كتاب : مجمع الضمانات
المؤلف : أبو محمد غانم بن محمد البغدادي 

وَلَوْ أَوْدَعَ إنْسَانٌ عِنْدَ مَحْجُورٍ فَأَقَرَّ الْمَحْجُورُ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ لَا يُصَدَّقُ فَإِنْ صَارَ مُصْلِحًا بَعْدَ ذَلِكَ يُسْأَلُ عَمَّا أَقَرَّ فَإِنْ قَالَ : مَا أَقْرَرْتُ بِهِ كَانَ حَقًّا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَإِنْ قَالَ كَانَ بَاطِلًا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ كَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالِ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي التِّجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ يُسْأَلُ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ قَالَ مَا أَقْرَرْتُ بِهِ كَانَ حَقًّا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَإِنْ قَالَ بَاطِلًا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ .
رَجُلٌ مَحْجُورٌ أَوْدَعَهُ إنْسَانٌ مَالًا أَوْ أَقْرَضَهُ ، ثُمَّ صَارَ مُصْلِحًا ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الْمَالِ كُنْتَ أَقْرَضْتَ لِي فِي حَالِ فَسَادِي فَأَنْفَقَتْهَا أَوْ قَالَ أَوْدَعْتَنِي فِي حَالِ فَسَادِي فَأَنْفَقْتُهَا ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ لَا بَلْ أَقْرَضْتُكَ فِي حَالِ صَلَاحِك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَالِ وَيَضْمَنُ الْمَحْجُورُ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ : أَقْرَضْتُكَ فِي حَالِ فَسَادِكَ وَاسْتَهْلَكْتُهُ فِي حَالِ صَلَاحِكَ ، وَقَالَ الْمَحْجُورُ اسْتَهْلَكْتُهُ فِي حَالِ فَسَادِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَحْجُورِ فَإِنْ أَقَامَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ فِي فَسَادِهِ وَلَكِنْ اسْتَهْلَكَهُ فِي صَلَاحِهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ .

يَتِيمٌ أَدْرَكَ مُفْسِدًا غَيْرَ مُصْلِحٍ وَهُوَ فِي حَجْرِ وَصِيِّهِ فَسَأَلَ وَصِيَّهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ فَدَفَعَهُ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ مِنْ قَاضِي خَانْ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .

وَإِنْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى السَّفِيهِ ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَبْطَلَ حَجْرَهُ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ مِنْهُ فَتْوًى وَلَيْسَ بِقَضَاءٍ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْمَقْضِيُّ لَهُ ، وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَضَاءً فَنَفْسُ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِمْضَاءِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ إلَى الْقَاضِي الْحَاجِرِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ فَقَضَى بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ نَفَذَ بُطْلَانُهُ لِاتِّصَالِ الْإِمْضَاءِ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ النَّقْضُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ اسْتَقْرَضَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ وَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ نَفَقَةَ مِثْلِهِ أَوْ دَفَعَ مَهْرَ امْرَأَتِهِ نَفَذَ وَلَا يُبْطِلُ الْقَاضِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَيُبْطِلُ الْفَضْلَ .
وَلَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ الْمَحْجُورَ الْمَعْرُوفَ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَيُعْتَقُ إذَا قَبَضَ وَسَعَى فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ لَوْ أَجَازَ الْقَاضِي بَيْعَ الْمُفْسِدِ وَلَمْ يَنْهَ الْمُشْتَرِي عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ نَهَاهُ لَمْ يَبْرَأْ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ ثَانِيًا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ إذَا عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ بَرِئَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي إلَّا بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ كَمَا فِي الصَّبِيِّ ، وَالْعَبْدِ مِنْ الْوَجِيزِ .

إذَا صَحَّتْ الْكِتَابَةُ يَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ عَنْ يَدِ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِأَكْسَابِهِ ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْبَدَلِ إذَا تَحَقَّقَ ثَبَتَ لَهُ الْحُرِّيَّةُ حَتَّى لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ وَلِهَذَا مَتَى عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ الْبَدَلِ رَجَعَ قِنًّا ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ وَسَقَطَ عَنْهُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْأَكْسَابِ يَكُونُ لَهُ وَإِذَا وَطِئَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَتَهُ لَزِمَهُ الْعُقْرُ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلَدِهَا لَزِمَتْهُ الْجِنَايَةُ وَإِنْ أَتْلَفَ مَالَهُ غَرِمَ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَيَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ الْبَيْعُ ، وَالشِّرَاءُ ، وَالسَّفَرُ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ بِالْمُحَابَاةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ الْمُحَابَاةُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَتَجُوزُ مِنْهُ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ ، وَالْحَطِّ بِسَبَبِ عَيْبٍ وَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ ا هـ .
وَيَتَصَرَّفُ كَالْمَأْذُونِ وَلَا يُمْنَعُ بِمَنْعِ الْمَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمَعِ وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَلَا يَهَبُ وَلَا يَتَصَدَّقُ إلَّا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ ، وَالصَّدَقَةَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لِيُمَلِّكَ إلَّا أَنَّ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ ضِيَافَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَمِنْ مَلَكَ شَيْئًا يَمْلِكُ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ وَتَوَابِعِهِ وَلَا يَتَكَفَّلُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ فَلَا يَمْلِكُهُ بِنَوْعَيْهِ نَفْسًا وَمَالًا وَلَا يُقْرِضُ وَإِنْ وَهَبَ عَلَى عِوَضٍ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ جَازَ وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ ، وَالْقِيَاسُ عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ لَمْ يَجُزْ مِنْ الْهِدَايَةِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِالدَّيْنِ ، وَالِاسْتِيفَاءِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ وَتَجُوزُ

هِبَتُهُ وَارْتِهَانُهُ وَإِذْنُهُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ يَبِيعُهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ الْمُكَاتَبُ وَيَجُوزُ لَهُ أَدَاءُ دَيْنِهِ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُكَاتَبُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِعْتَاقِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ يُقْبَلُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْبَدَلُ هَذِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَوْلَادُهَا عَبِيدٌ وَلَا يَأْخُذُهُمْ بِالْقِيمَةِ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ بِالتَّزَوُّجِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَوْلَادُهَا أَحْرَارٌ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَةً عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ يُؤْخَذُ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ وَطِئَهَا عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ حَتَّى يُعْتَقَ وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ظَهَرَ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ وَتَوَابِعَهَا دَاخِلٌ تَحْتَ الْكِتَابَةِ وَهَذَا الْعُقْرُ مِنْ تَوَابِعِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الشِّرَاءُ لَمَا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَمَا لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ لَا يَجِبُ الْعُقْرُ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ مِنْ الِاكْتِسَابِ فِي شَيْءٍ فَلَا تَنْتَظِمُهُ الْكِتَابَةُ كَالْكَفَالَةِ .
وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا ، ثُمَّ وَطِئَهَا فَرَدَّهَا أَخَذَ بِالْعُقْرِ فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَإِذَا أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِاقْتِضَاضِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُصْبُعِهِ فَعَجَزَ فَرُدَّ إلَى الرِّقِّ فَضَمَانُ الْمَهْرِ فِي الْحُرَّةِ ، وَالْعُقْرِ فِي الْأَمَةِ مُتَأَخِّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَا يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَجْزِ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَجْزِ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْمَأْذُونِ ، وَالِاقْتِضَاضُ بِالْقَافِ إزَالَةُ الْبَكَارَةِ .
وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ الْمَوْلَى فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَنَسَبُ وَلَدِهَا ثَابِتٌ مِنْ الْمَوْلَى وَهُوَ حُرٌّ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ الْعُقْرَ مِنْ مَوْلَاهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِمَنَافِعِهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا ، ثُمَّ إنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ وَتَرَكَتْ مَالًا لَا يُؤَدِّي مِنْهُ مُكَاتَبَتَهَا وَمَا بَقِيَ مِيرَاثٌ لِابْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا فَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ لَمْ يَلْزَمْ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ لِحُرْمَةِ وَطِئَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ وَمَاتَتْ مِنْ غَيْرِ وَفَاءٍ يَسْعَى هَذَا الْوَلَدُ ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ تَبَعًا لَهَا فَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ وَبَطَلَ عَنْهُ السِّعَايَةُ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ إذْ هُوَ وَلَدُهَا فَيَتْبَعُهَا وَإِذَا كَاتَبَ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ جَازَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ وَسَقَطَ عَنْهَا بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَيَسْلَمُ لَهَا الْأَوْلَادُ الْمُشْتَرَاةُ فِي الْكِتَابَةِ ، وَالْأَكْسَابُ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ فِي حَقِّ الْبَدَلِ وَبَقِيَتْ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ ، وَالْأَكْسَابِ وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَتَهُ جَازَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَا مَالَ لَهُ

غَيْرُهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا وَجَمِيعِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا وَثُلُثَيْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَالْخِلَافُ فِي الْخِيَارِ ، وَالْمِقْدَارِ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمِقْدَارِ وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي نَفْيِ الْخِيَارِ ، وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ سَقَطَ كُلُّ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ دَبَّرَ مُكَاتَبَتَهُ صَحَّ وَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَصَارَتْ مُدَبَّرَةً فَإِنْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ فَمَاتَ الْمَوْلَى وَلَا مَال لَهُ غَيْرُهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ مَال الْكِتَابَةِ أَوْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا تَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَهُ عَتَقَ وَسَقَطَ عَنْهُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ .

وَإِنْ كَاتَبَ الْمَرِيضُ عَبْدًا عَلَى أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي ثُلُثَيْ الْأَلْفَيْنِ حَالًّا ، وَالْبَاقِي إلَى أَجَلِهِ أَوْ يُرَدُّ رَقِيقًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُؤَدِّي ثُلُثَيْ الْأَلْفِ حَالًّا ، وَالْبَاقِي إلَى أَجْلِهِ وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى الْأَلْفِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ أَدَّى ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ حَالًّا أَوْ يُرَدَّ رَقِيقًا اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ هُنَا فِي الْقَدْرِ ، وَالتَّأْخِيرِ فَاعْتُبِرَ الثُّلُثُ فِيهِمَا مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَاتَبَ عَلَى مِثْلِ قِيمَتِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَكَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ مُنَجَّمَةٍ يُقَالُ لَهُ عَجِّلْ ثُلُثَيْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ، وَالثُّلُثُ عَلَيْكَ إلَى أَجَلِهِ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْحَقَائِقِ وَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ نِصْفُ قِيمَةِ الْقِنِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .

رَجُلٌ قَالَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ كَاتِبْ عَبْدَك عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي إنْ أَدَّيْتُ إلَيْكَ أَلْفًا فَهُوَ حُرٌّ فَكَاتَبَهُ الْمَوْلَى عَلَى هَذَا يُعْتَقُ بِأَدَائِهِ بِحُكْمِ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ .
وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ كَاتِبْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَهُ بِكُلِّ الْبَدَلِ ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَصِيلًا فِيهِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ الْبَدَلِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ فِيهِ وَأَيَّهُمَا أَدَّى عَتَقَ وَيُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى صَاحِبِهِ ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِ ، وَالْغَائِبَ مُتَبَرِّعٌ فِيهِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ .
وَإِذَا كَاتَبَ الْأَمَةَ عَنْ نَفْسِهَا ، وَعَنْ ابْنَيْنِ لَهَا صَغِيرَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ وَأَيَّهُمْ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ وَيُعْتَقُونَ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَقْبِضَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَكَاتَبَ وَقَبَضَ بَعْضَ الْبَدَلِ ، ثُمَّ عَجَزَ فَالْمَالُ لِلَّذِي قَبَضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا هُوَ مُكَاتَبٌ بَيْنَهُمَا وَمَا أَدَّى فَهُوَ بَيْنَهُمَا .

وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَاتَبَاهَا فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ، ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ، ثُمَّ عَجَزَتْ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِقِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهَا وَصَارَ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَقْبَلُ الِانْتِقَالَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَتَقْتَصِرُ أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ عَلَى نَصِيبِهِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَإِذَا ادَّعَى الثَّانِي وَلَدَهَا الْأَخِيرَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ ظَاهِرًا ، ثُمَّ إذَا عَجَزَتْ بَعْدَ ذَلِكَ جُعِلَتْ الْكِتَابَةُ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْجَارِيَةَ كُلَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ زَالَ الْمَانِعُ مِنْ الِانْتِقَالِ وَوَطْؤُهُ سَابِقٌ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ ؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَهُ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الِاسْتِيلَادَ وَنِصْفُ عُقْرِهَا أَيْضًا لِوَطْئِهِ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً وَيَضْمَنُ شَرِيكُهُ كَمَالَ عُقْرِهَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَيَكُونُ ابْنُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَطِئَهَا الثَّانِي كَانَ مِلْكُهُ قَائِمًا ظَاهِرًا وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا عُرِفَ لَكِنَّهُ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ الْغَيْرِ حَقِيقَةً فَيَلْزَمُهُ كَمَالُ الْعُقْرِ وَأَيَّهُمَا دَفَعَ الْعُقْرَ إلَى الْمُكَاتَبَةِ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً فَحَقُّ الْقَبْضِ لَهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِمَنَافِعِهَا وَإِبْدَالِهَا وَإِذَا عَجَزَتْ تَرُدُّ الْعُقْرَ إلَى الْمَوْلَى وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ وَلَا يَجُوزُ وَطْءُ الْآخَرِ وَإِذَا صَارَتْ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ فَالثَّانِي وَطِئَ أَمَةَ الْغَيْرِ فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ حُرًّا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْعُقْرِ ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَعْرَى عَنْ أَحَدِ الْغَرَامَتَيْنِ وَإِذَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ

وَصَارَتْ كُلُّهَا مُكَاتَبَةً لِلْأَوَّلِ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ فِيمَا لَا تَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُكَاتَبَةُ وَلَا يَتَضَرَّرُ بِسُقُوطِ نِصْفِ الْبَدَلِ وَقِيلَ يَجِبُ كُلُّ الْبَدَلِ وَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ لِشَرِيكِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ نِصْفُ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً ؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ فَيَضْمَنُهُ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ .
وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا وَمِنْ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَطَأْهَا وَلَكِنْ دَبَّرَهَا ، ثُمَّ عَجَزَتْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا ، وَالْوَلَدُ وَلَدُ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَاتَبَاهَا ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ ، ثُمَّ عَجَزَتْ ضَمِنَ الْمُعْتِقُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا ، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مُكَاتَبًا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَسْتَسْعِي الْعَبْدَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ كَاتَبَا عَبْدًا لَهُمَا فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُ الْآخِرِ بَاقٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَيُوجِبُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْمُعْتِقِ نِصْفَ قِيمَتِهِ قِنًّا وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَمِنْ نِصْفِ الْبَدَلِ ا هـ .

وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ يُؤَدِّيهَا إلَى غَرِيمِ السَّيِّدِ أَوْ يَضْمَنُهَا لَهُ فَالْكِتَابَةُ ، وَالضَّمَانُ جَائِزَانِ وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا مُدَّةَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ أَدَّتْ الْأَلْفَ عَتَقَتْ وَعَلَيْهَا فَضْلُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُؤَدَّى وَإِنْ كَانَ هُوَ أَكْثَرُ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنْ وَطِئَهَا ، ثُمَّ أَدَّتْ فَعَلَيْهِ عُقْرُهَا ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَلَى تَقْدِيرِ الْعَقْدِ وَاسْتِيفَاءِ مُوجِبِهِ وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ وَهَدِيَّةٍ فَأَدَّى الْأَلْفَ دُونَ الْهَدِيَّةِ عَتَقَ ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَلْفُ قَدْرَ قِيمَتِهِ لَمْ يَبْقَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً عَلَى أَلْفٍ فَقِبَلَ أَحَدُهُمَا جَازَ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ كَاتَبْتُكُمَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَا لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَدَاءِ حِصَّتِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ الْأَلْفِ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كَاتَبْتُكُمَا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّكُمَا إنْ أَدَّيْتُمَا الْمُكَاتَبَةَ عَتَقْتُمَا وَإِنْ عَجَزْتُمَا رُدِدْتُمَا فِي الرِّقِّ فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا عَتَقَا وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَمُتْ وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً رَجَعَ بِنِصْفِ الْمُؤَدَّى وَإِنْ عَجَزَا رَدَّا فِي الرِّقِّ وَإِنْ عَجَزَ أَحَدُهُمَا لَا ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يُؤَدِّي فَيُعْتَقَانِ جَمِيعًا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ حِصَّتُهُ ، وَالْآخَرُ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ وَفَاءً فَإِنْ كَانَ تَرَكَ مَالًا يُؤَدَّى مِنْهُ جَمِيعُ الْمُكَاتَبَةِ فَيُعْتَقَانِ وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ عَلَى الْحَيِّ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا فَالْحَيُّ يُؤَدِّي جَمِيعَ الْكِتَابَةِ وَيُعْتَقَانِ وَيَرْجِعُ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ دَخَلَتْ

فِي كِتَابَةِ الْمَيِّتِ .

وَلَوْ كَاتَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ يَأْخُذُ شَرِيكُهُ نِصْفَ مَا أَخَذَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُكَاتِبُ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ ، ثُمَّ لِلسَّاكِتِ فِي نَصِيبِهِ الْخِيَارَاتُ الثَّلَاثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَاتَبَا عَبْدًا بَيْنَهُمَا لَا يُعْتَقُ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعُ وَأَيُّهُمَا أَخَذَ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ، ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَالْمَأْخُوذُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ وَهَبَ لَهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ عَتَقَ نَصِيبَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ نَصِيبَهُ ، ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا يُعْتَقُ نَصِيبُهُ ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَمْ تَصِحَّ ؛ لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ فَلَمْ يَتِمُّ الِاسْتِيفَاءُ فِي نَصِيبِهِ ، ثُمَّ إنْ شَاءَ الْمُكَاتَبُ عَجَزَ وَإِنْ شَاءَ مَضَى فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ مَالٍ أَخَذَ السَّاكِتُ نِصْفَ الْمُكَاتَبَةِ ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ عَجَزَ لِلسَّاكِتِ ثَلَاثُ خِيَارَاتٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ أَيُّهُمَا أَقَلُّ فَهُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَجِيزِ وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَادَ إلَى أَحْكَامِ الرِّقِّ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ الْأَكْسَابِ لِمَوْلَاهُ وَإِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ فَهُوَ لِلْمَوْلَى هَذِهِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مِنْ الْهِدَايَةِ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا لَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ وَقَضَى مَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ وَيُعْتَقُ أَوْلَادُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَتَرَكَ مَوْلُودًا فِي الْكِتَابَةِ سَعَى فِي كِتَابَةِ أَبِيهِ عَلَى نُجُومِهِ فَإِنْ أَدَّى حَكَمْنَا بِعِتْقِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعِتْقِ الْوَلَدِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا مُشْتَرًى فِي الْكِتَابَةِ قِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُؤَدِّيَ الْكِتَابَةَ حَالَّةً أَوْ تُرَدَّ فِي الرِّقِّ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ هَذَا عِنْدَ أَبِي

حَنِيفَةَ وَقَالَا يُؤَدِّيهِ إلَى أَجَلِهِ اعْتِبَارًا بِالْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ وَمَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إلَى مَوْلَاهُ ، ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ طَيِّبٌ لِلْمَوْلَى لِتَبَدُّلِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَتَمَلَّكُهُ صَدَقَةً ، وَالْمَوْلَى عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ وَإِلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ هِيَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ وَاسْتَغْنَى يَطِيبُ لَهُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ الصَّدَقَاتِ .

وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ فَكَاتَبَهُ مَوْلَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ ، ثُمَّ عَجَزَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أَوْ يَفْدِي وَكَذَا إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ حَتَّى عَجَزَ وَإِنْ قَضَى بِهِ عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ ، ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ دَيْنٌ يُبَاعُ فِيهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَدْ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَكَانَ يَقُولُ أَوْ لَا يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى لَمْ تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ وَقِيلَ لَهُ أَدِّ الْمَالَ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى عَلَى نُجُومِهِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ وَإِنْ أَعْتَقُوهُ جَمِيعًا نَفَذَ وَعَتَقَ وَسَقَطَ مَالُ الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ إبْرَاءً عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ حَقُّهُمْ وَقَدْ جَرَى فِيهِ الْإِرْثُ وَإِذَا أُبْرِئَ الْمُكَاتَبُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ يُعْتَقُ كَمَا إذَا أَبْرَأَ الْمَوْلَى إلَّا أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَا يَصِيرُ إبْرَاءً عَنْ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُهُ إبْرَاءً اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِعِتْقِهِ ، وَالْإِعْتَاقُ لَا يَثْبُتُ بِإِبْرَاءِ الْبَعْضِ أَوْ أَدَائِهِ فِي الْمُكَاتَبِ لَا فِي بَعْضِهِ وَلَا فِي كُلِّهِ وَلَا وَجْهَ إلَى إبْرَاءِ الْكُلِّ لِحَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ فَإِنْ وَهَبَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ فِي رَقَبَتِهِ جَازَ وَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ رَقِيقًا فَنَصِيبُ الْوَاهِبِ فِي رَقَبَتِهِ ثَابِتٌ كَالْمَوْلَى إذَا وُهِبَ مِنْهُ بَعْضُ الْكِتَابَةِ ، ثُمَّ عَجَزَ صَارَ كُلُّهُ رَقِيقًا لِلْمَوْلَى فَكَذَا هَذَا .
وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْبَدَلَ إلَى الْوَرَثَةِ دُونَ الْوَصِيِّ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِهِ أَوْ لَا يُحِيطُ بِهِ لَا يُعْتَقُ وَإِنْ أَدَّى إلَى الْوَصِيِّ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَدَفَعَ إلَى الْوَرَثَةِ وَتَقَاسَمُوا جَازَ وَإِنْ أَدَّى إلَى بَعْضِهِمْ لَمْ يُعْتَقْ مَا لَمْ يَصِلَ إلَى الْكُلِّ أَوْ يُجِيزُوا قَبْضَهُ فَيَصِيرُ وَكِيلًا مِنْ جِهَتِهِمْ وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبَ إلَى الْغُرَمَاءِ وَعَلَيْهِ

دَيْنٌ مُحِيطٌ جَازَ وَعَتَقَ وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَصِيِّ بِمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ يُعْتَقُ كَالدَّفْعِ إلَى الْغَرِيمِ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَلَوْ اسْتَدَانَ الْمُكَاتَبُ بَعْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَأَدَّى إلَى مَوْلَاهُ ، ثُمَّ عَجَزَ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْ الْمَوْلَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ ، وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ ذَكَرَهُ فِي الْمُشْتَمِلِ .

وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرَّدِّ وَلَا عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ وَلَوْ رُدَّ الْمُكَاتَبُ فِي الرِّقِّ فَالْمَوْلَى يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ .

وَلَا يُحْبَسُ الْمُكَاتَبُ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَفِيمَا سِوَى دَيْنِ الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ .

وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ مَعَهَا وَلَدُهَا لَا تُبَاعُ وَاسْتَسْعَتْ فِي الْمُكَاتَبَةِ عَلَى نُجُومِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ تُبَاعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا تُبَاعُ ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لَهُ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُكَاتَبِ حَقِيقَةً فَلَا يَحْرُمُ بَيْعُهَا كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً مِنْ كَسْبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ وَحَقُّ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ يُوجِبُ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا } .

وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ بُدِئَ بِالدَّيْنِ ، ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ ، ثُمَّ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ ، ثُمَّ بِمَهْرِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ، ثُمَّ الْبَاقِي مِيرَاثٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الَّذِينَ عَتَقُوا بِعِتْقِهِ وَاَلَّذِينَ كَانُوا أَحْرَارًا قَبْلَهُ وَإِذَا مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ وَدَيْنِ الْمَوْلَى بُدِئَ بِدَيْنِ الْمَوْلَى ، ثُمَّ بِالْكِتَابَةِ ، وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَفِ الْبَاقِي بِالدَّيْنِ ، وَالْكِتَابَةِ بُدِئَ بِالْكِتَابَةِ .

مَاتَتْ الْمُكَاتَبَةُ عَنْ مَالٍ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ مِثْلُهُ فَأَدَّى الْوَلَدُ الْمَالَ عَنْ الْكِتَابَةِ أَوْ الْقَاضِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالدَّيْنِ تُعْتَقُ الْأُمُّ ، وَالْوَلَدُ وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْمَوْلَى وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بِمِثْلِهِ عَلَى الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ الْوَلَدُ أَوْ الْقَاضِي لَا يُعْتَقُ وَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ مَالًا فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ عَتَقَ وَإِنْ أَحَاطَ دَيْنُهَا بِقِيمَتِهِ وَيَسْعَى فِي الدَّيْنِ .

كَاتَبَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ كَسْبًا بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَقَدْ مَاتَ عَاجِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا مَاتَ حُرًّا وَيَضْمَنُ الْمُكَاتِبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُكَاتَبِ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ مُطْلَقًا لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا .

وَلَوْ قَالَ إنْ مِتُّ حُرًّا فَثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ يَصِحُّ إنْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْمَوْتِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْتُ عَبْدًا وَأَنَا حُرٌّ يَصِحُّ وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فَأُدِّيَتْ مُكَاتَبَتُهُ فَعَتَقَ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فِي سَاعَةٍ لَطِيفَةٍ وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ لَا يُتَصَوَّرُ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَظْهَرُ الْعِتْقُ فِي حَقِّهَا مِنْ الْوَجِيزِ .

وَلَدٌ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ وَكَانَ كَسْبُهُ لِأَبِيهِ وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى وَلَدَ مُكَاتَبِهِ جَازَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَاتَبَهُ مَعَ أَبِيهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً وَلَوْ أَعْتَقَ وَلَدًا كَاتَبَهُ مَعَ أَبِيهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً يُسْقِطُ حِصَّتَهُ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ كَمَا فِي الْحَقَائِقِ وَغَيْرِهِ .

وَإِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَكَاتَبَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا يَدْخُلُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ أُمِّهِ فِي كِتَابَتِهَا وَكَانَ كَسْبُهُ لَهَا ؛ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأُمِّ أَرْجَحُ حَتَّى لَوْ قُتِلَ ذَلِكَ الْوَلَدُ يَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ .

وَالْكِتَابَةُ مُتَجَزِّئَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا تَتَجَزَّأُ حَتَّى لَوْ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ جَازَ ذَلِكَ وَصَارَ كُلُّهُ مُكَاتَبًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يُقْتَصَرُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي كَاتَبَ مِنْهُ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ عَتَقَ مِنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَسَعَى بِمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَهُ فِي الْحَالِ وَلَكِنْ يَجْعَلُهُ مُنَجَّمًا بِحَسَبِ طَاقَتِهِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا اكْتَسَبَ الْعَبْدُ مَالًا قَبْلَ الْأَدَاءِ فَنِصْفُهُ لَهُ ، وَالنِّصْفُ لِلْمَوْلَى عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا الْكُلُّ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ كُلُّهُ أَمَّا لَوْ اكْتَسَبَ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ إمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ النِّصْفَ مِنْهُ عِتْقٌ بِالْأَدَاءِ ، وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ هُوَ مُسْتَسْعًى كَالْمُكَاتَبِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِجَمِيعِ كَسْبِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ .

وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْمَوْلَى إلَيْهِ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ جَازَتْ الْكِتَابَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيُقْسَمُ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ وَقِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ وَتَبْطُلُ حِصَّةُ الْعَبْدِ وَيَكُونُ مُكَاتَبًا بِمَا بَقِيَ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْكِتَابَةُ وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى خِدْمَتِهِ أَبَدًا وَقَبِلَ الْعَبْدُ فَسَدَتْ الْكِتَابَةُ ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنْ أَدَّى الْعَبْدُ الْأَلْفَ عَتَقَ بِحُكْمِ الشَّرْطِ ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَلْفُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ سَعَى فِي تَمَامِ قِيمَتِهِ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَسْتَرِدُّ الْفَضْلَ مِنْ الْمَوْلَى عِنْدَنَا ، وَقَالَ زُفَرُ يَسْتَرِدُّ .

وَإِذَا كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَوَلَدَتْ الْأَمَةُ وَلَدًا ، ثُمَّ مَاتَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْعَقْدَ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ الْمَوْلَى وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهَا وَإِذَا أَجَازَهَا سَعَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ أُمِّهِ فَإِذَا أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهَا وَعَتَقَ وَلَدُهَا مِنْ الْحَقَائِقِ .

إذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً فَصَالَحَ وَلِيَّ الْقَتِيلِ عَلَى مَالٍ أَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ عَمْدًا ، ثُمَّ صَالَحَ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُؤَدِّ بَدَلَ الصُّلْحِ حَتَّى عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ بَدَلُ الصُّلْحِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُبَاعُ فِيهِ وَإِذَا جَنَى جِنَايَةً خَطَأً فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ عَجَزَ وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ يُخَيَّرُ مَوْلَاهُ بَيْنَ دَفْعِهِ بِالْجِنَايَةِ ، وَالْفِدَاءِ بِإِشْهَادٍ وَلَا يُطَالَبُ الْعَبْدَ بِهَا لِلْحَالِ عِنْدَنَا .
وَقَالَ زُفَرُ يُطَالِبُ بِهَا لِلْحَالِ وَلَوْ عَجَزَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ فِيهِ اتِّفَاقًا إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً خَطَأً فَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِمُوجِبِهَا جَنَى ثَانِيًا يَلْزَمُهُ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَنَا فَيَسْعَى لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَتَيْنِ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ .
وَقَالَ زُفَرُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ جِنَايَةٍ قِيمَةٌ عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا بَعْدَ مَا قَضَى عَلَيْهِ بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى يَجِبُ لِلثَّانِيَةِ قِيمَةٌ أُخْرَى اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُلْتُ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ مَسَائِلِ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ فِي الْجِنَايَاتِ فَعَلَيْكَ بِالْمُرَاجَعَةِ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ هُنَا .

وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَحُكْمُ الْوَلَدِ هُنَا حُكْمُ الْغَائِبِ مَعَ الْحَاضِرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى وَلَا لِلْأَبِ وِلَايَةُ إيجَابٍ عَلَى الصَّغِيرِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِفَقْدِ الْوِلَايَةِ وَيَتَعَلَّقُ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ الْمَالِ فَيَبْقَى عِتْقُهُ مُعَلَّقًا مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَبْقَى مَعَ انْفِسَاخِهَا فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ يَسْعَى الْوَلَدُ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا عَاجِزِينَ يُرَدُّونَ فِي الرِّقِّ وَلَوْ لَمْ يَعْجِزُوا وَأَدَّى بَعْضُهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَلَى إخْوَتِهِمْ بِشَيْءٍ وَلِلْمَوْلَى أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ وَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضُهُمْ رُفِعَتْ حِصَّتُهُ عَنْ الْبَاقِينَ .
وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ وَامْرَأَتَهُ بِمُكَاتَبَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا الصِّغَارِ ، ثُمَّ إنَّ إنْسَانًا قَتَلَ الْوَلَدَ فَقِيمَتُهُ لِلْأَبَوَيْنِ وَيَسْتَعِينَا بِهَا فِي الْكِتَابَةِ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَإِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ كَمَا إذَا كَاتَبَ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ فَإِنْ أَدَّى الْخَمْرَ عَتَقَ بِأَدَائِهِ وَلَزِمَهُ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْ الْمُسَمَّى وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ .
وَقَالَ زُفَرُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ يُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَتِهِ وَلَا يُعْتَقُ بِأَدَاءِ الثَّوْبِ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى ثَوْبٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ فِيهِ عَلَى مُرَادِ الْعَاقِدِ لِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِ فَلَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِدُونِ إرَادَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَجِزْ .
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِوَايَة الْحَسَنِ أَنَّهُ يَجُوزُ حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ وَسَلَّمَهُ يُعْتَقُ وَإِنْ أَجَازَ صَاحِبُ الْعَيْنِ ذَلِكَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَجَازَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُجِزْ غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ يَجِبُ تَسْلِيمُ عَيْنِهِ .
وَعِنْدَ عَدَمِهَا يَجِبُ تَسْلِيمُ قِيمَتِهِ وَلَوْ كَاتَبَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ عَلَى خَمْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ مِقْدَارًا مَعْلُومًا وَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ فَلِلْمَوْلَى قِيمَةُ الْخَمْرِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

( الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ ) .
رَجُلٌ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ فَأَوْفَاهُ فَوَجَدَهَا الْقَابِضُ اثْنَيْ عَشَرَ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الزِّيَادَةُ أَمَانَةٌ إذَا هَلَكَتْ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ تَكُونُ مَضْمُونَةً وَهُوَ الْقِيَاسُ فَلَوْ أَنَّ الْقَابِضَ رَفَعَ مِنْهَا دِرْهَمَيْنِ لِيَرُدَّهُمَا عَلَى صَاحِبِهِمَا فَهَلَكَا فِي الطَّرِيقِ قَالُوا إنَّ الْمَدْيُونَ يُشَارِكُ الْقَابِضَ فِيمَا بَقِيَ فَيَكُونُ لَهُ سُدُسُ مَا بَقِيَ وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُقْتَرِضِ سُدُسُهُ لِلدَّافِعِ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ لِلْقَابِضِ .

رَجُلٌ تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ وَخَاصَمَهُ فَسَقَطَ مِنْ الْمُتَعَلَّقِ بِهِ شَيْءٌ أَوْ ضَاعَ قَالُوا يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ سَقَطَ بِقُرْبٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُ الْمَالِ يَرَاهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَّا كَانَ ضَامِنًا .

رَجُلٌ أَخَذَ غَرِيمَهُ بِمَالٍ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى هَرَبَ الْغَرِيمُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ بِحُكْمِ الْجِنَايَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ الَّذِي عَلَى الْمَدْيُونِ .

مَيِّتٌ كُفِّنَ بِثَوْبِ الْغَيْرِ قَالُوا إنْ شَاءَ أَخَذَ صَاحِبُ الثَّوْبِ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَإِنْ شَاءَ نَبَشَ الْقَبْرَ فَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ مَالًا يُعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ الثَّوْبِ مِنْ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَنْبُشَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَكَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِآخِرَتِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ ، وَإِنْ نَبَشَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَدْ انْتَقَصَ بِالتَّكْفِينِ يَضْمَنُ الَّذِي كَفَّنَ الْمَيِّتَ ، وَدَفَنَهُ وَعِنْدِي هَذَا إذَا كُفِّنَ مِنْ غَيْرِ خِيَاطَةٍ وَإِنْ خِيطَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَنْبُشَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَهُ .

لَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ فَأَلْقَتْهُ فِي صَبْغِ آخَرَ حَتَّى انْصَبَغَ وَكَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ ، وَالصَّبْغِ سَوَاءٌ يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ ، وَكَذَا الدَّجَاجَةُ إذَا ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةً وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرَ كَانَ لِصَاحِبِ اللُّؤْلُؤَةِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الدَّجَاجَةَ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الدَّجَاجَةِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا الْبَعِيرُ إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً وَقِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرُ كَانَ لِصَاحِبِ الْبَعِيرِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ رَأْسَهَا فِي قِدْرِ رَجُلٍ وَلَا يُمْكِنُ الْإِخْرَاجُ إلَّا بِالْكَسْرِ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ تَمَلُّكَ الْقِدْرِ بِقِيمَتِهِ وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ لِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لُؤْلُؤَةٌ وَقَعَتْ فِي دَقِيقِ رَجُلٍ إنْ كَانَ فِي قَلْبِ الدَّقِيقِ ضَرَرٌ لَا أَقْلِبُهُ ، وَالنَّظَرُ أَنْ يُبَاعَ الدَّقِيقُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ ضَرَرٌ أَمَرْتُهُ بِقَلْبِهِ ، وَقَالَ بِشْرٌ يَقْلِبُهُ الَّذِي يَطْلُبُ اللُّؤْلُؤَةَ .

رَجُلٌ خَدَعَ صَبِيَّةً وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَوْضِعٍ لَا يُعْرَفُ قَالَ مُحَمَّدٌ يُحْبَسُ الرَّجُلُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْغَصْبِ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا .

مَدْيُونٌ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى صَاحِبِ دَيْنِهِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْقُدَهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ وَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ وَلَوْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى الْمَدْيُونِ لِيَنْقُدَهَا فَهَلَكَتْ تَهْلِكُ عَلَى الطَّالِبِ رَجُلٌ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الطَّالِبِ دِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمًا ، ثُمَّ دِرْهَمًا فَقَالَ خُذْ دِرْهَمَك مِنْهُمَا فَضَاعَ الدِّرْهَمَانِ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ دِرْهَمًا قَالَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ .

شَجَرَةُ الْقَرْعِ إذَا نَبَتَتْ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَصَارَتْ فِي جُبٍّ آخَرَ وَعَظُمَ الْقَرْعُ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرِ الْجُبِّ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّؤْلُؤَةِ إذَا ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةٌ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ قِيمَةً فَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ إنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْآخَرَ قِيمَةَ مَالِهِ فَيَصِيرُ لَكَ فَإِنْ أَبَى يُبَاعُ الْجُبُّ عَلَيْهِمَا عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْأُتْرُجَّةِ إذَا دَخَلَتْ فِي قَارُورَةِ رَجُلٍ وَلَوْ أَدْخَلَ رَجُلٌ أُتْرُجَّةَ غَيْرِهِ فِي قَارُورَةِ رَجُلٍ آخَرَ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهَا فَإِنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأُتْرُجَّةِ قِيمَةَ الْأُتْرُجَّةِ ، وَلِصَاحِبِ الْقَارُورَةِ قِيمَةُ الْقَارُورَةِ وَتَصِيرُ الْقَارُورَةُ ، وَالْأُتْرُجَّةُ مِلْكًا لَهُ بِالضَّمَانِ .
وَلَوْ اخْتَلَطَ سَوِيقُ رَجُلٍ بِدَقِيقِ آخَرَ بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ يُبَاعُ الْمُخْتَلَطُ وَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقِيمَتِهِ مُخْتَلَطًا ؛ لِأَنَّ هَذَا نُقْصَانٌ حَصَلَ لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا مِنْ الْغَصْبِ مِنْ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَمَنْ أَلْقَى الْكُنَاسَةَ فِي دَارِ غَيْرِهِ يُؤْمَرُ بِرَفْعِهَا هَذِهِ فِي أَحْيَاءِ الْمَوَاتِ الْهِدَايَةِ .

وَإِذَا هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ وَأَلْقَتْهُ فِي صَبْغِ غَيْرِهِ حَتَّى انْصَبَغَ فِيهِ فَعَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ قِيمَةُ صَبْغِ الْآخَرِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا هَذِهِ فِي عِتْقِ الْبَعْضِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَعَنْ أَبِي عِصْمَةَ إنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ بَاعَهُ وَيَضْرِبُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَصَاحِبُ الصَّبْغِ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْغَصْبِ مِنْهَا .

رَجُلٌ أَضَافَ رَجُلًا فَنَسِيَ الضَّيْفُ عِنْدَهُ ثَوْبًا فَاتَّبَعَهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَغَصَبَهُ غَاصِبٌ إنْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فِي الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَإِنْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْمَدِينَةِ ضَمِنَ مِنْ الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ فِي فَصْلِ النَّارِ لَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِعِمَامَةِ رَجُلٍ فَانْدَفَعَتْ عَنْ قَارُورَةِ رَجُلٍ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْعِمَامَةِ .

رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُثَلِّجَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ مُثَلِّجَةِ صَاحِبِهِ ثَلْجًا فَوَضَعَهُ فِي مُثَلِّجَةِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمُثَلِّجَةِ الْأُولَى اتَّخَذَ مَوْضِعًا لِيَجْتَمِعَ فِيهِ الثَّلْجُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى أَنْ يَجْمَعَهُ فِيهِ كَانَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْمُثَلِّجَةِ الْأُولَى وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ مُثَلِّجَةِ الْآخِذِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْآخِذُ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْآخِذُ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ كَانَ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْمَأْخُوذِ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لَمْ يَتَّخِذْ مَوْضِعًا لِيَجْتَمِعَ فِيهِ الثَّلْجُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الثَّلْجُ لَا بِصُنْعِ أَحَدٍ فَإِنْ أَخَذَ الْآخِذُ الثَّلْجَ مِنْ الْحَفْرِ الَّذِي فِي حَدِّ صَاحِبِهِ لَا مِنْ الْمُثَلِّجَةِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُثَلِّجَةِ يَكُونُ غَاصِبًا فَيَرُدُّ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَيْنَ ثَلْجِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ خَلَطَهُ بِثَلْجِهِ وَإِنْ كَانَ خَلَطَهُ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مِنْ اللُّقَطَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ فَقَضَى دَيْنَهُ بِالْعَبْدِ ضَمِنَ الْمُسْتَقْرِضُ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ بُيُوعِ الصُّغْرَى ، وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْبُيُوعِ رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا أَوْ حَيَوَانًا آخَرَ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ فَقَبَضَهُ وَقَضَى بِهِ دَيْنَهُ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ ؛ لِأَنَّ قَرْضَ الْحَيَوَانِ فَاسِدٌ ، وَالْقَرْضُ الْفَاسِدُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ كَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا لَوْ اسْتَقْرَضَ عدليا أَوْ فُلُوسًا فَكَسَدَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةً وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فِي آخِرِ يَوْمٍ كَانَتْ رَائِجَةً فَكَسَدَتْ قَالَ فِي الصُّغْرَى وَكَانَ وَالِدِي يُفْتِي بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَنُفْتِي كَذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً وَدَفَعَ الْمُسْتَقْرِضُ إلَيْهِ جُوَالِقًا لِيَكِيلَهَا فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا بِمَنْزِلَةِ السَّلَمِ مِنْ الصُّغْرَى .

وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ فَدَفَعَ إلَيْهِ كِيسًا لِيَزِنَهَا الْمَدْيُونُ فِيهِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا هَذِهِ فِي السَّلَمِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٌ فَقَضَاهَا زُيُوفًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَنْفَقَهَا أَوْ هَلَكَتْ فَهُوَ قَضَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ زُيُوفِهِ وَيَرْجِعُ بِدَرَاهِمِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْوَصْفِ مُرَاعًى كَهُوَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُمْكِنُ رِعَايَتُهُ بِإِيجَابِ ضَمَانِ الْوَصْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى مَا قُلْنَا وَلَهُمَا أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ حَتَّى لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ جَازَ فَيَقَعُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ وَلَا يَبْقَى حَقُّهُ إلَّا فِي الْجَوْدَةِ وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهَا بِإِيجَابِ ضَمَانِهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا بِإِيجَابِ ضَمَانِ الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ إيجَابٌ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَلَوْ وَجَدَهَا نَبَهْرَجَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً يَصِيرُ قَضَاءً وَلَوْ وَجَدَهَا رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً لَا يَصِيرُ قَضَاءً هَذِهِ فِي الْمَنْثُورِ مِنْ الْهِدَايَةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَأَخَذَ غَلَطًا سِتِّينَ فَلَمَّا عَلِمَ أَخَذَ الْعَشَرَةَ لِيَرُدَّهَا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْعَشَرَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ قَرْضٌ ، وَالْبَاقِيَ أَمَانَةٌ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

رَجُلٌ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الطَّالِبِ مِائَةً ، وَقَالَ خُذْ حَقَّكَ عِشْرِينَ مِنْهَا فَلَمْ يَأْخُذْ حَتَّى ضَاعَ الْكُلُّ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَمَنْ اسْتَقْرَضَ مِثْلِيًّا فَانْقَطَعَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَظَرُ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَيْسَرُ هَذِهِ فِي الصَّرْفِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَإِنْ أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِالْعِرَاقِ وَأَخَذَهُ بِمَكَّةَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبَضَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِالْعِرَاقِ يَوْمَ اخْتَصَمَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَمَنْ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ دِرْهَمًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ نِصْفَ دِينَارٍ مِنْ عِنْدِهِ يَصِيرُ قَابِضًا مِنْ الْهِدَايَةِ رَجُلٌ أَقْرَضَ الدَّرَاهِمَ الْبُخَارِيَّةَ بِبُخَارَى ، ثُمَّ لَقِيَ الْمُسْتَقْرِضَ فِي بَلَدٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تِلْكَ الدَّرَاهِمِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ يُمْهِلُهُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ وَلَا يَأْخُذُ قِيمَتَهَا ، وَقِيلَ هَذَا إذَا لَقِيَهُ فِي بَلَدٍ يُنْفِقُ فِيهِ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ لَكِنَّهَا لَا تُوجَدُ فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُنْفِقُ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ الْبُخَارِيَّةِ شَيْئًا ، ثُمَّ الْتَقَيَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى لَا يُوجَدُ فِيهَا تِلْكَ الدَّرَاهِمُ .

رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اسْتَقْرِضْ لِي مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاسْتَقْرَضَ الْمَأْمُورُ وَقَبَضَ ، وَقَالَ دَفَعْتُهَا إلَى الْآمِرِ وَجَحَدَ الْآمِرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَكُونُ ضَامِنًا وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْآمِرِ .

وَلَوْ بَعَثَ رَجُلٌ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولٍ إلَى رَجُلٍ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا لَكَ عَلَيَّ فَبَعَثَ مَعَ الَّذِي أَوْصَلَ الْكِتَابَ رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَلَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ فَقَالَ : ابْعَثْ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَرْضًا فَقَالَ نَعَمْ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ رَسُولِهِ كَانَ الْآمِرُ ضَامِنًا بِهَا إذَا أَقَرَّ لَهُ أَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَهَا .

رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَأَتَاهُ الْمُقْرِضُ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَقْرِضُ أَلْقِهَا فِي الْمَاءِ فَأَلْقَاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ .

رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ رَخِيصٌ فَلَقِيَهُ الْمُقْرِضُ فِي بَلَدٍ فِيهِ الطَّعَامُ غَالٍ فَأَخَذَهُ الطَّالِبُ بِحَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَطْلُوبَ وَيُؤْمَرُ الْمَطْلُوبُ بِأَنْ يُوثَقَ بِكَفِيلٍ حَتَّى يُعْطِيَ لَهُ طَعَامُهُ إيَّاهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ .

رَجُلٌ أَقْرَضَ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا شَيْئًا فَاسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَضْمَنُ وَإِنْ أَقْرَضَ عَبْدًا مَحْجُورًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ عِنْدَهُمَا وَهَذَا ، الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ .

رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّكَ مِنْهَا فَأَخَذَهَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ وَكَذَا لَوْ صَرَفَهَا وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا حَقَّهُ ، ثُمَّ ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ : بِعْهَا بِحَقِّكَ فَبَاعَهَا بِدَرَاهِمَ مِثْلِ حَقِّهِ وَأَخَذَهَا يَصِيرُ قَابِضًا بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ دَيْنَهُ ، وَقَالَ خُذْ هَذَا قَضَاءً بِحَقِّكَ فَأَخَذَ كَانَ دَاخِلًا فِي ضَمَانِهِ مِنْ بَابِ الصَّرْفِ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ .

رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا لِيَقْضِيَ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفًا فَقَضَى مِنْ دَيْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِأَلْفٍ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الزِّيَادَةِ .

رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْلُومٌ فَأَخَذَ السُّلْطَانُ دُيُونَ الْمَيِّتِ مِنْ غُرَمَائِهِ ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ كَانَ دُيُونُ الْمَيِّتِ عَلَى غُرَمَائِهِ لِهَذَا الْوَارِثِ ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يَدْفَعُوا الْمَالَ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ فَلَا تَحْصُلُ لَهُمْ الْبَرَاءَةُ وَكَانَ عَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ ثَانِيًا مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ .

أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا كَفَّنَ الْمَيِّتَ بِمَالِهِ كَفَّنَ الْمِثْلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ رَجَعَ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ كَفَّنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ وَهَلْ يَرْجِعُ فِي مِقْدَارِ كَفَنِ الْمِثْلِ قَالُوا لَا يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ مِنْ بَيْعِ غَيْرِ الْمَالِكِ مِنْ قَاضِي خَانَ .

لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ فَلَوْ اُنْتُقِضَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْقَاضِي ؛ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ قَضَى بِأَمْرٍ يَعُودُ إلَى مِلْكِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَلَيْهِ لِلْقَاضِي مِثْلُهَا .

إذَا تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الْمَهْرِ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا بِرِدَّةِ الْمَرْأَةِ أَوْ خَرَجَ نِصْفُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ إلَى مِلْكِ الْمُتَبَرِّعِ وَكَذَا الْمُتَبَرِّعُ بِالثَّمَنِ إذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ يَرْجِعُ فِي الثَّمَنِ مِنْ كَفَالَةِ الصُّغْرَى .
وَفِي الْقُنْيَةِ مَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِسَبَبٍ فَعِنْدَ ارْتِفَاعِ السَّبَبِ يَعُودُ الْمَقْضِيُّ بِهِ إلَى مِلْكِ الْقَاضِي إنْ قَضَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ قَضَاهُ بِأَمْرِهِ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْمَقْضِيِّ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَرَّعَ بِالْمَهْرِ عَنْ الزَّوْجِ ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا يَعُودُ نِصْفُ الْمَهْرِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَكُلُّهُ فِي الثَّانِي إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ انْتَهَى .

إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ ابْنِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْإِنْسَانُ مُجْهِلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ .

الْأَبُ لَوْ أَجَّرَ مَنْزِلَ الصَّغِيرِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ يَلْزَمُهُ تَمَامُ أَجْرِ مِثْلِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَطِّ مِنْ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

إذَا ذَهَبَ الضَّيْفُ وَتَرَكَ شَيْئًا عِنْدَ الْمُضِيفِ فَتَبِعَهُ الْمُضِيفُ بِهِ فَغَصَبَهُ غَاصِبٌ إنْ غَصَبَهُ فِي الْمَدِينَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْمِصْرِ فَغُصِبَ مِنْهُ ضَمِنَ هَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

إذَا حَفَرَ الرَّجُلُ قَبْرًا فِي مَوْضِعٍ يُبَاحُ لَهُ الْحَفْرُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَدُفِنَ غَيْرُهُ لَا يُنْبَشُ الْقَبْرُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَةَ حَفْرِهِ لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَمُرَاعَاةً لَهُمَا مِنْ وَقْفِ فَتَاوَى قَاضِي خَانَ وَفِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ حَفَرَ قَبْرًا فَجَاءَ آخَرُ وَدَفَنَ فِي الْقَبْرِ يَجِبُ قِيمَةُ حَفْرِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمِلْكِ فَيُنْبَشُ انْتَهَى .

شَرَى بَيْتًا وَسَكَنَهُ ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لِلصَّغِيرِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهِ مِنْ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

الْمَدْيُونُ إذَا أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ امْرَأَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الصُّغْرَى مِنْ النَّفَقَاتِ .

رَجُلٌ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ مَدْيُونِهِ فَقَالَ قَبَضْتُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَقَالَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ قَبَضْتُهُ وَهُوَ كَانَ مَرِيضًا وَأَنَا شَرِيكُك فِيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ شَرَكَهُ الْآخَرُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ إقْرَارِ الْوَجِيزِ .
وَفِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ أَطْلَقَ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِقَوْلِ أَحَدٍ بَلْ قَالَ قَالُوا إنْ كَانَ الْأَلْفُ الْمَقْبُوضَةُ قَائِمَةً شَارَكُوهُ فِيهَا ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ حَادِثٌ فَيُحَالُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ حَالَةُ الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَقْبُوضَةُ هَالِكَةً لَا شَيْءَ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ قِبَلَ الْقَابِضِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصْرِفُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ بِنَوْعٍ ظَاهِرٍ ، وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِإِيجَابِ الضَّمَانِ فَحَالُ قِيَامِ الْأَلْفِ هُوَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ سَلَامَةَ الْمَقْبُوضِ ، وَالْغُرَمَاءُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ كَانَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ فَيَصْلُحُ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُمْ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْمَقْبُوضِ حَاجَةُ الْغُرَمَاءِ إلَى إيجَابِ الضَّمَانِ فَلَا يَصْلُحُ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُمْ وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ دَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَمَّا عَلَيْهِ وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ ، وَالْوَارِثِ وَإِذَا أَرَادَ مَدْيُونٌ قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ عِنْدَ الْقَضَاءِ هَذِهِ الْأَلْفُ الَّتِي لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيَّ عَنْ الْأَلْفِ الَّتِي لَكَ عَلَى الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَضَاهُ الْأَلْفَ عَنْ الْمَيِّتِ كَانَ تَبَرُّعًا وَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ انْتَهَى .

الْمَدْيُونُ لَوْ دَفَعَ إلَى مِنْ يَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الدَّائِنِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَطَوِّعًا وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْمَفْقُودِ وَفِيهَا مِنْ النَّفَقَاتِ لَوْ كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَ عَلَى أَبَوَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَ وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ انْتَهَى .

وَفِي الصُّغْرَى مِنْ الْوَصَايَا قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ مَنْ مَاتَ وَلَهُ غُلَامٌ قَدْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْمُكَاتَبُ لِلْغَرِيمِ قَضَاءً عَمَّا لَهُ عَلَى مَوْلَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ فَفِي الْقِيَاسِ بَاطِلٌ وَلَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَعْتِقَهُ الْقَاضِي لَكِنْ نَدَعُ الْقِيَاسَ وَنَعْتِقُ الْمُكَاتَبَ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِلْغَرِيمِ انْتَهَى .

مَرِيضٌ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ قَرَابَتُهُ يَأْكُلُونَ مِنْ مَالِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنْ احْتَاجَ الْمَرِيضُ إلَى تَعَاهُدِهِمْ فَأَكَلُوا مَعَ عِيَالِهِ بِغَيْرِ إسْرَافٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ الْوَجِيزِ .

وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِحَلْقَةِ الْخَاتَمِ لِرَجُلٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْحَلْقَةُ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الْفَصِّ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْحَلْقَةِ اضْمَنْ قِيمَةَ الْفَصِّ لَهُ وَيَكُونُ الْفَصُّ لَكَ وَإِنْ كَانَ الْفَصُّ أَكْثَرَ قِيمَةً يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِّ اضْمَنْ قِيمَةَ الْحَلْقَةِ لَهُ وَهِيَ كَالدَّجَاجَةِ إذَا ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةَ إنْسَانٍ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ قَالَ أَبْرَأْتُ جَمِيعَ غُرَمَائِي وَلَمْ يُسَمِّهِمْ وَلَمْ يَنْوِ أَحَدًا مِنْهُمْ بِقَلْبِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ رَوَى ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ لَا يَبْرَءُونَ .

رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَقَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَجُوزُ وَتَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الطَّالِبِ لِلْمَطْلُوبِ وَلَوْ قَالَ : إنَّ مِتُّ لَا يَبْرَأُ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَالِي عَلَيْكَ ، وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ : تَرَكْتُ دَيْنَكَ كَانَ إبْرَاءً انْتَهَى .

مَرِيضٌ أَبْرَأَ وَارِثَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ كَفَالَةٍ بَطَلَ وَكَذَا إقْرَارُهُ بِقَبْضِهِ وَاحْتِيَالُهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَجَازَ إبْرَاؤُهُ الْأَجْنَبِيَّ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ كَفِيلًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ إذْ يَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ الْكَفِيلُ عَنْ الْوَارِثِ جَازَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ إذْ فِيهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْوَصَايَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

فُضُولِيٌّ ادَّانَ مَالَ غَيْرِهِ فَقَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ مِنْ الْفُضُولِيِّ بَرِئَ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ مِنْ الْوَجِيزِ .

الْمُزَوَّجَةُ أَوْ الْأَمَةُ إذَا تَصَدَّقَتْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ أَوْ الْمَوْلَى يَرْجِعُ إلَى الْعُرْفِ إنْ كَانَ بِقَدْرِ الْمُتَعَارَفِ تَكُونُ مَأْذُونَةً بِذَلِكَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَرْأَةُ أَوْ الْأَمَةُ لَا تَكُونُ مَأْذُونَةً بِالتَّصَدُّقِ بِالنَّقْدِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ مَأْذُونَةً بِالْمَأْكُولِ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

لَوْ خَدَعَ امْرَأَةَ رَجُلٍ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ خَدَعَ صَبِيَّةً وَزَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ يُحْبَسُ حَتَّى يَرُدَّهَا أَوْ تَمُوتَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ فِي التَّعْزِيرِ .

وَكُلُّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْإِمَامُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ إمَامٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا الْقِصَاصَ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ وَبِالْأَمْوَالِ وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ قَالُوا الْغَالِبُ فِيهِ حَقُّ الشَّرْعِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْحُدُودِ .
وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ عَلَى عِيَالِي أَوْ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ مَنْ فِي فِنَاءِ دَارِي فَفَعَلَ قِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ وَقِيلَ لَا وَلَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطِهِ وَفِي الْجِبَايَةِ ، وَالْمُؤَنِ الْمَالِيَّةِ لَوْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِلَا شَرْطِهِ وَكَذَا فِي كُلِّ مَا كَانَ مُطَالَبًا بِهِ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ .

أَسِيرٌ أَوْ مَنْ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ لِيُصَادِرَهُ قَالَ لِرَجُلٍ خَلِّصْنِي فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ مَالًا فَخَلَّصَهُ قِيلَ يَرْجِعُ فِي الْأَصَحِّ وَبِهِ يُفْتَى .

وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بُرًّا فَأَنْكَرَ ، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ ادْفَعْ إلَى الْمُدَّعِي قَفِيزَ بُرٍّ مِنْ مَالِكَ فَدَفَعَ لَا يَرْجِعُ إذْ لَمْ يَشْتَرِطْ رُجُوعَهُ وَبِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَمْ يَصِرْ دَيْنًا عَلَيْهِ لِيَصِيرَ أَمْرًا بِأَدَاءِ دَيْنِهِ عَنْهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

لَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ مَحَارِمِهِ فَأَعْطَى نَفَقَةً مُدَّةً ، ثُمَّ مَاتَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا يَسْتَرِدُّ مَا بَقِيَ بِالْإِجْمَاعِ .

أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى حُرِّيَّتِهَا فَنَفَقَتُهَا عَلَى ذِي الْيَدِ حَتَّى يَسْأَلَ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ فَإِنْ عَدَلَتْ الْبَيِّنَةُ وَقَدْ أَخَذَتْ النَّفَقَةَ بِفَرْضِ الْقَاضِي رَجَعَ صَاحِبُ الْيَدِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ فَرْضِ الْقَاضِي لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا .

وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِدَارِهِ لِرَجُلٍ وَبِسُكْنَاهَا لِآخَرَ ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ السُّكْنَى وَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا فَلِصَاحِبِ السُّكْنَى أَنْ يَبْنِيَهَا وَلَا يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا .

أَرْبَعَةٌ لَا يُشَارِكُهُمْ أَحَدٌ فِي نَفَقَةٍ الْأَبُ ، وَالْجَدُّ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ ، وَالْوَلَدُ فِي نَفَقَةِ ، وَالِدَيْهِ ، وَالزَّوْجُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ لَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا ، وَالْأُمُّ مُوسِرَةً تُؤْمَرُ الْأُمُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ زَوْجَانِ مُعْسِرَانِ وَلِلْمَرْأَةِ ابْنٌ مُوسِرٌ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَخٌ مُوسِرٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا وَيَأْمُرُ الْقَاضِي الِابْنَ أَوْ الْأَخَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا إذَا أَيْسَرَ .
مَاتَ الزَّوْجُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَمَالًا فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ وَنَفَقَةُ رَقِيقِ الْمَيِّتِ عَلَى التَّرِكَةِ إلَى أَنْ يُقْسَمُوا وَنَفَقَةُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ لَا تَكُونُ فِي تَرِكَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُنَّ أَوْلَادٌ فَيَكُونُ نَفَقَتُهُمْ فِي نَصِيبِ أَوْلَادِهِنَّ فَإِنْ أَنْفَقَ الْكِبَارُ عَلَى الصِّغَارِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ دِيَانَةً ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْسَنُوا فِيمَا فَعَلُوا فَإِذَا لَمْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِنَفَقَةِ نَصِيبِهِمْ وَحَلَفُوا عَلَى ذَلِكَ لَا إثْمَ عَلَيْهِمْ كَالْوَصِيِّ إذَا عَرَفَ الدَّيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَضَى وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لَا يَأْثَمُ .
وَكَذَلِكَ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُمْ وَصِيٌّ لَمْ يَضْمَنْ دِيَانَةً وَلَا يَأْثَمُ بِالْحَلِفِ مِنْ الْوَجِيزِ وَلَوْ تَرَكَ صِغَارًا وَكِبَارًا فَلِلْكِبَارِ أَنْ يَأْكُلُوا وَلَوْ أَطْعَمُوا أَحَدًا وَأَهْدَوْا إلَيْهِ فَلَهُ أَكْلُهُ .
وَقَالَ ابْنُ أَبَانَ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَأْكُلَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَيَسْكُنُ الدَّارَ وَلَوْ لَهُ غَنَمٌ لَا يَسَعُهُ ذَبْحُ شَاةٍ مِنْهَا فَيَأْكُلُ مَاتَ عَنْ أَخٍ وَامْرَأَةٍ وَأُمٍّ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَنَاوَلَ قَدْرَ الثَّمَنِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ لَا مِمَّا سِوَاهُمَا ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مُشْتَرَكَةٌ وَلِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي الْقَدَرِيِّ أَكْلُهُ بِالْحَاجَةِ أَبُو

اللَّيْثِ دَقِيقٌ وَطَعَامٌ وَسَمْنٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَفِيهِمْ صِغَارٌ وَامْرَأَةٌ فَلَهُمْ أَكْلُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَمَنْ كَانَ فِيهِمْ كَبِيرًا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَلَوْ تَوَى بَعْضَ الْمَالِ وَأَنْفَقَ الْكِبَارُ بَعْضَهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى الصِّغَارِ فَمَا تَوَى فَعَلَى كُلِّهِمْ وَمَا أَنْفَقَهُ الْكِبَارُ ضَمِنُوا حِصَّةَ الصِّغَارِ لَوْ أَنْفَقُوهُ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيِّ وَلَوْ بِأَمْرِهِ حُسِبَتْ لَهُمْ إلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِمْ .

نَوَادِرُ وَلَوْ تَرَكَ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا فَأَطْعَمَ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ وَأَلْبَسَهُ الثَّوْبَ وَلَيْسَ بِوَصِيٍّ لَمْ يَضْمَنْ الْكَبِيرُ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ النَّقْدِ .

لَوْ أَدَّى وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَوْ وَارِثُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ تَبَرُّعًا دَيْنَهُ لِرَجُلٍ لَا يُشَارِكُهُ سَائِرُ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ خَرَجَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ مَالٌ يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ الْوَارِثُ فِيمَا خَرَجَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

رَجُلٌ أَوْصَى بِعَبْدٍ لِإِنْسَانٍ ، وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُوصِي فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ إنْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ مِلْكُ الْوَارِثِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ .

وَفِيهِ أَيْضًا الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِهِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ إلَى الْمَالِكِ ، وَالْغَلَّةُ ، وَالْوَلَدُ ، وَالْكَسْبُ لِلْمَالِكِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُوصِي وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ وَنَفَقَتُهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ الْخِدْمَةَ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ بَلَغَهَا فَعَلَى الْمُوصَى لَهُ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ مَرَضًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخِدْمَةِ فَعَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ تَطَاوَلَ الْمَرَضُ بَاعَهُ الْقَاضِي إنْ رَأَى ذَلِكَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا يَقُومُ مَقَامَهُ انْتَهَى .

النَّاقِدُ إذَا كَسَرَ الدِّرْهَمَ بِالْغَمْزِ يَضْمَنُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ اغْمِزْهُ كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَقَاضِي خَانْ مِنْ الْغَصْبِ .

نَزَحَ مَاءَ بِئْرِ رَجُلٍ حَتَّى يَبِسَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذْ مَالِكُ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ مَاءَ الْجُبِّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي مُحَلَّةٍ فَهَدَمَ الرَّجُلُ بَيْتَ جَارِهِ حَتَّى لَا يَحْتَرِقَ بَيْتُهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ بَيْتِ الْجَارِ كَمُضْطَرٍّ أَكَلَ فِي الْمَفَازَةِ طَعَامَ غَيْرِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ حَرِيقٌ وَقَعَ فِي مُحَلَّةٍ فَهَدَمَ إنْسَانٌ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَبِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ ضَمِنَ انْتَهَى .

إذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ وَاجْتَمَعَ فِيهِ الطِّينُ فَكُلُّ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْفَعَ مِنْ أَرْضِهِ بِخِلَافِ السَّمَكِ إذَا اجْتَمَعَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ كَذَا فِي دَعَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ .

الدَّائِنُ إذَا قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ مَدْيُونِهِ ، ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنِهِ قِيلَ يَرْجِعُ بِمَا قَبَضَ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ وَفِيهِ قَالَ لِمَدْيُونِهِ وَفِي يَدِهِ قُبَالَةٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ بينج دِينَار قُبَاله بتودهم يَبْرَأُ عَنْ الْبَاقِي وَبِهِ أَفْتَى مَوْلَانَا .
وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْمُدَايَنَاتِ قَالَ الْمَدْيُونُ بِعَشَرَةٍ لِلدَّائِنِ أَعْطِ الْقُبَالَةَ وَخُذْ مِنِّي خَمْسَةً فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَدَفَعَ الْقُبَالَةَ مِنْ غَيْرِ صُلْحٍ أَوْ إبْرَاءٍ بَيْنَهُمَا لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْبَاقِي انْتَهَى قَالَ لِمَدْيُونِهِ ترا آزَادَ كردم يَبْرَأُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا خُصُومَةَ لِي مَعَك يَبْرَأُ .

لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مُتَبَرِّعًا فَافْتَرَسَهُ السَّبُعُ أَوْ شَرَى لِمَسْجِدٍ حَصِيرًا فَخَرِبَ الْمَسْجِدُ فَالْكَفَنُ ، وَالْحَصِيرُ لِلْمُتَبَرِّعِ لَوْ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ لَوْ مَيِّتًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُبَاعُ وَيُصْرَفُ إلَى حَوَائِجِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ اُسْتُغْنِيَ عَنْ هَذَا الْمَسْجِدِ يُصْرَفُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ .

مَدْيُونٌ بَعَثَ إلَى دَائِنِهِ دَيْنَهُ مَعَ رَجُلٍ فَجَاءَ وَأَخْبَرَهُ فَرَضِيَ بِهِ ، فَقَالَ : اشْتَرِ لِي شَيْئًا فَذَهَبَ لِيَشْتَرِيَ فَهَلَكَ قَبْلَ شِرَائِهِ قِيلَ يَهْلِكُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَقِيلَ عَلَى دَائِنِهِ إذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ كَأَمْرِهِ بِقَبْضِهِ .

لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ دَنَانِيرُ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْمَدْيُونُ دَنَانِيرَ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْقُدَهَا فَهَلَكَتْ فَالدَّيْنُ بَاقٍ إذْ الطَّالِبُ وَكِيلٌ فِي الِانْتِقَادِ فَيَدُهُ كَيَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمَطْلُوبُ شَيْئًا وَأَخَذَ الطَّالِبُ ، ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْمَدْيُونِ لِيَنْقُدَهَا يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ إذْ الْمَطْلُوبُ وَكِيلُ الطَّالِبِ .

لَوْ قَبَضَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَتَلِفَ لَوْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى سَبِيلِ فَسْخِ الْقَبْضِ بِأَنْ يَقُولَ خُذْ حَتَّى أَقْبِضَ غَدًا فَقَبَضَ الْمَدْيُونُ بِتِلْكَ الْجِهَةِ يُنْتَقَضُ الْقَبْضُ السَّابِقُ ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الدَّائِنُ : رَدَدْت بِجِهَةِ فَسْخِ الْقَبْضِ ، وَقَالَ مَدْيُونُهُ : وَدِيعَةٌ .
صُدِّقَ الْمَدْيُونُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ فَبَعْدَهُ الدَّائِنُ يَدَّعِي فَسْخَهُ ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُصَدَّقُ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

أَكْثَرُ أَهْلِ السُّوقِ إذَا اسْتَأْجَرُوا حُرَّاسًا وَكَرِهَ الْبَاقُونَ ، فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْكُلِّ كَذَا فِي الْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ ، وَفِيهَا أَقُولُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ قَدْ تَعَارَفَ الْفُقَهَاءُ بِالْقَاهِرَةِ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ يُعْطَى لِصَاحِبِهَا ، وَتَعَارَفُوا ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ ، وَأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهُ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبْلَغَ ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ا هـ .

عَمَرَ دَارَ امْرَأَتِهِ فَمَاتَ وَتَرَكَهَا وَابْنًا ، فَلَوْ عَمَرَهَا بِإِذْنِهَا ، فَالْعِمَارَةُ لَهَا وَالنَّفَقَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا فَتَغْرَمُ حِصَّةَ الِابْنِ ، وَلَوْ عَمَرَهَا لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِهَا فَالْعِمَارَةُ مِيرَاثٌ عَنْهُ وَتَغْرَمُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْعِمَارَةِ وَتَصِيرُ كُلُّهَا لَهَا ، وَلَوْ عَمَرَهَا لَهَا بِلَا إذْنِهَا قَالَ النَّسَفِيُّ الْعِمَارَةُ كُلُّهَا لَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ النَّفَقَةِ ، فَإِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ عِمَارَةُ كَرْمِ امْرَأَتِهِ وَسَائِرِ أَمْلَاكِهَا .

سَقَفَ مَنْزِلَ امْرَأَتِهِ بِأَمْرِهَا فَالسَّقْفُ لَهَا ، وَلَوْ بِلَا أَمْرِهَا فَلَهُ رَفْعُهُ لَوْ لَمْ يُوجِبْ ضَرَرًا فِي غَيْرِ مَا بُنِيَ .

وَفِي فَوَائِدِ ظَهِيرِ الدِّينِ مَرَّ دى خَانَهُ زِنْ خودرا عمارت كَرَدِّ وُجُوبهَا بِكَارِّ بُرْد تَوًّا نَدُكّهُ بِهَا خواهد ياني أَجَابَ اُكْرُ بُدَّانِ شَرْط كه فردموده است كه رُجُوع كَنِدِّ تواند .

كُلُّ مَنْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَالْبِنَاءُ لِآمِرِهِ ، وَلَوْ بَنَى لِنَفْسِهِ بِلَا أَمْرِهِ فَهُوَ لَهُ ، وَلَهُ رَفْعُهُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ فَيُمْنَعُ .
وَلَوْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْبِنَاءُ لِلْبَانِي ، وَلَوْ بَنَى بِإِذْنِ رَبِّ الدَّارِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَارًا فَبَنَى فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا ، فَالْبِنَاءُ لِلْمُسْتَعِيرِ ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا أَمَرَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ، فَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ ، فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الدَّارِ ، وَعَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ أَلَا يُرَى إلَى مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ : أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَوَكَّلَهُ رَبُّهُ أَنْ يَرُمَّ مَا اسْتَرَمَّ مِنْ الْحَمَّامِ ، وَيَحْسِبَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ فَفَعَلَ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْحَمَّامِ ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ مَا أَنْفَقَ .

وَفِي الْأَصْلِ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا كَذَا كَذَا بَيْتًا وَسَمَّى طُولَهَا وَعَرْضَهَا ، وَكَذَا كَذَا حُجْرَةً عَلَى أَنَّ مَا بَنَى فَهُوَ بَيْنَهُمَا ، وَعَلَى أَنَّ أَصْلَ الدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَبَنَاهَا كَمَا شَرَطَ ، فَهُوَ فَاسِدٌ ، وَكُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ ، وَعَلَيْهِ لِلْبَانِي قِيمَةُ مَا بَنَى يَوْمَ بَنَى وَأَجْرُ مِثْلٍ فِيمَا عَمِلَ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الدَّسْكَرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ ، وَالْمُزَارَعَةِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ لَهُ فِي أَرْضِهِ بِآلَاتٍ مِنْ عِنْدِهِ فَتَكُونُ إجَارَةً إلَّا أَنَّهَا فَسَدَتْ لِجَهَالَةِ الْمَشْرُوطِ أَوْ لِعَدَمِهِ ؛ إذْ جَعَلَ نِصْفَ الْأَرْضِ الْمَبْنِيَّةِ أَجْرًا لَهُ ، وَهُوَ مَعْدُومٌ أَوْ مَجْهُولٌ فَصَارَ إجَارَةً حَقِيقِيَّةً إذْ الْأَصْلُ فِي الْعَمَلِ هُوَ الْأَرْضُ فَقَدْ عَمِلَ فِي مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ لَهُ بِأَمْرِهِ ، وَقَدْ ابْتَغَى فِي مُقَابَلَتِهِ نَفْعًا لِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ إجَارَةً ، وَالْحُكْمُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْآلَاتِ وَقِيمَةُ الْعَمَلِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْإِجَارَةِ قَالُوا : وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا مَسَاكِنَ وَيُؤَجِّرَهَا عَلَى أَنَّ مَا رُزِقَ بَيْنَهُمَا فَبَنَاهَا كَمَا أَمَرَهُ وَأَجَّرَهَا وَأَصَابَ مَالًا ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِلْبَانِي ، وَالْبِنَاءُ لَهُ ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ عَلَى الْبَانِي ، وَعَلَى الْبَانِي نَقْلُ بِنَائِهِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَعَلَ الْبِنَاءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إذْ ثَمَّةَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ عَرَفْنَا أَنَّهُ أَرَادَ الْعَمَلَ لِرَبِّ الْأَرْضِ حَيْثُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الدَّارِ ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِآلَاتِهِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ شِرَاءً فَاسِدًا فَصَارَ قَابِضًا بِاتِّصَالِهِ بِأَرْضِهِ فَوَقَعَ عَمَلُهُ كُلُّهُ فِي مَحَلٍّ مَمْلُوكٍ لِلْآمِرِ ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ تَقُمْ دَلَالَةُ الْعَمَلِ لِلْآمِرِ فَبَقِيَ مُتَصَرِّفًا لِنَفْسِهِ بِالْبِنَاءِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ ، غَيْرَ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مَتَى شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا صَارَ كَأَنَّهُ أَجَّرَ

أَرْضَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا ، وَلَوْ أَجَّرَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً لِيَبْنِيَ ، تَكُونُ الْآلَاتُ وَالْبِنَاءُ كُلُّهَا لِلْبَانِي ، وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ .
وَلَوْ شَرَطَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ أَجْرِهَا لِرَبِّ الْأَرْضِ ، وَلِلْبَانِي قِيمَةُ مَا بَنَى يَوْمَ بَنَى يَعْنِي قِيمَةَ آلَاتِهِ وَأُجْرَةَ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ لِمَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ .

لَوْ رَأَى غَيْرَهُ يُتْلِفُ مَالَهُ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا بِإِتْلَافِهِ ، وَكَذَا الْمَوْلَى لَوْ سَكَتَ عَنْ وَطْء أَمَتِهِ لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ هَاتَانِ فِي قَاعِدَة : لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ ، مِنْ الْأَشْبَاهِ .

لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِمَا أَدَّى ، هَذِهِ مِنْ قَاعِدَةِ : لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ مِنْهُ .

الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ ، فَلَوْ قَالَ : اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ ، فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ ، أَوْ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ لَا ضَمَانَ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ : الْأُولَى إذَا كَانَ الْغُرُورُ بِالشَّرْطِ ؛ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِمَا غَرِمَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ .
الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ .
لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ الْبِنَاءَ لَهُ .
الثَّالِثَةُ : أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ ، فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَاهُ ، وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا .
وَفِي الْعَارِيَّةِ وَالْهِبَةِ لَا رُجُوعَ ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ كَانَ لِنَفْسِهِ ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الْغُرُورِ كَذَا فِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ .

وَقِيمَةُ وَلَدِ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ ، وَقِيلَ : تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَضَاءِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ يَوْمِ الْخُصُومَةِ ، وَمَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ الْقَضَاءِ ، فَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَرَاخَى عَنْهَا ؛ وَلِهَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَوَّلًا : اعْتِبَارَ يَوْمِ الْخُصُومَةِ ، وَثَانِيًا : اعْتِبَارَ يَوْمِ الْقَضَاءِ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ وَضْعِهِ كَذَا فِي الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ : خَمْسَةٌ لَا يَرْجِعُونَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ : الْوَلَدُ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَالشَّفِيعُ ، وَأَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ إذَا بَنَى فِي نَصِيبِهِ ، وَالْمَالِكُ الْقَدِيمُ إذَا أَخَذَ الْجَارِيَةَ الْمَأْسُورَةَ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَمْ يَرْجِعْ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الِابْنِ ، وَالْقَاضِي إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ، ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّغِيرُ فَرَدَّ الْبَيْعَ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى أَحَدٍ ، وَفِيهِ أَيْضًا : الْمُوصَى لَهُ بِالْجَارِيَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْبَائِعِ لَا عَلَى الْمُوصِي .

وَإِذَا أَهْدَى إلَى الصَّبِيِّ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَهُ ، فَلَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ الْأَكْلُ مِنْهُ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ .

وَلَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي الولوالجية هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الْأُنْثَى مِنْ الْأَشْبَاهِ .

الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقُّونِ الْآدَمِيِّينَ كَالْقِصَاصِ وَضَمَانِ الْأَمْوَالِ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ مِنْهُ .

الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِقْرَارٍ وَقِصَاصٍ إلَّا فِي الْحُدُودِ ، وَلَوْ حَدَّ قَذْفٍ ، وَكِتَابَةُ الْأَخْرَسِ كَإِشَارَتِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ لَا ، وَالْمُعْتَمَدُ لَا ، وَأَمَّا إشَارَةُ غَيْرِ الْأَخْرَسِ ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ الِامْتِدَادَ بِسَنَةٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ لَمْ تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِي أَرْبَعٍ : الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَالنَّسَبِ وَالْإِفْتَاءِ .
كَذَا فِي أَحْكَامِ الْإِشَارَةِ مِنْهُ .

لَوْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي مُسْتَهْلَكٍ ، فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتَهُ عَشَرَةٌ ، وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتَهٌ أَقَلُّ وَجَبَ الْأَكْثَرُ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ فِي الْكَلَامِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ .

تَصَدَّقَ بِنَفْسِهِ فِي مَرَضِهِ صَدَقَةً ثُمَّ أَوْصَى بِالثُّلُثِ تُعْتَبَرُ الْجُمْلَةُ مِنْ الثُّلُثِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَا أَعْطَاهُ بِنَفْسِهِ قَدْرَ الثُّلُثِ يُعْتَبَرُ هَذَا وَلَمْ تَجُزْ وَصِيَّتُهُ فِيمَا سِوَاهُ ، وَكَانَ هَذَا وَصِيَّةً مُنْفَذَةً ، فَتَصْحِيحُهُ وَتَنْفِيذُهُ أَوْلَى ، وَلَوْ زَادَ الْمُنْفَذَةَ عَلَى الثُّلُثِ ، فَلِلْوَرَثَةِ اسْتِرْدَادُ مَا زَادَ لَوْ قَائِمًا ، وَيَضْمَنُ الْقَابِضُ لَوْ هَالِكًا كَذَا فِي الْوَقْفِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

مَرِيضٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَنَقَدَهُ الْأُجْرَةَ فَلِلْغُرَمَاءِ مُشَارَكَتُهُ هَذِهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَفِيهِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ بِالْمَنَافِعِ يُعْتَبَرُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ .

مَرِيضٌ لَهُ عَلَى وَارِثِهِ دَيْنٌ فَأَبْرَأَهُ قَالَ : لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ قَالَ : لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً .
وَلَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ : لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي صَدَاقٌ لَا يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَهْرِ ، وَهُوَ النِّكَاحُ مَقْطُوعٌ بِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ .

وَفِي جِنَايَاتِ عِصَامٍ قَالَ الْمَجْرُوحُ لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ صَحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى فُلَانٍ سَبِيلٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ : هَذَا إذَا كَانَ الْجَارِحُ أَجْنَبِيًّا ، فَلَوْ وَارِثًا لَمْ يَصِحَّ ، كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَفِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الْقُنْيَةِ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ مَرَضَ الْمَوْتِ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي حَقٌّ ، وَلَا عَلَيْهِ مَهْرٌ ، لَيْسَ لِوَرَثَتِهَا أَنْ يَطْلُبُوا الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهَا بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا عِصَامٌ لَوْ قَالَ الْمَجْرُوحُ : لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْجَارِحِ بِهَذَا السَّبَبِ ، فَكَذَا هَاهُنَا .
وَقَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ : لَا يَصِحُّ ، وَمَسْأَلَةُ الْجُرْحِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْجُرْحُ مَعْرُوفًا عِنْدَ النَّاسِ أَوْ الْقَاضِي لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُ الْمَرِيضِ .

اسْتَقْرَضَ عَبْدًا لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ ، وَقَضَى ضَمِنَ قِيمَتَهُ ، هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .

هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ ثُمَّ بَنَاهُ : إنْ كَانَ الْجِدَارُ مِنْ التُّرَابِ فَبَنَاهُ ثَانِيًا مِنْ التُّرَابِ عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ ، وَإِنْ بَنَاهُ مِنْ خَشَبٍ آخَرَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ ؛ لِأَنَّ الْخَشَبَ فِي نَفْسِهَا مُتَفَاوِتَةٌ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْخَشَبَ الْآخَرَ أَجْوَدُ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ ، هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْهُ .

لَوْ وَضَعَ رَجُلٌ ثَوْبًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَرَمَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَأَفْسَدَهُ ضَمِنَهُ .
وَلَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ ، وَأَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ فِي الدَّارِ تَضُرُّ بِهَا ، فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الضَّرَرَ بِالْإِخْرَاجِ ، أَمَّا الثَّوْبُ فِي الدَّارِ فَلَا يَضُرُّ بِهِ ، فَكَانَ إخْرَاجُهُ إتْلَافًا ، هَذِهِ فِي فَصْلِ دَفْعِ ضَرَرِ الْجَارِ مِنْهُ .

وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقِسْمَةِ : إذَا خِيفَ الْغَرَقَ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ فَأَلْقَوْا ، فَالْغُرْمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ ا هـ وَفِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ : رَجُلَانِ فِي سَفِينَةٍ مَعَهُمَا مَتَاعٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَلْقِ مَتَاعَك عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَنْصَافًا قَالَ مُحَمَّدٌ : كَانَ هَذَا فَاسِدًا ، وَضَمِنَ لِمَالِكِ الْمَتَاعِ نِصْفَ قِيمَةِ مَتَاعِهِ ا هـ وَفِي الْغَصْبِ مِنْ الْخِزَانَةِ : سَفِينَةٌ حُمِلَتْ عَلَيْهَا أَحْمَالٌ فَاسْتَقَرَّتْ السَّفِينَةُ عَلَى بَعْضِ الْجَزَائِرِ ، فَأَخْرَجَ رَجُلٌ بَعْضَ الْأَحْمَالِ لِتَخِفَّ السَّفِينَةُ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَذَهَبَ بِالْأَحْمَالِ ، فَعَلَى الَّذِي أَخْرَجَ الضَّمَانُ إنْ لَمْ يُخَفْ الْغَرَقُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا ، وَإِنْ خِيفَ الْغَرَقَ ، فَإِنْ ذَهَبَ بِهِ إنْسَانٌ قَبْلَ أَنْ يَأْمَنَ غَرَقَهَا لَا يَضْمَنُ ، وَإِذَا ذَهَبَ بِهَا بَعْدَ مَا أَمِنَ غَرَقَهَا يَضْمَنُ ا هـ .

أَهْلُ قَرْيَةٍ غَرَّمَهُمْ السُّلْطَانُ قَالَ بَعْضُهُمْ : يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : إنْ كَانَتْ الْغَرَامَةُ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ : لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمِلْكِ ، وَإِنْ كَانَتْ لِتَحْصِينِ الْأَبَدَانِ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ الَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهُمْ ؛ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرَّأْسِ ، وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ قُلْتُ : وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ أَيْضًا أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ .

اسْتَقْرَضَ مِنْهُ دَرَاهِمَ وَأَسْكَنَهُ فِي دَارِهِ قَالُوا : عَلَى الْمُقْرِضِ أَجْرُ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّهُ أَسْكَنَهُ عِوَضًا عَنْ مَنْفَعَةِ الْقَرْضِ ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ مِنْهُ حِمَارًا لِيَسْتَعْمِلَهُ حَتَّى يَرُدَّ دَرَاهِمَهُ .
وَلَوْ سَلَّمَ الْمُقْرِضُ الْحِمَارَ إلَى بَقَّارٍ فَعَقَرَهُ ذِئْبٌ ضَمِنَ الْمُقْرِضُ قِيمَتَهُ ، لِأَنَّ الْحِمَارَ كَانَ عِنْدَهُ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ فَكَانَ أَمَانَةً ، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَى الْبَقَّارِ صَارَ ضَامِنًا مُخَالِفًا مِنْ إجَارَةِ الْقُنْيَةِ .

رَجُلٌ دَفَعَ جَارِيَةً مَرِيضَةً إلَى طَبِيبٍ ، وَقَالَ لَهُ : عَالِجْهَا بِمَالِكَ ، فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا بِالصِّحَّةِ ، فَالزِّيَادَةُ لَك فَفَعَلَ الطَّبِيبُ وَبَرِئَتْ ، يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَالنَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ إنْ أَعْطَاهَا ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا لِاسْتِيفَاءِ أَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ .

وَمِنْهَا رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ نَجَّارًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَقَالَ : اتَّخَذَ لِي دَوَاةً بِدِرْهَمٍ فَاِتَّخَذَ ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّوَاةِ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَجِيرٌ ، فَإِنَّهُ آثِمٌ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ثُمَّ عَلِمَ لَا بَأْسَ بِهِ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيُنْقِصُ مِنْ أُجْرَةِ النَّجَّارِ قَدْرَ مَا عَمِلَ فِي الدَّوَاةِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ فِي حِلٍّ .

وَمِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دُهْنًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ صَابُونًا وَيَجْعَلَ الْغَلْيَ مِنْ عِنْدِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ ، فَالصَّابُونُ لِرَبِّ الدُّهْنِ ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَغَرَامَةُ مَا جَعَلَ فِيهِ .

وَمِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ فَرَسًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى قَرْيَتِهِ وَيُوَصِّلَهُ إلَى وَلَدِهِ ، فَذَهَبَ بِهِ ، فَلَمَّا سَارَ مَرْحَلَةً سَيَّبَهَا فِي رِبَاطٍ وَمَضَى فِي حَاجَتِهِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ ، فَمَرَّ بِهِ ، فَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى قَرْيَتِهِ ، فَذَهَبَ بِهِ ، فَنَفَقَتْ فِي الطَّرِيقِ ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ ثَابِتٌ فِي تَسْيِيبِهِ ، وَأَمَّا الثَّانِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ الدَّابَّةَ لَكِنْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ ، فَإِنْ أَخَذَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ إنَّ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ لِيَرُدَّ عَلَى مَالِكِهِ وَالْأَجِيرُ فِي عِيَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ ضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالْمُلْتَقَطِ ، وَالْأَجِيرُ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَهُ بِالْأُجْرَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَمْسَكَهُ لِنَفْسِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا عَلَى الْمُودِعِ وَالْآجِرِ .
وَلَوْ سَلَّمَ الْفَرَسَ فِي ذَلِكَ الرِّبَاطِ إلَى ابْنِ أَخِي صَاحِبِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ ، تَأْوِيلُهُ : إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ .

وَمِنْهَا ثَلَاثَةٌ اسْتَأْجَرُوا إصْطَبْلًا وَأَدْخَلُوا دَوَابَّهُمْ ، ثُمَّ إنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ عَلَفَ دَابَّتَهُ ، وَخَرَجَ ، وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا ، فَسُرِقَ الدَّوَابُّ لَا يَضْمَنُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَصْلِ السِّعَايَةِ وَالْأَمْرِ عَنْ قَاضِي خَانْ مُعَلَّلَةً فَرَاجِعْ إنْ شِئْت .

عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى آخَرَ زُجَاجَةً يَقْطَعُهَا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَقَطَعَهَا فَانْكَسَرَتْ ، وَقَدْ قَالَ لَهُ الدَّافِعُ : إنْ كَسَرْت فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك قَالَ : اُنْظُرْ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ إنْ كَانَ لَا يَسْلَمُ مِثْلُهُ مِنْ الْكَسْرِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ يَسْلَمُ أَحْيَانًا وَيَنْكَسِرُ أَحْيَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ .

رَجُلٌ قَالَ لِصَيْرَفِيٍّ اُنْقُدْ هَذِهِ الْأَلْفَ وَلَك عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَنَقَدَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَشَرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ سَتُّوقَةً لَا يَضْمَنُ لَكِنْ يَرُدُّ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِهِ ، وَلَوْ وَجَدَ الْكُلَّ زَيْفًا يَرُدُّ كُلَّ الْأَجْرِ وَيَرُدُّ الزُّيُوفَ عَلَى الدَّافِعِ ، فَإِنْ أَنْكَرَ الدَّافِعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ دَرَاهِمَهُ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ .

الْمَقْبُوضُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونٌ كَالثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ إجَارَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ .

رَجُلٌ أَوْدَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ أَوْدَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عِنْدَ الْمُودِعِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ عِنْدَنَا هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

يَضْمَنُ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ إذَا غَصَبَ مِنْهُ شَيْئًا فَنَقَصَ فِي يَدِهِ .
الثَّانِي : الزَّيْتُ أَوْ السَّمْنُ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ ، ثُمَّ أَرَاقَهَا مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ يَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهُ .
الثَّالِثُ : الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ ، أَوْ الْبَازِي الْمُعَلَّمُ ، أَوْ الْفَهْدُ الْمُعَلَّمُ إذَا أَتْلَفَهُ يَضْمَنُ عِنْدَنَا الرَّابِعُ السِّرْقِينَ إذَا أَحْرَقَهُ أَوْ أَلْقَاهُ فِي أَرْضِهِ هَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

وَفِيهِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ آخَرَ حُمُولَةً لِيَحْمِلَهَا إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَذَهَبَ الرَّجُلُ بِالْجِمَالِ حَتَّى أَتَى نَهْرًا عَظِيمًا ، وَفِي النَّهْرِ جَمَدٌ كَثِيرٌ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ كَمَا يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ ، فَرَكِبَ الْجَمَّالُ جَمَلًا وَالْجَمَلُ الْآخَرُ يَدْخُلُ عَلَى أَثَرِ هَذَا فَبَقِيَ جَمَلٌ مِنْ الْجَمَالِ فِي الْمَاءِ مِنْ جَرَيَانِ الْجَمَلِ فَسَقَطَ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا يُنْكِرُونَ عَلَى أَحَدٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ا هـ .

وَجَدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ خَمْرًا فَأَلْقَى فِيهِ مِلْحًا فَصَارَ خَلًّا فَهُوَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ الدَّنَّ عَنْ مَكَانِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ عُرِفَ بِهَذَا أَنَّ بِنَفْسِ إلْقَاءِ الْمِلْحِ يَمْلِكُ الْخَلَّ .

أَدْخَلَ أَجْنَاسًا لَهُ فِي الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ إذْنِ خَادِمِهِ وَأَخَذَ مِفْتَاحَهُ وَجَاءَ سَيْلٌ فَأَهْلَكَ بُسُطَ الْمَسْجِدِ يَضْمَنُ .

أَرَاقَ الْخَمْرَ فِي الطَّرِيقِ وَكَسَرَ دِنَانَهَا وَمَا وَجَدَ فِي مَجْلِسِ الشُّرْبِ مِنْ آلَاتِ الْفِسْقِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ .

اشْتَرَى مُسْلِمٌ خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ فَأَتْلَفَهَا فَلَمْ يَضْمَنْ فَلَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ فَأَتْلَفَهَا يَضْمَنُ .

اشْتَرَى خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ فَشَرِبَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ .

مُتْلِفُ كِعَابِ الصِّبْيَانِ لَا يَضْمَنُ .

ادَّعَى أَنَّهُ أَرَاقَ خَمْرَ الْمُسْلِمِ ، فَقَالَ : أَرَقْته بَعْدَمَا صَارَ خَلًّا ، فَالْقَوْلُ لِلْمُتْلِفِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

قَادَ إنْسَانٌ أَعْمَى فَوَطِئَ الْأَعْمَى إنْسَانًا فَقَتَلَهُ لَمْ يَذْكَرْ هَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَائِدِ هَذِهِ فِي جِنَايَاتِ الدَّوَابِّ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

وَلَوْ نَقَبَ رَجُلٌ حَائِطَ إنْسَانٍ حَتَّى سَرَقَ آخَرُ مِنْ الْبَيْتِ شَيْئًا الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ هَذِهِ فِي فَصْلِ السِّعَايَةِ مِنْهَا .

فَرَّ مِنْ عِنْدِهِ صَبِيٌّ لِيَضْرِبَهُ فَخَافَ مَنْ فِي الْبَيْتِ ، وَحَصَلَ بِهِ تَلَفٌ لَمْ يَضْمَنْ الضَّارِبُ ، وَكَذَا لَوْ تَسَوَّرَ مِنْ سُوَرٍ فَجَاءَتْ مَارَّةٌ فَخَافَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ وَقَتَلَتْ إنْسَانًا لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ غَيَّرَ صُورَتَهُ فَخَوَّفَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَجُنَّ لَمْ يَضْمَنْ .

قَالَ لِتِلْمِيذِهِ فِي تَسْوِيَةِ عُمُدِ الْمَسْجِدِ : خُذْ الْعِمَادَ فَأَخَذَهُ وَالْأُسْتَاذُ حَرَّكَ الْخَشَبَةَ الْمَغْرُوزَةَ بالخ فأذيود فَسَقَطَ السَّقْفُ وَفَرَّ إلَى الْخَارِجِ وَهَلَكَ التِّلْمِيذُ ، يَضْمَنُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْتِقَالِ وَالْفِرَارِ ، وَكَذَا لَوْ رَفَعُوا سَفِينَةً لِإِصْلَاحِهَا ، وَقَالُوا لِلتِّلْمِيذِ : ضَعْ الْعِمَادَ تَحْتَهَا وَحَرَّكُوهَا بَلْخ برابها فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ يَضْمَنُونَ .

صَبِيٌّ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ .
وَحَقُّ الْحَضَانَةِ لِلْأُمِّ ، فَخَرَجَتْ وَتَرَكَتْ الصَّبِيَّ فَوَقَعَ فِي النَّارِ تَضْمَنُ الْأُمُّ ، وَفِي الْمُحِيطِ : لَا تَضْمَنُ فِي بِنْتِ سِتِّ سِنِينَ .

امْرَأَةٌ تُصْرَعُ أَحْيَانَا فَتَحْتَاجُ إلَى حِفْظِهَا ؛ لِأَنَّهَا تُلْقِي نَفْسَهَا فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ ، وَهِيَ فِي مَنْزِلِ زَوْجِهَا فَعَلَيْهِ حِفْظُهَا فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا حَتَّى أَلْقَتْ نَفْسَهَا فِي نَارٍ عِنْدَ الْفَزَعِ فَعَلَى الزَّوْجِ ضَمَانُهَا ، وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ ، وَهِيَ مُسَلَّمَةٌ إلَى الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا وَضَيَّعَهَا ضَمِنَ مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ .

اسْتَقْرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْمُقْرِضِ فَقَالَ الْمُقْرِضُ : دَفَعْتهَا إلَيْهِ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ ، وَقَالَ : دَفَعْتهَا إلَى مَوْلَايَ ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى قَبْضَ الْعَبْدِ الْعَشَرَةَ ، فَالْقَوْلُ لَهُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهَا بِحَقٍّ .
هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

كَانَتْ تَدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَرِقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ ، أَوْ إلَى شَيْءٍ آخَرَ ، وَهُوَ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِهَا عَلَيْهِ .

دَفَعَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ قُرْصًا فَأَكَلَ نِصْفَهُ ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِآخَرَ يَضْمَنُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : عُرِفَ بِهِ أَنَّ الْحَجْرَ وَالدَّفْعَ مِنْ الْأَبِ إلَى الصَّغِيرِ لَا يَكُونُ تَمْلِيكًا ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ .

أَبَحْت لِفُلَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِي فَأَكَلَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِبَاحَةِ لَا يَضْمَنُ .

الْمُتَعَاشِقَانِ يَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَشْيَاءَ فَهِيَ رِشْوَةٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا وَلِلدَّافِعِ اسْتِرْدَادُهَا ؛ لِأَنَّ الرِّشْوَةَ لَا تُمْلَكُ .

قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ دُفِعَ إلَيْهِ سُحْتٌ لِإِصْلَاحِ الْمُهِمِّ فَأَصْلَحَ ثُمَّ نَدِمَ يَرُدُّ مَا دُفِعَ إلَيْهِ .

أَبْرَأهُ عَلَى الدَّيْنِ لِيُصْلِحَ مُهِمَّةً عِنْدَ السُّلْطَانِ لَا يَبْرَأُ ، وَهُوَ رِشْوَةٌ .

تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِطَازَجَةٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فَلْسٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ .
وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ إنْ كَانَ قَالَ : مَلَكْتُ مِنْهُ فَلْسًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَازَجَةٌ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ ، فَإِنْ قَالَ : مَلَكْتُ هَذَا لَا يَسْتَرِدُّ ، وَقَالَ سَيْفُ الْأَئِمَّةِ السَّاهِي : لَا يَسْتَرِدُّ فِي الْحَالَيْنِ هَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

غَزَلَتْ جوزقة الزَّوْجِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِسُكُوتِهِ وَنَسَجَتْهَا كَرَابِيسَ فَهِيَ لِلزَّوْجِ ، وَإِنْ مَنَعَهَا وَمَعَ هَذَا غَزَلَتْهُ وَنَسَجَتْهُ فَهُوَ لَهَا وَعَلَيْهَا قِيمَةُ الجوزقة ، وَلَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ الزَّوْجُ أَوْ دَفَعَ الْأُجْرَةَ فِي فَصْلِ الْمَنْعِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ هَذِهِ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَكِبَارٍ فَاسْتَعْمَلَ الصَّغِيرَ ثِيرَانَهُ ، وَالْبَذْرُ مُشْتَرَكٌ مِنْ مَالِ الْمِيرَاثِ فَلِلصَّغِيرِ نَصِيبُهُ مِنْ الْحَصَادِ ، وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا أَنْفَقَ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَاقِينَ يُحْسَبُ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي هَذِهِ الْوَصَايَا مِنْ الْقُنْيَةِ .

رَبُّ الدَّيْنِ أَخَذَ مِنْ الْمَدْيُونِ أَمْتِعَةً فَضَلَتْ قِيمَتُهَا عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْمَدْيُونِ : اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ فَفَعَلَ لَا يَبْرَأُ رَبُّ الدَّيْنِ عَنْهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يَبْرَأُ .

لَهُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ دِينَارًا وَقَالَ : نِصْفُهُ بِحَقِّك وَالنِّصْفُ آخِذٌ مِنْك كَذَا ، فَالْكُلُّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ : النِّصْفُ بِالْمُعَاوَضَةِ وَالنِّصْفُ بِحُكْمِ الْقَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَضْمَنُ .

قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ فَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قِيلَ لَهُ : أَتُفْتِي بِهِ أَيْضًا قَالَ : نَعَمْ ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ الْمُرَابَحَةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَلِلْمَدْيُونِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْهَا بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ كَأَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِالدَّيْنِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْأَصِيلِ ، وَيَتْبَعُهُ بِالْمُرَابَحَةِ شَيْئًا سِنِينَ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ سَبْعُونَ دِينَارًا ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ ، وَلَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ إنْسَانٍ ، ثُمَّ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ عَلَى وَجْهِ الْإِسْقَاطِ ، فَلِلْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ ، وَفِي الْمُنْتَقَى : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ .

اسْتَقْرَضَ مِنْهُ دِينَارَيْنِ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَةً لِيَزِنَ مِنْهَا الدِّينَارَيْنِ فَضَاعَتْ قَبْلَ الْوَزْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .

وَلَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ لَا يَسْقُطُ بِهِ دَيْنُهُ لِسُقُوطِهِ بِهَلَاكِ ذِمَّتِهِ ، وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّائِنِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ لَمْ يَبْطُلْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ .

وَلَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْآمِرَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَضَاءً عَنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى هَذَا فَاسِدًا ، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَعْطَاهُ ، وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ .

رَبُّ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ عَلَى صِفَتِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ ، وَلَا يَأْخُذُ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ ، وَلَهُ أَخْذُ الرَّدِيءِ بِالْجَيِّدِ ، وَلَا يَأْخُذُ خِلَافَ جِنْسِهِ كَالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَهُ أَخْذُهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ .
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ لَهُ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ ، وَكَذَا أَخْذُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ الْغَرِيمِ غَيْرَهُ وَدَفَعَهُ إلَى الدَّائِنِ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : هُوَ غَاصِبٌ وَالْغَرِيمُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ ، فَإِنْ ضَمِنَ الْآخِذُ لَمْ يَصِرْ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ ، وَإِنْ ضَمِنَ الْغَرِيمُ صَارَ قِصَاصًا .
وَقَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : صَارَ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ وَالْآخِذُ مُعِينٌ لَهُ وَبِهِ يُفْتَى .

وَلَوْ غَصَبَ جِنْسَ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ فَغَصَبَهُ مِنْهُ الْغَرِيمُ ، فَالْمُخْتَارُ هُنَا قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ .

الْمَدْيُونُ إذَا قَضَى أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ الدَّائِنُ عَلَى الْقَبُولِ ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يُجْبَرُ خِلَافًا لِزُفَرَ .

أَعْطَى الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ مَالًا لِيُمَيِّزَ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِيءِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ حَقَّهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْقَاضِي فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ لِلنَّقْدِ لَا لِلِاقْتِضَاءِ .

دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ حَقَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ الدَّائِنُ إلَيْهِ لِيَنْقُدَهُ فَهَلَكَ فَمِنْ مَالِ الدَّائِنِ ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ حَقَّهُ زَائِدًا وَقَالَ أَنْفِقْهُ ، فَإِنْ لَمْ يَرْجُ فَرَدَّهَا فَفَعَلَ فَلَمْ يَرْجُ فَلَهُ الرَّدُّ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا كَذَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ .

لَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، فَأَخَذَهَا مِنْهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بَعْضَهَا نَبَهْرَجَةً وَلَا يَدْرِي لِمَنْ هُوَ ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ شَيْءٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَزِيدَ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَإِنْ كَانَتْ النَّبَهْرَجَةُ سِتَّةً ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِرْهَمًا ، وَإِنْ كَانَتْ سَبْعَةً فَدِرْهَمَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً فَثَلَاثَةً ، وَإِنْ كَانَتْ تِسْعَةً فَأَرْبَعَةً وَفِي الْعَشَرَةِ يَرُدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً لِلتَّيَقُّنِ قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمِيُّ قُلْت لِأُسْتَاذِنَا يَعْنِي قَاضِي خَانْ : يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ الرَّدُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ خَلْطَ الدَّرَاهِمِ خَلْطًا يَتَعَذَّرُ تَمَيُّزُهَا اسْتِهْلَاكٌ عِنْدَهُ ، فَقَالَ : لَكِنَّ الرَّدَّ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ إنْ لَوْ كَانَ الْمَرْدُودُ غَيْرَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ ، وَفِيهِ شَكٌّ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ الثَّابِتُ بِيَقِينٍ .

قَالَ لِلدَّائِنِ : خُذْ دَرَاهِمَك فَقَالَ : ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ وَعَيَّنَهُ فَدَفَعَ وَمَاتَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ ، فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَدْيُونَ بِدَيْنِهِ .

قَالَ أُسْتَاذُنَا : وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَشْتَرِي الذَّهَبَ الرَّدِيءَ زَمَانًا ؛ الدِّينَارَ بِخَمْسَةِ دَوَانِيقَ ثُمَّ تَنَبَّهَ فَاسْتَحَلَّ مِنْهُمْ فَأَبْرِئُوهُ عَمَّا بَقِيَ لَهُمْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا ، فَكَتَبْت أَنَا وَغَيْرِي : إنَّهُ يَبْرَأُ وَكَتَبَ رُكْنُ الدِّينِ الوانجاني : الْإِبْرَاءُ لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ بِحَقِّ الشَّرْعِ ، وَقَالَ : بِهِ أَجَابَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمِيُّ مُعَلِّلًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ وَقَالَ : هَكَذَا سَمِعْته عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَعَزَبَ مِنْ ظَنِّي أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدٍ فَكُنْت أَطْلُبُ الْفَتْوَى لِأَمْحُوَ جَوَابِيَّ عَنْهُ ، فَعَرَضْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى عَلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَّاطِيِّ .
فَأَجَابَ : إنَّهُ يَبْرَأُ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْهَلَاكِ ، وَغَضِبَ مِنْ جَوَابِ غَيْرِهِ : إنَّهُ لَا يَبْرَأُ ، فَازْدَادَ ظَنِّي بِصِحَّةِ جَوَابِي ، وَلَمْ أَمْحُهُ ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْبَزْدَوِيُّ فِي عَنَاءِ الْفُقَهَاءِ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَجُمْلَةِ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يَمْلِكُ الْعِوَضَ فِيهَا بِالْقَبْضِ قُلْتُ : فَإِذَا كَانَ فَضْلُ الرِّبَا مَمْلُوكًا لِلْقَابِضِ بِالْقَبْضِ ، فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ عَلَى مِلْكِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ وَرَدَّ مِثْلَهُ يَكُونُ ذَلِكَ رَدَّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَهُ لَا رَدَّ عَيْنِ مَا اسْتَهْلَكَهُ وَبِرَدِّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَ لَا يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ السَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي فَصْلِ الرِّبَا فَلَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةُ نَقْضِ عَقْدِ الرِّبَا فَكَيْفَ يَجِبُ ذَلِكَ حَقًّا لِلشَّرْعِ ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا إنْ كَانَ قَائِمًا لَا رَدُّ ضَمَانِهِ .
هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْمُدَايِنَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
هَذَا آخِرُ مَا أَرَدْنَا إيرَادَهُ مِنْ الضَّمَانَاتِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتِ وَتَنْزِلُ الْبَرَكَاتِ وَالصَّلَاةُ

وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ وَعَلَى آلِهِ الْكُمَّلِ السَّادَاتِ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الطَّاهِرَاتِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْقَادَاتِ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إلَى أَنْ تُبْعَثَ الْأَمْوَاتُ وَتُزَخْرَفَ الْجَنَّاتُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9