كتاب :الأمالي في لغة العرب
المؤلف :أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي


( ولم يدع فتيانا كراما لميسر ** إذا هب من ريح الشتاء هبوب )
( حبيب إلى الزوار غشيان بيته ** جميل المحياشب وهو أريب )
( إذا حل لم يقصر مقامة بيته ** ولكنه الأدنى بحيث يجيب )
( يبيت الندى يا أم عمرو ضجيعه ** إذا لم يكن في المنقيات حلوب )
وحدثنا أبو الحسن قال حدثنا أحمد بن يحيى قال أخبرنا سلمة عن الفراء أنه روى يبيت الندى يا أم عمرو ضجيعه ( قال أبو علي ) وزادني أبو بكر بن دريد رحمه الله من حفظه ههنا بيتا وهو
( كأن بيوت الحي ما لم يكن بها ** بسابس لا يلقى بهن عريب )
( إذا شهد الأيسار أو غاب بعضهم ** كفى ذاك وضاح الجبين نجيب )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر
( وإن شهدوا أو غاب بعض حماتهم ** كفى القوم وضاح الجبين أريب )
( وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ** فلم يستجبه عند ذاك مجيب )
( فقلت ادع أخرى وارفع الصوت دعوة ** لعل أبا المغوار منك قريب )
( يجبك كما قد كان يفعل إنه ** مجيب لأبواب العلاء طلوب )
( فإني لباكيه وإني لصادق ** عليه وبعض القائلين كذوب )
( فتى أريحي كان يهتز للندى ** كما اهتز ما مضى الشقرتين قضيب )
( وخيرتماني أنما الموت بالقرى ** فكيف وهاتا روضة وكثيب )
( قال أبو علي ) يقال حميت المريض حمية وأحميت الحديد في النار إحماء وحميت

الشيء إذا منعت عنه وأحميت المكان إذا جعلته حمى لا يقرب
ويقال عييت بالكلام فأنا أعيا عيا ولا يقال أعييت ويقال أعييت من المشي فأنا أعيي إعياء وألح أشفق يقال ألاح من الشيء أن أشفق قال جبيهاء الأشجعي
( تنجو إذا نجدت وعارض أوبها ** سلق ألحن من السياط خضوع )
والسلام الصخور واحدتها سلمة والسلم شجر واحدتها سلمة والسلام أيضا شجر واحدتها سلامة ويقال خرمته المنية وتخرمته إذا ذهبت به وشعوب معرفة لا تنصرف اسم من أسماء المنية وإنما سميت شعوب لأنها تشعب أي تفرق وشعوب صفة في الأصل ثم سمى به
ويقال عجمت العود أعجمه عجما إذا عضضته لتسبر صلابته من رخاوته بضم الجيم في المضارع والعجم النوى ومنه قول الأعشى ( كلقيط العجم )
وكان أبو بكر بن دريد يروى عن أصحابه كلفيظ العجم وهو أجود لأن ما لفظ من النوى أصلب من غيره وعروفا صبورا ويقال رابني يريبني وأرابني يريبني بمعنى واحد وبعضهم يقول رابني تبينت منه الريبة وأرابني إذا ظننت به الريبة ومروح ومراح واحد
وعازب وعزيب بعيد ومنه سمى العزب لأنه بعد عن النساء والسمام جمع سم وهذا مما اتفق في جمعه فعول وفعال لأنهم يقولون سمام وسموم والسلم والسلم الصلح والسلم الإستسلام
وهوت أمه اي هلكت كأنها انحدرت إلى الهاوية وجياء فعال من جاء يجيء وفعول وفعال يكونان للمبالغة ( قال أبو علي ) حدثنا أبو الحسن قال حدثنا محمد بن يزيد عن أبي المحكم قال أنشدت يونس أبياتا من رجز فكتبها على ذراعه ثم قال لي إنك لجياء بالخير
وفي قوله مفيد مفيت قولان أحدهما يريد أنه يحرب قوما ويجبر آخرين والآخر أنه يستفيد ويتلف والشحوب التغير يقال شحب لونه يشحب شحوبا وغنينا أقمنا ولهذا قيل للمنزل مغنى ومنه قول الله عز وجل كأن لم يغنوا فيها وحقبة دهرا وجلحت ذهبت

بنا وأكلتنا فأفرطت واصل الجلح الكشف والمجالحة المكاشفة ويقال جلحت الأرض إذا أكل ما فيها من النبات ويقال جلح الشجر فهو مجلح إذا ذهب الشتاء بغصونه وورقه كالرأس الأجلح قال ابن مقبل
( ألم تعلمي أن لا يذم فجاءتي ** دخيلي إذا اغبر العضاه المجلح )
ويقال ناقة مجلاح ومجلح ومجالح إذا أكلت أغصان الشجر وهي أصلب الإبل وأبقاها لبنا ( وقال الأصمعي ) المجالح بغير هاء التي تدر على الجوع والقر يقال جالحت الناقة تجالح مجالحة شديدة قال الشاعر
( لها شعر داج وجيد مقلص ** وجسم خداري وضرع مجالح )
وقال الفرزدق
( مجاليح الشتاء خبعثنات ** إذا النكباء ناوحت الشمالا )
والخبعثن والخبعثنة الغليظ الجسم من الإبل وغيرها وقوله عظيم رماد النار أي جواد بذول للقرى ( قال أبو علي ) إنما تصف العرب الرجل بعظم الرماد لأنه لا يعظم إلا رماد من كان مطعاما للأضياف
والفناء ممدود فناء الدار والفناء بالفتح ممدود من فني الشي والفنا عنب الثعلب مقصور والفنا جمع فناة أيضا مقصورة وهي البقرة الوحشية وتحتجنه تغيبه ومنه احتجن فلان المال إذا غيبه وتحتجبه من الحجاب والثرى التراب الندي وهذا مثل وإنما يريد أنه قريب المعروف والخير إذا طلب ما عنده وقوله لا ينال عدوه له نبطا أي لا يدرك غوره ولا يستخرج ما في بيته لدهائه ويقال أنه أراد لا ينال لينه لأن ناحتيه خشنة على عدوه وإن كانت لينة لوليه
والنبط أول ما يخرج من البئر إذا حفرت وقطوب معبس يقال قطب يقطب فهو قاطب وقطب فهو مقطب وقطوب للمبالغة
والعلق النفيس من كل شيء والعوراء الكلمة القبيحة من الفحش قال الشاعر
( وما الكلم العوران لي بقتول ** ) والورع

الجبان الضعيف
والماذي العسل الأبيض وهو أجود العسل ( وقال بعض اللغويين ) ومنه قيل للدرع ماذية لصفاء لونها
وقوله كعالية الرمح أراد كالرمح في طوله وتمامه والعالية من الرمح النصف الذي يلي السنان فأما الذي يلي الزج فسافلته
وط اوى البطن يريد ضامر البطن من الجوع وتزهاه تستخفه ( وقال بعض اللغويين ) ذرى الحائط وذرى الشجر أصلهما والجيد أن يكون الذرى الناحية ( قال أبو علي ) هكذا سمعت من أبي بكر ومن أثق بعلمه ولهذا قيل أنا في ذرى فلان وفلان في ذرى فلان ويوفي يشرف
وربأ صار لهم ربيئة والربيئة م الطليعة وهو الرقيب أيضا والميسر الجزور التي تنحر والأيسار الذين يقسمون الجزور وأحدهم يسر والمحيا الوجه
وحدثنا أبو الحسن قال حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد أن نفرا من بني هاشم دخلوا على المنصور يتظلم بعضهم من بعض فقال له قائل منهم أعلمك يا أمير المؤمنين أن هذا شد علي بخزالوفة فضرب بها وجهي فأقبل المنصور على الربيع فقال له ويلك ما خزالوفة فقال يريد يد خزفة يا أمير المؤمنين فقال المنصور قاتلكم الله صغارا وكبارا لستم كما قال كعب بن سعد الغنوي
( حبيب إلى الفتيان غشيان رحله ** جميل المحيا شب وهو أديب )
والمنقيات ذوات النقي المخ ( وقال ) البسابس والسباسب الصحارى ويقال ما بالدار عريب أي ما بها أحد والأيسار واحدهم يسر وهو الذي يدخل مع القوم في الميسر وهو مدح والبرم الذي لا يدخل وهو ذم وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم
( فلما رأيت جد النوى ضافت النوى ** بنظرة ثكلى أكذبت كل كاشح )
أي لما علمت بالفراق بكت فعلم أن الكاشح الساعي لم ينجع قوله يعني عندها ( قال أبو علي ) وحدثنا الرياشي قال حدثني ابن سلام قال دخلت ديباجة المدنية على امرأة

فقيل لها كيف رأيتها فقالت لعنها الله كأن بطنها قربة وكأن ثديها دبة وكأن استها رقعة وكأن وجهها وجه ديك قد نفش عفريته يقاتل ديكا
وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم رحمه الله قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال كان المجشر في الشرف من العطاء وكان دميما فقال له عبيد الله ذات يوم كم عيالك فقال ثمان بنات فقال وأين هن منك فقال أنا أحسن منهن وهن أكمل مني فضحك عبيد الله وقال جاد ما سألت لهن وأمر له بأربعة آلاف فقال
( إذا كنت مرتاد الرجال لنفعهم ** فناد زيادا أو أخا لزياد )
( يجبك امرؤ يعطي على الحمد ماله ** إذا ضن بالمعروف كل جواد )
( ومالي لا أثني عليه وإنما ** طريفي من أمواله وتلادي )
( هم أدركوا أمر البرية بعدما ** تفانوا وكادوا يصبحون كعاد )
وأنشدنا رحمه الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن الزبير لإمرأة من أهل الحجاز
( يا خليلي آبنى سهدي ** لم تنم عيني ولم تكد )
( كيف تلحوني على رجل ** آنس تلتذه كبدي )
( مثل ضوء البدر طلعته ** ليس بالزميلة النكد )
قال وأنشدنا أيضا
( للناس بيت يديمون الطواف به ** ولي بمكة لو يدرون بيتان )
( فواحد لجلال الله أعظمه ** وآخر لي به شغل بإنسان )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال للناقة إذا ألقت ولدها ولم يشعر أي لم ينبت شعره قد أملصت وأملطت وهي ناقة مملص ومملط وإبل مماليص ومماليط فإذا كان ذلك من عادتها قيل مملاص ومملاط وقد ألقته مليصا
ويقال اعتاطت رحمها واعتاصت وهما واحد وذلك إذا لم تكن تحمل أعواما ( قال الأصمعي ) يقال اطرهم واطرخم إذا

كان مشرفا طويلا وأنشد لإبن أحمر
( أرجي شبابا مطرهما وصحة ** وكيف رجاء الشيخ ما ليس لاقيا )
وروى أبو عبيد عن أبي زياد الكلابي المطرهم الشباب المعتدل التام وروى في البيت وكيف رجاء المرء ما ليس لاقيا
ويقال بخ بخ وبه به إذا تعجب من الشيء ويقال صخدته الشمس وصهدته إذا اشتد وقعها عليه ويقال هاجرة صيخود أي صلبة وصخرة صيخود قال الراجز
( كأنهن الصخر الصيخود ** يرفت عقر الحوض والعضود )
( وقال الأصمعي ) يقال مط الحرف ومده بمعنى واحد ويقال قد بطغ الرجل وبدغ إذا تلطخ بعذرته وقال رؤبة
( لولا دبوقاء استه لم يبطغ ** ) ويروى لم يبدغ
والدبوقاء العذرة ويقال ماله إلا هذا فقد وإلا هذا فقط والإبعاد والإبعاط واحد ( قال الأصمعي ) الأقطار والأقتار النواحي يقال وقع على أحد قطريه وعلى أحد قتريه أي أحدى ناحيتيه ويقال طعنه فقطره وقتره إذا ألقاه على أحد قطريه
ويقال رجل طبن وتبن أي فطن حاذق ويقال ما أستطيع وما أستتيع وقال يعقوب بن السكيت المعكول والمعكود المحبوس ويقال معله ومعده إذا اختلسه وأنشد
( إني إذا ما الأمر كان معلا ** وأوخفت أيدي الرجال الغسلا )
قوله معلا أي أختلاسا وقوله وأوخفت أيدي الرجال يربد قلبوا أيديهم في الخصومة وقال الآخر
( أخشى عليها طيئا وأسدا ** وخار بين خربا ومعدا )

أي آختلسا
والخارب سارق الإبل خاصة ثم يستعار فيقال لكل من سرق بعيرا كان أو غيره ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرنا شيخ من بني العنبر قال كان يقال النساء ثلاث فهينة لينة عفيفة مسلمة تعين أهلها على العيش ولا تعين العيش على أهلها وأخرى وعاء للولد وأخرى غل قمل يضعه الله في عنق من يشاء
والرجال ثلاثة فهين لين عفيف مسلم يصدر الأمور مصادرها ويوردها مواردها وآخر ينتهي إلى رأي ذي اللب والمقدرة فيأخذ بقوله وينتهي إلى أمره وآخر حائر بائر لا يأتمر لرشد ولا يطيع المرشد وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال رجل أحب أن أرزق ضرسا طحونا ومعدة هضوما وسرما منباقا
( قال ) وأخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لعرابة الأوسي بم سدت قومك قال بأربع أنخدع لهم عن مالي وأذل لهم في عرضي ولا أحقر صغيرهم ولا أحسد رفيعهم
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال قيل لقيس بن عاصم بم سدت قومك قال ببذل القرى وترك المرا ونصر المولى وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال قال عامر بن الظرب العدواني يا معشر عدوان الخير ألوف عروف وأنه لن يفارق صاحبه حتى يفارقه وإني لم أكن حكيما حتى صاحبت الحكماء ولم أكن سيدكم حتى تعبدت لكم ( قال أبو علي ) قرأت على أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه قال نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر رضي الله عنه فقال من هذا الذي نزل عن الناس في سنه وعلاهم في قوله
وقرأت عليه أيضا عن أبيه قال نظر رجل إلى معاوية وهو غلام صغير فقال إني أظن هذا الغلام سيسود قومه فقالت هند ثكلته إن كان لا يسود إلا قومه
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال قال عبد الملك بن مروان لأمية ابن عبد الله بن خالد بن أسيد مالك ولحرثان بن عمرو حيث يقول فيك
( إذا هتف العصفور طار فؤاده ** وليث حديد الناب عند الثرائد )


فقال يا أمير المؤمنين وجب عليه حد فأقمته فقال هلا درأت عنه بالشبهات فقال كان الحد أبين وكان رغمه علي أهون فقال عبد الملك يا بني أمية أحسابكم أنسابكم لا تعرضوها للهجاء وإياكم وما سار به الشعر فإنه باق ما بقي الدهر والله ما يسرني أني هجيت بهذا البيت وإن لي ما طلعت عليه الشمس
( يبيتون في المشتى ملاء بطونهم ** وجاراتهم غرثى يبتن خمائصا )
وما يبالي من مدح بهذين البيتين أن لا يمدح بغيرهما
( هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا ** وإن يسالوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا )
( على مكثريهم رزق من يعتريهم ** وعند المقلين السماحة والبذل )
وأملى علينا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي عبيدة لخرنق بنت هفان ترثى زوجها عمرو ابن مرثد وابنها علقمة بن عمرو وأخويه حسان وشرحبيل )
( لا يبعدن قومي الذين هم ** سم العداة وآفة الجزر )
( النازلون بكل معترك ** والطيبون معاقد الأزر )
ويروى النازلين والطيبين معاقد الأزر ويروى النازلون والطيبين
( إن يشربوا يهبوا وإن يذروا ** يتواعظوا عن منطق الهجر )
( قوم إذا ركبوا سمعت لهم ** لغطا من التأييه والزجر )
( والخالطين نحيتهم بنضارهم ** وذوي الغنى منهم بذي الفقر )
( هذا ثنائي ما بقيت عليهم ** فإذا هلكت أجنني قبري )
( قال أبو علي ) الهجر القحش واللغط الجلبة التأييه الصوت يقال أيهت به تأييها إذا صحت به والنحيت المنحوت والنضار الذهب
وحدثني أبو عمرو عن أبي العباس عن ابن الأعرابي أن غليما من بني دبير أنشده
( يا ابن الكرام حسبا ونائلا ** حقا ولا أقول ذاك باطلا )


( إليك أشكوا الدهر والزلازلا ** وكل عام نقح الحمائلا )
التنقيح القشر ( قال ) قشروا حمائل السيوف فباعوها لشدة زمانهم
وأملى أبو العهد صاحب الزجاج قال أنشدنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال أنشدنا أبو عثمان المازني للفرزدق
( لا خير في حب من ترجى نوافله ** فاستمطروا من قريش كل منخدع )
( تخال فيه إذا ما جئته بلها ** في ماله وهو وافي العقل والورع )
وقرأت هذين البيتين في عيون الأخبار على أحمد بن عبد الله بن مسلم مكان نوافله فضائله وفي البيت الثاني مكان تخال فيه إذا ما جئته بلها في ماله كأن فيه إذا حاولته بلها عن ماله وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي قال أنشدنا أبو العالية الرياحي
( إذا أنا لم أشكر على الخير أهله ** ولم أذمم الجبس اللئيم المذمما )
( ففيم عرفت الخير والشر باسمه ** وشق لي الله المسامع والفما )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأعرابي سأل رجلا حاجة فتشاغل عنه
( كدحت بأظفاري وأعملت معولي ** فصادفت جلمود من الصخر أملسا )
( تشاغل لما جئت في وجه حاجتي ** وأطرق حتى قلت قدمات أو عسى )
( وأقبلت أن أنعاه حتى رأيته ** يفوق فواق الموت ثم تنفسا )
( فقلت له لا بأس لست بعائد ** فأفرخ تعلوه السمادير مبلسا )
السمادير ما يتراءى للإنسان عند السكر ( قال أبو علي ) أنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملى أبي العباس محمد بن يزيد قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي قال أنشدنا الزبير لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود


( غراب وظبي أعضب القرن ناديا ** بصرم وصردان العشي تصيح )
( لعمري لئن شطت بعثمة دارها ** لقد كنت من وشك الفراق أليح )
( أروح بهم ثم أغدوا بمثله ** ويحسب أني في الثياب صحيح )
( فإن كنت أغدو في الثياب تجملا ** فقلبي من تحت الثياب جريح )
( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لنفسه
( أتراني صبرت عنك اختيارا ** أم تطلبت إذ ظلمت انتصارا )
( لا وغنج بمقلتيك وورد ** فوق خديك يخجل الأنوارا )
( ما تجافيت عن مرادك إلا ** خوف واش أشعرت منه الحذارا )
( ورقيب موكل بي طرفا ** وحسود ينمق الأخبارا )
( قال أبو علي ) يقال رمح يزني وأزني ويزأني وأزأني منسوب إلى ذي يزن ويقال رجل يلمعي وألمعي إذا كان ظريفا ويلملم وألملم اسم موضع أو جبل
( وقال غيره ) يقال لافة تصيب الزرع اليرقان والأرقان وهذا زرع ميروق وقد يرق وزرع مأروق وقد أرق ويقال للرجل الشديد الخصومة والجدل رجل ألدو يلندد وألندد ويقال طير يناديد وأناديد أي متفرقة ويقال للجلود السود يرندج وأرندج ويقال للعود الذي يتبخر به يلنجوج وألنجوج ويبرين وأبرين موضع وسهم يثربي وأثربي بفتح الراء وكسرها فيهما منسوب إلى يثرب وهذه يذرعات وأذرعات ويقال في أسنانه يلل وألل إذا كان فيها إقبال على باطن الفم ويقال قطع الله يديه وحكى اللحياني عن الكسائي أنه سمع بعضهم يقول قطع الله أديه ويقال للرفيق اليدين إنه ليدي وأدي ويقال ولدته أمه يتنا وأتنا وتنا وهو أن تخرج رجلاه قبل رأسه ويقال ما في سيرة يتم ولا أتم أي إبطاء ويقال أعصر ويعصر ويقال لدودة تنسلخ فتصير فراشة يسروع وأسروع ويقال هي الدودة التي تكون في البقل ويقال

هي بنات النقى وبنات النفى دود أبيض يكون في الرمل تشبه به الأصابع وقال ذو الرمة
( خراعيب أملود كأن بنانها ** بنات النقى تخفى مرارا وتظهر )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خرجت تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد فهنأت ذودا الهاجر بي ثم نضت عنها ثيابها واغتسلت ودريد يراها ولا تراه فقال دريد
( حيوا تماضر واربعوا صحبي ** وقفوا فإن وقوفكم حسبى )
( ما ان رأيت ولا سمعت به ** كاليوم طالي أينق جرب )
( متبذلا تبدو محاسنه ** يضع الهناء مواضع النقب )
( متحسرا نضخ الهناء به ** نضخ العبير بريطة العصب )
( أخناس قد هام الفؤاد بكم ** واعتاده داء من الحب )
( فسليهم عني خناس إذا ** غض الجميع هناك ما خطبي )
( قال أبو علي ) النقب القطع المتفرقة من الجرب في جلد البعير ويقال النقب أيضا بفتح القاف والواحدة نقبة وغض من الغضاضة واللين وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خطب دريد بن الصمة خنساء بنت عمرو بن الحرث بن الشريد فأراد أخوها معاوية أن يزوجها منه وكان أخوها صخر غائبا في غزاة له فأبت وقالت لا حاجة لي به فأراد معاوية أن يكرهها فقالت
( تباكرني حميدة كل يوم ** بما يولى معاوية بن عمرو )
( فإلا أعط من نفسي نصيبا ** فقد أودى الزمان إذا بصخر )
ويروى
( لئن لم أوف من نفسي نصيبا ** لقد أودى ** )
( أتكرهني هبلت على دريد ** وقد أحرمت سيد آل بدر )
( معاذ الله يرصعني حبركى ** قصير الشبر من جشم بن بكر )


ويروى ينكحني ومعناهما واحد
( يرى مجدا ومكرمة أتاها ** إذا عشى الصديق جريم تمر )
ويروى إذا غدى الجليس ( قال أبو علي ) الحبركى القصير الرجلين الطويل الظهر والشبر الخير والعطاء وقال دريد
( لمن طلل بذات الخمس أمسى ** عفا بين العقيق فبطن ضرس )
( أشبهها غمامة يوم دجن ** تلالأ برقها أو ضوء شمس )
( فأقسم ما سمعت كوجد عمرو ** بذات الخال من جن وإنس )
( وقاك الله يا ابنة آل عمرو ** من الفتيان أمثالي ونفسي )
( فلا تلدي ولا ينكحك مثلي ** إذا ما ليلة طرقت بنحس )
( وقالت أنه شيخ كبير ** وهل خبرتها أني ابن أمس )
( تريد أفيحيج الرجلين شثنا ** يقلع بالجديرة كل كرس )
ويروى
( تريد شرنبث الكفين شثنا ** يقلع بالجدائر ) والشرنبث الغليظ
( إذا عقب القدور عددن مالا ** تحب حلائل الأبرام عرسى )
( وقد علم المراضع في جمادى ** إذا استعجلن عن حز بنهس )
( بأني لا أبيت بغير لحم ** وأبدأ بالأرامل حين أمسي )
( وأني لا يهر الضيف كلبي ** ولا جاري يبيت خبيث نفس )
( وأصفر من قداح النبع فرع ** به علمان من عقب وضرس )
( دفعت إلى المفيض إذا استقلوا ** على الركبات مطلع كل شمس )
ويروى
( دفعت إلى النجي وقد تجانوا ** على الركبات )
قال أبو علي ) الجديرة الحظيرة والكرس ما تكرس أي صار بعضه فوق بعض ومنه أخذت الكراسة والأبرام جمع برم وهو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر ( قال أبو علي ) قال لنا

أبو بكر قال أبو حاتم عن الأصمعي هذا غلط إنما هو مغرب كل شمس لأن الأيسار إنما يتياسرون بالعشيات ألم تسمع إلى قول النمر بن تولب
( ولقد شهدت إذا القداح توجدت ** وشهدت عند الليل موقد نارها )
فلما مات صخر قالت الخنساء تعارض دريد في كلمته
( يؤرقني التذكر حين أمسي ** ويردعني مع الأحزان نكسي )
( على صخر وأي فتى كصخر ** ليوم كريهة وطعان خلس )
( وعان طارق أو مستضيف ** يروع قلبه من كل جرس )
( ولم أر مثله رزأ لجن ** ولم أر مثله رزأ لانس )
( أشد على صروف الدهر منه ** وأفضل في الخطوب لكل لبس )
ويروى أشد على صروف الدهر إدا
( ألا يا صخر لا أنساك حتى ** أفارق مهجتي ويشق رمسى )
( ولولا كثرة الباكين حولي ** على أخوانهم لقتلت نفسي )
( ولكن لا أزال أرى عجولا ** يساعد نائحا في يوم نحس )
( تفجع والها تبكي أخاها ** صبيحة رزئه أو غب أمس )
( يذكرني طلوع الشمس صخرا ** وأبكيه لكل غروب شمس )
( وما يبكون مثل أخي ولكن ** أعزي النفس عنه بالتأسي )
( قال أبو علي ) قال أبو بكر طلوع الشمس للغارة وغروب الشمس للضيفان وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال يقال عل في المرض يعل اي اعتل وعل في الشراب يعل ويعل علا ( قال ) يقال رجل هزر وقنذعل وطيخة وضاجع إذا كان أحمق وأنشد
( ما للكواعب يا عيساء قد جعلت ** تزور عني وتطوى دوني الحجر )


( قد كنت فتاح أبواب مغلقة ** ذب الرياد إذا ما خولس النظر )
( فقد جعلت أرى الشخصين أربعة ** والواحد اثنين مما بورك البصر )
( وكنت أمشي على رجلين معتدلا ** فصرت أمشي على أخرى من الشجر )
( قال ) هو لعبد من عبيد بجيلة أسود ( قال أبو علي ) يقال فلان ذب الرياد إذا كان لا يستقر في موضع ومنه قيل للثور الوحشي ذب الرياد قال ابن مقبل
( أتى دونها ذب الرياد كأنه ** فتى فارسي في سراويل رامح )
وحدثني أبو عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم
( فتى مثل ضوء الماء ليس بباخل ** بخير ولا مهد ملاما الباخل )
( ولا قائل عوراء تؤذي جليسه ** ولا رافع رأسا بعوراء قائل )
( قال أبو علي ) هذا عندي من المقلوب أراد بقائل عوراء
( ولا مظهر أحدوثة السوء معجبا ** باعلانها في المجلس المتقابل )
( وليس إذا الحرب المهمة شمرت ** عن الساق بالواني ولا المتضائل )
( ترى أهله في نعمة وهو شاحب ** طوى البطن مخماص الضحى والأصائل )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال بعض الحكماء لا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل ولا ظهير كالمشاورة ولا ميراث كالأدب وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال جعفر بن سليمان ما سمعت بأشعر من الذي يقول
( إذا رمت عنها سلوة قال شافع ** من الحب ميعاد السلو المقابر )
فقال له رجل أشعر منه الذي يقول
( سيبقى في مضمر القلب والحشا ** سريرة ود يوم تبلى السرائر )
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول اللهم إني أعوذ

بك أن أقول زورا أو أغشى فجورا أو أكون بك مغرورا ( قال ) وسمعت عمي يقول كان يقال الخط يعرب عن اللفظ
( قال ) وسمعته يقول البلاغة أن تظهر المعنى صحيحا واللفظ فصيحا وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال بلغني أنه قيل لمعن بن زائدة ما أحسن ما مدحت به قال قول سلم الخاسر
( أبلغ الفتيان مألكة ** أن خير الود ما نفعا )
( إن قرما من بني مطر ** أتلفت كفاه ما جمعا )
( كلما عدنا لنائله ** عاد في معروفه جذعا )
( قال أبو علي ) المألكة والمألكة والألوك الرسالة ومنه اشتقاق الملائكة ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم للمثقب ( قال ) ويروى لعنترة
( وللموت خير للفتى من حياته ** إذا لم يثب للأمر إلا بقائد )
ويروى
( إذا لم يطق علياء إلا بقائد ** )
( فعالج جسيمات الأمور ولا تكن ** هبيت الفؤاد همه للوسائد )
( ويروى ولا تكن ** نكيث القوى ذا نهمة بالوسائد )
( إذا الريح جاءت بالجهام تشله ** هذا ليله سل القلاص الطرائد )
( وأعقب نوء المرزمين بغبرة ** وقطر قليل الماء بالليل بارد )
( كفى حاجة الأضياف حتى يريحها ** عن الحي منا كل أروع ما جد )
( تراه بتفريج الأمور ولفها ** لما نال من معروفها غير زاهد )
( وليس أخونا عند شر يخافه ** ولا عند خير أن رجاه بواحد )
( إذا قيل من للمعضلات أجابه ** عظام اللهى منا طوال السواعد )
( قال أبو علي ) الهبيب الفؤاد الضعيف يقال فيه هبته أي ضعف والهذاليل واحدها هذلول وهو ما طال من الرمل وامتد وهذاليل الريح ما امتد منها ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش للعطوى


( إذا أنت لم ترسل وجئت فلم أصل ** ملأت بعذر منك سمع لبيب )
( أتيتك مشتاقا فلم أر حابسا ** ولا ناظر إلا بعين غضوب )
( كأني غريم مقتض أو كأنني ** طلوع رقيب أو نهوض حبيب )
( فعدت وما فل الحجاب عزيمتي ** إلى شكر سبط الراحتين أريب )
( علي له الإخلاص ما ردع الهوى ** أصالة رأي أو وقار مشيب )
( قال أبو علي ) يقال أنه لأصيل الرأي بين الأصالة بفتح الهمزة ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا جعفر بن سليمان عن العباس ابن محمد قال قلنا لأبي المخش الغطفاني أما كان لك ولد فقال بلى والله مخش وما كان مخش كان خرطمانيا أشدق إذا تكلم سال لعابه كأنما ينظر بمثل الفلسين يعني أن عينيه كانتا خضراوين كأن مشاشة منكبيه كركرة جمل وكأن ترقوته بوان أو خالفة فقأ الله عيني هاتين إن كنت رأيت مثله قبله ولا بعده ( قال أبو علي ) الكركرة والكلكل واليركة والبركضة والجوش والجوشن والجؤشوش والحيزم والحيزوم والحزيم الصدر قال رؤبة
( حتى تركن أعظم الجؤشوش ** حدبا على أحدب كالعريش )
والجؤجؤ ما نتأ من الصدر والبوان عمود من أعمدة البيت دون الصقوب والصقوب عمد البيت وجمعه بوهن مثل خوان وخون ويقال بوان وخوان أيضا بضم أوليهما
والخالفة عمود يكون في مؤخر البيت ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال أرخت الكتاب وورخته وآكفت الدابة وأوكفتها وإكاف ووكاف وكان رؤبة بن العجاج ينشد
( كالكودن المشدود بالوكاف ** ) بالواو وأكدت العهد ووكدته ووسادة وإسادة ووشاح وإشاح وولدة وإلدة وآخيته واخيته ( وقال الأصمعي ) ذأى البقل يذأى ذأوا بلغة أهل الحجاز وأهل نجد يقولون ذوى يذوي

ذويا وذوي خطأ ( قال أبو علي ) وقد حكى أهل الكوفة ذوي أيضا وليست بالفصيحة
( وقال أبو عبيدة ) آصدت الباب وأوصدته إذا أطبقته ( وقال غيره ) ما أبهت له وما وبهت له والتخمة أصلها من الوخامة وتجاه أصله من الوجه وتترى أصله من المواترة وتقوى أصله من وقيت وتكلان أصله من وكلت والمال التليد والتالد أيضا أصله من الواو وهو ما ولد عندهم والتراث أصله من الواو وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول مروءة الرجل عقله وشرفه حاله وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال الأحنف بن قيس العقل خير قرين والأدب خير ميراث والتوفيق خير قائد وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي عن أبيه قال العقل عقلان فعقل تفرد الله بصنعه وعقل يستفيده المرء بأدبه وتجربته ولا سبيل إلى العقل المستفاد إلا بصحة العقل المركب فإذا اجتمعا في الجسد قوي كل واحد منهما صاحبه تقوية النار في الظلمة نور البصر وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول فوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها ( قال ) وسمعت آخر يقول عز النزاهة أشرف من سرور الفائدة ( قال ) وسمعت آخر يقول حمل المنن أثقل من الصبر على العدم وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن العتبى أنه قال أن الطالب والمطلوب إليه في الحاجة إذا قضيت اجتمعا في العز وإذا لم تقض اجتمعا في الذل فارغب في قضاء الحاجة لعزك بها وخروجك من الذل فيها
وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال كان رجل من بني أبي بكر بن كلاب يعلم بني أخيه العلم فيقول افعلوا كذا وافععلوا كذا فثقل عليهم فقال له بعضهم جزاك الله خيرا يا عم فقد علمتنا كل شيء ما بقي علينا إلا الخراءة فقال والله يا بني أخي ما تركت ذلك من هوان بكم علي اعلوا الضراء وابتغوا الخلاء واستدبروا الريح وخووا تخوية الظليم

وامتشوا بأشملكم ( قال أبو علي ) قال ابن الأعرابي الضراء ما انخفض من الأرض وسائر اللغويين يقول الضراء ما واراك من الشجر خاصة والخمر ما واراك من الشجر وغيره ويقال خوى الظليم إذا جافى بين رجليه قال الراجز
( خوى على مستويات خمس ** كركرة وثفنات ملس )
والثفنات ما أصاب الأرض من البعير من صدره وركبتيه ورجليه إذا برك وامتشوا امسحوا يقال مششت يدي بالمنديل أمشها مشا قال امرؤ القيس
( نمش بأعراف الجياد أكفنا ** إذا نحن قمنا عن شواء مضهب )
والمنديل يسمى المشوش وقرأت على أبي عمر المطرز قال أنشدنا أحمد بن يحى عن ابن الأعرابي
( علقت بمن يشبه قرن شمس ** وعيناه استعارهما غزالا )
( وهن أحب من حضن اللواتي ** حواضنهن يفتن الرجالا )
أي هن أحب من حضن العيدان وضرب بها إلي وقرأت عليه قال أنشدني أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
( ولم أر شيأ بعد ليلى ألذه ** ولا مشربا أروى به فأعيج )
( كوسطى ليالي الشهر لا مقسئنة ** ولا وثبى عجلى القيام خروج )
أعيج أنتفع يقال شربت دواء فما عجت به أي ما انتفعت به والمقسئنة الكبيرة العاسية يقال قد اقسأن العود إذا صلب
وقرأت عليه أيضا قال حدثنا أحمد بن يحيى أن ابن الأعرابي أنشدهم
( ولو كنت تعطي حين تسأل سامحت ** لك النفس واحلولاك كل خليل )
( أجل لا ولكن أنت ألأم من مشى ** وأسأل من صماء ذات صليل )
يعني الأرض وصليلها صوت دخول الماء فيها وقرأت عليه قال أنشدنا أحمد بن يحيى لإبن الأعرابي


( ترى فصلانهم في الورد هزلا ** وتسمن في المقاري والحبال )
( قال ) لأنهم يسقون ألبان أمهاتها على الماء فإذا لم يفعلوا ذلك كان عليهم عارا فإذا ذبحو لم يذبحوا إلا سمينا وإذا وهبوا فكذلك ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم والرياشي عن أبي زيد قال المرامق الجهول العاجز الذي يتقى سوء خله وصحبته في السفر والحضر قال الراجز
( وصاحب مرامق داجيته ** زجيته بالقول وازدهيته )
( إذا أخاف عجزه فديته ** على بلال نفسه طويته )
( حتى أتى الحي وما بلوته ** )
( قال ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم قال أنشدنا أبو زيد عن المفضل لحاتم طيء
( إن كنت كارهة لعيشتنا ** هاتا فحلي في بني بدر )
( جاورتهم زمن الفساد فنعم الحي في العوصاء واليسر ** )
( فسقيت بالماء النمير ولم ** أترك ألاطم حمأة الجفر )
وروى أبو حاتم ألاطس ومعناه كمعنى ألاطم
( ودعيت في أولى الندي ولم ** ينظر إلي بأعين خزر )
( الضار بين لدى أعنتهم ** والطاعنين وخيلهم تجري )
( والخالطين نحيتهم بنضارهم ** وذوي الغني منهم بذي الفقر )
( قال أبو علي ) أنشدنا أبو عبيدة هذا البيت الأخير لخرنق وقد أمليناه فيما مضى من الكتاب وزمن الفساد حرب كانت لهم والعوصاء الشدة والماء النمير الناجع في الأبدان والجفر البئر ليست بمطوية والنحيت الخامل الذكر والنضار الرفيع كذا قال أبو زيد ( قال أبو علي ) إن الإشتقاق

يوجب أن يكون النحيت الذي ينال ماله وعرضه كل أحد لأنه لا دفاع عنده فكأنه منحوت ( قال ) وأنشدنا أبو الحسن بن جحظلة للحسن بن الضحاك
( وما زلت أشربها والليل معتكر ** حتى تضاحك في أعجازه القمر )
( ثم انثنيت على كفي وقد أخذت ** مني مآخذ ما في دونها وطر )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عمر قال أخبرنا أحمد بن يحيى أن ابن الأعرابي أنشدهم لسلمى بن غوية بن سلمى
( لا يبعدن عصر الشباب ولا ** لذاته ونباته النضر )
( والمرشقات من الخدود كايمان ** الغمام صواحب القطر )
( وطراد خيل مثلها التقتا ** لحفيظة ومقاعد الخمر )
( ولولا أولئك ما حفلت متى ** غولبت في حرج إلى قبر )
( هزئت زنيبة أن رأت ثرمي ** وأن انحنى لتقادم ظهري )
( من بعدما عهدت فأدلفني ** يوم يجيء وليلة تسري )
( حتى كأني خاتل قنصا ** والمرء بعد تمامه يحري )
( لا تهزئي مني زنيب فما ** في ذاك من عجب ولا سخر )
( أولم ترى لقمان أهلكه ** ما اقتات من سنة ومن شهر )
( وبقاء نسر كلما انقرضت ** أيامه عادت إلى نسر )
( ما طال من أمد على لبد ** رجعت محورته إلى قصر )
( ولقد حلبت الدهر أشطره ** وعلمت ما آتي من الأمر )
( قال أبو علي ) يحرى ينقص ومنه يقال رماه الله بأفعى حارية وهي التي قد نقص جسمها من الكبر ( وقال أبو علي ) قال أبو عبيدة العرب تقلب حروف المضاعف إلى الياء فيقولون تظنيت وإنما هو تظننت قال العجاج
( تقضى البازي إذا البازي كسر ** )

وإنما هو تقضض من الإنقضاض ( وقال الأصمعي ) هو تفعل من الإنقضاض فقلب إلى الياء كما قالوا سرية من تسررت ( وقال أبو عبيدة ) رجل ملب وإنما هو من ألببت قال المضرب بن كعب
( فقلت لها فيئي إليك فإنني ** حرام وإني بعد ذاك لبيب )
بعد ذاك أي مع ذاك ولبيب مقيم وقوله عز وجل { وقد خاب من دساها } إنما هو من دسست ( وقال يعقوب ) سمعت أبا عمرو يقول لم يتسن لم يتغير وهو من قوله { من حمإ مسنون } فقلت لم يتسن من ذوات الياء ومسنون من ذوات التضعيف فقال هو مثل تظنيت ( وقال أبو عبيدة ) التصدية التصفيق وفعلت منه صددت قال الله عز وجل { إذا قومك منه يصدون } أي يعجون وقال أيضا إلا مكاء وتصدية ( وقال العتابي ) قصيت أظفاري بمعنى قصصتها وقال ابن الأعرابي تلعيت من اللعاعة ( وقال أبو علي ) واللعاعة نبت وقال الشاعر
( رعى غير مذعور بهن وراقه ** لعاع تهاداه الدكادك واعد )
الدكادك ما علا من الأرض وأنشد ابن الأعرابي
( نزور امرأ أما الإله فيتقي ** وأما بفعل الصالحين فيأتمي )
أراد يأتم فقلب إلى الياء ( وقال الفراء ) ادرعفت الإبل واذرعفت إذا أسرعت
( وقال أبو عمرو ) ما ذقت عدوفا ولا عذوفا والدحداح والذحذاح بالدال والذال وهو القصير
وقال الأصمعي في قلبه عليه حسيفة وحسيكة اي غدروا عداوة وقال ابن الأعرابي الحسا كد والحسافد الصغار ( وقال الأصمعي ) ذرق الطائر وزرق ( وقال أبو عبيدة )

زبرت الكتاب وذبرته إذا كتبته ( وقال الأصمعي ) زبرته كتبته وذبرته قرأته قراءة خفيفة ( وقال ) قال أعرابي حميري أنا أعرف تزبرتي أي كتابتي ( وقال الأصمعي ) تريع السراب وتريه إذا جاء وذهب
( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن ابن السماك قال للفضل بن يحيى وقد سأله رجل حاجة إن هذا لم يصن وجهه عن مسئلته إياك فأكرم وجهك عن ردك إياه فقضى حاجته ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن العتبي قال سأل أعرابي عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فقال رجل من أهل البادية ساقته الحاجة وانتهت به الفاقة والله سائلك عن مقامي هذا فقال والله ماسمعت كلمة أبلغ من قائل ولا أوعظ لمقول منها ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا الأصمعي عن العلاء بن الفضل بن عبد الملك قال قال خالد بن صفوان لفتى بين يديه رحم الله أباك إن كان ليملأ العين جمالا والأذن بيانا
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال أكثم بن صيفي خير السخاء ما وافق الحاجة ومن عرف قدره لم يهلك ومن صبر ظفر وأكرم أخلاق الرجال العفو ( قال ) وقرأت على أبي عمر المطرز قال أخبرنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال زعم الثقفي عثمان بن حفص أن خلفا الأحمر أخبره عن مروان بن أبي حفصة أن هذا الشعر لابن أذينة الثقفي
( ما بال من أسعى لأجبر عظمه ** حفاظا وينوي من سفاهته كسرى )
( أعود على ذي الذنب والجهل منهم ** بحلمي ولو عاقبت غرقهم بحري )
( أناة وحلما وانتظارا بهم غدا ** وما أنا بالواني ولا الضرع الغمر )
( أظن صروف الدهر والجهل منهم ** ستحملهم مني على مركب وعر )


( ألم تعلموا أني تخاف عرامتي ** وأن قناتي لا تلين على الكسر )
( وإني وإياهم كمن نبه القطا ** ولو لم ينبه باتت الطير
لا تسري )
( قال أبو علي ) ويروى وأني وهو جيد ( قال ) وقرأت عليه أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
( ومولى على ما رابني قد طويته ** حفاظا وحاربت الذين يحارب )
( إذا أنت لم تغفر لمولاك أن ترى ** به الجهل أو صارمته وهو عاتب )
( ولم توله المعروف أوشك أن ترى ** موالي أقوام ومولاك غائب )
( قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال الغلة خرقة تشد على رأس الإبريق وجمعها غلل والغلة ما تواريت فيه والغلة حرارة الجوف من العطش وغيره ( قال ) وقيل لابنة الخس أي الطعام أثقل قالت بيض نعام وصرى عام إلى عام قيل فأي الطعام أخبث قالت طريثيث مر أبدى عن رأسه القر ( قال ) والطرثوث نبت لا بقل ولا شجر ولا جنبة كأنه من جنس الكماة ينبت مع العضاة والذآنين مع الرمث ( وقالت جارية راعية ) طرثوث ولا عضاء له وذؤنون ولا رمثة له وذكر ولا رجل له ثم قعدت عليه ( وقال أبو العباس ) كان الضب قد دفن نفسه في التراب وأخرج ذكره فقالت هذا القول ثم قعدت عليه وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال مر أعرابي بأعرابية تبكي زوجها فقال وما يبكيك لا جمع الله بينك وبينه في الجنة ثم مر بها بعد ذلك فقال يا فلانة رفئيني فإني قد تزوجت فقالت نعم بالبيت المهدوم والطائر المشؤم والرحم المعقوم ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت أم كثير الضبية بذية وكان زوجها كذلك فاختصما عند بعض ولاة المياه فقالت له اسكت يا منتن الخصيتين فقال يحق لهما أن يكونا كذلك وهما طبقا عجانك منذ ثلاثين عاما وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لأم كثير كم تزوجت

قالت ثلاثة وكان أبو ابني هذا آخرهم وكان والله مسترخيا ضعيفا فنظر إليها الغلام فقال أبي تذكرين أما والله فلربما رز عجانك رز البيطار حجفلة الحمار ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال دعا بنان الطفيلي لرجل فقال من الله عليك بصحة الجسم وكثرة الأكل ودوام الشهوة ونقاء المعدة ورزقك ضرسا طحونا ومعدة هضوما وسرما نثورا ( قال ) وقرأت على أبي بكر لسعد بن ناشب
( تفندني فيما ترى من شراستي ** وشدة نفسي أم سعد وماتدري )
( فقلت لها أن الكريم وان حلا ** ليلفى على حال أمر من الصبر )
( وفي اللين ضعف والشراسة هيبة ** ومن لا يهب يحمل على مركب وعر )
( وما بي على من لان لي من فظاظة ** ولكنني فظ أبي على القسر )
( أقيم صغاذى الميل حتى أرده ** وأخطمه حتى يعود إلى القدر )
( فإن تعذليني تعذلي بي مرزأ ** كريم نثا الإعسار مشترك اليسر )
( إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ** وصمم تصميم السريجي ذي الأثر )
( قال أبو علي ) الأثر فرند السيف وهو رونقه بفتح الهمزة وسكون الثاء ومثله في البناء خلاصة السمن وهو اختيار ابن الأنباري ( قال أبو علي ) والذي أختاره كسر الهمزة كذا قاله الأصمعي وأبو نصر واللحياني وقد اختلف عن أبي عبيد فيه فروى بعضهم الأثر وروى بعضهم الأثر وأنشدوا عنه والأثر والصرب معا كالآصيه بالكسر والفتح والآصية على مثال فاعلة طعام يصنع مثل الحساء بالتمر
والصرب اللبن الحامض ويقال جئت على إثره بكسر الهمزة وسكون الثاء وأثره بفتح الهمزة والثاء ( قال ) وقرأت على أبي بكر قال قرأت على أبي حاتم والرياشي عن أبي زيد قال راجز من قيس
( بئس الغذاء للغلام الشاحب ** كبداء حطت من صفا الكواكب )
( أدارها النقاش كل جانب ** حتى استوت مشرقة المناكب )

يعني رحى والكواكب جبال طوال يقطع منها الأرحاء واحدها كوكب وكبداء عظيمة الوسط وشاحب متغير اللون ( قال ) وقرأت على أبي بكر لسعد بن ناشب
( أخي عزمات لا يزيد على الذي ** يهم به مقطع الأمر صاحبا )
( إذا هم لم تردع عزيمة همه ** ولم يأت ما يأتي من الأمر هائبا )
( فيالرزام وشحوا بي مقدما ** إلى الموت خواضا إليه الكتائبا )
( إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ** ونكب عن ذكر الحوادث جانبا )
( ولم يستشر في رأيه غير نفسه ** ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا )
( قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال السنة واللؤمة الحديدة التي تشق بها الأرض والسخين المر
( وقال ) خلط يخلط خلطا وأخلط إذا غضب وأنشد
( لكل امري شكل يقر بعينه ** وقرة عين الفسل أن يصحب الفسلا )
( وتعرف في جود امرئ جود خاله ** وينذل أن تلقى أخا أمه نذلا )
( قال ) وأنشدني أبو عمر قال أنشدنا أبو العباس
( عليك الخال إن الخال يسري ** إلى ابن الأخت بالشبه المبين )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله في خبر طويل وصله لنابه
( جزى الله جوابا وعمرا ونائلا ** جزاء الوصول المنعم المتفضل )
( هم خلطوني بالنفوس وأكرموا الثواء وجادوا بالسوام المؤبل ** )
( ولم يسأموا مثواي سبعا كواملا ** كأني فيهم بين أهلي ومحفلي )
( سأوليهم شكرا يكون كفاءما ** بلوني به ما بل ريقي مقولى )
( رأيت بني الهصار سادت جدودهم ** لهم شرف يرنوا إلى النجم من عل )
( هم خير من يمشى على الأرض معشرا ** لجار جنيب أو لضيف محول )


( إذا طانبت أبياتهم بيت جارهم ** فقد حل حيث العصم من فرع يذبل )
( معاقلهم في يوم كل كريهة ** قواضب تقضي بالحمام المعجل )
( مغايير دون المحصنات إذا بدت ** كواكب صبح تحت ظلماء قسطل )
( إذا البطل المرهوب سطوة بأسه ** تقى الروع يوما بالنجاء الهمرجل )
( ألاذت بأحقيهم بنوا لحرب في الوغى ** فكانوا لهم ملموت أمنع معقل )
( بمجدكم آليت أن أكفكم ** على الناس أجرى من رواجس هطل )
( وإن لكم في ذروة المجد سورة ** تقاصر عنها كل بدء مرفل )
( قال أبو علي ) القسطل الغبار والهمرجل السريع وأحقيهم جمع حقو والبدء السيد قال أوس بن مغراء
( ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ** وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا )
( قال أبو علي ) الثني والثنيات دون السيد وقد ذكرنا الإختلاف فيه واشتقاقه في كتابنا المقصور والممدود والمرفل المعظم قال الشاعر
( إذا نحن رفلنا امرأ ساد قومه ** وإن كان فيهم سوقة ليس يعرف )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي رحمه الله لقيس بن ذريح
( لو أن امرأ أخفى الهوى من ضميره ** لمت ولم يعلم بذاك ضمير )
( ولكن سألقى الله والنفس لم تبح ** بسرك والمستخبرون كثير )
( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد
( ومستخبر عن سر ريارددته ** بعمياء من ريا بغير يقين )
( فقال ائتمني انني ذو أمانة ** وما أنا أن خبرته بأمين )
( قال ) وقرأت عليه لمسكين
( وفتيان صدق لست مطلع بعضهم ** على سر بعض كان عندي جماعها


( لكل امرئ شعب من القلب فارغ ** وموضع نجوى لا يرام اطلاعها )
( يظلون شتى في البلاد وسرهم ** إلى صخرة أعيا الرجال انصداعها )
( قال ) وقرأت على أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه قال قيل لأعرابي كيف كتمانك للسر قال أجحد المخبر وأحلف للمستخبر ( قال ) وقرأت على أبي بكر في شعر قيس بن الخطيم
( أجود بمضنون التلاد وإنني ** بسرك عمن سالني لضنين )
( إذا جاوز الإثنين سر فإنه ** بنث وتكثير الحديث قمين )
( وإن ضيع الإخوان سرا فإنني ** كتوم لأسرار العشير أمين )
( يكون له عندي إذا ما ضمنته ** مكان بسوداء الفؤاد كنين )
ويروى
( إذا ما ائتمنته ** مقر بسوداء الفؤاد كنين )
( سلى من جليسي في الندي وما لقى ** ومن هو لي عند الصفاء خدين )
( وأي أخي حرب إذا هي شمرت ** ومدره خصم يا نوار أكون )
ويروى عند ذاك أكون
( وهل يحذر الجار الغريب فجيعتي ** وخوني وبعض المقرفين خؤون )
( وما لمعت عيني لغرة جارة ** ولا ودعت بالذم حين تبين )
( أبى الذم آباء نمتني جدودهم ** وفعلى بفعل الصالحين معين )
( فهذا كما قد تعلمين وإنني ** لجلد على ريب الخطوب متين )
( وإني لأعتام الرجال بخلتي ** أولي الرأي في الأحداث حين تحين )
( فأبري بهم صدري وأصفي مودتي ** وسرك عندي بعد ذاك مصون )
( أمر على الباغي ويغلظ جانبي ** وذو الود أحلولي له وألين )


( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال طاروا عباديد وأباديد أي متفرقين ويقال هاث فيه وعاث إذا أفسد وأخذ الشيء بغير رفق ويقال بط فلان جرحه وبجه وأنشد
( لجاءت كأن القسور الجون بجها ** عسا ليجه والثامر المتناوح )
القسور نبت والجون الذي يضرب إلى السواد من شدة خضرته والعساليج جمع عسلوج وهي هنات تنبسط على الأرض مثل العروق ( قال أبو علي ) والعساليج أيضا أغصان الشجر واحدها عسلوج والثامر الذي نضج ثمره والمثمر أول ما يطلع قبل أن ينضج والمتناوح المتقابل ويقال نبض العرق ينبض ونبد ينبد إذا ضرب
ويقال مرث خبزه في الماء ومرده ومرثت الشيء ومردته إذا لينته بيدك وكل شيء مرث فقد مرد قال النابغة الجعدي
( فلما أبى أن ينقص القود لحمه ** رفعت المريذ والمريد ليضمرا )
ويقال ارمد وارقد إذا مضى على وجهه ( قال أبو علي ) يريد أنه أسرع قال ذو الرمة يصف ظليما
( يرقد في ظل عراص ويتبعه ** حفيف نافجة عثنونها حصب )
العراص والعرات المضطرب والنافجة أول كل ريح تبدو بشدة والفودج والهودج والزحاليف والزحاليق أثر تزلج الصبيان من فوق إلى أسفل فأهل العالية يقولون زحلوفة وزحاليف وتميم ومن يليهم من هوازن يقولون زحلوقة وزحاليق والمحتد والمحفد أصل كل شيء وعكرة اللسان وعكدته أصله ومعظمه والهزف والهجف الجافي


ويقال استوثق من المال واستوثج إذا استكثر والمأص والمعص من الإبل البيض التي قد قارفت الكرم واحدتها مأصة ومعصة هذا قول أبي بكر بن دريد رحمه الله فأما يعقوب واللحياني فقالا المغص بالغين المعجمة ويقال شاكله وشاكهه وتفكه وتفكن إذا تندم ويقال عليه أمشاج من غزل وأوشاج من غزل أي داخلة بعضها في بعض ويقال ملقة بالسوط وولقه إذا ضربه ( قال أبو عبيدة ) يقال هو قادر رمح وقاب رمح أي قدر رمح ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ما أقرن شيء إلى شيء أفضل من علم إلى حلم ومن عفو إلى مقدرة ( قال ( وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال بلغني أن لقمان الحكيم كان يقول ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن الحليم عند الغضب والشجاع عند الحرب وأخوك عند حاجتك إليه ( قال ) وحدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال بعض الحكاء أحزم الملوك من ملك جده هزله ورأيه هواه وأعرب عن ضميره فعله ولم يخدعه رضاه عن حظه ولا غضبه عن كيده ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا العكلى عن أبي خالد عن الهيثم قال قدم حكيم من حكماء أهل فارس على المهلب فقال أصلح الله الأمير ما أشخصتني الحاجة وما قنعت بالمقام ولا أرضى منك بالنصف إذ قمت هذا المقام قال ولم ذلك قال لأن الناس ثلاثة غني وفقير ومستزيد فالغني من أعطي ما يستحقه والفقير من منع حقه والمستزيد الذي يطلب الفضل بعد الغنى وإني نظرت في أمرك فرأيت أنك قد أديت إلي حقي فتاقت نفسي إلى استزادتك فإن منعتني فقد أنصفتني وإن زدتني زادت نعمتك علي فاعجب المهلب كلامه وقضى حوائجه ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال حدثني عمارة بن عقيل قال حدثني أبي يعني عقيل ابن بلال قال سمعت أبي يعني بلال بن جرير يقول سمعت جريرا يقول دخلت على بعض خلفاء بني أمية فقال ألا تحدثني عن الشعراء فقلت بلى قال فمن أشعر الناس قلت ابن

العشرين يعني طرفة قال فما تقول في ابن أبي سلمى والنابغة قلت كانا ينيران الشعر ويسديانه قال فما تقول في امرئ القيس بن حجر قلت اتخذ الخبيث الشعر نعلين يطؤهما كيف شاء قال فما تقول في ذي الرمة قلت قدر من الشعر على ما لم يقدر عليه أحد قال فما تقول في الأخطل قلت ما باح بما في صدره من الشعر حتى مات قال فما تقول في الفرزدق قلت بيده نبعة الشعر قابضا عليها قال فما أبقيت لنفسك شيأ قلت بلى والله يا أمير المؤمنين أنا مدينة الشعر التي يخرج منها ويعود إليها ولأنا سبحت الشعر تسبيحا ما سبحه أحد قبلي قال وما التسبيح قلت نسبت فأطرفت وهجون فأرذيت ومدحت فأسنيت ورملت فأغزرت ورجزت فأبحرت فأنا قلت ضروبا من الشعر لم يقلها أحد قبلي ( قال أبو علي ) كذا أملي علينا أرذيت وهو صحيح ومعناه أسقطت لأنه هاجي في زمانه عدة من الشعراء فأسقطهم غير الفرزدق والرذية الساقطة من الإبل من الهزال أو من الإعياء ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال أنشدنا إبراهيم بن المنذر الحزامي
( فإنك لن ترى طردا لحر ** كإلصاق به طرف الهوان )
( ولم تجلب مودة ذي وفاء ** بمثل البرأ ولطف اللسان )
( قال ) وأنشدنا أيضا أبو العباس
( وجاءت للقتال بنو هليك ** فسحي يا سماء بغير قطر )
( قال أبو العباس ) هؤلاء قوم استعظم الشاعر مجيئهم للقتال وصغر شأنهم عنده فقال فسحى يا سماء بغير قطر يعني بدم لا بقطر ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال وشع في الجبل يشع وشوعا ووقل يقل وقولا وسند يسند سنودا وتوقل وتوشع إذا صعد في الجبل وأنشد لشيخ من بني منقذ
( ويلمها لقحة شيخ قد نحل ** أبي جوار دردق مثل الحجل )


( حوساء في السهل وشوع في الجبل ** في الصيف حسي وهي في المشتى وشل )
( قال أبو علي ) الدردق الصغار والحوساء الشديدة الأكل وقوله في الصيف حسى أي هي غزيرة لا ينقطع لبنها وفي المشتى وشل أي إذا انقطعت ألبان الإبل فلبنها يسيل كما يسيل الماء من أعلى الجبل والوشل ما يخرج بين الحجارة قليلا قليلا فشبه لبنها به ( قال ) وقرأت عليه قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال دبح ودبخ ودربح ودربخ إذا ذل
( قال ) والجد والجدة والجد شاطئ النهر ( وقال ) سيف باتر وبتور وباضك وبضوك أي قاطع
( وقال ) لا يبضك الله يده ( قال ) وحدثني أبو يعقوب وراق أبي بكر بن دريد وكان من أهل العلم قال أخبرني مسبح بن حاتم قال أخبرنا سليمان بن أبي شيخ قال حدثنا يحيى بن سعيد الأموي قال تزوج رجل من أهل تهامة امرأة من أهل نجد فأخرجها إلى تهامة فلما أصابها حرها قالت ما فعلت ريح كانت تأتينا ونحن بنجد يقال لها الصبا قال يحبسها عنك هذان الجبلان فأنشدت
( أيا جبلى نعمان بالله خليا ** نسيم الصبا يخلص إلي نسيمها )
( أجد بردها أو تشف مني حرارة ** على كبد لم يبق إلا صميمها )
( فإن الصباريح إما ما تنسمت ** على نفس مهموم تجلت همومها )
( قال ) وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى لعلي بن الغدير الغنوي
( فذو الرأي منا مستقاد لأمره ** وشاهدنا قاض على من تغيبا )
( إذا غضب المولى لهم غضب الحصى ** فلم تر أثرى من حصاهم وأصلبا )
( أبى لي أني لن أعير والدا ** دنيا ولم يذمم فعالي فأقصبا )
( ولم أنتسب يوما سوى الأصل أبتغي ** به مأكلا يدني لذل ومشربا )
( ولم تضرب الأرض العريضة فرجها ** على بأسباب إذا رمت مذهبا )


( وهلك الفتى أن لا يراح إلى الندى ** وأن لا يرى شيا عجيبا فيعجبا )
( قال أبو علي ) أقصب أشتم واصل القصب القطع ومنه قيل للجزار قصاب ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي
( يا قلب إنك من أسماء مغرور ** فاذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير )
( تأتي أمور فما تدري أعاجلها ** خير لنفسك أم ما فيه تأخير )
( فاستقدر الله خيرا وارضين به ** فبينما العسر إذا دارت مياسير )
( وبينما المرء في الأحياء مغتبطا ** إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير )
( يبكي الغريب عليه ليس يعرفه ** وذو قرابته في الحي مسرور )
( حتى كأن لم يكن إلا تذكره ** والدهر أيتما حال دهارير )
( قال أبو علي ) الأعاصير جمع إعصار والإعصار الريح تثير الغبرة ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال أملى علينا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لرافع بن هريم اليربوعي
( وصاحب السوء كالداء الغميض إذا ** يرفض في الجوف يجري ههنا وهنا )
( يبدي ويظهر عن عورات صاحبه ** وما رأي من فعال صالح دفنا )
( كمهر سوء إذا سكنت سيرته ** رام الجماح وإن رفعته سكنا )
( إن عاش ذاك فأبعد عنك منزلة ** أو مات ذاك فلا تقرب له جننا )
( قال أبو علي ) يقال غمض وغمض فمن قال غمض قال في الفاعل غميض ومن قال غمض قال في الفاعل غامض والجنن والريم والرمس والجدث والجدف القبر ( قال ) وقرأت عليه قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( وإذا صاحبت فاصحب ما جدا ** ذا عفاف وحياء وكرم )
( قوله للشيء لا إن قلت لا ** وإذا قلت نعم قال نعم )
( قال ) وقرأت عليه قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال قيل لأعرابي أيما أحب إليك الخبز أو التمر فقال التمر حلو وما عن الخبز مصبر
قال ومضى هذا الأعرابي الذي قال التمر

حلو ثم عاد فقيل له مالك عدت فقال إن الذئب لا يدع غيطا شبع فيه ( قال ) وحدثنا أبو بكر ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال نزل رجل من العرب في قوم عدى فأساؤا عشرته فقيل له كيف وجدت جيرتك فقال يغتابنا أقصاهم ويكذب علينا أدناهم ويكثرون لدنيا نجواهم ويكشفون علينا خصاهم ( قال ) وحدثني أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قرأ امام والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ثم أرتج عليه فقال أعرابي من خلفه إنك يا امام ما علمت لفعول لما تحيرت فيه ( قال ) وأنشدنا ابو بكر
( وكنا كغصني بانة ليس واحد ** يزول على الحالات عن رأي واحد )
( تبدل بي خلا فخاللت غيره ** وخليته لما أراد تباعدي )
( ولو أن كفي لم تردني أبنتها ** ولم يصطحبها بعد ذلك ساعدي )
( ألا قبح الرحمن كل مماذق ** يكون أخا في الخفض لا في الشدائد )
( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال أنشدنا عبد الله بن شبيب
( طرقتك بين مسبح ومكبر ** بحطيم مكة حيث كان الأبطح )
( فحسبت مكة والمشاعر كلها ** ورحالنا باتت بمسك تنفح )
( قال ) وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( خبروها بأنني قد تزوجت فظلت تكاتم الغيظ سرا )
( ثم قالت لأختها ولأخرى ** جزعا ليته تزوج عشرا )
( وأشارت إلى نساء لديها ** لا ترى دونهن للسر سترا )
( ما لقلبي كأنه ليس مني ** وعظامي إخال فيهن فترا )
( من حديث نمي إلي فظيع ** خلت في القلب من تلظية جمرا )


( قال ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو عثمان الأشنانداني
( بئس قرينا يفن هالك ** أم عبيد وأبو مالك )
( قال ) أم عبيد المفازة وأبو مالك الكبر وأنشد
( أبا مالك أن الغواني هجرنني ** أبا مالك إني أظنك دائبا )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال قرطاط وقرطان وحجر أصر وحجر أير إذا كان صلادا صلبا ويقال اغبن من ثوبك واخبن واكبن ويقال للناس والدواب إذا مروا يمشون مشيا ضعيفا مروا يدبون دبيبا ويدجون دجيجا ويقال أقبل الحاج والداج فالحاج الذين يحجون والداج الذين يدجون في أثر الحاج ويقال للرجل والدانة إذا تعود الأمر قد جرن عليه يجرن جرونا ومرن عليه يمرن مرونا ومرانة ( وقال أبو عبيدة ) ريح ساكرة وساكنة والزور والزون كل شيء يتخذ ربا ويعبد وأنشد
( جاؤا بزوريهم وجئنا بالأصم ** ) وكانوا جاؤا ببعيرين فعقلوهما وقالوا لا نفر حتى يفر هذان فعابهم بذلك وجعلهما ربين لهم ( قال أبو علي ) قال أبو عمرو الشيباني المغطغطة والمغطمطة القدر الشديدة الغليان ( وحكى الفراء ) عن امرأة من بني أسد أنها قالت جاءنا سكران ملتكا في معنى جاء ملتخا وهو اليابس من السكر ( وقال ابن الأعرابي ) شيخ تاك وفاك وقحر وقحم ( قال أبو علي ) قال الأصمعي من أمثال العرب ( أشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا ) يضرب مثلا للأمرين يشتبهان ويفترقان في شيء
وذكر أهل البادية أن لقمان بن عاد قال للقيم بن لقمان أقم ههنا حتى أنطلق إلى الإبل فنحر لقيم جزورا فأكلها ولم يخبأ للقمان فخاف لائمته فحرق ما حوله من السمر الذي بشرج ( وشرج واد ) ليخفى المكان فلما جاء لقمان جعلت الإبل تثير باخفافها الجمر فعرف لقمان المكان وأنكر ذهاب السمر فقال أشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبى قال كتب عمر بن عبد العزيز الوراق رحمه الله إلى أبي

بكر بن حزم إن الطالبين الذين أنجحوا والتجار الذي ربحوا هم الذين اشتروا الباقي الذي يدوم بالفاني المذموم فاغتبطوا ببيعهم وأحمدوا عاقبة أمرهم فالله الله وبدنك صحيح وقلبك مريح قبل أن تنقضي أيامك وينزل بك حمامك فإن العيش الذي أنت فيه يتقلص ظله ويفارقه أهله فالسعيد الموفق من أكل في عاجله قصدا وقدم ليوم فقره ذخرا وخرج من الدنيا محمودا قد انقطع عنه علاج أمورها وصار إلى الجنة وسرورها ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله عن أحمد بن يحيى النحوي لأبي حية النميري ( قال أبو علي ) وقرأت البيتين الأولين على أبي محمد عبد الله بن جعفر عن أبي العباس محمد بن يزيد النحوي
( ألا حي من أجل الحبيب المغانيا ** لبسن البلى لما لبسن اللياليا )
( إذا ما تقاضى المرء يوم وليلة ** تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا )
( حنتك الليالي بعدما كنت مرة ** سوي العصا لو كن يبقين باقيا )
( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد قال قرأت على أبي حاتم والرياشي عن أبي زيد عن المفضل الضبي للربيع بن ضبع الفزاري
( أقفر من مية الجريب إلى الزجين إلا الظباء والبقرا )
( كأنها درة منعمة ** من نسوة كن قبلها دررا )
( أصبح مني الشباب مبتكرا ** إن ينأ عني فقد ثوى عصرا )
( فارقنا قبل أن نفارقه ** لما قضى من جماعنا وطرا )
( أصبحت لا أحمل السلاح ولا ** أملك رأس البعير إن نفرا )
( والذئب أخشاه ان مررت به ** وحدي وأخشى الرياح والمطرا )
( من بعدما قوة أسر بها ** أصبحت شيخا أعالج الكبرا )
( ها أنا ذا آمل الخلود وقد ** أدرك عمري ومولدي حجرا )
( أبا امرئ القيس قد سمعت به ** هيهات هيهات طال ذا عمرا )
( وقال الأصمعي ) تسلع جلده وتزلع إذا تشقق قال الراعي


( وغملى نصي بالمتان كأنها ** ثعالب موتى جلدها قد تسلعا )
ويروى قد تزلعا ويقال ضربه فسلع رأسه أي شقه ويقال خسق السهم وخزق إذا قرطس وسهم خازق وخاسق ويقال مكان شأز وشأس وهو الغليظ ويقال نزغه ونسغه وندغه إذا طعنه بيدأ ورمح
( وقال غيره ) الشازب والشاسب الضامر
( وقال الأصمعي ) الشازب الضامر وإن لم يكن مهزولا والشاسب والشاسف الذي يبس ( قال ) وسمعت أعرابيا يقول ما قال الحطيئة أينقا شزنا إنما قال اعنزا شسبا ( قال ) ويروى بيت أبي ذؤيب
( أكل الجميم وطاوعته سمحج ** مثل القناة وأزعلته الأمرع )
ويروى وأسعلته أي أنشطته والزعل النشاط ( وقال أبو عبيدة ) يقال معجس القوس وعجس وعجس ومعجز وعجز وعجز للمقبض ( قال أبو علي ) اللغويون يذهبون إلى أن جميع ما أمليناه إبدال وليس هو كذلك عند علماء أهل النحو وإنما حروف الإبدال عندهم إثنا عشر حرفا تسعة من حروف الزوائد وثلاثة من غيرها فأما حروف الزوائد فيجمعها قولنا ( اليوم تنساه ) وهذا عمله أبو عثمان المازني وأما حروف البدل فيجمعها قولنا طال يوم أنجدته وهذا أنا عملته فالطاء تبدل من التاء في افتعل إذا كانت بعد الضاد نحو قولك اضطهد وكذلك إذا كانت بعد الصاد في مثل اصطبر وبعد الظاء أيضا في افتعل والألف تبدل من الياء والواو إذا كانتا لامين في مثل رمى وغزا وإذا كانتا عينين في مثل نام وقام وألعاب والماء
وإذا كانت الواو فاء في ياجل وأشباهه وتكون بدلا من التنوين في الوقف في حال النصب مثل رأيت زيدا وبدلا من النون الخفيفة في الوقف إذا كان ما قبلها مفتوحا نحو قولك اضربا وقد أبدلوا اللام من النون فقالوا أصيلال وإنما هو

أصيلان والياء تبدل من الواو فاء وعينا نحو ميزان وقيل وتبدل من الألف والواو في النصب والجر في مسلمين ومسلمين
ومن الواو والألف في بهاليل وقراطيس وما أشبههما إذا حقرت أو جعت وتبدل من الواو إذا كانت عينا نحولية وتبدل من الألف في الوقف في لغة من يقول أفعى وحبلى وقد أبدلوا من الهمزة فقالوا في قرأت قريت وتبدل من الحرف المدغم نحو قيراط ألا تراهم قالوا قريريط ودينار ألا تراهم قالوا دنينير وتبدل من الواو اذا كانت لا ما في مثل قصبا ودنيا وتبدل من الواو في مثل غاز ونحوه وتبدل من الواو في شقيت وعنيت وأشباههما والواو تبدل من الياء في موقن وموسر ونحوهما
وتبدل من الياء في غموي ورحوي إذا نسبت إلى عمى ورحى وتبدل من الياء إذا كانت عينا في كوسى وطوبى ونحوهما وتبدل من الياء إذا كانت لاما في شروى وتقوى ونحوهما وتبدل مكان الألف في الوقف في لغة من يقول أفعو وحبلو كما أبدل مكانها الياء من كانت لغته أفعى وحبلى وبعض العرب يجعل الواو والياء ثابتتين في الوقف والوصل
وتبدل من الألف في ضورب وتضورب ونحوهما وضويرب ودوينق في ضارب ودانق وضوارب ودوانق إذا جمعت ضاربا ودانقا وتبدل من ألف التأنيث الممدودة إذا أضيفت أو ثنيت فقلت حمراوان وحمراوي وتبدل من الياء في فتق وفتوة يريد جمع الفتيان وذلك قليل كما أبدلوا الياء مكان الواو في عتي وعصي وتكون بدلا من الهمزة المبدلة من الياء والواو في التثنية والإضافة نحو كساوان وغطاوي والميم تبدل من النون في العنبر وشنباء ونحوهما إذا سكنت وبعدها باء وقد أبدلت من الواو في فم وذلك قليل كما أن إبدال الهمزة من الهاء بعد الألف في ماء ونحوه قليل والهمزة تبدل من الواو والياء إذا كانتا لامين في قضاء وشقاء ونحوهما وإذا كانت الواو عينا في أدؤر وأنؤر والسؤر ونحو ذلك
وإذا كانت فاء نحو أجوه وإسادة وأوعد والنون تكون بدلا من الهمزة

في فعلان فعلى كما أن الهمزة بدل من ألف حمراء والجيم تكون بدلا من الياء المشددة في الوقف نحو علج وعوفج يراد علي وعوفي والدال تكون بدلا من التاء في افتعل إذا كانت بعد الزاي في مثل ازدجر ونحوها والتاء تكون بدلا من الواو إذا كانت فاء نحو اتعد واتهم واتلج وتراث وتجاه ونحو ذلك ومن الياء في افتعلت من يئست ونحوها
وقد أبدلت من الدال والسين في ست وهذا قليل وأبدلت من الياء إذا كانت لاما في أسنتوا وهو قليل أيضا والهاء تبدل من التاء التي يؤنث بها الإسم في الوقف نحو طلحة وما أشبهها وتبدل من الهمزة في هرقت وهمرت وقد أبدلت من الياء في هذه وذلك في كلامهم قليل كما أن تبيين الحركة بالألف قليل إنما جاء في أنا وحيهلا ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا العكلي عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال أخبرنا ابن عياش قال قال مروان بن زنباع العبسي وهو مروان القرط يا بني عبس احفظوا عني ثلاثا اعلموا أنه لم ينقل أحد إليكم حديثا إلا نقل عنكم مثله وإياكم والتزويج في بيوتات السوء فإن له يوما ناجثا واستكثروا من الصديق ما قدرتم واستقلوا من العدو فإن استكثاره ممكن ( قال أبو علي ) الناجث الحافر والنجيثة ما يخرج من تراب البئر ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي وعن العتبي أيضا قالا قال مسلم بن قتيبة لا تطلبن حاجتك إلى واحد من ثلاثة لا تطلبها إلى الكذاب فإنه يقربها وهي بعيدة ويبعدها وهي قريبة ولا تطلبها إلى الأحمق فإنه يريد أن ينفعك وهو يضرك ولا تطلبها إلى رجل له عند قوم مأكلة فإنه يجعل حاجتك وقاء لحاجته ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت رجلا في حلقة أبي عمرو بن العلاء يقول قال الحسن لإبنه يا بني إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول وتعلم حسن الإستماع كما تتعلم حسن الصمت ولا تقطع على أحد حديثا وان طال حتى يمسك ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال رجل لإبنه يا بني لا تلاحين حكيما ولا تجاورن

لجوجا ولا تعاشرن ظلوما ولا تواخين متهما ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لرجل كانت تنحي امرأته ابنه عنه
( أزحنة عني تطردين تبددت ** بلحمك طير طرن كل مطير )
( قفي لا تزلي زلة ليس بعدها ** جبور وزلات النساء كثير )
( فإني وإياه كرجلي نعامة ** على كل حال من غني وفقير )
( قال ) كرجلي نعامة في اتفاقنا وأنا لا نختلف قال وليس شيء من البهائم إلا وهو إن انكسرت إحدى رجليه انتفع بالأخرى إلا النعامة وقال غير ابن الأعرابي لأنه لا مخ لها ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري ( قال ) حدثني أبي عن الطوسي قال كانت لعمرو بن شاس امرأة من رهطه يقال لها أم حسان بنت الحرث وكان له ابن يقال له عرار من أمة له سوداء فكانت تعيره به وتؤذي عرارا ويؤذيها وتشتمه ويشتمها فلما أعيت عمرا بالأذى والمكروه في ابنه قال الكلمة التي فيها هذه الأبيات ( قال ) وقال ابن الأعرابي قالها في الإسلام وهو شيخ كبير
( ألم يأتها أني صحوت وأنني ** تحلمت حتى ما أعارم من عرم )
( وأطرقت اطراق الشجاع ولو رأى ** مساغا لنابيه الشجاع لقد أزم )
( فإن عرارا إن يكن غير واضح ** فإني أحب الجون ذا منكب العمم )
( وإن عرارا إن يكن ذا شكيمة ** تقاسينها منه فما أملك الشيم )
( أردت عرارا بالهوان ومن يرد ** عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم )
( فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ** فكوني له كالسمن رب له الأدم )
( وإلا فسيري مثل ما سار راكب ** تيمم خمسا ليس في سيره يتم )
ويروى خمسا يريد خمسة أيام وإنما أسقط الهاء من خمسة لأنه لم يذكر الأيام كما تقول صمنا من الشهر خمساتر يد خمسة أيام ( قال أبو علي ) يقال عرم الغلام يعرم عرما وغلام عارم

وغلمان عرام وعرمة وقال ابن الأعرابي العرم وضر القدر ووسخها
( وقال غيره ) العرام العراق من اللحم والعمم الطول والعميم الطويل فوصفه بالعمم وهو المصدر كما قالوا رجل عدل أي عادل واليتم والأتم الإبطاء وقال الطوسي اليتم الغفلة ومنه أخذ اليتيم ( قال أبو علي ) كأنه يذهب إلى أنه أغفل فضاع وأما غيره فيقول اليتيم الفرد ويتم إذا انفرد ومنه الدرة اليتيمة ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد
( أنزلني الدهر على حكمه ** من شاهق عال إلى خفض )
( وغالني الدهر بوفر الغنى ** فليس لي مال سوى عرضي )
( لولا بنيات كزغب القطا ** أجمعن من بعض إلى بعض )
( لكان لي مضطرب واسع ** في الأرض ذات الطول والعرض )
( وإنما أولادنا بيننا ** أكبادنا تمشي على الأرض )
( قال ) وقرأت عليه لمعن بن أوس
( رأيت رجالا يكرهون بناتهم ** وفيهن لا نكذب نساء صوالح )
( وفيهن والأيام يعثرن بالفتى ** عوائد لا يمللنه ونوائح )
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن أشياخه قال كل ما في العرب عدس بفتح الدال الأعدس بن زيد فإنه بضمها وكل ما في العرب سدوس بفتح السين إلا سدوس بن أصمع في طي وكل ما في العرب فرافصة بضم الفاء إلا فرافصة أبا نائلة امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه وكل ما في العرب ملكان بكسر الميم إلا ملكان ابن حزم بن زبان فإنه بفتحها وكل ما في العرب أسلم بفتح الهمزة واللام إلا أسلم بن الحكم من قضاعة ( قال ) وأنشدنا أبو الحسن الأخفش قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى


( بكل بلاد أم بكل مظنة ** أخو أمل منا يحاول مطمعا )
( كأنا خلقنا للنوى وكأنما ** حرام على الأيام أن نتجمعا )
( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لقطري بن الفجاءة
( لا يركنن أحد إلى الإحجام ** يوم الوغى متخوفا لحمام )
( فلقد أراني للرماح دريئة ** من عن يميني مرة وأمامي )
( حتى خضبت بما تحدر من دمي ** أكناف سرجي أو عنان لجامي )
( ثم انصرفت وقد أصبت ولم أصب ** جذع البصيرة قارح الإقدام )
( قال أبو علي ) الدريئة مهموزة الحلقة التي يتعلم عليها الطعن وهي فعيلة بمعنى مفعولة من درأت أي دفعت والدرية غير مهموزة دابة أو جمل يستتر به الصائد فيرمى الصيد وهو من دريت أي ختلت وقال الشاعر
( فإن كنت لا أدري الظباء فأنني ** أدس لها تحت التراب الدواهيا )
وبنوه على مثال خديعة إذ كان في معناها وقوله أكناف سرجي أو عنان لجامي أرادو عنان لجامى وقوله جذع البصيرة أي فتي الإستبصار أي وأنا على بصيرتي الأولى وقوله قارح الإقدام أي متناه في الإقدام ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة
( لئن درست أسباب ما كان بيننا ** من الود شوقي إليك بدارس )
( وما أنا من أن يجمع الله بيننا ** على خير ما كنا عليه بيائس )
( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا عبد الله بن خلف قال حدثنا أبو جابر محرز بن جابر قال حدثنا أبي قال أرسلت أم جعفر زبيدة إلى أبي العتاهية أن يقول على لسانها أبياتا يستعطف بها المأمون فتأبى ثم أرسل إليها هذه الأبيات


( ألا إن صرف الدهر يدنى ويبعد ** ويمتع بالألاف طورا ويفقد )
( أصابت بريب الدهر مني يدي يدي ** فسلمت للأقدار والله أحمد )
( وقلت لريب الدهران هلكت يد ** فقد بقيت والحمد الله لي يد )
( إذا بقي المأمون لي فالرشيد لي ** ولي جعفر لم يفقدا ومحمد )
فلما قرأها المأمون استحسنها وسأل عن قائلها فقيل أبو العتاهية فأمر له بعشرة آلاف درهم وعطف على زبيدة وزاد في تكرمتها وأثرتها ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال قال موسى شهوات يهجو عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر ويمدح عمر بن موسى بن طلحة بن عبيد الله
( تباري ابن موسى يا ابن موسى ولم تكن ** يداك جميعا تعدلان له يدا )
( تباري امرأ يسرى يديه مفيدة ** ويمناهما تبني بناء مشيدا )
( فإنك لم تشبه يداك ابن معمر ** ولكنما أشبهت عمك معبدا )
( وفيك وإن قيل ابن موسى بن معمر ** عروق يدعن المرء ذا المجد قعددا )
( ثلاثة أعراق فعرق مهذب ** وعرقان شاناما أصابا فأفسدا )
( قال أبو بكر ) وكان معبد مولى وكان أخا أبيه لأمه وله حديث قد ذكره أبو عبيدة في المثالب ( قال أبو علي ) القعدد والقعدد لغتان اللئيم الأصل والإقعاد قلة الأجداد والإطراف كثرة الأجداد كلاهما مدح ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
( لعمرك ما حق امرئ لا يعد لي ** على نفسه حقا علي بواجب )
( وما أنا للنائي علي بوده ** بودي وصافي خلتي بمقارب )
( ولكنه إن مال يوما بجانب ** من الصد والهجران ملت بجانب )
( قال ) وأملى علينا أبو الحسن الأخفش قال كتب محمد بن مكرم إلى أبي العيناء أما بعد

فإني لا أعرف للمعروف طريقا أوعر ولا أحزن من طريقه إليك ولا مستودعا أقل زكاة وأبعد غنما من خير يحل عندك لأنه يصير منك إلى دين ردي ولسان بذي وجهل قد ملك عليك طباعك فالمعروف لديك ضائع والصنيعة عندك غير مشكورة وإنما غرضك من المعروف أن تحرزه وفي مواليه أن تكفره ( قال ) وقرأت على أبي بكر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال من أمثال العرب ( لا أخاف إلا من سيل تلعتي ) أي إلا من بني عمي وقرابتي ( قال ) والتلعة مسيل الماء إلى الوادي لأن من نزل التلعة فهو على خطر أن جاء سيل جرف بهم وقال هذا وهو نازل بالتلعة أي لا أخاف إلا من مأمني ( قال أبو علي ) وسألت أبا بكر بن دريد عن المثل الذي تضربه العرب لمن جازى صاحبه بمثل فعله وهو قولهم ( يوم بيوم الحفض المجور ) فقال أصل هذا المثل أن أخوين كان لأحدهما بنون ولم يكن للآخر ولد فوثبوا على عمهم فجور وابيته أي ألقوه بالأرض ثم نشأ للآخر بنون فوثبوا على عمهم فجوروا بيته فشكا ذلك إلى أخيه فقال بيوم الحفض المجور ( قال أبو علي ) والحفض متاع البيت والحفض أيضا البعير الذي يحمل عليه متاع البيت وإنما سمى حفضا لأنه منه بسبب والعرب تسمى الشيء باسم الشيء إذا كان منه بسبب ولذلك قيل للجلد الذي يحمل فيه الماء راوية وإنما الراوية البعير الذي يستقي عليه وينشد بيت عمرو بن كلثوم على وجهين
( ونحن إذا عماد البيت خرت ** على الأحفاض نمنع من يلينا )
( ويروى عن الأحفاض فمن روى على أراد متاع البيت ومن روى عن أراد الجمل الذي يحمل عليه متاع البيت ( قال أبو علي ) قال أبو نصر هجرت فلانا أهجره هجرانا وهجرا إذا تركت كلامه وهجر الرجل في منامه يهجر هجر إذا هذى وتكلم في منامه
وأهجر يهجر إهجارا وهجرا إذا قال هجرا أي فحشا وكلا ما قبيحا وهجرت البعير أهجره هجورا

وهو أن تشد حبلا من حقوه إلى خف يده ( قال أبو علي ) وذلك الحبل يسمى الهجار
وروى أبو عبيد عن الأصمعي هجرت البعير أهجره هجرا وهو أن تشد حبلا في رسغ رجله ثم تشده إلى حقوه ان كان عريا وإن كان مرحولا شددته إلى حقيبته وذكر الأصمعي في كتاب الصفات نحو قول أبي عبيد ( قال ) وهو أن تشد حبلا من وظيف رجله إلى حقوه وأنشد
( فكعكعوهن في ضيق وفي دهش ** ينزون من بين مأبوض ومهجور )
( وقال أبو نصر ) وهاجر الرجل يهاجر مهاجرة إذا خرج من البدو إلى المدن ( قال أبو علي ) ويقال هاجر أيضا إذا خرج من بلد إلى بلد
وقال أبو نصر ويقال لكل ما أفرط في طول أو غيره مهجر والأنثى مهجرة ونخلة مهجرة إذا أفرطت في الطول قال الراجز
( تعلو بأعلى السحق المهاجر ** منها عشاش الهدهد القراقر )
( وقال غيره ) الهاجري الحاذق بالإستقاء ويقال هذا أهجر من هذا أي أفضل منه ويقال لكل شيء فضل شيأ هو أهجر منه ولهذا قيل للبن الجيد هجير
ويقال أن معاوية رحمه الله خرج متنزها فمر بحواء ضخم فقصد قصد بيت منه فإذا بفنائه امرأة برزة فقال لها هل من غداء قالت نعم حاضر قال وما غداؤك قالت خبز خمير وماء نمير وحيس فطير ولبن هجير فثنى وركه ونزل فلما تغدى قال هل لك من حاجة فذكرت حاجة أهل الحواء قال هاتي حاجتك في خاصة نفسك قالت يا أمير المؤمنين إني أكره أن تنزل واديا فيرف أوله ويقف آخره ( وقال أبو عبيدة ) هذا أهجر من هذا أي أعظم منه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أخبرنا ابو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال هذا الطريق أهجر من هذا أي أبعد منه والهجرة البعد وأصل هذه العبارات كلها واحد ( وقال غيره ) والهاجري البناء وقال بعضهم والهاجري منسوب إلى هجر فأدخل فيه الألف واللام ( قال أبو علي ) وليس هذا القول بمرضي وقال أبو نصر والهاجرة والهجير والهجر وقت زوال الشمس قال الشاعر


( كأن العيس حين أنخن هجرا ** معفأة نواظرها سوامي )
ويقال ما زال ذلك هجيراه أي دأبه الذي يهجر به ويقال إهجيراه أيضا لغتان ويقال أتانا على هجر أي بعد سنة فصاعدا ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن يونس قال وقف أعرابي في المسجد الجامع في البصرة فقال
( قل النيل ونقص الكيل وعجفت الخيل ** )
والله ما أصبحنا ننفخ في وضح وما لنا في الديوان من وشمة وأنا لعيال جربة فهل من معين أعانه الله يعين ابن سبيل ونضو طريق وفل سنة فلا قليل من الأجر ولا غنى عن الله ولا عمل بعد الموت ( قال أبو علي ) الوضح اللبن وإنما سمى وضحا لبياضه وقال الهذلي
( عقوا بسهم فلم يشعر به أحد ** ثم استفاؤا وقالوا حبذا الوضح )
عقوا رموه إلى السماء واستفاؤا رجعوا والوشمة مثل الوشم في الذراع يريد الخط والجربة الجماعة ويقال الجربة المتساوون ويقال عيال جربة أي كبار كلهم لا صغير فيهم قال الراجز
( جربه كحمر الأبك ** لا ضرع فيهم ولا مذكى )
والفل القوم المنهزمون يعني أنه انهزم من الجدب والفل الأرض التي لم يصبها مطر وجمعها أفلال ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم قال قال الأصمعي عاب رجل السويق بحضرة أعرابي فقال لا تعبه فإنه عدة المسافر وطعام العجلان وغذاء المبكر وبلغة المريض ويسر وفؤاد الحزين ويرد من نفس المحدود وجيد في التسمين ومنعوت في الطب وقفاره يجلو البلغم وملتوته يصفي الدم وإن شئت كان شرابا وإن شئت كان طعاما وإن شئت فثريدا وإن شئت فخبيصا ( قال أبو علي ) يسر ويكشف ما عليه يقال سرا عنه ثوبه إذا نزعه والمحدود الذي قد حد أي قد ضرب الحد والقفار الذي لم يلت بشيء من أدم لا زيت ولا سمن ولا لبن يقال طعام قفار

وعفار وعفير وسختيت وحث حدثني أبو عمرو قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال العرب تقول ماء قراح وخبز قفار لا أدم معه
وسويق حث وهو الذي لم يلت بسمن ولا زيت وحنظل مبسل وهو أن يؤكل وحده قال الراجز
( بئس الطعام الحنظل المبسل ** ييجع منه كبدي وأكسل )
ويروى ياجع ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي اعتذار من منع أجمل من وعد ممطول ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال كان مالك بن أسماء بن خارجة واجدا على أخيه عيينة بن أسماء وطال ذلك حتى تفاقم الأمر بينهما فأخذ الحجاج عيينة فحبسه لجبايات كانت له وكتب إلى مالك يعلمه بذلك وهو يظن أنه يسره فلما قرأ الكتاب أنشأ يقول
( ذهب الرقاد فما يحس رقاد ** مما شجاك وملت العواد )
( خبر أتاني عن عيينة مفظع ** كادت تقطع عنده الأكباد )
ويروى عن عيينة موجع
( بلغ النفوس بلاؤه فكأننا ** موتى وفينا الروح والأجساد )
( يرجون غرة جدنا ولو أنهم ** لا يدفعون بنا المكاره بادوا )
( لما أتاني عن عيينة أنه ** أمسى عليه تظاهر الأقياد )
( نخلت له نفسي النصيحة أنه ** عند الشدائد تذهب الأحقاد )
( وعلمت أني إن فقدت مكانه ** ذهب البعاد فكان فيه بعاد )
( ورأيت في وجه العدو شكاسة ** وتغيرت لي أوجه وبلاد )
( وذكرت أي فتى يسد مكانه ** بالرفد حين تقاصر الإرفاد )


( أمن يهين لنا كرائم ماله ** ولنا إذا عدنا إليه معاد )
( قال أبو علي ) الشكاسة سوء الخلق والشكس السيىء الخلق وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو بكر السمسار قال أنشدنا أبو بكر الأموي عن الحسين بن عبد الرحمن للخليل بن أحمد
( إن كنت لست معي فالذكر منك هنا ** يرعاك قلبي وإن غيبت عن بصري )
( العين تفقد من تهوى وتبصره ** وناظر القلب لا يخلو من النظر )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر أيضا قال أنشدنا أبو علي العمري قال أنشدنا مسعود بن بشر
( أما والذي لو شاء لم يخلق النوى ** لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي )
( يوهمنيك الشوق حتى كأنما ** أناجيك من قرب وإن لم تكن قربى )
( قال ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه قال سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول قال جرير وددت أني سبقت ابن السوداء يعني نصيبا إلى هذه الأبيات
( بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب ** وقل إن تملينا فما ملك القلب )
( وقل إن نثل بالود منك محبة ** فلا مثل ما لاقيت من حبكم حب )
( وقل في تجنيها لك الذنب أنما ** عتابك من عاتبت فيما له عتب )
( فمن شاء رام الصرم أو قال ظالما ** لذي وده ذنب وليس له ذنب )
( خليلي من كعب ألما هديتما ** بزينب لا تفقدكما أبدا كعب )
( من اليوم زوراها فإن ركابنا ** غداة غد عنها وعن أهلها نكب )
( قال أبو علي ) النكب الموائل
( وقولا لها يا أم عثمان خلتي ** أسلم لنا في حبنا أنت أم حرب )
( وقال رجال حسبه من طلابها ** فقلت كذبتم ليس لي دونها حسب )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأسماء المرية

صاحبة عامر بن الطفيل
( أيا جبلى وادي عريعرة التي ** نأت عن ثوى قومي وحق قدومها )
( ألا خليا مجرى الجنوب لعله ** يداوي فؤادي من جواه نسيمها )
( وكيف تداوي الريح شوقا مماطلا ** وعينا طويلا بالدموع سجومها )
( وقولا لركبان تميمة غدت ** إلى البيت ترجو أن تحط جرومها )
( بأن بأكناف الرغام غربية ** مولهة ثكلى طويلا نئيمها )
( مقطعة أحشاؤها من جوى الهوى ** وتبريح شوق عاكف ما يريمها )
( قال أبو علي ) النئيم الصوت ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال الطاية والتاية والغاية والراية والآية فالطاية السطح الذي ينام عليه والتاية أن تجمع بين رؤس ثلاث شجرات أو شجرتين فتلقى عليها ثوبا فتستظل به والغاية ن أقصى الشيء وتكون من الطير التي تغيي على رأسك أي ترفرف والآية العلامة ( وبهذا الإسناد قال ) قال خالد بن صفوان والله ما يأتي علينا يوم إلا ونحن نؤثر الدنيا على ما سواها وما تزداد لنا إلا تخليا وعنا إلا توليا ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا الرياشي لأعرابي يهجو بنيه
( إن بني كلهم كالكلب ** أبرهم أولاهم بسبي )
( لم يغن عنهم أدبي وضربي ** ولا إتساعي لهم وروحبي )
( فليتني مت بغير عقب ** أو ليتني كنت عقيم الصلب )
( قال ) وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي الحضين بن المنذر يهجو ابنه غياظ
( نسي لما أوليت من صالح مضى ** وأنت لتأنيب علي حفيظ )


( تلين لأهل الغل والغمر منهم ** وأنت على أهل الصفاء غليظ )
( عدوك مسرور وذوا الود بالذي ** أتى منك من غيظ علي كظيظ )
( وسميت غياظا ولست بغائظ ** عدوا ولكن الصديق تغيظ )
( فلا حفظ الرحمن روحك حية ** ولا هي في الأرواح حين تفيظ )
( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله
( أن يحسدوني فإني غير لائمهم ** قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا )
( فدام لي ولهم ما بي وما بهم ** ومات أكثرنا غيظا بما يجد )
( أنا الذي يجدوني في صدورهم ** لا أرتقي صدرا منها ولا أرد
( قال ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله
( أخ لي كأيام الحياة إخاؤه ** تلون ألوانا علي خطوبها )
( إذا عبت منه خلة فهجرته ** دعتني إليه خلة لا أعيبها )
( قال ) وأنشدني أبو بكر بن الأزهر مستملي أبي العباس قال أنشدنا الزبير بن بكار لسويد بن الصامت
( ألا ربما تدعو صديقا ولو ترى ** مقالته بالغيب ساءك ما يفري )
( لسان له كالشهد ما دمت حاضرا ** وبالغيب مطرور على ثغرة النحر )
( قال أبو علي ) مطرور محدد من طررت السكين حددتها ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال مات المهلب بمر والروذ بخراسان وكانت ولايته أربع سنين فقال نهار بن توسعة
( ألا ذهب الغزو المقرب للغنى ** ومات الندى والحزم بعد المهلب )
( أقاما بمر والروذ رهن ضريحه ** وقد غيبا عن كل شرق ومغرب )
ثم ولى بعده قتيبة بن مسلم فدخل عليه نهار فيمن دخل وهو يعطى الناس العطاء فقال من

أنت قال نهار بن توسعة قال أنت القائل في المهلب ما قلت قال نعم وأنا القائل
( وما كان مذ كنا ولا كان قبلنا ** ولا كائن من بعد مثل ابن مسلم )
( أعم لأهل الشرك قتلا بسيفه ** وأكثر فينا مغنما بعد مغنم )
قال إن شئت فأقلل وإن شئت فأكثر وإن شئت فاحمد وإن شئت فذم لا تصيب مني خيرا أبدا يا غلام اقرض اسمه من الدفتر فلزم منزله حتى قتل قتيبة وولى يزيد فأتاه فدخل عليه وهو يقول
( إن كان ذنبي يا قتيبة أنني ** مدحت أمرأ قد كان في المجد أو حدا )
( أبا كل مظلوم ومن لا أباله ** وغيث مغيثات أطلن التلددا )
( فشأنك إن الله إن سؤت محسن ** إلي إذا أبقى يزيد ومخلدا
قال احتكم قال مائة ألف درهم فأعطاه إياها ( قال ) وقال أبو عبيدة مرة أخرى بل كان الممدوح مخلد بن يزيد وكان خليفة أبيه على خراسان فكان نهار يقول بعد موته رحم الله مخلدا فما ترك لي بعده من قول ( قال أبو علي ) قال اللحياني دجن بالمكان يدجن دجونا فهو داجن إذا ثبت وأقام ومثله رجن يرجن رجونا فهو راجن ( وقال غيره ) ومنه قيل شاة راجنة إذا أقامت في البيوت على علفها ( وقال اللحياني ) وتن يتن وتونا ( وقال الأصمعي ) الواتن الثابت الدائم ( وقال اللحياني ) تنأ يتنأ تنوأ فهو تانئ وتنخ يتنخ تنوخا فهو تانخ ( قال أبو بكر بن دريد ) ومنه سميت تنوخ لأنها أقامت في موضعها ( وقال اللحياني ) وركد يركد ركودا فهو راكد وألحم يلحم إلحاما ( وقال يعقوب بن السكيت ) وقطن يقطن قطونا فهو قاطن قال العجاج
( قواطنا مكة من ورق الحمى ** )
ومكد يمكد مكودا فهو ماكد ومنه قيل ناقة ماكد ومكود إذا ثبت غزرها فلم يذهب ( قال أبو علي ) وأخبرنا الغالبي عن أبي الحسين بن كيسان عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال زعم الأصمعي أن الغزر لغة أهل البحرين وأن الغزر بالفتح اللغة العالية ( وقال

يعقوب ) ورمك يرمك رموكا فهو رامك وثكم يثكم ثكوما فهو ثاكم وأرك يأرك أروكا فهو آرك وابل أركة في الحمض أي مقيمة فأما الأوارك فالتي تأكل الأراك وعدن بعدن عدنا وزاد اللحياني وعدونا ومنه قيل جنة عدن أي جنة إقامة وإبل عوادن إذا أقامت في موضع ( قال يعقوب ) ومنه المعدن لأن الناس يقيمون فيه في الشتاء والصيف ( قال أبو علي ) إنما قيل له معدن لثبات ذلك الجوهر فيه قال العجاج
( من معدن الصيران عدملي ** ) يعني كناسا فيه وثبات البقر ( وقال يعقوب ) وتلد يتلد تلودا وبلد يبلد بلودا ( قال أبو علي ) ومنه اشتقاق البليد كأنه ثبت فلم يتخط لجواب ولا تصرف ( قال يعقوب ) وأبد يأبد أبودا وألبد يلبد إلبادا فهو ملبد واللبد من الرجال الذي لا يبرح منزله قال الراعي
( من أمر ذي بدوات لا تزال له ** بزلاء يعيا بها الجثامة اللبد )
وألث يلث فهو ملت وألثت السماء إذا دام مطرها وأرب يرب إربابا فهو مرب وألب يلب إلبابا فهو ملب ولب أيضا وهي بالألف أكثر قال ابن أحمر
( لب بأرض ما تخطاها النعم ** )
قال الخليل ومنه قولهم لبيك وسعديك كأنه قال إجابة لك بعد إجابة ولزوما لك بعد لزوم أي كلما دعوتني أجبتك ولزمت طاعتك ورمأ يرمأ ورموأ وخيم يخيم تخييما ورويم يريم ترييما وفنك يفنك فنوكا وفنك في الشيء إ ذا لج فيه وأنشد الفراء
( لما رأيت أمرها في حطي ** وفنكت في كذب ولط )
( أخذت منها بقرون شمط ** حتى علا الرأس دم يغطي )
وأبن يبن إبنانا فهو مبن قال النابغة
( غشيت منازلا بعريتنات ** فأعلى الجزع للحي المبن )
وبجد بالمكان يبجد بجودا فهو باجد ومنه قيل أنا ابن بجدتها أي أنا عالم بها
وحكي يعقوب عن الفراء هو عالم ببجدة أمرك وبجدة أمرك كقولك بداخلة أمرك وقال ابن الأعرابي

أوصب الشيء ووصب إذا ثبت ودام وأنشد العجاج
( تعلو أعاصيم وتعلو أحدبا ** إذا رجت منه الذهاب أو صبا )
( قال أبو علي ) ومن وصب قوله عز وجل بعذاب واصب أي دائم ( وقال الأصمعي ) ثبيت على الشيء دمت عليه وأنشد
( يثبي ثناء من كريم وقوله ** ألا أنعم على حسن التحية واشرب )
( وقال أبو عمرو الشيباني ) التثبيه مدح الرجل حيا وأنشد البيت الذي ذكرناه عن الأصمعي ( وقال غيره ) الطادي الثابت قال القطامي
( وما تقضى بواقي دينها الطادي ** ) والموطود المثبت وموطود من وطد يطد واللغويون يقولون أن هذا من المقلوب ( وقال أبو عبيد ) والأقعس الثابت وأنشد للحرث
( وعزة قعساء ** ) وقال اللحايني أتم يأتم أتوما ووتم يوتم وتوما إذا ثبت في المكان ( قال أبو علي ) وهذان الحرفان على غير قياس لأنه قد كان يجب أن يكون مصدرهما أتما ووتما ويقال أرى بالمكان وتأرى إذا احتبس قال
( لا يتأرى لما في القدر يرقبه ** ولا يعض على شرسوفه الصفر )
وقال آخر
( لا يتأرون في المضيق وإن ** نادى مناد كي ينزلوا نزلوا )
( وقال ابن الأعرابي ) وزحك بالمكان إذا أقام فيه قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال لما حضرت عبد الله ابن شداد بن الهاد الوفاة دعا ابنا له يقال له محمد فقال يا بني إني أرى داعي الموت لا يقلع وأرى من مضى لا يرجع ومن بقى فإليه ينزع وأني موصيك بوصية فاحفظها عليك بتقوى الله العظيم وليكن أولى الأمور بك شكر الله وحسن النية في السر والعلانية فإن الشكور يزداد والتقوى خير زاد وكن كما قال الحطيئة


( ولست أرى السعادة جمع مال ** ولكن التقي هو السعيد )
( وتقوى الله خير الزاد ذخرا ** وعند الله للأتقى مزيد )
( وما لا بد أن يأتي قريب ** ولكن الذي يمضي بعيد )
ثم قال أي لا تزهدن في معروف فإن الدهر وصروف والأيام ذات نوائب على الشاهد والغائب فكم من راغب قد كان مرغوبا إليه وطالب أصبح مطلوبا ما لديه واعلم أن الزمان ذو ألوان ومن يصحب الزمان يرى الهوان وكن أي بني كما قال أبو الأسود الدؤلي
( وعد من الرحمن فضلا ونعمة ** عليك إذا ما جاء للعرف طالب )
( وأن أمرأ لا يرتجي الخير عنده ** يكن هينا ثقلا على من يصاحب )
( فلا تمنعن ذا حاجة جاء طالبا ** فإنك لا تدري متى أنت راغب )
( رأيت التوا هذا الزمان بأهله ** وبينهم فيه تكون النوائب )
ثم قال أي بني كن جوادا بالمال في موضع الحق بخيلا بالأسرار عن جميع الخلق فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجه البر وأن أحمد بخل الحر الضن بمكتوم السر وكن كما قال قيس بن الخطيم الأنصاري
( أجود بمكنون التلاد وأنني ** بسرك عمن سالني لضنين )
( إذا جاوز الإثنين سر فإنه ** بنث وتكثير الحديث قمين )
( وعندي له يوما إذا ما ائتمنتني ** مكان بسوداء الفؤاد مكين )
ثم قال أي بني وإن غلبت يوما على المال فلا تدع الحيلة على حال فإن الكريم يحتال والدني عيال وكن أحسن ما تكون في الظاهر حالا أقل ما تكون في الباطن مالا فإن الكريم من كرمت طبيعته وظهرت عند الإنفاد نعمته وكن كما قال ابن خذاق العبدي
( وجدت أبي قد أورثه أبوه ** خلولا قد تعد من المعالي )


( فأكرم ما تكون علي نفسي ** إذا ما قل في الأزمات مالي )
( فتحسن سيرتي وأصون عرضي ** ويجمل عند أهل الرأي حالي )
( وإن نلت الغنى لم أغل فيه ** ولم أخصص بجفوتي الموالي )
ثم قال أي بني وإن سمعت كلمة من حاسد فكن كأنك لست بالشاهد فإنك أن أمضيتها حيالها رجع العيب على من قالها وكان يقال الأريب العاقل هو الفطن المتغافل وكن كما قال حاتم الطائي
( وما من شميمي شتم ابن عمي ** وما أنا مخلف من يرتجيني )
( وكلمه حاسد في غير جرم ** سمعت فقلت مري فانفذيني )
( فعابوها علي ولم تسؤني ** ولم يعرق لها يوما جبيني )
( وذوا اللونين يلقاني طليقا ** وليس إذا تغيب يأتليني )
( قال أبو علي )
( ما ألوت ما قصرت ** وما الوت ما استطعت )
( سمعت بعيبه فصفحت عنه ** محافظة على حسبي وديني )
قال أبو عليويروى سمعت بغيبه ثم قال أي بني لا تواخ امرأ حتى تعاشره وتتفقد موارده ومصادره فإذا استطعت العشرة ورضيت الخبره الخبره فواخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة وكن كما قال المقنع الكندي
( أبل الرجال إذا أردت إخاءهم ** وتوسمن فعالهم وتفقد )
( فإذا ظفرت بذي اللبابة والتقى ** فبه اليدين قرير عين فاشدد )
( وإذا رأيت ولا محالة زلة ** فعلى أخيك بفضل حلمك فاردد )
ثم قال أي بني إذا أحببت فلا تفرط وإذا أبغضت فلا تشطط فإنه قد كان يقال أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هو ناما عسى أن يكون حبيبك يوماما وكن كما قال هدبة بن الخشرم العذري


( وكن معقلا للحلم واصفح عن الخنا ** فإنك راء ما حييت وسامع )
( وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا ** فإنك لا تدري متى أنت نازع )
( وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا ** فإنك لا تدري متى أنت راجع )
وعليك بصحبة الأخيار وصدق الحديث وإياك وصحبة الأشرار فإنه عار وكن كما قال الشاعر
( أصحب الأخيار وارغب فيهم ** رب من صاحبته مثل الجرب )
( ودع الناس فلا تشتمهم ** وإذا شاتمت فاشتم ذا حسب )
( إن من شاتم وغدا كالذي ** يشتري الصفر بأعيان الذهب )
( واصدق الناس إذا حدثتهم ** ودع الناس فمن شاء كذب )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لكعب
( وذي ندب دامي الأظل قسمته ** محافظة بيني وبين زميلي )
( وزاد رفعت الكف عنه تجملا ** لأوثر في زادي على أكيلي )
( وما أنا للشي الذي ليس نافعي ** ويغضب منه صاحبي بقؤول )
( قال أبو علي ) الندب الأثر وجمعه ندوب وأنداب والأظل باطن خف البعير ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لعروة بن الورد
( لا تشتمني يا ابن ورد فإنني ** تعود على ما لي الحقوق العوائد )
( ومن يؤثر الحق الندوب تكن به ** خصاصة جسم وهو طيان ماجد )
( وإني امرؤ عافي إناني شركة ** وأنت امرؤ عافى إنائك واحد )
( أقسم جسمي في جسوم كثيرة ** وأحسو قراح الماء والماء بارد )
( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة


( أخط مع الدهر إذا ما خطا ** واجر مع الدهر كما يجري )
( من سابق الدهر كبا كبوة ** لم يستقلها من خطا الدهر )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة وأبو بكر بن دريد وأبو الحسين الأعرابي في وصف نار
( رأيت بحزن عزة ضوء نار ** تلالأ وهي واضحة المكان )
( فشبه صاحباي بها سهيلا ** فقلت تبينا ما تبصران )
( أنار أوقدت لتنوراها ** بدت لكما أم البرق اليمان )
( كأن النار يقطع من سناها ** بنائق جبة من أرجوان )
وقرأت على أبي بكر لكثير
( رأيت وأصحابي بأيلة موهنا ** وقد غاب نجم الفرقد المتصوب )
( لعزة نارا ما تبوخ كأنها ** إذا مارمقناها من البعد كوكب )
( قال أبو علي ) تبوخ تخمد ( قال ) وقرأت على أبي بكر للشماخ ويقال أنها لرجل من بني فزارة
( رأيت وقد أتى نجران دوني ** ليالي دون أرحلنا السدير )
( لليلى بالعنيزة ضوء نار ** تلوح كأنها الشعرى العبور )
( إذا ما قلت أخمدها زهاها ** سواد الليل والريح الدبور )
( وما كادت ولو رفعت سناها ** ليبصر ضوءها إلا البصير )
( فبت كأنني باكرت صرفا ** معتقة حمياها تدور )
( أقول لصاحبي هل يبلغني ** إلى ليلى التهجر والبكور )
وقرأت عليه لجميل
( أكذبت طرفي أم رأيت بذي الغضا ** لبثنة نارا فاحبسوا أيها الركب )


( إلى ضوء نار في القتام كأنها ** من البعد والأهوال حبيب بها نقب )
( وما خفيت مني لدن شب ضوءها ** وما هم حتى أصبحت ضوءها يخبو )
( وقال صحابي ما ترى ضوء نارها ** ولكن عجلت واستناع بك الخطب )
( فكيف مع المحراج أبصرت نارها ** وكيف مع الرمل المنطقة الهضب )

( قال أبو علي ) الإستناعة التقدم والمحراج موضع وأنشد بعض أصحابنا
( كأن نيراننا في رأس قلعتهم ** مصقلات على أرسان قصار )
وأنشدنا أبو بكر عن بعض أشياخه عن الأصمعي
( وإني بنار أوقدت عند ذي الحمى ** على ما بعيني من قذى لبصير )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن الزبير عن شيخ قال حدثني رجل من الخضر بالسغد وهو موضع قال جاءنا نصيب إلى مسجدنا فاستنشدته فأنشدنا
( ألا يا عقاب الوكر وكر ضرية ** سقتك الغوادي من عقاب ومن وكر )
( تمر الليالي والشهور ولا أرى ** مرور الليالي منسياتي ابنة العمر )
( تقول صلينا واهجرينا وقد ترى ** إذا هجرت أن لا وصال مع الهجر )
( فلم أرض ما قالت ولم أبد سخطة ** وضاق بما جمجمت من حبها صدري )
( ظللت بذي دوران أنشد بكرتي ** ومالي عليها من قلوص ولا بكر )
( وما أنشد الرعيان إلا تعلة ** بواضحة الأنياب طيبة النشر )
( فقال لي الرعيان لم تلتبس بنا ** فقلت بلى قد كنت منها على ذكر )
( وقد ذكرت لي بالكثيف مؤالفا ** قلاص سليم أو قنلاص بني وبر )


( فقال فريق القوم لا وفريقهم ** نعم وفريق قال ويلك ما ندري )
( قال أبو علي ) أنشدنا أبو بكر بن دريد بعض هذه الأبيات
( فقال فريق القول لا وفريقهم ** نعم وفريق أيمن الله ما ندري )
( أما والذي حج الملبون بيته ** وعظم أيام الذبائح والنحر )
( لقد زادني للجفر حبا وأهله ** ليال أقامتهن ليلى على الجفر )
( فهل يأثمني الله في أن ذكرتها ** وعللت أصحابي بها ليلة النفر )
( وسكنت ما بي من سآم ومن كرى ** وما بالمطايا من جنوح ولا فتر )
قال وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال قال أبو زياد الكلابي إذا احتبس المطر اشتد البرد فإذا مطر الناس كان للبرد بعد ذلك فرسخ أي سكون وسمى الفرسخ فرسخا لأن صاحبه إذا مشى فيه استراح عنه وسكن ( قال ) وقرأت عليه قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال العرب تقول هذا أنتن من مرقات الغنم والواحدة مرقة ة والمرقة صوف العجاف والمرضى تمرق أي تنتف ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي زيد للنظار الفقعسي
( فإن ترفى بدني خفة ** فسوف تصادف حلمي رزينا )
( وتعجم مني عند الحفاظ ** حصاة تفل شبا العاجمينا )
( فإياك والبغي لا تستثر ** حديد النيوب أطال الكمونا )
( ثوى تحمل السم أنيابه ** وحالف لصبا منيعا كنينا )
( رأته الحواة الأولى جربوا ** فلا يبسطون إليه اليمينا )
( قال ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله من كتابه قال قرأت على الرياشي للأعور الشني
( قال أبو علي ) ويقال أنها الإبن خذاق
( لقد علمت عميرة أن جاري ** إذا ضن المنمي من عيالي )


( قال أبو علي ) قال أبو بكر أنكر الرياشي المثمي وقال لعله حرف آخر ويروى المثمر من عيالي ( قال أبو علي ) المثمر والمنمي واحد في المعنى لأنه يقال نمى المال ينمى ونميته أنا وأنميته
( فإني لا أظن على ابن عمي ** بنصري في الخطوب ولا نوالي )
( ولست بقائل قولا لأحظى ** بقول لا يصدقه فعالي )
( وما التقصير قد علمت معد ** وأخلاق الدنية من خلالي )
( وجدت أبي قد أورثه أبوه ** حلالا قد تعد من المعالي )
( فأكرم ما تكون علي نفسي ** إذا ما قل في الأزمات مالي )
( فتحسن سيرتي وأصون عرضي ** وتجمل عند أهل الرأي حالي )
( وإن نلت الغنى لم أغل فيه ** ولم أخصص بجفوتي الموالي )
( ولم أقطع أخا لأخ طريف ** ولم يذمم لطرفته وصالي )
( وقد أصحت لا أحتاج فيما ** بلوت من الأمور إلى سؤال )
( وذلك أنني أدبت نفسي ** وما حلت الرجال ذوي المحال )
( إذا ما المرء قصر ثم مرت ** عليه الأربعون من الرجال )
( قال أبو علي ) قال أبو بكر قال الرياشي الخوالي أشبه
( فلم يلحق بصالحهم فدعه ** فليس بلاحق أخرى الليالي )
( وليس بزائل ما عاش يوما ** من الدنيا يحول على سفال )
( قال أبو علي ) الإتباع على ضربين فضرب يكون فيه الثاني بمعنى الأول فيؤتى به تأكيدا لأن لفظه مخالف للفظ الأول وضرب فيه معنى الثاني غير معنى الأول فمن الإتباع قولهم ( أسوان أتوان ) في الحزن فأسوان من قولهم أسى الرجل يأسى أسى إذا حزن ورجل أسيان وأسوان أي حزين وأتوان من قولهم أتوته آتوه بمعنى أتيته

آتيه وهي لغة لهذيل قال قال خالد بن زهير
( يا قوم ما بال أبي ذؤيب ** كنت إذا أتوته من غيب )
( يشم عطفي ويمس ثوبي ** كأنني أربته بريب )
ويقولون ما أحسن أتو يدي الناقة وأتي يديها يعنون رجع يديها فمعنى قولهم أسوان أتوان حزين متردد يذهب ويجيء من شدة الحزن ويقولون عطشان نطشان فنطشان مأخوذ من قولهم ما به نطيش أي ما به حركة فعناه عطشان قلق ويقولون خزيان سوآن فسوآن مأخوذ من قولهم سوأة سوآء أي أمر قبيح ورجل أسوأ وامرأة سوآء إذا كانا قبيحين وفي الحديث ( سوآء ولود خير من حسناء عقيم ) ويقولون شيطان ليطان فليطان ماخوذ من قولهم لاط حبه بقلبي يلوط ويليط أي لصق ويقال للولد في القلب لوطة أي حب لازق ويقولون هو الوط بقلبي منك وأليط أي ألزق ويقال ما يليط هذا بقلبي وما يلتاط أي ما يلصق ويقال ألاط القاضي فلانا بفلان أي ألحقه به فمعنى قولهم شيطان ليطان شيطان لصوق ويقولون هنىء مريء وهو من قولهم هنأني الطعام ومرأني فإذا أفردوا لم يقولوا إلا امرأني ولم يقولوا مرأني ويقولون عيي شوي فالشوي مأخوذ من الشوى وهو رذال المال ورديئه وقال الشاعر
( أكلنا الشوى حتى إذا لم ندع شوى ** أشرنا إلى خيراتها بالأصابع )
فمعناه عيي رذل ويمكن أن يكون مأخوذا من الشوية وهي بقية قوم هلكوا وجمعها شوايا حدثني بهذا أبو بكر بن دريد وأنشدني
( فهم شر الشوايا من ثمود ** وعوف شر منتعل وحافي )
ويقولون عيى شيي وشيي أصله شوي ولكنه أجرى على لفظ الأول ليكون مثله في البناء ويقولون عريض أريض فالأريض الخليق للخير الجيد النبات ويقال أرض أريضة قال الشاعر


( بلاد عريضة وأرض أريضة ** مدافع غيث في فضاء عريض )
ويقولون غني ملي وهو بمعنى غني ويقولون نبيث خبيث نبيث فالنبيث يمكن أن يكون الذي ينبث شره أي يظهره أو يكون الذي ينبث أمور الناس أي يستخرجها وهو مأخوذ من قولهم نبثت البئر أنبثها إذا أخرجت نبيثتها وهو ترابها وكان قياسه أن يقول خبيث نابث فقيل نبيث لمجاورته لخبيث ويقولون خبيث مجيث كذا حكاه ابن الأعرابي بالميم وأحسبه لغة في نجيث أبدل من النون ميما وفعل به ما فعل بنبيث لما كان في معناها
ويقولون خفيف ذفيف والذفيف السريع ومنه سمي الرجل ذفافة ويقال ذفف على الجريح إذا أجهز عليه ويقولون قسيم وسيم فالقسيم الجميل الحسن يقال رجل قسيم وامرأة قسيمة والقسام الحسن والجمال وأنشد يعقوب
( يسن على مراغمها القسام ** ) وقال العجاج
( ورب هذا البلد المقسم ** ) أي المحسن وقال الشاعر
( ويوما توافينا بوجه مقسم ** كأن ظبيعة تعطوا لي وارق السلم )
أي محسن والوسيم الحسن الجميل يقال رجل وسيم وامرأة وسيمة والميسم الحسن والجمال قال الشاعر
( لو قلت ما في قومها لم تيثم ** يفضلها في حسب وميسم )
ويقولون قبيح شقيح فالشقيح مأخوذ من قولهم شقح البسر إذا تغيرت خضرته بحمرة أو صفرة وهو حينئذ أقبح ما يكون وتلك البسرة تسمى شقحة وحينئذ يقال أشقح النخل فمعنى قولهم قبيح شقيح متناهي القبح ويمكن أن يكون بمعنى مشقوح من قول العرب لأشقحنك شقح الجوز بالجندل أي لأكسرنك فيكون معناه قبيحا مكسورا ( وقال اللحياني ) شقيح لقيح فالشقيح ههنا المكسور على ما ذكرنا واللقيح مأخوذ من قولهم لقحت الناقة ولقح الشجر ولقحت الحرب فمعناه مكسور حامل للشر ( قال ) وحكى عن يونس شقيح نبيح فالنبيح مأخوذ من النباح ومعناه مكسور كثير الكلام ويقولون كثير

بثير فالبثير هو الكثير مأخوذ من قولهم ماء بثر أي كثير فقالوا بثير لموضع كثير كما قالوا مهرة مأمورة وسكة مأبورة وإني لآتيه بالغدايا والعشايا
ويقولون كثير بذير فالبذير المبذور وهو المفرق ويقولن كثير بجير فالبجير لغة في البجيل وهو العظيم كما قالوا وجلت منه ووجرت منه
ويقولون بذير عفير والبذير المبذور والعفير المفرق في العفر وهو التراب أو المجعول في العفر ويقولون ضئيل بئيل فالبئيل هو الضئيل
( قال أبو زيد ) بؤل الرجل يبؤل مآله له إذا ضؤل ويقولون جديد قشيب فالقشيبي الجديد ويقولون شحيح نحيح فالنحيح الذي إذا سئل عن الشيء تنحنح من لؤمه ويقولون سليخ مليخ للذي لا طعم له قال الشاعر
( سليخ مليخ كلحم الحوار ** فلا أنت حلو ولا أنت مر )
فالسليخ المسلوخ الطعم والمليخ المملوخ وهو المنزوع الطعم مأخوذ من قولهم ملخت اللحم من فم الدابة وملخت اليربوع من الحجر وملخت قضيبا من الشجرة إذا نزعته نزعا سهلا والملخ في السير السهل منه
ويقولون فقير وقير فالوقير الموقور من قولهم وقرت العظم أقره والوقرة الهزمة في العظم أنشدنا أبو بكر بن دريد
( رأوا وقرة في العظم مني فبادروا ** بها وعيها لما رأوني أخيمها )
الوعي أن ينجبر العظم على غير استواء والوعى أيضا القيح والمدة يقال وعى الجرح يعي وعيا إذا سال منه القيح والمدة والقول الثاني لأبي زيد وأنشد
( كأنما كسرت سواعده ** ثم وعى جبرها فما ألتأما )
وأخيمها أجبن عنها يقال خام إذا جبن ويقولون مليح قزيح وأصل هذين الحرفين في الطعام فالقزيح المقزوح والمقزوح الذي فيه الأقزاح والأقزاح الأبزار واحدها قزح ومليح بمعنى مملوح من قولهم ملحت القدر أملحها إذا جعلت فيها الملح بقدر فمعنى قولهم مليح قزيح كامل الحسن لأن كمال طيب القدر أن تكون مقزوحة

مملوحة
ويقولون مضيع مسيع والإساعة الإضاعة وناقة مسياع إذا كانت تصبر على الإضاعة والجفاء ومعنى أساع ألقى في السياع وهو الطين قال القطامي
( كما بطنت بالفدن السياعا ** ) والأصل فيه ما أنبأتك ثم كثر حتى قيل لكل مضياع مسياع ولكل مضيع مسيع ويقولون وحيد قحيد وواحد قاحد وهو من قولهم قحدت الناقة إذا عظم سنامها والقحدة السنام ويقال أقحدت أيضا فمعناه أنه واحد عظيم القدر والشأن في شيء واحد خاصة ويقولون أشر أفر فالأشر البطر المرح وكذلك الأفر عند ابن الأعرابي فأما الأفر والأفور فالعدو يقال أفر يأفر أفرا ويقولون هذر مذر فالهذر الكثير الكلام والمذر الفاسد مأخوذ من قولهم مذرت البيضة تمذر مذرا إذا فسدت ومذرت معدته ايضا
ويقولون لحز لصب فاللحز البخيل واللصب الذي لزم ما عنده مأخوذ من قولهم لصب الجلد باللحم يلصب لصبا إذا لصق به من ا لهزال وقال أبو بكر بن دريد لصب السيف يلصب لصبا إذا نشب في جفنه فلم يخرج ويقولون حقر نقر وحقير نقير وحقر نقر واصل هذا في الغنم والبقر فالنقر الذي به النقرة وهو داء يأخذ الشاة في شاكلتها ومؤخر فخذيها فيثقب عرقوبها ويدخل فيه خيط من عهن ويترك معلقا وإذا كانت الشاة كذلك كانت هينة على أهلها قال المرار العدوي
( وحشوت الغيظ في أضلاعه ** فهو يمشي حظلانا كالنقر )
الحظلان أن يمشي رويدا ويظلع يقال قد حظلت تحظل حظلا إذا ظلعت ( وقال ) ابن الأعرابي شاة حظول إذا ورم ضرعها من علة فمشت رويدا وظلعت وأصل الحظل المنع وأنشد يعقوب
( تعيرني الحظلان أم محلم ** فقلت لها لم تقذفيني بدائيا )


( فإني رايت الصامرين متاعهم ** يذم ويفنى فارضخى من وعائيا )
( فلن تجديني في المعيشة عاجزا ** ولا حصرما خبا خبا شديدا وكائيا )
الصامرين المانعين الباخلين يقال صمر يصمر صمورا إذا بخل والحصرم البخيل أيضا وأصل الحصرمة شدة الفتل يقال حصرم حبله وحصرم قوسه إذا شد وترها
ويقال حظلت عليه وحجرت عليه وحصرت عليه وقال يعقوب الحظلان مشي الغضبان
( وقال ) يعقوب قال الغنوي عنز نقرة وتيس نقر ولم أر كبشا نقرا وهو ظلع يأخذ الغنم ثم قيل لكل حقير متهاون به حقر نقر وحقير نقير وحقر نقر ويجوز أن يراد به النقير الذي في النواة فيكون معناه حقيرا متناهيا في الحقارة والمذهب الأول أجود ويقولون ذهب دمه خضرا حضرا وخضرا مضرا اي باطلا فالخضر الأخضر ويقال مكان خضر ويمكن أن يكون مضر لغة في نضر ويكون معنى الكلام أن دمه بطل كما يبطل الكلأ الذي يحصده كل من قدر عليه ويمكن أن يكون خضر من قولهم عشب أخضر إذا كان رطبا ومضر أبيض لأن المضر إنما سمي مضر البياضه ومنه مضيرة الطبيخ فيكون معناه أن دمه بطل طريا فكأنه لم يثأر به فيراق لأجله الدم بقى أبيض وقال بعض اللغويين الخضرة بقيلة وجمعها خضر وأنشد فيه بيتا لإبن مقبل
( تقتادها فرج ملبونة خنف ** ينفخن في برعم الحوذان والخضر )
ويقولون شكس لكس فالشكس السيء الخلق واللكس العسير ويقولون رطب صقر مقر فالصقر الكثير الصقر وصقره عسله والمقر المنقوع في العسل ليبقى وكل شيء أنقعته في شيء فقد مقرته وهو ممقور ومقير ومنه السمك الممقور وهو الذي قد أنقع في الخل ويقولون سغل وغل قال السغل المضطرب الأعضاء السيء الخلق كذا قال الأصمعي وقال غيره السغل السيء الغذاء فأما الوغل فالسيء الغذاء لا أعرف فيه اختلافا والوغل في قول أبي زيد المقصر وفي قول الأصمعي الداخل في قول ليس منهم ويقولون سمج لمج فاللج الكثير

الاكل الذي يلمج كل ما وجده أي يأكله قال لبيد
( يلمج البارض لمجا في الندى ** من مرابيع رياض ورجل )
ويقولون ثقف لقف وثقف لقف واللقف الجيد الإلتقاف ويقولون وتح شقن ووتح شقن ووتيح شقين فالوتح القليل والشقن مثله ويقال وتحت عطيته وشقنت وأشقنتها أنا ويقولون عابس كابس فالعابس من عبوس الوجه وكابس يكبس ويقولون حائر بائر فالحائر المتحير والبائر الهالك والبوار الهلاك وقال أبو عبيدة رجل بائر وبور بضم الباء أي هالك قال ابن الزبعرى
( يا رسول المليك إن لساني ** راتق ما فتقت إذ أنا بور )
ويكون البائر الكاسد من قولهم بارت السوق إذا كسدت ويقولون حاذق باذق فباذق يمكن أن يكون لغة في باثق كما قالوا قرب حثحاث وحذحاذ ونبيثة ونبيذة لتراب البئر فكأن الأصل والله أعلم أن رجلا سقى فأجاد وأكثر فقيل حاذق باذق أي حاذق بالسقى باثق للماء ويقولون حار يار وحران يران وحار جار فالجار الذي يجر الشيء الذي يصيبه من شدة حرارته كأنه ينزعه ويسلخه مثل اللحم إذا أصابه أو ما أشبهه ويمكن أن يكون جار لغة في يار كما قالوا الصهاريج والصهاري وصهريج وصهري وصهري لغة تميم وكما قالوا شيرة للشجرة وحقروه فقالوا شييرة قال الرياشي قال أبو زيد كنا يوما عند المفضل وعنده الأعراب فقلت أيهم يقول شيرة فقالوها فقلت له قل لهم يتحفرونها فقالوا شييرة وحدثني أبو بكر بن دريد قال حدثني أبو حاتم قال سمعت أم الهيثم تقول شيرة وأنشدت
( إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى ** فأبعدكن الله من شيرات )
فقلت يا أم الهيثم صغريها فقالت شيرة ويمكن أن يكونوا أبدلوا في الحاء هاء كما قالوا مدحته ومدهته والمدح والمده ثم أبدلوا من الهاء ياء كما أبدلوا في هذه وهذي وهذا

الإبدال قليل في كلامهم فقد حكى الرؤاسي عن العرب أنهم يقولون بإقلاء هار ويقولون خاسر دابر وخاسر دامر وخسر دمر وخسر دبر فالدابر يمكن أن يكون لغة في الدامر وهو الهالك ويمكن أن يكون الدابر الذي يدبر الأمر أي يتبعه ويطلبه بعدما فات وأدبر ومنه قيل لهذا الكوكب الذي بعد الثريا الدبران لأنه يدبر الثريا ومنه الراي الدبري وهو الذي لا يأتي إلا عن دبر يقال فلان لا يأتي الصلاة إلا دبريا أي في آخرها ويمكن أن يكون الدابر الماضي الذاهب كما قال الشاعر
( وأبي الذي ترك الملوك وجمعهم ** بصهاب هامدة كأمس الدابر )
أي الذاهب الماضي ويقولون ضال تال فالتال الذي يتل صاحبه أي يصرعه كأنه يغويه فيلقيه في هلكة لا ينجو منها ومنه قوله عز وجل وتله للجبين وقال أبو بكر بن دريد كل شيء ألقيته على الأرض مما له جثة فقد تللته ومنه سمى التل من التراب وقال بعض أهل العلم رمح متل إنما هو مفعل من التل وأنشد
( فرابن قهوس الشجاع ** بكفه رمح متل ** يعدو به خاظي البضيع كأنه سمع أزل ) الخاظي الكثير اللحم والبضيع اللحم ويقولون جائع نائع فالنائع فيه وجهان يكون المتمايل أنشد أبو بكر بن دريد
( مثاله مثل القضيب النائع ** ) ويكون العطشان وقرأت على أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه
( لعمر بني شهاب ما أقاموا ** صدور الخيل والأسل النياعا )
يعني الرماح العطاش ويقولون سادم نادم فالسادم المهموم ويقال الحزين ويقال السدم الغضب مع هم ويقال غيظ من حزن ويقولون تافه نافه فالتافه القليل والنافه الذي يعيى صاحبه أنشد أبو زيد
( ولن أعود بعدها كريا ** أمارس الكهلة والصبيا ** والعزب المنفه الاميا )
وقال الأمي العيي القليل الكلام والمنفه الذي قد نفهه السير أي أعياه ويكون النافه المعيى

في نفسه ويقولو ن أحمق تاك وفاك فتاك من قولهم تك الشيء يتكه تكا إذا وطئه حتى يشدخه ولا يكون ذلك الشيء ألا لينا مثل الرطب والبطيخ وما أشبههما والأحمق مولع بوطء أمثالهما وفاك من الفكة وهو الضعف قال الشاعر
( الحزم والقوة خير من الإدهان والفكة والهاع ** )
وقال ابن الأعرابي شيخ تاك وفاك فمعناه أن الشيخ لضعفه إذا وطىء لم يقدر أن يشدخ غير الشيء اللين وفاك هرم وقد فك يفك فكا وفكوكا فهو فاك ويقال عنز فاكة ونعجة فاكة ويقولون سائغ لائغ وسيغ ليغ فاللائغ الذي لا يتبين نزوله في الحلق من سهولته ( وقال ) أبو عمرو الأليغ الذي لا يبين الكلام وامرأة ليغاء فأصلها من لاغ يليغ وإن كان لم يصل إلى الآخر لاغ ويليغ ويقولون مائق دائق فالدائق الهالك حمقا كذا قال أبو زيد فأما الدانق بالنون فالساقط المهزول من الرجال كذا قال أبو عمرو وأنشد
( أن ذوات الدل والبخانق ** قتلن كل وامق وعاشق ** حتى تراه كالسليم الدانق )
( قال أبو علي ) البخايف البراقع الصغار واحدها بخنق ويقولون عك أك فالعك والعكة والعكيك شدة الحر والأك والأكة الحر المحتدم يقال يوم ذوأك والأك أيضا الضيق قال رؤبة
( تفرجت أكاته وعممه ** عن مستثير لا يرد قسمه )
ويقال أكه يؤكه أكا إذا زحمه والزحام تضييق ويقولون كزلز فاللز اللاصق بالشيء من قولهم لززت الشيء بالشيء إذا الصقته به وقرنته إليه والعرب تقول هو لزاز شر ولزيز شر ولز شر ويقولون فدم لدم فالفدم العيي البليد ويقال الجبان واللدم الملدوم وهو الملطوم كما قالوا ماء سكب أي مسكوب ودرهم ضرب أي مضروب أبدلت الطاء دالا لتشاكل الكلام
ويقولون رغما دغما شنغما فالدغم والدغمة أن يكون وجه الدابة وحجافلها تضرب إلى السواد ويكون وجهها مما يلي حجافلها أشد سوادا من سائر

جسدها فكأنه قال أرغمه الله وسود وجهه ويمكن أن يكون الدغم الدخول في الأرض فيكون من قولهم أدغمت الحرف في الحرف وأدغمت اللجام في فم الفرس فأما شنغم فلا أعرف له اشتقاقا وسألت عنه جميع شيوخنا فلم أجد أحدا يعرفه وقد ذكره سيبويه في الابنية وكان مشايخنا يزعمون أن كثيرا من أهل النحو صحف في هذا الحرف في كتاب سيبويه فقال شنعم بالعين غير المعجمة والذي روى ذلك له وجه من الإشتقاق وهو أن تجعل الميم زائدة كما أنها في زرقم وستهم وجلهمة ويكون اشتقاقه من الشناعة كأنه قال أرغمه الله وأدغمه الله وشنع به
ويقولون فعلت ذلك على رغمه وشنعه ويقولون رطب ثعد معد فالثعد اللين والمعد الكثير اللحم الغليظ وكان أبو بكر بن دريد يقول اشتقاق المعدة من هذا ويمكن أن يكون المعد الممعود وهو المنزوع المأخوذ فأقيم المصدر مقام المفعول كما قا لوا هذا درهم ضرب الأمير أي مضروب الأمير ويكون من قولهم معدت الشيء إذا نزعته وأقتلعته ويقولون مررت بالرمح وهو مركوز فامتعدته فيكون معناه على هذا رطب لين منزوع من الشجرة لوقته
ويقولون أحمق بلغ ملغ قال أبو زيد البلغ الذي يسقط في كلامه كثيرا وقال ابن الاعرابي يقال بلغ وبلغ وقال ابو عبيدة البلغ البليغ بفتح الباء وقال غيره البلغ والبلغ الذي يبلغ ما يريد من قول أو فعل والملغ الذي لا يبالي ما قال وما قيل له هكذا قال أبو زيد وقال أبو عبيدة الملغ الشاطر وأبو مهدي الأعرابي هو الذي سمى عطاء ملغا ويقولون حسن بسن ( قال أبو علي ) يجوز أن تكون النون في بسن زائدة كما زادوا في قولهم امرأة خلبن وهو الخلابة وناقة علجن من التعلج وهو الغلظ وامرأة سمعنة نظرنة وسمعنة نظرنة إذا كانت كثيرة النظر والإستماع فكان الأصل في بسن بسا وبس مصدر بسست السويق أبسه بسا فهو مبسوس إذا لتته بسمن أو زيت ليكمل طيبه فوضع البس موضع المبسوس وهو المصدر كما قلت هذا درهم ضرب الأمير تريد مضروبه ثم حذفت إحدى

السينين وزيد فيه النون وبني على مثال حسن فمعناه حسن كامل الحسن وأحسن من هذا المذهب الذي ذكرناه أن تكون النون بدلا من حرف التضعيف لأن حروف التضعيف تبدل منها الياء مثل تظنيت وتقضيت وأشبهاههما مما قد مضى فلما كانت النون من حروف الزيادة كما أن الياء من حروف الزيادة وكانت من حروف البدل كما أنها من حروف البدل أبدلت من السين إذ مذهبهم في الإتباع أن تكون أواخر الكلم على لفظ واحد مثل القوافي والسجع ولتكون مثل حسن ويقولون حسن قسن فعمل بقسن ما عمل ببسن على ما ذكرنا والقس تتبع الشيء وطلبه فكأنه حسن مقسوس أي متبوع مطلوب
ومن الأتباع قولهم لحمه خظا بظاو بظا بمعنى خظا وهو كثرة اللحم ويقولون بظا يبظو إذا كثر لحمه فأما قول الرجل لأبي الأسود خظيت وبظيت فيمكن أن يكون من هذا أي زادت عنده ( وسئل ) ابن الأعرابي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الصدوق يعطى ثلاث خصال الهيبة والملحة والمحبة ) فقال يمكن أن تكون الملحة من قولهم تملحت الإبل إذا سمنت فكأنه يعطي الزيادة والفضل
ويقولون أجمعون أكتعون فأكتعون بمعنى أجمعين وقال أبو بكر بن دريد كتع الرجل إذا تقبض وانضم ( قال ) ويقال كتع كتعا إذا شمر في أمره فيجوز أن يكون جاؤا أجمعين منضمين بعضهم إلى بعض ويقولون أجمعون أبصعون فابصعون من قولهم تبصع العرق إذا سال ورشح وقد روى بيت أبي ذؤيب
( إلا الحميم فإنه يتبصع ** )
أي يسيل سيلانا لا ينقطع فكأنه قال أجمعون متتابعون لا ينقطع بعضهم عن بعض كالشيء السائل ويقولون ضيق ليق فالضيق اللأصق لما تضمنه من ضيق والليق مأخوذ من قولهم لاقت الدواة إذا التصقت ولاقت المرأة عند زوجها أي لصقت بقلبه
قال الأصمعي ولا أعرف ضيق عيق ( قال أبو علي ) فإن قيل ضيق عيق فهو صواب لأنهم يقولون ما لاقت المرأة عند زوجها ولا عاقت أي لم تلصق بقلبه ويقال عفريت نفريت وعفرية نقرية فعفريت فعليت من العفر يريدون به

شدة العفارة ويمكن أن يكون عفريت فعليتا من العفر وهو التراب كأنه شديد التعفير لغيره أي التمريغ له ونفريت فعليت من النفور يمكن أن يكونوا أرادوا شديد النفور ويمكن أن يكونوا أرادوا شدة التنفير لغيره ويقال أنه لمعفت ملفت فالمعفت الذي يعفت الشي أي يدقه ويكسره يقال عفت عظمه إذا كسره والملفت مثله في المعنى يقال ألفت عظمه إذا كسره ويجوز أن يكون الملفت الذي يلفت الشيء أي يلويه يقال لفت ردائي على عنقي وأنشد أبو بكر بن دريد
( أسرع من لفت رداء المرتدي ** )
يقال لفت الشيء إذا عصدته وكل معصود ملفوت ومنه اللفيته وهي العصيدة والعصد اللى ويقولون سبحل ربحل فالسجل الضخم يقال سقاء سبحل وسحبل وسبحلل
قال الأصمعي ونعتت امرأة من العرب ابنتها فقالت سبحلة ربحله تنمي نبات النخله وقال أبو زيد الربحلة العظيمة الجيدة الخلق في طول
وقيل لأبنة الخس أي الإبل خير فقالت السبحل الربحل الراحلة الفحل والربحل مثل السبحل في المعنى ومنه قول عبد المطلب لسيف وملكا ربحلا يعطي عطاء جزلا يريد ملكا عظيما
ويقولون في صفة الذئب سملع هملع والهملع السريع وكذلك السملع أنشدني أبو بكر ابن دريد لبعض الرجاز
( مثلي لا يحسن قول فع فع ** والشاة لا تمشي على الهملع )
تمشي تنمى ( قال ) والفعفعة زجر من زجر الغنم ويقولون هو لك أبدا سمدا سمرمدا ومعناها كلها واحد ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال سمعت أعرابيا يذم مدينة دخلها وهو يقول نزلت بذلك الوادي فإذا ثياب أحرار على أجساد عبيد إقبال حظهم إدبار حظ الكرام ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال أغار قوم على قوم من العرب فقتل منهم عدة نفر وأفلت منهم رجل فتعجل إلى الحي فلقيه ثلاث نسوة يسألن عن آبائهن

فقال لتصف كل واحدة منكن أباها على ما كان فقالت إحداهن كان ابي على شقاء مقاء طويلة الأنقاء تمطق أنثياها بالعرق تمطق الشيخ بالمرق فقال نجا أبوك فقالت الأخرى كان أبي على طويل ظهرها شديد أسرها هاديها شطرها فقال نجا أبوك فقالت الأخرى كان أبي على كزة أنوح يرويها لبن اللقوح قال قتل أبوك فلما انصرف الغل أصابوا الآمر كما ذكر قال أبو علي الشقاء الطويلة وكذلك المقاء والمقق الطول ورجل أشق وأمق إذا كان طويلا والنقي كل عظم فيه مخ وجمعه أنقاء والتمطق التذوق وهو أن يطبق احدى الشفتين على الاخرى مع صوت يكون بينهما والأسر الخلق قال الله عز وجل وشددنا أسرهم والهادى العنق والأنوح الكثير الزحير في جريه يقال منه أنح يأنح أنوحا وهو ذم في الخيل أنشد يعقوب
( جرى ابن ليلى جرية السبوح ** جرية لأوان ولا أنوح )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس لقيس بن ذريح )
( وفي عروة العذري إن مت أسوة ** وعمرو بن عجلان الذي قتلت هند )
( وبي مثل ماما تابه غير أنني ** إلى أجل لم يأتني وقته بعد )
( هل الحب إلا عبرة بعد عبرة ** وحر علي الأحشاء ليس له برد )
( وفيض دموع العين يا ليل كلما ** بدا علم من أرضكم لم يكن يبدو )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي ليزيد المهلبي
( لا تخافي إن غبت أن نتناساك ** ولا إن وصلتنا أن نملا )
( إن تغيبي عنا فسقيا ورعيا ** أو تحلي فينا فأهلا وسهلا )
( قال أبو علي ) قال أبو زيد من أمثال العرب لأفشنك فش الوطب يقوله الرجل للآخر إذا رآه منتفخا من الغضب لأي لأذهبن انتفاخك يقال فششت الوطب أفشه فشا )

إذا حللت وكاءه وهو منفوخ فيخرج منه ما فيه من الريح ( وقال الأصمعي ) من أمثالهم هما كعكمى عير يقال للشيئين المستويين ويقال هما كركبتي البعير وهو مثله ويقال سواسية كأسنان الحمار مثله وسواسية مستوون ولم يعرف الأصمعي لسواسية واحدا
ويقال هم كأسنان المشط ( قال اللحياني ) يقال انتقع لونه واستفع لونه من السفعة وهي السواد واهتقع لونه والتمع لونه والتمي لونه واستقع لونه والتقع واستنقع وابتسر والتهم وانتسف وانتشف وقال اللحياني ويقال في الدعاء على الانسان ماله عبر وسهر وحرب وجرب ورجل ( قال ) ورجل من الرجلة ( قال أبو علي ) وعبر من العبرة وحرب من الحرب والحرب السلب وكان أبو بكر بن دريد يقول اشتقاق الحرب من الحرب ( وقال اللحياني ) يقال آم وعام فآم ماتت امرأته ( قال أبو علي ) وعام اشتهى اللبن يراد بذلك ذهبت ابله وغنمه فعام إلى اللبن ( قال ) ويقال ماله مال وعال فمال جار وعال افتقر ويقال ماله شرب بلزن ضاح أي في ضيق مع حر الشمس ( قال أبو علي ) اللزن الضيق والضاحي البارز للشمس الذي لا يستره شيء ( قال ) ويقال ماله أحر الله صداه أي أعطش الله هامته ( قال أبو علي ) ومعنى هذا الكلام أي قتل فلم يثأر به لأن العرب تزعم أن القتيل يخرج من هامته طائر يسمى الهامة فلا يزال يصبح على قبره اسقوني حتى يقتل قاتله ومنه قول ذي الإصبع العدواني
( يا عمرو ان لا تدع شتمي ومنقصتي ** أضربك حتى تقول الهامة اسقوني )
يعني رأسه ويقولون ماله أبلاه الله بالحرة تحت القرة أي العطش والبرد ( قال أبو علي ) الحرة حرارة الجوف من العطش قال الشاعر
( ما كان من سوقة أسقى على ظمإ ** ماء بخمر إذا ناجودها بردا )
( من ابن مامة كعب ثم عيى به ** زو المنية إلا حرة وقدى )
( قال أبو علي ) يريد عيي به والزو الهلاك ( قال ) ويقولون ماله وراه الله والوري سعال

يقيء منه دما وقيحا والعرب تقول للبغيض إذا سعل وريا قحابا فالقحاب السعال وللحبيب إذا عطس عمرا وشبابا ( قال أبو علي ) الوري مصدر والوري الإسم ( قال اللحياني ) وحكى عن أبي جعفر قال العرب تقول بفيه البرى وهو التراب وحمى خيبرا أي خيبر فإنه خيسرا أي ذو خسر
قال وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قيل لامرأة من العرب أي الإبل أكرم قالت السريعة الدرة الصبور تحت القرة التي يكرمها أهلها إكرام الفتاة الحرة قالت الأخرى نعمت الناقة هذه وغيرها أكرم منها قيل وما هي قالت الهموم الرموم القطوع للديموم التي ترعى وتسوم أي لا يمنعها مرها وسرعتها أن تأخذ والرموم التي لا تبقي شيأ والهموم الغزيرة
قال وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا أحمد بن يحيى قال قال سعيد بن العاص ما شتمت رجلا مذ كنت رجلا ولا زاحمته بركبتي ولا كلفت ذا مسئلتي أن يبذل ماء وجهه فيرشح جبينه رشح السقاء ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن عيسى الأنصاري عن ابن عائشة قال سأل عبد الرحمن بن حسان رجلا حاجة فقصر فيها فسألها غيره فقضاها فكتب عبد الرحمن إلى الأول
( ذممت ولم تحمد وأدركت حاجتي ** تولى سواكم شكرها واصطناعها )
( أبى لك فعل الخير رأى مقصر ** ونفس أضاق الله بالخير باعها )
( إذا هي حثته على الخير مرة ** عصاها وإن همت بسوء أطاعها )
وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال أسرت طيء رجلا شابا من العرب فقدم أبوه وعمه ليفدياه فاشتطوا عليهما في الفداء فأعطيا لهم عطية لم يرضوها فقال أبوه لا والذي جعل الفرقدين يمسيان ويصبحان على جبلء جبلى طيء لا أزيدكم على ما أعطيتكم ثم انصرفا فقال الأب للعم لقد ألقيت إلى ابن كليمة لئن كان فيه خير لينجون فما لبث أن نجا وأطرد قطعة من إبلهم فكأن أباه قال له الزم الفرقدين على جبلى طيء فإنهما

طالعان عليهما وهما لا يغيبان عنه ( وبهذا الإسناد ) قال ابن الأعرابي الورث في الميراث والإرث في الحسب وقال إذا نمت من أول الليل نومة ثم قمت فتلك الناشئة ( قال ) ويقال رجل معم ملم أي يعم القوم ويجمعهم قال وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( ثلاثة أبيات فبيت أحبه ** وبيتان ليسا من هواي ولا شكلي )
( فيا أيها البيت الذي حيل دونه ** بنا أنت من بيت وأهلك من أهل )
( بنا أنت من بيت دخولك لذة ** وظلك لو يسطاع بالبارد السهل )
قال وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى
( أتيت بني عمي ورهطي فلم أجد ** عليهم إذا اشتد الزمان معولا )
( ومن يفتقر في قومه يحمد الغنى ** وإن كان فيهم ماجد العم مخولا )
( يمنون أن أعطوا ويبخل بعضهم ** ويحسب عجزا سمته إن تجملا )
( ويزري بعقل المرء قلة ماله ** وإن كان أقوى من رجال وأحولا )
( فإن الفتى ذا الحزم رام بنفسه ** حواشي هذا الليل كي يتمولا )
قال وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
( الحمد لله حمدا دائما أبدا ** في كل حال هو المسترزق الوزر )
( فليس ما يجمع المثري بحيلته ** وليس بالعجز من لم يثر يفتقر )
( أن المقاسم أرزاق مقدرة ** بين العباد فمحروم ومدخر )
( فما رزقت فإن الله جالبه ** وما حرمت فما يجري به القدر )
( فاصبر على حدثان الدهر منقبضا ** عن الدناءة أن الحر يصطبر )
( ولا تبيتن ذاهم تعالجه ** كأنه النار في الأحشاء تستعر )
( على الفراش لنور الصبح مرتقبا ** كأن جنبك مغرور به الإبر )


( فالهم فضل وطول العيش منقطع ** والرزق آت وروح الله منتظر )
( قال أبو علي ) الروح السرور والفرح قال الله عز وجل فروح وريحان والريحان الرزق
قال وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن يزيد الأزدي يعني المبرد قال قال سعيد بن سلم مدحني أعرابي ببيتين لم أسمع أحسن منهما
( أيا ساريا بالليل لا تخش ضلة ** سعيد بن سلم ضوء كل بلاد )
( لنا مقرم أربى على كل مقرم ** جواد حثا في وجه كل جواد )
فأغفلت صلته فهجاني ببيتين لم أسمع أهجى منهما وهما قوله
( لكل أخي مدح ثواب علمته ** وليس لمدخ الباهلي ثواب )
( مدحت ابن سلم والمديح مهزة ** فكان كصفوان عليه تراب )
قال وأنشدنا أحمد بن يحيى
( قد مررنا بمالك فوجدناه ** سخيا إلى المكارم ينمي )
( ورحلنا إلى سعيد بن سلم ** فإذا ضيفه من الجوع يرمي )
يرمى بنفسه أي يموت
( وإذا خبزه عليه سيكفيكهم الله ما بدا ضوء نجم )
( وإذا خاتم النبي سليمان ** بن داود قد علاه بختم )
( فارتحلنا من عنند هذا بحمد ** وارتحلنا من عند هذا بذم )
قال وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى ( قال أبو علي ) وقرأت هذه الأبيات على أبي بكر بن دريد والألفاظ في الروايتين مختلفة ولم يسم قائلها أبو عبد الله وقال أبو بكر هي لسالم بن وابصة
( أحب الفتى ينفي الفواحش سمعه ** كأن عن كل فاحشة وقرا )
( سليم دواعي الصدر لا باسطا أذى ** ولا مانعا خيرا ولا ناطقا هجرا )


( إذا ما أتت من صاحب لك زلة ** فكن أنت محتالا لزلته عذرا )
( غنى النفس ما يكفيه من سد خلة ** وإن زاد شيأ عاد ذاك الغنى فقرأ )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله أنشدنا أبو علي العنزي للأفوه الأودي ( قال أبو علي ) وقرأتها على أبي بكر بن دريد في شعر الأفوه واسمه صلاءة بن عمرو
( فينا معاشر لم يبنوا لقومهم ** وإن بنى قومهم ما أفسدوا وعادوا )
وروى أبو بكر بن الأنباري منا معاشر لن يبنوا
( لا يرشدون ولن يرعوا لمرشدهم ** فالجهل منهم معا والغي ميعاد )
( أضحوا كقيل بن عمرو في عشيرته ** إذ أهلكت بالذي سدى لها عاد )
وروى أبو بكر بن الأنباري
( كانوا كمثل لقيم في عشيرته ** إذا أهلكت بالذي قد قدمت عاد )
( أو بعده كقدار حين نابعه ** على الغواية أقوام فقد بادوا )
وروى أبو بكر بن الأنباري حين طاوعه
( والبيت لا يبتنى إلا له عمد ** ولا عماد إذا لم ترس أوتاد )
وروى أبو بكر ولا عمود
( فإن تجمع أوتاد وأعمدة ** وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا )
( قال أبو علي ) وزادنا أبو بكر بن الأنباري بعد هذا بيتا وهو
( وإن تجمع أقوام ذو وحسب ** اصطاد أمرهم بالرشد مصطاد )
( لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ** ولا سراة إذا جهالهم سادوا )
( تبقى الأمور بأهل الرأي ما صلحت ** فإن تولت فبالاشرار تنقاد )
وروى أبو بكر بن الأنباري تهدى الأمور
( إذا تولى سراة القوم أمرهم ** نما على ذاك أمر القوم فازدادوا )


( أمارة الغي أن يلقي الجميع لذي الأبرام للأمر والأذناب أكتاد ** )
( حان الرحيل إلى قوم وإن بعدوا ** فيهم صلاح لمرتاد وإرشاد )
وروى أبو بكر بن الأنباري آن الرحيل ( قال ) أبو علي وقرأت على أبي بكر بن دريد حان الرحيل ويروى لأرحلن إلى قوم
( فسوف أجعل بعد الأرض دونكم ** وإن دنت رحم منكم وميلاد )
( إن النجاء إذا ما كنت ذا نفر ** من أجة الغي إبعاد فإبعاد )
( قال أبو علي ) وزادنا أبو بكر بن الأنباري بعد هذا بيتا وهو
( فالخير تزداد منه ما لقيت به ** والشر يكفيك منه قلما زاد )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال نازع القتال الكلابي وهو عبيد بن المضرحي رجلا من قومه فقال له الرجل أنت كل على قومك والله أنك لخامل الذكر والحسب ذليل النفر خفيف على كاهل خصمك كل على ابن عمك فقال القتال
( أنا ابن أسماء أعمامي لها وأبي ** إذا ترامى بنو الإموان بالعار )
( لا أرضع الدهر إلا ثدي واضحة ** لواضح الجد يحمي حوزة الجار )
( من آل سفيان أو ورقاء يمنعها ** تحت العجاجة ضرب غير عوار )
( يا ليتني والمنى ليست بنافعة ** لمالك أو لحصن أو لسيار )
( طوال أنضية الأعناق لم يجدوا ** ريح الإماء إذا راحت بأزفار )
( لا يتركون أخاهم في مودأة ** يسفي عليه دليل الذل والعار )
( ولا يفرون والمخزاة تقرعهم ** حتى يصيبوا بأيد ذات أظفار )
( قال أبو علي ) النضي عظم العنق والأزفار الأحمال واحدها زفر والمودأة المضيقة من قولهم تودأت عليه الأرض إذا استوت عليه فوارته ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري

قال أنشدني أبي
( أي شيء يكون أعجب أمرا ** إن تفكرت من صروف الزمان )
( عارضات السرور توزن فيه ** والبلايا تكال بالقفزان )
قال وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لكبشة أخت عمرو بن معد يكرب
( وأرسل عبد الله إذ حان حينه ** إلى قومه لا تعقلوا لهم دمي )
( ولا تأخذوا منهم إفالا وأبكرا ** وأترك في بيت بصعدة مظلم )
( ودع عنك عمرا أن عمرا مسالم ** وهل بطن عمر وغير شبر لمطعم )
( فإن أنتم لم تقبلوا واتديتم ** فمشوا بآذان النعام المصلم )
( ولا تردوا إلا فضول نسائكم ** إذا ارتملت أعقابهن من الدم )
( قال أبو علي ) إلا فال جمع أفيل وهي صغار أولاد الإبل وارتملت التطخت يعني إذا حضن قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا العكلي عن الحرمازي قال حدثنا الهيثم عن مجالد عن الشعبي قال دخل صعصعة بن صوحان على معاوية رضي الله عنه أول ما دخل عليه وقد كان يبلغ معاوية عنه فقال معاوية رحمه الله ممن الرجل فقال رجل من نزار قال وما نزار قال كان إذا غزا انحوش وإذا انصرف انكمش وإذا لقي افترش قال فمن أي ولده أنت قال من ربيعة قال وما ربيعة قال كان يغزو بالخيل ويغير بالليل ويجود بالنيل قال فمن أي ولده أنت قال من أمهر قال وما أمهر قال كان إذا طلب أفضى وإذا أدرك أرضى وإذا آب أنضى قال فمن أي ولده أنت قال من جديلة قال وما جديلة قال كان يطيل النجاد ويعد الجياد ويجيد الجلاد قال فمن أي ولده أنت قال من دعمي قال ومادعمي قال كان نارا ساطعا وشرا قاطعا وخيرا نافعا قال فمن أي ولده أنت قال من أفصى قال وما أفصى قال كان ينزل القارات ويكثر الغارات ويحمي الجارات قال فمن أي ولده أنت قال من عبد القيس قال وما عبد القيس قال

أبطال ذاده حجاحجة ساده صناديد قاده قال فمن أي ولده أنت قال من أفصى قال وما أفصى قال كانت رماحهم مشرعه وقدورهم مترعه وجفانهم مفرغه قال فمن أي ولده أنت قال من لكيز قال ومان لكيز قال كان يباشر القتال ويعانق الأبطال ويبدد الأموال قال فمن أي ولده أنت قال من عجل قال وما عجل قال الليوث الضراغمه الملوك القماقمه القروم القشاعمه قال فمن أي ولده أنت قال من كعب قال وما كعب قال كان يسعر الحرب ويجيد الضرب ويكشف الكرب قال فمن أي ولده أنت قال من مالك قال وما مالك قال هو الهمام للهمام والقمقام للقمقام فقال معاوية رحمه الله ما تركت لهذا الحي من قريش شيأ قال بل تركت أكثره وأحبه قال وما هو قال تركت لهم الوبر والمدر والأبيض والأصفر والصفا والمشعر والقبة والمفخر والسرير والمنبر والملك إلى المحشر قال أما والله لقد كان يسوءني أن أراك أسيرا قال وأنا والله لقد كان يسوءني أن أراك أميرا ثم خرج فبعث إليه فرد ووصله وأكرمه ( قال أبو علي ) القارات جمع قارة وهي الجبيل الصغير ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال قال معاوية رحمه الله لعقال بم سادكم الأحنف وهو خارجي فقال إن شئت حدثتك عنه بخصلة وإن شئت بإثنتين وإن شئت بثلاث وإن شئت حدثتك إلى الليل قال حدثني عنه بثلاث خصال قال لم أر أحدا من خلق الله كان أغلب لنفسه من الأحنف فقال نعم والله الخصلة قال ولم أر أحدا من خلق الله أكرم لجليس من الأحنف قال نعم والله الخصلة قال ولم أر أحدا من خلق الله كان أحظى من الأحنف قال كان يفعل الرجل الشيء فتصير حظوته للأحنف قال وأنشدني أبو بكر رحمه الله
( بطون الضأن رمحك حين تغدو ** تشد به وليس له سنان )
( سلاح لم يكن إلا لغدر ** به قتل الأشداء الجبان )

وأتيتك على عدواء الشغل أي على اختلاف الأمر بالشغل وصرف الشغل وروى أبو عبيد عن الأصمعي العداوء الشغل ويقال عداه عن كذا وكذا يعدوه إذا صرفه وعده عن ذلك أي اصرفه والعوادي الصوارف واحدتها عادية قال ساعدة
( هجرت غضوب وحب من يتجنب ** وعدت عواد دون وليك تشعب )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو عبد الله عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال يقال أعداه المرض وأنشدنا هو ولم يعزه إلى ابن الأعرابي
( فوالله ما أدري أطائف جنة ** تأوبني أم لم يجد أحدا وجدي )
( عشية لا أعدي بدائي صاحبي ** ولم أر داء مثل دائي لا يعدي )
( وكان الصبا خدن الشباب فأصبحا ** وقد تركاني في مغانيهما وحدي )
( قال الأصمعي ) يقال ما عدا ذاك بني فلان أي ما جاوزهم قال وأنشدني أبو عمرو لبشر بن أبي حازم
( فأصبحت كالشقراء لم يعد شرها ** سنابك رجليها وعرضك أوفر )
ويقال الزم أعداء الوادي أي نواحيه وقال أبو نصر العدوة والعدوة الساحة والفناء وقال غيره العدوة والعدوة جانب الوادي
وقال الأصمعي يقال نزلت في قوم عدى وعدى أي أعداء والعدى أيضا الغرباء وقال أبو حاتم العدى الأعداء والعدى الغرباء فأما عدى فليس من كلام العرب إلا أن تدخل الهاء فتقول عداة والعادي العدو
قال الأصمعي خاصمت بنت حلوى امرأة فقالت ألا تقومين أقام الله ناعيك وأشمت الله رب العرش عاديك ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة للمغيرة بن حبناء


( خذ من أخيك العفو واغفر ذنوبه ** ولا تك في كل الأمور تعاتبه )
( فإنك لن تلقى أخاك مهذبا ** وأي امرئ ينجو من العيب صاحبه )
( أخوك الذي لا ينقض النأي عهده ** ولا عند صرف الدهر يزور جانبه )
( وليس الذي يلقاك بالبشر والرضا ** وإن غبت عنه لسعتك عقاربه )
قال وقرأت على أبي بكر رحمه الله للمغيرة
( إذا أنت عاديت امرأ فاظفر له ** على عثرة إن أمكنتك عواثره )
( قال أبو علي ) اظفر افتعل من الظفر وهو الوثب
( وقارب إذا مالم تجد لك حيلة ** وصمم إذا أيقنت أنك عاقره )
( فإن أنت لم تقدر على أن تهينه ** فذره إلى اليوم الذي أنت قادره )
وفي هذه القصيدة يقول
( وقد ألبس المولى على ضغن صدره ** وأدرك بالوغم الذي لا أحاضره )
( وقد يعلم المولى على ذاك أنني ** إذا ما دعا عند الشدائد ناصره )
( وإني لأجزي بالمودة أهلها ** وبالشر حتى يسأم الشر حافره )
( وأغضب للمولى فأمنع ضيمه ** وإن كان غشا ما تجن ضمائره )
( وأحلم ما لم ألق في الحلم ذلة ** وللجاهل العريض عندي زاجره )
( قال أبو علي ) ويروى عندي مزاجره
( وإني لخراج من الكرب بعدما ** تضيق على بعض الرجال حظائره )
( حمول لبعض الأمر حتى أناله ** صموت عن الشيء الذي أنا ذاخره )
قال وحدثني أبو عبد الله رحمه الله قال حدثني محمد بن عبد الله القحطبي قال إنما سمي الأخطل لأن ابني جعيل تحاكما أيهما أشعر فقال
( لعمرك أنني وابني جعيل ** وأمهما الإستار لئيم )


فقيل له أن هذا لخطل من قولك فسمى الأخطل
قال أبو عبيدة يقال منطق خطل إذا كان فيه اضطراب ورمح خطل وأذن خطلاء قال والإستار أربعة من كل عدد قال جرير
( أن الفرزدق والبعيث وأمه ** وأبا البعيث لشر ما إستار )
قال والنواة خمسة والأوقية أربعون والنش عشرون والفرق ستة عشر ( قال ) وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج قال أنشدني او انشدنا وكيع الشك من أبي علي قال أنشدنا أحمد بن سليمان الراوية
( أستر بصبر خللك ** وألبس عليه سملك )
( وكل هزيليك على الراحة واشرب وشلك ** )
( إذا اعترتك فاقة ** فارحل برفق جملك )
( وارغب إلى الله ونط ** بما لديه أملك )
( وآخ في الله وصل ** في دينه من وصلك )
( رزقك يأتيك إلى ** حين تلاقى أجلك )
( مالك ما قدمته ** وليس ما بعدك لك )
( وللزمان أكلة ** إذا اشتهاها أكلك )
( وللردى قوس فإن ** رماك عنها قتلك )
( يا رب إني راغب ** أدعو وأرجو نفلك )
( أنت حفي لم تخب ** دعوة راج أملك )
( فأعطني من سعة ** يا من تعالى فملك )
( سبحانك اللهم ما ** أجل عندي مثلك )
( قال أبو علي ) المثل ههنا المقدار ( قال ) وأنشدنا علي بن سليمان بن الفضل الكاتب للعطوي


( جل رب الأعراض والأجسام ** عن صفات الأعراض والأجسام )
( جل ربي عن كل ما اكتنفته ** لحظات الأبصار والأوهام )
( برئ الله من هشام وممن ** قال في الله مثل قول هشام )
( أي زاد تزودته يداه ** عامدا من كبائر الآثام )
( سوف تلقاه حين يلقاه نار ** تتلظى لأهلها بضرام )
( كم شديد العناد للإسلام ** بين أبناء ملة الإسلام )
( كهشام فإنه خلع الربقة من كل حرمة وذمام ** )
( قل لمن قال قوله ورآه ** خير مسترشد وخير إمام )
( لم أنكرت أن يكون مصيبا ** في مساعيه عابد الأصنام )
( لم أنكرت قول من عبد الشمس وصلى للأنجم الأعلام ** )
( إن ترم بينها إنفصالا فهيهات ** لقد رمت منه صعب المرام )
( مال الدليل المبين عن حدث العالم ** أفصح به لدى الأقوام )
( لا دليل فلا ترمه وقد قلت كبعض الأنام رب الأنام ** )
( لم ترد غير قدمة الخلق فاقصد ** قصده دع مناقضات الكلام )
قال وقرأت على أبي بكر رحمه الله
( لا أدفع ابن العم يمشي على شفا ** وأن بلغتني من أذاه الجنادع )
( ولكن أواسيه وأنسى ذنوبه ** لترجعه يوما إلي الرواجع )
( وحسبك من ذل وسوء صنيعة ** مناواة القربى وإن قيل قاطع )
( قال أبو علي ) جنادع الشر أوائله واحدها جندعة وأصل الجنادع دواب تكون في حجرة الضباب فإذا جاء المضبب فرآها قال هذه جنادعه ( قال ) وحدثني أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن يونس قال لما أنشد أبو النجم


( بين رماحي مالك ونهشل ** ) قال رؤبة أو ليس نهشل من مالك فقال له يا ابن أخي أن الكمر أشباه يريد مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي للمخبل السعدي
( إذا أنت عاديت الرجال فلاقهم ** وعرضك عن غب الأمور سليم )
( وإن مقادير الحمام إلى الفتى ** لسواقة مالا يخاف هموم )
( وقد يسبق الجهل النهى ثم أنها ** تريع لأصحاب العقول حلوم )
( وقد تزدري النفس الفتى وهو عاقل ** ويؤفن بعد القوم وهو حزيم )
أي حازم ( قال أبو علي ) وقرأت هذا البيت على أبي عمر في نوادر ابن الأعرابي ( قال ) وأنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
( ويؤفن بعض القوم وهو جريم ** ) أي عظيم الجرم
( قال أبو علي ) الجرم الجسد ( قال ) وأنشدنا أبو بكر للمغيرة بن حبناء )
( إني امرؤ حنظلي حين تنسبني ** ملقيتك ولا أخوالي العوق )
( لا تحسبن بياضا في منقصة ** أن اللهاميم في أقرابها البلق )
( قال أبو علي ) اللهاميم واحدها لهموم وهو الكثير الجري والعرب تقول أضعف الخيل البلق وأشد البهم وأنشدنا أبو بكر لعروة بن الورد
( قلت لركب في الكنيف تروحوا ** عشية بتنا عند ما وان رزح )
( تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم ** إلى مستراح من عناء مبرح )
( ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا ** يغرر يطرح نفسه كل مطرح )
( ليبلغ عذرا أو يصيب رغيبة ** ومبلغ نفس عذرها مثل منحج )
( قال أبو علي ) ما وان ماء لبني فزارة والرازح الذي قد سقط من ا لهزال والأعياء والجميع رزح ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لمعن 4 بن أوس


( لعمرك ما أهويت كفي لريبة ** ولا حملتني نحو فاحشة رجلي )
( ولا قادني سمعي ولا بصري لها ** ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي )
( وأعلم أني لم تصبني مصيبة ** من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي )
( ولست بماش ما حييت بمنكر ** من الأمر ما يمشي إلى مثله مثلي )
( ولا مؤثرا نفسي على ذي قرابتي ** وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي )
قال حدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو معاذ قال حدثنا محمد بن شبيب أبو جعفر النحوي عن ابن أبي خالد عن سفيان بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان قال وقع ميراث بين بني هاشم وبين بني أمية تشأ حوافيه وتضايقوا فلما تفرقوا أقبل علينا أبونا عمرو فقال يا بني أن لقريش درجا تزل عنها أقدام الرجال وأفعالا تخشع لها رقاب الأموال وغايات تقصر عنها الجياد المسومة وألسنا تكل عنها الشفار المشحوذة ثم إنه ليخيل إلي أن منهم ناسا تخلقوا بأخلاق العوام فصار لهم رفق في اللؤم وتخرق في الحرص أن خافوا مكروها تعجلوا له الفقر وإن عجلت لهم نعمة أخروا عليها الشكر أولئك أنضاء الفكر وعجزة حملة الشكر ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو معاذ عن محمد بن شبيب النحوي قال وفد عبيد الله بن زياد بن ظبيان على عتاب بن ورقاء فأعطاه عشرين ألفا فلما ودعه قال يا هذا ما أحسنت فأمدحك ولا أسأت فأذمك وإنك لأقرب البعداء وأحب البغضاء
( قال يعقوب ) يقال وقع ذلك الأمر في روعي وفي خلدي وفي ضميري وفي نفسي وحكى التوزي وقع في صفري وفي جخيفي ومنه قيل لا يلتاط بصفري أي لا يلزق بقلبي وكذلك يقال لا يليق بصفري ( قال أبو علي ) وأخبرنا بعض أصحابنا عن أحمد بن يحيى أنه قال حكى لنا عن الأصمعي أنه قيل له أن أبا عبيدة يحكي وقع في روعي وفي جخيفي قال أما الروع فنعم وأما الجخيف فلا قال وحدثنا أبو عبد الله قال أخبرني محمد بن يونس عن الأصمعي قال أتي أبو مهدية بإناء فيه ماء فتوضأ فأساء الوضوء فقيل له

يا أبا مهدية أسأت الوضوء وكان الإناء يسع أقل من رطل فقال القر شديد والرب كريم والجواد يعفو ( قال ) وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قيل لإبنة الخس ما أحسن شيء رأيت قالت غادية في إثر سارية في نبخاء قاوية ( قال ) النبخاء الأرض المرتفعة المشرفة لأن النبات في الموضع المرتفع أحسن ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال خرج جرير والفرزدق مرتدفين على ناقة إلى هشام بن عبد الملك فنزل جرير يبول فجعلت الناقة تتلفت فضربها الفرزدق وقال ( إلام تلفتين وأنت تحتي ** وخير الناس كلهم أمامي )
( متى تردي الرصافة تستريحي ** من التهجير والدبر الدوامي )
ثم قال الآن يجيء جرير فأنشده هذين البيتين فيرد علي
( تلفت أنها تحت ابن قين ** إلى الكيرين والفأس الكهام )
( متى ترد الرصافة تخزفيها ** كخزيك في المواسم كل عام )
فجاء جرير والفرزدق يضحك فقال ما يضحكك يا أبا فراس فأنشده البيتين فقال جرير
( تلفت أنها تحت ابن قين ** ) كما قال الفرزدق سواء فقال الفرزدق والله لقد قلت هذين البيتين فقال جرير أما علمت أن شيطاننا واحد ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال قيل للفرزدق أن ههنا أعرابيا قريبا منك ينشد شعرا فقال إن هذا لقائف أو لخائن فأتاه فقال ممن الرجل رجل فقال من فقعس قال كيف تركت القنان قال تركته يساير لصاف فقلت ما أراد الفقعسي والفرزدق قال أراد الفرزدق قول الشاعر
( ضمن القنان لفقعس سوآتها ** إن القنان بفقعس لمعمر )
قلت فما أراد الفقعسي بقوله يساير لصاف قال أراد قول الشاعر


( وإذا يسرك من تميم خصلة ** فلما يسوءك من تميم أكثر )
( قد كنت أحسبهم أسود خفية ** فإذا لصاف تبيض فيه الحمر )
( أكلت أسيد والهجيم ودارم ** أير الحمار وخصيتيه العنبر )
( ذهبت فشيشة بالأباعر حولنا ** سرقا فصب على فشيشة أبجر )
قال ويروى هربا ( قال ) وأملى علينا أبو بكر محمد بن السري السراج
( إذا شئت آداني صروم مشيع ** معي وعقام تتقي الفحل مقلت )
( يطوف بها من جانبيها ويتقي ** بها الشمس حي في الأكارع ميت )
آداني أعانني وقواني وصروم صارم يعني قلبه ومشيع شجاع كأن معه شيئا يشيعه وعقام عقيم مثل صحاح وصحيح وشجاع وشحيح والمقلت التي لا يبقى لها ولد كأنها تفلتهم أي تهلكهم والقلت الهلاك
وحكى الأصمعي إن المسافر وماله لعلى قلت إلا ما وقى الله وقوله حي في الأكارع ميت يعني الظل كأنه مات مما سواه من الأكارع وذلك حين يقوم قائم النهار ومثله
( وانتعل الظل فصار جوربا ** )
ومن أمثال العرب إذا اشتريت فاذكر السوق يعنون إذا اشتريت فاطلب الصحة وتجنب العيوب فإنك ستحتاج إلى أن تقيم السلعة التي اشتريتها في السوق يوما لا بد منه ومن أمثالهم رب شد في الكرز يضرب مثلا للرجل يحتقر عندك وله خبر قد علمت به أنت
وأصل هذا المثل أن رجلا خرج يركض فرسا فرمت بمهرها فألقاه في كرز بين يديه والكرز الجوالق فقال له رجل لم تحمله ما تصنع به فقال رب شد في الكرز يقول هو شديد الشد كأمه ( قال ) وقرأت على أبي عمر في نوادر ابن الأعرابي قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لأبي صفوان الأسدي
( نأت دار ليلى وشط المزار ** فعيناك ما تطعمان الكرى )
( ومر بفرقتها بارح ** فصدق ذاك غراب النوى )


( فأضحت ببغدان في منزل ** له شرفات دوين السما )
( وجيش ورابطة حوله ** غلاظ الرقاب كأسد الشرى )
( بأيديهم محدثات الصقال ** سر يجية يختلين الطلى )
( ومن دونها بلد نازح ** يجيب به البوم رجع الصدى )
( ومن منهل آجن ماؤه ** سدى لا يعاذبه قد طمى )
( ومن حنش لا يجيب الرقاة ** أسمر ذي حمة كالرشا )
( أصم صموت طويل السبات ** منهرت الشدق حاري القرا )
( له في اليبيس نفاث يطير ** على جانبيه كجمر الغضى )
( وعينان حمر مآقيهما ** تبصان في هامة كالرحا )
( إذا ما تثاءب أبدى له ** مذربة عصلا كالمدى )
( كأن حفيف الرحا جرسه ** إذا اصطك أثناؤه وانطوى )
( ولو عض حرفي صفاة إذا ** لأنشب أنيابه في الصفا )
( كأن مزاحفه أنسع ** حززن فرادى ومنها ثنى )
( وقد شاقني نوح قمرية ** طروب العشاء هتوف الضحى )
( من الورق نواحة باكرت ** عسيب أشاء بذات الغضى )
( فغنت عليه بلحن لها ** يهيج للصب ما قد مضى )
( مطوقة كسيت زينة ** بدعوة نوح لها إذا دعا )
( فلم أر باكية مثلها ** تبكي ودمعتها لا ترى )
( أضلت فريخا فطافت له ** وقد علقته حبال الردى )
( فلما بدا اليأس منه بكت ** عليه وماذا يرد البكا )
( وقد صاده ضرم ملحم ** خفوق الجناح حثيث النجا )


( حديد المخالب عارى الوظيف ** ضار من الورق فيه قنا )
( ترى الطير والوحش من خوفه ** جواحر منه إذا ما اغتدى )
( فبات عذوبا على مرقب ** بشاهقة صعبة المرتقى )
( فلما أضاء له صبحه ** ونكب عن منكبيه الندى )
( وحت بمخلبه قارتا ** على خطمه من دماء القطا )
( فصعد في الجو ثم استدا ** رطار حثيثا ادا ما انصمى )
( فآنس سرب قطا قارب ** جبى منهل لم تمحه الدلى )
( غدون بأسقية يرتوين ** لزغب مطرحة بالفلا )
( يبادرن وردا ولم يرعوين ** على ما تلخف أو ماونى )
( تذكرن ذاعر مض طاميا ** يجول على حافتيه الغثا )
( به رفقة من قطا وارد ** وأخرى صوادر عنه روا )
( فملأت أسقيه لم تشد ** بخرز وقد شد منها العرا )
( فأقعص منهن وغادر أشلاءها ** تطير الجنوب بها والصبا )
( يخلن حفيف جناحيه اذ ** تدلى من الجو برقا بدا )
( قولين مجتهدات النجا ** جوافل في طامسات الصوى )
( فابن عطاشا فسقينهن ** مجاجاتهن كماء السلى )
( وبتن يراطن رقش الظهو ** رحمر الحواصل حمر اللها )
( فذاك وقد أغتدى في الصباح ** بأجرد كالسيد عبل الشوى )
( له كفل أيد مشرف ** وأعمدة لا تشكى الوجى )
( وأذن مؤللة حشرة ** وشدق رحاب وجوف هوا )


( ولحيان مدا إلى منخر ** رحيب وعوج طوال الخطا )
( له تسعة طلن من بعد أن ** قصرن له تسعة في الشوى )
( وسبع عرين وسبع كسين ** وخمس رواء وخمس ظما )
( وسبع قربن وسبع بعدن ** منه فما فيه عيب يرى )
( وتسع غلاظ وسبع رقاق ** وصهوة عير ومتن خظا )
( حديد الثمان عريض الثمان ** شديد الصفاق شديد المطا )
( وفيه من الطير خمس فمن ** رأى فرسا مثله يقتنى )
( غرابان فوق قطاة له ** ونسر ويعسوبه قديدا )
( جعلنا له من خيار اللقاح ** خمسا مجاليح شم الذرى )
( يغادى بعض له دائبا ** ونقفيه من حلب ما اشتهى )
( فقاط صنيعا فلما شتا ** أخذناه بالقود حتى انطوى )
( فهجنا به عانة في الغطاط ** خماص البطون صحاح العجى )
( فولين كالبرق في نفرهن ** جوافل يكسرن صم الصفا )
( فصوبه العبد في إثرها ** فطورا يغيب وطورا يرى )
( كأن بمنكبه إذ جرى ** جناحا يقلبه في الهوا )
( فجدل خمسا فمن مقعص ** وشاص كراعاه دامى الكلى )
( وثنتان خضخض قصبيها ** وثالثة رويت بالدما )
( فرحنا بصيد إلى أهلنا وقد جلل الأرض ثوب الدجى )
( ورحنا به مثل وقف العروس ** أهيف لا يتشكى الحفا )
( وبات النساء يعوذنه ** ويأكلن من صيده المشتوى )
( وقد قيدوه وغلوا له ** تمائم ينفث فيها الرقى )


( قال أبو علي ) نأت بعدت يقال نأى ينأى نأيا والنأي البعد والنائي بالبعيد وأما ناء فنهض وشط بعد يقال شط وشطن ونزح ونضب وشسع إ ذا بعد
والكرى النوم يقال كري يكرى كرى إذا نام وأما كرا يكرو فلعب بالكرة ومر بفرقتها بارح ( قال أبو عبيدة ) سأل يونس رؤبة وأنا شاهد على السانح والبارح فقال السانح ما ولاك ميامنه والبارح ما ولاك مياسره ( وقال غيره ) السانح ما مر على يمينك والبارح ما مر على يسارك وأكثر العرب تتبركط بالشانح وتتشاءم بالبارح وفيهم قوم يتبركون بالبارح ويتشاءموهن بالسانح
والنوى البعد والنوى النمة للمكان الذي ينوونه وبغدان فيها أربع لغات يقال بغداد وبغدان ومغدان وبغداذ وهي أقلها وأردؤها
وشرفات جمع شرفة وهي معروفة والرابطة القوم الذين قد ربطوا خيولهم والشرى موضع كثير الأسد وسريجية منسوبة م إلى سريج يعني السيوف وكان أبو بكر بن دريد رحمه الله يفسر بيت العجاج
( وفاحما ومرسنا مسرجا ** )
قال يعني أنه أنفه كالسيف السريجي في استوائه ودقته وشممه ويختلين يقطعن وأصله من الخلى وهو الرطب يقال خليت الخلى واختليته ومنه سميت المخلاة والطلى جمع طلية كذا قال الأصمعي وهي صفحة العنق وأنشد لذي الرمة
( أضله راعيا كلبية صدرا ** عن مطلب وطلى الأعناق تضطرب )
والمطلب البعيد الذي يحوجك إلى طلبه وقال أبو عمرو الشيباني واحد الطلى طلاة وأنشد
( متى تسق من أنيابها بعد هجعة ** من الليل شربا حين مالت طلاتها )
والصدى ههنا الصوت الذي يجيبك من الجبل والصدى أيضا ذكر البوم وقد استقصينا هذا في كتابنا المقصور والممدود
والآحن المتغير يقال أجن الماء يأجن ويأجن أجونان أسن يأسن ويأسن أسونا وقد أجن وأسن وليس بالفصيحين فأما أسن

الرجل إذا دير به من خبث رائحة البئر فعلى فعل لا غير وسدى مهمل لا يرده أنيس ويعاذ ويلاذ واحد يقال عذت بالشي ولذت به
وطما ارتفع يقال طما الماء يطمو والحنش الحية والحمة سمه وضره والرشاء الحبل ممدود فقصره للضرورة ومنهرت واسع مشق الشدق ويقال هرت ثوبه وهرده وهرطه ثلاث لغاث والقرا الظهر وإنما جعله حاري القرا لأنه قد حرى جسمه أن نقص وإذا كان كذلك كان أخبث له ومنه قولهم رماه الله بأفعى حارية
والنفاث جمع نفاثة وهو ما نفثه من فيه وإنما شبهه بجمر الغضى لأن جمرها أشد حرارة وأكثر بقاء وأحسن منظرا ولذلك أكثرت الشعراء ذكرها في أشعارهم
والمآقي جمع مأق وفي مأق العين لغات يقال مأق مهموز وماق غير مهموز فمن همز جمع آماقا مثل أمعاق ومن لم يهمز قال أمواق ومؤق مهموز وموق غير مهموز وجمعهما مثل جمع الأول ومأق وماق فمن همز جمع مآقيا ومن لم يهمز قال مواق ومؤق وموق وجمعهما كجمع اللذين يليانهما من قبلهما وموقي مثل موقع وجمعه مواقئ مثل مواقع وأمق وجمعه آماق مثل أعناق وموق العين الجانب الذي يلي الأنف من العين واللحاظ الذي يلي الصدغ وتبصان تبرقان يقال بص يبص بصيصا ووبص يبص وبيصا ورف يرف ولصف يلصف لصيفا وأل يؤل ألا إذا برق والهفاف البراق وكذلك المؤتلق والدليص وتثأب تفعل من الثوباء ومذربة محددة وعصل معوجة يقال ناب أعصل والمدى السكاكين واحدتها مدية قالت الخنساء
( فكأنما أم الزمان ** نحورنا بمدى الذبائح )
والحفيف الصوت وكذلك الهفيف والعجيج والجرس الصوت وفيه ثلاث لغات يقال جرس وجرس وجرس وكان أبو بكر رحمه الله يختار جرسا بفتح الجيم إذا لم يتقدمه حس فإن تقدمه حس اختار الكسر وقال هذا كلام فصحاء العرب والصك

الضرب وأصطك افتعل من الصك وأثناؤه جمع ثنى يريد أعطافه وأثناء الوادي ما انعرج منه وكذلك محانيه وأصواحه والصفاة الصخرة وجمعها صفا وكذلك الصفواء والصفوانة والأنسع جمع نسع وهو حبل مضفور من أدم وفرادى أفراد وثناء ممدود اثنان اثنان وقصره للقافية ضرورة
وشاقني شوقني لا فرق بينهما على المبالغة والتكثير والورق جمع أورق والورقة لون الرماد والعسيب السعف وجمعه عسب والأشاء الصغار من النخل واحدتها أشاءة والضرم الجائع والملحم الذي يرزق اللحم كثيرا والملحم الذي يطعم أفراخه اللحم والنجاء الذهاب والسرعة ممدود فقصره للضرورة والمخالب جمع مخلب وهي أظفار السباع وما صاد من الطير فأما الفأر واليربوع والغراب وما أشبهها فيقال لظفره برثن كذلك قال الأصمعي ( قال أبو زيد ) البرثن مثل الإصبع والمخلب ظفر البرثن قال النابغة
( فقلت يا قوم أن الليث منقبض ** على براثنه للوثبة الضاري )
وقال ابن الأعرابي البرثن الكف بكمالها مع الأصابع والوظيف في كل ذي أربع في رجليه فوق الرسغ ودون العرقوب وفي يديه فوق الرسغ ودون الركبة ففي الرجل الرسغ ثم الوظيف ثم العرقوب ثم الساق ثم الفخذ ثم الورك وفي اليد الرسغ ثم الوظيف ثم الركبة ثم الذراع ثم العضد ثم الكتف والقنا احديداب في المنقار وكل صائد من الطير فيه قنا والعرب تستحب القنا في أنف الناس
وجواحر جمع جاحرة وهي التي قد لجأت إلى حجرتها والعذوب القائم الساكت الذي لا يطعم والمرقب المكان المرتفع وإنما سمى مرقبا لإنه يرقب منه أي يحفظ منه ويحرس والمرتقى المصعد ونكب أصله ميل يريد ألقى وحت وحك واحد والقارت الدم اليابس يقال قرت الدم يقرت قروتا وانصمى اندرأ واندرأ اندفع يقال اندرأ علينا واندره اندفع ودرأته ودرهته وآنس أبصر قال الله عز وجل فإن آنستم منهم رشدا السرب القطيع

من الطير والظباء والنساء والبقر ويقال فلان واسع السرب أي رخي البال وعلى لفظه هو آمن في سربه بكسر السين أي في نفسه وهو آمن في سربه بفتح السين أي في جماعته والسرب بفتح السين أيضا الوجه قال ذو الرمة
( خلى لها سرب أولاها وهيجها ** من خلفها لاحق الصقلين همهيم )
وعلى لفظه السرب الإبل وما رعى من المال يقال جاء سرب بني فلان أي إبلهم ومنه قولهم اذهب فلا أنده سربك أي لا أرد إبلك لتذهب حيت شاءت
وكانت العرب تطلق بقولهم اذهبي فلا أنده سربك وبقولهم حبلك على غاربك ويقال سرب الفحل يسرب سروبا إذا ذهب في الأرض قال أخنس بن شهاب
( وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ** ونحن خلعنا قيده فهو سارب )
والسرب سرب الثعلب بفتح الراء يقال انسرب الثعلب إذا دخل في سربه وعلى لفظه السرب الماء الذي يخرج من عيون خزز القربة الجديدة قال جرير
( بلى فانهل دمعك غير نزر ** كما عينت بالسرب الطبابا )
والطباب واحدها طبة وهي رقعة تكون في أسفل المزادة ويقال سرب قربتك أي اجعل فيها الماء حتى تنسد عيون الخرز وقال ذو الرمة
( ما بال عينك منها الماء ينسكب ** كأنه من كلى مفرية سرب )
يريد كأنه سرب من كلى مفرية وروى أبو عمرو الشيباني سرب بكسر الراء أي سائل والأول رواية الأصمعي وهو أجود وقال الأموي السرب الخرز وهو شاذ لم يقله أحد غيره والسربة الجماعة من الخيل والحمير والإبل ويقال سرب على الإبل أي أرسلها قطعة قطعة والمسربة الشعر المستدق من الصدر إلى السرة قال الشاعر
( الآن لما ابيض مسربتي ** وعضضت من نابي على جذم )

والقارب الطالب للماء يقال قربت الإبل تقرب وأقربها أهلها قال الأصمعي فهم قاربون ولا يقال مقربون وهذا الحرف شاذ ( قال أبو علي ) إنما قالوا قاربون لأنهم أرادوا ذوو قرب ولم يبنوه على أقرب وليلة القرب ليلة طلب الماء أنشدني أبو بكر بن دريد
( يقاسون جيش الهرمزان كأنهم ** قوارب أحواض الكلاب تلوب )
وتلوب تحوم حول الماء من العطش يقال لابت تلوب لوبا واللواب العطش الذي يحوم صاحبه حول الماء من شدته والجبا بفتح الجيم مقصور ما حول الماء والجبا بكسر الجيم مقصور ما جمعت في الحوض من الماء
ويقال له جبوة وجباوة وقال الكسائي جبيت الماء في الحوض حبا مقصور كذا روى أبو عبيدة عنه وحكى اللحياني جبيت وجبوت والمنهل الفرضة والمنهل الماء أيضا وإنما سمى منهلا لأنه ينهل منه العطشان أي يروى وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
( ومنهل فيه الغراب ميت ** كأنه من الأجون زيت )
( سقيت منه القوم واستقيت ** وليلة ذات ندى سريت )
( ولم يلتني عن سراها ليت ** ولم تصرني كنة وبيت )
( وجمة تسألني أعطيت ** وسائل عن خبري لويت )
( فقلت لا أدري وقد دريت ** )
( قال أبو علي ) تصرني تعطفني وتميلني والبيت ههنا المرأة يقال هي بيته أن امرأته والجمة القوم يسألون في الدية
( ومسائل عن خبرى لويت ** ) هكذا أنشده ابن الأعرابي عن خبري وأنشدنيه أبو بكر بن دريد عن خبر وهو أجود
( وتمحه تغترفه ** ) والمائح الذي ينزل في البئر إذا قل الماء فيملأ الدلو أنشدني أبو بكر
( يا أيها المائح دلوي دونكا ** إني رأيت الناس يحمدونكا ** يثنون خيرا ويمجدونكا )


ومن هذا قولهم فلان يستميح فلانا وفلان يميح فلانا فأما الماتح فالذي يقوم على رأس البئر فيجذب الدلو قال ذو الرمة
( كأنها دلو بئر جد ماتحها ** حتى إذا ما رآها خانه الكرب )
والدلا جمع دلاة وهي الدلو قال الراجز
( إن دلاتي أيما دلاتي ** قاتلتي وملؤها حياتي )
ويرتوين يستقين قال الأصمعي يقال رويت على أهلي أروي ريا فانار أو إذا أتيتهم بالماء وقوم رواء والزغب جمع أزغب وزغباء وهي ذوات الزغب والزغب الريش الضعيف أول ما يبدو ويقال للطائر أول ما يظهر ريشه قد بثرر ثم حمم ثم وتد ثم زغب والفلا جمع فلاة قال الشاعر
( إليك أبا حفص تعسفت الفلا ** برحلي فتلاء الذراعين جلعد )
وجمع الفلافلي والورد الورود والورد الإبل التي ترد الماء كذا حكى الطوسى عن ابن الأعرابي ويرعوين يعطفن ويرجعن وونى فتر والعرمض والطحلب والغلفق الخضرة التي تعلو الماء وقال الأصمعي إذا قدم الماء علته ثلاثة أشياء الطحلب والعرمض والغلفق فالعرمض خضرة رقيقة والطحلب مثل الرجرجة تغطي الماء والغلفق مثل صغار الورق ينبت نباتا من أسفل الماء إلى أعلاه ( وقال ) يعقوب بن السكيت العرمض أغلظ من الطحلب وأنشد الطوسي لعمرو
( وماء بموماة قليل أنيسه ** كأن به من لون عرمضه غسلا )
والغسل كل ما غسل به الرأس والغسل ههنا الخطمي وطاميا مرتفعا يقال طمى الماء يطمي طميا وطما يطمو طموا والغثاء ممدود احتاج إليه فقصره وهو ما على الماء من كسار العيدان وحطام النبت وأقعص قتل والإقعاص أن تضرب الشيء أو ترميه فيموت مكانه يقال منه أقعصته إقعاصا ومثله أصميته إصماء وزعفته وأزعفنه وهو

مأخوذ من الموت الزعاف والكدرية العظيمة من القطا نسبها إلى الكدر وهو معظم القطا وهي كدر الألوان والحيزوم الصدر وغادر ترك قال عنترة
( هل غادر الشعراء من متردم ** ) والأشلاء جمع شلو وهو بقية الجسد والجوافل المنكشفة الذاهبة واحدتها جافلة ومنه قيل جفلت الريح التراب إذا كشفته وأذهبته والطامسات الدارسات يقال طمس وطسم إذا درس وطامسات وطاسمات
والصوى الأعلام المنصوبة في الطريق ليهتدى بها واحدتها صوة ومنه الحديث ( أن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق ) ويقال قد أصوى القوم إذا وقعوا في الصوى وقد استقصينا هذا الحرف في كتابنا المقصور والممدود وأبن رجعن والآئب الراجع والإياب الرجوع والمجاجات جمع مجاجة وهي مامجته بأفواهها والسلى الجلد الرقيق الذي يخرج على الولد ويراطن يعجمن والتراطن ما لا يفهم من كلام العجم قال علقمة بن عبدة
( يوحي إليها بإنقاض ونقنقة س ** كما تراطن في أفدانها الروم )
حدثني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال قال أعرابي والله ما أحسن الرطانة وإني لأرسب من رصاصة وما قرقمني إلا الكرم والمقرقم البطيء الشباب أنشد أبو عبيد
( أشكو إلى الله عيالا دردقا ** مقرقمين وعجوزا شملقا )
بالشين معجمة وهو أحد ما أخذ عليه وروى ابن الأعرابي سملقا بالسين غير المعجمة وهو الصحيح والدردق الصغار والرقش جمع أرقش ورقشاء وهي المنقطة ويقال رقشت الكتاب رقشا ورقشته إذا كتبته ونقطته قال طرفة
( كسطور الرق رقشه ** بالضحى مرقش بشمه )
قال مرقش الأكبر واسمه ربيعة
( الدار قفر والرسوم كما ** رقش في ظهر الأديم قلم )


وبهذا البيت سمى مرقشا واللها جمع لهاة مثل قطاة وقطا وقد مده الشاعر للضرورة وهو ردئ جدا ليس كقصر الممدود أنشدنا الفراء
( يا لك من تمر ومن شيشاء ** ينشب في المسعل واللهاء )
والشيشاء الشيص والأجرد القصير الشعر وهو مدح في الخيل قال الشاعر
( وأجرد من فحول الخيل طرف ** كأن على شواكله دهانا )
والسيد الذئب والعرب تشبه به الفرس قال امرؤ القيس
( عليه كسيد الردهة المتأوب ** )
والردهة النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء وجمعها رداه والوقيع ة مثله وكذلك الوقط والوجذ والقلت والعبل الغليظ يقال فرس عبل القوائم وعبل المحزم أي غليظ المحزم وهو مدح في الخيل قال امرؤ القيس
( سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا ** له ححبات مشرفات على الفال )
أراد الفائل والفائل عرق في الخربة يستبطن الفخذ ويجري إلى الرجلين والخربة النقرة التي في الورك ليس بينها وبين الجوف عظم إنما هو جلد ولحم قال الأعشى
( قد نطعن العير في مكنون فائله ** وقد يشيط على أرماحنا البطل )
وذلك أن الفارس الحاذق بالطعن إذا طعن الطريدة تعمد الخربة لأنه ليس دون الجوف عظم ولذلك فخربه الأعشى أي أنا بصراء بمواضع الطعن ومكنون الفائل دمه والشوى الأطراف اليدان والرجلان ومنه قيل رماه فأشواه إذا أخطأه كأنه السهم مر بين شواه ويكون أشواه أيضا أصاب شواه وهو غير مقتل وأيد قوي والأيد والآد القوة قال الله عز وجل { والسماء بنيناها بأيد } ويستحب من الفرس إشراف القطاة والحارك قال النابغة الجعدي
( على أن حاركه مشرف ** وظهر القطاة ولم يحدب )
والأعمدة ههنا القوائم واحدها عمود والوجى أن يجد الفرس وجعا في باطن حافره

من غير أن يكون في وهي ولا خرق يقال وجي الفرس يوجى وجى شديدا والمؤللة المحددة والعرب تستحب التأليل في أذن الفرس وتمدح به قال الشاعر
( يخرجن من مستطير النقع دامية ** كان آذانها أطراف أقلام )
وحشرة لطيفة رقيقة قال الشاعر
( لها أذن حشرة مشرة ** كاعليط مرخ إذا ما صفر )
المشرة الورقة يقال قد تمشر الشجر إذا أورق وتمشر الرجل إذا اكتسى والإعليط وعاء المرخ والعرب تشبه به آذان الخيل وصفر خلا وكل لطيف دقيق رقيق حشر يقال حربة حشرة قال رؤبة
( ووافقت للرمى حشرات الرشق ** ) قال ابن الأعرابي حشرت العود إذا بريته وأنشد
( وتلقى لئيم القوم للناس محشرا ** ) أي يقشر أموالهم والرحاب والرحيب الواسع مثل طوال وطويل وجسام وجسيم والهواء ممدود قصره للضرورة وهو الفرجة بين الشيئين يريد أنه واسع الجوف كما قال امرؤ القيس
( وجوف هواء تحت صلب كأنه ** من الهضبة الخلقاء زحلوق ملعب )
واللحيان تثنية لحي وهما عظما اللهزمتين وإذا طالا طال خد الفرسء وطول الخد مدح في الخيل والعرب تستحب سعة المنخر في الفرس لأنه إذا اتسع منخره لم يحبس الربو في جوفه قال امرؤ القيس
( لها منخر كوجار الضباع ** فمنه تريح إذا تنبهر )
وفسر ابن الأعرابي في هذه القصيدة ما نحن ذاكروه قال ابن الأعرابي التسعة الطوال عنقه وخداه وظيفار جليه وبطنه وذراعاه وفخذاه وتفسيره غير موافق لقول الشاعر لأنه ذكر عشرة أشياء وقد ذكر الشاعر تسعة ونازعت فيه أبا عمرو في وقت قراءتي عليه فقال قال لنا أبو العباس هذا غلط من الشاعر ( قال أبو علي ) ونظرت فإذا لا تصح تسعة ولا سبعة فيقع الظن أن الراوي أخطأ في النقل وذلك أنه

أراد كل شيء يستحب طوله في القوائم فهي ثمانية
وظيفا الرجلين والذراعان والثنن وهي الشعر الذي في مؤخر الرسغ واحدتها ثنة ويستحب طولها وسوادها ولذلك قال الشاعر
( لها ثنن كخوافي العقاب ** سود يفين إذا تز بئر )
ويفين يطلن يقال وفي شعره يفي إذا طال وتزبئر تنتفش فإن كان الشاعر ذهب إلى هذا وأراد معها العنق جاز وصح قوله لأنه قال تسعة في الشوى والشوى القوائم وقال ابن الأعرابي والتسعة القصار أربعة أرساغه ووظيفا يديه وعسيبه وساقاه وهذا صحح على ما ذكرنا لأنه ذكر العسيب مع القوائم فحمل كلامه على الأكثر كما ذكرنا في الأول ( وقال ابن الأعرابي ) والسبعة العارية خداه وجبهته والوجه كله وأن يكون عاري القوائم من اللحم هذه كلها تستحب وسبع مكسوة الفخذان وحاميتاه ووركاه وحصيرا جنبيه ونهدتاه وهما في الصدر قال أبو العباس كذا قال ابن الأعرابي نهدتاه وغيره يقول فهدتاه ( قال أبو علي ) الصحيح فهدتاه وهما اللحمتان اللتان في الزور كالفهدين وإن كان كلام ابن الأعرابي يحتمل في الإشتقاق أن يسميا النهدتين ( وقال ابن الأعرابي ) السبع التي قربت يريد سبع خصال صالحة قربن منه وسبع خصال رديئة بعدن منه فلسن فيه ( وقال ابن الأعرابي ) وتسع غلاظ أو ظفته الأربعة وأرساغه الأربعة غلاظ وعكوته غليظة والسبع الرقاق منخراه وأذناه وجحفلتاه وشفرته وحديد الثمان عرقوباه وأذناه وقلبه ومنكباه وعريض الثمان عريض الفخذين والوركين والأوظفة وفيه من الطير خمس النسر في باطن الحافر والغرابان ما أشرف من وركيه والصرد عرق تحت لسانه وعصفوره عظم في وسط هامته هذا جميع ما فسره ابن الأعرابي في هذه القصيدة ( قال أبو علي ) يستحب من الفرس طول العنق ولذلك قال امرؤ القيس


( وسالفة كسحوق الليان ** أضرم فيها الغوي السعر )
والليان النخل وقد روى في هذا البيت اللبان وكان أبو بكر بن دريد رحمه الله يرد هذه الرواية ويقول كيف يشبه طول عنقه بشجرة اللبان وهي مقدار قعدة الرجل في الإرتفاع ويستحب هرت الشدقين وطول الخدين ولذلك قال الشاعر
( هريت قصير عذار اللجام ** أسيل طويل عذار الرسن )
يريد أن مشق شدقيه من الجانبين مستطيل فقد قصر عذار لجامه لأنه يدخل في فيه وأنه أسيل الخد والإسالة الطول فغذار رسنه طويل خده لأن الرسن لا يدخل في فيه منه شيء ويستحب طول وظيفي الرجلين ولذلك شبهت بالنعام في طول الوظيف لأن ما يشبه من خلق الفرس بخلق النعام طول الوظيفين وقصر الساقين ولذلك قال أبو دؤاد
( لها ساقا ظليم خاضب ** فوجئ بالرعب )
ويستحب قصر الظهر مع طول البطن ويستحب طول الذراعين ولذلك شبهته العرب بالظبي ومما يشبه من خلق الفرس بخلق الظبي طول وظيفي رجليه وتأنيف عرقوبيه والتأنيف التحديد ولذلك قال أبو داؤد
( طويل طامح الطرف ** إلى مفزعة الكلب )
( حديد الطرف والمنكب والعرقوب والقلب ** )
لأن حدة العرقوب تستحب من الفرس وهو من الظبي كذلك وتستحب حدة القلب والطرف والمنكب ويستحب سمو الطرف ومما يشبه أيضا من خلق الفرس بخلق الظبي عظم فخذيه وكثرة لحمهما وعرض وركيه وشدة متنيه وإجفار جنبيه أي انتفاخهما ولذلك قال أبو النجم
( منتفخ الجوف عريض كلكله ** ) وقصر عضديه ونجل مقلتيه ولحوق أياطله ولذلك قال امرؤ القيس
( له أيطلا ظبي وساقا نعامة ** وإرخاء سرحان وتقريب تتفل )


والسرحان الذئب ويقال أنه أحسن الدواب تقريبا والتقريب أن يرفع يديه معا ويضعهما معا
ومما يشبه من خلق الفرس بخلق حمار الوحش غلظ اللحم وتعييره والتعيير أن يجتمع اللحم على رؤس العظام فيصير كالعير الذي في وسط نصل السهم وهو الناشز في وسطه وكذلك عير الكتف الناشز في وسطه وظماء فصوصه وسراته وهو أعلى ظهره ولذلك قال الشاعر
( له متن عير وساقا ظليم ** ) وتمكن أرساغه وتمحيصها والتمحيص أن لا يكون على قوائمه لحم ولذلك قال الشاعر
( وأحمر كالديباج أما سماؤه ** فربى وأما أرضه فمحول )
سماؤه أعاليه وأرضه قوائمه وعرض صهوته والصهوة موضع اللبد من الفرس حيث الراكب وصهوة كل شيء أعلاه ولذلك قال امرؤ القيس
( له أيطلا ظبي وساقا نعامة ** وصهوة عير قائم فوق مرقب )
ويستحب من الفرس طول الذنب في كثرة شعر ولذلك قال طفيل الغنوي
( وأذنابها وحف كان ذيولها ** مجرأ شاء من سميحة مرطب )
ويستحب غلظ الأرساغ ولذلك قال الجعدي
( كأن تماثيل أرساغه ** رقاب وعول على مشرب )
ويستحب عرض الصدر مع دقة الزور وهو الجؤجؤ ولذلك قال امرؤ القيس
( له جؤجؤ حشر كان لجامه ** يعالي به في رأس جذع مشذب )
فوصفه بدقة الزور وطول العنق ويستحب من الفرس أن يكون إذا استدبرته كالمنكب وإذا استقبلته كالمقعي وإذا استعرضته مستويا ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال أخبرني عصام بن خليف السلى قال قال ابن أقيصر خير الخيل الذي إذا استدبرته جنأ وإذا استقبلته أقعى وإذا استعرضته استوى وإذا مشى ردى وإذا عدا دحا فالرديان أن يرجم الأرض رجما بين المشي الشديد والعدو وإذا

رمى بيديه رميا لا يرفع سنبكه عن الأرض قيل مريدحو دحوا
وبهذا الإسناد قال حدثني بعض أهل العلم أن عبد الرحمن الثقفي بن أم الحكم ابنة أبي سفيان وكان على الكوفة أرسل ألف فرس في حلبة فعرضها على ابن أقيصر أحد بني أسد بن خزيمة فقال تجيء هذه سابقة فسألوه ما الذي رأيت فيها قال رأيتها مشت فكتفت وخبت فوجفت وعدت فنسفت قال فجاءت سابقة ( قال أبو علي ) قوله مشت فكثفت أي حركت كتفيها والكتف المشي الرويد قال الشاعر
( قريح سلاح يكتف المشى فاتر ) والوجيف ضرب من السير فيه بعض السرعة وهو دون الشد يقال وجف يجف وجيفا ومثله الوضع يقال وضع يضع وضعا ( قال الأصمعي ) قيل لرجل أسرع كيف كنت في سيرك قال كنت آكل الوجبة وأنجو الوقعة وأعرس إذا أفجرت وأرتحل إذا أسفرت وأسير الوضع وأجتنب الملع فجئتكم لمسي سبع أي لمساء سبع ليال فالملع أرفع من ا لوضع ونسفت أدنت سنبكها من الأرض في عدوها يقال للفرس أنه لنسوف السنبك وحدثني أبو بكر بالإسناد الذي تقدم قال حدثني رجل من أهل الشام قال سئل بعض بصراء أهل الشام متى يبلغ ضمر الفرس فقال إذا ذبل فريره وتفلقت غروره وبدا حصيره واسترخت شاكلته ( قال الأصمعي ) القرير موضع المجسة في عرف الفرس والغرور الغضون التي في جلده واحدها غر والحصير العصبة التي في الجنب في أعلى الأضلاع مما يلي الصلب والشاكلة الطفطفة ( قال أبو علي ) وذكر هذا الشاعر خمسة من الطير في الفرس وفي كل فرس من أسماء الطير عدة أكثر من هذه
فمنها الهامة وهو العظم الذي في أعلى رأسه وفيه الدماغ وقال ويقال لها أم الدماغ أيضا
والفرخ أيضا وهو الدماغ وجمعه فروخ والنعامة الجلدة التي تغطي الدماغ والعصفور العظم الذي تنبت عليه الناصية قال حميد
( ونكل الناس عنا في مواطننا ** ضرب الرؤس التي فيها العصافير )

والذبابة النكيتة الصغيرة التي في إنسان العين فيها البصر والصردان عرقان تحت لسانه والسمامة الدائرة التي في صفحة العنق
والقطاة مقعد الرديف والغرابان رأسا الوركين فوق الذنب حيث يلتقي رأس الورك الأيمن والأيسر ( وقال الأصمعي ) وفي الورك ثلاثة أسماء
فحرفاها المشرفان على الفخذين الجاعرتان وهما موضع الرقمتين من است الحمار وحرفاها المشرفان على الذنب حيث يلتقي رأس الورك الأيمن والأيسر الغرابان وحرفاها اللذان يشرفان على الخاصرتين الحجبتان والخرب الهزمة التي بين الحجبة والقصرى والناهض العظم الذي على أعلى العضد والجمع نواهض وأنهض وأنشد أبو عبيد
( وقربوا كل جمالي عضه ** أبقى السناف أثرا بأنهضه )
والحمامة القص النسر كالنوى والحصى الصغار يكون في الحافر مما يلي الأرض قال الشاعر
( مفج الحوامي عن نسور كأنها ** نوى القسب ترت عن جريم ملجلج )
( قال أبو علي ) مفج واسع والحوامي نواحي الحافر واحدتها حامية وإنما سميت حامية لأنها تحمي النسور وترت ندرت ونزت والجريم التمر المجروم وهو المصروم وملجلج من قولهم لجلج اللقمة في فيه إذا حركها فالملجلج المحرك المدار في الفم والفراش العظام الرقاق في أعلى الخياشيم وهي تسمى الخشارم
والسحاة كل مارق وهش من العظام التي تكون في الخياشيم وفي رؤس الكتفين والصقران الدائرتان اللتان في مؤخر اللبددون الحجبتين وخظا ممتلئ والصفاق الجلبدة التي تحت الجلدة التي عليها الشعر من السرة إلى القنب والقنب وعاء قضيبة واليعسوب الغرة تكون على قصبة الأنف فوق الرثم ويقال اليعسوب كل بياض على قصبة الأنف عرض أو اعتدل لا يبلغ الخليقاء والخليقاء حيث التقى عظم اعلى الأنف وعظم الحاجب والمجاليح التي تدر في الشتاء

واحدها مجالح ( وقال الأصمعي ) إذا كانت الناقة تدر على الجوع والبرد فهي مجالح وقد جالحت مجالحة وأنشد
( لها شعر داج وجيد مقلص ** وجسم خداري وضرع مجالح )
وقال الفرزدق
( مجاليح الشتاء خبعثنات ** إذا النكباء ناوحت الشمالا )
والخبعثنات الغلاظ الشداد واحدها خبعثنة ومنه قيل للاسد خبعثنة وشم مرتفعة والذرى الأسنمة واحدها ذروة وأعلى كل شيء ذروته ويقال للسنام الذروة والشرف والقمعة والقحدة والهودة والعريكة والكتر قال علقمة بن عبدة
( كتر كحافة كير القين ملموم ** )
( قال الأصمعي ) ولم أسمع بالكتر بالكتر إلا في هذا البيت والعض علف أهل الأمصار مثل القت والنوى قال الأعشى
( من سراة الهجان صلبها الع ورعي الحمى وطول الحيال ** )
الرعي مصدر رعى يرعى رعيا والرعي الكلا ** ونقفيه نؤثره والقفية الأثرة والقفاوة )
ما يخص بن الرجل من الطعام وقال الشاعر
( ونقفي وليد الحي إن كان جائعا ** ونحسبه إن كان ليس بجائع )
وقاظ من القيظ وصنيع مصنوع والعانة جماعة الحمر وجمعها عانات وعون قال أبو النجم يذكر امرأة
( تعد عانات اللوى من مالها ** ) وقال حميد الأرقط
( أحقب شحاج مشل عون ** والغطاط الصبح ) بضم الغين قال الراجز
( وردت قبل سدفة الغطاط ** ) فأما الغطاط بالفتح فضرب من القطا قال الهذلي
( وماء قد وردت أميم طام ** على أرجائه زجل الغطاط )
وخماص ضوامر والعجى جمع عجاية ويقال عجاوة أيضا كذا قال الأصمعي وهي قدر مضغة ملصقة بقصبة تنحدر من ركبة البعير إلى فرسنه قال امرؤ القيس


( تطاير ظران الحصى عن مناسم ** صلاب العجى ملثومها غير أمعرا )
وقال أبو عمرو الشيباني العجاية عصبة في باطن يد الناقة وهي من الفرس مضيفة وجدل ألقاها على الجدالة والجدالة الأرض أنشد أبو زيد
( قد أركب الآلة بعد الآله ** وأترك العاجز بالجداله )
وشاص مرتفع يقال شصا يشصو إذا ارتفع قال الأخطل يصف زقاق الخمر )
( أناخوا فجروا شاصيات كأنها ** رجال من السودان لم يتسربلوا )
والقصب المعي وجمعه أقصاب والوقف الخلخال ما كان من شيء من فضة أو غيرها وأكثر ما يكون من القرون والعاج والأهيف الضامر وغلوا له أغلوا في الثمن أي ارتفعوا فيها والغلو مجاوزة القدر في الشيء والإرتفاع فيه ومنه سميت الغالية من الروافض والتمائم جمع تميمة وهي العوذة قال أبو ذؤيب
( وإذا المنية أنشبت أظفارها ** ألفيت كل تميمة لا تنفع )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا العتبي عن أبيه عن جده قال ولى معاوية روح بن زنباع فعتب عليه في جناية فكتب إليه بالقدوم فلما قدم أمر بضربه بالسياط فلما أقيم ليضرب قال نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تهدم مني ركنا أنت بنيته أو أن تضع مني خسيسة أنت رفعتها أو تشمت بي عدوا وأنت وقمته وأسالك بالله إلا أتى حلمك وعفوك دون إفساد صنائعك فقال معاوية إذا الله سنى عقد أمر تيسر خلوا سبيله ( وحدثنا أبو بكر ) قال أخبرنا العكلي قال حدثني حاتم بن قبيصة عن شبيب بن شيبة قال بعث الحجاج خطباء من الأحماس إلى عبد الملك فتكلموا فلما انتهى الكلام إلى خطيب الأزد قام فقال قد علمت العرب أنا حي فعال
ولسنا بحي مقال وأنا نجزي بفعلنا عند أحسن قولهم أن السيوف لتعرف أكفنا وأن الموت ليستعذب أرواحنا وقد علمت الحرب الزبون أنا نقرع جماحها ونحلب

صراها ثم جلس وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال مر رجل على قبر عامر بن الطفيل فقال عم صباحا أبا علي فلقد كنت سر يعافي وعدك إذا وعدت المولى بطيئا في إيعادك إذا أوعدته ولقد كانت هدايتك كهداية النجم وجرأنك كجرأة السيل وحدك كحد السيف ( وحدثنا أبو بكر ) رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال بلغني أن ابن ملجم لعنه الله حين ضرب عليا رضوان الله عليه قال أما أنا فقد أرهفت السيف وطردت الخوف وحثثت الأمل وبقيت الرجل وضربته ضربة لو كانت بأهل عكاظ قتلتهم وفي ذلك يقول النجاشي
( إذا حية أعيا الرقاة دواؤها ** بعثنا لها تحت الظلام ابن ملجم )
( وقال يعقوب ) قال الفراء سمعت الكلابي يقول قال بعضهم لولده يا بني لا تتخذها حنانة ولا أنانة ولا منانة ولا عشبة الدار ولا كبة القفا
والحنانة التي لها ولد من سواه فهي تحن عليهم والأنانة التي مات عنها زوجها فهي إذا رأت الزوج الثاني أنت وقالت رحم الله فلانا لزوجها الأول والمنانة التي لها مال فهي تمن على زوجها كلما أهوى إلى شيء من مالها
وقوله عشبة الدار يريد الهجينة وعشبة الدار التي تنبت في دمنة الدار وحولها عشب في بياض الأرض فهي أفخم منه وأضخم لأنها غذتها الدمنة وذلك أطيب للأكل رطبا ويبسا لأنه نبت في أرض طيبة وهذه نبتت في دمنة فهي متتنة رطبة وإذا يبست صارت حتاتا وذهب قفها في الدمنة فلم يمكن جمعه وذلك يجمع قفه لأنه في أرض طيبة ( قال أبو العباس ) أحمد بن يحيى القف ما يبس من البقل وسقط على الأرض في موضع نباته وقوله كبة القفاهي التي يأتي زوجها أو ابنها القوم فإذا انصرف من عندهم قال رجل من جبناء القوم قد والله كان بيني وبين امرأة هذا المولى أو أمه أمر ( وقال بهدل الزبيري ) أتى رجل ابنة الخس يستشيرها في امرأة يتزوجها فقالت انظر رمكاء جسيمة أو بيضاء وسيمة في بيت جد أو بيت حد أو بيت عز قال ما تركت من النساء شيئا قالت بلى شر النساء

تركت السويداء الممراض والحميراء المحياض الكثيرة المظاظ ( قال أبو علي ) الرمكاء السمراء والرمكة لون الرماد ومنه قيل بعير أرمك وناقة رمكاء والمظاظ المشارة والمشاقة قال رؤبة
( لأواءها والأزل والمظاظا ** ) اللاواء الشدة والأزل الضيق ( قال ) وحدثني الكلابي قال قيل لأبنة الخس أي النساء أسوء قالت التي تقعد بالفناء وتملأ الإناء وتمذق ما في السقاء قيل فأي النساء أفضل قالت التي إذا مشت أغبرت وإذا نطقت صرصرت متوركة جارية في بطنها جارية يتبعها جارية أي هي مئناث ( قال أبو علي ) أغبرت أثارت الغبار في مشيتها وصرصرت أحدت صوتها أنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله لجزير
( لكن سوادة يجلو مقلتي ضرم ** باز يصرصر فوق المرقب العالي )
ويروى ذاكم سوادة قيل فاي الغلمان أفضل قالت الأسوق الأعنق الذي إن شب كأنه أحمق قيل فأي الغلمان أفسل قالت الأويقص القصير العضد العظيم الحاوية الأغيبر الغشاء الذي يطيع أمه ويعصي عمه ( قال أبو علي ) الأسوق الطويل الساق والأعنق الطويل العنق والأويقص تصغير أوقص والأوقص الذي يدنو رأسه من صدره قال رؤبة
( أدمه صياغة وأرذله ** أوقص يخزي الأقربين عيطله )
العيطل الطويل العنق وجمعه وقص وقد وقص يوقص وقصا ومنه الأوقص قاضي المدينة والحاوية ما تحوى من البطن أي استدار مثل الحوايا والحوايا جمع حوية وهو كساء يدار حول سنام البعير يركب عليه الراكب
وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم لمضرس بن قرط بن الحارث المزنى
( أهاجتك آيات عفون خلوق ** وطيف خيال للمحب يشوق )


( وما هاجه من رسم دار ودمنة ** بها من مطافيل الظباء فروق )
( تلوح مغانيها بحجر كأنها ** رداء يمان قد أمح عتيق )
( تعذبني بالود سعدى فليتها ** تحمل منا مثله فتذوق )
( ولو تعلمين العلم أيقنت أنني ** ورب الهدايا المشعرات صدوق )
( أذود سوام الطرف عنك وماله ** إلى أحد إلا عليك طريق )
( أهم بصرم الحبل ثم يردني ** عليك من النفس الشعاع فريق )
( تهيجني للوصل أيامنا الألى ** مررن علينا والزمان وريق )
( ليالي لا تهوين أن تشحط النوى ** وأنت خليل لا يلام صديق )
( ووعدك إيانا وقد قلت عاجل ** بعيد كما قد تعلمين سحيق )
( فأصبحت لا تجزينني بمودتي ** ولا أنا للهجران منك مطيق )
( وأصبحت عاقتك العوائق إنها ** كذاك ووصل الغانيات يعوق )
( وكادت بلاد الله يا أم معمر ** بما رحبت يوما علي تضيق )
( تتوق إليك النفس ثم أردها ** حياء ومثلي بالحياء حقيق )
( وإني وإن حاولت صرمي وهجرتي ** عليك من احداث الردى لشفيق )
( وإن كنت لما تخبريني فسائلي ** فبعض الرجال للرجال رموق )
( سلي هل قلاني من عشير صحبته ** وهل ذم رحلي في الرحال رفيق )
( وهل يجتوي القوم الكرام صحابتي ** إذا اغبر مخشي الفجاج عميق )
( وأكتم أسرار الهوى فأميتها ** إذا باح مزاح بهن بروق )
ويروى
( وأميتها إذا باح مزاح بهن نزوق ** )
( شهدت برب البيت أنك عذبة الثنايا وأن الوجه منك عتيق ** )
( وأنك قسمت الفؤاد فبعضه ** رهين وبعض في الحبال وثيق )


( سقاك وإن أصبحت وانية القوى ** شقائق مزن ماءهن فتيق )
( بأسحم من نوء الثريا كأنما ** سفاه إذا جن الظلام حريق )
( صبوحي إذا ما ذرت الشمس ذكركم ** وذكركم عند المساء غبوق )
( وتزعم لي يا قلب أنك صابر ** على الهجر من سعدى فسوف تذوق )
( فمت كمدا أو عش سقيما فإنما ** تكلفني مالا أراك تطيق )
( قال أبو علي ) الشعاع المتفرق المنتشر قال قيس بن الخطيم
( طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر ** لها نفذ لولا الشعاع أضاءها )
( قال الأصمعي ) يقال جنب بنو فلان فهم مجنبون إذا لم يكن في إبلهم لبن وأهدوا إلى بني فلان من لبنكم فإنهم مجنبون قال الجميح بن منقذ
( لما رأت إبلي قلت حلوبتها ** وكل عام عليها عام تجنيب )
( ويقال أن عنده لخيرا مجنبا وشرا مجنبا أي كثيرا والمجنب الترس قال الهذلي
( صب اللهيف لها السبوب بطغية ** تنبي العقاب كما يلط المجنب )
اللهيف الملهوف وهو المكروب والسبوب الجبال واحدها سب قال أبو ذؤيب
( تدلى عليها بين سب وخيطة ** شديد الوصاة نابل وابن نابل )
والنابل الحاذق والطفية ناحية من الجبل يزلق منها وقال غيره الطغية الشمراخ من شماريخ الجبل ويلط يكب ويقال جنبت الريح تجنب جنوبا إذا هبت جنوبا وجنبنا منذ أيام أي أصابتنا الجنوب وأجنبنا منذ أيام دخلنا في الجنوب وسحابة مجنوبة جاءت بها الجنوب وجنب فلان في بني فلان إذا نزل فيهم غريبا

ومنه قيل جانب للغريب وجمعه جناب أنشدني أبو إلياس للقطامي
( فسلمت والتسليم ليس يضرها ** ولكنه حتم على كل جانب )
أي على كل غريب ورجل جنب غريب وجمعه أجناب قال الله عز وجل { والجار الجنب } أي الجار الغريب وقال نعم القوم هم الجار الجنابة أي الغربة ويقال جنبت فلانا الخير أي نحيته عنه وجنبته أيضا بالتثقيل قال أبو نصر والتخفيف أجود قال الله عز وجل { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } وجلس فلان جنبة أي ناحية قال الراعي
( أخليد إن أباك ضاف وساده ** همان باتا جنبة ودخيلا )
وأصابنا مطر تنبت عنه الجنبة وهو نبت ويقال أعطني جنبة فيعطيه جلد جنب بعير فيتخذ منه علبة والعلبة قدح من جلود يحلب فيه ويقال فلان من أهل الجناب بكسر الجيم لموضع بنجد وفرس طوع الجناب إذا كان سهل القياد ولج فلان في جناب قبيح إذا لج في مجانبة أهله فأما الجناب بفتح الجيم فما حول الرجل وناحيته وفناء داره وجلس فلان بجنب فلان وجانبه ويقال مروا يسيرون جنابيه وجنابتيه وجنبتيه إذا مروا يسيرون إلى جانبه وجنبت الدابة أجنبها إذا قدتها والجنيبة الدابة تقاد فتسير إلى جنبك وقال يعقوب الجنيبة الناقة يعطيها الرجل القوم إذا خرجوا يمتارون ويعطيهم دراهم يمتارون له عليها وأنشد
( رخو الحبال مائل الحقائب ** ركابه في القوم كالجنائب )
أي هي ضائعة وقال أبو عبيدة الجنيب التابع وأنشد لأرطاة بن سهية يهجو شبيب بن البرصاء
( أبي كان خيرا من أبيك ولم تزل ** جنيبا لآبائي وأنت جنيب )
والجنب مفتوحة النون أن تجنب الدابة قال امرؤ القيس
( لها جنب خلفها مسبطر ** ) أراد ذنبها كأنها تجنبه ومسبطر ممتد ويقال جنب

البعير يجنب جنبا إذا ظلع من جنبه ويقال الجنب لصوق الرئة بالجنب من شدة العطش قال ذو الرمة
( وثب المسحج من عانات معقلة ** كأنه مستبان الشك أو جنب )
والشك الظلع الخفيف ويقال ضربه فجنبه إذا كسر جنبه وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد عن سهل بن محمد قال اجتمع الشعراء بباب الحجاج وفيهم الحكم بن عبدل الأسدي فقالوا أصلح الله الأمير إنما شعر هذا في الفأر وما أشبهه قال ما يقول هؤلاء يا ابن عبدل قال اسمع أيها الأمير قال هات فأنشده
( وإني لأستغني فما أبطر الغنى ** وأعرض ميسوري لمن يبتغي عرضي )
( وأعسر أحيانا فتشتد عسرتي ** فأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي )
( وما نالني حتى تحلت فأسفرت ** أخو ثقة فيها بقرض ولا فرض )
( ولكنه سيب الإله وحرفتي ** وشدي حيازيم المطية بالغرض )
( لأكرم نفسي أن أرى متخشعا ** لذي منة يعطي القليل على النحض )
( قد امضيت هذا في وصية عبدل ** ومثل الذي أوصى به والدي أمضي )
( أكف الأذى عن أسرتي وأذوده ** على أنني أجزي المقارض بالقرض )
( وأبذل معروفي وتصفو خليقتي ** إذا كدرت أخلاق كل فتى محض )
( وأقضي على نفسي إذا الحق نابني ** وفي الناس من يقضى عليه ولا يقضي )
( وأمضي همومي بالزماع لوجهها ** إذا ما الهموم لم يكد بعضها يمضي )
( وأستنفذ المولى من الأمر بعدما ** يزل كما زل البعير عن الدحض )
( وأمنحه مالي وودي ونصرتي ** وإن كان محني الضلوع على بغضي )
( ويغمره سيبي ولو شئت ناله ** قوارع تبري العظم من كلم مض )


( ولست بذي وجهين فيمن عرفته ** ولا البخل فاعلم من سمائي ولا أرضي )
قال فلما سمع الحجاج هذا البيت
( ولست بذي وجهين فيمن عرفته ** ) فضله على الشعراء بجائزة ألف درهم في كل مرة يعطيهم ( قال أبو علي ) الغرض والغرضة والسفيف والبطان والوضين حزام الرحل والنحض اللحم ونحضت اللحم عن العظم نحضا إذا عرقته والدحض الزلق والمض مصدر مضه يمضه مضا فأقام المصدر مقام الفاعل كما قالوا رجل عدل أي عادل ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال في قوله عز وجل { إن الله كان على كل شيء حسيبا } أربعة أقوال يقال عالما ويقال مقتدرا ويقال كافيا ويقال محاسبا فالذي يقول كافيا يحتج بقوله جل وعز { يا أيها النبي حسبك الله } اي كافيك الله وبقوله عز وجل { عطاء حسابا } أي كافيا وبقول الشاعر
( إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ** فحسبك والضحاك سيف مهند )
أي يكفيك ويكفي الضحاك وبقول امرئ القيس
( فتملأ بيتنا أقطا وسمنا ** وحسبك من غنى شبع وري )
أي يكفيك الشبع والري وتقول العرب أحسبني الشيء يحسبني إحسابا وهو محسب قال الشاعر
( وإذا ما أرى في الناس حسنا يفوقها ** وفيهن حسن لو تأملت محسب )
وبقول الآخر
( ونقفي وليدا الحي إن كان جائعا ** ونحسبه إن كان ليس بجائع )
أي نعطيه حتى يقول حسبي أي كفاني وقالت الخنساء
( يكبون العشار لمن أتاهم ** إذا لم تحسب المائة الوليدا )
والذي يجعله بمعنى محاسب يحتج بقول قيس المجنون
( دعا المحرمون الله يستغفرونه ** بمكة يوما أن تمحى ذنوبها )
( وناديت يا رباه أول سؤلتي ** لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها )


فمعناه أنت محاسبها على ظلمها والذي يقول عالما يحتج بقول المخبل السعدي
( فلا تدخلن الدهر قبرك حوبة ** يقوم بها يوما عليك حسيب )
أي محاسبك عليها عالم بظلمك والذي قال مقتدرا لم يحتج بشيء ( قال أبو علي ) والقولان الأولان صحيحان في الإشتقاق مع الرواية والقولان الآخران لا يصحان في الإشتقاق ألا تراه قال في تفسير بيت المخبل السعدي محاسبك عليها عالم بظلمك فالحسيب في بيته المحاسب وهو بمنزلة قول العرب الشريب للمشارب وأنشد الفراء
( فلا أسقى ولا يسقى شريبي ** ويرويه إذا أوردت مائي )
أي مشاربي وأنشد أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم عن أبي زيد والأصمعي
( رب شريب لك ذي حساس ** شرابه كالحز بالمواسي )
( ليس بمحمود ولا مواسي ** عجلان يمشي مشية النفاس )
ويروى النفاس فمعناه رب مشارب لك والحساس الشر
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد البزاز قال حدثنا عبيد الله بن عمرو قال حدثنا يحيى بن سفيان قال سمعت عمرو بن مرة يقول حدثنا عبد الله بن الحرث عن طليق بن قيس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء له رب تقبل توبتي وأجب دعوتي واغسل حوبتي وثبت حجتي واهد قلبي وسدد لساني واسلل سخ يمة قلبي قال أبو بكر الحوبة الفعلة من الحوب وهو الإثم يقال حاب الرجل إذا أثم قال الله عز وجل { إنه كان حوبا كبيرا } وقرأ الحسن أنه كان حوبا كبيرا فقال الفراء الحوب المصدر والحوب الإسم وقال نابغة بني شيبان
( نماك أربعة كانوا أئمتنا ** فكان ملكك حقا ليس بالحوب )
والسخيمة الحقد وفيه لغات يقال في قلبي على فلان ضغن وحقد وضب ووتر ودعت وطائرة وترة وذحل وتبل ووغم ووغر وغمر ومئرة وإحنة

ودمنة وسخيمة وحسيكة وحسيفة وكتيفة وحشنة وحزازة وحزاز ويقال حزاز قال الشاعر
( فتى لا ينام على دمنة ** ولا يشرب الماء إلا بدم )
وقال لبيد
( بيني وبينهم الأحقاد والدمن ** )
وقال الأعشى
( يقوم على الوغم في قومه ** فيعفوا إذا شاء أو ينتقم )
وقال أيضا
( ومن كاشخ ظاهر غمره ** إذا ما انتسبت له أنكرن )
وقال ذو الرمة
( إذا ما أمرؤ حاولن أن يقتتلنه ** بلا إحنة بين النفوس ولا ذحل )
وقال نصيب
( أمن ذكر ليلى قد يعاودني التبل ** على حين شاب الرأس واستوسق العقل )
وقال القطامى
( أخوك الذي لا تملك الحس نفسه ** وترفض عند المحفظات الكتائف )
أي الأحقاد واحدها كتيفة والكتيفة أيضا الضبة من الحديد وأنشد أبو محمد الأموي في الحشنة
( ألا لا أرى ذا حشنة في فؤاده ** يجمجمها إلا سيبدو دفينها )
وأنشدنا محمد بن القاسم قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي
( إذا كان أولاد الرجال حزازة ** فأنت الحلال الحلو والبارد العذب )


( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال نزلت بقوم من غني مجتورين هم وقبائل من بني عامر بن صعصعة فحضرت ناديا لهم وفيهم شيخ لهم طويل الصمت عالم بالشعر وأيام الناس يجتمع إليه فتيانهم ينشدونه أشعارهم فإذا سمع الشعر الجيد قرع الارض قرعة بمحجن في يده فينفذ حكمه على من حضر بببكر للمنشد وإذا سمع مالا يعجبه قرع رأسه بمجمجنه فينفذ حكمه عليه بشاة أن كان ذا غنم وابن مخاض إن كان ذا إبل فإذا أخذ ذلك ذبح لأهل النادي فحضرتهم يوما والشيخ جالس بينهم فأنشده بعضهم يصف قطاة
( غدت في رعيل ذي أداوى منوطة ** بلباتها مربوعة لم تمرخ )
( قال أبو علي ) تمرخ تلين
( إذا سربخ عطت مجال سراته ** تمطت فحطت بين أرجاء سربخ )
السربخ الأرض الواسعة وعطت شقت فقرع الأرض عجمنه وهو لا يتكلم ثم أنشده آخر يصف ليلة
( كأن شميط الصبح في أخرياتها ** ملاء ينقى من طيالسة خضر )
( تخال بقاياها التي أسأر الدجى ** تمدوا شيعا فوق أردية الفجر )
فقام كالمجنون مصلتا سيفه حتى خالط البرك فجعل يضرب يمينا وشمالا وهو يقول ن
( لا تفرغن في أذني بعدها ** ما يستفز فأريك فقدها )
( إني إذا السيف تولى ندها ** لا أستطيع بعد ذاك ردها )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي البرك إبل أهل الحواء بالغة ما بلغت وقال أبو عبيدة البرك الإبل البروك وقال أبو عمرو البرك ألف بعير ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان الأشنانداني قال كنا يوما في حلقة الأصمعي إذا أقبل أعرابي يرفل في الخزوز فقال أين عميدكم فاشرنا إلى الأصمعي فقال ما معنى قول الشاعر


( لا مال إلا العطاف توزره ** أم ثلاثين وابنة الجبل )
( لا يرتقي النز في ذلاذله ** ولا يعدي نعليه عن بلل )
قال فضحك الأصمعي وقال
( عصرته نطفة تضمنها ** لصب تلقى مواقع السبل )
( أو وجبة من جناة أشكلة ** إن لم يرغها بالقوس لم تنل )
قال فأدبر الأعرابي وهو يقول تالله ما رأيت كاليوم عضلة ثم أنشدنا الأصمعي القصيدة لرجل من بني عمرو بن كلاب أو قال من بني كلاب ( قال أبو بكر ) هذا يصف رجلا خائفا لجأ إلى جبل وليس معه إلا قوسه وسيفه والسيف هو العطاف وأنشدنا
( لا مال لي إلا عطاف ومدرع ** لكم طرف منه حديد ولي طرف )
وقوله
( أم ثلاثين وابنة الجبل ** ) يعني كنانة فيها ثلاثون سهما وابنة الجبل القوس لأنها من نبع والنبع لا ينبت إلا في الجبال
وقوله لا يرتقى النز أي ليس هناك نز والنز الندى لأنه في جبل والذلاذل ما أحاط بالقميص من أسفله واحدها ذلذل وقال أبو زيد وذلذل وقوله لا يعدي نعليه عن بلل أي لا يصرفهما عن بلل أي ليس هناك بلل والعصرة والعصر والمعتصر الملجأ والنطفة الماء يقع على القليل منه والكثير وليس بضد واللصب كالشق يكون في الجبل وقوله تلقى مواقع السبل أي قبل وتضمن والسبل المطر والوجبة الآكلة في اليوم ( وقال الأصمعي ) سمعت أعرابيا يقول فلان يأكل الوجبة ويذهب الوقعة أي يأكل في اليوم مرة ويتبرز مرة والجناة والجنى واحد وهو ما اجتنى من الثمر والأشكلة سدر جبلي لا يطول أنشدنا أبو بكر
( عوجا كما اعوجت قسي الأشكل ** ) وأنشدنا مرة قياس الأشكل والأشكل جمع أشكلة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد بن محمد بن عباد قال دخل أعشى بني ربيعة على عبد الملك بن مروان وعنده ابناه الوليد وسليمان فقال له يا أبا المغيرة

ما بقي من شعرك فقال والله لقد ذهب أكثره وأنا الذي أقول
( ما أنا في أمري ولا في خصومتي ** بمهتضم حقي ولا سالم قرني )
( ولا مسلم مولاي عند جناية ** ولا مظهر عيني وما سمعت أذني )
( وفضلني في الشعر والعلم أنني ** أقول على علم وأعلم ما أعني )
( فأصبحت إذا فضلت مروان وابنة ** على الناس قد فضلت خير أب وابن )
فقال عبد الملك من يلومني على حب هذا وأمر له بجائزة وقطيعة بالعراق فقال يا أمير المؤمنين إن الحجاج علي واجد فكتب إليه بالصفح عنه وبحسن صلته فأمر له الحجاج بذلك وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا ثعلب قال أنشدنا ابن الأعرابي
( ويأخذ عيب المرء من عيب نفسه ** مراد لعمري ما أراد قريب )
قال وقال لنا بعض المشايخ هذا البيت مبني على كلام الأحنف بن قيس وقال له رجل ادللني على رجل كثير العيوب فقال اطلبه عيابا فإنما يعيب الناس بفضل ما فيه وحدثنا ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال نزلت في واد من أودية بني العنبر وإذا هو معان بأهله وإذا فتية يريدون البصرة فأحببت صحبتهم فأقمت ليلتي تلك عليهم وإني لوصب محموم أخاف لا أستمسك على راحلتي فلما قاموا ليرحلوا أيقظوني فلما رأوا حالي رحلوا بي وحملوني وركب أحدهم ورأئي يمسكني فلما أمعنوا في السير تنادو ألا فتى يحدو بنا أو ينشدنا فإذا منشد في جوف الليل بصوت ند حزين يقول
( لعمرك أني يوم بانوا فلم أمت ** خفاتا على آثارهم لصبور )
( غداة المنقى اذ رميت بنظره ** ونحن على متن الطريق نسير )
( ففاضت دموع العين حتى كأنها ** لناظرها غصن يراح مطير )
( فقلت لقلبي حين خف به الهوى ** وكاد من الوجد المبر يطير

( فهذا ولما تمض للبين ليلة ** فكيف إذا مرت عليك شهور )
( وأصبح أعلام الأحبة دونها ** من الأرض غول نازح ومسير )
( وأصبحت نجدي الهوى متهم النوى ** أزيد اشتياقا إذا يحن بعير )
( عسى الله بعد النأي أن يصقب النوى ** ويجمع شمل بعدها وسرور )
قال فسكنت عني الحمى حتى ما أحس بها وقلت لرديفي انزل إلى راحلتك فإني مفيق متماسك جزاك الله وحسن الصحبة خيرا ( قال ) وحدثنا أبو بكر عن أبي حاتم عن ابن الأثرم عن أبي عبيدة قال معنى قوله عز وجل { وهو شديد المحال } شديد المكر والعقوبة وأنشدنا ابن الأنباري لعبد المطلب بن هاشم
( لا هم أن المرء يمنع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ** ومحالهم غدرا محالك )
وقال الأعشى
( فرع نبع يهتز في غصن المجد غزير الندى عظيم المحال )
معناه عظيم المكر وقال نابغة بني شيبان
( إن من يركب الفواحش سرا ** حين يخلو بسره غير خال )
( كيف يخلو وعنده كاتباه ** شاهداه وربه ذو المحال )
وقال الآخر
( أبر على الخصوم فليس خصم ** ولا خصمان يغلبه جدالا )
( ولبس بين أقوام فكل ** أعد له الشغازب والمحالا )
( قال أبو علي ) الشغزبية ضرب من الصراع يقال اعتقله الشغزبية وهو أن يدخل المصارع رجله بين رجلي الآخر فيصرعه ( قال أبو بكر ) سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى النحوي قال يقال المحال مأخوذ من قول العرب محل فلان بفلان إذا سعى به إلى السلطان وعرضه لما يوبقه ويهلكه ( قال أبو بكر ) ومن ذلك قولهم في الدعاء اللهم لا تجعل القرآن بنا ماحلا أي لا تجعله شاهدا علينا بالتضييع والتقصير ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن يوم

القيامة نجا ومن محل به القرآن كبه الله على وجهه في النار ) وروى عن الأعرج أنه قرأ شديد المحال بفتح الميم أي شديد الحول وتفسير ابن عباس يدل على فتح الميم لأنه قال وهو شديد الحول
والمحالة في كلام العرب على أربعة معان المحالة الحيلة والمحالة البكرة التي تعلق على رأس البئر والمحالة الفقرة من فقر الظهر وجمعها محال والمحالة مصدر قولهم حلت بين الشيئين ( قال أبو زيد ) ماله حيلة ولا محالة ولا محال ولا محيلة ولا محتال ولا احتيال ولا حول ولا حويل وأنشد
( قد أركب الآلة بعد الآله ** وأترك العاجز بالجداله ** منعفرا ليست له محاله )
أي حيلة والجدالة الأرض يقال تركت فلانا مجدلا أي ساقطا على الجدالة وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري
( ما للرجال مع القضاء محالة ** ذهب القضاء بحيلة الأقوام )
قال وحدثني أبي قال بعث سليمان المهلبي إلى الخليل بن أحمد بمائة ألف درهم وطالبه لصحبته فرد عليه المائة الألف وكتب إليه
( أبلغ سليمان أنى عنه في سعة ** وفي غنى غير أني لست ذا مال )
( شحي بنفسي أني لا أرى أحدا ** يموت هزلا ولا يبقى على حال )
( والرزق عن قدر لا العجز ينقصه ** ولا يزيدك فيه حول محتال )
( والفقر في النفس لا في المال تعرفه ** ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال )
( قال أبو علي ) والعرب تقول حولق الرجل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله أنشدنا محمد بن القاسم
( فداك من الأقوام كل مبخل ** يحولق إما ساله العرف سائل )
أي يقول لا حول ولا قوة إلا بالله ( وقال ) أحمد بن عبيد حولق الرجل وحوقل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله وبسمل الرجل إذا قال باسم الله وقد أخذنا في البسملة وأنشدنا ابن الأعرابي
( لقد بسملت ليلى غداة لقيتها ** فيا بأبي ذاك الغزال المبسمل )


وقال أبو عكرمة الضبي قد هيلل الرجل إذا قال لا إله إلا الله وقد أخذنا في الهيللة وقال الخليل بن أحمد حيعل الرجل إذا قال حي على الصلاة قال الشاعر
( أقول لها ودمع العين جار ** ألم يحزنك حيعلة المنادي )
وحدثنا محمد بن القاسم قال حدثنا محمد بن يونس الكديمي قال حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز قال حدثنا عمرو بن أزهر الواسطي عن أبان عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أكل السفرجل يذهب بطخاء القلب ) قال أبو بكر الطخاء الثقل والظلمة يقال ليلة طخياء وطاخية قال وأنشدنا أبو العباس ثعلب عن ابن الأعرابي
( ليت زماني عادلي الأول ** وما يرد ليت أو لعل )
( وليلة طخياء يرمعل ** فيها على الساري ندى مخضل )
( قال أبو علي ) يقال ارمعل وارمعن إذا سال وقال الطخاء الغيم الكثيف ( قال أبو علي ) لم أسمع الطخاء الغيم الكثيف إلا منه فأما الذي عليه عامة اللغويين فالطخاء الغيم الذي ليس بكثيف ( وقال الأصمعي ) الطخاء والطهاء والطخاف والعماء الغيم الرقيق كذلك روى عنه أبو حاتم وقال أبو عبيد عنه الطخاء السحاب المرتفع وفسر أبو عبيد حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال الطخاء الغشي والثقل وهذا شبيه بالقول الأول ( قال أبو علي ) وحقيقته عندي أنه ما جلل القلب حتى يسد الشهوة ولذا قيل للسحاب طخاء لأنه يجلل السماء ولذلك قيل لليلة المظلمة طخياء لأنها تجلل الأرض بظلمتها
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خرج دريد بن الصمة في فوارس من بني جشم حتى إذا كانوا في واد لبنى كنانة رفع لهم رجل في ناحية الوادي ومعه ظعينة فلما نظر إليه قال لفارس من أصحابه صح به خل الظعينة وانج بنفسك وهم لا يعرفونه فانتهى إليه الفارس فصاح به وألح عليه فلما أبى ألقى زمام الراحلة وقال للظعينة


( سيري على رسلك سيرالا من ** سير رداح ذات جأش ساكن )
( أن انثنائي دون قرنى شائني ** أبلى بلائي واخبري وعايني )
ثم حمل عليه فصرعه وأخذ فرسه وأعطاه للظعينة فبعث دريد فارسا آخر لينظر ما فعل صاحبه فلما انتهى إليه ورآه صريعا صاح به فتصام عنه فظن أنه لم يسمع فغشيه فألقى زمام الراحلة إلى الظعينة ثم رجع وهو يقول
( خل سبيل الحرة المنيعه ** إنك لاق دونها ربيعه ** في كفه خطية مطيعه )
( أولا فخذها طعنة سريعه ** والطعن مني في الوغى شريعه )
ثم حمل عليه فصرعه فلما أبطأ على دريد بعث فارسا ثالثا لينظر ما صنعا فلما انتهى إليها رآهما صريعين ونظر إليه يقود ظعينته ويجر رمحه فقال له خل سبيل الظعينة فقال للظعينة اقصدي قصدا البيوت ثم أقبل عليه فقال
( ماذا تريد من شتيم عابس ** ألم تر الفارس بعد الفارس ** أرداهما عامل رمح يابس )
ثم حمل عليه فصرعه وانكسر رمحه وارتاب دريد وظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل فلحق ربيعة وقد دنا من الحي ووجد أصحابه قد قتلوا فقال أيها الفارس أن مثلك لا يقتل ولا أرى معك رمحا والخيل ثائرة بأصحابها فدونك هذا الرمح فإني منصرف إلى أصحابي فمثبطهم عنك فانصرف دريد وقال لأصحابه أن فارس الظعينة قد حماها وقتل فرسانكم وانتزع دمي ولا مطمع لكم فيه فانصرفوا فانصرف القوم فقال دريد
( ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ** حامي الظعينة فارسا لم يقتل )
( أردى فوارس لم يكونوا نهزة ** ثم استمر كأنه لم يفعل )
( متهللا تبدو أسرة وجهه ** مثل الحسام جلته كف الصيقل )
( يزجي ظعينته ويسحب رمحه ** متوجها يمناه نحو المنزل )
( وترى الفوارس من مخافة رمحه ** مثل البغاث خشين وقع الأجدل )


( يا ليت شعري من أبوه وأمه ** يا صاح من يك مثله لا يجهل )
( قال أبو علي ) البغاث والبغاث والبغاث أكثر وأشهر وقال ربيعة
( إن كان ينفعك اليقين فسائلي ** عني الظعينة يوم وادي الأخرم )
( إذ هي لأول من أتاها نهبة ** لولا طعان ربيعة بن مكدم )
( إذ قال لي أدنى الفوارس ميتة ** خل الظعينة طائعا لا تندم )
( فصرفت راحلة الظعينة نحوه ** عمدا ليعلم بعض ما لم يعلم )
( وهتكت بالرمح الطويل إهابه ** فهوى صريعا لليدين وللفم )
( ومنحت آخر بعده جياشة ** نجلاء فاغرة كشدق الأضجم )
( ولقد شفعتهما بآخر ثالث ** وأبى الفرار لي الغداة تكرمي )
ثم لم تلبث بنوا كنانة أن أغارت علي بني جشم فقتلوا وأسروا دريد بن الصمة فأخفى نفسه فبينا هو عندهم محبوس إذا جاءه نسوة يتهادين إليه فصرخت إحداهن فقالت هلكتم وأهلكتم ماذا جر علينا قومنا هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة ثم ألقت عليه ثوبها وقالت يال فراس أنا جارة له منكم هذا صاحبنا يوم الوادي فسألوه من هو فقال أنا دريد ابن الصمة فمن صاحبي قالوا ربيعة بن مكدم قال فما فعل قالوا قتلته بنو سليم قال فما فعلت الظعينة قالت المرأة أنا هيه وأنا امرأته فحبسه القوم وآمروا أنفسهم فقال بعضهم لا ينبغي لدريد أن نكفر نعمته على صاحبنا وقال آخرون والله لا يخرج من أيدينا إلا برضا المخارق الذي أسره فانبعثت المرأة في الليل وهي ريطة بنت جذل الطعان تقول
( ستجزي دريدا عن ربيعة نعمة ** وكل امرئ يجزى بما كان قدما )
( فإن كان خيرا كان خيرا جزاؤه ** وإن كان شرا كان شرا مذمما )
( سنجزيه نعمى لم تكن بصغيرة ** بإعطائه الرمح الطويل المقوما )
( فقد أدركت كفاه فينا جزاءه ** وأهل بأن يجزى الذي كان أنعما )


( فلا تكفروه وحق نعماه فيكم ** ولا تركبوا تلك التي تملأ الفما )
( فلو كان حيا لم يضق بثوابه ** ذراعا غنيا كان أو كان معدما )
( ففكوا دريدا من إسار مخارق ** ولا تجعلوا البؤسى إلى الشر سلما )
فلما أصبحوا أطلقوه فكسته وجهزته ولحق بقومه فلم يزل كافا عن غزو بني فراس حتى هلك ( قال أبو علي ) وما استحسنته من شعر قيس بن الخطيم قال وقرأت شعر قيس بن الخطيم على أبي بكر بن دريد رحمه الله
( أن تلق خيل العامري مغيرة ** لا تلقهم متقنعي الأعراف )
( وإذا تكون عظيمة في عامر ** فهو المدافع عنهم والكافي )
( الواترون المدركون بتبلهم ** والحاشدون على قرى الأضياف )
قال ومما اختار الناس لقيس بن الخطيم
( أنى سربت وكنت غير سروب ** وتقرب الأحلام غير قريب )
( ما تمنعي يقظى فقد تؤتينه ** في النوم غير مصرد محسوب )
( كان المنى بلقائها فلقيتها ** فلهوت من لهو امرئ مكذوب )
( فرأيت مثل الشمس عند طلوعها ** في الحسن أو كدنوها لغروب )
قال وحدثني أبو بكر بن دريد قال قامت الأنصار إلى جرير في بعض قدماته المدينة فقالوا أنشدنا يا أبا حرزة قال أنشد قوما منهم الذي يقول
( ما تمنعي يقظي فقد تؤتينه ** في النوم غير مصرد محسوب )
( قال وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لرجل من بني جعدة
( لا خير في الحب وقفا لا تحركه ** عوارض اليأس أو يرتاحه الطمع )
( لو كان لي صبرها أو عندها جزعي ** لكنت أملك ما آتي وما أدع )
( إذا دعا بإسمها داع ليحزنني ** كادت له شعبة من مهجتي تقع )


( لا أحمل اللوم فيها والغرام بها ** ما حمل الله نفسا فوق ما تسع )
( قال ) وأنشدني بعض أصحابنا
( أيا شجر الخابور مالك مورقا ** كأنك لم تجزع على ابن طريف )
( فتى لا يحب الزاد إلا من التقى ** ولا المال إلا من قنا وسيوف )
( ولا الذخر إلا كل جرداء صلدم ** وكل رقيق الشفرتين حليف )
( عليك سلام الله حتما فإنني ** أرى الموت وقاعا بكل شريف )
( قال أبو علي ) الجرداء القصيرة الشعر والصلدم الشديدة يعني فرسا والحليف الحديد حكى الأصمعي عن العرب أن فلانا لحليف اللسان طويل الأمة أي طويل القامة ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم والرياشي عن أبي زيد للأقرع القشيري
( فأبلغ مالكا عني رسولا ** وما يغني الرسول إليك مال )
( تخادعنا وتوعدنا رويدا ** كدأب الذئب يأدو للغزال )
( فلا تفعل فإن أخاك جلد ** على العزاء فيها ذو احتيال )
( وإنا سوف نجعل موليينا ** مكان الكليتين من الطحال )
( ونغني في الحوادث عن أخينا ** كما تغني اليمين عن الشمال )
( قال أبو علي ) يأدو يختل أنشد أبو زيد
( أدوت له لآخذه ** فهيهات الفتى حذرا )
والعزاء الشدة ومنه قيل تعزز لحم الفرس إذا اشتد ( قال أبو علي ) قرأت على أبي بكر ابن الأنباري في قوله جل وعز { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين } أقوال قال قوم يمحصهم يجردهم من ذنوبهم واحتجوا بقول أبي دؤاد الإيادي يصف قوائم الفرس
( صم النسور صحاح غير عاثرة ** ركبن في محصات ملتقى العصب )
النسور شبه النوى التي تكون في باطن الحافر ومحصات أراد قوائم منجردات ليس فيها

إلا العصب والجلد والعظم ومنه قولهم اللهم محص عنا ذنوبنا قال وقال الخليل معنى قوله جل وعز وليمحص وليخلص وقال أبو عمرو اسحق بن نزار الشيباني وليمحص وليكشف واحتج بقول الشاعر
( حتى بدت قمراؤه وتمحصت ** ظلماؤه ورأى الطريق المبصر )
( قال ) ومعنى قولهم اللهم محص عنا ذنوبنا أي اكشفها وقال آخرون اطرحها عنا
( قال أبو علي ) هذه الأقوال كلها في المعنى واحد ألا ترى أن التخليص تجريد والتجريد كشف والكشف طرح لما عليه
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا اسماعيل ابن اسحق القاضي قال حدثنا أبو مصعب الزهري عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن ( قال أبو علي ) قال الأصمعي البغي الأمة وجمعه بغايا وفي الحديث قامت على رؤسهم البغايا وقال الأعشى
( والبغايا يركضن أكسية الأضريج والشرعبي ذا الأذيال )
وقال الآخر
( فخر البغي بحدج ربتها إذا ما الناس شلوا ** )
أي طردوا والبغي أيضا الفاجرة يقال بغت تبغي إذا فجرت والبغاء الفجور في الإماء خاصة قال الله عز وجل { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } والبغية الربيئة قال الشاعر
( وكان وراء القوم منهم بغية ** فأوفى يفاعا من بعيد فبشرا )
وجمعها بغايا وقال طفيل الغنوي
( فألوت بغاياهم بنا وتباشرت ** إلى عرض جيش غير أن لم يكتب )
يكتب يجمع ( وقال أبو بكر ) في الحلوان أربعة أقوال أحدها أن الحلوان أجرة ما يأخذه الكاهن على كهانته والقول الثاني أن الحلوان الرشوة التي يرشاها الكاهن على كهانته

وغيره الكاهن يقال حلوت الرجل أحلوه حلوانا قال الشاعر
( كأني حلوت الشعر يوم مدحته ** صفا صخرة صماء يبس بلالها )
والقول الثالث أن الحلوان ما يأخذه الرجل من مهر ابنته ثم اتسع فيه حتى قيل في الرشوة والعطية قالت امرأة من العرب تمدح زوجها
( لا يأخذ الحلوان من بناتيا ** )
والقول الرابع إن الحلوان هو ما يعطاه الرجل مما يستحليه ويستطيبه يقال منه حلوت الرجل إذا أعطيته ما يستحليه طعاما كان أو غيره كما تقول عسلت الرجل إذا أطعمته العسل أو ما يستحليه كما يستحلي العسل
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال كان أبو حاتم يضن بهذا الحديث ويقول ما حدثني به أبو عبيدة حتى اختلفت إليه مدة وتحملت عليه بأصدقائه من الثقفيين وكان لهم مواخيا قال حدثنا أبو حاتم قال حدثني أبو عبيدة قال حدثني غير واحد من هوازن من أولى العلم وبعضهم قد أدرك أبوه الجاهلية أو جده قال اجتمع عامر بن الظرب العدواني وحممة بن رافع الدوسي ويزعم النساب أن ليلى بنت الظرب ام دوس بن عدنان وزينب بنت الظرب أم ثقيف وهو قيسي قال اجتمع عامر وحممة عند ملك من ملوك حمير فقال تساءلا حتى أسمع ما تقولان قال قال عامر لحممة أين تحب أن تكون أياديك قال عند ذي الرثية العديم وذي الخلة الكريم والمعسر الغريم والمستضعف الهضيم قال من أحق الناس بالمقت قال الفقير المختال والضعيف الصوال والعيي القوال
قال فمن أحق الناس بالمنع قال الحريص الكاند والمستميد الحاسد والملحف الواجد قال فمن أجدر الناس بالصنيعة قال من إذا أعطى شكر وإذا منع عذر وإذا موطل صبر وإذا قدم العهد ذكر
قال من أكرم الناس عشرة قال من إن قرب منح وإن بعد مدح وإن ظلم صفح وإن ضويق سمح قال من ألأم الناس قال من إذا سأل خضع وإذا سئل منع وإذا ملك كنع ظاهره جشع وباطنه طبع قال فمن أحلم الناس قال

من عفا إذا قدر وأجمل إذا انتصر ولم تطغه عزة الظفر
قال فمن أحزم الناس قال من أخذ رقاب الأمور بيديه وجعل العواقب نصب عينيه ونبذ التهيب دبر أذنيه
قال فمن أخرق الناس قال من ركب الخطار واعتسف العثار وأسرع في البدار قبل الإقتدار
قال فمن أجود الناس قال من بذل المجهود ولم يأس على المعهود قال فمن أبلغ الناس قال من جلى المعنى المزيز باللفظ الوجيز وطبق المفصل قبل التحزيز
قال من أنعم الناس عيشا قال من تحلى بالعفاف ورضي بالكفاف وتجاوز ما يخاف إلى مالا يخاف
قال فمن أشقى الناس قال من حسد على النعم وتسخط على القسم واستشعر الندم على فوت ما لم يحتم قال من أغنى الناس قال من استشعر الياس وأبدى التحمل للناس واستكثر قليل النعم ولم يسخط على القسم
قال فمن أحكم الناس قال من صمت فادكر ونظر فاعتبر ووعظ فازدجر قال من أجهل الناس قال من رأى الخرق مغنما والتجاوز مغرما
( قال أبو علي ) الرثية وجع المفاصل واليدين والرجلين قال أبو عبيدة أنشدت يونس النحوي
( وللكبير رثيات أربع ** الركبتان والنسا والأخدع )
فقال أي والله وعشرون رثية
والخلة الحاجة والخلة الصداقة يقال فلان خلتي وفلانة خلتي الذكر والأنثى فيه سواء وخلي وخليلي والخل الطريق في الرمل والخل الرجل الخفيف الجسم ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله
( فاسقنيها يا سواد بن عمرو ** إن جسمي بعد خالي لخل )
والخليل أيضا المحتاج قال زهير
( وإن أتاه خليل يوم مسألة ** يقول لا غائب مالي ولا حرم )
وقد استقصينا هذا الباب فيما مضى من الكتاب والكاند الذي يكفر النعمة


والكنود الكفور ومنه قوله عز وجل { إن الإنسان لربه لكنود } وامرأة كنود كفور للمواصلة والمستميد مثل المستمير وهو المستعطي ومنه اشتقاق المائدة لأنها تماد ولا تسمى مائدة حتى يكون عليها طعام فإذا لم يكن عليها طعام فهي خوان وخوان وجمع خوان خون وكنع تقبض يقال قد تكنع جلده إذا تقبض يريد أنه ممسك بخيل والجشع أسوأ الحرص والطبع الدنس
ويقال جعلت الشيء دبر أذني إذا لم ألتفت إليه والإعتساف ركوب الطريق على غير هداية وركوب الأمر على غير معرفة
والمزيز من قولهم هذا أمر من هذا أي أفضل منه وأزيد ( قال ) وحدثني أبو بكر بن دريد قال سأل أعرابي رجلا درهما فقالت لقد سألت مزيزا الدرهم عشر العشرة والعشرة عشر المائة والمائة عشر الألف والألف عشر ديتك
والمطبق من السيوف الذي يصيب المفاصل فيفصلها لا يجاوزها
قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال دخلت على امرأة من العرب بأعلى الأرض في خباء لها وبين يديها بني لها قد نزل به الموت فقامت إليه فأغمضته وعصبته وسجته ثم قالت يا ابن أخي قلت ما تشائين قالت ما أحق من ألبس النعمة وأطيلت به النظرة أن لا يدع التوثق من نفسه قبل حل عقدته والحلول بعقوته والمحالة بينه وبين نفسه قال وما يقطر من عينها قطرة صبرا واحتسابا ثم نظرت إليه فقالت والله ما كان مالك لبطنك ولا أمرك لعرسك ثم أنشدت تقول
( رحيب الذراع بالتي لا تشينه ** وإن كانت الفحشاء ضاق بها ذرعا )
( قال ) وأنشدني أبو محمد عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني الخثعمي لنفسه
( أيها الناعيان من تنعيان ** وعلى من أرا كما تبكيان )
( نعيا الثاقب الزناد أبا اسحق رب المعروف والإحسان )
( اذهبا بي إن لم يكن لكما عقر إلى ترب قبره فأعقراني )


( وانضحا من دمي عليه فقد كان ** دمي من نداه لو تعلمان )
( قال ) وقرأت على أبي بكر بن الأنباري في كتابه وقرئ عليه في المعاني الكبير ليعقوب بن السكيت وأنا أسمع قال وقرأت بعض هذه الأبيات على أبي بكر بن دريد في كتاب النوادر لإبن دريد قال ضمرة بن ضمرة
( بكرت تلومك بعد وهن في الندى ** بسل عليك ملامتي وعتابي )
( ولقد علمت فلا تظني غيره ** أن سوف تخلجني سبيل صحابي )
( أأصرها وبني عمي ساغب ** فكفاك من إبة على وعاب )
( أرأيت إن صرخت بليل هامتي ** وخرجت منها باليا أثوابي )
( هل تخمشن إبلي علي وجوهها ** أم تعصبن رؤسها بسلاب )
( قال أبو علي ) بكرت عجلت ومنه باكورة الرطب والفاكهة وهو المتعجل منه ولم يرد الغدو ألا تراه قال بعدوهن أي بعد نومة والعرب تقول أنا أبكر إليك العشية أي أعجل ذلك وأسرعه والبسل الحرام ههنا قال زهير
( بلاد بها نادمتهم وألفتهم ** فإن تقويا منهم فإنهما بسل )
أي حرام ( وقال أبو حاتم ) يقال للواحد والإثنين والجماعة والمؤنث والمذكر بسل بلفظ الواحد كما يقال رجل عدل وقوم عدل والبسل في غير هذا الحلال وهو من الأضداد
( قال ) أنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي زيد
( زيادتنا نعمان لا تحرمننا ** تق الله فينا والكتاب الذي نتلو )
( أيثبت ما زدتم وتلغى زيادتي ** دمي أن أسيغت هذه لكم بسل )
أي حلال وتخلجني تجذبني ومنه قيل للماء خليج لأنه انجذب إلى جهة من الجهات ومنه قيل للجام خليج لأنه يجذب الدابة ويمكن أن يكون فعيلا في معنى مفعول لأنه يخلج أي يجذب والسغب الجوع والمسغبة المجاعة والساغب الجائع والإبة الحياء يقال

أو أبته فأتاب مثل اتعد ( وحكى ) يعقوب عن أبي عمرو الشيباني قال حضرني أعرابي فقدمت إليه طعاما فأكل منه فقلت ازدد فقال يا أبا عمرو ما طعامك بطعام تؤبة ( وقال ) أبو زيد لأعرابية بالعيون مالك لا تصيرين إلى الرفقة فقالت أخزى أن أمشي في الرفاق أي استحي والخزاية الحياء
والعاب العيب ( قال أبو زيد ) سمعت أعرابيا يقول أن الرجز لعاب أي عيب والرجز أن يرعد عجز البعير إذا أراد النهوض وأنشد
( تجد القيام كأنما هو نجدة ** حتى تقوم تكلف الرجزاء )
والذكر أرجز والسلاب خرقة سوداء تتقنع بها المرأة في المأثم ( قال ) وقرأت على أبي محمد عبد الله بن جعفر قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال وأنشدني أبو بكر بن الأنباري قال قرئ على أبي العباس أحمد بن يحيى
( رمتني وستر الله بيني وبينها ** عشية أحجار الكناس رميم )
( فلو كنت أسطيع الرماء رميتها ** ولكن عهدي بالنضال قديم )
( رميم التي قالت لجارات بيتها ** ضمنت لكم أن لا يزال يهيم )
قال أنشدني محمد بن السري
( قل لحادي المطي خفض قليلا ** تجعل العيس سيرهن ذميلا )
( لا تقفها على السبيل ودعها ** يهدها شوق من عليها السبيلا )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال قرئ على أبي العباس لأبي حية النميري وأنا أسمع
( وخبرك الواشون أن لن أحبكم ** بلى وستور الله ذات المحارم )
( أصد وما الصد الذي تعلمينه ** عزاء بكم إلا ابتلاع العلاقم )
( حياء وبقيا أن تشيع نميمة ** بنا وبكم أف لأهل النمائم )
( وإن دما لو تعلمين جنيته ** على الحي جاني مثله غير سالم )
( أما إنه لو كان غيرك أرقلت ** إليه القنا بالراعفات اللهاذم )


( ولكنه والله ما طل مسلما ** كغر الثنايا واضحات الملاغم )
( إذا هن ساقطن الأحاديث للفتى ** سقاط حصى المرجان من سلك ناظم )
( رمين فأقصدن القلوب ولن ترى ** دما مائرا إلا جوى في الحيازم )
( قال أبو علي ) يقال سنان لهذم ولسان لهذم أي حاد والملاغم ما حول الفم ومنه قيل تلغمت بالطيب إذا جعلته هناك والمائر السائل ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( فمالك إذ ترمين يا أم مالك ** حشاشة قلبي شل منك الأصابع )
( لها أسهم لا قاصرات عن الحشى ** ولا شاخصات عن فؤادي طوالع )
( فمنهن أيام الشباب ثلاثة ** وسهم طرير بعد ما شبت رابع )
( قال ) وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج قال أنشدني ابن الرومي لنفسه
( لما تؤذن الدنيا به من صروفها ** يكون بكاء الطفل ساعة يوضع )
( علام بكى لما رآها وأنها ** لا رحب مما كان فيه وأوسع )
( قال ) وأنشدنا أيضا لنفسه
( يا أيها الرجل المسود شيبه ** كيما يعد به من الشبان )
( أقصر فلو سودت كل حمامة ** بيضاء ما عدت من الغربان )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري في قوله جل وعز { ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين } معناه متى هذا القضاء والحكم وأنشد
( ألا أبلغ بني عصم رسولا ** فإني عن فتاحتكم غني )
معناه عن محاكمتكم ومن ذلك قول الله جل وعز ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) أي اقض بيننا
وقال الفراء وأهل عمان يسمون القاضي الفتاح فأما قوله جل وعز { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ففيه قولان قال قوم معناه إن تستقضوا فقد جاءكم

القضاء وقال آخرون إن تستنصروا فقد جاءكم النصر وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر اللهم انصر أفضل الدينين عندك وأرضاه لديك فقال الله عز وجل { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين ( قال ) أبو عبيدة معناه يستنصر والصعلوك الفقير في كلام العرب قال حاتم بن عبد الله
( غنينا زمانا بالتصعلك والغنى ** فكلا سقاناه بكأسيهما الدهر )
يعني بالفقر والغنى ( قال ) وحدثنا أبو بكر محمد بن القاسم قال حدثنا خلف بن عمرو العكبري قال حدثنا أبو عبدالرحمن بن عائشة قال حدثنا عبد الرحمن بن حماد عن طلحة بن يحيى بن طلحة عن أبيه عن طلحة بن عبيدالله قال رمى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسفرجلة فقال دونكها يا أبا محمد فإنها تجم الفؤاد ( قال ) أبو بكر قال خلف بن عمرو قال أبو عبد الرحمن بن عائشة تجم الفؤاد معناه تريحه
قال أبو بكر وقال غيره تجم الفؤاد تفتحه وتوسعه من جمام الماء وهو اتساعه وكثرته قال امرؤ القيس يصف فرسا
( يجم على الساقين بعد كلاله ** جموم عيون الحسي بعد المخيض )
يعني أنه إذا انقطع جريه جاءه جري مستأنف كما ينقطع ماء الحسي ثم يثوب فيأتي منه ماء آخر ( قال أبو علي ) الحسي صلابة تمسك الماء وعليها رمل فلا تنشفه الشمس لأن ذلك الرمل يستره ولا تقبله الأرض لصلابتها فإذا حفر خرج قليلا قليلا فربما حفر منه بئر قدر قعدة الرجل قال وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا العكلي عن الحرمازي قال بلغني أن مسلمة دخل على عمر بن عبد العزيز رحمه الله وعليه ريطة من رياط مصر فقال بكم أخذت هذه يا أبا سعيد فقال بكذا وكذا قال فلو نقصت من ثمنها سيأ أكان ناقصا من شرفك قال لا قال فلو زدت في ثمنها شيأ أكان زائدا في شرفك قال لا قال فاعلم يا مسلمة أن أفضل الإقتصاد ما كان بعد الجدة وأفضل العفو ما كان بعد القدرة وأفضل اللين ما كان بعد الولاية قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي قال حدثنا

مسعود بن بشر عن رجل من ولد عمرو بن مرة الجهني ولعمرو بن مرة صحبة قال قال رجل من بني ضبة أو قال وفد رجل من بني ضبة وبنو ضبة من سعد هذيم وفي العرب ضبتان ضبة هذا وضبة بن عبد الله بن نمير قال فوفد هذا الضبي إلى عبد الملك بن مروان فقال
( والله ما ندري إذا ما فاتنا ** طلب إليك من الذي نتطلب )
( فلقد ضربنا في البلاد فلم نجد ** أحدا سواك إلى المكارم ينسب )
( فاصبر لعادتنا التي عودتنا ** أولا فأرشدنا إلى من نذهب )
فقال عبد الملك إلي إلي وأمر له بألف دينار ثم أتاه في العام المقبل فقال
( يرب الذي يأتي من الخير انه ** إذا فعل المعروف زاد وتمما )
( وليس كبان حين تم بناؤه ** تتبعه بالنقض حتى تهدما )
فأعطاه ألفي دينار ثم أتاه في العام الثالث فقال
( إذا استمطروا كانوا مغازير في الندى ** يجودون بالمعروف عودا على بدء )
فأعطاه ثلاثة آلاف دينار قال وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي لابن عمه اطلب لي امرأة بيضاء حديدة فرعاء جعدة تقوم فلا يصيب قميصها منها إلا مشاشة منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها ورضاف ركبتيها إذا استقلت فرميت من تحتها بالأترجة العظيمة نفذت من الجانب الآخر وأنى بمثل هذه إلا في الجنان ( قال أبو علي ) الرضاف واحدتها رضفة وهي العظم المطبق على ملتقى مفصل الساق والفخذ قال وحدثنا إبراهيم بن محمد الأزدي قال حدثنا أحمد بن يحيى الشيباني عن ابن الأعرابي قال بلغني أن جماعة من الأنصار وقفوا على دغفل النسابة بعدما كف فسلموا عليه فقال من القوم قالوا سادة اليمن فقال أمن أهل مجدها القديم وشرفها العميم كندة قالوا لا قال فأنتم الطوال قصبا الممحصون نسبا بنو عبد المدان قالوا لا قال فأنتم أقودها للزحوف وأخرقها للصفوف وأضربها بالسيوف رهط عمرو بن معد يكرب قالوا

لا قال فأنتم أحضرها قراء وأطيبها فناء وأشدها إلقاء رهط حاتم بن عبد الله قالوا لا قال فأنتم الغارسون للنخل والمطعمون في المحل والقائلون بالعدل الأنصار قالوا نعم ( قال أبو علي ) القراء بفتح القاف ممدود القرى بكسر القاف مقصور
سمع القاسم بن معن من العرب هو قراء الضيف ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي قال أنشدني خلف الأحمر لأعرابي
( تهزأ مني أخت آل طيسله ** قالت أراه مبلطا لا شيء له )
( وهزئت من ذاك أم موءلة ** قالت أراه دالفا قددنى له )
( مالك لا جنبت تبريح الوله ** مردودة أو فاقدا أو مثكله )
( ألست أيام حضرنا الأعزله ** وقبل إذ نحن على الضلضله )
( وقبلها عام ارتبعنا الجعله ** مثل الأتان نصفا جنعدله )
( وأنا في ضراب قيلان القله ** أبقى الزمان منك نابا نهبله )
( ورحما عند اللقاح مقفله ** ومضغة باللؤم سحا مبهله )
( وما تريني في الوقار والعله ** قاربت أمشي القعو لي والفنجله )
( قال أبو علي ) هكذا أنشدناه أبو بكر وأنشدنا غيره الفنجلى والقعوله
( وتارة أنبث نبث النقثله ** خزعله الضبعان راح الهنبله )
( وهل علمت فحشاء جهله ** ممغوثة أعراضهم ممرطله )
( في كل ماء آجن وسمله ** كما تماث في الإناء الثمله )
( عرضت من جفيلهم أن أجفله ** وهل علمت يا قفى التتفله )
( ومرسن العجل وساق الحجله ** وغضن الضب وليط الجعله )
( وكشة الأفعى ونفخ الأصله ** أني أفات المائة المؤبله )
( ثم أفيء مثلها مستقبله ** ولم أضع ما ينبغي أن أفعله )


( وأفعل العارف قبل المسئله ** وهل أكب البائك المحفله )
( وأمنح المياحة السبحلله ** وأطعن السحساحة المشلشله )
( على غشاش دهش وعجله ** إذا أطاش الطعن أيدي البعله )
( وصدق الفيل الجبان وهله ** أقصدتها فلم أحرها أنمله )
( من حيث يممت سواء المقتله ** وأضرب الخدباء ذات الرعله )
( ترد في نحر الطبيب فتله ** وهل علمت بيتنا إلا وله )
شربة من غيرنا وأكله ** )
( قال أبو علي ) طيسلة اسم والمبلط الفقير يقال أبلط الرجل فهو مبلط وقال الأصمعي أبلط فهو مبلط إذا لصق بالبلاط وهي الأرض الملساء وموءلة اسم والدالف الذي يقارب الخطو في مشيه والشيخ يدلف دليفا من الكبر ودنى له أي قوربت خطاه والأعزلة موضع
والضلضلة الأرض الغليظة تركبها حجارة كذا روى البصريون عن الأصمعي في هذا الرجز وفي كتاب الصفات للأصمعي على مثال فعلله وذكره أبو عبيدة في باب فعللة وحكى عن الأصمعي الضلضلة الأرض الغليظة ثم ذكر في الباب الخنثر الشيء الخسيس من المتاع والجعلة أرض لبني عامر بن صعصعة والجنعدلة الغليظة الجافية والقيلان جمع قال والقال والمقلى العود الذي تضرب به القلة والقلة عود قدر شبر محدد الطرفين تلعب به الصبيان والنهبلة الهرمة يقال قد خنشلت المرأة ونهبلت إذا أسنت قال ثابت
( مأوى الضياف ومأوى كل أرملة ** تأوي إلى نهبل كالنسر علفوف )
والعلفوف الجافي والمبهلة التي لا صرار عليها وهذا مثل والعله الجزع والقعولى أن يمشي مشية الأحنف وهو أن يتباعد الكعبان ويقبل القدمان والفنجلة مقاربة الخطو والنقثلة أن ينبث التراب في مشيته وهو مثل النعثلة والخزعلة الظلع يقال

ناقة بها خزعال وليس في الكلام فعلال غيره إلا ما كان مضاعفا مثل القلقال والزلزال والقسقاس والهنبلة أن ينسف التراب في مشيته وممغوثة مدلوكة وممرطلة مبلولة والآجن المتغير والسمل القليل من الماء وتماث تمرس والثملة بقية الهناء في الإناء والجفيل الجمع والتتفلة الأنثى من أولاد الثعالب والمرسن من الأنف موضع الرسن والغضن التكسر والغضون الكسور في الجلد وليط كل شيء قشره والليط اللون أيضا والكشة والكشيش صوت جلد الحية والأصلة حية عظيمة والمؤبلة المجتمعة ويقال التي حبست للقنية والبائك السمينة العظيمة السنام والسبحللة العظيمة يقال سقاء سبحل وسحبل وسبحلل والسحساحة التي تسح أي تصب والمشلشلة المتداركة القطر والغشاش السرعة والعجلة والبعل التحير والوهل الفزع والأنملة والأنملة لغتان طرف الإصبع ( قال أبو بكر ) والأنملة أفصح والخدباء الضربة التي تهجم على الجوف وأصل الخدب الهوج والرعلة القطعة تبقى من اللحم معلقة ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( خليلي هذي زفرة اليوم قد مضت ** فمن لغد من زفرة قد أطلت )
( ومن زفرات لو قصدن قتلنني ** تقض التي تبقى التي قد تولت )
قال وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عبد الرحمن عن عمه قال أنشدتني عجوز بحمى ضرية
( ومستخفيات ليس يخفين زرننا ** يسحبن أذيال الصبابة والشكل )
( جمعن الهوى حتى إذا ما ملكنه ** نزعن وقد أكثرن فينا من القتل )
( مريضات رجع القول خرس عن الخنا ** تألفن أهواء القلوب بلا بذل )
( موارق من حبل المحب عواطف ** بحبل ذوي الألباب بالجد والهزل )


( يعنفني العذال فيهن والهوى ** يحذرني من أن أطيع ذوي العذل )
( قال الأصمعي ) فما رأيت امرأة أحلى لفظا منها ولا أفصح لسانا ( قال ) وأنشدنا علي بن سليمان لأبي علي البصير
( لعمر ابيك ما نسب المعلى ** إلى كرم وفي الدنيا كريم )
( ولكن البلاد إذا اقشعرت ** وصوح نبتها رعي الهشيم ) ( قال أبو علي ) صوح يبس وتشقق قال وأنشدنا إبراهيم بن محمد قال أنشدنا أبو العباس
( لعمرك ما يدري الفتى أي أمره ** وإن كان محروصا على الرشد أرشد )
( أفي عاجلات الأمر أم آجلاته ** أم اليوم أدنى للسعادة أم غد )
( قال ) وأنشدنا أيضا عن أبي العباس
( إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ** برأي نصيح أو مشورة حازم )
( ولا تحسب الشورى عليك غضاضة ** مكان الخوافي نافع للقوادم )
( قال ) وأنشدنا محمد بن السري للعباس بن الأحنف
( لعمري لئن كان المقرب منكم ** هوى صادقا إني لمستوجب القرب )
( سأرعى وما استوجبت مني رعاية ** وأحفظ ما ضيعت من حرمة الحب )
( متى تبصرينى يا ظلوم تبيني ** شمائل بادي البث منصدع القلب )
( بريا تمنى الذنب لما هجرته ** لكيما يقال الهجر من سبب الذنب )
( وقد كنت أشكو عتبها وعتابها ** فقد فجعتني بالعتاب وبالعتب )
( قال ) وأنشدنا عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس عن محمد بن يزيد قال أنشدنا علي بن قطرب لأبيه
( أشتاق بالنظرة الأولى قرينتها ** كأنني لم أسلف قبلها نظرا )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال في قوله عز وجل الصمد ثلاثة

أقوال قال جماعة من اللغويين الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد لأنه يصمد إليه الناس في أمورهم قال وأنشدنا
( سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا ** ولا رهينة إلا سيد صمد )
وقال الآخر
( علوته بحسام ثم قلت له ** خذها حذيف فأنت السيد الصمد )
يعني حذيفة بن بدر وقال الآخر
( ألا بكر الناعي بخيرى بني أسد ** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد )
( قال أبو علي ) قول يصمد أي يقصد قال طرفة
( وإن يلتق الحي الجميع تلاقني ** إلى ذروة البيت الكريم المصمد )
( قال أبو علي ) وهذا القول الذي يصح في الإشتقاق واللغة قال وحكى أبو بكر عن الأعمش أنه قال الصمد الذي لا يطعم وحكى عن السدى أنه قال الصمد الذي لا جوف له قال وحدثنا أبو بكر محمد بن القاسم قال حدثنا محمد بن يونس الكديمي قال حدثنا سعيد بن سفيان الجحدري قال حدثنا شعبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل )
قال أبو بكر تفسير فبها فبالرخصة أخذ ويقال بالسنة أخذ
ومعنى قوله ونعمت أي نعمت الخصلة الوضوء ولا يجوز ونعمة بالهاء لأن مجرى التاء التي في نعمت مجرى التاء التي في قامت وقعدت قال وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثني عمي الحسين عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه عن الذيال بن نفر عن الطرماح بن حكيم قال خرج خمسة نفر من طيء من ذوي الحجا والرأي منهم برج بن مسهر وهو أحد المعمرين وأنيف بن حارثة ابن لام وعبد الله بن سعد بن الحشرج أبو حاتم طيء
وعارف الشاعر ومرة بن عبد رضي يريدون سواد بن قارب الدوسي ليمتحنوا علمه فلما قربوا من السراة قالو ليخبأ كل رجل منا خبيئا ولا يخبر به صاحبه ليسأله عنه فإن أصاب عرفنا علمه وأن أخطأ ارتحلنا عنه فخبأ

كل رجل منهم خبيئا ثم صاروا إليه فأهدوا له إبلا وطرفا من طرف الحيرة فضرب عليهم قبة ونحر لهم فلما مضت ثلاث دعا بهم فدخلوا عليه فتكلم برج وكان أسنهم فقال جادك السحاب وأمرع لك الجناب وضفت عليك النعم الرغاب
نحن أولو الآكال والحدائق والأغيال والنعم الجفال ونحن أصهار الأملاك وفرسان العراك يوري عنهم أنهم من بكر بن وائل
فقال سواد والسماء والأرض والغمر والبرض والقرض والفرض أنكم لأهل الهضاب الشم والنخيل العم والصخور الصم من أجأ العيطاء وسلمى ذات الرقبة السطعاء
قالوا إنا كذلك وقد خبأ لك كل رجل منا خبيئا لتخبرنا بإسمه وخبيئه فقال لبرج أقسم بالضياء والحلك والنجوم والفلك والشروق والدلك لقد خبأت برثن فرخ في إعليط مرخ تحت آسرة الشرخ
قال ما أخطأت شيأ فمن أنا قال أنت برج بن مسهر عصرة الممعر وثمال المحجر ثم قام أنيف بن حارثة فقال ما خبيئي وما اسمي فقال والسحاب والتراب
والأصباب والأحداب والنعم الكثاب لقد خبأت قطامة فسيط وقذة مريط في مدرة من مدي مطيط قال ما أخطأت شيأ فمن أنا قال أنت أنيف قاري الضيف ومعمل السيف وخالط الشتاء بالصيف
ثم قام عبد الله بن سعد فقال ما خبيئي وما أسمي فقال سواد أقسم بالسوام العازب والوقير الكارب والمجد الراكب والمشيح الحارب لقد خبأت نفاثة فنن في قطيع قد مرن أو أديم قد جرن
قال ما أخطأت حرفا فمن أنا قال أنت بن سعد النوال عطاؤك سجال وشرك عضال وعمدك طوال وبيتك لا ينال ثم قام عارف فقال ما خبيئي وما أسمى
فقال سواد أقسم بنفنف اللوح والماء المسفوح والفضاء المندوح لقد خبأت رقعة طلا أعفر في زعنفة أديم أحمر تحت حلس نضو أدبر
قال ما أخطأت شيأ فمن أنا قال أنت عارف ذو اللسان العضب والقلب الندب والمضاء الغرب مناع السرب ومبيح النهب
ثم قام مرة بن عبد رضى فقال ما خبيئ وما اسمى
فقال سواد أقسم بالأرض والسماء والبروج

والأنواء والظلمة والضياء لقد خبأت دمة في رمة تحت مشيط لمه
قال ما أخطأت شيأ فمن أنا قال أنت مره السريع الكره البطيء الفرة الشديد المره
قالوا فأخبرنا بما رأينا في طريقنا إليك فقال والناظر من حيث لا يرى والسامع قبل أن يناجى والعالم بما لا يدرى لقد عنت لكم عقاب عجزاء في شغانيب دوحة جرداء تحمل جدلا فتماريتم إما يدا وإما رجلا
فقالوا كذلك ثم مه قال شح لكم قبل طلوع الشرق سيد أمق على ماء طرق قالوا ماذا قال ثم تيس أفرق سند في أبرق فرماه الغلام الأزرق فأصاب بين الوابلة والمرفق قالوا صدقت وأنت أعلم من تحمل الأرض ثم ارتحلوا عنه فقال عارف
( ألا لله علم لا يجارى ** إلى الغايات في جنبى سواد )
( أتيناه نسائله امتحانا ** ونحسب أن سيعمد بالعناد )
( فأبدى عن خفي مخبآت ** فأضحى سرها للناس باد )
( حسام لا يليق ولا يثأثي ** عن القصد المميم والسداد )
( كأن خبيئنا لما انتجينا ** بعينيه يصرح أو ينادي )
( فأقسم بالعتائر حيث فلس ** ومن نسك الأقيصرم العباد )
( لقد حزت الكهانة عن سطيح ** وشق والمرفل من إياد )
( قال أبو علي ) أمرع أخصب والجناب ما حول الدار والضافي السابغ الكثير يقال خير فلان ضاف على قومه أي سابغ عليهم والرغاب الواسعة الكثيرة ويقال فلان ذو أكل أي ذو حظ ورزق في الدنيا والجمع آكال
والأغيال جمع غيل والغيل الماء الجاري على وجه الأرض وفي الحديث ( ما سقي بالغيل ففيه العشر وما سقي بالدلو فنصف العشر ) والغلل الماء الذي يجري بين الشجر
والجفال الكثيرة وهذا الجمع قليل جدا لم يأت منه إلا أحرف مثل رباب وهو جمع ربى والربى الحديثة النتاج وفرير لولد البقرة وجمعه فرار ونعم كثاب وهي الكثيرة وقد جمع برىء براء على فعال والغمر الماء

الكثير ويقال رجل غمر الخلق إذا كان واسع الخلق سخيا قال كثير
( غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا ** غلقت لضحكته رقاب المال )
يريد بالرداء ههنا البدن والعرب تقول فدى لك ردائي وفدى لك ثوبي يريدون البدن والبرض الماء القليل وجمعه براض ويقال فلان يتبرض حقه أي يأخذه قليلا قليلا وتبرضت الماء ومنه سمى الرجل براضا والشم الطوال والعم الطوال أيضا وأجأ وسلمى جبلا طيء والعيطاء الطويلة ويقال ظبية عيطاء إذا كانت طويلة العنق والسطعاء أيضا الطويلة والدلك اصفرار الشمس عند المغيب يقال دلكت الشمس تدلك دلوكا والبرثن ظفر كل مالا يصيد من السباع والطير مثل الحمام والضب والفأرة قال امرؤ القيس
( وترى الضب خفيفا ماهرا ** ثانيا برثنه ما ينعفر )
أي ما يصيبه العفر وهو التراب وجمع البرثن براثن فإذا كان مما يصيد قيل لظفره مخلب والإعليط وعاء ثمر المرخ والعرب تشبه به آذان الخيل
والمرخ شجر تقدح منه النار والآسرة والإسار القد الذي يشد به خشب الرحل وشرخا الرحل جانباه والممعر الذي ذهب ماله ويقال ما أمعر من أدمن الحج
والمحجر الملجأ المضيق عليه والصبب ما انخفض من الأرض والحدب ما علا والقطامة ما قطمته بفيك والقطم بأطراف الأسنان والفسيط قلامة الظفر والقذة الريش وجمعها قذذ والمريط من السهام الذي قد تمرط ريشه أن نتف والمدي جديول يجري منه ما سال مما هرق من الحوض كذا قال الأصمعي وأنشد
( وعن مطيطات المدي المدعوق ** ) والمدعوق الذي قد أكثر فيه الوطء يقال دعقته الإبل إذا أكثرت فيه الوطء تدعقه دعقا ودعق عليهم الغارة أن دفعها والسوام المال الراعي من الإبل والعازب البعيد والوقير والقرة الغنم كذا قال أبو عبيدة وأنشد


( ما إن رأينا ملكا أغارا ** أكثر منه قرة وقارا )
والقار الإبل وقال الفراء الوقير الغنم التي بالسواد والكارب القريب وأنشد أبو بكر
( أجبيل إن أباك كارب يومه ** فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل )
والمشيح الجاد في لغة هذيل وفي غيرها الحاذر والنفاثة ما تنفثه من فيك والفنن واحد أفنان الأشجار وهي أغصانها وجرن لان والنفنف واللوح واحد وهما الهواء وإنما أضاف لما اختلف اللفظان فكأنه أضاف الشيء إلى غيره والمسفوح المصبوب يقال سفحت الشيء صببته والمندوح الواسع
والزمعة الشعرات المتدليات في رجل الأرنب يقال أرنب زموع إذا كانت تقارب الخطو كأنها تمشي على زمعتها وزعانف الأديم أطرافه مثل اليدين والرجلين ومالا خير فيه واحدتها زعنفة ومنه قيل لرذال الناس الزعانف
والحلس للبعير بمنزلة القرطاط للحافر ( قال أبو علي ) يقال قرطان وقرطاط والقرطاط والقرطاط البرذعة وإنما قيل له حلس للزومة الظهر والعرب تقول فلان حلس بيته إذا كان يلزم بيته وأحلسته أنا بيته إحلاسا إذا ألزمته إياه
والندب الذكي والغرب الحد والسرب جماعة الإبل يقال جاء سرب بني فلان بفتح السين والعرب كانت تطلق في الجاهلية بقولهم اذهبي فلا أنده سربك أي لا أرد إبلك لتذهب حيث شاءت والسرب بكسر السين القطيع من الظباء والبقر والنساء والقطا ويقال فلان آمن في سربه بكسر السين أي في نفسه والدمة القملة والرمة العظام البالية والمرة القوة والعجزاء التي ابيض ذنبها وفي غير هذا الموضع التي كبرت عجيزتها والشغانيب ما تداخل من الأغصان والدوحة الشجرة العظيمة والجدل العضو وجمعه جدول والشرق الشمس والعرب تقول لا أفعل ذلك ما طلع شرق وشرقت الشمس طلعت وأشرقت أضاءت والسيد الذئب والأمق الطويل والطرق الماء الذي بولت فيه الإبل يقال ماء طرق ومطروق والأبرق والبرقاء والبرقة غلظ من الأرض فيه حجارة ورمل وجبل

أبرق إذا كان فيه لونان والوابلة رأس العضد الذي يلي المنكب
وقال الأصمعي للرشيد ما ألاقتني أرض حتى خرجت إليك يا أمير المؤمنين أي ما أمسكتني ويثأثيء يحبس يقال ثأثأت عنه غضبه أي أطفأته والعتائر جمع عتيرة وهو ذبح كان يذبح للأصنام في الجاهلية وفلس صنم والأقيصر صنم ( قال ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لأعرابية ترقص ابنها وهي تقول
( احبه حب شحيح ماله ** قد ذاق طعم الفقر ثم ناله ** إذا أراد بذله بدا له )
قال وأنشدنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
( أرى كل امري إلى عاصم ** فما أنا لو كان لم يولد )
( فنفسي فداؤك مستيقظا ** ونفسي فداؤك في المرقد )
( ونفسي فداؤك رحب اليمين بالخير مجتنب الأفند )
( فلو كنت شيأ من الأشربات ** لكنت من الأسوغ الأبرد )
قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت امرأة بحمى ضرية أحسبها من غني ذات يسار فكثر خطابها ثم أنها علقت غلاما من بني هلال فضفتها ليلة وقد شاع في الحاضر شأنها فأحسنت ضيافتي فلما تعشيت جلست إلي تحدثني فقلت لها يا أم العلاء إني أريد أن أسائلك عن أمر وأنا أهابك لما أعلم من عفتك وفضل دينك وشرفك فتبسمت ثم قالت أنا أحدثك قبل أن تسألني ثم قالت
( ألهف أبي لما أدمت لك الهوى ** وأصفيت حتى الوجد بي لك ظاهر )
( وجاهرت فيك الناس حتى أضر بي ** مجاهرتي يا ويح فيمن أجاهر )
( فكنت كفيء الغصن بيننا يظلني ** ويعجبني اذزعزعته الأعاصر )
( فصار لغيري واستدارت ظلاله ** سواي وخلاني ولفح الهواجر )
ثم غلب عليها البكاء فقامت عني فلما أصبحت وأردت الرحيل قالت يا ابن عمي أنت

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6