كتاب : الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : شرف الدين موسى بن أحمد بن موسى أبو النجا الحجاوي

الفرج وفي الدبر أولا ويثبت لمستأمنين كذميين ولو مجوسيين لكن لا يصير المجوسي محصنا بنكاح ذي رحم محرم فلو زنى أحد منهم وجب الحد ويلزم الإمام إقامة حد بعضهم ببعض ومثله القطع بسرقة بعضهم من بعض ولا يسقط بإسلامه لكن لا يقام حد الزنا على مستأمن نصا قال في المغني و الشرح الكبير في باب القطع في السرقة: لأنه يجب به القتل لنقض العهد ولا يجب مع القتل حد سواه انتهى وهذا إذا زنى بمسلمة وأما إن زنى بغير مسلمة فلا يقام عليه الحد كالحربي ولا حد الخمر ولو كان لرجل ولد من امرأته فقال: ما وطئتها لم يثبت إحصانه ولو كان لها ولد من زوج فأنكرت أن يكون وطئها لم يثبت إحصانها ويثبت بقوله: وطئتها أو جامعتها أو باضعتها ويثبت إحصانها بقولها: أنه جامعها أو باضعها أو وطئها وإن قالت: باشرها أو أصابها أو أتاها أو دخل بها أو قاله هو فينبغي أن لا يثبت به الإحصان وإذا جلد الزاني على أنه بكر فبان محصنا - رجم وإذا رجم الزانيان المسلمان غسلا وكفنا وصلى عليهما ودفنا وإذا زنى الحر غير المحصن من رجل أو امرأة جلد مائة وغرب عاما إلى مسافة القصر في بلد معين وإن رأى الإمام التغريب إلى فوق مسافة القصر فعل والبدوي يغرب عن حلته وقومه ولا يمكن من الإقامة بينهم ولو عين السلطان جهة لتغريبه وطلب الزاني جهة غيرها تعين ما عينه السلطان ولو أراد الحاكم تغريبه فخرج بنفسه وغاب سنة ثم عاد لم يكفه في ظاهر كلامهم ولا يحبس في البلد نفي إليه فإن عاد من تغريبه قبل مضي الحول

أعيد تغريبه حتى يكمل الحول مسافرا ويبنى على ما مضى وتغرب امرأة مع محرم وجوبا إن تيسر فيخرج معها حتى يسكنها في موضع ثم إن شاء رجع إذا أمن عليها وإن شاء أقام معها وإن أبى الخروج معها بذلت له الأجرة من مالها فإن تعذر فمن بيت المال فإن أبى الخروج معها نفيت وحدها كما لو تعذر: كسفر الهجرة وسفر الحج إذا مات المحرم في الطريق وقيل تستأجر امرأة ثقة اختاره جماعة وإن زنى الغريب غرب إلى بلد غير وطنه وإن زنى في البلد الذي غرب إليه غرب إلى غير البلد الذي غرب منه وتدخل بقية مدة الأول في الثاني لأن الحدين من جنس فتداخلا.

فصل:- وإن كان الزاني رقيقا فحده خمسون جلدة ولا يغرب بكرا كان أو ثيبا ولا يرجم
فصل:- وإن كان الزاني رقيقا فحده خمسون جلدة ولا يغرب بكرا كان أو ثيبا
ولا يرجم هو ولا المبعض وإذا زنى ثم عتق فعليه حد الرقيق ولو زنى حر ذمي ثم لحق بدار حرب ثم سبي فاسترق حد حد الأحرار ولو كان أجد الزانيين حرا والآخر رقيقا أو زنى محصن ببكر فعلى كل واحد حده ولو زنى بعد العتق وقبل العلم به فعليه حد الأحرار وإن أقيم عليه حد الرقيق قبل العلم بحريته ثم علمت بعد - تمم عليه حد الأحرار وإن كان نصفه حرا فحده خمس وسبعون ويغرب نصف عام محسوبا على العبد من نصيبه الحر وللسيد نصف عام بدلا عنه وما زاد من الحرية أو نقص فبحساب ذلك فإن كان فيها كسر مثل أن يكون ثلثه حرا فيلزمه ست وستون جلدة وثلثا جلدة فينبغي أن يسقط الكسر والمدبر والمكاتب وأم الولد كالقن وإن عفا السيد

عن عبده لم يسقط عنه الحد وإذا فجر رجل بأمة ثم قتلها فعليه الحد وقيمتها وحد اللواط: الفاعل والمفعول به - كزان ولا فرق بين أن يكون في مملوكه أو أجنبي أو أجنبية فإن وطئ زوجته أو مملوكته في دبرها فهو محرم ولا حد فيه وحد زان بذات محرم - كلائط ومن أتى بهيمة ولو سمكة عزر ويبالغ في تعزيره وقتلت البهيمة: سواء كانت مملوكة له أو لغيره مأكولة أو غير مأكولة فإن كانت ملكه فهدر وإن كانت لغيره ضمنها ويحرم أكلها ويثبت ذلك بشهادة رجلين على فعله بها أو إقراره ويأتي ولو مرة إن كانت ملكه وإن لم تكن ملكه لم يجز قتلها بإقراره ولو مكنت امرأة قردا من نفسها حتى وطئها فعليها ما على واطئ البهيمة.

فصل: - ولا يجب الحد إلا بشروط
فصل: - ولا يجب الحد إلا بشروطأحدها : أن يطأ في فرج أصلي من آدمي حي قبلا كان أو دبرا بذكر أصلي وأقله تغييب حشفة من فحل أو خصي أو قدرها عند عدمها فإن وطئ دون الفرج أو تساحقت امرأتان أو جامع الخنثي المشكل بذكره أو جومع في قبله فلا حد وعليهم التعزير ولو وجد رجل مع امرأة يقبل كل منهما الآخر ولم يعلم أنه وطئها فلا حد وعليهما التعزير وإن قالا: نحن زوجان واتفقا على ذلك قبل قولهما وإن شهد عليهما بالزنا فقالا: نحن زوجان فعليهما الحد إن لم تكن بينة تشهد بالنكاح.
الثاني : أن يكون الزاني مكلفا فلا حد على صغير ومحنون وإن زنى ابن عشر أو بنت تسع - عزرا قاله في الروضة وقال في المبدع: يعزر

غير البالغ منهما انتهى وذلك كضربه على ترك الصلاة وحد السكران إذا زنا أو أقر به في سكره.
الثالث : انتفاء الشبهة فإن وطئ جارية ولده: وطئها الابن أولا أو جارية له أو لولده أو لمكاتبه فيها شرك أو أمة: كلها أو بعضها لبيت المال وهو حر مسلم أو وطئ امرأته أو أمته في حيض أو نفاس أو دبر أو امرأة على فراشه أو في منزله أو زفت إليه ولو لم يقل له: هذه امرأتك ظنها امرأته أو أمته أو ظن أن له أو لولده فيها شركا أو دعا الضرير امرأته فأجابه غيرها فوطئها أو وطئ أمته المجوسية أو المرتدة الو المعتدة أو المزوجة أو في مدة استبرائها أو في نكاح أو ملك مختلف في صحته كنكاح متعة وبلا ولي أو بلا شهود ونكاح الشغار والمحلل ونكاح الأخت في عدة أختها البائن وخامسة في عدة رابعة بائن ونكاح المجوسية وعقد الفضولي ولو قبل الإجازة وفي شراء فاسد بعد قبضه ولو اعتقد تحريمه - فلا حد وتقدم وطء بائع في مدة خيار يعتقد تحريمه وإن جهل تحريم الزنا لحداثة عهده بالإسلام أو أنشئه ببادية بعيدة أو تحريم نكاح باطل إجماعا - فلا حد ولا يسقط الحد بجهل العقوبة إذا علم التحريم لقضية ما عز وإن أكرهت المرأة على الزنا أو المفعول به لواطا قهرا أو بالضرب أو بالمنع من طعام أو شراب اضطرارا إليه ونحوه فلا حد وإن أكره عليه الرجل فزنى - حد وعنه لا واختاره الموفق وجمع وإن أكره على إيلاج ذكره بأصبعه من غير انتشار أو باشر المكره المكره أو مأموره ذلك فلا حد وإن وطئ ميتة أو

ملك أمه أو أخته من الرضاع فوطئها - عزر ولم يحد وإن اشترى ذات محرمه من النسب ممن يعتق عليه ووطئها أو وطئ في نكاح مجمع على بطلانه مع العلم: كنكاح المزوجة والمعتدة ومطلقته ثلاثا والخامسة وذوات محارمه من النسب والرضاع أو زنى بحربية مستأمنة أو نكح بنته من الزنا نصا وحمله جماعة على أنه لم يبلغه الخلاف فيحمل إذن على معتقد تحريمه أو استأجر امرأة للزنا أو لغيره فزنى بها أو بامرأة له عليها قصاص أو بصغيرة يوطأ مثلها أو مجنونة أو بامرأة ثم تزوجها أو بأمة ثم اشتراها - فعليه الحد وإن مكنت المكلفة من نفسها مجنونا أو مميزا أو من لا يحد لجهله أو مكنت حربيا أو مستأمنا أو أدخلت ذكر نائم فعليها الحد وحدها.
الرابع : ثبوت الزنا، ولا يثبت إلا بأحد أمرين: أحدهما: أن يقر به أربع مرات في مجلس أو مجالس وهو مكلف مختار ويصرح بذكر حقيقة الوطء ولا ينزع عن إقراره حتى يتم الحد فإن أقر أنه زنى بامرأة فكذبته فعليه الحد: دونها كما لو سكتت أو لم تسأل ولا يصح إقرار الصبي والمجنون ولا من زال عقله بنوم أو شرب دواء ويحد الأخرس إذا فهمت إضارته وإن أقر بوطء امرأة وادعى أنها امرأته فأنكرت المرأة الزوجية ولم تقر بوطئه إياها فلا حد عليه ولا مهر لها وإن اعترفت بوطئه وأنه زنى بها مطاوعة فلا مهر ولا حد على واحد منهما: إلا أن تقر أربع مرات وإن أقرت أنه أكرهها عليه أو اشتبه عليها فعليه المهر ولو شهد أربعة على إقراره أربعا بالزنا ثبت الزنا،

يثبت بدون أربعة، فإن أنكر أو صدقهم دون أربع مرات فلا حد عليه ولا على الشهود ولو تمت البينة عليه وأقر على نفسه إقرارا تاما ثم رجع عن إقراره لم يسقط عنه الحد.
فصل: - الأمر الثاني: أن يشهد عليه ولو ذميا أربعة رجال مسلمين عدول: أحرار كانوا أو عبيدا يصفون الزنا بزنا واحد فيقولون: رأيناه مغيبا ذكره أو حشفته أو قدرها في فرجها كالميل في المكحلة أو الرشاء في البير ويجوز للشهود أن ينظروا إلى ذلك منهما لإقامة الشهادة عليهما ولا يعتبر ذكر مكان الزنا ولا ذكر المزني بها إن كانت الشهادة على رجل ولا ذكر الزاني إن كانت الشهادة على امرأة ويكفي إذا شهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها والتشبيه تأكيد ويشترط أن يجئ الأربعة في مجلس واحد: سواء جاؤا متفرقين أو مجتمعين وسواء صدقهم أو لا فإن جاء بعضهم بعد أن قام الحاكم من مجلسه أو شهد ثلاثة وامتنع الرابع أو لم يكملها - فهم قذفة: وعليهم الحد وإن كانوا فساقا أو عميانا أو بعضهم - فعليهم الحد وإن شهدوا أربعة مستورون ولم تثبت عدالتهم أو مات أحد الأربعة قبل وصف الزنا فلا حد عليهم فإن شهد ثلاثة رجال وامرأتان حد الجميع وإن كان أحد الأربعة زوجا - حد الثلاثة: لا الزوج إن لاعن وإن شهدوا أربعة: فإذا المشهود عليه مجبوب أو رتقاء - حدوا للقذف وإن شهدوا عليها فتبين أنها عذراء لم تحد هي ولا الرجل ولا الشهود1 وتكفي شهادة امرأة واحدة بعذرتها وإن شهد اثنان
ـــــــ
1 عدم الحد واضح في جانب المقذوفة والمقذوف لظهور براءتهما بوجود =

أنه زنى بها في بيت أو بلد أو يوم واثنان أنه زنى بها في بيت أو بلد أو يوم آخر أو شهد اثنان أنه زنى بامرأة بيضاء واثنان أنه زنى بامرأة سوداء - فهم قذفة لأنهم لم يشهدوا بزنا واحد وعليهم الحد وإن شهد اثنان أنه زنى بها في زاوية بيت صغير عرفا واثنان أنه زنى بها في زاويته الأخرى أو اثنان أنه زنى بها في قميص أبيض أو قائمة واثنان في أحمر أو نائمة - كملت شهادتهم1 وإن كان البيت كبيرا والزاويتان متباعدان فهم قذفة والقول في الزمان كالقول في المكان متى كان بينهما زمن متباعد لا يمكن وجود الفعل الواحد في جميعه كطرفي النهار لم تكمل شهادتهم فإن تقاربا قبلت وإن شهدا أنه زنى بها مطاوعة وآخران مكرهة - لم تكمل وحد شاهدا المطاوعة لقذف المرأة وحد الأربعة لقذف الرجل وإن شهد أربعة فرجعوا أو بعضهم قبل الحد - حد الأربعة وإن رجع أحدهم بعد الحكم حد وحده إذا طالب به قبل موته ولأنه ورث حد القذف يحد بطلب الورثة وعليه ربع ما تلف بشهادتهم2، ويأتي في الرجوع عن الشهادة وإذا ثبت الشهادة بالزنا فصدقهم المشهور عليه لم يسقط
ـــــــ
= البكارة وأما بجانب الشهود فقد يتبادر رجحان حدهم، ولكنهم عللوا عدمه باحتمال أن يكون الزنا قد حصل كما شهدوا ثم عادت البكارة؛ وهذه شبهة تكفي في إسقاط الحد عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: "ادرأوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" .
1 وحيث اعتبرت الشهادة كاملة أقيم الحد، واختلافهم في تعيين القميص أو الجهة أو كونها قائمة أو نائمة لا يحبط شهادتهم، لاحتمال أن يكون الزنا في مبدئه كان على حالة وفي منتهاه كمان على الحالة الثانية.
2 قوله: وعليه، يريد به وعلى ذلك الراجح الذي حد.

الحد1 وإن شهد شاهدان واعترف هو مرتين لم تكمل البينة ولم يجب الحد فإن كملت البينة ثم مات الشهود أو غابوا - جاز الحكم بها وإقامة الحد: وإن شهدوا بزنا قديم أو أقر به وجب الحد وتجوز الشهادة بالحد من غير مدع وإن شهد أربعة أنه زنى بامرأة وشهد أربعة آخرون على الشهود أنهم هم الزناة - لم يحد المشهود عليه ويحد الأولون للقذف وللزنا وكل زنا من مسلم أو ذمي أوجب الحد لا يقبل فيه إلا أربعة شهود ويدخل في اللواط ووطء المرأة في دبرها وإن أوجب التعزير: كوطء البهيمة والأمة المشركة والمزوجة - قبل فيه رجلان كشهود المباشرة دون الفرج ونحوها وإن حملت امرأة لا زوج لها لا سيد لم تحد بمجرد ذلك وتسئل استحبابا: فإن ادعت أنها أكرهت أو وطئت بشبهة أو لم تعترف بالزنا - لم تحد ويستحب للإمام أو الحاكم الذي يثبت عنده الحد بالإقرار التعريض للمقر بالرجوع إذا تم والوقوف2 ولا بأس أن يعرض له بعض الحاضرين بالرجوع أو بألا يقر ويكره لمن علم بحاله أن يحثه على الإقرار3.
ـــــــ
1 قوله: لم يسقط الحد - يريد به لم يسقط عن الزاني اعتبار للشهادة فلا يعدل عنها على تكملة الإقرار خلافا لمن يقول بطلت الشهادة، ويرجع إلى تكملة لأنه الأصل.
2 معنى الوقوف. التوقف عن الإقرار قبل إتمامه.
3 وإنما استحب ذلك التعريض لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع ماعز حين أقر بين يديه بالزنا. إذا كان يصرف وجهه عن ناحية ما عز كراهة سماع الإقرار منه حتى تكرر أربع مرات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لعلك قبلت، لعلك لمست" . والحكمة في استحباب ذلك عدم شيوع الفاحشة بين المسلمين.

باب القذف
مدخل

باب القذف
وهو: الرمي بزنا أو لواط أو شهادة به عليه ولم تكمل البينة وهو كبيرة.
من قذف ولو أخرس بإشارة مفهومة ولو في غير دار الإسلام، وهو1 مكلف مختار محصن ولو ذات محرم أو مجبوبا أو خصيا أو مريضا مدنفا أو رتقاء أو قرناء - حد حر ثمانين جلدة وقن ولو عتق قبل حده أربعين ومعتق بعضه بحسابه سوى أبويه وإن علوا فلا يحدان بقذف ولد وإن نزل: كقود ولا يحدان له فإن قذف أم ابنه وهي أجنبية منه فماتت قبل استيفاؤه فله إذا ماتت بعد - المطالبة ويحد الابن بقذف كل واحد من آبائه وأمهاته وإن علوا ويحد بقذف على وجه الغيرة ويشترط لإقامة الحد - مطالبة المقذوف - واستدامة الطلب إلى إقامته: بألا يعفو - وألا يأتي القاذف ببينة ما قذفه به - وألا يصدقه المقذوف - وألا يلا عن القاذف إن كان زوجا وهو حق الآدمي ولا يستحلف فيه ولا يقبل رجوعه عنه2 ويسقط بعفو المقذوف فقط وليس للمقذوف استيفاء بنفسه وقذف غير المحصن:
ـــــــ
1 مرجع الضمير. القاذف.
2 لا يستحلف فيه المنكر مع كونه حق آدمي لأنه ليس من الحقوق المالية ولا تعلق له بها، ولا يقبل رجوع القاذف بخلاف حد الزنا لأن الثاني حق الله تعالى.

كمشرك وذمي وقن ولو كان القاذف سيده ومسلم له دون عشر سنين ومسلمة لها دون تسع سنين ومن ليس بعفيف - يوجب التعزير فقط وحق طلب تعزير القن إذا قذف - له: لا لسيده والمحصن هنا هو: الحر المسلم العاقل الذي يجامع مثله العفيف عن الزنا ظاهرا ولو ثائبا من زنا أو ملاعنة وولدها وولد زنا: كغيرها فيحد من قذفها ومن ثبت زناه منهما أو من غيرهما ببينة أو شهد به شاهدان أو أقر به ولو دون أربع مرات أو حد للزنا - فلا حد على قاذفة ويعزر ولو قال لمن زنى في شركه أو كان مجوسيا تزوج بذات محرم بعد أن أسلم: يا زاني - فلا حد عليه إذا فسره بذلك ويعزر ولا يشترط في المقذوف البلوغ بل يكون مثله يطأ أو يوطأ: كابن عشر وابنة تسع ولا يقام عليه الحد حتى يبلغ المقذوف ويطالب به بعد بلوغه وليس لوليه المطالبة عنه وكذا لو جن المقذوف أو أغمى عليه قبل الطلب وإن كان بعده أقيم: كما لو وكل في استيفاء القصاص ثم جن أو أغمى عليه وإن قذف غائبا اعتبر قدومه وطلبه: إلا أن يثبت أنه طالبه في غيبته فيحد وإن كان القاذف مجنونا أو مبرسما أو نائما أو صغيرا - فلا حد عليه بخلاف السكران وإن قال لحرة مسلمة: زنيت وأنت صغيرة وفسره بصغر عن تسع - لم يحد ويعزر وكذلك إن قذف صغيرا له دون عشر سنين وإن فسره بتسع فأكثر من عمرها أو بعشر فأكثر من عمره - حد وإن قال القاذف للمقذوف: كنت أنت صغيرا حين قذفتك فقال: بل كبيرا فالقول قول القاذف وإن أقام

فصل: - والقذف محرم: إلا في موضعين
فصل: - والقذف محرم: إلا في موضعين: -
أحدهما : أن يرى امرأته تزني في طهر لم يصبها فيه فيعتزلها ثم تلد ما يمكن أنه من الزنى - فيجب عليه قذفها ونفي ولدها - وفي المحرر وغيره وكذا لو وطئها في طهر زنت فيه وظن أن الولد من الزاني وفي الترغيب نفيه محرم مع التردد: - والثاني : أن يراها تزني ولم تلد ما يلزم نفيه أو يستفيض زناها في الناس أو أخبره به ثقة أو يرى رجلا يعرف بالفجور يدخل إليها زاد في الترغيب خلوة - فيباح قذفها ولا يجب وفراقها أولى

من قذفها وإن أتت بولد يخالف لونه لونهما أو يشبه رجلا غير والديه - لم يبح نفيه بذلك: ما لم تكن قرينة وإن كان يعزل عنها لم يبح له نفيه ولا يجوز قذفها بخبر من لا يوثق بخبره ولا برؤيته رجلا خارجا من عندها من غير أن يستفيض زناها مع قرينة.

فصل: - وصريح القذف ما لا يحتمل غيره
فصل: - وصريح القذف ما لا يحتمل غيره:
نحو يا زان يا عاهر زنى فرجك بالوطء1 يا معفوج يا منيوك قد زنيت أو أنت أزنى الناس: فتح التاء أو كسرها للذكر والأنثى في قوله: زنيت أو أنت أزنى من فلانة يحد للمخاطب وليس بقاذف لفلانة2 أو قال لرجل: يا زانية أو يا نسمة زانية ولامرأة يا زان أو يا شخصا زانيا أو قذفها أنها وطئت في دبرها أو قذف رجلا بوطء امرأة في دبرها أو قال لها يا منيوكة إن لم يفسره بفعل زوج أو سيد إذا كان القذف بعد حريتها وفسره بفعل السيد قبل العتق ولا يقبل قوله بما يحيله: ويحد فإن قال: أردت زاني العين أو عاهر اليد أو يا لوطي إنك من قوم لوط أو تعمل عمل قوم لوط: غير إتيان الذكور ونحوه - لم يقبل وكل ما لا يجب الحد بفعله لا يجب على القاذف به كوطء البهيمة والمباشرة دون الفرج والوطء بالشبهة وقذف المرأة بالمساحقة أو بالوطء مكرهة والقذف باللمس والنظر وقوله: لست لأبيك أو لست بولد فلان قذف لأمه: إلا أن يكون منفيا بلعان لم يستحلفه أبوه ولم يفسره بزنا أمه وكذا إن نفاه عن قبيلته أو قال: يا ابن الزانية وإن نفاه عن أمه أو قال: إن لم تفعل
ـــــــ
1 العفج بمعنى النكاح.
2 مراده بفلانة – المذكورة مع صيغة التفصيل في قوله. أنت أزنى من فلانة.

كذا فلست بابن فلان أو رمى بحجر فقال: من رماني فهو ابن الزانية ولم يعرف الرامي أو اختلف اثنان في شيء فقال أحدهما: الكاذب ابن الزانية فلا حد وإن كان يعرف الرامي فقاذف وإن قال لولده: لست بولدي فهو كناية في قذف أمه يقبل تفسيره بما يحتمله وزنأت في الجبل مهموزا - صريح ولو زاد في الجبل أو عرف العربية كما لو لم يقل في الجبل أو لحن لحنا غير هذا وإن قال لرجل: زنيت بفلانة أو قال لها: زنى بك فلان أو يا ابن الزانيين كان قاذفا لهما بكلمة واحدة وإن قال: يا ناكح أمه وهي حية فعليه حدان نصا ويا زاني ابن الزاني كذلك إن كان أبوه حيا وإن أقر أنه زنى بامرأة فهو قاذف لها ولو لم يلزمه حد الزنا بإقراره.

فصل: - وكنايته والتعريض
فصل: - وكنايته والتعريض نحو:
زنت يداك أو رجلاك أو يدك أو رجلك أو بدنك ونحو قوله لامرأة رجل: قد فضحته وغطيت أو نكست رأسه وجعلت له قرونا وعلقت عليه أولادا من غيره وأفسدت فراشه أو يقول لمن يخاصمه: يا حلال ابن الحلال ما يعير كل الناس بالزنا أو يا فاجرة يا قحبة أو يا خبيثة أو يقول لعربي يا نبطي أو يا فارسي أو يا رومي أو يقول لأحدهم: يا عربي أو قال ما أنا بزان أو ما أمي زانية أو يا خنيث بالنون أو يا عفيف يا نظيف أو يسمع رجلا يقذف رجلا فيقول: صدقت أو صدقت فيما قلت أو أخبرني أو أشهدني فلان أنك زنيت وكذبه فلان أو قال: يا ولد الزنا قال في الرعاية: أو قال لها لم أجدك عذراء وفي الكافي: يا ولد الزنا قاذف

لأمه فهذه كناية: إن فسره بالزنا فهو قذف وإن فسره بما يحتمله غير القذف قبل مع يمينه وعزر وإن كان نوى الزنا بالكناية لزمه الحد باطنا ويلزمه إظهار نية ويعزر بقوله: يا كافر يا منافق يا سارق يا أعور يا أفطع يا أعمى يا مقعد يا ابن الزمن الأعمى الأعرج يا نمام يا حروري يا مرائي يا مرابي يا فاسق يا فاجر يا حمار يا تيس يا رافضي يا خبيث البطن أو الفرج يا عدو الله يا جائر يا شارب الخمر يا كذاب يا كاذب يا ظالم يا خائن يا مخنث يا مأبون أي: معيوب زنت عينك يا قرنان يا قواد يا معرص يا عرصة ونحوهما: يا ديوث يا كشحان يا قرطبان يا علق يا سوس ونحو ذلك.

فصل: - وإن قذف أهل بلد أو جماعة لا يتصور الزنا من جميعهم عادة - لم يحد وعزر
فصل: - وإن قذف أهل بلد أو جماعة لا يتصور الزنا من جميعهم عادة - لم يحد وعزر:
كسبهم بغيره ولو لم يطلبه أحد منهم وإن قال لامرأته: يا زانية فقالت بك زنيت - لم تكن قاذفة وسقط عنه الحد بتصديقها ولا يجب عليها حدا لقذف لأنه يمكن الزنا منها به من غير أن يكون زانيا: بأن يكون قد وطئها بشبهة ولا يجب عليا حد الزنا لأنها لم تقر أربع مرات ومن قذف له موروث حي محجور عليه أولا أما: كان أو غيرها - لم يكن له أن يطالب في حياته بموجب قذفه فإن مات وقد طالب به صار للوارث بصفة ما كان للموروث اعتبارا بإحصانه1 وإن قذف ميت: محصن أولا ولو من غير أمهات
ـــــــ
1 إنما اشترط في انتقال استحقاق الحد إلى الوارث أن يكون الموروث طلبه قبل موته لأن الحد من الحقوق فلا يملكه الوارث إلا إذا طلبه مورثه. ولما كان انتقال الحد للوارث لأن القذف قدح في نسبه اشترط أحصان الوارث، وهذا معنى قول المصنف. اعتبارا بإحصانه، وإن لم يكن محصنا فليس إلا التعزير كما تقدم، وكما وضحه عقب ذلك.

الوارث - حد قاذف بطلب وارث محصن خاصة وإن كان الوارث غير محصن فلا حد وثبت حد قذف الميت والقذف الموروث لجميع الورثة حتى الزوجين وإن عفا بعضهم حد للباقي كاملا ومن قذف النبي صلى الله عليه وسلم أو أمه - كفر وقتل ولو تاب نصا أو كان كافرا ملتزما فأسلم: لا أن سبه بغير القذف ثم أسلم - وتقدم آخر باب أحكام الذمة وكذا كل أم نبي غير نبينا قاله ابن عبدوس في تذكرته ولعله مراد غيره وإن قذف جماعة يتصور منهم الزنا عادة بكلمة واحدة فحد واحد إذا طالبوا ولو متفرقين أو واحد منهم فيحد لمن طلب ثم لا حد بعده وإن أسقطه أحدهم فلغيره المطالبة واستيفاؤه وسقط حق العافي وإن كان بكلمات حد لكل واحد حدا ومن حد لقذف ثم أعاده أو بعد لعانه لم يعد عليه الحد ويعزر ولا لعان وإن قذفه بزنا آخر حد مع طول الزمن وإلا فلا وإن قذف رجلا ممرات بزنا أو زنيات ولم يحد - فحد واحد.

فصل: - تجب التوبة من القذف والغيبة وغيرهما
فصل: - تجب التوبة من القذف والغيبة وغيرهماولا يشترط لصحتها من ذلك إعلامه1 ولأن في إعلامه دخول غم عليه وزيادة إيذاء وقال القاضي والشيخ عبد القادر: يحرم إعلامه وقيل: إن علم به المظلوم وإلا دعا له واستغفر ولم يعلمه وذكره الشيخ
ـــــــ
1 يريد لا يشترط في التوبة من الغيبة مثلا إعلام المغتاب أو المقذوف مما تحدث به شأنه.

عن أكثر العلماء، وقال: وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب الاعتراف ولو سأله فيعرض ولو مع استحلافه لأنه مظلوم لصحة توبته ومع عدم التوبة والإحسان - تعريضه كذب ويمينه غموس1 قال: واختار أصحابنا لا يعلمه بل يدعو له في مقابلة مظلمته وقال: ومن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أيما مسلم شتمته أو سببته فاجعل ذلك له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة" وقال أيضا: "زناه بزوجة غيره كالغيبة" ولو أعلمه بما فعل ولم يبينه فحاله فهو كإبراء منه وفي الغنية: لا يكفي الاستحلال المبهم فإن تعذر فيكثر الحسنات ولو رضى أن يشتم أو يغتاب أو يجنى عليه ونحوه لم يبح ذلك ويأتي لذلك تتمة في باب شروط من تقبل شهادته.
ـــــــ
1 حاصل هذه الفقرة أنه لو سب إنسان غيره ظلما فله أن يتوب من غير اشتراط إعلامه وذلك كما تقدم، وقيل إذا وصل إلى علم المظلوم ما حدث في شأنه فيجب إعلامه بمعنى الاعتذار إليه حتى تصح التوبة، وإن لم يصل إليه دعا واستغفر له المتحدث في شأنه، وإذا استحلف المظلوم من وقع في شأنه كان للثاني أن يعرض في يمينه وقول المصنف لأنه مظلوم – تعليل لحق الاستحلاف، وقوله: لصحة توبته – تعليل لجواز التعريض على سبيل اللف والنشر والله أعلم.

باب حد السكر
مدخل

باب حد السكر
كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام من أي شيء كان ويسمى خمرا ولا يجوز شربه للذة ولا لتداو ولا عطش - بخلاف ماء تجس ولا غيره إلا لمكره أو مضطر إليه لدفع لقمة غص بها وليس عنده ما يسيغها ويقدم عليه بول ويقدم عليهما ماء نجس - وفي المغني

وغيره: إن شربها لعطش فإن كانت ممزوجة بما يروى من العطش أبيحت لدفعه عند الضرورة وإن شربها صرفا أو ممزوجة بشيء يسير لا يروي من العطش لم تبح وعليه الحد - انتهى وإذا شربه الحر المسلم المكلف مختارا عالما أن كثيره يسكر: سواء كان من عصير العنب أو غيره من المسكرات قليلا كان أو كثيرا ولو لم يسكر الشارب فعليه الحد: ثمانون جلدة والرقيق أربعون ولا حدج ولا إثم على مكره على شربها سواء أكره بالوعيد أو بالضرب أو ألجئ إلى شربها: بأن يفتح فوه وصب فيه وصبره على الأذى أولى من شربها وكذا كل ما جاز فعله لمكره ولا على جاهل تحريمها فلو ادعى الجهل مع نشئه بين المسلمين لم يقبل ولا نقبل دعوى الجهل بالحد ويحد من احتقن به أو استعط أو تمضمض به فوصل إلى حلقه أو أكل عجينا لت به فإن خبز العجين فأكل من خبزه لم يحد وإن ثرد في الخمر أو اضطبع به أو طبخ به لحما فأكل من مرقه - حد ولو خلطه بماء فاستهلك فيه ثم شربه أو داوى به جرحه لم يحد ولا يحد ذمي ولا مستأمن بشربه ولو رضى بحكمنا لأنه يعتقد حله ويثبت شربه بإقراره مرة: كقذف ولو لم توجد منه رائحة أو شهادة رجلين عدلين يشهدان أنه شرب مسكرا ولا يحتاجان إلى بيان نوعه ولا أنه شربه مختارا عالما أنه مسكر ولا يحد بوجود رائحة منه لكن يعزر حاضر شربها ومتى رجع عن إقراره - قبل رجوعه: كسائر الحدود: غير القذف1 ولو وجد
ـــــــ
1 الرجوع عن الإقرار مسقط للحد في حقوق الله تعالى كحد الشرب والقطع في السرقة لا في حقوق الآدميين كالقذف على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

سكران أو تقيأها - حد وإذا أتى على عصير ثلاثة أيام بلياليهن - جرم ولو لم يوجد منه غليان: إلا أن يغلي قبل ذلك فيحرم ولو طبخ قبل التحريم - حل إن ذهب ثلثاه نصا وقال الموفق و الشارح وغيرهما الاعتبار في حله عدم الإسكار سواء ذهب بطبخه ثلثاه أو أقل أو أكثر والنبيذ مباح: ما لم يغل أو تأت عليه ثلاثة أيام وهو: ما يلقى فيه تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو به الماء وتذهب ملوحته فإن طبخ قبل غليانه حتى صار غير مسكر: كرب الخروب وغيره فلا بأس وجعل أحمد وضع زبيب في خردل كعصير وأنه إن صب عليه خل - أكل وإن غلا عنب وهو عنب فلا بأس به نصا ولا يكره الانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والمقير كغيرها1 ويكره الخليطان وهو أن ينتبذ عنبين كتمر وزبيب أو وبسر أو مذنب وحده: ما لم يغل أو تأت عليه ثلاثة أيام ولنبيذ كل واحد وحده ولا بأس بالفقاع والخمرة إذا فسدت خلا لم تحل وإن قلب الله عينها فصارت خلا فهي حلال وتقدم في باب إزالة النجاسة.
ـــــــ
1 يريد: لا يكره جعل النبيذ في أناء من القرع اليابس أو إناء مطلي بالزفت أو القطران.

باب التعزير
*

باب التعزير
وهو التأديب وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة: كاستمتاع لا يوجب الحد وإتيان المرأة المرأة واليمين الغموس لأنه لا كفارة فيها وكدعاء عليه ولعنه وليس لمن لعن ردها وكسرقة ما لا قطع فيه وجناية لا قصاص فيها والقذف بغير الزنا ونحوه،

وكنهب وغصب واختلاس وسب صحابي وغير ذلك ويأتي في باب المرتد سب الصحابي بأتم من هذا وتقدم في باب القذف جملة من ذلك فيعزر فيها المكلف وجوبا وتقدم قول صاحب الروضة: إذا زنى ابن عشر أو بنت تسع عزرا وقال الشيخ لا نزاع بين العلماء إن غير المكلف كالصبي المميز يعاقب على الفاحشة تعزيرا بليغا وكذا المجنون يضرب على ما فعل لنزجر لكن لا عقوبة بقتل أو قطع وفي الرعاية الصغرى وغيرها: ما أوجب حدا على مكلف عزر به المميز كالقذف انتهى وإن ظلم صبي صبيا أو مجنون مجنونا أو بهيمة بهيمة اقتص للمظلوم من الظالم وإن لم يكن في ذلك زجر: لكن لاقتصاص المظلوم وأخذ حقه وتقدم تأديب الصبي على الطهارة والصلاة وذلك ليتعود وكتأديبه على خط وقراءة وصناعة وشبهها قال القاضي ومن تبعه: إلا إذا شتم نفسه أو سبها فإنه لا يعزر وقال في الأحكام السلطانية: إذا تشاتم والد وولده لم يعزر الوالد لحق ولده ويعزر الولد لحقه ولا يجوز تعزيره إلا بمطالبة الوالد ولا يحتاج التعزير إلى مطالبة في هذه1 وإن تشاتما غيرهما عزر - قال الشيخ: ومن غضب فقال: ما نحن مسلمون: إن أراد ذم نفسه لنقص دينه فلا جرح فيه ولا عقوبة انتهى ويعزر بعشرين سوطا بشرب مسكر في نهار رمضان بفطره كما يدل عليه تعليلهم مع الحد فيجتمع الحد والتعزير في هذه الصورة ولو توجه عليه تعزيرات على معاص شتى: فإن تمحضت
ـــــــ
1 يعني أن أقامة التعزير فيما عدا مسئلة الوالد وولده لا تتوقف على طلب من أقيم لأجله بل للإمام الحق في تنفيذه لأنه للتأديب فكان من الحقوق الدينية، وقوله بعد: وإن تشاتم غيرهما - يريد به غير الوالد وولده: كالجد مع ابن ابنه، أو الخال أو الأخ الخ.

لله واتحد نوعها، أو اختلف - تداخلت وإن كانت لآدمي وتعددت: كان سبه مرات ولو اختلف نوعها أو تعدد المستحق كسب أهل بلد فكذلك ومن وطئ أمة امرأته فعليه الحد إلا أن تكون أحلتها له فيجلد مائة ولا يرجم ولا يغرب إن أولدها لم يلحقه نسبه ولا يسقط الحد بالإباحة في غير هذا الموضع ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات في غير هذا الموضع: إلا إذا وطئ جارية مشتركة فيعزر بمائة إلا سوطا وعنه ما كان سببه الوطء كوطئه جاريته المزوجة وجارية ولده أو أحد أبويه والمحرمة برضاع ووطء ميتة ونحوه عالما بتحريمه: إذا قلنا لا يحد فيهن - يعزر بمائة والعبد بخمسين إلا سوطا واختاره جماعة وكذا لو وجد مع امرأته رجلا1 ويجوز نقص التعزير عن عشر جلدات إذ ليس أقله مقدرا فيرجع إلى اجتهاد الإمام والحاكم فيما يراه وما يقتضيه حال الشخص ولا يجرد للضرب بل يكون عليه القميص والقميصان كالحد وذكر ابن الصيرفي أن من صلى في الأوقات المنهي عنها يضرب ثلاث ضربات ويكون بالضرب والحبس والصفع والتوبيخ والعزل عن الولاية وإن رأى الإمام العفو عنه جاز ولا يجوز قطع شيء منه ولا جرحه ولا أخذ شيء من ماله قال الشيخ: وقد يكون التعزير بالنيل من عرضه: مثل أن يقال له: يا ظالم يا معتدي وبإقامته من المجلس وقال التعزير بالمال سائغ إتلافا وأخذا وقول أبي محمد المقدسي: لا يجوز أخذ ماله منه - إلى ما يفعله الحكام الظلمة والتعزير يكون على فعل
ـــــــ
1 بريد أن ذلك الرجل الذي وجد مع الزوجة ولم يكن زنى بها يجلد مائة جلدة.

فصل: - ولا يجوز للجذماء مخالطة الأصحاء عموما ولا مخالطة أحد معين صحيح إلا بإذنه
فصل: - ولا يجوز للجذماء مخالطة الأصحاء عموما ولا مخالطة أحد معين صحيح إلا بإذنهوعلى ولاة الأمور منعهم من مخالطة الأصحاء بأن يسكنوا في مكان منفرد لهم وجوز ابن عقيل قتل مسلم جاسوس لكفار وعند القاضي يعنف ذو الهيئة ويعزر غيره وفي الفنون: للسلطان سلوك السياسة وهي الحزم عندنا ولا تقف السياسة على ما نطق به الشرع قال الشيخ: وقوله الله أكبر - كالدعاء عليه1 ومن دعي عليه ظلما فله أن يدعو على ظالمه بمثل ما دعا به عليه نحو أخزاك الله أو لعنك الله أو شتمه بغير فرية نحو: يا كلب يا خنزير فله أن يقول له مثل ذلك أو تعزيره ومقتضى كلامه في موضع آخر أنه لا يلعن كما تقدم وإذا كان ذنب الظالم إفساد دين المظلوم لم يكن له أن يفسد دينه لكن له أن يدعو عليه بما يفسد به دينه مثل ما فعل وكذا لو افترى عليه الكذب لم يكن له أن يفتري
ـــــــ
1 معنى ذلك – أن يقول إنسان الله أكبر على فلان فهذا يعتبر كالدعاء الموجب للتعزير وقوله بعد، بغير فرية – يعني بغير كذب يعد قذفا.

عليه الكذب لكن له أن يدعو الله عليه بمن يفتري عليه الكذب نظير ما افتراه وإن كان هذا الافتراء محرما لأن الله إذا عاقبه بمن يفعل به ذلك لم يقبح منه ولا ظلم فيه وقال: وإذا كان له أن يستعين بمخلوق من وكيل ووال وغيرهما فاستعانته بخالقه أولى بالجواز – انتهى.
وقال أحمد: الدعاء قصاص وقال: فمن دعا - فما صبر1.
ـــــــ
1 يشير بذلك إلى أنه بهذا يكون ترك الأفضل المطلوب على وجه الاستحباب في قوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} .

فصل: - والقوادة التي تفسد النساء والرجال - أقل ما يجب عليها الضرب البليغ
فصل: - والقوادة التي تفسد النساء والرجال - أقل ما يجب عليها الضرب البليغوينبغي شهرة ذلك بحيث يستفيض في النساء والرجال وإذا أركبت دابة وضمت عليها ثيابها ونودي عليها: هذا جزاء من يفعل كذا وكذا كان من أعظم المصالح قاله الشيخ وقال لولي الأمر: كصاحب الشرطة أن يعرف ضررها إما بحبسها أو بنقلها عن الجيران أو غير ذلك قال سكنى المرأة بين الرجال والرجال بين النساء - يمنع منه لحق الله تعالى ومنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه العزب أن يسكن بين المتأهلين والمتأهل أن يسكن بين العزاب ونفى شابا خاف به الفتنة من المدينة وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بنفي المخنثين من البيوت وقال: يعزر من يمسك الحية ويدخل النار ونحوه وكذا من ينقص مسلما بأنه مسلماني مع حسن إسلامه وكذا من قال لذمي: يا حاج أو سمى من زار القبور والمشاهد حاجا: إلا أن يسمى ذلك حجا يفند حج الكفار والضالين وإذا ظهر كذب المدعي في دعواه يؤذى به المدعى عليه عزر لكذبه وأذاه

باب القطع في السرقة
مدخل

باب القطع في السرقة
وهي: أخذ مال محترم لغيره وإخراجه من حرز مثله لا شبهة فيه على وجه الاختفاء فلا قطع على منتهب ولا مختلس والاختلاس نوع من الخطف والنهب ولا على غاصب ولا خائن في وديعة أو عارية أو نحوهما ولا جاحد وديعة ولا غيرها من الأمانات: إلا العارية فيقطع بجحدها وبسرقة ملح وتراب وأحجار ولبن وكلأ وسرجين طاهر وثلج وصيد وفاكهة وطبيخ وذهب وفضة ومتاع وخشب وقصب ونورة وجص وزرنيخ وفخار وتوابل وزجاج.
ويشترط في قطع سارق - أن يكون مكلفا - مختارا - وأن يكون المسروق مالا - محترما - عالما به وبتحريمه - من مالكه أو نائبه ولو من غلة وقف وليس من مستحقيه1 ويقطع الطرار سرا: وهو الذي يسرق نصابا من جيب إنسان أو كمه أو صفنه وسواء بسط ما أخذ منه المسروق أو قطع الصفن2 فأخذه أو أدخل يده في الجيب فأخذ ما فيه أو بعد سقوطه ويقطع بسرقة العبد الصغير الذي لا يميز فإن كان كبيرا لم يقطع سارقه: إلا أن يكون نائما أو مجنونا أو
ـــــــ
1 كذلك يشترط في القطع بالسرقة: كون المسروق نصابا. وإن يخرجه السارق من حرز مثله وعدم شبهة الملك، وثبوت السرقة بالشهود أو الإقرار، وإن يطالب المسروق منه بماله وستأتي هذه الشروط مفصلة.
2 بسط الثوب أو الجرح بمعنى شقة. والصفن بفتح الصاد وتسكين الفاء: الخريطة التي توضع فيها النقود وما في معناها.

أعجميا لا يميز بين سيده وغيره في الطاعة لا بسرقة مكاتب وأم ولد ويقطع بسرقة مال المكاتب: إلا أن يكون السارق سيده ولا يقطع بسرقة حر وإن كان صغيرا ولا بما عليه من حلي وثياب ولا بسرقة مصحف ولا بما عليه من حلي ولا بكتب بدع وتصاوير ولا بآلة لهو كطنبور ومزمار وشبابة وإن بلغت قيمته مفصلا نصابا1 ولا بما عليها من حلي ولا بمحرم كخمر وخنزير وميتة: سواء سرقه من مسلم أو كافر ولا بسرقة صليب أو صنم من ذهب أو فضة ولا آنية فيها خمر أو ماء ولا بسرقة ماء وسرجين نجس ويقطع بسرقة إناء نقد تبلغ قيمته مكسرا نصابا وبسرقة دراهم أو دنانير فيها تماثيل وسائر كتب العلوم الشرعية وعين موقوفة على معين وإناء معد لخل ولخمر ووضعه فيه كسكين معد لذبح الخنازير وسيف حد لقطع الطريق2 وإن سرق منديلا قيمته دون نصاب فين طرفه دينار مشدود يعلم به - قطع وإلا فلا.
ـــــــ
1 آلة اللهو لا قيمة لها شرعا مهما بلغت تكاليفها ولذلك قال: وإن بلغت قيمته مفصلا يعني على فرض أنه غير متماسك الأجزاء قبل أن يكون على هيئته المحرمة.
2 يعني أن وضع الخمر في الإناء لا يفقده ماليته: كما أن إعداد السيف لقطع الطريق وإن كان محرما لا يخرجه عن كونه متمولا ذا قيمة.

فصل: - ويشترط أن يكون المسروق نصابا
فصل: - ويشترط أن يكون المسروق نصاباوهو: ثمانية دراهم أو ربع دينار أي مثقال أو عرض - قيمته: كأحدهما وتعتبر قيمته حال إخراجه من الحزر فإن كان في النقد غش لم يجب القطع حتى يبلغ ما فيه من النقد الخالص نصابا وساء كان النقد مضروبا،

أو تبرا أو حليا أو مكسرا ويضم أحد النقدين إلى الآخر بالأجزاء في تكميل النصاب وإن سرق عرضا قيمته نصاب ثم نقصت قيمته بعد إخراجه: قبل الحكم أو بعده قطع وإن ملكه ببيع أو هبة أو غيرهما بعد إخراجه من الحرز وبعد رفعه إلى الحاكم قطع: لا قبل رفعه لتعذر شرط القطع وهو الطلب وإن وجدت السرقة ناقصة ولم يعلمه هل كانت ناقصة حين السرقة أو بعدها لم يقطع وإن دخل الحرز فذبح منه شاة أو شق ثوبا قيمته كل منهما نصاب فنقصت عن النصاب ثم أخرجهما ناقصتين أو أتلفهما أو غيرهما فيه وقيمتهما نصاب: بأكل أو غيره لم يقطع وإذا ذبح السارق المسروق - حل وإن سرق فرد خف قيمته منفردا درهم ومع الآخر أربعة لم يقطع وإن أتلفه لزمه ستة1 وكذا الحكم لو سرق جزءا من ثياب ونظائره وإن اشترك جماعة في سرقة نصاب واحد فأكثر - قطعوا: سواء أخرجوه جملة كثقيل اشتركوا في حمله أو أخرج كل واحد جزءا: دخلوا الحرز معا أو دخل أحدهم فأخرج بعض النصاب ثم دخل الباقون فأخرجوا باقيه فإن كان فيهم من لا قطع عليه لشبهة أو غيرها: كأبى المسروق منه قطع الباقون وإن اعترف اثنان بسرقة نصاب ولم يقر الآخر ولو سرق لجماعة نصابا - قطع وإن هتك اثنان حرزا فدخلاه فأخرج أحدهما نصابا وحده أو دخل أحدهما فقدمه إلى باب النقب أو وضعه في النقب وأدخل الآخر يده فأخرجه - قطعا وإن دخلا دارا وأحدهما في سفلها جمع
ـــــــ
1 من هذه الستة درهمان قيمة الفرد التالف، وأربعة: أرش التفريق.

المتاع وشده بحبل والآخر في علوها مد الحبل فرمى به وراء الدار قطعا وإن رماه الداخل إلى خارج أو ناوله فأخذه الآخر أولا أو أعاده فيه أحدهما - قطع الداخل وحده وإن اشتركا في النقب وإن نقب أحدهما ودخل الآخر فأخرجه فلا قطع عليهما ولو تواطأ.

فصل: - ويشترط أن يخرجه من الحرز
فصل: - ويشترط أن يخرجه من الحرزفإن وجد حرزا مهتوكا أو بابا مفتوحا فأخذ منه فلا قطع وإن هتك الحرز فابتلع فيه جوهرا أو ذهبا فخرج به ولو لم يخرج منه ما ابتلعه1 أو نقب وترك المتاع على بهيمة فخرجت به ولو لم يسقها أو في ماء جار فأخرجه أو راكد ففتحه فأخرجه أو على جدار أو في الهواء فأطارته الريح أو أمر صغيرا أو معتوها أن يخرجه ففعل أو رمى به خارجا أو جذبه بشيء أو استتبع سخل شاة أو فصيل ناقة أو غيرهما: مثل أن يشتري الأم والسخل على ملك الغير في حرز فيأتي بالأم إلى مكان السخل ويريه أمه حتى يتبعها وكذلك العكس أن يأتي مكان أمه وهي في حرز مالكها حتى يستتبع الأم سخلها: بأن يبعثه عليها حتى تتبعه - قطع: إلا أن يتبعها من غير استتباع وأن تطيب في الحرز بما لو اجتمع بعد تطييبه وخروجه من الحرز لبلغ نصابا أو هتك الحرز وأخذ المال وقتا آخر أو أخذ بعضه ثم أخذ بقيته وقرب ما بينهما أو فتح أسفل كوارة فخرج العسل شيئا فشيئا أو أخرجه إلى ساحة دار أو خان من بيت مغلق من الدار أو الخان: فتحه أو نقبه أو احتلب لبنا من ماشية في الحرز وأخرجه - قطع فإن شرب اللبن
ـــــــ
1 يعني ولو لم يقدر على إخراج المسروق الذي ابتلعه من جوفه مثلا.

في الحرز، أو شرب منه فانتقص النصاب أو ترك المتاع في ماء راكد فانفتح من غير فعله فخرج به أو أخرج النصاب في مرتين وبعد ما بينهما: مثل أن كانا في ليلتين أو ليلة واحدة وبينهما مدة طويلة أو علم قردا أو نحوه السرقة فسرق - لم يقطع وعليه الضمان وإن جر خشبة فألقاها بعد أن أخرج بعضها من الحرز فلا قطع عليه: سواء أخرج منها ما يساوي نصابا أو لا لأن بعضها لا ينفرد عن بعض وكذلك لو أمسك الغاصب طرف عمامته والطرف الآخر في يد مالكها لم يضمنها وكذلك لو سرق ثوبا أو عمامة فأخرج بعضها.

فصل: - وحرز المال ما جرت العادة بحفظه فيه
فصل: - وحرز المال ما جرت العادة بحفظه فيهويختلف باختلاف الأموال والبلدان وعدل السلطان وجوره وقوته وضعفه فحرز الأثمان والجواهر والقماش في الدور والدكاكين في العمران - وراء الأبواب والأغلاق الوثيقة والصندوق في السوق حرز وثم حارس وإلا فلا فإن لم تكن الأبواب مغلقة ولا فيها حافظ فليست حرزا وإن كان فيها خزائن مغلقة فالخزائن حرز لما فيها وما خرج عنها فليس بمحرز وأما البيوت التي في البساتين والطرق والصحراء: فإن لم يكن فيها أحد فليست حرزا: مغلقة كانت أو مفتوحة فإن كان بها نائم وهي مغلقة فهي حرز وإلا فلا وكذا خيمة خركات ونحوها وإن كان لابسا ثوبا أو متوسدا له: نائما أو مستيقظا أو مفترشا أو متكئا عليه في أي موضع كان من بلد أو برية أو نائما على مجر فرسه ولم يزل عنه أو نعله في رجله - فحرز فإن تدحرج

عن الثوب زال الحرز وإن كان الثوب أو غيره من المتاع بين يديه كبز البزازين وقماش الباعة وخبز الخباز بحيث يشاهده وينظر إليه فهو حرز وإن نام أو كان غائبا عن موضع مشاهدته فليس بمحرز وإن جعل المتاع في الغرائر وعلم عليها أي شدها بخيط ونحوه ومعها حافظ يشاهدها فمحرزة وإلا فلا وحرز سفن في شط بربطها وحرز بقل وباقلاء وطبيخ وقدورة وخزف - وراء الشرائح وهي: من قصب أو خشب إذا كان بالسوق حارس وحرز حطب وخشب وقصب - الحظائر: كما لو كان في فنذق مغلق عليه وحرز مواش الصبر1، وفي المرعى بالراعي ونظره إليها إذا كان يراها في الغالب وما نام عنه منها فقد خرج عن الحوز وحرز حمولة إبل سائرة بتقطيرها مع قائد يراها بحيث يكثر الالتفات إليها ويراعيها وزمام الأول منها بيده والحافظ: الراكب فيما وراءه - كقائد2 أو بسائق يراها: سواء كانت مقطرة أولا وإن كانت باركة: فإن كان معها حافظ لها ولو نائما وهي معقولة فهي محرزة وإن لم تكن معقولة وكان الحافظ ناظرا إليها بحيث يراها فهي محرزة وإن لم تكن معقولة وكان الحافظ ناظرا إليها بحيث يراها فهي محرزة وإن كان نائما أو مشغولا عنها فلا فإن سرق من أحمال الجمال بما عليه وصاحبه نائم عليه لم يقطع وإن لم يكن صاحبه عليه قطع وهذا التفصيل في الإبل التي في الصحراء فأما التي في البيوت والمكان المحصن على الوجه الذي ذكرناه في الثياب فهي محرزة وحكم سائر المواشي كالإبل
ـــــــ
1 الصبر بضم الصاد وفتح الباء: بمعنى الحظائر.
2 يريد أن الراكب على البعير الأول إذا كان يكثر الالتفات إلى ما وراءه فهو حرز كما اعتبر ذلك في القائد.

وحرز ثياب في حمام أو في إعدال وغزل في سوق أو خان وما كان مشتركا في الدخول إليه - بحافظ كقعوده على المتاع وإن فرط حافظ فنام أو اشتغل فلا قطع ويضمن الحافظ ولو لم يستحفظه وإن استحفظ رجل آخر متاعه في المسجد فسرق: فإن فرط في حفظه فعليه الغرم إن كان التزم حفظه وأجابه إلى ما سأله وإن لم يجبه لكن سكت لم يلزمه غرم ولا قطع على السارق في الموضعين وإن حفظ المتاع بنظره إليه وقربه منه فلا غرم عليه وعلى السارق القطع وحرز كفن مشروع في قبر على ميت ولو بعد عن العمران إذا كان القبر مطموما الطم الذي جرت به العادة وهو ملك له فلو عدم الميت وفيت منه ديونه وإلا فهو ميراث فمن نبش القبر وأخذ الكفن قطع والخصم فيه الورثة فإن عدموا فنائب الإمام ولو كفنه أجنبي فكذلك وإن أخرجه من اللحد ووضعه في القبر من غير أن يخرجه منه فلا قطع وإن كفن رجل في أكثر من ثلاثة لفائف أو امرأة في أكثر من خمس فسرق الزائد عن ذلك أو ترك في تابوت فسرق التابوت أو ترك معه طيب مجموع أو ذهب أو فضة أو جوهر - لم يقطع بأخذ شيء من ذلك لأنه ليس بمشروع وحرز جدار الدار كونه مبنيا فيها إذا كانت في العمران أو في الصحراء وفيها حافظ فإن أخذ من أجزاء الجدار أو خشبة ما يبلغ نصابا وجب قطعه: لا إن هدم الحائط ولم يأخذه وإن كانت الدار في الصحراء لا حافظ لها فلا قطع على من أخذ من جدارها شيئا وحرز الباب تركيبه في موضعه: مغلقا كان أو مفتوحا

وعلى سارقه القطع إن كانت الدار محرزة بما ذكرناه وأما أبواب الخزائن في الدار: فإن كان باب الدار مغلقا فهي محرزة: مغلقة كانت أو مفتوحة وإن كان مفتوحا لم تكن محرزة: إلا أن تكون مغلقة أو يكون في الدار حافظ وحلقة الباب إن كانت مسمرة فهي محرزة فإن سرق باب مسجد منصوبا أو باب الكعبة المنصوب أو سرق من سقفه أو جداره أوتآ زيره شيئا قطع لا بسرقة ستائر الكعبة ولو كانت مخيطة عليها1 ولا بسرقة قناديل مسجد وحصره ونحوه إذا كان السارق مسلما2 وإلا قطع ومن سرق من ثمر شجر أو جمار نخل وهو: الكثر قبل إدخاله الحرز كأخذه من رؤس النخل وشجر من البستان لم يقطع، ولو كان عليه حائط وحافظ ويضمن عوضه مرتين3 ومن سرق منه نصابا بعد إيوائه الحرز كجرين ونحوه أو سرق من شجرة في دار محرزة - قطع وكذا الماشية تسرق من المرعى من غير أن تكون محرزة تضمن بمثل قيمتها ولا قطع كثمر وكثر وما عداهن يضمن بقيمته مرة واحدة أو بمثله إن كان مثليا ولا قطع في عام مجاعة عاما نصا إذا لم يجد ما يشتريه أو ما يشترى به وإذا سرق الضيف من مال مضيفه من الموضع الذي
ـــــــ
1 عللوا ذلك بأن الستائر على الكعبة ليست في حرزها الشرعي.
2 وعدم القطع هنا لأن تلك الأشياء مما ينتفع بها المسلمون فللسارق شبهة ملك فيها.
3 إنما غرم مثل القيمة مرتين في الثمر لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أجاب به عن سؤال بشأن ذلك الحكم "ومن خرج بشيء منه" – يريد الثمر – "فعليه غرامة مثليه" وحكمة ذلك معقولة وهي أن النفس كثيرة التطلع إلى الثمر فتضعيف الغرم فيه مما يردع عن تناوله بطريق السرقة.

أنزله فيه أو موضع لم يحرزه عنه لم يقطع وإن سرق من موضع محرز عنه: فإن كان منعه قراه فسرق بقدر لم يقطع وإن لم يمنعه قطع وإذا أحرز المضارب مال المضاربة أو الوديعة أو العارية أو المال الذي وكل فيه فسرقه أجنبي فعليه القطع وإن غصب عينا أو سرقها وأحرزها فسرقها سارق أو غصب بيتا فأحرز فيه ماله فسرقه منه أجنبي لم يقطع.

فصل: - ويشترط انتفاء الشبهة
فصل: - ويشترط انتفاء الشبهةفلا يقطع سرقة مال ولده وإن سفل وسواء في ذلك الأب والأم والابن والبنت والجد والجدة من قبل الأم أو الأب ولا بسرقة مال والده وإن علا ويقطع سائر الأقارب بالسرقة من مال أقاربهم: كالأخوة والأخوات ومن عداهم ولا يقطع العبد بسرقة مال سيده وأم الولد والمدير والمكاتب كالقن ولا سيد المكاتب بسرقة ماله وكل من لا يقطع الإنسان بسرقة ماله لا يقطع عبده بسرقة ماله: كآبائه وأولاده وغيرهم ولا مسلم بسرقته من بيت المال ولو عبدا إن كان سيده مسلما ولا بالسرقة من مال له فيه شرك أو لأحد ممن لا يقطع بالسرقة منه ولا بالسرقة من غنيمة له فيها حق أو لولده أو لوالده أو سيده وإن لم يكنن من الغانمين ولا من أحد ممن ذكرنا فسرق منها قبل إخراج الخمس - لم يقطع وإن أخرج الخمس فسرق من أربعة الأخماس - قطع وإن سرق من الخمس - لم يقطع وإن قسم الخمس خمسة أقسام فسرق من خمس الله ورسوله لم يقطع وإن سرق من غيره قطع: إلا أن يكون من أهل ذلك الخمس ولا يقطع أحد الزوجين بسرقته من مال الآخر، ولو

من محرز عنه ويقطع المسلم بالسرقة من مال الذمي والمستأمن ويقطعان بسرقة ماله: كقود وحد قذف وضمان متلف وإن زنى المستأمن بغير مسلمة لم يقم عليه الحد نصا كحد خمر وتقدم في باب حد الزنا ويقطع المرتد إذا سرق فإن قال السارق: الذي أخذته ملكي كان عنده وديعة أو رهنا أو ابتعته منه أو وهبه لي أو أذن لي في أخذه أو في الدخول إلى حرزه أو غصبه مني أو من أبي أو بعضه لي - فالقول قول المسروق منه مع يمينه فإن حلف سقط دعوى السارق ولا قطع عليه ولو كان معروفا بالسرقة لأن صدقه محتمل وإن نكل قضى عليه بالنكول.

فصل: - وإذا سرق المسروق مال السارق أو المغصوب منه مال الغاصب
فصل: - وإذا سرق المسروق مال السارق أو المغصوب منه مال الغاصب :
من الحرز الذي فيه العين المسروقة أو المغصوبة ولو متميزة أو أخذ عين ماله فقط أو معه نصاب من مال المتعدي لم يقطع وإن سرق منه نصابا من غير الحرز الذي فيه ماله أو سرق من مال من له عليه دين وهما باذلان غير ممتنعين من أدائه أو قدر المالك على أخذ ماله فتركه وسرق من مال المتعدي أو الغريم - فعليه القطع وإن عجز عن استيفائه أو أرش جنايته فسرق قدر دينه أو حقه فلا قطع وإن سرق أكثر من دينه فكالمغصوب منه إذا سرق أكثر من دينه على ما مضى ومن قطع بسرقة عين فعاد فسرقها قطع: سواء سرقها من الذي سرق منه أو من غيره ومن سرق مرات قبل القطع أجزء حد واحد عن جميعها ولو سرق المال المسروق أو المغصوب أجنبي لم

يقطع ومن آجر داره أو أعارها ثم سرق منها مال المستعير أو المستأجر قطع.

فصل: - ويشترط ثبوت السرقة
فصل: - ويشترط ثبوت السرقة -
إما بشهادة عدلين يصفان السرقة والحرز وجنس النصاب وقدره وإذا وجب القطع بشهادتهما لم يسقط بغيبتهما ولا موتهما ولا تسمع البينة قبل الدعوى وإن اختلف الشاهدان فشهد أحدهما أنه سرق يوم الخميس أو من هذا البيت أو سرق ثورا أو ثوبا أبيض أو عروبا وشهد الآخر أنه سرق يوم الجمعة أو من البيت الآخر أو بقرة أو حمارا أو ثوبا أسود أو مرويا - لم يقطع: كما لو اختلفا في الذكورية والأنثوية - أو باعتراف مرتين يذكر فيه شروط السرقة: من النصاب والحرز وغير ذلك والحر والعبد ولو آبقا في هذا سواء ولا ينزع عن إقراره حتى يقطع فإن رجع - قبل ولا قطع1 بخلاف ما لو ثبت ببينة تشهد على فعله فإن إنكاره لا يقبل فإن قال: أحلفوه لي أني سرقت منه - لم يحلف وإن شهدت على إقراره بالسرقة ثم جحد وقامت البينة بذلك - لم يقطع ولو أقر مرة واحدة أو ثبت بشاهد ويمين أو أقر ثم رجع لزمه غرامة المسروق ولا قطع وإن كان رجوعه وقد قطع بعض المفصل لم يتمم إن كان يرجى برؤه لكونه قطع الأقل وإن قطع الأكثر فالمقطع بالخيار: إن شاء قطعه ولا يلزم القاطع
ـــــــ
1 الرجوع عن الإقرار مسقط للحد في السرقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض للسارق الذي أقر على نفسه إمامه ليعدل عن الإقرار بقوله: "ما أخالك سرقت" .

بقطعه. ولا بأس بتلقين السارق ليرجع عن إقراره وبالشفاعة فيه إذا لم يبلغ الإمام فإذا بلغه حرمت الشفاعة ولزم القطع.

فصل: - ويشترط أن يطالب المسروق منه بماله أو وكيله
فصل: - ويشترط أن يطالب المسروق منه بماله أو وكيلهفإن أقر بسرقة مال غائب أو شهدت بها بينة - حبس ولم يقطع حتى يحضر فإن كانت العين في يدها أخذها الحاكم وحفظها للغائب وإن أقر بسرقة رجل فقال المالك: لم تسرق مني ولكن غصبتني أو كان لي قبلك وديعة فجحدتني لم يقطع وإن أقر أنه سرق من رجلين فصدقه أحدهما أو حضر أحدها فطالب ولم يطالب الآخر - لم يقطع فإن أقر أنه سرق من رجل شيئا يبلغ نصابا فقال الرجل: فقد فقدته من مالي فينبغي أن يقطع.
وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت وجوبا وهو: أن يغمس موضع القطع من مفصل الذراع في زنيت مغلي فإن عاد قطعت رجله اليسرى من منفصل الكعب وحسمن وجوبا وصفة القطع: أن يجلس السارق ويضبط لئلا يتحرك وتشد يده بحبل وتجر حتى يتبين مفصل الكف من مفصل الذراع ثم توضع بينهما سكين حادة ويدق فوقها بقوة لتقطع في مرة واحدة أو توضع السكين على المفصل وتمد مدة واحدة وإن علم قطعا أوحى من هذا قطع به ويسن تعليق يده في عنقه زاد جماعة ثلاثة أيام إن رآه الإمام ولا يقطع في شدة حر ولا برد ولا مريض في مرضه ولا حامل حال حملها ولا بعد وضعها حتى ينقضي نفاسها وإذا قطعت

يده ثم سرق قبل اندمالها لم يقطع حتى يندمل القطع الأول وكذا لو قطعت رجله قصاصا لم تقطع اليد في السرقة حتى تبرأ الرجل فإن عاد ثالثا بعد قطع يده ورجله حرم قطعه وحبس حتى يموت ولو سرق ويده اليمنى أو رجله اليسرى ذاهبة قطع الباقي منهما وإن كان الذاهب يده اليسرى ورجله اليمنى - لم يقطع لتعطيل منفعة الجنس وذهاب عضوين من شق واحد ولو كان الذاهب يديه أو يسراهما لم تقطع رجله اليسرى وإن كان الذاهب رجليه أو يمناهما ويداه صحيحتان قطعت يمنى يديه وإن سرق وله يمنى فذهبت في قصاص أو بأكلة أو تعد - سقط القطع وعلى العادي الأدب فقط1 سواء قطعها بعد ثبوت السرقة والحكم بالقطع أو قبله إذا كان بعد السرقة لأنه قطع عضوا غير معصوم ولو شهد عليه بالسرقة فحبسه الحاكم لتعديل الشهود فقطعه قاطع ثم عدلوا فكذلك وإن لم يعدلوا وجب القصاص على القاطع وإن ذهبت يده اليسرى أو مع رجليه أو مع إحداهما فلا قطع وإن ذهبت بعد سرقته رجلاه أو يمناهما قطع: كذهاب يسراهما نصا ومثلا ولو أمن تلفه بقطعها وما ذهب معظم نفعها كمعدومة: لا ما ذهب منها خنصر أو بنصر أو إصبع سواهما ولو الإبهام وإن وجب قطع يمناه فقطع القاطع يسراه بدلا عن يمينه أجزأت ولا يقطع يمناه أما القاطع فإن كان قطعها من غير اختيار من السارق أو كان أخرجها السارق دهشة أو ظنا منه أنها تجزئ
ـــــــ
1 يريد بالعادي من قطع يد السارق متعديا بعد أن ثبتت السرقة ولو قبل أن يحكم الإمام بالقطع.

فقطعها القاطع عالما بأنها يسراه وأنها لا تجزئ فعليه القصاص وإن لم يعلم أنها يسراه أو ظن أنها تجزئه فعليه ديتها وإن كان السارق أخرجها اختيارا عالما بالأمرين فلا شيء على القاطع ولا يقطع يمنى السارق ويجتمع القطع والضمان فيرد العين المسروقة إلى مالكها وإن كانت تالفة وهي من المثليات - فعليه مثلها وإلا فقيمتها: قطع أو لم يقطع موسرا كان أو معسرا وإن فعل في العين فعلا نقصها به: كقطع الثوب ونحوه وجب رده ورد نقصه والزيت الذي يحسم به وأجرة القطع من مال السارق.

باب حد المحاربين
مدخل

باب حد المحاربين
وهم قطاع الطريق المكلفون الملتزمون ولو أنثى الذين يعرضون للناس بسلاح ولو بعصا وحجارة في صحراء أو بنيان أو بحر فيغصبونهم مالا محترما قهرا مجاهرة فإن أخذوا مختفين فهم سراق وإن خطفوه وهربوا فمنتهبون لا قطع عليهم وإن خرج الواحد والاثنان على آخر قافلة فاستلبوا منها شيئا فليسوا بمحاربين لأنهم لم يرجعوا إلى منعة وقوة وإن خرجوا على عدد يسير فقهروهم فهم محاربون ويعتبر ثبوته ببينة أو إقرار مرتين فمن كان منهم قد قتل قتيلا لأخذ ماله ولو بمثقل أو سوط أو عصا ولو غير من يكافئه كمن قتل ولده أو عبدا أو ذميا وأخذ المال - قتل حتما بالسيف في عنقه ولو عفا عنه ولى ثم صلب المكافئ دون غيره بقدر ما يشتهر ثم ينزل ويدفع إلى أهله فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن فإن مات قبل قتله لم يصلب ولا يتحتم استيفاء جناية يوجب القصاص فيما دون النفس: إلا إذا كان قتل وحكمها

حكم الجناية في غير المحاربة فإن جرح إنسانا قتل آخر اقتص منه للجراح ثم قتل للمحاربة حتما فيهما وردء وطليع في ذلك كمباشر وإذا قتل واحد منهم ثبت حكم القتل في حق جميعهم فيجب قتل الكل وإن قتل بعضهم وأخذ المال بعضهم - قتلوا كلهم وصلب المكافئ فإن كان فيهم صبي أو مجنون لم يسقط الحد عن غيرهما ولا حد عليهما وعليهما ضمان ما أخذا من المال في أموالهما ودية قتيلهما على عاقلتهما ولا شيء على ردئهما وإن كان فيهم امرأة ثبت لها حكم المحاربة فمتى قتلت أو أخذت المال ثبت لها حكم المحاربة في حق من معها كهى لأنهم ردؤها وإن قطع أهل الذمة على المسلمين الطريق وحدهم أو مع المسلمين انتقض عهدهم وحلت دماؤهم وأموالهم.

فصل: - ومن قتل ولم يأخذ المال قتل حتما
فصل: - ومن قتل ولم يأخذ المال قتل حتماولا أثر لعفو ولي ولم يصلب ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى وحسمت في مقام واحد حتما مرتبا وجوبا ولا يقطع منهم إلا من أخذ من حرز لا شبهة له فيه ما يقطع السارق في مثله فإذا أخذوا نصابا أو ما تبلغ قيمته نصابا ولو لم تبلغ حصة كل واجد منهم نصابا قطعوا فإن أخذ من غير حرز كأخذه من منفرد عن القافلة ونحوه فلا قطع وإن كانت يده اليمنى أو رجله اليسرى معدومة أو مستحقة في قصاص أو شلاء قطع الموجود - منهما فقط ويسقط القطع في المعدوم وإن عدم يسرى يديه قطعت يسرى رجليه وإن عدم يمنى يديه لم يقطع يمنى رجليه ولو حارب مرة أخرى لم يقطع منه شيء ويتعين دية كقود لزمه بعد

فصل: - من صال على نفسه أو نسائه أو ولده أو ماله ولو قل
فصل: - من صال على نفسه أو نسائه أو ولده أو ماله ولو قل:
بهيمة أو آدمي1 ولو غير مكافئ أو صبيا أو مجنونا في منزله أو غيره ولو متلصصا ولم يخف أن يبدره الصائل بالقتل دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به فإن اندفع بالقول لم يكن له ضربه وإن لم يندفع بالقول فله ضربه بأسهل ما يظن أن يندفع به فإن ظن أنه يندفع بضرب عصا لم يكن له ضربه بحديد وإن ولى هاربا لم يكن له قتله ولا اتباعه وإن ضربه فعطله لم يكن له أن يثني عليه وإن ضربه فقطع يمينه فولى هاربا فضربه فقطع رجله فالرجل مضمونة بقصاص أو دية فإن مات من سراية القطعين فعليه نصف الدية
ـــــــ
1 قوله: بهيمة أو آدمي فاعل صال المتقدم.

وإن رجع إليه بعد قطع رجله فقطع يده الأخرى فاليدان غير مضمونتين وإن مات فعليه ثلث الدية فإن لم يمكنه دفعه إلا بالقتل أو خاف ابتداء أن يبدأه بالقتل إن لم يعاجله بالدفع - فله ضربه بما يقتله ويقطع طرفه ويكون هدرا وإن قتل المصول عليه فهو شهيد مضمون وإن كان الدفع عن نسائه فهو لازم وإن كان عن نفسه في غير فتنة فكذلك إن أمكنه الهرب وإلا حتماء كما لو خاف من سيل أو نار وأمكنه أن يتنحى عنه وكما لو كان الصائل بهيمة ولو قتلها ولا ضمان عليه وإن كان الدفع عن نفسه في غير فتنة وظن الدافع سلامة نفسه فلازم أيضا1 ولا يلزمه الدفع عن ماله ولا حفظه من الضياع والهلاك كمال غيره لكن له معونة غيره في الدفع عن ماله ونسائه في قافلة وغيره وإن راود رجل امرأة عن نفسها فقتلته دفعا عن نفسها لم تضمنه ولو ظلم ظالم لم يعنه حتى يرجع عن ظلمه وكره أحمد أن يخرج إلى صيحة بالليل لأنه لا يدري ما يكون وإذا وجد رجلا يزني بامرأته فقتلهما فلا قصاص عليه ولا دية: إلا أن تكون المرأة مكرهة فعليه القصاص هذا إذا كانت بينة أو صدقه الولي وإلا فعليه الضمان في الظاهر وتقدم في شروط القصاص بعض
ـــــــ
1 الدفاع عن النفس واجب في حالة الأمن لأن الاستسلام للصائل يعتبر القاء بالنفس إلى التهلكة وأما في أيام الفتنة فالدفاع جائز لا واجب، ولذلك لم يدفع عثمان رضي الله تعالى عنه عن نفسه، ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنه: "اجلس في بيتك؛ فإن خفت أن ينهرك شعاع السيف فغط وجهك ، وفي رواية – فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل" .

ذلك والبينة: شاهدان اختاره أبو بكر1 وإن قتل رجلا ادعى أنه هجم منزله فلم يمكنه دفعه إلا بالقتل لم يقبل قوله بغير بينة وعليه القود: سواء كان المقتول يعرف بسرقة أو عيارة، أولا2 فإن شهدت بينة أنهم رأوا هذا مقبلا إلى هذا بسلاح مشهور فضربه هذا فدمه هدر وإن شهدوا أنهم رأوه داخل داره ولم يذكروا سلاحا أو ذكروا سلاحا غير مشهور لم يسقط القود بذلك وإن عض يده إنسان عضا محرما فانتزع يده من فيه ولو بعنف فسقطت ثناياه فهدر وكذا ما في معنى العض فإن عجز - دفعه كصائل وإن كان العض مباحا: مثل أن يمسكه في موضع يتضرر بإمساكه أو يعصر يده ونحو ذلك مما لا يقدر على التخلص منه إلا بعضه فعضه فما سقط من أسنانه ضمنه وإن نظر في بيته من خصاص الباب أو من نقبب في جدار أو من كوة ونحوه لا من باب مفتوح - فرماه صاحب الدار بحصاة أونحوها أو طعنه بعود فقلع عينه فلا شيء عليه ولو أمكن الدفع بدونه وسواء كان في الدار نساء أو كان محرما أو نظر من الطريق أو من ملكه أولا فإن ترك الاطلاع ومضى لم يجز رميه فإن رماه فقال المطلع: ما تعمدته أو لم أر شيئا حين اطلعت لم يضمنه وليس لصاحب الدار رميه بما يقتله ابتداء فإن لم يندفع يرميه بالشيء اليسير جاز رميه بأكثر منه حتى يأتي ذلك على نفسه ولو تسمع الأعمى والبصير على من في البيت
ـــــــ
1 الاكتفاء بشاهدين هنا إحدى روايتين، وذلك لأن البينة هنا ليست على الزنا وإنما على وجود الرجل مع المرأة، والرواية الثانية أنها أربعة.
2 العيارة هي السرقة بالانضمام مع غيره، فإن كانت على إنفراد فسرقة فحسب.

لم يجز طعن أذنه ولو كان عريانا في طريق لم يكن له رمي من نظر إليه وإن عقرت كلبة من قرب من أولادها أو خرقت ثوبه لم تقتل بل تنقل وقال الشيخ في جند قاتلوا عربا نهبوا أموال تجار ليردوه: هم مجاهدون في سبيل الله ولا ضمان عليهم بقود ولا دية.

باب قتال أهل البغي
باب قتال أهل البغي

باب قتال أهل البغي
نصب الإمام الأعظم فرض كفاية ويثبت بإجماع المسلمين عليه كإمامة أبي بكر من بيعة أهل الحل والعقد من العلماء ووجوه الناس بصفة الشهود أو يجعل الأمر شورى في عدد محصور ليتفق أهلها على أحدهم فاتفقوا عليه أو بنص من قبله عليه أو باجتهاد أو بقهره الناس بسيف حتى أذعنوا له ودعوه إماما.
ويعتبر كونه قرشيا بالغا عاقلا سميعا بصيرا ناطقا حرا ذكرا عدلا عالما ذا بصيرة كافيا ابتداء ودواما ولو تنازعها اثنان متكافئان في صفات الترجيح قدم أحدهما بقرعة فإن بويع لاثنين فيهما شرائط الإمامة فالإمام - الأول وإن بويع لهما معا أو جهل السابق منهما فالعقد باطل فيهما ويجبر متعين لها وتصرفه على الناس بطريق الوكالة لهم فهو وكيل المسلمين فله عزل نفسه ولهم عزله إن سأل العزل لقول الصديق: أقيلوني أقيلوني وإلا حرم إجماعا ولا ينعزل بفسقه ولا بموت من بايعه ويحرم قتاله ويلزم الإمام عشرة أشياء
حفظ الدين - وتنفيذ الأحكام - وحماية البيضة - وقامة الحدود - وتحصين الثغور - وجهاد من عاند - وجباية الخراج والصدقات - وتقدير العطاء - واستكفاء الأمناء - وأن يباشر بنفسه مشارفة الأمور

والخارجون عن قبضته أصناف أربعة - أحدها: قوم امتنعوا من طاعته وخرجوا عن قبضته بغير تأويل فهؤلاء - القطاع وتقدم ذكرهم.
الثاني : لهم تأويل: إلا أنهم نفر يسير لا منعة لهم: كالعشرة ونحوهم وحكمهم حكم قطاع الطريق.
الثالث : الخوارج الذين يكفرون بالذنب ويكفرون أهل الحق وعثمان وعليا وطلحة والزبير وكثيرا من الصحابة ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم إلا من خرج معهم - فهم فسقة يجوز قتلهم ابتداء والإجهاز على جريحهم وذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه وطائفة من أهل الحديث إلى أنهم كفار مرتدون حكمهم حكم المرتدين قاله في الترغيب و الرعايتين وهي أشهر وذكر ابن حامد أنه لا خلاف فيه وذكر ابن عقيل في الإرشاد عن أصحابنا تكفير من خالف من أصل الخوارج و روافض ومرجئه.
الرابع : قوم من أهل الحق باينوا الإمام وراموا خلعه أو مخالفته بتأويل سائغ صواب أو خطأ ولهم منعة وشوكة يحتاج في كفهم إلى جمع جيش: وهم البغاة.
فمن خرج على إمام ولو غير عدل بأحد هذه الوجوه باغيا وجب قتاله1 وسواء كان فيهم واحد مطلع أو كانوا في طرف ولايته أو في موضع متوسط تحيط به ولايته أولا وعلى الإمام أن يراسلهم
ـــــــ
1 الوجوه المشار إليها أربعة – أحدها: أن يكونوا من أهل الإيمان – ثانيها: أن يخرجوا على الإمام بالعداء ويعملوا على عزله – ثالثها: أن يكون لهم في ذلك تأويل يستندون إليه – رابعها: أن تكون لهم شوكة بحيث يحتاج في ردعهم إلى جيش.

ويسألهم ما ينقمون منه ويزيل ما يذكرونه من مظلمة ويكشف ما يدعونه من شبهة ولا يجوز قتالهم قبل ذلك: إلا أن يخاف كلبهم فإن أبوا الرجوع وعظهم وخوفهم القتال فإن فاؤا وإلا لزمهم قتالهم إن كان قادرا وإلا أخره إلى الإمكان وعلى رعيته معونته على حربهم وإن استنظروه مدة رجاء رجوعهم فيها أنظرهم وإن ظن أنها مكيدة لم ينظرهم وإن أعطوه مالا: وإن بذلوا رهائن على أنظارهم لم يجز أخذها لتلك1 فإن كان في أيديهم أسرى من أهل العدل وأعطوا بذلك رهائن منهم قبلهم الإمام واستظهر للمسلمين فإن أطلقوا الأسرى أطلقت رهائنهم فإن قتلوا من عندهم لم يجز قتل رهائنهم، ولا أسراهم2 فإذا انقضت الحرب خلى الرهائن كما تخلى الأسرى منهم وإن سألوه أن ينظرهم أبدا ويدعهم وما هم عليهم ويكفوا عن المسلمين وخاف ظفرهم أن قاتلهم - تركهم وإن قوى عليهم لم يجز إقراره على ذلك وإن حضر معهم عبيد ونساء وصبيان قوتلوا مقبلين وتركوا مدبرين كغيرهم ويكره قصد رحمة الباغي بقتل3 فإن فعل - ورثه ويحرم قتلهم بما يعم إتلافه: كالمنجنيق والنار إلا لضرورة: مثل أن يحتاط بهم البغاة ولا يمكنهم التخلص إلا بذلك وإن رماهم البغاة بذلك جاز رميهم بمثله وإن اقتتلت طائفتان منهم فقدر الإمام على قهرهما لم يمل لواحدة
ـــــــ
1 قوله لتلك - يريد به للمكيدة، يعني لا يجوز أخذ الرهائن لأنهم لو غدروا لما جاز قتل رهائنهم، وربما كان تقديم الرهائن لغرض التمكن فتكون حيلة على المسلمين. في حين أن الرهائن لا تفيد شيئا.
2 عللوا ذلك بقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .
3 كأبيه وأخيه مثلا.

منهما وإن عجز وخاف اجتماعهما على حربه ضم إليه أقربهما إلى الحق وإن استويا اجتهد برأيه في ضم إحداهما ولا يقصد بذلك معونة إحداهما بل الاستعانة على الأخرى فإذا هزمها لم يقاتل من معهم حتى يدعهم إلى الطاعة ويحرم أن يستعين في حربهم بكافر أو بمن يرى قتلهم مدبرين: إلا لضرورة وله أن يستعين عليهم بسلاح أنفسهم وكراعهم: وهو خيلهم عند الضرورة فقط ولا يجوز في غير قتالهم ومتى انقضى الحرب وجب رده إليهم: كسائر أموالهم والمراهق منهم والعبد - كالخيل وإذا تركوا القتال: إما بالرجوع إلى الطاعة أو بإلقاء السلاح أو بالهزيمة إلى فئة أو إلى غير فئة أو بالعجز لجراح أو مرض أو أسر - حرم قتلهم واتباع وقتل مدبرهم وقتل جريحهم فإن قتل مدبرهم أو جريحهم فلا قود للاختلاف في ذلك ولا يجوز أن يغنم لهم مال ولا تسبي لهم ذرية ويجب رد ذلك إليهم إن أخذ منهم ولا يرد السلاح والكراع حال الحرب بل بعده ومن أسر من رجالهم فدخل في الطاعة خلى سبيله وإن أبى وكان جلدا حبس ما دامت الحرب قائمة فإذا انقضت خلى سبيله وشرط عليه ألا يعود إلى القتال ولا يرسل مع بقاء شوكتهم فإن بطلت شوكتهم ولكن يتوقع اجتماعهم في الحال - لم يرسل وإن أسر صبي أو امرأة فعل بهما كما يفعل بالرجل ولا يخلي في الحال ويجوز فداء أسرى أهل العدل بأسارى البغاة ولا يضمن أهل العدل ما أتلفوه عليهم حال الحرب من نفس أو مال ولا كفارة فيه فإن قتل العادل كان شهيدا ولا يغسل ولا يصلى عليه ولا يضمن أهل البغي أيضا ما أتلفوه حال الحرب من نفس أو مال. ومن

أتلف من الطائفتين شيئا في غير الحرب ضمنه ومن قتل من أهل البغي غسل وكفن، وصلى عليه وإذا لم يكونوا من أهل بدع فليسوا بفاسقين بل مخطئين في تأويلهم فتقبل شهادتهم ويأتي في الشهادات وما أخذوا في حال امتناعهم من زكاة أو خراج أو جزية لم يعد عليهم ولا على باذل لوقوعه موقعة وما أقاموا من حد وقع موقعه أيضا خوارج كانوا أو غيرهم ومن ادعى دفع زكاته إليهم قبل بغير يمين ولا تقبل دعوى دفع خراج ولو كان الدافع مسلما ولا دعوى دفع جزية إليهم إلا ببينة ولا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره وإن كتب قاضيهم إلى قاضي أهل العدل جاز قبول كتابه والأولى ألا يقبله وإن ولى الخوارج قاضيا لم يجز قضاؤه وإن ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب حدا ثم قدر عليهم أقيم عليهم وإن أعانهم أهل ذمة أو عهد - انتقض عهدهم وصاروا أهل حرب إلا أن يدعوا شبهة: كأن يظنوا أنه يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك فلا ينتقض وإن أكرههم البغاة على معونتهم وادعوا ذلك قبل منهم ويغرمون ما أتلفوه من نفس أو مال حال الحرب وغيره وإن استعانوا بأهل الحرب وأمنوهم لم يصح أمانهم وأبيح قتلهم وحكم أسيرهم حكم أسير سائر أهل الحرب وإن ظهر قوم رأى الخوارج: مثل تكفير من ارتكب كبيرة وترك الجماعة واستحلال دماء المسلمين وأموالهم ولم يجتمعوا لحرب - لم يتعرض لهم وإن سبوا الإمام أو عدلا غيره أو تعرضوا بالسب - عزرهم وإن جنوا جناية وأتوا حدا أقامه عليهم وإن اقتتلت طائفتان لعصبية أو طلب

رئاسة فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة منهما ما أتلف على الأخرى فلو قتل من دخل بينهم بصلح وجهل قاتله ضمنتاه.

باب حكم المرتد
مدخل

باب حكم المرتد
وهو الذي يكفر بعد إسلامه ولو مميزا طوعا ولو هازلا فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو اتخذ له صاحبة أو ولدا أو ادعى النبوة أو صدق من ادعاها أو جحد نبيا أو كتابا من كتب الله أو شيئا منه أو جحد الملائكة أو البعث أو سب الله أو رسوله أو استهزأ بالله أو كتبه أو رسله قال الشيخ: أو كان مبغضا لرسوله أو لما جاء به اتفاقا وقال: أو جعل بينه و بين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعا انتهى أو سجد لصنم أو شمس أو قمر أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين أو وجد منه امتهان القرآن أو طلب تناقضه أو دعوى أنه مختلف أو مختلق أو مقدور على مثله أو إسقاط لحرمته أو أنكر الإسلام أو الشهادتين أو أحدهما كفر لا من حكى كفرا سمعه ولا يعتقده أو نطق بكلمة الكفر ولم يعلم معناها ولا من جرى على لسانه سبقا من غير قصد لشدة فرح أو دهش أو غير ذلك: كقول من أراد أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك فقال: أنت عبدي وأنا ربك ومن أطلق الشارع كفر - فهو كفر لا يخرج به عن الإسلام: كدعواهم لغير أبيهم وكمن أتى عرافا فصدقه بما يقول فهو تشديد وكفر لا يخرج به عن الإسلام وإن أتى بقول يخرجه عن الإسلام1: مثل أن يقول
ـــــــ
1 قوله ومن أطلق الشارع كفره الخ – يريد أن الكفر الذي يطلق في بعض الأحاديث قد لا يكون كفرا حقيقة وإنما هو من باب التأكيد في التحذير: كقوله =

فصل: - وقال: من سب الصحابة أو أحد منهم
فصل: - وقال: ومن سب الصحابة أو أحد منهم
واقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي وأن جبريل غلط - فلا شك في كفر هذا بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره وكذلك من زعم أن القرآن ينقص منه شيء وكتم أو أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك وهذا قول القرامطة والباطنية ومنهم الناسخية ولا خلاف في كفر هؤلاء كلهم ومن قذف عائشة رضي الله عتها بما برأها الله منه كفر بلا خلاف ومن سب غيرها من أزواجه صلى الله عليه

وسلم ففيه قولان - أحدهما: أنه كسب واحد من الصحابة - والثاني وهو الصحيح أنه كقذف عائشة رضي الله عنها وأما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا دينهم: مثل من وصف بعضهم ببخل أو جبن أو قلة علم أو عدم زهد ونحوه - فهذا يستحق التأديب والتعزير ولا يكفر وأما من لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف أعني هل يكفر أو يفسق توقف أحمد في كفره وقتله وقال: يعاقب ويجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عن ذلك وهذا المشهور من مذهب مالك وقيل: يكفر إن استحله والمذهب يعزر: كما تقدم أول باب التعازير وفي الفتاوى المصرية يستحق العقوبة البليغة باتفاق المسلمين وتنازعوا هل يعاقبه بالقتل أو ما دون القتل؟ وقال: أما من جاوز ذلك كمن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر وأنهم فسقوا فلا ريب أيضا في كفر قائل ذلك بل من شك في كفره فهو كافر - انتهى ملخصا من الصارم المسلول ومن أنكر أن يكون أبو بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كفر لقوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} وإن جحد وجوب العبادات الخمس أو شيئا منها ومنها الطهارة أو حل الخبز واللحم والماء أو أحل الزنا ونحوه أو ترك الصلاة أو شيئا من المحرمات الظاهرة المجمع على تحريمها كلحم الخنزير والخمر وأشباه ذلك أو شك فيه ومثله ل يجهله - كفر وإن كان بتأويل كالخوارج لم يحكم بكفرهم مع استحلالهم دماء المسلمين وأموالهم متقربين بذلك إلى الله تعالى وتقدم في المحاربين والإسلام - شهادة ألا إله إلا الله

وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت مع الاستطاعة وصوم رمضان فمن أنكر ذلك أو بعضه لم يكن مسلما ومن ترك شيئا من العبادات الخمس تهاونا: فإن عزم على أن لا يفعله أبدا استتيب عارف وجوبا كالمرتد وإن كان جاهلا عرف فإن أصر قتل حدا ولم يكفر: إلا بالصلاة إذا دعي إليها وامتنع أو شرط أو ركن مجمع عليه فيقتل كفرا وتقدم في كتاب الصلاة ومن شفع عنده في رجل فقال: لو جاء النبي صلى الله عليه وسلم يشفع فيه ما قبلت منه: إن تاب بعد القدرة عليه قتل لا قبلها.

فصل: - ومن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء
فصل: - ومن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساءوهو بالغ عاقل مختار دعي إليه ثلاثة أيام وضيق عليه وحبس: فإن تاب وإلا قتل بالسيف: إلا رسول الكفار إذا كان مرتدا بدليل رسولي: مسيلمة ولا يقتله إلا الإمام أو نائبه حرا كان المرتد أو عبدا ولا يجوز أخذ فداء عنه وإن قتله غيره بلا إذنه أساء وعزر ولم يضمن سواء قتله قبل الاستتابة أو بعدها: إلا أن يلحق بدار حرب فلكل قتله وأخذ ما معه من مال والطفل الذي لا يعقل والمجنون ومن زال عقله بنوم أو إغماء أو شرب دواء مباح - لا تصح ردته ولا إسلامه لأنه لا حكم لكلامه فإن ارتد وهو مجنون فقتله قاتل فعليه القود وإن ارتد في صحته ثم جن - لم يقتل في حال جنونه فإذا أفاق استتيب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل وإن عقل الصبي الإسلام صح إسلامه وردته إن كان مميزا ومعنى عقل الإسلام: أن يعلم أن الله

ربه لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله فإذا اسلم حيل بينه وبين الكفار ويتولاه المسلمون ويدفن في مقابرهم إذا مات فإن قال بعده: لم أدر ما قلت أو قاله كبير - لم يلتفت إلى قوله وأجبر على الإسلام ولا تقتل المرتدة الحامل حتى تضع ولا الصغير حتى يبلغ ويستتاب بعده ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل قال أحمد: فيمن قال لكافر: أسلم وخذ ألفا فأسلم فلم يعطه فأبى الإسلام - يقتل وينبغي أن يفي وإن أسلم على صلاتين قبل منه وأمر بالخمس ومثله إذا أسلم على الركوع دون السجود ونحوه ومن ارتد وهو سكران صحت ردته ولا يقتل حتى يصحو وتتم له ثلاثة أيام من حين صحوه ليستتاب فيها فإن تاب وإلا قتل وإن مات في سكره أو قتل مات كافرا وإن أسلم في سكره ولو أصليا صح إسلامه ثم يسأل بعد صحوه فإن ثبت على إسلامه فهو مسلم من حين إسلامه وإن كفر فهو كافر من الآن ولا تقبل في الدنيا أي في الظاهر توبة زنديق: وهو المنافق وهو من يظهر الإسلام ويخفي الكفر وكالحلولية والمباحية وكمن يفضل متبوعه على النبي صلى الله عليه وسلم أو أنه إذا حصلت له المعرفة والتحقيق سقط عنه الأمر والنهي أو إن العارف المحقق يجوز له التدين بدين اليهود والنصارى ولا يجب عليه الاعتصام بالكتاب والسنة وأمثال هؤلاء ولا من تكررت ردته أو سب الله أو رسوله صريحا أو تنقصه ولا الساحر الذي يكفر بسحره ويقتلون

بكل حال وأما في الآخرة فمن صدق منهم في توبته قبلت باطنا ومن أظهر الخير وأبطن الفسق فكالزنديق في توبته ومن كفر ببدعة قبلت ولو داعية وتقبل توبة القاتل فلو اقتص منه أو عفى عنه فهل يطالبه المقتول في الآخرة؟ فيه وجهان قال ابن القيم: والتحقيق أن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق - حق لله تعالى - وحق للمقتول - وحق للمولى فإذا أسلم القاتل نفسه طوعا واختيارا إلى الولي ندما على ما فعل وخوفا من الله وتوبة نصوحا - سقط حق الله تعالى بالتوبة وحق الأولياء بالاستيفاء أو الصلح أو العفو وبقي حق المقتول يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب ويصلح بينه وبينه.

فصل: - وتوبة المرتد وكل كافر
في ردته نصا قبلها فمتى زنا رجم ولا تبطل عباداته التي فعلها في إسلامه من صلاة وحج وغيرهما إذا عاد إلى الإسلام.

فصل: - ومن ارتد لم يزل ملكه
فصل: - ومن ارتد لم يزل ملكهويملك بأسباب التمليك: كالصيد والاحتشاش والاتهاب والشراء وإيجار نفسه إجارة خاصة أو بأن يؤجر لخياطة ونحوها ولا يرث ولا يورث ويكون ملكه موقوفا ويمنع من التصرف فيه ومن وطء إمائه إلى أن يسلم فإذا أسلم عصم دمه وماله وإن لم يحكم به حاكم وينفق منه على من تلزمه مؤنته وتقضى منه ديونه وأروش جناياته: ما كان منها بعد الردة كما قبلها فإن أسلم أخذه أو بقيته ونفذ تصرفه ويضمن ما أتلفه لغيره ولو في دار حرب وسواء كان المتلف واحدا أو جماعة صار لهم منعة أولا وإن تزوج أو زوج موليته أو أمته لم يصح وإن مات أو قتل مرتدا صار ماله فيئا من حين موته وبطل تصرفه وإن لحق بدار حرب فهو وما معه كحربي: لكل أحد قتله بغير استتابة وأخذ ما معه وما بدارنا من أملاكه فملكه ثابت فيه يصير فيئا من حين موته وإن لحق بدار حرب أو تعذر قتله مدة طويلة فعل الحاكم ما يرى فيه إلا حظ: من بيع حيوانه الذي يحتاج إلى نفقته وإجارة ما يرى إبقاءه ومكاتبة يؤدي إلى الحاكم ويعتق بالأداء وإذا ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب ثم قدر عليهما لم يجز استرقاقهما ولا استرقاق أولادهما الذين ولدوا في الإسلام ومن لم يسلم منهم قتل ولو ارتد أهل بلد وجرى فيه حكمهم - فدار حرب يجب على الإمام قتالهم أو يغنم مالهم ويجوز استرقاق من

حدث وولد بعد الردة وإقراره بجزية ولا يجرى على المرتد رق: رجلا كان أو امرأة لحق بدار الحرب أو أقام بدار الإسلام ومن ولد من أولاد المرتدين قبل الردة أو كان حملا وقتها - فمحكوم بإسلامه ولا يجوز استرقاقهم صغارا ولا كبارا وبعد البلوغ يستتابون كآبائهم ولا يقر مرتد بجزية وإذا مات أبو الطفل أو الحمل أو المميز أو أحدهما في دارنا على كفره - لا جده ولا جدته - فمسلم ويقسم له الميراث وكذا لو عدم الأبوان أو أحدهما بلا موت كزنا ذمية ولو بكافر أو اشتباه ولد مسلم بولد كافر نصا قال القاضي: أو وجد بدار حرب وتقدم في كتاب الجهاد إذا سبي الطفل وأطفال الكفار في النار نصا واختار الشيخ تكليفهم في القيامة ومثلهم من بلغ منهم مجنونا ومن ولد أعمى أبكم أصم وصار رجلا هو مع أبويه نصا وإن كانا مشركين ثم أسلما بعد ما صار رجلا قال: هو معهما وإن تصرف المرتد لغيره بالوكالة صح ولا يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في ردته ويلزمه قضاء ما ترك قبلها وإن قتل من يكافئه عمدا فعليه القصاص والولي مخير بين القتل والعفو عنه فإن اختار القصاص قدم على قتل الردة: تقدمت الردة أو تأخرت وإن عفا على مال وجبت الدية في ماله وإن كان خطأ وجبت أيضا في ماله قال القاضي: تؤخذ منه في ثلاث سنين فإن قتل أو مات - أخذت من ماله في الحال وتثبت الردة بالإقرار، أو البينة.

فصل: - ومن أكره على الكفر
فصل: - ومن أكره على الكفرفالأفضل له أن يصبر ولو أتى ذلك على نفسه وإن لم يصبر وأجاب لم يصر كافرا إذا كان قلبه

مطمئنا بالإيمان ومتى زال الإكراه أمر بإظهار إسلامه فإن أظهره وإلا حكم بأنه كافر من حين نطق به وإن شهدت بينة أنه نطق بكلمة الكفر وكان محبوسا أو مقيدا عند الكفار في حالة خوف لم يحكم بردته وإن شهدت أنه كان آمنا في حال نطقه حكم بردته وإن ادعى ورثته رجوعه إلى الإسلام لم تقبل إلا ببينة وإن شهدت عليه بأكل لحم خنزير لم يحكم بردته فإن قال بعض ورثته: أكله مستحلا له أو أقر بردته - حرم ميراثه ويدفع إلى من يدعي الإسلام قدر ميراثه لأنه لا يدعي أكثر منه والباقي لبيت المال فإن كان في الورثة صغير أو مجنون دفع إليه نصيبه ونصيب المقر بردة الموروث.

فصل: - ويحرم تعلم السحر
فصل: - ويحرم تعلم السحر: وتعليمه وفعله وهو:
عقد ورقي وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قبله أو عقله من غير مباشرة له وله حقيقة فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض وما يأخذ الرجل عن زوجته فيمنعه وطأها أو يعقد المتزوج فلا يطيق وطأها وما كان مثل فعل لبيد بن الأعصم حين سحر النبي صلى الله عليه وسلم في مشط ومشاطة أو يسحره حتى يهيم مع الوحش ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر ويحبب بين الاثنين: ويكفر بتعلمه وفعله: سواء اعتقد تحريمه أو إباحته كالذي يركب الحمار من مكنسة وغيرها فتسير في الهواء أو يدعي أن الكواكب تخاطبه ويقتل إن كان مسلما وكذا من يعتقد حله من المسلمين ولا يقتل ساحر ذمي إلا أن يقتل به ويكون مما يقتل غالبا فيقتص منه فأما الذي يسحر بأدوية وتدخين وسقي شيء لا يضر فإنه

لا يكفر ولا يقتل ويعزر تعزيرا بليغا دون القتل: إلا أن يقتل بفعله فيقتص منه وإلا فالدية وتقدم في كتاب الجنايات وأما الذي يعزم على الجن ويزعم أنه يجمعها فتطيعه فلا يكفر ولا يقتل ويعزر تعزيرا بليغا دون القتل وكذا الكاهن والعراف والكاهن: الذي له رئى من الجن يأتيه بأخبار والعراف: الذي يحدس ويتخرص كالمنجم ولو أوهم قوما بطريقته أن يعلم الغيب فللإمام قتله لسعيه بالفساد وقال الشيخ: التنجيم كالاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية من السحر قال: ويحرم إجماعا والمتعبد والقائل بزجر طير والضارب بحصى وشعير وقداح زاد في الرعاية والنظر في ألواح الأكتاف إذا لم يعتقد إباحته وأنه لا يعلم به عزر ويكف عنه وإلا كفر وتحرم رقية وحرز وتعوذ بطلسم وعزيمة بغير عربي وباسم كوكب وما وضع على نجم من صورة أو غيرها ولا بأس بحل السحر بشيء من القرآن والذكر والأقسام والكلام المباح وإن كان بشيء من السحر فقد توقف فيه أحمد والمذهب جوازه ضرورة قال في عيون المسائل: ومن السحر السعي بالنميمة والإفساد بين الناس وهو غريب.

كتاب الأطعمة
الأطعمة

مدخل
كتاب الأطعمة
وأحدها طعام وهو: ما يؤكل ويشرب والمراد هنا بيان ما يحرم أكله وشربه وما يباح والأصل فيها الحل فيباح كل طعام طاهر لا مضرة فيه من الحبوب والثمار وغيرها حتى المسك والفاكهة المسوسة والمدودة

ويباح أكلها بدودها وباقلا بذبابه وخيرا وقثاء وحبوب وخل بما فيه تبعا: لا أكل دودها ونحوها أصلا ولا أكل النجاسات كالميتة والدم والرجيع والبول ولو كانا طاهرين بلا ضرورة ولا أكل الحشيشة المسكرة وتسمى حشيشة الفقراء ولا ما فيه مضرة من السموم وغيرها وفي التبصرة ما يضر كثيره يحل يسيره ويحرم من الحيوانات الآدمي والحمر الأهلية ولو توحشت والخنزير وما له ناب يفترس به: سوى الضبع: كأسد ونمر وذئب وفهد وكلب وابن آوى وابن عرس وسنور أهلي وبري ونمس وقرد ولو صغيرا لم ينبت نابه ودب وفيل وثعلب ويحرم سنجاب وسمور وفنك وما له مخلب من الطير يصيد به كعقاب وبازي وصقر وشاهين وحدأة وبومة وما يأكل الجيف: كنسر ورخم ولقلق وعقعق وهو: القاق وغراب البين والأبقع وما تستخبثه العرب ذوو اليسار من أهل القرى والأمصار من أهل الحجاز ولا عبرة بأهل البوادي: كالقنفذ والدلدل وهو عظيم القنافذ قدر السخلة ويسمى النيص على ظهره شوك طويل نحو ذراع والحشرات كلها كديدان وجعلان وبنات وردان وخنافس وأوزاع وصراصر وحرباء وجراذين وخلد وفأر وحيات وعقارب وخفاش وخشاف وهو الوطواط وزنبور ونحل ونمل وذباب وطبابيع وقمل و براغيث ونحوها وهدهد وصرد وغداف خطاف وأخيل وهو: الشقراق وسنونو وهو نوع من الخطاف وغيرها مما أمر الشرع بقتله أو نهى عنه وما لا تعرفه العرب من أمصار

الحجاز وقراها ولا ذكر في الشرع - يرد إلى أقرب الأشياء شبها به فإن لم يشبه شيئا منها فمباح وما أحد أبويه المأكولين مغصوب فكأمه حلا وحرمة وملكا ولو اشتبه مباح ومحرم - حرما ويحرم متولد من مأكول وغيره كالبغل والسمع - ولد الضبع من الذئب والعسبار ولد الذئب من الزنج وهو: الضبعان وهو ذكر الضباع والدرياب وه: أبو زريق قيل: أنه متولد من الشقراق والغراب والمتولد بين أهلي ووحشي وكحيوان من نعجة نصفه خروف ونصفه كلب ويحرم ما ليس ملكا لآكله ولا أذن فيه ربه ولا الشارع.

فصل: - وما عدا هذا فمباح
فصل: - وما عدا هذا فمباح:
كمتولد من مأكولين كبغل من حمار وحش وخيل ولو غير عربية ووبر ويربوع وبقر وحش على اختلاف أنواعها من الأيل والتيتل والوعل والمها وظباء وحمر وحش: ولو تأنست وعلفت وأرنب وزرافة ونعامة وضب وضبع وإن عرف بأكل الميتة فكان كجلالة قاله في الروضة وبهيمة الأنعام وهي: الإبل والبقر والجاموس والغنم ودجاج وديوك وطاووس وببغاء وهي: الدرة وعندليب وسائر الوحش من الصيود كلها وزاغ وغراب الزرع وهو أحمر المنقار والرجل وحجل و زرزور وصعوة جمع صعو وهون: صغار العصافير أحمر الرأس وحمام وأنواعه من الفواخت والجوازل والرقاطي والدياسي وسماني وسلوى وقيل هماشئ واحد وعصافير وقنابر وقطا وحبارى وكركى وكروان وبط وأوز وما أشبهه مما يلقط

الحب أو يفدى في الإحرام وغرانيق وطير الماء كله وأشباه ذلك ويباح جميع حيوانات البحر: إلا الضفدع والحية والتمساح.

فصل: - وتحرم الجلالة
فصل: - وتحرم الجلالة وهي:
التي أكثر علفها النجاسة ولبنها وبيضها ويكره ركوبها لأجل عرقها حتى تحبس ثلاثا وتطعم الطاهر وتمنع من النجاسة: طائرا كانت أو بهيمة ومثله خروف ارتضع من كلبة ثم شرب لبنا طاهرا ويجوز أن تعلف النجاسة الحيوان الذي لا يذبح أو لا يحلب قريبا وإذا عض كلب شاة ونحوها فكلبت - ذبحت وينبغي ألا يؤكل لحمها وما سقى بطاهر يستهلك به عين النجاسة به طهر وحل وإلا فلا ويكره أكل تراب وفحم وطين وهو عيب في المبيع لأنه يضر البدن به فإن كان منه ما يتداوى به كالطين الأرمني لم يكره وكذا يسير تراب وطين ويكره أكل غدة وأذن قلب وبصل وثوم ونحوهما: ما لم ينضج بطبخ وأكل كل ذي رائحة كريهة ولو لم يرد دخول المسجد فإن أكله كره له دخوله ما لم يذهب ريحه وأكل حب ديس بحمر أهلية وبغال وينبغي أن يغسل ويكره مداومة أكل لحم وأكل لحم منتن ونيء ويكره الخبز الكبار ووضعه تحت القصعة.

فصل: - ومن اضطر إلى محرم
فصل: - ومن اضطر إلى محرم مما ذكرنا:
حضرا أو سفرا سوى سم ونحوه: بأن خاف التلف إما من جوع أو يخاف إن ترك الأكل عجز عن المشي وانقطع عن الرفقة فيهلك أو يعجز عن الركوب

فصل: - من مر بثمر على شجر أو ساقط تحته لا حائط عليه ولا ناظر
فصل: - من مر بثمر على شجر أو ساقط تحته لا حائط عليه ولا ناظرولو غير مسافر ولا مضطر - فله أن يأكل منه مجانا ولو لغير حاجة ولو من غصونه من غير رميه بشيء ولا ضربه ولا صعود شجرة واستحب جماعة أن ينادي قبل الأكل ثلاثا: يا صاحب

البستان فإن أجابه وإلا أكل للخبر وكذا ينادى للماشية ونحوها ولا يحمل ولا يأكل من مجموع مجنى ولا ما وراء حائط إلا لضرورة ملتزما عوضه وكثمر - زرع قائم: كبر يؤكل فريكا عادة وباقلا وحمص أخضرين ونحوهما مما يؤكل رطبا عادة ولبن ماشية إذا لم يجد صاحبها فهي كالثمرة بخلاف شعير ونحوه والأولى في الثمار وغيرها أن لا يأكل منها إلا بإذن ولا بأس بأكل جبن المجوس وغيرهم من الكفار ولو كانت أنفحتة من ذبائحهم وكذا الدروز والتيامنة والنصيرية ولا يجوز أن يشترى الجوز والبيض الذي اكتسب من القمار لأنهم يأخذونه بغير حق.

فصل: - يجب على المسلم ضيافة المسلم المسافر المجتاز إذا نزل به في القرى
فصل: - يجب على المسلم ضيافة المسلم المسافر المجتاز إذا نزل به في القرى:
لا الأمصار مجانا يوما وليلة قدر كفايته مع أدم وفي الواضح لفرسه تبن: لا شعير ولا تجب للذمي إذا اجتاز بالمسلم فإن أبى فللضيف طلبه به عند حاكم فإن تعذر جاز له الأخذ من ماله بقدر ضيافته بغير إذنه وتسن ضيافته ثلاثة أيام والمراد يومان مع اليوم الأول فما زاد على الثلاثة فهو صدقة ولا يجب عليه إنزاله في بيته: إلا أن لا يجد مسجدا أو رباطا ونحوهما يبيت فيه ولا يخاف منه ومن قدم لضيافته طعاما لم يجز لهم قسمه لأنه إباحة ويجوز للضيف الشرب من كوز صاحب البيت والاتكاء على وسادة وقضاء حاجة في مرحاضه من غير استئذان باللفظ: كطرق بابه عليه وطرق حلقته قال الشيخ: من امتنع من الطيبات بلا سبب شرعي

فمذموم مبتدع وما نقل عن أحمد أنه امتنع من أكل البطيخ لعدم علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم له – كذب.

باب الذكاة
مدخل

باب الذكاة
وهي: ذبح أو نحر مقدور عليه مباح أكله من حيوان يعيش في البر: لا جراد ونحوه - بقطع حلقوم ومريء أو عقر إذا تعذر فلا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه: من الصيد والأنعام والطير إلا بالذكاة إن كان مما يعيش في البر: إلا الجراد وشبهه ولو مات بغير سبب من كبس وتغريق فأما السمك وشبهه مما لا يعيش إلا في الماء فيباح بغير ذكاة: سواء صاده إنسان أو نبذه البحر أو جزر الماء عنه أو حبس في الماء بحظيرة حتى يموت أو ذكاة أو عقره في الماء أو خارجه أو طفا عليه وما كان مأواه البحر وهو يعيش في البر: ككلب الماء وغيره وسلحفاة وسرطان ونحو ذلك - لم يبح المقدور عليه منه إلا بالتذكية وذكاة السرطان أن يفعل به ما يموت به وكره أحمد شيء من السمك الحي: لا جراد ويحرم بلغ السمك حيا ويجوز أكل الجراد بما فيه والسمك بما فيه: بأن يقلى أو يشوى ويؤكل من غير أن يشق جوفه.

فصل: - ويشترط للذكاة شروط
فصل: - ويشترط للذكاة شروط -
أحدها : أهلية الذابح وهو أن يكون عاقلا قاصدا التذكية ولو مكرها أو أقلف وتكره ذبيحته فلو وقعت الحديدة على حلق شاة فذبحتها أو ضرب إنسانا بسيف فقطع عنق شاة لم تبح ولا تعتبر إرادة الأكل: مسلما كان الذابح أو كتابيا ولو

فصل: - يسن توجيه الذبيحة إلى القبلة
فصل: - يسن توجيه الذبيحة إلى القبلةوكون المذبوح على شقه الأيسر ورفقه به وحمله على الآلة بقوة وإسراع القطع ويكره إلى غير القبلة وآلة كالة وأن يحد السكين والحيوان يبصره أو يذبح شاة وأخرى تنظر إليه ويكره كسر عنق المذبوح وسلخه وقطع عضو منه ونتف ريشه حتى تزهق نفسه فإن فعل أساء وأكلت ويكره نفخ اللحم نصا قال الموفق: مرادهم الذي للبيع لأنه غش وإن ذبحه فغرق المذبوح في ماء أو وطئ عليه شيء يقتله مثله لم يحل وعنه يحل اختاره الأكثر وإن ذبح كتابي ما يحرم عليه يقينا كذي الظفر - وهي الإبل والنعام والبط - وما ليس بمشقوق الأصابع أو ما زعم أنه يحرم عليه ولم يثبت عندنا تحريمه عليه كحال الرئة ونحوها أو يحرم علينا ومعناه أن اليهود إذا وجدوا الرئة لاصقة بالأضلاع امتنعوا من أكلها زاعمين تحريمها ويسمونها اللازقة وإن وجدها غير لاصقة أكلوها - وإن ذبح حيوانا غيره ما يحل له لم تحرم علينا الشحوم المحرمة عليهم - وهي شحم الثرب: شحم رقيق يغشى الكرش والأمعاء وشحم الكليتين ولنا أن نتملكها منهم بما ينقل الملك والأولى تركها ولا يحل لمسلم أن يطعمهم شحما من ذبحنا نصا لبقاء تحريمه عليهم وإن ذبح لعيده أو لكنيسته أو المجوسي لآلهته أو للزهرة أو للكواكب: فإن ذبحه مسلم مسميا فمباح وإن ذبحه الكتابي وسمى الله ولم يذكر غير اسمه حل وكره وعنه يحرم واختاره الشيخ ولا تؤكل المصبورة ولا المجثمة وهي الطائر أو الأرنب بجعل غرضا يرمى حتى يقتل - ولكن يذبح

ثم يرموا إن شاؤا والمصبورة مثله إلا أن المجثمة لا تكون إلا في الطائر: وإلا الأرنب وأشباهها والمصبورة: كل حيوان يحبس للقتل ومن ذبح حيونا فوجد في بطنه جرادا أو سمكة في حوصلة طائر أو حبا في بعر جمل ونحوه لم يحرم وكره ويحرم بول وروث طاهران وتقدم أو الأطعمة ويحل مذبوح منبوذ بموضع يحل ذبح أكثر أهله ولو جهلت تسمية الذابح وإسماعيل: الذبيح على الصحيح.

كتاب الصيد
مدخل

مدخل
كتاب الصيد
وهو مصدر بمعنى المفعول وهو: اقتناص حيوان حلالا متوحش طبعا غير مملوك ولا مقدور عليه وهو مباح لقاصده ويكره لهوا وإن كان فيه ظلم الناس بالعدوان على زروعهم وأموالهم فحرام وهو أفضل مأكول والزراعة أفضل مكتسب قيل عمل اليد وقيل التجارة وأفضلها بز وعطر وزرع وغرس وماشية وأبغضها في رقيق وصرف ويسن التكسب ومعرفة أحكامة حتى مع الكفاية التامة قاله في الرعاية وقال أيضا فيها: يباح كسب الحلال لزيادة المال والجاه والترفه والتنعم والتوسعة على العيال مع سلامة الدين والعرض والمروءة وبراءة الذمة ويجب على من لا قوت له ولا لمن تلزمه مؤنته ويقدم الكسب لعياله على كل نفل ويكره تركه والاتكال على الناس قال أحمد: لم أر مثل الغني عن الناس، وقال في قوم

لا يعملون ويقولون نحن توكلون: هؤلاء مبتدعة وأفضل الصنائع خياطة وكل ما تصح فيه فهو حسن نصا وأدناها حياكة وحجامة وأشدها كراهة: صبغ وصياغة وحدادة ونحوها ويكره كسبهم وكسب الجزار لأنه يوجب قساوة قلبه وكسب من يباشر النجاسات والفاصد والمزين والجرائحي والختان ونحوهم ممن صنعته دنيئة قال في الفروع والمراد مع مكان أصلح منها وقال ابن عقيل ويستحب الغرس والحرث واتخاذ الغنم وإن رمى صيدا فأثبته - ملكه ثم إن رماه آخر فقتله: فإن كانت رمية الأول موحية: بأن نحرته أو ذبحته أو وقعت في حلقومه أو قلبه وجراحة الثاني غير موحية أو أصاب مذبحه أو نحرته حل ولا ضمان على الثاني إلا ما نقصه من خرق جلده ونحوه وإن كان الأول غير موح حرم وقيمته للأول مجروحا بالجرح الأول إلا أن تنحره رميته أو تذبحه أو يدرك فيه حياة مستقرة فيذكى فيحل وإن كان المرمى قنا أو شاة للغير ولم يوحياه وسريا فعلى الثاني نصف قيمته مجروحا بالجرح الأول ويكملها سليما الأول وإن رميا الصيد معا فقتلاه كان حلالا وملكاه بينهما فإن كان جرح أحدهما موحيا والآخر غير موح ولا يثبته مثله فهو لصاحب الجرح الموحى وإن أصاب أحدهما بعد صاحبه فوجده ميتا ولم يعلم هل صار بالأول ممتنعا أو لا؟ حل ويكون بينهما فإن قال كل منهما: أنا أثبته ثم قتلته أنت حرم ويتحالفان لأجل الضمان وإن اتفقا على الأول منهما فقال الأول: أنا أثبته ثم قتله الآخر وأنكر الثاني إثبات الأول له فالقول قول الثاني ويحرم على الأول والقول قول الثاني في عدم الإثبات مع يمينه وإن علمت جراحة كل

منهما وأن جراحة الأول لا يبقى معها امتناع مثل كسر جناح الطائر أو ساق الظبي فالقول قول الأول بغير يمين وإن علم أنه لا يزيل الامتناع مثل خدش الجلد فقول الثاني وإن احتمل الأمرين فقوله نصا ولو رماه فأثبته ثم رماه مرة أخرى فقتله حرم.

فصل: - وإن أدرك الصيد وفيه حياة غير مستقرة
فصل: - وإن أدرك الصيد وفيه حياة غير مستقرةبل متحركا كحركة المذبوح فهو كالميتة: لا يحتاج إلى ذكاة وكذا لو كان فيه حياة مستقرة فوق حركة المذبوح ولكن لم يتسع الوقت لتذكيته وإن اتسع الوقت لها لم يبح إلا بها وإن خشي موته ولم يجد ما يذكيه لم يبح أيضا ولو اصطاد بآلة مغصوبة فالصيد لمالكها ولو امتنع الصيد على الصائد من الذبح: بأن جعل يعدو منه حي مات تعبا – حل، وإن أدرك الصيد ميتا حل بشروط أربعة - أحدها: أن يكون الصائد من أهل الذكاة ولو أعمى وتقدمت شروطها إلا ما لا يفتقر إلى ذكاة كحوت وجراد فيباح إذا صاده من لا تباح ذبيحته فإن رمى مسلم وغير كتابي أو متولد بينه وبين كتابي صيدا أو أرسلا عليه جارحا أو شارك كلب مجوسي كلب مسلم في قتله - لم يحل: سواء وقع سهماهما فيه دفعة واحدة أو سهم أحدهما قبل الآخر: لكن لو أثخنه كلب المسلم ثم قتله الآخر وفيه حياة مستقرة - حرم: مثل أن يكون الأول قد عقره موحيا: مثل أن ذبحه أو جعله في حكم المذبوح ثم أصابه الثاني وهو غير موح فالحكم للأول فإن كان الأول المسلم أبيح وإن كان المجوسي أبيح وإن كان الجرح

الثاني موحيا أيضا فمباح إن كان الأول مسلما لأن الإباحة حصلت به وإن كان الأول غير موح والثاني موح فالحكم للثاني في الحظر والإباحة وإن رد كلب المجوسي الصيد على كلب المسلم فقتله - حل وإن صاد المسلم بكلب المجوسي حل صيده وكره وعكسه لا يحل وإن أرسل كلبا فزجره المجوسي فزاد في عدوه حل صيده وعكسه لم يحل ولو وجد مع كلبه كلبا آخر وجهل حاله: هل سمى عليه أم لا؟ وهل استرسل بنفسه أم لا؟ أو جهل حال مرسله: هل هو من أهل الصيد أم لا ولا يعلم أيهما قتله أو علم أنهما قتلاه معا أو علم أن المجهول هو القاتل - لم يبح وإن علم حال الكلب الذي وجده مع كلبه وأن الشرائط المعتبرة قد وجدت فيه - حل ثم إن كان الكلبان قتلاه معا فهو لصاحبهما وإن علم أن أحدهما قتله فهو لصاحبه وإن جهل الحال حل أكله ثم إن كان الكلبان متعلقين به فهو بينهما وإن كان أحدهما متعلقا به فهو لصاحبه وعلى من حكم له به اليمين وإن كان الكلبان ناحية وقف الأمر حتى يصطلحا فإن خيف فساده بيع واصطلحا على ثمنه والاعتبار بأهلية الرامي وسائر الشروط حال الرمي فإن ارتد أو مات بعد رميه وقبل الإصابة حل.

فصل: - الشرط الثاني – الآلة
فصل: - الشرط الثاني – الآلة -
وهي نوعان: أحدهما محددة فيشترط له ما يشترط لآلة الذكاة ولا بد من جرحه به فإن قتله بثقله لم يبح: كشبكة وفخ وبندقة وعصا وحجر لا حد له فإن كان له حد: كصوان فكمعراض وإن صاد بالمعراض - وهو

عود محدود وربما جعل في رأسه حديدة - أكل ما قتل بحده دون عرضه وكذا سهم ورمح وحربة وسيف ونحوه يضرب به صفحا فيقتل - فكله حرام وكذا إن أصاب بحده فلم يجرح وقتل بثقله: وإن نصب مناجل وأو سكاكين وسمى عند نصبها فقتلت صيدا ولو بعد موت ناصبه أو ردته - أبيح إن جرحه وإلا فلا وإن قتل بسهم مسموم لم يبح إذا احتمل أن السم أعان على قتله ولو رماه فوقع فيما يقتله مثله أو تردى ترديا يقتله مثله أو وطئ عليه شيء فقتله - لم يحل ولو كان الجرح موحيا وإن وقع في ماء ورأسه خارجه أو كان من طير الماء أو كان التردي لا يقتل مثل ذلك الحيوان - فمباح - وإن رمى طيرا في الهواء أو على شجرة أو جبل فوقع إلى الأرض فمات حل لأن سقوطه بالإصابة وإن رمى صيدا ولو ليلا فجرحه ولو غير موح فغاب عن عينه ثم وجده ميتا - ولو بعد يومه - وسهمه فقط فيه أو أثره ولا أثر به غيره - حل وإن وجد به سهما أو أثر سهم غير سهمه أو شك في سهمه أو في قتله أو أكل منه سبع يصلح أن يكون قتله لم يحل وإن كان الأثر مما لا يقتل مثله: مثل أكل حيوان ضعيف كسنور وثعلب من حيوان قوي أو تهشم من وقعته - فمباح ولو أرسل عليه كلبه فعقره فغاب أو غاب قبل عقره ثم وجد ميتا والكلب وحده أو الصيد بفمه أو يعبث به أو عليه - حل وتقدم قريبا لو وجد مع كلبه كلبا آخر وإن رمى صيدا أو ضرب صيدا فأبان بعضه ولو بنصب مناجل ونحوها فإن قطعه قطعتين متساويتين أو متقاربتين

أو قطع رأسه - حل فإن أبان منه عضوا غير الرأس ولم يبق فيه حياة مستقرة وكان البينونة والموت معا أو بعده بقليل - أكل وما أبين منه وإن كانت مستقرة فالمبان حرام: سواء بقي الحيوان حيا أو أدركه فذكاه أو رماه بسهم آخر فقتله وإن بقي متعلقا بجلده حل بحله: لأنه لم يبن وإن أخذ قطعة من حوت وأفلت حيا أبيح ما أخذ منه وتحل الطريدة وهي الصيد يقع بين القوم لا يقدرون على ذكاته فيقطع ذا منه بسيفه قطعة يقطع الآخر أيضا حتى يؤتى عليه وهو حي وكذا الناد.

فصل: - النوع الثاني - الجارحة
فصل: - النوع الثاني - الجارحةفيباح ما قتلته إذا كانت معلمة: إلا الكلب الأسود والبهيم الأسود: وهو ما لا بياض فيه أو بين عينيه نكتتان: كما اقتضاه الحديث الصحيح فيحرم صيده كغير المعلم: إلا أن يدركه في الحياة فيذكى ويحرم اقتناؤه وتعليمه ويسن قتله ولو كان معلما وكذا الخنزير ويحرم الانتفاع به ويجب قتل كلب عقور ولو كان معلما ويحرم اقتناؤه ولا تقتل كلبة عقرت من قرب ولدها أو خرقت ثوبه بل تنقل وتقدم آخر حد المحاربين ولا يباح قتل الكلاب غير ما تقدم: ويباح اقتناؤها للصيد والماشية الحرث وتقدم في كتاب البيع.
والجوارح نوعان: - أحدهما - ما يصيد بنابه: كالكب والفهد وكل ما أمكن الاصطياد به.
وتعليمه بثلاثة أشياء: أن يسترسل إذا أرسل: وينزجر إذا زجر لا في حال مشاهدته الصيد: وإذا أمسك لم يأكل ولا يعتبر تكراره بل يحصل بمرة فإن أكل بعد تعليمه لم يحرم ما تقدم من صيده ولم يبح ما أكل منه،

يخرج عن كونه معلما فيباح ما صاده بعد الصيد الذي أكل منه وإن شرب دمه ولم يأكل منه لم يحرم ويجب غسل ما أصابه فم الكلب والثاني - ذو المخلب كالبازي والصقر والعقاب والشاهين ونحوها فتعليمه - بأن يسترسل إذا أرسل ويرجع إذا دعي ولا يعتبر ترك الأكل ولا بد أن يجرح الصيد فإن قتله بعد رميه أو خنقه - لم يبح.

فصل: - الشرط الثالث - إرسال الآلة قاصدا الصيد
فصل: - الشرط الثالث - إرسال الآلة قاصدا الصيدفلو سقط السيف من يده فعقره - لم يحل وإن استرسل الكلب أو غيره بنفسه أو أرسله ولم يسم - لم يبح صيده فإن زجره ولم يزد عدوه فكذلك وإن زجره فوقف ثم أشلاه وسمى أو سمى وزجره ولم يقف لكنه زاد في عدوه بأشلائه حل صيده لأنه بمنزلة إرساله وإن أرسل كلبه أو سهمه إلى هدف فتقل صيدا أو أرسله يريد الصيد ولا يرى صيدا أو قصد إنسانا أو حجرا أو رمى عبثا غير قاصد صيدا أو رمى حجرا يظنه صيدا أو شك فيه أو غلب على ظنه أنه ليس بصيد أو ظنه آدميا أو بهيمة فأصاب صيدا - لم يحل وإن رمى صيدا فأصاب غيره أو رمى صيدا فقتل جماعة أو أرسل سهمه على صيد فأعانته الريح فقتله ولولاها ما وصل أو وقع سهمه في حجر فرده على الصيد فتقله حل الجميع والجارح بمنزلة السهم فإن رمى صيدا فأثبته - ملكه فإن تحامل ومشى غير ممتنع فأخذه غيره لزمه رده ولو دخل خيمته أو داره ونحوه: كما لو مشى بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع وإن لم

يثبته وبقي ممتنعا فدخل خيمة إنسان فأخذه أو دخلت ظبية داره فأغلق بابه وجهلها أو لم يقصد تملكها أو عشش طير غير مملوك في برجه وفرخ فيه - ملكه ومثله أحياء أرض بها كنز وكنصب خيمة وفتح حجره لذلك ونصب شبكة وشرك وفخ ومنجل لذلك وحبس جارح له أو بإلجائه بمضيق لا يفلت منه وإن صنع بركة يصيد بها سمكا فما حصل فيه ملكه وإن لم يقصد بها ذلك لم يملكه: كتوحل صيد بأرضه أو حصل فيها من مد الماء أو عشش فيها طائر ولغيره أخذه كالماء والكلأ وإن رمى طيرا على شجرة في دار قوم فطرحه في دارهم فأخذوه فهو للرامي ولو وقع صيد في شرك إنسان أو شبكته ونحوه وأثبته ثم أخذه إنسان لزمه رده بآلته وإن لم تمسكه الشبكة وانفلت منها في الحال أو بعد حين - لم يملكه وإن أخذ الشبكة وذهب بها فصاده إنسان ملكه ويرد الشبكة فإن مشى بها على وجه لا يقدر على الامتناع فهو لصاحبها: كما لو أمسكه الصائد وثبتت يده عليه ثم انفلت منه وإن اصطاد صيدا فوجد عليه علامة ملك: كقلادة في عنقه أو قرط في أذنه أو جد الطائر مقصوص الجناح - لم يملكه ويكون لقطة: ومن كان في سفينة فوثبت سمكة فوقعت في حجرة فهي له دون صاحب السفينة وإن وقعت فيها فلصاحبها وإن ثبت بفعل إنسان لقصد الصيد: كالصياد الذي يجعل في السفينة ضوءا بالليل ويدق بشيء كالجرس لثبت السمك في السفينة - فللصياد وإن لم يقصد الصيد بهذا بل حصل اتفاقا فهي لمن وقعت في حجره ولا يصاد الحمام: إلا أن

يكون وحشيا ويحرم صيد سمك وغيره بنجاسة كعذرة وميتة ودم وعنه يكره وعليه الأكثر وإن منعه الماء حتى صاده حل ويكره الصيد ببنات وردان لأن مأواها الحشوش وبضفادع وشباشب: وهو طير تخاط عينه أو تربط وبخراطيم وكل شيء فيه روح ومن وكره: لا بلبل ولا فرخ من وكره ولا بما يسكره ولا بشبكة وشرك وفخ ودبق وكل حيلة وكره جماعة بمثقل كبندق ونصه - لا بأس ببيع البندق ويرمى بها الصيد لا للعبث وإذا أرسل صيدا وقال أعتقتك - لم يزل ملكه عنه: كما لو أرسل البعير والبقرة.

فصل: - الشرط الرابع - التسمية
فصل: - الشرط الرابع - التسميةولو بغير عربية عند إرسال السهم والجارحة: لا من أخرس ولا يضر تقدم يسير أو تأخر وكذا تأخر كثير في جارح إذا زجره فانزجر وإن تركها عمدا أو سهوا لم يبح وإن سمى على صيد فأصاب غيره حل ولو سمى على سهم ثم ألقاه ورمى بغيره بتلك التسمية لم يبح ودم السمك طاهر مأكول.

كتاب الأيمان وكفاراتها
مدخل

مدخل
كتاب الأيمان وكفاراتها
وهي جمع يمين وهي: القسم والإيلاء والحلف بألفاظ مخصوصة فاليمين توكيد الحكم بذكر معظم على وجه مخصوص وهي وجوابها كشرط وجزاء والحلف على مستقبل - إرادة تحقيق خبر فيه ممكن

فصل: - واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث - وهي اليمين بالله تعالى
فصل: - واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث - وهي اليمين بالله تعالى:
نحو والله وبالله وتالله والرحمن والقديم الأزلي وخالق الخلق ورازق العالمين ورب العالمين والعالم بكل شيء ورب السماوات والأرض والحي الذي لا يموت والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء ونحوه مما لا يسمى به غيره أو صفة: من صفاته كوجه الله وعظمته وعزته: وإرادته وقدرته وعلمه وجبروته ونحوه حتى ولو نوى مقدوره ومعلومه ومراده وأما ما يسمى به غيره تعالى وإطلاقه ينصرف إلى الله كالعظيم والرحيم والرب والمولى والرازق فإن نوى به الله أو أطلق كان يمينا فإن نوى غيره فليس بيمين وما لا يعد من أسمائه ولا ينصرف إطلاقه إليه ويحتمله كالشيء والموجود والحي والعالم والمؤمن والواحد والمكرم والشاكر: فإن لم ينو به الله أو نوى به غيره - لم يكن يمينا وإن نواه كان يمينا وإن قال: وحق الله وعهد الله واسم الله وأيمن الله - جمع يمين - وأمانة الله وميثاقه وكبريائه وجلاله ونحوه فهو يمين وكذا على عهد الله وميثاقه ويكره الحلف بالأمانة كراهة تحريم وإن قال: والعهد والميثاق وسائر ذلك كالأمانة والقدرة والعظمة والكبرياء والجلال والعزة ولم يضفه إلى الله لم يكن يمينا: إلا أن ينوي صفة الله وإن قال: لعمر الله كان يمينا وإن لم ينو - ومعناه الحلف ببقاء الله وحياته - وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن أو بسورة منه أو بآية أو بحق القرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة وكذا لو حلف بالتوراة أو الإنجيل ونحوهما من كتب الله وإن قال: أحلف بالله وأشهد بالله أو أقسم بالله أو أعزم

بالله أو أقسمت بالله أو شهدت بالله أو حلفت بالله أو آليت بالله - كان يمينا وإن لم يذكره اسم الله كأن قال: أحلف أو حلفت أو أشهد أو شهدت إلى آخرها لم يكن يمينا: إلا أن ينوي وإن قال: نويت بأقسمت بالله ونحوه الخبر عن قسم ماض أو بقولي: شهدت بالله - آمنت به أو بأقسم ونحوه الخبر عن قسم يأتي أو بأعزم - القصد دون اليمين - دين وقبل حكما ولا كفارة وإن قال: حلفا بالله أو قسما بالله أو آليت بالله أو آلي بالله فهو يمين ولو لم ينوها وإن قال: أستعين أو أعتصم بالله أو أتوكل على الله أو علم الله أو عز الله أو تبارك الله ونحوه لم يكن يمينا ولو نوى.

فصل: - وحروف القسم
فصل: - وحروف القسمباء ويليها مظهر أو مضمر و واو يليها مظهر وتاء تخص اسم الله فإن قال: تالرحمن أو تالرحيم - لم يكن قسما ويصح القسم بغير حرف القسم فيقول: الله لأفعلن بالجر والنصب وإن رفعه كان يمينا: إلا أن يكون من أهل العربية ولا ينوي به اليمين وإن نصبه بواو أو رفعه معها أو دونها فيمين: إلا أن لا يريد عربي وهاء الله يمين بالنية - قال الشيخ: الأحكام متعلقة بما أراده الناس بالألفاظ الملحونة كقوله: حلفت بالله رفعا ونصبا و والله بأصوم وبأصلي ونحوه وكقول الكافر: أشهد أن محمدا رسول الله برفع الأول ونصب الثاني وأوصيت لزيد بمائة وأعتقت سالما ونحو ذلك وقال من رام جعل جميع الناس في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصح شرعا - انتهى وهو كما قال ويجاب القسم في الإيجاب بأن خفيفة وثقيلة وبلام التوكيد،

وبقد وبل عند الكوفيين وفي النفي بما وإن بمعناها وبلا وتحذف لا: نحو والله أفعل ويحرم الحلف بغير الله وصفاته ولو بنى لأنه شرك في تعظيم الله فإن فعله - استغفر وتاب ولا كفارة في اليمين به ولو كان الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم: سواء أضافه إلى الله كقوله: ومعلوم الله وخلقه ورزقه و بيته أو لم يضفه مثل والكعبة والنبي وأبى وغير ذلك ويكره بطلاق وعتاق.

فصل: - ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط
فصل: - ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط -
أحدها: أن تكون اليمين منعقدة وهي التي يمكن فيها البر والحنث: بأن يقصد عقدها على مستقبل فلا تنعقد يمين النائم والصغير قبل البلوغ والمجنون ونحوهم وما عد من لغو اليمين.
فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة وهي نوعان - غموس: وهي التي يحلف بها كاذبا عالما بغمسه في الإثم ثم في النار ولا كفارة فيها ويكفر كاذب في لعانه ذكره في الانتصار وإن حلف على فعل مستحيل لذاته أو غيره كأن قال: والله لأصعدن السماء أو إن لم أصعد أو لأشربن ماء الكوز ولا ماء فيه: علم أن فيه ماء أو لا أو إن لم أشربه أو فإذا هو ميت: علمه أو لم يعلمه ونحو ذلك - انعقدت يمينه وعليه الكفارة في الحال وإن قال: والله إن طرت أو لا طرت أو صعدت السماء أو شاء الميت أو قبلت الحجر ذهبا أو جمعت بين الضدين أو رددت أمس أو شربت ماء الكوز ولا ماء فيه ونحوه - فبذا لغو وتقدم في الطلاق في الماضي والمستقبل

وإن قال: والله ليفعلن فلان كذا أو لا يفعلن أو حلف على حاضر فقال: والله لتفعلن كذا أو لا تفعلن كذا فلم يطعه - حنث الحالف والكافرة عليه لا على من أحنثه وإن قال: أسألك بالله لتفعلن وأراد اليمين فكالتي قبلها وإن أراد الشفاعة إليه بالله فليست بيمين ويسن إبرار القسم كإجابة سؤال الله ولا يلزم وإن أجابه إلى صورة ما أقسم عليه دون معناه عند تعذر المعنى فحسن.
والثاني - لغو اليمين: وهو سبقها على لسانه من غير قصد كقوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه وظاهره ولو في المستقبل ولا كفارة فيها وإن عقدها على زمن خاص ماض يظن صدق نفسه فبان بخلافه - حنث في طلاق وعتاق فقط وتقدم آخر تعليق الطلاق بالشروط وقال الشيخ: وكذا عقدها على زمن مستقبل ظانا صدقه فلم يكن: كمن حلف على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك.
الشرط الثاني: أن يحلف مختارا فلا تنعقد يمين مكره.
الثالث : الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله ولو معصية مختارا ذاكرا فإن فعله مكرها أو ناسيا فلا كفارة ويقع الطلاق والعتاق ناسيا وتقدم وجاهل كناس.

فصل: - ويصح الاستثناء في كل يمين مكفرة
فصل: - ويصح الاستثناء في كل يمين مكفرة:
كاليمين والظهار والنذر فإذا حلف فقال: إن شاء الله أو إن أراد الله وقصد بها المشيئة: لا من أراد بإرادته و أمره أو أراد التحقيق لا التعليق - لم

يحنث: فعل أو ترك قدم الاستثناء أو أخره إذا كان متصلا لفظا أو حكما كانقطاعه بتنفس أو سعال أو عطاس أو قيء ونحوه ويعتبر نطقه به مرة ولا ينفعه بالقلب إلا من مظلوم خائف - وقصد الاستثناء قبل تمام المستثني منه فلو حلف غير قاصد الاستثناء ثم عرض له بعد فراغه من اليمين فاستثنى لم ينفعه ولو أراد الجزم فسبق لسانه إلى الاستثناء من غير قصد أو كانت عادته جارية به فجرى على لسانه من غير قصد لم يصح وإن شك فيه فالأصل عدمه وإن قال والله لأشربن اليوم إن شاء زيد فشاء زيد ولم يشرب حتى مضى اليوم حنث وإن لم يشأ زيد لم يلزمه يمين فإن لم يعلم مشيئته لغيبة أو جنون أو موت انحلت اليمين ولا أشرب إلا أن يشاء زيد فإن شاء فله الشرب وإن لم يشأ لم يشرب فإن خفيت مشيئته لغيبة أو موت أو جنون لم يشرب وإن شرب حنث ولأشربن إلا أن يشاء زيد فإن شرب قبل مشيئة زيد - بر وإن قال زيد قد شئت أن لا تشرب انحلت يمينه وإن قال: قد شئت أن تشرب أو ما شئت أن لا تشرب لم تنحل فإن خفيت مشيئته لزمه الشرب ولا أشرب اليوم إن شاء زيد ففاق زيد: قد شئت أن لا تشرب فشرب حنث وإن شرب قبل مشيئته في هذه المواضع - أن يقول بلسانه: قد شئت وإذا حلف ليفعلن شيئا ونوى وقتا بعينه تقيد به وإن لم ينوي لم يحنث حتى ييأس من فعله: إما بتلف المحلوف عليه أو موت الحالف ونحوه وإن لم تكن له نية لم يحنث اليأس من فعله، وإذا حلف على يمين

فرأى غيرها خيرا منها سن له الحنث والتكفير ولا يستحب تكرار الحلف فإن أفرط كره وإن دعي إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب له افتداء يمينه فإن حلف فلا بأس.

فصل: - وإن حرم أمته أو شيئا من الحلال غير زوجته
فصل: - وإن حرم أمته أو شيئا من الحلال غير زوجتهكقوله: ما أحل الله علي حرام - ولا زوجة له أو هذا الطعام علي حرام أو طعامي علي: كالميتة لدم ونحوه أو علقه بشرط: مثل إن أكلته فهو علي حرام أو حرام علي إن فعلت كذا ونحوه - لم يحرم وعليه كفارة يمين إن فعله وإن قال: هو يهودي أو نصراني أو كافر أو مجوسي أو يكفر بالله أو يعبد الصليب أو غير الله أو برئ من الله أو من الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم أو لا يراه الله في موضع كذا إن فعل كذا أو قال: أنا أستحل الزنا أو شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير أو ترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام ونحوه إن فعلت - لم يكفر وفعل محرما ما تلزمه التوبة منه وعليه إن فعله كفارة يمين واختار الموفق و الناظم لا كفارة وإن قال: عصيت الله أو أنا أعصي الله في كل ما أمرني به أو محوت المصحف إن فعلت وحنث - لا كفارة وإن قال: أخزاه الله أو قطع يديه أو رجليه وأدخله الله النار أو لعنه الله إن فعل أو لأفعلن أو عبد فلان حر لأفعلن أو إن فعلت كذا فمال فلان صدقة أو فعلي حجة أو مال فلان حرام عليه أو فلان برئ من الإسلام ونحوه فلغو وإن قال: إيمان البيعة تلزمني فهي يمين - رتبها الحجاج والخليفة المعتمد -

تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال فإن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت يمينه بما فيها وإن لم يعرفها أو عرفها ولم ينوها أو نواها ولم يعرفها فلا شيء عليه ولو قال: أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت كذا أو فعله لزمته يمين الظهار والطلاق والعتاق والنذر واليمين بالله إذا نوى بها ذلك ولو حلف بشيء من هذه الخمسة فقال له آخر: يميني مع يمينك أو أنا على مثل يمينك يريد التزام مثل يمينه1 إلا في اليمين بالله وإن لم ينو شيئا لم تنعقد يمينه وإن قال: علي نذر أو يمين أو قال: علي عهد الله أو ميثاقه إن فعلت كذا وفعله كفر كفارة يمين وكذا علي نذر ويمين فقط وإن أخبر عن نفسه بحلف بالله ولم يكن حلف فهي كذبة لا كفارة عليه فيها.
ـــــــ
1 كذا في الأصل، والذي يظهر لي أن لو المتقدمة تستدعى تقدير جواب هو: لزمه مثل تلك اليمين، واستثناؤه يمين الله يدل على أن اللزوم لا يتناولها وقد عللوا ذلك بأن هذا كناية، ويمين الله لا تنعقد بالكتابة، وبعضهم همم من غير فرق.

فصل: - في كفارة اليمين
فصل: - في كفارة اليمينوفيها تخيير وترتيب فيخير من لزمته بين ثلاثة أشياء - إطعام عشرة مساكين مسلمين أحرارا ولو صغارا: جنسا واحدا كان المطعم أو أكثر ا كسوتهم أو تحري رقبة فمن لم يجد - فصيام ثلاثة أيام والكسوة ما تجزئ صلاة الآخذ الفرض فيه للرجل ثوب ولو عتيقا إذا لم تذهب قوته أو قميص يجزئه أن يصلي فيه الفرض نصا: بأن يجعل على عاتقه منه شيئا أو ثوبان يأتز بأحدهما ويرتدي بالآخر ولا يجزئه مئزر وحده ولا سراويل وللمرأة درع وخمار يجزئها أن تصلي فيهما وإن أعطاها ثوبا واسعا يمكن أن يستر بدنها ورأسها أجزأه ويجوز أن يكسوهم من جميع أصناف الكسوة مما يجوز للآخذ لبسه: من قطن وكتان وصوف وشعر ووبر

وخز وحرير وسواء كان مصبوغا أو لا أو خاما أو مقصورا ويجوز أن يطعم بعضا ويكسو بعضا فإن أطعم المسكين بعض الطعام وكساه بعض الكسوة أو عتق نصف عبد وأطعم خمسة أو كساهم أو أطعم وصام لم يجزئه كبقية الكفارات ولا ينتقل إلى الصوم إلا إذا عجز كعجزه عن زكاة الفطر ولو كان ماله غائبا استدان إن قدر وإلا صام والكفارة بغير الصوم إنما تجب في الفاضل عن حاجته الأصلية الصالحة لمثله: كدار يحتاج إلى يكناها ودابة يحتاج إلى ركوبها وخادم يحتاج إلى خدمته فلا يلزمه بيع ذلك فإن كان له عقار يحتاج إلى أجرته لمؤنته أو حوائجه الأصلية أو بضاعة يختل ربحها المحتاج إليه بالتكفير منها أو سائمة يحتاج إلى نمائها حاجة أصلية أو أثاث يحتاج إليه أو كتب علم يحتاجها أو ثياب جماع ونحو ذلك أو تعذر بيع شيء لا يحتاج إليه - انتقل إلى الصوم وتقدم بعض ذلك في الظهار ويجب التتابع في الصوم إن لم يكن عذر وتجب كفارة يمين ونذر على الفور إذا حنث وإن شاء كفر قبل الحنث فتكون محللة لليمين وإن شاء بعده فتكون مكفرة فهما في الفضيلة سواء فيما كانت الكفارة غيره1 ولو كان الحنث حراما ولا يصح تقديمها على اليمين وإذا كفر بالصوم قبل الحنث لفقره ثم حنث وهو موسر لم يجزئه ومن كرر يمينا موجبها واحد على فعل واحد كقوله: والله لا أكلت والله لا أكلت أو حلف أيمانا كفارتها واحدة كقوله: والله وعهد الله وميثاقه وكلامه أو كررها على أفعال مختلفة قبل التكفير، كقوله
ـــــــ
1 قوله: غيره – يريد به فيما كانت كفارته غير الصوم.

والله لا أكلت والله لا شربت والله لا لبست فكفارة واحدة ومثله الحلف بنذور مكررة ولو حلف يمينا واحدة على أجناس مختلفة كقوله والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست - فكفارة واحدة حنث في الجميع أو في واحد وتنحل البقية وإن كانت الأيمان مختلفة الكفارة: كالظهار واليمين بالله فلكل يمين كفارتها وليس لرقيق أن يكفر بغير صوم ولو أذن له سيده في العتق والإطعام لأنه لا يملك وليس لسيده منعه من الصوم ولو أضر به ولو كان الحلف والحنث بغير إذنه ولا منعه من نذر ويكفر كافر ولو مرتدا بغير صوم ومن بعضه حر فحكمه في الكفارة حكم الأحرار وتقدم في الظهار بعض أحكام لكفارة فليعاود.

باب جامع الأيمان
مدخل

باب جامع الأيمان
يرجع فيها إلى نية حالف إن كان غير ظالم ولفظه يحتملها ويقبل حكما مع قرب الاحتمال من الظاهر وتوسطه: لا مع بعده فتقدم نيته في عموم لفظه وعلى السبب سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له فالموافق الظاهر: أن ينوي باللفظ موضوعه الأصلي مثل: أن ينوي باللفظ العام العموم وبالمطلق الإطلاق وبسائر الألفاظ ما يتبادر إلى الأفهام منها والمخالف يتنوع أنواعا: منها - أن ينوي بالعام الخاص مثل: أن يحلف لا يأكل لحما ولا فاكهة ويريد لحما بعينه وفاكهة بعينها ومنها - أن يحلف على فعل شيء أو تركه وينوي في وقت مثل: أن يحلف لا يتغذى ويريد اليوم أو لا أكلت ويريد الساعة أو دعي إلى غذاء فحلف لا يتغذى ينوي

ذلك الغذاء اختصت يمينه بما نواه: ومنها - أن ينوي بيمينه غير ما يفهمه السامع منه كما تقدم في التأويل في الحلف: ومنها - أن يريد بالخاص العام: كقوله: لا شربت لفلان الماء من العطش ينوي قطع كل ما له فيه منة: لا بأقل: كقعود في ضوء ناره وظل حائطه أو حلف لا يأوي مع زوجته في داره سماها يريد جفاءها فيعم جميع الدور أو لا يلبس من غزلها يريد قطع منتها كما يأتي قريبا ومن شروط انصراف اللفظ إلى ما نواه احتمال اللفظ له كما تقدم فإن نوى ما لا يحتمله: مثل أن يحلف لا يأكل خبزا يعني به لا يدخل بيتا لم تنصرف اليمين إلى المنوي فإن لم ينوي شيئا لا ظاهر اللفظ ولا غيره رجع إلى سبب اليمين وما هيتها فلو حلف ليقضينه حقه غدا فقضاه قبله لم يحنث إذا قصد أن لا يجاوزه، أو كان السبب يقتضي التعجيل قبل خروج الغد فإن عدما - لم يبرأ إلا بقضائه في الغد وكذا لآكلن شيئا غدا أو لأبعينه غدا أو لأشترينه أو لأضربنه ونحوه وإن قصد مطله فقضاه قبله حنث وإن حلف لا يبيع ثوبه إلا بمائة فباعه بها أو بأكثر لم يحنث وبأقل يحنث ولا يبيعه بمائة حنث بها وبأقل ولا أشترينه بمائة فاشتراه بها أو بأكثر حنث لا بأقل وإن حلف لا ينقص هذا الثوب عن كذا فقال: قد أخذته ولكن هب لي كذا فقال أحمد هذا حيلة قيل له فإن قال البائع: أبيعك بكذا وأهب لفلان شيئا آخر قال: هذا كله ليس بشيء وكرهه ولا يدخل دارا ونوى اليوم لم يحنث بالدخول في غيره ويقبل قوله في الحكم وإن كانت

بطلاق أو عتاق لم يقبل لتعلق حق الآدمي ولا يلبس ثوبا من غزلها يقصد قطع منتها فباعه واشترى بثمنه ثوبا حنث وكذا إن انتفع بثمنه وإن انتفع بشيء من مالها سوى الغزل وثمنه لم يحنث وإن امتنت عليه بثوب فحلف لا يلبسه قطعا لمنتها فاشتراه غيرها ثم كساه إياها أو اشتراه الحالف ولبسه على وجه لا منة لها فيه فوجهان ولا يولى معها في دار سماها يريدها ولم يكن للدار سبب يهيج يمينه فأوى معها في غيرها حنث فإن كان للدار أثر في يمينه لكراهته سكناها أو خوصم من أجلها أو امتن عليه بها لم يحنث إذا آوى معها في غيرها وإن عدم السبب والنية لم يحنث إلا بفعل ما يتناوله لفظه وهو الإيواء معها في تلك الدار بعينها والإيواء - الدخول: قليلا كان أو كثيرا وإن برها بصدقة أو غيرها أو اجتمع معها فيما ليس بدار ولا يبيت لم يحنث سواء كان للدار سبب في يمينه أو لم يكن ولا عدت رأيتك تدخلينها ينوي منعها حنث بدخولها ولو لم يرها وإن حلف لا يدخل عليها بيتا فدخل عليها فيما ليس ببيت فكالتي قبلها وإن دخل على جماعة هي فيهم يقصد الدخول عليها معهم أو لم يقصد شيئا حنث وإن استثناها بقلبه فكذلك وإن كان لا يعلم أنها فيه فدخل فوجدها فيه فكما لو دخل عليها ناسيا وكذلك إن حلف لا يدخل عليها فدخلت عليه فخرج في الحال فإن أقام حنث.

فصل: - والعبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ
فصل: - والعبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظفلو حلف لعامل أن لا يخرج إلا بإذنه ونحوه فعزل أو على زوجته فطلقها

أو على عبده فأعتقه أو لا يدخل بلد الظلم فرآه فيه فزال أو لا أرى منكرا إلا رفعته إلى فلان القاضي أو الولي فعزل ونحوه: يريد ما دام كذلك أو أطلق - انحلت يمينه - قال ابن نصر الله: والمذهب عود الصفة فيحمل - يعني انحلال اليمين - على أنه نوى تلك الولاية وذلك النكاح أو الملك - انتهى فلو رأى المنكر في ولايته وأمكنه رفعه فلم يرفعه حتى عزل حنث بعزله ولو رفعه بع ذلك وإن مات قبل إمكان رفعه إليه حنث وإن لم يعين الوالي أذن لم يتعين ولو لم يعلم به الحالف إلا بعد علم الوالي فمات - لبر: كما لو رآه معه وإن حلف للص أن لا يخبر به ولا يغمز عليه فسأله الوالي عن قوم هو معهم فبرأهم وسكت عنه يقصد التنبيه عليه - حنث: إلا أن ينوي حقيقة النطق والغمز: أن يفعل فعلا يعلم به أنه هو اللص ولو حلف ليتزوجن - يبر بعقد صحيح وليتزوجن عليها ولا نية ولا سبب - لا يبرأ إلا بدخوله بنظيرتها أو بمن تغمها أو تتأذى بها فإن تزوج عجوزا زنجية لم يبرأ نصا ولا يتزوج عليها - حنث بعقد صحيح ولو على غير نظيرتها وإن حلف لا يكلمها هجرا حنث بوطئها وليطلقن ضرتها بر برجعي إن لم تكن نية أو قرينة تقتضي الإبانة.

فصل: - فإن عدم النية وسبب اليمين وما هيجها رجع إلى التعيين وهو الإشارة
فصل: - فإن عدم النية وسبب اليمين وما هيجها رجع إلى التعيين وهو الإشارة.
فإن تغيرت صفة التعيين فذلك خمسة أقسام: - أحدها - أن تستحيل إجزاؤه بتغير اسمه: كلا أكلت هذه البيضة فصارت فرخا أو هذه

الحنطة فصارت زرعا فأكله أو لا شربت هذا الخمر فصار خلا فشربه – حنث.
الثاني - تغيرت صفته وزال اسمه مع بقاء أجزائه: كلا أكلت هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا أو خلا أو ناطفا أو غيره من الحلوى أو لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا أو لا أكلت هذا الحمل فصار كبشا أو هذه الحنطة فصارت دقيقا أو سويقا أو هريسة أو هذا العجين فصار خبزا أو هذا اللبن فصار مصلا أو جبنا أو كشكا أو لا دخلت هذه الدار فصارت مسجدا أو حماما أو فضاء ثم دخلها أو أكله - حنث في جميع ذلك.
الثالث - تبدلت الإضافة: كلا كلمت زوجة زيد هذه ولا عبده هذا ولا دخلت داره هذه فطلق الزوجة وباع العبد، والدار فكلمهما ودخل الدار حنث.
الرابع - تغير صفته بما يزيل اسمه ثم عادت: كغصن انكسر ثم أعيد وقلم كسر ثم بري وسفينة نقضت ثم أعيدت ودار هدمت ثم بنيت ونحوه فإنه يحنث.
الخامس - تغيرت صفته لما لم يزل اسمه: كلحم شوي أو طبخ وتمر حديث فعتق وعبد بيع ورجل صحيح فمرض ونحوه فإنه يحنث وإن قال: لا كلمت سعدا زوج هند أو سيد صبيح أو صديق عمر أو مالك هذه الدار أو صاحب الطيلسان أو لا كلمت هند امرأة سعد أو صبيحا عبده أو عمرا صديقه فطلق الزوجة، وباع العبد

والدار والطيلسان وعادى عمرا ثم كلمهم - حنث ولا يلبس هذا الثوب وكان رداء حال حلفه فارتدى به أو اتزر أو أعتم أو جعله قميصا أو سراويل أو قباء فلبسه - حنث وكذلك إن كان سراويل فارتدى أو اتزر به حنث: لا إذا ائتزر به ولا بطيه وتركه على رأسه ولا بنومه عليه أو تدثره وإن قال: لا ألبسه وهو رداء فغير عن كونه رداء ولبس - لم يحنث وكذلك أن ينوي بيمينه في شيء من هذه الأشياء ما دام على تلك الصفة والإضافة أو ما لم يتغير.

فصل: - فإن عدم النية وسبب اليمين وما هيجها والتعيين
فصل: - فإن عدم النية وسبب اليمين وما هيجها والتعيين -
رجع إلى ما يتناوله الاسم والاسم يتناول العرفي والشرعي والحقيقي: وهو اللغوي فيقدم شرعي ثم عرفي ثم لغوي فالشرعي - ما له موضوع فيه وموضوع في اللغة: كالصلاة والصوم والزكاة والحج ونحوه فاليمين المطلقة تنصرف إلى الموضوع الشرعي ويتناول الصحيح منه: إلا إذا حلف لا يحج فحج حجا فاسدا فيحنث فإذا حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا أو لا ينكح غيره فأنكح نكاحا فاسدا أو حلف ما بعت ولا صليت ونحوه وكان قد فعله فاسدا لم يحنث: إلا أن يضيف اليمين إلى شيء لا تتصور فيه الصحة: كحلفه لا يبيع الحر أو الخمر أو ما باع الحر أو الخمر أو قال لزوجته: إن سرقت مني شيئا وبعتيه أو طلقت فلانة الأجنبية فأنت طالق فيحنث بصورة البيع والطلاق فإن حلف لا يبيع فباع بيعا فيه الخيار - حنث ولا أبيع ولا أتزوج ولا أؤجر فأوجب البيع والنكاح والإجارة ولم يقبل المشتري والمتزوج

والمستأجر - لم يحنث ولا يتسرى فوطئ جاريته حنث ولو عزل كحلفه لا يطأ ولا يحج ولا يعتمر - حنث بإحرام ولا يصوم حنث بشروع صحيح ولو كان حال حلفه صائما أو حاجا فاستدام أو حلف على غيره لا يصلي وهو في الصلاة فاستدام - لم يحنث ولا يصوم صوما لم يحنث حتى يصوم يوما ولا يصلي حنث بتكبيرة الإحرام ولا يصلي صلاة لم يحنث حتى يفرغ مما يقع عليه اسم الصلاة ويشمل صلاة الجنازة فيهما قال القاضي وغيره: الطواف ليس بصلاة في الحقيقة وإن حلف لا يهب لزيد شيئا ولا يوصي له ولا يتصدق عليه أو لا يعيره ففعله ولم يقبل زيد - حنث وإن نذر أن يهب له - بر بالإيجاب ولا يتصدق عليه فوهبه لم يحنث ولا يهبه فأسقط عنه دينا أو أعطاه من نذره أو كفارته أو صدقته الواجبة أو أعاره أو أوصى له لم يحنث فإن تصدق عليه تطوعا أو أهدى له أو أعمره أو وقف عليه أو باعه أو حاباه - حنث وإن حلف لا يتصدق فأطعم عياله لم يحنث.

فصل: - والاسم اللغوي - ما لم يغلب مجازه
فصل: - والاسم اللغوي - ما لم يغلب مجازهفإن حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم أو المخ الذي في العظام أو الكبدة أو الطحال أو القلب أو الكرش أو المصران أو الإلية أو الدماغ: وهو المخ الذي في قحف الرأس أو القانصة أو الكلية أو الكوارع أو لحم الرأس أو لحم خد الرأس أو اللسان ونحوه - لم يحنث: إلا أن يكون أراد اجتناب الدسم ويحنث بأكل لحم ولو كان محرما: كخنزير وميتة ومغصوب

وبلحم سمك ولحم قديد ولحم طير وصيد ولا يأكل شحما فأكل شحم الجوف من الكلى أو غيره أو من شحم الظهر أو سمينه ونحه أو السنام أو الإلية - حنث: لا باللحم الأحمر ولا يأكل لبنا فأكل من لبن الأنعام أو الصيد أو لبن آدمية: حليبا كان أو رائبا أو مائعا أو مجمدا - حنث إن أكل زبدا أو سمنا أو كشكا: وهو الذي يعمل من القمح واللبن أو مصلا أو أقطا أو جبنا - لم يحنث: إن كان ظاهرا فيه حنث وإن أكل جبنا أو ما يصنع من اللبن من كشك أو مصل أو أقط ونحوه - لم يحنث ولا يأكل سمنا فأكل زبدا أو ما يصنع من اللبن سوى السمن لم يحنث وإن أكل السمن منفردا أو في عصيدة أو حلوى أو طبيخ من خميص ونحوه يظهر طعمه فيه - حنث وكذلك إذا حلف لا يأكل لبنا فأكل طبيخا فيه لبن أو لا يأكل طبيخا فيه خل يظهر طعمه فيه - حنث ولا يأكل فاكهة حنث بعنب: ورطب ورمان وسفرجل وتفاح وكمثري وخوخ واترج ونبق وموز وجميز وبطيخ وكل ثمر شجر غير بري ولو يابسا: كصنوبر وعناب وجوز ولوز وبندق وتمر وتوت وزبيب ومشمش وتين وأجاص ونحوه: لا قثاء وخيرا وخص زيتون وبلوط وبطم وزعرور أحمر وثمر قيقب وعفص وآس وخوخ الدب وسائر ثمر كل شجر لا يستطاب ولا قرع وباذنجان وجزر ولفت وفجل وقلقاس وسنوطل ونحوه وإن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا فأكل مذنبا أو منصفا حنث: كما لو أكل

نصف رطبة بسرة منفردتين فإن كان الحلف على الرطب فأكل القدر الذي أرطب من النصف أو كان على البسر فأكل البسر الذي في النصف - حنث وإن أكل البسر من يمينه على الرطب أو الرطب من يمينه على البسر - لم يحنث: وإن حلف واحد ليأكلن رطبا وآخر ليأكلن بسرا فأكل الحالف على أكل الرطب ما في المنصف من الرطب وأكل الآخر باقيها - برا جميعا وليأكل رطبة أو بسرة أو لا يأكل ذلك فأكل منصفا لم يبر ولم يحنث لأنه ليس فيه رطبة ولا بسرة ولا يأكل رطبا فأكل تمرا أو بلحا أو بسرا أو لا يأكل تمرا فأكل بسرا أو بلحا أو رطبا أو دبسا أو ناطفا - لم يحنث ولا يأكل عنبا فأكل زبيبا أو دبسا أو هما أو ناطفا أو لا يكلم شابا فكلم شيخا أو لا يشتري جديا فاشترى تيسا أو لا يضرب عبدا فضرب عتيقا - لم يحنث ولا يأكل من هذه البقرة لم يعم ولدا ولبنا ولا يأكل من هذا الدقيق فأسبغه أو خبزه فأكله - حنث وحقيقة الغداء والقيلولة قبل الزوال والعشاء بعده وآخره نصف الليل فلو حلف لا يتغدى فأكل بعده أو لا يتعشى فأكل لعد نصف الليل أو لا يتسحر فأكل قبله - لم يحنث والغداء والعشاء أن يأكل أكثر من نصف شبعة ولا ينام حنث بأدنى نوم ولا يأكل أدما حنث بأكل ما جرت العادة بأكل الخبز به من مصطبغ به: كالطبيخ والمرق والخل والزيت والسمن والسيرج واللبن الدبس والعسل أو جامد كالشواء والجبن والباقلاء والزيتون والبيض والملح

والتمر والزبيب ونحوه والقوت - الخبز وجبه ودقيقه وسويقة والفاكهة اليابسة واللحم واللبن ونحوه: لا عنب وحصرم وخل نحوه والطعام - ما يؤكل ويشرب من قوت وأدم وحلو وجامد ومائع وما جرت العادة بأكله من نبات الأرض: لا ماء ودواء وورق شجر ونشارة خشب وتراب ونحوها والعيش في العرف - الخبز من حنطة.

فصل: - وإن حلف لا يلبس شيئا
فصل: - وإن حلف لا يلبس شيئافلبس ثوبا أو درعا أو جوشنا: أو خفا أو نعلا أو عمامة أو قلنسوة - حنث فإن ترك القلنسوة في رحله أو أدخل يده في الخف أو النعل لم يحنث ولا يلبس حليا فلبس حلية ذهب أو فضة أو خاتما ولو في غير الخنصر أو دراهم أو دنانير في مرسلة ونحوها أو لؤلؤا أو جوهرا في مخنقة أو منفردا أو منطقة محلاة - حنث: لا سبحا وعقيقا وحريرا ولو لامرأة: ولا ودعا أو خرز زجاج ونحوه ولا سيفا محلى دن منطقته ولا يدخل دار فلان أو لا يركب دابته أو يلبس ثوبه فدخل أو ركب أو لبس ما هو ملك له أو مؤجره أو مستأجره أو جعله لعبده - حنث: لا ما استعاره فلان أو عبده ولا يدخل مسكنه حنث بمستأجر ومستعار ومغصوب يسكنه لا بملكه الذي لا يسكنه وإن قال: ملكه - لم يحنث بمستأجر ولا يركب دابة عبد فلان فركب دابة جعلت برسمه حنث: كحلفه لا يركب رحل هذه الدابة أو لا يبيعه ولا يدخل دارا فدخل سطحها حنث: لا إن وقف على

الحائط، أو في طاق الباب، أو كان في اليمين دلالة لفظية أو حالية تقتضي اختصاص الإرادة بداخلها مثل: أن يكون سطح الدار طريقا وسبب يمينه يقتضي ترك وصلة أهل الدار لم يحنث بالمرور على سطحها وإن نوى باطن الدار تقيدت به يمينه وإن تعلق بغصن شجرة في الدار من خارجها لم يحنث فإن صعد حتى صار في مقابلة سطحها بين حيطانها أو كانت الشجرة في غير الدار فتعلق بفرع ماد على الدار في مقابلة سطحها - حنث وإن حلف ليخرجن منها فصعد سطحها لم يبرأ ولا يخرج منها فصعده لم يحنث ولا يضع قدمه في الدار أو لا يطؤها أو لا يدخلها فدخلا راكبا أو ماشيا أو حافيا أو منتعلا - حنث: لا بدخول مقبرة لأنه العرف وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان: من ذكر وأنثى وصغير وكبير وعاقل ومجنون ولا يكلم زيدا ولا يسلم عليه فإن زجره فقال: تنح أو اسكت - حنث: إلا أن يكون نوى كلاما غير هذا وإن صلى بالمحلوف عليه إماما ثم سلم من الصلاة لم يحنث وإن ارتج في الصلاة ففتح عليه الحالف لم يحنث ولو كاتبه أو أرسل إليه رسولا حنث: إلا أن يكون أراد أن لا يشافهه وإن أشار إليه حنث قاله القاضي وإن ناداه بحيث يسمع فلم يسمع لتشاغله أو غفلته أو سلم عليه حنث وإن سلم على قوم هو فيهم ولم يعلم فكناس وإن علم به ولم ينوه ولم يستثنه بقلبه ولا بلسانه كأن يقول: السلام عليكم: إلا فلانا - حنث ولا يبتدئه بكلام فتكلما معا لم يحنث لخلاف لا كلمته حتى يكلمني أو يبدأني

بكلام فيحنث بكلامهما معا ولا يكلمه حينا الحين - أشهر إذا أطلق ولم ينو شيئا وكذا الزمان معرفا وإن قال: زمنا أو دهرا أو بعيدا أو مليا أو طويلا أو وقتا أو حقبا - فأقل زمان وإن قال الأبد والدهر والعمر معرفا فذلك على الزمان كله والحقب ثمانون سنة والشهور ثلاثة: كالأشهر والأيام وإن قال: إلى الحول فحول كامل: لا تتمته وإن حلف لا يتكلم ثلاثة أيام أو ثلاث ليال دخل في ذلك الأيام التي بين الليالي والليالي التي بين الأيام ولا يدخل باب هذه الدار أو قال: لا دخلت من باب هذه الدار فحول ودخله حنث ولو مع بقاء الأول وإن قلع الباب ونصب في دار أخرى وبقي الممر حنث بدخوله الممر فقط ولا يدخل هذه الدار من بابها فدخلها مر غيره - حنث ولا يكلمه إلى حين الحصاد أو الجذاذ انتهت يمينه بأوله وإن حلف لا مال له وله مال ولو غير زكوى من الأثمان والعقارات والأثاث والحيوان ونحوه أو له دين على ملئ أو غيره أو ضائع ولم ييأس من عوده أو مغصوب أو محجور - حنث فإن أيس من عوده: كالذي سقط في البحر أو كان متزوجا أو وجب له حق شفعة لم يحنث ولا يفعل شيئا فوكل من يفعله ففعله حنث إلا أن ينوي ولو توكل الحالف فيما حلف أن لا يفعله وكان عقدا أضافه إلى الموكل أو أطلق لم يحنث.

فصل: - والعرفي ما اشتهر مجازه حتى غلب على حقيقته بحيث لا يعلمها أكثر الناس كالرواية
فصل: - والعرفي ما اشتهر مجازه حتى غلب على حقيقته بحيث لا يعلمها أكثر الناس كالرواية -
وهي في العرف: اسم للمزادة - وفي الحقيقة اسم لما يستقى عليه من الحيوانات والظعينة في العرف:

المرأة، وفي الحقيقة: اسم للناقة التي يظعن عليها والدابة في العرف اسم لذوات الأربع من الخيل والبغال والحمير وفي الحقيقة: اسم لما دب ودرج والعذرة والغائط في العرف: الفضلة المستقذرة وفي الحقيقة - العذرة: فناء الدار الغائط: المطمئن من الأرض فهذا وأمثاله تنصرف يمين الحالف إلى مجازه دون حقيقته فإن حلف على وطء امرأة تعلقت يمينه بجماعها ولا يشم الريحان فشم الورد والبنفسج والياسمين ولو يابسا - حنث ولا يشم الورد والبنفسج فشم دهنهما أو شم ماء الورد حنث ولا يشم طيبا فشم نبتا ريحه طيب حنث: لا فكاهة ولا يأكل رأسا - حنث بأكل كل رأس حيوان من الإبل الصيود وبأكل رؤوس طيور وسمك وجراد ولا يأكل بيضا حنث بأكل كل بيض يزايل بائضه: كثر وجوده كبيض الدجاج أو قل كبيض النعام لأنه العرف ولا يحنث بأكل بيض السمك والجراد ولو حلف لا يشرب ماء فشرب ماء ملحا أو ماء نجسا أو لا يأكل خبزا فأكل خبز الأرز أو الذرة أو غيرهما في مكان: يعتاد أكله أولا - حنث ولا يدخل بيتا فدخل مسجدا أو الكعبة أو بيت رحا أو حماما ا بيت شعر أو أدم أو خيمة - حنث: حضريا كان الحالف أو بدويا: لا إن دخل دهليز الدار أو صفتها ولا يركب فركب سفينة حنث ولا يتكلم فقرأ ولو خارج للصلاة أو سبح الله لم يحنث وحقيقة الذكر ما نطق به فتحمل يمينه عليه قال أبو الوفاء: لو حلف لا يسمع كلام الله في فسمع القرآن حنث إجماعا، وإن

استؤذن عليه فقال: أدخلوها بسلام آمنين يقصد القرآن لينبهه لم يحنث وإلا حنث وليضربنه مائة سوط أو عصا أو ليضربنه مائة ضربة أو مائة مرة فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبرأ ويبرأ بمائة ضربة مؤلمة وإن قال: بمائة سوط بر وإن حلف لا يضرب امرأته فخنقها أو نتف شعرها أو عضها تأليما لا تلذذا - حنث ولو لم ينو في يمينه وإن حلف ليضربنها ففعل ذلك بر ولا يأكل شيئا فأكله مستهلكا في غيره: مثل أن لا يأكل لبنا فأكل زبدا أو لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر معه فيه أو لا يأكل بيضا فأكل ناطفا أو لا يأكل شحما فأكل اللحم الأحمر أو لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث وإن ظهر له شيء من المحلوف عليه حنث ولا يأكل سويقا فشربه أو لا يشربه فأكله - حنث ولا يأكل ولا يشرب فمص قصب السكر أو الرمان ونحوه لم يحنث وكذا لا يأكل سكرا فتركه في فيه حتى ذاب وابتلعه ولا يطعمه حنث بأكله وشربه ومصه وإن ذاقه ولم يبلعه لم يحنث ولا يذوقه حنث بأكله وشربه لأنه ذوق وزيادة وكذلك إن مضغه ورمى به لأنه قد ذاقه ولا يأكل ولا يشرب من الكوز فصب منه في إناء وشرب لم يحنث عكسه إن اغترف بإناء من النهر أو البئر ولا يأكل من هذه الشجرة حنث بالثمرة فقط ولو لقطها من تحتها وليأكلن أكلة - بالفتح - لم يبرأ حتى يأكل ما يعده الناس أكلة والأكلة بالضم اللقمة ولا يتزوج ولا يتطهر: ولا يتطيب فاستدامه لم يحنث ولا يركب

وهو راكب ولا يلبس، وهو لابس ولا يلبس من غزلها وعليه شيء منه أو لا يقوم ولا يقعد أو لا يستتر ولا يستقبل القبلة وهو كذلك فاستدام ذلك أو لا يدخل دار أو هو داخلها فأقام فيها أو لا يضاجعها على فراش وهما متضاجعان فاستدام أو ضاجعته ودام - حنث وكذا لا يطؤها أو لا يمسك أو لا يشاركه فدام ولا يدخل على فلان بيتا فدخل فلان عليه فأقام معه - حنث ما لم يكن له نية.

فصل: - وإن حلف لا يسكن دارا هو ساكنها أو لا يساكن فلانا وهو مساكنه
فصل: - وإن حلف لا يسكن دارا هو ساكنها أو لا يساكن فلانا وهو مساكنهولم يخرج في الحال بنفسه وأهله ومتاعه المقصود مع إمكانه - حنث: إلا أن يقيم لنقل متاعه أو يخشى على نفسه الخروج فيقيم إلى أن يمكنه الخروج بحسب العادة فلو كان ذا متاع كثير فنقله قليلا قليلا على العادة بحيث لا يترك النقل المعتاد لم يحنث وإن أقام أياما ولا يلزمه جمع دواب البلد لنقله ولا النقل وقت الاستراحة عند التعب ولا أوقات الصلوات وإن خرج دون متاعه وأهله حنث لأن الانتقال لا يكون إلا بالأهل والمال: إلا أن يودع متاعه أو بعيره أو يزول ملكه عنه أو تأبى امرأته الخروج معه ولا يمكنه إرراهها أو كان له عائلة فامتنعوا ولا يمكنه إخراجهم فيخرج وحده - لم يحنث وإن أكره على المقام لم يحنث وكذا إن كان في جوف الليل في وقت لا يجد منزلا يتحول إليه أو يحول بينه وبين المنزل أبواب مغلقة لا يمكنه فتحها أو خوف على نفسه أو أهله أو ماله فأقام في طلب النقلة أو انتظار زوال المانع أو خرج طالبا النقلة فتعذرت عليه لكونه

لا يجد مسكنا يتحول إليه لتعذر الكراء أو غيره أو لم يجد بهائم ينقل عليها ولم يمكنه النقلة بدونها فأقام ناويا للنقلة متى قدر عليها - لم يحنث وإن أقام أياما وليالي قال الشيخ: والزيارة ليست سكنى اتفاقا والسفر القصير سفر وإن حلف لا يساكنه فانتقل أحدهما لم يحنث: وإن بنيا بينهما حاجزا وهما على حالهما في المساكنة حنث لأنهما بتشاغلهما ببناء الحاجز قد تساكتا قبل وجوده بينهما وإن كان في الدار حجرتان كل حجرة تختص ببابها ومرافقها فسكن كل واحدة حجرة - لم يحنث وإن كانا في حرجة دار واحدة حالة اليمين فخرج أحدهما منها وقسماها حجرتين وفتحا لكل واحد منهما بابا وبينهما حاجز ثم سكن كل واحد منهما في حجرة لم يحنث وإن سكنا في دار واحدة: كل واحد في بيت ذي باب وغلق رجع إلى نيته بيمينه أو إلى سببها وما دلت عليه قرائن أحاله في المحلوف على المساكنة فيه فإن عدم ذلك حنث وإن حلف لا ساكنت فلانا في هذه الدار وهما غير متساكنين فبنيا بينهما حائطا وفتح كل واحد منهما بابا لنفسه وسكناها - لم يحنث وليخرجن من هذه البلدة فخرج وحده دون أهله - بر وليخرجن أو ليدخلن من هذه الدار فخرج دون أهله لم يبر: كحلفه لا يسكنها أو لا يأويها أو لا ينزلها وليخرجن أو ليرجلن من البلد أو ليرحلن عن هذه الدار ففعل فله العود إن لم تكن نية ولا سبب.

فصل: - وإن حلف لا يدخل دارا فحمل بغير إذنه فأدخلها وأمكنه الامتناع فلم يمتنع
فصل: - وإن حلف لا يدخل دارا فحمل بغير إذنه فأدخلها وأمكنه الامتناع فلم يمتنع -
حنث وبضرب ونحوه فدخل لم يحنث

ويحنث بالاستدامة بعد الإكراه وإن حلف لا يستخدمه فخدمه وهو ساكت - حنث ولو كان الخادم عبده وليشرين هذا الماء غدا أو ليضربن غلامه غدا فتلف المحلوف عليه ولو بغير اختياره قبل الغد أو فيه ولو قبل التمكن من فعله أو أطلق ولم يقيده بوقت فتلف قبل فعله حنث حال تلفه وإن مات الحالف قبل الغد أو جن فلم يفق إلا بعد خروج الغد لم يحنث وإن ضربه قبله أو فيه ضربا لا يؤلمه أو بعد موت الغلام أو أفاق الحالف من جنونه في الغد ولو جزءا يسيرا أو مات فيه أو هرب الغلام أو مرض هو أو الحالف فلم يقدر على ضربه - حنث وإن جن الغلام وضربه فيه - بر وإن ضربه في الغد أو خنقه أو نتف شعره أو عصر ساقه بحيث يؤلمه - بر وإن حلف ليضربن هذا الغلام اليوم أو ليأكلن هذا الرغيف اليوم فمات الغلام أو أتلف الرغيف أو مات الحالف - حنث ولا يكفل بمال فكفل ببدن وشرط البراءة لم يحنث وإن حلف من عليه الحق ليقضينه حقه فأبرأه أو أخذ عنه عوضا لم يحنث وإن حلف من عليه الحق ليقضينه حقه فأبرأه أو أخذ عنه عوضا لم يحنث وإن مات المستحق للحق فقضى ورثته لم يحنث وليقضينه حقه غدا فأبرأه اليوم أو قبل مضيه أو مات ربه فقضاه لورثته - لم يحنث وليقضينه حقه عند رأس الهلال أو مع رأسه أو إلى رأسه أو استهلاله أو عند رأسه أو مع رأسه فقضاه عند غروب الشمس من آخر الشهر - بر وإلا فلا ولو شرع في عده أو كيله أو وزنه أو ذرعه فتأخر القضاء لم يحنث: كما لو حلف ليأكلن هذا الطعام في هذا الوقت فشرع في أكله فيه وتأخر الفراغ

لكثرته ولا أخذت حقك مني فأكرهه على دفعه أو أخذه حاكم فدفعه إلى غريمه فأخذه حنث: كلا تأخذ حقك على: لا أن أكره قابضه ولا أن وضعه الحالف بين يديه أو في حجره فلم يأخذه الغريم لأنه لا يضمن مثل هذا المال ولا صيد يحنث لو كانت يمينه لا أعطيك لأنه يعد إعطاء إذ هو تمكين وتسليم بحق فهو كتسليم ثمن ومثمن وأجرة وزكاة ولا أفارقك حتى أستوفي حقي منك ففارقه مختارا: أبرأه من الحق أو بقي عليه أو أذن الحالف أو فارقه من غير إذن أو هرب على وجه يمكنه ملازمته والمشي معه أو أحاله الغريم بحقه أو فلسه الحاكم وحكم عليه بفراقه أو كمن فارقه لعلمه بوجوب مفارقته إلا أن يهرب منه بغير اختياره أو قضاه عن حقه عرضا ثم فارقه: كلا فارقتك حتى تبرأ من حقي أن ولي قبلك حق وإن قاضه قدر حقه ففارقه ظنا أنه قد وفاه فخرج رديئا أو مستحقا فكناس وفعل وكيل كهو فلو وكل في استيفاء حقه ففارقه الموكل قبل استيفاء الوكيل حنث وإن فارقه مكرها بمخوف كالجاء بسبيل ونحوه أو تهديد بضرب ونحوه لم يحنث ولا فارقتني ففارقه الغريم أو الحالف طوعا حنث لا كرها ولا افترقنا فهرب حنث: لا إن أكرها ولا فارقتك حتى أوفيك حقك فأبرأه الغريم منه فكمكره وإن كان الحق عينا فوهبها له الغريم فقبلها حنث وإن قبضها منه ثم وهبها إياه لم يحنث وإن كانت يمينه لا أفارقك ولك في قبلي حق لم يحنث إذا أبرأه أو وهب العين له أو أحاله وقدر الفرقة ما عده الناس فراقا: كفرقة البيع وما نواه بيمينه مما يتحمله لفظه فهو على ما نواه وتقدم ما له تتعلق بهذا الباب في الطلاق

باب النذر
مدخل

باب النذر
وهو مكروه ولو عبادة لا يأتي بخير ولا يرد قضاء وهو إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئا غير لازم بأصل الشرع: كعلي لله أو نذرت لله ونحوه فلا تعتبر له صيغة ويصح من كافر بعبادة فإن نواه الناذر من غير قول لم يصح: كاليمين وينعقد في واجب: كلله علي صوم رمضان ونحوه فيكفر إن لم يصمه: كحلفه عليه وعند الأكثر لا: كلله علي صوم أمس ونحوه من المحال.
والنذر المنعقدة أقسام:
أحدها : المطلق: كعلي نذر أو لله علي نذر: أطلق أو قال: إن فعلت كذا ولم ينو شيئا فيلزمه كفارة يمين.
الثاني : نذر اللجاج والغضب وهو تعليقه بشرط يقصد المنع منه أو الحمل عليه والتصديق عليه: كقوله إن كلمتك أو إن لم أضربك فعلي الحج أو صوم سنة أو عتق عبدي أو مالي صدقة أو إن لم أكن صادقا فعلي صوم كذا فيخير بين فعله وكفارة يمين إذا وجد الشرط ولا يضر قوله علي مذهب من يلزم بذلك أو لا أقلد من يرى الكفارة ونحوه لأن الشرع لا يتغير بتوكيد ذكره الشيخ ولو علق الصدقة به ببيعه والمشتري علق الصدقة به بشرائه فاشتراه - كفر كل منهما كفارة يمين ومن حلف فقال: علي عتق رقبة فحنث فعليه كفارة يمين.
الثالث : نذر المباح: كقوله: لله علي أن ألبس ثوبي أو أركب دابتي فيخير بين فعله وكفارة يمين: كما لو حلف ليفعلنه فلم يفعل

الرابع : نذر مكروه: كطلاق ونحوه فيستحب أن يكفر ولا يفعله فإن فعله فلا كفارة عليه.
الخامس : نذر المعصية: كشرب الخمر وصوم يوم الحيض والنفاس ويوم العيد وأيام التشريق فلا يجوز الوفاء به ويقضى الصوم ويكفر فإن وفى به أثم ولا كفارة.
ومن نذر ذبح معصوم ولو نفسه كفر كفارة يمين فإن نذر ذبح ولده وكان له أكثر من ولد ولم يعين واحدا ولا قوله لزمه بعددهم كفارات فإن نذر فعل طاعة وما ليس بطاعة لزمه فعل الطاعة ويكفر لغيره ولو كان المتروك خصالا كثيرة أجزأته كفارة واحدة قال الشيخ: والنذر للقبور أو لأهل القبور كالنذر لإبراهيم الخليل والشيخ فلان نذر معصية لا يجوز الوفاء به وإن تصدق بما نذره من ذلك على من يستحقه من الفقراء والصالحين كان خيرا له عند الله وأنفع وقال فيمن نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم: يصرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم قيمته وأه أفضل من الختمة وقال: وأما من نذر للمساجد ما تنور به أو يصرف في مصالحها فهذا نذر بر فيوفى بنذره.
السادس : نذر التبرر كنذر الصلاة والصيام والصدقة والاعتكاف وعيادة المريض والحج والعمرة ونحوها من القرب على وجه التقرب سواء نذره مطلقا أو معلقا: كقوله: إن شفى الله مريضي أو سلم مالي أو طلعت الشمس - فلله علي كذا أو فعلت كذا نحو تصدقت بكذا ونص عليه في: إن قدم فلان تصدقت بكذا - فهذا نذر وإن لم يصرح بذكر النذر لأن دلالة الحال تدل على إرادة

النذر، فمتى وجد شرطه انعقد نذره ولزمه فعله ويجوز فعله قبله وقال الشيخ فيمن قال: إن قدم فلان أصوم كذا: "هذا نذر يجب الوفاء به مع القدرة لا أعلم فيه نزاعا ومن قال ليس بنذر فقد أخطأ" وقال قول القائل لئن ابتلاني الله لأصبرن ولئن لقيت العدو لأجاهدن ولو علمت أن العمل أحب إلى الله لعملته - نذر معلق بشرط: كقول الآخر: {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} - الآية ونظير ابتداء الإيجاب لقاء العدو ويشبهه سؤال الإمارة فإيجاب المؤمن على نفسه إيجاب لم يحتج إليه بنذر وعهد وطلب وسؤال جهل منه وظلم وقوله: لو ابتلاني الله لصبرت ونحو ذلك: إن كان وعدا أو التزاما ما فنذر وإن كان خبرا عن الحال ففيه تزكية النفس وجهل بحقيقة حالها انتهى".
ومن نذر التبرر أو حلف بقصد التقرب: كقوله: والله إن سلم مالي لأتصدقن بكذا فوجد الشرط لزمه ومن نذر الصدقة بكل ماله أو بمعين وهو كل ماله أو بألف ونحوه وهو كل ماله أو يستغرق كل ماله - نذر قربة لا لحاج وغضب - أجزأه ثلثه ولا كفارة وإن نوى عينا أو مالا دون مال كصامت أو غيره أخذ بنيته لأن الأموال تختلف عند الناس وثلث المال معتبر بيوم نذره ولا يدخل ما تجدد له من المال بعده وإن نذر الصدقة بمال ونيته ألف مختصة يخرج ما شاء ومصرفه للمساكين كصدقة مطلقة وإن نذر الصدقة ببعض ماله وبألف وليست كل ماله - لزمه جميع ما نذره ولو نذر الصدقة بقدر من المال فأبرأ غريمه من نذره يقصد به وفاء النذر لم يجزئه إن كان الغريم من أهل

الصدقة فإن أخذ منه ثم دفعه إليه أجزأ وتجب كفارة النذر على الفور وتقدم آخر كتاب الأيمان وإن نذر صياما أو صيام نصف يوم أو ربعه ونحوه لزمه صوم يوم بينة من الليل وإن نذر صلاة وأطلق فركعتان قائما لقادر لأن الركعة لا تجزئ في فرض وإن عين عددا أو نواه لزمه: قل أو كثر وإن نذر عتق عبد معين فمت قبل عتقه لم يلزمه عتق غيره ويكفر وإن قتله السيد فالكفارة فقط وإن أتلفه غيره فكذلك وللسيد القيمة ولا يلزمه صرفها في العتق وإن نذر صوم سنة معينة لم يدخل في نذره رمضان ويوما العيدين وأيام التشريق كالليل وإن قال: سنة وأطلق لزمه التتابع كما في شهر مطلق ويأتي ويصوم اثني عشر شهرا سوى رمضان وأيام النهى ولو شرط التتابع وإن قال: سنة من الآن أو من وقت كذا فكمعينة وإن نذر صوم الدهر لزمه وإن أفطر كفر فقط بغير صوم ولا يدخل رمضان ويوم النهى ويقضى فطره منه لعذره ويصام لظهار ونحوه منه ويكفر مع صوم ظهار فقط وإن نذر صوم يوم الخميس فوافق يوم عيد أو حيض أو أيام التشريق أفطر وقضى وكفر وإن نذر أن يصوم يوما معينا أبدا ثم جهل فقال الشيخ: يصوم يوما من الأيام مطلقا - أي يوم كان انتهى وقيا المذهب وعليه كفارة للتعيين.

فصل: - وإن نذر صوم يوم يقدم فلان
فصل: - وإن نذر صوم يوم يقدم فلانفقدم ليلا فلا شيء عليه ويستحب صوم يوم صبيحته وإن قدم نهارا أو مفطرا أو يوم عيد أو حيض أو نفاس - قضى وكفر وإن قدم زيد وهو صائم وكان

قد بيت النية بخبر سمعه صح صومه وأجزأه وإن نوى حين قدم لم يجزئه ويقضي ويكفر وإن وافق قدومه يوما من رمضان فعليه القضاء والكفارة وإن وافق قدومه وهو صائم عن نذر معين أتمه ولا يلزمه قضاؤه ويقضي نذر القدوم كصوم في قضاء رمضان أو كفارة أو نذر مطلق ومثل ذلك في الحكم لو نذر صوم شهر من يوم يقدم فلان فقدم أول رمضان وعليه نذر الاعتكاف كالصوم وإن نذر صوم يوم أكل فيه فلغو وإن وافق يوم نذره وهو مجنون فلا قضاء عليه ولا كفارة وإن نذر صوم شهر معين فلم يصمه قضى متتابعا وكفر وإن أفطر منه لغير عذر استأنف شهرا من يوم فطره وكفر ولعذر يبني ويقضي ما أفطره متتابعا متصلا بتمامه ويكفر وإن صام قبله لم يجزئه كالصلاة وكذلك إن نذر الحج في عام فحج قبله: فإن كان نذره بصدقة مال جاز إخراجها قبل الوقت الذي عينه: كالزكاة ولو جن الشهر المعين كله لم يقضه ولم يكفر وصومه في كفارة الظهار في الشهر المنذور وكفطره فيه: ويبني من لا يقطع عذره تتابع صوم الكفارة وإن قال: لله علي الحج في عامي هذا فلم يحج لعذر أو غيره فعليه القضاء والكفارة وإن نذر صوم شهر مطلق لزمه التابع وهو مخير: إن شاء صام شهرا هلاليا من أوله ولو ناقصا وإن شاء ابتدأ من أثناء الشهر ويلزمه شهر بالعدد ثلاثون يوما فإن قطعه بلا عذر استأنفه ومع عذر يخير بينه بلا كفارة وبين البناء ويتم ثلاثين يوما ويكفر وإن نذر صيام أيام معدودة ولو ثلاثين يوما لم يلزمه تتابع إلا بشرط أو نية وإن نذر صياما متتابعا غير معين فأفطر لمرض يجب معه الفطر أو حيض - خير بين استئنافه

ولا شيء عليه وبين البناء على صومه فيكفر وإن أفطر لغير عذر لزمه الاستئناف بلا كفارة وإن أفطر لسفر أو ما يبيح الفطر مع القدرة على الصوم لم ينقطع التتابع وإن نذر صياما فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أو نذره في حال عجزه أطعم لكل يوم مسكينا وكفر كفارة يمين وإن عجز لعارض يرجى برؤه انتظر زواله ولا يلزمه كفارة ولا غيرها وإن صار غير مرجو الزوال صار إلى الكفارة والفدية وإن نذر صلاة ونحوها وعجز فعليه كفارة يمين فقط وإن نذر حجا لزمه وإن نذر المشي أو الركوب إلى بيت الله الحرام أو موضع من الحرم كالصفا والمروة وأبي قيس أو مكة وأطلق أو قال: غير حاج ولا معتمر - لزمه إتيانه في حج أو عمرة من دويرة أهله - أي: مكانه الذي نذر فيه - إلا أن ينوي من مكان معين فيلزمه منه على صفة ما نذره من مشي أو ركوب إلى أن يسعى في العمرة أو يأتي بالتحللين في الحج ويحرم لذلك من الميقات فإن ترك المشي المنذور أو الركوب المنذور لعجز أو غيره فكفارة يمين فإن لم يرد بالمشي أو الركوب حقيقة ذلك إنما أراد إتيانه في حج أو عمرة لزمه إتيانه في ذلك ولم يتعين عليه مشي ولا ركوب وإن نذرهما إلى غير الحرم كعرفة ومواقيت الإحرام وغير ذلك لم يلزمه ذلك ويكون كنذر المباح ولو أفسد الحج المنذور ماشيا أو راكبا وجب قضاؤه ماشيا أو راكبا ويمضي في فاسدة ماشيا أو راكبا حتى يحل منه وإن فاته الحج سقط توابع الوقوف والمبيت بمزدلفة وبمنى والرمي وتحلل بعمرة وإن نذر أن يأتي بيت الله الحرام أو يذهب إليه أو بحجة أو يزوره لزمه ذلك: إن شاء ماشيا وإن شاء راكبا ولو نذر

المشي إلى مسجد المدينة أو الأقصى لزمه ذلك وأن يصلي فيه ركعتين وإن نذر إتيان مسجد سوى المساجد الثلاثة ماشيا أو راكبا لم يلزمه إتيانه وإن نذر الصلاة فيه لزمته الصلاة فيصليها في أي مكان شاء ولا يلزمه المشي إليه والصلاة فيه وإن نذر المشي إلى بيت الله ولم يعين بيتا ولم ينوه انصرف إلى بيت الله الحرام وإن نذر طوافا أو سعيا فأقله أسبوع وتقدم نذر الصلاة في المساجد الثلاثة في باب الاعتكاف وإن نذر رقبة فهي التي تجزئ في الكفارة على ما تقدم في الظهار: إلا أن ينوي رقبة بعينها فيجزئه ما عينه لكن لو مات المنذور المعين أو أتلفه قبل عتقه لزمه كفارة يمين بلا عتق كما تقدم في الباب وإن نذر الطواف على أربع - طاف طوافين والسعي كالطواف وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي عنه كنذره صلاة عريانا أو حجا حافيا حاسرا أو نذرت الحج حاسرة ونحوه فيفي بالطاعة على الوجه المشروع وتلغى تلك الصفة ويكفر وتقدم معناه ولا يلزم الوفاء بالوعد ويحرم بلا استثناء.

كتاب القضاء والفتيا
*

مدخل
كتاب القضاء والفتيا
والقضاء - جمعة أقضية وهو: الإلزام وفصل الخصومات وهو فرض كفاية كالإمامة وإذا أجمع أهل بلد على تركه أثموا وولايته رتبة دينية ونصبة شرعية وفيه فضل عظيم لمن قوي على القيام به وأداء الحق

فيه قال الشيخ: والواجب اتخاذها دينا وقربة فإنها من أفضل القربات وإنما فسد حال الأكثر لطلب الرياسة والمال بها انتهى وفيه خطر عظيم ووزر كبير لمن لم يؤد الحق فيه فمن عرف الحق ولم يقض به أو قضى على جهل ففي النار ومن عرف الحق وقضى به ففي الجنة ويجب على الإمام أن ينصب في كل أقليم قاضيا وأن يختار لذلك أفضل من يجد علما وورعا وإن لم يعرف سأل عمن يصلح فإن ذكره له من لا يعرفه أحضره وسأله فإن عرف عدالته وإلا بحث عنها فإذا عرفها ولاه ويأمره بتقوى الله وإيثار طاعته في سره وعلانيته ويتحرى العدل والاجتهاد في إقامة الحق ويكتب له بذلك عهدا وأن يستخلف في كل صقع أصلح من يقدر عليه وعلى من يصلح له إذا طلب ولم يوجد غيره من يوثق به - الدخول فيه: إن لم يشغله عما هو أهم منه ولا يجب عليه طلبه ومن لا يحسنه ولم تجتمع فيه شروطه حرم عليه الدخول فيه ومن كان من أهله ويوجد غيره مثله فله أن يليه ولا يجب عليه والأولى أن لا يجيب إذا طلب ويكره له طلبه وكذلك الإمارة وطريقة السلف الامتناع وإن لم يمكنه القيام بالواجب لظلم السلطان أو غيره حرم وتأكد الامتناع ويحرم بذل المال في ذلك ويحرم أخذه وطلبه وفيه مباشرة أهل له وتصح تولية مفضول مع وجود أفضل ولا تثبت ولاية القضاء إلا بتولية الإمام أو نائبه ومن شروط صحتها معرفة المولى كون المولى على صفة تصلح للقضاء وتعيين ما يوليه الحكم فيه من الأعمال والبلدان ومشافهته بالولاية في المجلس ومكاتبته بها في البعد

وإشهاد عدلين على توليته فيقرأ أو نائبه عليهما العهد أو يقرأه غيره بحضرته ليمضيا معه إلى بلد توليته فيقيما له الشهادة ويقول لهما: أشهدا على أني قد وليته قضاء البلد الفلاني وتقدمت عليه بما يشتمل هذا العهد عليه ولا تصح الولاية بمجرد الكتابة من غير إشهاد وإن كان البلد قريبا من بلد الإمام يستفيض إليه ما يجري في بلد الإمام: نحو أن يكون بينهما خمسة أيام فما دونها - جاز أن يكتفي بالاستفاضة دون الشهادة: كالكتابة والإشهاد ولا تشترط عدالة المولي بكسر اللام ولو كان نائب الإمام وألفاظ التولية الصحيحة سبعة: وليتك الحكم وقلدتك واستنبتك واستخلفتك ورددت إليك وفوضت إليك وجعلت إليك الحكم فإذا وجد أحدها وقبل المولى الحاضر في المجلس أو الغائب بعده أو شرع الغائب في العمل انعقدت والكناية نحو: اعتمدت عليك وعولت عليك ووكلت إليك وأسندت الحكم إليك فلا تنعقد حتى تقترن بها قرينة نحو فاحكم أو فتول ما عولت عليك وما أشبه.

فصل: - وتفيد ولاية الحكم العامة
فصل: - وتفيد ولاية الحكم العامةويلزم بها فصل الخصومات واستيفاء الحق ممن هو عليه ودفعه إلى ربه والنظر في أموال اليتامى والمجانين والسفهاء والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو فلس والنظر في الوقوف في عمله لتجرى بإجرائها على شرط الواقف وتنفيذ الوصايا وتزويج النساء اللاتي لا ولي لهن وإقامة الحدود وإقامة الجمعة بالإذن في إقامتها ونصب إمامها وكذا العيد ما لم يخصا بإمام، والنظر

في مال الغائب، وجباية الخراج وأخذ الصدقة إن لم يخصا بعامل والنظر في مصالح عمله بكف الأذى عن طرقات المسلمين وأفنيتهم وتصفح حال شهوده وأمنائه ليستبقي ويستبدل من يصلح قال في التبصرة: ويستفيد الاحتساب على الباعة والمشترين وإلزامهم بالشرع قال الشيخ: ما يستفيده بالولاية لا حد له شرعا بل يتلقى من الألفاظ والأحوال والعرف ولا يحكم ولا يسمع بينة في غير عمله وهو محل حكمه فإن فعل لغا وتجب إعادة الشهادة كتعديلها وله طلب الرزق من بيت المال لنفسه وأمنائه وخلفائه مع الحاجة وعدمها فإن لم يجعل له شي وليس له ما يكفيه وقال للخصمين: لا أقضي بينكما إلا بجعل جاز ولا يجوز الاستئجار على القضاء وللمفتي أخذ الرزق من بيت المال ولو تعين عليه أن يفتي لا كفاية - لم يأخذ ومن أخذ رزقا لم يأخذ وإلا أخذ أجرة حظه وعلى الإمام أن يفرض من بيت المال لمن نصب نفسه لتدريس العلم والفتوى في الأحكام ما يغنيه عن التكسب.

فصل: - ويجوز أن يوليه عموم النظر في عموم العمل
فصل: - ويجوز أن يوليه عموم النظر في عموم العمل:
بأن يوليه القضاء في كل البلدان وأن يوليه خاصا في أحدهما أو فيهما فيوليه النظر في بلد أو محلة خاصة فينفذ قضاؤها في أهله ومن طرأ إليه: لكن لو أذنت له في تزويجها فلم يزوجها حتى خرجت من عمله لم يصح تزويجه كما لو أذنت له في غير عمله ولو دخلت بعد إلى عمله: فإن قالت: إذا حصلت في عملك فقد أذنت لك فزوجها في عمله - صح بناء على جواز تعليق الوكالة

بالشرط، أو يجعل إليه الحكم في المداينات خاصة أو في قدر المال لا يتجاوزه أو يفوض إليه عقود الأنكحة دون غيرها ويجوز أن يولي من غير مذهبه وإن نهاه عن الحكم في مسئلة فله الحكم بها ويجوز أن يولي قاضيين فأكثر في بلد واحد: يجعل لكل واحد منهما عملا: سواء كان المولى الإمام أو القاضي ولى خلفاءه مثل: أن يجعل إلى أحدهما الحكم بين الناس وإلى الآخر عقود الأنكحة فإن جعل إليهما عملا واحدا جاز فيحكم كل واحد باجتهاده وليس للآخر الاعتراض عليه ولا نقض حكمه فإن تنازع خصمان في الحكم عند أحدهم قدم قول الطالب ولو عند نائب فلو تساويا في الدعوى كالمدعين اختلفا في ثمن مبيع باق - اعتبر أقرب الحاكمين إليهما فإن استويا أقرع بينهما ولا يجوز أن يقلد القضاء لواحد على أن يحكم بمذهب بعينه فإن فعل بطل الشرط وعمل الناس على خلافه: كما يأتي قريبا قال الشيخ من أوجب تقليد إمام بعينه استتيب فإن تاب وإلا قتل وإن قال: ينبغي كان جهلا ضالا قال: ومن كان متبعا للإمام فخالفه في بعض المسائل لقوة الدليل أو يكون أحدهما أعلم أو أتقى فقد أحسن ولم يقدح في عدالته قال: وفي هذه الحال يجوز عند أئمة الإسلام بل يجب وأن أحمد نص عليه ويجوز أن يفوض الإمام إلى إنسان تولية القضاء وليس له أن يولي نفسه ولا والده ولا ولده: كما لو وكله في الصدقة بمال لم يجز له أخذه ولا دفعه إلى هذين فإن مات المولي - بكسر اللام - أو عزل المولى - بفتحها - مع صلاحيته لم تبطل ولايته: كما لو عزل الإمام، لأنه

نائب المسلمين لا نائبه وكذا كل عقد لمصلحة المسلمين: كوال ومن ينصبه لجباية مال وصرفه وأمير جهاد ووكيل بيت المال ومحتسب قاله الشيخ وقال: الكل لا ينعزل بانعزال المستتيب وموته حتى يقوم غيره مقامه انتهى ولا يبطل ما فرضه فارض في المستقبل ولا ينعزل حيث صح عزله قبل علمه بالعزل فليس كوكيل فإن كان المستتيب قاضيا فعزل نوابه أو زالت ولايته بموت أو عزل أو غيره: كما لو اختل فيه بعض شروطه - انعزلوا ومن عزل نفسه انعزل ولو أخبر بموت قاضي بلد فولى غيره فبان حيا لم ينعزل ويستحب أن يجعل للقاضي أن يستخلف وإن نهاه عن الاستخلاف لم يكن له أن يستخلف وإن أطلق فله ذلك ويصح تولية قضاء وإمارة بشرط فإذا قال المولى من نطر في الحكم في البلد الفلاني من فلان وفلان خليفتي أو فقد وليته لم تنعقد لمن ينظر لجهالة المولى منهما وإن قال: وليت فلانا وفلانا فمن نطر منهما فهو خليفتي انعقدت لمن سبق منهما النظر.

فصل: - ويشترط في القاضي عشر صفات
فصل: - ويشترط في القاضي عشر صفات:
أن يكون بالغا عاقلا ذكرا حرا لكن تصح ولاية عبد إمارة سرية وقسم صدقه وفئ وإمامة صلاة وأن يكون مسلما عدلا ولو تائبا من قذف فلا تجوز تولية فاسق ولا من فيه نقص يمنع الشهادة وأن يكون سميعا بصيرا ناطقا مجتهدا ولو في مذهب إمامه لضرورة واختار في الإفصاح و الرعاية أو مقلدا وعليه عمل الناس من مدة طويلة وإلا تعطلت أحكام الناس وكذا المفتي فيراعي كل منهما ألفاظ إمامه ومتأخر يقلد كبار

مذهب في ذلك، ويحكم به ولو اعتقد خلافه لأنه مقلد قال الشيخ: منصب الاجتهاد ينقسم حتى لو ولاه في المواريث لم يجب أن يعرف إلا الفرائض والقضايا وما يتعلق بذلك وإن ولاه عقود الأنكحة وفسخها لم يجب أن يعرف إلا ذلك وعلى هذا فقضاة الأطراف يجوز أن لا يقضوا في الأمور الكبار: كالدماء والقضايا المشكلة وعلى هذا لو قال: اقض فيما نعلم كما يقول له فيما تعلم - جاز ويبقى ما لا يعلم خارجا عن ولايته انتهى ومثله لا تقض فيما مضى له عشر سنين ونحوه ويحرم الحكم والفتيا بالهوى إجماعا وليحذر المفتي أن يميل في فتياه مع المستفتي أو مع خصمه مثل: أن يكتب في جوابه ما هو له دون أن يكتب ما هو عليه ونحو ذلك وليس له أن يبتدئ في مسائل الدعاوى والبينات بذكر وجوه المخالص منها وإن سأله بأي شيء تندفع دعوى كذا وكذا وبينة كذا وكذا لم يجب لئلا يتوصل بذلك إلى إبطال حق وله أن يسأله عن حاله فيما ادعى عليه فإذا شرحه به عرفه بما فيه من دافع وغير دافع ويحرم الحكم والفتيا بقول أو وجه من غير نظر في الترجيح إجماعا ويجب أن يعمل بموجب اعتقاده فيما له وعليه إجماعا قاله الشيخ: ولا يشترط كون القاضي كاتبا أو ورعا أو زاهدا أو يقظا أو مثبتا للقياس أو حسن الخلق والأولى كونه كذلك قال الشيخ: الولاية لها ركنان: القوة والأمانة فالقوة في الحكم ترجع إلى العلم بالعدل وتنفيذ الحكم والأمانة ترجع إلى خشية الله قال: وشروط القضاء تعتبر حسب الإمكان ويجب تولية الأمثل فالأمثل قال: وعلى هذا يدل كلام أحمد وغيره

فيولى للعدم أنفع الفاسقين وأقلهما شرا وأعدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد وهو كما قال: والشاب المتصف بالصفات المعتبرة كغيره: لكن الأسن أولى مع التساوي ويرجح أيضا بحسن الخلق ومن كان أكمل في الصفات ويولي المولى مع أهليته وما يمنع التولية ابتداء يمنعها دواما إذا طرأ ذلك عليه لفسق أو زوال عقل: إلا فقد السمع والبصر فيا ثبت عنده في حال سمعه وبصره فلم يحكم به حتى عمى أو طرش فإن ولاية حكمه باقية فيه ولو مرض مرضا يمنع القضاء تعين عزله وقال الموفق و الشارح: ينعزل بذلك ويتعين على الإمام عزله انتهى والمجتهد من يعرف من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الحقيقة، والمجاز والأمر والنهي والمجمل والمبين والمحكم والمتشابه والخاص والعام والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمستثنى والمستثنى منه ويعرف من السنة صحيحها من سقيمها وتواترها من آحادها ومرسلها ومتصلها وسندها ومنقطعها مما له تعلق بالأحكام خاصة ويعرف ما اجتمع عليه مما اختلف فيه والقياس وحدوده وشروطه وكيفية استنباطه والعربية المتناولة بالحجاز والشام والعراق وما يواليها وكل ذلك مذكور في أصول الفقه وفروعه فمن عرف ذلك أو أكثره ورزق فهما - صلح للفتيا والقضاء.

فصل: - كان السلف يأبون الفتيا
فصل: - كان السلف يأبون الفتيا،
ويشددون فيها ويتدافعونها وأنكر أحمد وغيره على من يهجم على الجواب وقال: لا ينبغي أن يجيب في كل ما يستفتى فيه وقال: إذا هاب الرجل شيئا

لا ينبغي أن يحمل على أن يقول وقال: لا ينبغي للرجل أن يعرض نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال: أحدها: أن تكون له نية فإن لم تكن له نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور الثاني: أن يكون له حلم ووقار وسكينة الثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته الرابعة: الكفاية وإلا بغضه الناس فنه ذا لم تكن له كفاية احتاج إلى الناس وإلى الأخذ مما في أيديهم الخامسة معرفة الناس أي: ينبغي له أن يكون بصيرا بمكر الناس وخداعهم ولا ينبغي له أن يحسن الظن بهم بل يكون حذرا فطنا لما يصورونه في سؤالاتهم والمفتي من يبين الحكم من غير إلزام والحاكم يبينه ويلزم به ويحرم أن يفتي في حال لا يحكم فيها: كغضب ونحوه فإن أفتى وأصاب صح وكره وتصح فتوى العبد والمرأة والأمي والأخرس المفهوم الإشارة أو الكتابة وتصح مع أخذ النفع ودفع الضرر ومن العدو وأن يفتي أباه وأمه وشريكه ومن لا تقبل شهادته له ولا تصح من فاسق لغيره وإن كان مجتهدا لكن يفتي نفسه ولا يسأله غيره ولا تصح من مستور الحال والحاكم كغيره في الفتيا ويحرم تساهل مفت وتقليد معروف به قال الشيخ: لا يجوز استفتاء إلا من يفتي بعلم أو عدل انتهى وليس لمن انتسب إلى مذهب إمام في مسئلة ذات قولين أو وجهين أن يتخير ويعمل بأيهما شاء1 وتقدم في الباب ويلزم المفتي تكرير النظر عند تكرار الواقعة وإن حدث ما لا قول فيه - تكلم فيه حاكم ومجتهد ومفت وينبغي له أن يشاور من عنده ممن يثق بعلمه إلا أن يكون في ذلك إفشاء
ـــــــ
1 يريد أن ينبه إلى أن الواجب العمل بأوفق الوجهين للكتاب والسنة: لا أن يختار أوفقهما لهواه.

سر السائل أو تعريضه للأذى أو مفسدة لبعض الحاضرين وحقيق به أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلفت فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم" ويقول إذا أشكل عليه شيء "يا معلم إبراهيم علمني" وفي آداب المفتي: "ليس له أن يفتي في شيء من مسائل الكلام مفصلا بل يمنع السائل وسائر العامة من الخوض في ذلك أصلا وله تخيير من استتفتاه بين قوله وقول مخالفه ولا يلزم جواب ما لم يقع1: لكن يستحب إجابته ولا جواب ما لا يحتمله السائل ولا ما لا يقع فيه وإن جعل له أهل بلد رزقا ويتفرغ لهم جاز وله قبول هدية والمراد لا ليفتيه بما يريده مما لا يفتي به غيره وإلا حرمت ومن عدم مفتيا في بلده وغيره فله حكم ما قبل الشرع وقيل متى خلت البلد من مفت حرمت السكنى فيها وله رد الفتيا أخاف غائلتها أو كان في البلد من يقوم مقامه وإلا لم يجز لكن إن كان الذي يقوم مقامه معروفا عند العامة مفتيا وهو جاهل تعين الجواب على العالم قال في عيون المسائل: الحكم يتعين بولايته حتى لا يمكنه رد محتكمين إليه ويمكنه رد من يستشهره وإن كان محتملا شهادة فنادر أن لا يكون سواه وأما في الحكم فلا ينوب البعض عن البعض ولا يقول لمن ارتفع إليه امض إلى غيري من الحكام - انتهى" ومن قوى عند مذهب غير إمامه أفتى به وأعلم السائل قال أحمد: "إذا جاءت
ـــــــ
1 يريد: جواب السائل عن شيء لم يكن وقع.

المسئلة ليس فيها أثر فأفت فيها بقول الشافعي ذكره النواوي في تهذيب الأسماء واللغات في ترجمة الشافعي ويجوز له العدول عن جواب المسئول عنه إلى ما هو أنفع للسائل وأن يجيبه بأكثر مما سأله وأن يدله على عوض ما منعه عنه وأن ينهيه على ما يجب الاحتراز عنه وإذا كان الحكم مستغربا وطأ قبله ما هو كالمقدمة له وله الحلف على ثبوت الحكم أحيانا وله أن يكذلك مع جواب من تقدمه بالفتيا فيقول: جوابي كذلك والجواب صحيح وبه أقول إذا علم صواب جوابه وكان أهلا وإلا اشتغل بالجواب معه في الورقة وإن لم يكن أهلا لم يفت معه لأنه تقرير لمنكر وإن لم يعرف المفتي اسم من كتب فله أن يمتنع من الفتيا معه خوفا مما قلناه والأولى أن يشير على صاحب الرقعة بإبدالها فإن أبى ذلك أجابه شفاها وإذا كان هو المبتدئ بالإفتاء في الرقعة كتب في الناحية اليسرى لأنه أمكن وإن كتب في الأيمن أو الأسفل جاز ولا يكتب فوق البسملة وعليه أن يختصر جوابه ولا بأس لو كتب بعد جوابه كما في الرقعة1: زاد السائل من لفظه كذا وكذا والجواب عنه كذا وإن انجر جهل لسان السائل أجزأت ترجمة واحد ثقة وإن رأى لحنا فاحشا في الرقعة أو خطأ يحيل المعنى أصلحه وينبغي أن يكتب الجواب بخط واضح وسطا ويقارب سطوره وخطه لئلا يزور أحد عليه ثم يتأمل الجناب بعد كتابته خوفا من غلط أو سهو ويستحب أن يكتب في فتواه: الحمد لله وفي آخرها: والله أعلم ونحوه وكتبه فلان الحنبلي أو الشافعي ونحوه، وإذا
ـــــــ
1 يريد: أن يكتب المفتي ما يدل على موافقته على إفتاء من سبقه.

رأى خلال السطور أو في آخرها بياضا يحتمل أن يلحق به ما يفسد الجواب فليحترز منه فإما أن يأمره بكتابة غير الورقة أو يشغله بشيء وينبغي أن يكون جوابه موصلا بآخر سطر في الورقة ولا يدع بينهما فرجة خوفا من أن يكتب السائل فيها غرضا له ضارا وإن كان في موضع الجواب ورقة ملزوقة كتب على موضع الالتزاق وشغله بشيء وإذا سئل عن شرط واقف لم يفت بإلزام العمل به حتى يعلم هل الشرط معمول به في الشرع أو من الشروط التي لا تحل؟ مثل: أن يشرط أن تصلي الصلوات في التربة المدفون بها ويدع المسجد أو يشعل بها قنديل أو سراج أو وقف مدرسة أو رباطا أو زاوية وشرط أن المقيمين بها من أهل البدع كالشيعة والخوارج والمعتزلة والجهمية والمبتدعين في أعمالهم: كأصحاب الإشارات والملاذن وأهيل الحيات وأشباه الذباب المشتغلين بالأكل والشرب والرقص ولا يجوز أن يفتي فيما يتعلق باللفظ بما اعتاده هو من فهم تلك الألفاظ دون أن يعرف عرف أهلها والمتكلمين بها بل يحملها على ما اعتادوه وعرفوه وإن كان مخالفا لحقائقها الأصلية وإذا اعتدل عنده قولان من غير ترجيح فقال القاضي: يفتي بأيهما شاء ومن أراد كتابة على فتيا أو شهادة لم يجز أن يكبر خطه ولا أن يوسع السطور بلا إذن ولا حاجة ويكره أن يكون السؤال بخطه: لا بإملائه وتهذيبه وإذا كان في رقعة الاستفتاء مسائل فحسن أن يرتب الجواب على ترتيب الأسئلة وليس له أن يكتب الجواب على ما يعمله من صورة الواقعة إذا لم يكن في الرقعة

تعرض له بل يذكر جوابه في الرقعة فإن أراد الجواب على خلاف ما فيها فليقل: وإن كان الأمر كذا فجوابه كذا ولا يجوز إطلاقه في الفتيا في اسم مشترك إجماعا بل عليه التفصيل: فلو سئل: هل له الأكل في رمضان بعد طلوع الفجر؟ فلا بد أن يقول: يجوز بعد الفجر الأول لا الثاني وأرسل أبو حنيفة إلى أبي يوسف يسأله عمن دفع ثوبا إلى قصار فقصره وجحده هل له أجرة إن عاد وسلمه إلى ربه - وقال: إن قال: نعم أو لا أخطأ - ففطن أبو يوسف وقال: إن قصره قبل جحوده فله وبعده لا لأنه قصره لنفسه وسأل أبو الطيب قوما عن بيع رطل تمر برطل تمر فقالوا: يجوز فخطأهم فقالوا: لا فخطأهم فقال: إن تساويا كيلا جاز ولا يجوز أن يلقي السائل في الحيرة مثل أن يقول في مسئلة في الفرائض: تقسم على فرائض الله أو يقول: فيها قولان ونحوه بل يبين له بيانا مزيلا للإشكال لكن ليس عليه أن يذكر المانع في الميراث من الكفر وغيره وكذلك في بقية العقود من الإجارة والنكاح وغير ذلك فلا يجب أن يذكر الجنون والإكراه ونحو ذلك والعامي يخير في فتواه فيقول: مذهب فلان كذا ويقلد العامي من عرفه عالما عدلا أو رآه منتصبا معظما ولا يقلد من عرفه جاهلا عند العلماء ويكفيه قوله عدل خبير قال ابن عقيل: يجب سؤال أهل الفقه والخبر فإن جهل عدالته لم يجز تقليده ويقلد ميتا وهو كالإجماع في هذه الأعصار وقبلها ويحفظ المستفتى الأدب مع المفتي ويجله ولا يومي بيده في وجهه ولا يقول: ما مذهب إمامك

في كذا؟ وما تحفظ في كذا؟ أو أفتاني غيرك أو فلان بكذا أو قلت أنا أو وقع لي أو إن كان جوابك موافقا فاكتب لكن إن علم غرض السائل في شيء لم يجز أن يكتب بغيره ويكره أن يسأله في حال ضجر أو هم أو قيامه أو نحوه ولا يطالبه بالحجة ويجوز تقليد المفضول من المجتهدين ولزوم التمذهب بمذهب وامتناع الانتقال إلى غيره - إلا شهر عدمه ولا يجوز له ولا لغيره تتبع الحيل المحرمة والمكروهة ولا تتبع الرخص لمن أراد نفعه فإن تتبع ذلك فسق وحرم استفتاؤه وإن حسن قصده في حيلة جائزة لا شبهة فيها ولا مفسدة لتخلص المستفتي بها من حرج جاز: كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه إلى بيع التمر بدراهم ثم يشتري بالدراهم تمر آخر فيتخلص من الربا وإذا استفتي واحدا أخذ بقوله ويلزمه بالتزامه ولو سال مفتيين فأكثر فاختلفا عليه تخير فإن لم يجد إلا مفتيا واحدا لزمه قبوله وله العمل بخط المفتي وإن لم يسمع الفتوى من لفظه إذا عرف أنه خطه.

فصل: - وإن تحاكم شخصان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما فحكم نفذ حكمه
فصل: - وإن تحاكم شخصان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما فحكم نفذ حكمه:
في المال والقصاص والحد والنكاح واللعان وغيرها حتى مع وجود قاض فهو كحاكم الإمام ويلزم من كتب إليه بحكمه القبول وتنفيذه: كحاكم الإمام ولا يجوز نقض حكمه فيما لا ينقض حكم من له ولاية: ولكل واحد من الخصمين الرجوع عن تحكيمه قبل شروعه في الحكم لا بعده وقبل تمامه وقال الشيخ: وإن حكم

أحدهما خصمه أو حكما مفتيا في مسئلة اجتهادية جاز وقال: يكفي وصف القصة وقال: العشر صفات التي ذكرها في المحرر في القاضي لا تشترط فيمن يحكمه الخصمان وقال في عمد الأدلة بعد ذكر التحكيم وكذا يجوز أن يتولى مقدمو الأسواق والمساجد والواسطات والصلح عند الفورة والمخاصمة وصلاة الجنازة وتفويض الأموال إلى الأوصياء وتفرقة زكاته بنفسه وإقامة الحدود على رقيقه وخروج طائفة إلى الجهاد والقيام بأمر المساجد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعزير لعبيد وإماء وأشباه ذلك.

باب آداب القاضي
مدخل

باب آداب القاضي
وهو أخلاقه التي ينبغي التخلق بها والخلق: صورته الباطنة
ينبغي أن يكون قويا من غير عنف لينا من غير ضعف حليما متأنيا ذا فطنة وتيقظ بصيرا بأحكام الحكام قبله يخاف الله تعالى ويراقبه لا يؤتى من غفلة ولا يخدع لغرة صحيح البصر والسمع عالما بلغات أهل ولايته عفيفا ورعا نزها بعيدا عن الطمع صدوق اللهجة لا يهزل ولا يمجن ذا رأي ومشورة لكلامه لين إذا قرب وهيبة إذا أوعد وفاء إذا وعد ولا يكون جبارا ولا عسوفا وله أن ينتهر الخصم إذا التوى ويصيح عليه وإن استحق التعزير عزره بما يرى من أدب أو حبس وإن افتات عليه بأن يقول: حكمت علي بغير الحق أو ارتشيت - فله تأديبه وله أن يعفو وإن بدأ المنكر باليمين قطعها عليه وقال: البينة على خصمك فإن عاد نهره فإن عاد

عزره إن رأى، وأمثال ذلك مما فيه إساءة الأدب وإذا ولي في غير بلده فأراد المسير إليه استحب له أن يبحث عن قوم من أهل ذلك البلد إن وجد ليسألهم عنه وعن علمائه وعدوله وفضلائه ويتعرف منهم ما يحتاج إلى معرفته فإن لم يجد ولا في طريقه سأل إذا دخل وإذا قرب منه بعث من يعلم بقدومه ليتلقوه من غير أن يأمرهم بتلقيه ويدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس أو السبت ضحوة لابسا أجمل ثيابه وفي التبصرة: وكذا أصحابه وإن جميعها سود وإلا فالعمامة وظاهر كلامهم غير السواد أولى ولا يتطير بشيء وإن تفاءل فحسن فيأتي الجامع يصلي فيه ركعتين ويجلس مستقبل القبلة فإذا اجمع الناس أمر بعهده فقرئ عليهم وليقل من كلامه إلا لحاجة يأمر من ينادي بيوم جلوسه للحكم ثم ينصرف إلى منزله الذي أعد له وأول ما يبدأ به أن يبعث إلى الحاكم المعزول فيأخذ منه ديوان الحكم ويلزمه تسليمه إليه وهو ما فيه وثائق الناس من المحاضر - وهي نسخة ما ثبت عند الحاكم - والسجلات - وهي نسخ ما حكم به - وليأمر كاتبا ثقة يكتب ما يسجله بمحضره عدلين ثم يخرج يوم الوعد على أعدل أحواله غير غضبان ولا جائع ولا شبعان ولا حاقن ولا مهموم بأمر يشغله عن الفهم: كالعطش والفرح الشديدين والحزن الكثير والهم العظيم والوجع المؤلم والنعاس الذي يغمر القلب ويسلم عل من يمر عليه ولو صبيانا ثم عل من في مجلسه ويصلي تحية المسجد إن كان في مسجد وإلا خير والأفضل الصلاة ويجلس على بساط أو لبد، أو

غيره يفرش له في مجلس حكمه بسكينة ووقار ولا يجلس على التراب ولا على حصر المسجد لأن ذلك يذهب بهيبته من أعين الخصوم ويستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه سرا أن يعصمه من الزلل ويوفقه للصواب ولما يرضيه ويجعل مجلسه في مكان فسيح كجامع ويصونه عما يكره فيه أو فضاء واسع أو دار واسعة في وسط البلدان أمكن ولا يكره القضاء في الجوامع والمساجد ولا يتخذ في مجلس الحكم حاجبا ولا بوابا ندبا بلا عذر وفي الأحكام السلطانية: ليس له تأخير الخصومة إذ تنازعوا إليه - بلا عذر ولا له أن يحتجب إلا في أوقات الاستراحة ويعرض القصص فيبدأ بالأول فالأول ويكون له من يرتب الناس إذ كثروا فيكتب الأول فالأول ويجب تقديم السابق على غيره فإذا حكم بينه وبين خصمه فقال: لي دعوى أخرى لم تسمع منه ويقول له: اجلس إذا لم يبق أحد من الحاضرين نظرت في دعواك الأخرى إن أمكن فإذا فرغ الكل فقال الأخير بعد فصل حكومته: لي دعوى أخرى - لم تسمع منه حتى يسمع دعوى الأول الثانية ثم تسمع دعواه وإن ادعى المدعي عليه على المدعى عليه حكم بينهما لأننا إنما نعتبر الأول فالأول في المدعي: لا في المدعى عليه وإذا تقدم الثاني فادعى على المدعي الأول والمدعى عليه الأول حكم بينهما وإن حضر اثنان أو جماعة دفعة واحدة أقرع بينهم فقدم من خرجت له القرعة وإن كثر عددهم كتب أسماءهم في رقاع وتركها بين يديه ومد يده فأخذ رقعة واحدة بعد أخرى ويقدم صاحبها حسبما يتفق

فصل: - ويلزمه العدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه: إلا أن يكون أحدهما كافرا فيقدم المسلم عليه في الدخول ويرفعه في الجلوس أو يأذن له أحد الخصمين في رفع الخصم الآخر عليه في المجلس فيجوز وإذا سلم عليه أحدهما رد عليه ولا ينتظر سلام الثاني وله القيام السائغ وتركه لا مسارة أحدهما وتلقينه حجته وتضييفه إلا أن يضيف خصمه معه وتعليمه كيف يدعي إذا لم يلزم ذكره فإن لزم كشرط عقد أو سبب ونحوه ولم يذكره المدعي فله أن يسأل ليتحرى عنه وله أن يشفع إلى خصمه لينظره أو يضع عنه وله أن يزن عنه ويكون بعد انقضاء الحكم وينبغي أن يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إن أمكن: يشاورهم فيما أشكل عليه فإن حكم باجتهاده فليس لأحد منهم الاعتراض عليه وإن خالف اجتهاده إلا أن يحكم بما يخالف نصا أو إجماعا ويشاور الموافقين والمخالفين ويسألهم عن حججهم لاستخراج الأدلة وتعرف الحق بالاجتهاد قال أحمد رضي الله عنه: ما أحسنه لو فعله الحكام يشاورون وينظرون فإن اتضح له الحكم وإلا أخره فلو حكم ولم يجتهد فأصاب الحق لم يصح ويحرم عليه تقليد غيره وإن كان أعلم منه ويحرم القضاء وهو غضبان كثيرا أو حاقن أو حاقب أو في شدة جوع أو عطش أو هم أو غم أو وجع أو نعاس أو برد مؤلم أو حر مزعج أو توقان جماع أو شدة مرض أو خوف أو فرح غالب أو ملل أو كسل ونحوه فإن حالف وحكم فوافق الحق نفذ، ويحرم قبول

رشوة - وهي ما يعطى بعد طلبه - ويحرم بذلها من الراشي ليحكم بباطل أو يدفع عنه حقا وإن رشاه ليدفع ظلمه ويجريه على واجبه فلا باس به في حقه ويحرم قبوله هدية بخلاف مفت وتقدم في الباب قبله وهي الدفع إليه ابتداء وظاهره ولو كان في غير عمله إلا ممن كان يهدي إليه قبل ولايته إن لم يكن له حكومة أو من ذوي رحم محرم منه لأنه لا يصح أن يحكم له وردها أولى واستعارته من غيره كالهدية لأن المنافع كالأعيان ومثله لو ختن ولده ونحوه فأهدى له ولو قلنا أنها للولد لأن ذلك وسيلة إلى الرشوة فإن تصدق عليه فالأولى أنه كالهدية وإن قبل حيث حرم القبول وجب ردها إلى صاحبها: كمقبوض بعقد فاسد وقال الشيخ فيمن تاب إن علم صاحبه دفعه إليه وإلا دفعه في مصالح المسلمين انتهى وتقدم لو بقيت في يده غصوب لا يعرف أربابها فإن أهدى لمن يشفع له عند السلطان ونحوه لم يجز أخذها ونص أحمد فيمن عنده وديعة فأداها فأهديت إليه هدية - أنه لا يقبلها إلا بنية المكافأة وحكم الهدية عند سائر الأمانات حكم الوديعة ويكره له: لا لمفت ولو في مجلس فتواه - أن يتولى البيع والشراء بنفسه ويستحب أن يوكل في ذلك من لا يعرف أنه وكيله وله عيادة المرضى وشهادة الجنائز وزيارة الأهل والصالحين والأخوان وتوديع الغازي والحاج: ما لم يشغله عن الحكم فإن شغله عنه فليس له ذلك وله حضور بعض دون بعض وله حضور الولائم فإن كثرت الولائم تركها واعتذر إليهم ولا يجيب بعضا دون بعض إلا أن يختص بعضها

بعذر يمنعه مثل: أن يكون في إحداها منكر أو يشتغل بها زمنا طويلا والأخرى بخلافها فله الإجابة إليها لظهور عذره ويوصي الوكلاء والأعوان على بابه بالرفق بالخصوم وقلة الطمع ويجتهد أن يكونوا شيوخا أو كهولا من أهل الدين والفقه والصيانة ويتخذ حبسا لأنه قد يحتاج إليه لتأديب واستيفاء حق واحتفاظ بمن عليه قصاص ونحوه ويتخذ أصحاب مسائل يتعرف بهم أحوال من جهل عدالته من الشهود ويجب أن يكونوا عدولا برآء من الشحناء بعداء من العصبية في نسب أو مذهب ولا يسألوا عدولا ولا صديقا ويأتي بعضه في الباب بعده ويستحب له اتخاذ كاتب ويجب أن يكون مسلما مكلفا عدلا ينبغي أن يكون وافر العقل ورعا نزها متيقظا لينا فقيها حافظا جيد الخط لا يشتبه فيه سبعة بتسعة ونحو ذلك صحيح الضبط حرا يجلسه بحيث يشاهد مكتبه ويستحب أن يكون بين يديه للمشافهة بما يملي عليه وإن أمكن القاضي تولي الكتابة بنفسه جاز والأولى الاستنابة ويجعل القمطر مختوما بين يديه لينزل منه ما يجتمع من المحاضر والسجلات ويستحب أن لا يحكم إلا بحضرة الشهود بحيث يسمعون المتحاكمين وليس له أن يرتب شهودا لا يقبل غيرهم لكن له أن يرتب شهودا ليشهدهم الناس فيستغنون بإشهادهم عن تعديلهم ويستغني الحاكم عن الكشف عن أحوالهم ولا يجوز له منع الفقهاء من عقد العقود وكتابة الحجج وما يتعلق بأمور الشرع مما أباحه الله ورسوله إذا كان الكاتب فقيها عالما بأمور الشرع وشروطه، مثل

أن يزوج المرأة وليها بحضور شاهدين ويكتب كاتب عقدها أو يكتب رجل عقد بيع أو إجارة أو إقرار أو غير ذلك أو كان الكاتب مرتزقا بذلك وإذا منع القاضي ذلك ليصير إليه منافع هذه الأمور كان هذا من المكس نظير من يستأجر حانوتا من القرية على أن لا يبيع غيره وإن كان منع الجاهلين لئلا يعقد عقدا فاسدا فالطريق أن يفعل كما فعل الخلفاء الراشدون بتعزير من يعقد نكاحا فاسدا كما فعل عثمان رضي الله عنه فيمن تموج بغير ولي وفيمن تزوج في العدة ولا يجوز ولا يصح أن يحكم لنفسه ولمن لا تقبل شهادته له له الحكم عليه ويحكم بينهم بعض خلفائه ويجوز أن يستخلف والده وولده كحكمه لغيره بشهادتهما ليس له أن يحكم على عدوه وله أن يفتي عليه.

فصل: - ويستحب أن يبدأ بالمحبوسين
فصل: - ويستحب أن يبدأ بالمحبوسينفينفذ ثقة يكتتب اسم كل محبوس ومن حبسه وفيم حبسه في رقعة منفردة ويأمر مناديا ينادي في البلدان: القاضي ينظر في أمر المحبوسين يوم كذا فمن له خصم منهم فليحضر فإذا حضروا في ذلك اليوم تناول منها رقعة وقال من خصم فلان المحبوسين فإن حضر له خصم بعث ثقة البس فخرج خصمه وحضر معه مجلس الحكم ويفعل ذلك في قدر ما يعلم أنه يتسع زمانه للنظر فيه في ذلك المجلس فلا يخرج غيرهم فإذا حضر المحبوس وخصمه لم يسأل خصمه: فيم حبسه؟ بل يسأل المحبوس: بم حبست؟ ثم ينظر بينهما فإن كان حبس لتعديل البينة - فأعادته مبنية على حبسه على ذلك ويأتي في الباب بعده ويقبل قول خصمه في أنه حبسه

بعد تكميل بينته وتعديلها وإن حبس بقيمة كلب أو خمر ذمي وصدقه غريمه - خلي وإن أكذبه وقال: بل حبست بحق واجب غير هذا فقوله لأن الظاهر حبسه بحق وإن حبس في تهمة أو الفتيات على القاضي قبله و تعزير خلي سبيله أو أبقاه بقدر ما يرى وإن لم يحضر له خصم فقال: حبست ظلما ولا حق علي ولا خصم لي نادى: فإن حضر له خصم وإلا أحلفه وخلي سبيله ومع غيبة خصمه يبعث إليه ومع جهله أو تأخره بلا عذر يخلي والأولى بكفيل وينظر في مال الغائب وإطلاقه المحبوس من الحبس وغيره وإذنه ولو في قضاء دين ونفقة ووضع ميزا وبناء وغيره - الضمان وأمره بإراقة نبيذ وقرعته - حكم برفع الخلاف إن كن وفتياه ليست حكما منه فلو حكم غيره بغير ما أفتى به لم يكن نقضا لحكمه ولا هي كالحكم ولهذا يجوز أن يفتي الحاضر والغائب ومن يجوز حكمه له ومن لا يجوز وتقدم بعضه في الباب قبله وإقراره على فعل مختلف فيه ليس حكما به وفعله حكم كتزويج يتيمة وشراء عين غائبة وعقد نكاح بلا ولي - صح وتقدم آخر الصداق أن ثبوت سبب المطالبة كتقرير أجرة مثل ونفقة ونحوه - حكم وتأتي تتمته قريبا قال الشيخ: القضاء نوعان: إخبار هو إظهار وإبداء وأمر: وهو إنشاء فالخبر يدخل فيه خبره عن حكمه وعن آلة ال وشهود وعن الإقرار والشهادة والآخر هو حقيقة الحكم: أمر ونهي وإباحة ويحصل بقوله: أعطه ولا تكلمه والزمه وبقوله: حكمت وألزمت وحكمه بشيء حكم يلازمه،

ذكره الأصحاب في أحكام المفقود وثبوت شيء عنده ليس حكما به وتنفيذ الحكم يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ وفي كلام الأصحاب ما يدل على أنه حكم وفي كلام بعضهم أنه عمل بالحكم وأجازه له وإمضاء لتنفيذ الوصية والحكم بالصحة يستلزم ثبوت الملك والحيازة قطعا والحكم بالموجب حم بموجب الدعوى الثانية ببينة أو غيرها: فالدعوى المشتملة على ما يقتضي صحة العقد المدعى به الحك فيها بالموجب حكم بالصحة وغير المشتملة على ذلك الحكم بالموجب ليس حكما بها قاله ابن نصر الله وقال السبكي وتبعه ابن قندس: الحكم بالموجب يستدعى صحة الصيغة وأهلية التصرف ويزيد الحكم بالصحة كون تصرفه في محله وقال السبكي أيضا: الحكم بالموجب هو الأثر الذي يوجبه اللفظ وبالصحة كون اللفظ بحيث يترتب عليه الأثر وهما مختلفان فلا يحكم بالصحة إلا باجتماع الشروط وقيل لا فرق بينهما في الإقرار ونحوه فالحكم بموجبه في الأصح والحكم بالموجب لا يشمل الفساد انتهى والعمل على ذلك وقالوا: الحكم بالموجب يرفع الخلاف.

فصل: - ثم ينظر وجوبا في أمر يتامى ومجانين ووقوف ووصايا لمن لا ولي لهم ولا ناظر
فصل: - ثم ينظر وجوبا في أمر يتامى ومجانين ووقوف ووصايا لمن لا ولي لهم ولا ناظرولو نفذ الأول وصية موصى إليه أمضاها الثاني فدل أن إثبات صفة كعدالة وجرح وأهلية موصى إليه وغيرها حكم يقبله حاكم آخر: لكن يراعيه فإن تغير حاله بفسق أو ضعف أضاف إليه أمينا وإن كان الأول ما نفذ وصيه نظر فيه: فإن كان قويا أقره، وإن

كان أمينا ضعيفا ضم إليه من يعينه وإن كان فاسقا عزله وأقام غيره وينظر ففي أمناء الحاكم - وهم من رد إليه الحاكم النظر في أمر الأطفال وتفرقه للوصايا التي لم يعين لها وصي - فإن كانوا بحالهم أقرهم ومن تغير حاله عزله إن فسق وإن ضعف ضم إليه أمينا ثم ينظر في أمر الضوال واللقط التي يتولى الحاكم حفظها فإن كانت مما يخاف تلفه كالحيوان أو في حفظها مؤنة - باعها وحفظ ثمنها لأربابها وإن كانت أثمانا حفظها لأربابها ويكتب عليها لتعرف ثم ينظر ففي حال القاضي قبله إن شاء ولا يجب: فإن كان مما يصلح لقضاء لم يجزي أن ينقض من أحكامه إلا ما يخالف نص كتاب أو سنة متواترة أو آحاد: كقتل مسلم بكافر ولو ملتزما فيلزم نقضه نصا وجعل من وجد عين ماله عند من حجر عليه أسوة الغرماء فينقض نصا ولو زوجت نفسها لم ينقض أو خالف إجماعا قطعيا لا ظنيا وينقض حكمه بما لم يعتقده وفاقا للأئمة الأربعة وحكاه القرافي إجماعا ويأثم ويعصى بذلك ولو حكم بشاهد ويمين لم ينقض وحكاه القرافي أيضا إجماعا ولا ينقض حكمه بعدم علمه الخلافة في المسئلة خلافا لمالك ولا لمخالفة القياس ولو جليا وحيث قلنا ينقض فالناقض له حاكمه إن كان فيثبت السبب وينقضه ولا يعتبر لنقضه طلب رب الحق وينقضه إذا بانت البينة عبيدا أو نحوهم: إن لم ير الحكم بها وفي المحرر له نقضه قال: وكذا كل مختلف فيه صادف ما حكم فيه ولم يعلم به قال السامري: لو حكم بجهل نقض حكمه وإن كان ممن لا يصلح لفسق أو غيره نقض أحكامه كلها،

واختار الموفق والشيخ وجمع: لا ينقض الصواب منها وعليه عمل الناس من مدة.

فصل: - إذا تخاصم اثنان فدعا أحدهما صاحبه إلى مجلس الحكم لزمته إجابته
فصل: - إذا تخاصم اثنان فدعا أحدهما صاحبه إلى مجلس الحكم لزمته إجابتهفإن استدعى الحاكم أحد على خصمه في البلد بما تتبعه الهمة لزمه إحضاره ولو لم يحرر الدعوى: علم أن بينهما معاملة أو لم يعلم وسواء كان المستعدى ممن يعامل المستعدي عليه أولا يعامله كالفقير يدعى على ذي ثروة وهيبة فيبعث معه عونا يحضره وإن شاء بعث معه قطعة من شمع أو طين مختوما بخاتمه أو في كاغد ونحوه فإذا بلغه لزمه لحضور وإن شاء وكل فإن امتنع أو كسر الختم أعلم الوالي به فأحضره فإذا حضر وثبت امتناعه عزره إن رأى ذلك بحسب ما يراه: من كلام وكشف رأس وضرب وحبس فإن اختفى بعث الحاكم من ينادي على بابه ثلاثا بأنه إن لم يحضر سمر بابه وختم عليه فإن لم يحضر وسأل المدعي أن يسمر عليه منزله ويختمه أجابه إليه فإن أصر حكم عليه كغائب ولا يعدي حاكم في مثل ما لا تتبعه الهمة وفي عيون المسائل لا ينبغي للحاكم أن يسمع شكية أحد إلا ومعه خصمه وإن استدعاه على القاضي قبل أو على من ففي معناه: كالخليفة والعالم الكبير والشيخ المتبوع وكل من خيف تبذيله ونقص حرمته بإحضاره لم يعده حتى يحرر دعواه: بأن يعرف ما يدعيه ويسأله عنه صيانة للقاضي عن الامتهان فإن ذكر أنه يدعى حقا من دين أو غصب أو رشوة أخذها منه على الحكم - راسله: فإن اعترف بذلك أمره

بالخروج من العهدة وإن أنكر أحضره وإن ادعى عليه الجور في الحكم وكان للمدعي بينة أحضره وحكم بالبينة وإن لم تكن بينة أو قال حكم على بشهادة فاسقين فأنكر فقوله بغير يمين وإن قال حاكم معزول عدل ولا يتهم: كنت حكمت في ولايتي لفلان على فلان بحق وهو ممن يسوغ الحكم له - قبل قوله وأمضى ذلك الحق ولو لم يذكر مستنده ولو أن العادة تسجيل أحكامه وضبطها بشهود ما لم يشتمل على إبطال حكم حاكم فلو حكم حنفي برجوع واقف على نفسه فأخبر حنبلي أنه كان حكم قبل حكم الحنفي بصحة الوقف لم يقبل وإن أخبر حاكم حاكما آخر بحكم أو ثبوت في عملهما أو في غيره أو في عمل أحدهما - قبل وعمل به إذا بلغ عمله: لا مع حضور المحضر وهما بعملهما وكذا إخبار أمير جهاد وأمين صدقة وناظر وقف وإن قال في ولايته: كنت حكمت لفلان بكذا - قبل قوله سواء قال: قضيت عليه بشاهدين عدلين أو قال: سمعت بينته وعرفت عدالتهم أو قال قضيت عليه بنكوله أو أقر عندي لفلان بحق فحكمت به وإن ادعى علي امرأة برزة: وهي التي تتبرز لحوائجها - أحضرها ولا يعتبر لإحضارها في سفرها هذا محرم: كسفر الهجرة وإن كانت مخدرة أمرت بالتوكيل: فإن توجهت اليمين عليها بعث الحاكم أمينا معه شاهدان يستحلفها بحضرتهما وإن أقرت شهدا عليها قال في الترغيب: إن خرجت للعزايا والزيارات ولم تكثر فهي مخدرة ومريض ونحوه - كمخدرة وإن استدعى عنده على غائب في غير عمله لم يعد عليه وإن كان في عمله وكان له في بلده

خليفة: فإن كانت له بينة حاضرة وثبت الحق عنده كتب به إلى خليفته ولم يحضره وإن لم يكن له فيه خليفة وكان فيه من يصلح للقضاء أذن له في الحكم بينهما وإن لم يكن فيه ممن يصلح كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا به بينهما فإن لم يقبلا الوساطة قيل له حرر دعواك فإذا تحررت أحضر خصمه ولو بعدت المسافة ولو ادعى قبله شهادة لم تسمع دعواه ولم يعد عليه ولم يحلف.

باب طريق الحكم وصفته
مدخل

باب طريق الحكم وصفته
طريق كل شيء ما توصل إليه والحكم: الفصل لا تصح دعوى وإنكار إلا من جائز التصرف وسيأتي وتسمع في كل قليل أو كثير وصح على سفيه فما يؤاخذ به حال سفهه وبعد فك حجره و يحلف إذا أنكر ولا تصح دعوى ولا تسمع ولا يستحلف في حق الله تعالى: كعبادة وحد ونذر وكفارة ونحوه فلو ادعى عليه أن عليه كفارة يمين أو غيره أو صدقة - فالقول قوله من غير يمين ويأتي في اليمين في الدعاوى وتسمع بوكالة ووصية من غير حضور خصم ولا تصح الدعوى المقلوبة وتقبل بينة عتق ولو أنكره عبد وتصح الشهادة به وبحق الله تعالى كالعبادات والحدود والصدقة والكفارة غير تقدم دعوى فشهادة الشهود به دعوى وكذا بحق آدمي غير معين كوقف على فقراء أو علماء أو مسجد أو وصية له أو رباط وإن لم يطلبه مستحقه وكذا عقوبة كذاب مفتر على الناس والمتكلم فيهم قاله الشيخ وتسمع دعوى حسبة في حق الله تعالى: كحد وعدة وردة

وعتق واستيلاد وطلاق وظهار ونحو ذلك قاله في الرعاية وغيرها وتقبل شهادة المدعي فيه ولا تقبل يمين في حق آدمي معين إلا بعد الدعوى وشهادة الشاهد إن كان ولا تسمع معه الشهادة فيه قبل الدعوى واختار الشيخ سماع الدعوى والشهادة لحفظ وقف وغيره بالثبات بلا خصم وأجازهما الحنفية وبعض أصحابنا والشافعية في العقود والأقارير وغيرها بخصم مسخر وقال الشيخ: وأما على أصلنا وأصل مالك: فإما أن تمنع الدعوى على غير خصم منازع فتثبت الحقوق بالشهادة على الشهادة وقاله بعض أصحابنا وإما أن تسمع الدعوى والبينة ويحكم بلا خصم وذكره بعض المالكية والشافعية وهو مقتضى كلام أحمد وأصحابه في مواضع لأنا نسمعها على غائب وممتنع ونحوه فمع عدم خصم أولى فإن المشتري مثلا قبض المبيع وسلم الثمن فلا يدعى ولا يدعي عليه والمقصود سماع القاضي البينة وحكمه بموجبها من غير وجود مدعى عليه ومن غير مدع على أحد لكن خوفا من حدوث خصم مستقبل وحاجة الناس خصوصا فيما فيه شبهة أو خلاف لرفعه انتهى وعمل الناس عليه وهو قوي.

فصل: - إذا جاء إلى الحاكم خصمان سن أن يجلسهما بين يديه
فصل: - إذا جاء إلى الحاكم خصمان سن أن يجلسهما بين يديهثم إن شاء قال: من المدعي منكما؟ وإن شاء سكت حتى يبتدئا ولا يقول هو ولا صاحبه لأحدهما: تكلم فإن بدأ أحدهما فتكلم فقال خصمه: أنا المدعي لم يلتفت إليه ويقال له: أجب عن دعواه ثم ادع بما شئت فإن ادعيا معا قدم أحدهما بقرعة فإذا انقضت حكومته

سمع دعوى الآخر فإذا حرر قال للخصم: ما تقول فيما ادعاه فإن أقر له ولو بقوله نعم - لم يحكم له حتى يطالب المدعي بالحكم والحكم أن يقول: قد ألزمتك ذلك أو قضيت عليك له أو يقول: اخرج إليه منه وتقدم نظيره في الباب قبله وإن أنكر مثل أن يقول المدعي أقرضته ألفا أو بعته فيقول: ما أقرضني ولا باعني أو ما يستحق على ما ادعاه ولا شيئا منه ولا حق على - صح الجواب: ما لم يعترف بسبب الحق كما إذا ادعت على من يعترف بأنها زوجته المهر فقال: لا تستحق علي شيئا - لم يصح الجواب ويلزمه المهر إن لم يقم ببينة بإسقاطه: كجوابه في دعوى قرض اعترف به لا يستحق علي شيئا ولهذا لو أقرت في مرض موتها لا مهر لها عليه لم يقبل إلا ببينة أنها أخذته أو أسقطته في الصحة ولو قال لمدع دينارا: لا يستحق على حبة - فليس بجواب - عن ابن عقيل - لأنه لا يكتفي في دفع الدعوى إلا بنص ولا يكتفي بالظاهر ولهذا لو حلف والله إني لصادق فيما ادعيته عليه أو حلف المنكر إنه لكاذب فيما ادعاه علي - يقبل وعند الشيخ يعم الجهات وما لم يندرج في لفظ حبة من باب الفحوى إلا أن يقال: يعم حقيقة عرفية والصواب ما قاله الشيخ ولو قال: لي عليك مائة فقال ليس لك علي مائة اعتبر قوله ولا شيء منها كاليمين فإن نكل ما دون المائة حكم عليه بمائة إلا جزاء وللمدعي أن يقول: لي بينة وللحاكم أن يقول ألك بينة؟ فإن قال: لي بينة - قيل إن شئت فأحضرها فإذا أحضرها لم يسألها الحاكم عما عندها حتى يسأله المدعي ذلك فإذا سأله المدعي سؤالها قال: من كانت عنده شهادة فليذكرها إن شاء أو يقول: بم

تشهدان؟ ولا يقول لهما: أشهدا وليس له أن يلقنهما: كتعنيفهما وانتهارهما فإذا شهدت البينة شهادة صحيحة واتضح الحكم لم يجز له ترديدها ولزمه في الحال أن يحكم إذا سأله المدعي إن كان الحق لآدمي معين وتقدم إن كان لغير معين أو لله تعالى وإذا حكم وقع الحكم لازما لا يجوز الرجوع فيه ولا نقضه إلا بشرطه المتقدم في باب آداب القاضي ويأتي بعضه آخر الباب ولا يجوز ولا يصح بغير ما يعلمه بل يتوقف ولا خلاف أنه يجوز له الحكم بالإقرار والبينة في مجلسه إذا سمعه معه شاهدان فإن لم يسمعه معه أحد أو سمعه شاهد واحد فله أيضا والأولى إذا سمعه شاهدان فأما حكمه بعلمه في غير ذلك مما رآه أو سمعه قبل الولاية أو بعدها - فلا يجوز إلا في الجرح والتعديل ويحرم الاعتراض عليه لتركه تسمية الشهود وقال الشيخ له طلب تسمية البينة ليتمكن من القدح بالإتقان قال في الفروع: ويتوجه مثله لو قال: حكمت بكذا ولم يذكر مستنده قال في الرعاية: لو شهد أحد الشاهدين ببعض الدعوى قال شهد عندي بما وضع به خطه فيه أو عادة حكام بلده وإن كان الشاهد عدلا كتب تحت خطه شهد عندي بذلك وإن قبله كتب: شهد بذلك عندي وإن قبله غيره أو أخبره بذلك كتب: وهو مقبول فإن لم يكن الشاهد مقبولا كتب شهد بذلك وقال للمدعي: زدني شهودا أو زك شاهدك - انتهى وليكن للقاضي علامة يعرف بها من بين الحكام نحو: الحمد لله وحده أو غير ذلك تكتب بقلم غليظ ولا يغيرها: إلا أن يكون نائبا فنيفي أصلا،

أو ينتقل من بلد إلى آخر - فلا يحصل لبس ويكتبها فوق السطر الأول تحت البسملة من حذا ء طرفها وتكون بعد أداء الشهادة وتكمل الحجة المكتتبة ويكتب تحت العلامة - جرى ذلك أو ثبت ذلك أو ليشهد بثبوته والحكم بموجبه ونحو ذلك بحسب ما يتقضي المقام وإن كتب المزكي خطه فالأولى أن يكون تحت خط الشاهد في المكتوب فيكتب أن فلان بن فلان الواضع خطه أعلاه عدل فيما يشهد به ويرقم القاضي في المكتوب عند شهادة الشاهد بالقلم الغليظ أيضا كما تقدم: إن شاء بخط واحد نحو: شهدا عندي أو شهد الثلاثة أو الأربعة أو أفرد كل واحد بخط وإن كان الشاهد جليل القدر كالأمير ونحوه كتب: أعلمني بذلك بلفظ الشهادة وإن كان المكتوب فيه أوصالا - شغل كل موضع وصل بكلمة بقلم العلامة نحو: ثقتي بالله أو حسبي الله ونحوه كالبياض.

فصل: - وإن قال المدعي: ما لي بينة
فصل: - وإن قال المدعي: ما لي بينةفقول المنكر بيمينه إلا النبي صلى الله عليه وسلم إذا ادعى عليه أو ادعى هو - فقوله بلا يمين فيعلم المدعي أن له اليمين على خصمه فإن سأل أحلافه أحلفه وليس له استحلافه قبل سؤال المدعي فإن أحلفه أو حلف المدعي قبل سؤال المدعي لم يعتد بيمينه فإن سأله المدعي أعادها ولا بد في اليمين من سؤال المدعي طوعا وأذن الحاكم فيها وله مع الكراهة تحليفه مع علمه بكذبه وقدرته على حقه نصا ويحرم تحليف البريء دون الظالم ودعواه ثانيا وتحليفه وتكون يمينه على صفة جوابه لخصمه، ولا

يصلها باستثناء ولا يما لا يفهم وتحرم التورية والتأويل: إلا لمظلوم وقال أيضا: لا يعجبني وتوقف فيها فيمن عامل بحلية: كعينة ولو أمسك عن إحلافه وأراده بعد ذلك بدعواه المتقدمة فله ذلك ولو أبرأه من يمينه برئ منها في هذه الدعوى فلو جددها وطلب اليمين فله ذلك ولا يجوز أن يحلف المعسر لا حق له على ولو نوى الساعة: خاف أن يحبس أولا ولا من عليه دين مؤجل إذا أراد غريمه منعه من السفر وإن لم يحلف - قال له الحاكم: إن حلفت وإلا قضيت عليك النكول ويستحب أن يقول ثلاثا وكذا يقول في كل موضع فلت يستحلف المدعى عليه: فإن لم يحلف قضى عليه إذا سأله المدعي ذلك وهو كإقامة بينة لا كإقرار ولا كبذل ولا ترد اليمين على المدعي وإذا قال المدعي: لي بينة بعد قوله ما لي بينة - لم تسمع وكذا قوله: كذب شهودي أو كل بينة أقمتها فهي زور وأولى ولا تبطل دعواه بذلك وإن قال: لا أعلم لي بينة: ثم قال: لي بنية - سمعت وإن قالت بينة: نحن نشهد لك فقال: هذه بينتي سمعت لكن لو شهدت له بغيره فهو مكذب لها وإن ادعى شيئا فأقر له بغيره لزمه إذا صدقه المقر له والدعوى بحالها ولو سأله ملازمته حتى يقيمها أجيب في المجلس فإن لم يحضرها في المجلس صرفه ولا يجوز حبسه ولا يلزم بإقامة كفيل ولو سأله المدعي ذلك وإن قال: ما أريد أن تشهدوا لي - لم يكلف إقامة البينة وإن قال: لي بينة وأريد يمينه: فإن كانت البينة غائبة عن المجلس قريبة أو بعيدة - فله إحلافه وإن كانت حاضرة فيه فليس له إلا أحدهما وإن حلف المنكر ثم أحضر

المدعي ببينته حكم بها لم تكن اليمين مزيلة للحق ولو سأل المدعي إحلافه ولا يقيم البينة فحلف كان له إقامتها وإن كان شاهد واحد في المال أو ما يقصد منه المال - عرفه الحاكم أن له أن يحلف مع شاهده ويستحق بلا رضا خصمه فإن قال: لا أحلف وأرضى يمينه - استحلف له فإذا حلف سقط عنه الحق فإن عاد المدعي بعدها وقال: أنا أحلف مع شاهدي لم يستحلف وإن عاد قبل أن يحلف المدعي عليه فبذل اليمين لم يكن له ذلك في هذا المجلس وإن سكت المدعى عليه فلم يقر ولم ينكر أو قال لا أقر ولا أنكر أو قال: لا أعلم قدر حقه - قال له القاضي: احلف وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك ولو أقام المدعي شاهدا واحدا فلم يحلف معه وطلب يمين المدعى عليه فأحلف له ثم أقام شاهدا آخر بعد ذلك كملت بينته وقضى بها وإن قال المدعى عليه: لي مخرج مما ادعاه لم يكن مجيبا وإن قال: لي حساب أريد أن أنظر فيه - لزمه إنظاره ثلاثا وإن قال: إن ادعيت ألفا برهن كذا لي عندك - أجبت أو إن ادعيت هذا ثمن كذا بعتنيه ولم تقبضنيه فنعم وإلا فلا حق لك علي - فجواب صحيح وإن قال بعد ثبوت الدعوى: قضيته أو ابرأني وله بينة بالقضاء أو الإبراء وسأل الإنظار - أنظر ثلاثا وللمدعي ملازمته فإن عجز حلف المدعي على نفي ما ادعاه واستحق فإن نكل قضى عليه بنكوله وصدق هذا كله إن لم يكن أنكر أو لا سبب الحق: فأما إن أنكره ثم ثبت فادعى قضاء أو إبراء سابقا لإنكاره لم يسمع وإن أتى ببينة نصا وإن شهدت البينة للمدعي فقال المدعي عليه: حلفوه أنه يستحق

ما شهدت به البينة لم يحلف وإن ادعى أنه أقاله بائع فله تحليفه.

فصل: - وإن ادعى عليه عينا في يده فأقر بها لحاضر مكلف سئل المقر له عن ذلك
فصل: - وإن ادعى عليه عينا في يده فأقر بها لحاضر مكلف سئل المقر له عن ذلك:
فإن صدقه صار الخصم فيها وصار صاحب اليد لأن من هي في يده اعترف أن يده نائبة عن يده فإن كانت للمدعي بينة حكم له بها وللمقر له قيمتها على المقر وإلا فقول المدعى عليه: وهو المقر له بها مع يمينه فإن طلب المدعي إحلاف الذي كانت العين في يده أنه لا يعلم أنها لي حلف له فإن نكل لزمه بدلها وإن قال المقر له: ليست لي وهي للمدعي - حكم له بها وإن قال: ليست لي ولا أعلم لمن هي أو قاله المقر له: فإن كانت للمدعي ببينة حكم له بها وإن لم تكن له ببينة وجهل لمن هي؟ سلمت إليه أيضا بلا يمين فإن كانا اثنين اقترعا بها وإن قال المقر له: هي لثالث - انتقلت الخصومة عنه إليه وإن أقر بها لغائب أو غير مكلف معينين - سقطت الدعوى وصارت على المقر له ثم إن كان للمدعي بينة سلمت إليه ولا يحلف وكان الغائب على خصومته وإن كان مع المقر بينة تشهد بها للغائب ويكلف غيره لتكون الخصومة معه وله تحليف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمها إليه فإن حلف أقرت بيده وإن نكل غرم بدلها فإن كان المدعي للعين اثنين فبدلان وإن عاد فأقر بها للمدعي لم تسلم إليه وعليه له بدلها وإن ادعاها لنفسه لم تسمع دعواه لأنه أقر بأنه لا يملكها، وإن

ادعى من هي في يده أنها معه إجارة أو إعارة وأقام بينة بالملك للغائب لم يقض بها وإن أقر بها لمجهول قيل له: عرفه وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك وإن عاد فادعاها لنفسه لم تسمع.

فصل: - ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم به المدعي وإلا فيما نصححه مجهولا
فصل: - ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم به المدعي وإلا فيما نصححه مجهولا:
كوصية وإقرار وخلع وعبد من عبيده في مهر - ويعتبر التصريح بالدعوى فلا يكفي قوله: لي عند فلان كذا حتى يقول: وأنا الآن مطالب به وظاهر كلام جماعة يكفي الظاهر وأن تكون متعلقة بالحال: لا بالدين المؤجل إلا في دعوى تدبير - وأن تنفك عما يكذبها: فلو ادعى أنه قتل أباه منفردا ثم ادعى على آخر المشاركة فيه - لم تسمع الثانية ولو أقر الثاني إلا أن يقول: غلطت أو كذبت في الأولى فتقبل ومن أقر لزيد بشيء ثم ادعاه وذكر تلقينه منه - سمع وإلا فلا وإن ادعى أنه له الآن لم تسمع بينة أنه كان له أمس أو في يده ولو قال: كان بيدك أو لك أمس وهو ملكي الآن - لزمه بيان سبب زوال يده وإن ادعى دارا بين حدودها وموضعها: إن لم تكن مشهورة فيدعي أن هذه الدار بحقوقها وحدودها لي وأنها في يده ظلما وأنا أطالبه الآن بردها وإن ادعى أن هذه الدار لي وأنه يمنعني منها صحت الدعوى وإن لم يقل: إنها في يده وتكفي شهرة المدعي به عند الخصمين والحاكم عن تحديده ولو أحضر ورقة فيها دعوى محرر فقال: أدعي بما فيها مع حضور خصمه لم تسمع قال الشيخ: لا يعتبر في أداء الشهادة قوله: وإن الدين باق في ذمة الغريم إلى

الآن، بل يحكم الحاكم باستصحابه الحال إذا ثبت عنده سبق الحق إجماعا وتسمع دعوى استيلاد وكتابة وتدبير وإن كان المدعي عنيا حاضرة في المجلس - عينها بالإشارة وإن كانت حاضرة: لكن لم تحضر مجلس الحكم - اعتبر إحضارها لتعين ويجب إحضارها على المدعى عليه إن أقر أن بيده مثلها ولو ثبت أنها بيده ببينة أو نكول حبس أبدا حتى يحضرها أو يدعي تلفها فيصدق للضرورة وتكفي القيمة وإن ادعى على أبيه دين لم تسمع دعواه حتى يثبت أن أباه مات وترك في يده مالا فيه وفاء لدينه فإن قال: ترك ما فيه وفاء لبعض دينه - احتاج إلى أن يذكر ذلك البعض والقول قول المدعى عليه في نفي تركة الأب مع يمينه وكذا إن أنكر موت أبيه ويكفيه أن يحلف على نفي العلم ويكفيه أن يحلف أنه ما وصل إليه من تكرته شيء ولا يلزمه أن يحلف أن أباه لم يخلف شيئا لأنه قد يخلف تركة لا تصل إليه فلا يلزمه الإيفاء منه ولا يلزمه أكثر مما وصل إليه وإن كان المدعي عينا غائبة أو تالفة من ذوات الأمثال أو في الذمة - ذكر من صفتها ما يكفي في المسلم والأولى مع ذلك ذكر قيمتها وإن لم تنضبط بالصفات: كجوهرة ونحوها تعين ذكر قيمتها لكن يكفي ذكر قدر نقد البلد وإن ادعى نكاحا فلا بد من ذكر المرأة بعينها إن كانت حاضرة وإلا ذكر اسمها ونسبها واشترط ذكر شروطه فيقول: تزوجتها بولي مرشد وشاهدي عدل ورضاها: إن كانت ممن يعتبر رضاها ولا يحتاج أن يقول: وليست مرتدة ولا معتدة وإن كانت أمة وهو حر - ذكر عدم الطول وخوف العنت وإن ادعى

استدامة الزوجية ولم يدع العقد لم يحتج إلى ذكر شروطه وإن ادعى زوجية امرأة فأقرت صح إقرارها في الحضر والسفر والغربة والوطن إن كان المدعي واحدا وإن كانا اثنين لم يسمع وإن ادعى عقدا سوى النكاح اعتبر ذكر شروطه أيضا وإن كان المدعي به عينا أو دينا لم يحتج إلى ذكر السبب وكذا إن قال: اشتريت هذه الجارية أو بعتها منه بألف لم يحتج أن يقول: وهي ملكه أو هي ملكي ونحن جائزا الأمر أو تفرقنا عن تراض وما لزم ذكره في الدعوى فلم يذكره المدعي - يسأله الحاكم عنه وإن ادعت امرأة على رجل نكاحا لطلب نفقة أو مهر أو نحوه سمعت دعواها: فإن أنكر فقوله بغير يمين وإن أقامت بينة أنها امرأته ثبت لها ما تضمنه النكاح من حقوقها فإن أعلم أنه امرأته حلت له ولا يكون جحوده طلاقا ولو نواه لأن الجحود هنا لعقد النكاح: لا لكونها امرأته وإن كان يعلم أنها ليست امرأته لعدم عقد أو لبينونتها منه لم تحل له ولا يمكن منها ظاهرا ولو حكم به حاكم وحيث ساغ لها دعوى النكاح فكزوج في ذكر شروطه وإن ادعت النكاح فقط لم تسمع وإن ادعى قتل موروثه ذكر القاتل وأنه انفرد به أو شارك غيره وإن قتله عمدا أو خطأ أو شبه عمد ويذكر صفة العمد وإن لم يذكر الحياة وإن ادعى الإرث ذكر سببه وإن ادعى شيئا محلى بذهب أو فضة - قومه بغير جنس حليته فإن كان محلى بهما قومه بما شاء منهما للحاجة.

فصل: - يعتبر عدالة البينة ظاهرا أو باطنا ولو لم يعين فيه خصمه فلابد من العلم بها
فصل: - يعتبر عدالة البينة ظاهرا أو باطنا ولو لم يعين فيه خصمه فلا بد من العلم بها
ولو قيل: أن الأصل في المسلمين العدالة قاله الزركشي لأن الغالب الخروج عنها وقال الشيخ من قال: أن الأصل في الإنسان العدالة فقد أخطأ وإنما الأصل الجهل والظلم لقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} فالفسق والعدالة كل منهما يطرأ ولا تشترط باطنا في عقد نكاح وتقدم وإذا علم الحاكم شهادتهما حكم بشهادتهما وإن علم فسقهما لم يحكم فله العمل بعلمه في عدالتهم وجرحهم وليس له أن يرتب شهودا لا يقبل غيرهم وتقدم في الباب قبله وإذا عرف عدالة الشهود استحب قوله للمشهود عليه: قد شهدا عليك فإن كان عندك ما يقدح في شهادتهم فبينة عندي فإن لم يقدح في شهادتهما حكم عليه إذا اتضح له الحكم واستنارت الحجة وإن كان فيها لبس - أمرهما بالصلح فإن أبيا أخرهما إل البيان فإن عجلها قبل البيان لم يصح حكمه وإذا حدثت حادثة نظر في كتاب الله فإن وجدها وإلا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يجد نظر في القياس فألحقها بأشبه الأصول بها وإن ارتاب في الشهود لزم سؤالهم والبحث عن صفة تحملهم وغيره فيفرقهم ويسأل كل واحد: كيف تحملت الشهادة؟ ومتى؟ وفي أي موضع؟ وهل كنت وحدك أو أنت وغيرك؟ ونحوه فإن اختلفوا لم يقبلها وإن اتفقوا وعظهم وخوفهم: فإن ثبتوا حكم بهم إذا سأله المدعي وإن جرحهما الخصم لم يقبل منه ويكلف البينة بالجرح فإن سأل الإنظار أنظر ثلاثا وكذا لو أراد جرحهم وللمدعي ملازمته: فإن لم يأت ببينة حكم

عليه، ولا يسمع الجرح إلا مفسرا بما يقدح في العدالة عن رؤية فيقول: أشهد أني رأيته يشرب الخمر أو يظلم الناس بأخذ أموالهم أو ضربهم أو يعامل بالربا أو سمعته يقذف أو عن استفاضة فلا يكفي أنه يشهد أنه فاسق أو ليس بعدل ولا قوله: بلغني عنه كذا لكن يعرض جارح بزنا: فإن صرح - حد: إن لم يأت بتمام أربعة شهود ولا يقبل الجرح والتعديل من النساء وإن عدله اثنان فأكثر وجرحه واحد قدم التعديل وإن عدله اثنان وجرحه اثنان قدم الجرح وجوبا وإن قال الذين عدلوا: ما جرحاه به قد تاب منه - قدم التعديل فإن شهد عنده فاسق يعرف حاله - قال للمدعي: زدني شهودا وإن جهل حاله طلب منه المدعي التزكية والتزكية حق للشرع يطلبها الحاكم وإن سكت عنها الخصم ويكفي فيها عدلان يشهدان أنه عدل رضا أو عدل مقبول الشهادة أو عدل فقط ولا يحتاج أن يقول: علي ولي ويكفي فيها الظن بخلاف الجرح ويجب فيها المشافهة حيث قلنا: هي شهادة لا إخبار فلا يكفي فيها رقعة المزكي لأن الخط لا يعتمد في الشهادة ولا يلزم المزكي الحضور للتزكية ولا يكفي قولهما: ولا نعمل إلا خيرا ويشترط في قبول المزكيين معرفة الحاكم خبرتهما الباطنة بصحبة ومعاملة ونحوه ولا يقبل التزكية إلا ممن له خبرة باطنة يعرف الجرح والتعديل غير متهم بعصبية أو غيرها وتعديل الخصم وحده تعديل في حق الشاهد وكذا تصديقه: لكن لا يثبت تعديله في حق غير المشهود عليه ولو رضي أن يحكم بشهادة فاسق لم يجز الحكم بها

ولا تصح التزكية في واقعة واحدة فقط وإن سأل المدعي حبس المشهود عليه حتى تزكي شهوده أجابه وحبسه ثلاثا ومثله لو سأله كفيلا به أو عين مدعاه في يد عدل قبل التزكية وإن أقام مشاهدا وسأل حبسه حتى يقيم الآخر لم يجبه إن كان في غير المال وإلا أجابه فإن ادعى رقيق أن سيده أعتقه وأقام شاهدين لم يعدلا فسأل الحاكم أن يحول بينه وبين سيده إلى أن يبحث الحاكم عن عدالة الشهود - فعل ويؤجره من ثقة ينفق عليه من كسبه فإن عدل الشاهدان وإلا رده إلى سيده وإن أقام واحدا وسأله أن يحول بينهما فكذلك وإن أقامت المرأة شاهدين يشهدان بطلاقها البائن ولم يعرف عدالة الشهود حيل بينه وبينهما وإن أقام شاهدا واحدا لم يحل وإن حاكم إليه من لا يعرف لسانه ترجم إليه من يعرف لسانه ولا يقبل في ترجمة وجرح وتعديل ورسالة وتعريف عند حاكم - ويأتي التعريف عند الشاهد في كتاب الشهادات - إلا قول رجلين عدلين في غير مال وزنا وفي المال يقبل في الترجمة رجلان أو رجل وامرأتان وفي الزنا أربعة وذلك شهادة يعتبر فيها لفظ الشهادة ويعتبر فيها وتجب - المشافهة وتعتبر شروط الشهادة فيمن رتبه الحاكم يسأله سرا عن الشهود لتزكية أو جرح ومن سأله الحاكم عن تزكية من شهد له أخبره بحاله وإلا لم يجب ومن نصب للحكم بجرح وتعديل وسماع بينة قنع الحاكم بقوله وحده إذا قامت البينة عنده ومن ثبتت عدالته مرة وجب تجديد البحث عنها مرة أخرى مع طول المدة وإلا فلا.

فصل: - وإن ادعى على غائب مسافة قصر
فصل: - وإن ادعى على غائب مسافة قصرولو في غير عمله أو ممتنع - أي مستتر: إما في البلد أو دون مسافة قصر - أو ميت أو صغير أو مجنون بلا بينة - لم تسمع دعواه ولم يحكم له وإن كان له بينة سمعها الحاكم وحكم بها في حقوق الآدميين: لا في حق الله تعالى كالزنا والسرقة لكن يقضي في السرقة بالمال فقط وليس تقدم الإنكار في الدعوى على غائب ونحوه شرعا ولا يلزم المدعي أن يحلف أن حقه باق والاحتياط تحليفه خصوصا في هذه الأزمنة ولا يلزم القاضي نصب من ينكر أو يحبس بغيره عن الغائب ثم إذا قدم الغائب وبلغ الصغير ورشد وأفاق المجنون وظهر المستتر فهم على حججهم ولو جرح البينة بعد أداء الشهادة أو مطلقا لم يقبل لجواز كونه بعد الحكم فلا يقدح فيه وإن جرحها بأمر كان قبل الشهادة قبل وبطل الحكم ولا يمين مع بينة كاملة: كقوله - لكن تقدم في باب الحجر إذا شهدت بينة بنفاذ ماله أنه يحلف معها - قال في المحرر: وتختص اليمين بالمدعى عليه دون المدعي إلا في القسامة ودعاوى الأمناء المقبولة وبحيث يحكم باليمين مع الشاهد وقال حفيده: دعاوى الأمناء مستثناه فيحلفون وذلك لأنهم أمناء لا ضمان عليهم: إلا بتفريط أو عدوان فإذا ادعى عليهم ذلك فأنكروا أنهم مدعى عليهم واليمين على المدعى عليهم فلا حاجة إلى استثنائهم وإن كان غائبا عن المجلس أو عن البلد دون مسافة القصر غير ممتنع لم تسمع الدعوى ولا البينة حتى يحضر: كحاضر في المجلس فإن أبى الحضور لم يهجم عليه في بيته وسمعت البينة وحكم بها، ثم

إن وجد له مالا وفاه منه، وإلا قال للمدعي: إن وجدت له مالا وثبت عندي وفيتك منه وإن كان المقضي به على الغائب عينا سلمت إلى المدعي والحكم للغائب ممتنع ويصح تبعا: كدعواه - أن أباه مات عنه وعن أخ له غائب أو غير رشيد وله عند فلان عين أو دين ثبت بإقرار أو بينة فهو للميت ويأخذ المدعي نصيبه والحاكم نصيب الآخر فيحفظه له وتعاد البينة في غير الإرث وكحكمه بوقف يدخل فيه من لم يخلق تبعا لمستحقه الآن وإثبات أحد الوكيلين بالوكالة في غيبة الآخر فثبتت له تبعا وسؤال أحد الغرماء الحجر فالقصة الواحدة المشتملة على عدد أو أعيان كولد الأبوين في المشركة: الحكم فيها لواحد أو عليه - يعمه وغيره وحكمه لطبقة حكم للثانية إن كان الشرط واحدا حتى من أبدى ما يجوز أن يمنع الأول من الحكم عليه فللثاني الدفع به ومن ادعى أن الحاكم حكم له بحق فصدقه - قبل قوله الحاكم وحده إن كان عدلا كقوله ابتداء حكمت بكذا وإذا ادعى أنه حكم له بحق ولم يذكره الحاكم فشهد عدلان أنه حكم له به - قبل شهادتهما وأمضى القضاء: ما لم يتيقن صواب نفسه وكذلك إذا شهدا أن فلانا شهد لفلان بكذا فإن لم يشهد به أحد: لكن وجده في قمطره في صحيفته تحت ختمه بخطه وتيقنه ولم يذكره لم ينفذه: كخط أبيه بحكم أو شهادة لم يحكم ولم يشهد بها وكذا شاهد رأي خطه في كتاب بشهادة ولم يذكرها ومن تحقق الحاكم منه أنه لا يفرق بين أن يذكر الشهادة أو يعتمد على معرفة الخط يتجوز بذلك - لم يجز قبول شهادته وإلا حرم أن يسأله عنه ولا يجب أن يخبره بالصفة ومن نسي شهادته فشهدا بها لم يشهد بها

فصل: - ومن له على إنسان حق لم يمكن أخذه منه بحاكم وقدر له على مال
فصل: - ومن له على إنسان حق لم يمكن أخذه منه بحاكم وقدر له على مال -
لم يجز في الباطن أخذ قدر حقه: إلا إذا تعذر على ضيف أخذ حقه من الضيافة بحاكم أو منع زوج ومن في معناه ما وجب عليه من نفقة ونحوها فله ذلك وتقدم لكن لو غصب ماله جهرا أو كان عنده عين ماله فله أخذ قدر المغصوب جهرا أو عين ماله ولو قهرا وعنه يجوز إن لم يكن معسرا به أو كان مؤجلا فيأخذ قدر حقه من جنسه وألا قومه وأخذ بقدره في الباطن متحريا للعدل وإن كان لكل واحد منهما على الآخر دين من غير جنسه فجحد أحدهما فليس للآخر أن يجحده وحكم الحاكم لا يزيل الشي عن صفته باطنا ولو في عقد وفسخ وطلاق فمن حكم له ببينة زور بزوجية امرأة فإنها لا تحل له ويلزمها في الظاهر وعليها أن تمتنع منه ما أمكنها فإن أكرهها فالإثم عليه دونها ثم إن وطئ مع العلم فكزنا فيحد ويصح نكاحها غيره وقال الموفق: لا يصح لإفضائه إلى وطئها من اثنين: أحدهما بحكم الظاهر والآخر بحكم الباطن وإن حكم الحاكم بطلاقها ثلاثا بشهود زور فهي زوجته باطنا ويكره له اجتماعه بها ظاهرا خوفا من مكروه يناله ولا يصح نكاحها غيره ممن يعلم بالحال ومن حكم لمجتهد أو عليه بما يخالف اجتهاده عمل باطنا بالحكم: لا باجتهاده إن باع حنبلي متروك التسمية فحكم بصحته شافعي - نفذ وإن رد حاكم شهادة واحد بهلال رمضان لم يؤثر: كملك مطلق وأولى لأنه لا مدخل لحكمه في عبادة ووقت وإنما هو فتوى فلا يقال حكم بكذبه أو أنه لم يره ولو رفع إليه

حكم في مختلف فيه لا يلزمه نقضه لينفذه - لزمه تنفيذه وإن لم يره وكذا لو كان نفس الحكم مختلفا فيه: كحكمه بعلمه وبنكوله وبشاهد ويمين وتزويجه بيتيمة ولو رفع خصمان عقدا فاسدا عنده وأقرا بأن نافذ الحكم حكم بصحته - فله إلزامهما بذلك وله رده والحكم بمذهبه ومن قلد في صحة نكاح لم يفارق بتغير اجتهاده كحكم بخلاف مجتهد نكح ثم رأى بطلانه ولا يلزم إعلام المقلد بتغيره وإن بان خطؤه في إتلاف لمخالفة دليل قاطع أو خطأ مفت ليس أهلا - ضمنا ولو بان بعد الحكم كفر الشهود أو فسقهم لزمه نقضه ويرجع بالمال أو بدله أو بدل قود مستوفى - على المحكوم له وإن كان الحكم لله بإتلاف حسي أو بما سرى إليه ضمنه مزكون وإن بانوا عبيدا أو ولدا للمشهود له أو للمشهود عليه: فإن كان الحاكم الذي حكم به يرى الحكم به لم ينقض حكمه وإلا نقضه ولم ينفذ لأن الحاكم يعتقد بطلانه وإذا حكم بشهادة شاهد ثم ارتاب في شهادته لم يجز له الرجوع في حكمه وفي المحرر: من حكم بقود أو حد بينة ثم بانوا عبيدا فله نقضه إذا كان لا يرى قبولهم فيه وكذا مختلف فيه صادق ما حكم به وجهله خلافا لمالك وتقدم بعضه في الباب قبله.

باب كتاب القاضي إلى القاضي
مدخل

باب كتاب القاضي إلى القاضي
لا يقبل في حد الله تعالى: كزنا ونحوه ويقل في كل حق آدمي من المال ما يقصد به المال: كالقرض والغصب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له وإليه وفي الجناية والقصاص،

والنكاح، والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكيل وحد القذف وفي هذه المسئلة ذكر الأصحاب أن كتاب القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة لأنها شهادة على شهادة وذكروا فيما إذا تغيرت حال له أنه أصل ومن شهد عليه فرع فلا يسوغ نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع إنكاره الحكم كما يمنع رجوع شهود الأصل الحكم فدل ذلك أنه فرع لمن شهد عنده وأصل لمن شهد عليه والمحكوم به إن كان عينا في بلد الحاكم فإن يسلمه إلى المدعي ولا حاجة إلى كتاب وإن كان دينا أو عينا في بلدة أخرى فيأمره أو يقف على الكتاب وهنا ثلاث مسائل متداخلات: مسئلة إحضار الخصم إذا كان غائبا ومسئلة الحكم على الغائب ومسئلة كتاب القاضي إلى القاضي وتقدم بعضه في الباب قبله في الحكم على الغائب ويقف فيما ثبت عنده ليحكم به: إلا في مسافة قصر فأكثر ولو سمع البينة ولم يعدلها وجعل تعديلها إلى الآخر جاز مع بعد المسافة وله أن يكتب إلى قاض معين ونصر أو قرية وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين ويشترط لقبوله أن يقرأ على عدلين وهما ناقلاه ويعتبر ضبطهما لمعناه وما يتعلق به الحكم فقط ثم يقول: هذا كتابي أو اشهدا على أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان وإن قال: اشهدا على بما فيه كان أولى ولا يشترط ويدفعه إليهما والأولى ختمه احتياطا ويقبضان الكتاب قبل أن يغيبا لئلا يدفع إليهما غيره فإذا وصلا

إلى المكتوب إليه دفعا إليه الكتاب فقرأه الحاكم أو غيره عليهما فإذا سمعاه قالا: نشهد أن هذا كتاب فلان إليك كتبه بعمله ولا يشترط قولهما: قرئ علينا أو أشهدنا عليه وإن أشهدهما عليه مدروجا مختوما من غير أن يقرأ عليهما لم يصح ولا يكفي معرفة المكتوب إليه خط الكاتب وختمه كما لا يحكم بخط شاهد ميت وتقدم لو وجدت وصيته بخطه وتقدم العمل بخط أبيه بوديعة أو دين له أو عليه وكتابه في غير عمله أو بعد عزله كخبره كما تقدم في الباب قبله ويشترط أن يصل الكتاب إلى المكتوب إليه في موضع ولايته فإن وصله في غيره لم يكن له قبوله حتى يصير إلى موضع ولايته ولو ترافع إليه خصمان في غير محل ولايته لم يكن له الحكم بينهما بحكم ولايته فإن تراضيا به فكما لو حما رجلا يصلح للقضاء وسواء كان الخصمان من أهل عمله أو لا: إلا أن يأذن الإمام لقاض أن يحكم بين أهل ولايته حيث كانوا ويمنعه من الحكم بين غير أهل ولايته حيثما كان فيكون الأمر على ما أذن فيه أو منع منه ويقبل كتابه في حيوان وعبد وجارية بالصفة اكتفاء بها: كمشهور عليه لا له ولا يحكم باليمين الغائبة بالصفة فإن لم تثبت مشاركته في صفة - أخذه مدعيه بكفيل مختوما عنقه بخيط لا يخرج من رأسه وبعثه القاضي المكتوب إليه إلى القاضي الكاتب لتشهد البينة على عينه: فإذا شهدا عليه دفع إلى المشهود له به وكتب له كتابا ليبرأ كفيله وإن كان المدعي جارية سلمت إلى أمي يوصلها وإن لم يثبت له ما ادعاه لزمه رده ومؤنته تسلمه فهو فيه كغاصب في

ضمانه، وضمان نقصه ومنفعته ويلزمه أجرته إن كان له أجرة إلى أن يصل إلى صاحبه وإذا وصل الكتاب وأحضر الخصم المذكور فيه باسمه ونسبه وحليته: فإن اعترف بالحق لزمه أداؤه وإن قال: ما أنا المذكور في الكتاب - قبل قوله بيمينه: ما لم تقم ببينة فإن نكل قضى عليه وإن أقر بالاسم والنسب أو ثبت ببينة فقال: المحكوم عليه غيري لم يقبل إلا ببينة تشهد أن في البلد آخر كذلك ولو ميتا يقع به إشكال فإن كان حيا أحضره الحاكم وسأله عن الحق: فإن اعترف به ألزمه به وتخلص وإن أنكره وقف الحكم ويكتب إلى الحاكم الكاتب يعلمه الحال وما وقع من الإشكال حتى يحضر الشاهدان فيشهدا عنده بما يتميز به المشهود عليه منهما وإن مات القاضي الكاتب أو عزل لم يقدح كتابه وإن فسق قبل الحكم بكتابه لم يحكم به وإن فسق بعده لم يقدح فيه وإن تغيرت حال المكتوب إليه بموت أو عزل فعلى من وصل إليه الكتاب ممن قام مقامه العمل به اكتفاء بالبينة بدليل ما لو ضاع الكتاب أو انمحى وكانا يحفظان ما فيه: أي ما يتعلق به الحكم فإنه يجوز أن يشهدا بذلك ولو أدياه بالمعنى وكم لو شهدا بأن فلانا القاضي حكم بكذا لزمه إنفاذه ومتى قدم الخصم المثبت عليه بلد الكاتب فله الحكم عليه بلا إعادة شهادة.

فصل: - وإذا حكم عليه المكتوب إليه فسأله أن يكتب له إلى الحاكم الكاتب
فصل: - وإذا حكم عليه المكتوب إليه فسأله أن يكتب له إلى الحاكم الكاتب:
أنك قد حكمت علي لا يحكم علي ثانيا - لم يلزمه ذلك وإن سأله أن يشهد عليه بما جرى لئلا يحكم عليه الكاتب أو سأله من ثبتت

براءته: مثل إن أنكر وحلفه أو ثبت حقه عنده أو يشهد له بما جرى من براءة أو ثبوت مجرد أو متصل بحكم أو تنفيذ أو الحكم له بما ثبت عنده - لزمه إجابته وإن سأل مع الإشهاد كتابة وأتاه بكاغد أو كان في بيت المال كاغد لذلك لزمه: كساع يأخذ زكاة وما تضمن الحكم ببينة يسمى سجلا وغيره محضرا والمحضر: شرح ثبوت الحق عنده والأولى جعل السجل نسختين: نسخة يدفعها إليه والأخرى عنده والكاغد: من بيت المال فإن لم يكن فمن مال المكتوب وصفة المحضر بسم الله الرحمن الرحيم حضر القاضي - فلان ابن فلان قاضي عبد الله الإمام على كذا في مجلس حكمه وقضائه بموضع كذا - مدع ذكر أنه فلا ابن فلان وأحضر معه مدعى عليه ذكر أنه فلان ابن فلان ولا يعتبر ذكر الجد بلا حاجة والأولى ذكر حليتهما إن جهلهما فادعى عليه بكذا فأقر له أو فأنكر فقال للمدعي: لك بينة؟ فقال: نعم فأحضرها وسأله سماعها ففعل أو فأنكر ولا بينة وسأل تحليفه فحلفه وإن نكل - ذكره وأنه قضى بنكوله وسأله كتابة محضر فأحابه في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ويعلم: في الإقرار والأحلاف - جرى الأمر على ذلك وفي البينة - شهدا عندي بذلك وإن ثبت الحق بإقرار لم يحتج إلى ذكر مجلس حكمه.

فصل: - وأما السجل فلا نفاذ ما ثبت عنده والحكم به
فصل: - وأما السجل فلا نفاذ ما ثبت عنده والحكم بهوصفته أن يكتب: هذا ما أشهد عليه القاضي فلان - كما تقدم - من

حضره من الشهود أشهدهم أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان - وقد عرفهما بما رأى معه قبول شهادتهما - بمحضر من خصمين وليذكرهما إن كانا معروفين: وإلا قال: مدع ومدعى عليه جاز حضورهما وسماع الدعوى من أحدهما على الآخر - معرفة فلان ابن فلان ويذكر المشهود عليه وإقراره طوعا في صحة منه وجواز أمر بجميع ما سمى به ووصف في كتابه نسخة وينسخ الكتاب المثبت أو المحضر جميعه حرفا بحرف فإذا فرغه قال: وإن القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب في مثله بعد أن يسأله ذلك والأشهاد به - الخصم المدعي ونسبه ولم يدفعه الخصم الحاضر معه بحجة وجعل كل ذي حجة على حجته وأشهد القاضي فلان على إنفاذه وحكمه وإمضائه - من حضره من الشهود في مجلس حكمه في اليوم المؤرخ في أعلاه وأمر بكتب هذا السجل: نسختين متساويتين نسخة منهما تخلد بديوان الحكم ونسخة يأخذها من كتبها وكل واحدة حجة بما أنفذه فيها ولو لم يذكر من خصمين ساغ لجواز القضاء على الغائب ومهما اجتمع عنده من محاضر وسجلات في كل أسبوع أو شهر أو سنة على حسبها قلة وكثرة - ضم بعضها إلى بعض وكتب محاضر وسجلات كذا في وقت كذا.

باب القسمة
النوع الأول: قسمة تراض

باب القسمة
وهي تمييز بعض الأنصباء عن بعض وإفرازها عنها وهي نوعان: أحدهما: قسمة تراض لا تجوز إلا برضا الشركاء كلهم وهي ما فيها

ضرر، أو رد عوض من أحدهما: الدور الصغار والحمام والطاحون الصغيرين والعضائد الملاصقة - أي: المتصلة صفا واحدا وهي: الدكاكين اللطاف الضيقة - فإن طلب أحدهما قسمة بعضها في بعض لم يجبر الآخر لأن كل منهما منفرد ويقصد بالسكن ولكل واحد منهما طريق مفرد وكذا الشجر المفرد والأرض التي ببعضها بئر أو بناء أو نحوه ولا يمكن قسمته بالأجزاء والتعديل فإن قسموه أعيانا برضاهم جاز وحكمها كبيع قال المجد: الذي تحرر عندي فيما فيه رد أنه بيع فيما يقابل الرد وإفراز في الباقي - انتهى فلا يجوز فيها ما لا يجوز في البيع ولا يجبر عليها الممتنع فلو قال أحدهما: أنا آخذ الأدنى ويبقى لي في الأعلى تتمة حصتي فلا إجبار ومن دعا شريكه فيها أو في شركة عبد أو بهيمة أو سيف ونحوه إلى البيع - أجبر فإن أبى بيع عليهما وقسم الثمن نصا قال الشيخ: وهو مذهب أبي حنيفة و مالك و أحمد وكذا لو طلب الإجارة ولو في وقف والضرر المانع من قسمة الإجبار نقص قيمة المقسوم بها بكونهما لا ينتفعان به مقسوما وتقدم بعض ذلك في الشفعة فإن تضرر بها أحد الشريكين وحده: كرب الثلث مع رب الثلثين فطلب أحدهما القسمة لم يجبر الممتنع وما تلاصق من دور وعضائد ونحوها - يعتبر الضرر في عين وحدها ومن كان بينهما عين أو بهائم أو ثياب ونحوها من جنس واحد فطلب أحدهما قسمها أعيانا بالقيمة - أجبر الممتنع إن تساوت القيمة وإلا فلا: كاختلاف أجناسها والآجر واللبن المتساوي

القوالب - من قسمة الأجزاء والمتفاوت - من قسمة التعديل فإن كان بينما حائط أو عرصة حائط - وهي موضعه بعد استهدامه - فطلب أحدهما قسمته ولو طولا في كمال العرض أو العرصة عرضا ولو وسعت حائطين لم يجبر ممتنع وإن كان بينهما دار لها علو وسفل فطلب أحدهما قسمها لأحدهما العلو وللآخر السفل أو طلب قسمة السفل دون العلو أو عكسه أو قسمة كل واحد على حدة فلا إجبار ولو طلب أحدهما قسمتهما معا ولا ضرر - وجب وعدل بالقيمة: لا ذراع سفل بذراع علو ولا ذراع بذراع وإن تراضيا على قسم المنافع: كدار منفعتها لهما: مثل دار وقف عليهما أو مستأجرة أو ملك لهما فاقتسماها مهايأة بزمان: بأن تجعل الدار في يد أحدهما شهرا أو عاما ونحوه وفي يد الآخر مثلها: أو بمكان كسكنى هذا في بيت والآخر في بيت ونحوه - جاز لأن المنافع كالأعيان فإن اتفقا على المهايأة وطلب أحدهما تطويل الدور الذي يأخذ فيه نصيبه وطلب الآخر تقصيره - اختص كل واحد بنفقته وكسبه في مدته: لكن لا يدخل الكسب النادر في وجه: كاللقطة والهبة والركاز وإن تهايآ في الحيوان اللبون ليحلب هذا يوما وهذا يوما أو في الشجرة المثمرة لتكون الثمرة لهذا عاما ولهذا عاما - لم يصح لما فيه من التفاوت الظاهر لكن طريقه أن يبيح كل واحد منهما نصيبه لصاحبه في المدة ويكون ذلك كله جائزا: لا لازما فلو رجع أحدهما قبل استيفاء نوبته فله ذلك وإن رجع بعده غرم ما لم ينفرد به وإن

كان بينهما أرض فيها زرع لهما فطلب أحدهما قسمها دون الزرع قسمت كالخالية وإن طلب قسمة الزرع دونها أو قسمتهما معا فلا إجبار وإن تراضيا عليه والزرع قصيل أو قطن - جاز وإن كان بذرا أو سنبلا مشند الحب لم يصح وإن كان بينهما نهر أو قناة أو عين نبع ماؤها فالنفقة لحاجة بقدر حقهما والماء بينهما على ما شرطاه عند استخراجه وإن رضيا بقسمه مهايأة بالزمان أو بميزان: بأن ينصب حجر مستو أو خشبة مصدم الماء فيه ثقبان على قدر حقيهما - جاز وإن أراد أحدهما أن يسقي بنصيبه أرضا لا شرب لها من هذا الماء لم يمنع وتقدم في باب إحياء الموات.

فصل: - النوع الثاني: قسمة أجبار
فصل: - النوع الثاني: قسمة أجباروهي ما لا ضرر فيها عليهما ولا على أحدهما ولا رد عوض: كأرض واسعة وقرية وبستان ودار كبيرة ودكان واسع ونحوها: سواء كانت متساوية الأجزاء أولا إذا أمكن قسمتها بتعديل السهام من غير شيء يجعل معها فإن لم يمكن ذاك إلا بجعل شيء معها فلا إجبار ولهما قسم أرض بستان دون شجره وعكسه والجميع فإن قسما الجميع أو الأرض - فقسمة إجبار ويدخل الشجر تبعا: وإن قسما الشجر وحده فلا إجبار ومن قسمة الإجبار قسمة مكيل وموزون من جنس واحد: كدهن ولبن ودبس وخل وتمر وعنب ونحوها وإذا طلب أحدهما القسمة فيها وأبى الآخر أجبر ولو كان وليا على صاحب الحصة ويقسم حاكم مع غيبة ولي وكذا على غائب في قسمة إجبار فإن كان المشترك مثليا - وهو

المكيل والموزون - وغاب الشريك أو امتنع - جاز للآخر أخذ قدر حقه عند أبي الخطاب: لا عند القاضي وأذن الحاكم يرفع النزاع وقال الشيخ في قرية مشاعة قسمها فلاحوها: هل يصح؟ فقال: إذا تهايأوا وزرع كل منهم حصته فالزرع له ولرب الأرض نصيبه إلا أن من ترك من نصيب مالكه فله أجرة الفضلة أو مقاسمتها وهي إفراز حق لا بيع فيصح قسم وقف بلا رد من أحدهما إذا كان على جهتين فأكثر فأما الوقف على جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة لكن تجوز المهايأة - وهي قسمة المنافع - ونفقة الحيوان مدة كل واحد عليه وإن نقص الحادث عن العادة فللآخر الفسخ وتجوز قسمة ما بعضه وقف وبعضه طلق: بلا رد عوض من رب الطلق وبرد عوض من مستحق الوقف والدين في ذمم الغرماء وتقدم في الشركة وتجوز قسمة الثمار خرصا ولو على شجر قبل بدو صلاحه بشرط التبقية وقسمة لحم هدي وأضاحي وغيرهما ومرهون فلو رهن سهمه مشاعا ثم قاسم شريكه صح واختص قسمه بالرهن وتجوز قسمة ما يكال وزنا وما يوزن كيلا وتفرقهما قبل القبض فيهما ولا خيرا فيها ولا شفعة ولا يحنث من حلف لا يبيع إذا قاسم ولو كان بينهما ماشية مشتركة فاقتسماها في أثناء الحول واستداما خلطة الأوصاف - لم ينقطع الحول وإن ظهر في القسمة غبن فاحش لم تصح وإن كان بينهما أرض يشرب بعضها سيحا وبعضها بعلا أو في بعضها شجر وفي بعضها نخل فطلب أحدهما قسمة كل عين على حدة وطلب

الآخر قسمتها أعيانا بالقيمة قدم من طلب قسمة كل عين على حدة إن أمكن التسوية في جيده ورديئه وإن لم يمكن وأمكن التعديل بالقيمة عدلت وأجبر الممتنع وإلا فلا.

فصل: - ويجوز للشركاء أن يتقاسموا بأنفسهم ويقاسم ينصبونه
فصل: - ويجوز للشركاء أن يتقاسموا بأنفسهم
ويقاسم ينصبونه أو يسألوا الحاكم نصبه وأجرته مباحة فإن استأجره كل واحد منهم بأجر معلوم ليقسم نصيبه جاز وإن استأجروه جميعا إجارة واحدة بأجرة واحدة لزم كل واحد من الأجر بقدر نصيبه من المقسوم: ما لم يكن شرط وسواء طلبوا القسمة أو أحدهم وأجرة شاهد يخرج لقسم البلاد ووكيل وأمين للحفظ على مالك وفلاح قال الشيخ وقال: إذا مانهم الفلاح بقدر ما عليه أو يستحقه الضيف - حل لهم وقال: إن لم يأخذ الوكيل لنفسه إلا قدر أجرة عمله بالمعروف والزيادة يأخذها المقطع فالمقطع هو الذي ظلم الفلاحين فإذا أعطى الوكيل المقطع من الضريبة ما يزيد على أجرة مثله ولم يأخذ لنفسه إلا أجرة عمله جاز له ذلك ويشترط أن يكون القاسم مسلما عدلا عارفا بالقسمة قال الموفق وغيره: وعارفا بالحساب فإن كان كافرا أو فاسقا أو جاهلا بالقسمة لم تلزمه إلا بتراضيهم بها ويعدل السهام بالأجزاء إن تساوت وبالقيمة إن اختلفت وبالرد إن اقتضته فإذا تمت وأخرجت القرعة لزمت القسمة ولو كان فيها ضرر أو رد - تقاسموا بأنفسهم أو بقاسم لأنها كالحكم من الحاكم ولا يعتبر رضاهم بعدها وتعديل السهام لا يخلو من أربعة

أقسام - أحدها: أن تكون السهام متساوية وقيمة أجزاء المقسوم متساوية: كأرض بين ستة: لكل منهم سدسها فتعدل بالمساحة ستة أجزاء متساوية ثم يقرع - الثاني: أن تكون السهام متفقة والقيمة مختلفة فتعدل الأرض بالقيمة وتجعل ستة أسهم متساوية بالقيمة - الثالث: أن تكون القيمة متساوية والسهام مختلفة: كأرض بين ثلاثة لأحدهم النصف وللثاني الثلث وللثالث السدس وأجزاؤها متساوية القيم فتجعل ستة أسهم - الرابع: إذا اختلفت السهام والقيمة فتعدل السهام بالقيمة وتجعل ستة أسهم متساوية القيمة ثم يقرع وإن خير أحدهما الآخر من غير قرعة لزمت القسمة برضاهما وتفرقهما فإن كان فيها تقويم لم يجز أقل من قاسمين لأنها شهادة بالقرعة وإلا أجزأ واحد وإذا سألوا الحاكم قسمة عقار لم يثبت عنده أنه لهم - لم يجب عليه قسمة بل يجوز فإن قسمه ذكر في كتاب القسمة أنه قسمه بمجرد دعواهم بملكه: لا عن بينة شهدت لهم بملكهم وحينئذ إن لم يتفقوا على طلب القسمة لم يقسمه حتى يثبت عنده ملكهم كما سبق وكيفما أقرعوا جاز والأحوط أن يكتب اسم كل شريك في رقعة ثم تدرج في بنادق: شمع أو طين متساويا قدرا ووزنا ثم تطرح في حجر من لم يحضر ذلك ويقال له: أخرج بندقة على هذا السهم فمن خرج اسمه كان له ثم بالثاني كذلك والسهم الباقي للثالث إن كانوا ثلاثة واستوت سهامهم وإن كتب سهم كل اسم في رقعة ثم أخرج بندقة لفلان جاز وإن كانت السهام الثلاثة مختلفة: كنصف، وثلث،

وسدس - جزأ المقسوم ستة أجزاء وأخرج الأسماء على السهام لا غير فيكتب لصاحب النصف ثلاثة رقاع ولرب الثلث رقعتين ولرب السدس رقعة ويخرج رقعة على أول سهم فإن خرج عليه اسم رب النصف أخذه مع الثاني والثالث وإن خرج اسم صاحب الثلث أخذه والثاني الذي يليه ثم يقرع بين الأخيرين كذلك والباقي للثالث وإن كان بينهما داران متجاورتان أو متباعدتان أو خانان أو أكثر فطلب أحدهما أن يجمع نصيبه في إحدى الدارين الخانين أو الخانين ويجعل الباقي نصيبا للآخر أو يجعل كل دار سهما لم يجبر الممتنع تساوت أو اختلفت.

فصل: - ومن ادعى غلطا فيما تقاسموه بأنفسهم وأشهدوا على رضاهم به
فصل: - ومن ادعى غلطا فيما تقاسموه بأنفسهم وأشهدوا على رضاهم به -
ولم يصدقه المدعى عليه - لم يلتفت إليه ولو أقام به بينة إلا أن يكون مسترسلا فيغبن بما لا يسامح به عادة أو كان فيما قسمه قاسم الحاكم - قبل قول المنكر مع يمينه إلا أن يكون للمدعي بينة فتنقض القسمة وتعاد وإن كان فيما قسمه قاسم نصبوه وكان فيما شرطنا فيه الرضا بعد القرعة - لم تسمع دعواه وإلا فهو كقاسم الحاكم وإذا تقاسموا ثم استحق من حصة أحدهما شيء معين بطلت وإن كان المستحق من الحصتين على السواء لم تبطل فيما بقي وإن كان في نصيب أحدهما أكثر أو ضرره أكثر: كسد طريقه أو مجرى مائه أو طريقه ونحوه أو كان شائعا فيهما أو في أحدهما - بطلت وإن ادعى كل واحد منهما أن هذا من سهمي تحالفا ونقضت وإذا اقتسما دارين ونحوهما قسمة

تراض فبنى أحدهما أو غرس في نصيبه ثم خرج مستحقا ونقض بناؤه وقلع غرسه رجع على شريكه بنصف قيمته ولا يرجع به في قسمة إجبار وإن خرج في نصيب أحدهما عيب فله فسخ القسمة إن كان جاهلا به وله الإمساك مع الأرش ويصح بيع التركة قبل قضاء الدين إن قضى ويصح العتق واختار ابن عقيل لا ينفذ إلا مع يسار الورثة ولا يمنع دين الميت انتقال تركته إلى ورثته بخلاف ما يخرج من ثلثها من معين موصى به والنماء لهم لا إن تعلق الدين بها: كتعلق جناية لا رهن وتصح قسمتها وظهور الدين قبل القسمة لا يبطلها لكن إن امتنعوا من وفائه بيعت فيه وبطلت القسمة فإن وفى أحدهما دون الآخر صح في نصيبه وبيع نصيب الآخر وإن اقتسموا دارا ذات أسطحة يجري عليها الماء من أحدهما فليس لمن صارت له منع جريان الماء: إلا أن يكونوا تشارطوا على منعه وإن اقتسما دارا فحصلت الطريق في حصة أحدهما ولا منفذ للآخر لم تصح القسمة وإن كان لها ظلة فوقعت في حصة أحدهما فهي له بمطلق العقد وولي المولى عليه في قسمة الإجبار بمنزلته وكذا في قسمة التراضي إذا رآها مصلحة.

باب الدعاوى والبينات
مدخل

باب الدعاوى والبينات
وأحدها دعوى وهي: إضافة الإنسان إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره أو في ذمته والمدعي من يطالب غيره بحق يذكر استحقاقه عليه وإذا سكت ترك والمدعى عليه المطالب وإذا سكت لم يترك،

وواحد البينات بينة وهي العلامة الواضحة كالشاهد فأكثر ولا تصح دعوى وإنكار إلا من جائز التصرف لكن تصح الدعوى على سفيه بما يؤخذ به حال سفهه وبعد فك حجره ويحلف إذا أنكر وتقدم،
وإذا تداعيا عينا لم تخل من ثلاثة أقسام -
أحدهما : أن تكون في يد أحدهما فهي له مع يمينه أنها له ولا حق للمدعي فيها إذا لم تكن بينة ولا يثبت الملك بها كثبوته بالبينة بل ترجح به الدعوى فلا شفعة له بمجرد اليد وإن سأل المدعى عليه الحاكم كتابة محضر بما جرى أجابه وذكر فيه أنه بقي العين بيده لأنه لم يثبت ما يرفعها ولو تنازعا دابة أحدهما راكبا أو له عليها حمل والآخر آخذ بزمامها أو سائقها فهي للأول وإن اختلفا في الحمل فادعاه الراكب وصاحب الدابة فهو للراكب بخلاف السرج وإن تنازعا ثياب عبد عليه فلصاحب العبد وإن تنازعا قميصا أحدهما لابسه والآخر آخذ بكمه فهو للأول وإن كان كمه في يد أحدهما وباقيه مع الآخر أو تنازعا عمامة طرفها في يد أحدهما وباقيها في يد الآخر -: فهما فيها سواء ولو كانت دار فيها أربعة بيوت في أحدها ساكن وفي الثلاثة ساكن واختلفا فلكل واحد هو ساكن فيه وإن تنازعا الساحة التي يتطرق منها إلى البيوت فهي بينهما نصفين ولو كانت شاة مسلوخة بيد أحدهما جلدها ورأسها وسواقطها وبيد الآخر بقيتها وادعى كل واحد منهما كلها وأقاما بينتين بدعواهما فلكل واحد منهما ما بيد صاحبه وإن تنازع صاحب الدار

وخياط فيها في إبرة ومقص فهما للخياط وإن تنازع هو والقراب القربة فهي للقراب وإن تنازعا عرصة فيها بناء أو شجر لهما فهي لهما أو لأحدهما فهي له وإن تنازعا حائطا معقودا ببناء أحدهما وحده أو له عليه أزج - وهو ضرب من البناء ويقال له: طاق - أوله عليه بناء كحائط مبني عليه أو عقد معتمد عليه أو قبة أو له عليه سترة مبنية ونحو هذا - فهو له وإن كان معقودا ببنائه عقد يمكن إحداثه كالبناء باللبن والآجر فإنه يمكن أن ينزع من الحائط المبني نصف لبنة أو آجرة ويجعل مكانها لبنة صحيحة أو آجرة صحيحة تعقد بين الحائطين لم يرجح به وإن كان محلولا من بنائهما - أي غير متصل ببنائهما - بل بينهما شق مستطيل كما يكون بين الحائطين اللذين ألصق أحدهما بالآخر - أو شركا بينهما وهو بينهما ويتحالفان: فيحلف كل واحد للآخر أن نصفه له وإن حلف كل واحد منهما على جميع الحائط أنه له جاز وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها وإن كان لكل واد منهما بينة تعارضتا وصارا كمن لا بينة لهما فإن لم يكن لهما بينة ونكلا عن اليمين كان الحائط في أيديهما على ما كان وإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضى على الناكل ولا ترجح الدعوى بوضع خشب أحدهما عليه ولا بوجوه آجر أو أحجار مما يلي أحدهما وبالتزويق والتجصيص ولا بسترة عليه غير مبنية لأنه مما يتسامح به ويمكن إحداثه ولا بمعاقد القمط في الخص - أي: عقد الخيوط التي تشد الخص وهو بيت يعمل من خشب وقصب - وإن تنازع صاحب العلو والسفل سلما منصوبا، أو

درجة فلصاحب بالعلو وكذا العرصة التي يحملها الدرجة إلا أن يكون تحت الدرجة مسكن لصاحب السفل فتكون الدرجة بينهما وإن كان تحتها طاق صغير لم تبن الدرجة لأجله وإنما جعل مرفقا يجعل فيه جر الماء ونحوه فهو لصاحب العلو وإن تنازعا الصحن والدرجة في الصدر فبينهما وإن كانت في الوسط فما إليها - بينهما وما وراءه لرب السفل وإن تنازعا في السقف الذي بينهما فهو بينهما وإن تنازعا جدران البيت السفلاني فهو لصاحب السفل وحوائط العلو لصاحب العلو وإن تنازع المؤجر والمستأجر في رف مقلوع أو مصراع مقلوع له شكل منصوب في الدار فهو لربها وإلا بينهما وكذا ما لا يدخل في بيت وجرت العادة به وما لم تجربه عادة فكمكتر وإن تنازعا دارا في أيديهما فادعاها أحدهما وادعى الآخر نصفها جعلت بينهما نصفين: فاليمين على مدعي النصف وإن كان لكل واحد منهما بينة بما يدعيه تعارضتا في النصف فيكون النصف لمدعي الكل والنصف الآخر له أيضا لتقديم بينته وإن كانت الدار في يد ثالث لا يدعيها فالنصف لمدعي الكل لا منازع له فيه ويقرع بينهما في النصف الآخر: فمن خرجت له القرعة حلف وكان له وإن كان لكل واحد منهما بينة فتعارضتا صارا كمن لا بينة لهما وإن تنازع زوجان أو ورثتهما أو أحدهما وورثة الآخر - ولو أن أحدهما مملوك - في قماش البيت ونحوه أو بعضه: فما يصلح للرجال كالعمامة والسيف فللرجل وما يصلح للنساء كحليهن وثيابهن فللمرأة والمصحف له إذا كان لا تقرأ وما يصلح لهما: كالفرش والأواني

وسواء كان في أيديهما من طريق الحكم أو من طريق المشاهدة وسواء اختلفا في حال الزوجية أو بعد البينونة - فبينهما وإن كان المتاع على يدي غيرهما ولم تكن بينة - أقرع فمن قرع منهما حلف واحدة وكذا لو اختلف صانعان في آلة دكان لهما حكم بآلة كل صنعة لصانعها: فآلة العطارين للعطار وآلة النجارين للنجار فإن لم يكونا في دكان واحد واختلفا عين لم يرجح أحدهما بصلاحية العين له وكذا لو تنازع رجل وامرأة في عين غير قماش بينهما وكل من قلنا له فهو مع يمينه إذا لم تكن بينة وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها من غير يمين وإن كانت العين بيد أحدهما وكان لكل منهما بينة سمعت بينة المدعي - وهو الخارج - وحكم له بها سواء أقيمت بينة المنكر - وهو الداخل - بعد رفع يده أولا وسواء شهدت بينته أنها له نتجت في ملكه أو قطيعة من الأمام أولا فإن أقام الداخل بينة أنه اشتراها من الخارج وأقام الخارج بينة أنه اشتراها من الداخل قدمت بينة الداخل ولا تسمع بينة الدخل قبل بينة الخارج وتعديلها وتسمع بعد التعديل قبل الحكم وبعده قبل التسليم وإن أقام الخارج بينة أنها ملكه وأقام الداخل بينة أنه اشتراها منه أو وقفها عليه أو أعتقه - قدمت الثانية ولم ترفع بينة الخارج يده كقوله: أبرأني من الدين أما لو قال: لي بينة غائبة طولب بالتسليم لأن تأخيره يطول.

فصل: - القسم الثاني: أن تكون العين في أيديهما أو في غير يد أحد ولا بينة لهما
فصل: - القسم الثاني: أن تكون العين في أيديهما أو في غير يد أحد ولا بين لهما: فيتحالفان وتقسم العين بينهما وكذا إن نكلا

لأن كل واحد منهما يستحق ما في يد الآخر بنكوله وإن نكل أحدهما وحلف الآخر - قضى له بجميعها فإن ادعها أحدهما نصفها فما دون أو الآخر أكثر من بقيتها أو كلها فالقول قول مدعي الأقل مع يمينه وإن تنازعا مسناة - وهي السد الذي يرد ماء النهر من جانبه حاجز بين نهر أحدهما وأرض الآخر - تحالفا وهي بينهما وكذا إن نكلا لأنها حاجز بين ملكيهما وإن تنازعا صغيرا دون التمييز في أيديهما فهو بينهما رقيق ويتحالفان ولا تقبل دعواه الحرية إذا بلغ بلا بينة على الملك: مثل أن يلتقطه فلا تقبل دعواه لرقه لأن اللقيط محكوم بحريته وإن كان لكل منهما بينة فهو بينهما أيضا وإن كان مميزا فقال: إني حر فهو حر إلا أن تقوم بينة برقة: كالبالغ إلا أن البالغ إذا أقر بالرق ثبت رقه وإن كان لأحدهما بينة بالعين حكم له بها وإن كان لكل واحد منهما بينة لم يقدم أسبقهما تاريخا بل سواء فإن وقتت إحداهما وأطلقت الأخرى والعين بيدهما أو شهدت بينة بالملك وسببه كنتاج أو سبب غيره وبينة بالملك وحده أو بينة أحدهما بالملك له منذ سنة وبينة الآخر بالملك منذ شهر ولم تقل: اشتراه من - فهما سواء ولا تقدم إحداهما بكثرة العدد ولا اشتهار العدالة ولا الرجال على الرجل والمرأتين ولا الشاهدان على الشاهد واليمين وإن تساوتا من كل وجه تعارضتا وتحالفا فيما بيدهما وقسمت بينهما وأقرع ما لم تكن في يد أحد أو بيد ثالث ولم ينازع وكانا كمن لا بين لهما فيسقطان بالتعارض وإن ادعى أحدهما أنه اشتراها من زيد وهي ملكه وشهدت البينة بذلك سمعت وإن لم تقل: وهي ملكه لم تسمع وادعى الآخر

أنه اشتراها من عمر وهي ملكه تعارضتا حتى ولو أرخا وإن كانت في يد أحدهما فهي للخارج ولو أقام رجل بينة أن هذه الدار لأبي خلفها تركة وأقامت امرأة بينة أن أباه أصدقها إياها فهي للمرأة: داخلة كانت أو خارجة.

فصل: - القسم الثالث تداعيا عينا في يد غيرهما
فصل: - القسم الثالث تداعيا عينا في يد غيرهما:
فإن ادعاها لنفسه حلف لكل واحد منهما يمينا فإن نكل عنهما أخذاها منه أو بدلها واقترعا عليهما وإن لم يدعها ولم يقربها لغيره ولا قامت بينة - أقرع بينهما فمن قرع حلف وأخذها فإن كان المدعي به عبدا مكلفا فأقر لأحدهما فهو له وإن صدقهم فهو لهما وإن جحدهما قبل قوله وإن كان غير مكلف لم يرجح بإقراره له وإن أقربها من هي بيده لأحدهما بعينه حلف وأخذها ويحلف المقر للآخر فإن نكل أخذ منه بدلها وإن أخذها المقر له فأقام الآخر بينة أخذها وللمقر له قيمتها على المقر وإن أقر بها لهما ونكلا عن التعيين اقتسماها وإن قال: هي لأحدهما وأجهله: فإن صدقاه لم يحلف وإلا حلف يمينا واحدة ويقرع بينهما فمن قرع حلف وأخذها ثم إن بينة قبل ولهما القرعة بعد تحليفه الواجب وقبله فإن نكل قدمت القرعة ويحلف للمقروع إن أكذبه فإن نكل أخذ منه بدلها وإن أنكرهما ولم ينازع أقرع فإن علم أنها للآخر فقد مضى الحكم وإن لم تكن بيد أحد فهي لأحدهما بقرعة وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها وإن كان لكل واحد منهما تعارضتا: سواء كان مقرا لهما أو لأحدهما لا بعينه أو ليست

بيد أحد، وكذلك إن أنكرهما ثم إن أقر لأحدهما بعينه بعد إقامتهما لم يرجح بذلك وحكم التعارض بحاله وإقراره صحيح وإن كان إقراره له قبل إقامة البينتين فالمقر له كالداخل والآخر كخارج وإن ادعاها صاحب اليد لنفسه ولو بعد التعارض - حلف لكل واحد منهما يمينا وهي له فإن نكل أخذاها منه وبدلها واقترعا عليهما وإن أقر من بيده العين بها لغيرهما فتقدم وإن كان في يده عبد وادعى أنه اشتراه من زيد وادعى العبد أن زيدا أعتقه أو ادعى شخص أن زيدا باعه العبد أو وهبه له وادعى الآخر أنه باعه أو وهبه له وأقام كل واحد منهما بينة صححنا أسبق التصرفين إن علم التاريخ وإلا تعارضتا وكذا إن كان العبد بيد نفسه أو بيد أحدهما وإن كان العبد في يد زيد فالحكم فيه حكم ما إذا ادعيا عينا ففي يد غيرهما وإن ادعيا زوجية امرأة وأقاما بينتين وليست بيد أحدهما - سقطتا وإن ادعى على رجل أنه عبده فقال: بل أنا حر وأقاما بينتين - تعارضتا وإن كان في يده عبد فادعى اثنان كل منهما أنه اشتراه مني بثمن سماه فصدقهما لزمه ثمنان: فإن أنكر حلف لهما وبرئ وإن صدق أحدهما وأقام به بينة لزمه الثمن وحلف للآخر وإن أقام كل واحد بينة مطلقتين أو مختلفتي التاريخ أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة - عمل بهما وإن اتفقا تاريخهما تعارضتا وإن ادعى كل واحد أنه باغي إياه بألف وأقام بينة - قدم أسبقهما تاريخا وإن استويا تعارضتا وإن قال أحدهما: غصبني وقال الآخر ملكنيه أو أقر لي به وأقاما بينتين - فهو للمغصوب منه ولا يغرم

للآخر شيئا وإن ادعى أنه أجره البيت بعشرة فقال المستأجر: بل كل الدار تعارضتا ولا قسمة هنا وتقدم أول طريق الحكم وصفته ما يصح سماع البينة فيه قبل الدعوى وما لا يصح.

باب تعارض البينتين
مدخل

باب تعارض البينتين
التعارض: التعادل من كل وجه
إذا قال لعبده: متى قتلت فأنت حر فادعى العبد أنه قتل وأنكر ورثته فالقول قولهم إن لم تكن له بينة وإن أقام كل واحد منهما بينة بما ادعاه قدمت بينة العبد وعتق وإن قال: إن مت في المحرم فسالم حر وفي صفر فغانم حر ولم تقم لواحد منهما بينة وأنكر الورثة فقولهم وبقيا على الرق وإن أقروا لأحدهما أو أقام بينة عتق وإن أقام كل واحد بينة بموجب عتقه تعارضتا وسقطتا وبقيا على الرق وإن علم موته في أحد الشهرين - أقرع بينهما وإن قال: إن مت في مرضي هذا فسالم حر وإن برئت فغانم حر وجهل ثم مات وللم يكن لهم بينة - عتق أحدهما بقرعة وإن أقاما بينتين تعارضتا وبقيا على الرق وإن أقر الورثة لأحدهما بما يوجب عتقه عتقا بإقرارهم وكذا حكم: إن مت من مرضي هذا في التعارض وأما في الجهل فيعتق سالم لأن الأصل دوام المرض وعدم البرء وإن أتتلف ثوبا فشهدت بينة أن قيمته عشرون وبينة أن قيمته ثلاثون لزمه ما اتفقا عليه وهو عشرون وكذا لو كان بكل قيمة شاهد وله أن يحلف مع الآخر على العشرة كما يأتي آخر اللباب بعده لو اختلفت بينتان في قيمة عين قائمة ليتيم يريد الوصي

بيعها - أخذ بينة الأكثر فيما يظهر وكذا قال الشيخ: لو شهدت ببنة أنه أجر حصته موليه بأجرة مثلها وبينة بنصفها وتقدم إذا ماتت امرأة وابنها واختلف زوجها وأخوها في أسبقهما في ميراث الغرقي.

فصل: - إذا شهدت بينة على ميت أنه أوصى بعتق سالم -وهو ثلث ماله- وبينة أنه أوصى بعتق غانم -وهو ثلث ماله- ولم تجز الورثة
فصل: - إذا شهدت بينة على ميت أنه أوصى بعتق سالم - وهو ثلث ماله - وبينة أنه أوصى بعتق غانم - وهو ثلث ماله - ولم تجز الورثة - أقرع فمن قرع عتق:
سواء اتفق تاريخهما أو اختلف فلو كانت بينة وارثه فاسقة عتق سالم ويعتق غانم بقرعة وإن كانت عادلة وكذبت الأجنبية لغا تكذيبها دون شهادتها وانعكس الحكم: فيعتق غانم ثم وقف عتق سالم على القرعة وإن كانت فاسقة مكذبة أو فاسقة وشهدت برجوعه عن عتق سالم عتق العبدان ولو شهدت وليست فاسقة ولا مكذبة - قبلت شهادتها وعتق غانم وحده كما لو كانت الشاهدة برجوعه أجنبية ولو كان في هذه الصورة غانم سدس المال - عتقا ولم تقبل شهادتها والوارثة العادلة فيما تقوله خبرا: لا شهادة - كالفاسقة في جميع ما ذكرنا وإن شهدت بينة أنه أعتق سالما في مرضه وبينة أنه أوصى بعتق غانم سالما في مرضه وبينة أنه أعتق غانما في مرضه - عتق أقدمهما تاريخا: إن كانت البينتان أجنبيتين أو كانت بينة أحدهما وارثة ولم تكذب الأجنبية وإن سبقت الأجنبية فكذبتها الوارثة أو سبقت الوارثة وهي فاسقة - عتقا وإن جهل أسبقهما وكذا لو كانت بينة غانم وارثة وإن قالت البينة الوارثة: ما أعتق ساما وإنما أعتق غانما - عتق غانم كله،

وحكم سالم كحكمه لو لم تطعن الوارثة في بينته: في أنه يعتق إن تقدم تاريخ عتقه أو خرجت له القرعة وإلا فلا وإن كانت الوارثة فاسقة ولم تطعن في بينة سالم كله وينظر في غانم: فإن كان تاريخ عتقه سابقا أو خرجت القرعة له عتق كله وإن كان متأخرا أو خرجت القرعة لسالم - لم يعتق منه شيء وإن كانت كذبت بينة سالم عتق العبدان وتدبير مع تنجيز - كآخر تنجيزين مع أسبقهما في كل ما قدمنا.

فصل: - وإن مات عن ابنين: مسلم وكافر فادعى كل منهما أنه مات على دينه
فصل: - وإن مات عن ابنين: مسلم وكافر فادعى كل منهما أنه مات على دينه:
فإن عرف أصل دينه فالقول قول من يدعيه وإن لم يعرف فالميراث للكافر: إن اعترف المسلم أنه أخوه أو قامت به بينة وإلا فبينهما وإن أقم كل منهما بينة أنه ما على دينه ولم يعرف أصل دينه تعارضتا وإن قال شاهدان: نعرفه مسلما وشاهدان نعرفه كافرا ولم يؤرخا معرفتهم ولا عرف أصل دينه - فالميراث للمسلم وتقدم الناقلة إذا عرف أصل دينه فهو كما تقدم ولو شهدت بينة أنه مات ناطقا بكلمة الإسلام وبينة أخرى أنه مات ناطقا بكلمة الكفر تعارضتا ولو لم يعرف أصل دينه وإن خلف أبوين كافرين وابنين مسلمين واختلفوا في دينه فكما تقدم في ابنين مسلم وكافر وكذا لو خلف ابنا كافرا وامرأة وأخا مسلمين ومتى نصفنا المال فنصفه للأبوين على ثلاثة ونصفه للزوجة والآخر على أربعة ولو مات مسلم وخلف زوجة وورثه سواها وكانت الزوجة كافرة ثم أسلمت وادعت أنها أسلمت قبل موته وأنكر الورثة - فقولهم وإن ادعى الورثة أنها كانت كافرة ولم يثبت وأنكرتهم

أو ادعوا أنه طلقها قبل موته فأنكرتهم فقولها وإن اعترفت بالطلاق وانقضاء العدة وادعت أنه راجعها وأنكروا فقولهم وإن اختلفوا في انقضاء عدتها فقولها في أنها لم تنقض ولو مات مسلم وخلف ابنين: مسلم وكافر فأسلم الكافر وقال: أسلمت قبل موت أبي وقال أخوه: بل بعده فلا ميراث له فإن قال: أسلمت في المحرم ومات أبي في صفر فقال أخوه بل في ذي الحجة فله الميراث مع أخيه ولو خلف حر ابنا وابنا كان عبدا فادعى أنه عتق وأبوه حي ولا بينة - صدق أخوه في عدم ذلك وإن ثبت عتقه في رمضان فقال الحر: مات أبي في شعبان وقال العتيق: بل في شوال صدق العتيق وتقدم بينة الحر مع التعارض ولو شهدا على اثنين بقتل فشهدا على الشاهدين به وصدق الولي الكل أو الآخرين أو كذب الكل أو الأولين فقط فلا قتل ولا دية وإن صدق الأولين فقط - حكم بشهادتهما وقتل من شهدا عليه.

كتاب الشهادات
*

مدخل
كتاب الشهادات
وأحدها شهادة تطلق على التحمل والأداء وهي حجة شرعية تظهر الحق ولا نوجبه وهي: الأخبار بما علمه بلفظ خاص وتحملها في غير حق الله فرض كفاية وإذا تحملها وجبت كفايتها ويتأكد ذلك في حق رديء الحفظ وأداؤها فرض عين وإن قام بالفرض في التحمل والأداء اثنان سقط عن الجميع وإن امتنع الكل أثموا،

ويشترط في وجوب التحمل والأداء أن يدعى إليهما من تقبل شهادته ويقدر عليهما بلا ضرر يلحقه في بدنه أو ماله أو أهله أو عرضه ولا تبذل في التزكية ويختص الأداء بمجلس الحكم ومن تحملها أو رأى فعلا أو سمع قولا بحق لزمه أداؤها: على القريب والبعيد فيما دون مسافة القصر والنسب وغيره سواء ولو أدى شاهد وأبى الآخر وقال: احلف أنت بدلي أثم ولو دعي فاسق إلى تحملها فله الحضور ولو مع وجود غيره لأن التحمل لا يعتبر له العدالة ومن شهد مع ظهور فسقه لم يعذر لأنه لا يمنع صدقه فدل أنه لا يحرم أداء الفاسق ولا يضمن من باب فسقه ويحرم أخذ أجرة وجعل عليها: تحملا وأداء ولو لم تتعين عليه لكن إن عجز عن المشي أو تأذى به فله أخذ أجرة مركوب من رب الشهادة وفي الرعاية: وكذا مزك ومعرف ومترجم ومفت ومقيم حد وقود وحافظ مال بيت المال ومحتسب والخليفة ولا يقيمها على مسلم بقتل كافر ويباح لمن عنده شهادة بحد لله - أقامتها من غير تقدم دعوى ولا تستحب وتجوز الشهادة بحد قديم وللحاكم أن يعرض للشهود بالوقف عنها في حق الله تعالى: كتعريضه للمقربة ليرجع ومن عنده شهادة لآدمي يعلمها - لم يقمها حتى يسأله ولا يقدح فيه: كشهادة حسبة ويقيمها بطلبه ولو لم يطلبها حاكم ويحرم كتمها ويسن الإشهاد في كل عقد: سوى نكاح - فيجب ولا يجوز للشاهد أن يشهد إلا بما يعلمه برؤية أو سماع غالبا لجوازه ببقية الحواس قليلا، فالرؤية

تختص بالأفعال كالقتل والغصب والسرقة وشرب الخمر والرضاع والولادة ونحو ذلك فإن جهل حاضرا جاز أن يشهد في حضرته لمعرفة عينه وإن كان غائبا فعرفه من يسكن إليه - جاز أن يشهد ولو على امرأة وإن لم تتعين معرفتها لم يشهد مع غيبتها ويجوز أن يشهد على عينها إذا عرف عينها ونظر إلى وجهها قال أحمد: لا يشهد على امرأة حتى ينظر إلى وجهها وهذا محمول على الشهادة على من لم يتيقن معرفتها فأما من تيقن معرفتها وعرف صوتها يقينا فيجوز وقال أحمد أيضا: لا يشهد على امرأة إلا بإذن زوجها وهذا يحتمل أنه لا يدخل عليها بيتها إلا بإذن زوجها ولا تعتبر إشارته إلى مشهود عليه حاضر مع نسبه ووصفه وإن شهد بإقرار لم يعتبر ذكر سببه: كباستحقاق مال ولا قوله: طوعا في صحته مكلفا عملا بالظاهر وإن شهد بسبب يوجب الحق أو استحقاق غيره - ذكره والسماع ضربان: سماع من المشهود عليه: كالطلاق والعتاق والإبراء والعقود وحكم الحاكم وإنفاذه والإقرار ونحوها فيلزمه أن يشهد به على من سمعه وإن لم يشهده به لاستحقاقه أو مع العلم به وإذا قال المتحاسبان لا يشهدوا علينا بما يجري بيننا لم يمنع ذلك الشهادة ولزوم إقامتها وسماع من جهة الاستفاضة فيما يتعذر علمه غالبا به وبها: كالنسب والموت والملك المطلق والنكاح عقدا ودواما والطلاق والخلع وشرط الوقف ومصرفه والعتق والولاء والولاية والعزل وما أشبه ذلك فيشهد بالاستفاضة في ذلك كله ولا يشهد بها إلا عن عدد يقع العلم بخبرهم ولا يشترط ما يشترط في الشهادة على الشهادة،

ويكتفي بالسماع ويلزم الحكم بشهادة لم يعلم تلقيها من الاستفاضة ومن قال: شهدت بها ففرع وفي المغني شهادة أصحاب المسائل شهادة استفاضة لا شهادة على شهادة وقال القاضي: الشهادة بالاستفاضة خبر لا شهادة وقال: تحصل بالنساء والعبيد وإن سمع النساء فأقر بنسب أب أو ابن فصدقه المقر له جاز أن يشهد له به وإن كذبه لم يجز له أن يشهد له به وإن سكت جاز أن يشهد ومن رأى شيئا في يد إنسان مدة طويلة يتصرف فيه تصرف الملاك من نقض وبناء وإجارة وإعارة ونحوها جاز أن يشهد له بالملك والورع أن لا يشهد إلا باليد والتصرف خصوصا في هذه الأزمنة.

فصل: - ومن شهد بنكاح أو غيره من العقود فلا بد من ذكر شروطه
فصل: - ومن شهد بنكاح أو غيره من العقود فلا بد من ذكر شروطهوتقدم في طريق الحكم وإن شهد برضاع فلا بد من ذكر عدد الرضعات وأنه شرب من ثديها أو من لبن حلب منه في الحولين فلا يكفي أن يشهد أنه ابنها من الرضاع وإن شهد بقتل احتاج أن يقول: ضربه بسيف أو غيره أو جرحه فقتله أو مات من ذلك وإن قال: جرحه فمات لم يحكم به وإن شهد بزنا - ذكر المزني بها وأين وكيف وفي أي زمان وأنه رأى ذكره في فرجها وإن شهد بسرقة اشترط ذكر المسروق منه والنصاب والحرز وصفة المسروق وإن شهد بالقذف ذكر المقذوف وصفة القذف وإن شهد أن هذا العبد ابن أمته أو هذه الثمرة من ثمرة شجرته - لم يحكم بهما حتى يقولا: ولدته وأثمرته في ملكه وإن شهد أنه اشتراها من فلان أوقفها عليه أو أعتقها لم يحكم بها حتى

يقولا: وهي ملكه وإن شهدا أن هذا الغزل من قطنه أو الطائر من بيضه أو الدقيق من حنطته حكم له بها: لا إن شهدا أن هذه البيضة من طيره حتى يقولا: باضتها في ملكه وإن شهدا لمن ادعى إرث ميت أنه وارثه لا يعلمان له وارثا سواه - حكم له بتركته: سواء كانا من أهل الخبرة الباطنة أو لا ويعطي ذو الفرض فرضه كاملا وإن قالا: لا نعلم له وارثا غيره في هذا البلد أو بأرض كذا فكذلك: لا إن قالا: لا نعلم له وارثا في البيت ثم إن شهدا أن هذا وارثه شارك الأول وإن شهدت بينة أن هذا ابنه لا وارث له غيره وبينة أخرى لآخر أن هذا ابنه لا وارث له غيره ثبت نسبهما وقسم المال بينهما ولا ترد الشهادة على النفي بدليل المسئلة المذكورة ومسئلة الإعسار والبينة فيه وإن كان النفي محصورا قبلت: كقول الصحابي "فطرح السكني وصلى ولم يتوضأ" ولو شهد اثنان في محفل على واحد منهم أنه طلق أو أعتق - قبل وكذا لو شهدا على خطيب أنه قال أو فعل على المنبر في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما مع المشاركة في سمع وبصر ولا يعارضه قولهم: إذا انفرد واحد فيما تتوفر الدواعي على نقله مع مشاركة خلق كثير - رد وإن شهدا أنه طلق أو أعتق أو أبطل من وصاياه واحدة ونسيا عينها - لم يقبل وتصح شهادة مستخف وشهادة من سمع مكلفا يقر بحق أو عتق أو طلاق أو يشهد شاهدا بحق أو يسمع الحاكم يحكم أو يشهد على حكمه وإنفاذه ويلزمه أن يشهد بما سمع.

فصل: - وإن شهد أحد الشاهدين أنه أقر بقتله عمدا أو قتله عمدا وشهد الآخر انه أقر بقتله
فصل: - وإن شهد أحد الشاهدين أنه أقر بقتله عمدا أو قتله عمدا وشهد الآخر أنه أقر بقتله، أو قتله وسكت -
ثبت القتل وصدق المدعى عليه في صفته وإن شهدا بفعل متحد في نفسه: كإتلاف ثوب ونحوه وقتل زيد أو باتفاقهما: كسرقة وغصب واختلفا في وقته أو مكانه أو صفة متعلقة به: كلونه: وآلة قتل: مما يدل على تغاير الفعلين لم تكمل البينة فلو شهد أحدهما أنه غصب ثوبا أحمر وشهد الآخر أنه غصب ثوبا أبيض أو شهد أحدهما أنه غصب اليوم وشهد الآخر أنه غصب أمس لم تكمل البينة وكذا لو شهد أنه تزوجها أمس والآخر أنه تزوجها اليوم أو شهد أحدهما أنه سرق مع الزوال كيسا أبيض وشهد آخر أنه سرق مع الزوال كيسا أسود أو شهد أحدهما أنه سرق هذا الكيس غدوة وشهد الآخر أنه سرقه عشية وكذا القذف إذا اختلف الشاهدان في وقت قذفه وإن أمكن تعدده ولم يشهدا باتحاده فبكل شيء شاهدة فيعمل بمقتضى ذلك ولا تنافي وإن كان بدل كل شاهد بينة - ثبتا هنا إن ادعاهما وإلا ما ادعاه وإن كان الفعل مما لا يمكن تكراره: كقتل رجل بعينه - تعارضتا ولو كانت الشهادة على إقرار بفعل أو بغيره ولو نكاحا أو قذفا - جمعت فلو شهد أحدهما أنه أقر بألف أمس والآخر أنه أقر بألف اليوم أو شهد أحدهما أنه أقر بألف أمس والآخر أنه أقر بألف اليوم أو شهد أحدهما أنه باعه داره أمس وآخر أنه باعه إياها اليوم - كملت وثبت البيع والإقرار وإن شهد واحد بالفعل وآخر على إقراره - جمعت وإن شهد واحد بعقد نكاح أو قتل خطأ وآخر على إقراره لم تجمع ولمدعي القتل أن يحلف مع أحدهما ويأخذ الدية ومتى جمعنا مع اختلاف وقت في قتل أو طلاق فالعدة والإرث يليان آخر الديتين،

وإن شهد شاهد أنه أقر له بألف وآخر أنه أقر له بألفين أو شهد أحدهما أن له عليه ألفا آخر أن له عليه ألفين - كملت بينة الألف وثبت وله أن يحلف مع شاهده على الألف الأخرى ولو شهدا بمائة وآخران بخمسين دخلت فيها: إلا مع ما يقتضي التعدد فيلزمانه ولو شهد واحد بألف من قرض وآخر بألف من ثمن مبيع - لم تكمل ولو شهدوا حد بألف وآخر بألف من قرض - كملت وإن شهدا أن له عليه ألفا ثم قال أحدهما: قضاه بعضه - بطلت شهادته وإن شهدا أنه أقرضه ألفا ثم قال أحدهما: قضاه خمسمائة صحت شهادتهما بالألف وإذا كانت له بينة بألف فقال: أريد أن تشهدا لي بخمسمائة لم يجز إذا كان الحاكم لم يول الحكم فوقها.

باب شروط من تقبل شهادته
مدخل

باب شروط من تقبل شهادته
وهي ستة - أحدها: البلوغ فلا نقبل شهادة من هو دونه في جرح ولا غيره ولو ممن هو في حال أهل العدالة - الثاني: العقل وهو نوع من العلوم الضرورية والعاقل: من عرف الواجب عقلا: الضروري وغيره والممكن والممتنع وما يضره وما ينفعه غالبا فلا تقبل شهادة مجنون ومعتوه ويقبل ممن يجن أحيانا في حلا إفاقته - الثالث الكلام فلا تقبل شهادة أخرس ولو فهمت إشارته: إلا إذا أداها بخطه - الرابع: الإسلام فلا تقبل شهادة كافر ولو من أهل الذمة ولو على مثله: إلا رجال أهل الكتاب بالوصية في السفر من حضره الموت من مسلم وكافر عند عدم مسلم فتقبل شهادتهم في هذه المسئلة فقط ولو لم تكن لهم ذمة ويحلفهم الحاكم وجوبا بعد العصر مع

ريب: ما خانوا ولا حرفوا وإنها لوصية الرجل فإن عثر على أنهما استحقا إثما - حلف اثنان من أولياء الموصي - بالله: لشهادتنا أحق من شهادتهما ولقد خانا وكتما ويقضي لهم - الخامس: الحفظ فلا تقبل شهادة مغفل ولا معروف بكثرة غلط ونسيان - السادس: العدالة ظاهرا وباطنا وهي: استواء أحواله في دينه واعتدال أقواله وأفعاله ويعتبر لها شيئان: - الصلاح في الدين: وهو أداء الفرائض بسننها الراتبة فلا تقبل إن داوم على تكرها لفسقه واجتناب المحرم فلا يرتكب كبيرة ولا يدمن على صغيرة والكبيرة: ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة زاد الشيخ: أو غضب أو لعنة أو نفي أيمان والكذب صغيرة: إلا في شهادة زور أو كذب على نبي أو رمي فتن ونحوه - فكبيرة ويجب أن يخلص به مسلم من قتل ويباح لإصلاح وحرب وزوجة قال ابن الجوزي: وكل مقصود محمود حسن لا يتوصل إليه إلا به فلا تقبل شهادة فاسق من جهة الأفعال أو الاعتقاد ولو تدين به فلو قلد بخلق القرآن أو نفي الرؤية أو الرفض أو التهجم ونحوه - فسق ويكفر مجتهدهم الداعية ومن أخذ بالرخص فسق قال الشيخ: لا يتريب أحد فيمن صلى محدثا أو لغير القبلة أو بعد الوقت أو بلا قراءة - أنه كبيرة ومن الكبائر على ما ذكر أصحابنا - الشرك وقتل النفس المحرمة وأكل الربا والسحر والقذف بالزنا واللواط وأكل مال اليتيم بغير حق والتولي يوم الزحف والزنا واللواط وشرب الخمر وكل مسكر وقطع الطريق والسرقة وأكل الأموال بالباطل ودعواه ما ليس له وشهادة الزور والغيبة والنميمة واليمين الغموس وترك الصلاة والقنوط من رحمة

الله، وإساءة الظن بالله تعالى وأمن مكر الله وقطيعة الرحم والكبر والخيلاء والقيادة والدياثة ونكاح المحلل وهجرة المسلم العدل وترك الحج للمستطيع ومنع الزكاة والحكم بغير الحق والرشوة فيه والفطر في نهار رمضان بلا عذر والقول على الله بلا علم وسب الصحابة والإسرار على العصيان وترك التنزه من البول ونشوزها على زوجها وإلحاقها به ولدا من غيره وإتيانها في الدبر وكتم العلم عن أهله وتصوير ذي الروح والدعاء إلى بدعة أو ضلالة والغلول والنوح والتطير والأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وجور الموصي في وصيته ومنعه ميراثه وإباق الرقيق وبيع الخمر واستحلال البيت الحرام وكتابة الربا والشهادة عليه وكونه ذا وجهين وادعاؤه نسبا غير نسبه وغش الإمام الرعية وإتيان البهائم وترك الجمعة بغير عذر وسيئ الملكة وغير ذلك فأما من أتى شيئا من الفروع المختلف فيها: كمن تزوج بلا ولي أو شرب من النبيذ ما لا يسكره أو أخر زكاة أو حجا مع إمكانهما ونحوه متأولا له - لم ترد شهادته وإن اعتقد تحريمه ردت وأدخل القاضي وغيره الفقهاء في أهل الأهواء وأخرجهم ابن عقيل وغيره وهو المعروف عند العلماء وأولي ذكره ابن مفلح في أصوله الشيء الثاني - استعمال المروءة: وهو ما يجمله ويزينه وترك ما يدنسه ويشينه عادة فلا تقبل شهادة مصافع ومتمسخر ومغن ويكره سماع الغناء والنوح بلا آلة لهو ويحرم معها ويباح الحداء الذي يساق به الإبل ونشيد العرب ولا شهادة شاعر مفرط بالمدح

بإعطاء أو ذم بعدمه فالشعر كالكلام: حسنه حسن وقبيحه قبيح ولا مشيب بمدح خمر: لا أن شبب بامرأته أو أمته ولا رقاص ولا مشعوذ ومن يلعب بنرد أو شطرنج لتحريمهما وإن عريا عن القمار غير مقلد في الشطرنج كمع عوض أو ترك واجب أو فعل محرم إجماعا ولا من يلعب بحمام طيارة أو يسترعيها من المزارع أو ليصيد بها حمام غيره أو يراهن بها وتباح للأنس بصوتها ولاستفراخها وحمل كتب من غير أذى الناس ولا بكل ما فيه دناءة حتى في أرجوحة وأحجار ثقيلة ومن يكشف من بدنه ما العادة تغطيته ونومه بين جالسين وخروجه عن مستوى الجلوس بلا عذر وطفيلي ومن يدخل الحمام بلا مئزر أو يتغذى في السوق بحضرة الناس زاد في الفتية أو على الطريق ولا يضر أكل اليسير كالكسرة ونحوها أو يمد رجليه في مجمع الناس أو يتحدث بما يصنعه مع أهله وأمته وغيرهما أو يخاطب أهله أو أمته أو غيرهما بفاحش بحضرة الناس وحاكى المضحكات ومنزي بزي يسخر منه ونحوه قال الشيخ: وتحرم محاكاة الناس ويعزر هو ومن يأمره - انتهى ولا بأس بالثقاف واللعب بالحراب ونحوها وتقبل شهادة من صناعته دنيئة عرفا: كحجام وحائك وحارس ونخال: وهو الذي يتخذ غربالا أو نحوه يغربل به في مجاري الماء وما في الطرقات: من حصى وتراب ليجد في ذلك شيئا من الفلوس أو الدراهم وغيرها: وهو المقلش ومحرش بين البهائم وصباغ ونفاط: وهو اللعاب بالنفط وزبال وكناس العذرة

فإن صلى بالنجاسة ولم يتنظف لم تقبل شهادته وكباش: وهو الذي يلعب بالكبش ويناطح به ودباغ وقراد: وهو الذي يلعب بالقرد ويطوف به في الأسواق ونحوها متكسبا بذلك وحداد ودباب إذا حسنت طريقتهم في دينهم ويكره كسب من صفته دنيته وتقدم أول باب الصيد وأما سائر الصناعات التي لا دناءة فيها فلا ترد الشهادة بها إلا من كان يحلف منهم كاذبا أو يعد ويخلف وغلب هذا عليه أو كان يؤخر الصلاة عن أوقاتها أو لا يتنزه عن النجاسات أو كانت صناعة محرمة: كصناعة المزامير من خشب أو قصب والطنابير أو يكثر في صناعته الربا كالصائغ والصيرفي ولم يتوق ذلك - ردت شهادته وكذا من داوم على استماع المحرمات من ضرب النايات والمزامير والعود والطنبور والرباب ونحو ذلك والصفاقين من نحاس ويضرب بإحداهما على الأخرى فتحرم آلات اللهو اتخاذا واستعمالا وصناعة ولعب فيه قمار وتكرر منه أو سأل من غير أن تحل له المسئلة فأكثر أو بنى حماما للنساء.

فصل: - ومتى زالت الموانع منهم فبلغ الصبي وعقل المجنون وأسلم الكافر وتاب الفاسق - قبلت شهادتهم بمجرد ذلك
فصل: - ومتى زالت الموانع منهم فبلغ الصبي وعقل المجنون وأسلم الكافر وتاب الفاسق - قبلت شهادتهم بمجرد ذلكولا يعتبر في التائب إصلاح العمل وتوبة غير قاذف - ندم وإقلاع وعزم أن لا يعود وإن كان فسقه بترك واجب فلا بد من فعله ويسارع ويعتبر رد مظلمة إلى ربها أو إلى ورثته إن كان ميتا أو يجعله منها في حل ويستمهله معسرا وتوبة قاذف بزنا - أن يكذب نفسه لكذبه حكما،

وتصح توبته قبل الحد لصحتها من قذف وغيبة ونحوهما قبل إعلامه والتحلل منه والقاذف بالشتم ترد شهادته وروايته وفتياه حتى يتوب والشاهد بالزنا إذا لم تكمل البينة تقبل روايته: لا شهادته وتقدم بعضه في القذف وتقبل شهادة العبد حتى في موجب حد وقود: كالحر وتقبل شهادة الأمة فيما تقبل فيه شهادة الحرة ومتى تعينت عليه حرم على سيده منعه منها وتجوز شهادة الأصم في المرئيات وبما سمعه قبل صممه وتجوز شهادة الأعمى في المسموعات إذا تيقن الصوت وبما رآه قبل عماه إذا عرف الفاعل باسمه ونسبه فإن لم يعرفه إلا بعينه قبلت إذا وصفه للحاكم بما يتميز به قال الشيخ: وكذا الحكم إن تعذرت رؤية العين المشهود لها أو عليها أو بها لغيبة أو موت أو عمى وإن شهد عند الحاكم ثم عمى أو خرس أو صم أو جن أو مات لم يمنع الحاكم بشهادته وتقبل شهادة ولد الزنا في الزنا وغيره وتقبل شهادة الإنسان على فعل نفسه: كالمرضعة على إرضاعها وإن كان الإرضاع بأجرة والقاسم على قسمته بعد فراغه ولو بعوض والحاكم على حكمه بعد العزل وشهادة القروي على البدوي وعكسه

باب موانع الشهادة
موانع الشهادة

باب موانع الشهادة
وهي ستة - أحدها: قرابة الولادة فلا تقبل شهادة عمودي النسب بعضهم لبعض من والد وإن علا ولو من جهة الأم وولد وإن سفل من ولد البنين والبنات: إلا من زنا أو رضاع وتقبل شهادة بعضهم على بعض ولباقي أقاربه: كلأخيه وعمه، وابن عمه،

وخاله، ونحوهم، والصديق لصديقه والمولى لعتيقه وعكسه ولو أعتق عبدين فادعى رجل أن المعتق غصبهما منه فشهد العتيقان بصدق المعدي لم تقبل شهادتهما لردهما إلى الرق وكذا لو شهدا بعد عتقهما أن معتقهما كان غير بالغ حال العتق أو يجرح شاهدي حريتهما وكذا لو عتقا بتدبير أو وصية فشهدا بدين يستوعب التركة أو وصية مؤثرة في الرق.
الثاني : الزوجية فلا تقبل شهادة أحد الزوجين لصاحبه ولو بعد الفراق إن كانت ردت قبله وإلا قبلت وتقبل عليه في غير الزنا ولا شهادة السيد لعبده ولا العبد لسيده.
قال ابن نصر الله: لو شهد عند الحاكم من لا تقبل شهادة الحاكم له عند الأجنبي كشهادة ولد الحاكم أو والده أو زوجته فيما تقبل فيه شهادة النساء - يتوجه عدم قبولها وقال: لو شهد على الحاكم بحكمه من شهد عنده بالمحكوم فيه - الأظهر لا تقبل وقال: تزكية الشاهد رفيقه في الشهادة لا تقبل - انتهى ولو شهد اثنان على أبيهما بقذف ضرة أمهما وهي تحته أو طلاقها قبلت قال في الترغيب ومن موانعها العصبية فلا شهادة لمن عرف بها وبالإفراط في الحمية لتعصب قبيلة على قبيلة وإن لم تبلغ رتبة العداوة ومن حلف مع شهادته لم ترد.
الثالث : أن يجر إلى نفسه نفعا: كشهادة السيد لمكاتبة والمكاتب لسيده والوارث بجرح موروثه قبل اندماله فلا تقبل وتقبل له بدينه في مرضه فلو حكم بهذه الشهادة لم يتغير الحكم بعد موته ولا تقبل

شهادة الوصي للميت ولو بعد عزله وفراغ الإجارة وانفصال الشريك ولا أحد الشفيعين بعفو الآخر عن شفعته أو بيع الشقص الذي تجب فيه الشفعة وإن أسقط شفعته قبل الحكم بشهادته قبلت: لا بعد الرد ولا غريم لمفلس بمال بعد الحجر أو لميت له عليه دين بمال ولا مضارب بمال المضاربة ولا حاكم ولا وصي لمن في حجره وتقبل عليه ولا تقبل لمن له كلام واستحقاق في شيء وإن قل: كرباط ومدرسة.
الرابع : أن يدفع عن نفسه ضررا: كشهادة العاقلة بجرح شهود الخطأ والغرماء بجرح شهود الدين على المفلس والسيد بجرح من شهد على مكاتبه أو عبده بدين والوصي بجرح الشاهد على الأيتام والشريط بجرح الشاهد على شريكه كشهادة من لا تقبل شهادته لإنسان إذا شهد بجرح الشاهد عليه ولا تقبل شهادة الضامن للمضمون عنه بقضاء الحق والإبراء منه ولا شهادة بعض غرماء المفلس على بعض بإسقاط دينه أو استيفائه ولا من أوصى له بمال على آخر بما يبطل وصيته إذا كانت وصيته يحصل بها مزاحمة: إما لضيق الثلث عنها أو لكون الوصيتين بمعين وتقبل فتيا من يدفع عن نفسه ضررا بها.
الخامس : العداوة الدنيوية: كشهادة المقذوف على قاذفه والزوج على امرأته بالزنا ولا المقتول وليه على القاتل والمجروح على الجارح والمقطوع عليه الطريق على قاطعه فلو شهدوا أن هؤلاء قطعوا الطريق علينا أو على القافلة لم تقبل وإن شهدوا أن هؤلاء قطعوا الطريق بل هؤلاء - قبلت وليس للحاكم أن يسألهم هل قطعوا الطريق عليكم

معهم؟ وإن شهدوا أنهم عرضوا لنا وقطعوا الطريق على غيرنا قبلت ويعتبر في عدم قبول الشهادة كون العداوة لغير الله: سواء كانت موروثة أو مكتسبة فأما العداوة في الدين: كالمسلم يشهد على الكافر والمحق من أهل السنة يشهد على المبتدع فلا ترد شهادته لأن الدين يمنعه من ارتكاب محظور في دينه وتقبل شهادة العدة لعدوه وتقبل عليه في عقد نكاح ومن شهد بحق مشترط بين من ترد شهادته له وبين من لا ترد لم تقبل لأنها لا تتبعض في نفسها ومن سره مساءة أحد أو غمه فرحا وطلب له الشر ونحوه فهو عدوه.
السادس : من شهد عند حاكم فردت شهادته بتهمة لرحم أو زوجية أو عداوة أو طلب نفع أو دفع ضرر ثم زال المانع فأعادها لم تقبل كما لو ردت لفسق ثم أعادها بعد التوبة ولو لم يشهد بها الفاسق عند الحاكم حتى صار عدلا قبلت وإن ردت لكفر أو صغر أو جنون أو خرس نم أعادها بعد زوال المانع - قبلت وإن شهد عنده ثم حدث مانع لم يمنع الحكم إلا كفر أو فسق أو تهمة فأما عداوة ابتدأها مشهود عليه كقذفه البينة لما شهدت عليه لم ترد شهادتها بذلك وكذا مقاولته وقت غضب ومحاكمة بدون عداوة ظاهرة سابقة وإن حدث مانع بعد الحكم لم يستوف حد ولو قذفا ولا قود بل مال وإن شهد لمكاتبه أو لموروثه بجرح قبل برئه فردت ثم أعادها بعد العتق والبرء لم تقبل.

باب ذكر المشهود به وعدد شهوده
باب ذكر المشهود وعدد شهوده

باب ذكر المشهود به وعدد شهوده
لا يقبل في الزنا واللواط أقل من أربعة رجال وكذا الإقرار به يشهدون أنه أقر أربعا فإن كان المقر بهما أعجميا قبل فيه ترجمانان ومن عزر بوطء فرج من بهيمة وأمة مشتركة ونحوها ثبت برجلين ولا يقبل قول من عرف بالغني أنه فقير إلا بثلاثة وتقدم لا تثبت بقية الحدود بأقل من رجلين وكذا القود ويثبت القود بإقراره مرة ولا يقبل فيما ليس بعقوبة ولا مال ويطلع عليه الرجال غالبا: كنكاح وطلاق ورجعة ونسب وولاء وإيصاء وتوكيل في غير مال وتعديل شهود وجرحهم - أقل من رجلين ويقبل في موضحة ونحوها وداء دابة - طبيب واحد وبيطار واحد مع عدم غيره فغن لم يتعذر فاثنان فإن اختلفا قدم قول مثبت ويقبل في ماله وما يقصد به المال كالبيع وأجله خياره ورهن ومهر وتسميته ورق مجهول النسب وإجارة وشركة ومصلح وهبة وإيصاء في مال وتوكيل فيه وقرض وجناية الخطأ ووصية لمعين ووقف عليه وشفعة وحوالة وغصب وإتلاف وما ل وضمانة فسخ عقد معاوضة ودعوى قتل كافر لأخذ سلبه ودعوى أسير تقدم إسلامه لمنع رق وعتق وكتابة وتدبير ونحو ذلك - رجلان أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين المدعي وجب تقديم الشاهد على اليمين ولا يشترط في يمينه أن يقول: وإن شاهدي صادق في شهادته وكل موضع قبل فيه شاهد ويمين فلا فرق بين كون المدعي مسلما أو كافرا أو عدلا،

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9