ذلك الفداء فكذلك الباب الأول لأنه قد أخذ أرش جناية عبده من قيمة العبد المقتول قلت أرايت إن كان مولى العبد القاتل اختار دفع العبد إلى مولى المقتول فدفعه إليه ما القول في ذلك قال يكون بمنزلة المقتول فيخير مولى المقتول فان شاء دفع بهذا العبد وإن شاء فداه فان دفعه صارا جميعا للمدفوع إليه ولا يكون له على المدفوع إليه شيء من أرش جناية عبده قلت ولم قال لأن الأول لو كان حيا فدفعه لم يكن له شيء لأن عبده الذي كان بدأ فكذلك هذا العبد القاتل لأن هذا بمنزلة الأول ألا ترى أنه دفع مكانه فصار بمنزلته قلت أرايت إن فداه هل يرجع بأرش جناية المقتول في عنق العبد الباقي قال نعم
قلت أرأيت إذا التقي العبدان ومع كل واحد منهما عصا فضرب كل واحد منهما صاحبه فشجه موضحة والأول منهما يعلم فبرئا جميعا ثم إن عبدا لرجل آخرلا قتل الآخر منهما ما القول في ذلك قال يخير مولى القاتل فان شاء فداه وإن شاء دفعه فان دفعه كان بمنزلة المقتول ويخير مولى العبد الضارب الأول فان شاء دفع عبده وإن شاء فداه ويكون الأمر في هذا بمنزلة ما ذكرت لك من الباب الأول


قلت أرايت إن فدى مولى القاتل بقيمة المقتول ما القول في ذلك قال يخير مولى العبد الأول فان شاء دفع عبده إلى مولى المقتول وإن شاء فداه فان دفعه إلى مولى المقتول فلا شيء له على مولى المقتول ولا في قيمة المقتول فان فداه رجع في قيمة المقتول بأرش جراحة عبده فيأخذ أرش ذلك من قيمة المقتل فان كان في قيمة المقتول فضل كان لمولاه وإن كان نقصان لم يكن على مولى المقتول شيء
قلت أرأيت إن مات العبد القاتل ما القول في ذلك قال يخير مولى العبد الباقي فان شاء دفع أرش شجة المقتول وأمسك عبده وإن شاء دفع عبده فان دفعه أو فداه بطل حقه قلت ولم قال لأن عبده الذي بدأ فقد وجب في عنق عبده أرش جراحة ذلك العبد فكان أرش جراحة عبده في عنق الآخر مجروحا وقد قتل العبد وإنما حقه في قيمته فقد بطلت قيمته حين مات العبد الذي قتله قلت ولم أبطلت حقه إذا فداه قال لأن حقه إنما وجب في عنق العبد الميت بعد ما صار أرش جراحة الميت للمولى ألا ترى أن ذلك العبد إنما ضرب عبده بعد ما ضربه الأول ولو كان حيا لم يمت ففداه كان أرش جراحة عبده في عنق العبد ويكون الأرش الذي أخذ صاحب العبد الباقي له خاصة وإنما يكون حق مولى العبد الأول في عنق الباقي مجروحا
قلت أرأيت إن مات الضارب الأول من غير ذلك وبقي الآخر

بعدما برئا جميعا ما القول في ذلك قال مولى الأول بالخيار فان شاء دفع إلى مولى العبد الحي أرش جناية العبد فان دفع الأرش إليه اتبع مولى العبد الميت مولى العبد الحي بأرش جناية عبده فيخير مولى الآخر فان شاء دفعه بذلك وإن شاء فداه فان ابي أن يدفع الأرش فلا شيء له في عنق ذلك العبد الحي قلت ولم قال لأن العبد الميت بدأ فشج الحي ثم شج الحي الميت فكانت جناية الحي في عنق الميت قبل أن يجب أرش جناية الميت في عنق الحي ألا ترى أن الأول لو كان حيا كان مولاه بالخيار إن شاء دفعه وإن شاء فداه فان فداه اتبع جناية عبده الآخر فاما أن يفديه مولاه وإما أن يدفعه فان دفعه فلا شيء له ويصيران جميعا للمدفوع إليه الذي فدى العبد الأول
قلت أرأيت إن كان العبد الأول الضارب قتله عبد لرجل خطأ بعدما برئا جميعا ما القول في ذلك قال يخير مولى القاتل فان شاء فداه وإن شاء دفعه فان فداه كان أرش جناية العبد الحي في قيمة هذا المقتول فيأخذ مولى الحي أرش ذلك من هذه القيمة فان فضل شيء من القيمة كان للمولى وإن لم يفضل لم يكن عليه شيء ويبيع المولى بعد ذلك العبد الحي بأرش جناية عبده فيخير مولاه فان شاء فداه وإن شاء دفعه فان كان مولى العبد القاتل اختار دفع عبده فدفعه خير مولى العبد الضارب الول فان شاء دفع هذا العبد وإن شاء فداه فان دفعه فلا شيء له في عنق الآخر من أرش جناية عبده وإن فداه

اتبعه بأرش جناية عبده فان شاء مولى العبد الحي فداه بأرش الجناية وإن شاء دفعه
قلت أرأيت عبدين التقيا مع كل واحد منهما عصا فضرب كل واحد منهما صاحبه فشجه موضحة فمات الضارب الأول منهما من الضربة وبرئ الآخر ما القول في ذلك قال مولى العبد الميت بالخيار فان شاء دفع أرش جناية العبد الحي وكانت قيمة عبده في عنق الباقي ويخير مولاه فان شاء فداه وإن شاء دفعه وإن أبى أن يدفع أرش جناية الحي فلا شيء له في عنق الحي قلت ولم صار هذا هكذا قال لأن العبد الميت هو الذي كان بدأ بالضربة فلا يكون له شيء في عنق الحي حتى يؤدي أرش جناية الحي ألا ترى لو أن العبد كان حيا في يدي مولاه فقيل له ادفع عبدك أو افده فلا يكون له شيء حتى يدفع أو يفدي فان فداه كان له العبد الآخر إلا أن يفديه مولاه
قلت أرأيت إن بدأ الضارب الأول منهما ومات الآخر من الجناية ما القول في ذلك قال يخير مولى العبد الأول فان شاء دفع عبده إلى مولى الميت وإن شاء فداه بقيمة الآخر فان فداه كان أرش جراحة عبده في الفداء بعد ما يرفع منه أرش موضحة العبد الآخر فيأخذ الأرش من ذلك وما بقي فهو لمولى المقتول وإن لم يكن فيه وفاء فلا شيء له سوى ذلك وإن دفع عبده فلا شيء له
قلت أرأيت إن برئا جميعا ثم إن عبدا لرجل قتل الآخر منهما

خطأ ما القول في ذلك قال يخير مولى العبد القاتل فان شاء فداه وإن شاء دفعه فان دفعه كان هذا مكان العبد المقتول ويخير مولى الباقي فان شاء دفع عبده وإن شاء فداه فان فداه اتبع بذلك العبد القاتل فكان أرش جراحة عبده في عنق ذلك العبد فان شاء مولاه فداه وإن شاء دفعه قلت وكذلك إن كان قتل الأول وبقي الآخر قال نعم
قلت أرأيت عبدين اضطربا فضرب كل واحد منهما صاحبه ومع كل واحد منهما عصا فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة فبرئا جميعا ثم إن الضارب منهما الأول قتل الآخر منهما بعد ذلك خطأ ما القول في ذلك قال صار في عنق هذا العبد أرش هذه الشجة وقيمة العبد فيخير مولى العبد الباقي فان شاء دفعه وإن شاء فداه بأرش الشجة والقيمة فان دفعه فلا شيء له لأن عبده هو الأول وإن فداه كان أرش الشجة المقتول لمولاه خاصة وكان أرش شجة هذا الباقي قيمة المقتول الذي قبض مولاه فيأخذ مولى هذا الحي أرش شجة عبده من تلك القيمة قلت ولم قال لأن هذا العبد الأول قد صار في عنقه أرش شجة المقتول وقيمته لأنه هو الذي بدأ بالضربة
قلت أرأيت إن كان هذا الجاني الآخر هو الذي قتل الأول خطأ ما القول في ذلك قال يخير مولى هذا العبد المقتول فان شاء أبطل جنايته ولا يكون لواحد منهما على صاحبه شيء وإن شاء فداه بموضحة العبد الحي فان فداه بموضحة العبد الحي خير مولى الباقي فان شاء

دفع هذا العبد وإن شاء فداه بقيمة المقتول فان فداه بقيمته سلمت تلك القيمة لمولى العبد المقتول وكذلك إن دفعه سلم له قلت ولم قال لأن مولى المقتول حين دفع أرش شجة الآخر سلمت له قيمة عبده وكأن عبده كان حيا فدفع ذلك إليه
قلت أرأيت إن كان اختار مولى العبد الآخر دفع عبده فدفعه ما القول في ذلك قال يصير أرش شجة الذي كان شجه الأول في عنقه فان شاء المدفوع أليه فداه وإن شاء دفعه فان دفعه لم يكن للأول شيء وكذلك إن فداه
قلت أرأيت عبدين التقيا مع كل واحد منهما عصا فاضطربا فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة ولا يعلم الضارب الأول منهما فبرئا جميعا ثم إن أحدهما قتل صاحبه بعد ذلك خطأ ما القول في ذلك قال يخير مولى هذا القاتل فان شاء دفع عبده وإن شاء فداه بقيمة المقتول المشجوج صحيحا فان دفعه كان له نصف أرش شجته في عنقه إن شاء المدفوع إليه فداه بذلك وإن شاء فدع منه حصة النفس يقسم العبد المدفوع على نصف أرش شجه المقتول وعلى قيمته مشجوجا فيأخذ الذي دفعه منه حصة قيمة العبد المقتول مشجوجا من العبد الذي دفع به وإن فداه بالقيمة رجع عليه بأرش الشجة في الفداء بعد ما يرفع المولى نصف أرش شجته قلت أرأيت عبدين التقيا فاضطربا فقطع كل واحد منهما يدي صاحبه معا جميعا فبرئا جميعا ما القول في ذلك قال يخير مولى كل

واحد منهما فان شاء دفع عبده وأخذ عبد صاحبه وإن أبيا فلا شيء لهما في قول أبي حنيفة قلت ولم قال لأن كل واحد منهما قد قطعت يداه فلا يكون لمولاه شيء إن أبي أن يدفعه
قلت أرأيت أمة قطعت يد رجل خطأ ثم إنها ولدت ولدا ثم إن ولدها قتلها خطأ ما القول في ذلك قال يخير المولى فان شاء دفع الولد إلى المقطوعة يده وإن شاء فداه بالأقل من دية اليد ومن قيمة المقتول
قلت ولم قال لأن دية يده كانت في رقبة الأم فلما قتل الولد الأم كان في رقبته قلت أرأيت عبدا قتل رجلا خطأ ثم إن عبدا لرجل قطع يد ذلك العبد خطأ فبرىء من قطع يده ما القول في ذلك قال يخير مولى القاطع فان شاء دفع عبده وإن شاء فداه فان دفع عبده إلى ورثة الحر دفع ما أخذ من أرش جنايته معه قلت أرأيت إن دفع مولى العبد القاطع عبده إلى صاحبه العبد المقطوعة يده أيكون العبدان جميعا لورثة الحر إن اختار مولى العبد الدفع قال نعم قلت ولم قال لأن الآخر بمنزلته لأنه أرش يده قلت أرأيت إن اعتق المولى مولى العبد الذي قتل الحر العبد المدفوع إليه ما القول في ذلك قال يكون عتقه إياه اختيارا للعبد الجاني الأول ويضمن جميع دية الحر قلت ولم صار هذا اختيارا قال لأنه لو أعتق الآخر كان اختيارا فهذا بمنزلته ألا ترى أنه أرش يده قلت ولو أن عبدين لرجلين قتلا رجلا خطأ فأعتق أحدهما

وهو يعلم بالجناية كان اختيارا للآخر قال لا ولا يشبه هذا الأول لأنهما في الأول بمنزلة عبد واحد قلت أرأيت إن أعتق المولى القاتل الذي قتل الحر أيكون اختيارا لهما جميعا قال نعم
قلت أرأيت رجلا قطع يدي عبد جميعا فأعتق السيد عبده قبل أن يبرأ وهو يعلم بقطع يدي عبده أو لا يعلم ما القول في ذلك قال لا شيء له في قول ابي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يضمن الحر ما نقص العبد قلت أرأيت إن كان إنما أعتقه بعد البرء هل للمولى على القاطع شيء قال لا شيء له في قول ابي حنيفة قلت ولم قال لأنه أعتقه بعد البرء فهذا اختيار منه
وقال أبو يوسف ومحمد إذا كانت أم الولد بين الرجلين فكاتباها جميعا فقتلت أحد الموليين قال عليها الأقل من القيمة ومن الدية فان قتلت الآخر بعد ذلك كان على عاقلتها الدية وعليها الكفارة فان قتلتهما جميعا معا فعليها قيمة واحدة
وقال أبو يوسف ومحمد إذا قطع الرجل يد عبد وقيمته ألف درهم فلم يبرأ حتى صارت قيمته ألفين فقطع آخر رجله من خلاف ثم مات منهما جميعا قال يصير على الأول ستمائة وخمسة وعشرون درهما ويضمن الآخر سبعمائة وخمسين درهما

آخر كتاب الجنايات والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله أجميعن كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في محرم سنة تسع وثلاثين وستمائة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد العدل
(1) * قال محمد بن الحسن رحمة الله عليه القتل على ثلاثة أوجه عمد وخطأ وشبه العمد فأما العمد فهو ما تعمدت ضربه بالسلاح ففيه القصاص إلا أن يعفوا الأولياء أو يصالحوا وأما شبه العمد فهو ما تعمدت ضربه بالعصا أو السوط أو الحجر أو البندقة ففيه الدية مغلظة على عاقلة القاتل وعلى القاتل الكفارة وأما الخطأ فهو ما أصبت مما كنت تعمدت1

كتاب الديات

غيره فأخطأت به فعلى القاتل الكفارة وعلى عاقلته الدية بلغنا ذلك

عن إبراهيم النخعي
والكفارة ما قال الله تعالى في كتابه { فتحرير رقبة مؤمنة } { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } وفي النفس الدية وفي الأنف الدية وفي المارن الدية والمارن كل ما دون قصبة الأنف وفي اللسان كله الدية وفي بعضه إذا منع الكلام الدية وفي الذكر الدية كاملة وفي الحشفة الدية كاملة وفي الصلب الدية كاملة إذا منع الجماع أو حدب فان

عاد إلى حاله ولم ينقصه ذلك شيء إلا أن فيه أثر الضربة ففيه حكم عدل
بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى في اللسان الدية وفي

الأنف الدية وفي الرجل إذا ضرب على رأسه فذهب عقله الدية كاملة وفي الرجل إذا قطعت نصف الدية وفي اليد إذا قطعت نصف الدية وفي الأصابع عشر من الإبل وأصابع اليدين والرجلين سواء وفي العين إذا فقئت نصف الدية وفي الأذن نصف الدية وفي الذكر إذا قطع ففيه الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمسة عشر من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل وفي الأسنان في كل سن خمس من الإبل والأسنان كلها سواء وفي الأليتين إذا قطعتا الدية وفي إحداهما نصف الدية
بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في الرأس إذا حلق فلم ينبت ففيه الدية كاملة

وبلغنا أيضا عن علي أنه قال في اللحية إذا حلقت فلم تنبت ففيه الدية كاملة
وفي العينين الدية كاملة وفي إحداهما نصف الدية إن انخسفت أو ذهب بصرها وهي قائمة أو أمضت حتى ذهب البصر فهو سواء وفي اليدين الدية كاملة وفي إحداهما نصف الدية وفي إحدى الأصابع عشر الدية والأصابع كلها سواء وإذا شلت اليد حتى لا ينتفع بها أو قطعت فهو سواء وفيها أرشها كاملا وفي الأنثيين الدية وفي إحداهما نصف الدية وهما سواء وفي الحاجبين الدية كاملة إذا لم تنبتا وفي إحداهما نصف الدية وهما سواء وفي أشفار العينين الدية كاملة إذا لم تنبت وفي كل شفر ربع الدية والأشفار كلها سواء وكذلك إذا قطعت الجفون بالأشفار وفي الشفتين الدية وفي إحداهما نصف الدية كاملة وفي ثدي المرأة دية المرأة كاملة وفي إحداهما نصف الدية والثديان سواء وفي حلتي ثدي المرأة الدية كاملة وفي

إحداهما نصف الدية والصغيرة والكبيرة في ذلك سواء وفي الموضحة نصف عشر الدية وهي التي توضح العظم حتى يبدو وفي المنقلة عشر ونصف عشر الدية والمنقلة هي التي تخرج منها العظام وفي الهاشمة عشر الدية وهي التي تهشم العظم وفي الآمة ثلث الدية وهي التي تصل إلى الدماغ فان ذهب العقل ففيه الدية كاملة وفي الجائفة ثلث الدية وهي التي تصل إلى الجوف فان نفذت ففيها ثلثا الدية وفي كل مفصل من الأصابع ثلث دية الإصبع إذا كان فيها ثلاث مفاصل وإذا كان فيها مفصلان ففي كل مفصل نصف دية الإصبع
وبلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في النفس الدية وفي اللسان الدية وفي الحشفة الدية كاملة وفي الأنف الدية كاملة إذا اصطلم وفي العينين الدية وفي إحداهما نصف الدية وفي اليدين الدية وفي إحداهما نصف الدية وفي الآمة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي الأنثيين الدية وفي إحداهما نصف الدية وفي الأصابع في كل إصبع عشر الدية وفي الأسنان في كل سن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل وفيما دون الموضحة حكومة عدل


بلغنا عن ابن مسعود أنه قال في دية الخطأ أخماسا عشرون جذعة وعشرون حقة وعشرون بنت لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وقال في شبه العمد أرباعا خمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون ابنة مخاض وخمس وعشرون ابنة لبون وبه يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف


وقال محمد في الخطأ يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفي شبه العمد بقول زيد بن ثابت رضي الله عنه ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة والخلفة الحامل وهو قول عمر والمغيرة بن شعبة وأبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهم


وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها
وبلغنا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه جعل الدية على أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الشاء ألفي شاة مسنة فتية وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وبه يأخذ

أبو يوسف ومحمد وإنما أخذ أبو حنيفة من هذا بالإبل والذهب والفضة وأما ما سوى ذلك فلا وكان أبو يوسف ومحمد يأخذان بذلك كله ويخالفان أبا حنيفة وقال أبو حنيفة إنما أخذ عمر رضي الله عنه بذلك لأنه كانت أموالهم فلما صارت الدواوين والأعطية جعل أموالهم الدراهم والدنانير والإبل
وبلغنا عن على رضي الله عنه أنه قال في دية المرأة أنها على النصف من دية الرجل في النفس وفيما دون النفس وبذلك نأخذ


وفي ذكر الخصي ولسان الأخرس واليد الشلاء والرجل العرجاء والعين القائمة العوراء والسن السوداء وذكر العنين حكم عدل


بلغنا بعض ذلك عن إبراهيم النخعي

وفي الدامية من الشجاج وهي التي تدمي الرأس حكم عدل وفي الباضعة وهي التي تبضع اللحم وهي فوق الدامية حكم عدل أكثر من ذلك وفي السمحاق حكم عدل وهي أكثر من هاتين إنما بينها وبين العظم جلدة رقيقة حكم عدل أكثر من ذلك بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال في السمحاق وفيما دونها حكم عدل وفي الضلع حكم عدل وفي الترقوة حكم عدل وفي الساعد

إذا كسر أو كسر أحد الزندين حكم عدل وفي الساق إذا كسرت حكم عدل على قدر الجراحة وفي اليد إذا قطعت من نصف الساعد دية اليد وحكم عدل فيما من الكف إلى الساعد فان كان من المرفق كان

في الذراع بعد دية الكف حكم عدل أكثر من ذلك فاذا كسر الأنف ففيه حكم وإذا قطع من اليد ثلاث أصابع ففيها ثلاثة أخماس دية اليد فان قطعت الكف بالإصبعين السبابتين ففيها خمسا دية اليد وهذا قول أبي حنيفة ما بقي من الأصابع شيء ولو مفصل فليس في الكف أرش وفيها قول آخر أنه ينظر إلى الكف وإلى أرش ما بقي من الأصابع فان كان أرش ما بقي من الأصابع أكثر من أرش اليد فلا أرش لليد وإن كان أرش الكف أكثر من أرش ما بقي من الأصابع كان عليه أرش الكف يدخل القليل في الكثير وهو قول ابي يوسف الذي رجع إليه وقو قول محمد وكذلك لو لم يبق فيها إلا إصبع واحدة ثم قطعت اليد كان فيها خمس دية اليد وحكم عدل ثم رجع عنه أبو يوسف وقال إذا قطعت اليد وفيها إصبع أو إصبعان نظر إلى أرش اليد بغير إصبع وإلى أرش الإصبع فجعل عليه الأكثر منها وهو قول محمد فان كان بقي منها ثلاث أصابع ثم قطعت اليد ففيها ثلاثة أخماس دية اليد إذا بقي الأكثر من الأصابع لم أجعل للكف أرشا وإذا قطعت الأصابع كلها ثم قطعت الكف بعد ذلك كان فيها حكم عدل وفي ثدي الرجل حكم عدل وفي الأذن إذا يبست أو انخسفت حكم عدل بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال لا يعقل العاقلة إلا خمسمائة درهم فصاعدا فكل شيء من الخطأ يبلغ خمسمائة درهم نصف عشر دية الرجل

ونصف عشر دية المرأة مائتين وخمسين فهذا على العاقلة وكذلك كل ما زاد عليه إلى ثلث الدية فانه يؤخذ في سنة فما زاد على الثلث فان ذلك الفضل يؤخذ في سنة أخرى إلى ما بينه وبين الثلثين فما زاد على الثلثين فان الفضل يؤخذ في سنة أخرى إلى ما بينه وبين الدية
وبلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه أول من فرض العطاء وجعل الدية في ثلاث سنين الثلث في سنة والنصف في سنتين والثلثين في سنتين
ودية أهل الذمة من أهل الكتاب وغيرهم مثل دية الحر المسلم

ودية نسائهم كدية المرأة الحرة المسلمة وكذلك جراحاتهم فيما دون النفس يعقلها العاقلة إذا أصابها مسلم خطأ كما يعقل جراحة الحر المسلم
وإذا أصاب أهل الذمة بعضهم بعضا بخطأ ففي ذلك الأرش عليهم كما يكون على الحر المسلم إذا أصاب المسلم فان كانت لهم معاقل يتعاقلون ففي معاقلهم فان لم يكن لهم عواقل ففي مال الجاني

وجراحة الصبي إذا أصاب صبيا أو كبيرا خطأ أو تعمد ذلك بسلاح أو غيره فهو على العاقلة وكذلك المعتوه المجنون الذي يفيق وكذلك المجنون إذا أصاب في حال جنونه عمدا أو خطأ فذلك كله سواء تعقله العاقلة إذا بلغ خمسمائة درهم فصاعدا فان كان اقل من خمسمائة فهو في مال الصبي دين عليه وكذلك المجنون والمعتوه
كذلك بلغنا أن مجنونا سعى على رجل بالسيف فضربه فدفع ذلك إلى علي رضي الله عنه فجعله على عاقلته وقال عمده وخطأه سواء
وإذا ضرب الرجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ففيه غرة عبد أو أمة يعدل ذلك خمسمائة بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل ذلك فهو على

العاقلة في سنة وإن خرج حيا ثم مات ففيه الدية كاملة وذلك كله

على العاقلة وعلى الجاني الكفارة وإن خرج ميتا غلاما كان أو جارية فهو سواء فيه خمسمائة درهم بين ورثته على فرائض الله تعالى ولو قتلت الأم ثم خرج الجنين بعد ذلك ميتا فلا شيء في الجنين وعليه في الأم الدية وإن كان في بطنها جنينان فخرج أحدهما قبل موتها وخرج الآخر بعد موتها وهما ميتان ففي الذي خرج قبل موتها خمسمائة ولا يرث من دية أمه ولها ميراثها منه وليس في الذي خرج بعد موتها شيء وإن خرج حيا ثم مات ففيه الدية أيضا وله ميراثه من دية أمه ومما ورثت أمه من أخيه وإن لم يكن لأخيه أب حي فله ميراثه من أخيه أيضا
وجنين المرأة من أهل الذمة بمنزلة جنين الحرة المسلمة وإذا أصاب الرجل ابنه خطأ أو عمدا فلا قصاص عليه فان كان عمدا ففي ماله الدية في ثلاث سنين وإن كان خطأ فعلى العاقلة وعلى القاتل الكفارة في الخطأ وكذلك ما أصاب منه دون النفس فان عليه فيه الأرش
بلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه قضي في رجل قتل ابنه عمدا بالدية في ماله


وإذا اشترك في قتل الرجل رجلان أحدهما بعضا والآخر بحديدة فليس فيها قصاص وفيه الأرش على صاحب العصا نصف الدية على عاقلته وعلى صاحب السيف نصف الدية في ماله وكذلك بلغنا عن إبراهيم وكل دية خطأ وجبت بغير صلح ففي ثلاث سنين ولو كان القتل بعضا أو بحجر أو يد أو سوط أو شبه ذلك مما ليس بسلاح فقامت به بينة كان ذلك على عاقلة الجاني في ثلاث سنين فان أقر فالدية في ماله في ثلاث سنين وإذا أقر بقتل خطأ ولم يقم بينة على ذلك فالدية في ماله خاصة في ثلاث سنين وإذا اشترك رجلان في قتل رجل أحدهما أبوه فقتلاه بسلاح فالدية عليهما نصفين في أموالهما في ثلاث سنين فان كان مكان الأب

رجل معتوه أو صبي فهو كذلك ايضا غير أن ما أصاب الصبي والمعتوه فهو على عاقلتهما عمدهما وخطأهما سواء وإذا اشترك أربعة رهط أو عشر رهط في قتل رجل خطأ فالدية على عاقلتهم في ثلاث سنين في كل سنة ثلث
وإذا اسودت السن أو ابيضت العين حتى لا يبصر بها أو شلت اليد حتى لا ينتفع بها والرجل حتى لا ينتفع بها فان عقل ذلك على الجاني في ماله إن كان عمدا وإن كان خطأ فعلى العاقلة
وكل جناية عمد فيما دون النفس لا يستطاع فيها القصاص من القطع من غير مفصل والكسر وما ذكرنا مما قبل هذا من المنقلة والآمة والجائفة وأشباه ذلك فالدية في مال الجاني
وإذا ضرب الرجل سن الرجل فتحركت فانه ينتظر بها حولا فان اسودت أو سقطت أو احمرت أو اخضرت ففيها أرشها كاملا بلغنا نحو من ذلك عن إبراهيم النخعي قال الضارب إنما اسودت من ضربة حدثت فيها بعد ضربته أو سقطت من ضربة بعد ضربته وكذبه المضروب فالقول في ذلك قول المضروب مع يمينه وفيها الأرش تاما إلا أن يقيم الضارب البينة على ما ادعا أستحسن في هذا لما فيه من الأثر والسنة
ولو شج رجل رجلا موضحة فصارت منقلة فقال المضروب صارت منقلة من ذلك وقال الضارب بل حدث فيها من غير فعلى فالقول

فيها قول الضارب وإنما عليه أرش الموضحة ولا يصدق المضروب وهذا والأول في القياس سواء غير أني أستحسن في السن للأثر الذي جاء فيه وإذا قلع رجل سن رجل ثم نبتت فلا شيء على القالع وكذلك إذا قلع سن الصبي فنبتت فلا شيء على القالع وكذلك إذا قلع الظفر فنبتت فلا شيء على القالع من حكومة عدل ولا أرش وإذا نبتت السن سوداء ففيها أرشها تاما وإذا نبتت الظفر اعوج أو متغيرا ففيه حكم عدل
وإذا قلع الرجل سن الرجل فأخذ المقلوعة سنه فأثبتها في مكانها فثبتت وقد كان القلع خطأ فعلى القالع أرش السن كاملا وكذلك الأذن
وإذا ابيضت العين من ضربة رجل ثم ذهب البياض منها فأبصر فليس على الضارب الشيء وإذا شج الرجل رجلا موضحة خطأ فسقط منها شعر راسه كله فلم ينبت فعلى عاقلته الدية تامة وتدخل الشجة في ذلك فان كان ذهب من الشعر شيء ولم يبلغ الرأس كله نظر في أرش الشعر وفي أرش الشجة فضمن الجاني الأكثر من ذلك يدخل الأقل في ذلك وكذلك إن كانت في الحاجب والموضحة في الوجه والرأس سواء
وإذا شج الرجل رجلا خطأ أو عمدا فذهب سمعه أو بصره فان في ذلك كله الأرش فان كان خطأ فعلى العاقلة أرش الموضحة ودية العين والسمع وإن كان عمدا فذلك كله في ماله ولا يستطاع على علم ذهاب السمع إلا أن يتغفل فينادي فأما البصر فانه ينظر إليه أهل العلم بذلك بلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه قضي بأربع ديات في رجل واحد

وهو حي وإذا قطع الرجل إصبع الرجل فشلت أخرى إلى جنبها أو قطع يده اليمنى فشلت يده اليسرى فانه لا قصاص في هذا كله وفيه الأرش في مال الفاعل من قبل ما حدث فيه من الشلل فقد صار شيئا واحدا بعضه شلل وبعضه قطع ولا يقتص فيه وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد إن القطع مفارق للشلل بأبن منه فالقطع بالقطع وأجعل في الشلل الأرش في مال الفاعل
وإذا شج الرجل رجلا موضحة فصارت منقلة أو كسر بعض سنه فاسود ما بقي أو قطع الكف فشل الساعد أو قطع إصبعيه فشلت الكف أو قطع إصبعا من مفصل فشل ما بقي من الأصابع فليس في شيء من هذا قصاص لأن هذا شيء واحد وفيه الأرش من مال الجاني
وإذا جنى الرجل جناية عمد بحديدة أو بعصا فيما دون النفس فما لا يستطاع فيه القصاص فعليه أرش ذلك في ماله وإن كان من أهل الإبل غلظ عليه في الأسنان فان كانت منقلة ففيه خمسة عشر من

الإبل من كل سن أربع من الإبل أرباعا وإن كانت آمة فعليه ثلاثة وثلاثون وثلث من الإبل أرباعا من كل سن ربع هذه كلها من الجذعان ربع ومن الحقاق ربع ومن بنات اللبون ربع ومن بنات المخاض ربع والربع من ذلك ثمان من الإبل وثلث وإذا كان خطأ ففيه الأرش أخماسا من كل سن خمس والخمس من ذلك ست من الإبل وثلثان وهو في المنقلة إذا كان خطأ من كل سن ثلاث من الإبل وإذا جنى الرجل من أهل الإبل فقتل رجلا خطأ فصالح أكثر من عشرة آلاف أو أكثر من ألف دينار نسيئة أو يدا بيد فلا خير في ذلك لا أجيز أن يعطي أكثر من الدية وكذلك إن كان من أهل الورق فصالح على ألفي دينار أو على أكثر من مائة من الإبل لأن هذا مما قد فرضت فيه الدية فلا يجوز له أن يعطي أكثر من صنف منها ولو صالحه وهو من أهل الورق على خمسين من الإبل أجزت ذلك وكذلك لو صالحه على أقل من ألف دينار يدا بيد أو نسيئة أجزت ذلك من قبل أن هذا قد حط عنه ولو صالحه على أقل من ألف دينار نسيئة في ثلاث سنين قبل أن يقضى عليه بالدراهم وقال إنما صالحتك من الدم على ذلك كان جائزا إنما أكره النسيئة إذا وجبت عليه الدراهم فصالحه منها على غيرها ولو صالحه على ألف دينار من الدم ولم يسم أجلا كان ذلك جائز وكان ذلك في ثلاث سنين في كل سنة ثلث من قبل أن القتل خطأ وأن الدية إنما تجب عليه هكذا ولو صالحه على خمسة آلاف درهم

وهو من أهل الورق أجزت ذلك وجعلتها في ثلاث سنين أثلاثا ولو كان من أهل الإبل فقضي عليه بالإبل فصالحه من ذلك على شيء من العروض أو الحيوان بعينه بعد أن لا يكون مما فرض فيه الدية كان ذلك جائزا وإن كان أكثر من الدية أضعافا وكان له أن يأخذه بذلك ليس فيه أجل لأنه صالحه على شيء بعينه وكذلك لو كان من أهل الورق أو من أهل الذهب إذا صالحه على شيء من الحيوان أو العروض يدا بيد كثيرا كان أو قليلا فهو جائز وإن ضرب لشيء من ذلك أجلا فلا خير فيه من قبل أنه اشتراه بالدية وهي دين فلا يصلح أن يشتري دينا بدين
وإذا أقر الرجل أنه قتل قتيلا خطأ فادعى أولياء القتيل العمد فلهم الدية خاصة في ماله لأنه أقر لهم به وهو بمنزلة قتيل وجد في قبيلة فادعى الأولياء العمد عليهم فلا يصدقون في العمد ولا يبطل حقهم ما ادعوا من العمد فكذلك الأول
وإذا أقر بعمد وادعوا الخطأ فلا شيء لهم لأنهم ادعوا المال وإنما أقر لهم بالقصاص وكذلك إذا قال قطعت يد فلان عمدا وادعى فلان الخطأ فلا شيء له
ولو أقر بالخطأ وادعى فلان العمد كانت عليه دية اليد في ماله وكذلك كل جراحة فيما دون النفس أقر بها الجاني أنها خطأ وادعى صاحبها العمد فعلى الجاني الأرش في ماله وكل جراحة دون النفس أقر بها الجاني عمدا وادعى لا صاحبها الخطأ فليس عليه شيء

وإذا كان المدعي ادعى المال فلا شيء له وإن كان يدعي القصاص فله الأرش وإذا أقر الرجل بقتل رجل خطأ فالدية في ماله في ثلاث سنين وكذلك إذا أقر أنه قتله خطأ وادعى أولياؤه أنه قتله عمدا فعليه الدية في ماله في ثلاث سنين وكل دية وجبت من غير صلح فهي في ثلاث سنين
وإذا قتل النائم إنسانا فسقط عليه أو كان بيده شيء فضربه وهو نائم فهذا خطأ وعلى عاقلته الدية

باب الشهادات في الديات
وإذا شهد شاهد واحد على رجل بقتل خطأ وشهد آخر على إقرار القاتل بخطأ فشهادتهما باطل لا يجوز لأنهما قد اختلفا ألا ترى أن أحدهما قد شهد على قول والآخر على عمل وإذا شهدا على القتل واختلفا في اليوم الذي اصابه فيه فقال هذا في يوم كذا وقال الاخر في يوم آخر فشهادتهما باطل وكذلك لو اتفقا في يوم واحد واختلفا في المكان أو في البلدان فان ذلك كله باطل وكذلك لو اتفقا في المكان أو البلد واختلفا في الذي كان به القتل فقال أحدهما قتله بحجر وقال الآخر قتله بسوط أو قال قتله بعصا وقال الآخر قتله بيده أو قال أحدهما قتله عمدا وقال الآخر قتله خطأ أو قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لا أحفظ الذي كان به القتل فان

ذلك باطل لا يجوز فيه شهادتهما وإذا قالا جميعا لا ندري بما قتله فهو مثل الأول في القياس وينبغي أن يكون باطلا ولكني استحسنت في هذا أن أجيزه وأجعل عليه الدية في ماله ولا يجوز شهادة الأعمى في القتل خطأ كان أو عمدا على إقرار ولا على فعل وإن قال رأيت ذلك قبل أن يذهب بصري فلا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد وقال لا يجوز شهادة المحدود في قذف ولا شهادة النساء وحدهن فان كان معهن رجل وهما امرأتان مسلمتان فشهادتهما جائزة في قتل الخطأ وكل جراحة خطأ وكل شيء من ذلك يجب فيه الأرش بغير صلح مما لا يستطاع فيه القصاص وما كان من ذلك فيه قصاص فشهادتهن فيه باطل لا يجوز ولا يجوز شهادة النساء في القصاص وإن كان معهن رجل ولا يجوز فيه شهادة على شهادة ولا كتاب قاضي إلى قاض والنفس وما دون النفس في ذلك سواء والشهادة على الشهادة وكتاب القاضي جائز في كل ما كان فيه الأرش في النفس وما دون النفس في الخطأ والعمد الذي لا يستطاع فيه القصاص
بلغنا عن شريح وإبراهيم أنهما قالا لاتجوز شهادة النساء في الحدود

ولا في القصاص ولا شهادة على شهادة

وإذا شهد رجل على رجل بالقتل عمدا فانه لا تجوز شهادة رجل وأحد فان شهد عليه اثنان بالعمد حبس حتى يسئل عنهما فان زكيا قضي عليه بالقود ولو شهد عليه رجل واحد عدل قد عرفه القاضي فان القاضي يحبسه أياما فان جاء شاهد آخر وإلا خلى سبيله والعمد في ذلك والخطأ سواء وكذلك شبه العمد وإذا ادعى ولي القتيل بينة حاضرة بالمصر والقتل خطأ أخذ له من المدعي عليه كفيلا إلى ثلاثة أيام فان أحضر وإلا ابرأ الكفيل وإن أقر أن بينته غيب لم يؤخذ له كفيل
فان شهد شاهدان على القتل عمدا لم يؤخذ كفيل في القتل بعد الشهود ولكنه يحبس فان زكى الشاهدان بالقتل عمدا قتل وإن كان خطأ شبه العمد قضي على عاقلته بالدية ويحبس القاتل يتعزير وعقوبة حتى يحدث توبة ويحدث خيرا وكذلك الجراحات فيما دون النفس بمنزلة جميع ما ذكرنا

باب القسامة
وإذا وجد الرجل قتيلا في محلة قوم فعليهم أن يقسم منهم خمسون رجلا بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ثم يغرمون الدية بلغنا نحو من هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم


وبلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه قضي بالدية على عاقلتهم في ثلاث سنين

فان لم يكمل العدد خمسين كررت عليهم الأيمان حتى يكمل خمسين يمينا
ولأولياء القتيل أن يختاروا في القسامة صالحي العشيرة الذين وجد بين أظهرهم فيحلفونهم ولو اختاروا منهم أعمى أو محدودا في قذف كان ذلك لهم لأنها ليست بشهادة وإنما يعقل الدم وكل ما يلزم العاقلة فعلى المقاتلة من أهل الديوان ولا يلزم النساء ولا الذرية من ذلك شيء ولا من ليس له ديوان ولا يؤخذ من الرجل إلا ثلاثة دراهم أو أربعة فان لم يسع ديوان أولئك القوم لتلك الدية ضم إليها أقرب القبائل إليهم في النسب حتى لا يقع على الرجل إلا ثلاثة دراهم أو أربعة والقاتل والذي حلف على القسامة والذي لم يقتل ولم يشهد في ذلك كلهم سواء الدية عليهم سواء على أهل الديوان
وإذا وجد القتيل بين قريتين أو سكتين فانه يقاس فالى ايهما كان أقرب كان عليهم القسامة والدية بلغنا عن عمر رضي الله عنه

أنه قضي بذلك في قريتين فان نكلوا عن اليمين حبسوا حتى يحلفوا
وإذا وجد قتيل في قرية أصلها لقوم شتى فيهم المسلم والكافر فان القسامة على أهل القرية على المسلم والكافر يكرر عليهم الأيمان حتى تكمل خمسين يمينا فان لم يكن فيها خمسون رجلا تكرر عليهم الأيمان ثم يغرم عليهم الدية فما أصاب المسلمين من ذلك فعلى عواقلهم وما أصاب أهل الذمة فان كانت لهم معاقل فعليهم وإلا ففي أموالهم
وإذا وجد الرجل قتيلا في قبيلة من الكوفة وفيها سكان وفيها

من قد اشترى من دورهم فانما القسامة والدية على أهل الخطة وليس على السكان ولا على مشتري الدور شيء ولو جعلت على السكان وعلى المشترين شيئا لا ستحلفت عشائرهم أيضا في القسامة ووزعت عليهم الدية بالحصص فيوجد القتيل في قبيلة واحدة ويعقل عنهم عشر قبائل فهذا قبيح لا يستقيم وإذا وجد القتيل في دار رجل قد اشتراها وهو من غير أهل الخطة فان أهل الخطة برآء من ذلك والقسامة على صاحب الدار وعلى قومه الدية وإذا باع أهل الخطة جميعا حتى لا يبقى فيهم أحد ثم وجد فيهم قتيل في سكة من سككهم أو في مسجد من مساجدهم فان القسامة والدية على المشترين فان وجد في دار واحد من المشترين فهو عليه خاصة على عاقلته
وإذا كانت الدار بين رجلين فوجد فيها قتيل فالدية على عواقلهما نصفان وإن كان أحدهما أكثر نصيبا من الآخر وإذا بقي من الخطة دار واحدة ثم وجد قتيل في المحلة فان القسامة والدية على أهل الخطة وليس على السكان ولا على المشترين شيء ألا ترى أنه لو كان فيها ساكن عامل يعمل بيده بالنهار وينصرف بالليل إلى منزله لم أجعل عليه شيئا فكذلك السكان وإذا وجد الرجل قتيلا في دار نفسه فعلى عاقلته الدية وقال أبو يوسف ومحمد لا شيء على العاقلة والقتيل عندنا كل ميت به أثر فان لم يكن به أثر فلا قسامة

فيه ولا دية إنما هذا ميت وقال أبو حنيفة إن وجد وليس به أثر إلا أن الدم يخرج من أنفه فليس بقتيل وإن كان يخرج من أذنه فهو قتيل وفيه الدية والقسامة وهو قول ابي يوسف ومحمد
وإذا ادعى أهل القتيل على بعض أهل المحلة الذي وجد بين أظهرهم فقالوا قتله فلان عمدا أو خطأ فذلك كله سواء وفيه القسامة والدية ولا يبطل دعواهم العمد حقهم ألا ترى أنهم لم يبرؤا العشيرة من القتل أرأيت لو قالوا قتلوه جميعا عمدا لم يكن عليهم الدية
وقال أبو يوسف ومحمد إذا وجد قتيل في قبيلة فلم يدع أولياؤه على أهل القبيلة وادعوا على رجل من غيرهم فاني أجيز شهادة أهل القبيلة على عاقلته إذا ادعى ذلك أولياؤه وقال أبو حنيفة لا تجوز شهادتهم ولا شيء عليهم من الدية
وقال أبو يوسف ومحمد إذا وجد الرجل قتيلا في دار نفسه فليس فيه الدية ولا القسامة
وإذا وجد قتيل في محلة فادعى أهل المحلة أنه قتله غيرهم فان أقاموا البينة على رجل من غيرهم وشهدت شهود من غيرهم فهو جائز فان ادعى الأولياء على ذلك الرجل أخذوه بالدية وإن أبرؤه لم يكن لهم عليه ولا على أهل المحلة شيء وإذا شهد شهود من القبيلة لم يجز شهادتهم في قول ابي حنيفة لأنهم يدفعون عن أنفسهم فان ادعى الأولياء على غيرأهل المحلة فقد أبرأوا أهل المحلة ولا شيء لهم على من ادعوا عليه إلا ببينة من

غير أهل المحلة
وإذا وجد بدن القتيل في محلة فعليهم القسامة والدية فان وجد فيهم يده أو رجله أو رأسه فلا شيء عليهم وإن وجد فيهم أكثر من نصف البدن فعليهم القسامة والدية كاملة وإن وجد فيهم نصف البدن مشقوقا بالطول فلا شيء عليهم وإذا وجد فيهم أقل من نصف البدن فلا شيء عليهم فان كان الجانب الذي فيه الرأس فلا شيء عليهم فيه أيضا وإن كان نصف البدن وفيه الرأس فعليهم الدية
وإذا وجد العبد قتيلا في قبيلة أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد والذي يسعى في بعض قيمته فعليهم القسامة والقيمة في ثلاث سنين وإذا وجد فيهم دابة أو شبه ذلك فلا شيء عليهم ليست تعقل العاقلة العروض ولا البهائم فان وجد فيهم جنين أو سقط فليس عليهم فيه شيء فان كان تماما وبه أثر فهو قتيل وعليهم القسامة والدية
وإذا وجد العبد قتيلا في دار مولاه فلا شيء عليه لأنه ماله وكذلك المكاتب يوجد في دار نفسه قتيلا فلا شيء فيه
وإذا وجد المكاتب قتيلا في دار مولاه فالقسامة على مولاه في ماله يستوفي ما بقي من مكاتبته وما بقي فهو ميراث
وإذا وجد الرجل قتيلا في دار أبيه أو ابنه أو المرأة في دار زوجها ففيه القسامة والدية على العاقلة وإذا وجد الرجل قتيلا على دابة يسوقها رجل أو يقودها أو راكبها فهو على الذي مع الدابة فان لم يكن مع الدابة أحد فهو

على أهل المحلة الذين يوجد فيهم على الدابة وكذلك الرجل يحمل قتيلا فهو عليه وإذا وجد القتيل في السفينة فالقسامة على من في السفينة من الركاب وغيرهم من أهلها الذين هم فيها والدية عليهم وإذا وجد القتيل في نهر يجري فيه الماء فلا شيء فيه فان كان في نهر عظيم أو في للفرات يسير فيها الماء فليس فيه شيء فان كانت إلى جانب الشاطئ محتبسا فهو على أقرب القرى إليه والأرضين وعليهم القسامة والدية
وإذا وجد قتيلا في فلاة من الأرض فليس فيه شيء وإذا وجد قتيل في سوق المسلمين أو في مسجد جماعتهم فهو في بيت مال المسلمين وليس فيه قسامة وإن كان في دار رجل خاصة مملكها في السوق فعلى عاقلة ذلك الرجل القسامة والدية وإذا وجد الرجل قتيلا في قرية لرجلين عواقلهما في ذلك المصر الذي منه القرية فالقسامة والدية على عواقلهما في ذلك المصر الذي فيه القرية
وإذا جرح الرجل في قبيلة أو أصابه حجر لا يدري من رماه فشجه فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعلى الذين أصيب امة والدية وإن كان صحيحا يذهب ويجيء فلا شيء فيه وإذا أصيب القتيل في العسكر والعسكر بأرض فلاة فهو على القبيلة

التي وجد في رحالهم فان كان العسكر في ملك الرجل فعلى صاحب الأرض على عاقلته القسامة والدية وإن كان العسكر بفلاة من الأرض فوجد في فسطاط رجل قتيل فعليه القسامة تكرر عليه الأيمان وعلى عاقلته الدية وإذا وجد بين قبيلتين من عسكر قتيل فعليهما جميعا إذا كان القتيل إليهم سواء القسامة والدية وإن كان أهل العسكر قد لقوا عدوهم فلا قسامة في القتيل ولا دية وإنما هذا مما أصاب العدو فان كان العسكر مختلطا فأصاب القتيل في طائفة منهم فان كان أصيب في خباء أو فسطاط فعلى صاحب الفسطاط والخباء وإن كان في غير خباء ولا فسطاط فهو على أقرب أهل الأخبية إليه وعلى من في الخباء جميعا
وإذا وجد الرجل قتيلا في قبيلة فانه لا يقبل في القسامة النساء ولا الصبيان ولا عبد ولا مكاتب ولا مدبر ولا عبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة ويقبل فيه الأعمى والمحدود في قذف والفاسق
والتخيير فيمن يحلف إلى الأولياء يختارون من القبيلة من شاؤا وليس ذلك إلى الإمام وإذا وجد الرجل قتيلا في دار امرأة في مصر ليس فيه من عشيرتها أحد فان الأيمان تكرر على المرأة حتى تكمل خمسين يمينا ثم يفرض الدية على أقرب القبائل منها وهذا قول محمد وهو قول أبي يوسف الأول ثم رجع أبو يوسف فقال يضم إليها أقرب القبائل منها فيقسمون ويعقلون وكذلك القرية إذا كانت لرجل من أهل الذمة فانه يحلف ويكون عليه الأيمان وعليه الدية


ولو كان الذمي نازلا في قبيلة من القبائل ثم وجد فيها قتيل لم يدخل الذمي في القسامة ولا في الغرم وكذلك السكان النزال فيها من غيرهم
وإذا كانت مدينة ليس فيها قبائل معروفة وجد في بعضها قتيل فعلى أهل المحلة الذين وجد القتيل بين أظهرهم القسامة والدية وإذا أبي الذين وجد القتيل فيهم أن يقسموا حبسوا حتى يقسموا خمسين يمينا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ثم يغرمون الدية وإذا وجد القتيل في دار عبد مأذون في التجارة عليه دين أو لا دين عليه فان القسامة والدية على عاقلة المولى وإذا وجد قتيل في دار مكاتب فان عليه الأقل من قيمته ومن دية القتيل فاذا وجد قتيل في قرية يتامى صغار ليس في تلك البلاد من عشيرتهم أحد فليس على اليتامي قسامة وعلى عاقلتهم الدية والقسامة وإن كان أحدهم قد أدرك فعليه القسامة تكرر عليه اليمين وعلى أقرب القبائل منهم

باب القصاص
بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا قود إلا بالسيف

وبلغنا من أصحاب عبدالله بن مسعود أنهم قالوا لا قود إلا بسلاح وكل رجل قتل قتيلا بسيف أو رمح أو رماه بسهم أو نشابة أو عمود حديد أو سكين أو ما أشبه ذلك من السلاح فان عليه فيه القصاص إلا أن يعفو أولياء القتيل أو يصالحوا على ما شاؤا وتراضوا عليه

وكل ما اصطلحوا عليه من شيء فهو جائز وإن جاوزوا بذلك الدية وإذا اجتمع رهط على قتل رجل عمدا بسلاح فعليهم فيه القصاص بلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه قضي بذلك


وإذا قتل الحر المملوك عمدا فان عليه فيه القصاص بلغنا ذلك عن علي رضي الله عنه


وإذا قتل الرجل الصبي عمدا فان عليه فيه القصاص وكذلك إذا قتل العبد الحر عمدا فان عليه فيه القصاص وكذلك المرأة إذا قتلت الرجل عمدا أو الرجل يقتل المرأة عمدا وإذا اشترك النساء والرجال في قتل رجل عمدا أو صبي أو امرأة عمدا فان عليهم القصاص جميعا

وإذا اقتل الرجل المسلم الرجل من أهل الذمة عمدا فان عليه فيه القصاص بلغنا عن ر سول الله صلى الله عليه وسلم أنه أقاد رجلا مسلما برجل من أهل الذمة فقتل المسلم بالذمي ثم قال أنا أحق من وفي بذمته


وبلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بقتل رجل مسلم برجل من أهل الحيرة ذمي ثم بلغه أنه فارس من فرسان العرب فكتب فيه أن لا يقتل


وإذا اجتمع رجال من أهل الإسلام على رجل من أهل الذمة عمدا فان عليهم فيه القصاص وكل قطع في يد عمدا من مفصل أو إصبع فان فيه القصاص في مثل ذلك الموضع ولا يقطع اليمنى باليسرى ولا اليد بالرجل ولا الإبهام بغيرها من الأصابع ولا يقطع إصبع من يد باصبع من رجل ولا يقتص من عظم ما خلا السن بلغنا ذلك عن إبراهيم وقال لا قصاص بين العبيد والأحرار ولا فيما بين العبيد فيما دون

النفس ولا قصاص بين الرجال والنساء فيما دون النفس وبين المسلمين وأهل الذمة والقصاص واجب في النفس وفيما دونها ولا يقطع يدان بيد واحدة وليس هذا كالنفس وإذا اجتمع رجلان على قطع يد رجل عمدا كانت عليهما الدية في أموالهما وكذلك العينان والرجلان ولو لا الأثر والسنة لم يقتل اثنان بواحد فأخذنا في النفس بما جاء من الأثر والسنة وأخذنا فيما دون النفس بالقياس وإذا قطع رجل يد رجل من نصف الساعد أو قطع الرجل من نصف الساق فلا قصاص عليه في ذلك لأنه في غير مفصل وعليه في ذلك ديه اليد وحكومة عدل فيما قطع من الساعد مع الكف في ماله ذلك كله ولا يقتص الرجل من ابنه في النفس ولا فيما دونها بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من جده ولا من أمه ولا من

جدته وكذلك كل جد أو جدة من قبل الرجال والنساء جنى على ولده أو ولد ولده في النفس أو فيما دونها عمدا فلا قصاص عليه وعليه الأرش في ذلك كله في ماله وكذلك لو كان الولد مدبرا أو عبدا أو مكاتبا
ولا قصاص بين الصبيان في النفس أو فيما دونها وإذا جنى الصبي على رجل في النفس أو فيما دونها فلا قود عليه لأن عمد الصبي خطأ وكذلك المعتوه وكذلك المجنون إذا أصاب

في حال جنونه وإذا أصاب في حال إفاقته فهو والصحيح سواء وعمد الصبي والمجنون في حال جنونه والمعتوه خطأ تعقله العاقلة وإذا قطع الرجل الواحد يد الرجلين عمدا اليمنى واليسرى فانه يقطع يداه كلتاهما لهما وإذا كان إنما قطع اليمنى من كل واحد منهما قطعت يمينه لهما وغرم لهما الدية دية اليد في ماله بينهما نصفان وإذا عفا أحدهما عن القصاص قبل أن يقتص لهما كان عفوه جائزا ويقتص للباقي ولا حق للذي عفا
ولو حضر أحدهما قبل صاحبه لم انتظر الغائب لأنه ليس له مع هذا شرك ويقتص منه لهذا فاذا قدم الغائب كانت له الدية في مال القاطع الأول وإذا اجتمعا جميعا فقضي لهما القاضي بالقصاص وقضي لهما بديه اليد فيديا فأخذا الدية ثم عفا أحدهما عن القصاص فان عفوه جائز ولا قصاص للباقي وله نصف دية اليد ولو لم يكونا أخذا المال و أخذا به كفيلا ثم عفا أحدهما كان عفوه جائزا وللباقي القصاص لأنه لم يقبض مالا ولم يقع الشركة بينهما ولو كانا أخذا بالمال رهنا كان هذا بمنزلة قبض المال إن عفا أحدهما كان عفوه جائزا وللباقي القصاص لأنه لم يقبض مالا ولم يقع الشركة بينهما ولو كانا أخذا بالمال رهنا كان هذا بمنزلة قبض المال إن عفا

أحدهما بعد ذلك كان الحال في هذا كالحال وقبض المال وإنما هذا استحسان وكان ينبغي في القياس أن لا يقع بينهما شركة قبضا المال أو لم يقبضا
وإذا قطع رجل إصبع رجل من مفصل ثم قطع يد الآخر أو بدأ باليد ثم قطع الإصبع وذلك كله في اليمنى ثم اجتمعا جميعا فانه يقطع إصبعه باصبع هذا ثم يخير صاحب اليد فان شاء قطع ما بقي وإن شاء أخذ دية يده من مال القاطع ولو جاء صاحب اليد قبل صاحب الإصبع قطعت له اليد فان جاء صاحب الإصبعغ بعد أخذ أرش إصبع من مال الذي قطعهما ولو قطع رجل إصبع رجل من مفصل ثم قطع إصبعا أخرى من مفصلين ثم قطع أصابع أخرى كلها وذلك كله في أصابع يد واحدة ثم اجتمعوا جميعا قطع منه المفصل الأعلى لصاحب المفصل الأعلى ثم يخير صاحب المفصلين فان شاء قطع له المفصل الأوسط بحقه كله وإن شاء أخذ ثلثي دية الإصبع من ماله ثم يخير صاحب الإصبع

فان شاء أخذ ما بقي كله باصبعه وإن شاء أخذ دية إصبعه من مال الذي قطعها وإذا قطع كف رجل من مفصل ثم قطع يد أخرى من مرفق ثم اجتمعا جميعا فان الكف يقطع لصاحب الكف ثم يخير صاحب المرفق فان شاء أخذ قطع ما بقي بحقه كله وإن شاء أخذ الأرش من مال الجاني ولا نبالي في ذلك بأيهما بدأ قبل صاحبه وإذا شج الرجل الرجل موضحة فأخذت ما بين قرني المشجوج ولا تأخذ ما بين قرني الشاج فان المشجوج يخير فان شاء أخذ الأرش ولا قصاص له وإن شاء اقتص له فبدأ من أي الجانبين أحب حتى تبلغ مقدارها في طولها إلى حيث يبلغ ثم يكف وإذا كانت الشجة لا تأخذ ما بين قرني المشجوج وتأخذ ما بين قرني الشاج ويفضل منها فضل فانه يخير المشجوج فان شاء أخذ الأرش وإن شاء اقتص له ما بين القرنين من الشاج لا أزيده على شيء
وإذا كانت الشجة في طول رأس المشجوج وهي تأخذ من رأس الشاج من جبينه إلى قفاه فانه يخير المشجوج فان شاء أخذ الأرش وإن شاء اقتصصت له مقدار شجته إلى موضعها في رأسه لا أزيده على ذلك
وإن كانت من المشجوج ما بين جبينه إلى قفاه ولا يبلغ من

رأس الشاج إلا إلى نصف ذلك خيرت المشجوج فان شاء أخذ الأرش وإن شاء اقتصصت له مقدار شجته إلى حيث يبلغ ويبدأ من أي الجانبين أحب
وإذا شج رجل رجلا موضحة في وجهه أو في رأسه عمدا فهو سواء وفيه القصاص وكذلك لو شجه باضعة أو دامية فان فيه القصاص ولا يقتص في شيء من ذلك حتى يبرأ
والهاشمة التي تهشم العظم وليس فيها قصاص وإذا كانت عمدا أو خطأ فأرشها ألف درهم
والمنقلة التي تخرج منها العظام فلا قصاص فيها وإذا كانت عمدا أو خطأ فأرشها ألف وخمسمائة درهم والآمة التي تصل إلى الدماغ فليس فيها قصاص فان كانت عمدا أو خطأ ففيها ثلث الدية في مال الفاعل فاذا ذهب العقل منها ففيها الدية كاملة في مال الفاعل ولا قصاص في الجائفة وفيها ثلث الدية وهي التي تخلص إلى الجوف فان نفذت ففيها ثلثا الدية في مال الفاعل إذا كانت عمدا
ولا قصاص في الهاشمة والمنقلة والآمة والجائفة بلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه قال لا قصاص في عظم

وبلغنا عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال لا قصاص في جائفة ولا آمة ولا منقلة ولا عظم يخاف منه عليه التلف وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال لا قصاص في عظم ما خلا السن وفي كل عظم كسر عمدا أو ساعد أو ساق أو ضلع أو عظم أو ترقوة أو غير ذلك ففيه حكم عدل في مال الفاعل إذا كان متعمدا لذلك وكذلك كل من قطع عظما متعمدا فلا قصاص عليه


وإذا قطع رجل يد رجل عمدا ويد القاطع التي فيها القصاص شلاء أو مقطوعة الإصبع فانه يقال له إن شئت فاقطع يده وإن شئت فخذ الأرش لأن يده ناقصة وكذلك لو قطعها وهي صحيحة ثم اقتص منها إصبع أو نحو ذلك كان بالخيار أيضا ولو قطع منها اصبع بغير قصاص لم يكن للمقطوعة يده إلا أن يقطع ما بقي وليس له أرش ألا ترى أنها لو قطعت كلها بغير قصاص بطل حقه كله ولم يكن له أرش بمنزلة رجل كان له القصاص في نفس رجل فمات أو قتل فقد بطل حقه الأول ولا أرش له وإذا قطعت اليد في القصاص أو في السرقة وقد كان وجب عليها قطع قبل ذلك في قصاص فان للمقطوعة يده أرش يده في مال القاطع الأول وإذا اقتص الرجل من الرجل في عين أو يد أو شجة فمات المقتص منه فان ديته على عاقلة المقتص له في قول أبي حنيفة وفيها قول آخر إنه لا ضمان عليه لأنه إنما أخذ حقه وهو قول أبي يوسف ومحمد ألا ترى أنه لو قطع في سرقة فمات لم يكن على الإمام شيء فكذلك

القصاص ألا ترى أنه إنما وضع القصاص في موضعه أرأيت لو بط قرحة له أو حجمه أو قطع عرقا من عروقه أو ختنه ولم يجاوز ما أمره ثم مات أكان يضمن فالذي أخذ القصاص ولم يجاوز ذلك أليس قد أخذ ما أمره الله تعالى به من القصاص ولو أن المقتص منه قال اقتصوا مني فأمر بذلك كما أمر بالختان أو الحجامة ثم مات من ذلك أكان فيه ضمان لا ضمان في شيء من هذا ولو كان المقتص له مات كان المقتص منه يقتل به من قبل أنها قد صارت نفسا ولو أن رجلا قتل رجلا فدفع إلى وليه فقطع يده عمدا أو مثل به في غير ذلك الموضع لم يكن عليه في ذلك الأرش لأنه قد كانت له نفسه فاليد من النفس ألا ترى أن النفس يأتي على ذلك ولكنه يعزر لما أتى من المثلة ويحال بينه وبين المثلة بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المثلة


ولو قطع يده ثم عفا عنه كانت عليه دية اليد لأنه أخذها بغير حق وهذا قول ابي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد إنه لاضمان عليه من قبل أنه كانت له النفس ألا ترى أنه لو مات منها كان أخذ حقه
وإذا قطع الرجل يد الرجل اليمنى عمدا من مفصل وقطع يد آخر اليسرى من مفصل فعليه القصاص لهما جميعا
وفي العين القصاص وفي الرجل وفي السن إذا قطعت أو كسر بعضها ولم يسود ما بقي فاذا فقئت العين وذهب نورها ولم ينخسف فيها القصاص تحمى المرآة ثم تقرب منها حتى يذهب نورها ويربط على عينه الآخرى وعلى وجهه قطن


وفي السمحاق والباضعة والدامية والموضحة القصاص وليس في المنقلة ولا في الآمة ولا في الجائفة قصاص وإذا أحرق الرجل الرجل بالنار فان عليه القصاص يقتله وليه بالسيف إن أراد ذلك وإذا طعن الرجل الرجل برمح لا سنان فيه فجافه فمات فعليه فيه القصاص وكذلك لو رماه بسهم ليس فيه نصل أو نشابه فهذا كله فيه القصاص وكذلك لو شق بطنه بعود أو ذبحه بقصبة ففي هذا كله القصاص لأن هذا قد وقع موقع السلاح وإن ضربه بعمود حديد أو بسنجة حديد أو ما أشبه ذلك من النحاس والحديد فعليه القصاص ولو ضربه بحجر أو بعضا حديد حتى يدفعه لم يكن فيه قصاص وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر إنه إذا جاء من هذا ما يعرف أنه مثل السلاح أو أشد ففيه القصاص وهو قول أبي يوسف ومحمد
وإذا غرق الرجل رجلا فلا قصاص عليه وعلى عاقلته الدية بلغنا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قضي بنحو ذلك من قبل

أنه قد ينفلت من الماء ولو منع به من ذلك ما يعرف أنه لا يخرج ولا ينفلت من الماء كان فيه الأرش أيضا ولا قصاص فيه وهذا قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف ومحمد عليه القصاص إذا جاء من ذلك ما لا يعاش من مثله ولو أن رجلا خنق رجلا حتى مات أو طرحه في بئر فمات

أو ألقاه من ظهر جبل أو من سطح فمات لم يكن عليه قصاص وكان على عاقلته الدية فان كان خناقا قد خنق غير واحد معروفا بذلك فعليه القتل ولو سقي رجل رجلا سما أو أوجره إياه إيجارا فقتله لم يكن عليه القصاص فكان على عاقلته الدية ولو كان أعطاه إياه فشربه هو لم يكن عليه فيه شيء ولا شيء على عاقلته من قبل أنه شربه هو

باب تزويج المرأة على الجراحة
وإذا قطعت المرأة يد الرجل عمدا أو جرحته ثم تزوجها على تلك الجراحة وعلى قطع تلك اليد أو تلك الضربة فذلك كله سواء فان برأ وصح فان مهرها أرش ذلك الجرح وتلك الضربة فان طلقها قبل أن يدخل بها كان لها نصف ذلك الأرش وترد عليه نصفه وكذلك إذا تزوجها على الجناية أو الجرح وما يحدث منها وبرأ فهو سواء وهو باب واحد فان مات من ذلك فهو مختلف أما إذا تزوجها على اليد أو على الضرب أو على الجرح فانه لا ينبغي في القياس أن يكون عليها القصاص لأنها قد صارت نفسا وصارت غير ما تزوجها عليه ولكني أدع القياس وأستحسن فأجعل عليها الدية في مالها وأجعل لها مهر مثلها ولا ميراث لها لأنها قاتلة وعليها عدة المتوفي عنها زوجها في قول أبي حنيفة


وأما إذا تزوجها على الجناية أو على الجرح وما حدث فيها أو على الضربة وما يحدث فيها فان النكاح جائز وقد عفا عنها ولا يكون هذا مهرا لأنه قصاص ليس بمال فلها مهر مثل نسائها لا وكس ولا شطط ولا ميراث لها لأنها قاتلة ولو طلقها قبل أن يدخل بها كان لها المتعة وكان هذا عفوا وكذلك الرجل يقطع يد رجل عمدا فان عفا عن اليد أو عن الجرح أو عن الضربة ثم مات فليس هذا بعفو وعليه القصاص في القياس ولكني أدع القياس في هذا وأجعل عليه الدية في ماله ولو عفا عن الضربة وما يحدث فيها أو عن الجناية أو عن الجرح وما يحدث فيها كان هذا عفوا ولا شيء على القاتل فيه ولو كان الذي عفا مريضا وهو صاحب فراش كان عفوه جائزا لأن هذا قصاص وليس بمال في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إن تزوجها على الضربة أو الشجة أو اليد وما يحدث فيها أو لم يقل وما يحدث فيها فهو سواء وهو بمنزلة قول ابي حنيفة في الضربة وما يحدث فيها ذلك عفو عن النفس ولها مهر مثلها وكذلك قالا في الرجل يعفو عن ضرب رجل ضربه فهو عفو عن ذلك وما يحدث فيه وإن لم يقل وما يحدث فيه وإذا جرح الرجل الرجل عمدا بالسيف فأشهد المجروح على نفسه أن فلانا لم يجرحه ثم مات المجروح من ذلك فلا شيء على فلان وإن قامت البينة على الجراحة لم يجز أيضا لأن إقراره على نفسه أصدق

من البينة ولو لم يقر بذلك المجروح ولكن أولياء المجروح عفوا عن الجناية قبل موته ثم مات فان عفوهم باطل في القياس ولكني أستحسن فأجيزه وكذلك لو عفا المجروح نفسه عن الجراحة أجزت عفوه وأخذت بالاستحسان فيهما جميعا وأدع القياس فيهما لأنه قتل ألا ترى أن المجروح نفسه إذا عفا فقد عفا قبل أن يجب القتل وكذلك إذا عفا الورثة فقد عفوا قبل أن يجب لهم القتل فعفوهم جائز وليس يدخل العمد في الثلث لأنه ليس بمال ولو كان مالا ما جاز ذلك إلا ببينة

باب العفو عن القصاص
وإذا عفا الرجل عن العمد وهو مريض أو غير مريض فعفوه جائز ولا يدخل ذلك في الثلث لأنه ليس بمال إنما هو دم فهو جائز
ولو عفا عن أحد القاتلين كان للورثة أن يقتلوا الآخر بعد أن يموت صاحبهم من ضربتهما ولا يبطل عن الباقي القتل للعفو عن الأول ألا ترى أن القتيل لو لم يعف أو عفا الورثة بعد موته عن أحدهما على مال كان لهم أن يقتلوا الآخر وكذلك لو صالحوا أحدهما على مال كان لهم أن يقتلوا الآخر ولكل وارث في الدم وإن كان عمدا نصيب بميراثه منه يجوز فيه عفوه وصلحه

بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ورث امرأة أشيم من عقل أشيم

وبلغنا عن إبراهيم أنه قال لكل وارث في الدم نصيب وبلغنا عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال إذا أوصى الرجل بثلث ماله دخلت ديته في تلك الوصية
وبلغنا عن علي أيضا أنه كان يقسم الدية على من أحرز الميراث
وإذا كان دم العمد بين الرجلين فعفا أحدهما فلا قود على القاتل وللآخر أن يأخذ حصته من الدية في مال القاتل بلغنا عن عمر

وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا ذلك وهو في ثلاث سنين يؤخذ في كل سنة ثلث
وإذا كان دم العمد بين اثنين فشهد أحدهما على الآخر أنه عفا فأنكر ذلك المشهود عليه والقاتل فقد بطلت حصة الشاهد من الدم لأنه يجر المال إلى نفسه بشهادته ولا شيء له على القاتل وللمشهود عليه نصف الدية في مال القاتل ولو كان ادعى القاتل شهادته على صاحبه بالعفو فشهد على عفو صاحبه عن القاتل فان لهما الدية جميعا عليه ألزمته نصف الدية للشاهد من قبل أنه ادعى شهادته وزعم أنه قد وجب له نصف الدية حين زعم أن الآخر قد عفا ولم يلزمه له في الباب الأول شيء من قبل أنه أنكر شهادته له ولم يدعها فأما المشهود عليه فله نصف الدية على كل حال لأن شهادة أخيه لا يجوز عليه لأنه يجر نصف الدية إلى نفسه ولو شهد معه آخر لم يجر ولم يبطل حقه من الدية


وإذا كان دم العمد بين اثنين فشهد كل واحد منهما على صاحبه أنه قد عفا والقاتل لا يدعى ذلك ولا ينكر فأيهما ما شهد أول مرة فقد بطل حقه لأنه يجر بشهادته نصف الدية إلى نفسه وقد وجب حق صاحبه بشهادته لأنها بعد شهادة الأول وإذا شهد معا لم يتقدم أحدهما صاحبه فلا حق على القاتل لواحد منهما من دية صاحبه ولا غير ذلك من قبل أن كل واحد منهما يجر بشهادته نصف الدية إلى نفسه فان صدق القاتل أحدهما وكذب الآخر أعطي الذي صدق نصف الدية وبطل حق الآخر وإن صدقهما جميعا أنهما قد عفوا فانه ينبغي في قياس هذا القول أن يضمن لهما الدية جميعا ولكني أستحسن أن لا أضمنه لهما جميعا شيئا لأنه زعم أنهما عفوا
وإذا كان الدم بين ثلاثة فشهد اثنان على أحدهم أنه قد عفا فشهادتهما عليه باطل لا يجوز لأنهما يجران إلى أنفسهما الدية ولا قصاص على القاتل فان كذبهما أعطي المشهود عليه ثلث الدية ولم يكن للشاهدين عليه شيء فان صدقهما أعطاهم الدية أثلاثا بينهم جميعا وإن لم يصدق ولم يكذب فهو بمنزلة التكذيب لهما
وإن شهد رجل وامرأتان من الورثة على رجل أنه قد عفا أو على امرأة وقد بقي من الورثة بقية لم يشهدوا ولم يشهد عليهم فان للذي بقي منهم وللمشهود عليه حصتهم من الدية
وأما الشهود فان صدقهم القاتل أعطاهم حصتهم أيضا من الدية وإن كذبهم لم يكن لهم شيء

وشهادة النساء إذا كانت مع الرجال إذا كانوا من غير الورثة في العفو عن القصاص جائزة من قبل أن هذا ليس بحد ولا بقصاص وكذلك لو شهدن مع رجل على صلح في القصاص في نفس كانت أو فيما دونها فهو جائز وكذلك الشهادة على الشهادة وإذا دعا القاتل العفو على بعض الورثة وليس له بينة فان له أن يستحلفه على ذلك فان حلف فالقصاص على حاله كما هو يؤخذ به وإن نكل عن اليمين بطل حقه وصار بمنزلة من قد عفا ولشركائه من الورثة حصتهم من الدية في مال القاتل وإذا شهد للقاتل أبواه أو ابناه على العفو فان شهادتهم لا يجوز ولا يدرأ عنه بشهادتهم من القصاص شيء وكذلك كل من لا يجوز شهادته له مثل امرأته أو مكاتبه أو مدبره أو شبه ذلك فأما أخواه أو شريكاه فان شهادتهم على العفو جائزة وعلى صلح لو ادعاه فان ادعى ورثة القتيل وأنكر القاتل ذلك فشهد على القاتل ابناه أو أبواه فشهادتهما عليه بذلك جائزة لأنهم يشهدون عليه إذا ادعى ذلك الولى وإذا حجد ذلك الولى وادعاه القاتل فإنما يشهدون له فلا يجوز شهادتهم
ولا يجوز شهادة المحدود في قذف في عفو ولا دم ولا صلح ولا غيره وكذلك الأعمى والفاسق والعبد والمكاتب وأم الولد لا يجوز شهادة أحد مهم في عفو ولا صلح ولا دم عمد ولا غيره
وإذا شهد شاهدان على القاتل أنه صالح على الدية وأنهما كفلا

بها عنه وادعى ذلك القاتل وأنكر الولي فإن شهادتهما لا تجوز لأنهما ذكرا ان الكفالة كانت في الصلح وإن ذكرا أن الكفالة كانت بعد الصلح فشهادتهما على الصلح جائزة ويؤخذان بالكفالة بإقرارهما على أنفسهما ولا يرجعها بذلك على الذي كفلا عنه لأنهما مقران بالحق على أنفسهما إلا أن يكون أمرهما بذلك وإن ادعى الولي شهادتهما يجوز على أنفسها ولا يرجعان على القاتل بشيء من ذلك
وإذا شهد شاهدان على العفو وقضي القاضي بشهادتهما ثم رجع الشاهدان على العفو فلا ضمان عليها من قبل أنهما لم يتلفا له مالا إنما أتلفا له القصاص وعليهما التعزير في قول أبي يوسف ومحمد ولا تعزير عليهما في قول أبي حنيفة ولا قصاص على القاتل في قول أبي حنيفة من قبل القضاء الذي قضى به
وإذا شهدا بالعفو ولم يقض القاضي بشهادتهما حتى رجعا فإن القصاص كما هو على حاله يقضي به القاضي لأن الشهادة لم يتم وإذا شهدا أحدهما على العفو في يوم وشهد الآخر عليه في يوم آخر أو في شهرين مختلفين أو في بلدين مختلفين فإن شهادتهما جائزة اختلاف الأيام والبلدان في ذلك لأن العفو كلام وليس بعمل ألا ترى أنه لو شهد عليه شاهد باقراره بالمال في مكان وشهد عليه باقراره بذلك المال في مكان آخر كان جائزا وإذا شهد شاهدان على أحد الورثة بالعفو ولا يعرفون أيهم هو فان شهادتهم باطل لا يجوز من قبل أنهم لم يثبتوا الشهادة

والقصاص على حاله يقضي به عليه وإذا اختلف الشاهدان في العفو فقال أحدهما عفا على ألف درهم وصالح عليها وقال الآخر عفا على غير جعل فانه لا يجوز شهادتهما من قبل أنهما قد اختلفا ألا ترى أن أحدهما لو شهد أنه طلق امرأته على ألف درهم وشهد آخر أنه طلقها على غير جعل أبطلت شهادتهما فكذلك العفو ولو شهد أنه صالحه على مال فشهد أحدهما أنه صالحه على ألف وشهد الآخر أنه صالحه على خمسمائة فان هذا وذاك في القياس سواء ألا ترى أن القاتل إذا ادعى شهادة الذي شهد بخمسمائة فقد أكذب الذي بالألف وإن ادعى شهادة الذي شهد بألف فقد أكذب الآخر ولا عفو له لأن الشاهدين قد اختلفا وإن لم يدع القاتل ذلك وادعاه ولي الدم فقد جاز العفو ولا آخذ له بشيء من المال لأن شهادتهما قد اختلفا في قياس قول ابي حنيفة وكذلك الباب الأول ألا ترى أن الشاهدين لو شهدا على صلح فشهد أحدهما أنه صالحه على عبد وشهد الآخر أنه صالحه على ألف درهم وادعى ذلك القاتل وأنكر ذلك الولي فانه باطل لأنهما قد اختلفا وعليه القصاص وإن لم يدع ذلك القاتل وادعاه ولي الدم فان العفو جائز ولا شيء له وإذا عفا الرجل عن دم لولده وهم صغار ولا حق له فيه فعفوه

باطل وكذلك الوصي يعفو عن دم اليتيم فان صالح عليه فالصلح جائز وإن حط من الدية شيئا فلا يجوز ما حط ويبلغ به الدية وكذلك الأب والنفس في هذا وما دونها سواء وإذا قتل الرجل عمدا وليس له ولي إلا السلطان فللامام أن يقتص من قاتله إن شاء وليس له أن يعفو لأنه لا يملك ذلك فان صالحه على الدية فهو جائز وإن كان للدم وليان أحدهما غائب فادعى القاتل أن الغائب قد عفا عنه وأقام البينة على ذلك فاني أقبل ذلك وأجيز العفو على الغائب لأن هذا الشاهد خصم وللحاضر أن يأخذ حصته من الدية وإذا قدم الغائب لم يعد الشهود عليه الشهادة وإن ادعى عفو الغائب ولم يكن له بينة فأراد أن يستحلفه فانه يؤخر حتى يقدم الغائب فان نكل عن اليمين بطل حقه ولزم القاتل حق الحاضر من الدية وإن حلف فالقصاص على حاله وإن ادعى بينة على العفو حاضرة أجلته ثلاثة أيام فان جاء بالشهود أجزت ذلك وإن لم يأت بهم حتى يمضي ثلاث أو ادعى بينة غائبة فانهما سواء في القياس وينبغي في قياس قولنا هذا أن يقضي عليه ويمضي القضاء كما يمضيه في المال لو كان مالا ولكني أستعظم الدم ولا أعجل فيه القصاص حتى أتبين في ذلك وأستأن به وأؤجله ولا أعجله
ولو شهد شاهدان على العفو على أحد الورثة بعينه أو شهدوا أنه أقر أن فلانا لم يقتله فهو سواء والشهادة عليه جائزة وكذلك إذا

عفا الوارث عن القاتل عند موته أو أقر عند موته أن فلانا لم يقتل صاحبه فهو جائز عليه ولا يكون ذلك من ثلثه لأنه ليس بمال وعفو الوارث عند موته في مرضه وصحته سواء وإذا عفا المضروب عن الجراحة أو الضربة أو الشجة أو اليد ثم برأ منها وصح فعفوه جائز وإن مات منها فعفوه باطل من قبل أنها قد صارت نفسا وأنه عفا عن غير نفس وينبغي في القياس أن يقتله ولكنا ندع القياس ونستحسن فنجعل عليه الدية في ماله في قول أبي حنيفة وكذلك لو برأ من ذلك ثم انتقضت فمات كان بمنزلة من لم يبرأ حتى مات
فان عفا الجراحة عن المجروح أو عن الضربة وما يحدث فيها فان عفوه جائز وكذلك إذا عفا عن الشجة وما يحدث فيها فان عفوه جائز مات أو برأ لأنه قد عفا عن جميع الجنايات وكذلك لو صالحه على مال عن الجناية أو عن الشجة وما يحدث فيها أو عن الضربة وما يحدث فيها كان الصلح فيه على ذلك جائزا وكذلك لو صالحه على الضربة أو على اليد أو على الجرح أو على الشجة ولم يقل وما يحدث فيها كان الصلح جائزا فان مات فعليه الدية كاملة في قول أبي حنيفة يحسب له من ذلك ما أخذوها في قول أبي حنيفة وإذا قضي لرجل بالقصاص في نفس فقطع يد القاتل عمدا أو خطأ ثم عفا عنه فانه ضامن لدية يده وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد إنه لا شيء عليه لأنه

قد كانت له نفسه ولو قتله ولم يعف عنه لم يكن عليه في اليد شيء في القول الأول ولا في القول الآخر لأنه قد كانت له نفسه ولو قطع يديه أو رجليه متعمدا لذلك ثم قتله لم يكن عليه في ذلك شيء إلا أنه قد أساء في المثلة وعليه التعزير ولا يترك القاتل أن يمثل به والمثلة قد جاء فيها النهي عن النبي صلى الله عليه
وإذا كان الدم بين اثنين فعفا أحدهما ثم قتله الآخر عمدا ولم يعلم بالعفو أو علم بالعفو ولم يعلم أن الدم حرم بالعفو فعليه الدية كاملة في ماله يحسب له من ذلك نصف الدية حصته من دم المقتول الأول ويؤدي النصف وكذلك لو كان قتله بعد ما علم بالعفو عمدا فان عليه الدية في ماله يحسب له من ذلك نصف الدية ولا قود عليه إلا أن يكون فقيها يعلم أنه ليس له أن يقتل بعد العفو فان كان ذلك قتل به وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد
وإذا وجب على الرجل القصاص فقتله ولي الدم بسيف أو بعصا أو بحجر فهو قصاص وكذلك لو وقع في بئر حفرها في الطريق أو تعثر بحجر وضعه في الطريق أو أصابه كنيف قد أخرجه في الطريق فقتله لم يكن عليه في ذلك شيء وكان هذا بمنزلة القصاص فان كان له وليان فعفا أحدهما ثم أصابه هذا الآخر بعد العفو فعلى عاقلته الدية في جميع ذلك إلا بالسيف فانه في ماله ويأخذ هو من ذلك نصف الدية إن كان ذلك في ماله وإن كان على عاقلته أخذ أولياء

المقتول خطأ الدية من العاقلة ثم يرجع الذي قتل خطأ في ماله المقتول خطأ بنصف الدية التي وجبت له على عاقلته ولو قتله غير الولي بغير أمر الولي عمدا أو خطأ بطل دم الأول ولا حق لولي الأول ويكون على القاتل الآخر القصاص في العمد وعلى العاقلة الدية في الخطأ وإن قتله فقال الولي أن كنت أمرته ولم يكن عليه بذلك بينة فان هذا والأول سواء في القياس إلا أن يعلم أن الولي أمره فلا يكون عليه قصاص ولا دية له

باب العفو في الخطأ
* وإذا قتل الرجل الرجل خطأ فديته بين جميع الورثة على فرائض الله تعالى تدخل في ذلك المرأة وكذلك إن كانت المرأة هي المقتولة كان لزوجها الميراث مع ورثتها من الدية بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ورث امرأة اشيم الضبابي من عقل زوجها أشيم
وبلغنا عن علي رضي الله عنه أنه قال لقد ظلم من منع الإخوة من الأم ميراثهم من الدية


وبلغنا عن علي أنه قال الدية يقسم على من أحرز الميراث وأنه قال أيضا تدخل الدية في الوصية فان عفا زوج المرأة فعفوه جائز وكذلك المرأة وكذلك الموصي له بالثلث وليس للموصي له بالثلث عفو في العمد لأنه ليس بمال فان صولح القاتل على مال دخل فيه وكان عفوه جائزا بعد الصلح وليس للغرماء عفو في عمد ولا خطأ من قبل أن العمد ليس بمال ومن قبل أن الخطأ مال للميت فليس لهم أن يبطلوه وإن تركوا ديتهم للميت كانت ديته للورثة وإن لم يترك الغرماء الدين أخذوه من الدية إذا قبضت

بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال لكل وارث نصيب من الدية وإن عفا فعفوه جائز وإذا عفا الرجل عن دمه وهو خطأ في مرضه الذي مات فيه فان عفوه جائز من ثلثه وإن لم يكن له مال غير الدية جاز منها ثلثه وبقي على عاقلة القاتل الثلثان في ثلاث سنين ميراثا بين ورثته على فرائض الله تعالى وإن أوصى بشيء غير ذلك تحاص أهل الوصية والعاقلة في الثلث فان أعتق عبدا بدأنا به من الثلث ثم تحاص أهل الوصية فيرفع عن العاقلة ما أصابهم من الوصية ويؤخذون ما بقي من الدية فان كان على الميت دين ولم يعف عن القاتل وعفا بعض الورثة وفي الدية وفاء بالدين وفضل فانه يؤخذ من العاقلة قدر الدين فيؤدي إلى الغرماء ثم يرفع عنهم حصة الذي عفا عنهم مما بقي ويؤخذون بحصة من لم يعف وذلك كله في ثلاث سنين الذي للغرماء والذي للورثة إلا أن الغرماء يبدأ بهم فيقضون ما خرج الأول فالأول ويكون ما بقي من الورثة وإن كان الدين مستغرقا للدية لم يجز عفو أحد من الورثة ولا عفو المقتول إذا كان عفا أو لم يكن له وفاء بالدين
وإذا شهد شاهدان من الورثة على بعضهم أنه قد عفا عن حصته

من الدم والقتل خطأ فشهادتهما جائزة من قبل أنهما لا يجران إلى أنفسهما من ذلك شيئا ليس هذا كالعمد الذي يتحول إذا دخل فيه العفو عن حال القصاص إلى الدية وإنما هذا مال كله لكل وارث منه حصة إن عفا أحدهم أو لم يعف
وإذا شهد رجل وأمرأتان من الورثة على بعضهم أنه قد عفا كان ذلك جائزا على المشهود عليه
ولو شهدوا أنه أخذ مالا وصالح على شيء منها فأخذه لم يجز شهادتهم من قبل أن لهم أن يرجعوا عليه بحصتهم مما أخذ إذا جازت شهادتهم فهم الآن يجرون إلى أنفسهم بها فلا أجيزها ولو لم يشهدوا على هذا ولكن الشاهدين أخذا طائفة من الدية ثم شهدا على الذي لم يأخذ من الدية شيئا أنه قد كان عفا أبطلت شهادتهم لأنهم يدفعون عن أنفسهم بها ألا ترى أن لهذا الوارث أن يشركهم فيما أخذوا فهم يدفعون عن أنفسهم وإذا كانت الشهادة تدفع مغرما عن صاحبها أو تجر إليه مغنما فهي مردودة ولاتجوز وإذا شهد وارثان سعلى المقتول أنه قد عفى عند موته عن القاتل فشهادتهما جائزة والعفو من ثلثه وإذا شهد شاهدان على عفو الورثة وهم كبار فأجاز القاضي ذلك فأبرأ القاتل ثم إن الشاهدين رجعا عن شهادتهما فهما ضامنان للدية التي بطلت بشهادتهما والقضاء ماض على حاله وإن رجع أحدهما

ضمن النصف في ثلاث سنين وإن شهد رجل وامرأتان على العفو فهو جائز فان رجعوا بعد ما يمضي القاضي القضاء ضمن الرجل نصف الدية وكل امرأة ربعا وإن كان النساء عشرا والرجل واحد ثم رجعوا جميعا ضمن الرجل النصف وضمن النسوة النصف في قول أبي يوسف ومحمد فان لم يرجعوا جميعا ورجعت امرأة واحدة من العشرة فلا ضمان عليها وقال أبو حنيفة إذا شهد على العفو عشر نسوة ورجل ثم رجعوا جميعا فعلى النسوة خمسة أسداس وعلى الرجل السدس ولو رجع ثمان منهن لم يكن عليهن شيء لأنه قد بقي مما تنفذ به الشهادة شهادة رجل وامرأتين فلو رجعت واحدة بعد رجوع الثمان كان على التسع جميعا الربع فان رجع الرجل أيضا كان عليه النصف وإن رجعت العاشرة من النسوة كان عليها وعلى التسع جميعا النصف يحسب للتسع ما أخذ منهن من ذلك في قول أبي يوسف ومحمد
وإذا شهد رجلان وامرأتان فقضي القاضي بذلك ثم رجع رجل وامرأة فانهما يضمنان من ذلك الربع من قبل أنه قد بقي ثلاثة أرباع الشهادة على الرجل من ذلك الربع ثلثاه وعلى المرأة ثلثه ولو رجعت المرأة الباقية كان على الرجل والمرأتين النصف على الرجل من ذلك الربع وعلى المرأتين الربع وإن رجعوا جميعا فان على كل رجل ثلثيه وعلى المرأتين الثلث


ولو كان مكان المرأتين عشر نسوة لم يكن عليهم إلا الثلث لأن النسوة ههنا بمنزلة رجل واحد وإن كثرن ألا ترى أن ثلثا وأكثر من ذلك إنما يقطع بشهادتهن ما يقطع بامرأتين وهذا قول أبي يوسف ومحمد ولو شهد رجلان وامرأة فقضي القاضي بشهادتهم ثم رجعت المرأة فلا شيء عليها لأنا لم نقض بشهادتهم ولو رجع الرجلان ضمنا الدية لا ضمان على المرأة
وإذا عفا المقتول عن الضربة أو عن الجناية أو عن الشجة أو عن الجرح أو اليد المقطوعة ثم برئ من ذلك وصح وهو خطأ كان عفوه جائزا وإن مات فعفوه باطل من قبل أنها نفس وإنما عفا عن غير النفس في قول أبي حنيفة وإن عفا عن الضربة وما يحدث منها أو عن الجناية أو عن الجرح وما يحدث فيها فان عفوه جائز من ثلثه في قول أبي حنيفة وإذا جرحت المرأة رجلا جرحا خطأ فتزوجها عليه فالنكاح جائز وإن برئ فلها أرش الجرح مهر مثلها وكذلك إذا تزوجها على الضربة أو الشجة أو اليد ثم برئ وصح فان طلقها قبل أن يدخل بها أخذ منها نصف أرش ذلك وإن مات من ذلك فالنكاح جائز ولها مهر مثلها وعلى عاقلتها الدية ولا ميراث لها منه لأنها قاتلة فان طلقها قبل أن يدخل بها ثم مات فانما لها المتعة بمنزلة من لم يسم لها مهرا وهذا

قول أبي حنيفة
وإن تزوجها وهو مريض على الضربة وما يحدث فيها أو الشجة وما يحدث فيها ثم مات من مرضه ذلك فقد تزوجها على الدية فانه يحسب لعاقلتها من ذلك مهر مثلها والثلث مما بقي وصية ويأخذ ورثته عاقلتها بالفضل ولا ميراث لها لأنها قاتلة وإن كان طلقها قبل أن يدخل بها أخذوا من عاقلتها نصف الدية وينظر إلى نصف الآخر فيحسب لهم منه نصف مهر مثلها والثلث مما بقي وصية لقاتله ويرد الفضل على الورثة وتؤخذ به عاقلتها حتى يؤدوه ولا وصيثة لها لأنها قاتلة ويكون للعاقلة وصيته لأنه أوصى لهم به ولم يجعله للمرأة وإذا عفا الرجل عن أحد القاتلين والقتل خطأ فعفوه جائز من ثلثه ونصف الدية على الآخر ولا يبطل عنه منها شيء وقال أبو يوسف ومحمد إذا عفا عن اليد أو عن الضربة أوعن الشجة أو عن الجرح ولم يقل وما يحدث فيه ثم مات فعفوه عندنا عن النفس وهو بمنزلة العفو عن ذلك وما يحدث فيه وكذلك اذا تزوج على ذلك امرأة فكأنه تزوجها على النفس فكأنه قال تزوجتك على الضربة وما يحدث فيها وعلى اليد وما يحدث فيها وكذلك العفو كأنه قال قد عفوت عن الضربة وما يحدث فيها وهو قول أبي حنيفة الذي قبل هذا

باب شهادة الورثة بعضهم على بعض في العفو
* وإذا قتل الرجل عمدا وله وارثان فشهد أحدهما على صاحبه أنه قد عفا وأنكر الآخر فان القاتل يسأل عن ذلك فان ادعى ذلك

فقد أقر للشاهد بنصف الدية ولا يصدق الشاهد والقاتل على إبطال حق الآخر فيغرم له أيضا نصف الدية ولا يقتل من قبل أن أحد الوارثين قد أقر فيه بعفو وإن أنكر القاتل شهادته ولم يدعها فلا حق للشاهد من قبل أنه يجر إلى نفسه بشهادته مالا وللمشهود عليه نصف الدية في مال القاتل
وإذا كانت الورثة ثلاثة فشهد اثنان على واحد أنه قد عفا فشهادتهما باطل من قبل أنهما يجران إلى أنفسهما بالشهادة مالا فان ادعى ذلك القاتل غرم لهما ثلثي الدية وغرم للمشهود عليه ثلث الدية وإن لم يدع شهادتهما فلا حق للشاهدين من الدية ولا من القصاص وللمشهود عليه ثلث الدية وكذلك لو شهدا أنه صالح على مال فشهادتهما فيه باطل والأمر فيه كما وصفت لك وإذا ادعى القاتل شهادتهما كان لكل إنسان منهما ثلث الدية ولا يصدق الشاهدان إن شهدا على أحدهما أنه صالح على أقل من الثلث وإذا ادعى أحدهم الصلح وشهد بذلك الواثاله الباقيان فأنكر ذلك القاتل فلا شيء على القاتل لواحد منهم من الصلح ولا من الدية لأنهما يجران إلى أنفسهما بشهادتهما ثلثي الدية ولا يصدقان
وإذا شهد شاهدان على أحد الورثة أنه عفا ولا يعرفونه بعينه فشهادتهما باطل وعليه القصاص ولو شهد شاهدان على أحد الورثة

بعينه آجره القاتل اليوم إلى الليل على ألف درهم فان ذلك لا يكون عفوا ولا مال له فان شهدوا أنه أخذ منه ألفا على أن يعفو عنه يوما إلى الليل فهذا عفو وهذا صلح جائز ولبقية الورثة حصتهم من الدية
محمد عن أبي يوسف عن سليمان عن زيد بن وهب قال وجد رجل مع امرأته رجلا فقتلها بالسيف فاستحيا بعض إخوتها مما فعلت فعفا عنه فجعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمن لم يعف حصته من الدية محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال لكل وارث حصته من الدية رجلا كان أو امرأة إذا عفوا في العمد أو من الخطأ
أبو يوسف عن يحيى بن سعيد عن الزهري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب فقال من يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورث امرأة من عقل زوجها شيئا فقام إليه الضحاك بن سفيان الكلابي وكان على شيء كلاب فقال أتاني كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن أورث امرأة أشيم من عقل أشيم محمد عن ابي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب استشار عبدالله بن مسعود في دم عفا عنه بعض الورثة فقال عبد الله قد أحيا هذا بعض النفس فلا يستطيع بقية الورثة أن يقتلوه حتى يفبلوا ما عفا هذا عنه وللذي لم يعف حصته من الدية فقال عمر وأنا أرى ذلك
وإذا كان الدم بين اثنين فشهد كل واحد منهما على صاحبه بالعفو جميعا معا وهو عمد والقاتل ينكر ذلك فلا على شيء اواحد منهما عليه وإن ادعى يالقال العفو منهما فلا دية عليه أيضا في ذلك من قبل أنه لم يقر لهما بمال فاذا شهد أحدهما على صاحبه بالعفو وصدقه المشهود له عليه فانه ينبغي في القياس أن لا يكون للشاهد شيء ولكني أدع القياس وأجعل له نصف الدية ولو شهد أحدهما على صاحبه بعفو ثم شهد الآخر على صاحبه

بالعفو أيضا والقاتل يجحد ذلك بطل حق الشاهد الأول وكان للباقي نصف الدية إذا أكذبهما القاتل ولو أن رجلا أخذ السكين فوجأ بها رأس إنسان فأوضحت ثم جر السكين قبل أن يرفعها حتى شجه أخرى إلى جانبها فاتصلت أو لم تتصل فان هذه موضحة واحدة وعليه فيه القصاص ولو أن هذا كان خطأ كان فيه أرش موضحة واحدة ولكن لو رفع السكين ثم وجأه أخرى إلى جنبها فاتصلت أو لم تتصل فان هذه موضحة اخرى يقتص منها في العمد وعليه في الخطأ أرش الموضحتين لأنه قد رفع يده والأول لم يرفع يده فلذلك اختلف وإذا فقأ الرجل عين الرجل وفي عينه تلك بياض ينقصها فان المفقوءة عينه بالخيار إن شاء اقتص من عينه الناقصة إن شاء أخذ دية عينه وإن كانت المفقوءة هي الناقصة فليس فيها قصاص وفيها حكم عدل
وإذا قطع الرجل يد الرجل وفيها ظفر مسود أو جرح لا ينقصها فان فيها القصاص لأن هذا لا ينقص وإذا قطع الرجل من كف الرجل إصبعا زائدة فلا قصاص فيها وفيها حكم عدل وإن قطع الكف كلها فكانت تلك الإصبع توهن الكف وتنقصها فلا قصاص فيها وفيها حكم عدل وإن كانت لا تنقصها ولا توهنها ففيها القصاص وإذا قطع الرجل يد الرجل من المفصل فبرأت ثم اقتص منه

ثم برأ المقتص منه ثم قطع أحدهما ذراع صاحبه التي قطعت الكف منها فلا قصاص فيه وإن كانا سواء ليس في هذا قصاص

باب القصاص في النفس مما يقتص منه ومما لا يقتص منه
وإذا ضرب الرجل الرجل بالسيف فلم يزل صاحب فراش حتى مات فشهد على ذلك شاهدان فان عليه القصاص محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي بذلك ولا ينبغي للشهود أن يسألوا أمات من ذلك أم لا وكذلك بهذا في الخطأ ألا ترى أن الشهود لو شهدوا أنه مات كانوا قد شهدوا عليه بما يعلم القاضي أنهم فيه كذبة فكيف يحملهم على الكذب وهو يعلم فان شهدوا أنه قد مات من ذلك فشهادتهم جائزة إذا كانوا عدولا
وإذا قالوا لم يزل صاحب فراش حتى مات فقد شهدوا بالعلم الظاهر المعروف الذي لا ينبغي للقاضي أن يكلفهم غيره ولا يحملهم على الباطل وإذا شهد شاهدان على رجل أنه ضرب رجلا بالسيف حتى مات لم يزيدا على ذلك فهذا عمد فان سألهما القاضي أتعمد ذلك فانه أوثق فان لم يسألهما فهو عمد وكذلك إذا شهدوا أنه طعنه برمح أو رماه بسهم

أو نشابة فهو عمد كله أرأيت لو شهدوا أنه ذبحه أو شهدوا أنه شق بطنه بالسكين حتى مات أكان القاضي يسألهما أتعمد ذلك أم لا لا يسألهما عن ذلك هذا كله سواء وهو عمد وإذا شهد شاهد أنه قتله بالسيف وشهد الآخر أنه طعنه بالرمح فقد اختلفت شهادتهما وكذلك لو شهد أحدهما أنه ضرب بالسيف وشهد الآخر أنه ذبحه وكذلك لو شهد أحدهما أنه رماه بسهم وشهد الآخر أنه رماه بنشابة وكذلك لو اختلفا في البلدان فقال أحدهما بمكة وقال الآخر بالكوفة وكذلك لو اختلفا في الشهور أو في الأيام فقال هذا قتله في شهر كذا وقال الآخر قتله في شهر آخر وقال هذا في يوم كذا وقال الآخر في يوم آخر فهذا كله باطل لا تجوز شهادتهما لأنهما قد اختلفا وكذلك إذا اختلفا في موضع الضرب من جسده فقال هذا قطع يده فقتله وقال الآخر قطع رجله فهذا باطل إذا اختلف الشاهدان في الذي قتل به الرجل وفي موضع الضرب أو في الأيام أو في البلدان أو في الأماكن فشهادتهما باطل من قبل أن هذا فعل فلا يكون قاتلا في يومين رجلا واحدا ولا في بلدين ولا في ضربتين كل واحد منهما قد قتله وأتت على نفسه ولو شهد أحدهما أنه ضربه فقطع رجله فلم يزل مريضا حتى مات وشهد الآخر أنه ضربه فقطع يده ولم يزل مريضا حتى مات من ذلك كله من اليد أو من الرجل لم أقبل شهادتهما وذلك أنه إن برأ لم آخذ له بيد ولا رجل لأنه إنما شهد له على اليد الواحدة وعلى

الرجل الواحدة ألا ترى أن أحدهما لو شهد على موضحة وشهد الآخر على يد أو رجل لم أقبل شهادتهما أرأيت لو قال أحدهما قطع يده بالسيف وقال الآخر قطع يده بالسكين أو قال الآخر شجه بعصا حديد أما كانت شهادتهما قد اختلفت ولا آخذ بقول واحد منهما
وإذا شهد الشاهدان أنه قطع رجله من المفصل عمدا وشهد آخر أنه قطع يده من مفصل عمدا ثم شهدوا جميعا أنه لم يزل مريضا حتى مات والولي يدعي ذلك كله عمدا فاني أقضي على القاتل بنصف الدية في ماله من قبل أنه مات من جراحتين إحداهما قد قامت بها بينة والأخرى ليس لها بينة
وكذلك لو شهد على الرجل شاهدان فلم يزكيا ولو زكى أحد شاهدي الرجل وأحد شاهدي اليد ولم يزكيا الآخران أبطلت الشهادة كلها ولم آخذ بها فان زكي الشهود جميعا قضيت عليه القصاص فان طلب الولى أن يقتص من اليد والرجل فاني لا أجعل ذلك له من قبل أن صاحبه مات من ذلك فصار القصاص في النفس
ولو شهد شاهدان على رجل أنه قطع يد رجل من مفصل عمدا ثم قتله عمدا جعلت لوارثه أن يقتص من يده ويقتله وإن قال له القاضي اقتله قتله ولا يقتص من يده فذلك جزاء أيضا وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد ينبغي للقاضي أن يأمره بقتله

ولا يجعل له القصاص في يده لأنها جناية واحدة ألا ترى أنه أبرأ من اليد حتى قتله أو لا ترى أن ذلك لو كان كله خطأ كانت فيه دية واحدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وكذلك العمد في قول أبي يوسف ومحمد لا ينبغي أن يقتص فيه من اليد كما لا يكون في اليد أرش في الخطأ فأما أبو حنفة فقال في العمد كما وصفت لك في الباب الأول
ولو شهد أنه قطع يده خطأ ثم قتله آخر عمدا قبل أن يبرأ اليد جعلت على عاقلته دية اليد وقتلته له
ولو شهد شاهدان على هذا أنه قطع يده من مفصل عمدا وشهدا هما أو آخران على أنه ضرب عنقه رجل آخر جعلت لولي القتل القصاص على القاتل في النفس والقصاص على الآخر في يده وكذلك لو كان قتله الآخر خطأ جعلت لهم القصاص في اليد والدية في النفس ولا أبطل شيئا من ذلك ولو شهد شاهدان أن هذا قطع يده من المفصل من مفصل الكف ثم شهدا على آخر أنه قطع تلك اليد من المرفق ثم مات من ذلك كله والقطع عمد فان على صاحب الكف أن يقطع يده وعلى هذا الآخر القصاص في النفس لأن هذا هو القاتل من قبل أن القطع الثاني برء منه من القطع الأول وكذلك إن قطع إصبعا وقطع الآخر ما بقي من اليد

من المرفق أو من المنكب ومات من ذلك ولو كان القاطع الآخر قطع خطأ كانت عليه الدية وكان على الأول القصاص في الإصبع ولو كان قطع الأول خطأ وقطع الآخر عمدا كان على الأول أرش الإصبع على عاقلته وكان على الآخر القصاص
ولو شهد شاهدان على رهط أنهم اجتمعوا على قتل رجل عمدا غير أنهم قالوا كان مع أحدهم عصا غير أنا لا نعرف صاحب العصا أبطلت شهادتهما لأنهما لا يعرفان صاحب العصا أرأيت لو كان اثنان أحدهما صاحب العصا والآخر صاحب سيف فقالا لا ندري أيهما هو ألم أبطل شهادتهما لأن نصف الدية على العاقلة ونصفها في مال صاحب السيف فلا أدري أيهما هذا من هذا


ولو شهد شاهدان على رجل أنه قطع إصبع فلان من يده اليمنى وشهدا على آخر أنه قطع إصبعا من تلك اليد لا يدرون من صاحب هذه الإصبع ولا من صاحب هذه الإصبع والقطع عمد فان شهادتهم باطل لا يجوز من قبل أنهم لم يبينوا الشهادة أي إصبع قطع كل واحد فكذلك لو شهدوا على الخطأ أبطلت ذلك وإن كانت الدية سواء أرايت لو شهد شاهد أنه قطع إصبعه وشهد آخر أنه استهلك له ألف درهم أكنت أجيز شهادتهما
وإذا شهد شاهدان أنه قطع إصبع هذا الرجل الإبهام عمدا وشهد على المقطوعة إبهامه أنه قطع كف القاطع تلك عمدا من المفصل ثم برئا جميعا فانه يخير صاحب الكف المقطوعة فان شاء قطع ما بقي من يده تلك وإن شاء أخذ دية كفه من ماله وبطلت الإصبع من قبل أن هذا حيث قطع الكف لم يكن مقتصا من الإصبع لأنه وضع السكين في غير موضعها ألا ترى أنه لو اجتمع على قطع الكف رجلان أحدهما صاحب الإبهام كانت عليهما دية الكف وبطلت الإبهام ولو أن شاهدين شهدا على رجل أنه قطع يد رجل من المفصل وشهد آخران أنه جرحه سبع أو سبعان أو أصابه حجر فشجه أو عثر فانكسرت رجله أو جرح نفسه أو جرحه عبد له ثم مات من ذلك كله فلا قصاص على قاطع اليد وعليه نصف الدية ولو قطع رجل يد رجل خطأ وجرحه سبع وجرح عبد له جرح نفسه ثم مات من ذلك كله فعلى قاطع اليد ربع الدية وكذلك

لو خرجت به قرحة أو نهشته حية ولو اجتمع هذا كله فيه مع جراحة الرجل كان على الرجل النصف إذا لم يصبه إنسان مع ذلك وكان هذا كله مرض مع ذلك ولو أصابه رجل آخر مع ذلك كان على الرجلين ثلثا الدية لأنه قد مات من ذلك ولو أصابه حجر قد وضعه رجل أو حائط تقدم إلى أهله فيه مع جراحة رجل وجراحة سبع جعلت على الرجل الثلث وعلى صاحب الحائط الثلث وأبطلت الثلث ولا قصاص في شيء من هذا وإن كان عمدا من قبل الذي دخل فيه من الجراحة التي لا قصاص فيها
ولو أن رجلا جرحه رجل عمدا وسبعان أو ثلاثة ثم مات من ذلك كله كان على الرجل نصف الدية وكذلك لو أصابه جرح من حجر أو عثرة أو خرجت به قرحة أو نهشته حية أو اجتمع هذا كله فيه مع جراحة الرجل كان على الرجل النصف إذا لم يصبه إنسان مع ذلك لأن هذا كله مرض مع ذلك

باب الوكالة في الدم
وإذا وكل الوارث بدم ابيه وكيلا فان وكله باقامة البينة على ذلك فأني أقبل الوكالة على ذلك ولا أقبلها في القتل فاذا اثبت الدم ووقع القصاص فلا بد من أن يحضر الوراث فيقتل أو يصالح أو يعفو ولا يقبل في ذلك وكالة وكذلك لا أقبل وكالة في قصاص فيما دون النفس ولا في حد لأني لا أدري لعل صاحب القصاص قد عفا أو صالح ولكني أقبل الوكالة باثبات البينة

ولو وكل المطلوب وكيلا يخاصمه بذلك قبلت ذلك منه ولست أقبل وكيلا من أحد من خلق الله تعالى في شيء من الأشياء بعد أن يكون حاضرا صحيحا إلا برضا من خصمه وهذا قول أبي حنيفة وهو قول أبي يوسف الأول ثم رجع فقال أقبل الوكالة من الحاضر الصحيح وفي غير القصاص والحدود وإن لم يرض خصمه وهو قول محمد فان كان غائبا أو مريضا قبلت ذلك منه وإن أبي الخصم وهو قول محمد فاذا بلغ القصاص لم يكن بد من أن يحضروا جميعا فاذا جاؤا بالوكالة سألته البينة عليها فان زكي الشهود عليها دعوتهم بالحجج وإن أقر الوكيل وهو وكيل الطالب عند القاضي أن صاحبه يطلب طلبا باطلا أجزت عليه ذلك وابطلت حق صاحبه وإن أقر وكيل المطلوب أن صاحبه هو صاحب القتل والقطع فانه ينبغي في القياس أن أجيزه عليه ولكني أدع القياس فيه ولا أقبل صاحبه بقوله إلا أن يقيم شاهدين سواه أو يكون شاهد فيشهد آخر معه فان ذلك جائز
ولو كان وكيلا في غير القصاص أجزت إقراره على صاحبه ولست أقبل شهادة الوكيل وشهادة الآخر حتى يحضر صاحبه ولو وكلت امرأة بالقصاص لها مع ولد زوجها وكيلا وقعدت في بيتها في القتل لم يقبل ذلك منها ولم يكن بد من أن تخرج حتى تحضر القتل ليس ينبغي للحاكم أن يقضي في الدم إلا والورثة جميعا حضور

لا يقبل في ذلك وكالة أرأيت إن عفا الغائب أو صالح ألم يكن هؤلاء قد قتلوا من حرم دمه وإذا ماتت المرأة قبل القصاص فورثها أخوها أو أبوها كانوا شركاء في القصاص ولا يقتل القاتل حتى يحضر جميع ورثة المرأة لأنهم قد صاورا شركاء وإن كان القاتل من ورثة المرأة بطل عنه القصاص والدية للورثة يرفع عنه بحصته من ذلك ولو كانت المرأة حية وكان القاتل أبوها لم يكن عليه القصاص وكانت عليه الدية في ماله لأنه قد صار لها حقا في دمه ولو كان القاتل أخا لها كان عليه القصاص وإن ماتت المرأة وأخوها هذا عبد أو كافر وله ابن حر مسلم فصار له ميراث من المرأة بطل القصاص عن أبيه فان كان أبوه حرا فعليه الدية وإن كان عبدا خير مولاه فان شاء دفعه وعتق منه نصيب أبيه ويسعى لبقيتهم في حصصهم من قيمته وإن شاء أمسكه وفداه

باب الوكالة في الخطأ
وإذا وكل الرجل بطلب دم أبيه في الخطأ وكيلا وهو غائب أو مريض فوكله بالخصومة في ذلك وقبض المال فهو جائز وكذلك إذا كانت جراحة دون النفس خطأ وكذلك إن كانت عمدا ليس فيها قصاص فالوكاة فيها جائزة وإن كان ولي الدم حاضرا صحيحا لم أقبل منه الوكالة إلا برضى

من خصمه وكذلك لو أن المطلوب هو الذي يوكل والمرأة في ذلك والرجل سواء والبكر والثيب سواء في قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالوكالة في ذلك مقبولة من الرجل والمرأة إن كانا صحيحين حاضرين
وإن أقر وكيل الطالب أو وكيل المطلوب عند القاضي على صاحبه بذلك أجزته عليه لأنه مال وإن أقر عند غير القاضي على صاحبه فلا أجيزه في قول أبي حنيفة ومحمد من قبل أنه وكيل وإنما أجزته عند القاضي على صاحبه لأنه خصم فاذا أقر الخصم بالحق أجزت إقراره ولا يمين على الوكيل من قبل أنه ليس يدعى عليه بعينه فان كان إنما هو وكيل الطالب فانما عليه البينة وقال أبو يوسف إقراره جائز عند القاضي وعند غير القاضي وإنما عليه البينة ولو وكل القاتل وكيلين بالخصومة عنه وغاب أو مرض فحضر أحد الوكيلين وغاب الاخر كان هو الخصم ولا يلتفت إلى غيبة الغائب وكذلك لو كان الطالب بالدم وكلهما فغاب أحدهما ألا ترى أن رجلا لو أوصى إلى رجلين فغاب أحدهما جعلت الآخر خصما لكل من جاء يدعى قبل الميت دعوى فكذلك الوكالة وليس للوكيل أن يوكل غيره ألا ترى أن الذي وكله إنما رضي بخصومته فليس له أن يوكل غيره
أرأيت لو وكله بطلاق أو عتاق أكان ذلك يجوز فكذلك الخصومة وإن كان وكله بالخصومة وأجاز ما صنع فيها من شيء فله أن يوكل إن مرض أو غاب لأن صاحبه قد فوض ذلك الأمر إليه وأجاز ما صنع فيه من شيء

باب القصاص إذا كان بعض الورثة صغيرا وبعضهم كبيرا
وإذا قتل الرجل رجلا عمدا وله ورثة صغار وكبار فان للكبار أن يقتلوا بالدم ولا ينتظرون ورثته الصغار أرأيت لو كبر الصغير وهو أخرس لا يعقل شيئا وكان فيهم كبير معتوه لا يعقل أكان ينتظر به وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف إنه ينتظر بالصغير حتى يكبر والإمام وليه إن شاء صالح له وإن شاء انتظر وليس له أن يقتل ولا يقتص وكذلك المعتوه هو بمنزلة الصبي وهذا قول أبي يوسف
ولو كان الأب أوصى إلى رجل كان للوصي أن يأخذ بحق الصغير مع الورثة الكبار في القول الأول وأن يقتص له وإن قطعت يد الصغير عمدا أو شج كان للوصي أن يقتص له وإن شاء صالح على أرش ذلك فان فعل فهو جائز وليس له أن يعفو وإذا قتل عبدا ليتيم عمدا فليس للوصي أن يقتص له ولو كان له أب حتى كان له أن يقتص من عبده ويده وشجته وله أن يصالح وليس له أن يعفو فان صالح على أقل من قيمته لم يجز وكان للصغير أن يرجع بتمام القيمة فان كان ورثة الدم كبارا كلهم وبعضهم غيب فليس للشاهد أن يقتص حتى يقدم الغائب وليس هذا كالصغير في قول أبي حنيفة وإن كان ورثة الدم صغارا كلهم فأراد عمهم أن يأخذ بالدم وليس

بوصي لهم فليس له ذلك لأن هذا لا نصيب له في الدم وليس بشريك وإذا قتل الرجل وله ابن وأخ ثم مات ابنه قبل أن يقتص والقتل عمد ولم يترك وارثا غير عمه فان الميراث للعم وله أن يقتص فان كان العم هو القاتل فلم يقتله الابن حتى مات فصار العم وآخر معه فان الدم قد بطل وصار على العم نصف الدية لشريكه لأنهما ورثا بالدم من ابن أخيهما
وإذا قتل الرجل عمدا فجاء أخوه يطلب بدمه فأقام البينة أنه وارثه لا وارث له غيره وأقام القاتل البينة أن له ابنا فاني لا أعجل له بقتله حتى أنظر فيما جاء به القاتل من البينة أن له ابنا فأبلى في ذلك عذرا حتى أعلم مصداقهما
قال فان أقام القاتل البينة أن له ابنا وأنه قد صالح على الدية وقبضها منه درأت القصاص حتى انظر فيما قال فان جاء الابن فأنكر ذلك كلفت القاتل أن يقيم على الابن البينة ولا أجيز البينة التي قامت على الآخ لأنه لم يكن خصما يومئذ فان كانا أخوين فجاء أحدهما يطلب بالدم فأقام القاتل البينة أنه صالح الغائب على خمسة آلاف درهم أجزت ذلك وقبلته فان قدم الغائب لم أكلفه أن يعيد الشهود من قبل أني قد قبلتهم على خصم وجعلت للباقي نصف الدية
وإذا ادعى بعض الورثة دم ابيه على رجل وأخوه غائب واقام البينة على أنه قد قتل أباه عمدا فاني أقبل ذلك وأحبس القاتل فان جاء أخوه كلفته أن يعيد الشهود لأني لا أجيز للغائب بينة بغير وكالة ولا خصومة وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد

إني لا أكلفهم أن يعيدوا البينة وقبولي من أخيه البينة له ولأخيه جميعا ألا ترى أنه إنما طلب دم الميت وإنهما ما حضر الطلب دم الميت فهو خصم وكيف لا أجعل هذا خصما في الطلب عن أخيه وقد جعلته خصما عن أخيه في الصلح والعفو وأجزت ذلك على أخيه وهو غائب والخطأ والعمد في ذلك سواء وإذا حضر الورثة جميعا فادعوا دم أبيهم على رجلين أحدهما غائب وأقاموا جميعا البينة عليهما بالقتل عمدا فاني أقبل ذلك وأقضي بالدم على الشاهد ولا أؤخره لغيبة الغائب أرأيت لو مات الغائب أو فقد فلم يدر ما صنع أكنت ابطل حق هذا في دم هذا لغيبة ذلك لست أبطله ولا أوخره وإن كنت لا أدري لعل لذلك حجة يدر أيها القتل عن نفسه وعن صاحبه لأن هذا الحاضر يقوم بتلك الحجج ويدلي بها ولو أن أخوين أقاما شاهدين على رجل أنه قتل أباهما عمدا فقضي القاضي بدمه فقتلاه ثم إن أحدهما قال شهدت الشهود بالزور والباطل وأبونا حي غرمته نصف الدية ولم أصدقه على أخيه
ولو أن أخوين أقاما البينة على رجل أنه قتل أباهما عمدا ثم إن أحدهما قتل القاتل قبل القضاء عليه أو قبل أن تقوم له البينة على ذلك فقال الآخر قد كنت عفوت أو قال كنت أريد أن أعفو عنه وقد صالحته ولا بينة له على ذلك فانه لا يصدق على أخيه ولا شيء على أخيه وإن كان قد أخذ غير حقه من قبل الشركة فان أقام ورثة المقتول بينة

على هذا أنه قد صالح على كذا وكذا قبل أن يقتل الآخر أجزت ذلك وكذلك لو شهدوا أنه قد كان عفا أجزت ذلك وضمنت أخاه الدية أحسب له من ذلك نصف الدية ناله كان أخوه قتل بعد علمه بعفو هذا أو صالحه وقد علم أن دم هذا قد حرم عليه فان عليه القصاص وله نصف الدية في مال القاتل
ولو أن أخوين أقاما البينة على رجل أنه قتل أباهما فقضي لهما بالدم فقاما جميعا ليقتلاه فقطعا يده أو رجله ثم عفوا عن الدم ضمنتهما ما قطعا في قول أبي حنيفة وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد إنهما لا يضمنان ذلك من قبل أنه كان لهما نفسه ولو لم يعفوا وقتلا لم يكن عليهما شيء في ذلك غير أنهما قد أساءا في المثلة وليس ينبغي للحاكم أن يدعهما أن يمثلا به وقد جاء النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة

باب رجوع الشهود عن شهادتهم في القتل
وإذا شهد شاهدان على رجل أنه قتل رجلا عمدا فقتل بشهادتهما ثم رجع أحدهما فانه يضمن نصف الدية في ماله في ثلاث ولو رجعا

جميعا ضمنا الدية في ثلاث سنين في أموالهما وكل دية أو جبتها بغير صلح فهي في ثلاث سنين ألا ترى أن رجلين لو أقرا بقتل رجل خطأ ثم هرب أحدهما أو جحد الإقرار ولم يكن عليهما بينة والآخر مقر بذلك أخذت من الآخر نصف الدية في ثلاث سنين
ولو رجع الشاهدان عن شهادتهما بالقتل قبل أن يقتص منه استحسنت أن أدرأ عنه القصاص وإن كان القاضي قد قضي بالدم كان ينبغي في القياس أن يقتل لأنه بمنزلة المال ولو رجع الشاهدان بعد ما اقتص ورجع الذي اقتص أيضا وأقروا جميعا بأنه لم يقتل كان لولى المقتص منه أن يأخذ الدية إن شاء من الشاهدين وإن شاء من القاتل فمن أيهم ما أخذ لم يرجع على صاحبه بشيء في قول أبي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد أنه إن أخذها من الشاهدين رجعا على القاتل وإن اخذها من القاتل لم يرجع على الشاهدين ولو لم يرجع الشاهدان وقامت عليهما البينة بأنهما قد رجعا لم يلتفت إلى البينة عليهما بذلك إن أنكرا ذلك ولو رجع الشاهدان فقال القاتل أنا أجيء بشاهدين غير هذين الشاهدين يشهدان على هذا وقد قتل القتيل لم ألتفت إلى ذلك ولا سبيل على القاتل وليس عليه بينة وغرم هذين الدية ولا ينفع هذين شهادة من شهد لهما بعد أن يرجعا هما

وإذا شهد أحد شاهدي الدم اللذين شهد هو وآخر على صاحبه أنه كان محدودا في قذف أو عبدا فشهادتهما جائزة وليس عليه ولا على صاحبه شيء من قبل أن هذا ليس برجوع عن الشهادة ولو شهد هو وآخران صاحبه عبد لفلان وفلان يدعي ذلك قضيت به لفلان وغرمت القاتل الدية من قبل أن أحد الشاهدين قد انتقضت شهادته وإذا شهد شاهدان على دم فاقتص منه ثم إنهما قالا أخطأنا إنما القاتل هذا لغيره فانهما لا يصدقان على هذا الثاني وعلى الشاهدين الدية بلغنا نحو من ذلك عن علي بن أبي طالب وإبراهيم النخعي وإذا شهد ثلاثة على دم فقتل ثم رجع أحدهم فلا شيء عليه لأنه قد بقي اثنان من الشهود فان رجع آخر كان على الراجعين نصف الدية لأنه قد بقي نصف الشهادة التي بها القصاص وإذا شهد رجلان وامرأتان على دم خطأ فقضي بالدية ثم رجع رجل وامرأة كان عليهما ربع الدية لأنه قد بقي ثلاثة أرباع الشهادة لأن شهادة رجل وامرأتين في شهادة الخطأ جائزة فان رجعت امرأة أخرى فعلى المرأتين والرجل الذي رجع نصف الدية على الرجل من ذلك النصف وعلى المرأتين النصف ولو رجعوا جميعا كان على كل

رجل من ذلك النصف وعلى المرأتين النصف ولو رجعوا جميعا كان على كل رجل ثلث الدية وعلى المرأتين الثلث ولو شهد شاهدان على قطع يد فاقتص منه ثم رجعا عن شهادتهما فان عليهما دية اليد في أموالهما في سنتين الثلثان من ذلك في سنة والثلث في السنة الأخرى ولو شهدا بالشجة أو بشيء يبلغ ثلث الدية ثم رجعا عن ذلك كان أرش ذلك عليهما في أموالهما في سنة فان رجع أحدهما وبقي الآخر كان عليه نصف ذلك وإن رجع أحدهما في اليد كان عليه نصف دية اليد في ماله في سنتين الثلثان من ذلك في سنة والثلث الباقي في السنة الأخرى وإذا شهد شاهدان على دم على رجلين فقتلا بشهادتهما ثم رجع أحدهما عن الشهادة في أحد الرجلين فانه يضمن نصف دية الرجل في ثلاث سنين ولا يضمن من دية الآخر شيئا لأنه لم يرجع عن شهادته فيه ولو رجعا عن شهادتهما فيهما جميعا ضمن كل واحد منهما نصف دية كل واحد منهما ولو لم يرجعا وادعى عليه أولياء المقتص منه أنه قد رجع وسألوا القاضي أن يستحلفه فانه ليس عليه أن يستحلفه ألا ترى إنه لو أتى بشهود عليه بالرجوع لم أقبل ذلك منه فكيف أستحلفه ولست أقبل عليه البينة
ولو شهد شاهدان على دم ثم رجعا عن شهادتهما فضمنا الدية وعلى الميت دين فان الدية في دين الميت هم أحق بها من الورثة


ولو شهد شاهدان على دم ولهما على الميت دين أجزت شهادتهما فان رجعا بعد ذلك عن شهادتهما فهما ضامنان للدية ويقبضان دينهما من الثلث الأول فان كان على الميت دين سوى ذلك حاصهم فيه
وإذا رجع أحد الشاهدين عن شهادته عند القاضي ثم مات فنصف الدية في ماله حال ليس له أجل من قبل أني لا أستطيع قسمة الميراث ولا أقسمه وعليه دين ألا ترى أنه لو كان دين تحاصوا فان رجع في مرضه وليس عليه دين ثم مات بدئ بنصف الدية من الميراث فان كان عليه دين في صحته بدئ بالدين الذي كان في صحته وكان هذا بمنزلة الدين الذي يقر به في مرضه

باب جناية الصبي الحر والمعتوه والمغلوب
وإذا جنى الصبي جناية عمدا أو خطأ فهو سواء عمد الصبي وخطأه سواء وكذلك المعتوه وأرش ذلك على العاقلة إذا بلغ خمسمائة درهم فصاعدا بلغنا ذلك عن على رضي الله عنه أن رجلا معتوها سعى على رجل بالسيف فضربه فجعله على عاقلته وقال خطأه وعمده سواء وإذا أمر الصبي الصبي فقتل إنسانا فانما الدية على عاقلة القاتل وليس على الآمر شيء من قبل أن كلامه لا يجوز على نفسه ولو أن رجلا أمر صبيا فقتل إنسانا كانت دية المقتول على عاقلة الصبي ويرجع بذلك عاقلة الصبي على عاقلة الآمر من قبل أن قول الرجل

يجوز وينفذ على نفسه وإذا أعطى الرجل الصبي حديدة أو عصا أو سلاحا يمسكه له ولم يأمره بشيء فعطب الصبي بذلك فان الرجل ضامن لما أصاب الصبي من ذلك على عاقلة الرجل لأنه من فعله وإن قتل الصبي نفسه بذلك أو قتل به رجلا لم يضمن الرجل الذي دفع إليه من ذلك شيئا لأن الصبي أحدث عملا في ذلك ولم يأمره به الرجل وإذا اغتصب الرجل الحر الصبي فذهب به فهو ضامن له إن قتل أو أصابه حجر أو جرح فان مات ميتة نفسه لم يضمن إنما يضمن إذا أصابته جناية أو أكله سبع أو تردى من حائط أو جبل فان لم يصبه شيء من ذلك وأصابته حمى أو خراج أو مرض فمات منه فلا شيء عليه في ذلك لأن هذا مرض وذلك جناية وإذا قتل الصبي رجلا قد اغتصبه رجل لم يكن على الذي اغتصبه من ذلك شيء لأنه لم يأمره بذلك وكذلك المعتوه وإذا حمل الرجل الصبي الحر على دابة فقال له أمسكها وليس منه بسبيل فسقط عن الدابة فمات الرجل ضامن لديته على عاقلته وإن كان الصبي مثله يركب أولا يركب فهو سواء
وإن سار الصبي فأوطأ إنسانا فقتله وهو يسير على الدابة مستمسك عليها فدية ذلك على عاقلة الصبي من قبل أنه أحدث السير ولم يأمره به الرجل


وإذا وقع الصبي من الدابة وهو يسيرعليها فمات فهو ضامن لديته على عاقلته من قبل أنه أخذه فحمله فهو ضامن لما أصابه مالم يمت حتف أنفه وإن كان ممن لا يقدر أن يسير على الدابة لصغره ولا يستمسك عليها فأخذه الرجل فحمله عليها فسارت الدابة فوطئت إنسانا فمات فلا ضمان على عاقلة الصبي من قبل أن مثله لا يركب الدابة ولا يصرفها ولا ضمان على الرجل من قبل أنه ليس بقائد ولا سائق وإذا حمل الرجل معه الصبي على الدابة ومثله لا يصرف الدابة ولا يستمسك عليها فوطئت الدابة إنسانا فهو على الرجل وإن مات وهلك الإنسان فعلى عاقلته وعليه الكفارة وكذلك إن وطئت بيد أو رجل فلا شيء على الصبي وإن كدمت فالضمان على عاقلة الرجل ولا ضمان على الصبي فيه وإن نفحت برجلها وهي تسير أو ضربت بذنبها وهي تسير فلا ضمان عليه في ذلك على الرجل ولا على الصبي وإذا حمل الرجل معه صبيا مثله يصرف الدابة ويسير عليها فما أصابت الدابة فهو على عاقلتهما جميعا ولا يرجع عاقلة الصبي على عاقلة الرجل بشيء من أنه لم يأمره بالجناية وإذا حمل الرجل الصبي والرجل عبد فوقع الصبي عن الدابة فمات فديته في عنق العبد الذي حمله يدفعه مولاه بها أو يفديه وإن كان العبد معه على الدابة فسارا جميعا على الدابة فأوطئا إنسانا فمات فعلى عاقلة الصبي نصف الدية في عنق العبد والنصف الآخر يدفعه مولاه

وإذا حمل الرجل الحر الكبير العبد الصغير على الدابة ومثله يصرفها ويستمسك عليها ثم أمره أن يسير عليها فأوطأ إنسانا فان ذلك في عنق العبد يدفعه مولاه أو يفديه ويرجع مولى العبد على الحر الذي حمله بقيمته لأن العبد مال فلما حمله الحر صار ضامنا له ولما يحدث فيه حتى يخلصه ألا ترى أن من اغتصب عبدا صغيرا فجنى جناية عنده ثم ظفر به المولى قيل له ادفعه أو افده فيكون على الغاصب الأقل من قيمته ومن الجناية وليس يكون هكذا في الحر
وإذا حمل الرجل الحرلا العبد والعبد صغير على دابة ومثله لا يصرف الدابة ولا يسير عليها فأوطأت إنسانا فلا شيء عليه ولا على الذي حمله وإن كانت الدابة واقفة وحيث أوقفها الحر لم تسر حتى ضربت رجلا بيدها أو رجلها أو ذنبها أو كدمته فمات فلا ضمان على الصبي فيه لأنه بمنزلة الثوب عليه والبهيمة والضمان على الذي أوقفها على عاقلته إذا كان أوقفها في غير ملكه فان كان أوقفها في ملكه فلا ضمان عليه

باب جناية الراكب
* وإذا سار الرجل على الداية أي الدواب كانت في طريق المسلمين فأوطأ إنسانا بيد أو رجل وهي تسير فقتله فهو ضامن على عاقلته بالدية وعليه الكفارة وهذا بمنزلة الجناية بيد الرجل فان نفحت برجلها

فقتلت وهي تسير فلا ضمان على صاحبها بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الرجل جبار فوضعنا ذلك عن النفحة وهي تسير

وكذلك الذنب عندنا وإن كدمت إنسانا فهو ضامن وإن ضربت بحافرها حصاة أو نواة أو حجرا أو شبه ذلك فأصابت إنسانا وهي تسير فلا ضمان عليه وهذا عندنا بمنزلة التراب والغبار إلا أن يكون حجرا كبيرا فيضمن ولو راثت أو بالت في المسير فعطب إنسان بذلك لم يكن عليه ضمان وكذلك اللعاب يخرج من فيها


ولو وقع سرجها أو لجامها أو شيء يحمله عليها من أداتها او متاع الرجل الذي معه يحمله به فأصاب إنسانا وهي تسير فمات كان ضامنا ومن عطب به بعد ما كان وقع إلى الأرض عثر به أو تعقل به فهو ضامن أيضا والراكب والمرتدف والسائق والقائد في الضمان سواء بلغنا ذلك عن شريح ولا كفارة على السائق ولا على القائد فيما وطئت ليسا يشبهان الراكب في ذلك والمرتدف وإذا أوقف الرجل دابته في طريق المسلمين أو في دار لا يملكها بغير إذن أهلها فما أصابت بيد أو رجل من نفحة أو غيرها بذنب أو كدمت فهو ضامن لذلك على عاقلته ولا كفارة عليه لأن هذا ليس كالجناية منه وكل شيء جعلنا فيه الضمان في الذي يسير فان هذا له ضامن لأنه أوقف فيما لا يملك وحيث لا ينبغي له أن يوقف وصاحب المسير له أن يسير في طريق المسلمين وليس له أن يوقف وإذا أرسل الرجل دابته في طريق المسلمين فما أصابت في وجهها ذلك فهو ضامن كما يضمن الذي سار ولا كفارة عليه وإن عطفت يمينا أو شمالا فلا ضمان عليه لأنها قد تغيرت عن حالها إلا أن يكون لها طريق غير الذي أخذت فيه فيكون ضامنا لذلك على حاله

وإن وقفت ثم سارت فقد خرج من الضمان فان ردها وراد فالذي ردها ضامن لما أصابت في فورها ذلك وإذا خلى عنها فأوقفها فسارت هي بنفسها فلا ضمان عليه وإذا اصطدم الفارسان فقتل كل واحد منهما صاحبه فدية كل واحد منهما على صاحبه بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال ذلك وكذلك الرجلان يصطدمان فان كان أحدهما حرا والآخر عبدا فقيمة العبد على عاقلة الحر ثم يأخذها ورثة الحر ولا شيء لمولاه
وإذا أوقف الرجل دابته في ملكه فما أصابت بيد أو رجل فلا ضمان عليه فيه من قبل أن له أن يوقفها في ملكه وإن كان الملك له ولغيره فلا ضمان عليه فيه أيضا من قبل الذي له في ذلك وإن كان قليلا ولو ضمنته في هذا لحلت بينه وبين أن يقعد فيها أو يتوضأ فيها أرأيت لو عطب إنسان بوضوئه فيها أو به إن كان قاعدا هل كنت أضمنه لست أضمنه في شيء من ذلك فكذلك الدابة

وإذا سار الرجل على دابته فضربها أو كبحها باللجام فضربت برجلها أو بذنبها لم يكن عليه شيء ولو خبطت بيد أو رجل أو كدمت أو صدمت إنسانا فقتلته كان على عاقلته في ذلك الضمان لأنه راكب وإن كان لا يملكها ولو سقط منها ثم ذهبت على وجهها حتى أصابت إنسانا فقتله لم يكن عليه الضمان لأنه غير راكب ولا قائد ولا سائق وهي الآن منفلتة جرحها جبار لأنها عجماء بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال العجماء جبار والعجماء هي المنفلتة عندنا

باب الناخس
* قال محمد وإذا سار الرجل على دابة في الطريق فنخسها رجل أو ضربها فنفحت رجلا فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب بلغنا ذلك عن عبدالله بن مسعود وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما


وإذا نفحت الناخس كان دمه هدر ولو ألقت صاحبها الذي عليها من تلك النخسة فقتلته كان الناخس ضامنا للدية على عاقلته ولو وثبت بنخسته على رجل فقتلته أو وطئت رجلا فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب والواقف في ذلك والذي يسير سواء ولو نخسها باذن الراكب وأمره كان هذا بمنزلة فعل الراكب وإن نفحت وهي تسير لم يكن عليه ضمان كأن الراكب هو الذي نخسها فان وطئت رجلا في مسيرها وقد نخسها هذا باذن الراكب وأمره كانت الدية عليهما جميعا إذا كانت في فورها الذي نخسها فيه لأنهما الآن راكب وسائق فان سارت ساعة وتركها من السوق فأوطأت إنسانا فهو على الراكب دون الناخس ولا يكون على الناخس شيء حتى يعلم أن الذي أصابت كان في فورها الذي نخسها فيه
وإذا نخس الرجل الدابة ولها سائق بغير إذن السائق فنفحت رجلا فقتلته فالناخس ضامن وكذلك لو كان لها قائد كان على الناخس الضمان دونهما فان كان واحد منهما أمره بذلك فلا ضمان عليه ولا على واحد منهما من قبل أن الناخس الآن سائق حين ساق باذن صاحب الدابة ونفحتها جبار
وإذا قاد الرجل الدابة فنخسها رجل آخر فانفلتت من القائد ثم أصابت من فورها ذلك فما اصابت في فورها ذلك فهو على الناخس


وإذا نخس الرجل الدابة وعليها راكب فوثبت به فألقت الراكب فالناخس ضامن وإن جمحت فوثبت ولم تلقه حتى أوطأت إنسانا فالناخس ضامن لما أوطأت في فورها ذلك ألا ترى أنه يضمن الراكب فكذلك يضمن ما أصاب الدابة وإذا كان الناخس عبدا فما اصابت الدابة فهو في رقبته يدفعه مولاه أو يفديه وإذا كان الناخس صبيا حرا فهو في ذلك والرجل سواء وإذا مرت الدابة بشيء قد نصب في الطريق ذلك الشيء فنفت إنسانا قتلته فهو على الذي نصب ذلك
وإذا كان الرجل يسير في الطريق فأمر عبدا لغيره فنخسها فنفحت فلا ضمان على واحد منهما وإن وطئت في فورها ذلك الذي نخسها فيه إنسانا فقتلته فعلى عاقلة الراكب نصف الدية وفي عنق العبد نصف الدية يدفعه مولاه بها أو يفديه ويرجع المولى بقيمة عبده على الذي أمره بالنخس وكذلك لو أمره بالسوق أو بقوة الدابة وإن كان الراكب عبدا فأمر هذا العبد عبدا آخر فساق دابته 15 فأوطأت إنسانا فمات فالدية في أعناقهما نصفين يدفعان بها أو يفديان ولا شيء على الراكب مما أمر به بثإذا كان محجورا عليه ءحتى يعتق فيكون عليه قيمة العبد العبد الذي أمره بالسوق وإذا كان عبدا تاجرا فهو دين عليه في عنقه وهو عبد وكذلك إن كان مكاتبا فهو دين في عنقه يسعى فيه وإذا قاد الرجل قطارا في طريق المسلمين فما أوطأ أو القطار

أو آخره بيد أو رجل أو صدم بعض الإبل إنسانا فمات فالقائد ضامن ولا كفارة عليه وإن كان معه سائق فالضمان عليهما ولا كفارة عليهما وإن كان معهما سائق الإبل وسط القطار فما أصاب مما خلف هذا السائق وما بين يديه من شيء فهو عليهم أثلاثا لنه قائد وسائق وإن كان يكون أحيانا وسطها وأحيانا يتأخر وأحيانا يتقدم وهو يسوقها في ذلك فهو بمنزلة السائق ولا شيء عليه في نفحة الرجل والذنب ولو أن رجلا كان راكبا على بعير وسط القطار ولا يسوق منها شيئا لم يضمن شيئا مما تصيب الإبل التي بين يديه وهو معهم في الضمان في الذي أصاب البعير الذي هو عليه والإبل التي خلفه لأنه قائد لها وعليه الكفارة إذا أصاب البعير الذي هو عليه كأنه قاتل بيده وإذا أتى الرجل ببعير فربطه إلى القطار والقائد لا يعلم وليس معها سائق فأصاب ذلك البعير إنسانا ضمن القائد ويرجع القائد على الذي ربط البعير بذلك الضمان ولو سقط شيء مما يحمل الإبل على الإنسان فقتله أو سقط في الطريق فعثر به إنسان فمات كان الضمان في ذلك على الذي يقود الإبل وإذا كان معه سائق فعليهما جميعا وإذا سار الرجل على دابته في الطريق فعثرت بحجر وضعه رجل أو بدكان بناه رجل أو بماء صبه فوقعت على إنسان فمات فالضمان على الذي وضع الحجر وبني الدكان وصب الماء ولا ضمان على الراكب هو هاهنا بمنزلة المدفوع


وإذا سار الرجل على دابته في ملكه فأوطأت إنسانا بيد أو رجل فقتلته فعليه الدية والكفارة كأنه قتل بيده وإن كان سائقا أو قائدا فلا ضمان عليه في ذلك ولا كفارة وكذلك لو أوقفها في ملكه ثم أصابت إنسانا فقتلته فلا ضمان عليه ولا فيما كدمت وهي في ملكه إن كان داخلا من أهله أو غريبا داخلا باذن أو بغير إذن سواء لا ضمان عليه وكذلك الكلب العقور بمنزلة الدابة إذا كان في الدار مخلى عنه أو مربوطا فهو سواء وإذا دخل الرجل دار قوم باذنهم أو بغير إذنهم فعقر كلبهم فلا ضمان عليه وإذا أوقف الرجل الدابة في الطريق مربوطة أو غير مربوطة فما أصابت بيد أو رجل أو كدمت أو بذنب فهو له ضامن والنفحة في ذلك والخبطة سواء فان سارت عن ذلك المكان الذي أوقفها فلا ضمان عليه فيما أصابت لأنها قد تغيرت عن حالها وصارت بمنزلة المنفلتة وإن كانت مربوطة فجالت في رباطها من غير أن يحلها أحد

فما أصابت فهو على الذي ربطها ولا يبطل الضمان تغيرها عن حالها بعد أن يكون الرباط كما هو وكذلك كل بهيمة من سبع أو غيره أوقفه رجل على الطريق وكذلك الهوام ما طرح رجل منها على الطريق فهو ضامن لما اصاب حتى يتغير عن حاله وكذلك لو طرح بعض الهوام على رجل فلدغته ذلك فهو ضامن لذلك

باب ما يحدث الرجل في الطريق
* وإذا وضع الرجل في الطريق حجرا أو بنى فيه بناء أو أخرج من حائطه جذعا أو صخرة شاخصة في الطريق أو أشرع كنيفا أو جناحا أو ميزابا أو ظلة أو وضع في الطريق جذعا فهو ضامن لما أصاب ذلك كله يكون الضمان في ذلك على عاقلته إذا كانت في نفس أو جراحة في بني آدم وما كان سوى ذلك فهو في ماله ولا كفارة عليه

ولا يحرمه ذلك الميراث لأنه ليس بقاتل
فان عثر رجل بذلك فوقع على رجل فماتا جميعا فالضمان في ذلك على الأول المحدث في الطريق ما أحدث ولا ضمان على الذي عثر به لأنه بمنزلة المدفوع
وإذا نحى الرجل شيئا من ذلك عن موضعه فعطب به أحد فالضمان على الذي نحى وقد خرج الأول من الضمان ولو ألقي رجل في الطريق ترابا كان بمنزلة الحجر والخشبة والطين
ولو أن رجلا كنس الطريق لم يكن عليه في ذلك ضمان إن عطب بموضع كنسه أحد ولو أن رجلا رش الطريق فعطب إنسان بموضع رشه كان ضامنا له على عاقلته ولا كفارة عليه وكذلك الوضوء وإذا أشرع الرجل جناحا على الطريق الأعظم ثم باع الدار فأصاب الجناح رجلا فقتله فالضمان على الأول ولا ضمان على المشتري لأنه لم يحدث شيئا إنما الضمان على الذي أحدث وكذلك الميزاب ولو سقط الميزاب فأصاب منه ما كان في الحائظ فقتل فلا ضمان عليه فيه لأن ما كان في الحائط في ملك الرجل
فان اصاب ما خرج منه من الحائط فالضمان على البائع الأول وإن لم يعلم أي ذلك أصاب فينبغي في القياس أن يبطل ولكنا ندع القياس ونضمنه النصف

وإذا أخرج رب الدار الجناح أو الظلة فاستأجر على ذلك إنسانا أشرعه له من العملة فاصاب إنسانا فقتله فلا ضمان على العملة إذا أصاب بعد فراغهم منه وإنما الضمان على رب الدار الذي استأجرهم ندع القياس في هذا ونستحسن للآثر الذي جاء في نحوه عن شريح ولو سقط من عملهم وهم يعملون به كان الضمان عليهم ولم يكن على رب الدار شيء وإذا وضع الرجل ساجة في الطريق أو خشبه ثم باعها من رجل وبرئ إليه منها فتركه المشتري حتى عطب بها عاطب فالضمان على البائع الذي وضعها لأن المشتري لم يحدث وضعها ولم يغيرها عن حالها ولا كفارة في شيء من ذلك على أحد ممن أوجبنا عليه الضمان ما خلا الفعلة الذي سقط من عملهم فان عليهم الكفارة لأنها جناية بأيديهم إذا بلغت الجناية نفسا وإذا كان جميع ما ذكرنا في ملك رجل أو في ملك قوم أشرعوا ذلك في ملك لهم فلا ضمان في شيء من ذلك وإن أشرعه بعضهم دون بعض فعليه الضمان يرفع عنه بحصة ملكه من ذلك فان توضأ أو صب ماء في ملك بينه وبين قوم فلا ضمان عليه فيه وليس هذا كالجناح يشرعه ولا كالظلة هذا بناء محدث والوضوء وأشباه ذلك لا بد منه نستحسن في ذلك وندع القياس فيه

وإذا وضع رجل في طريق جمرا فأحرق شيئا فهو ضامن لما أحرق وإن حركته الريح فذهبت به من ذلك الموضع فلا ضمان عليه فيه من قبل أنه قد تغير عن حاله التي وضعه عليها وكذلك كل ما وضع في الطريق فتغير عن ذلك الموضع فقد برئ الأول من الضمان فيه

باب الحائط المائل
وإذا مال حائط رجل أو وهي في الطريق الأعظم فقتل إنسانا فلا ضمان عليه فيه من قبل أنه قد بناه في ملكه ولم يحدث في الطريق شيئا وما حدث من وهنه وسقوطه شيء من غير عمله فان كان أهل الطريق أو غيرهم تقدموا إليه في ذلك أو سألوه أن ينقضه فأخر ذلك حتى سقط فقتل إنسانا فهو ضامن لديته على عاقلته وكذلك لو كان القتيل تحته عبد فقيمته على العاقلة ولا كفارة عليه في شيء من ذلك فان قتل دابة أو أفسد متاعا فذلك كله في ماله لا تعقل العاقلة العروض وكذلك لو جرح رجلا جرحا لا يبلغ خمسمائة درهم وكذلك كل ما ذكرنا مما يحدث في الطريق
وإذا أشهد على الرجل في حائطه شاهدان أو رجل وامرأتان عند سلطان أو غير سلطان فهو سواء فان لم يأخذ رب الحائط في عمله

ونقضه عند ذلك فهو ضامن لما أصابه بلغنا عن عامر الشعبي أنه كان يمشي ومعه رجل فقال الرجل إن هذا الحائط لمائل وهو لعامر ولا يعلم الرجل أنه لعامر فقال عامر ما أنت بالذي تفارقني حتى أنقضه ثم بعث إلى العملة فنقضه وإذا شهد على الرجل في حائط له مائل فلبم ينقضه حتى باع الدار التي فيها ذلك الحائط المائل فقد خرج من الضمان وبرئ منه ولا ضمان على المشتري فان تقدم إلى المشتري وأشهد عليه بعد الشرى فهو ضامن لما أصاب وإذا كانت الدار رهنا فتقدم إلى المرتهن في حائط مائل منها فلا ضمان على المرتهن لأنه لا يملك نقض ذلك الحائط ولا ضمان على رب الدار لأنه لم يتقدم إليه فيه فان تقدم إليه فهو ضامن لما اصاب الحائط من قبل أنه ملك أن يقضي المال ونقض الحائط وإذا تقدم إلى السكان في نقض الحائط فلا ضمان على واحد منهم ولا على رب الدار من قبل أنهم لا يملكون أن ينقضوا ذلك الحائط ولأنه لم يتقدم إلى رب الدار فيه فان تقدم إلى رب الدار فعليه الضمان وإذا تقدم إلى وصي اليتيم في نقض حائطه فما اصاب الحائط فاليتيم له ضامن ولا ضمان على الوصي من قبل أن الوصي يملك أن ينقض الحائط والتقدم إليه كالتقدم إلى اليتيم لو كان كبيرا وكذلك الصبي يتقدم إلى الوالد في نقض حائط له والرجل والمرأة في الحائط سواء


وإذا تقدم في الحائط إلى بعض الورثة دون بعض فانه ينبغي في القياس أن لا يضمن أحد منهم من قبل أن المتقدم إليه لا يستطيع نقضه دون الآخرين من قبل أن الآخرين لم يتقدم إليهم ولكنا ندع القياس ونضمن هذا الشاهد المتقدم إليه بحصة نصيبه مما اصاب الحائط وإذا تقدم إلى رجل من أهل الذمة في حائط له فهو والمسلم في الضمان سواء ألا ترى أنه لو لم يكن له عاقلة كان في ماله وإذا تقدم إلى المكاتب في حائطه فهو ضامن لما اصاب حائطه يسعى فيه ولا يجاوز ذلك قيمته إذا كان في إنسان وإذا كان في متاع أو عروض سعى في قيمته ذلك بالغا ما بلغ
وإذا تقدم إلى العبد التاجر في حائطه فأصاب إنسانا فهو على عاقلة مولاه إذا كان في إنسان وإن كان في متاع أو عروض فهو في عنق العبد وكان ينبغي في قياس من القول الأول أن يكون على المولى وإن كان على العبد دين أو لم يكن فهو سواء من قبل أن هذا ليس بجناية العبد بيده فلذلك لزمت العاقلة ما كان في إنسان من ذلك وإذا وضع الرجل على حائطه شيئا فوقع ذلك الشيء فاصاب إنسانا فلا ضمان عليه فيه من قبل أنه وضعه وهو في ملكه وكذلك لو كان الحائط مائلا من قبل أن له أن يضع على حائطه متاعه وإذا تقدم الى رجل في حائط في دار فلم يهدمه حتى سقط على رجل فقتله فأنكرت العاقلة أن تكون الدار له فلا ضمان عليهم وكذلك إن قالوا لا ندري هي له أم لغيره فلا ضمان عليهم حتى تقوم البينة

أنها له فان لم تقم بينة أنها له وزعم الرجل أنها له فانها لا يلزم العاقلة دية القتيل بقوله ولا يصدق عليهم وإذا أقرت العاقلة أن الدار له ضمنوا الدية
وكذلك الجناح والميزاب يشرعه الرجل من داره في الطريق فوقع على إنسان فمات فأنكرت العاقلة أن يكون الدار له وقالوا إنما أمره رب الدار أن يخرجه فلا ضمان عليه إلا أن تقوم البينة أنها له فان أقر رب الدار أن الدار له وكذبته العاقلة فان الدية يلزمه في ماله من قبل أنه قد أقر بذلك ولو قامت به بينة ضمن ذلك العاقلة والحائط المائل وهذا ليسا بسواء في القياس من قبل أنه لم يحدث في الطريق شيئا وإنما ضمناه في الحائط بالأثر والاستحسان وجعلناه بمنزلة الكنيف بالأثر الذي جازه الاستحسان وليس يشبه الحائط الكنيف
وإذا أنكرت العاقلة أن الدار له فلا ضمان عليهم وينبغي في القياس أن لا يضمنوا الرجل الذي أقر أن الدار له من قبل أنه لم يحدث في الطريق شيئا ولكنا ندع القياس هاهنا ونضمنه ونجعله بمنزلة من أحدث في الطريق شيئا ألا ترى أن البينة إذا قامت أن الحائط له ضمناه العاقلة وجعلنا الرجل بمنزلة من أحدث في الطريق شيئا فكذلك هذا إذا لم تقم البينة وإذا كان الرجل على حائط له مائل أو غير مائل فسقط به الحائط فأصاب من غير عمله إنسانا فقتله فهو ضامن في الحائط المائل إذا كان تقدم إليه في الحائط المائل فان كان لم يتقدم إليه فلا ضمان عليه لأن

الحائط سقط به ولو كان هو سقط من الحائط من غير أن يسقط الحائط فقتل إنسانا كان ضامنا لأنه هاهنا غير مدفوع وهو في الباب الأول مدفوع ولو مات الساقط نظرت في الأسفل فان كان يمشي في الطريق فلا ضمان عليه وإن كان قائما في الطريق أو قاعدا فهو ضامن لدية الساقط عليه لأنه أحدث في الطريق القيام أو القعود وليس له ذلك وله أن يمشي وإن كان الأسفل في ملكه فلا ضمان عليه والأعلى ضامن لما اصاب الأسفل في هذه الحالات وكذلك إن تعقل فسقط أو نام فتقلب فسقط فهو ضامن لما اصاب الأسفل والحائط المائل والسقف في ذلك سواء وإذا سقط الرجل من حائط في ملكه أو في ملك غيره على رجل في الطريق فقتله فهو ضامن وسقوطه هو عندنا بمنزلة قتله بيده وعليه الكفارة والدية على عاقلته وملكه وغير ملكه في ذلك سواء وكذلك لو تردى من جبل على رجل فقتله وكذلك لو سقط في بئر احتفرها في ملكه وفيها إنسان فقتل ذلك الإنسان كان ضامنا لديته ولو كانت البئر في الطريق كان الضمان على رب البئر لما اصاب الساقط والمسقوط عليه من قبل أن الساقط بمنزلة المدفوع

باب الشهادة في الحائط المائل
* وإذا أشهد على رجل في حائطه شاهدان فأصاب الحائط ابن أحد الشاهدين أو أباه أو عبدا له أو مكاتبا له أو جدا أو جدة أو زوجة

أو ولد ولده من قبل النساء والرجال ولا شاهد على رب الحائط في التقدم إليه في الحائط غير هذين فشهادة الذي يجر إلى نفسه أو إلى أحد ممن ذكرنا باطل لا يجوز وإذا تقدم الى رجل في حائط له مائل فان شهد عليه رجل وامرأتان فهو ضامن وشهادة النساء في هذا مع الرجال جائزة من قبل أنه مال وليس فيه قصاص وإذا أشهد على الرجل في حائطه عبدان أو صبيان أو كافران ثم أعتق العبدان وأدرك الصبيان وأسلم الكافران ثم وقع الحائط فأصاب إنسانا فهو ضامن وإذا وقع الحائط فأصاب إنسانا قبل أن يعتقا أو قبل أن يسلما أو يدركا ثم أعتقا أو أسلما أو أدركا ثم شهدا فشهادتهما جائزة
وإن كانا شهدا في تلك الحال فردهما القاضي ثم أسلما ثم شهدا جميعا أو كبرا أو أعتقا فشهدا بذلك فشهادتهما ايضا جائزة من قبل أني لم أرد شهادتهما بالتهمة إنما رددتهما بالكفر والرق والصغر وإذا شهد عليه شاهدان فاسقان أو محدودان في قذف أو أعميان فشهادتهما في ذلك لا يجوز فان تاب الفاسقان بعد أن رددت شهادتهما فشهدا بعد ذلك فان شهادتهما لا تجوز لأني رددتهما بالتهمة
وكذلك لو شهد عبد أو صبي أو مكاتب أو مدبرا أو عبد قد عتق

بعضه وهو يسعى في بعض قيمته فان ذلك لا يجوز وإذا شهدا ابنا صاحب الحائط أو شهد أبو صاحب الحائط ورجل آخر على صاحب الحائط فان ذلك جائز من قبل أنهما شهدا على مال ألا ترى أني أجيز فيه شهادة الرجل مع النساء ولو كان هذا قصاصا لم يجز فيه شهادة النساء ولا شهادة على شهادة وإذا شهد شاهدان على رجل في حائط أنه قد تقدم إليه فيه فسقط فقتل إنسانا فضمن القاضي عاقلته الدية ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فانهما يضمنان ما غرمت العاقلة من ذلك ولا يصدقان على إبطال القضاء فكذلك كل ما قضي به بشهادتهما ثم رجعا عن ذلك وإذا تقدم إلى اللقيط في حائط له وقد وهي فلم ينقضه حتى سقط على رجل فقتله فان ديته على بيت المال يعقل بيت المال عن اللقيط وميراثه لبيت المال من قبل أنه لا يعرف له عشيرة وكذلك الرجل من أهل الكفر من أهل الذمة أو من أهل الحرب يسلم فان حاله في هذا كحال اللقيط فان كان والي رجلا وعاقده فان عاقلة ذلك الرجل يعقلون عنه وله أن يتحول عنهم مالم يعقلوا عنه فاذا تحول عنهم فوالي آخرين فهم بمنزلة الأولين يعقلون عنه ويرثون به وله أن يتحول عنهم ما لم يعقلوا عنه فاذا عقلوا عنه فليس له أن يتحول عنهم وكذلك كل ما أحدث اللقيط في الطريق وأشرع فيه من بناء
وإذا وهي الحائط أو مال على دار قوم ولم يمل على الطريق

فأشهدوا على صاحبه فانه ضامن لما أصاب ولما هدم من بيوتهم ولما أفسد من أمتعتهم ولا يضمن العاقلة من ذلك إلا ما كان في الأنفس ودون ذلك إلى الموضحة من ولد آدم ولا يضمن ما سوى ذلك وما كان من غير ذلك فهو على رب الدار في ماله وكذلك العلو إذا وهي فقدم أهل السفل إلى أهل العلو ويشهدون عليهم فيه فهم ضامنون لما أصاب العلو
إذا سقط وكذلك الحائط يكون أعلاه لرجل وسفله لآخر فان مال على أهل الطريق فان تقدموا إلى صاحب العلو دون صاحب السفل أو إلى صاحب السفل دون صاحب العلو ثم سقط فاصاب إنسانا فانما يضمن الذي يقدم إليه النصف من ذلك إذا كان الحائط هو الذي اصاب كله وإذا وهي العلو وكان السفل على حاله فتقدم إلى صاحب العلو فلم ينقضه حتى سقط فقتل إنسانا فان ديته على عاقلته خاصة دون صاحب السفل لأن السفل لم يه وإذا وهيا جميعا وتقدم إليهما جميعا فما ضامنان لما أصاب الحائط كله
وإذا مال حائظ الرجل فمال بعضه على دار قوم وبعضه على الطريق فتقدم إليه أهل الدار في ذلك فسقط ما في الطريق منه فهو ضامن وكذلك لو تقدم إليه أهل الطريق فسقط المائل إلى الدار على أهل الدار فهو ضامن لأنه حائط واحد قد مال بعضه وإذا أشهد على بعضه فقد أشهد على الحائط كله وإذا وهي بعض الحائط وما بقي منه صحيح غير واه فتقدم إليه في

ذلك وأشهد عليه فسقط ما وهي منه وما لم يه فقتل الذي لم يه إنسانا فهو ضامن من قبل أنه كله حائط واحد إذا وهي بعضه وهي كله فان كان حائطا طويلا إذا وهي بعضه لم يه ما بقي منه ويعرف ذلك فانه يضمن ما اصاب الواهي منه ولا يضمن الذي لم يه وإذا تقدم الرجل في حائط له لم يه وأشهد عليه فيه فسقط فأصاب إنسانا فقتله فلا ضمان عليه من قبل أنه كان صحيحا غير واه وإنما يضمن لو كان واهيا أو مائلا مخوفا وإذا كان سفل الحائط لرجل وعلوه لآخر وقد وهي ومال فتقدم إليهما جميعا فسقط العلو فاصاب إنسانا فقتله فالضمان على صاحب العلو دون صاحب السفل وإن كان سقط من العلو طائفة فاصاب إنسانا فقتله فالضمان على صاحب العلو وإذا استأجر قوما يهدمون حائطا له فقتل الهدم من فعلهم رجلا فالضمان عليهم والكفارة ولا ضمان على رب الدار لأنهم فعلوا ذلك بأيديهم فهو بمنزلة من وضع حجرا أو دفع حجرا على رجل فقتله
وإذا اشترى الرجل دارا وهو فيها بالخيار ثلاثة ايام فتقدم إليه في حائط منها ثم إنه رد الدار ولم يستوجبها فسقط الحائط فقتل إنسانا فلا ضمان على المشتري من قبل أنها خرجت من ملك المشتري ولا ضمان على البائع لأن التقدم كان إلي غيره ولم يكن في ملكه ولو تقدم غليه في تلك الحال لم يضمن من قبل أنه لا ملك له فيها

ولو استوجبها المشتري وقد أشهد بذلك عليه كان عليه الضمان لأنه لا يقدم إليه في الحائط وهي في ملكه ثم اختار الدار كان ضامنا لما أصاب لأنها في ملكه يوم تقدم إليه ويوم أصاب ولو كان البائع بالخيار ثلاثة أيام فتقدم إليه في الحائط فان نقض البيع فوقع الحائط على إنسان فقتله فالدية على عاقلة البائع ولو أوجب البيع لم يكن عليه ولا على المشتري ضمان من قبل أنها قد خرجت من ملكه ولو تقدم إلى المشتري على ان يوجب البيع ثم أوجب البائع له البيع لم يكن عليه ضمان لا على البائع ولو تقدم إلى رجل في حائط له مائل عليه جناح شارع قد أشرعه الذي باعه فسقط الحائط والجناح فكان الحائط هو الذي طرح الجناح كان ضامنا لما أصاب ذلك لأنه بمنزلة الدافع للجناح ولو كان الجناح هو الساقط وحده كان الضمان على البائع الذي جعله

باب البئر وما يحدث فيها
* إذا احتفر الرجل بئرا في طريق المسلمين في غير فنائه فوقع فيها عبد أو حر فمات فذلك على عاقلة الحافر ولا كفارة عليه فان كان استأجر عليها أجراء فحفروها له فلا ضمان على الأجراء والضمان

على الآمر إن كانوا لم يعلموا أنها في غير فنائه وإن كانوا علموا فالضمان على الأجراء دون الآمر وإن كان في فنائه فلا ضمان على الأجراء والضمان على الآمر أعلمهم أو لم يعلمهم بلغنا نحو من ذلك عن شريح
وإن سقطت فيها دابة فعطبت فالضمان على الآمر في ماله لا تعقل العاقلة الدواب ولا الأمتعة ولا العروض ولا الحيوان ما خلا الرقيق وإذا وقع فيها إنسان متعمدا للسقوط عليه فيها فمات فلا ضمان عليه فيه من قبل أنه تعمد ذلك وإذا أمر بها عبيدا فحفروها أو أجراء أو قوما استعان بهم فحفروها بفناء داره في الطريق الأعظم فهو سواء والضمان على الآمر وإذا استأجر الرجل أربعة رهط يحفرون بئرا فوقعت عليهم من حفرهم فقتلت إنسانا منهم فعلى كل إنسان من الثلاثة الباقين ربع دية ذلك الإنسان إذا كان حرا ولا ضمان على المستأجر من قبل أن هذا من فعلهم وكذلك لو استعان بهم وإذا كان الذي يحفر واحدا فانهارت عليه من حفرة فقتله لم يكن على الآمر ضمان في ذلك وإذا حفر الرجل بئرا في طريق المسلمين ثم جاء آخر فحفر منها طائفة في أسفلها ثم وقع فيها إنسان فمات فانه ينبغي في القياس أن يضمن

الأول من قبل أن الحافر الأعلى كأنه دافع وبه ناخذ ولو أن آخر وسع رأسها فحفرها فوقع فيها إنسان فمات كان الضمان عليهما جميعا نصفين ولو أن رجلا حفر بئرا في طريق المسلمين ثم سدها كلها بطين أو تراب أو جص فجاء آخر فاحتفرها فوقع فيها إنسان فمات كان الضمان على الذي احتفرها مرة أخرى لأن الأول قد سدها ولو سد رأسها واستوثق منها فجاء آخر فنقض ذلك كان الضمان على الأول ولو أنه جعل فيها طعاما أو متاعا أو شبه ذلك مما لا يسد به الآبار فجاء إنسان فاحتمل ذلك ثم وقع فيها إنسان كان الضمان على الأول ولو تعقل رجل بحجر فسقط في بئر قد حفرها رجل فمات كان الضمان على الذي وضع الحجر لأنه دافع فان لم يكن وضع الحجر أحد فهو على رب البئر


وإذا وضع الرجل في بئر حجرا أو حديدا فوقع فيها إنسان فقتله الحجر أو الحديدة كان الضمان على الذي حفر البئر لأنه بمنزلة الدافع وإذا حفر الرجل بئرا في طريق فوقع فيها رجل فعطب ثم خرج منها فشجه رجلان فمرض من ذلك حتى مات فالدية عليهم أثلاثا من قبل أنهم ثلاثة ألا ترى أنه لو قطع يده رجل وشجه رلاجل فمات من ذلك كانت الدية عليهم أثلاثا ولو أن الرجلين اللذين قطعا يده شجه أحدهما أخرى فمات من ذلك كانت الدية عليهم على حالها أثلاثا ولو كان أحدهما قد جرحه جرحتين أو ثلاثة وجرحه الآخر جراحة صغيرة كانت الدية على عدد الرجال ولا يكون على عظم الجراحة ولا على صغرها ولا على عدد الجراحة فقطع اليد والشجة إذا مات في ذلك سواء وإذا وقع الرجل في بئر في الطريق فتعلق بآخر وتعلق الآخر بآخر فوقعوا جميعا فماتوا ولم يقع بعضهم على بعض فدية الأول على الذي حفرها ودية الثاني على الأول المتعلق به ودية الثالث على الثاني وإن وقع الأول فلم تضره وقعته ووقع الثاني عليه فقتله فلا ضمان على الثاني من قبل أن الأول جره على نفسه فالأسفل قاتل نفسه وإن وقع الثالث على الثاني فقتله فلا ضمان على الثالث لأن الثاني هو جره إلى نفسه فهو قاتل نفسه وإن مات الثالث من الوقعة فديته على الثاني لأنه هو جره فقتله وإن مات الأسفل من وقعته في البئر ومن وقعة الثاني والثالث عليه فثلث ديته على صاحب البئر وثلث ديته على الثاني لأنه جر الثالث عليه

وثلث الدية هدر لأن الأسفل هو جر الثاني على نفسه وإن مات الثاني من جر الأسفل ووقعة الثالث عليه فدية الثاني على الأسفل نصفها لأنه جره ونصفها هدر لأنه جر الثالث على نفسه ودية الثالث إن مات من وقعته على الثاني كلها لأنه جره وإن كان الأول مات من وقعته في البئر ووقعة الثالث فلم يضره الثاني فان على صاحب البئر نصف الدية وعلى الثاني نصف الدية لأنه هو جر الثالث عليه فقتله وإن كان الثاني مات من وقعة الثالث فلا دية له ودية الثالث إن مات على الثاني لأنه جره
وإذا وجد بعضهم على بعض في البئر موتى وقد كانت حالهم كما وصفنا من تعلق بعضهم ببعض فان صاحب البئر يضمن الأول ويضمن الأول الثاني ويضمن الثاني الثالث على عواقلهم فهذا وجه مستقيم وهو القياس وفيها قول آخر إن دية الأول أثلاث على صاحب البئر ثلثه وعلى الأوسط ثلثه لأنه جر الثالث وثلثه هدر لأن الأول هو جر الثاني عليه ودية الثاني نصفان نصف هدر ونصف على الأول ودية الثالث على الثاني كلها وإذا لم يعرف من أي ذلك ماتوا بطل نصف ذلك كله وأخذنا بالنصف وبهذا القول نأخذ وإذا وقع الرجل رجلا في بئر فمات فالدافع ضامن إن كانت البئر في ملكه أو في الطريق فهو سواء


وإذا سقط الرجل في بئر في الطريق فقال الحافر ألقي نفسه فيها عمدا وقال ورثة الرجل كذبت فالحافر برئ من الضمان إلا أن يقيم الورثة البينة أنه وقع بغير عمد فان أقاموا على ذلك بينة فعليه الضمان وإذا أمر الرجل عبده أن يحفر بئرا في الطريق عند ميزاب له أو بفنائه أو قريب من داره حيث ينتفع به وبسيل فيها ماؤه فما عطب فيها فهو على المولى ليس على العبد منه شيء وكذلك الأجير ولو أمره أن يحفر بئرا في طريق من طرق المسلمين ليس عند داره فحفرها كان ما وقع فيها في رقبة العبد يدفعه مولاه أو يفديه وإن كان أجيرا وبين له المستأجر أنه ليس له هنالك دار ولا ملك فالضمان على الأجير دون المستأجر وإن لم يسم شيئا فلا ضمان على الأجير والضمان على المستأجر


وإذا استأجر الرجل رجلا حرا وعبدا محجورا عليه ومكاتبا يحفرون له بئرا فحفروها فوقعت عليهم من حفرهم فماتوا فلا ضمان على المستأجر في الحر ولا في المكاتب وهو ضامن لقيمة العبد المحجور عليه إن كانت أقل من الدية يؤديها إلى مولاه ثم يرجع فيها ورثة الحر بثلث دية الحر وأولياء المكاتب بثلث قيمة المكاتب فيقتسمون قيمة العبد على ذلك إلا أن يكون قيمة العبد تبلغ ذلك كله وتزيد قيمسك مواليه الفضل ويرجع مولى العبد على المستأجر بما أخذ منه ورثة الآخرين ويرجع المستأجر على عاقلة الحر بثلث قيمة العبد لأنه حين غرم قيمة العبد صار العبد له ويرجع أولياء المكاتب على عاقلة الحر بثلث قيمة المكاتب فيجمع ما أخذ أولياء المكاتب من ذلك كله وما ترك المكاتب فينظر قيمته من ذلك فيخرج فيضرب فيه أولياء الحر بثلث دية الحر ويضرب فيها المستأجر بثلث قيمة العبد وإذا استأجر الرجل حرا وعبدا يحفران له بئرا فحفراها فوقعت عليهما فماتا وللعبد موليان أحدهما قد أذن له والآخر لم يأذن له فلا ضمان على المستأجر في الحر ولا في النصيب الذي أذن للعبد

من العبد وهو ضامن لنصف قيمة العبد نصيب الذي لم يأذن له ويرجع ورثة الحر في ذلك بربع الدية ويرجع المولى الذي لم يأذن له على المستأجر بما أخذ من ذلك النصف ويرجع المستأجر على عاقلة الحر بربع قيمة العبد فيسلم له ويرجع الذي أذن للعبد على عاقلة الحر بربع قيمة العبد ثم يرجع ورثة الحر في ذلك الربع بربع دية الحر ولو كان العبد مأذونا له كان على عاقلة الحر نصف قيمة العبد ثم يرجع بذلك ورثة الحر على أولياء العبد فيأخذونه بنصف الدية ولا شيء على المستأجر من قبل أن كل واحد منهما قد قتل نفسه هو وصاحبه فيه فيبطل النصف من ذلك
وإن كان استأجر عبدين أحدهما مأذون له في التجارة والآخر محجور عليه فحفرا بئرا فوقعت عليهما فماتا فانه يضمن قيمة المحجور عليه لمولاه ويرجع مولى المأذون له بنصف قيمة المأذون له في تلك القيمة ويضمن المستأجر لمولى المحجور عليه ما أخذ منه من ذلك ويرجع المستأجر بنصف قيمة المحجور عليه فيما أخذ أولياء المأذون له حتى يستكمل من ذلك نصف قيمة المحجور عليه
وإذا استأجر الرجل عبدا محجورا عليه يحفر له بئرا فهو ضامن

لما أصابه حتى يرجع إلى مولاه
وإذا احتفر الرجل بئرا في دار لا يملكها بغير إذن أهلها فهو ضامن لما وقع فيها فان أقر رب الدار أنه أمره درأت عنه الضمان ولا شيء على رب الدار
وإذا احتفر الرجل بئرا في طريق مكة أو غير ذلك من الفيافي والمفاوز في غير ممر الناس فلا ضمان عليه في ذلك وليس هذا كالأمصار ولا المدائن ألا ترى أن الرجل لو ضرب هنالك فسطاطا أو اتخذ تنورا يخبز فيه حين ينزل أو شبه ذلك أو ربط هنالك ظهره أو دابته لم يضمن ما أصاب ذلك وكذلك البئر إذا احتفرها لصاحبه أو للماء غير أنه لا يكون لها حريم ولا يكون الحريم إلا لبئر احتفرت في ذلك الموضع باذن السلطان فاذا احتفر بأمر السلطان كان لها من الحريم أربعون ذراعا في قول ابي حنيفة بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر الناضح ستون ذراعا وذلك عندنا أربعون ذراعا في

جوانبها وستون ذراعا من جوانبها وخمسمائة ذراع من جوانبها وليس لأحد أن يدخل عليه في شيء وقال أبو يوسف ومحمد البئر له وله حريمها وإن كان بغير إذن السلطان وإذا احتفر بئرا في ملكه فلا ضمان عليه فيمن عطب فيها وكذلك إذا احتفر سكانه باذنه ولم يعلم ذلك إلا بقوله فلا ضمان ذلك وإن كان ذلك لا يعلم إلا بقولهم إذا صدقهم رب الدار وقد كان ينبغي في القياس أن يضمنوا إلا أن تقوم لهم في ذلك بينة ولكني أدع القياس وأصدق رب الدار إذا قال أنا أمرتهم ألا ترى أني لا أضمنهم ما أفسدوا من الدار بالحفر ولا أضمنهم من سقط فيها بعد إقرار رب الدار أنه أمرهم فكذلك لا أضمنهم ما وقع فيها

باب النهر
* وإذا احتفر الرجل نهرا في أرضه فلا ضمان عليه فيمن عطب به وكذلك إن جعل على النهر جسرا أو قنطرة في أرضه فعطب بذلك إنسان فلا ضمان عليه فيه وكذلك القناة وما أشبه ذلك وإذا احتفر ذلك في غير ملكه فهو بمنزلة البئر يضمن ما عطب به وكذلك لو نصب جسرا أو بني قنطرة على نهر ليس في ملكه فعطب به إنسان فان مشى عليه إنسان متعمدا لذلك ولا يعلم من بناها أو علم ذلك فانخسفت به فلا ضمان عليه من قبل أن هذا تعمد المشي عليه ولو احتفر رجل نهرا في غير ملكه فانبثق من ذلك النهر ماء فغرق أرضا أو قرية كان ضامنا لما أصاب ذلك الماء لأنه سيله في غير ملكه ولو كان في ملكه لم يضمن شيئا وكذلك الرجل يصب في أرضه الماء ليسقيها أو ليصلح فيها شيئا أو يفتح فيها نهرا فخرج الماء منها إلى غيرها فأهلك شيئا أو أفسده فلا ضمان عليه وكذلك لو أحرق حشيشا له في أرض له أو حصائد له أو أجمه له

فخرجت النار إلى غير أرضه فأحرقت لم يكن عليه ضمان وكذلك النار يوقدها الرجل في داره أو في تنوره فلا ضمان عليه فيما احترق ولو احتفر نهرا في أرض له أو بئرا في دار له فنزت من ذلك إلى أرض لغيره أو حائط لغيره حتى فسد لم يكن عليه في ذلك ضمان ولا يؤمر أن يحول ذلك عن موضعه إلا أن يشاء لأنه في ملكه ولو صب الماء في ملكه صبا فخرج أثر صب ذلك إلى غير ملكه فافسد كان هذا والأول في القياس سواء غير أن هذا قبيح ألا ترى أنه لو صب ماء في ميزاب له فأفسد متاعا تحته ضمن لأنها من جنايته

باب ما يحدث الرجل في السوق أو في المسجد
وإذا احتفر أهل المسجد في مسجدهم بئرا لماء المطر أو وضعوا

فيه حبا يصب فيه الماء أو طرحوا فيه حصى أو ركبوا فيه بابا أو علقوا عليه قناديل أو طرحوا فيه بواري أو ظللوه فلا ضمان عليهم فيمن عطب بذلك وكذلك من فعل به من غيرهم إذا أذنوا له في ذلك وإن لم يأذنوا له فهو ضامن في قول أبي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد إنه إذا كان في مسجد العامة فلا ضمان عليهم فيه لأن هذا مما يصلح به المسجد أستحسن ذلك إلا البناء والحفر
وإذا قعد الرجل في المسجد لحديث أو نام فيه أو قام فيه في غير صلاة أو مر فيه مارا فهو ضامن لما اصاب كما يضمن في الطريق الأعظم إذا كان مسجد جماعة في قول أبي حنيفة وفيها قول آخر إنه لا ضمان عليه إلا أن يمشي فيطأ على إنسان وهو قول أبي يوسف ومحمد وإذا حفر الرجل في سوق العامة بئرا أو بني فيها بناء دكانا أو غيره بغير أمر السلطان فهو ضامن لما عطب به من شيء فان كان بأمر السلطان فلا ضمان عليه فيه
وإذا مر الرجل في السوق راكبا فما وطيء أو وطئ دابته فهو له ضامن

وإذا أوقف الرجل دابته في السوق فما أصابت دابته فهو له ضامن فان كان موقفا يقف فيه الدواب لبيع قد أذن له السلطان في ذلك فأوقف فيه الدابة لذلك فلا ضمان عليه فيما أصابت وإن لم يكن السلطان أذن في ذلك فهو ضامن إن كان أخرجه هو أو أوقفه أو أرسله وإن لم يكن أخرجه هو ولا أوقفه ولا أرسله فلا ضمان عليه في ذلك والقول في ذلك قوله مع يمينه

باب جناية العبد
ولو جنى العبد جناية خطأ فان مولاه بالخيار إن شاء دفعه بها وإن شاء فداه بالأرش وأمسك عبده ولا يقضي عليه في ذلك بشيء حتى يبرأ المجني عليه والخطأ في ذلك والعمد سواء ما لم يبلغ النفس فاذا بلغ النفس فان فيه القصاص والصغير من الجراحات والكبير والجرح للواحد والاثنين في ذلك كله سواء يدفعه مولاه بأرش ذلك كله وجناية العبد في الحر المسلم والمرأة والعبد والمكاتب والمدبر وأم الولد والذمي والصغير والكبير في ذلك سواء يدفعه مولاه بذلك أو يفديه بأرش ذلك وجنايته فيما سوى ذلك من الحيوان والعروض والأموال دين في عنقه يسعى فيه أو يباع فيه بالغا ما بلغ ولا يعقل العاقلة شيئا من جناية العبد والمدبر وأم الولد ولا جناية عبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة

وكذلك إن وطئ امرأة بشبهة مستكرها لها فذلك دين في عنقه يباع فيه ولا تعقل العاقلة شيئا من جراحات العبد في نفسه ما لم يبلغ النفس وإن كان خطأ وكذلك المدبر وأم الولد والمكاتب لا تعقل العاقلة مما جنى عليهم شيئا وإن كان الجاني حرا ما لم يبلغ النفس فاذا بلغت النفس عقلته العاقلة في ثلاث سنين في كل سنة ثلث قيمته فان قلت القيمة في ذلك أو كثرت فهو سواء غير أنه لا يبلغ بها دية الحر بلغنا ذلك عن عبدالله بن مسعود وإبراهيم النخعي أنهما قالا لا يبلغ بقيمة العبد دية الحر وقال أبو حنيفة ينقص منه عشرة دراهم


وإذا جنى العبد جناية فقتل قتيلا له وليان فعفا أحدهما فان المولى يقال له ادفع إلى الباقي نصف العبد أو افده بنصف الدية ولو قتل قتيلا خطأ وفقأ عين آخر خطأ كان مولاه بالخيار إن شاء دفعه فكان بينهما أثلاثا الثلثان لأولياء القتيل والثلث لصاحب العين وإن شاء أمسكه وفداه بخمسة عشر ألفا عشرة آلاف لأولياء القتيل وخمسة آلاف لصاحب العين وإن أعتقه المولى وهو يعلم فهذا منه اختيار للعبد فعليه خمسة عشر ألفا في ماله خاصة وكذلك لو دبره أو باعه أو كاتبه فهو اختيار ولو كانت أمة فوطئها أو زوجها أو آجرها أو رهنها فليس هذا باختيار ولا يجب فيه الأرش فان استخدم وهو يعلم فليس ذلك باختيار الخدمة كالذي ذكرنا مما تعلق فيه الرقبة وشبهه وإن ضرب العبد ضربة يلزمه من ذلك عيب فاحش أو جرحه أو قتله وهو يعلم فهذا منه اختيار أيضا وعليه في ذلك الأرش وإذا وقع العبد في بئر احتفرها المولى في الطريق أو أصابه جناح أشرعه المولى في الطريق أو شيء أحدثه فليس هذا باختيار من قبل أن هذا ليس بجناية من المولى بيده وكذلك كل ما اصابه مما أحدث المولى في الطريق ومما لا يجب على المولى فيه الكفارة فان هذا ليس باختيار

وعلى المولى القيمة إن مات العبد من ذلك كله بينهما أثلاثا وإن أوطأه المولى وهو يسير على دابته أو وقع عليه فقتله وهو يعلم بجنايته فهذا اختيار وعليه الأرش وإذا أعتقه المولى أو كاتبه أو دبره أو باعه أو وهبه أو قتله وهو لا يعلم بالذي جنى فليس هذا منه باختيار وعليه قيمة العبد بينهم أثلاثا فان كان قد علم بأحدهما ولم يعلم بالآخر فعليه بالذي علم به الأرش كاملا وعليه للذي لم يعلم به حصته من القيمة وإذا جنى العبد جناية لم يبلغ النفس فأعتقه المولى وهو يعلم بها قبل البرء ثم انتقضت به الجراحة فمات كان هذا منه اختيارا وعليه الدية وإذا قال المولى لعبده إن ضربت فلانا بالسيف أو بعصا أو بسوط أو بيدك أو شججته أو جرحته فأنت حر ففعل به شيئا من ذلك فمات منه عتق العبد وكان هذا اختيارا من المولى وعليه فيه الدية ما خلا خصلة واحدة إن ضربه بالسيف فقتله فان على العبد فيها القصاص وليس في العمد الذي فيه القصاص اختيار من قبل أن فيه القصاص وأن العبد والحر في ذلك كله سواء لم يفسد عتق المولى من قصاصهم شيئا
وإذا جرح العبد جراحة ثم خاصم المولى فخيره القاضي فاختار

عبده وأعطى الأرش ثم انتقضت الجراحة ومات المجروح والعبد على حاله فانه كان ينبغي له في القياس أن يكون هذا منه اختيارا ولكنا ندع القياس لأنا إنما اخترنا في غير النفس ونخيره الآن خيارا مستقبلا فان شاء دفعه وأخذ ما أعطى وإن شاء فداه بتمام الدية وهذا قول ابي يوسف الأول وهو قول محمد ثم قال أبو يوسف بعد ذلك إن عليه الدية وإذا جنى العبد جناية تبلغ الدية فاختار المولى إمساك العبد وليس عنده ما يؤدي وكان ذلك عند القاضي أوعند غير القاضي فالعبد عبده والدية عليه دين وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر إنه إن أدى الدية مكانه أخذه وإلا دفع العبد إلا أن يرضى الأولياء إن منعوه بالدية على ما قال فان رضوا بذلك لم يكن لهم بعد ذلك أن يرجعوا في العبد وهذا قول أبي يوسف ومحمد
وإذا جنى العبد جناية خطأ ثم أقر المجني عليه أنه حر قلا حق له في رقبة العبد لأنه يزعم أنه حر ولا حق له على المولى أيضا لأنه لم يدع عليه عتقا بعد الجناية ولو لم يقر بذلك المجني عليه حتى دفع إليه العبد بالجناية ثم أقر بعد ذلك عتق العبد بيده وكان الولاء موقوفا وإذا جنت الأمة جنتاية ثم ولدت الأمة ولدا فاختصموا في ذلك فانه يقال للمولى ادفع الأمة بالجناية أو افدها ولا يدخل في ذلك ولدها ولا كسبها


وإن جنى عليها أحد فأخذ المولى لذلك أرشا فانه يدفعه معها وإذا كان إنما جنى عليها قبل ذلك فهو للمولى وإن لم يعلم بذلك فالقول قول المولى مع يمينه وعلى المجني عليه البينة وإن كانت الجناية عليها بعد جنايتها فأمسكها المولى أو فداها فانه يستعين بأرش تلك الجناية في الفداء فان لم يفدها ولم يخيرها حتى يستهلك ذلك الأرش أو يهبه للجاني عليها ثم بدا له أن يدفع الأمة فله أن يدفعها ان وليس هذا منه باختيار وعليه أن يغرم مثل ما استهلك فيدفعه معها وإن كان جنى عليها عبد فقبضه المولى كان على المولى أن يدفعها جميعا أو يفديهما بالدية فان أعتق العبد المدفوع إليه فهذا منه اختيار للآمة وعليه الدية وكذلك إن هو أعتق الأمة فلا يستطيع أن يدفع واحدا منهما دون صاحبه وليس هذا كالدراهم وإن أعتقه وهو لا يعلم ثم اختار دفع الأمة دفع معها قيمة العبد ألا ترى أنهما لو كانا قائمين عنده بأعيانهما قلت له ادفعهما أو افدهما ولو كان هذا العبد فقأ عين الأمة فدفع بها وأخذت الجارية فان العبد يصير مكانها يدفعه المولى أو يفديه بالدية
ولو كانت الجارية قتلت خطأ فأخذ المولى قيمتها لم نقل للمولى ادفعها أو افدها ولكنه يدفع قيمتها ولو قتلها مملوك فدفع بالجناية كان بالخيار فيه إن شاء فداه وإن شاء دفعه والحيوان في هذا لا يشبه الدراهم


وإذا قتل العبد رجلا حرا خطأ ثم إن جارية لمولى العبد قتلت العبد خطأ كان القول فيها أن يقال للمولى ادفع الجارية أو افدها بقيمة العبد لأنه إذا أعطى قيمة العبد فقط أعطى أهل الجناية حقهم وإذا قتل العبد رجلا خطأ وعليه دين فان مولاه يخير فان شاء دفعه بالجناية واتبعه أصحاب الدين عند أهل الجناية وإن شاء فداه بالدية وكان الدين عليه كما هو وإن فداه بأمر قاض أو بغير أمر قاض فهو سواء
وإن دفعه إلى أهل الجناية بغير أمر قاض فهلك عندهم فانه لا يضمن لأصحاب الدين قيمته ولو دفعه إلى أهل الدين بدينهم دون أمر القاضي قبل أن يحضر أهل الجناية فعليه قيمته لأصحاب الجناية إن كان لا يعلم وإن كان يعلم فعليه الأرش كله وإذا جنى العبد جناية فقتل رجلا خطأ وقتلت أمة له رجلا خطأ وهما جميعا لرجل واحد ثم إن العبد قتل الآمة خطأ فاختار المولى أن يدفعه بذلك كله فان أهل جناية الأمة يضربون في قيمة العبد بقيمة الأمة ويضرب أهل جناية العبد بدية الحر فيكون العبد بينهم على ذلك وإن أمسكه المولى وفداه أعطى الدية أصحاب جناية العبد وأعطى قيمة الأمة أصحاب جنايتها وإذا جنى العبد جناية ففداه المولى فجنى جناية أخرى فانه يقال له أيضا ادفعه أو افده وإن لم يقض في الأول بشيء حتى يجني جناية ثانية قيل له ادفعه بهما جميعا أو افده بأرش ذلك كله


وإذا أقر العبد بالجناية فانه لا يصدق في شيء منها نفسا كانت أو ما دونها خطأ كان أو عمدا لأنه يستغرق رقبته فلا يصدق ما خلا بابا واحدا إن أقر له بالقتل عمدا فانه عليه فيه القصاص والعبد التاجر في ذلك وغير التاجر سواء وإذا أعتق العبد ثم أقر أنه كان جنى جناية في حال الرق خطأ أو عمدا نفسا أو ما دونها فلا شيء عليه في شيء من ذلك ما خلا خصلة واحدة القتل عمدا فان عليه فيه القصاص فأما ما سواه من الخطأ فانه إذا أقر على مولاه بذلك فلا يصدق وليس عليه شيء ألا ترى أن المولى لو صدقه بذلك لزمه الأرش إن أقر أنه أعتقه وهو يعلم وإلا لزمته القيمة وإذا أعتق الرجل عبده وهو يعلم وعليه دين وفي عنقه جناية وهو يعلم بذلك فعليه الأرش لأصحاب الجناية وعليه قيمته للغرماء وإن كان لا يعلم فعليه قيمتان قيمة لأصحاب الجناية وقيمة لأصحاب الدين إلا أن يكون أرش الجناية أقل من ذلك فيكون عليه الأقل
وإذا جنى العبد أو الأمة جناية فقال المولى قد كنت أعتقته قبل الجناية أو قال هو ابني أو قال لأمته هي أم ولدي أو قال قد كنت دبرتها قبل الجناية فانه لا يصدق على أهل الجناية فان كان قال هذه المقالة بعد علمه بالجناية فعليه الأرش كاملا وإن كان قال

هذه المقالة قبل أن يعلم بالجناية فعليه القيمة إلا أن يكون الأرش أقل من ذلك فيكون عليه الأقل وإذا جنى العبد جناية فجاء إنسان فأخبر المولى بذلك فأعتق العبد ثم قال لم أصدق الذي أخبرني أو قال لم أصدقه ولم أكذبه فانما عليه القيمة ما لم يخبره بذلك رجلان أو رجل عدل يعرفه بذلك أو يقر أنه قد صدق الذي أخبره وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن إنه إذا أخبره مخبر حرا كان أو عبدا صغيرا كان أو كبيرا مسلما كان أو كافرا رسولا كان لمولى الجناية أو غير رسول لمولى الجناية فأعتقه بعد الخبر ثم كان الخبر حقا فهو ضامن للأرش كله وهذا كله اختيار منه أرأيت لو جاء صاحب الجناية بنفسه يدعى ذلك فأعتقه بعد ادعاء هذا ولقائه إياه أما كان هذا اختيارا منه وإذا أعتق المولى عبدا وفي عنقه جناية وقال لم أعلم بالجناية فان عليه اليمين بالله فان حلف ضمن القيمة وإن لم يحلف ضمن الدية وكل ما ضمناه فيه القيمة فانه ينظر إلى أرش الجناية فان كان أقل من القيمة فانما عليه الأرش
وإذا جنى العبد جناية فقال المولى قد كنت بعته من فلان قبل الجناية وأقر بذلك فلان أو قال هو لفلان لم يكن لي قط وأقر

فلان بذلك فان فلانا بالخيار فان شاء دفعه وإن شاء فداه لأن المولى الذي كان في يده لم يبلغه إذا أخرجه إلى ملك رجل يفديه أو يدفعه ولو أنكر الرجل المقر له بذلك قيل للذي كان في يديه ادفعه أنت أو افده
ولو أن عبدا في يدي رجل جنى جناية فقال أهل الجناية هو عبدك وقال الرجل هو عبد استودعنيه رجل غائب فان اقام على ذلك بينة أخر الأمر حتى يقدم فلان الغائب وإن لم يقم على ذلك بينة فهو الخصم فيه وكذلك لو قال هو عارية في يدي لفلان أو إجارة أو رهن فان فداه فهو جائز ومتى ما جاء فلان المقر له به كان له أن يأخذ عبده ولا يكون عليه من الفداء شيء من قبل أنه لم يأمر الذي في يديه العبد أن يفديه ويعرض عنه وإن كان الذي في يديه دفعه فمتى ما جاء المقر له فهو بالخيار إن شاء سلم الدفع وبرئ من العبد وإن شاء أخذ العبد وأعطي الأرش وإن أنكر أن يكون العبد له فما صنع الأول فيه من شيء فهو جائز وقال يعقوب ومحمد لو أن عبدا في يدي رجل والرجل مقر بأنه عبد له أو لم يقر ولم ينكر فأقر المولى على العبد بجناية خطأ ثم زعم المولى بعد ذلك أنه لرجل آخر وأنه لم يملكه قط فصدقه بذلك الرجل

بأن العبد له وكذبه بالجناية فان كان الذي كان العبد في يديه قد كان أقر أنه عبده فعليه أرش جميع الجناية وهذا منه اختيار لأنه أتلفه باقراره وإن كان المولى لم يكن أقر أنه له حتى أقر به لهذا الرجل فالعبد للمقر له ولا يلحق العبد ولا المولى الأول ولا المولى الآخر من الجناية شيء لأن المولى لم يتلف شيئا إنما أقر على عبد غيره فلا يجوز إقراره والجناية إذا كانت ببينة لا يشبه الجناية إذا كانت باقرار المولى
وإذا جنى العبد جناية ثم إنه اعور أو عمي أو أصابه بلاء من السماء فلا ضمان عليه فيه وإنما يقال له ادفعه على حاله أو افده وكذلك لو أن المولى بعثه في حاجة فعطب فيها أو استخدمه لم يكن عليه فيه ضمان لأن له أن يستخدمه ولو أذن له في التجارة بعد علمه بجنايته فلحقه دين مثل القيمة أو أكثر دفعه بالجناية واتبعه أصحاب الدين فاتبعوه في دينهم ثم ضمنوا المولى قيمته لأهل الجناية ولا يضمن الأرش من قبل أن هذا ليس باختيار منه وإذا قتل العبد قتيلا خطأ ثم فقأ رجل عينه ثم قتل آخر خطأ ثم اختار المولى أن يدفعه فانه يدفع أرش العين إلى الأول ويكون العبد بينهما يضرب فيه الأول بالدية إلا ما أخذ من أرش العين ويضرب فيه الآخر بالدية والأول أحق بأرش العين لأنه لم يجن على الآخر إلا وهو أعور وكذلك لو كان الذي فقا عينه عبدا

فدفع به كان الأول أحق به ويضرب بالدية إلا قيمة العبد الذي أخذ في العور ويضرب الآخر بالدية وإذا قتل العبد قتيلا خطأ وللمقتول وليان فدفعه المولى إلى أحدهما بقضاء قاض ثم أنه قتل عنده آخر فجاء ولي الآخر والشريك الآخر فانه يقال للمدفوع إليه الأول ادفع نصفك إلى الآخر بنصف الدية أو افده فان دفعه برئ من نصف الدية ويرد النصف الباقي على المولى فيقال له ادفعه أو افده بعشرة آلاف وخمسة آلاف للآخر وخمسة آلاف للأوسط فان دفعه إليهما اقتسماه على ذلك يضرب فيه الآخر بخمسة آلاف ويضرب فيه الأوسط بخمسة آلاف ويضمن الأول الذي كان عنده العبد الذي جنى عنده الجناية الثانية ربع القيمة للمولى فيدفعها المولى إلى ولي القتيل الأول فيكون في يدي الأول ربع القيمة وربع عبد
وإذا قتل العبد قتيلا خطأ وقتل آخر خطأ فدفعه المولى إلى أحدهما دون الآخر بغير قضاء قاض فقتل عنده قتيلا خطأ ثم اجتمعوا جميعا فاختاروا الدفع فان الأول الذي دفع العبد إليه يقال له ادفع نصف العبد إلى الآخر ورد النصف الباقي على المولى فيدفعه المولى إلى الأوسط والآخر ويضرب فيه الآخر بخمسة الآف

والأوسط بعشرة آلاف ويضمن المولى سدس قيمة العبد للأوسط ويرجع بذلك المولى على الأول الذي كان في يديه وإذا قتل العبد قتيلا خطأ وفقأ عين آخر فدفعه المولى إلى المفقوءة عينه فقتل عنده قتيلا آخر ثم اجتمعوا فاختاروا دفعه فان صاحب العين يدفع ثلثه إلى الآخر لأنه لم يكن له إلا ثلثه ويرد الثلثين على المولى فيدفعه المولى إلى أولياء القتيلين يضرب فيه الأول بعشرة آلاف ويضرب في الآخر بثلثي الدية ويضمن المولى للأول ستة أجزاء وثلثي جزء من ستة عشر جزءا وثلثي جزء ومن ثلثي قيمة العبد وذلك خمسا ثلثي قيمة العبد لأنه أتلفه ويرجع المولى بذلك على صاحب العين من قبل أن ولى القتيل الأول كان له ثلثا العبد فيدخل عليه الآخر بستة أجزاء وثلثي جزء من ستة عشر جزءا وثلثي جزء من ثلثي قيمة العبد ويرجع بذلك على المولى لأنه أتلفه ودفعه ويرجع المولى بذلك على صاحب العين

وإذا قتلت الأمة قتيلا خطأ ثم ولدت بنتا ثم ابنتها قتلت رجلا آخر خطأ ثم إن الابنة قتلت الأم فاختار المولى دفع الابنة فان أولياء القتيل الذي قتلته الأم يضربون في الابنة بقيمة الأم ويضرب أولياء القتيل الذي قتلته الابنة بالدية فتكون الابنة بينهم على ذلك ولو اختار المولى إمساك الابنة دفع دية القتيل الذي قتلته الابنة إلى أوليائه ودفع دية الأم إلى أولياء القتيل الذي قتلته الأم ولو لم يقتل الابنة الأم ولكنها فقأت عينها فاختار المولى دفع الابنة والأم بالجناية دفعت الأم إلى أولياء القتيل الذي قتلته وتدفع الابنة فيضرب فيها أولياء القتيل الذي قتلته الابنة في الدية في الابنة ويضرب أصحاب الأم في الابنة بنصف قيمة الأم فتكون الابنة بينهم على ذلك


ولو أن الأم أيضا فقأت عين الابنة بعد فقئ الابنة عينها وهما عند المولى الأول ثم اختار المولى دفعهما فانه يدفعه الابنة فيضرب فيها أولياء القتيل الذي قتلته بالدية ويضرب فيها أصحاب الأم بنصف قيمة الأم فيكون ذلك مع الأم ثم يدفع الأم وما أصابها من أرش عينها من الابنة فيكون ما كان من الابنة من ذلك لأولياء القتيل الذي قتلته الأم ويضربون في الأم بما بقي من الدية ويضرب فيها أصحاب الابنة بنصف قيمة الابنة فيكون بينهم على ذلك ولو اختار المولى الفداء فيهما أمسكهما جميعا وأعطي ديتين لكل قتيل دية وإذا قتلت الأمة رجلا حرا خطأ ثم إنها ولدت ابنا ثم إن ابنها قتلها فان المولى يخير فان شاء أمسكه وأعطى قيمة الأم وإن شاء دفعه ولا يدخل ولد الأمة ولا كسبها ولا غلتها في جناية جنتها فان كان الكسب والولد بعد ذلك أو قبله فهو سواء وقد يدخل ذلك في الدين الذي عليها إذا ولدت بعد الدين
ولو كانت جنايتها في شيء من العروض أو الحيوان سوى الرقيق كان ذلك دينا في عنقها فان ولدت ولدا بعد ذلك أو اكتسبت مالا كانت هي ومالها وكسبها وولدها في ذلك الدين حتى يستوفي


وإذا جنت الأمة وهي حامل ثم ولدت ولدا قبل أن يدفعها المولى فالولد للمولى فان ولدت آخر بعد الدفع فهو للمدفوعة إليه الأم
وإذا جنت الأمة جناية خطأ ثم ولدت ولدا ثم إن ولدها قطع يدها فان المولى يخير فان شاء دفع الأم ونصف قيمتها إلى أهل الجناية وإن شاء دفعها وابنها وإن شاء أمسكهما جميعا وأعطي الأرش وولدها عبد لمولاها وإن كان أرش الجناية أقل من نصف قيمتها أو مثل نصف قيمتها فأعطى نصف قيمتها لم يكن عليه إلا ذلك ولو جنى عليها عبد لغيره فأخذ أرش ذلك أعطي من ذلك أرش جنايتها وأمسك ما بقي وإذا اختلف مولى الأمة وأهل الجناية في الأمة فقالوا جنت علينا وهي صحيحة ثم فقأ رجل عينها فالأرش لنا وقال المولى بل جنت عليكم وهي عوراء بعد الفقئ فان القول قول المولى مع يمينه وعلى أهل الجناية البينة وكذلك لو كان الذي جنى عليها بعض ورثة القتيل أو القتيل نفسه فاختلفوا في ذلك وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رضي الله عنهم

باب جناية العبد في البئر
وإذا احتفر العبد بئرا بغير إذن مولاه في الطريق ثم أعتقه المولى قبل أن يعلم بالحفر ثم وقع فيها رجل فمات كان على المولى قيمة العبد لذلك الرجل فان وقع فيها آخر اشتركا في تلك القيمة فان وقع فيها العبد فمات فانه يشترك ورثة العبد في تلك القيمة أصحابها الذين أخذوها ولو أعتقه بعد ما وقع فيها رجل وهو لا يعلم كان مثل ذلك أيضا عتقه

قبل وقوع الرجل وبعد وقوعه بعد أن يكون لا يعلم فذلك كله سواء وإذا وقع فيها رجل فمات فأعتق المولى العبد وهو يعلم وقوع الرجل وموته كان عليه الدية لأن ذلك اختيار منه فان وقع فيها آخر فمات فانه يقاسم صاحب الدية فيضرب الآخر بقيمة العبد ويضرب الأول بالدية وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد إن على المولى نصف قيمة أخرى لولى القتيل الآخر من قبل أن عتقه بمنزلة اختيار العبد أرأيت لو أمسك العبد ولم يعتقه وأعطي الدية أما كان عليه أن يفديه أو يدفع نصفه وإذا وقع فيها رجل فمات ووقع فيها آخر بعد فذهبت عينه والعبد قائم بعينه فانه يقال للمولى ادفعه إليهما فيكون بينهما على ثلاثة أسهم لصاحب العين الثلث ولصاحب النفس الثلثان فان أمسكه وفداه بخمسة عشر ألفا فذلك له وإن كان أعتقه قبل أن يعلم فعليه قيمته بينهم أثلاثا وإن كان يعلم ابالقتل ولا يعلم بالعتق فعليه عشرة آلاف لولى القتيل وعليه ثلث القيمة لصاحب العين لأنه مختار في القتيل وليس بمختار في العين ولو باع العبد قبل أن يقع فيها أحد ثم وقع فيها آخر بعد ذلك فمات فان على المولى قيمة العبد وكذلك لو وقع فيها العبد نفسه فمات

كان على المولى قيمة العبد وكذلك لو وقع فيها العبد نفسه فمات كان على المولى قيمته لمولاه الآخر وإن كان قد أعتق العبد فوقع العبد فيها وهو حر فان على المولى قيمته لورثة العبد فان وقع فيها آخر شركهم في القيمة لا يغرم فيها أكثر من قيمة واحدة لأنه جناية واحدة
وإذا حفر العبد بئرا في دار رجل بغير أمره فوقع فيها إنسان من أهل الدرا فمات فانه يخير مولى العبد فان شاء فداه بالدية وإن شاء دفعه
وإذا حفر العبد بئرا في طريق المسلمين فوضع فيها حجرا فوقع فيها رجل على الحجر فقتله الحجر فان ديته في رقبة العبد يدفعه مولاه به أو يفديه فان كان الحر هو الذي حفر البئر ووضع العبد الحجر في البئر فان دية القتيل على عاقلة الحر لأنه إنما وقع بالحفر
وإذا حفر العبد بئرا في طريق المسلمين فوقع فيها رجل فمات فقال المولى أنا كنت أمرته بذلك لكي تضمن عاقلته فانه لا يصدق على ذلك إلا أن تقوم على ذلك بينة والجناية في رقبة العبد يدفعه مولاه بها أو يفديه إذا أكذبه ولي الجناية وإذا استأجر الرجل حرا وعبدا يحفران له بئرا في الطريق فوقع عليهما فماتا والعبد محجورا عليه فان على الذي استأجر قيمته لمولاه ولورثة الحر تلك القيمة إن كانت أقل من نصف الدية ويرجع بها المولى على المستأجر وعلى عاقلة الحر نصف قيمة العبد فيكون المستأجر الآن قد غرم

قيمة ونصف ولو كان العبد مأذونا له في العمد لم يكن على المستأجر شيء وكان على عاقلة الحر نصف قيمة العبد لورثة الحر وإذا حفر العبد بئرا في طريق المسلمين بغير أمر المولى ثم قتل قتيلا خطأ فدفعه مولاه إلى ولي القتيل ثم وقع في البئر إنسان فمات فان ولى القتيل بالخيار إن شاء دفع نصف العبد إلى ولي القتيل في البئر وإن شاء فداه بعشرة آلاف ولو لم يقتل خطأ حتى وقع في البئر إنسان فمات فدفعه مولاه ثم قتل عند المدفوع إليه قتيلا خطأ فدفعه بذلك ثم وقع في البئر آخر فان ولى القتيل يدفع ثلثه إلى ولي الواقع في البئر أخيرا أو يفديه بعشرة آلاف وإنما صار يدفع ثلثه إلى ولي الواقع لأنه قد قتل اثنين في البئر وواحدا بيده فصار حصة صاحب البئر الأول الذي قتله بيده مع حصته فصار ذلك الثلثين من العبد وصار إنما يدفع الثلث أو يفديه بعشرة آلاف

باب جناية المدبر في حفر البئر
وإذا حفر المدبر بئرا أو أم ولد في طريق المسلمين وقيمة كل واحد منهما ألف درهم فوقع فيها إنسان فمات فعلى المولى قيمة المدبر أو أم الولد أيهما حفر البئر يؤديها إلى ولي القتيل فان وقع فيها آخر لم يكن على المولى شيء بعد القيمة الأولى ويشرك أولياء القتيل الآخر أولياء القتيل

الأول في تلك القيمة فان كان المدبر قد زاد خيرا حتى صار يساوي ألفين فوقع الثاني ثم ازداد شرا حتى دخله عيب نقصه خمسمائة حتى صار يساوي ألف وخمسمائة ثم وقع فيها آخر فمات فانه لا شيء على المولى غير القيمة الأولى ألف درهم بينهم أثلاثا بالسوية
ولو لم يقع في البئر إنسان حتى مات المدبر ثم وقع فيها إنسان فمات فان على مولى المدبر قيمته من قبل أنه مدبر وأنه لم يكن يقدر على دفعه حيث جنى
ولو كانت قيمته ألفا ثم نقصت حتى صار يساوي خمسمائة فمات ثم وقع فيها رجل فمات فان على المولى ألف درهم بينهما نصفين
ولو جنى المدبر جناية بيده فانه ليس على مولاه شيء ويشاركهم ولي القتيل الآخر في تلك القيمة فان كان جنى على الآخر وقيمته ألفان فان ألفا على المولى الآخر والألف الأولى بينهم يضرب فيها الآخر بتسعة آلاف والأول بعشرة آلاف وإذا استأجر الرجل أربعة رهط عبدا ومكاتبا ومدبرا وحرا يحفرون بئرا في طريق المسلمين فوقعت عليهم فماتوا من حفرهم ولم يؤذن للمدبر ولا للعبد في العمل فان على المستأجر قيمة كل واحد منهما لمولاه ولورثة الحر ربع دية الحر في رقبة كل إنسان منهم وينظر إلى ربع الدية وربع قيمة المكاتب وإلى قيمته فيأخذ ورثة الحر وورثة المكاتب

الأقل من ذلك ويرجع مواليهما بذلك على المستأجر وللمستأجر على عاقلة الحر ربع قيمة كل واحد منهما وللمكاتب في رقبة كل واحد منهما ربع قيمته في قيمة كل واحد منهما فبعضه قصاص من بعض وإن كان في قيمة أحدهم فضل ترادا الفضل وربع قيمة المكاتب على عاقلة الحر ثم يأخذها ورثة الحر إلا أن يكون أكثر من ربع الدية فيأخذون ربع الدية ويردون الفضل على مولى المكاتب ولكل واحد من العبدين ربع قيمته في قيمة الآخر ولكن ذلك على المستأجر فهو له فان كان العبدان مأذونا لهما في التجارة فلا ضمان على المستأجر والإذن هاهنا أن يأمرهما المولى بالعمل أو يراهما يعملان فرضي بذلك أو يأمرهما بأداء الغلة فاذا كان هكذا فهما مأذون لهما وربع قيمة كل واحد منهما في عنق صاحبه وربع قيمة كل واحد منهما على عاقلة الحر وثلاثة أرباع دية الحر في أعناقهم في عنق كل واحد منهم ربع ربع فاذا عقلت عاقلة الحر ربع قيمة كل واحد منهما عزل لكل واحد منهما ربع قيمته ويؤخذ من مولى المدبر قيمة المدبر كاملة بعد أن يكون القيمة أقل مما عليه من ذلك فيقسم بينهم يضرب ورثة الحر بربع الدية ومولى العبد بربع القيمة ومولى المكاتب بربع القيمة فان كان المكاتب ترك وفاء أخذ من تركته تمام قيمته إن كانت قيمته أقل مما عليه من ذلك يضرب فيها ورثة الحر بربع الدية ومولى العبد بربع القيمة ثم يؤخذ من مولى العبد جميع ما أخذ من ذلك يضرب

فيه ورثة الحر بربع دية الحر ومولى المدبر بربع قيمة المدبر ومولى المكاتب بربع قيمة المكاتب

باب جناية الكنيف والميزاب
وإذا أخرج الرجل من داره كنيفا شارعا على الطريق أو ميزابا أو جرصنا فذلك كله سواء وكذلك إن أخرج صلاية من حائطه وكذلك البقال يخرج خشبة ينصبها على الطريق فما أصاب من ذلك حشية يتزين به الحائط يبنى لإنسان فجرحه أو قتله فهو على عاقلة الذي أخرجه إذا كانت نفسا أو جراحة يبلغ خمسمائة فصاعدا وإن كان أقل من ذلك فهو في ماله أبو يوسف قال حدثنا نحو من ذلك عطاء بن السائب عن محمد بن عبيد الله عن شريح وإن وقع الكنيف أو الميزاب على رجل فقتله فديته على عاقلة الذي أمر باخراجه ولا يكون على الذي أخرجه شيء فان أصابه الذي في جوف الحائط منه فلا ضمان عليه فيه وإن اصابه الداخل والخارج فعليه نصف الدية على عاقلته


وإذا باع رب الدار وقد أشرع منها كنيفا فأصاب رجلا فالضمان على البائع الأول لأنه هو أخرجه وكذلك الرجل يجعل ظلة على الطريق فما اصاب من شيء فهو له ضامن وكذلك الرجل وضع الخشسبة في الطريق أو يبني دكانا فما أصاب من ذلك من شيء فهو ضامن
ولو وضع رجل على الطريق شيئا فيعثر به فوقع فمات كان له ضامنا فان وطئ عليه فوقع فمات كان له ضامنا إن لا يتعمد المشي عليه فان كان تعقل به عمدا فعطب فلا ضمان عليه وإذا اختلف واضع الحجر وولى القتيل في ذلك فقال واضع الحجر تعمد التعقل به وكذبه الولى فالقول قول الولى وصاحب الحجر ضامن لعاقلته ولا تضمن العاقلة حتى يشهد شاهدان أن هذا وضعه وأن هذا تعقل به ولو أقر هو أنه وضعه من غير أن يشهد الشهود عليه كان عليه خاصة في ماله دون العاقلة وهذا قول أبي يوسف الأول ثم رجع أبو يوسف عن هذا وقال القول قول واضع الحجر مع يمينه أنه تعمد التعقل به وعلى الآخر البينة لأنه مدع وهو قول محمد
وإذا تعقل بحجر فوقع على حجر أيضا فمات فديته على صاحب الحجر الأول كأنه دفعه فان لم يكن للحجر الأول واضعا فديته على عاقلة صاحب الحجر الآخر أيضا ولا كفارة على واضع حجر في الطريق ولا مخرج كنيف ولا ميزاب أو جرصن ولا يحرم الميراث

من قبل أنه لم يقتل بيده إنما أقتله عمله وشيء أحدثه في الطريق

باب الغصب في الرقيق في الجناية
وإذا اغتصب الرجل عبدا من رجل فقتل العبد عنده قتيلا خطأ ثم اجتمع المولى وأولياء القتيل فان العبد يرد إلى مولاه ثم يقال لمولاه ادفعه أو افده ويرجع على الغاصب بقيمته يوم غصبه إياه دفع أو فداه وإن كان زاد عنده خيرا فليس عليه في الزيادة شيء وإن كان تغير منه شيء بعيب قبل الجناية فهو ضامن لذلك وإنما على المولى أن يدفع العبد بالجناية يوم يختصمون فيه أو يفديه فان كان جنى قبل النقصان ثم نقص عند الغاصب فذهب عينه فأخذ المولى العبد فدفعه فانه يرجع على الغاصب بقيمته يوم غصبه إياه ويدفع إلى أولياء الجناية نصفها ويرجع بذلك النصف على الغاصب وإن كان اعور قبل الجناية كان نصف القيمة للمولى ويرجع المولى على الغاصب بقيمته أعور
وإذا اغتصب الرجل عبدا فهو ضامن له ولما جنى عنده من جناية أو لحقه من دين ما بينه وبين قيمته ولا يضمن أكثر من ذلك في جميع هذا
وإذا اغتصب الرجل عبدا فقتل عنده قتيلا خطأ ثم مات العبد فان عليه القيمة للمولى فيدفعها المولى إلى أهل الجناية ثم يغرم له الغاصب قيمة أخرى حتى يخلص في يدي المولى قيمته بعد الجناية
ولو لم يمت العبد ولكنه ذهبت عينه بعد ما قتل عنده فدفعه إلى

المولى أعور فقتل عنده قتيلا آخر ثم اجتمع أهل الجناتين جميعا فدفعه المولى بالجنايتين فانه يأخذ نصف قيمته من الغاصب فيدفعها إلى الولي الأول ثم يضرب الأول في العبد بالدية إلا ما أخذ ويضرب الآخر بالدية ثم يرجع المولى على الغاصب بذلك النصف القيمة التي أخذت منه وما أصاب الأول من قيمة العبد أعور ثم يرجع أولياء الجناية الأولى فيما أخذ المولى من ذلك بتمام قيمة العبد صحيحا ويرجع المولى على الغاصب بمثل ما أخذ ويكون ذلك للمولى خاصة وإذا اغتصب رجل عبدا فقتل عنده قتيلا خطأ ثم دفعه إلى المولى فقتل عنده آخر خطأ فاختار المولى دفعه بالجنايتين فانه يكون بينهما نصفين ويأخذ المولى من الغاصب نصف قيمة العبد فيدفعها إلى ولي القتيل الأول ويرجع بمثل ذلك أيضا على الغاصب فيكون للمولى خاصة وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال زفر ومحمد يأخذ المولى نصف القيمة من الغاصب فيسلم له ولا يدفعه إلى ولي الجناية الأولى لأنه قد دفع هذا النصف مرة فلا يدفعه مرة أخرى
وإذا اغتصب الرجل عبدا قد قتل عند مولاه قتيلا فقتل عنده آخر فدفعه الغاصب إلى المولى فاختار المولى دفعه فانه يأخذ من الغاصب نصف القيمة فيدفعها إلى الأول ويقاسمان العبد نصفين ولا يرجع المولى بذلك على الغاصب لأنه إنما أخذ منه الذي جنى عبده عليه وإذا اغتصب الرجل عبدا وجارية قيمة كل واحد منهما ألف فقتل كل واحد منهما عنده قتيلا خطأ ثم قتل العبد الجارية ثم رده

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8