كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْإِيمَاءِ إلَيْهِ مِنْ قِيَامٍ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ ت ( قَوْلُهُ : فَلَعَلَّهُ لَحَظَ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ طَوَّلَ ) الرُّكْنَ عَلَى مَا يَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ ( ، فَالْكُلُّ فَرْضٌ ) أَيْ يَقَعُ فَرْضًا ( وَكَذَا مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ ) ، وَإِنْ وَقَعَ مُرَتَّبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَإِخْرَاجُ بَعِيرٍ فِي الْخُمُسِ ) وَبَدَنَةٍ مُضَحًّى بِهَا بَدَلًا عَنْ شَاةٍ مَنْذُورَةٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَيْضًا هُنَا فِي الْمَجْمُوعِ ، وَالتَّحْقِيقِ ، لَكِنْ صَحَّحَ فِيهِمَا فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّ الزَّائِدَ يَقَعُ نَفْلًا وَكَذَا صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ النَّذْرِ فِي الْبَدَنَةِ ، أَوْ الْبَقَرَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ شَاةٍ أَنَّ الْفَرْضَ سُبْعُهَا وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الزَّكَاةِ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ هُنَاكَ أَنَّ الزَّائِدَ فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ فَرْضٌ وَفِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ نَفْلٌ وَادَّعَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ الْبَعِيرِ لَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ بَعْضِ الْبَقِيَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ طَوَّلَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ طَوَّلَ الثَّالِثَةَ .
( قَوْلُهُ : وَادَّعَى اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى تَصْحِيحِهِ ) هُوَ الْأَصَحُّ

( فَرْعٌ لَوْ شَقَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ ) فِي الْفَرِيضَةِ ( مَشَقَّةً شَدِيدَةً ) كَخَوْفِ غَرَقٍ وَدَوْرَانِ رَأْسٍ لِرَاكِبِ سَفِينَةٍ ( قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ ) لِخَبَرِ عِمْرَانَ السَّابِقِ ( وَ ) قُعُودُهُ ( مُفْتَرِشًا أَفْضَلُ ) ؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ لَا يَعْقُبُهُ سَلَامٌ كَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ( وَالْإِقْعَاءُ ) فِي قُعُودِهِ هَذَا وَسَائِرِ قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ : أَنْ يَجْلِسَ عَلَى وَرِكَيْهِ وَيَنْصِبَ فَخِذَيْهِ وَزَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ( مَكْرُوهٌ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَتَفْسِيرُ الْإِقْعَاءِ الْمَكْرُوهِ بِأَنْ يَفْرِشَ رِجْلَيْهِ يَعْنِي أَصَابِعَهُمَا وَيَضَعُ أَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ غَلَطٌ .
فَفِي مُسْلِمٍ { الْإِقْعَاءُ سُنَّةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } وَفَسَّرَهُ الْعُلَمَاءُ بِهَذَا قَالُوا فَالْإِقْعَاءُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الثَّانِي وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ .
ا هـ .
وَاسْتِحْبَابُ ذَلِكَ فِيهِ لَا يُنَافِي تَصْحِيحَ اسْتِحْبَابِ الِافْتِرَاشِ فِيهِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ جَوَابَهُ فَقَالَ وَكِلَاهُمَا سُنَّةٌ ، لَكِنْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ فَكَانَتْ أَفْضَلَ .

( قَوْلُهُ : مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ ) كَأَنْ يَذْهَبَ خُشُوعُهُ بِسَبَبِ مَرَضِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَنْ رَجُلٍ يَتَّقِي الشُّبُهَاتِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَأْكُولٍ يَسُدُّ الرَّمَقَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ فَضَعُفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ ، وَالْقِيَامِ فِي الْفَرَائِضِ هَلْ هُوَ مُصِيبٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي وَرَعٍ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى د ( قَوْلُهُ : قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ ) هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا بِالِانْحِنَاءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الرُّكُوعِ إلَى حَدِّ رُكُوعِهِ أَمْ لَا قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ لَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ جَاهِلًا وَإِلَّا فَتَبْطُلُ وَإِذَا وَقَعَ الْمَطَرُ وَهُوَ فِي بَيْتٍ لَا يَسَعُ قَامَتَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ مُكْتَنٌّ غَيْرُهُ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ مَكْتُوبَةً بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ قُعُودًا أَمْ لَا إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ كَمَا فُهِمَ مِنْ الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَقَامِ أَمْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَيُصَلِّيَ قَائِمًا فِي مَوْضِعٍ يُصِيبُهُ الْمَطَرُ .
فَإِنْ قِيلَ بِالتَّرَخُّصِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ إنْ كَانَتْ الْمَشَقَّةُ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَيْهِ لَوْ صَلَّى فِي الْمَطَرِ دُونَ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَى الْمَرِيضِ لَوْ صَلَّى قَائِمًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا ، أَوْ أَشَقَّ مِنْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ قَاعِدًا نَعَمْ هَلْ الْأَفْضَلُ لَهُ التَّقْدِيمُ ، أَوْ التَّأْخِيرُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا فِيهِ مَا فِي التَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إذَا كَانَ يَرْجُو الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمَطَرَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بِهِ وَلَا يَجِبُ الْإِعَادَةُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَّافِ لَا رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ الْقِيَامُ شَرْطٌ فَعَلَيْهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ قَائِمًا ( فَرْعٌ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ افْتَتَحَ

الصَّلَاةَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ ، ثُمَّ أَطَاقَهُ فَأَبْطَأَ حَتَّى عَادَ الْعَجْزُ فَمَنَعَهُ الْقِيَامُ نَظَرَ فِي حَالِهِ حِين أَطَاقَ الْقِيَامَ ، فَإِنْ كَانَ قَاعِدًا فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ مِنْ صَلَاةِ الْمُطِيقِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ قَاعِدًا فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَزِمَهُ الْإِعَادَةُ ت ( قَوْلُهُ : وَمُفْتَرِشًا أَفْضَلُ ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَصَّهُ فِي الْحَاوِي بِالرَّجُلِ وَهُوَ شَاذٌّ ( قَوْلُهُ ، وَالْإِقْعَاءُ مَكْرُوهٌ ) يُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يَقْعُدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ح .

( وَحَاذَى ) الْمُصَلِّي قَاعِدًا ( فِي رُكُوعِهِ بِجَبْهَتِهِ قُدَّامَ رُكْبَتَيْهِ ) فَهَذَا أَقَلُّ رُكُوعِهِ ( ، وَالْأَكْمَلُ ) أَنْ يُحَاذِيَ ( مَوْضِعَ سُجُودِهِ ) ، وَهُمَا عَلَى وِزَانِ رُكُوعِ الْقَائِمِ فِي الْمُحَاذَاةِ وَسَيَأْتِي كَذَا قِيلَ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى وِزَانِهِ وَإِنْ كُنْت مَشَيْت عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ؛ لِأَنَّ الرَّاكِعَ مِنْ قِيَامٍ لَا يُحَاذِي مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَإِنَّمَا يُحَاذِي مَا دُونَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْجُدُ فَوْقَ مَا يُحَاذِيه وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِمُحَاذَاتِهِ ذَلِكَ مُحَاذَاتُهُ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّظَرِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ ) عَنْ ثَوَابِ الْمُصَلِّي قَائِمًا ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ .

( وَإِنْ خَافَ رَقِيبُ الْغُزَاةِ ، أَوْ الْكَمِينُ ) مِنْهُمْ إنْ صَلَّوْا قِيَامًا ( رُؤْيَةَ عَدُوٍّ ) لَهُمْ ( صَلُّوا قُعُودًا ، ثُمَّ أَعَادُوا ) لِنُدْرَةِ الْعُذْرِ ( لَا ) وَفِي نُسْخَةٍ إلَّا ( إنْ خَافُوا قَصْدَهُمْ ) أَيْ قَصْدَ الْعَدُوِّ لَهُمْ فَلَا تَلْزَمُهُمْ الْإِعَادَةُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي ، لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ لُزُومَهَا أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ .
نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ .
ا هـ .
وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَعْظَمُ مِنْهُ ثَمَّ .

( وَإِنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ، ثُمَّ عَجَزَ ) فِي أَثْنَائِهَا ( قَعَدَ ) لِيُكْمِلَهَا ( وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا لِيَرْكَعَ وَلَا ) يُكَلَّفُ ( تَرْكَ جَمَاعَةٍ ) يُصَلِّي مَعَهَا قَاعِدًا لِيُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا قَائِمًا ( وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ ) لِلْقِرَاءَةِ وَلِلْجَمَاعَةِ ( فِيهِمَا ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ ( أَحَبُّ ) وَإِنَّمَا كَانَ أَحَبَّ ؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْقِيَامِ أَوْلَى لِكَوْنِهِ رُكْنًا .
وَذِكْرُ أَحَبِّيَّةِ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي نُسْخَةٍ فِيهَا فَلَا زِيَادَةَ وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ ، وَإِنْ زَادَ عَجَزَ صَلَّى بِالْفَاتِحَةِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّتُهُ : لُزُومُ ذَلِكَ ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ بِأَفْضَلِيَّتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى .
( قَوْلُهُ : وَلَا تَرْكُ جَمَاعَةٍ إلَخْ ) اغْتَفَرُوا تَرْكَ الْقِيَامِ لِأَجْلِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَغْتَفِرُوا الْكَلَامَ النَّاشِئَ عَنْ التَّنَحْنُحِ لِسُنَّةِ الْجَهْرِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَامَ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ ، وَقَدْ أُتِيَ بِبَدَلٍ عَنْهُ ، وَالْكَلَامَ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَاعْتِنَاءُ الشَّارِحِ بِدَفْعِهِ أَهَمُّ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَلَامَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْقُعُودِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَرْكَانِهَا ح .

( فَرْعٌ لَوْ نَالَهُ مِنْ الْقُعُودِ تِلْكَ الْمَشَقَّةَ ) الْحَاصِلَةَ مِنْ الْقِيَامِ ( اضْطَجَعَ ) وُجُوبًا عَلَى جَنْبِهِ ( مُسْتَقْبِلًا ) الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ ( وَ ) اضْطِجَاعُهُ ( عَلَى الْأَيْمَنِ أَفْضَلُ ) وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَيْسَرِ بِلَا عُذْرٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ( ثُمَّ ) إنْ تَعَذَّرَ الِاضْطِجَاعُ صَلَّى ( مُسْتَلْقِيًا ) وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ ( كَالْمُحْتَضَرِ ) فِي تَأَخُّرِ اسْتِلْقَائِهِ عَنْ اضْطِجَاعِهِ عَلَى جَنْبِهِ ( وَرَأْسُهُ أَرْفَعُ ) بِأَنْ يَرْفَعَ وِسَادَتَهُ لِيَتَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ لِلْقِبْلَةِ .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا فِي غَيْرِ الْكَعْبَةِ أَمَّا فِيهَا ، فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَلَى وَجْهِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَمَا تَوَجَّهَ فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِجُزْءٍ مِنْهَا نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَقْفٌ اتَّجَهَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ أَيْ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ وَلَعَلَّنَا نَزْدَادُ فِيهَا عِلْمًا ، أَوْ نَشْهَدُ فِيهَا نَقْلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُخْتَصَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى .

( قَوْلُهُ : اضْطَجَعَ مُسْتَقْبِلًا ) لَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِأَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الْمَرِيضَ الْمُضْطَجِعَ الْقُعُودُ مُسْتَنِدًا إلَى مِخَدَّةٍ ، أَوْ جِدَارٍ ، أَوْ آدَمِيٍّ ، أَوْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِمُعِينٍ يُقْعِدُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ فِي الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ وَلَعَلَّ الْوُجُوبَ هُنَا أَظْهَرُ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ أَشَقُّ ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْجُمْهُورُ ، وَالْعَجْزُ عَنْ الْقُعُودِ يَحْصُلُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَجْزُ عَنْ الْقِيَامِ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقُعُودُ مُسْتَنِدًا بَلْ جِلْسَةً بَيْنَ الْقَاعِدِ ، وَالْمُسْتَلْقِي مَعَ اسْتِنَادٍ إلَى شَيْءٍ وَغَالِبُ أَسَافِلِهِ مُمْتَدَّةٌ إلَى نَحْوِ الْقِبْلَةِ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ هَذِهِ الْهَيْئَةُ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْعُدُولُ عَنْهَا إلَى الِاضْطِجَاعِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْقُعُودِ ، أَوْ يُقَالُ لَا ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا رُتْبَةً فِيهِ نَظَرٌ ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ ت وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ، فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى ظَهْرِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : اُتُّجِهَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا زَعَمَ أَنَّهُ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ أَرْضَ الْكَعْبَةِ وَظَهْرَهَا لَيْسَا بِالْقِبْلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَجِبُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ فِي الْمُنْكَبِّ عَلَى وَجْهِهِ

( وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ) بِقَدْرِ إمْكَانِهِ ( فَإِنْ قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى الرُّكُوعِ فَقَطْ كَرَّرَهُ لِلسُّجُودِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى أَكْمَلِ الرُّكُوعِ تَعَيَّنَتْ ) تِلْكَ الزِّيَادَةُ ( لِلسُّجُودِ ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاجِبٌ عَلَى الْمُتَمَكِّنِ .

( وَلَوْ عَجَزَ ) عَنْ السُّجُودِ ( إلَّا أَنْ يَسْجُدَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ، أَوْ صُدْغِهِ وَكَانَ بِذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ وَجَبَ ) ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ ( فَإِنْ عَجَزَ ) عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا ( أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ ) مِنْ الرُّكُوعِ ( فَإِنْ عَجَزَ ) عَنْ إيمَائِهِ بِرَأْسِهِ ( فَبِطَرْفِهِ ) أَيْ بَصَرِهِ ( فَإِنْ عَجَزَ ) عَنْ الْإِيمَاءِ بِطَرْفِهِ إلَى أَفْعَالِ الصَّلَاةِ ( أَجْرَاهَا عَلَى قَلْبِهِ بِسُنَنِهَا ) وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ( وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ ) الصَّلَاةُ ( وَعَقْلُهُ ثَابِتٌ ) لِوُجُودِ مَنَاطِ التَّكْلِيفِ .

( فَرْعٌ لَوْ خَافَ ) مَنْ بِعَيْنِهِ وَجَعٌ ( الْعَمَى ) ، أَوْ بُطْءَ الْبُرْءِ ، أَوْ نَحْوَهُ ( إلَّا ) إذَا صَلَّى ( مُسْتَلْقِيًا ) بِإِخْبَارِ طَبِيبٍ ثِقَةٍ ، أَوْ بِمَعْرِفَتِهِ ( صَلَّى كَذَلِكَ ) أَيْ مُسْتَلْقِيًا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ ، وَالْإِفْطَارِ وَأَمَّا نَهْيُ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهُ لَمَّا اسْتَفْتَاهُمْ فَلَمْ يَصِحَّ ، نَعَمْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ افْعَلْ ذَلِكَ فَكَرِهَهُ ، وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ وَكَالِاسْتِلْقَاءِ الِاضْطِجَاعُ ، وَالْقُعُودُ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَنْ أَصَابَهُ رَمَدٌ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الرَّمَدِ وَلِأَنَّ نُزُولَ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ الَّذِي هَذَا عِلَاجُهُ لَا يُسَمَّى رَمَدًا .
( قَوْلُهُ وَأَمَّا نَهْيُ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا اسْتَفْتَاهُمْ فَلَمْ يَصِحَّ ) قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكَأَنَّ مُرَاجَعَتَهُ اسْتِشَارَةٌ وَإِلَّا ، فَالْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ .

( وَمَنْ قَدَرَ فِي أَثْنَائِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( عَلَى الْقِيَامِ ، أَوْ الْقُعُودِ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ أَتَى بِالْمَقْدُورِ ) لَهُ ( وَبَنَى عَلَى قِرَاءَتِهِ وَتُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا ) فِي الْأُولَيَيْنِ لِتَقَعَ حَالَ الْكَمَالِ ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ ، أَوْ الْقُعُودِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ قَائِمًا ، أَوْ قَاعِدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى ( وَلَا تُجْزِئُ ) قِرَاءَتُهُ ( فِي نُهُوضِهِ ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فِيمَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ فَلَوْ قَرَأَ فِيهِ شَيْئًا أَعَادَهُ ( وَتَجِبُ ) الْقِرَاءَةُ ( فِي هُوِيِّ الْعَاجِزِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ وَالْهُوِيُّ بِضَمِّ الْهَاءِ السُّقُوطُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ بِفَتْحِهَا وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ بِفَتْحِهَا السُّقُوطُ وَبِضَمِّهَا الصُّعُودُ ، وَالْخَلِيلُ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى ( وَإِنْ قَدَرَ ) عَلَى الْقِيَامِ ( بَعْدَهَا ) أَيْ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ ( وَجَبَ قِيَامٌ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ لِيَرْكَعَ مِنْهُ ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ ( أَوْ ) قَدَرَ عَلَيْهِ ( فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ ارْتَفَعَ لَهَا إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ ) عَنْ قِيَامٍ ( فَإِنْ انْتَصَبَ ) ثُمَّ رَكَعَ ( بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ رُكُوعٍ ، أَوْ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا انْتَقَلَ مُنْحَنِيًا وَمَنَعَهُ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ مُنْتَصِبًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ الْجَوَازَ ، وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ الْمَنْعَ ( أَوْ ) قَدَرَ عَلَيْهِ ( فِي الِاعْتِدَالِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ وَاطْمَأَنَّ ، وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَرَادَ قُنُوتًا ) فِي مَحَلِّهِ ( وَإِلَّا فَلَا ) يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ جَوَازُ

الْقِيَامِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ ( فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ .
( قَوْلُهُ : وَلَا تُجْزِئُ فِي نُهُوضِهِ ) وَهُنَا فَرْعٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَامَ هَلْ يَقُومُ مُكَبِّرًا قَالَ بَعْضُهُمْ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ شَرْطٌ فِي الْفَاتِحَةِ بَلْ يَقُومُ سَاكِتًا وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَ فِيهَا سُكُوتٌ حَقِيقِيٌّ فِي حَقِّ الْإِمَامِ ز ( قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ) وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ لِلِاعْتِدَالِ إمَّا مُسْتَوِيًا ، أَوْ مُنْحَنِيًا فَإِذَا ارْتَفَعَ مُنْحَنِيًا فَقَدْ أَتَى بِصُورَةِ رُكُوعِ الْقَائِمِينَ فِي ارْتِفَاعِهِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَصَبَ قَائِمًا ثُمَّ رَكَعَ فَإِنَّهُ زَادَ مَا هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَقُلْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ لِلْقَادِرِ ) عَلَى الْقِيَامِ ( فِعْلُ غَيْرِ الْفَرَائِضِ ) أَيْ النَّوَافِلِ ( قَاعِدًا وَلَوْ عِيدًا بِنِصْفِ ثَوَابِ الْقَائِمِ ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ { مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ } وَهُوَ وَارِدٌ فِيمَنْ صَلَّى النَّفَلَ كَذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ ، أَوْ الْقُعُودِ وَهَذَا فِي حَقِّنَا أَمَّا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَوَابُ نَفْلِهِ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِيهَا .
( قَوْلُهُ : فَرْعٌ لِلْقَادِرِ فِعْلُ غَيْرِ الْفَرَائِضِ قَاعِدًا إلَخْ ) أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ عِشْرِينَ رَكْعَةً مِنْ قُعُودٍ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرٍ مِنْ قِيَامٍ لِمَا فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ؛ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ قُعُودٍ وَقَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ اضْطَجَعَ ) فِي النَّافِلَةِ ( وَرَكَعَ وَسَجَدَ ) بَعْدَ جُلُوسِهِ لَهُمَا ( جَازَ ) بِنِصْفِ ثَوَابِ الْقَاعِدِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ ( لَا إنْ أَوْمَأَ ) أَوْ اسْتَلْقَى ، وَإِنْ أَتَمَّ الرُّكُوعَ ، وَالسُّجُودَ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ .

( فَصْلٌ وَلْيَأْتِ ) نَدْبًا ( عَقِبَ التَّكْبِيرِ ) لِلْإِحْرَامِ وَلَوْ لِلنَّفْلِ ( بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ ) سِرًّا ( لَا مَنْ خَافَ فَوْتَ الْقِرَاءَةِ ) خَلْفَ الْإِمَامِ ( أَوْ فَوْتَ الْوَقْتِ ) أَيْ وَقْتِ الصَّلَاةِ ، أَوْ وَقْتِ الْأَدَاءِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَلَا يُنْدَبُ لَهُ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بَلْ يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ فَلَا يَشْتَغِلُ عَنْهُ بِالنَّفْلِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ( أَوْ أَدْرَكَ إمَامَهُ قَاعِدًا ) فَلَا يُنْدَبُ لَهُ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ ( إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ ) إمَامُهُ أَوْ يَقُومَ ( قَبْلَ قُعُودِهِ ) مَعَهُ فِيهِمَا فَمَحَلُّ عَدَمِ نَدْبِهِ إذَا قَعَدَ مَعَهُ لِفَوْتِ وَقْتِهِ بِالْقُعُودِ .
( وَلَا ) يَأْتِي بِهِ كَالسُّورَةِ ( فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ ) طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ ، أَوْ قَبْرٍ أَنْ يَأْتِيَ بِالِافْتِتَاحِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ لَهُ التَّخْفِيفُ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسُّورَةِ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فِيهِمَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ ( وَهُوَ ) أَيْ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ ( وَجَّهْت وَجْهِي إلَى آخِرِهِ ) وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلْيَقُلْ آخِرَهُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) .
وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي الْآيَةِ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ، وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَّا كَلِمَةَ مُسْلِمًا فَابْنُ حِبَّانَ وَفِي رِوَايَةٍ { وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِمَا فِيهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ( وَيُبَادِرُ ) أَيْ يُسْرِعُ ( بِهِ الْمَأْمُومُ ) وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ ( لِيَسْتَمِعَ الْقِرَاءَةَ ) أَيْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ ( وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ وَمَنْ ) أَيْ وَإِمَامٌ ( عَلِمَ رِضَا مُقْتَدِيهِ بِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ إلَى آخِرِهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ ) أَيْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك

أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْت نَفْسِي وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك أَيْ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْك وَقِيلَ لَا يُفْرِدُ بِالْإِضَافَةِ إلَيْك وَقِيلَ لَا يَصْعَدُ إلَيْك وَإِنَّمَا يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَقِيلَ لَيْسَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْك فَإِنَّك خَلَقْته لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِينَ أَنَا بِك وَإِلَيْك تَبَارَكْت وَتَعَالَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَيُقَدَّمُ عَلَى وَجَّهْت وَجْهِي إلَى آخِرِهِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك تَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إلَهَ غَيْرُك ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ وَزَادَ الرَّافِعِيُّ قَبْلَ قَوْلِهِ أَنَا بِك وَإِلَيْك ، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْت ، وَقَدْ صَحَّ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَخْبَارٌ أُخَرُ مِنْهَا { اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ ، وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ ، وَالثَّلْجِ ، وَالْبَرَدِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمِنْهَا { الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ } وَمِنْهَا { اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَبِأَيِّهِمَا افْتَتَحَ أَتَى بِأَصْلِ السُّنَّةِ ، لَكِنْ أَفْضَلُهَا الْأَوَّلُ .

( قَوْلُهُ : بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُ رَكْعَةً ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا بَيَانٌ لِوَقْتِ الْأَدَاءِ وَقَوْلُهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ صَادِقٌ بِوُجُوبِ تَرْكِهِ ( قَوْلُهُ : فَلَا يُنْدَبُ لَهُ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ إلَخْ ) وَهَلْ يُقَالُ يَجِبُ التَّرْكُ لِذَلِكَ ، أَوْ إنَّهُ أَفْضَلُ فِيهِ نَظَرٌ ت ( قَوْلُهُ : أَوْ أَدْرَكَ إمَامَهُ قَاعِدًا ) ضَابِطُهُ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَلَوْ فِي الِاعْتِدَالِ ( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فِيهِمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَبِقَوْلِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ الرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى إرَادَةِ الْأَشْخَاصِ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَك وَقُولِي إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي } إلَى قَوْلِهِ { مِنْ الْمُسْلِمِينَ } فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ح وَأَمَّا حَنِيفًا مُسْلِمًا فَتَأْتِي بِهِمَا الْمَرْأَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا حَالَانِ مِنْ الْوَجْهِ أَيْ الذَّاتِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُمَا حَالَيْنِ مِنْ تَاءِ الضَّمِيرِ فِي وَجَّهْت ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ التَّأْنِيثُ .

( ثُمَّ ) بَعْدَ الِافْتِتَاحِ ( يَتَعَوَّذُ سِرًّا ) وَلَوْ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ وَيَحْصُلُ بِكُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى التَّعَوُّذِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَأَفْضَلُهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ( فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ) قَبْلَ الْقِرَاءَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ } أَيْ أَرَدْت قِرَاءَتَهُ { فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } وَلِحُصُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ ( وَ ) لَكِنْ ( الْأُولَى آكَدُ ) بِهِ ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ قِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إنَّمَا يَكُونُ فِيهَا وَيُسْتَثْنَى خَوْفُ فَوْتِ الْقِرَاءَةِ وَفَوْتِ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِيمَا قَبْلَهُ وَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُسَنُّ إعَادَةُ التَّعَوُّذِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ ( وَإِنْ تَعَوَّذَ ) وَلَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ ( قَبْلَ اسْتِفْتَاحٍ لَمْ يَتَدَارَكْ ) أَيْ الِاسْتِفْتَاحَ سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا ، أَوْ سَهْوًا فَلَا يَتَدَارَكْهُ بِالْعَوْدِ إلَيْهِ وَلَا فِي بَاقِي الرَّكَعَاتِ لِفَوْتِ مَحَلِّهِ ( فَإِنْ فَعَلَهُ ) أَيْ تَدَارَكَهُ ( صَحَّتْ ) صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ ( ، أَوْ أَمَّنَّ ) مَسْبُوقٌ ( مَعَ ) تَأْمِينِ ( إمَامِهِ ) قَبْلَ اسْتِفْتَاحِهِ ( تَدَارَكَ ) ؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ يَسِيرٌ وَعُلِمَ أَنَّ التَّعَوُّذَ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ الشُّرُوعَ فِي قِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ ، أَوْ غَيْرِهَا وَيَجْهَرُ بِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَيَكْفِيهِ التَّعَوُّذُ الْوَاحِدُ مَا لَمْ يَقْطَعْ قِرَاءَتَهُ بِكَلَامٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ .

( قَوْلُهُ : ثُمَّ يَتَعَوَّذُ سِرًّا إلَخْ ) لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْضُ الِافْتِتَاحِ ، أَوْ التَّعَوُّذُ أَتَى بِهِ وَكُتِبَ أَيْضًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابُ التَّعَوُّذِ لِمَنْ أَتَى بِالذِّكْرِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْفَاتِحَةِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ ، وَالْقِرَاءَةِ كَالِافْتِتَاحِ ( قَوْلُهُ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

الرُّكْنُ ( الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي قِيَامِ كُلِّ رَكْعَةٍ ، أَوْ بَدَلِهِ ) لِلْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ فِي السِّرِّيَّةِ ، وَالْجَهْرِيَّةِ حِفْظًا أَوْ تَلْقِينًا ، أَوْ نَظَرًا فِي مُصْحَفٍ ، أَوْ نَحْوِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ } ، وَلِخَبَرِ { لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ } رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا { وَلِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } كَمَا فِي مُسْلِمٍ مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } .
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } فَوَارِدٌ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ لَا فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ ، أَوْ مَحْمُولٌ مَعَ خَبَرِ { اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى الْفَاتِحَةِ ، أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهَا } جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ( يَجْهَرُ بِهَا ) نَدْبًا الْإِمَامُ .
وَالْمُنْفَرِدُ ( فِي الصُّبْحِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ ، وَالْإِجْمَاعِ فِي الْإِمَامِ وَلِلْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْمُنْفَرِدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحَاجَةِ إلَى الْجَهْرِ لِتَدَبُّرِ الْقِرَاءَةِ بَلْ الْمُنْفَرِدُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَدَبُّرًا لَهَا لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ غَيْرِهِ بِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى إطَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَتَرْدِيدِهَا لِلتَّدَبُّرِ وَيُسِرُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ ، لَكِنَّهُ يَجْهَرُ فِي الْجُمُعَةِ ، وَالْعِيدَيْنِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ ، وَالتَّرَاوِيحِ ، وَالْوِتْرِ عَقِبَهَا وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَقْتَ الْجَهْرِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَحَالِّهَا ( وَ ) لَوْ تَرَكَ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ ( لَا يَتَدَارَكُ ) فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ الْإِسْرَارُ فَلَا يُفَوَّتُ بِالْجَهْرِ .
وَقَوْلُهُ : يَجْهَرُ بِهَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَالْمَسْبُوقُ ) بِالْفَاتِحَةِ ( يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْإِمَامُ ) فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رُكُوعَهُ الْمَحْسُوبَ لَهُ ( وَيُسِرُّ

بِهَا الْمَأْمُومُ ) نَدْبًا مُطْلَقًا ( بِحَيْثُ يُسْمِعُ السَّمِيعُ نَفْسَهُ ) إذَا خَلَا عَنْ شَاغِلٍ .
عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ سَمِيعًا ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاسْتِمَاعِ وَلِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى الْإِمَامِ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْجَهْرُ ( وَيَسْكُتُ لَهُ الْإِمَامُ ) نَدْبًا ( بَعْدَ التَّأْمِينِ قَدْرَ قِرَاءَتِهَا ) أَيْ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ حِينَئِذٍ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالذِّكْرِ ، أَوْ الدُّعَاءِ ، أَوْ الْقِرَاءَةِ سِرًّا ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَ فِيهَا سُكُوتٌ حَقِيقِيٌّ فِي حَقِّ الْإِمَامِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَالْفَتَاوَى وَغَيْرِهِمَا وَنَقَلَ هُوَ عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ إلَى آخِرِهِ ، ثُمَّ قَالَ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ ، لَكِنْ الْمُخْتَارُ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعُهَا ( ، وَالْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْفَاتِحَةِ لِعَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهَا آيَةً مِنْهَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ ( وَ ) آيَةً ( مِنْ كُلِّ سُورَةٍ إلَّا بَرَاءَةً ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ { بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إذْ أَغْفَى إغْفَاءَةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَك يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَرَ إلَى آخِرِهَا } وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى إثْبَاتِهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ أَوَائِلَ السُّوَرِ سِوَى بَرَاءَةٍ دُونَ الْأَعْشَارِ وَتَرَاجِمِ السُّوَرِ ، وَالتَّعَوُّذِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَمَا أَجَازُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُحْمِلُ عَلَى اعْتِقَادِ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ قُرْآنًا ، فَإِنْ قُلْت الْقُرْآنُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ قُلْنَا هَذَا فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا قَطْعًا أَمَّا مَا يَثْبُتُ قُرْآنًا حُكْمًا فَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ كَمَا يَكْفِي فِي كُلِّ ظَنِّيٍّ وَأَيْضًا إثْبَاتُهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فِي مَعْنَى التَّوَاتُرِ

، فَإِنْ قُلْت لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَكَفَرَ جَاحِدُهَا قُلْنَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفَرَ مُثْبِتُهَا وَأَيْضًا التَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ وَلَا يُشْكِلُ وُجُوبُهَا فِي الصَّلَاةِ بِقَوْلِ { أَنَسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا بِقَوْلِهِ { صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بِكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِسُورَةِ الْحَمْدُ يُبَيِّنُهُ مَا صَحَّ عَنْ أَنَسٍ كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ وَقَالَ لَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ أَئِمَّتُنَا إنَّهُ رِوَايَةُ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ بِالْمَعْنَى الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الرَّاوِي بِمَا ذَكَرَ بِحَسَبِ فَهْمِهِ وَلَوْ بَلَّغَ الْخَبَرَ بِلَفْظِهِ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ لَأَصَابَ إذْ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْحُفَّاظُ .

( قَوْلُهُ : الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ إلَخْ ) مُصَلٍّ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَرَّتَيْنِ وَآخَرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ثَلَاثًا وَآخَرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَرْبَعًا لَا لِخَلَلٍ فِي الصِّحَّةِ بَلْ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةٍ وَصُورَتُهُ فِيمَا إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا ، ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ وَإِذَا قَامَ اُسْتُحِبَّتْ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ لِتَقَعَ فِي حَالِ الْكَمَالِ كَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ انْتَقَلَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى كَمَا لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا قَرَأَهَا ثَانِيًا قَاعِدًا ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِدُخُولِ مَنْ يُمْسِكُهُ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ وَتُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا ، وَإِنْ ضَمَمْت إلَى ذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْقِيَامِ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَيَزِيدُ أَيْضًا اسْتِحْبَابُهَا وَيَنْتَظِمُ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَأَبْلَغُ مِمَّا سَبَقَ شَخْصٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَأَكْثَرَ وَصُورَتُهُ إذَا نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ كُلَّمَا عَطَسَ فَعَطَسَ فِي صَلَاتِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ قَوْلُهُ ، وَالْمَسْبُوقُ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْإِمَامُ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ حَصْرِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمَسْبُوقِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَسْقُطُ أَيْضًا الْفَاتِحَةُ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا حَيْثُ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ تَخَلَّفَ بِسَبَبِهِ عَنْ الْإِمَامِ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَزَالَ عُذْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ ، وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ ، أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ ،

أَوْ امْتَنَعَ مِنْ السُّجُودِ بِسَبَبِ الزَّحْمَةِ أَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَقَدْ أَوْضَحُوا ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ ، وَالْجَمَاعَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُتَصَوَّرُ خُلُوُّ الصَّلَاةِ كُلِّهَا عَنْ الْقِرَاءَةِ .
ا هـ .
، وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ إمَامَهُ رَاكِعًا فَرَكَعَ مَعَهُ ، ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ، ثُمَّ قَامَ الْمَسْبُوقُ فَاقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعًا ، وَكَذَا إذَا اقْتَدَى بِثَالِثٍ وَرَابِعٍ وَلَوْ نَوَى مُفَارَقَةَ إمَامِهِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ، ثُمَّ اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْقُدْوَةُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْفَاتِحَةِ كَمَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ ، أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ التَّحِيَّةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ لِغَرَضٍ آخَرَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ هَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ وَبِهِ أَفْتَيْت قَالَ شَيْخُنَا بَلْ الَّذِي فِي فَتَاوِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الصِّحَّةُ ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا إسْقَاطَهَا ( قَوْلُهُ : بِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رُكُوعَهُ الْمَحْسُوبَ لَهُ ) وَلِهَذَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا ، أَوْ فِي رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ لَمْ تُحْسَبْ لَهُ الرَّكْعَةُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ ( قَوْلُهُ : رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ ) ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ ج ( قَوْلُهُ إلَّا بَرَاءَةٌ ) لِنُزُولِهَا بِالْقِتَالِ الَّذِي لَا تُنَاسِبُهُ الْبَسْمَلَةُ الْمُنَاسِبَةُ لِلرِّفْقِ وَالرَّحْمَةِ قَالَ شَيْخُنَا فَيُكْرَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي أَوَّلِهَا وَتُسَنُّ فِي أَثْنَائِهَا كَغَيْرِهَا ( قَوْلُهُ : فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَمَا أَجَازُوا ذَلِكَ إلَخْ ) ، فَإِنْ قُلْت لَعَلَّهَا ثَبَتَتْ لِلْفَصْلِ قُلْت يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَأَنْ تُكْتَبَ أَوَّلَ بَرَاءَةٍ وَأَنْ لَا تُكْتَبَ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ ، وَالْفَصْلُ كَانَ مُمْكِنًا بِتَرَاجِمِ السُّوَرِ كَأَوَّلِ بَرَاءَةٍ ( قَوْلُهُ : وَأَيْضًا إثْبَاتُهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ إلَخْ ) عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَتَوَاتَرُ عِنْدَ قَوْمٍ دُونَ آخَرِينَ .

( فَرْعٌ لَوْ خَفَّفَ ) مَعَ سَلَامَةِ لِسَانِهِ ( حَرْفًا مُشَدَّدًا مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَبْدَلَ بِهِ ) أَيْ بِحَرْفٍ حَرْفًا آخَرَ ( كَظَاءٍ بِضَادٍ بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ ) لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ وَكَإِبْدَالِ ذَالِ الَّذِينَ الْمُعْجَمَةِ بِالْمُهْمَلَةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ نَعَمْ لَوْ نَطَقَ بِالْقَافِ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَافِ كَمَا تَنْطِقُ بِهَا الْعَرَبُ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ .
وَخَرَجَ بِتَخْفِيفِ الْمُشَدَّدِ عَكْسُهُ .
فَيَجُوزُ وَإِنْ أَسَاءَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ، وَالْبَاءُ مَعَ كَلِمَةِ الْإِبْدَالِ الْمُقْتَصَرِ فِيهِ عَلَى الْمُتَقَابِلَيْنِ إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ كَمَا اسْتَعْمَلَهَا الْأَصْلُ لَا عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَاسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الثَّانِيَ فَاسِدٌ حَقٌّ إلَّا أَنْ يُضَمَّنَ الْإِبْدَالُ مَعْنَى التَّبَدُّلِ .

( قَوْلُهُ : لَوْ خَفَّفَ حَرْفًا مُشَدَّدًا مِنْ الْفَاتِحَةِ إلَخْ ) فِي الْحَاوِي ، وَالْبَحْرِ لَوْ تَرَكَ الشَّدَّةَ مِنْ إيَّاكَ ، فَإِنْ تَعَمَّدَ وَعَرَفَ مَعْنَاهُ كَفَرَ ؛ لِأَنَّ إيَّاكَ ضَوْءُ الشَّمْسِ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا ، أَوْ جَاهِلًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ وُجُودِ تَشْدِيدَاتٍ بِعَدَدِ تَشْدِيدَاتِ الْفَاتِحَةِ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ جَعَلَ بَدَلَ كُلِّ تَشْدِيدَةٍ حَرْفًا لَا يُقَالُ إنَّ خَبَرَ { أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } صَرِيحٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَرْكِ الْبَسْمَلَةِ أَوَّلَهَا ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِافْتِتَاحُ بِالْفَاتِحَةِ فَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِكَوْنِ الْبَسْمَلَةِ مِنْهَا أَوَّلًا وَلِمُسْلِمٍ { لَمْ يَكُونُوا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ سَمَاعِهَا فَيُحْتَمَلُ إسْرَارُهُمْ بِهَا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ النَّسَائِيّ وَابْنِ حِبَّانَ { فَلَمْ يَكُونُوا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ، وَقَدْ قَامَتْ الْأَدِلَّةُ ، وَالْبَرَاهِينُ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى إثْبَاتِهَا وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَرْوِيُّ فِي الْبَيْهَقِيّ وَصَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَّهَا آيَةً } .
وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْفَاتِحَةَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ ، وَأَنَّ الْبَسْمَلَةَ هِيَ السَّابِعَةُ وَأَحَادِيثُ الْجَهْرِ بِهَا كَثِيرَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الْعِشْرِينَ صَحَابِيًّا كَأَبِي بِكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ( قَوْلُهُ : أَوْ أَبْدَلَ بِهِ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ قَصَدَ الْقَادِرُ إحَالَةَ الْمَعْنَى مَعَ مَعْرِفَتِهِ الصَّوَابَ فَفَاسِقٌ ، وَإِنْ فَعَلَهُ عِنَادًا

كَفَرَ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا ، وَإِنْ فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِإِحَالَةِ الْمَعْنَى ، فَإِنْ وَقَعَ سَهْوًا ، أَوْ نِسْيَانًا فَكَمَنْ تَرَكَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ نَاسِيًا فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ أَعَادَ قِرَاءَةَ مَا أَحَالَ مَعْنَاهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الصَّوَابُ فَصَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ جَائِزَةٌ وَهُوَ أُمِّيٌّ .
ا هـ .
ت ( قَوْلُهُ : جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ ( قَوْلُهُ : وَالْبَاءُ مَعَ كَلِمَةِ الْإِبْدَالِ إلَخْ ) نَقَلَ الْوَاحِدِيُّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا } عَنْ ثَعْلَبٍ عَنْ الْفَرَّاءِ أَبْدَلْت الْخَاتَمَ بِالْحَلْقَةِ إذَا أَذَبْته وَسَوَّيْته حَلْقَةً وَأَبْدَلْت الْحَلْقَةَ بِالْخَاتَمِ إذَا أَذَبْتهَا وَجَعَلْتهَا خَاتَمًا وَإِذًا لَا تَصْوِيبَ ، وَاللُّغَوِيُّونَ يَقُولُونَ الْإِبْدَالُ الْإِزَالَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى إبْدَالَ الضَّادِ بِالظَّاءِ وَفِي شِعْرِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ لَمَّا أَسْلَمَ فِي وَصْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْهَمَنِي هُدَايَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَبْدَلَ طَالِعَيْ نَحْسِي بِسَعْدِي وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ ت .

( وَإِنْ لَحَنَ ) فِيهَا ( فَغَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت ، أَوْ كَسْرِهَا ) وَأَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ وَلَمْ يَتَعَلَّمْ ( فَإِنْ تَعَمَّدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهُ ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ، وَبَدَلُ الْفَاتِحَةِ كَالْفَاتِحَةِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ لَمْ يَضُرَّ ، لَكِنَّهُ إنْ تَعَمَّدَهُ حَرُمَ وَإِلَّا كُرِهَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَدَّ الْقَاضِي مِنْ اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى الْهَمْدُ لِلَّهِ بِالْهَاءِ وَأَقَرَّهُ فِي الْكِفَايَةِ ، لَكِنْ عَدَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ كَجٍّ مِنْ الْمُغَيِّرِ لِلْمَعْنَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ ( وَلِغَيْرِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ ) مِنْ الْقِرَاءَةِ الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا ( حُكْمُ اللَّحْنِ ) فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنَى وَتَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَقِرَاءَتُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَتَصِحُّ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغْيِيرُ مَعْنَى وَلَا زِيَادَةُ حَرْفٍ وَلَا نُقْصَانُهُ فَفِيهَا زِيَادَةٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَحْدَاثِ تَحْرِيمُ الْقِرَاءَةِ بِهَا مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَالتَّحْقِيقِ وَتَقَدَّمَ فِي الْأَحْدَاثِ بَيَانُ الشَّاذَّةِ مَعَ زِيَادَةٍ .

( قَوْلُهُ : لَكِنْ عَدَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا سَيَأْتِي ، ثُمَّ قَالَ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ اللَّحْنِ الْمُبْطِلِ لِلْمَعْنَى كَالْمُسْتَقِينَ ، وَلَيْسَ بِلَحْنٍ بَلْ إبْدَالُ حَرْفٍ بِحَرْفٍ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَرْفًا مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْمِيمُ .
ا هـ .
وَقَدْ أَسْقَطَ الْقَارِئُ فِي مَسْأَلَتِنَا حَرْفًا مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْحَاءُ وَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ بَدَلَ الْيَاءِ مِنْ الْعَالَمِينَ كَانَ مُضِرًّا ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِبْدَالِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْحَرْفَ هَاهُنَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ بَلْ هُوَ حَرْفُ إعْرَابٍ يَنُوبُ عَنْ الْحَرَكَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ إلْحَاقُهُ بِاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ تَغْيِيرُ الْحَرَكَةِ لَا يَضُرُّ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى فَتَغْيِيرُ الْحَرْفِ النَّائِبِ عَنْ الْحَرَكَةِ أَوْلَى وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ ) وَالتَّحْقِيقِ ، وَالْفَتَاوَى ، وَالتِّبْيَانِ غ .

( وَيَجِبُ تَرْتِيبُ الْفَاتِحَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ ، وَالْإِعْجَازِ ( فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ ) ، وَإِنْ غَيَّرَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ بِالْوُضُوءِ ، وَالْأَذَانِ وَالطَّوَافِ ، وَالسَّعْيِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَنَاطُ الْإِعْجَازِ كَمَا مَرَّ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهِ أَكْثَرَ فَجُعِلَ قَصْدُ التَّكْمِيلِ بِالْمُرَتَّبِ صَارِفًا عَنْ صِحَّةِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ تِلْكَ الصُّوَرِ ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَبْنِي فِي ذَلِكَ مُرَادُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِالْمُرَتَّبِ ( أَوْ ) تَرَكَهُ ( سَاهِيًا وَلَمْ يَطُلْ ) غَيْرُ الْمُرَتِّبِ ( بَنَى ) ، وَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ ( وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُ التَّشَهُّدِ ) إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ كَالسَّلَامِ ( فَإِنْ أَخَلَّ ) تَرَكَ تَرْتِيبَهُ ( بِمَعْنَاهُ لَمْ يُجْزِهِ وَبَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ ( إنْ تَعَمَّدَ ) ذَلِكَ وَعَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ
( قَوْلُهُ : وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا إلَخْ ) وَقَضِيَّتُهُ إلْحَاقُ التَّكْبِيرِ بِالْأَذَانِ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ش .

( فُرُوعٌ ) .
وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ ( تَجِبُ مُوَالَاةُ الْفَاتِحَةِ ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي ، وَكَذَا التَّشَهُّدُ ( وَلَا تَضُرُّ نِيَّةُ قَطْعِ الْقِرَاءَةِ ) بِلَا سُكُوتٍ ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِاللِّسَانِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا ، وَكَمَا لَوْ نَوَى التَّعَدِّيَ فِي الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ نَقْلٍ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ نِيَّةُ قَطْعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فِيهَا تَجِبُ إدَامَتُهَا حُكْمًا وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ نِيَّةِ الْقَطْعِ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ فَلَا تَتَأَثَّرُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ .
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ لَا تُؤَثِّرُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَمَا رُدَّ عَلَيْهِ بِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِلْمُتَأَمِّلِ ( فَإِنْ سَكَتَ يَسِيرًا مَعَ نِيَّةِ قَطْعِهَا ) أَيْ الْقِرَاءَةِ ( أَوْ طَوِيلًا ) عَمْدًا بِحَيْثُ ( يَزِيدُ عَلَى سَكْتَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقَطْعَ ( اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ ) لِإِشْعَارِ الطُّولِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا فِي الثَّانِيَةِ وَلِاقْتِرَانِ الْفِعْلِ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ فِي الْأُولَى كَنَقْلِ الْوَدِيعَةِ بِنِيَّةِ التَّعَدِّي .
فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقَطْعَ وَلَمْ يُطِلْ السُّكُوتَ لَمْ يَضُرَّ كَنَقْلِ الْوَدِيعَةِ بِلَا نِيَّةِ تَعَدٍّ ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ ، أَوْ نَحْوِهِ وَمَا ضَبَطَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الطُّولَ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَعَدَلَ إلَيْهِ عَنْ ضَبْطِ الْأَصْلِ لَهُ بِمَا أَشْعَرَ بِقَطْعِ الْقِرَاءَةِ ، أَوْ إعْرَاضِهِ عَنْهَا مُخْتَارًا أَوْ لِعَائِقٍ لِيُفِيدَانِ السُّكُوتَ لِلْإِعْيَاءِ لَا يُؤَثِّرُ ، وَإِنْ طَالَ ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلٍّ مِنْ الضَّابِطَيْنِ مَا لَوْ نَسِيَ آيَةً فَسَكَتَ طَوِيلًا لِتَذَكُّرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ( وَكَذَا ) يَسْتَأْنِفُهَا ( إنْ أَتَى فِي

أَثْنَائِهَا بِذِكْرٍ وَإِنْ قَلَّ ، أَوْ آيَةٍ أُخْرَى ) مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ ( عَامِدًا ) لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَلِتَغْيِيرِ النَّظْمِ بِلَا عُذْرٍ بِخِلَافِهِ مَعَ النِّسْيَانِ وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ بَنَى وَابْنُ سُرَيْجٍ اسْتَأْنَفَ وَالْمُتَوَلِّي إنْ كَرَّرَ مَا هُوَ فِيهِ ، أَوْ مَا قَبْلَهُ وَاسْتَصْحَبَ بَنَى وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي التِّلَاوَةِ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي التَّحْقِيقِ ، وَالْأَوْجَهُ الثَّالِثُ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ( وَلَا يَقْطَعُهَا ) أَيْ الْقِرَاءَةَ شَيْءٌ ( مُسْتَحَبٌّ فِيهَا ) ، وَإِنْ كَانَ الِاحْتِيَاطُ اسْتِئْنَافَهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ ، وَذَلِكَ ( كَالتَّأْمِينِ ) لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ ( وَالْفَتْحُ ) أَيْ الرَّدُّ ( عَلَى الْإِمَامِ ) إذَا تَوَقَّفَ فِيهَا وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ إذَا سَكَتَ فَلَا يُفْتَحُ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُ التِّلَاوَةَ ( وَالسُّجُودُ لِتِلَاوَتِهِ ) أَيْ تِلَاوَةِ إمَامِهِ ( وَسُؤَالُ الرَّحْمَةِ وَالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الْعَذَابِ بِقِرَاءَةِ ) وَفِي نُسْخَةٍ لِقِرَاءَةِ ( آيَتِهِمَا ) الْكَائِنَةِ مِنْهُ ، أَوْ مِنْ إمَامِهِ وَسَأُبَيِّنُ كَيْفِيَّتَهُمَا قُبَيْلَ الرُّكْنِ الْخَامِسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِمَا أَيْ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ ، وَالْمُنْفَرِدِ ، فَإِنْ أَهْمَلَهُ الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ الْجَهْرُ بِهِمَا لِيُنَبِّهَ الْإِمَامَ عَلَى قِيَاسِ التَّأْمِينِ .

( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي ) ، وَكَذَا التَّشَهُّدُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُمَا يَحْتَاجَانِ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الشَّامِلَةُ لَهُمَا وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عِبَادَةٌ فِي نَفْسِهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ تَصِحُّ بِلَا نِيَّةٍ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى شُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لَهَا بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ عِبَادَةً بِدُونِ نِيَّةٍ وَظَهَرَ بِهَذَا غَلَطُ مَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ خِلَافَ مُرَادِهِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ حُكْمًا فَاسِدًا وَهُوَ اعْتِقَادُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ لَا تُؤَثِّرُ كَالْقِرَاءَةِ فَلْيَجْتَنِبْ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ ( قَوْلُهُ : وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَا تُؤَثِّرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ : كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ) قَالَ شَيْخُنَا كَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَذَكُّرُهَا مِنْ مَصَالِحِهَا لَمْ يَضُرَّ السُّكُوتُ الطَّوِيلُ ( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ بَنَى ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي التَّحْقِيقِ ) ، وَالْأَقْرَبُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ مَا اخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى تَفْصِيلِ الْمُتَوَلِّي ( قَوْلُهُ ، وَالْأَوْجَهُ الثَّالِثُ إلَخْ ) نَقَلَ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَارْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْ وَسَطِهَا حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ .

( فَإِنْ عَطَسَ ) فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ ( فَحَمِدَ ) اللَّهَ ( اسْتَأْنَفَ ) الْقِرَاءَةَ ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْدُ عِنْدَ الْعُطَاسِ مَنْدُوبًا فِي الصَّلَاةِ كَخَارِجَهَا لِاخْتِصَاصِ الْحُكْمِ السَّابِقِ بِمَنْدُوبٍ مُخْتَصٍّ بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا فَلَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ اسْتَأْنَفَ ) مَنْ عَطَسَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَتَمَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ أَلْفَاظِ الْفَاتِحَةِ لَمْ يُجْزِهِ ، وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ حِينَئِذٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَاوِيًا الشُّكْرَ .

( وَنِسْيَانُ مُوَالَاةِ الْفَاتِحَةِ لَا ) نِسْيَانُ ( الْفَاتِحَةِ عُذْرٌ ) كَتَرْكِهِ الْمُوَالَاةَ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ طَوَّلَ رُكْنًا قَصِيرًا نَاسِيًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِسْيَانِ الْفَاتِحَةِ بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ صِفَةٌ وَالْقِرَاءَةَ أَصْلٌ وَاسْتُشْكِلَ بِنِسْيَانِ التَّرْتِيبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَالَاةِ أَسْهَلُ مِنْ التَّرْتِيبِ بِدَلِيلِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ نَاسِيًا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ التَّرْتِيبِ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِالْمُقَدَّمِ مِنْ سُجُودٍ عَلَى رُكُوعٍ مَثَلًا .

( وَإِنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ حَرْفًا ) فَأَكْثَرَ مِنْ الْفَاتِحَةِ ( بَعْدَ تَمَامِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً ( أَوْ ) شَكَّ فِي ذَلِكَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا ( أَوْ ) شَكَّ ( هَلْ قَرَأَهَا ) ، أَوْ لَا ( اسْتَأْنَفَ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قِرَاءَتِهَا وَقَوْلُهُ ، وَإِنْ شَكَّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَمُولِيُّ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً ) ؛ وَلِأَنَّ الشَّكَّ فِي حُرُوفِهَا يَكْثُرُ لِكَثْرَتِهَا فَعُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ ( قَوْلُهُ : وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ إلَخْ ) قِيَاسُ التَّشَهُّدِ الْتِحَاقُهُ بِالْفَاتِحَةِ ، وَهُوَ وَاضِحٌ .

( وَيَجِبُ ) عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ قِرَاءَتِهَا ( التَّوَصُّلُ إلَى تَعَلُّمِهَا ) الْأَوْلَى إلَى قِرَاءَتِهَا بِتَعَلُّمٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ( حَتَّى بِشِرَاءِ مُصْحَفٍ ، أَوْ اسْتِعَارَتِهِ ، أَوْ سِرَاجٍ فِي ظُلْمَةٍ ، فَإِنْ تَرَكَ ) التَّوَصُّلَ إلَى ذَلِكَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ ( أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِلَا قِرَاءَةٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ ) عَلَيْهَا لِتَقْصِيرِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ ظَرْفٌ لِأَعَادَ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ إلَّا مُصْحَفٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّمُ إلَّا مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُعَلِّمٌ وَاحِدٌ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعْلِيمُ أَيْ بِلَا أُجْرَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى السُّتْرَةِ أَوْ الْوُضُوءِ وَمَعَ غَيْرِهِ ثَوْبٌ ، أَوْ مَاءٌ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ ( وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ ) التَّوَصُّلُ إلَى الْقِرَاءَةِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ بَلَادَتِهِ ، أَوْ عَدَمِ مُعَلِّمٍ ، أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ نَحْوِهِ
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ ) قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مَالِكُهُ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ إلَّا بِهِ فِعْلُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ رِضَا مَالِكِهِ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لِلْعَيْنِ ، وَالْمَنْفَعَةِ ، وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ عَنْ وَالِدِ الرُّويَانِيِّ فِي ذَلِكَ احْتِمَالَيْنِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ الْمُحْتَاجَ لِلطَّهَارَةِ إذَا وَجَدَ مَاءً لِغَائِبٍ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ ؛ لِأَنَّ لِلْمَاءِ بَدَلًا وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ، كَاتِبُهُ .

( قَرَأَ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ سَبْعَ آيَاتٍ فَأَكْثَرَ ) مِنْ غَيْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِهَا فَلَا يُجْزِئُ دُونَ عَدَدِ آيِهَا ، وَإِنْ طَالَ لِرِعَايَتِهِ فِيهَا وَلَا دُونَ حُرُوفِهَا كَالْآيِ بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمٍ قَصِيرٍ عَنْ طَوِيلٍ لِعُسْرِ رِعَايَةِ السَّاعَاتِ وَلَا التَّرْجَمَةُ ؛ لِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ كَمَا مَرَّ .
( قَوْلُهُ : قَرَأَ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ إلَخْ ) أَغْرَبَ الْجِيلِيُّ كَعَادَاتِهِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِ الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلًا عَلَى الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ ، وَالِاسْتِعَانَةِ مِثْلَ الْفَاتِحَةِ فِيهِ وَجْهَانِ ا هـ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ ت ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ ) كَمَا مَرَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا } فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَجَمِيَّ لَيْسَ بِقُرْآنٍ .

( وَلَوْ تَفَرَّقَتْ ) أَيْ الْآيَاتُ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ حِفْظِهِ الْمُتَوَالِيَةَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا إنَّمَا تُجْزِئُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ وَاعْتَرَضَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ ذَلِكَ جَوَازُ كَوْنِهَا مِنْ سُورَةٍ أَوْ سُوَرٍ فَيُحْمَلُ عَلَى حَالَةِ الْعَجْزِ عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ كَمَا فَصَّلَهُ غَيْرُهُمْ .
قَالَ : وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ ، وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ ، وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَالرَّافِعِيُّ لَا سِيَّمَا أَنَّ الْمَعَانِيَ الْحَاصِلَةَ مِنْ اتِّصَالِ الْآيَاتِ تَفُوتُ فَقَدْ لَا يُفْهَمُ أَنَّ الْمُتَفَرِّقَةَ قُرْآنٌ ثُمَّ إنَّمَا تُجْزِئُ الْمُتَفَرِّقَةُ ( إنْ أَفَادَتْ مَعْنًى مَنْظُومًا ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُفِدْهُ كَثَمَّ نَظَرٌ كَذَا شَرَطَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ : وَالْمُخْتَارُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ ( وَلَوْ عَجَزَ ) عَنْ السَّبْعِ ( أَتَى بِقَدْرِهَا ) أَيْ الْفَاتِحَةِ ( ذِكْرًا كَتَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَنَحْوِهِ ) لِخَبَرِ { إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ ، ثُمَّ كَبِّرْ ، فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ فَاقْرَأْ بِهِ وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ وَهَلِّلْهُ وَكَبِّرْهُ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يُرَاعِي عَدَدَ أَنْوَاعِهِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ تَجِبُ رِعَايَتُهُ لِيَكُونَ كُلُّ نَوْعٍ مَكَانَ آيَةٍ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ تَشْبِيهًا لِمَقَاطِعِ الْأَنْوَاعِ بِغَايَاتِ الْآيِ وَخَالَفَهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ ، لَكِنْ قَوْلُ الْإِمَامِ أَقْرَبُ لِلْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ فَإِنَّهُ كَالنَّصِّ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ سَبْعَةِ أَنْوَاعٍ ( وَفِي الدُّعَاءِ الْمَحْضِ تَرَدُّدٌ ) لِلْجُوَيْنِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ ، وَالْأَشْبَهُ إجْزَاءُ دُعَاءٍ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

وَالتَّحْقِيقِ قَالَ الْإِمَامُ ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا أَتَى بِهِ وَأَجْزَأَهُ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجَزِّئُ غَيْرُ الذِّكْرِ ، وَالدُّعَاءُ لَيْسَ بِذِكْرٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ { مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي } وَيُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا قَدَرَ عَلَى الذِّكْرِ وَعَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِغَيْرِ الذِّكْرِ الدُّعَاءُ الْمَحْضُ الدُّنْيَوِيُّ إذْ الْفَاتِحَةُ نَفْسُهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الدُّعَاءِ ، وَالدُّعَاءُ الْأُخْرَوِيُّ كَافٍ كَمَا مَرَّ .

قَوْلُهُ : كَذَا شَرَطَهُ الْإِمَامُ ) وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْأَرْغِيَانِيُّ ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ ، ثُمَّ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ إنَّمَا يُتَخَيَّلُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ غَيْرَ ذَلِكَ أَمَّا مَعَ مَعْرِفَتِهِ آيَاتٍ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً مُنْتَظِمَةَ الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ ت ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ ) أَيْ التَّنْقِيحِ ج ( قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّهُ كَمَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهَا عَلَى الْجُنُبِ فَكَذَلِكَ يُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهَا هَاهُنَا وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَحْفَظُ أَوَائِلَ السُّوَرِ خَاصَّةً كَ " الم " وَ " الر " وَ " المر " وَ " طس " لَا تَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهَا أَسْمَاءً لِلسُّوَرِ وَهُوَ بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّا مُتَعَبِّدُونَ بِقِرَاءَتِهَا وَهِيَ قُرْآنٌ مُتَوَاتِرٌ ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَقَالَ الْبَغَوِيّ تَجِبُ رِعَايَتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَخْ ) سَكَتَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْكَبِيرِ ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَنِعْمَ مَا فَعَلَ وَإِطْلَاقُ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْإِمَامِ وَكَانَ قَضِيَّةُ الْوَفَاءِ أَنْ يَقُولَ مَا سَبَقَ عَنْ الْجِيلِيِّ فِي الْبَدَلِ مِنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ شَاذٌّ لَا جَرَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ لَوْ كَرَّرَ ذِكْرًا وَاحِدًا سَبْعَ مَرَّاتٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَرَّقَ بَيْنَ الذِّكْرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَلَّ أَنْ يُخَالِفَ التَّهْذِيبَ فَإِنَّهُ لَخَصَّ الْكَافِيَ مِنْهُ وَضَمَّ إلَيْهِ أَشْيَاءَ حَسَنَةً ت ( قَوْلُهُ : ، وَالْأَشْبَهُ إجْزَاءُ دُعَاءٍ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ) ، وَالتَّنْقِيحِ ت ( قَوْلُهُ : عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُ الذِّكْرِ ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ

النِّهَايَةِ قُلْت لَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الدُّعَاءِ مَقَامَ الثَّنَاءِ ، وَالِاخْتِيَارُ تَعَيُّنُ مَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ ا هـ .
وَهُوَ كَمَا قَالَ ر

( فَإِنْ عَجَزَ ) عَنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ حَتَّى عَنْ تَرْجَمَتِهِمَا ( فَسُكُوتًا ) يَسْكُتُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ فِي مَحَلِّهَا ، فَالْوَاجِبُ الْإِتْيَانُ بِمَحَلِّهَا ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ وَهُوَ مَقْصُودٌ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَمِثْلُهُ التَّشَهُّدُ ، وَالْقُنُوتُ ( وَلَا يُشْتَرَطُ ) فِي الْبَدَلِ ( قَصْدُ الْبَدَلِيَّةِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُقْصَدَ ) بِهِ ( غَيْرُهَا فَلَوْ أَتَى بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ ) ، أَوْ التَّعَوُّذِ ( وَلَمْ يَقْصِدْهُ اُعْتُدَّ بِهِ بَدَلًا ) لِعَدَمِ الصَّارِفِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ عَجَزَ فَسُكُوتًا ) هَلْ يُنْدَبُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْقِيَامِ قَدْرَ سُورَةٍ ؟ لَا نَقْلَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِهِ د قَدْ قَالُوا إنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقُنُوتِ يَقُومُ بِقَدْرِهِ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَقْعُدُ بِقَدْرِهِ وَقَوْلُهُ هَلْ يُنْدَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ عَرَفَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ ) فَقَطْ وَعَرَفَ لِبَعْضِهَا الْآخَرِ بَدَلًا ( أَتَى بِبَدَلِ الْبَعْضِ ) الْآخَرِ ( مَوْضِعَهُ ) فَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهَا وَالْبَدَلِ حَتَّى يُقَدِّمَ بَدَلَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي ( أَوْ ) عَرَفَ مَعَ الذِّكْرِ ( آيَةً مِنْ غَيْرِهَا ) وَلَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْهَا ( أَتَى بِهَا ، ثُمَّ بِالذِّكْرِ ) تَقْدِيمًا لِلْجِنْسِ عَلَى غَيْرِهِ وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ فِي هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهَا بِالْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمُ لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِهَا فِيهِمَا قَالَ ؛ لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ بَعْضَ آيَةٍ وَإِلَّا ، فَالْآيَةُ ، وَالْآيَتَانِ بَلْ ، وَالثَّلَاثُ الْمُتَفَرِّقَةُ لَا إعْجَازَ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِهَا هَذَا وَلَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا زَعَمَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ مُعْظَمَ آيَةِ الدَّيْنِ ، أَوْ آيَةَ { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَتُهُ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْآيَاتِ الْقِصَارِ ( فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بَدَلَهُ ) أَيْ بَدَلَ بَعْضِهَا الْآخَرِ ( كَرَّرَهُ ) أَيْ كَرَّرَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهَا لِيَبْلُغَ سَبْعًا .

( قَوْلُهُ : أَتَى بِبَدَلِ الْبَعْضِ الْآخَرِ مَوْضِعَهُ ) وَلَا يَكْفِيه أَنْ يُكَرِّرَ مَا يُحْسِنُهُ مِنْهَا بِقَدْرِهَا إذْ لَا يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَصْلًا وَبَدَلًا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَجِبُ تَرْتِيبُ ذَلِكَ ، وَقَدْ { أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ } وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَقْدِيمِ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ الْبَسْمَلَةِ بَلْ الْغَالِبُ حِفْظُهُ لَهَا وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فَضْلًا عَنْ تَقْدِيمِهَا قُلْت الْخَبَرُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ عَلَى أَنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَعْضُ آيَةٍ وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ فَلَا يَجِبُ تَقْدِيمُ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ ش ( قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) وَالدَّمِيرِيُّ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بَدَلَهُ كَرَّرَهُ ) وَيُلْحِقُ بِهِ مَا يُحْسِنُهُ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ ، وَالذِّكْرِ إذْ هُوَ الْمَيْسُورُ قَوْلُهُ وَلَوْ صَحَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ د مِنْهُ .

( وَلَوْ قَدَرَ عَلَى ) قِرَاءَةِ ( الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَدَلِ ) ، أَوْ قَبْلَهُ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَمْ يُجْزِهِ الْبَدَلُ وَأَتَى بِهَا ) كَنَظِيرِهِ فِي رُؤْيَةٍ لِمَاءٍ فِي التَّيَمُّمِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُودِ الْمُتَمَتِّعِ الْهَدْيَ ، وَالْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِمَا بِأَنَّ الْبَدَلَ هُنَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ ، وَالصَّوْمَ بَدَلٌ مُعَيَّنٌ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِ وَهُوَ مُنْتَقِضٌ بِالتَّيَمُّمِ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّوْمَ عُهِدَ وُجُوبُهُ أَصَالَةً فِي الْكَفَّارَةِ ، وَالذِّكْرَ فِي مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ لَا يَجِبُ إلَّا بَدَلًا فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ ( أَوْ ) قَدَرَ عَلَيْهَا ( بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ الْبَدَلِ ( وَ ) لَوْ قَبْلَ الرُّكُوعِ ( أَجْزَأَهُ ) الْبَدَلُ لِتَأَدِّي الْفَرْضِ كَقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ وَعَلَى الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّوْمِ وَفَارَقَ وُجُوبَ الْوُضُوءِ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ بِخِلَافِهِ هُنَا .
( وَيُسْتَحَبُّ لِقَارِئِهَا ) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ ( أَنْ يَقُولَ ) بَعْدَ فَرَاغِهَا ( آمِينَ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَقِيسَ بِالصَّلَاةِ خَارِجَهَا ( وَحَسُنَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ) وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ لَوْ قَالَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَغَيْرَهُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ حَسَنًا ( بِمَدٍّ ، أَوْ قَصْرٍ ) لَهَا ( بِلَا تَشْدِيدٍ ) فِيهِمَا ، وَالْمَدُّ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ الْمَدَّ مَعَ الْإِمَالَةِ وَالتَّخْفِيفِ ، وَالْمَدَّ مَعَ التَّشْدِيدِ ، وَزَيَّفَ الْأَخِيرَةَ .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهَا شَاذَّةٌ مُنْكَرَةٌ وَحَكَى ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ الْقَصْرَ مَعَ التَّشْدِيدِ وَهِيَ شَاذَّةٌ أَيْضًا وَكُلُّهَا إلَّا الرَّابِعَةَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ ، وَمَعْنَى الرَّابِعَةِ قَاصِدِينَ إلَيْك (

فَلَوْ شَدَّدَ لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَا الضَّالِّينَ ) بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِيُمَيِّزَهَا عَنْ الْقُرْآنِ ( فَيَجْهَرَ ) الْأَوْلَى وَيَجْهَرَ أَيْ وَأَنْ يَجْهَرَ ( بِهَا ) الْمُصَلِّي ( فِي الْجَهْرِيَّةِ حَتَّى الْمَأْمُومُ ) لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ مَعَ خَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَجَهْرُ الْأُنْثَى ، وَالْخُنْثَى بِهَا كَهُوَ بِالْقِرَاءَةِ وَسَيَأْتِي ( وَ ) أَنْ ( يُقَارِنَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينُ الْإِمَامِ ) لِخَبَرِ { إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ } وَخَبَرِ { إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ } رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِي الثَّانِي { إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ آمِينَ } فَظَاهِرُهُمَا الْأَمْرُ بِالْمُقَارَنَةِ بِأَنْ يَقَعَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ ، وَالْمَلَائِكَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ بَلْ لِقِرَاءَتِهِ ، وَقَدْ فَرَغَتْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ إذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ وَيُوَضِّحُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ } قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَى مُوَافَقَتِهِ الْمَلَائِكَةَ أَنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي الزَّمَنِ وَقِيلَ فِي الصِّفَاتِ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ قِيلَ هُمْ الْحَفَظَةُ وَقِيلَ غَيْرُهُمْ لِخَبَرِ { فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ } ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إذَا قَالَهَا الْحَفَظَةُ قَالَهَا مَنْ فَوْقَهُمْ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَسَائِرُ الْمَلَائِكَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ .

قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَدَلِ إلَخْ ) لَوْ قَدَرَ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ الْقُرْآنِ قَبْلَ فَرَاغِ الذِّكْرِ ، أَوْ عَلَى الذِّكْرِ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ وَقْفَةٌ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْفَاتِحَةِ بَلْ يَطَّرِدُ فِي التَّكْبِيرِ ، وَالتَّشَهُّدِ ( قَوْلُهُ : أَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ إلَخْ ) وَاَلَّذِي نَجْزِمُ بِهِ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالِاسْتِفْتَاحِ ، وَالتَّعَوُّذِ هُنَا وَأَطْلَقَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِرَاءَتُهَا ت ( قَوْلُهُ : اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ ) وَقِيلَ لَا تُخَيِّبْ رَجَاءَنَا وَقِيلَ لَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا أَحَدٌ سِوَاك وَقِيلَ جِئْنَاك قَاصِدِينَ وَدَعَوْنَاك رَاغِبِينَ فَلَا تَرُدَّنَا وَقِيلَ إنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ كَأَنَّ الْمُصَلِّيَ قَالَ اهْدِنَا يَا اللَّهُ وَقِيلَ إنَّهُ طَابَعُ الدُّعَاءِ وَخَاتَمٌ عَلَيْهِ وَقِيلَ إنَّهُ كَنْزٌ يُعْطَاهُ قَائِلُهُ وَقِيلَ إنَّهُ اسْمٌ تَنْزِلُ بِهِ الرَّحْمَةُ ( قَوْلُهُ : فَيَجْهَرُ بِهَا فِي الْجَهْرِيَّةِ إلَخْ ) وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ سُنَّةَ الْجَهْرِ بِالْفَاتِحَةِ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ جَهْرًا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ ت وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ الْأَوَّلِ ( قَوْلُهُ : وَأَنْ يُقَارِنَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْإِمَامِ ) شَمِلَ مَا لَوْ وَصَلَ التَّأْمِينَ بِالْفَاتِحَةِ بِلَا فَصْلٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَا تُسَنُّ مُقَارَنَتُهُ فِيهِ غَيْرَهَا ( قَوْلُهُ : غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) الْمُرَادُ الصَّغَائِرُ فَقَطْ وَإِنْ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ إنَّهُ يَشْمَلُ الصَّغَائِرَ ، وَالْكَبَائِرَ .

( فَإِنْ فَاتَهُ ) قَرْنُ تَأْمِينَهُ بِتَأْمِينِ إمَامِهِ ( أَتَى بِهِ ) أَيْ بِتَأْمِينِهِ ( عَقِبَهُ ) أَيْ عَقِبَ تَأْمِينِ إمَامِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَأْمِينَهُ ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ الْمَنْدُوبِ أَمَّنَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ وَفَرَغَا مَعًا كَفَى تَأْمِينُ وَاحِدٍ ، أَوْ فَرَغَ قَبْلَهُ قَالَ الْبَغَوِيّ يَنْتَظِرُهُ ، وَالْمُخْتَارُ أَوْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِلْمُتَابَعَةِ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ تَأْمِينِ الْقَارِئِ ( مَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهِ ) وَإِلَّا فَاتَ ، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ .

( فَرْعٌ ) قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ أَتَى بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا فَعِنْدِي أَنَّهُ يُؤَمِّنُ عَقِيبَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَمِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ مِنْ أَوَّلِهَا وَأَتَى بِبَدَلِهِ أَوْ عَنْهُ مِنْ آخِرِهَا وَأَتَى بِمَا يَتَضَمَّنُهُ .
( قَوْلُهُ : فَعِنْدِي أَنَّهُ يُؤَمِّنُ عَقِبَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ) قُلْت يُعَضِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إذَا قَرَأَ آخِرَ الْبَقَرَةِ قَالَ آمِينَ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ إنْ كَانَ عَنْ تَوْقِيفٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ حَسَنٌ ت .

( فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ ) لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ ( قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ ) غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ آيَةً ، وَالْأَوْلَى ثَلَاثُ آيَاتٍ ( بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي ) رَكْعَتَيْ ( الصُّبْحِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا ) دُونَ مَا عَدَاهُمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالنَّسَائِيُّ فِيهَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إذَا كَانَ جُنُبًا لَا يَقْرَأُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ مَنْ سُبِقَ بِأَخِيرَتَيْهِ قَرَأَهَا فِيهِمَا إذَا تَدَارَكَهُمَا وَكَالصُّبْحِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ وَنَحْوُهُمَا ( فَلَوْ أَعَادَ الْفَاتِحَةَ أَوْ قَدَّمَ ) عَلَيْهَا ( السُّورَةَ لَمْ يُجْزِهِ ) عَنْ السُّورَةِ ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ ؛ وَلِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يُؤَدِّي بِهِ فَرْضٌ وَنَفْلٌ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيُتَّجَهُ فِيهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَأَعَادَهَا تُجْزِئُهُ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ ( وَسُورَةٌ كَامِلَةٌ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا ) مِنْ طَوِيلَةٍ ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهَا ، وَالْوَقْفَ عَلَى آخِرِهَا صَحِيحَانِ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِهِمَا فِي بَعْضِ السُّوَرِ فَإِنَّهُمَا قَدْ يَخْفَيَانِ كَذَا عَلَّلَ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِابْتِدَاءَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ طَوِيلَةٍ ، وَإِنْ طَالَ كَالتَّضْحِيَةِ بِشَاةٍ أَفْضَلُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِي بَدَنَةٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالنَّوَوِيِّ مِنْ قَدْرِهَا غَيْرُ وَافٍ بِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ ، ثُمَّ مَحَلُّ أَفْضَلِيَّتِهَا فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ أَمَّا فِيهَا فَقِرَاءَةُ بَعْضِ الطَّوِيلَةِ أَفْضَلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالتَّرَاوِيحِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ وَرَدَ فِيهِ الْأَمْرُ

بِالْبَعْضِ ، فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ كَقِرَاءَةِ آيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي الْفَجْرِ .

( قَوْلُهُ : يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ شَيْءٍ إلَخْ ) يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ بَعْضَ آيَةٍ حَصَّلَ أَصْلُ السُّنَّةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إذَا كَانَ مُفِيدًا كَالْآيَةِ الْقَصِيرَةِ الْمُفِيدَةِ مَعْنَى مَنْظُومًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِدُونِ آيَةٍ كَامِلَةٍ مُفِيدَةٍ ت ( قَوْلُهُ ، وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا ) ( فَائِدَةٌ ) لَوْ كَانَ الْإِمَامُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ وَالْمَأْمُومُ عَكْسَهُ فَفَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ ، وَالْإِمَامُ بَعْدُ فِيهِمَا فَهَلْ يَشْتَغِلُ الْمَأْمُومُ إلَى أَنْ يَرْكَعَ إمَامُهُ بِذِكْرٍ ، أَوْ يَقْرَأُ السُّورَةَ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْرَأُ ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا ت وَقَوْلُهُ : أَوْ يَقْرَأُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ : وَتَقَدَّمَ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إلَخْ ) وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ مَأْمُومًا لَا يَسْمَعُ ، أَوْ فِي صَلَاةٍ سِرِّيَّةٍ ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ وَلَا يَسْكُت ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي الصَّلَاةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ح وَقَوْلُهُ ، فَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ إلَخْ ) ؛ وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ رُكْنٌ مِنْ الْأَرْكَانِ ، وَالرُّكْنُ لَا يُشْرَعُ تَكْرَارُهُ عَلَى الِاتِّصَالِ ( قَوْلُهُ : إنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَأَعَادَهَا يُجْزِئُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ إلَخْ ) صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَا يَعْرِفُ الْوُقُوفَ التَّامَّةَ ، وَالِابْتِدَاءَ أَمَّا الْعَالِمُ بِهِمَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا شَكَّ فِي اسْتِبْعَادِ قَوْلِنَا إنَّ قِرَاءَةَ سُورَتَيْ الْفِيلِ وَقُرَيْشٍ أَفْضَلُ لِلْمُقْرِئِ الْمُجِيدِ مِنْ قِرَاءَةِ الْبَقَرَةِ مَثَلًا فِي رَكْعَتَيْنِ ، لَكِنْ قَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَأْخَذَ التَّأَسِّي ، وَالْغَالِبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّورَةُ التَّامَّةُ ت ( قَوْلُهُ : إنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ طَوِيلَةٍ ، وَإِنْ طَالَ ) وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ

الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ صَرِيحًا عَنْ الْبَغَوِيّ د وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْأَطْوَلُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ الطُّولُ ، وَالسُّورَةُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا سُورَةٌ كَامِلَةٌ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَرْجِيحٌ مِنْ وَجْهٍ ع ( قَوْلُهُ : فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالنَّوَوِيِّ مِنْ قَدْرِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَ ) يُسْتَحَبُّ أَنْ ( تَكُونَ ) قِرَاءَةُ الرَّكْعَةِ ( الْأُولَى أَطْوَلَ ) لِلِاتِّبَاعِ ؛ وَلِأَنَّ النَّشَاطَ فِيهَا أَكْثَرُ فَخُفِّفَ فِي غَيْرِهَا حَذَرًا مِنْ الْمَلَلِ نَعَمْ مَا وَرَدَ مِنْ تَطْوِيلِ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ يُتَّبَعُ كَسَبِّحْ وَهَلْ أَتَاك فِي الْعِيدِ ( وَ ) أَنْ تَكُونَ قِرَاءَةُ الْأُولَى ( أَسْبَقَ ) فِي التِّلَاوَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلَ الْبَقَرَةِ فَلَوْ خَالَفَ فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ : وَتَكُونُ الْأُولَى أَطْوَلَ ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُنَا إذَا فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَفِّفَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَى ؛ لِأَنَّهَا حَالَةَ خَوْفٍ وَشُغْلٍ وَمُخَاطَرَةٍ مِنْ خِدَاعِ الْعَدُوِّ وَقَالُوا إذَا أَغْفَلَ قِرَاءَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ السُّورَةَ فِي الْأُولَى عَمْدًا ، أَوْ سَهْوًا قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ تَرَكَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ إنْ قُلْنَا يَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ قَرَأَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِلَّا فَلَا ت .

( وَ ) أَنْ ( يَقْرَأَ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا ( وَفِي الظُّهْرِ قَرِيبًا مِنْهُ ) أَيْ مِمَّا يُقْرَأُ فِي الصُّبْحِ ( وَفِي الْعَصْرِ ، وَالْعِشَاءِ مِنْ أَوْسَاطِهِ وَفِي الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ ) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَأَوَّلُ الْمُفَصَّلِ الْحُجُرَاتُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفُصُولِ فِيهِ بَيْنَ سُوَرِهِ وَقِيلَ لِقِلَّةِ الْمَنْسُوخِ فِيهِ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الطِّوَالِ ، وَالْأَوْسَاطِ إذَا انْفَرَدَ الْمُصَلِّي ، أَوْ آثَرَ الْمَحْصُورُونَ التَّطْوِيلَ وَإِلَّا خَفَّفَ جُزِمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ وَيُسَنُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي أُولَى الصُّبْحِ سُورَةَ الْكَافِرِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ وَعُقُودِ الْمُخْتَصَرِ لَلْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا ( وَ ) أَنْ ( يَقْرَأَ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ ) فِي الْأُولَى ( { الم تَنْزِيلُ } وَفِي الثَّانِيَةِ { هَلْ أَتَى } ) بِكَمَالِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ .
قَالَ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِهَا قَرَأَ بِمَا أَمْكَنَ مِنْهَا وَلَوْ لِآيَةِ السَّجْدَةِ ، وَكَذَا فِي الْأُخْرَى يَقْرَأُ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ { هَلْ أَتَى } فَإِنْ قَرَأَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ ( وَ ) أَنْ ( يَسْتَمِعَ الْمَأْمُومُ ) فِي الْجَهْرِيَّةِ قِرَاءَةَ إمَامِهِ السُّورَةَ فَلَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ } وَلِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهَا خَلْفَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ ( وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ ) لِصَمَمٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا يَفْهَمُهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ( قَرَأَهَا ) إذْ لَا مَعْنَى لِسُكُوتِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِي السِّرِّيَّةِ ، أَوْ عَكَسَ اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ .
وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارَ

الْمَشْرُوعِ فِي الْفَاتِحَةِ ( وَ ) أَنْ ( تَجْهَرَ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى حَيْثُ لَا يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ ) وَيَكُونُ جَهْرُهُمَا دُونَ جَهْرِ الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهُمَا أَجْنَبِيٌّ أَسَرَّا ، وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَالتَّحْقِيقِ فِي الْخُنْثَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَهُوَ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ( وَفِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ يَتَوَسَّطُ بَيْنَ الْإِسْرَارِ ، وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ ، أَوْ مُصَلٍّ ) ، أَوْ نَحْوِهِمَا وَإِلَّا أَسَرَّ وَخَرَجَ بِالْمُطْلَقَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ غَيْرُهَا كَسُنَّةِ الْعِشَاءَيْنِ فَيُسِرُّ فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ يُتَوَسَّطُ فِيهَا بَيْنَ الْإِسْرَارِ ، وَالْجَهْرِ .
وَكَالتَّرَاوِيحِ فَيَجْهَرُ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَيَجْهَرُ بِالتَّرَاوِيحِ ) أَيْ فِيهَا ، وَكَذَا فِي الْوِتْرِ عَقِبَهَا ، وَالْجَهْرُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَخَافَ مَفْسَدَةً مِنْ إعْجَابٍ ، أَوْ رِيَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَحَدُّ الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَلِيه ، وَالْإِسْرَارُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَيْثُ لَا مَانِعَ كَمَا مَرَّ ، وَالتَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَعْرِفُ بِالْمُقَايَسَةِ بِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك } الْآيَةَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَالْأَحْسَنُ فِي تَفْسِيرِهِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنْ يَجْهَرَ تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى كَمَا وَرَدَ فِي فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ .

( قَوْلُهُ : وَيُسَنُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي أُولَى الصُّبْحِ سُورَةَ الْكَافِرِينَ إلَخْ ) رَأَيْت فِي بَابِ طُولِ الْقِرَاءَةِ وَقِصَرِهَا فِي مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَعَلَيْهِ جَرَى الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَالْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي السَّفَرِ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ التَّخْفِيفَ فِي السَّفَرِ لَا يَخْتَصُّ بِالصُّبْحِ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ حَالَةِ السَّيْرِ وَغَيْرِهَا وَبَيْنَ سَفَرٍ وَسَفَرٍ وَقَوْلُهُ ، وَالْأَشْبَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَنْ يَقْرَأَ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ { الم تَنْزِيلُ } إلَخْ ) ، وَإِنْ كَانَ إمَامًا لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ ( قَوْلُهُ : وَأَنْ يَسْتَمِعَ الْمَأْمُومُ إلَخْ ) ( تَنْبِيهٌ ) الْمَشْهُورُ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُؤَخِّرَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ إلَى بَعْدِ فَاتِحَةِ إمَامِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسْمَعُ لِبُعْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُقَدِّرُ ذَلِكَ بِالظَّنِّ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَا يَقُولُهُ غَيْرُ السَّامِعِ فِي زَمَنِ سُكُوتِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُطِيلُ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ الْوَارِدِ فِي الْأَحَادِيثِ ، أَوْ يَأْتِيَ بِذِكْرٍ آخَرَ أَمَّا السُّكُوتُ الْمَحْضُ فَبَعِيدٌ ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَيَتَعَيَّنُ اسْتِحْبَابُ أَحَدِ هَذَيْنِ ت وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ : اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَجْهَرُ الْمَرْأَةُ ، وَالْخُنْثَى إلَخْ ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْأُنْثَى تُسِرُّ بِحَضْرَةِ الْخُنْثَى ، وَأَنَّ الْخُنْثَى يُسِرُّ بِحَضْرَةِ الْخُنْثَى ش ( قَوْلُهُ : كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا الْخُنْثَى فَيُسِرُّ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ ، وَالرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَيَجْهَرُ إنْ كَانَ خَالِيًا ، أَوْ بِحَضْرَةِ مَحَارِمِهِ فَقَطْ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْتُهُ .
ا هـ .
وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي

الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ إسْرَارُ الرِّجَالِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ مُتَمَحِّضَاتٍ ، أَوْ مَعَ رِجَالٍ خَشْيَةَ افْتِتَانِ النِّسَاءِ وَهُوَ مَرْدُودٌ فَقَدْ { جَهَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } ، وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ إلَى زَمَانِنَا مَعَ اقْتِدَاءِ النِّسَاءِ بِهِمْ وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَحَدٌ هَذِهِ الْحَالَ بَلْ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي دَفْعِهَا .
ا هـ .
وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسِرُّ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَلَيْسَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ .
ا هـ .
وَهُوَ غَيْرُ مُتَأَتٍّ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْجَمَاعَةِ ، ثُمَّ صَوَّبَ خِلَافَهُ ( قَوْلُهُ : قَالَ بَعْضُهُمْ : يُعْرَفُ بِالْمُقَايَسَةِ إلَخْ ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلْيُحْمَلْ عَلَى أَدْنَى دَرَجَاتِ الْجَهْرِ .

( فَرْعٌ ، فَإِنْ قَرَأَ ) فِي الصَّلَاةِ ( آيَةَ رَحْمَةٍ ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاَللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ( سَأَلَهَا ) كَأَنْ يَقُولَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ( أَوْ ) آيَةَ ( عَذَابٍ ) كَقَوْلِهِ { وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } ( اسْتَعَاذَ ) مِنْهُ كَأَنْ يَقُولَ رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْعَذَابِ ( أَوْ ) آيَةَ ( تَسْبِيحٍ ) كَقَوْلِهِ { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّك الْعَظِيمِ } ( سَبِّحْ ) كَأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ( ، أَوْ ) آيَةَ ( مَثَلٍ ) كَقَوْلِهِ { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا } الْآيَةَ ( تَفَكَّرَ ) فِيهَا ( أَوْ ) قَرَأَ ( كَآخِرِ ) أَيْ مِثْلَ آخِرِ ( { وَالتِّينِ } قَالَ بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ ، وَكَقَوْلِهِ ) أَيْ أَوْ قَرَأَ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } قَالَ ( آمَنَّا بِاَللَّهِ ) وَكَآخِرِ ، وَكَقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَكَذَا ) يَفْعَلُ ( الْمَأْمُومُ ) ذَلِكَ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ ( وَ ) كَذَا ( غَيْرُ الْمُصَلِّي ) يَفْعَلُهُ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ وَقِرَاءَةِ غَيْرِهِ .

( قَوْلُهُ : وَكَذَا يَفْعَلُ الْمَأْمُومُ ذَلِكَ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ ) كَأَنْ قَرَأَ إمَامُهُ { وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ } فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ النَّوَوِيُّ هَلْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا مَرَّ بِذِكْرِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَفْعَلُهَا ا هـ .
إذْ لَا أَصْلَ لِذَلِكَ هُنَا وَقَالَ الْعِجْلِيّ فِي شَرْحِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُهُ فَلَا يَفْعَلُهَا أَيْ مَعَ إتْيَانِهِ بِالظَّاهِرِ كَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمَّا مَعَ الضَّمِيرِ فَسُنَّةٌ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إفْتَاءُ النَّوَوِيِّ وَتَرْجِيحُ الْأَنْوَارِ وَتَبِعَهُ الْغَزِّيِّ قَوْلُ الْعِجْلِيّ يُسَنُّ .
ا هـ .
.

( وَيَفْصِلُ ) الْمُصَلِّي ( الْقِرَاءَةَ ) لِلْفَاتِحَةِ وَحْدَهَا ، أَوْ مَعَ السُّورَةِ ( عَنْ تَكْبِيرِهِ ) الْوَاقِعِ ( قَبْلَهَا ) وَهُوَ تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَ ) الْوَاقِعُ ( بَعْدَهَا ) وَهُوَ تَكْبِيرُ الرُّكُوعِ ( بِسَكْتَةٍ ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي بِدَايَةِ الْهِدَايَةِ فِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِهَذَا مَعَ مَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ السَّكَتَاتِ الْمَنْدُوبَةَ فِي الصَّلَاةِ أَرْبَعٌ سَكْتَةٌ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يُفْتَتَحُ فِيهَا وَسَكْتَةٌ بَيْنَ وَلَا الضَّالِّينَ وَآمِينَ وَسَكْتَةٌ لِلْإِمَامِ بَعْدَ التَّأْمِينِ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ وَسَكْتَةٌ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ ، وَكَذَا قَرَّرَهَا فِي الْمَجْمُوعِ ، ثُمَّ قَالَ وَتَسْمِيَةُ كُلٍّ مِنْ الْأُولَى ، وَالثَّالِثَةِ سَكْتَةً مَجَازٌ فَإِنَّهُ لَا يُسْكَتُ حَقِيقَةً لِمَا تَقَرَّرَ فِيهِمَا وَالزَّرْكَشِيُّ عَدَّ السَّكَتَاتِ خَمْسَةً الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ وَسَكْتَةٌ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالِافْتِتَاحِ وَسَكْتَةٌ بَيْنَ الِافْتِتَاحِ ، وَالْقِرَاءَةِ وَعَلَيْهِ لَا مَجَازَ إلَّا فِي سَكْتَةِ الْإِمَامِ بَعْدَ التَّأْمِينِ .

الرُّكْنُ ( الْخَامِسُ ، وَالسَّادِسُ الرُّكُوعُ وَطُمَأْنِينَتُهُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { ارْكَعُوا } وَلِخَبَرِ { إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ } ( وَأَقَلُّهُ ) أَيْ الرُّكُوعِ لِلْقَائِمِ ( انْحِنَاءٌ خَالِصٌ لَا انْخِنَاسَ فِيهِ ) بِحَيْثُ ( يُوَصِّلُ ) الِانْحِنَاءُ الْمَذْكُورُ ( يَدَيْ ) أَيْ رَاحَتَيْ ( الْمُعْتَدِلِ ) خِلْقَةً ( رُكْبَتَيْهِ ) فَلَا يَحْصُلُ بِانْخِنَاسٍ وَلَا بِهِ مَعَ انْحِنَاءٍ أَمَّا رُكُوعُ الْقَاعِدِ فَتَقَدَّمَ ( فَإِنْ عَجَزَ ) عَنْ ذَلِكَ ( إلَّا بِمُعِينٍ ) وَلَوْ بِاعْتِمَادٍ عَلَى شَيْءٍ ( أَوْ انْحِنَاءٍ عَلَى الشِّقِّ ) أَيْ شِقِّهِ ( لَزِمَهُ ، وَالْعَاجِزُ ) عَنْ الِانْحِنَاءِ الْمَذْكُورِ ( يَنْحَنِي قَدْرَ إمْكَانِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ ) عَنْ الِانْحِنَاءِ أَصْلًا ( أَوْمَأَ ) بِرَأْسِهِ ، ثُمَّ بِطَرْفِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِأَوْمَأَ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَوْمَأَ بِطَرْفِهِ ( ثُمَّ يَطْمَئِنُّ ) فِي رُكُوعِهِ .
( وَأَقَلُّهُ ) أَيْ اطْمِئْنَانِهِ فِيهِ ( أَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ رَاكِعًا بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ هُوِيُّهُ عَنْ ارْتِفَاعِهِ ) مِنْ رُكُوعِهِ ( وَلَا تَقُومُ زِيَادَةُ الْهُوِيِّ مَقَامَهَا ) أَيْ مَقَامَ الطُّمَأْنِينَةِ لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَوْ قَالَ فَلَا بِالْفَاءِ كَانَ أَوْلَى ( وَلَوْ هَوَى بِسُجُودِ تِلَاوَةٍ ، ثُمَّ بَدَا لَهُ ) أَنْ يَجْعَلَهُ رُكُوعًا ( فَجَعَلَهُ رُكُوعًا لَمْ يُجْزِهِ بَلْ يَنْتَصِبُ لِيَرْكَعَ ) إذْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهُوِيِّهِ غَيْرَ الرُّكُوعِ كَنَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ وَلَوْ رَكَعَ إمَامُهُ فَظَنَّ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ فَهَوَى لِذَلِكَ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ هَذَا عَنْ الرُّكُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ عَمَلًا بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ .
وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعُ ( وَأَكْمَلُهُ ) أَيْ الرُّكُوعِ ( أَنْ يَنْحَنِي حَتَّى يَسْتَوِي ظَهْرُهُ

وَعُنُقُهُ كَالصَّفِيحَةِ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، فَإِنْ تَرَكَهُ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ( وَلَا يَثْنِي رُكْبَتَيْهِ ) بَلْ يَنْصَبُ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ ( وَيَأْخُذُهُمَا بِكَفَّيْهِ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ( وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ لِلْقِبْلَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ ( مُتَفَرِّقَةً ) تَفْرِيقًا وَسَطًا لِلِاتِّبَاعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَسَطِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ، وَالْبَيْهَقِيُّ ( وَيُجَافِي الرَّجُلُ مِرْفَقَيْهِ ) عَنْ جَنْبَيْهِ وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ( وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ ، وَالْخُنْثَى ) بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَأَحْوَطُ لَهُ ( فَيَبْتَدِئُ بِالتَّكْبِيرِ ) لِرُكُوعِهِ ( أَوَّلَ هُوِيِّهِ رَافِعًا يَدَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ ) فِي رَفْعِهِمَا لِلتَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ ( وَهُوَ قَائِمٌ ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الرَّفْعَ هُنَا كَالرَّفْعِ لِلْإِحْرَامِ ، وَأَنَّ الْهُوِيَّ مُقَارِنٌ لِلرَّفْعِ ، وَالْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ ، وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ لِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ قَائِمًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ رَفْعِهِ وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ نَحْوُهُ .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ ؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ حَالَ الِانْحِنَاءِ مُتَعَذِّرٌ ، أَوْ مُتَعَسِّرٌ وَدَلِيلُ التَّكْبِيرِ ، وَالرَّفْعِ فِيمَا ذُكِرَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَيَمُدُّهُ ) أَيْ التَّكْبِيرَ جَهْرًا ( إلَى الِانْتِهَاءِ ) أَيْ انْتِهَاءِ هُوِيِّهِ وَهَذَا يَجْرِي ( فِيهِ وَفِي سَائِرِ ) أَذْكَارِ ( الِانْتِقَالَاتِ ) فَيَمُدُّهَا إلَى الرُّكْنِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ وَلَوْ فَصَلَ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ( لِئَلَّا يَخْلُوَ جُزْءٌ مِنْ ) الصَّلَاةِ عَنْ ( الذِّكْرِ ) وَلَا نَظَرَ إلَى طُولِ الْمَدِّ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ يُنْدَبُ الْإِسْرَاعُ بِهِ لِئَلَّا

تَزُولَ النِّيَّةُ كَمَا مَرَّ ( وَيَقْتَصِرُ الْإِمَامُ ) فِي الرُّكُوعِ ( عَلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَتَخْفِيفًا عَنْ الْمَأْمُومِينَ وَهَذَا أَدْنَى الْكَمَالِ ( وَيَأْتِي الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ مَنْ رَضِيَ ) بِالتَّطْوِيلِ ( بِبَاقِي الذِّكْرِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ ) فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ { اللَّهُمَّ لَك رَكَعْتُ وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَأْتِي قَبْلَهُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ بِالتَّسْبِيحِ السَّابِقِ خَمْسًا ، أَوْ سَبْعًا ، أَوْ تِسْعًا أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ أَكْمَلُ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ { وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي } أَيْ قَامَتْ بِهِ وَحَمَلَتْهُ وَمَعْنَاهُ جَمِيعُ جَسَدِي ، وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَقَوْلُهُ { لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } بَعْدَ قَوْلِهِ لَك تَأْكِيدٌ .

( وَقَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ انْحِنَاءٌ إلَخْ ) يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ ( قَوْلُهُ : أَيْ رَاحَتَيْ الْمُعْتَدِلِ ) تَعْبِيرُهُمْ بِالرَّاحَةِ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَصَابِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ هَوَى لِسُجُودِ تِلَاوَةٍ إلَخْ ) لَوْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَوَقَعَ لَهُ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَيَرْكَعَ فَلَمَّا هَوَى عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ ، فَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ ( قَوْلُهُ : وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ لَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا وَكَانَ قَدْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَهَذَا أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَتْ السُّنَّةُ مَقَامَ الْوَاجِبِ فَلَأَنْ يَقُومَ الْوَاجِبُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْلَى ر ( قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ ) لَا وَجْهَ لَهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَاَلَّذِي يَأْتِي حِينَئِذٍ عَدَمُ عَوْدِهِ لِلْقِيَامِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ ( قَوْلُهُ وَيَقْتَصِرُ الْإِمَامُ عَلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي رُكُوعِهِ وَقَالَ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى } ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ { لَمَّا نَزَلَتْ { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّك الْعَظِيمِ } قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ وَلَمَّا نَزَلَتْ { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى } قَالَ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْأَعْلَى بِالسُّجُودِ أَنَّ الْأَعْلَى أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ بِخِلَافِ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ

عَلَى رُجْحَانِ مَعْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَالسُّجُودُ فِي غَايَةِ التَّوَاضُعِ فَجُعِلَ الْأَبْلَغُ مَعَ الْأَبْلَغِ ، وَالْمُطْلَقُ مَعَ الْمُطْلَقِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ { اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت } إلَخْ ) إنَّمَا وَجَبَ الذِّكْرُ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ ، وَالتَّشَهُّدِ ، وَلَمْ يَجِبْ فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي السُّجُودِ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ وَلِلْعَادَةِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرٍ يُخَلِّصُهُمَا لِلْعِبَادَةِ ، وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ يَقَعَانِ خَالِصَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ هُمَا لَا يَقَعَانِ لِلْعَادَةِ فَلَمْ يَجِبْ الذِّكْرُ فِيهِمَا قَالَ شَيْخُنَا قَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا

( وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ ( وَفِي السُّجُودِ ) بَلْ وَفِي سَائِرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ غَيْرَ الْقِيَامِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ ، وَقَدْ قَالَ { عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ كَرَاهَتِهَا إذَا قَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ ، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ ، وَالثَّنَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ .
( قَوْلُهُ : فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَالذِّكْرُ فِي مَوْضِعِهِ أَفْضَلُ ) مِنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ صَلَاةً كَانَ ، أَوْ طَوَافًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ هُنَا كَبِيرُ جَدْوًى ( وَإِلَّا قُطِعَ وَنَحْوُهُ ) كَقَصِيرِ الْيَدَيْنِ ( لَا يُوصِلُ يَدَيْهِ ) فِي الرُّكُوعِ ( رُكْبَتَيْهِ حِفْظًا لِهَيْئَةِ الرُّكُوعِ بَلْ يُرْسِلُهُمَا ) إنْ لَمْ تَسْلَمَا مَعًا ( أَوْ ) يُرْسِلُ ( وَاحِدَةً إنْ سَلِمَتْ الْأُخْرَى وَيَحْصُلُ الذِّكْرُ ) فِي الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ ( بِتَسْبِيحَةٍ ) وَاحِدَةٍ .

الرُّكْنُ ( السَّابِعُ وَالثَّامِنُ الِاعْتِدَالُ وَطُمَأْنِينَتُهُ ) لِخَبَرِ { إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ } ( وَلَيْسَ ) الِاعْتِدَالُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ ( بَلْ لِلْعَوْدِ إلَى مَا كَانَ ) عَلَيْهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ ، وَإِنْ صَلَّى غَيْرَ قَائِمٍ وَلِهَذَا عُدَّ رُكْنًا قَصِيرًا ( فَلَا يُطِيلُهُ ) ، فَإِنْ أَطَالَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا يَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ مَعَ زِيَادَةٍ ( وَيَطْمَئِنُّ ) فِيهِ ( كَمَا سَبَقَ ) فِي الرُّكُوعِ بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ رُكُوعِهِ بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ ارْتِفَاعُهُ عَنْ عَوْدِهِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ .

( وَلَوْ رَكَعَ ) عَنْ قِيَامٍ ( فَسَقَطَ ) عَنْ رُكُوعِهِ ( قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ ) فِيهِ ( عَادَ ) وُجُوبًا ( إلَيْهِ وَاطْمَأَنَّ ) ، ثُمَّ اعْتَدَلَ ( ، أَوْ ) سَقَطَ عَنْهُ ( بَعْدَهَا نَهَضَ مُعْتَدِلًا ) ، ثُمَّ سَجَدَ .

( وَإِنْ سَجَدَ وَشَكَّ هَلْ تَمَّ اعْتِدَالُهُ اعْتَدَلَ ) وُجُوبًا ( ثُمَّ يَسْجُدُ وَلَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ خَوْفًا مِنْ حَيَّةٍ ) مَثَلًا ( لَمْ يُحْسَبْ ) رَفْعُهُ ( اعْتِدَالًا ) لِوُجُودِ الصَّارِفِ ، فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِرَفْعِهِ شَيْئًا آخَرَ .

( وَيُسْتَحَبُّ ) لَهُ ( أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ كَمَا سَبَقَ ) فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ ( حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ) مِنْ الرُّكُوعِ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ رَفْعِهِمَا مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِهِ ( قَائِلًا ) فِي ارْتِفَاعِهِ لِلِاعْتِدَالِ ( سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا خَبَرُ { إذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ } فَمَعْنَاهُ قُولُوا ذَلِكَ مَعَ مَا عَلِمْتُمُوهُ مِنْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِعِلْمِهِمْ بِقَوْلِهِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } مَعَ قَاعِدَةِ التَّأَسِّي بِهِ مُطْلَقًا .
وَإِنَّمَا خَصَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهُ غَالِبًا وَيَسْمَعُونَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ( وَ ) أَنْ ( يَجْهَرَ بِهَا ) أَيْ بِكَلِمَةِ التَّسْمِيعِ ( الْإِمَامُ ، وَالْمُبَلِّغُ ) إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِلْإِعْلَامِ بِانْتِقَالِ الْإِمَامِ ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْمُبَلِّغِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ( فَإِنَّ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَإِذَا ( اسْتَوَى ) الْمُصَلِّي ( قَائِمًا أَرْسَلَهُمَا ) أَيْ يَدَيْهِ ( وَقَالَ كُلٌّ ) مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ ، وَالْمُنْفَرِدِ ( سِرًّا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ، أَوْ ) رَبَّنَا ( وَلَك الْحَمْدُ أَوْ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك ) ، أَوْ وَلَك ( الْحَمْدُ أَوْ لَك الْحَمْدُ رَبَّنَا ) ، أَوْ الْحَمْدُ لِرَبِّنَا .
( وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ) لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْأُمِّ الثَّانِي أَحَبُّ إلَيَّ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ يَجْمَعُ مَعْنَيَيْنِ الدُّعَاءَ وَالِاعْتِرَافَ أَيْ رَبَّنَا اسْتَجِبْ لَنَا وَلَك الْحَمْدُ عَلَى هِدَايَتِك إيَّانَا ( إلَى قَوْلِهِ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ) فَيَقُولُ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ( وَغَيْرُ الْإِمَامِ يَزِيدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ ، وَالْمَجْدِ إلَى آخِرِهِ ) فَيَقُولُ بَعْدَمَا ذُكِرَ أُحِقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ لَا مَانِعَ

لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ ( وَكَذَا الْإِمَامُ ) يَزِيدُ ذَلِكَ ( إنْ رَضُوا ) أَيْ الْمَأْمُومُونَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِهِ ( كُرِهَ ) لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ إذَا لَمْ يَرْضَوْا اقْتَصَرَ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَفِي التَّحْقِيقِ مِثْلُ مَا فِي الْأَصْلِ وَزَادَ عَلَيْهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ عَقِبَ لَك الْحَمْدُ وَهُوَ غَرِيبٌ ( وَلَوْ قَالَ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَ لَهُ ) أَوْ حَمِدَ اللَّهُ مَنْ سَمِعَهُ ( أَجْزَأَهُ ) فِي تَأْدِيَةِ أَصْلِ السُّنَّةِ ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ ، وَالْمَعْنَى بِخِلَافِ أَكْبَرُ اللَّهُ ، لَكِنْ مَا مَرَّ أَوْلَى كَمَا لَوَّحَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَجْزَأَهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِهِ .

قَوْلُهُ : وَقَالَ كُلٌّ سِرًّا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ) قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ ادَّعَى ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ فِي جَمْعِ الْمَأْمُومِ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ قَالَ بِقَوْلِهِ عَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَإِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمْ .
ا هـ .
قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ مِنْهُمْ أَبُو بُرْدَةَ وَدَاوُد ( قَوْلُهُ : إلَى قَوْلِهِ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ) عِبَارَةُ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ وَفَرَغَ مِنْ قَوْلِهِ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَخْ وَالشَّاشِيُّ فِي الْعَمْدِ بِتَمَامِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ : وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَخْ ) أَغْرَبَ فِيهِ ، وَقَدْ تَتَبَّعْت هَذَا النَّقْلَ سِنِينَ فَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي النِّهَايَةِ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ احْتِمَالًا لِلْإِمَامِ وَكَانَ الشَّيْخُ رَآهُ فِي كَلَامِ بَعْضِ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ مَجْزُومًا بِهِ فَنَقَلَهُ ، وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُهُ ت بَقِيَ لَوْ قَنَتَ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَعِبَارَةُ الطِّرَازِ لَا فِي الِاعْتِدَالِ يَقْنُت فِيهِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ غَرِيبٌ ) ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ ح ( قَوْلُهُ ، أَوْ حَمِدَ اللَّهُ مَنْ سَمِعَهُ ) ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْهُ .

( وَلَوْ عَجَزَ الرَّاكِعُ عَنْ الِاعْتِدَالِ سَجَدَ مِنْ رُكُوعِهِ ) وَسَقَطَ الِاعْتِدَالُ لِتَعَذُّرِهِ ( فَلَوْ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَ وَضْعِ جَبْهَتِهِ ) عَلَى مَسْجِدِهِ ( رَجَعَ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى الِاعْتِدَالِ ( أَوْ ) زَالَ ( بَعْدَهُ فَلَا ) يَرْجِعُ إلَيْهِ بَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ ( فَإِنْ عَادَ ) إلَيْهِ ( جَاهِلًا ) بِالتَّحْرِيمِ وَلَوْ عَامِدًا ( لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ .

( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُصَلِّي ( تَرْكُ الِاعْتِدَالِ مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ فِي نَافِلَةٍ ) هَذَا أَخَذَهُ مِنْ ظَاهِرِ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ فِي صِحَّتِهَا بِتَرْكِ ذَلِكَ وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى صَلَاتِهَا مُضْطَجِعًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَدَمُ صِحَّتِهَا .
( قَوْلُهُ : وَلَهُ تَرْكُ اعْتِدَالٍ مِنْ رُكُوعٍ إلَخْ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَيْسَ لَهُ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَدَمُ صِحَّتِهَا ) هُوَ الْمَذْهَبُ .

( فَصْلٌ الْقُنُوتُ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ ) التَّحْمِيدِ فِي ( اعْتِدَالِ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ وَأَخِيرَةِ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ ) لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الثَّانِيَةِ { وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي إلَى آخِرِهِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ لِيَقْنُتَ بِهَا فِي الصُّبْحِ ، وَالْوِتْرِ قَالَ } ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ } أَيْضًا ، لَكِنْ رُوَاةُ الْقُنُوتِ بَعْدَهُ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ فَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ وَأَكْثَرِهَا ( وَكَذَا سَائِرُ الْفَرَائِضِ ) أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ يُسْتَحَبُّ الْقُنُوتُ بَعْدَ التَّحْمِيدِ فِي اعْتِدَالِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا ( عِنْدَ النَّازِلَةِ ) لَوْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ خَوْفٍ ، أَوْ قَحْطٍ ، أَوْ وَبَاءٍ ، أَوْ جَرَادٍ ، أَوْ نَحْوِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } بِخِلَافِ النَّفْلِ وَالْمَنْذُورِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا يُسَنُّ فِيهَا الْقُنُوتُ فَفِي الْأُمِّ وَلَا قُنُوتَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ، وَالِاسْتِسْقَاءِ ، فَإِنْ قَنَتَ لِنَازِلَةٍ لَمْ أَكْرَهْهُ وَإِلَّا كَرِهْته قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِي النَّفْلِ وَفِي كَرَاهَتِهِ التَّفْصِيلُ انْتَهَى وَيُقَاسُ بِالنَّفْلِ فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورُ .
وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ مُطْلَقًا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْقُنُوتُ ( اللَّهُمَّ اهْدِنِي إلَى آخِرِهِ ) أَيْ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْت وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت

فَإِنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت تَبَارَكَتْ رَبَّنَا وَتَعَالَيْت قَالَ الرَّافِعِيُّ وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت قَبْلَ تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت وَبَعْدَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا لَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي تَحْقِيقِهِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ ( وَيُسَنُّ بَعْدَهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَجُزِمَ فِي الْأَذْكَارِ بِسَنِّ السَّلَامِ وَبِسَنِّ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْفِرْكَاحِ فَقَالَ لَا أَصْلَ لِزِيَادَةِ وَسَلِّمْ وَلَا لِمَا اُعْتِيدَ مِنْ ذِكْرِ الْآلِ ، وَالْأَصْحَابِ وَالْأَزْوَاجِ وَاسْتَشْهَدَ الْإِسْنَوِيُّ لِسَنِّ السَّلَامِ بِالْآيَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ لِسَنِّ الْآلِ بِخَبَرِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك ( وَيَقُولُ الْإِمَامُ اهْدِنَا ) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ ( بِلَفْظِ الْجَمْعِ ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَاهُ فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَحُمِلَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَخْصِيصُ نَفْسِهِ بِالدُّعَاءِ لِخَبَرِ { لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ قَوْمًا فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ } ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ كَخَبَرِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي } الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : الْقُنُوتُ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ التَّحْمِيدِ ) قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ الذِّكْرُ الْوَارِدُ فِي الِاعْتِدَالِ لَا يُقَالُ مَعَ الْقُنُوتِ لِأَنَّهُ يَطُولُ وَهُوَ رُكْنٌ قَصِيرٌ .
وَعَمِلَ الْأَئِمَّةُ بِخِلَافِهِ لِجَهْلِهِمْ بِفِقْهِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْجَمْعَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَكْرُوهًا .
ا هـ .
وَالصَّوَابُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَفِي الْعَمْدِ نَحْوُهُ د ( قَوْلُهُ : فِي اعْتِدَالِ ثَانِيَةٍ لِصُبْحٍ ) خَالَفَتْ الصُّبْحُ غَيْرَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِشَرَفِهَا وَلِأَنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَبِالتَّثْوِيبِ وَهِيَ أَخْصَرُ الْفَرَائِضِ فَكَانَتْ بِالزِّيَادَةِ أَلْيَقَ ( قَوْلُهُ : وَأَخِيرَةُ الْوِتْرِ إلَخْ ) أَدَاءٌ وَقَضَاءٌ ( قَوْلُهُ : أَوْ وَبَاءٌ ) التَّعْبِيرُ بِالْوَبَاءِ يَقْتَضِي إلْحَاقَ الطَّاعُونِ بِهِ ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ بِالْقُنُوتِ لِلطَّاعُونِ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ مَنْ أَجَابَ بِالْمَنْعِ ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَقْنُتُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَابُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { دَعَا بِصَرْفِ الطَّاعُونِ عَنْ الْمَدِينَةِ وَنَقْلِ وَبَائِهَا إلَى الْجُحْفَةِ } قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَعْبِيرُهُ بِالْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ عُمُومِ النَّازِلَةِ وَأَنَّ الْخَاصَّةَ بِالْإِنْسَانِ كَالْأَسْرِ مَثَلًا لَا يُقْنَتُ لَهَا قُلْت ، وَالظَّاهِرُ التَّعْمِيمُ حَتَّى يُسْتَحَبَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ مَا قَالُوهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالتَّهْذِيبِ لَوْ حَدَثَ لَهُ أَمْرٌ يَخَافُهُ كَانَ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ وَكَانَ مُرَادُهُ إذَا حَدَثَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِذَا جَازَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقُنُوتِ لِذَلِكَ فَأَوْلَى جَوَازُ أَصْلِ الْقُنُوتِ ر وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَابُ إلَخْ قَالَ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَقَوْلُهُ قُلْت وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ اللَّهُمَّ اهْدِنِي إلَخْ

كَانَ ) كَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَقُولُ فِي دُعَاءِ قُنُوتِ الصُّبْحِ اللَّهُمَّ لَا تَعُقْنَا عَنْ الْعِلْمِ بِعَائِقٍ وَلَا تَمْنَعْنَا مِنْهُ بِمَانِعٍ د ( قَوْلُهُ وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَلَا يَعِزُّ إلَخْ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي الْأَذْكَارِ إلَخْ ) عِبَارَتُهُ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَفِي الْحِلْيَةِ نَحْوُهُ ( قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ح ( قَوْلُهُ : وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ إلَخْ ) قَدْ ثَبَتَ أَنَّ { دُعَاءَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ } وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ إلَّا فِي الْقُنُوتِ فَلْيَكُنْ الصَّحِيحُ اخْتِصَاصَ التَّفْرِقَةِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ إنَّ أَدْعِيَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ .
ا هـ فَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الْقُنُوتِ مَرْدُودٌ

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَتُكْرَهُ إطَالَةُ الْقُنُوتِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِيهِ وَفِي تَحْقِيقِهِ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ أَنَّ إطَالَةَ الِاعْتِدَالِ لَا تَضُرُّ أَمَّا عَلَى الْمَنْقُولِ مِنْ أَنَّ الِاعْتِدَالَ قَصِيرٌ فَقَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ عَمْدًا مُبْطِلٌ ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَيُجَابُ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْقُنُوتِ مِمَّا لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَطْوِيلِهِ إذْ الْبَغَوِيّ نَفْسُهُ الْقَائِلُ بِكَرَاهَةِ الْإِطَالَةِ قَائِلٌ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ ( وَلَا تَتَعَيَّنُ كَلِمَاتُهُ ) بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ ، أَوْ مِنْ جِنْسِهِ ( فَلَوْ قَنَتَ بِقُنُوتِ عُمَرَ ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْآتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ ( فَحَسُنَ ) ، لَكِنْ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ ( وَيُؤَخِّرُهُ ) عَنْ الْأَوَّلِ ( لَوْ جَمَعَهُمَا ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ بِالنِّسْبَةِ لِقُنُوتِ الْوِتْرِ وَجَمْعُهُمَا لِلْمُنْفَرِدِ وَلِلْإِمَامِ بِرِضَا الْمَحْصُورِينَ مُسْتَحَبٌّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَتُحْمَلُ كَرَاهَةُ إطَالَةِ الْقُنُوتِ عَلَى إطَالَتِهِ بِغَيْرِ قُنُوتِ عُمَرَ ( وَفِي الْجَمِيعِ ) أَيْ جَمِيعِ ذَوَاتِ الْقُنُوتِ حَتَّى السِّرِّيَّةِ ( يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلْيَكُنْ جَهْرُهُ بِهِ دُونَ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ ( لَا الْمُنْفَرِدُ ) فَلَا يَجْهَرُ بِهِ ( وَيُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ ) لِلدُّعَاءِ كَمَا { كَانَتْ الصَّحَابَةُ يُؤَمِّنُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } فِي ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ ، أَوْ صَحِيحٍ وَيَجْهَرُ بِهِ كَمَا فِي تَأْمِينِ الْقِرَاءَةِ ( وَفِي الثَّنَاءِ يُشَارِكُ ) الْإِمَامَ ( سِرًّا ، أَوْ يَسْتَمِعُ ) لَهُ ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَذِكْرٌ لَا يَلِيقُ بِهِ التَّأْمِينُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ .
وَالْمُشَارَكَةُ أَوْلَى ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ لَهَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ( فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ ) قُنُوتَ إمَامِهِ ( قَنَتَ ) مَعَهُ سِرًّا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ الَّتِي لَا يَسْمَعُهَا ( وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِيهِ ) وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِيهِ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُمَا لِلسَّمَاءِ إنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلَاءٍ وَعَكْسَهُ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ ( دُونَ مَسْحِ الْوَجْهِ ) بِالْيَدَيْنِ ( بَعْدَهُ ) فَلَا يُسْتَحَبُّ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَرُوِيَ فِيهِ خَبَرٌ ضَعِيفٌ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَبِاسْتِحْبَابِهِ خَارِجَهَا جُزِمَ فِي التَّحْقِيقِ وَأَمَّا مَسْحُ غَيْرِ الْوَجْهِ كَالصَّدْرِ فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَا يُسْتَحَبُّ قَطْعًا بَلْ نَصَّ جَمَاعَةٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ ( وَيُجْزِئُهُ ) لِلْقُنُوتِ ( آيَةٌ فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ ) كَآخِرِ الْبَقَرَةِ ( إنْ قَصَدَهُ بِهَا ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ كَآيَةِ الدَّيْنِ ، وَ { تَبَّتْ } أَوْ فِيهَا مَعْنَاهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْقُنُوتَ لَمْ تُجْزِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ مَكْرُوهَةٌ .

( قَوْلُهُ : وَإِلَّا وُجِّهَ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَا تَتَعَيَّنُ كَلِمَاتُهُ ) يُشْتَرَطُ فِي بَدَلِ الْقُنُوتِ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً وَثَنَاءً كَمَا قَالَهُ الْبُرْهَانُ الْبَيْجُورِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت ( قَوْلُهُ : فَلَوْ قَنَتَ بِقُنُوتِ عُمَرَ إلَخْ ) كَأَنْ يَقْنُتَ بِهِ فِي الصُّبْحِ ( قَوْلُهُ : فَتُحْمَلُ كَرَاهَةُ إطَالَةِ الْقُنُوتِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا : بَلْ لَوْ أَطَالَ مَحَلَّهُ وَلَوْ بِسُكُوتٍ لَمْ يَضُرَّ ، وَإِنْ كُرِهَ وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ أَخِيرَةُ الْمَكْتُوبَةِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ مَحَلَّ الْقُنُوتِ لِنَحْوِ نَازِلَةٍ لَمْ تَقَعْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلْيَكُنْ جَهْرُهُ بِهِ دُونَ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ ) فَيَجُوزُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَهْرَ بِهِ وَبِالْقِرَاءَةِ يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْجَمْعِ وَكَثْرَتِهِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ ن ( قَوْلُهُ : وَفِي الثَّنَاءِ يُشَارِكُ إلَخْ ) إذَا قُلْنَا إنَّ الثَّنَاءَ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ فَفِي جَهْرِ الْإِمَامِ بِهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُسِرُّ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِمَّا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ الْجَهْرُ كَمَا إذَا سَأَلَ الرَّحْمَةَ ، أَوْ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ وَلَا يُؤَمِّنُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْجَهْرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ إذَا قَنَتَ الْإِمَامُ وَانْتَهَى إلَى قَوْلِهِ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك فَقَالَ الْمَأْمُومُ صَدَقْت وَيَرَوْنَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ .
قَوْلُهُ : وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ لَهَا ) قَالَ الْغَزِّيِّ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُشَارِكُهُ وَإِنْ قِيلَ هُوَ دُعَاءٌ لِحَدِيثِ رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ( قَوْلُهُ : صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ قُنُوتَ إمَامِهِ ) ، أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا

يَفْهَمُهُ .

( وَلَوْ قَنَتَ شَافِعِيٌّ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ يُجْزِهِ ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ ( وَيُعِيدُهُ ) بَعْدَهُ ( وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ) قَالَ فِي الْأُمِّ ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ عَمَلٌ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ فَإِذَا عَمِلَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ أُوجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بِنِيَّةِ الْقُنُوتِ وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدْ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَخَرَجَ بِالشَّافِعِيِّ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَرَى الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ كَالْمَالِكِيِّ فَيُجْزِئُهُ عِنْدَهُ .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ ) وَالْمُعَافَى الْمَوْصِلِيُّ .

الرُّكْنُ ( التَّاسِعُ ، وَالْعَاشِرُ السُّجُودُ ) مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ( وَطُمَأْنِينَتُهُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } وَلِخَبَرِ { إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ } ( وَأَقَلُّهُ وَضْعُ شَيْءٍ مَكْشُوفٍ مِنْ الْجَبْهَةِ ) لِخَبَرِ { إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك وَلَا تَنْقُرُ نَقْرًا } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ { خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا } أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا وَلَا يَضُرُّ نَسْخُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ .
وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ كَشْفُ الْجَبْهَةِ لَأَرْشَدَهُمْ إلَى سَتْرِهَا وَاعْتُبِرَ كَشْفُهَا دُونَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لِسُهُولَتِهِ فِيهَا دُونَ الْبَقِيَّةِ وَلِحُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ وَهُوَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ بِكَشْفِهَا ( لَا ) وَضْعُ ( الْجَبِينِ ) ، وَالْأَنْفِ فَلَا يَكْفِي وَلَا يَجِبُ لِمَا سَيَأْتِي وَاكْتُفِيَ بِبَعْضِ الْجَبْهَةِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِصِدْقِ اسْمِ السُّجُودِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ فَيَضَعُهُ ( عَلَى الْمَوْضِعِ ) الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ ( بِتَحَامُلٍ ) عَلَيْهِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ وَعُنُقِهِ بِحَيْثُ لَوْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ ، أَوْ نَحْوِهِ لَانْدَكَّ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِتَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَاكْتَفَى الْإِمَامُ بِإِرْخَاءِ رَأْسِهِ قَالَ بَلْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى هَيْئَةِ التَّوَاضُعِ مِنْ تَكَلُّفِ التَّحَامُلِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَوْضِعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَرْضِ ( وَتَنْكِيسٍ بِارْتِفَاعِ أَسَافِلِهِ ) أَيْ عَجِيزَتِهِ وَمَا حَوْلَهَا ( عَلَى أَعَالِيهِ حَتَّى يَطْمَئِنَّ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ مَعَ خَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } فَلَا يَكْتَفِي بِرَفْعِ أَعَالِيهِ عَلَى أَسَافِلِهِ وَلَا بِتَسَاوِيهِمَا لِعَدَمِ اسْمِ السُّجُودِ كَمَا لَوْ أَكَبَّ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ .

( قَوْلُهُ : مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ) عَدَّ الشَّيْخَانِ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنًا وَهُوَ وَجْهٌ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الثَّانِيَةَ رُكْنٌ مُسْتَقِلٌّ وَالْخِلَافَ فِي الْعِبَارَةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا لَوْ سَبَقَ الْمَأْمُومُ بِهِمَا ( قَوْلُهُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ لَوْ أُعِينَ لَأَمْكَنَهُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا هَلْ يَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي إعَانَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا ، وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ ( قَوْلُهُ يَتَحَامَلُ عَلَيْهِ بِثِقْلِ رَأْسِهِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ إذَا أَوْجَبْنَا وَضْعَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحَامُلُ ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا بَعْدُ عَنْ الْأَئِمَّةِ فِي وَضْعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَنَّ تَوْجِيهَهَا إلَى الْقِبْلَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّحَامُلِ عَلَيْهَا وَحَكَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ أَنْ يَضَعَ أَطْرَافَ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَحَامُلٍ عَلَيْهَا انْتَهَى ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ بِنَدْبِ التَّحَامُلِ فِي الْكَفَّيْنِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِنَدْبِهِ فِي الْقَدَمَيْنِ وَقَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَلَا يَجِبُ التَّحَامُلُ فِي رُكْبَتَيْهِ وَبَطْنِ كَفَّيْهِ وَقَدَمَيْهِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ إنَّهُ لَا يَجِبُ قَطْعًا

( فَلَوْ أَمْكَنَ الْعَاجِزَ ) عَنْ وَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَى الْمَوْضِعِ ( السُّجُودُ عَلَى وِسَادَةٍ بِلَا تَنْكِيسٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ) السُّجُودُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِفَوَاتِ هَيْئَةِ السُّجُودِ بَلْ يَكْفِيهِ الِانْحِنَاءُ الْمُمْكِنُ وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الِانْتِصَابُ إلَّا بِاعْتِمَادِهِ عَلَى شَيْءٍ لَزِمَهُ ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ إذَا اعْتَمَدَ عَلَى شَيْءٍ أَتَى بِهَيْئَةِ الْقِيَامِ وَهُنَا إذَا وَضَعَ الْوِسَادَةَ لَا يَأْتِي بِهَيْئَةِ السُّجُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْوَضْعِ ( أَوْ بِتَنْكِيسٍ لَزِمَهُ ) ذَلِكَ قَطْعًا لِحُصُولِ هَيْئَةِ السُّجُودِ بِذَلِكَ ( وَيَجِبُ ) خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ ( وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَمِنْ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ ) سَوَاءٌ الْأَصَابِعُ ، وَالرَّاحَةُ ( وَ ) مِنْ بَاطِنِ ( أَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ ) عَلَى مُصَلَّاهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ ، وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ } وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْإِيمَاءُ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ وَتَقْرِيبُهَا مِنْ الْأَرْضِ كَالْجَبْهَةِ ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ السُّجُودِ وَغَايَةَ الْخُضُوعِ بِالْجَبْهَةِ دُونَهَا وَاكْتُفِيَ بِوَضْعِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا لِمَا مَرَّ فِي الْجَبْهَةِ ( وَلَوْ مَسْتُورًا ) فَلَا يَجِبُ كَشْفُهُ بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ الرُّكْبَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَقِيلَ يَجِبُ كَشْفُ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ أَخْذًا بِظَاهِرِ خَبَرِ خَبَّابُ السَّابِقِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ فِي مَجْمُوعِ الْجَبْهَةِ ، وَالْكَفَّيْنِ وَأُيِّدَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى فِي مَسْجِدِ بَنِي الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُلَفَّعٌ بِهِ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ يَقِيهِ الْحَصَى } ، ثُمَّ مَحَلُّ وُجُوبِ الْوَضْعِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَإِلَّا فَيَسْقُطُ الْفَرْضُ فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ لَمْ يَجِبْ وَضْعُهُ لِفَوْتِ

مَحَلِّ الْفَرْضِ .

( قَوْلُهُ : وَيَجِبُ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ إلَخْ ) فَلَا يَكْفِي وَضْعُ إحْدَى الْيَدَيْنِ ، أَوْ إحْدَى الرُّكْبَتَيْنِ ، أَوْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَزَعَمَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّ فِي الْبَحْرِ ، وَالذَّخَائِرِ أَنَّهُ يَكْفِي وَضْعُ شَيْءٍ مِنْهُمَا ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ مِنْهُ وَلَمْ أَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ ت ( قَوْلُهُ : عَلَى مُصَلَّاهُ ) بِحَيْثُ تَكُونُ رُءُوسُهَا إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ نَدْبِ التَّحَامُلِ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ وَاكْتُفِيَ بِوَضْعِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا كَمَا فِي الْجَبْهَةِ ) إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ وَضْعِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلَا بُدَّ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ بِهَا كَالْجَبْهَةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا ، ثُمَّ رَفَعَهَا ، ثُمَّ وَضَعَ الْجَبْهَةَ ، أَوْ عَكَسَ لَمْ يَكْفِ ؛ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ تَابِعَةٌ لِلْجَبْهَةِ وَإِذَا رَفَعَ الْجَبْهَةَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُ الْكَفَّيْنِ أَيْضًا وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ فَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ يَكْفِي السُّجُودُ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ يَكْفِي السُّجُودُ عَلَى بَعْضِ الْجَبْهَةِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ يَكْفِيهِ فِي الْوُضُوءِ مَسْحُ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُمَا ، وَالْفَرْقُ أَنَّ غَسْلَ بَعْضِ الْوَجْهِ لَا يَكْفِي بِخِلَافِ الرَّأْسِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ خُلِقَ لَهُ كَفَّانِ قَالَ شَيْخُنَا ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَبْهَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا مُطْلَقًا ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ زَائِدًا ، أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ عَرَفَ الزَّائِدَ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِلَّا كَفَى فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ سَبْعَةُ أَعْضَاءٍ مِنْهَا لِلْحَدِيثِ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ يَجِبُ كَشْفُ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ إلَخْ ) وَجْهُ عَدَمِ

وُجُوبِهِ أَنَّهُ لَا يُكْشَفُ إلَّا لِحَاجَةٍ فَلَمْ يَجِبْ فِي حَالِ السُّجُودِ كَالْقَدَمِ .

( وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى مُتَحَرِّكٍ مِنْ مَلْبُوسِهِ ) بِحَرَكَتِهِ ( لِقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ ) لِظَاهِرِ خَبَرِ خَبَّابُ السَّابِقِ ؛ وَلِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فَلَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيكِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ { كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ } فَمَحْمُولٌ عَلَى ثَوْبٍ مُنْفَصِلٍ ، أَوْ عَلَى مُتَّصِلٍ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ كَطَرْفِ كُمِّهِ الطَّوِيلِ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ عَلَى مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وَكَانَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ كَعُودٍ بِيَدِهِ كَفَى كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَلْبُوسِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَفَرَّقَ بَيْنَ صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِيمَا إذَا سَجَدَ عَلَى طَرْفِ مَلْبُوسِهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا فِيمَا إذَا كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى قَرَارٍ لِلْأَمْرِ بِتَمْكِينِهَا كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْقَرَارُ بِالْحَرَكَةِ ، وَالْمُعْتَبَرُ ثَمَّ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ مُلَاقِيًا لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَثِيَابَك فَطَهِّرْ } ، وَالطَّرْفُ الْمَذْكُورُ مِنْ ثِيَابِهِ وَمَنْسُوبٌ إلَيْهِ ( وَإِذَا سَجَدَ عَلَى عِصَابَةِ جُرْحٍ ) ، أَوْ نَحْوِهِ ( بِجَبْهَتِهِ ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ ( لِلضَّرُورَةِ ) بِأَنْ شَقَّ عَلَيْهِ إزَالَتُهَا ( لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ الْإِيمَاءِ لِلْعُذْرِ فَهُنَا أَوْلَى ، وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى شَعْرٍ نَبَتَ عَلَى جَبْهَتِهِ ؛ لِأَنَّ مَا نَبَتَ عَلَيْهَا مِثْلُ بَشَرَتِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا

يَلْزَمُ الْمُتَيَمِّمَ نَزْعُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ثُمَّ قَالَ وَأَوْجَهُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ اسْتَوْعَبَ الْجَبْهَةَ كَفَى وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْخَالِي مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ .

( قَوْلُهُ : وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى مُتَحَرِّكٍ مِنْ مَلْبُوسِهِ إلَخْ ) لَوْ قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَوَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ خِرْقَةً ، أَوْ وَرَقًا مُسْتَوْعِبًا قَدْ سَجَدَ عَلَيْهَا ، فَإِنْ عَلِمَ الْتِصَاقَهَا فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَتَيَقَّنَ عَدَمَهَا حَالَةَ الشُّرُوعِ ، أَوْ بَعْدَهُ حَصَلَتْ لَهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ أَخْذًا بِأَنَّهَا الْتَصَقَتْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ وَشَكَّ فِي أَنَّهَا الْتَصَقَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ ، أَوْ بَعْدَهُ حَصَلَ لَهُ قِيَامٌ وَرُكُوعٌ بِاعْتِدَالِهِ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَانِ وَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ ، وَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَةً وَيَطُولَ الْفَصْلُ بَنَى وَيَكُونُ كَمَا لَوْ وَجَدَ فِي التَّشَهُّدِ ، وَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ ، ثُمَّ رَأَى لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ ز قَالَ شَيْخُنَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ لَا يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا هَلْ يُجْزِئُهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ ، أَوْ لَا فَأَجَابَ الْوَالِدُ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ سُجُودُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ ) قَالَ شَيْخُنَا ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سُجُودًا عُرْفًا ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا } فَاعْتُبِرَ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ ( قَوْلُهُ : كَعُودٍ بِيَدِهِ كَفَى ) أَوْ مِنْدِيلٍ ر وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلْت عَمَّا لَوْ أَلْقَى عَلَى عَاتِقِهِ مِنْدِيلًا وَنَحْوَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ ، أَوْ لَا ، وَالظَّاهِرُ لَا ؛ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ ع ( قَوْلُهُ : لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ ) حَيْثُ لَا نَجَاسَةَ تَحْتَ الْعِصَابَةِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَعَادَ د ( قَوْلُهُ : فَقَالَ يُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا ذَكَرَهُ لَا وَجْهَ لَهُ وَتَعْلِيلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ

فَإِنَّ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الْعُضْوِ لَيْسَ بَدَلًا بَلْ هُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ حَتَّى يَكْفِيَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَسْحِ الْبَشَرَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الْعَوْرَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى يَجِبَ سَتْرُهُ وَيَحْرُمَ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَا يُعَدُّ سَاتِرًا لَوْ كُشِفَ وَغَطَّى بَشَرَةَ الْعَوْرَةِ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ عَوْرَةٌ فَكَذَا لَا يُعَدُّ حَائِلًا فِي الْجَبْهَةِ وَيَكْفِي السُّجُودُ عَلَيْهِ .

( وَيَجِبُ أَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِ السُّجُودِ ) بِأَنْ يَهْوِيَ لَهُ ، أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ ( فَلَوْ سَقَطَ ) عَلَى جَبْهَتِهِ ( مِنْ الِاعْتِدَالِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ ) إلَيْهِ لِيَهْوِيَ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الْهُوِيِّ فِي السُّقُوطِ ( لَا ) إنْ سَقَطَ ( مِنْ الْهُوِيِّ ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ بَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ سُجُودًا ( نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ الِاعْتِمَادَ ) عَلَيْهَا ( أَعَادَ السُّجُودَ ) لِوُجُودِ الصَّارِفِ ( وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْهُوِيٍّ لِجَنْبِهِ ) أَيْ عَلَيْهِ ( فَانْقَلَبَ بِنِيَّةِ السُّجُودِ ، أَوْ بِلَا نِيَّةٍ ) أَصْلًا ( أَوْ بِنِيَّتِهِ وَ ) نِيَّةِ ( الِاسْتِقَامَةِ ) وَسَجَدَ ( أَجْزَأَهُ ) ، وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهَا صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ .
وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِيهِ ( لَا بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ ) فَلَا يُجْزِئُهُ السُّجُودُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ ( بَلْ يَجْلِسُ ) وَلَا يَقُومُ ، فَإِنْ قَامَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا ( ثُمَّ يَسْجُدُ ، وَإِنْ نَوَى ) مَعَ ذَلِكَ ( صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِعْلًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا ( وَإِلَّا كَمَّلَ ) فِي السُّجُودِ ( أَنْ يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ ) وَقَدَمَيْهِ ( ثُمَّ يَدَيْهِ ) أَيْ كَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَصَحَّحَاهُ ( ، ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ ) مَكْشُوفًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَوْ خَالَفَ التَّرْتِيبَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَبْهَةِ كُرِهَ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَيَضَعُ الْجَبْهَةَ ، وَالْأَنْفَ مَعًا كَمَا جُزِمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالْأَصْلِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ هُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ .
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ وَضْعُ الْأَنْفِ كَالْجَبْهَةِ مَعَ أَنَّ خَبَرَ { أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ } ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ قَالُوا

وَتُحْمَلُ أَخْبَارُ الْأَنْفِ عَلَى النَّدْبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ ؛ لِأَنَّ رِوَايَاتِ الْأَنْفِ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا ( مُكَبِّرًا ) أَيْ مُبْتَدِئًا بِالتَّكْبِيرِ ( مِنْ ) ابْتِدَاءِ ( الْهُوِيِّ كَمَا سَبَقَ ) فِي تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ بِأَنْ يَمُدَّهُ إلَى انْتِهَاءِ الْهُوِيِّ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْهُوِيِّ ، أَوْ كَبَّرَ مُعْتَدِلًا ، أَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُرِهَ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ( وَلَا يَرْفَعُ الْيَدَ ) مَعَ التَّكْبِيرِ ( فِيهِ ) أَيْ فِي الْهُوِيِّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ( وَ ) أَنْ ( يَقُولَ الْإِمَامُ ) وَغَيْرُهُ فِي سُجُودِهِ ( سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ بِغَيْرِ تَثْلِيثٍ مُسْلِمٌ وَبِهِ أَبُو دَاوُد وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ وَبِحَمْدِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ .
وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ ( وَ ) أَنْ ( يَزِيدَ الْمُنْفَرِدُ ، وَالْإِمَامُ ) لِقَوْمٍ ( إنْ رَضُوا ) بِالتَّطْوِيلِ ( اللَّهُمَّ لَك سَجَدْتُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ تَبَارَكَ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ قَالَ فِيهَا وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ ، وَالرُّوحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَكَذَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجُلَّهُ وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك ( وَ ) أَنْ ( يُكْثِرَ ) كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ ، وَالْإِمَامِ بِرِضَا الْمَأْمُومِينَ ( الدُّعَاءَ فِيهِ ) وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ { أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ ، وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا فِيهِ الدِّعَاءَ } .
وَذِكْرُ هَذَا فِي الْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَ ) أَنْ ( يُفَرِّقَ ) الْمُصَلِّي ( بَيْنَ

رُكْبَتَيْهِ ) وَفَخِذَيْهِ بِقَدْرِ شِبْرٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْقَدَمَيْنِ ( وَ ) أَنْ ( يُجَافِيَ الرَّجُلُ بَطْنَهُ وَمِرْفَقَيْهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَجَنْبَيْهِ وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ ، وَالْخُنْثَى ) بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ لِمَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ وَذِكْرُ الْخُنْثَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمَجْمُوعِ وَفِيهِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَضُمُّ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَيْ الْمِرْفَقَيْنِ إلَى الْجَنْبَيْنِ ( وَ ) أَنْ ( يَضَعَ كُلَّ يَدَيْهِ ) أَيْ كَفَّيْهِ ( عَلَى الْأَرْضِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهٍ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ ( رَافِعًا ذِرَاعَيْهِ ) عَنْ الْأَرْضِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ ( وَيُكْرَه بَسْطُهُمَا ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { وَلَا يَبْسُطُ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ } ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ طَوَّلَ الْمُنْفَرِدُ السُّجُودَ فَلَحِقَهُ مَشَقَّةٌ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى كَفَّيْهِ وَضَعَ سَاعِدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ ( وَيُلْصِقُ أَصَابِعَهُ ) أَيْ يَضُمُّهَا وَلَا يُفَرِّقُهَا ( وَيَنْشُرُهَا قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فِيهِ ) أَيْ فِي السُّجُودِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الضَّمِّ وَالنَّشْرِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَاقِي الْبَيْهَقِيُّ ( وَفِي الْجِلْسَاتِ ) قِيَاسًا عَلَى السُّجُودِ ( وَيُفَرِّجُهَا قَصْدًا ) أَيْ وَسَطًا ( فِي بَاقِي الصَّلَاةِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ فِيهِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُفَرِّجُهَا حَالَةَ الْقِيَامِ ، وَالِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ فَيُسْتَثْنَيَانِ مِنْ ذَلِكَ ( وَيُفَرِّقُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِشِبْرٍ وَيَنْصِبُهُمَا مُوَجِّهًا أَصَابِعَهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ وَيُخْرِجُهُمَا عَنْ ذَيْلِهِ مَكْشُوفَيْنِ حَيْثُ لَا خُفَّ ) وَيُحَصَّلُ تَوْجِيهُ أَصَابِعِهِمَا الْقِبْلَةَ بِأَنْ يَكُونَ ( مُعْتَمِدًا عَلَى بُطُونِهَا ) وَفِي نُسْخَةٍ بُطُونِهِمَا وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَرْفَعُ ظَهْرَهُ وَلَا يَحْدَوْدِبُ .

( قَوْلُهُ : وَيَجِبُ أَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِ السُّجُودِ ) تَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ هَذَا الْمُحَرَّرَ ، وَالْمِنْهَاجَ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهُوِيِّهِ غَيْرَ السُّجُودِ ؛ لِأَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ السُّقُوطُ لَا يَخْرُجُ بِهِ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ سَقَطَ مِنْ الِاعْتِدَالِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ ) أَيْ سَقَطَ قَبْلَ قَصْدِهِ الْهُوِيَّ إلَى السُّجُودِ ( قَوْلُهُ : وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِيه ) فَإِنَّهُ قَالَ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ لِلتَّبَرُّدِ وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ ححا ( قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ ) دَخَلَ فِيهِ حَالَةُ الِاشْتِبَاهِ وَفِي شَرْحِهِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ .
ا هـ .
كَاتِبُهُ قَوْلُهُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا ) يُجَابُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ إذْ لَوْ وَجَبَ وَضْعُهُ لَكَانَتْ الْأَعْظُمُ ثَمَانِيَةً فَيُنَافِي تَفْصِيلُ الْعَدَدِ مُجْمَلَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ سَبْعَةِ أَعْظُمٍ ( قَوْلُهُ : سَجَدَ وَجْهِي إلَخْ ) خَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ وَتَعْظِيمُهُ فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ لِشَيْءٍ فَقَدْ خَضَعَ لَهُ سَائِرُ جَوَارِحِهِ د وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ( قَوْلُهُ : وَأَنْ يُكْثِرَ كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ ، وَالْإِمَامِ بِرِضَا الْمَأْمُومِينَ الدُّعَاءَ فِيهِ إلَخْ ) ، وَكَذَا الْمَأْمُومُ إذَا أَطَالَ الْإِمَامُ سُجُودَهُ ، وَاعْلَمْ أَنَّ تَخْصِيصَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ الدُّعَاءَ بِالسُّجُودِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الرُّكُوعِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ وَرَأَيْت فِي تَجْرِيدِ التَّجْرِيدِ بَعْدَ ذِكْرِ أَدْنَى الْكَمَالِ فِي تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ لَا سِيَّمَا فِي السُّجُودِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي } ت ( قَوْلُهُ وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ ، وَالْخُنْثَى ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَلْوَةِ

وَغَيْرِهَا وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً آمِنَةً مِنْ دُخُولِ أَحَدٍ عَلَيْهَا إنَّ الْأَفْضَلَ لَهَا التَّخْوِيَةُ كَالرَّجُلِ ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي التَّوَاضُعِ إلَّا أَنْ يَرِدَ تَوْقِيفٌ أَنَّهُ الْمَشْرُوعُ لَهَا ، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ تَشَبُّهٌ بِالرِّجَالِ ت ، وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ ، لَكِنْ سَنَدُهُ ضَعِيفٌ ر قُلْت وَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْعُرَاةِ الضَّمُّ وَعَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ ، وَإِنْ كَانَ خَالِيًا ت ( قَوْلُهُ : وَيُلْصِقُ أَصَابِعَهُ ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا عَدَلَ بِالْإِبْهَامِ عَنْ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ حَالَةِ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ بِبُطُونِهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي تَفْرِيقِهَا عُدُولٌ بِبُطُونِهَا عَنْ الْقِبْلَةِ ر ( قَوْلُهُ : وَيُفَرِّجُهَا قَصْدًا فِي بَاقِي الصَّلَاةِ ) يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي حَالِ وَضْعِهِ يَدَيْهِ تَحْتَ صَدْرِهِ حَالَةَ الْقِيَامِ يُفَرِّجُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ التَّفْرِيجَ الْمُقْتَصِدَ وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ فِيهِ كَلَامًا ، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّمِّ ، أَوْ لَا يَتَكَلَّفُ ضَمَّا وَلَا غَيْرَهُ ت .

( وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي ضَمُّ شَعْرِهِ وَثِيَابِهِ ) فِي سُجُودِهِ ، أَوْ غَيْرِهِ ( لِغَيْرِ حَاجَةٍ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا أَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعْرًا } أَيْ لَا أَضُمُّهُمَا فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَعْقِصَ شَعْرَهُ ، أَوْ يَرُدَّهُ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ يُشَمِّرَ ثَوْبَهُ ، أَوْ كُمَّهُ ، أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ أَوْ يَغْرِزَ عَذْبَتَهُ ، وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْي عَنْهُ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ سَوَاءٌ أَتَعَمَّدَهُ لِلصَّلَاةِ أَمْ كَانَ قَبْلَهَا لِمَعْنَى وَصَلَّى عَلَى حَالِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ فِي الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ أَمَّا فِي الْمَرْأَةِ فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ وَتَغْيِيرٌ لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّجْمِيلِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا .
ا هـ .
.
( قَوْلُهُ : وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي ضَمُّ شَعْرِهِ إلَخْ ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُهُمْ خِلَافَهُ س قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ فِي الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

الرُّكْنُ ( الْحَادِي عَشَرَ وَالثَّانِي عَشَرَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ لِخَبَرِ { إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ } ( فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ ) مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى ( مُكَبِّرًا ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( لَا بِقَصْدِ غَيْرِهِ ) أَيْ الْجُلُوسِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ( وَيَجْلِسُ ) فِيهِ ( مُفْتَرِشًا ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ( وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ مُسْتَقْبِلًا بِأَصَابِعِهِ ) الْقِبْلَةَ .
وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِقْبَالِهَا الْقِبْلَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا يَضُرُّ انْعِطَافُ رُءُوسِهَا عَلَى الرُّكْبَةِ ) قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ يَنْبَغِي تَرْكُهُ ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِتَوْجِيهِهَا الْقِبْلَةَ ( وَتَرْكُهُمَا ) أَيْ الْيَدَيْنِ ( عَلَى الْأَرْضِ حَوَالَيْهِ كَإِرْسَالِهِمَا فِي الْقِيَامِ ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ ( وَيَقُولُ ) فِيهِ ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَى آخِرِهِ ) أَيْ وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَى بَعْضَهُ أَبُو دَاوُد وَبَاقِيَهُ ابْنُ مَاجَهْ ( ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى ) فِي الْأَقَلِّ ، وَالْأَكْمَلِ ( ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا ) بِلَا رَفْعٍ لِعُمُومِ خَبَرِ { كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ( وَيَجْلِسُ ) قَبْلَ قِيَامِهِ ( لَحْظَةً لِلِاسْتِرَاحَةِ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَّا خَبَرُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ اسْتَوَى قَائِمًا } فَغَرِيبٌ ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ فَلَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ وَأَتَى بِهَا الْمَأْمُومُ وَلَمْ يَضُرَّ تَخَلُّفُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَلَا تُسَنُّ بَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَلَا لِلْمُصَلِّي قَاعِدًا .
قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِتَشَهُّدٍ جَلَسَ

لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهَا إذَا ثَبَتَتْ فِي الْأَوْتَارِ فَمَحَلُّ التَّشَهُّدِ أَوْلَى وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ ( مُفْتَرِشًا ) فِيهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ( ثُمَّ يَنْهَضُ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ ) مَبْسُوطَتَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ خُشُوعًا وَتَوَاضُعًا وَأَعْوَنُ لِلْمُصَلِّي وَمَا رُوِيَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فَضَعِيفٌ ( وَلَا يُقَدِّمُ نَاهِضًا إحْدَى رِجْلَيْهِ ) عَلَى الْأُخْرَى ( مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيُكْرَه أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ حَالَ الْقِيَامِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَتْ مَسْأَلَةُ كَرَاهَةِ تَقْدِيمِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى مَعَ زِيَادَةٍ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ .

( قَوْلُهُ : وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَخْ ) وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ رَبِّ هَبْ لِي قَلْبًا تَقِيًّا مِنْ الشِّرْكِ بَرِيًّا لَا كَافِرًا وَلَا شَقِيًّا د ( قَوْلُهُ : فَلَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ فَأَتَى بِهَا الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ إلَخْ ) بَلْ إتْيَانُهُ بِهَا حِينَئِذٍ سُنَّةٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ، أَوْ لَا يَجُوزَ لِمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَيَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ إذَا كَانَ بَطِيءَ النَّهْضَةِ ، وَالْإِمَامُ سَرِيعَهَا سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ يَفُوتُهُ بَعْضُ الْفَاتِحَةِ لَوْ تَأَخَّرَ لَهَا ت ( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إلَخْ ) فَلَوْ طَوَّلَهَا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْفَتَاوَى فَقُلْت الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ قُعُودُهُ فِيهَا بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ .
ا هـ .
وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْبَحْرِ ، وَالرَّوْنَقِ أَنَّهَا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ .
ا هـ .
إذْ لَوْ اقْتَضَى تَطْوِيلُهَا بُطْلَانَ الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ إلَّا حَرَامًا وَلِقَوْلِهِمْ وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ فِي الْأَصَحِّ فَإِنَّهُ مُخْرِجٌ لِتَطْوِيلِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَتَطْوِيلِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَيْ فَلَا يُبْطِلُ عَمْدُهُمَا الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا أَبْطَلَهَا تَعَمُّدُ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِمَوْضُوعِ جُزْئِهَا الْحَقِيقِيِّ الَّذِي تَنْتَفِي مَاهِيَّتُهَا بِانْتِفَائِهِ فَأَشْبَهَ نَقْصَ الْأَرْكَانِ الطَّوِيلَةِ بِنُقْصَانِ بَعْضِهَا ؛ وَلِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ ؛ وَلِأَنَّ .

( وَجِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ لَيْسَتْ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ) عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا مِنْ الْأُولَى بَلْ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجُلُوسِهِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى رَكْعَةٍ .
( قَوْلُهُ : وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى رَكْعَةٍ ) كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي الْمَسْبُوقِ إذَا أَحْرَمَ ، وَالْإِمَامُ فِيهَا فَيَجْلِسُ مَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي لَهُ انْتِظَارُهُ إلَى الْقِيَامِ ذَكَرَهُ الْبَارِزِيُّ ع قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَخْلُو مِنْ نِزَاعٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَنْتَظِرُهُ ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ لَهُ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مُفَارَقَةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ تَمْتَنِعُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهَا إنْ جَعَلْنَاهَا مِنْ الْأُولَى ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ الثَّانِيَةِ ، أَوْ فَاصِلَةٌ جَازَ لَهُمْ الْمُفَارَقَةُ ز .

الرُّكْنُ ( الثَّالِثَ عَشَرَ ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالْجُلُوسُ لَهُ ) أَمَّا التَّشَهُّدُ فَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ { عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهِ } .
وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ فِي جُلُوسِ آخِرِ الصَّلَاةِ لِمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا الْجُلُوسُ لَهُ فَلِأَنَّهُ مَحَلُّهُ فَيَتْبَعُهُ وَيَجِبُ الْجُلُوسُ أَيْضًا لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ ( وَهُوَ ) أَيْ التَّشَهُّدُ ( مَعْرُوفٌ ) وَهُوَ { التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ } التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ ، وَالصَّلَوَاتُ ، وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْك إلَى آخِرِهِ { إلَّا أَنَّهُ قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ } وَفِيهِ أَخْبَارٌ أُخَرُ بِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَكُلُّهَا مُجْزِئَةٌ يَتَأَدَّى بِهَا الْكَمَالُ وَأَصَحُّهَا خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ ، ثُمَّ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، لَكِنْ الْأَفْضَلُ تَشَهُّدُ ابْنُ عَبَّاسٍ لِزِيَادَةِ لَفْظِ الْمُبَارَكَاتِ فِيهِ وَلِمُوَافَقَتِهِ قَوْله تَعَالَى { تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً } وَلِتَأَخُّرِهِ عَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ ( وَالسُّنَنُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ التَّشَهُّدِ ( الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَأَشْهَدُ الثَّانِي ) فَأَقَلُّهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلَامٌ عَلَيْنَا

وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أَوْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ تَابِعٌ لَهَا وَلَا يَكْفِي ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَكْفِي ، وَالْمَنْقُولُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ } ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَذَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ الْمَنْقُولُ أَنَّ تَشَهُّدَهُ كَتَشَهُّدِنَا ، وَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ ( وَتَعْرِيفُ السَّلَامِ ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ ( فِيهِ ) أَيْ فِي التَّشَهُّدِ ( أَوْلَى ) مِنْ تَنْكِيرِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي الْأَخْبَارِ وَكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَلِزِيَادَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ سَلَامَ التَّحَلُّلِ ( وَلَا تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ قَبْلَهُ ) لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا .

( قَوْلُهُ : وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ فِي جُلُوسِ آخِرِ الصَّلَاةِ ) لِمَا سَيَأْتِي ؛ وَلِأَنَّ مَحَلَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ كَوْنُهُ عِبَادَةً عَنْ الْعَادَةِ فَوَجَبَ فِيهِ ذِكْرٌ لِيَتَمَيَّزَ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ ( قَوْلُهُ : وَيَجِبُ الْجُلُوسُ أَيْضًا ) لِلصَّلَاةِ هَكَذَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ ، وَالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى ( قَوْلُهُ : وَهُوَ التَّحِيَّاتُ إلَخْ ) رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْأَخْذِ بِالْيَدِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بَعْدَ قَوْلِهِ { وَرَسُولُهُ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانِينَا فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْخِطَابَ الْآنَ غَيْرُ وَاجِبٍ ، وَقَدْ رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي كِتَابِ تَذْكِرَةِ الْعَالِمِ لِأَبِي حَفْصٍ عُمَرَ وَلَدِ الْإِمَامِ ابْنِ سُرَيْجٍ ، وَهُوَ غَرِيبٌ د ، لَكِنْ تَشَهُّدُ عُمَرَ وَتَعْلِيمُهُ إيَّاهُ لِلنَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِلَفْظِ الْخِطَابِ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَهُ كَذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكُونُ مَسْأَلَةً خِلَافِيَّةً لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ت قُلْت وَاَلَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ { أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا سَلَامٌ } يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ هَذَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِيهِ ، وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَنْهُ أَعْنِي قَوْلَهُ يَعْنِي ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَكَرْنَا السَّلَامَ كَمَا كُنَّا نَذْكُرُهُ فِي حَيَاتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَعْرَضْنَا بَعْدَ مَا قُبِضَ عَنْ كَافِ الْخِطَابِ وَاقْتَصَرْنَا عَلَى قَوْلِنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ لَمْ تَبْقَ فِيهِ دَلَالَةٌ ، لَكِنْ يَشْهَدُ لِلثَّانِي مَا فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ ابْنِ

مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ ، وَهَذَا أَصْرَحُ فِي الْمَقْصُودِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ بَلْ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ ( قَوْلُهُ : وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى إيجَابِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ ، فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي إثْبَاتِهِ هُنَا وَإِسْقَاطِهِ مِنْ الْأَذَانِ قُلْنَا ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ يُطْلَبُ فِيهِ إفْرَادُ كُلِّ كَلِمَةٍ بِنَفَسٍ وَذَلِكَ يُنَاسِبُ تَرْكَ الْعَطْفِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْإِقَامَةِ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنْ سُلِكَ بِهِ مَسْلَكُ الْأَصْلِ ح ( قَوْلُهُ : فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ ) التَّحْقِيقِ وَالتَّنْقِيحِ د ( قَوْلُهُ : وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَكْفِي ) فَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ش وَكَتَبَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى ، وَقَدْ حَكَوْا الْإِجْمَاعَ عَلَى إجْزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَكْفِي ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ لَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمَا وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَأَمَّا أَقَلُّهُ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ كَذَا إلَى قَوْلِهِ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ هَكَذَا نَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالرُّويَانِيُّ .
ا هـ .
، وَالصَّوَابُ فِي نَقْلِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا قَدَّمْنَاهُ ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ إجْزَاءَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ إذْ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا اشْتَرَطَ لَفْظَةَ عَبْدُهُ ( قَوْلُهُ : بَلْ الْمَنْقُولُ أَنَّ تَشَهُّدَهُ كَتَشَهُّدِنَا إلَخْ ) يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ قَالَ كُلًّا مِنْهُمَا وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ .

( وَأَمَّا ) التَّشَهُّدُ ( الْأَوَّلُ وَجُلُوسُهُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( فَسُنَّةٌ ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَصَرَفَنَا عَنْ وُجُوبِهِمَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ ، ثُمَّ سَلَّمَ } دَلَّ عَدَمُ تَدَارُكِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِمَا .

( وَكَيْفَ جَلَسَ ) فِي جِلْسَاتِ الصَّلَاةِ ( أَجْزَأَهُ ) ، لَكِنْ ( الْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّكَ فِي ) جُلُوسِهِ ( الْأَخِيرِ لَا مَسْبُوقٌ حَالَ الْمُتَابَعَةِ ) لِإِمَامِهِ ( وَ ) لَا ( مَنْ يُرِيدُ سُجُودَ سَهْوٍ ) فَلَا يَتَوَرَّكُ بَلْ يَفْتَرِشُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ ( وَيَفْتَرِشُ فِي سَائِرِ الْجِلْسَاتِ ) الْوَاجِبَةِ ، وَالْمَنْدُوبَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْأَخِيرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا أَقْرَبُ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَفِي تَخْصِيصِ الِافْتِرَاشِ بِغَيْرِ الْأَخِيرِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُسْتَوْفِزٌ فِيهِ لِلْحَرَكَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَخِيرِ ، وَالْحَرَكَةُ عَنْ الِافْتِرَاشِ أَهْوَنُ وَتَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِرَادَةِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ : أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ السُّجُودَ يَتَوَرَّكُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ عَدَمَهُ ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا ، فَالْأَوْجَهُ أَنْ يَفْتَرِشَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ السُّجُودِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ ( وَالِافْتِرَاشُ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى وَيَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ مُوَجِّهًا لَهَا إلَى الْقِبْلَةِ ، وَالتَّوَرُّكُ أَنْ يُخْرِجَ يُسْرَاهُ ) وَهُوَ ( بِهَيْئَةِ ) أَيْ بَاقِي هَيْئَةِ ( الِافْتِرَاشِ عَنْ يَمِينِهِ وَيُمَكِّنَ وَرِكَهُ مِنْ الْأَرْضِ ) لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
( قَوْلُهُ : أَنَّهَا أَقْرَبُ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ ) ؛ وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا رَآهُ عَلِمَ فِي أَيْ التَّشَهُّدَيْنِ هُوَ ( قَوْلُهُ : مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْحَاجِّ إذَا طَافَ لِلْقُدُومِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ السَّعْيَ بَعْدَهُ اضْطَبَعَ وَرَمَلَ وَإِلَّا فَلَا ج ( قَوْلُهُ : فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَفْتَرِشُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَ ) الْأَفْضَلُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ أَنْ ( يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَيَبْسُطَ الْيُسْرَى كَمَا سَبَقَ ) أَيْ مُسْتَقْبِلًا بِأَصَابِعِهَا الْقِبْلَةَ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى بِحَيْثُ تُسَاوِي رُءُوسُهُمَا الرُّكْبَةَ ( وَيَقْبِضَ أَصَابِعَ الْيُمْنَى ) وَيَضَعُهَا عَلَى طَرَفِ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى ( إلَّا الْمُسَبِّحَةَ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ، وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَيُرْسِلُهَا ( وَيَقْبِضُ الْإِبْهَامَ بِجَنْبِهَا ) بِأَنْ يَضَعَ الْإِبْهَامَ تَحْتَهَا عَلَى حَرْفِ رَاحَتِهِ ( كَالْعَاقِدِ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاعْتَرَضَ فِي الْمَجْمُوعِ ذَلِكَ بِأَنَّ شَرْطَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ أَنْ يَضَعَ الْخِنْصَرَ عَلَى الْبِنْصِرِ ، وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا بَلْ مُرَادُهُمْ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى الرَّاحَةِ كَالْبِنْصِرِ ، وَالْوُسْطَى وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ وَلَمْ يَنْطِقُوا بِهَا تَبَعًا لِلْخَبَرِ وَأَفَادَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْحِسَابِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ لِتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ هَيْئَةٌ أُخْرَى ، أَوْ تَكُونُ الْهَيْئَةُ الْوَاحِدَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ فَيُحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَمَا ذُكِرَ فِي الْوُسْطَى ، وَالْإِبْهَامِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ يُحَلِّقُ بَيْنَهُمَا وَفِي كَيْفِيَّتِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يُحَلِّقُ بَيْنَهُمَا بِرَأْسَيْهِمَا وَثَانِيهمَا يَضَعُ أُنْمُلَةَ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ وَقِيلَ يَضَعُ الْإِبْهَامَ عَلَى الْوُسْطَى كَأَنَّهُ عَاقِدٌ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ وَقِيلَ يُرْسِلُهُمَا مَعَ الْمُسَبِّحَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَيْفَ فَعَلَ مِنْ هَذِهِ الْهَيْئَاتِ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ وَرَدَتْ بِهَا جَمِيعًا وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصْنَعُ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا انْتَهَى فَالْخِلَافُ فِي الْأَصْلِ وَصَحَّحُوا الْأَوَّلَ ؛ لِأَنَّ رُوَاتَهُ أَفْقَهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( وَيَرْفَعُ الْمُسَبِّحَةَ فِي أَثْنَاءِ كَلِمَةِ

الشَّهَادَةِ ) فِي التَّشَهُّدِ عِنْدَ بُلُوغِ هَمْزَةِ إلَّا اللَّهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رَوْنَقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَلُبَابِ الْمَحَامِلِيِّ يَرْفَعُهَا مُنْحَنِيَةً قَلِيلًا وَفِيهِ خَبَرٌ صَحِيحٌ فِي أَبِي دَاوُد وَخُصَّتْ الْمُسَبِّحَةُ بِذَلِكَ بِأَنَّ لَهَا اتِّصَالًا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَكَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَأَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْإِخْلَاصَ بِالتَّوْحِيدِ قَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَأَنْ يُقِيمَهَا وَلَا يَضَعَهَا ( وَلَا يُحَرِّكَهَا ) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَحْرِيكُهَا بَلْ يُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ ( فَإِنْ حَرَّكَ لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةَ لَا تُؤَثِّرُ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ ( فَإِنْ قُطِعَتْ ) يُمْنَاهُ ( لَمْ يُشِرْ بِالْيُسْرَى بَلْ يُكْرَهُ ) لِفَوْتِ سُنَّةِ بَسْطِهَا
( قَوْلُهُ : وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ) وَرَدَ فِي حَدِيثِ وَائِلٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ مِرْفَقَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى } كَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَمُقْتَضَاهُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ وَقِيَاسُ الْيُسْرَى مِثْلُهُ أَيْضًا ح ( قَوْلُهُ : وَيَرْفَعُ الْمُسَبِّحَةَ إلَخْ ) الْحِكْمَةُ فِي هَذَا هِيَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمَعْبُودَ سُبْحَانَهُ وَاحِدٌ لِيَجْمَعَ فِي تَوْحِيدِهِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ ، وَالِاعْتِقَادِ ح ( قَوْلُهُ : قَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ وَأَنْ يُقِيمَهَا وَلَا يَضَعَهَا ) وَبِهِ أَفْتَيْت ( قَوْلُهُ : لِفَوْتِ سُنَّةِ بَسْطِهَا ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةٍ فِي مَحَلِّهَا لِأَجْلِ سُنَّةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا كَمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ لَا يَأْتِي بِهِ فِي الْأَخِيرَةِ .

الرُّكْنُ ( الْخَامِسَ عَشَرَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ) التَّشَهُّدِ ( الْأَخِيرِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّلَاةِ تَشَهُّدٌ أَوَّلُ كَمَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ، وَالْجُمُعَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { صَلُّوا عَلَيْهِ } قَالُوا ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ وُجُوبُهَا فِيهَا ، وَالْقَائِلُ بِوُجُوبِهَا مَرَّةً فِي غَيْرِهَا مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ { وَلِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْك فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ } إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْ الصَّلَاةِ التَّشَهُّدُ آخِرَهَا فَتَجِبُ فِيهِ أَيْ بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَقَدْ { صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْوِتْر } كَمَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ وَقَالَ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَلَمْ يُخْرِجْهَا شَيْءٌ عَنْ الْوُجُوبِ بِخِلَافِهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ فِيهِ وَأَمَّا عَدَمُ ذِكْرِهَا فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً لَهُ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ ، وَالْجُلُوسَ لَهُ وَالنِّيَّةَ ، وَالسَّلَامَ .
( قَوْلُهُ : الْخَامِسَ عَشَرَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَخْ ) قَالَ الْقَمُولِيُّ ، وَقَدْ أَوْجَبَهَا فِي الصَّلَاةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ إِسْحَاقَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ .

( وَهِيَ ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فِي ) التَّشَهُّدِ ( الْأَوَّلِ ) سُنَّةٌ تَبَعًا لَهُ ( وَعَلَى الْآلِ الْأَخِيرِ سُنَّةٌ ) لِخَبَرِ كَعْبٍ السَّابِقِ حَمْلًا لَهُ عَلَى النَّدْبِ كَالْبَاقِي بَعْدَهَا بِخِلَافِهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ ( وَأَقَلُّهَا ) فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَنَحْوُهُ ) كَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ، أَوْ عَلَى رَسُولِهِ ، أَوْ عَلَى النَّبِيِّ دُونَ أَحْمَدَ أَوْ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ ( وَ ) أَقَلُّهَا ( فِي ) الصَّلَاةِ عَلَى ( الْآلِ ) مَعَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ ( وَآلِهِ ، وَالْأَكْمَلُ ) فِيهِمَا ( مَعْرُوفٌ ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكَتْ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَكَذَا فِي التَّحْقِيقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاشْتُهِرَ زِيَادَةُ سَيِّدِنَا قَبْلَ مُحَمَّدٍ وَفِي كَوْنِهِ أَفْضَلَ نَظَرٌ وَفِي حِفْظِي أَنَّ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّينِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ سُلُوكُ الْأَدَبِ أَمْ امْتِثَالُ الْأَمْرِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ دُونَ الثَّانِي انْتَهَى .

( قَوْلُهُ : وَهِيَ فِي الْأَوَّلِ سُنَّةٌ ) لِأَنَّهَا ذِكْرٌ يَجِبُ فِي الْأَخِيرِ فَيُسَنُّ فِي الْأَوَّلِ كَالتَّشَهُّدِ ( قَوْلُهُ وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إلَخْ ) لَا خَفَاءَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ لِلِاتِّبَاعِ ت ( قَوْلُهُ ، أَوْ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْقُنُوتِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ ( قَوْلُهُ : وَالْأَكْمَلُ فِيهِمَا مَعْرُوفٌ ) لَوْ كَانَ يُخْرِجُ وَقْتَ الْجُمُعَةِ بِالزِّيَادَةِ فَيَظْهَرُ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُمْ الْإِتْيَانُ بِهَا وَفِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ احْتِمَالٌ قَوْلُهُ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ) آلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَخُصَّ إبْرَاهِيمُ بِالذِّكْرِ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ هِيَ الرَّحْمَةُ وَلَمْ تُجْمَعْ الرَّحْمَةُ ، وَالْبَرَكَةُ لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ { قَالَ تَعَالَى { رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } فَسَأَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إعْطَاءَ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا سَبَقَ إعْطَاؤُهُ لِإِبْرَاهِيمَ } ح قَوْلُهُ : فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ دُونَ الثَّانِي ) قَالَ ابْنُ ظَهِيرَةَ الْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَبِهِ أَفْتَى الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ جَازِمًا بِهِ قَالَ ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْإِتْيَانَ بِمَا أُمِرْنَا بِهِ وَزِيَادَةَ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ الَّذِي هُوَ أَدَبٌ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ الْإِسْنَوِيُّ .
ا هـ .
وَحَدِيثُ { لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ } بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحُفَّاظِ وَقَوْلُهُ الْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ تَشَهَّدَ الْمُصَلِّي بِمَا رَوَاهُ عُمَرُ ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك إلَى قَوْلِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ( أَوْ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَدْ قَدَّمْته ( فَحَسَنٌ ) وَأَحْسَنُ مِنْهُ التَّشَهُّدُ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَقَدْ قَدَّمْته أَيْضًا وَلَوْ ذُكِرَ هَذَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ إلَخْ ) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي تَشَهُّدِ عُمَرَ وَبَرَكَاتُهُ .

( وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَعْدَهَا ) أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ( بِمَا شَاءَ ) مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا نَحْوَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ لِخَبَرِ { إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقْرَأْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ ، أَوْ أَحَبَّ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ { ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ } إلَيْهِ فَيَدْعُوَ بِهِ ( وَ ) الدُّعَاءُ ( بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ أَفْضَلُ ) مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ ( وَالدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَفْضَلُ ) مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت وَمَا أَسْرَفْت وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا ، وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْمَأْثَمِ ، وَالْمَغْرَمِ وَمِنْهُ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( وَلْيَكُنْ ) دُعَاؤُهُ ( أَقَلَّ مِنْ التَّشَهُّدِ ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا وَاَلَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ يُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِمَا ، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَضُرَّ ( وَ ) ، لَكِنْ ( يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَطْوِيلُهُ ) بِغَيْرِ رِضَا الْمَأْمُومِينَ وَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ أَقَلَّ مِنْ التَّشَهُّدِ ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ مَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ يُطِيلُ مَا

أَرَادَ مَا لَمْ يَخَفْ وُقُوعَهُ بِهِ فِي سَهْوٍ جَزَمَ بِهِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى التَّشَهُّدِ ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهْت ذَلِكَ ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ النَّصَّ وَلَمْ يُخَالِفْهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ ( وَ ) يُكْرَهُ ( أَنْ يُزَادَ فِي ) التَّشَهُّدِ ( الْأَوَّلِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ ( فَإِنْ طَوَّلَهُ لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ ( وَلَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ ) سَوَاءٌ أَطَوَّلَهُ عَمْدًا أُمّ سَهْوًا .

( قَوْلُهُ : نَحْوَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ ) لَوْ دَعَا بِالدُّعَاءِ الْمَحْظُورِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ ( قَوْلُهُ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت ) الْمُرَادُ بِالْمُتَأَخِّرِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا وَقَعَ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ الذَّنْبِ مُحَالٌ كَذَا رَأَيْته فِي شَرْحِ خُطْبَةِ رِسَالَةِ الشَّافِعِيِّ لِأَبِي الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيِّ أَحَدِ أَصْحَابِ ابْن سُرَيْجٍ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْمُحَالُ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ مَغْفِرَتِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَأَمَّا الطَّلَبُ قَبْلَ الْوُقُوعِ أَنْ يَغْفِرَ إذَا وَقَعَ فَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ ح ( قَوْلُهُ : الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ ح ( قَوْلُهُ : وَلْيَكُنْ أَقَلَّ مِنْ التَّشَهُّدِ ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ ) فَإِنْ قِيلَ هَلْ الْمُرَادُ قَدْرُ أَقَلِّ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ أَكْمَلُهُمَا قُلْت لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُعْظَمُ ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَقَلُّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْهُمَا فَإِنْ أَطَالَهُمَا أَطَالَهُ ، وَإِنْ خَفَّفَهُمَا خَفَّفَهُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا ت وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ أَقَلُّ التَّشَهُّدِ ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ يُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِمَا ) مُرَادُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ أَقَلِّهِمَا كَمَا نَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ( قَوْلُهُ : وَيُكْرَهُ أَنْ يُزَادَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ ) قُلْت هَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ ظَاهِرٌ أَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ تَشَهُّدَهُ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَوَّلُ لِلْمَأْمُومِ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ فِيهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَلْيُنْظَرْ فِي الْمُوَافِقِ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إمَّا لِثِقَلِ لِسَانِهِ ،

أَوْ غَيْرِهِ وَأَتَمَّهُ الْمَأْمُومُ سَرِيعًا فَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ بَلْ يُسْتَحَبُّ إلَى أَنْ يَقُومَ إمَامُهُ ت .

( فَرْعٌ الْعَاجِزُ عَنْ التَّشَهُّدِ ، وَالتَّصْلِيَةِ ) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ بَعْدَهُ ( وَكَذَا سَائِرُ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ وَأَدْعِيَتِهَا الْمَأْثُورَةِ يُتَرْجِمُ عَنْهَا بِالْعَجَمِيَّةِ ) وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ ( فَإِنْ تَرْجَمَ بِهَا قَادِرًا ) عَلَى الْعَرَبِيَّةِ ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ لِتَقْصِيرِهِ ( وَتَبْطُلُ بِدُعَاءٍ مُخْتَرَعٍ بِالْعَجَمِيَّةِ ) وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ .
( قَوْلُهُ : يُتَرْجِمُ عَنْهَا بِالْعَجَمِيَّةِ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ إلَخْ ) وَعَلَيْهِ التَّعَلُّمُ كَمَا مَرَّ ، لَكِنْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِ التَّشَهُّدِ وَأَحْسَنَ ذِكْرًا آخَرَ أَتَى بِهِ وَإِلَّا تَرْجَمَهُ .

( فَإِنْ فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ قَامَ مُكَبِّرًا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ رَفْعُهُمَا فِي قِيَامِهِ ( وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ اسْتِحْبَابَهُ ) فَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ ، أَوْ الصَّوَابُ لِثُبُوتِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً وَفِي الثُّلَاثِيَّةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَفِي الثُّنَائِيَّةِ إحْدَى عَشْرَةَ .

الرُّكْنُ ( السَّادِسَ عَشَرَ السَّلَامُ ) لِخَبَرِ { مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ } رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ النَّاسِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ( وَأَقَلُّهُ أَنْ يَقُولَ قَاعِدًا بَعْدَ التَّشَهُّدِ ) الْأَخِيرِ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } ، وَالتَّصْرِيحُ بِبَعْدِ التَّشَهُّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَوْهَرِيَّ قَالَ إنَّ السِّلْمَ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ : هُوَ السَّلَامُ وَحِينَئِذٍ فَيُتَّجَهُ جَوَازُهُ ا هـ .
وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ وُرُودِهِ يُطْلَقُ عَلَى الصُّلْحِ أَيْضًا .
( قَوْلُهُ : ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَلَوْ نَكَّرَهُ ) فَقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ( لَمْ يُجْزِهِ ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي التَّشَهُّدِ لِوُرُودِهِ فِيهِ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ التَّنْوِينَ يَقُومُ مَقَامَ أَلْ مَرْدُودٌ ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسُدُّ مَسَدَّهُ فِي الْعُمُومِ وَالتَّعْرِيفِ وَغَيْرِهِمَا .

( وَلَوْ عَكَسَ ) بِأَنْ قَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ ( أَجْزَأَهُ ) لِتَأْدِيَتِهِ مَعْنَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ( وَكُرِهَ ) ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْوَارِدِ بِلَا فَائِدَةٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ كَالرَّافِعِيِّ .

( فَإِنْ قَالَ سَلَامِي ، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك ) ، أَوْ عَلَيْكُمْ ( أَوْ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) ، أَوْ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ سَلَامُ عَلَيْكُمْ بِلَا تَنْوِينٍ ، أَوْ سَلَّمَ عَلَيْكُمْ ( عَمْدًا بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ لِلْخِطَابِ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ ( أَوْ ) السَّلَامُ ، أَوْ سَلَامُ اللَّهِ ، أَوْ سَلَامٌ ( أَوْ عَلَيْهِمْ ) ، أَوْ عَلَيْهِ ، أَوْ عَلَيْهِمَا ( لَمْ تَبْطُلْ ) ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ ( وَلَمْ يُجْزِهِ ) وَفِي عَلَيْكُمَا السَّلَامُ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ ، وَالْأَوْجَهُ فِيهِ وَفِي عَكْسِهِ أَنَّهُ كَالسَّلَامُ عَلَيْك .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ قَالَ سَلَامِي إلَخْ ) عَالِمًا ذَاكِرًا لِلصَّلَاةِ ت ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ فِيهِ وَفِي عَكْسِهِ أَنَّهُ كَالسَّلَامُ عَلَيْك ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ بِالسَّلَامِ ) الْأَوَّلِ ( الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا كَنِيَّةِ التَّحَرُّمِ ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ ذِكْرٌ وَاجِبٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الصَّلَاةِ كَالتَّكْبِيرِ وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهَا بِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ تَلِيقُ بِالْإِقْدَامِ دُونَ التَّرْكِ وَإِذَا نَوَى ( فَلَا يَضُرُّ تَعْيِينُ غَيْرِ صَلَاتِهِ ) خَطَأً كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي ظُهْرٍ وَظَنَّهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَصْرًا ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي الثَّالِثَةِ لَا يَضُرُّ ؛ وَلِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَتَعْيِينِ الْيَوْمِ لِلصَّلَاةِ وَتَبِعْت فِي تَقْيِيدِي بِالْخَطَإِ الْأَصْلَ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْمُهِمَّاتِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ تَعْيِينُ خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا ، فَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ وَالْبَغَوِيُّ وَالطَّبَرِيُّ فِي الْعُدَّةِ وَالْعِمْرَانِيُّ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ وَمَا قَالَهُ ، وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ بَلْ بَعْضُهُمْ أَطْلَقَ وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَ بِالْخَطَإِ وَعِبَارَةُ الْمُطْلِقِ تُفْهِمُ التَّقْيِيدَ بِالْخَطَإِ .

( قَوْلُهُ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ بِالسَّلَامِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ ) يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فَقَالَ وَهُنَا دَقِيقَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ سَلَّمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ نِيَّةَ الْخُرُوجِ وَإِذَا سَلَّمَ الْمُتَطَوِّعُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ قَصْدًا ، فَإِنْ قَصْدَ التَّحَلُّلَ فَقَدْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ مَا نَوَى وَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا وَلَمْ يَقْصِدْ التَّحَلُّلَ فَقَدْ حَمَلَهُ الْأَئِمَّةُ عَلَى كَلَامٍ عَمْدٍ يُبْطِلُ فَكَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّحَلُّلِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ الَّذِي يُرِيدُ الِاقْتِصَارَ ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْمُتَنَفِّلَ الْمُسَلِّمَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ يَأْتِي بِمَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ نِيَّةُ عَقْدِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ نِيَّةٍ فَافْهَمْهُ ر ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ السَّلَامَ ذِكْرٌ وَاجِبٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الصَّلَاةِ ) كَالتَّكْبِيرِ وَلِمُنَافَاةِ السَّلَامِ وَضْعَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ صَارِفٍ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ النِّيَّةَ تَلِيقُ بِالْإِقْدَامِ دُونَ التَّرْكِ ) ؛ وَلِأَنَّ السَّلَامَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ غَيْرُ أَوَّلِهَا فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ كَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ إلَخْ ) أَمَّا عَمْدُهُ فَمُبْطِلٌ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِإِبْطَالِ مَا هُوَ فِيهِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ عَنْ غَيْرِهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا ) وَلِهَذَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُ .

( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( أَنْ يَزِيدَ ) فِي سَلَامِهِ ( وَرَحْمَةُ اللَّهِ ) دُونَ وَبَرَكَاتِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَوَّبَهُ ( وَأَنْ يُسَلِّمَ ثَانِيَةً ) إلَّا أَنْ يَعْرِضَ لَهُ عَقِبَ الْأُولَى مَا يُنَافِي صَلَاتَهُ فَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا ، وَذَلِكَ كَأَنْ خَرَجَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْأُولَى ، أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ أَوْ شَكَّ فِيهَا ، أَوْ تَخَرَّقَ الْخُفُّ ، أَوْ نَوَى الْقَاصِرُ الْإِقَامَةَ وَيُسْتَحَبُّ إذَا أَتَى بِهِمَا أَنْ يَفْصِلَ بَيْنهمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعَبَّادِيِّ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَأَنْ تَكُونَ ( الْأُولَى يَمِينًا ، وَالْأُخْرَى يَسَارًا ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ ( يَبْتَدِئُ بِالسَّلَامِ مُسْتَقْبِلًا ) الْقِبْلَةَ ( ثُمَّ يَلْتَفِتُ ) مَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهِ ( حَتَّى يُرَى ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ( خَدُّهُ الْوَاحِدُ ) لَا خَدَّاهُ ( وَيُتِمُّهُ ) أَيْ السَّلَامَ ( بِتَمَامِ الِالْتِفَاتِ وَيَنْوِي ) الْمُصَلِّي ( السَّلَامَ عَلَى مَنْ الْتَفَتَ ) هُوَ ( إلَيْهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَمُسْلِمِي إنْسٍ وَجِنٍّ وَ ) يَنْوِي الْمَأْمُومُ ( الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْإِمَامِ حِينَ يَلْتَفِتُ ) هُوَ ( جِهَتَهُ ) أَيْ جِهَةَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ هَذَا إنْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ ، أَوْ يَسَارِهِ ( وَإِنْ كَانَ خَلْفَهُ ) سَلَّمَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَرَدَّ هُوَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ الْأَوْلَى بِقَوْلِهِ ( فَبِالْأُولَى أَوْلَى ) ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَخَبَرُ

سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَأَنْ نَتَحَابَّ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ وَفَارَقَ تَكْبِيرَةَ التَّحَرُّمِ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا فَلَا يَرْبُطُ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمُدَّ لَفْظَ السَّلَامِ لِخَبَرِ { جَزْمُ السَّلَامِ سُنَّةٌ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ .

( قَوْلُهُ : دُونَ وَبَرَكَاتُهُ ) كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَوَّبَهُ ؛ لِأَنَّهَا وَظِيفَةُ الرَّادِّ تُتْرَكُ لَهُ لِيَأْتِيَ بِأَكْمَلَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الْمُسَلِّمُ ( قَوْلُهُ : أَوْ نَوَى الْقَاصِرُ الْإِقَامَةَ ) أَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ ، أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ ، أَوْ تَبَيَّنَّ لَهُ خَطَؤُهُ فِي الِاجْتِهَادِ ، أَوْ عَتَقَتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ ، أَوْ نَحْوُهُ ، أَوْ وَجَدَ الْعَارِي السُّتْرَةَ ت ( قَوْلُهُ : وَيَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ الْتَفَتَ إلَيْهِ إلَخْ ) وَعَلَى الْمَأْمُومِ الْمُحَاذِي بِإِحْدَاهُمَا ( قَوْلُهُ : وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الرَّدَّ إلَخْ ) ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ نَوَى الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ فَبِالْأُولَى وَإِنْ حَاذَاهُ فَبِالْأُولَى أَحَبُّ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ هَلْ هِيَ مِنْ صَلَاةٍ أَمْ لَا وَاسْتَشْكَلَ كَوْنُ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ يَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالْأُولَى ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ ، وَالْإِمَامُ إنَّمَا يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ فَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا يُسَلِّمُ الْأُولَى مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ، وَالتَّحْقِيقِ قَالَ شَيْخُنَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ قُعُودٍ إذْ السَّلَامُ لَا يَكُونُ مِنْ قِيَامٍ إلَّا فِي الْعَاجِزِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ .
ا هـ .
مِنْهُ قَوْلُهُ : وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ ) كَقِيَامِ الْمَسْبُوقِ .

الرُّكْنُ ( السَّابِعَ عَشَرَ التَّرْتِيبُ ) بَيْنَ الْأَرْكَانِ ( كَمَا ذَكَرْنَاهُ ) فِي عَدِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى قَرْنِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ وَجَعْلِهِمَا مَعَ الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ وَجَعْلِ التَّشَهُّدِ ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُعُودِ فَالتَّرْتِيبُ عِنْدَ مَنْ أَطْلَقَهُ مُرَادٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا مِنْ التَّشَهُّدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَهِيَ مُرَتَّبَةٌ وَغَيْرُ مُرَتَّبَةٍ بِاعْتِبَارَيْنِ وَدَلِيلُ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الِاتِّبَاعُ كَمَا فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَعَ خَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَعَدُّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى الْفُرُوضِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ صَحِيحٌ وَبِمَعْنَى الْإِجْزَاءِ فِيهِ تَغْلِيبٌ وَسَكَتَ عَنْ عَدِّ الْوِلَاءِ رُكْنًا وَحَكَى الْأَصْلُ أَنَّهُ رُكْنٌ وَصَوَّرَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ بِعَدَمِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ وَابْنُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ سَلَامِهِ نَاسِيًا وَلَمْ يَعُدَّهُ الْأَكْثَرُونَ رُكْنًا لِكَوْنِهِ كَالْجُزْءِ مِنْ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ ، أَوْ لِكَوْنِهِ أَشْبَهَ بِالْمَتْرُوكِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ الْوِلَاءُ ، وَالتَّرْتِيبُ شَرْطَانِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ عَدِّهِمَا رُكْنَيْنِ .
ا هـ .
وَالْمَشْهُورُ عَدُّ التَّرْتِيبِ رُكْنًا ، وَالْوِلَاءِ شَرْطًا .

( قَوْلُهُ : السَّابِعَ عَشَرَ التَّرْتِيبُ ) دَلِيلُ التَّرْتِيبِ الْإِجْمَاعُ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ } ، ثُمَّ كَذَا فَذَكَرَهَا بِالْفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ بِثُمَّ وَهُمَا لِلتَّرْتِيبِ ( قَوْلُهُ : بَيْنَ الْأَرْكَانِ ) خَرَجَ بِذَلِكَ تَرْتِيبُ السُّنَنِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَالِاسْتِفْتَاحِ ، وَالتَّعَوُّذِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَتَرْتِيبُهَا عَلَى الْفَرَائِضِ كَالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ ، وَالدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا سُنَّةً لَا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ ( قَوْلُهُ ، فَالتَّرْتِيبُ عِنْدَ مَنْ أَطْلَقَهُ مُرَادٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بَيْنَ النِّيَّةِ ، وَالتَّكْبِيرِ ، وَالْقِيَامِ ، وَالْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ ، وَالتَّشَهُّدِ تَرْتِيبٌ ، لَكِنْ بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْقِيَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ ، وَالْجُلُوسِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ ( قَوْلُهُ : وَحَكَى الْأَصْلُ أَنَّهُ رُكْنٌ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ سَهْوًا لَا يَقْدَحُ ، وَالرُّكْنُ لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ السَّهْوُ ، نَعَمْ التَّفْرِيقُ مِنْ بَابِ الْمَنَاهِي فَيَخْتَصُّ بِحَالِ الذِّكْرِ ( قَوْلُهُ وَابْنُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ إلَخْ ) وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ شَكِّهِ فِي نِيَّةِ صَلَاتِهِ .

( وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَنْ يُكْثِرَ ذِكْرَ اللَّهِ ( بَعْدَ السَّلَامِ وَ ) أَنْ ( يَدْعُوَ ) بَعْدَهُ لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ أَوْضَحَهَا النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَهَذَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي الْمَجْمُوعِ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا سَلَّمَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ عَقِبَ سَلَامِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ نِسَاءٌ قَالَ الْأَصْحَابُ لِئَلَّا يَشُكَّ هُوَ أَوْ مَنْ خَلْفَهُ هَلْ سَلَّمَ ، أَوْ لَا وَلِئَلَّا يَدْخُلَ غَرِيبٌ فَيَظُنَّهُ بَعْدُ فِي صَلَاتِهِ فَيَقْتَدِيَ بِهِ .
ا هـ .
وَهَذَا لَا يُنَافِي الْأَوَّلَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقِيَامِ عَقِبَ السَّلَامِ تَرْكُ الذِّكْرِ عَقِبَهُ وَلَا مِنْ الذِّكْرِ عَقِبَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ عَقِبَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ ، وَالْعِلَّتَانِ تَنْتَفِيَانِ إذَا حَوَّلَ وَجْهَهُ إلَيْهِمْ أَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ وَعِبَارَةُ الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ نِسَاءٌ تَحَوَّلَ عَنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ لِيَعْلَمَ الدَّاخِلُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ انْقَضَتْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَيَّدَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتِحْبَابَ إكْثَارِ الذِّكْرِ ، وَالدُّعَاءِ بِالْمُنْفَرِدِ ، وَالْمَأْمُومِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ ، لَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَصِرَ فِيهِمَا بِحَضْرَةِ الْمَأْمُومِينَ فَإِذَا انْصَرَفُوا طَوَّلَ ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ .
ا هـ .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا ( سِرًّا ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ ( وَ ) ، لَكِنْ ( يَجْهَرُ ) بِهِمَا ( إمَامٌ يُرِيدُ تَعْلِيمَ مَأْمُومِينَ ) فَإِذَا تَعَلَّمُوا أَسَرَّ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي الذِّكْرِ الْجَهْرُ لَا الْإِسْرَارُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ ، وَالْأَصْحَابِ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَادِيثَ الْجَهْرِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ التَّعْلِيمَ قَالَ وَفِي كَلَامِ

الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ رَفْعِ الْجَمَاعَةِ الصَّوْتَ بِالذِّكْرِ دَائِمًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَفِي النَّفْسِ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَيْءٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ فِي الذِّكْرِ ، وَالدُّعَاءِ .
وَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ وَيَسَارِهِ إلَى الْمِحْرَابِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ يَسْتَقْبِلُهُمْ بِوَجْهِهِ فِي الدُّعَاءِ وَقَوْلُهُمْ مِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ مُرَادُهُمْ غَالِبًا لَا دَائِمًا ( وَ ) أَنْ ( يَفْصِلَ ) الْمُصَلِّي ( النَّافِلَةَ ) الَّتِي بَعْدَ الْفَرِيضَةِ ( بِانْتِقَالٍ إلَى بَيْتِهِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ } وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا } ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَيْتِهِ انْتَقَلَ ( إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ) لِتَشْهَدَ لَهُ الْمَوَاضِعُ .
وَظَاهِرُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ أَنَّ صَلَاةَ سَائِرٍ النَّوَافِلِ فِي بَيْتِهِ حَتَّى الرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا أَفْضَلُ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ، ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَسَيَأْتِي ، ثَمَّ مَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَصَلَ بِكَلَامِ إنْسَانٍ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ الَّذِي لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الِانْصِرَافُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ أَنْ يَمْكُثَ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ ( ثُمَّ يَنْصَرِفُ ) الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الرِّجَالِ ( بَعْدَ انْصِرَافِ النِّسَاءِ ) فَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يَمْكُثُوا فِي مُصَلَّاهُمْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ حَتَّى يَنْصَرِفْنَ وَيُسْتَحَبُّ لَهُنَّ أَنْ يَنْصَرِفْنَ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْخَنَاثَى

مِثْلُهُنَّ وَأَنَّهُمْ يَنْصَرِفُونَ بَعْدَهُنَّ مُتَفَرِّقِينَ وَيَنْصَرِفُ الْمُصَلِّي ( صَوْبَ حَاجَتِهِ ) إنْ كَانَتْ ( وَإِلَّا فَيَمِينًا ) ؛ لِأَنَّ جِهَتَهَا أَفْضَلُ ( وَلِلْمَأْمُومِ ) الْمُوَافِقِ ( تَأْخِيرُ السَّلَامِ وَتَطْوِيلُ الدُّعَاءِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ ) لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِهِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ ، فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ ، لَكِنْ مَعَ كَرَاهَةِ تَطْوِيلِهِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَيَقُومُ عَلَى الْفَوْرِ ، فَإِنْ قَعَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، أَوْ سَهْوًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَحَلِّهِ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ ( الْإِتْيَانُ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ ، وَإِنْ تَرَكَهَا إمَامُهُ ) لِخُرُوجِهِ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بِالْأُولَى بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَعِبَارَتُهُ تُفْهِمُ أَنَّ مَا قَالَهُ جَائِزٌ لَا مُسْتَحَبٌّ ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا قَرَّرْته تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ ( وَيُسْتَحَبُّ ) لِلْمُصَلِّي ( الْخُشُوعُ ) قَالَ تَعَالَى { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } ( وَنَظَرُ مَوْضِعِ سُجُودِهِ فِي ) جَمِيعِ ( الصَّلَاةِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ فِي التَّشَهُّدِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ لِحَدِيثٍ فِيهِ ( وَالدُّخُولُ فِيهَا بِنَشَاطٍ ) لِلذَّمِّ عَلَى ضِدِّهِ قَالَ تَعَالَى { وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى } ( وَفَرَاغُ قَلْبٍ ) مِنْ الشَّوَاغِلِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ ( وَلَا يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا ) كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فِيهِ نَظَرٌ .

( قَوْلُهُ : وَأَنْ يَدْعُوَ بَعْدَهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ هَلْ يَجُوزُ رَفْعُ الْيَدِ الْمُتَنَجِّسَةِ فِي الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَلَا يُكْرَهُ فِي حَائِلٍ فَإِنَّ الْمُتَطَهِّرَ لَمْسُهُ لِلْمُصْحَفِ بِيَدِهِ الْمُتَنَجِّسَةِ يَحْرُمُ وَيَزُولُ التَّحْرِيمُ بِكَوْنِهَا فِي حَائِلٍ وَإِذَا كَانَ هَذَا الْفَرْقُ فِيمَا طَرِيقُهُ التَّحْرِيمُ جَازَ أَيْضًا فِيمَا طَرِيقُهُ الْكَرَاهَةُ وَيُحْتَمَلُ الْكَرَاهَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَفْعُ الْيَدِ دُونَ الْحَائِلِ ، وَالتَّعَبُّدَ بِهَا وَرَدَ وَيُخَالِفُ مَسَّ الْمُصْحَفِ ؛ لِأَنَّ الْيَدَ فِي جِهَةِ التَّعَبُّدِ كَالْحَائِلِ وَلَا يَجِيءُ الْقَوْلُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بِالتَّحْرِيمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيمَا إذَا دَعَا وَفَمُهُ نَجِسٌ بِدَمٍ ، أَوْ خَمْرٍ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ عَكْسُهُ ) يَنْبَغِي تَرْجِيحُ هَذَا فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ الصِّفَةَ الْأُولَى يَصِيرُ مُسْتَدْبِرًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قِبْلَةُ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ د ( قَوْلُهُ : بِانْتِقَالٍ إلَى بَيْتِهِ إلَخْ ) النَّافِلَةُ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ فِي صُوَرٍ كَنَافِلَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِلتَّبْكِيرِ وَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ بِمِيقَاتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَكُلُّ مَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّوَافِلِ وَمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ خَشِيَ مِنْ التَّكَاسُلِ ، أَوْ كَانَ مُعْتَكِفًا ، أَوْ كَانَ يَمْكُثُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِتَعَلُّمٍ ، أَوْ تَعْلِيمٍ وَلَوْ ذَهَبَ إلَى بَيْتِهِ لَفَاتَ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَالْمُتَأَخِّرَةِ وَبَيْنَ النَّافِلَةِ مَعَ الْفَرِيضَةِ وَمَعَ نَافِلَةٍ أُخْرَى ، لَكِنْ الْمُتَّجَهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ مِنْ عَدَمِ الِانْتِقَالِ ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُورٌ بِالْمُبَادَرَةِ ، وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ، وَفِي الِانْتِقَالِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الصُّفُوفِ

مَشَقَّةٌ خُصُوصًا مَعَ كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَالْجُمُعَةِ قُلْت يُسْتَحَبُّ الِانْتِقَالُ إلَّا أَنْ يُعَارِضَهُ شَيْءٌ آخَرُ .
ا هـ .
ع وَقَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ إلَخْ هَذَا الِاتِّجَاهُ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى بَعْدِ الْفَرِيضَةِ كَمَا لَا يَخْفَى ع ( قَوْلُهُ : لِتَشْهَدَ لَهُ الْمَوَاضِعُ ) وَلِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الْبِقَاعِ بِالْعِبَادَةِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ قَعَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) أَيْ قُعُودًا زَائِدًا عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي ( قَوْلُهُ : وَيُسْتَحَبُّ الْخُشُوعُ ) اخْتَلَفُوا هَلْ الْخُشُوعُ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ كَالْخَوْفِ ، أَوْ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ كَالسُّكُونِ أَوْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إلَّا وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ( قَوْلُهُ : وَنَظَرُ مَوْضِعِ سُجُودِهِ ) اسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الْمُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْكَعْبَةِ لَا إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ ، لَكِنْ صَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ نَظَرِهِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ ضَعِيفٌ ، فَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا إذَا كَانَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ ، وَالْعَدُوُّ أَمَامَهُ فَنَظَرُهُ إلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ لِئَلَّا يَغْتَالَهُ الْعَدُوُّ وَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي إلَى ظَهْرِ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَنَظَرُهُ إلَى ظَهْرِهِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى بِسَاطٍ مُصَوَّرٍ ، فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَيْهِ ، وَالْمُرَادُ إذَا عَمَّ التَّصْوِيرُ مَكَانَ السُّجُودِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَى الْمَيِّتِ (

قَوْلُهُ : نَعَمْ يُسْتَحَبُّ فِي التَّشَهُّدِ إلَخْ ) أَيْ إذَا رَفَعَ مُسَبِّحَتَهُ قَالَهُ الْغَزِّيِّ .

( فَرْعٌ لَوْ قَضَى ) فَرِيضَةً ( جَهْرِيَّةً ) أَوْ سِرِّيَّةً كَمَا فُهِمْت بِالْأَوْلَى ( مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا أَسَرَّ وَبِعَكْسِهِ ) بِأَنْ قَضَى سِرِّيَّةً ، أَوْ جَهْرِيَّةً كَمَا فُهِمَتْ بِالْأَوْلَى مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِهَا ( يَجْهَرُ ) ، فَالْعِبْرَةُ فِي الْإِسْرَارِ ، وَالْجَهْرِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ .
( قَوْلُهُ : لَوْ قَضَى جَهْرِيَّةً مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا أَسَرَّ ) شَمِلَ مَا لَوْ قَضَى الْجَهْرِيَّةَ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ .

( وَيَجِبُ قَضَاءُ فَوَائِتِ الْفَرَائِضِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا } ، ثُمَّ إنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَإِلَّا نُدِبَ ( وَيُسْتَحَبُّ تَرْتِيبُهَا ) { لِتَرْتِيبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَائِتَ الْخَنْدَقِ } وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ ، وَالتَّرْتِيبُ فِيهَا مِنْ تَوَابِعِ الْوَقْتِ وَضَرُورَاتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَضَاءِ كَصَوْمِ أَيَّامِ رَمَضَانَ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( تَقْدِيمُهَا عَلَى حَاضِرَةٍ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَهَا ) لِمَا مَرَّ ، فَإِنْ خَافَ فَوَاتَهَا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَائِتَةِ لِئَلَّا تَصِيرَ الْأُخْرَى فَائِتَةً وَقَضِيَّتُهُ : أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَائِتَةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ تَقْدِيمُهَا وَيُحْمَلُ تَحْرِيمُ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا وَلِإِفَادَةِ ذَلِكَ عَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ ، وَالْمِنْهَاجِ ، وَالتَّحْقِيقِ ، وَالتَّنْبِيهِ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ عَلَى حَاضِرَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا ( لَا ) إنْ خَافَ ( فَوَاتَ جَمَاعَتِهَا ) أَيْ الْحَاضِرَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهَا ( بَلْ يُصَلِّي ) الْفَائِتَةَ نَدْبًا أَوَّلًا ( مُنْفَرِدًا ) ، أَوْ جَمَاعَةً ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ ، وَالْقَضَاءُ خَلْفَ الْأَدَاءِ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فَاسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا أَمَّا النَّقْلُ ، فَالنُّقُولُ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْحَاضِرَةِ بِالْجَمَاعَةِ وَأَمَّا الْبَحْثُ ؛ فَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَهَذَا كَمَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا لِلِاشْتِغَالِ بِالْفَائِتَةِ ( وَتُقْطَعُ ) وُجُوبًا ( فَائِتَةٌ ) شَرَعَ

فِيهَا ( لِحَاضِرَةٍ ضَاقَ وَقْتُهَا ) لِئَلَّا تَصِيرَ فَائِتَةً ( لَا حَاضِرَةٌ ) أَيْ لَا يَقْطَعُهَا ( لِفَائِتَةٍ بَلْ يُتِمُّهَا ) ، وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا ، ثُمَّ ( يُصَلِّي الْفَائِتَةَ وَيُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ ) بَعْدَهَا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( إنْ اتَّسَعَ ) أَيْ وَقْتُهَا .
( قَوْلُهُ : وَيُسْتَحَبُّ تَرْتِيبُهَا ) ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى صَلَوَاتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَحْمَدَ ، وَإِنْ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ حِينَئِذٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَفُوتَ كُلُّهَا بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَفُوتَ بَعْضُهَا بِعُذْرٍ وَبَعْضُهَا بِغَيْرِهِ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى قَضَاءِ مَا أَخَّرَهُ عَاصِيًا أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ مِنْ التَّرْتِيبِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ إلَخْ ) ؛ وَلِأَنَّهَا دُيُونٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُهَا إلَّا بِدَلِيلٍ ، وَفِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُجَرَّدُ إنَّمَا يَدُلُّ عِنْدَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَائِتَةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ تَقْدِيمُهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يَعْنِي يُسْتَحَبُّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( قَوْلُهُ : عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ عَلَى حَاضِرَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُحْمَلُ عَلَى فَائِتَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ لَمْ يَعْصِ بِتَأْخِيرِهَا ( قَوْلُهُ : وَرُدَّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّرْتِيبِ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ فَرِعَايَتُهُ أَوْلَى مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّكْمِلَاتِ ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْحَاضِرَةُ غَيْرَ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الْبُدَاءَةُ بِهَا جَزْمًا وَهُوَ ظَاهِرٌ .

( وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ فَوَائِتَهُ لَا تَنْقُصُ عَنْ عَشْرٍ وَلَا تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ الْعِشْرُونَ ) لِيَبْرَأَ يَقِينًا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا عَرَفَ نَوْعَهَا وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ كُلُّ عِشْرِينَ مِنْ نَوْعٍ ؛ لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَلَاةٌ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهَا لَزِمَهُ الْخَمْسُ .

( وَلَوْ جَهِلَ كَوْنَ ) أَصْلِ ( الصَّلَاةِ ، أَوْ صَلَاتِهِ ) الَّتِي شَرَعَ فِيهَا ( أَوْ الْوُضُوءِ فَرْضًا ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَلَمْ يُمَيِّزْ ) بَيْنَهُمَا ( لَمْ يَصِحَّ ) مَا فَعَلَهُ لِتَرْكِهِ مَعْرِفَةَ التَّمْيِيزِ الْوَاجِبَةَ ( وَنُقِلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ ) مِنْ الْعَامَّةِ ( فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ النَّفَلَ بِالْفَرْضِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ ) بَلْ صَحَّحَهُ فِي مَجْمُوعِهِ ( وَلَوْ اعْتَقَدَ ) عَامِّيٌّ ، أَوْ غَيْرُهُ ( أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ صَحَّتْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ أَدَّى سُنَّةً بِاعْتِقَادِ الْفَرْضِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ
( قَوْلُهُ لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ صَحَّتْ ) قَالَ الْقَفَّالُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ ، أَوْ الرُّكُوعَ مَثَلًا فَرْضٌ وَقَالَ أَنَا أَفْعَلُهُ أَوَّلًا تَطَوُّعًا ، ثُمَّ أَفْعَلُهُ ثَانِيًا فَرْضًا فَفَعَلَهُ أَوَّلًا بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ .

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا ) .
الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ لُغَةً إلْزَامُ الشَّيْءِ ، وَالْتِزَامُهُ لَا الْعَلَامَةُ وَإِنْ عَبَّرَ بِهَا بَعْضُهُمْ فَإِنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَعْنَى الشَّرَطِ بِالْفَتْحِ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ ، وَالْمَانِعُ لُغَةً الْحَائِلُ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ كَالْكَلَامِ فِيهَا عَمْدًا وَلَمَّا كَانَ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ مُعْتَبَرًا كَالشَّرْطِ أَدْخَلَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ فِيهِ فَقَالَ ( وَهِيَ ) أَيْ شُرُوطُهَا مَا عَدَا تَمْيِيزَ فَرَائِضِهَا مِنْ سُنَنِهَا عَلَى مَا مَرَّ ( ثَمَانِيَةٌ ) الْأَوَّلُ ، وَالثَّانِي ( الِاسْتِقْبَالُ ، وَالْوَقْتُ ) وَتَقَدَّمَا .

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ ) ( قَوْلُهُ : لَا الْعَلَامَةُ إلَخْ ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ الشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ مُخَفَّفُ الشَّرَطِ بِفَتْحِ الرَّاءِ ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ وَجَمْعُهُ أَشْرَاطٌ وَجَمْعُ الشَّرْطِ بِالسُّكُونِ شُرُوطٌ وَيُقَالُ لَهُ شَرِيطَةٌ وَجَمْعُهُ شَرَائِطُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلَمَّا كَانَ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ إلَخْ ) قَدْ أَنْكَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْغَزَالِيِّ تَسْمِيَتَهَا شُرُوطًا فِي كَلَامِهِ عَلَى النَّجَاسَاتِ فَقَالَ عَدَّ تَرْكَ الْكَلَامِ مِنْ الشُّرُوطِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ نَاسِيًا لَا يَضُرُّ ، وَالشَّرْطُ لَا يَتَأَثَّرُ بِالنِّسْيَانِ وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ غَلِطَ مَنْ عَدَّهَا مِنْ الشَّرَائِطِ وَإِنَّمَا هِيَ مَنَاهٍ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَضَمَّ الْغَزَالِيُّ وَالْفُورَانِيُّ إلَى الشُّرُوطِ تَرْكَ الْأَفْعَالِ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكَ الْكَلَامِ وَتَرْكَ الْأَكْلِ ، وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِشُرُوطٍ إنَّمَا هِيَ مُبْطِلَةٌ لِلصَّلَاةِ كَقَطْعِ النِّيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا تُسَمَّى شُرُوطًا لَا فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ وَلَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ ، وَإِنْ أَطْلَقُوا فِي مَوَاضِعَ عَلَيْهَا اسْمَ الشَّرْطِ كَانَ مَجَازًا لِمُشَارَكَتِهَا الشَّرْطَ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ عِنْدَ اخْتِلَالِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( وَ ) الثَّالِثُ ( طَهَارَةُ الْحَدَثِ ) الْأَصْغَرِ ، وَالْأَكْبَرِ ( فَتَبْطُلُ ) الصَّلَاةُ ( بِغَيْرِ ) أَيْ بِحَدَثٍ غَيْرِ الْحَدَثِ ( الدَّائِمِ وَإِنْ سَبَقَهُ ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ } وَخَبَرِ { إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَوْلُهُ ( بِلَا اخْتِيَارٍ ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ سَبَقَهُ وَلَوْ قَالَ وَلَوْ بِلَا اخْتِيَارٍ بِأَنْ سَبَقَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ أَمَّا الْحَدَثُ الدَّائِمُ فَلَا يَضُرُّ عَلَى تَفْصِيلٍ مَرَّ فِي الْحَيْضِ ( كَمَنْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ ، أَوْ تَخَرَّقَ خُفُّهُ ، أَوْ أَبْعَدَتْ الرِّيحُ ثَوْبَهُ ) وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ ، وَإِنْ حَصَلَ ( بِلَا تَقْصِيرٍ ، فَإِنْ نَحَّى النَّجَاسَةَ ) وَلَوْ رَطْبَةً بِأَنْ نَحَّى مَحَلَّهَا ( أَوْ رَدَّ الثَّوْبَ ) عَلَى عَوْرَتِهِ ( فَوْرًا لَمْ يَضُرَّ ) وَيُغْتَفَرُ هَذَا الْعَارِضُ ( وَإِنْ نَحَّاهَا بِكُمِّهِ ) ، أَوْ غَيْرِهِ كَيَدِهِ ( بَطَلَتْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَاقَاهَا قَصْدًا ( أَوْ بِعُودٍ فَوَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا .
( قَوْلُهُ : وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ إلَخْ ) فَلَوْ صَلَّى بِدُونِهَا نَاسِيًا أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ إلَّا الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ أَيْضًا وَفِي إثَابَتِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ جُنُبًا نَظَرٌ قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ خ إنَّمَا يُثَابُ عَلَى الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَلْغَازِهِ لَوْ سَبَقَ الْحَدَثُ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا لِانْتِفَاءِ التَّلَاعُبِ وَانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ ( قَوْلُهُ : أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْدَثَ ) فِي صَلَاتِهِ ( أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ ، ثُمَّ يَنْصَرِفَ ) لِيُوهِمَ أَنَّهُ رَعَفَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ ( وَلَوْ فُصِدَ ) مَثَلًا بِمَعْنَى اُفْتُصِدَ ( فَنَزَلَ الدَّمُ ) أَيْ خَرَجَ ( وَلَمْ يُلَوِّثْ بَشَرَتَهُ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ أَوْ لَوَّثَهَا قَلِيلًا ( لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ ، أَوْ مُغْتَفَرٌ .
الشَّرْطُ

( الرَّابِعُ طَهَارَةُ النَّجَسِ ) الْمُتَّصِلِ بِبَدَنِهِ ، أَوْ مَحْمُولِهِ أَوْ مُلَاقِيهِمَا فَتَبْطُلُ بِهِ وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ بِوُجُودِهِ أَوْ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَثِيَابَك فَطَهِّرْ } وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي } ثَبُتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ وَهُوَ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ تَضَمُّخٍ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ فِيهَا ، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا .
( فَإِنْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ ) مِنْ النَّجَاسَةِ ( وَلَمْ يَجِدْ مَاءً وَجَبَ قَطْعُ مَوْضِعِهَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ ) بِالْقَطْعِ ( أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِ ) أَيْ أُجْرَةِ ثَوْبٍ يُصَلِّي فِيهِ لَوْ اكْتَرَاهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْمُتَوَلِّيَ ، وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ أُجْرَةِ غَسْلِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ وُجُوبَ الْقَطْعِ بِحُصُولِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِالطَّاهِرِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَوَلِّي ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ الْعَوْرَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِذَلِكَ ( وَإِنْ جَهِلَ مَكَانَهَا فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ ، أَوْ الثَّوْبِ غَسَلَ الْجَمِيعَ ) وُجُوبًا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا مَا بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ بِلَا غَسْلٍ ( أَوْ ) فِي ( مَا يَرَاهُ مِنْ بَدَنِهِ ) أَوْ ثَوْبِهِ وَجَبَ غَسْلُهُ فَقَطْ ( إنْ عَلِمَ ) النَّجَاسَةَ ( بِرُؤْيَتِهِ ) ؛ لِأَنَّ تَيَقُّنَ الطَّهَارَةِ يَحْصُلُ بِهِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيَجُوزُ عَطْفُ مَا يَرَاهُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْ أَوْ غَسَلَ مَا يَرَاهُ عَلَى إلَى آخِرِهِ ( وَمَنْ مَسَّ ) بِشَيْءٍ ( بَعْضَهُ ) أَيْ بَعْضَ مَا جَهِلَ مَكَانَ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا ( رَطْبًا لَمْ

يَنْجُسْ ) لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَحَلِّ الْإِصَابَةِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي النَّجَاسَةِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ دُونَ الطَّهَارَةِ ( وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ ) الْمَذْكُورَ ( نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ التَّحَرِّي ) فِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ الشَّقُّ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ ( وَإِنْ غَسَلَ نِصْفَهُ ، أَوْ نِصْفَ ثَوْبٍ نَجِسٍ ) كُلُّهُ ( ، ثُمَّ ) غَسَلَ ( النِّصْفَ الثَّانِيَ بِمَا ) أَيْ مَعَ مَا ( جَاوَرَهُ ) مِنْ الْأَوَّلِ ( طَهُرَ ) كُلُّهُ سَوَاءٌ أَغَسَلَهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ جَفْنَةٍ أَمْ فِيهَا وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ( وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ) أَيْ الثَّانِي ( دُونَ الْمُجَاوِرِ ) لَهُ ( فَالْمُنْتَصَفُ ) بِفَتْحِ الصَّادِ ( نَجِسٌ مِنْ ) الثَّوْبِ ( النَّجِسِ ) كُلُّهُ ( مُجْتَنَبٌ مِنْ ) الثَّوْبِ ( الْمُتَنَجِّسِ ) بَعْضُهُ الَّذِي جُهِلَ مَكَانُ النَّجَاسَةِ فِيهِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مَعْكُوسٌ ( وَإِنْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ كَالْبِسَاطِ ، وَالْبَيْتِ ) الصَّغِيرَيْنِ ( وَأَشْكَلَ ) مَحَلُّهَا مِنْهُ ( وَجَبَ غَسْلُهُ ) فَلَا يَجْتَهِدُ كَمَا فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ( أَوْ ) فِي مَوْضِعٍ ( وَاسِعٍ كَالصَّحْرَاءِ اجْتَهَدَ ) أَيْ نَدْبًا كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ بِلَا اجْتِهَادٍ وَسَكَتُوا عَنْ ضَبْطِ الْوَاسِعِ ، وَالضَّيِّقِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ ، وَالْمُتَّجَهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنْ بَلَغَتْ بِقَاعُ الْمَوْضِعِ لَوْ فُرِّقَتْ حَدَّ الْعَدَدِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ فَوَاسِعٌ وَإِلَّا فَضَيِّقٌ وَيُقَدِّرُ كُلَّ بُقْعَةٍ بِمَا يَسَعُ الْمُصَلِّيَ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ ضَبْطُهُمَا بِالْعُرْفِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَإِذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ فِي الْمُتَّسِعِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَوْضِعٌ قَدْرَ النَّجَاسَةِ

وَهُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْأَوَانِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ .

( قَوْلُهُ : الرَّابِعُ طَهَارَةُ النَّجَسِ ) يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ كَثُرَ ذَرْقُ الطَّيْرِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الِاحْتِرَازِ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي التَّذْكِرَةِ فِي الْخِلَافِ ، وَعَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَيَّدَ فِي الْمَطْلَبِ الْعَفْوَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيِّنٌ ( قَوْلُهُ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْمُتَوَلِّيَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الشَّاشِيُّ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْوَجْهُ أَنْ يُعْتَبَرَ ثَمَنُ الثَّوْبِ لَا أُجْرَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ .
وَاَلَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الشِّرَاءَ لِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَفِي الْأُجْرَةِ بِخُرُوجِ الْمَالِيَّةِ كَمَا فِي الْقَطْعِ قُلْت هَذَا التَّوْجِيهُ يُبْطِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الصَّوَابِ فَإِنَّهُ إذَا أَوْجَبَ ثَمَنَ الْمَاءِ وَأُجْرَةَ الْغَسْلِ فَقَدْ أَوْجَبَ غَرَامَتَيْنِ وَالْمُتَوَلِّي أَوْجَبَ غَرَامَةً وَاحِدَةً فَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَوْلَى بِالْوُجُوبِ مِمَّا ذَكَرَهُ هُوَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَسْتَقِيمُ ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ لَا يَتَأَتَّى اعْتِبَارُ تَقْدِيرِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَتَى قُدِّرَ وُجُودُهُ لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ قَطْعُ الثَّوْبِ لِأَنَّ الثَّوْبَ إنَّمَا يَجُوزُ قَطْعُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فَلَا يُقَدَّرُ وُجُودُهُ وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ التُّرَابِ إذَا وَجَدَهُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِزِيَادَةٍ تُسَاوِي قِيمَةَ الْمَاءِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ وُجُودُ الْمَاءِ لَعَكَرَ عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ وُجُوبُ شِرَاءِ التُّرَابِ فَفَسَدَ مَا ذَكَرَهُ ت ( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ ) الْأَصَحُّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ ، وَالرَّدُّ مَرْدُودٌ ،

وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْإِنَاءِ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ) ، فَإِنْ غَسَلَهُ بِهِ فِي جَفْنَةٍ لَمْ يَطْهُرْ إلَّا بِغَسْلِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ بَعْضَهُ فِيهَا وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ لَاقَى الْمَاءُ جُزْءًا مِمَّا لَمْ يُغْسَلْ وَهُوَ نَجَسٌ وَارِدٌ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَيُنَجِّسُهُ فَيَتَنَجَّسُ الْمَوْضُوعُ ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَطْهُرُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ ، وَالْقَوْلُ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ بِمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ قَالُوا إنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي إنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَهُورٌ حَتَّى لَوْ أَدَارَهُ عَلَى جَوَانِبِهِ طَهُرَتْ س .

( وَلَوْ تَنَجَّسَ أَحَدُ كُمَّيْ الْقَمِيصِ ، أَوْ إحْدَى يَدَيْهِ ) مَثَلًا ( وَأَشْكَلَ ) النَّجَسُ مِنْهُمَا ( فَغَسَلَ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ ) فِيهِمَا ( وَصَلَّى ) بَعْدَ غَسْلِهِ ( لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ ثَوْبٌ ، أَوْ بَدَنٌ وَاحِدٌ تُيُقِّنَ نَجَاسَتُهُ فَيُسْتَصْحَبُ الْيَقِينُ كَمَا لَوْ خَفِيَ مَحَلُّهَا فِيهِ وَلَمْ يَنْحَصِرْ فِي مَحَلٍّ مِنْهُ ( إلَّا إنْ فَصَلَهُ قَبْلَ التَّحَرِّي ) ، ثُمَّ غَسَلَ النَّجِسَ مِنْهُمَا بِالتَّحَرِّي فَإِنَّ صَلَاتَهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَصِحُّ كَمَا فِي الثَّوْبَيْنِ ( وَإِنْ اشْتَبَهَ ) عَلَيْهِ ( ثَوْبَانِ فَغَسَلَ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ فَلَهُ الصَّلَاةُ فِيهِمَا وَلَوْ جَمَعَهُمَا عَلَيْهِ ) بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْكُمَّيْنِ قَبْلَ الْفَصْلِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَتَأْثِيرُهُ فِي إجْزَاءِ الْوَاحِدِ ضَعِيفٌ ( وَلَوْ تَحَيَّرَ ) فِي اجْتِهَادِهِ فِيهِمَا ( اجْتَنَبَهُمَا ) وُجُوبًا كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا وَلَا يَكْفِي أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً ( فَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا وَلَا مَاءَ ) يَغْسِلُهُمَا ، أَوْ أَحَدَهُمَا بِهِ ( صَلَّى عُرْيَانًا ) لِلضَّرُورَةِ ( وَأَعَادَ ) لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ ؛ وَلِأَنَّ مَعَهُ ثَوْبًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ كَانَ الِاشْتِبَاهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ وَصَلَّى فِيهِ ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمِلَ بِالثَّانِي كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ فَصَلَهُ قَبْلَ التَّحَرِّي ، ثُمَّ غَسَلَ إلَخْ ) وَلَوْ غَسَلَ كُمًّا بِاجْتِهَادٍ وَفَصَلَهُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيمَا لَمْ يَغْسِلْهُ حَجًّا .

( فَرْعٌ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ لَاقَى ثَوْبَهُ ، أَوْ بَدَنَهُ نَجَسًا مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَتَحَرَّكَ ثَوْبُهُ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا ( وَكَذَا ) تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ لَاقَى ( مَحْمُولُهُ ) نَجَاسَةً ( وَلَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ كَمَنْ قَبَضَ عَلَى حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِمَيْتَةٍ ، أَوْ مَشْدُودٍ بِكَلْبٍ وَلَوْ بِسَاجُورِهِ ) وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِي عُنُقِهِ ( أَوْ ) مَشْدُودٍ ( بِدَابَّةٍ ، أَوْ سَفِينَةٍ ) صَغِيرَةٍ بِحَيْثُ ( تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ ) أَيْ الْحَبْلِ ، أَوْ قَابِضِهِ ( يَحْمِلَانِ نَجَسًا ) أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ بِخِلَافِ سَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ بِحَيْثُ لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ فَإِنَّهَا كَالدَّارِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَشْدُودٍ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا أَمْكَنَ جَرُّهَا فِي الْبَرِّ تَبْطُلُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ ( لَا إنْ وَضَعَ الْحَبْلَ ) الْمَذْكُورَ ( تَحْتَ قَدَمِهِ ) فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَامِلًا لِنَجَاسَةٍ وَلَا لِمُتَّصِلٍ بِهَا كَبِسَاطٍ صَلَّى عَلَيْهِ وَطَرْفُهُ نَجِسٌ .

قَوْلُهُ : تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ لَاقَى ثَوْبُهُ ، أَوْ بَدَنُهُ نَجَسًا مُطْلَقًا ) لَوْ رَأَى شَخْصًا يُصَلِّيَ وَعَلَى ثَوْبِهِ ، أَوْ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَآهُ نَائِمًا ، وَقَدْ ضَاقَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْبِيهُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّائِمَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ نَعَمْ لَوْ عَصَى بِالنَّوْمِ كَأَنْ نَامَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا مَنْ رَأَى بِثَوْبِ مُصَلٍّ نَجَاسَةً مُؤَثِّرَةً لَزِمَهُ إعْلَامُهُ كَأَنْ رَآهُ أَخَلَّ بِرُكْنٍ ، أَوْ تَوَضَّأَ بِنَجَسٍ ، أَوْ اقْتَدَى بِمَنْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا اقْتَدَى فِيهِ ، أَوْ رَأَى صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ ( قَوْلُهُ أَوْ بَدَنَهُ نَجَسًا ، أَوْ لَسَعَتْهُ حَيَّةٌ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ لَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ سُمَّ الْحَيَّةِ يَظْهَرُ عَلَى مَوْضِعِ اللَّسْعَةِ وَهُوَ نَجَسٌ ، وَكَذَلِكَ سُمُّ الْعَقْرَبِ إلَّا أَنَّهَا تُغَوِّصُ إبْرَتَهَا فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَتَمُجُّ السُّمَّ فِيهِ وَبَاطِنُ اللَّحْمِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ فِي الْعَقْرَبِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهَا إذَا نَزَعَتْ إبْرَتَهَا مِنْ اللَّحْمِ لَاقَتْ الظَّاهِرَ بِطَرْفِ الْإِبْرَةِ قَدْ تُنَجِّسُ بِمُلَاقَاةِ السُّمِّ ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ بَاطِنَ إبْرَتِهَا يَنْعَكِسُ إلَى خَارِجٍ عِنْدَ مَجِّ السُّمِّ كَمَا يَنْعَكِسُ مَخْرَجُ سَائِرِ الدَّوَابِّ عِنْدَ الرَّوْثِ لَمْ يُنَجِّسْ .
وَأَمَّا الْحَيَّةُ فَلُعَابُهَا وَرُطُوبَةُ فَمِهَا إذَا خَالَطَ السُّمَّ فَتُنَجِّسُ فَيَجِبُ غَسْلُ مَوْضِعِ لَسْعَتِهَا وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِنَجَاسَةِ سُمِّ الْحَيَّاتِ الْعِجْلِيّ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ ) لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِنَجَسٍ وَكَتَبَ أَيْضًا خَالَفَ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ حَيْثُ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ ؛ لِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ شُرِعَ لِلتَّعْظِيمِ وَهَذَا يُنَافِيهِ ، وَالْمَطْلُوبُ فِي السُّجُودِ كَوْنُهُ مُسْتَقِرًّا عَلَى غَيْرِهِ

لِحَدِيثِ { مَكِّنْ جَبْهَتَك } فَإِذَا سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا أَمْكَنَ جَرُّهَا فِي الْبَرِّ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُشْبِهُ الْخَشَبَةَ الصَّغِيرَةَ إذَا اتَّصَلَ بِهَا وَهِيَ نَجِسَةٌ

( فَرْعٌ لَوْ جُبِّرَ ) مَنْ انْكَسَرَ عَظْمُهُ وَخَافَ الضَّرَرَ بِتَرْكِ الْجَبْرِ ( عَظْمُهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ لَا يُصْلَح ) لِلْجَبْرِ ( غَيْره ) مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ ( جَازَ ) فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ النَّزْعِ ضَرَرًا ( وَإِنْ جَبَّرَهُ ) بِهِ ( وَثَمَّ طَاهِرٌ يَصْلُحُ ) لِلْجَبْرِ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ ( حُرِّمَ ) لِتَعَدِّيهِ ( وَأُجْبِرَ عَلَى نَزْعِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَلَوْ اكْتَسَى لَحْمًا ) لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً تَعَدَّى بِحَمْلِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهَا كَوَصْلِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجِسٍ فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَ الْحَاكِمَ نَزْعُهُ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ ( وَلَا مُبَالَاةَ بِأَلَمِهِ ) فِي الْحَالِ إذَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ فِي الْمَآلِ ( وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ مَعَهُ ) لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا لَا ضَرُورَةَ إلَى تَبْقِيَتِهَا بِخِلَافِ شَارِبِ الْخَمْرِ لِحُصُولِهِ فِي مَعْدِنِ النَّجَاسَةِ ( وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُنْزَعْ ) وَإِنْ لَزِمَهُ النَّزْعُ قَبْلَ مَوْتِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَلِسُقُوطِ التَّعَبُّدِ عَنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ تَحْرِيمُ النَّزْعِ وَالثَّانِي حِلُّهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، لَكِنْ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ تَحْرِيمُهُ مَعَ تَعْلِيلِهِمْ بِالثَّانِي ( وَإِنْ خَافَ الضَّرَرَ ) الْمُبِيحَ لِلتَّيَمُّمِ ( صَحَّتْ صَلَاتُهُ ) وَلَا يَلْزَمُهُ النَّزْعُ لِلضَّرَرِ الظَّاهِرِ ( وَفِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ وَجْهَانِ ) فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَى الْجَمَاعَةِ وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ ، وَقَدْ يُقَالُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الطَّاهِرِ خَلْفَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .

( قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ ) .
أَمَّا عَظْمُ الْحَرْبِيِّ ، وَالْمُرْتَدِّ فَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قف د وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَفْظُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَلَا يُصَلِّ إلَى مَا انْكَسَرَ مِنْ عَظْمِهِ إلَّا بِعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكِيًّا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَنْجَبِرُ سَرِيعًا إلَّا بِعَظْمِ الْكَلْبِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ عُذْرٌ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّيَمُّمِ فِي بُطْءِ الْبُرْءِ .
ا هـ .
مَا تَفَقَّهَهُ مَرْدُودٌ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَى نَزْعِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا إلَخْ ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ إذَا كَانَ الْمَقْلُوعُ مِنْهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَمَا لَوْ وَصَلَهُ ثُمَّ جُنَّ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ إلَّا إذَا أَفَاقَ أَوْ حَاضَتْ لَمْ تُجْبَرْ إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي عَدَمِ النَّزْعِ إذَا مَاتَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ ر ( وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا إلَخْ ) وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ كَالْمُرْتَدِّ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ يُنْزَعُ مِنْهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا ش ( قَوْلُهُ : لَكِنْ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ خَاطَ جُرْحَهُ ، أَوْ دَاوَاهُ بِنَجَسٍ فَكَالْجَبْرِ بِعَظْمٍ نَجِسٍ ) فِيمَا مَرَّ ( وَكَذَا الْوَشْمُ ) وَهُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ ، ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ الصَّدَأُ الْآتِي بَيَانُهُ ( وَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ ، وَالْوَاشِمَةَ ، وَالْمُسْتَوْشِمَة وَالْوَاشِرَةَ ، وَالْمُسْتَوْشِرَة ، وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ } أَيْ فَاعِلَةَ ذَلِكَ وَسَائِلَتَهُ وَلِأَنَّهُ ( يَتَنَجَّسُ فِيهِ الصَّدَأُ ) ، وَهُوَ مَا يُحْشَى بِهِ الْمَحَلُّ مِنْ نِيلَةٍ ، أَوْ نَحْوِهَا لِيَزْرَقَّ بِهِ ، أَوْ يَخْضَرَّ ( بِالْغَرْزِ ) أَيْ بِسَبَبِ الدَّمِ الْحَاصِلِ بِغَرْزِ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ ( فَتَجِبُ إزَالَتُهُ مَا لَمْ يَخَفْ ) ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ ، فَإِنْ خَافَهُ لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا كُلُّهُ إذَا فَعَلَ بِرِضَاهُ وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إزَالَتُهُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الذَّخَائِرِ فِي نَزْعِ الْعَظْمِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ .
قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : هَذَا كُلُّهُ إذَا فَعَلَ بِرِضَاهُ ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إزَالَتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ غَسَلَ شَارِبُ الْخَمْرِ ) ، أَوْ نَجَسٍ آخَرَ ( فَمَهُ ) وَصَلَّى ( صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَيَجِبُ ) عَلَيْهِ ( أَنْ يَتَقَيَّأَهُ ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَرِبَهُ لِعُذْرٍ وَأَلْحَقُوا بَاطِنَ الْفَمِ بِالظَّاهِرِ فِي تَطْهِيرِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ دُونَ الْجَنَابَةِ ، وَالْفَرْقُ غِلَظُ النَّجَاسَةِ وَقَوْلُهُ ، وَإِنْ غَسَلَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَيَطْهُرُ بِالتَّطْهِيرِ ) الْمَعْرُوفِ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ ( ظَاهِرُ خُفٍّ خُرِّزَ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَيُعْفَى عَنْ بَاطِنِهِ ) وَهُوَ مَوْضِعُ الْخَرْزِ ( لِعُمُومِ الْبَلْوَى ) بِهِ ( فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ ) وَلَوْ فَرْضًا وَإِنَّمَا كَانَ أَبُو زَيْدٍ يُصَلِّي فِيهِ الْفَرْضَ احْتِيَاطًا لَهُ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْعَفْوُ مُطْلَقًا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ ، وَالنَّفَلِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ كَمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ وَلَوْ خُرِّزَ خُفٌّ بِشَعْرٍ نَجَسٍ رَطْبٍ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ عَلَى الصَّحِيحِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ لَا فِيهِ وَلَوْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ رَطْبَةً فِيهِ لَمْ تَنْجُسْ .

( قَوْلُهُ : وَإِنْ شَرِبَهُ لِعُذْرٍ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا كَدَوَاءٍ أَوْ إكْرَاهٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ إلَخْ ) مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأَطْعِمَةِ هُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَمَا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ تَأْوِيلٌ لِصَلَاةِ الشَّيْخِ أَبِي زَيْدٍ فِيهِ النَّوَافِلُ دُونَ الْفَرَائِضِ عَلَى خِلَافِ تَأْوِيلِ الرَّافِعِيِّ لَهَا فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْعَفْوِ كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ ، وَقَدْ حَكَى الْقَمُولِيُّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا عَدَمُ الْعَفْوِ وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَاب الْإِجْمَاعِ الْمَنْعَ عَنْ الشَّافِعِيِّ .

( فَرْعٌ وَصْلُ الشَّعْرِ ) مِنْ الْآدَمِيِّ ( بِشَعْرٍ نَجِسٍ ، أَوْ شَعْرِ آدَمِيٍّ حَرَامٌ ) مُطْلَقًا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِلتَّغْرِيرِ وَلِلتَّعَرُّضِ لِلتُّهْمَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُسْتَعْمَلٌ لِلنَّجَسِ الْعَيْنِيِّ فِي بَدَنِهِ كَالْإِدْهَانِ بِنَجَسٍ وَالِامْتِشَاطِ بِعَاجٍ مَعَ رُطُوبَةٍ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَبِسَائِرِ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ لِكَرَامَتِهِ ( وَكَذَا شَعْرُ غَيْرِهِمَا ) يَحْرُمُ وَصْلُ الشَّعْرِ بِهِ لِمَا مَرَّ مَا عَدَا الْأَخِيرَ وَكَالشَّعْرِ الصُّوفُ ، وَالْخِرَقُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ وَأَمَّا رَبْطُ الشَّعْرِ بِخُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ .

( وَ ) يَحْرُمُ ( تَجْعِيدُهُ ) أَيْ الشَّعْرِ ( وَوَشْرُ الْأَسْنَانِ ) أَيْ تَحْدِيدُهَا وَتَرْقِيقُهَا لِلتَّغْرِيرِ وَلِلتَّعَرُّضِ لِلتُّهْمَةِ فِيهِمَا وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الثَّانِي ( ، وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ ) لِخَبَرِ { يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخَرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ ( وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ ) بِالْحِنَّاءِ ، أَوْ نَحْوِهِ ( وَتَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ ) بِهِ مَعَ السَّوَادِ لِلتَّعَرُّضِ لِلتُّهْمَةِ ( إلَّا بِإِذْنِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ ) لَهَا فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بَعْدَ قَوْلِهِ حَرَامٌ فَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَزَيُّنِهَا لَهُ ، وَقَدْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ وَخَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ فِي الْوَصْلِ ، وَالْوَشْرِ فَأَلْحَقَهُمَا بِالْوَشْمِ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا .
( قَوْلُهُ : وَوَشْرُ الْأَسْنَانِ ) يُسْتَثْنَى الْوَاشِرُ لِإِزَالَةِ الشَّيْنِ كَوَشْرِ السِّنِّ الزَّائِدَةِ وَالنَّازِلَةِ عَنْ أَخَوَاتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ ( قَوْلُهُ وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ ) أَمَّا بِالْحِنَّاءِ وَحْدَهُ فَجَائِزٌ .
وَلَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَرِجْلُهُ فِي مَدَاسِهِ النَّجِسِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ جَعَلَهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ جَازَ وَلَوْ نَزَعَ أَصَابِعَهُ مِنْهُ إنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ رِجْلِهِ بِحِذَاءِ ظَهْرِ الْمَدَاسِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي د .
.

( وَيَحْرُمُ ) عَلَى الْمَرْأَةِ ( التَّنْمِيصُ ) فِعْلًا وَسُؤَالًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجٍ ، أَوْ سَيِّدٍ ( وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ ، وَالْحَاجِبِ ) لِلْحُسْنِ وَتَحْرِيمُ ذَلِكَ مَعَ التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ زَادَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجٍ ، أَوْ سَيِّدٍ كَانَ أَوْلَى وَعَطْفُ الْحَاجِبِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ مَا ذُكِرَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي اللِّحْيَةُ ، وَالشَّارِبُ .

( وَالنَّتْفُ لِلشَّيْبِ ) مِنْ الرَّأْسِ ، وَاللِّحْيَةِ ( مَكْرُوهٌ ) لِخَبَرِ { لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَحْرِيمَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ( وَ ) النَّتْفُ ( لِلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَشَارِبِهَا مُسْتَحَبٌّ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِثْلُهُ فِي حَقِّهَا وَذِكْرُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ الثَّانِيَ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ ، لَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى اللِّحْيَةِ وَمِثْلُهَا الشَّارِبُ ( كَخَضْبِ الشَّيْبِ بِالْحِنَّاءِ ) ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلْمَرْأَةِ ، أَوْ غَيْرِهَا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ ( وَ ) كَذَا يُسْتَحَبُّ خَضْبُ ( كَفَى الْمَرْأَةِ ) الْمُزَوَّجَةِ ، وَالْمَمْلُوكَةِ ( وَقَدَمَيْهَا ) بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِزَوْجِهَا ، أَوْ سَيِّدِهَا ( تَعْمِيمًا ) لَا تَطْرِيقًا وَلَا نَقْشًا فَلَا يُسْتَحَبُّ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِحْرَامِ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ ، وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْخِضَابُ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ مَعَ زِيَادَةٍ ( وَلَا بَأْسَ بِتَصْفِيفِ شَعْرِهَا ) كَشَعْرِ النَّاصِيَةِ ، وَالْأَصْدَاغِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَيُكْرَهُ رَدُّ رَيْحَانٍ وَطِيبٍ

( فَرْعٌ ، وَإِنْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ أَوْ سَرِيرٍ فِي طَرْفِهِ ، أَوْ تَحْتَ قَوَائِمِهِ ) أَيْ السَّرِيرِ ( نَجَاسَةٌ لَمْ يَضُرَّ ) وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لِعَدَمِ مُلَاقَاتِهَا لَهُ ( وَلَوْ سَجَدَ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ

وَلَوْ صَلَّى ( عَلَى طَاهِرٍ ) كَبِسَاطٍ ( وَصَدْرُهُ ) أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ ( مُحَاذٍ ) فِي سُجُودِهِ أَوْ غَيْرِهِ ( لِلنَّجَاسَةِ لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ لِمَا مَرَّ ( وَكُرِهَ ) لِمُحَاذَاتِهِ النَّجَاسَةَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ( وَإِنْ فَرَشَ ثَوْبًا مُهَلْهَلًا عَلَى نَجَاسَةٍ وَمَاسَّتْهُ ) مِنْ الْفُرَجِ ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ ( أَوْ ) فَرَشَهُ ( عَلَى ثَوْبٍ حَرِيرٍ ) وَمَاسَّهُ ( فَفِي بَقَاءِ التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ ) فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ بَقَائِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ بَقَائِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَوْضِعُ الزِّبْلِ ( ، وَالْمَجْزَرَةِ ) بِفَتْحِ الزَّاي مَوْضِعُ جَزْرِ الْحَيَوَانِ أَيْ ذَبْحِهِ ( وَالطَّرِيقِ ) فِي الْبُنْيَانِ دُونَ الْبَرِّيَّةِ ( وَالْحَمَّامِ وَكَذَا مَسْلَخَةٌ ) الْأَوْلَى وَلَوْ بِمَسْلَخَةٍ ( وَظَهْرُ الْكَعْبَةِ وَأَعْطَانُ الْإِبِلِ ) أَيْ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُنَحَّى إلَيْهَا الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ لِتَشْرَبَ هِيَ عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَمُرَاحُهَا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ مَأْوَاهَا لَيْلًا ( لَا مُرَاحُ الْغَنَمِ ) فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ ( وَ ) تُكْرَهُ ( فِي الْمَقْبَرَةِ ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ خَلَا مُرَاحِ الْإِبِلِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ ، وَالْمَقْبَرَةِ نَجَاسَتُهَا فِيمَا يُحَاذِي الْمُصَلِّيَ وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهَا وَقَطْعُ الْخُشُوعِ وَفِي الْحَمَّامِ أَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَفِي ظَهْرِ الْكَعْبَةِ اسْتِعْلَاؤُهُ عَلَيْهَا وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِهَا نِفَارُهَا الْمُشَوِّشُ لِلْخُشُوعِ وَلِهَذَا لَمْ تُكْرَهْ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَلَا فِيمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا مِنْ مِثْلِ عَطَنِ الْإِبِلِ ، وَالْكَرَاهَةُ فِي عَطَنِ الْإِبِلِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي مُرَاحِهَا إذْ نِفَارُهَا عِنْدَ الصُّدُورِ مِنْ الْمَنْهَلِ أَقْرَبُ لِاجْتِمَاعِهَا وَازْدِحَامِهَا وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنْ الْمَقَابِرِ مَقْبَرَةَ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَهُمْ وَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا بَاطِلٌ بَلْ الْكَرَاهَةُ فِيهَا أَشَدُّ قُلْت الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهَا

النَّجَاسَةُ كَمَا مَرَّ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا بِمَا ذُكِرَ ( ثُمَّ مَا كَانَ نَجِسًا مِنْ ذَلِكَ كَالْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ بَطَلَتْ ) الصَّلَاةُ ( فِيهِ ) مَا لَمْ يَحُلْ طَاهِرٌ ( وَإِذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ ) أَيْ فِي نَبْشِهَا ، أَوْ فِي النَّجَسِ ( لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ .

( قَوْلُهُ : تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ إلَخْ ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تُكْرَهُ تَنْزِيهًا فِي ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا وَأَنَّ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهَا ثَلَاثُونَ ( قَوْلُهُ : وَالْحَمَّامِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْمَكْتُوبَةِ فَعَلَهَا فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ تَجِبُ فِيهِ احْتِمَالٌ ، وَالْأَقْرَبُ الْوُجُودُ وَيَطَّرِدُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كُلِّ مَكَان تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ ( قَوْلُهُ : وَمُرَاحُهَا ) أَيْ وَمَوَاضِعُهَا كُلُّهَا ( قَوْلُهُ : وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ إلَخْ ) وَقِيلَ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ فِي التَّحْقِيقِ ، وَالْكِفَايَةِ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا ع الصَّوَابُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِفَايَةِ كَرَاهَتُهَا حَيْثُ وُجِدَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَمَّا فِي الشُّغْلِ وَحْدَهُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ هُنَا وَأَمَّا فِي غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَقْبَرَةِ ح قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي طُرُقِ الْبَوَادِي النَّائِيَةِ الَّتِي يَنْدُرُ فِيهَا الْمُرُورُ لِفَقْدِ الْمَعْنَيَيْنِ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا لَمْ تُكْرَهْ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ ) ، وَالْخَيْلُ ، وَالْبِغَالُ ، وَالْحَمِيرُ كَالْغَنَمِ ( قَوْلُهُ : قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ( قَوْلُهُ : وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ إلَخْ ) وَعُرِضَ عَلَى وَالِدِهِ فَصَوَّبَهُ .
ا هـ وَلَا يُشْكِلُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ } ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا مَسَاجِدَ أَخَصُّ مِنْ مُجَرَّدِ الصَّلَاةِ فِيهَا ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ الْأَعَمِّ ش ( قَوْلُهُ : قُلْت الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا بِمَا ذُكِرَ ) يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَقْبَرَةُ الشُّهَدَاءِ

( فَإِنْ بَسَطَ ) شَيْئًا ( عَلَى نَجَسٍ وَصَلَّى ) عَلَيْهِ ( كُرِهَ ) لَهُ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَقْبَرَةِ .

( وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْكَنَائِسِ ، وَالْبِيَعِ ، وَالْحُشُوشِ ) أَيْ الْأَخْلِيَةِ ( وَمَوْضِعِ الْخَمْرِ ) شُرْبًا وَغَيْرَهُ ( وَالْمُكُوسِ وَنَحْوِهَا مِنْ ) مَوَاضِعِ ( الْمَعَاصِي ) كَالْقِمَارِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْحَمَّامِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَمَنْ مَعَهُ ( عَنْ الصَّلَاةِ ) أَيْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَالَ اُخْرُجُوا بِنَا مِنْ هَذَا الْوَادِي فَإِنَّ فِيهِ شَيْطَانًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيْطَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَالظَّاهِرُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ فَوَاتَهَا بِلَا كَرَاهَةٍ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَ ) يُكْرَهُ ( اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ فِيهَا ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا } وَيُسْتَثْنَى قَبْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهُ فِيهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي غَيْرِهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَيُقَاسُ بِهِ سَائِرُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَقْبِلَ آدَمِيٍّ .
( قَوْلُهُ : فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهُ فِيهَا ) أَيْ يَحْرُمُ التَّوَجُّهُ إلَى رَأْسِهِ .

( فَصْلٌ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ ) لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ ( وَلَوْ عَرِقَ ) مَحَلُّ الْأَثَرِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ ، وَهَذَا مَا فِي الْأَصْلِ ، وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَقَالَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ إذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَلَا مُنَافَاةَ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ ، وَالثَّانِي فِيمَا جَاوَزَهُمَا ( لَا إنْ لَاقَى ) الْأَثَرُ ( رَطْبًا آخَرَ ) فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِنُدْرَةِ الْحَاجَةِ إلَى مُلَاقَاتِهِ ذَلِكَ وَتَعْبِيرُهُ بِرَطْبًا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَاءٍ .
( قَوْلُهُ : يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ ) ذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ يُعْفَى حَالَ الصَّلَاةِ عَنْ نَجَاسَةِ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ شَيْئًا .

( وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي مُسْتَجْمَرًا ، أَوْ مَا عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ ) أُخْرَى ( مَعْفُوٌّ عَنْهَا ) كَثَوْبٍ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عَلَى مَا يَأْتِي ( أَوْ حَيَوَانًا مُتَنَجِّسَ الْمَنْفَذِ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْمُعْجَمَةِ ( بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) إذْ الْعَفْوُ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا ( ، لَكِنْ لَوْ دَخَلَ هَذَا الْحَيَوَانُ ) أَيْ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ ( مَاءً ) قَلِيلًا ، أَوْ مَائِعًا آخَرَ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَخَرَجَ حَيًّا ( عُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ ) فِي تَجَنُّبِهِ وَلَوْ حَمَلَ حَيَوَانًا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِي بَاطِنِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ { ؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ بِنْتِهِ زَيْنَبَ فِي صَلَاتِهِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَتَبْطُلُ إنْ حَمَلَ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا وَإِنْ غَسَلَ ) الدَّمَ عَنْ الْمَذْبَحِ لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي بِبَاطِنِهِ ؛ لِأَنَّهَا كَالظَّاهِرَةِ ( وَ ) تَبْطُلُ أَيْضًا إنْ حَمَلَ ( آدَمِيًّا ) ، أَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا ( مَيِّتًا وَبَيْضَةً ) مَذِرَةً ( وَعِنَبًا فِي بَاطِنِهِمَا دَمٌ وَخَمْرٌ ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ ؛ لِأَنَّ لِلْحَيَاةِ أَثَرًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ ( كَقَارُورَةٍ خُتِمَتْ عَلَى دَمٍ ) ، أَوْ نَحْوِهِ ( وَلَوْ بِرَصَاصٍ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَإِنَّ حَمْلَهَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ ؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَ ذَلِكَ عَارِضٌ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي مُسْتَجْمَرًا إلَخْ ) وَقِيَاسُهُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ حَمَلَ مَاءً قَلِيلًا ، أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ وَقُلْنَا لَا تُنَجِّسُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ ع ( قَوْلُهُ : أَيْ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ ) فِي التَّقْيِيدِ بِمُتَنَجِّسٍ مَنْفَذُهُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْكَلْبِ ، وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ مَنَافِذَ الثَّلَاثَةِ نَجِسَةٌ قَبْلَ خُرُوجِ الْخَارِجِ وَعَمَّا لَوْ طَرَأَ عَلَى الْمَحَلِّ نَجَسٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْعَفْوِ بِعَدَمِ التَّغْيِيرِ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70