كتاب : الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : شرف الدين موسى بن أحمد بن موسى أبو النجا الحجاوي

فيصلي بطائفة ركعة بعد حضورها الخطبة فإن أحرم بالتي لم تحضرها لم تصح حتى يخطب لها وتقضي كل طائف ركعة بلا جهر ويصلي استسقاء ضرورة: كالمكتوبة والكسوف والعيد آكد منه فيصليهما ويستحب له حمل سلاح في الصلاة يدفع به عن نفسه ولا يثقله: كسيف وسكين ونحوهما ما لم يمنعه إكمالها: كمغفر سابغع على الوجه: وهو زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة وماله أنف أو يثقله حمله: كجوشن وهو التنور الحديد ونحوه أو يؤذي غيره كرمح وقوس إذا كان به متوسطا فيكره فإن احتاج إلى ذلك أو كان في طرف الناس لم يكره ويجوز حمل نجس في هذه الحالة وما يخل ببعض أركان الصلاة للحاجة ولا إعادة.

فصل وإذا اشتد الخوف صلوا وجوبا
فصل وإذا اشتد الخوف صلوا وجوباولا يؤخرونها رجال وركبانا إلى القبلة وغيرها يومئون إيماء على قدر الطاقة وسجودهم أخفض من ركوعهم وسواء وجد قبلها أو فيها ولو احتاج عملا كثيرا وتنعقد الجماعة نصا وتجب: لكن يعتبر إمكان المتابعة ولا يضر تأخر الإمام ولا كر ولا فر ونحوه لمصلحة ولا تلويث سلاحه بدم ولا يزول الخوف إلا بانهزام الكل ولا يلزمهم افتتاحها إلى القبلة ولو أمكنهم ولا السجود على الدابة وكذا من هرب من عدو هربا مباحا أو من سيل أو سبع ونحوه: كنار أو غريم ظالم أو خاف على نفسه أو أهله أو ماله أو ذب عنه أو عن غيره أو طلب عدو ويخاف فوته أو خاف وقت وقوف بعرفة ومن خاف

كمينا أو مكيدة أو مكروها صلى صلاة خوف وكذلك الأسير إذا خافهم على نفسه إن صلى والمختفي في موضع يخاف أن يظهر عليه صلى كل منهما كيفما أمكنه: قائما وقاعدا ومضطجعا ومستلقيا إلى القبلة وغيرها بالإماء حضرا وسفرا ومن أمن في الصلاة أو خاف انتقل وبنى ومن صلى صلاة الخوف لسواد ظنه عدوا فلم يكن أو كان وثم مانع أعاد وإن بان أنه عدو لكن يقصد غيره أو خاف من التخلف عن الرفقة عدوا فصلى سائرا ثم بان سلامة الطريق ـ لم يعد وإن خاف هدم سورا أو طم خندق إن صلى آمنا صلى صلاة خائف ما لم يعلم خلافه وصلاة النفل منفردا يجزز فعلها كالفرض.

باب صلاة الجمعة
مدخل

باب صلاة الجمعة
وهي صلاة مستقلة لعدم انعقادها بنية الظهر ممن لا تجب عليه ولجوازها قبل الزوال لا أكثر من ركعتين ولا تجمع في محل يبيح الجمع وأفضل من الظهر وفرضت بمكة قبل الهجرة وقال الشيخ: فعلت بمكة على صفة الجواز وفرضت بالمدينة انتهى وليس لمن قلدها أن يؤم في الصلوات الخمس ولا لمن قلد الصلوات الخمس أن يؤم فيها ولا من قلد أحدهما أن يؤم في عيد وكسوف واستسقاء إلا أن يقلد جميع الصلوات فتدخل في عمومها وهي فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل ذكر حر مستوطن ببناء يشمله اسم واحد ولو تفرق يسيرا فإن كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة لزمته ولو كان بينه وبين موضعها

فراسخ ولو لم يسمع النداء وإن كان خارج البلد كمن هو في قرية لا يبلغ عددهم ما يشترط في الجمعة أو كان مقيما في خيام ونحوها أو مسافرا دون مسافة قصر وبينه وبين موضعها من المنارة نصا أكثر من فرسخ تقريبا: لم تجب عليه وإلا لزمته بغيره إن لم يكن عذر ولا تجب على مسافر سفر قصر ما لم يكن سفره معصية فلو أقام ما يمنع القصر لشغل أو علم ونحوه ولم ينو استيطانها لزمته بغيره ولا يؤم فيها من لزمته بغيره ولا جمعة بمنى وعرفة نصا ولا على عبد ولا معتق بعضه ولو كان بينه وبين سيده مهايأة وكانت الجمعة في نوبته ولا على مكاتب ومدير ومعلق عتقه بصفة وهي أفضل في حقهم وحق المميز ومن لا تجب عليه لمرض أو سفر ـ من الظهر ولا على امرأة وخنثى ومن حضرها منهم أجزأته ولم تنعقد به فلا يحسب من العدد المعتبر ولا يؤم فيها ومن سقطت عنه لعذر كمرض وخوف ومطر ونحوها ـ غير سفر ـ إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به وأم فيها فلو حضرها إلى آخرها ولم يصلها أو انصرف لشغل غير دفع ضرورة ـ كان عاصيا أما لو اتصل ضرره بعد حضورها فأراد الانصراف لدفع ضرره جاز عند الوجود المسقط كالمسافر ومن صلى الظهر ممن يجب عليه حضوره الجمعة قبل صلاة الإمام أو قبل فراغها أو شك هل صلى قبل الإمام أو بعده: لم تصح صلاته وكذا لو صلى الظهر أهل بلد مع بقاء وقت الجمعة والأفضل لمن لا تجب عليه التأخير حتى يصلي الإمام فإن صلوا قبله صحت ولو زال عذرهم فإن حضروا الجمعة بعد ذلك كانت نفلا إلا

الصبي إذا بلغ فلا يسقط فرضه ولا يكره لمن فاتته الجمعة أو لمن لم يكره من أهل وجوبها صلاة الظهر جماعة ما لم يخف فتنة فإن خاف أخفاها ولا يجوز لمن تلزمه السفر في يومها بعد الزوال حتى يصليها إلا أن يخاف فوت رفقته ويجوز قبله مع الكراهة إن لم يأت بها في طريقه فيهما.

فصل يشترط لصحتها أربعة شروط
فصل يشترط لصحتها أربعة شروطأحدهما: الوقت فلا تصح قبله ولا بعده وأوله أول وقت صلاة العيد نصا وتفعل فيه جوازا ورخصة وتجب الزوال وفعلها بعده أفضل وآخره آخر وقت صلاة الظهر فإن خرج وقتها قبل فعلها امتنعت الجمعة وصلوا ظهرا وإن خرج وقد صلوا ركعة أتموا جمعة وإن خرج قبل ركعة بعد التحريمة استأنفوا ظهرا والمذهب يتمونها جمعة فلو بقي من الوقت قدر الخطبتين والتحريمة أو شكوا في خروج الوقت لزمهم فعلها.
الثاني: أن تكون بقرية مجتمعة البناء بما جرت العادة بالبناء به: من حجر أو لبن أو طين أو قصب أو شجر يستوطنها أربعون بالامام من أهل وجوبها إستيطان إقامة لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاء فلا تجب ولا تصح من مستوطن بغير بناء كبيوت الشعر والخيام والخراكى ونحوها ولا في بلد يسكنها أهلها بعض السنة دون بعض أو بلد فيها دون العدد المعتبر أو متفرقة بما لم بجر العادة به ولو شملها اسم واحد وإن خربت القرية أو بعضها وأهلها مقيمون بها عازمون عل إصلاحها

فحكمها باق في إقامة الجمعة بها وإن عزموا على النقلة عنها لم تجب عليهم الجمعة لعدم الاستيطان وتصح فيما قارب البنيان من الصحراء ولو بلا عذر لا فيما بعد ولا يتمم عدد من مكانين متقاربين ولا يصح تجميع كامل في ناقص مع القرب الموجب للسعي والأولى مع تتمة العدد فيهما تجميع كل قوم وإن جمعوا في مكان واحد فلا بأس فلا يشترط للجمعة المصر.
الثالث : حضور أربعين فأكثر من أهل القرية بالإمام ولو كان بعضهم خرسا أو صما لا إن كان الكل كذلك ولا تنعقد بأقل منهم وإن قرب الأصم وبعد من يسمع لم تصح ولو رأى الإمام اشتراط عدد في المأمومين فنقص عن ذلك لم يجز أن يؤمهن ولزمه استخلاف أحدهم ولو رآه المأمومون دون الإمام لم يلزم واحدا منهما فإن نقصوا قبل إتمامها استأنفوا ظهر نصا إن لم يمكن فعل الجمعة مرة أخرى وإن نقصوا وبقي العدد المعتبر أتموا جمعة سواء سمعوا الخطبة أو لحقوهم قبل نقصهم وإن أدرك مسبوق مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة وإن أدرك أقل من ركعة أتمها ظهرا إذا كان قد نوى الظهر ودخل وقتها وإلا انعقدت نفلا ولا يصح إتمامها جمعة وإن أحرم مع الإمام ثم زحم عن السجود أو نسيه ثم ذكر لزمه السجود على ظهر إنسان أو رجله أو متاعه ولو احتاج إلى موضع يديه وركبته لم يجز وضعهما على ظهر إنسان أو رجله فإن لم يمكنه سجد إذا زال الزحام وكذا لو تخلف لمرض أو نوم أو نسيان ونحوه فإن غلب على ظنه فوات الثانية تابع

إمامه في ثانيته وصارت أولاه وأتمها جمعة فإن لم يتابعه عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته وإن جهله وسجد ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه وصحت جمعته فإن لم يدركه حتى سلم استأنف ظهرا سواء زحم عن سجودها أو ركوعها أو عنهما إن غلب على ظنه الفوت فتابع إمامه فيها ثم طول أو غلب على ظنه عدم الفوت فسجد فبادر الإمام فركع لم يضره فيهما ولو زال عذر من أدرك ركوع الأولى وقد رفع إمامه من ركوع الثانية تابعه في السجود فتتم له ركعة ملفقة من ركعتي إمامه: يدرك بها الجمعة.
الرابع : أن يتقدمها خطبتان بعد دخول الوقت من مكلف عدل وهما بدل ركعتن من الظهر ولا بأس بقراءتهما من صحيفة ولو لمن يحسنهما: كقراءة من مصحف ومن شرط صحة كل منهما: حمد الله بلفظ الحمد لله: والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم بلفظ الصلاة ولا يجب السلام عليه مع الصلاة: وقراءة آية لو من جنب مع تحريمها ولا بأس بالزيادة عليها وقال أبو المعالي وغيره: لو قرأ آية لا تستقل بمعنى أو حكم كقوله {ثُمَّ نَظَرَ} أو {مُدْهَامَّتَانِ} لم يكف: والوصية بتقوى الله تعال قال في التلخيص: ولا يتعين لفظها وأقلها اتقوا الله وأطيعوا الله ونحوه: انتهى وموالاة بينهما وبين أجزائهما وبين الصلاة ولهذا يستحب قرب المنبر من المحراب لئلا يطول الفصل بينهما وبين الصلاة فتستحب البداءة بالحمد ثم بالثناء وهو مستحب ثم بالصلاة ثم بالموعظة فإن نكس أجزأه: والنية ورفع الصوت بحيث

يسمع العدد المعتبر إن لم يعرض مانع فإن لم يسمعوا لخفض صوته أو بعده لم تصح وإن كان لنوم أو غفلة أو مطر ونحوه صحت وإن كانوا كلهم طرشا أو عجما وهو سميع عربي لا يفهمون قوله صحت وإن انفضوا عن الخطيب سكت فإن عادوا قريبا بنى وإن كثر التفرق عرفا أو فات ركن منها استأنف الخطبة ولا تصح الخطبة بغير العربية مع القدرة: كقراءة وتصح مع العجز: غير القراءة فإن عجز عنها وجب بدلها ذكر وحضور العدد وسائر شروط الجمعة للقدر الواجب من الخطبتين وتبطل بكلام محرم ولو يسرا ولا تشترط لهما الطهارتان ولا ستر عورة وإزالة نجاسة ولا أن يتولاهما من يتولى الصلاة ولا حضور النائب الخطبة وهو الذي صلى الصلاة ولم يخطب ولا أن يتولى الخطبتين واحد بل يستحب ذلك.

فصل ويسن أن يخطب على منبر أو موضع عال
فصل ويسن أن يخطب على منبر أو موضع عالويكون المنبر عن يمين مستقبل القبلة وإن وقف عل الأرض وقف عن يساره مستقبل القبلة بخلاف المنبر وأن يسلم على المأمومين إذا خرج عليهم وإذا أقبل عليهم ورد هذا السلام وكل سلام مشروع فرض كفاية على المسلم عليهم وابتداؤه سنة ثم يجلس إلى فراغ الأذان وأن يجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة جدا قال جماعة: بقدر سورة الإخلاص فإن أبى أو خطب جالسا فصل بسكتة ويخطب قائما ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا بإحدى يديه وبالأخرى على حرف المنبر أو يرسلها وإن لم يعتد على شيء أمسك شماله بيمينه

أو أرسلهما عند جنبيه وسكنهما ويقصد تلقاء وجهه فلا يلتفت يمينا ولا شمالا وأن يقصر الخطبة والثانية أقصر من الأولى ويرفع صوته حسب طاقته ويعربهما بلا تمطيط ويكون متعظا بما يعظ الناس به ويستقبلهم وينحرفون إليه فيستقبلونه ويتربعون فيها وإن استدبرهم فيها كره ويدعو للمسلين ولا بأس به لمعين حتى السلطان والدعاء له مستحب في الجملة ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة ولا بأس أن يشير بإصبعه فيه ودعاؤه عقب صعوده لا أصل له وإن قرأ سجدة في أثناء الخطبة فإن شاء نزل فسجد وإن أمكنه السجود على المنبر سجد عليه وإن ترك السجود فلا حرج ويكره أن يسند الإنسان ظهره إلى القبلة ولا بأس بالحبوة نصا وبالقرفصاء وهي الجلوس على إليته رافعا ركبتيه إلى صدره مفضيا بأخمص قدميه إلى الأرض وكان الإمام أحمد يقصد هذه الجلسة ولا جلسة أخشع منها ولا يشترط لصحة الجمعة إذن الإمام فإذا فرغ من الخطبة نزل عند قول المؤذن: قد قامت الصلاة ويستحب أن يكون حال صعوده على تؤدة وإذا نزل نزل مسرعا قاله ابن عقيل وغيره.

فصل وصلاة الجمعة ركعتان يسن جهره فيهما بالقراءة
فصل وصلاة الجمعة ركعتان يسن جهره فيهما بالقراءةيقرأ في الأولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين بعد الفاتحة أو بسبح ثم الغاشية فقد صح الحديث بهما وإن يقرأ في فجر يومها بألم: السجدة وفي الثانية هل أتى قال الشيخ: ويكره تحريه سجدة غيرها والسنة إكمالهما وتكره مداومتهما نصا وتكره في عشاء ليلتها بسورة الجمعة

زاد في الرعاية والمنافقين وتجوز إقامتها في أكثر من موضع من البلد لحاجة: كضيق وخوف فتنة وبعد ونحوه فتصح السابقة واللاحقة وكذا العيد فإن حصل الغنى باثنين لم تجز الثالثة وكذا ما زاد ويحرم لغير حاجة وأذن إمام فيها أذن فإن فعلوا فجمعة الإمام التي باشرها أو أذن فيها هي الصحيحة وإن كانت مسبوقة فإن استويا في الأذن وعدمه فالثانية باطلة ولو كانت في المسجد الأعظم والأخرى في مكان لا يسع الناس أو لا يقدرون عليه لاختصاص السلطان وجنده به أو كانت المسبوقة في قصبة البلد والأخرى في أقصاه والمسبق يكون بتكبيرة الإحرام وإن وقعتا معا بطلتا وصلوا جمعة إن أمكن وإن جهلت الأولى أو جهل الحال أو علم ثم أنسي صلوا ظهرا ولو أمكن فعل الجمعة وإذا وقع عيد يوم الجمعة فصلوا العيد والظهر جاز وسقطت الجمعة عمن حضر العيد إسقاط حضور لا وجوب: كمريض ونحوه لا كمسافر وعبد والأفضل حضورها إلا الإمام فلا يسقط عنه فإن اجتمع معه العدد المعتبر أقامها وإلا صلوا ظهرا وأما من لم يصل العيد فيلزمه السعي إلى الجمعة: بلغو العدد المعتبر أو لا ثم إن بلغوا بأنفسهم أو حضر معه تمام العدد لزمتهم الجمعة وإلا تحقق عذرهم ويسقط العيد بالجمعة إن فعلت قبل الزوال أو بعده فإن فعلت بعده أعتبر العزم على الجمعة لترك صلاة العيد وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان وأكثرها ست نصا ويسن مكانه في المسجد وأن يفصل بينهما وبين

الجمعة بكلام أو انتقال ونحوه وليس لها قبلها سنة راتبة نصا بل يستحب أربع ركعات وتقدم.

فصل يسن أن يغتسل للجمعة
فصل يسن أن يغتسل للجمعةوتقدم ويتنظف بقص شاربه وتقليم أظفاره وقطع الروائح الكريهة يتطيب بما يقدر عليه ولو من طيب أهله وأن يلبس أحسن ثيابه وأفضلها البياض ويبكر إليها: غير الإمام بعد طلوع الفجر ماشيا إن لم يكن عذر فإن كان فلا بأس بركوبه ذهابا وإيابا ويجب السعي بالنداء الثاني بين يدي الخطيب لا بالأول لأنه مستحب والأفضل من مؤذن واحد ولا بأس بالزيادة إلا من بعد منزله ففي وقت يدركها إذا علم حضور العدد على أحسن هيئة بسكينة ووقار مع خشوع ويدنو من الإمام ويستقبل القبلة ويشتغل بالصلاة إلى خروج الإمام فإذا خرج خففها ولو نوى أربعا صلى ركعتين ويحرم ابتداء نافلة إذن غير تحية مسجد والذكر وأفضله قراءة القرآن وسورة الكهف في يومها وليلتها ويكثر الدعاء في يومها رجاء إصابة ساعة الإجابة وأرجاها آخر ساعة من النهار يكون متطهرا منتظرا صلاة المغرب فإن من انتظر الصلاة فهو في صلاة ويكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويكره أن يتخطى رقاب الناس: إلا أن يكون إماما فلا للحاجة أو يرى فرجة لا يصل إليها إلا به ويحرم أن يقيم غيره فيجلس مكانه ولو عبده أو ولده الكبير أو كانت عادته الصلاة فيه حتى المعلم ونحوه: إلا الصغير وقواعد المذهب تقتضي عدم الصحة إلا من جلس بموضع يحفظه

له بإذنه أو دونه ويكره إيثاره بمكانه الأفضل كالصف الأول ونحوه لا قبوله فلو آثر زيدا فسبقه إليه عمرو حرم وإن وجد مصلي مفروشا فليس له رفعه: ما لم تحضر الصلاة ولا الجلوس ولا الصلاة عليه فله فرشه ومنع منه الشيخ لتحجره مكانا من المسجد ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه قريبا فهو أحق به: ما لم يكن صبيا قام في صف فاضل أو في وسط الصف فإن لم يصل إليه إلا بالتخطي جاز: كالفرجة وتكره الصلاة في المقصورة التي تحمى نصا ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين موجزتين تحية المسجد إن كان في مسجد ولم يخف فوت تكبيرة الإحرام مع الإمام ولا تجوز الزيادة عليهما وتسن تحية المسجد ركعتان فأكثر لكل من دخله قصد الجلوس أو لا غير خطيب دخل فلها وقيمه لتكرار دخوله وداخله لصلاة عيد أو والإمام في مكتوبة أو بعد الشروع في الإقامة وداخل المسجد الحرام وتجزئ راتبة وفريضة ولو فائتتين عنها وإن نوى التحية والفرض فظاهر كلامهم حصولهما فإن جلس قبيل فعلها قام فأتى بها إن لم يطل الفصل ولا تحصل بأقل من ركعتين ولا بصلاة جنازة وتقدم إذا دخل وهو يؤذن ويحرم الكلام في الخطبتين والإمام يخطب ولو كان غير عدل إن كان منه بحيث يسمعه ولو في حالة تنفسه لأنه في حكم الخطبة: إلا له أو لمن كلمه لمصلحة ولا بأس به قبلهما وبعدهما نصا وبين الخطبتين إذا سكت وليس له تسكيت من تكلم بكلام بل بإشارة فيضع إصبعه على فيه ويجب لتحذير ضرير وغافل عن بئر وهلكة

ومن يخاف عليه نارا أو حية ونحوه ويباح إذا شرع في الدعاء ولو في دعاء غير مشروع وتباح الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر سرا: كالدعاء اتفاقا قاله الشيخ وقال: رفع الصوت قدام بعض الخطباء مكروه أو محرم اتفقا ولا يرفع المؤذن ولا غيره صوته بصلاة ولا غيرها ولا يسلم من دخل ويجوز تأمينه على الدعاء وحمده خفية إذا عطس نصا وتشميت عاطس ورد سلام نطقا وإشارة أخرس مفهومة: ككلام ويجوز لمن بعد عن الخطيب ولو يسمعه الاشتغال بالقراءة والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خفية وفعله أفضل نصا فيسجد للتلاوة وليس له أن يرفع صوته ولا إقراء القرآن ولا المذاكرة في الفقه ولا أن يصلي أو يجلس في حلقة ولا يتصدق على سائل وقت الخطبة لأنه فعل ما لا يجوز فلا يعينه قال أحمد: وإن حصب السائل كان أعجب إلي ولا يناوله فإن سأل قبلها ثم جلس لها جاز وله الصدقة على من لم يسأل وعلى من سألها الإمام له والصدقة على باب المسجد عند دخوله أو خروجه أولى ويكره العبث حال الخطبة وكذا الشرب: ما لم يشتد عطشه ومن نعس سن انتقاله من مكانه إن لم يتخط ولا بأس بشراء ماء الطهارة بعد آذان الجمعة أو سترة وتأتي أحكام البيع بعد النداء.

باب صلاة العيدين
باب صلاة العيدينوهي فرض كفاية إن تركها أهل بلد قاتلهم الإمام وكره أن ينصرف

من حضر ويتركها ووقتها كصلاة الضحى: لا بطلوع الشمس فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال أو أخروها لغير عذر خرج من الغد فصلى بهم قضاء ولو أمكن في يومها وكذا لو مضى أيام ويسن تقديم صلاة الأضحى ـ بحيث يوافق من بمنى في ذبحهم وتأخير صلاة الفطر والأكل فيه قبل الخروج إليها تمرات وترا وهو آكد من الإمساك في الأضحى والإمساك في الأضحى حتى يصلي ليأكل من أضحيته والأولى من كبدها إن كان يضحي والأخير ويسن الغسل للعيد في يومها وتبكير مأمون إليها بعد صلاة الصبح ماشيا إن لم يكن عذر ودنوه من الإمام وتأخر إمام إلى الصلاة ولا بأس بالركوب في العود على أحسن هيئة من لبس وتطيب ونحوه والإمام بذلك آكد غير معتكف فإنه يخرج في ثياب اعتكافه ولو الإمام وإن كان المعتكف فرغ من اعتكافه قبل ليلة العيد استحب له المبيت ليلة ا لعيد في المسجد والخروج منه إلى المصلى والتوسعة على الأهل والصدقة وإذا غدا من طريق سن رجوعه في أخرى وكذا جمعة ويشترط لوجوبها شروط الجمعة ولصحتها استيطان وعدد الجمعة: لا إذن إمام فلا تقام إلا حيث تقام ويفعلها المسافر والعبد والمرأة والمنفرد تبعا لكن يستحب أن يقضيها من فاتته: كما يأتي ولا بأس بحضورها النساء: غير مطيبات ولا لابسات ثياب زينة أو شهرة ويعتزلهن الرجال ويعتزل الحيض المصلى بحيث يسمعن وتسن في صحراء قريبة عرفا ويستحب للإمام أن يستخلف من يصلي الناس في المسجد ويخطب بهم إن شاءوا وهو المستحب والأولى إلا يصلوا قبل

الإمام وأن يصلوا قبله فلا بأس وأيهما سبق سقط الفرض به وجازت التضحية وتنويه المسبوقة نفلا وتكره في الجامع بلا عذر: إلا بمكة فتسن في المسجد ويبدأ بالصلاة قبل الخطبة فلو خطب قبل الصلاة لم يعتد بها فيصلي ركعتين يكبر تكبيرة الإحرام ثم يستفتح ثم يكبر ستا زوائد قبل التعوذ ثم يتعوذ عقب السادسة بلا ذكر ثم يشرع في القراءة ويكبر في الثانية بعد قيامة من السجود وقبل قراءتها خمسا زوائد يرفع يديه مع كل تكبيرة ويقول بين كل تكبيرتين: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا وإن أحب قال غيره إذ ليس فيه ذكر مؤقت ولا يأتي بعد التكبيرة الأخيرة في الركعتين بذكر وإن نسي التكبير أو شيئا منه حتى شرع في القراءة لم يعد إليه وكذا إن أدرك الإمام قائما بعد التكبير الزائد أو بعضه ولم يأت به ويقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسبح وفي الثانية بالغاشية ويجهر بالقراءة فإذا سلم خطبهم خطبتين يجلس بينهما ويجلس بعد صعوده المنبر قبلهما يستريح وحكمهما كخطبة الجمعة حتى في الكلام إلا التكبير مع الخاطب ويسن أن يفتتح الأولى قائما بتسع تكبيرات متواليات والثانية بسبع كذلك يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ويبين لهم ما يخرجون وعلى من تجب وإلى من تدفع ويرغبهم في الأضحية في الأضحى ويبن لهم حكمها والتكبيرات الزوائد والذكر بينها والخطبتان سنة لا يجب حضورها ولا استماعهما ويكره التنفل في موضعها قبلها وبعدها وقضاء فائتة قبل مفارقته إماما كان أو مأموما في صحراء

فعلت أو في مسجد ولا بأس به إذا خرج أو فارقه ثم عاد إليه نصا ومن كبر قبل سلام الإمام صلى ما فاته على صفته ويكبر مسبوق ولو بنوم أو غفلة في قضاء بمذهبه لا بمذهب إمامه وإن فاتته الصلاة سن قضاؤها فإن أدركه في الخطبة جلس فسمعها ثم صلاها متى شاء قبل الزوال أو بعده على صفتها ولو منفردا لأنها صارت تطوعا ويسن التكبير المطلق في العيدين وإظهاره في المساجد والمنازل والطرق حضرا وسفرا في كل موضع يجوز فيه ذكر الله والجهر به لغير أنثى في حق كل من كان من أهل الصلاة من مميز وبالغ حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى من أهل القرى والأمصار ويتأكد من ابتداء ليلتي العيدين وفي الخروج إليهما إلى فراغ الخطبة فيهما ثم يقطع وهو في الفطر آكد نصا ولا يكبر فيه إدبار الصلوات وفي الأضحى يبتدئ المطلق من ابتداء عشر ذي الحجة ولو لم ير بهيمة الأنعام إلى فراغ الخطبة يوم النحر والمقيد فيه يكثر من صلاة فجر يوم عرفة إن كان محلا وإن كان محرما فمن صلاة ظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق فيهما فلو رمى جمرة العقبة قبل الفجر فعموم كلامهم يقتضي أنه لا فرق حملا على الغالب يؤيده لو أخر الرمي إلى بعد صلاة الظهر فإنه يجتمع في حقه التكبير والتلبية فيبدأ بالتكبير ثم يلي نصا ومن كان عليه سجود سهو أتى به ثم كبر عقب كل فريضة في جماعة وأنثى كذكر ومسافر كمقيم ولو لم يأتم بمقيم ويكبر مأموم نسية إمامه ومسبوق بعد قضائه ومن قضى فيها فائتة من أيامها أو من غير أيامها

في عامه لا بعد أيامها لأنها سنة فات محلها ولا يكبر عقب نافلة ولا من صلى وحده ويأتي به الإمام مستقبل الناس وأيام العشر: الأيام المعلومات وأيام التشريق: الأيام المعدودات وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر يليه ومن نسي التكبير قضاه ولو بعد كلامه مكانه فإن قام أو ذهب عاد فجلس ثم كبر وإن قضاه ماشيا فل بأس: ما لم يحدث أو يخرج من المسجد أو يطل الفصل ولا يكبر عقب صلاة عيد الأضحى: كالفطر وصفة التكبير شفعا: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ويجزى مرة واحدة وإن زاد فلا بأس وإن كرره ثلاثا فحسن ولا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضا بما هو مستفيض بينهم من الأدعية ومن بعد الفراغ من الخطبة قوله لغيره: يقبل الله منا ومنك: كالجواب وبتعريفه عشية عرفة بالأمصار من غير تلبية ويستحب الاجتهاد في عمل الخير أيام عشر ذي الحجة من الذكر والصيام والصدقة وسائر أعمال البر لأنها أفضل الأيام.

باب صلاة الكسوف
باب صلاة الكسوفوهو ذهاب ضوء أحد النيرين أو بعضه وإذا كسف أحدهما فزعوا إلى الصلاة وهي سنة مؤكدة حضرا وسفرا حتى للنساء وللصبيان حضورها ووقتها من حين الكسوف إلى حين التجلي جماعة وفرادى ويسن أيضا ذكر الله والدعاء والاستغفار والتكبير والصدقة والعتق والتقرب إلى الله تعالى بما استطاع والغسل لها وفعلها

جماعة في المسجد الذي تقام فيه الجمعة أفضل ولا يشترط لها إذن ولا الاستسقاء: كصلاتهما منفردا1 ولا خطبة لها وإن فاتت لم تقض: كصلاة الاستسقاء وتحية المسجد وسجود الشكر ولا تعاد إن صليت ولو ينجل بل يذكر الله ويدعوه ويستغفره حتى ينجلي وينادي لها: الصلاة جامعة ندبا ويجزئ قول: الصلاة فقط ثم يصلي ركعتين ويقرأ في الأولى بعد الاستفتاح والتعوذ: الفاتحة ثم بالبقرة أو قدرها جهرا ولو في كسوف شمس ثم يركع ركوعا طويلا فيسبح قال جماعة: نحو مائة آية ثم يرفع فيسمع ويحمد ثم يقرأ الفاتحة ودون القراءة الأولى ثم يركع فيطيل وهو دون الركوع الأول نسبته إلى القراءة كنسبة الأول منها2 ثم يرفع ولا يطيل اعتداله ثم يسجد سجدتين طويلتين ولا تجوز الزيادة عليها لأنه لم يرد ولا يطيل الجلوس بينهما ثم يقوم إلى الثانية فيفعل مثل ذلك من الركوعين وغيرها لكن يكون دون الأول في كل ما يفعله فيها ومهما قرأ به جاز ثم يتشهد ويسلم وإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة
ـــــــ
1 يريد أن ينبه على أن صلاة الكسوف والاستسقاء جماعة لا تتوقفان على إذن الإمام كما تتوقف عليه صلاة الجمعة عند تعدد المساجد. بل الأمر في الجماعة في هاتين الصلاتين كما هو لو أديتا في غير جماعة حيث لا حاجة إلى الإذن في النفل.
2 يعني أن نسبة الركوع الثاني إلى قراءته كنسبة الركوع الأول إلى قراءته فإذا عرفت أن القراءة كانت في الأول بالبقرة وأن الركوع كان مقدرا قراءة مائة آية عرفت لأن القراءة الثانية تكون بمثل آل عمران وأن الركوع فيها يكون بالتسبيح مقدار سبعين آية وبهذين قال بعض علماء المذهب.

على صفتها وإن شك في التجلي أتمها من غير تخفيف فيعمل بالأصل في بقائه ووجوده وإن تجلى السحاب عن بعضها فراوه صافيا صلوا وإن تجلى قبلها أو غابت الشمس كاسفة أو طلعت أو الفجر والقمر خاسف لم يصل ولا عبرة بقول المنجمين ولا يجوز العمل به وإن وقع في وقت نهي دعا وذكر بلا صلاة ويجوز فعلها على كل صفة وردت: إن شاء أتى في كل ركعة بركوعين كما تقدم وهو الأفضل وإن شاء بثلاث أو أربع أو خمس ! وإن شاء فعلها كنافلة والركوع الثاني وما بعده سنة لا تدرك به الركعة وإن اجتمع مع كسوف جنازة قدمت فتقدم على ما يقدم عليه ولو مكتوبة ونصه على فجر وعصر فقط وتقدم على جمعة إن أمن فوتها ولم يشرع في خطبتها وكذا على عيد ومكتوبة إن أمن الفوت وعلى وتر ولو خيف فوته ومع تراويح وتعذر فعلهما تقدم التراويح ولا يمكن كسوف الشمس إلا في الاستسرار آخر الشهر إذا اجتمع النيران قال بعضهم: في الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين ولا خسوف القمر إلا في الإبدار: وهو إذا تقابلا قال الشيخ: أجرى الله العادة أن الشمس لا تنكسف إلا وقت الاستسرار وأن القمر لا ينخسف إلا وقت الإبدار وقال: من قال الفقهاء أن الشمس تنخسف في غير وقت الاستسرار فقد غلط وقال: ما ليس له به علم وخطأ الواقدي في قوله: إن إبراهيم مات يوم العاشر وهو الذي انكسفت فيه الشمس وهو كما قال الشيخ: فعلى هذا يستحيل كسوف الشمس وهو بعرفة ويوم العيد ولا يمكن أن يغيب القمر ليلا وهو

خاسف والله أعلم ولا يصلي لشيء من سائر الآيات: كالصواعق والريح الشديدة والظلمة بالنهار والضياء بالليل إلا الزلزلة الدائمة فيصلي لها كصلاة الكسوف.

باب صلاة الاستسقاء
باب صلاة الاستسقاءوهو الدعاء بطلب السقيا على صفة مخصوصة وهي سنة مؤكدة حضرا وسفرا فإذا أجدبت الأرض: وهو ضد الخصب وقحط المطر وهو احتباسه: لا عن أرض غير مسكونة ولا مسلوكة ـ فزع الناس إلى الصلاة حتى ولو كان القحط في غير أرضهم أو غار ماء عيون وضر ذلك ولو نذر الإمام الاستسقاء زمن الجدب وحده أو هو والناس لزمه في نفسه والصلاة1 وليس له أن يلزم غيره بالخروج معه وإن نذر غير الإمام انعقد أيضا وإن نذره زمن الخصب لم ينعقد وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة العيد ويسن فعلها أول النهار وقت صلاة العيد ولا تتقيد بزوال الشمس ويقرأ فيها بما يقرأ به في صلاة العيد وإن شاء بـ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً} وسورة أخرى2 وإذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس وأمرهم بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم وأداء الحقوق والصيام قال جماعة: ثلاثة أيام يخرجن في آخرها صياما ولا يلزمهم الصيام بأمره: والصدقة وترك التشاحن ويعدهم يوما يخرجون فيه ويتنظف لها بالغسل والسواك وإزالة الرائحة
ـــــــ
1 قوله: والصلاة معطوف على ضمير الاستسقاء المستتر في لزمه.
2 يريد في الركعة الثانية.

ولا يتطيب ويخرج إلى المصلى متواضعا في ثياب بذلة متخشعا متذللا متضرعا ويستحب أن يخرج معه أهل الدين والصلاح والشيوخ وكذا مميز الصبيان ويباح خروج أطفال وعجائز وبهائم ويؤمر سادة العبيد بإخراج عبيدهم ويكره من النساء ذوات الهيئات ويكره لنا أن نخرج أهل الذمة ومن يخالف دين الإسلام وإن خرجوا من تلقاء أنفسهم لم يكره ولم يمنعوا وأمروا بالانفراد عن المسلمين فلا يختلطون بهم ولا ينفردون بيوم وحكم نسائهم ورقيهم وصبيانهم وعجائزهم حكمهم ولا تخرج منهم شابة: كالمسلمين فيصلي بهم ثم يخطب خطبة واحدة يجلس قبلها إذا صعد المنبر جلسة الاستراحة ثم يفتتحها بالتكبير تسعا ويكثر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار وقراءة آية فيها الامر به: كقوله {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} ونحوه ويسن رفع يديه وقت الدعاء وتكون ظهورهما نحو السماء فيدعو قائما ويكثر منه ويؤمن مأموم ويرفع يديه جالسا وأي شيء دعا به جاز والأفضل بالوارد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ومنه " للهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا سحا عاما طبقا دائما نافعا غير ضار عاجلا غير آجل اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم إن بالعباد والبلاد من اللاواء والجهد والضنك مالا نشكو إلا إليك اللهم انبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع

واسقنا من بركات السماء وأنزل علينا من بركاتك اللهم ارفع عنا الجوع والجهد والعرى واكشف عنا من البلاء مالا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا " ويؤمنون ويستحب أن يستقبل القبلة في أثناء الخطبة ثم يحول رداءه فيجعل ما على الأيمن على الأيسر وما على الأيسر على الأيمن ويفعل الناس كذلك ويتركونه حتى ينزعوه مع ثيابهم ويدعو سرا حال استقبال القبلة فيقول: اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا إنك لا تخلف الميعاد فإذا فرغ من الدعاء استقبلهم ثم حثهم على الصدقة والخير ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقرا ما تيسر ثم يقول: أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين وقد تمت الخطبة فإن سقوا وإلا عادوا في اليوم الثاني والثالث وألحوا في الدعاء وإن سقوا قبل خروجهم وكانوا قد تأهبوا للخروج خرجوا وصلوا شكرا وإلا لم يخرجوا وشكروا لله وسألوه المزيد من فضله وإن سقوا بعد خروجهم صلوا وينادى لها الصلاة جامعة ولا تشترط لها إذن الإمام في الخروج ولا في الصلاة ولا في الخطبة ولا بأس بالتوسل بالصالحين ونصه بالنبي صلى الله عليه وسلم وإن استقوا عقب صلواتهم أو في خطبة الجمعة أصابوا السنة1 ويستحب أن يقف في أول
ـــــــ
1 يشير إلى أن الاستسقاء المسنون على ثلاثة هيئات إحداها ما تقدم وصفها- والثانية في خطبة الجمعة – والثالثة عقب الصلوات المفروضة.

المطر ويخرج رحله وثيابه ليصيبها وهو الاستمطار ويغتسل في الوادي إذا سال ويتوضأ اللهم صيبا نافعا وإذا زادت المياه لكثرة المطر فخيف منها استحب أن يقول: اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية1 ومنابت الشجر {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} ـ الآية وكذلك إذا زاد ماء النبع بحيث يضر استحب لهم أن يدعوا الله تعالى أن يخففه عنهم ويصرفه إلى أماكن ينفع ولا يضر ويستحب الدعاء عند نزول الغيث وأن يقول: مطرنا بفضل الله ورحمته ويحرم بنوء كذا2 وإضافة المطر إلى دون الله اعتقادا كفر إجماعا ولا يكره في نوء كذا ولم يقل برحمة الله ومن رأى سحابا أو هبت الريح سأل الله خيره وتعوذ من شره ولا يسب الريح إذا عصفت بل يقول اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياجا ولا تجعلها ريحا ويقول إذا سمع صوت الرعد والصواعق: اللهم لا تقتلننا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويقول إذا انقض الكوكب: ما شاء الله لا قوة إلا بالله وإذا سمع صياح الديكة سأل الله من فضله وورد في الأثر أن قوس قزح أمان
ـــــــ
1 الضراب هي الروابي والآكام هي صغار الجبال وبطون الأودية: المنخفضات.
2 النوء هو النجم. والمراد هنا حرمة إسناد المطر إلى غير الله كما وضحه.

لأهل الأرض من الغرق وهو من آيات الله قال ابن حامد: ودعوى العامة إن غلبت حمرته كانت الفتن والدماء وإن غلت خضرته كانتا رخاء وسروا ـ هذيان.

كتاب الجنائز
مدخل

كتاب الجنائز
ترك الدواء أفضل ولا يجب ولو ظن نفعه ويحرم بسم فإن كان الدواء مسموما وغلب منه السلامة ورجى نفعه أبيح لدفع ما هو أعظم منه: كغيره من الأدوية ولا بأس بالحمية ويحرم بمحرم أكلا وشربا وكذا صوت ملهاة وغيره ولو أمره أبوه بشرب دواء بخمر وقال: أمك طالق ثلاثا إن لم تشربه حرم شربه وتحرم التميمة: وهو عوذة أو خرزة أو خيط ونحوه يتعلقها ولا بأس بكتب قرآن وذكر في إناء ثم يسقي فيه مريض وحامل لعسر الولد ويسن الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له وعيادة المريض ونصه: غير المبتدع ومثله من جهر بالمعصية من أول مرضه وقال ابن حمدان: عيادته فرض كفاية قال الشيخ: الذي يقتضيه النص وجوب ذلك واختار جمع والمراد مرة وظاهره ولو من وجع ضرس ورمد ودمل خلافا لأبي المعالي بن المنجا وتحرم بعيادة الذمي ويأتي ويسأله عن حاله وينفس له في الأجل بما يطيب نفسه ولا يطيل الجلوس عنده وتكره وسط النهار نصا وقال: يعاد بكرة وعشيا وفي رمضان ليلا قال جماعة:

ويغب بها ويخبر المريض بما يجده ولو لغير طبيب وبلا شكوى بعد أن يحمد الله ويستحب له أن يصبر والصبر الجميل صبر بلا شكوى إلى المخلوق والشكوى إلى الخالق لا تنافيه بل مطلوبة ويحسن ظنه بربه قال بعضهم: وجوبا ويغلب الرجاء ونصه يكون خوفه ورجاؤه واحد فأيهما غلب صاحبه هلك قال الشيخ: هذا العدل ويكره الأنين وتمني الموت لضر نزل به ولا يكره لضرر بدينه وتمني الشهادة ليس من تمنى الموت المنهي عنه ذكره في الهدى ويذكره التوبة والوصية والخروج من المظالم ويرغب في ذلك ولو كان مرضه غير مخوف ويدعو بالصلاح والعافية ولا بأس بوضع يده عليه وبرقاه ويقول في دعائه: أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ويقول: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك سبع مرات فإذا نزل به سن أن يليه أرفق أهله به وأعرفهم بمداراته وأتقاهم لله ويتعاهد بل حلقه بماء أو شراب ويندي شفتيه بقطنة ويلقنه قول: لا إله إلا الله مرة فإن لم يجب أو تكلم بعدها أعاد تلقينه بلطف ومداراة وقال أبو المعالي: يكره تلقين الورثة للمحتضر بلا عذر ويسن أن يقرأ عنده يس والفاتحة وتوجيهه إلى القبلة قبل النزول به وتيقن موته وبعده وعلى جنبه الأيمن إن كان المكان واسعا أفضل وإلا على ظهره وعنه مستلقيا على قفاه اختاره الأكثر قال جماعة: يرفع رأسه قليلا ليصير وجهه إلى القبلة دون السماء واستحب الموفق و الشارح تطهير ثيابه قبيل موته فإذا مات سن

تغميض عينه ويكره من جنب وحائض وأن يقرباه وللرجل أن يغمض ذات محرمه وتغمض ذا محرمها ويقول: بسم الله وعلى وفاة رسول الله ولا يتكلم من حضره إلا بخير ويشد لحييه ويلين مفاصله عقب موته بإلصاق ذراعيه بعضديه ثم يعيدهما وإلصاق ساقيه فخذيه وفخذيه ببطنه ثم يعيدها فإن شق ذلك عليه تركه وينزع ثيابه ويسجى بثوب أو يجعل على بطنه مرآة من حديد أو طين ونحوه متوجها على جنبه الأيمن منحدرا نحو رجليه ولا يدعه على الأرض ويجب أن يسارع في قضاء دينه وما فيه إبراء ذمته من إخراج كفارة وحج نذر وغير ذلك ويسن تفريق وصيته كل ذلك قبل الصلاة عليه فإن تعذر إيفاء دينه في الحال استحب لوارثه أو غيره أن يتكفل به عنه ويسن الإسراع في تجهيزه إن مات غير فجأة ولا بأس أن ينتظر به من يحضره من ولي وكثرة جمع إن كان قريبا: ما لم يخشى عليه أو يشق على الحاضرين وفي موت فجأة بصعقة أو هدم أو خوف من حرب أو سبع أو ترد من جبل أو غير ذلك وفيما إذا شك في موته حتى يعلم بانخساف صدغيه وميل أنفه وانفصال كفيه وارتخاء رجليه وغيبوبة سواد عينه في البالغين وهو أقواها لاحتمال أن يكون عرض له سكتة ونحوها وقد يفيق بعد ثلاثة أيام ولياليها وقد يعرف موت غيره بهذه العلامات أيضا وغيرها يكره النعي: وهو النداء بموه ولا بأس أن يعلم به أقاربه وإخوانه من غير نداء قال الآجري فيمن عمان عشية: يكره في بيت وحده بل يبيب معه أهله ولا بأس بتقبيله والنظر إليه ولو بعد تكفينه.

فصل غسل الميت المسلم وتكفينه والصلاة عليه
فصل غسل الميت المسلم وتكفينه والصلاة عليهودفنه متوجها إلى القبلة وحمله فرض كفاية ويكره أخذ أجرة على شيء من ذلك ويأتي فلو دفن قبل الغسل من أمكن غسله لزم نبشه إن لم يخف تفسخه أو تغيره ومثله من دفن غير متوجه إلى القبلة أو قبل الصلاة عليه أو قبل تكفينه ولو كفن بحرير فالأولى عدم نبشه1 ويجوز نبشه لغرض صحيح: كتحسين كفنه ودفنه في بقعة خير من بقعته ومجاورة صالح: إلا الشهيد حتى لو نقل رد إله لأن دفنه في مصرعه سنة ويأتي وحمل الميت إلى غير بلده لغير حاجة مكروه ويجوز نبشه إذا دفن لعذر بلا غسل ولا حنوط وكأفراد في قبر عمن دفن معه والحائض والجنب إذا ماتا كغيرهما في الغسل يسقط غسلهما بغسل الموت ويشترط له ماء طهور وإسلام غاسل ونيته وعقله ويستحب أن يكون ثقة أمينا عارفا بأحكام الغسل ولو جنبا وحائضا من غير كراهة وإن حضره مسلم ونوى غسله وأمر كافرا بمباشرة غسله فغسله نائبا عنه فظاهر كلام أحمد لا يصح وقدم في الفروع الصحة ويجوز أن يغسل حلال محرما وعكسه: لكن لا يكفنه لأجل الطيب إن كان ويكره ويصح من مميز وأولى الناس بغسل الميت وصية إن كان عدلا ثم أبوه وإن علا ثم ابنه وإن نزل ثم الأقرب فالأقرب من عصباته نسبا ثم نعمة ثم ذوو أرحامه: كميراث ثم الأجانب ويقدم
ـــــــ
1 الدفن في الحرير حرام كما سيأتي، ولكن لو دفن الميت المكفن فلا ينبش احتراما للميت.

الأصدقاء منهم ثم غيرهم: الأدين الأعراف الأحرار في الجميع والأجانب أولى من زوجته وهي أولى من أم ولد وأجنبية أولى من وزج وسيد والسيد أحق بغسل عبده ويأتي ولا حق للقاتل في غسل المقتول إن لم يرثه: عمدا كان القتل أو خطأ ولا في الصلاة والدفن وغسل المرأة أحق الناس به بعد وصيتها على ما سبق أمها وإن علت ثم بنتها وإن نزلت ثم القربى فالقربى كميراث ويقدم منهن من يقدم من الرجال وعمتها وخالتها سوءا: كبنت أخيها وبنت أختها ثم الأجنبيات ولكل واحد من الزوجين إن لم تكن الزوجة ذمية غسل صاحبه ولو قبل الدخول ولو وضعت عقب موته أو بعد طلاق رجعي: ما لم تتزوج لا من إبانها ولو في مرض موته وينظر من غسل منهما صاحبه غير العورة وسيد وأمته: وطئها أو لا وأم ولده: كالزوجين ويغسل مكاتبته ولو لم يشترط وطأها وتغسله إن شركه وإلا فلا ولا يغسل أمته المزوجة ولا المعتدة من وزج ولا المعتق بعضها ولا من هي في استبراء واجب ولا تغسله وإن مات له أقارب بدفعة واحدة بهدم ونحوه ولم يمكن تجهيزهم دفعة واحدة استحب أن يبدأ بالأخوف فالأخوف فإن استووا بدأ بالأب ثم بالابن ثم بالأقرب فلأقرب فإن استووا كالإخوة والأعمام قدم أفضلهم ثم أسنهم ثم بقرعة ولرجل وامرأة غسل من له دون سبع سنين ولو بلحظة ومس عورته ونظرها وليس له غسل ابنة سبع فأكثر ولو محرما ولا لها غسل ابن سبع ولو محرما: غير من تقدم فيهما وإن مات رجل بين نسوة لا رجل معهن أو عكسه ممن لا يباح

لهم غسله أو خنثى مشكل- يمم بحائل ويحرم بدونه لغير محرم ورجل أولى بتميم خنثى مشكل إن كانت له أمة غسلته.

فصل وإذا أخذ في غسله ستر عورته وجوبا
فصل وإذا أخذ في غسله ستر عورته وجوبالا من له دون سبع ثم جرده من ثيابه ندبا: إلا النبي صلى الله عليه وسلم ولو غسله في قميص خفيف واسع الكمين جاز وستره عن العيون تحت ستر أو سقف ونحوه ويكره النظر إليه لغير حاجة حتى الغاسل فلا ينظر إلا ما لا بد منه ـ قال ابن عقيل: لأن جميعه صار عورة فلهذا شرع ستر جميعه ـ انتهى وأن يحضره غير من يعين في غسله: الأولية فله الدخول عليه كيف شاء ولا يغطي وجهه ويستحب خضب لحية رجل ورأس امرأة ولو غير شائبين بحناء ثم يرفع رأسه برفق في أول غسله إلى قريب من جلوسه ولا يشق عليه ويعصر بطن غير حامل بيده عصرا رفيقا ويكثر صب الماء حينئذ ويكون ثم بخور ثم يلف على يديه خرقة خشنة أو يدخلها في كيس فينجي بها أحد فرجيه ثم ثانية للفرج الثاني ولا يحل مس عورة من له سبع سنين فأكثر ولا النظر إليها ويستحب إلا يمس سائر بدنه إلا بخرقة ولا يجب فعل الغسل فلو ترك تحت ميزاب ونحوه وحضر أهل لغسله ونوى ومضى زمن يمكن غسله فيه صح ثم ينوي غسله نيته فرض وكذا تعميم بدنه به ثم يسمي وحكمها حكم تسمية وضوء وغسل حي ثم يغسل كفيه ويعتبر غسل ما عليه من نجاسة ولا يكفي مسحها ولا وصول الماء إليها ويستحب أن يدخل أصبعيه السبابة والإبهام عليهما خرقة خشنة مبلولة بالماء

بين شفتيه فيمسح أسنانه ومنخريه وينظفهما ولا يدخله فيها ويتبع ما تحت أظفاره بعود إن لم يمكن قلمها ويسن للغاسل أن يوضئه في أول غسلاته: كوضوء حدث: ما خلا المضمضة والاستنشاق: إن لم يخرج منه شيء فإن خرج أعيد وضوئه ويأتي حكم غسله ويجزئ غسله مرة وكذا لو نوى وسمى وغمسه في ماء كثير مرة واحدة ويكره الاقتصار عليها ويسن ضرب سدر ونحوه فيغسل برغوته رأسه ولحيته فقط وبدنة بالثفل ويقوم الخطمي ونحوه مقام السدر ويكون السدر في كل غسلة ويسن تيامنه فيغسل شقه الأيمن من نحو رأسه إلى نحو رجليه يبدأ بصفحة عنقه ثم إلى الكتف ثم إلى الرجل الأيسر كذلك ويقلبه على جنبه مع غسل شفتيه فيرفع جانبه الأيمن ويغسل ظهره ووركه وفخذه ويفعل بجانبه الأيسر كذلك ولا يكبه على وجهه ثم يفيض الماء القراح على جميع بدنه فيكون ذلك غسلة واحدة يجمع فيها بين السدر والماء القراح يفعل ذلك ثلاثا: إلا أن الوضوء في الأولى فقط يمر في كل مرة يده على بطنه فإن لم ينق بالثلاث غسله إلى سبع فإن لم ينق بسبع فالأولى غسله حتى ينقى ويقطع على وتر من غير إعادة وضوء وإن خرج من شيء من السبيلين أو غيرهما بعد السبع غسلت النجاسة ووضئ ولا غسل: لكن يحشوه بالقطن أو يلجم به كما تفعل المستحاضة فإن لم يمسكه ذلك حشي بالطين الحر الذي له قوة يمسك المحل ولا يكره حشو المحل إن لم يستمسك

وإن خيف خروج شيء من منافذ وجهه فلا بأس أن يحشى بقطن وإن خرج منه شيء بعد وضعه في أكفانه ولفها عليه حمل ولم يعد غسل ولا وضوء: سواء كان في السابعة أو قبلها ويسن أن يجعل في الأخيرة كافورا وسدرا وغسله بالماء البارد أفضل ولا بأس بغسله بماء حار وخلال والأولى أن يكون من شجرة لينة: كالصفصاف ونحوه مما ينقي ولا يجرح وإن جعل على رأسه قطنا فحسن ويزيل ما بأنفه وصماخيه من أذى فاشنان إن احتيج إليهن1 وإلا كره في الكل وإن كان الميت شيخا أو به حدب أو نحو ذلك وأمكن تمديده بالتليين والماء الحار فعل ذلك وإن لم يمكن إلا بعسف ـ تركه بحاله فإن كان على صفة لا يمكن تركه على النعش إلا على وجه يشهر بالمثلة ترك في تابوت أو تحت مكبة: كما يصنع بالمرأة ويأتي في يفصل الحمل ولا بأس بغسله في حمام وبمخاطبته له حال غسله نحو: انقلب يرحمك الله ولا يغتسل غاسل بفضل ما سخن له فإن لم يجد غيره تركه حتى يبرد ويقص شارب غير محرم ويقلم أظفاره إن طالا ويأخذ شعر إبطيه ويجعل ذلك معه كعضو ساقط ويعاد غسله لأنه جزء منه كعضو والمراد يستحب وإن كان الميت مقطوع الرأس أو أعضاءه مقطعة لفق بعضها إلى بعض بالتقميط والطين الحر حتى لا يتبين تشويهه فإن فقد منها شيء لم يجعل له شكل من طين ولا غيره وإن كان في أسنانه شيء يتحرك وخيف سقوطه ترك ولم ينزع ونص أنه يربط بذهب فإن سقط لم يربط به ويؤخذ إن لم يسقط ويحرم حلق شعر عانته ورأسه،
ـــــــ
1 الضمير في قول: إليهن راجع إلى المذكورات من الماء الحار والخلال والاشتان. الخ.

وخنته ولا يسرح شعره قال القاضي: يكره ويبقى عظم نجس جبر به مع مثلة وتزال اللصوق لغسل واجب فيغسل ما تحتها فإن خيف من قلعها مثلة مسح عيها ولا يبقى خاتم ونحوه ولو ببردة: كحلقة في أذن امرأة لا أنف ذهب ويأتي آخر الباب ويسن ضفر المرأة ثلاثة قرون أي ضفائرها: قرنيها وناصيتها ويسدل خلفها قيل لأحمد في العروس تموت فتحلى فأنكره شديدا فإذا فرغ من غسله نشفه بثوب ندبا ولا يتنجس ما نشف به ومحرم ميت: كهو حي فيجنب ما يجنب في حياته لبقاء الإحرام: لكن لا يجب الفداء على الفاعل به ما يوجب الفدية لو فعله حيا ويستر عل نعشه بشيء ويكفن في ثوبيه نصا وتجوز الزيادة كبقية كفن حلال فيغسل بماء وسدر ولا يلبس ذكر المخيط ويغطى وجهه ورجلاه وسائر بدنه لا رأسه ولا وجه أنثى ولا يقرب طيبا ولا تمنع منه معتدة ولا يوقف بعرفة إن مات قبله ولا يطاف به.

فصل ويحرم غسل شهيد المعركة
فصل ويحرم غسل شهيد المعركةالمقتول بأيديهم ولو غير مكلف أو غالا: رجلا أو امرأة: إلا أن يكون جنبا أو حائضا أو نفساء طهرتا أو لا1 فيغسل غسلا واحدا وإن أسلم ثم استشهد قبل غسل الإسلام لم يغسل وإن قتل وعليه حدث أصغر لم يوضأ وتغسل نجاسته ويجب بقاء دم لا نجاسته معه فإن لم تزل إلا بالدم غسلا وينزع عنه السلاح والجلود ونحو فروة وخف ويجب دفنه في ثيابه التي قتل فيها وظاهره ولو كان تحريرا فلا يزاد فيها ولا
ـــــــ
1 يريد: انقطع دمهما أولا.

ينقص ولو لم يحصل المسنون فإن كان قد سلبها كفن بغيرها ويستحب دفنه في مصرعه وإن سقط من شاهق أو دابة لا بفعل العدو أو رفسته فمات أو مات حتف أنفه أو عاد سهمه عليه أو سيفه أو وجد ميتا ولا أثر به أو حمل بعد جرحه فأكل أو شرب أو نام أو بال أو تكلم أو عطس أو طال بقاؤه عرفا ـ غسل وصلى عليه وجوبا ومن قتل مظلوما حتى من قتله الكفار صبرا في غير الحرب الحق بشهيد المعركة والشهداء غير شهيد المعركة بضعة وعشرون ـ المطعون والمبطون والغريق والشريق والحريق وصاحب الهدم وذات الجنب والسل وصاحب اللقوة1 والصابر في الطاعون والمتردي من رؤس الجبال ومن مات في سبيل الله ومن طلي الشهادة بنية صادقة وموت المرابط وموت المرابط وأمناء الله في الأرض والمجنون والنفساء واللديغ ومن قتل دون ماله أو أهله أو دينه أو دمه أو مظلمته وفريس السبع ومن خر عن دابته ومن أغربها موت الغريب وأغرب منه العاشق إذا عف وكتم ذكر تعادهم في غاية المطلب وكل شهيد غسل صلى عليه وجوبا ومن لا فلا والشهيد بغير قبل: كغريق ونحوه مما تقدم ذكره يغسل ويصلى عيه وذا ولد السقط لا كثر من أربعة أشهر غسل وصلى عليه ولو لم يستهل ويستحب تسميته ولو ولد قبل أشهر وإن جهل أذكر أم أنثى ! سمي بصالح لها: كطلحة وهبة الله ولو كان السقط من كافرين فإن حكم بإسلامه فكمسلم وإلا فلا ويصلى
ـــــــ
1 اللقوة: بقتح اللام من أمراض الوجه الخطرة.

على طفل حكم بإسلامه ومن تعذر غسله لعدم ماء أو عذر غيره ـ يمم وكفن وصلى عليه وإن تعذر غسل بعضه يمم له وإن أمكن صب الماء عليه بلا عرك صب عليه وترك عركه ثم إن يمم لعدم الماء وصلى عليه ثم وجد الماء قبل دفنه وجب غسله وإن وجد فيها بطلت الصلاة ويلزم الوارث قبول ما وهب للميت: لا ثمنه ويجب على الغاسل ستر قبيح رآه: كطبيب ويستحب إظهاره إن كان حسنا قال جمع محققون: إلا على مشهور ببدعة مضلة أو قلة دين أو فجور ونحوه فيستحب إظهار شره وستر خيره ولا نشهد إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم1.
ـــــــ
1 يريد لا تشهد بالجنة أو النار.

فصل في الكفن
فصل في الكفنيجب كفن الميت ومؤنة تجهيزه: غير حنوط وطيب ويأتي ـ في ماله لحق الله تعالى وحق الميت: ذكرا كان أو أنثى ثوب واحد يستر جميع البدن فلو وصى بأقل منه لم تسمع وصيته ويشترط إلا يصف البشرة ويجب ملبوس مثله في الجمع والأعياد: ما لم يوص بدونه مقدما هو ومؤنة تجهيزه على دين ولو برهن وأرش جناية ووصية وميراث وغيرها ولا ينتقل إلى الوارث من مال الميت إلا ما فضل عن حاجته الأصلية وإن أوصى في أثواب ثمينة لا تليق به لم تصح والجديد أفضل من العتيق ما لم يوص بغيره ولا بأس باستعداد الكفن لحل أو لعبادة فيه قيل لأحمد: يصلي فيه أو يحرم فيه ثم يغسله ويضعه لكفنه فرآه حسنا ويجب كفن الرقيق على مالكه فإن لم يكن للميت مال فعلى من تلزمه نفقته وكذلك دفنه

وما لا بد للميت منه: إلا الزوج1 ثم من بيت المال إن كان مسلما ثم على مسلم عالم به ويكره في رقيق يحكى هيئة البدن وبشعر وصوف مع القدرة على غيره وبمزعفر ومعصفر ولولا مرأة حتى المنقوش قطنا كان أو غيره ويحرم بجلود وحرير ومذهب ولولا مرأة وصبي يجوز فيهما مضرورة ويكون ثوبا وحدا فإن لم يجد ما يستر جميعه ستر العورة ثم رأسه وما يليه وجعل على باقيه حشيش أو ورق فإن لم يوجد إلا ثوب واحد ووجد جماعة من الأموات جمع في الثوب ما يمكن جمعه فيه وأفضل الأكفان البياض وأفضله القطن ويستحب تكفين رجل في ثلاث لفائف بيض من قطن وأحسنها أعلاها ليظهر للناس كعادة الحي وتكره الزيادة وتعميمه ويكفن صغير في ثوب ويجوز في ثلاثة وإن ورثه غير مكلف لم تجز الزيادة على ثوب لأنه تبرع قاله المجد وقال ابن عقيل: ومن أخرج فوق العادة فأكثر للطيب والحوائج وأعطى المقربين بين يدي الجنازة وأعطى الحمالين والحفارين زيادة على العادة على طريق المروءة لا بقد الواجب ـ فمتبرع فإن كان من التركة فمن نصيبه انتهى وتكفن الصغيرة إلى بلوغ في قميص ولفافتين وخنثى: كأنثى فتبسط اللفائف فوق بعض ويجمرها بالعود بعد رشها بماء ورد أو غيره ليعلق به ثم يوضع عليها مستلقيا ويجعل الحنوط: وهو أخلاط من طيب فيما بينها: لا على ظهر العليا ولا على الثوب الذي على النعش ويجعل منه في
ـــــــ
1 يريد استثناء الزوج ممن يجب عليهم تجهيز الميت وإن كانت نفقة الزوجة أيام حياتها كانت عليه.

قطن يجعل بين اليتيه ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف: كالتبان1 تجمع إليتيه ومثانته وكذلك في الجراح النافذة ويجعل الباقي على منافذ وجهه ومواضع سجوده ومغابنه: كطي ركبتيه وتحت إبطه وكذا سرته ويطيب رأسه ولحيته وإن طيب ولو بمسك بغير ورس وزعفران سائر بدنه غير داخل عينيه كان حسنا ويكره داخل عينيه وبورس وزعفران ويكره طليه بصبر ليمسكه ويغيره: ما لم ينقل قاله المجد والطيب والحنوط غير واجبين بل مستحبان ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن ثم طرفها الأيمن على الأيسر ثم الثانية والثالثة كذلك ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه لشرفه والفاضل عن وجهه ورجليه عليهما بعد جمعة ثم يعقدها إن خاف انتشارها ثم تحل العقدة في القبر زاد أبو المعالي وغيره ولو نسي بعد تسوية التراب قريبا لأنه سنة ولا يحل الإزار ولا يخرق الكفن ولو خيف نبشه وكرهه أحمد وإن كفن في قميص بكمين ودخاريص وإزالة ولفافة: جاز من غير كراهة وظاهره ولو لم تنعقد اللفائف ويجعل المئزر مما يلي جسده ولا يزر عليه القميص ويدفن في مقبرة مسبلة بقول بعض الورثة لأنه لامنة وعكسه الكفن والمؤنة ولو بذله بعض الورثة من نفسه لم يلزم بقيتهم قبوله لكن ليس للبقية نقله وسلبه من كفنه بعد دفنه بخلاف مبادرته إلى ملك الميت لانتقاله إليهم لكن يكره ويسن تكفين امرأة في خمسة أثوب بيض أزار وخمار ثم قميص: وهو ا لدرع ثم لفافتين ونصه وجزم به جماعة خرقة تشد بها فخذها ثم مئزر ثم قميص ثم خمار ثم لفاقة
ـــــــ
1 التبان على وزن رمان: السروال على قدر العورتين فحسب. اهـ قاموس.

ولا بأس أن تنقب وتسن تغطية تعش بأبيض ويكره بغيره وإن مات مسافر كفنه رفيقه من ماله فإن تعذر فمنه ويأخذه من تركته أو ممن تلزمهن نفقته إن نوى الرجوع ولا حاكم فإن وجد حاكما وأذن فيه رجع وإن لم يأذن ونوي الرجوع رجع1 وإن كان للميت كفن وثم حي مظطر إليه لبرد ونحوه فالحي أحق به قال به المجد وغيره إن خشي التلف وإن كان لحاجة الصلاة فيه فالميت أحق بكفنه ولو كان في لفافتين ويصلي الحي عليه وإن نبش وسرق كفنه كفن من تركته ثانيا وثالثا ولو قسمت ما لم تصرف في دين أو وصية وإن أكله سبع أو أخذه سيل وبقي كفنه فإن كان ممن ماله فتركه وإن كان من متبرع به فهو له لورثة الميت وإن جبى كفنه فما فضل إن علم فإن جهل ففي كفن آخر فإن تعذر تصدق به ولا يحبى كفن لعم أن ستر بحشيش.
ـــــــ
1 يريد: رجع على التركة أو من تلزمه نفقته.

فصل في الصلاة على الميت
فصل في الصلاة على الميتويسقط فرضها بواحد: رجلا رجلا كان أو امرأة أو خنثى كغسله وتسن لها الجماعة ولو النساء: إلا على النبي صلى الله عليه وسلم فلا احتراما له وتعظيما ولا يطاف بالجنازة على أهل الأماكن ليصلوا عليها فهي كالإمام يقصد ولا يقصد والأولى بها بعد الوصي السلطان ثم نائبه الأمير ثم الحاكم وهو القاضي: لكن السيد أولى برقيقه بها من السلطان وبغسل وبدفن ثم أقرب العصبة ثم ذووا رحامه ثم الزوج ومع التساوي يقدم الأولى بالإمامة فإن استووا في الصفات أقرع ويقدم الحر البعيد على العبد القريب ويقدم العبد المكلف على الصبي والمرأة فإن اجتمع

أولياء موتى قدم الأولى بالإمامة ثم قرعة ولولي كل ميت أن ينفرد بصلاته على ميته إن أمن فسادا ومن قدمه ولي فهو بمنزلته فإن بدر أجنبي وصلى بغير إذن فإن صلى الولي خلفه صار إذنا وإلا فله أن يعيد الصلاة لأنها حقه وإذا سقط فرضها سقط التقديم الذي هو من أحكامها وليس للوصي أن يقدم غيره ولا تصح الوصية بتعيين مأموم لعدما الفائدة ويستحب للإمام أن يصفهم وأن يسوي صفوفهم وإلا ينقصهم عن ثلاثة صفوف والفذ هنا كغيرها ويسن أن يقوم إمام عند صدر رجل ووسط امرأة وبين ذلك من خنثى فإن اجتمع رجال موتى فقط أو خناثى فقط ـ سوى بين رؤسهم ومنفرد كأمام ويقدم إلى لإمام من كل نوع أفضلهم فإن تتساووا قدم أكبر فإن تساووا فسابق فإن تساووا فقرعة ويقدم الأفضل من الموتى أمام المفضولين في المسير ويجعل وسط المرأة حذاء صدر الرجل وخنثى بينهما وجمع الموتى في الصلاة عليهم أفضل من الصلاة عليهم منفردين والأولى معرفة ذكوريته وأنوثيته و اسمه وتسميته في دعائه ولا يعتبر ذلك ولا بأس بالإشارة حال الدعاء للميت ثم يحرم كما سبق في صفة الصلاة ويضع يمينه على شماله ويتعوذ قبل الفاتحة ولا يستفتح ويكبر تكبيرات يقرأ في الأولى الفاتحة فقط سرا ولو ليلا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية: كما في التشهد ولا يزيد عليه ويدعو في الثالثة سرا بأحسن ما يحضره ولا توقيت فيه ويسن بالمأثور فيقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم متقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير

اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار وأفسح له في قبره ونور له فيه اللهم إنه عبدك ابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به ولا أعلم إلا خيرا اللهم إن كان محسنا فجازه بإحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده وإن كان صغيرا ولو أنثى أو بلغ مجنونا واستمر جعل مكان الاستغفار له اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم وإن لم يعرف إسلام والديه دعا لمواليه ويقول في دعائه لا مرأة: اللهم إن هذه أمتك ابنة أمتك نزلت بك وأنت خير منزول به ولا يقول أبدلها زوجا خيرا من زوجها في ظاهر كلامهم ويقول في خنثى: هذا الميت ونحوه وإن كان يعلم من الميت غير الخير فلا يقول ولا أعلم إلا خيرا ويقف بعد الرابعة قليلا ولا يدعو ولا يتشهد ولا يسبح بعدها ولا قبلها ولا بأس بتأمينه ويسلم واحدة عن يمينه يجهر بها الإمام ويجوز تلقاء وجهه ويجوز ثانية عن يساره ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويسن وقوفه مكانه حتى ترفع.
والواجب من ذلك ـ القيام: إن كانت الصلاة فرضا ولا تصح من قاعد ولا راكب والتكبيرات الأربع فإن ترك منها عمدا

بطلت وسهوا يكبر: ما لم يطل الفصل فإن طال اوجد مناف من كلام ونحوه استأنف ـ والفاتحة على إمام منفردـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ ودعوه الميت ولا يتعين الدعاء للميت في الثالثة بل يجوز في الرابعة ويتعين ـ وتسليمة ولو لم يقل ورحمة الله أجزأ وتقدم في صفة الصلاة ـ وجميع ما يشترط لمكتوبة مع حضور الميت بين يديه قبل الدفن إلا الوقت فلا تصح على جنازة محمولة لأنها كإمام ولا من وراء حائل قبل الدفن: كحائط ونحوه ويشترط إسلام ميت وتطهيره بماء لو تراب لعذر ولا يجب أن يسامت الإمام الميت فإن لم يسامته كره قال في الرعاية ولا يشترط معرفة عين الميت فينوي على الحاضر وإن نوى أحد الموتى اعتبر تعيينه فإن بان غيره فجزم أبو المعالي أنها لا تصح وقال: إن نوى على هذا الرجل فبان امرأة أو عكس فالقياس الأجزاء ولا تجوز الزيادة على سبع تكبيرات ولا النقص عن أربع والأولى إلا يزيد على الأربع فإن زاد إمام تابع مأموم إلى سبع: ما لم تظن بدعته أو رفضه فلا يتابع ولا يعدو بعد الرابعة في المتابعة أيضا ولا يتابع فيما زاد عن السبع ولا تبطل بمجال زتها ولو عمدا وينبغي أن يسبح بعدها به: لا فيما دونها ولا يسلم قبله ومنفرد كإمام في الزيادة وإن كبر الثالثة ونوى الجنائز الثلاث فإن جئ برابعة كبر الرابعة ونوى الكل فيصير مكبرا على الأول أربعا وعلى الثانية ثلاثا وعلى الثالثة اثنتين وعلى الرابعة واحدة فيأتي بثلاث تكبيرات أخر فيتم سبعا

يقرأ في الخامسة ويصلي في السادسة ويدعو في السابعة فيصير مكبرا على الأولى سبع وعلى الثانية ستا وعلى الثالثة خمسا وعلى الرابعة أربعا فإن جئ بخامسة لم ينوها بالتكبير بل يصلي علها بعد سلامه وكذا لو جئ بثانية عقب التكبيرة الرابعة لأنه لم يبق من السبع أربع فإن أراد أهل الجنازة الأولى رفعها قبل سلام الإمام لم يجز وفي الكافي يقرأ في الرابعة الفاتحة ويصلي في الخامسة ويدعو لهم في السادسة ومن سبق ببعض الصلاة كبر ودخل مع الإمام ولو بين تكبيرتين ندبا أو بعد تكبيه الرابعة قبل السلام ويقضي ثلاث تكبيرات ويقضي مسبوق ما فاته على صفته بعد سلام الإمام فإن أدركه في الدعاء تابعه فيه فإذا سلم الإمام كبر وقرأ الفاتحة ثم كبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم كبر وسلم فإن خشي رفعها تابع بين التكبيرتين من غير ذكر ولا دعاء: رفعت أم لا فإن سلم ولو يقض صح ومتى رفعت بعد الصلاة لم توضع لأحد فظاهره يكره ومن لم يصل استحب له إذا وضعت أن يصلي عليها قبل الدفن أو بعده ولو جماعة على القبر وكذا غريق ونحوه إلى شهر من دفنه وزيادة يسيرة ويحرم بعدها وإن شك في انقضاء المدة صلى حتى يعلم فراغها ويصلى إمام وغيره على غائب عن البلد ولو كان دون مسافة قصر أو في غير جهة القلة بالنية إلى شهر: لا في أحد جانبي البلد ولو كان كبيرا ولو لمشقة مطر أو مرض ولا يصلي كل يوم على كل غائب ومن صلى كله له إعادة الصلاة: إلا إذا صلى عليه بالنية إذا حضر أو وجد بعض ميت

صلى على جملته فتسن فيهما أو صلى عليه بلا إذن من هو أولى منه مع حضوره فتعاد تبعا.

فصل ويحرم أن يغسل مسلم كافرا
فصل ويحرم أن يغسل مسلم كافراولو قريبا أو يكفنه أو يصلي عليه أو يتبع جنازته أو يدفنه: إلا يجد ما يواريه غيره فيوارى عند العدم فإن أراد المسلم أن يتبع قريبا له كافرا إلى المقبرة ركب دابته وسار أمامه فلا يكون معه ولا يصلي على مأكول في بطن سبع ومستحيل بإحراق ونحوها ولا يسن للإمام الأعظم وإمام كل قرية وهو واليها في القضاء ـ الصلاة على غال: وهو من كتم غنيمة أو بعضها وقاتل نفسه عمدا ولو صلى عليهما فلا بأس كبقية الناس وإن ترك أئمة الدين الذين يقتدي بهم الصلاة على قاتل نفسه زجرا لغيره فهذا أحق ويصلى على كل عاص: كسارق وشارب خمر ومقتول قصاصا أو حدا أو غيرهم وعلى مدين لم يخلف وفاء ولا يغسل ولا يصلى على كل صاحب بدعة مكفرة نصا ولا يورث ويكون ماله فيئا قال أحمد: الجهمية والرافضة لا يصلى عليهم وقال أهل البدع: إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تصلوا عليهم وإن وجد بعض ميت تحقيقا: غير شعر وظفر وسن ـ غسل وكفن وصلى عليه ودفن وجوبا ينوي ذلك البعض فقط إن لم يكن صلى على جملته وإلا سنت الصلاة ولم تجب ثم إن وجد الباقي صلى عليه ودفن بجنبه ولم ينبش ولا يصلى على ما بان من حي كيد سارق ونحوه ولا يجوز أن يدفن المسلم في مقبرة الكفار ولا بالعكس ولو جعلت مقبرة الكفار المندرسة مقبرة

للمسلمين جاز فإن بقي عظم دفن بموضع آخر وغيرها أولى إن أمكن لا العكس وإن اختلط من يصلى عليه بمن لا يصلى واشتبه: كمسلم وكافر صلى على الجميع ينوى من يصلي عليه بعد غسلهم وتكفينهم ودفنوا منفردين إن أمكن وإلا فمع المسلمين وإن وجد ميت فلم يعلم أمسلم هو أم كافر؟ ولو يتميز بعلامة من ختان وثياب وغير ذلك فإن كان في دار إسلام غسل وصلى عليه وإن كان في دار كفر لم يغسل ولو يصل عليه وتباح الصلاة عليه في مسجد إن أمن تلويثه وإلا حرم وإن لم يحضره غير نساء صلين عليه وجوبا جماعة ويقدم منهن من يقدم من الرجال وتقف في صفهن: كمكتوبة وأما إذا صلى الرجال فإنهن يصلين فرادى وله بصلاة الجنازة قيراط: وهو أمر معلوم عند الله وله بتمام دفنها قيراط آخر بشرط أن يكون معها من ا لصلاة حتى تدفن.

فصل حمله ودفنه من فروض الكفاية
فصل حمله ودفنه من فروض الكفايةوكذا مؤنتهما ولا يختص أن يكون الفاعل من أهل القربة فلهذا يسقط بكافر ويكره أخذ الأجرة على ذلك وعلى الغسل فيوضع الميت على النعش مستلقيا ويستحب إن كان امرأة أن يستر بمكبة فوق السرير تعمل من خشب أو جريد أو قصب مثل القبة فوقها ثوب ويسن أن يحمله أربع لأنه يسن التربيع في حمله وكرهه الآجري وغيره مع الازدحام وهو أفضل من الحمل بين العمودين وصفته: أن يضع قائمة النعش اليسرى المقدمة على كتفه اليمنى ثم ينتقل إلى المؤخرة ثم يضع قائمة اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى وينتقل إلى المؤخرة وإن حمل

بين العمودين كل عمود على عاتق كان حسنا ولم يكره ولا بأس بحمل طفل على يديه وبحمل الميت بأعمدة للحاجة وعلى دابة لغرض صحيح كعبد ونحوه ولا بأس بالدفن ليلا ويكره عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها ويسن الإسراع بها دون الخبب: ما لم يخف عليها منه واتباعها سنة وهو حق للميت وأهله وذكر الآجري إن من الخيران يتبعها لقضاء حق أخيه المسلم ويكره لامرأة ويستحب كون المشاة أمامها ولا يكره خلفها وحيث شاؤا والركبان ولو في سفينة خلفها فلو ركب وكان أمامها كره ويكره ركوب إلا لحاجة ولعود والقرب منها أفضل فإن بعد أو تقدم إلى القبر فلا بأس ويكره أن يتقدم إلى موضع الصلاة عليها وأن تتبع بنار إلا لحاجة ضوء وأن تتبع بماء ورد ونحوه ومثله التبخير عند خروج روحه ويكره جلوس من تبعها حتى توضع بالأرض للدفن إلا لمن بعد عنها وإن جاءت وهو جالس أو مرت به كره قيامه لها وكان أحمد إذا صلى على جنازة هو وليها لم يجلس حتى تدفن ونقل حنبل: لا بأس بقيامه على القبر حتى تدفن جبرا وإكراما ويكره رفع الصوت والضجة عند رفعها وكذا معها ولو بقراءة أو ذكر بل يسن سرا ويسن أن يكون متخشعا متفكرا في مآله متعظا بالموت وبما يصير إليه الميت ويكره التبسم والضحك أشد منه والتحدث في أمر الدنيا وكذا مسحه بيديه أو بشيء عليها تبركا وقول القائل مع الجنازة استغفروا له ونحوه بدعة وحرمه أبو حفيص ويحرم أن يتبعها مع منكر وهو عاجز عن إزالته نحو طبل

ونياحة ولطم نسوة وتصفيق ورفع أصواتهن فإن قدر تبع وإزالة لزوما فلو ظن إن أتبعها أزيل المنكر لزمه وضرب النساء بالدف منكر منهي عنه اتفاقا قاله الشيخ.

فصل ويسن أن يدخل قبره من عند رجليه
فصل ويسن أن يدخل قبره من عند رجليهإن كان أسهل عليهم وإلا من حيث سهل سواء ولا توقيت في عدد من يدخله من شفع أو وتر بل بحسب الحاجة ويكره أن يسجى قبر رجل إلا لعذر مطر أو غيره ويسن لامرأة ومن مات في سفينة وتعذر خروجه إلى البر ثقل بشيء بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه والقي في البحر سلا كإدخاله القبر وإن مات في بئر إخراج فإن تعذر طمت عليه ومع الحاجة إليها يخرج مطلقا وأولى الناس بتكفين ودفن أولاهم بغسل والأولى للأحق أن يتولاه بنفسه ثم بنائبه ثم من بعدهم بدفه رجل الرجال الأجانب ثم محارمه من النساء ثم الأجنبيات وبدفن امرأة محارمها الرجال ثم زوجها ثم الرجال الأجانب ثم محارمها النساء ويقدم من الرجال خصتي ثم شيخ ثم أفضل دينا ومعرفة ومن بعد عهده بجماع أولى ممن قرب ولا يكره للرجال دفن امرأة وثم محرم واللحد أفضل ـ وهو أن يخفر في أرض القبر مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ـ ويكره الشق ـ وهو أن يبني جانبا القبر بلبن أو غيره أو يشق وسطه فيصير كالحوض ثم يوضع الميت فيه ويسقف عليه ببلاط أو غيره ـ فإن كانت الأرض رخوة لا يثبت فيها اللحد شق فيها للجاجة ويسن تعميقه وتوسعه بلا حد وقال الأكثر: قامة وسطا وبسطه ـ

وهي بسط يده قائمة ـ ويكفي ما يمنع الرائحة والسباع وينصب عليه اللبن نصا وهو أفضل من النصب ويجوز ببلاط ويسد ما بين اللبن أو غيره بطين لئلا ينهار عليه التراب ويكره دفنه في تابوت ولو امرأة ويكره إدخاله خشبا إلا لضرورة وما مسته نار ويستحب قول من يدخله عند وضعه: بسم الله وعلى ملة رسول الله وإن أتى عند وضعه وإلحاده بذكر أو دعاء يليق فلا بأس ويستحب الدعاء له عند القبر بعد دفنه واقفا واستحب الأكثر تلقينه بعد دفنه: فيقوم الملقن عند رأسه بعد تسوية التراب عليه فيقول: يا فلان بن فلانة ثلاثا فإن لم يعرف اسم أمه نسبه إلى حواء اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسول وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا وأن الجنة حقا وأن النار حق وإن البعث حق وأن الساعة حق آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ـ قال أبو المعالي: لو أنصفوا قبل قبله لم يعودوا وهل يلقن غير المكلف مبني على نزول الملكين إليه المرجح النزول وصححه الشيخ قال ابن عبدوس: يسأل الأطفال عن الإقرار الأول حين الذرية والكبار يسألون عن معتقدهم في الدنيا وإقرارهم الأول ويسن وضعه في لحده على جنبه الأيمن ووضع لبنة أو حجر أو شيء مرتفع كما يصنع الحي تحت رأسه وتكره مخدة والمنصوص ومضربة وقطيفة تحته ونصه لا بأس بها من علة ويسند خلفه وأمامه بتراب لئلا يسقط ويجب استقبال القبلة ويسن لكل من

حضر أن يحثوا التراب فيه من قبل رأسه أو غيره ثلاثا باليد ثم يهال عليه التراب.

فصل ويستحب رفع القبر قدر شبر
فصل ويستحب رفع القبر قدر شبرويكره فوقه وتسنيمه أفضل من تسطيحه إلا بدار حرب إذا تعذر نقله: فالأولى تسويته بالأرض وإخفاؤه ويسن أن يرش عليه الماء ويوضع عليه حصى صغار محلل به ليحفظ ترابه ولا بأس بتطيينه وتعليمه تحجرا أو خشبة أو نحوهما ويكره البناء عليه: سواء لاصق البناء الأرض أو لا ولو في ملكه من قبة أو غيرها للنهي عن ذلك وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان: يجب هدم القباب التي على القبور لأنها أسست على معصية الرسول انتهى وهو في المسبلة أشد كراهة وعنه منع البناء في وقف عام قال الشيخ: هو غاصب قال أبو حفص: تحرم الحجرة بل تهدم وهو الصواب وكره أحمد الفسطاط والخيمة على القبر وتغشية قبور الأنبياء والصالحين ـ أي: سترها بغاشية ـ ليس مشروعا في الدين قاله الشيخ وقال في موضع آخر: في كسوة القبر بالثياب: اتفق الأئمة على أن هذا منكر إذا فعل بقبور الأنبياء والصالحين فكيف بغيرهم وتكره الزيادة على تراب القبر من غيره إلا أن يحتاج إليه ويكره المبيت عنده وتجصيصة وتزويقه وتخليقه1 وتقبيله والطواف به وتبخيره وكتابة الرقاع إليه ودوسها في الأنقاب والاستشفاء بالتربة من الأسقام والكتابة عليه والجلوس والوطء عليه قال بعضهم: إلا لحاجة والاتكاء عليه ويحرم التخلي عليها وبينها والدفن في صحراء أفضل: سوى النبي صلى لله عليه وسلم
ـــــــ
1 يريد جعله على شكل خلقة الجسم كما يفعل العوام في قبورهم.

واختار صاحباه الدفن معه تشرفا وتبركا ولم يزد عليهما لأن الخرق يتسع والمكان ضيق وجاءت أخبار تدل على دفنهم كما وقع وذكره المجد وغيره ويحرم إسراجها واتخاذ المسجد عليها وبينها وتتعين إزالتها وفي كتاب الهدى: لو وضع المسجد والقبر معالم يجز ولم يصح الوقف ولا الصلاة وتقدم في اجتناب النجاسة ويكره المشي بالنعل فيها حتى التمشك: ـ بضم التاء والميم وسكون الشين ـ لأنه نوع منها لا بخف ويسن خلع النعل إذا دخلها إلا لخوف نجاسة أو شوك ونحوه ومن سبق إلى مسبلة قدم ويقرع إن جامعا ولا بأس بتحويل الميت ونقله إلى مكان آخر بعيد لغرض صحيح كبقعة شريفة ومجاورة صالح مع أمن التغير إلا الشهيد حتى ولو نقل رد إليه ويجوز نبشه لغرض صحيح كتحسين كفنه وبقعة خير من بقعته كإفراده عمن دفن معه وتقدم ويستحب جمع الأقارب في البقاع الشريفة وما كثر فيه الصالحون ويحرم قطع شيء من أطراف الميت وإتلاف ذاته وإحراقه ولو أوصى به ولا ضمان فيه ولوليه أن يحامي عنه وإن آل ذلك إلى إتلاف المطالب فلا ضمان1 ومن أمكن غسله فدفن قبله لزم نبشه وتغسيله وتقدم ودفن اثنين فأكثر في قبر واحد إلا لضرورة أو حاجة إن شاء سوى بين رءوسهم وإن شاء حفر قبرا طويلا وجعل رأس كل واحد عند رجل الآخر أو وسطه كالدرج ويجعل رأس المفضول عند رجلي الفاضل ويسن حجزه بينهما بتراب والتقديم إلى القبلة كالتقديم إلى الإمام في الصلاة: فيسن وتقدم في صلاة الجماعة ولا ينبش قبر ميت باق لميت آخر ومتى علم ومرادهم ظن أنه بلي وصار
ـــــــ
1 يريد: إذا كان الدفاع عن الميت يدعو إلى إتلاف القاطع لجزء منه فلا ضمان على المدافع.

رميما جاز نبشه ودفه غيره فيه وإن شك في ذلك رجع إلى قول أهل الخبرة: فإن حفر فوجد فيها عظاما دفنها وحفر في مكان آخر وإذا صار رميما جازت الزراعة وحرثه وغير ذلك وإلا فلا والمراد إذا لم يخالف شرط واقف لتعيينه الجهة ويجوز نبش قبور المشركين ليتخذ مكانها مسجدا أو لمال فيها كقبر أبى رغال ولو وصى بدفنه في ملكه دفن مع المسلمين لأنه يضر الورثة ولا بأسي بشرائه موضع قبره ويوصي بدفنه فيه ويصح بيع ما دفن فيه من ملكه ما لم يجعل أو يصير ويحرم حفره في مسبلة قبل الحاجة إليه ودفنه في مسجد ونحوه وينبش وفي ملك غيره وللمالك إلزام دافنه بنقله والأولى تركه ويحرم أن يدفن مع الميت حلي أو ثياب غير كفنه كإحراق ثيابه وتكسير أوانيه ونحوها وإن وقع في القبر ماله قيمة عرفا أو رماه ربه فيه نبش وأخذ وإن كفن بثوب غصب أو بلع مال غيره بغير إذنه وتبقى ماليته كخاتم وطلبه ربه لم ينبش وغرم ذلك من تركته كمن غصب عبدا فأبق تجب قيمته لأجل الحيلولة فإن تعذر الغرم لعدم تركة ونحوه نبش وأخذ الكفن في الأولى وشق جوفه في الثانية وأخذ المال إن لم يبذل له قيمته وإن بلعه بإذن ربه أخذ إذا بلي ولا يعرض له قبله ولا يضمنه وإن بلع مال نفسه لم ينبش قبل أن يبلى إلا أن يكون عليه دين ولو مات وله أنف ذهب لم يقلع: لكن إن كان بائعه لم يأخذ ثمنه أخذه من تركته ومع عدم التركة يأخذه إذا بلي ولو ماتت حامل بمن ترجى حياته حرم شق بطنها وتسطو عليه القوابل فيخرجنه فإن لم يوجد نساء لم

يسط الرجال عليه فإن تعذر ترك حتى يموت ولا تدفن قبله ولا يوضع عليه ما يموته ولو خرج بعضه حيا شق حتى يخرج فلو مات قبل خروجه أخرج وغسل وإن تعذر خروجه ترك وغسل ما خرج منه وأجزأ وما بقي ففي حكم الباطن فلا يحتاج إلى التيمم من أجله وصلى عليه معها وإن ماتت ذمية حامل بمسلم دفنها مسلم وحدها إن أمكن وإلا فمع المسلمين وجعل ظهرها إلى القبلة على جنبها الأيسر ولا يصلي عليه لأنه غير مولود ولا سقط ويصلي على مسلمة حامل وحملها بعد مضي زمن تصويره وإلا عليها دونه ويلزم تمييز أهل الذمة ويأتي ولا تكره القراءة على القبر وفي المقبرة بل يستحب وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه لحصول الثواب له حتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من تطوع وواجب تدخله النيابة: كحج ونحوه أولا: كصلاة ودعاء واستغفار وصدقة وأضحية وأداء دين وصوم وكذا قراءة وغيرها واعتبر بعضهم إذا نواه حال الفعل أو قبله ويستحب إهداء ذلك فيقول: اللهم اجعل ثواب كذا لفلان قال ابن تميم: والأولى أن يسأل الأجر من الله تعالى بم يجعله له فيقول: الله أثبني برحمتك على ذلك واجعل ثوابه لفلان ويسن أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث به إليهم ثلاثا لا لمن يجتمع عندهم فيكره ويكره فعلهم ذلك للناس قال الموفق وغيره: إلا من حاجة: كأن يجيئهم من يحضر منهم من أهل القرى البعيدة ويبيت عندهم فلا يمكنهم إلا أن يطعموه ويكره الأكل من طعامهم قاله في النظم وإن كان من

التركة وفي الورثة محجور عليه حرم فعله والأكل منه ويكره الذبح عند القبر والأكل منه قال الشيخ: والتضحية ولو نذر ذلك ناذر لم يكن له أن يوفي به فلو شرطه واقف لكان شرطا فاسدا وأنكر من ذلك أن يوضع على القبر الطعام والشراب ليأخذه الناس وخارج الصدقة مع الجنازة بدعة مكروهة وفي معنى ذلك الصدقة عند القبر.

فصل يسن لذكر زيارة قبر مسلم بلا سفر
فصل يسن لذكر زيارة قبر مسلم بلا سفروتباح لقبر كافر ولا يسلم عليه بل يقول له: أبشر بالنار ولا يمنع كافر من زيارة قريبه المسلم وتكره للنساء فإن علم أنه يقع منهن محرم حرمت: غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه فيسن وإن اجتازت امرأة بقبر في طريقها فسلمت عليه ودعت له فحسن ويقف الزائر أمام القبر ويقرب منه ولا بأس بلمسه باليد وأما التمسح به والصلاة عنده أو قصده لأجل الدعاء عنده معتقدا أن الدعاء هناك أفضل من الدعاء في غيره أو النذر له أو نحو ذلك قال الشيخ: فليس هذا من دين المسلمين بل هو مما أحدث من البدع القبيحة التي هي من شعب الشرك ويسن إذا زارها أو مر بها أن يقول معرفا: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ونحوه ويخير بين تعريفه وتنكيره في سلامه على الحي وابتداؤه سنة ومن جماعة سنة كفاية والأفضل السلام من جميعهم فلو سلم عليه جماعة فقال وعليكم السلام وقصد الرد عليهم جميعا جاز وسقط الفرض في

حق الجميع ورفع الصوت بابتداء السلام سنة ليسمعه المسلم عليه سماعا محققا وإن سلم على إيقاظ عندهم نيام أو على من لا يعلم هل هم إيقاظ أو نيام خفض صوته بحيث لا يسمع الإيقاظ ولا يوقظ النيام ولو سلم على إنسان ثم لقيه على قرب سن أن يسلم عليه ثانيا وثالثا وأكثر ويسن أن يبدأ بالسلام قبل كل كلام ولا يترك السلام إذا كان يغلب على ظنه أن المسلم عليه لا يرد وإن دخل على جماعة فيهم علماء سلم على الكل ثم سلم على العلماء سلاما ثانيا ورده فرض عين على المنفرد وكفاية على الجماعة فورا ورفع الصوت به واجب قدر الإبلاغ وتزاد الواو في رد السلام وجوبا ويكره أن يسلم على امرأة أجنبية إلا أن تكن عجوزا أو برزة ويكره في الحمام وعلى من يأكل أو يقاتل وفيمن يأكل نظر وعلى تال وذاكر وملب ومحدث وخطيب وواعظ وعلى من يسمع لهم ومكرر فقه ومدر س وعلى من يبحثون في العلم وعلى من يؤذن أو يقيم وعلى من هو على حاجته أو يتمتع بأهله أو مشتغل بالقضاء ونحوهم ومن سلم في حالة لا يستحب فيها السلام لم يستحق جوابا ويكره أن يخص بعض طائفة لقيهم بالسلام وأن يقول: سلام الله عليكم والهجر المنهي عنه يزول بالسلام ويسن السلام عند الانصراف وإذا دخل على أهله فإن دخل بيتا خاليا أو مسجدا خاليا قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وإذا ولج بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا ثم يسلم على أهله ولا بأس به على الصبيان تأديبا لهم وإن سلم على

صبي لم يجب رده وإن سلم على صبي وبالغ رده البالغ ولو يكف رد الصبي لأن فرض الكفاية لا يحصل به وإن سلم صبي على بالغ وجب الرد في وجه وهو الصحيح ويجزئ في السلام: السلام عليكم ولو على منفرد وفي الرد وعليكم السلام وتسن مصافحة الرجل الرجل والمرأة المرأة ولا بأس بمصافحة المردان لمن وثق من نفسه وقصد تعليمهم حسن الخلق ولا يجوز مصافحة المرأة الأجنبية الشابة وأن سلمت شابة على رجل رده عليها وإن سلم عليها لم ترده وإرسال السلام إلى الأجنبية وإرسالها إليه لا بأس به للمصلحة وعدم المحذور ويسن أن يسلم الصغير والقليل والماشي والراكب على ضدهم فإن عكس حصلت السنة هذا إذا تلاقوا في طريق أما إذا وردوا على قاعد أو قعود فإن الوارد يبدأ مطلقا وإن سلم على من وراء جدار أو الغائب عن البلد برسالة أو كتابة وجبت الإجابة عند البلاغ ويستحب أن يسلم على الرسول فيقول: وعليك وعليه السلام وإن بعث معه السلام وجب بتبليغه أن تحمله ويستحب لكل واحد من المتلاقيين أن يحرص على الابتداء بالسلام فإن التقيا وبدأ كل واحد منهما صاحبه معا فعلى كل واحد منهما الإجابة ولو سلم على أصم جمع بين اللفظ والإشارة كرد سلامه وسلام الأخرس وجوابه بالإشارة وآخر السلام ابتداء وردا وبركانه ويجوز أن يزيد الابتداء على الرد وعكسه وسلام النساء على النساء كسلام الرجال على الرجال ولا ينزع يده من يد من صافحه حتى ينزعها إلا لحاجة كحيائه ونحوه ولا بأس بالمعانقة وتقبيل الرأس واليد لأهل العلم والدين

ونحوهم ويكره تقبيل فم غير زوجته وجاريته وإذا تثاءب كظم ما استطاع فإن غلبه التثاؤب غطى فمه بكمه أو غيره وإذا عطس خمر وجهه وغض صوته ولا يلتفت يمينا ولا شمالا وحمد الله جهرا بحيث يسمع جليسه ليشمته وتشميته فرض كفاية فيقول له: يرحمك الله أو يرحمكم الله ويرد عليه العاطس فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم ويكره أن يشمت من لم يحمد الله وإن نسى لم يذكره لكن يعلم الصغير أن يحمد الله وكذا حديث عهد بإسلام ونحوه ولا يستحب تشميت الذمي فإن قيل له: يهديكم الله ـ جاز ويقال للصبي إذا عطس بورك فيك وجبرك الله وتشمت المرأة المرأة والرجل الرجل والمرأة العجوز البرزة ولا يشمت الشابة ولا تشمته فإن عطس ثانيا شمته وثالثا شمته ورابعا دعا له بالعافية ولا يشمت إلا إذا لم يكن شمته قبلها ولا يجيب المتجشي بشيء فإن حمد قال: هينئا مريئا وهناك الله وأمراك ويجب الاستئذان على كل من يريد الدخول عليه من أقارب وأجانب فإن أذن وإلا رجع ولا يزيد على ثلاث وإلا أن يظن عدم سماعهم.

فصل ويستحب تعزية أهل المصيبة بالميت قبل الدفن أو بعده
فصل ويستحب تعزية أهل المصيبة بالميت قبل الدفن أو بعدهحتى الصغير والصديق ونحوه ومن شق ثوبه لزوال المحرم وهو الشق وإن نهاه فحسن ويكره استدامة لبسه إلا ثلاث وكرهها جماعة بعدها لإذن الشارع في الإحداد فيها ويكره تكررها فلا يعزي عند القبر من عزى قبل ذلك ويكره الجلوس لها والمبيت عندهم وفي الفصول: يكره الاجتماع بعد خروج الروح لتهييجه الحزن وتكره لشابة

أجنبية ولا بأس بالجلوس بقرب دار الميت ليتبع جنازته أو يخرج وليه فيعزيه ومعنى التعزية: التسلية والحث على الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت والمصاب ولا تعيين فيما يقوله ويختلف باختلاف المعزين: فإن شاء قال في تعزية المسلم بالمسلم: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وفي تعزيته بكافر: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وتحرم تعزية الكافر ويقول المعزي: استجاب الله دعاءك ورحمنا الله وإياك ولا يكره أخذه بيد من عزاه ولا بأس أن يجعل المصاب عليه علامة يعرف بها ليعزى ويسن أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ويصلي ركعتين ويصبر ويجب منه ما يمنعه من محرم ويكره له تغيير حاله: من خلع ردائه ونعله وغلق حانوته وتعطيل معاشه ونحوه ولا يكره البكاء على الميت قبل الموت وبعده ولا يجوز الندب: وهو البكاء مع تعديد محاسن الميت ولا النياحة: وهي رفع الصوت بذلك برنة ولا شق الثياب ولطم الخدود وما أشبه ذلك: من الصراخ وخمش الوجه ونتف الشعر ونشره وحلقه وفي الفصول: يحرم النحيب والتعداد وإظهار الجزع لأن ذلك يشبه التظلم من الظالم وهو عدل من الله تعالى ويباح يسير الندبة الصدق إذا لم يخرج مخرج النوح ولا قصد نظمه نحو قوله: يا أبتاه يا ولداه ونحنو ذلك ـ وجاءت الأخبار الصحيحة بتعذيب الميت بالنياحة والبكاء عليه وما هيج المصيبة من وعظ أو إنشاء شعر فمن النياحة.

كتاب الزكاة
مدخل

كتاب الزكاة
وهو أحد أركان الإسلام وفرضت بالمدينة: وهي حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص وتجب في السائمة من بهيمة الأنعام ـ والخارج من الأرض وما في حكمة من الغسل ـ والأثمان وعروض التجارة ويأتي بيانها في أبوابها وتجب في متولد بين وحشي وأهل تغليبا واحتياطا فتضم إلى جنسها الأهلي وتجب في بقر وحش وغنمة واختار الموفق وجمع لا تجب ولا تجب في سائر الأموال إذا لم تكن للتجارة: حيوانا كان كالرقيق والطيور والخيل والبغال والحمير والظباء ـ سائمة كان أو لا ـ أو غير حيوان كاللآلي والجواهر والثياب والسلاح وأدوات الصناع وأثاث البيوت والأشجار والنبات والأواني والعقار من الدور والأرضين للسكنى ولكراء ولا تجب إلا بشروط خمسة: ـ الإسلام: ـ والحرية فلا تجب ـ بمعنى الأداء ـ على كل كافر ولو مرتدا ولا عبد لأنه لا يملك بتمليك ولا غيره وزكاة ما بيده على سيده ولو مدبرا أو أم ولد ولا على مكاتب لنقص ملكه بل معتق بعضه فيزكي ما ملك بحريته ولو اشترى عبدا ووهبه شيئا ثم ظهر أن العبد كان حرا فله أن يأخذ منه ما وهبه له ويزكيه فإن تركه زكاة الأخذ فله وتجب في مال الصبي والمجنون ولا تجب في المال المنسوب إلى الجنين ـ الثالث: ملك نصاب ففي أثمان وعروض تقريب

فلا يضر نقص حبتين وفي ثمر وزرع تحديد وقيل تقريب فلا يؤثر نحو رطلين ومدين ويؤثران على الأول وعليهما لا اعتبار بنقص يتداخل في المكاييل كالأوقية وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب وإلا في السائمة فلا زكاة في وقصها ـ الرابع تمام الملك فلا زكاة في دين الكتابة ولا في السائمة وغيرها الموقوفة على غير معين كالمساكين أو على مسجد ورباط ونحوهما: كمال موصى به في وجوه بر أو يشتري به ما يوقف فإن اتجر به وصى قبل مصرفه فربح فربحه من أصل المال فيما وصى فيه ولا زكاة فيهما وإن خسر ضمن النقص وتجب في سائمة وغلة أرض وشجر موقوفة على معين ويخرج من غير السائمة: فإن كانوا جماعة وبلغ نصيب كل واحد منهما من غلته نصابا وجبت وإلا فلا ولا حصة مضارب قبل القسمة ولو ملكت بالظهور فلا ينعقد عليها الحلول قبل استقرارها ويزكي رب المال حصته منه كالأصل لملكه بظهوره فلو دفع إلى رجل ألفا مضاربة على أن الربح بينهما نصفين فحال الحول وقد ربح ألفين فعلى رب المال زكاة ألفين فإن أداها منه حسب من المال والربح فينقص ربع عشر رأس المال والمال الموصي به يزكيه من حال الحلول وهو على ملكه ولو وصى بنفع نصاب سائمة زكاها مالك الأصل ومن له دين على ملى باذل: من قبض أو دين عروض تجارة أو مبيع لم يقبضه بشرط الخيار أولا أو دين سلم إن كان للتجارة ولو يكن أثمانا أو ثمن بيع أو رأس مال سلم قبل قبض عوضهما ولو انفسخ العقد أو صداق أو عوض خلع أو أجرة

بالعقد قبل القبض وإن لم تستوف المنفعة وكذا كل دين لا في مقابلة مال أو مال غير زكوي كموصي به وموروث وثمن مسكن ونحو ذلك ـ جرى في حول الزكاة من حين ملكه: عينا كان أو دينا من غير بهيمة الأنعام لا منها لاشتراط السوم فإن عينت زكيت كغيرها وكذا الدية الواجبة لا تزكى لأنها لم تتعين مالا زكويا ـ زكاة إذا قبضه أو شيئا منه1 فكلما قبض شيئا أخرج زكاته ولو لم يبلغ المقبوض نصابا أو أبرأ منه لما مضى: قصد ببقائه عليه الفرار من الزكاة أولا ويجزي إخراجها قبل قبضه ولو كان في يده بعض نصاب وباقيه دين أو غصب أو ضال زكى ما بيده ولعله فيما إذا ظن رجوعه وكل دين سقط قبل قبضه لم يتعوض عنه كنصف صداق قبل قبضه بطلاق أو كله لانفساخه من جهتها فلا زكاة كعين وهبها وللبائع إخراج زكاة مبيع فيه خيار منه: فيبطل البيع في قدره وإن زكت صداقها كله ثم تنصف بطلاق رجع فيما بقي بكل حقه ولا تجزيها زكاتها منه بعد طلاق لأنه مشترك ومتى لم تزكه رجع بنصفه كاملا وتزكيه هي وتجب أيضا في دين على ملئ وعلى مماطل وفي مؤجل ومجحود ببينة أولا وفي مغصوب في جميع الحلول أو بعضه ويرجع المغصوب منه على الغاصب بالزكاة لنقصه بيده: كتلفه وتجب في ضانع كلقطة فحول التعريف على ربها وما بعده على ملتقط: فإن أخرج الملتقط زكاته عليه منها ثم أخذها ربها رجع عليه بما أخرج وتجب على مسروق ومدفون منسي في داره أو غيرها أو مذكور جهل عند من هو وفي
ـــــــ
1 قوله: زكاة، جواب عن قوله سابقا ومن له دين.

موروث ومرهون ويخرجها الراهن منه إن أذن له المرتهن أو لم يكن له مال يؤدي منه وإلا فمن غيره وتجب في مبيع ولو كان فيه خيار قبل القبض: فيزكي بائع مبيعا غير متعين ولا متميز ومشتر يزكي غيره وتجب في مال مودع وليس للمودع إخراجها منه بغير إذن مالكها وفي غائب مع عبده أو وكيله ولو أسر رب المال أو حبس ومنع من التصرف في ماله لم تسقط زكاته ولا زكاة فيمن عليه دين يستغرق النصاب أو ينقصه ولا يجد ما يقضيه به سوى النصاب أو مالا يستغني عنه ولو كان الدين من غير جنس المال حتى دين خراج وأرض جناية عبيد التجارة وما استدانه لمؤنة حصاد وجذاذ وديانس وكراء أرض ونحوه: لا دينا بسبب ضمان فيمنع وجوبها في قدره: حالا كان الدين أو مؤجلا في الأموال الباطنة: كالأثمان وقيم عروض التجارة والمعدن والظاهرة: كالمواشي والحبوب والثمار ومعنى قولنا يمنع قدره: أنا نسقط من المال بقدر الدين كأنه غير مالك له ثم يزكي ما بقي فلو كان له مائة من الغنم وعليه ما يقابل ستين فعليه زكاة الأربعين فإن قابل إحدى وستين فلا زكاة عليه لأنه ينقص النصاب ومن كان له عرض قنية يباع لو أفلس يفي بما عليه من الدين جعل في مقابلة ما معه فلا يزكيه وكذا من بيده ألف وله على ملئ ألف وعليه ألف ولا يمنع الدين خمس الركاز ومتى برى المدين أو قضى من مال مستحدث ابتدا حولا وحكم دين الله من كفارة وزكاة ونذر مطلق ودين حج ونحوه كدين آدمي فإن قال: لله علي أن أتصدق فحال الحول فلا زكاة فيه وإن قال: لله علي أن أتصدق بهذا

النصاب إذا حال عليه الحول وجبت الزكاة وتجزئة الزكاة منه ويبرأ بقدرها من الزكاة والنذر إن نواهما معا وكذا لو نذر الصدقة ببعض النصاب.
الخامس: ـ مضي الحول على نصاب تام ويعفى عن نحو ساعتين إلا في الخارج من الأرض فإذا استفاد مالا ولو من غير جنس ما يملكه فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول: إلا نتاج السائمة وربح التجارة فإن حوله حول أصله إن كان أصله نصابا وإن لم يكن نصابا فحوله من حين كمل النصاب ويضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه ويزكي كل مال إذا تم حوله ولا يعتبر النصاب في المستفاد وإن كان من غير جنس النصاب ولا في حكمه فله حكم نفسه: فلا يضم إلى ما عنده في حول ولا نصاب ولا شيء فيه إن لم يكن نصابا ولا يبني وارث على حول موروث بل يستأنف حولا وإن ملك نصابا صغارا انعقد عله الحول من حين ملكه: فلو تغذت باللين فقط لم تجب لعدم السوم ولا ينقطع بموت إلا مات والنصاب تام بالنتاج ولا بيع فاسد ومتى نقص النصاب في بعض الحول أو باعه أو أبدله بغير جنسه أو ارتد مالكه انقطع الحول وإلا في إبدال ذهب بفضة وعكسه وعروض تجارة وأموال الصيارف ويخرج ما معه عند وجوب الزكاة ولا ينقطع الحول فيما أبدله بحبسه مما تجب الزكاة في عينه: حتى لوم أبدل نصابا من السائمة بنصابين زكاهما ولو أبدل نصاب سائمة بمثله ثم ظهر على عيب بعد أن وجبت الزكاة فله الرد،

ولا تسقط الزكاة عنه فإن أخرج من النصاب فله رد ما بقي ويرد قيمة المخرج والقول قوله في قيمته وإن أبدله بغير جنسه ثم رد عليه بعيب ونحوه استأنف الحول ومتى قصد بيع ونحوه الفرار من الزكاة بعد مضي أكثر الحول حرم ولو تسقط ويزكي من جنس المبيع لذلك الحول وإن قال: لم أقصد الفرار فإن دلت قرينة عليه وإلا قبل قوله وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال لا من عينه فإذا مضى حولان فأكثر على نصاب لم يؤد زكاته فزكاة واحدة وإن كان أكثر من نصاب نقص من زكاته لكل حول بقدر نقصه بها إلا ما كان زكاته الغنم من الإبل ففي الذمة وتتكرر بتكرار الأحوال ففي خمسة وعشرين بعيرا لثلاثة أحوال لأول حول بنت مخاض ثم ثمان شياه: لكل حول أربع شياه فلو لم يكن له إلا خمس من الإبل امتنعت زكاة الحول الثاني لكونها دينا ولو باع النصاب كله تعلقت الزكاة بذمته وصح البيع ويأتي قريبا وتعلق الزكاة بالنصاب كتعلق أرش جناية: لا كتعلق دين برهن ولا بمال محجور عليه لفلس ولا تعلق شركة: فله إخراجها من غيره والنماء بعد وجوبها له ولو أتلفه لزمه ما وجب في التالف لا قيمته ويتصف فيه بيع وغيره ولا يرجع بائع بعد لزوم بيع في قدرها ويخرجها فإن تعذر فسخ في قدرها إن صدقه مشتر ولمشتر الخيار فتجب بمضي الحول ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء لكن لو كان النصاب غائبا عن البلد لا يقدر على الإخراج منه لم يلزمه إخراج زكاته حتى يتمكن من الأداء منه ولو تلف المال بعد الحول قبل التمكن ضمنها ولا تسقط بتلف المال إلا الزرع

والثمر إذا تلف بجائحة قبل حصاد وجذاذ ويأتي وما لم يخل تحت اليد كالديون وتقدم معناه وديون الله تعال من الزكاة والكفارة والنذر غير المعين ودين حج سواء فإذا مات من عليه منها زكاة أو غيرها بعد وجوبها لم تسقط وأخذت من تركته: فيخرجها وارث فإن كان صغيرا فوليه فإن كان معها دين آدمي وضاق ماله اقتسموا بالحصص إلا إذا كان به رهن فيقدم وتقدم أضحية معينة عليه ويقدم نذر بمعين على الزكاة وعلى الدين وكذا لو أفلس حي.

باب زكاة بهيمة الأنعام
مدخل

باب زكاة بهيمة الأنعام
ولا تجب إلا في السائمة للدر والغسل: وهي التي ترعى مباحا كل الحول أو أكثره: طرفا أو وسطا فلو اشترى لها ما ترعاه أو جمع لها ما تأكل أو اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب أو ربها ولو حراما فلا زكاة ولا تجب في العوامل أكثر السنة ولو لإجارة ولو كانت سائمة نصا كالإبل التي تكرى ولو نوى بالسائمة العمل لم تؤثر نيته ما لم يوجد العمل ولو سامت بعض الحول وعلفت ببعضه فالحكم للأكثر وتجب في متولد بين سائمة ومعلوفة ولا يعتبر للسوم والعلف نية: فلو سامت بنفسها أو أسامها غاصب وجب كغصبه حبا وزرعه في أرض ربه فيه العشر على مالكه كما لو نبت بلا زرع.
وهي ثلاثة أنواع :
أحدها: الإبل فلا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا فتجب فيها شاة بصفة الإبل وجوده وردائه فإن كانت الإبل معيبة فالشاة

صحيحة تنقص قيمتها بقدر نقص الإبل فإن أخرج شاة معيبة أو بعيرا لم يجزئه: كبقرة وكنصفي شاتين وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي العشرين أربع شياه فإن كانت الشاة من الضأن اعتبر أن يكون لها ستة أشهر فأكثر وإن كانت من المعز فسنة فأكثر وتكون أنثى فلا يجزئ الذكر وكذلك شاة الجبران وأيهما أخرج أجزأه ولا يعتبر كونها من جنس غنمه ولا جنس غنم البلد فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض لها سنة سمت بذلك لأن أمها قد حملت غالبا وليس بشرط والماخض: الحامل فإن كانت عنده وهي أعلى من الواجب فإن عدمها ـ أي ليست في ماله أوفيه لكن معيبة: أجزأه أبن لبون أو خنثي ولد لبون وهو الذي له سنتان ولو نقصت قيمته ويجزئ أيضا مكانها حق أو جذع أو ثني وأولى لزيادة السن ولا جبران ولو وجد ابن لبون فإن عدم ابن لبون لزمه شراء بنت مخاض ولا يجبر فقد الأنوثية بزيادة سن الذكر الخرج في غير بنت مخاض فلا يخرج عن بنت لبون حقا إذا لم تكن في ماله ولا عن الحقة جذعا وفي ست وثلاثين بنت لبون ولها سنتان سميت به لأن أمها وضعت فهي ذات لبن وفي ست وأربعين حق لها ثلاث سنين سميت بذلك لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها ويطرقها الفحل وفي إحدى وستين جذعة لها أربع سنين سميت بذلك لإسقاط سنها وتجزئ عنها ثنية لها خمس سنين بلا جبران سميت بذلك لأنها ألقت ثنيتها وفي ست وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان

إلى عشرين ومائة فإن زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ثم تستقر الفريضة: ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ولا أثر لزيادة بعض بعير أو بقرة أو شاة فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان إن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء أخرج خمس بنات لبون إلا أن يكون النصاب كله بنات لبون أو حقاقا فيخرج منه ولا يكلف غيره أو يكون مال يتيم أو مجنون فيتعين إخراج أدون مجزئ وكذا الحكم في أربعمائة وإن أخرج منها من النوعين بلا تشقيص كأربع حقاق وخمس بنات لبون أو عن ثلاثمائة حقتين وخمس بنات لبون صح أما مع الكسر فلا: كحقتين وبنتي لبون ونصف عن مائتين وإن وجد أحد الفرضين كاملا والآخر ناقصا لا بد له من جبران: مثل أن يجد أحد الفرضين كاملا والآخر ناقصا لا بد له من جبران: مثل أن يجد في المائتين خمس بنات لبون وثلاث حقاق فيتعين الكامل وهو بنات اللبون وإن كان كل واحد يحتاج إلى جبران: مثل أن يجد أربع بنات لبون وثلاث حقاق فهو مخير أيهما شاء أخرج مع الجبران فإن بذل حقة وثلاث بنات لبون مع الجبران لم يجزئه لعدوله عن الفرض مع وجوده إلى الجبران وإن لم يجد إلا حقة وأربع بنات لبون أداها وأخذ الجبران ولم يكن له دفع ثلاث بنات لبون وحقه مع الجبران وإن كان الفرضان معدومين أو معيبين فله العدول عنهما مع الجبران: فإن شاء أخرج أربع جذعات وأخذ ثمان شياه أو ثمانين درهما وإن شاء أخرج خمس بنات مخاض ومعها خمس شياه أو مائة درهم ولا يجوز أن يخرج بنات المخاض عن الحقاق هنا ويضعف الجبران ولا الجذعات عن بنات اللبون ويأخذ الجبران

مضاعفا ولا أن يخرج أربع بنات لبون مع جبران ولا خمس حقاق ويأخذ الجبران وليس فيما بين الفريضتين شيء وهو الأوقاص فهو عفو لا تتعلق به الزكاة بل بالنصاب فقط ومن وجبت عليه سن فعدمها خير المالك في الصعود والنزول: فإن شاء أخرج سنا أسفل سنا ومعها شاتان أو عشرون درهما وإن شاء أخرج أعلى منها وأخذ مثل ذلك من الساعي إلا ولي يتيم ومجنون فيتعين عليه إخراج أدون مجزئ ويعتبر كون ما عدل إليه في ملكه فإن عدمها حصل الأصل فإن عدم ما يليها انتقل إلى الأخرى وضاعف الجبران فإن عدمه أيضا انتقل إلى ثالث كذلك وحيث جاز تعدد الجبران جاز جبران عنما وجبران دراهم ويجزئ إخراج جبران واحد وثان وثالث: النصف دراهم والنصف شياه فلو كان النصاب كله مراضا وعدمت الفريضة فيه فله دفع السن السفلى مع الجبران وليس له دفع الأعلى وأخذ جبران بل مجانا فإن كان المخرج ولي يتيم أو مجنون لم يجز له أيضا النزول لأنه لا يجوز أن يعطي الفضل من مالهما فيتعين شراء الفرض من غير المال ولا مدخل للجبران في غير الإبل فمن عدم فريضة البقر أو الغنم ووجد دونها حرم إخراجها وإن وجد أعلى منها فدفعها بغير جبران قبلت منه وإن لم يفعل كلف شراءها من غير ماله.

فصل النوع الثاني البقر
فصل النوع الثاني البقرولا زكاة فيها حتى تبلغ ثلاثين فيجب فيها تبيع أو تبيعة لكل منهما سنة قد حازى قرنه أذنه غالبا وهو جذع البقر ويجزئ إخراج مسن عنه وفي أربعين مسنة وهي ثنية

البقر ألقت سنا غالبا لها سنتان ويجوز إخراج أنثى أعلى منه بدلها لا إخراج مسن عنها وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة: فإذا بلغت مائة وعشرين اتفق الفرضان: فيخير بين ثلاث مسنات وأربعة أتبعة ولا يجزى الذكر في الزكاة غير التبيع في زكاة البقر وابن لبون أو ذكر أعلى منه مكان بنت مخاض إذا عدمها وتقدم إلا أن يكون النصاب كله ذكورا فيجزى فيه ذكر في جميع أنواعها ويؤخذ من الصغار صغيرة في غنم دون إبل وبقر فلا يجزى إخراج فصلان وعجاجيل فيقوم النصاب من الكبار ويقوم فرضه ثم تقوم الصغار ويؤخذ عنها كبيرة بالقسط والتعديل بالقيمة مكان زيادة السن ولو كانت دون خمس وعشرين من الإبل صغار اوجب في كل خمس شاة كالكبار وتؤخذ من المراض مريضة فإن اجتمع صغار وكبار وصحاح ومعيبات وذكور وإناث لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين إلا إذا لزمه شاتان في مال كله معيب إلا واحدة: كمائة وإحدى وعشرين شاة الجميع معيب إلا واحدة أو كانت المائة وإحدى وعشرون سخالا إلا واحدة كبيرة فيخرج في الأولى الصحيحة ومعيبة معها وفي الثانية الشاة وسخلة معها فإن كانت نوعين كالبخاتي والعراب والبقر والجواميس والضأن والمعز والمتولد بين وحشي وأهلي ـ أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين فإن كان فيه كرام ولئام وسمان ومهازيل وجب الوسط بقدر قيمة المالين وإن أخرج عن

النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله منه جاز إن لم تنقص قيمة المخرج عن النوع الواجب.

فصل النوع الثالث الغنم
فصل النوع الثالث الغنمولا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين فتجب فيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أربعمائة فيجب فيها أربع شياه ثم في كل مائة شاة شاة ويؤخذ من معز ثني ومن ضأن جذع هنا وفي كل موضع وجبت فيه شاة على ما يأتي بيانه في الأضحية وتقدم بعضه ولا يؤخذ تيس إلا فحل ضراب لخيره برضاه ربه: حيث يؤخذ ذكر ويجزئ ولا هرمة ولا ذات عوار ـ وهي المعيبة بذهاب عضو أو غيره عيبا يمنع التضحية بها ـ إلا أن يكون النصاب كله كذلك ولا الربى ـ وهي التي لها ولد تربيه ـ ولا حامل ولا طروقة الفحل لأنها تحمل غالبا ولا خيار المال ولا إلا كولة ـ وهي السمينة ـ ولا سن من جنس الواجب أعلى منه إلا برضا ربه: كبنت لبون عن بنت مخاض ولا يجزي إخراج القيمة: سواء كان حاجة أو مصلحة أو في الفطرة أولا وإن أخرج سنا أعلى من الفرض من جنسه أجزأ فيجزئ مسن عن تبيع وأعلى من المسنة عنها وبنت لبون عن بنت مخاض وحقة عن بنت لبون وجذعة عن حقة ولو كان الواجب عنده وتقدم بعض ذلك ونجزئ ثنية وأعلى مها عن جذعة ولا جبران.

فصل الخلطة في المواشي
فصل الخلطة في المواشيلها تأثير في الزكاة إيجابا وإسقاطا: فتصير الأموال كالموال الواحد في نصاب الزكاة دون الحول فإذا اختلط

باب زكاة الخارج من الأرض
مدخل

باب زكاة الخارج من الأرض
تجب الزكاة في كل مكيل مدخر: من قوت وغيره فتجب في كل الحبوب: كالحنطة والشعير والسلت ـ وهو نوع من الشعير لونه لون الحنطة وطبعه طبع الشعير في البرودة ـ والذرة والقطنيات: والباقلاء والحمص واللوبيا والعدس والماش والترمس: حب عريض أصغر من الباقلاء والدخن والأرز والهرطمان وهو الجلبانة

والكرسنة والحلبة والخشخاش والسمسم ولا يجزئ الإخراج من شيرجه وكبزر البقول كلها: كالهندبا والكرفس والبصل وبزر قطونا ونحوها وبزر الرياحين جميعا وأبازير القدر: كالكزبرة والكمون والكراويا والشونين وكذا حب الرازيانج وهو الشمر والأنسيون والشهدانج: وهو حب القنب والخردل وبزر الكتان والقطن واليقطين والقرطم والقثاء والخيار والبطيخ والرشاد والفجل وبزر البقلة الحمقاء ونحوه وتجب في كل ثمر يكال ويدخر كالثمر والزبيب واللوز والفستق والبندق والسماق لا في عناب وزيتون وقطن وكتان وقنب وزعفران وورس ونيل وفوة وغبيراء وحناء ونارجيل وجوز وسائر الفواكه كالتين والمشمش والتوت والأظهر وجوبا في العناب والتين والمشمس والتوت ولا تجب في التفاح والأنجاص والخوخ والكمترى والسرفجل والرمان والنبق والزعرور والموز ولا في قصب السكر والخضر كبطيخ وقثاء وخيار وباذنجان ولفت ـ وهو السلجم ـ وسلق وكرنب وقنبيط وبصل وثوم وكراث وجزر وفجل ونحوه ولا في البقول كالهندبا والكرفس والنعناع والرشاد وبقلة الحمقاء والقرظ والكزبرة والجرجير ونحوه ولا في المسلك والزهر كالورد والبنفسح والنرجس واللينوفر والخيرى ـ وهو المنثور ـ ونحوه ! ولا في طلع الفحال ـ بضم أوله وتشديد ثانيه: وهو ذكر النخل ـ ولا في السعف وهو أغصان النخل ولا في الخوص وهو ورقه ولا في قشور الحب والتين والحطب والخشب وأغصان الخلاف وورق التوت

والكلأ والقصب الفارسي ولبن الماشية وصوفها ونحو ذلك وكذا الحرير ودود القز وتجب الزكاة في صعتر وأشنان وحب ذلك وكل مقصود كورق سدر وخطمى وآس وهو المرسن.

فصل ويعتبر لوجوبها شرطان
فصل ويعتبر لوجوبها شرطانأحدهما أن يبلغ نصابا قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق والوسق ستون صاعا والصاع: خمسة أرطال وثلث بالعراقي فيكون النصاب في الكل ألفا وستمائة رطل عراقي وهو ألف وأربعمائة وثمانية وعشرون رطلا وأربعة أسباع رطل مصري وما وافقه وثلاثمائة واثنان وأربعون رطلا وستة أسباع رطل دمشقي وما وافقه ومائتان وخمسة وثمانون رطلا وخمسة أسباع رطل حلبي وما وافقه ومائتان وسبعة وخمسون رطلا وسبع رطل قدسي وما وافقه ومائتان وثمانية وعشرون رطلا وأربعة أسباع رطل بعلي وما وافقه والوسق والصاع والمد: مكاييل نقلت إلى الوزن لتحفظ وتنقل والمكيل يختلف في الوزن: فمنه ثقيل ومتوسط: كبر وعدس وخفيف: كشعير وذرة فالاعتبار في ذلك بالمتوسط نصا ومثل مكيله من غيره وإن لم يبلغ الوزن نصا: فمن اتخذ وعاء يسع خمسة أرطال وثلثا عراقية من جيد البر ثم كال به ما شاء عرف ما بلغ حد الوجوب من غيره فإن شك في بلوغ قد النصاب ولو يجد ما يقدره به احتاط وأخرج ولا يجب ونصاب علس؟ وهو نوع من الحنطة وأرز يدخران في قشريهما عادة لحفظهما عشرة أوسق إذا كان ببلد قد خبره أهله وعرفوا أنه يخرج منه مصفي

النصف لأنه يختلف في الخفه والثقل فيرجع إلى أهل الخبرة ويؤخذ بقدره وإن صفيا فنصاب كل منهم خمسة أوسق فإن شك في بلوغهما نصابا خير بين أن يحتاط ويخرج عشره قبل قشره وبين قشره واعتباره بنفسه كمغشوش أثمان ولا يجوز تقدير غيره من الحنطة في قشره ولا إخراجه قبل تصفيته وتضم ثمرة العام الواحد وزرعه بعضها إلى بعض في تكميل النصاب ولو أختلف وقت إطلاعه وإدراكه بالفصول وسواء تعدد البلد أولا فإن كان له نخل تحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر كزرع العام الواحد ولا تضم ثمرة عام واحد ولا زرعه إلى آخره وتضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض في تكميل النصاب: فالسلت نوع من الشعير فيضم إليه والعلس نوع من الحنطه فيضم إليها ولا يضم جنس إلى آخر كأجناس الثمار والماشيه ولا تضم الأثمان إلى شيء منها إلا إلى عروض التجارة ويأتي في الباب بعده ـ الثاني: أن يكون النصاب مملوكا له وقت وجوب الزكاة فتجب فيما ثبت بنفسه مما يزرعه الآدمي: كمن سقط له حب في أرضه أو أرض مباحة ولا تجب فيما يكتسبه اللقاط أو يوهب له أو يأخذه أجرة لحصاده ودياسه ونحوه ولا فيما يملك من زرع وثمرة بعد بدو صلاحه بشراء أو إرث أو غيرها ولا فيما يجتنبه من مباح كبطم وزعبل ـ وهو شعير الجبل ـ وبزر قطونا وكزبرة وعفض وأشنان وسماق غيره وسواء أخذه من موات أو نبت في أرضه لأنه لا يملك إلا يأخذه.

فصل ويجب العشر
فصل ويجب العشرواحد من عشرة فيما سقى بغير مؤنة كالغيث: وهو المطر والسيوح كالأنهار والسواقي وما يشرب بعروقه وهو البعل ولا يؤثر حفر الأنهار والسواقي وتنقيتها وسقى في نقص الزكاة لقلة المؤنة وكذا من يحول الماء في السواقي لأنه كحرث الأرض وإن اشترى ماء بركة أو حفيرة وسقى به سيحا فالعشر وكذا إن جمعه وسقى به ويجب نصف العشر فيما سقى بكلفة كالدوالي: جمعى دالية وهي الدولاب تديره البقر والناعورة: يديرها الماء والساقية والنواضح وأحدهما ناضح وناضحة: وهما البعير يستقي عليه وما يحتاج في ترقيتة الماء إلى الأرض إلى آلة من غرب أو غيره ـ وقال الشيخ: وما يديره الماء من النواعير ونحوها مما يصنع من العام إلى العام أو في أثناء العام ولا يحتاج إلى دولاب يديره الدواب يجب فيه العشر لأن مؤنته خفيفة فهي كحرث وإصلاح طرق الماء فإن سقى بكلفة وبغير كلفة سواء وجب ثلاثة أرباع العشر فإن سقى بأحدهما أكثر أعتبر أكثرها فإن جهل المقدار وجب العشر والاعتبار بالأكثر نفعا ونموا لا بالعدد والمدة ومن له حائطان أو أرضان ضما في تكميل النصاب ولكل منهما حكم نفسه في سقيه بمؤنة أو بغيرها ويصدق المالك فيما سقى به بلا يمين وإذا اشتد الحب وبدا إصلاح الثمرة: ففي فستق وبندق ونحوه انعقاد لبه وفي غيره كبيع: وجبت الزكاة فإن قطعها قبله لغرض صحيح كأكل أو بيع أو تجفيف أو تحسين بقيتها فلا زكاة فيه وإن فعله فرارا من الزكاة أثم ولزمته ولو باعه أو وهبه خرص أم لا فزكاته عليه

لا على المشتري والمهوب له ولو مات وله ورثة لم تبلغ حصة واحد منهم نصابا لم يؤثر ذلك ولو ورثه من عليه دين لم يمنع دينه الزكاة ولو كان ذلك قبل صلاح الثمر واشتداد الحب انعكست الأحكام ولو باعه وشرط الزكاة على المشتري صح فإن لم يخرجها المشتري وتعذر الرجوع عليه ألزم بها البائع ويفارق إذا استثنى زكاة نصاب ماشية للجهالة أو اشترى ما لم يبد صلاحه بأصله فإن لا يجوز شرط المشتري زكاته على البائع ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في جرين وبيدر ومسطاح فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة: خرصت أو لم تخرص وإن تلف البعض زكى الباقي إن كان نصابا وإلا فلا أو إن تلفت بعد الاستقرار لم تسقط وإن ادعى تلفها قبل قوله بغير يمين ولو اتهم إلا أن يدعيه بجائحة ظاهرة تظهر عادة فلا بد من بينة ثم يصدق في قدر التالف ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا فلو خالف وأخرج سنبلا ورطبا وعنبا لو يجزئه ووقع نفلا فلو كان الأخذ الساعي فإن جففه وصفاه وجاء قدر الواجب أجزأه وإلا رد الفضل إن زاد وأخذ النقص إن نقص وإن كان بحاله رده وإن تلف رد بدله وإن احتيج إلى قطع ثمر يجئ منه ثمر وزبيب مثلا بعد بدو صلاحه وقبل كماله لضعف أصل ونحوه كخوف عطش أو تحسين بقيته جاز وعليه زكاته يابسا كما لو قطع لغرض البيع بعد خرصه ويحرم قطعه مع حضور ساع إلا بإذنه وإن كان رطبا لا يجئ منه ثمرا وعنبا لا يجئ منه زبيب وجب قطعه وفيه الزكاة إن بلغ نصابا يابسا من

غيره: تمرا أو زبيبا مقدرا بغيره خرصا وإلا فمستحيل أن يخرج من عينه تمر أو زبيب إذا لم يجئ تمر أو زبيب أو يخرج منه رطبا وعنبا اختاره القاضي وجماعة وله أن يخرج الواجب منه مشاعا أو مقسوما بعد الجذاذ أو قبله بالخرص فيخير الساعي بين مقاسمة رب المال الثمرة قبل الجذاذ فيأخذ نصيب الفقراء شجرات مفردة وبين مقاسمته بعد جذها بالكيل وله بيعها منه أو من غيره والمذهب أنه لا يخرج عنه إلا يابسا فإن أتلف النصاب ربه بقيت الزكاة في ذمته: تمرا أو زبيبا وظاهره ولو لم يتلفه فإن لم يجدهما بقيا في ذمته فيخرجه إذا قدر عليه والمذهب أيضا أنه يحرم ولا يصح شراءه زكاته ولا صدقته وسواء اشتراها ممن أخذها منه أو من غيره وإن رجعت إليه بإرث أو هبة أو وصية أو أخذها من دينه أو ردها له الإمام بعد قبضه منه لكونه من أهلها كما يأتي.

فصل ويسن أن يبعث الإمام ساعيا خارصا إذا بدأ صلاح الثمر
فصل ويسن أن يبعث الإمام ساعيا خارصا إذا بدأ صلاح الثمرويعتبر أن يكون مسلما أمينا خبيرا غير متهم ولو عبدا ويكفي خارص واحد وأجرته على رب النخل والكرم فيخرص ثمرها على أربابه ولا تخرص الحبوب ولا ثمر غيرهما والخرص حزر مقدار الثمرة في رؤس النخل والكرم وزنا بعد أن يطوف به ثم يقدره تمرا ثم يعرف المالك قدر الزكاة ويخيره بين أن يتصرف بما شاء ويضمن قدها وبين خفظها إلى وقت الجفاف فإن لم يضمن وتصرف صح تصرفه وكره وإن حفطها إلى وقت الجفاف زكى الموجود فقط وافق قول الخارص أولا وسواء اختار حفظها ضمانا: بأن يتصرف أو أمانة

وإن أتلفها المالك أو تلفت بتفريطه ضم زكاتها بخرصها تمرا وإن ترك الساعي شيا من الواجب أخرجه المالك فإن لم يبعث ساعيا فعلى رب المال من الخرص ما يفعله الساعي إن أراد تصرف ليعرف قدر الواجب قبل تصرفه ثم إن كان أنواعا لزم خرص كل نوع وحده لاختلاف الأنواع وقت الجفاف وإن كان نوعا واحدا فله خرص كل شجرة وحدها وله خرص الجميع دفعة واحدة وإن ادعى رب المال غلط الخارص غلطا محتملا قبل قوله بغير يمين كما لو قال: لم يحصل في يدي غير كذا وإن فحش لم يقبل وكذا إن ادعى كذبه عمدا ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع فيجتهد الساعي بحسب المصلحة ولا يكمل بهذا القدر المتروك النصاب إن أكله وإن لم يأكله كمل به ثم يأخذه زكاة الباقي سواء بالقسط وإن لم يترك الخارص شيئا فلرب المال الأكل هو وعياله قدر ذلك ولا يحتسب به عليه ويأكل هو من حبوب ما جرت به العادة كفريك ونحوه وما يحتاجه ولا يحتسب به عليه ولا يهدي ولا يأكل من زرع وثمر مشترك شيئا إلا بإذن شريكه ويأخذ العشر من كل نوع على حدته بحصته ولو شق لكثرة الأنواع واختلافها ولا يجوز إخراج جنس عن جنس آخر: فإن أخرج الوسط عن جيد وردئ قدر قمتي الواجب منها أو أخرج الرديء عن الجيد بالقيمة لم يجزئه ويجب العشر على المستأجر والمستعير دون المالك الخراج عليه دونهما ولا زكاة في قدر الخراج إذا لم يكن له مال يقابله لأنه كدين

آدمي ولأنه من مؤنة الأرض: كنفقة زرعه وإذا لم يكن له سوى غلة الأرض وفيما فيه زكاة وما لا زكاة فيه كالخضر ـ جعل الخراج في مقابلته لأنه أحوط للفقراء ولا ينقص النصاب بمؤنة الحصاد والدياس وغيرهما منه لسبق الوجوب ذلك وتلزم الزكاة في المزارعة الفاسدة من حكم بالزرع له وإن كانت صحيحة فعلى من بلغت حصته منهما نصابا العشر ومتى حصد غاصب الأرض زرعه استقر ملكه وزكاته وإن تملكه رب الأرض قبل اشتداد الحب زكاه وكره الإمام أحمد الحصاد والجذاذ ليلا ويجتمع العشر والخراج في كل أرض خراجية: فالخراج في رقبتها والعشر في غلته إن كانت لمسلم ـ وهي: ما فتحت عنوى ولو تقسم ـ وما جلا عنها أهلها خوفا منا: ـ وما صولحوا عليها على أنها لنا ونفقرها معهم بالخراج والأرض العشرية لإخراج عليها ـ وهي: الأرض المملوكة التي أسلم أهلها عليها كالمدينة ونحوها ـ وما أحياه المسلمون واختطوه كالبصرة ـ وما صالح أهلها على أنها لهم بخراج يضرب عليها كاليمن ـ وما أقطعها الخلفاء الراشدون إقطاع تمليك ـ وما فتح عنوة وقسم: كنصف خيبر ـ وللإمام إسقاط الخراج على وجه المصلحة ويأتي ويجوز لأهل الذمة شراء أرض عشرية من مسلم: كالخراجية ولا عشر عليه كالسائمة وغيرها لا زكاة فيها لكن يكره للمسلم بيع أرضه من ذمي وإجارتها نصا لإفضائه إلى إسقاط عشر الخارج منها إلى لتغلبى فلا يكره ذلك ولا شيء على ذمي فيما اشتراه من أرض خراجية لا فيما استأجره أو استعاره من مسلم إذا زرعه ولا فيما إذا جعل داره

بستانا أو مزرعة ولا فيما إذا رضخ الإمام له أرضا من الغنيمة أو أحيا مواتا.

فصل وفي العسل العشر
فصل وفي العسل العشرسواء أخذه من موات أو من ملكه أو ملك غيره لأنه لا يملك بملك الأرض كالصيد ونصابه عشرة أفراق كل فرق ـ بفتح الراء ـ ستة عشر رطلا عراقية: فيكون مائة وستين رطلا ولاتتكرر زكاة معشرات ولو بقيت أحوالا ما لم تكن للتجارة ولا شيء في المن والترنجبيل والشيرخشك ونحه مما ينزل من السماء: كاللآذن وهو طل وندى ينزل على نبت تأكله المعزى فتتعلق الرطوبة بها فيؤخذ وتضمين أموال العشر والخراج باطل وعلله في الأحكام السلطانية غيره الأحكام السلطانية وغيرها بأن ضمانها بقر معلوم يقتضي الاقتصار عليه في تملك ما زاد وغرم ما نقص وهذا مناف لموضوع العمالة وحكم الأمانة.

فصل في المعدن
فصل في المعدنوهو كل متولد في الأرض من جنسها ليس نباتا: فمن استخرج من أهل الزكاة من معدن في أرض مملوكة له أو مباحة أو مملوكة لغيره إن كان جاريا ولو من داره ـ نصاب ذهب أو فضة أو ما يبلغ قيمة أحدهما من غيره بعد سبكه وتصفيته: منطبعا كان كصفر ورصاص وحديد أو غير منطبع كياقوت وعقيق وبنفش وزبرجد وموميا 1 ونورة وبشم وزاج وفيروزج وبلور وسبح وكحل ومغرة وكبريت وزفت وزئبق وزجاج وملح وقار وسندروس ونفط وغيره مما يسمى معدنا: ففيه الزكاة في الحال
ـــــــ
1 معدن في قوة القارة - الزفت.

فصل ويجب في الركاز الخمس
فصل ويجب في الركاز الخمسفي الحال أي نوع كان من المال ولو غير نقد قل أو كثر ويجوز إخراج الخمس من غيره ويصرف مصرف الفيء المطلق للمصالح كلها ويجوز للإمام رد خمس الركاز أو بعضه لواجده بعد قبضه وتركه له قبل قبضه:كالخراج وكما له رد خمس الفيء والغنيمة له أيضا رد الزكوات على من أخذت منه إن كان من أهلها لأنه أخذ بسبب متجدد كإرثها وقبضها عن دين كما تقدم في الباب فإن تركها له من غير قبض لم يبرأ ويجوز لواجده تفرقته بنفسه وباقيه له ولو ذميا ومستأمنا بدارنا ومكاتبا وصغيرا ومجنونا ويخرج عنهما الولي إلا أن يكون واجده أجيرا فيه لطالبه فلمستأجره ولو أستؤجر لحفر بئر أو هدم شيء فوجده فهو له لا لمستأجر وإن وجد عبد فهو من كسبه لسيده وإن وجد واجده من موات أو شارع أو أرض لا يعلم مالكها أو على وجه هذه الأرض أو في طريق غير مسلوك أو خربة أو في ملكه الذي أحياه ـ وإن علم

مالكها ـ أو كانتا منتقلة إليه فهو له أيضا1 إن لم يدعه المالك لأن الركاز لا يملك بملك الأرض:فلو ادعاه بلا بينة ولا وصف فله مع يمينه وإن اختلف الورثة فادعى بعضهم أنهه لورثهم وأنكر البعض فحكم من أنكر في نصيبه حكم المالك الذي لم يعترف به وحكم المدعين حكم المالك المعترف وإن وجد فيها لقطة فواجدها أحق من صاحب الملك وكذا حكم المستأجر والمستعير يجد في الدار ركازا أو لقطة فإن ادعى كل منهما أنه وجده أولا أو دفنه فقول مكتر لزيادة اليد إلا أن يصفه أحدهما فيكون له مع يمينه والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية أو من تقدم من كفار في الجملة في دار إسلام أو عهد أو دار حرب وقدر عليه وحده أو بجماعة لا منعة لهم فإن لم يقدر عليه في دار الحرب إلا بجماعة لهم منعة فغنيمة: عليه أو على بعضه علامة كفر فقط فإن كان عليه أو على بعضه علامة المسلمين أو لم تكن عليه علامة كالأواني والحلي والسبائك فهو لقطة.
ـــــــ
1 أي فهو لواجه في جميع هذه الصور.

باب زكاة الذهب والفضة وحكم التحلي
مدخل

باب زكاة الذهب والفضة وحكم التحلي
تجب زكاتها ويعتبر النصاب فنصاب الذهب عشرون مثقالا زنة المثقال دهم وثلاثة أسباع درهم ولم تتغير في جاهلية ولا في إسلام وهو ثنتان وسبعون حبة شعير متوسطة وقيل: ثنتان وثمانون حبة

وثلاثة أعشار حبة من الشعير المطلق ولا تنافي بينهما وزنة العشرين مثقالا بالدراهم ثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وبدينار الوقت الآن الذي زنته درهم وثمن درهم خمسة وعشرون دينار وسبعا دينار وتسعه ونصاب الفضة مائتا درهم وبالمثاقيل مائة وأربعون مثقالا وفيهما ربع العشر مضروبين أو غير مضروبين والاعتبار بالدرهم الإسلامي الذي زنته ستة دوانق والعشرة دراهم سبعة مثاقيل فالدرهم نصف مثقال وخمسه وكان الدراهم في صدر الإسلام صنفين: سوداء وهي البغلية نسبة إلى ملك يقال له رأس البغل: الدرهم منها ثمانية دوانق والطبرية نسبة إلى طبرية الشام: الدرهم منها أربعة دوانق فجمعتهما بنو أمية وجعلوهما درهمين متساويين: كل درهم ستة دوانق فيرد ذلك كله إلى المثقال والدرهم الإسلامي ولا زكاة في مغشوشهما حتى يبلغ قدر ما فيه من الخالص نصابا فإن شك هل فيه نصاب خالص خير: بين سبكه وإخراج قدر زكاة نقده إن بلغ نصابا وبين استظهاره وإخراج زكاته بيقين وإن وجبت الزكاة وشك في زيادة استظهر فألف ذهب وفضة مختلطة: ستمائة من أحدهما واشتبه عليه من أيهما وتعذر التمييز ـ زكى ستمائة ذهبا وأربعمائة فضة وإن أراد أن يزكي المغشوشة منها وعلم قدر الغش في كل دينار جاز وإلا لم يجزئه إلا أن يستظهر فيخرج قدر الزكاة بيقين وإن أخرج مالا غش فيه فهو أفضل ويعرف قدر غشه حقيقة بأن يدع ماء في إناء ثم يعد فيه ذهبا خالص زنة المغشوش ويعلم علو الماء ثم يرفعه ويدع بدله فضة خالصة زنة المغشوش ويعلم علو الماء وهو أعلى من الأول لأن الفضة

أضخم من الذهب ثم يرفعها ويدع المغشوش ويعلم علو الماء ثم يمسح ما بين العلامة الوسطى والعليا وما بين الوسطى والسفلى فإن كان الممسوحان سواء فنصف المغشوش ذهب ونصفه فضة وإن زاد أو نقص فبحسابه فعلى هذا لو كان ما بين العليا إلى الوسطى ثلثي ما بين العلامتين وما بين السفلى إلى الوسطى ثلثه كانت الفضة ثلثين والذهب ثلث وبالعكس الذهب الثلثان والأولى أن يكون الإناء ضيقا ويتعين أن يكون علاه وأسفله في السعة والضيق سواء: كقصبة ونحوها ولا زكاة في غشها إلا أن يكون فضة: فيضم إلى ما معه من النقد فضة كان أو ذهبا ويكره ضرب نقد مغشوش واتخاذه نص عليه ويجوز المعاملة به مع الكراهة إذا أعلمه بذلك وإن جهل قدر الغش قال الشيخ الكيمياء غش وهي تشبيه المصنوع من ذهب أو فضة بالمخلوق باطلة في العقل محرمة بلا نزاع بين علماء المسلمين ولو ثبتت على الروابص ويقترن بها كثيرا السيمياء التي هي من السحر ومن طلب زيادة المال بما حرمه الله عوقب بنقيضه كالمرابي وهي أشد تحريما منه ولو كنت حقا مباحا لوجب فيها خمس أو زكاة ولم يوجب عالم فيها شيئا والقول بأن قرون عملها باطل ولم يذكرها أو يعملها إلا فيلسوف أو إتحادي أو ملك ظالم وقال: ينبغي للسلطان أن يضرب لهم فلوسا تكون بقيمة العدل في معاملاتهم من غير ظلم لهم ولا يتجر ذو السلطان في الفلوس بأن يشتري نحاسا فيضربه فيتجر فيه ولا بأن يحرم عليهم الفلوس التي بأيديهم ويضرب لهم غيرها بل يضرب بقيمته من غير

ربح فيه للمصلحة العامة ويعطي أجرة الصناع من بيت المال فإن التجارة فيها ظلم عظيم من أبواب ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل فإنه إذا حرم المعاملة بها صارت عرضا وإذا ضرب لهم فلوسا أخرى أفسد ما كان عندهم من الأموال بنقص أسعارها فظلمهم فيما يضربه بإغلاء سعرها وفي السنن عنه صلى لله عليه وسلم: أنه نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس فإذا كانت مستوية الأسعار بسعر النحاس ولم يشتر ولي الأمر النحاس والفلوس الكاسدة ليضربها فلوسا ويتجر في ذلك حصل المقصود من الثمينة وكذلك الدراهم انتهى ولا يضرب لغير السلطان لأن الناس إن رخص لهم ركبوا العظائم ويخرج عن جيد صحيح ورديء من جنسه ومن كل نوع بحصته وإن أخرج بقدر الواجب من الأعلى كان أفضل وإن أخرج عن الأعلى مكسرا أو بهرجا ـ وهو الرديء ـ زاد قدر ما بينهما من الفضل وأجزأ وإن أخرج من الأعلى بقدر القيمة دون الوزن لم يجزئه ويجزئ قليل القيمة عن كثيرها مع الوزن ويجزئ مغشوش عن جيد ومكسر عن صحيح وسود عن بيض مع الفضل بينهما ولا يلزم قبول رديء عن جيد في عقد وغيره ويثبت الفسخ ويضم أحد نقدين إلى الآخر في تكميل النصاب ويخرج عنه ويكون الضم بالإجزاء لا بالقيمة فعشرة مثاقيل ذهبا نصف نصاب ومائة درهم نصف فإذا ضما كمل النصاب وإن بلغ أحدهما نصابا ضم إليه

ما نقص عن الآخر ولا يجزئ إخراج الفلوس عنهما وتضم قيمة العروض إلى كل منهما وإليهما ويضم جيد كل جنس ومضروبه إلى رديئة وتبره.

فصل لا زكاة في حلي مباح
فصل ولا زكاة في حلي مباح
لرجل وامرأة من ذهب وفضة معد لاستعمال مباح أو إعارة ولو لم يعر أو يلبس أو ممن يحرم عليه كرجل يتخذ حلي النساء لإعارتهن ومرآة تتخذ حلي الرجال لإعارتهم لا فارا منها وإن كان الحلي ليتيم لا يلبسه فلوليه إعارته فإن فعل فلا زكاة وإلا ففيه الزكاة نصا فأما الحلي المحرم: كطوق الرجل وسواره وخاتمه الذهب وحلية مراكب الحيوان ولباس الخيل: كاللجم والسروج وقلائد الكلاب وحلية الركاب والمرآة والمشط والمكحلة والميل والسرجة والمروحة والمسربة والمدهنة والمسعط والمجمرة والملعقة والقنديل والآنية وحلية كتب العلم والدواة والمقلمة وما أعد لكراء كحلي المواشط نصا: حل له لبسه أولا أو أعد للتجارة: كحلي الصيارف أو قنية أو إدخار أو نفقة إذا احتاج إليه أو لم يقصد به شيئا ـ ففيه الزكاه ولا زكاه في الجوهر واللؤلؤ وإن كثرت قيمته أو كان في حلي إلا أن يكون لتجاره فيقوم جميعه تبعا لنقد والفلوس كعروض التجار فيها زكاة القيمة قال المجدد: وإن كانت للنفقة فلا والاعتبار في نصاب الكل بوزنه: إلا المباح المعد لتجارة ولو نقدا فالاعتبار بقيمته نصا فيقوم النقد بنقد آخر إن كان أحظ للفقراء أو نقص عن نصاب لأنه عرض وإن انكسر الحلي وأمكن لبسه كانشقاقه ونحوه فهو كالصحيح وإن لم يكن

لبسه فإن لم يحتج في إصلاحه إلى سبك وتجديد صنعة ونوى إصلاحه فلا زكاة فيه وإن نوى كسره أو لم ينو شيئا ففيه الزكاة وإن احتاج إلى تجديد صنعة زكاه والاعتبار في الإخراج من الحلي المحرم بوزنه وإن كان للتجارة أو كان مباح الصناعة ووجبت زكاته لعدم استعمال أو لعدم إعارة ونحوه فالاعتبار في الإخراج بقيمته فإن أخرج مشاعا أو مثله وزنا يقابل جودته زيادة الصنعة جاز وإن أراد كسره لم يجز لأن كسره ينقص قيمته ويباح للذكر من الفضة خاتم ولبسه في خنصر يسارا أفضل ويجعل فصه مما يلي كفه ولا بأس بجعله مثقالا فأكثر ما لم يخرج عن العادة وجعل فصه منه أو من غيره ولو من ذهب إن كان يسيرا ويكره لبسه في سبابة ووسطى وظاهره لا يكره في الإبهام والبنصر ويكره أن يكتب عليه ذكر الله من القرآن أو غيره ويحرم أن ينقش عليه صورة حيوان ويحرم لبسه وهي عليه ويباح التختم بالعقيق ويكره لرجل وامرأة خاتم حديد وصفر ونحاس ورصاص وكذا دملج ويباح له من الفضة قبيعة سيف وحلية منطقة وجوشن وبيضة ـ وهي الخوذة ـ وخف ران ـ وهو شيء يلبس تحت الخف ـ وحمائل ونحو ذلك: كالمغفر والنعل ورأس الرمح وشعيرة السكين والتركاش والكلاليب بسير ونحو ذلك ولو اتخذ لنفسه عدة خواتيم أو مناطق فالأظهر جوازه وعدم زكاته وجواز لبس خاتمين فأكثر جميعا وتحرم حلية مسجد ومحراب بنقد ولوقف على مسجد ونحوه قنديل من ذهب أو فضة لم يصح ويحرم وقال الموفق: هو بمنزلة الصدقة فيكسر ويصرف

في مصلحة المسجد وعمارته ويحرم تمويه سقف وحائط بذهب أو فضة وتجب إزالته وزكاته وإن استهلك فلم يجتمع منه شيء فله استدامته ولا زكاة فيه لعدم المالية ولا يباح من الفضة إلا ما استثناه الأصحاب على ما تقدم: فلا يجوز لذكر وخنثى لبس منسوج بذهب أو فضة أو مموه بأحدهما وتقدم في ستر العورة ويباح له من الذهب قبيعة السيف وذكر ابن عقيل: إن قبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية مثاقيل وما دعت إليه ضرورة: كأنف وربط سن أو أسنان به ويباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه: كطوق وخلخال وسوار ودملج وقرط وعقد ـ وهو القلادة ـ وتاج وخاتم وما في المخانق والمقالد من حرائز وتعاويذ وأكر وما أشبه ذلك: قل أو كثر ولو زاد على ألف مثقال حتى دراهم ودنانير معراة أو في مرسلة ويباح للرجل والمرأة التحلي بالجوهر ونحوه ولو في حلي ولا زكاة فيه إلا أن يعدى فيه للكراء أو للتجارة كما تقدم ويحرم تشبه رجل بامرأة وامرأة برجل: في لباس وغيره ويجب انكاؤه وتقدم.

باب زكاة عروض التجارة
باب زكاة عروض التجارةوهي: ما يعد لبيع وشراء لأجل ربح غير النقدين غالبا
تجب الزكاة في عروض التجارة إذا بلغت قيمتها نصاب يؤخذ منها لأنها محل الوجوب لا من العروض ولا تصير للتجارة إلا أن يملكها بفعله بنية التجارة حال التملك بأن يقصد التكسب بها: إما بمعاوضة محضة: كالبيع

والإجارة والصلح عن المال بمال والأخذ بالشفعة والهبة المقتضية للثواب أو استرد ما باعه أو غير محضة: كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو بغير معاوضة: كالهبة المطلقة والغنيمة والوصية والإحتشاش والإحتطاب والإصطياد فإن ملكها بإرث أو ملكها بفعله بغير نية ثم نوى التجارة بها لم تصر للتجارة إلا أن يكون اشتراها بعرض تجارة فلا يحتاج إلى نية وإن كان عنده عرض للتجارة فنواه للقنية ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة: إلا حلي اللبس إذا نوى التجارة فيصير لها بمجرد النية لأن التجارة أصل فيه وتقوم العروض عند الحول بالأحظ لأهل الزكاة وجوبا: من عين أو ورق وسواء كان من نقد البلد وهو الأولى أولا وسواء بلغت قيمتها بكل منهما نصابا أو بأحدهما ولا يعتبر ما اشتريت به ولا عبرة نقصه بعد تقويمه ولا بزيادته: إلا المغنية فتقوم ساذجة ولا عبرة بقيمة آنية ذهب أو فضة ويقوم الخصي بصفته وإن اشترى عرضا بنصاب من الأثمان أو من العروض بنى على حوله وإن اشتراه بنصاب من السائمة أو باعه بنصاب منها لم يبن على حوله وإن اشترى نصاب سائمة لتجارة بنصاب سائمة لقنية ـ بنى وإن ملك نصاب سائمة لتجارة فحال الحول ـ والسوم ونية التجارة موجودان ـ فعليه زكاة تجارة دون سوم ولو سبق حول سوم وقت وجوب زكاة التجارة مثل أن ملك أربعين شاة قيمتها دون مائتي درهم ثم صارت قيمتها في نصف الحول مائتي درهم ـ زكاها زكاة تجارة إذا تم حولها لأنه انفع للفقراء فإن لم تبلغ قيمتها نصاب التجارة فعليه زكاة السوم ولو ملك سائمة للتجارة نصف حول ثم قطع نية التجارة استأنف

حولا وإن اشترى أرضا لتجارة بزرعها أو زرعها ببذر تجارة أو اشترى شجر لتجارة تجب في ثمره الزكاة فأثمر واتفق حولاهما: بأن يكون بدو الصلاح في الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الأصل تبلغ نصاب التجارة زكى الجميع زكاة قيمة ولو سبق وجوب العشر ولا عشر عليه ما لم تكن قيمتها دون نصاب كما تقدم فإن كانت دون نصاب فعليه العشر ولو زرع بذر القنية في أرض التجارة فواجب الزرع العشر وواجب الأرض زكاة القيمة وإن زرع بذر التجارة في أرض القنية زكى الزرع زكاة قيمة ولو كان الثمر مما لا زكاة فيه كالسفرجل والتفاح ونحوهما أو كان الزرع لا زكاة فيه كالخضراوات أو كان لعقار التجارة وعبيدها أجرة ـ ضم قيمة الثمرة والخضراوات والأجرة إلى قيمة الأصل في الحول كالربح ولو أكثر من شراء عقار فارا من الزكاة زكى قيمته ولا زكاة فيما أعد للكراء من عقار وحيوان وغيرهما ولو اشترى شقصا للتجارة بألف فصار عند الحول بألفين زكاهما وأخذه الشفيع بألف ولو اشتراه بألفين فصار عند الحول بألف زكى ألف وأخذه الشفيع بألفين ولو اشترى صباغ ما يصبغ به ويبقى كزعفران ونيل وعصفر ونحوه فهو عرض تجارة يقوم عند حوله لاعتياضه عن صبغ قائم بالثوب: ففيه معنى التجارة ومثله ما يشتريه دباغ ليدبغ به كعفص وقرظ وما يدهن: به كسمن وملح ولا زكاة فيما لا يبقى له أثر كما يشتريه قصار: من حطب وقلى ونورة وصابون وأشنان ونحوه ولا زكاه في آلات الصناع وأمتعة التجارة وقوارير العطار والسمان ونحوهم

إلا أن يريد بيعها بما فيها وكذا آلات الدواب إن كانت لحفظها وإن كان يبيعها معها فهي مال تجارة ولو لم يكن ملكه عين مال بل منفعة عين وجبت الزكاة ولو قتل عبد تجارة خطأ أو عمدا فصالح سيده على مال صار للتجارة ولو أتخذ عصيرا للتجارة فتخمر ثم تخلل عاد حكم التجارة ولو اشترى عرض تجارة بعض قنية فرد عليه بعيب انقطع الحول وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته فأخرجاهما معا أو جهل السبق ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه لأنه انعزل حكما ولأنه لم يبق عليه زكاة وإن أخرج أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الأول: علم أو لم يعلم لا إن أدى دينا بعد أداء موكله ولم يعلم ويرجع الموكل على القابض بما قبض من الوكيل ولو أذن غير شريكين كل واحد منهما للآخر في إخراج زكاته فكالشريكين فيما سبق ولا يجب إخراج زكاته أولا بل يستحب ويقبل قول الموكل إنه أخرج زكاته قبل دفع وكيله إلى الساعي وقول من دفع زكاة ماله إليه ثم ادعى أنه كان أخرجها وتؤخذ من الساعي إن كانت بيده فإن تلفت أو كان دفعتا إلى الفقير أو كانا دفعها إليه فلا ومن لزمه نذر وزكاة قدم الزكاة فإن قدم النذر لم يصر زكاة وله الصدقة تطوعا قبل إخراج زكاته.

باب زكاة الفطر
مدخل

باب زكاة الفطر
وهي صدقة تجب بالفطر من رمضان طهر للصائم من اللغو

والرفث وصرفها كزكاة وهي واجبة وتسمى فرضا على كل مسلم حر ولو من أهل البادية ومكاتب ذكر وأنثى كبير وصغير ولو يتيما ويخرج عنه من مال وليه ويسد مسلم عن عبده المسلم وإن كان للتجارة لا الكافر وتجب في مال صغير تلزمه مؤنة نفسه وفي العبد المرهون والموصي به على مالكه وقت الوجوب وكذا المبيع في مدة الخيار فإن لم يكن للراهن شيء غير العبد بيع منه بقدر الفطرة إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع ويعتبر كون ذلك فاضلا بعدما يحتاجه لنفسه ولمن تلزمه مؤنته من مسكن وخادم ودابة ثياب بذلة ودار يحتاج إلى أجرها لنفقته وسائمة يحتاج إلى نمائها وبضاعة يحتاج إلى ربحها وكذا كتب يحتاجها للنظر والحفظ وحلي المرأة: للبسها أو لكراء يحتاج إليه وتلزم المكاتب فطرة زوجته وقريبه ممن تلزمه مؤنته ورقيقه وإن لم يفضل إلا بعض صاع لزمه إخراجه عن نفسه فإن فضل صاع وبعض صاع أخرجه الصاع عن نفسه وبعض الصاع عمن تلزمه نفقته ويكمله المخرج عنه ويلزم المسلم فطرة من يمونه من المسلمين حتى زوجة عبده الحرة ومالك نفع قن فقط وخادم زوجته إن لزمته نفقته ولا تلزم الزوج لبائن حامل لأن النفقة للحمل لا لها ولا من استأجر أجيرا أو ظئرا بطعامه وكسوته كضيف ولا من وجبت نفقته في بيت المال: كعبد الغنيمة قبل القسمة والفيء ونحو ذلك ولا من تلزمه نفقة زوجته الأمة ليلا فقط بل هي على سيدها وترتيبها كالنفقة فإن لم يجد ما يؤدي عن جميعهم بدأ لزوما بنفسه ثم

بامرأته ولو أمة ثم برقيقه ثم بأمه ثم بأبيه ثم بولده ثم على ترتيب الميراث: الأقرب فالأقرب وإن استوى اثنان فأكثر ولم يفضل غير صاع ـ أقرع ولا تجب عن جنين بل تستحب ومن تبرع بمؤنة مسلم شهر رمضان كله لزمته فطرته: لا إن مأنه جماعة وإذا كان رقيق واحد بين شركاء أو بعضه حر أو قريب أو تلزم نفقته اثنين أو ألحقت القافلة واحدا باثنين فأكثر ـ فعليه صاع واحد ولا تدخل الفطرة في المهايأة فيمن بعضه حر فإن كان يوم العيد نوبة العبد المعتق نصفه مثلا ـ اعتبران يفضل عن قوته نصف صاع وإن كانت نوبة السيد ولزم العبد أيضا نصف صاع ومن عجز منهم عما عليه لم يلزم الآخر سوى قسطه: كشريك ذمي وإن عجز زوج المرأة عن فطرتها فعليها إن كانت حرة وعلى سيدها إن كانت أمة ولا ترجع الحرة والسيد بها على الزوج إذا أيسر ومن له عبد آبق أو ضال أو مغصوب أو محبوس كأسير فعليه فطرته إلا أن يشك في حياته فتسقط فإن علم حياته بعد ذلك أخرج لما مضى ولا يلزم الزوج فطرة ناشز وقت الوجوب ولو حاملا ولا من لا تلزمه نفقتها كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه والصغيرة التي لا يمكن الاستمتاع بها وتلزمه فطرة مريضة ونحوها لا تحتاج إلى نفقة ومن لزم غيره فطرته فأخرج عن نفسه بغير إذنه أجزأ كما لو أخرج بإذنه لأن الغير متحمل لا أصيل ولو لم يخرج من تلزمه فطرة غيره مع قدرته لم يلزم الغير شيء وله مطالبته بالإخراج ولو أخرج العبد بغير إذن سيده لم يجزئه وإن أخرج عمن لا تلزمه فطرته بإذنه أجزأ وإلا فلا

ولا يمنع الدين وجوب الفطرة إلا أن يكون مطالبا به.
وتجب بغروس شمس ليلة الفطر فمن أسلم بعد ذلك أو تزوج أو ولد له ولد أو ملك عبدا أ و كان معسرا وقت الوجوب ثم أيسر بعده ـ فلا فطرة وإن وجد ذلك قبل الغروب وجبت وإن مات قبل الغروب أو أعسر أو أبان الزوجة أو اعتق العبد ونحوه لم تجب ولا تسقط بعد وجوبها بموت ولا غيره ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين فقط وآخر وقتها غروب الشمس يوم الفطر فإن أخرها عنه أثم وعليه القضاء والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة أو قدرها ويجوز في سائره مع الكراهة ومن وجبت عليه فطرة غيره أخرجها مكان نفسه ويأتي.

فصل الواجب فيها
فصل الواجب فيهاصاع عراقي من البر أو مثل مكيله من التمر أو الزبيب ـ ولو منزوعي العجم ـ أو الشعير وكذا الأقط ولو لم يكن قوته ولم تعدم الأربعة أو من مجمع من ذلك ولو لم يكن المخرج قوتا له ولا عبرة بوزن تمر وغيره مما يخرجه: سوى البر1 فإذا بلغ صاعا بالبر أجزأ وإن لم يبلغ الوزن ويحتاط في الثقيل فيزيد على الوزن شيئا يعلم أنه قد بلغ صاعا ليسقط الفرض بيقين ولا يجزئ نصف صاع من بر ويجزئ صاع دقيق وسويق ولو مع وجود الحب والسويق: بر أو شعير يحمص ثم يطحن وصاع الدقيق وزن حبة ويجزئ بلا نخل والإقط: لبن جامد يخفف بالمصف يعمل من اللبن المخيض ولا يجزئ غير هذه الأصناف الخمسة مع قدرته على تحصيلها
ـــــــ
1 يريد: لا يجزئ إخراج المقدار وزنا، بل المقيس عليه في ذلك هو مقدار الصاع من البر.

ولا القيمة فإن عدم المنصوص عليه إخراج ما يقوم مقامه: من حب وتمر يقتات إذا كان مكيلا: كالذرة والدخن والماش ونحوه ولا يجزئ إخراج حب معيب: كمسوس ومبلول وقديم تغير طعمه ونحوه ولا خبز فإن خالط المخرج مالا يجزئ وكثر لم يجزئه وإن قل زاد بقدر ما يكون المصفى صاعا وأحب أحمد تنقية الطعام وأفضل مخرج تمر ثم زبيب ثم بر ثم أنفع ثم شعير ثم دقيق بر ثم دقيق شعير ثم سويقها ثم إقط ويجوز أن يعطي الجماعة ما يلزم الواحد لكن الأفضل ألا ينقصه عن مدبر أو نصف صاع من غيره وأن يعطي الواحد ما يلزم الجماعة ولفقير إخراج فطرة وزكاة عن نفسه إلى من أخذتا منه ما لم يكن حيلة وكذا الإمام أو نائبه إذا حصلتا عنده فقسمهما ردهما إلى من أخذتا منه وتقدم بعض ذلك وكان عطاء يعطي عن أبويه صدقة الفطر حتى مات وهو تبرع استحسنه أحمد.

باب إخراج الزكاة
مدخل

باب إخراج الزكاة
وما يتعلق به من حكم النقل والتعجيل ونحوه .
لا يجوز تأخيره عن وقت وجوبها مع إمكانه فيجب إخراجها على الفور كنذر مطلق وكفارة ويأتي إلا أن يخاف ضرر كرجوع ساع أو خوفه على نفسه أو ماله ونحوه أو كان فقيرا محتاجا إلى زكاته تختل كفايته ومعيشته بإخراجها وتؤخذ منه عند يساره أو أخرها ليخرجها لمن حاجته أشد أو لقريب أو جار أو لتعذر

إخراجها من النصاب لغيبة ونحوها ولو قدر على الإخراج من غيره وتقدم في كتاب الزكاة أو لغيبة المستحق أو الإمام عند خوف رجوعه وكذا للإمام والساعي التأخير عند ربها لعذر قحط ونحوه فإن جحد وجوبها جهلا ـ ومثله يجهله ـ كقريب عهد بإسلام أو نشئة ببادية بعيدة يخفى عليه ـ عرف ذلك ونهى عن المعاودة فإن أصر أو كان عالما بوجوبها كفر1 وأخذت منه إن كانت وجبت عليه واستتيب ثلاثة أيام وجوبا فإن لم يتب قتل كفرا وجوبا ومن منعها بخلا بها أو تهاونا أخذت منه وعزروه أمام عدل فيها أو عامل زكاة ما لم يكن جاهلا وإن فعله لكون الإمام غير عدل فيها لا يضعها مواضعها لم يعزر وإن غيب ماله أو كتمه وأمكن أخذها أخذت منه من غير زيادة وإن لم يمكن أخذها أستتيب ثلاثة أيام وجوبا فإن تاب أخرج وإلا قتل حدا وأخذت من تركته وإن لم يمكن أخذها إلا بقتال وجب على الإمام قتاله إن وضعها مواضعها ولا يكفر بقتاله له ومن طولب بها فادعى ما يمنع وجوبها من نقصان الحول أو النصاب أو انتقاله في بعض الحول ونحوه: كادعائه أداءها أو تجدد ملكه قريبا أو أن ما بيده لغيره
ـــــــ
1 إنما حكم بتكفيره لأن جحوده تكذيب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم فيما ورد من نصوص الكتاب والسنة بإيجابها. ومن ذلك تفهم أن جحوده لما لم يرد فيه قاطع لا يكون كفرا. ومثال الأخير أن يجحد الزكاة في مال الصغير أو يجحد وجوبها في العسل أو أي نوع من الحبوب سوى البر والشعير والتمر والزبيب وأما هذه الأربعة فالنص فيها قطعي. وسيأتي لذلك بقية.

أو أنه منفرد أو مختلط ـ قبل قوله بغير يمين إن أقر بقدر زكاته ولم يخبر بقدر ماله أخذت منه بقوله ولم يكلف إحضار ماله والصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما في ما لمها: كنفقة أقاربهما وزوجاتهما وأرش جناياتهما ويستحب للإنسان تفرقة زكاته وفطرته بنفسه بشرط أمانته وهو أفضل من دفعها إلى إمام عادل وله دفعها إلى الساعي وإلى الإمام ولو فاسقا يضعها في مواضعها وإلا حرم ويجوز كتمها إذن ويبرأ بدفعها إليه ـ ولو تلفت في يده أو لم يصرفها في مصارفها ويجزئ دفعها إلى الخوارج والبغاة نص عليه في الخوارج إذا غلبوا على بلد وأخذوا منه العشر وقع موقعه وكذلك من أخذها من السلاطين قهرا أم اختيارا: عدل فيها أو جار ويأتي قي قتال أهل البغي وللإمام طلب النذر والكفارة وطلب الزكاة من المال الظاهر والباطن إن وضعها في أهلها ولا يجب الدفع إليه إذا طلبها وليس له أن يقاتل على ذلك: إذا لم يمنع إخراجها بالكلية.

فصل ولا يجزئ إخراجها إلا بنية
فصل ولا يجزئ إخراجها إلا بنيةمكلف وغير المكلف ينوي عنه وليه فينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة أو صدقة المال أو الفطر فلو لم ينو أو نوى صدقة مطلقة ـ لم يجز عما في ذمته حتى ولو تصدق بجميع المال: كصدقته بغير النصاب من جنسه1 والأولي مقارنتها للدفع وتجوز قبله: كصلاة ولا تعتبر نية الفرض ولا تعيين المال المزكى عنه فلو كان له مالان غائب وحاضر فنوى زكاة أحدهما لا بعين أجزأ عن أيهما شاء بدليل أن من له أربعون دينار إذا أخرج نصف دينار عنها
ـــــــ
1 كأن يتصدق عن نصاب البر بشعير، ولو قال: كان يتصدق عن النصاب من غير جنسه لكان اظهر.

صح ووقع عن عشرين دينارا منها غير معينة ولو كان له خمس من الإبل وأربعون من الغنم فقال: هذه الشاة عن الإبل أو الغنم ـ أجزأته عن أحدهما ولو نوى زكاة ماله الغائب فإن كان تالفا فعن الحاضر ـ أجزأ عنه إن كان الغائب تالفا ولو نوى أن هذه زكاة مالي إن كان سالما وإلا فهو تطوع مع شك في سلامته فبان سالما ـ أجزأت ولو نوى عن الغائب فبان تالفا لم يكن له صرفه إلى غيره1 فإن قال: هذا زكاة مالي أو نفل أو قال: هذا زكاة إرثي من مورثي إن كن مات ـ لم يجزئه2 وإن أخذها الإمام قهرا لامتناعه كفت نية الإمام دون نية رب المال وأجزأته ظاهرا لا باطنا ومثل ذلك لو دفعها رب المال إلى مستحقها كرها وقهرا وإن أخذها الإمام أو الساعي لغيبة رب المال أو تعذر الوصول إليه بحبس ونحوه أجزأته ظاهرا وباطنا وإن دفعها إلى الإمام طوعا ناويا ولم ينو الإمام حال دفعها إلى الفقراء جاز وإن طال لأنه وكيل الفقراء: لا إن نواها الإمام دونه أو لم ينوياها وتقع نفلا ويطالب بها ولا بأس بالتوكيل في إخراجها ويعتبر كون الوكيل ثقة مسلما فإن دفعها
ـــــــ
1 لم يكن له في هذه الصورة أن يصرف نية الزكاة إلى غير الغائب لأنه حصر النية فيه بخلاف ما تقدم في الصورة التي نوى فيها عن الغائب إن كان سالما وإلا فعن الحاضر حيث لم يقصر النية على أحدهما بخصوصه، والنية كما تعلم شرط في وقوع الزكاة موقعها.
2 لم تجزئه الزكاة مع ذكر النفل لعدم تمحيض النية، وفي تعليقها على موت المورث لأنه لم يبن على أصل الوجوب وهو العلم بالملك فكأنه ينوي ما لايراه فرضا.

إلى وكيله أجزأت النية من موكل مع قرب زمن الإخراج ومع بعده لا بد من نية الموكل حال الدفع إلى الوكيل ونية الوكيل عند الدفع إلى المستحق ولا تجزئ نية الوكيل وحده وإن أخرج زكاة شخص أو كفارته من ماله بإذنه صح وله الرجوع عليه إن نواه وإن كان بغير إذنه لم يصح كما لو أخرجها من مال المخرج عنه بلا إذنه ولو وكله في إخراج زكاته ودفع إليه مالا وقال: تصدق به ولم ينو الزكاة فأخرجها الوكيل من المال الذي دفعه إليه ونواها زكاة ـ أجزأت ولو قال ـ تصدق به نفلا أو عن كفارتي ثم نوى الزكاة قبل أن يتصدق أجزأ عنها لأن دفع وكيله كدفعه ويصح توكيل المميز في دفع الزكاة ومن أخرج زكاته من مال غصب لم يجزئه ولو أجازها ربه: ويستحب أن يقول المخرج عند دفعها: اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما ويحمد الله على توفيقه لأدائها وأن يقول الآخذ ـ سواء كان الفقير أو العامل أو غيرهما وفي حق العامل آكد آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا وإظهار أخراجها مستحب سواء كان بموضع يخرج أهله الزكاة أم لا وإن علم أن الآخذ أهل لأخذها كره إعلامه بأنها زكاة قال أحمد: لم يبكته؟ يعطيه ويسكت وإن علمه أهلا ـ والمراد ظنه ويعلم من عادته أنه لا يأخذها فأعطاه ولم يعمله لم يجزئه وله نقل زكاة إلى دون مسافة قصر وفي فقراء بلده أفضل ولا يدفع الزكاة إلا لمن يظنه أهلا فلو لم يظنه من أهلها فدفع إليه ثم بان من أهلها لم يجزئه ولا

يجوز نقلها عن بلدها إلى ما تقصر فيه الصلاة ولو لرحم وشدة حاجة أو لاستيعاب الأصناف فإن خالف وفعل أجزأه وإن كان ببادية أو خلا ببلدة عن مستحق لها ـ فرقها أو ما بقي منها بعدهم في أقرب البلاد إليه والمسافر بالمال يفرقها في موضع أكثر إقامة المال فيه وله نقل كفارة ونذر ووصية مطلقة ولو إلى مسافة قصر: لا مقيدة لفقراء مكان معين وإن كان في بلد وماله في آخر أو أكثر ـ أخرج زكاة كل مال في بلده أي بلد المال: متفرقا كان أو مجتمعا إلا في نصاب سائمة في بلدين فيجوز الإخراج في أحد البلدين لئلا يفضي إلى تشقيص زكاة الحيوان ويخرج فطرة نفسه وفطرة من يمونه ـ في بلد نفسه وإن كانوا في غيره وتقدم وحيث جاز النقل فأجرته على رب المال كأجرة كيل ووزن وإذا حصل عند الإمام ماشية استحب له وسم الإبل والبقر في أفخاذها والغنم في آذانها فإن كانت زكاة ـ كتب: لله أو زكاة وإن كانت جزية كتب: صغار أو جزية لتتميز.

فصل ويجوز تعجيل الزكاة
فصل ويجوز تعجيل الزكاةوتركه أفضل لحولين فأقل فقط بعد كمال النصاب لا قبله ولا قبل السوم فلو ملك بعض نصاب فعجل زكاته أو زكاة نصاب ـ لم يجزئه ولو ظن ماله ألفا فجعل زكاته فبان خمسمائة أجزأه عن عامين وإن أخذ الساعي فوق حقه حسبه من حول ثان قال أحمد: يحسب ما أهداه للعامل من الزكاة أيضا وليس لولي رب المال أن يعجل زكاته وإن عجل عن النصاب وما ينمي في حوله أجزأ عن النصاب دون النماء ويجوز تعجيل زكاة الثمر بعد ظهوره

وبعد طلوع الطلع قبل تشققه والزرع بعد نباته أو ظهوره كالنصاب وإدراكه كحولان الحول1 فإن عجل قبل طلوع الطلع والحصرم ونبات الزرع ـ لم يجزئه وإن عجل زكاة النصاب فتم الحول وهو ناقص قدر ما عجله ـ أجزأ إذا المعجل في حكم الموجود وإن عجل عن أربعين شاة شاتين من غيرها أو شاة منها وأخرى من غيرها ـ أجزأ عن الحولين وشاتين منها لا يجزئ عنهما وينقطع الحول وكذا لو عجل شاة عن الحول الثاني وحده لأن ما عجله منه للحول الثاني زال ملكه عنه فينقص به وإن ملك شاة استأنف الحول من الكمال وإن عجل زكاة المائتين فنتجت عند الحول سخلة لزمته ثالثة وإن عجل عن مائة وعشرين واحدة ثم نتجت قبل الحول أخرى لزمه إخراج ثانية ولو عجل عن خمس عشرة من الإبل وعن نتاجها بنت مخاض فنتجت مثلها لم تجزئه ويلزمه بنت مخاض ولو عجل مسنة عن ثلاثين من البقر ونتاجها فنتجت عشرا أجزأت عن ثلاثين فقط ويخرج لعشر ربع مسنة وإن عجل عن أربعين شاة شاة ثم أبدلها بمثلها أو نتجت أربعين سخلة ثم ماتت إلا ماتت الأمات ـ أجزأ المعجل عن البدل والسخال ولو عجل شاة عن مائة شاة أو تبيعا عن ثلاثين بقرة ثم نتجت إلا مات مثلها ثم ماتت ـ أجزأ المعجل عن النتاج ولو نتج نصف الشياه مثلها ثم ماتت
ـــــــ
1 يريد أن يقول تعجيل زكاة الزرع صحيح كتعجيل زكاة السائمة ويكون أدراك الزرع فيما بعد: أشبه بحولان الحول على السائمة، والمدار في ذلك على وجوب السبب الذي هو نبات الزرع وعلى كمال نضوجه واستقرارها فيه وإلا فهي نفل.

أمات الأولاد أجزأ المعجل عنها ولو نتج نصف البقر مثلها أجزأ المعجل ولو عجل عن أحد نصابيه وتلف ـ لم يصرفه إلى الآخر: كما لو عجل شاة عن خمس من الإبل فتلفت وله أربعون شاة لم يجزئه عنها ولو كان له ألف درهم فعجل خمسين وقال: إن ربحت ألفا قبل الحول فهي عنها وإلا كانت للحول الثاني ـ جاز وإن عجلها فدفعها إلى مستحقها فمات قابضها أو ارتد أو استغنى منها أو من غيرها ـ أجزأت عنه وإن دفعها إلى غنى أو كافر يعلم غناه أو كفره فافتقر عند الوجوب أو أسلم ـ لم يجزئه وإن عجلها ثم هلك المالك أو ارتد قبل الحول لم يرجع على المسكين: سواء كان الدافع رب المال أو الساعي: أعلمه أنها زكاة معجلة أولا فإن كانت بيد الساعي وقت التلف رجع ولا يصح زكاة معدن بحال ولا ما يجب في ركاز وللإمام ونائبه استسلاف زكاة برضا رب المال لا إجباره على ذلك فإن استسلفها فتلفت بيده لم يضمنها وكانت من ضمان الفقراء: سواء سأله ذلك الفقراء أو رب المال أو لم يسأله أحد لأن له قبضها كولي اليتيم وإن تلفت في يد الوكيل قبل أدائها فمن ضمان رب المال ويشترط لملك الفقير لها وأجزائها عن ربها قبضه لها فلا يجزئ غداء الفقراء ولا عشاؤهم ولا يقضي منها دين ميت غرم لمصلحة نفسه أو غيره لعدم أهليته لقبولها كما لو كفنه منها ولا يكفي إبراء المدين من دينه بنية الزكاة: سواء كان المخرج عنه دينا أو عينا ولا تكفي الحوالة بها وإن أخرج زكاته فتلفت قبل أن يقبضها الفقير لزمه بدلها ولا يصح تصرف الفقير قبل

قبضها ولو قال الفقير لرب المال: إشتر لي بها ثوبا ولم يقبضها منه لم يجزئه ولو اشتراه كان للمالك وإن تلف كان من ضمانه: ولا يجزئ إخراج قيمة زكاة المال والفطرة طائعا أو مكرها ولو للحاجة: من تعذر الفرض ونحوه أو لمصلحة ويجب على الإمام أن يبعث السعاة قرب الوجوب لقبض زكاة المال الظاهر ويجعل حول الماشية المحرم وإن أخر الساعي قسمة زكاة عنده بلا عذر: كاجتماع الفقراء أو الزكاة ـ لم ويضمن ما تلف لتفريطه: كوكيل في إخراجها يؤخره وإن وجد الساعي مالا لم يحل حوله ولم يعجلها ربه وكل ثقة في قبضها عند وجوبها وصرفها في مصرفها ولا بأس بجعله إلى رب المال إن كان ثقة فإن لم يجد ثقة أخرجها ربتا إن لم يخف ضررا وإلا أخرها إلى العام الثاني وإذا قبض الساعي الزكاة فرقها في مكانه وما قاربه فإن فضل شيء حمله وإلا فلا وله بيع الزكاة من ماشية وغيرها لحاجة: كخوف تلف ومؤنة ومصلحة وصرفه في الأحظ للفقراء أو حاجتهم حتى في أجرة مسكن وإن باع لغير حاجة ومصلحة لم يصح لعدم الإذن وضمن قيمة ما تعذر قال أحمد: إذا أخذ الساعي زكاته كتب له به براءة لأنه ربما جاء ساع آخر فيطالبه فيخرج تلك البراءة فتكون حجة له.

باب ذكر أهل الزكاة وما يتعلق بذلك
مدخل

باب ذكر أهل الزكاة وما يتعلق بذلك
من بيان شروطهم وقدر ما يعطاه كل واحد وصدقة التطوع

وهم ثمانية أصناف لا يجوز صرفها إلى غيرهم وسئل الشيخ عمن ليس معه ما يشتري به كتبا يشتغل فيها فقال: يجوز أخذه ما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد لمصلحة دينه ودنياه منها.
أحدهم الفقراء: وهم أسوأ حالا من المساكين والفقير: من لا يجد شيئا البتة أو يجد شيئا يسيرا من الكفاية دون نصفها من كسب أو غيره مما لا يقع موقعا من كفايته ـ الثاني المساكين والمسكين: من يجد معظم الكفاية أو نصفها ومن ملك نقدا ولو خمسين درهما فأكثر أو قيمتها من الذهب أو غيره ولو كثرت قيمته لا يقوم بكفايته ليس بغنى فيأخذ تمام كفايته سنة فلو كان في ملكه عروض للتجارة قيمتها ألف دينار أو أكثر لا يرد عليه ربحها قدر كفايته أو له مواش تبلغ نصابا أو زرع يبلغ خمسة أوسق لا يقوم بجميع كفايته ـ جاز له أخذ الزكاة قال أحمد: إذا كان له ضيعة أو عقار يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تكفيه ـ يأخذ من الزكاة وقيل له ـ يكون له الزرع القائم وليس عنده ما يحصده أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم قال الشيخ: وفي معناه ما يحتاج إليه لإقامة مؤنته وإن لم ينفقه بعينه في المؤنة وكذا من له كتب يحتاجه للحفظ والمطالعة أو لها حلي للبس أو كراء تحتاج إليه وإن تفرغ قادر على التكسب للعلم وتعذر الجمع أعطي: لا إن تفرغ للعبادة وإطعام الجائع ونحوه واجب مع أنه ليس في المال حق سوى الزكاة ومن أبيح له أخذ شيء أبيح له سؤاله ويحرم السؤال وله ما يغنيه ولا بأس بمسألة شرب الماء والاستعارة, والاستقراض ولا بسؤال

الشيء اليسير: كشسع النعل وإن أعطى مالا من غير مسألة ولا استشراف نفس مما يجوز له أخذه وجب أخذه وإن استشرفت نفسه: بأن قال: سيبعث لي فلان أو لعله يبعث لي فلا بأس بالرد1 وإن سأل غيره لمحتاج غيره في صدقة أو حج أو غزو أو حاجة فلا بأس والتعريض أعجب إلى أحمد ولو سأله من ظاهره الفقر أن يعطيه شيئا قبل قول الدافع في كونه قرضا: كسؤال مقدرا: كعشرة دراهم وإن قال أعطني شيئا إني فقير ـ قبل قوله في كونه صدقة وإن أعطى مالا ليفرقه جاز أخذه وعدمه والأولى العمل بما فيه المصلحة ـ الثالث العاملون عليها: كجاب وكاتب وقاسم وحاشر المواشي وعدادها وكيال ووزان وساع وراع وحمال وجمال وحاسب وحافظ ومن يحتاج إليه فيها: غير قاض ووال ويأتي وأجرة كيلها ووزنها في أخذها ومؤنة دفعها على المالك: ـ ويشترط كونه مسلما أمينا مكلفا كافيا من غير ذوي القربى: ـ ويشترط علمه بأحكام الزكاة إن كان من عمال التفويض وإن كان منفذا وقد عين له الإمام ما يأخذه جاز ألا يكون عالما قاله القاضي: ولا يشترط حريته ولا فقره واشتراط ذكوريته أولى وما يأخذه العامل أجرته ويجوز أن يكون الراعي والجمال ونحوهما كافرا أو عبدا وغيرهما ممن منع الزكاة لأن ما يأخذه أجرة لعمله لا لعمالته وإن وكل غيره في تفرقة زكاته لم يدفع إليه من سهم العامل
ـــــــ
1 يريد: فلا بأس أن يرفض ذلك المستشرق قبول ما يعطى له وكذلك لا مانع من قبوله ولو كان ممنوعا من سؤاله.

ويأتي وإن تلف المال بيده بلا تفريط لم يضمن وأعطى أجرته من بيت المال وإن لم تتلف فمنها وإن كان أكثر من ثمنها وإن رأى الإمام إعطاءه أجرته من بيت المال أو يجعل له رزقا فيه ولا يعطيه منها شيئا فعل ويخير الإمام في العامل: إن شاء أرسله من غير عقد ولا تسمية شيء وإن شاء عقد له إجارة ثم إن شاء جعل له أخذ الزكاة وتفريقها أو أخذها فقط وإن أذن له في تفريقها أو أطلق فله ذلك وإلا فلا وإذا تأخر العامل بعد وجوب الزكاة تشاغلا بأخذها من ناحية أخرى أو عذر غيره انتظره أرباب الأموال ولم يخرجوا وإلا أخرجوا بأنفسهم باجتهاد أو تقليد ثم إذا حضر العامل وقد أخرجوا وكان اجتهاده مؤديا إلى إيجاب ما أسقط رب المال أو الزيادة على ما أخرجه رب المال نظر: فإن كان وقت مجيئه باقيا فاجتهاد العامل أمضى وإن كان فائتا فاجتهاد رب المال أنفذ وإن أسقط العامل أو أخذ دون ما يعتقده المالك لزمه الإخراج فيما بينه وبين الله تعالى وإن ادعى المالك دفعها إلى العامل وأنكر ـ صدق المالك في الدفع وحلف العامل وبرئ وإن ادعى العامل دفعها إلى الفقير فأنكر ـ صدق العامل في الدفع والفقير في عدمه ويقبل إقراره بقبضها ولو عزل وإن عمل إمام أو نائبه على زكاة لم يكن له أخذ شيء منها لأنه يأخذ رزقه من بيت المال ويقدم العامل بأجرته على غيره من أهل الزكاة وإن أعطى فله الأخذ وإن تطوع بعمله لقصة عمر وتقبل شهادة أرباب الأموال عليه في وضعها غير موضعها لا في أخذها منهم وإن شهد به بعضهم لبعض قبل التناكر والتخاصم قبل

وغرم العامل وإلا فلا وإن شهد أهل السهمان له أو عليه لم يقبل ولا يجوز له قبول هدية من أرباب الأموال ولا أخذ رشوة ويأتي عند هدية القاضي وما خان فيه أخذه الإمام لا أرباب الأموال قال الشيخ: ويلزمه رفع حساب ما تولاه إذا طلب منه.
الرابع : المؤلفة قلوبهم وحكمهم باق وهم رؤساء قومهم: من كافر يرجى إسلامه أو كف شره ومسلم يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره أو نصحه في الجهاد أو الدفع عن المسلمين أو كف شر كالخوارج ونحوهم أو قوة على جباية الزكاة ممن لا يعطيها إلا أن يخوف ويهدد كقوم في طرف بلاد الإسلام إذا أعطوا من الزكاة جبوها منه ويقبل قوله في ضعف إسلامه لا أنه مطاع في قومه إلا ببينة ولا يحل للمؤلف المسلم ما يأخذه إن أعطي ليكف شره كالهدية للعامل وإلا حل.
الخامس : الرقاب وهم المكاتبون المسلمون الذين لا يجدون وفاء ما يؤدون ولو مع القوة والكسب ولا يدفع إلى من علق عتقه على مجيء المال وللمكاتب الأخذ قبل حلول نجم ولو تلفت بيده أجزأت ولو يغرمها سواء عتق أم لا ولو دفع إليه ما يقضي به دينه لم يجز له أن يصرفه في غيره ويأتي قريبا ولو عتق تبرعا من سيده أو من غيره فما معه منها له في قول ولو عجز أو مات وبيده وفاء أو اشترى بالزكاة شيئا ثم عجز ولا عوض بيده فهو لسيده ويجوز الدفع إلى سيده بلا إذنه وهو الأولى فإن رق لعجزه أخذت من سيده ويجوز أن يفدى بها أسيرا مسلما في أيدي الكفار قال أبو المعالي: ومثله لو دفع إلى فقير مسلم غرمه سلطان

مالا ليدفع جوره ويجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها لا من يعتق عليه بالشراء كرحم محرم ولا إعتاق عبده أو مكاتبه عنها ومن أعتق من الزكاة فما رجع من ولائه رد في عتق مثله في رواية1 وما أعتقه الساعي من الزكاة فولاؤه للمسلمين وأما المكاتب فولاؤه لسيده ولا يعطى المكاتب لجهة الفقر لأنه عبد.
السادس : الغارمون وهم المدينون المسلمون وهم ضربان: أحدهما من غرم لإصلاح ذات البين ولو بين أهل ذمة وهو من تحمل بسبب إتلاف نفس أو مال أو يهب دية أو مالا لتسكين فتنة وقعت بين طائفتين ويتوقف صلحهم على من يتحمل ذلك فيدفع إليه ما يؤدي حمالته وإن كان غنيا أو شريفا وإن كان قد أدى ذلك لم يكن له أن يأخذ لأنه قد سقط الغرم ومن تحمل بضمان أو كفالة عن غيره مالا فحكمه حكم من غرم لنفسه فإن كان الأصيل والحميل معسرين جاز الدفع إلى كل منهما وإن كانا موسرين أو أحدهما لم يجز ويجوز الأخذ لقضاء دين الله تعالى ويأتي الثاني: من غرم لإصلاح نفسه في مباح حتى في شراء نفسه من الكفار فيأخذ إن كان عاجزا عن وفاء دينه ويأخذه ومن غرم لإصلاح ذات البين ولو قبل حلول دينهما وإذا دفع إليه ما يقضي به دينه لم يجز صرفه في غيره وإن كان فقيرا وإن دفع إلى الغارم لفقره جاز أن يقضي به دينه فالمذهب أن من أخذ بسبب يستقر الأخذ به ـ وهو الفقر والمسكنة والعمالة والتالف ـ صرفه فيما شاء كسائر ماله وإن لم يستقر صرفه فيما أخذه له خاصة لعدم ثبوت ملكه عليه من
ـــــــ
1 يريد: ما يرثه المعتق عن العتيق بسبب الولاء يدفعه في عبد آخر يعتقه.

كل وجه ولهذا يسترد منه إذا برئ أو لم يغز وإن وكل الغارم من عليه الزكاة قبل قبضها منه بنفسه أو نائبه في دفعها إلى الغريم عن دينه جاز وإن دفع المالك إلى الغريم بلا إذن الفقير صح كما أن للإمام قضاء الدين عن الحي من الزكاة بلا وكالة.
السابع : في سبيل الله وهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان فيدفع إليهم كفاية غزوهم وعودهم ولو مع غناهم: ومتى ادعى أنه يريد الغزو قبل قوله ويدفع إليه دفعا مراعى فيعطى ثمن السلاح والفرس إن كان فارسا وحمولته ودرعه وسائر ما يحتاج إليه ويتمم لم أخذ من الديوان دون كفايته من الزكاة ولا يجوز لرب المال أن يشتري ما يحتاج إليه الغازى ثم يصرفه إليه لأنه قيمة ولا شراؤه فرسا منها يصير حبيسا ولا دار أو ضيعة للرباط أو يقفها على الغزاة ولا غزوه على فرس أخرجه من زكاته فإن اشترى الإمام بزكاة رجل فرسا فله دفعها إليه يغزو عليها كما له أن يرد عليه زكاته لفقره أو غرمه ولا يحج أحد بزكاة ماله ولا يغزو ولا يحج بها عنه ولا يغزي والحج من السبيل نصا فيأخذ إن كان فقيرا ما يؤدي به فرض حج أو عمرة أو يستعين به فيه.
الثامن : ابن السبيل وهو المسافر المنقطع به في سفر طاعة أو مباح دون المنشئ للسفر بلده وليس معه ما يوصله إلى بلده أو منتهى قصده وعوده إلى بلده ولو مع غناه ببلد فيعطى لذلك ولو وجد من يقرضه فإن كان فقيرا في بلده أعطي لفقره ولكونه ابن السبيل ما يوصله ولا

يقبل قوله أنه ابن سبيل إلا ببينة وإن ادعى الحاجة ولم يعرف له مال في المكان الذي هو فيه أو ادعى إرادة الرجوع إلى بلده قبل قوله بغير بينة وإن عرف له مال في المكان الذي هو فيه لم تقبل دعوى الحاجة إلا ببينة ويعطى الفقير والمسكين تمام كفايتهما سنة والعامل قدر أجرة مثله ولو جاوزت الثمن ويعطى مكاتب وغارم ما يقضيان به دينهما ولو دينا لله تعالى وليس لهما صرفه إلى غيره كغاز وتقدم والمؤلف ما يحصل به التأليف والغازي ما يحتاج إليه لغزوه وإن كثر ولا يزاد أحد منهم ولا ينقص عن ذلك ومن كان ذا عيال أخذ ما يكفيهم ولا يعطى أحد منهم مع الغنى إلا أربعة: العامل والمؤلف والغزي والغرم لإصلاح ذات البين: ما لم يكن دفعهما من ماله وتقدم وإن فضل مع غارم ومكاتب ـ حتى ولو سقط ما عليها ببراءة أو غيرها ـ وغاز وابن سبيل شيء بعد حاجتهم لزمه رده: كما لو أخذ شيئا لفك رقبته وفضل منه وإن فضل مع المكاتب شيء عن حاجته من صدقة التطوع لم يسترجع منه والباقون يأخذون أخذا مستقرا فلا يردون شيئا ولو أدعى الفقر من عرف بغنى أو ادعى إنسان أنه مكاتب أو غارم لنفسه لم يقبل إلا ببينه بخلاف غاز ويكفي اشتهار الغرم لإصلاح ذات البين فإن خفي لم يقبل إلا ببينة به والبينة فيمن عرف بغنى ثلاثة رجال وإن صدق المكاتب سيده أو الغرم غريمه قبل وأعطي وإن ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى قبل وإن كان جلدا وعرف له كسب لم يجز إعطاءه ولم يملك شيئا فإن لم يعرف وذكر أنه لا كسب له أعطاه من غير يمين إذا لم يعلم كذبه بعد أن يخبره وجوبا

في ظاهر كلامهم أنه لاحظ فيها الغنى ولا لقوي مكتسب وأن رآه متجملا قبل قوله أيضا: لكن ينبغي أن يخبره أنها زكاة والقدرة على اكتساب المال بالبضع ليس بغنى معتبر: فلا تمنع المرأة من أخذ الزكاة إذا كانت ممن يرغب في نكاحها وتقدر على تحصيل المهر بالنكاح فلا تجبر عليه وكذا فلو أفلست أو كان لها أقارب يحتاجون إلى النفقة وتقدم إذا تفرغ القادر لطلب العلم وتعذر الجمع أنه يعطى فإن ادعى أن له عيالا قلد وأعطى من غرم أو سافر في معصية لم تدفع إليه إلا أن يتوب وكذا لو سافر في مكروه أو نزهة ولو أتلف ماله في المعاصي حتى افتقر دفع إليه من سهم الفقراء ويستحب صرفها في الأصناف الثمانية كلها: لكل صنف ثمنها إن وجد حيث وجب الإخراج لأن في ذلك خروجا من الخلاف وتحصيلا للأجزاء ولا يحب الاستيعاب كما لو فرقها الساعي ولا التعداد من كل صنف كالعامل فلو اقتصر على صنف منها أو واحد منه أجزأه وإن فرقها ربها أو دفعها إلى الإمام الأعظم أو نائبه على القطر نيابة شاملة لقبض الزكوات وغيرها سقط سهم لعامل لأنهما يأخذان كفايتهما من بيت المال على الإمامة والنيابة وتقدم وليس لرب المال ولا لوكيله في تفرقتها أخذ نصيب العامل لكونه فعل وظيفة العامل ومن فيه سببان كغارم فقير أخذ بهما ولا يجوز أن يعطي عن أحدهما لا بعينه لاختلاف أحكامهما في الاستقرار وغيره وإن أعطى بهما وعين لكل سبب قدر وإلا كان بينهما نصفين وتظهر فائدته لو وجد ما يوجب الرد ويستحب صرفه إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم ويفرقها فيهم على قدر

حاجتهم ولو أحضر رب المال إلى العامل من أهله من لا تلزمه نفقته ليدفع إليهم زكاته دفعها قبل خلطها بغيرها وبعده هم كغيرهم ولا يخرجهم منها ويجزئ السيد دفع زكاته إلى مكاتبه وإلى غريمه ليقضي دينه: سواء دفعها إليه ابتداء أو استوفى حقه ثم دفعها إليه ليقضي دين المقرض ما لم يكن حيلة نصا وقال أيضا: إن أراد إحياء ماله لم يجز وقال القاضي وغيره: معنى الحيلة أن يعطيه بشرط الرجوع لم يوجد وإن رد الغريم من نفسه ما قبضه وفاء عن دينه من غير شرط ولا مواطأ جاز أخذه ويقدم الأقرب والأحوج وإن كان الأجنبي أحوج فلا يعطي القريب ويمنع البعيد بل يعطي الجميع ولا يحابي بها قريبه ولا يدفع بها مذمة ولا يستخدم بسببها قريبا ولا غيره ولا يقي ماله بها: كقوم عودهم برا من ماله فيعطيهم من الزكاة لدفع ما عودهم والجار أولى من غيره والقريب أولى منه ويقدم العالم والدين على ضدهما وكذا ذو العائلة.

فصل ولا يجوز دفعها إلى كافر ما لم يكن مؤلفا
فصل ولا يجوز دفعها إلى كافر ما لم يكن مؤلفاولو زكاة فطر ولا إلى عبد كامل الرق ولو كان سيده فقيرا وأما من بعضه حر فيأخذ بقدر حريته بنسبته من كفايته ما لم يكن عاملا ولا إلى فقيرة لها زوج غني ولا إلى عمودي نسبه في حال تجب نفقتهم فيه أولا تجب ورثوا أو لم يرثوا حتى ذوي الأرحام منهم ولو في غرم لنفسه أو في كتابة أو كان ابن سبيل ما لم يكونوا عمالا أو مؤلفة أو غزاة أو غارمين لذات البين ولا إلى الزوج ولا إلا الزوجة ولو لم تكن في مؤنته

كناشز وكذا عبده المغصوب ولا لبني هاشم كالنبي صلى الله عليه وسلم وهم من كان من سلالة هاشم: فدخل فيهم آل عباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحرث بن عبد المطلب وآل أبي لهب ما لم يكونوا غزاة أو مؤلفة أو غارمين لذات البين واختار الشيخ وجمع جواز أخذهم إن منعوا الخمس ويجوز إلى ولد هاشمية من غير هاشمي في ظاهر كلامهم وقاله القاضي اعتبار بالأب ولا لموالي بني هاشم ويجوز لموالي مواليهم ولهم الأخذ من صدقة التطوع ـ إلا النبي صلى الله عليه وسلم ـ ووصايا الفقراء ومن نذر لا كفارة ولا يحرم على أزواجه صلى الله عليه وسلم في ظاهر كلام أحمد: كمواليهن1 ولا يجزئ دفعها إلى من تلزمه مؤنته من أقاربه ممن يرثه: بفرض أو تعصيب نسب أو ولاء كأخ وبن عم ما لم يكونوا عمالا أو غزاة أو مؤلفة أو مكاتبين أو أبناء سبيل أو غارمين لذات البين فلو كان أحدهما يرث الآخر والآخر لا يرثه كعتيق ومعتقه وأخوين لأحدهما ابن ونحوه ـ فالوارث منهما تلزمه مؤنته فلا يدفع زكاته إلى الآخر وغير الوارث يجوز ولا إلى فقير ومسكين مستغنيين بنفقة لازمة فإن تعذرت النفقة من زوج أو قريب بغيبة أو امتناع أو غيره: كمن غصب ماله أو تعطل منافع عقاره ـ جاز الأخذ ويجوز إلى بني المطلب وله الدفع إلى ذوي أرحامه: كعمته وبنت أخيه غير عمودي نسبه ولو ورثوا الضعف قرابتهم وإن تبرع بنفقة قريب أو يتيم أو غيره ضمه إلى عياله جاز دفعها إليه وكل من حرم عليه الزكاة مما سبق فله قبولها
ـــــــ
1 وفي قول آخر أن الزكاة محرمة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

هدية ممن أخذها من أهلها والذكر والأنثى في أخذ الزكاة وعدمه سواء والصغير ولو لم يأكل الطعام كالكبير فيصرف ذلك في أجرة رضاعه وكسوته وما لا بد منه ويقبل ويقبض له منها ولو مميزا ومن هبة وكفارة من يلي ماله وهو وليه أو وكيل وليه الأمين وفي المغنى: يصح قبض المميز انتهى وعند عدم الولي يقبض له من يليه من أم وقريب وغيرهما نصا ولا يجوز دفع الزكاة إلا لمن يعلم أو يظنه من أهلها: فلو لم يظنه من أهلها فدفعها إليه ثم بان من أهلها لم يجزئه فإن دفعها إلى من لا يستحقها لكفر أو شرف أو كونه عبدا أو قريبا وهو لا يعلم ثم علم لم يجزئه ويستردها ربها بزيادتها مطلقا وإن تلفت في يد القابض ضمنها العدم ملكه بهذا القبض وهو قبض باطل لا يجوز له قبضه وإن كان الدافع الإمام أو الساعي ضمن إلا إذا بان غنيا والكفارة كالزكاة فيما تقدم ولو دفع صدقة التطوع إلى غني وهو لا يعلم لم يرجع فإن دفع إليه من الزكاة يظنه فقيرا فبان غينا أجزأت.

فصل وصدقة التطوع مستحبة كل وقت
فصل وصدقة التطوع مستحبة كل وقتوسرا أفضل بطيب نفس وفي الصحة وفي رمضان وأوقات الحاجة وكل زمان أو مكان فاضل: كالعشر والحرمين وهي على ذي الرحم صدقة وصلة لا سيما منع العداوة فهي عليه ثم على جار أفضل وتستحب بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه دائما بمتجر أو غلة ملك أو وقف أو صنعة وإن تصدق بما ينقص مؤنة من تلزمه مؤنته أو أضر بنفسه أو بغريمه أو بكفالته أثم ومن أراد الصدقة بماله كله ـ وهو

وحده ـ ويعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة فله ذلك أي يستحب وإن لم يعلم ذلك حرم ويمنع منه ويحجر عليه وإن كان له عائلة ولهم كفاية أو يكفيهم بمكسبه جاز لقصة الصديق وإلا فلا ويكره لمن لا صبر له على الضيق أو لإعادة له به أن ينقص عن نفسه الكفاية التامة والفقير لا يقترض ويتصدق ووفاء الدين مقدم على الصدقة وتجوز صدقة التطوع على الكافر والغني وغيرهما ولهم أخذها ويستحب التعفف فلا يأخذ الغنى صدقة ولا يتعرض لها فإن أخذها مظهر للفاقة حرم ويحرم المن بالصدقة وغيرها وهو كبيرة ويبطل الثواب بذلك ومن أخرج شيئا يتصدق به أو وكل في ذلك ثم بدا له استحب أن يمضيه ويتصدق بالجيد ولا يقصد الخبيث فيتصدق به وأفضلها جهد المقل.

كتاب الصيام
مدخل

مدخل
كتاب الصيام
وهو شرعا: إمساك عن أشياء مخصوصة بنية في زمن معين من شخص مخصوص.
صوم شهر رمضان أحد أركان الإسلام وفروضه فرض في السنة الثانية من الهجرة فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات والمستحب قول شهر رمضان ولا يكره رمضان بإسقاط شهر ويجب صومه برؤية هلاله فإن لم ير مع الصحو كملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا وإن حال دون منظره غيم

أو قتر أو غيرهما ليلة الثلاثين من شعبان لم يجب صومه قبل رؤية هلاله أو إكمال شعبان ثلاثين نصا ولا تثبت بقية توابعه واختاره الشيخ وأصحابه وجمع والمذهب يجب صومه بنية رمضان حكما ظنيا بوجوبه احتياطا لا يقينا ويجزيه أن بان منه وتصلى التراويح ليلته إذن احتياطا للسنة وتثبت بقية توابعه من وجوب كفارة بوطء فيه ونحوه وما لم يتحقق أنه من شعبان ولا تثبت بقية الأحكام من حلول الآجال ووقوع المعلقات وغيرها وإن نواه بلا مستند شرعي كحساب ونجوم أو مع صحو فبان منه لم يجزئه ويأتي وكذا لو صام تطوعا فوافق الشهر لم يجزئه لعدم التعيين وإن رأى الهلال نهار فهو لليلة المقبلة قبل الزوال أو بعده أول الشهر أو آخره فلا يجب به صوم ولا يباح به فطر وإذا ثبتت رؤية الهلال بمكان قريبا كان أو بعيدا لزم الناس كلهم الصوم وحكم من لم يره حكم من رآه ولو اختلف المطالع نصا ويقبل فيه قول عدل واحد لا مستور ولا مميز في غيم والصحو ولو في جمع كثير وهو خبر فيصام بقوله ويقبل فيه المرأة والعبد ولا يعتبر لفظ الشهادة ولا يختص بحاكم فيلزم الصوم من سمعه من عدل قال بعضهم: ولو رد الحاكم قوله والراد إذا لم ير الحاكم الصيام بشهادة واحد ونحوه وتثبت بقية الأحكام من وقوع الطلاق وحلول الآجال وغيرها تبعا ولا يقبل في بقية الشهور إلا رجلان عدلان وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوما فلم يروا الهلال أفطروا لا إن صاموا بشهادة واحد وإن صاموا ثمانية وعشرون يوما ثم رؤا الهلال

قضوا يوما فقط نصا وإن صاموا لأجل غيم ونحوه لم يفطروا فلو غم هلال شعبان ورمضان وجب أن يقدر رجب وشعبان ناقصين: ولا يفطروا حتى يروا الهلال أو يصوموا اثنين وثلاثين يوما وكذا الزياد إن غم الهلال رمضان وشوال وأكملنا شعبان ورمضان وكانا ناقصين قال الشيخ: قد يتوالى شهران وثلاثة وأكثر ثلاثين ثلاثين وقد يتوالى شهران وثلاثة وأكثر تسعة وعشرين يوما وفي شرح مسلم للنووي لا يقع النقص متواليا في أكثر من أربعة أشهر وقال الشيخ أيضا: قول من يقول أن رؤى الهلال صبيحة ثمان وعشرين فالشهر تام وإن لم ير فهو ناقص وهذا بناء على أن الإستسرار لا يكون إلا ليلتين وليس بصحيح بل قد يستتر ليلة تارة وثلاث ليال أخرى ومن رأى هلال شهر رمضان وحده وردت شهادته لزمه الصوم وجميع أحكام الشهر من طلاق وعتق وغيرهما معلقين به ولا يفطر إلا مع الناس وإن رأى هلال شوال وحده لم يفطر وقال ابن عقيل: يجب الفطر سرا وهو حسن والمنفرد برؤيته بمفازة ليس بقربه بلد يبني على يقين رؤيته لأنه لا يتيقن مخالفة الجماعة قاله المجد في شرحه وينكر على من أكل في رمضان ظاهرا وإن كان هناك عذر قاله القاضي وقيل لابن عقيل يجب منع مسافر ومريض وحائض من الفطر ظاهرا لئلا يتهم؟ فقال إن كانت أعذار خفية منع من إظهاره كمريض لا أمارة له ومسافر لا علامة عليه وإن رآه عدلان ولم يشهدا عند الحاكم جاز لمن سمع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتها ولكل واحد منهما أن يفطر بقولهما إذا عرف

عدالة الآخر وإن شهدا عند الحاكم فرد شهادتهما لجهله بحالهما فلم نعلم عدالتهما الفطر لأن ردهما هنا ليس بحكم منه إنما هو توقف لعدم علمه فهو كالوقوف عن الحكم انتظارا للبينة ولهذا لو ثبتت عدالتهما بعد ذلك حكم بها وإن لم يعرف أحدهما عدالة الآخر لم يجز له الفطر إلا أن يحكم بذلك حاكم وإذا اشتبهت الأشهر على أسير أو مطمور أو من بمفازة ونحوهم تحرى وجوبا وصام: فإن وافق الشهر أجزأه وكذا ما بعده إن لم يكن رمضان السنة القابلة فإن كان فلا يجزى عن واحد منهما وإن تبين أن الشهر الذي صامه ناقص ورمضان تمام لزمه قضاء النقص ويأتي في حكم القضاء ويقضي يوم عيد وأيام التشريق وإن وافق قبله لم يجزه وإن تحرى وشك هل وقع قبله أو بعده أجزأه ولو صام شعبان ثلاث سنين متاوالية ثم علم ـ صام ثلاثة أشهر شهرا على أثر شهر كالصلاة إذا فاتته وإن صام بلا اجتهاد فكمن خفيت عليه القبلة وإن ظن الشهر لم يدخل فصام لم يجزه ولو أصاب وكذا لو شك في دخوله.

فصل ولا يجب الصوم إلا على مسلم
فصل ولا يجب الصوم إلا على مسلمعاقل بالغ قادر عليه فلا يجب على كافر ولو مرتدا والردة تمنع صحة الصوم فلو ارتد في يوم ثم أسلم فيه أو بعده أو ارتد في ليلته ثم أسلم فيه ـ فعليه القضاء ولا يجب على مجنون ولا يصح منه ولا على صغير ويصح من مميز ويجب على وليه أمره به إذا أطاقه وضربه حينئذ عليه إذا تركه ليعتاده وإذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار لزمه الإمساك ولو بعد فطرهم والقضاء وإن أسلم كافرا أو أفاق مجنون أو بلغ صغير ـ فكذلك وكل من أفطر والصوم يجب عليه كالمفطر لغير عذر ومن أفطر يظن أن

الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو الشمس قد غابت ولم تغب أو الناسي النية أو طهرت حائض أو نفساء أو تعمدت الفطر ثم حاضت أو تعمده مقيم ثم سافر أو قدم مسافر أو برئ مريض مفطرين ـ فعليهم القضاء والإمساك وإن بلغ الصغير بسن أو احتلام صائما أتم صومه ولا قضاء عليه إن نوى من الليل: كنذر إتمام نفل ولا يلزم من أفطر في صوم واجب غير رمضان الإمساك وإن علم مسافر أنه يقدم غدا لزمه الصوم نصا بخلاف صبي يعلم أنه يبلغ غدا لعدم تكليفه ومن عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أفطر لعدم وجوبه عليه وأطعم عن كل يوم مسكينا ما يجزى في كفارة ولا يجزى أن يصوم عنه غيره وإن سافر أو مرض فلا فدية لأنه أفطر بعذر معتاد ولا قضاء وإن قدر على القضاء فكمعضوب أحج عنه ثم عوفي ولا يسقط الإطعام بالعجز ويأتي قريبا والمريض إذا خاف ضررا بزيادة مرضه أو طوله ولو بقول مسلم ثقة أو كان صحيحا فمرض في يومه أو خاف مرضا لأجل عطش أو غيره ـ سن فطره وكره صومه وإتمامه فإن صام أجزأه ولا يفطر مريض لا يتضرر بالصوم كمن به جرب أو وجع ضرس أو إصبع أو دمل ونحوه وقال الآجري: من صنعته شاقة فإن خاف تلفا أفطر وقضى فإن لم يضره تركها أثم وإلا فلا ومن قاتل عدوا أو أحاط العدو ببلده والصوم يضعفه ساغ له الفطر بدون سفر نصا ومن به شبق يخاف أن ينشق ذكره ـ جامع وقضى ولا يكفر نصا وإن اندفعت شهوته بغيره كالاستمناء بيده أو يد زوجته أو جاريته ونحوه

لم يجز وكذا إن أمكنه ألا يفسد صوم زوجته المسلمة البالغة بأن يطأ زوجته أو أمته الكتابيتين أو زوجته أو أمته الصغيرتين أو دون الفرج وإلا جاز للضرورة ومع الضرورة إلى وطء حائض وصائمة بالغ فوطء الصائمة أولى وإن لم تكن بالغا وجب اجتناب الحائض وإن تعذر قضاءه لوان شبقه فككبير عجز عن الصوم على ما تقدم وحكم المريض الذي ينتفع بالجماع حكم من خاف تشقق فرجه والمسافر سفر قصر يسن له الفطر إذا فارق بيوت قريته كما تقدم في القصر ويكره صومه ولو لم يجد مشقة ويجزئه لكن لو سافر ليفطر حرما عليه ولا يجوز لمريض ومسافر أبيح لهما الفطر أن يصوما في رمضان عن غيره: كمقيم صحيح فيلغو صومه ولو قلب صوم رمضان إلى نفل لم يصح له النفل وبطل فرضه ومن نوى الصوم في سفر فله الفطر بما شاء من جماع وغيره لأن من له الأكل له الجماع ولا كفارة لحصول الفطر بالنية قبل الفعل وكذا مريض يباح له الفطر وإن نوى الحاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه طوعا أو كرها فله الفطر: بعد خروجه لا قبله والأفضل له الصوم والحامل والمرضع إذا خافتا الضرر على أنفسهما أو ولديهما أبيح لهما الفطر وكره صومهما ويجزئ إن فعلتا وإن أفطرتا قضتا ولا إطعام إن خافتا على أنفسهما كمريض بل إن خافتا على ولديهما أطعمتا مع القضاء عن كل يوم مسكينا ما يجزئ في الكفارة وهو على من يمون الولد على الفور وإن قبل الولد المرضع ثدي غيرها وقدرت تستأجر له ما يستأجر منه ـ فعلت ولم تفطر وله صرف

الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة وحكم الظئر كموضع فيما تقدم فإن لم تفطر فتغير لبنها أو نقص خير المستأجر وإن قصدت الإضرار أثمت وكان للحاكم إلزامها بالفطر بطلب المستأجر ولا يسقط الإطعام بالعجز وكذا عن الكبير والمأيوس ولا إطعام من أخر قضاء رمضان وغيره غير كفارة الجماع ويأتي ولو وجد آدميا معصوما في هلكة كغريق لزمه مع القدرة إنقاذه وإن دخل الماء في حلقه لم يفطر وإن حصل له بسبب إنقاذه ضعف في نفسه فأفطر فلا فدية: كالمريض ومن نوى الصوم ليلا ثم جن أو أغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه وإن أفاق جزأ منه صح ومن جن في صوم قضاء وكفارة ونحوهما قضاه بالوجوب السابق وإن نام جميع النهار صح صومه ولا يلزم المجنون قضاء زمن جنونه ويلزم المغمي عليه.

فصل ولا يصح صوم واجب إلا بنية من الليل
فصل ولا يصح صوم واجب إلا بنية من الليللكل يوم نية مفردة لأنها عبادات ولا يفسد يوم بفساد آخر وكالقضاء ولو نوت حائض صوم غد وقد عرفت أنها تطهر ليلا صح ولو نسي النية أو أغمي عليه حتى طلع الفجر أو نوى نهارا صوم الغد ـ لم يصح ولو نوى من الليل ثم أتى بعد النية فيه بما يبطل الصوم لم تبطل ومن خطر بباله أنه صائم غدا فقد نوى والأكل والشرب بنية الصوم نية ويجب تعيين النية بأن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو من قضائه أو نذره أو كفارته ولا يجب معه نية الفريضة في فرضه ولا الوجوب في واجبه فلو نوى إن كان غدا من رمضان فهو عنه وإلا فعن واجب غيره وعينه

بنية ـ لم يجزئه عن واحد منهما وإن قال: وإلا فهو نفل أو فأنا مفطر لم يصح وإن قاله ليلة الثلاثين من رمضان صح ومن قال أنا صائم غدا إن شاء الله: فإن قاصد بالمشيئة الشك والتردد في العزم والقصد فسدت نيته وإلا لم تفسد إذا قصده أن فعله للصوم بمشيئة الله وتوفيقه وتيسيره كما لا يفسد الإيمان بقوله أنا مؤمن إن شاء الله غير متردد في الحال وكذا سائر العبادات وإن لم يردد نيته بل نوى ليلة الثلاثين من شعبان أنه صائم غدا من رمضان بلا مستند شرعي أو بمستند غير شرعي كحساب ونحوه لم يجزئه وإن بان منه ولا أثر لشك مع غيم وقتر ولو نوى خارج رمضان قضاء ونفلا أو نوى الإفطار من القضاء ثم نوى نفلا أو قلب نية القضاء إلى النفل ـ بطل القضاء ولم يصح النفل لعدم صحت نفل من عليه قضاء رمضان قبل القضاء وإن نوى قضاء وكفارة ظهار ونحوه لم يصحا لما تقدم ومن نوى الإفطار أفطر فصار كمن لم ينو لا كمن أكل فلو كان في نفل ثم عاد نواه صح وكذا لو كان من نذر أو كفارة فقطع نيته ثم نوى نفلا ولو قلب نية نذر إلى النفل فكمن انتقل من فرض صلاة إلى نفلها ولو تردد في الفطر أو نوى أنه سيفطر ساعة أخرى أو إن وجد طعاما أكلت وإلا أتممت ونحوه ـ بطل: كصلاة ويصح صوم نفل بينة من النهار قبل الزوال وبعده ويحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية: فيصح تطوع حائض طهرت وكافر أسلم في يوم ولم يأكلا بصوم بقية اليوم.

باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة
مدخل

باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة
وما يتعلق بذلك
من أكل ولو ترابا أو مالا يغذي ولا يماع في الجوف: كالحصى أو شرب أو استعط بدهن أو غيره فوصل إلى حلقه أو دماغه أو احتقن أو داوى الجائفة أو جرحا بما يصل إلى جوفه أو اكتحل بكحل أو صبر أو قطور أو ذرور أو إثمد ولو غير مطيب يتحقق معه وصوله إلى حلقه ـ وإلا فلا ـ أو استقاء فقاء طعاما أو مرارا أو بلغما أو دما أو غيره ولو قل أو أدخل إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه وباطن فرجها وتقدم في الإستطابة إذا أدخلت إصبعها ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته شيئا من أي موضع كان ولو خيطا تبتلعه كله أو بعضه أو رأس سكين من فعله أو فعل غيره بإذنه أو داوى المامومة أو استمنى فأمنى أو مذي أو قبل أو لمس أو باشر دون الفرج فأمنى أو أمذى أو كرر النظر فأمنى لا إن أمذى أو لم يكرر النظر فأمنى أو حجم أو احتجم وظهر دم لا إن جرح نفسه أو جرحه غيره بإذنه ولو يصل إلى جوفه ولو بدل الحجامة ولا بفصد وشرط ولا بإخراج دمه برعاف فلا يفطر غير قاصد الفعل كمن طار إلى حلقه غبار ونحوه أو ألقى في ماء فوصل إلى جوفه ولا ناء: فرضا كان الصوم أو نفلا ولا مكره سواء أكره على الفعل حتى فعل أو فعل به: بأن صب في حلقه مكرها أو نائما

كما لو أوجر المغمى عليه معالجة ويفطر بردة وموت فيطعم من تركته في نذر وكفارة ويأتي وإن دخل حلقه ذباب أو غبار طريق أو دقيق أو دخان من غير قصد أو قطر في إحليله ولو وصل مثانته أو فكر فأمنى أو مذى: كما لو حصل بفكر غالب أو احتلم أو أنزل لغير شهوة كالذي يخرج منه المنى أو المذي لمرض أو سقطة أو خروجا من هيجان شهوة من غير أن يمس ذكره أو أمنى نهارا من وطء ليل أو ليلا من مباشرته نهار أو ذرعه القيء ولو عاد إلى جوفه بغير اختياره لا إن عاد باختياره أو أصبح وفي فيه طعام فلفظه أو شق لفظه فبلعه مع ريقه بغير قصد أو جرى ريقه ببقية طعام تعذر رميه أو بلع ريقه عادة لا إن أمكن لفظه بقية الطعام بأن تميز عن ريقه فبلعه عمدا ولو دون حمصة أو اغتسل أو تمضمض أو استنشق فدخل الماء في حلقه بلا قصد أو بلع ما بقي من أجزاء الماء بعد المضمضة ـ لم يفطر وكذا إن زاد على الثلاث في أحدهما أو بالغ فيه وإن فعلهما لغير طهارة: فإن كان لنجاسة ونحوها فكالوضوء وإن كان عبثا أو لحر أو عطش كره وحكمه حكم الزائد على الثلاث وكذا إن غاص في الماء في غسل غير مشروع أو إسراف أو كان عبثا ولو أراد أن يأكل أو يشرب من وجب عليه الصوم في رمضان ناسيا أو جاهلا وجب إعلامه على من رآه ولا يكره للصائم الاغتسال ولو للتبرد لكن يستحب لمن لزمه الغسل ليلا من جنب وحائض ونحوهما أن يغتسل قبل طلوع الفجر الثاني فلو أخره واغتسل بعده صح صومه وكذا إن أخره يوما لكن يأثم بترك الصلاة وإن كفر بالترك

بطل صومه: بأن يدعى إليها وهو صائم فيأبى أو بمجرد الترك من غير دعاء على قول الآجري وهو ظاهر كلام جماعة وإن بصق نخامة بلا قصد من مخرج الحاء المهملة لم يفطر ومن أكل ونحوه شاكا في طلوع الفجر ودام شكه فلا قضاء عليه وإن أكل يظن طلعه فبان ليلا ولم يجدد نية صومه الواجب قضى وإن أكل ونحوه شاكا في غروب الشمس ودام شكه لا ظانا ودام شكه ولو شك بعده ودام أو أكل يظن بقاء النهار قضى وإن بان ليلا لم يقض وإن أكل يظن أو يعتقد أنه ليل فبان نهار في أوله أو آخره فعليه القضاء.

فصل وإذا جامع في نهار شهر رمضان بلا عذر
فصل وإذا جامع في نهار شهر رمضان بلا عذرشبق ونحوه بذكر أصلي في فرج أصلي قبلا كان أو دبرا من آدمي أو غيره حي أو ميت أنزل أم لا ـ فعليه القضاء والكفارة: عامدا كان أو ساهيا أو جاهلا أو مخطئا مختارا أو مكرها نصا سواء أكره حتى فعل أو فعل به من نائم وغيره ولو أولج بفرج أصلي أو غير أصلي في غير أصلي فلا كفارة ولم يفسد صوم واحد منهما إلا أن ينزل وإن أولج بغير أصلي في أصلي فسد صومها فقط لأن داخل فرجها في حكم الباطن فيفسد بإدخال غير الأصلي كإصبعها وأصبع غيرها وأولي وكلامهم هنا يخالفه إلا أن نقول داخل الفرج في حكم الظاهر والله أعلم والنزع جماع فلو طلع عليه الفجر وهو مجامع فنزع في الحال مع أول طلوع الفجر فعليه القضاء والكفارة: كما لو استدام ولو جامع يعتقد ليلا فبان نهارا وجب القضاء والكفارة ولا يلزم المرأة الكفارة مع العذر كنوم أو

إكراه ونسيان وجهل يفسد صومها بذلك وتلزمها الكفارة مع عدم العذر ولو طاوعته أمته كفرت بالصوم ولو أكره زوجته عليه دفعته بالأسهل فالأسهل ولو أفضى ذلك إلى ذهاب نفسه: كالمار بين يدي المصلي ذكر ابن عقيل واقتصر عليه في الفروع ولو استدخلت ذكر نائم أو صبي أو مجنون بطل صومها ولا تجب الكفارة بقبلة ولمس ونحوهما إذا أنزل وإن جامع في يوم رأى الهلال في ليلته وردت شهادته فعليه القضاء والكفارة وإن جامع دون الفرج عامدا فأنزل ولو مذيا أو أنزل مجبوب أو امرأتان بمساحقة فسد الصوم ولا كفارة وإن جامع في يومين من رمضان واحد ولم يكفر فكفارتان: كما لو كفر عن اليوم الأول وكيومين من رمضانين وإن جامع ثم جامع في يوم واحد قبل التكفير فكفارة واحدة وإن جامع ثم كفر ثم جامع في يومه فكفارة ثانية وكذا كل من لزمه الإمساك يكفر لوطئه ولو جامع وهو صحيح جن أو مرض أو سافر أو حاضت أو نفست بعد وطئها لم تسقط الكفارة ولو مات في أثناء النهار بطل صومه فإن كان نذرا وجب الإطعام من تركته وإن كان صوم كفارة تخيير وجبت الكفارة في ماله ومن نوى الصوم في سفره ثم جامع فلا كفارة وتقدم ولا تجب بغير الجماع كأكل وشرب ونحوهما في صيام رمضان أداء ويختص وجوب الكفارة برمضان لأن غيره لا يساويه: فلا تجب في قضائه والكفارة على الترتيب: فيجب عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فلو قدر على الرقبة في الصوم لم يلزمه الانتقال لا إن

قدر قبله فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ولا يحرم الوطء هنا قبل التكفير ولا في ليالي صوم الكفارة فإن لم يجد سقطت عنه: كصدقة فطر بخلاف كفارة حج وظهار ويمين ونحوها وإن كفر عنه غيره بإذنه فله أكلها وكذا لو ملكه ما يكفر به.

باب ما يكره وما يستحب في الصوم وحكم القضاء
مدخل

باب ما يكره وما يستحب في الصوم وحكم القضاء
لا بأس بابتلاع الصائم ريقه على جاري العادة ويكره أن يجمعه ويبتلعه فإن فعله قصدا لم يفطر إن لم يخرجه إلى بين شفتيه فإن فعل أو انفصل عن فمه ثم ابتلعه أو ابتلع ريق غيره أفطر وإن أخرج من فيه حصاة أو درهما أو خيطا أو نحوه وعليه من ريقه ثم أعاده فإن كان ما عليه كثير فبلعه أفطر لا إن قل لعدم تحقق انفصاله ولا إن أخرج لسانه ثم أعاده وبلع ما عليه ولو كان كثيرا وتكره المبالغة في المضمضة والاستنشاق وتقدم وإن تنجس فمه ولو بخروج قيء ونحوه فبلعه أفطر وإن قل وإن بصق وبقي فمه نجسا فبلع ريقه: فإن تحقق أنه بلع شيئا نجسا أفطر وإلا فلا ويحرم بلع نخامة ويفطر بها: سواء كانت من جوفه أو صدره أو دماغه بعد أن تصل إلى فمه ويكره له ذوق الطعام بلا حاجة وإن وجد طعمه في حلقه أفطر ويكره مضغ العلك الذي لا يتحلل منه أجزاء فإن وجد طعمه في حلقه أفطر ويحرم مضغ ما يتحلل منه أجزاء ولو لم يبتلع ريقه وتكره القبلة ممن تحرك شهوته وإن ظن الإنزال حرم ولا تكره ممن لا تحرم شهوته وكذا دواعي

الوطء كلها ويكره تركه بقية طعام بين أسنانه وشم ما لا يأمن أن يجذبه نفسه إلى حلقه: كسحيق مسك وكافور ودهن ونحوها ويحب اجتناب كذب وغيبة ونميمة وشتم وفحش ونحوه كل وقت وفي رمضان ومكان فاضل آكد قال أحمد: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه ولا يماري ويصون صومه ولا يغتب أحدا ولا يعمل عملا يخرق به صومه: فيجب كف لسانه عما يحرم ويسن عما يكره ولا يفطر بغيبة ونحوها وإن شتم سن قوله جهرا في رمضان: إني صائم وفي غيره سرا يزجر نفسه بذلك.

فصل يسن تعجيل الإفطار
فصل يسن تعجيل الإفطارإذا تحقق الغروب وله الفطر بغلبة الظن وفطره قبل الصلاة أفضل وتأخير السحور ما لم يخش طلوع الفجر الثاني ويكره تأخير الجماع مع الشك في طلوعه ولا الأكل والشرب قال أحمد: إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه قال الآجري وغيره: ولو قال لعاملين: أرقبا الفجر فقال أحدهما: طلع وقال الآخر: لم يطلع ـ أكل حتى يتفقا فتحصل فضيلة السحور بأكل أو شرب وإن قل وتمام الفضيلة بالأكل ويسن أن يفطر على رطب فإن لم يجد فعلى التمر فإن لم يجد فعلى الماء وأن يدعو عند فطره فإن له عند فطره دعوة لا ترد ويقول: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت سبحانك وبحمدك اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم وإذا غاب حاجب الشمس الأعلى أفطر الصائم حكما وإن لم يطعم فلا يثاب على الوصال ومن فطر صائما فله مثل أجره وظاهره أي شيء كان وقال

الشيخ: المراد إشباعه ويستحب في رمضان الإكثار من قراءة القرآن والذكر والصدقة ويستحب التتابع فورا في قضائه ولا يجبان إلا إذا لم يبق من شعبان إلا ما يتسع للقضاء فقط ولا يكره القضاء في عشر ذي الحجة ويجب العزم على القضاء في الموسع وكذا كل عبادة متراخية.

فصل ومن فاته رمضان كله
فصل ومن فاته رمضان كلهتاما كان أو ناقصا لعذر وغيره كالأسير والمطمور وغيرهما قضى عدد أيامه: إبتدأه من أول الشهر أو من أثنائه كأعداد الصلوات ويجوز أن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف وعكسه وإن كان عليه معه صوم نذر لا يخاف فوته بدأ بقضاء رمضان ويجوز تأخير قضائه ما لم يفت وقته وهو إلى أن يهل رمضان آخر لا يجوز تأخيره إلى رمضان آخر من غير عذر ويحرم التطوع بالصوم قبله ولا يصح ولو اتسع الوقت فإن أخره إلى رمضان آخر أو رمضانات فعليه القضاء وإطعام مسكين لكي يوم ما يجزئ في كفارة ويجوز إطعامه قبل القضاء ومعه وبعده والأفضل قبله وإن أخره لعذر فلا كفارة ولا قضاء إن مات ومن دام عذره بين الرمضانين ثم زال صام الرمضان الذي أدركه ثم قضى ما فاته ولا إطعام كما لو مات قل زواله فإن أخره لغير عذر فمات قبل رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين ولا يصام عنه لأن الصوم الواجب بأصل الشرع لا يقضي عنه والإطعام من رأس ماله أوصى به أولا ولا يجزئ صوم عن كفارة عن ميت ولو أوصى به لكن لو مات بعد قدرته عليه وقلنا الاعتبار بحال الوجوب ـ وهو المذهب ـ أطعم عن ثلاثة مساكين لكل

يوم مسكين ولو مات وعليه صوم شهر من كفارة أطعم عنه أيضا وكذا صوم متعة وإن مات وعليه صوم منذور في الذمة ولم يصم منه شيئا مع إمكانه ففعل عنه أجزأ عنه فإن لم يخلف تركة لم يلزم الولي شيء لكن يسن له فعله عنه لتفرغ ذمته: كقضاء دينه وإن خلف تركة وجب فيفعله الولي بنفسه استحبابا فإن لم يفعل وجب من يدفع من تركته إلى من يصوم عنه عن كل يوم طعام مسكين ويجزئ فعل غيره عنه بإذنه وبدونه وإن مات وقد أمكنه صوم بعض ما نذره قضى عنه ما أمكنه صومه فقط ويجزئ صوم جماعة عنه في يوم واحد عن عدتهم من الأيام وإن نذر صوم شهر بعينه فمات قبل دخوله لم يصم ولم يقض عنه قال المجد: وهو مذهب سائر الأئمة ولا أعلم فيه خلافا وإن مات في أثنائه سقط باقيه فإن لم يصمه لمرض حتى انقضى ثم مات في مرضه فعلى ما تقدم فيما إذا كان في الذمة من أنه إن كان أمكنه فعله قبل موته فعل عنه ولا كفارة مع الصوم عنه أو الإطعام وإن مات وعليه حج منذور فعل عنه ولا يعتبر تمكنه من الحج في حياته وكذا العمرة المنذورة ويجوز أن يحج عنه حجة الإسلام ولو بغير إذن وليه وله الرجوع على التركة بما أنفق وإن مات وعليه اعتكاف منذور فعل عنه فإن لم يمكنه فعله حتى مات فكالصوم وإن كانت عليه صلاة منذورة فعلت عنه ولا كفارة معه وطواف منذور كصلاة وأما صلاة الفرض فلا تفعل عنه كقضاء رمضان.

باب صوم التطوع وما يكره منه وذكر ليلة القدر
مدخل
باب صوم التطوع، وما يكره منه وذكر ليلة القدر
أفضله صوم يوم وإفطار يوم ويسن صوم ثلاثة أيام من كل شهر والأفضل أن تكون أيام البيض وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وهو كصوم الدهر أي يحصل له أجر صيام الدهر بتضعيف الأجر من غير حصول المفسدة والله أعلم وسميت بيضا لابيضاضها ليلا بالقمر ونهارا بالشمس ويسن صوم الاثنين والخميس وست أيام من شوال ولو متفرقة فمن صامها بعد أن صام رمضان فكأنما صام الدهر ولا تحصل الفضيلة بصيامها في غير شوال وصوم التسع من ذي الحجة وآكده التاسع وهو يوم عرفة إجماعا ثم الثامن ـ وهو يوم التروبة ـ وصوم المحرم وهو أفضل الصيام بعد شهر رمضان وأفضله يوم عاشوراء وهو العاشر ثم تاسوعاء وهو التاسع ويسن الجمع بينهما وإن اشتبه علينا أول الشهر صام ثلاثة أيام ولا يكره إفراد العاشر بالصوم وهما آكده ثم العشر ولم يجب صوم عاشوراء وعنه وجب ثم نسخ اختاره الشيخ ومال إليه الموفق والشارح وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة وما روي في فضل الاكتحال والإختضاب والاغتسال والمصافحة والصلاة فيه فكذب وصيام يوم عرفة كفارة سنتين قال في شرح مسلم عن العلماء: المراد كفارة الصغائر فإن لم تكن رجى التخفيف من الكبائر فإن لم تكن رفع له درجات ولا يستحب صيامه لمن كان بعرفة من الحاج بل فطره أفضل

إلا لمتمتع وقارن عدما الهدي ويأتي ويكره إفراد رجب بالصوم وتزول الكراهة بفطره ولو يوما أو بصومه شهرا آخر من السنة قال المجد: وإن لم يله ولا يكره إفراد شهر غيره وكل حديث روي في فضل صوم رجب أو الصلاة فيه فكذب باتفاق أهل العلم ويكره تعهد إفراد يوم الجمعة بصوم وإفراد يوم السبت إلا أن يوافق عادة ويكره صوم يوم الشك تطوعا ويصح أو بنية الرمضانية احتياطا ـ وهو يوم الثلاثين من شعبان ـ إن لم يكن في السماء علة ولو ير الهلال أو شهد به من ردت شهادته إلا أن يوافق عادة أو يصله بصيام قبله أو يصومه عن قضاء أو نذر ويكره إفراد يوم نيروز ومهرجان ـ وهما عيدان للكفار وكل عيد لهم أو يوم يفردونه بتعظيم إلا أن يوافق عادة ويكره تقدم رمضان بيوم أو يومين ولا يكره أكثر من يومين ويكره الوصال إلا للنبي صلى الله عليه وسلم فمباح له وهو ألا يفطر بين اليومين وتزول الكراهة بأكل تمرة ونحوها وكذا بمجرد الشرب ولا يكره الوصال إلى السحر ولكن ترك سنة ـ وهي تعجيل الفطر ويحرم صوم يومي العيدين ولا يصح فرضا ولا نفلا وكذا أيام التشريق إلا عن دم متبعة وقران يأتي ويجوز صوم الدهر ولم يكره إذا لم يترك به حقا ولا خاف منه ضررا ولم يصم هذه الأيام فإن صامها فقد فعل محرما ومن دخل في تطوع غير حج وعمرة استحب له إتمامها ولو يجب لكن يكره قطعه بلا عذر وإن أفسده فلا قضاء عليه وكذا لا تلزم الصدقة ولا الأذكار بالشروع وإن دخل في فرض كفاية

أو واجب موسع كقضاء رمضان قبل رمضان الثاني والمكتوبة في أول وقتها وغير ذلك كنذر مطلق وكفارة ـ حرم خروجه منه بلا عذر بغير خلاف وقد يجب قطعه لرد معصوم عن هلكة وإنقاذ غريق ونحوه وإذا دعاه النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وله قطعها بهرب غريمه وقلبها نفلا وتقدم وإن أفسده فلا كفارة ولا يلزمه غير ما كان قبل شروعه ولو شرع في صلاة تطوع قائما لم يلزمه إتمامها قائما وذكر القاضي وجماعة أن الطواف كالصلاة في الأحكام إلا فيما خصه الدليل.

فصل ليلة القدر
فصل وليلة القدر
شريفة معظمة ترجى إجابة الدعاء فيها وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة وهي باقية لم ترفع وهي مختصة بالعشر الأواخر من رمضان فتطلب فيه وليالي الوتر آكد وأرجاها ليلة سبع وعشرين نصا وهي أفضل الليالي حتى ليلة الجمعة ويستحب أن ينام فيها متربعا مستندا إلى شيء نصا ويذكر حاجته في دعائه ويستحب منه ما روت عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله إن وافقتها فيم أدعو؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني وتنتقل في العشر الأخير لا أنها ليلة معينة وحكي ذلك عن الأئمة الأربعة وغيرهم فيمن قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر: إن كان قبل مضي ليلة أول العشر وقع الطلاق في الليلة الأخيرة وإن مضى منه ليلة وقع الطلاق في الليلة الأخيرة من العام المقبل قال المجد: ويخرج حكم العتق واليمين على مسألة الطلاق ومن نذر قيام ليلة القدر قام العشر الأخير كله ونذره في أثنائه كطلاقه وأفضل الشهور رمضان قال

الشيخ: ليلة الإسراء في حق النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من ليلة القدر وقال: يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع وقال: يوم النحر أفضل أيام العام وظاهر ما ذكره أبو حكيم أن يوم عرفة أفضل قال في الفروع: وهو أظهر وعشر ذي الحجة أفضل من العشر الأخير من رمضان ومن أعشار الشهور كلها.

باب الاعتكاف وأحكام المساجد
مدخل

باب الاعتكاف وأحكام المساجد
وهو: لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة من مسلم عاقل ولو مميزا طاهر مما يوجب غسلا وأقله ساعة فلو نذر اعتكافا وأطلق أجزأته ولا يكفي عبوره ويستحب ألا ينقص عن يوم وليلة ويسمى جوارا قاله ابن هبيرة ولا يحل أن يسمي خلوة قال في الفروع ولعل الكراهة أولى وهو سنة كل وقت إلا أن ينذره فيجب على صفة ما نذر ولا يختص بزمان وآكده في رمضان وآكده العشر الأخير منه وإن علقه أو غيره من التطوعات بشرط فله شرطه نحو: لله علي أن أعتكف شهر رمضان إن كنت مقيما أو معاف فلو كان فيه مريضا أو مسافرا لم يلزمه شيء ويصح بغير صوم: إلا أن يقول في نذره بصوم وبه أفضل فيصح في ليلة منفردة وفي بعض يوم وإن كان مفطرا وإذا لم يشترط الصوم في نذره فصام ثم أفطر عامدا بغير عذر لم يبطل اعتكافه ولم يلزمه شيء ومن نذر أن يعتكف صائما أو يصوم معتكفا أو باعتكاف أو يعتكف مصليا أو يصلي معتكفا لزمه الجمع: كنذر صلاة

بسورة معينة لكن لا يلزمه أن يصلي جميع الزمان إذا نذر أن يعتكف مصليا والمراد ركعة أو ركعتان وإن نذر اعتكاف عشر رمضان الأخير فنقص أجزأه بخلاف نذره عشرة أيام من آخر الشهر فنقص فيقضي يوما وإن نذر أن يعتكف رمضان ففاته لزمه شهر غيره ولا يلزمه الصوم ولا يجوز الاعتكاف للمرأة والعبد بدون إذن زوج وسيد فإن شرعا فيه بغير إذن فلهما تحليلهما ولو نذرا فإن لم يحللاهما صح وأجزأ وإن كان بإذن فلهما تحليلهما إن كان تطوعا وإن كان نذرا ولو غير معين فلا ولو رجعا بعد الإذن قبل الشروع جاز والإذن في عقد النذر إذن في فعله إن نذرا زمنا معينا بالإذن وإلا فلا وأم الولد والمدبر والمعلق عتقه بصفة كعبد وللمكاتب أن يعتكف بلا إذن سيده وله أن يحج بغير إذنه ما لم يحل نجم ولا يمنع من إنفاق المال في الحج ومن بعضه حر: عن كان بينهما مهايأة فله أن يعتكف ويحج في نوبته بلا إذنه وإلا فلسيدة منعه وإذا اعتكفت المرأة استحب لها أن تستتر بخباء ونحوه وتجعله في مكان لا يصلي فيه الرجال ولا بأس أن يستتر الرجال أيضا ولا يصح الاعتكاف إلا بنية: فإن كان فرضا لزمه نية الفرضية وإن نوى الخروج منه أي نوى إبطاله بطل إلحاقا له بالصلاة والصيام ولا يبطل بإغماء ولا يصح من رجل تلزمه الصلاة جماعة إلا في مسجد تقام فيه ولو من رجلين معتكفين أن أتى عليه فعل الصلاة زمن اعتكافه وإلا صح في كل مسجد وإن كانت تقام فيه بعض الزمان جاز الاعتكاف فيه في ذلك الزمن فقط ولا يصح في

مسجد تقام فيه الجمعة دون الجماعة وظهره ورحبته المحوطة وعليها باب نصا ومنارته التي بابها فيه ـ منه وكذا ما زيد حتى في الثواب في المسجد الحرام وكذا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم عند الشيخ وابن رجب وجمع وحكي عن السلف وخالف فيه ابن عقيل و ابن الجوزي وجمع قال في الفروع: وهو ظاهر كلام أصحابنا وتوقف أحمد ولو اعتكف من لا تلزمه الجمعة في مسجد لا تصلى فيه بطل بخروجه إليها إن لم يشترط والأفضل الاعتكاف في المسجد الجامع إذا كانت الجمعة تتخلله وللمرأة ومن لا تلزمه الجماعة كالمريض والمعذور ومن في قرية لا يصلى فيها غيره الاعتكاف في كل مسجد إلا مسجد بيتها وهو ما اتخذته لصلاتها ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد غير الثلاثة فله فعله في غيره وإن نذره في أحد المساجد الثلاثة: المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى فإن عين الأفضل منها في نذره لم يجزئه فما دونه وعكسه بعكسه وإن نذره في غير هذه المساجد وأراد الذهاب إلى ما عينه فإن احتاج إلى شد رحل خير وإن دخل فيه ثم انهدم معتكفه ولم يمكن المقام فيه لزم إتمامه في غيره ولم يبطل ومن نذر اعتكافه شهر أو عشر يعينه كالعشر الأخير من رمضان أو أراد ذلك تطوعا ـ دخل معتكفه قبل ليلته الأولى وخرج بعد آخره ولو نذر يوما معينا أو مطلقا دخل قبل فجره الثاني وخرج بعد غروب شمسه ولم

يجز تفريقه لساعات من أيام فلو كان في وسط النهار فقال: لله علي أن أعتكف يوما من وقتي هذا لزمه من ذلك الوقت إلى مثله ولا يدخل الليل وكل زمان معين يدخل قبله ويخرج بعده وإن اعتكف رمضان أو العشر الأخير منه استحب أن يبيت ليلة العيد في معتكفه ويخرج منه إلى المصلى وإن نذر شهرا مطلقا لزمه شهر متتابع نصا وحكمه في دخول معتكفه وخروجه منه كما تقدم ويكفي شهر هلالي ناقص بلياليه أو ثلاثون يوما بلياليها وإن ابتدأ الثلاثين في أثناء النهار فتمامه في مثل تلك الساعة من الليلة الحادية والثلاثين وإن نذر أياما أو ليالي معدودة فله تفريقها إن لم ينو التتابع ونذر اعتكافه يوم لا تدخل ليلته وكذا عكسه وإن نذر شهرا متفرقا فله تتابعه وإن نذر أياما أو ليالي متتابعة لزمه ما يتخللها من ليل أو نهار وإن نذر اعتكاف يوم يقدم فلان فقدم في بعض النهار لزمه اعتكاف الباقي منه ولم يلزمه شيء فإن كان للناذر عذر يمنعه الاعتكاف عند قدوم فلان من حبس أو مرض قضى وكفر ويقضي بقية اليوم فقط.

فصل من لزمه تتابع اعتكاف
فصل من لزمه تتابع اعتكافلم يجز له الخروج إلا لما لا بد منه: كحاجة الإنسان: من بول وغائط وقيء بغتة وغسل متنجس يحتاجه والطهارة عن حدث لا التجديد وله تقديمها ليصلي بها أول الوقت ويتوضأ في المسجد بلا ضرر فإذا خرج فله المشي على عادته من غير عجلة وقصد بيته إن لم يجد مكانا يليق به لا ضرر عليه فيه

ولا منة: كسقاية لا يحتشم مثله منها ولا نقص عليه ويلزمه قصد أقرب منزليه وإن بذل له صديقه أو غيره منزله القريب لقضاء حاجته لم يلزمه للمشقة بترك المروئة والإحتشام ويخرج ليأتي بمأكول مشروب يحتاجه إن لم يكن له من يأتيه به ولا يجوز خروجه لأجل أكله وشربه في بيته وله غسل يده في إناء من وسخ وزفر ونحوهما ليفرغ خارج المسجد ولا يجوز أن يخرج لغسلهما ويخرج للجمعة إن كانت واجبة عليه أو شرط الخروج إليها وله التبكير إليها وإطالة المقام بعدها ولا يلزمه سلوك الطريق الأقرب ويستحب له سرعة الرجوع بعد الجمعة وكذا إن تعين خروجه لإطفاء حريق وإنقاذ غريق ونحوه ولنفير متعين إن أحتيج إليه ولشهادة تعين عليه أداؤها فيلزمه الخروج ولخوف من فتنة على نفسه أو حرمته أو ماله نهبا وحريقا ونحوه ولمرض يتعذر معه المقام أو لا يمكنه إلا بمشقة شديدة بأن يحتاج إلى خدمة أو فراش ولا يبطل اعتكافه: كحائض ومريض وخائف أن يأخذه السلطان ظلما فخرج واختفى وإن أخرجه لاستيفاء حق عليه: فإن أمكنه الخروج منه بلا عذر بطل اعتكافه وإلا فلا لوجوب الخروج وإن خرج من المسجد ناسيا لم يبطل ويبني إذا زال العذر في الكل فإن أخر الرجوع إليه مع إمكانه بطل ما مضى كمرض وحيض وتخرج المرأة لوجود حيض ونفاس فترجع إلى بيتها

فإذا طهرت رجعت إلى المسجد وإن كان له رحبة غير محوطة يمكنها ضرب خباء فيها بلا ضرر ـ سن إن لم تخف تلويثا فإذا طهرت دخلت المسجد ولعدة وفاة ونحوها مما يجب الخروج له ولا تمنع المستحاضة الاعتكاف ويجب عليها أن تتحفظ وتتلجم لئلا تلوث المسجد فإن لم يمكن صيانته منها خرجت منه ـ ولا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يجهزها خارج المسجد إلا بشرط أو وجوب وكذا كل قربة لا تتعين كزيارة وتحمل شهادة وأدائها وتغسيل ميت وغيره وإن شرط ماله منه بدو لي بقربة كالعشاء في منزله والمبيت فيه جاز له فعله: لا إن شرط الوطء أو الفرجة أو النزهة أو الخروج للبيع والشراء للتجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد وإن قال: متى مرضت أو عرض لي عارض خرجت فله شرطه وله السؤال عن المريض والبيع والشراء في طريقه إذا خرج لما لا بد منه: ما لم يعرج أو يقف لمسألته وله الدخول إلى مسجد يتم اعتكافه فيه إن كان أقرب إلى مكان حاجته من الأول وإن كان أبعد أو خرج إليه ابتداء بلا عذر بطل اعتكافه فإن كان المسجدان متلاصقين بحيث يخرج من أحدهما فيصير في الآخر فله الإنتقال من أحدهما إلى الآخر وإن كان يمشي بينهما في غيرهما لم يجز له الخروج وإن قرب وإن خرج لما لا بد منه خروجا معتادا كحاجة الإنسان وطهارة من الحدث والطعام والشراب والجمعة والحيض والنفاس فلا شيء فيه وإن خرج لغير معتاد كنفير وشهادة واجبة وخوف من فتنة ومرض ونحو ذلك ولم يتطاول فهو على اعتكافه ولا يقضي الوقت الفائت بذلك لكونه يسيرا وإن تطاول

فإن كان الاعتكاف تطوعا خير بين الرجوع وعدمه وإن كان واجبا وجب عليه الرجوع إلى معتكفه ثم لا يخلو من ثلاثة أحوال: أحدهما: نذر اعتكاف أيام غير متتابعة ولا معينة فيلزمه أن يتم ما بقي عليه لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ولا كفارة ـ الثاني: نذر أياما متتابعة غير معين فيخير بين البناء على ما مضى بأن يقضي ما بقي من الأيام عليه كفارة يمين وبين الاستئناف بلا كفارة ـ الثالث نذر أياما معينة: كالعشر الأخير من رمضان فعليه قضاء ما ترك وكفارة يمين وإن خرج جميعه لما له منه بد مختارا عمدا أو مكرها بحق بطل وإن قل ثم إن كان في متتابع بشرط أو نية استأنف ولا كفارة وإن كان مكرها بغير حق أو ناسيا فقد تقدم وإن كان في معين متتابع كنذر شعبان متتابعا أو في معين ولو يقيده بالتتابع استأنف وكفر ويكون القضاء والاستئناف في الكل على صفة الأداء فيما يمكن ويحرم عليه الوطء فإن وطء في فرج ولو ناسيا فسد اعتكافه ولا كفارة للوطء بل لإفساد نذره وإن باشر دون الفرج لغير شهوة فلا بأس ولشهوة حرم فإن أنزل فكوطء فيفسد وإلا فلا وإن سكر ولو ليلا أو ارتد بطل اعتكافه ولايبني لأنه غير معذور وإن شرب ولم يسكر أو أتى كبيرة لم يفسد ويستحب للمعتكف التشاغل بفعل القرب واجتنابه ما لا يعينه من جدال ومراء وكثرة كلام وغيره لأنه مكروه في غيره ففيه أولى ولا بأس أن تزوره زوجته وتتحدث معه وتصلح رأسه أو غيره ما لم يتلذذ بشيء منها وله أن يتحدث مع من يأتيه ما لم يكثر ويأمر بما يريد خفيفا

لا يشغله ولا يبع ولا يشتري إلا ما لا بد له منه: طعام أو نحو ذلك وليس الصمت من شريعة الإسلام قال ابن عقيل: يكره الصمت إلى الليل قال الموفق و المجد: ظاهر الأخبار تحريمه وجزم به في الكافي وإن نذره لم يف ولا يجوز أن يجعل القرآن بدل من الكلام وتقدم في صلاة التطوع وقال الشيخ: إن قرأ بعد الحكم الذي أنزل له أو ما يناسبه فحسن كقوله لمن دعاه لذنب تاب منه: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} وقوله عند ما أهمه: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} ولا يستحب له إقراء القرآن وتدريس العلم ومناظرة الفقهاء ومجالستهم وكتابة الحديث فيه ونحو ذلك مما يتعدى نفعه لكن فعله لذلك أفضل من الاعتكاف لتعدي نفعه ولا بأس أن يتزوج في المسجد ويشهد النكاح لنفسه وغيره ويصلح بين القوم ويعود المريض ويصلي على الجنائز ويهنئ ويعزي ويؤذن ويقيم كل ذلك في المسجد ويستحب له ترك لبس رفيع الثياب والتلذذ ما يباح له قبل الاعتكاف ولا ينام إلا عن غلبة ولو مع قرب الماء وألا ينام مضطجعا بل متربعا مستندا ولا يكره شيء من ذلك ولا بأس بأخذ شعره وأظفاره وأن يأكل في المسجد ويضع سفرة يسقط عليها ما يقع عنه لئلا يلوث المسجد ويكره أن يتطيب.

فصل يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى
فصل يجب بناء المساجد في الأمصار والقرىوالمحال ونحوها حسب الحاجة وأحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها ومن بنى مسجدا لله بنى الله له بيتا في الجنة وعمارة المساجد

ومراعاة أبنيتها مستحبة ويسن أن يصان كل مسجد عن كل وسخ وقذر وقذارة ومخاط وتقليم أظافر وقص شارب وحلق رأس ونتف إبط وعن رائحة كريهة من بصل وثوم وكراث ونحوها فإن دخله آكل ذلك أو من له صنان أو بخر ـ قوي أخرجاه وعلى قياسه إخراج الريح من دبره فيه ومن بزاق ولو في هوائه وهو فيه خطيئة فإن كانت أرضه حصباء ونحوها فكفارتها دفنها وإلا مسحها بثوبه أو غيره ولا يكفي تغطيتها بحصير وإن لم يرها فاعلها لزم غيره إزالتها بدفن أو غيره فإن بدره البزاق أخذه بثوبه وحكه ببعضه وإن كان من حائطه وجب أيضا إزالتها ويسن تخليق موضعه وتحرم زخرفته بذهب أو فضة وتجب إزالته ويكره بنقش وصبغ وكتابة وغير ذلك مما يلهي المصلي عن صلاته غالبا وإن كان من مال الوقف حرم ووجب الضمان وفي الغنيمة: لا بأس بتجصيصه انتهى أي: يباح تجصيص حيطانه أي: تبيضها وصححه الحارثي ولم يره أحمد وقال: هو من زينة الدنيا ويصان عن تعليق مصحف وغيره في قبلته دون وضعه بالأرض ويحرم فيه البيع والشراء والإجارة للمعتكف وغيره فإن فعل فباطل ويسن أن يقال له: لا أربح الله تجارتك ولا يجوز التكسب فيه بالصنعة كخياطة وغيرها قليلا كان أو كثيرا لحاجة وغيرها ولا يبطل بهن الاعتكاف فلا يجوز أن يتخذ المسجد مكانا للمعايش وقعود الصناع والفعلة فيه ينتظرون من يكريهم بمنزلة وضع البضائع فيه ينتظرون من يشتريها وعلى ولي الأمر منعهم من ذلك وإن وقفوا خارج أبوابه فلا بأس قال أحمد: لا أرى

لرجل إذا دخل المسجد إلا أن يلزم نفسه الذكر والتسبيح فإن المساجد إنما بنيت لذلك وللصلاة فإذا فرغ من ذلك خرج إلى معاشه ويجب أن يصان عن عمل صنعة ولا يكره اليسير لغير التكسب كرقع ثوبه وخصف نعله: سواء كان الصانع يراعي المسجد بكنس ونحوه أو لم يكن ويحرم للتكسب كما تقدم إلا الكتابة فإن أحمد سهل فيها ولم يسهل في وضع النعش فيه قال الحارثي: لأن الكتابة نوع تحصيل للعلم فهي في معنى الدراسة ويخرج على ذلك تعليم الصبيان الكتابة فيه بشرط أن لا يحصل ضرر بحبر وما أشبه ذلك ويسن أن يصان من صغير لا يميز لغير مصلحة وعن مجنون حال جنونه وعن لغط وخصومة وكثرة حديث لاغ ورفع صوت بمكروه وظاهر هذا أنه لا يكره إذا كان مباحا أو مستحبا وعن رفع الصبيان أصواتهم بالعب وغيره وعن مزامير الشيطان: الغناء والتصفيق والضرب بالدفوف ويمنع فيه اختلاط الرجال والنساء وإيذاء المصلين وغيره بقول أو فعل ويمنع السكران من دخوله ويمنع نجس البدن من اللبث فيه وتقدم في الغسل قال ابن عقيل: ولا بأس بالمناظرة في مسائل الفقه والاجتهاد في المساجد إذا كان القصد طلب الحق فإن كان مغالبة ومنافرة دخل في حيز الملاحاة والجدال فيما لا ينعني ولم يجز في المساجد انتهى ويباح فيه عقد النكاح والقضاء وللعان والحكم وإنشاد الشعر المباح ويباح للمريض أن يكون في المسجد وأن يكون في خيمة وإدخال البعير فيه ويصان عن حائض ونفساء مطلقا والأولى أن يقال: يجب صونه عن جلوسهما فيه ويسن

أن يصان عن المرور فيه: بأن لا يجعل طريقا إلا لحاجة وكونه طريقا قريبا حاجة وكذا الجنب بلا وضوء ويباح للمعتكف وغيره النوم فيه قال الحارثي: وكذا ما لا يستدام كبيتوتة الضيف والمريض والمسافر وقيلولة المجتاز ونحو ذلك لكن لا ينام قدام المصلين ويسن صونه عن إنشاد شعر محرم وقبيح وعمل سماع وإنشاد ضالة ونشدانها ويسن لسامعه أن يقول: لا وجدتها ولا ردها الله عليك ومن إقامة حد وسل سيف ونحوه ويكره فيه الخوض والفضول وحديث الدنيا والارتفاق به وإخراج حصاه وترابه للتبرك به وغيره ولا يستعمل الناس حصره وقناديله في مصالحهم كالأعراس والأعزيه وغير ذلك ومن له الأكل فيه فلا يلوث حصره ولا يلقي العظام ونحوها فيه فإن فعل فعليه تنظيف ذلك ولا يجوز أن يغرس فيه شيء ويقلع ما غرس فيه ولو بعد إيقافه ولا حفر بئر ويأتي آخر الوقف ويحرم الجماع فيه وقال ابن تميم: يكره الجماع فوقه والتمسح بحائطه والبول عليه وجوز في الرعاية الوطء فيه وعلى سطحه وتقدم بعض ذلك ويحرم بوله فيه ولو في إناء وقصد وحجامة وقيء ونحوه وإن دعت إليه حاجة كبيرة خرج المعتكف من المسجد ففعله وإن استغنى عنه لم يكن له الخروج إليه كالمرض الذي يمكن احتماله وكذا حكم نجاسة في هوائه كالقتل على نطع ودم ونحوه في إناء وإن بال خارجه وجسده فيه دون ذكره كره ويباح الوضوء فيه والغسل بلا ضرر إلا أن يحصل منه بصاق أو مخاط وتقدم بعضه في الباب بعضه في آخر الوضوء ويباح غلق أبوابه في غير أوقات الصلاة لئلا يدخله من يكره

دخوله إليه وقتل القمل والبراغيث فيه إن أخرجه وإلا حرم إلقاؤه فيه وليس لكافر دخول حرم مكة لا حرم المدينة ولا دخول مسجد الحل ولو بإذن مسلم ويجوز دخولها للذمي إذا استؤجر لعمارتها ولا بأس بالاجتماع في المسجد وبالأكل فيه وبالإستلقاء فيه لمن له سراويل وإذا دخله وقت السحر فلا يتقدم إلى صدره قال جرير بن عثمان: كنا نسمع أن الملائكة تكون قبل الصبح في الصف الأول ويكره السؤال والتصدق عليه فيه لا على غير السائل ويقدم داخله يمناه في دخوله عكس خروجه ويقول ماورد وتقدم وإذا لم يصل في نعله وضعهما في المسجد ولا يدم بهما على وجه التكبر والتعاظم وإن كان ذلك سببا لإتلاف شيء من أرض المسجد أو أذى أحد لم يجز ويضمن ما تلف بسببه والأدب ألا يفعل ذلك ويسن كنسه يوم الخميس وإخراج كناسته وتنظيفه وتطييبه فيه وتجميره في الجمع ويستحب شعل القناديل فيه كل ليلة وكره إيقادها زيادة على الحاجة ويمنع منه قال القاضي: الوقوف على الإستصباح في المساجد يستعمل بالمعروف ولا يزاد على المعتاد ليلة نصف شعبان ولا كليلة الختم ولا الليلة المشهورة بالرغائب1 فإن زاد ضمن لأن الزيادة بدعة وإضاعة مال لخلوه عن نفع الدنيا ونفع الآخرة ويؤدي عادة إلى كثرة اللغط واللهو وشغل قلوب المصلين وتوهم كونها قربة باطل لا أصل في الشرع انتهى وينبغي إذا أخذ شيئا من المسجد مما يصان عنه ألا يلقيه فيه بخلاف حصباء ونحوها لو أخذه في يده ثم رمى بها فيه ويمنع الناس في المساجد والجوامع
ـــــــ
1 هي أول جمعة في رجب.

استطراق حلق الفقهاء والقراء ويسن أن يشتغل في المسجد بالصلاة والقراءة والذكر مستقبل القبلة ويكره أن يسند ظهره إليها ولا يشبك أصابعه فيه زاد في الرعاية على خلاف صفة ما شبكها النبي صلى الله عليه وسلم ويباح اتخاذ المحراب فيه وفي المنزل ويضمن المسجد بالإتلاف إجماعا ويضمن بالغصب قال الشيخ: للإمام أن يأذن في بناء مسجد في طريق واسع وعليه ما لم يضر بالناس ويحرم أن يبني مسجد إلى جنب مسجد إلا لحاجة كضيق الأول ونحوه ويكره تطيينه وبناؤه بنجس وإذا لم يبق من أهل الذمة في القرية أحد بل ماتوا أو أسلموا جاز أن تتخذ البيعة مسجدا لا سيما إذا كانت ببر الشام فإن فتح عنوة قاله الشيخ وثبت في الخبر ضرب الخباء واحتجار الحصير فيه ويكره لغير الإمام مداومة موضع منه لا يصلي إلا فيه فإن داوم فليس هو أولى من غيره فإذا قام منه فلغيره الجلوس فيه وليس لأحد أن يقيم منه إنسانا ويجلس أو يجلس غيره مكانه إلا الصبي فيؤخر عن المكان الفاضل وتقدم أول صفة الصلاة وآخر الجمعة ومن قام من موضعه لعذر ثم عاد إليه فهو أحق به وإن كان لغير عذر سقط حقه بقيامه: إلا أن يخلف مصلي مفروشا ونحوه وينبغي لمن قصد المسجد للصلاة أو غيرها أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه لا سيما إن كان صائما وإن جعل سفل بيته أو علوه مسجدا صح وانتفع بالآخر وقيل يجوز أن يهدم المسجد ويجدد بناؤه لمصلحة نص عليه قال القاضي: حريم الجوامع والمساجد إن كان الارتفاق بها مضرا بأهل الجوامع والمساجد منعوا منه ولم يجز للسلطان أن يأذن فيه لأن المصلين بها أحق وإن لم يكن ضرر جاز

الارتفاق بحريمها ولا يعبتر فيه إذن السطان ولا يجوز إحداث المسجد في المقبرة وتقدم في اجتناب النجاسة قال الشيخ: ما عملت أحدا من العلماء كره السواك في المسجد والآثار تدل على أن السلف كانوا يستاكون في المسجد وإذا سرح شعره فيه وجمعه فلم يتركه فلا بأس بذلك: سواء قلنا بطهارة الشعر أو نجاسته وإذا ترك شعره فيه فهذا يكره وإن لم يكن نجسا فإن المسجد يصان عن القذاة التي تقع في العين.

كتاب الحج وشروطه
مدخل

مدخل
كتاب الحج وشروطه
وهو: قصد مكة للنسك في زمن مخصوص وهو أحد أركان الإسلام وهو فرض كفاية كل عام وفرض سنة تسع عند الأكثرين ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع ولا خلاف أنها كانت سنة عشر وكان قارنا بها والعمرة زيارة البيت على وجه مخصوص تجب على المكي كغيره ونصه لا ويجبان في العمر مرة واحدة وعلى الفور بخمسة شروط: الإسلام والعقل فلا يجب على كافر ولو مرتدا ويعاقب عليه وعلى سائر فروع الإسلام كالتوحيد إجماعا ولا يجب عليه باستطاعته في حال ردته فقط ولا تبطل استطاعته بردته وإن حج ثم ارتد ثم أسلم وهو مستطيع لم يلزمه حج وتقدم بعض ذلك في كتاب الصلاة ولا يصح منه ويبطل إحرامه ويخرج منه بردته فيه ولا يجب على المجنون

ولا يصح منه إن عقده بنفسه أم عقده له وليه ولا تبطل استطاعته بجنونه ولا إحرامه به كالصوم ولا يبطل الإحرام بالإغماء والموت والسكر ـ والبلوغ ـ والحرية: فلا يجب على الصغير ولا على قن وكذا مكاتب ومدبر وأم ولد ومعتق بعضه ويصح منهم ولا يجزئ حجة الإسلام إلا أن يسلم أو يفيق أو يبلغ أو يعتق في الحج قبل الخروج من عرفة أو بعده قبل فوت وقته إن عاد فوقف ويلزمه العود إن أمكنه وفي العمرة قبل طوافها فيجزئهم قال الموفق وغيره في إحرام العبد والصبي: إنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين إذن وما قبله تطوع لم ينقلب فرضا وقال المجد وجمع: ينعقد إحرامه موقوفا فإذا تغير حاله تبين فرضيته ولو سعى قن أو صغير بعد طواف القدوم وقبل الوقوف والعتق والبلوغ وقلنا: السعي ركن ـ وهو المذهب ـ لم يجزئه ولو أعاد السعي لأنه لا يشرع مجاوزة عدده ولا تكراره وخالف الوقوف إذا هو مشروع ولا قدر له محدود وقيل يجزئه إذا أعاد السعي ويحرم المميز بنفسه بإذن وليه وليس له تحليله ولا يصح بغير إذنه وغير المميز يحرم عنه وليه ولو كان الولي محرما أو لم يحج عن نفسه وهو: من يلي ماله ولا يصح من غير الولي من الأقارب ومعنى إحرامه عنه عقده الإحرام له فيصير الصغير بذلك محرما دون الولي وكل ما أمكنه فعله بنفسه كالوقوف والمبيت لزمه: سواء حضره الولي فيهما أو غيره وما عجز عنه فعله عنه الولي لكن لا يجوز أن يرمي عنه إلا من رمى عن نفسه كما في النيابة في الحج وإن كان الولي

محرما وقع عن نفسه وإن كان حلالا لم يعتد به وإن أمكن الصبي أن يناول النائب الحصا ناوله وإلا استحب أن توضع الحصاة في كفه ثم تؤخذ منه فترمى عنه فإن وضعها نائب في يده ورمى بها عنه فجعل يده كالآلة فحس وإن أمكنه أن يطوف فعله إلا طيف به محمولا أو راكبا ويصح طواف الحلال به والمحرم طاف عن نفسه أولا لوجود الطواف من الصبي كمحمول مريض ولو يوجد من الحامل إلا النية كحالة الإحرام وتعتبر النية من الطائف به ويأتي في باب دخول مكة وكونه ممن يصح أن يعقد له الإحرام فإن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي وقع عن الصبي كالكبير يطاف به محمولا لعذر ونفقة الحج التي تزيد على نفقة الحضر وكفارته في مال وليه إن كان أنشا السفر به تمرينا على الطاعة وأما سفر الصبي معه للتجارة أو خدمة أو إلى ليستوطنها أو ليقيم بها لعلم أو غيره مما يباح له السفر به في وقت الحج وغيره ومع الإحرام وعدمه ـ فلا نفقة على الولي وعمده هو ومجنون ـ خطأ فلا يجب بفعلها شيء إلا فيما يجب على المكلف في خطأ ونسيان وإن فعل بهما الولي فعلا لمصلحة كتغطية رأسه لبرد أو تطييبه لمرض أو حلق رأسه فكفارته على الولي أيضا وإن وجب في كفارة صوم صام الولي ووطء الصبي كوطء البالغ ناسيا يمضي في فاسده ويلزمه القضاء بعد البلوغ نصا وكذا الحكم إذا تحلل الصبي من إحرامه لفوات أو لإحصار لكن إذا أراد القضاء بعد البلوغ لزمه أن يقدم حجة الإسلام على المقضية فلو خالف

وفعل فهو كالبالغ يحرم قبل الفرض بغيره1 ومتى بلغ في الحجة الفاسدة في حال يجزئه عن حجة الفرض لو كانت صحيحة فإن يمضي فيها ثم يقضيها ويجزئه ذلك عن حجة الإسلام والقضاء كما يأتي نظيره في العبد وليس للعبد الإحرام إلا بإذن سيده ولا للمرأة الإحرام نفلا إلا بإذن زوج فإن فعلا انعقد ولهما تحليلهما ويكونان كالمحصر فلو لم تقبل المرأة تحليله أثمت وله مباشرتها فإن كان بإذن أو أحرما بنذر أذن لهما فيه أو لم يأذن وإلا فالخلاف في عزل الوكيل قبل علمه2 ويلزم العبد حكم جنايته كحر معسر3 فإن مات ولو يصم فلسيده أن يطعم عنه وإن أفسد حجه بالوطء لزمه المضي فيه والقضاء ويصح في رقه وليس للسيد منعه من القضاء إن كان شروعه فيما أفسده بإذنه وإن عتق قبل أن يأتي بما لزمه من ذلك لزمه أن يبتدئ بحجة الإسلام
ـــــــ
1 يريد: أن حجه ينصرف إلى الفرض، وعليه القضاء بعد ذلك.
2 حاصل الخلاف المشار إليه، على ما يأتي، هل الوكيل ينعزل إذا عزله موكله ولو لم يعلم، وتكون تصرفات الوكيل بعد ذلك غير نافذة؟ أو لا ينعزل الوكيل إلا إذا علم، بالعزل؟ رأيان. والأرجح الأول وعلى قياسه لو رجع السيد في إذن العبد فله تحليله ولو لم يكن العبد علم برجوعه. والله أعلم.
3 يريد بجناية العبد هنا. ارتكابه شيئا من محظورات الإحرام.

فإن خالف فحكمه كالحر يبدأ بنذر أو غيره قبل حجة الإسلام1 فإن عتق في الحجة الفاسدة في حال يجزئه عن حجة الفرض لو كانت صحيحة فإنه يمضي فيها ثم يقضيها ويجزئه ذلك عن حجة الإسلام والقضاء وإن تحلل لحصر أو حلله سيده لم يتحلل قبل الصوم وليس له منعه منه وإذا فسد حجه صام وكذا إن تمتع أو قرن ولو باعه سيده وهو محرم فمشتريه كبائعه في تحليله وعدمه وله فسخ البيع إن لم يعلم: إلا أن يملك بائعه تحليله فيحلله المشتري وليس للزوج منع امرأته من حج فرض إذا كملت الشروط ونفقتها عليه كقدر نفقة الحضر وإلا فله منعها من الخروج إليه والإحرام به: لا تحليلها إن أحرمت به وليس له منعها ولا تحليلها من العمرة الواجبة وحيث قلنا ليس له منعها فيستحب لها أن تستأذنه وإن كان غائبا كتبت إليه فإن أذن وإلا حجت بمحرم ولا تخرج إلى الحج في عدة الوفاة دون المبتوتة ويأتي في العدد ولو أحرمت بواجب فحلف بالطلاق الثلاث أنها لا تحج العام لم يجز أن تحل2 وليس للوالدين منع ولدهما من حج الفرض ولا نذر ولا تحليله منه ولا يجوز للولد طاعتهما فيه ولهما منعه من التطوع
ـــــــ
1 مراده أن حجه ينصرف إلى حجة الإسلام، وعليه القضاء بعد ذلك في القابل، وقد تقدم لك نظير هذا.
2 توجيه ذلك أن الحج فرض والطلاق مباح فلا تقطع الأول للثاني وفي المذهب رواية راجحة أنها والحالة هذه كالمحصر فتتحلل به بما يتحلل به المحصر: من دم أو صيام على ما يأتي، ولا لا توقع الطلاق على نفسها وبذلك أفتى الإمام أحمد رضي الله عنه.

ومن كل سفر مستحب كالجهاد: ولكن ليس لهما تحليله1 ويلزم طاعتهما في غير معصية لو كانا فاسقين وتحرم طاعتهما فيها ولو أمره والده بتأخير الصلاة ليصلي به أخرها ولا يجوز له منع ولده من سنة راتبة ولولي سفيه مبذر تحليله إن أحرم بنفل وزادت نفقته على نفقة الإقامة ولم يكتسبها وإلا فلا وليس له منعه من حج فرض ولا تحليله منه ويدفع نفقته إلى ثقة ينفق عليه في الطريق ولا يحلل مدين ويأتي في الحج.
ـــــــ
1 يعني ليس لهما تحليل ولدهما من حج التطوع لوجوبه بالشروع فيه.

فصل الشرط الخامس الاستطاعة
فصل الشرط الخامس الاستطاعةوهي: أن يملك زادا أو راحلة لذهابه وعوده أو ما يقدر به على تحصيل ذلك فيعتبر الزاد مع قرب المسافة وبعدها إن احتاج إليه فإن وجده في المنازل لم يلزمه حمله إن وجده يباع بثمن مثله في الغلاء والرخص أو بزيادة يسيرة وإلا لزمه حمله والزاد ـ ما يحتاج إليه: من مأكول ومشروب وكسوة وينبغي أن يكثر من الزاد والنفقة عند إمكانه ليؤثر محتاجا ورفيقا وإن تطيب نفسه بما ينفق ويستحب أن لا يشارك غيره في الزاد وأمثاله اجتماع الرفاق كل يوم على طعام أحدهم على المناوبة أليق بالورع من المشاركة ـ ويشترط أيضا القدرة على وعاء الزاد وتعتبر الراحلة مع بعد المسافة فقط ولو قدر على المشي وهو ما تقصر فيه الصلاة لا فيما دونهما من مكي وغيره ويلزمه المشي: إلا مع عجز لكبر ونحوه ولا يلزمه الحبو إن أمكنه ـ وما يحتاج إليه من آلتها بكراء أو شراء صالحا لمثله عادة لا ختلاف أحوال الناس فإن كان ممن يكفيه الرحل والقتب ولا يخشى السقوط ـ اكتفى

بذلك فإن كان ممن لم تجر عادته بذلك أو يخشى السقوط عنها ـ اعتبر وجود محمل وما أشبهه مما لا يخشى سقوطه عنه ولا مشقة فيه وينبغي أن يكون المركوب جيدا وإن لم يقدر على خدمة نفسه والقيام بأمره ـ اعتبر من يخدمه لأنه من سبيله: فإن تكلف الحج من لا يلزمه وأمنه ذلك من غير ضرر يلحق بغيره: مثل من يكتسب بصناعة كالخراز أو مقارنة من ينفق عليه أو يكتري لزاده ولا يسأل الناس ـ استحب له الحج ولم يجب عليه ويكره لمن حرفته المسالة قال أحمد: فيمن يدخل البادية بلا زاد ولا راحلة لا أحب له ذلك يتوكل على أزواد الناس ؟ ويعتبر كونه فاضلا عما يحتاج إليه: من كتب ومسكن للسكنى أو يحتاج إلى أجرته لنفقته أو نفقة عياله أو بصناعة يختل ربحها المحتاج إليه وخادم ودينه: حالا كان أو مؤجلا لله أو لآدمي ولا بد له منه: لكن إن فضل منه عن حاجته وأمكن بيعه وشراؤه ما يكفيه ويفضل ما يحج به ـ لزمه ويقدم النكاح مع عدم الوسع من خاف العنت نصا ومن احتاج إليه ويعتبر أن يكون له إذا رجع ما يقوم بكفاية عياله على الدوام ـ ولم يعتبر ما بعد رجوعه عليها1 من أجور عقار أو ربح بضاعة أو صناعة ونحوها ولا يصير العاجز مستطيعا يبذل غيره له مالا أو مركوبا ولو ولدا أو والدا.
ـــــــ
1 يريد: أن الكفاية بعد الرجوع ليست معتبرة في وجوب الحج بناء على رواية أخرى هي مرجع الضمير في عليها، وقوله بعد: من أجور عقار الخ بيان للموصول في قوله سابقا. ما يقوم بكفايته.

فمن كملت له هذه الشروط وجب عليه الحج على الفور نصا فإن عجز عن السعي إليه لكبر أو زمانة أو مرض لا يرجى برؤه أو ثقل لا يقدر معه يركب إلا بمشقة شديدة أو كان نضو الخلقة: وهو المهزول لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة ويسمى المعضوب أو أيست المرأة من محرم ـ لزمه إن وجد نائبا أن يقيم من بلده أو من الموضع الذي أيسر منه من يحج عنه ويعتمر ولو امرأة عن رجل ولا كراهة وقد أجزأ عنه وإن عوفي قبل فراغه أو بعده وإن عوفي قبل إحرام النائب بم يجزئه: كما لو استناب من يرجى زوال علته ولو كان قادرا على نفقة راجل لم يلزمه الحج: وإن كان قادرا ولم يجد نائبا ـ ابتنى بقاؤه في ذمته على إمكان المسير على ما يأتي ومن أمكنه السعي إليه لزمه إذا كان في وقت المسير ووجد طريقا أمنا ولو غيب الطريق المعتاد بحيث يمكن سلوكه بحسب ما جرت به العادة برا كان أو بحرا الغالب في السلامة وإن غلب الهلاك لم يلزمه سوكه وإن سلم فيه قوم وهلك قوم ولا غالب لم يلزمه سلوكه قال الشيخ: أعان على نفسه فلا يكون شهيدا وقال القاضي: يلزمه ويشترط ألا يكون في الطريق خفارة فإن كانت يسيرة لزمه قاله الموفق و المجد وزاد إذا أمن الغدر من المبذول به ولعله مراد من أطلق قال حفيده: الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر ولا تجوز مع عدمها1 ويشترط
ـــــــ
1 الخفارة: هي ما يأخذه ولي الأمر أو من في حكمه أجرة عن الحراسة وقد قيل في غير الأقناع بعدم وجوب الحج مع وجودها لأنها من قبيل الرشوة فليست واجبة في العبادة وقد روى الأقناع من الروايات الأخرى في وجوب الحج مع وجودها ما تراه، والمجد المذكور هو عبد السلام بن تيمية، وحفيده هو العلامة الجليل تقي الدين بن تيمية المشهور.

أن يوجد فيه الماء والعلف على المعتاد فلا يلزمه حمل ذلك لكل سفره فسعة الوقت ـ وهي وإمكان المسير: بأن تكمل الشرائط فيه وفي الوقت سعة يتمكن المسير لأدائه وأمن الطريق بألا يكون فيه مانع من خوف ولا غيره ـ من شرائط الوجوب: كقائد الأعمى ودليل البصير الذي يجهل الطريق ويلزمه أجرة مثله ولو تبرع لم يلزمه للمنة وعنه من شرائط لزوم الأداء اختاره الأكثر يأثم إن لم يعزم على الفعل: كما تقول في طريان الحيض فالعزم في العبادات مع العجز يقوم مقام الأداء في عدم الإثم فإن مات قبل وجود هذين الشرطين أخرج عنه من ماله لمن ينوب عنه على الثاني دون الأول1 ويأتي ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله: فرط أو لم يفرط ـ أخرج عنه من جميع ماله حجة
ـــــــ
1 حاصل هذه الفقرة أن سعة الوقت، وأمن الطريق، وقائد الأعمى، ودليل الجاهل للطريق- مختلف فيها: هل هي شروط في الوجوب بحيث لو لم تتوفر لأحد لم يكن مستطيعا ولا يأثم بعدم العزم على الحج، أو هي شرط في الأداء بمعنى أن من قدر على الزاد والراحلة يكون مستطيعا، ومطالبا بالحج؟ روايتان في ذلك، فعلى الأولى لا يكون مكلفا كما علمت، وعلى الثانية يكون مكلفا ويجب عليه العزم على الفعل بعد تحقق هذه الأمور الأربعة أو ما نقص منها، وحكمه حكم الحائض التي طرأ عليها الحيض بعد دخول الوقت فإنها مكلفة بالعزم على قضاء تلك الفريضة بعد الطهر وإلا فيه آثمة بترك العزم.

وعمرة ولو لم يوص به ويكون من حيث وجب عليه ويجوز من أقرب وطنيه ومن خارج بلده دون مسافة القصر لا فوقها ولا يجزئه ويسقط بحج أجنبي عنه ولو بلا إذن ولو مات هو أو نائبه في الطريق حج عنه من حيث مات فيما بقي مسافة وقولا وفعلا وإن صد فعل ما بقي وإن وصى بحج نفل وأطلق ـ جاز من الميقات ما لم تمنع منه قرينة فإن ضاق ماله عن ذلك أو كان عليه دين أخذ للحج بحصته وحج من حيث يبلغ نصا.

فصل يشترط لوجوب الحج على المرأة
فصل ويشترط لوجوب الحج على المرأة
شابة كانت أو عجوزا مسافة قصر ودونها ـ وجود محرم وكذا يعتبر لكل سفر يحاج فيه إلى محرم لا في أطراف البلد مع عدم الخوف وهو معتبر لمن لعورتها حكم وهي بنت سبع سنين فأكثر قال الشيخ: وأما المرأة فيسافر معها ولا يفتقرن إلى محرم لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة انتهى1 ويتوجه في عتقائها من الإماء مثله على ما قله قال في الفروع وظاهر كلامهم ـ اعتبار المحرم للكل وعدمه كعدم المحرم للحرة والمحرم زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح لحرمتها لكن يستثنى من سبب مباح نساء النبي صلى الله عليه وسلم وحرج به أم الموطوءة بشبهة أو زنا وبنتها وخرج بقوله لحرمتها الملاعنة فإن تحريمها عليه عقوبة وتغليظ لا لحرمتها إذا كان ذكرا بالغا عاقلا مسلما ولو عبدا ونفقته عليها ولو كان محرما زوجها فيعتبر أن تملك زادا
ـــــــ
1 كذا في الأصل، وهو كلام غير مستقيم، ولعل صوابه: وأما إما المرأة فيسافرن الخ. وبذلك يظهر لك أن هذه الفقرة لبيان حكم الإماء مع سيداتهن.

وراحلة لها ولو بذلت النفقة لم يلزمه السفر معها وكانت كمن لا محرم لها وليس العبد محرما لسيدته نصا ولو جاز له النظر إليها ولو حجت بغير محرم حرم وأجزأ ويصح من مغصوب وأجير خدمة بأجرة أولا ومن تأجير ويأتي ولا أثم والثواب حسب الإخلاص وإن مات المحرم قبل خروجها لم تخرج وبعده: إن كان قريبا رجعت وإن كان بعيدا أمضت ولو مع إمكان إقامتها ببلد ولو تصر محصرة: لكن إن كان حجها تطوعا وأمكنها الإقامة ببلد فهو أولى وإن كان المحرم الميت زوجها فيأتي له تتمة في العدد ومن عليه حجة الإسلام أو قضاء أو نذر ـ لم يصح ولم يجز أن يحج عن غيره ولا نذره ولا نافلته وانصرف إلى حجة الإسلام ورد ما أخذ والعمرة كالحج في ذلك ومن أتى بواجب أحدهما فله فعل نذره ونفله وحكم النائب كالمنوب عنه فلو أحرم بنذر أو نفل عمن عليه حجة الإسلام وقع عنها ولو استناب عنه أو عن ميت واحدا في فرضه وآخر في نذره في سنة ـ جاز ويحرم بحجة الإسلام قبل الأخرى وأيهما أحرم أولا فعن حجة الإسلام ثم الأخرى عن نذره ولو لم ينوه ويصح أن ينوى الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل في الحج والعمرة وأن ينوب في الحج من أسقطه عن نفسه مع بقاء العمرة في ذمته وأن ينوب في العمرة من أسقطها عن نفسه مع بقاء الحج في ذمته ولا يصح أن ينوب في نسك من لم يكن أسقطه عن نفسه وتصح الإستنابة في حج التطوع وفي بعضه لقادر وغيره ومن أوقع فرضا أو نفلا عن حي بلا إذنه أو لم يؤمر به: كأمره بحج فيعتمر وعكسه لم يجز: كزكاة ويرد ما أخذه ويقع عن الميت ولا إذن له كالصدقة

ويتعين النائب بتعيين وصي جعل إليه التعيين فإن أبى عين غيره ويكفي النائب أن ينوي النسك عن المستنيب ولا تعتبر تسميته لفظا نصا وإن جهل اسمه أو نسبه لبى عمن سلم إليه المال ليحج به عنه ويستحب أن يحج عن أبويه إن كانا ميتين أو عاجزين زاد بعضهم إن لم يحجا1 ويقدم أمه لأنها أحق بالبر ويقدم واجب أبيه على نفلها.
ـــــــ
1 كذا في الأصل، ولعل صوابه: إن لم يحجا، وإلا فلم يظهر لي معنى هذه الزيادة.

فصل من أراد الحج
فصل ومن أراد الحج
فليبادر وليجتهد في الخروج من المظالم ويجتهد في رفيق صالح وإن تيسر أن يكون عالما فليستمسك بغرزه1 ويصلي ركعتين يدعو بعدهما بدعاء الإستخارة ويستخير هل يحج العام أو غيره؟ إن كان الحج نفلا أولا يحج ويصلي في منزله ركعتين ثم يقول: اللهم هذا ديني وأهلي ومالي وولدي وديعة عندك اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد وقال الشيخ: يدعو قبل السلام أفضل ويخرج يوم الخمس قال ابن الزاغوني وغيره: أو اثنين ويبكر ويقول إذا نزل منزلا أو دخل بلدا ما ورد.
ـــــــ
1 الغرز على وزن الضرب ومعناه الركاب بكسر الراء، وذلك كناية عن الملازمة.

باب المواقيت
مدخل

باب المواقيت
وهي مواضع وأزمنة معينة لعبادة مخصوصة وميقات أهل المدينة ـ ذو الحليفة وبينها وبين مكة عشر مراحل وبينها وبين

فصل ولا يجوز لمن أراد دخول مكة
فصل ولا يجوز لمن أراد دخول مكةأو الحرم أو نسكا ـ يجاوز الميقات بغير إحرام إن كان حرا مسلما مكلفا فلو جاوزه رقيق أو كافر أو غير مكلف ثم لزمهم ـ إن عتق وأسلم وكلف ـ أحرموا من موضعهم ولا دم عليهم: إلا لقتال مباح أو خوف أو حاجة متكررة كحطاب وفيج وناقل الميرة ولصيد واحتشاش ونحو ذلك ومكي يتردد إلى قريته بالحل1 ثم إن بدا له النسك أو لمن لم يرد الحرم أحرم من موضعه ومن تجاوز بلا إحرام لم يلزمه قضاء الإحرام وحيث لزم الإحرام من الميقات لدخول مكة: لا لنسك طاف وسعى وحلق وحل وأبيح للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه دخول مكة محلين ساعة من نهار: وهي من طلوع الشمس إلى صلاة العصر رواه أحمد
ـــــــ
1 قوله: إلا القتال وما عطف عليه مستثنى من قوله سابقا. ولا يجوز لمن أراد دخول مكة الخ.

لا قطع شجرة ومن جازوه يريد النسك أو كان النسك فرضه ولو جاهلا أو ناسيا لذلك أو مكرها لزمه أن يرجع فيحرم منه: ما لم يخف فوات الحج أو يخف غيره فإن رجع فأحرم منه فلا دم عليه وإن رجع محرما إلى الميقات لم يسقط برجوعه وإن أفسد نسكه هذا لم يسقط دم المجاوزة ويكره أن يحرم قبل الميقات وبالحج قبل أشهره فإن فعل فهو محرم ولا ينعقد إحرامه بالحج عمرة وميقات العمرة جميع العام ولا يلزمه الإحرام بها يوم النحر وعرفة وأيام التشريق وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة فيوم النحر منها وهو يوم الحج الأكبر.

باب الإحرام والتلبية
مدخل

باب الإحرام والتلبية
وهو نية النسك سمي إحراما لأن المحرم بإحرامه حرم على نفسه أشياء كانت مباحة له ويسن لمن يريد أن يغتسل: ذكرا كان أو أنثى ولو حائضا أو نفساء فإن رجتا الطهر قبل الخروج من الميقات استحب تأخير حتى تطهرا وإلا اغتسلتا ويتيمم عادم الماء وتقدم ولا يضر حدثه بعد غسله قبل إحرامه وأن يتنظف بإزالة الشعر: من حلق العانة وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقطع الرائحة الكريهة وأن يتنظف ولو امرأة في بدنه: سواء كان مما تبقى عينه كالمسك أو أثره كالعود والبخور وماء الورد ويستحب لها خضاب بحناء ويكره تطييبه ثوبه فإن طيبه فله استدامته ما لم ينزعه فإن نزعه فليس له

لبسه والطيب فيه فإن فعل وأثر الطيب باق أو نقله من موضع من بدنه إلى موضع أو تعمد مسه بيده فعلق بها أو نحاه عن موضعه ثم رده إليه ـ فدى فإن ذاب بالشمس أو بالعرق فسال إلى موضع آخر فلا شيء عليه ويسن أن يلبس ثوبين أبيضين نظيفين: أزار ورداء جديدين أو غسيلين فالرداء على كتفه والإزار في وسطه ويجوز في ثوب واحد وتجرد عن المخيط ويلبس نعلين إن كان رجلا وأما المرأة فلها لبس المخيط بالإحرام والمخيط كل ما يخاط على قدر الملبوس عليه: كالقميص والسراويل والبرنس ولو لبس إزارا موصلا أو اتشح بثوب مخيط أو ائتزر به ـ جاز ثم يحرم عقب صلاة مكتوبة أو نفل ندبا وهو أولى وإن شاء إذا ركب وإن شاء إذا سار ولا يركعه وقت نهى ولا من عدم الماء والتراب ولا ينعقد الإحرام إلا بالنية فهي شرط فيه ويستحب التلفظ بما أحرم فيقصد بنيته نسكا معنيا ونية النسك كافية فلا يحتاج معها إلى تلبية ولا سوق هدى وإن لبى أو ساق هديا من غير نية لم ينعقد إحرامه ولو نطق بغير ما نواه: نحو أن ينوى العمرة فيسبق لسانه إلى الحج أو بالعكس ـ انعقد ما نواه دون ما لفظه وينعقد حال جماعة ويبطل إحرامه1 به ويخرج منه بردة لا بجنون وإغماء وسكر وموت ولا ينعقد مع وجود أحدهما
ـــــــ
1 المراد بالبطلان هنا الفساد. إذ البطلان معناه الخروج منه، والخروج منه لا يكون إلا بالردة، وأما الفساد فإنه لا يخرجه من الحج بل يجب عليه لتمامه وقضاؤه وهذا هو ما يثبت في حق المجامع.

وتقدم بعض ذلك فإذا أراد الإحرام نوى بقبله قائلا بلسانه: اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو فلي إن أحل وهذا الاشتراط سنة إذا عاقه عدو أو مرض أو ذهاب نفقة أو خطأ طريق ونحوه كان له التحلل وأنه متى حل بذلك فلا شيء عله ويأتي آخر باب الفوات والصار فإن اشترط بما يؤدي معنى الاشتراط كقوله: اللهم إني أريد النسك الفلاني إن تيسر لي وإلا فلا حرج علي: جاز وإن قال: متى شئت أحللته أو أفسدته لم أقضه ـ لم يصح وإن نوى الاشتراط ولم يتلفط به لم يفد ل قول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة قولي: " محلي من الأرض حيث حبستني ".

فصل وهو مخير بين التمتع والأفراد والقران
فصل وهو مخير بين التمتع والأفراد والقرانوأفضلها التمتع ثم الأفراد ثم القرآن وصفة التمتع أن يحم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج من مكة أو قريب منها: والأفراد أن يحرم بالحج مفردا فإذا فرغ منه اعتمر عمرة الإسلام إن كانت باقية عليه والقران أن يحرم بهما جميعا أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها: إلا لمن معه الهدي فيصح ولو بعد السعي ويصير قارنا ولا يعتبر لصحة إدخال الحج على العمرة الإحرام به في أشهره وإن أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها ولم يصير قارنا وعمل القارن كالمفرد في الأجزاء ويسقط ترتيب العمرة ويصير الترتيب للحج كما يتأخر الحلاق إلى يوم النحر فوطؤه قبل طواف القدوم لا يفسد

عمرته أي إذا وطئ وطأ لا يفسد الحج: مثل أن وطئ بعد التحلل الأول فإنه لا يفسد حجه وإذا لم يفسد حجه لم تفسد عمرته ويجب على المتمتع دم نسك لا جبران: بسبعة شروط ـ أحدهما ألا يكون من حاضري المسجد الحرام: وهم أهل مكة والحرم ومن كان من أي من الحرم لا من نفس مكة دون مسافة القصر فمن له منزلان متأهل بهما: أحدهما دون مسافة القصر والآخر فوقها ـ أو مثلها لم يلزمه دم ولو كان إحرامه من البعيد أو كان أكثر إقامته أو إقامة ماله فيه لأن بعض أهله من حاضري المسجد الحرام إن استوطن مكة أفقي فحاضر فإن دخلها متمتعا ناويا الإقامة بها بعد فراغ نسكه أو نواها بعد فراغه منه أو استوطن مكي بلدا بعيدا ثم عاد مقيما متمتعا لزمه دم ـ الثاني: أن يعتمر في أشهر الحج والاعتبار الشهر الذي أحرم فيه لا بالذي حل فيه فلو أحرم بالعمرة في رمضان ثم حل في شوال لم يكن متمتعا وإن أحرم الأفاقي بعمرة في غير أشهر الحج ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج وحج من عامه فهو متمتع نصا وعليه دم ـ الثالث: أن يحج من عامه ـ الرابع: ألا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر فأكثر فإن فعل فأحرم فلا دم ـ الخامس: أن يحل من العمرة قبل إحرامه بالحج فإن أحرم به قبل حله صار قارننا ـ السادس أن يحرم بالعمرة من الميقات أو من مسافة قصر فأكثر من مكة ونصه واختاره الموفق وغيره: إن هذا ليس بشرط وهو الصحيح لأنا نسمي المكي متمتعا ولو لم يسافر ـ السابع: أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة،

أو أثنائها ولا يعتبر وقوع النسكين عن واحد فلو اعتمر لنفسه وحج عن غيره أو عكسه أو فعل ذلك عن اثنين ـ كان عليه دم المتعة ولا تعتبر هذه الشروط في كونه متمتعا فإن المتعة تصح من المكي لغيره ويلزم دم تمتع وقران بطلوع فجر النحر ويأتي وقت ذبحه ويلزم القارن أيضا دم نسك إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام ولا يسقط دم تمتع وقارن بفساد لنسكهما ولا بفواته وإذا قضى القارن قارنا لزمه دمان: دم لقرانه الأول ودم لقرانه الثاني وإن قضا مفردا لم يلزمه شيء وجزم غير واحد أنه يلزمه دم لقرانه الأول فإذا فرغ أحرم بالعمرة من الأبعد: كمن فسد حجه وإلا لزمه دم وإن قضى متمتعا فإذا تحلل من العمرة أحرم بالحج من أبعد الموضعين: الميقات الأصلي والموضع الذي أحرم منه الأول ويسن لمن كان قارنا أو مفردا فسخ نيتهما بالحج وينويان عمرة مفردة فإذا فرغا منها وحلا أحرما بالحج ليصيرا متمتعين ما لم يكونا ساقا هديا أو وقفا بعرفة فلو فسخا في الحالتين فلغو ولو ساق المتمتع هديا لم يكن له أن يحل فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما والمعتمر غير المتمتع يحل بكل حال في أشهر الحج وغيرها ولو كان معه هدي فإن كان معه نحره عند المروة وحيث نحره من الحرم جاز والمرأة إذا دخلت متمتعة فحاضت قبل طواف العمرة لم يكن لها أن تدخل المسجد الحرام وتطوف بالبيت فإن خشيت فوات الحج أو خافه غيرها أحرم بالحج وصار قارنا ولم يقض طواف القدوم ويجب دم قران وتسقط عنه العمرة.

فصل ومن أحرم مطلقا
فصل ومن أحرم مطلقابأن نوى نفس الإحرام ولم يعين نسكا ـ صح وله صرفه إلى ما شاء بالنية ولا يجزئه العمل قبل النية والأولى صرفه إلى العمرة وإن أحرم بهما: كإحرامه بمثل ما أحرم به فلان أو بما أحرم به فلان وعلم ـ انعقد إحرامه بمثله فإن كان الأول أحرم مطلقا كان له صرفه إلى ما شاء ولو جهل إحرام الأول فكمن أحرم بنسك ونسيه على ما يأتي وإن شك هل أحرم الأول فكمن لم يحرم فيكون إحرامه مطلقا يصرفه إلى ما شاء فإن صرفه قبل طوافه أوقع طوافه عما صرفه إليه وإن طاف قبل صرفه لم يعتد بطوافه ولو كان إحرام الأول فاسدا فيتوجه كنذره عبادة فاسدة1 وإن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد إحرامه بأحدهما ولغت الأخرى وإن أحرم بنسك أو نذره ونسيه وكان قبل الطواف ـ جعله عمرة استحبابا ويجوز صرفه إلى غيرها وإن جعله قرانا أو إفرادا صح حجا فقط ولا دم عليه وإن جعله عمرة كفسخ حج إلى عمرة يلزمه دم المتعة ويجزئه عنها وإن كان شكه بعد الطواف صرفه إلى العمرة ولا يجعله حجا ولا قرانا لاحتمال أن يكون المنسي عمرة لأنه لا يجوز إدخال الحج على العمرة بعد الطواف لمن لا هدي معه فيسعى ويحلق ثم يحرم بالحج مع بقاء وقته ويتمه ويسقط عنه فرضه ويلزمه دم بكل حال لأنه إن كان المنسي حجا أو قرانا ما فقد حلق فيه في غير أوانه وفيه دم وإن كان معتمرا فقد تحلل ثم حج
ـــــــ
1 يريد: انعقد إحرامه وأتى بحج صحيح.

وعليه دم المتعة وإن جعله حجا أو قرانا لم يصح ويتحلل بفعل الحج ولم يجزئه عن واحد منهما للشك ولا دم ولا قضاء للشك في سببهما وإن أحرم عن اثنين أو عن أحدهم لا بعينه أو عن نفسه وغيره وقع عن نفسه ويضمن ويؤدب من أخذ من اثنين حجتين للحج عنها في عام واحد وإن استنابه اثنان في عام في نسك فأحرم عن أحدهما بعينه ولم ينسه صح ولم يصح إحرامه للآخر بعده فإن نسى عمن أحرم عنهما وتعذرت معرفته فإن فرط أعاد الحج عنهما وإن فرط الموصي إليه بذلك غرم ذلك وإلا فمن تركة الموصيين إن كان النائب غير مستأجر لذلك وإلا لزماه.

فصل والتلبية سنة
فصل والتلبية سنةويسن ابتداؤها عقب إحرامه وذكر نسك فيها وذكر العمرة قبل الحج للقارن فيقول: لبيك عمرة وحجا والإكثار منها ورفع الصوت بها ولكن لا يجهد نفسه في رفعه زيادة على الطاقة ولا يستحب إظهارها في مساجد الحل وأمصاره ولا في طواف القدوم والسعي ويكره رفع الصوت بها حول البيت لئلا يشغل الطائفين عن طوافهم وأذكارهم ويستحب أن يلبي عن أخرس ومريض وصغير ومجنون ومغمي عليه ويسن الدعاء بعدها فيسأل الله الجنة ويتعوذ به من النار ويدعو بما أحب والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرفع بذلك صوته وصفة التلبية: لبيك اللهم لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ولا تستحب الزيادة عليها ولا يكره ولا يستحب تكرارها

في حالة واحدة وقال الموفق و الشارح: تكرارها ثلاثا في دبر الصلاة حسن ولا تشرع بغير العربية لقادر وإلا بلغته ويتأكد استحبابها إذا علا نشزا أو هبط واديا وفي دبر الصلوات المكتوبات ولو في غير جماعة وإقبال الليل والنهار وبالأسحار وإذا التقت الرفاق وإذا سمع ملبيا أو أتى محظورا ناسيا إذا ذكره أو ركب دابته أو نزل عنها أو رأى البيت ويستحب في مكة والبيت وسائر مساجد الحرم كمسجد منى وفي عرفات أيضا وبقاع الحرم ولا بأس أن يلبي الحلال وتلبي المرأة ويعتبر أن تسمع نفسها ويكره جهرها أكثر من سماع رفيقتها ويأتي قطعها آخر باب دخول مكة.

باب محظورات الإحرام
مدخل

باب محظورات الإحرام
وهي : ما يحرم على المحرم فعله وهي تسعة: أحدهما: إزالة الشعر من جميع بدنه بحلق أو غيره فإن كان له عذر من مرض أو قمل أو قروح أو صداع أو شدة حر لكثرته مما يتضرر بإبقاء الشعر أزاله وفدى كأكل صيد لضرورة ـ الثاني تقليم الأظافر إلا من عذر فمن حلق ثلاث شعرات فصاعدا أو قلم ثلاثة أظفار فصاعدا ولو مخطئا أو ناسيا فعليه دم وفيما دون ذلك في كل واحد طعام مسكين وفي قص بعض الظفر ما في جميعه وكذا قطع بعض الشعر وإن حلق رأسه بإذنه أو سكت ولم ينهه ولو كان الحالق محرما فالفدية عليه كما لو أكره على حلقه بيده ولا شيء على الحالق وإن كان مكرها بيد غيره أو نائما فعلى

الحالق ومن طيب غيره فكحالق وإن حلق محرم حلالا أو قلم أظفاره فلا فدية عليه وحكم الرأس والبدن في إزالة العشر والطيب واللبس واحد فإن حلق شعر رأسه وبدنه أو تطيب أو لبس فيهما ففدية واحدة وإن حلق من رأسه شعرتين ومن بدنه شعرة أو بالعكس فعليه دم وإن خرج في عينه شعر فقلعه أو نزل شعر حاجبيه فغطى عينه فأزاله فلا شيء عليه وكذا إن انكسر ظفره فقصه أو قطع إصبعا بظفرها أو قلع جلدا عليه شعرا أو افتصد فزال شعر وإن خلل لحيته أو مشطها أو رأسه فسقط شعر ميت فلا شيء عليه نصا وإن تيقن أنه بان بالمشط أو التخليل فدى وتستحب الفدية مع الشك وله حك بدنه ورأسه برفق ما لم يقطع شعرا وله غسله في حمام وغيره بلا تسريح وغسله بسدر وخطمى ونحوها وإن وقع في أظفاره مرض فأزالها من ذلك المرض فلا شيء عليه وإن انكسر ظفره فأزال أكثر مما انكسر فعليه الفدية.

فصل الثالث تغطية الرأس
فصل الثالث تغطية الرأسوالأذانان منه وتقدم ذلك في الوضوء فما كان منه حرم على ذكر تغطيته فإن غطاه أو بعضه حتى أذنيه بلاصق: معتادا أو لا كعمامة وخرقة وقرطاس فيه دواء أو غيره أولا دواء فيه كعصابة ولصداع ونحوه ولو يسيرا وطين طلاه به أو بحناء أو يغره ولو بنورة لعذر أو غيره ـ فعليه الفدية وإن استظل في محمل ونحوه من هودج وعمارية ومحارة حرم وفدى وكذا لو استظل بثوب ونحوه راكبا ونازلا ولا أثر للفصد وعدمه فيما فيه الفدية وما لا فدية فيه ويجوز تلبيد رأسه

بعسل وصمغ ونحوه لئلا يدخل غبار أو دبيب أو يصيبه شعث ولا شيء عليه وكذا إن حمل على رأسه شيئا أو وضع يده عليه أو نصب حياله ثوبا لحر أو برد أمسكه إنسان أو رفعه بعود أو استظل بخيمة أو شجرة ولو طرح عليها شيئا يستظل به أو سقف وجدار ولو قصد به الستر وكذا لو غطى وجهه.

فصل الرابع لبس الذكر المخيط
فصل الرابع لبس الذكر المخيطقل أو كثر في بدنه أو بعضه مما عمل على قدره من قميص وعمامة وسراويل وبرنس ونحوها ولو درعا منسوجا أو لبدا معقودا ونحوه كالخفين أو أحدهما للرجلين وكالقفازين لليدين وقال القاضي وغيره: ولو كان غير معتاد كجورب في كف وخف في رأس فعليه الفدية انتهى وران كخف فإن لم يجد إزار لبس سراويل ومثله لو شق إزاره وشد كل نصف على ساق ومتى وجد إزار خلعه وإن اتزر بقميص فلا بأس وإن عدم نعلين أو لم يكن لبسهما لبس خفين ونحوهما من ران و غيره بلا فدية ويحرم قطعهما وعنه يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين وجوزه جمع قال الموفق وغيره: والأولى قطعهما عملا بالحديث الصحيح وإن لبس مقطوعا دون الكعبين مع وجود نعل حرم وفدى ويباح النعل ولو كانت بعقب وقيد ـ وهو السير المعترض على الزمام ـ ولا يعقد عليه شيئا من منطقة ولا رداء ولا غيرها وليس له أن يجعل لذلك زرار وعروة و لا يخله بشوكة أو إبرة أو خيط ولايغرز أطرافه في إزاره فإن فعل أثم وفدى لأنه كمخيط ويجوز له شد وسط بمنديل وحبل ونحوهما إذا

لم يعقده قال أحمد: في محرم حزم عمامته على وسطه: لا يعقدها ويدخل بعضها في بعض إلا إزاره لحاجة ستر العورة و ومنطقته اللذين فيهما نفقته إذا لم يثبت إلا بالعقد وإن لبس المنطقة لوجع ظهر أو حاجة أو لا ـ فدى وله أن يلتحف بقميص ويرتدي به وبرداء موصل ولا يعقده ويفدي بطوع قباء ونحوه على كتفيه ومن به شيء لا يحب أن يطلع عليه أحد أو خاف من برد لبس وفدى ولا تحرم دلالة على طيب ولباس ويأتي قريبا ويتقلد بسيف للحاجة ولا يجوز لغيرها ولا يجوز حمل السلاح بمكة لغير حاجة وله حمل جراب وقربة الماء في عنقه ولا فدية ولا يدخل في صدره والخنثى المشكل إن لبس المخيط أو غطى وجهه وجسده من غير لبس للمخيط فلا فدية وإن غطى وجهه ورأسه أو غطى وجهه ولبس المخيط فدى.

فصل الخامس الطيب
فصل الخامس الطيبفيحرم عليه بعد إحرامه تطييب بدنه وثيابه ولو من غيره بإذنه ولبس ما صبغ بزغفران أو ورس أو ما غمس في ماء ورد أو بخر بعود ونحوه والجلوس والنوم عليه فإن فرش فوق الطيب ثوبا صفيقا يمنع الرائحة والمباشرة غير ثياب بدنه فلا فدية بالنوم عليه ويحرم الاكتحال والإستعاط والاحتقان بمطيب وشم الأدهان المطيبة كده ورد وبنفسج وخيرى وزنبق والأدهان بها وشم مسك وكافور وعنبر وغالية ماء ورد وزعفران وورس وتبخر بعود ونحوه وأكل وشرب ما فيه طيب يظهر طعمه أو ريحه ولو مطبوخا أو مسته النار حتى لو ذهبت رائحته وبقي طعمه فإن بقي اللون فقط فلا بأس بأكله

وإن مس من الطيب ما لا يعلق بيده كمسك غير مسحوق وقطع كافور وعنبر ونحوه فلا فدية فإن شمه فدى وإن علق الطيب بيده كالسحوق والغالية وماء الورد فدى وله شم العود لأنه لا يتطيب به إلا بالتبخير والفواكه كلها: من الأترنج والتفاح والسفرجل وغيرها وكذا نبات الصحراء كشيح وخزامى وقيصوم واذخر ونحوه مما لا يتخذ طيبا وما ينبته الآدمي لغير قصد الطيب كحناء وعصفر وقرنفل ودار صيني ونحوه أو ينبته لطيب ولا يتخذ منه طيب كريحان فارسي ومحل الخلاف فيه وهو الحبق معروف بالشام والعراق ومكة وغيرها وخصه بعض العلماء بالضمران وهو صنف منه قال بعضهم: هو العنبج المعروف بالشام بالريحان الجمام لاستدارته على أصل واحد انتهى ـ وماء ريحان ونحوه كهو والريحان عند العرب هو الآس ولا فدية في شمه وكذا نرجس ونمام وبرم ـ وهو ثمر العضاه: كام غيلان ونحوها ومرزنجوش ويفدي بشم ما ينبته لطيب ويتخذ منه كورد وبنفسج وخيري ـ وهو المثور ـ ولينوفر وياسمين ونحوه ولا فدية بإدهان بدهن غير الكطيب كزيت وشيرج وسمن ودهن البان والساذج ونحوها في رأسه وبدنه وإن جلس عند عطر أو في موضع ليشم الطيب فشمه مثل من قصد الكعبة حال تجميرها أو حمل عقدة فيها مسك ليجد ريحها فدى فإن لم يقصد شمه كالجالس عند عطار لحاجة وكداخل السوق أو داخل الكعبة ليتبرك بها ومن يشتري طيبا لنفسه أو للتجارة ولا يمسه فغير ممنوع ولمشتريه حمله وتقليبه وإذا لم يمسه ولو ظهر ريحه لأنه لم يقصد الطيب وقليل الطيب وكثيره

سواء وإذا تطيب ناسيا أو عامدا لزمه إزالته بمهما أمكن من الماء وغيره من المائعات فإن لم يجد فيما أمكنه من الجامدات كحكه بخرقة وتراب وورق شجر ونحوه وله غسله بنفسه ولا شيء عليه لملاقاة الطيب بيده والأفضل الاستعانة على غسله بحلال.

فصل السادس قتل صيد البر المأكول
فصل السادس قتل صيد البر المأكولوذبحه واصطياده وأذاه وهو ما كان وحشيا أصلا لا وصفا فلو تأهل وحشي ضمنه لا إن توحش أهلي ويحرم ويفدي متولد من المأكول وغيره كمتولد بين وحشي وأهلي وبين وحشي وغير مأكول ويأتي حكم غيب الوحشي: فحمام وبط وحشيان وإن تأهلا وبقر وجواميس أهلية وإن توحشت فمن أتلف صيدا أو تلف في يده أو بعضه بمباشرة أو سبب ولو بجناية دابة متصرف فيها فعليه جزاؤه إن كان بيدها أو فمها لا رجلها ويأتي آخر جزاء الصيد ويحرم عليه الدلالة عليه والإشارة والإعانة ولو بإعارة سلاح ليقتله أو ليذبحه به سواء كان معه ما يقتله به أو لا أو يناوله سلاحه أو سوطه أو يدفع إليه فرسا لا يقدر على أخذ الصيد إلا به ويضمنه بذلك ولا ضمان على دال ولا مشير بعد أن رآه من يريد صيده وكذا ولو وجد من المحرم عند رؤية الصيد ضحك أو استشراف ففطن له غيره وكذا لو أعاره آلة لغير الصيد فاستعملها فيه لأن ذلك غير محرم ولا تحرم دلالة على طيب ولباس ولا دلالة حلال محرما على صيد ويضمنه المحرم إلا أن يكون في الحرم فيشتركان في الجزاء كالمحرمين فإن اشترك في قتل صيد حلال ومحرم أو سبع ومحرم في الحل فعلى المحرم الجزاء

جميعه ثم إن كان جرح أحدهما قبل صاحبه والسابق الحلال أو السبع فعلى المحرم جزاؤه مجروحا وإن سبقه المحرم وقتله أحدهما فعلى المحرم أرش جرحه وإن كان جرحهما في حالة واحدة أو جرحاه ومات منهما فالجزاء كله على المحرم وإذا دل محرم محرما على صيد ثم دل الآخر آخر كذلك إلى عشرة فقتله العاشر فالجزاء على جميعهن وإن قتله الأول فلاشيء ولو دل حلال حلالا على صيد في الحرم فكدلالة محرم محرما عليه وإن نصب شبكة ونحوها ثم أحرم أو أحرم ثم حفر بئرا بحق كداره ونحوها أو للمسلمين بطريق واسع ـ لم يضمن ما تلف بذلك ما لم يكن حيلة وإلا ضم كالآدمي إذا تلف في هذه المسألة ويحرم على المحرم أكل صيد صاده أو ذبحه أو دل عليه حلالا أو أعانه أو أشار إليه وكذا أكل ما صيد لأجله وعليه الجزاء إن أكله وإن أكل بعضه ضمنه بمثله من اللحم لضمان أصله بمثله من النعم ولا مشقة فيه لجواز عدوله إلى عدله: من طعام أو صوم ولا يحرم عليه أكل غيره فلو ذبح محل صيدا لغيره من المحرمين حرم على المذبوح له لا على غيره من المحرمين وما حرم على محرم لدلالة أو أعانه صياد له ـ ولا يحرم على محرم غيره كحلال وإن قتل المحرم صيدا ثم أكله ضمنه لقتله لا لأكله لأنه ميتة يحرم أكله على جميع الناس وكذا عن حرم عليه بالولاية أو الإعانة عليه أو الإشارة فأكل منه لم يضمن الأكل وبيض الصيد ولبنه مثله فيما سبق ويحرم تنفير الصيد: فإن نفره فتلف أو نقص في حال نفوره ضمن فإن أتلف بيضه ولو بنقله فجعله تحت صيد آخر أو ترك مع

بيضه بيضا آخر أو شيئا فنفر عن بيضه حتى فسد ضمنه بقيمته مكانه كلبنه لا المذرو ما فيه فرخ ميت سوى بيض النعام فإن لقشره قيمة فيضمنه وإن باض على فراشه أو متاعه فنقله برفق ففسد فكجراد تفرش في طريقه وإن كسر بيضة فخرج منها فرخ فعاش فلا شيء فيه وإن مات ففيه ما في صغار أولاد المتلف بيضه: ففي فرخ الحمام ـ صغير أولاد الغنم وفي فرخ النعامة حوار وفيما عداها قيمته ولا يحل لمحرم أكل بيض الصيد إذا كسره هو أو محرم غيره ويحل للحلال وإن كسره حلال فكلحم صيد: إن كان أخذه لأجل المحرم لم يبح أكله وإلا أبيح ولو كان الصيد مملوكا ضمنه جزاء وقيمته ولا يملك الصيد ابتداء بشراء ولو بوكيله ولا باتهاب ولا باصطياد فإن أخذه بأحد هذه الأسباب ثم تلف فعليه جزاؤه وإن كان مبيعا فعليه القيمة لمالكه والجزاء وإن أخذه رهنا فعليه الجزاء فقط وإن لم يتلف فعليه رده إلى مالكه فإن أرسله فعليه ضمانه لمالكه ولا جزاء وعليه رد المبيع أيضا ولا يسترد الصيد الذي باعه وهو حلال بخيار ولا عيب في ولا غير ذلك وإن رده المشتري عليه بعيب أو خيار فله ذلك ثم لا يدخل في ملك المحرم ويلزمه إرساله ويملك الصيد بإرث وإن أمسك صيدا حتى تحلل لزمه إرساله فإن تلف أو ذبحه أو أمسك صيد حرم وخرج به إلى الحل أو ذبح محل صيد حرم ضمنه وكان ميتة وإن أحرم أو دخل الحرم بصيد لم يزل ملكه عنه فيرده من أخذه ويضمنه من قبله ويلزمه إرساله في موضع يمتنع فيه وإزالة يده المشاهدة عنه: مثل ما إذا كان في قبضته أو

رحله أو خيمته أو قفصه أو مربوطا بحبل معه ونحوه دون يده الحكيمة مثل أن يكون في بيته أو بلده أو يد نائبا في غير مكانه ولا يضمنه وله نقل الملك فيه ومن غصبه لزمه رده: فلو تلف في يده المشاهدة قبل التمكن من إرساله لم يضمنه وإن أرسله إنسان من يده المشاهدة قهرا لم يضمنه ومن أمسك صيدا في الحل فأدخل الحرم أو أمسكه في الحرم فأخرجه إلى الحل لزمه فإن تلف في يده ضمنه وإن قتل صيدا صائلا عليه دفعا عن نفسه خشية تلفها أو مضرة كجرحه أو إتلاف ماله أو بعض حيواناته أو تلف بتخليصه من سبع أو شبكة ونحوها ليطلقه أو أخذه ليخلص من رجله خيطا أو نحوه فتلف بذلك لم يضمنه ولو أخذه ليداويه فوديعة وله أخذ ما لا يضره كيد متاءكلة وإن أزمنه فجزاؤه ولا تأثير لحم ولا إحرام في تحريم حيوان إنسي كبيهمة الأنعام والخيل والدجاج ولا في محرم الأكل غير المتولد كالفواسق ـ وهي الحدأة والغراب إلا بقع وغراب البين والفأرة والحية والعقرب والكلب والعقور ـ بل يستحب قتلها وقتل كل ما طبعه الأذى وإن لم يوجد منه أذى كالأسد والنمر والذئب والفهد وما في معناه والبازي والصقر والشاهين والعقاب والحشرات المؤذية والزنبور والبق والبعوض والبراغيث وكالرخم والبوم والديدان ولا جزاء في ذلك ولا بأس أن يقرد بعيره ـ وهو نوع القراد عنه ـ ويحرم على المحرم لا على الحلال ولو في الحرم قتل قمل وصئبانة من رأسه وبدنه ولو بزئبق ونحوه وكذا رميه ولا جزاء فيه ويحرم صيد البحر والأنهار والآبار والعيون

ولو كان ما يعيش في البر والبحر كالسلحفاة والسرطان ونحوهما إلا في الحرم ولو للحلال وطير الماء والجراد من صيد البر: فيضمن بقيمته فإن انفرش في طريقه فقتله لمشيه أو أتلف بيض طير لحاجة كالمشي ـ فعليه جزاؤه وإذا ذبح المحرم الصيد وكان مضطرا فله أكله ولم به مثل ضرورة لحاجة الأكل وهو ميتة في حق غيره ويقدم عليه الميتة ويأتي في الأطعمة وإن احتاج إلى فعل محظور فله فعله وعليه الفداء.

فصل السابع عقد النكاح
فصل السابع عقد النكاحفلا يتزوج ولا يزوج غيره بولاية ولا وكالة ولا يقبل النكاح الحلال ولا تزوج المحرمة والنكاح في ذلك كله باطل: تعمده أو لا إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم والاعتبار بحالة العقد: فلو وكل محرم حلالا فعقده بعد حله صح ولو وكل حلال حلالا فعقده بعد أن أحرم لم يصح ولو وكله ثم أحرم لم ينعزل وكيله فإذا حل كان لوكيله عقده ولو وكل حلال حلالا فعقده وأحرم الموكل فقالت الزوجة: وقع في الحرام وقال الزوج: قبله فالقول قوله وإن كان بالعكس فقوله أيضا ولها نصف الصداق ويصح مع جهلهما وقوعه وإن أحرم الإمام الأعظم لم يجز أن يتزوج ولا يزوج أقاربه ولا غيرهم بالولاية العامة ويزوج خلفاؤه وإن أحرم نائبه فكهو وتكره خطبة محرم على نفسه وعلى غيره وخطبة محل محرمة: كخطبة عقده وحضوره وشهادته فيه وتباح الرجعة للمحرم وتصح: كشراء أمة لوطء وغيره ويصح اختار من

أسلم على أكثر من أربع نسوة لبعضهن حال الإحرام ولا فدية عليه في شيء من ذلك كله كشراء الصيد.

فصل الثامن الجماع في فرج أصلي
فصل الثامن الجماع في فرج أصليقبلا كان أو دبرا من آدمي أو غيره فمن فعل ذلك قبل التحلل الأول ولو بعد الوقوف فسد نسكهما ولو ساهيا أو جاهلا أو مكرها نصا أو نائمة ويجب به بدنة ولا يفسد بغير الجماع وعليهما المضي في فاسده وحكمه حكم الإحرام الصحيح فيفعل بعد الإفساد كما يفعل قبله: من الوقوف وغيره ويجتنب قبله: من الوطء وغيره وعليه الفدية إذا فعل محظورا بعده والقضاء على الفور ولو نذرا أو نفلا كانا مكلفين وإلا بعده بعد حجة الإسلام على الفور ويصح قضاء عبد في رقه وتقدم حكم إفساد حجه وحج الصبي ـ من حيث أحرما أولا من الميقات أو قبله وإلا لزمهما من الميقات وإن أفسد القضاء قضى الواجب: لا القضاء ونفقة المرأة في القضاء عليها إن طاوعت وإن أكرهت فعلى الزوج وتستحب تفرقتهما في القضاء من الموضع الذي أصابها فيه إلى أن يحلا: بألا يركب معها على بعير ولا يجلي معها في خبائها وما أشبه ذلك بل يكون قريبا منها فيراعي أحوالها لأنه محرمها والعمرة في ذلك كالحج يفسد الوطء قبل الفراغ من السعي لا بعده وقبل حلق ويجب المضي في فاسدها ويجب القضاء والدم وهو شاة لكن إن كان مكيا أو حصل بها مجاورا أحرم للقضاء من الحل: سواء كان قد أحرم بها منه أو من الحرم وإن أفسد المتمتع

عمرته ومضى في فاسدها وأتمها خرج إلى الميقات فأحرم منه بعمرة فإن خاف فوت الحج أحرم به من مكة وعليه دم فإذا فرغ من حجه خرج فأحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها وعليه هدى يذبحه إذ قدم مكة لما أفسد من عمرته وإن أفسد المفرد حجته وأتمها فله الإحرام بالعمرة من أدنى الحل وإن أفسد القارن نسكه فعليه فداء واحد وإن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني لم يفسد حجه: قارن كان أو منفردا لكن فسد إحرامه فيمضي إلى الحل فيحرم منه ليطوف للزيادة في إحرام صحيح ويسعى إن لم يكن سعى وتحلل لأن الذي بقي عليه بقية أفعال الحج وليس هذا عمرة حقيقة ويلزمه شاة والقارن كالمفرد فإن طاف للزيارة لم يرم ثم وطئ ـ ففي المغني والشرح: لا يلزمه إحرام من الحل ولا دم عليه لوجود أركان الحج وقال في الفروع: فظاهر كلام جماعة: كما سبق وهو بعد التحلل الأول محرم لبقاء تحريم الوطء المنافي وجوده صحة الإحرام.

فصل التاسع المباشرة فيما دون الفرج
فصل التاسع المباشرة فيما دون الفرجلشهوة بوطء أو قبلة أو لمس وكذا نظر لشهوة فإن فعل فأنزل فعليه بدنة ولم يفسد نسكه كما لو لم ينزل وكما لو لم يكن لشهوة ويأتي تتمة في الباب بعده.

فصل والمرأة إحرامها في وجهها
فصل والمرأة إحرامها في وجههافيحرم تغطيتة ببرقع أو نقاب أو غيره فإن غطته لغير حاجة فدت والحاجة كمرور رجال قريبا منها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها ولو مس وجهها ولا يمكنها تغطية جميع الرأس إلا بجز من الوجه لا كشف جميع الوجه إلا

باب الفدية
مدخل

باب الفدية
وهي ما يجب بسبب نسك أو حرم وله تقديمها على الفعل المحظور لعذر: كحلق ولبس وتطيب بعد وجود السبب المبيح: ككفارة يمين ويأتي،
وهي على ثلاثة أضرب: أحدهما: على التخيير ـ وهو نوعان أحدهما يخير فيه بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع تمرا أو زبيب أو شعير أو ذبح شاة فلا يجزى الخبز واختار الشيخ الأجزاء ويكون رطلين عراقية وينبغي أن يكون بادم ومما يأكل ـ أفضل من بر وشعير وهي فدية حلق الشعر وتقليم الأظفار وتغطية الرأس واللبس والطيب ولو حلق ونحوه لعذر أو غيره.
النوع الثاني: جزاء الصيد يخير فيه بين المثل فإن اختاره ذبحه وتصدق به على مساكين الحرم ولا يجزئه أن يتصدق به حيا وله ذبحه أي وقت شاء فلا يختص بأيام النحر أو تقويم المثل بدراهم بالموضع الذي أتلفه وبقرب ليشتري بها طعام يجزئ في الفطرة وإن أحب أخرج من طعام يملكه بقدر القيمة فيطعم كل مسكين مدا من حنطة أو نصف صاع من غيره أو يصوم عن طعام كل مسكين

يوما وإن بقي ما لا يعدل يوما صام يوما ولا يجب التتابع في هذا الصوم ولا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعضه وإن كان مما لا مثل له ـ خير بين أن يشتري بقيمته طعاما فيطعمه للمساكين وبين أن يصوم عن كل طعام مسكين يوما.

فصل الضرب الثاني على الترتيب
فصل الضرب الثاني على الترتيبوهي ثلاثة أنواع أحدهما: دم متعة وقران فيجب الهدي فإن عدمه موضعه أو وجده ولا ثمن معه إلا في بلده فصيام ثلاثة أيام في الحج ولا يلزمه أن يقترض ولو وجد من يقرضه ويعمل بظنه في عجزه فإن الظاهر من المعسر استمرار إعساره فلهذا جاز الانتقال إلى الصوم قبل زمان الوجوب والأفضل أن يكون آخر الثلاثة يوم عرفة فيصومه للحاجة ويقدم الإحرام بالحج قبل يوم التروية فيكون باليوم السابع من الحجة محرما وهو أولها وله تقديمها قبل إحرامه بالحج بعد أن يحرم بالعمرة ولا قبله ووقت وجوب صوم الأيام الثلاثة ـ وقت وجوب الهدي وتقدم وسبعة إذا رجع إلى أهله ولا يصح صومها بعد إحرامه بالحج قبل فراغه منه ولا في أيام منى لبقاء أعمال من الحج ولا بعدها قبل طواف الزيارة وبعده يصح والاختيار ـ إذا رجع إلى أهله فإن لم يصم الثلاثة قبل يوم النحر صام أيام منى ولا دم عليه فإن لم يصمها فيها ولو لعذر صام بعد ذلك عشرة أيام وعليه دم وكذا إن أخر الهدي عن أيام النحر لغير عذر ولا يجب تتابع ولا تفريق في صوم الثلاثة ولا السبعة ولا بين الثلاثة والسبعة،

إذا قضى ومتى وجب عليه الصوم فشرع فيه أو لم يشرع ثم قدر على الهدي لم يلزمه الانتقال إليه وإن شاء انتقل ومن لزمه صوم المتعة فمات قبل أن يأتي به لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكين وإلا فلا ـ الثاني: المحصر يلزمه الهدي ينحره بنية التحلل مكانه كما يأتي في بابه فإن لم يجد صام عشرة أيام بالنية ثم حل ولا إطعام فيه ـ الثالث: فدية الوطء تجب به بدنة: قارن كان أو مفردا فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع: كدم المتعة لقضاء الصحابة به وشاة إن كان في العمرة ويجب على المرأة المطاوعة مثل ذلك لا المكرهة والنائمة ولا يجب على الواطئ أن يفدي عنها ويقدم ذلك.

فصل الضرب الثالث الدماء الواجبة
فصل الضرب الثالث الدماء الواجبةلفوات الحج بعدم وقوفه بعرفة لعذر: حصر أو غيره ولم يشترط أن محلى حيث حبستني أو وجب لترك واجب كترك الإحرام من الميقات أو الوقوف بعرفة إلى الليل وسائر الواجبات فيلزمه من الهدي ما تيسر كدم المتعة في حكمه وحكم الصيام وما وجب للمباشرة في الفرج فما أوجب منه بدنة فحكمها حكم البدنة الواجبة في الفرج وما عدا ما يوجب بدنة بل دما كاستمتاع لم ينزل فيه فإنه يوجب شاة وحكمها حكم فدية الأذى وإن كرر النظر أو قبل أو لمس لشهوة فأمنى أو استمنى فأمنى فعليه بدنة وإن مذى بذلك أو أمنى بنظرة واحدة فشاة وإن لم ينزل أو أنزل عن فكر أو مذى بنظرة من غير تكرار أو احتلم فلا شيء

عليه وخطأ كعمده في الكل والمرأة كالرجل مع شهوة.

فصل وإن كرر محظورا من جنس غير صيد
فصل وإن كرر محظورا من جنس غير صيدمثل أن حلق أو قلم أو لبس أو تطيب أو وطئ أو غيرها من المحظورات ثم أعاد ثانيا ولو غير الموطوأة أو بلبس مخيط في رأسه أو بدواء مطيب قبل التفكير عن الأول فكفارة واحدة: تابع الفعل أو فرقه فلو قلم ثلاثة أظفار أو قطع ثلاث شعرات في أوقات قبل التفكير لزمه دم وإن كفر عن الأول لزمه عن الثاني كفارة وتتعدد كفارة الصيد بتعدده وإن فعل محظورا من أجناس فعليه لكل واحد فدا وإن حلق أو قلم أو وطئ أو قتل صيدا عامدا أو ناسيا أو مخطئا أو مكرها ولو نائما قلع شعره أو صوب رأسه إلى تنور فأحرق اللهب شعره ـ فعليه الكفارة وإن لبس أو تطيب أو غطى رأسه ناسيا أو جاهلا أو مكرها فلا كفارة ويلزمه غسل الطيب وخلع اللباس في الحال ومتى أخره عن زمن الإمكان فعليه الفدية وتقدم غسل الطيب ومن رفض إحرامه لم يفسد ولم يلزمه دم لرفضه وحكم إحرامه باق فإن فعل محظورا فعليه فداؤه ومن تطيب قبل إحرامه في بدنه فله استدامة ذلك في إحرام وتقدم وليس له لبس ثوب مطيب بعد إحرامه وتقدم وإن أحرم وعليه قميص ونحوه ـ خلعه ولم يشقه فإن استدام لبسه ولو لحظة فوق المعتاد من خلعه ـ فدى فإن لبس بعد إحرامه ثوبا كان مطيبا أو انقطع ريحه أو افترشه ولو تحت حائل غير ثيابه لا يمنع ريحه أو مباشرته إذا رش فيه ماء فاح ريحه - فدى.

فصل وكل هدي أو إطعام يتعلق بحرم
فصل وكل هدي أو إطعام يتعلق بحرم أو إحرام
كجزاء صيد وما وجب لترك واجب أو فوات أو بفعل محظور في الحرم وهدي تمتع وقران ومنذور ونحوهما ـ يلزم ذبحه في الحرم وتفرقة لحمه فيه أو إطلاقه بعد ذبحه لمساكين من المسلمين إن قدر إلى إيصاله إليهم بنفسه أو بمن يرسله معه وهم: من كان به أو واردا إليه من حاج وغيره ممن له أخذ زكاة لحاجة فإن دفع إلى فقير في ظنه فبان غنيا أجزأه ويجز نحره في أي نواحي الحرم كان قال أحمد: مكة ومنى واحد ومراده في الإجزاء لا في التساوي ومنى كلها منحر والأفضل أن ينحر في الحج بمنى وفي العمرة بالمروة وإن سلمه إليهم فنحروه أجزأ وإلا استرده ونحره فإن أبى أو عجز ضمنه فإن لم يقدر على إيصاله إليهم جاز نحره في غير الحرم وتفرقته هو والطعام حيث نحره وفدية الأذى واللبس ونحوهما كطيب ودم المباشرة دون الفرج إذا لم ينزل وما وجب بفعل محظور خارج الحرم ولو لغير عذر فله تفرقتها حيث وجد سببها وفي الحرم أيضا ووقت ذبح فدية الأذى واللبس ونحوهما وما ألحق به حين فعله وله الذبح قبله لعذر وذلك ما وجب لترك واجب ولو أمسك صيدا أو جرحه ثم أخرج جزاءه ثم تلف المجروح أو الممسك أو قدم من أبيح له الحلق فديته قبل الحلق ثم حلق أجزأ ودم الإحصار يخرجه حيث أحصر: وأما الصيام والحق وهدي التطوع وما يسمى نسكا فيجزئه بكل مكان كأضحية وكل دم ذكر يجزئ فيه

شاة كأضحية فيجزئ الجذع من الضأن والثني من المعز أو سبع بدنة أو سبع بقرة وإن ذبح بدنة أو بقرة فهو أفضل وتكون كلها واجبة ومن وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة: كعكسه ولو في جزاء صيد ونذر ويجزئه عن كل واحدة منها سبع شياة ويجزئه عن سبع شياة بدنة أو بقرة وذكر جماعة: إلا في جزاء الصيد

باب جزاء الصيد
مدخل

باب جزاء الصيد
جزاؤه ـ ما يستحق بدله من مثله ومقاربه وشبهه ويجتمع الضمان والجزاء إذا كان ملكا للغير وتقدم ويجوز إخراج الجزاء بعد الجرح وقبل الموت.
وهو ضربان : أحدهما مثل من النعم خلقة لا قيمة فيجب فيه مثله ـ وهو نوعان: أحدهما ما قضت فيه الصحابة ففيه ما قضت: ففي النعامة بدنة وفي كل واحد من حمار الوحش وبقرته والوعل: وهو الأروى بقرة يقال لذكره: الإبل وللمسن منه التيتل ـ بقرة1 وفي الضبع كبش: وهو فحل الضأن وفي الظبي: وهو الغزال ـ عنز وهو الأنثى من المعز ولا شيئ في الثعلب لأنه سبع وفي الوبر والضب جدي مما بلغ من أولاد المعز ستة أشهر وفي اليربوع جفرة من المعز لها أربعة أشهر وفي الأرنب عناق أنثى من أولاد المعز أصغر من الجفرة قاله في الشرح والفروع وفي واحدة الحمام وهو كل ما عب وهدر ـ شاة فيدخل فيه القطا والفواخت والوراشين والقمارى والدباس ونحوها.
ـــــــ
1 لفظ بقرة الأول: بيان للوعل. والثاني مبتدأمعطوف على قوله سابقا: بدنة. وخبره مقدم عليه وهو قوله: وفي كل واحد من حمار الوحش الخ.

النوع الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة فيرجع فيه إلى قول عدلين لقوله تعالى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} من أهل الخبرة ويجوز أن يكون القاتل أحدهما وأن يكونا القاتلين وحمله ابن عقيل على ما إذا قتله خطأ أو جاهلا بتحريمه وعلى قياسه إذا قتله لحاجة أكله ويضمن كل واحد من الكبير والصغير والصحيح والمعيب والذكر والأنثى والحائل والحامل ـ بمثله وتقدم بعضه وإن فدى الصغير بكبير والذكر بأنثى فهو أفضل ولو جنى على الحامل فألقت جنينها ميتا ضمن نقص الأم فقط كما لو جرحها وإن ألقته حيا لوقت يعيش لمثله ثم مات ففيه جزاؤه ويجوز فداء أعور من عين وأعرج من قائمة ـ باعور وأعرج من أخرى لا فداء أعور بأعرج وعكسه ويجزئ فداء أنثى بذكر كعكسه.

فصل الضرب الثاني
فصل الضرب الثانيما لا مثل له فيجب فيه قيمته مكانه وهو سائر الطيور ولو أكبر من الحمام: كالأوز والحبارى والحجل والكبير من طير الماء والكركي وغير ذلك وإن تلف جزء من صيد واندمل وهو متمتع وله مثل ـ ضمنه بمثله لحما من مثله وما لا مثل له ـ ما نقص من قيمته وإن نفر صيدا فتلف بشيء ولو بآفة سماوية أو نقص في حال نفوره ـ ضمنه لا إن تلف بعد نفوره في مكانه بعد أمنه وإن رمى صيدا فأصابه ثم سقط على آخر فماتا ـ ضمنهما فلو مضى المجروح قليلا ثم سقط على آخر ـ وإن جرحه جرحا غير موح فغاب ولم يعلم خبره فعليه ما نقصه فيقوم صحيحا

وجريحا غير مندمل ثم يخرج بقسطه من مثله وكذا إن وجده ميتا ولم يعلم موته بجرحه وإن وقع في ماء أو تردى فمات ضمنه إن اندمل غير ممتنع أو جرحه موحيا فعليه جزاء جميعه وكل ما يضمن به الآدمي يضمن به الصيد ـ من مباشرة أو سبب وكذلك ما جنت دابته بيدها أو فمها فأتلفت صيدا فالضمان على راكبها أو قائدها أو سائقها وما جنته برجلها فضمان عليها وتقدم وإن انفلتت فأتلفت صيدا لم يضمنه: كالآدمي وإن نصب شبكة أو حفر بئرا بغير حق فوقع فيها صيد ـ ضمنه وإن نصب شبكة ونحوها قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه ـ لم يضمنه: كما لو صاده قبل إحرامه وتركه في منزله فتلف بعد إحرامه وإن نتف ريشه أو شعره أو وبره فعاد فلا شيء عليه فإن صار غير ممتنع: فكالجرح وإن اشترك جماعة في قتل صيد ولو كان بعضهم ممسكا أو متسببا والآخر قائلا فعليهم جزاء واحد وإن كفروا بالصوم إن اشترك حلال ومحرم في قتل صيد حرمي فالجزاء عليها نصفين وهذا الاشتراك الذي هذا حكمه ـ هو الذي يقع فيه الفعل منهما معا أو جرحه أحدهما أو قتل الآخر منهما فإن جرحه أحدهم أو قتله الآخر فعلى الجارح ما نقصه وعلى القاتل جزاؤه مجروحا وإذا قتل القارن صيدا فعليه جزاء واحد.

باب صيد الحرمين ونباتهما
مدخل

باب صيد الحرمين ونباتهما
ويحرم صيد حرم مكة على الحلال والمحرم فمن أتلف منه شيئا،

ولو كان المتلف كافرا أو صغيرا أو عبدا فعليه ما على المحرم في مثله ولا يلزم المحرم جزاآن وحكم صيده حكم صيد الإحرام مطلقا: إلا القمل فإنه لا يضمن ولا يكره قتله فيه وإن رمى الحلال من الحل صيدا في الحرم أو بعض قوائمه فيه أو أرسل كلبه عليه أو قتل صيدا على غصن في الحرم: أصله في الحل أو أمسك طائر في الحل فهلك فراخه في الحرم: ضمنه لا أمه ولو رمى الحلال صيدا ثم أحرم قبل أن يصيبه ضمنه ولو رمى المحرم صيدا ثم حل قبل الإصابة لم يضمن اعتبار بحالة الإصابة وإن قتل من الحرم صيدا في الحل بسهمه أو كلبه أو صيدا على غصن في الحل: أصله في الحرم أو أمسك حمامته في الحرم فهلك فراخها في الحل ـ لم يضمن وإن كان الصيد والصائد في الحل فرماه بسهمه أو أرسل كلبه عليه فدخل الحرم ثم خرج فقتله في الحل فلا جزاء فيه وإن أرسل كلبه من الحل على صيد في الحل فقتله أو غيره في الحرم أو فعل ذلك بسهمه بأن شطح السهم فدخل الحرم ـ لم يضمن ولا يؤكل كما لو ضمنه ولو جرح من الصيد أو في الحل فمات في الحرم حل ولو يضمن.

فصل ويحرم قطع شجر الحرم
فصل ويحرم قطع شجر الحرمحتى ما فيه مضرة كشوك وعوسج وحشيش حتى شوك وورق وسواك ونحوه ويضمنه: إلا اليابس وما زال بفعل غير آدمي وانكسر لم يبن والإذخر والكمأة والنقع والتمرة وما زرعه آدمي: من بقل ورياحين وزروع وشجر غرس من غير شجر الحرم ـ فيباح أخذه والانتفاع به وبما

انكسر من الأغصان وانقلع من الشجر بغير فعل آدمي وكذا الورق الساقط ويجوز رعي حشيش ولا يجوز الإحتشاش للبهائم وإذا قطع ما يحرم قطعه حرم انتفاعه وانتفاع غيره به: كصيد ذبحه محرم ومن قطعه ـ ضمن الشجرة الكبيرة والمتوسطة ببقرة والصغيرة بشاة والحشيش والورق بقيمته والغصن بما نقص وإن استخلف الغصن والحشيش ـ سقط الضمان وكذا لورد شجرة فنبتت1 ويضمن نقصها إن نبتت ناقصة وإن قلع شجرا من الحرم فغرسه في الحل لزمه رده فإن تعذر أو يبست أو قلعها من الحرم فغرسها في الحرم فيبست ـ ضمنها فإن قلعها غيره من الحل بعد أن غرسها هو ضمنها قالعها بخلاف من نفر صيدا فخرج إلى الحل ضمنه منفر لا قاتل2 ويخير بين الجزاء وبين تقويمه ويفعل بثمنه: كجزاء صيد وإن قطع غصنا في الحل: أصله أو بعضه في الحرم ـ ضمنه لا إن قطعه في الحرم وأصله كله في الحل قال أحمد: لا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل إليه من الحل ولا يخرج من حجار مكة إلى الحل والخروج أشد يعني في الكراهة ولا يكره إخراج ماء
ـــــــ
1 يريد: لو قلع شجرة من الحرم ثم ردها إليه ثانيا فنبت كما كانت فلا ضمان.
2 إنما استقر الضمان في مسألة الشجرة التي أخرجت من الحل على قالعها دون مخرجها لأن حرمة الشجرة لا تزول عنها بنقلها وحيث كان التلف يفعل الأخير فعليه الضمان. وأما الضمان في الطير فإنما ثبت على مخرجه دون قاتله في الحل لأن الطير بإخراجه من الحرم سقطت حرمته وصار كطير الحل لا شيء فيه، وحيث كان سقوط الحرمة يسبب الإخراج فمخرجه هو المعتدى، ومن هذا تفهم أن بين الطير والشجر فرقا في سقوط حرمة الطير بإخراجه دون الشجر.

زمزم لأنه يستخلف فهو كالثمرة ومكة أفضل من المدينة وتستحب المجاورة بها ولمن هاجر منها ـ المجاورة بها وما خلق الله خلقا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وأما نفس تراب تربته فليس هو أفضل من الكعبة بل الكعبة أفضل منه ولا يعرف أحد من العلماء فضل تراب القبر على الكعبة إلا القاضي عياض ولم يسبقه أحد إليه ولا وافقه أحد قط عليه1 وحد الحرم من طريق المدينة ثلاثة أميال عند بيوت السقيا ومن اليمن سبعة عند أضاة لبن ومن العراق كذلك على ثنية خل: وهو جبل بالمقطع ومن الجعرانة تسعة أميال في شعب عبد الله بن خالد ومن جدة عشرة أميال عند منقطع الأعشاش ومن الطائف على عرفات من بطن نمرة سبعة عند طرف عرفة ومن بطن عرفة أحد عشر ميلا.
ـــــــ
1 تفضيل الكعبة على قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم غير منظور فيه إلى الجثة الشريفة وأما مع النظر إلى الجثة فليس شيء يعدل قبره في الفضل بحال.

فصل ويحرم صيد المدينة
فصل ويحرم صيد المدينةوالأولى ألا تسمى بيثرب فلو صاد وذبح صحت تذكيته ويحرم قطع شجرها وحشيشها ويجوز أخذ ما تدعو الحاجة إليه من شجرها للرحل والقتب وعوارضه وآلة الحرث ونحو ذلك والعارضة لسقف المحمل والمساند من القائمتين اللتين تنصب البكرة عليهما والعارضة بين القائمتين ونحو ذلك ومن حشيشها للعلف ومن أدخل إليها صيدا فله إمساكه وذبحه ولا جزاء في صيدها وحشيشها وحد حرمها ما بين ثور إلى عير: وهو ما بين

لابتيها وقدره بريد في بريد نصا وهما جبلان بالمدينة فثور ـ جبل صغير يضرب إلى الحمرة بتدوير خلف أحد جهة الشمال وغير مشهور بها ولا يحرم على المحل صيد وج وشجره: وهو واد بالطائف.

باب دخول مكة
مدخل

باب دخول مكة
يسن الاغتسال لدخولها ولو لحائض وأن يدخلها نهارا من أعلاها من ثنية كداء وأن يخرج من كدى من الثنية السفلى وأن يدخل المسجد من باب بني شيبة فإذا رأى البيت رفع يديه وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا وزد من عظمه وشرفه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا الحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكريم وجهه وعز جلاله والحمد لله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلا والحمد لله على كل حال اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام وقد جئتك لذلك اللهم تقبل مني وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت يرفع بذلك صوته إن كان رجلا وما زاد من الدعاء فحسن ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرا ولم يحتج أن يطوف لها طواف قدوم وبطواف القدوم: ويسمي طواف الورود إن كان مفردا أو قارنا وهو تحية الكعبة وتحية المسجد الصلاة وتجزئ عنها الركعتان بعد الطواف فيكون أول ما يبدأ به الطواف إلا إذا أقيمت أو ذكر فريضة فائتة أو خاف فوت ركعتي

الفجر أو الوتر أو أحضرت جنازة فيقدمها عليه ثم يطوف والأولى للمرأة تأخيره إلى الليل إن أمنت الحيض والنفاس ولا تزاحم الرجال لتستلم الحجر لكن تشير إليه: كالذي لا يمكنه الوصول إليه ويضطبع بردائه في طواف القدوم وطواف العمرة للمتمتع ومن في معناه: غير حامل معذور في جميع أسبوعه فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر فإذا فرغ من الطواف سواه ولا يضطبع في السعي ويبتدئ الطواف من الحجر الأسود وهو جهة المشرق فيحاذيه أو بعضه بجميع بدنه فإن لم يفعل أو بدأ بالطواف من دون الركن كالباب ونحوه لم يحتسب بذلك الشوط ثم يستلمه أي يمسحه بيده اليمنى ويقبله من غير صوت يظهر للقبلة ونص: ويسجد عليه فإن شق استلمه وقبل يده فإن شق استلمه بشيء وقبله وإن شق أشار إليه بيده أو بشيء واستقبله بوجهه ولا يقبل المشار به: ولا يزاحم فيؤذي أحدا ويقول بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ويقول ذلك كلما استلمه وزاد جماعة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد فإن لم يكن الحجر موجودا وقف مقابلا لمكانه واستلم الركن وقبله فإن شق استلمه وقبل يده ثم يأخذ على يمينه مما يلي باب البيت ويجعله على يساره ليقرب جانبه الأيسر إليه فأول ركن يمر به يسمى الشامي والعراقي وهو جهة الشام ثم يليه الركن الغربي والشامي وهو جهة المغرب،

ثم اليماني جهة اليمن فإذا أتى عليه استلمه ولو يقبله ولا يستلم ولا يقبل الركنين الآخرين ولا صخرة بيت المقدس ولا غيرها من المساجد والمدافن التي فيها الأنبياء والصالحون ويطوف سبعا يرمل في الثلاثة الأول منها ماش: غير راكب وحامل معذور ونفساء ومحرم من مكة أو من قربها فلا يسن هو ولا الإضطباع لهم ولا في غير هذا الطواف ولا يقضيه ولا بعضه في غيره: وهو إسراع المشي مع تقارب الخطى من غير وثب1 والرمل أولى من الدنو من البت بدونه وإن كان لا يتمكن من الرمل أيضا أو يختلط بالنساء فالدنو أولى ويطوف كيفما أمكنه فإذا وجد فرجة رمل فيها وتأخير الطواف له وللدنو أو لأحدهما أولى ويمشي الأربعة أشواط الباقية وكلها حاذى الحجر الأسود والركن اليماني استلمهما وإن شق أشار إليها ويقول كلما حاذى الحجر الأسود: الله أكبر فقط وله القراءة في الطواف فتستحب لا الجهر بها يكره إن غلط المصلي وبين الأسود واليماني: ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ويكثر في بقية طوافه من الذكر والدعاء ومنه: اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا ورب اغف وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ويدعو ما أحب ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدع الحديث إلا الذكر والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما لا بد منه ومن طاف أو سعى راكبا أو محولا لغير عذر لم يجزئه ولعذر يجزئ ويقع الطواف عن المحمول إن نويا عنه أو نوى كل منها عن
ـــــــ
1 قوله وهو: يريد به الرمل المتقدم.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9