كتاب : مجمع الضمانات
المؤلف : أبو محمد غانم بن محمد البغدادي 

لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ حَلَفَ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ضَامِنٌ ، وَحَلَفَ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي دَعْوَى مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ ، وَإِنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ ، فَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَصُولِحَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الدَّارِ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ الْعِوَضِ ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ كُلَّهُ يَرُدُّ كُلَّهُ وَلَوْ ادَّعَى دَارًا فَصُولِحَ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ ، وَالْوَجْهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إمَّا أَنْ يَزِيدَ دِرْهَمًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ فَيَصِيرَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِيمَا بَقِيَ وَيَلْحَقَ بِهِ ذِكْرُ الْبَرَاءَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ ادَّعَى شَاةً فَصُولِحَ عَلَى صُوفِهَا بِجَزِّهِ فِي الْحَالِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْمَجْمَعِ .

وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي النَّفْسِ ، وَمَا دُونَهَا ، وَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ أَمَّا إذَا صَالَحَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ جَازَ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَيْ لَا يَكُونَ افْتِرَاقًا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِأَحَدِ مَقَادِيرِهَا فَصَالَحَ عَنْ جِنْسٍ آخَرَ مِنْهَا بِالزِّيَادَةِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ الْحَقُّ بِالْقَضَاءِ ، فَكَانَ مُبَادَلَةً بِخِلَافِ الصُّلْحِ ابْتِدَاءً ، وَتَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَبَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالْإِسْلَامِ هَذِهِ فِي الْجِزْيَةِ مِنْهَا .

وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ بِالصُّلْحِ عَنْهُ ، وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بِمَنْزِلَةِ حَقِّ الشُّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ بِالصُّلْحِ عَنْهَا غَيْرَ أَنَّ فِي إبْطَالِ الْكَفَالَةِ رِوَايَتَيْنِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ ، وَلَا يَجُوزُ عَنْ دَعْوَى حَدٍّ ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ لَا حَقُّهُ ، وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ حَقِّ غَيْرِهِ ؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ حَقَّ وَلَدٍ ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ لَا حَقُّهَا ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَمَّا أَشْرَعَهُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالَحَ أَحَدٌ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ : وَيَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الْجَوَابِ حَدُّ الْقَذْفِ ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ الشَّرْعِ .

وَإِذَا ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ تَجْحَدُ فَصَالَحَتْهُ عَلَى مَالِ بَذَلَتْهُ حَتَّى يَتْرُكَ الدَّعْوَى جَازَ وَكَانَ فِي مَعْنَى الْخُلْعِ حَتَّى لَا يَصِحَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - إذَا كَانَ مُبْطِلًا فِي دَعْوَاهُ ، وَإِذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحًا عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَذَلَهُ لَهَا جَازَ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وَفِي بَعْضِهَا قَالَ : لَمْ يَجُزْ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنْ يُجْعَلَ زِيَادَةً فِي مَهْرِهَا وَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهُ بَذَلَ الْمَالَ لَهَا لِتَرْكِ الدَّعْوَى ؛ فَإِنَّ جَعْلَ تَرْكِ الدَّعْوَى فِيهَا فُرْقَةٌ فَالزَّوْجُ لَا يُعْطِي الْعِوَضَ فِي الْفُرْقَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فَالْحَالُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّعْوَى ، فَلَا شَيْءَ يُقَابِلُهُ الْعِوَضُ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ صَالَحَهَا عَلَى مَالٍ لِتُقِرَّ لَهُ بِالنِّكَاحِ جَازَ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ .

وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْبُيُوعِ : لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالٍ بَطَلَتْ فَيَرْجِعُ بِهِ ، وَلَوْ صَالَحَ الْمُخَيَّرَةَ بِمَالٍ لِتَخْتَارَهُ بَطَلَ ، وَلَا شَيْءَ لَهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الشُّفْعَةِ ، وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْأَوْقَافِ ، وَخَرَجَ عَنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ ، وَمِلْكُ النِّكَاحِ وَحَقُّ الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا ا هـ .

ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ أَعْطَاهُ جَازَ وَكَانَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي حَقِّهِ لِزَعْمِهِ ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ عَلَى حَيَوَانٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكُونُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ الْأَصْلِ فَجَازَ إلَّا أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ لِإِنْكَارِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَتُقْبَلَ وَيَثْبُتَ الْوَلَاءُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَامَ كَذَا تُقْبَلُ وَيَرْجِعُ بِالْمَالِ وَإِقْدَامُهُ عَلَى الصُّلْحِ لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا ذَكَرَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ .

وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ رَجُلًا عَمْدًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ نَفْسِهِ ، وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ لَهُ رَجُلًا عَمْدًا فَصَالَحَ عَنْهُ جَازَ مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا حُرًّا فَلَهُ الْعَبْدُ لَا غَيْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَهُ الْعَبْدُ ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ .

لَوْ صَالَحَ الْمَشْجُوجُ رَأْسُهُ عَنْ الشَّجَّةِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ سَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ بَطَلَ الصُّلْحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَعِنْدَهُمَا الصُّلْحُ مَاضٍ ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ : فِي الْحَقَائِقِ وَإِنَّمَا وَضَعَ فِي السِّرَايَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَرِئَ بِحَيْثُ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ فَالصُّلْحُ مَاضٍ ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ بَطَلَ الصُّلْحُ إجْمَاعًا ا هـ .

وَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا ذَاتَ قِيمَةٍ كَثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَثَلًا قِيمَتُهُ دُونَ الْمِائَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ فَصَالَحَهُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى عَرَضٍ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا فَهَلَكَ فَصَالَحَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَغْصُوبِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ .

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَصَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كَرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْمُسْلِمَ إلَيْهِ نِصْفَ كَرٍّ إلَيَّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ إجْمَاعًا ، وَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ وَعَلَيْهِ كَرٌّ تَامٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : لَا يَرُدُّ شَيْئًا مِنْ الْمَجْمَعِ ، وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَزِيدَ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي رَأْسِ الْمَالِ جَازَ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَلَوْ وَجَدَ بِطَعَامٍ اشْتَرَاهُ عَيْبًا فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ طَعَامًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَعِيبِ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ نَقَدَ صَحَّ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الشَّرْحِ قَيَّدَ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمَعِيبِ ؛ إذْ لَوْ كَانَ الزَّائِدُ مِنْ جِنْسِهِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِالْأَجَلِ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ مُؤَجَّلَةً يَصِيرُ بَيْعًا حَالًّا ، وَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَفِيهِ لَوْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ بَطَلَ الصُّلْحُ وَرَدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ قَدْ زَالَتْ ، وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَنْ مَالٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالُ ا هـ .

الْأَجِيرُ الْخَاصُّ كَالرَّاعِي مَثَلًا لَوْ ادَّعَى هَلَاكَ شَاةٍ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ جَازَ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقَالَا : لَا يَجُوزُ ، وَكَذَا الْمُودَعُ لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْهَلَاكَ ، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالِ جَازَ عِنْدَهُمَا وَقَالَا : لَا يَجُوزُ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الشَّرْحِ : وَلَوْ ادَّعَى الِاسْتِهْلَاكَ ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَصَالَحَهُ جَازَ الصُّلْحُ اتِّفَاقًا ثُمَّ قَالَ : هَذَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُودَعُ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ ثُمَّ صَالَحَهُ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَقَالَ : فِي الْحَقَائِقِ قَيَّدَ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ ؛ إذْ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ ا هـ .

وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ بَعْدَ الصُّلْحِ : قَدْ كُنْت عِنْدَ الصُّلْحِ رَدَدْتهَا إلَيْك ، وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ عِنْدَ الصُّلْحِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يُسْمَعُ ذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَوْ أَقَامَهَا بَرِئَ مِنْ الصُّلْحِ ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ فَلَهُ تَحْلِيفُ الطَّالِبِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ ، وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ ، الْوَدِيعَةُ غَيْرُ حَاضِرَةٍ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ جَازَ ، وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ جَاحِدًا لِلْوَدِيعَةِ جَازَ الصُّلْحُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْبِضَاعَةُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ أَمِينٌ فِيهِ مِنْ الْوَجِيزِ .

قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ لَيْلًا وَشَهَرُوا عَلَيْهِ سِلَاحًا وَهَدَّدُوهُ حَتَّى صَالَحَ رَجُلًا عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى شَيْءٍ فَفَعَلَ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ الصُّلْحُ ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عِنْدَهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ السُّلْطَانِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا أَوْعَدَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَهَذَا إذَا شَهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ فَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ وَضَرَبُوهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا فِي الْمِصْرِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ السِّلَاحِ يَلْبَثُ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَغِيثَ فَيَلْحَقَهُ الْغَوْثُ ، وَإِنْ هَدَّدُوهُ بِخَشَبٍ كَبِيرٍ لَا يَلْبَثُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ نَهَارًا ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، أَوْ كَانَ فِي رُسْتَاقٍ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ .

وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالصُّلْحِ عَنْهُ فَصَالَحَ لَمْ يَلْزَمْ الْوَكِيلَ مَا صَالَحَهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ ، وَالْمَالُ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ قَالَ : وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ ، أَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الدَّيْنِ ، وَإِذَا كَانَ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فَالْمُطَالِبُ بِالْمَالِ هُوَ الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكِّلِ .

وَإِنْ صَالَحَ عَنْهُ رَجُلٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إنْ صَالَحَ بِمَالٍ وَضَمِنَهُ ثُمَّ الصُّلْحُ ، وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ ، وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْمُصَالِحِ شَيْءٌ مِنْ الْمُدَّعِي ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ مَا إذَا كَانَ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ : صَالَحْتُك عَلَى أَلْفَيْ هَذِهِ أَوْ عَلَى عَبْدِي هَذَا صَحَّ الصُّلْحُ وَلَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ ، وَكَذَا إذَا قَالَ : عَلَيَّ أَلْفٌ وَسَلَّمَهَا ، وَلَوْ قَالَ : صَالَحْتُك عَلَى أَلْفٍ فَالْعَقْدُ مَوْقُوفٌ ، فَإِنْ أَجَازَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَازَ ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ بَطَلَ قَالَ : وَوَجْهٌ آخَرُ : أَنْ يَقُولَ : صَالَحْتُك عَلَى هَذَا الْأَلْفِ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ ، وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَهُ لِلتَّسْلِيمِ صَارَ شَارِطًا سَلَامَتَهُ لَهُ فَيَتِمُّ بِقَوْلِهِ : وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُصَالِحِ ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْإِيفَاءَ مِنْ مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا سِوَاهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْمَحَلَّ لَهُ تَمَّ الصُّلْحُ ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَضَمِنَهَا وَدَفَعَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ ، أَوْ وَجَدَهَا زُيُوفًا حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ أَصْلًا فِي حَقِّ الضَّمَانِ ؛ وَلِهَذَا يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ ، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا سَلَّمَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِبَدَلِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَفِي الْخُلَاصَةِ : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صُلْحَ الْفُضُولِيِّ جَائِزٌ ، فَإِنْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ : أَقِرَّ مَعِي فِي السِّرِّ ، وَإِنْ كُنْت مُعْسِرًا فِي دَعْوَاك فَصَالِحْنِي عَلَى كَذَا وَضَمِنَ لَهُ ذَلِكَ فَصَالَحَهُ صَحَّ ، وَصُورَةُ الضَّمَانِ الْفُضُولِيِّ بِأَنْ يَقُولَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُدَّعِي : صَالِحْ فُلَانًا مِنْ دَعْوَاك هَذِهِ عَلَى فُلَانٍ ، وَأَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مَالِهِ نَفَذَ الصُّلْحُ وَالْبَدَلُ عَلَى الضَّامِنِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ، وَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ بِأَمْرِهِ وَالْأَمْرُ بِالصُّلْحِ وَالْخُلْعِ أَمْرٌ بِالضَّمَانِ .

ادَّعَى دَارًا فَأَنْكَرَ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمُدَّعِي كَذَا دِينَارًا أَوْ يَأْخُذَ الدَّارَ جَازَ .

لَوْ قَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ يكى دِينَار بِكِيرِ وَأَبْطِلْ حَقَّ حَبْسِك فَفَعَلَ بَطَلَ حَقُّ الْحَبْسِ وَلِلْآجِرِ أَخْذُ دِينَارِهِ ؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ لَا عَنْ اعْتِيَاضٍ فَكَانَ كَرِشْوَةٍ وَهُوَ نَظِيرُ صُلْحِ الْكَفَالَةِ وَالشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الْعِتْقِ وَقَسْمِ الْمَرْأَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا يَبْطُلُ الْحَقُّ ، وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا دَفَعَ .

وَلَوْ كَفَلَ بِمَالٍ وَنَفْسٍ فَصَالَحَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كَفَالَةِ النَّفْسِ بَرِئَ .

أَخَذَ سَارِقٌ مَالَ غَيْرِهِ فَصَالَحَهُ حَتَّى كَفَّ عَنْ دَفْعِهِ إلَى رَبِّ الْمَالِ بَطَلَ .

الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي لَوْ صَالَحَ شَارِبَ الْخَمْرِ لِيَعْفُوَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ ، وَلِشَارِبِهَا أَخْذُ مَا دَفَعَ .
وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ فَصَالَحَهَا عَلَى مَالِ عَلَى أَنْ لَا تُطَالِبَهُ بِاللِّعَانِ بَطَلَ وَعَفْوُهَا بَعْدَ الرَّفْعِ بَاطِلٌ ، وَقِيلَ : جَائِزٌ وَالصُّلْحُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ بَاطِلٌ فَيَرُدُّ الْمَالَ ، وَأَمَّا الْحَدُّ فَيَسْقُطُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي لَا لَوْ بَعْدَهُ .

لَوْ زَنَى بِامْرَأَةِ رَجُلٍ وَأَرَادَ الرَّجُلُ حَدَّهُمَا فَصَالَحَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى مَالِ عَلَى أَنْ يَعْفُوَ بَطَلَ عَفْوُهُ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ .

دَفَعَ ثَمَنَ دَارٍ اشْتَرَاهُ فَقَالَ : لَهُ غَيْرُهُ قُبَالَهُ أَيْنَ خَانه يَنَام منست فَادْفَعْ إلَيَّ كَذَا لِأَدْفَعَ إلَيْك فَفَعَلَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِرْدَادِهِ إذْ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا الْكَاغَدَ مِنْهُ بِهَذَا الْمَالِ أَوْ يَصِيرُ مُصَالِحًا بِهِ مِنْ حَقٍّ أَوْ مِلْكٍ كَانَ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَأَيًّا مَا كَانَ صَحَّ الدَّفْعُ .

أَوْصَى بِغَلَّةِ نَخْلِهِ لِرَجُلٍ ثَلَاثَ سِنِينَ وَالنَّخْلُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَلَيْسَ فِيهَا ثَمَرٌ فَالْمُوصَى لَهُ لَوْ صَالَحَ الْوَرَثَةَ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَقَبَضَهَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ وَصِيَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ ، وَلَمْ تُخْرِجْ النَّخْلُ شَيْئًا فِي تِلْكَ السِّنِينَ أَوْ أَخْرَجَتْ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَوْهُ بَطَلَ الصُّلْحُ قِيَاسًا كَصُلْحٍ عَنْ مَجْهُولٍ لَا يُعْلَمُ أَيَكُونُ أَمْ لَا وَلَكِنْ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أُجِيزَ الصُّلْحَ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ بَرِئَ مِنْ وَصِيَّتِهِ عَلَى مَالٍ .

صُلْحُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْوَصِيَّةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ يَجُزْ ؛ إذْ تُمْلَكُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا قَبْلَهُ فَلَا صُلْحَ قَبْلَ الْمِلْكِ .

الصُّلْحُ عَنْ الْغَصْبِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَهُمَا قَائِمًا أَوْ مُتْلَفًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ .

الصُّلْحُ عَنْ الْأَعْيَانِ عَلَى نَقْدٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَهُمَا .

الصُّلْحُ عَنْ أَعْيَانٍ مَجْهُولَةٍ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ حُقُوقٍ مَجْهُولَةٍ فَإِنَّهَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ أَلْفٍ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ بَطَلَ الصُّلْحُ ، وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْعَبْدَ ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَأَمْسَكَ الْعَبْدَ .

ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ إنْسَانٌ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى أَلْفٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الدَّارَ دَارُ الْمُدَّعِي يَأْخُذُ مُصَالِحُ الدَّارِ مِنْ الْمُدَّعِي مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ .

الصُّلْحُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ عَلَى مَعْلُومٍ كَمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ دَيْنٍ أَوْ حَقٍّ مَعْلُومٍ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَنْ حَقٍّ مَجْهُولٍ فِي دَارٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ فَهُمَا جَائِزَانِ ، وَإِنْ كَانَ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُدَّعِي مَالًا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ وَصُلْحٍ مَجْهُولٍ عَلَى مَجْهُولٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ إنْسَانٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا فِي أَرْضِهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ أَحَدُهُمَا مَالًا إلَى الْآخَرِ لِيَتْرُكَ دَعْوَاهُ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ ، وَهَذَا صُلْحٌ وَقَعَ عَنْ مَجْهُولٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ .

ادَّعَى دَارًا فَصَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مِنْهَا مَعْلُومٍ جَازَ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ مِنْهَا أَبَدًا لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الصُّلْحِ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِقِيمَتِهِ ، وَدَيْنُهُ عَلَى حَالِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ .

وَلَوْ صَالَحَ الْمَحْبُوسُ بِتُهْمَةِ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ حَبَسَهُ الْوَالِي أَوْ صَاحِبُ شَرْطٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ ، وَإِنْ حَبَسَهُ الْقَاضِي فَالصُّلْحُ جَائِزٌ .

سَرَقَ مِنْ حَانُوتِ إسْكَافٍ خِفَافًا لِأَقْوَامٍ ثُمَّ أَخَذَ الْإِسْكَافُ السَّارِقَ ، وَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ قَائِمًا لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ أَرْبَابِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا يَجُوزُ بِدُونِ إجَازَةِ أَرْبَابِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ ، وَلَا يَكُونُ الْحَطُّ فِيهِ كَثِيرًا .

إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِامْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ ثُمَّ صَالَحَتْهُ مِنْ الْعَشَرَةِ عَلَى قَفِيزِ دَقِيقٍ فِي شَهْرٍ قَبْلَ مُضِيِّ شَيْءٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِهِ جَازَ فِي حِصَّةِ الْبَاقِي دُونَ الْمَاضِي ، وَكَذَلِكَ صُلْحُهَا مِنْ نَفَقَةِ وَلَدِهَا الرَّضِيعِ وَالصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا جَائِزٌ ، وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَصَالَحَهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَصَالَحَ بِهِ وَرَثَتُهَا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى قَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا .

ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى دَارٍ فَاسْتُحِقَّتْ الدَّارُ رَجَعَ بِدَرَاهِمِهِ ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ، وَلَوْ ادَّعَى نِصْفَ الدَّارِ وَأَقَرَّ أَنَّ نِصْفَهَا لِذِي الْيَدِ فَصَالَحَ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى دَارٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ رَجَعَ بِنِصْفِ الدَّارِ ، وَلَوْ قَالَ : لَا أَدْرِي لِمَنْ هُوَ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ آخَرَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ حَتَّى يَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ مِنْ الْوَجِيزِ .

كُلُّ صُلْحٍ وَقَعَ بَعْدَ صُلْحٍ فَالْأَوَّلُ صَحَّ وَالثَّانِي بَاطِلٌ وَكُلُّ صُلْحٍ وَقَعَ بَعْدَ شِرَاءٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ ، وَلَوْ كَانَ شِرَاءً بَعْدَ شِرَاءِ ، فَالثَّانِي أَحَقُّ ، وَإِنْ كَانَ صُلْحٌ ثُمَّ شِرَاءُ صَحَّ الشِّرَاءُ ، وَبَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ .

ادَّعَى عَيْنًا فَقَالَ : ذُو الْيَدِ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ فَصَالَحَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ أَوْ قَبْلَهَا جَازَ إذْ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ خَصْمٌ فَدَفَعَ الْخُصُومَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَبَعْدَهَا يَدْفَعُ الْخُصُومَةَ عَنْ غَيْرِهِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُصَالَحِ عَنْهُ لِعَدَمِ أَمْرِهِ .

شَرَى شَيْئًا فَادَّعَاهُ أَوْ بَعْضَهُ رَجُلٌ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ لِدَفْعِهِ بِرِضَاهُ ، وَلَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِحْقَاقُ .

لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَصَالَحَهُ عَلَى كَيْلِي أَوْ وَزْنِيٍّ مُشَارٍ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ الْبَيْتِ صَحَّ ، وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ بِلَا قَبْضٍ إذْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ، وَلَوْ كَانَ الْكَيْلِيُّ أَوْ الْوَزْنِيُّ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بَطَلَ بِالِافْتِرَاقِ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ .

وَلَوْ ادَّعَى قِنًّا فَصَالَحَ عَلَى نَقْدٍ مُؤَجَّلٍ ، وَالْقِنُّ هَالِكٌ أَوَّلًا جَازَ أَمَّا فِي الْقَائِمِ فَلِأَنَّهُ عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ ، وَأَمَّا الْهَالِكُ فَلِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقِيمَةُ وَهِيَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَقَدْ صَالَحَ عَلَى عَيْنِ حَقِّهِ ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ فَلَوْ كَانَ الْقِنُّ قَائِمًا جَازَ لَا لَوْ هَالِكًا كَدَيْنٍ بِدَيْنٍ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجَلٌ جَازَ لَوْ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَإِنْ دَفَعَهُ جَازَ فِي الْمَجْلِسِ لَا لَوْ بَعْدَهُ قِيلَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ قَوْلُ الْكُلِّ .

عَلَيْهِ كَرُّ حِنْطَةٍ وَصَالَحَهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ عَلَى نِصْفِ كَرِّ بُرٍّ وَنِصْفِ كَرِّ شَعِيرٍ إلَى أَجَلٍ بَطَلَ نَسِيئَةً فِي الشَّعِيرِ فَفَسَدَ كُلُّهُ ؛ لِأَنَّهُ فَسَادٌ مُقَارَنٌ ، وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَكَانَ الشَّعِيرُ بِعَيْنِهِ لَا الْبُرُّ جَازَ لِعَدَمِ النَّسِيئَةِ ، وَلَوْ كَانَ الشَّعِيرُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ ، وَلَوْ فَارَقَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بَطَلَ حِصَّةُ الشَّعِيرِ فَقَطْ لِطُرُوِّ الْفَسَادِ .

شَرَى قِنًّا فَأَرَادَ الرَّدَّ بِعَيْبٍ ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ عَبْدَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ صَحَّ ، وَيَكُونُ صُلْحًا عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَى زَعْمِ الْمُشْتَرِي ، وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ لِإِنْكَارِ الْبَائِعِ فَصَارَ كَتَعَذُّرِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ ، وَعِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ لَا بِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي يَجِبُ الرُّجُوعُ بِنَقْصِ الْعَيْبِ إذْ احْتَبَسَ جُزْءَ الْمَبِيعِ فَلَزِمَهُ رَدُّ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَثَبَتَ أَنَّهُ صُلْحٌ عَنْ الثَّمَنِ فَصَارَ صُلْحًا عَنْ دَرَاهِمَ فَصَحَّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا فَلَوْ عَلَى دَنَانِيرَ جَازَ لَوْ نَقَدَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ ، وَإِلَّا فَسَدَ لِأَنَّهُ صَرْفٌ ، وَإِقْرَارُهُ بِالْعَيْبِ ، وَإِنْكَارُهُ سَوَاءٌ فِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ الرَّدُّ وَأَمَّا فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ فَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَكُونُ صُلْحًا عَنْ الثَّمَنِ بَلْ عَنْ حَقِّ الرَّدِّ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ بِمَالٍ فَيَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ جَانَسَ الثَّمَنَ أَوْ لَا حَالًّا أَوْ لَا ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى كَيْلِيٍّ أَوْ وَزْنِيٍّ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ وَأَمَّا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنَقْصِ الْعَيْبِ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ ادَّعَتْ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا ، وَأَنْكَرَ زَوْجُهَا فَصَالَحَهَا عَلَى أَنْ تُبَرِّئَهُ مِنْ الدَّعْوَى لَمْ يَصِحَّ ، وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ ، وَهِيَ عَلَى دَعْوَاهَا ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ خُلْعًا .
وَلَوْ ادَّعَتْ تَطْلِيقَةً بَائِنًا ، فَصَالَحَهَا عَلَى مَالِ عَلَى تَطْلِيقِهَا وَاحِدًا بَائِنًا جَازَ ، فَيَكُونُ خُلْعًا فِي حَقِّهِ وَدَفْعًا لِظُلْمِهِ فِي حَقِّهَا ، فَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ بَعْدَهُ ، وَشَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعْته مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

كُلُّ مَا صَلَحَ بَدَلًا فِي الْبَيْعِ صَلَحَ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الصُّلْحُ عَلَى حَيَوَانٍ إلَى أَجَلٍ وَعَلَى أَلْفٍ إلَى الْحَصَادِ ، وَلَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّعْوَى فِي الْغَنَمِ عَلَى الْغَنَمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَطْلُوبِ أَوْ لِلطَّالِبِ الْأَوْلَادَ كُلَّهَا سَنَةً لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى صُوفِ غَيْرِهَا قِيلَ : يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى أَلْبَانِهَا فِي ضُرُوعِهَا لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى مَخَاتِيمِ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَا يَجُوزُ .
وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ أَوْ يَخِيطَهُ لَهُ قَبَاءً أَوْ يَحْشُوَهُ أَوْ يُبَطِّنَهُ لَا يَجُوزُ .

وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَعْوَاهُ فِي دَارٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ فَالْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ خَدَمَهُ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَخْدُمْهُ فَإِنْ خَدَمَهُ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ ، وَإِنْ لَمْ يَخْدُمْهُ يَبْطُلُ وَيَرْجِعُ إلَى دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُعْتَقُ شَيْئًا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ ، وَلَوْ قَتَلَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ لَا يَضْمَنُ ، وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ فِيمَا لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ، وَإِنْ قَتَلَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَيُنْقَضُ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ، وَلَا يُنْقَضُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ .

الصُّلْحُ عَنْ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ وَالْمَغْصُوبُ مِثْلِيٌّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا يَجُوزُ .

ظُلَّةٌ عَلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ فَخَاصَمَهُ رَجُلٌ ، فَأَرَادَ طَرْحَهَا فَصَالَحَهُ عَلَى التَّرْكِ لَا يَجُوزُ قَدِيمَةً كَانَتْ أَوْ حَادِثَةً أَوْ لَا يَعْلَمُ ، وَلَوْ صَالَحَ مَعَ الْإِمَامِ جَازَ إذَا رَأَى فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ ، وَيَضَعُ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى الطَّرْحِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُخَاصِمُ دَفَعَ الْمَالَ لِرَبِّ الظُّلَّةِ جَازَ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً ، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً أَوْ لَا يَعْلَمُ لَا يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَلَوْ كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَأَخَذَ الْمُخَاصِمُ الدَّرَاهِمَ بِتَرْكِهَا لَا يَجُوزُ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً ، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً فَإِنْ كَانَ فِي السِّكَّةِ مَعَهُ غَيْرُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى التَّرْكِ مِنْ نَصِيبِهِ جَازَ ثُمَّ الشُّرَكَاءُ إنْ تَرَكُوا الظُّلَّةَ يَسْلَمُ لَهُ جَمِيعُ بَدَلِ الصُّلْحِ فَإِنْ رَفَعُوا الظُّلَّةَ هَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الظُّلَّةِ عَلَى الْمُصَالِحِ بِجَمِيعِ الْبَدَلِ اخْتَلَفُوا فِيهِ ، وَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ جَمِيعِ الظُّلَّةِ يَصِحُّ فِي نَصِيبِهِ ، وَيَتَوَقَّفُ فِي نَصِيبِ شُرَكَائِهِ ثُمَّ قِيلَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّتِهِ وَقَالَ : الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَتْ الظُّلَّةُ لَا يُعْرَفُ حَالُهَا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى الطَّرْحِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُخَاصِمُ دَفَعَ الْمَالَ لِيَطْرَحَ ، وَهِيَ قَدِيمَةٌ جَازَ ، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً قِيلَ : لَا يَجُوزُ وَنَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يَجُوزُ .

وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضٍ سَنَةً أَوْ رُكُوبِ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا وَقْتًا مَعْلُومًا أَوْ عَلَى مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ سَنَةً جَازَ وَيَكُونُ إجَارَةً حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَصَالِحَيْنِ أَوْ هَلَكَ الْمُصَالِحُ عَلَيْهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ إنْسَانٌ أَوْ اسْتَحَقَّهُ يَبْطُلُ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ إلَّا أَنَّ فِي الصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ ، وَفِي الصُّلْحِ عَنْ الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ عَلَى دَعْوَاهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ ، وَإِنْ اسْتَوْفَى بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ يَرْجِعُ عَلَى دَعْوَاهُ بِقَدْرِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ بِمَوْتِ الْمُتَصَالِحَيْنِ وَيَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمُدَّعِي الْمَنْفَعَةُ ، وَيُنْتَقَضُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَالصُّلْحُ عَلَى مَمَرِّ الطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ .

صَالَحَهُ عَلَى سَبِيلِ مَاءٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَضَعَ كَذَا ، وَكَذَا جُذُوعًا لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ بَيَّنَ لَهُ وَقْتًا ، وَرَوَى الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ .

تَدَلَّى غُصْنُ شَجَرَةٍ فِي دَارِ جَارِهِ ، فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ لِيَتْرُكَهُ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَامُلَ فِي تَرْكِ الْغُصْنِ ، وَفِي تَرْكِ الظُّلَّةِ تَعَامُلٌ فَيَجُوزُ .

وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَاضِي مِيرَاثًا ، وَأَنْكَرَهُ فَصَالَحَهُ جَازَ ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ عَلَى الْقَاضِي ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ قَائِمًا فِي يَدِ الْقَابِضِ ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ إقْرَارٍ بِالشَّرِكَةِ لَا يَكُونُ لِلْآخَرِ مِثْلُهُ عَلَيْهِ ، وَلَهُ إيثَارُ أَخِيهِ ، وَذَكَرَ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ .

صَالَحَ الْمَرِيضَ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى أَلْفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَمْ يَجُزْ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يَجُوزُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ .

صَالَحَ أَحَدَ وَلِيَّيْنِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مِائَةٍ جَازَ ، وَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهَا ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً شَارَكَهُ فِيهَا .

رَجُلٌ قَتَلَ عَبْدَ إنْسَانٍ خَطَأً أَوْ شَقَّ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَصَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : أَبْطَلَ الْفَضْلَ .

وَصُلْحُ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِنَا جَائِزٌ وَصُلْحُ الذِّمِّيِّ كَصُلْحِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فِي الصُّلْحِ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْنَهُمْ خَاصَّةً .

رَجُلَانِ ادَّعَيَا دَارًا فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ حِصَّتِهِ عَلَى مِائَةٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ ، وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ الْجَمِيعِ عَلَى مِائَةٍ وَضَمِنَ تَسْلِيمَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَلِشَرِيكِهِ الْخِيَارُ ، وَلَا يَرْجِعُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُصَالِحِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ نَصِيبَهُ وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخِيَارُ فِي نَصِيبِ الْمُدَّعِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَهُمَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ جَمِيعَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ عَبْدٍ بَيْنَهُمَا وَضَمِنَ تَسْلِيمَ نَصِيبِ صَاحِبِهِ فَلَمْ يُسَلِّمْ صَاحِبُهُ نَصِيبَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ نَصِيبِهِ عَلَى ثَوْبٍ فَلِشَرِيكِهِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِنِصْفِهِ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ لَهُ شَرِيكُهُ رُبُعَ الدَّيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

ادَّعَى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَصَالَحَهُ ، وَبَعْضُهُمْ غَائِبٌ فَحَضَرَ ، وَلَمْ يُجِزْ فَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ وَأَدَّى بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي صَحَّ وَرَجَعَ لَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ، وَلَوْ دَفَعَ مِنْ التَّرِكَةِ بِلَا قَضَاءِ الْقَاضِي فَلِلْغَائِبِ اسْتِرْدَادُ حِصَّتِهِ ، وَلَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَائِبِ ؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ الدَّيْنُ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ .

دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى فِيهَا رَجُلٌ فَصَالَحَ الْحَاضِرَ صَحَّ فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُدَّعَى لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِهِ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَكَأَنَّهُ شَرَى نَصِيبَهُ ، وَلَوْ أَنْكَرُوا يَقُومُ الْمُصَالِحُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى حَقِّ الْمُدَّعِي أَخَذَ نَصِيبَهُ ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ إذَا صَالَحَهُ عَلَى شَرْطِ سَلَامَةِ نَصِيبِهِ ، وَلَمْ يُسَلِّمْ فَيَرْجِعْ بِبَدَلِ الصُّلْحِ فُصُولَيْنِ .

إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ مَبِيعٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ قَبْلَ دَيْنِهِمَا بَرِئَ الْمَطْلُوبُ مِنْ حِصَّتِهِ ، وَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُ ، وَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْ نَصِيبِهِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً عَمْدًا مُوجِبَةً لِلْأَرْشِ حَتَّى سَقَطَ الدَّيْنُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ عَلَى مَالِ ، وَلَوْ أَفْسَدَ مَتَاعًا لَهُ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُشَارِكُهُ كَمَا لَوْ غَصَبَ مِنْهُ شَيْئًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ ، وَالِاخْتِلَافُ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ أَمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ أَطْلَقَ الْجَوَابَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا .

وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ شَيْئًا بَعْدَ ثُبُوتِ هَذَا الْمَالِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ ( قُلْتُ ) وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا .

( الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ فِي السِّيَرِ ) لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْلِفَ الْعَسْكَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَأْكُلُوا مِمَّا وَجَدُوا مِنْ الطَّعَامِ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ ، وَقَدْ شَرَطَ الْحَاجَةَ فِي رِوَايَةٍ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْأُخْرَى ، وَيُقَاتِلُوا بِمَا يَجِدُونَهُ مِنْ السِّلَاحِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ ، وَيُرَدُّ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ ، وَالدَّابَّةُ مِثْلُ السِّلَاحِ وَيَسْتَعْمِلُوا الْحَطَبَ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الطِّيبَ وَيَدَّهِنُوا بِالدُّهْنِ وَيُوقِحُوا بِهِ الدَّابَّةَ عِنْدَ الْحَاجَةِ ، كُلُّ ذَلِكَ بِلَا قِسْمَةٍ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، وَلَا يَتَمَوَّلُونَهُ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ رَدَّ الثَّمَنَ إلَى الْغَنِيمَةِ وَإِذَا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْلِفُوا مِنْ الْغَنِيمَةِ ، وَلَا يَأْكُلُوا مِنْهَا وَمَنْ فَضَلَ مَعَهُ عَلَفٌ أَوْ طَعَامٌ رَدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إذَا لَمْ يُقَسَّمْ ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ تَصَدَّقُوا بِهِ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ ، وَانْتَفَعُوا بِهِ إنْ كَانُوا مَحَاوِيجَ ، وَإِنْ كَانُوا انْتَفَعُوا بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ تُرَدُّ قِيمَتُهُ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ كَانَ لَمْ يُقَسَّمْ ، وَإِنْ قُسِّمَتْ الْغَنَائِمُ فَالْغَنِيُّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ ، وَالْفَقِيرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْوَجِيزِ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ لَا يُبَاحُ لَهُمْ التَّنَاوُلُ إلَّا بِالضَّمَانِ ، وَإِنْ فَضَلَ مَعَهُ فَضْلٌ يُعِيدُهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إنْ لِمَ يُقَسَّمْ إنْ كَانَ غَنِيًّا ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَأْكُلُ بِالضَّمَانِ انْتَهَى .

السُّلْطَانُ إذَا أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْغَازِي ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَهُ مَنْ أَوْدَعَهَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ قُلْتُ : وَقَدْ رَأَيْتهَا فِي السِّيَرِ مِنْ فَتَاوِيهِ أَيْضًا .

الْعَادِلُ إذَا أَتْلَفَ نَفْسَ الْبَاغِي أَوْ مَالَهُ لَا يَضْمَنُ ، وَلَا يَأْثَمُ وَالْبَاغِي إذَا قَتَلَ الْعَادِلَ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ ، وَلَوْ أَتْلَفَ الْعَادِلُ مَالَ الْبَاغِي يُسْتَحَلُّ مَالُ الْعَادِلِ ، وَلَيْسَ لَنَا وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ عَلَيْهِمْ فَلَا يُفِيدُ إيجَابُ الضَّمَانِ ، وَلَا كَذَلِكَ الْعَادِلُ انْتَهَى .

قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَمَعُوا مَالًا ، وَدَفَعُوهُ إلَى رَجُلٍ لِيَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ وَيَشْتَرِيَ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ فَإِنَّ هَذَا الْمَالَ يَسْأَلُ التُّجَّارَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَسِيرٌ حُرٌّ فِي أَيْدِيهِمْ يَشْتَرِيهِ الْمَأْمُورُ ، وَلَا يُجَاوِزُ قِيمَةَ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنَّمَا يَشْتَرِي بِقَدْرِ قِيمَتِهِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ فَلَوْ أَرَادَ الْمَأْمُورُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَسِيرًا فَقَالَ لَهُ الْأَسِيرُ : اشْتَرِنِي فَاشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْمَالَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُعْرِضًا إيَّاهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَدُونَ غَيْرِهِ ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَأْمُورَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ قَالَ لِلْأَسِيرِ بَعْدَ مَا قَالَ لَهُ الْأَسِيرُ : اشْتَرِنِي بِكَذَا إنَّمَا اشْتَرَيْتُك بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيَّ حِسْبَةً وَاشْتَرَاهُ كَانَ مُشْتَرِيًا لِأَصْحَابِ الْأَمْوَالِ .

وَلَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ أَجَّرَ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ بَاطِلَةً ؛ لِأَنَّ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ يَتَصَرَّفُ بِطَرِيقِ النَّظَرِ ، وَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ قَالَ اسْتَأْجَرْته ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَفْعَلَ كَانَ جَمِيعُ الْأَجْرِ فِي مَالِهِ .

وَلَوْ قَالَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ : إنْ قَتَلْت ذَلِكَ الْفَارِسَ فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ لَهُ ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْكَافِرِ طَاعَةٌ فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لِيَقْتُلَ أَسِيرًا لِكَافِرٍ فِي أَيْدِيهِمْ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِقَطْعِ رُءُوسِ الْقَتْلَى حَيْثُ يَجِبُ الْأَجْرُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَاعَةٍ ، وَمَنْ أَتْلَفَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مَا لَهُ قِيمَةٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْغَنِيمَةِ كَالتُّجَّارِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَكَّدُ فِيهَا حَقُّ الْغَانِمِينَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَتْلَفَهَا بَعْدَ الْإِحْرَازِ يَضْمَنُ لِتَأَكُّدِ الْحَقِّ حَتَّى لَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يُوَرَّثُ نَصِيبُهُ كَمَا فِي الْوَجِيزِ .

كَافِرٌ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ ، وَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ مَلَكَهُ مِلْكًا طَيِّبًا حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ يَطِيبُ لَهُ ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ ، وَلَا التَّصْدِيقُ بِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

الْإِمَامُ إذَا قَسَّمَ الْغَنَائِمَ ، وَدَفَعَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ إلَى الْجُنْدِ ، وَهَلَكَ الْخُمُسُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى أَهْلِهِ فِي يَدِهِ سَلَّمَ لِلْجُنْدِ مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْخُمُسَ إلَى أَهْلِهِ وَهَلَكَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ فِي يَدِهِ سَلَّمَ الْخُمُسَ لِأَهْلِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

إذَا دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا أَوْ غَصَبَ مَتَاعًا لَا يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ وَيَصِيرُ مِلْكًا ، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ ، وَفِي الْغَصْبِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا أَدَانَهُ حَرْبِيٌّ ثُمَّ خَرَجَا إلَيْنَا مُسْتَأْمَنَيْنِ بَطَلَتْ الْمُدَايَنَةُ مِنْ الْوَجِيزِ .

رِدَّةُ الرَّجُلِ تُبْطِلُ عِصْمَةَ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ أَتْلَفَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .

الْمُسْلِمُ لَوْ أَصَابَ مَالًا أَوْ شَيْئًا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ ثُمَّ ارْتَدَّ وَأَصَابَ ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِجَمِيعِ ذَلِكَ ، وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَا يُؤْخَذُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ مَا كَانَ أَصَابَ حَالَ كَوْنِهِ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَاضِي خَانْ .

أُسِرَ قِنٌّ لِمُسْلِمٍ فَوَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ وَقُسِّمَ ، وَمَوْلَاهُ الْأَوَّلُ حَاضِرٌ فَسَكَتَ بَطَلَ حَقُّهُ فُصُولَيْنِ .

السُّلْطَانُ إذَا تَرَكَ الْعُشْرَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ جَازَ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا لَكِنْ إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ لَهُ فَقِيرًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى السُّلْطَانِ ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ السُّلْطَانُ الْعُشْرَ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ مَالِ الصَّدَقَةِ كَذَا فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

وَلَوْ وَطِئَ وَاحِدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَاهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ ، وَتُقَسَّمُ الْجَارِيَةُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ .

( الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقِسْمَةِ ) .

الْمَقْبُوضُ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ وَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

رَجُلٌ مَاتَ فَقَاسَمَتْ امْرَأَتُهُ أَوْلَادَهُ فِي الْمِيرَاثِ ، وَهُمْ كِبَارٌ كُلُّهُمْ وَأَقَرُّوا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ثُمَّ وَجَدُوا شُهُودًا شَهِدُوا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ مِنْ الْمِيرَاثِ ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا قَاسَمَ امْرَأَةَ أَخِيهِ مِيرَاثَهَا ، وَأَقَرَّ الْأَخُ بِإِرْثِهَا ، وَأَقَرَّ أَنَّ هَذَا زَوْجُهَا ، وَهَذَا أَخِي ثُمَّ أَقَامَ الْأَخُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذْته مِنْ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي فَصْلِ دَعْوَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ مِنْ قَاضِي خَانْ .

اقْتَسَمَا دَارًا فَأَصَابَ أَحَدُهُمْ مِنْ الدَّارِ ثُلُثَهَا وَقِيمَتُهُ بِالنَّصِيبَيْنِ سَوَاءٌ فَاسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا اُنْتُقِضَتْ الْقِسْمَةُ ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَعِنْدَهُمَا لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ لَكِنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِهِ ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ ، وَالْفَرْقُ لَهُمَا : أَنَّ الْإِفْرَازَ وَالتَّمْيِيزَ لَا يَبْطُلُ بِاسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ بَيْتٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ لَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ الْبَاقِي يَرْجِعُ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ نِصْفِ مَا بَاعَ فَيُقَسَّمُ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ نِصْفَيْنِ ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَيْتٌ بِعَيْنِهِ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلِمَنْ اسْتَحَقَّ مِنْ نَصِيبِهِ بِالْخِيَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .

وَفِي الْخُلَاصَةِ : دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَخَذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ مِنْ مُقَدَّمِهَا ، وَأَخَذَ الْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا ، وَقِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ سِتُّمِائَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ مَشَاعًا فَفِي هَذَا الْوَجْهِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ بِالِاتِّفَاقِ .
وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي لَا يُبْطِلُ غَيْرَ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ فَهُوَ أَنْ يَسْتَحِقَّ نِصْفَ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مَقْسُومًا فَيَتَخَيَّرُ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ إنْ شَاءَ ، وَإِنْ شَاءَ يَرْجِعُ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهُوَ أَنْ يَسْتَحِقَّ نِصْفَ نَصِيبِهِ شَائِعًا فَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ ، وَيُخَيَّرُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ انْتَهَى .

اسْتَحَقَّ بَعْضَ نَصِيبِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِبَيِّنَةٍ وَقَضَاءٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا الْمُدَّعِي ادَّعَى ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُنْيَةِ .

لِرَجُلَيْنِ مِائَةُ شَاةٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَالْآخَرُ سِتِّينَ قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ شَاةٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ قِيمَتِهَا عَشَرَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي سِتِّينَ يَضْرِبُ ذُو السِّتِّينَ بِخَمْسَةٍ ، وَالْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ غَيْرَ خَمْسَةٍ ، وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَالدَّارِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الشِّيَاهِ لَا يُوجِبُ غَبْنًا فِي الْبَاقِي ، وَفِي الْعَقَارِ يُوجِبُ غَبْنًا .

اقْتَسَمَا دَارًا أَوْ أَرْضًا نِصْفَيْنِ ، وَبَنَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الدَّارُ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ ، وَلَوْ كَانَتْ دَارَانِ أَوْ أَرْضَانِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارًا ، فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي دَارِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ ؛ لِأَنَّ الدَّارَ الْوَاحِدَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مُضْطَرٌّ فِي الْقِسْمَةِ بِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ ، وَالْغَرُورُ مِنْ الْمُضْطَرِّ لَا يَتَحَقَّقُ ، وَفِي الدَّارَيْنِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بَلْ لَهُ أَنْ يُقَسِّمَ كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ بِلَا تَفْوِيتِ جِنْسِ مَنْفَعَةٍ ، فَكَانَتْ هَذِهِ مُبَادَلَةً مَحْضَةً اخْتِيَارِيَّةً كَالْبَيْعِ ، وَقَدْ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ فَرَجَعَ مِنْ الْوَجِيزِ .

سُئِلَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ صُبْرَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ الدِّهْقَانِ وَالْمُزَارِعِ فَقَالَ الدِّهْقَانُ لِلْمُزَارِعِ : اقْسِمْهَا وَافْرِزْ نَصِيبِي فَقَسَمَ الْمُزَارِعُ حَالَ غَيْبَةِ الدِّهْقَانِ وَأَفْرَزَ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ إلَيْهِ فَحَمَلَ نَصِيبَ نَفْسِهِ إلَى بَيْتِهِ أَوَّلًا فَلَمَّا رَجَعَ إذْ قَدْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَهُ لِلدِّهْقَانِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الدِّهْقَانِ خَاصَّةً كَذَا فِي الصُّغْرَى .

الْغَرَامَاتُ إنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ ، وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَهِيَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَفَرَّعَ عَلَيْهَا الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقِسْمَةِ فِيمَا إذَا غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَهْلَ قَرْيَةٍ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى هَذَا .

إذَا خِيفَ الْغَرَقُ لِلسَّفِينَةِ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا فَأَلْقَوْا فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ .

الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ .

وَلَا يَجُوزُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ فَاقْتَسَمُوا الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ إذَا شَرَطُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِأَحَدِهِمْ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ ، وَإِنْ اقْتَسَمُوا الدَّيْنَ بَعْدَ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ فَقِسْمَةُ الْأَعْيَانِ مَاضِيَةٌ وَقِسْمَةُ الدَّيْنِ بَاطِلَةٌ .

اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ بِأَمْرِ الْقَاضِي ، وَمِنْهُمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْغَائِبِ أَوْ وَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ يُخَيَّرُ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ ، وَلَوْ مَاتَ الْغَائِبُ أَوْ الصَّبِيُّ فَأَجَازَتْ وَرَثَتُهُ نَفَذَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ .

اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَفِيهِمْ شَرِيكٌ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فَإِنْ أَمَرَهُمْ الْقَاضِي بِذَلِكَ صَحَّ .

إذَا كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ أَوْ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ أَوْ الْبَالِغُ نَصِيبَهُ إنَّمَا تَنْفُذُ الْقِسْمَةُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ بِشَرْطِ سَلَامَةِ نَصِيبِ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْغَائِبِ فَالْهَلَاكُ عَلَيْهِمَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالصُّغْرَى .

إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ بَعْدَمَا اقْتَسَمَاهَا فَبَنَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : يَرْجِعُ مِنْ الْمَجْمَعِ وَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الِاقْتِسَامِ فَضَمَانُ النُّقْصَانِ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ .

وَلَوْ تَهَايَئَا فِي الِاسْتِغْلَالِ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ جَازَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَالدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ زَادَتْ الْغَلَّةُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ يَشْتَرِكَانِ فِي الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّهَايُؤُ عَلَى الْمَنَافِعِ فَاسْتَعْمَلَ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَتِهِ زِيَادَةً وَالتَّهَايُؤُ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فِي الدَّارَيْنِ جَائِزٌ أَيْضًا فِي الظَّاهِرِ ، وَلَوْ فَضَلَ غَلَّةُ أَحَدِهِمَا لَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ ، وَكَذَا يَجُوزُ فِي الْعَبْدَيْنِ عِنْدَهُمَا ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ ، وَلَا يَجُوزُ فِي الدَّابَّتَيْنِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا .

( الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْقَاضِي ) .
لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ ؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ عَلَى خَطَرٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلُهُ غَلَطٌ ، وَالثَّانِيَةُ خِيَانَةٌ ، وَعَنْ غَيْرِهِ ، وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ ، وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَا يَنْجُو عَنْ الضَّمَانِ .
وَعَنْ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَحْمَقُ أَوْ لِصٌّ .

ثُمَّ لِلْمُوصَى أَنْ يُودِعَ مَالَ الْيَتِيمِ وَيُبْضِعَ وَيَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ لِلْيَتِيمِ وَيَدْفَعَ مُضَارَبَةً وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا كَانَ فِيهِ خَيْرٌ لِلْيَتِيمِ ، وَكَذَا الْأَبُ ، وَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ ، وَطَلَبَ مَالَهُ مِنْ الْوَصِيِّ فَقَالَ الْوَصِيُّ : ضَاعَ مِنِّي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنْ قَالَ : أَنْفَقْت مَا لَك عَلَيْك يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ .
وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ فَقَالَ الْوَصِيُّ : مَاتَ أَبُوك مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَالَ الْيَتِيمُ : مَاتَ مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ : الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ ، وَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا : هَذِهِ .
وَالثَّانِيَةُ : إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ رَقِيقًا فَأَنْفَقْت عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ كَذَا ثُمَّ مَاتُوا وَكَذَّبَهُ الِابْنُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ : إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبِيدَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ .
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ أَبَقَ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ فَأَعْطَى جَعَلَهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ، وَالِابْنُ يُنْكِرُ الْإِبَاقَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ : الْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْوَصِيُّ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ادَّعَى ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ قَالَ : اسْتَأْجَرْت رَجُلًا لَيَرُدَّهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُصَدَّقًا .
وَالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : إذَا قَالَ الْوَصِيُّ : أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِك عَشْرَ سِنِينَ مُنْذُ مَاتَ أَبُوك كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَقَالَ الْيَتِيمُ إنَّمَا مَاتَ أَبِي مُنْذُ

خَمْسِ سِنِينَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الِابْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَدَّعِي تَارِيخًا سَابِقًا وَهُوَ يُنْكِرُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ : الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيّ ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ يَدَّعِي عَلَيْهِ وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْمَالِ ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ : فَرَضَ الْقَاضِي لِأَخِيك الزَّمِنِ نَفَقَةً فِي مَالِكَ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَأَدَّيْت إلَيْهِ لِكُلِّ شَهْرٍ مُنْذُ عَشْر سِنِينَ ، وَكَذَّبَهُ الِابْنُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَكُونُ ضَامِنًا .

الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ نَسِيئَةً فَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْيَتِيمُ بِأَنْ كَانَ الْأَجَلُ فَاحِشًا لَا يَجُوزُ ، وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إقْرَاضَ مَالِ الْيَتِيمِ ، فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا ، وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْأَبِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي فَلَوْ أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ قَرْضًا لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ، وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ : وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : وَأَمَّا أَنَا أَرْجُو أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقَضَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ .
وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ : لَا يَجُوزُ ، وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ ، وَلَوْ قَضَى الْوَصِيُّ دُيُونَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ ذَلِكَ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ، وَالْأَبُ يَمْلِكُ ، وَالرَّهْنُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ .
وَلَوْ قَضَى الْأَبُ دَيْنَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ جَازَ ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ : إذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ ، وَقِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ كَانَ عَلَى الْأَبِ مِقْدَارُ الدَّيْنِ لَا قِيمَةُ الرَّهْنِ ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يَضْمَنَانِ مَالِيَّةَ الرَّهْنِ وَسَوَّى بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ : لَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ أَنْ يَقْضِيَا دَيْنَهُمَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فَلَا يَكُونُ لَهُمَا أَنْ يَرْهَنَا .
وَعَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ : لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ

لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ اسْتِحْسَانًا ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ ، وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَعِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ الرَّهْنِ .

وَصِيّ احْتَالَ بِمَالِ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَا يَجُوزُ .

وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ فِطْرِ الْيَتِيمِ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَأَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إذَا كَانَ الْيَتِيمُ مُوسِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَفِي الْقِيَاسِ ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ : لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ ، فَإِنْ فَعَلَ كَانَ ضَامِنًا .

وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ إبْرَاءَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ ، وَلَا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا ، وَلَا أَنْ يُؤَجِّلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ صَحَّ الْحَطُّ وَالتَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَيَكُونُ ضَامِنًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَكُونُ ضَامِنًا .

وَلَوْ صَالَحَ الْوَصِيُّ أَحَدًا عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْخَصْمُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ أَوْ كَانَ لِلْقَاضِي عِلْمٌ بِذَلِكَ الْحَقِّ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْحَقِّ بَيِّنَةٌ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ بِهِ بَعْضُ الْحَقِّ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى الْيَتِيمِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى حَقِّهِ ، أَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لَهُ بِحَقِّهِ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ بَعْضِ الْحَقِّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ ، وَلَا قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ، وَلَا يَجُوزُ صُلْحُ الْوَصِيِّ ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ طَمَعَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ الْمُتَغَلِّبُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَأَخَذَ الْوَصِيَّ وَهَدَّدَهُ لِيَأْخُذَ بَعْضَ مَالٍ الْيَتِيمِ قَالَ : الصَّفَّارُ : وَلَا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ ، وَإِنْ أَعْطَاهُ كَانَ ضَامِنًا .
وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : إنْ خَافَ الْوَصِيُّ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ إتْلَافَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ خَافَ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ مَالِ الْيَتِيمِ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَيْدَ أَوْ الْحَبْسَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ مَالِ الْوَصِيِّ ، وَيَبْقَى لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْيَتِيمِ ، فَإِنْ دَفَعَ كَانَ ضَامِنًا ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ فَلَوْ أَنَّ السُّلْطَانَ أَوْ الْمُتَغَلِّبَ بَسَطَ يَدَهُ ، وَأَخَذَ الْمَالَ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ .

وَصِيٌّ مَرَّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عَلَى جَائِرٍ ، وَهُوَ يَخَافُ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبِرَّهُ يَنْزِعُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ فَبَرَّهُ بِمَالِ الْيَتِيمِ قَالَ : بَعْضُهُمْ : لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ إذَا مَرَّ مُضَارِبُهُ بِالْمَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ : لَيْسَ هَذَا قَوْلَ أَصْحَابِنَا ، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ .
وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ لِلْأَوْصِيَاءِ الْمُصَانَعَةَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى ، وَاخْتِيَارُ ابْنِ سَلَمَةَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى ، وَإِلَيْهِ إشَارَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْت أَنْ أَعِيبَهَا } أَجَازَ التَّعْيِيبَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَخَافَةَ أَخْذِ الْمُتَغَلِّبِ .

وَصِيٌّ أَنْفَقَ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فِي الْخُصُومَاتِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَمَا أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الْأُجْرَةِ لَا يَضْمَنُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ : لَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ ، وَمَا أَعْطَى لَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ كَانَ ضَامِنًا قَالُوا : بَذْلُ الْمَالِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا يَكُونُ رِشْوَةً فِي حَقِّهِ وَبَذْلُ الْمَالِ لِاسْتِخْرَاجِ حَقٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ يَكُونُ رِشْوَةً مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْإِجَارَةِ : الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ فِي خُصُومَةِ الصَّبِيِّ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ كَأُجْرَةِ الْمُشَخِّصِ وَالسَّجَّانِ وَالْكَاتِبِ لَا يَضْمَنُ ، وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ يَضْمَنُ ا هـ .

وَفِي الْخُلَاصَةِ : رَجُلٌ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنَتَيْنِ وَعُصْبَةً فَطَلَبَ السُّلْطَانُ التَّرِكَةَ ، وَلَمْ يُقِرَّ بِالْعُصْبَةِ فَغَرِمَ الْوَصِيُّ لِلسُّلْطَانِ الدَّرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَمْرِ الِابْنَتَيْنِ حَتَّى تَرَكَ السُّلْطَانُ التَّعَرُّضَ قَالَ : إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحْصِينِ التَّرِكَةِ إلَّا بِمَا غَرِمَ لِلسُّلْطَانِ فَذَلِكَ مَحْسُوبٌ مِنْ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ ، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الْعُصْبَةِ خَاصَّةً هَذَا قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ .
وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ : الْوَصِيُّ إذَا طُولِبَ بِجِبَايَةِ مَالِ الْيَتِيمِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ امْتَنَعَ ازْدَادَتْ الْمُؤْنَةُ فَدَفَعَ مِنْ التَّرِكَةِ جِبَايَةَ دَارِهِ لَا يَضْمَنُ ا هـ .

صَرَفَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إلَى ظَالِمٍ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ .

تَغَلَّبَ جَائِرٌ عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَدَفَعَهُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ ، فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَلَهُ الرُّجُوعُ ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الظُّلْمِ صَارَ مِنْ حَوَائِجِ الصِّغَارِ كَالصَّرْفِ إلَى سَائِرِ الْحَوَائِجِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ وَهَكَذَا الْجَوَابُ إذَا دَفَعَ الرِّشْوَةَ مِنْ مَالِهِ لِدَفْعِ ظُلْمٍ أَعْظَمَ مِنْهَا مِنْ التَّرِكَةِ .

اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَكْلِ الْوَصِيِّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَقِيلَ : يُبَاحُ أَكْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَقِيلَ : يَأْكُلُهُ قَرْضًا ثُمَّ يَرُدُّهُ ، وَقِيلَ : لَا يَأْكُلُ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ ، وَأَمَّا أَلْبَانُ الْمَوَاشِي وَثِمَارُ الْأَشْجَارِ فَمُبَاحٌ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْيَتِيمِ وَقِيلَ : يَأْكُلُ مِنْهُ ، وَلَا يَكْتَسِي ، وَقِيلَ : يَكْتَسِي أَيْضًا ، وَقَالَ : أَبُو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ الْآثَارِ : يَأْكُلُ ، وَلَا يَأْخُذُ قَرْضًا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا ، وَلَا يُقْرِضُ غَيْرَهُ .
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ : لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَرْضًا ثُمَّ يَقْضِيَهُ ، وَقَالَ : أَبُو يُوسُفَ : لَا يَأْكُلُ مِنْهُ إذَا كَانَ مُقِيمًا ، وَإِنْ خَرَجَ فِي تَقَاضِي دَيْنٍ لَهُ أَوْ لِمُرَاعَاةِ أَسْبَابِهِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ وَيَلْبَسَ ثَوْبَهُ ، وَإِذَا رَجَعَ رَدَّ الدَّابَّةَ وَالثِّيَابَ وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ التَّقَاضِيَ شَرَعَ فِيهِ مُتَبَرِّعًا فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا .

وَلَوْ نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا ، وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرًا لِعَمَلِهِ جَازَ ، وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَيُوَكِّلَ فِي تَقَاضِي دُيُونِ الْمَيِّتِ وَأَمْوَالِهِ ، وَيَتَّجِرَ لِلْيَتِيمِ ، وَيُبْضِعَ لَهُ ، وَيُودِعَ مَالَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يُؤَدِّي فِطْرَتَهُ وَيُضَحِّي لَهُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ مِنْ الْقُنْيَةِ .

رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى لِامْرَأَتِهِ وَتَرَكَ وَرَثَةً صِغَارًا فَنَزَلَ سُلْطَانٌ جَائِرٌ دَارِهِ فَقِيلَ لَهَا : إنْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا اسْتَوْلَى عَلَى الدَّارِ وَالْعَقَارِ فَأَعْطَتْ شَيْئًا مِنْ الْعَقَارِ قَالُوا : يَجُوزُ مُصَانَعَتُهَا .

وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى الْيَتِيمِ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْآدَابِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَصْلُحُ لِذَلِكَ جَازَ وَيَكُونُ الْوَصِيُّ مَأْجُورًا ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ لَا بُدَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَكَلَّفَ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ وَيَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي نَفَقَتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِسْرَافِ ، وَلَا عَلَى وَجْهِ التَّضْيِيقِ ، وَذَلِكَ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ مَالِ الصَّغِيرِ قِلَّةً وَكَثْرَةً وَاخْتِلَافِ حَالِهِ فَيَنْظُرُ فِي حَالِهِ وَمَالِهِ ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهِ .

وَمَتَى خَرَجَ فِي عَمَلِ الْيَتِيمِ وَاسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِمَالٍ الْيَتِيمِ لِيَرْكَبَ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ - اسْتِحْسَانًا - وَعَنْ نُصَيْرٍ : لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَرْكَبَ دَوَابَّهُ إذَا ذَهَبَ فِي حَوَائِجِ الْيَتِيمِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : هَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُحْتَاجًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ : يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ بِقَدْرِ أَنْ يَعْنِيَ بِمَالِهِ .

وَصِيٌّ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ لَا صَغِيرٌ ، وَلَا كَبِيرٌ جَازَ .

وَلَوْ اشْتَرَى مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ جَازَ ، وَكَذَا إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ الْيَتِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ : مُحَمَّدٌ لَوْ بَاعَ مَالَهُ لِلْيَتِيمِ أَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالٍ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفَسَّرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الْخَيْرِيَّةَ فَقَالَ : إذَا اشْتَرَى الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ ، وَإِنْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِثَمَانِيَةٍ يَكُونُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ .

وَالْأَبُ إذَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْوَلَدِ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاءً لِلْوَلَدِ جَازَ ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْوَلَدِ .

وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِصَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالتَّصَرُّفِ .

إذَا أَقَرَّ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ بِوَصِيَّةٍ كَانَ بَاطِلًا .

وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِمَكَانِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي السِّنِينَ الْأُولَى .

وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجَ أَمَةِ الصَّغِيرِ مِنْ عَبْدِهِ اسْتِحْسَانًا إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .

قَضَى الْوَصِيُّ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ الْيَتِيمُ أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيَّةَ مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَعْضَ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا .

وَفِي الْمُلْتَقَطِ أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمُوصِي فِي حَيَاتِهِ ، وَهُوَ مُعْتَقَلٌ بِاللِّسَانِ يَضْمَنُ ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ .

وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ كَانَ بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ مَالِكًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ .

وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ، وَفِي وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا ، وَهِيَ إذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَلَى الْيَتِيمِ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَعَلَّلَا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ الْيَتِيمِ ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ انْتَهَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ ، وَفِي ثِنْتَيْنِ اخْتِلَافٌ لَوْ قَالَ : أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ أَوْ جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَا بَيَانَ عَلَيْهِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : عَلَيْهِ الْبَيَانُ ، وَالْحَاصِلُ : أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأُولَى : ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ .
الثَّانِيَةُ : ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالًا لِآخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ .
الثَّالِثَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ .
الرَّابِعَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ فِي وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ .
الْخَامِسَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ الْيَتِيمِ .
السَّادِسَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي التِّجَارَةِ وَأَنَّهُ رَكِبَهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا عَنْهُ .
السَّابِعَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهٍ ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ .
الثَّامِنَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ الَّذِينَ مَاتُوا التَّاسِعَةُ : اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُضَارِبًا الْعَاشِرَةُ : ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي الْحَادِيَةَ عَشَرَ : ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا الثَّانِيَةَ عَشَرَ : ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ الْيَتِيمَ امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ الْكُلُّ فِي فَتَاوَى

الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا ، وَذَكَرَ ضَابِطًا ، وَهُوَ : أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ .

لَوْ قَضَى وَارِثُهُ دَيْنَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِإِقْرَارِهِ فَجَاءَ دَائِنٌ ضَمِنَ لَهُ ، وَلَوْ أَدَّاهُ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ وَشَارَكَ الْأَوَّلَ .

أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَضَاعَ عِنْدَهُ يَضْمَنُ مَا كَانَ حِصَّةَ غَيْرِهِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ الضَّيْعَةَ ، وَالْوَصِيُّ يَقْبِضُ مُطْلَقًا وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةً لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَضَاعَ عِنْدَهُ يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

قَالَ : لِآخَرَ اصْرِفْ ثُلُثَ مَالِي إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مَاتَ فَصَرَفَ الْوَرَثَةُ الثُّلُثَ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَصْرِفَهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْقُنْيَةِ .

الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ التَّرِكَةَ عَلَى الصِّغَارِ فَنَفِدَتْ التَّرِكَةُ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ ثُمَّ جَاءَ غَرِيمٌ وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا ، وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي ، وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي لِهَذَا الْغَرِيمِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَصِيُّ قِيلَ : إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ ، وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ .

أَحَدُ الْوَرَثَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْآخَرِينَ اتَّخَذَ دَعْوَةً مِنْ التَّرِكَةِ وَأَكَلَ النَّاسَ ثُمَّ قَدِمَ الْبَاقُونَ وَأَجَازُوا مَا صَنَعَ ثُمَّ أَرَادُوا تَضْمِينَ مَا أَتْلَفَ لَهُمْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ لَا يَتَوَقَّفُ حَتَّى تَلْحَقَهُ الْإِجَازَةُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ : رَضِيت بِمَا صَنَعْت أَوْ أَجَزْت مَا صَنَعْت لَا يَبْرَأُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .

لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ الْكَفَنَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ أَوْ قَضَى دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ أَوْ اشْتَرَى الْكِسْوَةَ أَوْ النَّفَقَةَ لِلصَّغِيرِ يَرْجِعُ وَيُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَ : أَدَّيْت الْخَرَاجَ وَالثَّمَنَ مِنْ مَالِ عِنْدِي لَا يُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَفِي الْخُلَاصَةِ : الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ إذَا اشْتَرَى كَفَنًا لِلْمَيِّتِ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا اشْتَرَى لَمْ يَرْجِعْ ا هـ .

لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ غَيْرُ الْوَارِثِ مِنْ مَالِهِ كَالْعَمِّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ لِأَبٍ يَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْوَرَثَةِ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَرَثَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ أَمْ لَا .
وَلَوْ أَمَرَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إنْسَانًا بِأَنْ يُكَفِّنَ الْمَيِّتَ فَكَفَّنَ إنْ أَمَرَهُ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ يَرْجِعْ كَمَا فِي : أَنْفِقْ فِي بِنَاءِ دَارِي ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ ، وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِ الْقَاضِي مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .

وَلِلْأَبِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ طِفْلِهِ وَلَهُ دَفْعُهُ مُضَارَبَةً وَبِضَاعَةً ، وَأَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَاسْتِئْجَارٍ ، وَأَنْ يُودِعَ مَالَهُ ، وَيُكَاتِبَ قِنَّهُ ، وَيُزَوِّجَ أَمَتَهُ لَا قِنَّهُ ، وَيَرْهَنَ مَالَهُ بِدَيْنِهِ وَبِدَيْنِ نَفْسِهِ ، وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ مُضَارَبَةً ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً ، وَإِلَّا صَدَقَ دِيَانَةً ، وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى كُلُّهُ لِلصَّبِيِّ قَضَاءً ، وَكَذَا لَوْ شَارَكَهُ ، وَرَأْسُ مَالِهِ أَقَلُّ مِنْ رَأْسِ مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ أَشْهَدَ فَالرِّبْحُ كَمَا شَرَطَ ، وَإِلَّا صَدَقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً فَالرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ قَضَاءً ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالشُّرُوطِ ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الشَّرْطُ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ وَيُمَاثِلُهُ الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالٍ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا ، وَكَذَا الْأَبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ ا هـ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَهُ شَرِكَةً ذَكَرَهُ فِي الْوُقَايَةِ .

لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ لَوْ اسْتَدَانَ الْأَبُ لِطِفْلِهِ جَازَ ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ انْتَهَى .

وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ السَّفَرِ الْوَصِيُّ لَوْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ كَالْمُودِعِ انْتَهَى وَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ اسْتِحْسَانًا ، وَكَذَا الْأَبُ إذَا كَاتَبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ .
وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ ثُمَّ وَهَبَ الْمَالَ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْكِتَابَةِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَالْأَبُ .
وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ ، وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ ، وَإِنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ بِقَبْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ صَحَّ إقْرَارُهُمَا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِالْبَيِّنَةِ ثَابِتَةً أَوْ كَانَ الْقَاضِي يَعْلَمُ بِهَا ، وَإِنْ عُرِفَتْ الْكِتَابَةُ بِإِقْرَارِهِمَا بِأَنْ قَالَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ : كَاتَبْت ، وَادَّعَى قَبْضَ الْبَدَلِ لَا يُصَدَّقُ ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْعِتْقِ .

وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَ الصَّغِيرِ عَلَى مَالٍ ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا غُيَّبًا أَوْ حُضُورًا ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ ، وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ صِغَارًا ، وَلَوْ رَضِيَ الْكِبَارُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ لِلْكِبَارِ حَقَّ الْفَسْخِ .

وَيَجُوز لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ وَيُمْسِكَ نَصِيبَ الصِّغَارِ ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كَبِيرًا غَائِبًا .

وَلَوْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَرَثَةَ فِي التَّرِكَةِ وَفِيهَا وَصِيَّةٌ لِإِنْسَانٍ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ لَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْغَائِبِ ، وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْوَرَثَةَ ، وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ فَأَعْطَاهُ الثُّلُثَ ، وَأَمْسَكَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ جَازَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ لِلْوَرَثَةِ لَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ أَوْ الْمَيِّتِ فَإِذَا فَعَلَ وَرَبِحَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُسَلِّمُ لَهُ الرِّبْحَ ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ .

وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَهَبَ مَالَ الْيَتِيمِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، وَكَذَا الْأَبُ .
وَلَوْ وَهَبَ إنْسَانٌ لِلصَّغِيرِ هِبَةً فَعَوَّضَ الْأَبُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ ، وَيَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَوَّضَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ .

وَصِيٌّ بَاعَ عَقَارًا لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ ، وَفِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي بِقَضَاءِ الدَّيْنِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ : جَازَ هَذَا الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي .

رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَخَلَفَ صُنُوفًا مِنْ الْعَقَارَاتِ فَبَاعَ الْوَصِيُّ مِنْ الْعَقَارِ صِنْفًا لِلْوَصِيَّةِ قَالُوا : لِلْوَارِثِ أَنْ لَا يَرْضَى إلَّا أَنْ يَبِيعَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الثُّلُثَ مِمَّا يُمْكِنُ بَيْعُ الثُّلُثِ مِنْهُ .

مَدْيُونٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الْوَصِيُّ فَعَمَدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَبَاعَ بَعْضَ التَّرِكَةِ فَقَضَى دَيْنَهُ وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ قَالُوا : الْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي .

وَصِيٌّ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قَالُوا : إنْ كَانَ هَذَا الْوَصِيُّ وَارِثَ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ، وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ ، وَقِيلَ : إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعِبَادِ يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّ لَهَا مُطَالِبًا مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَكَانَ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ لِلَّهِ - تَعَالَى - لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ : لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةً ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا ، وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ لَوْ أَدَّى خَرَاجَ الْمَيِّتِ أَوْ عَشَرَةً مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا .
وَلَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ .

لِلْوَارِثِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ الْمَيِّتِ ، وَأَنْ يُكَفِّنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَرَثَةِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَفِيهِ أَيْضًا الْأَبُ إذَا اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا ، وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى لِيَرْجِعَ لَا يَرْجِعْ ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْوَصِيِّ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي حَالِ الْوَالِدَيْنِ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْقِبْلَةَ فَيُحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ ، وَكَذَا الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيًّا لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ إنْ لَمْ تُشْهِدْ عِنْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ لَا تَرْجِعْ انْتَهَى .

نَقَدَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنَ شَيْءٍ شَرَاهُ لِوَلَدِهِ ، وَنَوَى الرُّجُوعَ يَرْجِعُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً مَا لَمْ يُشْهِدْ ، وَلَوْ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا ، وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لَوْ لَهُ مَالٌ ، وَإِلَّا فَلَا لِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ ، وَلَوْ قِنًّا أَوْ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ رَجَعَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَوْ أَشْهَدَ ، وَإِلَّا لَا .

شَرَى لِوَلَدِهِ ثَوْبًا أَوْ خَادِمًا ، وَنَقَدَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ شَرَاهُ لِيَرْجِعَ ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ حَتَّى مَاتَ يُؤْخَذُ ثَمَنُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَارِثِ لَوْ لَمْ يُشْهِدْ الْمَيِّتُ أَنَّهُ شَرَاهُ لِوَلَدِهِ .
وَلَوْ شَرَى لِصَبِيِّهِ طَعَامًا بِمَالِهِ ، وَلِلصَّبِيِّ مَالٌ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ اسْتِحْسَانًا .

امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ لِصَبِيِّهَا ضَيْعَةً عَلَى أَنْ تَرْجِعَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا ، وَتَكُونُ الْأُمُّ مُشْتَرِيَةً لِنَفْسِهَا إذْ لَا تَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِوَلَدِهَا ثُمَّ يَصِيرُ هِبَةً لِوَلَدِهَا وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ الضَّيْعَةِ عَنْ وَلَدِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ وَاهِبَةً لِلْوَلَدِ وَقَابِضَةً لِأَجْلِهِ .

شَرَى بَيْتًا بِمَالِهِ لِابْنِ ابْنِهِ مَعَ قِيَامِ ابْنِهِ ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فَنَفَذَ عَلَيْهِ .

لَوْ ضَمِنَ الْأَبُ مَهْرَ صَبِيِّهِ فَأَدَّى يَرْجِعُ لَوْ شَرَطَ وَإِلَّا لَا ، وَلَوْ وَلِيًّا غَيْرَهُ أَوْ وَصِيًّا رَجَعَ مُطْلَقًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْمَسَائِلُ الْأَخِيرَةُ مَرَّتْ فِي النِّكَاحِ .

وَفِي الْخُلَاصَةِ : إذَا اشْتَرَى خَادِمًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَشْهَدَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ ، وَلَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْإِشْهَادِ فَفِي بَعْضِهَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الشِّرَاءِ ، وَفِي بَعْضِهَا وَقْتُ نَقْدِ الثَّمَنِ ، وَفِي الْوَصِيِّ يَرْجِعُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يُشْهِدْ الْأَبُ عَلَى الرُّجُوعِ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ وَسِعَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ .

وَفِي الصُّغْرَى الْأَبُ إذَا اشْتَرَى الطَّعَامَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا اسْتِحْسَانًا .
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ الْأَبُ إنْ كَانَ شَيْئًا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً ، وَلَا مَالَ لِلصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ الْأَبُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرَى طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى دَارًا أَوْ ضِيَاعًا إنْ كَانَ الْأَبُ أَشْهَدَ وَقْتَ الشِّرَاءِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَا يَرْجِعُ انْتَهَى .

وَمُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ الْمُوصَى لَهُ عَنْ الْوَرَثَةِ جَائِزَةٌ وَمُقَاسَمَةُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْمُوصَى لَهُ بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ حَتَّى يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُوَرِّثِ ، وَالْوَصِيُّ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ أَيْضًا فَيَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْوَارِثِ إذَا كَانَ غَائِبًا فَصَحَّتْ قِسْمَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَقَدْ هَلَكَ مَا فِي يَد الْوَصِيِّ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُوصَى لَهُ أَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ بِخَلِيفَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ وَلِهَذَا لَا يَرُدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُوصَى فَلَا يَكُونُ الْوَصِيُّ خَلِيفَةً عَنْهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَ لَهُ عِنْدَ الْوَصِيِّ كَانَ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَمْ تَنْفُذْ غَيْرَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ وَلَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ فِي التَّرِكَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا هَلَكَ بَعْضُ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَيَتْوَى مَا تَوِيَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَيَبْقَى مَا يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِحَجَّةٍ فَقَاسَمَ الْوَرَثَةَ فَهَلَكَ مَا فِي يَدِهِ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا لِلثُّلُثِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَإِلَّا يَرْجِعُ بِتَمَامِ الثُّلُثِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ حَقُّ الْمُوصِي وَلَوْ أَفْرَزَ الْمُوصِي بِنَفْسِهِ مَالًا لِيَحُجَّ عَنْهُ فَهَلَكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَكَذَا إذَا أَفْرَزَهُ وَصِيُّهُ الَّذِي قَامَ مَقَامَهُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا مَا بَقِيَ مَحَلُّهَا وَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَطَلَتْ لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ

الْقِسْمَةَ لَا تُرَادُ لِذَاتِهَا بَلْ لِمَقْصُودِهَا وَهُوَ تَأْدِيَةُ الْحَجِّ فَلَمْ تُعْتَبَرْ دُونَهُ وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا الْوَرَثَةُ إلَى الْقَاضِي فَقَسَمَهَا ، وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَقِسْمَتُهُ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ تَصِيرُ الْوَصِيَّةُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ ، وَالْقَاضِي نَصَّبَ نَاظِرًا لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمَوْتَى ، وَالْغُيَّبِ وَمِنْ النَّظَرِ إفْرَازُ نَصِيبِ الْغَائِبِ وَقَبْضُهُ فَنَفِدَ ذَلِكَ وَصَحَّ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ سَبِيلٌ .

وَمَنْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْوَصِيُّ وَيَرْجِعُ فِيمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَالْوَكِيلِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِقَبْضِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَيَرْجِعُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ : أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الثُّلُثِ وَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ قَدْ هَلَكَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا وَفَاءٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ آخَرُ وَإِذَا تَوَلَّى الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ الْبَيْعَ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ فِي إلْزَامِهَا الْقَاضِيَ تَعْطِيلَ الْقَضَاءِ إذْ يَتَحَامَى عَنْ تَقَلُّدِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ حَذَرًا عَنْ لُزُومِ الْغَرَامَةِ فَتُعَطَّلُ مَصْلَحَةُ الْعَامَّةِ وَأَمِينُهُ سَفِيرٌ عَنْهُ كَالرَّسُولِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ .
وَإِنْ قَسَّمَ الْوَصِيُّ الْمِيرَاثَ فَأَصَابَ صَغِيرٌ مِنْ الْوَرَثَةِ عَبْدًا فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَيَرْجِعُ الصَّغِيرُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بِاسْتِحْقَاقِ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

الْقَاضِي إذَا عَزَلَ الثُّلُثَ لِلْوَصِيَّةِ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِمْ حَتَّى هَلَكَ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ أَعْطَى الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ وَهَلَكَ الْبَاقِي يَهْلِكُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ خَاصَّةً هَذِهِ فِي السِّيَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَفِي الْفُصُولَيْنِ أَوْصَى إلَيْهِ بِأَنْ يَبِيعَ قِنَّهُ هَذَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَفَعَلَ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْقِنُّ وَرَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْوَصِيّ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى مَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ لَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْ الْمُنْتَقَى .
وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْأَبُ ، وَالْوَصِيُّ يَرْجِعَانِ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ انْتَهَى .

الْوَصِيُّ إذَا أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَبَلَغَ الْيَتِيمُ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ أَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ خَاصَّةً فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي حَقِّ الْبَرَاءَةِ دُونَ إلْزَامِ الْيَتِيمِ شَيْئًا هَذَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ غَرِيمِ نَفْسِهِ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَيَضْمَنُهُ لِلصَّبِيِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْد أَبِي يُوسُفَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ ، وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ إذَا أَتْلَفَهُ الْوَرَثَةُ ضَمِنُوا قِيمَتَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدٌ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالتَّصَرُّفِ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَنْفَرِدُ بِهَا مِنْهَا تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينَهُ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فِي الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ وَإِعْتَاقُ النَّسَمَةِ وَرَدُّ الْوَدَائِعِ ، وَالْمَغْصُوبِ وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ وَدِيعَةِ الْمَيِّتِ وَلَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْخُصُومَةِ فِي حُقُوقِ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاس وَعِنْدَهُمْ وَيَنْفَرِدُ بِقَبُولِ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ وَبِقِسْمَةِ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَبِإِجَارَةِ الْيَتِيمِ لِعَمَلٍ يَتَعَلَّمُهُ وَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِبَيْعِ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى ، وَالتَّلَفَ كَالْفَوَاكِهِ وَنَحْوِهَا وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْفَقِيرَ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَإِنْ عَيَّنَ الْفَقِيرَ يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْكُلِّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمِسْكِينَ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّنْفِيذِ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَإِنْ عَيَّنَ الْمِسْكِينَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْكُلِّ وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ هَذِهِ إحْدَاهُمَا ، وَالثَّانِيَةُ رَجُلَانِ ادَّعَيَا صَغِيرًا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ لِهَذَا الْوَلَدِ مَالُ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ لَهُ مِنْ أَمَةٍ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَخُوهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ .
وَالثَّالِثَةُ : لَقِيطٌ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى

أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِمَا فَإِنْ وُهِبَ لِهَذَا اللَّقِيطِ هِبَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَهَذَا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا جُمْلَةً فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَوْصَى إلَى أَحَدِهِمَا ، ثُمَّ أَوْصَى إلَى الْآخِرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى كُلِّ حَالَ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ .

رَجُلٌ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ نَحْوَ التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ وَجَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ آخَرَ بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي قَضَاءِ مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ ، وَقَالَ لِلْآخَرِ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مَا لِي أَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا وَصِيًّا بِأَمْرِ هَذَا الْوَلَدِ فِي نَصِيبِهِ وَجَعَلَ الْآخَرَ وَصِيًّا فِي نَصِيبِ وَلَدٍ آخَرَ مَعَهُ أَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ إلَى فُلَانٍ بِتَقَاضِي دَيْنِي وَلَمْ أُوصِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَالَ : أَوْصَيْتُ بِجَمِيعِ مَالِي فُلَانًا آخَرَ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ يَكُونُ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيٌّ فِيمَا أَوْصَى إلَيْهِ لَا يَدْخُلُ الْآخَرُ مَعَهُ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِمِيرَاثِهِ فِي بَلَدِ كَذَا إلَى رَجُلٍ وَبِمِيرَاثِهِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى إلَى آخَرَ ، وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ رَجُلًا وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ وَجَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ وَجَعَلَ الْآخَرَ وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا فِيمَا أَوْصَى إلَى الْآخَرِ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا شَرَطَ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ .

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ الْحَيُّ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَيُطْلِقُ التَّصَرُّفَ فَعَلَ ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ رَجُلًا آخَرَ مَكَانَ الْمَيِّتِ فَعَلَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ الْحَيُّ بِالتَّصَرُّفِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ .
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ الْحَيَّ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَلَوْ فَعَلَ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْحَيِّ بِإِطْلَاقِ الْقَاضِي وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا هَذِهِ ، وَالثَّانِيَةُ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَبِلَ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخِرُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ الْقَابِلُ بِالتَّصَرُّفِ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ .
وَالثَّالِثَةُ : إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَفَسَقَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ وَصِيًّا آخَرَ وَاسْتَبْدَلَ الْفَاسِقَ ، ثُمَّ الْعَدْلُ لَا يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ وَحْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ .

رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَعَلَيْهِ لِلنَّاسِ دُيُونٌ وَتَرَكَ أَمْوَالًا وَوَرَثَةً فَأَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ وَإِلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بَيِّنَةَ هَذَا الرَّجُلِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ وَحَقُّهُ مُتَّصِلٌ بِحَقِّ الْغَائِبِ فَيَصِيرُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَصَارَا وَصِيَّيْنِ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْحَاضِرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ مَا لَمْ يَحْضُرْ إلَّا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ .

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ مَأْمُورٌ بِالتَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَلَوْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْآخَرُ وَلَا يَقْتَسِمَانِ مَالَ الْيَتِيمَيْنِ لِمَا قُلْنَا يَتِيمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيٌّ اقْتَسَمَ الْوَصِيَّانِ مَالَهُمَا لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُمَا كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْمَالَ مِنْ الْمُوصِي الْآخَرِ .

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَمَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَقَضَى الْوَصِيَّانِ دَيْنَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ ، ثُمَّ شَهِدَا لَهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَضْمَنَانِ مَا دَفَعَا إلَى الْمُدَّعِي لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَلَوْ شَهِدَا لَهُ أَوَّلًا ، ثُمَّ أَمَرَهُمَا الْقَاضِي بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَقَضَيَا دَيْنَهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الضَّمَانُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الْوَارِثَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ الدَّفْعِ وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِشُهُودٍ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْبَعْضِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي دَيْنَ الْبَعْضِ لَا يَضْمَنُ ، وَالْغَرِيمُ الْآخَرُ يُشَارِكُ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ .

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ وَأَوْصَى إلَى صَاحِبِهِ جَازَ وَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فِي حَيَاتِهِمَا جَازَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ .

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ وَفِي يَدِهِ وَدَائِعُ لِلنَّاسِ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ أَوْ قَبَضَهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدُونِ أَمْرِ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ بِدُونِ أَمْرِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ الْهَلَاكَ عَلَى الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيعَةٌ فَدَفَعَ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ إلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَارِثَ وَلَيْسَ هَذَا كَأَخْذِ الْمَالِ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ فِي يَدِ غَاصِبٍ فَإِنَّ أَحَدَ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ مِنْ الْمُودِعِ ، وَالْغَاصِبِ إلَّا أَنَّ فِي الْغَصْبِ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَأْمُونٌ ثِقَةٌ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْغَاصِبِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَفِي الْوَدِيعَةِ يَتْرُكُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُودِعِ .

وَصِيَّانِ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا حَمَّالِينَ لِحَمْلِ الْجِنَازَةِ إلَى الْمَقْبَرَةِ ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ أَوْ اسْتَأْجَرَ ذَلِكَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ بِحَضْرَةِ الْوَصِيَّيْنِ وَهُمَا سَاكِتَانِ جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْكَفَنِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِالْحِنْطَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَبْلَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ لَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ جَازَ دَفْعُهُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ حِنْطَةً فَتَصَدَّقَ بِهَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ الْمُعْطِي قَالَ الْفَقِيهُ آخُذُ فِي هَذَا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ وَدَفَعَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إلَى الْيَتِيمِ جَازَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ لَا يَشْتَرِي أَحَدُهُمَا إلَّا بِأَمْرِ الْآخَرِ .

وَلَوْ أَنَّ مَيِّتًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَدْ كَانَ بَاعَ عَبْدًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا قَبْضُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يُودِعَ مَا صَارَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَبِالْإِعْتَاقِ فَأَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالشِّرَاءِ وَبَعْدَمَا اشْتَرَيَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْتِقَ .

رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ ، وَقَالَ لَهُ : اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ ، وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِ فُلَانٍ .
وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْوَجْهَيْنِ : الْوَصِيُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كِلَاهُمَا وَصِيَّانِ كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ الْوَصِيُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ وَفِي قَوْلِهِ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِ فُلَانٍ هُمَا وَصِيَّانِ وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا الْقَوْلَ فَقَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ فَقَالَ : بِعْهُ بِشُهُودٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ جَازَ وَلَوْ قَالَ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ كَذَا هَذَا وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ، وَقَالَ لَهُ : اعْمَلْ بِعِلْمِ فُلَانٍ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِدُونِ عِلْمِهِ وَلَوْ قَالَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِعِلْمِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ عِلْمِ فُلَانٍ ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ .

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ عَلَيْهِ مُشْرِفًا عَلَيْهِ ذَكَر النَّاطِفِيُّ أَنَّهُمَا وَصِيَّانِ كَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْتُكُمَا وَصِيَّيْنِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِمَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا وَثَمَرَةُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ ( الْأُولَى ) : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِي لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقَا ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ .
( الثَّانِيَةُ ) : إذَا خَصَّ الْقَاضِي وَصِيَّهُ تَخَصَّصَ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ .
( الثَّالِثَةُ ) إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ فِي الْأُولَى .
( الرَّابِعَةُ ) : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَجِّرَ الصَّغِيرَ لِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
( الْخَامِسَةُ ) : لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلَ الْكَافِيَ وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ .
( السَّادِسَةُ ) : لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ ، وَالسِّجِلَّاتِ .
( السَّابِعَةُ ) : يَعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يَعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ .
( الثَّامِنَةُ ) وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ قُلْتُ وَنَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ أَيْضًا فِيمَا مَرَّ وَفِي الْخِزَانَةِ وَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً انْتَهَى وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلْيَتِيمِ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ إذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَامًا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا فَإِنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ كَانَ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي نَوْعٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا .

وَصِيُّ الْأَبِ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَا أَوْصَى هُوَ بِوَصِيَّةٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ وَصَّى بِوَصِيِّهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَتَاعِ ، وَالْعُرُوضِ ، وَالْعَقَارِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَمَّا بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَلِأَنَّ مَا سِوَى الْعَقَارِ يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَعَسَى يَكُونُ حِفْظُ الثَّمَنِ لَهُ أَيْسَرُ وَيَبِيعُ الْعَقَارَ أَيْضًا فِي جَوَابِ الْكِتَابِ .
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ : مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ السَّلَفِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَّا بِشَرَائِطَ أَنْ يَرْغَبَ إنْسَانٌ فِي شِرَائِهَا بِضَعْفِ قِيمَتِهَا أَوْ يَحْتَاجُ الصَّغِيرُ إلَى ثَمَنِهَا لِنَفَقَتِهِ أَوْ يَكُونُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا بِثَمَنِهَا أَوْ يَكُونُ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ يَحْتَاجُ فِي تَنْفِيذِهَا إلَى ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَكُونُ بَيْعُ الْعَقَارِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ خَرَاجُهَا وَمُؤَنُهَا تَرْبُو عَلَى غَلَّاتِهَا أَوَكَانَ الْعَقَارُ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُرِيدُ أَنْ يُنْقَضَ وَيَتَدَاعَى إلَى الْخَرَابِ فَإِنْ وَقَعَتْ الْحَاجَةُ لِلصَّغِيرِ إلَى أَدَاءِ خَرَاجِهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي التَّرِكَةِ مَعَ الْعَقَارِ عُرُوضٌ يَبِيعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ لَا تَنْدَفِعُ بِمَا سِوَى الْعَقَارِ حِينَئِذٍ يَبِيعُ الْعَقَارَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبَنٍ يَسِيرٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ الْحَطُّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ .
وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ هَذَا إذَا كَانَتْ

الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا وَهُمْ حُضُورٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِأَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ غُيَّبًا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ الْعَقَارَ وَيَجُوزُ بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ ، وَبَيْعُ الْعُرُوضِ يَكُونُ مِنْ الْحِفْظِ أَمَّا الْعَقَارُ فَهِيَ مَحْفُوظَةٌ بِنَفْسِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَقَارُ بِحَالٍ يَهْلِكُ لَوْ لَمْ يَبِعْ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلَّهُمْ بَعْضُهُمْ غَائِبٌ ، وَالْبَاقِي حُضُورٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الْغَائِبِ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ لِلدَّيْنِ عُرُوضًا كَانَ أَوْ عَقَارًا فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ مَلَكَ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا مَلَكَ ذَلِكَ مَلَكَ بَيْعَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِقَدْرِ مَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْكُلِّ ، وَإِذَا مَلَكَ بَيْعَ الْبَعْضِ يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَاحِدٌ ، وَالْبَاقِي كِبَارٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ ، وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الصَّغِيرِ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِذَا بَاعَ الْكُلَّ جَازَ بَيْعُهُ فِي الْكُلِّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْكِبَارِ ، وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ

لِلْوَصِيِّ بَيْعُ بَعْضِ التَّرِكَةِ يَثْبُت لَهُ وِلَايَة بَيْع الْكُلّ وَوَصِيّ الْأَب يَكُون بِمَنْزِلَةِ الْأَب وَكَذَلِكَ وَصِيّ الْجَدّ يَكُون بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْأَب وَوَصِيّ وَصِيّ الْجَدّ بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْجَدّ وَوَصِيّ وَصِيّ الْقَاضِي يَكُون بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْقَاضِي إذَا كَانَ عَامًا وَأُمًّا وَصِيّ الْأُمّ وَوَصِيّ الْأَخ إذَا مَاتَتْ الْأُمّ وَتَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا وَأَوْصَتْ إلَى رَجُل أَوْ مَاتَ الرَّجُل وَتَرَك أَخَا صَغِيرًا وَأَوْصَى إلَى رَجُل يَجُوز بَيْع هَذَا الْوَصِيّ فِيمَا سِوَى الْعَقَار مِنْ تَرِكَة الْمَيِّت وَلَا يَمْلِك بَيْع الْعَقَار ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِك إلَّا الْحِفْظ وَبَيْع مَا سِوَى الْعَقَار مِنْ الْحِفْظ وَلَا يَجُوز لِهَذَا الْوَصِيّ أَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا لِلصَّغِيرِ إلَّا الطَّعَام ، وَالْكِسْوَة ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة حِفْظِ الصَّغِير مِنْ قَاضِي خَانَ وَصِيّ الْأَخ ، وَالْأُمّ ، وَالْعَمّ لَهُمْ بَيْع الْمَنْقُول وَغَيْره لِلدِّينِ ، وَالْبَاقِي لِلْيَتِيمِ ، ثُمَّ لَوْ كَانَ لَهُ أَب حَاضِرًا وَوَصِيّه أَوْ وَصِيّ وَصِيّه أَوْ أَب الْأَب فَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمّ تَصْرِف فِيمَا تَرَكَتْهُ الْأُمّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْهُمْ فَلَهُ الْحِفْظ وَبَيْع الْمَنْقُول مِنْ الْحِفْظ وَلَيْسَ لَهُ بَيْع عَقَاره وَلَا وِلَايَة الشِّرَاء عَلَى التِّجَارَة إلَّا شِرَاء مَا لَا بُدّ مِنْهُ مِنْ نَفَقَة أَوْ كِسْوَة وَمَا مُلِّكَهُ الْيَتِيم مِنْ مَال غَيْر تَرِكَة أُمّه فَلَيْسَ لِوَصِيِّ أُمّه التَّصَرُّف فِيهِ مَنْقُولًا أَوْ غَيْره ، وَالْأَصْل فِيهِ إنَّ أُضَعَّف الْوَصِيِّينَ فِي أَقْوَى الْحَالَيْنِ كَأَقْوَى الْوَصِيِّينَ فِي أُضَعَّف الْحَالَيْنِ وَأُضَعَّف الْوَصِيِّينَ وَصِيّ الْأُمّ ، وَالْأَخ ، وَالْعَمّ وَأَقْوَى الْحَالَيْنِ حَالَ صِغَر الْوَرَثَة وَأَقْوَى الْوَصِيِّينَ وَصِيّ الْأَب ، وَالْجَدّ ، وَالْقَاضِي وَأُضَعَّف الْحَالَيْنِ حَالَ كَبَّرَ الْوَرَثَة ، ثُمَّ وَصِيّ الْأُمّ حَالَ صِغَر الْوَرَثَة كَوَصِيِّ الْأَب فِي حَالَ كَبَّرَ الْوَرَثَة عِنْد غِيبَة الْوَرَثَة فَلِلْوَصِيِّ بَيْع مَنْقُوله لَا عَقَاره كَوَصِيِّ الْأَب حَالَ كَبَّرَهُمْ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَإِذَا مَاتَ الْوَصِيُّ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَإِنْ قَالَ الَّذِي أَوْصَى إلَيْهِ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي مَالِي وَمَالِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ يَكُونُ وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَنَا وَإِنْ قَالَ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي تَرِكَتِي فَهُوَ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا هُوَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَةِ نَفْسِ الْوَصِيِّ دُونَ الْوَصِيِّ الْأَوَّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَلَا يَجُوزُ لِلْأُمِّ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الِابْنِ هَذِهِ فِي اللَّقِيطِ مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَالْأَخُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ وَيَمْلِكُ قِسْمَةَ الصَّدَاقِ ضَرُورَةً هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْهَا .
وَفِي الْقُنْيَةِ دَفَعَتْ أُمُّ الْيَتِيمِ ثَوْرَهُ إلَى رَجُلٍ يُرَوِّضُهُ مَجَّانًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ ؛ لِأَنَّ رِيَاضَةَ ثَوْرِهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ انْتَهَى .

الْوَصِيُّ لَوْ بَاعَ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمُحَابَاةِ قَلِيلَةٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ جَازَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ الْجَدُّ الْفَاسِدُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَيْسَ كَأَبٍ الْأَبِ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ هَذِهِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

رَجُلٌ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ فَبَاعَتْ امْرَأَتُهُ دَارًا مِنْ تَرِكَتِهِ وَكَفَّنَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَالْبَيْعُ فِي نَصِيبِهَا جَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَفَّنَتْ بِكَفَنِ مِثْلِهِ تَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَفَّنَتْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا تَرْجِعُ وَلَا تَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إنَّهَا تَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ وَكَفَنُ الْمِثْلِ ثِيَابُهُ لِخُرُوجِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يُوَافِقُ هَذَا مِنْ الْخُلَاصَةِ .

إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَأَبًا لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ كَانَ الْأَبُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ فِي حِفْظِ التَّرِكَةِ ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا أَيَّ تَصَرُّفٍ كَانَ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ كَثِير فَإِنَّ الْأَبَ جَدُّ الصِّغَارِ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ ، وَالشِّرَاءَ فَتَصَرَّفَ الِابْنُ وَرَكِبَتْهُ الدُّيُونُ ، ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ وَتَرَكَ أُمًّا فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي تَرِكَتِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ .

وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا بَاعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ جَازَ بَيْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَكِنْ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ فَبَاعَ الْوَصِيُّ كُلَّ التَّرِكَةِ نَفَذَ بَيْعُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَأَبِ الْمَيِّتِ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ وَأَبُ الْمَيِّتِ وَهُوَ جَدُّ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ لِأَجْلِ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لِوَلَدِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذِهِ فَائِدَةٌ تُحْفَظُ عَنْ الْخَصَّافِ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَقَامَ الْجَدَّ مَقَامَ الْأَبِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَصِيًّا وَأَبًا كَانَ الْوَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَالْأَبُ أَوْلَى ، ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ قَالَ فَوَصِيُّ الْجَدِّ ، ثُمَّ وَصِيُّ الْقَاضِي قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ يُفْتِي صَغِيرٌ وَرِثَ مَالًا وَلَهُ أَبٌ مُسْرِفٌ وَمُبَذِّرٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَجْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْحَجْرَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ فِي الْمَالِ لِلْأَبِ .

إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى الْيَتِيمِ مَالَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَأَشْهَدَ الْيَتِيمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ تَرِكَةِ وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عِنْدَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ إلَّا اسْتَوْفَاهُ ، ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا ، وَقَالَ هُوَ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ .

رَجُلٌ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ جَازَ وَيَصِيرُ قَابِضًا .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا بِهَذَا الْقَدْرِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لِابْنِهِ شَيْئًا بِمَالِ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا ، وَقَالَ قَبَضْتُ هَذَا لِابْنِي فَإِنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا لِابْنِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ دَيْنٌ عَلَى أَبِيهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ قَضَاءً إلَّا إذَا شَهِدَ فَقَالَ شَرَيْتُ لِوَلَدِي لِأَقْضِيَ ثَمَنَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيَّ ، وَالْمَدْيُونُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْأَدَاءِ وَكَذَا لَوْ أَلْبَسهُ مِنْ ثَوْبِهِ أَوْ أَطْعَمَهُ مِنْ خُبْزِهِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ يَجُوزُ لِلْأَبِ شِرَاءُ مَالِ طِفْلِهِ لِنَفْسِهِ بِيَسِيرِ غَبْنٍ لَا بِفَاحِشٍ وَلَمْ يَجُزْ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ جَازَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَيَصِحُّ لِلْأَبِ بَيْعُ مَالِهِ مِنْ ابْنِهِ لَوْ لَمْ يَضُرَّ وَلَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي بَيْعُ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ إذْ الْجَوَازُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ وَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ .
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى إبِلًا مِنْ الصَّدَقَةِ فَأَعْجَبَتْهُ فَأَقَامَهَا فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا بِأَقْصَى ثَمَنٍ بَلَغَ فَعَابَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَقَالَ هَلْ رَأَيْتَ عُمَرَ صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ؟ وَكَانَ هَذَا أَوَّلُ أَمْرٍ عِيبَ عَلَى عُثْمَانَ وَقِيلَ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُنْتَقَى أَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ كَشِرَاءِ الْوَصِيِّ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ نَظَرَ فَلَوْ خَيْرًا أَجَازَهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَاضِي مَالَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَكَذَا تَزْوِيجُ الْيَتِيمَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ ابْنِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا شَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ الْيَتِيم وَقَبِلَ وَصِيِّهِ فَإِنَّهُ يَجُوز وَلَوْ

وَصِيًّا مِنْ جِهَة هَذَا الْقَاضِي .
وَفِي الزِّيَادَاتِ وَيَجُوز بَيْع الْقَاضِي مَال أَحَد الْيَتِيمَيْنِ مِنْ الْآخِر لَا بَيْع الْوَصِيّ بِالْإِجْمَاعِ .
وَفِي فَتَاوَى رَشِيد الدِّين جَازَ لِلْأَبِ لَا لِلْقَاضِيَّ بَيْع مَال أَحَد الصَّغِيرَيْنِ مِنْ الْآخِر .

بَيْعُ الْأَبِ مَالَ طِفْلِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : فَإِنَّ الْأَبَ إمَّا عَدْلٌ أَوْ مَسْتُورُ الْحَالِ أَوْ فَاسِقٌ فَجَازَ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ إذْ لِلْأَبِ شَفَقَةٌ وَلَمْ يُعَارِضْ هَذَا الْمَعْنَى مَعْنًى آخَرُ فَكَانَ هَذَا الْبَيْعُ نَظَرًا ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ عَقَارِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَفِيمَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لَوْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ بُلُوغِهِ ضَاعَ ثَمَنُهُ أَوْ أَنْفَقْتُهُ عَلَيْك وَذَلِكَ نَفَقَةُ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ صُدِّقَ .

الْأُمُّ لَوْ بَاعَتْ مَالَ صَبِيِّهَا أَوْ مَتَاعَ زَوْجِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ وَلِزَوْجِهَا صِغَارٌ ، ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَكُنْ وَصِيَّةً لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُوقَفُ بَيْعُهَا إلَى بُلُوغِ الصِّغَارِ فَبَعْدَهُ لَوْ صَدَّقُوهَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ جَازَ بَيْعُهَا وَإِلَّا بَطَلَ وَلَوْ سَرَقْنَ الْمُشْتَرِيَ أَرْضًا شَرَاهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ وَلَوْ ادَّعَى الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً لَمْ يُسْمَعْ لَوْ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِ الْأَرْضِ تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تُضَمِّنُ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْعَقَارِ بِبَيْعٍ وَتَسْلِيمٍ وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَهُ مِنْ وَلَدِهِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا لِوَلَدِهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهِ حَقِيقَةً يَهْلِكُ عَلَى الْوَلَدِ وَلَوْ شَرَى مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الثَّمَنِ حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَكِيلًا لِوَلَدِهِ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَى الْأَبِ يَتِمُّ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ بِعْتُ هَذَا بِكَذَا مِنْ وَلَدِي وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ قَبِلْتُ وَكَذَا الشِّرَاءُ وَلَوْ وَصِيًّا لَمْ يَجُزْ فِي الْوَجْهَيْنِ مَا لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ .

وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بَاعَ مَالَ صَبِيٍّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَبَلَغَ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ وَكَذَا لَوْ شَرَاهُ الْأَبُ لِنَفْسِهِ فَبَلَغَ تَرْجِعُ الْعُهْدَةُ مِنْ قِبَلِ الْوَلَدِ إلَى أَبِيهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَصِيٌّ أَخَذَ أَرْضَ الْيَتِيمِ مُزَارَعَةً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَصِيرُ مُؤَاجِرًا نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْوَصِيِّ كَانَتْ مُزَارَعَةً ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ لَوْ زَرَعَ الْوَصِيُّ بَذْرَ الْيَتِيمِ ، وَأَشْهَدَ عِنْدَ زَرْعِهِ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ بَذْرَهُ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِنَفْسِهِ فَلَوْ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ وَمِثْلُ الْبَذْرِ لَهُ ، وَالزَّرْعُ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ خَيْرًا جُعِلَ الزَّرْعُ لِلْيَتِيمِ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ بَذْرَهُ وَزَرْعَهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَالزَّرْعُ لِلْوَصِيِّ وَصَدَقَ أَنَّهُ زَرَعَهُ لِنَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ زَرَعَ بَذْرَ نَفْسِهِ فِي أَرْضِ الْيَتِيمِ أَمَّا لَوْ زَرَعَ بَذْرَ الْيَتِيمِ فِي أَرْضِ الْيَتِيمِ فَلَوْ فِيهِ رِبْحٌ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ زَرَعَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِخَلْطِ مَالِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَلَهُ أَنْ يَخْلِطَ طَعَامَهُ بِطَعَامِهِ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِيهِ أَيْضًا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِمَوْتِهِ مُجْهَلًا وَلَوْ خَلَطَ بِمَالِهِ فَضَاعَ ضَمِنَ وَقَبْلُ لَا يَضْمَنُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْأَشْبَاهِ حَيْثُ قَالَ ، وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ بِمَالِهِ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى .
وَكَذَا الْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .

لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأَيْتَامِ أَنْ يَخْلِطَ مَا وَرِثُوا مِنْ مُوَرِّثٍ وَاحِدٍ وَأَكْثَرَ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَ فِي الْمُصَاهَرَاتِ بَيْنَ الْيَتِيمَةِ أَوْ الْيَتِيمِ وَغَيْرُهُ فِي ثِيَابِ الْخَاطِبِ أَوْ الْخَطِيبَةِ ، وَالضِّيَافَاتِ الْمُعْتَادَةِ ، وَالْهَدَايَا الْمَعْهُودَةِ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَالِ الْيَتِيمَةِ ، وَالْيَتِيمِ مِمَّا هُوَ مُتَعَارَفٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا بُدٌّ لَوْ خَلَطَ الْوَصِيُّ النَّفَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ لِلصَّبِيِّ فِي مَالِهِ يَجُوزُ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَذِنَ الْقَاضِي فِيهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِوَصِيِّ الْأَيْتَامِ أَنْ يَخْلِطَ نَفَقَتَهُمْ فَيُنْفِقَهَا عَلَيْهِمْ جُمْلَةً إذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ اتَّحَدَ مُوَرِّثُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَ .

وَصِيٌّ يُنْفِقُ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ مَرَقَتِهِ وَخُبْزِهِ حَتَّى بَلَغَ فَوَضَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِالرُّجُوعِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ فَلَهُ أَنْ يُرْجِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُنْفِقُ أَبًا لَمْ يَرْجِعْ وَفِي الْمُحِيطِ فِي الْوَصِيِّ اخْتِلَافٌ .

اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا صَارَ لَهُ مَالٌ ، وَالدَّائِنُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَصِيِّ وَكَذَا الِاسْتِقْرَاضُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ .

فِي يَدِ الْأَبِ تَرِكَةُ أُمِّ الصَّغِيرِ ادَّعَى الْأَبُ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ فِي صِغَرِهِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا كَانَ أَشْهَدَ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ قَالَ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ إنِّي بِعْتُ أَرْضَهُ وَأَنْفَقْتُ ثَمَنَهَا عَلَيْهِ قَالَ الدِّيرِيُّ صُدِّقَ فِي الْهَلَاكِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو ذَرٍّ وَالشَّيْخُ الْبَقَّالِيُّ يُصَدَّقُ قَوْلُهُ : بِعْتُ دَارِهِ أَوْ الْقَاضِي إذْ لَا وَلِيَّ لَهُ .

أَنْفَقَ مَهْرَ زَوْجَتِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ بَعْدَ مَوْتِهَا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ .

أَنْفَقَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَا يُصَدَّقُ أَبُو حَامِدٍ يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنِ الْقَاضِي قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَالْمُخْتَارُ مَا فِي وَصَايَا الْمُحِيطِ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ خَمْسَمِائَةٍ مِنْهَا نَفَقَةُ مِثْلِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا فَأَطْعَمَهُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ أَوْ أَلْبَسهُ فَاسْتَحْسَنْتُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْكَبِيرِ ضَمَانٌ ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَاتَ وَتَرَكَ طَعَامًا وَدَقِيقًا وَسَمْنًا ، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ وَفِيهِمْ امْرَأَةٌ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ يَأْكُلُوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَيَأْخُذُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَمَا أَنْفَقَ الْكِبَارُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى الصِّغَارِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيِّ ضَمِنُوا حِصَّةَ الصِّغَارِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى مَا مَرَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ الْقُنْيَةِ .

لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا يُسْرِفُ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي وَقِيلَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ .

لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبُهُ كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ .

لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا إلَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا مِنْ الْأَشْبَاهِ .

اسْتَهْلَكَ مَالَ الْيَتِيمِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَخْرُجُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَيَجْعَلُ غَيْرَهُ وَصِيًّا فَيَدْفَعُ الضَّمَانَ إلَيْهِ ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ مِنْهُ الْوَصِيُّ .
وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ إذَا بَاعَ وَصِيُّ الْقَاضِي مِيرَاثًا لِلْيَتِيمِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَصَرَفَهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ ، ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ يُنْفِقُ عَلَى الْيَتِيمِ وَيُطْعِمُهُ مَعَ سَائِرِ عِيَالِهِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ قَالَ هَذَا كَبِيرَةٌ لَا تَحِلُّ لَهُ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ بِهَذَا الطَّعَامِ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ وَأَنْفَقَهُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَ ذَلِكَ لِلْيَتِيمِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَكْبُرَ الْيَتِيمُ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ .
وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ اشْتَرَى لِلْيَتِيمِ مَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِلْيَتِيمِ ، ثُمَّ يَقُولُ لِلشُّهُودِ كَانَ لِلْيَتِيمِ عَلَيَّ كَذَا فَإِنِّي أَنَا أَشْتَرِي هَذَا الْمَالَ لَهُ فَيَصِيرُ قِصَاصًا وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَحْضُرَ إلَى الْقَاضِي فَيُخْبِرَهُ بِمَا فَعَلَهُ فَيَضْمَنُهُ الْقَاضِي فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى الْمَالِ فَحِينَئِذٍ يَشْتَرِي طَعَامًا أَوْ شَيْئًا لِلْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ .

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَا لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عَبْدًا بِكَذَا دِرْهَمًا وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى الْمَيِّتُ الْمُوصِي فَأَرَادَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْعَبْدَ بِمَا سَمَّى الْمُوصِي قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ : إنْ كَانَ الْمُوصِي فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ شِرَاءُ هَذَا الْوَصِيِّ مِنْ صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعَبْدِ عَبْدَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ، ثُمَّ يَشْتَرِيَانِ جَمِيعًا لِلْمَيِّتِ فَهَذَا أَصْوَبُ .

وَصِيٌّ بَاعَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِإِنْفَاذِ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فَجَحَدَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ فَحَلَّفَهُ الْوَصِيُّ فَحَلَفَ ، وَالْوَصِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي يَمِينِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْوَصِيِّ إنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ بَيْنَكُمَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا بِالْخَطَرِ ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ كَانَ فَسْخُهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ فَيَلْزَمُ الْوَصِيَّ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا حَقِيقَةً وَإِذَا فَسَخَ الْقَاضِي لَمْ تَكُنْ إقَالَةً فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ .

امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ : إلَى مَنْ تُسَلِّمُ أَوْلَادِي فَقَالَ الزَّوْجُ إلَيْكِ وَأُسَلِّمُكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ نُصَيْرٌ تَصِيرُ الْمَرْأَةُ وَصِيًّا لِلْأَوْلَادِ .

وَصِيٌّ شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حُكِيَ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَسَعُ الْوَصِيَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَإِنْ خَافَ الْوَصِيُّ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَسِعَهُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ قِيلَ إنْ كَانَ مَالُ الْمُدَّعِي جَارِيَةً بِعَيْنِهَا يَعْلَمُ الْوَصِيُّ أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي ، وَإِنَّ الْمَيِّتَ كَانَ غَصَبَهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَدْفَعُهَا إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَ يَصِيرُ غَاصِبًا ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ .

الْوَارِثُ إذَا تَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ الْمُوصَى بِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ .

لَوْ اتَّخَذَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ دَعْوَةً مِنْ التَّرِكَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْآخَرِينَ وَأَكَلَهُ النَّاسُ ، ثُمَّ قَدِمَ الْبَاقُونَ وَأَجَازُوا مَا صَنَعَ ، ثُمَّ أَرَادُوا ضَمَانَ مَا أَتْلَفَ لَهُمْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ ، ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ رَضِيتُ بِمَا صَنَعْتَ أَوْ أَجَزْتُ مَا صَنَعْتَ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ .

أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ إذَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَدْيُونِ حِصَّتَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَنْ يَضْمَنُوهُ وَحِصَّتُهُمْ ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ مَعَهُ قِيلَ إذْ لَيْسَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الشَّرْعِ قُلْنَا لَا يَضْمَنُ بِالْقَبْضِ ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَذَا قَالَ الْقَاعِدِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْوَضْعِ هَلَكَ وَلَمْ يَقُلْ اسْتَهْلَكَ فَلَا يَصِحُّ الْجَوَابُ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى بَعْضِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ بِحِصَّتِهِ انْتَهَى .

أَوْصَى إلَى وَارِثِهِ أَنْ يَصْرِفَ ثُلُثَ مَالِهِ إلَى الْمَسَاكِينِ وَأَمْوَالُهُ عَقَارٌ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَيَسْتَبْقِي الْأَعْيَانَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِمِائَةٍ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِمِائَةٍ أَوْ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ أَوْ مِثْلِهَا جَازَ وَلَوْ حَطَّ الْمُوصِي بِهِ الْبَعْضَ وَأَخَذَ الْبَعْضَ جَازَ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسَاكِينِ بِمِائَةٍ فَصَالَحَ الْوَصِيَّ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ بِعَشَرَةٍ لَمْ يَجُزْ قِيَاسًا وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَشَرَةَ .
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ لَهُمْ الْعَشَرَةُ وَيُؤَدِّي لَهُمْ الْوَصِيُّ تِسْعِينَ إلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ صَالَحَهُمْ عَلَى ثَوْبٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ لَمْ يَجُزْ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مِنْهُمْ .

أَوْصَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا إلَى مَصَارِفَ مُعَيَّنَةٍ وَنَصَّبَتْ وَصِيًّا وَمَاتَتْ وَوَارِثُهَا غَائِبٌ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ إلَى مَصَارِفِهِ إلَّا فِي الْمَكِيلِ ، وَالْمَوْزُونِ مِنْ الْقُنْيَةِ .

أَوْصَى إلَى مَسَاكِينِ الْكُوفَةِ فَصَرَفَهُ الْوَصِيُّ إلَى غَيْرِهِمْ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَره فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .

الْأَبُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا ، وَالْوَصِيُّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَّا إذَا كَانَتْ لَهُ أُجْرَةٌ فِي ذَلِكَ فَيَأْكُلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

الْقَاضِي إذَا نَصَّبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ أَيْتَامٍ ، وَالتَّرِكَةُ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي وِلَايَتِهِ ، وَالْأَيْتَامُ لَمْ يَكُونُوا فِي وِلَايَتِهِ أَوْ كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ ، وَالْبَعْضُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَصِيرُ الْوَصِيُّ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ أَيْنَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ وَكَانَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيُّ يَقُولُ مَا كَانَ أَبْنَاءُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ يَصِيرُ وَصِيًّا فِيهِ وَمَا لَا فَلَا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النَّصْبِ كَوْنُ الْيَتِيمِ فِي وِلَايَتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ قَالَ وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يَقُولُ إنَّ الْقَاضِيَ إذَا نَصَّبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَةٍ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ فَتْوَى مَشَايِخِ مَرْوَ .

الْغَرِيمُ إذَا أَثْبَتَ الدَّيْنَ عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ يَبِيعُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَيَقْضِي بِالْحِصَّةِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ بِبَيْعِ نَصِيبِ غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ الدَّيْنَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكُ الْوَارِثِ الْآخَرِ .

ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا ، وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ غُيَّبٌ ، وَالصَّبِيُّ حَاضِرٌ يُنَصِّبُ الْقَاضِي عَنْ الصَّغِيرِ وَكِيلًا يُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا قَضَى عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ غَيْرَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ فَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَرَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ وَأَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ .

رَجُلٌ اسْتَبَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ الْوَصِيِّ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْلَأَ مِنْ الثَّانِي بِبَيْعِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مَالَ الْيَتِيمِ بِثَمَانِيَةٍ ، وَالْآخَرُ يَسْتَأْجِرُ بِعَشَرَةٍ ، وَالْأَوَّلُ أَمْلَأُ يُؤَجَّرُ مِنْ الْأَوَّلِ .

إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ دَيْنٌ فَصَالَحَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى بَعْضٍ وَحَطَّ عَنْهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ بِمَقَالَةِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ يَصِحُّ الْحَطُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ كَالْوَكِيلِ إذَا أَبْرَأَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَقَالَتِهِ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ ، وَالْقَاضِي إذَا أَخَّرَ دَيْنَ الْيَتِيمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ تَوَلَّى الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَوَلَّاهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَضْمَنُ .

الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ، ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ .

إذَا اشْتَرَى الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ ، ثُمَّ قَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَنْظُرُ لِلْيَتِيمِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا .

رَجُلٌ أَمَرَ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ بِقِيمَتِهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنَّ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِهَذَا الثَّوْبِ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَمْسِكَهُ لِلْوَرَثَةِ وَيَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا الثَّوْبِ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ .

لَا يَصِيرُ الْأَبُ غَاصِبًا بِأَخْذِ مَالِ وَلَدِهِ وَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَوْ مُحْتَاجًا وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ لِحِفْظِهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَتْلَفَهُ بِلَا حَاجَةٍ لَوْ كَانَ الْأَبُ فِي فَلَاةٍ وَلَهُ مَالٌ فَاحْتَاجَ إلَى طَعَامِ وَلَدِهِ أَكَلَهُ بِقِيمَتِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْأَبُ أَحَقُّ بِمَالِ وَلَدِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ } وَلَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَوْ فَقِيرًا وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ .

لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ عَقَارَ الْمَفْقُودِ وَلَا مَا لَا يَفْسُدُ سَرِيعًا لَا فِي النَّفَقَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَلَهُ بَيْعُ سَرِيعِ الْفَسَادِ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ إلَى نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَأَمَّا بَيْعُهُمْ لِنَفَقَتِهِمْ فَأَجْمَعُوا عَلَى الْمَنْعِ فِي عَقَارِهِ وَلَوْ مَنْقُولًا غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ غَيْرِ الْأَبِ وَصَحَّ لِلْأَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْعُ مَنْقُولِ ابْنِهِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ لِلنَّفَقَةِ لَا عِنْدَهُمَا ، وَالْأُمُّ كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ فِي هَذَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ بَيْعَ عَقَارِ الصَّغِيرِ فِي نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ بَيْعَ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّفَقَةِ مِنْ مَنْقُولِ ابْنِهِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا ، وَالْأَبُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ لِدَيْنٍ سِوَى النَّفَقَةِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ النَّفَقَاتِ لَا يَمْلِكُ الْأَبُ الْبَيْعَ فِي دَيْنٍ لَهُ سِوَى النَّفَقَةِ وَكَذَا الْأُمُّ لَا تَمْلِكُهُ فِي النَّفَقَةِ وَلَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ الْأَبِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَصْلًا فِي التَّصَرُّفِ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ وَلَا فِي مَالِهِ لِلْحِفْظِ حَالَةَ الْكِبَرِ وَإِنْ كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ فِي يَدِ أَبَوَيْهِ وَأَنْفَقَا مِنْهُ لَمْ يَضْمَنَا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَ وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ انْتَهَى .

وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ دُيُونِ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ وَيَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ فَيَضْمَنُ نَصِيبَهُ فَإِنَّ التَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي يَظْهَرُ يَضْمَنُ قَدْرَ مَا يُصِيبُ هَذَا الْغَرِيمَ الَّذِي يَظْهَرُ وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا وَبَاعَ الْوَصِيُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَأَخَذَ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ كَذَلِكَ يَكُونُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِدُيُونِهِمْ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا حَتَّى لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَارِثِ أَنْ يُخَاصِمَ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ يَنْظُرُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَقْبِضُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُخَاصِمُ وَلَا يَقْبِضُ بَلْ يَقْبِضُ الْوَصِيُّ وَإِذَا أَدَّى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ أَصْلًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَدَفَعَ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِهِ خَاصَّةً رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ مَنْ مَاتَ وَلَهُ غُلَامٌ قَدْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَلْفٌ فَقَضَى الْمُكَاتَبُ لِلْغَرِيمِ قَضَاءَ عُمَّالِهِ عَلَى مَوْلَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ فَفِي الْقِيَاسِ بَاطِلٌ ، وَإِنَّ لَا يُعْتَقَ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَعْتِقَهُ الْقَاضِي لَكِنَّا نَدَعُ الْقِيَاسَ وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِلْغَرِيمِ .

الْوَارِثُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ التَّرِكَةِ الْمَشْغُولَةِ بِالدَّيْنِ الْمُحِيطِ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ حَتَّى لَوْ بَاعَ لَا يَنْفُذُ وَكَذَا الْمَوْلَى لَوْ حَجَرَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ لَيْسَ لَلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْعَبْدَ وَلَا مَا فِي يَدِهِ إنَّمَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي الْوَارِثَ فِي التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ لَوْ قَضَى لِلْغُرَمَاءِ الدَّيْنَ فَإِذَا قَضَى مِنْ مَالٍ آخَرَ لَا يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا بَلْ تَصِيرُ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِدَيْنِهِ لَا يَمْلِكُهَا الْوَارِثُ مِنْ الصُّغْرَى .

وَإِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصَى وَلَوْ تَوَلَّى حَيًّا بِنَفْسِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَكَذَا إذَا تَوَلَّاهُ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِدُونِ رِضَا الْغُرَمَاءِ انْتَهَى .

إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَمَرَ الْوَصِيُّ الْمُودَعَ أَنْ يُقْرِضَهَا أَوْ يَهَبَهَا أَوْ يُسَلِّفَهَا فَفَعَلَ الْمُودِعُ ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُودِعِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَصِيِّ ضَمَانٌ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .

وَفِي الْفُصُولَيْنِ إذَا غَابَ الْوَصِيُّ فَبَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَعْضَ تَرِكَتِهِ بِدَيْنِ مُوَرِّثِهِ أَوْ وَصَايَاهُ فَسَدَ الْبَيْعُ لَا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي وَهَذَا لَوْ مُسْتَغْرِقَةً وَإِلَّا نَفَذَ تَصَرُّفُهُ فِي حِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَوْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ لِيَقْضِيَ مِنْ مَالِهِ دَيْنًا عَلَى مُوَرِّثِهِ وَرَضِيَ بِهِ الْبَاقُونَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا غُرَمَائِهِ لَوْ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقًا وَإِلَّا جَازَ وَيَكُونُ مِنْ بَاقِيهِمْ بَيْعًا لِأَنْصِبَائِهِمْ انْتَهَى .

إقْرَارُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بَاطِلٌ .

صُلْحُ الْوَصِيِّ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْحَقِّ لَمْ يَجُزْ لَوْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ أَوْ مُقِرًّا بِهِ أَوْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا جَازَ وَجَازَ صُلْحُهُ مَعَ الْمُدَّعِي لَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي وَلَمْ يُفْحِشْ الْغَبَنَ وَإِلَّا لَا .

لَوْ لَهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ فَصَالَحَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ صَحَّ لَوْ بِيَسِيرِ الْغَبَنِ لَا بِفَاحِشِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا وَدَعْوَاهُمْ فِي دَارٍ وَصَالَحَ وَصِيُّهُمْ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي نَصِيبِ الْكُلِّ وَقَالَا لَا يَجُوزُ إلَّا فِي نَصِيبِ الصِّغَارِ وَلَوْ كُلُّهُمْ كِبَارًا لَمْ يَجُزْ صُلْحُهُ إلَّا إذَا كَانُوا غُيَّبًا صَحَّ فِي الْعُرُوضِ لَا فِي الْعَقَارِ وَلَوْ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَادَّعَى رَجُلٌ فِي دَرَاهِمِ وَصَالَحَهُ الْوَصِيُّ عَلَى مَالٍ جَازَ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ لَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا لَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ عِنْدَ الْوَصِيِّ فَلَوْ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا مِرْيَةَ فِي صِحَّةِ صُلْحِهِ وَلَوْ عِنْدَ الْوَصِيِّ خَاصَّةً اُخْتُلِفَ فِيهِ .
وَعَنْ شَدَّادٍ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَعَرَفَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ أَوْ بِشَهَادَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَعَنْ خَلَفٍ لَوْ ثَبَتَ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَا لَوْ بِشَهَادَةٍ .
وَعَنْ ابْنِ أَبَانَ لَا يَقْضِي فِي الْوَجْهَيْنِ فَكَذَا هُنَا يَخْرُجُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ بِحَسَبِ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْوَصِيِّ أَوْ الشَّهَادَةِ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ خَلَفٍ مَا ذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ رَجُلٍ إنِّي قَدْ أَخَذْتُ مِنْ أَبِيكَ شَيْئًا فَلِابْنِهِ أَخْذُ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَمَا لَوْ عَايَنَ وَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ مِنْ أَبِيكَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي وَكَذَا لَوْ عَايَنَ الْوَلِيُّ قَتَلَ رَجُلٌ مُوَرِّثَهُ حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ لَا لَوْ شَهِدُوا عِنْدَهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ كَذَا هَذَا وَلَمْ يَجُزْ صُلْحُ الْأُمِّ عَلَى الصَّبِيِّ وَكَذَا صُلْحُ الْأَخِ ، وَالْعَمِّ وَوَصِيُّ أُمٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الْمَنْقُولِ إذْ لَهُمْ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَيَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَنْقُولُ لَا الْعَقَارُ وَأَمَّا أَبُ الْأَبِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ مَا دَامَ الْأَبُ حَيًّا فَبِمَوْتِهِ يَحُول إلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَصِيٌّ فَيَصِحّ صُلْحُهُ

كَأَبٍ وَلَوْ احْتَالَ الْوَصِيّ بِمَا لَهُ صَحَّ وَلَوْ أَمْلَأ لَا لَوْ مِثْله هَذَا إذَا وَجَبَ بِمُدَايِنَةِ الْمَيِّت فَلَوْ وَجَبَ بِمُدَايِنَةِ الْوَصِيّ جَازَ الِاحْتِيَال وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَمْلَأ مِنْ الْأَوَّل وَلَوْ كَانَ أَفْلَسَ صَحَّ احْتِيَالُهُ إذَا تَوَلَّى الْعِقْد وَيَضْمَن عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ وَأُمًّا إقَالَته فَتَصِحّ ؛ لِأَنَّهَا كَشِرَاءٍ وَفِي فَوَائِد صَاحِب الْمُحِيطِ شَرَى لَهُ وَصِيّه ، ثُمَّ أَقَالَ صَحَّ لَوْ نَظَّرَا لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا رِوَايَة فِيهِ ، وَالرِّوَايَةُ أَنَّ الْأَب لَوْ أَقَالَ الْبَيْع صَحَّ لَوْ خَيْرًا إذْ الْإِقَالَةُ نَوْعُ تِجَارَةٍ ، وَالْأَبُ يَمْلِكُهُ .
هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ رَقِيقَ الْمَيِّتِ الْمَدْيُونِ لِلْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ عِنْدَهُ أَوْ مَاتَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ لَمْ يَرْجِعْ الْوَصِيُّ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ أَمَرُوهُ بِالْبَيْعِ بِأَنْ قَالُوا : بِعْ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِمْ فَلَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ دَيْنِهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ : بِعْ رَقِيقَ الْمَيِّتِ وَاقْضِ دَيْنَنَا لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمْ ، وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ كَالْغُرَمَاءِ فِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ الْقِنَّ وَلَا دَيْنَ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْوَجِيزِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهِ أَوْ لَمْ يَأْمُرُوهُ وَلَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي لِلْغُرَمَاءِ فَضَاعَ ثَمَنُهُ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ لَمْ يَأْمُرُوا الْقَاضِيَ ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِلْغُرَمَاءِ فَكَأَنَّ الْغُرَمَاءَ وَلُوا الْبَيْعَ بِأَنْفُسِهِمْ وَفِيهِ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا قِنًّا فَبَاعَ وَصِيُّهُ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ وَضَاعَ ثَمَنُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْغَرِيمُ بِعْهُ وَاقْضِ .
وَلَوْ كَانَا غَرِيمَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَحَضَرَ الْحَاضِرُ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَيْهِمَا لِبَيْعِهِ لَهُمَا وَفِيهِ لَوْ بَاعَ وَصِيُّهُ قِنَّهُ بِأَمْرِ الْغُرَمَاءِ وَلَا مَالَ سِوَاهُ وَطَلَبُوا دَيْنَهُمْ وَاسْتَعْدَوْا عَلَى الْوَصِيِّ وَقَضَاهُمْ الثَّمَنَ مِنْ دَيْنِهِمْ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ اسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ إلَى الْقَاضِي فَبَاعَ الْقِنَّ لِدَيْنِهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَدَفَعَ ثَمَنَهُ

إلَيْهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ انْتَهَى .

لَوْ غَصَبَ الْوَصِيُّ عَيْنًا وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الْيَتِيمِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ وَلَوْ اغْتَصَبَ عَبْدَ الرَّجُلِ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الصَّبِيِّ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ مِنْ مَال الْيَتِيمِ .

الْوَصِيُّ إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْيَتِيمِ فَعَمِلَ وَجَاوَزَ الْحَدَّ الَّذِي ذَكَرَ حَتَّى صَارَ مُخَالِفًا وَعَطِبَتْ فَالضَّمَانُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتَعَارَ الْوَصِيُّ ثَوْرًا لِيَكْرُبَ أَرْضَ الْيَتِيمِ فَكَرَبَهَا وَلَمْ يَرُدَّهُ بِاللَّيْلِ حَتَّى هَلَكَ فَضَمَانُهُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ إلَيْهِ انْتَهَى .

إذَا كَبِرَ الصِّغَارُ وَأَرَادُوا أَنْ يُحَاسِبُوا وَصِيَّهُمْ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ لِيَنْظُرُوا هَلْ أَنْفَقَ بِالْمَعْرُوفِ أَمْ لَا ، وَطَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَاسِبَهُ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ وَكَانَ لَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِالْحِسَابِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْخُرُوجِ وَفِيمَا أَنْفَقَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُسْرِفْ ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ فِيمَا جُعِلَ أَمِينًا كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُشْتَمِلِ .

وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ نِظَامِ الدِّينِ قَاضَى يكى را وَصَى كَرَدِّ برنار سَيِّده وَإِنْ وَصَى مَال نَارِ سَيِّده را بروى نَفْقُه كَرِدِّ وَبَعْده وام كَرِدِّ وَبِرُدَّى نَفْقُهْ كَرِدِّ أَزّ صَبِيٍّ بَعْد أَزّ بُلُوغ تواند طَلَب كُرِدْنَ قَالَ ن ي وَكَذَا الْأَب لَوْ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَى صَبِيِّهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ .

لَوْ أَجْنَبِيٌّ أَنْفَقَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَقَالَ أَنْفَقْتُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ وَأَقَرَّ بِهِ الْوَصِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الْوَصِيِّ بَعْدَ مَا أَنْفَقَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ لَوْ كَانَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ صَغِيرًا انْتَهَى .

وَصِيٌّ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِأَخَوَيْنِ فَقَالَ دَفَعْت إلَى أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ وَكَذَّبَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ .

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَلَمَّا أَدْرَكَا طَلَبَا مِيرَاثَهُمَا فَقَالَ الْوَصِيُّ جَمِيعُ تَرِكَةِ أَبِيكُمَا أَلْفٌ ، وَقَدْ أَنْفَقْتُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ يَرْجِعُ الْمُكَذِّبُ عَلَى الْمُصَدِّقِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَصِيِّ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَرْجِعُ الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُقِرِّ بِشَيْءٍ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ ؛ لِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ مِنْ الْوَجِيزِ .

أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِ الْمَيِّتِ وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ مَاتَ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ كُلَّ دَيْنٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ فَجَاءَ غَرِيمٌ ، وَقَالَ دَفَعْتُ إلَيْكَ فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يَغْرَمْ الْوَصِيُّ مِنْهُ شَيْئًا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ قَبَضْتُ مِائَةً ، وَقَالَ الْغَرِيمُ كَانَ عَلَى أَلْفٌ قَبَضْتُهَا فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا وَهِيَ مِائَةٌ يَبْرَأُ الْغَرِيمُ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ بِالْجُحُودِ وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَهِيَ مِائَةٌ مَوْصُولًا ، وَقَالَ الْغَرِيمُ لَا بَلْ كَانَ أَلْفًا يَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةٍ وَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيّ أَنَّ جَمِيعَ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِائَةٌ بِخِلَافِ الطَّالِبِ إذَا قَالَ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهِيَ مِائَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَرِيمِ ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ ، وَالْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ وَجَبَ الدَّيْنُ بِإِدَانَةِ الْوَصِيِّ أَوْ بَيْعِهِ مَالَ الْوَرَثَةِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَهِيَ مِائَةٌ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَلَا يَضْمَنُ الْغَرِيمُ وَلَا الْوَصِيُّ شَيْئًا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ مِائَةً وَهِيَ جَمِيعُ الثَّمَنِ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَلِلْوَصِيِّ قَبْضُ الْخَمْسِينَ الْفَضْلَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ لِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى مِائَةٍ فَلَا يَكُونُ الْخَمْسُونَ الْفَضْلُ دَاخِلًا تَحْتَ الْبَرَاءَةِ وَفِي الْأَوَّلِ أَضَافَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ الْكُلُّ تَحْتَ الْبَرَاءَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَجِيزِ

.

دَفَعَ الْوَصِيُّ جَمِيعَ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إلَى وَارِثِهِ وَأَشْهَدَ الْوَارِثُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ تَرِكَةِ ، وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِير إلَّا اسْتَوْفَاهُ ، ثُمَّ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ الْوَصِيِّ أَنَّهَا مِنْ تَرِكَةِ ، وَالِدِي وَلَمْ أَقْبِضْهَا قَالَ فِي الْمُنْتَقَى أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ أَقْضِي بِهَا لَهُ أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَا تَرَكَ وَالِدِي مِنْ دَيْنٍ عَلَى النَّاسِ وَقَبَضْتُ كُلَّهُ ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِأَبِيهِ أَلَمْ أَقْبَلْ بَيِّنَتَهُ وَأَقْضِي لَهُ بِالدَّيْنِ .

إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ مُجَهِّلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذْ الْمُودِعُ غَيْرُهُ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْإِيدَاعِ وَلَوْ وَضَعَ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ فِي بَيْتِهِ وَمَاتَ مُجَهِّلًا ضَمِنَ ؛ لِأَنَّهُ مُودِعٌ وَكَذَا الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالِ ابْنِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ .

الْأَبُ إذَا أَجَّرَ مَنْزِلَ الصَّغِيرِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ إذْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَطِّ هَذِهِ فِي دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَيُدْفَنَ هُنَاكَ وَيُبْنَى هُنَاكَ رِبَاطٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَمَاتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَصِيَّتُهُ بِالرِّبَاطِ جَائِزَةٌ وَوَصِيَّتُهُ بِالْحَمْلِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ حَمَلَهُ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِي الْحَمْلِ إذَا حَمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ حَمَلَهُ بِإِذْنِ الْوَارِثِ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِعِمَارَةِ قَبْرٍ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُطَيَّنَ قَبْرُهُ أَوْ يُضْرَبَ عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةٌ كَانَتْ بَاطِلَةً وَلَوْ أَوْصَى بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ لِلْمَأْتَمِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُطْعَمُ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ التَّعْزِيَةَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَحِلُّ لِلَّذِينَ يَطُولُ مَقَامُهُمْ عِنْدَهُ وَلِلَّذِي يَجِيءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ ، وَالْفُقَرَاءُ وَلَا يَجُوزُ لِلَّذِي لَا تَطُولُ مَسَافَتُهُ وَلَا مَقَامُهُ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الطَّعَامِ شَيْءٌ كَثِيرٌ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَضْمَنُ .
وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَاطِلٌ .

وَعَنْ نُصَيْرٍ رَجُلٌ قَالَ ادْفَعُوا هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَهَذِهِ الثِّيَابَ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ هِيَ لَهُ وَلَا قَالَ هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ قَالَ هَذَا بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا وَصِيَّةٍ لَوْ قَالَ لِلْوَصِيِّ اشْتَرِ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَتَصَدَّقْ بِهَا فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ مَكَانَهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ جَازَ وَإِنْ هَلَكَتْ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يُتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ الْوَرَثَةُ مِثْلَهَا وَعَنْهُ أَيْضًا وَلَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُ فَهَلَكَتْ الْأَلْفُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ .

رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَاجِّ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُتَصَدَّق عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّق عَلَى مَسَاكِينِ مَكَّةَ أَوْ عَلَى مَسَاكِينِ الرَّيِّ فَتُصُدِّقَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الصِّنْفِ إنْ كَانَ الْآمِرُ حَيًّا ضَمِنَ .
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِمَسَاكِينِ الْكُوفَةِ فَصُرِفَ إلَى غَيْرِ مَسَاكِينِ الْكُوفَةِ يَضْمَنُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ حَيَاةِ الْآمِرِ وَبَيْنَ وَفَاتِهِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا أَوْصَى ، وَقَالَ تَصَدَّقْ عَلَى الْمَرْضَى مِنْ الْفُقَرَاءِ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْأَصِحَّاءِ أَوْ قَالَ تَصَدَّقْ عَلَى النِّسَاءِ فَتَصَدَّقَ عَلَى الشُّبَّانِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّرَاهِمِ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَتَصَدَّقَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ دَفْعَةً جَازَ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ فَأَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ جَازَ .
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ رَجُلٌ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَلْخَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ بَلْخَ وَلَوْ أَعْطَى فُقَرَاءَ كُورَةٍ أُخْرَى جَازَ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَتَصَدَّقَ فِي يَوْمٍ جَازَ .

رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُفَرَّقَ ثَلَثُمِائَةِ قَفِيزِ حِنْطَةٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَفَرَّقَ الْوَصِيُّ مِائَتَيْ قَفِيزِ حِنْطَةٍ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي قَالَ أَبُو نَصْرٍ يَغْرَمُ الْوَصِيُّ مَا فَرَّقَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَيُفَرِّقُهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَمْرِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ إنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ أَمْرُهُمْ وَإِنْ فَرَّقَ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَمْرُ الْكِبَارِ فِي حِصَّتِهِمْ وَلَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الصِّغَارِ .

رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِهَذَا الْأَلْفِ ضَيْعَةً فِي مَوْضِعِ كَذَا وَتُوقَفُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ ضَيْعَةٌ هَلْ يَشْتَرِي الْوَصِيُّ ضَيْعَةً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ إلَى مَرَمَّةِ الْمَسَاجِدِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الضَّيْعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُشْتَرَى ضَيْعَةً فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي سَمَّى وَيَجْعَلُهُ وَقْفًا عَلَى مَا سُمِّيَ فَإِنْ أَتْلَفَ الْوَصِيُّ هَذِهِ الْأَلْفَ يَغْرَمُ الْوَصِيُّ مِثْلَهَا وَيُشْتَرَى بِهَا الضَّيْعَةَ .

الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى خُبْزًا أَوْ حِنْطَةً لِيَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَجْرُ حَمْلِ الْخُبْزِ أَوْ الْحِنْطَةِ عَلَى مَنْ يَكُونُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَيِّتُ لِذَلِكَ شَيْئًا يُعَيَّنُ الْوَصِيُّ ، ثُمَّ يَحْمِلُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَجْرٍ ، ثُمَّ يُدْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ أَمَرَ بِأَنْ يُحْمَلَ إلَى الْمَسَاجِدِ فَالْأُجْرَةُ تَكُونُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ ، وَإِنْ أَمَرَ الْوَصِيَّ بِأَنْ يَشْتَرِي أَرْبَعِينَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَرَخُصَتْ الْحِنْطَةُ حَتَّى يُوجَدَ بِمِائَةٍ سِتُّونَ قَفِيزًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْفَاضِلِ حِنْطَةً وَيَتَصَدَّقَ بِهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ الْفَاضِلَ عَلَى الْوَرَثَةِ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ .

رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُعْطَى ثُلُثَ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ وَهُوَ فِي بَلَدٍ وَوَطَنُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ قَالَ يُعْطِي ثُلُثُ مَالِهِ لِمَسَاكِينِ بَلَدِهِ وَوَطَنُهُ فَإِنْ أَعْطَى مَسَاكِينَ الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا جَازَ أَيْضًا .

رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُطْعِمَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَغَدَّاهُمْ الْوَصِيُّ فَمَاتُوا قَالَ مُحَمَّدٌ يُغَدِّي وَيُعَشِّي غَيْرَهُمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ .

رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَغَصَبَ رَجُلٌ الْمَالَ مِنْ الْوَصِيِّ وَاسْتَهْلَكَهُ فَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ صَدَقَةً عَلَى الْغَاصِبِ ، وَالْغَاصِبُ مُعْسِرٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَجُوزُ ذَلِكَ .

رَجُلٌ أَوْصَى ، وَقَالَ أَعْطُوا مِنْ مَالِي بَعْدَ مَوْتِي مَسَاكِينَ سِكَّةِ كَذَا فَلَمَّا مَاتَ الْمُوصِي تَوَجَّهَ الْوَصِيُّ بِالْمَالِ إلَى أَهْلِ السِّكَّةِ فَقَالُوا لَا نُرِيدُ وَلَيْسَ لَنَا حَاجَةٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يُرَدُّ الْمَالُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْوَرَثَةِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى ذَلِكَ سَنَةٌ مَثَلًا ، ثُمَّ طَلَبَ الْمَسَاكِينُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يُدْفَعُ الْمَالُ إلَى الْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ لَمَا رَدُّوا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَصَارَتْ مِيرَاثًا .

رَجُلٌ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَصِيِّ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَوَضَعَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ الصَّغِيرِ الَّذِي يَعْقِلُ الْقَبْضَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ لَا يَجُوزُ .

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ وَرَثَةً صِغَارًا وَكِبَارًا أَيَسَعُ الْكِبَارُ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ التَّرِكَةِ قَالَ نُصَيْرٌ سَأَلْت بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ عَنْ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ نُصَيْرٌ قُلْتُ .
لِبِشْرٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَتَرَكَ مَالًا يَسَعُ الْوَارِثَ أَنْ يَأْكُلَ وَيَطَأَ الْجَارِيَةَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِهَا وَفَاءً بِالدَّيْنِ قَالَ نَعَمْ قُلْت عَمَّنْ هَذَا قَالَ مَا رَأَيْت أَحَدًا امْتَنَعَ عَنْ هَذَا .

رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَطَلَبَتْ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْيُونِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِدُيُونِ الْمَيِّتِ فَصَالَحَ الْوَرَثَةَ عَمَّا عَلَيْهِ أَوْ عَمَّا فِي يَدِهِ عَلَى مَالٍ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَغْرَمُ الْوَارِثُ لِغُرَمَاء الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُسْتَغْرِقَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْوَارِثِ قِيلَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ فَعَلَى مَنْ يَدَّعِي صَاحِبُ الدَّيْنِ وَعَلَى مَنْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عَلَى ذِي الْيَدِ بِحَضْرَةِ الْوَارِثِ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَارِثَ يَكُونُ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي عَلَى الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا .

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا فَجَعَلَ الْقَاضِي رَجُلًا وَصِيًّا لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فَادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ وَدِيعَةً وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَيْسَ لِهَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَإِنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَ مِثْلِهَا يُدْفَعُ إلَيْهَا مِقْدَارَ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا مَعْرُوفًا وَيَكُونُ النِّكَاحُ شَاهِدًا لَهَا ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَنَى بِهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا مِقْدَارَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُعَجَّلِ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا .

رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ وَتَرَكَ ضِيَاعًا وَلِلْمَرْأَةِ مَهْرٌ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ إنْ كَانَ الزَّوْجُ تَرَكَ مِنْ الصَّامِتِ مَهْرَ مِثْلِهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ الصَّامِتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَامِتًا كَانَ لَهَا أَنْ تَبِيعَ مَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْبَيْعِ وَتَسْتَوْفِيَ مَهْرَهَا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَتْهُ بِمَهْرِهَا قَالُوا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ رِضَا الْوَرَثَةِ وَبِغَيْرِ عِلْمِهِمْ فَإِنْ اُسْتُحْلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِاَللَّهِ مَا فِي يَدِهَا مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجِ شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَالُوا كَانَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ وَلَا تَأْثَمَ ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أَخَذَتْ الدَّرَاهِمَ بِمَهْرِهَا صَارَتْ الدَّرَاهِمُ مِلْكًا لَهَا .

رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ فَبَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى جَازَ بَيْعُهُ وَيَلْزَمُهُ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقِيلَ الْوَصِيَّةُ فِي وَجْهِ الْمُوصِي فَلَمَّا غَابَ الْوَصِيُّ قَالَ الْمُوصِي اشْهَدُوا إنِّي أَخْرَجْتُهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لَوْ أَخْرَجَهُ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْوَكَالَةِ حَالَ غَيْبَتِهِ لَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ .

مَرِيضٌ خَاطَبَ جَمَاعَةً فَقَالَ لَهُمْ افْعَلُوا كَذَا وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَإِنْ قَبِلُوا صَارُوا كُلُّهُمْ أَوْصِيَاءَ وَإِنْ سَكَتُوا حَتَّى مَاتَ الْمُوصَى ، ثُمَّ قَبِلَ الْبَعْضُ فَإِنْ كَانَ الْقَابِلُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَانُوا وَصِيَّيْنِ أَوْ أَوْصِيَاءَ وَيَجُوزُ لَهُمَا أَوْ لَهُمْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا صَارَ وَصِيًّا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ مَا لَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَيُقِيمُ الْحَاكِمُ مَعَهُ آخَرَ وَيُطْلِقُ لَهُ الْحَاكِمُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أُوْصِيَ إلَى رَجُلَيْنِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ .

وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ مَعَ الْيَتِيمِ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ النَّظَرِ ، وَالْخَيْرِيَّةِ وَلَا نَظَرَ لِلْيَتِيمِ فِي هَذَا ؛ لِأَنَّ مَا يَسْتَحِقّهُ الْيَتِيم عَلَى الْوَصِيّ مَنْفَعَة وَمَا يُجِبْ لِلْوَصِيِّ بِحُكْمِ الْإِجَارَة عَيْن ، وَالْعَيْن خَيْر مِنْ الدِّين وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ الْوَصِيّ شَيْئًا مِنْ مَتَاعه فِي عَمَل مِنْ عَمَل الْيَتِيم لَا يَجُوز وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيل اسْتَأْجَرَ الْيَتِيم لِيَعْمَل لِلْوَصِيِّ جَازَ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لِلْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ مَنْفَعَةٌ وَمَا يَجِبُ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ عَيْنٌ وَهُوَ الْأَجْرُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْوَصِيِّ وَبَيْنَ الْأَبِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ اسْتَأْجَرَ الصَّغِيرَ لِنَفْسِهِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ إذَا أَجَّرَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ ، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ مَوَاضِعَ .

لِلْمُوصِي أَخْذُ الْكَفِيلِ وَرَهْنٌ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّهُ تَوَثَّقَ وَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ .

رَجُلٌ ضَمِنَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنَهُ بِأَمْرِ وَصِيِّهِ فَأَدَّاهُ يَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لَا الْوَصِيِّ إذْ ضَمِنَ عَنْهُ لَا عَنْ الْوَصِيِّ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ خَلِيطًا لِلْوَصِيِّ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الْوَصِيِّ .

وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِرَجُلٍ أَضْمَنُ أَنَا وَأَنْتَ عَنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ الَّذِي أَوْصَى إلَيَّ لِرَجُلٍ دَيْنَهُ وَضُمَنَاءُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ بِأَمْرِهِ فَلَوْ أَدَّاهُ الْوَصِيُّ يَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِنِصْفِهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ فَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ .

رَجُلٌ أَنْفَقَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ ، ثُمَّ قَالَ أَنْفَقْتُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ فَأَقَرَّ بِهِ الْوَصِيُّ صُدِّقَ لَوْ كَانَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ صَغِيرًا .

لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَذَا الْقِنَّ أَوْ بِهَذِهِ الدَّارِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ وَيَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ لَا الْإِيفَاءُ لِلْوَرَثَةِ ، وَالصَّدَقَةُ بِالْقِيمَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

لَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ هَذِهِ فِي الْحَجْرِ مِنْ الْأَشْبَاهِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ .

أَتَى رَجُلٌ بِمَالٍ إلَى رَجُلٍ ، وَقَالَ إنَّ فُلَانًا مَاتَ وَأَوْصَى إلَيْكَ فَخُذْ الدَّرَاهِم هَذِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُضَارِبَ بِهَا وَلِلْمَيِّتِ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَضَاعَ الْمَالُ ، وَقَالَ الْكِبَارُ لَمْ يُوصِ إلَيْكَ فَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْوِصَايَةِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْكِبَارِ لَا الصِّغَارِ .
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَمْرَهُ لَيْسَ بِنَافِذٍ فِي الْمَالِ وَاَلَّذِي عَمِلَ بِهِ ضَامِنٌ لِلْمَالِ وَلَا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ إذْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ .

ادَّعَى وَصِيٌّ عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَيْتُ الْمَيِّتَ وَبَيِّنَتِي غُيَّبٌ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ فَقَبَضَهُ الْوَصِيُّ وَأَدَّى مِنْهُ الدَّيْنَ وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ وَدَفَعَ مَا بَقِيَ إلَى وَارِثِهِ ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةَ الْأَدَاءِ إلَى الْمَيِّتِ فَلَوْ أَنْفَذَ وَصَايَاهُ وَدَفَعَ دَيْنَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي لَمْ يَرْجِعْ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ بِدَيْنٍ دَفَعَهُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا بِالْوَصِيَّةِ وَلَوْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ بِكُلِّ مَا أَدَّاهُ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ .

لِلْمَيِّتِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَقْرَضَهَا أَوْ وَهَبَهَا بِأَمْرِ الْوَصِيِّ ضَمِنَ الْمُودِعُ لَا الْوَصِيُّ إذْ لَا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ فَيَبْطُلُ أَمْرُهُ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى رَجُلٍ فَدَفَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ إذْ لِلْوَصِيِّ قَبْضُهَا فَلَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ فَقَبْضُهُ كَقَبْضِهِ .

مَاتَ وَتَرَكَ وَدَائِعَ وَأَمْوَالًا فَقَبَضَهَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بَقِيَّتُهُمْ وَلَا الْحَاكِمُ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا لَوْ دَيْنُهُ مُحِيطًا إذْ لَهُ الْحِفْظُ فَصُرِفَ قَبْضُهُ إلَى الْحِفْظِ لَا إلَى التَّمَلُّكِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ضَمِنَ حِصَّتَهُ بَاقِيهِمْ لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي مَوْضِعٍ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا وَأَمَّا لَوْ يُخَافُ عَلَيْهَا ضَمِنَ قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ضَمِنَ لَوْلَا دَيْنٌ إلَّا إذَا قَبَضَهَا ضَرُورَةً كَكَوْنِ بَاقِيهِمْ صِغَارًا عَاجِزِينَ عَنْ الْحِفْظِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ وَمَا عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنْ الْوَدَائِعِ كُلِّهَا وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ أَوْدَعَهَا الْمَيِّتُ وَدَيْنُهُ مُحِيطٌ بِمَا لَهُ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَدَفَعَهَا الْمُودِعُ إلَى بَعْضِهِمْ بِلَا قَضَاءٍ ضَمِنَ الْمُودِعُ ، وَالْوَارِثُ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَمْوَالُ فِي مَنْزِلِ الْمَيِّتِ فَأَخَذَهَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ أَخَذَ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِهِ لِيَرُدَّهَا عَلَى مُلَّاكِهَا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا وَضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا إذَا كَانَ مُلْقًى عَلَى قَوَارِعِ الطَّرِيقِ فَقَبَضَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَضْمَنُ وَلِلْوَصِيِّ قَبْضُ دَيْنِ الْمَيِّتِ بَعْدَ بُلُوغِ ابْنِهِ وَلَوْ نَهَاهُ بَعْدَهُ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ بَعْدَ ذَلِكَ .

لَوْ خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ وَقَبَضَ دَيْنًا لِلْيَتِيمِ صَحَّ لَوْ وَجَبَ بِعَقْدِ الْوَصِيِّ عَقْدًا تَرْجِعُ فِيهِ الْحُقُوقُ إلَى الْعَاقِدِ لَا لَوْ مُوَرِّثًا أَوْ وَجَبَ بِعَقْدٍ لَا تَرْجِعُ فِيهِ الْحُقُوقُ إلَى الْعَاقِدِ فَلَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ ، وَالْخُلَاصَةِ .

ادَّعَى أَنَّهُ وَصِيُّ مَيِّتٍ فَطَلَبَ دَيْنَهُ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ مِنْهُ .

وَفِي قَضَاءِ الولوالجية رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدِهِ كَذَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانَ الْوَصِيُّ بَعِيدًا مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَلَهُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ غَرِيمٌ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ وَلَمْ يَجِدْ الْوَصِيُّ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ سَبِيلًا فَأَمَرَ الْقَاضِي الْغَرِيمَ بِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى الْفُقَرَاءِ فَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ وَوَصِيَّةُ الْمَيِّتِ قَائِمَةٌ انْتَهَى كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ .

وَصِيٌّ قَالَ لِرَجُلٍ اضْمَنْ عَنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ دَيْنَهُ فَضَمِنَ وَأَدَّاهُ رَجَعَ بِمَا أَدَّى فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَيَأْخُذُ بِهِ الْوَصِيُّ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إلَيْهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يَرْجِعُ فِي مَالِ الْوَصِيِّ إذَا ضَمِنَ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْوَصِيِّ إلَّا أَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَيَجِبُ حِفْظُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُنْتَقَى .

( الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ ) .
الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَجْرِ وَمَنْ اتَّصَفَ بِهَا كَانَ مَحْجُورًا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ ثَلَاثَةٌ الصِّغَرُ ، وَالرِّقُّ ، وَالْجُنُونِ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الصَّبِيِّ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا تَصَرُّفُ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ بِحَالٍ وَمَنْ بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ أَوْ اشْتَرَى وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَيَقْصِدُهُ فَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَعْقِلُوا الْبَيْعَ لِيُوجَدَ رُكْنُ الْعَقْدِ فَيَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ ، وَالْمَجْنُونُ قَدْ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَيَقْصِدُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَجِّحُ الْمَصْلَحَةَ عَلَى الْمَفْسَدَةِ وَهُوَ الْمَعْتُوهُ الَّذِي يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ تُوجِبُ الْحَجْرَ فِي الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَرَدَّ لَهَا لِوُجُودِهَا حِسًّا وَمُشَاهَدَةً بِخِلَافِ الْأَقْوَالِ ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَهَا مَوْجُودٌ بِالشَّرْعِ ، وَالْقَصْدُ مِنْ شَرْطِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِعْلًا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ ، وَالْقِصَاصِ فَيُجْعَلُ عَدَمُ الْقَصْدِ فِي ذَلِكَ شُبْهَةً فِي حَقِّ الصَّبِيِّ ، وَالْمَجْنُونِ وَلَا يَصِحُّ عُقُودُهُمَا وَلَا إقْرَارُهُمَا وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُمَا وَلَا إعْتَاقُهُمَا وَإِنْ أَتْلَفَا شَيْئًا لَزِمَهُمَا ضَمَانُهُ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِقْرَارُهُ نَافِذٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ غَيْرَ نَافِذٍ فِي حَقِّ مَوْلَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَزِمَهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْحَالِ وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ وَيَنْفُذُ طَلَاقُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا .
وَفِي الصُّغْرَى الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ ، وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ لَا يُؤَاخَذَانِ بِالضَّمَانِ الْوَاجِبِ بِسَبَبِ الْقَوْلِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ ، وَالْعِتْقِ لَا يُؤَاخَذُ الصَّبِيُّ وَيُؤَاخَذُ الْعَبْدُ انْتَهَى .

وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ أَنَّ صَبِيًّا سَفِيهًا مَحْجُورًا اسْتَقْرَضَ مَالًا لِيُعْطِيَ صَدَاقَ الْمَرْأَةِ صَحَّ اسْتِقْرَاضُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِ الْمَرْأَةَ وَصَرَفَ الْمَالَ فِي حَوَائِجِهِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ ، وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا اسْتَقْرَضَ مَالًا وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ أَمَّا الْعَبْدُ فَمِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَيَصِحُّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

لَوْ وَكَّلَ صَبِيًّا بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ جَازَ لَوْ عَقَلَهُ ، وَالْعُهْدَةُ عَلَى آمِرِهِ لَا عَلَيْهِ لَوْ مَحْجُورًا وَلَوْ مَأْذُونًا فَلَوْ وُكِّلَ بِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى آمِرِهِ أَيْضًا فَيُطَالَبُ بِثَمَنِهِ آمِرُهُ لَا هُوَ وَلَوْ بِثَمَنٍ حَالٍّ لَزِمَهُ ، وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَقَدْ مَرَّتْ فِي الْوَكَالَةِ .

وَفِي الْأَشْبَاهِ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يُؤَاخَذُ بِأَفْعَالِهِ فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْمَالِ وَإِذَا قَتَلَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَوْ أَتْلَفَ مَا أَقْرَضَهُ وَمَا أُودِعَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَمَا أُعِيرَ لَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَهَذِهِ مِنْ مُشْكِلَاتِ إيدَاعِ الصَّبِيِّ قُلْتُ لَا إشْكَالَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى أَقُولُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ابْنُ نُجَيْمٍ بِلَا مِرْيَةٍ وَلَا خَفَاءٍ فِي ذَلِكَ ، وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْفُصُولَيْنِ وَاسْتِشْكَالُهُ هَذَا وَقَاضِي خَانَ يَقُولُ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْمَأْذُونِ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا حَتَّى تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فَمَا دَامَ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ كَانَ الْبَائِعُ أَوْلَى بِهِ وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ حُرًّا بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا مَأْذُونًا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي لِلْحَالِ حَتَّى يُعْتَقَ وَإِذَا عَتَقَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَبِيعِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي صَبِيًّا مَحْجُورًا لَا يَضْمَنُ أَصْلًا لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا ، وَالْمُشْتَرِي كَذَلِكَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لِلْحَالِ ؛ لِأَنَّ تَسْلِيطَ الْبَائِعِ لَمْ يَصِحَّ فَيَكُونُ مُتْلِفًا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ حُرًّا كَبِيرًا أَوْ صَبِيًّا مَأْذُونًا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا ؛ لِأَنَّ تَسْلِيطَهُمْ صَحِيحٌ فَكَانَ مُتْلِفًا بِالتَّسْلِيطِ فَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى أَقُولُ وَظَهَرَ مِمَّا نَقَلْنَا عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْبَيْعِ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ كَذَلِكَ مَحْجُورًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَقَدْ أَغْفَلَهُ

ابْنُ نُجَيْمٍ وَهُوَ بِصَدَدِ الْبَيَانِ لِكَوْنِ الْإِنْسَانِ مَحِلَّ السَّهْوِ ، وَالنِّسْيَانِ .

إقْرَاضُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَا يَجُوزُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ أَحَدٌ فَمَا بَقِيَ عَيْنُهُ فَلِمَالِكِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يَبْقَ لَا يَضْمَنُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَكَذَا لَوْ بَاعَ صَبِيٌّ حُجِرَ مَالًا فَأَتْلَفَهُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَهُمَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ الْوَدِيعَةُ بِإِذْنٍ وَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ لَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ .

لَوْ شَهِدَ الشُّهُود عَلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ بِغَصْبٍ أَوْ إتْلَافِ وَدِيعَةٍ إنْ شَهِدُوا بِمُعَايَنَةِ ذَلِكَ لَا بِإِقْرَارٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَيُقْضَى بِالْغَصْبِ إذَا حَضَرَ الْمَوْلَى وَفِي ضَمَانِ إتْلَافِ الْوَدِيعَةِ ، وَالْمُضَارَبَةِ لَا يُقْضَى حَتَّى يُعْتَقَ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ بِالزِّنَا أَوْ بِقَتْلٍ عَمْدٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ قَذْفٍ وَهُوَ يَجْحَدُ وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ لَا يُقْبَلُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْعَبْدِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْقَطْعِ وَلَوْ شَهِدُوا بِسَرِقَةِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ ، وَالْمُعْتَقِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ غَائِبًا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالسَّرِقَةِ أَصْلًا وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِسَرِقَةِ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ يَجْحَدُ لَا يَقْضِي حَتَّى يَحْضُرَ مَوْلَاهُ فَيَقْضِي وَيُقْطَعُ وَرَدَّ الْعَيْنَ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَا يَقْضِي بِالضَّمَانِ ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ فِي الْمَالِ وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عِنْد غَيْبَةِ الْمَوْلَى وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ لَا يُقْبَلُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالْقَطْعِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ فَكَذَا الْمَالُ ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ مَعَ جُحُودِ السَّارِقِ لَا تُسْمَعُ .
وَإِنْ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ ظَاهِرٌ صَحَّ إقْرَارُهُ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ كَذَّبَهُ وَكَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ مِنْ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ

الِاسْتِيفَاءِ لَا يَضْمَنُ إلَّا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ .

الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ غَصْبٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ اسْتَهْلَكَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً خَالَفَ فِيهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ اسْتَهْلَكَهَا وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتِ الْحَجْرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْحَالِ إلَّا فِي دَيْنِ الْغَصْبِ وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِذْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ وَهُوَ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إذَا قَالَ إنِّي أَقْرَرْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا يَكُونُ مُصَدَّقًا فِي الْإِسْنَادِ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ كَذَّبَهُ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ الْكَبِيرُ وَهُوَ كَالْمُتَنَاكِحِينَ إذَا اخْتَلَفَا ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجْتَنِي وَأَنَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ وَكَوْنُهَا مَجُوسِيَّةً أَوْ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ مَعْرُوفٌ ، وَقَالَ الزَّوْجُ لَا بَلْ تَزَوَّجْتُكِ وَأَنْتِ مُسْلِمَةٌ أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ ، وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ أَوْ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَأَضَافَ إلَى حَالَةِ الْعَجْزِ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ كَمَا فِي الْعَبْدِ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَرْضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ اسْتَهْلَكَهَا فِي حَالَةِ الْعَجْزِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْإِضَافَةِ وَفِي كَوْنِهِ مُودِعًا لَا يُؤَاخَذُ لَا مَحَالَةَ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الْإِضَافَةِ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ فَإِنْ كَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ ، وَقَالَ هَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ إذْنِكَ لَمْ يُصَدَّقْ الْعَبْدُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَلَزِمَهُ كُلُّهُ لِلْحَالِ وَإِنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ الْغَصْبُ خَاصَّةً وَيَتَأَخَّرُ مَا سِوَاهُ إلَى حَالِ عِتْقِهِ

، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُؤْخَذُ بِهِ لِلْحَالِ صَدَّقَهُ فِي الْإِضَافَةِ أَمْ كَذَّبَهُ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ ، وَالْمَعْتُوهُ يَلْزَمُهُ الْغَصْبُ فِي التَّصْدِيقِ وَكُلُّهُ فِي التَّكْذِيبِ وَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ ، وَالصَّبِيُّ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا فَعَلَا قَبْلَ الْإِذْنِ وَأَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا فَعَلَا بَعْدَ الْإِذْنِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ انْتَهَى .

وَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِافْتِضَاضِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُصْبُعِهِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَدْفَعُهُ مَوْلَاهُ أَوْ يُفْدِيهِ وَقَالَ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ ، وَالِافْتِضَاضُ بِالْفَاءِ إزَالَةُ الْبَكَارَةِ هَذِهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ مِنْ الْمَأْذُونِ .

إذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ أَوْ مَحْجُورًا ، وَالْمَالُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ أَوْ هَالِكٌ ، وَالْمَوْلَى مُصَدِّقٌ أَوْ مُكَذِّبٌ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ ، وَالْمَالِ فَيُقْطَعُ وَيُرَدُّ الْمَالُ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ أَوْ كَذَّبَهُ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا ، وَالْمَالُ هَالِكٌ يُقْطَعُ وَلَمْ يَضْمَنْ كَذَّبَهُ مَوْلَاهُ أَوْ صَدَّقَهُ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهُ يُقْطَعُ وَيُرَدُّ الْمَالُ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقْطَعُ ، وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْطَعُ ، وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى وَيَضْمَنُ الْعَبْدُ قِيمَتَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ قَالَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ حُكِيَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أُسْتَاذِي ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ الْأَقَاوِيلُ الثَّلَاثَةُ كُلُّهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَخَذَ بِهِ مُحَمَّدٌ ، ثُمَّ رَجَعَ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَأَخَذَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْحُدُودُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

عَبْدٌ مَحْجُورٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقَبَضَ الْعَبْدَ ، ثُمَّ بَاعَهُ وَاشْتَرَى بِالثَّمَنِ شَيْئًا آخَرَ وَبَاعَهُ ، ثُمَّ حَضَرَ خَصْمُهُ الَّذِي بَاعَ الْعَبْدَ مِنْهُ وَأَرَادَ يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِهِ ثَمَنَ الْعَبْدِ إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا فِي يَدِ الْمَحْجُورِ ثَمَنَ عَبْدِهِ لَهُ أَخْذُهُ مِمَّا فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَنَ عَبْدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْفَرْ بِبَدَلِ مَالِهِ وَيَتَأَخَّرُ حَقُّهُ فِي الثَّمَنِ إلَى عِتْقِهِ وَكُلُّ مَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ بَائِعُ الْعَبْدِ ثَمَنُهُ فِي يَدِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ ، وَقَالَ الْمَوْلَى : لَيْسَ ذَلِكَ ثَمَنُ عَبْدِكَ ، وَإِنَّمَا وُهِبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ لِمَوْلَاهُ ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَحْجُورِ يَدُهُ حُكْمًا وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَوْلَى وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ كَذَا هُنَا وَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلْبَائِعِ .

وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الْمَحْجُورُ مَالًا مِنْ رَجُلٍ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ وَرَبِحَ ، ثُمَّ طَالَبَهُ بِالْمَالِ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ الْإِذْنُ شَرْعًا فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطٌ لِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لِيَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ عَلَى الْمَوْلَى وَدُيُونُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهَا لِلْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُبَاعُ بِمَا سِوَى دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَيُبَاعُ كَسْبُهُ فِي دَيْنِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ دُيُونِهِ طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُبَاعُ ثَانِيًا كَيْ لَا يَمْتَنِعَ الْبَيْعُ أَوْ دَفْعًا لِلضَّرُورَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَدْيُونِ مَا وَجَبَ بِالتِّجَارَةِ أَوْ بِمَا هُوَ بِمَعْنَاهَا كَالْبَيْعِ ، وَالشِّرَاءِ ، وَالْإِجَارَةِ ، وَالِاسْتِئْجَارِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ ، وَالْوَدَائِعِ ، وَالْأَمَانَاتِ إذَا جَحَدَهَا وَمَا يَجِبُ مِنْ الْعُقْرِ بِوَطْءِ الْمُشْتَرَاةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى الشِّرَاءِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَيَتَعَلَّقُ دَيْنُهُ بِكَسْبِهِ سَوَاءٌ حَصَلَ قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَتَعَلَّقُ بِمَا يُقْبَلُ مِنْ الْهِبَةِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَا انْتَزَعَهُ الْمَوْلَى مِنْ يَدِهِ قَبْلَ الدَّيْنِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ غَلَّةَ مِثْلِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ يُحْجَرْ عَلَيْهِ ، فَلَا يَحْصُلُ الْكَسْبُ ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى غَلَّةِ الْمِثْلِ يَرُدُّهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِيهَا أَوْ لِعَدَمِ حَقِّهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ الْمَأْذُونُ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْبَيْعِ ، وَالشِّرَاءِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ .

وَإِذَا اسْتَدَانَتْ الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا ، ثُمَّ وَلَدَتْ يُبَاعُ وَلَدُهَا مَعَهَا وَوَطْءُ الْمَوْلَى أَمَتَهُ الْمَدْيُونَةَ لَا يُوجِبُ الْعُقْرَ وَكَذَا أَخْذُهُ مِنْ غَلَّتِهَا إنْ كَانَتْ مَدْيُونَةً لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ يَدَهَا لَوْ قَطَعَهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَإِذَا بَاعَ الْمَأْذُونُ وَاشْتَرَى بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ لِعَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَكَذَا بِالْفَاحِشِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ وَلَهُ أَنْ يُسْلِمَ وَيَقْبَلَ السَّلَمَ وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِالْبَيْعِ ، وَالشِّرَاءِ وَيَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ وَيَمْلِكَ وَأَنْ يَتَقَبَّلَ الْأَرْضَ وَيَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ ، وَالْبُيُوتَ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَيَشْتَرِيَ طَعَامًا فَيَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ وَلَهُ أَنْ يُشَارِكَ شَرِكَةَ عَنَانٍ وَيَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَيَأْخُذَهَا وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَلَا يَمْلِكَ بَيْعَ نَفْسِهِ وَلَا رَهْنَهَا وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْمَالَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَالنَّفَقَةِ وَلَا يَجُوزُ تَكَفُّلُهُ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدُّيُونِ ، وَالْمَغْصُوبِ وَكَذَا بِالْوَدَائِعِ وَلَا فَرْقَ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي صِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِهِ يُقَدِّمُ دَيْنَ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الْحُرِّ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَجِبُ مِنْ الْمَالِ لَا بِسَبَبِ التِّجَارَةِ ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَحْجُورِ فِي حَقِّهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِمَهْرِ امْرَأَةٍ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَلَا يُؤَاخَذُ إلَّا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

وَلَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ ، ثُمَّ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ ، ثُمَّ شَرَى قِنًّا بِأَلْفٍ وَقَبَضَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَمَاتَ الْقِنُّ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَأْذُونُ وَلَا مَالَ إلَّا أَلْفٌ تُقَسَّمُ هَذِهِ الْأَلْفُ بَيْنَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَبَيْنَ بَائِعِ الْقِنِّ بِالْحِصَّةِ وَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمَرَضِ شَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْبَائِعُ أَوْلَى بِالْأَلْفِ إذْ سَبَبُ دَيْنِهِ مَعْلُومٌ .

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَأْذُونُ أُجَرَاءَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَأَدَّى أُجْرَتَهُ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِإِذْنٍ وَقَضَى مَهْرَهَا يُحَاصُّونَ الْآجِرَ ، وَالْمَرْأَةَ فِيمَا قَبَضَا إذْ لَيْسَ فِي مُقَابَلَتِهِ عَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ فَأَكْثَرُ مَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الْوَصَايَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ .

وَلَيْسَ لَهُ أَنَّ يَتَزَوَّجَ وَلَا يُزَوِّجَ مَمَالِيكَهُ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الْمَالُ بِمَنَافِعِهَا فَأَشْبَهَ إجَارَتَهَا وَلَهُمَا أَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ التِّجَارَةَ وَلَيْسَ هَذَا بِتِجَارَةٍ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ تَزَوُّجَ الْعَبْدِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَفِي الْوَجِيزِ يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِالدَّيْنِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى ، وَالْغُرَمَاءُ إلَّا إذَا بَاعَهُ الْقَاضِي ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِهِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْغُرَمَاءِ انْتَهَى قُلْتُ الْمُرَادُ بِالدَّيْنِ مَا حَصَلَ بِالتِّجَارَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا كَإِقْرَارِهِ بِمَهْرٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ .

وَإِنْ تَزَوَّجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَوْلَادُهَا عَبِيدٌ وَلَا يَأْخُذُهُمْ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ يُؤْخَذُ بِهِ وَإِنْ وَطِئَ عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ حَتَّى يُعْتَقَ .

وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا ، ثُمَّ وَطِئَهَا فَرَدَّهَا أَخَذَ بِالْعُقْرِ فِي الْحَالِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْمُكَاتَبِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَا يُكَاتَبُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمَوْلَى وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْمَوْلَى وَلَا يُعْتَقُ عَلَى مَالٍ وَلَا يَهَبُ بِعِوَضٍ وَلَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا يَتَصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَهْدِيَ الْيَسِيرَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ يُضِيفُ مَنْ يُطْعِمُهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهُ أَصْلًا .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ إذَا أَعْطَاهُ الْمَوْلَى قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ عَلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ لَا بَأْسَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُعْطِيَ قُوتَ شَهْرٍ ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أَكَلُوهُ قَبْلَ الشَّهْرِ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَوْلَى وَلَهُ أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ بِالْعَيْبِ مِثْلَ مَا يَحُطُّ التُّجَّارَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَطَّ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَلَيْسَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ بِالْمَالِ لَا تَصِحُّ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَمَا فِي الصُّغْرَى وَقَدْ مَرَّتْ فِي الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّلَ دَيْنَهُ مِنْ غَصْبٍ أَوْ غَيْرِهِ أُجِّلَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُطَّ بَعْضَ الدَّيْنِ وَيَمْلِكَ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْوَجِيزِ لَا يَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَأْذُونِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَإِذَا كَفَلَ الْمَالَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَهَبَ الْيَسِيرَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ انْتَهَى .

ثُمَّ الْإِذْنُ كَمَا يَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي يَصِيرُ مَأْذُونًا عِنْدَنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكًا أَوْ لِأَجَلٍ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا ، وَالْمَعْتُوهُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ ، وَالشِّرَاءَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ يَصِيرُ مَأْذُونًا بِإِذْنِ الْأَبِ ، وَالْوَصِيُّ ، وَالْجَدُّ دُونَ غَيْرِهِمْ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا لَهُ لِيَبِيعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَرَآهُ الْمَوْلَى وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَتَكَلَّمُوا فِي الْعُهْدَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ : الْعُهْدَةُ تَرْجِعُ إلَى الْآمِرِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ تَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِذَا اسْتَرَدَّهُ لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى بَطَلَ الْبَيْعُ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ وَاسْتَرَدَّهُ الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ .
وَلَوْ أَنَّ مَعْتُوهًا أَذِنَ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ ، وَالِابْنُ فِي هَذَا كَالْأَخِ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي النَّفْسِ وَهُوَ التَّزْوِيجُ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ الْأَبُ إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْبَيْعَ ، وَالشِّرَاءَ يَعْنِي يَعْرِفُ أَنَّ الْبَيْعَ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ ، وَالْيَسِيرَ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالْبَيْعِ ، وَالشِّرَاءِ الْقَاضِي إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ لَا

يَصِيرُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ وَإِذَا عَلِمَ يَصِيرُ مَأْذُونًا وَكَذَا لَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْغَائِبِ لَا يَحْجُرُ قَبْلَ الْعِلْمِ وَلَوْ أَذِنَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِإِذْنِهِ السَّابِقِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا .
وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا عَبْدِي هَذَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ وَأَرْسَلَ الْمَوْلَى إلَيْهِ رَسُولًا أَوْ كِتَابًا فَوَصَلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ أَخْبَرَهُ الرَّسُولُ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَانَ الرَّسُولُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ أَخْبَرَهُ فُضُولِيٌّ وَاحِدٌ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الْمُخْبِرُ فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْحَجْرِ ، وَالْإِذْنِ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِقَوْلِ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ ، وَالْحَجْرِ ، وَالْعَبْدُ إنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا .

الْمَوْلَى إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَعَبْدًا وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَأَذِنَ الْوَارِثُ لِهَذَا الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَلَوْ أَنَّ الِابْنَ اسْتَقْرَضَ مَالًا وَقَضَى دَيْنَ الْأَبِ ، ثُمَّ أَذِنَ لِهَذَا الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ إذْنُهُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ يَمْنَعُ مِلْكَ الْعَبْدِ ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ إذَا أَبْرَأَ الْغَرِيمُ الْمَيِّتَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ قَضَى الْوَارِثُ دَيْنَ أَبِيهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ تَبَرُّعًا بِأَنْ قَالَ عِنْدَ الْأَدَاءِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ يَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْأَبِ كَمَا لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ .

الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْآبِقِ لَا يَصِحُّ إذْنِهِ وَإِنْ عَلِمَ الْآبِقُ وَإِنْ أَذِنَ فِي التِّجَارَةِ مَعَ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ صَحَّ إذْنُهُ وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمَغْصُوبِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا أَوْ كَانَ لِمَوْلَاهُ بَيِّنَةٌ صَحَّ الْإِذْنُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ جَازَ بَيْعُهُ فَصَحَّ إذْنُهُ .

الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ ، وَقَالَ لَا تَبِعْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَإِنْ بَاعَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ جَازَ بَيْعُهُ ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْمَوْلَى لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ .

الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ صَحَّ إذْنُهُمَا وَسُكُوتُهُمَا يَكُونُ إذْنًا ، وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ وَيَمْلِكُ إذْنَ عَبْدِ الصَّغِيرِ وَسُكُوتُهُ لَا يَكُونُ إذْنًا فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْإِذْنِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ بَطَلَ الْإِذْنُ الْوَصِيُّ إذَا رَأَى الصَّغِيرَ أَوْ عَبْدًا لِلصَّغِيرِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا بِخِلَافِ الْقَاضِي .

الْقَاضِي إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَأَبَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِبَاؤُهُمَا بَاطِلٌ وَإِنْ حَجَرَا عَلَيْهِ بَعْدَ إذْنِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ حَجْرُهُمَا وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْقَاضِي لَا يَنْحَجِرُ الْعَبْدُ إلَّا أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ آخَرَ حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ هَذَا الْقَاضِي مِثْلُ وِلَايَةِ الْأَوَّلِ .

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ رَآهُ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ ذَلِكَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ، ثُمَّ أَذِنَ لِلْعَبْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لِلْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَلْحَقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ بِذَلِكَ .

إذَا طَلَبَ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مِنْ الْقَاضِي بَيْعَهُ فَأَمَرَ الْقَاضِي مَوْلَاهُ بِالْبَيْعِ فَبَاعَهُ جَازَ بَيْعُهُ وَلَا يَصِيرُ الْمَوْلَى مُخْتَارًا حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَوْلَى إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْجَانِيَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَهُوَ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ إذَا بَاعَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بَيْعُهُ .

الْمَوْلَى إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ عَالِمٌ بِدُيُونِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِدُيُونِهِ وَإِذَا وَجَدَ الْغُرَمَاءُ الْعَبْدَ فَأَرَادُوا نَقْضَ الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ ، وَالْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ مُؤَجَّلًا فَبَاعَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَ بَيْعُهُ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحْجُرُ الْمَوْلَى عَنْ بَيْعِهِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ نَقْضُ الْبَيْعِ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ .

الْمَوْلَى إذَا بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ صَحَّ بَيْعُهُ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَلَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بَطَلَ دَيْنُهُ كَذَا فِي كِتَابِ الصَّرْفِ .

الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا خَاصَمَ مَوْلَاهُ فِي مَالِ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَقَالَ الْعَبْدُ هُوَ مَالِي ، وَقَالَ مَوْلَاهُ هُوَ لِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَوْلَى حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فِي مَنْزِلِ مَوْلَاهُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي اخْتَصَمَا فِيهِ مِنْ تِجَارَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِجَارَتِهِ يَكُونُ لِلْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَيَدِ الْمَوْلَى كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ ، وَالْمَالُ فِي أَيْدِيهِمْ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ رَاكِبَ دَابَّةٍ أَوْ لَابِسَ ثَوْبٍ وَاخْتَصَمَا فِيهِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ وَإِذَا زَوَّجَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ جَازَ ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِينُ الْعَبْدِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .

إذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالدَّيْنِ لَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الدَّيْنَ إنَّمَا يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فَضْلُ اخْتِيَارٍ ، وَلَوْ اخْتَارَ جَمِيعَ الدُّيُونِ لَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّهُ وَعَدَ أَنْ يَقْضِيَ دُيُونَ الْعَبْدِ فَلَا يَلْزَمُهُ ، كَذَا فِي الصُّغْرَى وَمَا بَقِيَ مِنْ الدُّيُونِ يُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ - بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ - الْمَأْذُونُ لَهُمَا وَقَدْ رَكِبَهُمَا دُيُونٌ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِمَا اسْتِيفَاءً بِالْبَيْعِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى مُتْلِفًا حَقَّهُمْ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِرَقَبَتِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَغَيَّبَهُ فَإِنْ شَاءَ الْغُرَمَاءُ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ ، وَالْبَائِعُ مُتْلِفٌ بِالْبَيْعِ ، وَالتَّسْلِيمِ ، وَالْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ ، وَالتَّغْيِيبِ فَيُخَيَّرُونَ فِي التَّضْمِينِ وَإِنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ وَإِنْ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ قِيمَتَهُ ، ثُمَّ رُدَّ عَلَى الْمَوْلَى بِعَيْبٍ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالْقِيمَةِ وَيَكُونُ حَقُّهُمْ فِي الْعَبْدِ .

وَمَنْ قَدِمَ مِصْرًا فَقَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَاشْتَرَى وَبَاعَ لَزِمَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ التِّجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَحْضُرَ مَوْلَاهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّقَبَةِ ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْكَسْبِ ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ فَإِنْ حَضَرَ الْمَوْلَى فَقَالَ هُوَ مَأْذُونٌ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَإِذَا قَالَ هُوَ مَحْجُورٌ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِذَا لَزِمَ الْمَأْذُونَ دُيُونٌ تُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ وَبِمَا لَهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِهِ .

لَوْ أَعْتَقَ مِنْ كَسْبِهِ عَبْدًا لَمْ يُعْتَقْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ وَيَعْتِقُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِمَالِهِ جَازَ عِتْقُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ عَبْدِهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُسْتَغْرِقًا كَانَ لِدَيْنِهِ أَوْ لَا اتِّفَاقًا وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَلَا الْعُقْرَ ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا فَوَلَدَتْ عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ لَا بِعِتْقِهِ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ لَهَا وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْوَجِيزِ .

وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مَالَ الْغَيْرِ يَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ هَذِهِ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَإِذَا بِيعَ الْمَدْيُونُ بِرِضَا الْغُرَمَاءِ يَنْتَقِلُ حَقُّهُمْ إلَى الْبَدَلِ ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِالِانْتِقَالِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْهَا وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ وَيَتْبَعُوا الْمُعْتَقَ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُعْتَقَ جَمِيعَ دَيْنِهِمْ ، فَإِنْ اخْتَارُوا تَضْمِينَ الْمُعْتَقِ لَمْ يَبْرَأْ الْمَوْلَى فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا وَيُضَمِّنُوا الْمَوْلَى الْقِيمَةَ ، وَإِنْ أَبَرَءُوا الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِاخْتِيَارِ اتِّبَاعِ أَحَدِهِمَا لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ ، وَمَا قَبَضَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ الْعِتْقِ مِنْ الْعَبْدِ لَا يُشَارِكُهُ الْبَاقُونَ فِيهِ وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونَ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ فَلِلْغَرِيمِ أَنْ يُضَمِّنَ مَوْلَاهُ الْقِيمَةَ وَلَوْ دَبَّرَ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونَ فَإِنْ شَاءَ الْغُرَمَاءُ ضَمَّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ فَإِذَا أَعْتَقَ اتَّبَعُوهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ وَهُوَ عَلَى إذْنِهِ ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى وَاسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ فِي جَمِيعِ دَيْنِهِمْ ، وَإِنْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الدَّيْنِ لَمْ يَضْمَنْ .

وَلَا يَجُوزُ هِبَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَوَهَبَهُ مَوْلَاهُ جَازَ وَإِنْ نَفَذَ وَحَلَّ الْأَجَلُ ضَمَّنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ ، وَإِنْ رَجَعَ الْمَوْلَى فِي هِبَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ سَبِيلٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَمَا رَجَعَ فِي الْهِبَةِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ يُبَاعُ وَثَمَنُهُ بَيْنَ الْآخَرِينَ ، وَالْأَوَّلِينَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ بِيعَ وَبُدِئَ بِدَيْنِ الْآخَرِينَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلْأَوَّلِينَ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ سِوَى ذَلِكَ ضَرَبَ فِيهِ غُرَمَاءُ الْمَوْلَى بِدَيْنِهِمْ ، وَالْأَوَّلُونَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ وُهِبَ الْعَبْدُ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ حَالَّةٌ وَأَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَنْ يَقْبِضَهَا فِي الْكُلِّ وَلَوْ وُهِبَ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ حَتَّى سَقَطَ دَيْنُهُ ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ أَوْ كَفَلَ عَنْ الْعَبْدِ رَجُلٌ بِدَيْنِهِ فَوَهَبَ الْمَالَ مَوْلَى الْعَبْدِ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ حَتَّى بَرِئَ الْكَفِيلُ ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَرَثَةُ حَتَّى رَدَّ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ إلَى الْوَرَثَةِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلْيَتِيمِ فَوَهَبَهُ مِنْ الْيَتِيمِ فَقَبِلَهُ الْوَصِيُّ حَتَّى سَقَطَ ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ يَعُودُ الدَّيْنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ .

عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ أَلْفٌ مُؤَجَّلٌ فَبَاعَهُ سَيِّدُهُ بِإِذْنِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ، ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ مَوْلَاهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّ بِوُجُودِ الثَّمَنِ فِي يَدِ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ ؛ لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ صَارَ الْمَوْلَى كَالْوَكِيلِ عَنْهُ .

رَهَنَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ أَوْ أَجَّرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ قَبْلَ حُلُولِهِ جَازَ وَإِذَا حَلَّ ضَمَّنُوهُ قِيمَةَ الرَّهْنِ دُونَ الْإِجَارَةِ وَإِنْ بَقِيَتْ مِنْهَا مُدَّةً فَلَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ .

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَوْلَى الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ بِأَمْرِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ أَوْ يَبِيعُهُ الْقَاضِي وَيَعْزِلُ نَصِيبَ الْغَائِبِ مِنْهُمْ مِنْ الثَّمَنِ .

وَإِذَا أَخَذَ الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ ، ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ سَلَّمَ لِمَوْلَاهُ مَا أَخَذَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَوْمَ أَخَذَ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا أَخَذَ حَتَّى إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ آخَرُ يَرُدُّ الْمَوْلَى جَمِيعَ مَا أَخَذَ وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ ضَرِيبَةَ غَلَّةِ مِثْلِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سُلِّمَتْ لَهُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ غَلَّةِ مِثْلِهِ لَا يُسَلَّمُ لَهُ الْفَضْلُ .

وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَأْذُونَةُ ، ثُمَّ لَحِقَهَا الدَّيْنُ لَا يُبَاعُ الْوَلَدُ وَهُوَ لِلْمَوْلَى ، وَالْهِبَةُ ، وَالْكَسْبُ يُبَاعَانِ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ اسْتَفَادَتْهُمَا قَبْلَ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا أَلْفٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَأَلْفٌ بَعْدَهَا فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً .

وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ أَمِينَ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بَاعَهُ مَرَّةً أُخْرَى وَقَضَى الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِمْ إلَّا أَنَّ الْأَمِينَ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْغُرَمَاءِ .

وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي كَسْبَ الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ ، وَالْمَوْلَى غَائِبٌ ، ثُمَّ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ سَأَلَهُمْ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِذْنِ فَإِنْ أَقَامُوا وَإِلَّا يَرُدُّوا مَا قَبَضُوا .

وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ شَيْئًا مِنْ مَوْلَاهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ مَوْلَاهُ وَلَوْ حَابَاهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَمْ يَجُزْ ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْلَى إنْ كَانَ الْمَتَاعُ قَائِمًا إمَّا أَنْ تَتِمَّ الْقِيمَةُ أَوْ يُنْقَضَ الْبَيْعُ قِيلَ هَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ حَابَى لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ أَتَمَّ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ .

وَلَوْ دَفَعَ الْعَبْدُ إلَى مَوْلَاهُ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةَ عَنَانٍ بِالنِّصْفِ فَرَبِحَ ، وَقَالَ أَخَذْتَ رَأْسَ مَالِي وَنَصِيبِي مِنْ الرِّبْحِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى مَا فِي يَدِ الْمَوْلَى مِنْ الرِّبْحِ فَيَأْخُذُ نِصْفَهُ .

وَإِذَا وَكَّلَ الْعَبْدُ وَكِيلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ فَبَاعَهُ مِنْ مَوْلَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَوْ بَاعَهُ الْغُرَمَاءُ فَأَقَرَّ صُدِّقَ .

وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى جَارِيَةَ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ وَنَوَى الثَّمَنَ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَمَرَ مَوْلَاهُ بِبَيْعِهَا لَمْ يَضْمَنْ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا وَلَوْ أَنْكَرَ ضَمِنَ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً أَوْ لَا تَدْرِي وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ كَذَّبَهُ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا .

صَبِيٌّ مَأْذُونٌ بَاعَ مِنْ أَبِيهِ عَبْدًا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْأَبِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لِوَلِيِّهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ بِالدَّيْنِ وَلَوْ أَقَرَّ مَوْلَاهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ الْمَوْلَى عَلَى مَا يَقُولُ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الثَّمَنَ ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا لِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَ الْعَبْدَ بِالْعَرَضِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَلَوْ بَاعَ مِنْ عَبْدِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ أَوْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ .

وَلَوْ أَقْرَضَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ أَلْفًا فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِهَا وَكَذَلِكَ إنْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً فَاشْتَرَى الْعَبْدُ بِهَا مَتَاعًا فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِالْمَتَاعِ .

وَلَوْ اشْتَرَى الْمَوْلَى مِنْ عَبْدِهِ شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ جَازَ الشِّرَاءُ وَلَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْآمِرُ بِقَبْضِهِ فَإِنْ قَبَضَهُ الْمَوْلَى فَمَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْعَبْدِ وَبَطَلَ الْبَيْعُ عَنْ الْآمِرِ وَكَذَا شِرَاءُ رَبِّ الْمَالِ عَبْدًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ مِنْ مُضَارَبَةٍ لِغَيْرِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفٌ يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ قَبْضُهُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْوَجِيزِ .

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ جَازَ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى أَجْنَبِيٌّ عَنْ كَسْبِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ فَإِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بَطَلَ الثَّمَنُ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى فِي الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْحَبْسُ فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ سُقُوطِهِ يَبْقَى فِي الدَّيْنِ وَلَا يَسْتَوْجِبُهُ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ وَجَازَ أَنْ يَبْقَى حَقُّهُ مُتَعَلِّقًا بِالْعَيْنِ وَإِنْ أَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فِي الْمَبِيعِ وَلِهَذَا كَانَ أَخَصَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَجَازَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقٌّ فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ انْتَهَى .

رَجُلٌ دَخَلَ بِعَبْدٍ إلَى السُّوقِ ، وَقَالَ هَذَا عَبْدِي بَايِعُوهُ فِي الْبُرِّ ضَمِنَ مَا بَاعُوهُ فِي الْبُرِّ وَغَيْرِهِ لَوْ وَجَدَ حُرًّا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُدَبَّرًا فَلَمْ يُعْلِمْهُمْ وَلَوْ قَالَ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ، ثُمَّ قَالَ لِأَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ بَايِعُوهُ فَبَايَعُوهُ وَغَيْرُهُمْ فَوَجَدُوهُ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا ضَمِنَ لِمَنْ أَمَرَ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ : هَذَا ابْنِي وَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايِعُوهُ وَقَدْ كَانَ ابْنَ غَيْرِهِ فَهُوَ غَارٌّ وَيَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْكَفَالَةِ الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إلَّا بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا ابْنِي فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ لِلْغُرُورِ وَكَذَا إذَا قَالَ : بَايِعُوا عَبْدِي فَبَايَعُوهُ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ رَجَعُوا عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا إذَا ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي الرُّجُوعِ فِي إضَافَتِهِ إلَيْهِ ، وَالْأَمْرُ بِمُبَايَعَتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ انْتَهَى .

لَوْ أُسِرَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ وَأَحْرَزُوهُ ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ مَوْلَاهُ عَادَتْ الْجِنَايَةُ ، وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَأَخَذَ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ عَادَ الدَّيْنُ دُونَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ بِيعَ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ قِيلَ يُعَوَّضُ لِمَنْ وَقَعَ الْعَبْدُ فِي سَهْمِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ لَا يُعَوَّضُ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ ، وَالْمُكَاتَبِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَصْلًا وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْرِكُونَ كَانَ الْعَبْدُ لَهُمْ وَبَطَلَتْ الْجِنَايَةُ دُونَ الدَّيْنِ وَلَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُ الْقَدِيمِ عَلَيْهِ .

عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً وَلَوْ لَحِقَهُ دَيْنُ التِّجَارَةِ وَفِي يَدِهِ مَالُ التِّجَارَةِ قَضَى مِنْ ذَلِكَ دَيْنَهُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ كَسَبَ قَبْلَ الْإِذْنِ لَا يَدْفَعُ فِي دَيْنِهِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا كَانَ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَهُوَ عَلَى الْآذِنِ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ ائْذَنْ لِنَصِيبِك فَأَذِنَ فَهُوَ مَأْذُونٌ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ إذْنُ أَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ فِي نَصِيبِهِ يَكُونُ إذْنًا مِنْهُ فِي الْكُلِّ .

الدَّيْنُ الْمُحِيطُ بِالتَّرِكَةِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْوَرَثَةِ وَغَيْرُ الْمُحِيطِ لَا يَمْنَعُ وَدَيْنُ الْعَبْدِ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكَ لِلْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ وَدَيْنُ الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ بِانْضِمَامِ دَيْنِ الْعَبْدِ إلَيْهِ يَصِيرُ مُحِيطًا لَهُ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْوَرَثَةِ فَلَوْ هَلَكَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلِأَحَدِ ابْنَيْهِ عَلَى الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ يُبَاعُ الْعَبْدُ فَيَسْتَوْفِي الِابْنُ دَيْنَهُ ، ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْأَجْنَبِيُّ خَمْسَمِائَةٍ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمَيِّتِ خَمْسَمِائَةٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا سَقَطَ دَيْنُ الِابْنِ وَيَسْتَوْفِي نِصْفَهُ أَوَّلًا مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ، ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْأَجْنَبِيُّ دَيْنَهُ خَمْسَمِائَةٍ يَبْقَى مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ثُلُثَاهَا لِلِابْنِ الدَّائِنِ ، وَالثُّلُثُ لِلْآخَرِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَكَانَ الْبَاقِي بَعْدَ دَيْنِ الْمُوَرِّثِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَكَذَا هَذَا فَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى وَعَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَبِرَقَبَةِ الْعَبْدِ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الْمَرَضِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فِي صِحَّةِ مَوْلَاهُ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِ مَوْلَاهُ يَتَحَاصَّانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ فَأَقَرَّ الْمَوْلَى فِي مَرَضِهِ بِأَلْفٍ ، ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ تَحَاصَّا فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَوَّلًا ، ثُمَّ الْمَوْلَى بُدِئَ بِدَيْنِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ يُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى تَعَلُّقًا .
وَلَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ أَوْ لِعَبْدِ مَوْلَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَيَثْبُتُ لِلْمَوْلَى مُطَالَبَةُ عَبْدِهِ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ

سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ ابْنُ فُلَانٍ وَلَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ صُدِّقَ وَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْقِنَّ مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُ ، وَالْعَبْدُ سَاكِتٌ ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ ابْنُ فُلَانٍ لَا يُصَدَّقُ مِنْ الْوَجِيزِ .

الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِرَجُلٍ ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُجِزْ الْغَرِيمُ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ ، وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ وَلَوْ وَهَبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهَا وَيَبِيعُهُ الْقَاضِي فَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَلِلْوَاهِبِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .

وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ ، ثُمَّ أَرَادَ الرَّدَّ بِالْخِيَارِ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ سَمْنًا فِي يَدِهِ وَزَادَتْ قِيمَتُهُ ، ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ جَارِيَةً مَثَلًا وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ حَتَّى وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ، ثُمَّ تَقَايَلَا فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمَا .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ صَحِيحَةٌ مِنْ الْمَجْمَعِ قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا وَقَبَضَهَا إذْ قَبْلَ الْقَبْضِ هِيَ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مَدْيُونًا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ تَصِحُّ مِنْ الْمَأْذُونِ مَدْيُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْمَنْظُومَةِ وَشُرُوحِهَا .

عَبْدٌ مَأْذُونٌ بَيْنَ مَوْلَيَيْنِ أَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَأَجْنَبِيٌّ كَذَلِكَ فَبِيعَ الْعَبْدُ بِمِائَةٍ أَوْ مَاتَ وَخَلَفَ مِنْ كَسْبِهِ مِائَةً أَوْ قُتِلَ وَاسْتُوْفِيَتْ الْقِيمَةُ مِائَةً مِنْ قَاتِلِهِ تُقْسَمُ هَذِهِ الْمِائَةُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ ، وَالْمَوْلَى الْغَرِيمِ أَثْلَاثًا ؛ لِأَنَّهُ بَطَلَ نِصْفُ دَيْنِهِ بِمُلَاقَاتِهِ مِلْكَهُ إذْ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا فَصَارَ كَمَيِّتٍ تَرَكَ مِائَةً وَلَهُ غَرِيمٌ بِمِائَةٍ وَغَرِيمٌ بِخَمْسِينَ وَعِنْدَهُمَا تُقَسَّمُ أَرْبَاعًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ ، وَالرُّبْعُ لِلْمَوْلَى الْغَرِيمِ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَعُولُ فَخَمْسُونَ لَاقَتْ نَصِيبَهُ وَدَيْنُهُ لَا يَثْبُتُ فِي نَصِيبِهِ فَسَلَّمَ ذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيِّ وَخَمْسُونَ لَاقَتْ نَصِيبَ الْمَوْلَى الْآخَرِ فَاسْتَوَى فِيهِ حَقُّ الْأَجْنَبِيِّ ، وَالْمَوْلَى الْغَرِيمِ فَتَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهُوَ يَقُولُ الدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْعَيْنِ فَيَعُولُ وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَيْهِ مِائَةٌ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَنِصْفُ الْمِائَةِ تَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَنِصْفُهَا لِلْمَوْلَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْحَقَائِقِ .

وَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِافْتِضَاضِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَدْفَعُهُ مَوْلَاهُ أَوْ يَفْدِيهِ وَقَالَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِالِافْتِضَاضِ بِأُصْبُعِهِ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَرَدَّهُ الْمَوْلَى لِلرِّقِّ فَضَمَانُ الْمَهْرِ فِي الْحُرَّةِ ، وَالْعُقْرِ فِي الْأَمَةِ مُتَأَخِّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُؤْخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : إنْ قَضَى الْقَاضِي بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ عَجْزِهِ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِهِ قَبْلَ الْعَجْزِ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ .

وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا ، ثُمَّ وَطِئَهَا فَرَدَّهَا أَخَذَ بِالْعُقْرِ فِي الْحَالِ هَذِهِ فِي الْمُكَاتَبِ مِنْ الْهِدَايَةِ .

وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدِ مَأْذُونِهِ الَّذِي لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ وَهُوَ مَجْهُولُ النَّسَبِ هَذَا ابْنِي ، وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ صَالِحٌ أَنْ يُولَدَ مِنْهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا الَّذِي لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ إذْ لَوْ وُلِدَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمَأْذُونِ وَادَّعَاهُ الْمَوْلَى صَحَّ اتِّفَاقًا .

وَلَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى عَبْدَ مَأْذُونِهِ الْمُسْتَغْرِقِ الْمَدْيُونِ فَضَمَانُهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْهُ وَقَالَا ضَمَانُ إتْلَافٍ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ فِي الْحَالِ مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ .

وَإِنْ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى مَأْذُونِهِ لَمْ يَنْحَجِرْ حَتَّى يَظْهَرَ حَجْرُهُ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انحجر يَتَضَرَّرُ النَّاسُ لِتَأْخِيرِ حَقِّهِمْ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ وَقَدْ بَايَعُوهُ عَلَى رَجَاءِ ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ حَتَّى لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي السُّوقِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ لَمْ يَنْحَجِرْ وَلَوْ بَايَعُوهُ جَازَ وَلَوْ بَايَعَهُ الَّذِي عَلِمَ حَجْرَهُ .
وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ سُوقِهِ يَنْحَجِرُ ، وَالْمُعْتَبَرُ شُيُوعُ الْحَجْرِ وَاشْتِهَارُهُ فَيُقَامُ ذَلِكَ مَقَامَ الظُّهُورِ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ مِنْ الرُّسُلِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ وَيَبْقَى الْعَبْدُ مَأْذُونًا إلَى أَنْ يَعْلَمَ بِالْحَجْرِ ، وَإِنَّمَا شَرَطَ الشُّيُوعَ فِي الْحَجْرِ إذَا كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا الْعَبْدُ ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ بِعِلْمٍ مِنْهُ يَنْحَجِرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الصُّغْرَى : الْحَجْرُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مِثْلَ الْإِذْنِ فَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ عَامًّا اُشْتُهِرَ عِنْدَ أَهْلِ السُّوقِ لَا يَنْحَجِرُ حَتَّى يَكُونَ الْحَجْرُ كَذَلِكَ وَإِذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ بِهِ إلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْحَجْرُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْعَبْدِ وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ يَصِحُّ الْحَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ وَإِذَا حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فِي سُوقِهِ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَنْحَجِرْ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ مَحْجُورًا ا هـ .
وَإِنْ رَآهُ الْمَوْلَى يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بَعْدَمَا حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ فَلَمْ يَنْهَهُ ، ثُمَّ عَلِمَ الْعَبْدُ بِالْحَجْرِ يَبْقَى مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا .

وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ جُنَّ مُطْبِقًا صَارَ مَحْجُورًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَهْلُ سُوقِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَبَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا يَعُودُ الْإِذْنُ وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَبِالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ إلَّا عِنْدَ الْقَبْضِ أَوْ الْإِجَازَةِ وَفِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَبِالْإِبَاقِ يَصِيرُ مَحْجُورًا وَبِالْعَوْدِ مِنْ الْإِبَاقِ لَا يَعُودُ الْإِذْنُ وَبِمَوْتِ الْأَبِ ، وَالْوَصِيِّ يَنْحَجِرُ الصَّبِيُّ وَعَبْدُهُ الْمَأْذُونُ وَبِعَزْلِ الْقَاضِي وَبِمَوْتِهِ لَا يَنْحَجِرُ .

وَإِذَا حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَلَهُ عَبْدٌ مَأْذُونٌ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ يَنْحَجِرُ كِلَاهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ يَنْحَجِرُ الثَّانِي وَبِمَوْتِ الْأَوَّلِ يَنْحَجِرُ كِلَاهُمَا كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ دَيْنٌ أَمْ لَا مِنْ الْوَجِيزِ .

وَإِذَا لَحِقَ الْمَوْلَى بِدَارِ الْحَرْبِ يَصِيرُ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَأْذُونُ لَهَا مِنْ مَوْلَاهَا صَارَتْ مَحْجُورَةً وَيَضْمَنُ الْمَوْلَى قِيمَتَهَا إنْ رَكِبَهَا دُيُونٌ وَإِنْ اسْتَدَانَتْ الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَدَبَّرَهَا الْمَوْلَى فَهِيَ مَأْذُونٌ لَهَا عَلَى حَالِهَا .

بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَارَ مَحْجُورًا عَلِمَ أَهْلُ السُّوقِ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ أَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ مُؤَجَّلًا لَا يَنْحَجِرُ الْمَوْلَى عَنْ الْبَيْعِ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ هَذَا الْبَيْعِ وَلَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْفَى بِالدَّيْنِ فَإِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ وَقَضَى دَيْنَهُ نَفَذَ الْبَيْعُ السَّابِقُ وَكَمَا لَا يَبِيعُهُ الْمَوْلَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ لَا يَبِيعُ مَا فِي يَدِهِ ، وَإِنَّمَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي .

الْمُدَبَّرُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَأَبَقَ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا .

وَإِذَا غَصَبَ الْمَأْذُونَ غَاصِبٌ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ قَالُوا الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا وَإِذَا أَسَرَهُ الْعَدُوُّ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا قَبْل الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ يَصِيرُ مَحْجُورًا فَإِنْ وَصَلَ إلَى مَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ مَأْذُونًا .

وَتَعْلِيقُ الْحَجْرِ بَاطِلٌ كَتَعْلِيقِ الرَّجْعَةِ وَكَذَا إضَافَةُ الْحَجْرِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَاطِلٌ وَإِضَافَةُ الْإِذْنِ جَائِزٌ .

وَإِذَا أَخْبَرَ الْمَأْذُونَ بِالْحَجْرِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ اتِّفَاقًا وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا بَلْ كُلٌّ مِنْ الْحَجْرِ ، وَالْإِذْنِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَإِذَا حَجَرَ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ وَمَعْنَاهُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَمَانَةٌ لِغَيْرِهِ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ أَوْ يُقِرُّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَيُقْضَى مِمَّا فِي يَدِهِ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ مَوْلَاهُ اتِّفَاقًا وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بَعْدَمَا انْتَزَعَ الْمَوْلَى مِنْ يَدِهِ الْمَالَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ .

لَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فَتَصَرَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ مَا فِي يَدِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ بَاطِلَةٌ مَا خَلَا الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ ، الْوَدِيعَةِ ، وَالْبِضَاعَةِ وَعِنْدَهُمَا كُلُّهَا بَاطِلَةٌ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْحَجْرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَعْرُوفٌ وَجَبَ عَلَيْهِ حَالَةَ الْإِذْنِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِدَيْنِ الْحَجْرِ وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ أَلْفٌ أَخَذَهَا مَوْلَاهُ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ وَدِيعَةً ، ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ غَصْبًا فِي يَدِهِ لَزِمَهُ إذَا عَتَقَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ وَلَوْ وُهِبَ لِعَبْدٍ مَحْجُورٍ أَلْفٌ فَلَمْ يَأْخُذْهَا الْمَوْلَى حَتَّى اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ أَلْفًا ، ثُمَّ اسْتَهْلَكَ أَيْضًا أَلْفًا أُخْرَى كَانَتْ الْأَلْفُ لِلْمَوْلَى ، وَالدَّيْنَانِ فِي رَقَبَتِهِ وَلَوْ لَحِقَهُ دَيْنُ الِاسْتِهْلَاكِ ، ثُمَّ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ تُصْرَفُ الْهِبَةُ إلَى دَيْنِهِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ ، ثُمَّ وُهِبَ لَهُ ، ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ آخَرُ تُصْرَفُ الْهِبَةُ إلَى الدَّيْنِ الْأَوَّلِ .

وَإِذَا حُجِرَ الْمَأْذُونُ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ كَانَ الْخَصْمُ فِيهَا الْعَبْدُ حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا الْعَبْدُ بَرِئَ الْغَرِيمُ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَلَوْ بِيعَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ فَالْخَصْمُ فِيهَا الْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَقْبِضُهَا بَلْ يُحِيلُ بِالْقَبْضِ إلَى الْغُرَمَاءِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَارِثِ .

وَلَوْ اشْتَرَى الْمَحْجُورُ مَتَاعًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ ، ثُمَّ عَتَقَ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْمَتَاعِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ وَيُقَالُ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ .

وَلَوْ اشْتَرَى الْمَحْجُورُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَ وَرَبِحَ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ اسْتِحْسَانًا إذَا عَلِمَ أَنَّ ثَمَنَ عَبْدِهِ فِي يَدِهِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى فَقَالَ هُوَ هِبَةٌ وَهِبَتُهُ مِنْ عَبْدِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ .

عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اكْتَسَبَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا ثَوْبًا ، وَالسَّيِّدُ يَنْظُرُ إلَيْهِ فَسَكَتَ صَارَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالدَّرَاهِمِ عَلَى الْبَائِعِ عَبْدٌ مَحْجُورٌ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْلَاهُ بِذَلِكَ حَتَّى بَاعَ الْعَبْدَ ، ثُمَّ أَجَازَ الشِّرَاءَ لَمْ يَجُزْ هَذَا الشِّرَاءُ أَبَدًا وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى بَاعَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِ الثَّوْبِ ، ثُمَّ عَلِمَ فَأَجَازَ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ هَذَا الْبَيْعُ .

عَبْدٌ مَحْجُورٌ ادَّانَ رَجُلًا دَيْنًا فَأَذِنَ مَوْلَاهُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْعَبْدِ فَقَضَاهُ الْغَرِيمُ ذَكَرَ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ رَدَّ عَلَى الْعَبْدِ عَيْنَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ بَرِئَ وَإِنْ رَدَّ غَيْرَهَا لَمْ يَبْرَأْ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَالْفُضُولِيِّ إذَا ادَّانَ مَالَ غَيْرِهِ فَبِقَضَاءِ الدَّيْنِ يَبْرَأُ .

وَلَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَلَا مَالَ فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْذُونٌ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى سَأَلَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ قَالَ كَانَ حَقًّا لَزِمَهُ وَإِنْ قَالَ كَانَ بَاطِلًا تَأَخَّرَ حَتَّى يُعْتَقَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ ، وَالْمَعْتُوهُ مِنْ الْوَجِيزِ إذَا حَجَرَ الْمَأْذُونَ وَفِي يَدِهِ أَلْفٌ مَثَلًا ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ ثَانِيًا فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ دَيْنٍ لَزِمَهُ فِي الْإِذْنِ الْأَوَّلِ يُقْضَى مِنْ تِلْكَ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا هِيَ لِلْمَوْلَى وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فَيُؤْمَرُ الْمَوْلَى بِقَضَائِهِ أَوْ بِبَيْعِهِ فِيهِ مِنْ الْمَجْمَعِ .

رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ إنْسَانٍ هِبَةً ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ ، وَقَالَ الْوَاهِبُ بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ فَأَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ قَالَ هَذَا الَّذِي بِعْتُكَ لِمَوْلَايَ وَأَنَا مَحْجُورٌ يُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَبْدٌ بَاعَ شَيْئًا مِنْ رَجُلٍ ، ثُمَّ قَالَ أَنَا مَحْجُورٌ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ .

الْأَمَةُ الْمَحْجُورَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا ، ثُمَّ عَتَقَتْ نَفَذَ نِكَاحُهَا وَكَانَ الْمَهْرُ لَهَا مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَلَوْ بَاعَ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ ، ثُمَّ بَلَغَ فَإِنْ أَجَازَهُ أَقْرِبَاؤُهُ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ مِنْ الْمَجْمَعِ .

اشْتَرَتْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ بِمَالِ الْكَسْبِ فِي دَارِ الْمَوْلَى وَأَوْدَعَتْهَا رَجُلًا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ الْمُودَعُ ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .

( فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ إلَّا عَلَى مَنْ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى الْعَامَّةِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ الطَّبِيبُ الْجَاهِلُ الَّذِي يَسْقِي الْإِنْسَانَ مَا يَضُرُّهُ وَيُهْلِكُهُ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ شِفَاءٌ وَدَوَاءٌ الثَّانِي الْمُفْتِي الْمَاجِنُ وَهُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْجَهْلَ أَوْ يُفْتِي بِالْجَهْلِ ، وَالثَّالِثُ الْمُكَارِي الْمُفْلِسُ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَلَا يَمْنَعُ عَنْهُ مَالَهُ ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَجُوزُ بِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ أُخْرَى مِنْهَا الدَّيْنُ إذَا رَكِبَ الرَّجُلَ دُيُونٌ فَطَلَبَ غُرَمَاؤُهُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ كَيْلًا يُتْلِفَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَيُشْهِدُ عَلَى حَجْرِهِ ، وَالثَّانِي عِنْدَهُمَا السَّفِيهُ يَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ بِطَلَبِ أَوْلِيَائِهِ وَعَلَى الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يَصْبِرُ عَنْهَا وَيُغَابَنُ فِيهَا وَلَا يَحْجُرُ عَلَى الْفَاسِقِ الَّذِي يَرْتَكِبُ الْمَعَاصِيَ إذَا كَانَ لَا يُبَذِّرُ مَالَهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ حَضْرَةُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الْحَجْرُ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا إلَّا أَنَّ الْغَائِبَ لَا يُحْجَرُ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَجْرُ وَيَعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ حَجَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ الْعِلْمِ بَعْدَ الْحَجْرِ يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ وَإِذَا حَجَرَ عَلَى الْمَدْيُونِ يَظْهَرُ أَثَرُ الْحَجْرِ فِي مَالِهِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْحَجْرِ لَا فِيمَا يَكْتَسِبُ وَيَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَيَمْنَعُ هَذَا الْمَحْجُورَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَلَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ فَإِذَا زَالَ دَيْنُ هَذَا الْغَرِيمِ يَظْهَرُ صِحَّةُ إقْرَارِهِ السَّابِقِ وَكَذَا لَوْ اكْتَسَبَ مَالًا يَنْفَدُ إقْرَارُهُ فِيمَا اكْتَسَبَ وَإِنْ كَانَ

دَيْنُهُ الْأَوَّلُ قَائِمًا وَيَنْفُذُ تَبَرُّعَاتُهُ فِيمَا اكْتَسَبَ مَعَ بَقَاءِ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ صَحَّ نِكَاحُهُ فَإِذَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمَالِ الَّذِي حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ .
وَلَوْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ صَحَّ إعْتَاقُهُ أَوْ تَدْبِيرُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجَدُّ ، وَالْهَزْلُ يَنْفُذُ مِنْهُ وَمَا لَا يَنْفُذُ مِنْ الْهَازِلِ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَبِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ وَمَنْ لَهُ الضَّمَانُ يُحَاصُّ الْغَرِيمُ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ فِيمَا كَانَ فِي يَدِهِ .
وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ يُحَاصُّ الْغَرِيمُ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهَا وَمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ عَقَارِهِ أَوْ عُرُوضِهِ مِنْ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ وَحُجِرَ لِدَيْنِهِمَا فَبَاعَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَلَا يَصِيرُ كُلُّ الثَّمَنِ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ فِيهِ إيثَارَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ عَلَى الْبَعْضِ وَلَكِنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ لِقَوْمٍ لَهُمْ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ فَقَضَى دَيْنَ بَعْضِهِمْ تُسَلَّمُ لَهُ حِصَّتُهُ فِيمَا قَبَضَ وَيَدْفَعُ مَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ مَالَهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَذَ وَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُبَذِّرًا مُفْسِدًا يُتْلِفُ مَالَهُ فِيمَا لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَصْلَحَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ أَبَدًا حَتَّى يُؤْنِسَ الرُّشْدَ وَيَحْجُرَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَلَوْ بَاعَ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَجَازَهُ الْحَاكِمُ .
وَلَوْ بَاعَ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ يَكُونُ مَحْجُورًا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا ، ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا نَفَذَ عِتْقُهُ عِنْدَهُمَا وَكَانَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ جَازَ وَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يُؤْنِسْ مِنْهُ الرُّشْدَ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا كَمَا إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ .

وَلَوْ جَاءَتْ جَارِيَةٌ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا ، وَالْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ ، وَقَالَ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا وَإِنْ مَاتَ سَعَتْ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا .

وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً جَازَ نِكَاحُهَا وَإِنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا جَازَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا النِّصْفُ فِي مَالِهِ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَةَ نِسْوَةٍ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .

لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ مُصْلِحًا فَاتَّجَرَ بِمَالٍ وَأَقَرَّ بِدُيُونٍ وَوَهَبَ وَتَصَدَّقَ وَغَيْرَ ذَلِكَ ، ثُمَّ فَسَدَ وَصَارَ صَالِحًا وَمُسْتَحِقًّا لَأَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فَمَا صَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ قَبْلَ الْفَسَادِ تَكُونُ نَافِذَةً وَمَا صَنَعَ بَعْدَ مَا فَسَدَ تَكُونُ بَاطِلَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي مَا فَعَلَ قَبْلَ الْفَسَادِ وَيُبْطِلُ مَا فَعَلَ بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هَذَا الْعَارِضُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ ، وَالْمَجْنُونِ وَهُمَا يَكُونَانِ مَحْجُورَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِنَفْسِ الْفَسَادِ لَا يَكُونُ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَيُمْضِي مَا فَعَلَ قَبْلَ الْحَجْرِ وَهُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَحْجُورُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ جَائِزٌ وَفِي الْمَحْجُورِ بَاطِلٌ ، وَالثَّانِي إعْتَاقُ الْمَحْجُورِ وَتَدْبِيرُهُ وَطَلَاقُهُ وَنِكَاحُهُ جَائِزٌ وَمِنْ الصَّبِيِّ بَاطِلٌ ، وَالثَّالِثُ الْمَحْجُورُ إذَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ جَازَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَمِنْ الصَّبِيِّ لَا يَجُوزُ ، وَالرَّابِعُ جَارِيَةُ الْمَحْجُورِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَمِنْ الصَّبِيِّ لَا يَثْبُتُ مِنْ قَاضِي خَانْ .

وَفِي الْأَشْبَاهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ إلَّا فِي النِّكَاحِ ، وَالطَّلَاقِ ، وَالْعَتَاقِ ، وَالِاسْتِيلَادِ ، وَالتَّدْبِيرِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَالْعِبَادَاتِ وَزَوَالِ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ ، وَالْإِنْفَاقِ وَفِي صِحَّةِ وَصَايَاهُ بِالْقُرَبِ مِنْ الثُّلُثِ فَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي هَذِهِ وَحُكْمُهُ كَالْعَبْدِ فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ وَأَمَّا إقْرَارُهُ فَفِي التتارخانية أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَهُمَا انْتَهَى ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ عَلَى نَوْعَيْنِ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْهَازِلِ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ، وَمَا يَصِحُّ مِنْ الْهَازِلِ كَالنِّكَاحِ ، وَالطَّلَاقِ يَصِحُّ مِنْهُ وَإِذَا أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةٍ صَحَّ الْإِعْتَاقُ وَلَا يُجْزِئُهُ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَكَذَا لَوْ أَطْعَمَ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ ، وَالْمَرْأَةُ السَّفِيهَةُ الْمَحْجُورَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الْمَحْجُورِ فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُخَيَّرُ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ كَمَّلَ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بِمَا وَجَبَ وَلَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ وَلَوْ أَنَّ الْمَحْجُورَةَ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الِالْتِزَامَ لِلْمَالِ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ ، ثُمَّ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا يُقَابِلُ الْبَدَلَ أَصْلًا فَيَكُونُ رَجْعِيًّا وَهِيَ كَالصَّغِيرَةِ إذَا اُخْتُلِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ يَكُونُ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ تَحْتَ يَدِ زَوْجٍ فَاخْتَلَعَتْ عَلَى مَالٍ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَكُونُ بَائِنًا ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ فَإِنْ فَعَلَتْ بِإِذْنِ

الْمَوْلَى يَجِبُ الْمَالُ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُفْسِدَةً مَحْجُورَةً فَاخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا عَلَى مَالٍ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَالُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ .
وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا سَفِيهًا مَحْجُورًا اسْتَقْرَضَ مَالًا لِيُعْطِيَ صَدَاقَ الْمَرْأَةِ صَحَّ اسْتِقْرَاضُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِ الْمَرْأَةَ وَصَرَفَ الْمَالَ فِي حَوَائِجِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9