كتاب :الأمالي في لغة العرب
المؤلف :أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي


( قال أبو علي ) وأنشدنا قال أنشدنا أحمد بن يحيى قال أنشدني العتبي في السري ابن عبد الله بن الحرث
( كأن الذي يأتي السري لحاجة ** أناخ إليه بالذي كان يطلب )
( إذا ما ابن عبد الله خلى مكانه ** فقد حلقت بالجود عنقاء مغرب )
( قال ) وقال لي محمود بن يزيد ما سمعت أهجى من هذا البيت وأنشدنيه لأخي دعبل ابن علي الخزاعي
( قوم إذا ذعروا أو نابهم فزع ** كانت حصونهم الأعراض والحرم )
( قال ) وأنشدني محمد بن يزيد قال أنشدني بلال بن هانيء بن عقيل بن بلال بن جرير لجماهر بن عبد الحكيم الكلبي
( قضى كل ذي دين ووفى غريمه ** ودينك عند الزاهرية ما يقضى )
( أكاتم في حبي ظريفة بالتي ** إذا استبصر الواشون ظنوا به بغضا )
( صدودا عن الحي الذين أودهم ** كأني عدو لا يطور لهم أرضا )
( ولم يدع باسم الزاهرية ذاكر ** على آلة إلا ظللنا لها مرضى )
( وما نقع الهيمان بالشرب بعدهم ** ولا ذاقت العينان مذ فارقوا غمضا )
( فلا وصل إلا أن تقرب بيننا ** غريرية تشكو الأخشة والغرضا ) ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد المبرد قال أنشدني التوزي عن الأصمعي لنافع ابن خليفة الغنوي
( تغطي نمير بالعمائم لؤمها ** وكيف يغطي اللؤم طي العمائم )
( فإن تضربونا بالسياط فإننا ** ضربناكم بالمرهفات الصوارم )
( وأن تحلقوا منا الرؤس فإننا ** حلقنا رؤسا باللحي والغلاصم )
( وإن تمنعوا منا السلاح فعندنا ** سلاح لنا لا يشترى بالدراهم )


( جلاميد أملاء الأكف كأنها ** رؤس رجال حلقت في المواسم ) ( قال ) وقال أنشدنا محمد بن يزيد
( فلا هجر القلى هجرتك نفسي ** ولا هجرتك هجران الدلال )
( ولكن الملال سما اليها ** فعاذت بالصدود من الملال )
( وشجعني على الهجران أني ** رأيتك حين أهجر لا تبالي )
( فديتك لا أبالي سوء حالي ** إذا ما كنت أنت بخير حال )
( سأمنح بعدك الأخوان هجرا ** وأقلى الوصل غابرة الليالي )
( قال أبو علي ) قرأت على أبي بكر محمد بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال حدثنا محمد بن الحسن المخزومي عن رجل من الأنصار نسى اسمه قال جاء حسان بن ثابت رضي الله عنه إلى النابغة فوجد الخنساء حين قامت من عنده فأنشده قوله
( أولاد جفنة حول قبر أبيهم ** قبر ابن مارية الكريم المفضل )
( يسقون من ورد البريص عليهم ** بردى يصفق بالرحيق السلسل )
( يغشون حتى ما تهر كلابهم ** لا يسألون عن السواد المقبل )
الأبيات فقال أنك لشاعر وإن أخت بني سليم لبكاءة ( قال ) قال وأنشدنا الرياشي
( ليس الكريم بمن يدنس عرضه ** ويرى مروأته تكون بمن مضى )
( حتى يشيد بناءهم ببنائه ** ويزين صالح ما أتوه بما أتى )
( قال ) قال وأنشدنا محمد بن يزيد
( لسنا وإن كرمت أوائلنا ** يوما على الأحساب نتكل )
( نبني كما كانت أوأئلنا ** تبني ونفعل كالذي فعلوا )
( قال ) وأنشدنا أيضا محمد
( إني وإن كنت ابن فارس عامر ** وفي السر منها والصريح المهذب )
( فما سودتني عامر عن وراثة ** أبى الله أن أسمو بأم ولا أب )


( ولكنني أحمي حماها وأتقي ** أذاها وأرمي من رماها بمنكب )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر محمد بن أبي الأزهر قاله أنشدنا أبو العباس لعبد الله رحمه الله
( سببت لي من حاجتي سببا ** بجميل رأيك يا أبا الفضل )
( حتى إذا قربت أبعدها ** ووقفتها في الموقف السهل )
( أرجأتها فكأنما سقطت ** مكسورة الرجلين في الوحل )
( قال ) وأنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد للعباس بن الأحنف
( ألا كتبت تنهى وتأمر بالهجر ** فقلت لها لو أن قلبك في صدري )
( سأصبر كي ترضى وأهلك حسرة ** وحسبي بأن ترضى ويهلكني صبري )
( قال ) وأنشدنا الرياشي
( إذا ما خليلي ساءني سوء فعله ** ولم يك عما ساءني بمفيق )
( صبرت على ما كان من سوء فعله ** مخافة أن أبقى بغير صديق )
( قال ) وأنشدنا أيضا محمد بن يزيد
( بيد الذي شغف الفؤاد بكم ** فرج الذي يلقى من الهم )
( فاستيقني أن قد كلفت بكم ** ثم افعلي ما شئت عن علم )
( قال ) وأنشدني أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني دعبل لرجل من أهل الكوفة
( بكت دار بشر شجوها أن تبدلت ** هلال بن قعقاع ببشر بن غالب )
( وما هي إلا كالعروس تنقلت ** على رغمها من هاشم في محارب )
( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو زيد قال حدثنا ابن عائشة قال حدثني دريد بن مجاشع عن غالب القطان عن مالك بن دينار عن الأحنف بن قيس قال قال لي

عمر يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح استخف به ومن أكثر من شيء عرف به ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه مات قلبه ( قال ) وحدثنا أبو زيد قال حدثنا محمد بن سلام قال حدثني يونس بن حبيب قال صنع رجل لأعرابي ثريدة ليأكلها فقال له لا تسقعها ولا تشرمها ولا تقعرها قال له فمن أين أكل لا أبالك معنى تسقعها تقشر أعلاها وتشرمها تخرقها وتقعرها تأكل من أسفلها ( قال ) وحدثنا أحمد بن يحيى قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثنا داود بن ابراهيم الجعفري عن رجل من أهل البادية قال قيل لأبنة الخس أي الرجال أحب إليك قالت السهل النجيب السمح الحسيب الندب الأريب السيد المهيب قيل لها فهل بقي أحد من الرجال أفضل من هذا قالت نعم الأهيف الهفهاف الأنف العياف المفيد المتلاف الذي يخيف ولا يخاف قيل لها فأي الرجال أبغض إليك قالت الأورة النؤم الوكل السؤم الضعيف الحيزوم اللئيم الملوم قيل لها فهل بقي أحد شر من هذا قالت نعم الأحمق النزاع الضائع المضاع الذي لا يهاب ولا يطاع قالوا فأي النساء أحب إليك قالت البيضاء العطره كأنها ليلة قمره قيل فأي النساء أبغض إليك قالت العنفص القصيرة التي ان استنطقتها سكتت وإن سكت عنها نطقت
( قال أبو علي ) قال لنا أبو بكر يروي عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال لقي الفرزدق كثيرا بقارعة البلاط وأنا معه فقال أنت يا أبا صخر أنسب العرب حيث تقول
( أريد لأنسى ذكرها فكأنما ** تمثل لي ليلى بكل سبيل )
فقال له كثير وأنت يا أبا فراس أفخر العرب حيث تقول
( ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا ** وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا )
وهذان البيتان لجميل سرق أحدهما كثير والآخر الفرزدق فقال له الفرزدق يا أبا صخر هل كانت أمك ترد البصرة فقال لا ولكن أبي كان يردها قال طلحة بن عبد الله والذي نفسي بيده لعجبت من كثير وجوابه وما رأيت أحدا قط أحمق منه رأيتني أنا

وقد دخلت عليه معي جماعة من قريش وكان عليلا فقلنا كيف تجدك يا أبا صخر قال بخير هل سمعتم الناس يقولون شيأ وكان يتشيع فقلنا نعم يتحدثون أنك الدجال قال والله لئن قلت ذاك إني لأجد ضعفا في عيني هذه منذ أيام ( قال ) وأنشدنا الزبير لبعض البصريين القشيريين
( ولما تبينت المنازل باللوى ** ولم تقض لي تسليمة المتزود )
( زفرت إليها زفرة لوحشوتها ** سرابيل أبدان الحديد المسرد )
( لفضت حواشيها وظلت لحرها ** تلين كما لانت لداود في اليد )
( قال ) وحدثنا الزبير بن بكار قال حدثني مصعب بن عثمان قال لما خرج محمد بن عبد الله بن حسن قام على منبر المدينة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس أنه قد كان من أمر هذه الطاغية أبي جعفر من بنائه القبة الخضراء التي بناها معاندة لله في ملكه وتصغيره الكعبة الحرا م وإنما أخذ الله فرعون حين قال أنا ربكم الأعلى وأن أحق الناس بالقيام في هذا الدين أبناء المهاجرين الأولين والأنصار المواسين اللهم أنهم قد أحلوا حرامك وحرموا حلالك وعملوا بغير كتابك وغيروا عهد نبيك صلى الله عليه وسلم وآمنوا من أخفت وأخافوا من آمنت فأحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق على الأرض منهم أحدا ( قال ) وأنشدنا الزبير لأعرابي
( وقالوا ألا تبكي خريم بن مالك ** فقلت وهل يبكي الذلول الموقع )
( صبرت وكان الصبر خير مغبة ** وهل جزع مجد علي فأجزع )
( ولو شئت أن أبكي دما لبكيته ** عليه ولكن ساحة الصبر أوسع )
( وإني وإن أظهرت صبرا وحسبة ** وصانعت أعدائي عليه لموجع )
( وأعددته ذخرا لكل ملمة ** وسهم المنايا بالذخائر مولع )
( قال ) وأنشدني محمد بن يزيد من هذه الأبيات ثلاثة أبيات أولها
( ألم ترني أبني على الليث بيته ** وأحثو عليه الترب لا أتخشع )


( أرد بقايا برده فوق سنة ** إخال بها ضوأ من البدر يسطع )
( قال ) وأنشدنا الزبير قال قرأها علي عمر بن أبي بكر لجميل قال أبو بكر بن أبي الأزهر وأنشدني محمد بن يزيد هذه الأبيات ما خلا الست الأول
( فقد لان أيام الصبا ثم لم يكد ** من الدهر شيء بعدهن يلين )
( ظعائن ما في قربهن لذي هوى ** من الناس إلا شقوة وفتون )
( وواكلنه والهم ثم تركنه ** وفي القلب من وجد بهن رهين )
( فواحسرتا ان حيل بيني وبينها ** ويا حين نفسي كيف فيك تحين )
( فشيب روعات الفراق مفارقي ** وأنشزن نفسي فوق حيث تكون )
( شهدت بأنى لم تغير مودتي ** وأنى بكم حتى الممات ضنين )
( وأن فؤادي لا يلين إلى هوى ** سواك وإن قالوا بلى سيلين )
( وإني لأستغشي وما بي نعسة ** لعل لقاء في المنام يكون )
( ولما علوت اللابتين تشوقت ** قلوب إلى وادي القرى وعيون )
( كأن دموع العين يوم تحملت ** بثينة يسقيها الرشاش معين )
( ورحن وقد ودعن عندي لبانة ** لبثنة سر في الفؤاد كمين )
( كسر الثرى لم يعلم الناس أنه ** ثوى في قرار الأرض وهو دفين )
( فإن دام هذا الصرم منك فإنني ** لأغبرها ري الجانبين رهين )
( لكيما يقول الناس مات ولم أهن ** عليك ولم تنبت منك قرون )
( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر وجدت في كتاب لي حدثنا الزبير بن عباد ولا أدري عمن هو قال حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز عن المغيرة بن عبد الرحمن قال خرجت في سفر فصحبني رجل فلما أصبحنا نزلنا منزلا فقال ألا أنشدك أبياتا قلت أنشدني فأنشدني


( إن المؤمل هاجه أحزانه ** لما تحمل غدوة جيرانه )
( بانوا فملتمس سوى أوطانهم ** وطنا وآخر همه أوطانه )
( قد زادني كلفا إلى ما كان بي ** رئم عصى فأذاقني عصيانه )
( حلو الكلام كأن رجع حديثه ** در يساقطه إليك لسانه )
( إن كان شيء كان منه ببابل ** فلسانه قد كان أو إنسانه )
قال قلت أنك لأنت المؤمل قال أنا المؤمل بن طالوت ( قال أبو بكر ) قال الزبير تقول العرب الملاحة في الفم والجمال في الأنف والحلاوة في العينين ( قال أبو بكر ) أنشدنا الرياشي قال أنشدنا أبو عبد الرحمن بن عائشة لرجل من تيم قريش
( إني إذا أحييت نار مرملة ** ألفى بأرفع تل موقدا ناري )
( كيما يراها فقير بائس صرد ** ومرمل جاء يسرى بعد إعسار )
( عودت نفسي إذا ما الضيف نبهني ** عقر العشار على عسري وإيساري )
( أبيت أقريه من مالي كرائمه ** أختص كل كناز شحمها وارى )
( ولا أخالف جاري عند غيبته ** إلى حليلته تقتص آثاري )
( وأترك الشيء أهواه ويعجبني ** أخشى عواقب ما فيه من العار )
( إنا كذلك قدما إن سألت بنا ** أهل الحفاظ ومنا صاحب الغار )
( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر أنشدت لأعرابي
( أريد بأن لا يعلم الناس أنني ** أحبك يا ليلى وأن تصليني )
( فكيف بهم لا بوركوا أن هجرتها ** جزعت وإما زرتها عذلوني )


( قال ) وأنشدت أيضا لأعرابي
( ألا إن حسنا دونه قلة الحمى ** منى النفس لو كانت تنال شرائعه )
( أريتك إن شطت بك العام نية ** وغالك مصطاف الحمى ومرابعه )
( أترعين ما استودعت أم أنت كالذي ** إذا ما نأى هانت عليه ودائعه )
( قال أبو علي ) وهذا غلط عندي والروابة
( ألا أن حسيا دونه قلق الحمى ** )
كذا أنشدنيه أبو بكر بن دريد ومن أثق بعلمه قال أبو بكر بن أبي الأزهر وأنشدنا الرياشي للحكم بن قنبر
( العلم زين وتشريف لصاحبه ** فاطلب هديت فنون العلم والأدبا )
( لا خير فيمن له أصل بلا أدب ** حتى يكون على ما نابه حدبا )
( كم من حسيب أخي عي وطمطمة ** فدم لدى القول معروف إذا نسبا )
( في بيت مكرمة آباؤه نجب ** كانوا الرؤس فأضحى بعدهم ذنبا )
( وخامل مقرف الآباء ذي أدب ** نال المعالي به والمال والحسبا )
( أمسى عزيزا عظيم الشأن مشتهرا ** في خده صعر قد ظل محتجبا )
( وصاحب العلم معروف به أبدا ** نعم الخليط إذا ما صاحب صحبا )
( قال ) وأنشدنا أبو علي أحمد بن إسحق
( وكم كذبة لي فيك لا أستقيلها ** بقولي لمن ألقاه إني صالح )
( وأي صلاح لي وجسمي ناحل ** وقلبي مشغوف ودمعي سائح )
( قال ) وحدثني أحمد بن اسحق أبو المدور قال حدثني حماد بن اسحق قال حدثني اسحق بن إبراهيم قال قال أبو صالح الفزاري تذاكرنا يوما ذا الرمة فقال لنا عصمة بن مالك الفزاري وكان قد بلغ عشرين ومائة سنة إ ياي فاسألوا عنه كان حلو العينين خفيف العارضين براق الثنايا واضح الجبين حسن الحديث إذا أنشد بربر وجش صوته جمعني وإياه مرتبع مرة

فأتاني فقال لي هيا عصمة إن ميا منقرية ومنقر أخبث حي وأقوفه لأثر وأثبته في نظر وقد عرفوا آثارا بلى فهل من ناقة نزدار عليها ميا قلت إي والله الجؤذر بنت يمانية لجد لي فقال علي بها فأتيته بها فركب وردفته حتى أشرفنا على منزل مي فإذا الحي خلوف فأمهلنا وتقوض النساء من بيوتهن إلى بيت مي وإذا فيهن ظريفة جمعتهن فنزلنا بها فقالت أنشدنا يا ذا الرمة فقال أنشدهن يا عصمة وكان عصمة راويته فأنشدتهن قصيدته التي يقول فيها
( نظرت إلى أظعان مي كأنها ** ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه )
( فأسبلت العينان والصدر كاتم ** بمغرورق نمت عليه سواكبه )
( بكى وامق الفراق ولم تجل ** جوائلها أسراره ومعاتبه )
فقالت الظريفة فالآن فلتجل فقالت لها مية قاتلك الله ماذا تجيبين به منذ اليوم ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله
( إذا سرحت من حب مي سوارح ** عن القلب آبته بليل عوازبه )
فقالت لها الظريفة قتلتيه قتلك الله فقالت مي أنه لصحيح وهنيأ له قال فتنفس ذوا الرمة تنفسا كاد يطير حره شعر وجهي قال ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله
( وقد حلفت بالله مية ما الذي ** أحدثها إلا الذي أنا كاذبه )
( إذا فرماني الله من حيث لا أرى ** ولا زال في أرضي عدو أحار به )
قال فقالت مي خف عواقب الله عز وجل يا غيلان قال ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله
( إذا نازعتك القول مية أو بدا ** لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه )
( فيالك من خد أسيل ومنطق ** رخيم ومن خلق تعلل جادبه )


قال فقالت الظريفة هذا الوجه قد بدا وهذا القول قد تنوزع فيه فمن لنا بان ينضوا الدرع سالبه فقالت مي صلى الله عليه وسلم على رسول الله ما أنكر ما تجيبين به منذ اليوم قال فقالت الظريفة وقمن معها فقالت دعوهم فإن لهم لشأنا فقمت فجلست ناحية وجلسا بحيث نراهما ولا نسمع من كلامهما إلا الحرف بعد الحرف ووالله ما رأيتهما برحا من مكانهما وسمعتها تقول له كذبت فوالله ما أدري ما الذي كذبته فيه إلى الساعة ثم خرج ومعه قارورة فيها دهن وقلائد فقال أعصمة هذه دهنة طيبة أتحفتنا بها مي وهذه قلائد قلدتها مي الجؤذر ولا والله لا قلدتهن بعيرا أبدا فعقدهن في ذؤابة سيفه وانصرفنا فلما كان بعد أتانى فقال هيا عصمة قد رحلت مي فلم يبق إلا الديار والنظر في الآثار فأنهض بنا ننظر إلى آثارها قال فركب وتبعته فلما أشرف على المرتبع قال
( ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ** ولا زال منهلا بجرعائك القطر )
( وإن لم تكوني غير شام بقفرة ** تجربها الأذيال صيفية كدر )
( قال ) ثم انفضحت عيناه بالبكاء فقلت مه يا ذا الرمة فقال إني لجلد على ما ترى وإني لصبور قال فما رأيت رجلا أشد صبابة ولا أحسن عزاء منه ثم افترقنا فكان آخر العهد به قال عصمة وكانت مي صفراء أملودا واردة الشعر حلوة ظريفة وإن في النساء اللاتي معها لأحسن منها وكان عليها ثوب أصفر ونطاق أخضر قال وأنشدنا لأبن أذينة
( ولقد وقفت على الديار لعلها ** بجواب رجع تحية تتكلم )
( لبثوا ثلاث منى بمنزل غبطة ** وهم على عجل لعمرك ما هم )
( متجاورين بغير دار اقامة ** لوقد أجدر حيلهم لم يندموا )
( والعيس تسجع بالحنين كأنها ** بين المنازل حين تسجع مأثم )
( ولهن بالبيت العتيق لبانة ** والركن يعرفهن لو يتكلم )
( لو كان حيا قبلهن ظعائنا ** حيا الحطيم وجوههن وزمزم )
( وكأنهن وقد برزن لواغبا ** بيض بأفنية المقام مركم )


( ثم انصرفن لهن زي فاخر ** فأفضن في زقب وحل المحرم )
قال وحدثنا الرياشي قال سمعت الأصمعي يقول حدثني أبي عن مولاه ابن الأجيد قال كان أوفى بن دلهم يقول النساء أربع فمنهن معمع لها شيئها أجمع ومنهن صدع تفرق ولا تجمع ومنهن تبع تزبي ولا تنفع ومنهن غيث وقع ببلد فأمرع فذكرت هذا الحديث لأبي عوانة فقال كان عبد الملك بن عمر يزيد فيه ومنهن القرثع فقيل له وما القرثع قال التي تلبس درعها مقلوبا وتكحل احدى عينيها وتدع الأخرى ( قال ) وأنشدنا الزبير لإبن أبي عاصية السلمي
( فهل ناظر من بطن غمدان مبصر ** قفا أحد رمت المدا المتراخيا )
( ولو أن داء الياس بي فأعانني ** طبيب بأرواح العقيق شفانيا )
قال الزبير يعني الياس بن مضر وكان به داء السل وبه مات ( قال ) وأنشدنا الزبير لحميد ابن أصرم الطوسي
( خليتني والزمان منتكث ** والجد كاب أكابد الزمنا )
( وانقلب الدهر فانقلبت ولو ** خانك صرفاه لم أخنك أنا )
قال وأنشدنا محمد بن يزيد لدعبل
( وصاحب مغرم بالجود قلت له ** والنحل يصرفه عن شيمة الجود )
( لا تقضين حاجة أتعبت صاحبها ** بالمطل منك فترزا غير محمود )
( كأنني رحت منه حين نولني ** بمدمج الصدر من متنيه مقدود )
( كأن أعضاءه في كل مكرمة ** ينزعن مستكرهات بالسفافيد )
قال وأنشدنا محمد بن يزيد
( يحب المديح أبو مالك ** ويجزع من صلة المادح )
( كبكر تحب لذيذ النكاح ** وتفرق من صولة الناكح )


( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال حدثني التوزي عن الأصمعي قال دخل نصيب على عبد الملك بن مروان فعاتبه ولامه على قلة زيارته له واتيانه إياه فقال يا أمير المؤمنين أنا عبد أسود ولست من معاشري الملوك فدعاه إلى النبيذ فقال يا أمير المؤمنين أنا أسود البشرة قبيح المنظرة وإنما وصلت إلى مجلس أمير المؤمنين بعقلي فإن رأى أمير المؤمنين أن لا يدخل عليه ما يزيله فعل فأعفاه ووصله فقال نصيب في سواده
( سودت فلم أملك سوادي وتحته ** قميص من القوهي بيض بنائقه )
( ولا خير في ود امرئ متكاره ** عليك ولا في صاحب لا توافقه )
( فإن شئت فارفضه فلا خير عنده ** وإن شئت فاجعله خليلا تصادقه )
( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال حدثنا أبو عثمان المازني قال كان أعرابي يلزمنا فصيح اللسان قال فقال له علي بن جعفر بن سليمان وكان لا يعطيه شيأ وقد أتاه مرحبا وأهلا وسهلا فقال الأعرابي
( وما مرحب إلا كريح تنسمت ** إذا أنت لم تخلط فعالا بمرحب )
فضحك منه ووصله ( قال ) وأنشدنا الرياشي قال أنشدني أبو الوجيه
( تبكي على ليلى خفاتا وما رأت ** لك لعين أسوارا لليلى ولا حجلا )
( ولكن نظرات بعين مليحة ** أولاك اللواتي قد مثلن بنا مثلا )
( قال ) وأنشدنا الزبير بن بكار لمالك ابن أخي رفيع الأسدي قال أنشدنيها محمد بن أنس الأسدي وكان صعلوكا فطلبه مصعب بن الزبير فهرب منه وقال
( بغاني مصعب وبنو أبيه ** فأين أحيد منهم لا أحيد )
( أسود بالحجاز على أسود ** خوادر ما تنهنهها الأسود )
( أقادوا من دمي وتوعدوني ** وكنت وما ينهنهني الوعيد )
( شقيت بهم على طول التنائي ** كما شقيت بأحمرها عود )


( عسى ابن الكاهلية في نداه ** يعود بحلمه فيما يعود )
( فيأمن خائف بهم طريد ** ويأتي أهله النائي البعيد
( قال ) وحدثنا أبو العباس محمد بن يزيد قال خرجت مع الحسن بن رجاء إلى فارس فلما صرنا إلى موضع يعرف بشعب بوان رأيت على حائط قال أو على باب الشعب مكتوبا بخط جليل
( إذا أشرف المكروب من رأس تلعة ** على شعب بوان أفاق من الكرب )
( وألهاه بطن كالحريرة مسه ** ومطرد يجري من البارد العذب )
( وطيب ثمار في رياض أريضة ** وأغصان أشجار جناها على قرب )
( فبالله يا ريح الجنوب تحملي ** إلى شعب بوان سلام فتى صب )
( وإذا تحت ذلك الخط الجليل بخط أدق منه
( ليت شعري عن الذين تركنا ** خلفنا بالعراق هل يذكرونا )
( أم لعل المدى تطاول حتى ** قدم العهد بيننا فنسونا )
( قال ) وأنشدنا الزبير للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس في شبابه وكان مالك ابن أبي السمح المغني وهو رجل من طيئ خاصا به وكان الحسين بن عبد الله يكنى أبا عبد الله وقد روى عنه الحديث
( لا عيش إلا بمالك بن أبي السمح فلا تلحني ولا تلم ** )
( أبيض كالسيف أو كلامعة البروق في حالك من الظلم ** )
( يصيب من لذة الكريم ولا ** ينهك حق الإسلام والحرم )
( يا رب يوم لنا كحاشية البرد وليل كذاك لم يدم ** )
( قد كنت فيه ومالك بن أبي السمح كريم الأخلاق والشيم ** )
( قال ) وأنشدني محمد بن يزيد لبعضهم


( من ندى عاصم جرى الماء في العود ** وفي سيفه دماء الذباح )
( قائم السيف أخضر من نداه ** وعلى شفرتيه سم متاح )
( يتلقى الندى بوجه حيي ** وصدور القنا بوجه وقاح )
( قال ) وأنشدت في رجل كان يبخل ويصوم الإثنين والخميس
( أزورك يوم الصوم علما بأنني ** إذا جئت يوما غيره لا أكلم )
( مخافة قولي أنني جئت جائعا ** ولو قلتها أيضا لما كنت أطعم )
( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لداود بن سلم التميمي يقوله في قثم بن العباس
( نجوت من حل ومن رحلة ** يا ناق أن أدنيتني من قثم )
( أنك أن بلغتنيه غدا ** أحيالي اليسر ومات العدم )
( في باعه طول وفي وجهه ** نور وفي العرنين منه شمم )
( أصم عن قول الخنا سمعه ** وما عن الخير به من صمم )
( لم يدر مالا وبلى قد درى ** فعافها واعتاض منها نعم )
( قال ) وأنشدنا حماد بن اسحق عن أبيه في صفة الذئب قال وأنشدنا محمد بن يزيد ( قال أبو علي ) وأنشدنيه أيضا محمد بن الحسن
( أطلس يخفي شخصه غباره ** في شدقه شفرته وناره )
( بهم بني محارب مزداره ** )
( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس عن ابن الأعرابي في صفة البعوض
( مثل السفاة دائم طنينها ** ركب في خرطومها سكينها )
قال أبو بكر بن أبي الأزهر قال حماد بن اسحق سألت أبي عن قول ابن أحمر
( وقرطوا الخيل من فلج أعنتها ** مستمسك بهواديها ومصروع )


فقال تقريطها أن يرسل للفرس عنانه حتى يكون في موضع القرط منه وذلك أشد لجريه
( قال ) وأنشدني حماد عن أبيه لكثير
( وإني لأستأني ولولا طماعتي ** بعزة قد جمعت بين الضرائر )
( وهم بناتي أن يبن وحممت ** وجوه رجال من بني الأصاغر )
يقول لولا أني أتأنى وأنتظروا أرجو أن أظفر بعزة لقد كنت تزوجت ضرائر وولد لي بنات وكبرن وهممن بأن يبن من أزواجهن وقوله وحممت وجوه رجال من بني الأصاغر حممت أي اسودت منابت لحاهم لنبت الشعر ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي الحسن علي ابن سليمان الأخفش في المفضليات قصيدة عبد يغوث بن وقاص الحرثي وكان أسر يوم الكلاب أسرته التيم وقال أبو الحسن علي بن سليمان حدثني أبو جعفر محمد بن الليث الأصفهاني قال أملى علينا أبو عكرمة الضبي المفضليات من أولها إلى آخرها وذكر أن المفضل أخرج منها ثمانين قصيدة للمهدي وقرئت بعد على الأصمعي فصارت مائة وعشرين قال أبو الحسن أخبرنا أبو العباس ثعلب أن أبا العالية الأنطاكي والسدري وعافية بن شبيب وهؤلاء كلهم بصريون من أصحاب الأصمعي أخبروه أنهم قرؤا عليه المفضليات ثم استقرؤا الشعر فأخذوا من كل شاعر خيار شعره وضموه إلى المضليات وسألوه عما فيه مما أشكل عليهم في معاني الشعر وغريبه فكثرت جدا وقال أبو عكرمة مر أبو جعفر المنصور بالمهدي وهو ينشد المفضل قصيدة المسيب التي أولها أرحلت وهي هذه
( أرحلت من سلمى بغير متاع ** قبل العطاس ورعتها بوداع )
( عن غير مقلية وأن حبالها ** ليست بأرمام ولا أقطاع )
( إذ تستبيك بأصلتي ناعم ** قامت لتقتله بغير قناع )
( ومها يرف كأنه إذ ذقته ** عانية شجت بماء يراع )


( أوصوب غادية أدرته الصبا ** ببزيل أزهر مدمج بسياع )
( فرأيت أن الحلم مجتنب الصبا ** فصحوت بعد تشوق ورواع )
( فتسل حاجتها إذا هي أعرضت ** بخميصة سرح اليدين وساع )
( صكاء ذعلبة إذا استدبرتها ** حرج إذا استقبلتها هلواع )
( وكأن قنطرة بموضع كورها ** ملساء بين غوامض الأنساع )
( وإذا تعاورت الحصى أخفافها ** دوت نواديه بظهر القاع )
( وكأن حاركها رباوة مخرم ** وتمد ثني جديلها بشراع )
( فإذا أطفت بها أطفت بكلكل ** نبض الفرائص مجفر الأضلاع )
( مرحت يداها للنجاء كأنما ** تكرو بكفى لاعب في صاع )
( فعل السريعة بادرت جدادها ** قبل المساء تهم بالإسراع )
( فلأهدين مع ا لرياح قصيدة ** مني مغلغلة إلى القعقاع )
( ترد المناهل لا تزال غريبة ** في القوم بين تمثل وسماع )
( وإذا الملوك تدافعت أركانها ** أفضلت فوق أكفهم بذراع )
( وإذا تهيج الريح من صرادها ** ثلجا ينيخ النيب بالجعجاع )
( أحللت بيتك بالجميع وبعضهم ** متفرق ليحل بالأوزاع )
( ولأنت أجود من خليج مفعم ** متراكب الآذي ذي دفاع )
( وكأن بلق الخيل في حافاته ** ترمي بهن دوالي الزراع )
( ولأنت أشجع في الأعادي كلها ** من مخدر ليث معيد وقاع )
( يأتي على القوم الكثير سلاحهم ** فيبيت منه القوم في وعواع )
( أنت الوفي فما تذم وبعضهم ** تودى بذمته عقاب ملاع )
( وإذا رماه الكاشحون رماهم ** بمعابل مذروبة وقطاع )


( أنت الذي زعمت تميم أنه ** أهل السماحة والندى والباع )
فلم يزل واقفا من حيث لا يشعر به حتى استوفى سماعها ثم صار إلى مجلس له وأمر باخضارهما فحدث المفضل بوقوفه واستماعه لقصيدة المسيب واستحسانه إياها وقال له لو عمدت إلى أشعار الشعراء المقلين واخترت لفتاك لكل شاعر أجود ما قال لكان ذلك صوابا باففعل المفضل
( قال أبو علي ) ثم نرجع إلى قصيدة عبد يغوث قال
( ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا ** فما لكما في اللوم خير ولا ليا )
( ألم تعلما أن الملامة نفعها ** قليل وما لومي أخي من شماليا )
( فيا راكبا إما عرضت فبلغن ** نداماي من نجران أن لا تلاقيا )
( أبا كرب والأيهمين كليهما ** وقيسا بأعلى حضر موت اليمانيا )
( جزى الله قومي بالكلاب ملامة ** صريحهم والآخرين المواليا )
( ولو شئت نجتني من الخيل نهدة ** ترى خلفها الحوا الجياد تواليا )
( ولكنني أحمي ذمار أبيكم ** وكان الرماح يختطفن المحاميا )
( أقول وقد شدوا لساني بنسعة ** أمعشر تيم أطلقوا لي لسانيا )
( أمعشر تيم قد ملكتم فاسجحوا ** فإن أخاكم لم يكن من بوائيا )
( أحقا عباد الله أن لست سامعا ** نشيد الرعاء المعزبين المتاليا )
( وتضحك مني شيخة عبشمية ** كأن لم ترن قبلي أسيرا يمانيا )
( وظل نساء الحي حولي ركدا ** يراودن مني ما تريد نسائيا )
( وقد علمت عرسي مليكة أنني ** أنا الليث معديا عليه وعاديا )
( وقد كنت نحار الجزور ومعمل المطي وأمضي حيث لا حي ماضيا )
( وأنحر للشرب الكرام مطيتي ** وأصدع بين القينتين ردائيا )
( وكنت إذا ما الخيل شمصها القنا ** لبيقا بتصريف القناة بنانيا )


( وعادية سوم الجراد وزعتها ** بكفي وقد أنحوا إلي العواليا )
( كأني لم أركب جوادا ولم أقل ** لخيلي كري نفسي عن رجاليا )
( ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل ** لأيسار صدق أعظموا ضوء ناريا )
( قال أبو علي ) قوله ألا لا تلوماني كفى اللوم مابيا أي كفى اللوم ما ترون من حالي فلا تحتاجون إلى لومي مع إساري وجهدي وقوله وما لومي أخي من شماليا
قال ويروى ومالومي أخا من شماليا وشمالي أي خلقي وهو واحد الشمائل وقوله أبا كرب والأيهمين وقيسا ( قال أبو علي ) أبو كرب والأيهمان من اليمن وقيس بن معد يكرب أبو الأشعث بن قيس الكندي وأصل الأيهم الأعمى وقوله
( جزى الله قومي بالكلاب ملامة ** صريحهم والآخرين المواليا )
( قال ) يروى مكان جزى الله قومي لحى الله خيلا بالكلاب دعوتها وقوله صريحهم يعني خالصهم والموالي هنا الحلفاء وقوله
( ولو شئت نجتني من الخيل نهدة ** ) قال وروى سعدان عن أبي عبيدة ولو شئت نجتني كميت رجيلة قال ورجيله قوية شديدة والنهدة المرتفعة الخلق وكل ما ارتفع يقال له نهد يقال نهدنا للقوم أي ارتفعنا إليهم للقتال ومنه نهد ثدي الجارية إذا ارتفع وجارية ناهد
( وقال ) والحو من الخيل التي تضرب للخضرة والحوة الخضرة وقوله تواليا أي تتبعها لأن فرسه خفيفة تقدمت الخيل وقال الأصمعي إنما خص الحو لأنها أصبر الخيل وأخفها عظاما إذا عرقت لكثرة الجرى وقوله أحمي ذمار أبيكم الذمار ما يجب حفظه من منعة جار أو طلب ثار وقوله
( وكان الرماح يختطفن المحاميا ** ) هذا مثل ويروى وكان العوالي يختطفن وقوله وقد شدوا الساني بنسعة قال هذا مثل لأن اللسان لا يشد بنسعة وإنما أراد افعلوا بي خيرا ينطلق لساني بشكركم فإن لم تفعلوا فلساني مشدود لا يقدر على مدحكم قال ويروى
( معاشر تيم أطلقوا لي لسانيا ** ) وقوله
( أمعشر تيم قد ملكتم فأسجحوا ** ) وقوله


( أسجحوا أي سهلوا ويسروا في أمري ** ) يقال خد أسجح وطريق أسجح إذا كان سهلا وقوله
( فإن أخاكم لم يكن من بوائيا ** ) قال البواء السواء يريد إن أخاكم لم يكن نظير إلى فأكون بواء له يقال بؤ بفلان أي اذهب به يقال ذلك للمقتول بمن قتل وقوله
( أحقا عباد الله أن لست سامعا ** نشيد الرعاء المعز بين المتاليا )
( قال ) والمعزب المتنحي والمتالي التي قد نتج بعضها وبقي بعض يقال للجميع متال واحدتها متلية وقوله
( وتضحك مني شيخة عبشمية ** ) كأن لم ترا قبلي قال الأحفش رواية أهل الكوفة كأن لم ترن قبلي وهذا عندنا خطأ والصواب ترى بحذف النون علامة للجزم ( قال ) والأسير المأسور نقل من مفعول إلى فعيل كما تقول مقتول وقتيل ومذبوح وذبيح ( قال ) والمأسور المشدود أخذ من الأسر والأسر القد فمأسور مفعول من الأسر وقوله وأنحر للشرب والشرب جمع شارب والمطية البعير ههنا سمي مطية لأن ظهره يمتطى ويقال سمى مطية لأنه يمطى به في السير أي يمد ( قال ) ويروى وأعبط للشرب أي أنحر مطيتي من غير علة بها يقال للرجل إذا مات فجأة قد اعتبط ويقال للذبيح أعبيط أم عارضة ( قال ) والعبيط الذي ينحر أو يذبح من غير علة والعارضة أن يذبح من مرض ومنه قول أمية
( من لم يمت عبطة يمت هرما ** للموت كأس والمرء ذائقها )
وقوله أصدع اي أشق والقينة الأمة مغنية كانت أو غير مغنية وقوله شمصها قال

ويروى شمصها وشمسها وهما واحد من والسين أجود ويروى نفرها القنا وقوله
( وعادية سوم الجراد وزعتها ** ) قال والعادية القوم يعدون
وسوم الجراد انتشاره في المرعى كما قال العجاج
( سوم الجراد الشديرتاد الخضر ** )
وقوله وزعتها أي كففتها والوازع الكاف المانع ويروى أن الحسن رحمه الله تعالى لما ولى القضاء قال لا بد للسلطان من وزعة وقوله وقد أنحوا إلي العواليا
أنحوا أمالوا وقصدوا بها والعالية من الرمح أعلاه وهو ما دون السنان بذراع وقوله لخيلي كري نفسي قال ويروى قاتلي وقوله ولم أسبأ الزق السباء اشتراء الخمر ( قال أبو علي ) وقرأت قصيدة مالك بن الريب التي أولها
( ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة )
على أبي بكر بن دريد ولها خبر أنا ذاكره قال قال أبو عبيدة لما ولى أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهم خراسان سار فيمن معه فأخذ طريق فارس فلقيه بها مالك بن الريب ابن حوط بن قرط بن حسل بن ربيعة بن كابيه بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم وأمه شهلة بنت سنيح بن الحر بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن ( قال ) وكان مالك بن الريب فيما ذكر من أجمل العرب جمالا وأبينهم بيانا فلما رآه سعيد أعجبه وقال أبو الحسن المدائني بل مر به سعيد بالبادية وهو منحدر من المدينة يريد البصرة حين ولاه معاوية خراسان ومالك في نفر من أصحابه فقال له ويحك يا مالك ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العداء وقطع الطريق قال أصلح الله الأمير العجز عن مكافأة الأخوان قال فإن أنا أغنيتك واستصحبتك أتكف عما تفعل وتتبعني قال نعم أصلح الله الأمير أكف كأحسن ما كف أحد فاستصحبه وأجرى عليه خمسمائة دينار في كل شهر وكان معه حتى قتل بخراسان ( قال ) ومكث مالك بخراسان فمات هناك فقال يذكر مرضه وغربته وقال بعضهم بل مات في غزو سعيد طعن فسقط وهو بآخر رمق وقال آخرون بل مات في خان فرثته الجان لما رأت من غربته ووحدته ووضعت الجن الصحيفة التي فيها القصيدة تحت رأسه والله أعلم أي ذلك كان وهي هذه


( ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا )
( فليت الفضى لم يقطع الركب عرضه ** وليت الغضى ماشى الركاب لياليا )
( لقد كان في أهل الغضى لودنا الغضى ** مزار ولكن الغضى ليس دانيا )
( ألم ترني بعت الضلالة بالهدى ** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا )
( وأصبحت في أرض الأعادي بعدما ** أراني عن أرض الأعادي قاصيا )
( دعاني الهوى من أهل أود وصحبتي ** بذي الطبسين فالتفت ورائيا )
( أجبت الهوى لما دعاني بزفرة ** تقنعت منها أن ألام ردائيا )
( أقول وقد حالت قرى الكرد بيننا ** جزى الله عمرا خير ما كان جازيا )
( إن الله يرجعني من الغزو لا أرى ** وإن قل مالي طالبا ما ورائيا )
( تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي ** سفارك هذا تاركي لا أباليا )
( لعمري لئن غالت خراسان هامتي ** لقد كنت عن بابى خراسان نائيا )
( فإن أنج من بابى خراسان لا أعد ** إليها وإن منيتموني الأمانيا )
( فلله دري يوم أترك طائعا ** بني بأعلى الرقمتين وماليا )
( ودر الظباء السانحات عشية ** يخبرن أني هالك من ورائيا )
( ودر كبيري اللذين كلاهما ** على شفيق ناصح لو نهانيا )
( ودر الرجال الشاهدين تفتكي ** بأمري أن لا يقصروا من وثاقيا )
( ودر الهوى من حيث يدعو صحابتي ** ودر لجاجاتي ودر انتهائيا )
( تذكرت من يبكي علي فلم أجد ** سوى السيف والرمح الرديني يا باكيا )
( وأشقر محبوكا يجر عنانه ** إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا )
( ولكن بأكناف السمينة نسوة ** عزيز عليهن العشية مابيا )
( صريع على أيدي الرجال بقفرة ** يسوون لحدي حيث حم قضائيا )


( ولما تراءت عند مرو منيتي ** وخل بها جسمي وحانت وفاتيا )
( أقول لأصحابي ارفعوني فإنه ** يقر بعيني أن سهيل بداليا )
( فيا صاحبي رحلى دنا الموت فانزلا ** برابية إني مقيم لياليا )
( أقيما علي اليوم أو بعض ليلة ** ولا تعجلاني قد تبين شانيا )
( وقوما إذا ما استل روحي فهيئا ** لي السدر والأكفان عند فنائيا )
( وخطا بأطراف الأسنة مضجعي ** وردا على عيني فضل ردائيا )
( ولا تحسداني بارك الله فيكما ** من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا )
( خذاني فجراني بثوبي إليكما ** فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا )
( وقد كنت عطافا إذا الخيل أدبرت ** سريعا لدى الهيجا إلى من دعانيا )
( وقد كنت صبارا على القرن في الوغى ** وعن شتمي ابن العم والجار وانيا )
( فطورا تراني في طلال ونعمة ** وطورا تراني والعتاق ركابيا )
( ويوما تراني في رحى مستديرة ** تخرق أطراف الرماح ثيابيا )
( وقوما على بئر السمينة أسمعا ** بها الغر والبيض الحسان الروانيا )
( بأنكما خلفتماني بقفرة ** تهيل علي الريح فيها السوافيا )
( ولا تنسيا عهدي خليلي بعدما ** تقطع أوصالي وتبلى عظاميا )
( ولن يعدم الوالون بثا يصيبهم ** ولن يعدم الميراث مني المواليا )
( يقولون لا تبعد وهم يدفنوني ** وأين مكان البعد إلا مكانيا )
( غداة غد يا لهف نفسي على غد ** إذا ادلجوا عني وأصبحت ثاويا )
( وأصبح مالي من طريف وتالد ** لغيري وكان المال بالأمس ماليا )
( فيا ليت شعري هل تغيرت الرحا ** رحا المثل أو أمست بفلج كما هيا )
( إذا الحي حلوها جميعا وأنزلوا ** بها بقرا حم العيون سواجيا )


( رعين وقد كاد الظلام يجنها ** يسفن الخزامي مرة والأقاحيا )
( وهل أترك العيس العوالي بالضحى ** بركبانها تعلوا المتان الفيافيا )
( إذا عصب الركبان بين عنيزة ** وبولان عاجوا المبقيات النواجيا )
( فيا ليت شعري هل بكت أم مالك ** كما كنت لو عالوا نعيك باكيا )
( إذا مت فاعتادي القبور وسلمي ** على الرمس أسقيت السجاب الغواديا )
( على جدث قد جرت الريح فوقه ** ترابا كسحق المرنباني هابيا )
( رهينة أحجار وترب تضمنت ** قراراتها مني العظام البواليا )
( فيا صاحبا إما عرضت فبلغا ** بني مازن والريب أن لا تلاقيا )
( وعر قلوصي في الركاب فإنها ** ستفلق أكبادا وتبكي بواكيا )
( وأبصرت نار المازنيات موهنا ** بعلياء يثنى دونها الطرف رانيا )
( بعود ألنجوج أضاء وقودها ** مها في ظلال السدر حورا جوازيا )
( غريب بعيد الدار ثاو بقفره ** يد الدهر معروفا بأن لا تدانيا )
( أقلب طرفى حول رحلي فلا أرى ** به من عيون المؤنسات مراعيا )
( وبالرمل منا نسوة لو شهدتني ** بكين وفدين الطبيب المداويا )
( وما كان عهد الرمل عندي وأهله ** ذميما ولا ودعت بالرمل قاليا )
( فمنهن أمي وابنتاي وخالتي ** وباكية أخرى تهيج البواكيا )
( قال أبو علي ) قوله بجنب الغضى الغضى شجر ينبت في الرمل ولا يكون غضى إلا في الرمل
وأزجي أسوق يقال أزجاه يزجيه إزجاء وزجاه يزجيه تزجية والنواجي السراع وقوله
( فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه ** )
قال يقول ليته طال عليهم الاسترواح إليه والشوق والركاب الإبل وجمعها ركائب وقال
( تقول وقد قربت كوري وناقتي ** إليك فلا تذعر علي ركابيا )


وقوله وليت الغضى ماشي الركاب لياليا أي ليته طاولهم وقوله
( لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى ** ) قزار يقول لو دنوا قدرنا أن نزورهم ولكن الغضى ليس يدنو وهذا على التلهف والتشوق وقوله
( الم ترني بعت الضلالة بالهدى ** )
وأصبحت في جيش ابن عفان يعني سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول بعت ما كنت فيه من الفتك والضلالة بأن صرت في جيش ابن عفان
وأود موضع والطبسان بخراسان أو قريبا منها يقول دعاني هواي وتشوقي من ذلك الموضع وأصحابي بموضع آخر وقوله تقنعت منها معناه لما ذكرت ذلك الموضع استعبرت فاستحييت فتقنعت بردائي لكن لا يرى ذلك مني كما قال الشاعر
( فكائن ترى في القوم من متقنع ** على عبرة كادت بها العين تسفح )
وقوله إن الله يرجعني البيت يريد لا أسافر وأقيم وأقنع بما عندي وقوله لا أباليا تقول العرب قم لا أب لك ولا أبالك على توهم الإضافة كما قال الشاعر
( يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام ** ) يريد يا بؤس الجهل ( قال ) ويروى لا أبا ليا بالتنوين وبغير التنوين وغالت أهلكت وناء متباعد وقوله فلله دري تعجب من نفسه حين فعل ذلك قال ابن أحمر
( بان الشباب وأفنى ضعفه العمر ** لله دري فأي العيش أنتظر )
تعجب من نفسه أي عيش ينتظر ومالك تعجب من نفسه كيف اغترب عن ولده وماله ( قال ) وقال ابن حبيب الرقمتان رقمتا فلج خبراوان خبراء ماوية وخبراء الينسوعة وهي أضخمهما وقوله
( يخبرن أني هالك من ورائيا ** )
قال ويروى من أماميا قال وراء يكون بمعنى أمام قال الله عز وجل { وكان وراءهم ملك } فسر أنه بمعنى أمام والله أعلم
وقوله السانحات يريد أنه سنحت له الظباء فتطير منها ويروى عني هالك من ورائيا بمعنى أني وقوله
( ودر الرجال الشاهدين تفتكي )
ويروى تفنكي بالنون يقال فنك في الشيء إذا تمادى فيه وأنشد


( ودع سليمى وداع الصارم اللاحي ** إذا فنكت في فساد بعد اصلاح )
والفنك العجب وقوله تذكرت من يبكي البيت يقول كنت أحمل السيف والرمح فهما لي خليلان وأنا ههنا غريب فليس أحد يبكي علي غيرهما كما قال الشاعر
( وأنكر خلان الصفاء وصاله ** فليس له منهم سوى السيف ناصر )
وقوله أكناف السمينة ويروى الشكيبة والشبيكة وهما موضعان والسمينة موضع ليس بها أحد ولا شيء يقال لحدت له لحدا وإنما سمي لحد لأنه في جانب القبر
والقفرة التي ليس بها أحد ولا شيء يقال قفرة وقفر وجدبة وجدب وقوله وخل بها جسمي بالخاء خل اختل أي اضطرب وهزل ويروى وجل بها سقمي
وقوله
( يقر بعيني أن سهيل بداليا ** )
يريد أن سهيلا لا يرى بناحية خراسان فقال ارفعوني لعلي أراه فتقر عيني برؤيته لأنه لا يرى إلا في بلده وقوله
( وخطا بأطراف الأسنة مضجعي ** )
ويروى بأطراف الزجاج ويروى الرماح لمصرعي يقول خطا أي احفر بالرماح
وقوله فقد كنت قبل اليوم البيت أي أني اليوم ذليل وقبله لا أنقاد لمن قادني وقوله وقد كنت عطافا إذا الخيل أدبرت قال ويروى إذا الخيل أحجمت أي كنت أعطف إذا انهزمت الخيل والهيجاء هي الحرب والهيجاء تمد وتقصر قال الشاعر
( أنا ابن هيجاها معي إرزامها ** ) وقال لبيد
( يا رب هيجاهي خير من دعه ** )
وقال جرير
( إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ** فحسبك والضحاك سيف مهند )
والطلال جمع طل وهو الندى والريف والنعمة والرحى موضع الحرب مستديرة حيث يستدير القوم للقتال والرواني النواظر والرنو النظر الدائم قال النابغة


( لرنا لبهجتها وحسن حديثها ** ولخاله رشدا وإن لم يرشد )
والغر البيض ويهيل يثير والسوافي ما حازت الريح إلى أصول الحيطان والوالون جمع الوالي الموالي بنو العم والأقربون قال الله عز وجل { وإني خفت الموالي من ورائي } والبث أشد الحزن قال الله تعالى { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } والإدلاج السير من أول الليل ( قال ) وإذا نام من أول الليل ثم سار فهو إدلاج أيضا والثاوي المقيم والطريف والطارف المستحدث من الماء والتالد والتليد والتلاد والمتلد العتيق الموروث قال الأعشى
( جندك الطارف التليد من السادات ** أهل الندى وأهل الفعال )
وقال طرفة بن العبد
( وما زال تشرابي الخمور ولذتي ** وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي )
والمثل موضع بفلج يقال له رحى المثل وحلوها نزلوها والبقر يريد النساء شبهها بالبقر ويروى جم القرون أي ليست لها قرون وسواج سواكن والعيس الإبل البيض والفيافي الصحارى ويروى القياقيا وهي المرتفعة من الأرض واحدتها قيقاءة قال ابن حبيب عنيزة قارة سوداء في بطن وادي فلج قد شجي بها الوادي فسمي الشجي بها
وقوله المبقيات النواجيا المبقيات التي يبقى سيرها والنواجي التي تنجو بسيرها أي تسرع والمرنباني كساء من خز ويقال مطرف من وبر الابل
وقوله هابيا من هبا يهبو ويروى كلون القسطلاني ( قال ) وهو التراب وقوله رهينة أحجار البيت أي في القبر على الترب والحجارة والقرارة بطن الوادي حيث يستقر الماء فضربه مثلا للقبر وبطنه ويد الدهر ومدا الدهر وأبد الدهر واحد وذميم مذموم ويقال مبغض ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر الأنباري قال حدثنا أبو شعيب الحراني عبد الله بن الحسن قال حدثنا يعقوب بن السكيت قال قال الأصمعي قزع رجل ابن الزبير بكلمة وابن الزبير

يخطب فقال من المتكلم فلم يجبه أحد فقال ماله قاتله الله ضبح ضبحة الثعلب وقبع قبعة القنفذ ( قال أبو بكر ) قال اللغويون الضبح صوت أنفاس الخيل وما يجرى مجراها في هذا المعنى والقبوع أن يدخل الإنسان رأسه في ثوبه وهو من القنفذ إدخاله رأسه في بدنه ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله القاضي المقدمي قال حدثنا أبو عيسى التنيسي قال حدثنا محمد بن إبراهيم الثغري قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا أبو زيد النحوي قال قال رجل للحسن ما تقول في رجل ترك أبيه وأخيه فقال الحسن ترك أباه وأخاه فقال الرجل فما لأباه وما لأخاه فقال الحسن فما لأبيه وما لأخيه فقال الرجل أراك كلما تابعتك خالفتني
( قال ) وحدثنا أبو علي العنزي قال حدثنا العباس بن الفرج الرياشي قال حدثنا ابن أبي رجاء عن الهيثم بن عدي عن ابن جريج عن أبيه قال أتى ابن عباس عمر بن أبي ربيعة فأنشده
( أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ** ) حتى بلغ آخرها فقال ابن عباس إن شئت أعدتها عليك فقيل له أوقد حفظتها قال أو منكم من يسمع شيأ ولا يحفظه ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله المقدمي قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا ابن عائشة قال حدثنا عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي عثمان الأسدي عن بعض رجاله قال قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يا أمير المؤمنين أيضحى بضبى قال وما عليك لو قلت بظبى قال أنها لغة قال انقطع العتاب ولا يضحى بشيء من الوحش ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله المقدمي قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا ابن عائشة قال حدثني بعض أصحابنا قال لما هزم ابن الأشعث أقبل منهزما حتى أتى سجستان فرأى شابا بين يديه منخرق القميص قد حفي ونقفته الصخور فأدمت أصابعه قال فنظر إليه ابن الأشعث وأنشد أبياتا والفتى يسمع فقال
( منخرق السربال يشكو الوجى ** تنقفه أطراف صخر حداد )
( شرده الخوف وأزرى به ** كذاك من يكره حر الجلاد )
( قد كان في الموت له راحة ** والموت حتم في رقاب العباد )


قال فالتفت إليه الفتى وقال ألا صبرت حتى نصبر معك ( قال ) وحدثنا عبد الله عن رجل عن محمد بن الحسين قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا إبراهيم بن عثمان العذري وكان ينزل الكوفة قال رأيت عمر بن ميسرة وكان كهيئة الخيال كأنه صبغ بالورس لا يكاد يكلم أحدا ولا يجالسه وكانوا يرون أنه عاشق فكانوا يسألونه عن علته فيقول
( يسائلني ذو اللب عن طول علتي ** وما أنا بالمبدي لذي اللب علتي )
( سأكتمها صبرا على حر جمرها ** واسترها إذ كان في الستر راحتي )
( إذا كنت قد أبصرت موضع علتي ** وكان دوائي في مواضع علتي )
( صبرت على دائي احتسابا ورغبة ** ولم أك أحدوثات أهلي وخلتي )
( قال ) فما أظهر أمره ولا علم أحد بقصته حتى حضره الموت فقال أن العلة التي كانت بين من أجل فلانة ابنة عمي والله ما حجبني عنها وألزمني الضر إلا خوف الله عز وجل لا غير فمن بلي في هذه الدنيا بشىء فلا يكن أحد أوثق عنده بسره من نفسه ولولا أن الموت نازل بي الساعة ما حدثتكم فأقرؤها مني السلام ومات من ساعته ( قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أبو عبد الله التميمي
( وكم كذبة لي فيك لا أستقيلها ** بقولي لمن ألقاه إني صالح )
( وأي صلاح لي وجسمي ناحل ** وقلبي مشغوف ودمعي سافح )
( قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أحمد بن عبدالسلام
( شكا فهل أنت له راحم ** إليك من أنت به عالم )
( فتى تخلى الروح من جسمه ** فليس إلا بدن قائم )
( قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أحمد بن حبيب
( ألا إنما أبقيت مني مع الهوى ** جوى مستكنا في فؤاد متيم )


( وآثار جسم قد أضر به البلى ** فلم يبق مه غير تلويح أعظم ) ( قال ) وأنشدنا أبو العباس ثعلب
( ولولا عقابيل الفؤاد التي به ** لقد خرجت ثنتان تبتدران )
( قال ) وأخبرنا عبد الله بن خلف قال أخبرنا عبد الله بن نصر قال أخبرني عبد الله بن سويد عن أبيه قال سمعت علي بن عاصم يقول قال لي رجل من أهل الكوفة من بعض أخواني هل لك في عاشق تراه فمضيت معه فرأيت فتى كأنما نزع الروح من جسده وهو مؤتزر بإزار مرتد بآخر وهو مفكر وفي ساعده وردة فذكرنا له شعرا من الشعر فتهيج وقال
( جعلت من وردتها ** تميمة في عضدي )
( أشمها من حبها ** إذا علاني جهدي )
( فمن رأى مثلي فتى ** للحزن أضحى يرتدي )
( أسقمه الحب فقد ** صار قليل الأود )
( وصار ساه دهره ** مقارنا للكمد )
( ألا فمن يرحمني ** يرق لي من كمدي )
ثم أطرق فقلت ما شأنه فقالوا عشق جارية لبعض أهله فأعطى فيها كل ما يملك وهو سبعمائة دينار فأبوا أن يبيعوها منه فنزل به ما ترى وفقد عقله قال فخرجنا فلبثنا ما شاء الله ثم مات فحضرت جنازته فلما سوي عليه التراب فإذا أنا بجارية تسأل عن القبر فدللتها عليه فما زالت تبكي وتأخذ التراب وتجعله في شعرها فبينا هي كذلك إذا قوم يسعون فأقبلوا عليها ضربا فقالت شأنكم والله لا تنتفعون بي بعده أبدا ( قال أبو العباس ) العقابيل البقايا من حبها في قلبه وثنتان عنى بهما تطليقتين ( قال الأصمعي ) كان عمرو بن معد يكرب قد شهد فتح القادسية وفتح اليرموك وفتح نهاوند مع النعمان بن مقرن المزني فكتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى النعمان أن في جندك رجلين عمرو بن معد يكرب وطليحة بن خويلد

الأسدي فأحضرهما الناس وشاورهما في الحرب ولا تولهما عملا والسلام فلما قدم كتاب عمر بعث إليهما فقال ما عندك يا عمرو فقال أروني كبش القوم فاعتنقه حتى يموت أو أموت وقال طليحة أي ناحية شئتم فأنا أدخل على القوم منها فلما التقوا أتاهم طليحة من خلفهم وأما عمرو فشد على كمي من القوم فقتله وقتل النعمان بن مقرن يومئذ وأخذ الراية حذيفة بن اليمان حتى فتح الله عليهم واجتمعت العرب فتفاخروا فقال عمرو بن معد يكرب في ذلك
( لمن الديار بروضة السلان ** فالرقمتين فجانب الصمان )
( لعبت بها هوج الرياح وبدلت ** يعد الأنيس مكانس الثيران )
( فكأن ما أبقين من آياتها ** رقم ينمق بالأكف يمان )
( دار لعمرة إذ تريك مفلجا ** عذب المذاقة واضح الألوان )
( خصرا يشبه برده وبياضه ** بالثلج أو بمنور القحوان )
( وكأن طعم مدامة جبلية ** بالمسك والكافور والريحان )
( والشهد شيب بماء ورد بارد ** منها على المتنفس الوهنان )
( وأغر مصقولا وعيني جؤذر ** ومقلدا كمقلد الأدمان )
( سنت عليه قلائدا منظومة ** بالشذر والياقوت والمرجان )
( ولقد تعارفت الضباب وجعفر ** وبنو أبي بكر بنو الهصان )
( سبيا القعدات تخفق فوقهم ** رايات أبيض كالفنيق هجان )
( والأشعث الكندي حين سما لنا ** من حضر موت مجنب الذكران )
( قاد الجياد على وجاها شزبا ** قب البطون نواحل الأبدان )
( حتى إذا أسرى وأوب دوننا ** من حضر موت إلى قضيب يمان )
( أضحى وقد كانت عليه بلادنا ** محفوفة كحظيرة البستان )


( فدعا فسومها وأيقن أنه ** لاشك يوم تسايف وطعان )
( لما رأى الجمع المصبح خيله ** مبثوثة ككواسر العقبان )
( فزعوا إلى الحصن المذاكي عندهم ** وسط البيوت يردن في الأرسان )
( خيل مربطة على أعلافها ** يقفين دون الحي بالألبان )
( وسعت نساؤهم بكل مفاضة ** جدلاء سابغة وبالأبدان )
( فقذفنهن على كهول سادة ** وعلى شرامحة من الشبان )
( حتى إذا خفت الدعاء وصرعت ** قتلى كمنقعر من الغلان )
( نشدوا البقية وافتدوا من وقعنا ** بالركض في الأدغال والقيعان )
( واستسلموا بعد القتال فإنما ** يتربقون تربق الحملان )
( فأصيب في تسعين من أشرافهم ** أسرى مصفدة إلى الأذقان )
( فشتا وقاظ رئيس كندة عندنا ** في غير منقصة وغير هوان )
( والقادسية حيث زاحم رستم ** كنا الحماة بهن كالأشطان )
( الضاربين بكل أبيض مخذم ** والطاعنين مجامع الأضغان )
( ومضى ربيع بالجنود مشرفا ** ينوي الجهاد وطاعة الرحمن )
( حتى استباح فرى السواد وفارس ** والسهل والأجبال من مكران )
( قال الأصمعي ) كان فيمن غزا مع الأشعث بن قيس يومئذ من بني الحرث بن معاوية كبش بن هانيء والقشعم بن الأرقم وبنو فزارة فأسروا يومئذ مع الأشعث وكانت مراد قتلت قيس بن معد يكرب فجاء الأشعث ثائرا بأبيه فأسر فكان أسيرا في أيدي بني الحرث بن كعب عند الحصين بن قناب حتى افتدى بألفي قلوص وألف من طرائف اليمن فخلى سبيله ففي ذلك يقول عمرو بن معد يكرب هذا الشعر قال ابن الأعرابي بل قال هذه القصيدة التي على الحاء يوم فيف الريح وهي هذه


( ديار أقفرت من أم سلمى ** بها دعس المعزب والمراح )
( وقفت بها فناداني صحابي ** أغالبك الهوى أم أنت صاح )
( وكم من فتية أبناء حرب ** على جرد ضوامر كالقداح )
( وصف ما تساير حجرتاه ** تبشره الأشائم بالشياح )
( شهدت طراده بأقب نهد ** كتيس الزبل معتدل وقاح )
( يقول له الفوارس إذا رأوه ** نرى مسدا أمر على رماح )
( إذا قاموا إليه ليلجموه ** تمطى فوق أعمدة صحاح )
( إذا ورعت من لحييه شيأ ** سما متقاذف التقريب طاحي )
( إذا ما الركض أسهل جانبيه ** تهزم رعد مبترك جلاح )
( فلم نقتل شرارهم ولكن ** قتلنا الصالحين ذوي السلاح )
( قتلنا مطعم الأضياف منهم ** وأصحاب الكريهة والصباح )
( فأثكلنا الحليلة من بنيها ** وخلينا الخريدة للنكاح )
قال الأصمعي اجتمعت زبيد ومراد وخثعم وثمالة ودوس من الأزد فقاتلوا بني عامر وجشيم وسليما ونصرا حيث أتوهم فهزمت عامر ومن معها وأصيبت عين عامر بن الطفيل وقتل فيها مسهر بن زيد بن قنان الحارثي فقال عمرو بن معد يكرب
( ولقد أجمع رجلي بها ** حذر الموت وإني لفرور )
( ولقد أعطفها كارهة ** حين للنفس من الموت هرير )
( كل ما ذلك مني خلق ** وبكل أنا في الحرب جدير )
( وإبن صبح سادرا يوعدني ** ماله في الناس ما عشت مجير )
ابن صبح هو أبي بن ربيعة بن صبح بن ناشرة بن الأبيض بن كنانة بن مصلية بن عامر بن عمر بن

علة قاله ابن الكلبي
قال عمرو بن معد يكرب بن ربيعة بن عبد الله بن عمرو بن عصم بن عمرو بن زبيد بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك وهو مذحج بن أدد بن زيد بن يشجب بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان وكان عمرو ابن خالة الزبرقان بن بدر التميمي النسب قاله ابن الكلبي
( لمن طلل بتيمان فجند ** كأن عراصه توشيم برد )
( ألا ما ضر أهلك أن يقولوا ** سقيت الغيث من بلد وعهد )
( ودار تجذل الذلان عنها ** ملثمة بأضياف ووفد )
( إذا المهياف ذو الإبل اجتواها ** وأعرض مشية الجمل المغد )
( سددت فراضها لهم ببيتي ** وبعضهم بقبته يعدى )
( وأود ناصري وبنو زبيد ** ومن بالخيف من حكم بن سعد )
أود بن صعب بن سعد العشيرة وحكم بن سعد العشيرة قاله ابن الأعرابي والخيف ارتفاع وهبوط في رأس الجبل
( لعمرك لو تجرد من مراد ** عرانين على دهم وجرد )
( ومن عنس مغامرة طحون ** مدربة ومن علة بن جلد )
قال ابن الأعرابي مغامرة ومغاورة مخالطة تدخل القتال عنس بن مالك أحد مذحج والحرث بن كعب بن علة بن جلد وهذه قبائل من اليمن وجنب حي من مذحج مجنبة ميمنة وميسرة
( ومن سعد كتائب معلمات ** على ما كان من قرب وبعد )
( ومن جنب مجنبة ضروب ** لهام القوم بالأبطال تردي )
( وتجمع مذحج فيرئسوني ** لأبرأت المناهل من معد )
( بكل مجرب في البأس منهم ** أخي ثقة من القطمين نجد )

أبرأت أخليت القطمين جعلهم كالفحول من الإبل مغتلمين ونجد شجاع ونجيد أيضا
وكل مفاضة بيضاء زغف ** وكل معاود الغارات يخدى )
( أؤم بها أبا قابوس حتى ** أحل على تحيته بجندي )
( فما نهنهت عن بطل كمي ** ولا عن مقلعط الراس جعد )
( إذا ما مذحج قذفت عليها ** سرابيلا لها من كل سرد )
( وتر كاللرؤس مسبغات ** إلى الغايات من زغف وقد )
( وهز السمهري على المذاكي ** م جنبتين بالأبطال تردى )
( وعري بالأكف مهندات ** وسل حسامها من كل غمد )
( وقرب للنطاح الكبش يمشي ** وطاب الموت من شرع وورد )
( تخال البزل فيه مقيرات ** كأن قبولها تكليل أسد )
( هنالك بهمة الفرسان يلقى ** وأصحاب الحفاظ وكل جد )
( أولئك معشري وهم جبالي ** وحزني في كريهتهم وحدي )


( هم قتلوا عزيزا يوم لحج ** وعلقمة بن سعد يوم نجد )
( وهم ساروا إلى المأمور شهرا ** إلى تعشار سيرا غير قصد )
( وهم قسموا النساء بذي أراطي ** وهم عركوا الذنائب عرك جلد )
المأمور بن زيد من بني الحرث بن كعب واسمه معاوية بن الحرث وتعشار موضع وأراطى موضع وبه ماء لطيء وقوله عركوا أي قتلوا أهله والعرك الدلك والذنائب مواضع أغاروا عليها فتركوها كذلك قال ابن الأعرابي الذنائب أرض من أرض قيس
( وهم وردوا المياه على تميم ** بألف مدجج شمط ومرد )
( وإخوتهم ربيعة قد حوينا ** فصاروا في النهاب بغير حمد )
( وهم تركوا بكندة موضحات ** وما كانوا هناك لنا بضد )
( وهم زاروا بني أسد بجيش ** مع العباب جيش غير وغد )
( وهم تركوا هوازن إذ لقوهم ** وأسلمهم رئيسهم بجهد )
( وهم تركوا ابن كبشة مسلحبا ** وهم شغلوه عن شرب المقدي )
ابن كبشة الصباح بن قيس بن معد يكرب أخو الأشعث بن قيس وكبشة بنت شراحيل ابن آكل المرار ومسلحب مجدل قال ابن الأعرابي مسلحب منبسط على وجه الأرض والمقدى خمر منسوبة إلى مقد قرية بالشام
( وخثعم لثموا حتى أقروا ** بخرج في مواشيهم ورفد )


( وهم خشوا مع الديان حتى ** تغنم كل عضروط وعبد )
( وهم أخذوا بذي المروت ألفا ** يقسم للحصين ولإبن هند )
( وهم قتلوا بذات الجار قيسا ** وأشعث سلسلوا في غير عقد )
( أتانا ثائرا بأبيه قيس ** فأهلك جيش ذلكم السمغد )
( فكان فداؤه ألفي بعير ** وألفا من طريفات وتلد )
( وهم قتلوا بذي قلع ثقيفا ** فما عقلوا وما فاؤا بزند )
( وهم سحبوا على الدهنا جيوشا ** يعيدهم شراحيل ويبدي )
( وهم تركوا القبائل من معد ** ضبابا مجحرين بكل حقد )
( وكم من ماجد ملك قتلنا ** وأخر سوقة عزب قمد )
( وخصم يعجز الأقوام عنه ** شديد الضعن أقعس مسمغد )
( حبست سراتهم بالضح حتى ** أنابوا بعد إبراق ورعد )
( أمازحهم إذا ما مازحوني ** ويفضي جدهم أن جد جدي )
( فذاك وقد رجعن مسومات ** يخدن وقد قضينا كل حرد )
( فما جمع ليغلب جمع قومي ** مكاثرة ولا فرد لفرد )
( ألا عتبت علي اليوم أروى ** لآتيها كما زعمت بفهد )
( وحمير دونه قوم عداة ** بكل مسيلة وبكل نجد )
( فما الأحلاف تابعتي إليه ** ولا وأبيك لا آتيه وحدي )


( قال الأصمعي ) خرج عمرو بن معد يكرب فلقي امرأة من كندة بذي المجاز يقال لها حبى بنت معد يكرب فلما رآها أعجبه جمالها وكمالها وعقلها فعرض عليها نفسه فقال لها هل لك في كفء كريم ضروب لهامة الرجل الغشوم موات طيب الخيم من سعد في الصميم قالت أمن سعد العشيرة قال من سعد العشيره في أرومتها الكبيره وغرتها المنيرة إن كنت بالفرصة بصيره قالت نعم زوج الحرة الكريمة ولكن لي بعلا يصدق اللقاء ويخيف الأعداء ويجزل العطاء فقال لو علمت أن لك بعلا ما عرضت عليك نفسي فكيف أنت إن أنا قتلته قالت لا أصيف عنك ولا أعدل بك ولا أقصر دونك وإياك أن يغرك قولي وأن تعرض نفسك للقتل فإني أراك مفردا من الناصر والأهل والرجل في عزة من الأهل وكثرة من المال فانصرف عنها عمرو وجعل يتبعها من حيث لا تعلم به فلما قدمت على زوجها جاء عمرو مستخفيا حيث يسمع كلامهما فسألها بعلها عما رأت في طريقها فقالت رأيت رجلا مخيلا للبأس يتعرض للقتال ويخطب حلائل الرجال فعرض علي نفسه فوصفتك له فقال ذلك عمرو ولدتني أمه إن لم يأتك مقرونا إلى جمل صعب غير ذلول فلما سمع عمرو كلامه دخل عليه بغتة من كسر خبائه فقتله ووقع عليها فلما فرغ قال لها إني لم أقع على امرأة في جمامي إلا حملت ولا أراك إلا قد حملت فإن ولدت غلاما فسميه خززا وان ولدت جارية فسميها عكرشة وأعطاها علامة ومضى عمرو فمكث بعد ذلك دهرا ثم أنه خرج بعد ذلك يوما يتعرض للقتال عليه سلاحه فإذا هو بفتى على فرس شاك في السلاح فدعاه عمرو للمبارزة فأجابه الفتى فلما اتحدا صرع الفتى عمرا وجلس على صدره ليذبحه فسأله من أنت فقال أنا عمرو فهمز الفتى عن صدره وقال أنا ابنك الخزز وأعطاه العلامة فأمره عمرو أن يسير إلى صنعاء ولا يكون ببلدة هو بها ففعل الغلام ذلك فلم يلبث أن ساد من كان بين أظهرهم فاستغووه وأمروه أن يقاتل عمرا وشكوا إليه فعله بهم فسار إلى أبيه بجمع من أهل صنعاء فلما التقيا شد كل واحد منهما على صاحبه فقتله عمرو فقال في ذلك


( تمناني ليقتلني ** وأنت لذاك معتمده )
( فلو لاقيتم فرسي ** وفوق سراته أسده )
( إذا للقيتم شثن البراثن نابيا كتده ** )
( ظلوم الشرك فيما أعلقت أظفاره ويده ** )
( يلوث القرن إذا لاقاه ** يوما ثم يضطهده )
( يزيف كما يزيف الفحل فوق شؤنة زبده ** )
( يذبب عن مشافره البعوض ممنعا بلده ** )
( ولو أبصرت ما جمعت فوق الورد تزدهده ** )
( رأيت مفاضة زغفا ** وتركا مبهما سرده )
( وصمصاما بكفي لا ** يذوق الماء من يرده )
( شمائل جده وكذاك ** أشبه والدا ولده )
( أمرتك يوم ذي صنعاء ** أمرا بينا رشده )
( فعال الخير تأتيه ** فتفعله وتتعده )
( فكنت كذي الحمير غره من عيره وتده ** )
( ولو أبصرت والبصر المبين قل من يجده ** )
( إذا لعلمت أن أباك ** ليث فوقه لبده )
( قال الأصمعي ) كان حاتم من شعراء العرب وكان جوادا شاعرا وكان شعره يشبه جوده وجوده يشبه شعره وكان حيثما نزل عرف منزله وكان مظفرا إذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سئل وهب وإذا ضرب بالقداح سبق وإ ذا أسر أطلق وكان يقسم بالله لا يقتل واحد أمه وكان إذا أهل الشهر الأصم وهو رجب الذي كانت العرب تعظمه في الجاهلية نحر كل يوم عشرة من الإبل فأطعم الناس واجتمعوا إليه فكان ممن يأتيه من الشعراء

الحطيئة وبشر بن أبي خازم وذكر أن أم حاتم أتيت وهي حبلى في المنام فقيل لها غلام سمح يقال له حاتم ألا قولي أحب إليك أم عشرة غلمة كالناس ليوث عند الناس ليسوا بأوغال ولا أنكاس فقالت لا بل حاتم فولدت حاتما فلما ترعرع جعل يخرج طعامه فإن وجد أحدا أكل معه وإن لم يجد أحدا طرحه فلما رأى أبوه أنه يهلك طعامه قال الحق بالإبل فخرج إليها ووهب له جارية وفرسا وفلوها فلما أتاها طفق يبغي الناس فلا يجدهم ويأتي الطريق فلا يجد عليها أحدا فبينا هو كذلك إذ بصر بركب على الطريق فأتاهم فقالوا يا فتى هل من قرى فقال حاتم تسألون عن القرى وقد رأيتم الإبل انزلوا وكان الذين بصر بهم عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم وزياد بن جابر وهو النابغة وكانوا يريدون النعمان فنحر لهم حاتم ثلاثة من الإبل فقال عبيد إنما أردنا اللبن وكانت تكفينا بكرة إذ كنت لا بد متكلفا لنا فقال حاتم قد عرفت ولكني رأيت وجوها مختلفة وألوانا متفرقة فعلمت أن البلدان غير واحدة فأحببت أن يبقى لي منكم في كل بلد ذكر فقالوا فيه شعرا يمتدحونه ويذكرون فضله فقال لهم حاتم إنما أردت أن أحسن إليكم فصار لكم علي الفضل وعلي أن أضرب عراقيب إبلي أو تقوموا إليها فتقتسموها ففعلوا فأصاب الرجل منهم تسعة وثلاثين بعيرا ومضوا على سفرهم إلى النعمان وسمع أبوه بما فعل فأتاه فقال أين الإبل فقال يا أبت طوقتك طوق الحمامة مجد الدهر وكرما لا يزال رجل يحمل لنا بيت شعر أبدا بإبلك فقال أبوه أبابلي قال نعم قال والله لا أسكن معك أبدا فخرج أبوه بأهله وترك حاتما فقال في ذلك حاتم يذكر تحول أبيه عنه
( وإني لعف الفقر مشترك الغنى ** وتارك شكل لا يوافقه شكلي )
( وشكلي شكل لا يقوم بمثله ** من الناس إلا كل ذي ثقة مثلي )
من جملة أبيات ولما تزوج حاتم ماوية وكانت من أحسن النساء لبثت عنده زمانا ثم ان ابن عم كاتم يقال له مالك قال لماوية ما تصنعين بحاتم فوالله لئن وجد ليتلفن ولئن لم يجد

ليتكلفن ولئن مات ليتركن ولدك عيالا على قومه فقالت صدقت إنه لكذلك وكانت النساء أو بعضهن يطلقن الرجال في الجاهلة وكان طلاقهن أنهن يحولن أبواب بيوتهن إن كان الباب إلى المشرق جعلنه إلى المغرب وإن كان الباب قبل اليمن جعلنه قبل الشأم فإذا رأى الرجل ذلك عرف أن امرأته طلقته وقال ابن عمه لها فأنا أنصحك وأنا خير لك منه وأكثر مالا وأنا أمسك عليك وعلى ولدك فلم يزل بها حتى طلقت حاتما فأتاها وقد حولت الخباء فقال لإبنه ما ترى أمك ما عدا عليها فقال لا أدري فهبط به بطن واد وجاء قوم فنزلوا على باب الخباء كما كانوا ينزلون فتوافى خمسون رجلا فضاقت بهم ماوية ذرعا فقالت لجاريتها اذهبي إلى مالك فقولي أن أضيافا لحاتم نزلوا بنا وهم خمسون رجلا فأرسل إلينا بناب ننحرها لهم وبوطب لبن نسقيهم وقالت لجاريتها انظري إلى جبينه وفمه فإن سابقك بالمعروف فاقبلي منه وإن ضرب بلحييه على زوره وأدخل يده في رأسه فارجعي ودعيه فلما أتته وجدته متوسدا وطبا من لبن فأيقظته وأبلغته الرسالة وقالت إنما هي الليلة حتى يعلم الناس مكانه فضرب بلحييه على زوره وأدخل يده في رأسه وقال لها اقرئي عليها السلام وقولي لها هذا الذي نهيتك عنه وأمرتك أن تطلقي حاتما من أجله فما عندي من كبيرة قد تركت العمل وما كنت لأنحر صغيرة لشحم كلاها وما عندي من لبن يكفي أضياف حاتم فرجعت الجارية وأعلمتها بمقالته فقالت لها ويلك ائتي حاتما فقولي له أن أضيافك نزلوا بنا الليلة فأرسل إلينا بناب ننحرها لهم ولبن نسقيهم فقال حاتم نعم وأبى وأنياب وقام إلى الإبل فأطلق عقلها وصاح بها حتى أتى الخباء وضرب عراقيبها فطفقت ماوية تصيح هذا الذي طلقتك فيه تترك ولدك ليس لهم شيء وأن حاتما دعته نفسه إلى بنت عفرز فأتاها يخطبها فوجد عندها النابغة ورجلا من النبيت يخطبانها فقالت لهم انقلبوا إلى رحالكم وليقل كل رجل منكم شعرا يذكر فيه فعاله وخصائله فإني أتزوج أشعركم وأكرمكم فانصرفوا ونحر كل واحد منهم جزورا ولبست بنت عفزر ثيابا لأمة لها وأتتهم فاستطعمت كل رجل منهم فأتت النبيتي فأطعمها ثيل جمله فأخذته ثم أتت النابغة فأطعمها ذنب جمله فأخذته ثم أتت

حاتما وقد نصب قدوره وهي على النار فأستطعمته فأطعمها قطعة من السنام وغير ذلك وأطعمها عظاما من العجز قد نضجت فأهدى إليها كل رجل منهم ظهر جمله وأهدى إليها حاتم مثل ما أهدى إلى جاراته فصبحوها فاستنشدتهم فأنشدها النبيتي فصيدته التي يقول فيها
( هلا سألت هداك الله ما حسبي ** عند الشتاء إذا ما هبت الريح )
فقالت لقد ذكرت جهدا واستنشدت النابغة فأنشدها
( هلا سألت هداك الله ما حسبي ** إذا الدخان تغشى الأشمط البرما )
ثم اسنتشدت حاتما فأنشدها
( أماوي قد طال التجنب والهجر ** )
فلما فرغ حاتم من إنشاده دعت بالغداء وقد كانت أمرت جواريها أن يقدمن إلى كل رجل ما أطعمها فقدمن إليهم ثيل الجمل وذنبه فنكس النبيتي والنابغة رؤسهما وأن حاتما لما نظر إلى ذلك رمى بالذي قدم إليهما وأطعمهما مما قدم إليه فتسلللا لواذا فقالت أن حاتما أكرمكم وأشعركم فلما خرجا قالت لحاتم خل سبيل امرأتك فأبى فردته وردتهم فلما انصرف دعته نفسه إليها وماتت امرأته فخطبها فتزوجته فولدت له عديا وكانت من بنات ملوك اليمن ويقال أن عديا وعبد الله وسفانة بني حاتم من امرأته النوار والله سبحانه وتعالى أعلم وقالت طيء أن رجلا يعرف بأبي خيبري قدم في رفقة له ونزل بقبر حاتم وبات يناديه أبا عدي اقر أضيافك فلما كان وقت السحر وثب أبو خيبرى يصيح وأراحلتاه فقالت أصحابه ما شأنك قال خرج حاتم والله بالسيف حتى عقر ناقتي وأنا أنظر إليه فنظروا فإذا هي لا تنبعث فقالوا والله قد قراك فنحروها وظلوا يأكلون من لحمها ثم أردفوه وانطلقوا فبيناهم كذلك في سيرهم طلع عليهم عدي بن حاتم و معه جمل أسود قد قرنه ببعيره فقال أن حاتما جاءني في النوم فذكر لي شتمك إياه وأنه قراك وأصحابك راحلتك وأمرني أن أدفع لك هذا البعير وقد قال أبياتا في ذلك ورددها علي حتى حفظتها


( أبا خيبري وأنت امرؤ ** ظلوم العشيرة لوامها )
( فماذا أردت إلى رمة ** بداوية صخب هامها )
( تبغى أذاها واعسارها ** وحولك عوف وأنعامها )
فخذه فأخذه وانصرف مع رفقته قال وحدثنا النيسابوري قال حدثنا حاجب بن سيلمان قال حدثنا مؤمل بن اسمعيل قال حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء بن زيد ابن خالد الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فطر صائما أو جهز غازيا كان له مثل أجره
كمل كتاب الذيل والحمد لله وحده صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


( بسم الله الرحمن الرحيم ) اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم قال أبو علي حدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال حدثنا أبو علي الحسن بن عليل العنزي قال حدثنا علي بن الصباح قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا هشام بن محمد أبو السائب المخزومي عن هشام بن عروة عن أبيه عن السكن بن سعيد عن النعمان بن بشير قال استعملني معاوية رضي الله عنه على صدقات بلي وعذرة فإني لفي بعض مياههم إذا أنا ببيت منحرد ناحية وإذا بفنائه رجل مستلق وعنده أمرأة وهو يقول أو يتغنى بهذه الأبيات
( جعلت لعراف اليمامة حكمه ** وعراف نجد إن هما شفياني )
( فقالا نعم نشفى من الداء كله ** وقاما مع العواد يبتدران )
( فما تركا من رقية يعلمانها ** ولا سلوة إلا وقد سقياني )
( فقالا شفاك الله والله ما لنا ** بما حملت منك الضلوع يدان )
فقلت لها ما قصته فقالت هو مريض ما تكلم بكلمة ولا أن أنة منذ وقت كذا وكذا إلى الساعة ثم فتح عينيه وأنشأ يقول
( من كان من أمهاتي باكيا أبدا ** فاليوم أنى أراني اليوم مقبوضا )
( يسمعننيه فإني غير سامعه ** إذا حملت على الأعناق معروضا )
ثم خفت فمات فغمضته وغسلته وصليت عليه ودفنته وقلت للمرأة من هذا فقالت هذا قتيل الحب هذا عروة بن حزام ( قال أبو علي ) قال أبو بكر وقصيدة عروة هذه النونية يختلف فيها الناس في بعض الأبيات ويتفقون على بعضها فالأول الأبيات المجتمع عليها وما يتلوها مما يختلف فيه أنشدني جميعه أبي رحمه الله عن أحمد بن عبيدة وغيره وعبد الله بن خلف الدلال عن أبي عبد الله السدوسي وأبو الحسن بن البراء عن الزبير بن بكار وألفاظهم مختلفط بعضها ببعض وهي هذه


( خليلي من عليا هلال بن عامر ** بصنعاء عوجا اليوم وانتظراني )
( ولا تزهدا في الأجر عندي وأجملا ** فانكما بي اليوم مبتليان )
( ألم تعلما أن ليس بالمرخ كله ** أخ وصديق صالح فذراني )
( أفي كل يوم أنت رام بلادها ** بعينين إنساناهما غرقان )
( ألا فاحملاني بارك الله فيكما ** إلى حاضر الروحاء ثم دعاني )
( على جسرة الأصلاب ناجية السرى ** تقطع عرض البيد بالوخذان )
( ألما على عفراء إنكما غدا ** بشحط النوى والبين معترفان )
( فيا واشي عفرا دعاني ونظرة ** تقر بها عيناي ثم كلاني )
( أغركما مني قميص لبسته ** جديدا وبردا يمنة زهيان )
( متى ترفعا عني القميص تبينا ** بي الضر من عفراء يا فتيان )
( وتعترفا لحما قليلا وأعظما ** رقاقا وقلبا دائم الخفقان )
( على كبدي من حب عفراء قرحة ** وعيناي من وجديها تكفان )
( فعفراء أرجى الناس عندي مودة ** وعفراء عني المعرض المتواني )
قال أبو بكر قال بعض البصريين ذكر المعرض لأنه أراد وعفراء عني الشخص المعرف وقال الكوفيون ذكره بناء على التشبيه أراد وعفراء عني مثل المعرض كما تقول العرب عبد الله الشمس منيرة يريدون مثل الشمس في حال إنارتها
( فيا ليت كل اثنين بينما هوى ** من الناس والأنعام يلتقيان )
( فيقضي حبيب من حبيب لبانة ** ويرعاهما ربي فلا يريان )
( هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى ** وإني وإياها لمختلفان )


( هواي أمامي ليس خلفي معرج ** وشوق قلوصي في الغدو يمان )
( هواي عراقي وتثني زمامها ** لبرق إذا لاج النجوم يماني )
( متى تجمعي شوقي وشوقك تظلعي ** ومالك بالعبء الثقيل يدان )
( فيا كبدينا من مخافة لوعة الفراق ومن صرف النوى تجفان ** )
( وإذ نحن من أن تشحط الدار غربة ** وأن شق للبين العصا وجلان )
( يقول لي الأصحاب إذ يعذلونني ** أشوق عراقي وأنت يماني )
( وليس يمان للعراقي بصاحب ** عسى في صروف الدهر يلتقيان )
( تحملت من عفراء ما ليس لي به ** ولا للجبال الراسيات يدان )
( كأن قطاة علقت بجناحها ** على كبدي من شدة الخفقان )
( جعلت لعراف اليمامة حكمه ** وعراف نجد إن هما شفياني )
( فقالا نعم نشفى من الداء كله ** وقاما مع العواد يبتدران )
( فما تركا من رقية يعلمانها ** ولا سلوة إلا وقد سقياني )
( وما شفيا الداء الذي بي كله ** ولا ذخر انصحا ولا ألواني )
( فقالا شفاك الله والله ما لنا ** بما ضمنت منك الضلوع يدان )
( فرحت من العراف تسقط عمتي ** عن الرأس ما ألتاثها ببنان )
( معي صاحبا صدق إذا ملت ميلة ** وكانا بدفي نضوتي عدلاني )
( فيا عم يا ذا الغدر لا زلت مبتلى ** حليفا لهم لازم وهوان )
( غدرت وكان الغدر منك سجية ** فألزمت قلبي دائم الخفقان )
( وأورثتني غما وكربا وحسرة ** وأورثت عيني دائم الهملان )
( فلا زلت ذا شوق إلى من هويته ** وقلبك مقسوم بكل مكان )
( وإني لأهوى الحشراذ قيل أنني ** وعفراء يوم الحشر ملتقيان )


( ألا يا غرابي دمنة الدار بينا ** أبالهجر من عفراء تنتحبان )
( فإن كان حقا ما تقولان فاذهبا ** بلحمي إلى وكريكما فكلاني )
( كلاني أكلا لم ير الناس مثله ** ولا تهضما جنبي وازدرداني )
( ولا يعلمن الناس ما كان قصتي ** ولا يأكلن الطير ما تذران )
( أناسية عفراء ذكري بعدما ** تركت لها ذكرا بكل مكان )
( ألا لعن الله الوشاة وقولهم ** فلانة أضحت خلة لفلان )
( إذا ما جلسنا مجلسا نستلذه ** تواشوا بنا حتى أمل مكاني )
( تكنفني الواشون من كل جانب ** ولو كان واش واحد لكفاني )
( ولو كان واش باليمامة ارضه ** أحاذره من شؤمه لأتاني )
( يكلفني عمي ثمانين ناقة ** ومالي والرحمن غير ثمان )
( فيا ليت محيانا جميعا وليتنا ** إذا نحن متنا ضمنا كفنان )
( ويا ليت أنا الدهر في غير ريبة ** خليان نرعى الفقر مؤتلفان )
( إذا ما وردنا منهلا صاح أهله ** وقالوا بعيرا عرة جربان )
( فوالله ما حدثت سرك صاحبا ** أخا لي ولا فاهت به الشفتان )
( سوى أنني قد قلت يوما لصاحبي ** ضحى وقلوصانا بنا تخدان )
( ضحيا ومستنا جنوب ضعيفة ** نسيم لرياها بنا خفقان )
( تحملت زفرات الضحى فأطقتها ** ومالي بزفرات العشي يدان )
( فيا عم لا أسقيت من ذي قرابة ** بلالا فقد زلت بك القدمان )
( ومنيتني عفراء حتى رجوتها ** وشاع الذي منيت كل مكان )
( بنية عمي حيل بيني وبينها ** وصاح لوشك الفرقة الصردان )


( فيا حبذا من دونه يعذلونني ** ومن حليت عيني به ولساني )
( ومن لو أراه في العدو أتيته ** ومن لو يراني في العدو أتاني )
( ومن هابني في كل أمر وهبته ** ولو كنت أمضى من شباة سنان )
( فوالله لولا حب عفراء ما التقى ** علي رواقا بيتك الخلقان )
( خليقان هلها لان لا خير فيهما ** قبيحان يجرى فيهما اليرقان )
( رواقان هفافان لا خير فيهما ** إذا هبت الأرواح يصطفقان )
( ولم أتبع الأظعان في رونق الضحى ** ورحلى على نهاضة الخديان )
( لعفراء إذا في الدهر والناس غرة ** وإذا خلقانا بالصبا يسران )
( لأدنو من بيضاء خفاقة الحشا ** بنية ذي قاذورة شنآن )
( كأن وشاحيها إذا ما ارتدتهما ** وقامت عنانا مهرة سلسان )
( يعض بابدان لها ومتناهما ** ومتناهما رخوان يضطربان )
( وتحتهما حقفان قد ضربتهما ** قطار من الجوزاء ملتبدان )
( أعفراءكم من زفرة قد أذقتني ** وحزن ألج العين بالهملان )
( وعينان ما أوفيت نشزا فتنظرا ** بمأقيهما إلا هما تكفان )
( فلو أن عيني ذي هوى فاضتادما ** لفاضت دما عيناي تبتدران )
( فهل حاديا عفراء إن خفت فوتها ** علي إذا ناديت مرعويان )
( ضروبان للتالي القطوف إذا ونى ** مشيحان من بغضائنا حذران )
( فما لكما من حاديين رميتما ** بحمى وطاعون ألا تقفان )
( وما لكما من حاديين كسيتما ** سرابيل مغلاة من القطران )


( فويلي على عفراء ويلا كأنه ** على الكبد والأحشاء حد سنان )
( ألا حبذا من حب عفراء ملتقى ** نعم وألالا حيث يلتقيان )
( قال أبو بكر ) أخبرني أبي عن الطوسي قال أراد بقوله ملتقى نعم وألا لا شفتيها لأن الكلمتين في الشفتين تلتقيان ويروى
( ألا حبذا من حب عفراء ملتقى ** نعام وبرك حيث يلتقيان )
وقال هما موضعان
( لو أن أشد الناس وجدا ومثله ** من الجن بعد الإنس يلتقيان )
( فيشتكيان الوجد ثمت أشتكي ** لأضعف وجدي فوق ما يجدان )
( فقد تركتني ما أعي لمحدث ** حديثا وإن ناجيته ونجاني )
( وقد تركت عفراء قلبي كأنه ** جناح غراب دائم الخفقان )
( قال أبو علي ) قال أبو العباس ثعلب سميت العنزة عنزة من قولهم اعتنز الرجل إذا تنحى وذلك أن الإمام يجعلها بين يديه إذا صلى ويقف دونها فتكون ناحية عنه ( قال ) وسميت الحربة حربة من قولهم حربته إذا أحميته وأغضبته لأنها حادة ماضية
والعترة أقرب أهل الرجل إليه ومنه عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي من عتر الريح وهو حركتها واضطرابها والعتيرة الذبيحة التي كانت تذبح في الجاهلية في رجب وهي من الحركة والإضطراب لأن الرجل كان ينذر إذا كثر ماله أن يذبح منه وإذا كثر المال انتشر والإنتشار الإضطراب وسمى عنترة من ذلك لتحركه في الحرب وتصرفه وأخذه في كل وجه وناحية وأنشد أبو العباس
( فإن تشرب الأرطى دما من صديقنا ** فلا بد أن تسقى دماءكم النخل )
يقول إن قتلتم صاحبنا في هذا الموضع الذي ينبت الأرطى اهتبالا لغفلته ووحدته فإنا لعزنا نقصدكم طالبين بثأره وجهارا في بلادكم وأوطانكم ( قال ) وقول العامة فلان قرابة فلان

محال إنما كلام العرب هذا قريب فلان وهؤلاء أقارب فلان وأقرباؤه وقرابات ليس بشيء ( قال ) وقول ذي الرمة
( كأنهن خوافي أجدل قرم ** ولى ليسبقه بالأمعز الخرب )
ترتيبه كأن الحمر بالأمعز خوافي أجدل قرم والخوافي مستوية والقوادم ليست كذلك فأراد أنه ليس يفضل بعضها بعضا في العدو لجدها ونجائها وأنشد له أيضا
( نظرت إلى أظعان مي كأنها ** ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه )
( فأسبلت العينان والقلب كاتم ** بمغرورق نمت عليه سواكبه )
( هوى آلف حان الفراق ولم تجل ** مجاولها أسراره ومعاتبه )
( إذا راجعتك القول مية أو بدا ** لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه )
( فيا لك من خد أسيل ومنطق ** رخيم ومن وجه تعلل جادبه )
تعلل من العلل وهو الشرب مرة بعد مرة أي نظر الناظر وأعاد نظره مرة بعد مرة فلم يجد عيبا وأشعلت الدموع كثرت فتفرقت وكتيبة مشعلة أي كثيرة متفرقة ويقال أشعل السلطان جماعة في طلبه أي فرقهم ( قال ) وأنشدنا ثعلب ليزيد بن الطثرية وقال الطثرة الخصب وكثرة الخير
( بنفسي من لا يستقل بنفسه ** ومن هوان لم يحفظ الله ضائع )
( قال ) ويقال فلان سراب بقيعة أي لا يحصل منه على شيء وشراب بأنقع أي حازم كامل


( قال ) وسمي اللص لصا لأنه يجمع نفسه ويضائل شخصه ليستتر بذلك وهو من قولهم لصصت أضراسه إذا اجتمعت وتلاصقت وقال امرؤ القيس يصف كلبا
( ألص الضروس حني الضلوع ** تبوع طلوب نشيط أشر )
( قال ) ويقال السفينة من سفنته إذا قشرته كأنها تقشر الماء والحراقة من قولهم هو يحرق عليه الأرم وهي الأضراس والزلال من قولهم زل يزل والطيار من قولهم الطيران والملاح من الملح لشظف عيشه وخشونة مطعمه والحفف القيام بالأمر حفهم قام بأمرهم ورفهم أطعمهم وهو يحفه ويرفه أي يطعمه ويقوم بأمره فالحفف أن يكون المأكل بإزاء آكله والضفف أن يكون دونه وضفه الوادي والنهر جانباهما فكأن الضفف ما يكفي جانبا من العيال والقوم ولا يعمهم وأنشد لذي الرمة ( أذاك أم خاضب بالسي مرتعه ** أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب )
قال أبو ثلاثين أي أنه قد عرف ما يصلح البيض ويفسده للتجربة فلما أحس بالمطر أجد في طلب أدحية وخص الذكر لأنه أسرع من الأنثى وقال أمسى لجده في اللحاق قبل الليل وهو منقلب لأنه قد رعى فنفسه قوية والخاضب الذي قد خضب في الربيع فهو أحسن لحاله والنعام يبيض نحو العشر فما فوقها فأراد بالثلاثين أنه قد حضن أبطنا وقال ثعلب في قول ذي الرمة
( أرى إبلي وكانت ذات زهو ** إذا وردت يقال لها قطيع )
( تكنفها الأرامل واليتامى ** فصاعوها ومثلهم يصوع )
( وطيب عن كرائمهن نفسي ** مخافة أن أرى حسبا يضيع )
أي يزهى من يملك مثلها والقطيع ما كثر وصاعوها فرقوها أي أنه نحر وفرق وأطعم وانصاع الطائر إذا مر ويقال أيضا صاع جمع ومنه الصاع ( قال أبو الحسن ) يروى غيره ضاعوها معجمة الضاد ( قال ) وأنشدنا أبو العباس عن سلمة عن الفراء


( من النفر البيض الذين إذا انتموا ** وهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا )
البيض السادة الذين لا عيب فيهم يقدمون على أبواب الملوك بأحسابهم ومواضعهم وكبر أنفسهم وتهابها اللئام لخمولهم وقصر هممهم ( قال ) ويقال جاء نعي فلان بالتشديد إذا رفع الصوت بذكر وفاته وأصله من نعى على الناقة حملها إذا رفعه عليها ومنه نعى عليه ذنوبه إذا ذكرها وأشاد بها وقال أبو العباس في قول ابن أحمر
( وبعيرهم ساج بجرته ** لم يؤذه غرب ولا نفر )
( فإذا تجر رشق بازله ** وإذا أصاخ فإنه بكر )
يريد أنهم في خفض وخصب وأمن وعز فأموالهم راعية ساكنة ويقول وجهه لطراوته وجه بكر وهو إذا بدت أسنانه بازل وذلك لحسن حاله ( قال ) ويقال قاره يقوره إذا ختله وهو يقور الوحش أي يختلها ليصيدها ومنه قولهم قيره يقيره إذا ختله وخدعه ويقال قبح الله ثفرها وهو كناية عن الفرج أي قبح الله الموضع الذي خرجت منه ( قال ) والتفرة بالتاء المعجمة اثنتين الروضة والتفرات الرياض قال الطرماح
( لها تفرات تحتها وقصارها ** على مشرة لم تعتلق بالمحاجن )
يصف ظبية من أمن والمشرة الهاء معجمة والميم مفتوحة الشجرة الكثيرة الورق ( قال ) والطرماح من طرمح بابه إذا رفعه أي هو رفيع القدر والطرمذة لفظة عربية والطرماذا الفرس الرائع الكريم ( قال ) وسألت ابن الأعرابي عن الطرمذان وهو المتكثر

بما لا يفعل فقال لا أعرفه وأعرف الطرماذا وأنشدني سلام طرماذ على طرماذ وأنشدنا أبو العباس لبعض المحدثين هو أشجع السلمى
( ليس للعسكر إلا ** من له وجه وقاح )
( ولسان طرمذان ** وغدو ورواح )
( ولهم ما شئت عنيد ** وعلى الله النجاح )
وقال في قول الشاعر
( مخايط العكم مواديع المطي ** التاركي الرفيق بالخرق النطي )
أي لا يحلون أزوادهم ويأكلون أزواد الناس ولا يرحلون إلى الملوك والخرق الفلاة لإنخراق الريح فيها والنطي البعيد ويقال في مثل ذلك ( كيف يقطع النطي بالبطي ) والنطي البعيد والبطي البعير المبطئ يضرب مثلا للذي يروم عظائم الأمور بغير ما جد ولا انكماش ( قال أبو الحسن ) حفظي عنه محايط بغير معجمة والشعر لجميل ابن معمر ( قال أبو العباس ) ويقال أصير إليك في غد أو الذي يليه وقول الناس أو الذي أليه خطأ وإنما لم يقفوا على حق الكلمة ويقال خبيصة معقدة وأعقدت الخبيصة وغيرها من الحلواء والدواء فهي معقدة وأعقدت العسل وعقدت الحبل ( قال أبو العباس )

العهدة أول مطرة والرصدة الثانية فتلك أول ما عهدت الأرض وهذه ترصد تلك ويقال نحن ننتظر الرصدة ( قال ) والنهار عند العرب من طلوع الشمس إلى غروبها وما عدا ذلك فهو عندهم ليل مما تقدم أو تأخر ( قال أبو العباس ) والشاكلة الطريقة والشاكلة الناحية وشاكلة الجدي خاصرته لأنها ناحية منه ( قال ) ورغوة اللبن بكسر الراء أفصح من فتحها قال والوصيد الفناء وأنشد أبو العباس
( ولما قضينا من منى كل حاجة ** ومسح بالأركان من هو ماسح )
( أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ** وسالت بأعناق المطي الأباطح )
أطراف الأحاديث ما يستطرف منها ويؤثر ( قال أبو العباس ) جمع الحلي وهو يبيس النصى أحلية ولم يسمع جمعه إلا في شعر ذي الرمة
( قال ) والممرد الأملس ومنه الأمرد للين خديه وشجرة مرداء لا ورق لها ومرداء وملساء واحد ويقال زللت في المنطق وزللت في المشي وأزللت له زلة وأزللت إليه نعمة ( قال ) ويقال أمطرت السماء إذا قطرت ومطرت سالت
ويقال كلمه فما أحاك فيه وضربه فما أحاك فيه وما يحيك فيه شيء وهو أفصح من الفتح وحاك يحيك إذا ذهب وجاء ومنه الحائك
ويقال حذق الخل اللسان يحذقه حذوقا وحذق الصبي القرآن حذقا وحذق الحبل إذا انقطع ( قال ) ويقال ردحت بيتك إذا زدت فيه ووسعته ويقال لو ردحته أي لو وسعته ( قال ) والإفصاء الخروج من حر إلى برد أو من برد إلى حر ويقال لو قد أفصيت لخرجت معك وقد أفصى الناس والنسا حينئذ مفصون ومن التفصي
ويقال أحولنا في هذا المكان وأعومنا أيضا وأسنهنا وأشهرنا وأيومنا وأسوعنا ويقال أطلى الرجل إذا مالت عنقه للنوم وأطلنا

حتى أطلينا أي قعدنا حتى نعسنا ومن أطال أطلى أي من قعد نعس
ويقال أخلد إلى الأمر أي سكن إليه وأقام عليه وخلد عليه شبابه أي بقى عليه شبابه وسواد شعره ووجرته من الوجور وهو أفصح ومن الرمح أو جرته لا غير
ويقال أشط في سومه أفصح من شط ويقال ثللته هدمته وأثللته أصلحته ويقال لحدت ملت وألحدت جادلت ويقال فعال حسن وفعال جميل بالفتح والكسر خطأ ويكسر الفاء في نصاب الفأس يقال هذا فعال قوي أي نصاب قوي
والأحمس المتشدد في دينه وسميت قريش الحمس من ذلك ومنه سمى المحمس الذي تقول له العامة المحمص لأنه يقلى قليا شديدا ويقال لم يبق بيني وبينه علقة ولا علاقة فالعلقة المرة والعلاقة الحالة ( قال أبو محلم ) وقال الأصمعي بينا أنا في طريق مكة ومعي أصحابي إذا مر بنا أعرابي وهو يقول من أحس من بعير بعنقه علاط وبأنفه خزامة تتبعه بكرتان سمراوان عهد العاهد به عند البئر قلنا حفظ الله عليك يا هذا والله ما أحسسنا جملا على هذه الصفة قال وجويرية من الأعراب على حوض لها تموره فأعاد الكلام عليها فقالت اعزب لا حفظ الله عليك يا فاسق فقلنا لها ما تريدين من رجل ينشد ضالته فقالت إنما ينشد أيره وخصيتيه ( قال ) وكتب أبو محلم إلى الحذاء في نعل له عنده دنها فإذا همت تاتدن فلا تخلها تمرخد وقبل أن تقفعل فإذا ائتدنت فامسحها بخرقة غير وكبة ولا جشبة ثم أمعسها معسا رفيقا ثم سن شفرتك وأمهها فإذا رأيت عليها مثل الهبوة فسن راس الإزميل ثم سم بالله وصل على محمد صلى الله عليه وسلم ثم أنحها وكوف جوانبها كوفا رفيقا وأقبلها بقبالين أخنسين أفطسين غير خلطين ولا أصمعين وليكونا وثيقين من أديم صافي البشرة غير نمش ولا حلم ولا كدش واجعل في مقدمها كمنقار النغر فلما وصل الكتاب إلى الحذاء لم يفهم منه شيأ إلا ولا كدش فقال صيرني كداشا والله لا حذوت له نعله ( قال أبو علي ) قوله تاتدن تبتل يقال ودنت الشيء فهو مودون وودين أي بللته فهو مبلول والمودون من الناس وغيرهم القصير

الضاوي القميء وقوله تمرخدث لم أجد تفسيره في موضع رخد إذ جاء مهملا للخليل ولا لغيره والوكب والوسخ يقال وكب الثوب يوكب وكبا إذا اتسخ والوكبان بفتح الواو والكاف مشية في درجان ومنها اسم الموكب والجشب الغليظ والمجشاب مثله قال أبو زيد
( توليك كشحا لطيفا ليس مجشابا ** )
وطعام جشب ليس معه إدام ويقال للرجل الذي لا يبالي ما أكل ولم ينل أدما إنه لجشب المأكل وقد جشب جشوبة والمعس الدلك يقال معس الأديم وغيره يمعسه معسا إذا دلكه ومعس الرجل المرأة يمعسها إذا نكحها وقال الراجز في نعت السيل
( يمعس بالماء الجواء معسا ** ) ويقال اقفعلت أنامله إذا تشنجت من برد أو كبر قال الشاعر
( رأيت الفتى يبلى إذا طال عمره ** بلى الشن حتى تقفعل أنامله )
ويقال أمهيت الحديدة إمهاء إذا حددتها وأمهيتها إذا سخنتها بالناء ثم ألقيتها في الماء لتسقيها فهي ممهاة قال امرؤ القيس في سهم الرامي
( راشه من ريش ناهضة ** ثم أمهاه على حجره )
وأمهى شرابه ولبنه إذا أرقه ولبن مهو وقد مهو اللبن يمهو مهاوة والأزميل الأشفى قال عبدة بن الطبيب
( عيهمة ينتحي في الأرض منسمها ** كما انتحى في أديم الصرف إزميل )
ويقال خرج فلان فخلف أزمله وأزمله بفتح الميم وضمها أي أهله والإزمول من الوعول المصوت بكسر الهمزة وفتح الميم ويقال سمعنا أزمل القوم أي أصواتهم وجمعه أزامل قال هميان بن قحافة السعدي


( تسمع في أجوافها لجالجا ** أزاملا وزجلا هزامجا )
وكوفها دورها بعد ما تنحيها أي تقصد نحو مثالها في تدويرها وقال يعقوب يقال تركتهم في كوفان بضم لكاف وسكون الواو أي في أمر مستدير وقال ابن الأعرابي يقال بنو فلان في كوفان مشدد الواو أي في أمر مكروه شديد وهذا قريب من الأول كأنه لكراهيته تحير أهله فهم يستديرون وقال الكلابيون الخلط من الرجال بفتح الخاء وكسر اللام بلا ياء هو الذي يختلط بالناس وهو في وجهين فأحدهما الذي يخالط الناس بما يحبون وهو مدح وأما الآخر فهو الذي يلقى متاعه ونساءه بين الناس فيخالطهم وهو عيب فكأنه كره أن يكون قبال نعله ملفقا من أديمين وذلك محمود في نعال النساء مكروه في حذاء الرجال وقوله ولا أصمعين أي رقيقين غير نمش ولا حلم ولا كدش والحلم بفتح الحاء واللام دود يقع في الجلد فيأكله فإذا دبغ وهى موضع الحلم فيقال أديم حلم ونغل وأديم نمش أيضا ومن ذلك يقال نمش الجراد والدبا ا لأرض بنمشها نمشا إذا أكل الكلا ونزل ويقال ما به كدشة بفتح الكاف وسكون الدال أي ما به داء والكداش بتشديد الدال الكرى والكدش بفتح الكاف وسكون الدال الكسب يقال كدش لأهل يكدش كدشا إذا اكتسب لهم وما كدشت شيأ أي ما أخذته والكدش أيضا السوق والحث ( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر أنشدنا أبو العباس المبرد لسعيد بن حميد
( تمتع من الدنيا فإنك فاني ** وإنك في أيدي الحوادث عانى )
( ولا ياتين يوم عليك وليلة ** فتخلو من شرب وعزف قيان )
( فإني رأيت الدهر يلعب بالفتى ** وينقله حالين يختلفان )
( فأما التي تمضي فأحلام نائم ** وأما التي تبقى لها فأماني )


( قال أبو علي ) قال أبو بكر حدثني أبي عن العباس بن ميمون قال سمعت ابن عائشة يقول حدثني أبي عن عوف الأعرابي قال سأل رجل الحسن البصري عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقال أعن رباني هذه الأمة تسأل لم يكن بالسروقة لمال الله ولا بالملولة لحق الله أعطى القرآن عزائمه فيما عليه وله حتى أورده الله على رياض مونقه وجنان غسقه ذاك علي بن أبي طالب يا لكع ( قال ) وحدثني أبي عن العباس بن ميمون قال حدثني سليمان الشاذكوني والحسن بن عنبسة الوراق قال حدثنا حفص بن غياث عن أشعث بن سوار قال نال عدي بن أرطاة على المنبر من علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال فالتفت إلى الحسن وإن دموعه لتسيل على خده ولحيته فقال لقد ذكر هذا اليوم رجلا إنه لولي رسول الله في الدنيا ووليه في الآخرة ( قال ) وحدثني أبو بكر عن أبيه عن العباس بن ميمون قال حدثني سليمان بن داود عن حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال إن كان أحد يعلم متى أجله فإن علي بن أبي طالب كان يعلم متى أجله قال العباس فحدثت به ابن عائشة فقال أنت تعلم يا ابن أخي أنه قاتل يوم الجمل فلم يتكلم ويوم صفين فلم يتكلم ولقد لقي ليلة الهرير ما لقي فلم يتخوف ولم ينطق بشيء فلما رجع إلى الكوفة بعد قتله الخوارج قال ألا ينبعث أشقاها ليخضبن هذه من هذه ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان قال وحدثنا منجاب بن الحرث قال أخبرنا بشر بن عمارة عن محمد بن سوقة قال أتى عليا رضي الله تعالى عنه رجل فقال يا أمير المؤمنين ما الإيمان أو قال كيف الإيمان فقال الإيمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد والصبر على أربع شعب على الشوق والشفق والزهادة والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلاعن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن الحرمات ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات واليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة وتأويل الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين فمن تبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة فكأنما كان في

الأولين والعدل على أربع شعب على غامض الفهم وزهرة الحلم وروضة العلم وشرائع الحكم فمن فهم فسر جميع العلم ومن علم عرف شرائع الحكم ومن حلم لم يفرط أمره وعاش في الناس والجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق ومن صدق في المواطن فقد قضى الذي عليه ومن شنيء الفاسقين فقد غضب لله ومن غضب لله غضب الله له ( قال ) فقام الرجل فقبل رأسه فقال علي كرم الله وجهه أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما
( وفاة الحجاج بن يوسف الثقفي ) قال وحدثني أبو بكر قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد ابن عبيد في أخبار الحجاج بن يوسف أنه لما حضرته الوفاة وأيقن بالموت قال أسندوني وأذن للناس فدخلوا عليه فذكرت الموت وكربه واللحد ووحشته والدنيا وزوالها والآخرة وأهوالها وكثرة ذنوبه وأنشأ يقول
( إن ذنبي وزن السماوات والأرض ** وظني بخالقي أن يحابي )
( فلئن من بالرضا فهو ظني ** ولئن مر بالكتاب عذابي )
( لم يكن ذاك منه ظلما وهل يظلم رب يرجى لحسن المآب ** )
ثم بكى وبكى جلساؤه ثم أمر الكاتب أن يكتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان أما بعد فقد كنت أرعى غنمك أحوطها حياطة الناصح الشفيق برعية مولاه فجاء الأسد فبطش بالراعي ومزق المرعي كل ممزق وقد نزل بمولاك ما نزل بأيوب الصابر وأرجو أن يكون الجبار أراد بعبده غفرانا لخطاياه وتكفيرا لما حمل من ذنوبه ثم كتب في آخر الكتاب
( إذا ما لقيت الله عني راضيا ** فإن شفاء النفس فيما هنالك )


( فحسبي بقاء الله من كل ميت ** وحسبي حياة الله من كل هالك )
( لقد ذاق هذا الموت من كان قبلنا ** ونحن نذوق الموت من بعد ذلك )
( فإن مت فاذكرني بذكر محبب ** فقد كان جما في رضاك مسالكي )
( وإلا ففي دبر الصلاة بدعوة ** يلقى بها المسجون في نار مالك )
( عليك سلام الله حيا وميتا ** ومن بعد ما تحيا عتيقا لمالك )
ثم دخل عليه أبو المنذر يعلى بن مخلد المجاشعي وقال كيف ترى ما بك يا حجاج من غمرات الموت وسكراته فقال يا يعلى غما شديدا وجهدا جهيدا وألما مضيضا ونزعا جريضا وسفرا طويلا وزادا قليلا فويلي ويلي إن لم يرحمني الجبار فقال له يا حجاج إنما يرحم الله من عباده الرحماء الكرماء أولى الرحمة والرأفة والتحنن والتعطف على عباده وخلقه أشهد أنك قرين فرعون وهامان لسوء سيرتك وترك ملتك وتنكبك عن قصد الحق وسنن المحجة وآثار الصالحين قتلت صالحي الناس فأفنيتهم وأبرت عترة التابعين فتبرتهم وأطعت المخلوق في معصية الخالق وهرقت الدماء وضربت الأبشار وهتكت الأستار وسست سياسة متكبر جبار لا الدين أبقيت ولا الدنيا أدركت أعززت بني مروان وأذللت نفسك وعمرت دورهم وأخربت دارك فاليوم لا ينجونك ولا يغيثونك إذ لم يكن لك في هذا اليوم ولا لما بعده نظر لقد كنت لهذه الأمة اهتماما واغتماما وعناء وبلاء فالحمد لله الذي أراحها بموتك وأعطاها مناها بخزيك ( قال ) فكأنما قطع لسانه عنه فلم يحر جوابا وتنفس الصعداء وخنقته العبرة ثم رفع رأسه فنظر إليه وأنشأ يقول
( رب إن العباد قد أيأسوني ** ورجائي لك الغداة عظيم )
( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا الحسن بن خضر عن أبيه عن بعض ولد علي رضي الله تعالى عنه قال كان علي يعلم أصحابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول

اللهم داحي المدحوات وبارئ المسموكات وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما أغلق والمعلن الحق بالحق والدامغ لجيشات الأباطيل كما حمل فاضطلع بأمرك بطاعتك مستوفزا في مرضاتك بغير نكل في قدم ولا وهي في عزم واعيا لوحيك حافظا لعهدك ماضيا على نفاذ أمرك حتى أورى قبسا القابس آلاء الله تصل بأهله أسبابه به هديت القلوب بعد خوضات الفتن ووضحت أعلام الإسلام ومنيرات الأحكام فهو أمينك المأمون وخازن علمك المخزون وشهيدك يوم الدين وبعيثك نعمه ورسولك بالحق رحمه اللهم افسح له في عدنك منفسحا واجزه مضاعفات الخير من فضلك مهنآت غير مكدرات من فوز ثوابك المحلول وجزيل عطائك المعلول اللهم أعل على بناء الناس بناءه وأكرم لديك مثواه وأتمم له نوره وأجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة ومرضي المقالة ذا منطق عدل وخطة فصل وبرهان عظيم ( قال ) وحدثنا أبو عمر قال أخبرنا الغطفاني عن رجاله قال سئل أبو عبد الله جعفر بن محمد بن علي رضي الله عنهم عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن قال فأدار دارة كبيرة وأدار في وسطها دارة صغيرة وقال الكبيرة هي الإسلام والصغيرة هي الإيمان فإذا زنى خرج في ذلك الوقت من الإيمان إلى الإسلام فإن كفر خرج من الدارة الكبيرة إلى الشرك والكفر والعياذ بالله
وقرأنا على أبي الحسن قال قال أبو محلم حدثني وكيع بن الجراح وأبو نعيم قالا حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أشد جنود ربك عشرة الجبال الرواسي والحديد يقطع الجبال والنار تذيب الحديد والماء يطفئ النار والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء والريح تقطع السحاب وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو الشيء ويمضي لحاجته والسكر يغلب ابن آدم والنوم يغلب السكر والهم يغلب النوم فأشد خلق الله عز وجل الهم قال

أبو محلم ) أخبرني معتمر بن سليمان التميمي قال لما جيء بالشجاء وكانت امرأة من الخوارج إلى زياد قال لها ما تقولين في أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه قالت ماذا أقول في رجل أنت خطيئة من خطاياه فقال بعض جلسائه أيها الأمير أحرقها بالنار وقال بعضهم اقطع يديها ورجليها وقال بعضهم اسمل عينيها فضحكت حتى استلقت وقالت عليكم لعنة الله فقال لها زياد مم تضحكين قالت كان جلساء فرعون خيرا من هؤلاء قال لها ولم قالت استشارهم في موسى فقالوا أرجه وأخاه وهؤلاء يقولون اقطع يديها ورجليها واقتلها فضحك منها وخلى سبيلها ( قال ) وقال حدثنا أبو محلم قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال قال الحجاج بن يوسف لعلي بن الحسين رضي الله عنهما أنتم كنتم أكرم عند شيخكم من آل الزبير عند شيخهم قال عمرو وذاك أنه لم يشهد الطف أحد من بني هاشم أطاقت يده حمل حديدة إلا قتل قتل الحسين وقتل الحجاج عبد الله بن الزبير وطاف من العشي بين عباد وعامر ابن عبد الله واضعا يديه عليهما ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو الحسن جحظة قال قال الشعبي ما لقينا من علي رضي الله عنه أن أحببناه قتلنا وإن أبغضناه كفرنا ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال أخبرنا ابن ميمون عن أبي مالك قال قال ابن هرمة
( مهما ألام على حبهم ** فإني أحب بني فاطمه )
( بني بنت من جاء بالمحكمات ** والدين والسنن القائمه )
فلقيه بعد ذلك رجل فسأله من قائلها فقال من عض أمه فقال له ابنه يا أبت ألست قائلها قال بلى قال فلم تشتم نفسك قال أليس الرجل يعض بظر أمه خيرا له من أن يأخذه ابن قحطبة ( قال ) وأخبرنا محمد بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال حدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا سعيد بن عامر الضعي عن جويرية بن أسماء قال لما أراد معاوية البيعة ليزيد ولده كتب إلى مروان وهو عامله على المدينة فقرأ كتابه وقال إن أمير المؤمنين قد كبر سنه

ودق عظمه وقد خاف أن يأتيه أمر الله تعالى فيدع الناس كالغنم لا راعي لها وقد أحب أن يعلم علما ويقيم إماما فقالوا وفق الله أمير المؤمنين وسدده ليفعل فكتب بذلك إلى معاوية فكتب إليه أن سم يزيد قال فقرأ الكتاب عليهم وسمى يزيد فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما فقال كذبت والله يا مروان وكذب معاوية معك لا يكون ذلك لا تحدثوا علينا سنة الروم كلما مات هرقل قام مكانه هرقل فقال مروان أن هذا الذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج قال فسمعت ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها فقالت ألابن الصديق يقول هذا استروني فستروها فقالت كذبت والله يا مروان إن ذلك لرجل معروف نسبه قال فكتب بذلك مروان إلى معاوية فأقبل فلما دنا من المدينة استقبله أهلها فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر رضوان الله عليهم أجمعين فأقبل على عبد الرحمن بن أبي بكر فسبه وقال لا مرحبا بك ولا أهلا فلما دخل الحسين عليه قال لا مرحبا بك ولا أهلا بدنة يترقرق دمها والله مهريقه فلما دخل ابن الزبير قال لا مرحبا بك ولا أهلا ضب تلعة مدخل رأسه تحت ذنبه فلما دخل عبد الله بن عمر قال لا مرحبا بك ولا أهلا وسبه فقال إني لست بأهل لهذه المقالة قال بلى ولما هو شر منها قال فدخل معاوية المدينة وأقام بها وخرج هؤلاء الرهط معتمرين فلما كان وقت الحج خرج معاوية حاجا فأقبل بعضهم على بعض فقالوا لعله قد ندم فأقبلوا يستقبلونه قال فلما دخل ابن عمر قال مرحبا بك وأهلا بك يا ابن الفاروق هاتوا لأبي عبد الرحمن دابة وقال لإبن أبي بكر مرحبا بابن الصديق هاتوا له دابة وقال لإبن الزبير مرحبا بابن حواري رسول الله هاتوا له دابة وقال للحسين مرحبا بابن رسول الله هاتوا له دابة وجعلت ألطافه تدخل عليهم ظاهرة يراها الناس ويحسن إذنهم وشفاعتهم قال ثم أرسل إليهم فقال بعضهم لبعض من يكلمه فأقبلوا على الحسين فأبى فقالوا لإبن الزبير هات فأنت صاحبنا قال على أن تعطوني عهد الله أن لا أقول شيأ إلا تابعتموني عليه قال فأخذ عهودهم رجلا رجلا ورضي من ابن عمر بدون

ما رضى به من صاحبيه قال فدخلوا عليه فدعاهم إلى بيعة يزيد فسكتوا فقال أجيبوني فسكتوا فقال أجيبوني فسكتوا فقال لإبن الزبير هات فأنت صاحبهم قال اختر منا خصلة من ثلاث قال إن في ثلاث لمخرجا قال أما أن تفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ماذا فعل قال لم يستخلف أحدا قال وماذا قال أو تفعل كما فعل أبو بكر قال فعل ماذا قال نظر إلى رجل من عرض قريش فولاه قال وماذا قال أو تفعل كما فعل عمر بن الخطاب قال فعل ماذا قال جعلها شورى في ستة من قريش قال ألا تسمعون أني قد عودتكم على نفسي عادة وإني أكره أن أمنعكموها قبل أن أبين لكم إن كنت لا أزال أتكلم بالكلام فتعترضون علي فيه وتردون علي وإني قائم فقائل مقالة فإياكم أن تعترضوا حتى أتمها فإن صدقت فعلى صدقي وإن كذبت فعلى كذبي والله لا ينطق أحد منكم في مقالتي إلا ضربت عنقه ثم وكل بكل رجل من القوم رجلين يحفظانه لئلا يتكلم وقام خطيبا فقال أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر قد بايعوا فبايعوا فانجفل الناس عليه يبايعونه حتى إذا فرغ من البيعة ركب نجائبه فرمى إلى الشام وتركهم فأقبل الناس على الرهط يلومونهم فقالوا والله ما بايعنا ولكن فعل بنا وفعل
وحدثنا اسحق قال كان أشعب إذا حدث عن عبد الله بن عمر يقول قال حبيبي عبدالله وكان يبغضني في الله قال اسحق قال ابن أبي عتيق رضي الله تعالى عنهما دخلت على أشعب يوما وعنده متاع حسن وأثاث فقلت أما تستحي أن تطلب من الناس وعندك مثل هذا فقال يا فديتك معي من لطف المسئلة ما لا تطيب نفسي بتركه وكان يقول أنا أطمع وأمي تتيقن فإذا اجتمع طمعي ويقين أمي فقل ما يفلتنا
( مجلس ) أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال وفد عامر بن جوين الطائي على المنذر بن النعمان الأكبر جد النعمان بن المنذر وذلك بعد انقضاء ملك كندة ورجوع الملك إلى لخم وكان عامر قد أجار امرأ القيس ابن حجر أيام كان مقيما بالجبلين وقال كلمته التي يقول فيها


( هنالك لا أعطي مليكا ظلامة ** ولا سوقة حتى يؤب ابن مندله )
وكان المنذر ضغنا عليه فلما دخل عليه قال له يا عام لساء مثوى أثويته ربك وثويك حين حاولت إصباء طلته ومخالفته إلى عشيره أما والله لو كنت كريما لأثويته مكرما موقرا ولجانبته مسلما فقال له أبيت اللعن لقد علمت ابناء أدد إني لأعزها جارا وأكرمها جوارا وأمنعها دارا ولقد أقام وافرا وزال شاكرا
فقال له المنذر يا عام وإنك لتختال هضيبات أجأ ذات الوبار وأفنيات سلمى ذات الأغفار مانعاتك من المجر الجرار ذي العدد الكثار والحصن والمهار والرماح الحرار وكل ماضي الغرار بيد كل مسعر كريم النجار
قال له عامر أبيت اللعن إن بين تلك الهضيبات والرعان والشعاب والمصدان لفتيانا أبطالا وكهولا أزوالا يضربون القوانس ويستنزلون الفوارس بالرماح المداعس لم يتبعوا الرعاء ولم ترشحهم الإماء فقال الملك يا عام لو قد تجاوبت الخيل في تلك الشعاب صهيلا وكانت الأصوات قعقعة وصليلا وفغر الموت وأعجز الفوت فتقارشت الرماح وحمي السلاح لتساقى قومك كأسا لا صحو بعدها فقال مهلا أبيت اللعن أن شرابنا وبيل وحدنا أليل ومعجمنا صليب ولقاءنا مهيب فقال له يا عام انه لقليل بقاء الصخرة الصراء على وقع الملاطيس فقال أبيت اللعن أن صفاتنا عبر المراديس فقال لأوقظن قومك من سنة الغفلة ثم لأعقبنهم بعدها رقدة لا يهب راقدها ولا يستيقظ هاجدها فقال له عامر أن البغي أباد عمرا وصرع حجرا وكانا أعزمنك سلطانا وأعظم شأنا وأن لقيتنا لم تلق أنكاسا ولا أغساسا فهبش

وضائعك وصنائعك وهلم إذا بدا لك فنحن الألى قسطوا على الأملاك قبلك ثم أتى راحلته فركبها وأنشأ يقول هذه الأبيات
( تعلم أبيت اللعن أن قناتنا ** تزيد على غمز الثقاف تصعبا )
( أتوعدنا بالحرب أمك هابل ** رويدك برقا لا أباك خلبا )
( إذا خطرت دوني جديله بالقنا ** وحامت رجال الغوث دوني تحدبا )
( أبيت التي تهوى وأعطيتك التي ** تسوق إليك الموت أخرج أكهبا )
( فإن شئت أن تزدارنا فأت تعترف ** رجالا يذيلون الحديد المعقربا )
( وأنك لو أبصرتهم في مجالهم ** رأيت لهم جمعا كثيفا وكوكبا )
( وذكرك العيش الرخي جلادهم ** وملهى بأكناف السدير ومشربا )
( فأغض على غيظ ولا ترم التي ** تحكم فيك الزاعبي المحربا )
( قال أبو علي ) وأخبرنا أبو عثمان قال أخبرني التوزي عن أبي عبيدة قال قدم متمم بن نويرة على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وكان به معجبا فقال يا متمم ما يمنعك من التزويج لعل الله أن ينشر منك ولدا فإنكم أهل بيت قد درجتم فتزوج امرأة من أهل المدينة فلم تحظ عنده ولم يحظ عندها فطلقها ثم قال
( أقول لهند حين لم أرض عقلها ** أهذا دلال العشق أم أنت فارك )
( أم الصرم ما تهوى فكل مفارق ** علي يسير بعد ما بان مالك )
فقال له عمر ما تنفك تذكر مالكا على كل حال فلم يمض لهذا الأمر إلا قليل حتى طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورحمه ومتمم بالمدينة فقال يرثى عمر رضي الله عنه
( يسألني ابن بجير أين أبكره ** عني فإن فؤادي عنك مشغول )
( هلا بيوم أبي حفص ومصرعه ** أن بغاءك ما ضيعت تضليل )
( أن الرزيئة فابكه ولا تسمن ** عبء تطيف به الأنصار محمول )


( قال أبو علي ) وأخبرنا أبو عثمان قال أخبرني التوزي عن أبي عبيدة قال كان مرة بن محكان جوادا قال أبو بكر بن دريد أحسبه عنبريا فحمل حمالات فعجز عنها فحبسه عبيد الله بن زياد فقال الأبيرد في ذلك
( أبلغ عبيد الله عني رسالة ** رسالة قاض بالفرائض عالم )
( فإن أنت عاقبت ابن محكان في الندى ** فعاقب هداك الله أعظم حاتم )
( حبست كريما أن يجود بمساله ** سعى في ثأى في قومه متفاقم )
( كأن دماء القوم إذ علقت به ** على مكفهر من ثنايا المخارم )
( قال أبو بكر ) أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال قتل الشيظم بن الحرث الغساني رجلا من قومه وكان المقتول ذا أسرة فخافهم فلحق بالعراق أو قال بالحيرة متنكرا وكان من أهل بيت الملك فكان يتكفف الناس نهاره ويأوي إلى خربة من خراب الحيرة فبينا هو ذات يوم في تطوافه إذ سمع قائلا يقول
( لحى الله صعلوكا إذا نال مذقة ** توسد إحدى ساعديه فهوما )
( مقيما بدار الهون غير مناكر ** إذا ضيم أغضى جفنه ثم برشما )
( يلوذ بآذراء المثاريب طامعا ** يرى المنع والتعبيس من حيث يمما )
( يضن بنفس كدر البؤس عيشها ** وجود بها لو صانها كان أحزما )
( فذاك الذي إن عاش عاش بذلة ** وإن مات لم يشهد له الناس مأثما )
( بأرضك فاعرك جلد جنبك إنني ** رأيت غريب القوم لحما موضما )
فكأنه نبهه من رقدة فأقبل على صاحب خيل المنذر فأقام عنده أياما وقال له إني رجل من أهل خيبر أقبلت إلى هذه البلدة بتجارة فأصبت بها ولي بصر بسياسة الخيل فاصطنعني فضمه إلى بعض أصحابه حتى وافق غرة من القوم فركب فرسا جوادا من خيل المنذر وخرج من الحيرة يتعسف الأرض حتى نزل بحي من بهراء فأخبرهم بشأنه فأعطوه زادا

ورمحا وسيفا وخرج حتى أتى الشأم فصادف الملك متبديا وكان إذا تبدى لا يحجب أحد عنه فأتى قبة الملك فقام قريبا منه وأنشأ يقول
( يا صاحب الخيل الجياد المقربه ** وصاحب الكتيبة المكوكبه )
( والقبة المنيعة المحجبه ** وواهب المضمرة المرببه )
( والكاعب البهكنة المؤتبه ** والمائة المدفأة المنتخبه )
( والضارب الكبش فويق الرقبه ** تحت عجاج الكبة المكتبه )
( هذا مقام من رأى مطلبه ** لديك إذ عمى الضلال مذهبه )
( وخال أن حتفه قد كربه ** )
فأذن له الملك فدخل عليه وقص قصته فقال له الملك أنى لحلمك يا شيظم أن يثوب ولنوارك أن يؤوب ثم بعث إلى أولياء المقتول فأرضاهم عن صاحبهم ( قال أبو علي ) وحدثني أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي لإبن عمه اطلب لي امرأة بيضاء مديدة فرعاء جعدة تقوم فلا يصيب قميصها منها إلا مشاشتي منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها ورضافي ركبتيها إذا استلقت فرميت تحتها بالأترجة العظيمة نفذت من الجانب الآخر فقال وأنى بمثل هذه إلا في الجنان
( مجلس في صفة الأسد ) قال أبو علي أخبرنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال اجتمع عند يزيد بن معاوية أبو زبيد الطائي وجمل بن معمر العذري والأخطل التغلبي فقال لهم أيكم يصف الأسد في غير شعر فقال أبو زبيد أنا يا أمير المؤمنين لونه ورد وزئيره رعد وقال مرة أخرى زغد ووثبه شد وأخذه جد وهوله شديد وشره عتيد ونابه حديد وأنفه أخثم وخده أدرم ومشفره أدلم وكفاه عراضتان ووجنتاه ناتئتان وعيناه وقادتان كأنهما لمح بارق أو نجم طارق إذا استقبلته قلت أفدع وإذا استعرضته قلت أكوع

وإذا استدبرته قلت أصمع بصير إذا استغضى هموس إذا مشى إذا قفى كمش وإذا جرى طمش براثنه شثنه ومفاصله مترصه مصعق لقلب الجبان مروع لماضي الجنان إن قاسم ظلم وإن كابردهم وإن نال غشم ثم أنشأ يقول
( خبعثن أشوس ذو تهكم ** مشتبك الأنياب ذو تبرطم )
( وذو أهاويل وذو تجهم ** ساط على الليث الهزبر الضيغم )
( وعينه مثل الشهاب المضرم ** وهامه كالحجر الململم )
فقال حسبك يا أبا زبيد ثم قال قل يا جميل فقال يا أمير المؤمنين وجهه فدغم وشدقه شدقم ولعزه معرنزم مقدمه كثيبف ومؤخره لطيف ووثبه خفيف وأخذه عنيف عبل الذراع شديد النخاع مرد للسباع مصعق الزئير شديد المرير أهرت الشدقين مترص الحصرين يركب الأهوال ويهتصر الأبطال ويمنع الأشبال ما إن يزال جاثما في خيس أو رابضا على فريس أو ذا ولغ ونهيس ثم قال
( ليث عرين ضيغم غضنفر ** مداخل في خلقه مضبر )
( يخاف من أنيابه ويذعر ** ما أن يزال قائما يزمجر )
( له على كل السباع مفخر ** قضاقض شثن البنان قسور )
فقال حسبك يا ابن معمر ثم قال قل يا أخطل فقال ضيغم ضرغام غشمشم همهام على الأهوال مقدام وللأقران هضام رئبال عنبس جريء دلهمس ذو صدر مفردس ظلوم أهوس ليث كروس
( قضاقض جهم شديد المفصل ** مضبر الساعد ذو تعثكل )
( شرنبث الكفين حامي أشبل ** إذا لقاه بطل لم ينكل )
( ململم الهامة كمش الأرجل ** ذو لبد يغتال في تمهل )


( أنيابه في فيه مثل الأنصل ** وعينه مثل الشهاب المشعل )
فقال له حسبك وأمر لهم بجوائر وأنشد أبو علي لجميل بن معمر
( سقى الله جيراني الذين تحملوا ** بمرتجس أضحى بذي الرمث يهطل )
( له سلف منه بنجد مريم ** ومنه عشار في تهامة بهل )
( ولولا ابنة العذري ما بت موهنا ** لبرق عنا من نحوها يتهلل )
( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا العكلي قال حدثني حاتم بن قبيصة قال أغزى زياد ابنه عباد لفارس وأصحبه المهلب ففتح فبينا هم كذلك إذ جاءهم فتى شاب بفرس يقوده إلى المهلب فقال أيها الأمير أحب أن تقبل مني هذا الفرس فإنه من شر خيلنا فقبله المهلب منه فلما ذهب الفتى نظر إليه المهلب وحركه فقال والله ما أرى فيه ما قال ولا أحسبه إلا تعرض لصلتنا فأمر له بوصيفتين فحملتا على الفرس ورده إلى الشاب فقبل الوصيفتين ورد الفرس إلى المهلب فكان في خيله وكان داود بن قحدم القيسي أحد بني قيس بن ثعلبة نشأ في حجر المهلب وكان يلي القيام على خيله فقد مواشيراز وبها حمران ابن أبان واليا عليها وعلى فارس فقال لهم هل لكم في السباق فقال عباد ونحن على ظهرها فقال المهلب أجلنا أجلا فقال كم تريدون قال أربعين يوما قال نعم فعلفها الرطاب عشرين وأضمرها عشرين فقال داود بن قحدم للمهلب أن الفرس الذي أهداه الشاب إلينا لا والله ما أضمه إلى شيء من خيلنا إلا سبقه فقال المهلب لعله فرس منزاق يصبر في القرب ولا يصبر إذا بعدت الغاية قال لا أدري قال لا ترسله حتى أجيء قال فأمر المهلب بلقحة تحلب والفرس يسمع فلما سمع صوت الحلاب أصاخ بسمعه حتى أدنيت منه العلبة فشربها فلما رأى المهلب ذلك قال لداود لا ترسل الخيل حتى تعلم أنه قد

توسط الميدان فاستهان داود بالفرس فحمل عليه شابا فقال المهلب والله لقد مر بي سابقا وما أرى معه من الخيل واحدا قال فأخذه عباد بن المهلب فحمله إلى الشام وأهداه إلى معاوية وسمى الأعرابي فسبق خيل الشام فذلك قال عبد الملك بن مروان
( سبق عباد وصلت لحيته ** وكان خرازا تجود قربته )
( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم قال حدثنا الأصمعي قال جئت إلى أبي عمرو بن العلاء فقال لي من أين أقبلت يا أصمعي قلت جئت من المربد قال هات ما معك فقرأت عليه ما كتبت في ألواحي فمرت به ستة أحرف لم يعرفها فخرج يعدو في الدرجة وقال شمرت في الغريب أي غلبتني ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن قال قال عمي سمعت بيتين لم أحفل بهما قلت هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب قال فإني عند الرشيد يوما وعنده عيسى بن جعفر فأقبل على مسرور الكبير فقال له يا مسرور كم في بيت مال السرور فقال ما فيه شيء فقال عيسى هذا بيت الحزن فاغتنم لذلك الرشيد وأقبل على عيسى فقال والله لتعطين الأصمعي سلفا على بيت مال السرور ألف دينار فاغتنم عيسى وانكسر فقلت في نفسي جاء موضع البيتين فأنشدت الرشيد رحمه الله تعالى
( إذا شئت أن تلقى أخاك معبسا ** وجداه في الماضين كعب وحاتم )
( فكشفه عما في يديه فإنما ** تكشف أخبار الرجال الدراهم )
قال فتجلى عن الرشيد وقال لمسرور أعطه على بيت مال السرور ألفى دينار فأخذت بالبيتين ألفي دينار وما كان البيتان يساويان عندي درهمين وأنشدني أبو بكر لمحمد بن صالح
( طرب الفؤاد وعاده أحزانه ** وتشعبت شعبا به أشجانه )
( وبدا له من بعدما ما أندمل الهوى ** برق تتابع موهنا لمعانه )


( يبدو كحاشية الرداء ودونه ** صعب الذرى متمنع أركانه )
( فدنا لينظر أين لاح فلم يطق ** نظرا إليه ورده سجانه )
( فالوجد ما اشتملت عليه ضلوعه ** والماء ما سمحت به أجفانه )
( ثم استعاذ من القبيح ورده ** نحو العزاء عن الصبا إيقانه )
( وبدا له أن الذي قد ناله ** ما كان قدره له ديانه )
( حتى اطمأن ضميره وكأنما ** هتك العلائق عامل وسنانه )
( يا نفس لا يذهب بقلبك باخل ** بالود باذل تافه منانه )
( يعد القضاء وليس ينجز موعدا ** ويكون قبل قضائه ليانه )
( فاقنع بما قسم المليك فأمره ** مالا يرد عن الفتى اتيانه )
مجلس في الخيل المنسوبة ) قال أبو علي حدثنا أبو بكر عن الأصمعي قال كان الحرون من خيل العرب حدثني رجل من أهل الشام قال كان مع مسلم بالري ثم جاء فشهد معه وقعة إبراهيم قال حدثني بهذا النسب مسلم قال الحرون بن الأثاثي بن الخزز بن ذي لاصوفة بن أعوج فرس مسلم بن عمرو الباهلي في الإسلام وكان مسلم اشتراه من أعرابي بالبصرة بألف درهم معاوضة بمتاع وذكر أنه كان في عنقه رسن حين أدخله الأعرابي يطير عفاؤه فسبق الناس عليه عشرين سنة وكان يسبق الخيل ثم يحرن حتى تلحقه الخيل فإذا لحقته سبقها ثم حرن ثم سبقها وكان الحجاج قد بعث بابن له يقال له البطان إلى الوليد بن عبد الملك فصيره لمحمد ابنه وولد البطان البطين وولد البطين الذائد وكان هشام بن عبد الملك يشتهي أن يسبق الذائد فأتوه بفرس بربري يقال له المكانب بعد ما حطم الذائد وسبق أيضا عشرين سنة قال فضمه إليه فكان سائسه يقول جهد المكانب الذائد جهده الله أي في الجرى وهو متفسخ قال فجاء معه يتقدمه بشيء والذائد ابن البطين وأشقر مروان من نسل الذائد ( قال الأصمعي )

كان عبد الله بن علي قدم بأشقر مروان البصرة قال فرأيته أشقر أعور من نسل الذائد ( قال ) وحدثني جعفر بن سليمان قال كان لا يدخل على الذائد سائسه حتى يأذن يحرك له مخلاة فيها شعير فإن تحمحم دخل عليه وإن هو دخل قبل أن يفعل ذلك شد عليه وكذا كان يصنع بالفرس إذا جرى معه يكدمه ( قال الأصمعي ) الوجيه ولاحق والغراب وسبل وهي أم أعوج كانت لغني وأعوج كان لبني آكل المرار ثم صار لبني هلال بن عامر وجروة فرس شداد بن عمرو أبي عنترة بن شداد ومياس وهداج لباهلة لبني أعيا قالت الحارثية
( شقيق وحرمي هراقا دماءنا ** وفارس هداج أشاب النواصيا )
والكلب فرس رجل من بني عامر أو غطفان وقرزل فرس الطفيل أبي عامر بن الطفيل وذو الخمار فرس مالك بن نويرة والجوب فرس أرقم بن نويرة وذات النسوع فرس بسطام ابن قيس والنعامة فرس للحرث بن عباد وولدت النعامة الشيط وهو لبني سدوس وكان لخزز بن لوذان وفيه يقول
( لا تذكري مهري وما أطعمته ** فيكون جلدك مثل جلد الأجرب )
والمتمطر فرس حيان بن مرة من نسله وكامل فرس الحوافزن وحلاب وقيد لبني تغلب ومخالس لبني عقيل واليحموم والدفوف للنعمان بن المنذر والعصا فرس جذيمة الأبرش وفي بني تغلب فرس يقال له العصا فارسه الأخنس بن شهاب والهطال لزيد الخيل والنحام لرجل يقال السليك بن سلكة السعدي وداحس لقيس بن زهير والغبراء لحذيفة بن بدر الذبياني ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو العباس قال حدثني علي بن عبد الله الهاشمي قال حدثنا العكلي عن أبي معمر قال قدم زياد والمهلب بن أبي صفرة البصرة فجاء إلى الجمعة وقد لبس قميصا مرحضا وملاءة ممصرة فصعد المنبر فقال رب فرح بامارتي لن تنفعه ورب

مبتئس بها لن تضره ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إن معاوية قد قال ما بلغكم وشهدت الشهود بما قد سمعتم وإني امرؤ قد رفع الله مني ما وضعوا وحفظ مني ما ضيعوا وإن عبيدا لم يأل أن يكون كافلا مبرورا وأبا مشكورا وأنا قد سسنا وساسنا السائسون فلم نجد لهذا الأمر خيرا من لين في غير وهن ولا من شدة في غير جبرية ألا وإنها ليست كذبة أكثر عليها شاهدا من الله ومن المسلمين من كذبة إمام على منبر فإذا سمعتموها مني فاختبروها في واعلموا أن لها عندي أخوات وإذا رأيتموني أجري الأمور فيكم على أذلالها وأمضيها لسبلها فلتستقم لي قناتكم والله لآخذن المقبل بالمدبر والمحسن بالمسيئ والمطيع بالعاصي حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول يا سعد انج فإن سعيدا قد قتل فقام إليه رجل يقال له صفوان بن الأهتم فقال والله لقد آتاك الله الحكمة وفصل الخطاب فقال كذبت ذاك نبي الله داود عليه الصلاة والسلام ثم قام إليه الأحنف ابن قيس فقال أصلح الله الأمير أن الجواد بشده وأن السيف بحده وأن المرء بجده وإن جدك قد بلغ بك ما ترى وأن الثناء بعد البلاء ولسنا نثني عليك حى نبتليك فأول خيرا نثن به ثم قام أبو بلال مرداس بن أدية فقال يا أيها الإنسان أنا قد سمعنا ما قمت به وما أديت عن نفسك وإن الله ذكر وليه وخليله إبراهيم فقال وإبراهيم الذي وفى أن لا تزر وازرة وزر أخرى وأنت تزعم أنك تأخذ بعضنا ببعض وتقتل بعضنا ببعض ثم سكت فما رؤي بعد ذلك ( قال أبو العباس ) وحدثت بهذه الحديث من وجه آخر فيه فقال زياد يا هذا أنا لن نبلغ الحق حتى نخوض إليه الباطل خوضا وأنشدنا الرفيع بن سلمة العبدي المعروف بدماذ
( تفكرت في النحو حتى مللت ** وأتعبت روحي له والبدن )
( وأتعبت بكرا وأشياعه ** بطول المسائل من كل فن )
( فمن علمه ظاهر بين ** ومن علمه غامض قد بطن )


( فكنت بظاهره عالما ** وكنت بباطنه ذا فطن )
( سوى أن بابا عليه العفاء ** للفاء يا ليته لم يكن )
( وللواو باب إلى جنبه ** من المقت أحسبه قد لعن )
( إذا قلت هاتوا لما قيل ذا ** فلست بآتيك أو تأتين )
( بما نصبوه أبينوه لي ** فقالوا جميعا بإضمار أن )
( وما أن رأيت لها موضعا ** فأعرف ما قيل إلا بظن )
( فقد خفت يا بكر من طول ما ** أفكر في أمر أن أن أجن )
( قال أبو بكر ) يعني ببكر أبا عثمان المازي ( قال أبو العباس ) فبلغ ذلك المازني فقال والله ما أحسب أنه سألني قط فكيف أتعبني ( قال أبو العباس ) كان علي رضي الله تعالى عنه يأخذ البيعة على أصحابه فجعلوا يقولون نعام يريدون نعم فقال علي رضي الله عنه أن النعام والباقر في الصحراء لكثير ما لكم أبد لكم الله مني من هو شر لكم مني وأبدلني الله منكم من هو خير لي منكم ( قال أبو العباس ) قرأت على التوزي عن أبي عبيدة إملاء عليه قال مر حاتم بن عبد الله الطائي ببلاد عنزة فناداه أسير لهم يا أبا سفانة أكلني الإسار والقمل فقال له ويحك والله لقد أسأت بي إذ نوهت بي في غير بلاد قومي قال فنزل فشد نفسه في مكانه في القد وأطلقه حتى عرف مكانه ففدي فداء كثيرا ( قال ) وفي غير هذا الحديث أن امرأة آسره أتته والحي خلوف ببعير قد نيط وبشفرة فقالت له افصده فقام فنحره أو قال مرة أخرى فلثم في نحره فلطمته فقال ( لو غير ذات سوار لطمتني ) فقلت أمرتك أن تفصده فنحرته فقال ( ذلك فصدي أنه ) فبذلك عرف وقال أبو العباس مرة أخرى فقال ( هكذا فزدى أنه ) بالزاي وجعل الهاء بدل الألف في الوقف وهو الأصل وهي لغته فبذلك عرف وأنشدنا في مثل ذلك
( لا أفصد الناقة من أنفها ** لكنني أوجرها العاليه )


وأنشدنا أبو علي لجحظة كتب بها الى الوزير ابن مقلة وكانت عند أبي علي بخط جحظة كما كتب بها
( سلام عليكم من شييخ مقوس ** له جسد بال وعظم محطم )
( ألم يك في حق الندام وحرمة المدائح أن يحنى عليه ويرحم ** )
( ابا حسن أنصف فأنت محكم ** ولا تقربن الظلم فالظلم مظلم )
( أيصبح مثلي في جوارك ضائعا ** وحوضك للطراق بالجود مفعم )
( ووالله ما قصرت في شكر نعمة ** متنت بها قدما وذو العرش يعلم )
( قال ) وأخبرنا أبو عثمان الأشنانداني قال أخبرنا التوزي عن أبي عبيدة قال كان أبو دهبل الجمحى جميلا وضيا وكان عفيفا فخرج إلى الشام فنزل جيرون فجاءته عجوز فقالت أن ابنة لي وردها كتاب من حميم لها وليس عندها أحد يقرؤه فتدخل إليها في هذا القصر فتقرؤه فتحتسب الأجر فيها ففعل فدخل فأغلق الباب دونه وإذا امرأة في القصر رأته فأعجبها فدعته إلى نفسها فأبى فامرت حشمها فسجنوه في منزل من الدار ومنع من الطعام والشراب حتى كاد يهلك ثم أمرت به فأخرج ودعته إلى نفسها فأبى وقال أما الحرام فلا ولكن أن أردت أن أتزوجك فعلت فقالت نعم وأحسنت إليه حتى ردت له روحه فتزوجته ومنعته من الخروج حتى طال ذلك عليه ثم قال لها ذات يوم قد أثمت في ولدى وأهلي فأذني في أن أطالعهم وأرجع إليك فقالت لا أستطيع فراقك فعاهدها أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر وأعطته مالا كثيرا وغير ذلك فخرج حتى قدم على أهله بمكة فوجدهم قد نعي لهم واقتسم ولده ماله وزوجوا بناته ووجد زوجته لم تأخذ من ماله شيأ وبكت عليه حتى غمضت فقال لبنيه أما أنتم فخطكم ما أخذتم من مالي وقال لزوجته هذا المال لك فاصنعي به ما شئت وأقام عندها حتى قربت المدة ثم مضى إلى الشام فوجد زوجته الثانية قد ماتت حزنا عليه وأسفا لفراقه فقال فيها


( صاح حيا الإله حيا ودورا ** عند أصل القناة من جيرون )
( عن يساري إذا دخلت إلى الدار ** وإن كنت خارجا فيميني )
( فبتلك اغتربت بالشام حتى ** ظن أهلي مرجمات الظنون )
( وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ميزت من جوهر مكنون ** )
( وإذا ما نسبتها لم تجدها ** في سناء من المكارم دون )
( تجعل المسك واليلنجوج والند صلاء لها على الكانون ** )
( ثم ماشيتها إلى القبة الخضراء تمشي في مرمر مسنون ** )
( قبة من مراجل ضربتها ** قبل حد الشتاء في قيطون )
( ثم فارقتها على خير ما كان ** قرين مفارقا لقرين )
( فبكت خشية التفرق للبين بكاء الحزين إثر الحزين ** )
( فسلى عن تذكري واطمئني ** بايابي وإن هم عذلوني )
( قال أبو علي ) وهذا الشعر يروى لعبد الرحمن بن حسان وبه كان سبب أمر يزيد الأخطل بهجاء الأنصار وفيه أبيات ليست في شعر عبد الرحمن ( قال ) أبو بكر بن الأنباري قال بعض مشيختنا قال اسحق بن إبراهيم الموصلي كان أشعب فيمن يألف مصعب بن الزبير فغضبت عائشة بنت طلحة يوما على مصعب وكانت زوجته ومن أحب الناس إليه فشكا ذلك إلى أشعب فقال ما لي إن رضيت أصلح الله الأمير قال حكمك قال عشرة آلاف درهم قال ذلك لك فانطلق أشعب حتى أتاها فقال لها جعلت فداءك قد علمت حبي لك وميلي

إليك قديما وحديثا على غير منال أنلتنيه ولا فائدة أفدتنيها وهذه حاجة قد عرضت ترتهنين بها شكري وتقضين بها حقي بغير مرزية قالت وما هي قال قد جعل لي الأميران رضيت عنه عشرة آلاف درهم قالت ويحك لا يمكنني ذلك قال بأبي أنت وأمي أرضى عنه حتى يعطيني العشرة آلاف درهم ثم عودي إلى ما عودك الله من سوء خلقك فضحكت من كلامه ورضيت ( قال اسحق ) أتي ابن أبي مساحق بابن أخت له وقد أحبل جارية من جواري جيرانه فقال له يا عدو الله إذ ابتليت بالفاحشة فهلا عزلت قال جعلت فداءك بلغني أن العزل مكروه قال أفما بلغك أن الزنا حرام وأنشد اسحق
( يعلو بهم جدهم صاعدا ** وجدنا في رجله رهصه )
( قال أبو محلم ) سمعت جرير بن عبد الحميد ينشد
( أن اكتحالا بالبياض الأبرج ** ونظرا في الحاجب المزجج )
( مئنة من الفعال الأعوج ** )
( قال ابن حبيب ) قال هشام قولهم بنو الشهر الحرام قالت بنو عامر بن عوف هو مالك ابن عمير بن عامر بن بكر بن عامر بن عوف وكان أبي يقول الشهر الحرام وهو عبدود بن عوف ابن كنانة بن عوف بن عذرة وهم رهط هشام الكلبي وإنما سمى بذلك لأنه كان يحرم الشهر الحرام ( وقال التيمي ) أنشدنا أبو مسلمة الكلابي وقد باع جاريته نبأ من عثمان بن سجيم التاجر فقال له بعض أصحابه يا أبا مسلمة بعت نبأ فقال
( وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ** كرائم من رب بهن ضنين ** )
فبلغ أبا مصعب فاشتراها وردها على أبي مسلمة ( قال الأصمعي ) كان بين عمرو بن معد يكرب

وبين رجل من مراد يقال له أبي كلام فتنازعا في القسم فعجل عمرو وكانت فيه عجلة وكان عبد الله أخو عمر ورئيس قومه فجلس مع بني مازن رهط من سعد العشيرة وكانوا فيهم فقعد عبد الله يشرب ويسقيهم رجل يقال له المخزم من بني زبيد له مال وشرف وكان عبد من عبيد المخزم قائما يسقى القوم فسبه عبد الله وضربه فقام رجل نشوان من بني مازن فقتل عبد الله فرأس عمرو بعد أخيه وكان غزا غزوة فأصاب فيها ومعه أبي المرادي فادعى أنه كان مساند عمرو فأبى عمرو أن يعطيه فلما رجع عمرو من غزانة جاءت بنو مازن فقالوا قتله رجل منا سفيه ونحن يدك عليه وعضدك وإنما قتله سكران فنسألك بالرحم أن تأخذ الدية وتأخذ بعد ذلك ما أحببت فأخذ عمرو الدية وزادوه بعد ذلك أشياء كثيرة فغضبت أخت له تسمى كبشة وكانت ناكحا في بين الحرث بن كعب فقالت
( وأرسل عبد الله إذ حان يومه ** إلى قومه أن لا تخلوا لهم دمى )
( ولا تأخذوا منهم إفالا وأبكرا ** وأترك في بيت بصعدة مظلم )
( ودع عنك عمرا أن عمرا مسالم ** وهل بطن عمرو غير شبر لمطعم )
( فإن أنتم لم تقتلوا واتديتموا ** فمشوا بآذان النعام المصلم )
( ولا تشربوا الافضول نسائكم ** إذا أنهلت أعقابهن من الدم )
( جدعتم بعبد الله آنف قومه ** بني مازن أن سب ساقي المخزم )
فلما حضت كبشة أخاها عمرا أكب بالغارة عليهم وهم غارون فأوجع فيهم ثم إن بني مازن احتملوا فنزلوا في مازن بن مالك بن عمرو بن تميم فقال عمرو في ذلك
( تمنت مازن جهلا خلاطي ** فذوقي مازن طعم الخلاط )
( أطلت فراطكم عاما فعاما ** ودين المذحجي إلى فراط )
( أطلت فراطكم حتى إذا ما ** قتلت سراتكم كانت قطاط )
( غدرتم غدرة وغدرت أخرى ** فما إن بيننا أبدا يعاط )


( بطعن كالحريق إذا التقينا ** وضرب المشرفية في الغطاط )
( قال أبو علي ) في كتاب الخيل لأبي عبيدة أنشد أبو عبيدة لعبد الغفار الخزاعي هذه الأبيات وذكر أن عروضها لا تخرج
( ذاك وقد أذعر الوحش بصلت الخد رحب لبانه مجفر ** )
( طويل خمس قصير أربعة ** عريض ست مقلص حشور )
( حدت له تسعة وقد عريت ** تسع ففيه لمن رأى منظر )
( بعيد عشر وقد قربن له ** عشر وقد طالت ولم تقصر )
( نقفيه بالمحض دون ولدتنا ** وعضه في آرية ينشر )
( نصبحه تارة ونغبقه ** ألبان كوم روائم ظؤر )
( حتى شتا عندنا يقال ألا ** تطوون من بدنه وقد أضمر )
( موثق الخلق جرشع عتد ** منضرج الحضر حين يستحضر )
( خاظى الحماتين لحمه زيم ** نهد شديد الصفاق والأبهر )
( رقيق خمس غليظ أربعة ** نائي المعدين لين أشعر )
( قال أبو عبيدة ) يعني بقوله طويل خمس أي طويل نصيل الرأس طويل الأذنين طويل العنق والكتفين طويل البطن من غير أن تقرب إلى الأرض طويل الأقراب طويل الناصية طويل الذراعين طويل الرجلين فهذا ما يستحب من الفرس أن يطول وذكر هذا الشاعر منها خمسا وقوله قصير أربعة أي قصير الأرساغ قصير عسيب الذنب قصير النضي قصير الكراعين قصير الأطرة وهي عصبة فوق الصفاق فهذا ما يستحب أن يقصر من الفرس وهن عشر وذكر هذا الشاعر منهن أربعا وقال عريض ست أي عريض الجبهة عريض اللبان عريض المحزم عريض الفخذين عريض وظيفي الرجلين عريض مثنى الأذنين فهذا ما يستحب أن يعرض من الفرس وهن تسع وذكر هذا الشاعر

منهن ستا وقوله حدث له تسعة أي حديد الأذنين حديد المنكبين حديد العينين حديد القلب حديد عرقوبي الرجلين حديد المنجمين وهما عظمان في الكعبين متقابلان في باطنهما حديد الكتفين فهذا ما يستحب أن يحد من الفرس وهن ثلاث عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله وقد عريت تسع أي عارى النواهق عاري السموم عاري الخدين عاري الجبهة عاري مثنى الأذنين عاري الكعبين عارى عصب اليدين عارى عصب الرجلين فهذا ما يستحب أن يعرى من الفرس وهن خمس عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله تسع كسين أي مكتسى الكتفين مكتسى المعدين مكتسى الناهضين مكتسى الفخذين مكتسى الكاذتين مكتسى أعلى الحماتين فهذا ما يستحب أن يكتسى من الفرس وهن اثنتا عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله بعيد عشر بعيد ما بين العينين بعيد ما بين الحجفلة والناصية بعيد ما بين الأذنين والعينين بعيد ما بين أعالي اللحيين بعيد ما بين الناصية والعكوة بعيد ما بين الحارك والمنكب بعيد ما بين العضدين والركبتين بعيد ما بين البطن والرفغين بعيد ما بين الحجبتين والجاعرتين بعيد ما بين الشراسيف فهذا ما يستحب أن يبعد ما بينهما من الفرس وذكر هذا الشاعر منهن عشرا ولم يعد البين أعني بين كل شيئين فيكن ستا ولكنه عد كل اثنين تباعدا وقوله وقد قربن له عشر أي قريب ما بين المنخرين قريب ما بين الأذنين قريب ما بين المنكبين قريب ما بين الرفغين قريب ما بين الركبتين والجنبين قريب ما بين الجبب والأشاعر قريب ما بين الحارك والقطاة قريب ما بين المعدين والقصريين قريب ما بين الجاعرتين والعكوة قريب

ما بين الثفنتين والكعبين قريب ما بين صبي اللحيين فهذا ما يستحب أن يقرب من الفرس وإن عددت البين وجدت أحد عشر بينا وإن عددت ما قرب منها فهن ثنتان وعشرون وذكر هذا الشاعر منهن عشرا وقوله طويل خمس جاء تفسيرهن ستة عشرة عضوا وقد تقدم ذكره وقوله رقيق خمس أي رقيق الحجافل رقيق الأرنبة رقيق عرض المنخرين رقيق الجفون رقيق الحاجبين رقيق الأذنين رقيق الخدين رقيق الشعر رقيق الجلد رقيق شعر الثنن رقيق شعر الركبتين رقيق الخصل فهذا ما يستحب أن يرق من الفرس وهن سبع عشرة وقد ذكر هذا الشاعر منهن خمسا وقوله غليظ أربعة أي غليظ الخلق غليظ القوائم غليظ القصرة غليظ عكوة الذنب وقد أرحب منه أي رحب الشدقين رحب المنخرين رحب الإهاب رحب الجوف رحب العجان رحب اللبان فهذا ما يستحب أن يرحب من الفرس وهن تسع وذكر الأسدي في قوله وفيه من الطير خمس ثم فسر الخمس في البيت الثاني فقال
( غرابان فوق قطاة له ** ونسر ويعسو به قديرا )
وفي الفرس من أسماء الطير ثمانية عشر اسما العصفور وهو عظم ناتئ في كل جبين وهو أيضا من الغرر إذا دق وهو أصل منبت الناصية وهو الدماغ بعينه والنعامة وهي الجلدة التي تغطي الدماغ والذباب وهي النكتة الصغيرة التي في العين ومنه البصر وجمعه أذبة وذبان وهو إنسان العين أيضا والسحاءة وهي الخفاش أحد السحاءتين وهما عظيمان صغيران في أصل اللسان والصرد عرق أخضر في أصل اللسان من أسفله وهما صردان والصرد أيضا بياض يكون في الظهر من أثر الدبر في موضع السرج يقال فرس

صرد إذا كان ذلك به والفراشة عظم يتفتت في الرأس وجمعها فراش وهي عظام رقاق طراق بعضها على بعض كالقشر وهي أيضا ما بين لهواته عند أصل لسانه وهي في الكتفين ما شخص من فروع الكتفين إلى أصل العنق إلى مستوى الظهر والحمامة القص وهو من الرهابة إلى منقطع أصل الفهدتين والسمامة وجمعها سمائم وسمام وهي ما رق عن صلابة العظم في الوجه والسمامة أيضا الدارة التي في سالفة العنق
والناهض وهما ناهضان والجمع نواهض وأنهض وهو اللحم الذي يلي العضدين من أعلاهما المجتمع والقطاة ما بين ا لحجبتين والوركين وهو مقعد الردف خلف الفارس والجميع قطا والغراب أحد الغرابين وهما ملتقى أعالي الوركين والقطاة بينهما على العجز وقال قوم أنهما فروع كتفي الوركين السفليين إلى الفخذين
والغراب ما ارتفع من أصل الذنب والخرب في الصدر وهو الرحبيان وهو أعالي غضون الفهدتين إلى أسفل المنكبين مما يلي اللبان والنسر وجمعه النسور وهو ما ارتفع عن بطن الحافر من أعلاه كأنه النوى والحصى والزرق وهو في الشية الشعرات البيض في اليد أو في الرجل والدخل وهو لحم الفخذين وأنشد إذا تحجبن بزهر دخله واليعسوب في الشية وهو أن تكون الغرة على قصبة الأنف أعلى من الرثم منقطعة فوقه ويقال أنه كل بياض على قصبة الأنف عرض أو اعتدل ثم ينقطع قبل أن يساوي أعلى المنخرين وإن ارتفع على قصبة الأنف وعرض واعتدل حتى يبلغ أسفل الخليقاء قل أو كثر ما لم يبلغ العينين والهامة والصقر ( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر حدثني البصري المسمعي قال حدثني عبد الملك بن مروان التميمي تيم بكر قال حدثنا محمد بن الفضل الأنصاري عن سلمة بن ثابت عن هشام بن حسان قال قلت للحسن البصري يزعم ا لناس أنك تبغض عليا قال أنا أبغض عليا كان سهما صائبا من مرامي الله عز وجل رباني هذه الأمة وذا فضلها وشرفها وذا قرابة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج فاطمة الزهراء وأبا الحسن والحسين لم

يكن بالسروقة لمال الله ولا بالنؤومة في أمر الله ولا بالملولة لحق الله أعطى القرآن عزائمه وعلم ماله فيه وما عليه حتى قبضه الله إليه ففاز برياض مونقه وأعلام مشرقه أتدري من ذاك ذاك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول ولم يقله إن شاء الله بغيا ولا تطاولا ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني قال الأصمعي وأنا لم أر بعد أبي عمرو وأعلم مني قال أبو حاتم وكان كثيرا ما يقول لي يا بني إن طفئت شحمة عيني هذه يومئ إلى عينه لم تر مثلي وربما قال لم تر أحدا يشفيك من هذا الحرف أو هذا البيت ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال عمي سمعت يونس بن حبيب يقول كان المنذر بن ماء السماء جد النعمان بن المنذر ينادمه رجلان من العرب خالد بن المضلل وعمرو بن مسعود الأسديان وهما اللذان عناهما الشاعر بقوله
( ألا بكر الناعي بخيرى بني أسد ** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد )
فشرب ليلة معهما فراجعاه الكلام فأغضباه فأمر بهما فقتلا وجعلا في تابوتين ودفنا بظاهر الكوفة فلما أصبح وصحا سأل عنهما فأخبر بذلك فندم وركب حتى وقف عليهما فأمر ببنيان الغريين وجعل لنفسه في كل سنة يومين يوم بؤس ويوم نعيم فكان يضع سريره بيتهما فإذا كان في يوم نعيمه فأول من يطلع عليه وهو على سريره يعطيه مائة من إبل الملوك وأول من يطلع عليه في يوم بؤسه يعطيه رأس ظربان ويأمر به فيذبح ويغرى بدمه الغريان فلم يزل كذلك ما شاء الله فبينا هو ذات يوم من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص قال له الملك ألا كان الذبح غيرك يا عبيد فقال عبيد ( أتتك بحائن رجلاه ) فقال له الملك أو أجل قد بلغ إناه ثم قال يا عبيد أنشدني فقد كان يعجبني شعرك فقال حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبيين قال أنشدني


( أقفر من أهله ملحوب ** فالقطبات فالذنوب )
فقال
( أقفر من أهله عبيد ** فاليوم لا يبدي ولا يعيد )
( عنت له معنة نكود ** وحان له منها ورود )
فقال أنشدني هبلتك أمك فقال ( المنايا على الحوايا ) فقال بعض القوم أنشد الملك هبلتك أمك فقال ( لا يرحل رحلك من ليس معك ) فقال له آخر ما أشد جزعك من الموت فقال
( لا غرو من عيشة نافده ** وهل غير ماميتة واحده )
( فأبلغ بني وأعمامهم ** بأن المنايا هي الراصده )
( لها مدة فنفوس العباد ** إليها وإن كرهت قاصده )
( فلا تجزعوا لحمام دنا ** فللموت ما تلد الوالده )
فقال له المنذر لا بد من الموت ولو عرض لي أبي في هذا اليوم لم أجد بدا من ذبحه فأما إذا كنت لها وكانت لك فاختر من ثلاث خصال إن شئت من الأكحل وإن شئت من الأبجل وإن شئت من الوريد فقال ثلاث خصال مقادها شر مقاد وحاديها شر حاد ولا خير فيها لمرتاد فإن كنت لا بد قاتلي فاسقني الخمر حتى إذا ذهلت لها ذواهلي وماتت لها مفاصلي فشأنك وما تريد فأمر المنذر له بحاجته من الخمر فلما أخذت منه وقرب ليذبح أنشأ يقول
( وخيرني ذو البؤس في يوم بؤسه ** خلالا أرى في كلها الموت قد برق )
( كما خيرت عاد من الدهر مرة ** سحائب ما فيها الذي خيرة أنق )
( سحائب ريح لم توكل ببلدة ** فتتركها إلا كما ليلة الطلق )
وأمر به فقصد فلما مات طلي بدمه الغريان وحدثنا أبو بكر عن أبي عثمان عن التوزي

عن أبي عبيدة قال قال حذيفة بن اليمان ما خلق الله عز وجل شيأ إلا صغيرا ثم يكبر إلا المصيبة فإنه خلقها كبيرة ثم تصغر ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عمي عن أبيه قال سئل ابن الكلبي عن قول عبد الله بن الزبعرى
( ألا لله قوم ** ولدت أخت بني سهم )
قال هي ريطة بنت سعيد بن سهم وكان بنوها ثمانية هاشم بن المغيرة وكان أكبر القوم وهو جد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من قبل أمه حنتمة بنت هاشم وهشام ابن المغيرة ومهاشم ومهشم جميعا واحد وهو أبو حذيفة وأبو أمية بن المغيرة وهو زاد الركب وأبو ربيعة بن المغيرة وهو ذو الرمحين جد عمر بن أبي ربيعة الشاعر وعبد الله بن المغيرة وخراش بن المغيرة والفاكه بن المغيرة ولم يسلم منهم غيره وهو شيخ كبير يومئذ أعمى فقال ابن الزبعري
( ألا لله قوم ولدت ** أخت بني سهم )
( هشام وأبو عبد ** مناف مدره الخصم )
( وذو الرمحين أشباك ** من القوة والحزم )
( يكن القول في المجلس أو ينطق عن حكم ** )
( فهذان يذودان ** وذا من كثب يرمي )
( أسود تزدهي الأقران ** مناعون للهضم )
( وهم يوم عكاظ منعوا الناس من الهزم ** )
( بجأواء طحون فخمة القونس كالنجم ** )
( فإن أحلف ببيت الله لا أحلف عن إثم ** )
( ما إن إخوة بين ** قصور الشام والردم )


( كأمثال بني ريطة من عرب ولا عجم ** )
( قال ) وأخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال أبعد قبور اخوة على الأرض قبور بني أم الفضل الهلالية أم ولد العباس بن عبد المطلب واحد بالمدينة وآخر بالطائف وآخر بالشام مات في طاعون عمواس بالشام في سلطان عمر رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن العباس الحبر دفن بالطائف وصلى عليه محمد بن علي رضي الله تعالى عنه وآخر بإفريقية وآخر بسمرقند والفضل بن العباس رضي الله تعالى عنه رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم مات في طاعون عمواس بالشام وعبيد الله بن العباس الجواد مات بالمدينة وقثم بن العباس شبيه النبي صلى الله عليه وسلم مات بسمرقند زمن معاوية في إمارة سعيد بن عثمان وعبد الرحمن بن العباس قتل بإفريقية زمن عمر رضي الله تعالى عنه أمهم أم الفضل الهلالية وهي لبابة بنت الحرث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة
( قال ) وأخبرنا الأشنانداني عن التوزي قال كان للخليل بن أحمد صديق يكنى أبا المعلى مولى لبني يشكر وكان أصلع شديد الصلع فبينا هو والخليل جالسان عند قصر أوس إذا مرت بهما امرأة يقال لها أم عثمان من ولد المعارك بن عثمان ومعها بنات لها فقال أبو المعلى للخليل يا أبا عبد الرحمن ألا نكلم هذه المرأة قال ويحك لا تفعل فإنهن أعد شيء جوابا والقول إلى مثلك يسرع فجلسن يتروحن فقال لأمهن يا أمة الله ألك زوج قالت لا والله ولا لواحدة منا قال فهل لكن في أزواج قالت وددنا والله قال فأنا أتزوجك ويتزوج هذا إحدى بناتك فقالت له أما أنت فقد اتبلاك الله ببلاءين أما أحدهما فإنه قد قرع راسك بمسحاة وجعل لك عقصة في قفاك بيضاء فكأنما صارت في قفاك نخامة فبلغ من نوكك أنك خضبتها بحمرة فلو كنت إذا ابتليت خضبت بسواد فغطيت عوارك هذا الذي أبداه منك ثم قالت له أظنك من رهط الأعشى فقال لها أبو المعلى أنا مولى لبني يشكر قالت أفتروي بيت الأعشى


( وأنكرتني وما كان الذي نكرت ** من الحوادث إلا الشيب والصلعا )
فما بقي بعد هذا إلا الموت هزالا ثم التفتت إلى الخليل فقالت من أنت يا عبد الله فقال أنا الخليل بن أحمد كفي رحمك الله فقد والله نهيته عن كلامك وحذرته هذا قالت أما إنك قد نصحت له أما علم هذا الأحمق أن النساء يخترن من الرجال المسحلاني المنظراني المخبراني الغليظ القصره العظيم الكمره الذي إذا طعن فأصاب حفر وإذا أخطأ قشر وإذا أخرجه عقر قال فضحك الخليل ثم قامت المرأة ومعها بناتها يتهادين فتمثل أبو المعلى بقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي
( فتهادين وانصرفن ثقال الحقائب ** )
فقالت يا أحمق أما تدري ما قال الشاعر في قومك قال لا فقالت قال
( ويشكر لا تستطيع الوفاء ** وتعجز يشكر أن تغدرا )
وإني أقسم بالله لو كان لكل واحدة منا من الأحراج بعدد ما أهدى مالك العكلى إلى عمرة بنت الحرث النميري ما أعطيناك ولا صاحبك منها شيأ فقال الخليل نشدتك بالله كم كانت الهدية التي أهداها العكلي إلى النميرية قالت له أراك حاذقا بالتجميش قليل الرواية للشعر ثم أنشدته قول العكلي
( هديتي أخت بني نمير ** لحرك يا عمرة ألف عير )
( في كل عير ألف كر أير ** )
قال فقال الخليل إما إنه قد قصر أفلا جعل لإستها بعض الهدية ولم يدعها فارغة قالت قد أشفق على هديته أن تحترق أمل تر وبيت جرير حيث يقول
( ولو وضعت فقاح بني نمير ** على خبث الحديد إذا لذابا )
فقال الخليل لأبي المعلى
( نصحتك يا محمد أن نصحي ** رخيص يا رفيقي للصديق )


( فلم تقبل وكم من نصح ود ** أضيع فحاد عن وضح الطريق )
قال ثم انصرفت المرأة وبقي الخليل وأبو المعلى متعجبين منها ومن ذرابة لسانها وسرعة جوابها ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم قال حدثنا العتبي ومحمد بن سلام كلاهما قالا كانت قريش تجارا وكانت تجارتهم لا تعدو مكة إنما تقدم عليهم الأعاجم بالسلع فيشترونها منهم ثم يتبايعونها بينهم ويبعنونها على من حولهم من العرب فكانوا كذلك حتى ركب هاشم بن عبد مناف إلى الشام فنزل بقيصر فكان يذبح كل يوم شاة ويصنع جفنة ثريد ويجمع من حوله فيأكلون وكان هاشم من أجمل الناس وأتمهم فذكر ذلك لقيصر فقيل له ههنا رجل من قريش يهشم الخبز ثم يصب عليه المرق ويفرغ عليه اللحم وإنما كانت العجم تصب المرق في الصحاف ثم تأتدم بالخبز فدعا به قيصر فلما رآه وكلمه أعجب به فكان يبعث إليه في كل يوم فيدخل عليه ويحادثه فلما رأى نفسه تمكن عنده قال له أيها الملك إن قومي تجار العرب فإن رأيت أن تكتب لي كتابا تؤمن تجارتهم فيقدموا عليك بما يستطرف من أدم الحجاز وثيابه فتباع عندكم فهو أرخص عليكم فكتب له كتاب أمان لمن يقدم منهم فأقبل هاشم بذلك الكتاب فجعل كلما مر بحي من العرب بطريق الشام أخذ من أشرافهم ايلافا والأيلاف أن يأمنوا عندهم في أرضهم بغير حلف إنما هو أمان الطريق وعلى أن قريشا تحمل إليهم بضائع فيكفونهم حملانها ويؤدون إليهم رؤس أموالهم وربحهم فأصلح هاشم ذلك الإيلاف بينهم وبين أهل الشام حتى قدم مكة فأتاهم بأعظم شيء أتوابه بركة فخرجوا بتجارة عظيمة وخرج هاشم معهم يجوزهم يوفيهم إيلافهم الذي أخذ لهم من العرب حتى أوردهم الشام وأحلهم قراها ومات في ذلك السفر بغزة وخرج المطلب بن عبد مناف إلى اليمن فأخذ من ملوكهم عهدا لمن تجر إليهم من قريش وأخذ الإيلاف كفعل هاشم وكان المطلب أكبر ولد عبد مناف وكان يسمى الفيض وهلك بردمان من اليمن وخرج عبد

شمس بن عبد مناف إلى الحبشة فأخذ إيلافا كفعل هاشم والمطلب وهلك عبد شمس بمكة فقبره بالحجون وخرج نوفل بن عبد مناف وكان أصغر ولد أبيه فأخذ عهدا من كسرى لتجار قريش وإيلافا ممن مر به من العرب ثم قدم مكة ورجع إلى العراق فمات بسلمان واتسعت قريش في التجارة في الجاهلية وكثرت أموالها فبنو عبد مناف أعظم قريش على قريش منة في الجاهلية والإسلام ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم قال لما قتل عبد الله بن علي بني أمية بنهر أبي فطرس بعث إلي قال قد خلت عليه فإذا قت لى مصر وعين والخراسانية بين يديه بأيديهم الكافر كوبات فقال لي ما تقول في مخرجنا هذا قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه قال فما تقول في هؤلاء القتلى قلت ومن هؤلاء قال بنو أمية قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد احصان أو قتل نفس بغير نفس وتشاغل عني فخرجت وطلبني فحال الله بيني وبينه أنه على كل شيء قدير وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال حدثني أبي قال اجتمعت عند خالد بن عبد الله القسري فقهاء الكوفة وفيهم أبو حمزة الثمالي فقال خالد حدثونا بحديث عشق ليس فيه فحش فقال أبو حمزة أصلح الله الأمير بلغني أنه ذكر عند هشام بن عبد الملك غدر النساء وسرعة تزويجهن بعد انقضاء عدتهن فقال هشام أنه ليبلغني من ذلك العجب فقال بعض جلسائه أنا أحدثك يا أمير المؤمنين عما بلغني عن امرأة من بني يشكر كانت عند ابن عم لها فمات عنها بعد مسئلته إياها عما تريد أن تصنع بعده فأخذ العهود عليها في ذلك وكان اسمه غسان بن جهضم بن العذافر وكان اسم ابنة عمه أم عقبة بنت عمرو بن الأبجر وكان لها محبا وكانت له كذلك فلما حضره الموت وظن أنه مفارق الدنيا قال ثلاثة أبيات ثم قال اسمعني يا أم عقبة ثم أجيبي فقد تاقت نفسي إلى مسألتك عن نفسك فقالت والله لا أجيبك بكذب ولا أجعله آخر حظي منك فقال


( أخبري بالذي تريدين بعدي ** ولاذي تضمرين يا أم عقبة )
( تحفظيني من بعد موتي لما قد ** كان مني من حسن خلق وصحبه )
( أم تريدين ذا جمال ومال ** وأنا في التراب في سحق غربه )
فأجابته تقول
( قد سمعت الذي تقول وما قد ** يا ابن عمي تخاف من أم عقبه )
( أنا من أحفظ النساء وأرعاه ** لما قد أوليت من حسن صحبه )
( سوف أبكيك ما حييت بنوح ** ومراث أقولها وبندبه )
فلما سمع ذلك أنشأ يقول
( أنا والله واثق بك لكن ** احتياطا أخاف غدر النساء )
( بعد موت الأزواج يا خير من عوشر ** فارعي حقي بحسن الوفاء )
( إنني قد رجوت أن تحفظي العهد فكوني أن مت عند الرجاء ** )
ثم أخذ عليها العهود واعتقل لسانه فلم ينطق بحرف حتى مات فلم تمكث بعده إلا قليلا حتى خطبت من كل وجه ورغب فيها الأزواج لإجتماع الخصال الفاضلة فيها فقالت مجيبة لهم
( سأحفظ غسانا على بعد داره ** وأرعاه حتى نلتقي يوم نحشر )
( وإني لفي شغل عن الناس كلهم ** فكفوا فما مثلي بمن مات يغدر )
( سأبكي عليه ما حييت بدمعه ** تجول على الخدين مني فتهمر )
ولما تطاولت الأيام والليالي تناست عهده ثم قالت من مات فقد فات فاجابت بعض خطابها فتزوجها فلما كانت الليلة التي أراد الدخول بها فيها أتاها غسان في منامها وقال
( غدرت ولم ترعى لبعلك حرمة ** ولم تعرفي حقا ولم تحفظي عهدا )
( ولم تصبري حولا حفاظا لصاحب ** حلفت له بتا ولم تنجزي وعدا )


( غدرت به لما ثوى في ضريحه ** كذلك ينسى كل من سكن اللحدا )
فلما سمعت هذه الأبيات انتبهت مرتاعة كأن غسان معها في جانب البيت وأنكر ذلك من حضر من نسائها فأنشدتهن الأبيات فأخذن بها في حديث ينسينها ما هي فيه فقالت لهن والله ما بقى لي في الحياة من أرب حياء من غسان فتغفلتهن فأخذت مدية فلم يدركنها حتى ذبحت نفسها فقالت امرأة منهن هذه الأبيات
( لله درك ماذا ** لقيت من غسان )
( قتلت نفسك حزنا ** يا خيرة النسوان )
( وفيت من بعد ما قد ** هممت بالعصيان )
( وذو المعالي غفور ** لسقطة الإنسان )
( إن الوفاء من الله لم يزل بمكان ** )
فلما بلغ ذلك المتزوج بها قال ما كان فيها مستمتع بعد غسان فقال هشام بن عبد الملك هكذا والله يكون الوفاء ( قال أبو بكر ) وأنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لإبن ميادة المري
( حمراء منها ضخمة المكان ** ساطعة اللبة والجران )
( كأنها والشول كالشنان ** تميس في حلة أرجوان )
( لو جاء كلب معه كلبان ** أو لاعب في كفه دفان )
( وزافنان ومغنيان ** ما برحت أعظمها الثماني )
يعني قوائمها كما قال الآخر يصف ناقة طيبة النفس عند الحلب
( طوت أربعا منها على ظهر أربع ** فهن بمطوياتهن ثمان ) وكما قال الآخر


( نعوس لو أن الدف يضرب حولها ** لتنحاش عن قاذورة لم تناكر )
( قال أبو علي ) وأنشدنا جحظة قال أنشدني أبو عبد الله بن حمدون عن الزبير رحمه الله
( هجرتك لما أن هجرتك أصبحت ** بنا شمتا تلك العيون الكواشح )
( فلا يفرح الواشون بالهجر ربما ** أطال المحب الهجر والجيب ناصح )
وأنشدني لأعرابي يكنى بأبي الخيهفعى
( هجرت مشيمة فالفؤاد قريح ** ودموع عينك في الرداء سفوح )
( ولقد جرى لك يوم سرحة رابغ ** فيما يعيف سانح وبريح )
( أهوى القوادم بالبياض ملمع ** قلق المراتع بالفراق يصيح )
( حسن إلي حديث من أحببته ** وحديث ذي الشنآن منه قبيح )
( الحب أبغضه إلي ستيره ** صرح بذاك فراحة تصريح ) ( وقال ) قال الشنفرى
( أقيموا بني أمي صدور مطيكم ** فإني إلى أهل سواكم لأميل )
( فقد حمت الحاجات والليل مقمر ** وشدت لطياتي مطايا وأرحل )
( وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ** وفيها لمن خاف القلى متعزل )
( لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ ** سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل )
( ولي دونكم أهلون سيج عملس ** وأرقط زهلول وعرفاء جيأل )
( هم الرهط لا مستودع السر شائع ** لديهم ولا الجاني بما جر يخذل )


( وكل أبي باسل غير أنني ** إذا عرضت أولى الطرائد أبسل )
( وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ** بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل )
( وماذاك إلا بسطة عن تفضل ** عليهم وكان الأفضل المتفضل )
( وإني كفاني فقد من ليس جازيا ** بحسنى ولا في قربه متعلل )
( ثلاثة أصحاب فؤاد مشيع ** وأبيض إصليت وصفراء عيطل )
( هتوف من الملس الحسان يزينها ** رصائع قد نيطت عليها ومحمل )
( إذا زل عنها السهم حنت كأنها ** مرزأة ثكلى ترن وتعول )
( ولست بمهياف يعشي سوامه ** مجدعة سقبانها وهي بهل )
( ولا جبا أكهى مرب بعرسه ** يطالعها في شأنه كيف يفعل )
( ولا خالف دارية متغزل ** بروح ويغدو داهنا يتكحل )
( ولست بعل شره دون خيره ** ألف إذا ما رعته أهتاج أعزل )
( ولست بمحيار الظلام إذا نحت ** هدى الهوجل العسيف يهماء هوجل )
( إذا الأمعز الصوان لاقى مناسمى ** تطاير منه قادح ومفلل )
( أديم مطال الجوع حتى أميته ** وأضرب عنه الذكر صفحا فأذهل )
( وأستف ترب الأرض كي لا يرى له ** علي من الطول أمرؤ متطول )
( ولولا اجتناب الذام لم يبق مشرب ** يعاش به إلا لدي ومأكل )
( ولكن نفسا حرة لا تقيم بي ** على الضيم إلا ريث ما أتحول )


( وأطوي على الخمص الحوايا كما انطوت ** خيوطة ماري تغار وتفتل )
( وأغدوا على القوت الزهيد كما غدا ** أزل تهاداه التنائف أطحل )
( غدا طاويا يعارض الريح هافيا ** يخوت بأذناب الشعاب ويعسل )
( فلما لواه القوت من حيث أمه ** دعا فأجابته نظائر نحل )
( مهلهلة شيب الوجوه كأنها ** قداح بكفي ياسر تتقلقل )
( أو الخشرم المبعوث حثحث دبره ** محا بيض رداهن سام معسل )
( مهرتة فوه كأن شدوقها ** شقوق العصي كالحات وبسل )
( فضج وضجت بالبراح كأنها ** وإياه نوح فوق علياء ثكل )
( وأغضى وأغضت وأتسى وأتست به ** أرامل عزاها وعزته أرمل )
( شكا وشكت ثم أرعوى بعد وارعوت ** وللصبر إن لم ينفع الشكو أجمل )
( وفاء وفاءت بادرات وكلها ** على نكط مما يكاتم مجمل )
( وتشرب أساري القطا الكدر بعدما ** سرت قربا أحشاؤها تتصلصل )
( هممت وهمت وابتدرنا وأسدلت ** وشمر مني فارط متمهل )
( فوليت عنها وهي تكبوا لعقره ** يباشره منها ذقون وحوصل )
( كأن وغاها حجرتيه وحوله ** أضاميم من سفلى القبائل نزل )
( توافين من شتى إليه فضمها ** كما ضم أذواد الأصاريم منهل )
( فعبت غشاشا ثم مرت كأنها ** مع الصبح ركب من أحاظة مجفل )
( وآلف وجه الأرض عند افتراشها ** بأهدأ تنيبه سناسن قحل )
( وأعدل منحوضا كأن فصوصه ** كعاب دحاها لاعب فهي مثل )
( فإن تبتئس بالشنفرى أم قصطل ** لما اغتبطت بالشنفري قبل أطول )
( طريد جنايات تياسرن لحمه ** عقيرته لإيها حم أول )


( تبيت إذا ما نام يقظى عيونها ** حثاثا إلى مكروهة تتغلغل )
( وإلف هموم ما تزال تعوده ** عيادا كحمى الربع أو هي أثقل )
( إذا وردت أصدرتها ثم إنها ** تثوب فتأتي من تحيت ومن عل )
( فإما تريني كابنة الرمل ضاحيا ** على رقبة أحفى ولا أتنعل )
( فإني لمولى الصبر أجتاب بزه ** على مثل قلب السمع والحزم أفعل )
( وأعدم أحيانا وأغنى وإنما ** ينال الغنى ذو البعدة المتبذل )
( فلا جزع لخلة متكشف ** ولا مرح تحت الغنى أتخيل )
( ولا تزدهي الأجهال حلمي ولا أرى ** سؤولا بأعقاب الأحاديث أنمل )
( وليلة نحس يصطلي القوس ربها ** وأقطعه اللائي بها يتنبل )
( دغست على بغش وغطش وصحبتي ** سعار وإرزيز ووجر وأفكل )
( فأيمت نسوانا وأيتمت إلدة ** وعدت كما أبدأت والليل أليل )
( فأصبح عني بالغميصاء جالسا ** فريقان مسؤل وأخر يسأل )
( فقالوا لقد هرت بليل كلابنا ** فقلت أذئب عس أم عس فرعل )
( فلم يك الأنبأة ثم هومت ** فقلنا قطاة ريع أم ريع أجدل )
( فإن يك من جن لأبرح طارقا ** وإن يك إنساما كها الإنس يفعل )
( ويوم من الشعرى يذوب لوابه ** أفاعيه من رمضائه تتململ )


( نصبت له وجهي ولا كن دونه ** ولا ستر إلا الأتحمي المرعبل )
( وضاف إذا هبت له الريح طيرت ** لبائد عن أعطافه ما ترجل )
( بعيد بمس الدهن والفلى عهده ** له عبس عاف من الغسل محول )
( وخرق كظهر الترس قفر قطعته ** بعاملتين ظهره ليس يعمل )
( فألحقت أولاه بأخراه موفيا ** على قنة أقعى مرارا وأمثل )
( ترود الأراوى الصحم دوني كأنها ** عذارى عليهن الملاء المذيل )
( ويركدن بالآصال حولي كأنني ** من العصم أدفى ينتحي الكيح أعقل )
وأنشد لجرير بن الغوث أحد بني كنانة بن القين مخضرم
( طرقت سوية من بعيد بعدما ** كادت حبالك يا سوي تقضب )
( جاءت تمايل في المطارف بادنا ** والخطو منقطع المطا متهيب )
( فسألتها أنى اهتدت لرحالنا ** أم كيف آبك طيفها المتأوب )
( فثنت بسالفة كأن سموطها ** في جيد آلفة الرياض تضرب )
( وتبسمت بفم شنيب نبته ** كالأقحوان له ندى يتصبب )
( عذب الرضاب لو أنه يشفى به ** وصب لأدرك شكوه المتوصب )
( نظرت إليك من الطراف كأنما ** يعطو لصوتك شادن متربب )
( عجبا لتيلك نظرة ولراقب ** غير أن يرهبه الوعيد فيرهب )
( نظرت فكاد يشاب شر بيننا ** ولربما يجني الدلال ويأشب )
( اخترت عن خبر يزيد فضافني ** همي فكان إلى يزيد المرغب )
( فإليك تختضع المطي كأنها ** عوج القسي الماسخية تشسب )
( وردت نطاف فلم تجد بللا بها ** قد كان أذهبه سموم صيهب )
( حتى دفعن إلى يزيد ولم يكن ** ليروع طالبه السنيح الأعضب )


( بعث البشير وكان ولد بليلة ** ميمونة ولقاه يوم طيب )
( فدعا له الخلفاء لما بشروا ** كيما يرى قمرا ينير ويحجب )
( ملكا فلم تر غير عام واحد ** حتى مضت لك شرطتان وموكب )
( شربت قريش سؤره ورضوا به ** ورجوا منازله العلى فتذبذبوا )
( لك فوق من يطأ الحصى أكرومة ** فأفخر بفضل يا يزيد يغلب )
( بيتان قد فرعا البيوت بناهما ** أبواك حيث تنجب المتنجب )
( ما مثل أمكما التي ولدتكما ** أما ولا كأبيكما ملكا أب )
( نزلا بكم وسط السماء فلم يكن ** مثل الذي نزلا منازل تطلب )
( هدم الحصون من العدو وحصنه ** بالأمن مرتفع المناكب مصعب )
( أفق ترى راياته من فوقه ** كالطير تحنو مرة وتقلب )
( قال أبو علي ) قال لي أبو بكر بن دريد يقال ألاح الرجل على الرجل يليح إذا جزع عليه وأنشد
( وقد رابنى من صاحبي أن صاحبي ** يليح عن قرصى ويبكي على جمل )
( فلو كنت عذري العلاقة لم تبت ** بطينا وأنساك الهوى شدة الأكل )
( قال ) إنما قال عذري الهوى لأن العشق في بني عذرة كثير ويليح يذهب به ويليح يشفق ( قال ) ويقال ( أشباك بفلان ) كما يقال حسبك بفلان وأنشد
( وذو الرمحين أشباك ** من القوة والحزم )
قال ويقال ( بسل ) في معنى آمين يحلف الرجل ثم يقول بسل والبغز بالزاي النشاط للإبل قال الشاعر
( تخال باغزها بالليل مجنونا ** ) والحنج الأصل يقال

فلان في حنج صدق أي في أصل كرم والدعبوب الطريق الدارس وأنشد
( وكل قوم وإن طالت سلامتهم ** يوما طريقهم في الشر دعبوب )
والدعبوب حب أسود يختبز في الجدب وقالوا رجل دعبوب أي ضعيف والدعبوب نمل ويقال حضنهم بمعنى منعهم ( قال ) وقلت الأنصار يوم السقيفة أنحضن عن هذا وأنشدنا أبو علي قال قال أنشدني ابن الأعرابي لمحمد بن وهيب
( إذا اختلجت عيني رأت من تحبه ** فدام لعيني ما حييت اختلاجها )
( وما ذقت كأسا مذ تعلقني الهوى ** فأشربها إلا ودمعي مزاجها )
وأنشد لأبي بكر بن دريد
( لو أن قلبا ذاب من كمد ** ما كان بين ضلوعه قلب )
( لو كنت صبا أو تسر هوى ** لعلمت ما يتجرع الصب )
( يهوى اقترابك وهو قاتله ** فشفاؤه وسقامه القرب )
وأنشد له
( صدغ كقادمة الخطاف منعطف ** في وجنة يجتنى من صحنها الورد )
( لو ذاب في نظر خد لرقته ** لذاب من لحظ عيني ذلك الخد )
( قال ) أبو بكر بن دريد قال أو هفان المهزمي قال الأصمعي السدوس بفتح السين الطيلسان والسدوس بضم السين اسم القبيلة ( قال ) وخالفه سيبويه في الطيلسان بالضم وفي القبيلة بالفتح فحكيت ذلك لأحمد بن يحيى فقالوا القول ما قال الأصمعي ويقال كل ما في العرب عدس بضم العين وفتح الدال إلا عدس بن زيد فإنه بضمهما وكل ما في العرب سدوس بفتح السين الأسدوس بن أصمع في طيء ولك ما في العرب فرافصة بضم الفاء إلا فرافصة أبا نائلة امرأة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وكل ما في العرب أسلم بفتح الهمزة واللام إلا أسلم بن الحاف بن قضاعة وكل ما في العرب ملكان بكسر الميم إلا ملكان في جرم بن ربان ( قال ) وحدثنا أبو سعيد السكري قال أتي عبد الملك بعود فقال

للوليد بن مسعدة الفزاري ما هذا قال عثود يشقق ثم يرقق ثم يعلق عليه أوتار يضرب بها فتضرب الكرام برؤسها الحيطان وامرأته طالق إن كان أحد في المجلس إلا ويعلم منه مثل ما أعلم أنت أولهم يا أمير المؤمنين وقال سلامة بن جندل
( ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل ** يعطى دواء قفي السكن مربوب )
الأسفى الخفيف الناصية والإسم منه السفا مقصور والفعل سفي يسفى سفا مثل عمي يعمى عمى والسفاء ممدود من الطيش والجهل وكذلك من الخفة ( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن دريد قال أبو عثمان الأشنانداني كثر مدعو هذه القصيدة فما أدرى لمن هي وكان أبو عبيدة يصححها العليل بن الحجاج الهجيمى وهي هذه
( أما القطاة فإني سوف أنعتها ** نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها )
( سكاء مخطومة في ريشها طرق ** سود قوادمها صفر خوافيها )
( تنتاش صفرا بأفحوص بقنتها ** يكاد يأزي على الدعموص آزيها )
( تسقي رذيبن بالموماة قوتهما ** في ثغرة النحر من أعلى تراقبها )
( كأن مجلوزة قدام جؤجؤها ** أو جرو حنظلة لم يغد واعيها )
( تشتق في حيث لم تنفذ مصعدة ** ولم تصوب إلى أدنى مهاويها )
( حتى إذا استأنيا للوقت واحتضرت ** تجرسا الوحي منها عند غاشيها )
( فرفعا من شؤن غير زاكية ** على لديدى أعالي المهد ألحيها )
( مدا إليها بأفواه ميسرة ** صعرا ليتستنزلاها الرزق من فيها )
( كأنها حين مداها لرزقهما ** طلى بواطنها بالورس طاليها )
( حثلين رضا رفاض القيض عن زغب ** ورق أسافلها بيض أعاليها )
( ترأدا حين قاما ثمت اختطيا ** على نحائف مياد مجاثيها )
( تكاد من لينها تنآد أسوقها ** تأود الربل لم تعرد نواميها )


( لا أشتكي نوشة الأيام من ورقى ** إلا إلى من أرى أن سوف يشكيها )
( لدلهم مأثرات قد عرفن له ** أن المآثر معدود مساعيها )
( تنمي به من بني لأي دعائمها ** ومن جمانة لم تخضع سواريها )
( بنى له في بيوت المجد والده ** وليس من ليس يبنيها كبانيها )
( مجلس في لا جرم وتفسيرها والوجوه فيها ) قال أبو علي حدثنا أبو بكر محمد ابن القاسم قال ذهب بعضهم إلى أن لا جرم أصله تبرئة ونفي بمنزلة لا بد ولا محالة ثم نقل عن التبرئة إلى القسم كما قالوا لاقومن حقا يقينا ثم قدموا حقا فجعلوه قسما فقالوا حقا لأزورنك وجرم اسم منصوب بلا على التبرئة ولا خبر ههنا للتبرئة إذ لم يقصد لها إنما قصد للأقسام والحلف وإلى هذا القول ذهب الفراء وأصحابه وفيه جواب آخر وهو أن أصله فعل ماض فحول عن طريق الفعل ومنع التصرف فلم يكن له مستقبل ولا دائم ولا مصدر وجعل مع لا قسما وتركت الميم على فتحها الذي كان لها في معنى المضى وإن كان الحرف منقولا إلى الأداة كما نقلوا حاشى وهو فعل ماض مستقبله يحاشي ودائمه محاش ومصدره محاشاة من باب الأفعال إلى باب الأدوات لما أزالوه عن التصرف فقالوا قام القوم حاشا عبد الله فخفضوا به ولو كان فعلا ما عمل خفضا وأبقوا عليه لفظ الفعل الماضي وكما نقلوا ليس وأصلها الفعل الماضي عن أصلها إلى سبيل الأدوات لما أزالوها عن التصرف وخروج المصدر منها فأقروا آخرها على أمرها الأول ( فإن قيل ) كيف تكون لا جرم قسما وليس فيه معظم يقسم به ( قيل ) إن الأقسام عند العرب على ضربين أحدهما يقع الأقسام فيه بمن يجل قدره وتعلو منزلته وهو الذي تسبق إليه الأفهام ويستعمل في أكثر الكلام حين يقول القائل وإلهي لأفعلن ذلك وكقيل العرب في الجاهلية والرحم لأقصدنك والعشيرة لأقضين حقك وهو مكروه عند أهل العلم لأنه لا ينبغي أن يحلف حالف بغير الله تبارك وتعالى والضرب الثاني أن يعتقد الحالف اليمين والحلف بالعظيم عندهم الكبير في

نفسه ثم يأتي ببدل منه فيقول حلفا صادقا لأزورنك فجعل حلفا صادقا مكتفي به عن المحلوف به عند وضوح المعنى ولو أظهر اليمين ولم يبن على الإكتفاء والإختصار لقال أحلف بالله حلفا صادقا ولهذه العلة أقسموا بالحق فقالوا حقا لأفعلن ذلك إذ جعلوه عوضا من اليمين وحملوا على الحق ألفاظا معناهم فيها كمعناه فقالوا كلا لأطيعنك يعنون حقا وقالت الفصحاء جير لأفعلن وعوض لأجلسن يعنون بتينك اللفظتين حقا فاحتملت لا جرم من معنى الأقسام مثل الذي احتملت كلا وجير وعوض قال أعشى بكر
( رضيعي لبان ثدي أم تحالفا ** بأسحم داج عوض لا نتفرق )
وقال الآخر
( وقلن على الفردوس أول مشرب ** أجل جيران كانت أبيحت دعاثره )
قال ابو بكر دعاثره يعني حياضا وقال الكميت
( أأسلم ما تأتي به من عداوة ** وبغض لهم لا جير بل هو أشجب )
وقال الآخر
( إن الذي أغناك يغنيني جير ** والله نفاح اليدين بالخير )
وقال الآخر
( جامع قد أسمعت من تدعو جير ** ولا ينادي جامع إلى خير )
وقال الآخر
( كلا زعمتم بأنا لا نقاتلكم ** إنا لأمثالكم يا قومنا قتل )
أراد حقا زعمتم والراء في جير مكسورة والضاد في عوض مضمومة ومن العرب من يغير لفظ جرم مع لا خاصة لتحولها عن لفظ الفعل فيقول بعضهم لا جرم بضم الجيم وسكن الراء ويقول آخرون لا جر بفتح الجيم والراء وحذف الميم ويقال لا ذا جرم ولا ذا جر بغير ميم ولا أن ذا جرم ولا عن ذا جرم ومعنى اللغات كلها حقا وأنشد الفراء هذا البيت وبعض الثاني


( لأهدرن اليوم هدرا صادقا ** هدر المعنى ذي الشقاشق اللهم )
( إن كلابا والدي لا ذا جرم ** )
( قال أبو علي ) وحدثنا ابو بكر قال قال يحيى بن خالد الحسود عدو مهين لا يدرك وتره ولا ينال ثأره إلا بالمنى ( قال ) وقال عبد الملك بن مروان للحجاج بن يوسف الثقفي أنه ليس من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه فعب نفسك قال أعفني يا أمير المؤمنين قال لتفعلن قال أنا لجوج حسود حقود فقال عبد الملك ما في الشيطان شيء شرا مما ذكرت وقال الأحنف بن قيس الملول ليس له وفاء والكذاب ليست له حيلة والحسود ليست له راحة والبخيل ليست له مروأة ولا يسود سيء الخلق ( قال ) وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال رأس العقل الإيمان بالله والتودد إلى الناس وما استغنى رجل استبد برأيه ولم يهلك أحد عن مشورة وإذا أراد الله بعبد هلكة كان أول ما يهلكه رأيه وكان يقال لا ظهير أوثق من المشورة ( قال ) وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الحزم فقال أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره وقال أعرابي ما غبنت قط حتى يغبن قومي قيل وكيف ذلك قال إني لا أفعل شيأ حتى أشاورهم ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد النحوي في الحمى
( تفاءلت باسم سواها لها ** كأن ليس لي باسمها خبره )
( فطورا ألقبها سخنة ** وطور ألقبها فترة )
( ويربوا الطحال إذا ما أكلت ** فيعلو الترائب والصدره )
( كأني إذا رحت من منزلي ** لبست الثياب على زكره )
( قال ) وحدثنا الزبير قال حدثنا إبراهيم بن منذر عن مطرف بن عبد الله بن خويلد الهذلي عن أبيه عن جده قال بينا أنا وأبي نطوف بالبيت إذا نحن بعجوز كبيرة تضرب أحد لحييها بالآخر أقبح عجوز رأيتها قط فقال لي يا بني أتعرف هذه قلت ومن هذه قال هذه التي يقول فيها الشاعر


( سلام ليت لسانا تنطقين به ** قبل الذي نالني من قيله قطعا )
( أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني ** حتى إذا قلت هذا صادق نزعا )
( يلومني فيك أقوام أجالسهم ** فما أبالي أطار اللوم أم وقعا )
قال وأنشدنا الزبير
( فلو كان يستغني عن الشكر ماجد ** لعزة مجد أو علو مكان )
( لما أمر الله العباد بشكره ** فقال اشكروا لي أيها الثقلان )
( قال ) وأنشدني الرياشي قال أنشدنيها تمام للحرث بن عباس بن مرداس السلمى يوصى ابنه رضي الله تعالى عنهما
( احفظ بني وصية أوصيكها ** إن كنت تؤمن بالكتاب المنزل )
( أكرم خليل ابيك حيث لقيته ** ولقد عققت أباك إن لم تفعل )
( والجار أكرم جار بيتك مادنا ** حتى يبين ثواءكم في المنزل )
( والضيف إن له عليك وسيلة ** لا يتركنك ضحكة للنزل )
( ورفيق رحلك لا تجهل إنما ** جهل الرفيق على الرفيق النيطل )
( واشغب بخصمك أن خصمك مشغب ** وإذا علوت على الخصوم فأجمل )
( واستوص خيرا بالعشيرة كلها ** ما حملوك من المثاقل فاحمل )
( يصلوا جناحك يا بني وإنما ** يعلو الشواهق ذو الجناح الأجدل )
( ان امرأ لا يستعد رجاله ** لرجال آخر غيره كالأعزل )
( وإذا أتتك عصابة في شبهة ** يتحاكمون إليك يوما فاعدل )
( واصدق إذا حدثت يوما معشرا ** وإذا عييت بأصل علم فاسأل )
( وذر المجاهل إنها مشؤومة ** وإن امرؤ وأهدى النصيحة فاقبل ) قال أبو بكر وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثني الباهلي قال حدثنا الهيثم بن


عدى عن مجالد وابن عياش عن الشعبي قال لما انهزم ابن الأشعث ضاقت بي الأرض وكرهت ترك عيالي وولدى فلقيت يزيد بن أبي مسلم وكان لي صديقا وكانت الصداقة تنفع عنده فقلت له قد عرفت الحال بيني وبينك وقد صرنا إلى ما ترى قال يا أبا عمرو أن الحجاج لا يكذب ولا يعوى ولا ينبح ولكن قم بين يديه وأقر بذنبك واستشهدني على ما شئت قال فوالله ما شعر الحجاج إلا وأنا ماثل بين يديه فقال أعامر قلت نعم أصلح الله الأمير قال ألم أقدم العراق فاحسنت إليك وأدنيتك وأوفدتك على أمير المؤمنين واستشرتك قلت بلى أيها الأمير قال فأين كنت من هذه الفتنة قلت استشعرنا الخوف واكتحلنا السهر وأحزن بنا المنزل وأوحش بنا الجناب وفقدنا صالح الأخوان وشملتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء وهذا يزيد بن أبي مسلم قد كان يعرف عذرى وكنت أكتب إليه فقال صدق أصلح الله الأمير قد كان يكتب إلي بعذره ويخبرني بحاله فقال الحجاج فهذا الأحمق ضربنا بسيفه ثم جاءنا بالأكاذيب كان وكان انصرف إلى أهلك راشدا ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد النحوي قال أنشدنا التوزي لغلام يقوله في مؤدبة وكان أقعد فقال
( فرح المقعد لما أقعدا ** فرحة لله حتى سجدا )
( فسألناه لماذا قال لي ** أنني كنت زمانا مفسدا )
( أشتري الثوب فلا يقطعني ** فهو اليوم قميص وردا )
( قال ) وأنشدني الرياشي للربيع بن ضبع الفزاري هذه الأبيات
( ألا أبلغ بني بنى ربيع ** فأنذال البنين لكم فداء )
( بأني قد كبرت ورق عظمي ** فلا يشغلكم عني النساء )
( وإن كنائني لنساء صدق ** وما أشكو بني وما أساءوا )
( إذا جاء الشتاء فأدفؤني ** فإن الشيخ يهرمه الشتاء )


( وأما حين يذهب كل قر ** فسربال خفيف أورداء )
( إذا عاش الفتى مائتين عاما ** فقد أودى المسرة والفتاء )
قال أبو بكر ولبعض المحدثين شبيه بهذا
( لا تدع لذة يوم لغد ** وبع الغي بتعجيل الرشد )
( أنها إن أخرت عن وقتها ** باختداع النفس عنها لم تعد )
( فاشغل النفس بها عن شغلها ** لا تفكر في حميم وولد )
( أو ما خبرت عما قيل في ** مثل باق على مر الأبد )
( إنما دنياي نفسي فإذا ** تلفت نفسي فلا عاش أحد )
( قال أبو بكر ) وسألت بندار بن لدة عن قول عمر يشئز فقال لي يزعج وأنشدني
( أهاجك العارض الوميض ** نعم فقلبي له مهيض )
( يشئزني الشوق عن فراشي ** وكيف يشتاق من يبيض )
ومعنى يبيض يقيم فلا يبرح يقال باض فلان بالمكان وألب به وأرب به إذا لزمه فلا يبرحه ومعنى البيت كيف يشتاق من لا يتهيأ له أن يبرح موضعه ويقصد وطن محبوبه
( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال قيل للأحنف بن قيس أي المجالس أطيب قال ما سافر فيه البصر واتدع فيه البدن وقيل للمأمون ما أحسن الأماكن قال ما بعد فيه نظرك ووقف استحسانك عليه فقيل له فأي الأشياء أحسن فقال أحسن الاشياء ما نظر إليه الناس ( قال ) وقال محمد بن يزيد حدثني بعض أولاد العجم قال قيل لشراعة بن الزندبو ذأي المواضع أطيب قال ما اجتمع حسنه وتوسطت مسافة النظر إليه وقيل له أي أوقات الشرب اطيب قال نشاط على غب قيل له فإذا استوى ذلك قال لا تقوم الخلافة بضحكات الصبوح قيل له فمن أمتع الجلساء قال الذي إذا عجبته عجب وإذا

غني طرب وإذا أعطى شرب قيل له فأي المواضع أطيب للشرب قال إذا لم تكن شمس محرقة ولا مطر مغرق فالشرب على وجه السماء وأنشدنا الزبير لعبد الرحمن بن حسان في آل سعيد بن العاص رضي الله تعالى عنهم
( أعفاء تحسبهم ملحياء ** مرضى تطاول أسقامها )
( يهون عليهم إذا يغضبون ** سخط العداة وإرغامها )
( ورتق الفتوق وفتق الرتوق ** ونقض الأمور وإبرامها )
( قال ) وأخبرنا الزبير قال حدثنا عمر بن عثمان قال حدثني رجل من أهل منبج قال قدم علينا الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب ولا مال معه فأغنانا كلنا فقلنا كيف ذاك قال علمنا مكارم الأخلاق فعاد غنينا على فقيرنا فغنينا كلنا قال عمر بن عثمان قال الراثجي يرثى الحكم بن المطلب
( ماذا بمنبج لو ننبش مقابرها ** من التهدم بالمعروف والكرم )
( سالوا عن المجد والمعروف ما فعلا ** فقلت أنهما ماتا مع الحكم )
( قال ) وحدثنا الزبير قال حدثنا ابن عياش السعدي عن أبيه قال رأيت جارية من العرب وضيئة أعجبتني فماشيتها إلى مظلتها فقالت لي عجوز بفناء المظلة مالك ولهذا الغزال النجدي والله لا تحلى منه بشيء فقالت الجارية دعيه يا أماه يكن كما قال ذو الرمة
( وإن لم يكن إلا معرس ساعة ** قليل فإني نافع لي قليلها )
( قال ) وحدثنا أبو العباس عن ابن عائشة قال وقف وفد بباب عمر بن عبد العزيز فابطأ عليهم إذنه فقال أحدهم ما يصلح هذا أن يكون عبد اللحجاج فنمت الكلمة إليه فأذن لهم فدخلوا فقال أيكم القائل كذا وكذا قال فأرموا فقال حقا لتقولن فقال رجل من القوم أنا قلتها وما ظننتها تبلغ ما بلغت قال فإن الله يغفر لك كيف ذكرت الحاج وما كانت له دنيا ولا آخرة فهلا فضلت علي زيادا الذي جمع لهم كما تجمع الذره وحاطهم كما تحوط الأم

البره ( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال خرج سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم إلى منتزه له وحمل معه بناته فاتبعه أشعب فلم يجد مسلكا للدخول عليه فتسور الجدار فقال له وقد بصر به يا أشعب اتق الله بناتي بناتي فقال أشعب لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال فضحك منه وأدخله ( قال ) وحدثني محمد بن يزيد قال حدثني علي بن عبد الله قال دخل قوم على عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فكلمهم فأغلظوا له فغضب فقال له ابنه عبد الملك وما يغضبك يا أمير المؤمنين وإنما يحبسك أن تأمر فتطاع فقال أما غضبت أنت يا عبد الملك قال بلى والله ولكن ما ينفعني حلمي إذا لم أرده على غضبي فيسكن وأنشد
( وما الحلم إلا ردك الغيظ في الحشا ** وصفحك بالمعروف والصدر واغر )
( ترى المجد والأحلام فينا فما ترى ** سفيها هفات إلا وآخر زاجر )
( قال ) وأنشدنا الزبير قال أنشدني عمي مصعب بن عبد الله قال الزبير وأنشدنيه سعيد بن عمر الزبيري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله تعالى عنهم هذه الأبيات
( تغلغل حب عثمة في فؤادي ** وباديه مع الخافي يسير )
( تغلغل حيث لم يبلغ شراب ** ولا حزن ولم يبلغ سرور )
( صدعت القلب ثم ذررت فيه ** هواك فليم فالتأم الفطور )
( أكاد إذا ذكرت العهد منها ** أطير لو أن انسانا يطير )
( وأنفذ قادحاك سواد قلبي ** فأنت علي ما عشنا أمير )
( قال ) وأنشدنا الزبير
( لا تشتمن امرأ من أن تكون له ** أم من الروم أو صفراء دعجاء )
( فرب معربة ليست بمنجية ** وربما أنجبت للفحل عجماء )


( وإنما أمهات القوم أوعية ** مستودعات وللأحساب آباء )
( قال ) وأنشدني الزبير قال أنشدني عمي لإبن الحر
( إن تك أمي من نساء أصابها ** سباء القنا والمرهفات الصفائح )
( فتبا لفضل الحر أن لم أنل به ** كرائم أبناء النساء الصرائح )
( قال ) وحدثنا الرياشي قال كتب يزيد بن عبد الملك إلى هشام وكان الخليفة بعده هذه الأبيات
( تمنى رجال أن أموت وإن أمت ** فتلك سبيل لست فيها بأوحد )
( فما عيش من ير جورداي بضائري ** وما عيش من يرجو رداي بمخلد )
( فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ** تجهز لأخرى مثلها فكأن قد )
قال فكتب إليه هشام
( ومن لا يغمض عينه عن صديقه ** وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب )
( ومن يتتبع جاهدا كل عثرة ** يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب )
قال فكتب إليه يزيد
( لعمرك ما أدري وإني لأوجل ** على أينا تعدو المنية أول )
( وإني على أشياء منك تريبني ** قديما لذو صفح على ذاك مجمل )
( إذا سؤتني يوما صفحت إلى غد ** ليعقب يوما منك آخر مقبل )
( وإني أخوك الدائم العهد لم أحل ** إن ابزاك خصم أو نبابك منزل )
( أحارب من حاربت من ذي عداوة ** وأحبس مالي أن غرمت فاعقل )


( ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ** يمينك فانظر أي كف تبدل )
( وكنت إذا ما صاحب رام ظنتي ** وبدل سوأ بالذي كنت أفعل )
( قلبت له ظهر المجن ولم أدم ** على ذاك الأريث ما أتحول )
( وفي الناس إن رثت حبالك واصل ** وفي الأرض عن دار القلى متحول )
( إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ** على طرف الهجران أن كان يعقل )
( ويركب حد السيف من أن تضيمه ** إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل )


( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدن الزبير بن بكار
( وأبثثت عمرا بعض ما في جوانحي ** وجرعته من مر ما أتجرع )
( ولا بد من شكوى إلى ذي حفيظة ** إذا جعلت أسرار نفسي تطلع )
قال وأنشدنا أيضا
( ألا يا خليل النفس هل أنت قائل ** لزينب حاجاتي التي أنا تائب )
( وما بي عي أن أقول بحاجتي ** ولكنما يمشي علي الرقائب )
( بلى فاسلمي يا دار زينب وانعمى ** صباحا إذا ما كان سلم مقارب )
( فأما سلام والحروب مكانها ** فلا كيف يهدي بالسلام المحارب )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب لبعضهم
( إني وإن بني عمي لفي خلق ** عما قليل أراه سوف ينكشف )
( يزملون جنين البغض بينهم ** والضغن أسود أو في وجهه كلف )
( إذا لقيناهم نمت عيونهم ** والعين تخبر ما في القلب أو تصف )
( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال حدثني ابن عائشة قال قال مسلمة بن عبد الملك لنصيب أمدحت فلا يعني رجلا من أهل بيته قال له قد كان ذاك قال أو حرمك قال قد كان ذاك قال أفلا هجوته قال لم أفعل قال ولم قال لأني كنت أحق بالهجاء منه إذ وضعت مدحي في مثله فأعجب مسلمة قوله فقال له سلني قال لا أفعل قال ولم قال لأن بدك بالعطاء أسمح مني بالسؤال فأعطاه ألف دينار ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لشيخ من الأزد يقوله في محمد ابن يحيى بن خالد وقد امتدحه فحرمه
( أقلني يا محمد بن يحيى ** مقالا لم أكن فيه صدوقا )
( جعلتك فيه ذا مجد ويأس ** وتلك مقالة بك لن تليقا )


( فلست بضائر أبدا عدوا ** ولست بنافع أبدا صديقا )
( قال ) وأنشدنا أيضا
( من الناس من يغشى الأباعد نفعه ** ويشقى به حتى الممات أقاربه )
( فإن كان خيرا فالبعيد يناله ** وإن كان شرا فابن عمك صاحبه )
( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد
( سقاني هذيل من شراب كأنه ** دم الجوف قد يدني الحليم من الجهل )
( حططت عليه وافر العقل صاحيا ** فما زال بالتقريب والأهل والسهل )
( وما زلت أسقى شربة بعد شربة ** من الراح حتى أبت مختلس العقل )
( سقاني ثلاثا واثنتين وأربعا ** فخترن ما بين الذؤابة والنعل )
( فرحت كأن الأرض أركل متنها ** إذا هي دارت بي فيعدلها ركلى )
( كأني ونفسي بين دار ابن سالم ** ودار غريب في أفاحيص أووحل )
( قال ) وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا الباهلي عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال حدثني أدهم التميمي قال لقيت كثير عزة فقال لي لقيني جميل بن معمر في موضعك هذا فقال لي من أين أقبلت فقلت من عند أبي الحبيبة وإلى الحبيبة أعني أبا بثينة وأعني عزة فقال لي أن لي إليك حاجة ولا بد من قضائها ترجع إلى بثينة وتواعدها لي موعدا قلت إني أستحى من أبيها وعهدي به آنفا قال فلا بد من ذاك قلت متى أحدث عهدك بها قال بالدوم وهم يرحضون ثيابا ( قال ) فرجعت إلى أبيها عودي على بدئي فقال ما ردك يا ابن أخي قال قلت أبياتا عرضت لي أحببت أن أنشدكها قال وما هي قلت
( وقلت لها يا عز أرسل صاحبي ** على نأى دار والرسول موكل )
( بأن تجعلي بيني وبينك موعدا ** وأن تأمريني بالذي فيه أفعل )
( وآخر عهد منك يوم لقيتني ** بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل )


( قال ) فضربت بثينة الجدار وقالت اخسأ اخسأ فقال لها الشيخ مهيم يا بثينة فقالت كلب يأتينا إذا نوم الناس من وراء الرابية قال فرجعت إلى جميل فأخبرته أنها قد وعدته إذا نوم الناس من وراء الرابية ( قال ) وحدثنا الزبير قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثني رجل من أهل اليمامة قال كان لنا غلام زنجي أعجمي قد نطق وفهم شيأ من العربية وكان يسوق ناضحا لنا ويرتجز بكلام لا نتبينه فمر بنا رجل فسمع كلامه وأصغى إليه فقلنا له أتفهم ما يقول قال نعم ينشد
( فقلت لها أنى اهتديت لفتية ** أناخوا بجعجاع قلائص سهما )
( فقالت كذاك العاشقون ومن يخف ** عيون الأعادي يجعل الليل سلما )
قال فكنا نتفهمه بعد فنرد لفظه إلى ترجمتنا ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لأعرابي يقوله في ابنه
( ألا يا سمية شبي الوقودا ** لعل الليالي تؤدي يزيدا )
( فنفسي فداؤك من غائب ** إذا ما المسارح أضحت جليدا )
( كفاني الذي كنت أسعى له ** فكان أبالي وكنت الوليدا )
( قال ) وحدثنا عمر بن شبة قال حدثني يحيى قال حدثني رجل من ولد خزيمة بن يحيى قال قدم رجل من أهل الشأم من بني مرة على أبي جعفر المنصور فتكلم معه كلاما حسنا فقال له أبو جعفر حاجتك فقال يبقيك الله يا أمير المؤمنين قال حاجتك فإنه ليس كل ساعة يمكنك هذا ولا تؤمر به فقال والله ما أستقصر عمرك ولا أخاف بخلك ولا أغتنم مالك وإن سؤالك لشرف وإن عطاءك لزين وما بامرئ بذل وجهه إليك نقص ولا شين فقال أبو جعفر يا ربيع لا ينصرف من مقامه إلا بمائة ألف درهم فحملت معه قال وأنشدنا محمد بن يزيد
( كل يوم يمر يأخذ بعضى ** يأخذ الأطيبين مني ويمضي )


( قد تلذذت بالمعاصي قديما ** نفس كفي ليس المعاصي بفرض )
( قال ) وأنشدنا أيضا
( كن حييا إذا خلوت بذنب ** واحذر السخط من علي مجيد )
( ويك بارزت من يراك عتوا ** وتواريت عن عيون العبيد )
( وبحلم الإله عدت إلى الذنب ولم تخش غب يوم الوعيد )
( أقرأت القرآن أم لست تدري ** أن ذا العرش دون حبل الوريد )
( انتهى ) ما أملاه أبو علي من النوادر زائدا على ما في الأمالي صلة لها بحمد الله وعونه وآخر ما جمعت من ذلك قصيدة رثي بها أبو بكر بن دريد لبعض البغداديين يقولها لها فيه تغمده الله برحمته ورضوانه وهي هذه
( يلوم على فرط الأسى ويفند ** خلي من الوجد الذي يتجدد )
( ويكبر أن ينهل دمع أراقه ** تضرم نار في الحشا ليس تخمد )
( ويستصغر الرزء الذي جل قدره ** وكل امرئ باك عليه ومسعد )
( حرام على الأجفان أن ترد الكرى ** أجل مالها إلا التسهد مورد )
( وبسل على المحزون أن يقبل الأسى ** بلى حظه حزن به الدهر يكمد )
( فما لجفوني عذرة حين ترقد ** ولا لدموعي سلوة حين تجمد )
( هو الدهر يرمينا بأسهم صرفه ** فيصمي الرمايا حين يرمي ويقصد )
( فلا جمع ألا والزمان مفرق ** ولا شمل إلا بالخطوب مبدد )
( ولا عهد إلا والليالي وصرفها ** تحول به عن كل ما كنت تعهد )
( ولا حال إلا وهي رهن تنقل ** إذا صلحت في اليوم أفسدها الغد )
( جرت عادة الدنيا بكل الذي ترى ** وليس لها ترك لما تتعود )
( فصبرا وتسليما لكل ملمة ** إذا لم يكن يوما على الدهر منجد )


( لعمرك ما أصبحت جلدا على التي ** منيت بها لكنني أتجلد )
( أفي كل يوم يفقد الدهر ماجدا ** يعز علينا فقده حين يفقد )
( وتفجعنا الدنيا بعلق مضنة ** تنافس فيه ما حيينا وتحسد )
( نودع خلان الصفاء وتقطع المقادير منا ود من يتودد ** )
( نفارق من نلقى الردى بفراقه ** وينأى القريب الإلف منا ويبعد )
( أرانا بصرف الدهر نفنى وننفد ** وتفنى صروف الدهر أيضا وتنفد )
( عليك ( أبا بكر ) سلام ورحمة ** بها في جنان الخلد أنت مخلد )
( وجاد ثرى ضمنته كل وابل ** من المزن وكاف يراح ويرعد )
( إذا ما استطار البرق في جنبائه ** حسبت الظبا فيه عشاء تجرد )
( وإن أرزمت فيه الرواعد خلته ** حنين متال في يفاع يردد )
( فقد ضم منك الترب مجدا وسوددا ** يقصر عن أدنى مداه المسود )
( فقدناك فقدان المصابيح في الدجى ** إذا ضل عن قصد الهداية مقصد )
( وماتت بموت العلم منك قلوبنا ** وكنت حياها لم تزل بك ترشد )
( لتبكك أبكار المعاني وعونها ** وغر القوافي حين تروى وتنشد )
( تسير مسير الأنجم الزهر كلما ** خبا ضوء شعر أشرقت تتوقد )
( لأنشرت بالعلم الخليل فخلتنا ** نشاهده أن ضمنا منك مشهد )
( وجالستنا بالأصمعي ومعمر ** وأوجدتنا ما لم يكن قبل يوجد )
( وخلنا أباز يد لدينا ممثلا ** وأنت بفضل العلم أعلى وأزيد )
( وشاهدتنا بالمازني وعلمه ** وما غاب عنا إذ حضرت المبرد )
( وكنت إماما في الروايات كلها ** يضاف إليك الصدق فيها ويسند )
( هوت أنحم الأداب والعلم واغتدت ** رياضهما من بعده وهي همد )


( وكان جناب العلم إذ كان مخصبا ** وأفنانه ميل رواء تميد )
( فقد أصبحت مذبان وهي هشائم ** ثوابتها تجتث منها وتعضد )
( مضيت ( أبا بكر ) حميدا وخلفتء ** مساعيك فضلا بيننا ليس يحجد )
( كما ودع الغيث الذي عم نفعه ** وأضحى به كل البرية يرفد )
( توحدت بالآداب والعلم والحجا ** فأنت بحسن الذكر منها موحد )
( حمدنا بك الأيام ثمت عاضنا ** مصابك منها ذم ما كان يحمد )
( شهدنا على الأيام أن سرورها ** غرور كما كنا بفضلك نشهد )
( على أي شيء منك نأسى إذا جرت ** محاسن وصف بادئات وعود )
( على علمك الوارى الزناد إذا غدا ** زناد امرئ في علمه هو مصلد )
( وأخلاقك الغر التي لو تجسدت ** لكانت نجوم السعد حين تجسد )
( على رأيك الماضي المضيء الذي به ** يفض رتاج الخطب والخطب مؤصد )
( لقد شملت فيك الرزية يعربا ** ولم يخل منها فيك من يتمعدد )
( مضى ( ابن دريد ) ثم خلد بعده ** سوائر أمثال تغور وتنجد )
( بدائع من نظم ونثر كأنها ** عقود زهاها درها حين تعقد )
( كأن لم تكن تروى غليل مسامع ** بقول به يطفى الغليل ويبرد )
( ولم تنده الخصم الألد بمسكت ** يغادره مستوهلا يتلدد )
( ولم توقظ الآراء عند سناتها ** وقد توسن الآراء حينا وترقد )
( ولم تجل أصداء القلوب ولم يقم ** ثقافك منها كل ما يتأود )
( فما منك معتاض ولا عنك سلوة ** نظيرك معدوم وحزني مؤبد )
( عليك سلام الله ما ذر شارق ** وغرد في الأيك الحمام المغرد )

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6