كتاب : مجمع الضمانات
المؤلف : أبو محمد غانم بن محمد البغدادي 

ادَّعَى الْقَيِّمُ مَنْزِلًا وَقْفًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَحَدَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ ، وَحُكِمَ بِالْوَقْفِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالْوَقْفِيَّةِ ، وَكَانَ مُتَعَنِّتًا فِي الْإِنْكَارِ ، وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ ، وَفِي الْمُحِيطِ سَكَنَهَا سَنَةً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِصَغِيرٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ .

اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ فَأَخَذَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْقَدِيمُ مِنْهُ بِالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ ، وَسَكَنَ فِيهَا تَمَامَ الْمُدَّةِ فَالْأَجْرُ عَلَى الْقَدِيمِ دُونَ الْجَدِيدِ .
وَكَذَا لَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ الْقَدِيمُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْقَيِّمِ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ إلَيْهِ .

أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا اسْتَعْمَلَ الْوَقْفَ كُلَّهُ بِالْغَلَبَةِ أَوْ غَيْرُهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ سَوَاءٌ كَانَ وَقْفًا عَلَى سُكْنَاهُمَا أَوْ مَوْقُوفَةً لِلِاسْتِغْلَالِ ، وَفِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ عَلَى الشَّرِيكِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ كُلَّهُ ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلْإِجَارَةِ ، وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْوَقْفَ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ أَنَا أَسْتَعْمِلُهُ بِقَدْرِ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ .

ضَيْعَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ فِي يَدِ رَجُلٍ بِغَيْرِ حَقِّ أَجْرِ بَعْضِهَا ، وَاسْتُعْمِلَ بَعْضُهَا ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ قَضَى الْقَاضِي بِوَقْفِيَّتِهَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ فَلِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إذْنُ طَلَبِ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ الَّتِي أَجَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .

دَفَعَ الْإِمَامُ وَاحِدَةً مِنْ الدُّورِ الْمَوْقُوفَةِ إلَى وَجْهِهِ إلَى رَجُلٍ مَجَّانًا فَسَكَنَ فِيهَا مُدَّةً ، وَكَانَ الْقَيِّمُ سَلَّمَ هَذِهِ الدُّورَ إلَيْهِ لِيَسْتَغِلَّهَا بِنَفْسِهِ فَعَلَى السَّاكِنِ أَجْرُ الْمِثْلِ .

وَلَوْ وَضَعَ الْقَيِّمُ فِي فِنَاءِ مَسْجِدٍ سُوقَ كَرَاسِيَّ وَسُرُرًا يُؤَاجِرُهَا وَيَصْرِفُ إلَى نَفْسِهِ وَالْإِمَامِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَعِنْدَنَا لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْأُجْرَةَ إلَى مَنْ شَاءَ لِأَنَّ السُّرُرَ مِلْكُهُ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْإِمَامِ إذَا كَانَ فَقِيرًا .

لَا يَجُوزُ إزَالَةُ الْحَائِطِ الَّذِي بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ لِيَجْعَلَهُمَا وَاحِدًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ ، وَكَذَا رَفْعُ سَقْفِهِ ، وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ مَا أَنْفَقَ فِيهِ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ .

صَغِيرٌ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ السِّقَايَةِ مَاءً لِإِصْلَاحِ الدَّوَاةِ أَوْ قَصْعَةً لِلشُّرْبِ ثُمَّ بَلَغَ وَنَدِمَ لَا يَكْفِيهِ النَّدَمُ بَلْ يَرُدُّ الضَّمَانَ إلَى الْقَيِّمِ ، وَلَا يُجْزِيهِ صَبُّ مِثْلِهِ فِي السِّقَايَةِ .

أَخَذَ مِنْ السِّقَايَةِ مَاءً مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ جَرَّةً مَثَلًا ، وَكَانَ الْقَيِّمُ قَدْ صَبَّ فِي تِلْكَ السِّقَايَةِ خَمْسِينَ جَرَّةً فَصَبَّ هُوَ جَرَّةً قَضَاءً لِلْحَقِّ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَيِّمِ صَارَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ .

دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِلْمَاءِ ، وَلِجِهَةٍ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّتِهَا خَابِيَةً لِسَقْيِ الْمَاءِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

لَوْ بَنَى الْمُتَوَلِّي فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ ، وَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ ، وَإِنْ كَانَ لِنَفْسِهِ بِأَنْ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَلَوْ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِيَرْجِعَ فَهُوَ وَقْفٌ ، وَإِلَّا فَإِنْ بَنَى لِلْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ ، وَإِنْ بَنَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَهُ رَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ ، وَإِنْ أَضَرَّ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ فَلِيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ ، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لِلنَّاظِرِ تَمَلُّكُهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ لِلْوَقْفِ مَنْزُوعًا ، وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ .

الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ كَتَعْمِيرٍ وَشِرَاءِ بَذْرٍ فَتَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ إذْنُ الْقَاضِي إلَّا إذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي يَبْعُدُ مِنْهُ فَيَسْتَدِينُ بِنَفْسِهِ الثَّانِي أَنْ لَا يَتَيَسَّرَ إجَارَةُ الْعَيْنِ ، وَالصَّرْفِ مِنْ أُجْرَتِهَا ، وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ الصَّرْفُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ ، وَالِاسْتِدَانَةُ الْقَرْضُ أَوْ الشِّرَاءُ بِالنَّسِيئَةِ ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ، وَيَبِيعَهُ ، وَيَصْرِفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ ، وَيَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ ؟ الْجَوَابُ : نَعَمْ ، كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ .

إِقَالَةُ النَّاظِرِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ جَائِزَةٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا كَانَ الْعَاقِدُ نَاظِرًا قَبْلَهُ .
الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ النَّاظِرُ يُعَجِّلُ الْأُجْرَةَ .

لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ لَا يَجِبُ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى سَائِلِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَلُ ، وَكَذَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الزِّيَادَةُ عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِي ، وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا .

الدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ الْمُسَبَّلَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ يُمْسِكُهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ نَحْوَهُ لَا يَعْذِرُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ بِالسُّكُوتِ عَنْهُ إذَا أَمْكَنَهُمْ رَفْعُهُ ، وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ زَائِدِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ .
وَلَوْ كَانَ الْقَيِّمُ سَاكِتًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ، وَإِذَا ظَفِرَ النَّاظِرُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَخْذُ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً .

إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ .

النَّاظِرُ إذَا أَجَرَ إنْسَانًا فَهَرَبَ وَمَالُ الْوَقْف عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ حَتَّى ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ .

إذَا حَصَلَ تَعْمِيرُ الْوَقْفِ فِي سَنَةٍ وَقَطَعَ مَعْلُومَ الْمُسْتَحَقِّينَ كُلَّهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ فَمَا قَطَعَ لَا يَبْقَى لَهُمْ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ زَمَنَ التَّعْمِيرِ بَلْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ عُمُرًا ، وَلَا وَإِذَا صَرَفَ النَّاظِرُ لَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ، وَإِذَا ضَمِنَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَهُ لِكَوْنِهِمْ قَبَضُوا مَالًا يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لَكِنَّ الْقَوَاعِدَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ إنَّ مُودِعَ الْغَائِبِ إذَا أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَإِذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ ثُمَّ يَصْرِفُ الْفَاضِلَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَظْهَرْ دَيْنٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَصَرَفَ الْفَاضِلَ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ حَيْثُ يَسْتَرِدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَيْسَ بِمُعْتَدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَقْتَ الدَّفْعِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْقَابِضُ فَكَانَ لِلنَّاظِرِ اسْتِرْدَادُهُ ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ صَرَفَ عَلَيْهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

الْمُسْتَأْجِرُ بَنَى فِي دَارِ الْوَقْفِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي الْغَلَّةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ .

حَانُوتٌ وَقْفٌ بَنَى فِيهِ سَاكِنُهُ بِلَا إذْنِ مُتَوَلِّيهِ وَقَالَ أَنْفَقْت كَذَا لَوْ لَمْ يَضُرَّ رَفْعُهُ بِبِنَائِهِ الْقَدِيمِ رَفَعَهُ ، وَهُوَ لِلسَّاكِنِ ، وَإِنْ تَضَرَّرَ بِرَفْعِهِ فَهُوَ الَّذِي ضَيَّعَ مَالَهُ فَيَتَرَبَّصُ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مَالُهُ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ ، وَلَا يَكُونُ بِنَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ لِلْوَقْفِ بِثَمَنٍ لَا يُجَاوِزُ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ مَنْزُوعًا أَوْ مَبْنِيًّا فِيهِ جَازَ .
وَلَوْ بَنَى بِأَمْرِ مُتَوَلِّيهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَالْبِنَاءُ لِلْوَقْفِ ، وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ .

إمَامُ الْمَسْجِدِ رَفَعَ الْغَلَّةَ ، وَذَهَبَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ غَلَّةَ بَعْضِ السَّنَةِ ، وَالْعِبْرَةُ لِوَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَقْتَ الْحَصَادِ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

أَمَّ الْإِمَامُ شَهْرًا ، وَاسْتَوْفَى غَلَّةَ السَّنَةِ ثُمَّ نَصَّبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ إمَامًا آخَرَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِدُّوا مَا أَخَذَ ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ لَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ ثُمَّ انْتَقَلَ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ كَالْقَاضِي إذَا مَاتَ وَقَدْ أَخَذَ رِزْقَ السَّنَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

إذَا طَالَبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الْقَيِّمَ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِقْرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ مِنْ دَعْوَى الْأَشْبَاهِ .

مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا بَاعَ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي وَصَايَا الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ .

لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إيدَاعُ مَالِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إلَّا مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ ، وَلَا إقْرَاضُهُ فَلَوْ أَقْرَضَ ضَمِنَ ، وَكَذَا الْمُسْتَقْرِضُ ، وَذَكَرَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَوْ أَقْرَضَ مَالَ الْمَسْجِدِ لِيَأْخُذَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ ، وَهُوَ أَحْرَزُ مِنْ إمْسَاكِهِ فَلَا بَأْسَ ، وَفِي ( عَدِّهِ ) يَسَعُ الْمُتَوَلِّيَ إقْرَاضُ مَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَوْ أُحْرِزَ .

لَيْسَ لِلْقَيِّمِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَزْرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ .

الْمُتَوَلِّي لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ يَصِحُّ ، وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمَا ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

الْقَيِّمُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى الْوَقْفِ ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ادَّعَى دَيْنًا لِنَفْسِهِ عَلَى الْوَقْفِ فَلَا يُصَدَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ هَذَا إذَا ادَّعَى الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ، وَإِنْ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَلَوْ ادَّعَى مَا يُنْفِقُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى مِثْلِهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا .

بَعَثَ شَمْعًا فِي رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ فَأُحْرِقَ ، وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ ، وَلَا لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ .
وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

قَيِّمُ الْوَقْفِ لَوْ أَدْخَلَ جِذْعًا فِي دَارِ الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهَا لَهُ ذَلِكَ كَالْوَصِيِّ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى يَتِيمٍ لِيَرْجِعَ لَهُ ذَلِكَ ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ لِلْوَقْفِ ، وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الْعِدَّةِ قَيِّمُ الْوَقْفِ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ الرُّجُوعُ ، وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافٍ ، وَصِيٌّ شَرَى لِلْيَتِيمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ ، شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا ، وَالْوَارِثُ كَالْوَصِيِّ .

الْمُتَوَلِّي لَوْ صَرَفَ إلَى الْعِمَارَةِ مِنْ خَشَبٍ مَمْلُوكٍ لَهُ ، وَدَفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إذْ يَمْلِكُ الْمُعَاوَضَةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَوَصِيٍّ يَمْلِكُ صَرْفَ ثَوْبٍ مَمْلُوكٍ إلَى الصَّبِيِّ ، وَدَفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ ، وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، وَهَذَا يُشِيرُ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْوَقْفِ ، وَالْيَتِيمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَّعِيَ عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا لَوْ ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي وَقَالَ أَنْفَقْت مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا فِي الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

حَوْضُ حَمَّامٍ وُقِفَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَوَقَعَ فِيهِ صَغِيرٌ فَهَلَكَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ إمَامٌ لَا يَؤُمُّ ثُلُثَ السَّنَةِ ، وَيَأْخُذُ الْمَرْسُومَ كُلَّهُ ثُمَّ عُزِلَ ، وَنُصِّبَ غَيْرُهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ حِصَّةُ مَا لَمْ يَؤُمَّ ، وَيُصْرَفُ إلَى الْعِمَارَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ قَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ ، وَإِنْ أَمَّ شَهْرًا وَاحِدًا ثُمَّ عُزِلَ ، وَانْتَقَلَ .

لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ إمَامٌ ، وَلَا مُؤَذِّنٌ ، وَاجْتَمَعَتْ غَلَّاتُ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ سَنَتَيْنِ ثُمَّ نُصِّبَ إمَامٌ ، وَمُؤَذِّنٌ لَا يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّاتِ إلَيْهِمَا وَلَوْ عَجَّلُوهُ لِلْمُسْتَقْبِلِ كَانَ حَسَنًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُصْرَفُ إلَيْهِ غَلَّةُ تِلْكَ السَّنَةِ ، وَيُوقَفُ بَقِيَّتُهَا لِلْعِمَارَةِ .
وَقِيلَ : يُدْفَعُ إلَيْهِ مَا اجْتَمَعَ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْقَاضِي مِنْ الْقُنْيَةِ .

( الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْهِبَةِ ) الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُضْمَنُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ ، وَالْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُحِيطِ ، وَفِيهِ عَنْ الْعُدَّةِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُضْمَنُ بِالْقَبْضِ لَكِنْ لَا يَمْلِكُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْقَبْضِ هُوَ الْمُخْتَارُ ، وَالصَّدَقَةُ الْفَاسِدَةُ كَهِبَةٍ فَاسِدَةٍ ا هـ قَالَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ : وَفِيمَا إذَا فَسَدَتْ الْهِبَةُ بِحُكْمِ الشُّيُوعِ إذَا هَلَكَتْ الْهِبَةُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ هَلْ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ ؟ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ : رَجُلٌ دَفَعَ دِرْهَمَيْنِ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا هِبَةٌ لَك ، وَالْآخَرُ أَمَانَةٌ عِنْدَك فَهَلَكَا جَمِيعًا يَضْمَنُ دِرْهَمًا ، وَهُوَ فِي الْآخَرِ أَمِينٌ قَالَ : وَإِنَّمَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ فَيَجِبُ إنَّهَا تَكُونُ مَضْمُونَةً ، وَذَكَرَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْكَبِيرَةِ : رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ : نِصْفُهَا هِبَةٌ لَك ، وَنِصْفُهَا مُضَارَبَةٌ عِنْدَك لَا يَجُوزُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ عِنْدَ الْقَابِضِ يَضْمَنُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ .
وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ تَصَدَّقَ ، وَسَلِمَ ثُمَّ إنَّ الْوَاهِبَ بَاعَ مَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ ذَكَرَ فِي وَقْفِ الْأَصْلِ إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ نَصَّ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ ، وَبِهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ ، وَذَكَرَ عِصَامٌ إنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ ، وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ .

رَجُلٌ دَفَعَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ثَلَاثَةٌ لَك قَضَاءٌ مِنْ حَقِّك ، وَثَلَاثَةٌ لَك هِبَةٌ ، وَثَلَاثَةٌ تَصَدُّقٌ عَلَيْك قَالَ مُحَمَّدٌ ثَلَاثَةٌ قَضَاءٌ جَائِزَةٌ ، وَثَلَاثَةٌ صَدَقَةٌ لَمْ يَجُزْ ، وَلَمْ يَضْمَنْ ، وَثَلَاثَةٌ هِبَةٌ لَمْ يَجُزْ ، وَيَضْمَنُ نَصَّ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ ا هـ .
وَفِي الْوَجِيزِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ : رَجُلٌ دَفَعَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ : ثَلَاثَةٌ قَضَاءٌ ، وَثَلَاثَةٌ هِبَةٌ ، وَثَلَاثَةٌ صَدَقَةٌ فَضَاعَ الْكُلُّ يَضْمَنُ ثَلَاثَةً هِبَةً ، وَلَا يَضْمَنُ ثَلَاثَةً صَدَقَةً إلَّا فِي رِوَايَةٍ ، وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ : خَمْسَةٌ مِنْهَا هِبَةٌ لَك ، وَخَمْسَةٌ وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَاسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ مِنْهَا خَمْسَةً ، وَهَلَكَ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ يَضْمَنُ سَبْعَةً وَنِصْفًا ا هـ .
وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مَرِيضٌ وَهَبَ مِنْ مَرِيضٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ كَانَ الْعُقْرُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا مَعَ حَقِّ الْفَسْخِ لِلْوَاهِبِ فَصَارَ كَالْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّهُ لَا عُقْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ وَطْأَهُ صَادَفَ مِلْكَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْمَبِيعَةِ فَاسِدًا لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ حِلِّ الْوَطْءِ .
قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَرِيضُ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُسْتَغْرَقُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَسْخَ الْهِبَةِ بِمَعْنًى قَارَنَ الْعَقْدَ ، وَهُوَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ فَانْفَسَخَتْ مِنْ الْأَصْلِ فَظَهَرَ أَنَّ الْوَطْءَ صَادَفَ مِلْكَهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ لِأَنَّ الْهِبَةَ انْفَسَخَتْ بِأَمْرٍ مُقْتَصِرٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ بَابِ لُزُومِ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ

بِشُبْهَةٍ مِنْ نِكَاحِ الْوَجِيزِ .

الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُضْمَنُ فِي رِوَايَةٍ ، وَصُوَرِ الْفَاسِدَةِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا لَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ لِاثْنَيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مَلَكَاهُ قَبْلً الْقِسْمَة ، وَضَمِنَاهُ ، وَبِهِ يُفْتَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ النِّكَاحِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ يَوْمَ الْقَبْضِ ا هـ .

رَجُلٌ أَعْطَى رَجُلًا دِرْهَمَيْنِ وَقَالَ نِصْفُهُمَا لَك ، وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ قَالَ لَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَثْقَلَ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ جَازَ ، وَيَكُونُ مُشَاعًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ، وَإِنْ قَالَ : وَهَبْت لَك ، وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ ، وَدَفَعَهُمَا جَازَ ، وَإِنْ قَالَ : أَحَدُهُمَا لَك لَمْ يَجُزْ كَانَا سَوَاءً أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا قَالَ وَهَبْت لَك نِصْفًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ، وَلِهَذَا الْآخَرِ نِصْفَهَا جَازَ .

رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى رَجُلَيْنِ فَقِيرَيْنِ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ جَازَ ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَنِيَّيْنِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ جَازَ كَانَا فَقِيرَيْنِ أَوْ غَنِيَّيْنِ ، وَذَكَرَ فِي هِبَةِ الْأَصْلِ إذَا وَهَبَ لِرَجُلَيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ فَصَارَ فِي الصَّدَقَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعْرُوفٌ فَيَحْتَمِل أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ عَلَى غَنِيَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ ، وَالْهِبَةُ مِنْ الْفَقِيرَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ .
وَلَوْ وَهَبَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ فَوَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ الدَّارِ فَقَبَضَاهَا جَازَ .

عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَهَبَ لَهُ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ أَصْلًا لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ .

يَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ لَا الْمَشْغُولِ ، وَالْأَصْلُ أَنَّ اشْتِغَالَ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ إذْ الْقَبْضُ شَرْطٌ ، وَأَمَّا اشْتِغَالُ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَوْهُوبِ فَلَا يَمْنَعُهُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ .

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلٍ ، وَسَلَّمَ ، وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِهِبَةٍ فَلَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ .

امْرَأَةٌ وُهِبَتْ دَارًا مِنْ زَوْجِهَا ، وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا ، وَمَتَاعُهَا فِيهَا ، وَزَوْجُهَا سَاكِنٌ مَعَهَا فِي الدَّارِ جَازَتْ الْهِبَةُ ، وَيَصِيرُ الزَّوْجُ قَابِضًا لِلدَّارِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَمَتَاعَهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ فَصَحَّ التَّسْلِيمُ .

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ أَوْ جُوَالِقًا أَوْ جِرَابًا فِيهِ طَعَامُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِهِبَةٍ .
وَلَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ دُونَ الْجُوَالِقِ وَالدَّارِ وَسَلَّمَ جَازَ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ غَيْرُ مَشْغُولٍ بِغَيْرِهِ بَلْ هُوَ شَاغِلٌ غَيْرَهُ .
وَلَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ نَخِيلٌ ، أَوْ نَخِيلًا عَلَيْهَا ثَمَرٌ أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ النَّخْلَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ نَخْلًا بِدُونِ ثَمَرٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِ الْهِبَةِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ مَعَ إمْكَانِ الْقَطْعِ وَالْفَصْلِ فَقَبْضُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَالِ الِاتِّصَالِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَإِذَا وَهَبَ الْبِنَاءَ دُونَ الْأَرْضِ يَجُوزُ فَإِنَّهُ نَصَّ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَالَ اشْتَرَيْت الْأَرْضَ ، وَالْبَائِعُ وَهَبَ الْبِنَاءَ لِي ، وَقَالَ الشَّفِيعُ : لَا بَلْ اشْتَرَيْتهمَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الصُّغْرَى ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ الشُّفْعَةِ ، وَمِنْ جُمْلَةِ حِيَلِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَهَبَ الْبِنَاءَ بِأَصْلِهِ ثُمَّ يَبِيعَ الْعَرْصَةَ بِثَمَنٍ غَالٍ .

وَلَوْ ، وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ ثُمَّ وَهَبَ الْمَتَاعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْمَتَاعِ لِأَنَّ الدَّارَ مَشْغُولَةٌ بِالْمَتَاعِ فَصَحَّتْ هِبَةُ الْمَتَاعِ .

وَلَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ أَوَّلًا وَسَلَّمَ الدَّارَ مَعَ الْمَتَاعِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ وَهَبَ الدَّارَ دُونَ الْمَتَاعِ أَوْ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ وَالنَّخْلَ أَوْ النَّخْلَ دُونَ الثَّمَرِ ، وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الْمَتَاعَ ، وَالزَّرْعَ ، وَالنَّخْلَ ، وَالثَّمَرَ ، وَسَلَّمَ الْكُلَّ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ مَا يَمْنَعُ الْقَبْضَ وَالتَّسْلِيمَ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَهَبَ الْكُلَّ هِبَةً وَاحِدَةً وَسَلَّمَ .
أَمَّا إذَا فَرَّقَ التَّسْلِيمَ وَالْقَبْضَ بِفَرْقِ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ كُلُّ عَقْدٍ بِحُكْمِ فَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدَانِ جَمِيعًا مِنْ قَاضِي خَانْ .

يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْهِبَةِ كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَقْسُومًا مُقَرَّرًا وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْهِبَةِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ شَائِعًا ، وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ أَوْ سَلَّمَ جَازَ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَلَوْ وَهَبَ زَرْعًا بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ ثَمَرًا بِدُونِ النَّخْلِ ، وَأَمَرَهُ بِالْحَصَادِ ، وَالْجُذَاذِ فَفَعَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ جَازَ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا قَبَضَ الْهِبَةَ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ صَحَّ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ ، وَإِنْ قَبَضَ بِدُونِ إذْنِهِ إنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ الْقَبُولِ فَصَحَّ فِي الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَنْهَهُ ، وَإِنْ قَامَ الْوَاهِبُ ، وَخَرَجَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْوَاهِبِ صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ ، وَالتَّخْلِيَةُ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ لَا تَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ الْكُلِّ ، وَفِي الْهِبَةِ الْجَائِزَةِ التَّخْلِيَةُ قَبْضٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ .

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعٌ وَهَبَ الدَّارَ وَالْمَتَاعَ جَمِيعًا ، وَخَلَّى بَيْنَ الْكُلِّ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ بَقِيَتْ الْهِبَةُ جَائِزَةً فِي الدَّارِ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي يَدِهِ فَصَحَّ التَّسْلِيمُ ، وَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ دَارًا وَغَصَبَ مَتَاعَ رَجُلٍ ، وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ إنَّ الْمُعِيرَ وَهَبَ الدَّارَ مِنْهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ كَانَا فِي يَدِهِ ، وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَهُ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ وَلَمْ يُحَوِّلْهُ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَوْهُوبَ لَهُ غَاصِبًا ضَامِنًا لِلْمَتَاعِ بِمُجَرَّدِ التَّخْلِيَةِ لِانْتِقَالِ يَدِ الْوَاهِبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ .
وَكَذَا لَوْ وَهَبَ جُوَالِقًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ وَخَلَّى بَيْنَ الْكُلِّ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْجُوَالِقَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيمَا كَانَ فِيهِ .
وَلَوْ بَاعَ مَتَاعًا فِي دَارٍ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَتَاعِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ .
وَلَوْ وَهَبَ الدَّارَ ، وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ ، وَسَلَّمَ الدَّارَ بِمَا فِيهَا ثُمَّ وَهَبَ الْمَتَاعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْمَتَاعِ دُونَ الدَّارِ لِأَنَّهُ حِينَ سَلَّمَ الدَّارَ أَوَّلًا بِحُكْمِ الْهِبَةِ لَمْ يَصِحَّ تَسْلِيمُهُ فَإِذَا وَهَبَ الْمَتَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ الدَّارُ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ فَصَحَّتْ هِبَةُ الْمَتَاعِ .
وَلَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا .

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهَا ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهَا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ .

وَلَوْ وَهَبَ دَارًا لِابْنَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ فِي عِيَالِهِ كَانَتْ الْهِبَةُ فَاسِدَةً عِنْدَ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَ مِنْ كَبِيرَيْنِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمَا جُمْلَةً فَإِنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ فِي الْكَبِيرَيْنِ لَمْ يُوجَدْ الشُّيُوعُ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا فَكَمَا وَهَبَ يَصِيرُ الْأَبُ قَابِضًا حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ .

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الْبَاقِي مِنْ قَاضِي خَانْ .

الشُّيُوعُ حَالَةَ الْقَبْضِ يَمْنَعُ الْهِبَةَ ، وَحَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَمْنَعُ .
وَكَذَا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ الْهِبَةَ ، وَهُوَ بِأَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِهَا شَائِعًا أَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ لِأَنَّهُ شُيُوعٌ مُقَارِنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَلَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ بِزَرْعِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الزَّرْعَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الْأَرْضِ عِنْدَ الْكُلِّ .

وَلَوْ وَهَبَ سَفِينَةً فِيهَا طَعَامٌ بِطَعَامِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الطَّعَامَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ ابْنُ رُسْتُمَ ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي السَّفِينَةِ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَوْضِعَ الطَّعَامِ مِنْ السَّفِينَةِ لَمْ يُقْبَضْ فَلَمْ تَصِحَّ هِبَةُ السَّفِينَةِ .
وَلَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْأَبِ أَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ دَارًا ، وَالْأَبُ سَاكِنٌ فِيهَا لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ .

وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَةً ، وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَقَالَ : عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لِي ، ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ ، وَتَكُونُ الْجَارِيَةُ مَعَ وَلَدِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْوَلَدَ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَكُونُ الْوَلَدُ دَاخِلًا فِي الْهِبَةِ فَكَانَ اسْتِثْنَاءُ الْوَلَدِ شَرْطًا مُبْطِلًا ، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ .
وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ وَهَبَ الْجَارِيَةَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ وَلَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَ الْأُمَّ لَمْ يَجُزْ قِيلَ : فِيهَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ جَمِيعًا وَقِيلَ : جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا ، وَالصَّحِيحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ فَفِي الْإِعْتَاقِ تَجُوزُ الْهِبَةُ ، وَفِي التَّدْبِيرِ لَا تَجُوزُ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُزِيلُ الْجَارِيَةَ عَنْ مِلْكِهِ فَيَكُونُ الْمَوْهُوبُ مُتَّصِلًا بِغَيْرِ الْهِبَةِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَهَبَ دَابَّةً مُسَرَّجَةً بِدُونِ سَرْجِهَا وَلِجَامِهَا ، وَسَلَّمَهَا كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاشْتِغَالِهَا بِهِمَا ، وَجَازَ عَكْسُهُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِمَا بِهَا أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الدَّابَّةُ شَاغِلَةٌ لِلسَّرْجِ وَاللِّجَامِ لَا مَشْغُولَةٌ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَهَبَ عَبْدًا ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ لَا يَمْلِكُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ لِلْوَرَثَةِ مِنْ الصُّغْرَى .

لَوْ وَهَبَ دِرْهَمًا صَحِيحًا مِنْ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ تَنْصِيفَ الدِّرْهَمِ لَا يَضُرُّ فَكَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَنْكَسِرُ عَادَةً فَإِنْ كَانَتْ تَنْكَسِرُ عَادَةً ، وَلَا يَضُرُّهَا الْكَسْرُ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَا يَجُوزُ ، وَالدِّينَارُ الصَّحِيحُ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الدِّرْهَمِ الصَّحِيحِ .

رَجُلٌ مَعَهُ دِرْهَمَانِ قَالَ لِرَجُلٍ وَهَبْت مِنْك دِرْهَمًا مِنْهُمَا قَالُوا إنْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَنَاوَلَتْ أَحَدَهُمَا ، وَهُوَ مَجْهُولٌ ، وَإِنْ كَانَا مُتَفَاوِتَيْنِ جَازَ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَنَاوَلَتْ وَزْنَ دِرْهَمٍ مِنْهُمَا ، وَهُوَ مُشَاعٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ .

إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْهِبَةُ رَجَعَ بِالْعِوَضِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، وَيَضْمَنُهُ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضُ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ ، وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ الْهِبَةُ رَجَعَ فِي الْعِوَضِ فَإِنْ هَلَكَ الْعِوَضُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضُ وَقَدْ زَادَتْ الْهِبَةُ لَمْ يَرْجِعْ ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفُ الْهِبَةِ رَجَعَ فِي النِّصْفِ مِنْ الْعِوَضِ ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعِوَضِ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِ الْهِبَةِ لَكِنْ يَرُدُّ مَا بَقِيَ ، وَيَسْتَرِدُّ الْهِبَةَ انْتَهَى .

لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا ، وَيَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَيْعًا وَعِتْقًا وَهِبَةً قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالرُّجُوعِ ، وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالْمَنْعِ ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضُ فِي الْهِبَةِ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّتْ الْهِبَةُ حَيْثُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ هَالِكًا كَمَا مَرَّ .

وُهِبَ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا ، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْوَاهِبِ مِنْ الْخَارِجِ فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ فَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ كَرْمًا ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ ثَمَرَتِهِ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْكَرْمِ مَوْهُوبَةٌ تَبَعًا لَهُ فَقَدْ شَرَطَ رَدَّ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا فَصَحَّتْ الْهِبَةُ ، وَالْخَارِجُ مِنْ الْأَرْضِ مِلْكُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا مَوْهُوبٌ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ عِوَضًا مَجْهُولًا ، وَالْهِبَةُ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ فَاسِدَةٌ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَهَبَ لِآخَرَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ يُنْفِقُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْوَاهِبِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ كَرْمٌ أَوْ أَشْجَارٌ جَازَتْ الْهِبَةُ ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ قَرَاحًا فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لِأَنَّ فِي الثَّمَرِ شَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ رَدَّ بَعْضِ الْهِبَةِ عَلَى الْوَاهِبِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ، وَفِي الْأَرْضِ الْقَرَاحِ شَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عِوَضًا مَجْهُولًا لِأَنَّ الْأَرْضَ نَمَاءٌ لِمِلْكِهِ فَتَكُونُ لَهُ فَكَانَ مُفْسِدًا لِلْهِبَةِ .

رَجُلٌ ضَلَّ لَهُ لُؤْلُؤَةٌ فَوَهَبَهَا لِآخَرَ ، وَسَلَّطَهُ عَلَى طَلَبِهَا وَقَبْضِهَا مَتَى وَجَدَهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ هَذِهِ هِبَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا هِبَةٌ عَلَى خَطَرٍ ، وَالْهِبَةُ لَا تَصِحُّ مَعَ الْخَطَرِ وَقَالَ زُفَرُ تَجُوزُ هَذِهِ الْهِبَةُ .

أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَالَ لِشَرِيكِهِ وَهَبْت لَك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ قَالُوا إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ اسْتَهْلَكَ الْمَالَ صَحَّتْ الْهِبَةُ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا بِالِاسْتِهْلَاكِ ، وَالدَّيْنُ لَا يُقَسَّمُ فَيَكُونُ هَذَا هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يُقَسَّمُ .

لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ انْتَقَضَتْ الْهِبَةُ بِرُجُوعِ الْوَاهِبِ فِي الْهِبَةِ أَوْ بِرَدِّ الْوَرَثَةِ لَا يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ مِنْ قَاضِي خَانْ .

مَرِيضٌ وَهَبَ أَمَةً لِرَجُلٍ فَوَطِئَهَا فَمَاتَ الْمَرِيضُ ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَا يَجِبُ الْعُقْرُ كَمَا لَوْ وَهَبَ لَهُ الصَّحِيحُ فَوَطِئَهَا ثُمَّ رَجَعَ ، كَذَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ الْخُوَارِزْمِيُّ مَرِيضٌ وَهَبَ أَمَةً فَوَطِئَهَا مَنْ وُهِبَتْ لَهُ فَمَاتَ الْوَاهِبُ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ، وَلَمْ يُجْزِ الْوَرَثَةُ فَنَقَضَتْ فِي ثُلُثَيْهَا فَعَلَى مَنْ وُهِبَتْ لَهُ ثُلُثَا عُقْرِهَا ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَقَّهُمْ يَسْتَنِدُ ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ قَالَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ كَذَا ذَكَرَ هَذَا الْجَوَابَ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَلَمْ يُسْنِدْهُ إلَى أَصْحَابِنَا وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ لَبَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي فِي مَسْأَلَتِنَا لَكِنْ لَا أَصْلَ لَهُ ، وَلَا يَكَادُ يَصِحُّ إذْ يُخَالِفُ جَوَابَ كُتُبِ أَصْحَابِنَا ، وَفِي سَائِرِ كُتُبِهِمْ إنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ ، وَمِلْكَهُمْ لَا يَسْتَنِدُ وَالْعُقْرُ لَا يَجِبُ ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى .

لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَلَكَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الْوَاهِبُ هِيَ هَذِهِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ هَذِهِ .

الْأَبُ إذَا عَوَّضَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ عَمَّا وَهَبَ إنْسَانٌ لِلصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .

كَانَتْ تَدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَرِقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ شَيْئًا آخَرَ ، وَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي عِيَالِهِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِهَا عَلَيْهِ .

قَالَ لِآخَرَ خُذْ بِطَعَامِ كَذَا إلَى دَارِك ، وَوَهَبْته مِنْك فَقَالَ قَبِلْت ثُمَّ حَضَرَ دَارِهِ فَأَكَلَهُ بَعْدَ رِضًا ، وَيَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا لِلْقَبْضِ دَلَالَةً مِنْ الْقُنْيَةِ .

إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ ، وَضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ ، وَالْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَّا إذَا كَانَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَقْصُهُ إلَى الدَّافِعِ أَوْ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ أَوْ كَانَ بِالشَّرْطِ ، كَذَا فِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ .

وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِرَجُلٍ عَوِّضْ الْوَاهِبَ مِنْ مَالِك فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

مَرِيضٌ وَهَبَ قِنًّا قِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَ قِنًّا قِيمَتُهُ مِائَةٌ ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ مَاتَ ، وَلَا مَالَ لَهُ ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَرُدُّ ثُلُثَهُ ، وَيُسَلِّمُ لَهُ ثُلُثَاهُ ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْعِوَضِ شَيْئًا .
وَلَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَزِيدُ فِي الْعِوَضِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُحَابَاةِ عَلَى الثُّلُثِ ، وَآخُذُ الْقِنَّ كُلَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ بَيْعٌ رَدَّ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَأَخَذَ كُلَّ الْقِنِّ .

مَرِيضٌ وَهَبَ دَارًا قِيمَتُهَا ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ قِنًّا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْقِنِّ بِحُكْمٍ أَوْ بِدُونِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ رَدَّ الشَّفِيعُ ثُلُثَ الدَّارِ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَدَّ الْكُلِّ وَيَنْقُضَ أَخْذَهُ ، وَلَوْ وَهَبَ بِلَا شَرْطٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا ، وَيَرُدُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُلُثَ الدَّارِ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ مَعَ الْقِنِّ وَلَوْ شَاءَ نَقَضَ الْهِبَةَ فِي الْكُلِّ .

مَرِيضٌ وَهَبَ كُرَّ بُرٍّ قِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ كَذَا قِيمَتُهُ مِائَةٌ ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَلَوْ شَاءَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَقَضَ الْهِبَةَ وَلَوْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَ الْكُرِّ كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

( الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ ) الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الِاسْتِحْلَافِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ فَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فَأَنْكَرَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا وَطِئَهَا فَلَوْ نَكِلَ يَقْضِي بِالْمَهْرِ لَا بِالنِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَهَا قِنٌّ تَزَوَّجَ حُرَّةً فَادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِهِ وَقَالَتْ أَذِنَ لَهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ الْمَهْرِ ، وَيَلْزَمُهُ السَّاعَةُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا ، وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَذِنَ لِي أَوْ لَا ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ زَوَّجَ الْبِنْتَ الْبِكْرَ وَقَدْ خَلَا بِهَا الزَّوْجُ وَقَبَضَ الْأَبُ الدستيمان فَرَدَّهُ إلَى الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ فِي صِغَرِهَا أَوْ بَعْدَ بُلُوغِهَا ، وَفِي الْحَالَيْنِ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَ الْأَبِ بِقَدْرِ الدستيمان ، وَفِي مَهْرِ مِثْلِهَا لَهَا الْخُصُومَةُ مَعَ الزَّوْجِ .
وَلَوْ دَفَعَ الزَّوْجُ الدستيمان إلَى الْأَبِ بَعْدَ وَطْئِهَا فَرَدَّهُ الْأَبُ إلَى الزَّوْجِ فَحَقُّ الْخُصُومَةِ فِي كُلِّ الْمَهْرِ لَهَا مَعَ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْأَبِ فِي حَالَةٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبْضِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِمُنَافَاةٍ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَبَيْنَ مُقْتَضَى هَذَا الدَّلِيلِ يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَقْرِيرَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ لَا يَخْلُو مِنْ رَكَاكَةٍ ، وَالْحَقُّ أَنْ يُجْعَلَ الصِّغَرُ مَدَارَ الْحُكْمِ ، وَفِي قَاضِي خَانْ زَوَّجَتْهَا أُمُّهَا وَقَبَضَتْ مَهْرَهَا فَبَلَغَتْ وَطَلَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ فَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً لَمْ يَكُنْ لِلْبِنْتِ ذَلِكَ لِبَرَاءَةِ الزَّوْج بِدَفْعِهِ إلَى الْأُمِّ ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً فَلِلْبِنْتِ أَخْذُ الْمَهْرِ مِنْ زَوْجِهَا ، وَهُوَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأُمِّ إذْ لَيْسَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِهَا وَدَفْعُهُ إلَيْهَا كَدَفْعِهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَا سِوَى الْجَدِّ وَالْأَبِ وَالْقَاضِي لِأَنَّ غَيْرَهُمْ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يَمْلِكُ قَبْضَ مَهْرِهَا وَلَوْ كَانَ عَاقِدًا بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ وَالْوِكَالَةِ انْتَهَى .
قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْأُمِّ قَائِمًا لَا هَالِكًا لِدَفْعِهِ بِرِضَاهُ فَيَصِيرُ أَمَانَةً كَمَا لَوْ دَفَعَهُ إلَى أَجْنَبِيٍّ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ قَبَضَ الْوَلِيُّ مَهْرَهَا ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الزَّوْجِ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَتْ الْبِنْتُ بِكْرًا لِأَنَّهُ يَلِي الْقَبْضَ لَا الرَّدَّ ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى رَدَّ

الْأَمَانَةِ ، وَفِيهِمَا أَيْضًا أَدْرَكَتْ ، وَطَلَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى الْأَبِ ، وَأَقَرَّ الْأَبُ بِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا ، وَتَأْخُذُهُ مِنْ الزَّوْجِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ إلَّا إذَا قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ مَهْرِهَا ، ثُمَّ أَنْكَرَتْ الْبِنْت فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي هَذَا عَلَى الْأَبِ .

جَعَلَ بَعْضَ مَهْرِهَا مُؤَجَّلًا ، وَالْبَاقِي مُعَجَّلًا ، وَوَهَبَ الْبَعْضَ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تُجِزْ الْبِنْتُ الْهِبَةَ فَقَدْ ضَمِنَتْ مِنْ مَالِي لَا يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ بَعْدَ الْبُلُوغِ ، وَإِنْ قَالَ إنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ بِالْهِبَةِ ، وَرَجَعَتْ عَلَيْك فَأَنَا ضَامِنٌ صَحَّ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ انْتَهَى .

إذَا قَبَضَ الْوَلِيُّ مَهْرَ الْبِكْرِ فَسَكَتَتْ بَرِئَ الزَّوْجُ إنْ كَانَ الْقَابِضُ أَبًا أَوْ جَدًّا اسْتِحْسَانًا خُلَاصَةً .

بَعَثَ بِهَدَايَا إلَى خَطِيبَةِ ابْنِهِ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الزِّفَافِ يَرْجِعُ الْأَبُ بِالْقَائِمِ مِنْهَا دُونَ الْهَالِكِ ، وَإِنْ بَعَثَ الْهَدَايَا مِنْ مَالِ الِابْنِ بِرِضَاهُ .

بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ دَرَاهِمَ ، وَبَعَثَ قَوْمُ الْخَطِيبَةِ بِيَدِ الْمُتَوَسِّطَةِ ثِيَابًا بِرَسْمِ الْعِيدِيَّةِ وَقَالَتْ هِيَ لَك عِيدِيَّةٌ فَاقْطَعْهَا ثِيَابًا فَفَعَلَ ، وَهُوَ بَعَثَ إلَيْهِمْ قَدْرًا مِنْ التِّينِ وَالْفَوَاكِهِ ثُمَّ فَسَدَتْ الْمُصَاهَرَةُ فَهُمْ يَتَحَاسَبُونَ ، وَيَتَرَادُّونَ الْفَضْلَ ، وَلَا يَتَرَادُّونَ مَا أَنْفَقُوا فِي الضِّيَافَاتِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ .

الْعَادَةُ الْجَارِيَةُ فِي بَلَدِنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْخَاطِبُ أَنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ كَذَا ، وَإِلَى بَنَاتِ الْخَطِيبَةِ كَذَا ، وَيَتَّخِذُ أَبُوهَا ثِيَابًا لَهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ ، وَتَفَرَّقَ بَعْدَ مُدَّةٍ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْسِبَ مَا بَعَثَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ إذَا بَعَثَ إلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ ثِيَابًا .

وَلَوْ أَرْسَلَ إلَى أَهْلِ خَطِيبَتِهِ دَنَانِيرَ ثُمَّ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ هُوَ نَقَدْتهَا مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ قَالَ اصْرِفُوا بَعْضَ الدَّنَانِيرِ إلَى أُجْرَةِ الْحَائِكِ ، وَبَعْضَهَا إلَى ثَمَنِ الشِّيَاهِ وَالْحِنَّاءِ وَالشَّمْعِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي التَّعْيِينِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَحَاصِلُ جَوَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا بَعَثَ الدَّنَانِيرَ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَهْرِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ ، وَإِنْ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا .

بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ دستيمان ، وَزَفَّهَا الْأَبُ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَدْرِ الْمَبْعُوثِ جِهَازًا .
نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِجِهَازِ مِثْلِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ دستيمان ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ وَجَمَالِ الدِّينِ الزيغد مَوْلَى وَبُرْهَانِ الدِّينِ وَالِدِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ .

زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْأَبَ بِمَا بَعَثَ إلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ ، وَإِنْ كَانَ الْجِهَازُ قَلِيلًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فِي عُرْفِهِمْ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ يُفْتِي بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجَهِّزْ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا بَقِيَ ، وَالْمُعْتَبَرُ مَا يُتَّخَذُ لِلزَّوْجِ لَا مَا يُتَّخَذُ لَهَا ، وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الزِّفَافِ زَمَانًا يُعْرَفُ بِذَلِكَ رِضَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لَهُ شَيْءٌ .

صَغِيرَةٌ نَسَجَتْ جِهَازًا بِمَالِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَسَعْيِهَا حَالَ صِغَرِهَا وَكِبَرِهَا فَمَاتَتْ أُمُّهَا ، وَسَلَّمَ أَبُوهَا جَمِيعَ الْجِهَازِ إلَيْهَا فَلَيْسَ لِأَخَوَاتِهَا دَعْوَى نَصِيبِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ مِنْ الْقُنْيَةِ .

رَجُلٌ مِنْ التُّرْكُمَانِ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ الدَّمُ ويردم الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي عُرْفِهِمْ فِي قَوْلِ الْوَلِيِّ ويردم أَنَّهُ إجَابَةُ الْخَاطِبِ ، وَالْوَعْدُ لَهُ بِالْعَقْدِ ، وَفِي قَوْلِ الْخَاطِبِ الدَّمُ يُفْهَمُ إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الْخِطْبَةِ لَا يَرْجِعُ عَنْهَا ، وَمَا يُعْطِي الْخَاطِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَرَسًا يُسَمُّونَهُ بأشلق مَعْنَاهُ حَقُّ التَّرْبِيَةِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأَبِيهَا ، وَمَا يُعْطِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا يُسَمُّونَهُ سُود حَقِّي مَعْنَاهُ حَقُّ الْإِرْضَاعِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأُمِّهَا ، وَمَا يُعْطِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ قفتا نلق مَعْنَاهُ حَقُّ الْقَبَاءِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأُخْتِهَا ، وَكُلُّ مَا يَدْفَعُ الْخَاطِبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْخَيْلِ وَالثِّيَابِ بِشَرْطِ جَرَيَانِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبِلِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَمْ لَا ، وَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمَدْفُوعِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا ، وَهُوَ الْفَرَسُ وَالثِّيَابُ وَالدَّرَاهِمُ بَعْدَ جَرَيَانِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْحَرِيرِيُّ النَّخَعِيُّ الْأَنْصَارِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ، وَمَا دَفَعَهُ إلَى هَؤُلَاءِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ، وَهُمَا قَوْلُ الْوَلِيِّ ويردم وَقَوْلُ الْخَاطِبِ الدَّم فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ عُرْفِهِمْ مِنْ قَوْلِ الْوَلِيِّ ويردم إجَابَةُ الْخَاطِبِ ، وَالْوَعْدُ لَهُ بِالْعَقْدِ ، وَمِنْ قَوْلِ الْخَاطِبِ الدَّم إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الْخِطْبَةِ لَا يَرْجِعُ عَنْهَا ، وَكُلُّ مَا يُرْسِلُهُ الْخَاطِبُ إلَى بَيْتِ الْمَخْطُوبَةِ مِمَّا يَتَسَارَعُ فِيهِ الْفَسَادُ فَهُوَ هَدِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ، وَمَا يُرْسِلُهُ سِوَى ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ وَالْخَيْلِ

وَالثِّيَابِ فَهُوَ هَدِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ جَرَيَانِ الْعَقْدِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ عُرْفِ التُّرْكُمَانِ ، وَمَنْ يُجَاوِرُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي بَلَدِ الرُّومِ ، وَالْهَدِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْخَاطِبِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ بِهَا مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ ، كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ .

جَهَّزَ ابْنَتَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهَا ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ فِي تَسْلِيمِ الثِّيَابِ الْخَتْنَ مَا أَجَابَ بِهِ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ إنَّهُ إذَا حُمِلَتْ الثِّيَابُ الَّتِي اُتُّخِذَتْ بِاسْمِ الْخَتْنِ إلَى بَيْتِ الْخَتْنِ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ إلَيْهِ لِلرُّؤْيَةِ وَالِاسْتِرْدَادِ بَعْدَهَا ، وَإِنْ كَانَ وَضَعُوا فِي الْجِهَازِ ثِيَابًا بِاسْمِ أَخِ الْخَتْنِ ، وَحُمِلَتْ مَعَ ثِيَابِ الْخَتْنِ إلَى بَيْتِهِ لَا يَثْبُتُ لِأَخِيهِ الْمِلْكُ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا .

امْرَأَةٌ نَسَجَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ إبْرَيْسَمٍ كَانَ يَشْتَرِيهِ أَبُوهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ .

قَالَ لِخَتْنِهِ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ ، وَاشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِك مَتَاعًا ، وَلِأَهْلِك دِيبَاجًا فَفَعَلَ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي قَالَ لَهُ ، وَاشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِك عَلَيْهِ .

أَرْسَلَ إلَى خَتْنه ثِيَابًا فَقَبَضَهَا لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا إذَا خَاطَهَا الْخَتْنُ .

دَفَعَتْ فِي تَجْهِيزِ بِنْتِهَا أَشْيَاءَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْأَبِ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ ، وَكَانَ سَاكِتًا ، وَزُفَّتْ إلَى الزَّوْجِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ بِنْتِهِ ، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ مُعْتَادٌ ، وَالْأَبُ سَاكِتٌ لَا تَضْمَنُ .

بَعَثَ عِنْد الْخِطْبَةِ إلَيْهَا أَشْيَاءَ مَرْسُومَةً فِيهَا دِيبَاجٌ ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ آخُذُ الدِّيبَاجَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ يَعْنِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهَا جَبْرًا إذَا بَعَثَ إلَيْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ .

زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَجَهَّزَهَا بِأَمْتِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ ، وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهَا ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ ، وَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِذَلِكَ الْجِهَازِ لِأَنَّ التَّجْهِيزَ تَمْلِيكٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيمُ .
وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَى أَبِيهَا دَيْنٌ فَجَهَّزَهَا ثُمَّ قَالَ جَهَّزْتهَا بِمَا لَهَا عَلَيَّ وَقَالَتْ بَلْ بِمَالِك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَقِيلَ : الْقَوْلُ لِلْبِنْتِ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الْأَبُ كَانَ لِأُمِّك عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ فَاِتَّخَذْت الْجِهَازَ بِهَا وَقَالَتْ بَلْ مِنْ مَالِك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَيْنَ الْبِنْتِ عَلَى الْأَبِ مَعْلُومٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَدْ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ عَنْهُ فَلَا يُصَدَّقُ ، وَفِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا عُرِفَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ ، وَلَكِنْ مَعَ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ كَمَنْ قَالَ لِلْقَاضِي بِعْت هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ ، وَغَابَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ يَبِيعُهُ الْقَاضِي ، وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ لِلْغَائِبِ إنَّمَا ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ مَشْغُولًا بِحَقِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ مَعْلُومًا لَا يَبِيعُهُ مِنْ الْقُنْيَةِ .

وَفِي قَاضِي خَانْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ مَتَاعًا وَبَعَثَ إلَيْهِ أَبُوهَا مَتَاعًا فَقَالَ الزَّوْجُ مَا بَعَثْته مَهْرٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ حَلَفَ فَلِلْمَرْأَةِ رَدُّ الْمَتَاعِ لَوْ قَائِمًا ، وَإِلَّا تَرُدُّ مِثْلَهُ لَوْ مِثْلِيًّا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِهِ مَهْرًا ، وَتَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ وَلَوْ قِيَمِيًّا لَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِبَقِيَّتِهِ .
قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا رَدُّ قِيمَةِ قِيَمِيٍّ هَلَكَ لِتَرْجِعَ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِ الْمَدْفُوعِ مِنْ الْمَهْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا رَدُّهُ قَائِمًا ، وَرَدُّ قِيمَتِهِ هَالِكًا لِتَصِلَ إلَى حَقِّهَا قَالَ قَاضِي خَانْ ، وَأَمَّا مَا بَعَثَهُ أَبُوهَا فَلَوْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَائِمًا ، وَبَعَثَ الْأَبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ لِغَيْرِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَلَوْ بَعَثَهُ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ بِرِضَاهَا لَا تَرْجِعُ فِيهِ لِأَنَّهُ هِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ ، وَلَا رُجُوعَ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيمَا بَعَثَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ هَالِكًا لِأَنَّهُ بَعَثَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ مِنْ الْهِبَةِ فَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ رُجُوعُهُ قُلْتُ : وَنِعْمَ مَا قَالَ .

لَوْ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ مُدَّةً فَتَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّهَا أُخْتُهُ رَضَاعًا ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ لَوْ أَنْفَقَ بِفَرْضِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِلَا فَرْضٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ، وَكَذَا لَوْ فَرَضَهَا الْقَاضِي ، وَأَخَذَتْهَا ، وَأَكَلَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا لَا لَوْ أَكَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِإِبَاحَتِهِ .

أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ إنْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ أَوْ لَا وَقِيلَ : إنَّمَا يَرْجِعُ لَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ بِأَنْ قَالَ أُنْفِقُ عَلَيْك بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجِي بِي ، وَإِلَّا فَأَرْجِعُ عَلَيْك بِمَا أُنْفِقُ ، وَلَا يَرْجِعُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ لَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَا لَوْ تَزَوَّجَتْ سَوَاءٌ شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا هَذَا لَوْ أَنْفَقَ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِلَا شَرْطٍ ، وَلَكِنْ عُلِمَ عُرْفًا أَنَّهُ يُنْفِقُ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ قِيلَ : يَرْجِعُ ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ إذْ الْمَعْرُوفُ كَمَشْرُوطٍ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ : الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ تَزَوَّجَتْهُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ ، وَهَذَا لَوْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَمَّا لَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ لَا يَرْجِعُ .

قَالَ لِرَجُلٍ اعْمَلْ فِي كَرَمْيِ هَذِهِ السَّنَةَ حَتَّى أُزَوِّجَك بِبِنْتِي فَعَمِلَ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ قِيلَ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقِيلَ لَا .
وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا لَوْ عَمِلَ بِلَا شَرْطِ الْأَبِ ، وَلَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْمَلُ طَمَعًا فِي التَّزَوُّجِ ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ : اعْمَلْ مَعِي حَتَّى أَفْعَلَ مَعَك كَذَا فَأَبَى .

عَجَّلَ لِامْرَأَتِهِ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَاتَتْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَرُجُوعِ الْهِبَةِ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ، وَبِهِ يُفْتَى وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

مَبْتُوتَةٌ أَخَذَتْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ سَنَتَيْنِ ، وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ بِالْإِجْمَاعِ لَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الزِّنَا إنْ ثَبَتَ لَا يُبْطِلُ النَّفَقَةَ ، وَعِنْدَهُمَا تَرُدُّ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّزَوُّجِ بِآخَرَ ، وَالْوِلَادَةُ مِنْهُ ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْحَقَائِقِ .

أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إلَى أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَإِنْ لَمْ يُعَدَّلْ الشُّهُودُ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ إنْ أَخَذَتْ بِفَرْضِ الْقَاضِي ، وَبِغَيْرِهِ لَا يَرْجِعُ ، مِنْ الْوَجِيزِ .

وَفِي الْأَقْضِيَةِ رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْمَدْخُولَةَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَعْتَقَ أَمَةً فَإِنِّي أَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمَةِ حَتَّى أَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ ، وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا سِتْرًا بِخِلَافِ مُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ حَيْثُ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا امْرَأَةً ثِقَةً فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الشُّهُودِ يُفْرَضُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ قَدْرُ مُدَّةِ الْعِدَّةِ ، وَسَوَاءٌ ادَّعَتْ هِيَ الطَّلَاقَ أَوْ جَحَدَتْ أَوْ سَكَتَتْ فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ سَلَّمَ لَهَا النَّفَقَةَ ، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهَا كَالنَّاشِزَةِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْهُ ، وَمَا أَكَلَتْ بِإِذْنِهِ لَا بِفَرْضِ الْقَاضِي فَهُوَ تَبَرُّعٌ فَلَا يَسْتَرِدُّ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

خَطَبَ امْرَأَةً فِي بَيْتِ أَخِيهَا فَأَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا حَتَّى تَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ ، وَتَزَوَّجَهَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ .

الْوَكِيلُ بِالتَّزْوِيجِ إذَا ضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ فَإِنْ أَدَّى إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُنْتَقَى يَرْجِعُ ، وَإِنْ أَدَّى بِغَيْرِ أَمْرِهِ .

رَجُلٌ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ لَا أَتَزَوَّجُك مَا لَمْ تَهَبِينِي مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الْمَهْرِ فَوَهَبَتْهُ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَالْمَهْرُ بَاقٍ عَلَى الزَّوْجِ تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ .

تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ بِأَلْفَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَلْزَمُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ ، وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ .
وَفِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى عَكْسِ هَذَا ، وَذَكَرَ عِصَامٌ أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا .
وَفِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ عِصَامٌ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ .
وَفِي النَّوَازِلِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إذَا جَدَّدَ الْمَهْرَ يَجِبُ كِلَا الْمَهْرَيْنِ ، وَفَتْوَى الْإِمَامِ الْقَاضِي الْأَجَلِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي شَيْءٌ إلَّا إذَا عَنَى بِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْمَهْرُ الثَّانِي ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ جَائِزَةٌ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ .

امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ أَشْهَدَ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ كَذَا مِنْ مَهْرِهَا تَكَلَّمُوا فِيهِ ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ .

الْوَاجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى ، وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ تَسْمِيَةً ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ ، وَإِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ ، وَلَا يَجِبُ بِالْخَلْوَةِ ، وَالْمَسِّ عَنْ شَهْوَةٍ ، وَالتَّقْبِيلِ ، وَالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ خُلَاصَةً .

قَالَتْ الْمُعْتَدَّةُ لِزَوْجِهَا تَزَوَّجْنِي فَقَالَ هَبِي لِي الْمَهْرَ الَّذِي لَك عَلَيَّ فَأَتَزَوَّجَك فَأَبْرَأَتْهُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ يَبْرَأُ عَلَى جِهَةِ الرِّشْوَةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْقُنْيَةِ .

تَزَوَّجَهَا ، وَبَعَثَ إلَيْهَا بِهَدَايَا ، وَعَوَّضَتْهُ ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ ، وَفَارَقَهَا فَقَالَ مَا بَعَثَتْهُ فَكُلُّهُ عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي مَتَاعِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ التَّمْلِيكَ ، وَلَهَا أَخْذُ مَا بَعَثَتْهُ لِأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّهُ عِوَضُ الْهِبَةِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هِبَةً لَمْ يَكُنْ عِوَضًا فَلِكُلِّ مِنْهُمَا أَخْذُ مَا بَعَثَهُ قِيلَ : هَذَا لَوْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْهُ أَنَّهُ عِوَضٌ وَلَوْ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ ، وَلَكِنَّهَا نَوَتْهُ كَانَ هِبَةً ، وَبَطَل نِيَّتُهَا وَلَوْ اسْتَهْلَكَتْ مَا بَعَثَهُ الزَّوْجُ إلَيْهَا فَأَنْكَرَ الْهِبَةَ ، وَحَلَفَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ التَّضْمِينُ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَّةِ كَذَلِكَ ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ الزَّوْجُ مَا بَعَثَتْهُ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا التَّضْمِينُ ، .
وَفِي الْقُنْيَةِ وَقِيلَ : لَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا فَرَّقَ عَلَى النَّاسِ صَاحِبُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ دَلَالَةً ، وَلَا بِالْمَأْكُولَاتِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ ، وَالْفَوَاكِهِ الرُّطَبَةِ انْتَهَى .

لَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَاِتَّخَذَتْ وَالِدَتَهَا مَأْتَمًا فَبَعَثَ زَوْجُ الْمَيِّتَةِ بَقَرَةً إلَى صَهَرْته لِتَذْبَحَهَا ، وَتُنْفِقَهَا فَفَعَلَتْ ، وَطَلَبَ الزَّوْجُ قِيمَتَهَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِ الرُّجُوعِ يَرْجِعُ لَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ بِإِذْنِهِ بِلَا شَرْطِ الْقِيمَةِ .
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِأُمِّ الْمَيِّتَةِ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ شَرْطَ الضَّمَانِ وَقِيلَ : يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأُمَّ تَدَّعِي الْإِذْنَ بِلَا عِوَضٍ ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ كَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا فَقَالَ لَهُ رَبُّهَا أَقْرَضْتُكهَا وَقَالَ الْقَابِضُ وَهَبْتنِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى الْمَنْقُولِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

لَوْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ شَيْئًا هُوَ هَدِيَّةٌ وَقَالَ الزَّوْجُ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا فِي الطَّعَامِ الَّذِي يُؤْكَلُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا قَالَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مُتَهَيَّئًا لِلْأَكْلِ أَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقِيلَ : مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْسِبَهُ مِنْ الْمَهْرِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

لَوْ قَبَضَ الْمَهْرَ أَبُوهَا مِنْ زَوْجِهَا فَسَكَتَتْ يَكُونُ إذْنًا إلَّا أَنْ تَقُولَ لَا تَقْبِضُهُ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْقَبْضُ عَلَيْهَا ، وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

إذَا قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْت ابْنِي فُلَانًا بِأَلْفٍ مِنْ مَالِي لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ فَيَكُونَ صِلَةً قَالَ كَأَنَّهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

امْرَأَةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِرِسَالَةٍ ، وَضَمِنَ الرَّسُولُ بِالْمَهْرِ وَقَالَ أَمَرَنِي بِالرِّسَالَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ لَزِمَهُ النِّكَاحُ ، وَالضَّمَانُ لَازِمٌ لِلرَّسُولِ ، وَإِنْ جَحَدَ الزَّوْجُ الْأَمْرَ فَلَا نِكَاحَ ، وَلَهَا عَلَى الرَّسُولِ نِصْفُ الصَّدَاقِ هَذَا إذَا اسْتَحْلَفَ الْقَاضِي الزَّوْجَ بِنِكَاحِهَا فَنَكِلَ ، وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي التَّفْرِيقَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْوَاجِبُ عَلَى الزَّوْجِ فِي زَعْمِ الرَّسُولِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَأَمَّا إذَا لَمْ تُطَالِبْ الْمَرْأَةُ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ فَيَكُونُ فِي زَعْمِهَا أَنَّ الْوَاجِبَ جَمِيعُ الْمَهْرِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ كُلُّهُ .

زَوَّجَ الْأَبُ صَغِيرَتَهُ ، وَضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا جَازَ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مِنْ الْأَبِ ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ إذَا بَلَغَتْ ، وَكَذَا إذَا ضَمِنَ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ ، وَإِنْ أَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلَدِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ صِلَةٌ عَادَةً ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ ، وَأَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ يَرْجِعُ بِهِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ فِي حِصَّتِهِ لِأَنَّ الصِّلَةَ لَمْ تَتِمَّ قَبْلَ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَ عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَاتَ وَأَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ فِي حِصَّتِهِ لِعَدَمِ الْأَمْرِ بِالضَّمَانِ بِالْمَهْرِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي حَقِّ الْكَبِيرِ فَإِنْ ضَمِنَ فِي الْمَرَضِ ، وَمَاتَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ ، وَيَرْجِعُ بَاقِي الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ ، وَإِنْ ضَمِنَ وَصِيُّ الزَّوْجِ ، وَهُوَ وَلِيٌّ ثُمَّ أَدَّى رَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ .

لَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ بِهَا أَخَذَتْ أَيَّهمَا شَاءَتْ بِالْأَلْفِ ، وَأَيَّهمَا أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَالَعَهَا الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا فَالْمَالُ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْخُلْعِ أَمْرٌ بِالْتِزَامِ الْمَالِ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَصِحُّ بِدُونِ الْأَمْرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَمْرُ لِوُجُوبِ الْبَدَلِ ، وَالنِّكَاحُ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْأَمْرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَمْرُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ لَا لِوُجُوبِ الْبَدَلِ .

وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً عَلَى عَبْدِهِ أَوْ عَلَى عِرْضِهِ جَازَ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ ، وَفِي الْخُلْعِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَيُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْهَلَاك بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَهُ عَلَى أَلْفِهِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى دَفْعِ مَالِهِ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَفِي الصُّغْرَى الْأَبُ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ امْرَأَةً ، وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ وَأَدَّى كَانَ مُتَطَوِّعًا اسْتِحْسَانًا لَا إذَا أَشْهَدَ عَنْهُ الْأَدَاءَ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى لِيَرْجِعَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا ، وَيَرْجِعُ فِي مَالِهِ وَضَمِنَ عَنْهُ ، هَذَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ وَالْأَدَاءُ جَمِيعًا فِي حَالِ صِحَّةِ الْأَبِ أَمَّا إذَا ضَمِنَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ ، وَأَدَّى فِي الْمَرَضِ أَوْ ضَمِنَ فِي صِحَّتِهِ وَمَاتَ فَأَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بَلْ يَحْتَسِبُ مِنْ مِيرَاثِ الِابْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ هُوَ وَلَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الِابْنِ بِشَيْءٍ انْتَهَى .

وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ غَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ ، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ عَنْ الصَّغِيرِ وَأَدَّى مِنْ مَالِهِ يَرْجِعُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ اتِّفَاقًا وَلَوْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَهْرَ عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ ضَمِنَ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُونَ اتِّفَاقًا ، وَلَا يَجِبُ إجْمَاعًا الْمَهْرُ عَلَى الْأَبِ بِلَا ضَمَانٍ لِفَقْرِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَقَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ .

الْأَبُ إذَا قَالَ لِلْخَتْنِ حِينَ يَقْبِضُ مَهْرَ بِنْتِهِ أَقْبِضُ مِنْك عَلَى أَنْ أُبْرِئَك مِنْ مَهْرِ بِنْتِي فَلَوْ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ فَالزَّوْجُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ فِي الْوِكَالَةِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .

زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ أَجْنَبِيٌّ بِأَمْرِ الْأَبِ وَأَدَّى يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ ، وَكَذَا الْوَصِيُّ لَوْ أَدَّى مَهْرَهُ يَرْجِعُ لَوْ أَشْهَدَ الْأَبُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَالِ ابْنِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ حِينَ ضَمِنَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ .
وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ لَوْ كَبِرَ الِابْنُ ثُمَّ ادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ أَشْهَدَ يَرْجِعُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَا يَرْجِعُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ دَيْنٌ عَلَى الْأَبِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَدَّى مَهْرَهُ ، وَلَمْ يُشْهِدْ ثُمَّ قَالَ أَدَّيْت مَهْرَهُ مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَيَّ صَدَقَ الْأَبُ إنْ كَانَ صَغِيرًا وَلَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا لَا ، وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا مِنْ الْخُلَاصَةِ .

إذَا رَهَنَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ شَيْئًا فَقَبَضَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يَبْطُلُ الدَّيْنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ فَإِذَا هَلَكَ لَا يَهْلِكُ بِالْمُتْعَةِ بَلْ يَهْلِكُ أَمَانَةً ، وَتَرْجِعُ هِيَ عَلَى الزَّوْجِ بِالْمُتْعَةِ وَقَبْلَ الْهَلَاكِ لَيْسَ لَهَا مُتْعَةٌ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَصِيرُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ حَتَّى يَهْلِكَ مَضْمُونًا بِالْمُتْعَةِ ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ سَوَاءٌ كَانَ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ الْمُتْعَةِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُتْعَةِ تَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْمُتْعَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ .

إذَا فَسَخَ النِّكَاحَ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ كَمَالُ الْمَهْرِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ كُلُّ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ .

تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي دَارٍ مَحَلَّةٍ فَنَزَلَ بِهَا ، وَضَمِنَ عَنْهَا لِرَبِّ الدَّارِ ، وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ بِأَمْرِهَا لِأَنَّ فِي الْعَادَةِ أَنَّ مَا ضَمِنَ صِلَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهَا ، وَنَظِيرُهُ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ عَنْ الِابْنِ وَقَدْ مَرَّ مِنْ الصُّغْرَى .

لَوْ فُرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ وَلَوْ خَلَا بِهَا ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى ، وَمِنْ مَهْرِهَا لَوْ سَمَّى ، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ .
وَلَوْ جَامَعَهَا فِي دُبُرِهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ .

وَفِيهِ أَيْضًا مَا قَبَضَ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ ضَمِنَ يَعْنِي لَوْ قَبَضَ أَمَةَ غَيْرِهِ لِيُزَوِّجَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا ، وَالْمَهْرُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ مَضْمُونٌ ، وَكَذَا بَدَلُ الْخُلْعِ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ مَضْمُونٌ يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَيْنٍ أَوْ خَالَعَهَا فَهَلَكَ قَبْلَ قَبْضِهِ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْقِيَمِيِّ انْتَهَى .

رَجُلٌ جَامَعَ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَمَاتَتْ إنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَالْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ .

وَلَوْ أَزَالَ بَكَارَةَ امْرَأَةٍ بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

صَبِيٌّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ ، وَدَخَلَ بِهَا لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ ، وَفِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ يَجِبُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ قَوْلِيٌّ .

تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا وَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا وَصَدَّقَتْهُ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ .

خَلَا بِهَا ، وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ .

صَغِيرٌ يَقْدِرُ عَلَى الْإِيلَاجِ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ يُجَامَعُ مِثْلُهَا ، وَخَلَا بِهَا لَا يَجِبُ كَمَالُ الْمَهْرِ .

الْمَرِيضُ الْقَادِرُ إذَا لَمْ يَشْتَهِ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ خَلْوَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ وَيَشْتَهِي يَنْبَغِي أَنْ تُوجِبَ كَمَالَ الْمَهْرِ .

بَاعَ عَبْدَهُ بَعْدَمَا زَوَّجَهُ امْرَأَةً فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْغُلَامِ يَدُورُ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ .

زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ تَخَيَّرَ فِي تَضْمِينِ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدِ .

زَوَّجَ مُدَبَّرَهُ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ .

تَزَوَّجَهَا ، وَكَانَا فِي الدَّارِ شَهْرَيْنِ ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ كُنْت غَيْرَ بَالِغٍ حِينَ تَزَوَّجْتهَا ، وَهُوَ رَجُلٌ تَامُّ الْخِلْقَةِ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ ، وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يَطَأْهَا ، وَهُوَ غَيْرُ بَالِغٍ لَكِنَّهُ خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ .

رَجُلٌ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ يَدَّعِي نِكَاحَهَا غَيْرَهُ قَبْلَهُ ، وَيُصَدِّقُهُ الثَّانِي لِرَغْبَتِهِ عَنْهَا أَوْ لِغَلَاءِ مَهْرِهَا ، وَلَا دُخُولَ هُنَاكَ مِنْهُمَا يَرْجِعُ إلَيْهَا فَإِنْ أَقَرَّتْ لِلْأَوَّلِ فَهِيَ زَوْجَتُهُ فَإِنْ لَمْ تُقِرَّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْ الثَّانِي ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ .

قَالَتْ لَهُ طَلَّقْته طَلَاقًا رَجْعِيًّا رَاجَعْتُك يَا همج كَابِينَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ كَانَتْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا قَبْلُ أَوْ لَا وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا دَارِهِ ثُمَّ تَخَاصَمَا فَأَبْرَأْته عَنْ مَهْرِهَا لِيُطَلِّقَهَا فَطَلَّقَهَا لَا يَبْرَأُ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .

الْمَهْرُ مَا دَامَ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ بِهَلَاكِ الْمَهْرِ فَبَقِيَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِتَسَلُّمِهِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ عَيْنِهِ يُلْزَمُ قِيمَتُهُ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَهُ .
وَلَوْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمَمْهُورَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا ، وَكَذَا إذَا اسْتَحَقَّتْ ، وَكَذَلِكَ لَوْ وُهِبَتْهَا مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ الْمَمْهُورَةِ أَخَذَتْ الْبَاقِيَ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ ، وَإِنْ شَاءَتْ كُلَّ الْقِيمَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفَ الْبَاقِيَ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ صَحِيحَةٌ فَكَانَ فِي حَقِّهَا فِي نِصْفِ الْمُسَمَّى ، وَإِنَّهُ بَاقٍ وَلَوْ حَدَثَ بِالْمَهْرِ عَيْبٌ سَمَاوِيٌّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نَاقِضًا بِلَا غُرْمِ النُّقْصَانِ ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْعَقْدِ ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلِ الزَّوْجَةِ صَارَتْ قَابِضَةً بِالْجِنَايَةِ ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَةَ النُّقْصَانِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَتَهُ مِنْ الزَّوْجِ ، وَاتَّبَعَ الْجَانِي بِالْأَرْشِ ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلِ الْمَهْرِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي حُكْمِ جِنَايَةِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَضْمُونٌ فِي يَدِهِ ، وَفِي رِوَايَةٍ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ وَلَوْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ ثُمَّ تَعَيَّبَ بِفِعْلِهَا أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالرَّدِّ فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَخَذَ نِصْفَهُ ، وَلَا يُضَمِّنُهَا النُّقْصَانَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ ، وَالْحُكْمُ بِالرَّدِّ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذُ نِصْفَهُ وَنِصْفَ الْأَرْشِ ، وَإِنْ تَعَيَّبَ بِالْقَوْلِ يُضَمِّنُهَا نِصْفَ الْقِيمَةِ لَا غَيْرُ ، وَإِنْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الزَّوْجِ فَهُوَ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ ، وَبِفِعْلِ الْمَهْرِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ .

وَلَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّافِّ .

رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَتَزَوَّجَ أَبُوهُ ابْنَتَهَا فَزُفَّتْ امْرَأَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَعَلَى الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ جَمِيعُ مَهْرِ الْمَوْطُوءَةِ وَنِصْفُ مَهْرِ امْرَأَتِهِ ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَاطِئَ الْأَخِيرَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنْ وَطِئَا مَعًا لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا .

ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ صَبِيٌّ جَامَعَ امْرَأَةً بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهَا ، وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ .

صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ جَامَعَ امْرَأَةً ثَيِّبًا ، وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَأَفْضَاهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ إتْلَافِهَا لِأَنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِضَمَانِ الْإِتْلَافِ .

لَوْ وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتِبِهِ أَوْ وَطِئَ امْرَأَةً فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِرَارًا فَعَلَيْهِ مَهْرُ وَاحِدٍ وَلَوْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ مِرَارًا وَقَدْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ عُقُوبَةٍ أَوْ غَرَامَةٍ صِيَانَةً لِلْأَبْضَاعِ الْمُحْتَرَمَةِ فَإِذَا سَقَطَتْ الْعُقُوبَةُ لِلشُّبْهَةِ وَجَبَتْ الْغَرَامَةُ حَقًّا لَهَا ، وَكُلُّ وَطْءٍ حَصَلَ عَقِيبَ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مِرَارًا لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِي صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ .

رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَهَا ، وَهُوَ عَلَى بَطْنِهَا فَعَلَيْهِ مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ عَنْ شُبْهَةٍ ، وَمَهْرٌ بِالنِّكَاحِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَلَوْ وَطِئَ الْمَوْلَى مُكَاتِبَتَهُ لَزِمَهُ الْعُقْرُ .

وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَادَّعَاهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَجِبُ الْمَهْرُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتِبَتَهُ مِرَارًا يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ .

وَإِذَا ظَهَرَ فِي الْمَنْكُوحَةِ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا إذَا وَطِئَهَا مِرَارًا يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ .

وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ مِرَارًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْوَالِدُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالدِّينِ إنَّهُ يَجِبُ بِكُلِّ وَطِئَ نِصْفُ مَهْرٍ .

وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا مِرَارًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ ، وَإِذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ .

إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى مَهْرِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّ الصَّدَاقِ ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الْمَهْرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ .

ثُمَّ هَاهُنَا مَسْأَلَةٌ صَارَتْ وَاقِعَةً ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ فِي عُرْفِنَا إذَا قَالَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ خوشين حريدم بِكَابِينَ وَعُدْت ، وَالْبَعْضُ مَقْبُوضٌ ، وَهُوَ الْمُعَجَّلُ دُونَ الْبَعْضِ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ ، وَالْمُرَادُ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَّا بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ اسْتِحْسَانًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ الْمَهْرِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ اسْتِحْسَانًا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَشَرَةٍ ، وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ ، وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَسَلَّمَ الْبَاقِيَ لَهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْعُشْرُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ ، وَالْبَاقِي بِمُقْتَضَى لَفْظِ الْخُلْعِ لِمَا تَبَيَّنَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ إلَّا عُشْرُ الْمَهْرِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا اسْتِحْسَانًا ، وَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ بَدَلَ الْخُلْعِ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الزَّوْجِ الْعُشْرُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ ، وَبَرِئَ عَنْ الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ .

لَوْ خَالَعَهَا ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ إنَّهُ يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ إنَّ هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرٌ فَعَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِذِكْرِ الْخُلْعِ ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا لَا يَبْرَأُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ ، وَمُؤْنَةِ السُّكْنَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إلَّا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْخُلْعِ ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْوَلَدِ ، وَهِيَ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ فَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْهَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ مَعَ الْخُلْعِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَإِنْ شَرَطَ إنَّ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا بِسَنَةٍ ، وَنَحْوِهَا جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتْ لَا يَجُوزُ وَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْهَا .

وَلَوْ قَالَتْ خوشين حريدم بِهِرِّ حَقِّي كه مَرَّا بِرّ ترست لَا يَبْرَأُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ .

وَلَوْ خَلَعَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ الزَّوْجِ بِمَالِ نَفْسِهِ صَحَّ الْخُلْعُ ، وَلَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ عَنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا ، وَالْمَهْرُ حَقُّهَا ، وَالْمُبَارَاةُ كَالْخُلْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ .
وَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْخُلْعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُبَارَأَةُ لَا تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ غَيْرِ دَيْنِ النِّكَاحِ فِي الصَّحِيحِ ، وَلَفْظُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هَلْ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ اُخْتُلِفَ فِيهِ ، وَكَذَا لَفْظُ خريد وفروخت قَالَ مَشَايِخُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ : يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ كُلِّ حُقُوقِ النِّكَاحِ عِنْدَهُ ، وَالصَّحِيحُ إنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَهْرِ إلَّا بِذِكْرِهِ .

طَلَّقَهَا عَلَى أَلْفٍ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَلَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ تَسْقُطُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ ، وَتَقَاصَّا بِأَلْفٍ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ الْبَلْخِيّ ، وَتَرْجِعُ عِنْدَ غَيْرِهِ ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ هَلْ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَالْبَلْخِيُّ يُوجِبُهُ وَغَيْرُهُ لَا .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا إذَا تَخَالَعَا ، وَلَمْ يَذْكُرَا الْمَالَ أَنَّهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بِلَا مَالٍ فَإِنْ قَالَ لَهَا : اخْلَعِي نَفْسَك مِنِّي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَفَعَلَتْ وَقَبِلَ الزَّوْجُ صَحَّ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْمَالِ ، وَوَقَعَ الْبَائِنُ وَقَالَ الْإِمَامُ السُّغْدِيُّ إذَا تَخَالَعَا ، وَلَمْ يَذْكُرَا بَدَلًا تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَتْ مِنْ الْمَهْرِ .

وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ خَلَعْت نَفْسِي مِنْك ، وَأَجَازَ الزَّوْجُ وَقَعَ بِغَيْرِ مَالٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي إذَا قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ خَلَعْت نَفْسِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمَالٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِغَيْرِ مَالٍ .
وَفِي الْإِيضَاحِ مُطْلَقُ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي الْمُتَعَارَفِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَالَ لَهَا اخْلَعِي ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَدَلًا فَقَالَتْ : خَلَعْت يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا ، وَلَا يَكُونُ خُلْعًا كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك بَائِنًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَكُونُ خُلْعًا ، وَتَرُدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرٌ بَرِئَ .

قَالَتْ اخْتَلَعْتُ فَقَالَ الزَّوْجُ طَلُقَتْ وَقَعَ الْبَائِنُ ، وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ ، انْتَهَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .

لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهَا مَهْرًا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ ، وَهِيَ دِرْعٌ ، وَخِمَارٌ ، وَمِلْحَفَةٌ .

إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَه عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الرَّجُلُ بِنْتَه أَوْ أُخْتَهُ لِيَكُونَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ عِوَضًا فَالْعَقْدَانِ جَائِزَانِ ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ .

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبَضَتْهَا ، وَوَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَهْرُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ فِي الذِّمَّةِ ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ الْأَلْفَ حَتَّى وَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَقَالَ زُفَرُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَوْ قَبَضَتْ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَتْ الْأَلْفَ كُلَّهَا الْمَقْبُوضَ ، وَغَيْرَهُ أَوْ وَهَبْت الْبَاقِيَ ثُمَّ طَلَّقَهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا قَبَضَتْ وَلَوْ كَانَتْ وَهَبَتْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَقَبَضَتْ الْبَاقِيَ فَعِنْدَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَى تَمَامِ النِّصْفِ وَعِنْدَهُمَا بِنِصْفِ الْمَقْبُوضِ وَلَوْ كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَرْضٍ فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ فَوَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ ، وَفِي الْقِيَاسِ ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَمَا إذَا بَاعَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ حَقَّهُ عِنْدَ الطَّلَاقِ سَلَامَةُ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ مِنْ جِهَتِهَا وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا دَفْعُ شَيْءٍ آخَرَ مَكَانَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَتْ مِنْ زَوْجِهَا لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ بِبَدَلٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا أَمَرْنَاهُ بِتَكْمِيلِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ مِنْ الْمَجْمَعِ .

وَإِنْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ امْرَأَةً عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ .

وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَهَا مِثْلُ وَزْنِهِ ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ الْقِيمَةُ كَمَا إذَا هَلَكَ الْعَبْدُ الْمُسَمَّى قَبْلَ التَّسْلِيمِ ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْبَاقِي إذَا سَاوَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَهَا الْعَبْدُ ، وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ أَزَالَ عُذْرَتَهَا بِدَفْعٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَفْتَى مُحَمَّدٌ بِكُلِّهِ مِنْ الْمَجْمَعِ .

إذَا تَزَوَّجَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيَّةً عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي دِينِهِمْ فَدَخَلَ بِهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهَا مَهْرٌ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .

الْأَبُ لَوْ خَالَعَ مَعَ زَوْجِ بِنْتِهِ الْبَالِغَةِ عَلَى إنَّهُ ضَامِنٌ صَحَّ حَتَّى لَوْ أَخَذَتْ الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَبِ ، وَوَجْهُ الصِّحَّةِ هُوَ أَنَّ الْأَبَ كَأَنَّهُ قَالَ اخْتَلَعْت بِرِضَا بِنْتِي ، وَضَمِنْت مَهْرَهَا إنْ أَنْكَرَتْ الْإِجَازَةَ وَقَبَضَتْ مِنْك فَأَنَا ضَامِنٌ فَصَحَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ احْتِيَالًا لِصِحَّةِ الضَّمَانِ ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ .

لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتَعْتَبِرُ الْعِدَّةَ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَوْ وَطِئَ فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا ، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ .

وَكِيلُ الْمَرْأَةِ إذَا زَوَّجَهَا أَوْ الْأَبُ إذَا زَوَّجَ الْبَالِغَةَ أَوْ الصَّغِيرَةَ بِمَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ أَوْ الْأَبَ أَبْرَأَ الزَّوْجَ مِنْ كُلِّ الْمَهْرِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ ، وَشَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ ، وَالْإِبْرَاءُ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً ، وَشَرْطُ الضَّمَانِ بَاطِلٌ ، وَالْحِيلَةُ لِهَذَا أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ أَوْ الْوَلِيُّ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ كَبِيرَةً أَمَرَتْنِي بِالْهِبَةِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ ، وَأَخَذَتْ مِنْك بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك بِكَذَا فَصَحَّ هَذَا الضَّمَانُ ، كَذَا فِي فَصْلِ الْوِكَالَةِ مِنْ النِّكَاحِ مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .

وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ هُنَا مَسَائِلُ يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهَا مِنْهَا أَنَّ الْأَبَ لَوْ زَوَّجَ كَبِيرَتَهُ فَطَلَبُوا أَنْ يَبْرَأَ الزَّوْجُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ بِأَنْ يُقِرَّ الْأَبُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَذِب حَقِيقَةً ، وَمَنْ أَمَرَ بِهِ فَقَدْ أَمَرَ بِالْكَذِبِ قَالَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَهَبَ بِإِذْنِهَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا إذْنِهَا إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِلزَّوْجِ عَنْهَا فَيَقُولَ إنْ أَنْكَرَتْ هِيَ الْإِذْنَ بِالْهِبَةِ ، وَغَرَّمَتْك مَا وَهَبْته فَأَنَا ضَامِنٌ ، وَيَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ لِإِضَافَتِهِ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ مِنْ زَعْمِ الْأَبِ وَالزَّوْجِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي الْإِنْكَارِ ، وَأَنَّ مَا أَخَذَتْهُ دَيْنٌ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ فَالْأَبُ ضَمِنَ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ فَيَصِحُّ انْتَهَى .

لَوْ خَالَعَ الْمَرْأَةَ عَلَى مَهْرِهَا وَرَضَاعِ ابْنِهِ حَوْلَيْنِ جَازَ ، وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِرْضَاعِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ الرَّضَاعِ ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَهْرِهَا ، وَعَلَى أَنْ تُمْسِكَ وَلَدَهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ تُجْبَرُ عَلَى إمْسَاكِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَهَرَبَتْ فَعَلَيْهَا أَجْرُ الْمِثْلِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا وَإِرْضَاعِ وَلَدِهِ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ إذَا وَلَدَتْهُ إلَى سَنَتَيْنِ جَازَ ، وَإِنْ شَرَطَتْ أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَنَّهَا تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ جَازَ .

وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ ، وَكَانَتْ وَهَبَتْهُ أَوْ بَاعَتْهُ مِنْ إنْسَانٍ لَزِمَهَا رَدُّ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدِهِ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَلَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ الْمُسْلِمَةَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ ، وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَائِنَةً ، وَإِنَّمَا لَا تَجِبُ لِأَنَّهَا مَا سَمَّتْ مَالًا مُتَقَوِّمًا حَتَّى تَصِيرَ غَارَّةً لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا خَلَعَ عَلَى خَلٍّ بِعَيْنِهِ فَظَهَرَ خَمْرًا لِأَنَّهَا سَمَّتْ مَالًا فَصَارَ مَغْرُورًا .

وَلَوْ قَالَتْ خالعني عَلَى مَا فِي يَدِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ فَفَعَلَ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ .

وَإِنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ لَهَا أَبَقَ عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْ الضَّمَانِ صَحَّ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ، وَلَمْ تَبْرَأْ وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ ، وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى لُؤْلُؤَةٍ أَوْ يَاقُوتَةٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ ، وَيَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى عَبْدِهَا هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ اخْتَلَعَتْ السَّفِيهَةُ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ لَا يَلْزَمُهَا ، كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَجْرِ .

الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ فَاخْتَلَعَتْ عَلَى مَالٍ فَإِنْ فَعَلَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ فِي الْحَالِ ، وَإِنْ فَعَلَتْ بِدُونِ إذْنِهِ كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ بَعْدَ الْعِتْقِ ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ فِي الْحَالَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُفْسِدَةً مَحْجُورَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَالُ لَا فِي الْحَالِ ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ ، وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يُقَابَلْ بِالْبَدَلِ أَصْلًا كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْحَجْرِ .

وَلَوْ أَبَى الِاضْطِجَاعَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهَا إنْ أبرأتيني مِنْ الْمَهْرِ فَأَضْطَجِعُ مَعَك فَأَبْرَأَتْهُ لَا يَبْرَأُ وَقِيلَ يَبْرَأُ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لِلتَّوَدُّدِ الدَّاعِي إلَى الْجِمَاعِ وَقَدْ وَرَدَ تَهَادَوْا تَحَابُّوا كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَهْرِهَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ خويشتن خريدم بِمَهْرِ وَبِهِرِّ حَقّهَا كه مرابر برتست لَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ .

وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى دَيْنٍ آخَرَ سِوَى الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا لَا يَرْجِعُ إلَّا بِبَدَلِ الْخُلْعِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا عَلَيْهَا الْبَدَلُ بِسَبَبِ الْخُلْعِ ، وَسَقَطَ عَنْهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَدَلِ الْخُلْعِ ، وَلَا يَسْتَرِدُّ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْبَدَلِ وَبِنِصْفِ الْمَهْرِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا لَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا ، وَالْمَرْأَةُ مَدْخُولٌ بِهَا ، وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَجَعَ .

خَلَعَ امْرَأَةً بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَقَعَ الطَّلَاقُ ، وَعَلَيْهَا مَهْرٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ إنْ قَبَضَتْ ، وَإِلَّا بَرِئَ الزَّوْجُ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ بِأَنْ وَهَبَتْ صَحَّ الْخُلْعُ ، وَلَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا مَتَاعَ فِي هَذَا الْبَيْتِ ، وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ الزَّوْجُ مِنْهَا تَطْلِيقَةً بِمَهْرِهَا ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ ، وَاشْتَرَتْ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَجَّانًا رَجْعِيًّا ، وَلَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا .

رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ خويشتن خريدي ازمن فَقَالَتْ خريدم وَقَالَ الزَّوْجُ فروختم تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةً ، وَتَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ هُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ بَرِئَ الزَّوْجُ .

رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ اشْتَرَيْت ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ اشْتَرَيْت ، وَالزَّوْجُ يَقُولُ أَرَدْت بِهِ التَّكْرَارَ لَا يُصَدَّقُ ، وَيَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَالُ بِالثَّانِي وَالثَّالِثُ ، وَهُوَ صَرِيحٌ فَيَلْحَقُ الْبَائِنَ .

رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ خوشين ازمن بخر وَكَرٍ ، وَثَالِثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَتْ قَبِلَتْ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْمَالَيْنِ كَذَا هُنَا .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَانِبِ الزَّوْجِ وَجَانِبِ الْمَرْأَةِ فَفِي جَانِبِ الزَّوْجِ كِلَا الْإِيجَابَيْنِ بَاقٍ ، وَفِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ لَا حَتَّى قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى الْمَالَيْنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .

خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ ، وَكَانَتْ وَهَبَتْ أَوْ بَاعَتْ مِنْ إنْسَانٍ ، وَلَمْ تَرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ ذَلِكَ إنْ عُرُوضًا ، وَبِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ كَأَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الْخُلْعِ فَيَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ .

اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا دَعْوَى لِكُلٍّ عَلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِنْدَهَا كَذَا مِنْ الْقُطْنِ يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مُخْتَصَّةٌ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ .

إذَا ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالشُّهُودِ أَنَّهُ عِنْدَ الزَّوْجِ ، وَلَا ذَلِكَ إلَّا بِالتَّصَادُقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ لِأَنَّ مَا هُوَ بَدَلُ الْخُلْعِ سُلِّمَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لِلزَّوْجِ فَلَا يَجِبُ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِالْمَهْرِ .
وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَنَفَقَةُ وَلَدِهِ سَنَةٌ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .

الْأَبُ إذَا خَلَعَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ لَمْ يَصِحَّ يَعْنِي لَمْ يَجِبْ بِهِ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الصَّغِيرَةِ ، وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ .

وَلَوْ اخْتَلَعَتْ الصَّبِيَّةُ مَعَ زَوْجِهَا الْبَالِغِ عَلَى مَالٍ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ ، وَلَا يَجِبُ الْمَالُ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَبُ بَدَلَ الْخُلْعِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ .

وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْأَبُ ، وَلَمْ يَضْمَنْ الْمَالَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ هُنَا عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَقَعُ مَا لَمْ تَقْبَلْ الصَّغِيرَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقَعُ لِقَبُولِ الْأَبِ ، وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ كَعِبَارَتِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى وَاحِدٍ ، وَالْخُلْعُ عَلَى صَدَاقِهَا وَعَلَى مَالٍ آخَرَ سِوَاهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ هُوَ الصَّحِيحُ .

اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى جُعْلٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَتُؤَاخَذُ بِالْخُلْعِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى تُبَاعُ بِهِ ، وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ إلَّا أَنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ الْبَدَلَ مِنْ كَسْبِهِمَا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى ، وَالْمُكَاتَبَةُ لَا تُؤَاخَذُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ .

وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ مَعَ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ ، وَطَرِيقُ صِحَّةِ الْخُلْعِ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ الْمَهْرَ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ الْمُتْعَةَ إنْ كَانَ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ ، وَالْخُلْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَخْلَعَ أَجْنَبِيٌّ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ مُقَدَّرٍ بِالْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ حَتَّى يَجِبَ الْبَدَلُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِلزَّوْجِ ثُمَّ يُحِيلَ الزَّوْجُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ لِأَبِي الصَّغِيرَةِ أَوْ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ مَالِ الصَّغِيرِ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ خَالِي أَمَّا الْكَبِيرَةُ إذَا خَلَعَهَا أَبُوهَا أَوْ الْأَجْنَبِيُّ بِإِذْنِهَا جَازَ وَالْمَالُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ تَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ إنْ ضَمِنَ الْأَبَ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَالْخُلْعُ يَقِفُ عَلَى قَبُولِهَا إنْ قَبِلَتْ يَتِمُّ الْخُلْعُ فِي حَقِّ الْمَالِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَدْ كَتَبَ فِي شَرْحِ الْحِيَلِ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَقَعُ إلَّا بِإِجَازَتِهَا .

إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ : اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ فَخَلَعَهَا عَلَى ذَلِكَ فَالْقَبُولُ إلَى الْمَرْأَةِ لَا إلَى الْأَجْنَبِيِّ ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مُرْسَلٌ كَمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ : بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِ فُلَانٍ إذَا بَاعَ فَإِذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلزَّوْجِ : اخْلَعْهَا عَلَى عَبْدِي هَذَا أَوْ دَارِي هَذِهِ فَخَلَعَهَا عَلَى هَذَا فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ هُوَ الْأَجْنَبِيُّ وَنَظِيرُهُ الْمُتَبَرِّعُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى إنْسَانٍ .

قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ اخْلَعْهَا عَلَى عَبْدِي هَذَا فَقَالَ الزَّوْجُ خَلَعْت تَمَّ الْخُلْعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ الْمُخَاطَبُ : قَبِلْت وَإِذَا تَمَّ الْخُلْعُ لِقَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ لَزِمَهُ حِينَئِذٍ الْبَدَلُ إنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَجَبَ تَسْلِيمُ مِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَتَسْلِيمُ الْقِيمَةِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ كَمَا فِي قَبُولِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا اخْلَعْنِي عَلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ فَخَلَعَهَا فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ فُلَانٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ قَدَرَتْ عَلَى تَسْلِيمِ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِإِجَارَةِ فُلَانٍ سَلَّمَتْهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ خَلَعْتُك عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ أَوْ دَارِ فُلَانٍ فَقَبِلَتْ صَحَّ فَلَوْ لَمْ تَقْبَلْ هِيَ وَقِبَلَ فُلَانٌ لَمْ يَصِحَّ .

خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ جَعَلَتْ صَدَاقَهَا لِوَلَدِهَا الْأَجْنَبِيِّ صَحَّ الْخُلْعُ وَالْمَهْرُ لِلزَّوْجِ دُونَ الْوَلَدِ .

يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مَوْجُودٍ فَيَتَحَقَّقُ الْمُسَمَّى وَيَجُوزُ عَلَى ثَوْبٍ مُسَمًّى هَرَوِيٍّ أَوْ مَرْوِيٍّ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الثَّوْبِ الْمُطْلَقِ وَتَرُدُّ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إنْ سَمَّى مَا لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ ، وَإِنْ سَمَّى شَيْئًا مَعْلُومًا مَوْجُودًا يَجِبُ الْمُسَمَّى وَإِنْ سَمَّى مَجْهُولًا لَا جَهَالَةً مُسْتَدْرَكَةً فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ فَحُشَتْ الْجَهَالَةُ وَتَمَكَّنَ الْخَطَرُ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخْلُهَا الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ وَتَرُدُّ إلَيْهِ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ مِنْ الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَا يَصِحُّ عِوَضًا فَبَقِيَ مُجَرَّدُ تَسْمِيَةِ الْمَالِ وَإِنْ سَمَّتْ فِيهِ مَا هُوَ مِنْ الْمَالِ وَلَا يَتَعَلَّقُ وُجُودُهُ بِالزَّمَانِ إلَّا أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُوقَفُ عَلَى قَدْرِهِ بِأَنْ خَلَعَتْ عَلَى مَا فِي بَيْتِهَا أَوْ يَدِهَا مِنْ الْمَتَاعِ أَوْ عَلَى مَا فِي نَخْلِهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ عَلَى مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهَا مِنْ الْأَوْلَادِ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَا ذَكَرْت فَلَهُ ذَلِكَ ، وَإِلَّا رَدَّتْ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ انْتَهَى .

اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَمَا يُوَافِقُ هَذَا فِي الْأَصْلِ امْرَأَةٌ اخْتَلَعَتْ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا شُفْعَةَ فِيهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إيجَابَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ صَحِيحٌ وَفِي صُلْحِ الْقُدُورِيِّ لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحًا عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَذَلَهُ لَهَا لَمْ يَجُزْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيجَابَ بَدَلَ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ فَوَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهَا إذَا خَلَعَتْ عَلَى عَرَضٍ يَجُوزُ إيجَابُ بَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَكُونُ مُقَابَلًا بِبَدَلِ الْخُلْعِ وَكَذَا إذَا خَلَعَ وَلَمْ يَذْكُرْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ يَجُوزُ أَيْضًا أَمَّا إذَا خَلَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ .

لَوْ قَالَ لَهَا بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِجَمِيعِ مَهْرِك وَبِجَمِيعِ مَا فِي الْبَيْتِ غَيْرِ مَا عَلَيْك مِنْ الْقَمِيصِ فَاشْتَرَتْ وَعَلَيْهَا مَعَ الْقَمِيصِ سِوَارٌ وَخَلْخَالٌ فَكِسْوَتُهَا وَحُلِيُّهَا مَعَ مَا اسْتَثْنَى وَمَا لَمْ يَسْتَثْنِ لَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

بَعَثَ إلَيْهَا مُعَيَّنًا كَمَا هُوَ فِي الْعَادَةِ ثُمَّ زَوَّجَهَا وَلَمْ يَخْلُ بِهَا وَخَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِنَفْسِ الْمَهْرِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ مَا بَعَثَ إلَيْهَا إذَا صَرَفَتْهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ الْبُخَارِيُّ لَهُ طَلَبُ الْمَبْعُوثِ .
وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ لَهُ طَلَبُ الْعِوَضِ إنْ لَمْ يُعَوِّضُوهُ .

لَوْ بَعَثَ أَبُو الزَّوْجِ إلَى الْخَطِيبَةِ دستيمان ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْهُ بِالْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ لَيْسَ لِأَبِي الزَّوْجِ أَنَّ يُطَالِبَهَا إنَّمَا بَعَثَ إلَيْهَا قَاضِي بَدِيعٍ إنْ كَانَ بَعَثَ إلَيْهَا إذْ بِهِرِّ مُبَارَك بَادٍ نِكَاح يَرْجِعُ بِالْقَائِمِ دُونَ الْهَالِكِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجَاتٍ ، وَقَالَتْ أَنَا مُدْرِكَةٌ ثُمَّ قَالَتْ : كَذَبْت ، وَلَمْ أَكُنْ مُدْرِكَةً قَالُوا : لَوْ كَانَتْ تُشْبِهُ الْمُدْرِكَاتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَدًّا وَعَلَامَةً لَمْ تُصَدَّقْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ، وَإِلَّا صُدِّقَتْ مِنْ أَحْكَامِ الصَّبِيِّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْخُلْعَ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ بَانَتْ ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْخُلْعِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ .

لَوْ قَالَ تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ فَظَهَرَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَنَّهَا أَمَةٌ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَائِلِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلِيُّهَا أَوْ وَكِيلُهَا فَإِنْ قَالَ وَلِيُّهَا تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ وَكِيلُهَا ذَلِكَ فَوَلَدَتْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا أَمَةُ الْغَيْرِ يَرْجِعُ الْمَغْرُورُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ هَذِهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَذَهَبَتْ وَلَا تَدْرِي لَا يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّالِبِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

لَوْ نَكَحَ صَبِيٌّ بَالِغَةً حُرَّةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَوَطِئَهَا طَائِعَةً فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ هَذِهِ مِنْ أَحْكَامِ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ مِنْهُ .

تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِزَعْمِهَا أَنَّهَا مُعْتَقَةٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَأَقَامَ مَوْلَاهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ يُقْضَى بِالْأُمِّ وَبِالْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا ، وَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ يُجْعَلُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْوَلَدِ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ ، وَإِنْ قَبَضَ مِنْ الْوَلَدِ قَدْرَ قِيمَةِ الْوَلَدِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ أَخَذَ دُونَ قِيمَتِهِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ .

صَبِيٌّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً سَعْيًا بِغَيْرِ أَمْرِ أَبِيهِ ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَةَ عَشْرَ سَنَةً وَوَطِئَهَا لَا مَهْرَ عَلَيْهِ يَعْنِي إذَا لَمْ يُجِزْ الْأَبُ النِّكَاحَ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

امْرَأَةٌ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا عَنْ النَّفَقَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَفْرُوضَةً لَا يَصِحُّ ، وَإِنْ فَرَضَهَا الْقَاضِي صَحَّ الْإِبْرَاءُ عَنْ نَفَقَةِ شَهْرٍ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ أَبْرَأْتُك عَنْ النَّفَقَةِ سَنَةً لَا يَبْرَأُ إلَّا عَنْ نَفَقَةِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ أَجَّرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ثُمَّ أَبْرَأهُ عَنْ الْأَجْرِ صَحَّ عَنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ ، وَلَوْ أَبْرَأَتْ عَمَّا مَضَى صَحَّ .

امْرَأَةٌ قَالَتْ إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ وَطَلَبَتْ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : أَخَذَتْ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي السَّفَرِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ تَأْخُذُ الْكَفِيلَ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ .

لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَتِهَا مَا عَاشَتْ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ وَبَقِيَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا صَحَّ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ وَلَوْ ضَمِنَ لَهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً وَلَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا تَأْخُذُ مِنْ كَفِيلِهَا نَفَقَةَ عِيَالِهَا كُلَّ شَهْرٍ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ خُلَاصَةٌ .

لَهَا مَهْرٌ مَعْرُوفٌ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَنَّهُ بِذِمَّتِهِ أَوْ زَادَ فِي مَهْرِهَا أَوْ أَقَرَّ لَهَا بِمَهْرٍ آخَرَ أَوْ أَقَرَّ بِمَهْرٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْهَا .
وَلَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ : لَيْسَ عَلَى زَوْجِي صَدَاقٌ لَا يَبْرَأُ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَبْرَأُ ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّتْ فِي الْمَرَضِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا يَبْرَأُ .

قَالَتْ الْمَرِيضَةُ مَرَضَ الْمَوْتِ : لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي حَقٌّ وَلَا عَلَيْهِ مَهْرٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ لَيْسَ لِوَرَثَتِهَا أَنْ يَطْلُبُوا الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهَا بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي جِنَايَاتِ عِصَامٍ لَوْ قَالَ الْمَجْرُوحُ لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَجْرُوحِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْجَارِحِ بِهَذَا السَّبَبِ فَكَذَا هَاهُنَا .
وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ لَا يَصِحُّ ، وَمَسْأَلَةُ الْمَجْرُوحِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْجَارِحُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْقَاضِي وَالنَّاسِ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُ الْمَرِيضِ ، وَالنِّكَاحُ هَذَا مَعْرُوفٌ فَلَا يُقْبَلُ .
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْرُوحِ : إنَّهُ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْجَارِحِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُفَصِّلْ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ .

( الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الرَّضَاعِ ) .
إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتَا عَلَى الزَّوْجِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْكَبِيرَةِ إنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ التَّعَمُّدِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ .

لَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةُ الْأَبِ زَوْجَةَ الِابْنِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ رَضِيعَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ فَلَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي التَّعَمُّدِ .

رَجُلٌ تَزَوَّجَ صَغِيرَتَيْنِ فَجَاءَتْ امْرَأَتَانِ وَلَهُمَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إحْدَى الصَّبِيَّتَيْنِ وَتَعَمَّدَتَا لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِصُنْعِهِمَا خَاصَّةً .

رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ إحْدَاهُمَا مَجْنُونَةٌ وَالْأُخْرَى صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ الْمَجْنُونَةُ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا مِنْهُ وَلِلْمَجْنُونَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَجْنُونَةِ بِمَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ لَوْ جَاءَتْ إلَى الْكَبِيرَةِ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَأَخَذَتْ بِثَدْيِهَا وَرَضَعَتْ مِنْهَا بَانَتَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ ، وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الصَّغِيرَةِ بِشَيْءٍ .

وَلَوْ أَخَذَ رَجُلٌ لَبَنَ الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَأَوْجَرَهُ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا مِنْهُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ إنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ الْوَجِيزِ .

( الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الدَّعْوَى ) ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَهُوَ مِلْكُهُ وَذُو الْيَدِ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ الْغَائِبِ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا ثَوْبِي غَصَبَهُ مِنِّي فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ وَقَالَ ذُو الْيَدِ : إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْدَعَنِيهِ تَنْدَفِعُ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْيَدَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : هَذَا ثَوْبِي سَرَقَهُ مِنِّي فُلَانٌ الْغَائِبُ ، وَقَالَ ذُو الْيَدِ : أَوْدَعَنِيهِ ذَلِكَ الْغَائِبُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ اسْتِحْسَانًا .
وَإِنْ وَقَعَ الدَّعْوَى فِي الْعَيْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدِي وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ إجَارَةً أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَقَعُ فِي الدَّيْنِ وَمَحَلُّهُ الذِّمَّةُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ ثُمَّ إذَا قُضِيَ لِلْمُدَّعِي وَأَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ فَفِي الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا ضَمِنَ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْغَاصِبُ وَالسَّارِقُ ، وَإِنْ كَذَّبَ الْغَائِبُ صَاحِبَ الْيَدِ فِي إقْرَارِهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ بِسَبَبِ عَمَلِ عَمَلٍ لَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .

رَجُلٌ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي غَلَّاتِ امْرَأَتِهِ وَيَدْفَعُ ذَهَبَهَا بِالْمُرَابَحَةِ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَتُهَا أَنَّك تَتَصَرَّفُ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَعَلَيْك الضَّمَانُ فَقَالَ الزَّوْجُ : بَلْ بِإِذْنِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَتَصَرَّفُ مِثْلَ هَذَا التَّصَرُّفِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهَا ، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى مُورَثِهِ وَصَدَّقَهُ الْبَعْضُ وَأَنْكَرَهُ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ .

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا وَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَجْمَعَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُصَدِّقِ جَمِيعُ الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي صَدَّقَهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُتَابِعُهُمْ قَالَ : وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْعَدُ الضَّرَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

لَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَلَدًا مَيِّتًا أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَهُوَ ابْنُهُ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَنِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ .

اشْتَرَيَا أَمَةً مَعَ وَلَدِهَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا نَسَبَ الْوَلَدِ وَصَدَّقَهُ شَرِيكُهُ لَمْ يَضْمَنْ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِمَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَضْمَنُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُمِّ وَيَسْعَى الْوَلَدُ فِي حِصَّتِهِ ، وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا ، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِمَا ، وَلَوْ وَلَدَتْ آخَرَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ ، وَإِنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ .

أَمَةٌ بَيْنَ أَبٍ وَابْنٍ وَلَدَتْ وَلَدًا وَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْأَبِ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْعُقْرِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ مَعَ الْحَافِدِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ .

رَجُلَانِ اشْتَرَيَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ ، وَالْآخَرُ الْأُمَّ فَالدَّعْوَةُ دَعْوَةُ مُدَّعِي الْوَلَدِ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُدَّعِي الْوَلَدِ يَضْمَنُ نِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَحَّتْ دَعْوَةُ كُلِّ وَاحِدٍ وَمُدَّعِي الْأُمِّ لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ وَلَا تَسْعَى لَهُ الْأُمُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَتَسْعَى فِيهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا يَضْمَنُ مُدَّعِي الْوَلَدِ لِلثَّانِي قِيمَةَ الْوَلَدِ وَلَا قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ .

أَمَةٌ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَوَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ مِنْ الْمُرْتَدِّ وَغَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ الْعُقْرِ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةٌ فَبَاعَهَا مَوْلَاهَا وَتَرَكَ الْوَلَدَ عِنْدَهُ فَادَّعَى أَبُو الْمَوْلَى الْوَلَدَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِابْنِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَقَالَا : لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ هَذِهِ فِي الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمَجْمَعِ .

ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ وَرِثُوا دَارًا مِنْ أَبِيهِمْ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُمْ قَدْ غَصَبَهَا إيَّاهُ فَنَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْآخَرَانِ ، وَقَدْ وَرِثُوا مَالًا مِنْ أَبِيهِمْ غَيْرَ ذَلِكَ يَضْمَنُ النَّاكِلُ قِيمَةَ حِصَّتِهِمَا لِلْمُدَّعِي ، وَيَرُدُّ حِصَّةَ نَفْسِهِ مِنْ الدَّارِ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً فِي أَيْدِيهِمْ يَرُدُّ حِصَّتَهُ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً .

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْأَلْفِ وَدَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَصَدَّقَهُ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْأَلْفِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَأْخُذُ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

لَوْ أَقَامَ الدَّائِنُ بَيِّنَتَهُ عَلَى بَيْعِ الْوَرَثَةِ تَرِكَةَ مُورَثِهِمْ وَادَّعَى ضَمَانًا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا إنْ أَبَانَا بَاعَ فِي حَيَاتِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الدَّائِنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

بَاعَ أَمَةً لَهُ وَبِهَا حَبَلٌ فَقَالَ الْبَائِعُ : لَيْسَ هَذَا الْحَبَلُ مِنِّي وَهُوَ مِنْ غَيْرِي فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ جَازَتْ دَعْوَتُهُ وَرُدَّتْ الْجَارِيَةُ وَالْوَلَدُ إلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ وَيَرُدُّهَا إلَى الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ فِي الْمَوْتِ قِيمَتَهَا وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

دَفَعَ إلَى آخَرَ عَيْنًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الدَّافِعُ : قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ : هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ ؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْهِبَةِ يَدَّعِي الْإِبْرَاءَ عَنْ الْقِيمَةِ مَعَ كَوْنِ الْعَيْنِ مُتَقَوِّمَةً فِي نَفْسِهَا كَذَا فِي قَاعِدَةِ الْأَصْلُ الْعَدَمُ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ رَجُلٌ : فَقَأْت عَيْنَهُ ، وَهُوَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي : فَقَأْته وَهُوَ فِي مِلْكِي فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ .

لَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ لِرَجُلٍ : أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتهَا إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهَا عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَذْت ظُلْمًا بَعْدَ الْعَزْلِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَاضِي مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ حَادِثٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَزْلِ ، وَبِهِ قَالَ الْبَعْضُ ، وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ ، وَكَذَا إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ .

لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ : قَطَعْت يَدَك ، وَأَنَا عَبْدٌ ، وَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ : بَلْ قَطَعْتهَا ، وَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدٍ أَعْتَقَهُ : أَخَذْت مِنْك غَلَّةَ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَقَالَ الْمُعْتَقُ أَخَذْتهَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ قَالَ قَطَعْت يَدَك وَأَنْتَ أَمَتِي فَقَالَتْ هِيَ : قَطَعْتهَا وَأَنَا حُرَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهَا ، وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ وَتَحْتَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا .

وَفِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَلَوْ أَقَرَّ حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ بِأَخْذِ الْمَالِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بِإِتْلَافِ خَمْرٍ بَعْدَهُ أَوْ مُسْلِمٌ بِمَالِ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِقَطْعِ يَدِ مُعْتَقِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَّبُوهُ فِي الْإِسْنَادِ أَفْتَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ انْتَهَى يَعْنِي مُحَمَّدًا وَقَالَا : يَضْمَنُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ إضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

صَبَّ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ عِنْدَ الشُّهُودِ فَادَّعَى مَالِكُهُ الضَّمَانَ فَقَالَ كَانَتْ نَجِسَةً لِوُقُوعِ فَأْرَةٍ فَالْقَوْلُ لِلصَّابِّ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ ، وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى الصَّبِّ لَا عَلَى عَدَمِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ أَتْلَفَ لَحْمَ قَصَّابٍ فَطُولِبَ بِالضَّمَانِ فَقَالَ : كَانَتْ مَيْتَةً فَأَتْلَفْتهَا لَا يُصَدَّقُ ، وَالشُّهُودُ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَحْمٌ ذُكِّيَ يُحَكَّمُ الْحَالُ وَقَالَ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا ، وَقَالَ : كَانَ ارْتَدَّ أَوْ قَتَلَ أَبِي فَقَتَلْته قِصَاصًا أَوْ لِلرِّدَّةِ لَا يُسْمَعُ فَأَجَابَ ، وَقَالَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَأَدَّى إلَى فَتْحِ بَابِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُ وَيَقُولُ كَانَ الْقَتْلُ حَصَلَ لِذَلِكَ وَأَمْرُ الدَّمِ عَظِيمٌ فَلَا يُهْمَلُ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدَّمِ أَهْوَنُ حَتَّى يُحْكَمَ فِي الْمَالِ بِالنُّكُولِ وَفِي الدَّمِ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَاكْتُفِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدٍ .

لَوْ أَدَّى الْمَدْيُونُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ صُدِّقَ أَنَّهُ دَفَعَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ وَلَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ فَأَدَّى فِضَّةً ، وَقَالَ : أَدَّيْت عِوَضًا عَنْ الذَّهَبِ لَا يُصَدَّقُ ؛ إذْ الْمُعَاوَضَةُ تَتِمُّ بِالطَّرَفَيْنِ .

اشْتَرَى مِنْ دَلَّالٍ شَيْئًا فَدَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَقُولُ هِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الدَّلَّالُ دَفَعْته لِلدَّلَالَةِ صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُمَلَّكٌ .

رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ أَلْفًا فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ أَلْفًا تُقْبَلُ وَالْوَارِثُ يُصَدِّقُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ بِجِهَةِ الدِّينِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُورَثِهِ فَيُصَدَّقُ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِمَّا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمِلْكِ .

لَوْ قَالَ بِعْت عَبْدِي مِنْ زَيْدٍ فَأَعْتَقَهُ فَإِنْ نَكَلَ زَيْدٌ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ كَذَا فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ قَوَاعِدِ الْأَشْبَاهِ .

عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ بِكَذَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ ذَا الْيَدِ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا وَلِلْمَرْأَةِ نِصْفُ قِيمَتِهَا عَلَى الزَّوْجِ تَتْمِيمًا لِلْمَهْرِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : الشِّرَاءُ أَوْلَى فَيُقْضَى بِهَا لِلرَّجُلِ وَبِقِيمَتِهَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ .

الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا أَوْ مَدْيُونَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَكَالَةِ .

لَوْ أَخَذَ مِنْ الْبَقَّالِ مِنْ الْأَرُزِّ وَالْعَدَسِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا مَثَلًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ ثُمَّ اخْتَصَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ هَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ أَوْ يَوْمَ الْخُصُومَةِ قَالَ فِي الْيَتِيمَةِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْأَخْذِ قِيلَ لَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا بَلْ كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَ مَا يَجْتَمِعُ إلَيْهِ قَالَ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأَخْذِ ؛ لِأَنَّهُ سَوَّمَ حِينَ ذَكَرَ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ .

مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ لَهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ فَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَمْ يَصِحَّ تَصْدِيقُ الْوَارِثِ ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ فَيَقْضِي الْقَاضِي دَيْنَ الْمَيِّتِ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْغُرَمَاءِ لِتَصْدِيقِهِمْ وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالرَّهْنِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ فَنِّ الْأَلْغَازِ .

رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَجَحَدَ فَأَعْطَاهُ مَعَ الْجُحُودِ أَوْ صَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الصُّلْحِ ، أَوْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنِّي الْمَالَ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ شَيْءٌ فَالصُّلْحُ وَالْقَضَاءُ مَاضِيَانِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ وَقَبَضَ الْمَالَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ شَيْءٌ بَطَلَ الصُّلْحُ وَالْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي حَتَّى أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ شَيْءٌ بَطَلَ عَنْهُ الْمَالُ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ .

ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَقَضَاهَا ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فَالْمَقْبُوضُ مِلْكُ الْقَابِضِ مِلْكًا فَاسِدًا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا بِعَيْنِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً ، وَمِثْلُهَا إنْ كَانَ وَهَبَهَا أَوْ قَضَى بِهَا دَيْنًا هَذِهِ فِي الْمُدَايِنَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

( الْبَابُ الثَّلَاثُونَ فِي الشَّهَادَةِ ) .
وَفِيهَا مَسْأَلَةُ خَطَأِ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا سَقَطَتْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يَفْسَخْ الْحُكْمَ وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوا بِشَهَادَتِهِمْ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أَيَّ حَاكِمٍ كَانَ فَلَوْ ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رُجُوعَهُمَا وَأَرَادَ يَمِينَهُمَا لَا يُحَلِّفُهُمَا وَكَذَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِمَا ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ قَاضِي كَذَا وَضَمَّنَهُ الْمَالَ يُقْبَلُ ، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِمَالٍ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الْمَالَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنَانِ إذَا قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ النِّصْفَ ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذِهِ بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ وَقَدْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ نِصْفُ الْحَقِّ ، وَإِنْ شَهِدَ بِالْمَالِ ثَلَاثَةٌ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ .
وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَ الرَّاجِعَانِ نِصْفَ الْمَالِ ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ ضَمِنَتْ رُبُعَ الْمَالِ وَإِنْ رَجَعَتَا ضَمِنَا نِصْفَ الْحَقِّ ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعَ ثَمَانٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِنَّ فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى كَانَ عَلَيْهِنَّ رُبُعُ الْحَقِّ وَإِنْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ فَعَلَى الرَّجُلِ سُدُسُ الْحَقِّ وَعَلَى النِّسْوَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَقِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا إذَا شَهِدَ بِذَلِكَ سِتَّةُ رِجَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا وَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ فَإِنْ رَجَعَ النِّسْوَةُ الْعَشَرَةُ دُونَ الرَّجُلِ كَانَ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ بِمَالٍ ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا دُونَ الْمَرْأَةِ ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحٍ بِمِقْدَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَا

فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا ، وَكَذَا إذَا شَهِدَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ، وَإِنْ شَهِدَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الزِّيَادَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا حُكْمَ لِلرُّجُوعِ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي ، وَإِذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَأَشْهَدَا بِالْمَالِ مِنْ قِبَلِ الرُّجُوعِ وَالضَّمَانِ لَمْ يُقْبَلْ ، وَإِذَا تَصَادَقَا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِهَذَا السَّبَبِ فَالْقَاضِي لَا يُلْزِمُهُمَا الضَّمَانَ وَإِنْ رَجَعَا عِنْدَ الْقَاضِي أَوَّل مَرَّةٍ وَجَحَدَ الرُّجُوعَ فَقَامَتْ عَلَيْهِمَا الْبَيِّنَةُ بِالرُّجُوعِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالضَّمَانِ فَإِنَّهُ يُنْفِذُ ذَلِكَ وَيُضَمِّنُهُمَا الْمَالَ وَكَذَا لَوْ رَجَعَا عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي شَهِدَا عِنْدَهُ فَضَمَّنَهُمَا ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَصَمُوا إلَى غَيْرِهِ .

وَفِي الْمُحِيطِ إذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَطَرِيقُ صِحَّتِهِ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا رُجُوعًا مُبْتَدَأً لَا أَنْ يُعْتَبَرَ الرُّجُوعُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ غَيْرَ مَجْلِسِ الْقَاضِي .
وَلَوْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لَهُ وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَبْرَأَهُ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا .
وَلَوْ شَهِدَا عَلَى هِبَةِ عَيْنٍ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ ، وَإِنْ ضَمِنَا لَا رُجُوعَ لَهُمَا وَلَا لِلْوَاهِبِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ الْوَاهِبُ الشَّاهِدَيْنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ انْتَهَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ .

شَاهِدَانِ شَهِدَا بِمَالٍ ثُمَّ دَعَاهُمَا الْقَاضِي إلَى الصُّلْحِ وَاصْطَلَحَا عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بِشَهَادَتِهِمَا مِنْ الْقُنْيَةِ وَمُحَمَّدٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ مِنْ الْمَجْمَعِ .

وَإِنْ شَهِدَا بِبَيْعِ شَيْءٍ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ ضَمِنَا النُّقْصَانَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ فِيهِ خِيَارُ الْبَائِعِ ، وَإِنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا نِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَمْ يَضْمَنَا بَعْدَ الْوَطْءِ ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ .

إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا بِفُلَانَةَ ثُمَّ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى بِالزِّنَا بِأُخْرَى وَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا ضَمِنُوا دِيَتَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ رَجَعَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ اثْنَانِ لَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ لِبَقَاءِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ ، وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا وَزَكَّاهُمْ الْمُزَكُّونَ ، وَقَالُوا : هُمْ أَحْرَارٌ وَرُجِمَ ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ كُلُّهُمْ ضَمِنَ الْمُزَكُّونَ دِيَتَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ تَعَمَّدُوا الْكَذِبَ وَقَالَا : لَا يَضْمَنُونَ وَتَكُونُ دِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَلَوْ أَخْطَئُوا فَضَمَانُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا : وَقَالُوا : هُمْ أَحْرَارٌ ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا هُمْ عُدُولٌ فَظَهَرُوا عَبِيدًا لَمْ يَضْمَنُوا اتِّفَاقًا وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا رُجِمَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا بَعْدَ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ وَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَظَهَرُوا عَبِيدًا فَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ مَسَائِلِ ضَمَانِ الشَّاهِدِ فِي بَابِ الْحُدُودِ فَلْيُطْلَبْ مِنْ هُنَاكَ مَا لَمْ يُوجَدْ .

وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَتَهُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَإِنْ شَهِدُوا بِقِصَاصٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَتْلِ ضَمِنَا الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَصُّ وَإِنْ شَهِدَا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .

وَإِذَا رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ وَقَالُوا لَمْ نُشْهِدْ شُهُودَ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِنَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ ، وَإِنْ قَالُوا أَشْهَدْنَاهُمْ وَغَلِطْنَا ضَمِنُوا ، وَهَذِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ رَجَعَ الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ جَمِيعًا فَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْفُرُوعِ لَا غَيْرَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْأُصُولَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْفُرُوعَ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمْ فِي التَّضْمِينِ وَإِنْ قَالَ شُهُودُ الْفَرْعِ كَذَبَ شُهُودُ الْأَصْلِ أَوْ غَلِطُوا فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يُلْتَفَت إلَى ذَلِكَ ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ .

وَإِنْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ عَنْ التَّزْكِيَةِ ضَمِنُوا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : لَا يُضَمَّنُونَ كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ وَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا فِي التَّزْكِيَةِ لَا يُضَمَّنُونَ اتِّفَاقًا انْتَهَى .

وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْيَمِينِ وَشَاهِدَانِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْيَمِينِ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ وَالتَّلَفُ يُضَافُ إلَى مُثْبِتِي السَّبَبِ دُونَ الشَّرْطِ الْمَحْضِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْيَمِينِ دُونَ شُهُودِ الشَّرْطِ وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ وَحْدَهُمْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ : وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ يَمِينُ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَشَهِدَا آخَرَانِ أَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ، وَذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا السَّبَبَ ، وَهُوَ الطَّلَاقُ إنَّمَا التَّفْوِيضُ شَرْطُ كَوْنِهِ سَبَبًا ، وَعَلَى هَذَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِيَدِ فُلَانٍ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى شَاهِدَيْ الْعَتَاقِ دُونَ التَّفْوِيضِ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَمَرَ فُلَانًا بِتَعْلِيقِ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ عَلَّقَ وَشَاهِدَانِ أَنَّهَا دَخَلَتْ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّهُمْ شُهُودُ السَّبَبِ مِنْ الصُّغْرَى .

الشَّاهِدُ لَوْ أَنْكَرَ شَهَادَتَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الشَّهَادَةِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ بَلْ الرُّجُوعُ أَنْ يَقُولَ : كُنْت مُبْطِلًا فِي الشَّهَادَةِ .

رَجُلٌ مَاتَ فَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا امْرَأَةُ الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَ الْوَلَدُ نِكَاحَهَا فَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النِّسَاءِ غَيْرُهَا ، وَحُكِمَ لَهَا بِإِرْثٍ ، وَأَهْلَكَتْهُ ثُمَّ بَرْهَنَ الْوَلَدُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ فَتُضَمَّنُ الْمَرْأَةُ لَا الشَّاهِدُ ، وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ مَاتَ ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَاتَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ زِيَادَةٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فَإِنَّهُمَا لَوْ قَالَا كَانَتْ امْرَأَتُهُ كَفَى لِلْحُكْمِ بِالْإِرْثِ فَذِكْرُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ فَلَوْ انْعَدَمَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِنِكَاحٍ كَانَ وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُمَا بَلْ صَدَّقَهُمَا الْوَلَدُ حَيْثُ بَرْهَنَ عَلَى الطَّلَاقِ كَذَا هُنَا ، وَهَذَا أَصْلٌ مُمَهِّدٌ فِي تَضْمِينِ الشَّاهِدِ أَنَّهُمَا مَتَى ذَكَرَا شَيْئًا هُوَ لَازِمٌ لِلْقَضَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ بِخِلَافِهِ ضَمِنَا ، وَمَتَى ذَكَرَا شَيْئًا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْقَضَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَضْمَنَا مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ لِلْآخَرِ أَنَّهُ ابْنَهُ يُنْتَقَضُ الْقَضَاءُ وَيَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الِابْنِ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَلِلِابْنِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَخَ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَخَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ ، وَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْأَخِ مِنْ الْوَجِيزِ .

مَوْلَى الْمُوَالَاةِ لَوْ مَاتَ فَادَّعَى رَجُلٌ إرْثَهُ بِسَبَبِ الْوَلَاءِ فَشَهِدَا أَنَّ لَهُ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَحُكِمَ لَهُ بِإِرْثِهِ فَأَتْلَفَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ بَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهُ نَقَضَ وَلَاءَ الْأَوَّلِ وَوَالَى هَذَا الثَّانِي وَمَاتَ وَهَذَا الثَّانِي مَوْلَاهُ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ يُحْكَمُ بِالْإِرْثِ لِلثَّانِي وَيُخَيَّرُ الثَّانِي إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ الْمَشْهُودَ لَهُ الْأَوَّلَ ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِيمَا لِلْحُكْمِ بِهِ تَعَلُّقٌ ، وَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُمَا هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحُكْمِ لَهُ بِالْإِرْثِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِأَصْلِ الْوَلَاءِ وَلَمْ يَقُولَا : إنَّهُ وَارِثُهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِرْثِ فَوَرِثَهُ بِقَوْلِهِمَا إنَّهُ مَوْلَاهُ وَوَارِثُهُ الْيَوْمَ فَظَهَرَ كَذِبُهُمَا فَضَمِنَا بِخِلَافِ شَهَادَةِ النِّكَاحِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَلَاءِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ فِي اشْتِرَاطِ قَوْلِ الشَّاهِدِ وَوَارِثِهِ فِي الْوَلَاءِ دُونَ النِّكَاحِ ؛ إذْ الْمَوْلَى لَا يَرِثُهُ فِي كُلِّ حَالٍ بَلْ قَدْ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ ، فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ وَارِثَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَلَا تُحْجَبُ بِغَيْرِهَا ( أَقُولُ ) : الْمَرْأَةُ لَا تَرِثُهُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ وَقَتْلِهَا زَوْجَهَا فَلَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ هِيَ وَارِثَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهَا قَوْلُهُمَا وَارِثَتُهُ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ مِنْ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ .

رَجُلٌ قَيَّدَ عَبْدَهُ فَحَلَفَ بِعِتْقِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَيَّدَهُ رِطْلَا فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ حَلَفَ وَقَالَ : إنْ حَلَّهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ إنَّ وَزْنَ قَيْدِهِ نِصْفُ رَطْلٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِعِتْقِهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَحَلَّ فَوَزَنَ فَإِذَا هُوَ رَطْلٌ يَضْمَنُ الشَّاهِدَانِ قِيمَةَ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنَانِ ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الزُّورِ تَنْفُذُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فَنَفَذَ الْعِتْقُ بِالشُّهُودِ عِنْدَهُ فَيَضْمَنُونَ وَعِنْدَهُمَا لَا تَنْفُذُ بَاطِنًا فَلَا يَكُونُ الْعِتْقُ مُضَافًا إلَى شَهَادَتِهِمْ بَلْ إلَى الْحَلِّ فَلَا يَضْمَنُونَ مِنْ الْحَقَائِقِ .

إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ، وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ رَجَعَا وَضَمِنَا قِيمَتَهُ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ قَبْلَ وَقْتِ الْعِتْقِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلَانِ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ حَتَّى سَقَطَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْعُ اشْتِرَاطِ الدَّعْوَى فِي الْعِتْقِ أَوْ فَرْعُ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَالَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالثَّانِي كَذَا فِي الْحَقَائِقِ وَوَجْهُ كُلٍّ مَذْكُورٌ فِيهِ .

لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ أَوْفَاهُ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَجَّلَهُ سَنَةً فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَا وَرَجَعَا بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَى أَجَلِهِ وَلَوْ قَبَضَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ مِنْ الْمَطْلُوبِ يَبْرَأُ الشَّاهِدَانِ عَنْ الضَّمَانِ .

لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ الثُّلُثُ وَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ ثُلُثٌ .

الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ لَوْ رَجَعُوا ضَمِنُوا قِيمَةَ الْمَبِيعِ لَا الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ وَلَوْ شَهِدُوا بِالْبَيْعِ وَعَلَى إيفَاءِ الثَّمَنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً ضَمِنُوا قِيمَةَ الْمَبِيعِ لَا الْفَضْلَ ، وَإِنْ شَهِدُوا بِالْبَيْعِ ثُمَّ شَهِدُوا بِإِيفَاءِ الثَّمَنِ ضَمِنُوا الثَّمَنَ .

شَهِدُوا أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَانِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعُوا أَنَّ فَسْخَ الْبَائِعِ الْبَيْعَ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَجَازَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ ، وَلَا أَجَازَهُ حَتَّى مَضَتْ الثَّلَاثَةُ ، وَاسْتَقَرَّ الْبَيْعُ ضَمِنُوا إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ ، وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ .

شَاهِدَا الْمَوْهُوبِ وَشَاهِدَا الرَّهْنِ وَشَاهِدَا الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَوْ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا إلَّا فِي الرَّهْنِ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَا الْفَضْلَ عَلَى الدَّيْنِ وَلَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَضْمَنَا الْفَضْلَ وَيَضْمَنَانِ قَدْرَ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ .

شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَالزَّوْجُ مُقِرٌّ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا بَلْ عَلَى الْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا تِسْعَمِائَةٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا .

شَهِدَ رَجُلَانِ بِالطَّلَاقِ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ لَا يَضْمَنَانِ ، وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ لَا غَيْرُ ضَمِنَا نِصْفَ الْمَهْرِ ، وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ ، وَعَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ رُبُعُهُ .

شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ .

شَهِدَا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَتَهُ وَيَسْتَسْعِيَانِهِ بِالْكِتَابَةِ عَلَى نُجُومِهَا ، وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ إلَيْهِمَا فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ ، وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي كَاتَبَهُ ، وَإِنْ عَجَزَ وَرَدَّ فِي الرِّقِّ كَانَ لِمَوْلَاهُ ، وَرَدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الشُّهُودِ عَلَيْهِمْ .

شَهِدَا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا .

شَهِدَا عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّ هَذَا خَطَأً ، وَقَبَضَ كُلَّ الدِّيَةِ بِقَضَاءٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَإِنْ شَاءَتْ الْعَاقِلَةُ رَجَعُوا عَلَى الْوَلِيِّ بِالدِّيَةِ ، وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعُوا عَلَى الشُّهُودِ ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الشُّهُودَ ، وَرَجَعُوا عَلَى الْوَلِيِّ بِالضَّمَانِ ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا ، وَقُتِلَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ حَيًّا فَوَرَثَةُ الْمَقْتُولِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ مِنْ الْوَلِيِّ وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوهَا مِنْ الشُّهُودِ وَلَا يَرْجِعُ الشُّهُودُ عَلَى الْوَلِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعَانِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ .

وَلَوْ شَهِدُوا بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِأَلْفٍ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الرَّجُلَ أَبُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ رَدَّتْ الْمَرْأَةُ الْمَهْرَ ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَبْدَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِأَلْفٍ فَقَضَى بِهِ ، وَدَفَعَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَقْرَضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةً وَقَضَى بِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ ضَمِنَ الشَّاهِدَانِ وَلَوْ شَهِدَا فِي الْمَاضِي لَا يَضْمَنَانِ .

شَهِدَا بِالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا .
وَلَوْ شَهِدُوا بِالنَّسَبِ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ الْقَتْلِ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنُوا مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ الْمَعْرُوفِينَ .

شَهِدَا بِالْوَصِيَّةِ لِرَجُلٍ بِالثُّلُثِ فِي حَيَاةِ الْمُوصَى أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْمَوْتِ ضَمِنَا جَمِيعَ الثُّلُثِ مِنْ الْوَجِيزِ .

رَجُلَانِ فِي أَيْدِيهِمَا رَهْنٌ لِرَجُلَيْنِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى الرَّهْنَ فَشَهِدَ لَهُ الْمُرْتَهِنَانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِإِبْطَالِ الْيَدِ ، وَلَوْ شَهِدَ الرَّاهِنَانِ لِغَيْرِهِمَا بِالرَّهْنِ ، وَالْمُرْتَهِنُ يُنْكِرُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّاهِنَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ عَلَيْهِ يَدًا أَثْبَتَاهَا بِالرَّهْنِ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَيْنِ يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلْمُدَّعِي ، وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ جَارِيَةً فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ، وَقِيمَتُهَا مِثْلُ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَشَهِدَ بِهَا الْمُرْتَهِنَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الرَّاهِنَيْنِ وَيَضْمَنَانِ الرَّهْنَ لِلْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَنَّهُمَا كَانَا غَاصِبَيْنِ .

رَجُلَانِ شَهِدَا لِرَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ شَهِدَ الرَّجُلَانِ بِدَيْنٍ لِلشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ فَقَالَ الْأَوَّلَانِ : كُنَّا أَبْرَأْنَاهُ مِنْ دَيْنِنَا ، وَلَا حَقَّ لَنَا قِبَلَهُ جَازَتْ شَهَادَةُ الْأَوَّلَيْنِ ، وَلَوْ قَالَا : وَصَلَنَا مِنْهُ الدَّيْنُ فِي حَيَاتِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا .

رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِهَا ، وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى بِنَائِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَيَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ عَامَ أَوَّل أَلْفَ دِرْهَمٍ فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا بِيَوْمٍ فَحُكِمَ بِالْبَرَاءَةِ وَبِرَدِّ الْمَالِ لَمْ يَضْمَنَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُمَا لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ لِجَوَازِ أَنَّهُمَا عَايَنَا الْقَرْضَ عَامَ أَوَّلَ فَشَهِدَا بِهِ وَلَمْ يَعْرِفَا الْبَرَاءَةَ فَلَمْ يَشْهَدَا بِالْقَرْضِ لِلْحَالِ ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدَا بِقَرْضٍ ، وَشَهِدَا أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ، وَيُخَيَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُدَّعِيَ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّقَا عَلَيْهِ إيجَابَ الْمَالِ فِي الْحَالِ ، وَلَمْ يُخْبِرَا عَنْ شَيْءٍ مَضَى فَظَهَرَ كَذِبُهُمَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ فَثُلُثُ الضَّمَانِ عَلَى مُدَّعِي الِاثْنَيْنِ ، وَالثُّلُثَانِ عَلَى مُدَّعِي الْأَرْبَعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ .
وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَيْنِ بِتِلْكَ الْأَلْفِ ، وَقَضَى بِهَا ثُمَّ رَجَعَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ وَاحِدٌ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ثُمُنَيْنِ وَنِصْفًا بَيْنَهُمَا ، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَالِ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ : مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ كَذَا فِي الْحَقَائِقِ ( قُلْتُ ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى التَّلْقِينَ لِمَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ مُحَمَّدًا لَقَّنَنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَسِبْنَا أَنَّنَا فَهِمْنَا فَلَمْ تَبْقَ مَعَنَا إلَى عَتَبَةِ الْبَابِ ، وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ النَّظَرِ إلَى الْوُجُوهِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَ لَقَّنَنَا كَانَ يَنْظُرُ بَعْضُنَا إلَى بَعْضٍ هَلْ فَهِمْت فَإِنِّي لَمْ أَفْهَمْ ، وَقَدْ حُقِّقَ وَجْهُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَنْبَغِي فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فَمَنْ أَرَادَ فَلْيُرَاجِعْ .

وَإِذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ قَالَا بِخَمْسِمِائَةٍ حَالَةً وَأَنَّهُ أَجَّلَهُ سَنَةً ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ ، وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَةَ الْعَبْدِ حَالَّةً وَلَا يُضَمِّنُهُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ رَجَعَا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا حَلَّ الْأَجَلُ ؛ لِأَنَّهُمَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ قَامَا مَقَامَ الْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَكَذَا هُمَا وَإِذَا رَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي يَطِيبُ لَهُمَا وَيَتَصَدَّقَانِ بِالْفَضْلِ وَمِثْلُهُ لَوْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَخَّرَ الثَّمَنَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا ضَمِنَا الثَّمَنَ خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يُتْلِفَا ذَلِكَ الثَّمَنَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ فَوَّتَا عَلَيْهِ إمْكَانَ أَخْذِ الثَّمَنِ حَالًّا فَيَضْمَنَانِ لَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ حَالَّةً فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِالْأَجَلِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا ؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا إمْكَانَ الْأَخْذِ كَذَا هَاهُنَا مِنْ الصُّغْرَى .

الْقَاضِي إذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ ، وَإِنْ تَعَمَّدَ بِجَوْرٍ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ السِّيَرِ .

( الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْإِقْرَارِ ) الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ لِوُقُوعِهِ دَلَالَةً فَإِذَا أَقَرَّ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ مَجْهُولًا كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ مَعْلُومًا ، وَيُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيَانِ إلَّا إذَا قَالَ : لَا أَدْرِي لَهُ عَلَيَّ سُدُسٌ أَمْ رُبُعٌ ؟ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ فَإِنْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَكَذَا إذَا قَالَ : عَلَيَّ حَقٌّ ، وَكَذَا إذَا قَالَ : غَصَبْت مِنْهُ شَيْئًا يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا هُوَ قَالَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ التَّمَانُعُ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ حَبَّةَ حِنْطَةٍ أَوْ قَطْرَةَ مَاءٍ لَا يَصِحُّ ، وَالتَّعْوِيلُ فِي الْكُلِّ عَلَى الْعَادَةِ .

وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ كَإِقْرَارِ الصَّاحِي هَذِهِ فِي حَدِّ الشُّرْبِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مُلْحَقٌ بِالْحُرِّ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ ( قُلْتُ ) إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ .

وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَيَصِحُّ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ .

وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ غَيْرُ لَازِمٍ إلَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا لَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَإِقْرَارُ الْمَعْتُوهِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْوَجِيزِ .

الْإِقْرَارُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ لَكِنَّ الْبُطْلَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِبْطَالِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ وَقَبُولٍ لَكِنْ يَبْطُلُ بِرَدِّهِ ، وَلَوْ صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَصِحُّ رَدُّهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى .

الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ إلَّا إذَا قَالَ : عَلَيَّ عَبْدٌ وَدَارٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ .

لَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِاقْتِضَاءٍ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَرَدَّ فِي الرِّقِّ فَضَمَانُ الْمَهْرِ فِي الْحُرَّةِ ، وَالْعُقْرُ فِي الْأَمَةِ يَتَأَخَّرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ فِي الْحَالِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ عَجْزِهِ ضَمِنَ فِي الْحَالِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِهِ قَبْلَ الْعَجْزِ فَقَوْلُهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ .

وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ هَذِهِ فِي الْحَجْرِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

لَوْ أَقَرَّ الْمُسْلِمُ بِخَمْرٍ يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ إذَا اشْتَرَى مَاءَهَا ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ كَائِنٍ سَابِقٍ وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يُخَلِّلَهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِجِلْدِ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ .

وَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ دِيَانَةً أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ ، وَإِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ بِطِيبِ نَفْسٍ يَحِلُّ ، وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ صَغِيرًا وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَوْ قِبَلِي فَقَدْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ : هُوَ وَدِيعَةٌ وَوَصَلَ صُدِّقَ وَلَوْ فَصَلَ : لَا ، وَفِي نُسَخِ الْمُخْتَصَرِ فِي قَوْلِهِ قِبَلِي إقْرَارٌ بِأَمَانَةٍ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُهَا حَتَّى صَارَ قَوْلُهُ : لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ إبْرَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ وَالْأَمَانَةِ جَمِيعًا وَالْأَمَانَةُ أَقَلُّهُمَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ قَالَ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَوْ فِي بَيْتِي أَوْ كِيسِي أَوْ صُنْدُوقِي فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَمَانَةٍ فِي يَدِهِ .

وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ : أَتَزِنُهَا أَوْ أَنْقُدُهَا أَوْ أَجِّلْنِي بِهَا أَوْ قَضَيْتُكَهَا فَهَذَا إقْرَارٌ ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كِنَايَةٌ عَنْ الْمَذْكُورِ فِي الدَّعْوَى فَكَأَنَّهُ قَالَ : اتَّزِنْ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيَّ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ حَرْفَ الْكِنَايَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِعَدَمِ انْصِرَافِهِ إلَى الْمَذْكُورِ ، وَالتَّأْجِيلُ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقٍّ وَاجِبٍ ، وَالْقَضَاءُ يَتْلُو الْوُجُوبَ وَدَعْوَى الْإِبْرَاءِ كَالْقَضَاءِ لِمَا بَيَّنَّا ، وَكَذَا دَعْوَى الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَضِي سَابِقِيَّةَ الْوُجُوبِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : أَحَلْتك بِهَا عَلَى فُلَانٍ ؛ لِأَنَّهُ تَحْوِيلُ الدَّيْنِ .

وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ فِي الْأَجَلِ لَزِمَهُ الدَّيْنُ حَالًّا ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ وَادَّعَى حَقًّا لِنَفْسِهِ فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ وَادَّعَى الْإِجَارَةَ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالدَّرَاهِمِ السُّودِ ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ فِيهِ وَيَسْتَحْلِفُ الْمُقَرَّ لَهُ عَلَى الْأَجَلِ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حَقًّا عَلَيْهِ ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ .

وَإِنْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ كُلُّهَا دَرَاهِمَ ، وَكَذَا كُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَلَوْ قَالَ : مِائَةٌ وَثَوْبٌ لَزِمَهُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَالْمَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْأَوَّلِ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَذَا لَوْ قَالَ : مِائَةٌ وَثَوْبَانِ ، وَلَوْ قَالَ : مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فَالْكُلُّ ثِيَابٌ ، وَمَنْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَهُ التَّمْرُ وَالْقَوْصَرَّةُ وَكَذَا الطَّعَامُ فِي السَّفِينَةِ ، وَالْحِنْطَةُ فِي الْجُوَالِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : غَصَبْت تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِغَصْبِ الْمَنْزُوعِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَابَّةٍ فِي إصْطَبْلٍ لَزِمَتْهُ الدَّابَّةُ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّ الْإِصْطَبْلَ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْغَصْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنهُمَا ، وَمِثْلُهُ الطَّعَامُ فِي بَيْتٍ ، وَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِخَاتَمٍ لَزِمَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِسَيْفٍ فَلَهُ الْجِفْنُ وَالنَّصْلُ وَالْحَمَائِلُ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِحَجَلَةٍ فَلَهُ الْعِيدَانُ وَالْكِسْوَةُ وَإِنْ قَالَ غَصَبْت ثَوْبًا فِي مَنْدِيلٍ لَزِمَاهُ جَمِيعًا ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : عَلَيَّ ثَوْبٌ فِي ثَوْبٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ : دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ وَاحِدٌ ، وَإِنْ قَالَ : ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ يُرِيدُ بِهِ الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ ، وَقَالَ الْحَسَنُ : لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَلَوْ قَالَ : أَرَدْت خَمْسَةً مَعَ خَمْسَةٍ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ عَشَرَةٌ أَوْ قَالَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَلْزَمُهُ الِابْتِدَاءُ ، وَمَا بَعْدَهُ وَتَسْقُطُ الْغَايَةُ وَقَالَا : تَلْزَمُهُ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا فَتَدْخُلُ الْغَايَةُ وَقَالَ زُفَرُ : يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ ،

وَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ مِنْ دَارِي مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ فَلَهُ مَا بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْحَائِطَيْنِ شَيْءٌ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَمَنْ أَقَرَّ بِمِلْكِ شَيْءٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ .

وَلَوْ قَالَ : لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ لِلْجَهَالَةِ حِينَئِذٍ هَذِهِ فِي بَابِ عِتْقِ النِّصْفِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ جَهَالَةُ الْمُقِرِّ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَجَمَعَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا أَوْ مُكَاتَبًا انْتَهَى .

وَفِي الْوَجِيزِ : الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَالْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ فَاسِدٌ عَنْ بَعْضِهِمْ ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ ، وَفِيهِ فَائِدَةٌ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ هَذَا دُونَ هَذَا يَصِحُّ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَالَهُ قِيمَةً فَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِالْغَصْبِ كَالْمَرْأَةِ وَالْحُرِّ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخَ يَصِحُّ وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى لَا يَصِحُّ بَيَانُهُ ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ مَالًا مُتَقَوِّمًا ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ بَيَّنَ مَالَهُ قِيمَةً وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَادَّعَى مَالًا آخَرَ بَطَلَ إقْرَارُهُ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا ادَّعَى لِلْمُقَرِّ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ .

إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِصِحَّتِهِ .

لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

لَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا إلَّا إذَا قَالَ : وَلِي عَلَيْك مِثْلُهَا كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِالْأَلْفِ الْمُدَّعَى بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ قَدْ أَعْتَقْت غُلَامَك فَقَالَ أَيْضًا ، وَأَنَا أَعْتَقْت غُلَامَك يَكُونُ إقْرَارًا .

وَلَوْ قَالَ لِهَذَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِثْلُ مَا لِهَذَا عَلَيَّ دِينَارٌ كَانَ لِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ دِينَارٌ .

وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَا لِهَذَا عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا مُقِرٌّ لَهُ بِهِ أَوْ كُلُّ مَا تَوَجَّهَ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْته لَا يَكُونُ إقْرَارًا ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ وَعْدًا وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحْسَبُهَا فَهَذَا إقْرَارٌ ، وَإِنْ قَالَ أَحْسَبُك مَا ادَّعَيْت فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ .

عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ قَالَ : لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ ، أَوْ رِبًا أَوْ بَاطِلٌ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِأَنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ الْحَرَامَ وَالرِّبَا عِنْدَهُ لِشَيْءٍ لَيْسَ بِرِبًا ، وَلَوْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ، وَهُمَا مُسْلِمَانِ ، وَقَالَ الطَّالِبُ : بَلْ هُوَ مِنْ ثَمَنِ بُرٍّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .

وَلَوْ قَالَ : لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْآخَرُ : مِائَةُ دِينَارٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنَّ الْمُدَّعِيَ صَدَّقَهُ فِي الدَّنَانِيرِ يَلْزَمُهُ كُلُّ الْمَالَيْنِ وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي الدَّنَانِيرِ فَالدَّرَاهِمُ .

وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِي لِفُلَانٍ كَانَ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا فِي يَدِي وَهُوَ دَاخِلٌ مَنْزِلَهُ لِامْرَأَتِهِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مِلْكُهَا قَضَاءً ، وَلَا دِيَانَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا سَبَبٌ صَحِيحٌ لِلْمِلْكِ مَعَ التَّسْلِيمِ مِنْ الْوَجِيزِ .

مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ إذَا قَالَ لِآخَرَ أَبْرَأْتُك مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي عَلَى كَذَا فَهُوَ إقْرَارٌ .

مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ إذَا قَالَ لِمُدَّعِيهَا سَلَّمْتهَا إلَيَّ بِأَلْفٍ أَوْ أَبْرَأْتنِي بِأَلْفٍ أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهَا بِأَلْفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ تَكُونُ الدَّارُ لِلْمُدَّعِي قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ هَذَا خِلَافُ جَوَابِ الْأَصْلِ .

وَلَوْ أَنَّ سَاكِنَ دَارٍ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ يَدْفَعُ إلَى فُلَانٍ الْأَجْرَ ثُمَّ قَالَ : الدَّارُ دَارِي فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا أَنَّ الدَّارَ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي قَبْضِ غَلَّتِهَا وَلَمْ يَكُنْ يَمْلِكُهَا وَلَوْ قَالَ أَجَّرَنِيهَا فُلَانٌ أَوْ قَالَ : اسْتَأْجَرْتهَا مِنْهُ فَهَذَا إقْرَارٌ بِهَا وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ يَكُونُ إقْرَارًا لِمَنْ كَانَ يَدْفَعُ إلَيْهِ الْغَلَّةَ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ رِوَايَةٌ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ .

إذَا قَالَ ابْتَعْ عَبْدِي هَذَا مِنِّي أَوْ اسْتَأْجِرْهُ مِنِّي أَوْ قَالَ أَعَرْتُك دَارِي هَذِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَهَذَا إقْرَارٌ بِهِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ : ادْفَعْ إلَيَّ غَلَّةَ عَبْدِي هَذَا ، أَوْ قَالَ : أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَقَدْ أَقَرَّ بِالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ : افْتَحْ بَابَ دَارِي هَذِهِ أَوْ قَالَ أَسْرِجْ دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ قَالَ : أَعْطِنِي سَرْجَ بَغْلِي هَذَا أَوْ لِجَامَ بَغْلِي هَذَا فَقَالَ : نَعَمْ فَهَذَا إقْرَارٌ ، وَلَوْ قَالَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ : لَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا ، وَلَوْ قَالَ : لَا أُعْطِيكَهَا فَهَذَا إقْرَارٌ بِالْبَغْلِ وَاللِّجَامِ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُوَجَّهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ الصُّغْرَى .

قَالَ لِرَجُلٍ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لَك أَوْ مَا أَمْلِكُهُ فَهُوَ لَك كَرَامَةً لَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ : لِمَنْ هَذَا فَقَالَ : لَك أَوْ هَذَا لَك أَوْ قَالَ : مِلْكُك قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَعَرَفَ بِهَذِهِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ لَغْوٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ حَتَّى لَوْ قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَمْلِكُهُ أَيْضًا فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

لَوْ قَالَ : مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ لِفُلَانٍ صَحَّ الْإِقْرَارُ ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ لَا مَجْهُولٌ ، فَإِنْ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ لِيَأْخُذَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَاخْتَلَفَا فِي عَبْدٍ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ ، وَكَذَا هَذَا فِيمَا إذَا قَالَ : مَا فِي حَانُوتِي هَذَا لِفُلَانٍ .

لَوْ قَالَ : لِامْرَأَتِي مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ ، وَمَا أُغْلِقُ بَابَهُ ، وَفِي الْبَيْتِ مَتَاعٌ فَلَهَا الْبَيْتُ وَالْمَتَاعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بَيْعًا بِهَذَا اللَّفْظِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ الْمَتَاعُ فِي الْبَيْعِ ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ : بِعْتُك الْبَيْتَ بِحُقُوقِهِ .

وَلَوْ أَقَرَّ لِابْنَتِهِ فِي صِحَّتِهِ بِجَمِيعِ مَا فِي مَنْزِلِهِ مِنْ الْفُرُشِ وَالْأَوَانِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ ، وَفَسَدَتْ الْأَمْوَالُ ، وَلَهُ بِالرُّسْتَاقِ دَوَابُّ وَغِلْمَانٌ ، وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الْبَلَدِ فَإِقْرَارُهُ يَقَعُ عَلَى مَا فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهِ ، وَمَا كَانَ يَبْعَثُ مِنْ الدَّوَابِّ إلَى الْبَاقُورَةِ بِالنَّهَارِ وَيَرْجِعُ إلَى وَطَنِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِقُمَاشِهِ لِابْنَتِهِ ، وَكَذَا عَبِيدُهُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ فِي حَوَائِجِهِ وَيَأْوُونَ إلَى مَنْزِلِهِ فَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي إقْرَارِهِ .

وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ : جَمِيعُ مَا هُوَ دَاخِلُ مَنْزِلِي لِامْرَأَتِي غَيْرَ مَا عَلَيَّ مِنْ الثِّيَابِ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى ابْنُهُ أَنَّ ذَلِكَ تَرِكَةُ أَبِيهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ : هَاهُنَا حُكْمٌ وَفَتْوَى أَمَّا الْحُكْمُ إذَا ثَبَتَ هَذَا الْإِقْرَارُ وَجَبَ الْقَضَاءُ بِمَا كَانَ فِي الدَّارِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ ، وَأَمَّا الْفَتْوَى فَكُلُّ شَيْءٍ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ صَارَ لَهَا بِتَمْلِيكِ الزَّوْجِ إيَّاهَا بِبَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِلْكًا لَهَا فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ مَنْعِهِ ، وَالِاحْتِجَاجُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَهُوَ تَرِكَةٌ .

وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ وَالِدَتِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا : جَمِيعُ مَا فِي يَدِي مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لَكِ ثُمَّ مَاتَ ، وَالْمَالُ الَّذِي أَقَرَّ لَهَا بِهِ مَالٌ بِعَيْنِهِ فَهُوَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الِابْنُ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ وَقَدْ تَرَكَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ تَتَنَاوَلَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مِقْدَارَ مَا اسْتَهْلَكَ بَعْدَ قَوْلِهِ : جَمِيعُ مَا فِي يَدِي مِنْ الْمَالِ فَهُوَ لَكِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ فَبِالِاسْتِهْلَاكِ بَطَلَ الصُّلْحُ ، وَعَادَ الدَّيْنُ كَمَا كَانَ مِنْ الصُّغْرَى .

رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَنَّهَا لِفُلَانٍ آخَرَ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ ، وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَطَلَ قَضَاءُ الْقَاضِي وَرَدَّهَا عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : كَانَتْ الدَّارُ لِلْمُقِرِّ وَوَهَبَهَا مِنِّي وَقَبَضْتهَا فَهِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا .

إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِدَارٍ لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ : هَذَا الْبَيْتُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لِي فَقَدْ أَكْذَبَ شُهُودَهُ ، فَإِنْ قِيلَ : هَذَا قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يُقْضَى لَهُ وَلَا لِفُلَانٍ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : أَجَزْت إقْرَارَهُ لِفُلَانٍ وَجَعَلْت لَهُ الْبَيْتَ مِنْ الدَّارِ ، وَمَا بَقِيَ يُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْبَيْتِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الدَّعَاوَى ، وَقَالَ فِي فَصْلِ تَكْذِيبِ الشُّهُودِ مِنْهَا ، وَلَوْ قَالَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ : هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ : إمَّا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ وَثَنَّى بِالنَّفْيِ فَقَالَ : هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَمْ تَكُنْ لِي قَطُّ ، أَوْ بَدَأَ بِالنَّفْيِ وَثَنَّى بِالْإِقْرَارِ فَقَالَ : هَذِهِ الدَّارُ مَا كَانَتْ لِي قَطُّ ، وَلَكِنَّهَا لِفُلَانٍ وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَوْ صَدَّقَهُ فِي الْإِقْرَارِ ، وَكَذَّبَهُ فِي النَّفْيِ فَقَالَ لِلْمُقِرِّ مَلَكْتهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِسَبَبٍ ، وَهِيَ دَارِي فَفِي هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ الدَّارُ لِلْمُقَرِّ لَهُ ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ بَدَأَ الْمُقِرُّ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالنَّفْيِ انْتَهَى .

قَالَ الْأَبُ : جَمِيعُ مَا هُوَ حَقِّي وَمِلْكِي فَهُوَ مِلْكٌ لِوَلَدِي هَذَا الصَّغِيرُ فَهَذَا كَرَامَةٌ لَا تَمْلِيكٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَهُ فَقَالَ حَانُوتِي الَّذِي أَمْلِكُهُ أَوْ دَارِي لِابْنِي الصَّغِيرِ فَهُوَ هِبَةٌ وَيَتِمُّ بِكَوْنِهَا فِي يَدِ الْأَبِ قَوْلُهُ : هَذِهِ الدَّارُ لَك أَوْ هَذِهِ الْأَرْضُ لَك هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ .

عَبْدِي هَذَا لِفُلَانٍ ، وَلَمْ يَقُلْ وَصِيَّةً ، وَلَا كَانَ فِي ذِكْرِهَا ، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي كَانَ هِبَةً قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا هَذِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ وَفِيهَا : لَوْ قَالَ : هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ فَإِقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ : دَارِي هَذِهِ لِفُلَانٍ فَهِبَةٌ ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الدَّارَ إلَى نَفْسِهِ فَكَانَتْ هِبَةً ، وَفِي الْأُولَى لَمْ يُضِفْ فَتَمَحَّضَ إقْرَارًا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ : سُدُسُ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ قَالَ : ثُلُثُ دَارِي هَذِهِ انْتَهَى .

الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَقْفِ .

لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِوَقْفِيَّةِ أَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ .

الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَيَدَاهُ صَحِيحَتَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ إنْسَانٌ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ ، وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا مَثَلًا لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ وَقَالَ لِهَذَا الصَّغِيرِ : عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَرْضٌ أَقْرَضَنِيهِ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ صَحَّ الْإِقْرَارُ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ ، وَلَا يُتَصَوَّرَانِ مِنْهُ لَكِنْ إنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى الْعَبْدَ وَاسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ فَنَكَلَ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُسْتَحِقِّ ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُسْتَحِقِّ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْمَأْذُونِ .

وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ فَالْمَرْجِعُ إلَيْهِ فِي الْبَيَانِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَوْ قَالَ مَالٌ عَظِيمٌ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ .
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ، وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَمَّا إذَا قَالَ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَالتَّقْدِيرُ فِيهَا بِالْعِشْرِينِ وَفِي الْإِبِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْحِنْطَةِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ وَفِي غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ بِقِيمَةِ النِّصَابِ ، وَلَوْ قَالَ : أَمْوَالٌ عِظَامٌ فَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ نُصُبٍ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ وَلَوْ قَالَ : دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ وَلَوْ قَالَ : دَرَاهِمُ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ إلَّا أَنَّ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْهَا ، وَلَوْ قَالَ : كَذَا كَذَا دِرْهَمًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَلَوْ قَالَ : كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا ، وَلَوْ قَالَ : كَذَا دِرْهَمًا فَهُوَ دِرْهَمٌ ، وَلَوْ ثَلَّثَ كَذَا بِغَيْرِ وَاوٍ فَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ ، وَلَوْ ثَلَّثَ بِالْوَاوِ فَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ ، وَإِنْ رَبَّعَ يُزَادُ أَلْفٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ وَفِي الصُّغْرَى إذَا قَالَ : كَذَا دِينَارًا فَعَلَيْهِ دِينَارَانِ ؛ لِأَنَّ هَذَا أَقَلُّ مَا يَعْدِلَانِ الْوَاحِدَ لَا يُعَدُّ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَلَوْ قَالَ : كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ : أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا لَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ انْتَهَى .

وَمَنْ قَالَ لِحَمْلِ فُلَانَةَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنْ قَالَ : أَوْصَى لَهُ فُلَانٌ أَوْ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ فِي مُدَّةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِلْمُوصِي وَالْمُورَثِ حَتَّى يُقَسِّمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ ، وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ بَاعَنِي أَوْ أَقْرَضَنِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ، وَإِنْ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ ؛ وَلِهَذَا حُمِلَ إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ ، وَأَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ كَمَا إذَا صَرَّحَ بِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ الْحُجَجِ فَيَجِبُ إعْمَالُهُ مَا أَمْكَنَ ، وَقَدْ أَمْكَنَ بِالْحَمْلِ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِحِ .

وَمَنْ أَقَرَّ بِحَمْلِ جَارِيَةٍ أَوْ حَمْلِ شَاةٍ لِرَجُلٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَلَزِمَهُ ؛ لِأَنَّ لَهُ وَجْهًا صَحِيحًا وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ .

وَمَنْ أَقَرَّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْمَالُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الْإِقْرَارِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَحْلِفُ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي زَمَنِ الْإِقْرَارِ وَالْأَصَحُّ التَّحْلِيفُ ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ ادَّعَوْا أَمْرًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُقَرُّ لَهُ لَلَزِمَهُ وَإِذَا أَنْكَرَ يَسْتَحْلِفُ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِمْ بِالْعِلْمِ أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا مِنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ .

لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَالَهُ قِيمَةٌ ، وَإِنْ بَيَّنَ مَالَهُ قِيمَةٌ ، وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ، وَادَّعَى مَالًا آخَرَ بَطَلَ إقْرَارُهُ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا ادَّعَى لِلْمُقَرِّ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ ، فَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ ، وَلَا يَقْصِدُ بِالْغَصْبِ كَالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخَ يَصِحُّ بَيَانُهُ .
وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى لَا يَصِحُّ بَيَانُهُ ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ مَالًا مُتَقَوِّمًا ، وَهُوَ الْأَصَحُّ .
وَلَوْ أَقَرَّ بِغَصْبِ شَاةٍ أَوْ عَبْدٍ ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَعْيِينِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ هَالِكًا مَعَ يَمِينِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ يَلْزَمْهُ أَدْنَى مَا يَغْصِبُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ .

وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ ثُمَّ أَنْكَرَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ عَبْدٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ وَسَطٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ .
وَلَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْبَيَانِ .

أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مِلْكٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُبَيِّنَ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي : نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ حَتَّى يَصِلَ إلَى مِقْدَارٍ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ ثُمَّ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الزِّيَادَةِ ، وَإِنْ قَالَ : حِصَّةُ هَذَا الْجِذْعِ أَوْ الْبَابِ الْمُرَكَّبِ أَوْ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ أَرْضٍ أَوْ حَقِّ الزِّرَاعَةِ أَوْ أَمْسَكَنِي إيَّاهُ جَارُهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ بِكَلَامِهِ .

وَلَوْ قَالَ لِي فِي هَذَا الْبُسْتَانِ حَقٌّ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِنَخْلَةٍ بِأَصْلِهَا مِنْ الْأَرْضِ .

قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذِهِ الْغَنَمِ شَرِكَةٌ أَوْ شَرِيكِي فِيهَا ، وَهِيَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَلَهُ النِّصْفُ اتِّفَاقًا ، وَلَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ شَرِكَةٌ فِيهَا فَلَهُ النِّصْفُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْبَيَانُ لِلْمُقِرِّ .

أَقَرَّ بِشَاةٍ فِي غَنَمِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ : اُدْعُ بِأَيِّ شَاةٍ شِئْت وَاسْتَحْلَفَ الْمُقِرَّ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِالشَّرِكَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ : فُلَانٌ شَرِيكِي فِي غَنَمِي بِقَدْرِ شَاةٍ ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى الْمُقِرِّ شَاةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَعْطَاهُ أَيَّةَ شَاةٍ كَانَتْ ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدَةً مِنْهَا ، وَقَالَ : لَا أَدْرِي فَهُوَ شَرِيكُهُ إنْ كَانَ الْغَنَمُ عَشَرَةً فَلَهُ عَشْرٌ : كُلُّ شَاةٍ مِنْهَا فِيمَا يَمْلِكُ وَيَلِدُ عَلَى الْحَقِيرِ وَلَوْ مَاتَ فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْبَيَانِ .

أَقَرَّ بِحَائِطٍ لِرَجُلٍ فَلَهُ الْحَائِطُ بِأَرْضِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِأُسْطُوَانَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ آجُرِّ فَلَهُ مَا تَحْتَهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ فَلَهُ الْخَشَبَةُ دُونَ الْأَرْضِ وَإِنْ أَمْكَنَ رَفْعُهَا بِغَيْرِ ضَرَرٍ أَخَذَهَا الْمُقَرُّ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا إلَّا بِضَرَرٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ .

أَقَرَّ لَهُ بِبِنَاءِ هَذِهِ الدَّارِ كَانَ لَهُ الْبِنَاءُ دُونَ الْأَرْضِ .
وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنَخْلَةٍ كَانَتْ لَهُ بِأَصْلِهَا مِنْ الْأَرْضِ .
وَلَوْ قَالَ : هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بِنَاءَهَا ، أَوْ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي ، وَالْأَرْضُ لِفُلَانٍ ، أَوْ هَذَا الْبُسْتَانُ لِفُلَانٍ ، وَالنَّخْلُ لِي ، أَوْ هَذِهِ الْجُبَّةُ مِنْ الْكَتَّانِ لِفُلَانٍ الظِّهَارَةُ وَالْبِطَانَةُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا لَمْ يُصَدَّقْ .
وَلَوْ قَالَ : هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ ، وَلَكِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لِي فَكُلُّهَا لِفُلَانٍ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا ، وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ خَطًّا بِخَطِّ يَدِهِ عَلَى إقْرَارٍ لَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ فَاسْتَكْتَبَ فَكَتَبَ فَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خَطَّا كَاتِبٍ وَاحِدٍ قَالَ أَئِمَّةُ بُخَارَى : إنَّهُ حُجَّةٌ يُقْضَى بِهَا ، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ : هَذَا خَطِّي ، وَأَنَا كَتَبْته غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيَّ هَذَا الْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَهَذَا أَوْلَى .
وَلَوْ كَتَبَ بِخَطِّهِ صَكًّا فَقِيلَ لَهُ نَشْهَدُ بِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَيَكُونُ إقْرَارًا ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْوَجِيزِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ ، وَلَا يُعْمَلُ بِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي إلَّا بِحُجَّةٍ ، وَهِيَ الْإِقْرَارُ أَوْ الْبَيِّنَةُ أَوْ النُّكُولُ كَمَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي خَطَّ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَتَبَ ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ .

وَلَوْ اشْتَرَى حَانُوتًا فَوَجَدَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى بَابِهِ مَكْتُوبًا : وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا لَا يَرُدُّهُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا تَنْبَنِي عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ ، وَعَلَى هَذَا لَا اعْتِبَارَ بِكِتَابَةِ وَقْفٍ عَلَى كِتَابٍ أَوْ مُصْحَفٍ قُلْتُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : الْأُولَى كِتَابُ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ إلَى الْإِمَامِ ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ ، وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ لِحَامِلِهِ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ .

يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ وَتَعَقَّبَهُ الطَّرْطُوسِيُّ بِأَنَّ مَشَايِخَنَا رَدُّوا عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي عَمَلِهِ بِالْخَطِّ لِكَوْنِ الْخَطِّ يُشْبِهُ الْخَطَّ فَكَيْفَ عَمِلُوا بِهِ هُنَا ؟ وَرَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَالَهُ وَعَلَيْهِ ، وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ انْتَهَى .

وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَالْبَيَانُ فِي النَّيِّفِ إلَيْهِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ وَالْبِضْعُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثَةٍ .
وَلَوْ قَالَ : عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ فَعَلَيْهِ سِتَّةٌ .
وَلَوْ قَالَ : دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً فَعَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَإِنْ اسْتَثْنَى مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَزِمَهُ الْبَاقِي سَوَاءٌ اسْتَثْنَى الْأَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ ، فَإِنْ اسْتَثْنَى الْجَمِيعَ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ ، وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْئَيْنِ فَاسْتَثْنَى أَحَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَبَعْضَ الْآخَرِ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ وَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْضَ أَحَدِهِمَا أَوْ بَعْضَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحَّ وَيُصْرَفُ إلَى جِنْسِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ .

وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا أَوْ إلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قِيمَةَ الدِّينَارِ أَوْ الْقَفِيزِ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَوْ قَالَ لَهُ : عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَصِحُّ فِيهِمَا مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ قَالَ : لَهُ كَرُّ حِنْطَةٍ وَكَرُّ شَعِيرٍ إلَّا كَرَّ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَجَازَاهُ فِي الْقَفِيزِ مِنْ الْمَجْمَعِ .

وَمَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ ، وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْ الْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِمَشِيئَةٍ إمَّا إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَدْ بَطَلَ ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَكَذَلِكَ إمَّا ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشُّرُوطِ أَوْ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إذَا مِتُّ أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا أَفْطَرَ النَّاسُ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى بَيَانِ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ تَأْجِيلًا لَا تَعْلِيقًا حَتَّى لَوْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْأَجَلِ يَكُونُ الْمَالُ حَالًّا مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَكَذَا لَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ إنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ مَشِيئَتُهُ كَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ مِنْ الْمُخْتَارِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ حَلَفَ أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ أَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَوْ قَدَّرَهُ أَوْ يَسَّرَهُ أَوْ إنْ أَصَبْت مَالًا فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ مِنْ الْوَجِيزِ .

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ غَصَبْتُك أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرَبِحْت فِيهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَقَالَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ قَدْ أَمَرْتُك بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ لَا بَلْ غَصَبْت الْعَشَرَةَ آلَافِ كُلَّهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

وَمَنْ أَقَرَّ بِدَارٍ وَاسْتَثْنَى بِنَاءَهَا لِنَفْسِهِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ الدَّارُ وَالْبِنَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إلَّا ثُلُثَهَا أَوْ إلَّا بَيْتًا مِنْهَا وَالْفَصُّ فِي الْخَاتَمِ وَالنَّخْلَةُ فِي الْبُسْتَانِ نَظِيرُ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ .

وَلَوْ قَالَ : بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي وَالْعَرْصَةُ لِفُلَانٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ : بَيَاضُ هَذِهِ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ لِفُلَانٍ حَيْثُ يَكُونُ الْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبِنَاءِ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّارِ .

وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ اشْتَرَيْته مِنْهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنْ ذَكَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ : إنْ شِئْت سَلِّمْ الْعَبْدَ وَخُذْ الْأَلْفَ ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَك ، وَإِنْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ اشْتَرَيْته وَلَمْ يُعَيِّنْهُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ مَا قَبَضْت عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : إنْ وَصَلَ صُدِّقَ ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ، وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُصَدَّقْ إذَا أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ، وَإِنَّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مَتَاعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ .
وَلَوْ قَالَ : ابْتَعْت مِنْهُ عَيْنًا إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَقَالَا إذَا وَصَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ .

وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَالَ أَقْرَضْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : جِيَادٌ لَزِمَهُ الْجِيَادُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ قَالَ مَوْصُولًا يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ وَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ إلَّا أَنَّهَا وَزْنُ خَمْسَةٍ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ : إذَا قَالَ : سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُيُوفٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ .
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ مِنْ الْقَرْضِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الزُّيُوفِ إذَا وَصَلَ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَيْعَ وَالْقَرْضَ قِيلَ يُصَدَّقُ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ كَرُّ حِنْطَةٍ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ صُدِّقَ وَلَوْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ أَلْفًا أَوْ أَوْدَعَنِي ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ مَفْصُولًا وَلَوْ قَالَ هِيَ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَوَصَلَ صُدِّقَ وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ فِي هَذَا كُلِّهِ أَلْفًا إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ إنْ فَصَلَ وَإِنْ وَصَلَ يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ الْفَصْلُ ضَرُورَةَ انْقِطَاعِ الْكَلَامِ فَهُوَ وَاصِلٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَمَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ ثَوْبٍ ثُمَّ جَاءَ بِثَوْبٍ مَعِيبٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْوَدِيعَةِ وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ : أَخَذْت مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ ، وَقَالَ لَا بَلْ أَخَذْتهَا غَصْبًا فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَإِنْ قَالَ أَعْطَيْتهَا وَدِيعَةً فَقَالَ : بَلْ غَصَبْتهَا لَمْ يَضْمَنْ ، وَالْقَبْضُ فِي هَذَا كَالْأَخْذِ ، وَالدَّفْعُ كَالْإِعْطَاءِ .
وَلَوْ قَالَ أَخَذْتهَا مِنْك وَدِيعَةً فَقَالَ : لَا بَلْ قَرْضًا يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ ، وَإِنْ قَالَ : هَذِهِ الْأَلْفُ كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَ فُلَانٍ فَأَخَذَتْهَا

فَقَالَ فُلَانٌ هِيَ لِي فَإِنَّهُ يَأْخُذهَا مِنْهُ وَلَوْ قَالَ أَوْدَعْتُهَا كَانَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْآتِي بَعْد هَذَا وَإِنَّ قَالَ آجَرْت دَابَّتِي هَذِهِ فُلَانًا فَرَكِّبْهَا وَرَدَّهَا لِي أَوْ قَالَ آجَرْت ثَوْبِي هَذَا فُلَانًا فَلَبِسَهُ وَرَدَّهُ وَقَالَ فُلَانٌ كَذَبْت وَهُمَا لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الدَّابَّةَ وَالثَّوْبَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِعَارَةُ وَالْإِسْكَانُ وَلَوْ قَالَ خَاطَ فُلَانٌ ثَوْبِي هَذَا بِنِصْفِ دِرْهَم ثُمَّ قَبَضَتْهُ وَقَالَ فُلَانٌ : الثَّوْبُ ثَوْبِي فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ قَالَ اقْتَضَيْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لِي عَلَيْهِ أَوْ أَقْرَضْتُهُ أَلْفًا ثُمَّ أَخَذْتُهَا مِنْهُ ، وَأَنْكَرَ الْمُقِرّ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ .

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا زَرَعَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ بَنَى هَذِهِ الدَّارَ أَوْ غَرَسَ هَذَا الْكَرْمَ ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَادَّعَاهُ فُلَانٌ ، وَقَالَ الْمُقِرُّ بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ لِي اسْتَعَنْت بِك فَفَعَلْت أَوْ فَعَلْته بِأَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ كَمَا إذَا قَالَ خَاطَ لِي الْخَيَّاطُ قَمِيصِي هَذَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ قَبَضْته مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ قَالَ : هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ لَا بَلْ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَعَلَى الْمُقِرِّ لِلثَّانِي أَلْفٌ أُخْرَى هَذِهِ مِنْ الْكَنْزِ .

وَلَوْ قَالَ لِي عِنْدَك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَدَفَعْته إلَيَّ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَبْت ، وَهُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ وَلَوْ قَالَ لَهُ كَانَ لِي عِنْدَك ثَوْبُ عَارِيَّةً فَلَبِسْته ثُمَّ رَدَدْته عَلَيَّ أَوْ عِنْدَك دَابَّةٌ فَرَكِبْتهَا ثُمَّ دَفَعْتهَا إلَيَّ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَبْت هِيَ لِي فَعَلَى قَوْلِهِمَا هَذَا وَالْأَوَّلِ سَوَاءٌ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ .

لَوْ قَالَ قَبَضْت بِبَيْتِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ كِيسِهِ أَوْ مِنْ سَفَطِهِ ثَوْبًا هَرَوِيًّا أَوْ مِنْ نَخْلِهِ ثَمَرًا أَوْ أَوْدَعْته كَرَّ حِنْطَةٍ أَوْ مَنًا أَوْ قَالَ مِنْ أَرْضِ فُلَانِ قَبَضْت عَدْلَ زُطِّيٍّ ثُمَّ قَالَ نَزَلْت فِيهَا وَمَعِي أَحْمَالٌ مِنْ زُطِّيٍّ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَرْضَ فِي إجَارَتِهِ .

رَجُلٌ قَالَ وَجَدْت فِي كِتَابِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ كَتَبْت بِيَدِي أَنَّهُ لَهُ عَلَيَّ مِائَتَا دِرْهَمٍ الْكُلُّ بَاطِلٌ .

وَأَئِمَّةُ بَلْخَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا فِي يادركاه الْبَاعَة : إذَا وَجَدَ فِيهِ مَكْتُوبًا بِخَطِّ الْبَائِعِ فَهُوَ لَازِمٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي يادركاه إلَّا مَا كَانَ لَهُ عَلَى النَّاسِ وَمَا لِلنَّاسِ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ وَجَدْت فِي يادركاي بِخَطِّي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَخَطُّ الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرْنَا وَقِيلَ : إنَّ الصَّدْرَ الْقَاضِيَ بُرْهَانَ الْأَئِمَّةِ كَانَ يُفْتِي هَكَذَا فِي خَطِّ الصَّرَّافِ أَنَّهُ حُجَّةٌ .

وَلَوْ قَالَ لِلصَّكَّاكِ اُكْتُبْ لِفُلَانٍ خَطَّ إقْرَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ يَكُونُ إقْرَارًا وَيَصِحُّ لِلصَّكَّاكِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمَالِ .
وَلَوْ قَالَ كَتَبْت بِخَطِّ يَدِي بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ صَكًّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا .

لَوْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ خَطًّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَالْقَوْمُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ : اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا كَانَ إقْرَارًا .

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ : لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ : وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ مِثْلُهَا عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَالشَّيْخُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ ابْنِ سِمَاعَةَ وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ مراسراز تَوْحِيدَيْنِ يابد يَكُونُ إقْرَارًا كَمَا لَوْ قَالَ مَرَّا بَارِّي أزتوجندين ميبايد لَا يَكُونُ إقْرَارًا .

رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنَّ مِتُّ فَعَلَيْهِ الْمَالُ مَاتَ أَوْ عَاشَ وَكَذَا لَوْ قَالَ : إنْ أَفْطَرَ النَّاسُ أَوْ إنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ عِيدُ الْأَضْحَى ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ ضَرْبٍ مِنْ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ حَالًّا أَمَّا تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ نَحْوَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ أَصَبْت مَالًا فَبَاطِلٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .

رَجُلٌ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَارٌ أَوْ عَبْدٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ .

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ عَارِيَّةً وَقَالَ الْآخَرُ أَخَذْت مِنِّي بَيْعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ أَمَّا إذَا لَبِسَ وَهَلَكَ يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

وَلَوْ قَالَ غَصَبْت هَذَا الثَّوْبَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو فَهُوَ لِزَيْدٍ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِعَمْرٍو مِنْ الْمُخْتَارِ .

وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ جَارِيَةٍ لَمْ تَلْزَمْهُ وَجِيزِ .

لَوْ قَالَ لِآخَرَ اسْتَقْرَضْت مِنْك فَلَمْ تُقْرِضْنِي فَالْقَوْلُ لَهُ لَوْ وَصَلَ وَإِنْ فَصَلَ لَا .
وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا قَالَ أَقْرَضْتنِي أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلْ أَوْ أَوْدَعْتنِي أَوْ أَعْطَيْتنِي فَلَمْ أَقْبَلْ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَوْ قَالَ أَخَذْت مِنِّي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَا أَجُودُ بِهَا فَهَذَا إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ لَا أُعْطِيك بَعْدَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا أَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْك مَعَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا أَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْ أَحَدًا بَعْدَك أَوْ قَبْلَك أَوْ مَعَك فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ .
وَكَذَا لَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْك إلَّا هَذَا الْمَالَ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ مَا لَك إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ سِوَى مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ مَا لَك عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ وَلَا أَقَلُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ قَالَ أُخْبِرْهُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ قَالَ لَهُ أَعْلِمْهُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا فَهَذَا إقْرَارٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ غَيْرُهُ أَخْبِرْ فُلَانًا أَنَّ لَهُ عَلَيْك أَوْ أَعْلِمْهُ أَوْ أُبَشِّرُهُ أَوْ أَقُولُ لَهُ أَوْ أَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ نَعَمْ أَمَّا إذَا قَالَ لَا تُخْبِرْ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ قَالَ لَا تَشْهَدْ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفًا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ قَوْلَهُ لَا تُخْبِرْ إقْرَارٌ وَقَوْلُهُ لَا تَشْهَدْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَعَامَّةُ مَشَايِخِ بَلْخَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ لَا تُخْبِرْهُ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى لَا بَلْ هُوَ صَوَابٌ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَزَعَمَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ .

وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ قَتَلْت فُلَانًا فَقَالَ وَأَنْتَ أَيْضًا قَتَلْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُمْ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَلَوْ قِيلَ لَهُ لِمَ قَتَلْت فُلَانًا فَقَالَ كَذَا كَانَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ قَالَ عَدُوِّي فَهَذَانِ اللَّفْظَانِ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْقَتْلِ فَيَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ عَمْدًا مِنْ الصُّغْرَى .

ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْته لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا كَانَ فِي جَرِيدَتِك فَعَلَيَّ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْجَرِيدَةِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَذَكَرَ الْمُدَّعِي شَيْئًا مَعْلُومًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ذَكَرَتْ كَانَ تَصْدِيقًا وَكَذَا إذَا أَشَارَ إلَى الْجَرِيدَةِ فَقَالَ : مَا فِيهَا فَهُوَ عَلَيَّ كَذَلِكَ يَصِحُّ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ كَذَا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

لَوْ قَالَ أَلَسْت أَقْرَضْتُك أَمْسِ أَلْفًا أَوْ لَمْ أُقْرِضْك فَقَالَ : نَعَمْ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَضْتنِي أَوْ لَمْ تُقْرِضْنِي فَقَالَ الطَّالِبُ : بَلَى فَجَحَدَ الْمُقِرُّ يَلْزَمُهُ الْمَالُ .

لَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَضَيْتهَا إيَّاهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ : عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنِّي قَضَيْت عَشَرَةً مِنْهَا ، وَلَوْ قَالَ : وَقَدْ قَضَيْتهَا إيَّاهُ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ غَيْرَ عَشَرَةٍ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا إنْ كَانَ مِمَّا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ ، وَاسْتِخْرَاجُ قِيمَتِهِ بَاطِلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَلِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا مِنْ الْأَلْفِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الدَّرَاهِمِ ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ مِنْ الدَّنَانِيرِ .

لَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ إلَّا رَطْلَ زَيْتٍ أَوْ قِرْبَةَ مَاءٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ إلَّا قِيمَةَ رَطْلِ زَيْتٍ أَوْ قِيمَةَ قِرْبَةِ مَاءٍ ، وَلَوْ قَالَ : عَشَرَةُ أَرْطَالِ زَيْتٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ عَلَيَّ كَرُّ حِنْطَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَرْطَالِ زَيْتٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ تَعَامُلِ النَّاسِ بِهِ ، وَفِي الْأَوَّلِ تَعَامَلُوا بِهِ .

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قَلِيلًا فَعَلَيْهِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا .
وَلَوْ قَالَ : عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا زَيْفًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٌ ، وَلَهُ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ دِرْهَمٌ زَيْفٌ مِنْ الْوَجِيزِ .

أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ هَذَا أَوْ مِنْ هَذَا ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِهِ أَخَذَاهُ ، وَإِلَّا يَسْتَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ فَلَوْ نَكَلَ لَهُمَا جَمِيعًا قَضَى بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا وَبِقِيمَتِهِ أَيْضًا بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا قَضَى بِهِ لِلَّذِي نَكَلَ لَهُ .

قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ بَطَلَ هَذَا الْإِقْرَارُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : الْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ : لَا بَلْ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ أَوْ أَعَارَنِيهِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ قَضَى بِهِ لِلْأَوَّلِ سَوَاءٌ قَالَ هَذَا مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ لِلثَّانِي اتِّفَاقًا مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ : الْخِلَافُ فِي الْإِقْرَارِ الْمُقَيَّدِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ أَمَّا فِي الْإِقْرَارِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ قَالَ : هَذَا لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ ، وَدَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى .

وَفِي الصُّغْرَى قَالَ لِعَبْدٍ فِي يَدِهِ هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو أَوْ قَالَ : هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ لَا بَلْ غَصَبْته مِنْ عَمْرٍو أَوْ قَالَ : هُوَ لِزَيْدٍ بَلْ أَوْدَعَنِيهِ عَمْرٌو ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ فَفِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْعَبْدُ يُسَلَّمُ إلَى الْأَوَّلِ ، وَهُوَ زَيْدٌ ثُمَّ يَنْظُرَانِ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ لِعَمْرٍو شَيْئًا وَإِلَّا ضَمِنَ لِعَمْرٍو قِيمَتَهُ هَذَا وَفِيمَا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ لِعَمْرٍو مُرْسَلًا سَوَاءً وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو الْوَدِيعَةِ وَالدَّفْعِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : هَذَا وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو مُرْسَلًا سَوَاءٌ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : هَذَا وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو بِالْغَصْبِ سَوَاءٌ انْتَهَى .

إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالَانِ إذَا ادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ مَالٌ وَاحِدٌ إنْ تَسَاوَيَا ، وَالْأَكْثَرُ إنْ تَفَاوَتَا مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ : مَحَلُّ الْخِلَافِ الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ السَّبَبِ وَعَنْ الصَّكِّ إذْ فِي الْمُقَيَّدِ بِالسَّبَبِ الْمُتَّحِدِ بِأَنْ قَالَ : فِي الْكَرَّتَيْنِ ثَمَنُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ فِي كَرَّةٍ ، وَثَمَنُ هَذَا الْعَبْدِ فِي كَرَّةٍ أُخْرَى الْمَالُ مُخْتَلِفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مُطْلَقًا عَنْ السَّبَبِ لَكِنْ مَعَ الصَّكِّ ، فَإِنْ كَانَ بِهِ صَكٌّ وَاحِدٌ فَالْمَالُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ وَالْإِشْهَادُ فِي مَوْطِنٍ أَوْ مَوْطِنَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ صَكَّانِ فَمَالَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِمِائَةٍ وَكَتَبَ فِي صَكٍّ ثُمَّ أَقَرَّ وَكَتَبَ فِي صَكٍّ فَهُمَا مَالَانِ انْتَهَى فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ إنَّمَا قَيَّدَ بِتَكَرُّرِ الشُّهُودِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا يَلْزَمُهُ مَالٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا انْتَهَى .

وَفِي الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ إذَا تَعَدَّدَ الْإِقْرَارُ بِمَوْضِعَيْنِ لَزِمَهُ الشَّيْئَانِ إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ لَوْ قَالَ : قَتَلْت ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ : قَتَلْت ابْنَ فُلَانٍ ، وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ ، وَكَذَا التَّزْوِيجُ ، وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِالْجِرَاحَةِ فَهِيَ ثَلَاثٌ انْتَهَى .

لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا عِنْدَ الْقَاضِي فَأَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَاهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ فَأَقَرَّ بِهَا يَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَاحِدٌ .

أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ حَقًّا ثُمَّ مَاتَ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ وَالْمُقِرُّ وَارِثُهُ فَالدَّيْنُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ .

لَوْ قَالَ : نِصْفُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَى نِصْفَهَا مِنْ رَجُلٍ قُضِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِرُبُعِهَا .

رَجُلٌ أَقَرَّ بِعَبْدٍ لِرَجُلٍ أَنَّهُ لِفُلَانٍ ، وَجَحَدَ صَاحِبُ الْيَدِ ثُمَّ قَالَ الْمُقِرُّ : إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ .

قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفٌ وَجَحَدَ فُلَانٌ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا النِّصْفُ ، وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ صَبِيًّا أَوْ رَجُلًا لَا يَعْرِفُ أَوْ مَيِّتًا ، وَكَذَا لَوْ سَمَّى اثْنَيْنِ مَعَهُ لَزِمَهُ الثُّلُثُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِقَطْعِ الْيَدِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ اسْتِحْسَانًا قَالَ : ادْفَعْ إلَيَّ هَذِهِ الْأَلْفَ ، وَهِيَ لِفُلَانٍ آخَرَ وَصَدَّقَهُ الدَّافِعُ وَادَّعَى الْإِذْنَ بِالدَّفْعِ مِنْ الثَّانِي وَصَدَّقَهُ الثَّانِي فِيهِ يَدْفَعُ الْمُقِرُّ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الثَّانِي فِي الْإِذْنِ لَا يَدْفَعُ إلَى الدَّافِعِ ، وَلَا يَضْمَنُ لِلدَّافِعِ شَيْئًا .

فِي يَدِهِ عَبْدٌ قَالَ : هُوَ لِفُلَانٍ بَاعَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ وَحَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ بِالْبَيْعِ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَبِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ .

قَالَ هَذَا الْعَبْدُ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَنَقَدْتهَا ثُمَّ قَالَ : اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ آخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنَقَدْتهَا ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ يُقْبَلُ ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنَانِ ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَقْدِهِ فَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ فَالْعَبْدُ لِلْأَوَّلِ ، وَلِلثَّانِي قِيمَةُ الْعَبْدِ إنْ جَحَدَ الْبَيْعَ .

أَقَرَّ بِالسَّلَمِ ثُمَّ قَالَ مَوْصُولًا : لَمْ أَقْبِضْ رَأْسَ الْمَالِ صُدِّقَ ، فَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا : لَا يُصَدَّقُ اسْتِحْسَانًا .

وَلَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ : عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا : لَمْ أَقْبِضْهَا فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ .
وَلَوْ قَالَ : أَقْرَضْتنِي أَمْسِ أَوْ أَسْلَمْت إلَيَّ أَوْ اسْتَوْدَعْتنِي ثُمَّ قَالَ : لَمْ أَقْبِض يُصَدَّقْ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا مِنْ الْوَجِيزِ .

وَلَوْ قَالَ : دَفَعْت إلَيَّ أَوْ أَنَقَدْتنِي فَلَمْ أَقْبِضْهُ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يُصَدَّقُ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا مِنْ الْوَجِيزِ .

وَلَوْ قَالَ : قَالَ لِي : بِعْنِي وَبِعْتهَا وَلَمْ أَقْبِضْ يُصَدَّقُ إجْمَاعًا ، وَكَذَا أَقْرَضَنِي أَوْ أَوْدَعَنِي أَوْ وَضَعَ عِنْدِي أَوْ أَعْطَانِي ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ .

جَاءَ مُسْلِمٌ إلَيْهِ بِزَيْفٍ فَرَدَّهُ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَالَ : قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ حَقِّي أَوْ رَأْسَ مَالِي أَوْ اسْتَوْفَيْت الدَّرَاهِمَ لَا يُصَدَّقُ ، وَإِنْ قَالَ : قَبَضْت الدَّرَاهِمَ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَلَوْ قَالَ : عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَرْضٌ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ إلَّا أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ أَوْ عَلَيَّ عَشَرَةُ أَفْلُسٍ كَاسِدَةٌ لَا يُصَدَّقُ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ ، وَعَلَيْهِ الْكَاسِدَةُ وَالسَّتُّوقَةُ فِي الْقَرْضِ ، وَقِيمَةُ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْوَجِيزِ .

أَقَرَّ بِقَبْضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ : هِيَ زُيُوفٌ يُصَدَّقُ ، وَلَوْ قَالَ : هِيَ سَتُّوقَةٌ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ مَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ : هِيَ زُيُوفٌ لَمْ يُصَدَّقُوا .
وَلَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةٌ ثُمَّ قَالَ : زُيُوفٌ يُصَدَّقُ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ فَقَالَ وَرَثَتُهُ هِيَ زُيُوفٌ لَا يُصَدَّقُونَ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ إذَا مَاتَ صَارَ دَيْنًا فِي مَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ فِي دَعْوَى الزِّيَافَةُ .

لَوْ كَتَبَ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بَيْنَ يَدَيْ شُهُودٍ هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا هَذِهِ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا أَنْ يَكْتُبَ ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَقَالَ : الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ إنْ كَانَ مَصْدَرًا مَكْتُوبًا عَلَى الرَّسْمِ ، وَعَلِمَ الشَّاهِدُ بِمَا كَتَبَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ : اشْهَدُوا كَمَا لَوْ خَاطَبَ هَكَذَا ذَكَرَ مُطْلَقًا فَيَقُولُ : إنْ كَتَبَ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ أَمَّا بَعْدُ فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا فَهَذَا إقْرَارٌ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ لِلْغَائِبِ كَالْخِطَابِ لِلْحَاضِرِ أَمَّا فِي حَقِّ الْأَخْرَسِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا وَمَصْدَرًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كِتَابًا إلَى الْغَائِبِ الثَّانِي إذَا كَتَبَ وَقَرَأَ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ وَحِلٌّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُمْ : اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ .
الثَّالِثُ : أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَإِنْ قَالَ لِلْكَاتِبِ : اشْهَدْ عَلَيَّ بِمَا فِيهِ فَهُوَ إقْرَارٌ ، وَإِلَّا فَلَا .
الرَّابِعُ : إذَا كَتَبَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَقَالَ : اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ عَلَيَّ إنْ عَلِمُوا مَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا ، وَإِلَّا فَلَا .

وَلَوْ قَالَ : لِفُلَانِ عَلَيَّ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ : النَّاطِفِيُّ : لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوبًا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ يَقُولُ : مِائَتَانِ ، وَلَوْ قَالَ : أُلُوفُ دَرَاهِمَ فَثَلَاثَةُ آلَافٍ ، وَلَوْ قَالَ : أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ ، فَعَشَرَةُ آلَافٍ ، وَكَذَا فِي الْفُلُوسِ وَالدَّنَانِيرِ ، وَلَوْ قَالَ : مَالٌ قَلِيلٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ .
وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَأَضْعَافٌ مُضَاعَفَةٌ فَهِيَ ثَمَانُونَ .

إذَا قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ : مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ عِشْرُونَ ، وَلَوْ قَالَ : هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا .
وَلَوْ قَالَ : لِفُلَانِ عَلَيَّ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الصُّغْرَى .

إذَا أَقَرَّ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بِغَصْبِ مَالِ الصَّغِيرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ غَصْبُهُ لِمَا أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْأَخْذِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

تَكْذِيبُ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يُبْطِلُ إقْرَارَهُ هَذِهِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهَا مَاتَ الْمَدْيُونُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ فَطَالَبَ الدَّائِنُ ابْنَهُ فَقَالَ : اصْبِرْ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْ الْقُنْيَةِ .

إذَا أَقَرَّ بِالدِّينِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَفِيهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِزَوْجَتِهِ كِسْوَةً مَاضِيَةً فَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ ، وَلَكِنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَهَا ، وَلَا يَسْتَفْسِرَ الْمُقِرَّ انْتَهَى .

وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ ، وَإِنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ : هُوَ ابْنِي ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ ، وَبَطَلَ إقْرَارُهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ لَهَا ، وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الدِّينِ وَمِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ قَالَ : قَبَضْت مِنْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ مِائَةً ثُمَّ قَالَ : وَجَدْتهَا زُيُوفًا صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ - اسْتِحْسَانًا ، وَلَوْ قَالَ : سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا لَا يُصَدَّقُ ، وَإِنْ قَالَ : قَبَضْت حَقِّي أَوْ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَلْفٌ ثُمَّ قَالَ : وَجَدْتهَا زُيُوفًا لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَنَّهَا كَانَتْ جِيَادًا عِنْدَهُمَا .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : أُحَلِّفُهُ إذَا قَالَ اتَّهَمْته .

أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَقَالَ : هِيَ زُيُوفٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهُ إنْ شَاءُوا ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ بِالْجِيَادِ ، وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا : هِيَ رَصَاصٌ لَمْ يُصَدَّقْ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهَا جِيَادًا ، وَإِنْ قَالَ : مَوْصُولًا يُصَدَّقُ ، وَلَا شَيْءَ لِلشَّرِيكِ ، وَإِنْ قَالَ : أَقْرَرْت لَك وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ نَائِمٌ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَالَ : وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ إنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ، وَإِلَّا يَلْزَمُهُ .

وَلَوْ قَالَ : أَخَذْت مِنْك مَالًا وَقَطَعْت يَدَك ، وَأَنَا حَرْبِيٌّ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : لَا بَلْ بَعْدَ إسْلَامِك يَلْزَمُهُ الْمَالُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِمُعْتَقِهِ : أَخَذْت مِنْك مَالًا أَوْ قَطَعْت يَدَك قَبْلَ الْعِتْقِ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : لَا بَلْ بَعْدَهُ أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ مَالًا قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : لَا بَلْ بَعْدَهُ لَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ عِنْدَهُمَا ، وَقَالَ : مُحَمَّدٌ : يُصَدَّقُ فِي الْمُسْتَهْلِكِ دُونَ الْقَائِمِ بِعَيْنِهِ مِنْ الْوَجِيزِ .

إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ : عَلَيَّ هَذَا الْجِدَارُ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .

وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ أَلْفَانِ يَسْقُطُ الْأَلْفُ الْمَضْرُوبُ عَنْهُ وَيَلْزَمُهُ أَلْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ : زُفَرُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَإِذَا قَالَ : غَصَبْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ : كُنَّا عَشَرَةً وَفُلَانٌ ادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الْغَاصِبُ لِلْأَلْفِ تَبْطُلُ دَعْوَى الشَّرِكَةِ وَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ عِنْدَنَا ، وَقَالَ : زُفَرُ يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ مِنْ الْمَجْمَعِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ : أَقْرَضَنَا فُلَانٌ أَوْ أَعَارَنَا ، أَوْ أَوْدَعَنَا أَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيْنَا ، وَفُلَانٌ يَدَّعِي عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ قُلْتُ : وَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ مُخَالَفَةٍ لِمَا مَرَّ عَنْ الْوَجِيزِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفٌ وَجَحَدَ فُلَانٌ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا النِّصْفُ ، وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ فِي عِلْمِي يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَا : لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ ، وَلَوْ قَالَ : فِي ظَنِّي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا ، وَلَوْ قَالَ : قَدْ عَلِمْت يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِهِ .

وَلَوْ قَالَ : أَسْلَمْت إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كَرِّ حِنْطَةٍ أَوْ قَالَ : أَسْلَمْت إلَيَّ ثَوْبًا فِي كَرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا سَكَتَ : إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا مِنْك وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ : قَبَضْت فَالْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : أَعْطَيْتنِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا فَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ ، وَإِنْ قَالَ : أَعْطَيْتنِي لَكِنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ وَوَصَلَ كَلَامَهُ صُدِّقَ .
وَلَوْ قَالَ : دَفَعْت إلَيَّ أَلْفًا أَوْ نَقَدْتنِي أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلْهَا قَالَ : أَبُو يُوسُفَ لَا يُصَدَّقْ ، وَهُوَ ضَامِنٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : الْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَلَا ضَمَانَ .
وَلَوْ قَالَ : قَبَضْت مِنْك أَلْفًا أَوْ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا لَكِنْ لَمْ تَدَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ لَا يُصَدَّقُ ، وَهُوَ ضَامِنٌ .

لَوْ قَالَ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا قَالَ : النَّاطِفِيُّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ ، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ أَوْ بَاطِلٌ لَزِمَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ قَالَ : مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجِبُ الْمَالُ وَقَالَا : لَا يَجِبُ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ بِشِرَاءِ الْخَمْرِ وَإِنْ كَذَّبَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا عَلَى الِاخْتِلَافِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ مِنْ وَجْهٍ يَلْزَمُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ انْتَهَى الْكَلَامُ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ وَادَّعَى سَبَبًا آخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ مُنَافَاةٌ يَجِبُ الْمَالُ نَحْوَ مَا إذَا قَالَ : الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بَدَلُ الْقَرْضِ وَقَالَ الْمُدَّعِي : بَلْ بَدَلُ الْغَصْبِ .
وَإِنْ كَانَ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ مُنَافَاةٌ بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَمَنُ عَبْدٍ بَاعَنِيهِ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْ وَقَالَ الْمُدَّعِي بَلْ بَدَلُ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَا بِعَيْنِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِي الْحُجَّةِ أَوْ كَذَّبَهُ ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْ قِيلَ وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الْبُيُوعِ ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَيَّنَ فِي إقْرَارِهِ عَبْدًا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ وَالْأَخْذِ ، وَكَذَا إذَا قَالَ : الْعَبْدُ لَيْسَ لِي وَلَكِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ عَلَيْهِ لِي مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَالَ : الْعَبْدُ لِي وَمَا بِعْته أَصْلًا إنَّمَا لِي عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ بَدَلٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْهِ أَلْفٌ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ هَذَا

الْعَبْدِ مِنْ الْوَجْه الَّذِي ادَّعَاهُ .

وَذَكَرَ فِي إقْرَارِ الْكَافِي إذَا قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٍ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِي فَإِنْ أَقَرَّ الطَّالِبُ بِذَلِكَ وَسَلَّمَ لَهُ أَخَذَهُ بِالْمَالِ ، وَإِنْ قَالَ : لَمْ أَبِعْك هَذَا وَبِعْتُك غَيْرَهُ ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْعَبْدَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ الْحَاكِمُ : وَقَدْ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ : إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَيَرُدُّ الْعَبْدَ ، وَيُبْطِلُ الْمَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ، وَلَوْ قَالَ : هَذَا الْعَبْدُ لَك ، وَلَمْ أَبِعْك وَبِعْتُك غَيْرَهُ كَانَ الْمَالُ لَازِمًا ، وَلَوْ قَالَ : عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : لَمْ أَبِعْك هَذَا الْعَبْدَ وَبِعْتُك غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُقِرِّ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إلَّا إذَا قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ فَقَالَ فُلَانٌ مَا كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ قَطُّ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ وَسَكَتَ ثُمَّ ادَّعَى الْأَلْفَ أَنَّهَا قَرْضٌ لَمْ يُصَدَّقْ .

قَالَ لِآخَرَ : هَذِهِ الْأَلْفُ لَك وَدِيعَةٌ فَقَالَ : لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ لِي وَلَكِنْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ قَرْضٌ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ فَجَحَدَ ذُو الْيَدِ أَلْفَ الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ فَأَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَخْذَ الْأَلْفِ الْوَدِيعَةِ قِصَاصًا عَنْ الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَكَذَا كُلُّ مَالٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ كَالْمُضَارَبَةِ وَغَيْرِهَا .
وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ لَكِنْ أَقْرَضْتُكَهَا بِعَيْنِهَا فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْوَدِيعَةَ وَالْقَرْضَ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي الْقَرْضِ فَلَا يَأْخُذْهَا ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا ، وَلَوْ قَالَ : لَك عَلَيَّ أَلْفٌ قَرْضٌ فَقَالَ : لَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ قَرْضٌ لَكِنَّهَا ثَمَنُ مَبِيعٍ فَجَحَدَ الْمُقِرُّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ الْقَرْضَ قِصَاصًا .
وَلَوْ قَالَ : هَذِهِ الْأَلْفُ أَخَذْتهَا مِنْك غَصْبًا فَقَالَ : لَمْ تَأْخُذْهَا مِنِّي وَلَكِنْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الدَّيْنَ وَالْغَصْبَ فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْأَلْفِ الْغَصْبِ سَبِيلٌ ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَلْفٍ آخَرَ ، وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِنَفْسِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الصُّغْرَى .

لَوْ قَالَ رَجُلٌ أَقْرَضَنِي أَوْ أَعَارَنِي أَوْ وَهَبَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ هَذَا الصَّبِيُّ يَلْزَمُهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ ، وَلَا يَعْقِلُ ، وَلَوْ قَالَ : هُوَ شَرِيكِي فِيمَا هُوَ فِي هَذَا الْحَانُوتِ ثُمَّ قَالَ : مَا خَلَا الْعَدْلِ الزُّطِّيِّ فِي الْحَانُوتِ لَا يُصَدَّقُ ، وَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ وَفِي رِوَايَةٍ يُقْبَلُ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْحَانُوتُ مُغْلَقًا مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ إلَى يَوْمِ الْفَتْحِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، وَإِلَّا يُقْبَلُ قَوْلُهُ .

قَالَ : هُوَ شَرِيكِي فِي هَذَا الْحَانُوتِ فِي عَمَلِ كَذَا فَكُلُّ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ مَتَاعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ قَالَ : مَا هُوَ شَرِيكِي فِي الطَّحْنِ ، وَفِي يَدِهِ مَتَاعُ الطَّحْنِ فَلَا شَيْءَ لَلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْوَجِيزِ .

إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ دَارِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالسُّدُسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : الْبَيَانُ إلَى الْمُقِرِّ مِنْ الْمَجْمَعِ وَفِي الشِّقْصِ وَالنَّصِيبِ وَالطَّائِفَةِ وَالْقِطْعَةِ وَالْجُزْءِ يَلْزَمُهُ الْبَيَانُ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْحَقَائِقِ .

إذَا قَالَ : لِفُلَانٍ شِرْكٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَلَهُ نِصْفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ : لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا شَاءَ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ : وَإِنَّمَا وَضَعَ فِي الشِّرْكِ بِدُونِ الْهَاءِ ؛ لِأَنَّ مَعَهَا لَهُ النِّصْفُ بِالِاتِّفَاقِ .

إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا فَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَجَحَدَ الْبَاقُونَ يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُصَدِّقِ جَمِيعُ الدَّيْنِ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُؤْخَذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ الْمَجْمَعِ ، وَقَدْ مَرَّتْ فِي الدَّعْوَى .

وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْوَصِيَّةِ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْنِ بِدَيْنٍ لِغَيْرِهِ دَفَعَ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ إلَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا نَصِيبَهُ انْتَهَى .

وَفِي الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ حَقًّا أَوْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ بِيَدِهِ فَأَقَرَّ الْوَارِثُ بِهِ لَزِمَهُ فِي حِصَّتِهِ حَتَّى يَسْتَغْرِقَهَا .
وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي وَزَادَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ زِيَادَةً يُحْتَاجُ إلَيْهَا ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا أَحَدٌ سِوَاهُ وَهِيَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْوَارِثِ ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الزِّيَادَاتِ وَهِيَ أَنْ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَآخَرُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقِرِّ فَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ دَفْعِ الْمَغْرَمِ قَالَ : وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ .
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ : شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ مَشَايِخُنَا : هُنَا زِيَادَةُ شَيْءٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكُتُبِ ، وَهُوَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي إلَخْ قَالَ قَاضِي خَانْ : يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ مَاتَ مُورَثُك فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ فَحِينَئِذٍ يَسْأَلُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ فَلَوْ أَقَرَّ وَكَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ، وَلَمْ يَقْضِ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى شَهِدَ هَذَا الْوَارِثُ وَأَجْنَبِيٌّ بِهِ تُقْبَلُ وَيَقْضِي عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ، وَشَهَادَتُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ ، وَأَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ أَوْ نَكَلَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَأْخُذُ كُلَّ الدَّيْنِ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى إرْثِهِ ، وَقَالَ : أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدِي يَلْزَمُهُ بِالْحِصَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَابَعَهُمْ ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ ، وَأَبْعَدُ مِنْ الضَّرَرِ .
وَفِي الْخِزَانَةِ ، وَلَوْ بَرْهَنَ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالْحِصَّةِ وِفَاقًا وَفِي الرِّوَايَةِ يَأْخُذُ بِالْحِصَّةِ لَوْ ظَفِرَ بِهِمْ جُمْلَةً عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا ظَفِرَ بِأَحَدِهِمْ

يَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ انْتَهَى مَا فِي الْفُصُولَيْنِ .

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ثَالِثٍ ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : يَأْخُذُ الْمُقَرَّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ .

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْأَلْفِ ، وَدَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ ، وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ ، وَصَدَّقَهُ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْأَلْفِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَأْخُذُ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ .
وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى مُورَثِهِ وَصَدَّقَهُ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدِّينَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ فَصْلِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ مِنْ دَعَاوَى قَاضِي خَانْ .

وَفِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ الْمُخْتَلِفَاتِ الْقَدِيمَةِ لِلْمَشَايِخِ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ لِرَجُلٍ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ زُفَرَ وَثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا إذْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي مَحَلَّيْنِ فَأَصَابَ كِلَا نِصْفِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ فَقُبِلَ إقْرَارُهُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ : أَقُولُ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ وَفِيهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ وِفَاقًا .

تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ كُلٌّ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ ، وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمْ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ : يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ لِمَا مَرَّ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا .

مَالٌ بِيَدِهِ زَعَمَ أَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ : أَنْتَ أَخُوهَا فَقَالَ : الْمُقَرُّ لَهُ : أَنَا أَخُوهَا وَلَسْت أَنْتَ زَوْجَهَا قَالَ : أَبُو يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ زُفَرُ كُلُّهُ لِلْأَخِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنُ الزَّوْجُ أَنَّهُ زَوْجُهَا ، وَفِي الْمَجْمَعِ وَضَعَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَبَيْنَ الشَّيْخَيْنِ قُلْتُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي دَلِيلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ قَرِيبٍ وَهَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا : هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ : مَجْهُولُ النَّسَبِ فِي يَدِهِ مَالٌ فَقَالَ : وَرِثْته مِنْ أَبِي فُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : أَنَا ابْنُهُ لَا أَنْتَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، وَقَالَ زُفَرُ : كُلُّهُ لَلْمُقَرِّ لَهُ .
وَالثَّالِثَةُ امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَرِثَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِأَخٍ لِزَوْجِهَا فَقَالَ : الْأَخُ أَنَا أَخُوهُ وَلَسْت أَنْتِ امْرَأَتَهُ فَقَالَ : أَبُو يُوسُفَ لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ .
وَقَالَ زُفَرُ : كُلُّهُ لِلْأَخِ إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ .

مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا بِيَدِ آخَرَ فَقَالَ : ذُو الْيَدِ مَاتَ أَبِي ، وَهُوَ أَبُوك وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَلْفَ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هُوَ أَبِي لَا أَبُوك فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إذْ الِاسْتِحْقَاقُ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ ، وَلَمْ يُقِرَّ لَهُ إلَّا بِالنِّصْفِ ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ بِيَدِهِ مَالٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَيِّتٍ بِنَسَبٍ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِوَارِثٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ ، فَأَمَّا لَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ الزَّوْجِيَّةَ ، وَأَقَرَّ بِوَارِثٍ ، وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ الزَّوْجِيَّةَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ حَتَّى يُبَرْهِنَ ، وَالْفَرْقُ : أَنَّ الْقَرَابَةَ سَبَبٌ أَصْلِيٍّ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَالزَّوْجِيَّةُ سَبَبٌ طَارِئٌ فَلَمَّا أَقَرَّ بِسَبَبٍ ، وَادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقًّا طَارِئًا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَأَمَّا فِي النَّسَبِ فَهُمَا سَوَاءٌ .

وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَقَرَّا بِوَارِثٍ آخَرَ قَاسَمَهُ مَا بِيَدِهِ عَلَى مُوجِبِ إقْرَارِهِ ؛ إذْ أَقَرَّ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ فَنَفَذَ فِي حَقِّ الْمَالِ لَا فِي حَقِّ النَّسَبِ ؛ إذْ فِيهِ حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ ، فَلَوْ أَقَرَّ بِآخَرَ بَعْدَهُ ، فَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ اقْتَسَمُوا مَا بِيَدِهِمَا بِحَسَبِ مَا أَقَرَّا ، وَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَوْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ فَلَا يَضْمَنُ فَيَصِيرُ مَا دَفَعَ كَهَالِكٍ ، فَيُقْسَمُ مَا بِيَدِهِ بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ دَفَعَ بِلَا قَضَاءٍ يُجْعَلُ الْمَدْفُوعُ كَبَاقٍ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُ ، وَيَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي التَّسْلِيمِ ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَسْلَمَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَضْمَنُ .

تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهَا ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ مَا بِيَدِهِ ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بِوَارِثٍ آخَرَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى نَصِيبِ الْمُقِرِّ وَنَصِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ لَوْ كَانَ مَعْرُوفًا ، فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ عَلَى ذَلِكَ .
وَلَوْ تَرَكَتْ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِزَوْجٍ لِلْمَيِّتَةِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ أَقُولُ : فِيهِ نَظَرٌ .
وَلَوْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ فَأَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهَا تُعْطِيهَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِمَّا بِيَدِهَا امْرَأَةٌ تَرَكَتْ زَوْجًا ، وَأُمًّا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَقَرَّتْ الْأُخْتُ وَالزَّوْجُ بِأَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ مَا بِيَدِهِمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَلِلزَّوْجِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ سِتَّةٌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِشْرِينِيَّةَ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ عِشْرِينَ إذْ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ إلَّا أَنَّ لِلْأُمِّ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ رُبُعُ الْمَالِ ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَمِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ سُدُسُ الْمَالِ ، وَذَلِكَ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ فَالزَّوْجُ وَالْأُخْتُ لَا يُصَدَّقَانِ فِي إبْطَالِ بَعْضِ حَقِّ الْأُمِّ فَيُحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ رُبُعٌ ، وَمَا بَقِيَ يَسْتَقِيمُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ عِشْرُونَ لِلْأُمِّ رُبُعُ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَيَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةٌ ، وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ سِتَّةٌ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ إذَا أَقَرَّ بِوَارِثٍ آخَرَ يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا عَلَى نَفْسِهِمَا ، وَالْمُقَرُّ لَهُ يُشْرِكُهُمَا فِيمَا قَبَضَا ، وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مِمَّنْ لَا يَنْقُصُ بِهِ حَقُّهُمَا مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ أَوْ مِنْ الرُّبُعِ إلَى

الثُّمُنِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ بِعَمٍّ لَهُ وَكَذَّبَهُ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَالْمُقَرُّ لَهُ لَا يُشْرِكُهُ فِيمَا قَبَضَ ؛ إذْ وُجُودُ الْمُقَرِّ لَهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ فِي حَقِّهِ إذْ لَا يُنْقِصُهُ مِنْ نُصِيبهُ شَيْئًا ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُشْرِكهُ فِيمَا قَبَضَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمُوهَا ، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لَهُ عَلَى أَبِيهِمْ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَدَّقَهُ الْأَكْبَرُ فِي الْكُلِّ وَالْأَوْسَطُ فِي الْأَلْفَيْنِ وَالْأَصْغَرُ فِي أَلْفٍ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْأَكْبَرِ كُلَّ الْأَلْفِ وَمِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَهَا بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ الْأَكْبَرَ مُقِرٌّ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُ ، وَالْأَصْغَرُ يَزْعُمُ أَنَّ دَعْوَاهُ فِي الْأَلْفِ حَقٌّ ، وَأَخَذَ مِنْ الْأَوْسَطِ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْكُلَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ .

دَارٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ فَأَقَرَّ الْأَكْبَرُ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَمْرٍو أَثْلَاثًا ، وَأَقَرَّ الْأَصْغَرُ أَنَّهَا بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا فَعَمْرٍو قَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ أَمَّا زَيْدٌ فَقَدْ أَقَرَّ الْأَصْغَرُ ، وَجَحَدَ الْأَكْبَرُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَأْخُذُ عَمْرٌو مِنْ الْأَصْغَرِ رُبُعَ سَهْمِهِ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ خُمُسَهُ ثُمَّ يَضُمُّ عَمْرٌو مَا أَخَذَهُ مِنْ الرُّبُعِ وَالْخُمُسِ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ وَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ اتِّفَاقًا وَيُقَاسِمُ الْأَصْغَرَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ زَيْدًا نِصْفَيْنِ اتِّفَاقًا .

دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ اقْتَسَمَا الدَّارَ وَوَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ ، وَالْحَالُ أَنَّ الْبَيْتَ عُشْرُ الدَّارِ بِأَنْ كَانَتْ مَثَلًا مِائَةَ ذِرَاعٍ ، وَالْبَيْتُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ نَصِيبُ الْمُقِرِّ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ ، وَالْبَاقِي لَهُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ الْمَجْمَعِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ .
وَفِي الْحَقَائِقِ : وَإِنَّمَا وَضَعَ الدَّارَ ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي شَيْءٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَمَّا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِأَنْ أَقَرَّ بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْحَمَّامِ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ هَاهُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ ، وَالْإِقْرَارُ بِعَيْنٍ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ إقْرَارٌ بِبَدَلِهِ ، وَهِيَ الْقِيمَةُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِجِذْعٍ فِي الدَّارِ انْتَهَى .

أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ لِامْرَأَةٍ أَنَّهَا أُخْتُهُ لِأَبِيهِ ، وَجَحَدَ أَخُوهُ قَالَ : عُلَمَاؤُنَا يُعْطِيهَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ .
وَقَالَ مَالِكٌ : يُعْطِيهَا خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ .

إذَا كَانَ ابْنَانِ وَبِنْتَانِ فَأَقَرَّ ابْنٌ وَبِنْتٌ مِنْهُمْ لِرَجُلٍ أَنَّهُ أَخُوهُمْ لِأَبِيهِمْ وَجَحَدَ الْآخَرَانِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : يُعْطِيهِ الْمُقِرَّانِ سَهْمَيْنِ مِنْ خُمُسَيْنِ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا ، وَقَالَ : مَالِكٌ : يُعْطِيَانِهِ رُبُعَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَدِلَّتِهَا وَتَخْرِيجِهَا مُسْتَوْفَاةٌ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ .

إذَا أَقَرَّ إنْسَانٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ لِرَجُلَيْنِ ، وَأَحَدُهُمَا وَارِثُهُ فَتَكَاذَبَا الشَّرِكَةَ بِأَنْ قَالَا : هَذَا الدَّيْنُ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا بَلْ كَانَ نِصْفُهُ لِي وَجَبَ لِي بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ ، وَنِصْفُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَجَبَ لَهُ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِحِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَا : لَا يَصِحُّ فِيهِمَا ، وَلَوْ صَدَّقَا الْمُقَرَّ لَهُمَا بِالشَّرِكَةِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ فِي الْكُلِّ اتِّفَاقًا ، وَإِذَا كَذَّبَ الْوَارِثُ الْمُقِرَّ فِي الشَّرِكَةِ وَصَدَّقَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَالُوا : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَهُ يَصِحُّ خِلَافًا لَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْأَجْنَبِيُّ فِي الشَّرِكَةِ وَقَالَ : جَمِيعُ الدَّيْنِ أَوْلَى عَلَيْك خَمْسُمِائَةٍ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ فَهِيَ عَلَى الْخِلَافِ مِنْ الْحَقَائِقِ .

لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ : هَذِهِ الْأَلْفُ لُقَطَةٌ عِنْدِي ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ، وَكَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ لَزِمَهُمْ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ .

مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ ، وَلَهُ عَلَى آخَرَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ قَبَضَ مِنْهَا خَمْسِينَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ بِالدِّينِ عَلَى الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِقَبْضٍ مَضْمُونٍ فَإِذَا كَذَّبَهُ أَخُوهُ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ نَصِيبَهُ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَقَالَ غَرِيمُهُ : دَفَعْته إلَى الْمُورَثِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْآخَرَ يَأْخُذُ مِنْ الْغَرِيمِ نِصْفَ الدَّيْنِ ثُمَّ الْمُقِرُّ يَضْمَنُهُ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ فِي التَّرِكَةِ فَيُطَالَبُ بِهِ انْتَهَى .

وَلَوْ أَقَرَّ بِوَصِيَّةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ ، وَلَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ كَدَيْنِ الْمَرِيضِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِمَوْتِهِ مُجْهَلًا ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ سَوَاءٌ .

أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِوَارِثِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ بَرِئَ فَهُوَ كَدَيْنِ صِحَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْقَبَهُ بُرْءٌ فَلَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَبَرُّعَاتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَرَضِ .

أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ لَمْ يَجُزْ وَبِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ يَجُوزُ صُورَتُهَا أَوْدَعَ أَبَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي مَرَضِ الْأَبِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَقَرَّ بِإِهْلَاكِهِ صُدِّقَ إذْ لَوْ سَكَتَ وَمَاتَ ، وَلَا يُدْرَى مَا صَنَعَ كَانَتْ دَيْنًا فِي مَالِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ فَأَوْلَى ، وَلَوْ أَقَرَّ أَوَّلًا بِتَلَفِهَا فِي يَدِهِ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَمَاتَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ .

وَجَبَ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ مِنْ جِنَايَةٍ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ قِنِّهِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ صُدِّقَ فِي الْبَرَاءَةِ لَا فِي أَنْ يُوجِبَ بِهِ حَقًّا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ فِي مَالِهِ رُجُوعًا .

وَلَوْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ مَا شَرَاهُ أَوْ قِيمَةِ قِنٍّ غَصَبَهُ فِي مَرَضِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي قَبْضِهِ فَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ فِي الصِّحَّةِ فَمَاتَ الْقِنُّ أَوْ أَبَقَ فِي مَرَضِهِ فَقُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا صُدِّقَ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْآبِقُ ، وَلَوْ قُضِيَ بِقِيمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ صُدِّقَ بِقَبْضِهَا ظَهَرَ الْآبِقُ أَوْ لَا ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ فِي صِحَّتِهِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ صُدِّقَ سَلَّمَ الْقِنَّ أَوْ لَا .

وَلَوْ بَاعَ فِي مَرَضِهِ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي : أَدِّ ثَمَنَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ اُنْقُضْ الْبَيْعَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُؤَدِّي قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ يَنْقُضُ الْبَيْعَ .

مَرِيضَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا فِي صِحَّتِهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ عَلَى مَا مَرَّ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهَا الْوَرَثَةُ ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى وَارِثِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ وَجَبَ الدَّيْنُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ لَا ، وَسَوَاءٌ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ أَوْ لَا .

لِمَرِيضٍ وَارِثَانِ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَأَقَرَّ أَنَّ لِي عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا ، وَقَدْ قَبَضَهُ فِي صِحَّتِهِ صَحَّ ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ فِيهِ ، وَقِيلَ : لَا كَذَا فِي الْوَصَايَا مِنْ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

مَرِيضٌ أَقَرَّ لِوَارِثِهِ بِعَبْدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ الْوَارِثُ : لَيْسَ الْعَبْدُ لِي لَكِنَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَالْعَبْدُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَيَضْمَنُ الْوَارِثُ لَلْمُقَرِّ لَهُ قِيمَتَهُ فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ .

مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا وَابْنًا فَقَالَ الِابْنُ : لِفُلَانٍ عَلَى أَلْفٌ ، لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ .
وَقَالَ زُفَرُ : الْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ لِلثَّانِي فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا بِثُلُثِ مَالِهِ لَا بَلْ لِهَذَا .

وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا عَبْدًا فَقَالَ : أَعْتَقَنِي أَبُوك فِي الْمَرَضِ ، وَقَالَ رَجُلٌ : لِي عَلَى أَبِيك أَلْفٌ فَقَالَ الِابْنُ صِدْقًا قَالَ : أَبُو يُوسُفَ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لِلْغَرِيمِ وَقَالَ زُفَرُ يَسْعَى فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالْعِتْقِ لَكَانَ يَسْعَى فِي ثُلُثِي قِيمَتِهِ لِلْغَرِيمِ وَسَقَطَ عَنْهُ الثُّلُثُ ، وَلَوْ بَدَأَ بِالدَّيْنِ لَكَانَ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ ، فَإِذَا اشْتَبَهَ سَقَطَ نِصْفُ الزِّيَادَةِ مِنْ الصُّغْرَى .

قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، وَأَشْهَرُوا عَلَيْهِ سِلَاحًا وَتَهَدَّدُوهُ حَتَّى يُقِرَّ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ فَفَعَلَ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ جَازَ الْإِقْرَارُ ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْإِكْرَاهَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ السُّلْطَانِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا أَوْعَدَ ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَهَذَا إذَا أَشْهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ فَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ وَضَرَبُوهُ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ جَازَ الْإِقْرَارُ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ السِّلَاحِ يَلْبَثُ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَغِيثَ فَيَلْحَقَهُ الْغَوْثُ ، وَإِنْ تَهَدَّدُوهُ بِخَشَبٍ كَبِيرٍ لَا يَلْبَثُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ نَهَارًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، أَوْ كَانَ فِي رُسْتَاقٍ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ .

رَجُلٌ قَالَ : مَا ادَّعَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِي فَهُوَ صَادِقٌ ، وَمَاتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ : إنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ مِنْ فُلَانٍ دَعْوَى فِي شَيْءٍ مَعْلُومٍ فَاَلَّذِي ادَّعَى ثَابِتٌ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مَرِيضٌ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ فَصَدَّقُوهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى الثُّلُثِ ، وَلَوْ قَالَ : فَهُوَ صَادِقٌ فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَمَا قَالَ : أَبُو الْقَاسِمِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَصَايَا .

وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ : سَأَلْت الْفُقَهَاءَ عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا : هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى شَيْءٍ وَالْمُقِرُّ مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَقَالَ : لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ انْتَهَى كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجَهْلِ .

لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى خَصْمِهِ حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا هَذِهِ فِي أَحْكَامِ النَّقْدِ مِنْهُ .

لَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ فُلَانٌ : مَالِي عَلَيْك شَيْءٌ بَرِئَ الْمُقِرُّ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَهُ فِيهِ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ أَعَادَ الْإِقْرَارَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ : بَلْ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : أَجَلْ هِيَ لِي أَخَذَهُ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ وَصَدَّقَهُ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ جَارِيَةً أَوْ عَبْدًا عَلَى هَذَا ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ الثَّانِيَ ، وَادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ ، وَلَوْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ هَذِهِ الدَّعْوَى ، وَبَيْنَ تَكْذِيبِهِ الْإِقْرَارَ الْأَوَّلَ ، وَعَدَمِ عِلْمِ الْقَاضِي بِمَا مَرَّ مَعَ التَّنَاقُضِ ، وَهُوَ رُجُوعُ الْمُقِرِّ إلَى إقْرَارِهِ قَالَ : أُسْتَاذُنَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ مَا رَدَّ إقْرَارَهُ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ ثَانِيًا ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَخْذٌ وَعَطَاءٌ ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا حَقَّ صَاحِبِهِ ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ ، وَيَكْتُبُ إقْرَارَهُ ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفِيدَ الْإِشْهَادُ فَائِدَةً ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ إقْرَارِهِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ شَنِيعٌ مِنْ الْقُنْيَةِ .

( الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الصُّلْحِ ) وَهُوَ عَنْ دَعْوَى صَحِيحَةٍ جَائِزٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ وَيَلْزَمُ الْمُصَالِحَ بَدَلُ الصُّلْحِ ، وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ ، وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْ الْإِنْكَارِ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى ؛ إذْ الْمُدَّعِي يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بَدَلًا عَمَّا يَدَّعِي أَوْ غَيْرَ مَا يَدَّعِي فَلَا بُدَّ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى حَتَّى يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ : وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ صِحَّةُ الدَّعْوَى أَمْ لَا ؟ فَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ : يُشْتَرَطُ ، لَكِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ يَصِحُّ الصُّلْحُ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ الْمَجْهُولِ دَعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ مَسَائِلُ تُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا انْتَهَى .
وَفِي الْأَشْبَاهِ : الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْإِنْكَارِ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ فَلْيُحْفَظْ وَيُحْمَلْ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا لِتَرْكِ شَرْطِ الْمُدَّعِي كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ فَيُقَالُ : إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9