كتاب : أسد الغابة
المؤلف : ابن الأثير

وذكره أبو نعيم، ولم يذكر أنه شهد بدراً ولا غيرها، وقال: حديثه عند زيد بن أسلم، روى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه عن عقبة بن عامر السلمي، قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني، وهو غلام حديث السن، فقلت: بأبي أنت وأمي، علم ابني دعوات يدعو الله بهن، وخفف عليه. فقال: قل يا غلام " اللهم إني أسألك صحة في إيمان، وإيماناً في حسن خلق، وصلاحاً يتبعه نجاح " .
أخرجه أبو نعيم وأبو عمر وأبو موسى، وقال أبو موسى: افرده أبو نعيم عن الجهني، قال: وقال جعفر: عقبة بن عامر بن نابي السلمي الأنصاري، له صحبة، استشهد يوم اليمامة.
قلت: قول أبي موسى: أفرده أبو نعيم عن الجهني، يدل على أنه شك: هل هما واحد أو اثنان؟ فلهذا أحال به على أبي نعيم، أو أنه حيث لم ير ابن منده أخرجه، ظنهما واحداً، وإنما أخرجه اتباعاً لأبي نعيم، وأحال به عليه، ولا شك أنهما اثنان، ولعل أبا موسى حيث لم ير أبا نعيم قد ذكر في هذا انه شهد بدراً والعقبة اشتبه عليه، وكيف لا يفرده أبو نعيم وغيره عن الجهني، وهو غيره، وأعظم محلاً منه، وأعلى قدراً! وقد شهد العقبة الأولى، وبدراً، وأحداً، وأعلم يوم أحد بعصابة خضراء في مغفره، وشهد سائر المشاهد.
أخبرنا أبو جعفر بإسناده، عن يونس، عن ابن إسحاق، فيمن شهد العقبة الأولى، فذكر اثني عشر رجلاً، منهم: عقبة بن عامر، ونسبه مثل الأول سواء.
قال ابن إسحاق: فيمن شهد بدراً: عقبة بن عامر، من بني سلمة فبان بهذا وغيره أنه غير الجهني، والله أعلم.
وحديث زيد بن أسلم عنه مرسل، لأن زيداً لم يدركه، ولعل هذا مما أوهم أبا موسى أنه الجهني. وقد نسبه ابن الكلبي في الأنصار مثل ما نسباه أول الترجمة، ومثل ابن إسحاق، فهو معرق في الأنصار، والأول من جهينة، والله أعلم.

عقبة والد عبد الله بن عقبة:
عقبة، والد عبد الله بن عقبة. روى شريك عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن عقبة، عن أبيه يرفعه قال: تجد المؤمن مجتهداً فيما يطيق متلهفاً على ما لا يطيق.
أخرجه أبو موسى.
عقبة أبو عبد الرحمن:
عقبة، أبو عبد الرحمن الجهني. أورده الطبراني في الصحابة، وروى بإسناده عن عبد الرحمن بن عقبة، عن أبيه عقبة - وكان أصابه سهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يدخل النار مسلم رآني، ولا رأى من رآني، ولا رأى من رأى من رآني " .
أخرجه أبو نعيم.
قلت: جعل أبو نعيم هذا غير عقبة مولى جبر بن عتيك، جعلهما اثنين. وأما ابن منده فإنه قال: عقبة أبو عبد الرحمن الجهني، مولى جبر بن عتيك. وهذا متناقض، فإن مولى جبر بن عتيك فارسي وليس بجهني، وجبر بن عتيك أنصاري، فليس لنسبته إلى جهينة وجه، ثم إن ابن منده قد ذكر في تلك الترجمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لما قال: أنا الغلام الفارسي " هلا قلت: وأنا الغلام الأنصاري " ! وأما أبو عمر فلم يذكر إلا مولى جبر بن عتيك، ولم يذكر هذا. ولا شك أن ابن منده اشتبه عليه حيث رأى الراوي من كل واحد منهما ابنه عبد الرحمن، وكان يجب على الحافظ أبي موسى أن يستدرك أحدهما على ابن منده، ولعله تركه حيث رأى ابن منده ذكر الجهني مولى جبر بن عتيك فركب من الاثنين واحداً، فلهذا لم يستدركه عليه، والله أعلم.
عقبة بن عبد:
عقبة بن عبد. أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سيفاً قصيراً، وقال: " إن لم تستطع أن تضرب به ضرباً فاطعن به طعناً " .
رواه يحيى بن صالح الوحاظي، عن محمد بن القاسم الطائي، عن عقبة.
أخرجه أبو موسى.
عقبة بن عثمان:
عقبة بن عثمان بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي.
شهد بدراً هو وأخوه سعد بن عثمان.
أخبرنا أبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً قال: من بني زريق بن عامر، ثم من بني مخلد بن عامر بن زريق:.. وأبو عبادة، وهو سعد بن عثمان بن خلدة بن مخلد، وأخوه عقبة بن عثمان.
قال ابن إسحاق: وفر - يعني يوم أحد - عقبة بن عثمان، وسعد بن عثمان رجلان من الأنصار، حتى بلغوا جبلاً مقابل الأعوص، فأقاما به ثلاثاً ثم رجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لقد ذهبتم فيها عريضة " .
أخرجه أبو عمر، وأبو موسى.
عقبة بن عمرو:

عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة - وقيل: ثعلبة بن عسيرة، وقيل: ثعلبة بن أسيرة بن عسيرة - بن عطية بن خدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج.
وقيل: عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة بن عسيرة بن عطية، أبو مسعود البدري، وهو مشهور بكنيته.
ولم يشهد بدراُ وإنما سكن بدراً. وشهد العقبة الثانية، وكان أحدث من شهدها سناً، قاله ابن إسحاق. وشهد أحداً وما بعدها من المشاهد، وقال البخاري وغيره: إنه شهد بدراً ولا يصح.
وسكن الكوفة وكان من أصحاب علي، واستخلفه علي على الكوفة لما سار إلى صفين.
روى عنه عبد الله بن يزيد الخطمي، وأبو وائل، وعلقمة، ومسروق، وعمرو بن ميمون، وربعي بن حراش وغيرهم، ونحن نذكره في الكنى إن شاء الله تعالى.
أخرجه الثلاثة.

عقبة بن قيظي:
عقبة بن قيظي بن قيس بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الحارثي.
شهد مع أبيه وعبد الله بن قيظي أحداً، وقتل عقبة وعبد الله يوم جسر أبي عبيد شهيدين.
أخرجه أبو عمر.
عقبة بن كديم:
عقبة بن كديم بن عدي بن حارثة بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار.
له صحبة. شهد فتح مصر، وله بمصر عقب، ولا نعرف له رواية.
ذكره ابن يونس.
وقال العدوي: عقبة بن كديم بن عمرو بن حارثة بن عدي بن عمرو. شهد أحداً وما بعدها من المشاهد.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عقبة بن مالك:
عقبة بن مالك الجهني: أورده ابن شاهين، وروى بإسناده عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن زحر الضمري، عن أبي سعيد الرعيني، عن عبد الله بن مالك اليحصبي: أن عقبة بن مالك الجهني أخبره، أن أخت عقبة نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية غير مختمرة، فذكر ذلك عقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " مر أختك فلتركب ولتختمر، ولتصم ثلاثة أيام " .
رواه جماعة، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله فقالوا: عقبة بن عامر. وهو الصحيح، أخرجه أبو موسى.
عقبة بن مالك الليثي:
عقبة بن مالك الليثي، له صحبة، يعد في البصريين.
أخبرنا أبو الفرج بن محمود إجازة بإسناده عن أبي بكر بن أبي عاصم: حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، عن بشر بن عاصم، عن عقبة بن مالك قال: بعث رسول الله سرية فأغارت على قوم، فشد من القوم رجل فاتبعه من السرية رجل معه سيف شاهر، فقال له الشاد. إني مسلم فلم ينظر إلى ما قال، فضربه فقتله، فنمى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال فيه قولاً شديداً، فبلغ القاتل، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال القاتل: والله ما كان الذي قال إلا تعوذاً من القتل، فأعرض عنه، فعل ذلك ثلاثاً، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه تعرف المساءة في وجهه، فقال: " إن الله عز وجل أبى عليّ فيمن قتل مؤمناً ثلاث مرات " .
أخرجه الثلاثة.
وهذت عقبة بن مالك قد ذكره أبو يعلى الموصلي في مسنده الذي رويناه عقبة بن خالد، ولعله تصحيف من الكاتب، والله أعلم، وهذا أصح.
عقبة بن نافع:
عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن الظرب بن الحارث بن عامر بن فهر القرشي الفهري.
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تصح له صحبة. وكان أخا عمرو بن العاص، ولاه عمرو بن العاص إفريقية لما كان على مصر، فانتهى إلى لواتة ومزاتة، فأطاعوا ثم كفروا، فغزاهم من سنته فقتل وسبى، وذلك سنة إحدى وأربعين. وافتتح في سنة اثنتين وأربعين غدامس فقتل وسبى، وافتتح في سنة ثلاث وأربعين مواضع من بلاد السودان، وافتتح ودان وهي من حيز برقة من بلاد إفريقية، وافتتح عامة بلاد البربر. وهو الذي بنى القروان وذلك في زمان معاوية، وكانت هي أصل بلاد إفريقية، ومسكن الأمراء، ثم انتقلوا عنها، وهي إلى الآن عامرة. وكان معاوية بن حديج قد اختط القيروان بموضع يدعى اليوم بالقرن، فلما رآه عقبة بن نافع لم يعجبه، فركب بالناس إلى موضع القيروان اليوم، وكان غيضة كثير الأشجار مأوى الوحوش والحيات، فأمر بقطع ذلك وإحراقه، واختط المدينة، وأمر الناس بالبنيان.

قال خليفة بن خياط: وفي سنة خمسين اختط عقبة القيروان، وأقام بها ثلاث سنين، وقتل عقبة بن نافع سنة ثلاث وستين، بعد أن غزا السوس الأقصى، قتله كسيلة بن لمرم، وقتل معه أبا المهاجر ديناراً، وكان كسيلة نصرانياً، ثم قتل كسيلة في ذلك العام أو في العام الذي يليه، قتله زهير بن قيس البلوي.
ويقال: إن عقبة بن نافع كان مجاب الدعوة.
أخرجه الثلاثة، فأما ابن منده وأبو عمر فقالا: عقبة بن نافع، وأما أبو نعيم فقال: عقبة بن رافع أو نافع وقد تقدم ذكره، وهذا هو الصحيح.
كسيلة: بفتح الكاف، وكسر السين المهملة، ولمرم: بفتح اللام والراء، وبينهما ميم ساكنة، وآخره ميم.

عقبة بن نافع الأنصاري:
عقبة بن نافع الأنصاري. أورده الإسماعيلي، وروى بإسناده، عن عكرمة، عن عقبة بن نافع الأنصاري: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخته نذرت أن تحج ماشية، فقال: " مرها فلتركب، فإن الله لا يصنع بعناء أختك شيئاً " .
قال الإسماعيلي: " إنما هو عقبة بن عامر " ، وقد تقدم ذكر من قال فيه: عقبة بن مالك، والحديث معه.
أخرجه أبو موسى أيضاً.
عقبة بن النعمان:
عقبة بن النعمان العتكي، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات، وهو من أهل عمان.
ذكره وثيمة، قاله ابن الدباغ فيما استدركه على أبي عمر.
عقبة بن نمر:
عقبة بن نمر - وقيل: ابن مر - الهمداني. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد همدان، وذكره في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زرعة بن ذي يزن وهو في مغازي ابن إسحاق: عقبة بن النمر.
أخرجه أبو موسى.
عقبة بن وهب:
عقبة وهب - ويقال: ابن أبي وهب - بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي، يكنى أبا سنان. وهو أخو شجاع بن وهب، وهما حليفا بني عبد شمس بن عبد مناف.
هاجر إلى المدينة، وشهد بدراً هو وأخوه شجاع بن وهب.
أخرجه الثلاثة.
عقبة بن وهب بن كلدة:
عقبة بن وهب بن كلدة بن الجعد بن هلال بن الحارث بن عمرو بن عدي بن جشم بن عوف بن بهثة بن عبد الله بن غطفان بن قيس بن عيلان الغطفاني، حليف لبني سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج.
شهد العقبتين، وبدراً.
قال ابن إسحاق: كان من أول من أسلم من الأنصار ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل بمكة حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجر معه إلى المدينة، وكان يقال له: مهاجري أنصاري، وشهد معه بدراً وأحداً.
وقيل إن عقبة بن وهب هذا هو الذي نزع الحلقتين من وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ويقال: بل نزعهما أبو عبيدة بن الجراح. قال الواقدي: إنهما جميعاً عالجاهما وأخرجاهما من وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أبو عمر وأبو موسى، ولم يخرجه ابن منده وأبو نعيم، ولعلهما ظناه الذي قبله، وهو غيره، والفرق بينهما ظاهر من عدة وجوه، منها: أن هذا غطفاني، والأول أسدي. وقول أبي موسى في نسبه: غطفان بن قيس بن عيلان فقد سقط منه، فإنه غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان، والله أعلم.
عقربة الجهني:
عقربة الجهني. روى عقبة بن عبد الله بن عقبة بن بشير بن عقربة، عن أبيه، عن جده قال: سمعت أبي بشيراً يقول: قتل أبي عقربة يوم أحد، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي، فقال: ما اسمك؟ قلت: عقربة. قال: أنت بشير، أما ترضى أن أكون أباك، وعائشة أمك؟ فسكتّ.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عقفان بن شعثم:
عقفان بن شعثم، أبو وراد. عداده في أعراب البصرة، حديثه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم هو وابناه خارجة ومرداس، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن منده.
عقيب بن عمرو:
عقيب بن عمرو، أخو سهل بن عمرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة الأنصاري الحارثي.
شهد أحداً، وكان لعقيب ابن يقال له: سعد. يكنى أبا الحارث، صحب النبي صلى الله عليه وسلم واستصغره يوم أحد فرده، ولم يشهد يوم أحد.
أخرجه أبو عمر.
عقيبة بن رقيبة:
عقيبة بن رقيبة. وقيل: رقيبة بن عقيبة. تقدم ذكره.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم مختصراً.
عقيل بن أبي طالب:

عقيل بن أبي طالب، واسم أبي طالب: عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخو علي وجعفر لأبويهما، وهو أكبرهما، وان أكبر من جعفر بعشر سنين، وجعفر أكبر من علي بعشر سنين، قاله محمد بن سعد وغيره.
يكنى أبا يزيد، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم.
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إني أحبك حبين، حباً لقرابتك، وحباً لما كنت أعلم من حب عمي إياك " .
وكان عقيل ممن خرج مع المشركين إلى بدر مكرهاً، فأسر يومئذ، وكان لا مال له ففداه عمه العباس. ثم أتى مسلماً قبل الحديبية، وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثمان، وشهد غزوة مؤتة، ثم رجع فعرض له مرض، فلم يسمع له بذكر في غزوة الفتح ولا حنين ولا الطائف. وقد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر مائة وأربعين وسقاً كل سنة.
وقد قيل: إنه ممن ثبت يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان سريع الجواب المسكت للخصم، وله فيه أشياء حسنة لا نطول بذكرها. وكان أعلم قريش بالنسب، وأعلمهم بأيامها، ولكنه كان مبغضاً إليهم، لأنه كان يعد مساويهم.
وكانت له طنفسة تطرح له في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجتمع الناس إليه في علم النسب وأيام العرب. وكان يكثر ذكر مثالب قريش، فعادوه لذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه فيه إلى الحمق، واختلقوا عليه أحاديث مزورة، وكان مما أعانهم عليه مفارقته أخاه علياً رضي الله عنه، ومسيره إلى معاوية بالشام، فقيل: إن معاوية قال له يوماً: هذا أبو يزيد لولا علمه بأني خير له من أخيه، لما أقدم عندنا. فقال عقيل: أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دنياي، وأسأل الله خاتمة خير بمنه.
وإنما سار إلى معاوية لأنه كان زوج خالته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة ولما: أخبرنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي كتابة، أخبرنا أبي قال: قرأت على أبي محمد عبد الله بن أسد بن عمار، عن عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي، ونقلته من خطه، حدثني أحمد بن علي بن عبد الله، حدثني محمد بن سعيد العوصي، حدثنا محمود بن محمد الحافظ، حدثنا عبيد الله بن محمد، حدثني محمد بن حسان الضبي، حدثنا الهيثم بن عدي، حدثني عبد الله بن عياش المرهبي وإسحاق بن سعد، عن أبيه: أن عقيل بن أبي طالب لزمه دين، فقدم على علي بن أبي طالب الكوفة، فأنزله وأمر ابنه الحسن فكساه، فلما أمسى دعا بعشائه فإذا خبز وملح وبقل، فقال عقيل: ما هو إلا ما أرى؟ قال: لا. قال: فتقضي ديني؟ قال: وكم دينك؟ قال: أربعون ألفاً. قال: ما هي عندي. ولكن اصبر حتى يخرج عطائي، فإنه أربعة آلاف فأدفعه إليك. فقال له عقيل: بيوت المال بيدك وأنت تسوفني بعطائك! فقال: أتأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين، وقد ائتمنوني عليها؟! قال: فإني آت معاوية. فأذن له، فأتى معاوية فقال له: يا أبا يزيد، كيف تركت علياً وأصحابه؟ قال: كأنهم أصحاب محمد، إلا أني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وكأنك وأصحابك أبو سفيان وأصحابه، إلا أني لم أر أبا سفيان فيكم. فلما كان الغد قعد معاوية على سريره، وأمر بكرسي إلى جنب السرير، ثم أذن للناس فدخلوا، وأجلس الضحاك بن قيس معه على سريره، ثم أذن لعقيل فدخل عليه، فقال: يا معاوية، من هذا معك؟ قال: الضحاك بن قيس. فقال: الحمد لله الذي رفع الخسيسة وتمم النقيصة! هذا الذي كان أبوه يخصي بهمنا بالأبطح، لقد كان بخصائها رفيقاً. فقال الضحاك: إني لعالم بمحاسن قريش، وإن عقيلاً عالم بمساويها. وأمر له معاوية بخمسين ألف درهم، فأخذها ورجع.
روى هشام بن محمد بن الشائب الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: كان في قريش أربعة يتنافر الناس إليهم ويتحاكمون: عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل الزهري، وأبو جهم بن حذيفة العدوي وحويطب بن عبد العزى العامري. وكان الثلاثة يعدون محاسن الرجل إذا أتاهم، فإذا كان أكثر محاسن نفروه على صاحبه. وكان عقيل يعد المساوئ، فأيما كان أكثر مساوئ تركه. فيقول الرجل: وددت أني لم آته، أظهر من مساويّ ما لم يكن الناس يعلمون.
روى عنه ابنه محمد، والحسن البصري، وغيرهما. وهو قليل الحديث.

أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني ابي، حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد ابن عقيل قال: تزوج عقيل بن أبي طالب فخرج علينا، فقلنا له: بالرفاء والبنين. فقال: مه! لا تقولوا ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال: قولوا : " بارك الله لك وبارك عليك، وبارك لك فيها " .
وتوفي عقيل في خلاقة معاوية.
أخرجه الثلاثة.

عقيل بن مالك:
عقيل بن مالك الحميري. من أبناء الملوك. كان جاراً لبني حنيفة، وكان مسلماً مجتهداً، فأوصاهم بالإقامة على الإسلام حين أرادوا الردة، فأبوا عليه.
قاله وثيمة، ذكره ابن الدباغ فيما استدركه على أبي عمر.
عقيل بن مقرن:
عقيل بن مقرن المزني. يكنى أبا حكيم، أخو النعمان، وسويد، ومعقل بني مقرن.
تقدم نسبه، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه.
قال الواقدي: وممن نزل الكوفة من أصحابه عقيل بن مقرن أبو حكيم.
وقاله البخاري: عقيل بن مقرن، أبو حكيم المزني. وكذلك قال أحمد بن سعيد الدارمي.
أخرجه أبو عمر وأبو موسى والله أعلم.
باب العين والكاف:
عك ذو خيوان:
عك ذو خيوان. تقدم ذكره في الذال.
أخرجه أبو عمر، وابو موسى.
عكاشة بن ثور:
عكاشة بن ثور بن أصغر الغوثي. كان عاملاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم على السكاسك والسكون وبني معاوية من كندة.
ذكره سيف في كتابه، أخرجه أبو عمر هكذا، وقال: لا أعرفه بغير هذا.
عكاشة الغنوي:
عكاشة الغنوي: أورده ابن شاهين في الصحابة، وروى بإسناده عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عكاشة الغنوي: أنه كانت له جارية في غنم له ترعاها، ففقد منها شاة، فضرب الجارية على وجهها، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله، وقال: لو أعلم أنها مؤمنة لأعتقتها. فدعاها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتعرفينني؟ فقالت: أنت رسول الله. قال: فأين الله؟ قالت. في السماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعتقها فإنها مؤمنة " .
أخرجه أبو موسى، والذي صح أن هذا كان لبني مقرن، والله أعلم.
عكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن
خزيمة الأسدي. حليف بني عبد شمس، يكنى أبا محصن.
كان من سادات الصحابة وفضلائهم. هاجر إلى المدينة، وشهد بدراً وأبلى فيها بلاءً حسناً، وانكسر في يده سيف، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجوناً - أو: عوداً - فعاد في يده سيفاً يومئذ شديد المتن، أبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل في الردة وهو عنده، وكان ذلك السيف يسمى العون.
وشهد أحداً، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ممن يدخل الجنة بغير حساب.
وقتل في قتال أهل الردة، في خلافة أبي بكر؛ قتله طليحة بن خويلد الأسدي الذي ادعى النبوة، قتل هو وثابت بن أقرم يوم بزاخة. هذا قول أهل السير والتواريخ.
وقال سليمان التيمي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى بني أسد، فقتله طليحة بن خويلد، وقتل ثابت بن أقرم.
وهو وهم، وإنما قاله لقرب الحادثة من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان عكاشة يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم ابن أربع وأربعين سنة، وكان من أجمل الرجال.
روى عنه أبو هريرة وابن العباس.
أخرجه الثلاثة.
عكاشة بتخفيف الكاف وتشديدها، وحرثان: بضم الحاء المهملة، وسكون الراء، وبالثاء المثلثة، وبعد الألف نون.
عكاف بن وداعة:

عكاف بن وداعة الهلالي. أخبرنا منصور بن أبي الحسن بن أبي عبد الله الفقيه بإسناده عن أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم، حدثنا بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن غضيف بن الحارث، عن عطية بن بسر المازني قال: جاء عكاف بن وداعة الهلالي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عكاف، ألك زوجة؟ قال: لا. قال: ولا جارية؟ قال: لا. قال: وأنت صحيح موسر؟ قال: نعم، والحمد لله. قال: فأنت إذاً من إخوان الشياطين، إما أن تكون من رهبان النصارى فأنت منهم، وإما أن تكون منا فاصنع كما نصنع، وإن من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم، ويحك يا عكاف! تزوج! قال: فقال عكاف: يا رسول الله، لا أتزوج حتى تزوجني من شئت. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد زوجتك على اسم الله والبركة كريمة بنت كلثوم الحميري.
أخرجه الثلاثة.

عكراش بن ذؤيب:
عكراش بن ذؤيب التميمي المنقري. كذا قاله ابن منده.
وقال أبو نعيم وأبو عمر: عكراش بن ذؤيب بن حرقوص بن جعدة بن عمرو بن النزال بن مرة بن عبيد، أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقات قومه. ولم يذكرا تمام النسب؛ فإن عبيداً هو ابن مقاعس - واسمه الحارث - بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.
ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقات قومه بني مرة، أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توسم بميسم الصدقة.
أخبرنا إسماعيل بن عبيد وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى قال: حدثنا محمد بن بشار حدثنا العلاء بن عبد الملك بن أبي سوية أبو الهذيل، حدثني عبيد الله بن عكراش بن ذؤيب، عن أبيه عكراش قال: بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقدمت المدينة فوجدته جالساً في المهاجرين والأنصار، فأخذ بيدي فانطلق بي إلى منزل أم سلمة، فقال: هل من طعام؟ فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والودك. فأقبلنا نأكل، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم مما بين يديه، وخبطت بيدي في نواحيها. فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى، ثم قال: " يا عكراش، كل من موضع واحد، فإن طعام واحد " . ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب - أو: التمر، شك عبيد الله - فجعلت آكل من بين يدي، وجعلت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق فقال: " يا عكراش، كل من حيث شئت، فإنه غير لون واحد " . ثم أتينا بماء، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم مسح ببلل كفه وجهه وذراعيه، ثم قال: " يا عكراش هكذا الوضوء مما غيرته النار " .
أخرجه الثلاثة.
قلت: قول ابن منده: إنه منقري وهم منه، إنما هو من ولد مرة بن عبيد أخي منقر بن عبيد، ودليله ما ذكر في الحديث: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة قومه بني مرة بن عبيد، وكل إنسان كان يحمل صدقة قومه، لا صدقة غيرهم، والله أعلم.
عكرمة بن أبي جهل:
عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي. وأمه أم مجالد إحدى نساء بني هلال بن عامر، واسم أبي جهل عمرو، وكنيته أبو الحكم وإنما رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون كنوه أبا جهل، فبقي عليه ونسي اسمه وكنيته - وكنية عكرمة. هو عثمان.
أسلم بعد الفتح، بقليل، وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، ومن أشبه أباه فما ظلم! وكان فارساً مشهوراً، ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هرب منها ولحق باليمن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سار إلى مكة أمر بقتل عكرمة ونفر معه.

أخبرنا أبو الفضل الفقيه المخزومي بإسناده إلى أبي يعلى قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن المفضل، حدثنا أسباط بن نصر قال: زعم السدي، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فأما ابن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عماراً - وكان أثبت الرجلين - فقتله، وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً ها هنا. فقال عكرمة: إن لم ينجني في البحر إلا خلاص ما ينجيني في البر غيره، اللهم لك علي عهد إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفواً كريماً. قال: فجاء فأسلم. وأما عبد الله بن سعد فإنه اختفى عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للبيعة، جاء به حتى وقفه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله. فرفع رأسه فنظر إليه، فعل ذلك ثلاثاً، ثم بايعه بعد الثلاث. ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد فيقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن مبايعته فيقتله.
وقيل: إن زوجته أم حكيم بنت عمه الحارث بن هشام، سارت إليه وهو باليمن بأمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أسلمت قبله يوم الفتح، فردته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه.
وكان من صالحي المسلمين، ولما رجع قام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقه، وقال: مرحباً بالراكب المهاجر.
ولما أسلم كان المسلمون يقولون: هذا ابن عدو الله أبي جهل! فساءه ذلك، فشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " لا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي " .
ونهاهم أن يقولوا: عكرمة بن أبي جهل. اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، فما أحسن هذا الخلق وأعظمه وأشرفه.
ولما أسلم عكرمة قال: يا رسول الله، لا أدع مالاً أنفقت عليك إلا أنفقت في سبيل الله مثله.
واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات هوازن عام حج.
أخبرنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا عيد بن حميد وغير واحد قالوا: حدثنا موسى بن مسعود، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد، عن عكرمة بن أبي جهل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جئته: " مرحباً بالراكب المهاجر " .
وله في قتال أهل الردة أثر عظيم. استعمله أبو بكر رضي الله عنه على جيش، وسيره إلى أهل عمان، وكانوا ارتدوا، فظهر عليهم. ثم وجهه أبو بكر أيضاً إلى اليمن، فلما فرغ من قتال أهل الردة سار إلى الشام مجاهداً أيام أبي بكر مع جيوش المسلمين، فلما عسكروا بالجرف على ميلين من المدينة، خرج أبو بكر يطوف في معسكرهم، فبصر بخباء عظيم حوله ثمانية أفراس ورماح وعدة ظاهرة فانتهى إليه فإذا بخباء عكرمة، فسلم عليه أبو بكر، وجزاه خيراً، وعرض عليه المعونة، فقال: لا حاجة لي فيها، معي ألفا دينار. فدعا له بخير، فسار إلى الشام واستشهد بأجنادين. وقيل: يوم اليرموك، وقيل: يوم الصفر.
أخبرنا غير واحد كتابة، عن أبي القاسم بن السمرقندي، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا أبو طاهر المخلص، أخبرنا أبو بكر بن سيف، أخبرنا السري بن يحيى، حدثنا شعيب بن إبراهيم، حدثنا سيف بن عمر، عن أبي عثمان الغساني - وهو يزيد بن أسيد - عن أبيه قال: عكرمة بن أبي جهل يومئذ - يعني يوم اليرموك: قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل موطن، وأفر منكم اليوم. ثم نادى: من يبايعني على الموت؟ فبايعه عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعاً جراحة وقتلوا إلا ضرار بن الأزور.

قالوا: وأخبرنا أبو القاسم أيضاً، أخبرنا أبو علي بن المسلمة، أخبرنا أبو الحسن بن الحمامي، أخبرنا أبو علي بن الصواف، حدثنا محمد بن الحسن بن علي القطان، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار، حدثنا إسحاق بن بشر قال: أخبرني محمد بن إسحاق ، عن الزهري قال: - وأخبرني ابن سمعان أيضاً عن الزهري - أن عكرمة بن أبي جهل يومئذ - يعني يوم فحل كان أعظم الناس بلاءً، وأنه كان يركب الأسنة حتى جرحت صدره ووجهه، فقيل له: اتق الله، وارفق بنفسك. فقال: كنت أجاهد بنفسي عن اللات والعزى، فأبذلها لها، أفأستبقيها الآن عن الله ورسوله؟ لا والله أبداً. قالوا: فلم يزدد إلا إقداماً حتى قتل رحمه الله تعالى.
وأخبرنا غير واحد إجازة، أخبرنا أبو المعالي ثعلب بن جعفر، أخبرنا الحسين بن محمد الشاهد، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال النحوي، حدثنا يوسف بن يعقوب بن أحمد الجصاص، حدثنا محمد بن سنان، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا المطلب بن كثير، حدثنا الزبير بن موسى، عن مصعب بن عبد الله بن أبي أمية، عن أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت لأبي جهل عذقاً في الجنة " . فلما أسلم عكرمة بن أبي جهل قال: يا أم سلمة، هذا هو.
وليس لعكرمة عقب، وانقرض عقب أبي جهل إلا من بناته.
أخرجه الثلاثة.
؟عكرمة بن عامر: عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري.
هو الذي باع دار الندوة من معاوية بمائة ألف. وهو معدود في المؤلفة قلوبهم.
أخرجه أبو عمر مختصراً.

عكرمة بن عبيد
عكرمة بن عبيد الخولاني.
ذكر في الصحابة ولا تعرف له رواية وشهد فتح مصر.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم مختصراً.
؟
باب العين واللام:
؟
العلاء بن حارثة:
العلاء بن حارثة بن عبد الله بن أبي سلمة بن عبد العزى بن غيرة بن عوف بن ثقيف.
من وجوه ثقيف، أحد المؤلفة قلوبهم وهو من حلفاء بني زهرة، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل.
وقال أبو أحمد العسكري: العلاء بن جارية، وبعضهم يقول: خارجة.
أخرجه الثلاثة.
العلاء بن الحضرمي:
العلاء بن الحضرمي - واسم الحضرمي عبد الله - بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن أكبر بن عويف بن مالك بن الخزرج بن أبيّ بن الصدف - وقيل: عبد الله بن عمار - وقيل: عبد الله بن ضمار - وقيل: عبد الله بن عبيدة بن ضمار بن مالك.
وقال الدار قطني: زعم الأملوكي أنه عبد الله بن عباد، فصحف.
ولا يختلفون أنه من حضرموت، حليف حرب بن أمية، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم البحرين. وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليها، فأقره أبو بكر خلافته كلها، ثم أقره عمر، وتوفي في خلافة عمر سنة أربع عشرة، وقيل: توفي سنة إحدى وعشرين والياً على البحرين، واستعمل عمر بعده أبا هريرة.
وهذا العلاء هو أخو عامر بن الحضرمي الذي قتل يوم بدر كافراً، وأخوهما عمروبن الحضرمي أول قتيل من المشركين قتله مسلم. وكان ماله أول مال خمس في الإسلام قتل يوم نخلة.
وأختهم الصعبة بنت الحضرمي، وتزوجها أبو سفيان وطلقها، فخلف عليها عبيد الله بن عثمان التيمي، فولدت له طلحة بن عبيد الله التيمي. قال هذا جميعه ابن الكلبي.
يقال: إن العلاء كان مجاب الدعوة، وأنه خاض البحر بكلمات قالها ودعا بها ولما قاتل أهل الردة بالبحرين كان له في قتالهم أثر كبير، وقد ذكرناه في الكامل في التاريخ، وذلك مشهور عنه. وكان له أخ يقال له: ميمون بن الحضرمي، وهو صاحب البئر التي بأعلى مكة المعروفة ببئر ميمون، حفرها في الجاهلية.
أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم عن محمد بن عيسى قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن حميد سمع السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي - يعني مرفوعاً - قال: يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثاً.
ورواه إسماعيل بن محمد بن سعد بن حميد، عن السائب، عن العلاء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الثلاثة.
العلاء بن خارجة:
العلاء بن خارجة، من أهل المدينة، روى عنه عبد الملك بن يعلى.

روى وهيب، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن عبد الملك بن يعلى، عن العلاء بن خارجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة للأهل، ومثراة في المال، ومنسأة في الأجل " .
ورواه هشام المخزومي، ومسلم بن إبراهيم، عن وهيب، مثله. ورواه مسلم بن خالد الزنجي، عن عبد الملك بن عيسى بن العلاء، عن عبد الله بن يزيد مولى المنبعث، عن أبي هريرة، نحوه.
أخرجه ابن منده، وأبو نعيم.

العلاء بن خباب:
العلاء بن خباب. سكن الكوفة. روى عنه ابنه عبد الله، وعبد الرحمن بن عابس.
روى سماك بن حرب، عن عبد الله بن العلاء، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين استيقظ: " لو شاء أيقظنا، ولكنه أراد أن يكون لمن بعدكم " . ومن حديثه في أكل الثوم.
قال أبو عمر: ذكروه في الصحابة، وما أظنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو أحمد العسكري: العلاء بن خباب، ويقال: العلاء بن عبد الله بن خباب.
أخرجه الثلاثة.
العلاء بن سبع:
العلاء بن سبع. له صحبة، وفي صحبته نظر. روى عنه السائب بن يزيد، وقد قيل: إنه العلاء بن الحضرمي، قاله أبو عمر.
وقال أبو موسى: العلاء بن سبع، له صحبة.
أخرجاه مختصراً.
العلاء بن سعد:
العلاء بن سعد الساعدي. روى عنه ابنه عبد الرحمن أنه كان ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح.
روى عطاء بن يزيد بن مسعود من بني الحبلي، عن سليمان بن عمرو بن الربيع بن سالم، عن عبد الرحمن بن العلاء من بني ساعدة، عن أبيه العلاء بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لجلسائه: هل تسمعون ما أسمع؟ قالوا: وما تسمع يا رسول الله؟ قال: أطت السماء وحق لها أن تئط، إنه ليس فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد، ثم تلا: " وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون " .
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
العلاء بن صحار:
العلاء - وقيل: علاثة بن صحار السليطي، من بني سليط - واسمه كعب بن الحارث بن يربوع التميمي السليطي، وهو عم خارجة بن الصلت.
ذكره ابن شاهين فقال: قال ابن أبي خيثمة: أخبرت باسمه عن أبي عبيد القاسم بن سلام.
وقال المستغفري: علاقة بن شجار، قاله علي بن المديني، يعني السليطي الذي روى عنه الحسن، قال: ويقال: ابن صحار. وحكاه أيضاً عن ابن أبي خيثمة، عن أبي عبيد، قال: وقال خليفة: اسم عم خارجة: عبد الله بن عثير بن عبد قيس بن خفاف، من بني عمرو بن حنظلة من البراجم. وحكى عن خليفة قال: علاثة بن شجار بخط أبي يعلى النسفي، قال: وقال البردعي: ابن شجار بالتخفيف.
العلاء بن عقبة:
العلاء بن عقبة. كتب للنبي صلى الله عليه وسلم ذكره في حديث عمرو بن حزم، ذكره جعفر. أخرجه أبو موسى مختصراً.
العلاء بن عمرو:
العلاء بن عمرو الأنصاري. له صحبة وشهد مع عليّ صفين.
أخرجه أبو عمر مختصراً.
العلاء بن مسروح:
العلاء بن مسروح. حجازي. روى عمرو بن تميم بن عويم، عن أبيه، عن جده قال: كانت أختي مليكة وامرأة منا يقال لها أم عفيف بنت مسروح، تحت رجل منا يقال له: حمل بن مالك بن النابغة وذكر الحديث، وفيه: فقال العلاء بن مسروح: يا رسول الله، أنغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل، فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسجع كسجع الجاهلية " ؟!.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
العلاء بن وهب:
العلاء بن وهب بن محمد بن وهبان بن ضباب بن حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي.
شهد القادسية، وكتب عثمان إلى معاوية يأمره أن يستعمله على الجزيرة، فولاه، وتزوج زينب بنت عقبة بن أبي معيط، وهو من مسلمة الفتح. أقام بالرقة أميراً.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم، ولم يذكره أبو عروبة ولا أبو علي بن سعيد في تاريخ الجزريين، وهما إماما الجزريين في الحديث.
العلاء بن يزيد:
العلاء بن يزيد بن أنيس الفهري. رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم مصر بعد أن فتحت، وعقبه بها. وهو جد أبي الحارث أحمد بن سعيد الفهري.
قاله أبو سعيد بن يونس.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
علاثة بن صحار:
علاثة بن صحار السليطي، عم خارجة بن الصلت.
كذا ذكره ابن أبي خيثمة، عن أبي عبيد القاسم بن سلام، وقد تقدم الخلاف في العلاء بن صحار.

روى الشعبي، عن خارجة بن الصلت: أن عماً له أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما خرج مر على أعرابي مجنون موثق في الحديد، فقال بعضهم: أعندك شيء تداويه فإن صاحبك قد جاء بخير؟ قال: نعم، فرقيته بأم الكتاب ثلاثة أيام، كل يوم مرتين، فبرأ. فأعطوني مائة شاة فلم آخذها حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: قلت: غير هذا؟ قلت: لا. قال: كلها باسم الله، لعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق.
أخرجه الثلاثة.

علاقة بن صحار:
علاقة بن صحار. تقدم القول فيه في العلاء بن صحار.
علباء الأسدي:
علباء الأسدي. قاله أبو أحمد العسكري، وقال: قالوا: إنه لحق يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وروى بإسناده عن محمد بن بكر، عن ابن جريج عن أبي الزبير، عن علباء الأسدي أخبره: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً، ثم قال: " الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " .
كذا ذكره العسكري، وقد أخبرنا به أبو بكر محمد بن رمضان بن عثمان التبريزي، حدثنا أبي، حدثنا الأستاذ أبو القاسم القشيري، حدثنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد النضري، حدثنا محمد بن الفرج الأزرق، حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، عن علباء الأزدي، أن ابن عمر علمهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على البعير خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً.
أخرج العسكري علباء هذا في بني أسد بن خزيمة، والذي أظنه أنه بسكون السين، لأنه من الأزد، وهم يبدلون كثيراً في هذا من الزاي سيناً، فيقولون: أزدي وأسدي، بسين ساكنة، فرآه العسكري بالسين، فظنه بسين مفتوحة، فجعله من أسد خزيمة، وقد غلط في مثل هذا إنسان من أكابر العلماء، فإنه رأى ابن اللتبية الأسدي - أعني بالسين الساكنة - فظنه بالفتح، فقال: رجل من بني أسد. والله أعلم.
علباء الأسدي:
علباء بن أصمع القيسي. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه عباد بن جهور: أنه قال: وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: " إن الناس إذا أقبلوا على الدنيا أضروا بالآخرة، ورضي كل قوم بما يشتهون، وتركوا الدين، عمهم الله عز وجل بغضبه، ثم دعوه فلم يجب لهم " .
أخرجه ابن منده.
علباء السلمي:
علباء السلمي. يعد في أهل المدينة له حديث واحد. أخبرنا يحيى بن محمود إذناً بإسناده إلى أبي بكر بن أبي عاصم قال: حدثنا محمد بن علي بن ميمون، حدثنا خضر بن محمد، حدثنا علي بن ثابت، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن علباء السلمي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تقوم الساعة حتى يلي الناس رجل من الموالي، يقال له: جهجاه " .
أخرجه ابن منده وأبو عمر.
علبة بن زيد:
علبة بن زيد بن صيفي عن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي الحارثي، من بني حارثة.
يعد في أهل المدينة. روى عنه محمود بن لبيد. وهو أحد البكائين الذين " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع " .
وروى عبد المجيد بن أبي عبس بن جبر، عن أبيه، عن جده قال: لما حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، جاء كل منهم بطاقته، فقال علبة بن زيد: ليس عندي ما أتصدق به، اللهم إني أتصدق بعرضي على من ناله من خلقك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل قبل صدقتك " .
أخرجه الثلاثة.
علس بن الأسود:
علس بن الأسود الكندي. ذكره الطبري فيمن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه سلمة بن الأسود.
أخرجه أبو عمر.
علس:
علس. قال الكلبي: علس بن النعمان بن عمرو بن عرفجة بن العاتك بن امرئ القيس بن ذهل بن معاوية بن الحارث الأكبر الكندي.
وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخواه حجر ويزيد، فلا أدري: هل هذا هو الذي ذكره الطبري ونسبه إلى الأسود أم غيره؟ وقد ذكرناه على ما قاله هشام الكلبي، والله أعلم.
علسة بن عدي:
علسة بن عدي البلوي. ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، وشهد فتح مصر.
روى عنه ابنه الوليد بن علسة، وموسى بن أبي الأشعث. قاله ابن يونس.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
علقمة بن الأعور:
علقمة بن الأعور السلمي. وقيل: أبو علقمة.

يعد في أهل المدينة. روى عنه ابن عباس.
روى عكرمة، عن ابن عباس قال: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر إلا أخيراً؛ لقد غزا غزوة تبوك، فغشي حجرته من الليل علقمة بن الأعور السلمي، وهو سكران حتى قطع بعض عرى الحجرة فقال: ما هذا؟ فقيل: علقمة سكران. فقال: ليقم رجل منكم يأخذ بيده، يرده إلى رحله.
أخرجه ابن منده، وقال: الصواب علقمة.

علقمة أبو أوفى الأسلمي:
علقمة أبو أوفى الأسلمي: بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقته، فقال: " اللهم صل على آل أبي أوفى " . وهو والد عبد الله بن أبي أوفى، وكان من أصحاب الشجرة.
أخبرنا مسمار بن عمر بن العويس وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عبد الله بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن عمرو، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل على آل فلان. فأتاه أبي بصدقته، فقال: " اللهم صل على آل أبي أوفى " .
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
علقمة بن جنادة:
علقمة بن جنادة بن عبد الله بن قيس الأزدي ثم الحجري.
له صحبة. شهد فتح مصر، وولي البحر لمعاوية، وتوفي سنة تسع وخمسين. قاله أبو سعيد بن يونس.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
علقمة بن الحارث:
علقمة بن الحارث. روى أحمد بن خلف الدمشقي، عن أحمد بن أبي الحواري، عن أبي سليمان الداراني، عن علقمة بن سويد بن علقمة بن الحارث، عن أبيه، عن جده علقمة بن الحارث أنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا سابع سبعة من قومي.. الحديث.
أخرجه أبو موسى وقال: رواه غير واحد، عن أحمد بن أبي الحواري، فقالوا: سويد بن الحارث بدل علقمة، وقد تقدم.
علقمة بن حجر:
علقمة بن حجر. أورده علي العسكري. روى الحجاج بن أرطاه، عن عبد الجبار بن وائل بن علقمة بن حجر، عن أبيه، عن جده قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على جبهته وأنفه.
أخرجه أبو موسى. وهذا خطأ، رواه غير واحد عن عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن أبيه. وهو الصحيح.
علقمة الحضرمي:
علقمة الحضرمي: ذكره ابن قانع، وروى بإسناده عن كلثوم بن علقمة الحضرمي، عن أبيه قال: كنت في الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " ارجعوا غير محبوسين ولا محصورين " .
ذكره ابن الدباغ مستدركاً على ابن منده.
علقمة بن حوشب:
علقمة بن حوشب الغفاري. أورده جعفر وقال: قال البردعي: سكن المدينة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً، ولم يذكره.
أخرجه أبو موسى.
علقمة بن الحويرث:
علقمة بن الحويرث - وقيل: علقمة بن الحارث الغفاري.
أخبرنا يحيى بن محمود الأصفهاني إجازة بإسناده عن أبي بكر أحمد بن عمر وقال: حدثنا خليفة بن خياط، حدثنا الفضيل بن سليمان، عن محمد بن مطرف، عن جده قال: سمعت علقمة بن الحويرث الغفاري - وكانت له صحبة - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زنا العينين النظر " .
أخرجه الثلاثة.
علقمة بن رمثة:
علقمة بن رمثة البلوي. كان ممن بايع تحت الشجرة، وشهد فتح مصر.
روى الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس التجيبي، عن زهير بن قيس البلوي، عن علقمة بن رمثة البلوي أنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى البحرين، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، وخرجنا معه، فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ، فقال: رحم الله عمراً! قال: فتذاكرنا كل إنسان اسمه عمرو، ثم نعس ثانية فقال مثلها، ثم ثالثة، فقلنا: من عمرو يا رسول الله؟ قال: إن لعمرو عند الله خيراً كثيراً - قال زهير: فلما كانت الفتنة قلت: أتبع هذا الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، فلم أفارقه.
أخرجه الثلاثة.
علقمة بن سفيان:
علقمة بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي. سكن البصرة، روى عنه ابنه سفيان وغيره.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري قال: حدثني عبد الكريم قال: حدثني علقمة بن سفيان قال: كنت في الوفد الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقيف، فضرب لنا قبتين عند دار المغيرة، فكان بلال يأتينا بفطرنا في رمضان ونحن مسفرون جداً.

رواه إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن عيسى بن عبد الله، عن عطية بن سفيان بن عبد الله الثقفي.
وقال زياد البكائي، عن ابن إسحاق، عن عيسى، عن علقمة بن سفيان. وهو الصواب، قاله ابن منده.
وروى الضحاك بن عثمان، عن عبد الكريم فقال: علقمة بن سهيل.
وقال أبو عمر: قد اضطربوا فيه اضطراباً كثيراً، ولا يعرف هذا الرجل في الصحابة. وقد ذكرناه في عطية بن سفيان.
أخرجه الثلاثة.

علقمة أبو سماك:
علقمة، أبو سماك. أورده ابن شاهين، وروى بإسناده عن بندار، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبي يونس، عن سماك بن علقمة، عن أبيه قال: بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل رجل يقود رجلاً بنسعة.
أخرجه أبو موسى وقال: هذا خطأ، فقد روى عن بندار، عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه وائل بن حجر. وهو الصحيح.
علقمة بن سمي:
علقمة بن سمي الخولاني. صحابي، شهد فتح مصر، ولا تعرف له رواية. قاله ابن يونس.أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
علقمة بن طلحة:
علقمة بن طلحة بن أبي طلحةة، أخو عثمان بن طلحة. تقدم نسبه، أسلم وله صحبة، وقتل يوم اليرموك شهيداً
علقمة بن علاثة
علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري الكلابي.كان من أشراف بني ربيعة بن عامر، وكان من المؤلفة قلوبهم، وكان سيداً في قومه، حليماً عاقلاً، ولم يكن فيه ذاك الكرم وهو الذي نافر " عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب " ، وكلاهما كلابي وفاخره، والقصة مشهورة. ولما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف ارتد علقمة ولحق بالشام، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أقبل مسرعاً حتى عسكر في بني كلاب بن ربيعة، فأرسل إليه أبو بكر رضي الله عنه سرية فانهزم منهم. وغنم المسلمون أهله، وحملوهم إلى أبي بكر، فجحدوا أن يكونوا على حال علقمة، ولم يبلغ أبا بكر عنهم ما يكره، فأطلقهم. ثم أسلم علقمة فقبل ذلك منه، وحسن إسلامه، واستعمله عمر على حوران فمات بها. وكان الحطيئة خرج إليها فمات علقمة قبل أن يصل إليه الحطيئة، فأوصى له علقمة كبعض ولده، فقال الحطيئة من أبيات
فما كان بيني لو لقيتك سالماً ... وبين الغنى إلا ليال قلائل
وأم علقمة ليلى بنت أبي سفيان بن هلال، سبية من النخع، واسم الأحوص: ربيعة. وإنما قيل له " الأحوص " لصغر في عينيه.روى عنه أبو سعيد الخدري أنه أكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.أخرجه الثلاثة.
علقمة بن الفغواء:علقمة بن الفغواء - وقيل: ابن أبي الفغواء - بن عبيد بن
عمرو بن مازن بن عدي بن عمرو بن ربيعة الخزاعي.له صحبة، سكن المدينة، وهو أخو عمرو بن الفغواء. بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال إلى أبي سفيان بن حرب ليقسمه في فقراء قريش. وكان دليل النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك.روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراق الماء نكلمه فلا يكلمنا، ونسلم عليه فلا يرد علينا، حتى يأتي أهله فيتوضأ وضوءه للصلاة، فقلنا يا رسول الله، نكلمك فلا تكلمنا، ونسلم عليك فلا ترد علينا؟! حتى نزلت: " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة " .أخرجه الثلاثة
علقمة بن مجزر
علقمة بن مجزر بن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عتوارة بن عمرو بن مدلج الكناني المدلجي.أحد عمال النبي صلى الله عليه وسلم على جيش، واستعمل عبد الله بن حذافة السهمي على سرية، وكان رجلاً فيه دعابة، فأجج ناراً وقال لأصحابه: أليس طاعتي واجبة؟ قالوا: بلى. قال: فاقتحموا هذه النار. فقام رجل فاحتجز ليقتحمها، فضحك وقال: إنما كنت ألعب. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أما إذا فعلوها فلا تطيعوهم في معصية الله عز وجل " .وبعث عمر بن الخطاب علقمة في جيش إلى الحبشة، فهلكوا كلهم، فرثاه جواس العذري بقوله
إن السلام وحسن كل تحية ... تغدو على ابن مجزر وتروح
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.مجزر: بجيم، وزائين. الأولى مشددة مكسورة.
علقمة بن ناجية

علقمة بن ناجية بن الحارث بن كلثوم الخزاعي ثم المصطلقي. مدني، سكن البادية.أنبأنا يحيى بن أبي الرجاء فيما أذن لي بإسناده إلى أحمد بن عمرو بن الضحاك قال: حدثنا يعقوب بن حميد، عن عيسى بن الحضرمي بن كلثوم بن علقمة بن ناجية بن الحارث الخزاعي، عن جده، عن أبيه علقمة قال: بعص إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة يصدق أموالنا، فسار حتى إذا كان قريباً منا رجع، فركبنا في أثره، وسقنا طائفة من صدقاتنا، فقدم قبلهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أتيت قوماً في جاهليتهم جدّوا للقتال، ومنعوا الصدقة. فلم يغير ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " .أخرجه الثلاثة

علقمة بن نضلة
علقمة بن نضلة بن عبد الرحمن بن علقمة الكناني، ويقال: الكندي. سكن مكة.روى عثمان بن أبي سليمان، عن علقمة بن نضلة قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، وما تدعي رباع مكة إلا السوائب، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن.أخرجه الثلاثة، وقال ابن منده: ذكر في الصحابة، وهو من التابعين
علقمة بن وقاص
علقمة بن وقاص الليثي: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما ذكر الواقدي، قاله أبو عمر. وقال ابن منده. روى عنه ابنه عمرو أنه قال: شهدت الخندق، وكنت في الوفد الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم.أخرجه الثلاثة، وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين - يعني ابن منده - في الصحابة، وذكره الحاتم أبو أحمد والناس في التابعين، وتوفي أيام عبد الملك بن مروان بالمدينة
علقمة بن يزيد
:علقمة بن يزيد بن عمرو بن سلمة بن منبه بن ذهل بن غطيف بن عبد الله بن ناجية بن مراد.كذا نسبه ابن منده وأبو نعيم. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى اليمين وشهد فتح مصر، وولاه عتبة بن أبي سفيان الإسكندرية في خلافة معاوية.رواه أبو قبيل المعافري، وحكى عنه.قاله ابن يونس.أخرجه ابن منده وأبو نعيم
علي بن الحكم
:علي بن الحكم السلمي، أخو معاوية. روى كثير بن معاوية بن الحكم، عن أبيه قال: اندقت رجل أخي علي بن الحكم وهو علي فرس، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح على رجله فصحت مكانها.قاله ابن منده وأبو نعيم.وقال أبو عمر: علي بن الحكم، أخو معاوية بن الحكم، قال: أظنه علياً السلمي جد بديح بن سدرة بن علي السلمي، من أهل قباء.اخرجه الثلاثة.قلت: قد جعل أبو عمر " علي بن الحكم " والد " سدرة " ، وأما ابن منده وأبو نعيم فإنهما جعلا علي بن الحكم أخا معاوية، وجعلا علي بن أبي علي الذي يأتي ذكره أبا سدرة، فجعلاهما اثنين، وجعلهما أبو عمر واحداً، والله أعلم
علي بن رفاعة:
علي بن رفاعة القرظي: أورده علي بن سعيد العسكري.روى عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن علي بن رفاعة قال: كان أبي من الذين أسلموا من أهل الكتاب، وكانوا عشرة، وكانوا يجلسون مجالس، فغذا مروا بهم يستهزئون ويسخرون، فأنزل الله عز وجا: " أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا " .أخرجه أبو موسى، فعلى هذا تكون الصحبة لأبيه
علي بن ركانة:
علي بن ركانة. لا تصح له صحبة. روى عنه ابنه محمد بن علي بن ركانة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشر قريش، ابن أخت القوم منهم " .أخرجه ابن منده وأبو نعيم
علي بن شيبان:

علي بن شيبان بن محرز بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن عبد العزى بن سحيم بن مرة بن الدؤل بن حنيفة. يكنى أبا يحيى.سكن اليمامة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه عبد الرحمن.أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء كتابة بإسناده إلى أبي بكر بن أبي عاصم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، عن ملازم بن عمرو الحنفي، عن عبد الله بن بدر، عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان، عن أبيه، علي بن شيبان - وكان أحد الوفد - قال: خرجنا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعناه، قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمح بمؤخر عينه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع ولا في السجود، فلما قضى نبي الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: " أيها المسلمون لا صلاة لامرئ لا يقيم صلبه في الركوع والسجود " .وقد رواه عبد الوارث بن سعيد، عن أبي عبد الله الشقري، عن عمر بن جابر، عن عبد الله بن بدر، عن عبد الرحمن بن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل: " عن أبيه " .أخرجه الثلاثة

علي بن أبي طالب:
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الهاشمي. ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسم أبي طالب عبد مناف. وقيل: اسمه كنيته، واسم هاشم: عمرو. وأم علي فاطمة بنت أسد بن هاشم. وكنيته: أبو الحسن أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصهره على ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين، وأبو السبطين، وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين، وأول خليفة من بني هاشم، وكان علي أصغر من جعفر وعقيل وطالب.وهو أول الناس إسلاماً في قول كثير من العلماء على ما نذكره.. وهاجر إلى المدينة، وشهد بدراً، وأحداً والخندق، وبيعة الرضوان، وجميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبوك؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه على أهله، وله في الجميع بلاء عظيم واثر حسن، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء في مواطن كثيرة بيده، منها يوم بدر - وفيه خلاف - ولما قتل مصعب بن عمير يوم أحد وكان اللواء بيده، دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي. وآخاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة، وقال لعلي في كل واحدة منهما: " أنت أخي في الدنيا والآخرة
إسلامه رضي الله عنه

أنبأنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: ثم إن علي بن أبي طالب جاء بعد ذلك اليوم - يعني بعد إسلام خديجة وصلاتها معه - قال: فوجدهما يصليان، فقال علي: يا محمد، ما هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دين الله الذي اصطفى لنفسه، وبعث به رسله، فأدعوك إلى الله وغلى عبادته وكفر باللات والعزى " .فقال له علي: هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم، فلست بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشي عليه سره قبل أن يستعلن أمره، فقال له: يا عليّ، إن لم تسلم فاكتم. فمكث عليّ تلك الليلة، ثم إن الله أوقع في قلب عليّ الإسلام، فأصبح غادياً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فقال: ماذا عرضت عليّ يا محمد؟ فقال له سول الله صلى الله عليه وسلم: " تشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وتكفر باللات والعزى، وتبرأ من الأنداد " . ففعل عليّ وأسلم، ومكث عليّ يأتيه سراً خوفاً من أبي طالب، وكتم عليّ إسلامه. وكان مما أنعم الله به علي عليّ أنه ربي في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام. قال يونس عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح قال: رواه عن مجاهد قال: أسلم علي وهو ابن عشر سنين.أنبأنا إبراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي عن محمد بن حميد عن إبراهيم بن المختار، عن شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس، قال: " أول من أسلم علي ومثله روى مقسم عن ابن عباس واسم أبي بلج: يحيى بن أبي سليم.قال: وحدثنا أبو عيسى، حدثنا إسماعيل بن موسى، حدثنا علي بن عابس، عن سليم الملائي، عن أنس بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين. وأسلم عليّ يوم الثلاثاء.قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بشار وابن مثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة رجل من الأنصار، عن زيد بن أرقم قال: أول من أسلم عليّ - قال عمرو بن مرة: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فأنكره وقال: أول من أسلم أبو بكر. وأبو حمزة اسمه طلحة بن يزيد.أنبأنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي عبد الله المخزومي بإسناده عن أحمد بن علي: حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأجلح، عن سلمة بن كهيل، عن حبة بن جوين، عن علي قال: لم أعلم أحداً من هذه الأمة عبد الله قبلي، لقد عبدته قبل أن يعبده أحد منهم خمس سنين، أو سبه سنين.رواه إسماعيل بن غبراهيم بن بسام، عن شعيب بن صفوان، عن الأجلح، نحوه.أنبأنا عبد الله بن أحمد الطوسي الخطيب بإسناده عن أبي داود الطيالسي: حدثنا شعبة، حدثنا سلمة بن كهيل بن حبة العرني قال: سمعت علياً يقول: أنا أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم.وأنبأنا أبو الطيب محمد بن أبي بكر بن أحمد المعروف بكلي الأصبهاني كتابة، وحدثني به عثمان بن أبي بكر بن جلدك الموصلي، عنه، أخبرنا أبو علي الحدلد، أنبأنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق، أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب، حدثنا ابن عبد الأعلى الصنعاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم الكندي، عن سلمان الفارسي قال: أول هذه الأمة وروداً على نبيها أولها إسلاماً، علي بن أبي طالب.رواه الدبري عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن قيس بن مسلم.أنبأنا ذاكر بن كامل الخفاف، أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الباقرجي أنبأنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف المقري العلاف، أنبأنا أبو علي مخلد بن جعفر بن مخلد الباقرجي، حدثنا محمد بن جرير الطبري، حدثنا عبد الأعلى بن واصل، حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن الأسود، عن محمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن مسلم، عن أبيه، عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد صلت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين، وذاك أنه لم يصل معي رجل غيره " .أنبأنا يحيى بن محمود بن سعد، حدثنا الحسن بن أحمد قراءة عليه وأنا حاضر أسمع أنبأنا أحمد بن عبد الله أبو نعيم أنبأنا أبو القاسم الطبراني، حدثنا العباس بن الفضل الاسقاطي، حدثنا عبد العزيز بن الخطاب، حدثنا علي بن غراب، عن يوسف بن صهيب، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: خديجة أول من أسلم مع رسول الله

صلى الله عليه وسلم، ثم علي.وقال أبو ذر والمقداد، وخباب، وجابر، وابو سعيد الخدري، وغيرهم: إن علياً أول من أسلم بعد خديجة، وفضله هؤلاء على غيره. قاله أبو عمر.وروى معمر، عن قتادة، عن الحسن وغيره قال: أول من أسلم عليّ بعد خديجة، وهو ابن خمس عشرة سنة.وسئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم: علي أو أبو بكر؟ قال: سبحان الله! عليّ أولهما إسلاماً، وإنما اشتبه على الناس لأن علياً أخفى إسلامه عن أبي طالب وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه.وقد ذكرنا حديث عفيف الكندي في أن أول من أسلم: علي في ترجمته.وقال أبو الأسود تيم بن عروة: إن علياً والزبير أسلما وهما ابنا ثمان سنين.قال أبو عمر: ولا أعلم أحداً يقول بقوله هذا.وقد قال جماعة غير من ذكرنا: إن علياً أول من اسلم، وقيل: أبو بكر، والله أعلم الله عليه وسلم، ثم علي.وقال أبو ذر والمقداد، وخباب، وجابر، وابو سعيد الخدري، وغيرهم: إن علياً أول من أسلم بعد خديجة، وفضله هؤلاء على غيره. قاله أبو عمر.وروى معمر، عن قتادة، عن الحسن وغيره قال: أول من أسلم عليّ بعد خديجة، وهو ابن خمس عشرة سنة.وسئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم: علي أو أبو بكر؟ قال: سبحان الله! عليّ أولهما إسلاماً، وإنما اشتبه على الناس لأن علياً أخفى إسلامه عن أبي طالب وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه.وقد ذكرنا حديث عفيف الكندي في أن أول من أسلم: علي في ترجمته.وقال أبو الأسود تيم بن عروة: إن علياً والزبير أسلما وهما ابنا ثمان سنين.قال أبو عمر: ولا أعلم أحداً يقول بقوله هذا.وقد قال جماعة غير من ذكرنا: إن علياً أول من اسلم، وقيل: أبو بكر، والله أعلم

هجرته رضي الله عنه

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بغسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني بعد أن هاجر أصحابه إلى المدينة - ينتظر مجيء جبريل عليه السلام وأمره له أن يخرج من مكة بإذن الله له في الهجرة إلى المدينة، حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبي، وأرادوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرادوا، أتاه جبريل عليه السلام وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه، ويتسجى ببرد له أخضر، ففعل، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم وهم على بابه.قال ابن إسحاق: وتتابع الناس في الهجرة، وكان آخر من قدم المدينة من الناس ولم يفتن في دينه علي بن أبي طالب وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخره بمكة، وأمره أن ينام على فراشه وأجله ثلاثاً، وأمره أن يؤدي إلى كل ذي حق حقه ففعل. ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم.أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي إجازة: أنبأنا أبي أنبأنا أبو الأغر قراتكين بن الأسعد، حدثنا أبو محمد الجوهري، حدثنا أبو حفص بن شاهين، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا أحمد بن يزيد النخعي، حدثنا عبيد الله بن الحسن، حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده عن أبي رافع قال عبيد الله بن الحسن: وحدثني محمد بن عبيد الله بن علي بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن أبي رافع في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال: وخلفه النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم - يعني خلف علياً - يخرج إليه بأهله، وأمره أن يؤدي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه، وما كان يءتمن عليه من مال، فأدى عليّ أمانته كلها، وأمره أن يضطجع على فراشه ليلة خرج، وقال: إن قريشاً لم يفقدوني ما رأوك. فاضطجع على فراشه، وكانت قريش تنظر إلى فراش النبي صلى الله عليه وسلم فيرون عليه علياً، فيظنونه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أصبحوا رأوا عليه علياً، فقالوا: لو خرج محمد لخرج بعلي معه، فحبسهم الله بذلك عن طلب النبي حين رأوا علياً، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً أن يلحقه بالمدينة، فخرج علي في طلبه بعدما أخرج إليه أهله يمشي الليل ويكمن النهار، حتى قدم المدينة. فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قدومه قال: ادعوا لي علياً. قيل: يا رسول الله، لا يقدر أن يمشي. فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه اعتنقه وبكى، رحمة لما بقدميه من الورم، وكانتا تقطران دماً، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في يديه، ومسح بهما رجليه، ودعا له بالعافية فلم يشتكهما حتى استشهد رضي الله تعالى عنه

شهوده رضي الله عنه بدرا
ً

وغيرها:أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير عن أبي إسحاق، في تسمية من شهد بدراً من قريش، ثم من بني هاشم قال: وعلي بن أبي طالب، وهو أول من آمن به.وأجمع أهل التاريخ والسند على أنه شهد بدراً وغيرها من المشاهد، وأنه لم يشهد غزوة تبوك لا غير، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه على أهله.أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن سرايا الفقيه وغير واحد بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل: حدثنا أحمد بن سعيد أبو عبد الله حدثنا إسحاق بن منصور السلولي، حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق قال: سأل رجل البراء وأنا أسمع: أشهد عليّ بدراً؟ قال: بارز وظاهر.أخبرنا يحيى بن محمود، أنبأنا عم جدي أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي، أنبأنا أبو طاهر عم والدي وأبو الفتح، قالا: أنبأنا أبو بكر بن زادان، حدثنا أبو عروبة، حدثنا أبو رفاعة، حدثنا محمد بن الحسن - يعرف بالهجيمي - حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن سعد قال: لقد رأيته - يعني علياً - يخطر بالسيف هام المشركين يقول: (سنحنح الليل كأنّي جنّي).أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن صرون، وأبو طاهر أنبأنا أحمد بن شاذان، قال: قرئ على أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال جدي أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر قال: كتب إليّ محمد بن علي ومحمد بن يحيى يخبراني، عن محمد بن الجنيد، حدثنا حصن بن جنادة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: لقد أصابت علياً يوم أحد ست عشرة ضربة كل ضربة تلزمه الأرض، فما كان يرفعه إلا جبريل عليه السلام.
قال: وحدثنا جدي حدثنا بكر بن عبد الوهاب، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا إسماعيل بن عياش الحمصي، عن يحيى بن سعيد، عن ثعلبة بن أبي مالك قال: كان سعد بن عبادة صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواطن كلها فإذا كان وقت القتال أخذها علي بن أبي طالب.
أنبأنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ. أنبأنا أبي، أنبأنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله، أنبأنا البناء قالوا: حدثنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا أحمد بن سليمان، حدثنا الزبير بن بكار قال: وله يعني لعلي بن أبي طالب - يقول أسيد بن أبي أناس بن زنيم، وهو يحرض مشركي قريش على قتله ويعيرهم:
في كل مجمع غاية أخزاكم ... جذع أبر على المذاكي القرح
لله دركم ألما تنكروا ... قد ينكر الحي الكريم ويستحي
هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ... ذبحاً، وقتلة قعصة لم تذبح
أعطوه خرجاً واتقوا بضريبة ... فعل الذليل وبيعة لم تربح
أين الكهول؟ وأين كل دعامة ... في المعضلات؟ وأين زين الأبطح
أفناهم قعصاً وضرباً يفري ... بالسيف يعمل حده لم يصفح
أنبأنا أبو الفضل المنصور بن أبي الحسن المديني بإسناده عن أحمد بن علي بن المثنى: حدثنا أبو موسى، حدثنا محمد بن مروان العقيلي، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة قال: قال علي: لما تخلى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم أحد نظرت في القتلى فلم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: والله ما كان ليفر وما أراه في القتلى، ولكن الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه، فما فيّ خير من أن قاتل حتى أقتل، فكسرت جفن سيفي، ثم حملت على القوم فأفرجوا لي، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الدمشقي، أنبأنا أبو العشائر محمد بن الخليل القيسي، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أنبأنا زيد بن الحباب، حدثنا الحسين بن وافد عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: لما كان يوم خيبر أخذ أبو بكر اللواء، فلما كان من الغد أخذه عمر - وقيل: محمد بن مسلمة - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأدفعن لوائي إلى رجل لم يرجع حتى يفتح الله عليه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، ثم دعا باللواء، فدعا علياً وهو يشتكي عينيه، فمسحهما ثم دفع إليه اللواء ففتح - قال: فسمعت عبد الله بن بريدة يقول: حدثني أبي أنه كان صاحب مرحب - يعني علياً.
وأخباره في حروبه كثيرة لا نطول بذكرها.

علمه رضي الله عنه:
روى علي عن النبي صلى الله عليه وسلم فأكثر، وروى عنه بنوه الحسن والحسين ومحمد وعمر، وعبد الله بن مسعود، وابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وأبو موسى الأشعري، وأبو سعيد الخدري، وأبو رافع، وصهيب، وزيد بن أرقم، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة، وأبو سريحة حذيفة بن أسيد وأبو هريرة، وسفينة، وأبو جحيفة السوائي، وجابر بن سمرة، وعمرو بن حريث وأبو ليلى والبراء بن عازب، وعمارة بن رويبة، وبشر بن سحيم، وأبو الطفيل، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير، وجرير بن عبد الله، وعبد الرحمن بن أشيم، وغيرهم من الصحابة.
وروى عنه من التابعين: سعيد بن المسيب، ومسعود بن الحكم الزرقي، وقيس بن أبي حازم، وعبيدة السلماني، وعلقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والأحنف بن قيس، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو الأسود الديلي، وزر بن حبيش، وشريح بن هانئ، والشعبي وشقيق، وخلق كثير غيرهم.
أنبأنا يحيى بن محمود، أنبأنا زاهر بن طاهر، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو سعد محمد بن بشر بن العباس، أنبأنا أبو الوليد محمد بن إدريس الشامي، حدثنا سويد بن سعيد، أنبأنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن رسول الله، تبعثني إلى اليمن، ويسألوني عن القضاء ولا علم لي به! قال: ادن. فدنوت، فضرب بيده على صدري، ثم قال: " اللهم ثبت لسانه، واهد قلبه " . فلا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين بعد.
أنبأنا زيد بن الحسن بن زيد وأبو اليمن الكندي وغيره كتابة قالوا: أنبأنا أبو منصور زريق، أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت، أنبأنا محمد بن أحمد بن زريق، أنبأنا أبو بكر بن مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن الأنباري، حدثنا أبو الصلت الهروي، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة العلم، وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأت بابه " .
رواه غير أبي معاوية عن الأعمش. كان أبو معاوية يحدث به قديماً ثم تركه.
وروى شعبة عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.
وقال سعيد بن المسيب: ما كان احد من الناس يقول: " سلوني " ، غير علي بن أبي طالب.
وروى يحيى بن معين، عن عبدة بن سليمان، عن عبد الملك بن أبي سلمان قال: قلت لعطاء: أكان في أصحاب محمد أعلم من علي؟ قال: لا، والله لا أعلمه.
وقال ابن عباس: لقد أعطي عليّ تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر.
وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: يا عم، لم كان ضغو الناس إلى علي؟ قال: يا ابن أخي، إن علياً كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم، وكان له البسطة في العشيرة، والقدم في الإسلام، والصهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والفقه في السنة والنجدة في الحرب، والجود بالماعون.
وروى ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال: إذا ثبت لنا الشيء عن علي، لم نعدل عنه إلى غيره.

وروى يزيد بن هارون، عن فطر، عن أبي الطفيل قال: قال بعث أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لقد كان لعلي من السوابق ما لو أن سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيراً.
وله في هذا أخبار كثيرة نقتصر على هذا منها، ولو ذكرنا ما سأله الصحابة - مثل عمر وغيره رضي الله عنهم - لأطلنا.

زهده وعدله رضي الله عنه:
أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين، أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد، أنبأنا أبو طالب بن غيلان، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي، حدثنا محمد بن المسيب قال: سمعت عبد الله بن حنيف يقول: قال يوسف بن أسباط: الدنيا دار نعيم الظالمين - قال: وقال علي بن أبي طالب: الدنيا جيفة، فمن أراد منها شيئاً، فليصبر على مخالطة الكلاب.
أخبرنا أبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن العباس إملاء، حدثنا أحمد بن علي الرقي، أخبرنا القاسم بن علي بن أبان، حدثنا سهل بن صقير، حدثنا يحيى بن هاشم الغساني، عن علي بن جزء قال: سمعت أبا مريم السلولي يقول: سمعت عمار بن ياسر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي بن أبي طالب: " يا علي، إن الله عز وجل قد زينك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إليه منها: الزهد في الدنيا، فجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً، ولا تنال الدنيا منك شيئاً. ووهب لك حب المساكين، ورضوا بك إماماً، ورضيت بهم أتباعاً، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فأما الذين أحبوك وصدقوا فيك، فهم جيرانك في دارك، ورفقاؤك في قصرك، وأما الذين أبغضوك وكذبوا عليك، فحق على الله أن يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة " .
أنبأنا عمر بن محمد بن المعمر بن طبرزد، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، حدثنا حمزة بن القاسم الإمام حدثنا الحسين بن عبيد الله، حدثني إبراهيم - يعني الجوهري - حدثنا المأمون - هو أمير المؤمنين - حدثنا الرشيد ، حدثنا شريك بن عبد الله، عن عاصم بن كليب، عن محمد بن كعب القرظي قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: لقد رأيتني وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وإن صدقتي لتبلغ اليوم أربعة آلاف دينار.
ورواه حجاج الأصبهاني وأسود عن شريك، فقالا: أربعين ألف دينار.
ورواه حجاج، عن شريك فقال: أربعين ألفاً.
لم يرد بقوله: " أربعين ألفاً " زكاة ماله، وإنما أراد الوقوف التي جعلها صدقة كان الحاصل من دخلها صدقة هذا العدد، فإن أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه لم يدخر مالاً، ودليله ما نذكره من كلام ابنه الحسن رضي الله عنهما في مقتله أنه لم يترك إلا ستمائة درهم، اشترى بها خادماً.
أخبرني أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو محمد هبة الله بن سهل الفقيه، أنبأنا جدي أبو المعالي عمر بن محمد بن الحسين - قال: وأنبأنا أبي، وأنبأنا زاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين - قالا: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي بمكة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه قال: سمعت أبا نعيم قال: سمعت سفيان يقول: ما بنى علي لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، وإن كان ليؤتي بجبوته من المدينة في جراب.
أنبأنا السيد أبو الفتوح حيدر بن محمد بن زيد العلوي الحسيني، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الدورسي بالموصل، أنبأنا النقيب الطاهر أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر الحسيني، أنبأنا أبو الحسين بن عبد الجبار، أنبأنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف أنبأنا أبو بكر بن مالك، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن أبي بحر، عن شيخ لهم قال: رأيت علي عليّ، عليه السلام إزارا غليظاً، قال: اشتريته بخمسة دراهم، فمن أربحني فيه درهماً بعته. قال: ورأيت معه دراهم مصرورة، فقال: هذه بقية نفقتنا من ينبع.

قال، وحدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن يحيى الأزدي، حدثنا الوليد بن القاسم حدثنا مطير بن ثعلبة التميمي، حدثنا أبو النوار بياع الكرابيس قال: أتاني علي بن أبي طالب ومعه غلام له، فاشترى مني قميصي كرابيس، فقال لغلامه: اختر أيهما شئت، فأخذ أحدهما، وأخذ عليّ الآخر، فلبسه، ثم مد يده فقال: اقطع الذي يفضل من قدر يدي. فقطعه وكفه، ولبسه وذهب.
أنبأنا عبد الله بن أحمد الخطيب، أنبأنا أبو الحسين بن طلحة النعال، إجازة إن لم يكن سماعاً، أنبأنا أبو الحسين بن بشران حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن عبد الملك بن عمير قال: حدثني رجل من ثقيف قال: استعملني علي بن أبي طالب على مدرج سابور، فقال: لا تضربن رجلاً سوطاً في جباية درهم، ولا تتبعن لهم رزقاً ولا كسوة شتاءً ولا صيفاً، ولا دابة يعتملون عليها، ولا تقيمن رجلاً قائماً في طلب درهم. قلت: يا أمير المؤمنين، إذن أرجع إليك كما ذهبت من عندك. قال: وإن رجعت ويحك! إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفر - يعني الفضل - .
وزهده وعدله رضي الله عنه لا يمكن استقصاء ذكرهما، فلنقتصر على هذا.

فضائله رضي الله عنه:
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي الزرزاري إسناده إلى الأستاذ أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر قال: رأيت في بعض الكتب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة، خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار، أن ينام على فراشه، وقال له: " أتشح ببردي الحضرمي الأخضر، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه، إن شاء الله تعالى " . ففعل ذلك، فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام أني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختارا كلاهما الحياة، فأوحى الله عز وجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟! آخيت بينه وبين نبيي محمد، فبات على فراشه، يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فنزلا، فكان جبريل عند رأس عليّ، وميكائيل عند رجليه، وجبريل ينادي: بخ بخ! من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله عز وجل به الملائكة!!؟ فأنزل الله عز وجل على رسوله، وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله " .
أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن أبي الخير الميهني قراءة عليه قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن متويه - قال أبو محمد: وأنبأنا أبو القاسم بن أبي الخير الميهني والحسين بن الفرحان السمناني قالا: أنبأنا علي بن أحمد، أنبأنا أبو بكر التميمي، أنبأنا أبو محمد بن حبان، حدثنا محمد بن يحيى بن مالك الضبي، حدثنا محمد بن سهل الجرجاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى: " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية " قال: نزلت في علي بن أبي طالب، كان عنده أربعة دراهم، فأنفق بالليل واحداً، وبالنهار واحداً، وفي السر واحداً وفي العلانية واحداً.
ورواه عفان بن مسلم، عن وهيب، عن أيوب، عن مجاهد، عن ابن عباس، مثله.

أنبأنا إسماعيل بن علي وإبراهيم بن محمد وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن عيسى بن سورة قال: حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ قال: أما ما ذكرت، ثلاثاً قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي وخلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصبيان؟! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي؟ " وسمعته يقول يوم خيبر: " لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " . قال: فتطاولنا لها، فقال: " ادعوا لي علياً " . فأتاه وبه رمد، فبصق في عينيه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه. وأنزلت هذه الآية: " فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم " . دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: " اللهم هؤلاء أهلي " .
قال: وحدثنا محمد بن عيسى حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا أبي، عن شريك، عن منصور، عن ربعي بن حراش حدثنا علي بن أبي طالب بالرحبة، قال: " لما كان يوم الحديبية خرج إليه ناس من المشركين، فيهم: سهيل بن عمرو، وأناس من رؤساء المشركين، فقالوا: خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا، وليس بهم فقيه في الدين، وإنما خرجوا فراراً من أموالنا وضياعنا، فارددهم إلينا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا معشر قريش، لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين، قد امتحن قلبه على الإيمان " . قالوا: من هو يا رسول الله؟ فقال أبو بكر: من هو يا رسول الله؟ وقال عمر: من هو يا رسول الله؟ قال: خاصف النعل، وكان قد أعطى علياً نعلاً يخصفها - قال: ثم التفت إلينا علي فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " .
قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا عيسى بن عثمان بن أخي يحيى بن عيسى الرملي أخبرنا يحيى بن عيسى الرملي حدثنا الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن علي قال: لقد عهد إليّ النبي صلى الله عليه وسلم - النبي الأمي - " أن لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " .
قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بشار ويعقوب بن إبراهيم وغير واحد قالوا: حدثنا أبو عاصم، عن أبي الجراح قال: حدثني جابر بن صبح قال: حدثتني أم شراحيل، عن أم عطية قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فيهم علي، قالت: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم، لا تمتني حتى تريني علياً " .
أنبأنا أبو منصور مسلم بن علي بن محمد بن السيحي، أنبأنا أبو البركات بن خميس، أنبأنا أبو نصر بن طوق أنبأنا أبو القاسم بن المرجي، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا سعيد بن مطرف الباهلي، حدثنا يوسف بن يعقوب الماجشون، عن أبي المنذر، عن سعيد بن المسيب، عن عامر بن سعد، عن سعد أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى؛ إلا أنه لا نبي بعدي " . قال سعيد: فأحببت أن أشافه - بذلك سعداً، فلقيته فذكرت له ما ذكر لي عامر، فقلت: أنت سمعته؟ فأدخل يده في أذنيه وقال: نعم وإلا فاستكتا.
أنبأنا أبو بكر مسمار بن عمر بن العويس البغدادي، أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن الطلاية، أنبأنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الحسين الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا محمد بن هارون الحضرمي أبو حامد، حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد بن رفاعة، حدثنا محمد بن فضل، حدثنا الأعمش، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لما كان يوم الطائف دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فناجاه طويلاً، فقال بعض أصحابه: لقد أطال نجوى ابن عمه قال - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، " ما أنا انتجيته، ولكن الله انتجاه " .

أنبأنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعص رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية، فأصاب جارية، فأنكروا عليه. فتعاقد أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي. وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه رسول الله. ثم قام الثاني فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله. ثم قام الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا. فأقبل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والغضب يعرف في وجهه فقال: " ما تريدون من عليّ؟ ما تريدون من عليّ؟ ما تريدون من عليّ؟ إن علياً مني وأنا من عليّ، وهو ولي كل مؤمن من بعدي " .
أنبأنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي عمرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: إنما وجد جيش عليّ الذين كانوا معه باليمن عليه، لأنهم حين أقبلوا خلف عليهم رجلاً، وتعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر. فعمد الرجل فكسا كل رجل منهم حلة، فلما دنوا خرج عليّ يستقبلهم، فإذا عليهم الحلل، فقال علي: ما هذا؟ قالوا: كسانا فلان. قال: فما دعاك إلى هذا قبل أن تقدم على رسول الله فيصنع ما شاء؟ فنزع الحلل منهم. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوه لذلك. وكان أهل اليمن قد صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما بعث علياً على جزية موضوعة.
أنبأنا أبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي، وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فنا خسرو الديلي التكريتي وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل: حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: " لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله " - قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم بعطاها؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها. فقال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يا رسول الله، يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه. فأتي فبصق في عينيه، ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال عليّ: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: " لتغد على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من حمر النعم " .
أنبأنا أبو الفضل بن أبي عبد الله الفقيه بإسناده إلى أبي يعلى أحمد بن علي: أنبأنا القواريري حدثنا يونس بن أرقم، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً في الرحبة يناشد الناس: أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعليّ مولاه لما قام. قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدرياً كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل، فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أماتهم؟ " قلنا: بلى يا رسول الله. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " .
وقد روي مثل هذا عن البراء بن عازب، وزاد: فقال عمر بن الخطاب: يا ابن أبي طالب، أصبحت اليوم ولي كل مؤمن.

أنبأنا الحسن بن محمد بن هبة الله، أنبأنا أبو العشائر محمد بن الخليل القيسي أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، حدثنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة أبو الحسن الأطرابلسي، حدثنا محمد بن الحسين الحنيني، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن ابن ظالم قال: جاء رجل إلى سعيد بن زيد - يعني ابن عمرو بن نفيل - فقال: إني أحببت علياً حباً لم أحبه أبداً. قال: أحببت رجلاً من أهل الجنة.
ثم أنه حدثنا قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء، فذكر عشرة في الجنة: " أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن مالك، وعبد الله بن مسعود " .
قال: وحدثنا خيثمة، حدثنا أبو عبيدة السري بن يحيى، حدثنا قبيصة حدثنا سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سور بالمدينة، فقال: " يطلع عليكم رجل من أهل الجنة " . فجاء أبو بكر فهنيناه، ثم قال: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة: فجاء عمر فهنيناه، ثم قال: " يطلع عليكم رجل من أهل الجنة " . قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي رأسه من تحت السعف ويقول: " اللهم إن شئت جعلته علياً. فجاء عليّ فهنيناه " .
أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد وغيره قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي: حدثنا يوسف بن موسى القطان البغدادي، حدثنا علي بن قادم، حدثنا علي بن صالح بن حي، عن حكيم بن جبير عن جميع بن عمير التيمي، عن ابن عمر قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فجاء عليّ فقال: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت أخي في الدنيا والآخرة " .
أنبأنا أبو الفضل الفقيه المخزومي بإسناده إلى أحمد بن علي، أنبأنا أبو خيثمة حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، حدثنا سفيان، عن زبيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل علياً وفاطمة والحسن والحسين كساء ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً " . قالت أم سلمة: قلت: يا رسول الله، أنا منهم. قال: " إنك إلى خير " .
وأنبأنا غير واحد بإسنادهم إلى محمد بن عيسى حدثنا خلاد بن أسلم البغدادي، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا عوف، عن عبد الله بن عمرو بن هند الجملي قال: قال علي: كنت إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني، وإذا سكت ابتدأني.
قال: وحدثنا محمد بن عيسى: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا علي بن جعفر بن محمد، أخبرني أخي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين وقال: " من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة " .
قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا قتيبة، حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نعرف المنافقين - نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب.
أنبأنا المنصور بن أبي الحسن الفقيه بإسناده إلى أبي يعلى: حدثنا الحسن بن حماد، حدثنا مسهربن عبد الملك، ثقة، حدثنا عيسى بن عمر، عن السدي، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده طائر، فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " . فجاء أبو بكر فرده ثم جاء عثمان فرده، فجاء عليّ فأذن له.
ذكر أبي بكر وعثمان في هذا الحديث غريب جداً. وقد روي من غير وجه عن أنس، ورواه غير أنس من الصحابة.
أنبأنا أبو الفرج الثقفي حدثنا الحسن بن أحمد، وأنا حاضر أسمع، أنبأنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي، حدثنا الحسن بن عيسى حدثنا الحسن بن السميدع، حدثنا موسى بن أيوب، عن شعيب بن إسحاق، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن أنس قال: أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم طير، فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك. فجاء علي، فأكل معه " .
تفرد به شعيب، عن أبي حنيفة.

أنبأنا محمد بن أبي الفتح بن الحسن النقاش الواسطي، حدثنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل البزاز الفضل محمد بن، أنبأنا زاهر بن طاهر الشحامي، أنبأنا أبو سعيد الكنجرودي، أنبأنا الحاكم أبو أحمد، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عمرو بن الحسين الأشعري بحمص، حدثنا محمد بن مصفى، حدثنا حفص بن عمر العدني، حدثنا موسى بن سعيد البصري قال: سمعت الحسن يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير، فقال: " اللهم ائتني برجل يحبه الله ويحبه رسوله " . قال أنس: فأتى علي فقرع الباب، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول، وكنت أحب أن يكون رجلاً من الأنصار، ثم إن علياً فعل مثل ذلك، ثم أتى الثالثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أنس، أدخله فقد عنيته " . فلما أقبل قال: " اللهم وال، اللهم وال " .
وقد رواه عن أنس غير من ذكرنا حميد الطويل وأبو الهندي، ويغنم بن سالم.
يغنم: بالياء تحتها نقطتان، والغين المعجمة والنون، وآخره ميم. وهو اسم مفرد.
؟

خلافته رضي الله عنه:
أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده إلى عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر - يعني الفراء - عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن علي قال: قيل: يا رسول الله، من يؤمر بعدك؟ قال: " إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً، لا يخاف في الله لومة لائم. وإن تؤمروا علياً - ولا أراكم فاعلين - تجدوه هادياً مهدياً، يأخذ بكم الصراط المستقيم " .
أنبأنا عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر، أنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن الباقلاني، إجازة أنبأنا أبو علي بن شاذان، أنبأنا عبد الباقي بن قانع، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا العباس بن بكار، عن شريك، عن سلمة، عن الصنابحي، عن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت بمنزلة الكعبة، تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلموها إليك - يعني الخلافة - فاقبل منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتى يأتوك " .
أنبأنا يحيى بن محمود، أنبأنا الحسن بن أحمد قراءة عليه وأنا حاضر، أنبأنا أبو نعيم، أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي عن يحيى بن عروة المرادي قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرى أني أحق بهذا الأمر، فاجتمع المسلمون على أبي بكر، فسمعت وأطعت، ثم إن أبا بكر أصيب، فظننت أنه لا يعدلها عني، فجعلها في عمر، فسمعت وأطعت ثم إن عمرا أصيب، فظننت أنه لا يعدلها عني، فجعلها في ستة أنا أحدهم، فولوها عثمان، فسمعت وأطعت. ثم إن عثمان قتل، فجاءوا فبايعوني طائعين غير مكرهين، ثم خلعوا بيعتي، فوالله ما وجدت إلا السيف أو الكفر بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف وغيره إجازة قالوا: أخبرنا أبو غالب بن البنا، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن الأبنوسي، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن عثمان بن يحيى بن حنيقاً، أنبأنا أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل الخطبي قال: استخلف أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه، وبويع له بالمدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان، في ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين.
قال: وحدثنا إسماعيل الخطبي: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع القرشي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن الزهري، عن ابن المسيب قال: لما قتل عثمان جاء الناس كلهم إلى علي يهرعون، أصحاب محمد وغيرهم، كلهم يقول: " أمير المؤمنين علي " ، حتى دخلوا عليه داره، فقالوا: نبايعك فمد يدك، فأنت أحق بها. فقال علي: ليس ذاك إليكم، وإنما ذاك إلى أهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة. فلم يبق أحد إلا أتى علياً، فقالوا: ما نرى أحداً أحق بها منك، فمد يدك نبايعك. فقال: أين طلحة والزبير؟ فكان أول من بايعه طلحة بلسانه، وسعد بيده، فلما رأى عليّ ذلك خرج إلى المسجد، فصعد المنبر، فكان أول من صعد إليه، فبايعه طلحة، وتابعه الزبير، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين.

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي إجازة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، عن رشأ بن نظيف، حدثنا الحسن بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن مروان، حدثنا محمد بن موسى بن حماد، حدثنا محمد بن الحارث، عن المدائني قال: لما دخل علي بن أبي طالب الكوفة، دخل عليه رجل من حكماء العرب فقال: والله يا أمير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، وهي كانت أحوج إليك منك إليها.
أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد قال: حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا قبيصة، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل قال قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم علياً؟ فقال: ما ذنبي؟ قد بدأت بعلي فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر. قال فقال: فيما استطعت. قال: ثم عرضتها على عثمان فقبلها.
ولما بايعه الناس تخلف عن بيعته جماعة من الصحابة، منهم: ابن عمر، وسعد، وأسامة، وغيرهم. فلم يلزمهم بالبيعة، وسئل علي عمن تخلف عن بيعته، فقال: أولئك قعدوا عن الحق، ولم ينصروا الباطل. وتخلف عنه أهل الشام مع معاوية فلم يبايعوه، وقاتلوه.
أنبأنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن بوش، كتابة، أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن يوسف، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ، أنبأنا محمد بن الحسن بن طازاد الموصلي، حدثنا علي بن الحسين الخواص، عن عفيف بن سالم عن فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل، عن أبي سعيد قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقطع شسعه، فأخذها علي يصلحها، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن منكم رجلاً يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله " . فاستشرف لها القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكنه خاصف النعل " . فجاء فبشرناه بذلك، فلم يرفع به رأساً، كأنه شيء قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أرسلان بن بعان الصوفي، حدثنا أبو الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد بن أبي سعيد الميهني، أنبأنا أبو بكر أحمد بن خلف الشيرازي، أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني، حدثنا الحسين بن الحكم الحيري، حدثنا إسماعيل بن أبان، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرتنا بقتال هؤلاء، فمع من؟ فقال: مع علي بن أبي طالب، معه يقتل عمار بن ياسر.
قال: وأخبر الحاكم، أنبأنا أبو الحسن علي بن حمشاد العدل، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل حدثنا عبد العزيز بن الخطاب، حدثنا محمد بن كثير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن مخنف بن سليم قال: أتينا أبا أيوب الأنصاري، فقلنا: قاتلت بسيفك المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جئت تقاتل المسلمين؟ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
وأنبأنا أبو الفضل بن أبي الحسن بإسناده عن أبي يعلى: حدثنا إسماعيل بن موسى، حدثنا الربيع بن سهل، عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة قال: سمعت علياً على منبركم هذا يقول: عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
أنبأنا أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي. قال: حدثني عمي أبو المجد عبد الله بن محمد بن أبي جرادة. أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن محمد بن أبي جرادة، حدثنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن سعيد بحلب، حدثنا الأستاذ أبو النمر الحارث بن عبد السلام بن رغبان الحمصي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن خالويه، أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي سعيد البزار، حدثنا محمد بن الحسن بن موسى الكوفي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن حبيب، أخبرني أبي قال: قال ابن عمر حين حضره الموت: ما أجد في نفسي من الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية.
وقال أبو عمر: روى من وجوه عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر أنه قال: ما آسي على شيء إلا أني لم أقاتل مع علي بن أبي طالب الفئة الباغية.

وقال الشعبي: ما مات مسروق حتى تاب إلى الله تعالى من تخلفه عن القتال مع علي.
ولعلي رضي الله عنه في قتال الخوارج وغيرها آيات مذكورة في التواريخ، فقد أتينا على ذكرها في الكامل في التاريخ.
؟مقتله وإعلامه أنه مقتول رضي الله عنه: أنبأنا نصر الله بن سلامة بن سالم الهيتي، أنبأنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي؛ أنبأنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي المأمون، أنبأنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن يحيى بن زاهر بن يحيى الرازي بالبصرة، حدثني أحمد بن محمد بن زياد القطان الرازي، حدثنا عبد الله بن زاهر بن يحيى، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن زيد بن أسلم، عن أبي سنان الدؤلي، عن علي قال: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قال: " لا تموت حتى تضرب ضربة على هذه فتخضب هذه - وأومأ إلى لحيته وهامته - ويقتلك أشقاها، كما عقر ناقة الله أشقى بني فلان من ثمود - نسبه إلى جده الأدنى " .
قال علي بن عمر: هذا حديث غريب من حديث الأعمش، عن زيد بن اسلم، عن أبي سنان، عن علي تفرد به عبد الله بن زاهر عن أبيه.
قلت: قد رواه عبد الله بن جعفر، عن زيد بن اسلم، أنبأنا أبو الفضل الطبري بإسناده إلى أبي يعلى، عن القواريري، عن عبد الله بن جعفر، عن زيد، عن أبي سنان أتم من هذا.
أنبأنا أبو الفضل المخزومي بإسناده عن أحمد بن علي قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، عن سنان، عن عبد الملك بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبي إسرائيل، عن سنان، عن عبد الملك بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن علي قال: أتاني عبد الله بن سلام - وقد وضعت رجلي في الغرز - فقال لي: لا تقدم العراق، فإني أخشى أن يصيبك فيها ذباب السيف. قال علي: وأيم الله لقد أخبرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو الأسود: فما رأيت كاليوم قط محارب يخبر بذا عن نفسه.
قال: وأنبأنا أحمد بن علي، أنبأنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن سبع قال: خطبنا علي بن أبي طالب فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه - يعني لحيته من دم رأسه - فقال رجل: والله لا يقول ذلك أحد إلا أبرنا عترته! فقال أذكر الله، وأنشد أن يقتل مني إلا قاتلي.
أنبأنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب أنبأنا أبو الخير المبارك بن الحسين بن أحمد الغسال المقرئ الشافعي، حدثنا أبو محمد الخلال، حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين النحاس بالكوفة، حدثنا علي بن العباس البجلي، حدثنا عبد العزيز بن منيب المروزي، حدثنا إسحاق - يعني ابن عبد الملك بن كيسان - حدثني أبي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال علي - يعني للنبي صلى الله عليه وسلم - : إنك قلت لي يوم احد، حين أخرت عني الشهادة، واستشهد من استشهد: " إن الشهادة من وراءك، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذه بدم وأهوى بيده إلى لحيته ورأسه:، فقال علي: يا رسول الله، إما أن تثبت لي ما اثبت، فليس ذلك من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والكرامة.
وأنبأنا أبو الفضل المنصور بن أبي الحسن بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى: أنبأنا سويد بن سعيد، حدثنا رشدين بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عثمان بن صهيب، عن أبيه قال: قال علي: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أشقى الأولين؟ " قلت: عاقر الناقة. قال: صدقت. قال: " فمن أشقى الآخرين؟ " قلت: لا علم لي يا رسول الله قال: " الذي يضربك على هذا " - وأشار بيده إلى يافوخه - وكان يقول: " وددت أنه قد انبعث أشقاكم، فخضب هذه من هذه - يعني لحيته من دم رأسه " .
أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة، أنبأنا أبو غالب بن البناء، حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون، أنبأنا أبو القاسم موسى بن عيسى بن عبد الله السراج، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل: أن علياً جمع الناس للبيعة، فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي، فرده مرتين، ثم قال: علام يحبس أشقاها؟ فوالله ليخضبن هذه من هذه، ثم تمثل:
اشدد حيازيمك للموت ... فإن الموت لاقيكا
ولا تجزع من القتل ... إذا حل بواديكا

وأنبأنا أبو ياسر إجازة، أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدثنا الحسين بن قهم، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا خالد بن مخلد ومحمد بن الصلت، حدثنا الربيع بن المنذر، عن أبيه أن محمد بن الحنفية قال: دخل علينا ابن ملجم الحمام، وأنا وحسن وحسين جلوس في الحمام، فلما دخل كأنهما اشتمأزا منه وقالا: ما جرأك تدخل علينا؟ قال: فقلت لهما: دعاه عنكما: فلعمري ما يريد منكما أحشم من هذا، فلما كان يوم أتي به أسيراً قال ابن الحنفية: ما أنا اليوم بأعرف به مني يوم دخل علينا الحمام! فقال علي: إنه أسير فأحسنوا نزله، وأكرموا مثواه، فإن بقيت قتلت أو عفوت، وإن مت فاقتلوه ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين.
أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين وغير واحد، إجازة قالوا: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون وأبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني، كلاهما إجازة قالا: أنبأنا أبو علي بن شاذان قال: قرئ على أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: حدثنا جدي أبو الحسين يحيى بن الحسن، حدثنا سعيد بن نوح، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا عبد الجبار بن العباس، عن عثمان بن المغيرة قال: لما دخل شهر رمضان جعل علي يتعشى ليلة عند الحسن، وليلة عند الحسين، وليلة عند عبد الله بن جعفر، لا يزيد على ثلاث لقم، ويقول: يأتي أمر الله وأنا خميص، وإنما هي ليلة أو ليلتان.
قال: وأنبأنا جدي، حدثنا زيد بن علي، عن عبيد الله بن موسى، حدثنا الحسن بن كثير، عن أبيه قال: خرج علي لصلاة الفجر، فاستقبله الأوز يصحن في وجهه، قال: فجعلنا نطردهن عنه فقال: دعوهن فإنهن نوائح. وخرج فأصيب.
وهذا يدل على أنه علم السنة والشهر والليلة التي يقتل فيها، والله اعلم.
أنبأنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن احمد، أنبأنا النقيب طراد بن محمد إجازة إن لم يكن سماعاً، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا عبد الله بن أبي الدنيا، حدثني عبد الرحمن بن صالح، حدثنا عمرو بن هاشم الحسيني عن حكاب، عن أبي عون الثقفي، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال لي الحسين بن علي: قال لي علي: سنح لي الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي، فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ قال: ادع عليهم. قلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني فخرج، فضربه الرجل.
كذا في هذه الرواية الحسين بن علي، وإنما هو الحسن.

أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب إذناً، أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن قهم، أنبأنا محمد بن سعد قال: انتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وهو من حمير، وعداده في بني مراد، وهو حليف بني جبلة من كندة. والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكر التميمي. فاجتمعوا بمكة. وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاث علي بن أبي طالب ومعاوية وعمرو بن العاص ويريحوا العباد منهم. فقال ابن ملجم: أنا لكم بعلي، وقال البرك: أنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن بكر: أنا كافيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا على ذلك وتعاقدوا عليه، وتواثقوا أن لا ينكص منهم رجل عن صاحبه الذي سمي له، ويتوجه له حتى يقتله أو يموت دونه. فاتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة، فلقي أصحابه من الخوارج، فكاتمهم ما يريد. وكان يزورهم ويزورونه، فزار يوماً نفراً من بني تيم الرباب، فرأى امرأة منهم يقال لها: قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب، وكان علي قتل أباها وأخاها بالنهروان، فأعجبته فخطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تشتفي لي. فقال: لا تسأليني شيئاً إلا أعطيتك. فقالت: ثلاثة آلاف، وقتل علي بن أبي طالب. فقال: والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي، وقد أعطيتك ما سألت. ولقي ابن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي. فأعلمه ما يريد، ودعاه إلى أن يكون معه، فأجابه إلى ذلك. وظل ابن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل علياً في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فضحك الصبح، فقام ابن ملجم، وشبيب بن بجرة، فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي - قال الحسن بن علي: فأتيته سحيراً، فجلست إليه فقال: إني بت الليلة أوقظ أهلي، فملكتني عيناي وأنا جالس، فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمتك من الأود واللدد فقال لي: " ادع الله عليهم " . فقلت: اللهم أبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً لهم مني. ودخل ابن التياح المؤذن على ذلك فقال: الصلاة، فقام يمشي ابن التياح بين يديه وأنا خلفه، فلما خرج من الباب نادى: " أيها الناس، الصلاة الصلاة " ، كذلك كان يصنع كل يوم يخرج ومعه درته يوقظ الناس فاعترضه الرجلان. فقال بعض من حضر: ذلك بريق السيف، وسمعت قائلاً: " يقول لله الحكم يا علي لا لك " ثم رأيت سيفاً ثانياً فضربا جميعاً، فأما سيف ابن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، فسمع لي يقول: " لا يفوتنكم الرجل " . وشد الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت، وأخذ ابن ملجم فأدخل على علي، فقال: أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي: عفو أو قصاص، وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين. فقالت أم كلثوم بنت علي: يا عدو الله، قتلت أمير المؤمنين! قال: ما قتلت إلا أباك. قالت: والله إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس. قال: فلم تبكين إذاً ثم قال: والله لقد سممته شهراً - يعني سيفه - فإن أخلفني أبعده الله وأسحقه.
وبعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي، فقال: أي بني، انظر كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فذهب فنظر إليه، ثم رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه. فقال الأشعث: عيني دميغ ورب الكعبة.
قال: ومكث علي يوم الجمعة ويوم السبت وبقي ليلة الأحد لإحدى عشرة بقيت من شهر رمضان من سنة أربعين، وتوفي رضوان الله عليه، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص.

قالوا: وكان عبد الرحمن بن ملجم في السجن، فلما مات علي ودفن بعث الحسن بن علي إلى ابن ملجم، فأخرجه من السجن ليقتله، فاجتمع الناس وجاءوا بالنفط، والبواري والنار، وقالوا: نحرقه. فقال: عبد الله بن جعفر، وحسين بن علي، ومحمد بن الحنفية، دعونا حتى نشفي أنفسنا منه فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه، فلم يجزع ولم يتكلم، فكحل عينيه بمسمار محمي، فلم يجزع، وجعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك بمملول ممض، وجعل يقرأ " اقرأ باسم ربك الذي خلق " حتى أتى على آخر السورة، وإن عينيه لتسيلان. ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه، فجزع، فقيل له: قطعنا يديك ورجليك وسملنا عينيك يا عدو الله، فلم تجزع، فلما صرنا إلى لسانك جزعت. قال: ما ذاك من جزع إلا أني أكره أن أكون في الدنيا فواقاً لا أذكر الله فقطعوا لسانه، ثم جعلوه في قوصرة فأحرقوه بالنار، والعباس بن علي يومئذ صغير، فلم يستأن به بلوغه.
وكان ابن ملجم أسمر أبلج، في جبهته اثر السجود.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني هارون ابن أبي يحيى، عن شيخ من قريش أن علياً لما ضربه ابن ملجم قال: فزت ورب الكعبة.
أنبأنا عبد الوهاب بن أبي منصور بن سكينة، أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، أنبأنا أحمد بن الحسين بن خيرون وأحمد بن الحسن الباقلاني، كلاهما إجازة قالا: أنبأنا أبو علي بن شاذان قال: قرئ على أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، حدثني جدي، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، حدثني إسماعيل بن أبان الأزدي، حدثني فضيل بن الزبير، عن عمر ذي مر قال: لما أصيب علي بالضربة، دخلت عليه وقد عصب رأسه، قال قلت: يا أمير المؤمنين، أرني ضربتك. قال: فحلها، فقلت: خدش وليس بشيء. قال: إني مفارقكم. فبكت أم كلثوم من وراء الحجاب، فقال لها: اسكتي، فلو ترين ما أرى لما بكيت. قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، ما ذا ترى؟ قال: هذه الملائكة وفود، والنبيون، وهذا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: " يا علي، أبشر، فما تصير إليه خير مما أنت فيه " .
هذه أم كلثوم هي ابنة علي زوج عمر بن الخطاب.
البرك: بضم الباء الموحدة، وفتح الراء. وبجرة: بفتح الباء والجيم قاله ابن ماكولا. والذي ضبطه أبو عمر بضم الباء وسكون الجيم.
أنبأنا عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر الخطيب، أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد إجازة قالا: أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن بشر - أخي خطاب - حدثنا عمر بن زرارة الحدثي، حدثنا الفياض بن محمد الرقي، حدثنا عمرو بن عبس الأنصاري، عن أبي مخنف، عن عبد الرحمن بن حبيب بن عبد الله، عن أبيه قال: لما فرغ علي من وصيته قال: اقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ثم لم يتكلم إلا ب " لا إله إلا الله " حتى قبضه الله، رحمة الله ورضوانه عليه.
وغسله ابناه، وعبد الله بن جعفر، وصلى عليه الحسن ابنه، وكبر عليه أربعاً. وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص. ودفن في السحر.
قيل: إن علياً كان عنده مسك فضل من حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوصى أن يحنط به.
واختلفوا في عمره، فقال محمد بن الحنفية سنة الحجاف. حين دخلت سنة إحدى وثمانين: هذه لي خمس وستون سنة، وقد جاوزت سن أبي. قال: وكان سنه يوم قتل ثلاثاً وستين سنة. قال الواقدي: وهذا أثبت عندنا.
وقال أبو بكر البرقي: توفي علي وهو ابن سبع وخمسين سنة. وقيل: توفي ابن ثمان وخمسين سنة.
وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر. وقيل: أربع سنين، وتسعة أشهر، وستة أيام. وقيل: ثلاثة أيام.
قال محمد بن علي الباقر: كان علي آدم، مقبل العينين عظيمهما ذا بطن، أصلع ربعة، لا يخضب.
وقال أبو إسحاق السبيعي: رأيته أبيض الرأس واللحية، وكان ربما خضب لحيته.
وقال أبو رجاء العطاردي: رأيت علياً ربعة، ضخم البطن، كبير اللحية قد ملأت صدره، أصلع شديد الصلع.

وقال محمد بن سعد، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن رزام بن سعيد الضبي قال: سمعت أبي ينعت علياً قال: كان رجلاً فوق الربعة، ضخم المنكبين طويل اللحية - وإن شئت قلت: إذا نظرت إليه قلت: آدم، وإن تبينته من قريب قلت: أن يكون أسمر أدنى من أن يكون آدم.
وقال محمد بن سعد: حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن قدامة بن عتاب قال: كان علي ضخم البطن، ضخم مشاش المنكب، ضخم عضلة الذراع، دقيق مستدقها، ضخم عضلة الساق، دقيق مستدقها - قال: ورأيته يخطب في يوم من الشتاء، عليه قميص وإزار قطريان معتم بشيء مما ينسج في سوادكم.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثني أبو هريرة، حدثنا عبد الله بن داود، حدثنا مدرك أبو الحجاج قال: رأيت علياً يخطب، وكان من أحسن الناس وجهاً.
وقيل: كان كأنما كسر ثم جبر، لا يغير شيبه، خفيف المشي، ضحوك السن.
وبالجملة فمناقبه عظيمة كثيرة، فلنقتصر على هذا القدر منها، ومن يريد أكثر من هذا فقد جمعنا مناقبه في كتاب جامع لها، والحمد لله رب العالمين.
ورثاه الناس فأكثروا؛ فمن ذلك ما قاله أبو الأسود الدؤلي، وبعضهم يرويها لأم الهيثم بنت العريان النخعية:
ألا يا عين ويحك أسعدينا ... ألا تبكي أمير المؤمنيا
تبكي أم كلثوم عليه ... بعبرتها وقد رأت اليقينا
ألا قل للخوارج حيث كانوا ... فلا قرت عيون الشامتينا
أفي الشهر الحرام فجعتمونا ... بخير الناس طرا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا ... فذللها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها ... ومن قرأ المثاني والمبينا
وكل مناقب الخيرات فيه ... وحب رسول رب العالمينا
لقد علمت قريش حيث كانوا ... بأنك خيرها حسباً ودينا
إذا استقبلت وجه أبي حسين ... رأيت البدر راق الناظرينا
وكنا قبل مقتله بخير ... نرى مولى رسول الله فينا
يقيم الحق لا يرتاب فيه ... ويعدل في العدا والأقربينا
وليس بكاتم علماً لديه ... ولم يخلق من المتجبرينا
كأن الناس إذا فقدوا علياً ... نعام حار في بلد سنينا
فلا تشمت معاوية بن حرب ... فإن بقية الخلفاء فينا
وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب فيه أيضاً:
ما كنت أحسب أن الأمر منصرف ... عن هاشم ثم منها عن أبي حسن
البر أول من صلى لقبلته ... وأعلم الناس بالقرآن والسنن
وآخر الناس عهداً بالنبي ومن ... جبريل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما فيهم لا تمترون به ... وليس في القوم ما فيه من الحسن
وقال إسماعيل بن محمد الحميري:
سائل قريشاً به إن كنت ذاعمه ... من كان أثبتها في الدين أوتادا
من كان أقدم إسلاماً وأكثرها ... علماً وأظهرها أهلاً وأولاداً
من وحد الله إذ كانت مكذبة ... تدعو من الله أوثاناً وأندادا
فمن كان يقدم في الهيجاء إن نكلوا ... عنها وإن يبخلوا في أزمة جادا
من كان أعدلها حكماً، وابسطها ... كفا واصدقها وعداً وإيعادا
إن يصدقوك فلن يعدوا أبا حسن ... إن، أنت لم تلق للأبرار حسادا
إن أنت لم تلق أقواماً ذوي صلف ... وذا عناد لحق الله جحادا
ومدائحه ومراثبه كثيرة، رضي الله عنه. فلنقتصر على هذا، ففيه كفاية، والحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى.

علي بن طلق بن المنذر:
علي بن طلق بن المنذر بن قيس بن عمرو بن عبد الله بن عبد العزى بن سحيم بن مرة بن الدول الحنفي.
روى عنه مسلم بن سلام.

أنبأنا إسماعيل بن علي بن عبيد وغيره، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن عيسى الترمذي قال: حدثنا أحمد بن منيع وهناد قالا: حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن طلق بن علي: أن أعرابياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل منا يكون في الفلاة، فتكون منه الرويحة، ويكون في الماء قلة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا فسا أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن فإن الله لا يستحيي من الحق " .
أخرجه الثلاثة.

علي بن أبي العاص:
علي بن أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي. وأم علي: زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو أخو أمامة بنت أبي العاص، التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة لأبويها.
وكان علي مسترضعاً في بني غاضرة، فضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم غليه، وأبوه يومئذ مشرك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من شاركني في بني فأنا أحق به منه، وأيما كافر شارك مسلماً في شيء فالمسلم أحق به منه " .
ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح أردف علياً خلفه.
وتوفي علي وقد ناهز الحلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الثلاثة.
علي بن عبيد الله بن الحارث:
علي بن عبيد الله بن الحارث بن رحضة بن عامر بن رواحة بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي العامري القرشي.
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم اليمامة شهيداً. وكان إسلامه بعد الفتح.
أخرجه أبو عمر وذكره الزبير بن بكار فقال: " علي بن عبيد الله بن الحارث بن رحضة بن عامر بن رواحة بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي، قتل يوم اليمامة:. ولم يذكر له صحبة، ولا شك أن من قتل يوم اليمامة من قريش تكون له صحبة، والله أعلم.
علي بن عدي بن ربيعة:
علي بن عدي بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف.
ولاه عثمان بن عفان مكة حين ولي الخلافة، قتل يوم الجمل.
أخرجه أبو عمر، وقال: " لا تصح له عندي صحبة، ولا أعلم له رواية، وإنما ذكرناه على ما شرطنا فيمن ولد بمكة أو بالمدينة بين أبوين مسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
علي بن أبي علي السلمي:
علي بن أبي السلمي. يكنى أبا سدرة. روى عبد الله بن كثير، عن بديح بن سدرة بن علي، من أهل قباء، عن أبيه، عن جده قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القاحة - وهي التي تسمى اليوم السقيا - لم يكن بها ماء، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى مياه بني غفار على ميلين من القاحة، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في صدر الوادي في الكهف الذي فيه المسجد، فنزله فبحث بيده في البطحاء، فنديت، فجلس ففحص، فانبعث عليه الماء. فبعث النبي صلى الله عليه وسلم فسقي، واستقى جميع من معه ما اكتفوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هذه سقيا سقاكموها الله " فسميت السقيا.
أخرجه أبو منده وأبو نعيم.
علي النميري:
علي النميري. ذكره ابن قانع، وروى بإسناده عن عائذ بن ربيعة بن قيس النميري، عن علي بن فلان النميري قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: " المسلم أخو المسلم إذا لقيه حياه بالسلام، يرد عليه ما هو خير منه، لا يمنع الماعون " قال قلت: يا رسول الله، ما الماعون قال: " الحجر، والحديد، والماء، وأشباه ذلك " .
علي الهلالي:
علي، أبو علي الهلالي. روى سفيان بن عيينة، عن علي بن علي الهلالي عن أبيه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في شكاته التي قبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها: فرقع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إليها فقال: " حبيبتي فاطمة! ما يبكيك؟ " قالت أخشى الضيعة بعدك. قال: " يا حبيبتي أما علمت أن الله اطلع على أهل الأرض اطلاعة، فاختار منها أباك، ثم اطلع إليها اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إليّ أن أنكحك إياه " . أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.
علي بن هبار:
علي بن هبار. في إسناده نظر. روى هشيم، عن أبي معشر، عن يحيى بن عبد الملك بن علي بن هبار بن الأسود عن أبيه، عن جده قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على دار " علي بن هبار " فسمع صوت دف، فقال: ما هذا؟ فقالوا: علي بن هبار تزوج فقال: هذا النكاح لا السفاح.

أخرجه أبو منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: هذا وهم، وليس لذكر علي - يعني ابن هبار - في هذا الحديث أصل.
وقال: رواه محمد بن سلمة الحراني ومحمد بن عبيد الله العرزمي، عن عبد الله بن أبي عبد الله بن هبار بن الأسود، عن أبيه عن جده هبار، مثله. ولم يذكرا علياً.

باب العين والميم
عمار بن حميد:
عمار بن حميد، أبو زهير القفي، والد أبي بكر بن أبي زهير.
ورد كذلك في إسناده، وقيل: اسمه معاذ، أورده الحاكم أبو أحمد النيسابوري.
كذلك أخرجه أبو موسى.
عمار بن سعد:
عمار بن سعد القرظ المؤذن، له رؤية. روى عنه أبو أمامة بن سهل ومحمد، وحفص وسعد بنوه.
روى عبد الرحمن بن سعد، عن عمر بن حفص بن عمار بن سعد، عن أبيه، عن جده عمار بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق دار هشام - يعني إلى العيدين - .
قاله ابن منده.
وقال أبو نعيم: ليس لعمار صحبة ولا رواية إلا عن أبيه سعد. حدث به غير واحد، عن ابن كاسب مجوداً. ورواه عن عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم، عن سعد القرظ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في المطر.
عمار بن عبيد:
عمار بن عبيد الخثعمي - ويقال: عمارة، بزيادة هاء.
يعد في الشاميين. روى عنه داود بن أبي هند أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " في هذه الأمة خمس فتن " .
وهذا رواه حبان بن هلال، عن سليمان بن كثير، عن داود. وهو وهم، والصواب ما رواه حماد بن سلمة وحجاج بن منهال، عن داود، عن عمار، رجل من أهل الشام عن شيخ من خثعم.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عمار بن غيلان:
عمار بن غيلان بن سلمة الثقفي. أسلم هو وأخوه عامر قيل أبيهما ومات عامر في طاعون عمواس.
أخرجه أبو عمر وقال: لا أدري متى مات عمار؟.
عمار بن كعب:
عمار بن كعب وهو ابن أبي اليسر الأنصاري. ذكر في الصحابة، ولا يصح. روى عنه ابنه عمارة.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عمار بن معاذ:
عمار بن معاذ بن زرارة عمار بن معاذ الظفري بن عمرو بن غنم بن عدي بن الحارث بن مرة بن ظفر، الأنصاري الأوسي ثم الظفري أبو نملة.
شهد بدراً. كذا نسبه ابن أبي داود، وخالفه غيره، هو مشهور بكنيته، وسيذكر في الكنى إن شاء الله تعالى.. وحديثه: " ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم " .
وقيل: اسمه عمارة، بزيادة هاء، ونذكره هناك، إن شاء الله تعالى.
أخرجه الثلاثة.
عمار بن ياسر:
عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب المذحجي ثم العنسي، أبو اليقظان.
وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو حليف بني مخزوم. وأمه سمية، وهي أول من استشهد في سبيل الله، عز وجل، وهو وأبوه وأمه من السابقين. وكان إسلام عمار بعد بضعة وثلاثين. وهو ممن عذب في الله.
وقال الواقدي وغيره من أهل العلم بالنسب والخبر: إن ياسراً والد عمار عرني قحطاني مذحجي من عنس، إلا أن ابنه عماراً مولى لبني مخزوم، لأن أباه ياسراً تزوج أمة لبعض بني مخزوم، فولدت له عماراً.
وكان سبب قدوم ياسر مكة أنه قدم هو وأخوان له، يقال لهما:: " الحارث " " مالك " ، في طلب أخ لهما رابع، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن، وأقام ياسر بمكة، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وتزوج أمة له يقال لها: " سمية " ، فولدت له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة، فمن هاهنا صار عمار مولى لبني مخزوم، وأبوه عرني كما ذكرنا.
وأسلم عمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم هو وصهيب بن سنان في وقت واحد: قال عمار: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلت: أردت أن أدخل على محمد وأسمع كلامه. فقال: وأنا أريد ذلك. فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا.
وكان إسلامهم بعد بضعة وثلاثين رجلاً.
وروى يحيى بن معين، عن إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن بيان، عن وبرة عن همام قال: سمعت عماراً يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما مه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر.

وقال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله، وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وأمه سمية.
واختلف في هجرته إلى الحبشة. وعذب في الله عذاباً شديداً.
أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي بإسناده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن متويه في قوله عز وجل: " من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " نزلت في عمار بن ياسر، أخذه المشركون فعذبوه فلم يتركوه، حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه. فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله! ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير! قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئناً بالإيمان. قال: فإن عادوا لك فعد لهم.
أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني رجال من آل عمار بن ياسر: أن سمية أم عمار عذبها هذا الحي من بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم على الإسلام، وهي تأبى غيره، حتى قتلوها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعمار وأمه وأبيه وهم يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة، فيقول " صبراً آل ياسر، موعدكم الجنة " .
قال: وحدثنا يونس، عن عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمار بن ياسر وهو يبكي، يدلك عينيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما لك أخذك الكفار فغطوك في الماء " ، فقلت كذا وكذا، فإن عادوا لك فقل كما قلت.
قال: وحدثنا يونس، عن ابن إسحاق قال: حدثني حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس: أكان المشركون يبلغون من المسلمين في العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم فقال؟ نعم، والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر على أن يستوي جالساً، من شدة الضر الذي به حتى إنه ليعطيهم ما سألوه من الفتنة، وحتى يقولوا له: اللات والعزى إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم. وحتى إن الجمل ليمر بهم، فيقولون له: هذا الجمل إلهك من دون الله فيقول: نعم. اقتداء لما يبلغون من جهده.
وهاجر إلى المدينة، وشهد بدراً، وأحداً والخندق، وبيعة الرضوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً من بني مخزوم، قال: " ..وعمار بن ياسر " .
وكلهم قالوا: إنه شهد بدراً، وأحداً، وغيرهما.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس، أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدثنا إبراهيم بن أبي سفيان القيسراني، حدثنا محمد بن يوسف الفرياني، حدثنا الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " .
أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا العوام - يعني ابن حوشب - عن سلمة بن كهيل، عن علقمة عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار كلام، فأغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء خالد وهو يشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فجعل يغلظ له، ولا يزيده إلا غلظة، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم، فبكى عمار وقال: يا رسول الله، ألا تراه! فرفع رأسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " من عادى عماراً عاداه الله، ومن أبغض عماراً أبغضه الله " . قال خالد: فخرجت فما كان شيء أحب إليّ من رضا عمار، فلقيته فرضي.
وأنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا وكيع حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: جاء عمار يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ائذنوا له، مرحباً بالطيب المطيب " .

أنبأنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا القاسم بن دينار الكوفي، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عبد العزيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن يسار، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما " .
قال: وحدثنا الترمذي، حدثنا أبو مصعب المديني، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبشر يا عمار، تقتلك الفئة الباغية " .
وقد روي نحو هذا عن أم سلمة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وحذيفة.
وروى شعبة أن رجلاً قال لعمار: أيها العبد الأجدع! قال عمار: سيب خبر أذني - قال شعبة: وكانت أصيبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا وهم من شعبة، والصواب أنها أصيبت يوم اليمامة.
ومن مناقبه أنه أول من بنى مسجداً في الإسلام.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير عن عبد الرحمن بن عبد الله عن الحكم بن عتيبة قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أول ما قدمها ضحّى، فقال عمار: ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بد أن نجعل له مكاناً إذا استظل من قائلته ليستظل فيه، ويصلي فيه: فجمع حجارة، فبنى مسجد قباء، فهو أول مسجد بني وعمار بناه.
أنبأنا إسماعيل بن علي وغيره بإسنادهم عن محمد بن عيسى: أنبأنا عمرو بن علي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن ع، عن أبيه، عن عمار بن ياسر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم، للوجه والكفين.زرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى وشهد عمار قتال مسيلمة، فروى نافع، عن ابن عمر قال: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة، قد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرون، إليّ إليّ، أنا عمار بن ياسر، هلموا إليّ - قال: وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت، فهي تذبذب وهو يقاتل أشد القتال.
ومناقب عمار المروية كثيرة اقتصرنا منها على هذا القدر.
واستعمله عمر بن الخطاب على الكوفة، وكتب إلى أهلها: " أما بعد، فإني قد بعثت إليكم عماراً أميراً، وعبد الله بن مسعود وزيراً ومعلماً، وهما من نجباء أصحاب محمد، فاقتدوا بهما " .
ولما عزله عمر قال له: أساءك العزل؟ قال: والله لقد ساءتني الولاية، وساءني العزل.
ثم إنه بعد ذلك صحب علياً رضي الله عنهما، وشهد معه الجمل وصفين، فأبلى فيهما ما قال أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا صفين مع علي، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين غلا رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبعونه، كأنه علم لهم، قال: وسمعته يومئذ يقول لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص: يا هاشم، تفر من الجنة؟! الجنة تحت البارقة، اليوم ألقى الأحبة، محمداً وحزبه، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حق، وأنهم على الباطل.
وقال أبو البختري: قال عمار بن ياسر يوم صفين: ائتوني بشربة. فأتي بشربة لبن، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن " ، وشربها ثم قاتل حتى قتل.
وكان عمره يومئذ أربعاً وتسعين سنة، وقيل: ثلاث وتسعون، وقيل: إحدى وتسعون.
وروى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً. وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا اقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقتله الفئة الباغية " . فلما قتل عمار قال خزيمة " ظهرت لي الضلالة " . ثم تقدم فقاتل حتى قتل.
وكان عمره يومئذ أربعاً وتسعين، وقيل: إحدى وتسعون.
وروى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً. وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا اقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقتله الفئة الباغية " فلما قتل عمار قال خزيمة " ظهرت لي الضلالة " . ثم تقدم فقاتل حتى قتل.
ولما قتل عمار قال: " ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم " .

وقد اختلف في قاتله، فقيل: قتله أبو الغادية المزني وقيل: الجهني طعنه طعنة فقط، فلما وقع أكب عليه آخر فاحتز رأسه، فأقبلا يختصمان، كل منهما يقول: " أنا قتلته " . فقال عمرو بن العاص: والله إن يختصمان إلا في النار، والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
وقيل: حمل عليه عقبة بن عامر الجهني، وعمرو بن حارث الخولاني، وشريك بن سلمة المرادي فقتلوه.
وكان قتله في ربيع الأول أو: الآخر - من سنة سبع وثلاثين، ودفنه علي في ثيابه، ولم يغسله. وروى أهل الكوفة أنه صلى عليه، وهو مذهبهم في الشهيد أنه يصلي عليه ولا يغسل.
وكان عمار آدم، طويلاً، مضطرباً، أشهل العينين، بعيد ما بين المنكبين. وكان لا يغير شيبه، وقيل: كان أصلع في مقدم رأسه شعرات.
وله أحاديث، روى عنه علي بن طالب، وابن عباس، وأبو موسى، وجابر، وأبو أمامة، وأبو الطفيل، وغيرهم من الصحابة. وروى عنه من التابعين: ابنه محمد بن عمار، وابن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن، ومحمد بن الحنفية، وأبو وائل، وعلقمة، وزر بن حبيش، وغيرهم.
أخرجه الثلاثة.

عمارة بن أحمر المازني:
عمارة بن أحمر المازني - بضم العين، وفي آخره هاء - وهو: عمارة بن أحمر المازني.
ذكره محمد بن إسماعيل البخاري في الوحدان من الصحابة، روت قتيلة بنت جميع، عن يزيد بن حنفية، عن أبيه قال: سمعت عمارة بن أحمر المازني يقول: أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطردوا الإبل، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فردها عليّ، ولم يكونوا اقتسموها بعد.
أخرجه الثلاثة.
عمارة بن أوس بن خالد:
عمارة بن أوس بن خالد بن عبيد بن أمية بن عامر بن خطمة الأنصاري.
قاله ابن منده وأبو نعيم، ورويا له حديث تحويل القبلة.
وقال أبو عمر: عمارة بن أوس بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري.
والأول أصح. وهو كوفي، روى عنه زياد بن علاقة.
أنبأنا أبو الفضل المخزومي الفقيه بإسناده عن أبي يعلى الموصلي قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا قيس بن الربيع، عن زياد بن علاقة، عن عمارة بن أوس - وقد كان صلى القبلتين جميعاً - قال: إني لفي منزلي، إذا مناد ينادي على الباب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حول القبلة. فأشهد على إمامنا والرجال والنساء والصبيان، لقد صلوا إلى هاهنا - يعني بيت المقدس - وإلى هاهنا - يعني الكعبة.
أخرجه الثلاثة.
عمارة بن ثابت الأنصاري:
عمارة بن ثابت الأنصاري، أخو خزيمة بن ثابت. تقدم نسبه عند ذكر أخيه. روى عنه ابن أخيه عمارة بن خزيمة بن ثابت.
روى يونس، عن الزهري، عن ابن خزيمة، عن عمه عمارة - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن خزيمة بن ثابت أري في المنام أنه يسجد على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى خزيمة النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه، فاضطجع له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " صدق رؤياك " فسجد على جبهته.
ورواه أبو اليمان، عن شعبة وقال: إن عمه حدثه - وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عمارة بن حزم الأنصاري:
عمارة بن حزم الأنصاري بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي، ثم من بني النجار. أخو عمرو بن حزم. وأمه خالدة بنت أنس بن سنان بن وهب بن لوذان.
كان من السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في قول الجميع، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت معه راية بني مالك بن النجار يوم الفتح، وشهد قتال أهل الردة مع خالد بن الوليد، وقتل يوم اليمامة شهيداً.
روى ابن لهيعة، عن يزيد بن محمد، عن زياد بن نعيم، عن عمارة بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أربع من عمل بهن كان من المسلمين، ومن ترك واحدة منهن لم تنفعه الثلاث " . قلت لعمارة: ما هن؟ قال: الصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، والحج.
أخرجه الثلاثة.
عمارة بن حزن بن شيطان:
عمارة بن حزن بن شيطان. جاهلي أدرك الإسلام، وأسلم. روى عنه ابنه أبي بن عمارة. ذكره أبو بكر الإسماعيلي في الصحابة. يروي حديث خالد بن سنان ونار الحدثان، أورده أبو سعيد النقاش عنه في العجائب.
أخرجه أبو موسى.
عمارة بن أبي حسن الأنصاري:

عمارة بن أبي حسن الأنصاري المازني. له صحبة، عداده في أهل المدينة.
وقال أبو أحمد في تاريخه: له صحبة، عقبى بدري. قاله ابن منده.
وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين - يعني ابن منده - وفيه نظر.
وقال أبو عمر: عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري، جد عمرو بن يحيى المازني شيخ مالك. له صحبة ورواية، وأبوه " أبو حسن " كان عقبياً بدرياً.

عمارة بن حمزة:
عمارة بن حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وابن سيد الشهداء. أمه خولة بنت قيس بن فهد بن مالك بن النجار، وبه كان حمزة يكنى. وقيل: إن حمزة رضي الله عنه كان يكنى بابنه يعلى. ولا عقب لحمزة، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعمارة ويعلى ابني حمزة أعوام.
أخرجه أبو عمر كذا، وقال: لا أحفظ لواحد منهما رواية.
عمارة بن راشد:
عمارة بن راشد بن مسلم. أورده جعفر وقال: " ذكره يحيى بن يونس. وأخرج له حديثاً. وقال: إنه يروي عن أبي هريرة. روى عنه أهل الشام ومصر وهو من التابعين، لا تثبت له صحبة.
أخرجه أبو موسى.
عمارة بن رويبة:
عمارة بن رويبة الثقفي، من بني جشم بن ثقيف. كوفي. روى عنه ابنه أبو بكر، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهما.
أنبأنا إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم عن أبي عيسى قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا هشيم، حدثنا حصين قال: سمعت عمارة بن رويبة - وبشر بن مروان يخطب - فرفع يديه في الدعاء، فقال عمارة: قبح الله هاتين اليديتين القصيرتين! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، وما يزيد على أن يقول هكذا - أشار هشيم بالسبابة.
أخرجه الثلاثة.
عمارة بن زعكرة:
عمارة بن زعكرة الكندي يعد في الشاميين، يكنى أبا عدي. روى عنه عبد الرحمن بن عائذ اليحصبي.
أنبأنا أبو إسحاق بن محمد بإسناده عن محمد بن عيسى. حدثنا أبو الوليد الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عفير بن معدان، أنه سمع أبا دوس اليحصبي يحدث عن ابن عائذ اليحصبي، عن عمارة بن زعكرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله عز وجل يقول: إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه " .
أخرجه الثلاثة.
عمارة بن زياد:
عمارة بن زياد بن السكن بن رافع الأنصاري الأشهلي. تقدم نسبه عند ذكر أبيه استشهد يوم أحد.
أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: فحدثني الحصين بن عبد الرحمن، عن محمود بن عمرو بن يزيد بن السكن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد، حين غشيه القوم. من رجل يشري لنا نفسه؟ فقام زياد بن السكن في خمسة نفر من الأنصار - وبعض الناس يقول. إنما هو عمار بن زياد بن السكن - فقاتلوا دون رسول الله رجلاً رجلاً يقتلون دونه، حتى كان آخرهم زياداً - أو عمارة بن زياد، فقاتل حتى أثبتته الجراحة. ثم فاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدنوه مني. فأدنوه منه. فوسده قدمه، فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم يذكروه فيمن شهد بدراً، وقال هشام بن الكلبي: إن عمارة بن زياد بن السكن قتل يوم بدر، وإن أباه زياد بن السكن قتل يوم أحد. والله أعلم.
أخرجه الثلاثة.
عمارة بن سعد:
عمارة بن سعد أو: سعد بن عمارة - أبو سعيد الزرقي. ذكره الثلاثة في سعد بن عمارة هكذا على الشك، ولم يخرجوه هاهنا، ولا استدركه أبو موسى على ابن منده، وقد ذكرناه في السين.
عمارة بن شبيب:
عمارة بن شبيب السبئي: ذكر في الصحابة، وقيل: عمار. روى عنه أبو عبد الرحمن الحبلي وهو من أصل مصر.
أخبرنا غير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى السلمي قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن الجلاح أبي كثير، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عمارة بن شبيب السبئي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير " ، عشر مرات، على إثر المغرب، بعث الله له مسلحة يحفظونه من الشيطان حتى يصبح، وكتب له بها عشر حسنات موجبات، ومحا عنه عشر سيئات موبقات، وكانت له بعدل عشر رقاب مؤمنات.
قال الترمذي: لا نعرف لعمارة بن شبيب سماعاً من النبي صلى الله عليه وسلم.
السبئي: بالسين المهملة والباء الموحدة، نسبة إلى سبأ.

عمارة بن عامر:
عمارة بن عامر بن المشنج بن الأعور بن قشير القشيري ذكر الغلابي، عن رجل من بني عامر من أهل الشام قال: صحبه - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - من بني قشير جد بهز بن حكيم، وعمارة بن عامر بن المشنج.
مشنج: بضم الميم، وفتح الشين المعجمة، وتشديد النون. قاله أبو نصر بن ماكولا.
عمارة بن عبيد:
عمارة بن عبيد - وقيل: ابن عبيد الله - الخثعمي. وقيل: عمار بن عبيد الحنفي، وقد تقدم في عمار. وعمارة - بإثبات الهاء - أصح.
روى عنه داود بن أبي هند أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر خمس فتن، أعلم أن أربعاً قد مضت، والخامسة فيكم يا أهل الشام، وذلك عند هزيمة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث.
أخرجه الثلاثة، وقال أبو عمر: يقال إن بين داود وبينه رجلاً من الشام.
عمارة بن عقبة:
عمارة بن عقبة بن حارثة، من بني غفار بن مليل الكناني ثم الغفاري. استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق في تسمية من استشهد يوم خيبر قال: .. ومن بني غفار: عمارة بن عقبة بن حارثة، رمي بسهم فمات منه.
أخرجه الثلاثة.
عمارة بن عقبة بن أبي معيط:
عمارة بن عقبة بن أبي معيط - واسم أبي معيط: أبان - بن أبي عمرو - ذكوان - بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي. أخو الوليد بن عقبة.
روى عنه ابنه مدرك أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، قال: فقبض يده - قال: فقال بعض القوم: إنما يمنعه هذا الخلوق الذي في يدك - قال: فذهب فغسله، ثم جاء فبايعه وكان عمارة وأخواه: الوليد وخالد من مسلمة الفتح.
أخرجه الثلاثة، إلا أن أبا عمر لم يورد له حديثاً.
عمارة بن عمير الأنصاري:
عمارة بن عمير الأنصاري. روى عنه أبو يزيد المدني.
مختلف فيه، ويذكر في عمرو بن عمير، ويذكر الاختلاف فيه، إن شاء الله تعالى.
أخرجه أبو عمر.
عمارة بن غراب:
عمارة بن غراب. أورده جعفر وقال: ذكره يحيى بن يونس وأخرج له حديثاً، وقال: هو رجل من حمير، قال: وهو من التابعين.
أخرجه أبو موسى.
عمارة بن مخلد بن الحارث:
عمارة بن مخلد بن الحارث - وقيل: عامر بن خالد. استشهد يوم أحد، قاله موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وهو من الأنصار.
أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.
عمارة بن معاذ بن زرارة الأنصاري:
عمارة بن معاذ بن زرارة الأنصاري، أبو نملة. قيل: هو اسمه، له صحبة، قاله أبو حاتم البستي.
وقال ابن أبي خيثمة: اسمه عمار، وقد ذكرناه.
أخرجه أبو موسى.
عمارة أبو مدرك بن عمارة:
عمارة أبو مدرك بن عمارة. لم يرو عنه غير ابنه مدرك، حديثه في الخلوق: أنه لم يبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غسل يديه منه. يعد في أهل البصرة.
أخرجه أبو عمر.
قلت: وهم أبو عمر فيه، فإن مدركاً هو ابن عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وقد أخرجه أبو عمر أيضاً في ترجمة عمارة بن عقبة؛ إلا أنه لم يرو عنه هناك حديثاً، ولا ذكر ابنه مدركاً حتى يعلم: هل هو هذا أو غيره؟ وهما واحد، والحديث الذي اخرج له ابن منده وأبو نعيم في ترجمة عمارة بن عقبة يدل على أنه هذا، والله اعلم.
عمر الأسلمي:
عمر الأسلمي، وقيل: الجهني. غير منسوب، ذكره الحضرمي في الوحدان.
روى محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن عمه القاسم، عن وكيع، عن عمه المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن يزيد بن نعيم، عن رجل من جهينة - يقال له: عمر - أسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه يقول: من عرف ابنه في الجاهلية، ففيه رقبة يفكه بها.
ورواه سفيان بن وكيع، عن أبيه بإسناده، وقال: إن عمر الأسلمي اتبع رجلاً من أسلم يقال له: عبيد بن عويم، فوقع على وليدته زنا، فحملت فولدت غلاماً يقال له: حمام، وذلك في الجاهلية، وأن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وكلمه في ابنه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تسلم ابنك ما استطعت. فأخذ ابنه، وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطى مولاه غلاماً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أيما رجل وجد ابنه فإن فكاكه رقبة يفكه بها " .
أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.
؟
عمر الجمعي:
عمر الجمعي. أورده كذا ابن منده وأبو نعيم وقالا: هو وهم، وصوابه: عمرو بن الحمق.

روى بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن عمر الجمعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله " . قال: وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته " .
أخرجه ابن منده وأبو نعيم. وقد استدركه أبو علي الغساني على أبي عمر، فقال: عمر الجمعي. ورواه عن مالك بن سليمان الألهاني، عن بقية، عن ابن ثوبان، يرده إلى مكحول، يرده إلى جبير بن نفير، يرده إلى عمر الجمعي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته " .
وقد أورده ابن أبي عاصم هكذا أيضاً. وكذلك هو في مسند أحمد بن حنبل أخبرنا به أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، حدثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه قالا: حدثنا بقية بن الوليد، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير: أن عمر الجمعي حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته. فسأله رجل من القوم: ما استعماله؟ قال: " يهديه الله إلى العمل الصالح قبل موته، ثم يقبضه على ذلك " .
والوهم فيه من بقية.

عمر بن الحكم السلمي:
عمر بن الحكم السلمي. روى مالك بن أنس، عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم السلمي قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن جارية لي ترعى غنماً لي، فجئتها ففقدت شاة من الغنم، فسألتها عنها، فقالت - قتلها الذئب - فأسفت عليها، وكنت من بني آدم، فلطمت وجهها، وعلي رقبة أفأعتقها؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: " أين الله " ؟ قالت: في السماء. قال: " من أنا " ؟ فقالت: أنت رسول الله. فقال: " أعتقها فإنها مؤمنة " . وذكر قصة الكهان والطيرة.
قيل: إن عمر توفي سنة سبع وخمسين.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال ابن مده: وهذا مما وهم فيه مالك، والصواب: " معاوية بن الحكم " ، هكذا قاله ابن المديني والبخاري وغيرهما.
عمر بن الخطاب:
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، أبو حفص.
وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وقيل: حنتمة بنت هشام بن المغيرة، فعلى هذا تكون أخت أبي جهل، وعلى الأول تكون ابنة عمه - قال أبو عمر: ومن قال ذلك - يعني بنت هشام - فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل والحارث ابني هشام، وليس كذلك وإنما هي ابنة عمهما، لأن هشاماً وهاشماً ابني المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة، وهشام والد الحارث، وأبي جهل، وكان يقال لهاشم جد عمر: ذو الرمحين.
وقال ابن منده: أم عمر أخت أبي جهل. وقال أبو نعيم: هي بنت هشام أخت أبي جهل، وأبو جهل خاله. ورواه عن ابن إسحاق.
وقال الزبير: حنتمة بنت هاشم فهي ابنة عم أبي جهل - كما قال أبو عمر - وكان لهاشم أولاد فلم يعقبوا.
يجتمع عمر وسعيد بن زيد رضي الله عنهما في نفيل.
ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. روي عن عمر أنه قال: ولدت بعد الفجار الأعظم بأربع سنين.
وكان من أشرف قريش وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وذلك أن قريشاً كانوا إذا وقع بينهم حرب أو بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيراً، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر، رضوا به، بعثوه منافراً و مفاخراً.
؟
إسلامه رضي الله عنه:
لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، كان عمر شديداً عليه وعلى المسلمين. ثم أسلم بعد رجال سبقوه، قال هلال بن يساف: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة. وقيل: أسلم بعد تسعة وثلاثين رجلاً وعشرين امرأة، فكمل الرجال به أربعين رجلاً.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي بإسناده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن متويه قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني، أنبأنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا صفوان بن المغلس، حدثنا إسحاق بن بشر. حدثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلاً وامرأة. ثم إن عمر أسلم فصاروا أربعين، فنزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: " يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين " .

وقال عبد الله بن ثعلبة بن صعير: أسلم عمر بعد خمسة وأربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة.
وقال سعيد بن المسيب: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وعشر نسوة، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة.
وقال الزبير: أسلم عمر بعد أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام - يعني أبا جهل " .
أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شريح بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب: خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش. قال: فقرأ " إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون " . قال: قلت: كاهن. قال: " ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون تنزيل من رب العالمين " . :ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمن ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين " .. إلى آخر السورة، فوقع الإسلام في قلبي كل موقع.

أنبأنا العدل أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري التغلبي الدمشقي، أنبأنا الشريف النقيب أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني، وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد قراءة عليهما وأنا أسمع، قالا: أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، أنبأنا محمد بن عوف، أنبأنا سفيان الطائي قال: قرأت على إسحاق بن إبراهيم الحنفي قال: ذكره أسامة بن زيد، عن أبيه، عن جده أسلم قال: قال لنا عمر بن الخطاب: أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟ قلنا: نعم. قال: كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا يوماً في يوم حار شديد الحر بالهاجرة، في بعض طرق مكة، إذ لقيني رجل من قريش فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب؟ أنت تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك؟! قال: قلت: وماذا ذاك؟ قال: أختك قد صبأت. قال: فرجعت مغضباً، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة، فيكونان معه، ويصيبان من طعامه. وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين، قال: فجئت حتى قرعت الباب، فقيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب - قال: وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم - فلما سمعوا صوتي تبادروا واختفوا، وتركوا - أو: نسوا الصحيفة من أيديهم. قال: فقامت المرأة ففتحت لي، فقلت: يا عدوة نفسها، قد بلغني أنك صبوت! قال: فأرفع شيئاً في يدي فأضربها به، قال: فسال الدم. قال: فلما رأت المرأة الدم بكت، ثم قالت: يا ابن الخطاب، ما كنت فاعلاً فافعل، فقد أسلمت. قال: فدخلت وأنا مغضب فجلست على السرير، فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت، فقلت: ما هذا الكتاب؟ أعطينيه. فقالت: لا أعطيك، لست من أهله، أنت لا تغتسل من الجنابة، ولا تطهر، وهذا لا يمسه إلا المطهرون! قال: فلم أزل بها حتى أعطتنيه، فإذا فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم " فلما مررت ب " الرحمن الرحيم " ، ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي - قال: ثم رجعت إليّ نفسي، فإذا فيها: " سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " قال: فكلما مررت باسم من أسماء الله عز وجل ذعرت، ثم ترجع إليّ نفسي، حتى بلغت: " آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه " حتى بلغت إلى قوله: " إن كنتم مؤمنين " - قال: فقلت: " اشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله " - قال: فخرج القوم يتبادرون بالتكبير، استبشاراً بما سمعوه مني، وحمدوا الله عز وجل، ثم قالوا: يا ابن الخطاب، أبشر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الإثنين فقال: " اللهم، أعز الإسلام بأحد الرجلين: إما عمرو بن هشام، وإما عمر بن الخطاب، وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله لك. فأبشر - قال: فلما عرفوا مني الصدق قلت لهم، أخبروني بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: هو في بيت في أسفل الصفا - وصفوه - قال: فخرجت حتى قرعت الباب، قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب. قال: وقد عرفوا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا بإسلامي - قال: فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " افتحوا له، فإنه إن يرد الله به خيراً يهده " . قال: ففتحوا لي، وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقال: أرسلوه قال: فأرسلوني، فجلست بين يديه، قال: فأخذ بمجمع قميصي فجذبني إليه، ثم قال: " أسلم يا ابن الخطاب، اللهم اهده " . قال: قلت: " أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله " ، فكبر المسلمون تكبيرة، سمعت بطرق مكة - قال: وقد كان استخفى - قال: ثم خرجت فكنت لا أشاء أن أرى رجلاً قد أسلم يضرب إلا رأيته - قال: فلما رأيت ذلك قلت: لا أحب إلا أن يصيبني ما يصيب المسلمين، قال: فذهبت إلى خالي - وكان شريفاً فيهم - فقرعت الباب عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: ابن الخطاب. قال: فخرج إليّ، فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟ قال: فعلت؟ فقلت: نعم. قال: لا تفعل! قال: فقلت: بلى، قد فعلت. قال: لا تفعل! وأجاف الباب دوني وتركني. قال قلت: ما هذا بشيء! قال: فخرجت حتى جئت رجلاً من عظماء قريش، فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: عمر بن الخطاب. قال: فخرج إليّ، فقلت له: أشعرت أني قد

صبوت؟ قال: فعلت؟ فقلت: نعم. قال: فلا تفعل! قلت: قد فعلت. قال: لا تفعل! قال: ثم قام فدخل، وأجاف الباب دوني. قال: فلما رأيت ذلك انصرفت. فقال لي رجل: تحب أن يعلم إسلامك؟ قال قلت: نعم. قال: فإذا جلس الناس في الحجر واجتمعوا أتيت فلاناً - رجلاً لم يكن يكتم السر - فاصغ إليه، وقل له - فيما بينك وبينه - : " إني قد صبوت " ، فإنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه. قال: فاجتمع الناس في الحجر، فجئت الرجل فدنوت منه، فأصغيت إليه فيما بيني وبينه، فقلت: أعلمت أني قد صبوت؟ " فقال: " ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ " . قال: فما زال الناس يضربونني وأضربهم، قال: فقال خالي: ما هذا؟ فقيل: ابن الخطاب! قال: فقام على الحجر فأشار بكمه فقال: " ألا إني قد أجرت ابن أختي " . قال: فانكشف الناس عني، وكنت لا أشاء أن أرى أحداً من المسلمين يضرب إلا رأيته وأنا لا أضرب. قال فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين؟ قال: فأمهلت حتى إذا جلس الناس في الحجر، وصلت إلى خالي فقلت: اسمع. فقال: ما أسمع؟ قال: قلت: جوارك عليك رد. قال: فقال: لا تفعل يا ابن أختي. قال: قلت: بل هو ذاك. فقال: ما شئت! قال: فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام.بوت؟ قال: فعلت؟ فقلت: نعم. قال: فلا تفعل! قلت: قد فعلت. قال: لا تفعل! قال: ثم قام فدخل، وأجاف الباب دوني. قال: فلما رأيت ذلك انصرفت. فقال لي رجل: تحب أن يعلم إسلامك؟ قال قلت: نعم. قال: فإذا جلس الناس في الحجر واجتمعوا أتيت فلاناً - رجلاً لم يكن يكتم السر - فاصغ إليه، وقل له - فيما بينك وبينه - : " إني قد صبوت " ، فإنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه. قال: فاجتمع الناس في الحجر، فجئت الرجل فدنوت منه، فأصغيت إليه فيما بيني وبينه، فقلت: أعلمت أني قد صبوت؟ " فقال: " ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ " . قال: فما زال الناس يضربونني وأضربهم، قال: فقال خالي: ما هذا؟ فقيل: ابن الخطاب! قال: فقام على الحجر فأشار بكمه فقال: " ألا إني قد أجرت ابن أختي " . قال: فانكشف الناس عني، وكنت لا أشاء أن أرى أحداً من المسلمين يضرب إلا رأيته وأنا لا أضرب. قال فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين؟ قال: فأمهلت حتى إذا جلس الناس في الحجر، وصلت إلى خالي فقلت: اسمع. فقال: ما أسمع؟ قال: قلت: جوارك عليك رد. قال: فقال: لا تفعل يا ابن أختي. قال: قلت: بل هو ذاك. فقال: ما شئت! قال: فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام.
أنبأنا أبو جعفر بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: ثم إن قريشاً بعثت عمر بن الخطاب، وهو يومئذ مشرك، في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله في دار في أصل الصفا، فلقيه النحام - وهو نعيم بن عبد الله بن أسيد، وهو أخو بني عدي بن كعب، قد أسلم قبل ذلك، وعمر متقلد سيفه - فقال: يا عمر، أين تريد؟ فقال: أعند إلى محمد الذي سفه أحلام قريش، وشتم آلهتهم، وخالف جماعتهم. فقال النحام: والله لبئس الممشى يا عمر! ولقد فرطت وأردت هلكة عدي بن كعب! أو تراك تفلت من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمداً؟ فتحاوروا حتى ارتفعت أصواتهما، فقال له عمر: إني لأظنك قد صبوت، ولو أعلم ذلك لبدأت بك! فلما رأى النحام أنه غير منته قال: فإني أخبرك أن أهلك وأهل ختنك قد أسلموا، واركوك وما أنت عليه من ضلالتك. فلما سمع عمر تلك يقولها قال: وأيهم؟ قال: ختنك وابن عمك وأختك. فانطلق عمر حتى أتى أخته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتته طائفة من أصحابه من ذوي الحاجة، نظر إلى أولي السعة، فيقول: عندك فلان. فوافق ذلك ابن عم عمر وختنة - زوج أخته - سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرت، وقد أنزل الله تعالى: " طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " .
وذكر نحو ما تقدم، وفيه زيادة ونقصان. قال ابن إسحاق: فقال عمر عند ذلك - يعني إسلامه: والله لنحن بالإسلام أحق أن نبادي منا بالكفر، فليظهرن بمكة دين الله، فإن أراد قومنا بغياً علينا ناجزناهم، وإن قومنا أنصفونا قبلنا منهم. فخرج عمر وأصحابه فجلسوا في المسجد، فلما رأت قريش إسلام عمر سقط في أيديهم.

قال ابن إسحاق: حدثني نافع، عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب قال: أي أهل مكة أنقل للحديث؟ فقالوا: جميل بن معمر. فخرج عمر وخرجت وراء أبي، وأنا غليم أعقل كل ما رأيت، حتى أتاه فقال: يا جميل هل علمت أني أسلمت؟ فوالله ما راجعه الكلام حتى قام يجر رداءه، وخرج عمر يتبعه، وأنا مع أبي، حتى إذا قام على باب مسجد الكعبة، صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، إن عمر قد صبأ. فقال عمر: كذبت! ولكني أسلمت. فثاوروه، فقاتلوه وقاتلهم حتى قامت الشمس على رؤوسهم، فطلح وعرشوا على رأسه قياماً وهو يقول: " اصنعوا ما بدا لكم، فأقسم بالله لو كنا ثلاثمائة رجل تركتموها لنا، أو تركناها لكم " .
وذكر ابن إسحاق أن الذي أجار عمر هو العاص بن وائل أبو عمر بن العاص السهمي وإنما قال عمر إنه خاله لأن حنتمة أم عمر هي بنت هاشم بن المغيرة، وأمها الشفاء بنت عبد قيس بن عدي بن سعد بن سهم السهمية، فلهذا جعله خاله، وأهل الأم كلهم أخوال، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: " هذا خالي " لأنه زهري، وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم زهرية. وكذلك القول في خاله الآخر الذي أغلق الباب في وجهه أنه أبو جهل، فعلى قول من يجعل أم عمر أخت أبي جهل، فهو خال حقيقة، وعلى قول من يجعلها ابنة عم أبي جهل، يكون مثل هذا.
وكان إسلام عمر في السنة السادسة، قاله محمد بن سعد.
أخبرنا غير واحد إجازة قالوا: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا أبو علي بن القهم أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا أبو حرزة يعقوب بن مجاهد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي عمرو ذكوان قال: قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق؟ قالت: النبي صلى الله عليه وسلم.
حزرة: بفتح الحاء المهملة، وتسكين الزاي، وبعدها راء، ثم هاء.
قال وأنبأنا محمد بن سعد أنبأنا أحمد بن محمد الأزرقي المكي، حدثنا عبد الرحمن بن حسن، عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق: فرق الله به بين الحق والباطل " .
وقال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق.
أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري الدمشقي، أنبأنا الشريف أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني، وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي قالا: أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، حدثنا أبو عبيدة السري بن يحيى بن أخي هناد بن السري بالكوفة، حدثنا شعيث بن إبراهيم، حدثنا سيف بن عمر، عن وائل بن داود، عن يزيد البهي قال: قال الزبير بن العوام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب " .
أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور بن محمد بن سعيد، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا جعفر بن عون ويعلى بن عبيد والفضل بن دكين قالوا: حدثنا مسعر، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله بن مسعود: كان إسلام عمر فتحاً. وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة. ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا.
قال: وحدثنا ابن مردويه، حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا الحسن بن علي المعمري، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا جرير، عن عمر بن سعيد، عن مسروق، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة قال: لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجل المقبل، لا يزداد إلا قرباً. فلما قتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر، لا يزداد إلا بعداً.

هجرته رضي الله عنه:

أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله الدقاق إذناً، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، حدثنا أبو محمد الجوهري إملاء، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني بالبصرة، حدثنا الزبير بن محمد بن خالد العثماني بمصر سنة خمس وستين ومائتين، حدثنا عبد الله بن القاسم الأبلي، عن أبيه، عن عقيل بن خالد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس قال: قال لي علي بن أبي طالب: ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفياً، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهماً، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً، ثم أتى المقام فصلى متمكناً، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب قال: لما اجتمعنا للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل: قلنا: الميعاد بيننا " التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فليمض صاحباه. فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس عنا هشام، وفتن فافتتن. وقدمنا المدينة.
قال ابن إسحاق: نزل عمر بن الخطاب، وزيد بن الخطاب، وعمرو وعبد الله ابنا سراقة، وحنيس بن حذافة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وواقد بن عبد الله، وخولي بن أبي خولي، وهلال بن أبي خولي، وعياش بن أبي ربيعة، وخالد وإياس وعاقل بنو البكير، نزل هؤلاء على رفاعة بن المنذر، في بني عمرو بن عوف.
أنبأنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن بدران، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الفارسي، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن احمد، حدثني أبي، حدثنا عمرو بن محمد أبو سعيد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى، أخو بني فهر. ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكباً، فقلنا: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو على أثري. ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه.
شهوده رضي الله عنه بدراً وغيرها من المشاهد:
شهد عمر بن الخطاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً، وأحداً، والخندق وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنيناً، وغيرها من المشاهد، وكان أشد الناس على الكفار. وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسله إلى أهل مكة يوم الحديبية، فقال: " يا رسول الله، قد علمت قريش شدة عداوتي لها، وإن ظفروا بي قتلوني " . فتركه، وأرسل عثمان.
أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق - في مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر - قال: وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين على واد يقال: " ذفران " ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببعضه نزل. وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فقال أبو بكر فأحسن، ثم قام عمر فقال فأحسن. وذكر تمام الخبر.
وهو الذي أشار بقتل أسارى المشركين ببدر، والقصة مشهورة.
وقال ابن إسحاق وغيره من أهل السير، ممن شهد بدراً من بني عدي بن كعب: عمر بن الخطاب بن نفيل، لم يختلفوا فيه.
وشهد أيضاً أحداً، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال: حدثني الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة قالا: لما أراد أبو سفيان الانصراف أشرف على الجبل، ثم نادى بأعلى صوته: إن الحرب سجال يوم بيوم بدر، اعل هبل - أي أظهر دينك - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: قم فأجبه. فقال: الله أعلى وأجل، لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فلما أجاب عمر أبا سفيان قال أبو سفيان: هلم إلي يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ائته، فانظر ما يقول " . فجاءه، فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر، أقتلنا محمداً؟ قال: لا، وإنه ليسمع كلامك الآن. فقال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر - لقول ابن قمئة لهم: قد قتلت محمداً.

علمه رضي الله عنه:
أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي يعلى، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور بن محمد بن سعيد، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد العزيز بن أبان، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: قال ابن مسعود: لو أن علم عمر وضع في كفه ميزان، ووضع علم الناس في كفه ميزان لرجح علم عمر. فذكرته لإبراهيم فقال: قد والله، قال عبد الله أفضل من هذا. قلت: ماذا قال؟ قال: لما مات عمر ذهب تسعة أعشار العلم.
أنبأنا إسماعيل بن علي بن عبيد وغيره بإسنادهم إلى محمد بن عيسى: حدثنا قتيبة حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأني أتيت بقدح لبن، فشربت منه، وأعطيت فضلي عمر بن الخطاب " . فقالوا: ما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم.
أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الحافظ إجازة أنبأنا أبي، أنبأنا أبو الأغر قراتكين بن الأسعد، حدثنا أبو محمد الجوهري، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل بن الجراح، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله النيري، حدثنا أبو السائب قال: سمعت شيخاً من قريش يذكر عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: والله ما رأيت أحداً أرأف برعيته، ولا خيراً من أبي بكر الصديق. ولم أر أحداً أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله، ولا أقوم بحدود الله، ولا أهيب في صدور الرجال من عمر بن الخطاب. ولا رأيت أحداً أشد حياء من عثمان بن عفان.
زهده وتواضعه رضي الله عنه:
أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي إجازة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر بن المزرقي، حدثنا أبو الحسين بن المهتدي، أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي، حدثنا أبو سعيد حاتم بن الحسن الشاشي، حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال طلحة بن عبيد الله: ما كان عمر بن الخطاب بأولنا إسلاماً ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة.
قال: وأنبأنا أبي، حدثنا أبو علي القرئ كتابة - وحدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه - أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد بن جرير، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال: قال سعد بن أبي وقاص: والله ما كان عمر بأقدمنا هجرة، وقد عرفت بأي شيء فضلنا؛ كان أزهدنا في الدنيا.
ع1 ابن أبي حبة وغيره، أنبأنا أبو غالب بن البنا، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، وأبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، أنبأنا الحسين بن الحسن، حدثنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت: أن عمر استسقى، فأتي بإناء من عسل فوضعه على كفه - قال: فجعل يقول: " أشربها فتذهب حلاوتها وتبقى نقمتها " ، قالها ثلاثاً، ثم دفعه إلى رجل من القوم فشربه.

أنبأنا أبو محمد القاسم بن علي، أنبأنا أبي، أنبأنا إسماعيل بن أحمد أبو القاسم، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا داود بن عمرو، أنبأنا ابن أبي غنية، هو يحيى بن عبد الملك، حدثنا سلامة بن صبيح التميمي قال: قال الأحنف: كنت مع عمر بن الخطاب، فلقيه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدني على فلان، فإنه قد ظلمني. قال: فرفع الدرة فخفق بها رأسه فقال: تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم، حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه: أعدني أعدني! قال: فانصرف الرجل وهو يتذمر - قال: علي الرجل. فألقى إليه المخفقة وقال: امتثل. فقال: لا والله، ولكن أدعها لله ولك. قال: ليس هكذا، إما أن تدعها لله إرادة ما عنده أو تدعها لي، فأعلم ذلك. قال: أدعها لله. قال: فانصرف. ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن معه، فصلى ركعتين وجلس فقال: يا ابن الخطاب، كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، وكنت ذليلاً فأعزك الله، ثم حملك على رقاب الناس فجاءك رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غداً إذا أتيته؟ قال: فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض.
قال: وحدثنا أبي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين المهتدي، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن بن مليكة قال: بينما عمر قد وضع بين يديه طعاماً إذ جاء الغلام فقال: هذا عتبة بن فرقد بالباب، قال: وما أقدم عتبة؟ ائذن له. فلما دخل رأى بين يدي عمر طعامه: خبز وزيت. قال: اقترب يا عتبة فأصب من هذا. قال: فذهب يأكل فإذا هو طعام جشب لا يستطيع أن يسيغه. قال: يا أمير المؤمنين، هل لك في طعام يقال له: الحواري؟ قال: ويلك، ويسع ذلك المسلمين كلهم؟ قال: لا والله. قال: ويلك يا عتبة، أفأردت أن آكل طيباً في حياتي الدنيا وأستمتع؟.
وقال محمد بن سعد: أنبأنا الوليد بن الأغر المكي، حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم قال: دخل عمر بن الخطاب على حفصة ابنته، فقدمت إليه مرقاً بارداً وخبزاً وصبت في المرق زيتاً، فقال: أدمان في إناء واحد! لا أذوقه حتى ألقى الله عز وجل.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية وأبو بكر بن إسماعيل قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا الحسين بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن أنس قال: لقد رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه.
وأنبأنا غير واحد إجازة، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن بن محمد، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي، حدثني أبي، حدثنا شعبة، عن سعيد الجريري، عن أبي عثمان قال: رأيت عمر بن الخطاب يرمي الجمرة وعليه غزار مرقوع بقطعة جراب.
فضائله رضي الله عنه: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن سرايا بن علي الفقيه، وأبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز، وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو التكريتي وغيرهم بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل الجعفي: حدثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا الليث، حدثني عقيل، عن ابن سهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب رضي الله عنه: أن أبا هريرة قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالت: لعمر. فذكرت غيرته، فوليت مدبراً. فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!.
قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل: حدثنا محمد بن عبيد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك " ، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: " الدين " .

أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد، حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرى الكوكب الدري في الأفق من آفاق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما " .
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي، أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدثنا أبو قلابة الرقاشي، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن النضر أبي عمر الخزار، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتقض حراء " قال: اسكن " حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد. وكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد، وسعيد بن زيد.
قال: وأنبأنا أبو الحسن خيثمة: حدثنا محمد بن عوف الطائي وأبو يحيى بن أبي سبرة قالا: حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك، حدثنا المعلى بن هلال، حدثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر " .
قال: وأنبأنا خيثمة، أنبأنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي، حدثنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا يونس بن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن علي بن أبي طالب قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلمن فأقبل أبو بكر وعمر فقال لي النبي صلى الله عليه وسلمك " يا علي، هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين، ثم قال لي: يا علي، لا تخبرهما " .
أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر هو العقدي، حدثنا خارجة بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه " .
قال: وقال ابن عمر: " ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر - أو: قال ابن الخطاب - شك خارجة - إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر " .
وذلك نحو ما قال في أسارى بدر، فإنه أشار بقتلهم، وأشار غيره بمفاداتهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: " لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم فيه عذاب عظيم " . وقوله في الحجاب، فأنزله الله تعالى، وقوله في الخمر.
قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الله بن داود الواسطي أبو محمد، حدثني عبد الرحمن ابن أخي محمد بن المنكدر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أما إنك إن قلت ذلك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر " .
قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا المقرئ، عن حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمك " لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب " .
قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت الجنة، فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لشاب من قريش، فظننت أني أنا هو، فقلت: ومن هو؟ قالوا: عمر بن الخطاب.

قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا الحسين بن حريث، أنبأنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن بريدة قال: سمعت بريدة يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى. قال: إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا. فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، وقعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخلت أنت يا عمر فألقت الدف.
قال: وحدثنا أبو عيسى: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد كان يكون في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فمر بن الخطاب " .
أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم، أنبأنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا محمد بن سفيان بن إبراهيم، حدثنا مسلم بن سعيد، أنبأنا مجاشع بن عمرو، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن: أن عمر بن الخطاب خطب إلى قوم من قريش بالمدينة فردوه، وخطب إليهم المغيرة بن شعبة، فزوجوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد ردوا رجلاً ما في الأرض رجل خيراً منه " .
قال: وأنبأنا أبو بكر قال: أنبأنا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي، حدثنا عيسى بن هارون بن الفرج، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا إسحاق بن بشر، حدثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: أكثروا ذكر عمر، فإنكم إذا ذكرتموه ذكرتم العدل، وإذا ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك وتعالى.
قال: وأنبأنا أبو بكر، حدثنا عبد الله بن إسحاق، حدثنا جعفر الصائغ، حدثنا حسين بن محمد المرودي، حدثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، عن أبيه: أنه كان يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض له في خطبته أن قال: " يا سارية بن حصن، الجبل الجبل - من استرعى الذئب ظلم " . فتلفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال علي: صدق، والله ليخرجن مما قال. فلما فرغ من صلاته قال له علي: ما شيء سنح لك في خطبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك: " يا سارية، الجبل الجبل، من استرعى الذئب ظلم: قال: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم، وجميع أهل المسجد قد سمعوه. قال: إنه وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا، فركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا وقد ظفروا، وأن جاوزا هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته. قال: فجاء البشير بالفتح بعد شهر، فذكر أنه سمع في ذلك اليوم في تلك الساعة، حين جاوزوا الجبل صوت يشبه صوت عمر، يقول: " يا سارية بن حصن، الجبل الجبل " قال: فعدلنا إليه، ففتح الله علينا.
قال: وحدثنا أبو بكر، حدثنا دعلج بن احمد، حدثنا محمد بن يحيى بن المنذر، حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد، حدثنا المختار بن نافع، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله، رحم الله عمر، يقول الحق وإن كان مراً، تركه الحق وماله من صديق " .
قال: وحدثنا أبو بكر حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا إسحاق بن سعيد الدمشقي، حدثنا سعيد بن بشير، عن حرب بن الخطاب، عن روح، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ركب رجل بقرة فقالت البقرة: " إنا والله ما لهذا خلقنا! ما خلقنا إلا للحراثة " . فقال القوم: سبحان الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أشهد، وأبو بكر وعمر يشهدان، وليسا ثم " .
قال: وحدثنا أبو بكر: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الغني بن سعيد، حدثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يباهي بالناس يوم عرفة عامة، ويباهي بعمر بن الخطاب خاصة " .

أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب، أنبأنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج، أنبأنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أنبأنا عثمان بن أحمد بن السماك، حدثنا أحمد بن الخليل البرجلاني، حدثنا أبو النضر المسعودي، عن أبي نهشل، عن أبي وائل قال: قال عبد الله بن مسعود: فضل الناس عمر بن الخطاب بأربع: بذكر الأسرى يوم بدر، أمر بقتلهم، فأنزل الله تعالى: " لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم " . وبذكر الحجاب، أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن، فقالت زينب: إنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله تعالى: " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب " وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم أيد الإسلام بعمر " ، وبرأيه في أبي بكر.
أنبأنا أبو محمد، أنبأنا آبي، أنبأنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أنبأنا أبو محمد بن النحاس، أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا الغلابي - وهو محمد بن زكريا - حدثنا بشر بن حجر السامي، حدثنا حفص بن عمر الدارمي، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سويد بن غفلة قال: مررت بقوم من الشيعة يشتمون أبا بكر وعمر، وينتقصونهما، فأتيت علي بن أبي طالب فقلت: يا أمير المؤمنين إني مررت بقوم من الشيعة يشتمون أبا بكر وعمر وينتقصونهما، ولولا أنهما يعلمون أنك تضمر لهما على ذلك لما اجترءوا عليه! فقال علي: معاذ الله أن أضمر لهما إلا على الجميل! ألا لعنة الله على من يضمر لهما إلا الحسن! ثم نهض دامع العين يبكي، فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وإنه لعلى المنبر جالس، وإن دموعه لتتحادر على لحيته، وهي بيضاء، ثم قام يخطب خطبة بليغة موجزة، ثم قال: " ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه ومما يقولون بريء، وعلى ما يقولون معاقب، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا كل مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا كل فاجر غوي، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه.. " .
قال: وأنبأنا أبي، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه، حدثنا أبو بكر الخطيب، حدثنا محمد بن أحمد بن رزق، حدثنا أحمد بن علي بن عبد الجبار بن خيرويه أبو سهل الكلوذاني، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا روح بن عبادة، عن عوف عن قسامة بن زهير قال: وقف أعرابي على عمر بن الخطاب فقال:
يا عمر الخير جزيت الجنة ... جهز بنياتي واكسهنه
أقسم بالله لتفعلنه
قال: فإن لم أفعل يكون ماذا يا أعرابي؟ قال: أقسم بالله لأمضينه. قال: فإن مضيت يكون ماذا يا أعرابي؟ قال:
والله عن حالي لتسألنه ... ثم تكون المسألات عنه
والواقف المسؤول بينهنه ... إما إلى نار وإما جنه
قال: فبكى عمر حتى اخضلت لحيته بدموعه، ثم قال: يا غلام، أعطه قميصي هذا، لذلك اليوم لا لشعره، والله ما أملك قميصاً غيره!.
وروى زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء، فدنا عمر بن الخطاب من الباب، فقال: يا أمة الله، أيش بكاء هؤلاء الصبيان؟ فقالت: بكاؤهم من الجوع. قال: فما هذه القدر التي على النار؟ فقالت: قد جعلت فيها ماء أعللهم بها حتى يناموا، أوهمهم أن فيها شيئاً من دقيق وسمن. فجلس عمر فبكى، ثم جاء إلى دار الصدقة فأخذ غرارة، وجعل فيها شيئاً من دقيق وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم، حتى ملأ الغرارة، ثم قال: يا أسلم، احمل عليّ. فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا أحمله عنك! فقال لي: لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسؤول عنهم في الآخرة - قال: فحمله على عنقه، حتى أتى به منزل المرأة - قال: وأخذ القدر، فجعل فيها شيئاً من دقيق وشيئاً من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر - قال أسلم: وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وربض بحذائهم كأنه سبع، وخفت منه أن أكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا، ثم قال: يا أسلم، أتدري لم ربضت بحذائهم؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين! قال: رأيتهم يبكون، فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي.

خلافته رضي الله عنه وسيرته:
أنبأنا محمد بن محمد بن سرايا وغير واحد بإسنادهم، عن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبيد الله، حدثني أبو بكر بن سالم، عن سالم، عن عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً، فلم أر عبقرياً يفري فريه، حتى روي النس، وضربوا بعطن " .
وهذا لما فتح الله على عمر من البلاد، وحمل من الأموال، وما غنمه المسلمون من الكفار.
وقد ورد في حديث آخر: " وإن وليتموها - يعني الخلافة - تجدوه قوياً في الدنيا، قوياً في أمر الله:، وقد تقدم.
قال أحمد بن عثمان: أنبأنا أبو مسعود سليمان، أنبأنا أبو بكر بن مردويه الحافظ قال: حدثنا سليمان بن احمد، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا أبو صالح الفراء، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء - أو: عن زيد بن وهب - أن سويد بن غفلة الجعفي دخل على علي بن أبي طالب في إمارته فقال: يا أمير المؤمنين، إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعر بغير الذي هم أهل له من الإسلام. وذكر الحديث، قال: فلما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة قال: مروا أبا بكر أن يصلي بالناس، وهو يرى مكاني، فصلى بالناس سبعة أيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض الله نبيه ارتد الناس عن الإسلام، فقالوا: نصلي ولا نعطى الزكاة، فرضي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أبو بكر منفرداً برأيه، فرجح برأيه رأيهم جميعاً، وقال: " والله لو منعوني عقالاً ما فرض الله ورسوله لجاهدتهم عليه، كما أجاهدهم على الصلاة " . فأعطى المسلمون البيعة طائعين، فكان أول من سبق في ذلك من ولد عبد المطلب أنا، فمضى رحمة الله عليه وترك الدنيا وهي مقبلة، فخرج منها سليماً، فسار فينا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ننكر من أمره شيئاً، حتى حضرته الوفاة، فرأى أن عمر أقوى عليها، ولو كانت محاباة لآثر بها ولده، واستشار المسلمين في ذلك، فمنهم من رضي، ومنهم من كره، وقالوا: أتؤمر علينا من كان عناناً وأنت حي؟ فماذا تقول لربك إذا قدمت عليه؟ قال: أقول لربي إذا قدمت عليه: إلهي أمرت عليهم خير أهلك " فأمر علينا عمر، فقام فينا بأمر صاحبيه، لا ننكر منه شيئاً، نعرف فيه الزيادة كل يوم في الدين والدنيا، فتح الله به الأرضين، ومصر به الأمصار، لا تأخذه في الله لومة لائم، البعيد والقريب سواء في العدل والحق، وضرب الله بالحق على لسانه وقلبه، حتى إن كنا لنظن أن السكينة تنطق على لسانه، وأن ملكاً بين عينيه يسدده ويوفقه..
قال: وأنبأنا ابن مردويه، حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن القاسم البزار، حدثنا يحيى بن مسعود، حدثني عبد الله بن محمد بن أيوب، حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن الهاشمي، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب قال: إن الله جعل أبا بكر وعمر حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة، فسبقا والله سبقاً بعيداً، وأتعبا والله من بعدهما إتعاباً شديداً، فذكرهما حزن للأمة، وطعن على الأئمة.

أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله إذناً، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر، أنبأنا أبو الحسن، أنبأنا الحسين بن القهم، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا محمد بن عمر، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: وأخبرنا بردان بن أبي النضر، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال: وأنبأنا عمرو بن عبد الله بن عنبسة، عن أبي النضر، عن عبد الله البهي - دخل حديث بعضهم في بعض - أن أبا بكر الصديق لما مرض دعا عبد الرحمن - يعني ابن عوف - فقال له: أخبرني عن عمر بن الخطاب. فقال عبد الرحمن: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني! قال أبو بكر: وإن! فقال عبد الرحمن: هو والله أفضل من رأيك فيه. ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أخبرني عن عمر. فقال: أنت أخبرنا به! فقال: على ذلك يا أبا عبد الله. فقال عثمان: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله! فقال أبو بكر يرحمك الله! والله لو تركته ما عدوتك. وشاور معهما سعيد بن زيد أبا الأعور، وأسيد بن حضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار، فقال أسيد: " اللهم أعلمه الخيرة بعدك، يرضى للرضى، ويسخط للسخط، الذي يسر خير من الذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه " ، وسمع بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به، فدخلوا على أبي بكر، فقال له قائل منهم: " ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته؟ " فقال أبو بكر: أجلسوني، أبالله تخوفونني؟ خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول: " اللهم، استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت لك من وراءك " ثم اضطجع، ودعا عثمان بن عفان فقال: اكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب؛ أنني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً، فإن عدل فذلك ظني به، وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير أردت، ولا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله " . ثم أمر بالكتاب فختمه، ثم أمره فخرج بالكتاب مختوماً ومعه عمر بن الخطاب، وأسد بن سعية القرظي، فقال عثمان للناس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ فقالوا: نعم، وقال بعضهم: قد علمنا به - قال ابن سعد: على القائل - وهو عمر، فأقروا بذلك جميعاً ورضوا به وبايعوا، ثم دعا أبو بكر عمر خالياً فأوصى بما أوصاه به، ثم خرج فرفع أبو بكر يديه مداً، ثم قال: اللهم، إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وفت عليهم الفتنة، فعملت فيهم ما أنت أعلم به، واجتهدت لهم رأيي، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما فيه رشدهم، وقد حضرني من أمرك ما حضرني، فاخلفني فيهم، فهم عبادك، ونواصيهم بيدك، واصلح لهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين يتبع هدى نبي الرحمة وهدى الصالحين بعده، وأصلح له رعيته.
وروى صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه: أنه دخل على أبي بكر في مرضه الذي توفي فيه فأصابه مفيقاً، فقال له عبد الرحمن: أصبحت بحمد الله بارئاً. فقال أبو بكر: تراه؟ قال: نعم. قال: إني على ذلك لشديد الوجع، وما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد علي من وجعي، إني وليت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم من ذلك أنفه، يريد أن يكون الأمر له، قد رأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل، وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج، وتألموا من الاضطجاع على الصوف الأذربي، كما يألم أحدكم أن ينام على حسك السعدان.
أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم، أنبأنا آبي، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن الصلت بن بهرام، عن يسار قال: لما ثقل أبو بكر أشرف على الناس من كوة فقال: يا أيها الناس، إني قد عهدت عهداً أفترضون به؟ فقال الناس: قد رضينا يا خليفة رسول الله. فقال علي: لا نرضى إلا أن يكون عمر بن الخطاب.

أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري التغلبي، أنبأنا الشريف أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني وأبو القاسم السين بن الحسن بن محمد الأسدي قالا: أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء، أنبأنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، حدثنا سليمان بن عبد الحميد المهراني، أنبأنا عبد الغفار بن داود الحراني، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن سليمان بن أبي خيثمة، عن جدته الشفاء - وكانت من المهاجرات الأول - وان عمر إذا دخل السوق أتاها، قال: سألتها من أول من كتب: " عمر أمير المؤمنين " ؟ قالت: كتب عمر إلى عامله على العراقين: " أن ابعث إليّ برجلين جلدين نبيلين، أسألهما عن أمر الناس " ، قال: فبعث إليه بعدي بن حاتم، ولبيد بن ربيعة، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد، فاستقبلا عمرو بن العاص، فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين. فقلت: أنتما والله أصبتما اسمه، وهو الأمير، ونحن المؤمنون. فانطلقت حتى دخلت على عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين. فقال: لتخرجن مما قلت أو لأفعلن! قلت: يا أمير المؤمنين، بعث عامل العراقين بعدي بن حاتم ولبيد بن ربيعة، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم استقبلاني فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقلت: أنتما والله أصبتما، اسمه هو الأمير، ونحن المؤمنون.
وكان قبل ذلك يكتب: " من عمر خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فجرى الكتاب " من عمر أمير المؤمنين " من ذلك اليوم.
وقيل: إن عمر قال: إن أبا بكر كان يقال له: " يا خليفة رسول الله " ، ويقال لي: يا خليفة خليفة رسول الله، وهذا يطول، انتم المؤمنون وأنا أميركم.
وقيل: إن المغيرة بن شعبة قال له ذلك، والله أعلم.

سيرته:
وأما سيرته فإنه فتح الفتوح ومصر الأمصار، ففتح العراق، والشام، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وأرمينية، وأذربيجان، وأرانيه، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخوزستان وغيرها.
وقد اختلف في خراسان، فقال بعضهم: فتحها عمر، ثم انتقضت بعده ففتحها عثمان. وقيل: إنه لم يفتحها، وإنما فتحت أيام عثمان. وهو الصحيح.
وأدر العطاء على الناس، ونزل نفسه بمنزلة الأجير وكآحاد المسلمين في بيت المال، ودون الدواوين، ورتب الناس على سابقتهم في العطاء والإذن والإكرام، فكان أهل بدر أول الناس دخولاً عليه، وكان عليّ أولهم. وكذلك فعل بالعطاء، واثبت أسماءهم في الديوان على قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأ ببني هاشم، والأقرب فالأقرب.
أنبأنا القاسم بن علي بن الحسن إجازة، أنبأنا أبي، أنبأتا فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلويه قالت: أنبأنا أبو بكر أحمد بن الخطيب، أنبأنا أبو بكر الحيري، أنبأنا أبو العباس الأصم، أنبأنا الربيع قال: قال الشافعي: أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع، عن الثقة - احسبه محمد بن علي بن الحسن أو غيره - عن مولى لعثمان بن عفان قال: بينا أنا مع عثمان في مال له بالعالية في يوم صائف، إذ رأى رجلاً يسوق بكرين، وعلى الأرض مثل الفراش من الحر، فقال: ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح. ثم دنا الرجل فقال: انظر من هذا؟ فنظرت فقلت: أرى رجلاً معتماً بردائه، يسوق بكرين. ثم دنا الرجل فقال: انظر. فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقلت: هذا أمير المؤمنين. فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فإذا نفح السموم، فأعاد رأسه حتى حاذاه، فقال: ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: بكران من إبل الصدقة تخلفا، وقد مضي بإبل الصدقة، فأردت أن ألحقهما بالحمى، وخشيت أن يضيعا، فيسألني الله عنهما. فقال عثمان: يا أمير المؤمنين، هلم إلى الماء والظل ونكفيك. فقال: عد إلى ظلك. فقلت: عندنا من يكفيك! فقال: عد إلى ظلك. فمضى، فقال عثمان: من أحب أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا! فعاد إلينا فألقى نفسه.

روى السري بن يحيى، حدثنا يحيى بن مصعب الكلبي، حدثنا عمر بن نافع الثقفي، عن أبي بكر العبسي قال: دخلت حين الصدقة مع عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، فجلس عثمان في الظل، وقام عليّ على رأسه يملي عليه ما يقول عمر، وعمر قائم في الشمس في يوم شديد الحر، عليه بردتان سوداوان، متزر بواحدة وقد وضع الأخرى على رأسه، وهو يتفقد إبل الصدقة، فيكتب ألوانها وأسنانها. فقال علي لعثمان: أما سمعت قول ابنة شعيب في كتاب الله عز وجل: " إن خير من استأجرت القوي الأمين " ، وأشار علي بيده إلى عمر، فقال: هذا هو القوي الأمين.
أنبأنا غير واحد إجازة، عن أبي غالب بن البناء، أنبأنا أبو علي الحسن بن محمد بن فهد العلاف، حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حماد الموصلي، حدثنا أبو الحسين محمد بن عثمان، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام، حدثنا موسى بن داود الضبي، أنبأنا محمد بن صبيح، عن إسماعيل بن زياد قال: مر علي بن أبي طالب على المساجد في شهر رمضان، وفيها القناديل، فقال: نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا.
وروى حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى مكة، فما ضرب فسطاطاً ولا خباءً حتى رجع. وكان إذا نزل يلقي له كساء أو نطع على الشجر، فيستظل به.
وروى موسى بن إبراهيم المروزي، عن فضيل بن عياض، عن ليث، عن مجاهد قال: أنفق عمر بن الخطاب في حجة حجها ثمانين درهماً من المدينة إلى مكة، ومن مكة إلى المدينة، قال: ثم جعل يتأسف ويضرب بيده على الأخرى، ويقول: ما أخلقنا أن نكون قد أسرفنا في مال الله تعالى.
أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم إذناً، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه وأبو بكر بن إسماعيل قالا: أنبأنا يحيى بن محمد أنبأنا الحسين بن الحسن، أنبأنا ابن المبارك، عن مالك بن مغول: أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون - أو قال: أيسر - لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر " يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " وله في سيرته أشياء عجيبة عظيمة، لا يستطيعها إلا من وفقه الله تعالى، فرضي الله عنه وأرضاه، بمنه وكرمه.

مقتله رضي الله عنه:
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمج بن الحسن الشافعي، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي، أنبأنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان، حدثنا عبد الله بن الحسن الهاشمي، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، حدثنا قتادة، عن أنس قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد أحداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فضربه برجله وقال: اثبت أحد، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان.
أنبأنا القاسم بن علي بن الحسن كتابة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو محمد بن طاوس، أنبأنا طراد بن محمد - وأنبأنا به عالياً أبو الفضل عبد الله بن أحمد، أنبأنا طراد بن محمد إجازة إن لم يكن سماعا، أنبأنا الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب لما نفر من منى، أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة من البطحاء، فألقى عليها طرف ردائه، ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء، ثم قال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط! فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات.

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم، أنبأنا أبي، أنبأني أبو محمج بن الأكفاني، أنبأنا عبد العزيز الكناني، أنبأنا تمام بن محمد، وعبد الرحمن بن عثمان، وعقيل بن عبد الله، قال: وأخبرني أبو محمد بن الأكفاني، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عقيل بن الكزبري، أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر التميمي، أنبأنا أحمد بن القاسم بن معروف، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني محمد بن جبير بن مطعم، عن جبير بن مطعم، قال: حججت مع عمر آخر حجة حجها، فبينا نحن واقفون على جبل عرفة، صرخ رجل فقال: يا خليفة. فقال رجل من لهب - وهو حي من أزد شنوءة يعتافون - : ما لك؟ قطع الله لهجتك - وقال عقيل: لهاتك - والله لا يقف عمر على هذا الجبل بعد هذا العام أبداً. قال جبير: فوقعت بالرجل اللهبي فشتمته، حتى إذا كان الغد وقف عمر وهو يرمي الجمار، فجاءت عمر حصاة عاثرة من الحصى الذي يرمي به الناس، فوقعت في رأسه ففصدت عرقاً من رأسه، فقال رجل: أشعر أمير المؤمنين ورب الكعبة، لا يقف عمر على هذا الموقف ابداً بعد هذا العام - قال جبير: فذهبت ألتفت إلى الرجل الذي قال ذلك، فإذا هو اللهبي، الذي قال لعمر على جبل عرفة ما قال.
لهب: بكسر اللام، وسكون الهاء.
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحصن الفقيه بإسناده عن أبي يعلى، حدثنا أحمد بن إبراهيم البكري، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: خطب عمر الناس، فقال: رأيت كأن ديكاً نقرني نقرة أو نقرتين، ولا أدري ذلك إلا لحضور أجلي، فإن عجل بي أمر فإن الخلافة شورى في هؤلاء الرهط الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.
وأنبأنا أحمد بن عثمان، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم، أنبأنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن اسحاق، حدثنا محمد بن الجهم السمري، حدثنا جعفر بن عون، أنبأنا محمد بن بشر، عن مسعر بن كدام، عن عبد الملك بن عمير، عن الصقر بن عبد الله، عن عروة، عن عائشة قالت: بكت الجن على عمر قبل أن يموت بثلاث، فقالت:
أبعد قتيل بالمدينة أصبحت ... له الأرض تهتز العضاه بأسوق
جزى الله خيراً من أمير وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ... بوائق في أكمامها لم تفتق
فما كنت أخشى أن يكون مماته ... بكفى سبنتي أخضر العين مطرق
قيل: إن هذه الأبيات للشماخ، أو لأخيه مزرد.

أنبأنا مسمار بن عمر بن العويس النيار وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل: حدثنا موسى بن إسماعيل، أنبأنا أبو عوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما؟ أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمراً هي له مطيقة، وما فيها كبير فضل. قال: انظرا أن تكون حملتما الأرض ما لا تطيق: قالا: لا. فقال عمر: لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً - قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب - قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن خللاً تقدم فكبر، وربما قرأ بسورة " يوسف " أو " النحل " أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتني - أو: أكلني الكلب - حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين، لا يمر على أحد يميناً وشمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنساً، فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر، فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهو يقولون: " سبحان الله، سبحان الله " فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: يابن عباس، انظر من قتلني. فجال ساعة، ثم جاء المسجد فقال: غلام المغيرة بن شعبة. قال: الصنع؟ قال: نعم. قال: قاتله الله! لقد أمرت به معروفاً! الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة - وكان العباس أكثرهم رقيقاً - فقال: إن شئت فعلت؟ أي: إن شئت قتلنا فقال: كذبت! بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم. واحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس وقائل يقول: أخاف عليه. فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه. ثم أتي بلبن فشربه، فخرج من جوفه. فعرفوا أنه ميت. فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء غلام شاب فقال: أبشر - يا أمير المؤمنين - ببشرى الله له، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة. قال: وددت أن ذلك كفافاً، لا علي ولا لي. فلما أدبرا إذا إزاره يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: يابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه - قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم، فأد عني هذا المال، وانطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل لها: يقرأ عليك عمر السلام - ولا تقل " أمير المؤمنين " فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً - وقل " يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه. فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرن به اليوم على نفسي. فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء. قال: ارفعوني. فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب، قد أذنت. قال: الحمد لله، ما كان شيء أهم إليّ من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملوني، ثم سلم فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم المؤمنين حفصة، والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين. استخلف. قال: ما أجد أحق بهذا من هؤلاء النفر - أو: الرهط - الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. فسمى: علياً، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعداً، وعبد الرحمن بن عوف، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له - فإذا أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة..وذكر الحديث وقد تقدم في ترجمة عثمان بن عفان.

وروى سماك بن حرب، عن ابن عباس أن عمر قال لابنه عبد الله: خذ رأسي عن الوسادة فضعه في التراب، لعل الله يرحمني! وويل لي وويل لآمي إن لم يرحمني الله عز وجل! فإذا أنا مت فاغمض عيني، واقصدوا في كفني، فإنه إن كان لي عند الله خير أبدلني ما هو خير منه، وإن كنت على غير ذلك سلبني فأسرع سلبي، وأنشد:
ظلوم لنفسي غير إني مسلم ... أصلي الصلاة كلها وأصوم
أنبأنا أبو محمد، أخبرنا أبي، أنبأتنا أم المجتبى العلوية، قالت: قرأ على إبراهيم بن منصور، أخبرنا أبو محمد بن المقري، أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا أبو عباد قطن بن نسير الغبري، أنبأنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت، عن أبي رافع قال: كان أبو لؤلؤة عبداً للمغيرة بن شعبة، وكان يصنع الأرحاء وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل علي غلتي، فكلمه يخفف عني. فقال له عمر: اتق الله، وأحسن إلى مولاك - ومن نية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه يخفف عنه، فغضب العبد وقال: وسع الناس كلهم عدله غيري. فأضمر على قتله، فاصطنع له خنجراً له رأسان، وشحذه وسمه، ثم أتى به الهرمزان فقال: كيف ترى هذا؟ قال: أرى، انك لا تضرب به أحداً إلا قتلته. قال: فتحين أبو لؤلؤة عمر، فجاءه في صلاة الغداة حتى قام وراء عمر - وكان عمر إذا أقيمت الصلاة يقول: " أقيموا صفوفكم " ، فقال كما كان يقول، فلما كبر ووجأه أبو لؤلؤة في كتفه ووجأه في خاصرته، وقيل: ضربه ست ضربات، فسقط عمر، وطعن بخنجره ثلاثة عشر رجلاً، فهلك منهم سبعة وأفرق منهم ستة، وحمل عمر فضهب به. وقيل: إن عمر قال لأبي لؤلؤة: ألا تصنع لنا رحاً؟ قال: بلى، اصنع لك رحاً يتحدث بها أهل الأمصار. ففزع عمر من كلمته، وعليّ معه، فقال علي: إنه يتوعدك يا أمير المؤمنين.
قال: وأنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد، حدثنا محمد بن سعد، أنبأنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل بن يونس، عن كثير النواء، عن أبي عبيد، مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت مع علي فسمعنا الصيحة على عمر، قال: فقام وقمت معه، حتى دخلنا عليه البيت الذي هو فيه فقال: ما هذا الصوت؟ فقالت له امرأة: سقاه الطبيب نبيذاً فخرج، وسقاه لبناً فخرج، وقال: لا أرى أن تمسي فما كنت فاعلاً فافعل. فقالت أم كلثوم: واعمرا! وكان معها نسوة فبكين معها، وارتج البيت بكاء، فقال عمر: والله لو أن لي ما على الأرض من شيء لافتديت به من هول المطلع. فقال ابن عباس: والله إني لأرجو أن لا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى: " وإن منكم إلا واردها " إن كنت - ما علمنا - لأمير المؤمنين، وأمين المؤمنين، وسيد المؤمنين، تقضي بكتاب الله، وتقسم بالسوية. فأعجبه قولي، فاستوى جالساً فقال: أتشهد لي بهذا يا ابن عباس؟ قال: فكففت، فضرب على كتفي فقال: اشهد. فقلت: نعم، أنا أشهد.
ولما قضى عمر رضي الله عنه - صلى عليه صهيب، وكبر عليه أربعاً.
أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي، أنبأنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله، أنبأنا عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة: أنه سمع ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني، غلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب، فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحداً أحب إليّ ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله، إن كنت لأظن ليجعلنك الله مع صاحبيك، وذلك أني كنت أكثر أن اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر. وإن كنت أظن ليجعلنك الله معهما.
ولما توفي عمر صلي عليه في المسجد، وحمل على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، غسله ابنه عبد الله، ونزل في قبره ابنه عبد الله، وعثمان بن عفان، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف.

روى أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه أنه قال: طعن عمر يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، وكانت خلافته عشر سنين، وخمسة أشهر، وأحداً وعشرين يوماً.
وقال عثمان بن محمد : هذا وهم، توفي عمر لأربع ليال بقين من ذي الحجة، وبويع عثمان يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة.
وقال ابن قتيبة: ضربه أبو لؤلؤة يوم الاثنين لأربع بقين من ذي الحجة، ومكث ثلاثاً، وتوفي، فصلى عليه صهيب، وقبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.
وكانت خلافته عشر سنين، وستة أشهر، وخمس ليال، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: كان عمره خمساً وخمسين سنة، والأول أصح ما قيل في عمر.
أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، والحسين بن يوحن بن اتويه بن النعمان الباوردي قالا: حدثنا الفضل بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن البيلي الأصبهاني، أخبرنا أبو القاسم أحمد بن منصور الخليلي البلخي، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب بن شريح بن معقل الشاشي، أنبأنا أبو عيسى الترمذي، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي اسحاق، عن عامر بن سعد، عن جرير، عن معاوية أنه سمعه يخطب قال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، وأبو بكر وعمر وأنا ابن ثلاث وستين سنة.
وقال قتادة: طعن عمر يوم الأربعاء، ومات يم الخميس.
وكان عمر أعسر يسر: يعمل بيديه. وكان أصلع طويلاً، قد فرع الناس، كأنه على دابة.
قال الواقدي: كان عمر أبيض أمهق، تعلوه حمرة، يصفر لحيته وإنما تغير لونه عام الرمادة لأنه أكثر أكل الزيت، لأنه حرم على نفسه السمن واللبن حتى يخصب الناس فتغير لونه.
وقال سماك: كان عمر أروح كأنه راكب، وكأنه من رجال بني سدوس. والأروح: الذي يتدانى قدماه إذا مشى.
وقال زر بن حبيش: كان عمر أعسر يسر، آدم.
وقال الواقدي: لا يعرف عندنا أن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة.
قال أبو عمر: وصفه زر بن حبيش وغيره أنه كان آدم شديد الأدمة، وهو الأكثر عند أهل العلم.
وقال أنس: كان عمر يخضب بالحناء بحتاً.
وهو أول من اتخذ الدرة، وأول من جمع الناس على قيام رمضان، وهو أول من سمي " أمير المؤمنين " ، وأكثر الشعراء مراثيه، فمن ذلك قول حسان بن ثابت الأنصاري:
ثلاثة برزوا بفضلهم ... نضرهم ربهم إذا نشروا
فليس من مؤمن له بصر ... ينكر تفضيلهم إذا ذكروا
عاشوا بلا فرقة ثلاثتهم ... واجتمعوا في الممات إذ قبروا
وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت زوج عمر بن الخطاب:
عين جودي بعبرة ونحيب ... لا تملي على الإمام النجيب
فجعتني المنون بالفارس المعلم يوم الهياج والتلبيب
عصمة الناس والمعين على الدهر وغيث المنتاب والمحروب
رزاح: بفتح الراء، والزاي.

عمرو بن سالم الخزاعي:
عمر بن سالم الخزاعي. وقيل: عمرو. وهو وافد خزاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
روى الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس: أن عمر بن سالم الخزاعي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأنشده:
لا هم إني ناشد محمداً ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا
وذكر الأبيات، ونذكرها في عمرو بن سالم، إن شاء الله تعالى.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: أخرجه بعض المتأخرين وقال: " وقيل: عمرو وافد خزاعة " ، قال: ولم يختلف فيه أنه عمرو بن سالم.
قلت: قول أبي نعيم صحيح، وقول ابن منده وهم وتصحيف، والله أعلم.
عمر بن سراقة القرشي:
عمر بن سراقة بن المعتمر بن أنس القرشي العدوي.
شهد بدراً هو وأخوه عبد الله بن سراقة، وقال مصعب فيه: عمرو بن سراقة.
أخرجه أبو عمر.
قلت: وقد سماه ابن إسحاق من عدة طرق عنه عمراً وغيره، وهو الصحيح، وهناك أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عمر بن سعد الأنماري، أبو كبشة:
عمر بن سعد الأنماري، أبو كبشة. يعد في الشاميين، مختلف في اسمه، فقيل: عمر بن سعد، وقيل: سعد بن عمر، وقيل: عمرو بن سعد. ونذكره إن شاء الله تعالى في مواضعه أكثر من هذا.
أخرجه الثلاثة.
عمر بن سعد الأسلمي:

عمر بن سعد الأسلمي. ذكره مطين في الوحدان، فيه نظر، قاله أبو نعيم.
أنبأنا أبو موسى الحافظ إذناً، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن محمد، حدثنا الحضرمي، حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن جعفر بن الزبير قال: سمعت زياد بن عمر بن سعد السلمي، يحدث عن عروة بن الزبير قال: حدثني أبي وجدي - وكانا قد شهدا خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - قالا: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، ثم جلس إلى ظل شجرة، فذكر قصة الدية.
أخرجه ابن منده وأبو موسى.

عمر بن سفيان القرشي:
عمر بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، أخو الأسود بن سفيان، وهو ابن أخي أبي سلمة بن عبد الأسد.
كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة.
أخرجه أبو عمر مختصراً.
عمر بن أبي سلمة القرشي:
عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد القرشي المخزومي، ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن أمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
تقدم ذكره قبل هذه الترجمة عند ذكر أبيه عبد الله بن عبد الأسد، يكنى أبا حفص. ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة، وقيل: إنه كان له يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وكان يوم الخندق هو وابن الزبير في أطم حسان بن ثابت الأنصاري، وشهد مع علي الجمل، واستعمله على البحرين، وعلى فارس. وتوفي بالمدينة أيام عبد الملك بن مروان، سنة ثلاث وثمانين.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه سعيد بن المسيب، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، وعروة بن الزبير.
أخبرنا إسماعيل بن علي وغيره قالوا بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي: أخبرنا عبد الله بن الصباح الهاشمي، حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر ين أبي سلمة: أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده طعام، فقال: يا بني، ادن فسم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك.
أخرجه الثلاثة.
عمر بن عامر السلمي:
عمر بن عامر السلمي. سأل النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه سلمة أبو عبد الحميد.
روى محمد بن أحمد بن سلام، عن يحيى بن الورد، حدثنا أبي، حدثنا عدي بن الفضل، عن عثمان البتي، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، عن عمر بن عامر السلمي: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: " إذا صليت الصبح فأمسك عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فإنها تطلع بين قرني شيطان، فإذا انتصبت وارتفعت فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة، حتى ينتصف النهار وتكون الشمس قدر رأسك قيد رمح، وإذا زالت الشمس فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة، حتى تصلي العصر وتصفر الشمس، فأمسك عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، فإذا غربت فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة " .
أخرجه ابن منده وأبو نعيم، قال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، فأخرج هذا الحديث بعينه، من حديث يحيى بن الورد، وهم فيه، وإنما هو عمرو بن عبسة السلمي، والحديث مشهور من حديث عمرو بن عبسة، رواه عنه أبو أمامة الباهلي، وأبو إدريس الخولاني وغيرهما.
قال أبو نعيم: أنبأنا أحمد بن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو بكر الدينوري القاضي - فيما كتب إليّ - حدثنا محمد بن أحمد بن المهاجر، حدثنا يحيى بن ورد بن عبد الله، حدثنا أبي، عن عدي بن الفضل، عن عثمان البتي، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، عن عمرو بن عبسة السلمي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا صليت الصبح.. وذكر الحديث.
عمر بن عبد الله بن أبي زكريا:
عمر بن عبيد الله بن أبي زكريا. ذكر في الصحابة، لا يصح. روى حديثه أبو ضمرة أنس بن عياض، عن الحارث بن أبي ذباب، عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سها في المغرب.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عمر بن عكرمة بن أبي جهل:
عمر بن عكرمة بن أبي جهل بن هشام المخزومي، قتل باليرموك، ويقال: بأجنادين.
عمر بن عمرو الليثي:
عمر بن عمرو الليثي، وقيل: عبيد بن عمرو. وقال أبو نعيم: حديثه عند قرة بن خالد، عن سهل بن علي النميري قال: لما كان يوم الفتح كان عند عمر بن عمرو الليثي خمس نسوة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلق إحداهن.
رواه عبد الوهاب بن عطاء، عن قرة بن خالد فقال: " عن عبيد بن عمر " .

وأخرجه ابن منده وأبو نعيم.

عمر بن عمير الأنصاري:
عمر بن عمير بن عدي بن نابي الأنصاري السلمي، وهو ابن عم ثعلبة بن عنمة بن عدي بن نابي، وابن عم عبس بن عامر بن عدي.
شهد مشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أبو عمر مختصراً.
عمر بن عوف النخعي:
عمر بن عوف النخعي - وقيل: عمرو.
ذكره محمد بن إسماعيل في الصحابة، قاله ابن منده.
روى مالك بن يخامر عن ابن السعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تنقطع الهجرة ما دام الكفار يقاتلون " . فقال معاوية بن أبي سفيان، وعمر بن عوف النخعي، وعبد الله بن عمرو بن العاص إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الهجرة هجرتان: إحداهما أن يهجر السيئات، والأخرى أن يهاجر إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم " .
أخرجه الثلاثة، وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين في الصحابة، وزعم أن محمد بن إسماعيل ذكره في الصحابة فيمن اسمه عمر، وفيما ذكره نظر: وروى أبو نعيم الحديث الذي ذكره ابن منده وأبو عمر في الهجرة، فقال: " وقال معاوية، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو " . ولم يذكر " عمر بن عوف " ، وهذا لا مطعن على ابن منده فيه، فإن أبا عمر قد ذكره كذلك، ولا شك أن بعض الرواة ذكره فيهم، وبعضهم لم يذكره، والله أعلم.
عمر بن غزية:
عمر بن غزية. أتى النبي صلى الله عليه وسلم وبايعه. روى محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: أتى عمر بن غزية النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، بايعت امرأة بتمر، فوعدتها البيت، فلما خلوت بها نلت منها ما دون الفرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثم مه " قال: ثم اغتسلت وصليت، فأنزل الله تعالى: " أقم الصلاة طرفي النهار " فقال عمر: يا رسول الله، هذا خاص لهذا أم للناس عامة؟ فقال " للناس عامة " .
أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: هذا عمرو بن غزية الأنصاري، عقبي، وروى الحديث المذكور في بيع التمر، فقال عمرو بفتح العين، وفي آخره واو، بدل عمر بضم العين.
والحق معه، وقد ذكره ابن منده أيضاً في عمرو، وذكر القصة بحالها، ولا شك أنه غلط من ابن منده، والحق مع أبي نعيم، فإن عمراً يشتبه بعمر على كثير من الناس.
عمر بن لاحق:
عمر بن لاحق، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه الحسن بن أبي الحسن أنه قال: " لا وضوء على من مس فرجه " .
أخرجه ابن منده وأبو نعيم موقوفاً.
عمر بن مالك بن عتبة الزهري:
عمر بن مالك بن عتبة بن نوفل الزهري، شهد فتح دمشق، وولي فتح الجزيرة. لا يعرف.
عمر بن مالك بن عقبة:
عمر بن مالك بن عقبة بن نوفل بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم وشهد فتح دمشق، وولي فتوح الجزيرة.
روى سيف بن عمر، عن أبي عثمان، عن خالد وعبادة قالا: قدم على أبي عبيدة كتاب عمر - يعني بعد فتح دمشق - بأن اصرف جند العراق إلى العراق.
وروى سيف عن محمد، وطلحة، والملهب، وعمر، وسعيد قالوا: لما رجع هاشم بن عتبة عن جلولاء إلى المدائن، وقد اجتمعت جموع أهل الجزيرة، فأمدوا هرقل على أهل حمص، كتب بذلك سعد إلى عمر، فكتب إليه عمر: أن أبعث إليهم عمر بن مالك بن عقبة بن نوفل بن عبد مناف في جند، فخرج عمر في جنده حتى نزل على من ب " هيت " فحصرهم، حتى أعطوا الجزاء فتركهم، ولحق عمر بأرض " قرقيسيا " فصالحه أهلها على الجزاء.
ذكر هذا الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخ دمشق.
عمر بن مالك الأنصاري:
عمر بن مالك الأنصاري. كان ينزل مصر، ذكره الطبراني وغيره.

أنبأنا أبو موسى كتابة، أنبأنا أبو زيد غانم بن علي، وعبد الكريم بن علي، وأبو بكر محمد بن أحمد الصغير، وأبو بكر محمد بن أبي القاسم القرافي، وأبو غالب أحمد بن العباس قالوا: أنبأنا أبو بكر بن ريذة - قال أبو موسى: وأنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم - قالا: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا شعيب بن يحيى، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن لهيعة بن عقبة: أنه سمع عمر بن مالك الأنصاري يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " آمركم بثلاث وأنهاكم عن ثلاث: آمركم أن لا تشركوا بالله شيئاً، وأن تعتصموا بالطاعة جميعاً حتى يأتيكم أمر الله عز وجل وأنتم على ذلك، وأن تناصحوا ولاة الأمر من الدين بأمر الله عز وجل، وأنهاكم عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال " .
أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.
وروى عمر بن محمد بن الحسن الأسدي، عن أبيه، عن نصر، عن علي بن زيد، عن زرارة بن أوفى، عن عمر بن مالك - قال: وكانت له صحبة - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من بنى لله مسجداً بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة " .
ورواه سفيان، عن علي بن زيد فقال: " عمرو بن مالك - أو مالك بن عمرو " . ورواه هشيم عن علي فقال: " عمرو بن مالك " .

عمر بن معاوية الغاضري:
عمر بن معاوية الغاضري - غاضرة قيس - مختلف في حديثه.
روى عنه ابن عائذ أنه قال: كنت ملزقاً ركبتي بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: يا نبي الله، كيف ترى في رجل ليس له مال يتصدق به، ولا قوة فيجاهد في سبيل الله بها، ويرى الناس يصلون ويجاهدون ويتصدقون، ولا يستطيع شيئاً من ذلك؟ قال: " يقول الخير ويدع الشر، يدخله الله الجنة معهم " .
أخرجه ابن منده.
عمر بن يزيد الخزاعي:
عمر بن يزيد الخزاعي الكعبي. جالس النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه أنه قال: " أسلم سالمها الله من كل آفة إلا الموت، فإنه لا سلم منه، وغفار غفر الله لهم، ولا حي أفضل من الأنصار " .
أخرجه الثلاثة.
عمر اليماني:
عمر اليماني. قاله ابن قانع، وروى بإسناده له عن شهر بن حوشب، عن عمر قال: كنت رجلاً من أهل اليمن حليفاً لقريش، فأرسلني أبو سفيان طليعة على النبي صلى الله عليه وسلم، فأعجبني الإسلام، فأسلمت.
استدركه أبو علي الغساني على أبي عمر.
عمرو بن أبي أثاثة:
عمرو - بفتح العين، وسكون الميم، وآخره واو - هو عمرو بن أبي أثاثة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب.
كان من مهاجرة الحبشة، وأمه النابغة بنت حرملة، فهو أخو عمرو بن العاص لأمه، وقد تقدم ذكره في " عروة بن أثاثة مستوفى " .
أخرجه أبو عمر.
عمرو بن الأحوص:
عمرو بن الأحوص بن جعفر بن كلاب الجشمي الكلاني. قاله أبو عمر، وأما ابن منده وأبو نعيم فلم ينسباه، إنما قالا عمرو بن الأحوص الجشمي، حديثه عند ابنه سليمان.
أنبأنا إسماعيل وإبراهيم وغيرهما بإسنادهم عن محمد بن عيسى: حدثنا هناد، حدثنا أبو الأحوص، عن شبيب بن غرقدة، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: " أي يوم أحرم؟ ثلاث مرات " ، قالوا: يوم الحج الأكبر. قال: " فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، الا لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده، ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلادكم، ولكن ستكون له طاعة فيما تحقرون من أعمالكم، فيرضى به " .
أخرجه الثلاثة.
قلت: قول أبي عمر " إنه جشمي كلابي " لا أعرفه، فإنه ليس في نسبه إلى كلاب جشم ولا فيما بعد كلاب أيضاً، وإنما " الأحوص بن جعفر بن كلاب " نسب معروف، والله أعلم، ولعله له حلف في جشم فنسبه إليه.
عمرو بن أحيحة بن الجلاح:
عمرو بن أحيحة بن الجلاح الأنصاري. وقد ذكرنا هذا النسب.
أخرجه ابن أبي حاتم فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة، قال: وسمع من خزيمة بن ثابت، روى عنه عبد الله بن علي بن السائب.

قال أبو عمر: " وهذا لا أدري ما هو، لأن عمرو بن أحيحة هو أخو عبد المطلب بن هاشم لأمه، وذلك أن هشام بن عبد مناف كانت تحته سلمى بنت زيد من بني عدي بن النجار، فمات عنها، وخلف عليها بعده أحيحة بن الجلاح فولدت له عمرو بن أحيحة، فهو أخو عبد المطلب لأمه. هذا قول أهل النسب. وإليهم يرجع في مثل هذا، ومحال أن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن خزيمة بن ثابت من كان في السن والزمن الذي وصفت! وعساه أن يكون حفيد لعمرو بن أحيحة يسمى عمراً، فنسب إلى جده، وإلا فما ذكر ابن أبي حاتم وهم لا شك فيه.
أخرجه أبو عمر.

عمرو بن أخطب الأنصاري:
عمرو بن أخطب، أبو زيد الأنصاري، وهو مشهور بكنيته، يقال: إنه من بني الحارث بن الخزرج، وقيل: ليس من الأوس ولا من الخزرج، ونذكره في الكنى مستقصى إن شاء الله تعالى.
غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوات، ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، ودعا له بالجمال.
أخبرنا عبد الله بن أبي نصر الخطيب، أخبرنا النقيب طراد بن محمد إجازة إن لم يكن سماعاً، أنبأنا الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، أنبأنا عبد الله بن محمد بن عبيد، حدثنا أبو خيثمة زهير، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، أنبأنا حسين بن واقد، حدثنا أبو نهيك الأزدي، عن عمرو بن أخطب قال: استقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته بإناء فيه شعرة، فرفعتها ثم ناولته، فقال: اللهم، جمله - قال أبو نهيك: فرأيته بعد ثلاث وتسعين وما في رأسه ولحيته شعرة بيضاء.
ويقال: إنه بلغ مائة سنة ونيفاً وما في رأسه ولحيته إلا نبذ من شعر أبيض.
وهو جد عزرة بن ثابت، روى عنه أنس بن سيرين، وأبو الخليل، وعلباء بن أحمر، وتميم بن حويص، وغيرهم.
ورأى خاتم النبوة كأنه خيلان سود.
أخرجه الثلاثة.
؟
عمرو بن أراكة:
عمرو بن أراكة وقيل: ابن أبي أراكة. سكن البصرة. قال محمد بن إسماعيل البخاري: عمرو بن أراكة، سكن البصرة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
روى الحسن البصري أن عمرو بن أراكة كان جالساً مع زياد على سريره، فأتي بشاهد - أراه مال في شهادته - فقال له زياد: والله لأقطعن لسانك. فقال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة ويأمر بالصدقة.
أخرجه الثلاثة.
؟
عمرو بن أبي الأسد:
عمرو بن أبي الأسد. ذكره الحسن بن سفيان، والبغوي وغيرهما.
أبو موسى، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن حرب المروزي، حدثنا محمد بن بشر العبدي، حدثنا عبيد روى الحسن البصري أن عمرو بن أراكة كان جالساً مع زياد على سريره، فأتي بشاهد - أراه مال في شهادته - فقال له زياد: والله لأقطعن لسانك. فقال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة ويأمر بالصدقة.
أخرجه الثلاثة.
؟
عمرو بن أبي الأسد:
عمرو بن أبي الأسد. ذكره الحسن بن سفيان، والبغوي وغيرهما.
أخبرنا أبو موسى، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن حرب المروزي، حدثنا محمد بن بشر العبدي، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن ابن شهاب، عن عمرو بن أبي الأسد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، واضعاً طرفيه على عاتقه.
رواه عياش الدوري وعلي بن حرب وأبو كريب، عن محمد بن بشر كذلك.
وقيل: وهم فيه محمد بن بشر، والصحيح ما رواه أبو أسامة وغيره، عن عبيد الله، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد.
أخرجه أبو موسى، وأخرجه أبو نعيم، إلا أنه جعله " عمرو بن الأسود " ، وروى له حديث محمد بن بشر، ورد عليه كما في هذا الكتاب لا غير.
عمرو بن الأسود بن عامر:
عمرو بن الأسود بن عامر. استشهد يوم اليمامة. استدركه ابن الدباغ على أبي عمر مختصراً.
عمرو بن الأسود العنسي:
عمرو بن الأسود العنسي. ذكره ابن أبي عاصم.
أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده عن عبد الله بن احمد، حدثني أبي، حدثنا أبو اليمان، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن حكيم بن عمير وضمرة بن حبيب قالا: عن عمر بن الخطاب قال: من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هدي عمرو بن الأسود.

أخرجه أبو موسى، وقال: عمرو هذا ليس بصحابي، ولكنه روى عن الصحابة والتابعين، وذكره أبو القاسم الدمشقي فقال: عمرو - ويقال: عمير - بن الأسود، أبو عياض، ويقال: أبو عبد الرحمن العنسي الحمصي، قيل أنه سكن " داريا " ، وكان ممن أدرك الجاهلية، روى عن عمر بن الخطاب وعبارة وابن مسعود وغيرهم، وذكر قول عمر فيه الذي قدمنا ذكره.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الصحابة.
العنسي: بالنون.

عمرو بن الأسود:
عمرو بن الأسود. ذكره سعيد القرشي في الصحابة.
روى شريح بن عبيد الحضرمي، عن الحارث بن الحارث، عن عمرو بن الأسود وأبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خيار أئمة قريش خيار أئمة الناس " .
الحديث في فضل قريش، أخرجه أبو موسى.
قلت: قد ذكرت هذه التراجم الثلاث، ولا أدري أهي واحدة أو أكثر؟ وهل هي التي ذكرها أبو نعيم أو غيرها؟ لأنهما لم يذكرا نسباً ولا شيئاً مما يستدل به على أنها ولحد أو أكثر، وما فيها من الأحاديث فقد يكون للصاحب الواحد عدة أحاديث، وقد ذكرتها جميعها كما ذكراها للخروج من عهدتها، على أن أبا موسى إمام حافظ، ولم يخرجها إلا وقد علم أن كل واحد منهم غير الآخر، والله أعلم.
عمرو بن أقيش:
عمرو بن أقيش. أتى النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه أبو هريرة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله.
أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بإسناده عن أبي داود، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن عمرو بن أقيش أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له ثأر في الجاهلية، وكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد فقال: أين بنو عمي! قالوا: بأحد. قال: أين فلان؟ قالوا: بأحد. فلبس لأمته وركب فرسه، ثم توجه قبلهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو. قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحاً، فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخته: سليه، أحمية أم غضباً لهم، أم غضباً لله عز وجل؟ فقال: غضباً لله ورسوله. فمات فدخل الجنة، ما صلى لله صلاة.
أخرجه ابن منده.
عمرو بن أمية القرشي:
عمرو بن أمية بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، وأمه زينب بنت خالد بن عبد مناف بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة.
قاله الزبير، هاجر إلى أرض الحبشة ومات بها.
أخرجه أبو عمر مختصراً.
عمرو بن أمية بن خويلد الضمري:
عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله بن إياس بن عبيد بن ناشرة بن كعب بن جدي بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكناني الضمري، يكنى أبا أمية.
بعثه النبي صلى الله عليه وسلم وحده عيناً إلى قريش، فحمل خبيب بن عدي من الخشبة التي صلب عليها، وأرسله إلى النجاشي وكيلاً، فعقد له على أم حبيبة بنت أبي سفيان. وأسلم قديماً وهو من مهاجرة الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، وأول مشاهدة بئر معونة. قاله أبو نعيم.
وقال أبو عمر: إن عمراً شهد بدراً، وأحداً مع المشركين، وأسلم حين انصرف المشركون من أحد.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه في أموره، وكان من أنجاد العرب ورجالها نجدة وجراءة، وكان أول مشاهدة بئر معونة، وأسرته بنو عامر يومئذ، فقال له عامر بن الطفيل: إنه كان على أمي نسمة فاذهب فأنت حر عنها، وجز ناصيته.
وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام سنة ست، وكتب على يده كتاباً، فأسلم النجاشي. وأمره أن يزوجه أم حبيبة ويرسلها ويرسل من عنده من المسلمين.
روى عنه أولاده: جعفر والفضل وعبد الله، وابن أخيه الزبرقان بن عبد الله بن أمية، وهو معدود من أهل الحجاز.
أنبأنا أحمد بن عثمان، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن، أنبأنا أبو مسلم محمد بن علي بن مهريز، أنبأنا أبو بكر بن زادان، حدثنا مأمون بن هارون بن طوسي، أنبأنا الحسين بن عيسى بن حمدان الطائي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا إبراهيم بن سعد، أنبأنا ابن شهاب، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أبيه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أكل من كتف عنز، ثم دعي إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ.
وتوفي عمرو آخر أيام معاوية قبل الستين.
أخرجه الثلاثة.
جدي: بضم الجيم، وفتح الدال المهملة، وآخره ياء تحتها نقطتان.

عمرو بن أمية الدوسي:
عمرو بن أمية الدوسي. أورده جعفر المستغفري. روى زياد البكائي، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: قال عمرو بن أمية الدوسي: دخلت المسجد الحرام فلقيني رجال من قريش فقالوا: إياك أن تلقى محمداً فتسمع مقالته فيخدعك بزخرف كلامه!. وذكر الحديث.
أخرجه أبو موسى، وقال: هذه القصة مشهورة بعمرو بن الطفيل.
عمرو جد أبي أمية:
عمرو، جد أبي أمية بن عبد الله. روى يعقوب بن محمد المدني، عن أبي أمية بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أطعمني جبريل الهريسة أسد بها ظهري " .
أخرجه أبو موسى.
عمرو بن أوس الثقفي:
عمرو بن أوس الثقفي. نزل الطائف، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه عثمان، وقيل: عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن أبيه، وقد ذكرناه. والصواب عمرو بن أوس.
روى الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، عن عثمان بن عمرو بن أوس، عن أبيه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، فكان يخرج إلينا من الليل فيحدثنا، فأبطأ ذات ليلة فقال: طال حزبي فكرها أن أخرج حتى أفرغ منه.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عمرو بن أوس بن عتيك:
عمرو بن أوس بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن عامر بن زعوراء بن جشم بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي، وزعوراء أخو عبد الأشهل.
وعمرو هو أخو مالك والحارث ابني أوس.
شهد أحد والخندق، وما بعدهما من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم جسر أبي عبيد.
أخرجه أبو عمر.
عمرو بن أبي أويس القرشي:
عمرو بن أبي أويس بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حذيفة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي الامري.
قتل يوم اليمامة، قاله ابن إسحاق.
أخبرنا به أبو جعفر بإسناده عن يونس عن ابن إسحاق، وقال: عمرو بن أوس.
أخرجه أبو عمر، وأبو موسى، إلا أن أبا موسى قال: عمرو بن أوس بن سعد، والله أعلم.
عمرو بن الأهتم:
عمرو بن الأهتم - واسم الأهتم: سنان بن سمي بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس - واسمه: الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي المنقي.
وقيل: الأهتم، واسمه سنان بن خالد بن سمي.
وقيل: إن قيس بن عاصم ضربه بقوس فهتم فاه، فسمي الأهتم. وقيل: كان مهتوماً من سنة. وكان سبب ضرب قيس بن عاصم إياه أن قيساً كان رئيس بني سعد بن زيد مناة بن تميم يوم الكلاب، فوقع بينه وبين الأهتم اختلاف في أمر عبد يغوث بن وقاص بن صلاءة الحارثي، حين أسره عصمة التيمي، فرفعه إلى الأهتم، فضربه قيس فهتم فاه.
وأم عمرو بنت قذلي بن أعبد. ويكنى عمرو أبا ربعي، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وافداً في وجوه قومه من بني تميم سنة تسع، فيهم: الزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم وغيرهما، فأسلموا ففخر الزبرقان، فقال: يا رسول الله، أنا سيد بني تميم، والمجاب فيهم، آخذ لهم بحقوقهم، وأمنعهم من الظلم، وهذا يعلم ذلك - يعني عمرو بن الأهتم - فقال عمرو: إنه لشديد العارضة، مانع لجانبه، مطاع في أدنيه. فقال الزبرقان: والله لقد كذب يا رسول الله، وما منعه من أن يتكلم إلا الحسد! فقال عمرو: وأنا أحسدك؟! فوالله إنك لئيم الخال، حديث المال، أحمق الولد، مبغض في العشيرة، والله ما كذبت في الأولى ولقد صدقت في الثانية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن في البيان لسحراً " .
وقيل: إن الوفد كانوا سبعين أو ثمانين، فيهم: الأقرع بن حابس. وهم الذين نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات، وخبرهم طويل، وبقوا بالمدينة مدة يتعلمون القرآن والدين، ثم خرجوا إلى قومهم فأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم وكساهم.
وقيل: إن عمراً كان غلاماً فلما أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بقي منكم أحد؟ - وكان عمرو بن الأهتم في ركابهم - فقال قيس بن عاصم وكلاهما منقريان، بينهما مشاحنة: لم يبق منا أحد إلا غلام حدث في ركابنا وأزرى به! فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطاهم، فبلغ عمراً قول قيس فقال:
ظللت مفترش الهلباء تشتمني ... عند النبي فلم تصدق ولم تصب

إن تبغضونا فإن الروم أصلكم ... والروم لا تملك البغضاء للعرب
فإن سؤددنا عود وسؤددكم ... مؤخر عند أصل العجب والذنب
وكان عمرو ممن اتبع سجاح لما ادعت النبوة، ثم إنه أسلم وحسن إسلامه، وكان خطيباً أديباً يدعى " المكحل " لجماله، وكان شاعراً بليغاً محسناً يقال: إن شعره كان حللاً منشرة.
وكان شريفاً في قومه، وهو القائل:
ذريني فإن البخل يا أم هيثم ... لصالح أخلاق الرجال سروق
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكن أخلاق الرجال تضيق
ومن ولده خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم.
أخرجه الثلاثة.

عمرو بن إياس:
عمرو بن إياس الأنصاري، من بني سالم بن عوف، قتل يوم أحد شهيداً، ولم يذكره ابن إسحاق.
قاله أبو عمر، وهو أخرجه.
عمرو بن إياس بن زيد:
عمرو بن إياس بن زيد بن غنم: قال ابن إسحاق: هو رجل من اليمن حليف الأنصار، شهد بدراً وأحداً.
وقال ابن هشام: عمرو بن إياس هذا، ويقال: إنه أخو ربيع بن إياس وودفة بن إياس، قاله أبو عمر.
وقال ابن منده وأبو نعيم: عمرو بن إياس، من بني لوذان، حليف لهم، قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، في تسمية من شهد بدراً من الأنصار: عمرو بن إياس، حليف لهم.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن أبي إسحاق، في تسمية من شهد بدراً قال: ومن بني لوذان بن غنم: عمرو بن إياس، حليف لهم من اليمن.
أخرجه الثلاثة.
عمرو بن أيفع:
عمرو بن أيفع بن كرب الناعطي. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أخو مالك بن أيفع، قاله الطبري.
وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما، ومعهما ابن أخيهما مالك بن حمزة بن ايفع، قاله ابن ماكولا.
حمرة: بالحاء المضمومة المهملة، وبالراء.
عمرو بن بجاد الأشعري:
عمرو بن بجاد، أبو أنس الأشعري. روى عمرو بن عبد السلام بن عمران بن أبي أنس، عن خديجة بنت عمران بن أبي أنس، عن أبيها، عن جدها أبي أنس - واسمه عمرو بن بجاد الأشعري - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسلم السحاب عند الله العنان، والرعد ملك يزجر السحاب، والبرق طرف ملك " .
أخرجه أبو موسى.
عمرو بن البداح القيسي:
عمرو بن البداح القيسي. له ذكر في حديث المشمرج بن خالد.
روى علي بن حجر السعدي: حدثني أبي، عن أبيه: أن جده المشمرج بن خالد، قال: قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد عبد القيس، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم برداً، وأقطعه ركيا بالبادية - قال علي بن حجر: فسمعت عجوزاً من بني عوف بن سعد تقول: هاجر وتركها لابن عم له يقال له: عمرو بن بداح، وفيه قال الشاعر:
وإني لمختار الجهاد وتارك ... لعمرو بن بداح كتيب الفوارس
أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، ولا يعرف له إسلام ولا صحبة، وإنما ذكر في بيت شهر، وذكر البيت المتقدم ذكره.
عمرو بن بعكك:
عمرو بن بعكك، أبو السنابل بن بعكك. يرد في الكنى مستوفى إن شاء الله تعالى.
أخرجه أبو نعيم.
عمرو البكالي:
عمرو البكالي. له صحبة، يعد في الشاميين، وهو من بني بكال بن دعمي بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن كهلان. كذا نسبه خليفة في الصحابة، يكنى أبا عثمان، روى عنه أبو تميمة الهجيمي.
قال أبو تميمة: قدمت الشام فإذا الناس يطيفون برجل، فقلت: من هذا؟ فقالوا: أفقه من بقي اليوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هذا عمرو البكالي. قال: ورأيت أصابعه مقطوعة، فقلت: ما ليده؟ قالوا: أصيبت يوم اليرموك بالشام، زمن عمر بن الخطاب.
ومن حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان عليكم أمراء يأمرونكم بالصلاة والزكاة حلت لكم الصلاة خلفهم، وحرم عليكم سبهم.
أخرجه الثلاثة، إلا أن أبا نعيم قال: " عمرو بن سفيان البكالي " .
عمرو بن بكر:
عمرو بن بكر. قال جعفر: هو اسم أبي الجعد الضمري، من بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، له دار في بني ضمرة بالمدينة. كذا أسماه ونسبه خليفة.
وقال أبو حاتم بن حبان: اسمه الأدرع. وقال أبو عيسى الترمذي: لم يعرف البخاري اسم أبي الجعد الضمري.

وذكره أبو أحمد العسكري في الصحابة: فقال: هو أبو الجعد بن جنادة بن المرداد بن عبد كعب بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة.
أخرجه أبو موسى.

عمرو بن بلال بن بليل:
عمرو بن بلال بن بليل. وقيل: عمرو بن عمير، أبو ليلى الأنصاري. مختلف في اسمه، فقيل: داود، وقيل: سفيان، وقيل: أوس، وقيل: بلال. ويرد ذكره في الكنى أتم من هذا إن شاء الله تعالى، وفي عمرو بن عمير.
وشهد أحداً وما بعدها، ثم شهد صفين مع علي.
وقال ابن الكلبي: كان من المهاجرين.
أخرجه الثلاثة.
عمرو بن بيبا:
عمرو بن بيبا. قال جعفر: روى عنه ابنه صالح قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك.
أخرجه أبو موسى مختصراً.
عمرو بن تغلب العبدي:
عمرو بن تغلب العبدي من عبد القيس، وقيل: هو من بكر بن وائل. وقيل: من النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
وجميع ما ذكر في نسبه يرجع إلى أسد بن ربيعة، فهو ربعي على الاختلاف الذي فيه.
سكن البصرة، روى عنه الحسن البصري.
أنبأنا الخطيب أبو الفضل بن أبي نصر بإسناده إلى أبي داود الطيالسي: أنبأنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن عمرو بن تغلب قال: لقد قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ما أحب أن لي بها حمر النعم، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، فأعطى قوماً ومنع قوماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنا نعطي قوماً نخشى هلعهم وجزعهم، ونكل قوماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الإيمان، منهم: عمرو بن تغلب وإن من أشراط الساعة أن تكثر التجار ويظهر القلم. يعني أن التجار يكثرون لكثرة المال، ويكثر الذين يكتبون، فإن الكتابة كانت قليلة في العرب.
وقال قتادة: هاجر من بكر بن وائل أربعة رجال، رجلان من بني سدوس: أسود بن عبد الله من أهل اليمامة، وبشير بن الخصاصية، وعمرو بن تغلب من النمر بن قاسط، وفرات بن حيان من بني عجل.
وهذا فيه نظر، فإن من يكون من النمر لا يكون من بكر، إلا أن يكون حليفاً، ولم يذكر أنه حليف.
أخرجه الثلاثة.
عمرو بن تيم البياضي:
عمرو بن تيم البياضي. قال ابن القداح: شهد أحداً والمشاهد بعدها.
قال العدوي: ولم أر أحداً يعرفه.
ذكره ابن الدباغ على أبي عمر.
عمرو بن ثابت الأوسي:
عمرو بن ثابت بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأوسي الأشهلي، وهو أخو سلمة بن ثابت، وابن عم عباد بن بشر، ويعرف عمرو بأصيرم بني عبد الأشهل، وهو ابن أخت حذيفة بن اليمان.
استشهد يوم أحد، وهو الذي قتل: إنه دخل الجنة ولم يصل صلاة، قاله الطبري.
أنبأنا أبو جعفر عبد الله بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن أبي سفيان مولى ابن أبي احمد، عن أبي هريرة: أنه كان يقول: أخبروني عن رجل دخل الجنة، ولم يصل لله عز وجل صلاة، فإذا لم يعرفه الناس يقول: " أصيرم بني عبد الأشهل: عمرو بن ثابت بن وقش " . وذلك أنه كان يأبى الإسلام، فلما كان يوم أحد بدا له في الإسلام فأسلم، ثم أخذ سيفه فأثبتته الجراح، فخرج رجال بني عبد الأشهل يتفقدون رجالهم في المعركة، فوجدوه في القتلى في آخر رمق، فقالوا: هذا عمرو، فما جاء به؟ فسألوه: ما جاء بك يا عمرو؟ أحدباً على قومك أو رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام أسلمت، وقاتلت حتى أصابني ما ترون. فلم يبرحوا حتى مات، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنه لمن أهل الجنة " .
قال أبو عمر: في هذا القول عندي نظر.
أخرجه الثلاثة.
قلت: نسبه ابن منده فقال: عمرو بن ثابت بن وقش بن أصرم بن عبد الأشهل. وهذا نسب غير صحيح، فإن أصيرم لقب عمرو، لا اسم جد له، وقد أسقطه أيضاً، فإنه جعل أصيرم بن عبد الأشهل، وبينهما لو كان نسباً صحيحاً زغبة وزعوراء لا بد منهما، والصواب ما ذكرناه في نسبه.
وقد أخرج ابن منده ترجمة أخرى فقال: عمرو بن أقيش، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله. اختصره ابن منده، وأورد له الحديث الذي رواه أبو داود السجستاني، وهو هذا، فإن القصة واحدة.
عمرو بن ثبي:

عمرو بن ثبي. قال سيف بن عمر، عن رجاله: هو أول من أشار على النعمان بن مقرن حين استشار أهل الرأي في مناجزة أهل نهاوند، وكان عمرو بني ثبي من أكبر الناس سناً يومئذ.
أخرجه أبو عمر مختصراً.

عمرو بن ثعلبة الجهني:
عمرو بن ثعلبة الجهني، يعد في الحجازيين. روى يعقوب بن محمد الزهري، عن وهب بن عطاء بن يزيد الجهني، عن الوضاح بن سلمة، عن أبيه، عن عمرو بن ثعلبة الجهني: أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيالة، فدعاه إلى الإسلام، فأسلم، ومسح رأسه - قال: فمضت له مائة سنة وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الثلاثة إلا أن ابن منده قال: " الجهني الأنصاري " ، وقال: وهب بن عطاء بن يزيد بن شبيب بن عمرو بن ثعلبة الجهني.
عمرو بن ثعلبة الخشني:
عمرو بن ثعلبة الخشني. أخو أبي ثعلبة.
أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن الدباغ مستدركاً على أبي عمر؛ وذكر ابن الكلبي أنه أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عمرو بن ثعلبة الأنصاري:
عمرو بن ثعلبة بن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، أبو حكيم - أو: حكيمة - الأنصاري الخزرجي، ثم من بني عدي بن النجار. قال ابن شهاب: شهد بدراً.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً: " ..وعمرو بن ثعلبة " .
لا عقب له، وشهد أحداً أيضاً، قاله أبو نعيم وأبو عمر.
وقال ابن منده: عمرو بن ثعلبة الأنصاري، شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم روى حديثه يعقوب بن محمد الزهري، عن وهب بن عطاء، عن الوضاح بن سلمة، عن أبيه، عن عمرو بن ثعلبة الأنصاري - وكان قد أتت عليه مائة سنة، وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الثلاثة.
قلت: قد ذكر ابن منده في ترجمة " عمرو بن ثعلبة الجهني " التي قبل هذه الترجمة: أنه شهد بدراً، وعداده في أهل الحجاز. وروى بإسناده عن يعقوب بن محمد الزهري، عن وهب بن عطاء، عن الوضاح، عن أبيه، عن عمرو بن ثعلبة الجهني قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيالة، فأسلمت ومسح رأسي.. الحديث. وروى في هذه الترجمة: " عمرو بن ثعلبة الأنصاري، وكان قد أتت عليه مائة سنة، وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأسه " ، هكذا ذكره في الترجمتين! والعجب منه أنه جعل ترجمتين، وجعل الكلام عليهما واحداً، والحالة واحدة، والحديث واحداً، والإسناد واحداً! فأي فرق يكون بينهما حتى ، يجعلهما اثنين؟ ثم إنه جعل الأول جهنياً أنصارياً، وإذا كان أنصارياً كان مسكنه بالمدينة، فكيف يلقاه بالسيالة وغيرها. وإنما الصحيح الذي ذكره أبو نعيم وأبو عمر، وقد نقلنا معنى كلامهما، والله أعلم.
حكيمة: بضم الحاء، وفتح الكاف، وآخره هاء.
عمرو الثمالي:
عمرو الثمالي - وقيل: اليماني. روى حديثه شهر بن حوشب، عنه أنه قال: بعث معي النبي صلى الله عليه وسلم بهدي تطوعاً وقال: إن عطب منها شيء فانحره، ثم اصبغ نعله من دمه فاضربه على صفحته، وخل بينه وبين الناس.
أخرجه الثلاثة.
عمرو بن جابر الجني:
عمرو بن جابر الجني. أوردناه اقتداء بالحافظ أبي موسى، وقد ذكر أنه اقتدى بالطبراني، وبالجملة فتركه أولى، وإنما ذكرناه لأننا شرطنا أننا لا نخل بترجمة.
أنبأنا أبو موسى إذناً، أنبأنا أبو الخير محمد بن رجاء، حدثنا أحمد بن أبي القاسم، حدثنا أحمد بن موسى، حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا سلم بن قتيبة، حدثنا عمرو بن نبهان العنبري، حدثنا أبو عيسى سلام، حدثنا صفوان بن المعطل السلمي قال: خرجنا حجاجاً، فلما كنا بالعرج إذ نحن بحية تضطرب، فلم تلبث أن ماتت. فأخرج لها رجل منا خرقة فلفها فيها، ثم حفر لها في الأرض، ثم قدمنا مكة فإنا لبالمسجد الحرام إذ وقف علينا شخص فقال: أيكم صاحب عمرو بن جابر؟ قلنا: ما نعرفه! قال: أيكم صاحب الجان؟ قالوا: هذا. قال: جزاك الله خيراً، أما أنه كان آخر التسعة موتاً الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمعون القرآن. وقال: كان بين حيين من الجن قتال مسلمين ومشركين، فقتل، فإن شئتم عوضناكم - يعني عن الخرقة؟ قلنا:لا.
أخرجه أبو موسى، وقد أخرجه ابن أبي عاصم، عن عمرو بن علي، عن سلم بالإسناد.

عمرو بن جبلة:
عمرو بن جبلة بن وائل بن قيس. ذكره ابن الكلبي وأبو عبيد فيمن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم - قال أبو عبيدة: من ولده سعيد الأبرش الكلبي صاحب هشام بن عبد الملك، واسمه: سعيد بن الوليد.
ذكره الغساني.
عمرو بن جدعان:
عمرو بن جدعان. روى سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن جدعان: يا عمرو بن جدعان، إذا اشتريت ثوباً فاستجده، وإذا اشتريت نعلاً فاستجدها، وإذا اشتريت دابة فاستفرهها، وإذا نكحت امرأة فأحسن إليها.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
عمرو بن جراد:
عمرو بن جراد. روى الربيع بن بدر، عن أبيه، عن عمرو بن جراد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعوا سعداً فإنها ستسعد " .
أخرجه أبو موسى.
عمرو بن الجموح:
عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي، من بني جشم بن الخزرج.
شهد العقبة وبدراً في قول، ولم يذكره ابن إسحاق فيهم، واستشهد يوم أحد، ودفن هو وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله في قبر واحد، وكانا صهرين متصافيين.
وروى الشعبي أن نفراً من الأنصار من بني سلمة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من سيدكم يا بني سلمة؟ فقالوا: الجد بن قيس على بخل فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح. فقال شاعر الأنصار في ذلك:
وقال رسول الله والحق قوله ... لمن قال منا من تسمون سيدا؟
فقالوا له: جد بن قيس على التي ... نبخّله فيها وإن كان أسودا
فتى ما تخطى خطوة لدنية ... ولا مد في يوم إلى سوأة يدا
فسود عمرو بن الجموح لجوده ... وحق لعمرو بالندى أن يسودا
إذا جاءه السؤال أذهب ما له ... وقال: خذوه، إنه عائد غدا
وروى معمر وابن إسحاق، عن الزهري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بل سيدكم بشر بن البراء بن معرور " . وقد ذكرناه في بشر.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: وكان عمرو بن الجموح سيداً من سادة بني سلمة، وشريفاً من أشرافهم، وكان قد اتخذ في داره صنماً من خشب يقال له " مناة " يعظمه ويطهره، فلما أسلم فتيان بني سلمة: ابّنه معاذ بن عمرو، ومعاذ بن جبل في فتيان منهم، كانوا ممن شهد العقبة، فكانوا يدخلون الليل على صنم عمرو فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة، وفيها عذر الناس منكساً على رأسه، فإذا أصبح عمرو قال: ويلكم! من عدا على آلهتنا هذه الليلة؟ ثم يغدو فيلتمسه، فإذا وجده غسله وطيبه، ثم يقول: والله لو أعلم من يصنع لك هذا لأخزينه، فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه ففعلوا به ذلك، فيغدو فيجده، فيغسله ويطيبه. فلما ألحوا عليه استخرجه فغسله وطيبه، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه، ثم قال: إني والله لا أعلم من يصنع بك ذلك، فإن كان فيك خير فامتنع، هذا السيف معك! فلما أمسى عدوا عليه، وأخذوا السيف من عنقه، ثم أخذوا كلباً ميتاً فقرنوه بحبل، ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر الناس. وغدا عمرو فلم يجده، فخرج يبتغيه حتى وجده مقروناً بكلب، فلما رآه أبصر رشده، وكلمه من أسلم من قومه، فأسلم وحسن إسلامه.
وقال عمرو حين اسلم، وعرف من الله ما عرف، وهو يذكر صنمه ذلك، وما أبصره من أمره، ويشكر الله الذي أنقذه من العمى والضلال:
تالله لو كنت إلهاً لم تكن ... أنت وكلب وسط بئر في قرن
أف لمصرعك إلهاً مستدن ... الآن فتشناك عن سوء الغبن
فالحمد لله العلي ذي المنن ... الواهب الرزاق وديان الدين
هو الذي أنقذني من قبل أن ... أكون في ظلمة قبر مرتهن

وقال ابن الكلبي: كان عمرو بن الجموح آخر الأنصار إسلاماً، ولما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى بدر، أراد الخروج معهم، فمنعه بنوه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة عرجه. فلما كان يوم أحد قال لبنيه: منعتموني الخروج إلى بدر، فلا تمنعوني الخروج إلى أحد! فقالوا: إن الله قد عذرك. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنت فقد عذرك الله، ولا جهاد عليك، وقال لبنيه: لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله أن يرزقه الشهادة. فأخذ سلاحه وولى وقال: اللهم ارزقني الشهادة ولا تردني إلى أهلي خائباً. فلما قتل يوم أحد جاءت زوجه هند بنت عمرو، عمة جابر بن عبد الله، فحملته وحملت أخاها عبد الله بن عمرو بن حرام، فدفنا في قبر واحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لقد رأيته يطأ في الجنة بعرجته " .
وقيل: إن عمرو بن الجموح كان به أربعة بنين يقاتلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه حمل يوم أحد هو وابنه خلاد على المشركين حين انكشف المسلمون، فقتلا جميعاً.
أخرجه الثلاثة.

عمرو بن جندب الوادعي:
عمرو بن جندب الوادعي، أبو عطية. أورده علي العسكري، وروى بإسناده عن سفيان، عن علي بن الأقمر، عن أبي عطية الوادعي قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى نسائه في جنازة فقال: " ارجعن مأزورات وغير مأجورات " .
أخرجه أبو موسى وقال: هذا تابعي يروي عن علي وابن مسعود.
عمرو الجني:
عمرو الجني. قال أبو موسى: هو آخر، وقال: أورده الطبراني، وقيل: هو ابن طارق.
وأورده أبو زكريا على جده.
روى أحمد بن سعيد بن أبي مريم، عن عثمان بن صالح، عن عمرو الجني قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة النجم، فسجد وسجدت معه.
وقال عثمان بن صالح المصري: رأيت عمرو بن طارق الجني، فقلت: هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وبايعته، وأسلمت وصليت خلفه الصبح، وقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين.
أخرجه أبو موسى، فاقتدينا به، وتركه أولى، ومن العجب أنهم يذكرون الجن في الصحابة، ولا يصح باسم أحد منهم نقل، ولا يذكرون جبريل وميكائيل وغيرهما من الملائكة، الذين وردت أسماءهم، ولا شبهة فيهم!.
عمرو بن جهم:
عمرو بن جهم بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
أورده جعفر، وقال: هاجر وأخوه خزيمة وأبوهما جهم إلى أرض الحبشة، ورجعوا في السفينتين إلى المدينة، ورواه عن ابن إسحاق.
أخرجه أبو موسى.
أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق، في تسمية من هاجر إلى أرض الحبسة: " ..ومن بني عبد الدار بن قصي: جهم بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وابنه عمرو بن جهم " .
عمرو بن الحارث بن زهير القرشي:
عمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي الفهري.
كان قديم الإسلام بمكة، وقيل: اسمه عامر، يكنى أبا نافع، هاجر إلى الحبشة، قاله ابن إسحاق والواقدي، ولم يذكره ابن عقبة ولا أبو معشر فيمن هاجر إلى الحبشة، وذكره موسى بن عقبة في البدريين، وقد ذكره ابن إسحاق في البدريين أيضاً إلا أنه خالف في بعض نسبه، فقال: ابن أبي شداد بن ربيعة بن أهيب بن ضبة.
أخرجه أبو عمر وأبو موسى.
عمرو بن الحارث المصطلقي:
عمرو بن الحارث بن أبي ضرار بن عائد بن مالك بن خزيمة - وهو المصطلق - بن سعد ابن كعب بن عمرو الخزاعي المصطلقي، أخو جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
روى عنه أبو وائل، وأبو إسحاق السبيعي.
روى أبو حذيفة، عن زهير، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن الحارث صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي امرأته قال: تالله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته ديناراً ولا درهماً، ولا أمة ولا عبداً، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة.
أخرجه هكذا أبو عمر، ونسبه كما سقناه أولاً. وأما أبو موسى فإنه قال: " عمرو بن الحارث بن أبي ضرار " ، حسب، لم يتجاوز في نسبه هذا.

قلت: وإنما أخرجه أبو موسى ظناً منه أنه غير عمرو بن الحارث بن المصطلق الذي أخرجه ابن منده، ويرد ذكره بعد هذه الترجمة إن شاء الله تعالى، وأخرج له أبو موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " وقال: فرق العسكري - هو علي - بين هذا وبين عمرو بن الحارث بن المصطلق، وجمع أبو عبد الله بن منده بينهما. ولم يذكر ابن منده ولا أبو نعيم هذه الترجمة، إنما ذكرا عمرو بن الحارث بن المصطلق الخزاعي على ما نذكره، وقالا فيها: إنه أخو جويرية، وذكرا له الحديثين اللذين رواهما أبو موسى عن هذا عمرو بن الحارث بن أبي ضرار، في تركة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قراءة ابن أم عبد. ولا شك أن من يجعلهما اثنين فقد وهم، وإنما هما واحد، وقد أسقط ابن منده وأبو نعيم من نسبه ما بين " الحارث " وبين " المصطلق " ، أما ابن منده فيكون قد نقله من نسخة سقيمة قد سقط منها بعض النسب، وتبعه أبو نعيم ولم يمعن النظر ليظهر له، وأعجب من ذلك أن أبا نعيم نسب جويرية كما سقنا هذا النسب، وجعلها أخت عمرو بن الحارث بن المصطلق، وبينهما عدة آباء، ولقد ذكر ابن منده في جويرية أعجوبة فإنه اقتصر في نسبها على أبي ضرار، ثم قال: أصابها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس فأعتقها وتزوجها في سنة خمس في شعبان، وأوطاس كانت بعد الفتح سنة ثمان، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها قيل أن تسبى! والله أعلم.

عمرو بن الحارث الأنصاري:
عمرو بن الحارث بن لبدة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري، من القوافل.
شهد العقبة الثانية، قاله ابن إسحاق.
عمرو بن الحارث بن المصطلق:
عمرو بن الحارث بن المصطلق، أخو جويرية أم المؤمنين. يعد في الكوفيين، قاله ابن منده وأبو نعيم هكذا، ورويا عنه أنه قال: " قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخلف ديناراً.. " الحديث، ورويا أيضاً عنه في قراءة ابن مسعود.
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الأنصاري وأبو محمد عبد العزيز بن أبي طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي وغيرهما قالوا: أنبأنا علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو عبد الله بن محمد بن طلحة بن علي بن يوسف الرازي قالا: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن هزار بن مرد الصريفيني، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الحارث الخزاعي أخي جويرية بنت الحارث - قال: لا والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته ديناراً ولا درهماً، ولا عبداً ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم. وقد تقدم الكلام عليه في عمرو بن الحارث بن أبي ضرار، فليطلب منه.
عمرو بن الحارث بن هيشة:
عمرو بن الحارث بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية بن مالك. شهد أحداً هو وأخوه عبد الله بن الحارث، ولا عقب لهما.
حكاه العدوي، عن الواقدي.
عمرو بن حبيب:
عمرو بن حبيب بن عبد شمس، وقيل: عمرو بن سمرة الأقطع.
قاله ابن منده، وروى عن عمرو بن ثعلبة، عن أبيه: أن عمرو بن سمرة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا رسول الله، إني سرقت.. " وذكر الحديث، ذكرناه في ثعلبة.
وقيل: عمرو بن أبي حبيب، وقيل: عمرو بن جندب.
عداده في الشاميين. ذكره الحسن بن سفيان. روى صفوان بن عمرو، عن أبي رواحة عن عمرو بن حبيب أنه قال لسعيد بن عمرو: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خاب عبد وخسر، لم يجعل الله في قلبه رحمة للبشر " .
أخرجه ابن منده وأبو نعي.
عمرو بن الحجاج الزبيدي:
عمرو بن الحجاج الزبيدي. قال ابن إسحاق: كان مسلماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله مقام محمود حين أرادت زبيد الردة، فنهاهم عنها، وحثهم على التمسك بالإسلام. هو وعمرو بن الفحيل.
قاله ابن الدباغ.
عمرو بن حريث القرشي:
عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي يكنى أبا سعد.
رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أخو سعيد بن حريث، ويجتمع هو وخالد بن الوليد وأبو جهل بن هشام في عبد الله.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23