كتاب : الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : شرف الدين موسى بن أحمد بن موسى أبو النجا الحجاوي

وإن كان الرهن فحولا لم يكن له إطراقها بغير رضا المرتهن: إلا أن تتضرر بتركه فيجوز: كالمداواة ويمنع من قطع أصبع زائدة وسلعة فيها خطر ويمنع من ختانه إلا مع دين مؤجل يبرأ قبل أجله والزمان معتدل لا يخاف عليه فيه وللمرتهن مداواة ماشية لمصلحة وليس للراهن الانتفاع بالرهن باستخدام ولا وطء الأمة ولو آيسة أو صغيرة ولا سكنى ولا التصرف فيه بإجارة ولا إعارة ولا غير ذلك بغير رضا المرتهن وتكون منافعه معطلة فإن كانت دارا أغلقت وإن كان عبدا أو غيره تعطلت منافعه حتى يفك الرهن ويصح رهن الأمة المزوجة وليس له تزويج الأمة المرهونة فإن فعل لم يصح ولا وطؤها فإن فعل فلا حد عليه ولا مهر وإن أتلف جزءا منها أو نقصها: مثل إن افتض البكر أو أفضاها فعليه قيمة ما أتلف فإن شاء جعله رهنا معها وإن شاء جعله قضاء من الحق إن لم يكن حل وإن كان قد حل جعله قضاء لا غير وإن أولدها بأن أحبلها بعد لزوم الرهن و ولدت ما تصير به أم ولد خرجت من الرهن وأخذت منه قيمتها حين أحبلها فجعلت رهنا: إلا أن يكون الوطء بإذن المرتهن فإن إذن ثم رجع فكمن لم يأذن وإن اختلفا في الإذن فالقول قول من ينكر وإن أقر المرتهن بالأذن وأنكر كون الولد من الوطء المأذون فيه أو قال: هو من زوج أو زنا فقول الراهن بغير يمين وإن اعترف المرتهن بالأذن في الوطء وبالوطء وبالولادة ويمضي مدة بعد الوطء يمكن أن تلده فيها اعتبر مضي ستة أشهر من وطئه و لو أذن في ضربها

فضربت فتلفت فلا ضمان عليه وإذا رهنها فبانت حائلا أو حاملا بولد لا يلحق الراهن فالرهن بحاله وكذلك إن كان يلحق به لكن لا تصير به أم ولد: مثل أن وطئها وهي زوجته ثم ملكها ثم رهنها وإن بانت حاملا بما تصير به أم ولد بطل الرهن ولا خيار للمرتهن ولو كان مشروطا في البيع وإن أقرا الراهن بالوطء بعد لزوم الرهن قبل في حقه ولا يقبل في حق المرتهن1 وإن أذن مرتهن لراهن في بيع الرهن بشرط أن يجعل ثمنه رهنا مكانه أو إذن في بيعه بعد حلول الدين صح البيع وبطل الرهن في عينه وصار الثمن رهنا ويأخذ الدين الحال منه وما سواه يبقى رهنا إلى اجله وبدونهما: أي حلول الدين أو شرط ثمنه رهنا يبطل الرهن بالبيع فإن اختلفا في الأذن فقول مرتهن فإن أقر به واختلفا في شرط جعل ثمنه رهنا فقول الراهن وإن أذن له في بيعه بشرط أن يعجل دينه من ثمنه صح البيع ولغا الشرط ويكون الثمن رهنا وللمرتهن الرجوع في كل تصرف أذن فيه قبل وقوعه فإن ادعى أنه رجع قبل البيع لم يقبل لأنه تعلق به حق ثالث ولو ثبت رجوعه وتصرف الراهن جاهلا رجوعه لم ينفذ تصرفه ونماء الرهن منفصلا كان أو متصلا وكسبه وغلاء ثمنه وصوفه ولبنه وورق شجرة المقصود ومهره وأرش الجناية عليه الموجبة للمال وما يسقط من ليفه وسعفه وعراجينه وزرجون الكرم2
ـــــــ
1 معنى قبول إقرار الراهن في حقه وحده أن نسب الولد لو ظهر بها حمل يلحقه وعدم قبوله في حق المرتهن إن هذا الإقرار لا يبطل الرهن وتظل الأمة في حوزته حتى يثبت ما يقتضي إخراجها من الرهن ببينة أو حمل فتكون قيمتها حينئذ مكانها على ما تقدم.
2 الزرجون بفتح الزاي والراء القضبان.

وما قطع من الشجر من حطب وانقاض الدار تكون رهنا في يد من الرهن في يده كالأصل فتباع معه إذا بيع وتأتي الجناية الموجبة للقصاص وإذا رهن أرضا أو دارا أو غيرهما تبعه في الرهن ما يتبع في البيع من شجر وغيره وما لا فلا.

حكم مؤنة الرهن
فصل:- ومؤنة الرهن من طعامه
وكسوته ومسكنه وحفظه وكفنه وبقية تجهيزه أن مات وأجرة مخزنه إن كان مخزونا وسقيه وتلقيحه وزباره1 وجذاذه ورعي ماشية ورده من إباقه ومداواته لمرض أو جرح وختانه - على الراهن فإن تعذر أخذ ذلك من الراهن بيع منه فيما يجب عليه فعله بقدر الحاجة فإن خيف استغراقه بيع كله وعلى الراهن تجفيف الثمرة إذا احتاجت إليه والحق مؤجل وإن كان حالا بيعت وإن اتفقا على بيعها وجعل ثمنها رهنا بمؤجل جاز فإن اختلفا قدم قول من يستبقيها: إلا أن تكون مما تقل قيمته بالتجفيف وقد جرت العادة ببيعه رطبا فيباع ويجعل ثمنه رهنا وإن اتفقا على قطعها في وقت جاز: حالا كان الحق أو مؤجلا أو كان الأصلح القطع أو الترك ويقدم قول من طلب الأصلح إن كان ذلك قبل حلول الحق: وإلا قول من طلب القطع وإن كانت الثمرة مما لا ينتفع بها قبل كمالها لم يجز قطعها قبله ولم يجبر عليه وإن أراد الراهن السفر بالماشية ليرعاها في مكان آخر وكان لها في مكانها مرعى تتماسك به فللمرتهن منعه وإن أجدب
ـــــــ
1 الزبار: تقليم الأغصان الرديئة.

مكانها فلم تجد ما تتماسك به فله السفر بها: إلا أنها تكون في يد عدل يرضيان به أو ينصبه الحاكم ولا ينفرد الراهن بها فإن امتنع الراهن من السفر بها فللمرتهن نقلها وإن أراد السفر بها واختلفا في مكانها قدم من يعين الأصلح فإن استويا قدم قول المرتهن وأيهما أراد نقلها عن البلد مع خصبه إلى مثله أو أخصب منه لم يكن له ذلك وإن اتفقا عليه جاز ولا يجبر الراهن على مداواة الرهن ولا إنزاء الفحل على الإناث ونحو ذلك ما لا يحتاج إليه لبقاء الرهن وإن جربت الماشية فللراهن دهنها بما يرجى نفعه ولا يخاف ضرره كالقطران والزيت اليسير وإن خيف ضرره كالكثير فللمرتهن منعه وهو أمانة في يد المرتهن ولو قبل العقج كما بعد الوفاء أو الإبراء وإن تلف بغير تعد منه أو تفريط فلا شيء عليه كما لو تلف تحت يد العدل وليس عليه رده: كالوديعة فإن سأله مالكه دفعه إليه لزم من هو في يده من المرتهن أو العدل دفعه إليه إذا أمكنه فإن لم يفعل صار ضامنا وإن تعدى فيه أو فرط زال ائتمانه: كوديعة ويصير مضمونا والرهن بحاله ولا يسقط بهلاكه شيء من دينه: كدفع عبد يبيعه ويأخذ حقه من ثمنه وكحبس عين مؤجرة بعد الفسخ على الأجرة ويتلفان بخلاف حبس البائع المبيع المتميز على ثمنه فإنه يسقط بتلفه وإذا تلف الرهن لم يلزم الراهن أن يرهن مكانه رهنا آخر وإن قضي بعض دينه أو أبرأه منه وببعضه رهن أو كفيل وقع مما نواه الدافع أو المبرىء والقول قوله في النية واللفظ فإن أطلق صرفه إلى أيهما شاء وإن تلف

بعض الرهن فباقيه رهن بجميع الدين ولو عينين تلفت إحداهما ولا ينفك شيء من الرهن ولو أمكن قسمته حتى يقضي جميع الدين حتى ولو قضي أحد الوارثين ما يخصه من دين رهن ويقبل قوله في التلف دون الرد وإن ادعاه بحادث ظاهر قبل قوله فيه ببينة تشهد بالحادث ثم قوله في تلفه به بدونها وإن رهنه عند رجلين فوفي أحدهما أو رهنه رجلان شيئا فوفاه أحدهما أنفك في نصيبه: كتعدد العقد فإن أراد من انفك نصيبه مقاسمة المرتهن وكان الرهن مما لا تنقصه القسمة فله ذلك وإلا فلا ويقيد في يد المرتهن بعضه رهن وبعضه وديعة وإذا حل الدين لزم الراهن الإيفاء فإن امتنع من وفائه فإن كان الراهن إذن للمرتهن أو العدل في بيعه باعه و وفى الدين: لكن لو باعه العدل اشترط إذن المرتهن ولا يحتاج إلى تجديد إذن الراهن ويجوز للعدل أو المرتهن بيع قيمة الرهن كأصله بالأذن الأول فإن لم يكن أذن أو أذن ثم عزله رفع الأمر إلى حاكم فيجبره على وفاء الدين أو بيع الرهن فإن لم يفعل حبسه أو عزره ليبيعه فإن أبى باعه عليه وقضى الدين وحكم الغائب حكم الممتنع من الوفاء قال الشيخ: ومتى لم يكن بيع الرهن إلا بخروج المديون من الحبس أو يمشي معه هو أو وكيله.

قبض الرهن لمن رضياه وكيلا
فصل:- وإذا قبض الرهن من تراضي المتراهنان
أن يكون على يده صح قبضه وكان وكيلا للمرتهن وقام قبضه مقام قبض المرتهن في اللزوم به إذا كان ممن يجوز توكيله: وهو الجائز التصرف مسلما كان أو كافرا

عدلا أو فاسقا ذكرا أو أنثى: لا صبيا فإن فعلا فقبضه وعدمه سواء ولا عبدا بغير إذن سيده ولا مكاتبا بغير جعل وإن شرط جعله في يد اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بحفظه ويمكن اجتماعهما في الحفظ: بان يجعلاه في مخزن عليه لكل واحد منهما قفل فإن سلمه أحدهما إلى الآخر فعليه ضمان النصف فإن مات أحدهما أو تغيرت حله بفسق أو ضعف عن الحفظ أو عداوة - أقيم مقامه عدل يضم إلى الآخرة وليس للراهن ولا للمرتهن إذا لم يتفقا ولا للحاكم نقل الرهن عن يد من تشارطا أن يكون على يده إن كان عدلا ولم تتغير حاله عن الأمانة ولا حدثت بينه وبين أحدهما عداوة وله رده عليهما وعليهما قبوله فإن امتنعا اجبرهما الحاكم فإن دفعه إلى أمين من غير امتناعهما ضمن الحاكم والأمين معا وكذلك لو تركه العدل عند آخر مع وجودهما ضمن العدل والقابض فإن امتنعا ولم يجد حاكما فتركه عند عدل آخر لم يضمن وإن امتنع أحدهما لم يكن له دفعه إلى الآخر فإن فعل ضمن فإن كانا غائبين أو نغيبا وكان للعدل عذر من مرض أو سفر أو نحوه دفعه فقبضه أو اقبضه الحاكم عدلا فإن لم يجد حاكما أودعته ثقة فإن أودعه الثقة مع وجود الحاكم ضمن وإن لم يكن له عذر وكانت الغيبة دون مسافة القصر فكما لو كانا حاضرين وإن كان أحدهما غائبا وحده فحكمهما حكم الغائبين وليس له دفعه إلى الحاضر منهما وكل موضع قلنا يجوز له دفعه إلى أحدهما إذا دفعه إليه فعليه رده إلى يده فإن لم يفعل ضمن حق الآخر وإن اتفقا على

نقله عن يده جاز وكذلك لو كان الرهن في يد المرتهن فلم تتغير حاله لم يكن للراهن ولا للحاكم نقله عن يده فإن تغير حال العدل بفسق أو ضعف أو حدثت عداوة بينه وبينهما أو بينه وبين أحدهما فلمن طلب نقله عن يده ذلك ويضعانه في يد من اتفقا عليه فإن اختلفا وضعه الحاكم عند عدل وإن اختلفا في تغيير حاله بحث الحاكم وعمل بما ظهر له: وهكذا لو كان في يد المرتهن فتغيرت حاله في الثقة والحفظ فللراهن رفعه عن يده إلى الحاكم ليضعه في يد عدل وإن مات العدل أو المرتهن لم يكن لورثتهما إمساكه إلا برضاهما فإن اتفقا عليه أو على عدل يضعانه عنده فلهما ذلك وإن اختلف عند موت العدل أو اختلف الراهن ورثة المرتهن رفعا الأمر إلى الحاكم ليضعه بيد عدل وإن أذن الراهن والمرتهن للعدل في البيع أو أذن الراهن للمرتهن فيه وعين نقدا تعين وإلا لم يبع إلا بنقد البلد فإن كانت فيه نقود باع بأغلبها فإن تساوت باع بجنس الدين فإن لم يكن فيه جنس الدين باع بما بدا أنه أصلح فإن تساوت عين حاكم وإن اختلف الراهن والمرتهن على العدل في تعيين النقد لم يسمع قول واحد منهما ويرفع العدل الأمر إلى الحاكم فيأمره ببيعه بنقد البلد: سواء كان من جنس الحق أو لم يكن وافق قول أحدهما أو لا وحكمه في البيع حكم الوكيل في وجوب الاحتياط والمنع من البيع بدون ثمن المثل وغير ذلك: لكن لا يبيع ها نساء ومتى خالف لزمه ما يلزم الوكيل المخالف وإن قبض الثمن فتلف في يده من غير تعد ولا تفريط: ويقبل قوله في تلفه: فمن ضمان الراهن.

حكم ما لو ظهر الرهن مستحقا
فصل:- وإن استحق الرهن المبيع
رجع المشتري على الراهن أن أعلمه العدل أنه وكيل وإلا فعلى العدل: وهكذا كل وكيل باع ما ل غيره فإن علم المشتري بعد تلف الثمن في يد العدل رجع أيضا على الراهن ولا شيء على العدل فأما المرتهن فقد بان له أن عقد الرهن كان فاسدا: فإن كان مشروطا في البيع ثبت له الخيار فيه وإلا سقط حقه وإن كان الراهن مفلسا حيا أو ميتا كان المرتهن والمشتري أسوة الغرماء وإن خرج مستحقا بعد دفع الثمن إلى المرتهن رجع المشتري على المرتهن وإن كان المشتري رده بعيب لم يرجع على المرتهن ولا على العدل ويرجع على الراهن وإن كان العدل حين باعه لم يعلم المشتري أنه وكيل كان الرجوع عليه ويرجع هو على الراهن إن أقر العدل بالعيب أو ثبت ببينة وإن أنكر فقوله مع يمينه فإن نكل فقضي عليه بالنكول ورجع المشتري عليه لم يرجع العدل على الراهن لأنه يقول أن المشتري ظلمه وإن تلف المبيع في يد المشتري ثم بان مستحقا قبل وزن ثمنه فللمغصوب منه تضمين من شاء من الغاصب والعدل والمرتهن والمشتري ويستقر الضمان على المشتري ولو لم يعلم لأن التلف في يده وإن ادعى العدل دفع الثمن إلى المرتهن فأنكر ولم يكن قضاه ببينة ولا حضور راهن ضمن كما لو أمره بالأشهاد فلم يفعل ولا يقبل قوله عليهما في تسليمه لمرتهن فيحلف مرتهن ويرجع على أيهما شاء فإن رجع على العدل لم يرجع العدل على أحد وإن رجع على راهن رجع على العدل وإن دفعه

العدل إلى المرتهن بحضرة الراهن أو ببينة وسواء كانت حاضرة أو غائبة حية أو ميتة إن صدقه المرتهن لم يرجع عليه - ويأتي حكم الوكيل - وإن غصب المرتهن الرهن من العدل ثم رده إليه زال عنه الضمان ولو كان الرهن في يد المرتهن فتعدى ثم زال التعدى أو سافر به ثم رده لم يزل عنه الضمان وإذا استقرض ذمي من مسلم مالا فرهنه خمرا لم يصح: سواء جعله في يد ذمي أو غيره فإن باعها الراهن أو نائبه الذمي وجاء المقرض بثمنها لزمه قبوله فإن أبى قيل له: أما أن تقبض وأما أن تبرىء وإن جعلها في يد مسلم فباعها المسلم لم يجبر المرتهن على قبول الثمن وإن شرط أن يبيع المرتهن أو العدل الرهن صح ولم يؤثر فيه: وكذا كل شرط وافق مقتضى العقد وإن عزلهما أو مات - عزلا: علما أولم يعلما وإن أتلف الرهن في يد العدل أجنبي فعلى المتلف بدله يكون رهنا في يده بمجرد الأخذ وله المطالبة به فإن كان البدل من جنس الدين وقد أذن له في وفائه من ثمن الرهن ملك إيفاءه منه وإن شرط شرطا لا يقتضيه العقد: كالمحرم والمجهول المعدوم وما لا يقدر على تسلميه ونحوه أو ينافيه: نحو إلا يباع عند حلول الحق أو لا يباع ما خيف تلفه أو بيعه بأي ثمن كان أو لا يبيعه إلا بما يرضيه أو ينتفع به الراهن والمرتهن أو كونه مضمونا على المرتهن أو العدل أو لا يقبضه إن جاءه بحقه في محله وإلا فالرهن له بالدين أو الراهن بمبيع له بالدين الذي له عليه أو لا يستوفي الدين من ثمنه أو شرطا الخيار للراهن أو لا يكون العقد لازما في حقه أو توقيت الرهن أو يكون الرهن يومأ ويوما لا أو كون

الرهن في يد الراهن - فالشرط فاسد والرهن صحيح: لكن إذا لم يكن مقبوضا فغير لازم وإن كان مجهولا أو محرما ونحوه فباطل وإذا رهنه أمة وشرط كونها عند امرأة أو ذي محرم لها أو كونها في يد المرتهن أو أجنبي على وجه لا يفضى إلى الخلوة بها: مثل أن يكون لهما زوجات أو سراري أو نساء من محارمهما في دارهما جاز وإن لم يكن كذلك فسد الشرط لإفضائه إلى الخلوة المحرمة ولا يفسد الرهن ويجعلها الحاكم على يد من يجوز أن تكون عنده وإن كان مرتهن العبد امرأة لا زوج لها فشرطت كونه عندها على وجه يفضي إلى خلوته بها لم يجز أيضا وإن قال الغريم رهنتك عبدي هذا على أن تزيد لي في الأجل كان باطلا وإذا فسد الرهن وقبضه المرتهن فلا ضمان عليه وكل عقد كان صحيحا مضمونا أو غير مضمون ففاسده كذلك فإن كان مؤقتا أو شرط أنه يصير للمرتهن بعد انقضاء مدته صار بعد ذلك مضمونا لأنه مقبوض بحكم بيع فاسد وحكم الفاسد العقود حكم الصحيح في الضمان.

حكم ما لو اختلفا في قدر الدين
فصل:- وإذا اختلفا في قدر الدين الذي به الرهن
نحو أن يقول الراهن رهنتك عبدي هذا بألف فقال المرتهن: بل بألفين أو في قدر الرهن نحو أن يقول رهنتك هذا فقال المرتهن: وهذا أيضا فقول راهن بيمينه أو رده أو قال: رهنتك بالمؤجل من الألفين فقال: بل بالحال أو قال: ببعض الدين فقال المرتهن بل بكله أو قال: أقبضتك عصيرا في عقد شرط فيه رهنه فقال: بل خمرا أو اختلفا في عين الرهن: نحو رهنتك هذا فقال المرتهن ك بل هذا فقول الراهن مع يمينه وإن اختلفا في تلف العين أو في قيمتها حيث لزمت المرتهن فقوله وإن ابرأه المرتهن من أحد الدينين

واختلفا في تعيينه فقول مرتهن وإن قال: رهنتك هذا العبد فقال: بل هذه الجارية خرج العبد من الرهن وحلف الراهن أنه ما رهنه الجارية وخرجت من الرهن أيضا وإن ادعى المرتهن أنه قبضه منه قبل قوله إن كان بيده ولو كان بيد رجل عبد فقال الآخر: رهنتني عبدك هذا بألف فقال: بل غصبته أو هو وديعة عندك أو عارية فقول السيد: سواء اعترف السيد بالدين أو جحده ولو قال: أرسلت وكيلك فرهن عندي هذا على ألفين قبضهما مني فقال: ما أذنت له إلا في رهنه بألف: فإن صدق الرسول الراهن حلف الرسول ما رهنه إلا بألف ولا قبض إلا ألفا ولا يمين على الراهن فإذا حلف الوكيل برئا جميعا أي الرسول والراهن وإن نكل فعليه الألف المختلف فيه ولا يرجع به على أحد وإن صدق المرتهن فقول الراهن مع يمينه فإن نكل قضي عليه بالألف ويدفع إلى المرتهن وإن حلف بريء وعلى الرسول الألف ويبقى الرهن بالألف وإن عدم الوكيل أو تعذر أحلافه فعلى الراهن اليمين أنه ما أذن في رهنه إلا بألف ولا قبض أكثر منه وبقي الرهن بألف ولو قال: رهنتك عبدي الذي بيدك بألف قال: بل بعتنيه بها أو قال: بعتكه به فقال: بل رهنتنيه ولا بينة حلف كل منهما على نفي ما ادعى عليه به وسقط ويأخذ الراهن وهنه ويبقى الألف بلا رهن وكل أمين يقبل قوله في الرد فطلب منه فليس له تأخيره حتى يشهد عليه ولو قلنا يحلف وكذا مستعير ونحوه لا حجة عليه وإن كان عليه حجة فله تأخيره: كدين بحجة فإذا قبض الوديعة ببينة

دفعها ببينة ولا يلزمه دفع الوثيقة بل الإشهاد بأخذه قال في الترغيب: لا يجوز للحاكم إلزامه به وكذا الحكم في تسليم بائع كتاب ابتياعه إلى مشتر - ويأتي أخر الوكالة - وإن أقر الراهن أنه اعتق العبد قبل رهنه وكذبه المرتهن عتق وأخذت منه قيمته إن كان موسرا وجعلت رهنا: كما لو باشر عتقه وإن أقر انه كان جنى أو أنه باعه أو غصبه قبل على نفسه ولم يقبل على المرتهن: إلا أن يصدقه ويلزم المرتهن اليمين أنه ما يعلم ذلك فإن نكل قضي عليه.

حكم حلب الرهن و ركوبه
فصل:- وإذا كان مركوبا أو محلوبا
فله أن يركب ويحلب حيوانا ولو أمة مرضعة بغير إذن راهن بقدر نفقته نصا متحريا للعدل في ذلك وسواء أنفق مع تعذر النفقة من الراهن بغيبة أو امتناع أو مع القدرة على أخذ النفقة منه أو استثنائه ولا ينهكه فإن فضل من اللبن شيء باعه المأذون له وإلا باعه الحاكم وإن فضل من النفقة شيء1 رجع به على راهن وإن لم يرجع: إذا أنفق: على الراهن في غير هذه الصورة في ظاهر كلامهم وإن كان متطوعا لم يرجع: ولا يجوز للمرتهن في غير المركوب والمحلوب فلا ينفق على العبد والأمة ويستخدمهما بقدر النفقة2 وللمرتهن أن ينتفع بالرهن
ـــــــ
1 معنى قوله: فإن فضل من النفقة شيء ألا يكفي ثمن لبنها لنفقتها بل أكملها من عنده.
2 يريد ليس له أن ينفق على العبد والجارية ثم يستخدمها بقدر نفقتها كما كان له ذلك في المركوب والمحلوب.

بإذن راهن مجانا ولو بمحاباة: ما لم يكن الدين قرضا وإن استأجره المرتهن أو استعاره لم يخرج بذلك عن الرهن لأن القبض مستدام: لكن يصير في العارية مضمونا وإن انتفع بغير أذن الراهن فعليه أجرته وإن تلف الرهن ضمنه لتعديه وإن انفق على الرهن بغير أذن راهن مع إمكانه فمتبرع ولو نوى الرجوع وإن عجز عن استئذانه رجع بالأقل مما أنفق ونفقة مثله إذا نوى الرجوع و لو قدر على استئذان حاكم ولم يستأذنه ولم يشهد وكذا وديعة وجمال ونحوها إذا هرب صاحبها وتركها في يد مكتر - وتأتي هذه في الإجارة - وإن انهدمت الدار فعمرها المرتهن بغير أذن الراهن لم يرجع به ولو نوى الرجوع: لكن له أخذ أعيان آلته.

حكم جناية الرهن
فصل:- وإن جنى الرهن
جناية موجبة للمال على بدن أو مال تستغرق قيمته تعلق أرشها برقبته وقدمت على حق المرتهن وخير سيده بين فدائه بالأقل من قيمته أو أرش جنايته ويبقى الرهن بحاله وبين بيعه في الجناية أو تسليمه إلى ولي الجناية فيملكه ويبطل الرهن فيهما فإن لم يستغرق الأرش قيمته بيع منه بقدره وباقيه رهن فإن تعذر بيع بعضه بيع كله ويكون باقي ثمنه رهنا وإن فداه مرتهن بأذن راهن غير متبرع رجع به وإلا لم يرجع و لو نوى الرجوع حتى ولو تعذر استئذانه لأن المالك لم يجب عليه الافتداء هنا فإن فداه المرتهن وشرط أن يكون رهنا بالفداء مع الدين الأول يصح: كما لو رهنه بدين سوى هذا1 وإن كانت جنايته موجبة
ـــــــ
1 وجه ذلك أن رقبة العبد رهينة بالدين الأول، والمشغول لا يشغل.

للقصاص في النفس فلوليها استيفاؤه فإن اقتص بطل الرهن كما لو تلف وإن كانت في طرف اقتص منه وبقي الرهن في باقيه ولو عفا على مال تعلق برقبة العبد ولو صار كالجناية الموجبة للمال - ويأتي حكم جنايته عمدا وخطا في مقادير الديات بأتم من هذا - وإن جنى المرهون بأذن سيده وكان يعلم تحريم الجناية وأنه لا يجب عليه قبول ذلك من سيده فكالجناية بغير أذنه وإن كان صبيا أو أعجميا لا يعلم ذلك فالجاني هو السيد يتعلق به موجب الجناية ولا يباع العبد فيها موسرا كان السيد أو معسرا وحكم إقرار العبد بالجناية حكم إقرار غير المرهون وإن جنى عليه جناية موجبة للقصاص أو غيره فالخصم سيده فإن أخر المطالبة لغيبة أو عذر من غيره فللمرتهن المطالبة - ويأتي آخر الوديعة بعض ذلك - ولسيده القصاص بأذن مرتهن وبدونه إن أعطاه ما يكون رهنا فإن اقتص في نفس أو دونها أو عفا على مال فعليه قيمة اقلهما قيمة تجعل رهنا مكانه وإن كانت الجناية على سيد العبد: فإن كانت إتلاف مال أو موجبة للمال فهو هدر وإن كانت موجبة للقود وكانت على ما دون النفس وعفا السيد على مال أو غير مال سقط القصاص ولم يجب المال وإن اقتص فعليه قيمته تكون رهنا مكانه أو قضاء عن الدين وكذلك إن كانت الجناية على النفس فاقتص الورثة وتجب عليهم القيمة وليس لهم العفو على مال عفوا فعلى ما ذكرناه1 وإن جنى العبد المرهون على عبد سيده: فإن لم يكن مرهونا فكالجناية على
ـــــــ
1 يريد سقط القصاص بالعفو وسقط المال لأنه عائد عليهم من مملوكهم فكأنه واجب عليهم لأنفسهم ولا نتيجة لذلك، وقد تقدم لك قريبا نظير هذا.

طرف سيده وإن كان مرهونا عند مرتهن القاتل والجناية موجبة للقصاص فإن اقتص السيد بطل الرهن في المجني عليه1 وعليه قيمة المتقص منه وإن عفا على مال أو كانت موجبة للمال وكان رهنا بحق واحد فجنايته هدر2 وإن كان كل واحد منهما رهنا منفرد فإن كان الحقان سواء وقيمتهما سواء فالجناية هدر وإن اختلف الحقان واتفق القيمتان: مثل أن يكون دين أحدهما ودين الآخر مائتين3 وقيمة كل واحد منهما مائة: فإن كان دين القاتلك أكثر لم ينقل إلى دين المقتول وإن كان دين المقتول أكثر نقل إلى القاتل بحاله ولا يباع وإن اتفق الدينان واختلف القيمتان بان يكون دين كل واحد منهما مائة وقيمة أحدهما مائة والآخر مائتين فإن كانت قيمة المقتول أكثر بقي بحاله وإن كانت قيمة الجاني أكثر بيع منه بقدر جنايته يكون رهنا بدين المجني عليه والباقي رهن بدينه وإن اتفقا على تبقيته ونقل الدين إليه صار مرهونا بهما فإن حل أحد الدينين بيع بكل حال وإن اختلف الدينان والقيمتان: كأن يكون
ـــــــ
1 معنى بطلان الرهن أن السيد لا يلزم برهن آخر مكانه حيث لم يكن التعدي بسبب من جهته، والدين باق في ذمته إلى أجله.
2 إنما كان هدرا لأن الدين متعلق بكل منهما، فموت أحدهما لا يؤثر في تعلقه بالآخر. ولا شيء على سيدها، ونظير ذلك ما لو تلف بعض الرهن أو جميعه بآفة سماوية، فغاية الرهن أنه وثيقة، وانعدام الوثيقة لا يضر بالدين.
3 المثال غير كاف في إيضاح اختلاف الحقين لأنه قدرين أحدهما بمائتين ولم يفرض قدرا للثاني ويمكنك اعتبار الدين لمن لم يقدر له المصنف أي مبلغ شئت سوى المائتين حتى يظهر اختلافهما.

أحد الدينين خمسين والآخر ثمانين وقيمة أحدهما مائة والآخر مائتين: فإن كان دين المقتول أكثر نقل إليه وإلا فلا1 وأما إن كان المجني عليه رهنا عند غير مرتهن القاتل واقتص السيد بطل الرهن في المجني عليه وعليه قيمة المقتص منه تكون رهنا وإن عفا على مال ثبت المال في رقبة العبد: فإن كان الأرش لا يستغرق قيمته بيع منه بقدر الأرش يكون رهنا عند مرتهن المجني عليه وباقيه رهن عند مرتهنه وإن لم يمكن بيع بعضه بيع كله وقسم ثمنه بينهما على حسب ذلك يكون رهنا وإن كان يستغرق قيمته نقل الجاني فجعل رهنا عند الآخر وإن كذبه المرتهن وصدقه الراهن فله الأرش ولا حق للمرتهن فيه وإن صدقه المرتهن وحده تعلق حقه بالأرش وله قبضه فإذا قضي الراهن الحق أو أبراه المرتهن رجع الأرش إلى الجاني ولا شيء للراهن فيه وإن استوفى حقه من الأرش لم يملك الجاني مطالبة الراهن لأنه مقر له باستحقاقه وإن كان الرهن أمة فضرب بطنها فألقت جنينا فما وجب فيه وأخذ فهو رهن معها وإن كانت بهيمة ففيه ما نقصها لا غير وإن كانت الجناية موجبة للمال فما قبض منه جعل مكانه: فإن عفا السيد عن المال صح في حقه ولم يصح في حق المرتهن فيؤخذ من الجاني الأرش فيدفع إلى المرتهن فإذا انفك الرهن بأداء راهن أو إبراء راد إلى الجاني ما أخذ منه
ـــــــ
1 معنى نقل الدين من المقتول إلى القاتل في الأمثلة السالفة أن يصير القاتل رهنا بدين المقتول بدل الدين الذي كان هو رهنا به.

وإن استوفاه من الأرش رجع جان على راهن وإن وطىء المرتهن الجارية المرهونة من غير شبهة فعليه الحد والمهر وولده رقيق للراهن رهنا مع أمه وإن وطئها بأذن راهن وادعى الجهالة وكان مثله يجهل ذلك: كمن نشأ ببادية أو حديث عهد بإسلام فلا حد عليه ولا مهر وولده حر لا يلزمه قيمته وإن كان عالما بتحريمه فلا مهر وعليه الحد وولده رقيق وإن وطئها من غير أذن راهن جاهلا التحريم فلا حد وولده حر وعليه الفداء والمهر وله بيع رهن جهل ربه إن أيس من معرفته والصدقة بثمنه بشرط ضمانه ولا يستوفى حقه من الثمن نصا وعنه بلى ولو باعها الحاكم ووفاه جاز ويأتي في الغصب لو بقيت في يده غصوب ونحوها لا يعرف أربابها.

باب الضمان و الكفالة و ما يتعلق بهما
تعريفه
باب الضمان والكفالة وما يتعلق بهما
الضمان: التزام من يصح تبرعه أو مفلس برضاهما ما وجب أو يجب على غيره مع بفائه عليه: غير ضمان مسلم جزيته وكفالته من هي عليه فلا يصح فيهما ويصح بلفظ ضمين وكفيل وقبيل وحميل وصبير وزعيم وضمنت دينك أو تحملته وضمنت إيصاله أو هو على نحوه فإن قال أنا أؤدي أو أحضر لم يصر ضامنا - وقال الشيخ: قياس المذهب يصح بكل لفظ فهم منه الضمان عرفا: مثل زوجه وأنا أؤدي الصداق أو بعه وأنا أعطيك أو أتركه ولا تطالبه وأنا أعطيك ونحو ذلك - وإن ضمن وهو مريض مرضا غير مخوف أو مخوفا ولم

يتصل به الموت فكالصحيح ويصح الضمان من اخرس بإشارة مفهومة ولا يثبت بكتابته منفردة عن إشارة يفهم بها أن قصد الضمان لأنه قد يكتب عبثا و تجربة قلم ومن لا تفهم إشارته لا يصح ضمانه وكذلك سائر تصرفاته ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما لثبتوته في ذمتيهما جميعا ومطالبتهما معا في الحياة والموت ولو كان المضمون عنه باذلا: فإن أحال رب الحق أو أحيل أو زال العقد بريء الضامن والكفيل وبطل الرهن إن كان فإن بريء المضمون عنه بريء الضامن وإن بريء الضامن أو أقر ببراءته كقوله: برئت من الجين أو أبراتك لم يكن مقرا بالقبض ولم يبرا مضمون عنه والقائل برئت إلى من الدين مقر بقبضته ووهبتك الحق تمليك له فيرجع على مديون ويصح أن يضمن الحق عن الواحد اثنان فأكثر سواء ضمن كل واحد جميعه أو جزءا منه فإن قال: كل واحد منا ضامن من لك الألف فهو ضمان اشتراك في انفراد له مطالبتهما معا بالألف ومطالبة أحدهما به فإن قضاه أحدهما لم يرجع إلا على المضمون عنه فإن أبرا المضمون عنه بريء الجميع وإن أبرا أحد الضامنين بريء وحده وإن ضمن أحدهما صاحبه لم يصح وإن قال: ضمنا لك الألف فهو بينهما بالحصص فكل واحد منهما ضامن لحصته ولو تكفل بالواحد اثنان صح ويصح أن يتكفل كل واحد من الكفيلين بالآخر فلو سلمه أحدهما بريء كفيله به لا من إحضار المكفول1
ـــــــ
1 يعني إذا برئ أحد الكفلين بتسليم الدين فإن زميله في الكفالة لا يبرأ من كفالة المدين وإن كان قد برئ من كفالته لزميله الذي سلم وخرج من الكفالة.

وإن كفل المكفول به الكفيل لم يصح1 وإن كفل به في غيره صح ولو ضمن ذمي لذمي عن ذمي خمرا فاسلم المضمون له أو المضمون عنه بريء هو والضامن وإن أسلم الضامن بريء وحده ولا يصح إلا من جائز التصرف: إلا المحجوز عليه لفلس فيصح ضمانه ويتبع بعد فك الحجر عنه فلا يصح من مجنون ولا مبرسم ولا صبي ولا مميز فلو ضمن وقال: كان قبل بلوغي وقال خصمه: بل بعده فالقول قول المضمون له وتقدم مثله في الخيار في البيع وكذا لو ادعى الجنون ولو عرف له حال جنون ولا يصح من سفيه ولا من عبد بغير إذن سيده ولو كان مأذونا له في التجارة ويصح بأذنه ويتعلق بذمة السيد فإن أذن له في الضمان فيكون القضاء من المال الذي في يده صح ويكون ما في ذمته متعلقا بالمال الذي في يد العبد كتعلق حق الجناية برقبة الجاني: كما لو قال الحر: ضمنت لك هذا الدين على أن تأخذ من مالي هذا صح ولا يصح ضمان المكاتب لغيره أذن سيده كالقن ولا يصح إلا برضا الضامن ولا يعتبر رضا المضمون له ولا المضمون عنه ولا معرفة الضامن لهما ولا كون الحق معلوما ولا واجبا إذا كان مآله إلى
ـــــــ
1 لأن المكفول به أصل في الدين. والكفيل فرع، ومن حق الفرع إذا أدى الدين أن يرجع به على الأصل حيث نواه فلو جاز أن يتكفل الأصل بفرعه في الدين الذي حصلت لأجله الكفالة لكان الأصل فرعا وهذا يؤدي إلى جواز رجوعه بالدين على فرعه الذي هو كفيل في الأصل وذلك واضح البطلان. ولا يفوتك أن المدين لو تكفل بكفيله في دين آخر يكون على الكفيل فلا شيء فيه لأن كلا منهما أصل في دين وفرع في آخر وهو غرض المصنف بعد.

العلم والوجوب فلو قال: ضمنت لك ما على فلان أو ما على فلان على أو ما تداينه به أو ما يقر به أو ما تقوم به البينة أو ما يخرجه الحساب بينكما ونحوه صح ومنه ضمان السوق: وهو أن يضمن ما يلزم التاجر من دين وما يقبضه من عين مضمونة له - قاله الشيخ وقال: وتجوز كتابته والشهادة به لمن لم ير جوازه لأنه محل اجتهاد واختار صحة ضمان حارس ونحوه وتجار حرب ما يذهب من البلد أو البحر وإن غايته ضمان ما لم يجب وضمان المجهول كضمان السوق وهو أن يضمن الضامن ما يجب على التجار للناس من الديون وهو جائز عند أكثر العلماء كمالك و أبي حنيفة و أحمد وقال: الطائفة الواحدة الممتنعة من أهل الحرب التي ينصر بعضها بعضا تجري مجرى الشخص الواحد في معاهداتهم وإذا شورطوا على أن تجارهم يدخلون دار الإسلام بشرط ألا يأخذوا للمسلمين شيئا وما أخذوه كانوا ضامنين له والمضمون يؤخذ من أموال التجار جاز ذلك ويجب على ولي الأمر إذا أخذوا مالا لتجار المسلمين أن يطالبهم بما ضمنوه ويحبسهم على ذلك كالحقوق الواجبة انتهى - ولا تصح الكفالة ببعض الدين مبهما ولا بدين السلم وتقدم في بابه وإن قال: ما أعطيته فهو على ولا قرينة فهو لما وجب في الماضي وله إبطال الضمان قبل وجوبه.

يصح ضمان دين الضامن
فصل: ويصح ضمان دين الضامن:
نحو أن يضمن الضامن آخر فيثبت الحق في ذمم الثلاثة أيهم قضاه برئت ذممهم كلها وإن أبرأ الغريم المضمون عنه بريء الضامنان وإن أبرأ الضامن الأول بريء الضامنان

ولم يبرأ المضمون عنه وإن أبرأ الثاني بريء وحده ومتى حصلت براءة الذمة بالإبراء فلا رجوع فيها والكفالة كالضمان في هذا المعنى ويصح ضمان دين الميت ولو غير مفلس ولا تبرأ ذمته قبل القضاء وضمان كل دين صح أخذ الرهن به فإن أدى الدين الضامن الأول رجع على المضمون عنه وإن أداه الثاني وهو ضامن الضامن رجع على الضامن الأول وهو على الأصل ويصح المهر قبل الدخول وبعده ولو عن ابنه الصغير كالكبير وضمان عهدة بائع لمشتر: بأن يضمن عنه الثمن متى خرج المبيع مستحقا أو رد بعيب أو أرش العيب وعن مشتر للبائع: بان يضمن الثمن الواجب قبل تسليمه أو إن ظهر به عيب أو استحق فضمان العهدة في الموضعين ضمان الثمن أو بعضه عن أحدهما للآخر وألفاظ ضمان العهدة ضمنت عهدته أو ثمنه أو دركه أو يقول للمشتري: ضمنت خلاصك منه أو متى خرج المبيع مستحقا فقد ضمنت لك الثمن ولو بنى المشتري فنقضه المستحق فالأنقاض للمشتري ويرجع بقيمة التالف على البائع ويدخل في ضمان العهدة في حق ضامنها ولو خالف المشتري فساد البيع بغير استحقاق المبيع1 أو كون العوض معيبا2 أو شك في كمال الصنجة3 أو جودة جنس الثمن فضمن ذلك صريحا صح كضمان العهدة
ـــــــ
1 كأن يدعي البائع فيما بعد أنه كان مكرها على البيع أو كان صغيرا لا يحسن التصرف.
2 يريد أو خاف أحد المتبايعين أن يظهر فيما اعتاضه من ثمن أو مثمن عيب.
3 يعني شك المشتري. وقوله: أو جودة جنس الثمن يريد بالشاك هنا البائع.

ويصح ضمان نقص الصنجة ونحوها ويرجع بقوله مع يمينه و ولد المقبوض على وجه السوم كهو1 ولا يصح ضمان دين الكتابة ولا ضمان الأمانات كالوديعة والعين المؤجرة والشركة والمضاربة والعين المدفوعة إلى الخياط والقصار ونحوها: إلا أن يضمن التعدي فيها ويصح ضمان الأعيان المضمونة كالغصوب والعواري والمقبوض على وجه السموم من بيع وإجارة فلو ضمن مقبوضا على وجه سوم: بان يساوم إنسانا على عين ويقطع ثمنها أو لم يقطعه ثم يأخذها ليريها أهله فإن رضوها وإلا ردها ضمنه إذا تلف وصح ضمانه فيهما: إلا أن أخذه بأذن ربه ليريه أهله فإن رضوه أخذه وإلا رده من غير مساومة ولا قطع ثمن فلا يضمنه إذا تلف بغير تفريط ولا يصح ضمانه - قال الشيخ: لو تغيب مضمون عنه: أطلقه في موضع وقيده في آخر بقادر على الوفاء: فامسك الضامن وغرم شيئا بسبب ذلك وأنفقه في الحبس رجع به على المضمون عنه - ويأتي أول الحجر ويصح ضمان الجعل في الجعالة وفي المسابقة وفي المناضلة لأنه يؤول إلى اللزوم إذا عمل العمل: لا ضمان العمل فيها: ويصح ضمان أرش الجناية نقودا كانت كقيم المتلفات أو حيوانا كالديات ويصح ضمان نفقة الزوجة مستقبلة كانت أو ماضية ويلزمه ما يلزم الزوج ولو زاد على نفقة المعسر.
ـــــــ
1 سيوضح لك المصنف بعد معنى السوم وقد عللوا الضمان في ذلك بأنه مقبوض على وجه البدل فهو محسوب عليه لو تلف وليس من قبيل الأمانات.

رجوع الضامن بعد القضاء
فصل:- وإن قضى الضامن الدين أو أحال به متبرعا لم يرجع بشيء:
ضمنه بأذنه أو بغير أذنه وناويا الرجوع يرجع ولو كان الضمان والقضاء أو أحدهما بغير أذن المضمون عنه وإن لم ينو رجوعا ولا تبرعا بل ذهل عن قصد الرجوع وعدمه لم يرجع وكذا حكم من أدى عن غيره دينا واجبا: لا زكاة ونحوها1 ويرجع الضامن بأقل الأمرين مما قضى: حتى قيمة عرض عرضه به2 أو قدر الدين وللضامن مطالبة المضمون عنه بتخليصه قبل الأداء إذا طولب به إن كان ضمن بإذنه وإلا فلا: لكن إن أدى الدين فله المطالبة بما أدى وإذا كان له ألف على رجلين: على كل واحد منهما نصفه وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه فابرأ الغريم أحدهما من الألف بريء منه وبريء صاحبه من ضمانه وبقي عليه خمسمائة وإن قضاه أحدهما خمسمائة أو أبراه الغريم منها وعين القضاء بلفظه أو نية عن الأصل أو الضمان انصرف إليه وإن أطلق صرفه إلى ما شاء منهما كما تقدم والمعتبر في القضاء لفظ القضاء3 ونيته وفي الإبراء لفظ المبريء ونيته ومتى اختلفوا في ذلك فالقول قول من أعتبر لفظه ونيته وإن أدعى ألفا على حاضر وغائب وإن كلا منهما ضامن عن صاحبه فإن اعترف الحاضر بذلك فله أخذ الألف منه فإذا قدم الغائب واعترف
ـــــــ
1 نحو الزكاة الكفارة والنذر فليس لمن دفعها عن غيره بدون إذنه أن يرجع ولو نوى الرجوع فإنها تحتاج إلى نية من صاحبها أو توكيل ولم يوجد ذلك ولهذا لم تقع الموقع.
2 يعني لو دفع الضامن من لرب الدين عرضا ماليا عن دينه النقدي فإنه حين الرجوع تعتبر قيمة العرض لا ذاته.
3 الأظهر لفظ القاضي بدل القضاء، والمراد بالقاضي دافع الدين لا الحاكم.

رجع عليه صاحبه بنصفه إن أنكر فقوله مع يمينه1 وإن كان الحاضر أنكر فقوله مع يمينه فإن قامت عليه ببينة فاستوفى الألف منه لم يرجع على الغائب بشيء2 فإن اعترف الغائب ورجع الحاضر عن إنكاره فله الاستيفاء منه وإن لم تقم على الحاضر بينة حلف وبريء وإن اعترف لزمه دفع الألف3 وإن ادعى الضامن أنه قضى الدين وأنكر المضمون له ولا بينة وحلف لم يرجع ضامن على مضمون عنه ولو صدقه: إلا أن يكون بحضرته أو إشهاد و لو مات الشهود أو غابوا إن صدقه المضمون عنه أو ثبت وإن اعترف المضمون له بالقضاء وأنكر المضمون عنه لم يسمع إنكاره وإن قضى المؤجل قبل اجله لم يرجع حتى يحل وإن مات المضمون عنه أو الضامن لم يحل الدين وإن ماتا فكذلك إن وثق الورثة وإلا حل ويصح ضمان الحال مؤجلا فلصاحب الحق مطالبة المضمون عنه في الحال دون الضامن وإن ضمن المؤجل حالا صح ولم يلزمه قبل أجله.
ـــــــ
1 أنما أخذ بقوله: ويمينه حيث لم يكن لزميله الحاضر بينة.
2 لأن إنكار الحاضر يعد اعترافا ببراءة الغائب فلم يكن له مطالبته بشيء.
3 يريد بالمعترف هنا الذي كان غائبا وحضر وحيث دفع لاعترافه فليس له الرجوع على الحاضر الذي لم يعترف ولم تقم عليه بينة.

الكفالة
فصل:- الكفالة
التزام رشيد برضاه إحضار مكفول به تعلق به حق مالي إلى مكفول حاضرا كان المكفول به أو غائبا بأذنه وبغير أذنه ولو صبيا ومجنونا ولو بغير أذن وليهما ويصح إحضارهما مجلس الحكم للشهادة عليهما بالإتلاف وتنعقد بألفاظ الضمان كلها وإن ضمن معرفته

أخذ به ومعناه: أني أعرفك من هو وأين هو كأنه قال: ضمنت لك حضوره فإن لم يعرفه ضمن وإن عرفه فليس عليه أن يحضره وتصح ببدن من عليه دين لازم1 يصح ضمانه معلوما كان الدين أو مجهولا2 من كان يلزمه الحضور إلى مجلس الحكم ولو محبوسا لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم ثم يعيده إلى الحبس بالحقين جميعا وإن كان محبوسا عند غير الحاكم لم يلزمه تسليمه محبوسا لأن ذلك الحبس يمنعه استيفاء حقه وتصح بالأعيان المضمونة كالغصوب والعواري ولا تصح بالأمانات إلا بشرط التعدي ولا بزوجة لزوجها ولا بشاهد ليشهد له ولا إلى أجل مجهول ولو في ضمان كمجيء المطر وهبوب الرياح لأنه ليس له وقت يستحق مطالبته فيه وإن جعله إلى الحصاد أو الجذاذ فكأجل في بيع والأولى صحته هنا ولا تصح ببدن من عليه حد أو قصاص لإقامة الحد لأنه لا يجوز استيفاؤه من الكفيل: كحد زنا وسرقة وقذف إلا لأجل مال بالدفع وغرم السرقة ولا تصح بغير معين: كأحد هذين ولا بالمكاتب من أجل دين الكتابة وإن كفل بجزء شائع من إنسان: كثلثه وربعه ونحوهما أو عضو منه: كوجهه ويده ورجله و نحوه أو روحه أو نفسه أو كفل بإنسان على أنه إن جاء به
ـــــــ
1 يعني لازما في حال الكفالة أو يؤل إلى اللزوم.
2 المراد بالمجهول ما يؤل إلى العلم. وقوله: من كان يلزمه الخ بيان لقوله سابقا ببدن من عليه دين لازم، فكأنه قال وهو من كان الخ وذلك للاحتراز عن الوالد فلا يجوز للولد أن يكلفه لأن الأمر قد يستدعي إحضار المكفول إلى مجلس الحكم والولد لا يملك ذلك على أبيه ولا رفع الدعوى عليه إلا في النفقة الواجبة.

وإلا فهو كفيل آخر أو ضامن ما عليه أو إذا قدم الحاج فانا كفيل بفلان شهرا ضح ولو قال: كفلت ببدن فلان على أن يبرئ فلان الكفيل أو على أن يبرئه من الكفالة فسد الشرط والعقد وكذا لو قال: كفلت لك بهذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان أو ضمنت لك هذا الدين على أن تبرئني من ضمان الدين الآخر أو على أن تبرئني من الكفالة بفلان وكذا لو شرط في الكفالة أو الضمان أن يتكفل المكفول به آخر أو يضمن دينا عليه أو يؤجره داره ونحوه ولا تصح إلا برضا الكفيل ولا يعتبر رضا مكفول له ولا مكفول به وتصح حالة ومؤجلة: كالضمان والثمن فإن أطلق كانت حالة: كالضمان لأن كل عقد يدخله الحلول اقتضى إطلاقه الحلول فإن عين تسليمه في مكان لزمه تسليمه فيه وإن وقعت الكفالة مطلقة وجب تسليمه وكان العقد كالمسلم وإذا تكفل حالا فله مطالبته بإحضاره فمتى احضره مكان العقد لتعيينه فيه أو لكون الكفالة وقعت مطلقة أو أحضره في مكان عينه غيره بعد حلول اجل الكفالة أو أحضره قبله ولا ضرر في قبضه وسلمه أو سلم مكفول به نفسه في محله بريء ولو لم يقل: قد برئت إليك منه أو قد سلمته إليك أو قد أخرجت نفسي من كفالته: ما لم تكن هناك يد حائلة ظالمة وإن أحضره وأمتنع من تسلمه بريء ولو لم يشهد على امتناعه من تسلمه وإن كانت الكفالة مؤجلة لم يلزمه إحضاره قبل أجلها قال الشيخ: إن كان المكفول في حبس الشرع فسلمه إليه فيه بريء ولا يلزمه إحضاره منه إليه عند أحد من الأئمة ويمكنه الحاكم من الإخراج ليحاكم غريمه

ثم يرده وإن مات مكفول به سواء توانى الكفيل في تسليمه حتى مات أولا أو تلفت العين المكفول بها بفعل الله تعالى قبل المطالبة بها بريء الكفيل: لا بموت الكفيل فيؤخذ من تركته ما كفل به فإن كان دينا مؤجلا فوثق ورثته برهن أو ضمين وإلا حل ولا بموت المكفول له وورثته كهو في المطالبة بإحضاره وإن ادعى الكفيل براءة المكفول به من الدين وسقوط الكفالة أو قال: لم يكن عليه دين حين كفلته فقول المكفول له مع يمينه وإذا طالب الكفيل المكفول به بالحضور معه لزمه ذلك إن كانت الكفالة بأذنه أو طالبه صاحب الحق بإحضاره معه لزمه ذلك إن كانت الكفالة بأذنه أو طالبه صاحب الحق بإحضاره وإلا فلا فإن كان المكفول به غائبا غيبة تعلم غير منقطعة ولو مرتدا لحق بدار الحرب أمهل بقدر ما يمضي ويحضره وإن لم يعلم فيها خبره لزمه الدين من غير إمهال فإن مضى ولم يحضره إما لتوان أو لهربه واختفائه أو لامتناعه أو لغير ذلك بحيث تعذر إحضاره مع حياته لزمه ما عليه من الدين: إلا إذا شرط البراءة منه وكذا عوض العين الملزوم بها إذا لم يشرط إلا مال عليه بتلفها فإن اشترط بريء والسجان ونحوه ممن هو وكيل على بدن الغريم بمنزلة الكفيل للوجه1 عليه إحضار الخصم فإن تعذر إحضاره ضمن عليه - قاله الشيخ وقال: وإذا لم يكن الوالد ضامنا لولده ولا له عنده مال لم يجز لمن له على الولد حق أن يطالب والده بما عليه: لكن أن أمكن الوالد معاونة صاحب الحق على إحضار ولده
ـــــــ
1 قوله: بمنزلة الكفيل للوجه يعني به بمنزلة من تكفل بوجه فلان وقد تقدم لك أنه يكون ملزما بإحضار بدنه وهو ما صرح به.

بالتعريف بمكان ونحوه لزمه - ثم قدر على المكفول به1 فظاهر كلامهم أنه في رجوعه عليه كضامن وأنه لا يسلمه أي المكفول له ثم يسترد ما أداه بخلاف مغصوب تعذر إحضاره مع بقائه لامتناع بيعه وإن كفل اثنان واحدا فسلمه أحدهما لم يبرأ الآخر وإن أسلم نفسه برئا وإن كفل واحد غريما لاثنين فأبرأه أحدهما لم يبرأ من الآخر وإن كفل الكفيل كفيل آخر صح فإن بريء الأول بريء الثاني ولا عكس وإن كفل الثاني ثالث بريء كل منهم ببراءة من قبله ولا عكس كضمان ولو كفل اثنان واحدا وكفل كل واحد منهما كفيل آخر فاحضره أحدهما بريء هو ومن تكفل به وبقي الآخر ومن تكفل به ومتى أحال رب الحق أو أحيل أو زال العقد بريء الكفيل وبطل الرهن لأن الحوالة استيفاء في المعنى وتقدم أول الباب ولو خيف من غرق السفينة فألقى بعض من فيها متاعه في البحر لتخف لم يرجع به على أحد ولو نوى الرجوع ويجب الإلقاء إن خيف تلف الركاب بالغرق ولو قال بعض أهلها: الق متاعك فالقاه فلا ضمان على الآمر وإن قال القه وأنا ضامنه ضمن وحده وإن قال كل واحد منا ضامن لك متاعك أو قيمته ضمن القائل الحصة ضمان الجميع سواء كانوا يسمعون قوله فسكتوا أو قالوا: لا تفعل أو لم يسمعوا وإن رضوا بما قال لزمهم،
ـــــــ
1 قوله: ثم قدر معطوف على قوله: فإن تعذر إحضاره.

وكذا الحكم في ضمانهم ما عليه من دين ولو قال لزيد: طلق زوجتك وعلى ألف أو مهرها لزمه ذلك بالطلاق قاله في الرعاية وقال: لو قال بع عبدك من زيد بمائة وعلى مائة أخرى لم يلزمه شيء.

باب الحوالة
الشرط الأول للحوالة

باب الحوالة
وهي عقد إرفاق لا خيار له فيه وليست بيعا بل تنقل المال من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه فلا يملك المحتال على المليء ولا المحتال برضاه إذا لم يشترط يسار المحتال عليه وجهله أو ظنه مليئا الرجوع على المحيل بحال أي سواء أمكن استيفاء الحق أو تعذر لمطل أو فلس أو موت وكذا الجحود صرح به في الفروع وغيره ولعل المراد إذا كان المحتال يعلم الدين أو صديق المحيل عليه أو ثبت ببينة ثم ماتت ونحوه أما ظنه عليه فجحد ولم يمكن إثباته فله الرجوع عليه وتصح بلفظها أو معناها الخاص - ولا تصح إلا بشروط - أحدها أن يحيل على دين مستقر في ذمة المحال عليه ولو عل الضامن بما ضمنه ووجب أو في ذمة ميت وفي الرعاية الصغرى و الحاويين إن قال: أحلتك بما عليه صح لا أحلتك به عليه أي الميت وتصح على المكاتب بغير مال الكتابة وإن حال على مال الكتابة ولو حل أو السلم أو رأس ماله بعد فسخه - وتقدم - أو الصداق قبل الدخول أو الأجرة بالعقد قبل استيفاء المنافع أو فراغ المدة أو بثمن المبيع على المشتري في مدة الخيار أو على عين من وديعة أو مضاربة أو على استحقاق في وقف أو على ناظرة أو على ولي بيت

المال أو أحال ناظر الوقف بعض المستحقين على جمعه ونحوه: لم يصح ولا يشترط استقرار المحال به: فإن أحال المكاتب سيده أو الزوج امرأته أو المشتري البائع بثمن المبيع في مدة الخيارين صح1 ولا تصح بمسلم فيه ولا برأس ماله بعد فسخ ولا بجزية وإن أحال من لا دين عليه شخصا على من له عليه دين فهي وكالة بلفظ الحوالة تثبت فيها أحكامها وإن أحال من عليه دين على من لا دين عليه فهو اقتراض فلا يصارفه2 فإن قبض المحتال منه الدين رجع على المحيل لأنه قرض3 وإن أبرأه منه لم تصح البراءة لأنها براءة لمن لا دين عليه وإن وهبه إياه بعد أن قبضه منه رجع المحال عليه على المحيل وإن أحال من لا دين عليه على من لا دين عليه فهي وكالة في اقتراض أيضا وليس شيء من ذلك حوالة.
ـــــــ
1 يريد خيار المجلس، وخيار الشرط فإن الثمن وإن لم يكن مستقرا في مدة أحدهما ولكن الحوالة به جائزة وقد شبهوا ذلك بدفع الدين قبل أجله.
2 حيث اعتبر ذلك وكالة في قرض، فليس لهذا الوكيل أن يتسلم بدل الذهب الذي أحيل به فإن موكله لم يأذن له في هذا وذلك معنى عدم المصارفة.
3 يريد رجع المحال عليه بما دفعه على الحيل الذي اعتبرناه مقترضا.

الشرط الثاني
الثاني: تماثل الدينين:
في الجنس كأن يحيل من عليه ذهب بذهب ومن عليه فضة بفضة فلو أحال من عليه ذهب بفضة أو بالعكس لم يصح: وفي الصفة فلو أحال من عليه صحاح بمكسرة أو من عليه غورية بسليمانية لم يصح: والحلول والتأجيل فإن كان أحدهما حالا

والآخر مؤجلا أو كان أحدهما إلى شهرين لم تصح الحوالة1 ولو كان الحقان حالين فشرط المحتال أن يؤخره أو بعضه إلى أجل لم تصح أيضا2 فيشترط ذلك كما لو شرط في المقاصة - وتقدم آخر السلم: والقدر فلا تصح بعشرة على خمسة ولا عكسه وتصح بخمسة من العشرة على الخمسة وبالخمسة على خمسة من العشرة ولا يضر اختلاف سببي الدينين.
ـــــــ
1 قد اعتبروا التفاوت بين الدينين في الأجل بمثابة الفضل الذي يخرج الحوالة عن كونها عقد أرفاق إلى كوتهاريا ولهذا لم تصح إذن، ولو قال المصنف أو كان أحدهما إلى شهر والثاني إلى شهرين لكان أتم وأظهر.
2 صاحب الكشاف يرى صحة الحوالة مع بطلان الشرط ويقرران القول بالبطلان مما انفرد به المصنف.

الشرط الثالث
الثالث: أن تكون بمال معلوم على مال معلوم
مما يصح السلم فيه من المثليات وغيرها: كمعدود ومذروع - قال الشيخ: الحوالة على ماله في الديوان أذن في الاستيفاء فقط - وللمحتال الرجوع ومطالبة محيله.

الشرط الرابع
الرابع: أن يحيل برضاه
ولا يعتبر رضا المحال عليه ولا رضا المحتال إن كان المحال عليه مليئا فيجب أن يحتال فإن امتنع أجبر على قبولها ويبرأ المحيل بمجرد الحوالة قبل الأداء وقبل إجبار المحتال على قبولها وتعتبر الملاءة في المال والقول والبدن وفعله وتمكنه من الأداء - ففي المال: القدرة على الوفاء وفي القول: ألا يكون مماطلا وفي البدن إمكان حضوره مجلس الحكم فلا يلزم أن يحتال على والده ولا على من هو في غير بلده ولا يصح أن يحيل على أبيه متى صحت فرضيا بخير منه أو بدون أو تعجيله أو تأجيله أو عوضه جاز، وإن

باب الصلح و حكم الجوار
الصلح في الأموال قسمان: القسم الأول و نوعاه
باب الصلح وحكم الجوار
الصلح: التوفيق والسلم: وهو معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين - وهو أنواع: ومن أنواعه: الصلح في الأموال: وهو المراد هنا ولا يقع في الغالب2 إلا عن انحطاط من رتبة إلى ما دونها على سبيل المداراة لبلوغ بعض الغرض وهو من أكبر العقود فائدة ولذلك حسن فيه الكذب ويكون بين مسلمين وأهل حرب وبين أهل بغي وعدل وبين زوجين وبين متخاصمين في غير مال - وهو في الأموال.
قسمان:- أحدهما صلح على الإقرار: وهو نوعان - أحدهما الصلح على جنس الحق: مثل أن يقر له بدين فيضع عنه بعضه أو بعين فيهب له بعضها ويأخذ الباقي فيصح إن كان فيضع عنه بعضه أو بعين فيهب له بعضها ويأخذ الباقي فيصح إن كان بغير لفظ الصلح لأن الأول إبراء والثاني هبة يعتبر له شروط الهبة ويصح إن لم يكن شرط: مثل أن
ـــــــ
1 إنما ترجحت دعوى الوكالة لأنها ل تستدعي انتقال الدين من ذمة إلى ذمة كما تقتضي الحوالة والأصل بقاؤه.
2 فاعل يقع يعود على الصلح المطلق لا على الصلح في الأموال وقوله: بعد ويكون بين مسلمين الخ تكميل لبقية الأنواع.

يقول: على أن تعطيني الباقي أو يمنعه حقه بدونه ولا يصح ذلك ممن لا يملك التبرع: كالمكاتب والمأذون له وولي اليتيم وناظر الوقف ونحوهم إلا في حال الإنكار وعدم البينة ويصح عما أدعى على موليته وبه بينة وإن صالح من مؤجل ببعضه حالا لم يصح: إلا في كتابة1 وإن وضع بعض الحال وأجل باقيه صح الإسقاط دون التأجيل لأنه وعد2 وإن صالح عن الحق بأكثر منه من جنسه: مثل أن يصالح عن دية الخطأ أو عن قيمة متلف بأكثر منها من جنسها لم يصح كمثلى وإن صالحه بعرض قيمته أكثر منها صح فيهما ويصح عن المثلى بأكثر من قيمته وإن صالحه ببعض بيت أقر له به أو على أن يسكنه سنة أو يبني له فوقه غرفة لم يصح وإن أسكنه كان تبرعا منه: متى شاء أخرجه منها ولو أعطاه بعض داره بناء على هذا: فمتى شاء انتزعه منه وإن فعل ذلك على سبيل المصالحة معتقدا أن ذلك وجب عليه بالصلح رجع عليه بأجرة ما كان في يده من الدار وإن بنى فوق البيت غرفة أجبر على نقضها وأداء السكنى مدة مقامه في يده وله أخذ
ـــــــ
1 لم يصح لأن ذلك في معنى الربا بخلاف مسألة المكاتب فإنه لا ربا بين العبد وسيده.
2 صح الأسقاط لأنه عن طيب نفس فهو تبرع، ولم يصح التأجيل في الباقي وقد علله بقوله: لأنه وعد يعنى أن تأجيل بعض الحال مع الأسقاط بمثابة الوعد فلم يكن الفاء به وإنما أخذنا بالأسقاط لما عرفت أنه تبرع وهو جائز في كل وقت ممن كان أهلا له وبهذا ظهر لك أن الصحة وعدمها هنا بمعنى اللزوم أو عدمه.

آلته وإن اتفقا على أن يصالحه صاحب البيت عن بنائه بعوض جاز وإن بنى الغرفة بتراب من أرض صاحب البيت وآلاته فليس له أخذ بنائه لأنه ملك صاحب البيت وإن أراد نقض البناء لم يكن له ذلك إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف به1 وإن قال: أقر لي بديني وأعطيك منه مائة ففعل صح الإقرار ولم يصح الصلح وإن صالح إنسانا مكلفا ليقر له بالعبودية أو امرأة مكلفة لتقر له بالزوجية لم يصح2 وإن دفع المدعي عليه العبودية أو الزوجية إلى المدعي مالا صلحا عن دعواه صح فإن ثبت الزوجية بعد ذلك بإقرارها أو بينة فالنكاح باق بحاله ولم يكن ما أخذه صلحا: خلعا وإن دفعت إليه مالا ليقر لها بما وقع من طلاقها صح وحرم عليه الأخذ ولو طلقها ثلاثة أو أقل فصالحها على مال لتترك دعواها لم يجز.
النوع الثاني:- أن يصالح عن الحق المقر بغير جنسه فهو معاوضة فإن كان بأثمان عن أثمان فصرف له حكمه وبعرض عن نقد أو عن العرض بنقد أو بعرض - فبيع وعن دين يصح بغير جنسه بأكثر من الدين وأقل بشرط القبض ويحرم بجنسه إذا كان مكيلا أو موزونا بأكثر أو أقل على سبيل المعاوضة: لا على سبيل الإبراء
ـــــــ
1 يريد إذا أبرأه من ضمان ما يتلف بالبناء لو بقي في الأرض المغصوبة، وإن لم يبرئه فله نقضه حيث لم تكن أنقاض البناء من أرض مالكها.
2 لم يصح الصلح في هاتين الصورتين لأنه يحل حراما، وإنما جاز أخذ العوض عنهما كما سيذكره بعد لقطع الخصومة: ما لم يكن المدعي عالما بكذب نفسه فأخذ العوض حرام عليه.

أو الحطيطة وإن كان بمنفعة: كسكنى دار وخدمة عبد أو على أن يعمل له عملا معلوما فإجارة: تبطل بتلف الدار وموت العبد: لا عتقه كسائر الإجازات فإن كان قبل استيفاء شيء من المنفعة رجع بما صالح عنه وإن كان بعد استيفاء بعضها رجع بقسط ما بقي وإن صالحه على أن يزوجه أمته وكان ممن يجوز له نكاح الإماء صح1 وكان المصالح عنه صداقها فإن أنفسخ النكاح قبل الدخول بأمر يسقط الصداق رجع الزوج بما صالح عنه وإن طلقها قبل الدخول رجع بنصفه وإن صالح عن عيب مبيع بشيء صح فإن بان أنه ليس بعيب أو زال سريعا كما يأتي - رجع بما صالح به وإن صالحت المرأة بتزويج نفسها صح وكان ما أقرت به من دين أو عين صداقا لها وإن كان الصلح عن عيب أقرت به في مبيعها وانفسخ نكاحها بما يسقط به صداقها رجع عليها بأرشه وإن لم ينفسخ النكاح وتبين عدم العيب: كبياض في عين العبد ظنته عمى وزال سريعا بغير كلفة وعلاج ولم يحصل به تعطيل نفع رجعت بأرشه لا بمهر مثلها وإن صالح عما في الذمة بشيء في الذمة لم يجز التفرق قبل القبض لأنه بيع دين بدين وإن أدعى زرعا في يد رجل فأقر له به ثم صالحه على دراهم جاز على الوجه الذي يجوز بيع الزرع على ما ذكر في البيع2 ويصح الصلح عن المجهول بمعلوم إذا كان مما لا يمكن معرفته للحاجة - نصا - سواء كان عينا أو دينا أو كان الجهل من الجانبين: كصلح
ـــــــ
1 والذي يصح له نكاح الأمة هو عادم مهر الحرة الخائف من العنت.
2 يريد أن يكون بعد اشتداد الحب أو بشرط القطع في الثمار التي بدا صلاحها.

الزوجة عن صداقها الذي لا بينة لها به ولا علم لها ولا للورثة بمبلغه وكذلك الرجلان بينهما معاملة وحساب قد مضى عليه زمن طويل ولا علم لكل منهما بما عليه لصاحبه أو من هو عليه لا علم له بقدره ولو علمه صاحب الحق ولا بينة له - بنقد ونسيئة فأن أمكن معرفته ولم تتعذر: كتركة موجودة صولح بعض الوارث عن ميراثه منها لم يصح الصلح ولا تصح البراءة من عين بحال.

القسم الثاني للصلح
فصل:- القسم الثاني1 الصلح على الإنكار:
بان يدعي عليه عينا في يده أو دينا في ذمته فينكره أو يسكت وهو يجهله ثم يصالحه على مال فيصح بنقد ونسيئة ويكون المال المصالح به بيعا في حق المدعي فإن وجد فيما أخذه عيبا فله رده وفسخ الصلح وإن كان بيعا في حق المدعي فإن وجد فيما أخذه عيبا فله رده وفسخ الصلح وإن كان شقصا مشفوعا ثبتت فيه الشفعة ويكون إبراء في حق المنكر لأنه دفع إليه المال افتداء ليمينه ودفعا للضرر عنه فإن وجد بالمصالح عنه عيبا لم يرجع به على المدعي وإن كان شقصا لم تثبت فيه الشفعة ولو دفع المدعي عليه إلى المدعي ما ادعاه أو بعضه مصالحة به لم يثبت فيه حكم البيع ولا الشفعة ومتى كان أحدهما عالما بكذب نفسه فالصلح باطل في حقه وما أخذه حرام عليه ولا يشهد له إن علم ظلمه وإن صالح عن المنكر أجنبي بإذنه أو بغير أذنه أعترف للمدعي بصحة دعواه أو لم يعترف صح سواء كان دينا أو عينا ولو
ـــــــ
1 تقدم أن الصلح في الأموال هو المقصود في هذا الباب وقد سلف الكلام على تقسيمه إلى قسمين: أحدهما: الصلح على الإقرار وقد تقدم بنوعيه، وثانيهما: هو المذكور في هذا الفصل.

لم يذكر أن المنكر وكله ويرجع مع الإذن فقط وإن صالح الأجنبي المدعي لنفسه لتكون المطالبة له غير معترف بصحة الدعوى أو معترفا بها والمدعي به دين أو عين عالما بعجزه عن استنقاذها لم يصح فيهن لكونه شراء ما لم يثبت لبائع أو دين لغير من هو في ذمته أو مغصوب لا يقدر على تخليصه وتقدم حكمهن في السلم والبيع و إن علم أو ظن القدرة عليه أو عدمها ثم تبين القدرة صح في العين فقط ثم إن تجز عن ذلك فهو مخير بين فسخ الصلح وإمضائه.

يصلح الصلح على كل ما له عوض
فصل:- ويصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه:
سواء كان مما يجوز بيعه أم لا فيصح عن القصاص بديات وبدية وبأقل منها وبكل ما ثبت مهرا حالا أو مؤجلا وعن سكنى دار وعيب المبيع ولو صالح عن القصاص بعبد أو غير فخرج مستحقا أو حرا رجع بقيمته وإن علما كونه مستحقا أو حرا أو كان مجهولا: كدار وشجرة بطلت التسمية ووجبت الدية أو أرش الجرح وإن صالح عن دار أو عبد بعوض فبان العوض مستحقا أو حرا رجع في الدار أو ما صالح عنه أو بقيمته إن كان تالفا لأن الصلح هنا بيع حقيقة إذا كان عن إقرار وإن كان عن إنكار رجع بالدعوى ولو صالح سارقا أو شاربا أو زانيا ليطلقه ولا يرفعه للسلطان أو شاهدا على ألا يشهد عليه بحق آدمي أو بحق الله: كزكاة ونحوها أو بما يوجب حدا أو على إلا يشهد عليه الزور أو شفيعا عن شفعته أو مقذوفا

أو صالح بعوض عن خيار لم يصح الصلح وتسقط الشفعة وحد القذف وإن صالحه على موضع قناة من أرضه يجري فيها الماء وبينا موضعها وعرضها وطولها جاز ولا حاجة إلى بيان عمقه لأنه إذا ملك الموضع كان له إلى تخومه1 فله أن ينزله ما شاء وإن كان إجارة اشترط ذكر العمق وإن صالحه على إجراء الماء في ساقية من أرض رب الأرض مع بقاء ملكه عليها فهو إجارة للأرض ويشترط فيه تقدير المدة وسائر شروط الإجارة ويعلم تقدير الماء بتقدير الساقية وإن كانت الأرض في يد رجل بإجارة جاز له أن يصالح رجلا على إحراء الماء فيها في ساقية محفورة مدة لا تجاوز مدة الإجارة وإن لم تكن الساقية محفورة لم يجز أن يصالحه على ذلك لأنه لا يجوز إحداث ساقية في أرض في يده بإجارة فإن كانت الأرض في يده وقفا عليه فكالمستأجر وكذا المستعير وإن صالحه على إجراء ماء سطحه من المطر على سطحه أو في أرضه من سطحه أو في أرضه عن أرضه جاز إذا كان ما يجري ماؤه معلوما: إما بالمشاهدة وإما بمعرفة المساحة لأن الماء يختلف بصغر السطح والأرض وكبرهما ويشترط معرفة الموضع الذي يخرج منه إلى السطح ولا تفتقر إلى ذكر المدة لدعوى الحاجة فيجوز العقد على المنفعة في موضع الحاجة غير مقدر مدة كنكاح لكن قال في القواعد: ليس بإجارة محضة لعدم تقدير المدة بخلاف الساقية فكانت بيعا تارة وإجارة أخرى وإن كانت الأرض
ـــــــ
1 التخوم مفرد مؤنث في المعنى جمعه ومفرده يتحدان في هذا اللفظ وقد يكون مفرده على وزن عتق، ومعناه الحدود الفاصلة بين أرضين اهـ قاموس.

أو السطح الذي يجري عليه الماء مستأجرا أو عارية لم يجز أن يصالح على إجراء الماء عليه بغير أذن مالكه ويحرم إجراء ماء في ملك إنسان بلا أذنه ولو مع عدم تضرره أو تضرر أرضه ولو كان مضطرا إلى ذلك ولو صالحه على أن يسقي أرضه من نهره أو عينه مدة ولو معينة لم يصح لعدم ملكه الماء وإن صالحه على سهم منهما كشك ونحوه جاز وكان بيعا للقرار والماء تابع له ويصح أن يشتري ممرا في ملك غيره أو موضعا في حائط يفتحه بابا وبقعة يحفرها بئرا وعلو بيت يبني عليه بنيانا موصوفا وكذا لو كان البيت غير مبني إذا وصف العلو والسفل ويصح فعل ذلك صلحا أبدا وإجارة مدة معلومة ومتى زال فله إعادته: سواء زال لسقوطه أو سقوط الحائط أو غير ذلك ويرجع بأجرة مدة زواله عنه وله الصلح على زواله أو عدم عوده.

حكم ما لو امتدت الإغصان في هواء الجار
فصل:- وإن حصل في هوائه أو هواء جدار له فيه شركة أغصان شجر غيره
فطالبه بإزالتها لزمه فإن أبى لم يجبر لأنه ليس من فعله ويضمن ربها ما تلف بها بعد المطالبة ولمن حصلت في هوائه إزالتها بلا حكم حاكم فإن أمكنه إزالتها بلا إتلاف ولا قطع ومن غير مشقة ولا غرامة: مثل أن يلويها ونحوه لم يجز له إتلافها فإن أتلفها في هذه الحالة غرمها وإن لم يمكنه إزالتها إلا بقدر ونحوه فله ذلك ولا شيء عليه وإن صالح عن ذلك بعوض لم يصح: رطبا كان الغصن أو يابسا وفي المغني اللائق بمذهبنا صحته واختاره

ابن حامد و ابن عقيل وجزم به جماعة وإن اتفقا على أن الثمرة له أو بينهما جاز ولم يلزم وفي المبهج في الأطعمة ثمرة غصن في هواء طريق عام للمسلمين وإن امتد من عروق شجرة إلى أرض جاره فأثرت ضررا كتأثيره في المصانع وطي الآبار وأساس الحيطان أو منعها من نبات شجر أو زرع لصاحب الأرض أو لم يؤثر - فالحكم في قطعه والصلح عنه كالحكم في الأغصان1 إلا أن العروق لا ثمر لها فإن اتفقا على أن ما نبت من عروقها لصاحب الأرض أو جزءا معلوما منه فكالصلح على الثمرة فإن مضت مدة ثم أبى صاحب الشجرة دفع نباتها إلى صاحب الأرض فعليه أجرة المثل وصلح من مال حائطه أو زلق خشبه إلى ملك غيره كغصن2 ولا يجوز أن يخرج إلى طريق نافذ جناحا: وهو الروشن3 ولا ظلة ولا ساباطا: وهو سقيفة بين حائطين أمام أو نائبه: إن لم يكن فيه ضرر وانتفاء الضرر في الساباط بحيث يمكن عبور محمل ونحوه تحته قال الشيخ: والساباط الذي يضر بالمارة: مثل أن يحتاج الراكب أن يحني رأسه إذا مر هناك وإن غفل عن نفسه رمى عمامته أو شج رأسه ولا يمكن
ـــــــ
1 يشير إلى ما تقدم أول الفصل من التفصيل فيما يترتب على ذلك من جواز المطالبة وجواز قطعه عند حصول الضرر منه من غير عوض، فراجع التفصيل.
2 يريد كالغصن في عدم جواز الصلح عليه لأنه ليس من فعله وقد تقدم لك خلاف صاحب المغني ومن وافقه في ذلك وميلهم إلى الجواز.
3 الروشن: هو ما يمتد من البناء على أطراف الخشب أعني ما يسمى عندنا برجا بضم الباء، والظلة: هي ما يقام من البناء ليستظل به الناس.

أن يمر هناك جمل عال إلا كسر قتبه والجمل المحمل لا يمر هناك فمثل هذا الساباط لا يجوز إحداثه على طريق المارة باتفاق المسلمين بل يجب على صاحبه إزالته فإن لم يفعل كان على ولاة الأمور إلزامه بإزالته حتى يزول الضرر ولو كان الطريق منخفضا ثم أرتفع على طول الزمان وجب إزالته إذا كان الأمر على ما ذكر وقال: ومن كانت له ساحة يلقي فيها التراب والحيوان وتضرر الجيران بذلك فإنه يجب على صاحبها أن يدفع ضرر الجيران: إما بعمارتها أو بإعطائها لمن يعمرها أو يمنع أن يلقى فيها ما يضر بالجيران وقال: لا يجوز لأحد أن يخرج في طريق المسلمين شيئا من أجزاء البناء حتى أنه ينهى عن تجصيص الحائط: إلا أن يدخل في حده بقدر غلظ الجص انتهى - ولا يجوز أن يبني في الطريق دكانا ولو كان الطريق واسعا ولو بإذن إمام ولا أن يفعل ذلك في ملك إنسان ولا هوائه ولا درب غير نافد إلا بإذن أهله ويضمن ما تلف به ولا يسقط شيء من ضمانه بتأكل أصله فإن صالح عن ذلك بعوض صح ولو في الجناح والساباط بشرط كون ما يخرجه معلوم المقدار في الخروج والعلو ولا يجوز أن يحفر في الطريق النافذ بئرا لنفسه: سواء جعلها لماء المطر أو استخراج منها ماء ينتفع به وإن أراد حفرها للمسلمين لنفعهم في طريق ضيق أو كانت في ممر الناس بحيث يخاف سقوط إنسان فيها أو دابة أو يضيق عليهم ممرهم لم يجز وإن حفرها في زاوية من طريق واسع وجعل عليها ما يمنع الوقوع فيها جاز: كتمهيدها وبناء رصيف فيها وفي درب غير نافذ لا يجوز إلا بإذن أهله ولو صالح أهل

الدرب عن ذلك بعوض جاز: سواء حفرها لنفسه أو للسبيل وكذا إن فعل ذلك في ملك إنسان وإذا كان ظهر داره في درب غير نافذ ففتح بابا لغير الإستطراق جاز له لأن له رفع جميع حائطه ولا يجوز الإستطراق إلا بأذنهم وإن صالحهم جاز ويجوز في درب نافذ - قال الشيخ: وإن كان له باب في درب غير نافذ يستطرق منه استطراقا خاصا مثل أبواب السر التي يخرج منها النساء أو الرجل المرة بعد المرة هل له أن يستطرق منها استطراقا عاما؟ ينبغي إلا يجوز هنا انتهى - ويحرم إحداثه في ملكه ما يضر بجاره ويمنع منه إذا فعله: كابتداء إحيائه: كحفر كنيف إلى جنب حائط جاره وبناء حمام يتأذى بذلك ونصب تنور يتأذى باستدامة دخانه وعمد دكان قصارة أو حدادة يتأذى بكثرة دقه وبهز الحيطان ورحى وحفر بئر ينقطع بها ماء بئر جاره وسقى واشتعال نار يتعديان إليه ونحو ذلك ويضمن ما تلف به بخلاف طبخه وخبزه فيه ويمنع من إجراء ماء الحمام في نهر غيره وإن كان هذا الذي حصل منه الضرر سابقا1: مثل من له في ملكه مدبغة ونحوها فأحيا إنسان إلى جانبه مواتا أو بناه دارا يتضرر بذلك لم يلزمه إزالة الضرر وليس له منعه من تعلية داره ولو أفضى إلى سد الفضاء عنه أو خاف نقص أجرة داره وإن حفر بئرا في ملكه فانقطع ماء بئر جاره أمر بسدها ليعود ماء البئر الأول فإن لم تعد كلف صاحب البئر الأول حفر البئر التي سدت لأجله من ماله ولو ادعى أن بئره فسدت من خلاء جاره أو بالوعته وكانت البئر أقدم منها طرح
ـــــــ
1 يريد سابقا في الوجود على ملك الجار.

في الخلاء أو البالوعة نفط: فإن لم يظهر طعمه ولا رائحته في البئر علم أن فسادها بغيره وإن ظهر فيها ذلك كلف صاحب الخلاء والبالوعة نقل ذلك إن لم يمكن إصلاحه ولو كان لرجل مصنع فأراد جاره غرس شجرة مما تسرى عروقه: كشجرتين ونحوه فيشق حائط مصنع جاره ويتلفه لم يملك ذلك وكان لجاره منعه وقلعها أن غرسها ولو كان بابه في آخر درب غير نافذ ملك نقله إلى أوله إن لم يحصل منه ضرر: كفتحه مقابل باب غيره ونحوه ولم يملك نقله إلى داخل منه إن لم يأذن من فوقه1 أو يكون أعارته إن أذنوا وحيث نقله إلى أول الدرب فله رده إلى موضعه الأول2 ولو كان له داران متلاصقان ظهر كل واحد منهما إلى ظهر الأخرى وباب كل واحدة منهما في درب غير نافذ فرفع الحاجز بينهما وجعلهما دارا واحدة جاز وإن فتح من كل واحدة منهما بابا إلى الأخرى ليتمكن من التطرق من كل واحدة منهما إلى الدار جاز ولو كان في الدرب بابان فقط لرجلين: أحدهما قريب من باب الزقاق والآخر من داخله فتنازعا في الدرب حكم بالدرب من أوله إلى الباب الذي يليه بينهما وبما بعده إلى صدر الدرب للآخر يختص به ملكا له وله أن يجعله دهليزا لنفسه وإن يدخله في داره على وجه لا يضر بجاره ولا يضع على حائطه شيئا وليس له أن يفتح في حائط جاره ولا الحائط المشترك روزنة ولا طاقا ولا غيرهما من التصرفات حتى يضرب
ـــــــ
1 يريد من فوقه في المدخل أعني من كان أدخل منه في الزقاق.
2 هذا تفريع على قوله ولو كان بابه في آخر درب، لا على قوله: ولم يملك نقله الخ.

وتدا ولا أنه يعليه ولا يحدث عليه سترة ولا حائطا ولا خصا يحجز به بين السطحين إلا بإذن صاحبه وإن صالحه عن ذلك بعوض جاز وله الاستناد إليه وإسناد شيء لا يضره والجلوس في ظله ونظره في ضوء سراجه بلا إذن - قال الشيخ: العين والمنفعة التي لا قيمة لها عادة لا يصح أن يرد عليها عقد بيع وإجارة اتفاقا: كمسألتنا - ولو كان له حق ماء يجري على سطح جاره لم يجز له تعلية سطحه ليمنع الماء ولو كثر ضرره وليس له وضع خشبه على حائط جاره أو المشترك إلا عند الضرورة: بإلا يمنكه التسقيف إلا به فيجوز ولو ليتيم ومجنون: ما لم يتضرر الحائط وليس له منعه منه إذن فإن أبى أجبره الحاكم وإن صالحه عنه بشيء جاز وكذا حكم جدار مسجد ومن ملك وضع خشبه على حائط فزال بسقوطه أو قلعه أو سقوط الحائط فله إعادته بشرطه ومتى وجده أو بناءه أو مسيل مائه ونحوه في حق غيره أو ماء: مجرى سطحه على سطح ولم يعلم سببه - فهو له لأن الظاهر وضعه بحق فإن اختلفا فقول صاحب الخشب والبناء والمسيل مع يمينه فإن زال فله إعادته وله أخذ عوض عنه ولو كان له وضع خشبه على جدار غيره لم يملك إجارته ولا إعارته ولا بيعه ولا المصالحة عنه للمالك ولا لغيره لأنه أبيح له من حق غيره لحاجته ولو أراد صاحب الحائط أعارته أو إجارته على وجه يمنع هذا المستحق من وضع خشبه لم يملك ذلك ولو أراد هدم الحائط لغير حاجة لم يملك ذلك وإن احتاج إلى ذلك للخوف من انهدامه أو لتحويله إلى مكان آخر أو لغرض صحيح

ملك ذلك ولو أذن صاحب الحائط لجاره في البناء على حائطه أو وضع سترة أو خشبه عليه في الموضع الذي لا يستحق وضعه جاز وصار عارية لازمة - ويأتي - وإن أذن في ذلك بأجرة جاز: سواء كانت إجارة أو صلحا على وضعه على التأبيد ومتى زال فله أعادته ويشترط معرفة البناء والعرض والطول والسمك والآلات من الطين واللبن أو الطين والآجر وما أشبه ذلك وإذا سقط الحائط الذي عليه البناء أو الخشب في أثناء مدة الإجارة سقوطا لا يعود انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة ورجع من الأجر بقسط ما بقي من المدة وإن أعيد رجع من الأجرة بقدر مدة السقوط وإن صالحه مالك الحائط على رفع خشبه أو بقائه بشيء معلوم جاز: سواء كان ما صالحه به مثل العوض الذي صولح به على وضعه أو أقل أو أكثر وكذلك لو كان له مسيل ماء في أرض غيره أو ميزاب أو غيره فصالح صاحب الأرض مستحق ذلك بعوض ليزيله عنه جاز وإن كان الخشب أو الحائط قد سقط فصالحه بشيء على ألا يعيده جاز.

حكم إعلاء السترة بين الجارين
فصل:- ويلزم إعلاء الجارين بناء سترة تمنع مشارفة الأسفل
كما لو كانت السترة قديمة فانهدمت فإنه يجب أعادتها فإن استويا اشتركا وأيهما أبى أجبر مع الحاجة إلى السترة فإن كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخر فليس لصاحب الأعلى الصعود على سطحه على وجه يشرف على سطح جازه: إلا أن يبني سترة تستره كما تقدم ولا يلزم الأعلى سد طاقته إذا لم ينظر منها ما يحرم نظره من جهة جاره ويجبر

الشريك على العمارة مع شريكه في الأملاك والأوقاف المشتركة فإن انهدم حائطها أو سقفهما فطلب أحدهما صاحبه ببنائه معه أجبر فإن امتنع أخذ الحاكم من ماله وانفق عليه وإن لم يكن له عين وكان له متاع باعه وانفق منه فإن لم يكن له اقترض عليه وانفق وإن انفق الشريك بإذنه أو أذن حاكم أو بنية رجوع رجع على حصة الشريك وكان بينهما كما كان قبل انهدامه وإن استهدم جدارهما أو سقفهما وخيف ضرره نقضاه وجوبا فإن أبى أحدهما أجبره الحاكم - ويأتي في الغصب ضمان ما تلف به - وأيهما هدمه أذن بغير أذن صاحبه فلا شيء عليه: كما لو أنهدم بنفسه وإن اتفقا على بناء الحائط المشترك بينهما نصفين: وملكه بينهما النفقة كذلك: على أن ثلثه لأحدهما وللآخر الثلثان لم يصح لأنه يصالح على بعض ملكه ببعض وإن اتفقا على أن يحمله كل واحد منهما ما شاء لم يجز لجهالة الحمل ولا يجبر على بناء حاجز بين ملكيهما ولو انهدم سفل علوه لغيره انفرد صاحب السفل ببنائه واجبر عليه وإن كان علو العلو طبقة ثالثة فصاحب الوسط مع من فوقه كمن تحته معه وإذا كان نهر أو بئر أو دولاب أو ناعورة1 أو قناة بين جماعة واحتاج إلى عمارة أو كرى أو سدشق فيه أو إصلاح حائط أو شيء منه كان غرم ذلك بينهم على حسب ملكهم فيه ويجبر الممنتع وليس لأحدهم منع صاحبه من عمارته فإن عمره فالماء بينهم على الشركة فإن كان بعضهم أدنى إلى أوله من بعض اشترك الكل في
ـــــــ
1 الناعورة: الساقية

كريه وإصلاحه حتى يصلوا إلى الأول ثم لا شيء على الأول ويشترك الباقون حتى يصلوا إلى الثاني ثم لا شيء عليه ويشترك من بعده وكلما انتهى العمل إلى موضع واحد منهم لم يكن عليه فيما بعده شيء ومتى هدم مشتركا من حائط أو سقف قد خشى سقوطه ووجب هدمه فلا شيء عليه: كما لو انهدم بنفسه وإن كان لغير ذلك لحاجة أو غيرها: التزم إعادته أو لا فعليه إعادته ولو اتفقا على بناء حائط بستان فبنى أحدهما فما تلف من الثمرة بسبب إهمال الآخر ضمنه الذي أهل قاله الشيخ ولو كان السفل لواحد والعلو لآخر فالسقف بينهما لا لصاحب العلو.

باب الحجر
الحجر و أقسامه
الحجر وأقسامه
وهو منع الإنسان من التصرف في ماله وهو على ضربين:- حجر لحق الغير: كحجر على مفلس: ومريض على ما زاد على الثلث وعبد و مكاتب و مشتر إذا كان الثمن في البلد أو قريبا منه بعد تسليمه المبيع وراهن ومشتر بعد طلب شفيع ومرتد غير ذلك على ما يأتي: فنذكر منه ههنا الحجر على المفلس: وهو من ماله له ولا ما يدفع به حاجته وشرعا من لزمه أكثر من ماله.
وحجر لحظ نفسه: كحجر على صغير ومجنون وسفيه فحجر المفلس منع الحاكم من عليه دين حال يعجز عنه ماله الموجود مدة الحجر من التصرف فيه ومن لزمه دين مؤجل حرمت مطالبته به قبل اجله وإن أراد سفر طويلا يحل الدين قبل فراغه أو بعده: مخوفا كان أو غيره وليس به رهن يفي به ولا كفيل ملئ فلغريمه منعه في غير

جهاد متعين حتى يوثقه بأحدهما فلو أراد المدين ضامنه معا السفر منعهما ومنع أحدهما: أيهما شاء حتى يوثق بما ذكر وكذلك لو كان الضامن غير ملئ فله أن يطلب منه ضامنا مليئا أو رهنا ولو كان بالدين رهن لا تفي قيمته به فله أن يطلب زيادة الرهن حتى تبلغ قيمة الجميع قدر الدين أو يطلب منه ضامنا بما يبقي من الدين بعد قيمة الرهن وإن أراد سفرا وهو عاجز عن وفاء دينه فلغريمه منعه حتى يقيم كفيلا ببدنه قاله الشيخ ولا يملك تحليل محرم وإن كان دينه وهو قادر على وفائه وطلب منه فسافر قبل وفائه لم يجز له أن يترخص بقصر ولا غيره فإن كان عاجز عن وفاء شيء منه حرمت مطالبته والحجر عليه وملازمته وإن كان له مال يفي بدينه الحال لم يحجر عليه ولو كان عليه دين مؤجل غيره وعلى الحاكم أن يأمره بوفائه إن طلبه الغرماء منه ويجب على قادر وفاؤه على الفور بطلب ربه أو عند أجله إن كان مؤجلا وإلا فلا فإن كان له سلعة فطلب أن يمهله حتى يبيعها ويوفيه من ثمنها أمهل بقدر ذلك وكذلك إن أمكنه أن يحتال لوفاء دينه باقتراض ونحوه وطلب أن يرسم عليه حتى يفعل ذلك وجبت أجابته إلى ذلك ولم يجز معه منه بحبسه1 وكذا أن طلب تمكينه منه محبوس أو توكل فيه قاله الشيخ ولو مطل حتى شكى عليه فما غرمه فعلى المماطل وفي الرعاية: لو احضر مدعي به ولم يثبت للمدعي لزمه مؤنة إحضاره ورده وإلا لزما المنكر وقال الشيخ: لو تغيب مضمون عنه فغرم الضامن بسببه أو غرم بسبب كذب عليه عند ولي الأمر رجع على المتسبب فإن أبى من له مال يفي بدينه الوفاء حبسه الحاكم
ـــــــ
1 الترسيم عليه بمعنى مراقبته.

وليس له إخراجه حتى يتبين له أمره أو يبرأ من غريمه بوفاء أو إبراء أو يرضى بإخراجه فإن أصر باع ماله وقضى دينه - وقال جماعة إذا أصر على الحبس وصبر عليه ضربه الحاكم قال في الفصول وغيره: يحبسه فإن أبى عزره قال: ويكرر حبسه وتعزيره حتى يقبضه قال الشيخ: نص عليه الأئمة من أصحاب أحمد وغيرهم ولا أعلم فيه نزاعا لكن لا يزاد في كل يوم على أكثر التعزير إن قبل بتقديره وقال: ومن طولب بأداء حق فطلب إمهالا أمهل بقدر ذلك كما تقدم في كلامه لكن أن خاف غريمه منه احتاط عليه بملازمته أو كفيل أو ترسيم عليه وإن ادعى من عليه الدين الإعسار وأنه لا شيء معه فقال المدعي للحاكم: المال معه وسال تفتيشه وجب على الحاكم إجابته إلى ذلك وإن صدقه غريمه لم يحبس ووجب إنظاره ولم تجز ملازمته وإن أكذبه وكان دينه عن عوض: كالبيع والقرض أو عرف له مال سابق والغالب بقاء ذلك أو عن غير عوض: كأرش جناية وقيمة متلف ومهر أو ضمان أو كفالة أو عوض خلع وأقر أنه ملئ حبس إلا أن يدعى تلفا ونحوه أو يسال سؤاله ويصدقه فلا فإن أنكر وأقام بينة بقدرته أو حلف أنه لا يعلم عسرته أو أنه موسر أو ذو مال ونحوه حبس فإن لم يحلف حلف المدين وخلى سبيله إلا أن يقيم بينة تشهد له وإن كان الحق عليه ثبت في غير مقابلة مال أخذه: كأرش جناية وقيمة متلف ومهر أو ضمان وكفالة أو عوض خلع ولم يعرف له مال ولم يقر أنه ملئ - حلف أنه لا مال له وخلى فإن

شهدت بنفاد ماله أو بتلفه ولم تشهد بعسرته حلف أنه لا مال له في الباطن وإن شهدت بإعساره اعتبر فيها أن تكون ممن تخبر باطن حاله لأنها شهادة على نفي قبلت للحاجة ويكتفي فيها باثنين ولا يحلف معها لأنه تكذيب للبينة ويكفي في الحالين أن تشهد بالتلف أو الإعسار أو تسمع قبل حبسه وبعده ولو بيوم ولو قامت بينة للمفلس قال معين فأنكر ولم يقر به لأحد أو قال: هو لزيد فكذبه زيد قضى منه دينه وإن صدقه زيد لم يقض منه الدين ويكون لزيد مع يمينه ويحرم على المعسر أن يحلف أنه لا حق له ويتأول وإن كان له مال لا يفي بدينه فسأل غرماؤه كلهم أو بعضهم الحاكم الحجر عليه لزمه إجابتهم: لا إجابة المعسر إذا طلب من الحاكم الحجر على نفسه ويستحب إظهار الحجر عليه لتجنب معاملته والإشهاد عليه لينتشر ذلك وربما عزل الحاكم أو مات فيثبت الحجر عليه عند الآخر فلا يحتاج إلى ابتداء حجر ثان وكل ما فعله المفلس في ماله قبل الحجر عليه من البيع والهبة والإقرار وقضاء بعض الغرماء وغير ذلك فهو نافذ ولو استغرق جميع ماله مع أنه يحرم إن أضر بغريمه.

يتعلق بالحجر أحكام أربعة
فصل:- ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام.
أحدها - تعلق حق الغرماء بماله فلا يقبل إقراره عليه ولا يصح تصرفه فيه حتى ما يتجدد له من ماله من أرش جناية وأرث ونحوهما

ولو عتقا أو صدقه بشيء كثير أو يسير: إلا بتدبير1 وله رد ما اشتراه قبل الحجر لعيب أو خيار غير متقيد بما لاحظ ويكفر هو وسفيه بصوم فإن فك حجره قبل تكفيره وقدر كفر بغيره فإن كان المفلس صانعا: كالقصار والحائك في يده متاع فاقر به لا ربا به لم يقبل وتباع العين التي في يده وتقسم بين الغرماء وتكون قيمتها واجبة على المفلس إذا قدر عليها فإن توجهت على المفلس يمين فنكل عنها فقضى عليه فكإقراره يلزم في حقه دون الغرماء وإن تصرف في ذمته بشراء أو ضمان أو إقرار صح ويتبع به بعد فك الحجر عنه لأن الحجر متعلق بماله لا بذمته ولا يشاركون غرماءه قبل الحجر سواء نسب ما أقر به إلى ما قبل الحجر أو بعده: وسواء علم من عامله بعد الحجر أنه محجور عليه أم لا وإن ثبت عليه حق ببينة شارك صاحبه الغرماء وإن جنى جناية موجبة للمال شارك المجني عليه الغرماء وإن كانت موجبة للقصاص فعفى صاحبها إلى مال أو صالحه المفلس على مال شارك الغرماء وإن جنى عبده المجني عليه بثمنه على الغرماء.
ـــــــ
1 وفي معنى التدبير الوصية، فتصرفه بواحد منهما جائز، وذلك لأنه بالموت ينفك عنه الحجر ويبدأ بسداد حقوق غرمائه، فإذا بقى من ثلث المال ما يتسع لنفاذ تدبيره ووصيته نفذا، وإلا فهما لغو.

الحكم الثاني
فصل:- الحكم الثاني أن من وجد عنده عينا باعها إياه
ولو بعد الحجر عليه غير عالم به أو عين قرض أو رأس مال سلم، أو غير ذلك حتى عينا مؤجرة ولو نفسه أو غيرها ولم يمض من المدة شيء - فهو أحق بها: إن شاء ولو بعد خروجها من ملكه وعودها إليه بفسخ أو شراء أو نحو ذلك فلو اشتراها ثم باعها ثم اشتراها فهي لأحد البائعين بقرعة فإن بذل الغرماء لصاحب السلعة الثمن من أموالهم أو خصوه به من مال المفلس ليتركها أو قال المفلس: أنا أبيعها وأعطيك ثمنها لم يلزمه قبوله وإن دفعوا إلى المفلس الثمن فبذله له لم يكن له الفسخ1 ومن استأجر أرضا للزرع فأفلس قبل مضي شيء من المدة فللمؤجر فسخ الإجارة وإن كان بعد انقضائها أو مضي بعضها2 لم يملك الفسخ تنزيلا للمدة منزلة المبيع ومضى بعضها بمنزلة تلف بعضها ومن اكترى من يحمل له متاعا إلى بلد ثم أفلس المكترى قبل حمل شيء فللمكري الفسخ3 وإن أصدق امرأة عينا ثم أنفسخ نكاحها بسبب يسقط صداقها أو فارقها
ـــــــ
1 يريد لم يكن لرب السلعة أن يفسخ البيع بالرجوع في العين، وذلك لأن الفسخ كان له حين عجز السفيه المشتري عن الثمن، وحيث أمكنه دفعه فقط سقط حق بائعها. ومن هذا تعلم أن الكلام مفروض في حالة عدم دفع المشتري الثمن.
2 يشير إلى أن الرجوع في العين مبني على بقائها كاملة، فإذا انعدمت أو تلف بعضها فلا رجوع فيها، فكذلك مدة الإجارة بالنسبة للعين المؤجرة، إذا كانت كلها باقية فله الفسخ وإلا فلا، وستعلم ذلك ضمن الشروط التي سيذكرها قريبا.
3 المكتري بكسر الراء: هو المؤجر، والمكرى بفتح الراء: هو الأجير.

قبل الدخول فرقة تنصف الصداق: وقد أفلست ووجد عين ماله فهو أحق به.
بشرط أن يكون المفلس حيا إلى حين أخذه1 - ولم ينقد من ثمن المبيع شيئا ولا أبراه من بعضه - والسلعة بحالها - ولم يزل ملكه عن بعضها بتلف ولا غيره فإن تلف جزء منها: كبعض أطراف العبد أو ذهبت عينه أو جرح أو وطئت البكر أو تلف بعض الثوب أو انهدم بعض الدار ونحوه لم يكن للبائع الرجوع وإن باع بعض المبيع أو وهبه أو وقفه فكتلفه هذا إن كانت عينا واحدة في مبيع وإن كانت عينين: كعبدين ونحوهما وبقي واحدة رجع فيها: وكون السلعة بحالها: لم تتغير صفتها بما يزيل أسمها: كنسيج غزل وخبز دقيق وعمل زيت صابونا وقطع قميصا ونجر خشب أبوابا وعمل شريط ابرا وطحن حب أو حبا فصار زرعا أو عكسه أو نوى فنبت شجرا أو بيضا فصار فراخا ولم يخلطها بما لا تتميز2 - ولم يتعلق بها حق من شفعة أو جناية: بان يشتري عبدا ثم يفلس بعد تعلق أرش الجناية برقبته فإن ابرأ الغريم من الجناية فللبائع الرجوع وكذا لو اسقط الشفيع أو المرتهن حقه أو رهن ونحوه لكن إن كان الرهن
ـــــــ
1 هذا أول شرط من سبعة شروط لا يملك رب العين الرجوع فيها إلا إذا توفرت جميعها وقد ميزناها لك بفاصلة أمام كل واحد منها.
2 قوله سابقا: وكون السلعة بحالها إلى قوله: ولم ويخلطها بما لا تتميز: معترض بين ذكر الشروط وهذا الاعتراض كله تفسير للشرط الثالث المتقدم: وهو قوله: والسلعة بحالها.

أكثر من الدين فما فضل منه رد على المال وليس لبائعه الرجوع في الفاضل وإن كان المبيع عينين فرهن إحداهما ملك البائع الرجوع في الأخرى: كما إذا تلفت أحدى العينين ولو مات الراهن وضاقت تركته عن الديون قدم المرتهن برهنه ولو رهن بعض العبد لم يكن للبائع الرجوع في باقيه ولم يكن صيدا والبائع محرم فلا يأخذه حال إحرامه - ولم تزد زيادة متصلة: كسمن وكبر وتعلم صنعة وكتابة وقرآن وتجدد حمل لا أن ولدت فإن وجد شيء من ذلك منع الرجوع ووطء الثيب ما لم تحمل وتزويج الأمة لا يمنع الرجوع وهي على نكاحها - ويشترط أيضا أن يكون البائع حيا1 وإن كان الثمن مؤجلا رجع فيها فأخذها عند حلول الأجل: فتوقف إليه ويصح الرجوع فيها وفي غيرها بالقول على التراضي فسخا بلا حكم حاكم إذا كملت الشروط ولو حكم حاكم بكونه أسوة الغرماء نقض حكمه نصا ولا يفتقر الرجوع إلى شروط البيع من المعرفة والقدرة على تسليمه فلو رجع في آبق صح وصار له فإن قدر أخذه وإن تلف فمن ماله وإن بان تلفها حين استرجاعه بطل رجوعه فأما الزيادة المنفصلة: كالولد والثمرة والكسب والنقص بهزال أو نسيان صنعة أو كتابة أو كبر أو تغير عقله أو كان ثوبا فخلق: فلا يمنع الرجوع فيأخذه ولو ناقصا جميع حقه والزيادة
ـــــــ
1 هذا هو الشرط السابع، ومقتضاه أن صاحب العين لو مات سقط الحق في الرجوع ولكن ذلك مختلف فيه، فبعض علماء المذهب يرون انتقال الحق إلى الورثة.

لبائع1 وإن صبغ الثوب أو قصره أولت السويق بزيت لم يمنع الرجوع: ما لم ينقص والزيادة عن قيمة الثوب والسويق للمفلس ولو كانت السلعة صبغا فصبغ به أو زيتا فلت به أو مسامير فسمر بها بابا أو حجرا فبنى عليه أو خشبا فسقف به فلا رجوع فإن كن الصبغ والثوب لواحد رجع في الثوب وحده ويكون المفلس شريكا بزيادة الصبغ ويضرب بائع الصبغ بثمنه مع الغرماء وإن اشترى رفوفا ومسامير من واحد وسمرها بها رجع فيهما وإن غرس الأرض أو بنى فيها فله الرجوع فيها ودفع قيمة الغراس والبناء فيملكه أو قلعه وضمان نقصه: إلا أن يختار المفلس والغرماء القلع فيلزمهم إذن تسوية الأرض وأرش نقصها الحاصل به ويضرب به البائع مع الغرماء وله الرجوع فيها ولو قبل القلع ودفع قيمة الغراس والبناء أو قلعة وإن امتنعوا من القلع لم يجبروا عليه وإن أبوا القلع وأبى دفع القيمة سقط الرجوع.
ـــــــ
1 قوله: والنقص بهزال معطوف على المبتدأ وهو قوله: فأما الزيادة وقوله: جميع حقه في معنى الحال من ضمير المفعول في قوله: أخذه جميع حقه. ومراده: أن الزيادة المنفصلة والنقص لا تأثير لهما في رجوعه، ولكن فريقا من العلماء ينازع في استحقاق رب العين للزيادة المنفصلة وينتصرون للرواية عن الإمام بأن النماء المنفصل حق للمفلس، ويمنع صاحب المغني قياس ذلك على النماء المتصل، والمصنف مع من يرى الرأي الأول ولذتك صرح بعد أن علم هذا من الكلام السابق بقوله: والزيادة لبائع.

الحكم الثالث
فصل:- الحكم الثالث: بيع الحاكم ماله وقسم ثمنه على الفور
ويجب عليه ذلك إن كان مال المفلس من غير جنس الديون فإن كان ديونهم من جنس الأثمان أخذوها وإن كان فيهم من دينه من غير جنس الأثمان وليس في مال المفلس من جنسه ورضي أن يأخذ عوضه من الأثمان جاز وإن امتنع وطلب جنس حقه اشترى له بحصته من الثمن من جنس دينه ولو أراد الغريم الأخذ من المال المجموع وقال المفلس: لا أقضيك إلا من جنس دينك قدم قول المفلس ولا يحتاج إلى استئذان المفلس في البيع: لكن يستحب أن يحضره أو وكيله ويحضر الغرماء وإن باعه من غير حضورهم كلهم جاز ويأمرهم الحاكم أن يقيموا مناديا ينادي على المتاع فإن تراضوا بثقة إمضاء وإن اختار المفلس رجلا واختار الغرماء آخر أقر الثقة فإن كانا ثقتين قدم المتطوع فإن كانا متطوعين ضم أحدهما إلى الآخر وإن كانا بجعل قدم أوثقهما وأعرفهما وإن تساويا قدم من يرى ويستحب أن يبيع كل شيء في سوقه ويجوز في غيره وربما أدى الاجتهاد إلى أنه أصلح بشرط أن يبيعه بثمن مثله المستقر في وقته أو أكثر فإن زاد في السلعة أحد في مدة الخيار لزم الأمين الفسخ وإن كان بعد لزومه استحب له سؤال المشتري الإقالة واستحب للمشتري الإجابة ويجب أن يترك له من ماله ما تدعو إليه حاجته من مسكن وخادم: إن لم يكونا عين مال الغرماء فإن كانا لم يترك له منه شيء ولو كان محتاجا: لكن إن كان له داران يستغني بإحداهما بيعت الأخرى وإن كان له مسكن واسع عن سكنى مثله بيع واشترى له مسكن مثله ورد الفضل على الغرماء وكذلك ثيابه إذا كانت رفيعة لا يلبس مثله مثلها وإن كانت إذا بيعت

واشترى له كسوة لا يفضل عنها شيء تركت وشرط الخادم إلا يكون نفيسا ويترك له أيضا آلة حرفة فإن لم يكن صاحب حرفة ترك له ما يتجر به لمؤنته وينفق عليه وعلى من تلزمه نفقته من ماله بالمعروف: وهو أدنى ما ينفق على مثله وأدنى ما يسكنه مثله من مأكل ومشرب وكسوة إلى أن يفرغ من قسمه بين غرمائه: إن لم يكن له كسب يفي بذلك وإن كان كسبه دون نفقته كملت من ماله ويجهز هو ومن تلزمه مؤنته: غير زوجته ماله أن مات مقدما على غيره كما تقدم ويكفن في أثواب كما كان يلبس في حياته وقدم في الرعاية في ثوب واحد وإن تلف شيء من ماله تحب يد الأمين أو بيع شيء من ماله وأودع ثمنه فتلف عند المودع فمن ضمان المفلس ويبدأ بيع أقله بقاء وأكثره مؤنة فيبيع أولا ما يسرع إليه الفساد: كالطعام الرطب ثم الحيوان ثم الأثاث ثم العقار وبيع بنقد البلد وتقدم في الرهن نظيره ويعطى مناد وحافظ المتاع والثمن والحمالون أجرتهم من مال المفلس تقدم على ديون الغرماء: إن لم يوجد متبرع ونظيره ما يستدان على تركه الميت لمصلحة التركة فإنه مقدم على الديون الثابتة في ذمة الميت ويبدأ بالمجني عليه إذا كان الجاني عبد المفلس كانت الجناية قبل الحجر أو بعده فيدفع إليه الأقل من الأرش أو ثمن العبد ولا شيء له غيره وإن لم يف بأرش الجناية وإن كان الجاني المفلس فالمجني عليه أسوة الغرماء ثم بمن له رهن لازم فيختص بثمنه وإن فضل له فضل ضرب به مع الغرماء وإن فضل منه فضل

رد عليه المال ثم بمن له عين مال أو عين مؤجرة أو مستأجرها من مفلس فيأخذها وكذا مؤجر نفسه وإن بطلت الإجارة في أثناء المدة ضرب له بما بقي مع الغرماء ولو باع شيئا أو باعه وكيله وقبض الثمن فتلف وتعذر رده وخرجت السلعة مستحقة ساوى المشتري الغرماء وإن أجر دارا أو بعيرا بعينه أو شيئا غيرهما بعينه ثم أفلس لم تنفسخ الإجازة بالفلس كان المستأجر أحق بالعين التي استأجرها من الغرماء حتى يستوفي حقه فإن ملك البعير أو انهدمت الدار قبل انقضاء المدة انفسخت الإجارة ويضرب مع الغرماء ببقية الأجرة وإن استأجر جملا في الذمة ثم أفلس المؤجر فالمستأجر أسوة الغرماء وإن اجر دارا ثم أفلس فاتفق المفلس والغرماء على البيع قبل انقضاء مدة الإجارة فلهم ذلك ويبيعونها مستأجرة فإن اختلفوا قدم قول من طلب البيع في الحال فإذا استوفى المستأجر تسلم المشتري وإن اتفقوا على تأخير البيع حتى تنقضي مدة الإجارة فلهم ذلك ولو باع سلعة ولو مكيلا أو موزونا: قبض ثمنها أولا ثم أفلس قبل تقبيضها فالمشتري أحق بها من الغرماء وإن كان على المفلس دين سلم فوجد المسلم الثمن بعينه فهو أحق به كما تقدم وإن لم يجده: فإن حال قبل القسمة ضرب مع الغرماء بقيمة المسلم فيه فإن كان في المال من جنس حقه أخذ منه بقدر ما يستحقه وإن لم يكن فيه من جنس حقه عزل له من المال قدر حقه فيشتري به المسلم فيه فيأخذه وليس له أن يأخذ المعزول بعينه1 فإن
ـــــــ
1 لم يجز له أخذ المعزول لأنه يكون حينئذ عوضا عن المسلم فيه والعوض عن المسلم فيه غير جائز.

أمكنه أن يشتري بالمعزول أكثر ما قدر له لرخص المسلم فيه اشترى له بقدر حقه ويرد الباقي على الغرماء ثم يقسم الباقي1 بين باق الغرماء على قدر ديونهم ولا يلزمهم بيان ألا غريم سواهم فإن كان فيهم من له دين مؤجل لم يحل ولم يوقف له شيء ولا يرجع على الغرماء إذا حل: لكن إن حل قبل القسمة شاركهم وإن حل بعد قسمة البعض شارك في الباقي ويضرب فيه بجميع دينه ويضرب باقي الغرماء ببقية ديونهم ومن مات وعليه دين مؤجل لم يحل إذا وثق الورثة أو غيرهم برهن أو كفيل ملئ على أقل الأمرين من قيمة التركة أو الدين: كما لا تحل الديون التي له بموته2 فتختص أرباب الديون الحالة بالمال فإن تعذر التوثق لعدم وارث أو غيره حل فيأخذه كله وحكم من طرأ عليه جنون حكم المفلس والميت في حلول واحد بقدر حصته فلو كان ألف اقتسمه غريماه نصفين ثم ظهر ثالث دينه كدين أحدهما رجع على كل واحد بثلث ما قبضه وظاهر كلامهم يرجع على من أتلف ما قبضه بحصته ولا يمنع الدين انتقال التركة إلى الورثة ويتعلق حق بها كلها وإن لم يستغرقها
ـــــــ
1 يريد الباقي من مال المفلس بعد القدر المعزول لرب السلم.
2 إنما لم يحل الدين عند موت المدين إذا وثق الورثة لأن الأجل حق للمدين يرثه عنه خلفاؤه في التركة، وأما إذا لم يوثقوا فمنعا لتضرر صاحب الدين صارحا ليدرك حقه من التركة قبل فواته عليه.

الدين: سواء كان دينا لآدمي أو دينا لله تعالى: ثبت في الحياة أو تجدد بعد الموت بسبب يقتضي الضمان كحفر بئر ونحوه - وتأتي تتمته في كتاب الوصايا وآخر القسمة - والدين باق في ذمة الميت في التركة حتى يوفي ويصح تصرف الورثة في التركة بشرط الضمان ويضمنون الأقر: من قيمة التركة أو الدين فإن تعذر وفاؤه فسخ تصرفهم وإن بقي على المفلس بقية أجبر المحترف على الكسب وإيجار نفسه فيما يليق بمثله لقضاء ما بقي عليه مع الحجر عليه إلى الوفاء وإيجار موقوف عليه وإيجار أم ولده إن استغنى عنها لا إن لزمه حج وكفارة ولا يجبر على قبول هبة وصدقة ووصية ولو كان المتبرع ابنا ولا يملك غير المدين وفاء دينه مع امتناعه ولا يملك الحاكم قبض ذلك1 لوفائه بلا أذن لفظي أو عرفي ولا يجبر على تزويج أم ولد ولا امرأة على نكاح أو رجل على خلع ولا على رد مبيع وإمضائه وأخذ دية عن قود ونحوه ولا تسقط بعفوه على غير مال أو مطلقا أو مجانا ولا يجبرون أيضا على ذلك لأجل نفقة واجبة ولا يمنعون أخذ الزكاة لأجله ولا ينفك الحجر عنه إلا بحكم حاكم إن بقي عليه شيء وإلا انفك وإذا فك عنه الحجر فليس لأحد مطالبته ولا ملازمته حتى يملك مالا فإن جاء الغرماء عقب فك الحجر عنه فادعوا أن له مالا لم يقبل إلا ببينة فإن ادعوا بعد مدة أن في يده مالا أو ادعوا ذلك عقب فك الحجر عنه وبينوا سببه أحضره الحاكم،
ـــــــ
1 مرجع الإشارة: الهبة والوصية، والصدقة.

وسأله فإن أنكر فقوله مع يمينه وإن أقر وقال: هو لفلان وصدقه حلف المقر له وإلا أعيد الحجر عليه إن طلب الغرماء ذلك وإن أقر أنه لغائب أقر في يده حتى يحضر الغائب ثم نسأله كما تقدم في الحاضر وإذا انفك عنه فلزمته ديون وحجر عليه شارك غرماء الحجر الأول غرماء الحجر الثاني في ماله وإن كان للمفلس حق له به شاهد وحلف معه ثبت المال وتعلقت به حقوق الغرماء فإن أبى أن يحلف معه لم يجبر ولم يكن لغرمائه أن يحلفوا.

الحكم الرابع
فصل:- الحكم الرابع
انقطاع المطالبة عنه فمن أقرضه شيئا أو باعه لم يملك مطالبته حتى ينفك عنه الحجر. فصل:- الضرب الثاني - المحجور عليه لحظه: وهو الصبي والمجنون والسفيه فلا يصح تصرفهم في أموالهم ولا ذممهم قبل الإذن ومن دفع إليهم ماله ببيع أو قرض رجع فيه ما كان باقيا وإن أتلفوه أو تلف في أيديهم لم يضمنوا وكان من ضمان مالكه: علم بالحجر أو لم يعلم وإن جنوا فعليهم أرش الجناية ويضمنون ما لم يدفع إليهم إذا أتلفوه - ويأتي حكم وديعة وعارية وعبد - ومن أعطوه مالا لم يضمنه: كمغصوب أخذه ليحفظه لربه ومتى عقل المجنون وبلغ الصبي ورشدا ولو بلا حكم انفك الحجر عنهما بلا حكم ودفع إليهما مالهما ويستحب أن يكون الدفع بإذن قاض وبينة بالرشد وبالدفع ليأمن التبعة ولا ينفك قبل ذلك بحال ويحصل البلوغ بإنزال المني يقظة أو مناما

باحتلام أو جماع أو غير ذلك أو بلوغ خمس عشرة سنة أو نبات الشعر الخشن القوي حول القبل دون الزغب الضعيف وتزيد الجارية بالحيض والحمل لأن حملها دليل إنزالها فيحكم ببلوغها منذ حملت ويقدر ذلك بما قبل وضعها بستة أشهر لأنه اليقين إذا كانت توطأ وإن طلقت وكانت لا توطأ فولدت لأكثر مدة الحمل فاقل منذ طلقت فقد بلغت قبل الفرقة وخنثى بسن أو نبات حول الفرجين أو مني من أحدهما أو حيض من فرج أو هما من فرج واحد أو مني من ذكره وحيض من فرجه ولا اعتبار بغلظ الصوت وفرق الأنف1 ونهود الثدي وشعر الإبط ونحو ذلك والرشد: الصلاح في المال لا غير ولا يدفع إليه مال قبله ولو صار شيخا ولا يدفع إليه حتى يختبر بما يليق به ويؤنس رشده فإن كان من أولاد التجار: وهو من يبيع ويشتري فبان بتكررا منه فلا يغبن غالبا غبنا فاحشا وإن يحفظ ما في يده من صرفه فيما لا فائدة فيه: كالقمار والغناء وشراء المحرمات ونحوه وليس الصدقة به وصرفه في باب بر ومطعم وشرب وملبس ومنكح لا يليق إلا به تبذيرا إذ لا إسراف في الخير ويختبر ابن المزارع بما يتعلق بالزراعة والقيام على العمال والقوام وابن المحترف بما يتعلق بحرفته وابن الرئيس والصدر الكبير والكاتب الذين يصان أمثالهم عن الأسواق بأن تدفع إليه نفقته مدة لينفقها في مصالحه فإن صرفها في مصارفها ومرافقها واستوفى على وكيله فيما
ـــــــ
1 فريق الأنف هو الانقسام الذي تحس به في أرنبته إذا ضغطت عليها قليلا.

وكل فيه واستقصى عليه دل ذلك على رشده وسواء رشده الولي أولا - قال الشيخ: وإن وزع في الرشد فشهد شاهدان قبل لأنه قد يعلم بالاستفاضة ومع عدمها له اليمين على وليه أنه لا يعلم رشده - ولو تبرع وهو تحت الحجر فقامت بينة برشده نفذ والأنثى يفوض إليها ما يفوض إلى ربة البيت من الغزل والإستغزال بأجرة المثل وتوكيلها في شراء الكتان ونحوه وحفظ الأطعمة من الهر والفأر وغير ذلك فإن وجدت ضابطة لما في يدها ومستوفية من وكيلها فهي رشيدة ووقت الاختبار قبل البلوغ ولا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء والمصلحة والمفسدة وبيع الاختبار وشراؤه صحيح.

ولاية الصغير و المجنون
فصل:- وتثبت الولاية على صغير ومجنون
لأب بالغ رشيد عاقل حر عدل ولو ظاهرا ولو كافرا على ولده الكافر بان يكون عدلا في دينه ثم بعد الأب وصيه ولو بجعل وثم متبرع ثم لحاكم فلو لم يوص الأب إلى أحد أقام الحاكم أمينا في النظر لليتيم فإن لم يوجد حاكم فأمين يقوم به والجد والأم وسائر العصبات لا ولاية لهم ولا يجوز لوليهما أن يتصرف في مالهما إلا على وجه الحظ لهما فإن تبرع أو حابى أو زاد على النفقة عليهما أو على من تلزمهما مؤنته بالمعروف ضمن ولوليهما الإنفاق عليهما من مالهما بغير إذن حاكم: كلقيط ولو أفسد نفقته دفعها إليه يوما بيوم فإن أفسدها أطعمة معاينة ولو أفسد كسوته ستر عورته فقط في بيت إن لم يمكن التحيل ولو بتهديد وزجر وصياح عليه ومتى أراه الناس البسه،

فإذا عاد نزع ويقيد المجنون بالحديد لخوف ولا يصح أن يرتهن أو يشتري من مالهما أو يبيعهما إلا الأب - ويأتي - ويجب على وليهما إخراج زكاة مالهما وفطرتهما من مالهما ولا يصح إقراره عليهما ولا أن يأذن لهما في حفظ مالهما ويستحب إكرام اليتيم وإدخال السرور عليه ودفع الإهانة عنه فجبر قلبه من أعظم مصالحه قاله الشيخ ولوليهما مكاتبة رقيقهما وعتقه على مال إن كان فيه حظ كما تقدم: مثل أن تكون قيمته ألفا فيكاتبه على ألفين أو يعتقه عليهما ونحو ذلك وإن كان على مال بقدر قيمته أو أقل لم يجز كعتقه مجانا وله تزويج رقيقهما من عبيد وإماء لمصلحة والسفر بمالهما لتجارة وغيرها في مواضع أمنه في غير بحر ولا يدفعه إلا إلى الأمناء ولا يغرر به وله المضاربة به بنفسه ولا أجرة له والربح كله للمولى عليه والتجارة بمالهما أولى من تركها وله دفعه مضاربة إلى أمين بجزء من الربح وله إبضاعه: وهو دفعه إلى من يتجر به والربح كله للمولى عليه وبيعه نسيئا لملئ وقرضه لمصلحة فيهما: كحاجة سفر أو خوف بأحدهما أولى1 فإن تلف لم يضمن - قال القاضي: ومعنى الحظ أن يكون للصبي مال في بلد فيريد نقله إلى بلد آخر فيقرضه من رجل في ذلك البلد ليقتضيه بدله في بلده يقصد به حفظه من الغرر في نقله - أو يخاف عليه الهلاك من نهب أو غرق أو غيرهما أو يكون مما يتلف بتطاول مدته أو حديثه خيرا من
ـــــــ
1 قوله: وبهما أو بأحدهما، مرجع الضمير فيه إلى الرهن والكفيل.

قديمه: كالحنطة ونحوهما فيقرضه خوفا من السوس أو تنقص قيمته وأشباه ذلك وإن لم يكن فيه حظ لم يجز وإن أراد أن يودع ماله وكل موضع قلنا له قرضه فلا يجوز إلا لأمين ولا يقرضه لمودة ومكافأة ولا يقترض وصي ولا حاكم منه شيئا وله هبته بعرض ورهنه عند ثقة لحاجة ولوليهما شراء العقار لهما وبناؤه بما جرت عادة أهل بلد به - وفي المغني وغيره نقلا عن الأصحاب: يبنيه بالآجر والطين لا باللبن وإن كان الشراء أحط من البناء وهو ممكن تعين تقديمه وله شراء الأضحية ليتيم له مال كثير من ل اليتيم وتحرم صدقته بشيء منها وتقدم ومتى كان خلط قوته أرفق به والين لعيشه في الخبز: وليكن في حصول الأدم: فهو أولى وإن كان إفراده أرفق به أفرده ويجوز تركه في المكتب وتعليمه الخط والرماية والأدب وما ينفعه وأداء الأجرة عنه وإن يسلمه في صناعة إذا كانت مصلحة ومداواته وحمله ليشهد الجماعة: باجرة فيهما لا أذن حاكم إذا رأى المصلحة في ذلك كله وله بيع عقارهما لمصلحة ولو لم يحصل زيادة على ثمن مثله وأنواع المصلحة كثيرة: إما لاحتياج إلى نفقة أو كسوة أو قضاء دين أو ما لابد منه وليس له ما تندفع به حاجته أو يخاف عليه الهلاك بغرق أو خراب ونحوه أو يكون في بيعه غبطة: وهي أن يبذل فيه زيادة كثيرة على ثمن مثله ولا يتقيد بالثلث أو يكون في مكان لا ينتفع به أو نفعه قليلا فيبيعه ويشتري له في مكان يكثر نفعه أو يرى

شيئا يباع في شرائه غبطة ولا يمكنه شراؤه إلا ببيع عقاره وقد تكون داره في مكان يتضرر الغلام بالمقام فيه لسوء الجوار أو غيره فيبيعها ويشتري له بثمنها دارا يصلح له المقام بها أشباه هذا مما لا يخصر وإن وصى لأحدهما بمن يعتق عليه ولا تلزمه نفقته لإعسار الموصي له أو غير ذلك وجب على الولي قبول الوصية1 وإلا لم يجز له قبولها وللولي أن يأذن للصغيرة أن تلعب بلعب غير مصورة أي بلا رأس وله شراؤها من مالها نصا ومن ماله أولى - وتقدم في ستر العورة بعضه - وإن لم يمكن الولي تخليص حق موليه إلا برفعه إلى وال يظلمه فله رفعه كما لو لم يمكن رد المغصوب إلا بكلفة عظيمة2.
ـــــــ
1 قوله: لإعسار الموصي له يريد به أن يكون المحجور عليه غير ملزم بنفقة من وصى له به لكون المحجور عليه لا يتسع ماله لتحمل النفقة، أو لعدم إعسار الموصي به الذي يعتق على الصغير والمجنون مثل أبيهما أو أخيهما أو من في معنى ذلك.
2 يريد بقوله: فله رفعه، أن الولي له أن يقدم من عنده حق المحجور عليه إلى الحاكم ولو كان الحاكم ظالما، ولا شيء على الولي في ذلك لأن المدين بالحق هو الذي جر ذلك على نفسه.

ولاية السفيه و المجنون إذا بلغا
فصل:- ومن بلغ سفيها أو مجنونا
فالنظر لوليه قبله وإن فك عنه الحجر فعاوده السفه أو جن أعيد الحجر عليه فإن فسق السفيه ولم يبذر لم يحجر عليه ولا يحجر عليهما ولا ينظر في أموالهما إلا الحاكم ولا ينفك عنهما إلا بحكمه والشيخ الكبير إذا اختل

عقله حجر عليه بمنزلة الجنون ومن حجر عليه استحب إظهاره عليه والإشهاد عليه لتجتنب معاملته وإن رأى الحاكم أن يأمر مناديا ينادي بذلك ليعرفه الناس فعل ولا يصح تزوجه إلا بأذن وليه إن لم يكن محتاجا إليه والأصح ويتقيد بمهر المثل وإن عضله الولي بالزواج استقل به فلو علم أنه يطلق اشترى له أمة - ويأتي تزويج وليه له - وينفق عليه ويكسى بالمعروف فإن أفسد ذلك فعل به كما تقدم في الصبي والمجنون ويصح تدبيره ووصيته: لأعتقه وهبته ووقفه وله المطالبة بالقصاص والعفو على مال ولا يصح على غير مال ويصح استيلاده وتعتق الأمة المستولدة بموته حكمه في الحال وإن قبض عوض الخلع لم يصح قبض فلو أتلفه لم يضمن ولا تبرأ المرأة بدفعها إليه ويصح ظهاره و إيلاؤه ولعانه ونفي النسب به وإن أقر بما يوجب القصاص وطلب إقامته كان لربه استيفاؤه فإن عفا على مال صح والصواب ألا يجب المال في الحال وسقط القصاص وإن أقر بنسب ولد صح ولزمته أحكامه من النفقة وغيرها: كنفقة الزوجة ولا يفرق السفيه زكاة ماله بنفسه بل وليه ولا تصح شركته ولا حوالته ولا الحوالة عليه ولا ضمانه ولا كفالته ويصح منه نذر كل عبادة بدنية من حج وغيرها: لا نذر عبادة مالية وإن أحرم بحج فرض صح والنفقة من ماله تدفع إلى ثقة ينفق عليه في الطريق وإن كان تطوعا وكانت نفقته في السفر كنفقته في الحضر أو

أزيد لكن يكتسب الزائد لم يمنعه وليه ودفع النفقة إلى ثقة كما تقدم وإلا فله تحليله ويتحلل بالصيام كالمعسر - وتقدم في كتاب الحج وإن لزمته كفارة يمين أو كفارة غيرها كفر بالصوم وإن أعتق أو أطعم لم يجزه ولم ينفذ فإن فك عنه الحجر قبل تكفيره كفر بما يكفر به الرشيد: لا إن فك بعد التكفير وإن أقر بمال صح ولم يلزمه في حال حجره وحكم تصرف ولي السفيه كحكم تصرف ولي الصغير والمجنون.

حكم أكل الولي من مال موليه
فصل:- وللولي المحتاج غير الحاكم وأمينه أن يأكل من مال المولي عليه
الأقل من أجرة مثله أو قدر كفايته ولو لم يقدره حاكم ولا يلزمه عوضه إذا أيسر وإن كان غنيا لم يجز له ذلك إذا لم يكن أبا فإن فرض للولي الحاكم شيئا جاز له أخذه مجانا ولو مع غناه ولا يقرأ في مصحف اليتيم إن كان يخلقه ويأكل ناظر وقف بمعروف نصا إذا لم يشترط الواقف له شيئا وظاهره ولو لم يكن محتاجا - قاله في القواعد وقال الشيخ: له أخذ أجرة عمله مع فقره - والوكيل في الصدقة لا يأكل منها شيئا لأجل العمل ومتى زال الحجر فأدعى على الولي تعديا أو ما يوجب ضمانا ونحوه بلا بينة فقول ولي حتى في قدر نفقة عليه وكسوة أو على ماله أو عقاره1 بالمعروف من ماله ما لم يعلم كذبه أو تخالف
ـــــــ
1 قوله: أو على ماله أو عقاره – معطوف على الضمير المجرور في قوله: في قدر نفقة عليه والمعنى أن قول الولي مقبول في إخباره بما أنفقه على موليه وعلى ماله كحيوان وعلى عقاره في عمارته مثلا.

عادة وعرفا لكن لو قال الوصي: أنفقت عليك ثلاث سنين وقال اليتيم بل مات أبي منذ سنتين وأنفقت على من أوان موته فقول اليتيم ويقبل قول ولي أيضا في وجود ضرورة وغبطة ومصلحة وتلف ويحلف غير حاكم ويقبل قوله في دفع المال إليه بعد رشده وعقله إن كان متبرعا وإلا فلا وليس لزوج حجر على امرأته الرشيدة في تبرع بشيء من مالها ولو زاد على الثلث.

إذن الولي للمتميز و السيد لعبده في التجارة
فصل:- لولي مميز وسيد عبد الأذن لهما في التجارة
فينفك عنهما الحجر فيما أذن لهما فيه فقط وفي النوع الذي أمرا به فقط وظاهر كلامهم أنه كمضارب في البيع نسيئة ونحوه وإن أذن لهما فيه وليس لأحد منهما أن يؤكل فيما يتولى مثله بنفسه وإن أذن له في جميع أنواع التجارة لم يجز أن يؤجر نفسه ولا يتوكل لغيره ولو لم يقيد عليه وإن وكل فكوكيل ومتى عزل سيد قنه انعزل وكيله والمجنون والطفل دون التمييز لا يصح تصرفهما بإذن ولا غيره ويصح شراء العبد من يعتق على سيده لرحم أو غيره1 وشراء امرأة سيده وزوج صاحبة المال وينفسخ نكاحهما2 وإن رآه سيده أو وليه يتجر فلم ينهه لم يصر
ـــــــ
1 غير الرحم كان يقول السيد لعبد: إذا اشتريتك فأنت حر ثم يذهب العبد المأذون له من سيده هذا فيشتري ذلك العبد المعلق عتقه على شرائه وبعض شيوخ المذهب يجمع جواز ذلك ويعلله بأنه في معنى التبرع والمأذون له لا يملك التبرع.
2 إذا اشترى العبد زوجة سيده المملوكة، أو كان العبد مملوكا لسيده وأذنته............ =

مأذونا له وإذا تصرف غير المأذون له ببيع أو شراء بعين المال أو في ذمته أو بقرض لم يصح ثم إن وجد ما أذن1 من بيع أو غيره فلربه أخذه منه ومن السيد إن كان بيده وحيث كان فإن تلف في يد السيد أو غيره رجع عليه بذلك وإن شاء كان متعلقا برقبة العبد وإن أهلكه العبد تعلق برقبته يفديه سيده: أو يسلمه: إن لم يعتقه فإن أعتقه لزم السيد الذي عليه قبل العتق: لا أرش الجناية كله إذا كان أكثر من قيمته ويضمنه بمثله إن كان مثليا وإلا بقيمته ويتعلق دين مأذون له في التجارة بذمة سيده بالغا وحكم ما استدانه أو اقترضه بأذن السيد حكم ما استدانه للتجارة بأذنه ويبطل الأذن بالحجر على سيده وبموته وجنونه المطبق وتتعلق أروش جناياته وقيم متلفاته برقبته سواء كان مأذونا له أو لا ولا فرق فيما لزمه من الدين بين أن يكون في التجارة المأذون فيها أو فيما يؤذن له فيه: مثل أن يأذن له في التجارة في البر
ـــــــ
= فاشترى زوجها من مالها صح الشراء وانفسخ النكاح بين الزوجين في الصورتين وذلك لدخول من اشتراه العبد في ملك سيده الذي هو الزوج في المثال الأول، أو الزوجة في المثال الثاني، والزوجية الملك لا يجتمعان فتغلب الملك على الزوجية، لأن الملك قد ينحل بعتق المملوك والشارح متشوق إلى العتق فترجح سببه، بخلاف الزوجية فإنها لا تكون وسيلة إلى العتق.
1 كذا في الأصل، ولكنك إذا راعيت أن الكلام مسوق لبيان الحالة التي لا يصح فيها تصرف العبد والمميز، وجواز الرجوع عليهما بما اشترياه مثلا ظهر لك أن الصواب في العبارة أن يقال: ثم إن وجد ما لم يؤذن فيه بدلا من قوله: ثم إن وجد ما أذن فيه ونائب الفاعل على تصويبنا يعود على غير المأذون له المتقدم ذكره، والله أعلم.

فيتجر في غيره لأنه لا ينفك عن التغرير إذ يظن الناس أنه مأذون له في ذلك أيضا وإذا باع السيد عبده المأذون له شيئا لم يصح1 وإذا ثبت عليه دين أو أرش جناية ثم ملكه من له الدين أو الأرش سقط عنه ذلك وإن حجر عليه وفي يده مال ثم أذن له فأقر به صح ولا يملك عبد بتمليك ولا غيره - وتقدم في كتاب الزكاة - وما كسب غير مكاتب فلسيده وله معاملة عبد ولو لم يثبت كونه مأذونا له ومن وجد بما اشتراه من قن عيبا فقال: أنا غير مأذون لي في التجارة لم يقبل ولا يعامل صغير إلا في مثل ما يعامل مثله ولا يبطل أذن بإباق وتدبير وإيلاد وكتابة وحرية وأسر وجنس بدين وغصب ولا يصح تبرع مأذون له بدراهم وكسوة ثياب ونحوها ويجوز له هدية مأكول وإعارة دابة وعمل دعوة ونحوه بلا إسراف ولغير مأذون له الصدقة من قوته برغيف ونحوه إذا لم يضر به وللمرأة الصدقة من بيت زوجها بنحو ذلك إلا أن يمنعها أو يكون بخيلا فتشك في رضاه فيحرم فيهما كصدقة الرجل بطعام المرأة فإن كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته كجاريته وأخته وغلامه المتصرف في بيت سيده وطعامه فهو كزوجته وإن كانت المرأة ممنوعة من التصرف في بيت زوجها: كالتي يطعمها الفرض ولا يمكنها من طعامه فهو كما لو منعها بالقول.
ـــــــ
1 لم يصح لما تقدم لك نظيره من أن العبد وما بيده ملك لسيده، فإذا باعه السيد شيئا فكأنه يبيع لنفسه.

باب الوكالة
تعريف الوكالة و متى يصح

باب الوكالة
وهي استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة وتصح بكل قول يدل على الأذن: كوكلتك أو فوضت إليك أو أذنت لك فيه أو بعه أو أعتقه أو كاتبه ونحو وكل قول أو فعل من الوكيل يدل على القبول ولو لم يعلم بها ويصح قبولها على الفور والتراخي: بأن يوكله في بيع شيء فيبيعه بعد سنة أو يبلغه أنه وكله منذ شهر فيقول قبلت وكذا سائر العقود الجائزة مضاربة ومساقاة ونحوها في أن القبول يصح بالفعل ولو أبى الوكيل أن يقبل فكعز له نفسه1 ويعتبر تعيين وكيل - قال في الانتصار: فلو وكل زيدا وهو لا يعرفه أو لم يعرف الوكيل موكله لم يصح - وتصح مؤقتة ومعلقة بشرط: نحو إذا قدم الحاج فافعل كذا أو إذا جاء الشتاء فاشتر لنا كذا أو إذا طلب أهلي منك شيئا فادفعه إليهم وإذا دخل رمضان فقد وكلتك في كذا أو فأنت وكيلي ونحوه ولا يصح التوكيل في شيء إلا ممن يصح تصرفه فيه لنفسه: سوى توكيل أعمى ونحوه في عقد ما يحتاج إلى رؤية - وتقدم في البيع - ومثله التوكيل: سوى توكل حر واجد الطول في قبول نكاح أمة لمن تباح له وتوكل غني في قبض زكاة لفقير وقبول نكاح أخته ونحوها من أبيه لأجنبي طلاق امرأة نفسها وغيرها بالوكالة فيصح فيهن - ولا يصح في بيع ما سيملكه ولا طلاق
ـــــــ
1 ريد لا تصير وكالة صحيحة نافذة حيث ردها بالاباء.

من يتزوجها ولا توكيل العبد والسفيه في غير ما لهما فعله وتصح وكالة المميز بأذن وليه كتصرفه بأذنه ويصح التوكيل في كل حق آدمي من العقود والفسوخ حاضرا كان الموكل أو غائبا ولو بغير رضا الخصم حتى في صلح وإقرار ولا بد من تعيين ما يقر به وإلا رجع في تفسيره إلى الموكل ولو أذن له أن يتصدق بمال لم يجز له أن يأخذ منه لنفسه إذا كان من أهل الصدقة ولا لأجل العمل - وتقدم في الحجر ويصح في عتق وإبراء ولو لغريمه وعبده ويملكانه لأنفسهما بالوكالة الخاصة لا العامة فلو وكل العبد في إعتاق عبيده أو امرأته في طلاق نسائه لم يملك العبد إعتاق نفسه ولا المرأة طلاق نفسها وإن وكله في إبراء غرمائه لم يكن له أن يبرئ نفسه: كما لو وكل في حبسهم لم يملك حبس نفسه ويصح في طلاق ورجعة وحوالة ورهن وضمان وكفالة وشركة ووديعة ومضاربة وجعالة مساقاة وإجارة وقرض وصلح وهبة وصدقة ووصية وكتابة وتدبير وإيقاف وقسمة وحشيش ونحوهما: سوى ظهار ولعان وإيمان ونذور وإيلاء وقسامة وقسم بين زوجات وشهادة والتقاط واغتنام ومعصية وجزية ورضاع ونحوه مما لا تدخله النيابة وله أن يوكل من يقبل له النكاح: لكن يشترط لصحة عقده تسمية الموكل في صلب العقد فيقول: قبلت هذا النكاح لفلان أو لموكل فلان فإن قال: قبلت هذا النكاح ونوى أنه قبله لموكله ولم يذكره لم

م يصح وله أن يوكل من يزوج موليته ولو غير مجبر لأن ولايته ثابتة بالشرع من غير جهة المرأة والذي يعتبر أذنها فيه هو التزويج وهو غير ما يوكل فيه - ويأتي في أركان النكاح - إذا كان الوكيل ممن يصح منه ذلك لنفسه ولموليته1 ألا توكل حر واحد الطول في قبول نكاح أمة لمن تباح له فيصح كما تقدم وتصح في كل حق لله تعالى تدخله النيابة من العبادات: كتفرقة صدقة وزكاة ونذر وكفارة وحج وعمرة وركعتا طواف تدخل تبعا لهما بخلاف عبادة بدنية محضة: كصلاة وصوم و طهارة من حدث ونحوه فلا تصح والصوم المنذور يفعل عن الميت وليس ذلك بوكالة ويصح قوله: اخرج زكاة مالي من مالك ويصح في إثبات الحدود واستيفائها وله استيفاء بحضرة موكل وغيبته ولو في قصاص وحد قذف والأولى بحضوره فيهما وليس لوكيل توكيل فيما يتولى مثله بنفسه إلا بأذن موكل أو يقول له: أصنع ما شئت أو تصرف كيف شئت فيجوز وإن أذن تعين أن يكون الوكيل الثاني أمينا إلا مع تعيين الموكل الأول فإن وكل أمينا فصار خائنا فعليه عزله وكذا وصى يوكل وحاكم يتولى القضاء في ناحية فيستنيب غيره وما يعجز عنه لكثرته له التوكيل
ـــــــ
1 هذا الشرط راجع إلى قوله سابقا: وله أن يوكل من يقبل له النكاح، وإلى قوله ثانيا: وله أن يوكل من يزوج موليته، وقد استثنى منه توكيل الحر في قبول نكاح الأمة.

في جميعه: كتوكيله فيما لا يتولى مثله بنفسه ويكون من وكل وكيل الوكيل وإن قال الموكل للوكيل: وكل عنك صح وكان وكيل وكيله وإن قال وكل عني أو أطلق صح وكان وكيل موكله وحيث قلنا أن الوكيل الثاني وكيل الموكل فإنه ينعزل بعزله وبموته ونحوه1 ولا يملك الوكيل الأول عزله ولا ينعزل بموته وحيث قلنا وكيل الوكيل فإنه ينعزل بعزلهما2 وبموتهما وكذا أوص إلى من يكون وصيا لي ولا يوصي وكيل مطلقا3 ويأتي ويصح توكيل عبد غيره بأذن سيده ولا يصح بغير أذن سيده ولو في إيجاب النكاح وقبوله وإن وكله بأذنه في شراء نفسه من سيده أو في شراء عبد غيره صح فلو قال: اشتريت نفسي لزيد وصدقاه صح ولزم زيد الثمن وإن صدقه السيد وكذبه زيد نظرت فإن كذبه في الوكالة حلف وبرئ وللسيد فسخ البيع واسترجاع عبده وإن صدقه في الوكالة وقال: ما اشتريت نفسك إلا لنفسك فقال: بل لزيد فكذبه عتق ولزمه الثمن في ذمته للسيد وللمكاتب أن يوكل فيما يتصرف فيه بنفسه وله أن يتوكل بجعل وليس له أن يتوكل بغير جعل إلا بأذن سيده.
ـــــــ
1 يريد أن الوكيل الثاني ينعزل بعزل الموكل إياه، فالإضافة من قبيل إضافة المصدر لمفعوله. وكذا ينعزل بموت الموكل أو جنونه.
2 قوله: بعزلهما يعني عزل الموكل أو الوكيل الأول للوكيل الثاني، فالكلام على حذف مفعول، تقديره بعزلهما إياه، كما ينعزل بموتهما أو موت أحدهما.
3 معنى الإطلاق أنه لا فرق بين أن يكون الوكيل مأذونا له في الوكيل أو غير مأذون، فإن الإيصاء لا يدخل في حدود التوكيل إلا إذا صرح به الموكل.

الوكالة عقد جائز
فصل:- والوكالة عقد جائز
من الطرفين تبطل بفسخ أحدهما فلو قال لوكيله: كلما عزلتك فقد وكلتك فهي الوكالة الدورية وهي صحيحة وانعزل كلما وكلتك فقد عزلتك فقط1 وهي فسخ معلق بشرط2 وتبطل الوكالة بموت الموكل أو الوكيل لكن لو وكل ولي اليتيم وناظر الوقف أو عقد عقدا جائرا غيرها: كالشركة والمضاربة لم تنفسخ بموته لأنه متصرف على غيره وتبطل بجنون مطبق من أحدهما وبالحجر عليه لسفه فيما لا يتصرف فيه وبفلس موكل فيما حجر عليه فيه وبفسق فيما ينافيه فقط كإيجاب في نكاح وإن كان وكيلا فيما تشترط فيه الأمانة: كوكيل ولي اليتيم وولي الوقف على المساكين ونحوه انعزل بفسقه وفسق موكله وكذلك كل عقد جاز من الطرفين كشركة ومضاربة وجعالة - ويأتي - ولا تبطل النوم والسكر الذي يفسق به في غير ما ينافيه ولا بالإغماء والتعدي كلبس ثوب وركوبه دابة ونحوهما ويصير بالتعدي ضامنا فلو وكل في بيع ثوب فلبسه صار ضامنا فإذا باعه صح بيعه وبرئ من
ـــــــ
1 الوكالة الدورية توكيل معلق على العزل فكلما وجد العزل وجد التوكيل كما هو مقتضى التعليق، لذلك إذا قال الموكل عزلتك فلا ينعزل بل يدور التوكيل، بخلاف ما لو قال كلما وكلتك فقد عزلتك فإنه ينعزل حيث جعل العزل معلقا على التوكيل، وهو معنى قوله: فقط.
2 قوله: وهي فسخ معلق مرجع الضمير فيه إلى كلمة كلما وكلتك فقد عزلتك إذ العزل معلق على التوكيل يوجد عند وجوده كما أو ضحناه لك في الكلمة المتقدمة على هذا.

ضمانه فإذا قبض الثمن صار أمانة في يده غير مضمون عليه فإن رده عليه بعيب عاد الضمان ولو دفع إليه مالا ووكله أن يشتري به شيئا فتعدى في الثمن صار ضامنا فإذا اشترى به وسلمه زال الضمان وقبضه للمبيع قبض أمانة فإن رده بعيب وقبض الثمن عاد مضمونا عليه وتبطل بتلف العين التي وكل في التصرف فيها وبدفعه عوضا لم يؤمر بدفعه واقتراضه المال الذي بيده كتلفه1 كما إذا دفع إليه دينارا وكله في الشراء به فاستقرض الوكيل الدينار وعزل دينارا عوضه واشترى به فيصير كالشراء له من غير أذن لأن الوكالة بطلت والدينار الذي عزله عوضا لا يصير للموكل حتى يقبضه فإذا اشترى للموكل به شيئا وقف على إجازته فإن أجازه صح ولزمه الثمن وإلا لزم الوكيل وتبطل بردة موكل ولا وكيل ولو لحق بدار حرب إلا فيما ينافيها ويصح توكيل المسلم كافرا فيما يصح تصرفه فيه: ذميا كان أو مستأمنا أو حربيا أو مرتدا وإن وكله في طلاق امرأته فوطئها أو قبلها ونحوه أو في عتق عبده فكاتبه أو دبره بطلت ولا يبطل توكيله عبده بعتقه ولا بيعه وهبته وكتابته وإباقه وكذا إن وكل عبد غيره فاعتقه السيد أو باعه لكن في صورة البيع إن رضي المشتري ببقائه على الوكالة إن لم يكن المشتري الموكل وإلا بطلت2 ولا تبطل بطلاق امرأة ولا
ـــــــ
1 يريد وتبطل بافتراضه المال الذي كان وكيلا فيه، كما تبطل بتلفه.
2 يريد إذا كان العبد وكيلا عن زيد بإذن سيده ثم باعه السيد أو وهبه فبقاء الوكالة موقوف على إذن المشتري إلا أنه إذا كان المشتري هو زيد الذي وكل العبد فالوكالة صحيحة على حالها.

بجحود الوكالة من أحدهما ولا بسكناه داره بعد أن وكله في بيعها ونحوه وينعزل الوكيل بموت موكل وعزله قبل عمله به فيضمن أن تصرف لبطلان تصرفه - إلا ما يأتي في باب العفو عن القصاص - ويقبل قوله إن كان عزله بلا بينة ويقبل قوله أنه أخرج زكاته قبل دفع وكيله إلى الساعي وتؤخذ منه إن كانت بيده وإلا فلا ولا ينعزل مودع قبل علمه ولو قال شخص لآخر: اشتر كذا بيننا فقال نعم ثم قال لآخر: نعم فقد عزل نفسه من وكالة الأول ويكون ذلك له وللثاني وتنفسخ شركة ومضاربة بعزله قبل العلم ومتى صح العزل في الكل كان ما بيده أمانة وكذلك عقود الأمانات كلها: كالوديعة والرهن إذا انتهت أو انفسخت والهبة إذا رجع فيها الأب - ويأتي في آخر باب صريح الطلاق وكناياته قبول قول موكل: أنه رجع قبل طلاق وكيله وعتقه ورهنه - وإذا وقعت الوكالة مطلقة ملك التصرف أبدا: ما لم تنفسخ ويحصل فسخها بقوله: فسخت الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها أو أزلتك أو صرفتك أو عزلتك عنها أو ينهاه عن فعل ما أمره به وما أشبه ذلك من الألفاظ المقتضية عزله والمؤدية معناه أو يعزل الوكيل نفسه أو يوجد ما يقتضي فسخها حكما على ما ذكرنا أو يوجد ما يدل على الرجوع عن الوكالة: كوطء امرأته بعد توكيله في طلاقها وحقوق العقد متعلقة بالموكل1 لأن الملك ينتقل إليه ابتداء ولا يدخل في ملك الوكيل
ـــــــ
1 حقوق العقد هي ما يترتب عليه: كقبض المبيع، وتسليم الثمن، والرد بعيب كما تفهم من أمثلته التالية.

فلا يعتق قريب وكيل عليه ولا يطالب في الشراء بالثمن ولا في البيع بتسليم المبيع بل يطالب بهما الموكل ولو وكل مسلم ذميا في شراء خمر أو خنزير لم يصح التوكيل ولا الشراء ولا يصح إقرار الوكيل على موكله لا عند الحاكم ولا عند غيره ولا صلحه عنه ولا الإبراء عنه: إلا أن يصرح بذكر ذلك في توكيله ويرد الموكل بعيب ويضمن العهدة1 ونحو ذلك وإذا وكل اثنين لم يجز لأحدهما الانفراد بالتصرف: إلا أن يجعل ذلك إليه وإن غاب أحدهما لم يكن للآخر أن يتصرف ولا للحاكم ضم أمين إليه ليتصرفا وفارق ما لو مات أحد الوصيين حيث يضيف الحاكم إلى الوصي أمينا ليتصرف لكون الحاكم له النظر فإن له النظر في حق الميت واليتيم ولهذا لو لم يوص إلى أحد أقام الحاكم أمينا في النظر لليتيم وإن حضر الحاكم أحد الوكيلين والآخر غائب فادعى الوكالة لهما وأقام بينة سمعها الحاكم وحكم بثبوت الوكالة لهما ولم يملك الحاضر التصرف وحده فإذا حضر الآخر تصرفا معا ولا يحتاج إلى إقامة بينة وجاز الحكم المتقدم للغائب تبعا للحاضر كما يجوز أن يحكم بالوقف الذي ثبت لمن لم يخلق لأجل من يستحقه في الحال2
ـــــــ
1 ضمان العهدة يكون على البائع إذا ظهرت العين مستحقة لا على وكيله في البيع وكذلك يكون على المشتري إذا ظهر الثمن مستحقا لا على وكيله في الشراء. ومن هذا تعلم أن ضمان العهدة معناه التزام الضامن من رد ما استولى عليه إذا ظهر أن العوض الذي يذل من جهته مستحق للغير.
2 مثال ذلك أن يكون الوقف على ذرية زيد مثلا فإن لم يكن مولودا حين الوقف يستحق فيه حين وجوده تبعا لمن كانوا موجودين وقتئذ وبهذا يظهر لك أن اللام في قوله: لمن لم يخلق لام التعدية، وأن اللام في قوله: لأجل من يستحقه لام التعليل.

وإن جحد الغائب الوكالة أو عزل نفسه لم يكن للآخر أن يتصرف وجميع التصرفات في هذا سواء ولا يصح بيع وكيل لنفسه ولا شراؤه منها لموكله ولو زاد على مبلغ ثمنه في النداء أو وكل من يبيع وكان هو أحذ المشترين إلا بأذنه فيصح تولي طرفي عقد فيهما كأبي الصغير وتوكيله في بيعه وآخر في شرائه1 ومثله نكاح ويأتي ودعوى ويصح بيعه لأخوته وأقاربه لا لولده و والده ومكاتبه ونحوهم إلا بأذن وكذا حاكم وأمينه ووصي وناظر ومضارب وشريك عنان ووجوه.
ـــــــ
1 يريد كما إذا وكله إنسان في بيع شيء ووكله آخر في شراء هذا الشيء فيصبح لهذا الوكيل أن يتولى طرفي العقد.

حكم بيع الوكيل نساء الخ
فصل:- ولا يصح أن يبيع نساء
ولا بغير نقد البلد ولا بغير غالبه إن كان فيه نقود فإن تساوت فبالأصلح هذا إذا لم يبين الموكل نقدا فإن عينه أو قال حالا تعين ولا أن يبيع بعرض ولا نفع مع الإطلاق وليس لوكيل في بيع تقليبه على مشتر إلا بحضرته وإلا ضمن ولا بيعه ببلد آخر فيضمن ويصح ومع مؤنة نقل لا وليس له العقد مع فقير ولا قاطع طريق إلا أن يأمره وإن باع هو مضارب بدون ثمن المثل أو بأنقص مما قدره له صح وضمنا النقص كله إن كان مما لا يتغابن به عادة فأما ما يتغابن الناس بمثله: كالدرهم في العشوة فمعفو عنه إذا لم يكن الموكل قد قدر الثمن ويضمن الكل في القدر فإن قال بعه بعشرة وباعه بتسعة ضمن الواحد ولا يضمن عبد لسيده ولا صبي لنفسه ويصح

البيع ولو حضر من يزيد على ثمن مثل لم يجز بيعه به فإن باع بثمن المثل فحضر من يزيد في مدة خيار لم يلزمه فسخ وإذا باع بأكثر منه صح: سواء كانت الزيادة من جنس الثمن الذي أمره به أو لم تكن وبعه بدرهم فباعه بدينار أو اشتراه بدرهم صح لأنه مأذون فيه عرفا: لا أن باعه بثوب يساوي دينارا وإن قال: بعه بمائة درهم فباعه بمائة ثوب قيمتها أكثر من الدراهم أو بثمانين درهما وعشرين ثوبا لم يصح وإن قال اشتره بمائة ولا تشتره بدونها فخالفه لم يجز وإن قال اشتره بمائة ولا تشتره بخمسين صح شراؤه بما بينهما وبدون الخمسين واشتر لي نصفه بمائة ولا تشتره جميعه فاشتري أكثر من النصف وأقل من الكل بمائة صح وبعه بألف نساء فباعه به حالا يصح و لو استضر بقبض الثمن في الحال: ما لم ينهه وإن وكله في الشراء فاشترى بأكثر من ثمن المثل مما لا يتغابن به عادة أو بأكثر مما قدره له صح وضمن الزائد ومثله مضارب وإن وكله في بيع عبد بمائة فباع نصفه بها صح وله بيع النصف الآخر وكذا لو وكله في بيع عبدين بمائة فباع أحدهما بها وله بيع الآخر وإن وكله في بيع شيء فباع بعضه بدون ثمن الكل لم يصح: ما لم يبع الباقي أو يكن عبيدا أو صبرة ونحوهما فيصح مفرقا: ما لم يأمره ببيعه صفقة واحدة وإن اشتراه بما قدره له مؤجلا: أو قال: أشتر لي شاة بدينار فاشترى به شاتين تساوي إحداهما دينارا أو اشتري شاة تساوي دينارا بأقل منه صح وكان للموكل وإن لم تساوه لم يصح وإن باع أحدى الشاتين: لا كلتيهما بغير إذن

صح إن كانت الباقية تساوي دينارا ولا يملك الوكيل في البيع والشراء شرط الخيار للعاقد معه وله شرطه لنفسه ولموكله وليس له شراء معيب فإن فعل غير عالم فله الرد وإن فعله عالما لزمه ما لم يرض الموكل وليس له ولا لموكله رده وإن اشترى بعين المال فكشراء فضولي وله وللموكل رده فإن حضر الموكل رد الوكيل ورضي بالعيب لم يكن للوكيل رده وإن لم يحضر فأراد الوكيل الرد فقال له البائع توقف حتى يحضر الموكل فربما رضي بالعيب لم يلزمه ذلك فلو اسقط الوكيل خياره فحضر موكله فرضي به لزمه وإلا فله رده ولو ظهر به عيب فأنكر البائع أن الشراء وقع للموكل لزم الوكيل وليس له رده فإن قال البائع: موكلك قد رضي بالعيب فالقول قول الوكيل مع يمينه أنه لا يعلم ذلك ويرده ويأخذ حقه في الحال ولو ادعى الغريم أن الموكل عزل الوكيل في قضاء الدين أو ادعى موت الموكل حلف الوكيل على نفي العلم فإن رده فصدق الموكل البائع في الرضا بالعيب لم يصح الرد وهو باق للموكل ولا يسمع قوله لوكيل غائب إذا حلف أن لك مطالبتي أو أنه ما عزلك ويسمع قوله: أنت تعلم ذلك فيحلف ورضا الموكل الغائب بالعيب عزل لوكيله عن رده ولو قال: موكلك أخذ حقه أو ابرأني لم يقبل فإن حلف طالبه وأخذ ولم يؤخر فيحلف الموكل.

حكم ما لو وكله في معين ثم وجد معيبا
فصل:- وإن وكله في شراء معين فاشتراه ووجده معيبا
فله الرد قبل إعلام موكله وإن علم عيبه قبل الشراء فليس شراؤه وإن قال: اشتر لي بهذه الدراهم ولم يفعل بعينها جاز أن يشتري له في ذمته وبعينها وإن قال: اشتر لي بعين هذا الثمن فاشترى في ذمته صح البيع ولم يلزم الموكل وعكسه يصح ويلزمه ويقبل إقرار الوكيل بعيب فيما باعه وإن أمره ببيعه في سوق بثمن فباعه به في آخر صح: إن لم ينهه ولم يكن له فيه غرض وإن قال: بعه من زيد فباعه من غيره لم يصح وإن وكله في التصرف في زمن مقيد لم يملك التصرف قبله ولا بعده فلو قال: بع ثوبي غدا لم يجز قبله ولا بعده وإن وكله في بيع شيء ملك تسليمه ولم يملك قبض ثمنه فإن تعذر قبضه لم يلزمه شيء: كما لو ظهر المبيع مستحقا أو معيبا: كحاكم وأمينه1 إلا أن يأذن له في قبض الثمن أو تدل عليه قرينة: مثل توكيله في بيع ثوب في سوق غائب عن الموكل أو موضع يضيع الثمن بترك قبض الوكيل ونحوه فمتى ترك قبضه ضمنه وكذلك لو أفضى إلى ربا لم يحضر الموكل وكذا الحكم في قبض سلعة وكل في شرائها وإن أمره بقبض دراهم أو دينار لم يصارف بغير إذن وإن أخذ رهنا أساء ولم يضمن ولا يسلم المبيع قبل ثمنه حيث جاز القبض ا حضوره فإن سلمه قبل قبضه ضمن وكذا وكيل في شراء وقبض مبيع وإن كان له عذر: مثل أن ذهب لينقد ونحوه فلا ضمان عليه وإن وكله في شراء شيء ملك تسليم ثمنه قال أخر تسلميه فلا عذر ضمنه فإن اشترى عبدا فنقد ثمنه فخرج العبد
ـــــــ
1 يريد أن الحاكم وأمينه لا يضمنان الثمن إذا باعا عن الغائب مثلا، فكذلك الوكيل في البيع.

مستحقا فله المخاصمة في ثمنه إن دلت قرينة على ذلك: كبعده عن موكله ونحوه وإن وكله في بيع فاسد: كشرطه على وكيل إلا يسلم المبيع لم يصح ولم يملكه ولم يملك الصحيح وإن وكله في كل قليل وكثير لم يصح وإن وكله في بيع ماله كله أو ما شاء منه أو المطالبة بحقوقه كلها أو الإبراء منها أو فيما شاء منها صح وإن قال: أشتر لي ما شئت أو اشتر لي عبدا بما شئت لم يصح حتى يذكر النوع وقدر الثمن وإن وكله في مخاصمة غرمائه صح وإن جهلهم الموكل والوكيل وإن وكله في الخصومة صح ولم يكن وكيلا في القبض ولا في الإقرار على موكله: كإقراره عليه بقود وقذف وكالولي ولهذا لا يصح منهما يمين - وفي الفنون لا تصح الوكالة ممن علم ظلم موكله في الخصومة - ولا شك فيما قال وكذا ظن ظلمه أيضا وإلا فبعيد جدا القول به مع ظن ظلمه وإن وكله في القبض كان وكيلا في الخصومة وإن وكله في قبض الحق من إنسان تعين قبضه منه أو من وكيله: لا من وارثه وإن قال: حقي الذي عليه أو قبله فمنه أو من وارثه وإن قال: أقبضه اليوم لم يملك قبضه غدا وله إثبات وكالته مع غيبة موكله وإن أمره بدفع ثوب إلى قصار معين فدفعه ونسيه لم يضمنه وإن أطلق المالك ودفعه إلى من لا يعرف عينه ولا اسمه ولا دكانه ضمنه الوكيل لتفريطه ولوكيل في شراء حنطة أو طعام بر فقط لا دقيقة وإن وكله في الإيداع فأودع ولم يشهد لم يضمن إذا أنكر المودع وإن وكل مودعا أو غيره في قضاء دين ولم يأمره بإشهاد فقضاء في غيبته ولم يشهد فأنكر الغريم ضمن الوكيل - قال القاضي وغيره سواء صدقه الموكل أو كذبه:

كما لو أمره بالإشهاد فلم يفعل: إلا أن يقضيه بحضرة الموكل أو يأذن له في القضاء بغير إشهاد وإن قال: أشهدت فماتوا أو أذنت فيه بلا بينة أو قضيت بحضرتك فأنكر الموكل فقوله.

الوكيل أمين
فصل:- والوكيل أمين
لا ضمان عليه فيما تلف في يده من ثمن ومثمن وغيرهما بغير تفريط ولا تعد: سواء كان يجعل أم لا فلو قال: بعت الثوب وقبضت الثمن فتلف فأنكره الموكل أو قال: بعته ولم تقبض شيئا أو اختلفا في تعديه أو تفريطه أو تفريطه في الحفظ أو مخالفة أمر موكله: مثل أن يدعى أنك حملت على الدابة فوق طاقتها أو حملت عليها شيئا لنفسك أو فرطت في حفظها أو لبست الثوب أو أمرتك برد المال فلم تفعل أو يدعى الهلاك من غير تفريط ونحو ذلك - فقول وكيل مع يمينه وكذا كل من كان بيده شيء لغيره على سبيل الأمانة كالأب والوصي وأمين الحاكم والشريك والمضارب والمرتهن والمستأجر ويقبل إقراره بأنه تصرف في كل ما وكل فيه وأوفى عقد النكاح ولو وكل في شراء عبد فاشتراه واختلفا في كل ما وكل فيه ولو في عقد نكاح ولو وكل في شراء عبد فاشتراه واختلفا في قدر الثمن فقال: اشتريته بألف فقال الموكل: بل بخمسمائة فقول الوكيل وإن اختلفا في رد عين أو ثمنها إلى موكل: فقول وكيل مع يمينه إن كان متبرعا وكذا وصى وعامل وقف وناظره متبرعين ولا بجعل فيهن وأجير ومستأجر ولا يقبل قول وكيل في رده إلى ورثة موكل ولا ورثة وكيل في دفعه إلى موكل أو ورثته ولا قول وكيل في دفع مال الموكل إلى غير من أتمنه بأذنه وكذا قول كل من ادعى

الرد إلى غير من أتمنه ومن أدعى من وكيل ومرتهن ومضارب ومودع التلف بحادث ظاهر: كحريق ونهب جيش ونحوه لم يقبل إلا ببينة تشهد بالحادث في تلك الناحية ثم يقبل قوله في التلف - وتقدم في الرهن - ولا ضمان بشرط1 وإن قال وكيل أو مضارب: أذنت لي في البيع نساء أو في الشراء بكذا أو أذنت لي في البيع بغير نقد البلد فأنكره أو قال: وكلتني في شراء عبد فقال: بل في شراء أمة أو اختلفا في صفة الأذن فقولهما ولو وكله في بيع عبد فباعه نسيئة فقال الموكل ما أذنت في بيعه إلا نقدا فصدقه الوكيل والمشتري فسد البيع وله مطالبة من شاء منهما بالعبد إن كان باقيا وبقيمته إن تلف فإن أخذ القيمة من الوكيل رجع على المشتري بها وإن أخذها من المشتري لم يرجع على أحد وإذا قبض الوكيل ثمن المبيع فهو أمانة في يده لا يلزمه تسليمه قبل طلبه ولا يضمنه بتأخيره فإن أخر رده بعد طلبه أو أنه كان تلف لم يقبل قوله ولو ببينة وإن صدقه الموكل برئ وإن لم يعده برده لكن منعه أو مطله مع إمكانه ثم أدعى الرد أو التلف لم يقبل قوله إلا ببينة وإن أنكر قبض المال ثم ثبت ببينة أو اعتراف فأدعى الرد أو التلف لم يقبل ولو أقام بينة فإن كان جحوده: أنك لا تستحق على شيئا أو ما لك عندي شيء سمع قوله: إلا أن يدعي رده أو
ـــــــ
1 يريد لو وكل زيد عمرا بشرط أن يكون عمرو ضامنا بيده فلا ضمان عليه إلا فيما يفرط فيه أو يتعدى والشرط لاغ لاأثر له لأنه ينافي ما يقتضيه العقد من الأمانة.

تلفه بعد قوله: ما لك عندي شيء وإن قال: وكلتني أن أتزوج لك فلانة ففعلت وصدقته المرأة فأنكره فقول المنكر بغير يمين ويلزمه تطليقها إن لم يتزوجها1 ولا يلزم الوكيل شيء ولو مات لم يرثه الآخر فإن ادعته المرأة فأنكره حلف وبريء لأنها تدعي الصداقة في ذمته ولو أدعى أن فلانا الغائب وكله في تزويج امرأة فتزوجها له ثم مات الغائب لم ترثه المرأة: إلا بتصدق الورثة أو يثبت ببينة وإن أقر الموكل بالتوكيل في التزويج وأنكر أن يكون الوكيل تزوج له فالقول قول الوكيل وإن وكله أن يتزوج له امرأة فتزوج له غيرها أو تزوج له بغير أذنه فالعقد فاسد لو أجازه وإن أدعى البائع أنه باع مال غيره بغير أذنه فأنكر المشتري أو قال المشتري: أنك بعت مال غيرك بغير أذنه فأنكر البائع وقال: ما بعت - ملكي أو بعت مال موكلي بإذنه فقول المنكر وإن اتفق البائع والمشتري على ما يبطل البيع وقال الموكل: بل البيع صحيح فقوله ولا يلزمه رد ما أخذ من العوض ويجوز التوكل بجعل معلوم وبغير جعل ويستحق الجعل مع الإطلاق قبل قبض الثمن: ما لم يشترط عليه الموكل ولو قال: بع ثوبي بعشرة فما زاد فلك صح ولا يصح بجعل مجهول ويصح تصرفه بالأذن وله أجرة مثله وإذا قال لرجل: اشتر لي بديني عليك طعاما أو أسلفني ألفا من مالك في كر طعام ففعل لم يصح2 فإن قال: اشتر لي في ذمتك أو أسلف
ـــــــ
1 يلزمه تطليقها لنتأكد من خلوها من الزوجية وليندفع احتمال صدقها
2 لم يصح في الأولى لأنه وكله في الشراء بالدين الذي له وهذا تصرف في الدين قبل قبضه وذلك غير جائز، وفي الثانية لأنه وكله في الشراء بقرض لم يقبضه منه والتصرف قي القبض قبل قبضه غير جائز أيضا.

لي ألفا في كر طعام وأقبض الثمن عني من مالك أو من الدين الذي لي عليك صح1 ولو كان له على رجل دراهم فأرسل إليه رسولا يقبضها فبعث إليه مع الرسول دينارا فضاع مع الرسول فمن مال باعث لأنه لم يأمره بمصارفته: ألا أن يخبر الرسول الغريم أن رب الدين أذن له في قبض الدينار عن الدراهم فيكون من ضمان الرسول ولو كان لرجل عند آخر دنانير وثياب إليه رسولا فقال: خذ دينارا وثوبا فأخذ دينارين وثوبين فضاعت فضمان الدينار والثوب الزائدين على الباعث: أي الذي أعطاه الدينارين والثوبين ويرجع به على الرسول وإذا وكله في قبض زوجته ونقلها إلى داره أو في بيع عبده أو في قبض دار له في يد رجل ثم غاب فأقامت الزوجة البينة أنه طلقها والعبد أنه اعتقه ومن في يده الدار أنه ملكها منه زالت الوكالة وإن وكله في عتق عبده ثم كاتبه سيده انعزل الوكيل ولو باع له وكيله ثوبا فوهب له المشتري منديلا في مدة الخيارين فهو لصاحب الثوب لأنه زيادة في الثمن فلحق به.
ـــــــ
1 وإنما صح هنا لأنه وكله في المثال الأول منها أن يشتري له في الذمة وفي الثاني والثالث لأنه وكله في القبض عنه والشراء له وكلها صحيحة.

حكم من ادعى أنه وكيل في قبض الوديعة
فصل:- فإن كان عليه حق أو عنده وديعة لإنسان
فادعى آخر أنه وكيل صاحبه في قبضه فصدقه لم يلزمه الدفع إليه وإن كذبه لم يستحلف: كدعوى وصية به فإن دفع إليه فأنكر صاحب الحق الوكالة حلف ورجع على الدافع وحده إن كان دينا وهو على الوكيل

مع بقائه أو تعديه في تلف أو تفريط وإن لم يتعد فيه مع تلفه لم يرجع الدافع وإن كان عينا: كوديعة ونحوها فوجدها أخذها وله مطالبة من شاء بردها فإن طلب الدافع فالمدافع مطالبة الوكيل بها وأخذها من يده وإن كانت تالفة أو تعذر ردها فله تضمين من شاء منها ولا يرجع بها من ضمنه على الآخر: إلا أن يكون الدافع دفعها إلى توكيل من غير تصديق فيرجع على الوكيل وإن ضمن الوكيل لم يرجع على الدافع وإن صدقه: لكن إن كان الوكيل تعدى عليها وفرط استقر الضمان عليه فإن ضمن لم يرجع على أحد وإن ضمن لدافع رجع عليه ولو شهد بالوكالة اثنان فقال أحدهما: قد عزله لم تثبت الوكالة فإن قاله بعد حكم الحاكم بصحتها أو قاله واحد غيرهما ثبت فإن قالا جميعا كان قد عزله ثبت العزل وإن شهد شاهد أنه وكله يوم الجمعة وشاهداه وكله يوم السبت أو شهد أحدهما أنه وكله بالعربية وآخر أنه بالعجمية أو شهد أحدهما أنه قال وكلتك والآخر أنه قال: أذنت لك في التصرف أو أنه قال: جعلتك وكيلا أو جريت لم تتم الشهادة1 وإن شهد أحدهما أنه أقر بتوكيله يوم الجمعة وشهد الآخر أنه أقر يوم السبت أو شهد أنه أقر بالوكالة بالعجمية والآخر أنه أقر بالعربية أو شهد أحدهما أنه وكله والآخر أنه أذن له في التصرف أو قال أحدهما: أشهد أنه أقر عندي أنه وكله وقال الآخر: أشهد أنه أقر عندي أنه جريه أو أنه أوصى إليه بالتصرف في حياته - تمت الشهادة وثبتت الوكالة بذلك
ـــــــ
1 الجري بتشديد الياء- الوكيل.

وإن شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده وشهد الآخر أنه وكله وزيدا أو شهد أنه وكله في بيعه وقال الآخر: وكله في بيعه وقال لاتبعه حتى تستأمرني أو تستأمر فلانا لم تتم الشهادة وإن شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده والآخر أنه وكله في بيع عبده وجاريته حكم بالوكالة في العبد وكذا لو شهد أحدهما أنه وكله في بيعه لزيد والآخر أنه وكله في بيعه لزيد وإن شاء لعمر ولا تثبت الوكالة والعزل بخبر واحد فإن شهد اثنان بلا دعوى الوكيل أن فلانا الغائب وكل فلانا الحاضر فقال الوكيل ما علمت هذا وأنا أتصرف عنه ثبتت الوكالة وإن قال: ما أعلم صدق الشاهدين لم تثبت وكالته وإن قال: ما علمت وسكت قيل له: فسر فإن فسر بالأول ثبتت وإن فسر بالثاني لم تثبت وتقبل شهادة الوكيل على موكله وله فيما لم يوكله فيه فإن شهد بما كان وكيلا فيه بعد عزله لم تقبل أيضا: سواء كان خاصم فيه بالوكالة أو لم يخاصم وإذا كانت أمة بين نفسين فشهدا أن زوجها وكل في طلاقها أو شهدا بعزل الوكيل في الطلاق لم تقبل ولا تقبل شهادة ابن الرجل ولا أبويه له بالوكالة ويثبت العزل بها لأنهما يشهدان لمن لا يدعيها فإن قبض الوكيل فحضر الموكل وادعى أنه كان قد عزل الوكيل وإن حقه باق في ذمة الغريم وشهد له ابناه لم تقبل شهادتهما وإن ادعى مكاتب الوكالة فشهد له سيده وابنا سيده أو أبواه لم تقبل و إذا حضر رجلان عند الحاكم فأقر أحدهما أن الآخر وكله ولم يسمعه شاهدان مع الحاكم ثم غاب الموكل حضر الوكيل فقدم خصما لموكله وقال: أنا وكيل فلان فأنكر

الخصم كونه وكيلا لم تسمع دعواه حتى تقوم البينة بوكالته لأن الحاكم لا يحكم بعلمه ولو حضر رجل وادعى على غائب مالا في وجه وكيله فأنكره فأنكره فأقام بينة بما ادعاه حلفه الحاكم وحكم له بالمال فإذا حضر الموكل وجحد الوكالة وأدعى أنه كان قد عزله لم يؤثر ذلك في الحكم وإن ادعى أن صاحب الحق أحاله به فكدعوى وكالة ووصية على ما تقدم وإن ادعى أنه مات وأنا وارثه لا وارث له غيري لزمه الدفع إليه مع التصديق: لا الإنكار ويلزمه اليمين مع الإنكار أنه لا يعلم صحة ما قاله: عينا كان أو دينا وديعة أو غيرها ومن طلب منه حق وامتنع من دفعه حتى يشهد القابض على نفسه بالقبض وكان الحق عليه بغير بينة لم يلزم القابض الأشهاد وإن كان الحق ثبت ببينة وكان من عليه الحق يقبل قوله في الرد: كالمودع والوكيل بغير جعل فكذلك وإن كان ممن لا يقبل قوله في الرد أو مختلف في قبول قوله: كالغاصب والمستعير والمرتهن لم يلزمه تسليم ما قبله إلا بالإشهاد ومتى شهد على نفسه بالقبض لم يلزم تسليم الوثيقة بالحق إلى من عليه الحق وتقدم بعضه في الرهن وإذا شهد بالوكالة رجل وامرأتان أو شاهد وحلف مع ثبت ذلك إن كانت الوكالة في المال ومن أخبر بوكالة وظن صدقه تصرف وضمن.

كتاب الشركة
أقسام الشركة و شروطها

أقسام الشركة
كتاب الشركة
وهي اجتماع في استحقاق أو تصرف - فالأول - شركة في المال - والثاني - شركة عقود: هو المراد هنا - وتكره معاملة من في ماله حلال وحرام يجهل ومشاركة مجوسي ووثني ومن في معناه وكذا مشاركة كتابي ولو غير ذمني لأنه يعمل بالربا: إلا أن يلي المسلم التصرف - وهي خمسة أقسام لا يصح شيء منها إلا من جائز التصرف - أحدها شركة العنان: بأن يشترك اثنان فأكثر بماليهما ليعملا فيه ببدنيهما وربحه بينهما أو يعمل أحدهما بشرط أن يكون له من الربح أكثر من ربح ماله فإن شرط له ربحا قدر ماله فهو ابضاع لا يصح1 وإن شرط له أقل منه لم يصح أيضا لأخذه جزءا من ربح مال صاحبه بلا عمل2 بما يدل على رضاهما بمصير كل منهما
ـــــــ
1 البضيع: الشريك، ومنه الإبضاع بمعنى الاشراك في المال، وجملة قوله: لا يصح صفة لقوله: إبضاع، وعلة البطلان في هذا النوع ما فيه من شائبة الربا، حيث يأخذ أحد الشريكين ربحا لما له من غير أن يعمل أو يدفع أجرا لمن يعمل فيه، والذي يظهر لي أنه قريب من التبرع بالعمل للغير في ماله.
2 ظاهر هذا أنه باطل كسابقه، ولكن صاحب الكشاف قصر البطلان فيه على الشرط وحده دون التصرف، وقرران العامل يستحق حينئذ ربح ماله دون أجرة على عمله في مال الغير ووجه لذلك بأنه متبرع. وذلك يساعدنا على ما استظهرنا لك في القولة السابقة والله أعلم.

لهما1 ولما شروط - منها أن يكون المالان معلومين فإن اشتركا في مختلط بينهما شائعا صح إن علما قدر مال كل منهما - ومنها حضور المالين: كمضاربة فلا تصح على غائب ولا في الذمة ولا مجهول وهي عنان ومضاربة2 ويغني لفظ الشركة عن أذن صريح في التصرف وينفذ تصرف كل واحد منهما في المالين بحكم الملك في نصيبه والوكالة في نصيب شريكه - ومنها أن يكون رأس المال من النقدين المضروبين فلا تصح شركة العنان ولا المضاربة بعرض ولو مثليا ولا بقيمته ولا بثمنه الذي اشترى به ولا بثمنه الذي يباع به ولا بمغشوش كثيرا ولا فلوس ولو نافقة ولا نقرة: وهي التي لم تضرب ولا أثر هنا وفي الربا وغيرهما لغش يسير لمصلحة: كحبة فضة ونحوها في دينار - ومنها أن يشترطا لكل واحد منهما من الربح مشاعا معلوما: كنصف أو ثلث أو غيرهما: سواء شرطا لكل واحد على قدر ماله من الربح أو أقل أو أكثر فإن قالا: الربح بيننا تناصفاه وإن لم يذكراه أو شرطا لأحدهما في الشركة والمضاربة جزءا مجهولا أو دراهم معلومة أو ربح أحد الثوبين أو إحدى السفرتين أو ربح تجارته في شهر أو عام بعينه أو جزءا أو عشرة دراهم أو جزءا إلا عشرة دراهم أو دفع ألفا مضاربة
ـــــــ
1 قوله بما يدل يتعلق بقوله سابقا يشترك، وقوله: بمصير- بضم الميم على صيغة اسم الفاعل.
2 يريد أن يفهمك أن الشركة بالمالين على هذا النحو تسمى عنانا من حيث اشتراكهما في المال، ومضاربة من حيث أن أحدهما قد ينفرد بالعمل في نظير جزء زائد من الربح وعلى هذا فقوله وهي- عائد على الصورة التي ينفرد فيها أحدهما بالعمل فحسب.

وقال: لك ربح نصفه - لم يصح العقد1 وكذا مساقاة ومزارعة ولا يشترط خلط المالين ولا اتفاقهما قدرا وجنسا وصفة فلو نما أحدهما قبل الخلط أو خسر فلهما وعليهما ولو أخرج أحدهما دراهم والآخر دنانير أو أحدهما مائة والآخر مائتين أو أحدهما ناصرية والآخر ظاهرية - صح2 وعند التراجع يرجعان بما أخرجاه وما بقي فربح وما يشتريه كل منهما بعد عقد الشركة فبينهما وأما ما يشتريه لنفسه فهو له والقول في ذلك وإن تلف أحد المالين ولو قبل الخلط فيمن ضمانهما والوضعية3 على قدر المال.
ـــــــ
1 تقدم لك قبل الكلام على الشروط أنه لو شرط في شركة العنان أن يعمل أحدهما ويأخذ ربح ماله أو أقل تكون الشركة باطلة أو الشرط باطل دون التصرف على ما أو ضحناه ولكنه في أول الكلام على هذا الشرط الرابع قال: سواء شرطا لكل واحد على قدر ماله من الربح أو أقل أو أكثر. ولا يشكل عليك هذا ما فهمته سابقا، فإن الكلام هناك مفروض قيما إذا انفرد أحدهما بالعمل وهنا مفروض فيما إذا كان الشريكان يعملان وعلة جواز الاشتراط هنا أن الشريكين يختلفان كفاءة وخبرة ومجهودا وثقة عند الناس فجاز التفاوت في استحقاق الربح لذلك كله.
2 الناصرية والظاهرية يريد بهما النقود المضروبة على عهد الملك الناصر والملك الظاهر.
3 الوضيعة الخسارة.

فصل: و لكل منهما أن يبيع و يشتري الخ
فصل:- ولكل منهما أن يبيع ويشتري
مساومة ومرابحة و تولية و مواضعة ويقبض ويقبض ويطالب بالدين ويخاصم فيه ويحيل ويحتال ويؤجر ويستأجر ويرد بالعيب للحظ فيما وليه أو وليه صاحبه ولو رضي شريكه ويقر به: ويقابل ويقر بالثمن،

وببعضه وبأجرة المنادي والحمال ونحوه - ويأتي قريبا - وكل ما هو من مصلحة تجارتهما وإن ردت السلعة عليه بعيب فله أن يقبلها ويعطي الأرش أو يحط من ثمنه أو يؤخر ثمنه لأجل العيب وليس له أن يكاتب الرقيق ولا يزوجه ولا يعتقه ولو بمال ولا يهبه ولا يفرض ولا يحابي ولا يضارب بالمال ولا يشارك فيه ولا أن يخلط مال الشركة بماله ولا مال غيره ولا أن يأخذ به سفتجة بان يدفع إلى إنسان شيئا من مال الشركة ويأخذ منه كتابا إلى وكيله ببلد آخر ليستوفي منه ذلك المال ولا يعطيها بأن يأخذ من إنسان عرضا ويعطي بثمنه كتابا إلى وكيله ببلد آخر ليستوفي منه ذلك - إلا بأذن شريكه فيهن ويملك البيع نساء ويملك الإيداع والرهن والارتهان لحاجة فيهن وعزل وكيل وكله هو أو شريكه وليس له أن يبضع: وهو أن يدفع من مال الشركة إلى من يتجر فيه والربح كله للدافع وشريكه وليس له أن يوكل فيما يتولى مثله بنفسه وهو كمضارب فيما له وعليه وفيما يمنع منه وله السفر من الأمن فلو سافر والغالب العطب ضمن وكذا فيما ليس الغالب السلامة فيه ومثله ولي يتيم وإن لم يعلما1 بخوفه أو بفلس مشتر لم يضمنا - وإن علم عقوبة سلطان ببلد بأخذ مال فسافر إليه فأخذه ضمنه لتعريضه للآخذ - وليس له أن يستدين على مال الشركة - بأن يشتري بأكثر من رأس
ـــــــ
1 ضمير المثنى في يعلما عائد على الشريك وولي اليتيم.

المال أو بثمن ليس معه من جنسه إلا في النقدين فإن فعل فهو عليه وربحه له: إلا أن يأذن شريكه وهذا المنع المتقدم مع الإطلاق أما لو أذن له فيه أو قال: أعمل برأيك جاز أن يعمل كل ما يقع في التجارة من الابضاع والمضاربة بالمال والمشاركة وخلطه بماله والزراعة وغير ذلك إذا رأى فيه مصلحة وإن أخر حقه من الدين الحال جاز لا حق شريكه: لكن لو قبض شريكه شيئا مما لم يؤخر كان له مشاركته فيه وله حبس غريم مع منع الآخر منه - وإن تقاسما الدين في الذمة أو الذمم لم يصح وإن ابرأ من الدين لزم في حقه دون صاحبه وكذلك أن أقر بمال على الشركة غير المتعلق بها - وتقدم قريبا - عينا كان أو دينا قبل الفرقة بينهما لزم في حقه ولم يقبل على شريكه وإذا قبض أحد الشريكين من مال مشترك بينهما بإرث أو أتلاف أو عقد من ثمن مبيع أو قرض أو غيره ولو كان القبض بعد تأجيل شريكه حقه فلشريكه الأخذ من الغريم له الأخذ من القابض حتى ولو أخرجه برهن أو قضاء دين فيأخذه من يده كمقبوض بعقد فاسد وإن كان القبض بأذن شريكه أو تلف في يد قابضه فلا محاصة1 وللغريم التخصيص مع تعدد سبب الاستحقاق: لكن ليس لأحدهما إكراهه على تقديمه وعلى كل واحد أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه من نشر الثوب وطيه وختم الكيس وإحرازه وقبض النقد فإن فعله باجرة غرمها وما جرت العادة أن يستنيب فيه كالاستئجار
ـــــــ
1 يريد: فلا يرجع الشريك على شريكه بحقه فيما تسلمه، بل يرجع على الغريم.

للنداء على المتاع ونحوه فله أن يستأجر من مال الشركة من يفعله وليس له فعله ليأخذ أجرته بلا شرط وإذا استأجر أحدهما الآخر فيما لا يستحق أجرته إلا بعمل فيه: كنقل طعام بنفسه أو غلامه أو دابته جاز: كداره وبذلك خفارة وعشرة على المال - قال أحمد ما انفق على المال فعلى المال وليس لأحد من الشركاء أن ينفق أكثر من نفقة شريكه إلا بأذنه وإن اتفقا على شيء معلوم من النفقة لكل واحد منهما كان أحوط ويحرم على شريك في زرع فرك شيء من سنبله يأكله بلا أذن.

الشروط في الشركة
فصل:- والشروط في الشركة ضربان:
صحيح: مثل أن يشترط ألا يتجر إلا في نوع من المتاع أو بلد بعينه أو لا يبيع إلا بنقد كذا أو لا يسافر بالمال أو لا يبيع أو لا يشتري إلا من فلان. وفاسد: كاشتراط ما يعود بجهالة الربح - وتقدم في الباب - فهذا يفسد العقد في الشركة والمضاربة وإن اشترط عليه ضمان المال أو أن عليه من الوضعية أكثر من قدر ماله أو الارتفاق في السلع أو لا يفسخ الشركة مدة بعينها أو لا يبيع إلا برأس المال أو أقل أو لا يبيع إلا ممن اشترى منه أولا يبيع أو لا يشتري أو لزوم العقد أو خدمة ولو في شيء معين أو قرضا أو مضاربة أخرى أو شرطه لأجنبي أو أيما أعجبه أخذه بثمنه: وهو التولية ونحوها - فهذا شروط فاسدة ولا يفسد العقد وإذا فسد العقد قسم ربح شركة عنان ووجوه

على قدر المالين: كالوضيعة وما عمله كل واحد منهما في الشركتين فله أجرته يسقط منها أجرة عمله في ماله ويرجع على الآخر بقدر ما بقي له فإن تساوى مالاهما وعملاهما نقصا الدينين واقتسما الربح نصفين وإن فضل أحدهما صاحبه بفضل تقاص دين القليل بمثله ويرجع على الآخر بالفضل وقسمت أجرة ما تقبلاه في الأبدان بالسوية ويرجع كل واحد منهما فيها على الآخر بأجرة نصف عمله وإن تعدى شريك ضمن والربح لرب المال والفاسد في كل أمانة وتبرع كمضاربة وشركة ووكالة ووديعة ورهن وهبة وصدقة ونحوها كصحيح في ضمان وعدمه فكل عقد لا ضمان في صحيحه لا ضمان في فاسده وكل عقد لازم يجب الضمان في صحيحه يجب في فاسده: كبيع وإجارة ونكاح ونحوها.
والشركة: عقد جائز تبطل بموت أحد الشريكين وجنونه والحجر عليه لسفه وبالفسخ من أحدهما فإن عزل أحدهما صاحبه انعزل المعزول ولم يكن له أن يتصرف إلا في قدر نصيبه وللعازل التصرف في الجميع هذا إذا نض المال1 وإن كان عرضا لم ينعزل وله التصرف بالبيع دون المعارضة بسلعة أخرى ودون التصرف بغير ما ينض به المال وإذا
ـــــــ
1 النض بتشديد النون مفتوحة مع تشديد الضاد مضمومة من معانيه الدرهم والدينار والمعنى هنا: إذا ظهر المال عند عزل أحد الشريكين دراهم أو دنانير كما كان حين عقد الشركة انعزل المعزول من غير انتظار لشيء، بخلاف ما إذا كان عرضا فإنه لا ينعزل حتى يصير المال كله نقودا، وعن الإمام رواية أخرى أنه ينعزل على أي، وليس له التصرف.

مات أحد الشريكين وله إرث رشيد فله أن يقيم على الشركة ويأذن له الشريك في التصرف وهو إتمام الشركة وليس بابتدائها فلا تعتبر شروطها وله المطالبة بالقسمة1 فإن كن مولى عليه قام وليه مقامه في ذلك ولا يفعل إلا ما فيه المصلحة للمولى عليه فإن كان الميت قد وصى بمال الشركة أو ببعضه لمعين فالموصي له كالوارث فيما ذكرنا وإن كان لغير معين: كالفقراء لم يجز للوصي الأذن في التصرف ووجب دفعه إليهم ويعزل نصيبه2 ويفرقه عليهم فإن كان على الميت دين تعلق بتركته فليس للوارث إمضاء الشركة حتى يقضي دينه فإن قضاه من غير مال الشركة فله الإتمام وإن قضاه منه بطلت الشركة في قدر ما قضى - ويأتي في المضاربة لو مات أحد المتقارضين.
ـــــــ
1 قوله: فله أن يقيم على الشركة معناه: له أن يثبت، مأخوذ من الإقامة بمعنى الاستقرار. والقول بجواز بقائه على الشركة أو المطالبة بالقسمة أحد وجهين في المذهب، والوجه الثاني أنه بموت أحد الشريكين بطلت الشركة وتسلم ورثته حقه من رأس مالها مع ربحه.
2 المراد بهذا أن يدفع الوصي المال الموصى بت إلى المستحقين الذين أوصى بت الميت هم كالفقراء وبقسمة عليهم وعلى الوصي كذلك عزل نصيب المثبت الخارج عن الوصية.

المضاربة
فصل:- الثاني - المضاربة:
وهي دفع مال وما في معناه معين معلوم قدره: لا صبرة نقد ولا أحد كيسين في كل واحد منهما مال معلوم: تساوي ما فيهما أو اختلف - إلى من يتجر فيه بجزء معلوم من ربحه له أو لعبده أو لأجنبي مع عمل منه ويسمى أيضا قراضا

ومعاملة وتنعقد بما يؤدي معنى ذلك وهي أمانة ووكالة فإن ربح فشركة وإن فسدت فإجارة وإن تعدى فغصب - قال في الهدى: المضارب أمين وأجير ووكيل وشريك: فأمين إذا قبض المال ووكيل إذا تصرف فيه وأجير فيما يباشره من العمل بنفسه وشريك إذا ظهر فيه الربح - ومن شرط صحتها تقدير نصيب العامل فإن قال: خذ هذا المال مضاربة ولم يذكر سهم العامل أو قال: ولك جزء من الربح فالربح كله لرب المال والوضيعة عليه وللعامل أجر مثله وتكفي مباشرته فلا يعتبر نطق1 فإن قال: خذه فاتجر به والربح كله لي فإبضاع لا حق للعامل فيه وإن قال: الربح كله لك فقرض لا حق لرب المال فيه وليسا بشركة2 فإن زاد مع قوله: والربح كله لك ولا ضمان عليك فهو قرض شرط فيه نفي الضمان فلا ينتفي3 وإن قال: الربح بيننا فبينهما نصفين وإن قال: خذه مضاربة والربح كله لك أو قال: والربح كله لي فسدت وله أجرة المثل في الأولى ولا شيء له في الثانية وإن قال: لك أولى ثلث الربح ولم يذكر نصيب الآخر صح والباقي للآخر وإن أتى معه بربع عشر الباقي ونحوه صح وإن قال: لي النصف ولك الثلث وسكت عن الباقي صح وكان لرب المال وإن قال: خذه مضاربة على الثلث أو قال: بالثلث أو على الثلثين،
ـــــــ
1 يريد قبول العامل لا يتوقف على تصريحه بت، بل تكفي فيه مباشرته للعمل.
2 قوله: ليسا بشركة يريد الابضاع، والقرض.
3 لا ينتفي الصمان لفساد ذلك الشرط حيث خالف مقتضى عقد القرض.

أو بالثلثين ونحوه صح وكان تقديرا لنصيب العامل وإن اختلفا لمن الجزء المشروط فللعامل: قليلا كان أو كثيرا وإن قال: خذ مضاربة ولك ثلث الربح و ثلث ما بقي صح وله خمسة اتساع الربح وإن قال ثلث الربح وربع ما بقي فله النصف وإن قال لك ربع الربح وربع ما بقي فله ثلاثة أثمان ونصف ثمن وسواء عرفا الحساب أو جهلاه ويجوز أن يدفع إلى اثنين مضاربة في عقد واحد فإن شرط لهما جزءا من الربح بينهما نصفين صح وإن قال: لكما كذا وكذا من الربح ولم يبين كيف هو فهو بينهما نصفين وإن شرط لأحدهما ثلث الربح وللآخر ربعه والباقي له جاز وإن قارض اثنان واحدا بألف لهما جاز فإن شرطا له ربحا متساويا منهما جاز وكذلك أن شرط أحدهما له النصف والآخر الثلث ويكون باقي ربح مال كل واحد منهما له وإن شرطا كون الباقي من الربح بينهما نصفين لم يجز1 وإذا شرطا جزءا من الربح لغير العامل: فإن كان لعبد أحدهما أو لعبديهما صح وكان مشروطا لسيده وإن جعلاه بينهما وبين عبد أحدهما أثلاثا فلصاحب العبد الثلثان وللآخر الثلث وإن شرطاه
ـــــــ
1 عللوا عدم الصحة في هذه الصورة بأمور ثلاثة: أحدها أنه شرط ينافي ما يقتضيه العقد من تخصيص كل منهما بما يبقى من ربح ماله بعد نصيب العامل، ثانيهما أن كلا منهما لاحق له في مال الثاني، ثالثهما أم كلا منهما لم يعمل في مال الآخر عملا يستحق عليه أجرا والذي يظهر لي من عبارة المصنف أن عدم الجواز في هذه المسألة قاصر على شرط وحده دون عقد المضاربة إذ مخالفة الشرط لمقتضى العقد لا تستلزم دائما بطلان العقد نفسه كما تقدم نظيره، ولو كان هذا الشرط راجعا إلى تقدير الربح في أول أمره لظهر البطلان، ولكنهما شرطاه بعد تخصيصهما كلا منهما بنصيبه وبعد تقديرهما نصيب العامل، والله أعلم.

لأجنبي أو لولد أحدهما أو امرأته أو قريبه وشرطا عليه عملا مع العامل صح وكانا عاملين وإن لم يشرطا عليه عملا لم تصح المضاربة1 وكذلك حكم المساقاة والمزارعة فيما تقدم وحكم المضاربة حكم الشركة فيما للعامل أن يفعله أو لا يفعله وما يلزمه فعله وفي الشروط لأن ما جاز في إحداهما جاز في الأخرى وكذا المنع وإن فسدت فالربح لرب المال وللعامل أجرة مثله: خسر المال أو ربح وما تصرفه نافذ وإن لم يعمل العامل شيئا إلا أنه صرف الذهب بالورق فارتفع الصرف استحق العامل حصته ولا ضمان عليه فيها ويصح تعليقها والمنصوص: وبع هذا وما حصل من ثمنه فقد ضاربتك به2 ويصح تأقيتها بأن يقول: ضاربتك على هذه الدراهم سنة فإذا مضت السنة فلا تبع ولا تشتر ولو قال: ومتى مضى الأجل فهو قرض فمضى وهو ناض صار قرضا وإن مضى وهو متاع فإذا باعه صار قرضا وإن قال: بع هذا العرض وضارب بثمنه أو اقبض وديعتي أو ديني وضارب به أو بعين مالي الذي غصبته مني صح وزال ضمان الغصب ويصح قوله: إذا قدم
ـــــــ
1 لم تصح المضاربة لأنه شرط يتعلق بالربح وليس في مقابلة عمل، فهو لذلك فاسد في ذاته ولما كان من شرط صحة المضاربة تقدير نصيب العامل أو نصيب كل منهما، وكان ذلك الأجنبي غير داخل في حوزة التقاعد كان الاشتراط له منافيا لمقتضى العقد فأدى إلى البطلان.
2 إنما ساق العبارة المرويه عن الإمام رضي الله تعالى عنه ليؤيد بها جواز تعليق المضاربة فإن قول الإمام: بع هذا، وما حصل من ثمنه فقد ضاربتك بت يتضمن توكيلا في البيع، ويتضمن عقد مضاربة معلقا على البيع وتحصيل الثمن.

الحاج فضارب بوديعتي أو غيرها وإن قال: ضارب بالدين الذي عليك أو بديني الذي على زيد فأقبضه أو قال: هو قرض عليك شهرا ثم هو مضاربة لم يصح وإن اخرج مالا يعمل فيه هو وآخر والربح بينهما صح وكان مضاربة وكذا مساقاة ومزارعة وإن شرط فيهن عمل المالك أو غلامه معه صح: كبهيمة: ولا يضر عمل المالك بلا شرط وإن باع المضارب بدون ثمن المثل ضمن الوكيل1 وله أن يشتري المعيب إذا رأى فيه مصلحة بخلاف وكيل.
ـــــــ
1 قوله: ضمن الوكيل، يريد به المضروب، وقد تقدم لنا أن المضارب يسمى وكيلا إذا تصرف فعلا بمال المضاربة كما يسمى أمينا بعد القبض وقبل التصرف ولو قال الوكيل لكان أظهر.

فصل: ليس للعامل شراء من يعتق على رب المال بغير إذنه
فصل:- وليس للعامل شراء من يعتق على رب المال بغير إذنه
فإن فعل صح وعتق وضمن ثمنه: علم أو لم يعلم وإن اشتراه بأذنه صح أيضا وتنفسخ المضاربة في قدر ثمنه فيهما: وإن كان في المال ربح رجع العامل بحصته منه وإن اشترى امرأة رب المال أو كان ربه امرأة فاشترى زوجها أو بعضها صح ولو كان بعين المال وانفسخ النكاح فيهما ولا ضمان على العامل فيما يفوت من المهر ويسقط من النفقة وإن اشترى من يعتق على نفسه ولم يظهر ربح لم يعتق وإن ظهر ربح عتق عليه قدر حصته وسرى إلى باقيه إن كان موسرا وغرم قيمته وإن كان معسرا لم يعتق منه إلا ما ملكه وليس له الشراء من مال المضاربة إن ظهر ربح وإلا كشراء الوكيل من وكله1 وليس له وطء أمة المضاربة
ـــــــ
1 لم يجز له الشراء من مال المضاربة إذا ظهر الربح لأنه شريك يحتاج إلى تراضي شريكه والإذن منه وأما إذا لم يظهر ربح فهو كالوكيل يجوز له الشراء من مال المضاربة لنفسه بمقتضى أمانته ووكالته في التصرف.

ولو ظهر ربح فإن فعل فعليه المهر والتعزير ولا حد ولو لم يظهر ربح وإن علقت منه ولم يظهر في المال ربح فولده رقيق وإن ظهر ربح فالولد حر وتصير أم ولد له وعليه قيمتها وليس لرب المال وطء الأمة أيضا ولو عدم الربح فإن فعل فلا حد عليه وإن أحبلها صارت أم ولد له وولده حر وتخرج من المضاربة وليس له أن يضارب لآخر إذا كان فيه ضرر على الأول فإن فعل حرم و رد نصيبه من الربح في شركة الأول1 وإن لم يكن فيه ضرر على الأول ولم يكن اشترط للعامل نفقة أو كان بأذنه جاز وامتنع الرد وإن أخذ من رجل مضاربة ثم أخذ من آخر بضاعة أو عمل في مال نفسه واتجر فيه فربحه في مال البضاعة لصاحبها وفي مال نفسه وإن دفع إليه ألفين في وقتين لم يخلطهما فإن أذن له قبل تصرف في الأول أو بعده وقد نض جاز وصار مضاربة واحدة وإلا فلا وليس لرب المال أن يشتري من مال المضاربة شيئا لنفسه لأنه ملكه وكشراء الموكل من وكيله وكذلك شراء السيد من عبده المأذون فإن اشترى أحد الشريكين نصيب شريكه صح وإن اشترى الجميع لم يصح في نصيبه وصح في نصيب شريكه وليس للمضارب نفقة ولو مع السفر إلا بشرط: كوكيل فإن شرطها له وقدرها فحسن فإن لم يقدرها واختلفا فله نفقة مثله عرفا
ـــــــ
1 صورة هذا أن تعقد مع إنسان مضاربة، ثم يذهب هو فيقعد مضاربة أخرى مع سواك، وفي اشتغاله بالثانية ضرر عليك، فهو بذاك آثم ونصيبه من المضاربة الثانية يضم إلى ربح مضاربته معك ويقسم بينكما، ولكن صاحب المغني والشرح لا يقولان بضم ربحه في الثانية إلى مضاربتك.

من طعام وكسوة وإن كان معه مال لنفسه يتجر فيه أو مضاربة أخرى أو بضاعة لآخر فالنفقة على قدر المالين إلا أن يكون رب المال قد شرط له النفقة من ماله مع علمه بذلك وإن لقيه رب المال ببلد أذن له في سفره إليه وقد نض المال فأخذه فلا نفقة لرجوعه وإن مات لم يجب تكفينه وله التسري بأذن فإذا اشترى جارية ملكها وصار ثمنها قرضا: وليس للمضارب ربح حتى يستوفي رأس المال فإن اشترى سلعتين فربح في إحداهما أو في إحدى السفرتين وخسر في الأخرى جبرت الوضيعة من الربح كما يأتي والمضاربة بحالها.

فصل: و إن تلف رأس المال
فصل:- وإن تلف رأس المال
أو بعضه أو تعيب أو خسر بسبب مرض أو تغير صفة أو نزل السعر بعد تصرفه فيه جبرت الوضيعة من ربح باقيه قبل قسمته ناضا أو تنضيضه مع المحاسبة وإن تلف بعض رأس المال قبل تصرفه فيه انفسخت فيه المضاربة وكان رأس المال الباقي خاصة وإن تلف المال ثم اشترى سلعة في ذمته للمضاربة فهي له وثمنها عليه علم تلف المال قبل نقد الثمن أو جهله: إلا أن يجيزه رب المال وإن تلف بعد الشراء قبل نقد ثمنها بان اشترى في الذمة أو تلف هو والسلعة: فالمضاربة بحالها والثمن على رب المال ويصير رأس المال الثمن دون التالف ولصاحب السلعة مطالبة كل منها بالثمن ويرجع به العامل فإن كان المال مائة فخسر عشرة ثم أخذ ربه عشرة لم ينقص رأس المال بالخسران لأنه قد يربح فيجبر الخسران: لكنه ينقص بما أخذه رب المال وهو العشرة وقسطها

من الخسران هو درهم وتسع ويبقى رأس المال ثمانية وثمانين وثمانية أتساع درهم فإن كان أخذ نصف التسعين الباقية بقي رأس المال خمسين لأنه أخذ نصف المال فسقط نصف الخسران وإن كان أخذ خمسين بقي أربعة وأربعون وأربعة أتساع وكذلك إذا ربح المال ثم أخذ رب المال بعضه كان ما أخذه من الربح ورأس المال فلو كان رأس المال مائة فربح عشرين فأخذها فقد أخذ سدسه فينقص المال سدسه: ستة عشر وثلثين وقسطها ثلاثة وثلث وبقي رأس المال ثلاثة وثمانين وثلثا ولو اشترى عبدين بمائة فتلف أحدهما وباع الآخر بخمسين فأخذ منها رب المال خمسة وعشرين بقي رأس المال خمسين لأن رب المال أخذ نصف المال الموجود فسقط نصف الخسران ولو لم يتلف العبد وباعهما بمائة وعشرين فأخذ رب المال ستين ثم خسر العامل فيما معه عشرين فله من الربح خمسة لأن سدس ما أخذه رب المال ربح للعامل نصفه وقد انفسخت المضاربة فيه فلا يجبر به خسران الباقي وإن اقتسما العشرين الربح خاصة ثم خسر عشرين فعلى العامل رد ما أخذه وبقي رأس المال تسعين لأن العشرة الباقية مع رب المال تحسب من رأس المال ومهما بقي العقد على رأس المال وجب جبر خسرانه من ربحه وإن اقتسما الربح وتحرم قسمته والعقد باق إلا باتفاقهما - قال أحمد إلا أن يقبض رأس المال صاحبه ثم يرده إليه فيقول: أعمل به ثانية فما ربح بعد ذلك لا يجبر به وضيعة الأول وأما مالا بدفع فمتى يحتسبا حسابا: كالقبض وقيل وكيف يكون حسابا

كالقبض؟ قال: يظهر المال يعني ينض ويجيء فيحتسبان عليه وإن شاء صاحبه قبضه قيل له فيحتسبان على المتاع؟ قال: لا يحتسبان إلا على الناض لأن المتاع قد ينحط سعره ويرتفع انتهى - وأما قبل ذلك فالوضيعة تحسب من الربح وكذلك لو طلب أحدهما قسمة الربح دون رأس المال لم تجب أجابته لأنه لا يأمن الخسران في الثاني وإن اتفقا على قسمه أو قسم بعضه أو على أن يأخذ كل واحد منهما كل يوم قدرا معلوما جاز وإتلاف المالك للمال كقسمه فيغرم حصة عامل: كأجنبي ومن الربح مهر وثمرة وأجرة وأرش عيب ونتاج وإذا ظهر ربح لم يكن له أخذ شيء منه إلا بأذن رب المال ويملك العامل حصته من الربح بالظهور قبل القسمة كرب المال وكمساقاة ويستقر الملك فيها بالمقاسمة وبالمحاسبة التامة - وتقدم نص أحمد فيه تقريبا وإن طلب العامل البيع مع بقاء قراضه أو فسخه فأبى رب المال أجبر إن كان فيه ربح وإن انفسخ القراض والمال عرض فرضي رب المال أن يأخذ بماله من العرض فله ذلك فيقوم عليه ويدفع حصة العامل ثم إن ارتفع السعر بعد ذلك لم يطالبه العامل بشيء وإن لم يرض بأخذه من ذلك وطلب البيع أو طلبه ابتداء فله ذلك ويلزم المضارب بيعه ولو لم يكن في المال ربح وإن نض رأس المال جميعه لزم العامل أن ينض له الباقي وإن كان رأس المال دراهم فصار دنانير أو عكسه فكعرض وإن انفسخ والمال دين لزم العامل تقاضيه: سواء كان فيه ربح أو لم يكن فإن اقتضى منه قدر رأس المال أو كان الدين قدر الربح أو دونه

لزم العامل تقاضيه أيضا ولا يلزم الوكيل تقاضي الدين وإن قارض في المرض فالربح من رأس المال ولو زاد على تسمية المثل ولا يحتسب به من ثلثه ويقدم به على سائر الغرماء ولو ساقى أو زارع في مرض موته حسب من الثلث وإن مات المضارب فجأة أولا ولا يعرف مال المضاربة لعدم تعيين العامل له وجهل بقاؤه فهو دين في تركته لصاحبه أسوة الغرماء وكذلك الوديعة ومثله لو مات وصى وجهل بقاء مال موليه وإذا مات أحد المتقارضين أو جن أو توسوس أو حجر عليه لسفه انفسخ القراض فإن كان رب المال فأراد الوارث أو وليه أتمامه والمال نض جاز ويكون رأس المال وحصته من الربح رأس المال وحصة العامل من الربح شركة له مشاع وإن كان المال عرضا وأرادوا إتمامه لم يجز لأن القراض قد بطل بالموت وكلام أحمد في جوازه محمول على أنه يبيع ويشتري بأذن الورثة كبيعه وشرائه بعد انفساخ القراض وإن كان العامل وأراد رب المال ابتداء القراض مع وارثه أو وليه والمال ناض جاز وإن كان عرضا لم يجز ورفع إلى الحاكم فيبيعه.

فصل: و العامل أمين لا ضمان عليه
فصل:- والعامل أمين لا ضمان عليه
فيما تلف بغير تعد ولا تفريط والقول قوله: في قدر رأس المال والربح وأنه ربح أو لم يربح وفيما يدعيه من هلاك وخسران وما اشتراه لنفسه أو للقراض وما يدعي عليه من خيانة أو جناية أو مخالفته شيئا مما شرطه عليه ويقبل قوله أنه لم ينهه عن بيعه نساء أو الشراء بكذا وتقدم في الوكالة

وكذا لو اشترى عبدا فقال رب المال: كنت نهيك عن شرائه فأنكر والقول قول رب المال في رده إليه وفي الجزء المشروط للعامل بعد الربح كقبوله في صفة خروجه عن يده فلو أقام كل واحد منهما بينة بما قاله قدمت بينة العامل فلو دفع إليه ما لا يتجر به ثم اختلفا فقال رب المال كان قراضا فربحه بيننا وقال العامل: كان قرضا فربحه كله لي فالقول قول رب المال فيحلف ويقسم الربح بينهما وإن أقام كل واحد منهما بينة بدعواه تعارضتا وقسم بينهما نصفين وإن قال رب المال: كان بضاعة وقال العامل: كان قراضا أو قرضا حلف كل منهما على إنكاره ما ادعاه خصمه وكان للعامل أجرة عمله لا غير وإن خسر المال أو تلف فقال رب المال كان قرضا وقال العامل: كان قراضا أو بضاعة فقول رب المال وإن قال العامل: ربحت ألفا ثم خسرتها أو هلكت قبل قوله وإن قال: غلطت أو نسيت أو كذبت لم يقبل وإن دفع رجل إلى رجلين مالا قراضا على النصف فنض المال وهو ثلاثة آلاف فقال رب المال: رأس المال ألفان فصدقه أحدهما وقال الآخر: بل هو ألف فقول المنكر مع يمينه فإذا حلف أنه ألف فالربح ألفان ونصيبه منهما خمسمائة ويبقى ألفان وخمسمائة يأخذ رب المال ألفين يبقي خمسمائة ربحا بين رب المال والعامل الآخر يقتسما بها ثلاثا لرب المال ثلثاها وللعامل ثلثها وإذا شرطا المضارب النفقة ثم ادعى أنه انفق من ماله وأراد الرجوع فله ذلك ولو بعد رجوع إلى مالكه ولو دفع عبده أو دابته إلى من يعمل بهما بجزء من الأجرة أو ثوبا يخيطه أو غزلا

ينسجه بجزء من ربحه أو بجزء منه جاز ومثله حصاد زرعه طحن قمحه ورضاع رقيقه وبيع متاعه بجزء مشاع من ربحه واستيفاء مال بجزء منه ونحوه وغزوه بدابته بجزء من السهم وهي مسألة قفيز الطحان1 لكن لو دفع إليه الثوب ونحوه بالثلث أو الربع ونحوه وجعل له مع ذلك درهما أو درهمين ونحوه لم يصح2 لو دفع دابته أو نحله لمن يقوم به بجزء من نمائه كدر ونسل وصوف وعسل ونحوه لم يصح وله أجرة مثله منه يجوز مدة معلومة ونماؤه ملك لهما.
ـــــــ
1 أصل هذه التسمية أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أخذ الأجرة على عسب الفحل وهو نزوه على الأنثى، وعن استئجار الرجل ليطحن لك قمحا أو يحصد لك زرعا بقفيز منه، وقاس الفقهاء على ذلك برضاع الرقيق بعشرين دينارا من ثمنه مثلا ودفع الدابة لمن يغزوا عليها بكذا من السهم وعللوا ذلك بأن الأجرة هنا معينة، والباقي بعدها غير معلوم فربما بقى بعد الأجرة كثيرا أو لم يبق شيء، وعلى ذلك فتكون المنفعة المؤجر عليها مجهولة والشرط في جواز الإجارة أن تكون معلومة، وقد اشتهرت هذه المسألة بمسألة قفيز الطحان ولكن المسألة التي معنا هنا لم يشترط فيها أجر معلوم وإنما اشترط جزء مشاع مما ينتج بعد العمل كالثلث والربع: قليلا كان الناتج أو كثيرا، ولهذا قال صاحب الكشاف: أن ما هنا ليس جديرا بأن يسمى مسألة قفيز الطحان.
2 علة عدم الصحة النماء أو النسل مثلا ليس نتيجة عمله بدليل أنه يحصل بدون عمل.

شركة الوجوه
فصل:- الثالث - شركة الوجوه:
وهو أن يشتريا في ذمتيهما بجاهيهما شيئا يشتركان في ربحه من غير أن يكون لهما رأس مال على أن ما اشترياه فهو بينهما نصفين أو أثلاثا أو نحو ذلك فيكون الملك

بينهما على ما شرطاه ويبيعان ذلك فما قسم الله من الربح فهو بينهما عينا جنسه أو قدره أو قيمته أولا فلو قال كل منهما للآخر: ما اشتريت من شيء فبيننا صح وما ربحا فهو بينهما على ما اشترطاه وكل منهما وكيل صاحبه كفيل عنه بالثمن والوضيعة على قدر ملكيهما فيه وهما في التصرف كشريكي العنان فيما يجب لهما وعليهما.

شركة الأبدان
فصل: الرابع - شركة الأبدان:
وهي أن يشتركا فيما يتقبلان بأبدانهما في ذممهما من العمل فهي شركة صحيحة ولو مع اختلاف الصنائع وما يتقبله أحدهما من العمل يصير في ضمانهما يطالبان به ويلزمهما عمله ويلزم غير العارف منهما أن يقيم مقامه ولو قال أحدهما: أنا أتقبل وأنت تعمل صحت الشركة ولكل منهما المطالبة بالأجرة وللمستأجر دفعها إلى كل منهما ويبرأ منها الدافع وإن تلفت في يد أحدهما من غير تفريط فهي من ضمانهما وما يتلف بتعدي أحدهما أو تفريطه أو تحت يده على وجه يوجب الضمان عليه فهو عليه وحده وإن أقر أحدهما بما في يده قبل عليه وعلى شريكه ولا يقبل إقراره بما في يد شريكه ولا بدين عليه ويصح في تملك المباحات من الاحتشاش والاصطياد والتلصص على دار الحرب وسائر المباحات كالاستئجار عليها وإن مرض أحدهما أو ترك العمل ولو بلا عذر فالكسب بينهما فإن طالبه الصحيح أن يعمل أو يقيم مقامه من يعمل لزمه ذلك فإن امتنع فللآخر الفسخ فإن اشتركا ليحملا على دابتيهما ما يتقبلان حمله في الذمة والأجر بينهما صح ولهما أن يحملاه على أي

ظهر كان وإن اشتركا في أجرة عين الدابتين أو في أجرة أنفسهما إجارة خاصة لم يصح ولكل منهما أجرة دابته ونفسه فإن أعان أحدهما صاحبه في التحميل كان له أجرة مثله وإن اشترك اثنان لأحدهما آلة قصارة وللآخر بيت فاتفقا على أن يعملا بآلة هذا في بيت هذا والكسب بينهما صح فإن فسدت الشركة قسم الحاصل بينهما على قدر أجر عملهما وأجر الدار والدابة وإن كانت لأحدهما آلة وليس للآخر شيء أو لأحدهما بيت وليس للآخر شيء فاتفقا على أن يعملا بآلة أو في البيت والأجر بينهما جاز وإن دفع دابة إلى آخر ليعمل عليها وما رزق الله بينهما على ما شرطاه صح وهو يشبه المساقاة والمزارعة وتقدم قريبا ولو اشترك ثلاثة: لواحد دابة ولآخر راوية وثالث يعمل أو اشترك أربعة: لواحد دابة ولآخر رحى لثالث دكان ورابع يعمل ففاسدتان1 وللعامل الأجر وعليه لرفقته أجرة آلتهم وقياس نصه صحتهما واختاره الموفق و غيره قال المنقح: وهو أظهر: وصححه في الإنصاف ومن استأجر من الأربعة أذكر صح والأجر بقدر القيمة: كتوزيع المهر فيما إذا تزوج أربعا بمهر واحد وإن تقبل الأربعة الطحن في ذممهم صح والأجر أرباعا ويرجع كل واحد على رفقته لتفاوت قدر العمل بثلاثة أرباع أجر المثل وإن
ـــــــ
1 فساد هاتين الصورتين لأنهما غير داخلين في الشركة لأن رأس المال في الشركة لا يكون عروضا كما هما، ولا داخلتين في الإجارة لأن الإجارة تكون معلومة المدة والأجرة: وهما مفقودان هنا.

قال: أجر عبدي أو دابتي وأجرته بيننا فالأجر كلها لربه وللآخر أجرة مثله وتصح شركة شهود - قاله الشيخ وقال: وللشاهد أن يقيم مقامه إن كان على عمل في الذمة وكذا إن كان الجعل على شهادته بعينه انتهى - وموجب العقد المطلق التساوي في العمل والأجر ولو عمل واحد أكثر ولو يتبرع طالب بالزيادة ولا تصح شركة دلالين لأن الشركة الشرعية لا تخرج عن الوكالة والضمان ولا وكالة هنا فإنه لا يمكن توكيل أحدهما على بيع مال الغير ولا ضمان فإنه لا دين يصير بذلك في ذمة واحد منهما ولا تقبل عمل فهي كأجر دابتك والأجر بيننا وهذا في الدلالة التي فيها عقد: كما دل عليه التعليل - قال الشيخ: فأما مجرد النداء والعرض وإحضار الزبون فلا خلاف في جواز الاشتراك فيه وقال: وليس لولي الأمر المنع بمقتضى مذهبه في شركة الأبدان والوجوه والمساقاة والمزارعة ونحوهما مما يسوغ فيه الاجتهاد انتهى - وإن جمعا بين شركة عنان وأبدان ووجوه ومضاربة صح.

شركة المفاوضة
فصل:- الخامس شركة المفاوضة:
وهي قسمان أحدهما أن يدخلا فيها الإكساب النادرة: كوجود لقطة أو ركاز أو ما يحصل لهما من ميراث أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصب أو أرش جناية ونحو ذلك ففاسدة ولكل منهما ربح ماله وأجرة عمله وما يستفيده له ويختص بضمان ما غصبه أو جناه أو ضمنه من الغير.
الثاني: تفويض كل منهما إلى صاحبه شراء وبيعا ومضاربة وتوكيلا

وابتياعا في الذمة ومسافرة بالمال وارتهانا وضمانا ما يرى من الأعمال فصحيحة وكذا لو اشتركا فيما يثبت لهما أو عليهما إن لم يدخلا فيها كسبا نادرا أو غرامة.

باب المساقاة و المناصبة و المزارعة
تعريف المساقاة و المزارعة و شروط صحتهما
باب المساقاة والمناصبة والمزارعة
المساقاة: دفع أرض وشجر له ثمر مأكول لمن يغرسه أو مغروس معلوم لمن يعمل عليه ويقوم بمصلحته بجزء مشاع معلوم من ثمرته.
والمزارعة: دفع أرض وحب لمن يزرعه ويقوم عليه أو مزروع لمن يعمل عليه بجزء مشاع معلوم من المتحصل ويعتبر كون عاقديهما جائزي التصرف فتجوز المساقاة في كل شجر له ثمر مأكول وقال الموفق: تصح على ماله ورق يقصد: كتوت أو له زهر يقصد: كورد ونحوه وعلى قياسه شجر له خشب يقصد: كحور وصفصاف بجزء مشاع معلوم من ثمره أو ورقه ونحوه يجعل للعامل ولو ساقاه على ما يتكرر حمله من أصول البقول والخضرات: كالقطن والمقاثئ والباذنجان ونحوه أو شجر لا ثمر له: كالحور والصفصاف لم يصح على الأول: وتصح بلفظ مساقاة ومعاملة ومفالحة واعمل بستاني هذا حتى تكمل ثمرته وبكل لفظ يؤدي معناها وتقدم - صفة القبول - وتصح هي ومزارعة بلفظ إجارة وتصح إجارة الأرض بنقد وعروض وبجزء مشاع معلوم مما يخرج منها فإن لم يزرعها في إجارة أو مزارعة نظر إلى معدل المغل فيجب القسط المسمى

فيه وتصح إجارتها بطعام معلوم من جنس الخارج منها ومن غير جنسه وتصح المساقاة على ثمرة موجودة لم تكمل وعلى زرع نابت ينمى بالعمل: فإن بقي من العمل ما لا تزيد به الثمرة كالجذاذ ونحوه لم يصح وإذا ساقاه على ودي1 نخل أو صغار شجر إلى مدة يحمل فيها غالبا بجزء من الثمرة صح وإن ساقاه على شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر بجزء معلوم من الثمرة أو من الشجر أو منهما: وهي المغارسة والمناصبة صح إن كان الغرس من رب المال - قال الشيخ: ولو كان ناظر وقف وأنه لا يجوز للناظر بعده بيع نصيب الوقف بلا حاجة انتهى - فإن كان الغراس من العامل فصاحب الأرض بالخيار بين قلعه ويضمن له نقصه وبين تركه في أرض ويدفع إليه قيمته: كالمشتري إذا غرس في الأرض ثم أخذه الشفيع وإن اختار العامل قلع شجره فله ذلك: سواء بذلك له القيمة أولا وإن اتفقا على إبقائه ودفع أجرة الأرض جاز وقيل يصح كون الغراس من مساق ومناصب - قال الشيخ: وعليه العمل - ولو دفع أرضه على أن الأرض والغراس بينهما فسد: كما لو دفع إليه الشجر المغروس ليكون الأصل والثمرة بينهما أو شرط في المزارعة كون الأرض والزرع بينهما ولو عملا في شجر لهما وهو بينهما نصفان وشرطا التفاضل في ثمره صح.
ومن شرط صحة المساقاة تقدير نصيب العامل بجزء من الثمرة: كالثلث والربع فلو جعل للعامل جزء من مائة جزء أو الجزء لنفسه والباقي
ـــــــ
1 الودي بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء: الصغير من النخل.

للعامل جاز: ما لم يكن حيلة - ويأتي قريبا - ولو جعل له آصعا معلومة أو دراهم أو جعلها مع الجزء المعلوم فسدت وكذلك إن شرط له ثمر شجر بعينه فإن جعل له ثمرة سنة غير السنة التي ساقاه عليها فيها أو ثمر غير الشجر الذي ساقاه عليه أو عملا في غير الشجر الذي ساقاه عليه أو عملا في غير السنة فسد العقد: سواء جعل ذلك كله حقه أو بعضه أو جميع العمل أو بعضه وإذا كان في البستان شجر من أجناس: كتين زيتون وكرم فشرط للعامل من كل جنس قدرا: كنصف ثمر التين وثلث الزيتون وربع الكرم أو كان فيه أنواع من جنس فشرط من كل نوع قدرا وهما يعرفان قدر كل نوع صح وإن كان البستان لاثنين فساقيا عاملا واحدا على أن له نصف نصيب أحدهما وثلث نصيب الآخر والعامل عالم ما لكل واحد منهما صح وكذا إن جعل ما لكل واحد منهما إذا شرطا قدرا واحدا كما لو قالا: بعناك دارنا هذه بألف ولم يعلم نصيب كل واحد منهما ولو ساقي واحد اثنين و لو مع عدم التساوي بينهما في النصيب أو ساقاه على بستانه ثلاث سنين على أن له في السنة الأول النصف وفي الثانية الثلث وفي الثالثة الربع صح ولا تصح المساقاة إلا على شجر معلوم بالرؤية أو الصفة التي لا يختلف معها: كالبيع فإن ساقاه على بستان لم يره ولم يوصف له أو على أحد هذين الحائطين لم تصح وتصح على البعل1 كالسقي.
ـــــــ
1 البعل هو الذي يمتص من الأرض من غير احتياج إلى سقاية.

فصل: و المساقاة و المزارعة عقدان جائزان
فصل:- و المساقاة والمزارعة عقدان جائزان
يبطلان بما تبطل به الوكالة ولا يفتقران إلى القبول لفظا ولا إلى ضرب مدة يحصل الكمال فيها ولكل منهما فسخها فإن فسخت بعد ظهور الثمرة فهي بينهما على ما شرطاه ويملك العامل حصته بالظهور ويلزمه تمام العمل كما يلزم المضارب بيع العروض إذا فسخت المضاربة فيؤخذ منه دوام العمل على العامل في المناصبة ولو فسخت إلى أن تبيد فإن مات قام وارثه مقامه في الملك والعمل وإن باعه لمن يقوم مقامه جاز وصح شرطه - كالمكاتب إذا بيع على كتابته وللمشتري الملك وعليه العمل فإن لم يعلم فله الخيار بين الفسخ وأخذ الثمن وبين الإمساك وأخذ الأرش: كمن اشترى مكاتبا لم يعلم أنه مكاتب وإن فسخ العامل أو هرب قبل ظهورها فلا شيء له: وإن فسخ رب المال فعليه للعامل أجرة عمله ويصح توقيتها وإن ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالبا فلم تحمل تلك السنة فلا شيء للعامل وإن مات العامل وهي على عينه1 أو جن أو حجر عليه لسفه انفسخت: كرب المال وكما فسخ أحدهما وإن ظهر الشجر مستحقا بعد العمل أخذه ربه وثمرته ولا حق للعامل في ثمرته ولا أجرة له وله على الغاصب أجرة مثله وإن شمس الثمرة فلم تنقص أخذها ربها وإن نقصت فله أرش نقصها ويرجع على من شاء منهما ويستقر الضمان على الغاصب وإن استحقت بعد أن اقتسماها وأكلاها فللمالك تضمين من شاء منهما فإن ضمن الغاصب فله تضمينه الكل،
ـــــــ
1 قوله: على عينه – يريد به أن المساقاة كانت منوطة ببدن العامل.

وله تضمينه قدر نصيبه وتضمين العامل قدر نصيبه فإن ضمن الغاصب الكل رجع على العامل بقدر نصيبه ويرجع العامل على الغاصب بأجرة مثله.

فصل: و يلزم العامل ما فيه صلاح الثمرة
فصل:- ويلزم العامل ما فيه صلاح الثمرة
والزرع وزيادتهما من السقي والاستقاء1 والحرث وآلته وبقره والزبال2 وقطع ما يحتاج إلى قطعه وتسوية الثمرة وإصلاح الحفر التي يجتمع فيه المال على أصول النخل وإدارة الدولاب والتلقيح والتشميس وإصلاح طرق الماء وموضع التشميس وقطع الحشيش المضر من شوك وغيره وقطع الشجر اليابس وآلة ذلك: كالفأس ونحوه وتفريق الزبل ونقل الثمر ونحوه إلى جرين وتجفيفه وحفظه في الشجر وفي الجرين إلى قسمة وكذا الجذاذ إن شرط عليه وإلا فعليهما بقدر حصتيها فإن شرط العامل أن أجرة الأجراء الذين يحتاج إلى الاستعانة بهم من الثمرة وقدر الأجرة أو لم يقدرها لم يصح: كما لو شرط لنفسه أجر عمله لأن العمل عليه وعلى رب المال ما فيه حفظ الأصل من سد الحيطان ومثله السباخ - قال الشيخ: وإجراء الأنهار وحفر البئر والدولاب وما يديره من آلة ودابة وشراء المال وما يلقح به،
ـــــــ
1 الفرق بين السقي والاستقاء أن الأول يكون بماء لا يحتاج إلى استخراج من بئر ولا إلى عمل دولاب، والثاني أن يكون من ماء محتاج لذلك.
2 الزبال بكسر الزاي: تخفيف أغصان الكرم، بمعنى جنى بعضها ليكمل نضوج الباقي.

وتحصيل الزبل وقال الموفق وغيره: والأولى أن البقر التي تدير الدولاب على العامل: كبقر الحرث - فإن شرط على أحدهما ما يلزم الآخر أو بعضه فسد الشرط والعقد وحكم العامل حكم المضارب فيما يقبل قوله فيه وما يرد فإن اتهم حلف وإن اثبت خيانته ضم إليه من يشارفه: كالوصي إذا ثبتت خيانته فإن لم يمكن حفظه استؤجر من ماله من يعمل العمل يقوم مقامه ويزيل يده فإن عجز عن العمل: كضعفه مع أمانته ضم إليه قوى ولا تنزع يده فإن عجز بالكلية أقام مقامه من يعمل والأجرة عليه في الموضعين وإذا ظهرت الثمرة ثم تلفت إلا واحدة فهي بينهما ويلزم من تلفت حصته منهما نصابا زكاته وإن ساقاه على أرض خراجية فالخراج على رب المال وإذا ساقى رجلا أو زارعه فعامل العامل غيره على الأرض أو الشجر بغير أذن ربه لم يجز فإن استأجر أرضا أن يزارع فيها والأجرة على المستأجر دون المزارع وكذلك يجوز لمن في يده أرض خراجية أن يزارع فيها والخراج عليه دون المزارع وللموقوف عليه أن يزارع في الوقف ويساقي على شجره ويتبع في الكلف السلطانية العرف ما لم يكن شرط وما طلب من قرية من كلف سلطانية ونحوها فعلى قدر الأموال فإن وضع على الزرع فعلى ربه أو على الغفار فعلى ربه1 ما لم يشرط على مستأجر وإن وضع مطلقا فالعادة ويعتبر معرفة جنس البذر ولو تعدد وقدره وفي المغني: أو
ـــــــ
1 في القاموس تغفر الأرض اجتناها اهـ وعلى هذا فالغفار هو ثمر الشجر ولم أجد ضبطا له، ولعله بوزن ثمار.

تقدير المكان وإن شرط إن سقى سيحا أو زرعها شعيرا فالربع وبكلفة أو حنطة النصف أو لك نصف هذا النوع وربع الآخر ويجهل العامل قدرهما أو لك الخمسان أن لزمتك خسارة وإلا الربع أو قال ما زرعت من شعير فلي ربعه وما زرعت من حنطة فلي نصفه أو ساقيتك على هذا البستان بالنصف على أن أساقيك على الآخر بالربع لم يصح وإن قال: ما زرعت من شيء فلي نصفه صح وإن ساقى أحد الشريكين شريكه وجعل له من الثمر أكثر من نصيبه: مثل أن يكون الأصل بينهما نصفين فجعل له ثلثي الثمر صح وكان السدس حصته من المساقاة وجعل الثمرة بينهما نصفين أو جعل للعامل الثلث فسدت ويكون الثمر بينهما بحكم الملك ولا يستحق العامل شيئا لأنه متبرع.

فصل: في المزارعة
فصل: في المزارعةتجوز بجزء مشاع معلوم يجعل للعامل من الزرع كما تقدم فإن كان في الأرض شجر فزارعه الأرض وساقاه على الشجر صح وإن أجره الأرض وساقاه على الشجر صح: كجمع بين إجارة وبيع وإن كان حيلة على بيع الثمرة قبل وجودها أو قبل بدو صلاحها: بان أجره الأرض بأكثر من أجرتها وساقاه على الشجر بجزء من ألف جزء ونحوه حرم ولو يصح وسواء جمعا بين العقدين أو عقدا واحدا بعد الآخر فإن قطع بعض الشجر المثمر والحالة هذه فإنه ينقص من العوض المستحق بقدر ما ذهب من الشجر: سواء قيل بصحة العقد أو فساده وسواء قطعه المالك أو غيره وتصح إجارة أرض وشجر فيها لحملها وتصح إجارتها لنشر الثياب عليها، ونحوه.

ويشترط كون البذر من رب الأرض ولو أنه العامل وبقر العمل من الآخر ولا تصح إن كان البذر من العامل أو منهما أو من أحدهما والأرض لهما أو الأرض والعمل من الآخر1أو البذر من ثالث أو البقر من رابع.
وعنه لا يشترط كون البذر من رب الأرض و أختاره الموفق و المجد و الشارح و ابن رزين و أبو محمد الجوزي والشيخ و ابن القيم وصاحب الفائق و الحاوي الصغير وهو الصحيح وعليه عمل الناس.
وإن قال: آجرتك نصف أرضي بنصف البذر ونصف منفعتك ومنفعة بقرك وآلتك وأخرج المزارع البذر كله لم يصح لجهالة المنفعة وكذلك لو جعلها أجرة لأرض أخرى أو دار لم يجز والربح والزرع كله للمزارع وعليه أجرة مثل الأرض فأن أمكن علم المنفعة وضبطها بما لا يختلف معه معرفة البذر جاز وكان الزرع بينهما وإن شرط أن يأخذ رب الأرض مثل بذره ويقتسم الباقي ففاسد2 وإن شرط لأحدهما قفزانا معلومة أو دراهم معلومة أو زرع ناحية معينة أو ما على
ـــــــ
1 قوله: أو الأرض والعمل معطوف على قوله: والأرض لهما والمعنى: ولا تصح إن كان البذر من أحدهما والأرض والعمل من الآخر.
2 وجه الفساد أن مثل البذر الذي شرطه لنفسه يعتبر كاشتراطه قفزانا معلومة وهذا باطل لأن الأرض قد لا تخرج القدر المشروط أو لا تخرج أكثر منه فيكون ضررا بالمزارع، وقد صرح بمعنى ذلك قي المسألة التالية.

الجداول: أما منفردا أو مع نصيبه فسدت المزارعة والمساقاة ومتى فسد العقد فالزرع والثمر لصاحبه وعليه الأجرة وحكم المزارعة حكم المساقاة فيما ذكرنا والحصاد والدياس والتصفية واللقاط على العامل ويكره الحصاد والجذاذ ليلا وإن دفع رجل بذره إلى صاحب الأرض ليزرعه في أرضه ويكون ما يخرج بينهما ففاسد1 ويكون الزرع لمالك البذر وعليه أجرة الأرض والعمل وإن قال: أنا أزرع الأرض ببذري وعواملي وتسقيها بمائك والزرع بيننا لم يصح وإن زارع شريكه في نصيبه صح بشرط أن يكون للعامل أكثر من نصيبه - وتقدم قريبا - وما سقط من حب وقت حصاد فنبت في العام القابل فلرب الأرض: مالكا كان أو مستأجرا أو مستعيرا وكذا نص فيمن باع قصيلا فحصده فبقي يسيرا فصار سنبلا فلرب الأرض ويباح التقاط ما خلفه الحصادون من سنبل وحب وغيرهما ويحرم منعه - قال في الرعاية: وإذا غصب زرع إنسان وحصده وأبيح للفقراء التقاط السنبل المتساقط كما لو حصدها المالك وكما يباح رعي الكلأ من الأرض المغصوبة وإن خرج الأكار باختياره وترك العمل قبل الزرع أو بعده قبل ظهوره وأراد أن يبيع عمل يديه في الأرض وما عمل لم يجز ولا شيء له وإن
ـــــــ
1 عللوا ذلك بأن البذر ليس من رب الأرض كما هو مشروط ولكنك عرفت سابقا أن رواية أخرى عن الإمام لا تحتم ذلك والأظهر في التعليل أن المزارعة مبنية على أن تكون الأرض من واحد والعمل من آخر، وفي الصورة التي معنا لم يوجد عمل لصاحب البذر فلم تصح المزارعة ولما كان البذر بذره وقد نما فهو أحق به، ولصاحب الأرض عوض الانتفاع بأرضه وأجرة عمله وبذلك لا ضرر على أحدهما.

أخرجه مالك ذلك فله أجرة عمله وما أنفق في الأرض ولا يجوز أن يشرط على الفلاح شيئا مأكولا و لا غيره من دجاج ولا غيرها: التي يسمونها خدمة: ولا أخذه بشرط ولا غيره ولو أجر أرضه سنة لمن يزرعها فلم ينبت الزرع تلك السنة ثم نبت في السنة الأخرى فهو للمستأجر وعليه الأجرة لرب الأرض مدة احتباسها وليس لرب الأرض مطالبته بقلعه قبل إدراكه.

باب الإجارة
شروط الإجارة - الشرط الأول
باب الإجارة1
وهي عقد على منفعة مباحة معلومة تؤخذ شيئا فشيئا مدة معلومة من عين معلومة أو موصوفة في الذمة أو عمل معلوم بعوض معلوم ويستثنى من مدة معلومة ما فتح عنوة ولم يقسم فيما فعله عمر رضي الله عنه2.
وهي و المساقاة والمزارعة والعرايا والشفعة والكتابة ونحوها من الرخص المباحة المستقر حكمها على وفق القياس ولا تصح إلا من جائز التصرف وتنعقد بلفظ آجرت وما في معناه إضافة إلى العين: نحو آجرتكها أو أكريتكها أو إلى النفع: نحو آجرتك،
ـــــــ
1 للإجارة أركان وشروط. أما أركانها فخمسة: المتعاقدان، والعوضان، والصيغة. وأما الشروط فستأتيك في سياق كلامه.
2 فإن عمر رضي الله عنه قسم بعض أرض العنوة على الغانمين ملكا لهم، ولم يقسم بعضها بل تركه وقفا على المسلمين كمصر فقد تركها في أيدي أربابها بالخراج ولم يقدر لذلك مدة، فهذه مستثناة من ذلك الشرط و باقية على حالها.

أو أكريتك أو ملكتك نفعها - وبلفظ بيع - إضافة إلى النفع: نحو بعتك نفعها أو سكني الدار ونحوه أو أطلق ولا تصح إلا بشروط ثلاثة - أحدها معرفة المنفعة:- أما بالعرف: كسكنى الدار شهرا وخدمة الآدمي سنة فيخدمه في الزمن الذي يقتضيه العرف فإذا كان لهما عرف أغنى عن تعيين النفع وصفته وينصرف الإطلاق إليه فإذا كان عرف الدار السكني أو لم يكن واكتراها لها فله السكنى ووضع متاعه فيها ويترك فيها من الطعام ما جرت عادة الساكن به وله أن يأذن لأصحابه وأضيافه في الدخول والمبيت فيها وليس له أن يعمل فيها حدادة ولا قصارة ولا مخزنا للطعام ولا أن يسكنها دابة ولا يدع فيها رمادا ولا ترابا ولا زبالة ونحوها وله إسكان ضيف زائر:- وإما بالوصف: كحمل زبرة حديد وزنها كذا إلى موضع معين ولو كان المحمول كتابا فوجد المحمول إليه غائبا فله الأجرة لذهابه ورده وإن وجده ميتا ففي الرعاية: وهو ظاهر الترغيب له المسمى فقط ويرده - قال أحمد: يجوز أن يستأجر الأمة والحرة للخدمة ولكن يصرف وجهه عن النظر ليست الأمة مثل الحرة ولا يخلو معها في بيت ولا ينظر إليها متجردة ولا إلى شعرها وتصح لبناء ويقدر بالزمان وإن قدر بالعمل فلا بد من معرفة موضعه لأنه يختلف بقرب الماء وسهولة التراب ولا بد من ذكر طول الحائط وعرضه سمكه وآلته من طين ولبن وآجر وشيد وغير ذلك1
ـــــــ
1 الشيد بكسر الشين: الجير، وما في معناه مما يطلى به كالجص.

ولو استؤجر لحفر بئر عشرة أذرع طولا وعشرة أذرع عرضا وعشرة أذرع عمقا فحفر خمسة طولا في خمسة عرضا في خمسة عمقا: فاضرب عشرة في عشرة تبلغ مائة ثم أضرب المائة في عشرة تبلغ ألفا واضرب خمسة في خمسة بخمسة وعشرين ثم أضربها في خمسة بمائة وخمسة وعشرين وذلك ثمن الألف فله ثمن الأجرة إن وجب له شيء1 وإن استأجره ليبني له بناء معلوما أو في زمن معلوم فبناه ثم سقط البناء فقد وفي ما عليه واستحق الأجرة إن لم يكن سقوطه من جهة العامل فأما إن فرط أو بناه محلولا أو نحو ذلك فسقط فعليه أعادته وغرامة ما تلف منه وإن استأجره لبناء أذرع معلومة فبنى بعضها ثم سقط فعليه إعادة ما سقط وتمام ما وقعت عليه الإجارة من الأذرع ويصح الاستئجار لتطيين الأرض والسطوح والحيطان وتجصيصها ولا يصح على عمل معين لأن الطين يختلف في الرقة والغلظ والأرض منها العالي والنازل وكذلك الحيطان والسطح فلذلك لم يصح إلا على مدة وتصح إجارة أرض معينة لزرع كذا أو غرس أو بناء معلوم أو لزرع ما شاء أو لغرس ما شاء أو لزرع وغرس ما شاء: كأجرتك لتزرع ما شئت أو لغرس أو أجرة الأرض وأطلق وهي تصلح للزرع وغيره ويأتي له تتمة - ويجوز الاستئجار لضرب اللبن على مدة أو على عمل فإن قدر بالعمل احتاج إلى تعيين عدده وذكر قالبه وموضع الضرب فإن كان هناك قالب معروف لا يختلف جاز وإن قدره
ـــــــ
1 بأن يكون تركه للعمل اضطرارا.

بالطول والعرض والسمك جاز ولا يكتفي بمشاهدة قالب الضرب إذا لم يكن معروفا ولا يلزمه إقامة اللبن ليجف ما لم يكن شرط أو عرف مثله إخراج الآجر من التنور الذي استؤجر لشيه وإن استؤجر لحفر قبر لزمه رد ترابه على الميت لأنه العرف لا تطيينه وإن استأجر للركوب ذكر المركوب: فرسا أو بعيرا ونحوه: كمبيع وما يركب به من سرج وغيره وكيفية سيره من هملاج وغيره ولا يشترط ذكر ذكوريته وأنوثيته ونوعه ولا بد من معرفة راكب برؤية أو صفة كمبيع ويشترط معرفة توابعه العرفية كزاد وأثاث من الأغطية والأوطية والمعاليق: كالقدر والقربة ونحوهما: إما برؤية أو صفة أو وزن وله حمل ما نقص من معلومه ولو بأكل معتاد - ويأتي في الباب - 1وإن كان للحمل لم يحتج إلى ذكر ما تقدم إن لم يتضرر المحمول بكثرة الحركة أو يفوت غرض المستأجر وإلا اشترط: كحامل زجاج وخزف وفاكهة ونحوه ويشترط معرفة المتاع المحمول برؤية أو صفة وذكر جنسه من حديد أو قطن أو غيره وقدره بالكيل أو بالوزن فلا يكفي ذكر وزنه فقط ويشترط معرفة أرض لحرث.
ـــــــ
1 يريد للراكب أن يحمل معه شيئا لم يذكره للمؤجر كا كله وملابسه مما لا يخرج عن المعتاد ولو حذف المصنف الفظ لو ثم أتى بالكاف بدل الياء لكان أظهر.

الشرط الثاني
فصل:- الثاني: معرفة الأجرة فما في الذمة:
كثمن والمعينة كمبيع ولو جعل الأجرة صبرة دراهم أو غيرها صحت: كبيع ويجوز إجارة الأرض بجنس ما يخرج منها - وتقدم في الباب قبله - ويصح استئجار أجير وظئر بطعامهما وكسوتهما أو بأجرة معلومة وطعامهما وكسوتهما وكما لو شرط كسوة ونفقة معلومتين موصوفتين كصفتهما في السلم وهما عند التنازع كزوجة ويسن إعطاء ظئر حرة عند الفطام عبدا أو أمة إن كان المسترضع موسرا - قال الشيخ: لعل هذا في المتبرعة بالرضاعة انتهى وإن كان الظئر أمة استحب إعتاقها ولو استؤجرت للرضاع و الحضانة لزماها وإن استؤجرت للرضاع وأطلق لم يلزمها الحضانة والمعقود عليه في الرضاع الحضانة واللبن ولو وقعت الإجارة على الحضانة والرضاع وانقطع اللبن بطلا ويجب على المرضعة أن تأكل وتشرب ما يدر لبنها ويصلح به وللمكتري مطالبتها بذلك فإن لم ترضعه لكن سقته لبن الغنم أو أطعمته أو دفعته إلى خادمتها فأرضعه فلا أجرة لها وإن قالت: أرضعته فأنكر المسترضع فالقول قولها ويشترط رؤية المرتضع ومعرفة مدة الرضاع ومكانه: هل هو عند المرضعة أو عند وليه؟ ولا بأس أن ترضع المسلمة طفلا للكتابي بأجرة لا لمجوسي ولا يصح استئجار دابة بعلفها أو بأجر معين وعلفها إلا أن يشترطه موصوفا وعنه يصح اختاره الشيخ وجمع أو إن شرط للأجير طعام غيره وكسوته موصوفا جاز لأنه معلوم: كنفسه ويكون ذلك للأجير: إن شاء أطعمه وإن شاء تركه وإن لم يكن موصوفا لم يصح وإنما جاز للأجير للحاجة إليه وليس له أطعامه إلا ما يوفقه من الأغذية وإن استغنى الأجير عن طعام المستأجر أو عجز عن

الأكل لمرض أو غيره لم تسقط نفقته وكان له المطالبة بها وإن احتاج إلى دواء لمرض لم يلزم المستأجر: لكن يلزمه بقدر طعام الصحيح وإن قبض الأجير طعامه فأحب أن يستفضل بعضه لنفسه أو كان المستأجر دفع إليه أكثر من الواجب له ليأكل منه قدر حاجته ويفضل الباقي أو كان في تركه لأكله كله ضرر على المستأجر: بأن يضعف الأجير عن العمل أو يقل لبن الظئر منع منه - وإن دفع إليه قدر الواجب فقط أو أكثر منه وملكه إياه ولم يكن في تفضيله لبعضه ضرر بالمستأجر جاز فإن قدم إليه طعاما فنهب أو تلف قبل أكله وكان على مائدة لا يخصه فيها بطعامه فمن ضمان المستأجر وإن خصه بذلك وسلمه إليه فمن مال الأجير والداية التي تقبل في الولادة1 يجوز لها أخذ الأجرة على ذلك وإن تأخذ بلا شرط ولا بأس أن يحصد الزرع ويصوم النخل بسدس ما يخرج منه قال أحمد هو أحب إلي من المقاطعة يعني مع جوازها ولا يجوز نفض الزيتون ونحوه ببعض ما يسقط منه2 ولا أجرة مثله ويجوز نفض كله ولقطه ببعضه مشاعا ويجوز للرجل أن يؤجر أمته للإرضاع وليس لها إجارة نفسها فإن كان لها ولد لم يجز إجارتها لذلك إلا أن يكون فيها فضل عن ربه لأن الحق للولد وليس للسيد إلا الفاضل عنه فإن كانت متزوجة
ـــــــ
1 قوله: التي تقبل في الولادة معناه: التي تتعهد الولد حين انفصاله عن أمه مما يلزمه.
2 يريد بعضا مقدرا. كخمسة أقداح بخلاف المشاع كالربع فإنه جائز كما ذكره بعده.

بغير عبده لم يجز أجارتها لذلك إلا بأذن الزوج وإن أجرها للرضاع ثم زوجها صح النكاح ولا تنفسخ الإجارة وللزوج الاستمتاع بها وقت فراغها من الرضاعة والحضانة - وتأتي إجارة الحرة في عشرة النساء - ولا يقبل قولها إنها ذات زوج أو مؤجرة قبل نكاح بلا بينة.

فصل: و إن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط و نحوهما الخ
فصل:- وإن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط ونحوهما
ليعمله ولو لم تكن له عادة بأخذ أجرة ولم يعقدا عقد إجارة أو استعمل حمالا ونحوه أو شاهدا إن جاز له أخذا أجرة صح وله أجرة مثله كتعريضه بها أي: نحو خذه وأنا أعلم أنك متعيش أو أنا أرضيك ونحوه وكذا دخول حمام وركوب سفينة ملاح وحلق رأس تغسيله وغسل ثوبه وبيعه له وشربه منه ماء وقال في التلخيص ما يأخذه الحمامي أجرة المكان والسطل والمئزر ويدخل الماء تبعا ويجوز إجارة دار بسكنى دار وخدمة عبد وتزويج امرأة وتصح إجارة حلي بأجرة من غير جنسه وكذا من جنسه مع الكراهة وإن قال: إن خطت هذا الثوب اليوم أو روميا فلك درهم وغدا أو فارسيا فنصفه أو أن زرعتها برا أو أن فتحت خياطا فبخمسة وذرة أو حدادا فبعشرة ونحوه فبعشرة أو إكراه بعشرة وما زاد فلكل يوم كذا صح ولا يصح أن يكترى مدة مجهولة كمدة غزاته أو غيرها وإن سمى لكل يوم شيئا معلوما جاز وإن إكراه كل شهر بدرهم أو كل دلو بثمرة صح وكلما دخل شهر لزمهما حكم الإجارة إن لم يفسخا ولكل

منهما الفسخ عقب تقضي كل شهر على الفور في أول الشهر ولو أجره شهرا غير معين لم يصح ولو قال: أجرتك هذا الشهر بكذا وما زاد فبحسابه صح في الشهر الأول1 وأجرتك داري عشرين شهرا: كل شهر بدرهم صح واستأجرتك لحمل هذه الصبرة إلى مصر بعشرة أو لتحملها كل قفيز بدرهم أو لتحملها إلى كل قفيز بدرهم وما زاد فبحساب ذلك صح وكذلك كل لفظ يدل على إرادة حمل جميعها وكقوله: لتحمل قفز أنها بدرهم و سائرها بحساب ذلك أو قال: وما زاد فبحساب ذلك يريد باقيها كله إذا فهما ذلك من اللفظ لدلالته عندهما عليه أو لقرينة صرفت إليه وإن قال: لتحمل منها قفيزا بدرهم وما زاد فبحساب ذلك يريد بذلك مهما حملته من باقيها أو لتنقل لي منها كل قفيز بدرهم أو على أن تحمل لي منها قفيزا بدرهم على أن تحمل الباقي بحساب ذلك لم يصح وإن قال: لتحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وتنقل لي صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك: فإن كانا يعلمان الصبرة التي في البيت بالمشاهدة صح وإن جهلها أحدهما صح في الأول وبطل في الثانية وإن قال لتحمل لي هذه الصبرة والتي في البيت بعشرة فإن كانا يعلمان التي في البيت صح فيهما وإن قال لتحمل لي هذه الصبرة وهي عشرة أقفزة بدرهم فإن زاد على ذلك فالزائد بحساب ذلك صح في العشرة فقط وإن قال: لتحملها كل قفيز بدرهم فإن قدم لي طعام فحملته فبحساب ذلك صح أيضا في الصبرة فقط.
ـــــــ
1 لم يصح فيما بعد الشهر الأول لجهالة الأجرة.

الشرط الثالث
فصل:- الثالث: أن تكون المنفعة مباحة لغير ضرورة مقصودة1
فلا تصح الإجارة على الزنا والزمر والغناء والنياحة ولا إجارة كاتب
ـــــــ
1 مقصودة صفة لمنفعة.

يكتب ذلك ولا إجارة الدار لتجعل كنيسة أو بيت نار أو لبيع الخمر أو للقمار: شرط في العقد أو لا ولو أكترى ذمي من مسلم دارا فأراد بيع الخمر فيها فلصاحب الدار منعه - ولا تصح إجارة ما يجمل به دكانه من نقد وشمع ونحوهما ولا طعام ليتجمل به على مائدته ثم يرده لأنه منفعة ذلك غير مقصودة ولا ثوب لتغطية نعش ولا يصح الاستئجار على حمل ميتة ونحوها الأكل لغير مضطر وخمر يشربها ولا أجرة له ويصح لإلقاء ولإراقة1 ولا يكره أكل أجرة ذلك ويصح لكسح كنيف ويكره له أكل أجرته: كأجرة حجام ولو أستأجره على سلخ بهيمة بجلدها أو على إلقاء ميتة بجلدها لم يصح وله أجرة مثله ومثله لطحن قمح بنخالته وعمل ميتة بجلدها لم يصح وله أجرة مثله ومثله لطحن قمح بنخالته وعمل السمسم شيرجا بالكسب والحلج بالحب وتجوز إجارة المسلم للذمي إذا كانت الإجارة في الذمة وكذا خدمة ولا تجوز إعارة الرقيق المسلم له ولا بأس أن يحفر للذمي قبرا بالأجرة ويكره إن كان ناووسا2.
ـــــــ
1 يريد إلقاء الميتة، وإراقة الخمر، وما في معنى ذلك.
2 الناووس: هو الحجر الذي ينقر ليوضع فيه الميت شبه الصندوق الذي يعمله غير المسلمين أو الذي يعمل للميت المتقطع.

فصل: و الإجارة على ضربين
فصل:- والإجارة على ضربين:
أحدهما إجارة عين فما حرم بيعه فإجارته مثله - إلا الحر والحرة والوقف وأم الولد وتصح إجارة كل عين يمكن استيفاء المنفعة المباحة منها مع بقائها و لا تصح إجارة

ما لا يمكن استيفاؤها منها: كأرض سبخة لا تنبت للزرع أو لا ماء لها أو لها ماء لا يدوم لمدة الزرع ولا ديك ليوقظه لوقت الصلاة ولا مالا ينتفع به مع بقاء عينه كالمطعوم والمشروب ونحوه ويصح استئجاره دار يجعلها مسجدا أو حائط ليضع عليها أطراف خشبه إذا كان الخشب معلوما والمدة معلومة واستئجار فهد وهر وصقر وباء ونحوه للصيد لا سباع البهائم التي لا تصلح له ولا خنزير ولا كلب ولو كان يصيد أو عرس ويصح استئجار كتاب للقراءة والنظر فيه أو فيه خط حسن يجود خطه عليه - إلا المصحف فلا تصح ويجوز نسخه بأجرة - وتقدم في كتاب البيع وغره - ويصح استئجار نقد للتحلي والوزن وما احتيج كالأنف وربط الأسنان به فإن أطلق الإجارة لم تصح ولو أجره مكيلا أو موزونا أو فلوسا لم تصح ويجوز استئجار الشجر ليجفف عليها الثياب أو يبسطها عليها ليستظل بظلها وما يبقى من الطيب والصندل وقطع الكافور ونحوه للشم ويصح استئجار ولده ووالده لخدمته ويكره في والديه ويصح استئجار امرأته لرضاع ولده منها أو من غيرها وحضانته: بائنا كانت أو في حياله.

شروط إجارة العين
فصل:- ولا تصح إجارة العين إلا بشروط خمسة
أحدها: أن يعقد على نفع العين دون أجزائها فلا تصح إجارة الطعام للأكل: كما تقدم ولا الشمع ليشعله ولا حيوانا ليأخذ لبنه ولا ليرضعه ولده ونحوه ولا ليأخذ

صوفه وشعره ونحوه إلا في الطير ولا استئجار شجرة ليأخذ ثمرها أو شيئا من عينها ونقع البئر يدخل تبعا للدار ونحوها قال ابن عقيل: يجوز استئجار البئر ليستقي منه أياما معلومة أو دلاء معلومة لأن هواء البئر وعمقها فيه نوع انتفاع بمرور الدلو فيه فأما الماء فيؤخذ على الإباحة انتهى ويدخل أيضا تبعا حبر ناسخ وخيوط وكحل كحال مرهم طبيب وصبغ صباغ ونحوه وسئل أحمد عن إجارة بيت الرحى الذي يديره الماء فقال: الإجارة على البيت والأحجار والحديد والخشب فأما الماء فإنه يزيد وينقص وينضب ويذهب فلا يقع عليه إجارة ولا يجوز استئجار الفحل للضراب فإن أحتاج إلى ذلك ولم يجد من يطرق له جاز له أن يبذل الكراء: كشراء الأسير ورشوة الظالم ليدفع ظلمه ويحرم على المطرق أخذه وإن أطرق إنسان فحله بغير إجارة ولا شرط فأهديت له هدية أو أكرم بكرامه لذلك فلا بأس.
الثاني: معرفة العين برؤية أو صفة يحصل بها معرفته: كمبيع فإن لم تحصل بها أو كانت لا تتأتي فيها كالدار والعقار فتشترط مشاهدته وتحديده ومشاهدة قدر الحمام ومعرفة مائه ومصرفه ومشاهدة الإيوان ومطرح الرماد وموضع الزبل.
الثالث: القدرة على التسليم فلا تصح إجارة الآبق والشارد والمغصوب ممن لا يقدر على أخذه منه ولا إجارة مشاع مفرد لغير

شريكه لأنه لا يقدر على تسليمه وإن كانت لواحد فأجر نصفه صح لأنه يمكنه تسليمه: إلا أن يؤجر الشريكان معا أو بأذنه قاله في الفائق وهو مقتضى تعليلهم ولا عين لاثنين فأكثر وهي لواحد وعنه بلى اختاره جمع.
الرابع: اشتمالها على المنفعة فلا تصح إجارة بهيمة زمنة للحمل ولا أخرس على تعليم منطوق ولا أعمى للحفظ ولا كافر لعمل في الحرم لأن المنع الشرعي كالحسى ولا لقلع سن سليمة أو قطع يد سليمة ولا الحائض والنفساء على كنس المسجد في حالة لا تأمن فيها تلويثه ولا على تعليم الكافر القرآن ولا على تعليم السحر والفحش والخنا أو على تعليم التوراة والكتب المنسوخة ولا إجارة أرض لا تنبت للزرع: كما تقدم ولا حمام لحمل كتب.
الخامس: كون المنفعة مملوكة للمؤجر أو مأذونا له فيها وتصح إجارة مستأجر لمن يقوم مقامه أو دونه في الضرر ولا يجوز لمن هو أكثر مستأجر منه ولا لمن يخالف ضرره ضرره: ما لم يكن المأجور حرا كبيرا أو صغيرا فإنه ليس لمستأجره أن يؤجر لأنه لا تثبت يد غيره عليه وإنما هو يسلم نفسه أو يسلمه وليه ويصح لغير مؤجرها ولمؤجرها بمثل الأجرة وزيادة ولو لم يقبض المأجور: ما لم تكن حيلة وليس للمؤجر مطالبة المؤجر الثاني بالأجرة وإذا تقبل عملا في ذمته بأجرة: كخياطة أو غيرها فلا بأس أن يقبله غيره بأقل منها ولو لم يعين فيه بشيء،

ولمستعير إجارتها إن أذن له معير فيها يعينها والأجرة لربها ولا يضمن مستأجر - ويأتي في العارية - وتصح إجارة وقف فإن مات المؤجر انفسخت إن كان المؤجر الموقوف عليه ناظرا بأصل الاستحقاق وهو من يستحق النظر لكونه موقوفا عليه ولم يشرط الواقف ناظرا: بناء على أن الموقوف عليه يكون له النظر إذا لم يشرط الواقف ناظرا: وإن جعل له الواقف النظر أو تكلم بكلام يدل عليه فله النظر بالاستحقاق والشرط ولا تبطل الإجارة بموته فيرجع مستأجر على مؤجر قابض في تركته حيث قلنا تنفسخ ومثله مقطع أجر أقطاعه ثم انتقل إلى غيره بإقطاع آخر وإن كان المؤجر الناظر العام أو من شرط له الواقف النظر وكان أجنبيا أو من أهل الوقف لم تنفسخ بموته ولا بعزله كملكه الطلق والذي يتوجه أنه لا يجوز للموقوف عليهم أن يستسلفوا الأجرة لأنهم لم يملكوا المنفعة المستقبلة ولا الأجرة عليها فالتسلف لهم قبض مالا يستحقونه بخلاف المالك وعلى هذا فللبطن الثاني أن يطالب بالأجرة المستأجر الذي سلف المستحقين لأنه لم يكن له التسليف ولهم أن يطالبوا الناظر إن كان هو المسلف وكموت المستأجر وإذا أجر الولي اليتيم أو ماله أو السيد العبد مدة ثم بلغ الصبي ورشد وعتق العبد: فإن كان يعلم بلوغ الصبي فيها أو عتق العبد بأن كان معلقا انفسخت وقت عتقه وبلوغه وإن لم يعلم لم تنفسخ ولا تنفسخ بموت المؤجر لا عزله ولا يرجع العتيق على سيده بشيء من الأجرة: لكن نفقته في مدة باقي الإجارة على سيده إن لم تكن مشروطة على المستأجر

ولو ورث المأجور أو اشترى أو أتهب أو وصى له بالعين أو أخذ صداقا أو أخذه الزوج عوضا عن خلع أو صلحا أو غير ذلك فالإجارة بحالها وتجوز إجارة الإقطاع: كالوقف فلو أجره ثم استحقت الإقطاع لآخر فالصحيح تنفسخ: كما تقدم وإن كانت الإقطاع عشرا لم تصح إجارتها: كتضمينه.

فصل: و إجارة العين تنقسم قسمين
فصل: وإجارة العين تنقسم قسمين:
أحدهما: أن تكون على مدة: كإجارة الدار شهرا أو الأرض عاما والآدمي للخدمة أو للرعي ويسمى الأجير فيها الأجير الخاص: وهو من قدر نفعه بالزمن: وإذا تمت الإجارة وكانت على مدة - ملك المستأجر المنافع المعقود عليها فيها وتحدث على ملكه - ويشترط أن تكون المدة معلومة يغلب على الظن بقاء العين فيها وإن طالت فإن قدر المدرة بسنة مطلقة حمل على السنة الهلالية وإن قال: عددية أو سنة بالأيام: فثلاثمائة وستون يوما لأن الشهر العددي ثلاثون يوما وإن قال: رومية أو شمسية أو فارسية أو قبطية وهما يعلمانها جاز: وهي ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم وإن جهلا ذلك أو أحدهما لم يصح ولا يشترط أن تلي المدة العقد فلو أجره سنة خمس في سنة أربع صح: سواء كانت العين مشغولة وقت العقد بإجارة أو رهن أو غيرهما إذا أمكن التسليم عند وجوبه أو لم تكن مشغولة فلا تصح إجارة مشغولة بغراس أو بناء للغير وغيرهما ولو أجره إلى ما يقع اسمه على شيئين: كالعيد،

وجمادى وربيع لم يصح فلا بد من تعيين العيد: فطرا وأضحى من هذه السنة أو من سنة كذا وكذا جمادى ونحوه - وتقدم في السلم وإن علقها بشهر مفرد: كرجب فلا بد أن يبين من أي سنة وبيوم لا بد أن يبينه من أي أسبوع وليس لوكيل مطلق - الإيجار مدة طويلة بل العرف: كسنتين ونحوهما قاله الشيخ وإذا أجره في أثناء شهر مدة لا تلي العقد فلا بد من ذكر ابتدائها: كانتهائها وإن كانت تليه لم يحتج إلى ذكره ويكون من حين العقد وكذا إن أطلق فقال: آجرتك شهرا أو سنة ونحوهما وإذا آجره سنة هلالية في أولها عد أثني عشر شهرا بالأهلة سواء كان الشهر تاما أو ناقصا وكذلك إن كان العقد على أشهر وإن كان في أثناء شهر استوفى شهرا بالعدد ثلاثين من أول المدة وآخرها نص عليه في النذر وباقيها بالأهلة وكذا حكم ما تعتبر فيه الأشهر كعدة وفاة وشهري صيام الكفارة ومدة الخيار وغير ذلك وإذا استأجر سنة أو سنتين أو شهرا لم يحتج إلى تقسيط الأجرة على سنة أو شهر أو يوم.
القسم الثاني - إجارتها لعمل معلوم: كإجارة دابة للركوب إلى موضع معين أو يحمل عليها إليه فإن أراد العدول إلى مثله في المسافة والحزونة والسهولة والأمن أو التي يعدل إليها أقل ضررا جاز وإن سلك أبعد منه أو أشق فاجرة المثل للزائد - ويأتي قريبا - وإن اكترى ظهرا إلى بلد ركبه إلى مقره ولو لم يكن في أول عمارته،

وتصح إجارة بقر لحرث مكان أو دياس زرع أو استئجار آدمي ليدله على الطريق أو رحى لطحن قفزان معلومة.
ويشترط معرفة العمل وضبطه بما لا يختلف ولا تعرف الأرض التي يريد حرثها إلا بالمشاهدة وأما تقدير العلم فيجوز بأحد شيئين: إما بالمدة: كيوم وإما بمعرفة الأرض: كهذه القطعة أو تحرث من هنا إلى هنا أو بالمساحة: كجريب أو جريبين أو كذا ذراعا في كذا فإن قدره بالمدة فلا بد من معرفة البقر التي يعمل عليها ويجوز أن يستأجر البقر مفردة ليتولى رب الأرض الحرث بها وإن يستأجرها مع صاحبها وبآلتها وبدونها وكذا استئجار البقر وغيرها لدياس الزرع واستئجار غنم لتدوس له طينا أو زرعا وإن اكترى حيوانا لعمل لم يخلق له: كبقر للركوب وإبل وحمر للحرث جاز وإن استأجر دابة لإدارة الرحى اعتبر معرفة الحجر بمشاهدة أو صفة وتقدير العلم وذكر جنس المطحون إن كان يختلف وإن اكتراها لإدارة دولاب فلا بد من مشاهدته ومشاهدة دلائه وتقدير ذلك بالزمن أو ملء الحوض وكذلك إن اكتراها للسقي بالغرب1 فلا بد من معرفته ويقدر بالزمان أو بعدد الغروب أو بملء بركة لا بسقي أرضه وإن قدره بشرب ماشية جاز لأن شربها يتقارب في الغالب: كشيل تراب معروف وإن استأجر دابة ليسقي عليها فلا بد من معرفة الآلة التي
ـــــــ
1 الغرب بفتح الغين وسكون الراء: الدلو الكبير.

يستقي فيها من راوية أو قرب أو جرار: إما بالرؤية أو بالصفة ويقدر العمل بالزمان أو بالعدد أو بملء شيء معين فإن قدره بعدد المرات احتاج إلى معرفة المكان التي يستقي منه والذي يذهب إليه ومن اكترى زورقا فزواه مع زورق له فغرقا ضمن1 لأنها مخاطرة لاحتياجها إلى المساواة ككفة الميزان كما لو اكترى ثورا لاستقاء ماء فجعله فدانا لاستقاء الماء فتلف ضمن2 وكل موضع وقع على مدة فلا بد من معرفة الذي يعمل عليه وإن وقع على عمل معين لم يحتج إلى ذلك وإن استأجر رحى لطحن قفزان معلومة احتاج إلى معرفة جنس المطحون: برا أو شعيرا أو ذرة أو غير ذلك لأن ذلك يختلف ويجوز استئجار كيال ووزان لعمل معلوم أو في مدة معلومة واستئجار رجل ليلازم غريما يستحق ملازمته ويجوز لحفر الآبار والأنهار والقنى ولا بد من معرفة الأرض التي يحفر فيها وإن قدره بالعمل فلا بد من معرفة الموضع بالمشاهدة لكونها تختلف بالصلابة والسهولة ومعرفة دور البئر وعمقها وآلتها أن طواها وطول النهر وعرضه وعمقه وإن حفر بئرا فعليه شيل ترابها منها فإن تهور تراب من جانبها أو سقطت فيه بهيمة أو نحو ذلك لم يلزمه شيله وكان على صاحب البئر وإن وصل إلى صخر أو جماد يمنع الحفر لم
ـــــــ
1 زوى الشيء: جمعه بغيره اهـ قاموس.
2 قال في القاموس: فدان كسحاب وشداد: الثور، أو الثوران يقرن بينهما للحرث وغيره اهـ بتصرف. والأخير ما يقصده المصنف.

يلزمه حفره لأن ذلك مخالف لما شاهده من الأرض فإذا ظهر فيها ما يخالف المشاهدة كان له الخيار في الفسخ فإن فسخ كان له من الأجر بحصة ما عمل فيقسط الأجر على ما بقي وما عمل فيقال: كم أجر ما عمل؟ وكم أجر ما بقي؟ فيسقط الأجر المسمى عليهما ولا يجوز تقسيطه على عدد الأذرع لأن أعلى البئر يسهل نقل التراب منه وأسفله يشق ذلك فيه وإن نبع ما منعه من الحفر فكالصخرة ويجوز استئجار ناسخ فإن قدره بالعمل ذكر عدد الورق وقدره وعدد السطور في كل ورقة وقدر الحواشي ودقة القلم وغلظه فإن عرف الخط بالمشاهدة جاز وإن أمكنه بالصفة ذكره وإلا فلا بد من المشاهدة ويصح تقدير الأجر بأجزاء الفرع وأجزاء الأصل وإن قاطعه على نسخ الأصل بأجر واحد جاز فإن أخطأ بالشيء اليسير عفى عنه وإن كان كثيرا عرفا فهو عيب يرد به - قال ابن عقيل: ليس له محادثة في غيره حالة النسخ ولا التشاغل بما يشغل سره ويوجب غلطه ولا لغيره تحديثه وشغله وكذلك الأعمال التي تختل بشغل السر والقلب: كالقصارة والنساجة ونحوهما ويجوز أن يستأجر سمسار ليشتري له ثيابا فإن عين العمل دون الزمان فجعل له من كل ألف درهم شيئا معلوما صح وإن قال: كلما اشتريت ثوبا فلك درهم وكانت الثياب معلومة أو مقدرة بثمن جاز ويجوز أن يستأجره ليبيع له ثيابا يعينها ونحوه.

فصل: الضرب الثاني: عقد على منفعة في الذمة
فصل:- الضرب الثاني - عقد على منفعة في الذمة
في شيء معين أو موصوف - مضبوطة بصفات1 كالسلم فيشترط تقديرها بعمل أو مدة كخياطة ثوب أو بناء دار أو حمل إلى موضع معين ويلزم الشروع فيه عقب العقد فلو ترك ما يلزمه قال الشيخ: بلا عذر فتلف ضمن ولا يجوز أن يكون الأجير فيها إلا آدميا جائز التصرف ويسمى الأجير المشترك: وهو من قدر نفعه بالعمل ولا يصح الجمع بين تقدير المدة والعمل كقوله: استأجرتك لتخيط لي هذا الثوب في يوم ويصح جعالة ويحرم ولا تصح إجارة على عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة وهو المسلم ولا يقع إلا قربة لفاعله كالحج أي النيابة فيه والعمرة والأذان ونحوها: كإقامة وإمامة صلاة وتعليم قرآن وفقه وحديث وكذا القضاء قاله ابن حمدان2 ويصح أخذ جعالة على ذلك كأخذه بلا شرط وكذا رقية وله أخذ رزق على ما يتعدى نفعه: كالوقف على من يقوم بهذه المصالح بخلاف الأجر وليس له أخذ رزق وجعل وأجر على ما لا يتعدى
ـــــــ
1 قوله: مضبوطة صفة لمنفعة.
2 إنما حرم أخذ الأجرة على العمل الذي يعتبر قربة إلى الله تعالى لما روى الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أبي بن كعب علم رجلا سورة من القرآن فأهدى له الرجل ثوبا أو بردة، فذكر أبي للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لو لبستها ألبسك الله مكانها ثوبا من نار" وهذا وعيد صريح، والوعيد لا يكون إلا على محرم، ولأن الأجرة معاوضة عن العمل، والدين لا يباع ولا يشترى كما تباع وتشترى السلع، ولما كانت الجعالة، والرزق لا يقعان على وجه المعاوضة بل من قبيل الإعانة صح أخذهما حيث حرمت الأجرة.

كصوم وصلاة خلفه وصلاته لنفسه وحجه عن نفسه وأداء الزكاة نفسه ونحوه ولا أن يصلى عنه فرضا ولا نافلة في حياته ولا في مماته فإذا وصى بدراهم لمن يصلي عنه تصدق بها عنه لأهل الصدقة وتجوز الإجارة على ذبح الأضحية والهدي: كتفرقة الصدقة ولحم الأضحية وتصح على تعليم الخط والحساب والشعر المباح وشبهه فإن نسيه في المجلس أعاد تعليمه وإلا فلا وتصح على بناء المساجد وكنسها وإسراج قناديلها وفتح أبوابها ونحوه على بناء القناطر ونحوها وإن استأجره ليحجمه صح كفصد ويكره للحر أكل أجرته: كأخذ ما أعطاه بلا شرط ويطعمه الرقيق والبهائم ويصح استئجاره لحلق الشعر وتقصيره ولختان وقطع شيء من جسده للحاجة إليه ومع عدمها يحرم ولا يصح ويصح أن يستأجر كحالا ليكحل عينيه ويقدر ذلك بالمدة ويحتاج إلى بيان عدد ما يكحله كل يوم: مرة أو مرتين فإن كحله في المدة فلم يبرأ استحق الأجرة وإن برئ في أثنائها انفسخت الإجارة فيما بقي وكذا لو مات فإن امتنع المريض من ذلك مع بقاء المرض استحق الطبيب الأجر بمضي المدة فإن قدرها بالبرء لم يصح إجارة ولا جعالة1 - ويأتي في الجعالة - ويصح أن يستأجر طبيبا لمداواته والكلام فيه كالكلام في الكحال إلا أنه لا يصح
ـــــــ
1 لم يصح إجارة ولا جعالة للجهل بالمدة التي يتم فيها البرء وبعدد مرات الاكتحال، وكلتاهما يحتاج إلى بيان العمل.

اشتراط الدواء على الطبيب ويصح أن يستأجره من يقلع له ضرسه فإن أخطأ فقلع غير ما أمر بقلعه ضمنه وإن برئ الضرس قبل قلعه انفسخت الإجارة ويقبل قوله في برئه وإن لم يبرأ: لكن امتنع المستأجر من قلعه لم يجبر.

فصل: و يعتبر كون المنفعة للمتسأجر الخ
فصل:- ويعتبر كون المنفعة للمتسأجر
فلو اكترى دابة لركوب المؤجر لم يصح وللمستأجر استيفاء المنفعة بنفسه وبمثله: بإعارة وغيرها ولو شرط عليه استيفاءها بنفسه فسد الشرط ولم يلزم الوفاء به ويعتبر كون راكب مثله في طول وقصر وغيرهما لا في معرفة ركوب ومثله شرط زرع بر فقط ولا يضمنها مستعير منه أن تلفت من غير تفريط - ويأتي - ولا يجوز استيفاء بما هو أكثر ضررا ولا بما يخالف ضرره ضرره وله أن يستوفي المنفعة ومثلها وما دونها في الضرر من جنسها وإذا اكترى لزرع الحنطة فله زرع الشعير ونحوه وليس له زرع الدخن والذرة ونحوهما ولا يملك الغرس ولا البناء وإن اكتراها لأحدهما لم يملك الآخر وإن اكتراها للغرس أو البناء أو لهما ملك الزرع ولا تخلو الأرض من قسمين:
أحدهما: أن يكون لها ماء دائم: أما من نهر لم تجر العادة بانقطاعه أو لا ينقطع إلا بمدة لا تؤثر في الزرع أو من عين تنبع أو بركة من مياه الأمطار يجتمع فيها الماء ثم تسقى به أو من بئر تقوم بكفايتها أو ما يشرب بعروقه لنداوة الأرض وقرب الماء الذي تحت الأرض

فهذا كله دائم ويصح استئجاره للغراس والزرع وكذلك التي تشرب من مياه الأمطار وتكفي بالعناد منه.
الثاني: ألا يكون لها ماء دائم - وهي نوعان - أحدهما ما يشرب من زيادة معتادة تأتي وقت الحاجة: كأرض مصر الشاربة من زيادة النيل وما يشرب من زيادة الفرات وأشباهه وأرص البصرة الشاربة من المد والجزر وأرض دمشق الشاربة من زيادة بردا وما يشرب من الأودية الجارية من ماء المطر فهذه تصح إجارته قبل وجود الماء الذي تسقى به - النوع الثاني: أن يكون مجيء الماء نادرا أو غير ظاهر كالأرض التي لا يكفيها إلا المطر الشديد الكثير الذي يندر وجوده أو يكون شربها من فيض واد مجيئه نادر أو من زيادة نادرة في نهر فهذه إن أجرها بعد وجود ما يسقيها به صح وقيل لا يصح وإن اكتراها على أنها لا ماء لها صح لأنه يتمكن بالانتفاع بها بالنزول فيها وغير ذلك وإن حصل لها ماء قبل زرعها فله زرعها وليس له أن يبني ولا يغرس وإن اكترى دابة للركوب أو الحمل لم يملك الآخر وإن اكتراها ليركبها عريا لم يجز أن يركبها بسرج وإن اكتراها ليركبها بسرج فليس له ركوبها عريا ولا بسرد أثقل منه ولا أن يركب الحمار بسرد برذون إن كان أثقل من سرجه أو أضر لا إن كان أخف أو أقل ضررا وإن اكتراه لحمل الحديد أو القطن لم يملك حمل الآخر وإن أجره مكانا ليطرح فيه أردب قمح فطرح فيه أردبين: فإن كان الطرح على الأرض فلا شيء له وإن كان على غرفة ونحوها

لزمه أجرة المثل للزائد وإن اكتراه ليطرح فيه ألف رطل قطن فطرح فيه ألف رطل حديد لزمه أجرة المثل وإن أجره الأرض ليزرعها أو يغرسها لم يصح لأنه لم يعين أحدهما وإن اكتراها للزرع مطلقا أو قال: لتزرعها ما شئت وتغرسها ما شئت صح وله أن يزرعها كلها ما شاء وإن يغرسها كلها ما شاء وإن قال: لتنتفع بها ما شئت فله الزرع والغراس والبناء كيف شاء وإن خالف في شيء مما تقدم ففعل ما ليس له فعله أو سلك طريقا أشق عينها لزمه المسمى مع تفاوت أجر المثل إلا فيما إذا اكترى لحمل حديد فحمل قطنا وعكسه فإنه يلزم أجر المثل وإن اكتراها لحمولة شيء فزاد عليه أو لركوبه وحده فأردف غيره أو إلى موضع فجاوزه فعليه المسمى وأجرة المثل للزائد وإن تلفت الدابة ضمن قيمتها: سواء تلفت في الزيادة أو بعد ردها إلى المسافة ولو كانت في يد صاحبها: إلا أن يكون له عليها شيء وتتلف في يد صاحبها بسبب غير حاصل من الزيادة وإن كان بسببها كتعبها من الحمل والسير فيضمن: كتلفها تحت الحمل والراكب وكمن ألقى حجرا في سفينة موقورة فغرقها فإن اكترى لحمل قفيزين فحملهما فوجدهما ثلاثة: فإن كان المكتري تولى الكيل ولم يعلم المكري بذلك فكمن اكترى لحمولة شيء فزاد عليه وإن كان المكري تولى كيله وتعبيته ولم يعلم المكتري فلا أجر له في حمل الزائد أو تلفت دابته فلا ضمان لها وحكمه في ضمان الطعام حكم من غصب طعام غيره وإن تولى ذلك أجنبي ولم يعلما فهو متعد عليهما عليه لصاحب الدابة الأجر ويتعلق به ضمانها

وعليه لصاحب الطعام ضمان طعامه وسواء كاله أحدهما ووضعه الآخر على ظهر الدابة أو كان الذي كاله وعباه وضعه على ظهر الدابة.

فصل: و يلزم المؤجر الخ
فصل:- ويلزم المؤجر مع الإطلاق كل ما يتمكن به من النفع
مما جرت به عادة وعرف من آلات وفعل: كزمام مركوب ولجامه وحله وقتبه وحزامه وثفره وهو الحياصة1 والبرة التي في أنف البعير إن كانت العادة جارية بها وسرجه و إكافه2 وشد ذلك عليه وتوطئة وشد الأحمال والمحامل والرفع والحط وقائد وسائق ولزوم البعير لينزل لصلاة الفرض ولو فرض كفاية: لا لسنة راتبة وأكل وشرب ويلزمه حبسه له لينزل لقضاء حاجة الإنسان والطهارة ويدع البعير واقفا حتى يفعل ذلك فإن أراد المكتري إتمام الصلاة فطالبه الجمال بقصرها لم يلزمه بل تكون خفيفة في تمام ويلزمه تبريكه لشيخ ضعيف و امرأة وسمين ونحوهم لركوبهم ونزولهم ولمرض ولو طارئا فإن احتاجت الراكبة إلى أخذ يد أو مس جسم تولى ذلك محرمها دون الجمال ولا يلزمه محمل ومحارة3 ومظلة ووطاء فوق الرحل وحبل قران بين المحملين والعدلين بل على المستأجر: كأجرة دليل - قال في الترغيب وعدل قماش على مكر إن كانت في الذمة وقال الموفق إنما يلزم المؤجر ما تقدم ذكره إذا كان
ـــــــ
1 الثفر بوزن قمر: السير يشد في آخر السرج على فخذي الدابة.
2 إكاف الحمار بوزن كتاب، وغراب، وبالواو المكسورة بدل الهمزة برذعته.
3 المحارة: من قبيل الهودج.

الكرى على أن يذهب معه المؤجر أما إن كان على أن يسلم لراكب البهيمة ليركبها لنفسه فكل ذلك عليه انتهى - وهو متوجه في بعض دون بعض والأولى أن يرجع في ذلك إلى العرف والعادة ولعله مرادهم فأما تفريغ البالوعة والكنيف وما حصل في الدار من زبل وقمامة فيلزم المستأجر إذا تسلمها فارغة ويلزم مؤجر الدار تسليمها منظفة إزالة ثلج عن السطح وأرض ولو حادثا لا حبل ودلو وبكرة ويلزم مفاتيحها وتسليمها إلى مكتر وتكون أمانة معه فإن تلفت من غير تفريط فعلى المؤجر بدلها ويلزمه عمارتها سطحا وسقفا بترميم بإصلاح منكسر وإقامة مائل وعمل باب وتطيين ونحوه فإن لم يفعل فللمستأجر الفسخ ويلزمه تبليط الحمام ولو شرط على مكتري الحمام أو الدار مدة تعطيلها عليه أو أن يأخذ بقدر مدة التعطيل بعد فراغ المدة او شرط على المكتري النفقة الواجبة لعمارة المأجور أو جعلها أجرة لم يصح: لكن لو عمر بهذا الشرط أو بأذنه رجع بما قال مكر فإن اختلفا في قدر ما أنفقه ولا بينة فالقول قول المكري وإن اتفق من غير إذنه لم يرجع بشيء ولا يلزم أحدهما تزويق ولا تجصيص ونحوهما بلا شرط ولا يلزم الراكب الضعيف والمرأة المشي المعتاد عند قرب المنزل وكذا قوى قادر: لكن المروءة تقضي ذلك أن جرت به عادة ولو اكترى بعيرا إلى مكة فليس له الركوب إلى الحج أي إلى عرفة والرجوع إلى منى وإن اكترى ليحج عليه فله الركوب إلى مكة ومن

مكة إلى عرفة ثم إلى مكة ثم إلى منى لرمي الجمار وإذا كان الكرى إلى مكة أو إلى طريق لا يكون السير فيه إلى المتكاريين فلا وجه لتقدير السير فيه وإن كان في طريق السير إليهما استحب ذكر قدر السير في كل يوم فإن أطلق والطريق منازل معروفة جاز ومتى اختلفا في ذلك وفي وقت السير ليلا أو نهارا أو في موضع المنزلة: إما في داخل البلد أو خارج منه حملا على العرف وإن شرط حمل زاد مقدر: كمائة رطل وشرط أن يبدل منها ما نقص بالأكل أو غيره فله ذلك وإن شرط ألا يبدله فليس له إبداله فإن ذهب بغير الأكل: كسرقة أو سقوط فله إبداله وإن أطلق العقد فله إبدال ما ذهب بسرقة وأكل ولو معتادا: كالماء ويصح كرى العقبة: بأن يركب شيئا ويمشي شيئا وإطلاقها يقتضي ركوب نصف الطريق ولا بد من العلم بها: إما بالفراسخ وإما بالزمان: مثل أن يركب ليلا ويمشي نهارا أو بالعكس أو يمشي يوما ويركب يوما فإن طلب أن يمشي ثلاثة أيام ويركب ثلاثة لم يكن له ذلك لأنه يضر بالمركوب فإن كان الراكب اثنين كان الاستيفاء إليهما على ما يتفقان عليه فإن تشاحا في البادي بالركوب أقرع.

فصل: و الإجارة عقد لازم من الطرفين
فصل:- والإجارة عقد لازم من الطرفين
يقتضي تمليك المؤجر الأجر والمنافع ليس لأحدهما فسخها بعد انقضاء الخياران كان: إلا أن يجد العين معيبة عيبا لم يكن علم به فله الفسخ والعيب الذي يفسخ به ما تنقص به المنفعة ويظهر به تفاوت الأجر إن لم يزل بلا ضرر يلحقه كأن تكون الدابة جموحا أو عضوضا أو نفورا أو شموسا

أو بها عيب: كتعثر الظهر في المشي وعرج يتأخر به عن القافلة وربض البهيمة بالحمل أو يجد المكتري للخدمة ضعيف البصر أو به جنون أو جذام أو برص أو مرض أو يجد الدار مهدومة الحائط أو يخاف من سقوطها أو انقطع الماء من بئرها أو تغير بحيث يمنع الشرب والوضوء وأشباه ذلك فإن رضي بالمقام ولم يفسخ لزمه جميع الأجر وإن اختلفا في الموجود هل عيب أو لا؟ رجع إلى أهل الخيرة: مثل أن تكون الدابة خشنة المشي أو أنها تتعب راكبها لكونها لا تركب كثيرا فإن قالوا: هو عيب فله الفسخ وإلا فلا هذا إذا كان العقد على عينها فإن كانت موصوفة في الذمة لم يفسخ العقد وعلى المكري إبدالها فإن عجز عن إبدالها أو أمتنع منه ولم يمكن إجباره فللمكتري الفسخ أيضا وإن فسخها المستأجر من غير عيب وترك الانتفاع بالمأجور قبل تقضي المدة لم تنفسخ وعليه الأجرة ولا يزول ملكه عن المنافع ولا يجوز للمؤجر التصرف فيها فإن تصرف ويد المستأجر جميع الأجرة وله على المالك أجرة المثل لما سكنه أو تصرف فيه وإن تصرف المالك قبل تسليمها أو امتنع منه حتى انقضت المدة انفسخت الإجارة وإن سلمها إليه في أثنائها انفسخت فيما مضى وتجب أجرة الباقي بالحصة وإن حوله المالك قبل تقضي المدة أو منعه بعضها أو أمتنع الأجير من تكميل العمل أو من التسليم في بعض المدة أو المسافة لم يكن له لما فعل أو سكن نصا وإن

هرب الأجير أو شردت الدابة أو أخذها المؤجر وهرب بها أو منعه من استيفاء المنفعة من غير هرب لم تنفسخ الإجارة ويثبت له خيار الفسخ فإن فسخ فلا كلام وإن لم يفسخ وكانت على مدة انفسخت بمضيها يوما فإن عادت العين في أثنائها استوفى ما بقي وإن انقضت انفسخت وإن كانت على عمل في الذمة: كخياطة ثوب ونحوه أو حمل إلى موضع معين استؤجر من ماله من يعمله فإن تعذر فله الفسخ فإن لم يفسخ وصبر فله مطالبته بالعمل متى أمكن وكل موضع امتنع الأجير من العمل فيه أو منع المؤجر المستأجر من الانتفاع إذا كان بعد عمل البعض فلا أجرة له فيه ما سبق: إلا أن يرد المؤجر العين قبل انقضاء المدة أو يتمم الأجير العمل: إن لم يكن على مدة قبل فسخ المستأجر فيكون له أجر ما عمل فأما إن شردت الدابة أو تعذر استيفاء المنفعة بغير فعل المؤجر فله من الأجر بقد ما استوفى بكل حال وإن هرب الجمال ونحوه بدوابه استأجر عليه الحاكم إلى أن يرجع وباع ماله في ذلك فإن تعذر أو كانت معينة في العقد فللمستأجر الفسخ ولا أجرة لما مضى وإن هرب أو مات وترك بهائمه وله مال أنفق عليها الحاكم من ماله ولو ببيع ما فضل مها لأن علفها وسقيها عليه فإن لم يمكن استدان عليه أو أذن للمستأجر في النفقة فإذا انقضت باعها الحاكم ووفى المنفق وحفظ باقي ثمنها لصاحبها فإن لم يستأذن الحاكم وأنفق بنية الرجوع رجع وإلا فلا ولا يعتبر الإشهاد على نيته الرجوع صححه في القواعد وإذا

رجع واختلفا فيما أنفق وكان الحاكم قدر النفقة قبل قول المكتري في ذلك دون ما زاد وإن لم يقدر له قبل قوله في قدر النفقة بالمعروف وتنفسخ الإجارة بتلف العين المعقود عليها فإن تلفت في أثنائها انفسخت فيما بقي وتنفسخ بموت الصبي المرتضع وبموت المرضعة وانقلاع الضرس الذي اكترى لقلعه أو برئه ونحوه كما تقدم في الباب لا بموت راكب ولو لم يكن له من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة وإن اكترى دارا فانهدمت أو أرضا للزرع فانقطع ماؤها مع الحاجة إليه انفسخت فيم بقي من المدة وكذا لو انهدم البعض ولمكتر الخيار في البقية فإن أمسك فبالقسط من الأجرة وإن أجره أرضا بلا ماء أو أطلق مع علمه بحالها صح لا إن ظن المستأجر مكان تحصيل الماء وإن علم أو ظن وجوده بالأمطار أو زيادة صح وتقدم في الباب.

فصل: و متى زرع فغرق أو تلف بحريق أو جراد الخ
فصل:- ومتى زرع فغرق أو تلف بحريق
أو جراد أو فأر أو برد أو غيره قبل الحصاد أو لم تنبت فلا خيار وتلزمه الأجرة نصا ثم أن أمكن المكتري الانتفاع بالأرض بغير الزرع أو بالزرع في بقية المدة فله ذلك وإن تعذر زرعها لغرق الأرض أو قل الماء قبل زرعها أو بعده أو عابت بغرق يعيب به بعض الزرع فله الخيار ولا تنفسخ بموت المكتري أو أحدهما ولا بعذر لأحدهما: مثل أن يكتري للحج فتضيع نفقته أو دكانا فيحترق متاعه وتقدم بعضه وإن غضبت العين المستأجرة: فإن كانت على عين موصوفة في الذمة لزمه بدلها فإن تعذر فله الفسخ وكذا لو تلفت أو تعيبت وإن كانت على عين معينة لعمل خير مستأجر بين فسخ وصبر إلى أن

يقدر عليها وإن كانت على مدة خير بين فسخ وإمضاء ومطالبة غاصب بأجرة مثل و لو بعد فراغ المدة فإن فسخ فعليه أجرة ما مضى وإن ردت العين في أثنائها قبل الفسخ استوفى ما بقي وخير فيما مضى وإن كان الغاصب هو المؤجر فلا أجرة فليس حكمه حكم الغاصب الأجنبي وقد علم مما تقدم إذا حوله المالك قبل أن تقضي المدة ولو أتلف المستأجر العين ثبت ما تقدم من الفسخ أو الانفساخ مع تضمينه ما تلف ومثله جب المرأة زوجها تضمن ولها الفسخ أو حصر البلد فامتنع خروج المستأجر إلى الأرض فله الفسخ وإن كان الموضع المأجور أو حلولهم في طريقة أو مرض أو حبس لم يملك الفسخ ولو اكترى دابة ليركبها أو يحمل عليها إلى موضع معين فانقطعت الطريق إليها لخوف حادث أو اكترى إلى مكة فلم يحج الناس ذلك العام من تلك الطريق ملك كل منهما فسخ الإجارة وإن اختار إبقاءها إلى حين إمكان استيفاء المنفعة جاز ومن استؤجر لعمل شيء في الذمة ولم يشترط عليه مباشرته فمرض وجب عليه أن يقيم مقامه من يعمله والأجرة عليه: إلا فيما يختلف فيه القصد: كنسخ فإنه يختلف باختلاف الخطوط ولا يلزم المستأجر قبوله وإن تعذر عمل الأجير فله الفسخ وإن شرط عليه مباشرته فلا استنابة إذا وإن مات في بعضها بطلت فيما بقي وإن كانت الإجارة على عينه في مدة أو غيرها فمرض لم يقم

غيره مقامه وإن وجد العين معيبة أو حدث بها عيب يظهر به تفاوت الأجرة - وتقدم التنبيه على بعضه قريبا - أو استأجر دارا جارها رجل سوء ولم يعلم فله الفسخ إن لم يزل سريعا بلا ضرر يلحقه وعليه أجرة ما مضى والإمضاء بلا أرش فلو لم يعلم حتى انقضت المدة لزمته الأجرة ولا أرش له ويصح بيع العين المؤجرة ورهنها ولمشتريها الفسخ والإمضاء مجانا إذا لم يعلم ولا تنفسخ بشراء مستأجرها ولا بانتقالها إليه بإرث أو هبة أو وصية أو صداق أو عوض في خلع أو صلح ونحوه فيجتمع لبائع على مشتر الثمن والأجرة وإن اشترى المستأجر العين فوجدها معيبة فردها فالإجارة بحالها وإن كان المشتري أجنبيا فرد المستأجر الإجارة عادت المنفعة إلى البائع ولو وهب العين المستعارة للمستعير بطلت العارية ولو باع الدار التي تستحق المعتدة للوفاة سكناها وهي حامل - فقال الموفق لا يصح بيعها - وقال المجد: قياس المذهب الصحة قال في الإنصاف وهو الصواب.

فصل: و الأجير الخاص:
فصل:- والأجير الخاص:
من قدر نفعه بالزمن - كما تقدم - يستحق المستأجر نفعه في جميع المدة المقدر نفعها بها: سوى فعل الصلوات الخمس في أوقاتها بسننها وصلاة جمعة وعيد: سواء سلم نفسه للمستأجر أو لا ويستحق الأجرة بتسليم نفسه: عمل أو لم يعمل وتتعلق الإجارة بعينه فلا يستنيب - وتقدم قريبا - ولا ضمان عليه فيما

يتلف في يده: إلا أن يتعمد أو يفرط وليس له أن يعمل لغيره فإن عمل وأضر بالمستأجر فله قيمة ما فوته عليه والأجير المشترك: من قدر نفعه بالعمل ويتقبل الأعمال فتتعلق الإجارة بذمته ولا يستحق الأجرة إلا بتسليم عمله ويضمن ما تلف بفعله ولو بخطئه كتخريق القصار الثوب وغلطه في تفصيله ودفعه إلى غير ربه ولا يحل لقابضه لبسه ولا الانتفاع به وإن قطعه قبل علمه غرم أرش نقصه ولبسه ويرجع به على القصار وكزلق حمار وسقوط عن دابته أو تلف من عثرته وما تلف بقوده وسوقه وانقطاع حبله الذي يشد به حمله وكذا طباخ وخباز وحائك وملاح سفينة ونحوهم: حضر رب المال أو غاب ولا ضمان عليه فيما تلف من حرزه أو بغير فعله لا أجرة له فيما عمله: سواء عمله في بيت المستأجر أو بيته وإذا استأجر قصابا يذبح له شاة فذبحها ولم يسم ضمنها وإن استأجر مشترك خاصا فلكل حكم نفسه1 وإن استعان به ولم يعمل فله الأجرة لأجل ضمانه لا لتسليم العمل ولا ضمان على حجام ولا بزاغ: وهو البيطار ولا ختان ولا طبيب ونحوهم: خاصا كان أو مشترك إذا عرف منهم حذق ولم تجن أيديهم إذا أذن فيه مكلف أو ولي غيره حتى في قطع سلعه ونحوها - ويأتي - فإن جنت يده ولو خطأ: مثل أن جاوز قطع
ـــــــ
1 صورة ذلك أن تدفع ثوبك إلى الأجير المشترك فيعطيها هو لأجير خاص فيتلفها الثاني فالضمان لك على الأول ويرجع هو على أجيره الخاص إن كان مفرطا: وقد تقدم لك تعريف المشترك والخاص.

الختان إلى الحشفة أو إلى بعضها أو قطع في غير محل القطع أو قطع سلعة فتجاوز موضع القطع أو قطع بآلة يكثر ألمها أو في وقت لا يصلح القطع فيه وأشباه ذلك ضمن وإن ختن صبيا بغير أذن وليه أو قطع سلعة من مكلف بغير أذنه أو من صبي بغير أذن وليه فسرت جنايته ضمن وإن فعل ذلك الحاكم أو من أذنا له فيه لم يضمن ولا ضمان على راع فيما تلف من الماشية إذا لم يتعد أو يفرط في حفظها فإن فعل بنوم أو غفلة أو تركها تتباعد عنه أو تغيب عن نظره وحفظه أو أسرف في ضربها أو ضربها في غير موضع الضرب أو من غير حاجة إليه أو سلك بها موضعا تتعرض فيه للتلف وما أشبه ذلك ضمن - وفي الفصول يلزم الراعي توخي أمكنة المرعى النافع وتوقي النبات المضر وردها عن زرع الناس وإيرادها الماء إذا احتاجت إليه على الوجه الذي لا يضرها شربه ودفع السباع عنها ومنع بعضها عن بعض قتالا ونطحا فيرد الصائلة عن المصول عليها والقرناء عن الجماء والقوية عن الضعيفة فإذا جاء المساء وجب عليه إعادتها إلى أربابها انتهى وإن اختلفا في التعدي وعدمه فقول الراعي فإن اختلفا في كونه تعديا رجع إلى أهل الخبرة وإن ادعى موت شاة ونحوها قبل قوله ولو لم يأت بجلدها أو شيء منه ومثله مستأجر الدابة ويجوز عقد الإجارة على رعي ماشية معينة وعلى جنس في الذمة يرعاها فإن كانت على معينة تعينت فلا يبدلها ويبطل العقد فيما تلف منها وله أجر ما بقي بالحصة ونماؤها في يده أمانة وإن عقد على موصوف

في الذمة ذكر جنسه ونوعه إبلا أو بقرا أو غنما ضأنا أو معزا وكبره وصغره وعدده وجوبا ولا يلزمه رعي سخالها فإن أطلق ذكر البقر والإبل لم يتناول الجواميس والبخاتي وإن حبس الصانع الثوب على أجرته بعد عمله فتلف أو أتلفه أو عمل على غير صفة شرطه ضمنه وخير مالك بين تضمينه إياه غير معمول ولا أجرة وبين تضمينه معمولا ويدفع إليه الأجرة ويقدم قول ربه في صفة عمله - ذكره ابن رزين - ومثله تلف أجير مشترك وضمان المتاع المحمول يخير ربه بين تضمينه قيمته في الموضع الذي سلمه إليه ولا أجرة له وبين تضمينه في الموضع الذي أفسده وله الأجرة إلى ذلك المكان وإن أفلس مستأجر ثم جاء بائعه يطلبه فللصانع حبسه1 والعين المستأجرة أمانة في يد المستأجر أن تلفت بغير تعد ولا تفريط لم يضمنها والقول قوله في عدم التعدي وإن شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين فالشرط فاسد فإن شرط ألا يسير به في الليل أو وقت القائلة أو لا يتأخر بها عن القافلة أو لا يجعل سيره في آخرها وأشباه هذا مما فيه غرض فخالف ضمن وإذا ضرب المستأجر الدابة أو الرائض: وهو الذي يعلمها السير بقدر العادة أو كبحها باللجام أي جذبها أو ركضها برحله لم يضمن لأن له ذلك بما جرت به
ـــــــ
1 مثال هذه المسألة: أن تبيع الكتاب لزيد بثمن مؤجل، ثم يعطى زيد الكتاب للحباك يجلده، ثم يفلس زيد عن دفع الثمن لك، فترجع أنت على الصانع ويسمى زيد في هذه الصورة مستأجرا بالنسبة للصانع ومشتريا بالنسبة لك.

العادة ويجوز له إيداعها في الخان إذا قدم بلدا وأراد المضي وإن لم يستأذن المالك في ذلك وإذا اشترى طعاما في دار رجل أو خشبا أو ثمرة في بستان فله أن يدخل ذلك من الرجال والدواب من يحول ذلك ويقطف الثمرة وإن لم يأذن المالك وكذا غسل الثوب المستأجر إذا اتسخ - ويأتي أدب ولده ونحوه في آخر الديات - وإن قال: أذنت لي في تفصيله قباء فقال: بل قميصا أو قميص امرأة فقال: بل قميص رجل فقول خياط بخلاف وكيل وله أجرة مثله ومثله صباغ ونحوه اختلف هو وصاحب الثوب في لون الصبغ ولو قال: إن كان الثوب يكفيني فاقطعه وفصله فقال: يكفيك ففصله ولم يكفه ضمنه ولو قال: انظر هل يكفيني قميصا؟ فقال: نعم فقال: اقطعه فقطعه فلم يكفه لم يضمن1 ولو أمره أن يقطع الثوب قميص رجل فقطعه قميص امرأة فعليه غرم ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا وإذا دفع إلى حائك غزلا فقال: انسجه لي عشرة أذرع في عرض ذراع فنسجه زائدا على ما قدره له في الطول والعرض فلا أجر له في الزيادة وعليه ضمان ما نقص الغزل المنسوج فيها فأما ما عدا الزائد فإن كان جاءه زائدا في الطول وحده ولم ينقص الأصل بالزيادة فله المسمى ولو ادعى مرض العبد أو إباقه أو شرود الدابة أو موتها بعد فراغ المدة أو فيها أو تلف المحمول قبل قوله والأجرة عليه إذا حلف أنه ما انتفع فإن
ـــــــ
1 لم يضمن في هذه لأنه أذنه بالقطع إذنا مجردا عن الشرط، بخلاف التي قبلها فإنه علق الإذن بالقطع على ما إذا كان لثوب يكفيه.

اختلفا في قدر الأجرة فكاختلافهما في قدر الثمن في البيع وإن اختلفا في قدر مدة الإجارة كقوله: آجرتك سنة بدينار قال: بل سنتين بدينارين فقول المالك وإن قال: آجرتك سنة بدينار فقال: بل بدينارين تحالفا ويبدأ بيمين الأجر فإن كان قبل مضي شيء من المدة فسخا العقد ورجع كل واحد منهما في ماله وإن رضي أحدهما بما حلف عليه الآخر أقر العقد وإن فسخا العقد بعد المدة أو شيء منها سقط المسمى ووجب أجر المثل وإن قال:- آجرتكها سنة بدينار فقال بل: سنتين بدينار تحالفا وصارا كما لو اختلفا في العوض مع اتفاق المدة وإن قال: آجرتك الدار سنة بدينار فقال الساكن: بل استأجرتني على حفظها بدينار فقول رب الدار.

فصل: و تجب الأجرة بنفس العقد
فصل:- وتجب الأجرة بنفس العقد
فتثبت في الذمة وإن تأخرت المطالبة بها وله الوطء إذا كانت الأجرة أمة: سواء كانت إجارة عين أو في الذمة وتستحق كاملة ويجب تسليمها بتسليم العين لمستأجر أو بذلها له أو بفراغ عمل بيد مستأجر ويدفعه إليه بعد عمله ويدفع غيره إن لم تؤجل ولا يجب تسليم أجرة العمل في الذمة حتى يتسلمه وتستقر بمضي المدة أو بفراغ العمل وإذا انقضت الإجارة وفي الأرض غراس أو بناء شرط قلعه عند انقضائها أو في وقت لزم قلعه مجانا فلا تجب على رب الأرض غرامة نقص ولا على مستأجر تسوية حفر ولا إصلاح أرض إلا بشرط وإن لم يشترط قلعه أو شرط بقاؤه فلمالك الأرض أخذه بالقيمة إن كان ملكه تاما - ويأتي في الشفعة

كيف يقوم الغراس؟ - وإن كان المستأجر شريكا في الأرض شركة شائعة فبنى أو غرس ثم انقضت المدة فللمؤجر أخذ حصة نصيبه من الأرض والبناء والغراس وليس له إلزامه بالقلع لاستلزامه قلع ما لا يجوز قلعه ولا يتملكه غير تام الملك: كالموقوف عليه والمستأجر ومرتهن - أو تركه بالأجرة أو قلعه وضمان نقصه ولصاحب الشجر بيعه لمالك الأرض ولغيره فيكون بمنزلته - وفي التلخيص وغيره إذا اختار المالك القلع وضمان النقص فالقلع على المستأجر وليس عليه تسوية حفر لأن المؤجر دخل على ذلك انتهى - ومحل الخيرة في ذلك لرب الأرض ما لم يختر مالكه قلعه فإن اختاره فله ذلك وعليه تسوية الحفر وظاهر كلامهم كما قاله صاحب الفروع - لا يمنع الخيرة بين أخذ رب الأرض له أو قلعه وضمان نقصه أو تركه بالأجرة كون المستأجر وقف ما غرسه أو بناه فإذا لم يتركه في الأرض لم يبطل الوقف بالكلية بل ما يؤخذ بسبب الوقف وأخذت منه قيمته يشتري بها ما يقوم مقامه فكذا هنا وهو كما قاله وهو ظاهر وظاهر كلامهم لا يقلع الغراس إذا كانت الأرض وقفا بل قال الشيخ: ليس لأحد أن يقلع غراس المستأجر وزرعه: صحيحة كانت الإجارة أو فاسدة بل إذا بقي فعليه أجرة المثل وإن أبقاه بالأجرة فمتى باد بطل الوقف وأخذ الأرض صاحبها فانتفع بها ومحل الخيرة أيضا ما لم يكن البناء مسجدا ونحوه فلا يهدم ولا يتملك وتلزم الأجرة إلى زواله ولا يعاد بغير

رضا رب الأرض ولو غرس أو بنى مشتر ثم فسخ البيع بعيب كان لرب الأرض الأخذ بالقيمة والقلع وضمان النقص وتركه بالأجرة وأما المبيع بعقد فاسد إذا غرس فيه المشتري أو بنى فحكمه حكم المستعير إذا غرس أو بنى على ما يأتي في بابه وإن كان فيها زرع بقاؤه بتفريط مستأجر مثل أن يزرع زرعا لم تجر العادة بكماله قبل انقضاء المدة فحكمه حكم زرع الغاصب للمالك أخذه بالقيمة ما لم يختر مستأجر قلع زرعه في الحال وتفريغ الأرض فإن اختاره فله ذلك ولا يلزمه وللمالك تركه بالأجرة وإن كان بقاؤه بغير تفريط مثل أن يزرع زرعا ينتهي في المدة عادة فأبطأ لبرد أو غيره لزمه تركه بأجرة مثله إلى أن ينتهي وله المسمى وأجرة المثل لما زاد ومتى أراد المستأجر زرع شيء لا يدرك مثله في مدة ولو اكترى أرضا لزرع مدة لا يكمل فيها وشرط قلعه بعدها صح وإن شرط بقاءه ليدرك أو سكت فسدت وإذا تسلم العين في الإجارة الفاسدة حتى انقضت المدة فعليه أجرة المثل: سكن أو لم يسكن وإن لم يتسلم لم يلزمه أجرة ولو بذلها المالك وإن أكترى بدراهم وأعطاه عنها دنانير ثم انفسخ العقد رجع المستأجر بالدراهم وإذا انقضت المدة رفع المستأجر يده ولم يلزمه الرد ولا مؤنته: كمودع وتكون في يده أمانة إن تلفت من غير تفريط فلا ضمان عليه ولا تقبل دعواه الرد إلا ببينة لأنه قبض لمنفعة نفسه كالمرتهن والمستعير.

باب السبق و المناضلة
تعريف السبق و المناضلة و أحكامهما
باب السبق والمناضلة
السبق: بفتح الباء: الجعل الذي يسابق عليه وبسكونها: المجاراة بين حيوان ونحوه.
والمناضلة: المسابقة بالسهام تجوز بلا عوض على الأقدام1 وبين سائر الحيوانات من إبل وخيل وبغال وحمير وفيلة وطيور حتى بحمام وبين سفن ومزاريق ونحوها ومناجيق ورمي أحجار بيد ومقاليع ويكره الرقص ومجالس الشعر وكل ما يسمى لعبا: إلا ما كان معينا على قتال العدو فيكره لعبه بأرجوحة وكذا مراماة الأحجار ونحوها: وهو أن يرمي كل واحد الحجر إلى صاحبه وظاهر كلام الشيخ لا يجوز اللعب المعروف بالطاب والنقيلة وقال كل فعل أفضى إلى محرم كثير - حرمه الشارع إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة لأنه يكون سببا للشر والفساد وقال أيضا: ما ألهى وشغل عما أمر الله به فهو منهي عنه وإن لم يحرم جنسه: كبيع وتجارة ونحوهما انتهى ويستحب اللعب بآلة الحرب قاله جماعة و الثقاف ويتعلم بسيف خشب لا حديد نصا وليس من اللهو المحرم ولا المكروه تأديب فرسه وملاعبته أهله ورميه عن قوسه ويكره لمن علم الرمي أن يتركه كراهة شديدة وتجوز المصارعة ورفع الأحجار لمعرفة الأشد وأما اللعب بالنرد والشطرنج ونطاح الكباش ونقار الديوك
ـــــــ
1 فاعل تجوز يعود على المسابقة.

فلا يباح بحال وهي بحال أحرم ولا تجوز بعوض إلا في الخيل والإبل والسهام للرجال.
بشروط خمسة1 أحدها تعيين المركوبين بالرؤية وتساويهما في ابتداء العدو وانتهائه وتعيين الرماة: سواء كانا اثنين أو جماعتين ولا يشترط تعيين الراكبين ولا القوسين ولا السهام ولو عينها لم تتعين وكل ما تعين لا يجوز إبداله: كالمتعين في البيع وما لا يتعين يجوز إبداله لعذر وغيره.
الثاني: أن يكون المركوبان والقوسان من نوع واحد فلا تصح بين فرس عربي وهجين ولا بين قوس عربية وفارسية ولا يكره الرمي بالقوس الفارسية.
الثالث: تحديد المسافة والغاية ومدى الرمي بما جرت به العادة ويعرف ذلك بالمشاهدة أو بالذراع نحو مائة ذراع أو مائتي ذراع وما لم تجربه عادة: وهو ما زاد في الرمي على ثلاثمائة ذراع فلا يصح ولا يصح تناضلهما على السبق لأبعدهما رميا2.
الرابع: كون العوض معلوما: إما بالمشاهدة أو بالقدر أو بالصفة ويجوز أن يكون حالا ومؤجلا وبعضه حالا وبعضه مؤجلا - ويشترط أن يكون مباحا وهو تمليك بشرط سبقه.
الخامس: الخروج عن شبه القمار بأن لا يخرج جميعهم: فإن كان
ـــــــ
1 قوله بشروط: متعلق يقوله سابقا تجوز بلا عوض الخ وكذلك هذه الشروط معتبرة في التي بعوض في الأشياء الثلاثة المذكورة.
2 لم يصح ذلك لعدم تحديد الغاية، وقد عرفت وجوب ذلك من الشرط الثالث.

الجعل من الإمام: من ماله أو من بيت المال أو من غيرهما أو من أحدهما على أن من سبق أخذه جاز فإن جاء معه فلا شيء لهما وإن سبق المخرج أحرز سبقه ولم يأخذ الآخر شيئا وإن سبق من لم يخرج أحرز سبق صاحبه وإن أخرجا معا لم يجز وكان قمارا لأن كل واحد منهما لا يخلو من أن يغنم أو يغرم وسواء كان ما أخرجاه متساويا أو متفاوتا مثل أن أخرج أحدهما عشرة والآخر خمسة إلا بمحلل لا يخرج شيئا ويكفي واحد ولا تجوز الزيادة عليه يكافئ فرسه فرسيهما أو بعيريهما أو رميه رمييهما فإن سبقهما أحرز سبقهما وإن سبقاه أحرزا سبقهما ولم يأخذا منه شيئا وإن سبق أحدهما أحرز السبقين وإن سبق معه المحلل أحرز السابق مال نفسه ويكون سبق المسبوق بين السابق والمحلل نصفين وإن جاؤا الغاية دفعة واحدة أحرز كل واحد منهما سبق نفسه ولا شيء للمحلل فإن قال المخرج من غيرهما: من سبق أو صلى فله عشرة لم يصح إذا كانا اثنين فإن كانوا أكثر أو قال من صلى أي جاء ثانيا فله خمسة صح وكذا على الترتيب للأقرب إلى السبق: وخيل الحلبة على الترتيب: مجل فمصل فتال فبارع فمرتاح فخطى فعاطف فمؤمل فلطيم فسكيت ففسكل - وفي الكافي وتبعه في المطلع - مجل فمصل فمسل فتال فمرتاح إلى آخره1 فإن
ـــــــ
1 المجلي على صبغة اسم الفاعل: هو الفرس الأول في السباق. والمصلي على الوزن عينه: هو الثاني اهـ قاموس والتالي هو الثالث. والبارع: هو الرابع من برع بمعنى غلب، وبراعته بالنسبة لما بعده من الخيل أو للتفاؤل، والمرتاح في القاموس..............=

جعل للمصلى أكثر من السابق أو جعل للتالي أكثر من المصلى أو لم يجعل للمصلى شيئا لم يجز وإن قال: لعشرة من سبق منكم فله عشرة صح فإن جاؤا معا فلا شيء لهم وإن سبق واحد فله العشرة أو اثنان فهي لهما وإن سبق تسعة وتأخر واحد فالعشرة للتسعة وإن شرطا أن السابق يطعم السبق أصحابه أو غيرهم أو أن سبقتني فلك كذا أو لا أرمي أبدا أو شهرا لم يصح الشرط ويصح العقد.
ـــــــ
= هو الخامس من خيل الحلبة ولعله مأخوذ من الارتياح بمعنى النشاط. والخطى: بالخاء على وزن غنى. السادس: والعاطف: هو السابع، من عطف بمعنى حمل عليه وكر. والمؤمل بصيغة اسم المفعول: هو الثامن واللطيم: هو التاسع والسكيت بضم السين مشددة مع فتح الكاف مشددة ومخففة هو العاشر، والفسكل وله أوزان عدة منها الفاء والكاف مع تسكين السين هو الأخير.

فصل: و المسابقة جعالة
فصل:- و المسابقة جعالة:
وهي عقد جائز لا يؤخذ بعوضها رهن ولا كفيل ولكل منهما فسخها ولو بعد الشروع فيها: ما لم يظهر لأحدهما فضل فإن ظهر فله الفسخ دون صاحبه وتبطل بموت أحد المتعاقدين واحد المركوبين ولا يقوم وارث الميت مقامه ولا يقيم الحاكم من يقوم مقامه لا بموت الراكبين أو أحدهما ولا تلف أحد القوسين والسهام.
ويشترط: إرسال الفرسين والبعيرين دفعة واحدة ويكون عند أول المسافة من يشاهد إرسالهما ويرتبهما وعند الغاية من يضبط السابق منهما ويحصل السبق بالرأس في متماثل عنقه وفي مختلفة وابل بكتفه وإن شرط المتسابقان السبق بأقدام معلومة

لم يصح فتصف الخيل في ابتداء الغاية صفا واحدا ثم يقول المرتب لذلك: هل من مصلح للجام أو حامل لغلام أو طارح لجل؟ فإذا لم يجبه أحد كبر ثلاثا ثم خلاها عند الثالثة ويخط الضابط للسبق عند انتهاء الغاية خطا ويقيم رجلين متقابلين أحد طرفي الخط بين إبهامي أحدهما والطرف الآخر بين إبهامي الآخر وتمر الخيل أو وراءه فرسا لا راكب عليه يحرضه على العدو وإن يجلب: وهو أن يصيح به في وقت سباقه.

فصل: و حكم المناضلة
فصل: وحكم المناضلة
في العوض حكم الخيل وتصح بين اثنين وحزبين. ويشترط لها شروط أربعة - أحدها: أن تكون على من يحسن الرمي فإن كان في أحد الحزبين من لا يحسنه بطل العقد فيه وأخرج من الحزب الآخر مثله ولهم الفسخ أن أحبوا وإن عقد النضال جماعة ليقتسموا بعد العقد حزبين برضاهم صح: لا بقرعه ويجعل لكل حزب رئيس فيختار أحدهما واحدا ثم يختار الآخر آخر حتى يفرغا ولا يجوز أن يختار كل واحد الرئيسين أكثر من واحدهما واحد وإن اختلفا فيمن يبدأ بالخيرة اقترعا ولا يجوز جعل رئيس الحزبين واحدا ولا الخيرة في تمييزهما إليه ولا أن يختار جميع حزبه أولا ولا السبق عليه ولا يشترط استواء عدد الرماة وإن بان بعض الحزب كثير الإصابة أو عكسه فادعى ظن خلافه لم يقبل.

الثاني: معرفة عدد الرشق - بكسر الراء: وهو الرمي وليس له عدد معلوم فأي عدد اتفقوا عليه جاز وعدد الإصابة بان يقول: الرشق عشرون والإصابة خمسة ونحوه: إلا أنه لا يصح اشتراط إصابة تندر: كإصابة جميع الرشق أو تسعة من عشرة ونحوه ويشترط استواؤهما في عدد الرشق والإصابة وصفتها وسائر أحوال الرمي فإن جعلا رشق أحدهما عشرة والآخر عشرين أو شرطا أن يصيب أحدهما خمسة والآخر ثلاثة او شرطا إصابة أحدهما خواسق والآخر خواصل1 أو شرطا أن يحط أحدهما من إصابته سهمين أو يحط سهمين من إصابته - بسهم من إصابة صاحبه أو شرطا أن يرمي أحدهما من بعد والآخر من قرب أو يرمي أحدهما وبين أصابعه سهم والآخر بين أصابعه سهمان أو أن يرمي أحدهما على رأسه شيء والآخر خال عن شاغل أو أن يحط عن أحدهما واحد من خطئه لا عليه ولا له وأشباه هذا مما تفوت المساواة لم يصح.
الثالث: معرفة الرمي هل هو مفاضلة أو محاطة أو مبادرة؟ فالمفاضلة أن يقولا: أينا فضل صاحبه بإصابة أو إصابتين أو ثلاث إصابات ونحوه من عشرين رمية فقد سبق فأيهما فضل صاحبه بذلك فهو السابق وتسمى محاطة لأن ما تساويا فيه من الإصابة محطوط
ـــــــ
1 الخواسق جمع خاسق: صفة للرمية التي يصيب السهم فيها الغرض فيخرقها ويثبت فيه. والخواصل جمع خاصل: صفة للرمية التي تصيب شارة الهدف على أي شكل كانت. وسيأتيك في هذا زيادة تفصيل.

غير معتد به ويلزم إكمال الرشق إذا كان فيه فائدة - والمبادرة أن يقولا: من سبق إلى خمس إصابات من عشرين رمية فقد سبق فأيهما سبق إليها مع تساويهما في الرمي فهو السابق ولا يلزم إتمام الرمي وإن أصاب كل واحد منهما خمسا فلا سابق فلا يكملان الرشق ومتى كان النضال بين حزبين اشترط كون الرشق يمكن قسمه بينهم بغير كسر ويتساوون فيه فإن كانوا ثلاثة وجب أن يكون له ثلث وكذا ما زاد ولا يجوز أن يقولوا: تقرع فمن خرجت قرعته فهو السابق ولا أن من خرجت قرعته فالسبق عليه ولا أن يقولوا ارمي فأينا أصاب فالسبق على الآخر وإن شرطوا أن يكون فلان مقدم حزب وفلان مقدم الآخر ثم فلان ثانيا من الحزب الأول وفلان ثانيا من الحزب الثاني كان فاسدا وإن تناضل اثنان وأخرج أحدهما السبق فقال أجنبي: أنا شريكك في الغرم والغنم أن فضلك فنصف السبق علي وإن فضلته فنصفه لي لم يجز وكذلك لو كان المتناضلون ثلاثة منهم فقال رابع للمستبقين: أنا شريككما في الغنم والغرم وإن فضل أحد المتناضلين صاحبه فقال المفضول: أطرح فضلك وأعطيك دينارا لم يجز وإن فسخا العقد وعقدا عقدا آخر جاز وإذا أخرج أحذ الزعيمين السبق من عنده فسبق حزبه لم يكن على حزبه شيء وإن شرطه عليهم فهو عليهم بالسوية ويقسم على الحزب الآخر بالسوية من أصاب ومن أخطأه وإذا أطلقا الإصابة تناولها على أي صفة كانت1
ـــــــ
1 تقدم لك حين الكلام على الشرط أنه لا بد من معرفة صفة الإصابة بأن.......... =

فإن قالا: خواصل فهو بمعناه ويكون تأكيدا1 ومن صفات الإصابة خواسق: وهو ما خرق الغرض وثبت فيه وخوازق بالزاي ومقرطس بمعناه وخوارق بالراء المهملة وهو ما خرق الغرض ولم يثبت فيه ويسمى موارق وخواصر: وهو ما وقع في أحد جانبي الغرض وخوارم: ما خرم جانب الغرض وحوابي: ما وقع بين يدي الغرض ثم وثب إليه فبأي صفة قيدوا الإصابة تقيدت بها وحصل السبق بإصابته وإن شرطا إصابة موضع من الغرض كالدائرة فيه تقيد به وإذا كان شرطهم خواصل فأصاب بنصل السهم حسب له كيف كان فإن أصاب بعرضه أو بفوقه: نحو ينقلب السهم بين يدي الغرض فيصيب الغرض أو انقطع السهم قطعتين فأصابت القطعة الأخرى لم يعتد به.
الرابع: معرفة قدر الغرض طولا وعرضا وسمكا وارتفاعا من الأرض: وهو ما ينصب في الهدف من قرطاس أو جلد أو خشب أو غيرهما ويسمى شارة والهدف ما ينصب الغرض عليه: إما تراب مجموع أو حائط أو غيرهما: ولا يعتبر ذكر المبتدئ بالرمي فإن ذكراه كان أولى وإن أطلقا ثم تراضيا بعد العقد على تقديم أحدهما جاز،
ـــــــ
= تكون خواسق، أو خواصل. وهنا لم يشترط ذلك. ولا يفوتك أنه أخذ في كل من الموضعين برأي بعض علماء المذهب.
1 يريد فقول التعاقدين في وصفها للرمية خواصل فهو بمعنى الإطلاق. ولذلك قال: ويكون تأكيدا.

وإن تشاحا في المبتدئ منهما اقرع بينهما ولو كان لأحدهما مزية بإخراج السبق وإن كان المخرج أجنبيا قدم من يختاره منهما فإن لم يختر وتشاحا أقرع بينهما وأيهما كان أحق بالتقديم فبدره الآخر فرمى لم يعتد له بسهمه أخطأ أو أصاب وإذا بدأ أحدهما في وجه بدأ الآخر في الثاني فإن شرطا البداءة لأحدهما في كل الوجوه لم يصح وإن فعلا ذلك من غير شرط برضاهما صح وإذا رمي البادئ بسهم رمي الثاني بسهم كذلك حتى يقضيا رمييهما وإن رميا سهمين سهمين فحسن وإن شرطا أن يرمي أحدهما رشقة ثم يرمي الآخر أو يرمي أحدهما عددا ثم يرمي الآخر مثله جاز وإن شرطا أن يبدأ كل واحد منهما من وجهين متواليين جاز والسنة أن يكون لهما غرضان يرميان أحدهما ثم يمضيان إليه فيأخذان السهام ثم يرميان الآخر وإن جعلوا غرضا واحدا جاز وإذا تشاحا في الوقوف فإن كان الموضع الذي طلبه أحدهما أولى: مثل أن يكون في أحد الموقفين يستقبل الشمس أو ريحا يؤذيه استقبالها ونحو ذلك والآخر يستدبرها قدم قول من طلب استدبارها إلا أن يكون في شرطها استقبال ذلك فالشرط أولى: كما لو اتفقا على الرمي ليلا فإن كان الموقفان سواء كان ذلك إلى الذي يبدأ فيتبعه الآخر فإذا كان في الوجه الثاني وقف الثاني حيث شاء ويتبعه الأول وإذا أطارت الريح الغرض فوقع السهم موضعه فإن كان شرطهم خواصل احتسب له به وإن كان خواسق لم يحتسب له به ولا عليه وإن وقع في غير موضع الغرض احتسب به على راميه وإن وقع في الغرض

في الموضع الذي طار إليه حسبت عليه أيضا: إلا أن يكون اتفقا على رميه في الموضع الذي طار إليه وكذا الحكم لو ألقت الريح الغرض على وجهه وإن عرض عارض من كسر قوس أو قطع وتر أو ريح شديدة لم يحتسب عليه ولا له بالسهم وإن عرض مطر أو ظلمة جاز تأخير الرمي ويكره للامين والشهود مدح أحدهما أو المصيب وعيب المخطئ لما فيه من كسر قلب صاحبه ويمنع كل منهما من الكلام الذي يغيظ صاحبه: مثل أن يرتجز ويفتخر ويتبجح بالإصابة ويعنف صاحبه على الخطأ أو يظهر أنه يعلمه وكذا الحاضر معهما وإن قال قائل: ارم هذا السهم فإن أصبت به فلك درهم وإن أخطأت فعليك درهم لم يصح لأنه قمار وإن قال: أصبت به فلك درهم أو قال: ارم عشرة أسهم فإن كان صوابك أكثر من خطئك فلك درهم أو قال لك بكل سهم أصبت به منها درهم أو بكل سهم زائد على النصف من الصيبات درهم أو قال: إن كان صوابك أكثر فلك بكل سهم أصبت به درهم صح وكان جعالة لا نضالا وإن شرطا أن يرميا أرشاقا كثيرة معلومة جاز وإن شرطا أن يرميا منها كل يوم قدرا اتفقا عليه جاز وإن أطلقا العقد جاز وحمل على التعجيل والحلول كسائرة العقود فيرميان من أول النهار إلى آخره: إلا أن يعرض عذر من مرض أو غيره فإذا جاء الليل تركاه: إلا أن يشترطا ليلا - فيلزم فإن كانت الليلة مقمرة منيرة اكتفى وإلا رميا في ضوء شمعة أو مشعل.

باب العارية
تعريفها و شروطها

باب العارية
وهي العين المعارة والإعارة: إباحة نفعها بغير عوض وهي مندوب إليها - ويشترط كونها منتفعا بها مع بقاء عينها وتنعقد بكل قول أو فعل يدل عليها كقوله: أعرتك هذا أو أبحتك الانتفاع به أو يقول المستعير: أعرني هذا أو أعطنيه أركبه أو أحمل عليه فيسلمه إليه ونحوه ويعتبر كون المعير أهلا للتبرع شرعا وأهلية مستعير للتبرع له وإن شرطا لها عوضا معلوما في مؤقته صح وتصير إجارة وإن قال: أعرتك عبدي على أن تعيرني فرسك فإجارة فاسدة غير مضمونة للجهالة وتصح إعارة الدراهم للوزن فإن استعارها لينفقها أو استعار مكيلا أو موزونا فقرض وتصح في المنافع المباحة وإعارة كلب صيد وفحل للضراب وتحرم إعارة بضع وعبد مسلم لكافر لخدمته خاصة كإجارته لها وإعارة صيد وما يحرم استعماله في الإحرام لمحرم فإن فعل فتلف الصيد ضمنه منه بالجزاء وللمالك بالقيمة1 وإعارة عين لنفع محرم وكإعارة دار لمن يتخذها كنيسة أو يشرب فيها مسكرا أو يعصي الله فيها وكإعارة سلاح يؤذي عليها محترما وعبد أو أمه لغناء أو نوح أو زمر ونحوه وتجب إعارة مصحف لمحتاج إلى قراءة فيه ولم يجد غيره: إن لم يكن مالكه محتاجا إليه ولا تعار الأمة للاستمتاع فإن وطئ مع العلم بالتحريم
ـــــــ
1قوله: ضمنه منه يريد ضمن المحرم الصيد من الحرم.

فعليه الحد وكذا هي أن طاوعته وولده رقيق وإن كان جاهلا فلا حد وولده حر ويلحق به وتجب قيمته للمالك ويجب مهر المثل فيهما ولو مطاوعة: إلا أن يأذن فيه السيد وأما للخدمة: فإن كانت برزة أو شوها جاز وكذا إن كانت شابة وكانت الإعارة لمحرم أو امرأة أو صبي1 وإن كانت لشاب كره خصوصا العزب وتحرم إعارتها وإعارة أمرد وأجارتهما لغير مأمون - وقال ابن عقيل: لا تجوز إعارتها للعزاب الذي لا نساء لهم من قرابات ولا زوجات وتحرم الخلوة بها والنظر إليها بشهوة وتكره استعارة أبويه للخدمة لأنه يكره للولد استخدامهما - وللمستعير الرد متى شاء ولمعير الرجوع متى شاء مطلقة كانت أو مؤقتة ما لم يأذن في شغله بشيء يستضر المستعير برجوعه - مثل أن يعيره سفينة لحمل متاعه أو لوحا يرقع به سفينة فرقعها به ولج في البحر فليس له الرجوع والمطالبة ما دامت في اللجة حتى ترسي وله الرجوع قبل دخولها البحر ولا لمن أعاره أرضا للدفن حتى يبلى الميت ويصير رميما قاله ابن البناء وله الرجوع قبل الدفن ولا لمن أعاره حائطا ليضع عليه أطراف خشبه أو لتعلية سترة عليه ما دام عليه وله الرجوع قبل الوضع وبعده: ما لم يبن عليه أو تكون العارية لازمة ابتداء فإن خيف سقط الحائط بعد وضعه عليه لزم إزالته لأنه يضر بالمالك وإن لم يخف عليه لكن استغنى عن إبقائه عليه لم يلزم إزالته فإن سقط عنه لهدم أو غيره لم يملك رده إلا بأذنه أو عند الضرورة إن لم يتضرر الحائط: سواء أعيد بآلته الأولى
ـــــــ
1 قوله: لمحرم بفتح الميم الأولى.

أو غيرها وتقدم في الصلح ولا لمن أعاره أرضا للزرع قبل الحصاد فإن بذل المعير قيمة الزرع ليتملكه لم يكن له ذلك لأن له وقتا ينتهي إليه ألا أن يكون مما يحصد قصيلا فيحصده وقت أخذه عرفا وإذا أطلق المدة في العارية فله أن ينتفع بها ما لم يرجع أو ينقضي الوقت فإن كان المعار أرضا لم يكن له أن يغرس ولا يبني ولا يزرع بعد الوقت أو الرجوع فإن فعل شيئا من ذلك فكغاصب وإن أعارها لغرس أو بناء وشرط عليه القلع في وقت أو عند رجوعه ثم رجع لزمه القلع ولا يلزمه تسوية الأرض إلا بشرط وإن لم يشرط عليه القلع لم يلزمه: إلا أن يضمن له المعير النقص فإن قلع فعليه تسوية الأرض وإن أبى القلع في الحال التي لا يجبر فيها فللمعير أخذه بقيمته بغير رضا المستعير أو قلعه وضمان نقصه1 فإن أبى ذلك بيعا لهما2 فإن أبيا البيع ترك بحاله واقفا وللمعير التصرف في أرضه على وجه لا يضر بالشجر وللمستعير الدخول لسقي وإصلاح وأخذ ثمرة وليس له الدخول لغير حاجة من التفرج ونحوه
ـــــــ
1 تقدم لك قريبا أن صاحب الأرض لو بذل المستعير قيمة الزرع ليتملكه لم يكن له ذلك وأما في مسألتنا هذه فله الرجوع وتملك ما في الأرض بقيمته، والفرق بين المسألتين أن الأولى في الزرع الذي له أجل ينتهي إليه عادة فإنه لا ضرر على مالك الأرض في الانتظار غالبا. وأما الثانية ففي الشجر والبناء ومدتهما لا تنتهي بأوان فجائز تملكها بالقيمة دفعا لضرر.
2فاعل أبى يعود على مالك الأرض يريد: إذا أبي تملك ذلك بالقيمة أو قلعه وضمان نقصه بيع الغراس والبناء على ذمة مالكيهما.

وأيهما طلب البيع وأبى الآخر أجبر عليه ولكل منهما بيع ما له منفردا لمن شاء فيقوم المشتري مقام البائع ولا أجرة على المستعير من حين رجوع في غرس وبناء وسفينة في لجة بحر وأرض قبل أن يبلى الميت بل في زرع ويجوز أن يستعير دابة ليركبها إلى موضع معلوم فإن جاوزه فقد تعدى وعليه أجرة المثل للزائد خاصة وإن قال المالك: أعرتكها إلى فرسخ فقال المستعير: إلى فرسخين فالقول قول المالك وإن اختلفا في صفة العين حين التلف أو في قدر القيمة فقول مستعير وإن حمل السيل بذرا إلى أرض فنبت فيها فهو لصاحبه مبقي إلى الحصاد ولرب الأرض أجرة مثله وإن أحب مالكه قلعه فله ذلك وعليه تسوية الحفر وما نقصت وإن حمل غرسا فكغرس مشتر شقصا فيه شفعة وكذا حكم نوى وجوز ولوز ونحوه إذا حمل فنبت وإن حمل أرضا بشجرها فنبت في أرض أخرى كما كانت فهي لمالكها يجبر على إزالتها وإن ترك صاحب الأرض المتنقلة أو الشجر أو الزرع ذلك لصاحب الأرض التي انتقل إليها لم يلزمه نقله ولا أجرة ولا غير ذلك.

فصل: و حكم مستعير الخ
فصل: وحكم مستعير
في استيفاء المنفعة كمستأجر فإن أعاره أرضا للغراس والبناء أو لأحدهما فله ذلك وإن يزرع ما شاء وإن استعارها للزرع لم يغرس ولم يبن وإن استعارها للغرس أو البناء فليس له الآخر وكمستأجر في استيفائها بنفسه وبمن يقوم مقامه وفي استيفائها وما دونها في الضرر من نوعها وغير ذلك إلا أنهما يخلفان في شيئين - أحدهما: لا يملك الإعارة ولا الإجارة على ما يأتي.

والثاني: الإعارة لا يشترط لها تعيين نوع الانتفاع فلو إعارة مطلقا ملك الانتفاع المعروف في كل ما هو مهيأ له كالأرض مثلا تصلح للبناء والغراس والزراعة والارتباط وما كان غير مهيء له وإنما يصلح لجهة واحدة: كالبساط إنما يصلح للفرش فالإطلاق فيه كالتقييد للتعيين بالعرف وله استنساخ الكتاب المعار ودفع الخاتم المعار إلى من ينقش له على مثاله وإذا إعارة للغرس أو للبناء أو للزراعة لم يكن له ما زاد على المرة الواحدة فإن زرع أو غرس ما ليس له غرسه فكغاصب واستعارة الدابة للركوب لا تفيد السفر بها والعارية المقبوضة مضمونة بقيمتها يوم التلف بكل حال وإن شرط نفي ضمانها وإن كانت مثلية فبمثلها وكل ما كان أمانة أو مضمونا لا يزول عن حكمه بالشرط ولو استعار وقفا: ككتب علم وغيرها فتلفت بغير تفريط فلا ضمان وإن كان برهن رجع إلى ربه ولو أركب دابته متطوعا منقطعا لله تعالى فتلفت تحته لم يضمن وكذا رديف ربها ورائض ووكيله - ولو قال: لا أركب إلا بأجرة وقال: لا آخذ أجرة ولا عقد بينهما فعارية وإن تلفت أجزاؤها أو كلها باستعمال بمعروف: كخمل منشفة وطنفسة ونحوهما أو بمرور الزمان فلا ضمان فكذا لو تلف ولدها أو الزيادة وليس لمستعير أن يعير ولا يؤجر: إلا بأذن ولا يضمن مستأجر منه مع الأذن - وتقدم في الإجارة - والأجرة لربها لا له فإن أعار بلا إذن فتلفت عند الثاني ضمن القيمة والمنفعة: أيهما شاء1 والقرار على الثاني إن كان عالما بالحال وإلا استقر
ـــــــ
1 ضمن: بتشديد الميم، وفاعله يعود على رب العين، وضمير أيهما عائد على المستعير الأول والثاني.

عليه ضمان العين ويستقر ضمان المنفعة على الأول وليس له أن يستعمل ما استعاره في غير ما يستعمل فيه مثله مثل أن يحشو القميص قطنا كما يفعل بالجوالق أو يحمل فيه ترابا أو يستعمل المناشف والطنافس في ذلك أو يستظل بها من الشمس أو نحوه فإن فعل ضمن ما نقص من أجزائها بهذه الاستعمالات فإن اختلفا فيما ذهبت به أجزاؤها فقال المستعير: بالاستعمال المعهود وقال المعير: بغيره ولا بينة فقول مستعير مع يمينه ويبرأ من ضمانها ويجب الرد بمطالبة المالك وبانقضاء الغرض من العين وبانتهاء التأقيت وبموت المستعير وحيث تأخر الرج فيما ذكرنا ففيه أجرة المثل لصيرورته كالمغصوب قاله الحارثي وعلى مستعير مؤنة رد العارية إلى مالكها: كمغصوب لا مؤنتها عنده1 وعليه ردها إليه إلى الموضع الذي أخذها منه: إلا أن يتفقا على ردها إلى غيره ولا يجب على المستعير أن يحملها له إلى موضع آخر فإذا أخذها بدمشق وطالبه ببعلبك: فإن كانت معه لزم الدفع وإلا فلا وإن استعار ما ليس بماء: ككلب مباح الاقتناء أو أبعد حرا صغيرا عن بيت أهله لزمه ردهما ومؤنة الرد فإن رد الدابة إلى اصطبل مالكها أو غلامه: وهو القائم بخدمته وقضاء أموره عبدا كان أو حرا أو المكان الذي أخذها منه أو إلى ملك صاحبها أو إلى عياله الذين لا عادة لهم بقبض ماله لم يبرأ من الضمان وإن ردها أو غيرها إلى من جرت عادته
ـــــــ
1 ضمير عنده يعود على المستعير، يريد أن المستعير غير ملزم بمؤنة العارية في مدة الإعارة، لأن حكمه في ذلك حكم المستأجر.

بجريان ذلك على يده: كسائس وزوجة متصرفة في ماله وخازن ووكيل عام في قبض حقوقه - قاله في المجرد- برئ وإن سلم شريك في شريكه الدابة المشتركة فتلفت بلا تفريط ولا تعد بان ساقها فوق العادة من غير انتفاع ونحوه لم يضمن - قاله الشيخ وتأتي تتمته في الهبة - ومن استعار شيئا ثم ظهر مستحقا فلمالكه أجر مثله يطالب به من شاء منهما فإن ضمن المعير لم يرجع على أحد ويأتي في الغصب.

فصل:- و إن دفع إليه دابة أو غيرها ثم اختلفا الخ
فصل:- وإن دفع إليه دابة أو غيرها ثم اختلفا
فقال: آجرتك فقال: بل أعرتني: عقب العقد والدابة قائمة - فقول القابض وترد إلى مالكها وإن كان بعد مضي مدة لها أجرة فقول مالك فيما مضى من المدة دون ما بقي وله أجرة مثل وإن كانت الدابة قد تلفت لم يستحق صاحبها المطالبة بقيمتها لا قراره بما يسقط ضمانها ولا نظر إلى إقرار المستعير لأن المالك رد قوله بإقراره فبطل وإن قال: أعرتك قال بل أجرتني والبهيمة تالفة أو اختلفا في ردها فقول مالك وإن قال أعرتني أو أجرتني قال: بل غصبتني: فإن كان اختلافهما عقب العقد والبهية قائمة أخذها مالكها ولا شيء له وإن كان قد مضى مدة العقد لها أجرة فقول المالك فتجب أجرة المثل على القابض وإن تلفت الدابة ففي مسألة دعوى القابض العارية هما متفقان على ضمان العين مختلفان في الأجرة والقول قول المالك فتجب له أجرة المثل: كما تقدم،

وفي دعواه1 الإجارة متفقان على وجوب الأجرة مختلفان في ضمان العين والقول قول المالك فيغرم القابض قيمتها إذا كانت تالفة في الصورتين وإن قال: أعرتك قال بل أودعتني فقول مالك ويستحق قيمة العين إن كانت تالفة وعكسها فقوله أيضا فيضمن ما انتفع به.
ـــــــ
1 الضمير في دعواه عائد على القابض للعين.

باب الغصب و جنابة البهائم
حكم الغصب
باب الغصب وجنابة البهائم وما في معنى ذلك من الإتلافات.
الغصب حرام: وهو استيلاء غير حربي عرفا على حق غيره قهرا بغير حق وتضمن أم ولد وقن وعقار - بغصب إذا تلف بغرق ونحوه لكن لا تثبت يد على بضع فيصح تزويج الأمة المغصوبة ولا يضمن الغاصب مهرها لو حبسها عن النكاح حتى فات بالبكر ولا يحصل الغصب من غير استيلاء فلو دخل أرض إنسان أو داره صاحبها فيها أولا بأذنه أو بغر أذنه لم يضمنها بدخوله: كما لو دخل صحراء له وإن غصب كلبا يجوز اقتناؤه أو خمر ذمي مستورة أو تخلل خمر مسلم في يد غاصب لزمه رده لا ما أريق فجمعه آخر فتخلل لزوال يده هنا وإن أتلف الكلب أو الخمر ولو كان المتلف ذميا لم تلزمه قيمتهما كخنزير وخمر غير مستورة وتجب إراقة خمر المسلم ويحرم ردها إليه وإن غصب جلد ميتة نجسة لم يلزمه رده لأنه لا يطهر بدبغه ولا قيمة له وإن استولى على حر لم يضمنه بذلك ولو صغيرا - ويأتي في الديات

إن شاء الله تعالى - ويضمن ثيابه وحليه وإن استعمله كرها أو حبسه مدة فعليه أجرته كالعبد وإن منعه العمل من غير حبس فلا ولو عبدا.

فصل: و يلزمه رد المغصوب إلى محله الخ
فصل:- ويلزمه رد المغصوب إلى محله
وإن بعد وإن قدر على رده ولو غرم عليه أضعاف قيمته فإن قال ربه: دعه وأعطني أجرة رده وإلا ألزمتك برده أو طلب منه حمله إلى مكان آخر في غير طريق الرد لم يلزمه وإن قال المالك: دعه لي في المكان الذي نقلته إليه لم يملك الغاصب رده وإن قال: رده إلى بعض الطريق لزمه ومهما اتفقا عليه من ذلك جاز وإن خلطه بم يمكن تمييزه منه أو تمييز بعضه: كحنطة بشعير أو بسمسم أو صغار الحب بكباره أو زبيب أحمر بأسود لزمه تخليصه ورده وأجرة المميز عليه وإن لم يمكن تمييزه - فسيأتي في الباب وإن شغل المغصوب بملكه: كحجر بنى عليه أو خيط خاط به ثوبه أو نحوه فإن بلى الخيط وأنكسر الحجر أو كان مكانه خشبة فتلفت لم يجب رده ووجبت قيمته وإن كان باقيا بحاله لزمه رده وإن انتقض البناء وتفصل الثوب وإن سمر بالمسامير بابا لزمه قلعها وردها وإن كانت المسامير من الخشبة المغصوبة أو مال المغصوب منه فلا شيء للغاصب وليس له قلعها: إلا أن يأمره المالك فيلزمه وإن كانت المسامير للغاصب فوهبها للمالك لم يجبر المالك على قبولها وإن استأجر الغاصب على عمل شيء من هذا الذي ذكرناه فالأجر عليه وإن زرع الأرض فردها بعد أخذ الزرع فهو للغاصب وعليه أجرتها إلى وقت تسليمها وضمان النقص ولو لم يزرعها فنقصت لترك الزراعة: كأراضي

البصرة أو نقصت لغير ذلك ضمن نقصها وإن أدركها ربها والزرع قائم فليس له إجبار الغاصب على قلعه ويخير بين تركه إلى الحصاد بأجرته وبين أخذه بنفقته فيرد مثل البذر وعرض لو أحقه من حرث وسقي وغيرهما ولا أجرة مدة مكثه في الأرض1 ويزكيه رب الأرض أن أخذه قبل وجوب الزكاة وبعد: على الغاصب وإن غرسها الغاصب أو بنى فيها ولو شريكا أو فعله من غير غصب بلا أذن أخذ بقلع غراسه وبنائه وتسوية الأرض وأرش نقصها وأجرتها ثم إن كانت آلات البناء من المغصوب فأجرتها مبنية وإلا أجرتها غير مبنية فلو أجرها فالأجر لهما بقدر قيمتيها ولو جصص الغاصب الدار أو زوقها فحكمها كالبناء ولو غصب أرضا وغراسا من شخص واحد فغرسه فيها كالكل لمالك الأرض فإن طالبه ربها بقلعه وله في قلعه غرض صحيح أجبر عليه وعليه تسوية الأرض ونقصها ونقص الغراس وإن لم يكن في قلعه غرض صحيح لم يجبر وإن أراد الغاصب قلعه ابتداء فله منعه ويلزمه أجرته مبنيا ورطبة ونحوها كزرع فيما تقدم: لا كغرس ولو أراد مالك لم يكن له ذلك وإن اتفقا على تعويضه عنه جاز وإن وهب الغاصب الغراس والبناء لمالك الأرض ليتخلص من قلعه فقبله المالك جاز وإن أبى قبوله وكان في
ـــــــ
1 قوله: ولا أجرة، يريد به لا يلزم الغاصب بأجرة الأرض إذا استولى مالكها على الزرع بنفقته حيث أن المنفعة عادت إليه.

قلعه غرض صحيح لم يجبر على قبوله وإن أخذ تراب أرض فضربه به لبنا رده ولا شيء له: إلا أن يجعل فيه تبنا له فله أن يحله ويأخذ تبنه إن كان يحصل منه شيء وإن طالبه المالك بحله لزمه إن كان فيه غرض صحيح وإن جعله آجرا أو فخارا لزمه رده ولا أجر له لعمله وليس له كسره ولا المالك إجباره عليه وإن غصب فصيلا فأدخله داره فكبر وتعذر خروجه بدون نقض الباب أو خشبة وأدخلها داره ثم بنى الباب ضيقا لا تخرج إلا بنقضه وجب نقضه ورد الفصيل الخشبة وإن كان حصوله في الدار من غير تفريط من صاحبها نقض الباب وضمان على صاحب الفصيل وأما الخشبة: فإن كان كسرها أكثر ضررا من نقض الباب فكالفصيل وإن كان أقل كسرت وإن كان حصوله في الدار بعدو أن من صاحبه: كمن غصب دارا وأدخلها فصيلا أو خشبة أو تعدى على إنسان فأدخل داره فرسا ونحوها كسرت الخشبة وذبح الحيوان وإن زاد ضرره على نقض البناء وإن باع دارا وفيها ما يعسر أخراجه: كخوابي وخزائن أو حيوان وكان نقض الباب أقل ضررا من بقاء ذلك في الدار او تفصيله أو ذبح الحيوان نقض وكان إصلاحه على البائع وإن كان أكثر ضررا لم ينقض ويصطلحان على ذلك: بأن يشتريه مشتري الدار وغير ذلك وإن غصب لوحا فرقع به سفينة لم يقلع وهي في اللجة حتى تخرج منها وترسي أن خيف عليها بقلعه ولو لم يكن فيها إلا مال الغاصب أو لم يكن فيها ذو روح محترم وعليه أجرته إليه وإن كان في أعلاها بحيث

لا تغرق بقلعه لزمه قلعه ولصاحب اللوح طلب قيمته حيث تأخر القلع فإذا أمكن رد اللوح استرجعه ورد القيمة وإن غصب خيطا فخاط به جرح حيوان محترم وخيف قلعه ضرر آدامي أو تلف غيره فعليه قيمته وغير المحترم: كالمرتد والحربي والكلب العقور والخنزير وإن كان مأكولا للغاصب ذبح ولزمه رده وإن كان غير مأكول رد قيمة الخيط وإن مات الحيوان لزمه رده: إلا أن يكون آدميا معصوما فيرد القيمة وإن غصب جوهرة فابتلعتها بهيمة فحكمها حكم الخيط ولو ابتلعت شاته ونحوها جوهرة آخر غير مغصوبة وتوقف إخراجها على ذبحها ذبحت بقيد كون الذبح أقل ضررا - قاله الموفق وغيره وقال الحارثي: وأختار الأصحاب عدم القيد - وعلى مال الجوهرة ضمان نقص الذبح: إلا أن يفرط مالك الشاة بكون يده عليها فلا شيء له لتفريطه ولو أدخلت البهيمة رأسها في قدر ونحوه ولم يمكن إخراجه إلا بذبحها وهي مأكولة فقال الأكثرون إن كان لا بتفريط من أحد كسر القدر ووجب الأرش على مالك البهيمة وإن كان بتفريط مالكها بأن أدخل رأسها بيده أو كانت يده عليها ونحوه ذبحت من غير ضمان وإن كانت بتفريط مالك القدر بأن أدخله بيده أو ألقاها في الطريق كسرت ولا أرش ولو قال من عليه الضمان: أنا أتلف مالي ولا أغرم شيئا للآخر كان له ذلك وإن كانت غير مأكولة كسرت القدر ولا تقتل البهيمة بحال ولو اتفقا على القتل لم يمكنا ومن وقع في محبرته دينار ونحوه لغيره بتفريط صاحبها فلم يخرج كسرت مجانا

وإن لم يفرط خير رب الدينار بين تركه فيها وبين كسرها وعليه قيمتها فإن بذل ربها بدله وجب قبوله: فإن بادر فكسرها عدوانا لم يلزمه أكثر من قيمتها وإن كان السقوط لا بفعل أحد: بأن سقط من مكان أو ألقاه طائر أو هر وجب الكسر وعلى رب الدينار الأرش فإن كانت المحبرة ثمينة وأمتنع رب الدينار من ضمانها في مقابلة الدينار فيقال له: أن شئت أن تأخذ فأغرم وإلا فاترك ولا شيء لك ولو غصب الدينار فالقاه في محبرة آخر أو سقط فيها بغير فعله تعين الكسر إلا أن يزيد ضرر الكسر على التبقية فيسقط ويجب على الغاصب ضمان الدينار.

فصل: و إن زاد المغصوب لزمه رده بزيادته
فصل:- وإن زاد المغصوب لزمه رده بزيادته
متصلة كانت كالسمن وتعلم صنعة أو منفصلة: كالولد والكسب ولو غصب جارحا أو قوسا فصاد به أو شبكة أو شرطا فأمسك شيئا أو فرسا فصاد عليه أو غنم فهو لمالكه ولا أجرة له مدة اصطياده وإن غصب منجلا فقطع به خشبا أو حشيشا فهو للغاصب: كالحبل يربط به وإن غصب ثوبا فقصره أو غزلا فنسجه أو فضة أو حديدا فضربه ابرا أو أواني أو غيرهما أو خشبا فنجره بابا أو نحوه أو شاة فذبحها وشواها وذبحه إياها لا يحرمها بمعنى أنها ليس صارت كالميتة: لكن لا يجوز أكلها ولا التصرف فيها إلا بأذن مالكها ويأتي في القطع في السرقة أو طينا فضربه به لبنا أو فخارا أو حبا فطحنه رد ذلك بزيادته وأرش نقصه ولا شيء له لكن أن أمكن الرد إلى الحالة الأولى كحلي

ودراهم ونحوهما فلمالك إجباره على الإعادة وما لا يمكن: كالأبواب والفخار ونحوهما فليس للغاصب إفساده ولا للمالك إجباره عليه وتقدم بعضه وإن غصب أرضا فحفر فيها بئرا أو شق نهرا ونحوه فلربها إلزامه بطمها إن كان لغرض صحيح وإن أراد الغاصب طمها: فإن كان لغرض صحيح كإسقاط ضمان ما يقع فيه أو يكون قد نقل ترابها إلى ملكه أو ملك غيره أو إلى طريق يحتاج إلى تفريغه فله طمها من غير أذن ربها أو في موات وأبرأه من ضمان من يتلف بها وتصح البراءة منه أو منعه منه لم يملك طمها ولو كشط تراب الأرض فطالبه المالك برده فرشه لزمه ذلك وإن أراده الغاصب وأباه المالك فله فعله لغرض صحيح مثل إن كان نقله إلى ملك نفسه فيرده لينتفع بالمكان أو طرحه في ملك غيره أو في طريق يحتاج إلى تفريغه وإن كان لا لغرض صحيح فلا وإن غصب حبا فزرعه أو بيضا فصار فراخا أو نوى فصار غرسا أو غصنا فصار شجرا رده ولا شيء له وإن نقص ولو بنبات لحية عبد أمرد أو ذهاب رائحة مسك أو قطع ذنب حمار ونحوه ضمن نقصه - ونص أحمد في طيرة جاءت إلى قوم فازدوجت عندهم وفرخت: أن الفراخ تبع اللام ويرد على أصحاب الطيرة فراخها وإن غصب شاة وأنزى عليها فحله فالولد لمالك الأم ولا أجرة للفحل وإن غصب فحل غيره فأنزاه على شاته فالولد له تبعا للام ولا يلزمه أجرة الفحل لكن أن نقص لزمه أرش نقصه.

فصل: و إن نقص لزمه ضمانه بقيمته
فصل: وإن نقص لزمه ضمانه بقيمته
ولو رقيقا أو بعضه: لا بمقدار من الحر كيده: إذا لم يجن عليه وإن جنى عليه ضمنه بأكثر الأمرين ويرجع غاصب غرم على جان بأرش جناية فقط فإن خصاه ولو زادت قيمته أو قطع منه ما تجب فيه دية كاملة من الحر لزمه رده ورد قيمته ولا يملكه الجاني وإن كان دابة ضمن ما نقص من قيمتها ولو بتلف إحدى عينيها وإن نقضت قيمة العين بتغير السعر لم يضمن سواء ردت العين أو تلفت وإن نقصت لمرض ثم عادت ببرئه أو ابيضت عينه ثم زال بياضها ونحوه رده ولم يلزمه شيء وإن استرده المالك معيبا مع الأرش ثم زال العيب في يد مالكه لم يجب رد الأرش لاستقراره بأخذ العين ناقصة وكذا لو أخذ المغصوب بغير أرش ثم زال في يده لم يسقط الأرش وإن زادت لمعنى في المغصوب من كبر وسمن وهزال وتعلم صنعة ونحو ذلك ثم نقصت ضمن الزيادة وإن عاد مثل الزيادة الأولى من جنسها: مثل أن سمن فزادت قيمته ثم نقصت بزوال ذلك ثم سمن فعادت لم يضمن ما نقص وإن كانت من غير جنسها لم يسقط ضمانها وإن غصب عبدا مفرطا في السمن فهزل فزادت قيمته أو لم تنقص رده ولا شيء عليه وإن نقص المغصوب نقصا غير مستقر: كحنطة ابتلت وعفنت خير بين أخذ مثلها وبين تركها حتى يستقر فسادها فيأخذها وأرش نقصها فإن استقر أخذها والأرش وإن جنى المغصوب فعلى الغاصب أرش جنايته: سواء جنى على سيده أو أجنبي وجنايته على غاصبه وعلى ماله هدر إلى في قود فلو قتل عبدا لأحدهما عمدا

فله قتله ثم يرجع السيد بقيمته على الغاصب فيهن - وفي المستوعب من استعان بعبد غيره بلا أذن فحكمه حكم الغاصب حال استخدامه - ويضمن زوائد الغصب: كالثمرة والولد إذا ولدته أمه حيا ثم مات: سواء حملت عنده او غصبها حاملا وإن ولدته ميتا من غير جناية لم يضمنه وبها يضمنه الجاني بعشر قيمة أمه وكذا ولد بهيمة.

فصل: و إن خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز
فصل:- وإن خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز:
مثل أن خلط حنطة أو دقيقا أو زيتا أو نقدا بمثله لزمه مثله منه ولا يجوز للغاصب أن يتصرف في قدر ماله منه ولا إخراج قد الحرام منه بدون أذن المغصوب منه لأنه اشتراك: لا استهلاك وإن خلطه بدونه أو بخير منه أو بغير جنسه ولو بمغصوب مثله لآخر على وجه لا يتميز فهما شريكان بقدر قيمتيهما فيباع الجميع ويدفع إلى كل واحد قدر حقه: كاختلاطهما من غير غصب وإن اختلط درهم بدرهمين لآخر من غير غصب فتلف اثنان فما بقي بينهما نصفين وإن خلطه بغير جنسه فتراضيا على أن يأخذ أكثر من حقه أو أقل جاز وإن غصب ثوبا فصبغه أو سويقا فلته بزيته فنقصت قيمتهما أو قيمة أحدهما ضمن الغاصب النقص وإن لم تنقص ولم تزد أو زادت قيمتهما فهما شريكان بقدر ملكيهما وإن زادت قيمة أحدهما فالزيادة لصاحبه وإن أراد أحدهما قلع الصبغ لم يجبر الآخر عليه وإن أراد المالك بيع الثوب فله ذلك ولو أبى الغاصب وإن أراد الغاصب بيعه لم يجبر المالك وإن وهب الصبغ للمالك أو تزويق الدار ونحوها

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9