كتاب : الكافي في فقه أهل المدينة المالكي
المؤلف : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي

منفعة له فيه من تحصيص او تزويق ولا يعطى لشيء من ذلك قيمة هذا مخالف لما ينفقه الغاصب على الدواب والرقيق لأن هذا يمكن أخذه وذلك مستهلك وهو أتلفه عن نفسه ولما لم يكن على المستخدم للعبيد وراكب الدواب أجرة فكذلك ليس له قيمة مؤنة ولا نفقة وان كان بنيانه كله مثل التزويق والطلي بالجص فلا شي له فيه لانه لو أخذه لم ينتفع به ولو زرع الغاصب الأرض كان لربها قلع زرعها إن كان في أوان الزراعة وان فات وقت الانتفاع بالأرض للزراعة كان لربها كراء مثلها لا غير ويعاقب الغاصب قال ابن عبد الحكم وقيل ان له قلع الزرع في كلتا الحالتين وقال والأول أحب الينا وقال طائفة من أهل المدينة يعطيه مكيلة بذره ونفقته في الزراعة ويأخذ الزرع ومن استعار عبدا في عمل يعمله بغير اذن سيده فعطبه لزمه ضمانه وان سلم كان لسيده عليه أجرة مثله ان ابتغاه ومن غصب ثوبا فلبسه ضمن ما نقصه لبسه وان ابلاه اللباس فربه بالخيار بين أخذه وما نقصه اللباس وبين تركه وأخذ قيمته كلها وقد قيل ليس له الا ما نقصه لبسه فقط وقيل انه يغرم له كراء الثوب ومدة لباسه لأنه لا يوقف على مقدار ما ينقصه اللباس ومن غصب ثوبا فصبغه صبغا ينقص كان لربه أخذه ناقصا أو تركه وأخذ قيمته يوم غصبه فإن كان صبغ يزيده في ثمنه كان ربه مخيرا بين أن يدفع الى الغاصب ما زاد في ثمنه وبين تركه وأخذ قيمته فإن

أبى ربه أن يأخذه ويعطي زيادة الصبغ وأبى الغاصب أن يعطي قيمته بيع الثوب ودفع الى ربه قيمته غير مصبوغ من ثمنه وكان الفضل لغاصبه في صبغه

باب استحقاق الغصوب بيد من لم يغصبها
فلو باع الغاصب ما غصب ووجده ربه بيد المبتاع بحاله لم يدخله تغيير لم يكن له أخذ قيمته من الغاصب وإنما له أحد وجهين اما أن يأخذه بعينه ويرجع المبتاع على الغاصب بثمنه وأما أن يجيز بيع الغاصب ويأخذ منه الثمن فإن وجده بيد المبتاع قد حال وتغير كان مخيرا ثلاث خيارات بين أخذه كما هو وبين إجازة البيع وأخذ الثمن وبين أخذ قيمته من الغاصب يوم غصبه فإن اغتل المبتاع شيئا مما ابتاعه من الغاصب فرضي رب الغلات والمنافع فهي له بالضمان فلو كانت أمة فباعها الغاصب وأعتقها المبتاع واختار ربها أخذها كان ذلك له وردت رقيقا فإن كان المبتاع قد وطئها فأحبلها ثم استحقها ربها بيده كان له ثلاث خيارات ان شاء أخذها وأخذ قيمة ولدها من مشتريها يوم الحكم لا يوم سقطوا وإن شاء تركها في يده وأخذ قيمتها من الغاصب يوم غصبها وان شاء أجاز البيع وأخذ الثمن من الغاصب هذا كله تحصيل مذهب مالك وقد قال مالك ليس لربها إذا وجدها بيد مبتاع أولدها الا أخذ

قيمتها وقيمة ولدها ولا يأخذها وبهذا قال محمد بن مسلمة وقد روي عن مالك فيها أنه ليس له الا أخذ قيمتها يوم غصبها وتطيب هي وولدها لمبتاعها إذا أخذ ربها قيمتها يوم غصبها ولو استحقت الجارية بيد المبتاع وقد حدث بها عيب من غير جناية كان ربها أيضا مخيرا بين أن يأخذها كما هي أو يجيز البيع ويأخذ ثمنها أو يتركها ويرجع على الغاصب بقيمتها يوم غصبها وإذا لم يكن لربها أن يأخذ من الغاصب ما نقصها العيب الحادث عنده إذا كان من غير فعله فأحرى أن لا يكون له ذلك على المشتري بموت أو غيره مما ليس فيه عمل ولا سبب انقطعت تباعة ربها عنه ورجع على غاصبها بما شاء من أخذ الثمن أو قيمتها يوم الغصب ولو كان عبدا فقتله المشتري أو دابة فعقرها أو ثوبا فلبسه وأبلاه أو طعاما فأكله ثم استحقه ربه رجع على المشتري بقيمته يوم استهلكه ورجع المشتري على البائع منه بما أخذ منه من الثمن فإن كان ما أخذه من المشتري دون قيمته يوم غصبه رجع بفضل ذلك على الغاصب

باب جامع الغصوب
ومن غصب حرا نفسه فاستخدمه فعليه أجرة مثله وكذلك هو إن اغتصب خدمة عبد أو صنعة يده وهو مقر بالرقبة لسيده كان عليه أجرة مثله وكذلك إن غصب

دارا فسكنها وهو مقر بالرقبة لربها كان عليه كراؤها فإن انهدمت من غير فعله لم يكن عليه شيء الا كراء ما سكن ولو هدمها ضمنها ومن اكترى دابة أو دارا أو أرضا أو سفينة فغصب ذلك منه سلطان أو من لا يستطيع أن يستعري عليه فالمصيبة من ربه وإن كان ممن ينفذ عليه حكم ولم يطالبه فالمصيبة منه دون ربه ومن استهلك كلب صيد أو ماشية أو سائر الجوارح التي يصاد بها وينتفع كان عليه قيمتها وكذلك من قتل ام ولد كان عليه قيمتها على تلك الحال ولو استهلك زرعا لم يبد صلاحه كان عليه قيمته على الرجاء والخوف وما اختلف فيه الغاصب والمغصوب منه في جنس الشيء المغصوب منه او مبلغ كيله أو وزنه أو صفته فالبينة في ذلك كله على ربه والا حلف الغاصب على ما ذكره ولو حلف الغاصب على صفة فضمن قيمتها ورد ما اخذ وكذلك ان صح انه غطاه ليغرم قيمته ويحول بين ربه وبينه وان كان بخلاف هذين الشرطين فهي للغاصب ولربها ما قبض من ثمنها أو قيمتها

باب حكم ما أفسدت المواشي وصول الفحل
ما أفسدت المواشي بالليل من الزرع والكروم والثمار وسائر الحرث والغراسات فضمان ذلك كله إذا أفسدته ليلا كان على اربابها وما أفسدت بالنهار فلا ضمان عليهم

فيه وسواء أرسلها أربابها بالنهار للرعي أو انفلتت فأفسدت زرعا أو غيره لا ضمان على صاحبها في شيء من ذلك إلا ان يكون معها فإن كان معها وهو يقدر على منعها فلم يفعل فهو ضامن وأما الليل فسواء انفلتت أو أرسلت مع القدرة على منعها فإن على صاحبها في ذلك ضمان ما أفسدت وأتلفت وعلى أرباب الزرع حفظها نهارا وسواء كان الزرع محظرا عليه أو مكشوفا عنه يضمن أرباب المواشي قيمة كل ما أفسدت على الرجاء والخوف عليه فإن انفلتت الدابة بالليل فوطئت رجل رجل لم يضمن ربها شيئا وإنما هذا في الزرع والحرث لا غير ذكر ذلك ابن عبد الحكم وغيره عن مالك وهو تحصيل مذهبه وقد قيل ان كل ما أفسدت البهائم بالليل فضمانه على أربابها من الأموال دون الدماء وقد روي ذلك عن مالك وغيره من أهل المدينة فإن كان مع الدابة راكب أو سائق أو قائد ضمن ما كان من سببه لا ما كان منها خاصة وسنزيد هذا المعنى بيانا في كتاب الجنايات ان شاء الله ولو صال جمل على رجل فخشيه على نفسه يقينا فقتله لم يضمن لربه شيئا وان لم يبين ما ذكره ضمن الجمل فإن تقدم الى رب الجمل الصائل والكلب العقور والدابة الضارية المعتادة للانفلاتات على الزرع نهي فلم ينته ضمن ما كان من ذلك في ليل او نهار

كتاب الشفعة
باب ما فيه الشفعة وما لا شفعة فيه

كتاب الشفعة
بسم الله الرحمن الرحيم
باب ما فيه الشفعة وما لا شفعة فيه
لا شفعة فيما قد قسم وحدت فيه الحدود وهذا ينفي الشفعة للجار قريبا كان أو بعيدا وإنما الشفعة في المشاع من العقار كله الدور والأرضين والحوانيت والبساتين والجنات والكروم وكل ما يصلح فيه القسم ويضرب فيه الحدود من الرباع والحوائط والأرض كلها وما اتصل بها مما يثبت أصلا فيها واختلف عن مالك في الشفعة في الحمامات وفيما لا يحتمل القسمة أو يحتملها هي ضرر أحد المتقاسمين من صغار الحوانيت والدور والبيوت وسائر الرباع والأشهر عن مالك ايجابه الشفعة في الحمام وفي ذلك كله وهو الصحيح على أصله لأنه لم يختلف قوله في وجوب قسمة ذلك كله صغيرا كان أو كبيرا كان في

قسمة ذلك ضرر على أحد المتقاسمين أو لم يكن وقال بقول مالك في ذلك طائفة من أصحابه وطائفة منهم تأبى ذلك وهو مذهب ابن القاسم وعلى مذهب ابن القاسم في ابايته من قسمة ما يدخله الضرر على أحدهما لا يجب في ذلك شفعة لأنه يبطل الحمام بقسمته فلا يكون حماما وقوله في النخلة بين الرجلين ببيع أحدهما حصته منها انه لا شفعة فيها لأنها لا تنقسم وأكثر أصحاب مالك يرون الشفعة في ذلك
ويدخل في الأصول التي ذكرنا عيون الماء المبيعة مع الأرض والبئر كذلك ولا شفعة في بئر مفردة ولا طريق ولا فحل نخل ولا مسيل ماء فإن كانت البئر لها أرض تزرع مشاعة فالشفعة فيها إذا بيعت مع الأرض وكذلك لو بيعت مع السواد الذي يسقى مع بساتينها ولو باع حصته من الأرض ثم باع حصته بعد من البئر لم يكن فيها لشركائه شفعة وكذلك لو اقتسموا الأرض والنخل ثم باع أحدهم حصته من البئر لم يكن لشركائه شفعة وروى يحيى عن ابن القاسم عن مالك أنه قال الشفعة في الماء التي يقتسمها الورثة بالاقلاد وأن لم يكونوا شركاء في الأرضين التي تسقى بتلك العيون قال مالك وأهل كل قلد يتشافعون فيما بينهم دون فجماعة الورثة كالدور والأرضين سواء وفحل النخل لا شفعة فيه في المشهور من مذهب مالك وقال طائفة من أصحابه فيه الشفعة ومثل فحل النخل الفرصة يتركها أهلها للارتفاق والاستطراق فلا شفعة فيها إلا على

ما ذكرت لك ولا شفعة في طريق وأما الرحا فقد اختلف قول مالك وأصحابه في الشفعة فيها ففي قياس قول مالك فيها الشفعة لأنه يوجب الشفعة فيما لا ينقسم من الدور والأرضين وسائر الأصول والعقار الا فحل النخل والطريق وما يرتفق به ويستطرق من العراض وفي المدونة عن ابن القاسم لا شفعة في الرحا وسواء بيعت مع أرض مشتركة أو وحدها قال ولو كان فيها شفعة إذا بيعت مع أرض لكان فيها شفعة إذا بيعت وحدها لأن ما لا شفعة فيه لا يكون فيه الشفعة إذا بيع مع ما فيه الشفعة وقال أشهب وسحنون إذا بيعت الرحا مع الأرض فللشريك الشفعة في جميع ذلك كله كما في رقيق الحائط يباع بعضه وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم لا شفعة فيها إذا لم يكن لها من الأرض شيء وكانت سدا وحجارة في النهر لا غير وأما البيت الذي فيه الرحا والجدران والسقف والأرض ففي ذلك كله الشفعة وروى أبو زيد عن ابن القاسم في رجل باع بيتا فيه رحى فأراد الشفيع أن يأخذ ذلك بالشفعة فإنه يقوم البيت وتقوم الرحا باداتها فيفض الثمن عليها فما صار على البيت بالقيمة من الثمن أخذه به الشفيع ان شاء قال وذلك بمنزلة ما لو اشترى شقصا من دار أو دابة سواء وانما لم تجب الشفعة في الرحا لأنه لا يصلح فيها القسم ولان قسمتها ضرر وابطال لها فإن كان عدة أرحاء وصار لأقلهم سهم منها رحا على

حدة كانت فيه الشفعة وليس في مطاحن الأرحاء أعني الحجارة شفعة وإنما الشفعة عند من رأى ذلك من أصحاب مالك في القاعة والبيت والسدود وقال ابن دينار لا شفعة في الرحا على حال من الأحوال إلا أن تباع حولها أرض مشتركة وتباع الرحا معها فتدخل مع الأرض في الشفعة وأما هي وحدها فلا شفعة فيها ولا شفعة في شيء من الحيوان والعروض كلها من الثياب والسفن وما أشبهها وكذلك الجواهر كلها والعين والدين وقد قال بعض أصحاب مالك ورواه أيضا عنه ان الشفعة في الدين يكون على الإنسان فيبيعه من أجنبي ان الذي عليه الدين أحق به وهذا ليس من باب الشفعة وإنما هو من باب نفي الضرر والمكاتب على هذا القول وهذه الرواية عن مالك هو أحق بما بيع من نجومه من مبتاعها والصواب عند النظر انه لا شفعة الا فيما تضرب فيه الحدود عند القسمة
واختلف أيضا في الشفعة في الكراء قول مالك وأصحابه فمنهم من نفى ذلك ولم يوجب فيه شفعة ومنهم من أوجبها وقال ابن القاسم عن مالك في الأرض تكون بين الشريكين فيكري أحدهما حصته منها للزرع ان شريكه أحق بها من المكتري والصحيح عندي أنه لا شفعة في ذلك وقد روى ذلك أهل المدينة عن مالك وقوله في الموطأ ما لا يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه إنما الشفعة فيما ينقسم ويحد من الأرضين فيشهد لما قلنا قال مالك لا شفعة في

بقل ولا في زرع ولا في تمر قد جذ وحصد في الأرض وأما الشفعة في التمر المعلق قبل جذاذه إذا كان بين شركاء مالكين لا صلة بابتياع أو مساقاة أو غير ذلك من أنواع الشركة في الثمرة فيبيع أحد الشركاء حصته خاصة منها فلكل من شركه فيها الشفعة على قدر حصته هذا هو المشهور من قول مالك وهو تحصيل مذهبه وقد نفت طائفة من أصحابه وجماعة من أهل المدينة الشفعة في ذلك لأنه ليس بأصل

باب من له الشفعة ومن هو أولى بها
لا شفعة إلا لشريك في مشاع من الأصول وأما الجار قرب أو بعد حاذى أو لم يحاذ فلا شفعة له ولا لصاحب علو على سفل ولا لصاحب سفل على علو ولا لمالك موضع خشب في حائطه والشفعة لكل شريك صغيرا كان أو كبيرا ذكرا أو انثى مسلما أو ذميا وهي بين المسلم والذمي كهي بين المسلمين وكذلك المستحق عليه الشفعة تلزمه حاضرا كان أو غائبا كبيرا أو طفلا أو بأي وجه عوض عن الشقص وملك به من بيع أو اجارة أو صداق أو هبة لثواب أو دية جرح أو قيمة متلف أو نحو ذلك من العوض فالشفعة فيه واما من ملك شقصا بغير عوض كالميراث والصدقة والوصية والهبة لغير

ثواب فلا شفعة للشريك في شيء من ذلك فإن أثيب الواهب بعد ذلك لم يكن فيه شفعة لأنه في ابتدائه لم يكن على ثواب ومن تزوج امرأة بسهم من دار أو عقار ففيه الشفعة بالقيمة لا بمهر المثل ولو صالح عن دم عمد على شقص من دار فالشفعة فيه بقيمة السهم ولو كان الصلح من دم خطأ كانت الشفعة فيه بالدية ولا تجب الشفعة إلا بعد تمام صفقة المشتري ولا يضره لو أذن للمشتري في الشراء أولا وأسقط عنه الشفعة إذا كان ذلك قبل الشراء وسواء أشهد عليه المشتري أو لم يشهد وكذلك شهادته في البيع لا تسقط شفعته فإن ساوم الشفيع والمشتري في ذلك الشقص بعد تمام البيع سقطت شفعته وكذلك لو ساومه في كراء ذلك الشقص منه سقطت شفعته وروي ذلك أيضا عن مالك ولو أسقط عنه الشفعة بعد تمام البيع وسقوط الخيار ولو باع نصف دار له بيع خيار ثم باع النصف الاخر بيعا بتلا كان لصاحب البيع البتل الشفعة ان كان الخيار للمبتاع واختار تمام البيع وان كان الخيار للبائع فاختار رد البيع فلا شفعة في ذلك وإذا وجبت الشفعة بتمام الشراء للمشتري فلا يسقطها عن الشفيع تحبيس المشتري لها ولا تصدقه بها ولا هبته ولا اسكانه ولا وصيته بها ولا اقالته منها ويأخذ الشفيع ذلك كله بالثمن ويبطل كل ما فعله المشتري من ذلك كله الا أنه يلزم المشتري فعله لأنه مالك ملكا صحيحا إن أبى الشفيع من الشفعة فإن باعها

المشتري قبل قيام الشفيع كان الشفيع مخيرا في أخذها بأي صفقتين شاء والشفعة تجب بالبيع التام وتستحق وتملك باداء الثمن وأهل الغرض المسمى في الميراث إذا باع أحدهم حصته مما فيه الشفعة أولى بالشفعة فيه من العصبة وأن باع أحد العصبة نصيبه فشركاؤه بالتعصيب وذو الفروض المسماة كلهم سواء في الشفعة يدخل أهل الفرض على العصبة ولا تدخل العصبة على ذي السهم مع من شركه في السهم وقد قيل لا يدخل هؤلاء على هؤلاء ولا هؤلاء على هؤلاء وقيل يدخل كل واحد منهم على صاحبه لأن العلة الشركة والإشاعة وكل مذهب مدني مالكي والأول هو تحصيل مذهب مالك مثال ذلك رجل تخلف ابنتيه وعصبة وتخلف ربعا فو باع بعض العصبة حصته دخلت الابنتان مع سائر العصبة وان باعت احدى الابنتين كانت اختها أحق بالشفعة ولا يدخل معها فيها أحد من العصبة وكذلك لو كانوا اخوة ومات أحدهم وتخلف بنين فباع أحد البنين لم يشفع أعمامهم معهم وكانوا أحق بشفعتهم ولو كان أخوة لعلات فباع أحد الأشقاء دخل معهم الأخوة للأب في الشفعة لأن الأب يجمعهم وإذا تصدق رجل أو أوصى بشقص من دار لنفر فباع أحد أولئك النفر نصيبه مما تصدق به عليه أو أوصى له به دخل ورثة الموصي في الشفعة أن أحبوا مع شركاء البائع ولا يدخل أحد من أولئك النفر على الورثة فيما يتشافعون فيه وإذا كانت دار بين رجلين فتصدق أحدهما بحصته منها أو حبسها وباع شريكه بعد ذلك نصيبه فلا

شفعة للمتصدق عليه ولا للمحبس عليه إلا أن يشاء المحبس أو المتصدق أن يستشفع حصة شريكه على أن يلحق ذلك بالحبس أو الصدقة والا فلا شفعة له وإذا بيع السهم الذي فيه الشفعة مرارا فللشفيع أن يأخذ بأي الصفقات شاء فإن أخذه بالصفقة الأخيرة صحت الصفقات التي قبلها وان أخذه بالصفقة الأولى بطلت الصفقات التي بعدها اتفقت الأثمان أو اختلفت والاختيار إليه في العهدة والثمن وان أخذه بصفقة وسطا صح ما قبلها من الصفقات وبطل ما بعدها والشركاء في الربع وان كثروا إذا باع أحدهم حصته يشفع جميعهم أن شاؤا والشفعة بينهم على قدر حصصهم من الملك فإن طلب واحد منهم الشفعة وتركها الباقون وأراد أخذ مقدار حصته من الشفعة لم يكن ذلك له الا برضى المشتري وللمشتري أن يجبره على أخذ الكل أو الترك لأنه لا تفريق عليه في صفقته وإذا كانت دار بين رجلين أحدهما غائب فباع الحاضر حصته ثم باع الغائب حصته من بعد بيع الحاضر فان استشفع الغائب بشقص الحاضر كان ذلك له لأن الشفعة وجبت له يوم باع شريكه الحاضر حصته ولا يضره أن يكون ذلك بعد بيعه لحصته لأنه استحق الشفعة قبل ذلك في حين بيع الحاضر لنصيبه فإن شفع صارت الدار بين الغائب الذي باع حصته في مغيبه وبين مشتري حصة الغائب ولا يكون للحاضر ولا لمن اشترى منه شفعته فيما باع الغائب إذا شفع الغائب كما ذكرنا وقال ابن القاسم وطائفة معه من أصحاب مالك:الغائب والحاضر في ذلك سواء والعالم

بالبيع وغير العالم سواء وليس بيعه حظه بالذي يبطل شفعة قد وجبت له ولو أن أربعة نفر كان بينهم ربع فغاب أحدهم وباع الباقون حصصهم من الربع من رجل واحد في ثلاث صفقات صفقة بعد صفقة لكل واحد منهم فقدم الغائب فقام بالشفعة فله أن يأخذ أي صفقة شاء من الثلاث صفقات فإن أخذ الأولى فهي له خاصة ولا شفعة للمشتري فيها لأنه لا يملك قبل ما يستحق به شفعة وان أخذ الصفقة الثانية أو الثالثة وأبقى الأولى فقد صار المشتري له شريكا فيما استشفع من يريد لملكه للصفقة الأولى بشراء ومن باع سهما من دوره شركة صفقة واحدة وشفيعها واحد وأراد أن يأخذ بعض ذلك دون بعض فليس له ذلك إلا أن يأخذ الجميع أو يتركه ولو كان للسهم المبيع شفعا غيره عدة فترك بعضهم الأخذ بالشفعة لم يكن لمن أراد أن يأخذ بالشفعة إلا أن يأخذ الجميع أو يتركه وكذلك الحاضر إذا كان شريكه في الشفعة غائبا يأخذ الكل فإن قدم الغائب أخذ منه حصته وشفعة الغائب ثابتة لا يقطعها طول غيبته وشفعة الصغير ثابتة حتى يحتلم

باب أمد الشفعة لمن يراها
أمد شفعة المقيم سنة ويتلوم له شيئا نحو الشهر وما قرب منه وهو المشهور من المذهب فإن قام بعد شهور من

السنة أو عند رأس السنة فقد اختلف قول مالك في وجوب اليمين عليه فروي عنه أنه لا يمين عليه إذا كان قيامه في هذا الأمد وروي عنه أنه لا بد من أن يحلف انه ما كان سكوته عن طلب الشفعة مع علمه بها تركا منه لها وكذلك يشفع وسواء كان قريبا أو بعيدا ولو بعد جمعة ونحوها وقد روي عن ابن القاسم وغيره أيضا عنه في الحاضر يمكنه الأخذ بالشفعة والقيام بها ولا عذر له فيتركها وهو عالم بمبلغ الثمن أنه لا شفعة له إذا ترك المطالبة بها وقال بهذا القول جماعة من أهل المدينة وقد روي عن مالك أيضا أنه لو قام بعد خمسة أعوام حلف أنه لم يكن سكوته تركا للشفعة ثم يكون له الشفعة وروي عنه الحاضر والغائب سواء لا تنقطع شفعة واحد منهما الا أن يسقطها أو يظهر منه ما يدل على اسقاطها وروي عنه أن السنة والسنتين والثلاث إلى الخمس ليست بطول ولا يمنع الشفيع لذلك شفعته الا أن يبني المبتاع في ذلك فيكون قطعا للشفعة أو يرفعه إلى السلطان فيأخذ أو يترك

باب جامع القول في الشفعة والعمل فيها
الوصي يشفع لمن يلي من الأطفال والأكابر السفهاء وإذا استشفع السفيه أو الصغير في صغره شفع إذا بان حسن نظره لأنه مصلح في فعله ولو صالح من دم عمد

على شقص من دار فالشفعة فيه بقيمة السهم ولو كان الصلح من دم خطأ كانت الشفعة فيه بالدية مكروهة ومن باع شقصا له من أرض ومع الشخص عرض عبدا أو ثوبا أو جوهرا أو دابة صفقة واحدة وقام الشفيع كان له أن يأخذ فيه الشفعة بحصته من الثمن وتفسير ذلك أن يفض الثمن على الشقص وعلى ما وقعت عليه الصفقة معه من العروض فما أصاب الشقص غرمه للشفيع وليس عليه أخذ العرض مع الشقص ومن اشترى سهما من عقار فيه شفعة بعوض أو حيوان فللشفيع أخذه بقيمة العرض والحيوان فإن كان العرض مكيلا أو موزونا أخذه بمثله ومن باع شقصا بدراهم وعرض وقام الشفيع فيه أخذه بقيمة العرض ومثل الدراهم الدنانير عينا أو وزنا فإن فات العرض كان القول في صفته قول المشتري مع يمينه ان لم تكن للشفيع بينه على الصفقة وتقوم على تلك الصفقة فإن نكل المشتري عن اليمين على الصفة كان القول قول الشفيع مع يمينه في ذلك فإن نكل عن اليمين استشفع بقيمة الشقص نقدا يوم وجبت الصفقة للمشتري لا يوم استشفع ولو عقد المشتري في الشقص بثمن ثم جاء البائع لقبضه فأعطاه فيه عرضا وقام الشفيع لم يلتفت إلى ما أخذه البائع وشفع أن أحب بالثمن الذي وقعت عليه الصفقة
ومن ابتاع شقصا من دار أو حانوت فباع منه نقضا أو أبوابا أو نحو ذلك وقام الشفيع فض الثمن على الدار

وعلى ما باع منها وحط منه مقدار ما باعه المشتري ولم يكن للشريك فيما باع شيء وإذا فات بالبيع فإن أدركه قبل أن يباع أخذه من الدار وهذه سبيل كل ما كان من هذا المعنى ومن هذا رجل اشترى أصول شجر فيها ثمرة لم يبد صلاحها ثم قام فيها شفيع وقد بدا صلاحها فلا شفعة له في الثمرة ويفض الثمن على الحصة من الأصول وعلى الثمرة التي لم يبد صلاحها فما أصاب الأصول من ذلك غرمه الشفيع وأخذ شفعته ولا حظ له في الثمرة وحط عنه مقدار قيمتها وكذلك سائر الأصول ومن اشترى شجرا لا ثمر فيه ثم أثمر قبل قيام الشفيع وقام الشفيع والثمرة في رؤوس الشجر فهي له وعليه مع الثمن قيمة ما سقاها المشتري ان كان سقيا هذا ما لم يبد صلاحها فإن لم يقم بشفعته حتى بدا صلاحها فلا شيء له من الثمرة وما استغله المشتري من ضروب الغلات قبل قيام الشفيع فهي له دون الشفيع ولا يسقط عن الشفيع لذلك شيء من الثمن ولو كان في الحائط والجنان المبيع منه النصيب دواب أو رقيق أو آلة وقام الشفيع يريد أخذ حصته من الحائط خاصة دون الرقيق والدواب والآلة لم يكن له إلا أن يرضى بذلك المشتري فيكون بمنزلة بيع حادث ومن اشترى نصيبا تجب فيه الشفعة بدين وأراد الشفيع أخذ الشفعة بمثل الثمن نقدا كان له ذلك وان أراد أخذها للأجل وكان مليا ثقة حكم له بها والا فلا إلا أن يأتي بحميل ملي ثقة وينظر الشفيع بالثمن اليوم واليومين والثلاثة كثر المال أو قل

فإن جاء بالمال والا قضي عليه ببطلان الشفعة وقد قيل ينظر ويمهل على قدر كثرة المال وقلته والاول أشهر عنه وللمشتري أن يرفع الشفيع إلى الحاكم فيأمره بالأخذ أو بالترك فإن أبى الأخذ أو الترك حكم عليه الحاكم بسقوط الشفعة والشفعة موروثة عمن تجب له ولا يجوز بيعها ولا هبتها لمن يقوم بها ممن لا شركة له في الأصل ومن لا ملك له في رقبة الاصل فلا شفعة له وإنما وردت السنة بالقضاء بها للشريك ان أحبها فإما أخذها لنفسه وإما تركها وليس لزوج المرأة أن يجبرها على أخذ الشفعة ولا يجوز لمن ليست له شفعة أن يطالب بها لغيره ومن صالح عن انكار شقص مشاع لم يكن فيه شفعة ولو كان على اقرار شفع فيه ولا بأس أن يصالحه على بعض ما اشترى بقسطه من الثمن ولو جهل ثمن الشقص المبيع فذلك على وجهين ان كان لطول الزمان فالشفعة منقطعة وان لم يكن كذلك ولكن كانت المدة قريبة فللشفيع أخذ الشقص بقيمته هذا قوله في الموطأ وهو تحصيل مذهبه وقد روي عنه أنه ان جهل ثمن الشقص حلف المشتري أنه ما يعرفه ولقد نسيه وما غيب ثم تبطل الشفعة للجهل بالثمن والقول الاول عليه العمل والعهدة في الشفعة للشفيع على المشتري دون البائع وعليه تنصرف وإياه يطالب في الاستحقاق والعيوب لا البائع وسواء أخذ بالشفعة قبل القبض أو بعده فإن ولاها المشتري او أشرك فيها فعهدته على من شاء منها

واختلف قول مالك في الذي تكون العهدة عليه في الاقالة فمرة قال العهدة على المشتري والاقالة باطلة ومرة قال إنه بالخيار فإن شاء كتبها على البائع وان شاء على المبتاع وما بنى المشتري أو غرس أو عمر فعلى الشفيع أن يعطيه جميع نفقته من الثمن أن أراد الشفعة ومن أشترى أرضا فزرعها وجاء الشفيع فعليه الثمن وله مثل كراء الارض على الزرع ولا شيء له في الزرع وهذا ان شفع في وقت تمكنه الزراعة فيه لو أرادها فأما إن كان وقت الزراعة قد فات فلا شيء له من كراء الارض وعليه الثمن ومن ادعى شفعة في سهم ذكر ان شريكه باعه وأقر البائع بذلك وأنكر المشتري ولم تقم بينة بالشراء وحلف المشتري أنه ما اشترى فليس للشريك الطالب شفعة باقرار البائع ولو أقر المشتري بشراء شقص فيه شفعة وطلبها الشفيع والبائع غائب ولا بينة للمشتري بالشراء لم يقض على المشتري بالشفعة للشفيع باقراره ولو قدم رب الدار فأنكر البيع كان له الكراء ولو قضى الشفيع على المشتري بالشفعة فسكن الدار لم يكن على الشفيع كراء لأنه سكن بشبهة والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي ثابتة في مال الحي والشفعة بالثمن دون القيمة فإذا وقع البيع بعرض قوم العرض لأنه الثمن ولم يقوم الشقص الا في النكاح فإنه يقوم الشقص إذا وقع النكاح عليه لأن الاغلب في النكاح المكارمة دون المكايسة فكأنها ضرورة الى تقويم الشقص وتفسير قوله الشفعة بين الشركاء على قدر حصصهم

من الملك أن تكون دار بين ثلاثة رجال لاحدهم نصفها وللثاني ثلثها وللثالث سدسها فيبيع صاحب النصف فيكون لصاحب السدس ثلث حصته بالشفعة ولصاحب الثلث ثلثاها وعلى هذا العمل في كل ما كان مثل ذلك وبالله التوفيق

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
كتاب القسمة

باب قسمة الارضين والرباع
القسمة على ضربين لا ثالث لهما القرعة والتراضي فالقرعة لا تكون إلا فيما جمعه الصنف وتقارب ولم يتباعد وصح فيه الاعتدال بتعديل من يعرف ذلك والتراضي أن يتراضوا على أن يأخذ الواحد الشيء والآخر خلافه كالبيع وهذا إنما يصح من المالكين الجائزي الأمر وأما المكيل والموزون فلا يحتاج الى قرعة والعمل عند مالك في قسمة الارض والكروم والرباع والجنات والدور إذا أراد أربابها قسمتها أن ينظر فإن كانت متجاورة

أو قريبا بعضها من بعض وكانت متساوية في الجودة والرداءة جمع حق كل ذي سهم في موضع منها وأن كانت يبعد بعضها من بعض قسم لكل انسان بحظه في موضع منها ولا يجمع حقه كله في موضع واحد إذا كانت كذلك وسواء كانت متساوية القيم أم متباينة إذا كانت متباعدة بعضها من بعض وكانت مواضعها متباينة في الزهد والرغبة وان تقاربت الدور في الرغبة فيها والزيادة لتشابه أماكنها جاز أن يضم بعضها الى بعض في القيمة واذا اختلفت الارض فكان منها ما يسقى بناضح ومنها ما يسقى بعين ومنها ما يكون بعلا قسم كل حائط منها على حدته وان كان أمرها واحدا وتقاربت أماكنها وكانت الرغبة فيها والزهادة سواء ضم بعضها الى بعض في القسمة ولم يلتفت الى من كره ذلك منهم وللحاكم النظر في ذلك وهذا كله قسمة القرعة والاعتدال ولا قرعة في مكيل ولا موزون واما قسمة التراضي والتخاير فيقسمون كيف شاؤا تفاوتت المقسومات أو تقاربت وتقسم الدور وغيرها من سائر المقسومات على سهم أو أسهم ما لم يكن أهل فرض مع عصبة او أهل فرض مع غيرهم فإن خرج السهم الذي لصاحب السهم الكبير ضم اليه مما يليه حتى يستوي حقه فإن خرج لمن له ذلك القدر من الشركاء أخذه وأقرع بين الباقين حتى يستوفوا حقوقهم فإن كان أهل فرض أو عصبة مثل الأخوة للأم والزوجات ونحوهم مع العصبية فأراد أحد الأخوة أو الزوجات أو أحد العصبة أن يقسم له بحصته خاصة دون إخوته

فليس ذلك له ولكن يقسم له وخوته ولإخوته في موضع واحد الثلث للإخوة والثمن للزوجات واذا اختلف المتقاسمان في القرعة فأراد أحدهما أن يقرع على جهة وأراد غيره جهة سواها أقرع بين الجهتين فأيهما خرجت قرعتها أسهم عليها فإن كان المقسوم جنانا مختلفة الغرس أو كانت أرضا أو قطع كرم أو جنات تزيد قيم بعضها على بعض قومت كل قطعة وعرف فضل قيمتها على الاخرى ثم أقرع بينها بعد ذلك ولا تجوز القرعة الا بعد التساوي في القيم فإن اختلفت القيم عدلت بعرض من غيرها أو بدراهم ومن كان له موروث بعد موروث أو نصيب بعد نصيب شراء أو غيره جمعت له حصصه كلها في موضع واحد ولم يكن له ان يأبى عن ذلك ولا لشركائه أن يمنعوه من ذلك ولو أراد ذو السهم أو ذو السهمين أخذ حقه في موضعين لم يكن له ذلك وجمع حقه في موضع واحد وإذا كانت الدار مختلفة البيوت قسمت بالقيمة وعدلت وضرب عليها بالسهام إلا أن يتخاير أربابها واذا عدلوا بيوت الدار وعلوها وسفلها بالقيم واقتسموها بالسهمان على القيم رد كل من لحقه فضل على شركائه ما يجب لكل واحد منهم وإذا اختلفت اجناس المقسوم لم يجز اقتسامه بالقرعة حتى يكون أرضا كلها أو دورا كلها أو عبيدا كلهم أو ثيابا كلها ولا يجوز أن يقرع في عبد ودار واذا خرج السهم لزم صاحبه ولم يكن له ان يأبى من قبوله واذا قسم بنيان الدار وتركت عرصتها ليرتفق بها إلا أن

تكون العرصة متى اقتسمت صار لكل فريق منهم حظ ينتفع به منها فتجوز حينئذ قسمتها أو يفتح كل ذي سهم في نصيبه بابا الى موضع العرصة فيجوز اقتسامها على هذا ايضا فإذا قسمت الدور وتركت العرصة ترفقا ثم أرادوا قسمتها قد اختلفت قول مالك في ذلك فمرة قال لهم ذلك ومرة قال لا يقسم ويترك مرفقا لجماعتهم وروى ابن وهب عن مالك تلخيص ذلك قال إذا كانت الدار ذات البيوت اقتسمت وتركت عرصتها ثم ارادوا بعد ذلك قسمتها فإن كانت البيوت لا حجر لها كان لهم قسمة العرصة ليتخذوا منها حجرا على بيوتهم وان كانت البيوت المقتسمة لها حجر ليستر بها وتلك العرصة مناخ ابلهم ومرفقهم فتلك لا تقسم
ولا يجمع القاسم حصص رجلين أو ثلاثة في سهم واحد الا برضاهم ولكن يقسم لكل واحد حقه على حدة وكل من طلب القسمة من الشركاء في دار أو أرض كان له ذلك فإن أبى شركاؤه اجبروا على القسمه حتى يأخذ كل واحد حقه وسواء طلب القسمة واحد أو أكثر فإن كان الربع صغيرا لا يحتمل قسمه ولا يحصل لاحدهم ما ينتفع به فقد أجاز مالك قسمته لمن دعا الى ذلك ويقسم البيت والحانوت والحمام والدار وان لم يكن لبعضهم الا ما لا ينتفع به لم يختلف في ذلك قول مالك وقال بقوله طائفة من أصحابه بالمدينة منهم ابن كنانة فخالفه في ذلك أكثر أصحابه على

ما يأتي في الباب بعد هذا ان شاء الله فإن كانت الشركة في ثوب واحد او سفينة او دابة أو عبد أو غير ذلك مما لا ينقسم ولم يتراضوا بالانتفاع به على الاشاعة وأراد احدهم البيع وأبى الآخر أجبر الذي ابى البيع على البيع وقيل له أما بعت وأما أخذت انصباء شركائك بما تبلغ من الثمن فإن امتنع من هذا وأبى اجبر على البيع حتى يحصل الثمن فيتقاسما فإن كانت جماعة رقيق أو ثياب اقتسمت بالقرعة والقيمة اذا كانت تحتمل القسمة على سهم اقلهم وكل مالا يجبر على قسمة فلا يجوز أن يسهم عليه وما يجبر على قسمة فلا بأس بالاسهام عليه قال ابن القاسم لو كان المقسوم دار مجتمعة ليس لها الا باب واحد فوقع الباب في القسمة في حظ أحد الشركاء كان لسائرهم الدخول والخروج منه شرطوا ذلك أم لم يشترطوه فإن اشترط بعضهم أن لا ممر له بالباب نظر فإن كان لمن يشترط ذلك فناء ينفذ فيه بابا جاز اشتراطه وإلا كان شرطه باطلا ولو صار في نصيب احدهم علو لم يجز اشتراط صاحب السفل طريقا له عليه إلا اذا لم يجد طريقا غيره ولو اقتسم أهل الحجر الداخلة فأرادوا فتح ابواب في منازلهم لم يكن لك لهم لأنهم إنما يملكون الممر دون ما سواه ولو أراد رب الحجرة الخارجة تحويل بابها الى موضع هو ابعد لم يجز ذلك له إلا أن يكون موضعا قريبا لا ضرر فيه على مستطرقه وإذا كان في الحائط فحل نخل أو فحول تركت ليؤبروا بها نخلهم وإن لم يقتسموها

ويكونون فيها على انصبائهم وكذلك البئر وإذا اقتسم قوما أرضا لها شرب فالشرب بينهم على قدر حصصهم من الارض الا ان يتقدم لاحدهم فيه فضل واذا اقتسموا دارا في زقاق غير نافذ لم يكن لاحدهم أن يفتح بابا حيال باب صاحبه بغير رضاه لأن القسمة وقعت على ارتفاع كل واحد منهم بما يقابل بابه وان كانت سكة نافذة جاز ذلك لمن أراد منهم ويجعل الطريق عند القسمة مما يدخله الحمولة ولا يضيق بأهله وليس في ذلك حد عند مالك

باب جامع القسمة
ولا بأس بقسم الغائبات على الصفات ويقسم الحاكم على الغائب اذا طالت غيبته وعلى الصغير الذي لا وصي له ولا ينتظر قدوم الغائب ولا يكتب اليه وليس كل من يكتب اليه يأتي ويقسم الحاكم عليه كما يقسم على الصغير ولا بأس بقسمة الوصي على الصغير إذا كان له في القسمة حظ ونظر ولا تجوز قسمة على بالغ الا بإذنه ومن جهل ميراثه لم يجز أن يقسم عليه وتجوز قسم البالغين الذي يلون انفسهم لما ارادوا قسمته على التراضي بينهم من غير قرعة ان شاؤا ويقسم البيت الصغير والحمام أذا دعا احد الشركاء فيه

الى القسمة وسواء صار له أو لصاحبه من ذلك ما فيه منفعة أولا هذا قول مالك وخالفه في ذلك أكثر أصحابه وقد احتج مالك في ذلك بظاهر كتاب الله عز وجل : {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً} النساء الاية7
وخالفه ابن القاسم وغيره فقال لا يقسم بينهم الا ما ينتفع به كل واحد وإلا بيع عليهم واقتسموا ثمنه والحجة عندي لمذهب ابن القاسم ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : "لا تعضية لأهل الميراث الا ما حمل القسم" ذكره ابن وهب قال اخبرني ابن جريج عن صدقة بن موسى عن محمد بن ابي بكر بن عمرو بن

حزم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفسره أبو عبيدة وغيره بأن الشيء إذا لم يحتمل القسم لم يقسم ولم يفرق عن حاله ويترك ميراثا على وجهه أو يباع ويقسم ثمنه
ومن الحجة ايضا في ذلك ما روي من قوله صلى الله عليه

وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" وما لا ينتفع به عند القسمة فالقسمة فيه ضرر وقال بعض أصحاب مالك ان دعا صاحب النصيب الكبير الى القسمة لم يجب إذا خالفه صاحب النصيب الذي لا منفعة له فيه وان دعا صاحب القليل الى القسمة جازت قسمته وما كان مثل الدابة والعبد والسفينة وما لا يمكن قسمته بين الشريكين أجبروا على التقاوم أو على البيع وصاحبه أولى به بأقصى ما يبلغ في النداء ان أراده ويقسم أصول الشجر التي فيها الثمر بالقيم ويترك ثمرها حتى يجذ فيقسمونه كيلا من كل صنف على حدته لا يجوز غير ذلك ولا يجعل الرديء أكثر كيلا من الجيد لأنه بيع ولا تجوز قسمة شيء من الثمار في رؤوس الشجر غير النخل والعنب لأنهما فيها الخرص وقد عرف خرصه هذا أصل قول مالك وتحصيل مذهبه وبه أقول وقد روي عنه وعن طائفة من أصحابه إن عرف وجه الخرص في سائر الثمار واحتاج اهلها الى قسمتها واختلف أغراضهم فيها فكان بعضهم يريد الاكل ويريد بعضهم التزبيب وبعضهم البيع جازت القسمة بينهم بالخرص والتحري وان لم تختلف أغراضهم فلا تجوز قسمتها الا كيلا أو وزنا في الارض والقول الاول أصح في قياس الاصول ولم يتخلفوا ان قسمة البقول لا تجوز لما يلحقها من الجوائح فيؤل

ذلك الى بيع بعضها ببعض متفاضلا ولا تجوز قسمة الزرع أخضرا ولا يابسا حزما ولا مدروسا حتى يصفى ويقسم حبا بالكيل ولا يقسم جزافا ولا بظرف يتسع أحيانا كالقفة والغرارة وإنما ينقسم بمثل القصعة والجفنة والقلة والمد وأجازه بعض أصحاب مالك وزنا إذا كان حبا مرفوعا في بقعة واحدة قال ابن القاسم ويجوز اقتسام الزرع قبل بدو صلاحه على التجري إذا أريد قطعه لوقته فإن أخر أحدهما حصته فسدت القسمة بينهما وكان على الذي حصد نصف قيمه ما حصد لشريكه وله الرجوع بنصف ما أبقى شريكه وإذا انهدم بيت بين رجلين فلم يبن أحدهما قاسم او باع وما كان من الدواب والعبيد فالتقويم فيها والقسمة على القيمة اةلى وأما ما يصعب تقويمه مثل الغنم والثياب وشبهها مما يدق أمرها ويكثر فإنه يضم بعضه الى بعض التعديل ويقوم ويستهم عليه وتقسم المائعات كلها بما جرت به العادة في بيعها في البلدان من الظروف والاكيال اذا علم أن ذلك لا يشف بعضه على بعض والقسمة بيع من البيوع وقد مضى في أحكام البيوع ما هو أصل هذا الباب ومن ادعى غلطا في قسمة التعديل والقرعة لم تنقض له القسمة وسئل البينة على ما ادعاه فإن أتى ببينة حكم به له بها ورجع ما شهدت به في ذلك وعادت الاشاعة فيه
ولا بأس باستئجار القاسم وتطيب له اجرته إذا اجتهد وتصح بمبلغ جهده وأجرته على عدد الرؤوس على قدر

الانصباء لأن تعبه في اخراج السهم الصغير كتعبه في اخراج الكثير هذا تحصيل مذهب مالك وروي عنه وعن طائفة من أصحابه أن الاجرة في ذلك على قدر الانصباء وفي باب جامع القضاء في الدعوى في كتاب الاقضية حكم قسمة الورثة ديونهم عند الغرماء وفي كتاب الشهادات حكم شهادة القسام وقال مالك في رجل كانت عنده وديعة لقوم أمره القاضي بدفعها اليهم وان يكتب بينهم وبينه وثيقة بذلك ان الاجرة عليه وعليهم لكاتب الوثيقة

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
كتاب الصلحالصلح جائز بين المسلمين الا صلحا احل حراما او حرم حلالا ويجوز الصلح عند مالك بين المتطلبين على الاقرار وعلى الانكار إذا كان طوعا من كل واحد منهما لا يدخله اكراه والصلح كالبيع فما جاز في البيع جاز في الصلح وما امتنع في البيع امتنع في الصلح واذا كان بين الشريكين دراهم ودنانير وفلوس وعروض فيتصالحا على دنانير يعطيها احدهما صاحبه عن نصيبه في ذلك كله لم يجز الا ان يكون ليس فيما بين أيديهما من الدنانير غير ما أعطاه وتكون الدراهم أقل من صرف دينار ولم يكن بينهما دين والا لم يجز ولا بأس أن يصالح الرجل غريمه من ذهب له عليه على ورق يأخذها منه ومن ورق على ذهب اذا كان دينه حالا وأخذ منه العوض في الوقت قبل أن يفارقه

ولا يجوز أن يصالح على دعوى الذهب بورق آجلة وعلى دعوى الورق بذهب آجلة وان طالبه بدنانير جاز ان يصالحه منها على دنانير وكذلك من الدراهم على الدراهم لأن من حط وأخذ فقد أحسن وليس ههنا بيع ولا صرف ولو كان عليه مثقال ذرة وعشرون درهما أو زائدا من الدراهم جاز أن يصالحه من ذلك على دنانير لانه أخذ ديناره وأخذ دينارا آخر مكان الدراهم وترك الفضل فإن أخر الدينارين أو احدهما لم يجز ومن استهلك لرجل درهما مضروبا جاز له أن يصالحه على وزنه فضة غير مضروبة اذا كانت في الجودة مثل فضة درهمه فإن كانت أجود أو دون لم يجز ولو كان الدرهم غير مضروب لم تبال كانت الفضة اجود او ادنى لانه تبر بتبر وزنا بوزن ولو مات رجل وتخلف دنانير او دراهم وعروضا وديونا وصالحت امرأته سائر ورثته على دنانير يدفعونها اليها لم يكن بذلك بأس اذا كانت الدنانير من مال الميت فإن كانت أموالهم لم يجز الصلح بينهم إلا ان يكون مقدار حصتها منها وقد قيل ان كانت الدنانير او الدراهم التي صالحها الوارث عليها من غير التركة لم يجز قلت أو كثرت وإن كانت من التركة نظر فإن كانت قدر مورثها او أقل جاز وان كانت أكبر لم يجز فإن أرادوا عقد الصلح معها احتاجوا ان يذكوا جميع ما يجب لها من تركة الميت ثم يبتاعون جميع حقها من التركة بعروض لا دنانير فيها ولا دراهم وتكون العروض مخالفة للعروض التي على الغرماء ان كانت

الديون عروضا وان كانت للميت ديون فصالحها الورثة على دنانير يدفعونها اليها ويأخذون الدين لأنفسهم لم يكن ذلك جائزا الا ان يكون جميع التركة دنانير دينا فجعل لها من ذلك حظها منها في مثل السكة والعين ولو ان لرجل على رجل كذا من طعام وعشرة دراهم فصالحه من ذلك على احد عشر درهما جاز ذلك ان كان الطعام قرضا وان كان بيعا لم يجز ولا يجوز لمن له طعام من بيع او سلم على رجل ان يصالحه من طعام على دراهم يؤخرها او يعجلها لأن ذلك بيع الطعام قبل يستوفي ولو كان لرجل على رجل دين لم يجز لانه يكون دينا بدين فإن صالحه من الدين على شيء حال جاز وكذلك لو صالحه من مال حال على دين جاز ولو شرط لغريمه أنه إن جاءه بدينه لوقت يسميه أخذ منه بعضه وحط عنه سائره وإلا فالدين بحاله كان شرطا جائزا ومن باب بالدين لرجل ان يصالح من دينه على ثياب موصوفة في الذمة أو على أنه بالخيار في الثياب يوما أو أياما او على سكنى دار أو خدمة عبد او ثمرة لم تجذ أو زرع لم يحصد كل هذا لا يجوز ان يصالح فيه على دين أو من دين وأجاز أشهب من هذا الباب كل ما شرط في قبضه سكنى دار او غيرها أو جذاذ ثمرة بعد بدو صلاحها وإن لم يقبض جميعه ومن ابتاع سلعة فظهر منها على عيب جاز ان يصالح عنه بما شاء ولو كانت السلعة عبدا آخر جاز ومن كان له على رجل مال حال فصالحه على

اسقاط بعضه واخذ بعضه او تأخير بعضه جاز ولو كان آجلا فصالحه على تعجيل بعضه وإسقاط بعضه او على اسقاط بعضه وتأخير بعضه لم يجز فإن كان اسقاط وتأخير الى اجل بعينه جاز ولا يجوز أن يصالحه من مائة آجلة على خمسين عاجلة لأنه وضع تعجيل وكذلك لو تكفل رجل عن رجل بألف درهم فأعطاه منها قبل محل الأجل دون الأف لم يجز لأنه وضع وتعجيل ولو كان محل الاجل جاز ورجع على من ضمن عنه بما أعطى وكذلك لو صالحه على سلعة رجع بقيمة السلعة الا ان تكون قيمتها أكثر من الالف فلا يكون له على كفيل اكثر منه ولا بأس ان يصالح الرجل على ابنته البكر في ميراثها من زوجها اذا لم يكن الميراث عينا ناضة فإن كان عينا ناضة لم يجز أن يصالحه على بعضها ومن ادعى حقا في دار أو أرض في يد رجل فصالحه منه فإن جهلاه جميعا جاز ذلك وان عرفه المدعي وحده لم يجز حتى يسميه وقد قيل انه لا يجوز شيء من ذلك كما لا يجوز في البيوع الا ان يصالحه على فداء يمينه في تلك الدعوى وجائز التأخير في قيم العروض المستهلكات كلها في الصلح ولا تجوز النظرة ان يصالح عن العروض بعرض مثله في صفته ولو غصبه عبدا فأبق من الغاضب فللمغضوب ان يصالحه منه على دنانير او دراهم معجلة او مؤجلة أو عرض معجل ومن حط عن رجل بعض حقه وأبقى بعضه عليه صلحا ثم اراد الرجوع فيما وضع عنه وأسقطه لم يكن ذلك ويلزمه ما فعل

كتاب الاستحقاق
معنى الاستحقاق أن يقضي للرجل ببينة بالشيء يدعيه في يد غيره بعد ان يحلف انه ما باع الشيء ولا وكل على بيعه ولا وهبه ولا تصدق به وان ملكه ثابت عليه الى وقته ذلك واذا حلف مع بينته التي شهدت له بملكه رجع الذي استحق على من باعه منه او على من شركه في ميراثه فقاسمه وان وهب له لم يرجع على الواهب بشيء وان كان اخذه من دين كان له رجع بدينه ومن ابتاع شيئا فاستحق من يده رجع على البائع منه بالثمن لا بقيمه الشيء المستحق ومن استحق من يد امرأة شيئا اخذته في صداقها رجعت بقيمته ولم ترجع بصداق المثل وكذلك لو كان المستحق عن فدان كان بين الزوجين أو استحق بدلا من شفعة والاستحقاق فيما اقتسم بمنزلة العيب يوجد في السلعة قليلا كان او كثيرا ومن باع عرضا بعرض وتقابضا ثم استحق احد العرضين بيد احدهما كان له الرجوع في عرضه الذي دفعه يأخذه ان وجده وإلا رجع بمثله ان كان له مثل وكان مكيلا

او موزونا والا رجع بقيمة العرض المستحق كالرد بالعيب سواء وهذا الحكم كله فيما ابتعته بعينه من طعام أو غيره وسائر العروض كلها وأما في المضمون فإنه يرجع بمثله في صفته والفوت في العرض الذي يكال أو يوزن أن لا يوجد أو يتغير عينه ويحول سوقه وليس حوالة الاسواق فيما يكال او يوزن فوتا ومن ابتاع طعاما بعينه على الكيل فهلك قبل الكيل بطل البيع فيه فإن هلك بعضه بطل البيع فيما هلك وصح فيما بقي ان كان الباقي جل الصفقة وان كان اقلها لم يلزم ذلك المشتري الا ان يشاء التماسك به بحصته من الثمن وما استحق من دار مبيع فإن كان كثيرا وهو الثلث فما فوقه كان للمشتري رد جميعا وان كان دون الثلث رد ما يخص المستحق خاصة وقال اشهب هذا في كبار الدور التي لايضر مبتاعها ما استحق منها ان كان جزء صغيرا فأما صغارها وما لاتصلح فيه القسمة فله رد الجميع وما استحق من عبد مبيع او ثوب يسيرا كان او كثيرا كان المبتاع مخيرا في النظرين إن شاء رد الجميع ورجع بالثمن كله وإن شاء رد المستحق منه خاصة ورجع بحصته من الثمن ومن اكترى دارا فاستحق جزء منها كان ذلك كالشراء ان كانت الشهور كلها سواء واذا نكحت امرأة على ارض او أمة أو دار أو عبد بعينه فاستحق شيء من ذلك رجعت بقيمته بخلاف البيع فإن استحق بعض ذلك فإن كان من

الارض النصف او شيء له بال ردت الجميع كالبيوع واخذت قيمته وان كان يسيرا رجعت بحصته من قيمته وكذلك العروض المنقسمه كلها وأما العبد أو الامة فإنه ما استحق في واحد منهما من قليل الاجزاء أو كثيرها فلها رده وأخذ جميع قيمته لضرر الشركة فيه وسواء كان ذلك كله قبل البناء او بعد ومن عمر أرضا بشبهة ينتفي عنه بها الغصب مثل أن يظنها مواتا ولا يظنها لاحد وبنى فيها ثم أتى من يستحقها كان له أخذها معمورة على ان يعطي العامر قيمة عمارته فيها وبنيانه فإن لم يقدر او أبى عن ذلك قيل للعامر او الباني أعطه قيمة أرضه غير معمورة ولا مبنية فإن لم يقدر أو ابى كانا شريكين في الارض والبناء والعمارة على قدر قيمة الارض بغير عمارة او بناء او قيمة العمارة والبناء بغير أرض ومن بنى في ارض قوم بغير اذنهم ثم استحقوها لم يكن لهم اخذها منه الا ان يعطوه قيمة بنيانه منقوضا في الارض فإن شاؤا ذلك وإلا خلطوا بينه وبين نقضه يأخذه ولا يكون له اخذ ما لا منفعه له فيه وليس له أن يردم البئر وله أن يأخذ طيها على ان يضمن ما افسد ومن اشترى دارا ثم استحقت وقد استغلها أو سكنها فليس عليه رد ما استغل منها ولا كراء في سكناها وهذا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخراج والغلة بالضمان" ومن زرع أرضا فاستحقت

فالزرع للمزارع وللمستحق كراء الارض فإن كان زرعها ظلما قلع زرعه ان كان في ابان الزراعة وان كان غرسها قلع غرسه ولهما ان يصطلحا فيه وان كان في غير ابان الزراعة فله الكراء وقد قيل انه يقلع زرعه أبدا كل ذلك قد قاله مالك وتحصيل مذهبه ان كل ما زرع بشبهة لم يقلع وفيه الكراء وما كان مغصوبا لا شبهة فيه فيقلع ما زرع وما غرس أبدا ومن اشترى أمة فأولدها ثم استحقها سيدها ففيها عن مالك روايتان احداهما ان السيد يأخذ الأمة وقيمة ولدها من واطئها يوم القضاء بالاستحقاق والرواية الاخرى أنه يأخذ قيمة من واطئها يوم فاتت بالحمل وتكون ام ولد له ولا شيء للسيد من ولدها وقيل يأخذ قيمتها فقط يوم وطئها والاول اصوب وقد قيل انه يأخذ قيمتها اذا استحقها وقيمة ولدها جميعا وهو قول ثالث والاول اصحها واشهرها عند الفقهاء والحكم في الأمة تغر من نفسها بالحرية فيتزوجها رجل على انها حرة ويولدها ثم يستحقها سيدها على حسب ما تقدم في المسألة قبلها على الروايتين جميعا

كتاب الاقرار
كل بالغ حر جائز الفعل رشيد فاقراره جائز على نفسه في كل ما يقر به في ماله في صحته وكذلك اقراره على نفسه في بدنه لما يوجب قصاصا أو حدا في مرضه وصحته سواء واقرار المحجور عليه والطفل لكل من أقر له باطل واقرار المسلم للكافر والكافر للمسلم والرجال للنساء والنساء للرجال سواء وكل من اقر لوارث او غير وارث في صحته بشيء من الاموال والديون أو البراءة أو قبض أثمان المبيعات فاقراره جائز عليه لا تلحقه فيه تهمة ولا يظن به توليج والاجنبي في ذلك والوارث سواء وكذلك القريب والبعيد والعدو والصديق في الاقرار في الصحة سواء ولا يحتاج من أقر او أشهد على نفسه في الصحة ببيع شيء او قبض ثمنه الى معاينة قبض الثمن ولا وجه له الا ان يكون المقر له ممن يعرف بالقهر والاكراه والتعدي ويأتي مدعي ذلك بما يعرف به صحة تهمته فليزمه اليمين حينئذ بأنه دفع الثمن ما تشهد به بينته واما اقرار المريض لبعض

ورثته في مرضه الذي مات منه فقد اختلف قول مالك في ذلك فمرة قال اقراره نافذ جائز حتى تتبين التهمة فيه بالتوليج وهو محمول على الجواز حتى تصح التهمة فيه بانقطاع او ميل او عداوة سائر الورثة هذا اذا كان ممن يورث كلالة واما من ورثه بنوه فلا تهمة تلحقه لغيرهم فإن أقر لاحد بنيه دون غيرهم اعتبر في ذلك ما ذكرنا مثل ان يقر للعاق دون البار فيجوز اقراره ولو أقر للبار لم يجز ومرة قال اقرار المريض لوارثه في مرضه الذي مات فيه محمول على الوصية لا يجوز الا لمن لا يتهم فيه او لمن يظهر له ما يدفع التهمة عنه مثل ان يقيم بينة انه كان يتقاضاه يطلبه في حياته وصحته بما اقر له به في مرضه ونحو ذلك فإن قامت بينة له بذلك قضي له به والا فاقرار المريض للوارث مردود اذا لم تؤمن صحته والاول أصح عندي واقرار المريض لغير الوارث ومن لا يتهم عليه كاقرار الصحيح ولو اقر لامرأته بدين في مرضه ثم صح فقال اردت باقراري ذلك التوليج لم يقبل قوله ولزمه اقراره وكذلك كل من أقر بدين في مرضه لمن يتهم عليه أو لا يتهم عليه ثم صح لزمه إذا أنكره وإن مات بعد صحته أخذ من رأس ماله ومن أقر لوارثه في مرضه ثم ولد له قبل موته من يحجبه عن الميراث صح إقراره فإن مات الولد وعاد وارثا فإقراره لازم له لأن الإقرار كالدين إذا ثبت مرة لم يبطل إلا بالخروج منه والإقرار للوارث ينبغي أن يكون موقوفا لا يقضي ببطلانه ولا بصحته حتى ينظر هل يصح أو

يبطل ولو أقر المريض لزوجته بصداق لم ينفعها ذلك إذا ورثتهكلالة أو كان بها صبا إلا أن يتبين انقطاعه عنها أو انحرافه إلى غيرها ولم يتهم فيها فإن كان ذلك جاز إقراره لها ومتى كان للميت ولد منها أو من غيرها نفذ إقراره لها بمهرها وبغير مهرها ولم يتهم مع الولد باتوليج لها وكذلك لو أقرت المريضة بقبض صداقها من زوجها لم يجز إقرارها لأنها تتهم أن يكون ذلك وصية له منها فإن لم تتهم في ذلك لأولادها منه أو من غيره جاز إقرارها وإقرار المريض الذي يورث كلالة للصديق الملاطف بدين غير جائز لا في رأس مال المقر ولا في ثلثه وقد قال إن ذلك جائز له في ثلثه كالوصايا فإن ورثه بنوه جاز إقراره على كل حال ومن أقر لغيره بشيء كان ذلك متصلا بالإقرار ومنفصلا عنه وفيها اختلاف كثير ولو أقر بوديعة لرجل وادعى أنه دفعها إليه كان مصدقا ولو أقر بدين إلى أجل كان القول قوله إلا أن يأتي بمستنكر من الأجل وقد قال إن القول قول المقر له أن قال أنه حال ويحلف والأول أصح لأنه لو شاء لم يقر ولا فرق عند مالك بين قول المقر أعطيتني أو أخذت منك ولو أقر بسرقة شيء يجب فيه القطع من ملك رجل وأننكر رب الشيء المسروق أن يكون له لزمه عند مالك قيمته والقطع بسرقته فإن شاء رب السرقة أخذها وإن شاء تركها ولو أقر لرجل بمال قراضا أو وديعة وقال قد تلفت وقال ربه بل كان قرضا وهو عليك كان القول قول رب المال المقر له هذا تحصيل

مذهب مالك ومن أصحابه جماعة يرون القول في هذا قول المقر مع يمينه وهو الأقيس إذا وصل قوله وقد تلف بإقراره ولو أقر أنه غصب كيسا فيه ألف درهم وادعى ربه أن فيه ألفين فالقول قول المقر هذا تحصيل المذهب ولو قال ربها غصبتها وقال المقر بل أودعتنيها فالقول قوله مع يمينه ومن أقر بعدد واستثنى منه في نفس كلامه قبل استثناؤه إن كان معروفا فيما يستعمل من كلام الناس وإن كان المقر عربيا أو بصيرا بلسان العربحمل على ما يجوز في اللسان ولو أقر رجل بالعبودية لغير من هو في يده لم يصدق في ذلك ومن أقر لرجل بسكنى دار وأن له عنده الكراء فليس ذلك مما يثبت له الملك إن طلبه حتى تشهد له بينة على أصل مكله ومن أقر في أمة هي بيده أنها ولدت من بائعها عتقت عليه كما لو ابتاع عبدا وأقر أن بائعه كان قد أعتقه ولو أقر رجل وعليه دين بأن أمته ولدت منه ولا يعرف ذلك إلا من قوله لم يصدق على ذلك فإن أدى الدين كانت أم ولده ومن أقر بأخ وأنكره أخوه أو أخوته لم يأخذ من نصيب من جحد شيئا ولم يثبت نسبه ولزم المقر به في نصيبه مقدار ما كان نصيبه لو أقر سائر الورثة ومن أقر بدين على ابنه حلف المقر له مع إقراره إن كان عدلا واستحق حقه وإن لم كين عدلا أو كانالقاضي لا يقضي باليمين مع الشاهد لزمه مقدار حصته من الدين ولو أقرت له بدين على زوجها لزمها من الدين بمقدار ما كان يجب عليها لو اعترف جميع الورثة وكذلك من أقر بوصية ومن أقر في

مال في يده أنه قراض وقال ربه أنه وديعة كان القول قول المقر لأنه لو لم يقر ما لزمه غير اليمين وفيها قول آخر لمالك وأصحابه أيضا أن القول قول رب المال أنه وديعة وفيها قول ثالث أنهم أيضا قالوا إن علم أن المقر حركه واشترى به وشرع في ذلك فالقول قول ربه لأنه لا يعمل فيه مودعا وأن لم يحركه فالقول قول المقر ولو أقر أحد الورثة بعتق عبد من الميراث وقال إن الميت أعتقه وأبى سائر الورثة من تصديقه وجب عليهم أن يبيعوا العبد فإذا حصل بيد المقر نصيبه من ثمنه اشترى به رقبة فأعتقها فإن لم تبلغ ذلك فنصف رقبة فإن لم يكن أعان به في آخر نجوم مكاتب ولو كانوا جماعة عبيد فأقر بعض الورثة على الميت أنه أعتق واحدا منم بعنيه لم يحلف ذلك العبد مع تلك الورثة ويستحق العتق لأن العتق لا يستحق بيمين وشاهد ولا بد فيه من شاهدين فإن اقتسموا العبيد فوقع المقر يعتقه منهم في حصة المقر أعتق عليه ومن أقر لرجل بعشرة دنانير ناقصة وزعم المقر له أنها لست بناقصة فالقول قول المقر مع يمينه ومن أقر لامرأته بدين من سلف أو مهر وقال قد قضيتك لم يقبل قوله إلا ببينة وليس ذلك كمثل ما يبيع لها ويشتري ويقبض فذلك وكالة منها له ليس في ذلك لها إلا يمينه ومن قال عند الموت لفلان عندي عشرة دنانير ولي عليه خمسة فأنكر المقر له بالعشرة أن يكون له عليه خمسة قضي له بالعشرة وعلى الورثة البينة الخمسة وهذا خلاف من أوصى لرجل بعشرة دنانير من ماله وقال لي

عليه خمسة فأنكرالموصى له الخمسة فهذا لا يقضي له إلا بالخمسة لأنه حيقن قال لي عليه مسة فلم يوص له إلا بالخمسة وروى عيسى عن ابن القاسم في رجل أتى مجلس قوم فقال أشهدكم أن لي على فلان كذا وكذا دينارا وفلان ذلك مع القوم جالس في ذلك المجلس فسكت ولم يقل نعم ولا لا ولا سأله الشهود عن شيسء فلما قام يطلبه انكره قال ابن القاسم ذلك لازم له إذا سكت ولم يقل لا وقال غيره لا يلزمه إلا أن يقول نعم ومن أتى قوما فقال أشهدكم أني قبضت من فلان المائة دينار التي كانت لي عليه ولا شيء لي قبله منها فلقي الشهةود ذلك الرجل فقالوا قد أشهدنا فلان أنه قبض منك المائة دينار التي زعم أنها كانت له عليك فقال كذب ما كان له علي شيء وإنما أسلفته المائة دينار التي ذكر فقال ابن القاسم والمخزومي القول قول الذي زعم أنه أسلفه مع يمينه إن لم تقم للآخر بينة وقال غيرهما القول قول المقر

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الشهادات

باب من تجوز شهادته
كل من كان حرا مسلما بالغا مؤديا الفرائض عالما بما يفسدها عليه لم تظهر منه كبيرة ولا جور بين ولا اشتهر بالكذب وعرف بالصدق في غالب حديثه فهو عدل جائز الشهادة إذا لم يدفع بشهادته عن نفسه ولا جر إليها ولا شفى غيظه وقال بعض أصحابنا شرط العدالة أن يكون الرجل مرضيا مأمونا معتدل الأحوال معروفا بالطهارة والنزاهة عن الدنايا وتوقي مخالطة من لا خير فيه مع التحري في المعاملة وإذا اتهم العدل لم تقبل شهادته لما جاء في الأثر لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين

ومن ظهرت عليه محبة قبول شهادته والحرص البين في نفوذها فهو عند مالك ظنين لما كان العدل يتهم بالجر إلى نفسه والدفع عنها لقول الله عز وجل في الإنسان {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (العاديات:8)
وكان يسره في أبيه وابنه ما يسره في نفسه لم تقبل شهادته لهما ومن هذا لم تجز شهادة الأب لابنه وإن علا ولا شهادة الابن وإن سفل لأبيه وإن كانوا عدولا على غيرهم وتجوز شهاده عليهم فإن شهد الابن لأحد أبويه على الآخر لم تجز أيضا إلا أن يكون منقطعا في العدالة عند مالك وقد قيل لا تجوز شهادته لأبيه على أمه بحال وتجوز شهادته لأمه على أبيه في الشيء اليسير إذا كان عدلا مبرزاوقد قال لا تجوز شهادة العدل لأحد أبويه على الآخر لأنه شاهد لأحدهما وكل ذلك عن مالك فإن شهد اثنان على أبيهما بطلاق مهما فإن كانت الأم مدعية بالطلاق لم تجز شهادتهما وإن كانت منكرة جازت شهادتهما لأنها شهادة على الأبوين جميعا وكل من لم تجز شهادته عليه فشهادته له جائزة إلا أنه اختلف قول مالك في شهادة الوصي على من يليه فمرة منع منها ومرة أجازها وإجازته لها هو الصواب وقال أن كان رضي وكان وصيا

على صغار بني رجل فشهد على الكبار والصغار منهم جازت شهادته ولم يختلف قول مالك أن شهادة الوصي لمن يليه غير جائزة ولا تجوز شهادة المرأة لزوجها ولا شهادته لها لما يجر إلى كل واحد منهما من النفع لصاحبه وتجوز شهادة كل واحد منهما على صاحبه وأما شهادة الأخ العدل لأخيه فجائزة معمول بها إلا أن يتهم ايضا والموضع الذي يتهمه فيه مالك أن يشهد لأخيه في النسب أو أن يكون منقطعا إليه يناله نفعه أو في دفع حد الفرية عنه مثل أن يشهد أن الذي قذفه أخوه عبد وشهادة الصديث الملاطف لصديقه إذا ناله رفقه غير جائزة وقد قال ابن وهب عن مالك لا تجوز شهادة الولد لمن يؤده إذا كان منقطعا إليه يتصل به نفعه قال وكذلك الأخ مع أخيه قال ولا تجوز شهادة عدو على عدوه مصارما كان له أو غير مصارم قال ولا تجوز شهادة عبد في مال ولا في حد ولا في شيء من الأشياء ومن شهد بشهادة لنفسه ولغيره لم تقبل شهادته له ولا لغيره لأنه إذا بطل بعض الشهادة بطلت كلها هذا أصح ما قيل عندهم في ذلك والله أعلم ولمالك ثلاثة أقوال في الرجل يشهد بوصية قد أوصي له فيها بشيء أحدها أن شهادته فيها باطلة كلها شهد معه غيره أم لا والآخر أنها جائزة في الوصية كلها إذا كان ما أوصي له به فيها يسيرا والثالث أنها جائزة لغيره باطلة في حظه لنفسه وهذا القول له حظ صحيح من النظر والله أعلم وشهادة الوصي على الميت جائزة إذا لم يكن فيها شيء يجره إلى نفسه والعدل إذا لم

يكن ولد رشدة وذلك بأن كان ولد زنى وولد الرشدة إن عرف أبوه جازت شهادته في غير الزنى ولم تجز في الزنى عند مالك لأنه موضع تهمة عنده ومن حفظ شهادته في حال كفر أو عبودية ثم أداها في حال الإسلام والحرية جازت إلا أن يشهد بها فترد ثم يعود لها فإنها لا تجوز عند مالك وأهل المدينة وروي ذلك عن عثمان بن عفان ولا مخالف له من الصحابة ولم يختلفوا أن من ردت شهادته لفسقه ثم صلحت حاله أنها لا تقبل تلك الشهادة وجائزة شهادة الرجل فيما حفظ صغيرا بعد بلوغه وأما قوله لا تجوز شهادة خصم فمثال ذلك رجلان شهدا على رجل أنهما زوجاه بتوكيله إياهما امرأة وهو ينكر فلا تجوز شهادتهما عليه لأنهها خصماه ومن أدمن اللعب بالشطرنج أو النرد واشتهر به لم تجز شهادته وقد قيل أن اللعب بالنرد إذا عرف به وإن لم يدمن لا تجوز له شهادة للحديث الوارد فيه نصا ومن ثبت عليه أن اللعب بالشطرنج ألهاه عن وقت الصلاة الواحدة حتى خرج وقتها كصلاتي النهار بغروب الشمس أو كصلاتي الليل بطلوع الفجر أو الصبح بطلوع الشمس لم تقبل شهادته حتى يتوب وهذا معنى ما رواه ابن نافع عنم مالك ومن ترك الجمعة ثلاث مرات متواليات من غير عذر سقطت شهادته وقد قيل مرة واحدة عامدا من غير عذر تسقط الشهادة والأول أولى

إن شاء الله ومن شر المسكر غير متأول ولم يبلغ مبلغ السكر منه أو أكرى حانوته من بائع النبيذ المسكر لم تجز شهادته وأما من سكر من النبيذ أو غيره من الأشربة ففاسق مردود الشهادة عند الجميع وكلهم يرى عليه الحد في ذلك ومن ادعى علم القضاء بالنجوم واشتهر بذلك وأكل المال به سقطت شهادته ومن اتشرى أمة مثلها يوطأ ممن كان يطأه اووطئها قبل أن يستبرئها لم تجز شهادته إذا أيقن أن البائع لم يستبرئها من وطئه ولو وطئها بتأويل على مذهب بعض الفقهاء مثل أن يشتريها من امرأة ويعتقد أنها مستبرأة أو عذراء أو نحو ذلك مما اختلف فيه الفقهاء لم تسقط شهادته لتأويله ولأنه لم يأت حراما عنده والشاعر القاذف بشعره أو الكثير الأذى بشعره لا تجوز شهادته وأما نمن مدح من الشعراء ولم يهج ولم يشتهر في التشبيب بامرأة بعينها وكان عدلا لم ترد شهادته والشعر كلام منظوم حسنه حسن وقبيحه قبيح ومنه حكمة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر لحكمة" ومن حلف أباه في مقطع الحق بطلت شهادته عند مالك لأنه عقوق وإن كان في دعواه محقا وروى معمر بن عيسى عن مالك قال لا تجوز شهادة الخوارج ولا رافضي يسب السلف ولا قدري يدعو إلى القدر

ومن اتهم بشيء من الكبائر كالقتل أو الزنى أو السرقة أو القذف ثم كشف عنه فألفي من ذلك بريئا لم تسقط شهادته ومن كان معروفا بالكذب وبان منه وكانت عادته لم تقبل شهادته فأما الرجل يتحدث عن سفره أو معاشه بأمر يزينه به ولا يكون ذلك غالبا من أمره فلا بأس بشهادته إذا كان معروفا بالصلاح وشهادة القاذف إذا كان عدلا جائزة قبل أن يحد لأنه لا يدري إلى ما يؤل أمره في ذلك وقال عبدالملك لا تقبل شهادته بعد القذف وأن لم يحد وقول مالك أولى لأن الله لم يسقط شهادته إلا بعد الجلد ما لم يتب وهذا قول ابن القاسم وابن وهب وأشهب وشهادة المحدود في القذف والزنى والسرقة وغير ذلك إذا ظهرت توبته وصلحت حاله جائزة في كل شيء وقال به طائفة من أصحابه وقد قيل إنها جائزة فيما عدى ما حد فيه وبه قال عبدالملك ومطرف وهو اختيار سحنون والواقر ولا يراعي مالك إكذاب القاذف لنفسه في توبته وإنما مراعاته في ذلك الزيادة في خيره وحسن حاله ذكره ابن عبدالحكم وغيره عن مالك وأما إسماعيل فقال لا تكون توبة القاذف حتى يكذب نفسه بكلام يتكلم به ذهب إلى حديث عمر في أبي بكرة

وقال ابن القاسم تجوز شهادة ابن الملاعنة في الزنى ولا تجوز في ذلك شهادة ولد الزنى ولا تجوز شهادة بدوي على حضري إلا أن يكون معه في البادية وتجوز شهادته في الجراح في الحضر ولا تجوز شهادة من يكثر سماع الغناء ومن يغشى المغنيين ويغشونه ولا بأس باستماع الحداء ونشيد الأعراب ورفع العقيرة بالإنشاد والترنم بالشعر وما أشبه ذلك ومن جلس مجلسا واحدا مع أهل الخمر في مجالسهم طائعا غير مضطر سقطت شهاادته وإن لم يشربها ومن دخل الحمام بغير مئزر وأبدى عورته سقطت شهادته وبانت جرحته إلا أن يكون وحده أو مع حليلته وشاهد الزور لا تقبل شهادته أبدا إذا كان ظاهر الصلاح والعدالة وصح عليه الزور في تلك الحال وقد قيل إنها تقبل إذا علمت توبته وصحت إنابته ورجعته وازداد خيرا في حاله وضهادة الأعمى على ما يسمع ويستيقن جائزة وشهادة المستتر إذا عرف الصوت مثل ذلك ولا ينبغي لأحد دعي إلى الاستتار للشهادة أن يجيب إليه إلا أن يضطر

فإن ابتلي بذلك فلا يشهد حتى يستوفي آخر الكلام من المقر وأوله ويشهد للذي دعاه وعليه فإن كان المقر ضعيفا أو مختدعا أو مروعا لم تقبل شهادتهم عليه وعليه اليمين أنه ما كان إقراره إلا ببعض ما ذكرنا وإن لم يكن كذلك ثبت عليه الحق لأن من الناس من يقر في الخلاء ولا يقر في الملأ ومن عرف ذلك منه جاز أن يستتر له ليفهم إقراره وإذا فهمت شهادة الأخرس جازت وإذا شهد القسام فيما تولوا قسمته جازت شهادتهم عند مالك إذا كان القاضي أرهم بذلك وقال ابن القاسم لا تجوز شهادة القاسم ولا الحاكم فيما حكم وشهادة كاتب القاضي جائزة فيما كتبه بعد عزله وقبله

باب من يجوز تعديله
لا يقبل في تعديل الشاهد ولا تجريحه أقل من شهادة رجلين عدلين وليس للنساء تعديل ولا تجريح ولا يعدلهن إلا الرجال ومن عدله رجلان فلم يعرفهما الحاكم للم يجز أن يعدل عنده المعدلان إلا أن يكون المعدل الأول غريبا من أهل تلك الحاضرة فإن كان منها لم يحكم له بالعدالة حتى يزكي هو في نفسه وقد قيل إنهما إن كانا غريبين جاز أن يعدلا وجائز تعديل الرجلين للنفر الكثير في حق واحد أو حقوق مختلفة وليس التعديل عند مالك

بأن يقول الرجل لا أعلم إلا خيرا ولا أن يقول هو عدل لي وعلي ولكن يقول هو عدل رضى ولا يقتصر على وصفه بالعدالة دون الرضى ولا بالرضى دن العدالة حتى يقول بالصفتين هذا تحصيل مذهبه عند جمهور أصحابه وقد رووي في ذلك عن مالك أن إحدى الصفتين تعديل وهو الصواب إذا عرف الرجل بالصلاح والعلم واشتهر بذلك ولم يظهر منه خربة استغنى الحاكم عن تزكيته ولم يسأل عنه وقبله وإذا عدل الرجلان رجلا وجرحه رجلان آخران حكم بأعدالهما فإن تكافئا في العدالة وكانت الجرحة مما تخفى فالشهادة بها أولى ويحتاج الحاكم أن يكشفهما عن الجرحة ما هي وقال مالك ويقول لهما القاضي بم تجرحانه لينظر في ذلك فلعلها لا تكون عنده جرحة ويلزمه أن يوقفهما على تاريخ علمهما بذلك لعله أن يكون قديما وقد صلحت حاله بعد
ولا يجوز أن يجرح الرجل إلا من أظهر منه عدالة وأرفع حالا في الفضل وأما أن يكون مثله أو دونه فلا إلا بأن يشهد بأنه عدو لمن شهد عليه فيقبل حينئذ جرح من هو مثله أو دونه ومن كان مشهورا بالعدالة والفضل لم يمكن الحااكم أحدا من تجريحه إلا بعيب العداوة إلا أن يظهر منه مالا يجوز قبول شهادته مع مثله وأن سأل الحاكم رجلا يرضاه عن أحد فعدله جاز قبول قوله وحده والعمل به غلا أن يكون على وجه الشهادة فلا يقبل إلا عدلين ولا بأس

أن يكون للقاضي رجع واحد مزكى يخبره بأحوال الشهود فيقبل في ذلك قوله وحده وإن علم القاضي عدالة عدل اشتغنى ببعلمه عن المسألة عنه وكذلك لو علم من جرحه الشاهد عنده مالا يجوز له به قبول شهادته لم يجز أن يقبل تعديل من عدله وليكف عن الحكم في ذلك في ستر وحسن مرافعة وقد ذكر الن المواز أنه يقبل تعديل المعدلين لمن يعرف منه خلاف ما شهدوا به لأنه إذا رد شهادتهم في التعديل بعلمه فقد قضى بعلمه ولا يقضي القاضي بعلمه وهذا ليس بشيء لإجماعهم على أن من علم القاضي أنه غير عدل ولا رضي لم يجز له قبول شهادته فكذلك تعديله ولا يجوز أن يزكي أحد أحدا بمعرفة يسيرة حتى يعرف عدالته وأمانته بطول مدة في اختباه في الجوار في الحضر وفي المعاملة والسفر وكذلك روي عن عمر رضي الله عنه

باب الشهادة على الشهادة
الشهادة على الشهادة عند مالك جائزة في الحدود والقصاص والجراح والعتق والنكاح والطلاق والأموال وجميع الحقوق كلها ولا يشهد عند الحاكم على شهادة حاضر في المصر ولا على شهادة من يقرب أمره ولا على شهادة صحيح وإنما يشهد على شهادة ميت أو غائب أو مريض وحكم الشهادة على الشهادة أن يشهد

شاهدان على شهادة شاهدين يشهدان جميعا على شهادة كل واحد من الشاهدين الأولين ولا يصح أن يشهد الواحد منهما على شههادة واحد من الشاهدين الولين والآخر على الثاني لأنه لا تقبل شهادة واحد على واحد ولا على أكثر إذا لم ينضم إليه غيره وشهادة رجلين على شهادة رجل فكذلك لا تجوز شهادة امرأتين على شهادة امرأة ولا امرأتين لأنهما بمنزلة رجل واحد ولا ينقلن شهادة إلا مع رجل سواء نقلن عن رجل أو عن امرأة وهن كنا قل واحد وإن كثرن فلا يحلف مع شهادتهن ولا تجوز شهادتهم مع رجل على شهادة رجل في شيء لا تجوز فيه اليمين مع الشاهد وما لا تجوز فيه شهادة النساء فلا يجوز أن يشهدهن فيه على شهادة غيرهن ولا أن يشهدهن في ذلك على شهادتهن كان معهن رجل أم لا فإن كان معهن رجل جازت شهادتهم على رجل وعلى امرأتين وكل ما لا يجوز فيه شهادة رجل وامرأتين هذا كله تحصيل مذهب مالك عند أصحابه وذكر ابن عبدالحكم وغيره عن مالك أن شهادىة النساء على لنساء جائزة فيما تجوز فيه شهادة النساء مع الرجال وأما فيما ينفردن فيه للضرورة دون الرجال من عيوب النساء والاتسهلال ونحو ذلك فلا يجوز أن ينقل شهادتهن إلا الرجال لأن الضرورة قد ارتفعت ولا يحكم بشهادة النساء منفردات إلا فيما خصصن به من الضرورات وشهادة رجل على شهادة رجلين نصف شهادة وكذلك شهادة رجلين على شهادة رجل شهادة وشهادة رجلين على شهادة امرأة كشهادة امرأة

وذكر ابن أبي ييى الوقار عن مالك جواز شهادة النساء على شهادة النساء في كل ما يجوز فيه شهادة النساء مع الرجال ومنفردات كشهادة الرجال على شهادة الرجال سواءء وقال شهادة امرأة على شهادة امرأة ربع شهادة وشنادة امرأتين على شهادة امرأة نصف شهادة وشهادة امرأتين كشاهد واحد يحكم بهما مع يمين الطالب المال هذا كله حكاية قول الوقار وإليه ذهب سحنون ولا يجب لرجل أن يشهد على شهادة من لا يعرفه بالعدالة ومن شهد على شهداة من عرفه بالعدالة وأعلم الحالكم بحاله جاز تعديله له ولا يضر ذلك شهادته إن كان مثله ممن يحسن التعديل ويصلح له وإذا شهد شاهدان على شهادة الشاهدين ثم أنكر الشاهدان الأولان الشهادة أو نسيا أو رجعا عنها سقطت شهادة الشاهدين الأخيرين وإذا عدل رجلان رجلين أو أكثر وشهدوا على شهادتهم لم يحتاجوا في تعديلهم أن ينصوا على كل واحد منهم إذا عدلوا جميعهم وإن لم يعدلا من شهدا على شهادته سأل عنه الحاكم كأنه شهد عنده ويأتي ذكلا حكم الشهادة على الشهادة في الزنى في كتاب الحدود إن شاء الله

باب شهادة السماع
الشهادة على السماع عند مالك وأصحابه جائزة في النسب المشهور وفي الولاء المشهور وفي الأحباس والصدقات

التي تقادم أمرها وطال زمانها التي تقادم أمرها وطال زمانها إذا قال الشهود لم نزل نسمع أن هذه الدار حبس على كذا تحاز حوز الأحباس وإن فلانا ابن فلان أو مولى فلان ابن فلان مولى عتاقة من عتق جده فلان ونحو هذا ويثبت بذلك النسب والولاء وقال ابن القاسم لا يثبت بذلك نسب وإنما يستحق به المال إلا أن يكون أمرا مشتهرا مثل نافع مولى ابن عمر أو عبدالرحمن بن القاسم بن محمد وجائز شهادة الرجل بموت من قد اشتهر موته عنده أ أخبره به من يثق به إذا استيقن ذلك وصح عنده بالنياحة أو شهود جنازته ويشهد بموته من لم يدركه إذا اشتهر علم ذلك عنده وجائز أن يشهد على فلان أنه زوج فلانة وعلى امرأة أنها امرأة فلان وإن لم يشهد النكاح ولم يشهد عليه إذا علم ذلك بكونهما زوجين والوقوف على التعريش والدخول وبما يشاء الله ممما يقع به العلم وجائز أن يشهد أن فلانا كان قاضي كورة كذا في وقت كذا وإن لم يشهده السلطان على ولاتيه كما يشهد على خلافة الخليفة لصحة ذلك عنده بالاستفاضة وجائز أن يشهد أنه لم يزل يسمع أن فلانا كان في ولاية فلان وأنه كان يتولى النظر له والإنفاق عليه بإيصار أبيه به إليه أو تقديم قاض عليه وإن لم يشهده أبوه عليه بالإيصاء ولا القاضي بالتقديم ولكنه علم ذلك بالاستفاضة من أهل العدل والرضى وغيرهم ويصح بذلك سفهه إذا شهد معه غيره بمثل شهادته وفيها عن أصبحابنا اختلاف وفي التي قبلها والاحتياط في هذا أولى بمن ابتلي فيه والاجتهاد

وفي هذا الباب قال مالك إن الله قد وسع على هذه الأمة بالاجتهاد وفي سماع ابن وهب والشهادة على السماع عاملة في دعوى المرأة أن زوجها يضربها إذا سمع بذلك الرجال والنساء سماعا فاشيا فإن لم يسمع بذلك الرجال مع النساء فليس بفاش وفي أن بني فلان لم يكن لهم مدخل في حبس فلان وفي قديم الملك مثال ذلك رجل في يده دار تعرف به وبآبائه قبله فيأتي رجل بمن يشهد له أنها ملكه قديما فيأتي الذي هي في يده بمن يشهد له على السماع الفاشي أنا لم نزل نسمع بانتقال ملكها إلى الذي هي في يده من قبل القائم أو من آبائه بالشراء أو بالصدقة أو نحوها فهذه شهادة توجب عند مالك وأصحابه الدار للتي هي في يده دون الذي يشهد له أنها ملكه قديما فهذا ومثله مما يجوز فيه شهادة السماع للذي هي في يده حائظ لها مع تقادم العهد ومضي الزمان ويشهدون أنهم لم يزالوا يسمعون أنها انتقلت من قبل الطالب وآبائه وأجداده إلى أبي الحائز أو جده أو أبي جده بوجه من وجوه انتقال الأملاك إلى المالكين قال مالك لا تجوز شهادة السماع في ملك الدار في خمس سنين قال ابن القاسم إنما تجوز فيما أتت عليه أربعون أو خمسون سنة ولو سمع رجلان رجلين يخبران أن رجلا بعينه أقر عندهما بحق لغيره عليه وأشهدهما على نفسه بذلك لم يجز لهما أن يشهدا على شهادة المخبرين إلا أن يكونا أشهداهما على شهادتهما واختلف عن مالك في شهادة الرجل يسمع رجلا يقر لآخر بحق ولا يشهده بذلك على نفسه فمرة قال يؤدي ما سمع منه إذا سأله المقر له

أو رآه طالبا لذلك فيقول له لك عندي شهادة سمعتها ممن يجحدكها ومرة قال لا يشهد بذلك لأني أخشى أن يكون قد أقر بحق كان عليه إلا أن يسمعه يقول هو علي باق إلى وقتي هذا وأمثال ذلك مما يستيقن بقاء الحق عليه في حين إقراره وإذا كان ذلك جازت الشهادة به وهي شهادة عاملة

باب شهادة النساء
لا تجوز شهادة النساء في شيء من الحدود ولا في النكاح ولا في الطلاق ولا في الرجعة ولا في العتاق ولا في الولاء والأنساب ولا فيما عدى الأموال كالمداينات والمواريث والإجارات والهبات والصدقات وإنما تجوز شهاة النساء في الأموال مع الرجال إذا كان مع كل رجل امرأتان وكذلك تجوز شهادتهن مع الرجال في الوكالة وفي أرش جراح الخطأ وفي الوصية غذا لم يكن فيها عنق وقد قيل إنهن لا تجوز شهادتهن في الوكالة للوكيل ولا في الصوية للوصي وإنما تجوز في الوصية للموصى له دون الموصى إليه إذا لم في الوصة عتق ولا إيضاع نسب وتجوز شهادتهن دون الرجال فيما لا يطلع عليه الرجال من عيوب

النساء والحيض والولادة ولا يجوز منهن في ذلك أقل من امرأتين فصاعدا فإن كانت امرأتان إحداهما القابلة وكانت ثقة جازت الشهادة في الولاةدة وتجوز شهادتهن في استهلال المولود دون الرجال ومن أهل المدينة من لا يجيز إلا شهادة الرجال في الاستهلال والعمل عندنا أن الولادة والاستهلال تجوز فيهما شهادة النساء دون الرجال والنساء والرجال ولا يجوز في ذلك شهادة امرأة ولا رجل واحد وتجوز شهادة امرأتين مع يمين الطالب في الأموال عند مالك وأصحابه كما تجوز شهادة الرجل العدل مع يمين الطالب عند جمهور أهل الحجاز وتجوز شهادة امرأتين في الرضاع وإن أدى ذلك إلى فسخ النكاح كما تجوز في الولادة فتنقضي بها العدة وتصير به الأمة أم ولد وهو ضرب من العتق وتجوز شهادتهن مع الرجال في أداء نجوم الكتابة ولو أدى ذلك إلى العتق وقال عبدالملك لو حلف رجل ليقصين رجلا حقه لوقت سماه ثم جاء رجل وامرأتان فشهدوا له على أداء حقه له بالأداء لم يخرج من الحنث لأنهن لا يشهدن في الحنث وقال غيره يخرج من الحنث إذا قضى أنه قد قضاه وقال مالك لو أعتق رجل عبده فجاء غريمه بشاهد وامرأتين أو شاهد ويمين رد عتق العبد وخالفه محمد بن مسلمة وإسماعيل بن إسحاق على جهة التفسير لقوله بما لم أر لذ كره ههنا وجها ولا تجوز شهادة النساء في تعديل الرجال ولا النساء ولا تجريحهما وقال بعض أصحاب مالك ورواه عن مالك وتجوز شهادة النساء العدول بعضهن على بعض في

المواضع التي لا يحضرها الرجال مثل المأتم والأعراس والحمامات واعتبرها بشهادة الصبيان في الجراح بعضهم على بعض وتحصيل مذهب مالك أنها لا تجوز في شيء من ذلك

باب شهادة الصبيان
تجوز شهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح خاصة إذا كانوا أحرارا ذكورا وقد قيل إنها تقبل في القتل كما تقبل في الجراح وإن النفس وما دونها في ذلك سواء فيما بينهم والأول تحصيل مذهب مالك ولا تجوز شهادة الإناث ولا العبيد منهم وقد قيل إن شهادة الصبيتين إذا كان معهن صبي تجوز في جراح الخطأ وقتل الخطأ والأول أصل المذهب ولا تجوز شهادة الأحرار الذكور منهم إلا حيث لا يحضرها البالغون لأنه لا ضرورة إليهم إذا حضرها الرجال وإنما تجوز شهادتهم في الجراح والشجاج مالم يفترقوا أو يخببوا أو تختلف أقوالهم مثل أن يشهد منهم صبيان على صبي أنه شج صبيا ويشهد آخران أن غيره من الصبيان شجه تلك الشجة بعينها وإن افترقوا لم تقبل لهم شهادة إلا أن يشهد الرجال العدول على شهادتهم قبل أن يفترقوا ولا تقبل شهادتهم على رجل أنه شج صبيا ولا على صبي أنه شج رجلا ولو اجتمع ستة صبيان فغرقوا صبيا منهم في الماء فمات فشهد منهم اثنان على ثلاثة أنهم غرقوه وشهد

الثلاثة على الاثنين أنهما غرقاه كانت الدية على عواقلهم أخماسا خمس الدية على عالقة كل صبي منهم لأنه يدرأ عن نفسه ولا تقبل شهادة بعضهم على بعض ولا خلاف علمته بين العلماء في أنه لا يحلف مع شهادة الصبي الواحد في شيء من جراح الخطأ ولا قتل الخطأ والله أعلم

باب اليمين مع الشاهد
قال مالك وأصحابه يقضي باليمين مع الشاهد في كل البلاد ويحمل الناس عليه ولا يجوز خلاف ما قالوه من ذلك لتواتر الآثار به عن النبي ص وعن السلف والخلف من أهل المدينة والعمل المستفيض عندهم بذلك وقد ذكرنا الآثار في كتاب التمهيد ولم يلجأ شيوخنا فيه إلى أصل من أصول أهل المدينة وسكلوا فيه سبيل أهل العراق واستتروا فيه بالليث بن سعد وهم يخالفونه كثيرا إلى رأيهم بغير بينة ولا يرونه حجة والله المستعان
مسائل في اليمين مع الشاهد
كل ما جازت فيه شهادة المرأتين مع الرجال جازت

فيه اليمين مع الشاهد الواحد العدل وذلك فيما عدى الأبدان من سائر الأموال وكذلك يحلف الرجل مع شهاةة المرأتين أيضا عند ممالك كما يحلف مع الشاهد العدل وتحلف المرأة والعبد والذمي مع الشاهد العدل ويستحقون حقوقهم ومن أبى أن يحلف مع شاهده وحلف المشهود عليه برئ فإن نكل لزمه الحق بالشاهد الواحد عند نكوله ويحلف الموصى له مع شاهده وإن كان غائبا وكذلك الموهوب له والموضوع له الحق وإن كان غائبا وكذلك المقر له بالحق يحلف كل واحد منهم وإن كان غائبا مع شاهده قال مالك وكذلك الرجل يرث أباه فيجد كتابا لا علم له به ويجد عليه شاهدا واحدا يحلف ويأخذ حقه إن أحب قال وعلى ذلك العمل والأمر الماضي واليمين في هذا كله عند مالك مع البت ويحلف الورثة مع شاهد أبيهم ويستحقون فإن أبوا وعلى أبيهم دين حلف الغرماء واستحقوا عند مالك وأصبحاه أيضا ولا يحل لأحد عندي أن يحلف إلا بما علم ولا يحلف الوصي مع شاهدين في نظره ولكن يحلف المشهود عليه ويبرأ فإن بلغوا واختاروا الحلف حلفوا واستحقوا والكبار يحلفون ويستحقون ولا ينتظرون بلوغ الأصاغر ولا يضر الأصاغر موت الشاهد الذي حلفوا على شهادته ولا موت المطلوب فإذا حلفوا استحقوا في ماله حقوقهم وإن مات المطلوب وأبى الطالب أن يحلف مع شاهده حلف ورثة المطلوب أنهم لا يعلمون الحق على أبيهم وبرئوا وليس لسيد العبد المأذون له أن يحلف إن أبى العبد إلا أن يكون العبد غائبا غيبة بعيدة

أو ميتا فيحلف سيده ومن وكل حرا أو عبدا أو امرأة أو ذميا على قضاء حق عليه فقضهوه عنه بشهادة شاهد واحد وأنكر من له الحق أن يكون قبض شيئا حلف كل واحد منهم مع شاهده وبرئ بذلك هو والمطلوب جميعا ويحكم بالشاهد والنكول فيما يحكم فيه بالشاهد واليمين ويحلف المشجوجج خطأ مع شاهجه ويستحق دية جرحه وكذلك سيد العبد في جرح عبده وقد قيل إنه يحلف مع شاهده في جراح العمد ويقتص وهو قول ضعيف لأن أصل اليمين مع الشاهد إنما ورد في الأموال خاصة والله أعلم ومن شهد له شاهد واحد أن فلانا قذفه أحلف له فإن حلف برئ وإن لم يكن له شاهد واحد لم تجب عليه يمين بمجرد الدعوى عند مالك قال مالك وكذلك السنة في دعوى المرأة الطلاق ودعوى العبد العتق

باب الاختلاف في الشهادة وتعارضها
إذا شهد قوم على شيء أنه كان وشهد آخرون أنه لم يكن فالشهادة شهادة من أثبت لا شهادة من نفى مثال ذلك شهند شهدوا أنه قضاه دينه وشهد آخرون أنه لم يقضه أو شهدوا أنه لم يقذفه أو لم يقر له وشهد آخرون أنه قذفه أو أقر له أو شهدوا أنه لم يطلق وشهدد آخرون أنهم سمعوه طلق فالشهادة في هذا كله وما كان مثله شهادة من

أثبت وليس من نفى بشاهد ولا يعرج على قوله فإن شهد عدلان على رجل أنه قتل رجلا في تاريخ أرخوه وشهد عدلان أن المشهود عليه بالقتل كان يوم القتل بأرض بعيدة عن ذلك الموضع فشهادة المثبتين للقتل أولى هذا مذهب مالك وأصحابه وقال إسماعيل بن إسحاق بل ذلك مانع من قبول شهادتهم وقول إسماعيل عندي صحيح لأنه شبهة يدرأ بها الحد ولا ينبغي أن يقدم على الدم إلا باليقين دون الشك وقد احتج إسماعيل على عبدالملك بقوله في رجل قال دمي عند فلان فشهد قوم عدول إن القتل كان بأرض بعيدة يومئذ قال عبدالملك بطلبت القسامة وقال إسماعيل وهذا من قوله يوجب التوقف عن الشهادة الأولى وقال الك إذا اختلف الشهود على الزنى في المواطن أو في الأوقات حدوا حد القذف ولم يحد المشهود عليه ولو اختلفوا كذلك في الشهادة على السرقة لم يقطع ولم يجب عليه غرم وإذا جاء الشهود في الزنى في أوقات مختلفة وكانت شهادتهم واحدة حكم بها إلا أن يحد أحدهم قبل تمامها وقد قيل يحكم بها إذا تمت وقد قيل يحدون إذا جاؤا مفترقين وأنه لا يسقط الحاد عنهم إلا أن يجيئوا مجيئا واحدا وإذا اختلف الشهود على القاذف أو المطلق أو المقر في الأوقات جازت شهادتهم ولو شهد أاحد الشهود على الفعل والثاني على الإقرار جازت الشهادة مثال ذلك رجلان شهد أحدهما على رجل أنه أقر بشرب الخمر وشهد صاحبه أنه رآه يشربها أو شهد أحدهما أنه شجه موضحة وشهد الآخر أنه أقر عنده أنه شجه

أو شهد أحدهما أنه سمعه طلق وشهد الآخر أنه أقر أنه طلق ومن أهل العلم بالمدينة جماعة لا يرون هذه شهادة ويبطلونها لاختلافها وقد قال ابن القاسم لو اختلفا فشهد أحدهما أنه قتله ذبحا وشهد الآخر أنه أحارقه بالنار أو أحدهما بالسيف والآخر بالحجر رضخا لم تنفذ شهادتهما وإذا كان الشهود الذين قد تعارضت شهادتهم سواء في العدد والعدالة بطلت الشهادة وإذا كانت البينة الواحدة أظهر ثقة وعدالة قضي بها ولم يلتفت إلى كثرة العدد وإنما ينظر إلى ظاهر العدالة واشتهار الثقة والأمانة وروى ابن وهب عن مالك أنه يستحلف أصحابها مع شهادتهم وإن كانوا أقل عددا إذا كانوا أظهر ثقة وإن تكافأوا وتهاتروا لم تكن شهادة وكان الشيء على أصله

باب جامع الشهادات
تقبل شهادة القوم إذا لقيهم اللصوص وسلبوهم عليهم إذا كانوا عدولا وإنما يقبل شهغادة الرجلين منهم ملغيرهما ممن سلب معهما ولا تقبل لأنفسهما وتقبل شهادة عدلين غيرهما منهم لهما وكذلك عندهم شهغادة الذين يعطبون في البحر بعضهم لبعض وتجوز شهادة هؤلاء ومن كان مثلهم من المسافرين بالتوسم والهيئات لأنها ضرورات ومن كانت عنده شهادة لرجل لا يعلم بها صاحبها فليخبره

بها ويؤدها إلى الحاكم ومن أدخله ردلان بينهما للصلح فأصلح بينهما ثم جاءه أحدهما يطلب منه الشهادة على ما أقر به صاحبه دونه فلا يشهد وله أن يشهد بالصلح وأن قال رجلان اسمع منا ولا تشهد علينا فلا يسمع فإن فعل واحتيج إلى شهادته فليؤدها ومن كتب اسمه في وصية مطبوع عليها ثم أثبت واستيقن أنها هي جازت شهادته بها وينفذ ما فيها من عتق وغيره إذا كانا شاهدين فصاعدا وإن كان واحدا جازت في الوصايا مع يمين الطالب ومن عرف شهادته بخطه فلم يذكرها فلا يشهد إن استراب شيئا من الكتاب وأن لم يكن فيه شيء يستريبه فليشهد وينبغي للحاكم أن يقضي بشهادته في ذلك إذا شهد عنده أنه خط يده وأن لم يشهد عنده على عدة المال وشبهه وليست الشهادة في الوراثة شهادة إذا قال لا أعلم له وارثا بهذا المصر أو بهذا ا لبلد حتى يقول لا أعلم له وارثا غير من ذكرت بشيء من البلدان ولا يقول ليس له وارث بشيء من البلدان على البتات فإنه يخاف عليه في مثل هذا القول الزور وقد كان بعض أصحاب الك منهم محمد بن مسلمة وعبدالملك يرويان أن تبت الشهادة في ذلك والذي أقول به في هذا أن البتات متصرف إلى العلم أي لا وارث له في الأرض وفي الدنيا غيرهم في علمي ومن شهد له شاهد واحد أنه لا وارث للمميت غيره فإن لم يأت أحد حلف مع شاهده وأعطي المال ولا يجوز بذلك نسب ولا ولاء وإذا شهد قوم إن هذه الأرض للمدعي فلان ولم يقفوا على حدودها

وشهد آخرون أن حدود هذه الأرض كذا وكذا ولم يشهدوا بالملك قضي بالشهادتين عند مالك للمدعي بالأرض ولا تجوز الشهادة على الخط إلا في رجل كتب بخط يده أن لفلان عنده كذا ثم جحده فإن هذا الموضوع فيه الشهادة على خطه فإذا شهد فيه عدلان أنه خطه لا يشكان يه قضي به عليه من غير يمين الطالب ولو اجتهد الحكم في هذا الموضع فحلف الطالب لقد شهد شهودده بحق كان حسنا وكان ذلك قد روي عن مالك وقد روي عن مالك إجازة الشهادة على الخط في كل شيء مطلقا وروي عنه أنه لا يحكم بالشهادة على الخط في شيء من الأشياء ومذهب أصابه الشهادة على خط الشاهد في الأحباس المتقادمة اجتهادا وقد قيل إنه من شهد له شاهدان على خط غريمه بما ادعاه عليه وهو جاحد أنه لا يحكم له بمجرد الشهادة على خطة حتى يحلف معها فإذا حلف أنه لق وما اقتضيت منه شيئا أعطي حقه فإن كان طالب الحق ميتا حلف ورثته على البت أيضا أنه لحق وما علمناه اقتضى منه شيئا هذا كله رواه ابن وهب عن مالك أيضا ولو كان المشهود على خطه ميتا لزم القضاء في ماله ولا يستحلف أحاد مع بينة غير من ذكرنا إلا من ادعى على ميت دينا وأقام بينة لم يقض له حتى يحلف أنه ما قبض منه شيئا ولا أبرأ ولا وهب هذا احتياط للميت واختلف قول مالك فيمن شهد له شاهد واحد على الخط فمرة قال يحكم له بشهادة شاهده مع يمينه ومرة قال لا يحكم بذلك ومن أثبت شهادته في

كتاب فطولب بها فزعم المشهود عليه أنه قد أدى ذلك الحق فلا يشهد الشاهد حتى يؤتى بالكتاب الذي فيه شهادته بخطه لأن الذي عليه أكثر الناس أخذ الوثائق إذا أدوا الديون وقد اختلفوا في الذي عليه الدين يأتي بالوثيقة فيها ذكر الدين عليه ويزعم أنها لم تصر عنده إلا بدفع رب الدين إياها إليه بعد أداء الدين وزعم رب الدين أنها سقطت له فوجدها أو سرقها فقيل يشهد له لإمكان ما ذكره وقيل لا يشهد لأن رب الدين لم يأت بما يشبه في الأغلب لأن الأغلب دفع الوثيقة إلى من هي عليه إذا أدى الدين وأما الحاكم فيجتهد في ذلك أن شهد عنده ومن حلف على دعوى ثم وجدت عليه بينة فإن كان للمدعي عذر في تأخيرها حكم له بها وإن لم يكن فه عذر في ذلك لعن مالك فيها روايتان إحداهما أنه يحكم له ببينته على كل حال لأن البينة العادلة أولى أن يقضى بها من اليمين الفاجرة والأخرى أنه لا يجحكم بها لأنه كأنه أسقطها إذ علم بها ورضي بيمينه وروى أهل المدينة عن مالك فيمن سمع رجلا يقر بحق لرجل أنه لا يشهد له حتى يستشهد لجوا أن يكون خبرا عما تقدم إلا أن يقول المقر ذلك علي إلى وقتي هذا ونحو ذلك من اليقين ومن أقر في الخلاء لغريمه وجحده فيالملأ فجائز أن يجعل له خلف حائط أو ستر من يسمع إقراره وأما الضعيف المخدوع والخائف فلا يجوز لأحد أن يستتر عنه ليسمع في تلك الحال منه ولا تجوز الشهادة في مثال ذلك ويؤدب شاهد الزور ويطاف به ويشهر أمره ولا تقبل شهادته بعده وقد قرن الله

الله عز وجل شهادة الزور بالكفر فقال : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (الحج: من الآية30) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "شهادة الزور من الكبائر" وروي عنه عليه السلام أنه قال: "لا تزول قدما شاهد الزور من مقامه حتى يتبوأ مقعده من جهنم"
ولو تراضى رجلان بشهادة رجل وأشهدا على ذلك فلما شهد الرجل رجع المشهود عليه كان ذلك له ولم تكن الشهادة عاملة ولا تقبل شهادة غير المسلمين العدول لا على من كان على مثل دينهم ولا غير دينهم وإذا لم تقبل شهادة الفساق من المسلمين فأحرى أن لا تجوز شهادة الكفار على أحد وبالله التوفيق

باب الرجوع عن الشهادة
من رجع عن الشهادة قبل أن يحكم بها لم يحكم بها ومن عرض في حاله بعد أداء شهادته ما يوجب ردها ردت مالم يحكم بها مثل أن يقذف قبل أن ينفد الحكم بشهادته أو يأتي بذنب من الكبائر أو تظهر منه خونة ترد معها شهادته فإن كان ذلك أو شيء منه لم يقض بشهادته وإن مات لم يضرها موته وحكم بها وإذا شهد شاهدان وحكم بشهادتهما ثم رجعا عن شهادتهما وذكرا أنهما غلطا لم ينقض الحكم المنعقد بشهادتهما وغرما ما أتلفاه على المشهود عليه بشهادتهما وكذلك لو تعمدا الكذب غرما وقد قيل إن غلطا فلا شيء عليهما والأول أولى لأن الموال تضمن بالخطأ ولو رجع أحدهما عن شهغادته غرم نصف ما شهد به وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق عبده فأعتقه الحاكم عليه ثم رجعا عن شهادتهما لم يرد العبد في الرق ويضمنان قيمة العبد لصاحبه سواء تعمدا أو أشبه عليهما وقد قيل إنهما إن شبه عليهما لم يضمنا والأول أقيس لأن سبيل الأموال إن تضمن بالخطأ كما تضمن بالعمد وعلى كل حال ولاء لعبد لمعتقه ولو شهدا على رجل ببيع عبده من رجل ثم أقرا أنهما شهدا بزور قوم العبد فإن كانت قيمته أكثر من الثمن غرما فضل القيمة لربه وإن كان المبتاع هو المشهود عليه للبائع لزمهما دفع الثمن وأخذا العبد لأنفسهما إن شاء المبتاع ذلك ولو شهدا على

رجل أنه تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول ثم اعترفا بالكذب غرما للمشهود عليه النصف من الصداق الذي ألزماه بشهادتهما ولو شهدا عليه في زوجة له أنه دخل بها وطلقها بعد الدخول وهو مقر بالنكاح والطلاق منكر للدخول ثم رجعا عن شهادتهما غرما له نصف الصداق الذي لزمه بشهادتهما ولو كانت زوجة مدخولا بها فشهدا بطلاقها ثم اعترفا بالكذب فلا غرم عليهما لأنهما أتلفا متعة لا مالا وقد قيل إنهما يضمنان ههنا صداق مثلها والأول قول مالك وإن أراد أحدهما نكاحها لم يكن ذلك له ولو شهدا أنه أعتق مكاتبته قرما قيمة كتابتها إن رجعا عن شهادتهما ولو شهدا عليه أنه أعتق أم ولده ثم رجعا لم يلزمهما شيء ولو شهدا بجرح أو قتل أو ما يوجب رجما فقتل بشهادتهما ثم اعترفا بالزور اقتص منهما وإن قالا شبه علينا غرما الدية في أموالهما وقد قيل إنها دية في أموالهما على كل حال ولا قصاص والأول أصح وبه يقول أشهب فإن رجع أحد الشهود الأربعة في الزنى قبل أن يقضي القاضي بشهادتهم حدوا كلهم حد القذف ولم يقم حد الزنى وقد قيل يحد الارجع خاصة فإن رجع أحدهم بعد الرجم غرم ربع الدية وإن رجع الثاني غرم نصف الدية وهكذا على الحساب أبدا ويحدون حد الفرية ولا يحد قاذفهم ولو كان الشهود على الزنى أكثر من أربعة فرجع بعضهم وبقي من تتم به الشهادة فلا غرم على من رجع وكل من أتلف بشهادته شيئا من الأموال ثم رجل عن شهادته ضمن ما أتلف وإن كان شاهدا

واحدا مع يمين ضمن نصف المتلف ومن شهد شهادة في عتق عبد فلم يقبل حده بم ابتاعه عتق عليه لإقراره بحريته

كتاب الدعوى والبينات
وفيه دعوى الاستحقاق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وقال لأحد رجلين تخاصما إليه "بينتك أو يمنيه" ولا تجب اليمين عند مالك على المدعى عليه للمدعي بمجرد الدعوى ولا تجب إلا أن تكون بينهما مخالطة فإذا كان في ذلك لطخ وشبهة تجب به اليمين وإلا فلا فإن ثبتت الخلطة حلف المدعى عليه وبريء فإن نكل لم يحكم للمدعي بنكوله حتى يحلف على ما ادعاه فإن أبى عن اليمين لم يحكم له بشيء والمعمول به عندنا أن من عرف بمعاملة الناس مثل التجارة بعضهم لبعض ومن نصب

نفسه للشراء والبيع وباشر ذلك ولم ينكر منه فاليمين عليه لمن ادعى معاملته ومداينته فيها يمكن ومن كنا بخلاف هذه المنزلة مثل المرأة المستورة المحتجبة والرجل المستور المنقبض عن مداخلة المدعى عليه وملامسته فلا تجب اليمين عليه إلا بالخلطة وفي الأصول أن من جاء بما لا يشبه ولا يمكن في الأغلب كذب ولم يقبل منه حدثنا عبد الوارث ابن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا نصر بن محمد قال حدثنا قبيصة بن عقبة قال حدثنا سفيان عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما أوتي يعقوب بقميص يوسف ولم ير فيه خرقا قال كذبتم ولو أكله السبع لخرق قميصه وثنا عبدالوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال ثنا مضر قال ثنا الفصل بن دكين قال ثنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي قال كان في قميص يوسف ثلاث آيات حين قد قميصه من دبره وحين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيرا وحين جاؤا بالدم عليه وليس فيه شق علم أنه كذب لأنه لو أكله السبع خزق قميصه ومما يشهد لهذا أيضا قول الله عز وجل : {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
وهذا أصل فيما ذكرنا وفي كل ما يشبه والله أعلم وقال إسماعيل حدثنا ابن أبي أويس عن أبي الزناد عن أبيه قال كان عمر بن عبد العزيز يقول والله لا

يعطي اليمين كل من طلبها ولا نوجبها إلا بشبه نحو ما نوجب به المال وقال أبو الزناد يريد بذلك المخالطة واللطخ والشبهة قال مالك وذلك الأمر عندنا ومن أهل المدينة جماعة ترى اليمين على كل مدعى عليه ولا تراعي الخلطة فإن اختلط في ذلك قاض أو مفت فأوجبها دون خلطة على ظاهر الحديث وعمومه لم يخرج ولفظ اليمين الذي يحلف فيه المدعى عليه أن يقول والله أو بالله الذي لا إله إلا هو أو بالله الذي لا إله غيره لا يزيد عليها هكذا الحلف عند مالك في كل ما يجب فيه اليمين من الحقوق والقسامة ولا تجوز اليمين في شيء من الحدود إلا في القسامة وإيمان اللعان ولا تجب عند مالك وأصحابه بمجرد الدعوى يمين إلا فيما تجوز منه شهادة المرأتين مع الرجل ومن أقر لرجل بحق أو قامت له عليه بينة فادعى أنه قضاه حلف صاحب الحق أنه ما قضاه فإن نكل حلف المدعى عليه سقط الحق عنه فإن نكل عن اليمين لزمه الحق وسقطت دعواه ولو مات الذي له الحق حلف ورثته ما يعلمون أن موروثهم اقتضى حقه ولا شيئا منه واستحقوا حقوقهم فإن نكلوا عن اليمين حلف الذي عليه الحق وبريء وروى ابن أبي أويس عن ابن وهب وعن مالك أن المدعى عليه السلف والدين يحلف أن ماله عليه شيء مما يدعيه قبله زاد ابن وهب وما يدعي الا باطلا ويبرأ وليس عليه أن يحلف انك ما أسلفتني وهو قول عبد الملك وابنه عبد العزيز

والمدنيين وعلى هذه الرواية العمل والفتوى خلاف قول ابن القاسم وفي العتبية لابن القاسم عن مالك مثال ذلك قال سأل مالك عن رجل جحد حقا له فأراد صاحب الحق أن يستحلفه ما أسلفتك شيئا وقال الآخر أحلف مالك علي شيء فقال أرى أن يحلف مالك علي شيء وما الذي ادعيت علي إلا باطلا رواها سحنون عن ابن القاسم في العتبية وقال اصبغ حضرت ابن القاسم وقد حكم أن يحلف ما اسلفته شيئا ولا يحلف على المنبر ولا عنده في مصر من الأمصار الا بالمدينة ولا يحلف عنده إلا في ربع دينار فصاعدا أو في ثلاثة دراهم فصاعدا أو قيمة ذلك من العروض كلها وحسبه في سائر الأمصار الحلف حيث شاء من الجامع الأكبر فإن حلف عند منبره فلا حجر وإنما قلنا إنه لا يجبر على ذلك إلا بالمدينة عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم وأحب إلي أن يقصد به من الجامع ما يتهيبه ويعظمه عساه لا يجترئ على يمين فاجرة واليمين قائما عند مالك أصوب ولا يستحلف في جامع المصر إلا في ربع دينار أو في ثلاثة دراهم كيلا أو قيمة ذلك كما ذكرنا في منبر النبي عليه السلام وما كان أقل من ذلك حلف عليه في سائر المساجد وفي مجلس الحكم والمسجد أحب إلينا وتقويم العروض بثلاثة دراهم لا بربع دينار ويحلف في القسامة واللعان عند المنبر ويتوخى بذلك دبر الصلوات والرجال والنساء في الحلف سواء في المسجد الجامع فإن لم تكن المرأة ممن تخرج بالنهار خرجت ليلا حتى تحلف في المسجد وان رضي خصمها

بيمينها في بيتها جازو يحلف العبد المأذون له فيما يدعى عليه به دون سيده ولا يحلف سيد عن عبده ويحلف أهل الذمة حيث يعظمون من كنائسهم وبيعهم بالله كما يحلف المسلمون وحسن أن يزاد اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى والنصراني بالله الذي أنزل الانجيل على عيسى ومن سأل الحاكم النظرة في يمينه أنظره ما لم يبن ضرره ولدده ومن وجبت عليه يمين وأبى عنها لم يقض عليه بنكوله عنها وقيل للمدعي احلف مع نكوله واستحق حقك فإن أبى عن اليمين بطل حقه ولم يحكم بنكول خصمه وكل من وجبت عليه يمين في شيء من الأموال كان أن يردها ومن وجبت عليه يمين وأراد أن يفتدي منها فلا بأس بذلك وان ادعت امرأة نكاح رجل أو أدعاه رجل عليها فلا يمين على المنكر منهما ولا يقضي عليه بنكوله ولا هو موضع رد يمين عند مالك ولا مدخل للايمان عنده في النكاح ولا بد فيه من البينة ولو أقام أحدهما شاهدا واحدا لم يقض له بشهادته ولو نكل عن اليمين لم يسجن في الطلاق ولو كانت الدعوى في الصداق أو مبلغه أو صفته أو أجله أو دفعه أو قبضه أو في الشروط كانت اليمين في ذلك كله على المدعى عليه والبينة على المدعي كسائر الحقوق وروى يحيى عن ابن القاسم شيئا يخالف الأصل وتحصيل المذهب ما ذكرت لك وإذا ادعت المرأة طلاقا فلا يمين لها على زوجها إلا أن تقيم شاهدا واحدا فإن أقامته حلف وأن أبى ففيه اختلاف من قول مالك وأصحابه فمنهم من رأى أن يسجن أبدا حتى يحلف أو يطلق ومنهم من قال يطول سجنه العام ونحوه ثم يخلى سبيله

ومنهم من قال أن أبي عن اليمين دين وترك وامرأته وأن أدعى العبد أن سيده أعتقه لم تجب له عليه يمين إلا أن يأتي بشاهد على ما ادعاه ولو ادعت أمة رجل أنها ولدت منه وأنكر ذلك فأقامت شاهدا واحدا على اقراره بالوطء وأقامت أمرأتين أو أمرأة واحدة على ولادتها وجبت لها اليمين على سيدها فيما ادعته عليه فلو أقامت رجلين على اقراره بوطئها وامرأتين على ولادتها منه لحق به ولدها وصارت أم ولد إلا أن يدعي استبراء بعد ذلك الوطء ولو ادعى رجل على رجل لم تعرف حريته أنه عبده لم تكن على المدعى عليه يمين فإن أتى المدعي بشاهد واحد حلف مع شاهده واستحقه عبد بشاهد ويمين كما لو أتى بشاهدين عند من لا يرى اليمين مع الشاهد ولو أدعى رجل أنه استأجر دابة من رجل لم يحلف رب الدابة إلا أن يعلم أن مثله يواجرها بمثل ذلك ولو ادعى رجل أنه أودعه رجل ألف درهم وضاعت وقال المقر له بل قضيتكها من دينك الذي لك علي فالقول قوله مع يمينه وتكون قضاء من دينه ولو كان لرجل على رجل ألف درهم وكان له أيضا عنده وديعة ألف درهم فقضاه ألفا وقال هي الدين الذي كان لك على والفك الوديعة تلفت وقال رب المال بل هي الوديعة فالقول قول الدافع مع يمينه ومن ادعى أنه وارث لرجل لم يخلف وارثا وقال أنا أخوه ونحو ذلك وأتى بشاهد واحد فشهد له بما ادعاه وقال أنه لا يعلم له وارثا غيره فلا تصح الشهادة في هذه الدعوى عند مالك حتى يقول ذلك وهذا مما لا يختلف فيه قوله ولا خالفه فيه أصحابه فإذا شهد له بذلك

شاهد واحد استونى بمال الميت فإن لم يأت أحد يستحقه حلف المدعي مع شاهده واستحق الميراث دون النسب وكل ما استحقه الميت قبل موته من الأموال بميراث أو غيره استحقه هذا المدعي بيمينه وكذلك ما استحق له وطرأ على ملكه بعد موته مما قد كان داخلا في ملكه في حياته استحقه هذا المدعي بيمينه وليس عليه أن يعيد شهادة شاهد ولو تخلف الميت أخا أو وارثا معروفا فأنكره لم يحكم عليه بشيء إذا لم يكن غير دعواه ولا يمين له عليه ومن كان بيده شيء فليس بمدع فيه وهو مدعى عليه ومن كان بيده شيء فادعاه غيره فلا يخرج من يده بالدعوى إلى أحد عدل ولا غير عدل حتى يثبت المدعي فيه ببينة عادلة فيقضي له بها فإن لم يكن له بينة حلف المدعى عليه وكان القول قوله مع يمينه فإن نكل عن اليمين حلف الآخر وانتزعه من يده فإن نكل عن اليمين أقر في يد صاحب اليد فإن أقام المدعي فيه ببينة أنه له حكم باعدل البينتين فإن تكافأت البينتان في العدالة سقطتا وبقي الشيء بيد صاحبه والذي هو في يده أولى به مع يمينه ولا يقضي ببينة الخارج عند أهل المدينة في هذه المسألة وان كان الشيء في أيديهما جميعا أو على يد غيرهما وتكافأت بيناتهما قسم بينهما مع ايمانها فإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضي به للحالف دون الناكل وكذلك لو لم يكن لأحد منهما بينة قسم بينهما بدعواهما وأيمانهما إذا كان الشيء بأيديهما أو بيد غيرهما ممن يقربه لهما فإن نكل أحدهما فلا شيء له فإن نكلا جميعا لم يحكم بينهما وتركا على ما كانا عليه وكذلك لو كان

الشيء بأيديهما جميعا فادعى أحدهما نصفه والآخر جميعه حلف مدعي النصف لمدعي الكل وقسم بينهما لأن كل واحد منهما نصفه بيده فصار مدعي الكل على صاحبه فيما بيده وقد حلف له ولا معنى ليمين صاحب الكل فلو كان في يد غيرهما وادعى أحدهما نصفه وادعى الآخر جميعه تحالفا على ما ادعياه وأخذ مدعي الكل ثلاثة أرباعه ومدعي النصف ربعه لأنه قد أقر بالنصف لصاحبه وحصلت دعواه معه في النصف الآخر فإذا حلفا قسم ذلك النصف بينهما فمن هنا وجب لمدعي الكل ثلاثة أرباعه وإذا شهد رجال على رجل بحق لا يحدونه ولا يعرفون مبلغه لم تعمل شهادتهم شيئا إذا كان المدعي عليه جاحدا فإن شهدوا عليه بثمن سلعة باعها منه ودفعها إليه ولم يقفوا على مبلغ الثمن قيل له أقر بما شئت مما يشبه ثمن سلعته واستحق ذلك وان شهدوا بدنانير أو بدراهم ولم يحدوا فأقل ذلك ثلاثة يلزمه ويحلف معهما إذا كان ذلك يشبه ثمنها وإذا اختلف الرجل والمرأة في متاع البيت بعد الطلاق أو اختلف أحدهما مع ورثة صاحبه بعد الوفاة فالقول فيما يكون للنساء قول المرأة مع يمينها وفيما يكون للرجال قول الرجل مع يمينه إلا أن يأتي أحدهما ببينة فيحكم له بها ويحلف الحالف منهما على البت وإذا حلف ورثة أحدهما حلف على علمه وان اختلفا فيما يكون مثله للرجال والنساء فالقول قول الرجل مع يمينه وسواء كانت الدار التي اختلفا في متاعها للمرأة أو للرجل ولو اختلفا في رقبة الدار كان القول فيها قول الرجل لأن عليه أن يسكنها إلا أن تقوم لها بينه

بدعواها ولو اختلفا فيما عدا متاع البيت من عبيد ومتاع ودواب كان القول قول الحائز منهما مع يمينه فإن كانا قد حازاه جميعا وكان بأيديهما تحالفا واقتسماه ومن ادعى منهما انه اشتراه من صاحبه كلف البينة فإن لم يأت بها حلف صاحبه واستحقه وأم الولد يموت سيدها تكلف البينة فيما تدعيه إن كان مما يملكه مثلها ولو ادعى السيد أنه أعتق عبده على مال حلف العبد ولا شيء عليه وهو حر وكذلك المختلعة يدعي زوجها أنه خالعها على مال وهي تنكره تحلف هي ويلزمه الطلاق الذي اعترف به ولو ادعى اخوان احدهما مسلم والاخر نصراني ان اباهما مات وهو على دين كل واحد منهما ولم يعلم اصل دين ابيهما تحالفا وكان الميراث بينهما نصفين وكذلك لو أقام كل واحد منهما بينة على دعواه مثل أن تشهد احدى البنتين بأنه لم يزل مسلما حتى مات وابنه مسلم وتشهد الاخرى بأنه لم يزل نصرانيا حتى مات وابنه نصراني لم يلتفت الى البينتين لتدافعهما وتحالفا وقسم بينهما الميراث بينهما ولو ثبت أنه كان نصرانيا وله ابن نصراني وابن مسلم فأدعى المسلم أنه مات مسلما وادعى النصراني أنه مات على دينه فالقول قول النصراني مع يمينه أن لم تقم للمسلم بينة وان أقام هذا بينة وهذا بينة فالبينة بينة المسلم لأنها زادت مالم تعلم الاخرى وكل من ادعى ولدا يجوز أن يكون مثله لمثله ولم يعرف للولد نسب لحق به فإن أدعى مالم يمكن من ذلك مثل أن يدعي ولدا ولد له بأرض البربر أو ارض الزنج أو ارض الصقلب مما يعلم أن المدعي لم يدخل تلك البلاد وتبين كذبه

فلا يلحق به ولا يستلحق أحد إلا الأب وحده ومن استلحق من غير الاب كالجد والاخ فليس يستلحق وانما هو مقر على غيره فلا يلزم الاب ولا تكسب كل نفس الاعليها ومن ادعى ولد امرأة لم تزل زوجة الى وقت وفاتها لم يصدق وجائز دعواه ولد أمة غيره وان لم يعلم بابتياعه لها إذا أمكن أن يتزوجها ولو باع عبد له لا يعرف له نسب ثم استلحقه لحقه إلا أنه لا يرد اليه ولا يفسخ بيعه لأنه لا يرجع الى حرية وإن أدعى رجل ولد أمة قد باعه معها لحق به إلا أن يتهم في الولد بميل اليه أو انقطاع هذه رواية ابن القاسم وروى عبد الملك أنه يقبل اقراره ويرد الثمن وتكون أم الغلام أم ولده كما لو باعها حاملا فوضعت وادعاه سواه إلا ان يكون في حال ما يدعيه معسرا فيكون الولد حرا وعليه قيمته في ذمته والامة مملوكة لمبتاعها ولو اعتقها المبتاع والمسأله بحالها قبل قوله في الولد ولحق به ولم يقبل قوله في الام البينة توجب رد عتقها ولو أعتق المبتاع الولد ثم أدعاه بائعه لحق به ولو كانت الأمة لغيره فادعى ولدها بنكاح وانكر سيدها لم يثبت نسبه منه فإن ابتاعها ثبت نسبه منه واذا وطيء البائع الامة في طهر ووطئها المبتاع في طهر اخر واتت بولد فادعياه جميعا فهو للثاني اذا أتت به لستة اشهر فصاعدا من يوم ابتاعها فإن أتت به لأقل من ستة اشهر فهو للاول واذا وطئها البائع فباعها فوطئها المشتري في ذلك الطهر قبل ان يستبرئها فأتت بولد يشبه أن يكون من كل واحد منهما دعي القافه فبأيهما الحقوه لحق به فإن ألحقوه بالمشتري لم يبعها

وكانت له أم ولد وأن ألحقوه بالبائع انفسخ بيعها وكانت له ام ولد ولا يلحق الا بقائفين عدلين رواه ابن نافع وأشهب عن مالك وروى ابن القاسم ومعن ابن عيسى عن مالك ان القائف العدل معمول بقوله وانه لايعمل بقيافة النساء إلا أن يضعف بصر القائف فيستعين بهن واذا ادعى الملتقط لقيطة لحق به ان لم يتبين كذبه وقيل لا يلحق به الا ان يكون انما رماه ثم التقطه رجاء أن يعيش له كما يقول بعض الناس والقول الاول صحيح ومن أنفق على اللقيط فهو محتسب لا يرجع اليه بشيء فإن ثبت نسبه رجع بذلك على ابيه ان كان موسرا ولو ضل صبي عن ابيه فوجده رجل فأنفق عليه لزم أباه ان كان موسرا

باب جامع القضاء في الدعوى
يقضى على الغائب في الحقوق كلها والمعاملات والمداينات والوكالات وسائر الحقوق الا العقار وحده فأنه لا يحكم عليه منه إلا أن تطول غيبته ويضر ذلك بخصمه فإن كان ذلك حكم عليه فيه هذا تحصيل مذهب مالك ومن اصحابه المدنيين من يرى القضاء عليه في الربع وغيره دون انتظار وترجى للغائب حجته وقد روى ذلك أيضا عن مالك وهو قول أشهب ولما جاز القضاء على الميت كان القضاء على الغائب أجوز واذا تنازع قوم في دار وسألوا الحاكم أن يقسمها بينهم لم يحكم

بينهم في ذلك حتى يثبتوا أصل الملك عنده لان حكمه بالقسمه بينهم حكم يوجب ملكها لهم فإن قسموها بينهم دون أن يثبتوا أصل الملك عنده فليذكر في كتاب القسمه أن ذلك انما كان بإقرارهم على انفسهم دون بينه شهدت لهم بملكهم وليس لصاحب الحق ان يمنع الغريم من سفره ولا يحكم له عليه بحميل إلا أن يكون الاجل قد قرب قربا لا يتأتى له معه الاقبال في سفره قبله في الاغلب فمن حق صاحب الحق اذا كان ذلك أن يوثق له من دينه ومن ادعى عبدا أو دابه او شيئا من الحيوان أو ثوبا أو آنيه أو شيئا من العروض وأقام شاهدا واحدا فإن كان الحاكم ممن يقضي باليمين مع الشاهد قضى له بشاهده مع يمينه وإلا أخرج ذلك الشيء من يد الذي هو بيده الى يد عدل يوقفه عنده حتى يأتي المدعي بشاهد آخر فيستحقه ونفقة الحيوان ومؤنته في رعيه وعلفه في الايقاف من اليوم الذي يوقف فيه على الذي يقضى له به ولو كان غنما فوقفت غلتها في الوقت لمن قضي له به ولو كان غنما فوقفت غلتها في الوقف لمن قضي بها وغلتها قبل شهادة الشهود فيها لمن كانت في يديه ومن وقف له شيء من العروض أو الحيوان بشاهد عدل شهد له بذلك ليأتي بآخر فلم يأت به وكان القاضي لا يرى اليمين مع الشاهد حلف له خصمه بالله الذي لا إله إلا هو أنه ما يعلم أن ما أدعاه حق وأسلم اليه شيئه فإن نكل حلف الطالب مع شاهده واخذ ذلك الشيء الذي ادعاه وكذلك يأخذه بنكول المدعى عليه مع يمينه وان لم يكن له شاهد وان كان القاضي ممن يقضي باليمين مع الشاهد احلفه مع شاهده بالله الذي لا اله الا هو انه لماله وملكه ما فوته

من يده شيء ولا زال الملك عن مالكه ببيع أو هبه أو صدقه أو غير ذلك من الوجوه كلها التي تخرج الاموال عن اربابها ولقد شهد له شاهده بحق ويقضي له به ويدفعه اليه وكذلك لو أتى فيه بشاهدين احلفه الحاكم بمثل ذلك انه ما باع ولا وهب على ما ذكرت لك ولا يحتاج ان يقول ولقد شهد له شاهده بحق فإذا حلف دفعه اليه ولو ادعى أرضا أو ربعا وأقام شاهدا واحدا ولم يكن الحاكم ممن يقضي باليمين مع الشاهد وسأل المدعي ايقاف ما ادعاه نظر فإن كان للربع خراج مياومه وللارض غله يخشى ما فيها حصاد او جذاذ أو كان زيتونا يخشى عصره او كانت أرضا بيضاء يخشى تفويتها بالزراعه وقف ذلك كله ومنع الذي هو بيده من التصرف فيه وقبض غلته بعد شهادة الشاهد العدل وانما يوقف كل مأمون من الرباع والعقار مما له غلة ومالا غلة له ليمنع فيه من الاحداث والغلة ابدا للذي هو بيده حتى يقضي بها للطالب وليس للذي هو في بيده ان يحفر في الارض عينا ولا يغرس فيها غرسا ولا يبني بنيانا ويقول دعوني أعمل فإذا ثبت للطالب شيء هدمت ذلك وهذا كله من التوقيف انما يكون اذا اتجه أمر الطالب بشاهد عدل او ببينه لم يعرفها الحاكم قبل التزكيه ومن اقام بينة غير قاطعه في ربع فللذي هو بيده عند ابن القاسم ان يبيع ويضع ما شاء وانكر ذلك سحنون وقال البيع في ذلك حينئذ غرر لا يجوز واذا اعترف رجل دابة أو عبد بيد رجل واتى بشاهد واحد وكان له شاهدا ببلد اخر مكن من العبد وعزل قيمته على يد عدل حتى

ينفذ به الى البلد الذي فيه شاهده الاخر فيشهد له ثم يأتي بكتاب حاكم ذلك البلد الى حاكم البلد الذي شهد له فيه شاهده أولا ونفقة العبد عليه لأن ضمانه منه وان اعترفه ولا شاهد له لم يمكن من العبد ولكن يمضي الى البلد الذي فيه شهوده فيشهدون على ملكه للعبد بصفته ثم يأتي بكتاب الحاكم السامع لتلك الشهاده الى حاكم هذا البلد ويحلف عند مجيئه بالكتاب على العبد انه العبد الذي شهد له به هكذا حكى اسماعيل وكذلك ذكر ابو الفرج أنه يحلف عند مجيئه بالكتاب أنه العبد الذي شهد له به ثم يمكن من العبد اذا وضع قيمته ينفذ به الى شهوده حتى يعترفوا بأنه الذي شهدوا له به بم يأخذ كتاب حاكمهم الذي شهدوا له عنده الى الحاكم الذي اعترف العبد عنده بأنه العبد الذي شهد به عنده ليقضي به للمستحق بعد يمينه بالله انه لم يبع ولم يهب ولم يفوته عن ملكه بوجه يخرج الاملاك عن مالكها ويأخذ ما وضع فيه من القيمه فإن لم يكن له شاهد واحد على ما ادعاه ولم يأت بكتاب حاكم بشهادة على صفة العبد لم يمكن من العبد وان عزل قيمته ولو اراد الذي يستحق عنده العبد ان يدفع معه الذي استحلفه الى غير ذلك البلد وادعى أنه اشتراه هنالك منه فليس ذلك له ولا يلزمه أن يخرج معه وحسبه أن يأتي بما ذكرنا من الشهادة على الصفة ويضع قيمته ويخرج به الى حيث يطمع بثبوت حقه ممن اشتراه منه وكل من اعترفت بيده دابة أو عبد أو امه واستحقت فله وضع قيمتها بيد عدل ويخرج بها الى بلد البائع منه لتشهد له البينه على عينها

ويختم الحاكم في رقبتها باسم من استحقها ويكتب له الى حاكم البلد الذي خرج اليه بما ثبت عنده ليثبت ما ادعاه ويأخذه له من البائع منه الثمن الذي دفع اليه إلا انه في الامة ان كان أمينا دفعت اليه وإلا فعليه أن يستأجر معها أمينا قال مالك ولم ازل أسمع أنه يطبع في أعناقهم فإن رجع بذلك الحيوان وقد أصابه عور أو كسر فهو له ضامن لأنه أصيب في يده والقيمة لمعترف المستحق له وكذلك سائر العروض ولا يضمن أن نقص سوق ذلك والا رده وأخذ القيمة التي وضع قال ابن القاسم إذا تداعى اثنان عبدا غائبا جازت الشهادة فيه على الصفة وكذلك سائر الحيوان والعروض يسع البينه في ذلك وان كان غائبا اذا وصفت ذلك وجليته وعرفته ويقضي بما شهدت به لمدعية وقال ابن كنابة انما يشهد على الغائب إن لم يكن بيد احد فأما إذا كان بيد أحد فلا يشهد الا على عينه ومن أدعى عبدا أنه سرق منه وأقام بينة فشهدت أنهم سمعوا أن عبد سرق له أو شهدوا له على انه عبده سرق منه ولم يكونوا عدولا وله بينة ببلد اخر فسأل وضع القيمه ليذهب به الى بينته ليشهد له عند قاضي ذلك البلد فليس له ذلك ان لم يأت بشاهد واحد عدل أو ببينة قاطعه على سماع ذلك ومن ادعى دابة أو عبدا بيد رجل وذكر أنه له بينة حاضرة أو قريبة وسأل أن يوقف ذلك له ليأتي ببينته فيشهد على عينه كان ذلك له فيما قرب من اليوم ونحوه وأقصاه ثلاثة أيام ولو كانت بينته بعيدة لم يكن ذلك إلا بشاهد عدل أو سماع بينة كما ذكرت لك لان في ايقافه للبينة البعيدة ضررا على

المطلوب ولكنه يحلف المطلوب ويسلم اليه شيئه بغير كفيل ومن اقام شاهدا عدلا في عبد ادعاه ومات العبد قبل ان يحلف مع شاهده كانت مصيبته منه وكذلك لو كانا شاهدين فماتا قبل أن يعدلا وان شهدت له بينة على شيء اعترفه بيد غيره أنه له ولم يقولوا لا نعلمه باع ولا وهب ولا تصدق فانه يحلف ما باع ولا تصدق ولا وهب ويقضى له به هذا قول ابن القاسم وقال اشهب مثله ان مات الشهود قبل ان يقولوا ذلك او غابوا فلم يقدر عليهم ليسألوا عن ذلك فإن وجدوا سألوا فإن أبو أن يقولوا لا نعلم باع ولا وهب ولا تصدق فشهادتهم باطله وقد مضى في كتاب الشهادات حكم الشهادة في هذا وما كان مثله هل هو على البت أو على العلم واختلافهم في ذلك وقال مالك في رجل ابتاع أمة فادعت عنده الحرية وذكرت أن لها ببلدها من يعرفها ويشهد لها وادعت بلدا قريبا ورأى القاضي لما ادعته وجها بشهادة غير قاطعة أو شاهد واحد عدل كتب لها ايضا الى بلدها وان لم يكن إلا دعواها فقط لم يعرض لربها فيها ولم يوقفها وأن رأى ما يوجب توقيفها لما شهد به عنده من الشهادة غير القاطعة فمؤنتها كلها على المشتري الذي في بيده ولا يقربها حتى يكتب القاضي الى قاضي بلدها يكشف عن امرها فإن جاء من عنده بأمر يستوجب به ان يدفعها الى ذلك البلد فعل ولا يفعل ذلك إلا ان تقوم عنده بما يوجبه وإلا لم يعرض لصاحبها فيها ولا للبائع منه بدعواها وإن نزعت عن قولها بطلت دعواها إلا ان يكون نزوعها الخوف يعلم ولا يجوز

لقوم شركاء لهم ديون عند غرماء أن يخرج كل واحد منهم بمقدار دينه الى غريم بعينه ولكن ليقتسموا ما كان على كل رجل قدر انصبائهم ولو كان لرجلين دين ببلد بعيد فدعى احدهما صاحبه الى الخروج معه الى قبضه فأبى وقال له اخرج ان شئت واقبض نصيبك ففعل لم يكن له ان يدخل معه فيما قبض وكذلك لو شح احدهما فقبض حصته وانظره الاخر بحصته ثم افلس الغريم لم يكن للمنظر ان يدخل فيما قبض صاحبه وهذا كله في شيء تفاصلا او تبارزا أو رجلين كانت بينهما ديون بوثيقة واحده ونحوذلك وأما الشريكان المتفاوضان فحكمهما ما قد مضى في كتاب الشركه ومن اقام بينة على عبد قد مات بيد رجل فلا شيء له عليه إلا أن تقول البينة إنه كان غاصبا له

باب جامع الاحكام والاقضية
قال مالك رحمه الله اذا قامت البينة لامرأة بوفاة زوجها فنكحت وبيع ماله ثم جاء الزوج حيا فهي زوجته ويفرق بينها وبين الذي تزوجها وتعتد منه عدة كاملة إن كان دخل بها ثلاثة قروء ثم ترجع الى زوجها قال وأما ماله فإن كان شهدوا بزور فله أخذ ماله حيث وجده أو ثمنه وأما إماؤه فمن كانت منهن عند من أولدها أخذ قيمتها وقيمة ولدها من ابيهم وإن كان الشهود شبه عليهم جاز بيع ما بيع من

متاعه إلا أن يوجد شيء بعينه أو أمة لم تحمل فيأخذه بعد دفع من الثمن من استهلكه ويتبع بما دفع من الثمن من استهلكه وانا أقول أن الشهود إذا أقروا أنهم تعمدوا الزور ضمنوا كل ما دخل على المشهود بموته من نقص في مال من ثمن أو قيمة وإذا قامت دار ملكا بيد رجل مدة طويله متقادمة أقلها عشرة أعوام يتصرف فيها تصرف المالكين بالكراء والسكنى والهدم والبنيان ثم قام فيها قائم قد كان حاضرا يرى فعله ولا ينكره ببلد يمكنه الاستعداء عليه فيها والانتصار منه ولم يعترض في شيء من ذلك فلا مقال له ان كان أجنبيا ولا حق في شيء منها وهي لمن ثبتت حيازته لها وان كان وارثا في مثل هذه المدة حلف بالله ما كان سكوته وترك الانكار والتعرض للساكن الحائز الا ارفاقا وصلة لرحمه فإذا حلف بهذا قضى له بما استحق من حقه وقد قيل في الحيازة أقل من هذه المدة ولا يعمل به وليس بشيء الا فيما يهدم أو يبني وتغير تغيرا بينا عن حاله أو يفوت ببيع أو أمهار فإن مثل هذا يكفي فيه أقله على ما يراه ولا ينكره إلا ان يكون له عذرا واضح لسكوته وترك انكاره فيسمعه الحاكم منه ويجتهد فيه والحيازة بين الاقارب أطول والحد فيها اضطرب فيه الفقهاء من اهل المدينه وضرب الحدود في مثل هذا بغير اثر ليس من شيم أهل الفقه والنظر وحسب الحاكم والمفتي فيما لا نص فيه ولا اجماع ان يجتهد ولا يخرج عن اقاويل من مضى وعشرون سنة الى ثلاثين سنة غاية اليوم في حيازة الاقارب والشركاء في المواريث لكثرة تشاح أهل هذا الزمان

وقلة تحاببهم لذوي أرحامهم ومن بنى أو غرس في أرض بينه وبين شريكه بغير اذنه أو كان غائبا فإنهما يقتسمان الارض فإن صار للباني ما بناه في حصته من الارض كان له بنيانه وكان عليه من الكراء بمقدار ما انتفع به نصيب شريكه وإن صار البنيان أو الغرس في نصيب شريكه خير بين أن يعطي له قيمة بنيانه منقوضا أو قيمة غرسة مقلوعا وبين ان يسلم اليه نقضه بنقله ويكون له من الكراء على الباني بقدر ما انتفع به من حصة شريكه الغائب وان بنى بمحضر شريكه لم يكن لشريكه كلام ولا قيام لأنه كالإذن ولا يمنع أحد يبنى في ماله وحقه ما أحب من حائط يعليه وبنيان يرفعه اضر ذلك بجاره في منع ضوء أو ريح أو لم يضر إلا ان يكون لجاره كوة يدخل اليه منها الضوء وهو إليها محتاج وألصق بها بنيانه فإنه يمنع من ذلك فإن عمل بإزاء كوة جاره في قدرها مثلها في حائطه ليتأدى اليه ما كان ينال من الكوة من الرفق بالضوء وغيره كان ذلك له ومن اراد أن يفتح على جاره كوة يشرف منها عليه ويرى ما في داره منعه الحاكم لأن فيها ضررا على الحرم ومنعا من الراحه والاستتار في الدار وغيرها ولا يمنع أن يحدث ما شاء من الكواء العالية للضوء التي لايطلع منها على ماش في قاعة الدار والبيوت ولا واقف فيها ومقدار ذلك ما يقف رجل على سرير ولا يشرف على احد وهذا كله استحسان واجتهاد في قطع الضرر قال ابن عبد الحكم عن مالك للرجل أن يرفع

جداره ويمنع جاره الشمس والريح وليس له أن يفتح كوة في جدار يشرف منها على جاره والزقاق غير النافذ ليس لأحد أن يفتح فيه بابا غير ما قدم استحقاقه فيه من الابواب ولا أن يحدث فيه عسكرا وهو الذي يدعي عندنا التابوت والجناح ولا سقيفه فإن اذن بعضهم في ذلك وأبى بعضهم فإن كان الذين اذنوا في اخر الزقاق وممرهم الى منازلهم على الموضع المحدث فإذنهم جائز وان كان الزقاق شارعا نافذ مسلوكا للمارة لم يمنع أحد مما أراد فيه من احداث باب قابل باب جاره أو لم يقابله ومن احدث اندرا في موضع لم يكن يضر فيه بجاره في داره أو جنانه ضررا بينا منع منه وان كانت حزم الزرع وقشاقيره منعت الريح عن اندره لم يؤمر بازالتها إذا كانت في ارضه ويمنع الدباغون مما يحدثون من دباغهم لنتن ريح ذلك إذا شكى جيرانهم ضرر ذلك بهم ومن كان منهم قد استحق شيئا من ذلك بالقدم ثم زاد فيه ما يضر بجاره منع منه وكذلك دخان الحمامات والافران اذا أضر بالجيران ضررا بينا منع منه محدثه فإن تحيلوا في اخراج الدخان حتى لا يضر لارتفاعه عنهم كان ذلك لهم واما الحداد والكماد والعسال والضراب وما اشبه ذلك فإن ابن حبيب ذكر عن نفسه وعن اصحابه انهم كانوا لا يرون لمن استضر وتأذى بهم قياما ولا يوجبون عليهم من ذلك منعا وهذا معنى رواه مطرف عن مالك في ثمانية ابي زيد أنه سئل عن حداد يعمل

عمله ليلا ونهارا بالمطارق طالبا لمعيشته أترى لجاره أن يمنعه من ذلك لتأذيه به قال لا أرى ذلك له ولا يمنعه من طلب معاشه في صناعة وهذا عندنا إذا لم يمنعه من نومه ولم يحل بمكمده بينه وبين راحته وان احدث قناة كنيف أو بئر كنيف قرب حائطه لم يمنع ذلك اذا واراه وغطاه وكذلك لو أحدث غرفة أو سقيفة لا تضر بالمار تحتها فإن شكاه جاره المحاذي له ضيق هوى الزقاق قسم الهوى بينهما نصفين وإذا كانت تدعدع الحائط وتحركه تضر بالجار منع من احداثها عن جاره واختلف مطرف واصبغ في حمام الابرحة وما ينضم إليها من العصافير وفي محايج النحل والدجاج والأوز تضر بالزروع والشجر وتؤذي الجيران فقال مطرف أرى أن يمنع أربابها من اتخاذها لأنه مما لا يستطاع رعيها وهي كالدابة الضارية والبقرة والناقة الضارية التي لا يستطاع الاحتراس منها فقال مالك إذا كانت كذلك فأرى أن يمنع صاحبها من حبسهعا وأن يؤمر ببيعها قال مطرف وليس ما وصفنا من الحمام والدجاج بمنزلة الماشية لأن الماشية يستطاع رعيها والاحتراس من ضررها وقال اصبغ النحل والحمام والدجاج والأوز كالماشية لا يمنع صاحبها من اتخاذها وعلى أهل القرية حفظ زروعهم وشجرهم قال وهكذا كان

ابن القاسم يقول قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا في الماشية قال مالك ولو كان الزرع كثيرا منبسطا لا يطيق أهله حراسته فكان الحكم فيه واحدا ولا ينبغي لأحد أن يمنع جاره أن يغرز خشبة في جداره ولكنه لا يقضي عليه بذلك ان أبى منه قال مالك وقد كان ابن المطلب يقضي بذلك عندنا واختاره ابن حبيب ولم يختلف قول مالك وأصحابه أنه إذا أذن لجاره في ذلك المدة المعلومة فله قلع الخشب بعد انقضاء المدة قال مالك ومن أعار جاره موضع خشبه يغرزها في جداره ثم أغضبه فأراد أن ينزعها فليس ذلك له واما إن احتاج إلى ذلك الأمر نزل به فذلك له مثل أن يحتاج الى رفع حائطه والبنيان عليه لضرورة تضمه اليه فله أن يأمر ذلك الجار بنزع الخشب وأما إن اراد بيع الدار فقال انزع خشبتك فليس ذلك له وليس له اذا لم يعره الى مدة معلومة أن ينزع الخشب إلا الأمر ينزل به يحتاج الى بنيان الحائط ورفعه واذا كان بين رجلين جدار فانهدم فأراد أحدهما بنيانه مع صاحبه وامتنع الاخر في ذلك فعن مالك في ذلك روايتان احدهما أنه لا يجيز الذي ابى منهما على البنيان ويقال لطالب ذلك استر على نفسك وابن ان شئت وله أن يقسم معه عرض الحائط ويبني فيه لنفسه والرواية الاخرى أنه يؤمر بالبنيان مع شريكه ويجبر على ذلك قال ابن عبد الحكم وذلك أحب الينا واذا كان لرجل ممر طريق في ارض جاره الى مال له فأراد صاحب الارض أن يحول ذلك الطريق الى موضع اخر من تلك الارض ويغرس موضع الطريق فليس ذلك له الا بإذن الذي له الممر وسواء كان في ذلك عليه ضرر

أو لم يكن إلا ان يكون بين الممرين قدر الذراع او نحوه مما لا مضرة فيه على المار الى ماله فلا يمنع صاحب الارض من ذلك ويجبر عليه ان ابى عنه ذكره ابن عبد الحكم عنه ولو اراد صاحب الارض ان يغرس أرضه ويحظر عليها ويجعل لصاحب الممر بابا يدخل عليه الى ماله فليس ذلك له الا برضى صاحب الممر واذا كان كرم أو جنان بين شريكين فأراد احدهما أن يحظر عليه ويعمل ذلك معه شريكه لم يجبر الشريك على ذلك إن ابى منه واذا انفلتت دابة نهارا او ليلا فوطئت على رجل نائم فجرحته أو كسرته أو قتلته لم يكن على صاحبها شيء وجرحها جبار هدر وكذلك ما افسدت المواشي بالليل والنهار من الاموال والثياب والأمتعة ما عدى الزروع والكروم والاجنة فإن ما أفسدت الدواب والمواشي من ذلك بالليل خاصة دون النهار فعلى ربها ضمانه بالغا ما بلغ على الرجاء والخوف وان كان اكثرمن قيمة الدابة والماشية وهذا إذا كانت الدابة دون قائد أو راكب أو سائق وسيأتي حكمها في ذلك وحكم ما افسدت المواشي من الزروع والكروم بأوعب من هذا في موضعه من هذا الكتاب ان شاء الله ومن كانت له دابة ضارية أو ناقة أو بقرة ضارية أو كلب عقور لا يستطيع على حبس الدواب عن الزروع والكروم ولا الكلب عن الاذى فتقدم اليه في ذلك فلم يبع الدابة ولا ذبح البقرة ولا باعها ولا عقر الكلب ضمن ما جنت بالليل والنهار ولا حريم للبئر إلا ما اضر ببئر جاره في قطع مائها أو نقصه وليس لذلك حد لاختلاف الارضين في الصلابه والرضاوة

فإن احدث رجل بئرا انقطع من اجلها ماء بئر جاره او نقص ماؤها نقصانا بينا يعلم ان ذلك من قبل ما أحدث عليه جاره أمر المحدث بردم البئر وكذلك لو احدث كنيفا بقرب البئر لم يمنع اذا لم يضر ببئر جاره فإن اضر بها في تغيير شيء منها منع وردمت الحفرة واذا اشتد الهول في البحر وطرح من المركب ما فيه من المتاع والطعام او غيره رجاء النجاة فهو بين جميع من له في المركب شيء بالحصص وسواء طرح ذلك بإذن ربه أو بغير اذنه يفض ما رمى على ما بقي يكون صاحبه شريكا لمن سلم له شيء في ذلك الشيء بحسابه يوم اشترى المتاع وقد اختلف في ذلك قول مالك على ثلاثة اقوال احدها انهم يشتركون في المتاع كله بالقيمة حين الغرق والثاني انهم يشتركون فيه بالقيمة حين يحمل في المركب والثالث انهم يشتركون فيه بالثمن الذي اشترى به كل واحد منهم اذا كان ذلك في مكان واحد ومن ادعى في ذلك مالا يشبه لم يصدق وليس على الاحرار شيء والنواية كالاحرار لاشيء عليهم وكذلك رقيق القنية واختلف في الرقيق الذي للتجارة فقيل هم كالمتاع وهو تحصيل المذهب وقيل لهم عليهم شيء وهو قول أشهب وكذلك اختلف في العين فقيل لاشيء في العين قليلا كان أو كثيرا وقيل إن كان قليلا فلا يحسب عليه شيء اذا كان كالنفقة وشبهها وكذلك كل ما قصد به للنفقه في الحج وإن كان المال كثيرا أو كان لتجارة حسب عليه ما رمى كسائر المتاع السالم واختلف في جرم المركب فالمشهور عن مالك وهو قول أكثر اصحابه انه لاشيء

على جرم المركب وذكر القاضي اسماعيل ان الهوربي روى عن مالك جرم المركب يدخل فيما يرمي وفيما يسلم من المتاع وذهب مالك وجمهوراصحابه الى ان كل ما اشترى للقنية من رقيق أو ثياب أو حلي أو متاع أو سلاح أو مصحف أوغير ذلك من كل ما يشترى للقنية ولم يكن للتجارة فلا يحسب شيء منه فيما يرمى ولا شيء عليه كما أن المصيبة من ربة خاصة وحده ولو رمي شيء منه لا يدخل على شيء من امتعة التجار ولا يدخل التجار في شيء منه اذا رموا من امتعتهم شيئا وخالفهم في ذلك محمد بن عبدالله بن عبدالحكم فقال القنية وغير القنية في ذلك سواء ويدخل التجار عليهم في ذلك وهم على التجار لأن العلة في ذلك سبب التجارة ومال الى هذا القول جماعة من اصحابنا المتأخرين وهو أصح في النظرإن شاء الله وإذا اصطدم مركبان وانكسر احدهما فلا ضمان على الاخر بخلاف الفرسين المصطدمين ولا ضمان على صاحب السفينه ولا على النواتية في شيء من ذلك الاصطدام إلا أن تقوم بينة على تعسفهم وتعديتهم وحملهم على الغرر البين فيضمنون وينبغي ان يتولى إملاء الدين الذي هو عليه وان أمله الذي له الحق بحضرته ورضاه أو أمله غيرهما بحضرتهما ورضاهما جاز واجرة الكاتب عليهما جميعا ولو كان الحق لجماعة وسهامهم فيه مختلفة فأجرة الكاتب بينهم بالسوية واذا كان حائط بين اثنين فليس لأحدهما أن يتصرف فيه الا بإذن شريكه وكذلك كل مال مشترك وإذا انهدم الحائط المشترك وكان حاجزا وسترة بين

الدارين فأراد احدهما بناءه وأبى الآخر ففيها لمالك قولان احدهما أنه يجبر الذي ابى من البنيان على بنيانه مع شريكه والاخر أنه لايجبر عليه ولكن يقتسمان عرصة الحائط ونقضه ثم يبني من شاء منهما لنفسه وهذا هو المعمول به عندنا ومن أفتى أو قضى بالوجه الاول فلا حرج بين رجلين دارا مشاعة بينهما ولاحدهما الى جانبها دار له وحده فأراد أن يفتح من الدار التي بينهما الى داره بابا لداره فلشريكه أن يمنعه إن شاء لأن الحائط الذي يفتح فيه الباب بينهما ليس له ولو فتح الباب في حائط داره التي له وحده ليدخل منها الى الدار المشتركة كان ذلك له ذكره ابن المواز وإن كانت بئر بين اثنين فغارت وانهدمت فاصلاحها عليهما جميعا فإن أراد أحدهما اصلاحها وأبى الاخر فلمالك أيضا قولان على ما ذكرنا في الحائط المشترك بين اثنين فإن أنفق احدهما فيها قبل ذلك شيئا انتفع فيه ومن زرع أو غرس على غير ما يملكه لم يقض له على جاره أن يصرف اليه من الماء ما فضل عن شربه وانما الذي يقضي له بذلك رجل غرس أو زرع على بئر له أو عين فانهارت البئر ونضب ماء العين وله جار في بئره ماء فضل عنه عن شربه فهو الذي يقضي على له جاره ويجيز أن يصرف اليه من الماء ما فضل عن شربه بلا ثمن حتى يصلح بئره لئلا يهلك زرعه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لايمنع نقع بئر" وقد روي عن مالك أن ذلك

له بثمنه لانتفاعه بمال غيره دون إذنه وأما قوله صلى الله عليه وسلم لايمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ فذلك عند مالك واصحابه في اخرجه الامام احمد في مسند اخرجه الامام احمد في مسنده كما اخرجه في روايات مختلفه في الاحاديث القوم يحفرون البئر في الصحراء أو القفار ليسقوا منها مواشيهم فليس لهم بعد سقي مواشيهم أن يمنعوا أحدا ممن يرعى في ذلك الموضع معهم من سقى ماشيته بما فضل عن ري مواشيهم ويقضي عليهم أن يبذلوا فضل ذلك للناس عامة يشتركون فيه وانما لهم لسبقهم الى حفر البئر فضل التقدمة لا غير فهذا معنى لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ يريد انهم لو منعوا الماء لامتنع من رعي الكلأ الذي فيه الناس شركاء وليس للبئر المحفورة في الفلوات حريم محدود محصور ومن سبق الى ماء بئر فهو أحق به حتى يأخذ منه كفايته فإذا استغنى عنه كان الفضل لمن بعده ولا يحل له منع فضله وكذلك الحشيش والحطب وسائر المباحات وقال بعض اصحاب مالك ورواه عنه في ماء بئر الدار في الحاضرة انه كبئر الزرع إذا غاض ماء بئر جاره لم يمنعه وتحصيل مذهبه أن له منعه وأن معنى الحديث في أبار الماشيه في الفلوات خاصة وما استخرج من ماء بئر الى عين جاريه او ساقية فلا يملك الا بإذن ربه وللرجل عند مالك ان يبيع كلأ أرضه فأما كلأ البئر الري

فليس لاحد بيعه ولا ملكه ومن احيا أرضا ميتة لم يتقدم عليها ملك لمسلم ولا لذمي فهي له وليس لاحد احياء أرض ميتة بقرب الامصار والعمران الا بإذن السلطان فإذا كانت متباعده عن المصر والقرى كانت لكل من احياها بإذن الامام وبغير إذنه وأما رب الارض فهو الذي حفر العيون وشق الانهار وغرس الثمار ونحو ذلك من التأثير فليس من عليها حائطا أو حمى مرعاها بمحيي لها وكل ما جرى عليها من الارضين ملك لاحد احياؤه بغير اذن مالكه وان احيا أرضا لرجل قد تركها حتى عادت الى الخراب الاول فهي لمن احياها ثانية وأهل الذمة والمسلمون في احياء موات الارض سواء ولا سبيل الى أرض العرب لدخول ذمي فيها لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اجتماع دينين بها

وكل حكم بين مسلم وكافر فحكم الإسلام حكمه لا غير وإذا تحاكم الذميان الى حاكم الإسلام ورضيا بحكمه فهو مخير في الحكم بينهما أو الإعراض عنهما والاختياران يحكم بينهما ولو رضي احدهما بحكمه وأبى الاخر حكم بينهما ان كان من باب التظالم وضع الظلم لأن ذلك له في الذمة والعهد وقد قيل لا يحكم بينهم في شيء من احكامهم الا برضى أساقفتهم بذلك فإن ردهم اساقفتهم الى حكم الاسلام حكم بينهم ان شاء وقد قال مالك رحمه الله لأرى أن يحكم بينهم بشيء من معاملتهم ويردهم الى اهل دينهم والاولى عندي وهو تحصيل مذهبه اذا رضيا جميعا بحكمه أن يحكم بينهما ولا يلتفت الى اساقفتهم إن شاء الحكم بينهم وكل رحبة يرتفق الناس بها لم يكن لاحد ان يحظر عليها ممن يشرع بابه اليها ومن كان على ارضه طريق لم يكن له قطعها ولا المنع من سلوكها ولا أن يجعل عليها بابا إلا بإذن السالكين عليها لاستحقاقهم الطريق قديما ومن لم يكن له رسم في جري ماء في حائط جاره يجبر جاره على أن يجري عليها مائة وان كان له في ذلك رسم حمل عليه ولأرباب السداد أن يمنعوا من سوق الخشب في النهر ان أضر ذلك بهم فإن لم يضر لم يكن لهم منعه ومن كان له سيل ماء على سطح جل وانهدم فاصلاح السطح على ربه وليس على صاحب السيل شيء من نفقته ومن كان له شرب في بستان رجل فاحتاجت ساقيته أو نهره الى تنقية فتنقية ذلك على صاحب الملك والشرب جميعا واذا كان لرجل سفل ولاخر علو فانهدما فعلى

صاحب السفل بناؤه وتسقيفه يجبر على ذلك ان امتنع منه فإن امتنع لعيب او لعذر جاز لصاحب العلو أن يبني السفل من ماله ثم يمنعه الانتفاع به حتى يرد عليه نفقته ومن أرسل نارا في ارضه فاحترقت جيرانه نظر فإن كان يعلم أن ارساله اياها غير متعد الى جاره وانما كان ذلك لتحاملها أو تحامل الريح بها فلا ضمان عليه وان كان معلوما ان ارساله اياها لا يسلم من ذلك جاره في الاغلب ضمن ما اتلف من الاموال في ماله وان تلفت بذلك نفس فيها دية كانت على عاقلته والماء في ذلك عند ابن القاسم كالنار ولا تجوز التفرقه بين الام وولدها مسلمة كانت أو كافرة ما دام صغيرا لا يقوم باصلاح نفسه وحد ذلك سبعة أعوام او نحوها وكذلك لو جاءت به من دار الحرب وان كانا لا يتوارثان بذلك النسب ويكره شراء الطفل من المستأمن الحربي ومن الذمي اذا كان على التفرقه ولما لم يكن للرجل ان فرق بين أمته وولدها في البيع بأي وجه ملكها فكذلك إذا كانا عند رجلين جبرا على الجمع بينهما ولما لم ينفذ بيعه لم تنفذ هبته في احدهما الا على الجمع بينهما والورثة لا يقتسمونها ولكن يباعان من يجمعهما في الملك واذا وقع البيع في حدهما لم يفسخ ان اشترى المشتري الاخر منهما وجمع بينهما والا فسخ البيع ولم يتم وإذا أثفر الولد واستغنى عن أمه جازت التفرقة بينهما ولا حرج في التفرقة بين الاب وابنه وسائر ذوى رحمه وانما جاء الحديث في الام وحدها واذا حكم المتنازعان بينهما حكما رضيا به فلما حكم رضي احدهما بحكمه وسخط الاخر لزمه حكمه اذا

حكم حكما بينا يجوز بين الناس وسواء وافق حكم قاضي البلد او خالفه مالم يخرج حكمه عن اجماع اهل العلم وبالله التوفيق ومن أتاه غريمه ببعض حقه فأبى أن يأخذه أجبر على قبض ما اتى به في قول ابن القاسم وقال أشهب لا يجبر الا ان يكون عديما وان كان غنيا اجبر على ان يوفي رب المال حقه كله وبالله التوفيق وصلى الله على محمد خاتم النبين وإمام المرسلين وسلم تسليما

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
كتاب أدب القاضيلم يختلف العلماء بالمدينة وغيرها فيما علمت أنه لا ينبغي أن يتولى القضاء إلا الموثوق به في دينه وصلاحه وفهمه وعلمه وشرطوا أن يكون عالما بالسنة والآثار وأحكام القرآن ووجوه الفقه واختلاف العلماء وقد قال مالك رحمه الله حتى يكون عالما بما مضى من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة التابعين بالمدينة وقال عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي سلمة وغيره لا يكون صاحب رأي ليس له علم بالسنة والآثار ولا صاحب حديث ليس له علم بالفقه قال ولا ينبغي أن يفتي وينصب نفسه للفتوى إلا من كان هكذا إلا أن يفتي رجل رجلا بشيء قد سمعه ولا يجوز أن يلي القضاء أصم ولا أعمى وينبغي أن يكون ذا يقظة وتفطن لأمور الناس وشرورهم صلبا يلي الحق غير خائف للوم لائم مستشيرا فيما يشكل عليه لذوي العلم والدين مستثبتا غير عجل ويعلم مع هذا أنه قد ابتلى بأمر عظيم فليدم الاحتراس من الناس ويتحفظ من بطانته وأهله وخاصته وفي قول رسول الله صلى الله

عليه وسلم : "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان" دليل على أنه لا يقضي في حال تضيق فيها نفسه وينشغل باله وينقسم قلبه ولا يقضي حاقنا ولا جائعا ولا شابعا وينبغي له أن يجتنب في مجلسه الضحك جهرة ويظهر من نفسه ما يخيف به الظالم ويأمن المظلوم ويعدل بين الخصمين في مجلسهما وفي النظر إليهما وفي الاستماع منهما ولا ينبغي له أن يرفع صوته على أحدهما في غير ريبة أكثر من خصمه ولا يطلق وجهه إلى أحدهما ولا ينبغي للقاضي أن يضيف أحد الخصمين دون صاحبه ولا يقبل هدية إلا ممن كان بهديها إليه قبل ولايته ومن أهله وقرابته فإن خاصم أحدهما عنده لم يقبل منه شيئا يهديه إليه مدة خصومته عنده ولا يبيع ولا يشتري في مجلس القضاء ولو تناول له ذلك في غير مجلسه غيره لكان أولى ولا يشاور أحدا في مجلسه ولا يظهر أصحابه على مسائله ويبحث عن أحوال الشهود بنفسه ولا ينبغي له أن يطيل الجلوس لئلا يقطعه ذلك من استيفاء حجج الخصوم ويقضي القاضي في كل الأيام إلا أنه يستحب له أن لا يقضي في يوم الفطر والأضحى وأيام منى لأنها أيام أكل وشرب إلا أن يشرع أحد في سفر يؤذي بذلك صاحب دينه فيمنع من ذلك ويمنع من استطالة احد الخصمين على صاحبه ويحفظ

الحاكم لسانه عن أذى العامة فإنما يحكم فيما شجر بينهم وهو فيما بعد واحد منهم ولا يعجل الخصوم عن حججهم بالتخويف الا من استرابه وخشي تلصصه عليه واذا تقدم اليه الخصمان واجلسهما بين يديه سألهما مالكا وايكما الطالب فيبدأ به فإذا استوفى حجته قال للمطلوب هات حجتك ولا بأس أن يقوم بحجة من ضعف منهما عن تمام ما ابتدأ به من كلامه ولا يقضي حتى يقول لمن يقضى عليه هل بقيت لك حجة ثم يوجه القضاء عليه بعد الاستقصاء في ذلك وفي التأجيل ولا ينبغي له أن يلقن شاهدا وليدعه حتى يؤدي ما عنده إلا أن يراه عاجزا عن الابانه عن نفسه وإذا بان لدد احد الخصمين نهاه وتقدم اليه فإن لم ينته أدبه والهجر في تأديب مثله اولى وإذا كثر اذى بعض الخصوم للحاكم للتظلم منه والتناول له فله أن يؤدبه على ذلك والصفح أفضل إلا أن يكون في أدبه زجر لغيره وينبغي للقاضي أن يتخير كاتبا من أهل العفاف والصلاح والفهم جائز الشهادة ثم يعقده حيث يرى ما يكتب وما يصنع وقال مالك ولا أرى أن يستكتب ذميا لأن الكاتب قد يستشار ولا يستشار كافر في امر المسلمين ويكتب لخصومه وما يكون بينهما من الشهادة والإقرار والإنكار في صحيفة ثم يطويها ويختم عليها بخاتمه ويكتب عليها هذه خصومة فلان ويؤرخ المقالات بالأيام والشهور وإن قبل شهادة على رجل بغير محضره فلا بأس إذا كان مشهور العين لا يشتبه بمثله من أهل عصره وأحب إلي أن لا يكون ذلك إلا بمحضره إلا فيما لا يحتاج فيه إلى عينه فإذا

حضر المشهود عليه قرأ عليه ما يشهد به الشهود وأنسخه أسماءهم وأنسابهم ليتعرفهم في شهادتهم عليه إن أراد ردها والدفع فيها وفي أحوالهم أن كان عنده ما يجرحهم به ويبطل شهادتهم عليه ولو شهد رجلان على حاكم بقضية وهو ينكرها جازت شهادتهما على ذلك ومن ادعى عند القاضي أنه قضى له بشيء وهو لا يذكر ذلك وسأله إحضار بينة تشهد له بما ذكر فعن مالك وأصحابه في ذلك روايتان إحداهما أنه يسمع من البينة والأخرى أنه لا يلتفت إليها وقول من قال لا يجيبه إلى ذلك ولا يسمع من البينة أولى عندي لأنها تشهد عنده على أنه كان منه ما لم يعلمه من نفسه ومن قال إنه يسمع من بينته ولا يلتفت إلى نسيانه اجراه مجرى الأخبار والله أعلم والمسجد أعدل المجالس له لأنه لا يحجب فيه ولو قعد في المسجد وقتا وفي داره وقتا لتصل إليه الحائض والذمي كان حسنا ويجعل للنساء يوما يفردهن بالحكم فيه دون الرجال ويكون أعوانه عليهن صالحوا خصيان والشيوخ ولو كان في يوم النساء عجائز صالحات يثبتنه في بعض ما يريد من النساء كان حسنا ولا يقدم رجلا جاء قبله رجل ولو قدم الغرباء والمسافرين لما يراه كان حسنا وعليه التثبت في أحكامه وترك العجلة في انفاذ قضائه إذا أشكل عليه شيء أو استرابه ويضرب الأجل ليتمكن الخصم من حجته والدفع عن نفسه ولا يحل له أن يبطل من قد بان أمره وصحت قصته فربما فاجأه الموت ظالما له والأحكام إنما تكون بين المدعي والمدعى عليه حيث المدعى عليه والحاكم إلا أن يلقى المدعي المدعى عليه بمصر من

الأمصار فإنما يخاصمه حيث لقيه وقال أصبغ وغيره ليس للحاكم أن يحكم إلا فيما فوض إليه السلطان الأكبر فإن فعل لم يجز حكمه فيه وهو إذ ذاك كمن حكم بغير تسجيل له على الحكم وكذلك قال ابن الماجشون ومظرف ويحيى بن يحيى وابن عبد الحكم وغيرهم وهو المعمول به وليس له أن يستخلف وهو حاضر ولا مريض إلا أن يجعل ذلك إليه الإمام وله إذا أراد سفرا أن يستخلف فيما بعد من أعماله من يجمع له أهل الفضل على ثقته ولا أحب أن يصير إليه تعديل بينة ولا إنفاذ حكم حتى يراجعه فيه ليتولى النظر فيه بنفسه فخطأه وجوره أقل خوفا عليه من جور أتباعه لأنه قد يتوب في نفسه ويرد المظالم ولا يمكن ذلك فيما جهل من أعوانه وأتباعه وهو شريكهم في دار العاجلة وعظيم الإثم في الآجلة وقد أجمع العلماء أنه ليس له أن يولي أحدا بعد موته ولا يوصي بذلك ولا بعد عزله ويجوز للقاضي العمل بما يرد عليه من كتاب قاضي إليه إذا شهدت على كتابه بينة شاهدان فصاعدا وسواء أتوا به مختوما أو منشورا إذا شهدوا على ما فيه من القضيه على ما اشهدهم به من حكمه وقد قيل انه تقبل الشهاده على الشهاده على خطه دون لفظه ولو كانوا جماعة وكان الكتاب بيد احدهم جازت شهادتهم اذا عرفوا ختمه ولم يرتابوا في شيء منه وليس موت القاضي الكاتب ولا المكتوب اليه بضائر في كتاب القضية المكتوب بها وحسب المكتوب اليه بشهادة من أورد الكتاب عليه لا بالميت المخاطب له ولو كان المكتوب اليه هو الميت كان من قام مقامه واستخلف مكانه يعمل من

ذلك بما كان الميت يعمل ولا ينبغي لقاضي أن يتعقب أحكام غيره من القضاة قبله الا ان يكون معروفا جوره فيجوز تعقب ظاهر أحكامه وباطنها لانه قد يحسن ظاهرها واما احكام العدل فلا يعرض لها ولو كان ذلك لم ينفذ لاحد قضاء ولا يسجل مخلف القاضي ما ثبت عنده فإن فعل لم يجز تسجيله الا أن يجيزه القاضي الذي استخلفه فإن كان في سجل القاضي أن يستخلفه كان تسجيل مخلفه كتسجيله وكان حكمه حينئذ كحكم قاضيين استقضاهما الامام واذا علم الحاكم على كتاب ودفعه الى صاحبه ثم رده صاحبه اليه جاز أن يحكم بما فيه إن عرف خاتمه وعلامته وليتحفظ ها هنا مما حدث في الناس من الشر والحيل ولا يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في حد ولا في حق من الحقوق ولا في شيء قد كان شهد عليه مع غيره ويحكم بشهادة غيره في ذلك مع يمين الطالب ان كان مالا والا رفع ذلك الى الامام وكان شاهدا بما عنده مع الشاهد الاخر ولو اطلع على حد من حدود الله لم يقمه بما رآه حتى يشهد عنده فيه من يقام الحد به عدول يشهدون على إقرار المقر عنده أو على ما سمعوا من المقالات والدعاوى فيحكم بشهادتهم ولا يحكم بعلمه هذا تحصيل مذهب مالك وقد بينا الحجة في هذا المعنى في كتاب التمهيد وقالت طائفة من أهل المدينه منهم عبد الملك وأبوه عبد العزيز بن ابي سلمة ما أقر به المقر عند القاضي في مجلس حكمه أنفذ الحكم به قالوا له ذلك كما له عند الجميع أن يقضي في عدالة الشهود بعلمه ويكف عن الحكم بما علم من باطن الجرحة ولا يلتفت الى ما شهد به

عنده من العداله الظاهره واذا حكم الحاكم بحكم ثم انكر أنه حكم به وشهد شاهدان عليه بحكمه قبلت شهادتهما وثبت الحكم ولم يبطل بإنكاره واذا ذكر الحاكم أنه حكم بأمر من الامور وأنكر ذلك المحكوم عليه لم يقبل قول الحاكم الا ببينة تشهد على حكمه واذا اعترف القاضي بقضية جور تعمدها في مال اتلفه على أحد ضمنه وإن كان في دم افيد منه وللحاكم أن يحبس من وجب عليه الحبس والحبس واجب في الحقوق كلها ما كان منها على معاوضة مال أو غير مال ولا حبس على معسر ومن ثبتت عسرته وجبت نظرته وليس للحبس حد محدود وينبغي للحاكم أن ينظر في امر المحبوسين ولا يهمل أمرهم فمن يعلم منه لدد تمادى في حبسه ومن علم إعساره أطلقه وأنظره ولا يجوز له أن يقضي لأبيه ولا لابنه ولا لمن لا تجوز شهادته له والذي ينبغي له أن يقضي به ولا أن يتعداه ما في كتاب الله عز وجل فإن لم يجد ففي ما أحكمته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يجد ففي ما أحكمته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يجد فيها نظر فيما جاء عن اصحابه رضي الله عنهم فإن كانوا قد اختلفوا تخير من اقاويلهم أحسنها وأشبهها بالكتاب والسنة وكذلك يفعل بأقاويل العلماء بعدهم وليس له أن يخالفهم ويبتدع شيئا من رأيه فإن لم يجد اجتهد رأيه واستخارالله وأنعم النظر فإن أشكل عليه الامر شاور من يثق بفقهه ودينه من اهل العلم ثم نظر الى احسن اقاويلهم وأشبهها بالحق فقضى به فإن رأى خلاف رأيهم أحسن وأشبه بالحق عنده قضى به ولا يبطل من قضاء نفسه الا ما يبطل من قضاء غيره قبله وذلك ما خالف

الكتاب والسنه او الاجماع فإن لم يكن ذلك أمضاه وقضى في المستأنف بما يراه بعد الا ان يكون قضى بتقليد بعض الفقهاء ثم رأى الصواب في غيره من اقاويل العلماء فإن بان له ذلك نقض قضاءه بالتقليد وقضى بما يراه مجتهدا بعد وهذا وما كان مثله إنما ينقضه من قضاء نفسه لا من قضاء من قبله واما قضاء غيره فعلى ما قدمنا ذكره وقال ابن القاسم للقاضي ان يفسخ أقضيته التي يرى غيرها ما لم يعزل فإن عزل ثم ولي لم يكن له فسخ شيء مما كان قضى به الا ما يكون له من فسخ قضاء غيره وإن شهد عنده شهود على رجل فلم يعرفهم واعترف المشهود عليهم بعدالتهم قضى بهم عليه وانفذ قضاءه اذا لم يكذبهم ولا يقضي بهم على غيره الا ان يعرف عدالتهم ولا ينبغي له ان يعنت الشهود فإنه ربما أبهت الشاهد وخلط عليه واذا اتهم القاضي الشهود جاز له ان يفرقهم في الشهادة ولا يرد من أقضيه وولات المياه والمناهل إلا ما كان جورا وخطأ بينا وكذلك اذا حكم الرجلان بينهما رجلا فسمع من بينهما وحكم بينهما لزمهما ولم يرد من حكمه الا ما كان خطأ بينا وسواء كان ذلك موافقا لحكم حاكم بلدهم او مخالفا له وليس كذلك اذا رضيا بشهادة رجل بينهما لأن لكل واحد منهما أن ينزع عن ذلك إن اتهمه في شهادته قال مالك واذا تظلم من قاض بعد عزله وادعى عليه الجور في قضائه لم ينبغ لمن بعده أن ينظر في ذلك الا ان يؤتي بكتاب فيه جور بين فينظر فيه وينقضه وليس عليه كشف أحكام من قبله ولا التعقب عليه وقال محمد بن مسلمه يمضي حكم الحاكم قبله

ما لم يخالف كتابا او سنة او تأويلا مجتمعا عليه منهما وقال عبدالملك مثله وزاد أقضي بخلاف السنة المشهوره وان كان بعض الاختلاف نقض قضاؤه مثل القضاء لذوي الارحام بالميراث والشفعه للجار وشهادة أهل الذمة ولم يفعل ذلك غير عبدالملك قبل والله اعلم

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب العتق

باب من يجوز عتقه وينفذ في ذلك فعله ومن لايجوز ذلك منه ويرد خصلة فيه
لايجوز عتق المكره ولا طلاقه ولا عتق السفيه المولى عليه ولا غير البالغ إلا لأمهات أولادهم وأما السكران فيقع عتقه وطلاقه وتجوز وصية المولى عليه بالعتق بعد وفاته و لا تجوز عتاقة في حياته ولا يجوز عتق المديان وعليه من الدين ما يستغرق ملكه الا بإذن أرباب غرمائه فإن أعتق بغير اذنهم كانوا بالخيار في إجازة عتقه ورده فإن ردوا عتقه وثاب له مال والعبد في يده قضى دينه ونفذ عتق العبد كذلك لو باعه الحاكم في الدين فلم يقتسم الغرماء ماله حتى طرأ له مال فإنه يقضي دينه من ذلك وينفذ عتق العبد ويرد البيع ولا ينبغي لمن رد الغرماء عتق إمائه أن يطأهن لما يجوز من حدوث مال له يوجب عتقهن

ومن لم يجز الغرماء ما اعتقه من العبيد ومات فميراثه لسيده وليس لورثته الاحرار منه شيء ولو اعتق عبيده وهو موسر ثم افلس لم يرد عتقه وكذلك لو اعتقهم وهو مفلس ثم أيسر لم يرد عتقه ومن اعتق عبدا لا مال له غيره وعليه دين لا يحيط بقيمته بيع منه بقدر دينه وأعتق ما فضل عن دينه ولا يجوز للمرأة ذات الزوج عتق عبد يجاوز ثلثها إلا بإذن زوجها وعتقها لعبدها لا مال لها غيره مردود كله ثلثه وجميعه هذا الاشهر في المذهب وقد روي عن مالك وقالت طائفة من اصحابه إنه ينفذ من ذلك الثلث ومن أهل المدينه من يقول إن فعلها جائز في مالها كله اذا كانت صحيحه كالرجل سواء ولا اعتراض لزوجها فيما لا يملكه من مالها لانه لايحل له شيء منه الا عن طيب نفس منها ولا تجوز عتاقة العبد بغير اذن سيده فإن فعل فسيده بالخيار في إجازة عتقه ورده فإن أجاز ذلك كان له الولاء دون العبد وأن لم يعلم السيد بعتقه حتى اعتق العبد كان الولاء للعبد دون السيد ومن وهب عبدا لولده الصغير ثم أعتقه لم ينفذ عتقه فيه الا ان يكون موسرا فيعطى الولد قيمة العبد وينفذ العتق وإلا فلا وقد قيل إن ذلك رجوع منه فيما وهب من العبد وليس عليه شيء وهذا في الموضع الذي يجوز له الرجوع في هبته ومن اعتق عبدا اشتراه شراء فاسدا مضى عتقه ورجع البائع بقيمته وكذلك عند مالك لو ابتاع العبد نفسه بيعا فاسدا نفذ عتقه وعليه قيمة رقبته ومن أعتق ذا بطن أمته خرج حرا حين تلده إن بيعت في دينه قبل ذلك حاملا نفذ بيعها ورق الولد وإن ولد

قبل البيع كان حرا ومن وهب أمته لرجل وما في بطنها لآخر فأعتقها الذي وهبت له كان عتقها موقوفا حتى تضع حملها ولو وهب حملها ثم أعتقها هو عتقت وتبعها حملها في الحرية وبطلت الهبة لانها لم تقبض حتى فات العتق

باب عتق الشريك وتبعيض العتق
من كان له نصيب من عبد بينه وبين آخر فاعتق نصيبه منه نظر فإن كان المعتق معسرا نفذ عتق ما أعتق منه وليس عليه غير ذلك وبقي نصيب صاحبه رقيقا كثيرا كان أو قليلا ولا سعاية على العبد الذي لم يعتق حصته منه ويخدم نفسه بقدر ماله في نفسه من العتق وتكون مؤنته في ذلك على نفسه ويخدم من له الرق بقدر ماله من الرق وتكون مؤنته في ذلك عليه وإن مات العبد عن مال كان ماله لمن بقي له فيه من الرق ولو كان جزءا من مائة جزء ولا شيء في ذلك لمعتقه ولا لولد حر لو كان له وحكم المعتق بعضه في طلاقه وحدوده شهادته حكم العبد ولو قتل كانت قيمته لسيده وإن جنيت عليه جناية فالإرش كله لسيده وقد قيل ان الارش بينه وبين سيده على قدر حريته ورقه وكلاهما قول مالك وليس لسيده أن ينزع ماله ولا ان يجبره على النكاح وإن كان للمعتق من المال ما يسع قيمة سائرة قوم عليه قيمة عدل ثم يعتق سائره بالقيمة وإنما يعتق عند مالك بالحكم ومن أهل المدينه من

يعتقه كله على الموسر ساعة أعتق نصيبه منه ويضمن نصيب شريكه وقد روي ذلك عن مالك أيضا ولكن الأول تحصيل مذهبه وعليه أكثر اصحابه ولو مات العبد فالمشهور من مذهب مالك قبل التقويم مات عبدا ولم يلزم المعتق منه حصة شيء لشريكه وكان ميراثه أجمع للذي لم يعتق حصته منه دون المعتق ولو مات المعتق لم يلزم ثلثه شيء لأن المال قد انتقل الى ورثته ولو كانت أمة فلم يقوم عليه فيما بقي فيها من الرق حتى اتت بولد قوم عليه نصيب من شركه فيها مع الولد ولو شاء شريك المعتق قبل التقويم أن يعتق حصته منه كان ذلك له اذا كان عتقه ناجزا وكان الولاء بينهما على قدر حصصهما وليس له ان كان شريكه موسرا أن يعتق حصته منه الى اجل ولاأن يكاتبه في ذلك ولا يدبره ولو كان معسرا جاز ذلك كله ولو جهل أن القيمة تجب على المعتق الاول اذا كان موسرا حتى باع الشريك حصته فالبيع مردود ولو اعتق احد الشريكين نصيبه من العبد عتقا بتلا وهو معدم ثم اعتق شريكه نصيبه منه الى اجل نفذ عتق كل واحد منها على حاله الاول والثاني الى اجله فلو كان موسرا والمسأله بحالها قيل للمعتق الثاني الى اجل أما ان شئت عتق نصيبك معجلا وتكونان شريكين في الولاء على قدر حصصكما وإلا قوم نصيبك فيه على شريكك فاستتم عتقه عليه وكان له الولاء كله ولو أعتق الاول نصيبه الى أجل واعتق الثاني نصيبه معجلا نفذ فعلهما وكان للأول من الخدمه بقدر حصته الى الاجل الذي أعتقه اليه فإن مات العبد قبل الاجل كان له ماله دون صاحبه واذا اعتق أحد الشركاء في عبد

نصيبه منه الى أجل قوم عليه نصب شريكه وكان كله عليه معتقا الى ذلك الأجل يخدمه وحده دون غيره ومن أوصى بعتق حصته من عبد بينه وبين غيره وأوصى بعتقه بعض عبده لم يعتق منه غير ذلك لأن عتقه وجب بموته وإن أعتق حصته وهو معسر ثم أيسر بعد ذلك لم يقوم عليه وإن كان موسرا يوم العتق ثم اعسر ثم أيسر قوم عليه ليساره يوم العتق وإن كان موسرا ببعض قيمة نصيب شريكه قوم عليه بقدر ذلك وعتق من العبد ذلك المقدار دون سائره ويترك الذي لزمه تقويم العبد من متاعه مالا بد له منه وليس للشريك الثاني أن يعتق نصيبه الى اجل ولا أن يدبره ولا أن يكاتبه اذا كان شريكه موسرا ويقوم عليه على كل حال إلا أن يعتق حصته بتلا وإن كان عبد بين ثلاثة رجال أو أكثر فأعتق احدهم نصيبه وهو موسر قوم عليه نصيب شركائه واستتم عليه عتقه وإن كان معسرا بقي نصيب صاحبه أو أصحابه رقيقا فإن أعتق احدهما وهو موسر نصيبه بعد عتق المعسر لم يقوموا عليه لصاحبه لأنه زاد خيرا ولو أعتق اثنان منهم نصيبهما في كلمة معا قوم الباقي عليهما نصفين وسواء تساوت انصباؤهما او تباينت وقد قيل إنه يقوم عليهما بقدر حصصهما وكلاهما قول مالك وإن كان احدهما في هذه المسأله معسرا ضمن الموسر منهما جميع نصيب المتمسك بالرق عند مالك ولا تباعة له على شريكه المعسر وإن أيسر يوما ما وعند عبدالملك بن عبد العزيز لا يضمن إلا قدر نصيبه ولو أعتق أحد الشريكين وهو معسر حصته ثم أعتق شريكه نصف حصته لم يكمل

عليه عتق نصيبه وقال ابن القاسم في عبد بين رجلين أعتق احدهما نصيبه ثم أعتق الآخر نصف نصيبه وأراد أن يقوم على شريكه النصف الذي بقي له فيه الرق ان ذلك لايجوز ويعتق عليه باقي نصيبه قال فإن فات الثاني قبل ذلك وجب أن يقوم ما بقي له فيه على المعتق الأول وقال غيره هو عتيق في ماله إن كان موسرا لا في مال الأول لأنه ليس له أن يبعض حرية ما يملك فإن أعتق أحدهما نصيبه في مرضه فإن كان له مال مأمون مثل العقار والنخل ونحوهما ما كان عتقه كله نافذا وإن لم يكن له مال مأمون قوم عليه نصيب صاحبه في ثلثه كما لو أعتق بعض عبده وهوصحيح لزمه عتقه كله موسرا أو معسرا في رأس ماله ولو كان مريضا أكمل عتقه عليه وفي هذا قيل ليس لله شريك ومن اوصى بعتق عبده وكانت له اموال مأمونه وقع عتقه في الثلث عقب موت الموصي في الوقت الذي يقع ملك الورثه فإن لم تكن أموال مأمونه لم يقع عتقه في الثلث إلا وقت القسمة ومن أوصى بعتق بعض عبده لم يعتق منه إلا ما أوصى بعتقه وقد قيل يكمل عتقه في ثلثه ومن اعتق شخصا له في عبد وهو معدم والعبد عنه غائب يوم العتق ثم أيسر بعد العتق وقوم العبد فطلب استتمام عتقه قضى له بذلك وقوم على المعتق بما بقي فيه من الرق وعتق عند مالك بطلب استتمام عتقه فلا شيء له ولا تبعه لشركاء المعتق فيه اذا كان يوم أعتق معدما وكان العبد حاضرا هذا قول مالك واصحابه

باب العتق في المرض والوصية بالعتق وكيفية القرعة
من اعتق وهو مريض ومات من مرضه ذلك فعتقه ووصيته في ثلثه لا يتجاوز فإن صح من مرضه نفذ عتق كل من بتل عتقه في مرضه ومن اعتق ستة أعبد له في مرضه ومات ولا مال له غيرهم وكان قد عممهم بالعتق في كلمه واحدة أقرع بينهم بعد أن يجزؤا ثلاثة أجزاء فيعتق ثلثهم ويرق ثلثاهم كما لو أوصى بهم أن يعتقوا ولا مال له غيرهم والعمل بالقرعه فيهم أن يعدلوا بالقيمة ويجزؤا ثلاثة أجزاء معتدلة القيم ويؤخذ ثلاثة رقاع صغار يكتب في أحدها سهم العتق وفي الاثنين سهم الرق وتوضع في كيس او نحو ذلك يقال لرجل أخرج على هذا الجزء بعينه ويشار له اليه فإن أخرج عليه سهم العتق عتق وبقي الآخران رقيقين وإن خرج سهم الرق حكم له بالرق ثم قيل أخرج سهم العتق على الجزء الثاني عتق وكان الثالث رقيقا وإن أخرج سهم الرق على الثاني عتق الثالث ولو قال ثلث عبيدي أحرار فإنه يقرع بينهم ويجمع ذلك في بعضهم كما لو قال كلهم احرار قال مالك لو قال أثلاثهم أحر عتق من كل واحد منهم ثلثه وقال مغيره في كلتى المسألتين يعتق من كل واحد منهم ثلثه سواء قال ثلثهم او ثلثاهم واتفقا على أنه إذا أعتقهم كلهم أنه يعتق بعضهم بالقرعه ولو أوصى بعشرة من عبيده أن يعتقوا ولم يسمهم وعبيده خمسون عتق منهم خمسهم بالقرعه وسواء خرج سهم الثلث على أقل من عشرة أو أكثر وإنما يعتق منهم من أخرجه السهم ولو مات منهم قبل القسمه

عشرون أعتق ثلثهم بالسهم ومن مات منهم قبل القسم لم يمنع باقيهم من العتق وكانت الوصيه فيمن بقي منهم ولو مات من الخمسين أربعون وبقي عشرة وهم العدد الذي أوصى به الميت عتقوا إن خرجوا من الثلث ولو ماتوا إلا خمسة عشر ثلثاهم في الثلث ولو بقي عشرون عتق نصفهم وهكذا أبدا على هذا العمل وكذلك لو أوصى بهم لإنسان الحكم فيهم كما ذكرنا ولو أوصى بعتق عبيد له وعليه دين يغترفهم ولم يجز عتقه فإن كان الدين لا يغترفهم أقرع بينهم فمن خرج سهمه بيع في الدين حتى يخرج مقدار الدين ثم ينظر الى ما بقي فيعتق منهم الثلث بالقرعه ولو خرجت القرعة فيهم على من قيمته أكبر من الدين بيع منهم بمقدار الدين ثم نظر فيما بقي بعد الدين فأقرع عليه فإن خرجت القرعه على من بقي منهم وكان كفاف الثلث أعتق وإن لم يكن وفاء أقرع أيضا فيما بقي منهم فعتق منه مبلغ الثلث ورق سائره ولو اعتق الرجل وهو صحيح عبيدا له وعليه دين يغترف بعض قيمتهم بيع من كل واحد منهم ما يفي جميعه بالدين على السواء وأعتق من كل بحصته ولا قرعة فيهم ولا فيمن عدى المعتقين في الوصايا ومن أعتق أحد عبيده في حياته ولم يعينه بلفظه ولا ببينته عتق واحد منهم باختياره وقد قيل إنهم يعتقون كلهم كطلاقه لاحدى نسائه

باب العتق على شرط واليمين بالعتق
من اعتق أمة على أن يكون عتقها صداق لم يجز ذلك عند مالك وأصحابه ونفذ العتق لها ومن أعتق عبده الى أجل آت لا محالة كالشهر أو السنه لم يعتق الا بمجيء الوقت فإن مات السيد قبل ذلك فهو من رأس ماله حر وكذلك لو قال أنت حر بموت فلان فمات فلان فهو حر من رأس ماله وإن كانت أمه لم يكن له أن يطأها لانه لا يجوز وطء المعتقه الى اجل وليست كالمدبره عند مالك وأكثر أصحابه وللسيد أن يأخذ من مال عبده المعتق الى اجل ما بدا له مالم يقرب الاجل ولو كان للعبد المعتق الى اجل أمه حامل فأتت بولد من يوم لفظه بعتقها الى أكثر من ستة أشهر فهو ممن لم يمسه رق وإن جاءت به لاقل من ستة أشهر من يوم أعتق أبوه فولاؤه لمعتق أبيه ولو قال لعبده اذا قدم أبي فأنت حر كان له بيعه قبل ذلك عند ابي القاسم ومرض فيها مالك ولو قال كل عبد املكه من بلد كذا أو جنس كذا او في مدة كذا او لمدة يبلغها في الاغلب لزمه ذلك فإن عم جميع البلد لم يلزمه شيء فيمن ملك بعد ويدخل في لفظ البلد ومعناه كل من ملكه بشراء أو هبة او ميراث أو سائر وجوه الملك فإن قال كل عبد ابتاعه لم يلزمه شيء إلا فيمن ابتاع او عاوض فيما وهب للثواب ويدخل في الملك ابعاض العبيد وأولادهم إن كانوا على ملكه ولو قال كل عبد لي حر لزمه في عبيده وإمائه ومدبريه ومكاتبيه وسائر من له عليه ملك في ذلك الوقت ولو أخدم رجل عبده

رجلا مدة ثم هرب بعدها فأعتقه المخدم قبل مجيء الاجل كان حرا ولا سبيل لسيده عليه ولو أجر عبده مدة ثم اعتقه كانت الاجارة أملك به ولم ينفذ عتقه حتى يتمها ولا يجوز لمعتق عبده اشتراط شيء عليه بعد عتقه من خدمته ولا خدمة غيره ولا ان يأخذ شيئا من خراجه فإن قال أنت حر وعليك خمسون دينارا او نحو ذلك مما يضر به عليه جاز ذلك عند مالك وهو عنده كمن باعه نفسه بالخمسين دينارا وخالفه ابن القاسم فقال هو حر ولا شيء عليه من المال لأنه لايوظفه بعد الحرية بمال واتفقا على ان من قال لعبده أنت حر ان جئتني بكذا من المال انه لا يعتق الا ان يجيء بالمال وهذا عندهما جميعا في معنى الكتابه وليس له بيعة قبل أن يأتي بثمن ذكره فقال له العبد امض البيع في ولك باقي الثمن دينا على انه يمضي عتقه ولا شيء عليه مما أثبته عليه بائعه ومن قال لعبده ان اضربك فأنت حر لم يكن له بيعه وان باعه فسخ البيع فإن مات قبل ذلك مات عبدا وان مات السيد عتق في ثلثه وإن كانت أمة لم يطأها ومن حلف بعتق عبده إن لم يضربه كذا وكذا سوطا فإن لم يضربه اليوم حتى الليل فأفلت منه غلبه من غير تفريط فلا شيء عليه وإن فرط حتى فات الوقت أو ضربه فلم يكمل العدد كان حرا وان ادعى عليه العبد الحنث في مثل هذا اليمين لم يقبل قوله ولم يكن على السيد بينه ولا يمين ولو حلف بعتق عبده إن لم يفعل امرا سماه الى اجل ذكره لم يجز له بيعه ايضا حتى يفعل ما حلف عليه وإن كانت أمة فله وطؤها ما بينه وبين الاجل وتوقف مالك عند الاجل فإن مات

قبل الاجل فلا حنث عليه وفي فروع هذا الباب عندهم كثير من الاضطراب ولو قال لأمته انت حره ان كنت تبغضيني فقالت لست أبغضك امر بتملكها ولا يجبر على ذلك ولا يقضي عليه ولو قال لعبده ان بعتك فأنت حر فباعه عتق عليه عند مالك حين باعه ورد ثمنه على مبتاعه ولو قال ان بعته فهو حر وقال المبتاع ان ابتعته فهو حر فبيع منه اعتق البائع عند مالك ولو قال لعبد غيره أنت حر من مالي لم يلزمه شيء سواء ابتاعه بعد ام لا الا ان يقول ان ابتعتك

باب من يعتق بالملك على مالكه
كل من ملك أباه او جده وان علا أو ابنه أو ابن ابنه وإن سفل أو أمه او جدته وان علون من قبل الاب أو الام أو اخاه شقيقه او لأبيه أو لأمه أو أخواته عتق كل واحد من هؤلاء على مالكه ساعة يتم ملكه عليه بأي وجه ملكه من بيع أو هبه أو وصية أو صدقة أو ميراث ولا يعتق أحد من القرابات سوى هؤلاء على من ملكه ويعتق من ذكرنا من الاقارب بالملك دون الحكم ومن وهب له سهم ممن يعتق عليه فقبله وهو موسر قوم عليه باقية وأكمل عتقه وكذلك كل من أوصى له بسهم منه فقبله وأما الميراث فلا شيء على من ورث بعض من يعتق عليه من تتميم عتقه وانما يعتق عليه من ما ورثه خاصة لأن الميراث لايحتاج الى قبول ولا يعتق على احد أخ

من رضاعة ولا غير من ذكرنا بالنسب خاصة وروى علي بن زياد عن مالك استحباب عتق الاب والام والولد والاخت من الرضاعه ويجوز للوصي قبول من يعتق على يتيمة وقبول بعض من يعتق عليه ان كان معسرا وان كان موسرا لم يجز ولو ابتاع رجلان صفقه واحده من يعتق على احدهما ضمن لشريكه ثمنه وعتق عليه ولو ابتاع رجل أمة حاملا من ابيه عتق عليه الحمل لانه أخوه لم يجز له بيعها حتى تضعه الا ان يكون عليه دين وكذلك الاب يبتاع أمة ابنه حاملا ومن ابتاع من يعتق عليه من اقاربه وعليه دين يحيط بماله بيع في دينه وقد قيل يفسخ شراؤه ويرد البيع على بائعه

باب جامع العتق
واذا قال الرجل لعبده أنت حر او انت عتيق أو انت محرر عتق عليه وخرج عن ملكه لاخلاف في ذلك اذا اراد عتقه او خاطب العبد في ذلك وكل ما نوى به المالك عتق عبده من الالفاظ كلها فهو حر عند مالك كما نوى نحو قد وهبت لك نفسك أو اذهب أو أغرب أو أخرج أو نحو ذلك مما يريد به عتقه ومن اهل المدينه من يخالف في ذلك كنحو خلافه له في الطلاق بذلك وقد قال مالك لو جعل الى عبده عتق نفسه لم يجز الا بألفاظ المعتق ويجوز ذلك عنده في الاجنبي اذا جعل عتق عبده اليه ولا عتق على من زل لسانه بلفظ العتق وهو لا يريده ومن شك هل عتق وقع عليه العتق وغير مالك

فى ذلك ولو دعا أحد عبيده فأجابه غيره فقال أنت حر لم يعتق إلا الذي أراده وحده وفي هذا اختلاف كثير بين اصحابه وتحصيل مذهبه ما قلت لك ولو شهد عليه بذلك عتقا جميعا الواحد باقراره والثاني بالشهاده وقد قيل لا يعتق عليه منهما الا الذي أراده وقصده وهذا القول أحوط لدين المفتي والاول هو تحصيل المذهب ولو قال كل عبد أو كل مملوك حر وله عبيد واماء عتقوا كلهم الا ان يحاشى بعضهم بنيته فيكون له ما نوى ولو قال لعبده ما انت الا حر وانت اليوم حر وقال له يا اخي ولم يرد بشيء من ذلك الحرية لم يعتق ولو قال له انت حر اليوم وهو يريد الحرية كان حرا ابدا ولو جعل عتق عبده الى رجلين لم يجز عتق أحدهما دون صاحبه إلا أن يكونا رسولين فيجوز عتق أحدهما ولو عتق أحد عبيده صدق فيمن أراده منهم فإن لم يكن له نية أعتق أيهم شاء بخلاف تطليقه إحدى نسائه ومن شهد عليه أنه أعتق عبده في وقت قد مضى وقضى عليه بالشهاده كان حرا يوم قضي بعتقه لا في الوقت الذي ذكروا وكل ما استغل سيده منه غلة او خراجا فهي له فإن قذف او قذف كان حكمه حكم الحر وحد قاذفه اذا كان القذف بعد الوقت الذي ارخ الشهود بوقوع عتقه فيه وإن كان قبل القضاء ومن اهل المدينه وأصحاب مالك من يقضي له على سيده بالغله والخراج ويجعله حرا من وقت تاريخ الشهود لعتقه في كل شيء والاول قول مالك ومن مثل بعبده فقطع انفه أو يده أو أذنه أو أصبعه أو جارحة من جوارحه أو أخصاه أو حرق منه بالنار ما يكون

مثله به أعتق في كل هذا عليه وكان له ولاؤه واختلف قول مالك هل يعتق عليه بالفعل وهذا اذا تعمد ذلك وقصده وأما من قصد لتأديب عبده فناله شيء من ذلك وعلم صحته لم يعتق عليه ومن حدث بعبده جنون او جذام أو ما أذهب منافعه لم يعتق عليه ويؤخذ بنفقته إن لم يعتقه واذا اعتق العبد تبعه ماله إلا ان يستثنيه سيده وكذلك اذا اوصى بعتقه وان كان له أمة حامل منه لم يعتق ولده منها ولو اعتقها العبد بعد عتقه لم تعتق حتى تضع حملها ومن أعتق أمة حاملا أعتقت وما في بطنها ومن أعتق حمل أمته عتق بعد وضعه وليس له بيع الامة قبل وضعها قان رهقه دين في جناية أو أراد ورثته بيعها بعد وفاته فقد اختلف قول مالك في جواز ذلك ومنعه ولو أعتق أمة ولها صداق على زوجها كان الصداق لها كسائر ما لها ولو كان للعبد على سيده دين كان الدين باقيا إلا أن يشهد عند عتقه بانتزاعه ما له ودينه ولا يجوز في الرقاب الواجبه الا مؤمن سالم من العيوب المفسده كالعمى والعور والصمم وكذلك الاشل والمجنون والخصي والمجبوب والمقعد والشديد العرج واختلف أصحاب مالك في الاصم والاعور هل يجوز عتق واحد منهما في الرقاب الواجبه فقال أشهب لايجوز فيها الاصم وأجازه ابن القاسم ومالك يكرهه وقال عبدالملك لايجوز فيها الاعور قياسا على الضحايا وأجازه سائرهم وعتق الصغير المرضع جائز وغير جائز فيها عتق من يلزم عتقه بالملك من القرابات ولا من فيه شعبه من الرق ومن تطوع بعتق معيب او ذمي لزمه وجاز عتقه لا يلزم الذمي ما كان حلف عليه من العتق اذا كان حنث في اسلامه

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الولاءالولاء لحمة كلمة النسب لا يبدل ولا يباع ولا يوهب وهو موروث بطريق التعصيب وليس لمن لا يرث الا بفرض مسمى فيه حق مع العصبه والذين يرثون الولاء البنون وبنوهم الذكور والاب والجد والاخوة لاب وأم كانوا أو لأب وبنوهم وأولي الناس بميراث الولاء الابن وبنوه ثم الاب ثم الاخوة وبنوهم عند مالك لانهم بنو الاب ثم الجد ثم العم لانه اخ الاب ثم بنوه على الترتيب ولا يرث البنات ولا الاخوات شيئا من الولاء والنساء لا يرثن من الولاء الا ما اعتقن وما اعتق من اعتقن ومولى مولى المرأه كمولاها اذا لم يكن معتقه حرا أو حيا وولد مولاها بمنزلة مولاها ترثه أيضا واذا اعتقت امرأة عبدا لها فولاؤه وميراثه لابنها وبنيه الذكور دون عصبتها والعقل على عصبتها فإذا انقرض بنو المرأه وبنو بنيها لم يكن الولاء لعصبتهم ورجع الى عصبتها واذا احرز الاخ للاب والام ميراث مولاه الذي اعتقه أخوه شقيقه دون أخيه للاب ثم مات وخلف ابنا لم

يكن لابنه ما احرزه من الولاء وكان الولاء لأخيه لأبيه دون ابنه لأن الولاء ينتقل الى الكبير أبدا واذا مات الرجل وترك مولى قد أعتقه وترك عصبة فأقربهم بالعتق يوم يموت المعتق احقهم بالولاء ولا مدخل للجد ولا للأب في ميراث الولاء مع الابن والاخ وابن الاخ اولى من الجد بميراث الولاء عند مالك وفي الميراث يحجب الجد بني الاخوة كلهم واذا اخذ ذوو الفرض في الميراث فرائضهم ولم تكن عصبة من قبل النسب كان ما بقي للمولى المعتق والا فلبيت المال اذا كان للعبد بنون من زوجة حرة ثم اعتق جر ولاء بنيه الى مولاه فإن كان الاب عبدا وأبوه حر جر ولاء ولد ولده من المرأه الحرة يرثهم ما دام أبوهم عبدا فإن أعتق أبوهم رجع الولاء الى مواليه فإن مات الاب عبدا فالولاء والميراث للجد ولا يجر الولاء أخ ولا عم ولا أحد من القرابات سوى الاب والجد وحده وموالي ابن الملاعنه المعتقه موالي أمه ولا ولاء على ولد الملاعنه الحره وميراثه لجماعة المسلمين وهم عصبته دون عصبة أمه الا ان يعترف به ابوه ومن اعتق من الزكاة رقبة فميراثها لجماعة المسلمين وكذلك اللقيط والسائبه عند مالك ميراث كل واحد منهما لجماعة المسلمين لان السائبه تعتق عنهم فولاؤه لهم وقد خالف بعض اصحاب مالك في ذلك وما ذكرت لك هو المشهور عن مالك وتحصيل مذهبه ولا شيء للملتقط من ميراث اللقيط لأن ملتقطه غير معتق له وانما الولاء لمن اعتق فلم يبق إلا ان يكون ميراثها لجماعة المسلمين وكذلك عبد الذمي يسلم فيعتقه الذمي ولاؤه للمسلمين ولا يرجع

اليه أبدا أسلم بعد أو لم يسلم وهذا كله قول مالك وأصحابه ولو أعتق ذمي عبده كافرا ثم أسلم المعتق ومعتقه كافر فلا سبيل الى ولائه إلا أن يسلم فإن اسلم كان ولاؤه وميراثه وإن كان له بنون مسلمون ورثوا معتق ابيهم فإن اسلم ابوهم عاد اليه الولاء يرثه ولو كان حربي أعتق عبدا فأسلم العبد وخرج الينا ثم اسلم سيده ورثه لأن الولاء ثابت له بمنزلة ذمي اعتق ذميا ولو ان عبيدا من اهل الحرب خرجوا الينا بأمان فأسلموا ثبت ولاؤهم للمسلمين ولا ينتقل الى سادتهم ابدا وان خرجوا الينا ومن باع عبده من نفسه فولاؤه له لا لغيره ومن اعتق عبده عن غيره فالولاء للمعتق عنه عند مالك واصحابه وسواء كان بأمره او بغير أمره على عوض او غير عوض ولو أعتق المسلم عبدا نصرانيا ثم مات النصراني جعل ماله في بيت مال المسلمين فيئا ولو اعتق مسلم عبدا له مسلما ثم ارتد السيد ومات العبد كان ميراثه لورثة السيد ولو أعتق ذمي ذميا وأسلم العبد وهرب السيد إلى دار الحرب وغزا معتقه المسلم فوقع سيده في سهمانه فأعتق وأسلم أيضا كان ولاء كل منهما لصاحبه

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب أم الولدتعتق الامه اذا ولدت من سيدها عتقا موقوفا يتم بموته وله الاستمتاع بها على حسب ما كانت عليه الا البيع فإنه لا يبعيها ولا يهبها ولا يواجرها ولا يخرجها عن ملكه بوجه من الوجوه في دين ولا في غيره وعليه أن يفتكها بجنايتها أو بالأقل من قيمتها يوم الحكم وكذلك في كل جرح تجرحه ما دامت أم ولد وإن جرحت فعقل جرحها لسيدها وان قتلت فقيمتها له ايضا ولا حق لها في الوطء ان منعها وهي أمة في جميع احكامها في الشهاده والحدود والصلاة وغير ذلك الا انها يستحب لها ان تغطي رأسها في الصلاة وذلك من السنه لها ولا يحد قاذفها ولا ترث ولا ثورث فإذا مات سيدها فهي حرة من رأس ماله لاحقه باحرار المسلمين لا يلحقها دين سيدها في حياته ولا عند موته وأما انكاحه اياها بغير اذنها فيختلف فيه قوله قال واحب الي ان لا يزوجها الا بإذنها وتكون أم ولد بكل ما اسقطته مما يعلم أنه خلق آدمي من مضغة أو علقه ونحوها وقد قيل لا تكون أم ولد

حتى تسقط ما يتبين فيه شيء من الخلق كالعين والظفر والاصبع ونحو ذلك والاول تحصيل مذهب مالك ومن أقر بوطء أمته صارت له فراشا ولزمه ولدها الا أن يدعي استبراء بعد أقله حيضه هذه رواية أهل مصر عن مالك وروي عنه أهل المدينه ثلاثة اقراء والاول هو الصحيح ان شاء الله فإن لم يدع استبراء فهو لا حق به اذا ثبت انها ولدته لاكثر ما يحمله النساء وذلك أربع سنين قال مالك وليس الخمس بعدا فإن أدعى الاستبراء وأتت به لاكثر من ستة أشهر انتفى عنه بغير يمين وقالت طائفة من اصحابه أنه يحلف والاول هو الصحيح ان شاء الله لأن يزوجها ويبيعها بعد استبرائها بقوله ولو أقر بوطء أمته ولم يدع استبراء فأتت بولد فأنكر أن تكون ولدته فإن جاءت بأمراتين فشهدتا انها ولدته لحق به وأن لم تأت بذلك لم يلحق به واختلف في يمينه فروى عن مالك أن القول قوله في ذلك مع يمينه وروى عنه أن القول قوله أنها لم تلده ولا يمين عليه وهو الصحيح وإذا باع الرجل أمة أو مات عنها او عتقها بولد يشبه أن يكون منه فهو لازم للبائع الا أن اعتقها فأتت بولد يشبه أن يكون منه لازم للبائع إلا ان يدعي الاستبراء وأما المعتق والمتوفى فيلزمهما ذلك مالم تتزوج الامة الى اكثر ما تحمل له النساء من المدة ومن كان عليه دين يحيط بما له فوطيء أمة فحملت صارت أم ولد له ولم يكن له ولا لغيره بيعها في دينه ولو باع رجل أم ولد وشرط على مبتاعها عتقها فعتقها المبتاع كما شرط نفذ العتق ورجع بالثمن على بائعها وكان ولاؤها لبائعها ولو باعها ولم يشترط عتقها فسخ البيع ورد الثمن على المبتاع ولو أعتقها مبتاعها رد عتقه

وإن ماتت عند مبتاعها لم يضمن ثمنها ولا قيمتها ومن آجر أم ولده فسخت اجارته فإن لم تفسخ حتى انقضت لم يرجع المستأجر على سيدها بشيء واذا مات سيد الامة وهي حامل منه كانت حره ساعة موت سيدها قبل الولاده ترث وتورث ويحد قاذفها هذا قول مالك وقالت طائفه من اصحابه أحكامها موقوفه حتى تلد فإذا ولدت وجب لها حقوق الحريه وحد حينئذ قاذفها والميراث اذا وجب لها محبوس عليها حتى تضع وللسيد أن ينتزع مال أم ولده ما لم يكن مريضا يحجب عن القضاء في ماله بأكثر من الوصيه وليس للغرماء انزاع مال أم ولده ما لم يكن توليجا وكل ما أعطى الرجل أم ولده في صحته على غير وجه التوليج فهو مالها حليا كان أو سائر المتاع واذا مات وعرف ان المتاع لها عتقت وتبعها مالها واذا جنيت عليها جناية فلم يقبض سيدها ارشها حتى مات فأرشها لورثة سيدها وقد قيل ان ذلك يتبعها بمنزلة مالها ولو اعتق رجل ام ولده وهي حامل أنفق عليها من اجل حملها وكذلك الحر تكون تحته الامة فتعتق وهي حامل منه فانه يجب عليه نفقتها من وقت العتق لا من قبل ذلك لان الولد حينئذ له ومن كانت تحته أمة غيره فولدت منه ثم ابتاعها لم تكن بذلك أم ولد له وسواء ابتاع ولده معها أم لا ويعتق عليه ولده ساعة يملكه فإن ابتاعها حاملا فوضعت عنده صارت أم ولد بذلك الحمل هذا تحصيل مذهب مالك ومن أهل المدينه من يقول لا تكون له ام ولد حتى تحمل بعد ابتياعه لها وقد روي ايضا عن مالك والاول تحصيل مذهبه وكل أم ولد لا يستطيع سيدها وطئها

فانها تعتق عليه عند مالك وأكثر اصحابه فمن ذلك الرجل يبتاع اخته من الرضاعه فيطأها وهو لا يعلم فتحمل فتكون أم ولد ثم يعلم بذلك فتعتق عليه لوقتها وكذلك أم ولد النصراني تسلم وأم ولد المسلم يرتد عنها قال ابن القاسم فإن أسلم الذمي بعد اسلام أم ولده وقبل ان يحكم الحاكم بعتقها فهي أم ولده لانه أمر مختلف فيه واذا توفي سيد أم الولد أو اعتقها فلا عدة عليها وعليها الاستبراء بحيضه فإن لم تكن من اهل الحيض فثلاثة اشهر وقد قيل عدتها حيضه لا احداد فيها واذا كانت حاملا فوضع حملها وان كانت مرتابه أو مستحاضه فتسعة أشهر وعدتها من طلاق زوجها حيضتان وعدتها من وفاة زوجها شهران وخمس ليال واولاد أم الولد من زوجها ومن حرام يعتقون بعتقها وهم بمنزلتها تبع لها فإن ماتت دونهم قبل وفاة سيدها وقفوا حتى يموت السيد فيعتقون لموته وله ان يواجرهم بخلاف أمهم وغير مالك يجيز إجارة أم الولد فيما تحسنه وتطيقه من الاعمال كما يؤاجر بينها من زوجها ولا يبيع المكاتب أم ولده وكذلك المدبره اذا ولدت منه في تدبيره وقد قيل لا تكون بذلك أم ولده اذا اعتق والاول تحصيل المذهب

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
كتاب المدبر

باب المدبر
المدبر: هو العبد يقول سيده أنت حر عن دبر مني أو انت حر بعد موتي أو أنت عتيق بعد موتي يريد بذلك كله التدبير وليس لمن دبر عبده أن يبيعه ولا يهبه ولا يرجع في تدبيره سواء كان عليه دين أو لم يكن اذا كان الدين بعد التدبير فإن كان الدين على سيد المدبر قبل التدبير ولم يكن له مال غيره بطل تدبيره وكان الغرماء أحق به هذا حكمه في حياة سيده وأما بعد موته فحكمه أن يعتق في ثلثه فإن لم يكن له ما لغيره عتق ثلثه ورق ثلثاه فإن مات السيد وعليه دين كان غرماؤه أحق به على كل حال وسواء كان دينهم قبل تدبيره له

أو بعده فإن لم يغترق الدين جميعه بيع منه بمقدار حقوق الغرماء وعتق ما بقي ان حمله الثلث وإن لم يحمله الثلث عتق ما حمله الثلث لأن عتق المدبر في الثلث دون رأس المال ومن دبر ثلث عبده أو بعضه لزمه كله وكذلك المرأه ذات الزوج وجائز أن يشتري المدبر نفسه من سيده فيعتق وأن يأخذ سيده من غيره مالا على أن يعتقه وإذا دبر الرجلان عبدا بينهما فقد اختلف فيه فأجيز وكره والحكم عندنا ان ذلك نافذ إذا وقع ومن أوصى بعبده ان يعتق بعد موته أو قال أنت حر بعد موتى يريد بذلك الوصيه فهي وصية كسائر الوصايا يرجع فيها متى شاء وان قال له انت حر بعد موتي ولم يرد بذلك التدبير ولا الوصية ولم تكن له في قوله ذلك نية ففيها قولان أحدهما أنه مدبر حتى يتبين أنه وصية والآخر أنه وصية حتى يتبين أنه أراد به التدبير وبه أقول والمدبر عبد في أحكامه كلها ولسيده أن يأخذ ماله مالم يمرض مرضا مخوفا وله أن يؤجره وينتزع ماله والمدبرة لسيدها وله وطؤها ان شاء وله يجبرها على النكاح وينتزع مالها وولدها من زوجها دون سيدها بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها وسواء كانت بالولد حاملا وقت التدبير او حملت بعد التدبير وذلك إذا به لستة اشهر فصاعدا من يوم التدبير وان ماتت قبل سيدها عتق ولدها بموت السيد في الثلث وكذلك ولد المدبر من امته دون زوجته على مثل حاله يعتقون بعتقه ويرقون برقه فإن هلك سيده ولم يكن في ثلثه ما يسع عتقه وولده عتق من كل انسان منهم بقدر ما يعتق من صاحبه واذا

عتق المدبر تبعته ام ولده وتكون أم ولد له وإن باع السيد مدبره جاهلا بحكمه فبيعه مردود ويرد سيده الثمن الذي قبضه فيه ويرجع اليه مدبرا فإن اصابه عند المبتاع عيب كان عليه ارش جناية ذلك العيب ولو اعتقه المبتاع ففيها عن مالك روايتان احداهما ان عتقه نافذ غير مردود وهو الاشهر عنه والاخرى أن عتقه باطل مردود فإن مات عند مبتاعه نظر الى قيمته يوم بيع على الرجاء والخوف فحكم بتلك القيمه على البائع يبتاع بها رقبة ويدبرها وقد قيل انه ان مات عند مبتاعه فقد فات رده ويستحب للبائع ان يجعل الفضل من ثمنه عن قيمته في مدبر مثله وصل وانه يفسخ بيعه ويرد الثمن على مبتاعه وقيل ان موته كعتقه لا يضمن مبتاعه قيمته اعتبارا بأم الولد وان هلك سيد المدبر ولا مال له غيره وفي يده مال عتق منه ثلثه واقر ماله في يده ولم يكن للورثه انتزاعه ولو دبر أحد الشريكين في عبد حصته منه فإن شاء شريكه يسلمه لمدبره ويأخذ منه نصف ثمنه كان ذلك له ويكون مدبرا كله فإن أبى اجبرا جميعا على ان يتقاوماه فإن صار للذي دبر نصيبه منه كان مدبرا كله وان صار الى شريكه بطل تدبيره وقد قيل يكون نصفه مدبرا والأول قول مالك ولو دبره احد الشريكين ثم اعتقه الاخر بتلا قوم عليه وعتق كله وقد قيل لا يقوم عليه لانه بيع الولاء وكلاهما قول مالك واذا قتل المدبر فقيمته لسيده وان مات ورثه بالرق وان جرح فارش جراحه لسيده ويقوم عبدا لأنه لا يدري الى ما تصير اليه حاله ولو جرح المدبر او جنى جناية كانت

جناية في رقبته ان شاء سيده ان يسلمه بها وان شاء ان يفكه بارشها فإن اسلمه خدم المجني عليه في ارش الجناية وقاصه بذلك في دية الجرح إن استوفى ارش الجناية ذلك والسيد حي رجع اليه وكان مدبرا على حالة وان هلك السيد وترك مالا عتق فى ثلثه وأتبعه المجروح ببقية دية الجرح في ذمته وقد قيل لاشيء عليه في ارش جناية وان لم يترك سيده مالا غيره عتق ثلثه ورق ثلثاه وكان عليه ثلث ما بقي من أرش الجناية دينا في ذمته وكان الثلثان في رقبته وكان الورثة بالخيار في اسلام ذلك اوافتكاكه بثلثي ارش جنايته وقد قيل ان لم يترك سيده مالا رد عبدا وبيع في الجرح وان كان على سيده دين بديء بالجرح قضل الدين فإن فضل منه شيء عتق ثلثه وان جرح اثنين تحاصا في خدمته وقد قيل انه يخير المجروح الاول في افتكاكه او اسلامه فإن افتكه اختص بخدمته وان اسلمه بطل حقه من خدمته وان جنى المدبر على سيده بطلت خدمته بالتدبير واختدمه بالجناية وقاصة من اجرته بأرشها هذا قول ابن القاسم وقال غيره لا يضمن لسيده ارش جنايته واذا اسلم مدبر النصراني اخذ بالنفقه عليه ودفع اليه خراجه ولا يباع حتى يموت فيعتق في ثلثه ومن دبر غلاما ثم قتله او جرحه لم يضمن له شيئا من أرش ولا دية لانه عبد وان قتل المدبر سيده بطل تدبيره فإن قتله خطأ لم يبطل تدبيره وإذا قاطع السيد مدبره على مال جعله عليه وجعل له العتق

ثم مات السيد قبل ان يقبضه لم يسقط ذلك عنه وان كاتبه فمات قبل اداء كتابته عتق وسقطت الكتابه عنه وإذا دبر الذمي عبدا له ثم اسلم العبد حيل بينه وبين السيد وأوجر عليه ثم اسلمت إجارته اليه فإن مات عتق من ثلثه وفيها قول آخر وهو ان يباع عليه ويدفع الثمن اليه اعتبارا بأم الولد إذا أسلمت قبله قاله أحمد بن المعدل واسماعيل ولو كاتب السيد مدبره كان ذلك له فإن مات السيد قبل اداء الكتابه وكان عليه ثلثاها وكان مكاتبا ثلثاه فإن ادى عتق وان عجز رق ثلثاه للورثة وإن كان قد أدى نجومه الا نجما واحدا عتق منه ثلثه وسقط ثلث ذلك النجم

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
كتاب المكاتب

باب المكاتب
ليس على سيد العبد واجبا ان يكاتب عبده اذا ابتغى الكتابه وسألها كما ليس عليه ان يبيعه من نفسه ولا من غيره الا ان يريد ذلك والامر بالآيه في معنى الاذن عند اكثر العلماء والخير المذكور فيها هو المال عند مالك واصحابه وقد قيل الخير هاهنا الامانه والقوه على الأداء وتكره كتابة العبد والامه اللذين لا صنعة لهما ولا عمل بأيديهما وهي مع ذلك جائزه ويجوز للسيد قبض ما تصدق به عليهما وفي ذلك اختلاف ووجوه قد ذكرناها في كتاب التمهيد والايتاء

من مال الله هو عند مالك وجماعة معه وضع شيء من اخر نجوم المكاتب وذلك ايضا على الندب عند مالك واصحابه وللسيد عندهم ان يجبر عبده على الكتابه وكلاهما قول مالك وشأن الكتابه ان تكون مؤجله وعلى انجم معلومة لشيء معلوم ومن كاتب عبده ولم يضرب اجلا نجمت على العبد كتابته على قدر طاقته على الاداء كما لو اوصى ان يكاتب عبده ولم يسم نجوما كوتب على قدر قوته على الاداء وكذلك لو كاتب عبيدا له كتابة واحده نفذت الكتابه عليهم على قدر قوتهم على الاداء وهم عند مالك حملاء بعضهم على بعض والعاجز منهم يستعملونه فيما يقدر عليه فإن عجز وأدوا جميع كتابتهم اتبعوه بما أدوا عنه دينا عليه وسيأتي تمام هذه المسأله في باب الشريكين والعبيد يكاتبون معا ان شاء الله والمكاتب عبد ما بقي عليه شيء من كتابته ان اداه عتق وان عجز رق وينبغي ان يشترط ويذكر في كتاب المكاتب على السيد انه متى ادى نجومه الى اخرها عتق ولحق بأحرار المسلمين وان سكتا عن ذلك حملا عليه وولاؤه بعد اداء ما عليه لسيده وللذكور من ولده بعد موته كسائر المعتقين وجائز عند مالك واصحابه عقد الكتابه على كل واحد منهما بالخيار واصلهم ان لا تجوز الكتابه على مجهول ولا غرر ولا عرض غير موصوف قالوا ان كاتبه على عبد غير موصوف وجب للسيد عنده وسط من العبيد ولو كاتبه على قيمته جازت الكتابه ومن كاتب عبده على عبد موصوف فأداه وقبضه السيد وعتق المكاتب ثم اصاب السيد بالعرض عيبا رديئا اتبعه بمثله في ذمته

وكذلك لو كاتبه على شيء من ذلك بعينه واستحق بعد قبض السيد اياه كان العتق ماضيا وكانت عليه قيمته دينا ومن اهل المدينه من يجعله كله راجعا على حاله حتى يؤدي او يعجز والأول قول مالك قال مالك ويتبع المكاتب ماله وان لم يشترطه ولا يتبعه ولده الا ان يشترطهم فإن اشترطهم دخلوا معه في الكتابه وكذلك من ولد له بعد عقد الكتابه من امائه فهو داخل ايضا في كتابته ويستغنى فيه عن الشروط ولو كاتبه وله أمة حامل كانت الامه له وحملها للسيد الا ان يوقع الكتابه عى الحمل فإن لم يفعل كان الولد اذا وضعته للسيد والامه للمكاتب وما ولدته أمة المكاتب مما حملت به بعد عقد كتابته فهو بمنزلته يعتق بعتقه ويرق برقه واما الامه يكاتبها سيدها وهي حامل او حملت بعد الكتابة فإن ولدها في كلا الحالين داخل في الكتابه معها ولا يجوز للسيد استثناء حملها كما لايجوز له استثناؤه عند عتقها لو عتقها ولا بأس ان يشترط على مكاتبه سفرا او خدمة مع كتابته فإن ادعى الكتابه معجله سقط عنه السفر والخدمة وقد قيل لايسقط عنه وهو لازم له لا يعتق الا بأدائه وقد قيل له ان يعطي قيمته ذلك مع كتابته ويتعجل عتقه ولا ينتظر به ما اشترط عليه من سفر او خدمة هذا كله قول مالك واصحابه الا ان تحصيل مذهبه انه إذا بقي عند المكاتب بعد اداء نجومه كلها شيء يكون مالا كالأضحيه وشبهها قوم ذلك عليه والزمه المكاتب في اخر نجومه وما كان من سفر يسافره او خدمة يخدمها بنفسه سقط ذلك عنه ولو كاتبه على خدمة شهر او نحوه فإن عجل له

العتق على ان يخدمه بعده شهرا لم يجز وكان العتق ماضيا والخدمة باطله وان اخر العتق فذلك جائز ولا بأس ان يكاتبه على بناء يبنيه او عمل يعمله ويقاصه به من نجمه وليس للسيد المكاتب على المكاتب شيء الا ما عقد عليه في كتابته ولا شيء له غيرها في ماله وكسب المكاتب كله له وليس لسيده أن يمنعه من التصرف في مكاسبه من البيع والشراء والمضاربه وغير لك وليس له ان ينتزع شيئأ من ماله ونفقته على نفسه ومؤنته كلها من كسبه ليس على سيده من ذلك شيء الا انه ليس للمكاتب ان يبذر ماله ولا يهب منه ولا يحابي فيه ولا ينفق نفقة الا بالمعروف على مثل حاله وليس له ان يتزوج ولا يسافر الا بإذن سيده وعتقه وهبته وصدقته مردود كل ذلك الا بإذن سيده والاول هو الصحيح والمذهب فإن اجاز ذلك السيد نفذ وكان ولاؤه له متى عتق وان لم يعتق المكاتب حتى يموت العبد المعتق فميراثه لسيد المكاتب وان عتق المكاتب عبده بغير اذن سيده فإن لم يعلم بذلك السيد حتى عتق المكاتب نفذ عتقه وان علم فرده ثم عتق المكاتب لم يلزمه عتق ذلك العبد وليس للمكاتب ان يكاتب عبده الا ان يكون ذلك نظرا له وزيادة في قوته على اداء كتابته وان كاتبه وعجز المكاتب الاعلى أدى المكاتب الأسفل إلى السيد الأعلى وعتق وولاؤه له فإن عتق المكاتب الأعلى بعد عجزه لم ينصرف على سيده بشيء مما ادى المكاتب الاسفل اليه ولو كاتب المكاتب عبدا له فمات الاعلى وله ولد ولدوا معه في الكتابه فأدى مكاتب ابيهم اليهم عتق وولاؤه لسيد ابيهم دونهم وسواء كان عتقه

قبل عتقهم او بعد أدائهم وعتقهم هذا قول طائفة من اصحاب مالك المدنيين وقال مالك في هذه المسأله ولاء المكاتب الاسفل يرجع الى ولد المكاتب قال وان ادى الاسفل فعتق قبل سيده فولاؤه للسيد الاعلى

باب الشريكين في عبد يكاتبانه او يكاتبه احدهما
وحكم كتابة الرجل عددا من عبيده كتابة واحده لايجوز لاحد الشريكين في عبد ان يكاتب نصيبه اذن له في ذلك شريكه او لم يأذن فإن كاتب احدهما نصيبه واختار الاخر ان يكاتب نصيبه ايضا جاز ذلك فإن كان الاول قد اقتضى بعض نجومه رد ما اقتضى واقتسمه مع شريكه وان كاتب احدهما حصته ولم يكاتب الاخر فللذي لم يكاتب منهما ان يأخذ من شريكه نصف ما اخذه من العبد وتفسخ الكتابه بينهما وكذلك لو ادى جميع الكتابه اخذ من صاحبه نصف ما صار اليه وفسخت الكتابه ولا يفسخها حتى يحلف بالله انه ما علم انه يعتق عليه ان ادى اليه ثم يفسخ ما فعل وان معا لم يجز لهما ان يقتسما نجومه ولكن يكون كل نجم بينهما نصفين ولا يجوز لاحدهما ان يقاطعه على شيء من حصته الا بإذن شريكه فإن قاطعه بغير اذنه ثم مات المكاتب او عجز وله مال لم يكن للمقاطع شيء من ماله ان مات المكاتب ولا شيء من رقبته ان عجز ولم يكن له ان يرد ما قاطع به

ويرجع في حقه من الميراث او في نصيبه من الرقبه وقال في موطئه ان قاطعه بغير اذن شريكه ثم عجز فصاحبه بالخيار ان شاء اخذ منه نصف الفضل وان شاء تمسك بالعبد وفيها عنه اضطراب كثير عند اصحابه فإن قاطعه بإذن شريكه واقتضى الذي لم يقاطع مثل ما قاطع صاحبه او اكثر ثم عجز فهو بينهما نصفين واذا اقتضى اقل ثم عجز فأحب الذي قاطع ان يرد نصف الذي قاطعه به ويكون معه في رقبته سواء فذلك له فإن ابى فجميع العبد للمتمسك بالرق وان مات المكاتب استوفى الذي لم يقاطع بقية حقه ويكون ما بقي بينه وبين المقاطع وجائز ان يكاتب الرجل عبيدا له كتابة واحده وبعضهم حملاء عن بعض وسواء كانوا اقارب او بعداء ولا يعتق بعضهم دون بعض فإن عجز واحد منهم عما يصيبه من الكتابه كلف اصحابه الاداء عنه ولهم ان يرجعوا عليه بما ادوا عنه إن كان أجنبيا وان كان ذا قرابه نظر فإن كان ممن لايعتق عليهم بالملك فهو كالأجنبي وان كان ممن يعتق عليه لم يرجعوا عليه فيما أدوا عنه بشيء وان مات واحد منهم لم يوضع لموته عمن بقي منهم شيء ولا بأس ان يعتق السيد كبيرا منهم لا قوة فيه على الاداء او صغيرا لا يقدر على السعي في الكتابة فإن كان ممن يقدر على ذلك لم يجز عتقه الا بإذن اصحابه وقد قيل لا يجوز عتقه وان اذنوا في ذلك فإن اعتقه بإذنهم على احد الروايتين سقط عنهم قدر ما يصيبه من الكتابه ولا يراعى في الكتابه العبيد معا قيمتهم وانما تقسم الكتابه بينهم على قدر قوتهم على السعي

باب جناية المكاتب والجنايه عليه
اذا جنى على المكاتب جناية لها أرش اخذ أرشها فتوقف بيد عدل فإن أدى كتابته اخذ أرش جنايته وان عجز استعان بذلك في باقي كتابته واذا جرح المكاتب رجلا جراحه يلزمه فيها عقل فإن أطاق أدى عقل الجناية والكتابه جميبعا والا عجز وإن أدى أرش الجناية ثبت على كتابته وان عجز عنها فهو عجز عن كتابته ويخير سيده اذا عجز بين أن يؤدي عنه أرش جنايته فيكون رقيقا وبين ان يسلمه الى المجني عليه ويكون رقيقا للمجني عليه ولو كانا مكاتبين كتابة واحده فجنى احدهما جناية او جرح جرحا قيل للذي معه في كتابته إن لم تؤد عقل الجرح مع صاحبك والا لحقك المعجز معه ان عجزتما عن ذلك بطلت كتابتكما وان أديا عقل الجرح جريا على الكتابه واتبعه صاحبه بما ادى عنه وان لم يؤدياه وعجزا خير السيد فإن شاء ادى عقل ذلك الجرح ورجعا عبدين له وإن شاء اسلم الجارح والثاني رقيق له وكذلك ان كانوا جماعه

باب ميراث المكاتب ومن يدخل معه في كتابته من قرابته ويرثه
لا خلاف عند مالك واصحابه وجمهور أهل الفقه بالمدينه

وغيرها ان المكاتب عبد ما بقي عليه شيء من كتابته في جميع احواله من سقوط القود عن قاتله من الاحرار وشهادته وطلاقه وحدوده ووجوب القيمه على قاتله وسائر احكام العبيد الا انه منفرد بكسبه دون سيده على حسب ما قدمناه ذكره وفي المكاتب اقوال للسلف متباينه ليس فقهاء الامصار على شيء منها وقال مالك وجماعة من اهل المدينه ان مات المكاتب وترك مالا وقد بقي عليه من كتابته بعض وكان ما ترك اكثر مما بقي عليه فإن ورثته الذين ولدوا في الكتابه والذين كانت عليهم يرثون ما بقي من ماله بعد اداء كتابتهم ولا يرثه احد ليس معه في الكتابه لا ورثته الاحرار ولا المكاتبون كتابه مفرده عن كتابته واما العبيد الذين ليسوا معه في الكتابه فلا يرثون احد بحال ولو كان معه في الكتابه اخ او ابن اخ او عم او ابن عم او سائر عصبته وله ولد أحرار ادى اخوه الذي معه في الكتابه بقية كتابته من ماله وورث ما بقي دون ولده الاحرار لأنه يطالب بالكتابه دونهم فإن كان معه في الكتابه من لا يستحق جميع ميراثه كالابنه ونحوها اخذت حقها وكان ما بقي لمواليه ولا خلاف عند مالك واصحابه إن زوجته اذا لم تكن معه في الكتابه انها لاترثه واختلف قوله في زوجته التي معه في الكتابه فقال مره لاترثه واختلف قوله في زوجته التي معه في الكتابه فقال مرة لاترثه لانها ليست ممن يعتق عليه ومرة ترثه لانها قد ساوته في حرمة الكتابه ولا فرق بينها وبين سائر ورثته المكاتبين معه مع ولده او مع سائر من يرثه ممن كوتب معه وان كان معه من المكاتبين في الكتابه من يعتق عليه بالملك فأدى عنه لم يرجع عليه بشيء وان لم يكن رجع الي بجميع ما ينوبه فيما

ادى عنه ومن اهل المدينه من يجعل ميراث المكاتب إذا مات قبل الاداء لسيده خاصه لانه لما لم يعتق في حياته الا بعد الاداء كان أحرى اذا مات عبدا أن لايعتق بعد موته بالاداء عنه واذا ابتاع المكاتب ولده بإذن سيده دخل معه في كتابته وليس له ان يبتاع ولده دون سيده وان ابتاع من اقاربه غير ولده بإذن سيده لم يدخل في كتابته ذكره ابن عبدالحكم وقال ابن القاسم يدخل في كتابته ذكره ابن عبدالحكم وقال ابن القاسم يدخل في كتابته كل من يعتق على الحر اذا ملكه وكان ابتياعه بإذن سيده وليس يوضع بموت المكاتب عمن معه في كتابته من ولد او غيره شيء وتحمل كتابة المكاتب بموته اذا ترك وفاء وليس لورثته ان يؤخروها الى نجومها وان لم يكن فيما تخلفه وفاء كان لهم اخذ المال والقيام بالكتابة على نجومها وان كانوا صغارا لم يبلغوا السعي ادى عنهم الى بلوغهم وان كان المال لايبلغهم السعي رقوا لموت والدهم واذا مات المكاتب وعليه ديون وأرش جنايات فديونه اولى بماله ثم ما فضل للمجني عليه فإن لم يترك مالا فقد بطل دينه وعقل جناياته ولا يلزم ولده شيء من ذلك

باب جامع القول في المكاتب
لو شرط سيد المكاتب عليه انك متى فعلت كذا ففسخ كتابك بيدي لم يكن له شيء من فسخ كتابته وكان شرطه باطلا وكذلك لو شرط عليه ان عجزت فأنت رقيق لم يكن

رقيقا ان ابى من التعجيز الا عند الامام لانه لا يأتي بذلك الا وهو يدعي الاداء وان قال المكاتب قد عجزت لم يصدق ولم يرجع رقيقا وقد قيل أمره في العجز اليه اذا لم يكن له مال ظاهر فإن كان له مال ظاهر لم يكن له تعجيز نفسه فأن ابى ان يؤدي مع ماله الظاهر لم يعجز الا بحكم حاكم وقد قيل يعجز متى ابى عن الاداء وعجز نفسه والاول قول مالك وجائز تعجيز السيد المكاتب دون السلطان الا ان يأبى المكاتب من العجز لم يكن لسيده تعجيزه الا بالسلطان يتلوم له فإن رأى وجه اداء تركه وان لم ير ذلك تعجزه بعد التلوم له ومن كاتب أمته وشرط عليها أن يطأها فالشرط باطل والكتابه جائزه وليس لاحد أن يطأ مكاتبته قبل عجزها فإن وطئها فلا حد عليه وان حملت كانت مخيره بين ان تكون أم ولده ان شاءت وبين ان تقر على كتابتها فإن أدتها اعتقت بأدائها وإن عجزت لم ترق بعجزها وكانت بعد العجز حكمها كحكم ام الولد تعتق بموت سيدها وان لم تحمل فهي كتابتها وإن ادعى الاستبراء بعد وطئها وانكر حملها لم يلحقه ولدها واختلف عليه في اليمين هاهنا وإن زوجها من غيره بعد كتابتها فولدت فولدها من زوجها مكاتب يعتق بعتقها ويرق برقها ولو زنت فأتت بولد كان حكمه كذلك ومن كاتب أمة له حاملا فحملها داخل في كتابتها ولا تجوز كتابة أم الولد فإن كانت أم ولده فسخت كتابتها ان أدركته وان فاتت بالاداء علقت ولم ترجع على سيدها بشيء مما ادته اليه وجائز كتابة المدبره فإن أدت كتابتها قبل موت سيدها عتقت

وان مات السيد قبل ادائها وله مال تخرج من ثلثه عتقت وسقطت الكتابه عنها وإن لم يكن له مال غيرها عتق ثلثها وسقط عنها ثلث الكتابه وبقي ثلثها مكاتبا بثلثي كتابتها فإن أدت ذلك عتق باقيها وان عجزت عنها رق ثلثاها ولا تستسعي في باقي رقها وجائز وطء المدبرة اذا كوتبت واذا افلس سيد المكاتب وعليه دين قبل الكتابه رجع المكاتب عبدا الا ان يكون فى ثمن كتابته لو بيعت وفاء بالدين فتباع كتابته ولا يرد رقيقا ولا بأس أن يبيع سيد المكاتب كتابة مكاتبه يبيع ما عليه من العين بعرض معجل لايؤخره ويملك المبتاع بهذا الشراء عند مالك رقبة العبد ان عجز كان رقيقا له وإن مات قبل اداء الكتابه كان ميراثه ايضا ولو أدى فعتق كان ولاؤه للذي عقد كتابته ومن اهل المدينة طائفه لاتجيز هذا البيع ويردونه لكونه عندهم من الغرر المنهي عنه لانه لايدري ما يملك هذا المبتاع أرقبة إن عجز المكاتب أم عقد عليه بيعه ولا يجوز عند مالك بيع نجم واحد من نجوم المكاتب لان ذلك غرر واختلف قوله في بيع جزء من كتابته فمرة اجاز ذلك ومرة كرهه ويجوز عند مالك للمكاتب ان يبتاع ويجوز بينه وبينه فيها ما لايجوز بينه وبين الاجنبي في ذلك مثل ان يشتريها وهي عين بعين او عرض بعرض وينقله من ذهب كاتبه عليها الى ورق ومن ورق الى ذهب بخلاف الاجنبي الا انه اذا باع سيده جزءا من كتابته لم يكن احق به من مبتاعه وانما ذلك اذا بيعت كتابته كلها لما في ذلك من تعجيل عتقه وليس ذلك اذا بيع جزء منها ولابأس ان يقاطع السيد

مكاتبه على ان يجعل له بعض كتابته وضع عنه باقيها وان أدى المكاتب نجومه قبل محلها عتق ولزم سيده قبول ذلك منه ولو مرض مكاتب فأراد ان يعجل كتابته ليرثه ورثته الاحرار جاز ذلك والزم سيده قبولها منه وان أدى كتابته في مرضه جازت وصيته في ثلثه ولا تجوز الحمالة بالكتابه ومن تحمل بذلك لم تلزمه الحمالة ومن وضع عن مكاتبة كتابة فى وصيته جعل فى ثلثه الأقل من قيمة كتابته أو قيمة رقبته فإن خرج ذلك من ثلثه عتق كله وان خرج بعضه عتق منه بقدر ما حمل الثلث ولو وضع عنه بعض كتابته في وصيته ولم يحمل ذلك ثلث سيده جعل في ثلثه الاقل مما أوصى به أو ما قابله من رقبته ثم يعتق من رقبته بقدر ما خرج من ثلثه ووضع عنه من كتابته بقدر ما عتق من رقبته وكان ما بقي مكاتبا بقدر ما بقي من كتابته فإن أداه عتق كله وان عجز عنه رق باقيه وان لم يرق ما كان عتق منه

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله
كتاب الهبات والصدقاتتصح الهبه عند مالك واصحابه من كل بالغ غير محجور عليه ولا مريض مثبت العله لكل من استوهبه أو قبل منه هبة وتجب بالقول من الواهب والقبول من الموهوب له وتتم بالقبض وتجوز المطالبه بها لمن استوهبها او طلبها اذا منعه الواهب إياها ويقضى عليه ما كان حيا صحيحا فإن مرض لم يجز له من ذلك الا ما يحمله ثلثه إن أنفذها له في مرضه وإن مات الواهب في الصحة قبل قبض الموهوب بطلت الهبه ولم تخرج من ثلث ولا غيره وكانت ميراثا لورثة الواهب الا ان يقول في مرضه انفذوا له ما وهبته فتكون حينئذ وصية

له في ثلثه وقال ابن القاسم ورواه عن مالك ان الهبه في المرض وصية قبضت او لم تقبض قال انفذوها عني بعدي او لم يقل لهبة المريض باب مفرد في هذا الكتاب ان شاء الله وان مات الموهوب فورثته يقومون في قبض الهبة والمطالبه بها مقامه وسيد العبد الموهوب له في ذلك بمنزلة ورثة الحر هذا تحصيل مذهبه والمعمول به في كل مالم يقبضه الموهوب له ولم يجزه حتى مات الواهب انه لورثة الواهب إلا ان يوصي له بها فيجوز من ثلثه كما لو وهبه مريضا وقبض كان ذلك من ثلثه وكذلك لو شهد له بالهبه ولم يشهد له بالحيازه قبل موت الواهب بطلت الهبه وكانت لورثة الواهب ولا تتم الهبه الا بقبض المعطي له اياها قبل موت واهبها وقد روى مالك انه اذا شهد على نفسه بالهبه ومات حكم للموهوب بها كما أنه لو مات الموهوب له بعد ان أشهد الواهب على نفسه حكم لورثة الموهوب بها اذا طلبوها والاول هو المعمول به عند جمهور المالكين ومن وهبت له دار فلم يقبضها حتى باعها للواهب فليس للموهوب له شيء اذا خرجت الهبه من يد الواهب وحيزت عليه هذه رواية أشهب وقوله وخالفه ابن القاسم على ما ذكرنا من قوله ذلك في باب الصدقه ولو ان رجلا أرسل الى رجل بشيء ثم أراد ارتجاعه كان له ذلك مالم يشهد على نفسه فإن كان أشهد على نفسه نفذ ذلك للمرسل اليه ولو مات المرسل اليه كان ذلك لورثته وجائز هبة التمر

في رؤؤس النخل والصوف على ظهور الغنم وقبض ذلك كله وحيازته ان يقبض الاصول وتكون بيد الموهوب له ليجز الثمره ويجز الصوف فإن لم يقبض الموهوب له الغنم او الشجر حتى مات الواهب بطلت الهبات وجائز هبة ما في بطون الاناث من الحيوان ولا تتم الا بقبض الموهوب له الامهات من الاماء والبهائم وتضع عنده فإن لم يقبض الامهات حتى مات الواهب فلا شيء للموهوب له فان لم يمت الواهب ولم يقبض الموهوب له ووضعت وهو قائم على الطلب حكم له بها ولورثته ايضا بعده ان مات قبل قبضها في حياة الواهب وجائز هبة المشاع ويقبض بما يقبض به الرهن على ما مضى فى كتاب الرهون والاشهاد فى هبة المشاع ويقبض بما يقبض به الرهن على مضى من ذلك واذا اكراها الموهوب له وكتبها باسمه وقبضها المكتري بما تقبض به تمت ونفذت وجائز هبة المجهول من المواريث وغيرها من الحاضر والغائب وحيازته الاشهاد به وقبول الموهوب له ويحل محل شريكه فيه ومن وهب أقساطا من زيت زيتون بعينه او جلجال بعينه اجبر الواهب على عصره وجائز هبة الدين والوديعه وحوز الدين قبض الوثيقه به والاشهاد بذلك أو الحواله به والاشهاد بذلك ويكفي في الوديعه الاشهاد لمن هي في يديه وان وهبها لغيره أشهد له بحضرة من هي في يديه ولو وهب رجل هبة لرجلين

احدهما غائب كان قبض الحاضر حيازة له وللغائب فإن قبلها الغائب اذا قدم والا رجعت حصته الى واهبها ومن وهب لغائب شيئا وأشهد عليه وتخلى منها صحت الهبه وقد قيل لا تصح حتى يخرجها الى من يحوزها للغائب وقبض المعار حيازة للموهوب له وكذلك المخدم قبضه لرقبة العبد حيازة لمن وهبه له سيده ويحتاج هؤلاء الى اللفظ بالقبول والا لم تصح وليس قبض المستأجر بحيازة للموهوب الا ان يقبضه الواهب الاجارة وليس قبض المرتهن ولا قبض الغاصب حيازة للموهوب له اذا وهب البائع بيعا فاسدا ما باعه بغيرالمشتري جاز ذلك اذا كان ذلك قبل تحول سوقه ولا يكون قبض المشتري قبضا للموهوب له وان وهبها بعد ان يحول سوقها لم تجزىء الهبه هذا قول مالك وتحصيل مذهبه في البيع الفاسد وغيره من اهل المدينه وغيرها ولا يجعلون اختلاف الاسواق في هذا ولا في غيره فوتا ما دام الشيء يوجد بعينه ولو استأجر الواهب الهبه من الموهوب له بأثر ما وهبها له فلم تزل في يده الى ان مات فهي باطله

باب هبة المريض
هبة المريض في مرضه موقوفه ليعلم هل تخرج من ثلثه

ام لا الا ان يكون له اموال مأمونه فتكون الهبه اذا علم بخروجها من الثلث نافذه لمن وهبت له اذا قبضها وان قبضت الهبه وصح الواهب كانت في رأس ماله وما تبعه من الهبات في مرضه ثم مات منه كانت في ثلثه قبضت او لم تقبض ان احتملها الثلث والا فما حمله الثلث منها وان صح نفذت كلها من رأس ماله ولو وهبت في صحته فتأخر اقباضه اياها حتى مات او مرض رجعت ميراثا بين ورثته ولم تكن في ثلث ولا في غيره سواء كانت لوارث او لاجنبي

باب هبة الوالد لولده
وهبته من اموالهم جائز ان يهب الرجل لبعض ولده دون بعض ويكره ان يهب ماله كله لاحد ولده الا ان يكون يسيرا فإذا فعل في صحته نفذ ذلك وهبة الاب لابنه وعطيته ونحلته بمنزلة واحده ان كان كبيرا رشدا فهو والاجنبي سواء على ما مضى من حكم الحيازه وان كان صغيرا فلا حيازه عليه فيما وهب له إلا الاشهاد بالهبة والاعلان بها لانه هو الحائز له وذلك في كل ما يبرز له من العقار والعروض والحيوان والمتاع كله الا العين دون ما سواها فإنه يحتاج فيها اذا وهبها لابنه الصغير ان يخرجها من يده الى من يقبضها لابنه والا لم تصح ان

مات وهي بيده وقد قيل انه ان ابرز العين في ظرف مختوم واشهد عليها ووجدت على حالها بعد موته فانها تصح وتنفذ للابن الصغير وكلاهما قول مالك وأما ما عدا العين فحيازة الاب حيازه في كل ما يتصرف به على الصغير من بنيه اذا كان لا يسكن ولا يلبس ولا يستغل شيئا من ذلك لنفسه ولا يركب الدابه التي وهبها لولده الا كما يركبها الاجنبي المستعير فإن ركبها كما كان يركبها بطلت الهبه ويكفيه الاشهاد والاعلان في ذلك كله حتى يبلغ الصغير مبلغ القبض لنفسه فإن سكن اليسير من الدار التي تصدق بها على ابنه الصغير أو عمر من العقار اليسير لحاجته الى ذلك واستغله فإنه لايعد ذلك حيازته له فيما تصدق به عليه واليسير عندهم في ذلك الثلث فما دونه فإذا اسكن اليسير من الحبس والصدقه او الهبه جاز فيما سكن ومالم يسكن واذا سكن أكثر الحبس لم يجز فيما سكن ولا فيما لم يسكن وقد زدنا هذه المسأله بيانا كافيا في كتاب الحبس واذا وهب او تصدق على ابنه واستثنى اليسير من غلة تلك الهبة جاز ولو استثنى لنفسه الاكثر من غلة الهبه النصف او الثلث لم يجز وللأب الرجوع في كل ما وهبه لبنيه الصغار منهم والكبار مال لم ينكح الولد او يتداين دينا او يموت فيصير ذلك الى ورثته وليس له ان يعتصر ما وهبه غيره لولده وليس لأحد ان يرجع في هبته الا الاب وحده لولده وقد قيل انه ليس لاحد ان يرجع ويعتصر شيئا

وهبه الا الوالدان جميعا خاصة فإن لهما الرجوع فيما وهباه لولدهما مالم يتداين او يتزوج فإن تداين او تزوج لم يكن للوالدين في الهبه رجعه وهذا اذا كان الاب حيا فإن كان ميتا لم يكن للام الرجوع فيما وهبت لان الهبة لليتيم كالصدقه وليس للاب ان يعتصر هبة وهبها لابنته ولا نحله نحلها اياها اذا نكحت فطلقها زوجها قبل البناء وان تغيرت الهبة عند الولد لم يكن للوالدين فيها رجعة وان باعها واخذ ثمنها لم يكن للوالد اليها سبيل في الثمن ومن وهب لولده دنانير او دراهم او شيئا مما له فخلطه الولد بمثله فليس للوالد فيه رجعة ولا يكون شريكا للولد بقدره والمرأه ان كانت وصيه تحوز لولدها ما تهب فإذا لم تكن وصيه لم تحز لهم ما تعطيهم على اخلاف في ذلك من قول مالك ولا تحوز لهم شيئا في حياة ابيهم وقد قيل انها تحوز ما وهبته لهم وان لم تكن وصيا ولا تحوز لهم شيئا فى حياة أبيهم وان كانت وصيا قياسا على الاب اذا كانوا ايتاما والاول تحصيل المذهب ولايجوز للاب هبة شيء من مال ابنه الصغير في حجرة ولا ان يحابي فيما باع له من مال فإن فعل ضمن في ماله ان كان موسرا ولم يرجع على الموهوب له بشيء وان كان معسرا اتبع الصغير بالقيمه ايهما أيسر اولا وليس له ان أيسر ابوه ان يدعه ويتبع الاخر ولو تزوج الاب بمال ابن له صغير وادرك الابن المال بيد الزوجه لم يكن له اخذه لان ذلك من ابيه عند مالك كبيعه ومعاوضته لابنه الصغير يجوز فيه فعله ويضمن ثمنه وكان له قيمته على ابيه ولو كان الابن بالغا كان له اخذ ذلك من

يد زوجة ابيه ولو وهب لابنه الصغير عبدا ثم اعتقه بعد موته فوسع ذلك ثلته عتق عليه في ثلثه والا عتق منه مقدارا ما يحمله الثلث وله ان يعوض ابنه مما وهبه له بما رآه لانه الناظر له ولايتهم في بيعه ولا شرائه له من نفسه وليس كذلك الوكيل ولا الوصي فإن بان في فعله القصد إني مالا يجب رد فعله إن طلب ذلك ابنه

باب الهبة للثواب والعوض
يجوز عند مالك واصحابه الهبة للثواب ولا تكون الا من فقير لغني او من غني لغني واما من غني لفقير فلا ولا تحتاج الهبة للثواب الى حيازة ولو مات واهبها قبل دفعها كانت صحيحه لازمه والموهوب له بالخيار في قبولها وفي ردها فإن قبلها فهو ايضا بالخيار إن شاء اثاب عليها وان شاء ردها فإن اثاب منها قيمتها لزم الواهب قبول القيمة فيها شاء او ابى وان ردها انفسخت هبتها ولو فاتت عند الموهوب له او تغيرت بناء او بنقصان لزمه قيمتها الا ان يرضى واهبها بدون قيمتها ومن وهب هبة مطلقه ثم ادعى انه وهبها للثواب نظر في ذلك وحمل على العرف فيه فإن كان مثله يطلب الثواب على هبته فالقول قوله مع يمينه وان لم يكن فالقول قول الموهوب له مع يمينه فإن أشكل ذلك واحتمل الوجهين جميعا فالقول قول الواهب مع يمينه ومن وهب لله او لصلة رحم فلا مثوبه في ذلك

ولا عوض وان وهب الغني للفقير هبة للثواب لم يحكم له بها وكذلك هبة الدنانير والدراهم لاثواب فيها ولا يحكم لواهبها بالثواب منها الا ان يشترط الثواب في وقت الهبة فإن اشترط واهب العين الثواب حكم له فيها بقيمتها عرضا لا عينا ورقا ولا ذهبا وكذلك في الحلي الا انه يستغني في الحلي عن اشتراط الثواب اذا كانت الهبة لغني ولا يحكم بالثواب في الهبة الا ان يكون شيء له بال ومقدار يثاب على مثله فإن كان ذلك وطلبه الواهب فالموهوب له بالخيار بين ردها وبين أن يثيب بقيمتها يوم وهبت له وسواء زادت او نقصت انما يلزمه قيمتها يوم قبضها الا ان يردها ناميه زائده وليس له ان يردها ناقصه اذا كان قبضها على ذلك وملزمه قيمتها يوم قبضها ولا مقال لربها في ارتجاعها اذا أثيب بقيمتها يوم الهبه ولو اختلفا في قيمة الهبة وقد فاتت بالقول قول الموهوب له وان دخلها نماء او نقصان فهو عندهم كالفوت ويلزمه قيمتها يوم الهبة يجبر الواهب على ذلك ولو فوتها وهو موسر لزمه قيمتها يوم قبضها ولو فوتها وهو معسر لم يكن ذلك له الا ان يكون الواهب عالما بعسرته يوم وهبها له واذا وهب ذو رحم لذي رحم هبة يرى انه قصد بها الثواب مثل ان يهب فقير لغني حكم له بذلك وما اريد به من الهبه وجه الله فلا رجوع فيها وكذلك ما قال فيها لله فلا رجوع فيها وهي كالصدقه

باب الصدقه
وكل ما تصدق به الانسان الذي يجوز فيه تصرفه في ماله واخرجه على وجه الصدقه عن نفسه فلا رجوع له فيه لأن الصدقه لله وما كان لله فلا يتصرف فيه وسواء كان المتصدق أبا على ابن صغير او كبير او غير الاب من سائر الناس كلهم لا رجعة له فيها ولاثواب عليها الا ان المتصدق عليه لو مات وورثه المتصدق جاز له تملكها وحل له وليس ذلك برجوع في الصدقه ويكره له شراؤها واستهابتها وقبولها ان وهبت له ومن تصدق على ابن له بدنانير او دراهم مقدره غير معينه واشهد عليها جاز اذا أشهد الشهود انها تلك بعينها في ظرفها والخاتم عليها وقد قيل لا تجوز للابن الا ان يخرجها من يده الى يد عدل يحوزها لابنه واذا تصدق الاب بعين ذهب او ورق على ابن له صغير وابرزها عن ماله وأشهد له بها ثم انه استسلفها واستهلكها ومات وهي عليه فلا حق لابنه فيها ولا تباعه في مال ابيه واستسلاف الاب لها بمنزلة الرجوع منه في الهبة عندهم هذه رواية ابن عبد الحكم عن مالك ولو اخرجها عن يده الى عدل يحوزها للابن وجازت له ولو مات الاب اخذت من ماله لابنه الصغير ولو تصدق الرجل على ابنه بصدقه من العين فقبضها الابن ثم اعادها الى ابيه فمات الاب وهي عنده رجعت ميراثا ولا تكون للابن حتى يبرزها له ويجعلها على يدي عدل وهذا لضعف الصدقه من قبل الاب بالعين اذا لم

يكن على يدي عدل على احد قوليه فأما العروض والعبيد وما عدا العين فمن تصدق على ابنه الصغير بعرض او أمه واشهد له على ذلك ورغب الاب في الامه فقومها على نفسه بقيمة فمات الاب قبل ان يقبض ثمنها منه فذلك دين للابن في مال ابيه اذا صح ذلك وبانت صحته وكذلك لو تصدق على ابنه الصغير بعدد من رمكه او غنمه او بقره واشهد له على ذلك وعينها وابرزها ووسمها كانت صدقه ماضيه وحيازته لها حيازه فإن لم يكن كذلك فهي ميراث وكذلك اذا ابرز العين وعزلها واشهد بها فحيازته حيازة صحيحه على حد قولين على ما قدمنا في الهبات وحيازة الاب لابنته البكر وولده الصغير سواء يغنيه الاشهاد لانه الناظر لهما وتحتاج الصدقه من الحيازه الى مثل ما ذكرذ نا في الهبة سواء لافرق بينهما في الاجنبي وغيره وما جرى من حيازة الام وغيرها وحياة الاجنبي وغيره وما جرى من حيازة الام وغيرها وحياة الأجنبي في الوديعه وغيرها كل ذلك يستوفيه حكم الهبة والصدقه ومن تصدق على ابنه بجزء مشاع من دار او ارض واشهد على ذلك ففيها قولان المالك احدهما الجواز وبه آخذ اذا كان حقيرا والاخر البطلان وكذلك الهبة واذا حلى الرجل او المرأة ولدا له صغيرا حليا وأشهد له بذلك ومات الاب او الام فالحلي الذي على الصبي له دون سائر الورثه وحيازة الزوجين فيما يهبه او يتصدق به احدهما على صاحبه حيازة صحيحه ولا يحتاج في ذلك بعد الاشهاد الى اكثر من كون الشيء المتصدق به بيد المتصدق عليه وان كانا معا كسائر ما لكل واحد منهما هذا في المتاع كله والعروض كلها وما

يكون بين ايديهما في البيت معهما وقد قيل انهما اذا كانا معا لم ينفذ من ذلك الا ما الظاهر فيه الملك للمعطي كالاسكان والاخدام ونحو ذلك ومن تصدق بصدقه او وهب هبة ثم باعها قبل ان يقبضها المتصدق عليه فإن كان قد علم ببيعها فالبيع ماض والثمن للموهوب له وان كان غائبا ولم يعلم بالبيع فالبيع مردود ان كان البائع المتصدق حيا والدار للمتصدق عليه ان طلبها وان مات المتصدق قبل ان يعلم المتصدق عليه وقد تقدم قول أشهب فيها في باب الهبة فالبيع ماض ولا شيء للذي تصدق عليه من ثمن ولا غيره ويكره لمن تصدق بثمره نخل او كرم او مثل ذلك على رجل ان يكلفه فيها سقيا او علاجا قبل ان تظهر الثمرة لانه لايدري ما يكون منها واذا تصدق رجل على رجل بثمره بعد سنين او سكنى دار بعد مدة او بغلة حانوت بعد اعوام او شهور او نحو ذلك منع رب الرقبه من بيعها حتى ينفذ للمتصدق عليه ما قال وان أتت المدة قضي له بها وان مات رب الاصل قبل ذلك بطلت واذا وضعت الصدقه على يد رجل يحوزها للمتصدق عليه بها فلا يضرها موت من مات منهما ومتى طلبها حكم له بها الا ان يكون الرجل اشترط عليه ربها الا يسلمها الا بإذنه فإن كان كذلك فليس يجوز وهي باطله منصرفه الى ورثة المتصدق ومن دفع مالا الى رجل ليفرقه في المساكين او يسلبه في سبيل من سبل الله فمات قبل ان يفرقه المدفوع اليه فإن كان أشهد للمدفوع اليه فإنه يمضيها بعد موته على امره به وان كان لم يشهد رجعت الى الورثه ولكل واحد من الابوين

فيما تصدق به على ابنه ان ينتفع بما تصدق به عليه من أكل ثمرة وشرب لبن وركوب ظهر مما لايضر بنسل ولا ينهك جلدا ولا يفسد شيئا ولا يجوز مثل ذلك لاجنبي وجائز ان يتصدق الرجل في صحته بماله كله في سبيل البر والخير وتركه ورثته اغنياء افضل ان شاء الله عز وجل

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وسلم تسليما
كتاب الاحباسالحبس في الصحة من رأس المال وفي المرض من الثلث والحبس ان يتصدق الانسان المالك لأمره بما شاء من ربعه ونخله وكرمه وسائر عقاره لتجري غلات ذلك وخراجه ومنافعه في السبيل الذي سبلها فيه مما يقرب الى الله عز وجل ويكون الاصل موقوفا لا يباع ولا يوهب ولا يورث ابدا ما بقي شيء منه فمن فعل هذا لزمه ولم يجز له الرجوع فيه في حياته ولا يورث عنه إذا حيز وصحت حيازته على حسب ما قدمنا ذكره من وجوه الحيازه في باب الصدقه والهبه ويصح الحبس وقفا مؤبدا بأن يقول في صحته أرض او داري

وقف او حبس او صدقه حبس لايباع ولا يوهب وسواء قال محرمه مؤبده او لم يقل وكذلك اذا قال ارضي صدقة على فلان وجعل له مرجعا مؤبدا كل ذلك يوجبها وقفا عند مالك اذا أشهد عليها المحبس وقبضها المحبس عليه او أفردها محبسها بمن يليها لمصالحها وتفرقه غلاتها في سبيلها وقد قيل انها لاتكون وقفا مؤبدا بلفظ الحبس والصدقه خاصة حتى يقول لا تباع ولا توهب ولا تورث وقال من قال داري حبس صدقة وقيل اذا لم يقل صدقه فليس بحبس وكل ذلك قول مالك وقال ربيعه ويحيى بن سعيد وبكير بن الاشح سواء قال حبس صدقه او حبسا فقط وتحصيل مذهب مالك ان لفظ الحبس يوجب التأبيد اذا كان على مجهولين وصفته لا تعدم مثل الفقراء والمساكين او كان على معينين ثم مرجعه الى مجهولين وصفات لا تعدم في سبل البر وما لا ينقطع بانقطاع الناس مثل المساكين والمساجد والمرضى والعميان ونحو ذلك مما لايعدم من الصفات وسواء كان التحبيس على من ينقطع او لم يكن اذا كان مرجعه واخره على ما وصفت لك واذا كان هكذا لم ينقص ولم يبدل ولم يغير عن وجهه أبدا وحرام بيعه وشراؤه اذا كان قد حيز وقبض في حياة المحبس وقال مالك فيمن حبس على بنيه وبناته وشرط أن من تزوج من بناته فالحبس خارج عنها قال أنا اكره هذا ولا ارضاه وقد كان عندنا القضاة يجيزونه ونقضه احب الي قال مالك ولا ينبغي على كتاب مثل هذا وقد كنت اسأله فيأباه ومن حبس على رجل بعينه ولم يقل على ولده ولا على عقبه ولا

جعل له مرجعا مؤبدا فقد اختلف في ذلك قول مالك واصحابه على قولين احدهما ان ذلك كالعمري تنصرف الى ربها اذا انقرض المحبس عليه وعلى هذا المدنيون من اصحابه والقول الاخر انها ترجع حبسا على اقرب الناس من المحبس يوم رجوعها والى هذا ذهب المصريون من اصحابه وكذلك من قال مالي حبس في وجه كذا ليس من وجوه التأبيد فعن مالك فيه روايتان احداهما انه يكون في الوجه الذي ذكر فإذا انقرض عاد حبسا على اقرب الناس بالمحبس فإذا انقرضوا كان على الفقراء والمساكين مؤبدا والروايه الثانيه انه اذا انقرض الوجه الذي جعل فيه رجع اليه ملكا في حياته ولورثته بعد كالعمرى ومن حبس حبسا ولم يجعل لوجها جعل في وجوه البر والخير ومن حبس حبسا على ولده وولد ولده على عقبة ولم يجعل له مرجعا لا يعدم مؤبدا فإنه اذا انقرض ولده وولد ولده كان حبسا على اقرب عصبته منه يوم يرجع الحبس لا يباع ولا يوهب ولا يرجع الى المحبس واختلفت الروايه عن مالك واصحابه في دخول النساء في الغله منه وتحصيل مذهبه عند المصرين من اصحابه انهم يدخلون في الغله والسكنى ولو انقرض ولده وولد ولده وهو حي لم يرجع اليه ابدا وكان راجعا على ما وصفنا في اقرب الناس بالمحبس من عصبته او من كان يكون عصبته من لناس لو كان رجلا فإذا انقرض اولئك العصبه فالذين يلونه منهم أبدا ما بقي منهم احد ولا يرجع الى المحبس فإذا انقرض عصبة المحبس كلهم ولم يكن له عصبة رجع المحبس على ما عليه احباس المسلمين باجتهاد الحاكم

يضع كراءها وغلتها حيث يرى من سبل الخير وذلك بعد مرمتها ومن حبس حبسا في صحته فهو من رأس ماله وان حبسه في مرضه او اوصى به فهو من ثلثه ولا يصح الحبس على وارث في المرض لانه وصية ولا وصية لوارث وتعود ميراثا بين جميع الورثه ومن حبس حبسا في مرضه على ورثته وعلى اجنبيين معهم صح الحبس من ثلثه وقسم بين الورثه والاجنبيين ما شرطه فإذا انقرض ورثته جعل في الوجه الذي جعله بعد موتهم فيه ولو حبس على بعض ورثته دون بعض وعلى اجنبي مع الوارث قسم الحبس بين الوارث والاجنبي فما اصاب الوارث دخل معه فيه سائر الورثه على فرائضهم فاذا مات الوارث صار الحبس كله للاجنبي وقد قيل لا يرجع منه إلى الاجنبي الا حصته خاصة وحصة الوارث ترجع في الوجه الذي يرجع اليه ذلك الحبس وهو تحصيل المذهب فإذا مات الاجنبي رجع في الوجه الذي سبل فيه وكل حبس حبسه محبس من ربع او نخل او حيوان او رقيق او ثياب او غير ذلك فمات المحبس وذلك في يده لم يخرجه عن يده في الوجه الذي حبسه فيه فهو ميراث بين جميع الورثه ولا يكون حبسا الا ان يقول في مرضه انفذوا من ثلثه ويكون سبيله سبيل الوصايا لا يكون منه شيء للوارث ان لم يجزه الورثه الا ان يكون للحبس مرجع الى غير من يرث فيشترك الورثه اجمعون في ذلك الحبس ويضربون فيه بقدر فرائضهم فمن مات منهم رجع نصيبه الى ورثته ما بقي من الاولاد الاعيان احد فاذا انقرض احد ولد الاعيان رجع الحبس الى من سمى مرجعه

اليه من الاباعد والوجوه التي جعل اليها مرجعه فمن ذلك انه يحبس الرجل في مرض موته على ولده وولد ولده ويحمله ثلث ماله وتخلف زوجته وابويه فيقسم الحبس على عدد الولد وولد الولد فما صار للولد الاعيان في حقهم شركتهم فيه الابوان والزوجه يقتسمون على فرائض الله فإن انقرض احد من ولد الاعيان رجع نصيبه على من بقي من الولد والاعيان وولد الولد فما صار للولد الاعيان شركهم فيه الابوان الزوجه او ورثتهم ان كانوا هلكوا يضربون في ذلك بمقدار فرائضهم فإن هلك الابوان او احدهما او هلكت الزوجه صار حظ من هلك منهم لورثته ما بقي من الولد الاعيان احد فإذا انقرض الولد الاعيان كلهم رجع الحبس بأجمعه الى ولد الولد وانقطع حق الابوين والزوجه وأوراثهم ومن حبس سيفا او دابه او ثوبا او عبدا على رجلين حياتهما ثم جعلهما في وجه اخر بعد وفاتهما فمات احد الرجلين رجع نصيبه على الاخر فاذا مات الاخر رجع في الوجه الذي جعله فيه بعدهما وقد قيل يرجع نصيبه على الاخر ولو كان الشيء مما ينقسم وله غلة او ثمره فمات احدهما لم يرجع نصيبه على صاحبه ورجع في الوجه الاخر وان حبس عليهما مسكنا فذلك على وجهين ان حبسه عليهما للسكنى كان كما ذكرنا فى العبد والدابة والسيف وإن كان حبسه عليهما ليستغلاه كان كما ذكرنا فيما يتجزأ وينقسم وشرط المحبس فيما حبسه نافذ مثل ان يحبس على الذكور من ولده دون الاناث منهم او على الإناث دون الذكور او على بعضهم دون بعض او على ان

يخرج البنات من حبسه بعد التزويج وما شاء من هذا كله شرطه فيه ماض اذا كان في صحته ويكره له ان يحرم الاناث ويعطي الذكور فإن فعل جاز فعله لانه ماله يفعل فيه في صحته ما احب والاولى به التسويه بين ولده في العطايا كلها كما يسره ان يكونوا له في البر سواء وقد روي عن مالك قال ومن حبس على ذكور ولده واخرج النساء بطل الحبس وعاد ميراثا رواها ابن وهب وغيره وقال ابن وهب اخبرني يزيد بن عياض عن ابي بكر بن حزم ان عمر بن عبدالعزيز مات حين مات وانه ليريد ان يرد صدقات الناس التي اخرجوا منها النساء قال مالك ومن حبس وشرط ان من تزوج من بناته فلا حق لها الا ان يردها راد نقض ذلك حتى يرد الى الصواب قال مالك وفيه اختلاف والقضاة عندنا يجيزونه ونقضه احب الي وجائز لمن حبس عقارا من نخل او ربع او كرم او نحو ذلك على المساكين ان يلي حبسه بنفسه اذا كانت ولاية صحيحه للوجه المحبس عليه لايعلم انه اراد بها الانتفاع حياته ولواخرجها الى يد غيره يتولى ذلك كان اولى هذه رواية المدنيين عن مالك وروى عنه المصريون ان الربع والحوائط والارضين لاينفذ حبسها ولا يتم حوزها حتى يتولاها غير من حبسها واتفقوا عنه فيمن حبس خيلا او سلاحا فكان يحمل عليها ويسلمها الى اهل الغزو غزاه بعد غزاة وينصرف ذلك كله اليه فيقوم عليها للحبس ان ذلك كله حبس نافذ جائز ماض بعد موته وان كان ذلك بيده وحبس المشاع جائز إذا حيز على ما مضى في حيازة الهبة والصدقه ومن حبس حبسا على ولد له صغير

فحيازته له حياة اذا لم يتصرف فيه لنفسه وكان تصرفه فيه لولده واذا لم يحز الكبير حبسه قبل موت ابيه فهو باطل وكل من حبس حبسا على اجنبي او غير اجنبي فلم يقبض منه ولم يخرج منه عن يده حتى مات فهو باطل ويرثه عنه ورثته ومن حبس دارا او دورا وحيزت وسكن اكثرها بطل الحبس اجمع وان سكن اليسير منها وهو الثلث فدون نفذ الحبس في جميعها وان كانت دورا عنده فسكن اليسير منها جازت كلها وان سكن الكثير منها بطلت كلها ما سكن منها وما لم يسكن وقال ابن القاسم يبطل ما سكن من الدور قليلا كان او كثيرا ونفذ حبس مالم يسكن منها قليلا كان او كثيرا وهذا فيمن حبس على ولد صغير او سفيه كبير ومقيم في ولايه نظرة فإن حبس على كبير من ولده دورا أو دارا واحدة فيسكن اليسير منها وقبض الكبير اكثر الحبس جاز فيما سكن ومالم يسكن وان سكن الاب المحبس اكثر الحبس وقبض الابن الكبير باقي الحبس جاز الحبس فيما قبض الكبير ولم يجز فيما لم يقبض وقد قيل لايجوز منه ايضا ما قبض اذا كان يسيرا واذا حبس الرجل على ولده وولد ولده او على عقبه وعقب عقبه فلاحق لولد البنات في حبسه ذلك الا ان يسميهم ويدخلهم فيه وانما ذلك لولده وولد ولده الذكور ما تناسلوا هذا مذهب جمهور اهل المدينه والحجه لهم في ذلك ان الله عز وجل : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ } (النساء: من الآية11) فأجمع العلماء انه لايدخل في

ذلك ولد البنات وقال بعض شعراء اهل المدينه شعرا في هذا المعنى :
بنونا بنو ابنائنا وبناتنا ... بنوهن ابناء الرجال الاباعد
ومن حبس على ولده وولد ولده او على عقبه وعقب عقبه دخل بناته الاعيان مع ولده ودخل ولد ولده الذكور مع ولده واشترك الولد الاعيان وولد الولد الذكور مع ولده في ذلك ويؤثر اهل الحاجه منهم ابدا على الاغنياء ولا يكون اذا مات البنات الاعيان لولدهن شيء في ذلك ومن حبس دارا على اربعه نفر من ولده دون ولد ولده وشرط في حبسه ان مات منهم فولده على نصيب ابيه من الحبس فما اثنان منهم وتركا اولادا كان اولادهم على انصباء ابائهم فإن مات رجل من الباقين من الولد الاعيان ولم يخلف ولدا فحصته من الحبس راجعة على اخيه الثاني وعلى بني اخوته الهالكين قبله ويؤثر بذلك أهل الحاجه دون الاغنياء ولا يكون فيها قسمة لان الحاجه تنتقل من بعض الى بعض واذا قال الرجل في حبسه على ولدي ثم على ولد ولدي لم يدخل احد من ولد ولد مع الولد الاعيان حتى ينقرضوا واذا قال على ولدي وولد ولدي اشتركوا ويؤثر ابدا أهل الحاجه واذا تصدق الرجل على بناته بصدقه حبسها وشرط انهن اذا انقرضن فهن لذكور ولده فحازت البنات صدقتهن في صحة ابيهن وكانت بأيديهن ثم هلكن ولهن اخوة وبنو اخوه ذكورا

دخلوا كلهم في حبس الجد ولم يؤثر بذلك الولد الاعيان دون ابنائهم ولو اشترط في حبسه على بناته انه ما حدث له من بنت فداخلة معهن في الحبس دخل في ذلك كل بنت تولد له وان ولد لولده الذكور بنات دخلن في ذلك مع عماتهن ومن حبس على آل فلان او على بني فلان كالافخاذ والبطون والقبائل فيه القوم وأبناؤهم وابناء ابنائهم ما وجد منهم أحد فإن لم يوجد منهم احد رجعت الى اقرب الناس بالمحبس على ما وصفناه ومن حبس على موالي فلان دخل في ذلك مواليه وموالي ابيه وموالي مواليه ما تناسلوا ويجتهد الحاكم في قسمة ذلك بينهم واذا اقر المحبس والمحبس عليهم وتوزعوا ذلك بوجه يجب لم يثبت الحبس باقرارهم حتى تشهد البينه انهم قد حازوا ومن اشترط في تحبيسه المرمه والاصلاح على المحبس عليه فالشرط باطل ومرمتها من غلتها ومن حبس عقارا فخرب لم يجز بيعه ومن حبس حيوانا فكبر وهرم فلا بأس ببيعه واستبدال مثله وقال عبدالملك بن عبدالعزيز لايجوز بيعه اعتبارا بالعقار وقد روي عن ربيعه انه يجوز بيع ما خرب ولم ترج عمارته من العقار المحبس على ان يجعل ثمنه في مثله وليس عليه العمل وقال مثله عبدالملك فيما يئس من عمارته ولا ينتفع به ان يجعل ثمنه في مثله وقال بقول ربيعه في جواز بيع الاحباس طائفة من المالكين وتحبيس الخيل في سبيل الله جائز واختلف قول مالك في تحبيس غير الخيل من الحيوان فكرهه مرة وجوزه اخرى ومن حبس ماشيه لم يمنع ذلك من زكاتها اذا كانت نصابا وكذلك الثمره ومن حبس خيلا او

سلاحا وأشهد على ذلك ولم يغز على الخيل ولا اسلم السلاح الى احد يغزو بها حتى مات وهي في يده فهو باطل وينصرف ميراثا بين ورثته ولو كان قد حمل على الخيل في سبيل الله فكانت ترد إليه للعلف بعد القفل وكذلك السلاح فيقوم بعلف الخيل وصلاح شأنا وشأن السلاح الى ان يحضر الغزو ومات وهي في يده لم يضر ذلك بالحبس وكان حبسا نافذا ماضيا ومن حبس رقيقا في سبيل الله استخدموا في سبيل الله البر والخير ولا يباعون الا ان يعجزوا عن الخدمه فيصنع بهم ما يصنع بالفرس اذا حكم وذلك ان يباع ويشترى بثمنه هجين فإن لم يبلغ فبرذون فإن لم يبلغ أعين بثمنه في ثمن فرس في سبيل الله والثياب المحبسه اذا بلغت مبلغا لا ينتفع بها بيعت وأعين بذلك في سبيل الله ومن جعل شيئا في سبيل الله فأولاه عند مالك الثغور وموضع الرباط وسبل الله كثيره وقد ذكرنا من ذلك وجوها في قسم الصدقات

باب العمرى وما كان مثلها
العمرى عند مالك واصحابه والسكنى سواء والاعمار والاسكان عندهم شيء واحد ولا يملك بلفظ العمرى عندهم الا المنافع دون الرقاب كالسكنى سواء وهي على ملك صاحبها تنصرف اليه اذا مات الذي يعطاها وسواء قال اعمرتك وعقبتك او اعمرتك فقط اذا انقرض المعمر وانقرض عقبه

رجعت إلى ربها ان كان حيا والا الى ورثته لان الرقبه على ملكه موروثه عنه وكأنه عندهم شرط له انه انما ينتفع بذلك عمره او عمر ولده فقط وسواء قال حياتك او عمرك او سنين يسميها والعمرى الذي عندهم من باب المنحه في لبن الناقه والشاه وقد بينا الحجة لهم ومعنى قولهم في كتاب التمهيد والعمرى جائزه في الاصول من العقار كله وفي الرقيق والحيوان كله ولا يجوز للمعمر ان يبيع ما أعمر ولا أن يخرجه عن ملكه حتى تنصرف اليه على شرطه عند موت المعمر او موت ولده او عند انقضاء السنين المذكوره له فإن مات قبل انقضائها فورثته في ذلك بمنزلته وتحتاج العمرى الى القبض فإن مات ربها قبل ان يقبضها المعمر بطلت الا ان يقول في مرضه انفذوها له فتكون في ثلثه وصيه يضرب بها مع غيره وجائز عند مالك لرب الرقبه ان يرضي المعمر من سكناها ويسترجع داره وسواء فى ذلك السنون المسماة أو العمر المجهول لأنه من باب المعروف عندهم لا من باب البيع وسواء عندهم سكنى الدار وخدمة العبد وركوب الدابه ولبن المنحه يشترى ذلك المعطي بما شاء من الذهب والفضه والعروض كلها مأكوله وغير مأكوله نقدا او نسيئه كيف شاء وجائز لمن أعمر أو أسكن أو منح أن يبيع ما كان له من ذلك ممن يقوم مقامه لما يجوز في البيوع وليس عند مالك الرقبى بشيء وهي عند اصحابه كالعاريه ومن اسكن رجلا مسكنا الى اجل فمات الساكن قبل الاجل فذلك لورثته الى تمام اجله وليس ذلك مثل النفقه يوصي بها رجل على رجل مده

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
كتاب الوصايا

باب في ما تجوز الوصيه وممن تجوز ولمن تجوز
لايجوز لاحد ان يوصي بأكثر من ثلثه كانت وصيه في مرضه او صحته ويستحب له ان يقصر عن الثلث بشيء ما لقوله صلى الله عليه وسلم : "الثلث الاكبر كثير" وكان ابن عباس وجماعة يستحبون الربع في الوصيه وروي عن ابي بكر الصديق انه

قال الخمس في الوصيه أحب الي لأن الله رضيه من الغنيمه سهما ومن ترك خيرا فالوصيه زيادة في عمله واستدراك لما فاته في حياته ومن اوصى بثلثه كله جاز ونفذ ذلك ومن اوصى بأكثر من ثلثه لم يجز ما زاد على الثلث الا ان يجيزه الورثه هم في ذلك بالخيار فإن ابى بعضهم وأجاز بعضهم لزم من اجاز ذلك منهم في نصيبه بقسطه وان أجازوا كلهم جاز وإن لم يجيزوا كلهم نفذ عليهم الثلث وذلك من بعد كفنه ومؤونة قبره ودفنه بالمعروف شيئا متوسطا وبعد قضاء ديونه أيضا لانه لاميراث ولا وصيه الا بعد أداء الدين فإذا قضي دينه أخرج ثلثه في وصيته إن اوصى به ثم يكون ما بقي بعد ذلك لورثته على فرائضهم في كتاب الله عزوجل ولا تجوز وصية لوارث ومن اوصى لوارثه بشيء وان قل فالوصيه مردوده فإن أجازها الورثه بعد موته جازت وان لم يجيزوها فهي موروثه عن الميت وللموصي له بها حظه منها كسائر مال الميت وان أجاز ذلك بعض الورثه لزمه في نصيبه بقسطه ومن اوصى لوارث وغير وارث معا كان للوارث ان يعاون أهل الوصايا ثم ينظر فيما اصابهم وان اجازه له الورثه جاز وان أبوا كان ذلك ميراثا بينه وبينهم على قدر مواريثهم

ومن قال عبدي يخدم ابني فلانا لصغره سنين ذكرها ثم هو حر فالورثة كلهم يستخدمونه تلك السنين اخرجه الامام احمد في مسند ثم هو حر من ثلث مال الميت ولا يجوز ان يوصي الرجل بما يخاف ان يكون أراد به ابنه فإن كان كثيرا فهو متهم بذلك ومردود وصيته به ولا يحل لاحد أن يوصي لابن بنته وهو يريد ابنته وكذلك ما كان مثله فإن ارادها فالله سائله وفعله ان لم يظهر فيه التوليج نافذ ولا يجوز ان يحابي وارثه في بيع يبيعه به في مرضه فإن فعل فالبيع باطل فإن رد المحاباه فقد اختلف أصحاب مالك في اجازة البيع فمنهم من اجازه ومنهم من فسخه ومن اوصى بشيء في سبيل من سبل الله واستثنى إلا ان يجيزه الورثة لوارث ذكره فإن اجازه الورثة جاز للوارث وإلا فهو في سبيله تلك ولو اوصى لوارثه بشيء وذكر انه ان لم يجزه الورثه فهو في المساكين او في نوع من سبل البر فلم يجزه الورثه كان مردودا ميراثا ولم يكن في المساكين ولا تلك السبل وأن أجازه الورثة للوارث جاز هذه رواية ابن ابي أويس عن مالك وروى ابن القاسم انها مردودة على كل حال أجاز ذلك الورثة او لم يجيزوا ولأصحاب مالك في ذلك اضطراب واختلاف وتحصيل المذهب ما ذكرت لك وغير مالك يجيزها في الوجهين معا ومن استأذن ورثته وهو صحيح في الوصيه لوارث أو بأكثر من ثلثه فأذنوا له لم يلزمهم شيء من ذلك وان استأذنهم وهو مريض لزمهم ذلك هذا اصل قوله في موطئه وقد روى أنه إن استأذن ورثته في مرضه ليؤثر بعض ورثته من ولد صغير أو بما أحب بالوصيه له فأذنوا

له ثم رجعوا بعد موته أنهم يحلفون بالله ما فعلوا ذلك على الانفاذ ولا فعلوا الا خوفا أن يصح فيمنعهم رفده فإذا حلفوا بذلك رجعوا فيما أجازوه وكذلك إن استأذنهم في الوصيه بأكثر من الثلث لقوم أباعد يحلفون ايضا على ما ذكرنا ويكون لهم الرجوع عن قولهم إلا أن يكون المالك قد امضى ذلك وأنفذه قبل موته وقبض منه فلا يكون لهم فيه رجوع ومن اوصى بعبده لرجل وللعبد مال ففيها روايتان عن مالك أحدهما أن مال العبد تبع له ويكون للموصي له برقبته دون ورثة سيده كالاعتاق والاخرى أن ماله لورثة سيده كالبيع والهبه والصدقه ومن أوصى بوصية أو أكثر من ذلك جازت وصاياه كلها إلا ان يبطل بعضها ولو قال العبد أو الشيء الذي أوصيت به لفلان فهو لفلان فذلك رجوع عن وصيته للاول وينفذ للاخر ومن اوصى بوصية بعد الاخرى فإن لم يتناقضا ولم يفسخ احدهما بالاخرى نفذتا وان تناقضتا وتناسختا أخذ بالاخرى وبطلت الاولى ومن أوصى لرجل بدنانير متساويه في موضعين ولم يذكر أبطال احدهما ولا جمعهما جميعا للموصي له فله احدى التسميتين فإن كانت احدهما اكثر من الاخرى وكانتا من صنف واحد فله الاكثر من الوصيتين وسواء كانتا عينا او عرضا موزونا او مكيلا او معدودا او رقيقا او عقارا اذا كان احدهما اكثر فله اكثر الوصيتين اذا كانتا من جنس واحد وان اوصى بنوعين مختلفين في موضع واحد او موضعين فله جميع الوصيتين ولو اوصى له تارة بدنانير او دراهم مسماه وتارة بثلث ماله فله الاكثر مالم

يجاوز الثلث هذا اذا كان ماله عينا كله فإن كان عينا وعرضا فله ثلث العروض والاكثر من ثلث العين او التسميه مالم يجاوز الثلث وان أوصى لرجل بشيء بعينه من دار أو عبد أو دابة أو ثوب ثم أوصى بذلك الشيء بعينه لرجل آخر ولم يبين في قوله رجوع فهو بينهما وان أوصى لرجل بمائة ولاخر بخمسين ثم اوصى لثالث بمثل احدى الوصيتين ولم يبين ففيها روايتان احداهما ان له النصف من الاولى ونصف الاخرة والثانية أن له مثل الاخرة دون الاولى وقال أشهب له الاقل من الوصيتين لأنه يقين وغيره ظن وتخمين وتجوز وصية السفيه والبكر والصبي الذي يعرف ما يوصى به ويعقله وتجوز وصية المجنون اذا اوصى في حال افاقته وتجوز وصية المقتول خطأ في ديته ولا يجوز ثلثه وإذا استكملت الحامل ستة أشهر لم يجز لها في مالها إلا ما يجوز للمريض المثبت المرض وذلك الثلث وسواء كانت ذات زوج أو لم تكن هذا لم يختلف فيه مالك وأصحابه على ما ذكره في موطئه ومن أهل المدينه جماعة يجيزون فعل الحامل مالم يضر بها المخاض من النفاس فإذا كان ذلك لم يجز لها من مالها إلا ما يجوز للمريض المتقى منه في الثلث ومن بلغ منه الخوف مبلغا يكون اليأس منه أغلب أمره كالزاحف في القتال بين الصفين أو من أشرف على الغرق أو من أحاط به اللصوص الذين شأنهم القتل والسباع الضارية لم يجز له حكم في ماله الا في ثلثه وأما المجذوم والمفلوج والابرص ومن به من الامراض ما يطاوله فحكمه في ماله حكم الصحيح إلا ان تعرض

لاحدهم علة مخوف منها عليه فيكون سبيله سبيل المريض الذي لا يجوز حكمه إلا في ثلثه وهبة المريض وصدقته وسائر عطاياه وما يخرجه من يده موقوف على موته أو صحته فإن مات كان ذلك في ثلثه وإن صح كان من رأس المال ولا يجوز له الرجوع فيه إلا أن يكون أراد به الوصيه وللمريض المخوف عليه أن يبيع ويشتري ويأكل ويلبس ويطأ اماءه ولا يعزل ولا تجوز وصية القاتل عمدا في مال ولا دية هذا اذا كانت الوصية قبل الضرب الذي مات منه او قبل القتل في العمد وأما الخطأ فلا يجوز لقاتله وصية في الدية وتجوز في سائر المال ومن أوصى لرجل بوصية ثم قتله الموصي له خطأ لم تسقط وصيته فإن قتله عمدا بطلت وصيته الا ان يوصي له بعد علمه بقتله لان الوصية اذا كانت بعد الضرب او القتل جازت في العمد والخطأ في المال وفي الديه وليس للمفلس أن يجيز ما فوق الثلث من وصية من يرثه الا بأذن غرمائه ولا له أن يقر بوصية أوصى بها أبوه أو وديعة كانت عنده وله ذلك كله إن كان قبل أن يطالبه غرماؤه ولا يستحق الموصى له شيئا إلا بموت الموصي فإن مات قبله فلا شيء لورثته وان مات الموصى قبل ثم مات الموصى له قبل تنفيذ الوصية وقبل قسمة التركة كان ورثته يقومون مقامه ولو أوصى له بدينار وتغيرت السكه كان الموصي له سكة الناس يوم يموت الموصي ولو أوصى بعتق كل عبد له مسلم وله عبيد مسلمون ونصارى فأسلم بعض النصارى بعد وصيته لم يعتق منهم الا من كان مسلما حين اوصى ولا يلتفت الى من أسلم قبل موته ولا بعد

موته ومن أوصى له بشيء بعينه فهو له إن حمله الثلث وإلا فما حمل من الثلث وان تلف الشيء الموصى به بعينه لم يشرك الموصى له به احدا من اهل الوصايا فيما بقي من الثلث الميت ولا يحسب الورثه ذلك من الثلث وكأن الميت مات ولم يتخلف ذلك الشيء وكل ما عمله الموصي من ماله قبل موته كالميراث يطرأ له بعد وصيته أو غير ذلك من ضروب الفوائد جرى فيه كله ثلثه اذا أوصى به وان كانت الوصية منه وهو غير عالم بما طرأ له من ماله فطرأ منه مالم يعلمه الى ان مات فلا يجوز فيه ثلثه إلا أن المدبر في الصحه يدخل فيما علم وفيما لم يعلم وقد روي عن مالك أن المدبر في ذلك كالوصية لا يدخل الافيما علم وفي هذا اختلاف كثير بين اصحاب مالك وغيره وتحصيل مذهبه ما ذكرت لك ولو أوصى لرجل بثلث ماله ولاخر بثلث ماله ولم يرجع عن احدهما كان الثلث بينهما نصفين ولو اوصى رجل بثلث ماله لرجل ولاخر بجميع ماله فإن أجاز ذلك الورثه قسم المال على اربعه أجزاء فيكون للذي أوصى له بجميع المال ثلاثة أرباع المال وللذي أوصى له بالثلث ربعه وان لم يجز الورثه ذلك ضربوا في الثلث بأربعه اجزاء للموصي له بجميع المال ثلاثة أرباع الثلث وللموصي له بالثلث ربع الثلث ولو أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بنصفه ولآخر بربعه ولم يجز الورثه قسم الثلث بينهم على الحصص وإن اجازوا قسم المال بينهم كذلك على الحصص فيقسم بينهم على ثلاثة عشر جزءا لصاحب النصف ستة ولصاحب الثلث اربعة ولصاحب الربع ثلاثة حتى يكونوا سواء

في العدل ولو أوصى بثلث ماله لرجل ولآخر بنصفه قسم المال بينهم على خمسة اسهم لصاحب الثلث سهمان ولصاحب النصف ثلاثة اسهم ولو اوصى لرجل بثلث ماله ولاخر بربعه قسم الثلث بينهما على سبعه أسهم لصاحب الثلث أربعة أسباعه ولصاحب الربع ثلاثة أسباعه ولو أوصى لرجل بربع ماله ولآخر بسدسه فالثلث بينهما على خمسة اسهم لصاحب الربع ثلاثة اسهم ولصاحب السدس سهمان ومن اوصى لجماعة وصايا فمات واحد منهم قبل موت الموصي فعلم موته او لم يعلم ففيها ثلاث روايات عن مالك احداهن انه يحاص اهل الوصايا بقدر وصياهم علم بموته او لم يعلم فما اصابه كان لورثة الموصي ولا شيء لورثة الموصي له والروايه الثانيه أنه قد بطلت وصيته ولا يحاص أهل الوصايا بها علم الموصي بموته او لم يعلم والروايه الثالثه أنه كان إن عالما بها لم يحاص أهل الوصايا بقدرها وان لم يكن علم بها حاص أهل الوصايا بها فما أصاب الموصي له كان لورثة الموصي ولو اوصى لفلان بعشرة دنانير من ثلثه وأوصى لآخر بثلثه بريء بصاحب العشرة وأن قال لفلان ثلث مالي ولفلان عشرة دنانير ولم يقل منه فهما يتحاصان في الثلث ومن اوصى لرجل او امرأه بسهم من ماله نظر الى السهام التي تنقسم عليها تركته بين ورثته فكان للموصي له سهم منها فإن انقسمت على ثمانية كان له الثمن قال ابن شعبان وقال بعض اصحابنا يكون له التسع فإن لم تعرف سهام الفريضه ولا عدد الورثه فله عند ابن القاسم السدس وقال أشهب له الثمن لأنه أقل ما سمى

الله في الفرائض وقال عبدالملك بن الماحشون له العشر وللموصي أن يرجع في وصيته في مرضه وفي صحته وقد مضى في باب المدبر أنه لاينصرف في المدبر وللرجل أن يوصي بتنفيذ وصيته لرجل وبولده لآخر وله أن يجعل ذلك كله لوصي واحد يفعل من ذلك ما شاء

باب الاوصياء
ينبغي للمرء ان يتخير الوصي لتنفيذ وصيته والنظر على بنيه اذا اراد ذلك واذا اوصى الى رجل غير مأمون كان للحاكم أن يفسخ وصيته وينقلها الى غيره لان المال للورثه فإذا اخطأ الميث في النظر لهم كان الحاكم ناظرا لهم واذا اوصى رجل الى رجل وقبل الموصي اليه ذلك ثم ندم قبل موت الموصي فإن اقاله الموصي جازت اقالته وان لم يقله ألزم النظر في الوصيه على ما احب أو كره إذا كان قد اشهد بالقبول على نفسه يجبره الحاكم على ذلك ان كان مأمونا ثقة الا ان يكون له عذر مقبول ومن أوصى الى وصيين لم يجز فعل احدهما في بيع ولا شراء ولا عقد نكاح حتى يحضر معه صاحبه الا ان يوكله ويفوض الامر اليه ولا يجوز لهما ان يقتسما المال وليكن عند اعدلهما واشدهما حرزا فإن لم يكن فيهما عدل ولا ثقه عزلا عن النظر في الوصيه فإن استويا في حسن الحال والنظر نظر الحاكم فوقف المال عند احدهما ولم

يقتسماه وقد قيل انهما يقتسمانه بالسواء اذا كانا ثقتين وهو قول اشهب والاول قول مالك وأما الرباع والضياع وغير ذلك ما عدا العين فانهما يتعاونان في ذلك ولا يتولاه احدهما دون صاحبه ومن كانت العين عنده تولى الانفاق منها على الايتام بحضرة من شركه في النظر وان خيف على الوصي الواحد عجز عن القيام بالنظر اضيف اليه ثقة يعاونه ويشترك معه في النظر تجوز الوصية الى المرأة فإن اولاها على بناته لم تل عقد النكاح وتستحلف واجاز مالك وصية الرجل الى عبده الحازم والى أم ولده فإن أراد سائر الورثه بيع العبد صح في نصيب الاصاغر إن حمل ذلك نصيبهم وسواء عبده او عبد غيره في الوصيه اليه والوصيه الى الكافر والفاسق باطله وللوصي ان يوصي الى غيره اذا لم يمنعه الموصي من ذلك وليس للورثه في ذلك مقال ويقوم وصية مقامه في كل ما كان اليه من وصيه او غيرها اذا اوصى بذلك وان مات ولم يوصي تولى الحاكم النظر فيما كان بيده ولم يجز له أن يهمله ومن قال وصيتي إلى فلان فهي وصية فيما أوصى به وفي صغار ولده والوصية بالنكاح كالوصية بالمال والوصي في المال عند مالك وصي عنده في النكاح للبنات وفي كل شيء إلا أن يستثني عليه أو يخصه بشيء فلا يعدوه حينئذ ولا ينبغي لمسلم أن يقبل وصية ذمي كما أنه لا يوصي إليه وجائز أن يوصي الرجل إلى الرجل في مغيبه فإن حضر كان هو الوصي ومن شرط على زوجته انها إن تزوجت خرجت من الوصية كان شرطا جائزا وإن لم يشترط ذلك عليها جاز نظرها

لبنيها إذا كانت حازمة وجعلهم في حرز وكفاية وبان حسن نظرها لهم وإن لم تكن كذلك نظر الحاكم واحتاط للأيتام وتجوز شهادة الوصيين على ثالث أنه معهما في الوصية وإذا كان في تركة المتوفي رقيق وماشية ودواب فمن حسن نظر الوصي بيع الرقيق ولا بأس أن يحبس منهم للخدمة من فيه نصح وكفاية أو من يصلح من الإماء للحضانة وأما دواب النتاج فإن كان النظر حبسها لفضل نتاجها في ذلك الموضع وذلك الزمان حبسها الوصي على الأيتام والا باعها وعوضهم ما هو أغبط وأما الماشية وهي الابل والبقر والغنم فإن كان بدويا فكان في حبسها نظر وغبطة للأيتام حبست عليهم وإلا بيعت ونظر في ثمنها وأما الرباع والحوائط فلا يباع شيء منها على يتيم إلا عن حاجة أو ما يخشى تهدمه أو ما لا عائدة ولا مرد فيه أو ما جاوره ذو يسار أو سلطان فزاد في ثمنه زيادة بينة فيباع منه على أن يعوض الأيتام بالثمن ربعا يكون أبين نفعا وإذا لم يكن مع اليتيم ما ينفق عليه إلا الربع وحده بيع لنفقته وإن كان فيه ما يقوم منه ربع يحمله ونفقة يعيش فيها إلى أن يرجى بما يعود منه على نفسه صنع ذلك به ولا بأس أن يتجر الوصي بمال من يلي من الأيتام ويرد فضله على يتيمه ولا يتجر به لنفسه ويأخذ فضله وإن ضمنه إلا أن يسلفه اياه حاكم مجتهد ولا باس أن يقارض له به مأمونا من التجار ولا ضمان عليه فيما نزل به من الآفات من غير سببه فإن قارض غير مأمون وهو يعلمه ضمن ما تلف عنده ولا يشتري الوصي من مال من يلي شيئا ولا يزايد فيه ولا يأمر غيره أن

يشتريه له ولا يركب الوصي دابة يتيمه إلا في مصلحة مال اليتيم إذا لم يكن له دابة لنفسه ولا يأكل من ثمر شجره ولا يشرب من لبن غنمه إلا ما لا خطب له أو بموضع لا ثمن فيه إلا أن يخدمها أو ينفعه فيها ولا يخالطه في نفقة إلا أن يكون له الفضل على اليتيم ويتحرى جهده فعساه أن ينجو فإن نجا فاز بأجر عظيم والله يعلم المفسد من المصلح فإن كان اليتيم في حجر الوصي صدق في الانفاق عليه اذا أتى بما يشبه فإن زاد على ما يشبه لم يقبل منه وحسب له ما يشبه وغرم الباقي لأنه فيه كالمتعدي وإن كان لليتيم حاضن أم أو غيرها لم يصدق الوصي في شيء من النفقة عليه إلا بالبينة أو يأتي بما لا يشك في صدقه وجائز أن يكتري له من ماله من يحضنه ويكفله إن لم يكن معه أحد يقوم بذلك وكذلك لو كان عنده فغاب إلى الحج أو غيره كان له مثل ذلك في مغيبه ولو حمله مع نفسه إلى الحج وكان بالغا حسب له من النفقه بقدر نفقة مثله في ماله واذا بان رشد اليتيم وظهر صلاحه في دينه واصلاح معيشته دفع اليه الوصي ماله بحضرة حاكم وبغير حضرته ولا يبرئه الا الاشهاد اذا دفع اليه ماله بعد انطلاقه من الحجر واما البكر البالغ فلا يطلق عنها الحجر بان رشدها او لم يبن ظهر صلاحها في دينها وحسن نظرها في معيشتها او لم يظهر حتى

يدخل بها زوجها ويعلم بعد ذلك منها او تكون معنسه جدا مع ما ذكرناه من رشدها فإذا دفع اليها مالها قبل ذلك ضمن ما زاد على مقدار نفقتها

باب ما يبدأ من الوصايا حين يضيق الثلث عن جميعها
من اوصى بوصايا فضاق ثلثه عنها لم يبدأ منها شيء على شيء غير المدبر في الصحه فإنه يبدأ على جميع الوصايا ثم صداق المنكوحه في المرض ومن اصحاب مالك من رأى أن صداق المريض يبدأ على التدبير في الصحه وهو قول عبدالملك والاول قول مالك ثم بعد المدبر في الصحه الرقبه بعينها وسواء في ذلك وصية الرجل بعتق عبده او عبد بعينه لغيره يبدأ ذلك على الوصايا كلها من الصدقه والحج وعتق رقبة غير معينه وسائر الوصايا وسواء كانت الصدقه على عين او عى غير عين وسواء كان الرجل الموصي بالحج حج او لم يحج عند مالك ومن اوصى بعتق معين وزكاة فالزكاه مبدأة وكرهه ابن عبد الحكم وقال عبدالملك يبدأ العتق المعين على الزكاه والزكاه مبدأه على كفارة اليمين وكفارة اليمين والظهار وكل كفاره في القرآن مبدأة على كفارة الفطر في شهر رمضان والكفارات والنذر مبدأة على الوصايا والمبتل في المرض تطوعا والمدبر في المرض سواء عند ابن القاسم والعتق المطلق المتطوع غير المعين كسائر الوصايا لأنه كالوصية بالمال عند مالك وأكثر

أصحابه وقد قيل أنه يبدأ على الوصايا في الأموال والعتق المطلق مبدأ أيضا على الحج على اختلاف من قول مالك في ذلك وهذا تحصيل مذهبه وهذا كله إذا أوصى بذلك كله ولم يشترط أن بعضه مقدم على بعض فإن شرط ذلك نفذ شرطه وما أوجبه الله تعالى في كتابه أولى أن يبدأ به من غيره ومن أوصى بصدقة دنانير في رقبة وحج وجهاد ودنانير لأعيان أو لمساكين غير أعيان تحاصوا كلهم في الثلث ولا يبدأ أحد على غير من ذكرنا وفي هذا الباب اصحاب مالك خلاف كثيرا واضطراب

باب جامع الوصايا
ينبغي للمسلم ان لا يبيت ليلتين الا ووصيته عنده مكتوبه اذا كان له ما يوصي فيه وترك خيرا وليس ذلك بواجب عليه ولكنه حزم واستعداد لما يخشى من فجأة الموت والوصية بالدين واجبه على كل من عليه دين بغير بينه ولكل من اوصى بوصيته في صحته او مرضه ان ينصرف عنها ان شاء وليس له ان ينصرف في مدبره على ما مضى في كتاب المدبر ومن اوصى في مرض او سفر بوصية وشرط انها وصية ان مات في سفره أو مرضه ذلك وجعله على يدي غيره فصح وانصرف من سفره وهي عند غيره ولم يردها الى نفسه ولا نسخها بغيرها نفذت ابدا وان كانت عنده لم تنفذ ولم يعمل بها

ان لم يمت من مرضه ذلك او في سفره الا ان يقول انفذوا وصيتي تلك في المرض الذي يموت منه فتفقد حينئذ وسواء كان ذلك المرض وغيره وقال الليث لا تنفذ وصيته اذا لم يمت في سفره ومن مرضه ذلك واختلف في الوصيه المختومه والمعمول به في ذلك ان من وضع اسمه فيها مختومة ولم يشك عند الحاجه اليه في اداء الشهاده في أنه اسمه بخطه ولا ارتاب جاز له أن يشهد فيها والشهاده على ذلك عامله ولا تجوز شهادة على خط الرجل في وصيته لانه يمكن أن يكون غير عازم على انفاذها اذا لم يشهد بها واذا اوصى الرجل الى بعض ورثته بثلثه يضعه حيث شاء او حيث أراه الله فليس له ان يحدث فيه شيئا الا بحضرة الورثة وعلمهم واذا أوصى بذلك الى اجنبي جاز فعله فيه ولا يأخذ منه لنفسه شيئا الا ان يكون لفظ الميت يدل على أنه أباح له اخذه لنفسه من اجل حاله والا فلا يأخذ منه لنفسه ولا لولده ولا لمن تلزمه النفقه عليه من اهله وليضعه في وجوه البر باجتهاده ويطلع الورثه على عتق رقبة ان اعتقها منه وغير ذلك فإن لم يطلعهم وقاموا بحدثان ذلك كان عليه ان يطلعهم على ما صنع وان تباعد فلا تبعة لهم قبله وقد قيل انه ليس للورثه في ذلك شيء إلا ان يكونوا عصبة فيطلعهم على ما فيه الولاء لا غير واذا أوصى الرجل لعبده بثلث ماله عتق في الثلث ان حمله لانه قد ملك ثلث نفسه ولا يجوز أن يملك بعض نفسه فإن لم يحمله الثلث عتق منه ما حمل الثلث فإن لم يكن له مال غيره عتق منه ثلثه ولو اوصى لعبده بدنانير دفعت اليه فإن كان شيء له بال

فقطع به عتقا في رقبه كان حسنا وكل من اوصى له بشيء بعينه فحمله ثلث الموصي نفذ ذلك له ولم يكن لاحد أن يتعرض فيه فإن زعم الوارث أن ذلك لايحتمله ثلث الموصي ولم يوصل الى معرفة ذلك خير الوارث بين أن يدفع اليه ذلك الشيء وبين أن يسلم اليه ثلث المتوفى في تركته كلها فإن لم يكن له مال حاضر غير الشيء الذي اوصى به له وكانت له اموال غائبه وديون أسلم الوارث اليه ثلثه وكان شريكا للورثه في كل ما يطرأ من مال ويقبض من دين وكان طالبا معهم بذلك ومن قال ثلث مالي في سبيل الله وفي الرقاب والمساكين قسم ثلثه أثلاثا ثلث في سبيل لله وثلث في الرقاب في المساكين وقد مضى في باب قسم الصدقات معنى سبيل الله وان قال ثلثي في وجوه البر اجتهد الوصي وجعل في كل وجه من وجوه البر نصيبا اذا كان المال كثيرا إلا أن يكون الناس في حاجة فيضع ذلك في اهل الحاجة حيث كانوا من اقارب الموصي أو غيرهم اذا كانوا غير وارثين ومن اوصى لرجل بجزء من ماله ولآخر بدنانير او دراهم مسماه ولم يحمل ثلثه جميع وصيته ففيها عن مالك ثلاث روايات احداهن أنه يبدأ بأهل التجزئه على اهل التسمية والثاني أنه يبدأ بأهل التسمية والثالث أنهم يتحاصون كلهم بقدر وصاياهم ومن اوصى لرجل بشيء بعينه فتلف الشيء بطلت الوصية به ومن اوصى لرجل بثيابه وله ثياب يوم وصيته فباعها واستخلف غيرها

ثم مات فللموصي له ثيابه التي استخلفها إلا أن يسمي تلك الثياب بأعيانها فلا يكون للموصي له شيء اذا باعها واذا قال ثلث مالي في سبيل الله ولفلان مائة درهم فكان الثلث مائة فنصف المائة للموصى له بالمائة ونصفها في سبيل الله واذا قال في وصيته لفلان عشرة ولفلان عشرون ولفلان مثله دفع الى صاحب المثل خمسة عشر نصف العشرة ونصف العشرين ان وسع ذلك ثلثه والا حاص به واذا قال في وصيته لفلان عشرة ولفلان عشرون ولفلان ثلاثون ولفلان مثله فلصاحب المثل مثل ثلث ما سمى لكل واحد من الثلاثة قبله ان حمله وهكذا أبدا ان كان ذكر صاحب المثل بعد أربعة فله ربع ما سمى لكل واحد منهم ان وسعه الثلث والا حاص بذلك أهل الوصايا ولا فرق عند مالك بين أن يوصي بنصيب ابنه او بمثل نصيب ابنه او أحد بنيه ومن أوصى بمثل نصيب أحد بنيه وله ابنان كان له النصف فإن أجازه الورثة له والا كان له الثلث وان كانوا ثلاثه والمسأله بحالها لم يحتج الى اجازة الورثه وكان له الثلث وان كانوا اربعه كان له الربع وهكذا أبدا ومن أوصى بمثل نصيب ابنه وله ابن واحد فقد اوصى بماله كله فإن أجاز الابن وصيته وإلا كان له ثلث ماله فإن أوصى بمثل نصيب أحد ورثته وفيهم رجال ونساء فإن ما له يقسم على عدد رؤوسهم الذكر والانثى فيه سواء ثم يكون للموصي له مثل نصيب احدهم ثم يعودون الى ما بقي في ايديهم من شيء فيقسمونه على موارثيهم ومن ابى من قبول ما اوصى به رجع حطه الى الورثه ولم يرجع الى الموصي لهم معه في وصية

واحده وسواء كان في الثلث تمام وصاياهم او لم يكن واذا لم يحمل الثلث الوصايا ومات من الموصى لهم واحد فإن علم بذلك الموصي وامسك لم يرجع الى الورثة نصيبه ورجع الى الموصي لهم معه في تلك الوصية وإن لم يعلم رجع حظه الى الورثه ولم يزد على ما بقي وإن لم تتم وصاياهم ومن اوصى أن يشتري عبد فلان بثمن ما او عبد على صفة بثمن فاشترى ذلك العبد او تلك الصفة بأقل رجع ما فضل الى الورثة ومن أوصى أن يباع عبده ممن أحب وأحب رجلا فأبى الرجل شراءه الا بدون ثمنه حط عن المشتري ثلث قيمة العبد فإن ابى قبول ذلك فالعبد رقيق بأجمعه ولا يعتق منه شي ومن أوصى بعتق عبده من عبيده وهم جماعة مختلفه قيمتهم فله جزء منهم مثال ذلك أن يوصي وله عشرة أعبد بعتق عبد من عبيده ولم يذكره بعينه فإنه يعتق عشرهم بالقيمة والقرعه يقوم كل واحد منهم ويعتق العشر من جميعهم بالسهم يصيب ذلك ما اصاب مما قل او كثر وان مات بعضهم بعد موت الموصي قبل التنفيذ لم ينظر الى من مات منهم وأعتق العشر مما بقي على ما ذكرت لك وهكذا العمل لو أوصى رجل بعبد من عبيده ولم يسمه من عبيده ولم يسمه كان له عشر عبيده ان كانوا عشر ان كانوا ثمانية او سدسهم ان كانوا ستة بالسهم والقرعه كما وصفت لك وان مات بعضهم بعد موت الموصي كان ذلك السهم فيما بقي وكان من مات لم تجز عليه وصية وكذلك

الخيل والابل والبقر والغنم على هذا سواء ومن اوصى لرجل بعبد من عبيده وهم عشرة فمات منهم ثمانية وبقي عبدان فإن كان له مال غيرهم فله نصف العبدين اذا خرج من ثلثه وان لم يكن له مال غيرهما فله ثلث العبدين ومن اوصى لرجل بعشر عبيده وهم عشره فمات منهم ثمانيه وبقي اثنان فله عشرهما بالقيمه ومن أوصى لرجل بثوب من ثيابه فله ثوب من اوسط ثياب الموصي ولو قال اكسوا فلانا ثوبا كسي من ثلثه ثوبا من اوسط ثياب يلبسها مثله ومن اوصى لرجل بنفقته عمره عمر بما مضى من عمره تمام سبعين سنه وهو احب الي وقد قيل ثمانين وقيل تسعين سنه واخرج له بقدر ما بقي من عمره وانفق عليه فإن مات قبل ذلك رجع باقي نفقته على ورثة الموصي او على أهل الوصايا ان لم يكونوا استوفوا وصاياهم وان عاش حتى يستنفذ النفقه لم يرجع على اهل الوصايا ولا على ورثة الموصي بشيء وقال اشهب يرجع على اهل الوصايا فيحاصهم حصاصا ثانيا ويجتهد له في باقي عمره ومن اوصى بمصباح في مسجد او ما أشبه ذلك مما يتأبد وأوصى مع ذلك بوصايا فإنه يحاص للمصباح بجميع الثلث ولاهل الوصايا بقدر وصاياهم ومن أوصى لمواليه دخل في ذلك من اعتقه بتلا ومدبرة ومكاتبوه وامهات اولاده وكل من ثبتت حريته او وجهت العتاقة له بموت السيد او قبل موته ودخل في مواليه ايضا موالي أبيه وجده

وأخيه وأمه وكل من رجع اليه ولاؤه بالميراث ويبدأ بالاقرب فالاقرب ولا يحرم الا الأبعد ويؤثر ذوو الحاجه أبدا حيث كانوا

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد
كتاب المواريثلايرث عبد حرا ولا عبد عبدا ولا حر عبدا الا ان يكون سيده فماله له ولا يرث احد من ليس على دينه وملته بنسب ولا غيره ولا يجب الميراث الا بأحد ثلاثة أوجه نسب ثابت معلوم أو ولاء صحيح وهو كالنسب عند عدم النسب أو نكاح صحيح ويجب باستحقاق الاب الولد من الفراش الحلال وكل ما اختلف فيه من النكاح فثبت فيه النسب وسقط عنه الحد وأقرا عليه ثبت في الميراث وليس كل ذي نسب يرث برحمه وانما يرث من ذوي الارحام من فرض الله عز وجل له الميراث في كتابه او على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يأتي ذكره ملخصا في كتاب الفرائض ان شاء الله ومن اوجب الله له من المسلمين ميراثا من ذوي رحمه

فإنما ذلك اذا كان مسلما حرا ولم يكن قاتلا عمدا لأن العبوديه والكفر وقتل العمد موانع من الميراث بلا اختلاف وميراث المرتد لجماعة المسلمين اذا قتل على ردته لأنه كافر ولا عهد له فما له فيء ولا يرثه ورثته من المسلمين ولا من الكافرين ولا يرث مسلم كافرا ولا كافر مسلما ولا يتوارث أهل ملتين شتى لا يرث يهودي نصرانيا ولا مجوسيا ولا يرثانه وكذلك كل ملتين ودينين مختلفين لا يتوارثا وميراث المنبوذ لجماعة المسلمين لا لملتقطه ومن اسلم على يدي رجل فلا ولاء له عليه ولا ميراث له منه وتوأما الملاعنه يتوارثان بالاب والام وتوأما الزانيه يتوارثان بالام فقط واختلف عن مالك واصحابه في توأمي المغتصبه على قولين احدهما أنها كالزانيه والآخر انهما لسقوط الحد عن الام وانقطاع نسب الاب كالملاعنه وروى ابو زيد عن ابن القاسم عن ابن السمح عن مالك في المغتصبه تلد توأمين أنهما يتوارثان بالاب وابن الملاعنه لايرثه ابوه ولا احد بسبب ابيه وانما ترثه امه واخوته لامه وما فضل عنهم فلبيت مال المسلمين الا ان تكون أمه مولاة قوم فيكونون عصبة لأن مواليه يرثونه بالولاء بالتعصب فإن لم يكن لابن الملاعنة أخ أو أخوة من أم يرثون مع أمهم فرائضهم لم تكن أمه ولا عصبتها عصبة له ولا يرد على أمه ولا على اخوته شيء وما فضل عن امه أو عن امه واخوته فلبيت المال ولو ترك ابن الملاعنة ابنا واما كان لأمه السدس وما بقي للابن ولو ترك ابنة وأما كان للابنة النصف ولأمه السدس وما بقي فلموالي أمه ان كانت مولاة

فلجماعة المسلمين وان ترك ابنة وامه واخاه لأمه كان لأمه السدس ولابنته النصف ولم يكن لأخيه لأمه شيء لأن الأخ للأم لا يرث شيئا مع أحد من البنين وسواء كانا توأمين أو غير توأمين ولو ترك أمه وأخاه كان للام الثلث وللاخ السدس وما بقي فحيث ذكرنا من موالي أمه أو بيت المال ولو ترك أخوة أو أخوات لأمه وأمه كان لأمه السدس ولاخوته أو أخواته الثلث أخوين كانوا أو أختين أو أكثر من ذلك وما فضل فلموالي أمه أو لبيت المال وولد الزنا ترثه أمه واخوته لأمه كذلك أيضا وكذلك لا يتوارث أحد بولادة الأعاجم لا باقرارهم ولا بشهادة بعضهم لبعض ولا بما يحرمون من نكاحهم لأن حقيقة أمرهم تخفى إلا أن يكونوا أهل حصن أسلموا طوعا من غير قسر فإن هؤلاء يتوارثون باقرار بعضهم لبعض وتقبل شهادة عدولهم بعضهم لبعض هذا تحصيل مذهب مالك وقد قيل عنه انه ان ثبتت ولادتهم بأرض الشرك ولم يكونوا في ملك أحد توارثوا بتلك الشهادة قليلا كانوا أو كثيرا وقال ابن القاسم عن مالك إنما تفسير قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يتوارث أحد بولادة الأعاجم في الدعوى خاصة وأما ان ثبت ذلك بعدول المسلمين توارثوا قال عبدالملك كان ابي ومالك والمغيرة وابن دينار يقولون بقول ابن هرمز ثم رجع مالك عن ذلك قبل موته بيسير فقال بقول ابن شهاب انهم يتوارثون بولادة الأعاجم إذا ثبت ذلك بعدول المسلمين ومن ولد فى دار الإسلام توارثوا بولادتهم في دار الإسلام إن كانوا أحرارا ومن جاءت من السبي حاملا فوضعت بولد

فهو يرثها وترثه ومن فقد فلم يعلم خبره عمر سبعين سنة وقبل ثمانين سنة وقيل تسعين سنة بما مضى من عمره ثم كان ماله لورثته ومن مات منهم قبل تعميره فلا شيء له من ميراثه ومن مات من أقارب المفقود وله مال وقف ماله المفقود حتى تعلم حياته فيكون المال له أو يمضي تعميره فيكون مال الميت لورثته دون المفقود ودون ورثته ولو هلك ابن المفقود في غيبته لم يرثه المفقود وقال ابن القاسم يوقف له نصيبه حتى يعلم أحي هو أم ميت فإن لم يأت ولم تعلم حياته دفع الى ورثة الابن وكل من حنث بطلاق امرأة مختلف في ذلك الطلاق ثم مات قبل فرقتها ورثته ولو ماتت ورثها مثال ذلك رجل حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها أو يتزوجها من بلد كذا ومن قبيلة كذا أو حلف بطلاق فلانة ان نكحها فتزوج واحدة من هؤلاء ولم يفرق الحاكم بينه وبينها ومات فإنها ترثه ولو ماتت ورثها ومن زوج ابنه الكبير بغير علمه ثم مات لم يتوارثا وقال ابن القاسم أحسن ما سمعت من مالك وبلغني عنه ممن أثق به ان كل نكاح يفسخ قبل ويثبت بعد فالميراث والطلاق فيه ثابتان ولو طلق قبل الدخول ثلاثا لم تحل له إلا بعد زوج وكل نكاح لا يقران عليه وإن دخل لتحريمه فلا طلاق فيه ولا ميراث دخل أو لم يدخل وإذا طلق الرجل امرأة من نسائه الأربع ومات ولم يعلم أيتهن هي اقتسمن ميراثه كله من بعد أيمانهن ومن كان له أربع نسوة فطلق أحداهن وتزوج خامسة ومات وجهلت المطلقة وعلمت المتزوجة فربع الميراث لها وثلاثة أرباعه بين الأربع بعد أيمانهن ولو شهد

شاهدان على رجل بعد موته أنه طلق زوجته ورثته وكانت شهادتها غير عاملة عند مالك سواء كانا حاضرين او غائبين ولو شهدا بعد موت المرأة على الرجل أنه طلقها فإن كانا غائبين وقدما بعد موتها قبلت شهادتهما ولم يرثها وان كانا حاضرين عالمين بمكانه ولم يقوما بشهادتهما حتى ماتت كانت جرحة فيهما ولم تقبل في ذلك شهادتهما وإذا شهد رجل على رجل أنه طلق امرأة من نسائه الأربع ولم يعرفها بعينها وقد متن كلهن ورثهن كلهن مع يمينه وليس ميراثه لهن بأكثر من وطئه لهن لأنه لو حلف وهن أحياء أقر معهن ولو تزوج رجل اختين واحدة بعد واحدة ومات بعد دخوله بهما فنكاح الأولى صحيح ولها المهر والميراث وعليها عدة الوفاء لأنها زوجة ولا ميراث للثانية ولا عدة وفاة عليها وتعتد عدة المطلقة إذ لا تستبرىء الحرة بأقل من ثلاثة أقراء ولها المهر المسمى بالدخول ولو لم يدخل بالثانية لم يجب لها شيء ولا عدة عليها ولو لم يدخل بالأولى لم يضرها شيء لأنها تستحق بالوفاة الصداق المسمى كاملا ولها الميراث وعليها العدة ومن تزوج أما بعد ابنة أو ابنة بعد أن دخل بهما أو باحداهما أو لم يدخل بواحدة منهما ثم مات فلا ميراث لواحدة منهما منه ومن تزوج جاهلا أمه او اخته أو بنته ومات بعد أن ولد له منهن لم يرثنه بالنكاح وورثنه بالنسب وورثه أولادهن لأنه أب لم يقصد الى الحرام في أمهم ولو كان مجوسيا قد نكح امه او أخته أو ابنته ثم أسلم لم يقطع نسبه منهن بتعمده التزويج بالحرام لأن ما كان عليه من الكفر أعظم وورثته بالنسب لا غير ولو تزوج

مجوسي أمه فجاءت بابنة ثم مات المجوسي كان لأمه السدس ولابنته النصف ولا ترث الام بالنكاح شيئا ولو تزوج ابنته فأتت بابن وابنتين كان المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين على أربعة اسهم وانما يتوارث المجوس عند مالك وأهل الحجاز بأثبت قراباتهم ولا يرث عنده مجوس من جهتين ومعنى قراباتهم أن تكون احدى القرابتين قد تسقط بالأخرى معها مثل أن تكون أم هي أخت فالأخت تسقط مع الابن ومع الاب والام لا تسقط معهما فورثوها بأنها ام فقط ونحو هذا ولا يرث المجوس ولا سائر أهل الذمة بنكاح ذوات المحارم من نسب أو رضاع ويرثون بما ولد من ذلك النكاح والأسير إذا علمت حياته فهو على ميراثه من كل من مات وهو وارث ولا يورث حتى يستيقن وفاته وهو على اسلامه حتى تصح ردته فان ارتد ومات ولم يعلم أمكرها أم غير مكره لم يرثه أحد من ورثته حتى يصح أنه أكره فإن صح أنه أكره ورثه المسلمون من ورثته وقال ابن وهب عن مالك في الاسير إذا تنصر ولم يعلم أمكرها أم طائعا وقف ماله حتى يموت فيكون فيئا للمسلمين أو يتخلص مسلما فيكون أحق بماله وروى ابن نافع مثله واختلف قول مالك في الذي يرتد عند موته فروى ابن وهب عنه ان ماله يوضع في بيت المال إلا أن يتهم بالفرار عن وارثه وروى ابن القاسم ومطرف وعبدالملك عنه أنه لا يتهم بالفرار الى الكفر وبهذا قال عبدالملك واصبغ وإذا أسلم النصراني ومات وله بنون صغار وقف ماله فمن أسلم منهم قبل البلوغ ورثه ومن لم يسلم فلا ميراث له وقد قيل

انهم مسلمون باسلام أبيهم وبه آخذ وإذا مات النصراني وترك زوجة حاملا فأسلمت وهي حامل فولدها لاحق بأبيه عند مالك وله الميراث من ماله واختلف قول مالك وله الميراث من ماله واختلف قول مالك وأصحابه في اليتيمة تزوج قبل البلوغ فماتت أو مات زوجها فالمشهور عنه أنهما يتوارثان وقد روي عنه أنهما لا يتوارثان واختاره طائفة من اصحابه واحتج بعضهم بانهما لا يقران على هذا النكاح عند مالك فكيف يتوارثان وهذا ليس بشيء لأنهما يقران عنده ان طال أمرهما وولدا وفراقهما عنده بتطليقه لأنه مما اختلف فيه قوله واختلف فيه أصحابه وسائر العلماء قبله وبعده فالأولى ان يتوارثا على مذهبه والله أعلم ولا يرث المولود ولا يورث حتى يستهل صارخا بعد سقوطه وتستقين حياته ودية الجنين إذا طرحته أمه من فعل آدمي موروثة بين ورثته وقد ذكرنا أحكامه في موضعه من هذا الكتاب وغيره ولا يحجب الاب القاتل ابنه سائر بنيه عن ميراث أخيهم إذا قتله عمدا ولا اخوته لأمه ولو كان القتل خطأ لم يحجبهم عن ديته ويحجبهم عن ماله لأنه يرثه وقد قيل انه يحجب الاخ للأم إذا كان معه أخ شقيق وليس بشيء ولو قتل رجل أباه وللأب المقتول ابنان أحدهما القاتل عمدا فعفا الابن عن أخيه لم يقتل بأبيه ولكنه يحرم الميراث فلا يرث أباه لأنه قاتل عمدا وإذا قتل وارث أجنبي مورثه خطأ فوجبت عليهما الدية ورث الوارث مما أخذ من الأجنبي من الدية ولم يرث مما أخذ منه شيئا ومن فيه شيء من العبودية وان قل لم يرث أحدا من بنيه الاحرار وإذا كان عبد نصفه حر وله ولد حر ومات

الاب لم يرث ابنه عند مالك منه شيئا وميراث الخنثى إذا أشكل أمره وإشكاله أن يبول من فرجيه جميعا سواء كان له نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى هذا قول مالك في المشكل عنده إذا بال منهما وقالت طائفة من متأخري أصحابه ينظر في ذلك الى سبق البول وإلى أكثره وإلى اللحية وإلى الحيض والثديين ودرهما ونحو ذلك مما يتبن به الذكر من الانثى فإذا أشكل في ذلك كله فهو مشكل ومن ترك ابنا وخنثى فللخنثى خمسة أسهم من اثني عشر وقد قيل له ثلاث أسهم من سبعة وليس عن مالك فيه نص ولمتأخري أصحابه فيه ما ذكرنا وإذا ألحق القائف ابنا باثنين وانتظر بالولد البلوغ فيختار موالاة من شاء منهما ويقطع نسبه عن الآخر فإن مات ورثاه جميعا وان مات أحدهما وقف ماله حتى يبلغ الولد فإن والى الميت ورثه ولحق به نسبه وان والى الحي لحقه نسبه به لم يرث الميت فان مات الصبي بعد موت أحدهما وقبل الاختيار حكم له بميراث الميت وورثه الحي منهما بعد وإذا مات قوم بهدم أو نار أو غرق أو في معركة حرب وكانوا يتوارثون بأرحامهم وجهل من تقدم منهم موته ممن تأخر لم يورث بعضهم من بعض وورث كل واحد منهم ورثته الاحياء فإن علم موت أحدهم قبل صاحبه ورثه ولا يرث أحد ولا يورث بالشك ومن لا يرث فلا يحجب أحدا عن الميراث مثال ذلك مسلم مات عن بنين كفارا أو عبيد وزوجة حرة مسلمة كان لها الربع ولم يحطوها عنه إلى الثمن وكذلك لا يحطون الزوج عن النصف إلى الربع ولو ترك

المسلم أبوين مسلمين وثلاثة من الاخوة كفارا أو عبيدا لم تحجب الام عن الثلث وكان لها ثلث ما خلف ابنها ولأبيه ما بقي وان تحاكم إلينا أهل الذمة في مواريثهم واختار الحاكم الحكم بينهم حكم بينهم بحكم الإسلام ومن أعتق عبدا نصرانيا وله أخ نصراني ومات ورثه أخوه الذي على دينه دون سيده المسلم ودون سائر المسلمين وكل من لا وارث له فمرجعه إلى بيت مال المسلمين إن كان الإمام عدلا يضعه في أهله ومستحقيه وذوي الحاجة إليه ومن مات وله ولد كافر أو عبد فعتق او أسلم بعد موته فليس له شيء من ميراثه وسواء كان اسلامه قبل قسمة المال أو بعدها ومن قامت له بينة على لحوق ولده بعد موته استحق نصيبه من ميراثه وقد بينا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية ومن أسلم على ميراث قبل أن يقسم في كتاب التمهيد والحمد لله

كتاب الفرائض
باب من يرث من ذوي الأرحام وغيرهم

كتاب الفرائض
بسم الله الرحمن الرحيم
باب من يرث من ذوي الأرحام وغيرهم
يرث من الرجال عشرة منهم ثمانية من جهة النسب واثنان بسببين لا بنسب والسببان النكاح والولاء فالثمانية الوارثون بالنسب الاب وأبوه وهو الجد والابن وابن الابن وان سفل والاخ لاب كان وأم أو لاب وابن الاخ للاب والأم أو للأب والاب وابنه أبدا وان سفل فهؤلاء الوارثون بأرحامهم ومواريثهم مختلفة على ما نبينه إن شاء الله والاثنان الوارثان بغير نسب أحدهما الزوج والآخر مولى النعمة المنعم بالعتق ومن يرث ذلك عنه فانما يقوم مقامه فهؤلاء عشرة جنسا لا عينا ويرث من النساء سبع منهن خمس من جهة النسب وإثنتان بالسببين المذكورين النكاح والولاء فالخمس الأم والجدة وإن علت والبنت وابنة الابن وان سفلت والاخت بأي وجه

كانت والاثنتان الزوجة ومولاة النعمة بالعتق ومن يرث ذلك عنها فإنما يقوم مقامها وإن شئت قلت يرث من الرجال بأرحامهم أربعة عشر ومن النساء سبع سوى الزوج والزوجة ومولى النعمة فالرجال الاب وأبوه والابن وابنه والاخ الشقيق وابنه والاخ للاب وابنه والاخ للام فقط والعم للاب وابنه وعم الاب لأبيه وأبوه وابنه والنساء الأم والأبنة وابنة الابن والأخوات ثلاثة والجدة

باب من لا يرث من ذوي الأرحام
عند مالك وأهل الحجاز بنو البنات لا يرثون شيئا ذكورا كانوا أو إناثا وكذلك بنو الأخوات وبنات الأخوة للأب والأم أو للأب وبنات الأخوة للأم والعمة والخالة بأي وجه كانتا والخال أخو الأم والعم أخو الأب للأم والجد أبو الأم فهؤلاء ذوو أرحام لا يرثون بأرحامهم شيئا عند زيد بن ثابت لا مع العصبة ولا مع

ذوي السهام وهم ستة عشر الجد أب الأم والجدة أم أب الأب والجدة أم أب الأم وولد الاخوة والأخوات للأم والخال وأولاده والخالة وأولادها والعم للأم وأولاده والعمة وأولادها وولد البنات وولد الأخوات من جميع الجهات وبنات الاخوات وبنات العمومة ومن كان أبعد من هؤلاء فأحرى أن لا يرث شيئا

باب ميراث الأبوين
إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن فالأب عصبة يرث المال كله إذا انفرد به ويرث كل ما بقي منه بعد أخذ كل ذي فرض فرضه وله مع الولد وولد الابن السدس فريضة ولا يكون ذا فرض إلا مع الولد أو ولد البنين والأب يحجب أبويه ويحجب الاخوة كلهم من أي وجه كانوا وأما الأم فلها مع الولد وولد البنين السدس وكذلك لها مع الاثنين من الاخوة أو الأخوات فصاعدا السدس فريضة فإن لم يكن ولد ولا ولد ابن ولا اثنان من الاخوة والأخوات فصاعدا فلها الثلث كاملا إلا في فريضتين احداهما زوج وأبوان والأخرى زوجة وأبوان فانها يكون لها في هاتين الفريضتين

ثلث ما بقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة وللأب ثلثا ما يبقى ولا يرث مع الأم أحد من الجدات ولا يحجبها عن الثلث الى السدس إلا الولد وولد الابن ذكرا كان أو أنثى أو اثنان من الاخوة والأخوات فصاعدا وقد يحجبها الاخوة والأخوات فينقلونها من الثلث إلى السدس ولا يرثون شيئا وذلك إذا ورث الميت أبواه وله أخوة ولا تزاد الأم على الثلث شيئا أبدا ولا تنقص من السدس شيئا أبدا إلا ما نقصها العول

باب ميراث البنين
للابن إذا انفرد المال كله وللابنة المنفردة النصف لا تزاد عليه وللابنتين إذا انفردتا الثلثان لا تزادان على ذلك فكذلك لو كان أكثر من ذلك فإذا اجتمع البنون والبنات فللذكر منهم مثل حظ الانثيين ولا يرث ابن ابن مع ابن شيئا أبدا وبنو البنين عند عدم البنين كالبنين يرثون كما يرثون ويحجبون كما يحجبون وبنات البنين عند عدم البنات كالبنات سواء وأما بنو البنات فلا ميراث لهم على ما تقدم ولا يحجبون كما لا يرثون فإذا اجتمع البنات وبنات البنين فإن كانت التي للصلب واحدة فلها النصف ولابنة الابن أو بنات الابن السدس تكملة للثلثين إلا أن يكون معهن أخ فإن كان معهن أخ فلا سدس حينئذ لهن وهن مع أخيهن في النصف الباقي للذكر

مثل حظ الانثيين فإن كانت بنات الصلب اثنتين أو أكثر فلهما الثلثان فإذا استوفى بنات الصلب الثلثين فلا شيء لبنات الابن إلا أن يكون معهن أخ في درجتهن ذكرا أو أسفل منهن فيكون الثلث الذي بقي للبنات بينه وبين من معه في درجة واحدة من بنات البنين وبين من هي أقرب منه إلى الميت للذكر مثل حظ الانثيين فإن كانت واحدة وبنت ابن أو بنات ابن فللبنت النصف ولابنة الابن أو بنات الابن ان كن في درجة واحدة السدس تكملة الثلثين ويسقط من دونهن من بنات ابن الابن إلا أن يكون معهن ابن الابن في درجتهن أو أسفل منهن فيكون ما بقي له ولمن معه في درجة أو أقرب الى الميت منه من بنات الابن للذكر مثل حظ الانثيين ويسقط من هو أسفل من ذلك والذين يجعلون أخواتهم عصبة معهم أربعة ذكورهم الابن وابن الابن والاخ للأب والأم والاخ للأب والذين لا يكون أخواتهم عصبة معهم ولا يرثون معهم شيئا أربعة أيضا وهم العم وابن العم وابن الأخ والمولى

باب ميراث الاخوة والأخوات
لا يرث أخ ولا أخت بأي وجه كانوا مع الأب شيئا ولا مع الابن ولا مع ابن الابن وان سفل ولهم مع الجد ميراث سنذكره في باب الجد ان شاء الله وهم يرثون مع البنات إذا لم يكونوا لأم فيكونون عصبة لهن ويكون ما بقي بعد فرض البنات بينهم للذكر مثل حظ الانثيين وكذلك الأخوات

منفردات يكن أيضا عصبة للبنات لهن بعد فرض البنات سائر المال إذا لم يترك المتوفي غير البنات والاخوات وإن ترك ابنة واختا فللبنت النصف وللأخت النصف فإن ترك بنتين وأختا أو أختين فللبنتين الثلثان وما بقي للأخت أو للأخوات فإن لم يكن للمتوفى ابنة ولا بنات ابن ولم يكن أب ولا ابن ابن وإن سفل ولا جد فللأخ للأب والأم المال كله بعصبة إذا انفرد به لا يشركه فيه إلا من كان مثله من اخوة أو ذي فرض ان كان ولا يرث الأخ للأب مع الأخ للأب والأم شيئا فان لم يكن أخ أو أخوة لأب وأم فالأخوة للأب يقومون مقام الاخوة للأب والام سواء عند فقدهم فإن كانوا اخوة رجالا ونساء لأب وأم أو لأب عند عدم الذين لأب وأم فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وللأخت للأب والأم إذا انفردت النصف وللأختين فصاعدا الثلثان لا يزدن على ذلك شيئا ولا شيء للأخوات للأب مع الأخوات للأب والأم إلا فى حالين احداهما أن لا يخلف المتوفى من الأخوات للأب والأم إلا واحدة ويتخلف معها أختا لأب أو أخوات لأب فإن كان ذلك كان للشقيقة النصف وللأخت للأب أو للأخوات للأب السدس تكملة الثلثين لا يزدن على ذلك شيئا فإذا استوفى الأخوات للأب والأم الثلثين سقط الأخوات للأب ولم يكن لهن شيء والحال الآخر أن تكون الأخوات للاب والأم اثنتين فصاعدا فيكون لهما أو لهن الثلثان ولا يكون حينئذ للأخوات للأب شيء إلا أن يكون معهن أخ فيكون له ولأخواته ما بقي وهو الثلث يرد منه على إخوته فيكون بينه وبينهن

للذكر مثل حظ الأنثيين ولو تخلف المتوفى ثلاث أخوات متفرقات كان للأخت للذكر مثل حظ الأنثيين ولو تخلف المتوفى ثلاث أخوات متفرقات كان للأخت للأب والأم النصف ولأخت للأب السدس تكملة الثلثين وللأخت للأم السدس أيضا وما بقي فللعصبة ولو كن ست أخوات متفرقات كان للشقيقتين الثلثان وللأختين للأم الثلث ولم يكن للأختين اللتين للأب شيء ولا يرث أخ لأم ولا أخت لأم مع الأب ولا مع الجد وإن علا ولا مع الابن ولا مع ابن الابن وان سفل ولا مع بنات الصلب ولا مع بنات البنين وان سفلن فان لم يكن واحد من هؤلاء فللأخ للأم حينئذ السدس وكذلك الأخت للأم لها السدس ايضا فريضة الذكر والأنثى في ذلك سواء فان كان الأخوة للأم اثنين فصاعدا فلهما أولهم الثلث الذكر والأنثى في ذلك سواء والإخوة والأخوات للأب بمنزلة الأخوة والأخوات للأب والأم إذا لم يكن أحد من الإخوة للأب والأم إلا في المشتركة وهي زوج وأم وإخوة لأم وأخوة لأب وأم فإن هذه الفريضة يكون فيها الإخوة للأب والأم شركاء للإخوة للأم في ثلثهم ذكرهم وأناثهم فيه سواء لولادة الأم التي جمعتهم وذلك أن الأخوة للأم لهم في هذه الفريضة الثلث وللأم السدس وللزوج النصف ولا يدخل معهم الإخوة للأب في شيء من ذلك لأنه لو كان زوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب كان للزوج النصف وللأم السدس وللإخوة للأم الثلث وسقط الإخوة للاب لأنهم عصبة لم يبق لهم شيء وللإخوة والأخوات مع البنات ما بقي لهم فإن لم يبق شيء سقطوا ولذلك سموا عصبة للبنات

باب ميراث الزوجين
للزوج النصف إذا لم يكن لزوجته الميتة ولد ذكر كان أو أنثى منه أومن غيره أو من ولد ابن وإن سفل فإن كان ذلك انتقل نصفه الى الربع ولا يزاد على النصف شيئا أبدا ولا ينقص من الربع شيئا أبدا إلا ما نقصه العول وللزوجة الربع إن لم يكن لزوجها الميت ولد ذكر أو أنثى منها أو من غيرها أو ولد ابن وإن سفل فإن كان ذلك فلها الثمن ولا تزاد على الربع شيئا أبدا ولا تنقص من الثمن إلا ما نقصها العول والمرأة والمرأتان والثلاث والأربع في الربع وفي الثمن سواء لا يزدن على الربع شيئا إن لم يكن ولد ولا ولد ابن ولا ينقصن من الثمن إلا ما نقصهن العول

باب ميراث الجد
لا يرث الجد مع الاب شيئا فإن لم يكن اب فالجد بمنزلة الأب إذا لم يكن للميت أخ لأب وأم أو لأب أو جدة أم لأم إلا في فريضتين وهما زوج وأبوان أو زوجة وأبوان فإنه إذا كان في هاتين الفريضتين مكان الأب جد كان للأم الثلث كاملا وما بقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة فللجد وأمهات الأب لا يرثن مع الأب ويرثن مع الجد وكل جد وإن علا فهو كالجد إذا لم يكن دونه جد فيما يرث وفيما يحجب إلا في حجب أمهات الجد فإن كل جد يحجب أمهاته وإن بعدن ولا يحجب أمهات من هو أقرب منه فإن كان مع

الجد أحد من الأخوة أو الأخوات للأب والأم كان له مع الشقيق أو الأخ للأب النصف ومع الاثنين الثلث ومع الأختين النصف ومع الواحدة الثلثان ومع الثلاث الخمسان وكذلك مع الأخ والأخت وإن كن أربع أخوات كان له الثلث وعلى هذا ميراثه مع الأخوة والأخوات إذا لم يكن معهم من له فرض مسمى يقاسم أخا أو أختين وثلاثا وأربعا وأخا وأختا فإن زادوا كان له ثلث المال كاملا لا ينقص منه شيئا وكان ما بقي لهم وإن كان معه من له فرض مسمى من ذوي السهام أعطي فرضه وبدأ بسهمه ثم يعطى الجد الأكثر من ثلاثة أشياء وهي سدس جميع المال أو المقاسمة فيما بقي أو ثلث ما يبقى بعد فروض ذوي السهام أي ذلك كان أوفر لحظه أعطيه وذو الفروض المسماة أو السهام المعلومة مثل الزوج أو الزوجة أو الأم أو الجدة أو البنات أو بنات البنين فإن كان واحد من هؤلاء وكان ذلك الفرض المسمى النصف فأقل بدىء بأهل الفرائض فأعطوا فرائضهم ثم قاسم الجد ما يبقى أختا أو أختين أو ثلاث أخوات أو أربعا أو أخا وأختا يكون له مثل ما للأخ الواحد ومثل ما للأخت لأنه مع الاخوة بمنزلة أخ فإن زادوا على هذا العدد كان للجد ثلث ما يبقى وكان ما بقي بعد ذلك للإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الانثيين فإن كان الفرض المسمى أكثر من النصف ولم يجاوز الثلثين قاسم الجد أختا أو أختين أو أخا فإن زادوا فللجد السدس وإن زادت الفرائض على الثلثين فللجد السدس من رأس المال فريضة وما بقي فللأخوة والأخوات للذكر مثل

حظ الإنثيين وإن عالت الفريضة فالسدس للجد بالعول يدخل عليه ما يدخل على غيره وليس لأحد مع الجد من الأخوة والأخوات عول إلا في الاكدرية وحدها وهي جد وزوج وأم وأخت لأب وأم كانت أو لأب فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت النصف يعال لها به وليس في مسائل الجد مع الاخوة مسألة عول غير هذه ثم يضم الجد سدسه الى نصف الأخت ويقتسمان ذلك للذكر مثل حظ الانثيين أصلها من ستة وعولها بثلاثة فتمت تسعة للأم سهمان وللجد سهم وللأخت ثلاثة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم وتصح من سبعة وعشرين للزوج تسعة وللأخت تسعة وللأم ستة وللجد ثلاثة يضم الجد نصيب الأخت إلى نصيبه فيقسم ذلك بينهما كأنهما أخ وأخت للذكر مثل حظ الأنثيين فيصير للجد ثمانية وللأخت أربعة وإن شئت قلت يجمع نصيب الجد والأخت وذلك أربعة سهام من تسعة فيقسم بينهما للذكر مثل حظ الانثيين فلا يصح قسمة ذلك بينهما على صحة فتضرب المسألة بعولها في ثلاثة فيجتمع سبعة وعشرون يكون للزوج من ذلك تسعة أسهم وللأم ستة أسهم وللجد ثمانية وللأخت أربعة وتلك قسمة بين الجد والأخت كأنه أخ له مثل نصيب أختين والاخوة والأخوات للأم والأب يعادون الجد في المقاسمة بالاخوة للأب ولا يصير في يد الذين للأب شيء إلا أن تكون أخت واحدة فنصيبها بعد المعادة أكثر من نصف جميع المال فان كان ذلك أخذت النصف ورجع ما بقي على الاخوة للأب لانها لا ترث أكثر من النصف ومعنى يعادون الجد أي يكثرون عدد الاخوة

في مقاسمة الجد وذلك انه إذا اجتمع مع الجد الاخوة للأب والأم والاخوة للأب كان المال بينهم بالسوية ما لم ينقص الجد عن الثلث فإذا أخذ الجد نصيبه رجع نصيب الاخوة للأب على الاخوة للأب والأم والأخوة والأخوات للأب بمنزلة الاخوة والأخوات للأب والأم إذا لم يكن الذين للأب والأم في مقاسمة الجد

باب ميراث الجدات
لا ترث جدة مع أم شيئا من أي وجه كانت الجدة ولا ترث أم الأب مع الأم شيئا ولامع الأب شيئا أبدا وفريضة الجدة السدس لا تزاد عليه ولا تنقص منه مع ذوي الفروض ولا غيرهم الا ما نقصها العول وهذا مذهب علي رضي الله عنه وزيد بن ثابت إلا أنه قد اختلف عن علي في ميراث الجدة مع ابنها اختلافا ليس بالقوي ولما لم ترث الجدة مع الأم التي هي ابنتها كذلك لا ترث مع الأب الذي هو ابنها وهما في السدس سواء إذا اجتمعتا إلا أنه لا ميراث عند مالك إلا لجدتين أم أم وإن علت وأم أب وإن علت لا ترث من الجدات الا هاتين وأمهاتهما مثال ذلك أم أم أم أم أب ولا ترث أم أب الأب ولا أب أم الأم شيئا بأي حال كانت هنالك جدة أو لم تكن فإذا اجتمعت أم الأب وأم الأم وليس للمتوفى أم ولا أب فإن كانتا في العدد سواء فالسدس بينهما وان كانت أم الأم

أقرب فالسدس لها هذا مذهب زيد وبه قال مالك وأهل الحجاز والحجة لهم أن أم الأم لا يحجبها وهو يحجب أمه عند علي وزيد فمن هنا كانت أم الأم أقوى وذهب علي وابن مسعود وأهل العراق وأكثر أهل العلم بالفرائض إلى أن الجدتين إذا كانتا متحاذيتين كان السدس بينهما نصفين وان كانت احداهما أقرب كان السدس لها ولم تشركها الأخرى سواء كانت أم الأب أو أم الأم

باب العصبات
أقرب العصبات البنون وبنو البنين ثم الأب ثم الجد والاخوة للأب والأم أو للأب وقد مضى ذكر الأب والابن والجد والاخوة والحمد لله فإذا لم يكن للميت أب ولا ابن ولا جد ولا اخوة لأب وأم أو لأب فبنو الاخوة للأب والأم يحجبون بني الأخوة للأب فان لم يكن احد من الاخوة ولا بينهم ولا بني بنيهم وان سفلوا والعم للأب والأم يحجب ابن العم للأب ثم العم للأب يحجب بن العم للأب والأم وابن العم لان من أدلى بأم مع أب فهو أولى بالميراث أبدا من العصبات الوارثين كلهم فإن لم يكن احد من العمومة ولا بنيهم ولا بني بنيهم وان سفلوا فعم الأب للأب فان لم يكن فبنوهم وبنو بينهم على ما وصفت لك في عمومة الأب فان لم يكن الجد للأب والأم فان لم يكن فعم الجد للأب فإن لم يكن فبنوهم وبنو بنيهم

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5