كتاب :الأمالي في لغة العرب
المؤلف :أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي


( ولا يبتغي أمنا وصاحب رحله ** بخوف إذا ما ضم صاحبه الجنب )
( سريع إلى الأضياف في ليلة الطوى ** إذا اجتمع الشغان والبلد الجدب )
( وتأخذه عند المكارم هزة ** كما اهتز تحت البارح الفنن الرطب )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدني أبو حاتم عن أبي عبيدة لأرطأة بن سهية يهجو شبيب ابن البرصاء
( من مبلغ فتيان مرة أنه ** هجانا ابن برصاء العجان شبيب )
( فلو كنت مريا عميت فأسهلت ** كداك ولكن المريب مريب )
فسألته عن معنى هذا البيت فقال كان أبوه أعمى وجده أعمى وجد أبيه أعمى يقول فلو لم تكن مدخول النسب كنت أعمى كآبائك
( أبي كان خيرا من أبيك ولم يزل ** جنيبا لآبائي وأنت جنيب )
( وما زلت خيرا منك مذعض كارها ** برأسك عادي النجاد ركوب )
يقول ما زلت خيرا منك مذعض برأسك فعل أمك أي مذ ولدت
والعادي القديم والنجاد جمع نجد وهو الطريق المرتفع
والركوب المركوب الموطوء وهو فعول في معنى مفعول وإنما هذا تشبيه جعل ما عض برأسه من فرجها مثل الطريق القديمة المركوبة في كثرة من يسلكها يريد أنه قد ذلل حتى صار كتلك فيقال أن شبيبا عمى بعدما كبر فكان يقول علم أني مري وقرأت على أبي بكر بن دريد وقال سالم بن قحفان العنبري وكان صهره أخوا امرأته أتاه فأعطاه بعيرا من إبله وقال لإمرأته هاتي حبلا يقرن به ما أعطيناه إلى بعيره ثم أعطاه آخر وقال هاتي حبلا آخر ثم أعطاه ثالثا وقال هاتي حبلا فقالت ما بقي عندي حبل فقال لها علي الجمال وعليك الحبال ثم قال
( لاتعذليني في العطاء ويسري ** لكل بعير جاء طالبه حبلا )
وقبله


( لقد بكرت أم الوليد تلومني ** ولم أجترم جرما فقلت لها مهلا )
( فإني لا تبكي على إفالها ** إذا شبعت من روض أوطانها بقلا )
( فلم أر مثل الإبل مالا لمقتن ** ولا مثل أيام الحقوق لها سبلا )
وزادني بعض أصحابنا عن أبي الحسن الأخفش
( إذا سمعت آذانها صوت سائل ** أصاخت فلم تأخذ سلاحا نبلا )
( قال أبو علي ) السلاح ههنا جمالها يقول سمنها يمنع صاحبها من أن يسخو بها ولكنه يعطيها على كل حال لا يمنعه ذلك وحدثنا أبو المياس قال حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح قال قال الأصمعي قيل لذي الرمة من أين عرفت الميم لولا صدق من نسبك إلى تعليم أولاد الأعزاب في أكتاف الإبل فقال والله ما عرفت الميم إلا أني قدمت من البادية إلى الريف فرأيت الصبيان وهم يجوزون بالفجرم في الأوق فوقفت حيالهم أنظر إليهم فقال غلام من الغلمة قد أزفتم هذه الأوقة فجعلتموها كالميم فقام غلام من الغلمة فوضع منجمه في الأوقة فنجنجه فأفهقها فعلمت أن الميم ضيق فشبهت عين ناقتي به وقد أسلهمت وأعيت
قال أبو المياس الفجرم الجوز ( قال أبو علي ) ولم أجد هذه الكلمة في كتب اللغويين ولا سمعتها من أحد من أشياخنا غيره
والأوقة الحفرة
وقوله قد أزفتم أي ضيقتم ونجنجه حركه فأفهقها ملأها
والمنجم العقب ولك ما نتأ وزاد على ما يليه فهو منجم والكعب منجم أيضا
واسلهمت تغيرت والمسلهم الضامر المتغير ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لكثير
( أقول الماء العين أمعن لعله ** بما لا يرى من غائب الوجد يشهد )
( فلم أدر أن العين قبل فراقها ** غداة الشبا من لاعج الوجد تجمد )
( ولم أر مثل العين ضنت بمائها ** علي ولا مثلي على الدمع يحسد )
وقرأت عليه أيضا


( سيهلك في الدنيا شفيق عليكم ** إذا غاله من حادث الدهر غائله )
( ويخفى لكم حبا شديدا ورهبة ** وللناس أشغال وحبك شاغله )
( وحبك ينسيني من الشيء في يدي ** ويذهلني عن كل شيء أزاوله )
( كريم يميت السر حتى كأنه ** إذا استبحثوه عن حديثك جاهله )
( يود بأن يمسي سقيما لعلها ** إذا سمعت عنه بشكوى تراسله )
( ويرتاح للمعروف في طلب العلى ** لتحمد يوما عند ليلى شمائله )
( فلو كنت في كبل وبحت بلوعتي ** إليه لأنت رحمة لي سلاسله )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال دفعت يوما في تلمسي بالبادية إلى واد خلاء لا أنيس به إلا بيت معتنز بفنائه أعنز وقد ظمئت فيممته فسلمت فإذا عجوز قد برزت كأنها نعامة راخم فقلت هل من ماء فقالت أو لبن فقلت ما كانت بغيتي إلا الماء فإذا يسر الله اللبن فإني إليه فقير فقامت إلي قعب فأفرغت فيه ماء ونظفت غسله ثم جاءت إلى الأعنز فتغبرتهن حتى احتلبت قراب ملء القعب ثم أفرغت عليه ماء حتى رغا وطفت ثمالته كأنها غمامة بيضاء ثم ناولتني إياه فشربت حتى تحببت ريا واطمأننت فقلت إني أراك معتنزة في هذا الوادي الموحش والحلة منك قريب فلو انضممت إلى جنابهم فأنست بهم فقالت يا ابن أخي إني لآنس بالوحشة وأستريح إلى الوحدة ويطمئن قلبي إلى هذا الوادي الموحش فأتذكر من عهدت فكأني أخاطب أعيانهم وأتراءى أشباحهم وتتخيل لي أندية رجالهم وملاعب ولدانهم ومندى أموالهم والله يا ابن أخي لقد رأيت هذا الوادي بشع اللد يدين بأهل أدواح وقباب ونعم كالهضاب وخيل كالذئاب وفتيان كالرماح يبارون الرياح ويحمون الصباح فأحال عليهم الجلاء قما بغرفة فأصبحت الآثار دارسه والمحال طامسه وكذلك سيرة الدهر فيمن وثق به
ثم قالت ارم بعينك في هذا الملا المتباطن فنظرت فإذا قبور نحو أربعين أو خمسين فقالت ألا ترى تلك

الأجداث قلت نعم قالت ما انطوت إلا على أخ أو ابن أخ أو عم أو ابن عم فأصبحوا قد ألمأت عليهم الأرض وأنا أترقب ما غالهم انصرف راشد رحمك الله ( قال أبو علي ) معتنز منفرد
والراخم التي تحضن بيضها والقعب قدح إلى الصغر يشبه به الحافر قال امرؤ القيس
( لها حافر مثل قعب الوليد ركب فيه وظيف عجر ** )
والغمر القدح الصغير والعس القدح الكبير والتبن أكبر منه والصحن القصير الجدار العريض والرفد القدح العظيم والجنبل القدح العظيم الجشب النحت الذي لم ينقح ولم يسور والعلبة قدح ضخم يعمل من جلود الإبل
وقال أبو عمرو الشيباني الكتن القدح وقال غيره الوأب القدح المقعر الكثير الأخذ من الشراب
وقال بندار الوأب المعتدل الذي ليس بصغير ولا كبير
قال عمرو بن كلثوم في الصحن
( ألا هبي بصحنك فاصبحينا ** وأنشد يعقوب في الجنبل )
( إذا انبطحت جافى عن الأرض بطتها ** وخوأها راب كهامة جنبل )
وقال الأعشى في الرفد
( رب رفد هرقته ذلك اليوم ** وأسرى من معشر أقتال )
وتغبرتهن احتلبت الغبر وهي بقية اللبن في الضرع وجمعه أغبار قال الحرث ابن حلزة
( لا تكسع الشول بأغبارها ** إنك لا تدري من الناتج )
وقراب وقريب واحد مثل كبار وكبير وجسام وجسيم
ورغا صارت له رغوة وفي رغوة ثلاث لغات يقال رغوة ورغوة ورغوة والثمالة الرغوة
وتحببت امتلأت يقال تحبب من المال إذا امتلأ
والحلال جماعات بيوت الناس الواحدة حلة والجناب بفتح الجيم فناء الدار يقال أخصب جناب القوم وهو ما حولهم والجناب بكسر الجيم موضع وفرس طوع الجناب إذا كان سهل القياد
والأشباح الأشخاص يقال شبح وشبح

لغتان
والأندية جمع ندي والندي والنادي المجلس ومنتدى القوم موضع متحدثهم والتندية أن يورد الرجل إبله ثم يرعاها ثم يوردها ثم يرعاها والمندى المكان الذي يندى فيه المال وبشع ملان واللديدان الجانبان والدوحة الشجرة العظيمة والهضاب الجبال الصغار وقما كنسا يقال قممت البيت أي كنسته والقمامة الكناسة والمقمة المكنسة والغرفة الواحدة من الغرف وهي ضرب من الشجر والملا الفضاء والمتباطن المتطامن وألمأت عليهم احتوت عليهم
قال أبو زيد ألمأ عليهم يلمىء إلماءا إذا احتوى عليهم وتلمأت عليه الأرض استوت عليه ووارته وأنشد
( وللأرض كم من صالح قد تلمأت ** عليه فوارته بلماعة قفر )
وغالهم أهلكهم
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرني صخر بن قريط قال كان الهيثم بن جراد من أبين الناس وأنه أتى قوما ليزهدهم في منزلهم فقال يا بني فلان ما أنتم إلى ريف فتأكلوه ولا إلى فلاة فتعصمكم ولا إلى وزر فيلجئكم فأنتم نهزة لمن رامكم ولعقة لمن قصدكم وغرض لمن رما كم كالفقعة الشرباخ يشدخها الواطيء ويركبها السافي
( قال أبو علي ) الوزر الجبل والملجأ والنهزة الفرصة التي تتناول بعجلة والفقعة الكمأة البيضاء الشرباخ التي لا خير فيها ويشدخها يرضها والسافي الريح التي تسفي التراب وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أحمد بن يحيى قال رأى رجل من العرب بنيه يثبون على الخيل وقد تنادوا بالغارة فذهب يروم ذلك مرة وثانية فلم يقدر فقال ( من سره بنوه ساءته نفسه ) وأنشدنا أبو عبد الله للنابغة الجعدي
( المرء يرغب في الحياة ** وطول عيش قد يضره )
( تفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مره )


( وسوءه الأيام حتى ما يرى شيأ يسره ** )
( كم شامت بي إن هلكت وقائل لله دره ** )
وسمعت غير واحد من أشياخنا ينشد
( كأن مواقع الظلفات منه ** مواقع مضر حيات بقار )
الظلفات الخشبات اللواتي يقعن على جنب البعير فشبه بياض مواضع الدبر وهي مواقع الظلفات بمواقع المضرحيات على القار
والمواقع جمع موقعة وهي المكان الذي يقع عليه الطائر والمضرجيات النسور والقار جمع قارة وهي الجبيل الصغير ولا يكون إلا أسود وذلك أن البعير إذا دبر ثم برأ ابيض موضع الدبر وكذلك ذرق الطائر إذا يبس ابيض فشبهه به ومثله قول الآخر يصف ساقيا يستقى ماء ملحا
( كأن متنيه من النفي ** مواقع الطير على الصفي )
النفي ما تطاير عن الرشاء وعن معظم القطر من الصغار فشبه ما قطر على ظهره من الماء الملح ويبس بذلك ومثله
( فما برحت سجواء حتى كأنما ** بأشراف مقراها مواقع طائر )
سجواء اسم ناقة ومقراها محلبها وإنما قيل له مقرى لأنه يقرى فيه
( قال ) وأشرافه أعاليه فشبه ما على جوانب الإناء من رغوة اللبن بالمواقع وهي المواضع التى تقع عليها الطير فترى سلوحها عليه مبيضة
وحدثنا أبو عبد الله قال أخبرنا أحمد بن يحيى عن الزبير أن عمر ابن أبي ربيعة نظر إلى فتى من قريش يكلم جارية في الطواف فعاب ذلك عليه فذكر أنها ابنة

عمه فقال ذلك أشنع لأمرك فقال إني أخطبها إلى عمي وأنه زعم أنه لا يزوجني حتى أصدقها أربعمائة دينار وأنا غير قادر على ذلك وذكر من حاله وحبه لها وعشقه فأتى عمر عمه فكلمه في أمره فقال أنه مملق وليس عندي ما أحتمل صلاح أمره فقال عمرو كم الذي تريد منه فقال أربعمائة دينار قال فهي علي فزوجه منها ففعل ذلك وكان عمر حين أسن حلف أن لا يقول شعر إلا أعتق رقبة فانصرف إلى منزله يحدث نفسه فجعلت جاريته تكلمه ولا يجيبها فقالت أن لك لشأنا وأراك تريد أن تقول شعرا فقال
( تقول وليدتي لما رأتني ** طربت وكنت قد أقصرت حينا )
( أراك اليوم قد أحدثت أمرا ** وهاج لك الهوى داء دفينا )
( وكنت زعمت أنك ذو عزاء ** إذا ماشئت فارقت القرينا )
( لعمرك هل رأيت لها سميا ** فشاقك أم رأيت لها خدينا )
ويروى بربك هل أتاك لها رسول فشاقك
( فقلت شكا إلي أخ محب ** كبعض زماننا إذ تعلمينا )
( فقص علي ما يلقى بهند ** فذكر بعض ما كنا نسينا )
( وذوا الشوق القديم وأن تعزى ** مشوق حين يلقى العاشقينا )
( فكم من خلة أعرضت عنها ** لغير قلى وكنت بها ضنينا )
( أردت بعادها فصددت عنها ** وإن جن الفؤاد بها جنونا )
ثم دعا بتسعة من رقيقه فأعتقهم
وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله عن عبد الرحمن عن عمه لأم خالد الخثعمية في حجوش العقيلي
( فليت سما كيا يطير ربابه ** يقاد إلى أهل الغضا بزمام )


( ليشرب منه جحوش ويشيمه ** بعيني قطامي أغر شآم )
( بنفسي عينا جحوش وقميصه ** وأنيابه اللاتي جلا ببشام )
( فأقسم إني قد وجدت بحجوش ** كما وجدت عفراء بابن حزام )
( وما أنا إلا مثلها غير أنني ** مؤجلة نفسي لوقت حمام )
( فأن ولوج البيت حل لحجوش ** إذا جاء والمستأذنون نيام )
( فإن كنت من أهل الحجاز فلا تلج ** وإن كنت نجديا فلج بسلام )
( رأيت لهم سيماء قوم كرهتهم ** وأهل الغضا قوم علي كرام )
وأنشدنا بهذا الإسناد أيضا لها
( أيتها النفس التي قادها الهوى ** أمالك إن رمت الصدود عزيم )
( فتنصرفي عنه فقد حيل دونه ** وألهاه وصل من سواك قديم )
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرني رجل من بني كلاب قال سئل رجل من بني عقيل كيف كان ججوش فإن أم خالد قد أكثرت فيه قال كان أحيمر أزيرق حنكلا كأنه أبنة عود أو عقلة رشاء
( قال أبو علي ) الحنكل القصير والأبنة العقدة في العود
وقال أبو زيد قال العقيليون هو حذاءه وحذوه نصب أي مقابلته وهو حذوه رفع إذا كان مثله وقالوا ند البعير يند ندادا ونديدا وندا
وقالوا ( الخنق يخرج الورق ) يقول إذا اشتد عليك فخنقك أعطيته الخنق اسم الفعل هنا وقالوا ( منزلنا منزل قلعة ) القاف واللام مضمومان وهو المنزل الذي لا تملكه وقالوا يقال قلدت الماء في الحوض أقلده قلدا وقلدت في السقاء من الماء واللبن إذا جعلت تملأ القدح من الماء ثم تصبه في السقاء فذلك القلد وقلدت الشراب أقلده قلدا وقلد في جوفه شرابا

كثيرا ( وقالوا ) قنحت تقنح قنحا النون من المصدر ساكنة وهو التكاره في الشراب إذا تكارهت عليه بعد الري وأكثر كلامهم تقنحت تقنحخا
وحدثني أبو بكر بن الأنباري عن أبيه عن القزويني عن يعقوب في حديث أم زرع قولها فأتقنح أي فأقطع الشرب ( وقالوا ) ويسمى البياض الذي يظهر في أظفار الإنسان الكدب بكسر الدال والواحدة كدبة بإسكان الدال وقال بعضهم الكدب فأسكن الدال والواحدة كدبة وقال أبو المضاء الكدب ففتح الدال والواحدة كدبة بإسكان الدال
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري عن أبيه عن ابن رستم عن ثابت بن أبي ثابت قال يقال للبياض الذي يظهر في أظفار الأحداث الفوف والفوف والوبش ( قال أبو زيد ) ومن أمثال العرب ( لأنا أحذر من ضب حرشته ) حرشت الصيد إذا صدته ويقال إنه لأسمع من قراد وأبصر من عقاب وأحذر من غراب وإنه لأنوم من فهد وأخف رأسا من الذئب ومن الطائر وأفحش من فاسية وهي الخنفساء إذا حركوها فست فأنتنت القوم بخبيث ريحها ويقال ( أنه لأصنع من سرفة ومن تنوط ) وهي طائر نحو القارية سوادا تركب عشها تركيبا على عودين أو عود ثم تطيل عشها فلا يصل الرجل إلى بيضها حتى يدخل يده إلى المنكب وأما السرفة فهي دابة غبراء من الدود تكون في الحمض فتتخذ بيتا من كسار عيدانه ثم تلزقه بمثل نسج العنكبوت إلا أنه أصلب ثم تلزقه بعود من أعواد الشجر وقد غطت رأسها وجميعها فتكون فيه وإنه لأخرق من حمامة وذلك أنها تبيض بيضا على الأعواد البالية فربما وقع بيضها فتكسر
وقال أبو بكر بن دريد العرب تقول ( هو أظلم من أفعى ) وذلك أنها لا تحتفر حجرا إنما تهجم على الحيات في حجرتها وتدخل في كل شق وثقب وأنشدني قال أنشدنا عبد الرحمن
( كأنما وجهك ظل من حجر ** ذو خضل في يوم ريح ومطر )
( فأنت كالأفعى التي لا تحتفر ** ثم تجى سادرة فتنحجر )


وكذلك ( هو أظلم من حية ) وذلك أنها تدخل في كل حجر وتهجم على كل دابة
ومن أمثالهم ( لا تهرف بما لا تعرف ) والهرف الإطناب في الثناء والمدح ( وقال أبو عبيدة ) من أمثالهم ( سبني وأصدق ) يقول لا أبالي أن تقول في مالا أعرفه من نفسي بعد أن تجانب الكذب ( وقال أبو زيد ) يقال ( أحمق يمطخ الماء ) أي يلعقه والمطخ اللعق يقول لا يشرب الماء ولكنه يلعقه وأحمق يسيل مرغمه وهو اللعاب وأحمق لا يجأى مرغه أي لا يحبس لعابه
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال جرى بين أبي الأسود الدؤلي وبين امرأته كلام في ابن كان لها منه وأراد أخذه منها فسار إلى زياد وهو والي البصرة فقالت المرأة أصلح الله الأمير هذا ابني كان بطني وعاءه وحجري فناءه وثديى سقاءه أكلؤه إذا نام وأحفظه إذا قام فلم أزل بذلك سبعة أعوام حتى إذا استوفي فصاله وكملت خصاله واستوكعت أوصاله وأملت نفعه ورجوت دفعه أراد أن يأخذه مني كرها فآدنى أيها الأمير فقد رام قهري وأراد قسري فقال أبو الأسود أصلحك الله هذا ابني حملته قبل أن تحمله ووضعته قبل أن تضعه وأنا أقوم عليه في أدبه وأنظر في أوده وأمنحه علمى وألهمه حلمي حتى يكمل عقله ويستحكم فتله فقالت المرأة صدق أصلحك الله حمله خفا وحملته ثقلا ووضعه شهوة ووضعته كرها فقال له زياد أردد على المرأة ولدها فهي أحق به منك ودعني من سجعك
( قال أبو علي ) استوكعت اشتدت وقوله فآدني اي قوني وأعني
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد عن العتبي قال أخبرني أعرابي عن أخوة ثلاثة قال قلت لأحدهم أخبرني عن أخيك زيد فقال أزيد إنيه والله ما رأيت أحد أسكن فورا ولا أبعد غورا ولا آخذ لذنب حجة قد تقدم رأسها من زيد فقلت أخبرني عن أخيك زائد قال كان والله شديد العقدة لين العطفه ما يرضيه أقل مما يسخطه فقلت فأخبرني عن نفسك فقال والله إن أفضل ما في لمعرفتي

بفضلهما وإني مع ذلك لغير منتشر الرأي ولا مخذول العزم ( قال أبو علي ) قال أبو زيد الأنصاري قال الكلابيون إذا قالوا رأيت زيدا قلنا زيدا إنيه بقطع الألف وتبيين النون وقال بعضهم زيد نيه فألقى الهمزة وحركه بالفتح على نون التنوين وثقل النون وقال أبو المضاء أزيدا إنيه فأتى بألف الإستفهام قبل زيد ولم يفسره أبو زيد ( قال أبو علي ) هذه الزيادة تلحق في الإستفهام في آخر الكلمة إذا أنكرت أن يكون رأي المتكلم على ما ذكر أو يكون على خلاف ما ذكر فإن كان ما قبله مفتوحا كانت الزيادة ألفا وإن كان مكسورا كانت الزيادة ياء وإن كان مرفوعا كانت الزيادة واوا وإن كان ساكنا حرك لئلا يلتقي ساكنان لأن هذه الزيادات مدات والمدات سواكن فتحركه بالكسر كما يحرك الساكن إذا لقيه الألف واللام الساكن فإذا قال الرجل رأيت زيدا قلت أزيدنيه لأن النون هي التنوين ساكنة فحركتها بالكسر لئلا يلتقي ساكنان ويقول قدم زيد فتقول أزيدنيه فإن قال رأيت عثمان قلت أعثماناه فإن قال أتاني عمر قلت أعمروه كما قلت في الندبة واغلامهوه لأن هذا علم لما ذكرت لك كما أن هذا علم للندبة وذكر سيبويه أنه سمع رجلا من أهل البادية وقيل له أتخرج إن أخضبت البادية فقال أنا إنيه وإنما أنكر أن يكون رأيه على خلاف الخروج وكل ما ذكرت أما أن تنكر على المخبر أن يثبت رأيه على ما ذكر أو أن يكون على خلاف ما ذكر فإن قال رأيت زيدا وعمرا قلت أزيدا وعمرنيه تكون الزيادة في منتهى الكلام ألا ترى أنه إذا قال ضربت قلت أضربتاه فإن قال ضربت عمر قلت أضربت عمراه وكذلك إن قال ضربت زيدا الطويل قلت أزيدا

الطويلاه وتعرب الإسم الذي ذكره على ما أعربه فإن كان رفعا رفعته وإن كان نصبا نصبته وإن كان جرا جررته ألا ترى أنه لو قال مررت بحذام قلت أحذاميه وربما زادت العرب إن ايضاحا للعلم ولذلك قالوا إنيه لأن الهاء والياء خفيان والهمزة والنون واضحان كما زادوا وإن في قولهم ما إن فعلت كذا وكذا
( قال أبو علي ) سألت أبا محمد فقلت له لم لم يقولوا إناه فقال لأن الألف علامة لحركة النون وتبين لها وقد سبقت فلم يجز أن يقيموا علامة محدثة ويسقطوا علامة متقدمة وهما علامتان فأما ما حكاه أبو زيد من قوله أزيدنيه بتثقيل النون فإنما هذا على لغة من يقف على الحرف بالتشديد كما قالوا سبسب وكلكل فكذلك هذا وقف على زيدن فشدد فلما ألحق به علامة حركه بالكسر لأنه توهم أن التنوين أصل فلذلك قال أزيدنيه وقرأنا على أبي بكر بن دريد رحمه الله لجندل الطهوى
( قد خرب الأنضاد نشاد الحلق ** من كل بال وجهه بالى الخلق )
النضد ما ينضد من أمتعتهم وأزوادهم ناحية البيت فيعني أن قوما يجيئون بعلة أنهم ينشدون ابلا فنحتاج إلى أن نقريهم فيخربون أنضادنا ويعني بالحلق ابلا سماتها الحلق
حدثنا أبو بكر عن عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا من بني كلاب يذكر رجلا فقال كان والله الفهم منه ذا أذنين والجواب ذا لسانين لم ار أحدا كان أرتق لخلل رأى منه ولا أبعد مسافة روية ومراد طرف إنما يرمى بهمته حيث أشار إليه الكرم وما زال والله يتحسى مرارة أخلاق الإخوان ويسقيهم عذوبة أخلاقه
( قال أبو علي ) أرتق أسد يقال رتقت الشيء إذا سددته أو شددته
حدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال ذكر رجل عند أعرابي فوقع فيه قوم فقال أما والله أنه لآكلكم للمأدوم وأعطا للمغروم وأكسبكم للمعدوم وأعطفكم على المحروم


وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال أخبرنا الزبير عن يوسف بن عبد العزيز الماجشون قال ذكر شعر الحرث بن خالد وعمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عند ابن أبي عتيق وفي المجلس رجل من ولد خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة وقال صاحبنا الحرث أشعرهما فقال ابن أبي عتيق بعض قولك يا ابن أخي فلشعر ابن أبي ربيعة لوطة بالقلب وعلق بالنفس ودرك للحاجة ليس لشعر وما عصي الله بشعرأ كثر مما عصي بشعر بن أبي ربيعة فخذعني ما أصف لك أشعر قريش من رق معناه ولطف مدخله وسهل مخرجه ومتن حشوه وتعطفت حواشيه وأنارت معانيه وأعرب عن صاحبه فقال الذي من ولد خالد بن العاص صاحبنا الذي يقول
( إني وما نحر واغداة منى ** عند الجمار تؤدها العقل )
( لو بدلت أعلى مساكنها ** سفلا وأصبح سفلها يعلو )
( فيكاد يعرفها الخبير بها ** فيرده الأقواء والمحل )
( لعرفت مغناها لما احتملت ** مني الضلوع لأهلها قبل )
فقال ابن أبي عتيق يا ابن أخي أستر على صاحبك ولا تشاهد المحاضر بمثل هذا أما تطير الحرث عليها حين قلب ربعها فجعل عاليه سافله ما بقى إلا أن يسأل الله حجارة من سجيل ابن أبي ربيعة كان أحسن صحبة للربع من صاحبك وأجمل مخاطبة حين يقول
( سائلا الربع بالبلي وقولا ** هجت شوقا لي الغداة طويلا )
( اين حي حلوك إذ أنت مسر ** وربهم أهل أراك جميلا )
( قال سار وأفأفقنوا فاستقلوا ** وبكرهي لو استطعت سبيلا )
( سئمونا وما سئمنا مقاما ** واستحثوا دماثة وسهولا )
( قال أبو زيد الأنصاري ) الشرخ والسنخ والنجار والنجر الأصل وأنشد يعقوب


( متئد الحشا بطيأ نقره ** كأن نجر الناجرات نجره )
والأروم والأرومة قال زهير
( له في الذاهبين أروء صدق ** وكان لكل ذي حسب أروم )
والسنخ الأصل وأنشد ابن الأعرابي
( وسنخنا من خير أسناخ العرب ** ونحن في النروة والعز الأشب )
والبنك والعنصر جميعا قال الفرزدق
( ليست هدايا القافلين أتيتم ** بها أهلكم يا شر جيشين عنصرا )
والضئضئ والبؤبؤ مهموزان وقال جرير
( حتى أنحناها إلى باب الحكم ** خليفة الحجاج غير المتهم )
( في ضئضئ المجد وبؤبؤ الكرم )
يمدح الحكم بن أيوب بن يحيى بن الحكم الثقفي والعرق والنحاس وأنشد يعقوب
( يا أيها السائل عن نحاسي ** قصر مقياسك عن مقياسي )
والعيص والأس والأس والأص وجمعه آصاص وقال القلاخ
( ومثل سوار رددناه إلى ** إدرونه ولؤم أصه على )
( ألرغم موطوء الحمى مذللا ** )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد
( قلال مجد فرعت آصاصا ** وعزة قعساء لا تناصى )
والجذم قال أوس بن حجر
( غني تآوي بأولادها ** لتهلك جذم تميم بن مر )
والإرث والسر والمركب والمنبت والكرس والقنس وهذان الحرفان رواهما أبو عبيد عنه وكان الطوسى يزعم أن أبا عبيد روى قبسا بالباء قال وهو تصحيف وكذا قال أحمد

ابن عبيد وروى قنسا بالنون وهؤلاء كلهن الأصل قال العجاج
( بين ابن مروان قريع الأنس ** وابنة عباس قريع عبس )
( في قنس مجد فوق كل قنس ** )
( وقال الأصمعي ) الجنث الأصل قال العجاج كالجبل الأسود في جنث العلم ( وقال أبو عبيدة ) الحنج والبنج والعكر الأصل يقال رجع إلى حنجه وبنجه وعكره ( وقال أبو عمرو الشيباني المزر الأصل والجذر الأصل كذا قال بكسر الجيم وقال الأصمعي الجذر ( وقال أبو عبيد ) قال غير واحد لجرثومة الأصل والنصاب والمنصب والمحتد والمحكد قال زهير في المنصب
( من الأكرمين منصبا وضريبة ** إذا ما تشا تأوي إليه الأرامل )
وقال آخر في المحتد
( حتى انتصى من هاشم في محتد ** أكرم بذلك محتدا وصميما )
وقال حميد الأرقط في المحكد يعرض بابن الزبير
( ليس الأمير بالشحيح الملحد ** ولا بوبر بالحجاز مقرد )
( أن ير يوما بالفضاء يصطد ** أو ينجحر فالحجر شر محكد )
( وقال أبو عمرو ) الطخس الأصل يقال هؤألأ مهم طخسا أي أصلا قال أبو الغريب النصري
( أن امرأ أخر من أصلنا ** ألأمنا طخسا إذا ينسب )
والإرس الأصل يقال أنه لئيم الإرس أي الأصل قال أبو الغريب أيضا
( إن لئيم الإرس غير نازع ** عن وذء جاريه الغريب والجنب )
الوذء الشتم والجنب القريب وقال أحمد بن يحيى الوذء المكروه من الكلام شتما كان أو غيره وأنشد بيت لم يحفظ صدره
( ولا أذأ الصديق بما أقول ** ويقال أنه للئيم القرق )
أي الأصل قال دكين السعدى في فرس له


( ليست من القرق البطاء دوسر ** قد سبقت قيسا وأنت تنظر )
وقال الأموي عن أبي المفضل بن سلامة الضنء الأصل والضنء الولد وقال الفراء النجار والنجار والنحاس والنحاس بالضم والكسر وقال يعقوب عن أبي زيد السنح والسنج بالحاء والجيم ( وقال ابن الأعرابي ) المحتدر والمحقد والمحكد والمحفد أربع لغات الأصل ( وقال الأصمعي ) أحسن النساء الفخمة الأسلة
وأقبحهن الجهمة القفرة وهي القليلة اللحم وأغلظ المواطئ الحصباء على الصفا وأشد الرجال الأعجف الضخم يقول ضخم الألواح كثير العصب وأنشد
( أعجف إلا من عظام وعصب ** )
وأسرع الأرانب أرنب الخلة وذلك أن الخلة تطويها ولا تفتقها والحمض يفتقها
وأسرع التيوس تيس الحلب وقال بعض الأعراب أطيب مضغة أكلها الناس صيحانية مصلبة ( قال أبو علي ) المصلبة التي قد سال صليبها وهو ودكها وإن لم يكن هناك ودك ( قال ) ويقال آكل الدواب برذونة رغوث وهي التي يرضعها ولدها وأقبح هزيلين بالمرأة والفرس وأطيب غث أكل غث الإبل وأخبث الأفاعي أفعى الجدب وأخبث الحيات حيات الحماط وهو شجر ويقال أهون مظلوم سقاء مروب وهو الذي يسقى منه قبل أن يمخض وينزع زبده وأنشد
( وصاحب صدق لم تنلني شكاته ** ظلمت وفي ظلمي له عامدا أجر )
يعني وطب لبن وشر المال مالا يزكى ولا يذكى يعني الحمير وأخبث الذئاب ذئاب

الغضا وأطيب الإبل لحما ما أكل السعدان وأطيب الغنم لبنا ما أكل الحربث
( وقال أبو زيد ) من أمثالهم ( لا تعدم الخرقاء علة ) يريد أن العلل كثيرة يسيرة فهي لا تعدم أن تعتل بعلة عند خطابها وأنشد أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى
( جبت نساء العالمين بالسبب ** فهن بعد كلهن كالمحب )
جبت غلبت والسبب الحبل يعني أنها قدرت عجيزتها بحبل ثم دفعته إلى النساء ليقدرن كما قدرت فغلبتهن بذلك
والمحب الساقط اللاصق بالأرض يقال أحب البعير إذا سقط فلم يبرح ومثله قول الآخر أنشده ابن الأعرابي
( لقد أهدت حبابة بنت جل ** لأهل جلاجل حبلا طويلا )
وقال الأصمعي وأبو زيد من أمثالهم ( أعن صبوح ترقق ) وكان المفضل الضبي يخبر بأصل هذا المثل قال كان رجل نزل بقوم فأضافوه وغبقوه فلما فرغ قال إذا صبحتموني غدا كيف آخذ في حاجتي فقيل له عند ذلك أعن صبوح ترقق وإنما أراد الضيف أن يوجب عليهم الصبوح ( قال الأصمعي ) ومن أمثالهم ( كأنما أفرغ عليه ذنوبا ) إذا بكلمه بكملة عظيمة يسكته بها ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عبد الله لعمر بن أبي ربيعة
( هل تعرف الدار والأطلال والدمنا ** زدن الفؤاد على علاته حزنا )
( دار لأسماء قد كانت تحل بها ** وأنت إذ ذاك قد كانت لكم وطنا )
( لم يحبب القلب شيا مثل حبكم ** ولم تر العين شيأ بعدكم حسنا )
( ما إن أبالي أدام الله قربكم ** من كان شط من الأحياء أوظعنا )
( فإن نأيتم أصاب القلب نأيكم ** وإن دنت داركم كنتم لنا سكنبا )
( إن تبخلى لا يسلي القلب بخلكم ** وإن تجودي فقد عنيتني زمنا )
( أمسى الفؤاد بكم يا هند مرتهنا ** وأنت كنت الهوى والهم والوسنا )


( إذ تستبيك بمصقول عوارضه ** ومقلتي جؤذر لم يعد أن شدنا )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو علي الغنوي وأبو الحسن بن البراء وأبو العباس أحمد بن يحيى لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والألفاظ في الرواية مختلطة
( كتمت الهوى حتى أضربك الكتم ** ولامك أقوام ولومهم ظلم )
( ونم عليك الكاشحون وقبلهم ** عليك الهوى قد نم لو نفع النم )
( وزادك إغراء بها طول بخلها ** عليك وأبلى لحم أعظمك الهم )
( فأصبحت كالنهدي إذا مات حسرة ** على إثر هند أو كمن سقي السم )
( ألا من لنفس لا تموت فينقضي ** شقاها ولا تحيا حياة لها طعم )
( تجنبت اتيان الحبيب تأثما ** ألا إن هجران الحبيب هو الأثم )
( فذق هجرها قد كنت تزعم أنه ** رشاد ألا يا ربما كذب الزعم )
وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا أبو حاتم لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
( فلو أكلت من نبت دمعي بهيمة ** لهيج منها رحمة حين تأكله )
( ولو كنت في غل فبحت بلوعتي ** إليه للأنت لي ورقت سلاسله )
( ولما عصاني القلب أظهرت عولة ** وقلت ألا قلب بقلبي أبادله )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي قال أخبرني رجل من أهل البصرة عن رجل من بني تميم قال حضرت مجلس الأحنف بن قيس وعنده قوم مجتمعون في أمر لهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أن الكرم منع الحرم ما أقرب النقمة من أهل البغى لا خير في لذة تعقب ندما لن يهلك من قصد ولن يفتقر من زهد رب هزل قد عاد جدا من أمن الزمان خانه ومن تعظم عليه أهانه دعوا المزاح فإنه يؤرث الضغائن وخير القول ما صدقه الفعل احتملوا لمن أدل عليكم وأقبلوا عذر من

اعتذر إليكم أطع أخاك وأن عصاك وصله وإن جفاك أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك وإياكم ومشاورة النساء واعلم أن كفر النعمة لؤم وصحبة الجاهل شؤم ومن الكرم الوفاء بالذمم ما أقبح القطيعة بعد الصلة والجفاء بعد اللطف والعداوة بعد الود لا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ولا إلى البخل أسرع منك إلى البذل واعلم أن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك فأنفق في حق ولا تكونن خازنا لغيرك وإذا كان الغدر في الناس موجودا فالثقة بكل أحد عجز أعرف الحق لمن عرفه لك واعلم أن قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ( قال ) فما رأيت كلا ما أبلغ منه فقمت وقد حفظته
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال ذكر أعرابي قوما فقال أدبتهم الحكمة وأحكمتهم التجارب ولم تغررهم السلامة المنطوية على الهلكة وجانبوا التسويف الذي به قطع الناس مسافة آجالهم فذلت ألسنتهم بالوعد وانبسطت أيديهم بالإنجاز فأحسنوا المقال وشفعوه بالفعال
وحدثنا أبو ب كر قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال رأيت أعرابيا يصلي وهو يقول أسألك الغفيرة والناقة الغزيره والشرف في العشيره فإنها عليك يسيرة
وحدثنا أبو بكر الأنباري رحمه الله قال حدثنا محمد بن علي المديني قال حدثنا أبو الفضل الربعي قال حدثنا أبو السمراء قال دخلت منزل نخاس في شراء جارية فسمعت في بيت بإزاء البيت الذي كنت فيه صوت جارية وهي تقول
( وكنا كزوج من قطافي مفازة ** لدى خفض عيش معجب مونق رغد )
( أصابهما ريب الزمان فافردا ** ولم نر شيأ قط أوحش من فرد )
فقلت للنخاس أعرض علي هذه الجارية المنشدة فقال أنها شعثة مرهاء خزبنمة فقلت ولم ذلك قال اشتريتها من ميراث فهي باكية على مولاها ثم لم ألبث أن أنشدت
( وكنا كغصني بانة وسط روضة ** نشم جنى الروضات في عيشة رغد )


( فأفرد هذا الغصن مع ذاك قاطع ** فيافردة باتت تحن إلى فرد )
قال أبو السمراء فكتبت إلى عبد الله بن طاهر أخبره بخبرها فكتب إلي أن ألق عليها هذا البيت فإن أجابت فاشترها ولو بخراج خراسان والبيت
( بعيد وصل قريب صد ** جعلته منه لي ملاذا )
قال فألقيته عليها فقالت في سرعة
( وعاتبوه فذاب عشقا ** ومات وجدا فكان ماذا )
قال أبو السمراء فاشتريتها بألف دينار وحملتها إليه فماتت في الطريق قبل أن تصل إليه فكانت إحدى الحسرات إليه ( قال أبو علي ) وقرأنا على أبي بكر لإبن ميادة وهو الرماح بن الأبرد
( تبادر العضاة قبل الإشراق ** بمقنعات كقعاب الأوراق )
المقنع الفم الذي يكون عطف أسنانه إلى داخل الفم وذلك القوي الذي يقطع به كل شيء فإذا كان انصبابها إلى خارج فهو أدفق وذلك ضعيف لا خير فيه
والقعاب جمع قعب
والأوراق جمع ورق وهو الفضة يريد أنها أفتاء فأسنانها بيض لم تقلح أي لم تصفر ( قال أبو علي ) وقد رد ما ذكرناه وهو قول الأصمعي ابن الأعرابي فقال يقول بادرت العضاه برؤس ضخام كأنها قعاب الورق كبرا ( وقال ) قد تكون قعاب الورق سودا ( قال أبو علي ) ويفسد ما ذهب إليه قوله كأنها قعاب الورق كبرا لأن القعب قدح صغير فكيف يشبه رؤسها بالقعاب في الكبر
فأما قوله قد تكون قعاب الورق سودا فليس بمبطل لما قال الأصمعي لأن الورق لا يكون أسود إلا بتغير لونه بالإحراق وما كانت العرب تعرف المحرق من الفضة ومع هذا فلا يستعمل أحد قدحا من فضة سوداء وحدها وإنما يجري السواد في البياض ( قال أبو علي ) قال يعقوب ابن السكيت يقال عاد إلى ضئضئه وصئصئه أي إلى أصله والهمز الأصل وأنشد


( أنا من ضئضىء صدق ** بخ ومن أكرم حذل )
( من عزاني قال به به ** سنخ ذا أكرم أصل )
الحذل الحجز وقال اللحياني بخ بخ وبه به يقال للإنسان إذا عظم
وقال أبو عمرو ما ينوض بحاجة وما يقدر على أن ينوض أي يتحرك ومنه قوله عز وجل { ولات حين مناص } ومناص ومناض واحد
ويقال أنقاض وأنقاص بمعنى واحد وقال الأصمعي المنقاض المنقعر من أصله والمنقاص المنشق طولا يقال انقاضت الركية وأنقاصت السن انقياصا إذا انشقت طولا والقيص الشق طولا وأنشد لأبي ذؤيب
( فراق كقيص السن فالصبر إنه ** لكل أناس عثرة وجبور )
وقال الأصمعي مضمض لسانه ومصمصه إذا حركه وقال حدثنا عيسى بن عمر قال سألت ذا الرمة عن النضناض فأخرج لسانه وحركه قال الراعي
( يبيت الحية النضناض منه ** مكان الحب يستمع السرارا )
وقال اللحياني يقال تصافوا على الماء وتضافوا ويقال صلاصل الماء وضلاضله لبقاياه وقبضت قبضة وقبصت قبصة ويقال أن القبصة أقل من القبضة
( قال أبو علي ) وغيره يقول القبص بأطراف الأصابع والقبض بالكف كلها
وقال اللحياني سمعت أبا زيد يقول تضوك بخرئه وسمعت الأصمعي يقول تصوك بالصاد غير معجمة
وقال أبو عبيدة يقال صاف السهم يصيف وضاف يضيف إذا عدل عن الهدف وتضيفت الشمس للغروب وتصيفت إذا مالت ودنت من الغروب ومنه اشتق الضيف يقال ضافني الرجل إذا دنا منك ونزل بك قال أبو زبيد
( كل يوم ترميه منها برشق ** فمصيب أو ضاف غير بعيد )


وقال الأصمعي جاص وجاض أي عدل
وقال اللحياني يقال أنه لصل أصلال وضل أضلال ( قال ) ويقال ضل أضلال ( وقال أبو علي ) قال أبو بكر بن دريد يقال للرجل إذا كان داهية إنه لصل أصلال ( وقال أبو علي ) والصل الحية التي تقتل إذا نهشت من ساعتها
( وقال الأصمعي ) يقال مصمص إناءه ومضمضه إذا غسله ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه لعمر ابن أبي ربيعة
( قالت سكينة والدموع ذوارف ** تجري على الخدين والجلباب )
( ليت المغيري الذي لم أجزه ** فيما أراد تصيدي وطلابي )
( كانت ترد لنا المنى أيامنا ** إذ لا نلام على هوى وتصابى )
( خبرت ما قالت فبت كأنما ** يرمى الحشا بنوافذ النشاب )
( أسكين ماماء الفرات وبرده ** مني على ظمإ وفقد شراب )
( بألذ منك وإن نأيت وقلما ** يرعى النساء أمانة الغياب )
( أن تبذلي لي نائلا أشفي به ** سقم الفؤاد فقد أطلت عذابي )
( وعصيت فيك أقاربي فتقطعت ** بيني وبينهم عرى الأسباب )
( فتركتني لا بالوصال ممسكا ** منهم ولا أسعفتني بثواب )
( فقعدت كالمهريق فضله مائه ** في حرها هاجرة للمع سراب )
( قال أبو علي ( وحدثني أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي وعبد الله بن خلف قالا حدثنا ابن أبي سعيد قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الشافعي قال سمع سعيد ابن المسيب منشدا ينشد
( تضوع مسكا بطن نعمان أن مشت ** به زينب في نسوة خفرات )
( ولما رأت ركب النميري أعرضت ** وكن من أن يلقينه حذرات )
قال فقال سعيد هذا والله مما يلذ استماعه ثم قال


( وليست كأخرى وسعت جيب درعها ** وأبدت بنان الكف للجمرات )
( وعالت فتات المنسك وحفا مرجلا ** على مثل بدر لاح في الظلمات )
( وقامت تراءى يوم جمع فأفتنت ** برؤيتها من راح من عرفات )
قال فكانوا يرون أن الشعر الثاني لسعيد بن المسيب
( قال ) وأنشدنا أبو الحسن ابن البراء قال أنشدنا محمد بن غالب لأبي فنجويه الرفاء وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب
( كيف لي بالسلو عنك وقلبي ** حشوه الهم يا بعيدا قريب )
( يا سقامى ويادوائي جميعا ** وشفائي من الضنى والطبيب )
( حيثما كنت في البلاد وكنا ** فعلينا لكل عين رقيب )
( ما يريد الوشاة منك ومني ** دون هذاله تشق الجيوب )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لأمرأة من العرب تسمى شقراء
( خليلي أن أصعدتما أو هبطتما ** بلادا هوى نفسي بها فإذ كرانيا )
( ولا تدعا إن لامني ثم لائم ** على سخط الواشين أن تعذرانيا )
( فقد شف جسمي بعد طول تجلدي ** أحاديث من عيسى تشيب النواصيا )
( سأرعى لعيسى الود ما هبت الصبا ** وأن قطعوا في ذاك عمدا لسانيا )
وقرأت عليه لامرأة من بني نصر بن دهمان
( ألا ليتني صاحبت ركب ابن مصعب ** إذا ما مطاياه اتلأبت صدورها )
( إذا خدرت رجلي دعوت ابن مصعب ** فإن قيل عبد الله أجلى فتورها )
وقرأت عليه لامرأة من بني أسد
( بنفسي من أهوى وأرعى وصاله ** وتنقض مني بالمغيب وثائقه )


( حبيب أبى إلا اطراحى وبغضتي ** وفضله عندي على الناس خالقه )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي لإبن الدمينة
( ألا يا حمى وادي المياه قتلتني ** أباحك لي قبل الممات مبيح )
( ولي كبد مقروحة من يبيعني ** بها كبد اليست بذات قروح )
( أبى الناس ويب الناس لا يشترونها ** ومن ذا الذي يشري دوى بصحيح )
قال أبو بكر الدوى المرض الشديد والدوى الرجل الشديد المرض والدوى الرجل الأحمق ( قال أبو علي ) وأنشدني أبو بكر بن دريد
( وقد أقود بالدوى المزمل ** أخرس في السفر بقاق المنزل )
وقال أبو بكر بن الأنباري الدوا جمع دواة ** والدواء بالمدما يتداوى به والدواء اللين أيضا بالمد
وحدثنا قال حدثنا أبو العباس قال العرب تقول انك ستساق إلى ما أنت لاق وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر
( ستبكى المخاض الحرب إن مات هيثم ** وكل البواكي غيرهن جمود )
ويقول كان يحسن إليها ولا بنحرها وهذا هجاء وضده مدح وهو قوله
( قتيلان لا تبكي المخاض عليهما ** إذا شبعت من قرمل وأفان )
يعني أنه يعقرها ويهبها فلا تحزن عليه والقرمل واحدها قرملة وهي شجرة ضعيفة كثيرة الماء تنفضخ إذا وطئت ومن أمثالهم ( ذليل عاذ بقرملة ) وإلأ فأني نبت

واحدتها أفانيه ينبت في السهل وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي لمحرز العكلى
( يظل فؤادي شاخصا من مكانه ** لذكر الغواني مستهاما متيما )
( إذا قلت مات الشوق مني تنسمت ** به أريحيات الهوى فتنسما )
وأنشدنا قال أنشدني أبي لرجل من بني رياح
( كفى حزنا أن لا يزال يعودني ** على النأي طيف من خيالك يا نعم )
( وأنت مكان النجم منا وهل لنا ** من النجم إلا أن يقابلنا النجم )
( وقال أبو زيد ) يقال رتمت أرتم رتما وحطمت أحطم حطما وكسرت أكسر كسرا ودققت أدق دقا هؤلاء الأربع جماع الكسر في كل وجه من الكسر وأنشد غيره
( لأصبح رتما دقاق الحصى ** مكان النبي من الكائب )
ويقال رضضت أرض رضا وفضضت أفض فضا ورفضت أرفض رفضا هؤلاء الثلاث في الكسر سواء وهرست أهرس هرسا إذا دققت الشيء في المهراس والهرس والوهس دقك الشيء لاشيء وبينه وبين الأرض وقاية ومثله نحزت أنحز نحزا
( قال أبو علي ) ومنه المنحاز وهو الهاون وقال أبو زيد نحزت النسيج إذا جذبت إليك الصيصية غير مهموزة لتحكم اللحمة
وسحق يسحق سحقا وهو أشد الدق تدقيقا وسحقت الأرض الريح إذا عفت الآثار وأسفت التراب وانسحق الثوب انسحاقا إذا سقط زئبره وهو جديد وسهكت تسهك سهكا والريح تسهك التراب كما تسحق
ورهك يرهك رهكا وجش يجش جشا فالرهك والفرهك ما جش بين حجرين والجش ما طحن بالرحيين والشيء جشيش ومجشوش وطحنت أطحن طحنا والطحن بالكسر الدقيق ورضخت أرضخ رضخا بإعجام الخاء
وشدخت أشدخ شدخا وفدغت أفدغ فدغا وثلغت

أثلغ ثلغا وثمغت أثمغ ثمغا وهؤلاء الخمس في الرطب
( وقال غير أبي زيد ) يقال رضخت النوى بالخاء رضخا رضضته ويقال للحجر الذي يرض به المرضاخ والرضخة النواة التي تطير من تحت الحجر قال الشاعر
( جلذية كأتان الضحل صلبها ** جرم السوادي رضوه بمرضاخ )
يصف ناقة
( وقال أبو زيد ) وغضف يغضف غضفا وخضد يخضد خضدا وغرض يغرض غرضا وهؤلاء الثلاث الكسر في الرطب واليابس وهو الكسر الذي لم يبن
وقصمت أقصم قصما بالقاف وفصمت أفصم فصما بالفاء وعفت أعفت عفتا وهو الكسر الذي ليس فيه ارفضاض في رطب أو يابس
ويقال هشمت أهشم هشما وهو كسر اليابس مثل العظم أو الرأس من بين الجسد أو في بيض
وقالوا تممت الكسر تتميما إذا عنت فأبنته ووقرت العظم أقره وقرا إذا صدعته والوقر الصدع في العظم
وروى أبو عبيدة عن أبي زيد هضضته أهضه هضا ودهسته والشيء دهيس
( وقال الأصمعي ) قرضمته قرضمة كسرته ( وقال ) وهسته أهوسه هوسا كسرته وأنشد
( إن لنا هواسة عريضا ** )
( وقال ) المعثلب المكسور والدوك الدق والمدوك الحجر الذي يدق به
( وقال الكسائي ) وقصت عنقه أقصها وقصا ولا يقال وقصت العنق نفسها
( وقال الأموي ) أصرته آصره أصرا كسرته ( قال أبو علي ) الأصر العطف والصور مصدر صرته أصوره إذا أملته ومن هذا قيل للمائل العنق أصور وقد قرئ ( فصرهن إليك ) أي أملهن ومن قرأ ( فصرهن إليك ) أي قطعهن من قولهم صاره يصيره إذا قطعه ومن هذا قيل صار فلان إلى موضع كذا وكذا لأنه ميل وذهاب إلى ذلك الوجه
( وقال غيره ) وهصت ووطست ووقصت أي كسرت وقد روى بيت عنترة تطس الإكام بذات خف ميثم وروى تقص وتهص والوهص الكسر
( وقال الأصمعي ) وهصه يهصه وهصا وهزعه إذا كسره
( قال أبو علي ) وفي كتاب الغريب المصنف هصت

وهكذا قرأته وأنا أشك فيه وأظنه وهصت فسقطت الواو عن الناقل إلينا
وقصدته أقصد قصدا كسرته ومنه قيل ( القناقصد ) والقصم والفصم الكسر وبعضهم يفرق بينهما فيقول القصم الكسر الذي فيه بينونة والفصم الكسر الذي لم يبن ( وقال أبو عمرو ) الوهط الكسر يقال وهطه وحكى أنغرف عظمه أي انكسر
( قال أبو زيد ) ومن أمثال العرب ( لا يعدم عائس وصلات ) يقال ذلك للرجل الذي قد أرمل من الزاد والمال فيلقى الرجل فينال منه ثم الآخر حتى يصل إلى أهله
( قال ) ومن أمثالهم ( ما أنت إلا كابنة الجبل مهما يقل تقل ) وذلك إذا تكلمت فرد عليك إنسان مثل كلامك يريد الصدى الذي يجيبك بما تتكلم به
ومن أمثال العرب عود يعود العنج والعنج الرياضة قال ومن أمثال العرب ( نعيم كلب في بؤس أهله ) ويقال بئيس أهله ويقال بئس أهله لغتان يضرب مثلا للرجل يأكل مال غيره فيسمن وينعم وأصله أن كلبا سمن وأهزل الناس لأكل الجيف فاهله بائسون
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال بلغني أنه ولد للحسن البصري غلام فهنأه بعض أصحابه فقال الحسن نحمد الله على هبته ونستزيده من نعمته ولا مر حبا بمن أن كنت غنيا أذهلني وإن كنت فقيرا أتعبني لا أرضى له بسعي سعيا ولا بكدي له في الحياة كدا أشفق عليه من الفاقة بعد وفاتي وأنا في حال لا يصل إلي من همه حزن ولا من فرحه سرور وبهذا الإسناد قال بلغني أن محمد بن كعب القرظي قال لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لا تتخذن وزيرا إلا عالما ولا أمينا إلا بالجميل معروفا وبالمعروف موصوفا فإنهم شركاؤك في أمانتك وأعوانك على أمورك فإن صلحوا أصلحوا وأن فسدوا أفسدوا


وبهذا الإسناد قال قال عبد الملك بن مروان رحمه الله يا بني أمية أبذلوا نداكم وكفوا أذاكم واعفوا إذا قدرتم ولا تبخلوا إذا سئلتم فإن خير المال ما أفاد حمدا أو نفى ذما ولا يقولن أحدكم أبدأ بمن تعول فإنما الناس عيال الله قد تكفل الله بأرزاقهم فمن وسع أخلف الله عليه ومن ضيق ضيق الله عليه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول لا يوجد العجول محمودا ولا الغضوب مسرورا ولا الملول ذا إخوان ولا الحر حريصا ولا الشره غنيا
وحدثنا قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول صن عقلك بالحلم ومروأتك بالعفاف ونجدتك بمجانبة الخيلاء وخلتك بالإجمال في الطلب وحدثنا قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول أقبح أعمال المقتدرين الإنتقام وما استنبط الصواب بمثل المشاورة ولا حصنت النعم بمثل المواساة ولا اكتسبت البغضاء مثل الكبر
وقرأت على أبي بكر بن دريد للشماخ
( كلا يومي طوالة وصل أروى ** ظنون أن مطرح الظنون )
طوالة اسم بئز كان لقيها عليها مرتين فلم ير ما يحب والمعنى في كلا يومى طواله وصل أروى ظنون والظنون الذي لا يوثق به كالبئر الظنون وهي القليلة الماء التي لا تثق بمائها ثم أقبل على نفسه فقال قد حان أن أترك الوصل الظنوهن وأطرحه ثم قال
( وما أروى وإن كرمت علينا ** بأدنى من موقفة حرون )
الموقفة الأروية التي في قوائمها خطوط كأنها الخلاخل والوقف الخلخال من الذبل والتوقيف البياض مع السواد فأراد أن في قوائمها خطوطا تخالف لونها والحرون التي تحرن في أعلى الجبل فلا تبرح يقول فهذه المرأة ليست بأقرب من هذه الأروية التي لا يقدر عليها ثم قال
( تطيف بها الرماة وتتقيهم ** بأوعال معطفة القرون )


يقول تطيف بهذه الأروية الرماة فلا تبرح لأنها في أعلى الجبل ودونها أوعال فلا تصل إليها نبل الرماة لأنهم يرمون تلك لأنها أقرب إليهم فكأنها تقي نفسها بها وإنما يؤكد بهذا بعدها وأنها لا يقدر عليها
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال كان بشر بن مروان شديدا على العصاة فكان إذا ظفر بالعاصي أقامه على كرسي وسمر كفيه في الحائط بمسمار ونزع الكرسي من تحته فيضطرب معلقا حتى يموت وكان فتى من بني عجل مع المهلب وهو يحارب الأزارقة وكان عاشقا لإبنة عم له فكتبت إليه تستزيره فكتب إليها
( لولا مخافة بشر أو عقوبته ** أو أن يشد على كفي مسمار )
( إذا لعطلت ثغري ثم زرتكم ** إن المحب إذا ما اشتاق زوار )
فكتبت إليه
( ليس المحب الذي يخشى العقاب ولو ** كانت عقوبته في إلفه النار )
( بل المحب الذي لا شيء يمنعه ** أو تستقر ومن يهوى به الدار )
قال فلما قرأ كتابها عطل ثغره وانصرف إليها وهو يقول
( أستغفر الله إذ خفت الأمير ولم ** أخش الذي أنا منه غير منتصر )
( فشأن بشر بلحمي فليعذبه ** أو يعف عفو أمير خير مقتدر )
( فما أبالي إذا أمسيت راضية ** يا هند ما نيل من شعرى ومن بشرى )
ثم قدم البصرة فما أقام إلا يومين حتى وشى به واش إلى بشر فقال علي به فأتي به فقال يا فاسق عطلت ثغرك هلموا الكرسي فقال أعز الله الأمير إن لي عذرا فقال وما عذرك فأنشده الأبيات فرق له وكتب إلى المهلب فأثبته في أصحابه
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لتماضر بنت مسعود بن عقبة أخي ذي الرمة وكان خرج بها زوجها إلى القفين


( نظرت ودوني القف ذو النخل هل أرى ** أجارع في آل الضحى من ذرى الأمل )
( فيالك من شوق وجيع ونظرة ** ثناها على القف خبلا من الخبل )
( ألا حبذا ما بين حزوى وشارع ** وأنقاء سلمى من حزون ومن سهل )
( لعمري لأصوات المكاكي بالضحى ** وصوت صبا في حائط الرمث بالدحل )
( وصوت شمال زعزعت بعد هدأة ** ألاء وأسباطا وأرطى من الحبل )
( أحب إلينا من صياح دجاجة ** وديك وصوت الريح في سعف النخل )
( فيا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** مجمهور حزوى حيث رببني أهلي )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي الأجارع جمع أجرع وجرعاء وهي الرابية السهلة
والأمل جمع أميل والأميل الرمل المستطيل يكون ميلا وأكثر من ذلك والخبل الفساد في البدن والأنقاء جمع نقا وهي الرملة المستطيلة ليست بعظيمة والمكاكي جمع مكاء وهو طائر قال الشاعر
( إذا غرد المكاء في غير روضة ** فويل لأهل الشاء والحمرات )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال للرمث أول ما يبدو ورقه قبل أن يخرج قد أقل فإذا زاد على ذلك قيل قد أدبى فإذا ظهرت خضرته قيل قد بقل فإذا ابيض وأدرك قيل قد أحنط فإذا جاوز ذلك قيل قد أورس فهو وارس ولا يقال مورس والألاء شجر حسن المنظر مر المطعم قال بشر
( فإنكم ومدحكم بجيرا ** أبا لجإ كما امتدح الألاء )
( يراه الناس أخضر من بعيد ** وتمنعه المرارة والإباء )
والأسباط جمع سبط وهو ضرب من الشجر أيضا والحبل المستطيل من الرمل ( قال أبو علي ) وقرأت عليه لإبنة الحباب
( محاحب يحيى حب يعلى فأصبحت ** ليحيى توالي حبنا وأوائله )


( ألا بابي يحيى ومثنى ردائه ** وحيث التقت من متن يحيى حمائله )
وقالت فيه أيضا
( أأضرب في يحيى وبيني وبينه ** تنائف لو تسري بها الريح كلت )
( ألا ليت يحيى يوم عيهم زارنا ** وأن نهلت مني السياط وعلت )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة المعروف بنفطويه قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( أمن أجل دار بين لوذان فالنقى ** غداة اللوى عيناك تبتدران )
( فقلت ألا لابل قذيت وإنما ** قذى العين لي ما هيج الطللان )
( فيا طلحتي لو ذان لا زال فيكما ** لمن يبتغي ظليكما فننان )
( وإن كنتما هيجتما لاعج الهوى ** ودانيتما ما ليس بالمتداني )
وأنشدنا أيضا
( ألا يا سيالات الدحائل باللوى ** عليكن من بين السيال سلام )
( وإني لمجلوب لي الشوق كلما ** تغرد في أفنانكن حمام )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لإبن الدمينة
( قفي يا أميم القلب نشكو الذي بنا ** وفرط الهوى ثم افعلي ما بدا لك )
( سلي البانة الغناء بالأجرع الذي ** به البان هل حييت أطلال دارك )
( وهل قت في أطلالهن عشية ** مقام أخي البأساء واخترت ذلك )
( ليهنئك إمساكي بكفي على الحشى ** ورقراق عيني رهبة من زيالك )
( لو قلت طأفي النار أعلم أنه ** هوى لك أو مدن لنا من نوالك )
( لقدمت رجلي نحوها فوطئتها ** هدى منك لي أو ضلة من ضلالك )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو عمر المطرز غلام ثعلب قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي


( فلو كنت أدري أن ماكان كائن ** حذرتك أيام الفؤاد سليم )
( ولكن حسبت الصرم شيأ أطيقه ** إذا رمت أو حاولت فيك عزيم )
( أخا الجن بلغها السلام فإنني ** من الإنس مزور الجناب كتوم )
( قال أبو علي ) هكذا أنشدنا جناب وهو عندي جناب من قولهم لج فلان في جناب قبيح إذا لج في مجانبة أهله
( أخا الجن ما ندري إذا لم يدم لنا ** خليل صفاء الود كيف نديم )
( ولا كيف بالهجران والقلب آلف ** ولا كيف يرضى بالهوان كريم )
( قال الأصمعي ) الدفينة والدثينة منزل لبني سليم ويقال اغتفت الخيل واغتثت إذا أصابت شيأ من الربيع وهي الغفة والغثة قال طفيل الغنوي
( وكنا إذا ما اغتفت الخيل غفة ** تجرد طلاب التراب مطلب )
ويقال فلغ رأسه وثلغ رأسه إذا شدخه ويقال جدف وجدت للقبر والدفئي والدثئي مثاله الدفعي من المطر ووقته إذا فاءت الأرض الكمأة فلم يبق فيها شيء والحثالة والحفالة الرديء من كل شيء
قال أبو عبيدة الحفالة والحثالة واحد وهي من التمر والشعير وما أشبههما القشارة منه ( وقال أبو عمرو ) الفناء والثناء في فناء الدار وحكي غلام ثوهد وفوهد وهو الناعم وحكي الأرفة والأرثة للحدبين الأرضين
وقال اللحياني الأثافي والأثاثي ولغة بني تميم الأثاثي وتوفر وتحمد وتوثر وتحمد ( وقال الفراء ) المغافير والمغاثير شيء ينضجه الثمام والرمث والعشر كالعسل ( قال ) وسمعت العرب تقول خرجنا نتمغفر ونتمغثر أي نأخذ المغفور ( قال ) وسمعت الكسائي يحكي عن العرب مغفر لواحد المغافير
والفوم والثوم الحنطة وفي قراءة ابن مسعود ( وثومها وعدسها ) وثوب فرقبي وثرقبي ووقعوا في عافور شر وعاثور شر
قال العجاج وبلدة مرهوبة العاثور قال يعقوب

ابن السكيت نرى أنه من قولهم عثر يعثر إذا وقع في الشر والنفي والنثي ما نفاه الرشاء من الماء قال الراجز
( كأن متنيه من النفي ** مواقع الطير على الصفي )
ويروى الصفي بالكسر والضم وثم وفم في النسق
والنكاف والنكاث داء يأخذ الإبل وفروغ الدلو وثر وغها مصب مائها
ويقال للشيخ مر يدلف ويدلث إذا مشى مشيا ضعيفا وعفنت في الجبل أعفن وعثنت أعثن إذا صعدت في الجبل ويقال هو الضلال ابن فهلل وثهلل وفهلل أيضا عن اللحياني واللفام واللثام قال الفراء اللثام على الفم واللفام على الأرنبة وفلان ذو فروة وثروة أي ذو كثرة من المال
وقال ابن الأعرابي يقال انفجر الجرح وانثجر وطلف على الثمانين وطلث إذا زاد عليها وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لطفيل
( كأن على أعطافه ثوب مامح ** وإن يلق كلب بين لحييه يذهب )
أعطافه جوانبه وإنماله عطفان والمائح الذي ينزل في البئر فيملأ الدلو فكلما جذبت دلو انصب عليه من مائها فابتل فشبه الفرس وقد ابتل من العرق بثوب المائح ومثله
( أبيت كأني كل آخر ليلة ** من الرحضاء آخر الليل مائح )
وقوله وإن يلق كلب بين لحييه أراد أنه واسع الشدقين ثم قال
( كأن على أعرافه ولجامه ** سناضرم من عرفج متلهب )
السنى الضوء فيقول كأن على أعرافه ولجامه ضوء ضرم وإذا كان له ضوء كان له حفيف فيقول يحف من شادة العدو حتى كأن عرفجا يتضرم على أعرافه وعنانه ومثله قول العجاج كأنما يستضرمان العرفجا يستضرمان يوقدان يعني حمارين كأنما حفيفهما حفيف العرفج وكان ابن الأعرابي يقول سألت غنيا


كلها أو سمعت غنيا تقول إنما وصفه بالشقرة شبه شقرته على عنانه في حر الشمس بتوقد النار في يبيس العرفج وكان عمارة بن عقيل يقول أيضا وصفه بالشقرة
( قال أبو علي ) وبيت طفيل هذا أحد الأبيات التي غلب فيها أبو نصر على ابن الأعرابي وذلك أن أبا نصر ذهب فيه إلى قول الأصمعي وهو التفسير الأول ومثله في الحفيف
( جموحا مروحا وإحضارها ** كمعمعة السعف المحرق )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لأعرابي من لم يتزوج امرأتين لم يذق حلاوة العيش فتزوج امرأتين ثم ندم فأنشأ يقول
( تزوجت اثنتين لفرط جهلي ** بما يشقى به زوج اثنتين )
( فقلت أصير بينهما خروفا ** أنعم بين أكرم نعجتين )
( فصرت كنعجة تضحى وتمسى ** تداول بين أخبث ذئبتين )
( رضا هذي يهيج سخط هذي ** فما أعرى من احدى السخطتين )
( وألقى في المعيشة كل ضر ** كذاك الضر بين الضرتين )
( لهذي ليلة ولتلك أخرى ** عتاب دائم في الليلتين )
( فإن أحببت أن تبقى كريما ** من الخيرات مملوء اليدين )
( وتدرك ملك ذي يزن وعمرو ** وذي جدن وملك الحارثين )
( وملك المنذرين وذي نواس ** وتبع القديم وذي رعين )
( فعش عزبا فإن لم تستطعه ** فضربا في عراض الحجفلين )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كنت مؤاخيا لرجل من أهل حمى ضرية وكان جوادا رث الحال فمررت به يوما في بعض ترددي على الأحياء فإذا هو كئيب فسألته عن شأنه فقال
( ثمانين حولا لا أرى منك راحة ** لهنك في الدنيا لباقية العمر )


( فإن أنقلب من عمر صعبة سالما ** تكن من نساء الناس لي بيضة العقر )
والبيتان لعروة الرحال فاقبلت عليه أعظه وأصبره فأنشأ يقول
( فلو أن نفسي في يدي مطيعتي ** لأرسلتها بمما ألاقي من الهم )
( ولو كان قتليها حلالا قتلتها ** وكان ورود الموت خيرا من الغم )
( تعرضت للأفعي أحاول وطأها ** لعلي أنجو من صعيبة بالسم )
( فيارب إكفنها والا فنجني ** وإن كان يومي قبلها فاقضين حتمي )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله أن أبا عثمان أنشدهم عن التوزي عن أبي عبيدة لأعرابي طلق امرأته ثم ندم فقال
( ندمت وما تغني الندامة بعدما ** خرجن ثلاث ما لهن رجوع )
( ثلاث يحرمن الحلال على الفتى ** ويصدعن شعب الدار وهو جميع )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن وافدا وفد على عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال له كيف تركت الناس قال تركت غنيهم موفورا وفقيرهم محبورا وظالمهم مقهورا ومظلومهم منصورا فقال الحمد لله لو لم تتم واحدة من هذه الخصال إلا بعضو من أعضائي لكان يسيرا وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال بعض الحكماء من كانت فيه سبع خصال لم يعدم سبعا من كان جوادا لم يعدم الشرف ومن كان ذا وفاء لم يعدم المقة ومن كان صدوقا لم يعدم القبول ومن كان شكورا لم يعدم الزيادة ومن كان ذا رعاية للحقوق لم يعدم السؤدد ومن كان منصفا لم يعدم العافية ومن كان متواضعا لم يعدم الكرامة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن العباس بن هشام عن أبيه قال كان قس بن ساعدة يفد على قيصر ويزوره فقال له قيصر يوما ما أفضل العقل قال معرفة المرء بنفسه قال فما أفضل العلم قال وقوف المرء عند علمه قال فما أفضل المرؤءة


قال استبقاء الرجل ماء وجهه قال فما أفضل المال قال ما قضي به الحقوق
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم رحمه الله عن العتبي قال حدثني أبي قال حدثني رجل من أهل الشام عن الأبرش الكلبي أنه سمع الوليد بن عقبة وعمرو بن سعيد بن العاص يتلاحيان في مجلس معاوية رحمه الله فتكلم الوليد فقال له عمرو كذبت أو كذبت فقال له الوليد اسكت يا طليق اللسان منزوع الحياء ويا ألأم أهل بيته فلعمري لقد بلغ بك البخل الغاية الشائنة المذلة لأهلها فساءت خلائقك لبخلك فمنعت الحقوق ولزمت العقوق فأنت غير مشيد البنيان ولا رفيع المكان فقال له عمرو والله إن قريشا لتعلم أني غير حلو المذاقه ولا لذيذ الملاكه وإني لكا الشجا في الحلق ولقد علمت أني ساكن الليل داهية النهار لا أتبع الأفياء ولا أنتمي إلى غير أبي ولا يجهل حسبى حام لحقائق الذمار غير هيوب عند الوعيد ولا خائف رعديد فلم تعير بالبخل وقد جبلت عليه فلعمري لقد أورثتك الضرورة لؤما والبخل فحشا فقطعت رحمك وجرت في قضيتك وأضعت حق من وليت أمره فلست ترجى للعظائم ولا تعرف بالمكارم ولا تستعف عن المحارم لم تقدر على التوقير ولم يحكم منك التدبير فأفحم الوليد فقال معاوية وساءه ذلك كفالا أبالكما لا يرتفع بكما القول إلى مالا نريد ثم أنشأ عمرو يقول
( وليد إذا ما كنت في القوم جالسا ** فكن ساكنا منك الوقار على بال )
( ولا يبدرن الدهر من فيك منطق ** بلا نظر قد كان منك وإغفال )
وقرأت على أبي بكر لطفيل الغنوي
( ظعائن أبرقن الخريف وشمنه ** وخفن الهمام أن تقاد قنابله )
( على إثر حي لا يرى النجم طالعا ** من الليل إلا وهو قفر منازله )
أبرقن الخريف رأين برق الخريف وقال بعضهم دخلن في برق الخريف وشمنه

أبصرنه والشيم النظر إلى البرق خاصة
وقوله وخفن الهمام يعني دخلت شهور الحل فخفن أن يغير عليهن فتنكبن ناحيته وتباعدن عنه
والقنابل جمع قنبلة وهي الجماعة من الخيل
وقوله لا يرى النجم طالعا من الليل يقول هذا الحي لا يرى النجم طالعا بسدفة إلا رحل إلى مكان آخر يبتغي النجعة وذلك في وقت من الأوقات فكأنه أبدا قفر
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه سمعت أعرابيا يقول العاقل حقيق أن يسخى بنفسه عن الدنيا لعلمه أن لا ينال أحد فيها شيأ إلا قل إمتاعه به أو كثر عناؤه فيه واشتدت مرزئته عليه عند فراقه وعظمت التبعة فيه بعده
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه وأبو حاتم عن العتبي قالا قال أعرابي خير الأخوان من ينيل عرفا أو يدفع ضرا
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال شبيب بن شبة أخوان الصدق خير مكاسب الدنيا هم زينة في الرخاء وعدة في البلاء ومعونة على حسن المعاش والمعاد وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لعمر بن أبي ربيعة من خط ابن سعدان
( أعبدة ما ينسى مودتك القلب ** ولا هو يسليه رخاء ولا كرب )
( ولا قول واش كاشح ذي عداوة ** ولا بعد داران نأيت ولا قرب )
( وما ذاك من نعمى لديك أصابها ** ولكن حبا ما يقار به حب )
( فإن تقبلي يا عبد توبة تائب ** يتب ثم لا يوجد له أبدا ذنب )
( أذل لكم يا عبد فيما هو يتم ** وإني إذا ما رامني غيركم صعب )
( وأعذل نفسي في الهوى فتعوقني ** ويأصرني قلب بكم كلف صب )
( وفي الصبر عمن لا يؤاتيك راحة ** ولكنه لا صبر عندي ولا لب )
( وعبدة بيضاء المحاجر طفلة ** منعمة تصبي الحليم وما تصبو )
( قطوف من الحور الأوانس بالضحى ** متى تمش قيس الباع من بهرها تربو )


( فلست بناس يوم قالت لأربع ** نواعم غر كلهن لها ترب )
( ألا ليت شعرى فيم كان صدوده ** أعلق أخرى أم علي به عتب )
وقرأت عليه له أيضا
( ألا يا من أحب بكل نفسي ** ومن هو من جميع الناس حسبي )
( ومن يظلم فأغفره جميعا ** ومن هو لا يهم بغفر ذنبي )
وقرأت عليه أيضا
( بنفسي من أشتكى حبه ** ومن ان شكا الحب لم يكذب )
( ومن إن تسخط أعتبته ** وإن يرني ساخطا يعتب )
( ومن لا أبالي رضا غيره ** إذا هو سر ولم يغضب )
( ومن لا يطيع بنا أهله ** ومن قد عصيت له أقربي )
( ومن لو نهاني من حبه ** عن الماء عطشان لم أشرب )
( ومن لا سلاح له يتقى ** وإن هو نوزل لم يغلب )
( قال أبو علي ) وقرئ على أبي عمر المطرز وأنا أسمع قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي
( هل الريح أو برق الغمامة مخبر ** ضمائر حاج لا أطيق لها ذكرا )
( سليمى سقاها الله حيث تصرفت ** بها غربات الدار عن دارنا القطرا )
( إذا درجت ريح الصبا وتنسمت تعرفت من تجدو ساكنه نشرا )
( فقرف قرح القلب بعد اندماله ** وهيج دمعا لا جمودا ولا نزرا )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله أن أبا عثمان أنشدهم عن التوزي عن أبي عبيدة لرجل من بني عبس
( إذا راح ركب مصعدين فقلبه ** مع الرائحين المصعدين جنيب )


( وان هب علوي الرياح رأيتني ** كأني لعلو ياتهن نسيب )
( وان الكثيب الفرد من جانب الحمى ** إلي وإن لم آته لحبيب )
( فلا خير في الدنيا إذا أنت لم تزر ** حبيبا ولم يطرب إليك حبيب )
وأنشدنا قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه للأقرع بن معاذ القشيري
( يقر بعيني أن أرى ضوء مزنة ** يمانية أو أن تهب جنوب )
( لقد شغفتني أم بكر وبغضت ** إلي نساء ما لهن ذنوب )
( أراك من الضرب الذي يجمع الهوى ** ودونك نسوان لهن ضروب )
( وقد كنت قبل اليوم أحسب أنني ** ذلول بأيام الفراق أديب )
ويروى أريب وأنشدنا قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لمرار بن هباش الطائي
( سقى الله أطلالا باحبلة الحمى ** وإن كن قد أبدين للناس ما بيا )
( منازل لو مرت بهن جنازتي ** لقال صداي حاملي انزلانيا )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( من كان يزعم أن سيكتم حبه ** حتى يشكك فيه فهو كذوب )
( الحب أغلب للفؤاد بقهره ** من أن يرى للستر فيه نصيب )
( وإذا بدا سر اللبيب فإنه ** لم يبد إلا والفتى مغلوب )
( إني لأبغض عاشقا متسترا ** لم تتهمه أعين وقلوب )
وحدثنا أبو يعقوب وراق أبي بكر بن دريد قال أخبرنا أحمد بن عمرو قال حدثني أبي عمرو ابن محمد عن أبي عبيدة قال دخل الأحنف بن قيس على معاوية ويزيد بين يديه وهو ينظر إليه إعجابا به فقال يا أبا بحر ما تقول في الولد فعلم ما أراد فقال يا أمير المؤمنين هم عماد ظهورنا وثمر قلوبنا وقرة أعيننا بهم نصول على أعدائنا وهم الخلف منا لمن بعدنا فكن لهم أرضا ذليله وسماء ظليله أن سألوك فأعطهم وان استعتبوك فأعتبهم لا تمنعهم رفدك

فيملوا قربك ويكرهوا حياتك ويستبطؤوا وفاتك فقال لله درك يا أبا بحر هم كما وصفت وقرأت على أبي بكر بن دريد لطفيل الغنوي
( فلو كنت سيفا كان أثرك جعرة ** وكنت ددانا لا يغيرك الصقل )
الجعرة أثر الجعار والجعار حبل يوثق به في حقو الساقي إلى عمود القامة فإن انقطع الرشاء لم يهو المائح في البئر فيقول كنت سيفا كليلا لا يؤثر إلا كأثر الجعار والددان والكهام والكهيم الكليل ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال رأيت في أرض بني فلان نعاعة حسنة ويقال لعاعة وهو نبت ناعم في أول ما يبدو رقيق لم يغلظ ويقال إنما الدنيا لعاعة قال ابن مقبل
( كاد اللعاع من الحوذان يسحطها ** ورجرج بين لحييها خناطيل )
يسحطها يذبحها والرجرج اللعاب يترجرج وخناطيل قطع متفرقة ويقال بعير رفل ورفن إذا كان سابغ الذنب قال ابن صيادة يصف فحلا
( يتبعن سد وسبط جعد رفل ** كأن حيث تلتقي منه المحل )
( من قطريه وعلان ووعل )
وقال النابغة
( بكل مجرب كالليث يسمو إلى أوصال ذيال رفن )
ويقال هتنت السماء وهتلت تهتن تهتانا وتهتل تهتالا وهي سحائب هتن وهتل وهو فوق الهطل قال
( فسحت دموعي في الرداء كأنها ** كلا من شعيب ذات سح وتهتان )
وقال العجاج
( عزز منه وهو معطى الأسهال ** ضرب السواري متنه بالتهتال )
( قال أبو علي ) هكذا يرويه البصريون عزز يريدون صلب والسدول والسدون ما جلل به الهودج قال الزفيان


( كأنما علقن بالأسدان ** يانع حماض وأقحوان )
وقال حميد بن ثور
( فرحن وقد زايلن كل صنيعة ** لهن وباشرن السديل المرقما )
يصف نساء والكتن والكتل التلزج ولزوق الوسخ بالشيء وأنشد لإبن ميادة
( تشرب منه نهلات وتعل ** وفي مراغ جلدها منه كتل )
وقال ابن مقبل
( ذعرت به العير مستوزيا ** شكير جحافله قد كتن )
مستوز يا منتصبا مرتفعا والشكير الشعر الضعيف ههنا وكتن أي لزق به أثر خضرة العشب ويقال طبرزن وطبرزل للسكر والرهدنة والرهدلة وهي الرهادن والرهادل وهو طوير يشبه القبرة إلا أنه ليست له قنزعة وقال الطوسي الرهدن والرهدل الضعيف والرهدن والرهدل طوير أيضا ويقال لقيته أصيلانا وأصيلالا أي عشيا ( قال الفراء ) جمعوا أصيلا أصلانا كما يقال بعير وبعران ثم صغر والجمع وأبدلوا النون لا ما ( وقال أبو عمرو الشيباني ) الغرين والغريل ما يبقى من الماء في الحوض والغدير الذي تبقى فيه الدعاميص لا يقدر على شربه وقال الأصمعي الغرين إذا جاء السيل فثبت في الأرض فجف فترى الطين قد جف ورق فهو الغرين ( وقال أبو عمرو ) الدمال السرجين ويقال الدمان بالنون
( وقال الفراء ) يقال هو شثن الأصابع وشتلها
وهو كبن الدلو وكبل الدلو
( وقال الأصمعي ) الكبن ماثني من الجلد عند شفة الدلو ( قال ) وكل كف كبن يقال قد كبنت عنك بعض لساني أي كففت وقد كبنت ثوبي في معنى غبنته ولم يعرفها باللام ( قال أبو علي ) غبنت ثوبي وكففته واحد ( قال ) ويقال رجل كبنة إذا كان منقبضا عن الناس ( وقال الفراء ) يقال أتن يأتن وأتل يأتل وهو الأتلان والأتلال وهو أن يقارب خطوه في غضب قال وأنشدني أبو ثروان


( أأن حن أجمال وفارق جيرة ** عنيت بنا ما كان نولك تفعل )
( ومن يسأل الأيام نأي صديقه ** وصرف الليالي يعط ما كان يسأل )
( أراني لا آتيك إلا كأنما ** أسأت وإلا أنت غضبان تأتل )
( أردت لكيما لا ترى لي عثرة ** ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل )
وقال الفراء العرب تجمع ذألان الذئب ذآ ليل ( قال أبو علي ) الذألان من المشي الخفيف ومنه سمى الذئب ذؤالة والدألان بالدال مشي الذي كأنه يبغي في مشيته
وقال اللحياني عن الكسائي يقال أتاني هذا الأمر وما مأنت مأنه وما مألت أي ما تهيأت له وهو حنك الغراب وحلكه لسواده ( قال ) وقلت لأعرابي أتقول مثل حنك الغراب أو حلكه فقال لا أقول مثل حلكه قال أبو زيد الحلك اللون والحنك المنسر ( قال أبو علي ) المنسر المنقار وإنما سمي منسرا لأنه ينسر به أي ينتف به ( وقال الكسائي ) هو العبد زلمة وزلمة وزلمة وزنمة وزنمة وزنمة أي قده قد العبد ( وقال الفراء ) عنوان الكتاب وعلوانه وعنيانه وقد عنونته عنونة وعنوانا وعلونته علونة وعلوانا ( وقال اللحياني ) ( أبنته وأبلته إذا أثنيتى عليه بعد موته
ويقال هو على آسان من أبيه وعلى آسال من أبيه وقد تأسن أباه وتأسله إذا نزع إليه في الشبه
وعتلته إلى السجن وعتنته أعتله وأعتله وأعتنه وأعتنه ويقال ارمعل الدمع وارمعن إذا تتابع ويقال لابل ولابن وإسماعيل وإسماعين وميكائيل وميكائين وإسرافيل وإسرافين وإسرائين وإسرائيل وأنشد
( قد جرت الطير أيامنينا ** قالت وكنت رجلا فطينا )
( هذا ورب البيت إسرائينا ** )
قال أبو بكر في كتاب المتناهي في اللغة هذا أعرابي أدخل قردا إلى سوق الحيرة ليبيعه

فنظرت إليه امرأة فقالت مسخ فقال هذه الأبيات وشراحيل وشراحين وجبرئيل وجبرئين ويقال ألصت الشيء أليصه إلاصة وأنصته أنيصة إناصة إذا أدرته ( قال أبو علي ) يعني مثل إدارتك الوتد لتخرجه والدحل والدحن الخب الخبيث والدحن أيضا الكثير اللحم وبعير دحنة إذا كان عريضا كثير اللحم وأنشد
( ألا أرحلوا دعكنة دحنه ** بما ارتعى مزهية مغنه )
وقنة الجبل وقلته وشلت العين الدمع وشنت وذلاذل القميص وذناذنه لأسافله واحدها ذلذل وذنذن ( قال أبو علي ) وأبو زيد يقول واحدها ذلذل وقال اللحياني يقال هو خامل الذكر وخامن الذكر
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي قال حدثنا عبد الله بن محمد عن المدائني قال كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليهما كن كالمداوي جرحه صبر على شدة الدواء مخافة طول البلاء
وحدثنا قال أخبرنا عبد الله بن محمد عن المدائني عن علي بن حماد قال كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى رجل اتق الدنيا فإن مسهالين وارفض نعيمها لقلة ما يتبعك منه واترك ما يعجبك منها السرعة مفارقتها وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني أحمد بن عبيد قال قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله قبل خلافته
( إنه الفؤاد عن الصبا ** وعن انقياد للهوى )
( فلعمر ربك إن في ** شيب المفارق والجلى )
( لك واعظا لو كنت تتعظ اتعاظ ذوي النهى ** )
حتى متى لا ترعوي ** وإلى متى وإلى متى )
( ما بعد أن سميت كهلا واستلبت اسم الفتى ** )
( بلي الشباب وأنت إن ** عمرت رهن للبلى )
( وكفى بذلك زاجرا ** للمرء عن غي كفى )


( قال أبو علي ) الأنزع الذي قد انحسر الشعر عن جانبي جبهته فاذا زاد قليلا فهو أجلح فإذا بلغ النصف فهو أجلى ثم هو أجله قال رؤبة
( لما رأتني خلق المموه ** برأق أصلاد الجبين الأجله )
( بعد غداني الشباب الأبله ** )
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الله قال حدثني صالح بن صالح قال حدثنا محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر بن عمرو قال حدثنا زيد بن أسلم مولى بني عدي وكان إمامهم قال اجتمع اسحق بن سويد العدوي وذو الرمة في مجلس فأتوا بالطعام فطعموا وأتوا بالنبيذ فشرب ذو الرمة وأبي إسحق بن سويد العدوي فقال ذو الرمة
( أما النبيذ فلا يذعرك شاربه ** واحفظ ثيابك ممن يشرب الماء )
( قوم يوارون عما في صدورهم ** حتى إذا استمكنوا كانوا هم الداءا )
( مشمرين إلى أنصاف سوقهم ** هم اللصوص وهم يدعون قراءا )
فقال إسحق بن سويد
( أما النبيذ فقد يزرى بشاربه ** ولن ترى شاربا أزرى به الماء )
( الماء فيه حياة الناس كلهم ** وفي النبيذ إذا عاقرته الداء )
( يقال هذا نبيذي يعاقره ** فيه عن البر والخيرات إبطاء )
( وفيه أن قيل مهلا عن مصممه ** وفيه عندر كوب الإثم إغضاء )
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال وشى واش بعبد الله بن همام السلولي إلى زياد فقال له أنه هجاك فقال أأجمع بينك وبينه قال نعم فبعث زياد إلى ابن همام فأتي به وأدخل الرجل بيتا فقال زياد يا ابن همام بلغني أنك هجوتني فقال كلا أصلحك الله ما فعلت ولا أنت لذلك بأهل فقال ان هذا الرجل أخبرني وأخرج الرجل فأطرق ابن همام هنيهة ثم أقبل على الرجل فقال


( أنت امرؤ إما ائتمنتك خاليا ** فخنت وإما قلت قولا بلا علم )
( فأبت من الأمر الذي كان بيننا ** بمنزلة بين الخيانة والإثم )
فأعجب زياد بجوابه وأقصى الواشي ولم يقبل منه وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال دخل أعرابي على خالد بن عبد الله القسري فقال أصلح الله الأمير شيخ كبير حدته إليك بارية العظام ومؤرثة الأسقام ومطولة الأعوام فذهبت أمواله وذعذعت آباله وتغيرت أحواله فإن رأى الأمير أن يجبره بفضله وينعشه بسجله ويرده إلى أهله فقال كل ذلك وأمر له بعشرة آلاف درهم ( قال أبو علي ) بارية العظام التي تبري العظام وذعذعت فرقت السجل الدلو الذي فيه ماء وهو ههنا مثل
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد عن المفضل قال دخل العجاج على عبد الملك بن مروان فقال يا عجاج بلغني أنك لا تقدر على الهجاء فقال يا أمير المؤمنين من قدر على تشييد الأبنية أمكنه إخراب الأخبية قال فما يمنعك من ذلك قال أن لنا عزا يمنعنا من أن نظلم وأن لنا حلما يمنعنا من أن نظلم فعلام الهجاء فقال لكلماتك أشعر من شعرك فأنى لك عز يمنعك من أن تظلم قال الأدب البارع والفهم الناصع قال فما الحلم الذي يمنعك من أن تظلم قال الأدب المستطرف والطبع التالد قال يا عجاج لقد أصبحت حكيما قال وما يمنعني وأنا نجي أمير المؤمنين وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس
( إذا غاب عنكم أسود العين كنتم ** كراما وأنتم ما أقام ألاثم )
( تحدث ركبان الحجيج بلؤمكم ** وتقري به الضيف اللقاح العواتم )
أسود العين جبل يقول لا تكونون كراما حتى يغيب هذا الجبل وهو لا يغيب أبدا
وقوله وتقرى به الضيف اللقاح العواتم يعني أن أهل الأندية يتشاغلون بذكر لؤمكم عن حلب لقاحهم حتى يمسوا فإذا طرقهم الضيف صادف الألبان بحالها لم تحلب فنال حاجته فكأن لؤمكم قرى الأضياف والإشتغال بوصفه
وحدثنا أبو بكر قال

أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال أعطى رجل أعرابيا فأكثر له فقال له الأعرابي إن كنت جاوزت قدري عند نفسي فقد بلغت أملي فيك
وحدثنا قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سأل رجل رجلا حاجة فقضاها فقال وضعتني من كرمك بحيث وضعت نفسي من رجائك
وحدثنا أبو بكر قال حدثني الرياشي قال حدثنا الأصمعي قال سمعت أعرابيا يمدح رجلا فقال كان والله ساعيا في طلب المكارم غير ضال في معارج طرقها ولا متشاغل بغيرها عنها
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال سمعت أعرابيا يقول شيعنا الحي وفيهم أدوية السقام فقرأن بالحدق السلام وخرست الألسن عن الكلام ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عبد الله نفطويه قال عثمان بن إبراهيم الحاطبي فقال لي بعد أن قرأت قطعة من الخبر فتبينه حدثنا بهذا الخبر أحمد بن يحيى عن الزبير بن بكار قال حدثني مصعب بن عبد الله عن عثمان بن إبراهيم الحاطبي قال أتيت عمر بن أبي ربيعة بعد أن نسك بسنتين فانتظرته فإذا هو في مجلس قومه بني مخزوم حتى إذا تفرق الناس عنه دنوت منه ومعي صاحب لي فقال لي هل لك أن تنظر هل بقى من الغزل شيء في نفسه فقلت دونك فقال يا أبا الخطاب أحسن والله رسيان العذري قال وفيما ذا قال حين يقول
( لو جذ بالسيف رأسي في مودتها ** لمال لا شك يهوي نحوها راسي )
فقال عمر أحسن والله فقال يا أبا الخطاب وأحسن والله نجبة بن جنادة العذري قال فيما ذا قال حين يقول
( سرت لعينك سلمى عند مغناها ** فبت مستلهيا من بعد مسراها )


( فقلت أهلا وسهلا من هداك لنا ** إن كنت تماثلها أو كنت إياها )
( تأتي الرياح التي من نحو بلدتكم ** حتى أقول دنت منابرياها )
وقد تراخت بناعنها نوى قذف ** هيهات مصبحها من بعد ممساها )
( من حبها أتمنى أن يلاقيني ** من نحو بلدتها ناع فينعاها )
( كيما أقول فراق لالقاء له ** وتضمر النفس يأستم تسلاها )
( ولو تموت لراعتني وقلت لها ** يا بؤس للموت ليت الدهر أبقاها )
فضحك عمرو وقال أحسن ويحه والله لقد هيجتم على ما كان مني ساكنا لاحدثنكم حديثا حلوا بينا أنا منذ أعوام جالس إذ أتاني خالد الخريت فقال يا أبا الخطاب مر قبيلا اربع يردن كذا وكذا من مكة ولم أر مثلهن قط فهل لك أن تأتي متنكر افتسمع من حديثهن ولا يعلمن قلت ويحك وكيف لي بأن يخفى ذلك قال تلبس لبسة أعرابي ثم تجلس على قعود حتى تهجم عليهن قال فجلست على قعود ثم اتيتهن وسلمت عليهن فسألنني أن أحدثهن وأنشدتهن فانشدتهن لكثير وجميل وغيرهما فقلن يا أعرابي ما أملحك لو نزلت فتحدثت معنا يومنا هذا فإذا أمسيت انصرفت قال فأنخت قعودي فجلست معهن فتحدثت وأنشدتهن فدنت هند وهي التي كنت أشبب بها فمدت يدها فألقت عمامتي عن رأسي ثم قالت بالله أتراك خدعتنا منذ اليوم نحن والله خذ عناك ثم أرسلنا إليك خالدا ليأتين بك على أقبح هيآتك ونحن على ما ترى ثم أخذنا في الحديث فقالت يا سيدي لو رأيتني منذ أيام وأصبحت عند أهلي فادخلت رأسي في جيبي فلما نظرت إلى كعثبي فرأيته ملء العين وأمنيته المتمنى ناديت يا عمراه فصاح عمر بالبكاء يالبيكاه يالبيكاه ثم أنشأ يقول
( ألم تسأل الأطلال والمتربعا ** ببطن خليات دوارس بلقعا )
قال أبو علي وأملي علينا أبو عبدالله عرفت مصيف الحي والمتربعا وهو غلظ لأن عرفت مصيف الحي أول قصيدة جميل


( فيبخلن أو يخبرن بالعلم بعدما ** نكأن فؤادا كان قدما مفجعا )
( بهند وأتراب لهند إذ الهوى ** جميع وإذا لم نخش أن يتصدعا )
( وإذ نحن مثل الماء كان مزاجه ** كما صفق الساقي الرحيق المشعشعا )
( وإذ لا نطيع العاذلين ولا نرى ** لواش لدينا يطلب الصرم مطمعا )
( تنوعتن حتى عاود القلب سقمه ** وحتى تذكرت الحديث المودعا )
( فقلت لمطريهن بالحسن إنما ** ضررت فهل تسطيع نفعا فتنفعا )
( وأشريت فاستشرى وقد كان قد صحا ** فؤاد بأمثال المها كان موزعا )
وروى أبو عبد الله بامثال الدمى كان مولعا ومعنى مولع وموزع واحد
( وهيجت قلبا كان قد ودع الصبا ** وأشياعه فاشفع عسى أن تشفعا )
( لئن كان ما قد قلت حقا لما أرى ** كمثل الألى أطريت في الناس أربعا )
( فقال تعال انظر فقلت وكيف لي ** أخاف مقاما أن يشيع فيشنعا )
( قال أبو علي ) هذا البيت لم يمله على أبو عبد الله وقرأته عليه من خط ابن سعدان
( فقال اكتفل التثم وأت باغيا ** فسلم ولا تكثر بأن تتورعا )
( فإني سأخفي العين عنك فلا ترى ** مخافة أن يفشو الحديث فيسمعا )
( فاقبلت أهوى مثل ما قال صاحبي ** لموعده أزجي قعودا موقعا )
( فلما تواقفنا وسلمت أشرقت ** وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا )
وروى أبو عبد الله فلما تلاقينا
( تبالهن بالعرفان لما عرفنني ** وقلن امرؤ باغ أكل وأوضعا )
وروى أبو عبد الله لما رأينني وروى أيضا أضل فأوضعا ( قال أبو علي ) وهو أحب إلي


( وقربن أسباب الهوى لمتيم ** يقيس ذراعا كلما قسن اصبعا )
( فلما تنازعن الأحاديث قلن لي ** أخفت علينا أن نغر ونخدعا )
وروى أبو عبد الله
( لكنت خليقا أن تغر وتخدعا ** )
( فبالأمس أرسلنا بذلك خالدا ** إليك وبينا له الشأن أجمعا )
وروى أبو عبد الله لبالأمس أرسلنا
( فما جئتنا إلا على وفق موعد ** على ملأ منا خرجنا له معا )
( رأينا خلاء من عيون ومجلسا ** دميث الربى سهل المحلة ممرعا )
( وقلنا كريم نال وصل كرائم ** فحق له في اليوم أن يتمتعا )
وبخط ابن سعدان
( فحق لنا في اليوم أن نتمتعا ** )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لمرار بن هباش الطائي
( فما ماء مزن في ذرى متمنع ** حمى ورده وعر به ولصوب )
( بأطيب من فيها وما ذقت طعمه ** سوى أن أرى بيضا لهن غروب )
( أأهجر من قد خالط القلب حبه ** ومن هو موموق إلي حبيب )
( قال الأصمعي ) من أمثال العرب ( زاحم بعود أودع ) يقول لا تستعن على أمرك الأباهل السن والمعرفة ( قال ) ومن أمثالهم ( الفحل يحمي شولة معقولا ) يعني أن الحر قد يحتمل الأمر الجليل ويحمى حريمه وإن كنت به علة
( قال ) ومن أمثالهم ( مخرنبق لينباع ) والمخرنبق المطرق الساكت
وقوله لينباع أي ليثب وروى أبو عبيدة وأبو زيد لينباق أيضا ولم يفسراه ( قال أبو علي ) وأنا أقول لينباق ليندفع وقال الأصمعي من أمثالهم ( كان حمارا فاستأتن ) يضرب مثلا للرجل يهون بعد العز ( قال ) ومن أمثالهم ( الحقى أضرعتني إليك ) أي ذل للحاجة
( قال أبو علي ) إنما قيل هذا لأن صاحب الحاجة تأخذه رعشة عند التماس

حاجته حرصا عليها يقول فهذا الذي بي من القل هو الذي أضرعني والقل الرعدة
( قال ) ومن أمثالهم ( عود يفلح ) يعني أن تحسن أسنانه وتنقى والقلح صفرة في الأسنان
وقال أبو عبيدة وفي هذا المعنى من أمثالهم ( ومن العناء رياضة الهرم ) وقرأنا على أبي بكر بن دريد لأفنون التغلبي
( أنى جزوا عامرا سوأ بحسنهم ** أم كيف يجزونني السوأى من الحسن )
( أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به ** رئمان أنف إذا ما ضن باللبن )
العلوق التي ترأم بأنفها وتمنع درها ويقول فأنتم تحسنون القول ولا تعطون شيأ فكيف ينفعني ذلك ( وقال أبو عبيدة ) السلسم والسلسب شجر
وقال اللحياني أتانا وما عليه طحربة ولا طحرمة أي خرقة وكذلك يقال ما في السماء طحربة ولا طحرمة أي لطخ من غيم
ويقال ما في نحي بني فلان عمقه ولا عبقه أي لطخ ولا وضر ( وقال أبو عمرو الشيباني ) ما زلت راتما على هذا الأمر وراتبا أي مقيما
( وقال الأصمعي ) بنات مخرو بنات بخر سحائب ياتين قبل الصيف بيض منتصبات قال طرفة
( كبنات المخر يمادن كما ** أنبت الصيف عساليج الخضر )
( وقال أبو علي ) ويروى الخضر ( قال ) وكان أبو سرار الغنوي يقول با اسمك يريد ما اسمك ( وقال ) ظليم أربد وأرمد وهو لون إلى الغبرة ( وقال يعقوب بن السكيت ) قال بعضهم ليس هذا من الإبدال ومعنى أرمد يشبه لون الرماد
وسمعت ظأب تيس بني فلان وظأم تيسهم بالهمز فيهما وهو صياحه عند هياجه وأنشد
( يصوع عنوقها أحوى زنيم ** له ظأب كما صخب الغريم )
قال أبو العباس أحمد بن يحيى ظاب التيس وظامه لا يهمزان ( قال أبو علي ) ورويناه في الغريب المصنف غير مهموز وظأم الرجل وظأبه بالهمز سلفه ويقال قد تظاءما وتظاءبا إذا تزوجا أختين
ويقال للرجل إذا يبس من الهزال ما هو إلا عشبة وعشمة


( قال أبو علي ) وكذلك يقال للكبير الذي قد ذهب لحمه ويقال للعجوز قحمة وقحبة وكذلك لكل مسنة ويقال ساب فلانا فأرمى عليه وأربى أي زاد ( وقال الفراء ) يقال رميت وأرميت ( قال ) وكذلك يقال أرميت وأربيت على السبعين ورميت أي زدت ( قال ) وأنشدني أعرابي
( وأسمر خطيا كأن كعوبه ** نوى القسب قد أرمى ذراعا على العشر )
ويروى قد أربى ( وقال أبو عبيدة ) الرجمة والرجبة إذا طالت النخلة فخافوا أن تقع أو أن تميل رجبوها وهو أن يبنى لها بناء من حجارة يرفدها ويكون أيضا أن يجعل حول النخلة شوك وذلك إذا كانت غريبة طريفة لئلا يصعدها أحد ( قال الأصمعي ) ومنه قول الأنصاري ( أنا عديقها المرجب وجذيلها المحكك ) والعذيق تصغير عذق وهي النخلة نفسها بلغة أهل الحجاز والعذق الكباسة والكباسة تسمى القنو وجمعه قنوان والترجيب أن يبنى للنخلة دكان يرفدها من شق الميل وذلك إذا كرمت على أهلها وخافوا أن تقع فيقول إن لي عشيرة ترفدني وتمنعني وتعضدمي
وقال أبو عبيدة يقال سمد رأسه وسبد رأسه والتسبيد أن يحلق رأسه حتى يلصقه بالجلد ويكون التسبيد أيضا أن يحلق الرأس ثم ينبت الشيء اليسير من الشعر ( وقال الأصمعي ) ويقال للرجل إذا نبت شعره واسود واستوى قد سبد رأسه وفي الحديث أن التسبيد في الحرورية فاش ويقال للفرخ إذا نبت ريشة فغطى جلده ولم يطل قد سبد وسمد قال الراعي
( لظل قطامي وتحت لبانه ** نواهض ربد ذات ريش مسبد )
( وقال اللحياني ) هو يرمي من كثب ومن كثم أي من قرب وتمكن وضربة لازم ولازب وثوب شمارق وشبارق ومشمرق ومشبرق إذا كان ممزقا ويقال وقسع في بنات طمار وطبار أي داهية والعمري السدر الذي ينبت على الأنهار والمياه وما ينبت منه في الفلاة والبر فهو الضال
والعجم والعجب أصل الذنب ويقال أدهقت الكأس إلى أصبارها وأصمارها إذا ملأتها إلى رأسها والواحد صمر وصبر ويقال رجل دنبة

ودنمة للقصير
( وقال الأصمعي ) أخذت الأمر بإصباره أي بكله ويقال أخذتها بأصبارها أي تامة بجميعها وأنشد
( تربى على ما قد يفريه الفار ** مسك شبوبين لها بأصبار )
ويقال أسود غيهم وغيهب ويقال أصابتنا أزمة وأزبة وآزبة وهو الضيق والشدة ويقال صئب من الماء وصئم إذا امتلأ وروى منه ( وقال أبو عبيدة ) عقمة وعقبة لضرب من الوشى ويقال اضبأكت الأرض واضمأكت إذا اخضرت ويقال كبحته وكمحته وأكبحته وأكمحته ( وقال الأصمعي ) أكمحته إذا جذبت عنانه حتى ينتصب رأسه ومنه قوله والرأس مكمح وأكفحتها إذا تلقيت فاها باللجام تضر بهابه ومنه قيل لقيته كفاحا أي كفة كفة وكبحتها بغير ألف وهو أن تجذبها إليك وتضرب فاها باللجام لكي لا تجرى ( وقال يعقوب ) يقال ذأبته وذأمته إذا طردته وحقرته ويقال رأمت القدح ورأبته إذا شعبته ويقال زكب بنطفته وزكم بها إذا حذف بها ويقال هو ألأم زكبة وزكمة ويقال عبد عليه وأبدو أمد أي غضب ويقال المال يربى على كذا وكذا ويرمى ويردى أي يزيد ويقال وقعنا في بعكوكاء ومعكوكاء أي في غبار وجلبة وشر وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في بعكوكاء أي في اختلاط ( قال أبو علي ) المعنى واحد وقال الفراء يقال جردبت في الطعام وجردمت وهو أن يستر بيده على ما بين يديه من الطعام كيلا يتناوله أحد وأنشد
( إذا ما كنت في قوم شهاوى ** فلا تجعل شمالك جردبانا )
قال أبو العباس ويروى جردبانا بضم الجيم وقال غيره يقال مهلا وبهلا في معنى واحد


( وقال أبو عمرو الشيباني ) مهلا وبهلا اتباع قال والقرهم والقرهب السيد ( قال أبو علي ) والقرهب أيضا الثور المسن ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقول إنما المرء في الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا ونهب للمصائب ومع كل جرعة شرق وفي كل أكلة غصص ولا ينال العبد فيها نعمة إلا بفراق أخرى ولا يستقبل يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله فنحن أعوان الحتوف وأنفسنا تسوقنا إلى الفناء فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل والنهار لم يرفعا من شيء شرفا إلا أسرعا الكرة في هدم ما بنيا وتفريق ما جمعا فاطلبوا الخير وأهله واعلموا أن خيرا من الخير معطية وشرا من الشر فاعله
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال حدثنا رجل من أهل الكوفة قال كتب عمر رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله في غيبة غابها أما بعد فإنه من اتقى الله وقاه ومن توكل عليه كفاه ومن شكره زاده ومن أقرضه جزاه فاجعل التقوى جلاء بصرك وعماد ظهرك فإنه لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسنة له ولا جديد لمن لا خلق له
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن بعض الحكماء كان يقول إني لأعظكم وإني لكثير الذنوب مسرف على نفسي غير حامد لها ولا حاملها على المكروه في طاعة الله عز وجل قد بلوتها فلم أجد لها شكرا في الرخاء ولا صبرا على البلاء ولو أن المرء لا يعظ أخاه حتى يحكم أمر نفسه لترك الأمر بالخير والنهى عن المنكر ولكن محادثة الأخوان حياة للقلوب وجلاء للنفوس وتذكير من النسيان واعلموا أن الدنيا سرورها أحزان وإقبالها إدبار وآخر حياتها الموت فكم من مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر غدا لا يبلغه ولو تنظرون إلى الأجل ومسيرة لأبغضتم الأمل وغروره
وحدثنا أبو عبد الله قال أخبرنا محمد ابن موسى السامي قال حدثنا الأصمعي قال رأيت أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو

يقول يا حسن الصحبة أتيتك من بعد فأسألك سترك الذي لا ترفعه الرياح ولا تخرقه الرماح وأنشدني أبو بكر بن دريد للحطيئة
( مستحقبات رواياها حجافلها ** يسمو بها أشعري طرفه سامي )
الروايا الإبل التي تحمل الماء والزاد فالخيل تجنب إليها فإذا طال عليها القياد وضعت حجافلها على أعجازها فصارت كأنها قد استحقبت حجافلها أي جعلتها حقائب لها وواحد الحقائب حقيبة وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال أنشدنا محمد بن سلام لعمارة بن صفوان الضبي
( أجارتنا من يجتمع يتفرق ** ومن يك رهنا للحوادث يغلق )
( ومن لا يزل يوفي على الموت نفسه ** صباح مساء يا ابنة الخير يعلق )
( أجارتنا كل امرئ ستصيبه ** حوادث إلا تكسر العظم تعرق )
( وتفرق بين الناس بعد إجتماعهم ** وكل جميع صالح للتفرق )
( فلا السالم الباقي على الدهر خالد ** ولا الدهر يستبقي جنينا لمشفق )
( قال ) وأنشدنيه أبي حبيبا بحاء غير معجمة ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله قال كثير وهجرته عزة وحلفت أن لا تكلمه فلما نفر الناس من منى ولقيته فحيت الجمل ولم تحيه فأنشأ يقول
( حيتك عزة بعد النفر وانصرفت ** فحي ويحك من حياك يا جمل )
( لو كنت حييتها ما زلت ذامقة ** عندي ولا مسك الإدلاج والعمل )
( ليت التحية كانت لي فأشكرها ** مكان يا جملا حييت يا رجل )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء قال أنشدني منصور لأبي تمام الطائي
( سقيم لا يموت ولا يفيق ** قد اقرح جفنه الدمع الطليق


( شديد الحزن يحزن من رآه ** أسير الصبر ناظره أريق )
( ضجيع صبابة وحليف شوق ** تحمل قلبه ما لايطيق )
( يظل كأنه مما احتواه ** يسعر في جوانبه الحريق )
( قال أبو علي ) وأملى علينا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي من كلام العرب خفة الظهر أحد اليسارين والعزبة أحد السبابين واللبن أحد اللحمين وتعجيل اليأس أحد اليسرين والشعر أحد الوجهين والراوية أحد الهاجيين والحمية إحدى الميتتين وأنشد أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا عبد الله بن خلف لبشار بن برد الأعمى
( يزهدني في وصل عزة معشر ** قلوبهم فيها مخالفة قلبي )
( فقلت دعوا قلبي وما اختار وارتضى ** فبالقلب لا بالعين يبصر ذو اللب )
( وما تبصر العينان في موضع الهوى ** ولا تسمع الأذنان إلا من القلب )
( وما الحسن إلا كل حسن دعا الصبا ** وألف بين العشق والعاشق الصب )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن يونس قال لما حضرت عبد الملك الوفاة وهو يعني الدنيا إن طويلك لقصير وإن كثيرك لقليل وإن كنا منك لفي غرور
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثني عمي عن أبيه قال قيل لبعض الحكماء كيف ترى الدهر قال يخلق الأبدان ويجدد الآمال ويقرب الآجال قيل له فما حال أهله قال من ظفر به نصب ومن فاته حزن قيل فأي الأصحاب أبر قال العمل الصالح قيل فأيهم أضر قال النفس والهوى قيل ففيم المخرج قال في قطع الراحة وبذل المجهود
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول لإبنه لا يغرنك

ما ترى من خفض العيش ولين الرياشي ولكن فانظر إلى سرعة الظعن وسوء المنقلب
وحدثن أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا اسمعيل بن إسحق القاضي قال حدثنا مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا أبو جعفر الخطمي أن جده عمير بن حبيب وكان بايع النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بنيه فقال يا بني إياكم ومخالطة السفهاء فإن مجالستهم داء وأنه من يحلم عن السفيه يسر بحلمه ومن يجبه يندم ومن لا يقر بقليل ما يأتي به السفيه يقر بالكثير وإذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر فليوطن قبل ذلك على الأذى وليوقن بالثواب من الله عز وجل أنه من يوقن بالثواب من الله عز وجل لا يجد مس الأذى
وحدثنا أبو عبد الله رحمه الله قال حدثنا اسمعيل بن اسحق القاضي الأزدي قال حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا الربيع بن لوط ابن البراء قال ذكروا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيهما أطيب العنب أم الرطب فقال عمر أرسلوا إلى أبي حثمة فقال يا أبا حثمة أيهما أطيب الرطب أم العنب فقال ليس كالصقر في رؤس الرقل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل تحفة الصائم وتعلة الصبي ونزل مريم ابنة عمران وينضج ولا يعنى صابخه ويحترش به الضب من الصلعاء ليس كالزبيب الذي أن أكلته ضرست وأن تركته غرثت ( قال أبو علي ) الصقر الدبس بلغة أهل الحجاز
والرقل الطوال من النخل واحدتها رقلة ويحترش يصاد والصلعاء الأرض التي لا نباب بها والنزل ما ينساع من الطعام ويقال هذا طعام قليل النزل والنزل إذا كان لا ينساغ ولا يقال النزول والنزول والنزل أيضا الريع وهو الزيادة ذكره اللحياني فأما قولهم أخذ القوم نزلهم فمعناه ما تجرى عادتهم بأخذه مما ينزلون عليه ويصلح عيشهم به وهو مأخوذ من النزول يدل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديث الإستسقاء اللهم أنزلأ علينا في أرضنا سكنها أي أنزل علينا من المطر ما يكون سببا للنبات الذي تسكن الأرض به فالسكن من سكن بمنزلة النزل من

نزل وفيه لغتان نزل ونزل
وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن موسى السامي عن الأصمعي قال قال رجل من أهل الحاضرة لرجل من أهل البادية أتعرفون الزنا عندكم بالبادية قال نعم أو أحد لا يعرف الزنا وقد نهى الله عنه فما الأمر عندكم قال الضمة والشمة والقبلة قال ليس الأمر عندنا هكذا هو أن يباضع الرجل المرأة فقال الأعرابي هذا طالب ولد ونسل
وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن يزيد الأزدي قال أردف ذو الرمة أخاه فعرضت لهما ظبية فقال ذو الرمة
( أيا ظبية الوعساء بين جلاجل ** وبين النقا آأنت أم أم سالم )
فقال أخوه
( فلو تحسن التشبيه والوصف لم تقل ** لشاة النقا آأنت أم أم سالم )
( جعلت لها قرنين فوق جبينها ** وظلفين مشقوقين تحت القوائم )
فقال ذو الرمة
( هي الشبه إلا مدرييها وأذنها ** سواء وإلا مشقة بالقوائم )
وأنشدنا غير واحد من أصحابنا قول الشماخ
وتشكوا بعين ما أكل ركابها ** وقيل المنادى أصبح القوم أدلجى )
يريد وتشكو هذه المرأة السرى الذي قد أكل ركابها وذلك أنه استبان ذلك في عينها لغؤرها وإنكسار طرفها ونعاسها وتشكو أيضا قول المنادى أي تستعين ذلك عليها ويروى ما أكلت ركابها ثم قال


( فظلت كأني أتقي رأس حية ** بحاجتها أن تخطئ النفس تعرج )
يقول أتقي أن أبوح بما أجد كما أتقى رأس حية أن لم تقتل أعرجت أي لا أقدر أن أكلمها من الرقباء ومعنى بحاجتها أي بحاجتي إليها
وحدثني أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة أن أعرابيا دخل على بعض الأمراء وهو يشرب فجعل يحدثه وينشده ثم سقاه فلما شربها قال هي والله أيها الأمير أي هي الخمر فقال كلا إنها زبيب وعسل فلما طرب قال له قل فيها فقال
( أتانا بها صفراء يزعم أنها ** زبيب فصدقناه وهو كذوب )
( وما هي إلا ليلة غاب نجمها ** أواقع فيها الذنب ثم أتوب )
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان قال حدثني عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير قال كانت مولاة لبني الحجاج تحفظ شعرا وترويه وتنشده فتيات بني الحجاج فأنشدتهن ذات ليلة كلمتي في حمادة وفيهن واحدة وهي عقيلتهن فلما انتهى قولي
( فإن تصبح الأيام شيبن مفرقى ** وأذهبن أشجاني وفللن من غربى )
( فيا رب يوم قد شربت بمشرب ** شفيت به غيم الصدى بارد عذب )
( ومن ليلة قد بتها غيرا ثم ** بساجية الحجلين ريانة القلب )
ضحكت ثم أعرضت وضربت بكمها على وجهها وقالت فهلا أثم حرمه الله
وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملي أبي العباس المبرد قال أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب للضحاك
( يقولون مجنون بسمراء مولع ** ألا حبذا جن بنا وولوع )
( وإني لأخفي حب سمراء منهم ** ويعلم قلبي أنه سيشيع )
( ولا خير في حب يكن كأنه ** شغاف أجنته حشا وضلوع )
وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله من خط إسحق بن إبراهيم الموصلي


( بنفسي من هواه على التنائي ** وطول الدهر مؤتنف جديد )
( ومن هو في الصلاة حديث نفسي ** وعدل النفس عندي بل يزيد )
وقرأت عليه من خطه أيضا
( ألا بأبي من ليس والله نافعي ** بنيل ومن قلبي على النأى ذا كره )
( ومن كبدي تهفوا ذاذ كراسمه ** كهفو جناح ينفض الطل طائره )
( له خفقان يرفع الجيب كالشجا ** يقطع أزرار الجربان ثائره )
( قال أبو علي ) هكذا وجدته بخط اسحق بكسر الجيم ولم ينكره أبو بكر وقال الفراء جربان القميص بالضم وكذلك جربان السيف حدة وأما الذي في خبر أبي زبيد فجر بان بتسكين الراء والتخفيف وهو الغمد وقرأت على أبي بكر في شعر الراعي
( وعلى الشمائل أن يهاج بنا ** جربان كل مهند عضب )
ومن حسن ما رويناه في خفقان الفؤاد ما أنشدني أبو عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد الثمالي لبشار بن برد
( كأن فؤاده كرة تنزى ** حذار البين أن نفع الحذار )
( نبت عيني عن التغميض حتى ** كأن جفونها عنها قصار )
( أقول وليلتي تزداد طولا ** أما لليل بعدهم نهار )
وقد أحسن عدي بن الرقاع حين يقول
( ألا من لقلب لا يزال كأنه ** يدا لامع أو طائر يتصرف )
وأنشدنا غير واحد في هذا المعنى لقيس المجنون
( كأن القلب ليلة قيل يغدى ** بليلى العامرية أو يراح )
( قطاة عزها شرك فباتت ** تجاذبه وقد علق الجناح )
والمجنون أحد المحسنين في هذا المعنى وله


( داع دعا إذا نحن بالخيف من منى ** فهيج أحزان الفؤاد وما يدري )
( دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ** أثار بليلى طائرا كان في صدري )
ويروى أطار وقرئ على أبي عمر المطرز غلام ثعلب في هذا المعنى وأنا أسمع قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني للوقاف وهو ورد بن وردا الجعدى
( إذا تركت وردية النجد لم يكن ** لعينيك مما يشكوان طبيب )
( وإني لأخشى أن يعود عليهما ** قذى كان في جفنيهما وغروب )
( وكانت رياح الشام تبغض مرة ** فقد جعلت تلك الرياح تطيب )
( وقد كان علوي الرياح أحبها ** إلينا فقد دارت هناك جنوب )
( كأن فؤادي كلما خفت روعة ** من البين بازما يزال ضروب )
( سما بالخوافي واستمر بساقه ** على الصيد سير بالأكف نشوب )
( ولم أنس منها منظرا يوم شبها ** لعيني في الصرم الحلول شبوب )
( تأود بين المطرفين كأنما ** تأود بين المطرفين عسيب )
( أثيبي صدى لو تعلمين سقيته ** سقاك غمامات لهن دبيب )
( هوامل ماء تمتريهن ربدة ** لما فرغت من مائهن سكوب )
( هنيأ لعود من بشام تزفه ** على برد شهد بهن مشوب )
( بما قد تروى من رضاب ومسه ** بنان كهداب الدمقس خضيب )
( فلا وأبيها إنها لبخيلة ** وفي قول واش إنها لغضوب )
( رمتني عن قوس العدو وإنها ** إذا ما رأتني عازفا لخلوب )
وقرأت على أبي بكر بن دريد للشماخ
( رعى بارض الوسمي حتى كأنما ** يرى يسفا البهمى أخلة ملهج )
يقول رعى هذا الحمار بأرض الوسمى والبارض أول ما يخرج من النبات فلعادته

وأكله ذلك كأنما يرى بسفا البهمى أخلة ملهج
والسفا شوك البهمي وأخلة جمع خلال والملهج الذي قد لهجت فصائله بالرضاع فإذا لهجت خل أنفها بخلال محدد الرأس ولا سفله حجنة لئلا يخرج فيقول رعى بارض البهمى حتى ظهر شوكه وجف فإذا تناوله الحمار أوجعه فكأنما يرى برؤيته السفا أخلة ملهج وقرأت على أبي بكر بن دريد لكثير
( ألا حييا ليلى أجد رحيلي ** وآذن أصحابي غدا بقفول )
( تبدت له ليلى لتذهب عقله ** وشاقتك أم الصلت بعد ذهول )
وروى ابو عمرو الشيباني تبدت له ليلى لتغلب صبره
( أريد لأنسى ذكرها فكأنما ** تمثل لي ليلى بكل سبيل )
( إذا ذكرت ليلى تغشتك عبرة ** تعل بها العينان بعد نهول )
( وكم من خليل قال لي هل سألتها ** فقلت له ليلى أضن خليل )
( وأبعده نيلا وأوشكه قلى ** وإن سئلت عرفا فشر مسول )
( حلفت برب الراقصات إلى منى ** خلال الملا يمددن كل جديل )
( تراها رفاقا بينهن تفاوت ** ويمددن بالأهلال كل أصيل )
( تواهقن بالحجاج من بطن نخلة ** ومن عزور الخبت خبت طفيل )
( بكل حرام خاشع متوجه ** إلى الله يدعوه بكل نقيل )
( على كل مذعان الرواح معيدة ** ومخشية أن لا تعيد هزيل )
( شوامذ قد أرتجن دون أجنة ** وهوج تبارى في الأزمة حول )
( يمين امرئ مستغلظ من ألية ** ليكذب قيلا قد ألح بقيل )
( لقد كذب الواشون ما بحت عندهم ** بليلى ولا أرسلتهم برسيل )
ويروى برسول والرسول والرسيل الرسالة ههنا


( فإن جاءك الواشون عني بكذبة ** فروها ولم يأتوا لها بحويل )
( فلا تعجلي يا ليل أن تتفهمي ** بنصح أتى الواشون أم بحبول )
( فإن طبب نفسا بالعطاء فأجزلي ** وخير العطايا ليل كل جزيل ) ( وإلا فإجمال إلي فإنني ** أحب من الأخلاق كل جميل )
( وإن تبذلي لي منك يوما مودة ** فقدما تخذت القرض عند بذول )
( وإن تبخلي يا ليل عني فإنني ** توكلني نفسي بكل بخيل )
( ولست براض من خليل بنائل ** قليل ولا راض له بقليل )
( وليس خليلي بالملول ولا الذي ** إذا غبت عنه باعني بخليل )
( ولكن خليلي من يديم وصاله ** ويحفظ سري عند كل دخيل )
( ولم أر من ليلى نوالا أعده ** ألا ربما طالبت غير منيل )
( يلومك في ليلى وعقلك عندها ** رجال ولم تذهب لهم بعقول )
( يقولون ودع عنك ليلى ولا تهم ** بقاطعة الأقران ذات حليل )
( فما نقعت نفسي بما أمروا به ** ولا عجت من أقوالهم بفتيل )
( تذكرت أترابا لعزة كالمها ** حبين بليط ناعم وقبول )
( وكنت إذا لاقيتهن كأنني ** مخالطة عقلي سلاف شمول )
( تأطرن حتى قلت لسن بوارحا ** رجاء الأماني أن يقلن مقيلي )
( فأبدين لي من بينهن تحبهما ** وأخلفن ظني إذ ظننت وقيلي )
( فلأ يا بلأي ما قضين لبانة ** من الدار واستقللن بعد طويل )
( فلما رأى واستيقن البين صاحبي ** دعا دعوة يا حبتر بن سلول )
( فقلت وأسررت الندامة ليتني ** وكنت امرأ أغتش كل عذول )
( سلكت سبيل الرائحات عشية ** مخارم نصع أو سلكن سبيلي )


( فأسعدت نفسا بالهوى قبل أن أرى ** عوادي نأي بيننا وشغول )
( ندمت على ما فاتني يوم بنتم ** فيا حسرتا أن لا يرين عويلي )
وروى أبو بكر يوم بينة وقال هو موضع
( كأن دموع العين واهية الكلى ** وعت ماء غرب يوم ذاك شجيل )
( تكنفها خرق تواكلن خرزها ** فأبجلته والسير غير بجيل )
( أقيمي فإن الغور يا عز نعدكم ** إلي إذا ما بنت غير جميل )
( كفى حزنا للعين أن رد طرفها ** لعزة عير آذنت برحيل )
ويروى أن راء طرفها العزة عيرا ( قال أبو بكر ) رأى وراء مثل رعى وراع
( وقالوا نأت فاختر من الصبر والبكا ** فقلت البكا أشفى إذا لغليلي )
( توليت محزونا وقلت لصاحبي ** أقاتلتي ليلى بغير قتيل )
( قال أبو علي ) وروى أبو بكر فوليت محزونا
( لعزة إذا يحتل بالخيف أهلها ** فأوحش منها الخيف بعد حلول )
( وبدل منها بعد طول إقامة ** تبعث نكباء العشي جفول )
( لقد أكثر الواشون فينا وفيكم ** ومال بنا الواشون كل مميل )
( وما زلت من ليلى لدن طر شاربي ** إلى اليوم كالمقصى بكل سبيل )
( قال أبو علي ) بقفول برجوع والقافلة الراجعة من سفر ولا يقال للذين خرجوا من بيوتهم إلى مكة قافلة وأوشكه أسرعه والقلى البغض والراقصات الإبل والملا الفضاء والجديل زمام مجدول أي مضفور والأصيل العشي وتواهقن تبارين في سيرهن والمواهقة المباراة في السير قال طفيل
( قبائل من فرعى غني تواهقت ** بها الخيل لا عزل ولا متأشب )
والمواضخة المباراة في كل شيء قال الشاعر


( إذا وضخوه المج أربى عليهم ** بمستفرغ ماء الذناب سجيل )
وقال العجاج تواضخ التقريب قلوا مغلجا
قال وكذلك المساجلة والمواغدة والمماتاة والمماءرة والمواءمة يقال واضخت الرجل وواغدته وساجلته ومانيته وماءرته وواءمته إذا ساويته في فعله قال أوس بن حجر
( تواغد رجلاها يديه ورأسه ** له نشز فوق الحقيبة رادف )
وقال الآخر
( من يساجلني يساجل ماجدا ** يملأ الدلوالي عقد الكرب )
وقال لبيد
( أماني بها الأكفاء في كل موطن ** وأجرى فروض الصالحين وأقتري )
وقال خداش بن زهير
( تماءرتم في الفخر حتى هلكتم ** كما أهلك الغار النساء الضرائرا )
وبطن نخلة بستان بني عامر وهو المجمعة وعزور ثنية الحجفة والخبت جمعه خبوت وهي المطمئنات من الأرض وطفيل موضع والنقيل الطريق والمذعان المذلة يقال أذعن له إذا ذل وخضع ومعيدة التي قد عاودت السفر والشوامذ الشائلات الأذناب

والناقة إذ استبان لقحها شمذت بذنبها وأرتجن أغلقن أرحامهن على أولادهن فهن مرتجات ومنه قيل أرتج على القارئ إذا وقف فلم يدر ما يتلو كأنه أغلق عليه والحول جمع حائل وهي التي لا تلقح والألية اليمين وفيها أربع لغات يقال ألية وتجمع أليات وألايا وألوة وتجمع ألوات وألوة وتجمع ألى وإلوة وتجمع إلى وفروها من الفرية يقال فرى يفرى والحويل المحاولة والحبول الدواهي واحدتها حبل بكسر الحاء والخبول جمع خبل وهو الفساد والدخيل العالم بداخل أمرك يقال هو عالم بدخلك ودخلك ودخللك ودخيلائك ودخيلتك ودخلك ودخيلك ( وقال اللحياني ) قال بعضهم قد عرفت دخلل أمره ودخلل أمره ودخلة أمره ودخلة أمره ودخلة أمره ودخيل أمره وداخلة أمره وقال بعضهم دخلل الحب صفاؤه وداخله وأنشدني عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس المبرد
( فوددت إذا سكنوا هنالك دارهم ** وعدتهم عنا أمور تشغل )
( أنا نطاع إذا فتنقل أرضنا ** أو أن أرضهم إلينا تنقل )
( لترد من كثب إليك رسالتي ** بجوابها ويعود ذاك الدخلل )
ويقال الدخيل والدخلل الخاصة وما نقعت أي ما رويت يقال شرب حتى نقع وبضع أي روى ومن أمثال العرب حتام تكرع ولا تنقع وعجت انتفعت والأتراب الأقران وكذلك اللدات والليط اللون وهو الجلد أيضا وتأطرن ههنا تلبثن وأصل التأطر التعطف واللأى البطء واللبانة الحاجة والمخارم جمع مخرم وهو منقطع أنف الجبل ونصع جبل أسود بين الصفراء وينبع والعوادى الصوارف والكلى جمع كلية وهي الرقعة تكون في أصل عروة المرادة والغرب الدلو العظيمة والسجيل الغرب الضخم والخرق جمع خرقاء والخرقاء التي لا تحسن العمل فإذا أحسنت العمل فيه صناع والرجل صنع وأبجلنه أوسعته والبجبيل الغليظ يريد أنهن أغلظن الإشفى وأدققن السير ( وقال أبو علي ) وقال لي أبو بكر البجبيل الكبير في غير هذا الموضع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف على بقيع الغرقد ( لقد أصبتم خيرا بجبيلا وسبقتم شرا طويلا ) ( قال أبو علي ) وهما عندي في المعنى واحد لأن الغليظ لا يكون إلا عن كثرة أجزا والنكباء الريح التي تهب بين مهبي ريحين وإنما قيل لها نكباء لأنها تنكبت مهب هذه ومهب هذه والجفول التي تذهب التراب وطرور الشارب نباته قال الشاعر
( منا الذي هو ما إن طر شاربه ** والعانسوهن ومنا المرد والشيب )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي من أمثال العرب ( حبل فلان يفتل ) إذا كان مقبلا ( قال ) ويقال ( لو كان ذا حيلة تحول ) يراد أنه إنما أتي من قبل ضعفه
( قال ) ويقال لأعصبنكم عصب السلمة والسلمة يأتيها الرجل فيشدها بنسعة إذا أراد أن يخبطها لئلا يشذ شوكها فيصيبه ويقال ( احس وذق ) مثل للرجل يتعرض لما يكره فيقع فيه ( وقال أبو عبيدة ) يقال ضبعت الخيل وضبحت سواء ( قال ) وقال بعضهم ضبحت بمنزلة نحمت كذا حكى عنه يعقوب
( وقال الأصمعي ) إنه لعفضاج وحفضاج إذا تفتق وكثر لحمه ويقال رجل عفاضج ( قال ) وسمعت أبا مهدي يقول ( ان فلانا لمعصوب ما حفضج ) ويقال بحثر وامتاعهم وبعثروه أي فرقوه ويقال للمرأ ة إذا كانت تبذو وتجيء بالكلام القبيح والفحش هي تعنطى وتحنظي وتحنذي وقد عنظى الرجل وحنظى وحنذى وأنشد الجندل
( قامت تعنظي بك سمع الحاضر ** ) ويروى تحنظى بك وتحنذي ويقال

الغرب الضخم والخرق جمع خرقاء والخرقاء التي لا تحسن العمل فإذا أحسنت العمل فهي صناع والرجل صنع وأبجلنه أوسعنه والبجبيل الغليظ يريد أنهن أغلظن الإشفى وأدققن السير ( وقال أبو علي ) وقال لي أبو بكر البجبيل الكبير في غير هذا الموضع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف على بقيع الغرقد ( لقد أصبتم خيرا بجيلا وسبقتم شرا طويلا ) ( قال أبو علي ) وهما عندي في المعنى واحد لأن الغليظ لا يكون إلا عن كثرة أجزاء والنكباء الريح التي تهب بين مهبي ريحين وإنما قيل لها نكباء لأنها تنكبت مهب هذه ومهب هذه والجفول التي تذهب التراب وطرور الشارب نباته قال الشاعر
( منا الذي هو ما إن طر شاربه ** والعانسون ومنا المرد والشيب )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي من أمثال العرب ( حبل فلان يفتل ) إذا كان مقبلا ( قال ) ويقال ( لو كان ذا حيلة تحول ) يراد أنه إنما أتي من قبل ضعفه
( قال ) ويقال لأعصبنكم عصب السلمة والسلمة يأتيها الرجل فيشدها بنسعة إذا أراد أن يخبطها لئلا يشذ شوكها فيصيبه ويقال ( احس وذق ) مثل للرجل يتعرض لما يكره فيقع فيه ( وقال أبو عبيدة ) يقال ضبعت الخيل وضبحت سواء ( قال ) وقال بعضهم ضبحت بمنزلة نحمت كذا حكى عنه يعقوب
( وقال الأصمعي ) إنه لعفضاج وحفضاج إذا تفتق وكثر لحمه ويقال رجل عفاضج ( قال ) وسمعت أبا مهدي يقول ( ان فلانا لمعصوب ما حفضج ) ويقال بحثر وامتاعهم وبعثروه أي فرقوه ويقال للمرأة إذا كانت تبذو وتجيء بالكلام القبيح والفحش هي تعنطى وتحنظي وتحنذي وقد عنظى الرجل وحنظى وحنذى وأنشد الجندل
( قامت تعنظي بك سمع الحاضر ** ) ويروى تحنظى بك وتحنذي ويقال

نزل حراة وعراه أي قريبا منه / والوعا والوحا الصوت يقال سمعت وعاهم ووحاهم ( قال الأصمعي ) يقال للصبا أير وهير على مثال فيعل ويقال للقشور التي في أصول الشعر إبرية وهبرية ويقال أيا فلان وهيا فلان وأنشد
( فانصرفت وهي حصان مغضبه ** ورفعت من صوتها هيا أبه )
( كل فتاة بأبيها معجبه ** )
ويقال أرقت الماء وهرقته ويقال إياك أن تفعل وهياك ويقال أتمأل السنام واتمهل إذا انتصب ويقال للرجل إذا كان حسن القامة أنه لمتمئل ومتمهل ويقال أرحت دابتي وهرحتها ويقال أنرت له وهنرت له
( وقال الأصمعي ) يقال الكرم من سوسه ومن توسه أي من خليقته ويقال رجل حفيسأ وحفيتأ إذا كان ضخم البطن إلى القصر ما هو وأنشد الفراء
( يا قبح الله بني السعلات ** عمرو بن يربوع شرار النات )
( ليسوا أعفاء ولا أكيات ** )
أراد شرار الناس وأكياس وقرأنا على أبي بكر بن دريد للبيد
( نشين صحاح البيد كل عشية ** بعود السراء عند باب محجب )
أراد أنهم يخططون بقسيهم ويفخرون فيقولون فعلنا وفعلنا والسراء خشب يتخذ منه القسي ومثله قول الحطيئة
( أم من لخصم مضجعين قسيهم ** ميل خدودهم عظام المفخر )
وذلك أن القوم إذا جلسوا يتفاخرون خطوا بأطراف قسيهم في الأرض لنا يوم كذا وكذا ولنا يوم كذا وكذا يعددون أيامهم ومآثرهم
وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد ابن عرفة النحوي رحمه الله حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا يزيد بن هرون قال أخبرنا شريك عن عبد الملك بن عمير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه ( هكذا قال يزيد بن هرون )

عن علي رضي الله تعالى عنه قال نعت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الهامة كثير شعر الرأس رجلا أبيض مشربا حمرة طويل المسربة شثن الكفين والقدمين طويل أصابعها ( هكذا الحديث ) ضخم الكراديس يتكفا في مشيته كأنما يمشي في صبب لا طويلا ولا قصيرا لم أر مثله قبله ولا بعده صلى الله عليه وسلم ( قال أبو علي ) الرجل استرسال الشعر كأنه مسرح وهو ضد الجعودة يقال رجل رجل الشعر والمسربة الشعر المستدق من الصدر إلى السرة وأنشدني أبو بكر بن دريد للحرث بن وعلة
( ألآن لما ابيض مسربتي ** وعضضت من نابى على جذم )
( قال أبو عبيدة ) والشثن الخشن الغليظ وهذا من صفة النبي صلى الله عليه وسلم التمام وأنه ليس هناك استرخاء وضخم الكراديس يريد غليظ العظام والكردوس كل عظم عليه لحمه ( قال أبو علي ) ويتكفأ يتمايل في مشيته وهذا مدح في المشي لأنه لا يكون إلا عن تؤدة وحسن مشى وقوله في صبب الصبب الحدور والماشي يترفق في الحدور وأملى علينا أبو عبدالله قال من كلام العرب ووصاياها جالس أهل العلم فإن جهلت علموك وان زللت قوموك وان أخطأت لم يفندوك وان صبحت زانوك وان غبت تفقدوك ولا تجالس أهل الجهل فإنك إن جهلت عنفوك وإن زللت لم يقوموك وإن أخطأت لم يثبتوك
وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال أتى أعرابي باب بعض الملوك فأقام به حولا ثم كتب إليه ( الأمل والعدم أقدماني عليك ) وفي السطر الثاني ( الإقلال لا صبر معه ) وفي الثالث ( الإنصراف بلا فائدة شماتة الأعداء ) وفي السطر الرابع إما نعم سريح وإما يأس مريح
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يدعو لرجل فقال جنبك الله الأمرين وكفاك شر الأجوفين وأذاقك البردين ( قال أبو علي ) الأمران الفقر والعرى والأجوفان البطن والفرج

والبردان برد العين وبرد العافية
وحدثنا قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول خصلتان من الكرم إنصاف الناس من نفسك ومواساة الأخوان
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال رفع طريح بن إسمعيل الثقفي حاجة إلى كاتب داود بن علي ليرفعها إلى داود وجاءه مجازيا له فقال له هذه حاجتك مع حاجة فلان لرجل من الأشراف فقال طريح
( تخل بحاجتي واشدد قواها ** فقد أمست بمنزلة الضباع )
( إذا راضعتها بلبان أخرى ** أضر بها مشاركة الرضاع )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثني أبو حاتم عن العتبي قال لما عقد البيعة معاوية رحمه الله لإبنه يزيد قام الناس يخطبون فقال معاوية لعمرو بن سعيد قم يا أبا أمية فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن يزيد بن معاوية أمل تأملونه وأجل تأمنونه إن استضفتم إلى حلمه وسعكم وإن احتجتم إلى رأيه أرشدكم وإن افتقرتم إلى ذات يده أغناكم جذع قارح سوبق فسبق وموجد فمجد وقورع ففاز سهمه فهو خلف أمير المؤمنين ولا خلف منه فقال معاوية أوسعت يا أبا امية فاجلس
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال دخل أعرابي على بعض الملوك فقال رأيتني فيما أتعاطى من مدحك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر الذي لا يخفى عن الناظر وأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز مقصر عن الغاية فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر
( لعلك والموعود حق وفاؤه ** بدا لك في تلك الفلوص بداء )
( فإن الذي ألقى إذا قال قائل ** من الناس هل أحسستها لعناء )
( أقول التي تنبي الشمات وإنها ** علي وإشمات العدو سواء )


قال هذا رجل وعد رجلا قلوصا فأخلفه فقال له الموعود إذا سئلت أقول التي تنبي الشمات عني أي أقول نعم قد أخذتها أي أكذب ثم قال وكذبي وإشمات العدو سواء
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم للطرماح
( ولو أن غير الموت لاقى عدبسا ** وجدك لم يسطع له أبدا هضما )
( فتى لو يصاغ الموت صيغ كمثله ** إذا الخيل جالت في تساجلها قدما )
( ولو أن موتا كان سالم رهبة ** من الناس إنسانا لكان له سلما )
( قال أبو علي ) هذا مثل قول عنترة
( إن المنية لو تمثل مثلت ** مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل )
( قال أبو علي ) وأملى علينا رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم أن أبا عبيدة أنشدهم لربيعة الأسدي يرثى ابنه ذؤابا
( أبلغ قبائل جعفر مخصوصة ** ما أن أحاول جعفر بن كلاب )
( أن المودة والهوادة بيننا ** خلق كسحق الريطة المنجاب )
قال ويروى
( أن البقية والهوادة بيننا ** سمل كسحق الريطة المنجاب )
( إلا بجيش لا يكت عديده ** سود الجلود من الحديد غضاب )
( قال أبو علي ) قوله لا يكت عديده لا يحصى ( قال أبو علي ) وقال لي أبو بكر من كلام العرب لا تكنه أو تكت النجوم أي لا تعده
( ولقد علمت على التجلد والأسى ** أن الرزية كان يوم ذؤاب )
( أن ما أعاني لم أهبك ولم أقم ** للبيع عند تحضر الأجلاب )
( إن يقتلوك فقد هتكت بيوتهم ** بعتيبة بن الحارث بن شهاب )
( بأحبهم فقدا إلى أعدائهم ** وأشدهم فقدا على الأصحاب )


ويروى
( باشدهم أوقا على أعدائهم ** وأجلهم رزأ على الأصحاب )
( وعمادهم في كل يوم كريهة ** وثمال كل معصب قرضاب )
( قال أبو علي ) القرضاب والقرضوب الفقير والقرضاب في غير هذا الموضع اللص
( أهوى له تحت العجاج بطعنة ** والخيل تردى في الغبار الكابى )
الكابى المنتفخ يقال فلان كابى الرماد إذا كان سخيا ومن هذا قيل كبا الفرس يكبوا اذا ربا وانتفخ
( أذؤاب صاب على صداك فجاده ** صوب الربيع بوابل سكاب )
( ما أنس لا أنساه آخر عيشنا ** ما لاح بالمعزاء ريع سراب )
( قال أبو علي ) الريع الرجوع وريعان الشباب أوله والربع أيضا الزيادة ومنه حديث عمر رضي الله عنه املكوا العجين فإنه أحد الربعين
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله أن أباه أنشده عن أحمد بن عبيد عن أبن الكلبي لسلمة بن يزيد يرثى أخاه لأمه قيس بن سلمة
( أقول لنفسي في الخلاء ألومها ** لك الويل ما هذا التجلد والصبر )
( ألا تفهمين الخبر أن لست لاقيا ** أخى إذ أتى من دون أكفانه القبر )
( وكنت إذا ينأى به بين ليلة ** يظل على الأحشاء من بينه الجمر )
( فهذا لبين قد علمنا إيابه ** فكيف لبين كان موعده الحشر )
( وهون وجدى أنني سوف أغتدي ** على إثره حقا وإن نفس العمر )
( فلا يبعدنك الله إما تركتنا ** حميدا وأودى بعدك المجد والفخر )
( فتى كان يعطى السيف في الروع حقه ** إذا ثوب الداعي وتشقى به الجزر )
( فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ** إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر )


( فتى لا يعد المال ربا ولا يرى ** له جفوة ان نال مالا ولا كبر )
( فنعم مناخ الضيف كان إذا سرت ** شمال وأمست لا يعرجها ستر )
( ومأوى اليتامى الممحلين إذا انتهوا ** إلى بابه سغبا وقد قحط القطر )
يقال قحط الناس بكسر الحاء وأقحطوا وقحط القطر بفتح الحاء
وحدثنا حرمي قال حدثنا الزبير قال كان عمر بن أبي ربيعة وجميل بن معمر يتنازعان الشعر فيقال أن عمر في الرائية والعينية أشعر وأن جميلا في اللامية أشعر وكلاهما قد قال فأحسن قال جميل
( لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي ** بثينة أو أبدت لنا جانب البخل )
( يقولون مهلا يا جميل وإنني ** لأقسم ما بي عن بثينة من مهل )
( أحلما فقبل اليوم كان أوانه ** أم اخشى فقبل اليوم أوعدت بالقتل )
وفيها يقول
( إذا ما تناثينا الذي كان بيننا ** جرى الدمع من عيني بثينة بالكحل )
( كلانا بكى أو كاد يبكي صبابة ** إلى إلفه واستعجلت عبرة قبلى )
( فيا ويح نفسى حسب نفسي الذي بها ** ويا ويح أهلي ما أصيب به أهلي )
( خليلي فيما عشتما هل رأيتما ** قتيلا بكى من حب قاتله قبلى
وقال عمر
( جرى ناصح بالود بيني وبينها ** فقربني يوم الحصاب إلى قتلى )
( وطارت بخد من فؤادي ونازعت ** قرينتها حبل الصفاء إلى حبلى )
( فما أنس ملا أشياء لا أنس موقفي ** وموقفها يوما بقارعة النخل )
( قلما تواقفنا عرفت الذي بها ** كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعل )
وفيها يقول


( فسلضمت واستأنست خيفة أن يرى ** عدو بكائي أو يرى كاشح فعلى )
( فقالت وأرخت جانب السجف إنما ** معي فتكلم غير ذي رقبة أهلي )
( فقلت لها ما بي لهم من ترقب ** ولكن سري ليس يحمله مثلي )
وقال الزبير ليس من شعراء الحجاز يتقدم جميلا وعمر في النسيب والناس لهما تبع
وقرأت على أبي بكر بن دريد لكثير
( لا تغدرن بوصل عزة بعدما ** أخذت عليك مواثقا وعهودا )
( إن المحب إذا أحب حبيبه ** صدق الصفاء وأنجز الموعودا )
( ألله يعلم لو أردت زيادة ** في حب عزة ما وجدت مزيدا )
ويروى
( ألله يعلم لو أردت زيادة ** في الحب عندي ما وجدت مزيدا )
( رهبان مدين والذين رأيتهم ** يبكون من حذر العذاب قعودا )
( لو يسمعون كما سمعت كلامها ** خروا لعزة خاشعين سجودا )
( والميت ينشر أن تمس عظامه ** مسا ويخلد أن يراك خلودا )
( حدثنا ) أبو بكر بن الأنباري قال حدثني عبد الله بن خلف الدلال قال قال محمد بن زياد الأعرابي لما ألح ذريح على ابنه قيس في طلاق لبنى فأبى ذلك قيس طرح ذريح نفسه في الرمضاء وقال لا والله لا أريم هذا الموضع حتى أموت أو يخليها فجاءه قومه من كل ناحية فعظموا عليه الأمر وذكروه بالله وقالوا أتفعل هذا بأبيك وأمك إن مات شيخك على هذه الحال كنت معينا عليه وشريكا في قتله ففارق لبنى على رغم أنفه وقلة صبره وبكاء منه حتى بكى لهما من حضرهما وأنشأ يقول
( اقول لخلتي في غير جرم ** ألا بيني بنفسي أنت بيني )
( فوالله العظيم لنزع نفسي ** وقطع الرجل مني واليمين )
( أحب إلي يا لبنى فراقا ** فبكى للفراق وأسعديني )


( ظلمتك بالطلاق بغير جرم ** فقد أذهبت آخرتي وديني )
قال فلما سمعت بذلك لبنى بكت بكاء شديدا وأنشأت تقول
( رحلت إليه من بلدي وأهلي ** فجازاني جزاء الخائنينا )
( فمن راني فلا تغتر بعدي ** بحلو القول أو يبلو الدفينا )
فلما انقضت عدتها وأرادت الشخوص إلى أهلها أتيت براحلة لتحمل عليها فلما رأى ذلك قيس داخله منه أمر عظيم وأشتد لهفه وأنشأ يقول
( بانت لبينى فأنت اليوم متبول ** وأنك اليوم بعد الحزم مخبول )
( فأصبحت عنك لبنى اليوم نازحة ** ودل لبنى لها الخيرات معسول )
( هل ترجعن نوى لبنى بعاقبة ** كما عهدت ليالي العشق مقبول )
( وقد أراني بلبنى حق مقتنع ** والشمل مجتمع والحبل موصول )
( فصرت من حب لبنى حين أذكرها ** ألقلب مرتهن والعقل مدخول )
( أصبحت من حب لبنى بل تذكرها ** في كربة ففؤادي اليوم مشغول )
( والجسم مني منهوك لفرقتها ** يبريه طول سقام فهو منحول )
( كانني يوم ولت ما تكلمني ** أخو هيام مصاب القلب مسلول )
( أستودع الله لبنى إذ تفارقني ** عن غير طوع وأمر الشيخ مفعول )
ثم ارتحلت لبنى فجعل قيس يقبل موضع رجليها من الأرض وحول خبائها فلما رأى ذلك قومه أقبلوا على أبيه بالعذل واللوم فقال ذريح لما رأى حاله قد جنيت عليك يا بني فقال له قيس قد كنت أخبرك أني مجنون بها فلم ترض إلا بقتلي فالله حسبك وحسب أمي وأقبل قومه يعذلونه في تقبيله التراب فأنشأ يقول
( فما حبي لطيب تراب أرض ** ولكن حب من وطئ الترابا )
( فهذا فعل شيخينا جميعا ** أراد لي البلية والعذابا )
وقرأت على أبي بكر بن دريد


( كسوناها من ا لريط اليماني ** مسوحا في بنائقها فضول )
( وهدمنا صوامع شيدتها ** لها حبب مخالطها نجيل )
يقول كانت هذه الإبل بيضا كأن عليها الريط ثم اسودت من العرق من شدة ما أتعبناها فكأننا كسوناها المسوح يعني أنها صارت سودا بعد أن كانت بيضا
وقوله وهدمنا صوامع شيدتها يعني أسنمتها رفعتها الها حبب وهي جمع حبة وهي بزور البقل والنبات محالطها نجيل والنجيل من الحمض ومنه قول الشماخ
( ولا عيب في مكروهها غير أنها ** تبدل جونا لونها غير أزهرا )
( قال أبو علي ) قال أبو عبيدة من أمثال العرب ( العقوق ثكل من لم يثكل ) يقول إذا عقه ولده فقد ثكلهم وإن كانوا أحياء ( قال ) ومن أمثالهم ( تجنب روضة وأحال يعدو ) يقول ترك الخصب واختار الضيق يضرب مثلا للرجل تعرض عليه الكرامة فيختار الهوان ( قال الأصمعي ) ومن أمثالهم ( إذا نزا بك الشر فاقعد ) أي فاحلم ولا تسارع إليه
( وقال الأصمعي ) حدثني خلف الأحمر قال أنشدني رجل من أهل البادية
( عمي عويف وأبو علج ** المطعمان الشحم بالعشج )
( وبالغداة كسر البرنج ** ينزع بالود وبالصيصج )
أراد بالعشي والصيصج أراد الصيصية وهي قرن البقرة ( قال ) وقال أبو عمرو بن العلاء قلت لرجل من بني حنظلة ممن أنت قال فقيميج فقلت من أيهم قال مرج أراد فقيمي ومري وأنشد لهميان بن قحافة السعدي
( يطير عنها الوبر الصهابجا ** )
( قال ) أراد الصهابي من الصهبة وقال يعقوب بن السكيت بعض العرب إذا شدد الياء جعلها جيما وأنشد عن ابن الأعرابي
( كأن في أذنابهن الشول ** من عبس الصيف قرون الإجل )
أراد الإيل وأنشد الفراء


( لا هم إن كنت قبلت حجتج ** فلا يزال شاحج يأتيك بج )
( أقمر نهات ينزي وفرت ج ** )
أراد وفرتي
( قال الأصمعي ) يقال تركت فلانا يجوس بني فلان ويحوسهم إذا كان يدوسهم ويطلب فيهم
وحدثني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسين قال حدثنا المازني قال سمعت أبا سرار الغنوي يقرأ فحاسوا خلال الديار فقلت إنما هو جاسوا فقال حاسوا وجاسوا واحد قال وسمعته يقرأ وإذ قتلتم نسمة فادار أتم فيها فقلت له إنما هو نفس قال النسمة والنفس واحد
( وقال الكسائي ) يقال أحم الأمر وأجم إذا حان وقته ويقال رجل محارف ومجارف ( قال ) وهم يحلبون عليك ويجلبون أي يعينون ( قال الأصمعي ) إذا حان وقوع الأمر قيل أجم بقال أجم ذلك الأمر أي حان وقته وأنشد
( حييا ذلك الغزال الأحما ** إن يكن ذا كم الفراق أجما )
( قال ) وإذا قلت حم الأمر فهو قدر ولم يعرف أحم بالألف ( قال الأصمعي ) يقال آديته على كذا و أعديته أي قويته وأعنته
ويقال أستأديت الأمير على فلان في معنى استعديت وأنشد ليزيد بن خذاق العبدي
( ولقد أضاء لك الطريق وأنهجت ** سبل المكارم والهدى يعدي )
يقول إبصارك الهدى يقويك على الطريق ومعنى يعدى يقوى ومنه أعداني السلطان ( قال ) ولقد أضاء لك الطريق أي أبصرت أمرك وتبينته
وأنهجت صارت نهجا واضحة بينة ( قال ) وسمعت أبا تغلب ينشد بيت طفيل الغنوي
( فنحن منعنا يوم حرس نساءكم ** غداة دعانا عامر غير معتلى )
يريد مؤتلى ويقال كثأ اللبن وكثع وهي الكثأة والكثعة إذا علا دسمه وخثورته رأسه وأنشد


( وأنت امرؤ وقد كثأت لك لحية ** كأنك منها قاعد في جوالق )
ويقال موت زؤاف وذعاف وزعاف وذؤاف إذا كان يعجل القتل ويقال أردت أن تفعل كذا وكذا وبعض العرب يقول أردت عن تفعل وقال يعقوب ابن السكيت أنشد أبو الصقر
( أريني جوادا مات هزلا لأنني ** أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا )
يريد لعلني
( وقال الأصمعي ) يقال ألتمئ لونه والتمع لونه وهو السأف والسعف ( وقال يعقوب ) سمعت أبا عمرو يقول الأسن قديم الشحم وبعضهم يقول العسن
وحدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني عبد الله بن محمد بن رستم قال حدثني محمد بن قال النحوي قعال قال أبان بن تغلب وكان عابدا من عباد أهل البصرة شهدت أعرابية وهي توصي ولدا لها يريد سفرا وهي تقول له أي بني اجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك فإن الوصية أجدى عليك من كثير عقلك قال أبان فوقفت مستمعا لكلامها مستحسنا لوصيتها فإذاهي تقول أي بني إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتفرق بين المحبين
وإياك والتعرض للعيوب فتتخذ غرضا وخليق أن لا يثبت الغرض على كثرة السهام وقلما اعتورت السهام غرضا إلا كلمته حتى يهي ما اشتد من قوته
وإياك والجود بدينك والبخل بمالك وإذا هززت فاهزز كريما يلن لهزتك ولا تهزز اللئيم فإنه صخرة لا ينفجر ماؤها ومثل لنفسك مثال ما استحسنت من غيرك فاعمل به وما استقبحت من غيرك فاجتنبه فإن المرء لا يرى عيب نفسه ومن كانت مودته بشره وخالف ذلك منه فعله كان صديقه منه على مثل الريح في تصرفها ثم أمسكت فدنوت منها فقلت بالله يا أعرابية إلا زدته في الوصية فقالت أو قد أعجبك كلام العرب يا عراقي قلت نعم
قالت والغدر أقبح ما تعامل به الناس بينهم ومن جمع الحلم والسخاء فقد أجاد الحلة ريطتها وسربالها
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم قال وجد بخط

العتبي بعد موته في كتبه أن رجلا سأل بعض الزهاد فقال أخبرني عن الدنيا فقال جمة المصائب رنقة المشارب لا تمتع صاحبا بصاحب
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد قال سأل الوليد بن عبد الملك أباه عن السياسة فقال هيبة الخاصة مع صدق مودتها واقتباد قلوب العامة بالإنصاف لها واحتمال هفوات الضغائن فإن شكرها أقرب الأيادي إليها
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لبعض الحكماء ما الداء العياء فقال حسد ما لا تناله بقول ولا تدركه بفعل
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول من لم يضن بالحق عن أهله فهو الجواد
وسمعت آخر يقول الصبر عند الجود أخو الصبر عند اليأس وسمعت آخر يقول سخاء النفس عما في أيدي الناس أكثر من سخاء البذل
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال شاور أعرابي ابن عم له فأشار عليه برأي فقال قد قلت بما يقول به الناصح الشفيق الذي يخلط حلو كلامه بمره وحزنه بسهله ويحرك الإشفاق منه ما هو ساكن من غيره وقد وعيت النصح منه وقبلته إذ كان مصدره من عند من لا شك في مودته وصافى غيبه وما زلت بحمد الله إلى الخير منهجا واضحا وطريقا مهيعا
( قال أبو علي ) المهيع الواضح
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن يونس قال كان زياد إذا ولى رجل عملا قال له خذ عهدك وسر إلى عملك واعلم أنك مصروف رأس سنتك وأنك تصير إلى أربع خلال فاختر لنفسك إنا أن وجدناك أمينا ضعيفا استبدلنا بك لضعفك وسلمتك من معرتنا أمانتك
وإن وجدناك قويا خائنا استهنا بقوتك وأحسنا على خيانتك أدبك وأوجعنا ظهرك وثقلنا غرمك وإن جمعت علينا الجرمين جمعنا عليك المضرتين
وإن وجدناك أمينا قويا زدنا في عملك ورفعنا ذكرك وكثرنا مالك وأوطأنا عقبك
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن عبد الله بن مصعب الزبيري قال كنا بباب الفضل بن الربيع

والآذن يأذن لذوي الهيآت والشارات وأعرابي يدنو فكلما دنا صرخ به فقام ناحية وأنشأ يقول
( رأيت آذننا يعتام بزتنا ** وليس للحسب الزاكي بمعتام )
( ولو دعينا على الأحساب قدمني ** مجد تليد وجد راحج نامى )
( متى رأيت الصقور الجدل يقدمها ** خلطان من رخم قزع ومن هام )
وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لطفيل الغنوي
( وأصفر مشهوم الفؤاد كأنه ** غداة الندى بالزعفران مطيب )
( تفلت عليه تفلة ومسحته ** بثوبى حتى جلده متقوب )
( يراقب إيحاء الرقيب كأنه ** لما وتروني أول اليوم مغضب )
أصفر يعني قدحا مشهوم الفؤاد أي كأن فؤاده مذعور من سرعة خروجه والشهم الحديد الفؤاد الذكي وقوله بالزعفران أراد قد أصابه الندى فاصفر كأنه مطيب بالزعفران وروى الأصمعي وأصفر مسموم الفؤاد يعني قدحا محزوز الصدر وكل ثقب فهو سم وسم فجعل الحز ثقبا وجعل صدر القدح فؤاده
وقوله تفلت عليه يقول كان ضرب به فتترب فتفلت عليه ومسحته بثوبي ليتملس فيكون أسرع لخروجه
( ومتقوب متقشر وقوابته قشره ** )
وقوله يراقب إيحاء الرقيب يقول كأن هذا القدح بصير بما يراد منه فهو يلامح الرقيب فإذا قيل للمفيض أفض فكانه يوحي إليه إيحاء
وقوله لما وتروني يقول كأنه مغضب لقهرهم إياي في أول النهار فهو يثأرني ( قال أبو علي ) أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أخبرنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قال رجل لأخيه لأهجونك قال وكيف تهجوني وأبونا واحد وأمنا واحدة فقال
( غلام أتاه اللؤم من شطر نفسه ** ولم يأته من نحو أم ولا أب )
( قال ) وقال آخر يهجو أخاه


( أبوك أبي وأنت أخي ولكن ** تفاضلت الطبائع والظروف )
( وأمك حين تنسب أم صدق ** ولكن ابنها طبع سخيف )
( وقومك يعلمون إذا التقينا ** من المرجو منا والمخوف )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لجميل
( وقلت لها اعتللت بغير ذنب ** وشر الناس ذو العلل البخيل )
( ففاتيني إلى حكم من أهلي ** وأهلك لا يحيف ولا يميل )
( فقالت أبتغي حكما من أهلي ** ولا يدري بنا الواشي المحول )
( فولينا الحكومة ذا سجوف ** أخا دنيا له طرف كليل )
( فقلنا ما قضيت به رضينا ** وأنت بما قضيت به كفيل )
( قضاؤك نافذ فاحكم علينا ** بما تهوى ورأيك لا يفيل )
( فقلت له قتلت بغير جرم ** وغب الظلم مرتعه وبيل )
( فسل هذي متى تقضي ديوني ** وهل يقضيك ذو العلل المطول )
( فقالت إن ذا كذب وبطل ** وشر من خصومته طويل )
( أأقتله ومالي من سلاح ** وما بي لو أقاتله حويل )
( ولم آخذله ما لا فيلفى ** له دين علي كما يقول )
( وعند أميرنا حكم وعدل ** ورأي بعد ذلكم أصيل )
( فقال أميرنا هاتوا شهودا ** فقلت شهيدنا الملك الجليل )
( فقال يمينها وبذاك أقضي ** وكل قضائه حسن جميل )
( فبتت حلفة ما لي لديها ** نقير أدعيه ولا فتيل )
( فقلت لها وقد غلب التعزي ** أما يقضى لنا يا بثن سول )
( فقالت ثم زجت حاجبيها ** أطلت ولست في شيء تطيل )


( فلا يجدنك الأعداء عندي ** فتثكلنى وإياك الثكول )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت خليبة الخضرية تهوى ابن عم لها فعلم بذلك قومها فحجبوها فقالت
( هجرتك لما أن هجرتك أصبحت ** بنا شمتا تلك العيون الكواشح )
( فلا يفرح الواشون بالهجر ربما ** أطال المحب الهجر والجيب ناصح )
( وتغدو النوى بين المحبين والهوى ** مع القلب مطوي عليه الجوانح )
قال عبد الرحمن قال عمي فحدثت بهذا الحديث رجلا من ولد جعفر بن أبي طالب فقال كانت خيرة بنت أبي ضيغم البلوية تهوى ابن عم لها وذكر مثل الحديث فقالت ( قال أبو علي وأملى علينا هذه الأبيات أبو عبد الله وقال أنشدناها أحمد بن يحيى لأم ضيغم البلوية )
وبتنا خلاف الحي لا نحن منهم ** ولا نحن بالأعداء مختلطان )
( وبتنا يقينا ساقط الطل والندى ** من الليل بردا يمنة عطران )
( نذود بذكر الله عنا من الشذى ** إذا كان قلبانا بنا يجفان )
( قال أبو علي ) الشذى الأذى وروى أبو عبد الله
( نذود بذكر الله عنا من الصبا ** إذا كان قلبانا بنا يردان )
( ونصدر عن أمر العفاف وربما ** نقعنا غليل النفس بالرشفان )
وروى أبو عبد الله ونصدر عن ري العفاف وربما نقعنا وقرأت على أبي بكر بن دريد لطفيل الغنوي يصف إبلا
( عوازب لم تسمع نبوح مقامة ** ولم تر نارا ثم حول مجرم )
( سوى نار بيض أو غزال صريمة ** أغن من الخنس المناخر توأم )
( إذا راعياها أنضجاه تراميا ** به خلسة أو شهوة المتقرم )
عوازب بعيدات من البيوت والنبوح أصوات الناس والمقامة حيث يقيم الناس وثم

تمام والمجرم المكمل يقول هذه الإبل عوازب لعز أربابها ترعى حيث شاءت لا تمنع ولا تخاف فلم تسمع أصوات أهل مقامة ولم تر نارا سنة تامة سوى نار بيض نعام يصيبه راعيها فيشويه أو غزال يصيده والصريمة القطعة من الرمل وأغن فيه غنة والأخنس القصير الأنف وكل ظبى أخنس والتوأم الذي ولد مع غيره وذلك أشد لضؤلته وصغر جسمه وقيل للشعبي مالك ضئيلا قال لأني زوحمت في الرحم وقيل لبعضهم مالك ضئيلا قال صاف بي أبي أي ولدت وهو كبير السن وإذا صغر ما يشوى صغرت النار
وقوله تراميا به أي بالغزال رمى هذا إلى هذا وهذا إلى هذا خلسة أي اختلاسا شبه العاشين أو يفعلان ذلك قرما إلى اللحم وذلك لإستغنائهما عنه باللبن
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو الحسن بن البراء قال حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الجعفي قال كان شاعر يفد إلى يزيد بن مزيد في كل سنة فقال له يزيد كم يكفيك في كل سنة فقال كذا وكذا فقال أقم في بيتك يأتك ذلك ولا تتعبن إلينا فلما مات رثاه بهذه الأبيات والشاعر مسلم بن الوليد ( قال ) وقال أبو الحسن بن البراء قال لي ابن أبي طاهر الشاعر هو التيمي
( أحق أنه أودى يزيد ** تأمل أيها الناعي المشيد )
( أتدري من نعيت فكيف فاهت ** به شفتاك كان به الصعيد )
( أحامى المجد والإسلام أودى ** فما للأرض ويحك لا تميد )
( تأمل هل ترى الإسلام مالت ** دعائمه وهل شاب الوليد )
( وهل شميت سيوف بني نزار ** وهل وضعت على الخيل اللبود )
( وهل تسقى البلاد عشار مزن ** بدرتها وهل يخضر عود )
( أما هدت لمصرعه نزار ** بلى وتقوض المجد المشيد )
( وحل ضريحه إذ حل فيه ** طريف المجد والحسب التليد )
( أما والله ما تنفك عيني ** عليك بدمعها أبدا تجود )


( فإن تجمد دموع لئيم قوم ** فليس لدمع ذي حسب جمود )
( أبعد يزيد تختزن البواكي ** دموعا أو تصان لها خدود )
( لتبكك قبة الإسلام لما ** وهت أطنابها ووهي العمود )
( ويبكك شاعر لم يبق دهر ** له نشبا وقد كسد القصيد )
( فمن يدعو الأنام لكل خطب ** ينوب وكل معضلة تؤد )
( ومن يحمي الخميس إذا تعايا ** بحيلة نفسه البطل النجيد )
( فإن تهلك يزيد فكل حي ** فريس للمنية أو طريد )
( الم تعجب له أن المنايا ** فتكن به وهن له جنود )
( لقد عزى ربيعة أن يوما ** عليها مثل يومك لا يعود )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد أبيات زينب بنت الطثرية ترثى أخاها يزيد وأملاها علينا أيضا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله عن أحمد بن يحيى وفي الروايتين زيادة ونقصان وأنا آتي على جميعها وفيها أبيات تروى للعجير السلولي ولها وقد أمللنا أبيات العجير
( أرى الأثل من وادي العقيق مجاوري ** مقيما وقد غالت يزيد غوائله )
( فتى قد قد السيف لا متضائل ** ولا رهل لبانه وبآدله )
( فتى لا ترى قد القميص بخصره ** ولكنما توهي القميص كواهله )
( فتى ليس لإبن العم كالذئب أن رأى ** بصاحبه يوما دما فهو آكله )
( يسرك مظلوما ويرضيك ظالما ** وكل الذي حملته فهو حامله )
( إذا نزل الأضياف كان عذورا ** على الحي حتى تستقل مراجله )
( إذا ماطها للقوم كان كأنه ** حمي وكانت شيمة لا تزايله )
( إذا القوم أموا بيته فهو عامد ** لا حسن ما ظنوا به فهو فاعله )
( إذا جد عند الجد أرضاك جده ** وذوا باطل إن شئت أرضاك باطله )

( مضى وورثناه دريس مفاضة ** وأبيض هنديا طويلا حمائله )
( فتى كان يروى المشرفي بكفه ** ويبلغ أقصى حجرة الحي نائله )
( كريم إذا لا قيته متبسما ** وإما تولى أشعث الراس جافله )
( ترى جازريه يرعدان وناره ** عليها عداميل الهشيم وصامله )
( يجران ثنيا خيرها عظم جاره ** بصيرا بها لم تعد عنها مشاغله )
( ولو كنت في غل فبحت بلوعتي ** إليه للأنت ليث ورقت سلاسله )
( ولما عصاني القلب أظهرت عولة ** وقلت ألا قلب بقلبي أبادله )
( قال أبو علي ) الرهل المسترخي والبآدل واحدها بأدلة وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق والعذور السيء الخلق والدريس والدرس الثون الخلق وجمعه درسان والهدم والطمر والسمل والنهج الخلق أيضا والمفاضة الواسعة والحجرة الناحية يقال جلس فلان على حجرة أي ناحية والعداميل القديمة والصامل اليابس والثني والولد الذي بعد الولد الأول فالأول بكر والثاني ثني ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال كانت أم الضحكاك المحاربية تحت رجل من بني الضباب وكانت تحبه حبا شديدا فطلقها فقالت
( هل القلب أن لا قى الضبابي خاليا ** لدى الركن أو عند الصفا متحرج )
( وأعجلنا قرب المحل وبيننا ** حديث كتنشيج المريضين مزعج )
وروى أبو عبيد الله كتنشاج
( حديث لو أن اللحمم يصلى بحره ** طريا أتى أصحابه وهو منضج )
( قال أبو علي ) وقرأت أيضا لها عليه
( سألت المحبين الذي تحملوا ** تباريح هذا الحب من سالف الدهر )
( فقلت لهم يا يذهب الحب بعدما ** تبوأ ما بين الجوانح والصدر )


( فقالوا شفاء الحب حب يزيله ** من آخر أو نأي طويل على هجر )
( أو اليأس حتى تذهل النفس بعدما ** رجت طمعا واليأس عون على الصبر )
( قال ) وقالت فيه أيضا حين سلت عنه
( تعزيت عن حب الضبابي حقبة ** وكل عمايا جاهل ستثوب )
( يقول خليل النفس أنت مريبة ** كلانا لعمرى قد صدقت مريب )
( وأريبنا من لا يؤدي أمانة ** ولا يحفظ الأسرار حين يغيب )
( ألهفا بما ضيعت ودي وما هفا ** فؤادي بمن لم يدر كيف يثيب )
( قال ) وقرأت عليه لزينب بنت فروة المرية في ابن عم لها يقال له المغيرة
( يا أيها الراكب الغادي لطيته ** عرج أنبيك عن بعض الذي أجد )
( ما عالج الناس من وجد تضمنهم ** إلا ووجدي به فوق الذي وجدوا )
( حسبي رضاه وأني في مسرته ** ووده آخر الأيام أجتهد )
وقالت أيضا
( وذي حاجة ما باح قلنا وقد بدت ** شواكل منها ما إليك سبيل )
( لنا صاحب لا نشتهي أن نخونه ** وأنت لأخرى فارع ذاك خليل )
( تخالك تهوى غيرها فكأنما ** لها في تظنيها عليك دليل )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري البيتين الأولين في خبر طويل قد تقدم لليلى الأخيلية وروايته
( وأنت لأخرى فارغ وخليل ** )
وقالت أيضا
( ألم تر أهلي يا مغير كأنما ** يفيئون باللوماء فيك الغنائما )
( ولو أن أهلي يعلمون تميمة ** من الحب تشفي قلدوني التمائما )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بني يحيى لرؤبة بن العجاج وقد أرى واسع جيب الكم أسفر عن عمامة المعتم عن قصب أسحم مدلهم


( قال أبو العباس ) قوله أرى واسع جيب الكم معناه أرى شابا رخي البال يقال فلان واسع الجيب إذا كان رخي البال قليل الإكتراث وأسفرأ كشف أي أبدي شعرى لسواده وحسنه والقصب ههنا الشعر عن الأصمعي والأسحم الأسود ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لعكرشة أبي شغب يرثى ابنه شغبا
( قد كان شغب لو أن الله عمره ** عزا تزاد به في عزها مضر )
( فارقت شغبا وقد قوست من كبر ** لبئست الخلتان الثكل والكبر )
( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله عن أحمد بن يحيى عن الزبير عن أيوب بن عباية لنصيب
( كسيت ولم أملك سوادا وتحته ** قميص من القوهي بيض بنائقه )
( وما ضر أثوابي سوادي وإنني ** لكالمسك لا يسلو عن المسك ذائقه )
( ولا خير في ود امرئ متكاره ** عليك ولا في صاحب لا توافقه )
( إذا المرء لم يبذل من الود مثله ** بعاقبة فاعلم بأني مفارقه )
وأنشدنا لعبد بني الحسحاس
( أشعار عبد بني الحسحاس قن له ** عند الفخار مقام الأصل والورق )
( إن كنت عبدا فنفسي حرة كرما ** أو أسود اللون إني أبيض الخلق )
( قال أبو علي ) الورق عند العرب المال من الأبل والغنم والورق الفضة
وحدثني أبو بكر بن دريد أن أبا حاتم أنشدهم عن أبي زيد
( وزهراء أن كفنتها فهو عيشها ** وإن لم أكفنها فموت معجل )
يعني النار هي زهراء أي بيضاء تزهر يقول أن قدحتها فخرجت فلم أدركها بخرقة أو غير ذلك ماتت
( قال أبو علي ) قال الأصمعي من أمثال العرب ( كل نجار إبل نجارها ) يضرب مثلا للمخلط يريد أن فيه ألوانا من الخلق وليس يثبت على رأي ( قال ) ومن أمثالهم ( اسق رقاش إنها سقاية ) يضرب مثلا للمحسن يقول أحسنوا إليه لإحسانه ( قال ) ومن أمثالهم

( خرقاء عيابة ) يضرب مثلا للأحمق أي أنه أحمق من وهو مع ذلك يعيب غيره ( قال ) ومن أمثالهم ( كل مجر بالخلاء يسر ) وأصله أن الرجل يجرى فرسه بالمكان الخالي لا مسابق له فيه فهو مسرور بما يرى من فرسه ولا يرى ما عند غيره يضرب مثلا للرجل تكون فيه الخلة يحمدها من نفسه ولا يشعر بما في الناس من الفضائل ( قال أبو عمرو الشيباني ) يقال أسود قاثم وقاتن ( وقال الأحمر ) يقال طانه الله على الخير وطامه إذا جبله وهو يطينه يجبله ( وقال الأصمعي ) يقال للحية أيم وأين والأصل أيم فخفف كما يقال لين ولين وهين وهين وأنشدنا لأبي كبير الهذلي
( ولقد وردت الماء لم يشرب به ** بين الربيع إلى شهور الصيف )
( إلا عواسر كالمراط معيدة ** بالليل مورد أيم متغضف )
الصيف مطر الصيف وقوله إلا عواسر يعني ذئابا عاقدة أذنابها والمراط السهام التي قد تمرط ريشها ومعيدة معاودة للورد مرة بعد مرة يقول هذا المكان لخلائه من موارد الحيات ومتغضف متثن ( قال ) ويقال الغيم والغين وأنشد لرجل من بني تغلب
( فداء خالتي وفدى صديقي ** وأهلي كلهم لأبي قعين )
( فأنت حبوتني بعنان طرف ** شديد الشدذى بذل وصون )
( كأني بين خافيتي عقاب ** أصاب حمامة في يوم غين )
( قال يعقوب ) وقال بعضهم الغين إلباس الغيم ومنه ( إنه ليغان عليه ) أي يغطى ويلبس يقال قد رغين على قلبه ورين على قلبه أي غطى قال رؤبة
( أمطر في أكناف غين مغين )
أي ملبس وأنشد الأصمعي لعوف بن الخرع )
( وتشرب أسآر الحياض تسوفها ** ولو وردت ماء المريرة آجما )


( قال ) أظنه أراد آجنا ( قال ) ويقال للشمال نسع ومسع وأنشد للهذلي
( قد حال دون دريسيه مؤوبة ** نسع لها بعضاة الأرض تهزيز )
دريسيه خلقيه ومؤوبة تأتي مع الليل والعضاه كل شجر له شوك الواحدة عضة والحلان والحلام فويق الجدي وأنشد لإبن أحمر
( تهدى إليه ذراع الجدى تكرمة ** إما ذبيحا وأما كان حلانا )
فالذبيح الذي يصلح للنسك والحلان الصغير الذي لا يصلح للنسك ويقال في الضب حلان وفي اليربوع جفرة والجفرة التي قد انتفخ جنباها وأكلت وشربت حتى سمنت ويقال غلام جفر إذا سمن وتحرك وأنشدنا أبو عبيدة قول مهلهل
( كل قتيل في كليب حلام ** حتى ينال القتل آل همام )
( قال أبو علي ) يقول كل قتيل صغير ليس هو بوفاء من كليب بمنزلة الحلام الذي ليس بوفاء أن يذبح للنسك حتى ينال القتل آل همام فانهم وفاء به ( وقال الأصمعي ) يقال انتقع لونه وامتقع لونه وهو ممتقع اللون ويقال نجر من الماء ينجر نجرا ومجر يمجر مجرا إذا أكثر من شرب الماء فلم يكد يروى وأنشد
( حتى إذا ما اشتد لو بان النجر ** )
( وقال غيره ) يقال محنجت بالدلو ونخجت بها إذا جذبت بها لتمتلئ وأنشد الفراء
( فصبحت قليذما هموما ** يزيدها مخج الدلاجموما )
القليذم البئر الغزيرة والدلا جمع دلاة والمدى والندى الغاية ( وقال الأصمعي ) الندى بعد ذهاب الصوت يقال مر فلانا أن ينادى فإنه أندى منك صوتا وأنشد للفرزدق
( فقلت ادعى وأدع فأن أندى ** لصوت أن ينادى داعيان )
أي أشد لذهابه وأنشد
( ومن لم يزل يستسمع العام حوله ** ندى صوت مقروع عن العذف عاذب )
المقروع الذي اختير للفحلة والعذف إلا كل يقال ما ذقت عذوفا والعاذب القائم

الذي لا يأكل شيأ يقال ما زال عاذبا عن المرعى وقال يعقوب ابن السكيت سمعت أبا عمرو يقول ما ذقت عدونا ولا عدوفا ( قال ) وأنشدت يزيد بن مزيد عدوفا فقال لي صحفت يا أبا عمرو فقلت لم أصحف لغتكم عذوف ولغة غيركم عدوف ( وقال غيره ) رطب محلقن ومحلقم ( وقال الأصمعي ) إذا بلغ الترطيب ثلثي البسرة فهي حلقانة والجمع حلقان وهي محلقنة ومحلقمة والحزم والحزن ما غلظمن الأرض وهي الحزوم والحزون ( قال ) ويقال للبعير إذا قارب الخطو وأسرع دهامج ودهانج وقد دهمج يدهمج دهمجة ودهنج يدهنج دهنجة وأنشد
( وعير لها من بنات الكداد ** يدهمج بالقعب والمزود )
يدهمج يسرع في تقارب خطوة وقال العجاج
( كأن رعن الآل منه في الآل ** بين الضحى وبين قيل القيال )
( إذا بدا دهائج ذو أعدال ** )
شبه الرعن حين يقمص في ذلك الوقت وهو توهج السراب ببعير عليه أعدال يسرع بها
وقرأت عليى أبي عبد الله ابراهيم بن محمد الأزدي لذي الرمة
( ودو ككف المشتري غير أنه ** بساط لأخماس المراسيل واسع )
الدو المستوى من الأرض وقوله ككف المشتري يعني إذا بسط كفه فصفق براحته على راحة بائعة إذا اشترى منه علقا والبساط الأرض الواسعة لأخماس لسير الأخماس وهو جمع خمس والخمس ورود الماء في اليوم الخامس
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا

العكلى عن أبي خالد عن الهيثم بن عدي قال دخل الخيار بن أوفى النهدى على معاوية فقال له يا خيار كيف تجدك وما صنع بك الدهر فقال يا أمير المؤمنين صدع الدهر قناتي وأثكلني لداتي وأوهى عمادي وشيب سوادي وأسرع في تلادي ولقد عشت زمنا أصبى الكعاب وأسر الأصحاب وأجيد الضراب فبان ذلك عني ودنا الموت مني وأنشأ يقول
( غيرت زمانا يرهب القرن جانبي ** كأني شتيم باسل القلب خادر )
( يخاف عدوي صولتي ويهابني ** ويكرمني قرني وجارى المجاور )
( وتصبى الكعاب لمتى وشمائلي ** كأني غصن ناعم النبت ناضر )
( فبان شبابي واعترتني رثية ** كأني قناة أطرنها المآطر )
( أدب إذا رمت القيام كأنني ** لدى المشى قرم قيده متقاصر )
( وقصر الفتى شيب وموت كلاهما ** له سائق يسعى بذاك وناظر )
( وكيف يلذ العيش من ليس زائلا ** رهين أمور ليس فيها مصادر )
فقال معاوية أحسنت القول واعلم أن لها مصادر فنسأل الله أن يجعلنا من الصادرين بخير فقد أوردنا أنفسنا موارد نرغب إلى الله أن يصدرنا عنها وهو راض
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قدم علينا البصرة رجل من أهل البادية شيخ كبير فقصدته فوجدته يخضب لحيته فقال ما حاجتك فقلت بلغني ما خصك الله به فجئتك أقتبس من علمك فقال أتيتني وأنا أخضب وإن الخضاب لمن علامات الكبر وطال والله ما غدوت على صيد الوحوش ومشيت أمام الجيوش واختلت بالرداء وهؤت بالنساء وقريت الضيف وأرويت السيف وشربت الراح ونادمت الجحجاح فاليوم قد حناتي الكبر وضعف مني البصر وجاء بعد الصفو الكدر ثم قبض على لحيته وأنشأ يقول


( شيب تغيبه كيما تغر به ** كبيعك الثوب مطويا على حرق )
( قد كنت كالغصن ترتاح الرياح له ** فصرت عودا بلا ماء ولا ورق )
( صبرا على الدهر إن الدهر ذو غير ** وأهله منه بين الصفو والرنق )
( قال أبو علي ) قال أبو زيد يقال هؤت بالرجل خيرا أهوءبه هوأ إذا أزننته به وإنه لذو هوأة إذا كان ذا رأي ماضيا قال العجاج
( لا عاجز الهوء ولا جعد القدم ** )
وقال أبو عمرو الهوء الهمة وقد هاء يهوء وفلان بعيد الهوء أي بعيد الهمة ( قال أبو علي ) وأنشدني أبو يعقوب إسحق بن الجنيد وراق أبي بكر بن دريد قال أنشدنا أحمد بن عبيد قال أنشدني أبو العيناء
( ما في يدي من الصبا ** إلا الصبابة والأسف )
( جاء الشباب فما أقام ** ولا ألم ولا وقف )
( كان الشباب كزائر ** مل الزيارة فانصرف )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي
( لا يرعك المشيب يا ابنة عبد الله فالشيب حلة ووقار )
( إنما تحسن الرياض إذا ما ** ضحكت في خلالها الأنوار )
وأنشدنا عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني مسعود بن بشر المازني
( رأيت أبا الوليد غداة جمع ** به شيب وما فقد الشبابا )
( ولكن تحت ذاك الشيب حزم ** إذا ما قال أمرض أو أصابا )
قال أبو العباس معنى قوله أمرض أي قارب الصواب ومنه أنه ليمرض في القول إذا لم يصرح
وحدثنا أبو محمد النحوي قال سمعت أبا العباس محمد بن يزيد يقول بلغني عن علي رضوان الله عليه قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب

والحكمة ضالة المؤمن فخذ ضالتك حيثما وجدتها
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا العكلى عن أبيه قال بلغني عن ابن عباس أنه قال كتب إلي علي بن أبي طالب رضي الله عنه بموعظة ما سررت بموعظة سروري بها أما بعد فإن المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه فما نالك من دنياك فلا تكثر به فرحا وما فاتك منها فلا تتبعه أسفا فليكن سرورك بما قدمت وأسفك على ما خلفت وهمك فيما بعد الموت
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال أنشدنا أحمد بن يحيى الشيباني
( إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ** خلوت ولكن قل علي رقيب )
( ولا تحسبن الله يغفل ساعة ** ولا أن ما يخفى عليه يغيب )
وأنشدنا قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( في كل بلوى تصيب المرء عافية ** إلا البلاء الذي يدنى من النار )
( ذاك البلاء الذي ما فيه عافية ** من العذاب ولا ستر من العار )
وأنشدنا أبو محمد النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني عمرو بن بحر الجاحظ قال أبو محمد والشعر لصالح بن عبد القدوس
( وإن عناء أن تفهم جاهلا ** فيحسب جهلا أنه منك أفهم )
( متى يبلغ البنيان يوما تمامه ** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم )
( متى ينتهي عن سيى من أتى به ** إذا لم يكن منه عليه تندم )
وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا محمد بن يزيد قال أنشدني عبد الله بن القاسم قال أنشدني العتبي
( تأنقت في الإحسان حين أتيته ** إلى ابن أبي ليلى فأنزله ذما )
( فوالله ما آسى على فوت شكره ** ولكن خطاء الراي يحدث لي غما )


وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم قال كان بالمدينة غلام يحمق فقال لامه يوشك أن تريني عظيم الشأن فقالت فكيف والله ما بين لابتيها أحمق منك فقال والله ما رجوت هذا الأمر إلا من حيث يئست منه أما علمت أن هذا زمان الحمقى وأنا أحدهم
( قال أبو علي ) اللابة الحرة وجمعها لاب ويقال اللوبة أيضا وجمعها لوب وإنما قيل للأسود لوبي لأن حجارة الحرة سود كأنها محترقة ومنه قيل للحرة فتين لان معنى فتنوا أحرقوا وأنشد أبو عبد الله نفطويه
( لا تنظرن إلى عقل ولا أدب ** أن الجدود قرينات الحماقات )
( واسترزق الله مما في خزائنه ** فكل ما هو آت مرة آت )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي
( يعزي المعزي ثم يمضي لشانه ** ويترك في القلب الدخيل المجمجما )
( حريقا ثوى في القلب لو أن بعضه ** أناخ على سلمى إذا لتضرما )
( قال ) وأنشدنا قال أنشدنا أبو عيسى الربضى قال أنشدنا الطوسى أبو الحسن علي بن عبد الله
( أتت على عهده الليالي ** وحدثت بعده أمور )
( وأعتضت باليأس منه صبرا ** واعتدل الحزن والسرور )
( فلست أرجو ولست أخشى ** ما أحدثت بعده الدهور )
( فليجهد الدهر في مساتي ** فما عسى جهده يضير )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه قال أنشدني المذحجي لأم معدان الأنصارية
( لايبعد الله فتيانا رزئتهم ** بانوا الوقت مناياهم فقد بعدوا )
( أضحت قبورهم شتى ويجمعهم ** زو المنون ولم يجمعهم بلد )


( ميت بمصر وميت بالعراق وميت بالحجاز منا يا بينهم بدد )
( رعوا من المجد أكنافا إلى أجل ** حتى إذا بلغت أظماؤهم وردوا )
( كانت لهم همم فرقن بينهم ** إذا القعاديد عن أمثالها قعدوا )
( فعل الجميل وتفريج الجليل وإعطاء الجزيل إذا لم يعطه أحد ** )
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال من أمل رجلا هابه ومن قصر عن شيء عابه وإنما يعيب الشيء الذي يقصر عنه حسدا وقال أبو زيد يقال لقيت فلانا غزالة الضحى ورأد الضحى وكهر الضحى كل ذلك عندما تنبسط الشمس وتضحى قال الراجز
( دعت سليمى دعوة هل من فتى ** يسوق بالقوم غزالات الضحى )
( فقام لاوان ولا رث القوى ** )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة
( إذا غبت يا أسماء فارعى مودتي ** بحفظ كما أرعاك حين أغيب )
( بنفسي من يجني الذنوب تجرما ** علي وما حلت علي ذنوب )
( تصد إذا ماجئت حتى كأنني ** عدو مريض الصدر وهو حبيب )
وأنشدنا أبو عبد الله
( حلفت برب مكة والمصلى ** ورب الواقفين غداة جمع )
( لأنت على التنائي فاعلميه ** أحب إلي من بصري وسمعي )
وقرأت على أبي عبد الله لذي الرمة
( أطاع الهوى حتى رمته بحبله ** على ظهره بعد العتاب عواذله )
أطاع الهوى يعني هذا المشتاق أي اتبع هواه حتى خلته العواذل وقلن له حبلك على غار بك وإنما هذا مثل أي قلن له اذهب حيث شئت ومثله قول الأخنس ابن شهاب التغلبي


( قرينة من أعيار وقلد حبله ** وحاذر جراه الصديق الأقارب )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي مدح ومده وما أحسن مدحه ومدهه ومدحته ومدهته
( قال ) وقال الحرث بن مصرف ساب حجل بن نضلة معاوية بن شكل عن المنذر أو النعمان ( شك فيه الأصمعي ) فقال حجل أنه قتال ظباء تباع اماء مشاء بأقراء قعو الأليتين أفحج الفخذين مفج الساقين فقال أردت أن تذمه فمدهته
ورواية أبي بكر بن دريد كيما تذيمه ( قال أبو علي ) الأقراء واحدها قرئ وهو مسيل الماء إلى الرياض
وقعوا الأليتين ممتليء ءالاليتين ناتئهما ليس بمنبسطهما والفحج التباعد ومفج الساقين متباعدة هذه عن هذه
ويقال قوس فجواء إذا بان وترها عن كبدها وأنشد لرؤبة
( لله در الغانيات المدة ) أي المدح
ويقال كدحه وكدهه ووقع من السطح فتكدح وتكده وأنشد لرؤبة
( يخاف صقع القارعات الكدة ** ) الصقع كل ضرب على يابس كده كسر والقارعة كل هنة شديدة القرع ويقال هبش له وحبش أي جمع له وهو يهتبش ويحتبش والأحبوش الجماعات قال رؤبة
( لولا حباشات من التحبيش ** لصبية كأفرخ العشوش )
( وقال العجاج كأن صيران المها الأخلاط ** برملها من عاطف وعاط )
( بالرمل أحبوش من الأنباط ** )
أي جماعة من الأنباط ويقال قهل جلدهخ وقحل والمتقهل اليابس الجلد ويقال للرجل إذا كان يتيبس في القراءة متقهل ومتقحل ويقال جله وجلح وهو الجله والجلح وهو إنحسار الشعر من مقدم الرأس فوق الصدغين قال رؤبة
( براق أصلاد الجبين الأجله ** الأصلاد جمع صلد وكل حجر صلب فهو صلد )
ويقال نحم ينحم

ونهم ينهم ونأم ينئم وأنح يأنح وأنه يأنه وهو صوت مثل الزحير
قال رؤبة
( رعابة يخشى نفوس الأنه ** يصف فحلا يقول يرعب نفوس الذين يأنهون )
وقال غير الأصمعي في صوته صحل وصهل أي بحوحة ( وقال ) هو يتفيهق في كلامه ويتفحيق إذا توسع في الكلام وتنطع وأصله الفهق وهو الإمتلاء ( وقال الأصمعي ) يقال الحقحقة والهقهقة السير المتعب ( قال ) وقال رؤبة
( يصبحن بعد القرب المقهقه ** ) إنما أصله من التحقحقة قلبوا الحاء هاء لأنها أختها وقلبوا الهقهقة إلى القهقهة
ومن أمثالهم ( شر السير الحقحقة ) ( قال ) وقال مطرف بن الشخير لإبنه يا عبد الله عليك بالقصد وإياك وسير الحقحقة يريد الأتعاب ( قال أبو علي ) الحقحقة مشتق من الحق أي يعطى الناقة الحق في سيرها فتجهد نفسها قال أبو علي وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة وحدثنا قال حدثني أيضا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي ولفظاهما متفقان غير أن أبا عبيدة قال لبعض ملوك اليمن وقال ابن الكلبي لذى رعين قال مات أخ لذى رعين فعزاه بعض أهل اليمن فقال أن الخلق للخالق والشكر للمنعم والتسليم للقادر ولابد مما هو كائن وقد حل ما لا يدفع ولا سبيل إلى رجوع ما قد فات وقد أقام معك ما سيذهب عنك وستتركه فما الجزع مما لا بد منه وما الطمع فيما لا يرجى وما الحيلة فيما سينقل عنك أو تنقل عنه وقد مضت لنا أصول نحن فروعها فما بقاء الفرع بعد الأصل فأفضل الأشياء عند المصائب الصبر وإنما أهل الدنيا سفر لا يحلون عن الركاب إلا في غيرها فما أحسن الشكر عند النعم والتسليم عند الغير فاعتبر بمن قد رأيت من أهل الجزع هل ردا أحدا منهم إلى ثقة من درك واعلم أن أعظم من المصيبة سوء الخلف فأفق والمرجع قريب واعلم أنما ابتلاك المنعم وأخذ منك المعطى وما ترك أكثر فإن نسيت الصبر فلا تغفل عن الشكر
وحدثنا أبو بكرقال حدثنا سعيد بن هرون الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال عزى رجل من العرب رجلا على أخيه فقال محبوب

فائت وغنم عارض أن ضيعته فات أيضا وبقيت حسيرا أما أخوك فلا أخوك فلا يذهب بك جزعك فتحط سوددك وتقل ثقة عشيرتك باضطلاعك بالأمور وفي كثرة الأسا عزاء عن المصائب
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت عمي يقول التهنئة على آجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال نشأ لسلامة ذي فائش ابن كأكمل أبناء المقاول وكان به مسرورا يرشحه لموضعه فركب ذات يوم فرسا صعبا فكبابه فوقصه فجزع عليه أبوه جزعا شديدا وامتنع من الطعام واحتجب عن الناس واجتمعت وفود العرب ببابه ليعزوه فلامه نصحاؤه في إفراط جزعه فخرج إلى الناس فقام خطباؤهم يؤسونه وكان في القوم الملبب بن عوف بن سلمة بن عمرو بن سلمة الجعفي وجعادة بن أفلح بن الحرث وهو جد الجراح بن عبد الله الحكمى صاحب خراسان فقام الملبب فقال أيها الملك إن الدنيا تجود لتسلب وتعطى لتأخذ وتجمع لتشتت وتحلى لتمر وتزرع الأحزان في القلوب بما تفجأ به من استرداد الموهوب وكل مصيبة تخطأتك جلل ما لم تدن الأجل وتقطع الأمل وإن حادثا ألم بك فاستبد بأقلك وصفح عن أكثرك لمن أجل النعم عليك وقد تناهت إليك أبناء من رزئ فصبر وأصيب فاغتفر إذا كان شوى فيما يرتقب ويحذر فاستشعر اليأس مما فات إذ كان ارتجاعه ممتنعا ومرامه مستصعبا فلشئ ما ضربت الأسى وفزع أولو الألباب إلى حسن العزاء
وقام جعادة فقال أيها الملك لا تشعر قلبك الجزع على ما فات فيغفل ذهنك عن الإستعداد لما يأتي وناضل عوارض الحزن بالأنفة عن مضاهاة أفعال أهل وهي العقول فإن العزاء لحزماء الرجال والجزع لربات الحجال ولو كان الجزع يرد فائتا أو يحيى تالفا لكان فعلا دنيئا فكيف به وهو مجانب لأخلاق ذوي الألباب فارغب بنفسك أيها الملك عما يتهافت فيه الأرذلون وصن قدرك عما يركبه المخسوسون وكن على ثقة أن طمعك

فيما استبدت به الأيام ضلة كأحلام النيام ( قال أبو علي ) المقاول والأقيال دون الملوك العظماء ووقصه كسره ويؤسونه يعزونه وأصله أن يقال لك أسوة بفلان وفلان والجلل الصغير والجلل الكبير وهو من الأضداد والبدة النصيب واستبد به أي جعله نصيبه والشوى الهين اليسير والشوى أيضا رذال المال والمناضلة المراماة والمضاهاة المشاكلة والتهافت التتابع وقرأنا على أبي بكر بن دريد
( حبسن بين رمله وقف ** وبين نخل هجر الملتف )
( ثمت أصدرن بغير كف ** هذه إبل خرجت للميرة فرجعت بغير كف من طعام )
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا الزنادي قال يقال أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تكلم بهذا الكلام في خطبته ما الجزع مما لا بد منه وما الطمع فيما لا يرجى وما الحيلة فيما سيزول وإنما الشيء من أصله فقد مضت قبلنا أصول نحن فروعها فإبقاء فرع بعد أصله إنما الناس في الدنيا أغراض تنتضل فيهم المنايا وهم فيها نهب للمصائب مع كل جرعة شرق وفي كل أكلة غصص لا ينالون نعمة إلا بفراق أخرى ولا يعمر معمر يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله وأنتم أعوان الحتوف على أنفسكم فأين المهرب مما هو كائن وإنما نتقلب في قدرة الطالب فما أصغر المصيبة اليوم مع عظيم الفائدة غدا وأكبر خيبة الخائب فيه والسلام
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا محمد بن علي المديني قال حدثنا أبو الفضل الربعي الهاشمي قال حدثني نهشل بن دارم عن أبيه عن جده عن الحرث الأعور قال سئل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه عن مسالة فدخل مبادرا ثم خرج في حذاء ورداء وهو متبسم فقيل له يا أمير المؤمنين إنك كنت إذا سئلت عن المسئلة تكون فيها كالسكة المحماة قال إني كنت حاقنا ولا رأي لحاقن ثم أنشأ يقول


( إذا المشكلات تصدين لي ** كشفت حقائقها بالنظر )
( وإن برقت في مخيل الصواب ** عمياء لا يجتليها البصر )
( مقنعة بغيوب الأمور ** وضعت عليها صحيح الفكر )
( لسانا كشقشقة الأرحبي أو كالحسام اليماني الذكر ** )
( وقلبا إذا استنطقته الفنون ** أبر عليها بواه درر )
( ولست بإمعة في الرجال ** يسائل هذا وذا ما الخبر )
( ولكنني مذرب الأصغرين ** أبي أبين مما مضى ما غبر )
( قال أبو علي ) المخيل السحاب الذي يخال فيه المطر
والشقشقة ما يخرجه الفحل من فيه عند هياجه ومنه قيل لخطباء الرجال شقاشق أنشدني أبو المياس لتميم بن مقبل
( عاد الأذلة في دار وكان بها ** هرت الشقاشق ظلامون للجزر )
وأبر زاد على ما تستنطقه والإمعة الأحمق الذي لا يثبت على رأي والمذرب الحاد وأصغراه قلبه ولسانه
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال كان عبد الملك بن مروان ذات ليلة في سمرة مع ولده وأهل بيته وخاصته فقال لهم ليقل كل واحد منكم أحسن ما قيل من الشعر وليفضل من رأى تفضيله فأنشدوا وفضلوا فقال بعضهم امرؤ القيس وقال بعضهم النابغة وقال بعضهم الأعشى فلما فرغوا قال أشعروا الله من هؤلاء جميعا عندي الذي يقول ( قال أبو علي ) أنشد عبد الملك بعض هذه الأبيات التي أناذا كرها وضممت إليها ما اخترت من القصيدة وقت قراءتي شعر معن بن أوس على أبي بكر بن دريد وما رواه ابن الأعرابي في نوادره
( وذي رحم قلمت أظفار ضغنه ** بحلمى عنه وهو ليس له حلم )


( يحاول رغمي لا يحاول غيره ** وكالموت عندي أن يحل به الرغم )
( فإن أعف عنه أغض عينا على قذى ** وليس له بالصفح عن ذنبه علم )
( وإن أنتصر منه أكن مثل رائش ** سهام عدو يستهاض بها العظم )
( صبرت ما كان بيني وبينه ** وما تستوي حرب الأقارب والسلم )
( وبادرت منه النأي والمرء قادر ** على سهمه ما دام في كفه السهم )
( ويشتم عرضى في المغيب جاهدا ** وليس له عندي هوان ولا شتم )
( إذا سمته وصل القرابة سامني قطيعتها تلك السفاهة والاثم وإن أدعه للنصف يأب ويعصني ** ويدعو لحكم جائر غيره الحكم )
( فلولا اتقاء الله والرحم التي ** رعايتها حق وتعطيلها ظلم )
( إذا لعلاه بارقي وخطمته ** بوسم شنار لا يشاكهه وسم )
( ويسعى إذا أبنى ليهدم صالحي ** وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم )
( يود لو أني معدم ذو خصاصة ** وأكره جهدي أن يخالطه العدم )
( ويعتد غنما في الحوادث نكبتي ** وما إن له فيها سناء ولا غنم )
( فما زلت في ليني له وتعطفي ** عليه كما تحنو على الولد الأم )
وروى فما زلت في رفق به وتعطف عليه وزاد ابن الأعرابي
( وخفض له مني الجناح تألفا ** لتدنيه مني القرابة والرحم )
( وقولي إذا أخشى عليه مصيبة ** ألا أسلم فداك الخال ذو العقد والعم )
وروى
( وقولي إذا أخشى عليه ملمة ) ألا أسلم
( وصبري على أشياء منه تريبني ** وكظمي على غيظي وقد ينفع الكظم )
( لأستل منه الضعن حتى استللته ** وقد كان ذا ضغن يضيق به الجرم )
( رأيت انثلاما بيننا فرقعته ** برفقي واحيائي وقد يرقع الثلم )


( وأبرأت غل الصدر منه توسعا ** بحلمي كما يشفى بالأدوية الكلم )
وزاد ابن الاعرابي
( فداويته حتى ارفأن نفاره ** فعدنا كأنا لم يكن بيننا ضرم )
( وأطفأ نار الحرب بيني وبينه ** فأصبح بعد الحرب وهو لنا سلم )
وروى فاطفأت نار الحرب فقيل له يا أمير المؤمنين من قائل هذه الأبيات قال معن ابن أوس المزني وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله
( لنعم الفتى أضحى باكناف حائل ** غداة الوغى أكل الردينية السمر )
( لعمري لقد أرديت غير مزلج ** ولا مغلق باب السماحة بالعذر )
( سأبكيك لا مستبقيا فيض عبرة ** ولا طالبا بالصبر عاقبة الصبر )
وقرأت عليه لرجل مات له أخ بعد أخ
( كأني وصيفيا خليلي لم نقل ** لموقد نار آخر الليل أوقد )
( فلو أنها إحدى يدي رزئتها ** ولكن يدي بانت علي إثرها يدي )
( فأقسمت لا آسى علي إثر هالك ** قدي الآن من وجد على هالك قدى )
وأنشدني محمد بن السري السراج لأبي عبد الرحمن العطوي
( حنطته يا نصر بالكافور ** وزففته للمنزل المهجور )
( هلا ببعض خلاله حنطته ** فيضوع أفق منازل وقبور )
( تالله لو بنسيم أخلاق له ** تعزى إلى النقديس والتطهير )
( طيبت من سكن الثرى وعلا الربى ** لتزودوه عدة لنشور )
( فاذهب كما ذهب الوفاء فإنه ** عصفت به ريحا صبا ودبور )
( واذهب كما ذهب الشباب فإنه ** قد كان خير مجاور وعشير )
( والله ما أبنته لأزيده ** شرفا ولكن نفثه المصدور )
وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله قول الشاعر


( وقد كتب الشيخان لي في صحيفتي ** شهادة عدل أدحضت كل باطل )
يعني والديه يقول بينا شبهى في صحيفة وجهي ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا سعيد بن هرون قال حدثني شيخ من أهل الكوفة عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق أخي بني عامر بن لؤي قال قالت هند لأبيها عتبة بن ربيعة إني امرأة قد ملكت أمرى فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي قال لك ذاك فقال لها ذات يوم أنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميا لك واحدا منهما حتى أصفه لك
أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم تخالين به هوجا من غفلته وذلك إسجاح من شيمته حسن الصحابة سريع الإجابة أن تابعته تبعك وإن ملت كان معك تقضين عليه في ماله وتكتفين برأيك عن مشورته
وأما الآخر ففي الحسب الحسيب والرأي الأريب بدر أرومته وعز عشيرته يؤدب أهله ولا يؤدبونه ان اتبعوه أسهل بهم وإن جانبوه توعر عليهم شديد الغيره سريع الطيره صعب حجاب القبة ان حاج فغير منزور وإن نوزع فغير مقهور وقد بينت لك كليهما فقالت أما الأول فسيد مضياع لكريمته موات لها فيما عسى إن تعتص أن تلين بعد إبائها وتضيع تحت خبائها إن جاءته بولد أحمقت وإن أنجبت فعن خطإ ما أنجبت اطو ذكر هذا عني ولا تسمه لي وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة إني لأخلاق هذا لوامقه وإني له لموافقه وإني لآخذه بأدب البعل مع لزومي قبتي وقلة تلفتي وإن السليل بيني وبينه لحرى أن يكون المدافع عن حريم عشيرته الذائد عن كتيبتها المحامي عن حقيقتها المثبت لأرومتها غير مواكل ولا زميل عند صعصعة الحروب قال ذاك أبو سفيان بن حرب قالت فزوجه ولا تلق إلقاء السلس ولا تسمه سوم الضرس ثم استخر الله في السماء يخر لك في القضاء ( قال أبو علي ) الإسجاح السهولة والزمل والزمال والزميل والزميلة الجبان الضعيف والصعصعة الإضطراب يقال

قد تصعصع القوم في الحرب إذا اضطربوا كذا قال أبو بكر وغيره يقول تصعصعوا تفرقوا والضرس السيئ الخلق
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن بعض أصحابه عن المدائني قال كان رجل من العرب له ثلاث بنات قد عضلهن ومنعهن الأكفاء فقالت إحداهن ان أقام أبونا على هذا الرأي فارقنا وقد ذهب حظ الرجال منا فينبغي لنا أن نعرض له ما في نفوسنا وكان يدخل على كل واحدة منهن يوما فلما دخل على الكبرى تحادثا ساعة فحين أراد الإنصراف أنشدت
( أيزجر لاهينا ونلحى على الصبا ** وما نحن والفتيان إلا شقائق )
( يؤبن حبيبات مرارا كثيرة ** وتنباق أحيانا بهن البوائق )
فلما سمع الشعر ساءه ثم دخل على الوسطى فتحادثا فلما أراد الإنصراف أنشدت
( ألا أيها الفتيان ان فتاتكم ** دهاها سماع العاشقين فحنت )
( فدونكم ابغوها فتى غير زمل ** وإلا صبت تلك الفتاة وجنت )
فلما سمع شعرها ساءه ثم دخل على الصغرى في يومها فتحادثا فلما أراد الإنصراف أنشدت
( أما كان في ثنتين ما يزع الفتى ** ويعقل هذا الشيخ إن كان يعقل )
( فما هو إلا الحل أو طلب الصبا ** ولا بد منه فأتمر كيف تفعل )
فلما رأى تواطؤهن على ذلك زوجهن وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال كان لهمام بن مرة ثلاث بنات فعنسهن فقالت الكبرى أنا أكفيكموه اليوم فقالت
( أهمام بن مرة إن همي ** إلى قنفاء مشرفة القذال )
فقال همام قنفاء مشرفة القذال تصف فرسا فقالت الوسطى ما صنعت شيأ فقالت
( أهمام بن مرة إن همي ** إلى اللائي يكن مع الرجال )
فقال همام يكون مع الرجال الذهب والفضة فقالت الصغرى ما صنعتما شيأ وقالت


( أهمام بن مرة إني همي ** إلى عرد أسد به مبالي )
فقال همام قاتلكن الله والله لا أمسيت أو أزوجكن فزوجهن
وحدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال حدثنا ابو العباس النحوي قال قال العباس بن الحسن العلوي ما الحمام على الإصرار وحلول الدين مع الإقتار وطول السقم في الأسفار بآلم من لقائه
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو العباس وأبي واللفظ مختلط
( ثقيل يطالعنا من أمم ** إذا سره رغم أنفي ألم )
( أقول له إذا أتى لا أتى ** ولا حملته إلينا قدم )
( عدمت خيالك لا من عمى ** وسمع كلامك لا من صمم )
( تغط بما شئت عن ناظري ** ولو بالرداء به فالتثم )
( لنظرته وخزة في القلوب ** كوخز المحاجم في الملتزم )
( قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف
( وثقيل أشد من ثقل الموت ** ومن شدة العذاب الأليم )
( لو عصت ربها الجحيم لما كان ** سواه عقوبة للجحيم )
( قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف وغيره لمحمد بن نصر بن بسام
( يا ثقيلا على القلوب إذا عن ** لها أيقنت بطول الجهاد )
( يا قذى في العيون يا غلة بين ** التراقي حزازة في الفؤاد )
( يا طلوع العذول يا بين إلف ** يا غريما أتى على ميعاد )
( يا ركودا في يوم غيم وصيف ** يا وجوه التجار يوم الكساد )
( خل عنا فإنما أنت فينا ** واو عمرو كالحديث المعاد )


( وامض في غير صحبة الله ما عشت ملقى من كل فج وواد ** )
( يتخطى بك المهامة والبيد دليل أعمى كثير الرقاد ** )
( خلفك الثائر المصمم بالسيف ورجلاك فوق شوك القتاد ** )
قال وأنشدنا أبي
( ربما يثقل الجليس وإن كان ** خفيفا في كفه الميزان )
( ولقد قلت حين وتد في البيت ثقيل أربى على ثهلان ** )
( كيف لم تحمل الأمانة أرض ** حملت فوقها أبا سفيان )
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن عكرمة الضبى قال قال العتبي دخلت عزة على عبد الملك بن مروان فقال لها يا عزة أنت عزة كثير فقالت أنا أم بكر الضمرية فقال لها أتروين قول كثير
( وقد زعمت أني تغيرت بعدها ** ومن ذا الذي يا عز لا يتغير )
( تغير جسمي والخليقة كالتي ** عهدت ولم يخبر بسرك مخبر )
فقالت لا أروي هذا ولكني أروي قوله
( كأني أنادي صخرة حين أعرضت ** من الصم لو تمشي بها العصم زلت )
( صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة ** فمن مل منها ذلك الوصل ملت )
( قال أبو علي ) وقرأت هذه القصيدة على أبي بكر بن دريد رحمه الله في شعر كثير وهي من منتخبات شعر كثير وأولها
( خليلي هذا ربع عزة فاعقلا ** قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلت )
ويروي
( خليلي هذا رسم عزة فاعقلا ** قلوصيكما ثم انظرا حيث حلت )
( وما كنت أدري قبل عزة ما الهوى ** ولا موجعات الحزن حتى تولت )


( فقد حلفت جهدا بما نحرت له ** قريش غداة المأزمين وصلت )
( أناديك ما حج الحجيج وكبرت ** بفيفا غزال رفقة وأهلت )
( وكانت لقطع الحبل بيني وبينها ** كناذرة نذرا فأوفت وحلت )
ويروى وفت فأحلت
( فقلت لها يا عز كل مصيبة ** إذا وطنت يوما لها النفس ذلت )
( ولم يلق إنسان من الحب ميعة ** تعم ولا غماء إلا تجلت )
( كأني أنادي صخرة حين أعرضت ** من الصم لو تمشي بها العصم زلت )
( صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة ** فمن مل منها ذلك الوصل ملت )
ويروى صفوح والصفوح المعرض ويروى ذلك البخل
( أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها ** وحلت تلاعا لم تكن قبل حلت )
( فليت قلوصي عند عزة قيدت ** بحبل ضعيف غر منها فضلت )
( وغودر في الحي المقيمين رحلها ** وكان لها باغ سواي فبلت )
( وكنت كذى رجلين رجل صحيحة ** ورجل رمى فيها الزمان فشلت )
( وكنت كذات الظلع لما تحاملت ** على ظلعها بعد العثار استقلت )
( أريد الثواء عندها وأظنها ** إذا ما أطلنا عندها المكث ملت )
( فما أنصفت أما النساء فبغضت ** إلي وأما بالنوال فضنت )
( يكلفها الغيران شتمي وما بها ** هواني ولكن للمليك استذلت )
( هنيأ مريئا غير داء مخامر ** لعزة من أعراضنا ما استحلت )
( قال أبو علي ) قيل لكثير أنت أشعر أم جميل فقال بل أنا فقيل له أتقول هذا وأنت راويته فقال جميل الذي يقول
( رمى الله في عيني بثينة بالقذى ** وفي الغر من أنيابها بالقوادح )
وأنا أقول


( هنيأ مريئا غير داء مخامر ** لعزة من أعراضنا ما استحلت )
( فوالله ما قاربت إلا تباعدت ** بصرم ولا أكثرت إلا أقلت )
ويروى ولا استكثرت
( فإن تكن العتبى فأهلا ومرحبا ** وحقت لها العتبى لدينا وقلت )
( وإن تكن الأخرى فإن وراءنا ** منادح لو سارت بها العيس كلت )
( خليلي أن الحاجبية طلحت ** قلوصيكما وناقتي قد أكلت )
( فلا يبعدن وصل لعزة أصبحت ** بعاقبة أسبابه قد تولت )
( أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ** لدينا ولا مقلية ان تقلت )
( ولكن أنيلى واذكري من مودة ** لنا خلة كانت لديكم فطلت )
( فإني وإن صدت لمثن وصادق ** عليها بما كانت إلينا أزلت )
( فما أنا بالداعي لعزة بالجوى ** ولا شامت إن نعل عزة زلت )
( فلا يحسب الواشون أن صبابتي ** بعزة كانت غمرة فتجلت )
( فاصبحت قد أبللت من دنف بها ** كما أدنفت هيماء ثم استبلت )
( فوالله ثم الله ما حل قبلها ** ولا بعدها من خلة حيث حلت )
( وما مر من يوم علي كيومها ** وإن عظمت ايام أخرى وجلت )
( وأضحت بأعلى شاهق من فؤاده ** فلا القلب يسلاها ولا العين ملت )
( فيا عجبا للقلب كيف اعترافه ** وللنفس لما وطنت كيف ذلت )
( وإني وتهيامي بعزة بعدما ** تخليت مما بيننا وتخلت )
( لكالمرتجي ظل الغمامة كلما ** تبوأ منها للمقيل اضمحلت )
( كأني وإياها سحابة ممحل ** رجاها فلما جاوزته استهلت )
( فإن سأل الواشون فيهم هجرتها ** فقل نفس حر سليت فتسلت )


( قال أبو علي ) المأزمان بين عرفة والمزدلفة وأناديك أجالسك وهو مأخوذ من الندي والنادي جميعا وهما المجلس وميعة كل شي أوله والصفوح المعرضة بلت ذهبت ( قال أبو علي ) وما أعرف بلت ذهبت إلا في تفسير هذا البيت والعتبى الإعتاب يقال عاتبني فلان فأعتبته إذا نزعت عما عاتبك عليه والعتبى الإسم والإعتاب المصدر وقوله طلحت الطليح المعيي الذي قد سقط من الإعياء وطلت هدرت وأزلت اصطنعت ويقال بل من مرضه وأبل واستبل إذا برأ واعترافه اصطباره يقال نزلت به مصيبة فوجد عروفا أي صبورا والعارف الصابر وأنشدنا أبو عبد الله رحمه الله لنفسه
( وقائل لا تبح باسمي فقلت له ** هبني أكاتم جهدي ما أعانيه )
( قال أبو علي ) أنشدنيه جهدي وأنا أختار جهدي
( فكيف لي بارتياعي حين تبصرني ** حتى أقول بداما كنت أخفيه )
( أم كيف يسعدني صبر ولي كبد ** حرى تذوب وقلب فيه ما فيه )
( يا ساحر اللحظ قد والله برح بي ** شوقي إليك وأعيا ما ألاقه )
( قال أبو علي ) وأنشدني لإبن أذينة
( قالت وأبثثتها شجوى فبحت به ** قد كنت عندي تحب الستر فاستتر )
( ألست تبصر من حولي فقلت لها ** غطى هواك وما ألقى على بصري )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي
( إلى الله أشكو ثم أثني فأشتكي ** غريما لواني الدين منذ زمان )
( لطيف الحشاعبل الشوى طيب اللمى ** له علل لا تنقضي وأماني )
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا العكلى عن أبيه قال سأل عبد الملك الحجاج عن عيبه

فتلكأ عليه فأبى إلا أن يخبره فقال أنا حديد حسود حقود لجوج ذو قسوة فبلغ هذا الكلام خالد بن صفوان فقال لقد انتحل الشر بحذافيره والمروق من جميع الخير بزوبره ولقد تأنق في ذم نفسه وتجود في الدلالة على لؤم طبعة وفي إقامة البرهان على إفراط كفره والخروج من كنف ربه وشدة المشاكلة لشيطانه الذي أغواه ( قال الأصمعي ) الخشي والحشي اليابس وأنشد للعجاج
( والهدب الناعم والخشي ** )
الناعم الرطب اللين وأنشد
( وإن عندي لو ركبت مسحلي ** سم ذرا ريح رطاب وخشي )
( قال ) ويقال حجج وخبج إذا خرجت منه ريح ( قال ) وسمعت أعرابيا يقول خجج بها ورب الكعبة ( قال ) ويقال فاحت منه ريح طيبة وفاخت ( وقال أبو زيد ) يقال خمص الجرح يخمص خموصا وحمص يحمص حموصا وانحمص إنحماصا وانخمص انخماصا إذا ذهب ورمه ( وقال أبو عبيدة ) المخسول والمحسول المرذول وقد حسلته وخسلته ( قال أبو عمرو الشيباني ) الحجادي والجخادي الضخم ( قال ) ويقال طخرور وطحرور للسحابة ( وقال الأصمعي ) الطخار ير قطع من السحاب مستدقة رقاق والواحدة طخرورة والرجل طخرور إذا لم يكن جلدا ولا كثيفا ولم يعرفه بالحاء ( قال اللحياني ) يقال شرب حتى اطمحر واطمخر أي حتى امتلأ وروي ويقال دربح ودربخ إذا حنى ظهره ويقال هو يتحوف مالي ويتخوفه أي ينقصه ويأخذ من أطرافه قال الله عز وجل { أو يأخذهم على تخوف } أي تنقص وقال الشاعر
( تخوف السير منها تامكا قردا ** كما تخوف عود النبعة السفن )


( قال أبو علي ) التامك المرتفع من السنام والقرد المتلبد بعضه على بعض والسفن المبرد
وأخبرني أبو بكر بن الأنباري عن أبيه قال أتى أعرابي إلى ابن عباس فقال
( تخوفني مالي أخ لي ظالم ** فلا تخذلني اليوم يا خير من بقي )
فقال تخوفك أي تنقصك قال نعم قال الله أكبر أو يأخذهم على تخوف أي على تنقص من خيارهم وقد قرئ أن لك في النهار سبحا طويلا وسبخا قرأها يحيى بن يعمر ( قال الفراء ) معناهما واحد أي فراغا ( وقال غيره ) سبحا فراغا وسبخا نوما ويقال قد سبخ الحر إذا خار وانكسر ويقال اللهم سبخ عنه الحمى أي خففها وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رحمها الله حين دعت على سارق سرقها لا تسجني عنه بدعائك أي لا تخففي عنه إثمه ويقال لما سقط من ريش الطائر سبيخ ( قال الأصمعي ) هو السدى والستى والأسدي والأستي لسدى الثوب قال الحطيئة
( مستهلك الورد كالأسدي قد جعلت ** أيدي المطي به عادية ركبا )
ويروى رغبا ركب جمع ركوب وهو الطريق الذي فيه آثار والرغب الواسعة ( قال ) وأما السدى من الندى فبالدال لا غير يقال سديت الأرض إذا نديت من السماء كان الندى أو من الأرض ( قال أبو علي ) حكى بعض شيوخنا عن أبي عبيدة قال السدى ما كان في أول الليل والندى ما كان في آخره ويقال للبلح إذا وقع وقد استرخت ثفاريقه وندي بلح سد وقد أسدى النخل ويقال أعتده وأعده قال الشاعر
( إثما وغرما وعذابا معتدا ** )
ويقال الدولج والتولج للكناس ويقال مد في السير ومت ويقال السبنداة والسبنتاة للجريئة ويقال للنمر سبنتى وسبندى ويقال هرت القصار الثوب وهرده إذا خرقه وكذلك هرد عرضه وهرته ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد لحميد بن ثور


( قرينة سبع ان تواترن مرة ** ضربن فصفت أرؤس وجنوب )
تواترن أتبع بعضهن بعضا يريد أنهن غير مصطفات فإذا أردن الطيران ضربن بأجنحتهن حتى ستوين ثم يصرن إلى طيرانهن وهن مصطفات الأرؤس والجنوب
وقرأت على أبي بكر بن دريد لنفسه في قصيدة له أولها هذه الأبيات
( ليس المقصر وانيا كالمقصر ** حكم المعذر غير حكم المعذر )
( لو كنت أعلم أن لحظك موبقى ** لحذرت من عينيك ما لم أحذر )
( لا تحسبي دمعي تحدر إنما ** نفسي جرت في دمعي المتحدر )
( خبري خذيه عن الضنى وعن البكا ** ليس اللسان وأن تلفت بمخبر )
( ولقد نظرت فرد طرفى خاسئا ** حذر العدا وبهاء ذاك المنظر )
( يأسي يحسن لي التستر فاعلمي ** لو كنت أطمع فيك لم أتستر )
( قال أبو علي ) المعذر في طلب الحاجة المبالغ فيها والمعذر المتواني والمقصر عن الشيء الذي ينزع عنه وهو يقدر عليه والمقصر العاجز عنه ( قال الأصمعي ) جاءتنا زمزمة من بني فلان وصمصمة أي جماعة وأنشد
( إذا تدانى زمزم لزمزم ** )
وأنشدنا أيضا
( وحال دوني من الأبناء زمزمة ** كانوا الأنوف وكانوا الأكرمين أبا )
قال ويروى صمصمة ويقال نشصت المرأة على زوجها ونشزت وهو النشوص والنشوز ومنه يقال نشصت ثنيته إذا خرجت من موضعها قال الأعشى
( تقمرها شيخ عشاء فأصبحت ** قضاعية تأتي الكواهن ناشصا )
أي ناشزا ( قال أبو علي ) قال لي أبو العباس معنى تقمرها عقلها وأخرجها من قومها فأصبحت في قضاعة غريبة تأتي الكواهن تسأل عن حالها هل يرين لها الرجوع إلى أهلها أم لا والنشاص الغيم المرتفع ( قال أبو علي ) إنما سمى نشاصا لأنه ارتفع على غيره بمنزلة الثنية ارتفعت على غيرها والشرز والشرص واحد وهو الغلظ ( قال الأصمعي )

وسمعت خلفا يقول سمعت أعرابيا يقول ( لم يحرم من فزدله ) أي من قصد فخفف وأبدل من الصادر أيا يقول لم يحرم من أصاب بعض حاجته وإن لم ينلها كلها
ويقال فص الجرح يفص فصيصا وفز يفز فزيزا أي سأل ( وقال الأصمعي ) أتانا ملمس الظلام وملث الظلام أي اختلاطه ويقال ساخت رجله في الأرض وثاخت إذا دخلت قال أبو ذؤيب
( قصر الصبوح لها فشرج لحمها ** بالني فهي تثوخ فيها الإصبع )
شرج خلط وشريجان خليطان والني الشحم والوطس والوطث الضرب الشديد بالخف ويقال فوه يجري سعابيب وثعابيب وهو أن يجرى منه ماء صاف ويقال ناقة فاسج وفاثج وهي الفتية الحامل وأنشد الأصمعي
( والبكرات اللقح الفوائجا ** )
( وقال أبو علي ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة أن عمرو بن معد يكرب أتى مجاشع بن مسعود بالبصرة يسأله الصلة فقال له أذكر حاجتك فقال حاجتي صلة مثلي فأعطاه عشرة آلاف درهم وفرسا من بنات الغبراء وسيفا قلعيا وغلاما خبازا فلما خرج من عنده قال له أهل المجلس كيف وجدت صاحبك فقال لله در بني سليم ما أشد في الهيجاء لقاءها وأكرم في اللزبات عطاءها وأثبت في المكرمات بناءها والله لقد قاتلتها فما أجبنتها وسألتها فما أبخلتها وهاجيتها فما أفحمتها ثم قال
( ولله مسؤلا نوالا ونائلا ** وصاحب هيجا يوم هيجا مجاشع )
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال ذكر أعرابي رجلا فقال نعم حشو الدرع ومقبض السيف ومدوة الرمح هو كان أحلى من العسل إذا لوين وأمر من الصبر إذا خوشن وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الأول بن مزيد عن أبيه قال حدثني بعض موالي بني هاشم قال قال المنصور لخالد بن عبد الله القسري إني لأعدك لأمر كبير قال يا أمير المؤمنين قد أعد الله لك مني قلبا معقودا بنصيحتك ويدا مبسوطة بطاعتك وسيفا مشحوذا على أعدائك فإذا شئت ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن

أبيه عن هشام بن محمد قال حدثني رافع بن بكار ونوح بن دراج قالا دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عمه الزبير بن عبدالمطلب وهو صبي فأقعده في حجره وقال
( محمد بن عبدم ** عشت بعيش أنعم ** ودولة ومغنم )
( في فرع عز أسنم ** مكرم معظم ** دام سجيس الأزلم )
أي أبد الدهر ثم دخل عليه العباس بن عبد المطلب وهو غلام فاقعده في حجره وقال
( إن أخي عباس عف ذو كرم ** فيه عن العوراء إن قيلت صمم )
( يرتاح للمجد ويوفي بالذمم ** وينحر الكوماء في اليوم الشبم )
( أكرم بأعراقك من خال وعم )
ثم دخل عليه ضرار بن عبد المطلب وهو أصغر من العباس فقال
( ظني بمياس ضرار خير ظن ** أن يشتري الحمد ويغلي بالثمن )
( ينحر للاضياف ربات السمن ** ويضرب الكبش إذا البأس ارجحن )
ثم دخلت عليه ابنته أم الحكم فقال
( يا حبذا أم الحكم ** كأنها ريم أحم )
( يا بعلها ماذا يشم ** ساهم فيها فسهم )
ثم دخلت عليه جارية له يقال لها أم مغيث فقالت مدحت ولدك وبني أخيك ولم تمدح ابني مغيثا فقال على به عجليه فجاءت به فقال
( وإن ظني بمغيث إن كبر ** أن يسرق الحج إذا الحج كثر )
( ويوقر الأعيار من قرف الشجر ** ويأمر العيد بليل يعتذر )
( ميراث شيخ عاش دهرا غير حر ** )
( قال أبو علي ) سألت أبا بكر عن يعتذر فقال يصنع عذيره وهي طعام من أطعمة الأعراب ( قال أبو علي ) وقد جمع يعقوب هذا الباب في كتاب المنطق فأكثر ولم

يأت بهذه الكلمة فأما يعتذر من العذر فكثير في أشعار الحرب في أمثال هذا الموضع
وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن أبيه عن هشام قال قالت هند بنت عتبة وهي ترقص ابنها معاوية رحمه الله
( إن بني معرق كريم ** محبب في أهله حليم )
( ليس بفحاش ولا لئيم ** ولا بطخرور ولا سؤم )
( صخر بني فهر به زعيم ** لا يخلف الظن ولا يخيم )
( قال أبو علي ) يخيم يجبن يقال خام عن قرنه ويمكن أن يكون يخيم في هذا الموضع يخيب أبدلت من الباء ميما كما قالوا طين لازب ولازم
وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن أبيه عن هشام قال قالت ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن قشير وهي ترقص ابنها المغيرة بن سلمة
( نمى به إلى الذرى هشام ** قرم وآباء له كرام )
( حجاحج خضارم عظام ** من آل مخزوم هم الأعلام )
( ألهامة العلياء والسنام ** )
( قال ) وأخبرني عمي عن أبيه عن هشام قال قالت أم الفضل بنت الحرث الهلالية وهي ترقص ابنها عبد الله بن العباس
( ثكلت نفسي وثكلت بكري ** إن لم يسد فهرا وغير فهر )
( بالحسب العدو بذل الوفر ** حتى يوارى في ضريح القبر )
( قال أبو علي ) سمعت ابن خير الوراق وقد سأل أبا بكر بن دريد فقال له مم اشتق العقل فقال من عقال الناقة لأنه يعقل صاحبه عن الجهل أي يحبسه ولهذا قيل عقل الدواء بطنه أي أمسكه ولذلك سميت خبراء بالدهناء معقلة لأنها تمسك الماء قال فمم اشتق اللحد قال من قولهم لحد إذا عدل لأنه عدل إلى أحد شقي القبر قال فمم اشتق الضريح قال هو بمعنى

مضروح كأنه ضرحه جانباه أي دفعاه فوقع في وسطه
وقرأت على أبي بكر بن دريد من شعر الحطيئة
( وإن التي نكبتها عن معاشر ** علي غضاب أن صددت كما صدوا )
( أتت آل شماس بن لأي وإنما ** أتاهم بها الأحلام والحسب العد )
( فإن الشقي من تعادي صدورهم ** وذو الجد من لانوا إليه ومن ودوا )
( قال أبو علي ) الحسب الشرف والعد القديم ويقال بئر عد إذا كانت لها مادة من الأرض
( يسوسون أحلاما بعيدا أناتها ** وان غضبوا جاء الحفيظة والجد )
( أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم ** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا )
( أولئك قوم ان بنوا أحسنوا البنى ** وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا )
( قال أبو علي ) البنى واحدها بنية مثل رشوة ورشى
( فإن كانت النعمى عليهم جز وابها ** وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا )
( وإن قال مولاهم على جل حادث ** من الدهر ردوا فضل أحلامكم ردوا )
( مطاعين في الهيجا مكاشيف للدجى ** بنى لهم آباؤهم وبنى الجد )
( فمن مبلغ أبناء سعد فقد سعى ** إلى السورة العليا لهم حازم جلد )
( رأى مجد أقوام أضيع فحثهم ** على مجدهم لما رأى أنه الجهد )
وروى الأصمعي لما رأى أنه المجد ويروى لما رأى أنه الجد فمن روى أنه الجهد أراد به أنه الجهد منه لأنه تضييعهم أحسابهم قد جهده ومن روى أنه الجد أراد أنه الجد من هؤلاء المضيعين في تضييعهم أحسابهم
( وتعذلنى أفناء سعد عليهم ** وما قلت إلا بالذي علمت سعد )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي


( إذا المرء لم يترك طعاما يحبه ** ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما )
( فلابد أن تلفى له الدهر سبة ** إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما )
وقرأت على أبي بكر بن دريد الأشجع
( مضى ابن سعيد حين لم يبق مشرق ** ولا مغرب إلا له فيه مادح )
( وما كنت أدري ما فواضل كفه ** على ا الناس حتى غيبته الصفائح )
( فأصبح من لحد من الأرض ميتا ** وكانت له حيا تضيق الصحاصح )
( وما أنا من رزء وإن جل جازع ** ولا بسرور بعد موتك فارح )
( كأن لم يمت حي سواك ولم تقم ** على أحد إلا عليك النوائح )
( لئن حسنت فيك المراثي وذكرها ** لقد حسنت من قبل فيك المدائح )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم
( ألا في سبيل الله ماذا تضمنت ** بطون الثرى واستودع البلد القفر )
( بدور إذا الدنيا دجت أشرقت بهم ** وإن أجدبت يوما فأيديهم القطر )
( فيا شامتا بالموت لا تسمتن بهم ** حياتهم فخر وموتهم ذكر )
( حياتهم
( كانت لأعدائهم عمى ** وموتهم للفاخرين بهم فخر )
( أقاموا نطهر الأرض فاخضر عودها ** وصار واببطن الأرض فاستوحش الظهر )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عنه عمه قال سمعت عمي يقول سمعت أعرابيا ينشد
( كلاب الناس إن فكرت فيهم ** أضر عليك من كلب الكلاب )
( لأن الكلب لا يؤذي صديقا ** وإن صديق هذا في عذاب )
( ويأتي حين يأتي في ثياب ** وقد حزمت علي رجل مصاب )
( فأخزى الله أثوابا عليه ** وأخزى الله ما تحت الثياب )


وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال خرج أعرابي إلى الشام فكتب إلى بني عمه كتبا فلم يجيبوه عنها فكتب إليهم
( ألا أبلغ معاتبتي وقولي ** بني عمي فقد حسن العتاب )
( وسل هل كان لي ذنب إليهم ** هم منه فأعتبهم غضاب )
( كتبت إليهم كتبا مرارا ** فلم يرجع إلي لهم جواب )
( فلا أدري أغيرهم تناثي ** وطول العهد أم مال أصابوا )
( فمن يك لا يدوم له وفاء ** وفيه حين يغترب أنقلاب )
( فعهدي دائم لهم وودي ** على حال إذا شهدوا وغابوا )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال لتراب البئر النبيثة والنبيذة ( وقال ) يقال قرب حثحاث وحذحاذ إذا كان سريعا ويقال قثم له من ماله وقذم له من ماله وغثم إذا دفع إليه دفعة فأكثر ويقال قرأ فما تلعثم وما تلعذم ويقال جثا يجثوا وجذا يجذو وإذا قام على أطراف أصابعه وأنشد للنعمان بن نضلة
( إذا شئت غنتني دهاقين قرية ** وصناجة تجذو على كل منسم )
( قال أبو علي ) جعل للإنسان منسما على الإتساع وإنما المنسم للجمل كما قال الآخر
( سأمنعها أو سوف أجعل أمرها ** إلى ملك أظلافه لم تشقق )
فجعل للإنسان ظلفا وإنما الظلف للشاء والبقر ( وقال غير الأصمعي ) يقال جثوة وجثوة وجثوة وجذوة وجذوة وجذوة ( وقال أبو عمرو الشيباني ) يلوث ويلوذ سواء ( وقال غيره ) يقال خرجت غثيثة الجرح وغذيذته وهي مدته وما فيه وقد غث يغث وغذ يغذ وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله
( فما كان ذنب بني عامر ** بأن سب منهم غلام فسب )


( بأبيض ذي شطب باتر ** يقط العظام ويبري العصب )
قال يريد معاقرة غالب أبي الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحي لما تعاقرا يصوأر فعقر سحيم خمسا ثم بدا له وعقر غالب مائة
وقوله سب أي شتم وقوله سب أي قطع قال وأصل السب القطع
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال سأل رجل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه قال صف لنا الدنيا فقال وما أصف لك من دار أولها عناء وآخرها فناء ومن صح فيها أمن ومن سقم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ومن استغنى فتن حلالها حساب وحرامها عذاب
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال عزل بعض الأمراء عن عمله فقال له رجل أصبحت والله فاضحا متعبا أما فاضحا فلكل وال قبلك بحسن سيرتك وأما متعبا فلكل وال بعدك أن يلحقك
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي عن أبي زيد قال قال المغيرة بن شعبة كان عمر رضي الله عنه أفضل من أن يخدع وأعقل من أن يخدع ( قال ) وكان عمر إذا نظر إلى معاوية يقول هذا كسرى العرب قال فكان معاوية يقول ما رأيت عمر مستخليا رجلا قط إلا رحمته
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم قال قال بعض علماء الهند صحبة السلطان على ما فيها من الغز والثروة عظيمة الخطار وإنما تشبه بالجبل الوعر فيه السباع العادية والثمار الطيبة فالإرتقاء إليه شديد المقام فيه أشد وليس يتكافأ خير السلطان وشره لأن خير السلطان لا يعدو مزيد الحال وشر السلطان يزيل الحال ويتلف النفس التي لها طلب المزيد ولا خير في الشيء الذي سلامته مال وجاه وفي نكبته الجائحة والتلف وأنشدني أبو بكر بن دريد
( وخلقته حتى إذا تم واستوى ** كمخة ساق أو كمتن إمام )
خلقته ملسته يعني سهما والإمام الخيط الذي يمد على البناء فيبنى عليه وهو بالفارسية التر ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد

عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي قال أغار رجل من مراد له حريم على إبل عمرو بن براقة الهمداني وخيل له فذهب بها فأتى عمرو سلمى وكانت بنت سيدهم وعن رأيها كانوا يصدرون فأخبرها أن حريما المرادى أغار على إبله وخيله فقالت والخفو والوميض والشفق كالأحريض والقلة والحضيض إن حريما لمنيع الحيز سيد مزيز ذو معقل حريز غير أني أرى الحمة ستظفر منه بعثرة بطيئة الجبرة فأغر ولا تنكع فأغار عمرو فاستاق كل شيء له فأتى حريم بعد ذلك يطلب إلى عمرو أن يرد عليه بعض ما أخذ منه فامتنع ورجع حريم وقال عمرو
( تقول سليمى لا تعرض لتلفة ** وليلك عن ليل الصعاليك نائم )
( وكيف ينام الليل من جل ماله ** حسام كلون الملح أبيض صارم )
( غموض إذا عض الكريهة لم يدع ** له طمعا طوع اليمين ملازم )
( ألم تعلمي أن الصعاليك نومهم ** قليل إذا نام الخلي المسالم )
( إذا الليل أدجى واكفهر ظلامه ** وصاح من الأقراط بوم جوائم )
ويروى
( إذا الليل أدجى واسجهرت نجومه ** ) والمسجهر الأبيض
( ومال بأصحاب الكرى غالبانه ** فإني على أمر الغواية حازم )
( كذبتم وبيت الله لا تأخذونها ** مراغمة ما دام للسيف قائم )
( تحالف أقوام علي ليسلموا ** وجروا علي الحرب إذ أنا سالم )
( أفاليوم أدعى للهوادة بعدما ** أجيل على الحي المذاكي الصلادم )
( فإن حريما إن رجا أن أردها ** ويذهب مالي يا ابنة القيل حالم )
( متى تجمع القلب الذكي وصارما ** وأنفا حميا يجتنبك المظالم )
( متى تطلب المال الممنع بالقنا ** تعش ماجدا أو تخترمك المخارم )
( وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم ** فهل أنا في ذا يال همدان ظالم )


( فلا صلح حتى تقدع الخيل بالقنا ** وتضرب بالبيض الخفاف الجماجم )
( ولا أمن حتى تغشم الحرب جهرة ** عبيدة يوما والحروب غواشم )
( أمستبطي عمرو بن نعمان غارتي ** وما يشبه اليقظان من هو نائم )
( إذا جر مولانا علينا جريرة ** صبرنا لها أنا كرام دعائم )
( وننصر مولانا ونعلم أنه ** كما الناس مجروم عليه وجارم )
( قال أبو علي ) الخفو اللمعان الضعيف يقال خفا البرق يخفو خفوا وخفوا إذا برق برقا ضعيفا والوميض أشد من الخفو والإحريض حجارة النورة والحيز الناحية ومزيز فاضل من قولهم هذا أمز من هذا أي أفضل منه والحمة القدر وقال بعض اللغويين هي واحد الحمام وتنكع تردع يقال نكعته إذا ردعته والمكفهر المتراكب الظلمة والأفراط الآكام وهي الجبال الصغار واحدها فرط قال الشاعر
( أم هل سموت بجرار له لجب ** يغشى المخارم بين السهل والفرط )
والهوادة الصلح والسكون والصلادم واحدها صلدم وهو الشديد الصلب وتقدع تكف والغشم أشد الظلم وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن أبيه وعن ابن الكلبي قال قتل سماك بن حريم أخو مالك بن حريم قتلته مراد غيلة فلم يدر مالك من قتله حتى أخبر بعد ذلك أن بني قمير قتلوا أخاه فأغار عليهم وقتل قاتل أخيه وأنشأ يقول
( يا راكبا بلغن ولا تدعن ** بني قمير وإن هم جزعوا )
( كي يجدوا مثل ما وجدت فقد ** أصبحت نضوا ومسني الوجع )
( لا أسمع اللهو في الحديث ولا ** ينفعني في الفراش مضطجع )
( لا وجد ثكلى كما وجدت ولا ** وجد عجول أضلها ربع )
( أو وجد شيخ أضل ناقته ** يوم رواح الحجيج إذ دفعوا )


( ينظر في أوجه الرجال فلا ** يعرف شيأ فالوجه ملتمع )
( بني قمير قتلت سيدكم ** فاليوم لا فدية ولا جزع )
( جللته صارم الحديدة كالملح وفيه سفاسق لمع ** )
( تركته باديا مضاحكه ** يدعو صداه والرأس منصدع )
( بني قمير تركت سيدكم ** أثوابه من دمائه ردع )
( فاليوم صرنا على السواء فإن ** أبق فدهري ودهركم جذع )
( لم أك فيها لما بليت بها ** نؤم ليل يغرني الطمع )
( قال أبو علي ) قال أبو عبيدة عن بعض أصحابه سفاسق السيف طرائقه التي يقال لها الفرند وردع متلطخة ولهذا قيل يدي من الزعفران ردعة
وحدثني أبو عمر أن أبا العباس أنشدهم عن ابن الأعرابي لعمرو بن شأس
( إن بني سلمى شيوخ جلة ** بيض الوجوه خرق الأخله )
أخبر أن سيوفهم تأكل أغمادها من حدتها
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا العكلي عن الحرمازي قال أنشدنا الهيثم بن عدي قال أنشدني مجالد بن سعيد شعرا أعجبني فقلت له من أنشدك قال كنا يوما عند الشعبي فتناشدنا الشعر فلما فرغنا قال الشعبي أيكم يحسن أن يقول مثل هذا وأنشدنا
( أعيني مهلا طالما لم أقل مهلا ** وما سر فاملآن قلت ولا جهلا )
( وأن صبا ابن الأربعين سفاهة ** فكيف مع اللائي مثلت بها مثلا )
( يقول لي المفتي وهن عشية ** بمكة يسحبن المهدبة السحلا )
( تق الله لا تنظر إليهن يا فتى ** وما خلتني في الحج ملتمسا وصلا )
( ووالله لا أنسى وإن شطت النوى ** عرانينهن الشم والأعين النجلا )
( ولا المسك من أعرافهن ولا البرا ** جواعل في أوساطها قصبا خذلا )


( خليلي لولا الله ما قلت مرحبا ** لأول شيبات طلعن ولا أهلا )
( خليلي أن الشيب داء كرهته ** فما أحسن المرعى وما أقبح المحلا )
قال الهيثم قال مجالد فكتبنا الشعر ثم قلنا للشعبي من يقول هذا فسكت فخيل إلينا أنه قائله ( قال أبو علي ) أراد السحل فسكن الحاء وهي ثياب بيض واحدها سحيل ويقال السحل الثوب من القطن قال الهذلي
( كالسحل البيض جلا لونها ** سح نجاء الحمل الأسول )
والأسول المسترخي الأسفل يقال سول يسول سولا ويقال اتقاه يتقيه وتقاه يتقيه أنشدني أبو بكر بن دريد
( جلاها الصيفلون فأخلصوها ** خفافا كلها يتقي بأثر )
الأثر فرند السيف الأثر خلاصة اللبن وجاء فلان على إثر فلان وعلى أثره والأثر أثر الجرح ( وقال الأصمعي ) يقال جاحشته وجاحسته وجاحفته إذا زاحمته ( وقال ) بعض العرب يقول للجحاش في القتال الجحاس وأنشد لرجل من بني فزارة
( والضرب في يوم الوغى الجحاس ** )
وقال أبو زيد يقال مضى جرس من الليل وجرش ( وقال أبو عمرو ) سئفت يده وشئفت وهو تشقق يكون في أصول الأظفار ( قال ) ويقال الشوذق والسوذق للسوار ( وقال اللحياني ) حمس الشر إذا اشتد وحمش واحتمس الديكان واحتمشا إذا اقتتلا ويقال تنسمت منه علما وتنشمت ويقال الغبس والغبش السواد يقال غبس الليل وأغبس وغبش وأغبش ويقال عطس فلان فشمته وسمته ( وقال الفراء ) أتانا بسدفة وسدفة وشدفة وشدفة وهو السدف والشدف ( وقال أبو زيد ) السدفة في لغة قيس الضوء وفي لغة تميم الظلمة وأنشد بعض اللغويين
( وأقطع الليل إذا ما أسدفا ** ) أي أظلم وبعض اللغويين يجعل السدفة اختلاط الضوء بالظلام مثل ما بين صلاة الصبح إلى الفجر ( وقال يعقوب ) قال الأصمعي يقال جعسوس وجعشوش وكل ذلك إلى قمأة وصغر وقلة

ويقال هو من جعلسيس الناس ولا يقال في هذا بالشين ( وقال أبو عبيدة ) عن الأصمعي الجعشوش الطويل الدقيق والجعسوس اللئيم ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو محمد قال قرأت على علي بن المهدي عن الزاحي عن الليث قال قال الخليل الجعسوس القبيح اللئيم الخلق وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( لنا عز ومرمانا قريب ** ومولى لا يدب مع القراد )
قوله مرمانا قريب قال هؤلاء عنزة يقول إن رأينا منكم ما نكره أو رابنا ريب انتمينا إلى بني أسد بن خزيمة وقوله لا يدب مع القراد قال هذا رجل كان يأتي بشنة فيها قردان فيشدها في ذنب البعير فإذا عضه منها قراد نفر فنفرت الإبل فإذا نفرت استل منها بعيرا فذهب به
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا عبد الله بن خلف الدلال قال حدثني أبو علي الحسن بن صالح قال قال مساور الوراق لمجنون كان عندنا وكان شاعرا وكان له بنت عم يحبها فذهب عقله عليها أجز هذا البيت
( وما الحب إلا شعلة قدحت بها ** عيون المها باللحظ بين الجوانح )
فقال على المكان ولم يفكر
( ونار الهوى تخفى وفي القلب فعلها ** كفعل الذي جادت به كف قادح )
( قال ) وحدثنا عبد الله بن خلف الدلال قال حدثني محمد بن الفضل قال حدثني بعض أهل الأدب عن محمد بن أبي نصر قال رأيت بالبصرة مجنونا قاعدا على ظهر الطريق بالمربد فكلما مر به ركب قال
( ألا أيها الركب اليمانون عرجوا ** علينا فقد أمسى هوانا يمانيا )
( نسائلكم هل سال نعمان بعدكم ** وحب إلينا بطن نعمان واديا )
فسألت عنه فقيل هذا رجل من البصرة كانت له ابنة عم يحبها فتزوجها رجل من أهل الطائف فنقلها فاستو له عليها ( قال ) وأخبرني عبد الله بن خلف قال أخبرني أحمد بن

زهير قال أخبرني مصعب بن عبد الله الزبيري عن بعض أهله عن أبي بكر الوالبي قال أخبرت أن أبا المجنون قال له حين سار به إلى بيت الله الحرام وكان أخرجه ليستشفي له تعلق بأستار الكعبة وقل اللهم أرحني من ليلى ومن حبها وتب إلى الله مما أنت عليه فتعلق بأستار الكعبة وقال اللهم من علي بليلى وقربها فزجره أبوه وجعل يعنفه فأنشأ يقول
( يقر بعيني قربها ويزيدني ** بها عجبا من كان عندي يعيبها )
( وكم قائل قد قال تب فعصيته ** وتلك لعمري توبة لا أتوبها ) قال أبو بكر وزادنا غيره
( فيا نفس صبرا لست والله فاعلمي ** بأول نفس غاب عنها حبيبها )
حدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا عبد الأول قال سمعت الكتنجي يقول أملقت حتى لم يبق في منزلي إلا بارية فدخلت إلى دار المتوكل فلم أزل مفكرا فحضرني بيتان فاخذت قصبة وكتبت على الحائط الذي كنت إلى جنبه
( الرزق مقسوم فأجمل في الطلب ** يأتي بأسباب ومن غير سبب )
( فاسترزق الله ففي الله غنى ** الله خير لك من أب حدب )
قال فركب المتوكل في ذلك اليوم حمارا وجعل يطوف في الحجر ومعه الفتح بن خاقان فوقف على البيتين وقال من كتب هذين البيتين وقال للفتح اقرأ هذين البيتين فاستحسنهما وقال من كان في هذه الحجرة فقيل الكتنجي فقال أغفلناه وأسأنا إليه وأمر لي ببدرتين
( قال أبو علي ) العوام تقول بارية وهو خطأ والصواب باري وبوري قال الراجز
( كالخص إذ جلله الباري ** ) وهو بالفارسية ( بوريك ) فأعرب على ما أنبأتك به
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الأول قال أنشدني حماد قال أنشدني أبي لنفسه
( لما رأيت الدهر أنحت صروفه ** علي وأودت بالذخائر والعقد )
( حذفت فضول العيش حتى رددتها ** إلى القوت خوفا أن أجاء إلى أحد )


( وقلت لنفسي أبشري وتوكلي ** على قاسم الأرزاق والواحد الصمد )
( فإن لا تكن عندي دراهم جمة ** فعندي بحمد الله ما شئت من جلد )
وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( هممت بأمر هم عبدي بمثله ** وخالف زفاف هواي فأبعدا )
يقول رأيت رأي عبد لأن العبد لا رأي له وخالف زفاف هواي أي كان رأيه صوابا ولم يرد عبد اله بعينه
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الأول عن أبيه قال حضرت مجلس الحسن ابن سهل وقد كتب لرجل كتاب شفاعة فجعل الرجل يشكر ويدعو له فقال له الحسن يا هذا علام تشكرنا أنا نرى الشفاعات زكاة مروءتنا
( قال ) وحضرته وهو يمل كتاب شفاعة فكتب في آخره أنه بلغني أن الرجل يسأل عن فضل جاهه يوم القيامة كما يسأل عن فضل ماله
وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( فأقسم ما تركي عتابك عن قلى ** ولكن لعلمي أنه غير نافع )
( وأني إذا لم ألزم الصمت طائعا ** فلا بد منه مكرها غير طائع )
( ولو أن ما يرضيك عندي ممثل ** لكنت لما يرضيك أول تابع )
( إذا أنت لم تنفعك إلا شفاعة ** فلا خير في ود يكون بشافع )
وأنشدنا أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي
( قال لي القائلون زرت حسينا ** لا يزار الكريم في جرجان )
( خالد باللهى يجود ويعطى ** وحسين يجود بالحرمان )
( ضاع مفتاح جوده جوف بحر ** حيث ظل البحران يلتقيان )
( فسألنا الغواص عنه فقالوا ** صيغ منه قلائد الحيتان )
وأنشدنا محمد بن القاسم قال أنشدني أبي قال أنشدني عبد الله الرستمي لعبد الله بن كعب العميري


( أيا نخلتي مران هل لي إليكما ** على غفلات الكاشحين سبيل )
( أمنيكما نفسي إذا كنت خاليا ** ونفعكما إلا العناء قليل )
( ومالي شيء منكما غير أنني ** أمني الصدى ظليكما فأطيل )
( قال ) وأنشدني أبي
( تبدل هذا السدر أهلا وليتني ** أرى السدر بعدي كيف كان بدائله )
( وعهدي به عذب الجنى ناعم الذرى ** تطيب وتندى بالعشي أصائله )
( فمالك من سدر ونحن نحبه ** إذا ما وشى واش بنا لا تجادله )
( كما لو وشى بالسدر واش رددته ** كئيبا ولم تملح لدينا شمائله )
( قال أبو علي ) قال لنا أبو بكر هذا مثل قول كثير
( فيا عز إن واش وشى بي عندكم ** فلا تكرميه أن تقولي له أهلا )
( كما لو وشى واش بعزة عندنا ** لقلنا تزحزح لا قريبا ولا سهلا )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد وأملى علينا أبو الحسن الأخفش قال مهلهل ابن ربيعة ومهلهل لقب وإنما سمى مهلهلا بقوله
( لما توعر في الغبار هجينهم ** هلهلت أثأر جابرا أو صنبلا )
هذا قول أبي الحسن وأبي بكر إلا أن أبا بكر روى
( لما توقل في الكراع هجينهم ** )
( قال أبو علي ) الكراع أنف الحرة
وقرأت على أحمد عن أبيه إنما سمي مهلهلا لأنه أول من أرق المراثي واسمه عدي وفي ذلك يقول
( رفعت رأسها إلي وقالت ** يا عديا لقد وقتك الأواقي )
وقال
( أليلتنا بذي حسم أنيري ** إذا أنت انقضيت فلا تحوري )
( قال أبو علي ) ذي حسم موضع وتحوري ترجعي يقال ماله لا حار إلى أهله أي لا رجع إليهم ويقال نعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من النقصان بعد الزيادة


( قال أبو علي ) الكور مأخوذ من كور العمامة كأنه رجع عما كان أحكمه من الخير وشده ومثل من أمثالهم ( حور في محارة ) يضرب مثلا للرجل ينقض بعد الزيادة
( قال أبو علي ) وقال أبو عبيدة الحور الهلكة
( فإن يك بالذنائب طال ليلى ** فقد أبكى من الليل القصير )
يقول إن كان طال ليلى بهذا الموضع لقتل أخي فقد كنت أستقصر الليل وهو حي
( وأنقذني بياض الصبح منها ** لقد أنقذت من شر كبير )
( كأن كواكب الجوزاء عوذ ** معطفة على ربع كسير )
العوذ الحديثات النتاج واحدتها عائذ وإنما قيل لها عوذلان أولادها تعوذ بها والربع ما نتج في الربيع يقول كأن كواكب الجوزاء نوق حديثات النتاج عطفت على ربع مكسور فهي لا تتركه وهو لا يقدر على النهوض
( كأن الجدي في مثناة ربق ** أسير أو بمنزلة الأسير )
المثناة الحبل ( قال أبو علي ) والمثناة ههنا عندي المثني والربق الحبل والربق الشد بالربق فيقول كأن الجدى قد شد بحبل مثني فهو أحكم لشده وكان أبو الحسن يقول المثناة ههنا الحبل والربق الشد ( قال أبو علي ) ولا أعرف الربق الشد إلا عنه )
( كأن النجم اذ ولى سحيرا ** فصال جلن في يوم مطير )
النجم الثريا إنما شبهها بالفصال في يوم مطير لبطئها وذلك أن الفصيل يخاف الزلق فلا يسرع
( كواكبها زواحف لاغبات ** كأن سماءها بيدى مدير )

الزواحف المعييات التي لا تقدر على النهوض واللواغب مثلها كررة توكيدا لما اختلف اللفظ وكان أبو الحسن يقول كان يجب أن يقول مزاحف لأنه جمع مزحف لأنه يقال أزحف فإما حذف الزائد وإما جعله كالمنسوب كقولهم ليل غاض وما أشبهه أرادوا مغض أو أرادوا ذو غضو وأنكر زحف ( قال أبو علي ) زحف صحيح يقال زحف المعيى وأزحف أي لم يقدر على النهوض مهزولا كان أو سمينا وقوله كأن سماءها بيدي مدير يريد أن سماءها أثقل من أن يديرها مدير فهو إذا تكلف إدارتها لم يقدر عليها
( كواكب ليلة طالت وغمت ** فهذا الصبح راغمة فغوري )
( وتسألني بديلة عن أبيها ** ولم تعلم بديلة ما ضميري )
( فلو نبش المقابر عن كليب ** فيخبر بالذنائب أي زير )
يقال هو زير نساء وتبع نساء ز وطلب نساء وخلم نساء وخلب نساء إذا كان يتحدث إليهن ويطلبهن ويتبعهن ويهواهن ويخالبهن والخبر محذوف كأنه قال أي زير أنا
( بيوم الشعثمين لقر عينا ** وكيف لقاء من تحت القبور )
( وإني قد تركت بواردات ** بجيرا في دم مثل العبير )
الشعثمان موضع معروف وبجير بن الحرث بن عباد قتله مهلهل فلما بلغ خبره أباه قال نعم القتيل قتيلا أصلح بين بكر وتغلب فقيل له أن مهلهلا حين قتله قال بؤبشسع نعل كليب ( قال أبو علي ) قوله بؤبشسع نعل كليب أمر من قولهم باء الرجل بصاحبة بؤأ إذا قتل به وكان كفؤا له أي مت بشسع نعل كليب فانت في القود كفء له أي كفء ويقال القوم بواء أي أمثال في القود مستوون قالت ليلى إلا خيلية
( فإن تكن القتلى بواء فإنكم ** فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر )
فحينئذ قال الحرث


( قر بامربط النعامة مني ** لقحت حرب وائل عن حيال )
( ينوء بصدره والرمح فيه ** ويخلجه خدب كالبعير )
ينوء ينهض يقال نؤت بالحمل أنوء به نوأ إذا نهضت به وناء بي الحمل ينوء بي نوأ إذا جعلني أنهض به وكذلك قول الله عز وجل { ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة } أي تجعلهم ينوءون بها أي ينهضون بها وليس القلب الذي ذكره أبو عبيدة بشيء وإنما يجوز ما ذكر في الشعر إذا اضطر الشاعر في الموضع الذي يقع فيه لبس ولا يحتمل إلا القلب فأما في القرآن فلا يجوز
ويخلجه يجذبه ومن هذا قيل للحبل خليج وقيل للماء الذي انجذب إلى ناحية خليج ويروى ويأطره أي يثنيه ويعطفه والخدب الضخم
( هتكت به بيوت بني عباد ** وبعض القتل أشفى للصدور )
( وهمام بن مرة قد تركنا ** عليه القشعمين من النسور )
ويروى عليه القشعمان من النسور فمن رفع جعله حالا كأنه قال وعليه القشعمان من النسور وجاز حذف الواو لأن الهاء التي في علية تربط الكلام بأوله والقشعم الهرم من النسور
( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا طرد اليتيم عن الجزور )
( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا رجف العضاه من الدبور )
رجف تحرك حركة شديدة والعضاه كل شجر له شوك واحدها عضة
( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا ما ضيم جيران المجير )
( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا خيف المخوف من الثغور )


( على أن ليس عدلا من كليب ** غداة بلابل الأمر الكبير )
( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا برزت مخبأة الخدور )
( على أن ليس عدلامن كليب ** إذا علنت نجيات الأمور )
( فدا لبني الشقيقة يوم جاؤا ** كأسد الغاب لجت في زئير )
البلابل الإضطراب وروى بعضهم التلاتل وهو الإنزعاج والحركة والنجيات السرائر يقال زأر يزئر والزئير الإسم ويجىء مثل هذا في الأصوات قالوا الفحيح والكشيش والهدير والقليخ يقال فحث الأفعى وهو صوتها من فيها وكشت وكشيشها صوت جلدها وقلخ البعير إذا هدر وبهذا سمى الشاعر قلاخا
( كأن رماحهم أشطان بئر ** بعيد بين جاليها جرور )
الأشطان الحبال واحدها شطن والبئر ههنا الهواء الذي من الجال إلى الجال والبين الوصل وقرأ بعضهم ( لقد تقطع بينكم ) وقال أبو عبيدة البين الوصل والبين الإفتراق وهو من الأضداد وجال البئر وجولها ناحيتها وما يحبس الماء منها ولهذا قيل للرجل الأحمق ماله جول أي شيء يمسكه وكذلك يقال ماله زبر وزبر البئر طيها وماله صيور أي رأي يصير إليه وماله معقول كل هذا في معنى واحد أي ماله عقل واللغويون يقولون معقول أي عقل وأبو علي يقول إنما أراد بمعقول أي ماله شيء عقل أي شد أي ليس له هناك عقل أمسك عليه
( فلا وأبي جليلة ما أفأنا ** من النعم المؤبل من بعير )
جليلة أخت كليب وكانت تحت جساس قاتل كليب وأفأنا رجعنا والنعم الإبل خاصة فإن اختلط بها غنم جاز ان يقال نعم ولا يجوز أن يقال للغنم وحدها نعم وجمع نعم

أنعام والمؤبل كان أبو الحسن يقول المكمل يقال إبل مؤبلة كما يقال مائة ممآة وقال الأصمعي المؤبلة التي للقنية وقال غيره المؤبلة الجماعة من الإبل
( ولكنا نهكنا القوم ضربا ** على الأثباج منهم والنحور )
نهكنا القوم أجهدناهم والأثباج الأوساط واحدها ثبج ( وقال أبو عمرو الشيباني ) الكتد ما بين الكاهل إلى الظهر والثبج نحوه
( قتيل ما قتيل المرء عمرو ** وجساس بن مرة ذو ضرير )
( تركنا الخيل عاكفة عليهم ** كأن الخيل تدحض في غدير )
يقال إنه لذوا ضرير أي ذو مشقة على العدو وعاكفه مقيمة تدحض تزلق يقال مكان دحض ومزلة ومدحضة فأما قول علقمة
( رغا فوقهم سقب السماء فداحص ** بشكته لم يستلب وسليب )
فبالصاد غير معجمة يقال دحص برجله وفحص وكان بعض العلماء يرويه فداحض وهذا الحرف أحد ما نسب فيه إلى التصحيف
( كأنا غدوة وبني أبينا ** بجنب عنيزة رحيا مدير )
( فلولا الريح أسمع أهل حجر ** صليل البيض تقرع بالذكور )
حجر قصبة اليمامة وحريمهم إنما كانت بالجزيرة ( قال أبو الحسن ) حدثني أبو العباس الأحول قال أول كذب سمع في الشعر هذا والصليل الصوت قال الراعي
( فسقوا صوادي يسمعون عشية ** للماء في أجوافهن صليلا )
أي تصل أجوافها من العطش كما يصل الخزف إذا أصابه الماء والذكور السيوف التي عملت من حديد غير أنيث ويروى نقاف البيض يقرع بالذكور ( قال الأصمعي ) قد غلث طعامه وعلثه وقد اغتلث طعامه واعتلث والعلاثة أقط وسمن يخلط أو رب وأقط

ويقال فلان يأكل الغليث إذا أكل خبزا من شعير وحنطة ( قال ) وفي لعل لغات بعض العرب يقول لعلي وبعضهم لعلني وبعضهم علي وبعضهم علني وبعضهم لعني وبعضهم لغني وأنشدنا للفرزدق
( هل أنتم عائجون بنا لعنا ** نرى العرصات أو أثر الخيام ) ( قال ) وقال عيسى بن عمر سمعت أبا النجم يقول
( أغد لعلنا في الرهان نرسله ** ) يريد لعلنا وبعض العرب يقول لأنني وبعضهم يقول لأني وبعضهم لوني ( قال ) وقال رجل بمنى من يدعو إلى المرأة الضالة فقال أعرابي لون عليها خمارا أسود يريد لعل عليها خمارا أسود فقال سود الله وجهك ( وقال الفراء ) سمعت وعاهم ووغاهم وهي الضجة ويقال ماله عن ذلك وعل وماله عن ذلك وغل في معنى لجأ ( وقال اللحياني ) يقال ماله أرمعل دمعه وارمغل إذا قطر وتتابع ( وقال أبو عمرو الشيباني ) نشعت به ونشعت أي أولعت به وإنه لمنشوع بأكل اللحم ونشعته ونشغته إذا سعطته والنشوع والنشوغ السعوط
وحدثنا أبو عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي قال في بيت الكميت
( وما استنزلت في غيرنا قدر جارنا ** ولا ثفيت إلا بنا حين تنصب )
يقول إذا جاورنا أحد لم نكلفه أن يطبخ من عنده بل يكون ما يطبخه من عندنا بما نعطيه من اللحم حين ينصب قدره ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو معمر عبد الأول قال حدثنا رجل من موالي بني هاشم قال أذنب رجل من بني هاشم ذنبا فعنفه المأمون فقال يا أمير المؤمنين من كانت له مثل دالتي ولبس ثوب حرمتي ومت بمثل قرابتي غفر له فوق زلتي فأعجب المأمون كلامه وصفح عنه
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا موسى بن علي الختلي قال حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا الأصمعي قال حدثني بعض العتابيين قال كتب كلثوم بن عمرو إلى صديق له أما بعد أطال الله بقاءك وجعله يمتد بك إلى رضوانه والجنة فإنك كنت عندنا روضة من

رياض الكرم تبتهج النفوس بها وتستريح القلوب إليها وكنا نعفيها من النجعة استتماما لزهرتها وشفقة على خضرتها وادخارا لثمرتها حتى أصابتنا سنة كانت عندي قطعة من سني يوسف واشتد علينا كلبها وغابت قطتها وكذبتنا غيومها وأخلفتنا بروقها وفقدنا صالح الأخوان فيها فانتجعتك وأنا بإنتجاعي إياك شديد الشفقة عليك مع علمي بإنك موضع الرائد وأنك تغطي عين الحاسد والله يعلم أني ما أعدك إلا في حومة الأهل واعلم أن الكريم إذا استحيا من إعطاء القليل ولم يمكنه الكثير لم يعرف جوده ولم تظهر همته وأنا أقول في ذلك
( ظل اليسار على العباس ممدود ** وقلبه أبدا بالبخل معقود )
( إن الكريم ليخفي عنك عسرته ** حتى تراه غنيا وهو مجهود )
( وللبخيل على أمواله علل ** زرق العيون عليها أوجه سود )
( إذا تكرمت عن بذل القليل ولم ** تقدر على سعة لم يظهر الجود )
( بث النوال ولا يمنعك قلته ** فكل ما سد فقرا فهو محمود )
قال فشاطره ماله حتى أعطاه إحدى نعليه ونصف قيمة خاتمه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابية رجلا ينشد
( وكاس سلاف يحلف الديك أنها ** لدى المزج من عينيه أصفى وأحسن )
فقالت بلغني أن الديك من صالح طيركم وما كان ليحلف كاذبا وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لرجل من العرب كان أبوه يمنعه من الإضطراب في المعيشة شفقة عليه فكتب إليه
( ألا خلني أذهب لشأني ولا أكن ** على الناس كلا إن ذاك شديد )
( أرى الضرب في البلدان يغني معاشرا ** ولم أر من يجدي عليه قعود )
( أتمنعني خوف المنايا ولم أكن ** لأهرب مما ليس منه محيد )


( فدعني أجول في البلاد لعلني ** أسر صديقا أو يساء حسود )
( فلو كنت ذا مال لقرب مجلسي ** وقيل إذا أخطأت أنت سديد )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان الأشنانداني قال كان رجل من أهل الشام مع الحجاج يحضر طعامه فكتب إلى امرأته يعلمها بذلك فكتبت إليه
( أيهدى لي القرطاس والخبز حاجتي ** وأنت على باب الأمير بطين )
( إذا غبت لم تذكر صديقا ولم تقم ** فأنت على ما في يديك ضنين )
( فأنت ككلب السوء جوع أهله ** فيهزل أهل البيت وهو سمين )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد قال كان البختري بن أبي صفرة من أكمل فتيان العرب جمالا وبيانا ونجدة وشعرا وكان بنو المهلب يحسدونه لفضله فدست إليه أم ولد عمارة بن قيس اليحمدي فراودته عن نفسه فأبى فحملت عليه عمارة حتى شكاه إلى المهلب وأكثر في ذلك بنوه القول فعرف ذلك في وجه المهلب فكتب إليه
( جفوت أمرأ لم ينب عما تريده ** وكان إلى ما تشتهيه يسارع )
( تموت حفاظا دون ضيمك نفسه ** وأنت إلى ما ساءه متطالع )
( كاني أخو ذنب وما كنت مذنبا ** ولكن دهتني الساريات الشبادع )
( قال أبو علي ) الشبادع النمائم والشبادع العقارب واحدها شبدعة
( دببن وقد نام الغفول بعيبنا ** إليك إماء مومسات جوالع )
المومسة الفاجرة والجالعة التي قد ألقت عنها الحياء
( فأوقدن نيران العداوة بيننا ** جهارا ولم تسدد علي المطالع )
( بغين أمور الست ممن أشاؤها ** ولو جعلت في ساعدي الجوامع )
( أأصبو بعرس الحار أن كان غائبا ** وتلك التي تستك فيها المسامع )


( فلست ورب البيت أصبو بمثلها ** وربي راء ما صنعت وسامع )
( فإن تك عرس اليحمدي وأخته ** سرين فلا قاهن أليس خالع )
الأليس الجرئ من كل شيء وخالع قد خلع الحياء
( يبيت يراعي المومسات إذا دجا الظلام وجار البيت وسنان هاجع ** )
( فما أ نا ممن تطبيه خريدة ** ولو أنها بدر من الأفق طالع )
تطبية تدعوه يقال اظباه يطبيه وطباه يطبوه
( وإني لتنهاني خلائق أربع ** عن الفحش فيها للكريم روادع )
( حياء واسلام وشيب وعفة ** وما المرء إلا ما حبته الطبائع )
( وقد كنت في عصر الشباب مجانبا ** صباي فأنى الآن والشيب شائع )
( فلا تقطعن مني وشائج سهمة ** فلا يصل الابناء ما أنت قاطع )
( وكافح بأجرامي الهياج إذا التظى ** شهاب من الموت المحرق لامع )
( تنبه وعهد الله منى مشيعا ** صبورا على اللاواء والموت كانع )
الوشائج الأرحام المشتبكة المتصلة ( قال أبو محمد ) وهي مأخوذة من وشائج الرماح وهي عروقها والسهمة القرابة وقرأت على أبي بكر لتأبط شرا
( وإني لمهد من ثنائي فقاصد ** به لإبن عم الصدق شمس بن مالك )
( أهز به في ندوة الحي عطفه ** كما هز عطفي بالهجان الأوارك )
الندوة المجلس والأوارك التي ترعى الأراك
( قليل التشكي للمهم يصيبه ** كثير الهوى شتى النوى والمسالك )
( يظل بموماة ويمسي يغيرها ** حجيشا ويعرورى ظهور المهالك )
الحجيش المنفرد
( ويسبق وفد الريح من حيث ينتحي ** بمنخرق من شدة المتدارك )


( إذا خاط عينيه كرى النوم لم يزل ** له كالئ من قلب شيحان فاتك )
بمنخرق يريد السريع الواسع والشيحان الحاد في كل أمر
( إذا طلعت أولى العدي فنفره ** إلى سلة من صارم الغرب باتك )
العدي الجماعة الذين يعدون في الحرب
( إذا هزه في عظم قرن تهللت ** نواجذ أفواه المنايا الضواحك )
( يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي ** بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك )
وأنشدنا أبو الحسن الترمذي الوراق قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( إلبس أخاك على تصنعه ** فلرب مفتضح على النص )
( ما كدت أفحص عن أخي ثقة ** إلا ذممت عواقب الفحص )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال أنشدني أبي
( تركت النبيذ لأهل النبيذ ** وأصبحت أشرب ماء نقاخا )
( شراب النبيين والمرسلين ** ومن لا يحاول منه إطباخا )
( رأيت النبيذ يذل العزيز ** ويكسوا التقي النقي اتساخا )
( فهبني عذرت الفتى جاهلا ** فما العذر فيه إذا المرء شاخا )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال أناء قربان وكر بان إذا دنا أن يمتلئ ويقال عسق به وعسك به إذا لزمه والأقهب والأكهب لون إلى الغبرة ( قال ) ويقال دقمه ودكمه إذا دفع في صدره ويقال للصبي والسخلة قد امتك ما في ضرع أمه وقد امتق ما في ضرع أمه إذا شربه كله ويقال كاتعه الله وقاتعه الله في معنى قاتله الله ( وقال أبو عمرو الشيباني ) عربي كح وعربية كحة ( وقال أبو زيد ) أعرابي قح وأعراب أقحاح أي محض خالص وكذلك عبد قح أي خالص ( وقال الأصمعي ) القح الخالص من كل شيء ( وقال الفراء ) يقال للذي يتبخر به قسط وكسط ويقال كشطت عنه جلدة وقشطت ( قال )

وقريش تقول كشطت وقيس وتميم وأسد تقول قشطت في مصحف ابن مسعود قشطت ( قال ) ويقال قحط القطار وكحط ويقال قهرت الرجل أقهره وكهرته أكهره ( قال ) وسمعت بعض غنم بن دودان تقول فلا تكهر وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم
( قتلنا سبعة بأبي لبينى ** وألحقنا الموالي بالصميم )
أي قتلنا سادتهم فصار الموالي سادة ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال كان فتى من أهل البصرة يختلف معنا إلى الأصمعي فافتقدته فلقيت أباه فسألته عنه فقال سألني عن بيتين كان الأصمعي يرددهما
( سقى الله أياما لنا لسن رجعا ** وسقيا لعصر العامرية ة من عصر )
( ليالي أعطيت البطالة مقودى ** تمر الليالي والشهور وما أدري )
فقلت له يا بني أنك لست بعاشق ولولا ذلك لعرفت ما يفعله الذكر بصاحبه قال فبعثته على أن عشق لجاجا وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لبعض بني عمرو بن كلدة
( إني أعيذك بالرحمن يا سكني ** أن تدخلي ببعادي حسبك النارا )
( قالت بعادك من ربي يقربني ** وفي دنوك أخشى النار والعارا )
( قلت اسمعي ودعينا من تفقهكم ** فلست أفقه منا أم عمارا )
( إذا بذلت لنا ما منك نطلبه ** فاستغفري منه ربا كان غفارا )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة
( تعاللت لما لم تكن بك علة ** وقلت شهيدي ما بعيني من السقم )
( فلا تجعلي سقما بعينيك علة ** فقد كان هذا السقم في صحة الجسم )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا العكلى عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال بينا

أنا بالكناسة بالكوفة إذ أتى رجل مكفوف نخاسا فقال له اطلب لي حمارا ليس بالصغير المحتقر ولا بالكبير المشتهر ان خلا الطريق تدفق وإن كثر الزحام ترفق لا يصادم السواري ولا يدخلني تحت البواري أن أقللت علفه صبر وإن أكثرته شكر وإن ركبته هام و إن ركبه غيري قام فقال له اصبر فإن مسخ الله القاضي حمارا قضيت حاجتك
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا أبو عمرو بن العلاء قال سمعت جندل بن الراعي ينشد بلال بن أبي بردة قصيدة أبيه
( نعوس إذا درت جروز إذا غدت ** بويزل عام أو سديس كبازل )
قال فكاد صدري ينفرج لحسن إنشاده وجودة الشعر ( قال أبو علي ) إنما سمي راعيا لقوله
( لها أمرها حتى إذا ما تبوأت ** لأخفافها مرعى تبوا مضجعا )
فقيل رعى الرجل
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد عن الحرمازي قال مر جرير بذي الرمة فقال يا غيلان أنشدني ما قلت في المرئي فأنشده
( نبت عيناك عن طلل بحزوى ** عفته الريح وأمتنح القطارا )
فقال ألا أعينك قال بلى بأبي وأمي فقال
( يعد الناسبون إلى تميم ** بيوت المجد أربعة كبارا )
( يعدون الرباب وآل سعد ** وعمرا ثم حنظلة الخيارا )
( ويهلك وسطها المرئي لغوا ** كما ألغيت في الدية الحوارا )
قال قمر ذو الرمة بالفرزدق فقال أنشدني ما قلت في المرئي فأنشده القصيدة فلما انتهى إلى هذه الأبيات قال الفرزدق حس أعد علي فأعاد فقال تالله لقد علكهن أشد لحيين منك
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله للصلتان العبدي


( انا الصلتاني الذي قد علمتم ** متى ما يحكم فهو بالحق صادع )
( أتتني تميم حين هابت قضاتها ** فإني لبالفصل المبين قاطع )
( كما أنفذ الأعشى قضية عامر ** وما لتميم في قضائي رواجع )
( ولم يرجع الأعشى قضية جعفر ** وليس لحكمي آخر الدهر راجع )
( سأقضي قضاء بينهم غير جائر ** فهل أنت للحكم المبين سامع )
( قضاء أمرئ لا يتقي الشتم منهم ** وليس له في المدح منهم منافع )
( قضاء امرئ لا يرتشي حكومة ** إذا مال بالقاضي الرشا والمطامع )
( فإن كنتما حكمتماني فأنصتا ** ولا تجزعا وليرض بالحكم قانع )
( فإن تجزعا أو ترضيا لا أقلكما ** وللحق بين الناس راض وجازع )
( فأقسم لا آلو عن الحق بينهم ** فإن أنا لم أعدل فقل أنت ظالع )
( فإن يك بحر الحنظليين واحدا ** فما يستوي حيتانه والضفادع )
( وما يستوي صدر القناة وزجها ** وما يستوي شم الذرى والأجارع )
( وليس الذنابى كالقدامى وريشه ** وما تستوي في الكف منك الأصابع )
( ألا إنما تحظى كليب بشعرها ** وبالمجد تحظى دارم والأقارع )
( ومنهم رؤس يهتدى بصدورها ** وإلا ذناب قدما للرؤس توابع )
( أرى الخطفى بذ الفرزدق شعره ** ولكن خيرا من كليب مجاشع )
( فيا شاعرا ولا شاعر اليوم مثله ** جرير ولكن في كليب تواضع )
( جرير أشد الشاعرين شكيمة ** ولكن علته الباذخات الفوارع )
( ويرفع من شعر الفرزدق أنه ** له باذخ لذي الخسيسة رافع )
( وقد يحمد السيف الددان بجفنه ** وتلقاه رنا غمده وهو قاطع )
( يناشدني النصر الفرزدق بعدما ** ألحت عليه من جرير صواقع )


( فقلت له أنى ونصرك كالذي ** يثبت أنفا كشمته الجوادع )
وقالت كليب قد شرفنا عليهم ** فقلت لها سدت عليك المطالع )
( قال أبو علي ) كشم أنفه إذا قطعه والأكشم أيضا الناقص الخلق قال حسان
( له جانب واف وآخر أكشم ** )
وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال أهجى بيت قالته العرب
( وقد علمت عرساك أنك آئب ** تخبرهم عن جيشهم كل مربع )
أخبر أن من عادته أن ينهزم فيتحدث بخبر جيشه ( قال أبو علي ) أخبرنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الصمد بن المعذل بن غيلان قال ركب أبي إلى عيسى بن جعفر ليسلم عليه فأخبر أنه متأهب للركوب فانتظره فلما أبطأ خروجه دخل إلى المسجد ليصلي وكان المعذل إذا دخل في الصلاة لم يقطعها فخرج عيسى وصاح يا معذل يا أبا عمرو فلم يجبه فغضب ومضى فأتم المعذل صلاته ثم لحقه فانشده
( قد قلت إذ هتف الأمير ** يا أيها القمر المنير )
( حرم الكلام فلم أجب ** وأجاب دعوتك الضمير )
( لو أن نفسي طاوعتني إذ دعوت ولا أحير )
( لباك كل جوارحي ** بأناملي ولها السرور )
( شوقا إليك وحق لي ** ولكدت من فرح أطير )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال جلس كامل الموصلي في المسجد الجامع يقرئ الشعر فصعد مخلد الموصلي المنارة وصاح
( تأهبوا للحدث النازل ** قد قرئ الشعر على كامل )
( وكامل الناقص في عقله ** لا يعرف العام من القابل )
( يهيهة يخلط الفاظه ** كأنه بعض بني وائل )


( وإنما المرء ابن عم لنا ** ونحن من كوثى ومن بابل )
( أذنابنا ترفع قمصاننا ** من خلفنا كالخشب الشائل )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد النحوي لأعرابي مات ابنه وهو غائب
( يا ليتني كنت فيمن كان حاضره ** إذ ألبسوه ثياب الفرقة الجددا )
( قالوا وهم عصب يستغفرون له ** نرجو لك الله والوعد الذي وعدا )
( قل الغناء إذ لاقى الفتى تلفا ** قول الأحبة لا يبعد وقد بعدا )
( قال أبو علي ) بعد هلك وبعد نأي
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبي مسكين وعن الشرقي بن قطامي قالا لما مات عمرو بن حممة الدوسي وكان أحد من تتحاكم إليه العرب مر بقبره ثلاثة نفر من أهل يثرب قادمين من الشام الهدم بن امرئ القيس بن الحرث بن زيد أبو كلثوم بن الهدم الذي نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعتيك بن قيس بن هيشة بن أمية بن معاوية وحاطب بن قيس بن هيشة الذي كانت بسببه حرب حاطب فعقروا رواحلهم على قبره وقام الهدم فقال
( لقد ضمت الأثراء منك مرزأ ** عظيم رماد النار مشترك القدر )
( حليما إذا ما الحلم كان حزامة ** وقورا إذا كان الوقوف على الجمر )
( إذا قلت لم تترك مقالا لقائل ** وإن صلت كنت الليث يحمي حمى الأجر )
( ليبكك من كانت حياتك عزه ** فأصبح لما بنت يغضي على الصغر )
( سقى الأرض ذات الطول والعرض مثجم ** أحم الرحا واهي العرى دائم القطر )
( وما بي سقيا الأرض لكن تربة ** أضلك في أحشائها ملحد القبر )
( قال أبو علي ) الرحى وسط الغيم ومعظمه ووسط الحرب ومعظمها وقام عتيك بن قيس فقال


( برغم العلى والجود والمجد والندى ** طواك الردى يا خير حاف وناعل )
( لقد غال صرف الدهر منك مرزأ ** نهوضا بأعباء الأمور الأثاقل )
( يضم العفاة الطارقين فناؤه ** كما ضم أم الرأس شعب القبائل )
( ويسرو دجى الهيجا مضاء عزيمة ** كما كشف الصبح اطراق الغياطل )
( ويستهزم الجيش العرمرم باسمه ** وإن كان جرارا كثير الصواهل )
( وينقاد ذو البأو لأبي لحكمه ** فيرتد قسرا وهو جم الدغاول )
( ويمضي إذا ما الحرب مدر واقه ** على الروع وارفضت صدور العوامل )
( فاما تصبنا الحادثات بنكبة ** رمتك بها إحدى الدواهي الضآبل )
( فلا تبعدن إن الحتوف موارد ** وكل فتى من صرفها غير وائل )
( قال أبو علي ) الضآبل الدواهي واحدها ضئبل وقام حاطب بن قيس فقال
( سلام على القبر الذي ضم أعظما ** تحوم المعالي حولة فتسلم )
( سلام عليه كلما ذر شارق ** وما امتد قطع من دجى الليل مظلم )
( فيا قبر عمرو جاد أرضا تعطفت ** عليك ملث دائم القطر مرزم )
( تضمنت جسما طاب حيا وميتا ** فأنت بما ضمنت في الأرض معلم )
( فلو نطقت أرض لقال ترابها ** إلى قبر عمرو الأزد حل التكرم )
( إلى مرمس قد حل بين ترابه ** وأحجاره بدر وأضبط ضيغم )
( فلو وألت من سطوة الموت مهجة ** لكنت ولكن الردى لا يثمثم )
( فلا يبعدنك الله حيا وميتا ** فقد كنت نور الخطب والخطب مظلم )
( وقد كنت تمضي الحكم غير مهلل ** إذا غال في القول الأبل الغشمشم )
( لعمر الذي حطت إليه على الونا ** حدابير عوج نيها متهمم )
( لقد هدم العلياء موتك جانبا ** وكان قديما ركنها لا يهدم )


( قال أبو علي ) وألت نجت ويثمثم يبطئ ويثمثم يحرك ويدفع والمهلل المتوقف يقال حمل عليه فما هلل والغيطلة الظلمة والغيطلة اختلاط الاصوات قال أبو النجم
( مستأسدا ذبانه في غيطل ** ) وهو جمع غيطلة والغيطلة البقرة الوحشية قال زهير
( كما استغاث بسي فزغيطلة ** خاف العيون فلم ينظر به الحشك )
والغيطلة الشجر الملتف وقال ابن الأعرابي الغيطلة التفاف الناس وإجتماعهم والغيطلة غلبة النعاس والدغاول الدواهي ( قال أبو علي ) ولم أسمع له بواحد قال الهذلي
( فقلصى لكم ما عشتم ذو دغاول ** )
والأبل الظلوم والغشمشم الذي يركب رأسه لا يثنيه شيء عما يحب ويهوى والحدا جمع حدبار وهي المنحنية الظهر والني الشحم والمتهمم الذائب وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم في صفة قدر
( ألقت قوائمها خسا وترنمت ** طربا كما يترنم السكران )
قوائمها الأثافي وخسا فرد ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال لثدت القصعة بالثريد إذا جمع بعضه إلى بعض وسوي وقد رثدت وقد رثد المتاع إذا نضد وسوي والرثيد المنضود ومنه سمى مرثد ويقال تركت فلانا مرتثدا أي قد ضم متاعه بعضه إلى بعض ونضده قال الشاعر
( فتذكرا ثقلا رثيدا بعدما ** ألقت ذكاء يمينها في كافر )
تذكر الظليم والنعامة رثيدا يعني بيضهما منضودا بعضه فوق بعض ( قال أبو علي )

وذكاء الشمس وابن ذكاء الصبح والكافر الليل وإنما سمى كافرا لأنه يغطي بظلمته كل شيء ولهذا قيل تكفر الرجل بالسلاح إذا لبسه وكفر الغمام النجوم أي غطاها ومنه سمى الكافر كافرا لأنه يغطي نعمة الله وسمى أيضا الزراع كافرا لأنه يغطى الحبة وعنى بقوله بعدما ألقت ذكاء يمينها في كافر أي ابتدأت في المغيب ويقال هدم ملدم ومردم أي مرقع وقد ردم ثوبه أي رقعه قال عنترة
( هل غادر الشعراء من متردم ** أم هل عرفت الدار بعد توهم )
يقول هل ترك الشعراء شيأ يرقع وهذا مثل وإنما يريد هل تركوا مقالا لقائل ويقال اعلنكس واعرنكس الشيء إذا تراكم وكثر أصله قال العجاج
( بفاحم دووي حتى اعلنكسا ** )
بفاحم يعني شعرا أسود دووي عولج وأصلح وقال أيضا
( واعرنكست أهواله واعرنكسا ** ) أي ركب بعضه بعضا وهدل الحمام يهدل هديلا وهدر الحمام يهدر هديرا وطلمساء وطرمساء للظلمة ويقال للدرع نثلة ونثرة إذا كانت واسعة ويقال امرأة جلبانة وجربانة وهي الصخابة السيئة الخلق قال حميد بن ثور
( جربانة ورهاء تخصي حمارها ** بغى من بغى خيرا إليها الجلامد )
ويروى جلبانة ويقال عود متقطل ومتقطر ومنقطل ومنقطر أي مقطوع ( وقال أبو عبيدة ) يقال سهم أملط وأمرط إذا لم يكن عليه ريش وقد تملط ريشه وتمرط ويقال جلمه وجرمه إذا قطعه ( قال أبو علي ) ومنه سمي الجلم الذي يؤخذ به الشعر ( قال

أبو علي ) يقال لكل واحد من الحديدتين جلم فإذا اجتمعا فهما جلمان وكذلك مقراضان الواحد منهما مقراض والتلاتل والتراتر الهزاهز ( قال الأصمعي ) يقال مر يرتك ويرتج إذا ترجرج ويقال أصابه سك وسج إذا لان عليه بطنه ويقال الزمكى والزمجي لزمكي الطائر ويقال ريح سيهك وسيهج وسيهوك وسيهوج وهي الشديدة قال رجل من بني سعد
( يا دار سلمى بين دارات العوج ** جرت عليها كل ريح سيهوج )
والسهج والسهك والسحق يقال سحقه وسهكه وسهجه ( وقال أبو عمرو الشيباني ) السهك والسهج ممر الريح ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثني العكلي عن الحرمازي عن رجل من همدان قال قال معاوية لضرار الصدائي يا ضرار صف لي عليا رضي الله عنه قال أعفني يا أمير المؤمنين قال لتصفنه قال أما إذا لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل ووحشته وكان والله غزير العبره طويل الفكره يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه ونحن مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه لهيبته ولا نبتدئه لعظمته يعظم أهل الدين ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله وأشهد لقدر رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول يا دنيا غري غيري ألى تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك حقير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فبكى معاوية رحمه الله وقال رحم الله أبا الحسن فلقد كان كذلك فكيف حزنك عليه

يا ضرار قال حزن من ذبح واحدها في حجرها ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر محمد بن الحسن بن دريد هذه القصيدة في شعر كعب الغنوي وأملاها علينا أبو الحسن علي ابن سليمان الأخفش وقال قرئ لنا على أبي العباس محمد بن الحسن الأحول ومحمد بن يزيد وأحمد بن يحيى ( قال ) وبعض الناس يروي هذه القصيدة لكعب بن سعد الغنوي وبعضهم يرويها بأسرها لسهم الغنوي وهو من فومه وليس بأخيه وبعضهم يروي شيأ منها لسهم والمرثي بهذه القصيدة يكنى أبا المغوار واسمه هرم وبعضهم يقول اسمه شبيب ويحتج ببيت روى في هذه القصيدة
( أقام فخلى الظاعنين شبيب ** ) وهذا البيت مصنوع والأول كأنه أصح لأنه رواه ثقة ( قال ) وزادنا أحمد بن يحيى عن أبي العالية في أولها بيتين ( قال ) وهؤلاء كانوا يختلفون في تقديم الأبيات وتأخيرها وزيادة الأبيات ونقصانها وفي تغيير الحروف في متن البيت وعجزه وصدره ( قال أبو علي ) وأنا ذاكر ما يحضرني من ذلك والبيتان اللذان رواهما أبو العالية
( ألا من لقبر لا يزال تهجه ** شمال ومسياف العشي جنوب )
تهجه تهدمه يقال هج البيت وهجمه إذا هدمه ( قال أبو عبيدة ) ولما قتل بسطام بن قيس لم يبق في بكر بن وائل بيت إلا هجم أي هدم إكبار القتلة
ومسياف مفعال من سافه يسيفه سيفا إذا ضربه بالسيف يريد أنها في حدتها في الصيف والشتاء كالسيف
( به هرم يا ويح نفسي من لنا ** إذا طرقت للنائبات خطوب )
وأولها في رواية الجميع
( تقول سليمى ما لجسمك شاحبا ** كأنك يحميك الطعام طبيب )
( فقلت ولم أعي الجواب لقولها ** وللدهر في صم السلام نصيب )
ويروى
( فقلت ولم أعي الجواب ولم ألح ** )
( تتابع أحداث تخرمن أخوتي ** وشيبن رأسي والخطوب تشيب )


( لعمري لئن كانت أصابت منية ** أخي والمنايا للرجال شعوب )
( لقد عجمت مني الحوادث ما جدا ** عروفا الريب الدهر حين يريب )
( وقد كان أما حلمه فمروح ** علينا وأما جهله فعزيب )
( فتى الحرب أن حاربت كان سمامها ** وفي السلم مفضال اليدين وهوب )
( هوت أمه ماذا تضمن قبره ** من الجود والمعروف حين ينوب )
ويروى حين يؤب
( جموع خلال الخير من كل جانب ** إذا جاء جياء بهن ذهوب )
( مفيد مفيت الفائدات معود ** لفعل الندى والمكرمات كسوب )
( فتى لا يبالي أن يكون بجسمه ** إذا نال خلات الكرام شحوب )
( قال أبو علي )
( وقرأت على أبي بكر ** فتى لا يبالي أن يكون بوجهه )
( غنينا بخير حقبة ثم جلحت ** علينا التي كل الأنام تصيب )
( فأبقت قليلا ذاهبا وتجهزت ** لآخر والراجي الخلود كذوب )
وأكثرهم ينشدون والراجي الخلود لأنه أغرب وأظرف والخلود أجود في العربية
( وأعلم أن الباقي الحي منهما ** إلى أجل أقصى مداه قريب )
( فلو كان حي يفتدى لفديته ** بما لم تكن عنه النفوس تطيب )
الفداء يمد ويقصر ( قال أبو علي ) كذا حدثني محمد بن الأنباري وقال الأخفش الفداء لا يقصر إلا عند ضرورة الشعر فإذا فتحت الفاء قصر
( بعيني أو يمنى يدي وإنني ** ببذل فداه جاهدا لمصيب )
( فإن تكن الأيام أحسن مرة ** إلي فقد عادت لهن ذنوب )


( عظيم رماد النار رحب فناؤه ** إلى سند تحتجنه غيوب )
( قريب ثراه ما ينال عدوه ** له نبطا آبى الهوان قطوب )
( لقد أفسد الموت الحياة وقد أتى ** على يومه علق إلي حبيب )
( حليم إذا ما الحلم زين أهله ** مع الحلم في عين العدو مهيب )
( إذا ما تراآه الرجال تحفظوا ** فلم تنطق العوراء وهو قريب )
( قال أبو علي ) قرأت على أبي بكر فلم ينطقوا العوراء
( أخي ما أخي لا فاحش عند بيته ** ولا ورع عند اللقاء هيوب )
( على خير ما كان الرجال نباته ** وما الحظ إلا طعمة ونصيب )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر
( على خير ما كان الرجال خلاله ** وما الخير إلا قسمة ونصيب )
( حليف الندى يدعو الندى فيجيبه ** قريبا ويدعوه الندى فيجيب )
( هو العسل الماذي لينا وشيمة ** وليث إذا يلقى العدو غضوب )
( حليم إذا ما سورة الجهل أطلقت ** حبى الشيب للنفس اللجوج غلوب )
( هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا ** وماذا يرد الليل حين يؤوب )
( كعالية الرمح الرديني لم يكن ** إذا ابتدر الخير الرجال يخيب )
وروى أبو بكر لم يكن إذا ابتدر القوم النهاب
( أخو شتوات يعلم الحي أنه ** سيكثر ما في قدره ويطيب )
ويروى أخو شتوات يعلم الضيف أنه
( ليبكك عان لم يجد من يعينه ** وطاوى الحشانانى المزار غريب )
( يروح تزهاه صبا مستطيفة ** بكل ذرى والمستراد جديب )
( كأن أبا المغوار لم يوف مرقبا ** إذا ربأ القوم الغزاة رقيب )

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6