كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِامْرَأَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ ( بِأَلْفٍ فَنَكَحَ بِهِ صَحَّ ) النِّكَاحُ ( وَلَزِمَهُ ) الْأَلْفُ ( إلَّا إنْ كَانَ ) وَفِي نُسْخَةٍ يَكُونُ ( مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ ) مِنْ الْأَلْفِ ( فَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ( لِمَا مَرَّ ) وَقَوْلُهُ وَلَزِمَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِالْمُسَمَّى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَشِيدَةٍ رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى دُونَ غَيْرِهَا ( وَإِنْ نَكَحَ بِأَلْفَيْنِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ فَسَدَ ) النِّكَاحُ ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الزَّائِدِ .
وَفِي الرَّدِّ إلَى مَا عَيَّنَهُ إضْرَارٌ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ دُونَ مَهْرِ مِثْلِهَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ ( فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) وَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ لِمَا مَرَّ

( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( أَنْكِحْ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلُّ ) مِنْهُ ( بَطَلَ الْإِذْنُ ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالْقِيَاسُ صِحَّتُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ قَبِلَ لَهُ الْوَلِيُّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ ( فَيَصِحُّ ) الْإِذْنُ وَحِينَئِذٍ ( فَإِنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ ) مِنْ أَلْفٍ ( وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ ) مِنْهُ أَيْضًا ( بَطَلَ ) النِّكَاحُ ( أَوْ بِالْأَلْفِ ) أَيْ أَوْ نَكَحَ بِالْأَلْفِ ( فَيَصِحُّ بِهِ أَوْ ) نَكَحَ ( بِأَكْثَرَ ) مِنْهُ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ ( صَحَّ بِالْأَلْفِ ) وَسَقَطَتْ الزِّيَادَةُ وَهَذِهِ فُهِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ ( أَوْ ) نَكَحَ ( بِمَا دُونَهُ صَحَّ ) النِّكَاحُ ( بِهِ ) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ بَطَلَ الْإِذْنُ ) أَيْ لِاخْتِلَالِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَبِلَ لَهُ الْوَلِيُّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ

( فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ ) امْرَأَةً أَوْ قَبِيلَةً بِأَنْ قَالَ لَهُ تَزَوَّجْ ( وَلَمْ يُقَدِّرْ الْمَهْرَ صَحَّ ) الْإِذْنُ كَمَا فِي إذْنِ الْعَبْدِ ( وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) فَأَقَلَّ مَنْ - تَلِيقُ بِهِ فَإِنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْمُسَمَّى وَسَقَطَتْ الزِّيَادَةُ ( لَا شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُهَا مَالَهُ ) أَيْ لَا يَنْكِحُهَا فَإِنْ نَكَحَهَا لَمْ يَصِحَّ بَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ الْمَصْلَحَةِ ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت لَمْ يَصِحَّ ) الْإِذْنُ ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ نَكَحَ لَائِقَةً بِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّ لَفْظَ الْوَلِيِّ يَتَنَاوَلُهَا وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ مَا يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ فَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى ذَلِكَ .
( وَإِنْ أَذِنَ لِلسَّفِيهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ يُوَكِّلْ ) أَيْ لَمْ يُفِدْهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ الْحَجْرَ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ وَنِكَاحُ السَّفِيهِ يُوَافِقُ نِكَاحَ الْعَبْدِ فِي هَذِهِ وَيُخَالِفُهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَفِيمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ وَلِيُّهُ قَدْرًا فَزَادَ حَيْثُ لَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةَ ذِمَّتُهُ حَتَّى لَا يُطَالَبَ بِهَا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ وَفِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَبْدِ يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِلسَّيِّدِ وَقَدْ أَذِنَ وَذِمَّةُ الْعَبْدِ قَابِلَةٌ لِلِالْتِزَامِ وَهُنَا لِلسَّفِيهِ فَسَقَطَتْ عَنْهُ الزِّيَادَةُ حَالًا وَمَآلًا
قَوْلُهُ بَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ الْمَصْلَحَةِ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالِاسْتِغْرَاقُ لَا يُنَافِي الْمَصْلَحَةَ فَقَدْ يَكُونُ كَسُوبًا أَوْ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا أَوْ اتِّصَالُهُ بِأَهْلِهَا رِفْقٌ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ إلَخْ ) لَيْسَ كَمَا قَالَ لِاخْتِلَالِ إذْنِ الْوَلِيِّ

( فَرْعٌ ) ( وَلَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ السَّفِيهَ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَلْيُزَوِّجْهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ ( فَإِذَا زَوَّجَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ مَهْرُ الْمِثْلِ ) ؛ لِأَنَّ خَلَلَ الصَّدَاقِ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ كَمَا مَرَّ

( فَرْعٌ نِكَاحُ السَّفِيهِ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ وَلِيِّهِ ( بَاطِلٌ وَلَوْ عَضَلَهُ الْوَلِيُّ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ السُّلْطَانِ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى خَوْفِ الْعَنَتِ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ نِكَاحِهِ .
( فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ فَلَا حَدَّ ) لِلشُّبْهَةِ ( وَلَا مَهْرَ لِرَشِيدَةٍ ) وَإِنْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ ؛ لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ عَلَى بُضْعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهَا بِحَالِهِ لِتَمْكِينِهَا نَفْسَهَا مَعَ تَقَدُّمِ إذْنِهَا وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا وَطِئَهَا مُخْتَارَةً كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ فَلَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُكْرَهَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِرَشِيدَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ لَا أَثَرَ لِتَمْكِينِهَا كَمَا لَوْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ مِثْلِهِ وَأَتْلَفَهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ وَمِثْلُهَا الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا هَذَا وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا اسْتِثْنَاءَ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ سَفِيهٌ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدَيْ فَقَطَعَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ

( قَوْلُهُ وَلَوْ عَضَلَهُ الْوَلِيُّ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ السُّلْطَانِ ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَائِبًا مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَهَلْ يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ لَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ .
وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ فِي الْعَضْلِ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى خَوْفِ الْعَنَتِ إلَخْ ) وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ ( قَوْلُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ) جَمْع فِي الْمَطْلَبِ سِتَّ مَقَالَاتٍ أَصَحُّهَا لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ حَالًا وَلَا مَآلًا عَلِمَتْ حَجْرَهُ أَوْ جَهِلَتْهُ لِتَسْلِيطِهَا عَلَى الْإِتْلَافِ بِالتَّمْكِينِ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مَهْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ فِيهِ حَالَتَا الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ غ ( قَوْلُهُ فَلَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً ) أَيْ أَوْ مَجْنُونَةً ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَذَلِكَ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ سَفِيهٌ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدِي إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ مَالِكَةٌ لِأَمْرِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى بَدَنِهَا وَلَا كَذَلِكَ بَدَلُ بُضْعِهَا فَإِنَّهُ مَحَلُّ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ وَنَظَرِهِ

( فَرْعٌ لَا يُزَوَّجُ ) السَّفِيهُ ( إلَّا وَاحِدَةً ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوَّجُ ( لِحَاجَةِ نِكَاحٍ كَحَاجَةِ الْمَجْنُونِ ) فِيمَا مَرَّ وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِوَاحِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ حَاجَتُهُ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِدُونِهَا إتْلَافٌ لِمَالِهِ بِلَا فَائِدَةٍ ( وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ فِي الْحَاجَةِ حَتَّى تَظْهَرَ أَمَارَاتُ الشَّهْوَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ إتْلَافَ مَالِهِ

وَيَصِحُّ طَلَاقُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ كَانَ مِطْلَاقًا ) أَيْ كَثِيرَ الطَّلَاقِ ( سَرَّى بِجَارِيَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لَهُ إذْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ فَإِنْ تَبَرَّمَ مِنْهَا أُبْدِلَتْ وَإِكْثَارُ الطَّلَاقِ بِأَنْ يُزَوَّجَ عَلَى التَّدْرِيجِ ثَلَاثًا فَيُطَلِّقُهُنَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَوْ ثِنْتَيْنِ فَيُطَلِّقُهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ .
وَفَهِمَ الرُّويَانِيُّ أَنَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَةِ لَيْسَ مُرَادًا فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُطَلِّقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالثَّانِي مَرَّتَيْنِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ وَالْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْهِ الْأَوَّلُ فَيَكْتَفِي بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَلَوْ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَرِّي ابْتِدَاءً وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي الْإِعْفَافِ وَيَتَعَيَّنُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ إذَا طَلَبَ التَّزْوِيجَ بِخُصُوصِهِ تَعَيَّنَ

( قَوْلُهُ سَرَّى بِجَارِيَةٍ ) الصَّوَابُ حَذْفُ الْبَاءِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْهِ الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَرِّي ابْتِدَاءً ) الظَّاهِرُ جَوَازُهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدَ بِالتَّقْيِيدِ بِكَثْرَةِ الطَّلَاقِ تَعَيُّنَ التَّسَرِّي ع اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّسَرِّي لِلسَّفِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ أَكْبَرِ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ السُّرَيْجِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي دُورِ الطَّلَاقِ لَا مَعْنَى لَهَا وَلَا لِتَعْلِيمِهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُفْعَلَ إذَا لَوْ كَانَتْ مَعْمُولًا بِهَا لَقَالَ الْأَصْحَابُ هُنَا يُعَلِّمُهُ صِيغَةَ مَسْأَلَةِ الدَّوْرِ وَلَا يَهْلَكُ مَالُهُ بِالتَّسَرِّي وَأَيْضًا فَإِنَّ إثْبَاتَ مَسْأَلَةِ الدَّوْرِ حُكْمُهَا يُؤَدِّي إلَى نَسْخِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ قَوْله تَعَالَى { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُ { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهَذَا قُلْته تَفَقُّهًا وَبَحْثًا فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ قَالَهُ صَاحِبُ التَّفْقِيهِ

( فَرْعٌ تَزْوِيجُ السَّفِيهِ ) مُفَوَّضٌ ( إلَى الْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ ثُمَّ السُّلْطَانُ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ النَّصِّ أَنَّ لَهُ أَنْ - يُزَوِّجَهُ فَيَتَقَدَّمَ عَلَى السُّلْطَانِ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا لَكِنْ حَذَفَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ الرَّوْضَةِ ثَمَّ وَصَحَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَفْتَيْت تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ .
وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَرَى تَزْوِيجَ الْأَطْفَالِ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافِ نَصٍّ بَلْ نَصُّهُ عَلَى أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ مَحْمُولٌ عَلَى وَصِيٍّ فَوَّضَ إلَيْهِ التَّزْوِيجَ

( قَوْلُهُ إلَى الْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ ) أَيْ وَالْقَيِّمِ ( قَوْلُهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا أَمَّا إذَا طَرَأَ وَأُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ فَأَمْرُ تَزْوِيجِهِ مَنُوطٌ بِالسُّلْطَانِ كَمَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْحَجْرِ ( تَنْبِيهٌ ) فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ سَفِيهًا وَوَلِيَ مَالِهِ الْحَاكِمُ وَأَرَادَ التَّزْوِيجَ تَوَلَّى أَمْرَهُ الْحَاكِمُ دُونَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِذَا بَلَغَتْ رَشِيدَةً ثُمَّ طَرَأَ سَفَهُهَا فَوَلِيَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا أَوْ الْقَرِيبُ دُونَ الْحَاكِمِ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْكَفَاءَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ السَّفِيهِ وَوَلِيُّهَا الْقَرِيبُ لَهُ حَقٌّ فِي الْكَفَاءَةِ فَقُدِّمَ عَلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْكَفَاءَةِ وَأَمَّا السَّفِيهُ فَالْكَفَاءَةُ فِي حَقِّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ بِمَنْ لَا تُكَافِئُهُ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعَيَّرُ بِدَنَاءَةِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ تُعَيَّرُ بِدَنَاءَةِ الرَّجُلِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الرَّجُلَ لَا يُعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ مَنْ دُونَهُ وَالْمَرْأَةُ تُعَيَّر بِمَنْ هُوَ دُونَهَا

( وَإِقْرَارُهُ بِالنِّكَاحِ ) إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ وَلِيُّهُ ( بَاطِلٌ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِنْشَائِهِ وَيُفَارِقُ صِحَّةَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ إقْرَارَهُ يُفَوِّتُ مَالًا وَإِقْرَارُهَا يُحَصِّلُهُ

( وَلِلْمُفْلِسِ النِّكَاحُ ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَذِمَّتِهِ ( وَمُؤْنَتُهُ مِنْ كَسْبِهِ لَا بِمَا فِي يَدِهِ ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ فَفِي ذِمَّتِهِ إلَى فَكِّ الْحَجْرِ

( فَصْلٌ لَا نِكَاحَ لِمَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ كُوتِبَ ) أَوْ بُعِّضَ ( إلَّا بِإِذْنٍ مُعَيِّنٍ ) كَأَنْ عَيَّنَ لَهُ سَيِّدُهُ امْرَأَةً أَوْ قَبِيلَةً ( أَوْ مُطْلَقٍ ) عَنْ ذَلِكَ لِخَبَرِ { أَيُّمَا مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ إمَّا بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ عِبَارَتَهُ صَحِيحَةٌ وَإِنَّمَا الْمَنْعُ لِرِضَا السَّيِّدِ حَتَّى لَوْ أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ لِعَبْدِهَا فِي النِّكَاحِ فَنَكَحَ صَحَّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا عِبَارَةٌ فِي النِّكَاحِ وَيُعْتَبَرُ الْإِذْنُ ( مِنْ مُلَّاكِهِ وَلَوْ كُفَّارًا فَيَنْكِحُ الْعَبْدُ بِالْإِذْنِ الْمُطْلَقِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَلَوْ مِنْ ) بَلْدَةٍ ( غَيْرِ بَلَدِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ ( لَكِنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهَا فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ امْرَأَةً وَبَلَدَهَا لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا ) إلَى غَيْرِهَا وَإِنْ سَاوَتْهَا فِي الْمَهْرِ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا فِيهِ اعْتِبَارًا بِالْإِذْنِ فَإِنْ عَدَلَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ ( أَوْ ) عَيَّنَ ( مَهْرًا فَزَادَ عَلَيْهِ أَوْ ) زَادَ عَلَى ( مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ) عَنْ تَعْيِينِ الْمَهْرِ ( تَعَلَّقَتْ الزِّيَادَةُ بِذِمَّتِهِ ) يُطَالَبُ بِهَا إذَا عَتَقَ وَيُفَارِقُ عَدَمَ صِحَّةِ ضَمَانِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ بِأَنَّ الْمَالَ هُنَا تَابِعٌ مَعَ وُجُودِ الْإِذْنِ فِي سَبَبِهِ بِخِلَافِهِ .
ثَمَّ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ صَرَّحَ لَهُ بِأَنْ لَا يَنْكِحَ بِأَزْيَدَ مِمَّا عَيَّنَهُ فَالرَّأْيُ عَدَمُ صِحَّةِ النِّكَاحِ كَمَا فِي السَّفِيهِ ( أَوْ نَقَصَ ) عَمَّا عَيَّنَهُ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ( جَازَ ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كُفَّارًا أَوْ بِمَسْأَلَتَيْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالنَّقْصِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ نَكَحَ بِالْمُسَمَّى ) أَيْ بِالْمُعَيَّنِ ( مِنْ مَهْرِهَا دُونَهُ صَحَّ ) النِّكَاحُ ( بِهِ ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي السَّفِيهِ كَمَا مَرَّ

( فَصْلٌ لَا نِكَاحَ لِمَنْ بِهِ رِقٌّ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ تَعَلَّقَتْ الزِّيَادَةُ بِذِمَّتِهِ إلَخْ ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا

( وَرُجُوعُ السَّيِّدِ فِي الْإِذْنِ ) مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْعَبْدِ ( كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ ) عَنْ الْوَكَالَةِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْوَكِيلِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ ( فَلَوْ نَكَحَ ) نِكَاحًا ( صَحِيحًا وَطَلَّقَ ) أَوْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ ( لَمْ يَنْكِحْ ثَانِيًا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَكَحَ فَاسِدًا ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ

( فَصْلٌ السَّيِّدُ لَا يُجْبِرُ عَبْدَهُ وَلَوْ صَغِيرًا عَلَى النِّكَاحِ ) ؛ لِأَنَّهُ يُلْزِمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَةَ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ رَفْعَهُ بِالطَّلَاقِ وَيُفَارِقُ الْأَمَةَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهِ وَالْأَمَةُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيُورِدُ الْعَقْدَ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ وَبِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِنِكَاحِهَا بِاكْتِسَابِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعَبْدِ وَيُفَارِقُ الْعَبْدَ الصَّغِيرَ الِابْنُ الصَّغِيرُ بِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ الَّتِي يُزَوِّجُ بِهَا ابْنَهُ الصَّغِيرَ تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِهِ بِخِلَافِ وِلَايَةِ السَّيِّدِ لَا تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِ عَبْدِهِ فَإِذَا لَمْ يُزَوِّجْهُ بِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ مَعَ بَقَائِهَا فَكَذَا قَبْلَهُ كَالثَّيِّبِ الْعَاقِلَةِ ( وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الْعَبْدِ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى نِكَاحِهِ ( وَلَوْ مُكَاتَبًا ) أَوْ مُبَعَّضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ؛ لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ مَقَاصِدَ الْمِلْكِ وَفَوَائِدَهُ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ
( قَوْلُهُ السَّيِّدُ لَا يُجْبِرُ عَبْدَهُ إلَخْ ) وَجَّهَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا يَمْلِكُ إجْبَارَ عَبْدِهِ عَلَى مَالِهِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي تَزْوِيجِهِ بَلْ يَسْتَضِرُّ بِهِ قَالَ وَلَا يُقَالُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ عَتِيقَةَ قَوْمٍ وَيُولِدُهَا فَإِذَا أَعْتَقَهُ جَرَّ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِالتَّزْوِيجِ بَلْ بِالْإِيلَادِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إجْبَارَهُ عَلَى الْإِيلَادِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ إلَخْ ) مِنْ غَيْرِ صِيَانَةٍ ( قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ الْأَمَةَ إلَخْ ) اعْتَرَضَ عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِبُضْعِ أُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ وَالْأَمَةِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِرَضَاعٍ أَوْ نَحْوِهَا مَعَ أَنَّهُ يُجْبِرُهُنَّ عَلَى التَّزْوِيجِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهِنَّ تَقْدِيرًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَهْرَهُنَّ لَوْ وُطِئْنَ بِشُبْهَةٍ فَهُوَ يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهِنَّ تَقْدِيرًا

( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ إلَّا بِمَهْرٍ ) كَذَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسْخَةٍ مِنْ الرَّافِعِيِّ وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ
( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ إلَّا بِمَهْرٍ ) عُلِمَ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ وَوَطِئَهَا لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً صَحِيحَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَعَّضَ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ فَيَجِبُ قِسْطُهُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا ( قَوْلُهُ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ ) أَيْ الْمُعْتَمَدَةِ وَالْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ

( فَرْعٌ وَيُجْبِرُ ) السَّيِّدُ الْأَمَةَ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ ( لَا مُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ عَلَى النِّكَاحِ ) لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيَّاتِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الطَّرَفِ السَّابِعِ مَا يُقَيِّدُ ذَلِكَ ( وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَتُهَا ) إلَيْهِ إذَا طَلَبَتْهُ ( وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً ) عَلَيْهِ بِنَسَبٍ - أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ( أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً ) لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ

( وَلِلْمُكَاتَبِ لَا لِسَيِّدِهِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ إذَا أَذِنَ ) لَهُ فِيهِ ( سَيِّدُهُ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ كَمَا فِي تَبَرُّعِهِ أَمَّا السَّيِّدُ فَلَا يُزَوِّجُهَا كَمَا لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ .

( وَلِلسَّيِّدِ وَطْءُ أَمَةِ مَأْذُونِهِ ) فِي التِّجَارَةِ ( غَيْرِ الْمَدْيُونِ ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَا مَانِعَ ( وَ ) لَهُ ( تَزْوِيجُهَا وَبَيْعُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْزِلْهُ ) وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ أَنْ يَحْدُثَ دَيْنٌ وَلَا يَفِي مَا بِيَدِهِ بِهِ وَكَبَيْعِهَا هِبَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعِتْقُهَا وَوَقْفُهَا وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ ( فَلَوْ كَانَ ) الْمَأْذُونُ ( مَدْيُونًا ) وَأَرَادَ سَيِّدُهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ( اُشْتُرِطَ إذْنُ الْعَبْدِ ) الْمَأْذُونِ ( وَالْغُرَمَاءِ ) فَلَوْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ لِتَضَرُّرِهِمَا بِهِ أَمَّا الْعَبْدُ فَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَبَاقِي الدَّيْنِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَأَمَّا الْغُرَمَاءُ فَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْضَوْا بِتَأْخِيرِ حُقُوقِهِمْ وَتَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُعْتِقَ ( فَلَوْ وَطِئَ ) الْأَمَةَ ( بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ لَزِمَهُ الْمَهْرُ ) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُمْ بِخِلَافِ وَطْئِهِ الْمَرْهُونَةَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَهْرِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَمَةِ الْمَأْذُونَةِ وَهَذَا فِي أَمَتِهَا .
( وَالْوَلَدُ حُرٌّ ) إنْ أَحْبَلَهَا ( وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَحُكْمُهَا كَالْمَرْهُونَةِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا ) حَتَّى لَا تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ بَلْ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا بَعْدُ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَتَصِيرُ إلَى آخِرِهِ وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالْمَرْهُونَةِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ ( وَكَذَلِكَ حُكْمُ ) اسْتِيلَادِ الْأَمَةِ ( الْجَانِيَةِ ) جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا ( وَالْمَوْرُوثَةِ عَنْ مَدْيُونٍ ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ ( فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ ) فِي الْحَالِ ( وَجَبَ قِيمَةُ وَلَدِ أَمَةِ ) الْعَبْدِ ( الْمَأْذُونِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ وَالْمَوْرُوثَةِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ

وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَرَبِّ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَلَدِ وَإِنَّمَا جَعَلَ الْأَمَةَ الْمَوْرُوثَةَ كَالْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ جَعْلُهَا كَأَمَةِ الْمَأْذُونِ ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ إنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ .

( وَإِنْ أَعْتَقَهَا ) يَعْنِي أَمَةَ الْمَأْذُونِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ الْأَمَةُ الْمَوْرُوثَةُ ( فَكَإِعْتَاقِ الْجَانِي ) فَلَا يَنْفُذُ عِتْقُهَا إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا نَفَذَ وَعَلَيْهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَتُهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَأْذُونُ وَالْغُرَمَاءُ نَفَذَ مُطْلَقًا

( فَرْعٌ لَوْ زَوَّجَ ) السَّيِّدُ ( الْمُوسِرُ ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ جِهَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( لَا مُعْسِرٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ) مِنْ جِهَةِ مَنْ ذُكِرَ ( أَمَتُهُ الْجَانِيَةُ ) جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا ( جَازَ وَكَانَ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ ) وَكَذَا الْمُعْسِرُ الْمَأْذُونُ لَهُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِمَنْعِ بَيْعِهَا قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّقَبَةَ فَاتَتْ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِهَا فِي التَّزْوِيجِ وَلَا يَرِدُ الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَبِأَنَّ التَّزْوِيجَ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ تَزْوِيجِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْآبِقَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُمَا .

( فَرْعٌ يُزَوِّجُ السَّيِّدُ ) أَمَتَهُ وَلَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ كَأُخْتِهِ ( بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّصَرُّفَ فِيمَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءً يَكُونُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ كَاسْتِيفَاءِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ ( فَيُزَوِّجُ الْفَاسِقُ أَمَتَهُ وَكَذَا ) يُزَوِّجُ ( الْمُسْلِمُ أَمَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ ) وَسَيَأْتِي حُكْمُ غَيْرِهَا ( لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَيْسَ لِلْكَافِرِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ إذْ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا أَصْلًا بَلْ وَلَا سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا سِوَى إزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهَا وَكِتَابَتِهَا بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فِي الْكَافِرَةِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ فِي الْوِلَايَةِ آكَدُ وَلِهَذَا تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْكَافِرَاتِ بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ

( وَفِي تَزْوِيجِ الْمُسْلِمِ أَمَتَهُ الْمَجُوسِيَّةَ وَالْوَثَنِيَّةَ ) وَغَيْرَهُمَا مِمَّا عَدَا الْكِتَابِيَّةَ ( وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَالثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ .
وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجَزَمَ بِهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا وَإِجَارَتَهَا وَعَدَمُ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِهَا لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَمَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ كَأُخْتِهِ
قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ ) كَصَاحِبِ التَّعْلِيقَةِ وَالْقُونَوِيِّ وَالْبَارِزِيِّ

( فَصْلٌ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُ عَبْدِ الصَّبِيِّ ) وَالصَّبِيَّةِ ( وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ انْقِطَاعِ أَكْسَابِهِ وَفَوَائِدِهِ عَنْهُمْ وَلَوْ قَالَ عَبْدُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ ( وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُمْ لِلْمَصْلَحَةِ أَبٌ أَوْ جَدٌّ جَازَ ) اكْتِسَابًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ يَجُوزُ لِمَالِكِهَا تَزْوِيجُهَا لَوْ كَانَ كَامِلًا فَلَوْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً أَوْ نَحْوَهَا وَقُلْنَا لَا يُزَوِّجُهَا مَالِكُهَا الْمُسْلِمُ فَكَذَا وَلِيُّهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَ أَمَتُهُ مُسْلِمَةٌ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ تَزْوِيجُهَا ( لَا غَيْرُهُمَا ) أَيْ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْمَذْكُورِينَ إذْ لَا يُزَوِّجُ الْوَلِيُّ أَمَتَهُمْ إلَّا إذَا كَانَ وَلِيَّ مَالِهِمْ وَنِكَاحِهِمْ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ ( إلَّا السُّلْطَانَ فِي أَمَةِ غَيْرِ الصَّغِيرِ ) وَالصَّغِيرَةِ مِنْ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ فَيَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَ مَالِكِهَا وَنِكَاحَهُ بِخِلَافِ أَمَةِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ لَا يُزَوِّجُهَا وَإِنْ وَلِيَ مَالَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَهُمَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ يُزَوِّجُ السَّفِيهَ وَالْمَجْنُونُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُمَا قَبْلَ السُّلْطَانِ .
( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَأَمَتُهُ مُسْلِمَةً لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ ) أَيْ الْكَافِرِ

( وَيُزَوِّجُ الْأَبُ ) وَإِنْ عَلَا ( أَمَةَ الثَّيِّبِ الْمَجْنُونَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَ مَالِكَتِهَا وَنِكَاحَهَا ( لَا أَمَةَ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ ) الْعَاقِلَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَ مَالِكَتِهَا ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْأَمَةُ ( لِسَفِيهٍ اُسْتُؤْذِنَ ) فِي نِكَاحِهَا كَمَا يَسْتَأْذِنُ فِي نِكَاحِهِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ مَعَ ذَلِكَ حَاجَتَهُ إلَى النِّكَاحِ فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَالْوَلِيُّ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ حِينَئِذٍ فَكَذَلِكَ لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ فِي الْجُمْلَةِ
( قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ ) بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ

( فَرْعٌ أَمَةُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا يُزَوِّجُهَا وَلِيُّ السَّيِّدَةِ ) تَبَعًا لِوِلَايَتِهِ عَلَى سَيِّدَتِهَا ( بِإِذْنِ السَّيِّدَةِ وَحْدَهَا ) ؛ لِأَنَّهَا الْمَالِكَةُ لَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّ لِسَيِّدَتِهَا أَنْ تُجْبِرَهَا عَلَى النِّكَاحِ وَيُعْتَبَرُ إذْنُ السَّيِّدَةِ ( نُطْقًا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِي فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهَا .
( قَوْلُهُ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّ السَّيِّدَةِ ) إلَّا إذَا كَانَتْ السَّيِّدَةُ كَافِرَةً وَأَمَتُهَا مُسْلِمَةً

( فَصْلٌ لَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ أَمَةً ) وَإِنْ كَانَ ( لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بُرْئِهِ ) مِنْ مَرَضِهِ ( جَازَ ) لِلْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهَا ظَاهِرًا فَلَا يُمْنَعُ الْعَقْدُ بِالِاحْتِمَالِ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ يُحْكَمُ بِعِتْقِهَا وَيَجُوزُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ احْتَمَلَ ظُهُورُ دَيْنٍ عَلَيْهِ يَمْنَعُ خُرُوجَهَا مِنْ الثُّلُثِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ أُخْتِ الْمُشْرِكَةِ الَّتِي أَسْلَمَ زَوْجُهَا دُونَهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تُسْلِمُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ ثَمَّ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ دَوَامُهُ وَهُنَا الْمَرِيضُ هُوَ الْمَالِكُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ ( لَكِنْ إنْ مَاتَ وَعَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهَا وَرُقَّ بَعْضُهَا ) بِأَنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ( بَانَ فَسَادُهُ ) أَيْ التَّزْوِيجِ ( فَإِنْ زَوَّجَهَا السَّيِّدُ ) مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ( بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ كَانَ هُوَ الْوَلِيُّ صَحَّ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَوْتِهِ وَلِعَدَمِ خُرُوجِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ خُرُوجِهَا فِي الْأَوْلَى مَالِكُ مَا لَمْ يُعْتِقْ وَنَائِبُ وَلِيِّ مَا عَتَقَ وَفِي الثَّانِيَةِ مَالِكُ ذَاكَ وَوَلِيُّ هَذَا .

( الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ ) ( وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ الْأَوَّلُ الْمَحْرَمِيَّةُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ الْوَصْلَةُ الْمُحَرِّمَةُ لِلنِّكَاحِ أَبَدًا ( وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ الْأَوَّلُ الْقَرَابَةُ وَيَحْرُمُ بِهَا سَبْعٌ ) الْأَوَّلُ ( الْأُمَّهَاتُ ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الْبَقِيَّةِ ( وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْهَا نَسَبُك بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ فِيهِنَّ وَفِي بَقِيَّةِ السَّبْعِ الْآتِيَةِ آيَةُ { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } ( وَ ) الثَّانِي ( الْبَنَاتُ وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدْتهَا أَوْ وَلَدْت مَنْ وَلَدَهَا ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْك نَسَبُهَا بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا ( وَ ) الثَّالِثُ ( الْأَخَوَاتُ وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدَهَا أَبَوَاك أَوْ أَحَدُهُمَا وَ ) الرَّابِعُ الْعَمَّاتُ ( وَهُنَّ كُلُّ أُخْتِ ذَكَرٍ وَلَدَكَ ) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا ( وَ ) الْخَامِسُ ( الْخَالَاتُ وَهُنَّ أُخْتُ كُلِّ أُنْثَى ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ وَهُنَّ كُلُّ أُخْتِ أُنْثَى ( وَلَدَتْك ) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا ( فَأُخْتُ أَبِي الْأُمِّ عَمَّةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ ذَكَرٍ وَلَدَك بِوَاسِطَةٍ .
( وَأُخْتُ أُمِّ الْأَبِ خَالَةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ أُنْثَى وَلَدَتْك بِوَاسِطَةٍ ( وَ ) السَّادِسُ وَالسَّابِعُ ( بَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَإِنْ بَعُدْنَ لَا مَنْ دَخَلَتْ فِي اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ وَالْخَوْلَةِ ) فَلَا تَحْرُمُ وَلِضَبْطِ الْمُحَرَّمَاتِ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ عِبَارَتَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ الْأُولَى تَحْرُمُ نِسَاءُ الْقَرَابَةِ إلَّا مَنْ دَخَلَتْ فِي اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ أَوْ وَلَدِ الْخَوْلَةِ الثَّانِيَةِ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ

كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ أَوَّلِ أُصُولِهِ فَالْأُصُولُ الْأُمَّهَاتُ وَالْفُصُولُ الْبَنَاتُ وَفُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ الْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالْأُولَى لِتِلْمِيذِهِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ أَرْجَحُ لِإِيجَازِهَا وَنَصُّهَا عَلَى الْإِنَاثِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ .
( الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ ) ( قَوْلُهُ وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ فِيهِنَّ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ اُخْتُلِفَ فِي انْصِرَافِ التَّحْرِيمِ إلَى مَاذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إلَى الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَمِيعًا وَالثَّانِي إلَى الْعَقْدِ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُحَرَّمٌ بِالْعَقْلِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ أَرْجَحُ لَا يُجَازِهَا إلَخْ ) وَلِمَجِيئِهَا عَلَى نَمَطٍ قَوْله تَعَالَى { إنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُك مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْك وَبَنَاتِ عَمِّك وَبَنَاتِ عَمَّاتِك وَبَنَاتِ خَالِك وَبَنَاتِ خَالَاتِك } فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدَاهُنَّ مِنْ الْأَقَارِبِ مَمْنُوعٌ

( فَرْعٌ لَهُ نِكَاحُ بِنْتِ مَنْ زَنَى بِهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَاؤُهُ ) إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَا فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ شَرْعًا بِدَلِيلِ انْتِفَاءِ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ عَنْهَا سَوَاءٌ أَطَاوَعَتْهُ أُمُّهَا عَلَى الزِّنَا أَمْ لَا ( وَيُكْرَهُ ) ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ فَغَيْرُهُ مِنْ جِهَتِهِ أَوْلَى وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ بِلَبَنِ الزَّانِي صَغِيرَةً فَكَبِنْتِهَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَعَلَى سَائِرِ مَحَارِمِهَا نِكَاحُ ابْنِهَا مِنْ الزِّنَا لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بَيْنَهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الِابْنَ كَعُضْوٍ مِنْهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْهَا الْبِنْتُ بِنِسْبَةٍ لِلْأَبِ
( قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَائِهِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ مَاءَ الرَّجُلِ فَأَتَتْ بِبِنْتٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا عَلِمْت ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَتَحْرُمُ الْمَنْفِيَّةُ بِاللِّعَانِ ) عَلَى نَافِيهَا ( وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَفِي عَنْهُ قَطْعًا بِدَلِيلِ لُحُوقِهَا بِهِ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَتَتَعَدَّى حُرْمَتُهَا إلَى سَائِرِ مَحَارِمِهِ ( وَفِي ) وُجُوبِ ( الْقِصَاصِ ) عَلَيْهِ ( بِقَتْلِهِ لَهَا وَالْحَدِّ بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ ) نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ التَّتِمَّةِ أَشْبَهَهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ هُنَا نَعَمْ وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ فَاغْتَرَّ بِهَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فَعَزَوْا تَصْحِيحَهُ إلَى نَقْلِ الشَّيْخَيْنِ لَهُ عَنْ التَّتِمَّةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهَا وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعَنَةِ وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ انْتَهَى .
قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ إلَخْ ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ يَطَّرِدُ الْوَجْهَانِ فِي الْهِبَةِ لَهَا أَوْ يُقْطَعُ بِالْمَنْعِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي ( قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ ) قَدْ صَرَّحَ بِهِ يَعْنِي بِثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ حَيْثُ ذَكَرُوهُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ فِي الْمَانِعِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ النَّسَبِ ش وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ كَاتِبُهُ

( فَرْعٌ ) تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهَا وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَيْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَحْشَةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا وَقِيسَ بِهِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ
( قَوْلُهُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِالْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَحْجُبُ بِخِلَافِ الْأُخْتِيَّةِ فَهِيَ أَقْوَى السَّبَبَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا ) يُقَاسُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْهُولًا فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُو الْمَرْأَةِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا وَصَدَّقَهُ بَطَلَ النِّكَاحُ لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِهِ

( السَّبَبُ الثَّانِي الرَّضَاعُ وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ ) لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ } وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ النَّسَبِ وَفِي أُخْرَى حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ( فَمُرْضِعَتُك وَمُرْضِعَةُ أَبِيك مِنْ الرَّضَاعِ وَمُرْضِعَاتُهَا ) أَيْ وَمُرْضِعَاتُ مُرْضِعَتِك وَمُرْضِعَةُ أَبِيك مِنْ الرَّضَاعِ ( وَمُرْضِعَاتُ مَنْ وَلَدَك ) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا ( أُمَّهَاتٌ ) مِنْ الرَّضَاعِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَلَدَتْ مُرْضِعَتُك أَوْ ذَا لَبَنِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك وَلَبَنِ فُرُوعِك نَسَبًا وَرَضَاعًا بِنْتٌ ) مِنْ الرَّضَاعِ ( وَ ) الْمُرْتَضِعَةُ ( بِلَبَنِ أَحَدِ أَبَوَيْك ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ ( أُخْتٌ ) مِنْ الرَّضَاعِ ( وَ ) قِسْ ( عَلَى هَذَا ) بَقِيَّةَ الْأَصْنَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَدْ بَيَّنَهَا الْأَصْلُ
( قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَهَا الْأَصْلَ ) قِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَبَّهَ عَلَى تَحْرِيمِهِنَّ كُلِّهِنَّ بِالْمَذْكُورَتَيْنِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ السَّبْعَ إنَّمَا حَرُمْنَ لِمَعْنَى الْوِلَادَةِ وَالْإِخْوَةِ فَالْأُمُّ وَالْبِنْتُ بِالْوِلَادَةِ وَالْبَاقِي بِالْإِخْوَةِ أُمًّا لَهُ أَوْ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ وَتَحْرِيمُ بَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ بِوِلَادَةِ الْإِخْوَةِ

( فَرْعٌ الرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ ) فِي التَّحْرِيمِ كَمَا مَرّ قَرِيبًا مَعَ دَلِيلِهِ ( وَيُسْتَثْنَى ) مِنْهُ ( أُمُّ الْأَخِ ) وَالْأُخْتِ ( وَأُمُّ وَلَدِ الْوَلَدِ ) وَإِنْ سَفَلَ ( وَجَدَّةُ الْوَلَدِ ) وَإِنْ عَلَتْ ( وَأُخْتُهُ ) وَإِنْ سَفَلَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَأُمُّ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَأُمُّ الْخَالِ وَالْخَالَةِ ( فَإِنَّهُنَّ يَحْرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ وَلَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ ) ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا حَرُمْنَ فِي النَّسَبِ لِكَوْنِ الْأُولَى أُمًّا أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ وَطْئًا مُحْتَرَمًا وَالثَّانِيَةُ بِنْتًا أَوْ مَوْطُوءَةَ ابْنٍ كَذَلِكَ وَالثَّالِثَةُ أُمًّا أَوْ أُمَّ زَوْجَةٍ أَوْ مَوْطُوءَةً كَذَلِكَ وَالرَّابِعَةُ بِنْتًا أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَةٍ كَذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ جَدَّةٌ أَوْ مَوْطُوءَةُ جَدٍّ كَذَلِكَ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُنَّ فِي الرَّضَاعِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَخَ ابْنِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أُمُّ الْأَخِ .
كَذَا اسْتَثْنَى الصُّوَرَ الْمَذْكُورَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ( وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ لَا اسْتِثْنَاءَ ؛ لِأَنَّهُنَّ ) إنَّمَا ( حَرُمْنَ ) فِي النَّسَبِ ( لِمَعْنًى آخَرَ ) لَمْ يُوجَدْ فِيهِنَّ فِي الرَّضَاعِ كَمَا قَرَرْته وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأَخِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ نَسَبٍ بِأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا أُمٌّ مِنْ رَضَاعٍ بِأَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةَ زَيْدٍ أَوْ صَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا
( قَوْلُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَخَ ابْنِ الْمَرْأَةِ ) صُورَتُهَا فِي امْرَأَةٍ لَهَا ابْنٌ ثُمَّ إنَّهُ ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا ابْنٌ فَذَاكَ الِابْنُ أَخُو ابْنِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهَذَا الَّذِي هُوَ أَخُو ابْنِهَا وَقَدْ نَظَمَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ أُخْتُ ابْنِهِ وَأَخُو ابْنِهَا وَجَدَّةُ ابْنِ مُرْضِعِهِ وَكَذَاك أُمُّ أُخْتِهِ مَعَ عَمٍّ وَخَالٍ فَاسْمَعْهُ

( السَّبَبُ الثَّالِثُ الْمُصَاهَرَةُ فَيَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ صَحِيحٍ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك ) وَإِنْ عَلَوْنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } ( وَزَوْجَاتُ أُصُولِك ) مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَإِنْ عَلَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ } ( وَ ) زَوْجَاتُ ( فُرُوعِك ) مِنْ ابْنٍ وَحَافِدٍ وَإِنْ سَفَلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ } .
وَقَوْلُهُ { الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ } لِإِخْرَاجِ زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا زَوْجَةِ ابْنِ الرَّضَاعِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ وَقُدِّمَ عَلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ لِتَقَدُّمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَتَعْبِيرُهُ بِفُرُوعِك أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِابْنِك وَابْنِ ابْنِك أَمَّا الْعَقْدُ الْفَاسِدُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِلُّ الْمَنْكُوحَةِ ( وَ ) تَحْرُمُ ( بِنْتُ مَدْخُولٍ بِهَا ) وَإِنْ سَفْلَتَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } وَذِكْرُ الْحُجُورِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا بِخِلَافِ أُمِّهَا كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِمُكَالَمَةِ أُمِّهَا عَقِبَ الْعَقْدِ لِتَرْتِيبِ أُمُورِهِ فَحَرُمَتْ بِالْعَقْدِ لِيَسْهُلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ بِنْتِهَا ( نَسَبًا وَرَضَاعًا ) مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ ( فَرْعٌ لَا تَحْرُمُ بِنْتُ زَوْجِ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتُ وَلَا أُمُّهُ وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ أَوْ الرَّابِّ ) لِخُرُوجِهِنَّ عَنْ الْمَذْكُورَاتِ .

( قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ صَحِيحٍ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالزَّوْجَةِ فِي الْحَالِ أَوْ الْمَاضِي حَتَّى يَشْمَلَ مَا لَوْ نَكَحَ صَغِيرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ فَإِنَّ الْمُرْضِعَةَ تَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَلَا نَظَرَ إلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ( قَوْلُهُ { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } ) قَالَ فِي الْأُمِّ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ عِلْمِكُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَإِنَّهُ كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ يَخْلُفُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ لَيْسَ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي أَيْدِيهِمْ مَا فَعَلُوهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ ( قَوْلُهُ وَبِنْتُ مَدْخُولٍ بِهَا ) أَيْ حَالَ حَيَاتِهَا ( قَوْلُهُ { مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } ) إنَّمَا اخْتَصَّ الْقَيْدَ بِالثَّانِي لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ بِالْحَرْفِ وَالْأَوَّلُ بِالْإِضَافَةِ وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْعَامِلِ يَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ ( قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً إلَخْ ) وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لِأَنَّ فِي الْأُمَّهَاتِ مِنْ الرِّقَّةِ وَالْمَحَبَّةِ لِبَنَاتِهِنَّ مَا لَيْسَ فِي الْبَنَاتِ لِأُمَّهَاتِهِنَّ فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ رِقَّةً لَمْ تُنَفِّسْ عَلَى بِنْتِهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إلَيْهَا فَكَانَ الدُّخُولُ بِهَا شَرْطًا فِي تَحْرِيمِ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا رُبَّمَا ضَنَّتْ بِالزَّوْجِ بِهَا بَعْدَ دُخُولِهِ مَا لَمْ تَضِنَّ بِهِ قَبْلَهُ وَالْبِنْتُ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ حُبًّا نَفَّسَتْ عَلَى أُمِّهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إلَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ فَيُفْضِي إلَى الْقَطِيعَةِ

( فَصْلٌ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ الشُّبْهَةِ ) فِي الْحَيَاةِ ( كَوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمِ ) كَأُخْتِهِ ( يُثْبِتُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ ) حَتَّى تَحْرُمَ الْمَوْطُوءَةُ عَلَى ابْنِ الْوَاطِئِ وَأَبِيهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ وَبِنْتُهَا لِصَيْرُورَتِهَا فِرَاشًا بِذَلِكَ ( وَيُسْتَثْنَى مِنْ ) حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ ( الشُّبْهَةِ حِلُّ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالْمَسِّ وَالْمُسَافَرَةِ ) فَلَا يَحِلُّ لِلْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ النَّظَرُ إلَى أُمِّ مَوْطُوءَتِهِ وَبِنْتِهَا وَلَا الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِهِمَا وَلَا مَسُّهُمَا كَالْمَوْطُوءَةِ بَلْ أَوْلَى وَمَشَقَّةُ احْتِجَابِ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ وَبِنْتُهَا فِي دُخُولِهِ عَلَيْهِمَا مُنْتَفِيَةٌ هُنَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْمَسِّ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَوْ اخْتَصَّتْ الشُّبْهَةُ بِأَحَدِهِمَا فَالِاعْتِبَارُ ) فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ ( بِالرَّجُلِ ) أَيْ بِشُبْهَتِهِ لَا شُبْهَةِ الْمَرْأَةِ ( كَالنَّسَبِ وَالْعِدَّةِ )
( فَصْلُ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ) ( قَوْلُهُ أَوْ الشُّبْهَةُ ) لَا فَرْقَ فِي الشُّبْهَةِ بَيْنَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ الْفَرْعِ ( قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ ( قَوْلُهُ لَا شُبْهَةَ الْمَرْأَةِ ) إذْ شُبْهَتُهَا لَا تُعْتَبَرُ إلَّا فِي الْمَهْرِ

( وَلَا تَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ بِزِنًا وَ ) لَا ( لِوَاطَ ) بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى إذْ لَا حُرْمَةَ لِلْمُحْرِمِ ( وَلَا بِاللَّمْسِ ) وَلَوْ ( بِشَهْوَةٍ ) كَمَا لَا تَثْبُتُ الْعِدَّةُ ( وَ ) لَا ( وَطْءُ مَا سِوَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ ) لِمَا ذُكِرَ .
( وَتَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ وَالنَّسَبُ وَالْعِدَّةُ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْإِحْصَانِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِهِ لِلْمُفَوِّضَةِ وَثُبُوتُ الرَّجْعَةِ وَالْغُسْلِ وَالْمَهْرِ فِي صُورَةِ الشُّبْهَةِ ( بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ زَوْجٍ ) أَوْ سَيِّدٍ ( أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ لَا ) بِاسْتِدْخَالِ ( مَاءِ زِنَا الزَّوْجِ ) أَوْ السَّيِّدِ أَيْ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ( وَعِنْدَ الْبَغَوِيّ يَثْبُتُ ) جَمِيعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَطْءَ فِي زَوْجَتِهِ بِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِزِنًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ مُخَالِفٌ لِجَزْمِهِمَا بِثُبُوتِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ وَعَلَى الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّحْرِيمِ بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ الزَّوْجِ وُجُودُ الزَّوْجِيَّةِ حَالَ الْإِنْزَالِ وَالِاسْتِدْخَالِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي مَاءِ الْأَجْنَبِيِّ قِيَامُ الشُّبْهَةِ فِي الْحَالَيْنِ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُحْتَرَمًا فِيهِمَا .

( قَوْلُهُ وَتَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ وَالنَّسَبُ ) شَمَلَ تَحْرِيمَ الرَّبِيبَةِ بِهِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ ( قَوْلُهُ بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ زَوْجٍ إلَخْ ) فَلَوْ أَمْنَى فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَه فَحَبِلَتْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ بَعْدَ إنْزَالِهِ فِيهَا فَاسْتَنْجَتْ بِهِ امْرَأَةٌ فَحَبِلَتْ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ أَمَةُ شَخْصٍ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَلَهَا بِنْتٌ مِنْ غَيْرِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ لِجَزْمِهِمَا بِثُبُوتِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ لِلشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ( قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي مَاءِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ ( قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي احْتِرَامِهِ بِحَالِ خُرُوجِهِ فَقَطْ

( فَرْعٌ طَرَيَان مَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ ) عَلَى نِكَاحٍ ( يَقْطَعُ النِّكَاحَ فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَ ) تَزَوَّجَ ( ابْنُهُ ابْنَتِهَا وَزُفَّتَا ) إلَيْهِمَا بِأَنْ زُفَّتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا ( فَوَطِئَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( الْأُخْرَى غَلَطًا انْفَسَخَ النِّكَاحَانِ ) ؛ لِأَنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ مَوْطُوءَةُ ابْنِهِ وَأُمُّ مَوْطُوءَتِهِ بِالشُّبْهَةِ وَزَوْجَةُ الِابْنِ مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ وَبِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ بِالشُّبْهَةِ ( وَلَزِمَ كُلًّا ) مِنْهُمَا ( لِمَوْطُوءَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَى السَّابِقِ ) مِنْهُمَا ( بِالْوَطْءِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَفَعَ نِكَاحَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَهَلْ يَلْزَمُ الْآخَرُ ) وَهُوَ الثَّانِي ( لِزَوْجَتِهِ كَذَلِكَ ) أَيْ نِصْفُ الْمُسَمَّى فِيهِ ( أَوْجُهٌ ) أَحَدُهَا لَا إذْ لَا صُنْعَ لَهُ ثَانِيهَا نَعَمْ إذْ لَا صُنْعَ لَهَا ( ثَالِثُهَا ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ ( يَجِبُ لِصَغِيرَةٍ لَا تَعْقِلُ وَمُكْرَهَةٍ ) وَنَائِمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَيْهَا فَكَانَ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَجِبُ لِعَاقِلَةٍ مُطَاوِعَةٍ فِي الْوَطْءِ وَلَوْ غَلَطًا كَمَا لَوْ اشْتَرَتْ حُرَّةٌ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ .
( فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ ) عَلَى الثَّانِي ( رَجَعَ عَلَى السَّابِقِ ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ نِكَاحَهَا ( لَكِنْ ) يَرْجِعُ ( بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ) لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا بِمَا غَرِمَ كَمَا فِي الرَّضَاعِ ( وَإِنْ وَطِئَا مَعًا فَعَلَى كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَهَلْ يَتَرَاجَعَانِ ) أَيْ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ أَوْ لَا ( وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ وَيُهْدَرُ نِصْفُهُ ؛ لِأَنَّهَا حَرُمَتْ بِفِعْلِهِمَا كَنَظِيرِهِ فِي الِاصْطِدَامِ وَثَانِيهِمَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ ارْتَفَعَ بِفِعْلِهِمَا جَمِيعًا

فَيُنْسَبُ الْفِرَاقُ إلَى الزَّوْجِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ أَوْ خَالَعَهَا وَيُفَارِقُ الِاصْطِدَامَ بِأَنَّ فِعْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا هُنَا لَوْ انْفَرَدَ لَحَرُمَتْ بِهِ الزَّوْجَتَانِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَلَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ فَلَمْ يُعْلَمْ سَبْقٌ وَلَا مَعِيَّةٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَجِبُ لِلْمَوْطُوءَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحَانِ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلِزَوْجَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَا يَسْقُطُ بِالشَّكِّ .
( قَوْلُهُ طَرَيَان مَا يُثْبِتُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ إلَخْ ) لَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ ثُمَّ وَطِئَهَا أَبَاهُ بِشُبْهَةٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى زَوْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ .
وَعَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ احْتَرَزَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ طَرَأَ مُؤَبَّدُ تَحْرِيمٍ عَلَى نِكَاحٍ قَطَعَهُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَطْرَأْ بَلْ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ دَائِمٌ ا هـ يَرِدُ بِطُرُوِّ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ عَلَى زَوْجِهَا بِصَيْرُورَتِهَا مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ ( تَنْبِيهٌ ) إنَّمَا كَانَتْ مَوَانِعُ النِّكَاحِ تَمْنَعُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ لِتَأَيُّدِهَا وَاعْتِضَادِهَا بِكَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْأَبْضَاعِ هُوَ الْحُرْمَةُ ( قَوْلُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحَانِ ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَحْرَمًا لِلْوَاطِئِ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا كَبِنْتِ أَخِيهِ أَمْ لَا وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالشِّقِّ الثَّانِي س ( قَوْلُهُ ثَالِثُهَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ وَإِنْ نَكَحَ ) الشَّخْصُ ( جَاهِلًا امْرَأَةً وَبِنْتَهَا مُرَتَّبًا فَالثَّانِي ) مِنْ النِّكَاحَيْنِ ( بَاطِلٌ ) لِحُصُولِ الْجَمْعِ الْمُحَرَّمِ بِهِ ( فَإِنْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ عَالِمًا ) بِالتَّحْرِيمِ ( فَنِكَاحُ الْأُولَى بِحَالِهِ ) ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِيَةِ زِنًا فَلَا أَثَرَ لَهُ ( أَوْ جَاهِلًا ) بِهِ ( بَطَلَ ) نِكَاحُ الْأُولَى ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنْتُهَا ( وَلَزِمَ لِلْأُولَى نِصْفُ الْمُسَمَّى ) ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا ارْتَفَعَ بِصُنْعِ الزَّوْجِ ( وَحَرُمَتْ ) عَلَيْهِ ( أَبَدًا ) لِمَا مَرَّ ( وَلِلْمَوْطُوءَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَحَرُمَتْ ) عَلَيْهِ ( أَبَدًا إنْ كَانَتْ هِيَ الْأُمَّ ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ ( لَا ) إنْ كَانَتْ هِيَ ( الْبِنْتَ ) فَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا ( فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا ) ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةُ امْرَأَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ( إلَّا إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَ الْأُمَّ ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ ( وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا وَأُشْكِلَتْ ) أَيْ الْمَوْطُوءَةُ وَعُرِفَتْ السَّابِقَةُ ( فَنِكَاحُ السَّابِقَةِ عَلَى حَالِهِ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ ) مِنْ اسْتِمْرَارِ صِحَّتِهِ ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) أَيْ السَّابِقَةَ ( حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا ) كَالثَّانِيَةِ ( نَظَرًا إلَى الْحَالِ ) وَهُوَ الِاشْتِبَاهُ كَاشْتِبَاهِ أُخْتِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ .
( وَإِنْ عُرِفَتْ الْمَوْطُوءَةُ وَأُشْكِلَتْ السَّابِقَةُ فَنِكَاحُ الْمَوْطُوءَةِ مَوْقُوفٌ ) فَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ ( وَلَهَا الْفَسْخُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْكَحُ ) لِلِاشْتِبَاهِ كَمَا فِي إنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ ( وَالْأُخْرَى ) أَيْ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ ( مُحَرَّمَةٌ ) عَلَيْهِ ( أَبَدًا ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ مَوْطُوءَتِهِ أَوْ بِنْتُهَا ( وَإِنْ أُشْكِلَا ) بِأَنْ اشْتَبَهَتْ الْمَوْطُوءَةُ وَالسَّابِقَةُ ( مَعًا وُقِفَا ) أَيْ النِّكَاحَانِ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْبِنْتِ وَالدُّخُولِ بِالْأُمِّ فَتَحْرُمَانِ عَلَيْهِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ ( وَلَا تُنْكَحُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ) ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ ( أَبَدًا وَإِنْ وَطِئَهُمَا

جَمِيعًا ) مَعَ الْإِشْكَالِ ( حَرُمَتَا أَبَدًا فَإِنْ بَانَ الْأَمْرُ وَجَبَ لِلثَّانِيَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نِكَاحُهَا سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَ وَطْؤُهَا أَمْ تَأَخَّرَ ( وَ ) يَجِبُ ( لِلْأُولَى إنْ وَطِئَهَا أَوَّلًا الْمُسَمَّى وَإِلَّا ) بِأَنْ وَطِئَهَا ثَانِيًا ( فَنِصْفُهُ وَمَهْرُ الْمِثْلِ ) يَجِبَانِ لَهَا أَمَّا النِّصْفُ فَلِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِصُنْعِ الزَّوْجِ وَأَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فَلِأَنَّهُ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ
( قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ فَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالنِّكَاحَانِ بَاطِلَانِ لِأَنَّ الْبِنْتَ نَكَحَهَا وَعِنْدَهُ أُمُّهَا وَالْأُمُّ أُمُّ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ ا هـ فَعَقْدُ الْبِنْتِ لَمْ يَصِحَّ وَعَقْدُ الْأُمِّ بَطَلَ بِوَطْئِهِ بِنْتَهَا بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمَا بِأَنَّهُ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ : نِكَاحُ الْبِنْتِ هُوَ الْبَاطِلُ وَنِكَاحُ الْأُمِّ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ فَقَطَعَهُ وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بِسَبَبٍ مِنْهَا وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ بَاطِلٌ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةٍ حَرُمْنَ ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ وَلَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ ( إلَّا إذَا كُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ ) كَنِسَاءِ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ فَلَا يَحْرُمْنَ إعْمَالًا لِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ مَعَ كَوْنِ الْحَرَامِ مُنْغَمِرًا كَمَا فِي الِاصْطِيَادِ مِنْ صَيُودٍ مُبَاحَةٍ اشْتَبَهَ بِهَا صَيْدٌ مَمْلُوكٌ وَإِلَّا انْحَسَمَ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَأْمَنْ مُسَافَرَتَهَا إلَيْهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ كَكَثِيرٍ مَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِثَالٌ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِمُحَرَّمَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِيَشْمَلَ الْمُحَرَّمَةَ بِنَسَبٍ وَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ وَلِعَانٍ وَنَفْيٍ وَتَوَثُّنٍ وَغَيْرِهَا ( وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ مَا تَعَسَّرَ عَدُّهُ عَلَى وَاحِدٍ ) كَمَا ضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِذَلِكَ وَقَدَّمْته مَعَ ذِكْرِ ضَابِطٍ لِلْغَزَالِيِّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ .

( فَصْلٌ لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةٍ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ إلَّا إذَا كُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ ) فَيَنْكِحُ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ يَبْقَى جُمْلَةً لَوْ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِهِنَّ مَنَعَ مِنْهُنَّ كَمِائَةٍ وَدُونَهَا فَلَوْ قَالَ فِي الْمَحْصُورَاتِ إحْدَى هَؤُلَاءِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا أَعْرِفُ عَيْنَهَا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَيَأْتِي التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ حَقِيقَتُهُ أَنْ يَجُوزَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ أَنَّهَا الْمُحَرَّمَةُ مَا لَوْ امْتَازَتْ بِصِفَةٍ كَسَوَادٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ جَدْعٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَكَانَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ قَلِيلَةً فِي الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ فَلَا رَيْبَ فِي نِكَاحِ مَنْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَكَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِمَحْصُورَاتٍ .
( قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ إلَخْ ) لَوْ اخْتَلَطَ غَيْرُ الْمَحْصُورِ بِغَيْرِ الْمَحْصُورِ كَمَا إذَا اشْتَبَهَ مِائَةُ امْرَأَةٍ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ مَحَارِمَ أَوْ مَحَارِمُ وَمُحَرَّمَاتٌ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ التَّحْرِيمُ لِعَدَمِ غَلَبَةِ الْحَلَالِ فَإِنْ غَلَبَ الْحَلَالُ جَازَ النِّكَاحُ وَتَصْرِيحُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهِ وَاشْتَبَهْنَ بِغَيْرِ مَحْصُورَاتٍ فَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَ عَدَدَهُنَّ كَعِشْرِينَ قَسَّمْنَا نِسَاءَ الْبَلَدِ عِشْرِينَ قِسْمًا فَإِنْ صَارَ كُلُّ قِسْمٍ مَحْصُورًا حَرُمَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ مَحَارِمِهِ فَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِنِسْوَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ وَاحِدَةً بِالِاجْتِهَادِ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ بِمَحْصُورَاتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَبِهَاتِ وَلَا مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ لِجَوَازِ الْوُقُوعِ فِي خَامِسَةٍ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَعَقَدَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ

الْمُشْتَبِهَاتِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى ثَلَاثٍ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا نِكَاحُهُ بِرِجَالِ بَلْدَةٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهَا وَهِيَ لَا تَعْرِفُ عَيْنَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي حَقِّهَا كَهُوَ فِي حَقِّهِ فَحَيْثُ مَنَعْنَاهُ مَنَعْنَاهَا وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لَهُ جَوَّزْنَا لَهَا

( الْجِنْسُ الثَّانِي ) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ ( مَا لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ الْأَوَّلُ الْجَمْعُ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ رَضَاعٌ يَحْرُمُ تَنَاكُحُهُمَا إنْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا كَالْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا ) وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } وَلِخَبَرِ { لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ فَإِنَّ الطَّبْعَ يَتَغَيَّرُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ { إنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَهُنَّ } كَمَا زَادَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا ( لَا الْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا أَوْ بِنْتُهُ مِنْ أُخْرَى ) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَصَلَتْ بِفَرْضِ أُمِّ الزَّوْجِ ذَكَرًا فِي الْأُولَى وَبِفَرْضِ بِنْتِهِ ذَكَرًا فِي الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ وَلَا رَضَاعٌ بَلْ مُصَاهَرَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا رَحِمٌ يُحْذَرُ قَطْعُهَا .
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ قَيْدِ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ بِأَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ أَيَّتِهِمَا قُدِّرَتْ ذَكَرًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى فَتَخْرُجُ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ ؛ لِأَنَّ أُمَّ الزَّوْجِ مَثَلًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهَا زَوْجَةُ الِابْنِ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَكِنَّ زَوْجَةَ الِابْنِ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأُخْرَى بَلْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً عَنْهَا وَقَدْ يُقَالُ يَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ السَّيِّدَةُ وَأَمَتُهَا الصِّدْقُ الضَّابِطُ بِهِمَا مَعَ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ لِعَدَمِ

الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ مِنْ التَّحْرِيمِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ الْمُقْتَضِي لِمَنْعِ النِّكَاحِ فَتَخْرُجُ هَذِهِ ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا قَدْ يَزُولُ وَبِأَنَّ السَّيِّدَةَ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا حَلَّ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا ( وَ ) لَا ( بِنْتُ رَجُلٍ وَرَبِيبَتُهُ ) وَلَا امْرَأَةٌ وَرَبِيبَةُ زَوْجِهَا مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَ ) لَا ( أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أَبِيهِ ) إذْ لَا تَحْرُمُ الْمُنَاكَحَةُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَةِ أَحَدِهِمَا .
( وَحَيْثُ حَرُمَ الْجَمْعُ ) بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ ( فَإِنْ نَكَحَهُمَا مَعًا بَطَلَتَا ) أَيْ الْمَرْأَتَانِ أَيْ نِكَاحُهُمَا إذْ لَيْسَ تَخْصِيصُ إحْدَاهُمَا بِالْبُطْلَانِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى ( وَإِلَّا ) بِأَنْ نَكَحَهُمَا مُرَتَّبًا ( بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ ) أَيْ نِكَاحُهَا ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِهَا حَصَلَ نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ السَّابِقِ بَطَلَا وَإِنْ عَلِمَ ثُمَّ اشْتَبَهَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ كَمَا فِي إنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ ( فَإِنْ وَطِئَهَا ) أَيْ الثَّانِيَةَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ ( اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يَطَأَ الْأُولَى حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ )

قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ إلَخْ ) شَمَلَ جَمْعُهُمَا فِي النِّكَاحِ وَفِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالْأُخْرَى بِزَوْجِيَّةٍ وَعُلِمَ مِنْهُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْرُمْ أَجْمَعُهُمَا بِنِكَاحٍ كَمَنْ لَهُ جَارِيَةٌ يَمْلِكُ أُخْتَيْهَا إحْدَاهُمَا مِنْ أُمِّهَا وَالْأُخْرَى مِنْ أَبِيهَا فَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْأُخْتَيْنِ جَازَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ جَارِيَتِهِ الَّتِي كَانَ يَمْلِكُهَا وَبَيْنَ إحْدَى هَاتَيْنِ فِي الْوَطْءِ لَا يَجُوزُ ( قَوْلُهُ كَالْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا ) قَالَ فِي الْوَافِي لَوْ غَابَ مَعَ زَوْجَتِهِ ثُمَّ عَادَ وَذَكَرَ مَوْتَهَا حَلَّ لِأُخْتِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ وَلَوْ غَابَتْ زَوْجَتُهُ مَعَ أُخْتِهَا ثُمَّ قَدِمَتْ الْأُخْتُ فَذَكَرَتْ مَوْتَ أُخْتِهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ مَوْتِهَا قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ مَالِكٌ لِبُضْعِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ مَوْتِهَا وَكَتَبَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُمْتَنَعُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَأُخْتِهَا الَّتِي نَفَاهَا وَالِدُهَا بِلِعَانٍ احْتِيَاطًا إذْ هِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ قَطْعًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ مَتَى اسْتَلْحَقَهَا لَحِقَتْهُ كَاتَبَهُ .
( قَوْلُهُ لَا الْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا ) أَوْ زَوْجَةُ وَلَدِهَا ( قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَحَهُمَا مَعًا بَطَلَتَا ) لَوْ قَالَ فَإِنْ نَكَحَهُمَا بِعَقْدٍ كَانَ أَوْلَى لِلْخِلَافِ فِي أَنَّ مَعًا هَلْ تَقْتَضِي الِاتِّحَادَ فِي الزَّمَانِ أَوْ لَا

( وَلَهُ نِكَاحُ أُخْتٍ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الْعِدَّةِ ) ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ( لَا ) أُخْتِ مُطَلَّقَتِهِ ( الرَّجْعِيَّةِ ) وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ ( فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَائِهَا وَهِيَ مُنْكِرَةٌ ) لِذَلِكَ ( وَأَمْكَنَ انْقِضَاؤُهَا فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا ) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا لِزَعْمِهِ انْقِضَاءَهَا ( لَكِنْ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا ( وَلَوْ وَطِئَهَا حُدَّ ) لِزَعْمِهِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ( أَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ ) طَلَاقُهُ لِذَلِكَ .
( وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً ( فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا ) وَأَرْبَعًا سِوَاهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِرَاشَ قَدْ انْقَطَعَ

( فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى ) مَثَلًا ( أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا ) مِنْ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ ( صَحَّ ) الشِّرَاءُ بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْوَطْءِ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَنَحْوَهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الشِّرَاءُ لِلْوَطْءِ لَمْ يُفْضِ الْجَمْعُ فِيهِ إلَى التَّقَاطُعِ ( لَكِنْ إنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ ( حَرُمَتْ الْأُخْرَى ) لِئَلَّا يَحْصُلَ الْجَمْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ ( فَإِنْ وَطِئَهَا ) قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُولَى ( لَمْ تَحِلَّ وَلَمْ تَحْرُمْ الْأُولَى ) إذْ الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطَأَ الْأُولَى حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الثَّانِيَةَ لِئَلَّا يَجْمَعَ الْمَاءَ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ .
( وَيَبْقَى تَحْرِيمُهَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى ) عَلَى نَفْسِهِ بِإِزَالَةِ ( مِلْكٍ كَبَيْعٍ ) أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهَا مَعَ قَبْضٍ بِإِذْنٍ فِي الْهِبَةِ ( أَوْ ) بِإِزَالَةِ ( حَلٍّ كَتَزْوِيجٍ أَوْ كِتَابَةٍ ) إذْ لَا جَمْعَ حِينَئِذٍ ( لَا رَهْنَ وَلَا إحْرَامَ وَعِدَّةٍ وَرِدَّةٍ ) وَنَحْوِهَا كَحَيْضٍ وَبَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ لَمْ تُزِلْ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ ( وَلَا يَكْفِي ) لِحِلِّ الْأُخْرَى ( اسْتِبْرَاؤُهَا ) أَيْ الْأُولَى ( وَ ) لَا ( تَحْرِيمُهَا بِالْقَوْلِ ) كَقَوْلِ حَرَّمْتهَا عَلَيَّ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُ الْفِرَاشَ ( فَإِنْ ) عَادَ حَلُّهَا كَأَنْ بَاعَهَا ثُمَّ ( رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ ) أَوْ إقَالَةٍ ( أَوْ ) زَوَّجَهَا ثُمَّ ( طَلُقَتْ ) أَوْ كَاتَبَهَا ثُمَّ عَجَزَتْ ( ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا ) فَإِنْ كَانَ ( قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِيَةِ تَخَيَّرَ ) بَيْنَ أَيَّتِهِمَا شَاءَ لِاسْتِوَائِهِمَا حِينَئِذٍ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَجُزْ وَطْءُ الْعَائِدَةِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى ؛ لِأَنَّ الْأُخْرَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَالْأُولَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى .

( قَوْلُهُ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ التَّحْرِيمُ فِي الْإِمَاءِ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ فِي الْمَنْكُوحَاتِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَلَكَ أُخْتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ ) أَوْ نَسَبٍ ( فَوَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ لَمْ تَحْرُمْ ) عَلَيْهِ ( الْأُخْرَى ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ مُحَرَّمَةٌ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ بِشُبْهَةٍ ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ الْمَذْكُورَ لَا يَكُونُ إلَّا شُبْهَةً

( وَلَوْ مَلَكَ أُمًّا ) وَفِي نُسْخَةٍ أَمَةً ( وَبِنْتَهَا وَوَطِئَ إحْدَاهُمَا حَرُمَتْ الْأُخْرَى ) أَبَدًا ( فَإِنْ وَطِئَ الْأُخْرَى ) وَلَوْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ ( حُرِّمَتَا مَعًا وَالْمَنْكُوحَةُ تُحَرِّمُ وَطْءَ أُخْتِهَا ) أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا ( الْمَمْلُوكَةِ وَإِنْ سَبَقَ ) وَطْؤُهَا ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ بِالنِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْمِلْكِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ وَالْمِيرَاثُ وَغَيْرُهَا وَالْأَقْوَى لَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ اللَّاحِقِ وَيَدْفَعُ الْأَضْعَفُ السَّابِقَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمِلْكِ وَهَذَا فِي الِاسْتِفْرَاشِ وَالْمِلْكُ نَفْسُهُ أَقْوَى مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ وَاسْتِفْرَاشُ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ اسْتِفْرَاشِ الْمِلْكِ .
قَوْلُهُ وَالْمَنْكُوحَةُ تُحَرِّمُ وَطْءَ أُخْتِهَا إلَخْ ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا إذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ وَكَانَ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى الْحُرَّةِ الَّتِي هِيَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ هَلْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ أَوْ يَفْسَخُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ لِأُخْتِ الزَّوْجَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيهَا نَقْلًا وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ إذْ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ أَوْ أَمَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لَا يَفْسَخُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمِلْكِ إلَخْ ) وَأَيْضًا التَّرْجِيحُ هُنَا فِي عَيْنَيْنِ وَهُنَاكَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فس

( فَصْلٌ الْمُرْتَدَّةُ ) بَعْدَ الدُّخُولِ ( مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ ) فَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا نِكَاحُ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَأَمَةٍ وَإِنْ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِهَا لِلْإِسْلَامِ وَاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ ( فَإِنْ بَانَتْ بِثَلَاثٍ أَوْ خُلْعٍ فِيهَا ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ ( حَلَّتْ لَهُ أُخْتُهَا ) وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِذَلِكَ إنْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ وَبِالرِّدَّةِ إنْ لَمْ تَعُدْ لَهُ

( وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْمُرْتَدَّةِ أَوْ أُخْتُهَا ) فِي الْعِدَّةِ ( زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ وُقِفَ ) نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ ( فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ ) أَيْ الْكَبِيرَةُ ( فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَحْرُمْ ) عَلَيْهِ ( الصَّغِيرَةُ ) لِتَبِينَ بَيْنُونَةَ الْكَبِيرَةِ بِرِدَّتِهَا ( وَإِنْ أَسْلَمَتْ ) فِيهَا ( حَرُمَتَا كَمَا ذَكَرَهُ ) الْأَصْلُ فِي نَظِيرِهِ ( فِي الرَّضَاعِ ) أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلِأَنَّهَا اجْتَمَعَتْ فِي الْأُولَى مَعَ أُخْتِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ خَالَتِهَا فِي النِّكَاحِ وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ فَلِأَنَّهَا اجْتَمَعَتْ فِي الْأُولَى مَعَ أُخْتِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ بِنْتِ أُخْتِهَا فِيهِ .
( وَعَلَيْهِ ) حِينَئِذٍ ( لِلْكَبِيرَةِ الْمُسَمَّى وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَتَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِلْكَبِيرَةِ ( وَنِصْفِهِ ) لِلصَّغِيرَةِ

( النَّوْعُ الثَّانِي فِي ) بَيَانِ قَدْرِ ( الْعَدَدِ الْمُبَاحِ ) فِي النِّكَاحِ ( فَيَحِلُّ لِلْعَبْدِ ) وَلَوْ مُكَاتَبًا ( ثِنْتَانِ ) فَقَطْ ؛ لِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَالْمُبَعَّضُ كَالْعَبْدِ كَمَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( وَ ) تَحِلُّ ( لِلْحُرِّ أَرْبَعٌ ) فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ } الْآيَةَ { وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحُوهُ ( فَإِنْ جَمَعَ خَمْسًا فِي عَقْدٍ ) وَاحِدٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) نِكَاحُهُنَّ إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْبَاقِيَاتِ .
( فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ اخْتَصَّتَا بِالْبُطْلَانِ ) دُونَ غَيْرِهِمَا عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِنَّمَا بَطَلَ فِيهِمَا مَعًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ( أَوْ كَانَتَا فِي سَبْعٍ ) بَطَلَ ( الْجَمِيعُ ) وَكَذَا لَوْ عَقَدَ عَلَى أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ وَكَالْأُخْتَيْنِ كُلِّ اثْنَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا

( قَوْلُهُ وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ ) قَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ لِلْحُرِّ وَذَلِكَ فِي كُلِّ نِكَاحٍ تَوَقَّفَ عَلَى الْحَاجَةِ كَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ وَالْحُرِّ النَّاكِحِ الْأَمَةَ وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ كَمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ } إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْأُلْفَةُ وَالْمُؤَانَسَةُ وَهِيَ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ تَفُوتُ وَأَمَّا مَعَ الْأَرْبَعِ فَلِأَنَّهُ بِالْقَسْمِ يَغِيبُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ ( قَوْلُهُ فَإِنْ جَمَعَ خَمْسًا فِي عَقْدٍ إلَخْ ) وَالثَّلَاثُ لِلْعَبْدِ كَالْخَمْسِ لِلْحُرِّ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ إلَخْ ) فِي مَعْنَى الْأُخْتَيْنِ مَا لَوْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمُحْرِمَةٍ وَمُلَاعَنَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ وَأَمَةٍ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ الْأَمَةُ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فَالرَّاجِحُ فِيمَا إذَا جَمَعَ الْحُرُّ الَّذِي تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ثَلَاثِ حَرَائِرَ أَوْ أَرْبَعٍ فِي عَقْدٍ بُطْلَانُهُ فِي الْأَمَةِ وَصِحَّتُهُ فِي الْحَرَائِرِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَقَدَ ) عَلَى سِتٍّ ( بِثَلَاثٍ ) أَيْ عَلَى ثَلَاثٍ ( مَعًا وَثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْ ) الْعُقُودِ ( فَنِكَاحُ الْوَاحِدَةِ صَحِيحٌ ) بِكُلِّ تَقْدِيرٍ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ إلَّا أُولَى أَوْ ثَالِثَةٌ أَوْ رَابِعَةٌ فَإِنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الْعَقْدَيْنِ كَانَ ثَانِيهِمَا بَاطِلًا فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا ( قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَنِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ بَاطِلٌ ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عَقْدَيْ الْفِرْقَتَيْنِ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْآخَرِ فَيَبْطُلُ .
وَالْأَصْلُ عَدَمُ الصِّحَّةِ ( وَغَلَّطَهُ ) الشَّيْخُ ( أَبُو عَلِيٍّ فَقَالَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ صَحِيحٌ ) وَهُوَ السَّابِقُ مِنْهُمَا وَلَا يُعْرَفُ عَيْنُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ مَعَ جَوَابِهِ ( فَيُوقَفُ نِكَاحُ الْخَمْسِ وَيُؤَاخَذُ ) الزَّوْجُ ( بِنَفَقَتِهِنَّ ) مُدَّةَ التَّوَقُّفِ ؛ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ لِأَجْلِهِ وَيُسْأَلُ عَنْ الْبَيَانِ ( فَإِنْ ادَّعَى سَبْقَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ وَصَدَّقَهُ أَهْلُهُ ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ ( ثَبَتَ وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَدَّعِ سَبْقًا كَأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَوْ ادَّعَاهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَهْلُهُ ( فَلَا ) يَثْبُتُ ( وَلَهُنَّ طَلَبُ الْفَسْخِ لِلضَّرُورَةِ ) فَإِنْ رَضِينَ بِالضَّرَرِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ اعْتَدَّتْ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَمَنْ دَخَلَ بِهَا الْأَكْثَرُ مِنْهَا وَمِنْ الْأَقْرَاءِ ) احْتِيَاطًا ( وَتُعْطَى الْمُنْفَرِدَةُ رُبْعَ مِيرَاثِهِنَّ ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ ( لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ عَقْدِ الثَّلَاثَةِ ) مَعَهَا ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ مَعَهَا عَقْدَ الثَّلَاثِ فَلَا تَسْتَحِقُّ غَيْرَ الرُّبْعِ الْمَأْخُوذِ وَيُحْتَمَلُ صِحَّةُ عَقْدِ الثِّنْتَيْنِ فَتَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ .
( وَيُوقَفُ ثُلُثَاهُ ) أَيْ مِيرَاثُهُنَّ ( بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ وَ ) يُوقَفُ ( نِصْفُ سُدُسِهِ ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ ( بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ ) فَالِاصْطِلَاحُ فِي الثُّلُثَيْنِ بَيْنَ

الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ وَفِي نِصْفِ السُّدُسِ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ ( وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلِلْمُنْفَرِدَةِ الْمُسَمَّى وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ قُوبِلَ بَيْنَ مُسَمَّى الثَّلَاثِ وَمَهْرِ مِثْلِ الثِّنْتَيْنِ وَ ) بَيْنَ ( عَكْسِهِ ) وَهُوَ مُسَمَّى الثِّنْتَيْنِ وَمَهْرُ مِثْلِ الثَّلَاثِ ( وَتَأْخُذُ الْأَكْثَرَ ) مِنْ الْقَدْرَيْنِ ( مِنْ الْجَمِيعِ ) أَيْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ احْتِيَاطًا لَهُنَّ ( وَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ الْأَقَلَّ مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ ( وَيُوقَفُ الْبَاقِي ) إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ ( مِثَالُهُ مُسَمَّى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِائَةٌ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَمُسَمَّى الثَّلَاثِ وَمَهْرُ مِثْلِ الثِّنْتَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ عَكْسِهِ ) بِخَمْسِينَ ( فَنَأْخُذُهَا ) أَيْ الْأَرْبَعَمِائَةِ مِنْ التَّرِكَةِ ( وَنُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ خَمْسِينَ وَيُوقَفُ مِنْ الْبَاقِي ) وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ ( مِائَةٌ بَيْنَ النِّسْوَةِ الْخَمْسِ وَخَمْسُونَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثَّلَاثِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ فَالْمِائَةُ لَهُمَا وَالْخَمْسُونَ لِلْوَرَثَةِ أَوْ ) بَانَ ( صِحَّةُ نِكَاحِ الثَّلَاثِ فَالْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ لَهُنَّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ ( لَمْ يُعْطِهِنَّ ) فِي الْحَالِ ( شَيْئًا وَوَقَفَ أَكْثَرُ الْمُسَمَّيَيْنِ ) بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ التَّرِكَةِ .
( وَهُوَ فِي مِثَالِنَا ثَلَاثُمِائَةٍ مِائَتَانِ بَيْنَ الْخَمْسِ وَمِائَةٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثَّلَاثِ وَإِنْ دَخَلَ بِإِحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ أَخَذْنَا الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّى الْمَدْخُولِ بِهِنَّ فَقَطْ وَمِنْ مَهْرِ مِثْلِهِنَّ مَعَ مُسَمَّى الْفِرْقَةِ الْأُخْرَى ) الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ( وَأَعْطَيْنَا الْمَوْطُوآتِ الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ مِثْلِهِنَّ وَوُقِفَ الْبَاقِي فَإِنْ دَخَلَ بِالثِّنْتَيْنِ فِي مِثَالِنَا أَخَذَتَا مَهْرَ مِثْلِهِمَا مَعَ مُسَمَّى الثَّلَاثِ وَهُوَ ) أَيْ مَجْمُوعُهُمَا ( أَرْبَعُمِائَةٍ ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّاهُمَا

وَأَعْطَيْنَاهُمَا مِائَةً ) كُلَّ وَاحِدَةٍ خَمْسِينَ ( وَوَقَفْنَا مِائَةً بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّلَاثِ وَمِائَتَيْنِ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ دَفَعْنَا الْمِائَةَ ) الْمَوْقُوفَةَ بَيْنَهُمَا ( إلَيْهِمَا وَالْبَاقِي ) وَهُوَ مِائَتَانِ ( لِلْوَرَثَةِ أَوْ ) بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ ( الثَّلَاثِ فَالْكُلُّ ) أَيْ الْمَوْقُوفُ وَهُوَ الثَّلَثُمِائَةِ ( لَهُنَّ وَإِنْ دَخَلَ بِالثَّلَاثِ فَالْمَأْخُوذُ ) مِنْ التَّرِكَةِ ( ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ) وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهِنَّ مَعَ مُسَمَّى الثِّنْتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّى الثَّلَاثِ فَنُعْطِي كُلًّا مِنْهُنَّ خَمْسِينَ مِنْهَا .
( وَالْمَوْقُوفُ مِائَتَانِ وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ ) وَهُوَ أَنَّا نَقِفُ مِنْهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ بَيْنَ الْخَمْسِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الثِّنْتَيْنِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثَّلَاثِ أَعْطَيْنَاهُنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ أَعْطَيْنَاهُمَا الْمِائَتَيْنِ ( فَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ ( بِحَالِهَا وَنَكَحَ فِي عَقْدٍ ) رَابِعٍ ( أَرْبَعًا ) أُخَرَ وَجُهِلَ السَّابِقُ ( وَالْمَهْرُ كَمَا مَثَّلْنَا ) مِنْ أَنَّ مُسَمَّى كُلِّ وَاحِدَةٍ وَمَهْرَ مِثْلِهَا خَمْسُونَ ( عَمَّ الْإِشْكَالُ ) الْوَاحِدَةَ أَيْضًا ( لِاحْتِمَالِ ) وُقُوعِ ( نِكَاحِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ ) نِكَاحِ ( الْوَاحِدَةِ ) وَقَوْلُهُ وَالْمَهْرُ كَمَا مَثَّلْنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ شَرْطًا فِي عُمُومِ الْأَشْكَالِ بَلْ فِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ الْآتِي بَيَانُهُ ( فَيُوقَفُ ) إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ ( مِيرَاثُ أَرْبَعٍ ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ وَلَا نُعْطِي وَاحِدَةً مِنْهُنَّ شَيْئًا وَأَمَّا الْمَهْرُ ( فَإِنْ وَطِئَهُنَّ أَخَذْنَا ) مِنْ التَّرِكَةِ ( الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّى أَرْبَعٍ مَعَ مَهْرِ مِثْلِ سِتٍّ وَمِنْ مُسَمَّى ثَلَاثٍ مَعَ مَهْرِ مِثْلِ سَبْعٍ وَهُوَ ) أَيْ الْأَكْثَرُ ( سَبْعُمِائَةٍ وَنُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلَّ ) مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا .
( وَهُوَ خَمْسُونَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي )

وَهُوَ مِائَتَانِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَخَذْنَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا وَأَعْطَيْنَاهَا أَقَلَّهُمَا وَوَقَفْنَا الْبَاقِيَ إلَى مَا قَالَهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعُقُودِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ عَمِلْنَا بِمَا فِي الْأَصْلِ لَكَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الْمِثَالِ أَلْفًا فَيَلْزَمُ إدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَنْعِهِمْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثَلَثِمِائَةٍ بِلَا ضَرُورَةٍ ( وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ وَأَنْ يَكُونَ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ مَعَ الثَّلَاثِ أَوْ مَعَ الثِّنْتَيْنِ ( فَالْمَوْقُوفُ الْأَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّى الْأَرْبَعِ وَ ) مِنْ ( مُسَمَّى الْوَاحِدَةِ مَعَ ) مُسَمَّى ( الثَّلَاثِ أَوْ مَعَ ) مُسَمَّى ( الثِّنْتَيْنِ وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ فِي مِثَالِنَا وَإِنْ دَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ أَخَذَ مُسَمَّى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَوُقِفَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى ) لَهَا ( وَمَهْرُ مِثْلِهَا وَأُعْطِيَتْ ) مِنْهُ ( الْأَقَلَّ ) مِنْهُمَا .
( وَوُقِفَ الْبَاقِي ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَتَبِعَ فِي هَذَا أَصْلَهُ و كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ أَيْضًا لَا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ بَلْ لِيُقَلِّلَ الْمَأْخُوذَ فَيَقُولُ وَإِنْ دَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ لِعَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِنَّ وَمَهْرِ مِثْلِ مَنْ عَدَاهُنَّ مِمَّنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَلَوْ دَخَلَ بِثَلَاثٍ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ وَمَهْرَ مِثْلِ ثَلَاثٍ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ نُعْطِي الْمَدْخُولَ بِهِنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَتُوقَفُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَلَوْ دَخَلَ بِسَبْعٍ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ وَمَهْرَ مِثْلِ سِتٍّ وَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ نُعْطِي الْمَدْخُولَ بِهِنَّ نِصْفَهَا وَنُوقِفُ نِصْفَهَا وَلَوْ عَمِلْنَا بِمَا فِي الْكِتَابِ أُخِذَ أَلْفٌ فِي الْمِثَالَيْنِ نُعْطِي مِنْهُ الْمَدْخُولَ بِهِنَّ فِي الْأَوَّلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَتُوقَفُ

ثَمَانُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَفِي الثَّانِي ثَلَثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَيُوقَفُ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ( وَقَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ ) السَّابِقُ ( هُوَ قِيَاسُ مَا سَبَقَ قَرِيبًا ) فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الرَّابِعِ ( مِنْ أَنَّهُ إذَا ) وَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عَقْدَانِ وَقَدْ ( جُهِلَ السَّابِقُ بَطَلَ الْعَقْدُ ) الصَّادِقُ بِالْعَقْدَيْنِ ( وَالسَّابِقُ مِنْهُمَا قَدْ أُشْكِلَ هُنَا ) كَمَا مَرَّ ( وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ ) قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ ثَمَّ وَاحِدَةٌ وَالزَّوْجُ مُتَعَدِّدٌ وَلَمْ يُعْهَدْ جَوَازُهُ أَصْلًا بَلْ مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَهُنَا بِالْعَكْسِ وَقَدْ عُهِدَ جَوَازُهُ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي ذَاكَ .
قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ ) قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ فَرْقُ الشَّارِحُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ خِلَافِهِ

( النَّوْعُ الثَّالِثُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ الْحُرِّ ثَلَاثًا ) فِي نِكَاحٍ أَوْ أَنْكِحَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ ( حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَةُ غَيْرِهِ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ ) لَمْ يُنْزِلْ أَوْ ( بَقِيَ ) مِنْ ذَكَرِهِ بَعْدَ قَطْعِهَا ( أَكْثَرُ ) مِنْ قَدْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَغْيِيبُ جَمِيعِ الْبَاقِي وَلْتَكُنْ غَيْبَةُ ذَلِكَ ( فِي قُبُلِهَا ) لَا فِي غَيْرِهِ كَدُبُرِهَا كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْصِينُ ( فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ ) لَا فِي غَيْرِهِ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ وَشُبْهَةٍ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الْحِلَّ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ ( وَإِنْ كَانَ ) الْغَيْرُ ( نَائِمًا ) أَوْ هِيَ نَائِمَةً وَيُحْتَمَلُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا بِأَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَائِمًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا الْوَطْءَ فِي ذَاتِهِ يُلْتَذُّ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحِسَّ بِهِ لِعَارِضِ غَيْبَةِ الْعَقْلِ ( أَوْ عَلَيْهَا ) أَيْ الْحَشَفَةِ ( حَائِلٌ ) كَأَنْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً فَإِنَّهُ يَكْفِي تَغْيِيبُهَا كَمَا يَكْفِي فِي تَحْصِينِهَا ( بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ ) لِلْآلَةِ .
( وَإِنْ ضَعُفَ ) الِانْتِشَارُ وَاسْتَعَانَ بِأُصْبُعِهِ أَوْ أُصْبُعِهَا لِيَحْصُلَ ذَوْقُ الْعُسَيْلَةِ الْآتِي فِي الْخَبَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ لِشَلَلٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالْمُعْتَبَرُ الِانْتِشَارُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ السَّلِيمُ ذَكَرَهُ بِأُصْبُعِهِ بِلَا انْتِشَارٍ لَمْ يُحَلِّلْ كَالطِّفْلِ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِانْتِشَارَ بِالْفِعْلِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ ( تَنْفِيرًا مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ طَلَّقَهَا } أَيْ الثَّالِثَةَ { فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } مَعَ

خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ { جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك } وَالْمُرَادُ بِهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالْوَطْءِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْوَطْءُ نَفْسُهُ سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ بِجَامِعِ اسْتِيفَاءِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ .

( قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ الْحُرُّ ثَلَاثًا إلَخْ ) قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ نَكَحَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَحْتَمِلُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَالتَّزْوِيجِ بِزَوْجٍ آخَرَ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ وَالزَّوْجَةُ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ مَا تَزَوَّجْت زَوْجًا آخَرَ بَعْدَمَا طَلَّقَك الْمُوَرِّثُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّ إقْدَامَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ الثَّانِي دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ وَلَوْ طَلَبَ الْوَرَثَةُ يَمِينَهَا لَمْ تَحْلِفْ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ لَا مِنْهُمْ ا هـ وَسُئِلَ الْقَفَّالُ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ رَجْعِيًّا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا أَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ ( قَوْلُهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ ) التَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقَةِ هَلْ يُنْسَبُ إلَى الْكُلِّ أَوْ إلَى الثَّالِثَةِ فَقَطْ فِيهِ تَرَدُّدٌ يُؤَثِّرُ فِيمَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالثَّالِثَةِ وَحَكَمَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا هَلْ يَغْرَمَانِ الثُّلُثَ أَوْ الْكُلَّ وَجْهَانِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ يُنْسَبُ إلَى الْكُلِّ وَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ كُلَّ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْبُضْعِ كَالثَّلَاثِ .
( قَوْلُهُ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَةُ غَيْرِهِ ) لِأَنَّ الْحَشَفَةَ هِيَ الْآلَةُ الْحَسَّاسَةُ وَبِهَا الِالْتِذَاذُ وَبِهَذَا سُمِّيَتْ فِي الْحَدِيثِ الْعُسَيْلَةُ ( قَوْلُهُ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا ) وَالْمُعْتَبَرُ الْحَشَفَةُ الَّتِي كَانَتْ لِهَذَا الْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا إنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِدُونِ الِافْتِضَاضِ لِأَنَّ مَدْخَلَ الذَّكَرِ مِنْ مَخْرَجِ الْحَيْضِ وَهُوَ فِي الْبِكْرِ يَضِيقُ عَنْ مَدْخَلِ الذَّكَرِ فَإِذَا دَخَلَ

اتَّسَعَ الثُّقْبُ وَانْخَرَقَتْ بِهِ الْجِلْدَةُ فَزَالَتْ الْبَكَارَةُ الَّتِي هِيَ ضِيقُ الْمَنْفَذِ ا هـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تَغِيبُ الْحَشَفَةُ وَلَا تَزُولُ الْبَكَارَةُ فِي الْغَوْرَاءِ ( قَوْلُهُ بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ لِلْآلَةِ ) أَيْ وَإِزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الِانْتِشَارِ سِوَى هَذَا وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِدْخَالِ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ ( قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِانْتِشَارَ إلَخْ ) قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ } إلَخْ ) قِيلَ لَا شَكَّ أَنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ فِيهِ لَا يَحْصُلُ الْحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا الثَّانِي وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَكَيْفَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَوْ السُّنَّةِ .
وَالْجَوَابُ أَنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ يَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَيَخْلُفُهُ التَّحْرِيمُ إلَى الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ الْغَيْرِ وَمِنْ الطَّلَاقِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَسَائِرِ الْمُعْتَدَّاتِ مِنْ غَيْرِهِ فَهُمَا تَحْرِيمَانِ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّصِّ عَلَيْهِمَا هُنَا ( قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ إلَخْ ) الْعُسَيْلَةُ الْجِمَاعُ كَمَا وَرَدَ تَفْسِيرُهَا بِهِ مَرْفُوعًا عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ

( فَرْعٌ وَتَحِلُّ ) لَهُ ( بِوَطْءِ كَبِيرٍ وَكَذَا صَغِيرٍ غَيْرِ رَقِيقٍ يَتَأَتَّى مِنْهُ ) الْوَطْءُ بِخِلَافِ صَغِيرٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ وَبِخِلَافِ صَغِيرٍ رَقِيقٍ ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ إنَّمَا يَصِحُّ بِالْإِجْبَارِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا مَرَّ ( وَكَذَا مَجْنُونٌ وَمُحْرِمٌ ) بِنُسُكٍ ( وَخَصِيٌّ وَلَوْ ) كَانَ صَائِمًا أَوْ ( كَانَتْ حَائِضًا أَوْ صَائِمَةً أَوْ مُظَاهِرًا مِنْهَا أَوْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ مُعْتَدَّةً مِنْ شُبْهَةٍ وَقَعَتْ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ ) أَوْ مُحْرِمَةً بِنُسُكٍ ؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَكِنْ جَزَمَ فِي الذَّخَائِرِ بِالْمَنْعِ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى كَالطِّفْلِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمَعْنَى يَدْفَعُهُ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ التَّنْفِيرُ مِمَّا مَرَّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْبَةِ حَشَفَةِ الطِّفْلِ ( لَا ) إنْ كَانَتْ ( رَجْعِيَّةً ) وَإِنْ رَاجَعَهَا ( وَ ) لَا ( مُعْتَدَّةً لِرِدَّةٍ ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ .
( وَتُتَصَوَّرُ ) الْعِدَّةُ بِلَا وَطْءٍ ( بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاسْتَدْخَلَتْهُ وَارْتَدَّتْ ) الْأُولَى ثُمَّ ارْتَدَّتْ ( ثُمَّ وَطِئَهَا ) فَهَذَا الْوَطْءُ لَا يُحَلِّلُ لِوُجُودِهِ فِي حَالِ ضَعْفِ النِّكَاحِ ( وَتَحِلُّ ذِمِّيَّةٌ لِمُسْلِمٍ بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ ) وَكِتَابِيٍّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( فِي نِكَاحٍ نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ تَرَافُعِهِمْ إلَيْنَا ) كَمَا يُحَصِّنُونَهَا بِذَلِكَ
( قَوْلُهُ أَوْ صَغِيرَةٌ لَا تُشْتَهَى ) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مُطَلِّقُهَا أَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ أَمَةً ( قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) هُوَ وَجْهٌ ضَعَّفَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ( قَوْلُهُ وَتُتَصَوَّرُ الْعِدَّةُ بِلَا وَطْءٍ ) أَيْ فِي الْقُبُلِ .
( قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ ) أَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَهَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْوَطْءِ بَطَلَ ) ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ { لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ( وَكَذَا إنْ شَرَطَ طَلَاقَهَا ) قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَمْنَعُ دَوَامَ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ التَّأْقِيتَ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا طَلَّقَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ فَفِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ فِيهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْفُرْقَةَ بَلْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ .
( فَلَوْ تَوَاطَآ ) أَيْ الْعَاقِدَانِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَقَدَا بِذَلِكَ الْقَصْدِ ( بِلَا شَرْطٍ كُرِهَ ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهُ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا صَرَّحَ بِهِ أَبْطَلَ إذَا أَضْمَرَهُ كُرِهَ وَمِثْلُهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِلَا شَرْطٍ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا إذَا وَطِئَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِالْكَرَاهَةِ فِيمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ( أَوْ ) نَكَحَهَا ( عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا ) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ( أَوْ ) عَلَى أَنَّهُ ( لَا يَطَؤُهَا إلَّا نَهَارًا أَوْ ) إلَّا ( مَرَّةً ) مَثَلًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا نَهَارًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ( بَطَلَ ) النِّكَاحُ ( إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ جِهَتِهَا لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَ الْعَقْدِ لَا مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَالتَّمْكِينُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا تَرْكُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بِمُسَاعِدَةِ غَيْرِ الشَّارِطِ لِلشَّارِطِ وَالْمُسَاعَدَةُ مِنْهُ تَرْكٌ لِحَقِّهِ وَمِنْهَا مَنْعٌ لَهُ فَهَلَّا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ فَقَدْ تَعَارَضَ مُقْتَضِيَا

الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُرَجَّحُ بِالِابْتِدَاءِ لِقُوَّتِهِ وَعَنِيَ بِمُقْتَضَى الصِّحَّةِ شَرْطَ الزَّوْجِ أَوْ مُسَاعَدَتَهُ وَفِي اقْتِضَائِهِ لَهَا نَظَرٌ إذْ غَايَتُهُ عَدَمُ اقْتِضَائِهِ الْفَسَادَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اقْتِضَاؤُهُ الصِّحَّةَ .
وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ إلْزَامٌ وَالْمُسَاعَدَةَ الْتِزَامٌ وَالشَّرْطَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ لِلْمُلْزَمِ وَلَا عَكْسَ وَرَدَّهُ ابْنُ النَّقِيبِ بِأَنَّ هَذَا إنْ ظَهَرَ فِي شَرْطِهَا فَلَا يَظْهَرُ فِي شَرْطِهِ ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْتِزَامٌ لَا إلْزَامٌ وَمُسَاعَدَتُهَا بِالْعَكْسِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّرْكِ مِنْ جِهَتِهِ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَمِنْ جِهَتِهَا بِالْعَكْسِ وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَهُوَ إلْزَامٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ بَلْ لِلْمَعْنَى أَيْضًا إذْ فِيهِ إلْزَامُهَا بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ بِالْوَطْءِ وَإِنْ قَامَ بِهِ عُنَّةٌ أَوْ نَحْوُهَا هَذَا وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنْ يُقَالَ الْبَادِئُ بِالشَّرْطِ إنْ كَانَ صَاحِبَ الْحَقِّ فَهُوَ تَارِكٌ لِحَقِّهِ ابْتِدَاءً وَالْآخَرُ لَيْسَ مَانِعًا لَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ صَاحِبِ الْحَقِّ فَاشْتِرَاطُهُ مُفْسِدٌ لِمَا بَدَأَ بِهِ فَمُسَاعَدَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا تُفِيدُ تَمَامَ الْعَقْدِ لِفَسَادِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْفَسَادُ مُطْلَقًا لِلْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِالْفَسَادِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَأْيُوسُ مِنْ احْتِمَالِهَا الْوَطْءَ مُطْلَقًا أَوْ حَالًا إذَا شَرَطَ فِي نِكَاحِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى الِاحْتِمَالِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ .
وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ

مَمْسُوحًا أَنْ يَكُونَ كَهِيَ ( وَلَوْ تَزَوَّجَ ) بِهَا ( عَلَى أَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ لَمْ يَصِحَّ ) التَّزْوِيجُ لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَلِلتَّنَاقُضِ ( أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْبُضْعَ وَأَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ ) أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْبُضْعِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( فَكَشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَ ) هَا ( وَإِنْ أَرَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ لَمْ يَضُرَّ ) ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا
( قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَمْسُوحًا إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا رَتْقَاءُ أَوْ قَرْنَاءُ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَطْعًا قَالَ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً وَحَرَّمْنَا وَطْأَهَا فَشَرَطَتْ تَرْكَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الشِّفَاءَ مُتَوَقَّعٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُزْمِنَةَ إذَا طَالَتْ دَامَتْ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافَهُ ( قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ يُقْبَلُ قَوْلُهَا ) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا ( فِي التَّحْلِيلِ ) بِيَمِينِهَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ ( وَإِنْ كَذَّبَهَا الثَّانِي ) فِي وَطْئِهِ لَهَا ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا وَالْوَطْءُ مِمَّا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ ( لَكِنْ إنْ حَلَفَ الثَّانِي ) عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا ( لَا يَلْزَمُهُ ) لَهَا ( إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ وَ ) يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَيْضًا بِيَمِينِهَا ( فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ) مِنْ الثَّانِي ( عِنْدَ الْإِمْكَانِ ) ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَائِهَا .
( وَلَهُ ) أَيْ الْأَوَّلِ ( تَزَوُّجُهَا وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا ) لِقَبُولِ قَوْلِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِظَنٍّ لَيْسَ لَهُ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ ( لَكِنْ يُكْرَهُ ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ يُمْنَعُ ذَلِكَ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْأَنْوَارِ ( فَإِنْ كَذَّبَهَا ) بِأَنْ قَالَ هِيَ كَاذِبَةٌ ( مَنَعْنَاهُ ) مِنْ تَزَوُّجِهَا ( إلَّا إنْ قَالَ ) بَعْدَهُ ( تَبَيَّنْت صِدْقَهَا ) فَلَهُ تَزَوُّجُهَا ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْكَشَفَ لَهُ خِلَافُ مَا ظَنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ وَلَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ أَيْ الثَّانِي وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ لَمْ تَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَالَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ الْحِلَّ قَالَ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الْفَرَجِ الْبَزَّارُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَوْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا نَكَحَتْ نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُصِيبَتْ وَلَا يَعْلَمُ حَلَّتْ لَهُ انْتَهَى وَفِي الْمَطْلَبِ مَا يُوَافِقُهُ وَكَذَا إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَإِنْ كَذَّبَهَا الثَّانِي لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ وَأَحْوَطُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَا شَاهِدَ فِيهِ وَلَوْ قَالَتْ أَنَا لَمْ أَنْكِحْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَقَالَتْ كَذَبْت بَلْ نَكَحْت زَوْجًا وَوَطِئَنِي وَطَلَّقَنِي وَاعْتَدَدْت وَأَمْكَنَ ذَلِكَ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَلَهُ نِكَاحُهَا .
وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ كَذَبْت مَا طَلَّقَنِي إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَلَهَا التَّزَوُّجُ بِهِ بِغَيْرِ تَحْلِيلٍ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ

تَبْطُلْ بِرُجُوعِهَا حَقًّا لِغَيْرِهَا

( قَوْلُهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي التَّحْلِيلِ ) أَيْ فِي أَنَّهَا نَكَحَتْ زَوْجًا وَأَنَّهُ وَطِئَهَا وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنَّ عِدَّتَهُ انْقَضَتْ قَالَ شَيْخُنَا وَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ تُعَيِّنْ زَوْجًا أَوْ عَيَّنَتْهُ وَكَذَّبَهَا فِي الْوَطْءِ وَصَدَّقَهَا عَلَى الطَّلَاقِ وَكَتَبَ أَيْضًا مَحَلُّ قَبُولِ قَوْلِهَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُطَلِّقِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى طَلَاقِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ يُزَوِّجْهَا كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قَبْلَ بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ فِي الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ مَحْكِيٌّ عَنْ الْقَاضِي لَكِنْ فِي فَتَاوِيهِ مَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَوْ ادَّعَتْ عِلْمَ الْوَلِيِّ بِوَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ وَأَنْكَرَ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِتَزْوِيجِهَا أَوْ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تُعَيِّنْ زَوْجًا فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَيَجْتَمِعُ مَا هُنَا وَمَا ذُكِرَ فِي النِّكَاحِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ لَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْغَائِبِينَ وَنَحْوِهِمْ فَإِذَا عَيَّنَتْ زَوْجًا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ طَلَاقِهِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَتَزْوِيجُ الْحَاكِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ بِشَائِبَةِ نِيَابَةٍ عَنْ الْوَلِيِّ لَا وِلَايَةٍ فَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ كَاتِبُهُ .
( قَوْلُهُ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّحَهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ الْبَالِغَةَ الْعَاقِلَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ فَقَالَتْ زَوَّجَنِي وَلِيٌّ بِعَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَكَذَّبَهَا الْوَلِيُّ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا يُحْكَمُ بِقَوْلِهَا لِأَنَّهَا تُقِرُّ عَلَى نَفْسِهَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا كَالْمُقِرَّةِ عَلَى الْوَلِيِّ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالثَّالِثُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَفِيفَةِ وَالْفَاسِقَةِ قَالَهُ

الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْخِلَافِ بَيْنَ أَنْ تُقَيِّدَ الْإِقْرَارَ وَتُضِيفَ التَّزْوِيجَ إلَى الْوَلِيِّ فَيُكَذِّبَهَا وَبَيْنَ أَنْ تُطْلِقَ ثُمَّ قَالَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا فِي تَكْذِيبِ الشَّاهِدَيْنِ إذَا كَانَتْ قَدْ عَيَّنَتْهُمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِهِمَا لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَالْكَذِبِ هَذِهِ عِبَارَتُهُ وَبِهَا يَظْهَرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَكْذِيبَ الشُّهُودِ الْمُعَيَّنِينَ يَقْدَحُ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَقْدَحُ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَهُ فِي الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ فَقَالَ فِي بَابِ التَّحْلِيلِ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّهُ أَصَابَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ الثَّانِي لَمْ أَدْخُلْ بِهَا وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الدُّخُولَ هَلْ لِلْأَوَّلِ نِكَاحُهَا .
وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ الَّذِينَ ادَّعَتْ انْعِقَادَ النِّكَاحِ بِحُضُورِهِمْ وَأَنْكَرُوا ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ وَأَشَارَ الْبَغَوِيّ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ مَعَ تَكْذِيبِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ ت

( فَرْعٌ وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ ) الْأَمَةُ بِإِزَالَةِ مَا يَمْلِكُهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ ( ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا ) لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ

( الْجِنْسُ الثَّالِثُ ) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ ( الرِّقُّ وَلَا يَجْتَمِعُ الْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ ) لِتَنَاقُضِ حُكْمَيْهِمَا إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ فَسَقَطَ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى وَأَقْوَاهُمَا الْمِلْكُ لِإِفَادَتِهِ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالنِّكَاحُ لَا يُفِيدُ إلَّا ضَرْبًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ ( فَلَوْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ ) لِمَا مَرَّ أَمَّا فِي مِلْكِهِ لَهَا فَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَكَوْنُهَا مِلْكَهُ يَقْتَضِي عَدَمَهُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ وَلَوْ مَلَّكَهَا الْمِلْكَ نَفْسَهُ .
وَأَمَّا فِي مِلْكِهَا لَهُ فَلِأَنَّهَا إذَا مَلَكَتْهُ كَانَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالسَّفَرِ إلَى الشَّرْقِ ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهَا وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى الْغَرْبِ ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِذَا دَعَاهَا إلَى فِرَاشِهِ بِحَقِّ النِّكَاحِ بَعَثَتْهُ فِي أَشْغَالِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ فَيَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيَسْقُطُ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى
( قَوْلُهُ أَمَّا فِي مِلْكِهِ لَهَا ) أَيْ مِلْكًا تَامًّا ( قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي مِلْكِهَا لَهُ ) أَيْ مِلْكًا تَامًّا

( وَلَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ لَا الْمُبَعَّضِ أَمَةُ غَيْرِ وَلَدِهِ وَ ) لَا ( الْمُبَعَّضَةُ إلَّا بِشُرُوطٍ ) بِخِلَافِ الْمُبَعَّضِ وَكُلُّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ يَجُوزُ لَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ بِلَا شَرْطٍ مِمَّا يَأْتِي وَبِخِلَافِ أَمَةِ وَلَدِهِ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهُمَا مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي وَكَذَا أَمَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا وَالشُّرُوطُ هُنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا ( أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ ) تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ كَذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ إرْقَاقِ وَلَدِهِ وَلِمَفْهُومِ الْآيَةِ الْآتِيَةِ بِالْأُولَى .
( فَلَوْ كَانَتْ ) تَحْتَهُ حُرَّةٌ ( لَكِنَّهَا صَغِيرَةٌ ) لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ ( أَوْ رَتْقَاءُ ) أَوْ قَرْنَاءُ ( أَوْ بَرْصَاءُ ) أَوْ مَجْذُومَةٌ ( أَوْ هَرِمَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ فَكَالْمَعْدُومَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِيهِ فَوُجُودُهَا كَالْعَدَمِ فَتَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ وَقِيلَ لَا تَحِلُّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلْمُهَذَّبِ وَالْقَاضِي وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ } مَحْمُولٌ عَلَى حُرَّةٍ تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ

( قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ لَا الْمُبَعَّضِ أَمَةُ غَيْرِ وَلَدِهِ إلَخْ ) لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِحَمْلِ أَمَةٍ دَائِمًا ثُمَّ أَعْتَقَ تِلْكَ الْأَمَةَ لَمْ يَجُزْ لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلَّا بِشُرُوطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِأَجْلِ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَمَةِ أَحَدِ أُصُولِهِ الَّذِينَ يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ غَيْرِهَا لِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً عَنْ إرْقَاقِ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا ثُمَّ قَالَ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَقَلَّ أَنْ يَتَفَطَّنَ لَهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَعْتَقَ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْوَارِثُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ أَمَةِ وَلَدِهِ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ إلَخْ ) وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدٍ يَمْلِكُ فَرْعَهَا أَوْ مُكَاتَبِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ ( قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ تَصْلُحُ لِلْأَمَةِ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ زَوْجَةٌ لِتَدْخُلَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ

الشَّرْطُ ( الثَّانِي أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى حُرَّةٍ لِعَدَمِهَا أَوْ فَقْرِهِ أَوْ غَيْبَةِ مَالِهِ ) فَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا بِأَنْ وَجَدَهَا رَاضِيَةً بِهِ وَوَجَدَ صَدَاقَهَا فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ وَلِبَاسِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَنَحْوِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ .
( وَلَوْ ) كَانَتْ الْحُرَّةُ ( كِتَابِيَّةً ) لِمَا مَرَّ وَذِكْرُ الْمُؤْمِنَاتِ فِي الْآيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إنَّمَا يَرْغَبُ فِي الْمُؤْمِنَةِ وَمِنْ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ مَهْرِ الْمُؤْمِنَةِ عَجَزَ عَنْ مَهْرِ الْكِتَابِيَّةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْضَى بِالْمُؤْمِنِ إلَّا بِمَهْرٍ كَثِيرٍ ( لَا مُعْتَدَّةً ) عَنْ غَيْرِهِ وَلَا رَتْقَاءَ وَلَا قَرْنَاءَ وَلَا مَجْذُومَةً وَلَا بَرْصَاءَ وَلَا مَجْنُونَةً وَلَا طِفْلَةً فَلَا يَحْرُمُ مَعَهُنَّ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ غَائِبَةٍ ) عَنْ بَلَدِهِ ( تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ ) فِي قَصْدِهَا ( أَوْ يَخَافُ الْعَنَتَ ) مُدَّةَ قَصْدِهَا كَمَا أَشَارَ إلَى مَا قَدَّرَتْهُ فِيهِمَا بِقَوْلِهِ ( دُونَهَا نَكَحَ الْأَمَةَ ) وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ لَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ إذْ أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ إلَى وَطَنِهِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالْمَعْدُومَةِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمُقَامَ مَعَهَا هُنَاكَ مِنْ التَّغَرُّبِ وَالرُّخْصَةُ لَا تَحْتَمِلُ هَذَا التَّضْيِيقَ انْتَهَى وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يَنْسُبَ مُتَحَمِّلَهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَكَذَا ) لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ( لَوْ وَجَدَهَا ) أَيْ الْحُرَّةَ ( بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ لِلطُّهْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ ( أَوْ رَضِيَتْ بِلَا مَهْرٍ ) لِوُجُوبِ مَهْرِهَا عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ وَلِأَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْفَرْضِ فِي الْحَالِ فَتَشْتَغِلَ ذِمَّتُهُ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ .
( أَوْ ) رَضِيَتْ ( بِإِمْهَالِهِ ) بِالْمَهْرِ وَإِنْ تَوَقَّعَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ

الْمَحَلِّ ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَشْتَغِلُ فِي الْحَالِ وَقَدْ يَعْجِزُ عَمَّا يَتَوَقَّعُهُ ( أَوْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ ) بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تَفِي بِصَدَاقِهَا أَوْ مَنْ يَبِيعُهُ نَسِيئَةً مَا يَفِي بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ مَنْ يُقْرِضُهُ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ لَا يَلْحَقُهُ الْأَجَلُ فَرُبَّمَا يُطْلَبُ مِنْهُ فِي الْحَالِ ( أَوْ مَنْ يَهَبُ لَهُ ) مَالًا أَوْ أَمَةً لِعِظَمِ الْمِنَّةِ ( نَعَمْ لَوْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ ) لَهَا وَهُوَ ( يَجِدُهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَالْمِنَّةُ بِالنَّقْصِ فِيهِ قَلِيلَةٌ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ وَنَظِيرُهُ مَا إذْ وَجَدَ الْمَاءَ بِثَمَنٍ بَخْسٍ لَا يَتَيَمَّمُ ( وَتَحِلُّ ) الْأَمَةُ ( لِمَنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ ) يَحْتَاجُهُمَا وَلَمْ تَصْلُحُ الْخَادِمُ لِلتَّمَتُّعِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُمَا وَصَرْفُ ثَمَنِهِمَا إلَى مَهْرِ الْحُرَّةِ ( لَا ) مَنْ لَهُ ( ابْنٌ مُوسِرٌ ) فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ ابْنِهِ لِوُجُوبِ إعْفَافِهِ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَلَدِ ( فَإِنْ نَكَحَهَا ) أَيْ الْأَمَةَ حَيْثُ حَلَّتْ لَهُ ( وَأَيْسَرَ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ .
( أَوْ نَكَحَ حُرَّةً لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا ) ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي خَوْفِ الْعَنَتِ وَالْإِحْرَامِ وَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَالْإِسْلَامِ

قَوْلُهُ أَوْ فَقْرِهِ إلَخْ ) أَيْ أَوْ عَدَمُ رِضَاهَا بِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ أَوْ غَيْبَةُ مَالِهِ ) وَيُخَالِفُ مَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ غَائِبَةً حَيْثُ مُنِعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى وَجْهٍ لِأَنَّ تَطْلِيقَ الْغَائِبَةِ مُمْكِنٌ وَإِحْضَارُ الْمَالِ الْغَائِبِ فِي الْحَالِ غَيْرُ مُمْكِنٍ ( قَوْلُهُ دُونَهَا ) بِمَعْنًى بَيِّنٍ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرَى الْمُتَقَارِبَةَ جِدًّا فِي حُكْمِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ بِأَنْ كَانَ يَبْلُغُهُمْ النِّدَاءُ مِنْهَا وَيَلْزَمُهُمْ حُضُورُ الْجُمُعَةِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ وَجَدَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْل إلَخْ ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ هَذَا إنْ كَانَ الزَّائِدُ يُعَدُّ بَذْلُهُ إسْرَافًا وَإِلَّا فَتَحْرُمُ الْأَمَةُ وَفَرَّقَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَاءِ الطُّهْرِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ وَعَلَى هَذَا جَرَى النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ أَمَةً وَحُرَّةً وَكَانَ صَدَاقُ الْأَمَةِ الَّذِي لَا يَرْضَى سَيِّدُهَا بِنِكَاحِهَا إلَّا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَلَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ إلَّا بِمَا سَأَلَهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ .
قَالَ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ تَوَزَّعَ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ حُرَّةً تَطْلُبُ دِينَارًا مَثَلًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَأَمَةً يَطْلُبُ سَيِّدُهَا دِينَارًا مَثَلًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا تَطْلُبُهُ الْحُرَّةُ قَدَّمَهَا وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْأَمَةِ كَاتَبَهُ ( قَوْلُهُ أَوْ بِإِمْهَالِهِ ) وَفَارَقَ وُجُوبَ شِرَاءِ الْمَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِأَنَّ فِي الزَّوْجَةِ كُلْفَةً

أُخْرَى وَهِيَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَإِنَّهُمَا يَجِبَانِ بِمُجَرَّدِ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ وَالْقُدْرَةُ بِمَالِ الْوَلَدِ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ كَالْقُدْرَةِ بِمَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ ) بَلْ لَا مِنَّةَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْكَاسِدَةِ الْمُحْتَاجَةِ

الشَّرْطُ ( الثَّالِثُ خَوْفُ الْعَنَتِ وَهُوَ الزِّنَا ) بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَتَضْعُفَ تَقْوَاهُ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ الزِّنَا بَلْ تَوَقَّعَهُ لَا عَلَى نُدْرَةٍ ( فَمَنْ ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ وَلَهُ تَقْوَى أَوْ مُرُوءَةٌ أَوْ حَيَاءٌ يَسْتَقْبِحُ مَعَهَا الزِّنَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ وَكَذَا لَوْ قَوِيَتْ الشَّهْوَةُ وَالتَّقْوَى ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ الزِّنَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرِقَّ وَلَدَهُ لِقَضَاءِ وَطَرٍ وَكَسْرِ شَهْوَةٍ وَأَصْلُ الْعَنَتِ الْمَشَقَّةُ سُمِّيَ بِهِ الزِّنَا ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ وقَوْله تَعَالَى { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ } إلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ { لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ } وَالطَّوْلُ السَّعَةُ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ .
قَالَ الرُّويَانِيُّ بِالْعَنَتِ عُمُومُهُ لَا خُصُوصُهُ حَتَّى لَوْ خَافَ الْعَنَتَ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ ( وَلَا تَحِلُّ ) الْأَمَةُ ( لِمَجْبُوبٍ ) ذَكَرُهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الزِّنَا وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَهُ وَلِلْخَصِيِّ ذَلِكَ عِنْدَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الْفِعْلِ الْمُؤْثِمِ ؛ لِأَنَّ الْعَنَتَ الْمَشَقَّةُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلْعِنِّينِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي جَوَازُهُ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ مَحْذُورِ رِقِّ الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ وَهَذَا أَبْلَغُ مِمَّا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ

( قَوْلُهُ إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ : الْوَجْهُ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِ الطَّوْلِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّوْلِ فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا س .
مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَاضِحٌ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَشِقَ امْرَأَةً وَنَفْسُهُ تَخَافُ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا وَكَذَا مَا حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْ النِّكَاحِ مِنْ أَيِّ الْوُجُوهِ حَرُمَ لَمْ أُرَخِّصْ لَهُ فِي نِكَاحِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ خَوْفَ الْعَنَتِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي مَوْضِعِ لَذَّةٍ يُحِلُّ بِهَا الْمُحَرَّمَ قَوْلُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَهُ وَلِلْخَصِيِّ ذَلِكَ إلَخْ ) ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي جَوَازُهُ إلَخْ ) مَا قَالَهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْآيَةِ قَالَ تَعَالَى { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ } وَهَذَا لَا يَخْشَى الْعَنَتَ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ عَلَيْهِ بِالصَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ قَطْعًا وَلَا نَنْظُرُ إلَى طُرُوُّ الْبُلُوغِ وَتَوَقُّعِ الْحَبَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا لَا نَظَرَ إلَى طُرُوُّ الْيَسَارِ فِي حَقِّ نَاكِحِ الْأَمَةِ وَبِنِكَاحِ الْأَمَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَبِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يُعْتَقُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَوْ وَهُوَ فِي الْبَطْنِ كَمَا لَوْ نَكَحَ جَارِيَةَ أَبِيهِ

( فَإِنْ وَجَدَتْ الْأَمَةُ زَوْجَهَا الْحُرَّ مَجْبُوبًا ) وَأَرَادَتْ الْفَسْخَ ( وَادَّعَى ) الزَّوْجُ ( حُدُوثَهُ ) أَيْ الْجَبُّ بَعْدَ النِّكَاحِ ( وَأَمْكَنَ حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ ) ؛ لِأَنَّهَا إنْ صَدَّقَتْهُ فَذَاكَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَدَعْوَاهَا بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهَا بُطْلَانُ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ .
وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُهُ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مُنْدَمِلًا وَقَدْ عُقِدَ النِّكَاحُ أَمْسِ حُكِمَ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ

( وَمَنْ قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ أَمَةٍ أَوْ ) كَانَ قَدْ ( مَلَكَهَا ) وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلتَّمَتُّعِ ( لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَائِفٍ مِنْ الْعَنَتِ ( فَإِنْ مَلَكَ مَحْرَمًا لَهُ ) كَأُخْتِهِ وَأَعَمُّ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ أَمَةً غَيْرَ مُبَاحَةٍ ( لَزِمَهُ بَذْلُهَا فِي قِيمَةِ أَمَةٍ أَوْ صَدَاقِ حُرَّةٍ ) إنْ وَفَّتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا بَذَلَهَا فِي صَدَاقِ أَمَةٍ
( قَوْلُهُ فَإِنْ مَلَكَ مَحْرَمًا لَهُ إلَخْ ) أَيْ لَا يَحْتَاجُ لِخِدْمَتِهَا

الشَّرْطُ ( الرَّابِعُ كَوْنُ الْأَمَةِ مُسْلِمَةً تُوطَأُ لَا صَغِيرَةً ) لَا تُوطَأُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ بِهَا الْعَنَتَ وَيُقَاسُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا كَرَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ .
( وَلَوْ مَلَكَهَا ) أَيْ الْمُسْلِمَةَ ( كَافِرٌ ) فَإِنَّهَا تَكْفِي وَلَا يُؤَثِّرُ كُفْرُ سَيِّدِهَا لِحُصُولِ صِفَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا ( فَتَحْرُمُ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ وَلَوْ عَلَى رَقِيقٍ مُسْلِمٍ ) أَيْ تَحْرُمُ عَلَى مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا الْحُرُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ } وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا نُقْصَانٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَثَرٌ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ وَهُمَا الْكُفْرُ وَالرِّقُّ فَلَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِكَاحُهَا كَالْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ لِاجْتِمَاعِ نَقْصِ الْكُفْرِ وَعَدَمِ الْكِتَابِ وَأَمَّا غَيْرُ الْحُرِّ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا فَسَاوَى الْحُرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ ( لَا عَلَى كِتَابِيٍّ ) حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّيْنِ وَكَمَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَيُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ خَوْفَ الْعَنَتِ وَفَقْدِ الْحُرَّةِ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَنِكَاحُ الْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ أَوْ الْوَثَنِيُّ الْأَمَةَ الْمَجُوسِيَّةَ أَوْ الْوَثَنِيَّةَ كَالْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ .

( قَوْلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ كُفْرُ سَيِّدِهَا ) اسْتَشْكَلَ مُجَلِّي تَصْوِيرَهَا وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّهَا تُقِرُّ فِي يَدِ الْكَافِرِ وَفِي مُكَاتَبَةٍ أَسْلَمَتْ أَوْ قِنَّةٍ لَمْ يَجِدْ زَبُونَهَا أَوْ وَجَدَ وَلَكِنْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا بِدُونِهِ وَفِي أَمَةِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهَا ( قَوْلُهُ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّوَسُّطِ اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ يَخَافُ الْعَنَتَ وَلَا يَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ وَإِلَّا فَيُمْتَنَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَالْمُسْلِمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ فَصَارَ حُكْمُ الذِّمِّيِّ مَعَهَا كَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ مَعَ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَأَيْضًا فَقَدْ قَاسُوا الْأَصَحَّ عَلَى نِكَاحِ الْمُسْلِمِ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْكِحُهَا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فَإِنْ قِيلَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ فَمَا صُورَةُ الْمَنْعِ هُنَا قُلْنَا صُورَتُهُ إذَا طَلَبُوا تَزْوِيجَهَا مِنْ قَاضِينَا

( فَرْعٌ لِلْمُسْلِمِ ) الْحُرِّ ( وَطْءُ أَمَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ لَا الْمَجُوسِيَّةِ ) وَنَحْوُهَا كَالنِّكَاحِ فِي حَرَائِرِهِمْ ( وَفِي ) جَوَازِ ( نِكَاحِ الْمَحْضَةِ ) أَيْ خَالِصَةِ الرِّقِّ ( مَعَ تَيَسُّرِ ) نِكَاحِ ( الْمُبَعَّضَةِ تَرَدُّدٌ ) لِلْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ ؛ لِأَنَّ تَخْفِيفَ الرِّقِّ مَطْلُوبٌ وَالشَّرْعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ قَالَ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا فَإِنْ قُلْنَا يَنْعَقِدُ حُرًّا كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ امْتَنَعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَطْعًا
( قَوْلُهُ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الكوهكيلوني الْأَفْقَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نِكَاحُ الرَّقِيقَةِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ تَخْفِيفَ الرِّقِّ مَطْلُوبٌ إلَخْ ) بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ قِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ يَسْرِي إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا جَرَى فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ السِّيَرِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ مُبَعَّضٌ فَقَالَ وَيَتَبَعَّضُ الْوَلَدُ حُرِّيَّةً وَرِقًا كَوَلَدِ الْمُبَعَّضَةِ

( فَصْلٌ وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ ) لَا يَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ كَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَى الْوَاطِئِ بِزَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ أَوْ نَكَحَهَا وَهُوَ مُوسِرٌ ( رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا وَإِنْ كَانَ ) الْوَلَدُ مِنْ عَرَبِيٍّ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ أَوْ شُبْهَةٍ : أَوْ غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ وَلَدَهَا مِنْ زِنًا
( فَصْلٌ وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ رَقِيقٌ ) ( قَوْلُهُ كَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَى الْوَاطِئِ بِزَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ إلَخْ ) أَمَّا مَنْ وَطِئَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ

( فَصْلٌ لَوْ جَمَعَ عَبْدٌ فِي عَقْدٍ حُرَّةً وَأَمَةً صَحَّ ) إذْ لَا مَانِعَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَالْعَبْدِ الْمُبَعَّضُ ( أَوْ ) جَمَعَهُمَا حُرٌّ فِي عَقْدٍ ( صَحَّ فِي الْحُرَّةِ ) دُونَ الْأَمَةِ ( وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ ) كَأَنْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْجِيلِ الْمَهْرِ أَوْ بِلَا مَهْرٍ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلِأَنَّ الْأَمَةَ كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْحُرَّةِ لَا تُقَارِنُهَا وَلَيْسَ هَذَا كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّةِ أَقْوَى مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَالْأُخْتَانِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى فَبَطَلَ نِكَاحُهُمَا مَعًا ( وَإِذَا جَمَعَ رَجُلٌ بَيْنَ مُسْلِمَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا ) كَوَثَنِيَّةٍ ( صَحَّ فِي الْمُسْلِمَةِ ) دُونَ الْأُخْرَى عَمَلًا بِمَا قُلْنَا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ - نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا مَا يَخُصُّ مَهْرَهَا مِنْ تَوْزِيعِ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرَيْهِمَا وَكَالْجَمْعِ الْمَذْكُورِ وَالْجَمْعِ بَيْنِ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ أَوْ خَلِيَّةٍ وَمُعْتَدَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَيُتَصَوَّرُ الْجَمْعُ ) بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ وَمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ وَإِنْ صَحَّ فِي الْأُولَى فَقَطْ ( بِأَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَه وَأَمَتَهُ أَوْ يُوَكِّلَهُ ) أَيْ الزَّوْجُ لَهُمَا ( الْوَلِيَّانِ ) أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْآخَرَ ( فَيَقُولُ ) الْمُزَوِّجُ ( زَوَّجْتُك هَذِهِ وَهَذِهِ ) بِكَذَا ( وَيَقْبَلُ ) الْمُخَاطَبُ ( نِكَاحَهُمَا ) بِذَلِكَ ( وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي هَذِهِ بِكَذَا وَزَوَّجْتُك أَمَتِي هَذِهِ بِكَذَا فَفَصَّلَ ) الْمُخَاطَبُ ( فِي الْقَبُولِ ) أَيْضًا بِأَنْ قَالَ قَبِلْت نِكَاحَ بِنْتِك وَقَبِلْت نِكَاحَ أَمَتِك ( صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ حَصَلَ التَّفْصِيلُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ ) دُونَ الْآخَرِ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَعْلُومَتَانِ مِنْ الَّتِي قَبْلَهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ لِيُبَيِّنَ بِهِمَا مَحَلَّ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( بِكَذَا فِي

الْمَوْضِعَيْنِ ) تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ .

( وَإِذَا جَمَعَ ) رَجُلٌ فِي عَقْدٍ ( بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَأَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ صَحَّ ) النِّكَاحُ ( فِي الْأَمَةِ ) دُونَ الْأُخْتَيْنِ عَمَلًا بِمَا مَرَّ ( وَمَتَى قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك هَذَا الْخَمْرَ ) بِكَذَا ( أَوْ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَابْنِي ) أَوْ وَفَرَسِي فَقِبَلَهُمَا ( صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ ) لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَضْمُومِ لِلْبَيْعِ فِي الْأُولَى وَلِلنِّكَاحِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَلْغُو ذِكْرُهُ وَيَصِحُّ نِكَاحُ الْبِنْتِ فِيهِمَا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ

( وَإِنْ تَزَوَّجَ ) حُرٌّ ( أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا ) وَإِنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ ( كَالْأُخْتَيْنِ )

( الْجِنْسُ الرَّابِعُ ) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ ( الْكُفْرُ فَتَحْرُمُ مُنَاكَحَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ ) التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ( مِنْ الْمَجُوسِ ) وَإِنْ كَانَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ إذْ لَا كِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا نَتَيَقَّنُهُ قَبْلُ فَيُحْتَاطُ ( وَ ) مِنْ ( الْمُتَمَسِّكِينَ بِصُحُفِ شِيثٍ ) وَإِدْرِيسَ ( وَإِبْرَاهِيمَ وَزَبُور دَاوُد وَ ) مِنْ ( سَائِرِ الْكُفَّارِ ) كَعَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالصُّوَرِ وَالنُّجُومِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالزَّنَادِقَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ بِخِلَافِ مُنَاكَحَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ يَحِلُّ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي قَالَ تَعَالَى { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } أَيْ حِلٌّ لَكُمْ وَقَالَ { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } فَالْمُرَادُ مِنْ الْكِتَابِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ دُونَ سَائِرِ الْكُتُبِ قَبْلَهُمَا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ بِنُظُمٍ تُدَرَّسُ وَتُتْلَى وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهَا .
وَقِيلَ ؛ لِأَنَّهَا حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ غَيْرَهَا اجْتَمَعَ فِيهِ نُقْصَانُ الْكُفْرِ فِي الْحَالِ وَفَسَادُ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ وَالْكِتَابِيَّةُ فِيهَا نَقْصٌ وَاحِدٌ وَهُوَ كُفْرُهَا فِي الْحَالِ

قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ مُنَاكَحَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ إلَخْ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سُنُّوا لَهُمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِمْ } رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا مُرْسَلًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَيُؤَكِّدُهُ إجْمَاعُ الْجُمْهُورِ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْكِتَابِيِّ أَيْضًا وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَهَلْ تَحْرُمُ الْوَثَنِيَّةُ عَلَى الْوَثَنِيِّ قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إنْ قُلْنَا إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا حِلَّ وَلَا حُرْمَةَ ا هـ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَقَدْ قَالُوا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إلَّا أَنْ تَصِيرَ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ا هـ هَذَا غَيْرُ مُلَاقٍ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ وَهَذَا فِي عَدَمِ مَنْعِهِمْ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُنَاكَحَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ تَحِلُّ إلَخْ ) ذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي إبَاحَةِ الْكِتَابِيَّةِ مَا يُرْجَى مِنْ مَيْلِهَا إلَى دِينِ زَوْجِهَا فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى النِّسَاءِ الْمَيْلُ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَإِيثَارِهِنَّ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَلِهَذَا حَرُمَتْ الْمُسْلِمَةُ عَلَى الْمُشْرِكِ إشْفَاقًا مِنْ أَنْ تَمِيلَ إلَى دِينِهِ

( فَصْلٌ ) فِي صِفَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي يَنْكِحُهَا الْمُسْلِمُ وَهِيَ إسْرَائِيلِيَّةٌ وَغَيْرُهَا وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ ( يَصِحُّ نِكَاحُ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ) إلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( وَكَذَا غَيْرُهُنَّ ) مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ( مِمَّنْ دَخَلَ قَوْمُهَا ) أَيْ آبَاؤُهَا أَيْ أَوَّلُهُمْ فِي ذَلِكَ الدِّينِ ( قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ ) لَهُ ( أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ ) وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ ( وَ ) لَكِنَّهُمْ ( تَجَنَّبُوا الْمُبَدَّلَ ) يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا ( لَا ) إنْ دَخَلُوا ( بَعْدَهُمَا ) أَيْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَتَبْدِيلِهِ أَوْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَقَبْلَ تَبْدِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَمْ يَتَجَنَّبُوا الْمُبَدَّلَ كَمَا فُهِمَ مِمَّا مَرَّ .
فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ وَحُرْمَتِهِ بِالنَّسْخِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَبِالتَّبْدِيلِ الْمَذْكُورِ وَفِي الثَّالِثَةِ ( وَكَذَا ) لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا ( إنْ جُهِلَ الْحَالُ ) وَفِي نُسْخَةٍ حَالُهُمْ أَيْ دُخُولُ قَوْمِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ أَخْذًا بِالْأَغْلَظِ ( وَلَوْ جُهِلَ حَالُ آبَاءِ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ ) فِي أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ أَوْ عُلِمَ دُخُولُهُمْ فِيهِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ وَقَبْلَ نَسْخِهِ ( لَمْ يَحْرُمْنَ ) لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ ( بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْهُنَّ إلَّا مَنْ دَخَلَ آبَاؤُهَا ) فِي ذَلِكَ الدِّينِ ( بَعْدَ دِينِ الْإِسْلَامِ ) أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى وَقَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُنَّ لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ كَمَا مَرَّ .

( قَوْلُهُ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ إلَخْ ) قَالَ الطُّوفِيُّ وَجَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ أَيُّوبُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ بَلْ هُوَ مِنْ بَنِي الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ فَأَيُّوبُ ابْنُ أَخِي إسْرَائِيلَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ إسْرَائِيلَ وَمِنْهُمْ آدَم وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَصَالِحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَلُوطٌ وَإِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ وَهُودٌ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ( قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالتَّهَوُّدُ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالتَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرِ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى هَلْ نَسَخَتْ شَرِيعَةَ مُوسَى أَوْ خَصَّصَتْهَا وَالنَّاسِخُ شَرِيعَتُنَا وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ وَالِدِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلَّ شَرِيعَةٍ نَسَخَتْ الَّتِي قَبْلَهَا فَشَرِيعَةُ عِيسَى نَسَخَتْ شَرِيعَةَ مُوسَى وَشَرِيعَتُنَا نَسَخَتْ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ قَالَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى لَمْ تَنْسَخْ شَرِيعَةَ مُوسَى فَإِنَّ عِيسَى مُقَرِّرٌ لِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ إلَّا مَا نُسِخَ مِنْهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ ثُمَّ ذَكَرَ تَأْوِيلَ النَّصِّ وَبَسَطَ ذَلِكَ .
ا هـ .
فس وَقَوْلُهُ إنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ عِيسَى دَعَا الْيَهُودَ إلَى دِينِهِ فَلَوْ لَمْ يَنْسَخْ دِينَهُمْ بِدِينِهِ وَكِتَابَهُمْ بِكِتَابِهِ لَأَقَرَّهُمْ وَلَدَعَا غَيْرَهُمْ ا هـ .
فَالدَّاخِلُ فِي الْيَهُودِيَّةِ بَعْدَ عِيسَى عَلَى الْبَاطِلِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ

إلَخْ ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَحْرُمْنَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ

( فَرْعٌ مَنْ وَافَقَ الْيَهُودَ مِنْ السَّامِرَةِ ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ( أَوْ ) وَافَقَ ( النَّصَارَى مِنْ الصَّابِئِينَ ) وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ( فِي الْأُصُولِ ) أَيْ أُصُولِ دِينِهِمْ ( نَاكَحْنَاهُمْ ) بِالشَّرْطِ السَّابِقِ ( وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُبْتَدِعَةٌ فَهُمْ كَمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ نَعَمْ إنْ كَفَّرَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَرُمَتْ مُنَاكَحَتُنَا لَهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ ( لَا إنْ شَكَكْنَا ) فِي مُوَافَقَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْأُصُولِ أَوْ عَلِمْنَا مُخَالَفَتَهُمْ لَهُمْ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْمُخَالَفَةِ مِمَّا مَرَّ وَبِالْأَوْلَى مِنْ هُنَا فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُنَا لَهُمْ وَسُمِّيَتْ الْأُولَى سَامِرَةٌ لِنِسْبَتِهَا إلَى أَصْلِهَا السَّامِرِيِّ عَابِدِ الْعِجْلِ وَالثَّانِيَةُ صَابِئَةً قِيلَ لِنِسْبَتِهَا إلَى صَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ لِخُرُوجِهَا مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ وَإِطْلَاقُ الصَّابِئَةِ عَلَى مَا قُلْنَا هُوَ الْمُرَادُ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَقْدَمَ مِنْ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ وَيُضِيفُونَ الْآثَارَ إلَيْهَا وَيَنْفُونَ الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ فَبَذَلُوا لَهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَتَرَكَهُمْ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ وَلَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ .
( قَوْلُهُ فَهُمْ كَمُبْتَدَعَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَإِنْ كَفَّرُوهُمْ لَمْ يُنَاكَحُوا قَطْعًا

( فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ ) ذِمِّيَّةٍ أَوْ حَرْبِيَّةٍ ( مَكْرُوهٌ ) لِئَلَّا تَفْتِنَهُ أَوْ وَلَدَهُ ( وَ ) لَكِنَّ نِكَاحَ ( الْحَرْبِيَّةِ أَشَدُّ ) كَرَاهَةً ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ قَهْرِنَا وَلِلْخَوْفِ مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ سَوَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ كَرَاهَةُ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ بِدَارِهِمْ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ قَالَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَرَاهَةَ التَّسَرِّي أَيْضًا أَيْ هُنَاكَ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ كَرَاهَةِ الذِّمِّيَّةِ إذَا وَجَدَ مُسْلِمَةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ ( وَلَهَا ) أَيْ لِلْكِتَابِيَّةِ الْمَنْكُوحَةِ ( أَحْكَامُ الْمُسْلِمَةِ ) الْمَنْكُوحَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْقَسْمِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزَّوْجِيَّةِ الْمُفْضِيَةِ لِذَلِكَ ( إلَّا فِي التَّوَارُثِ ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ .
( قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ كَرَاهَةُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ ) وَعَلَّلَهُ بِالْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ التَّكْفِيرِ وَالِاسْتِرْقَاقِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَهُ ) أَيْ لِلزَّوْجِ ( إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ ) إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ لِتَوَقُّفِ حِلِّ الْوَطْءِ عَلَيْهِ ( وَ ) مِنْ ( الْجَنَابَةِ ) لِتَوَقُّفِ كَمَالِ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ كَمَا فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا تُجْبَرُ عَلَى غُسْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ( وَكَذَا الْمُسْلِمَةُ ) لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ ذَلِكَ ( وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ كَمَا تُجْبَرُ ) عَلَيْهِ ( الْمُسْلِمَةُ الْمَجْنُونَةُ وَيَسْتَبِيحُ ) بِالْغُسْلِ الْمَذْكُورِ ( الْوَطْءَ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ ) أَيْ الْمُغْتَسِلَةُ لِلضَّرُورَةِ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ حُكْمِ الْمُمْتَنِعَةِ إذَا غَسَّلَهَا حَلِيلُهَا وَ ذِكْرُ حُكْمِ الْمُسْلِمَةِ الْعَاقِلَةِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَ ) لَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ ( عَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ ) وَالْعَانَةِ ( وَالظُّفْرِ ) لِمَا مَرَّ ( وَعَلَى اجْتِنَابِ ) تَنَاوُلِ ( الْمُؤْذِيَاتِ كَالثُّومِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَكَذَا النَّبِيذُ ) وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ تَسْكَرْ بِهِ ( وَإِنْ اسْتَحَلَّتْهُ الْمُسْلِمَةُ ) أَيْ اعْتَقَدَتْ حِلَّهُ ( وَعَلَى غُسْلِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ أَعْضَائِهَا ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِخِلَافِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ ثِيَابِهَا وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ كَرِيهٌ .
( وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ لُبْسِ جِلْدِ مَيْتَةٍ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَ ) لُبْسِ ( ثَوْبٍ كَرِيهٍ ) أَيْ لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ كَأَكْلِ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ ( وَ ) لَهُ مَنْعُهَا ( مِنْ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ وَالْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ ) وَكَالزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ السَّيِّدُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ ) وَنَحْوِهِمَا ( عَلَى الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَفَادَ ) هَا ( الْأَمَانَ مِنْ الْقَتْلِ ) فَأَشْبَهَتْ الْمُسْتَأْمَنَةَ وَلَيْسَ كَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ لَا يَعْظُمُ الْأَمْرُ فِيهِ كَتَبْدِيلِ الدِّينِ

وَلِأَنَّ غُسْلَهَا غُسْلُ تَنْظِيفٍ لَا غُسْلُ عِبَادَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا إذَا أَسْلَمَتْ لَا تُصَلِّي بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَالتَّنْظِيفُ حَقُّ الزَّوْجِ فَجَازَ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ حَقًّا لَهُ حَتَّى يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ ) صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْكَافِرَةِ وَزَوْجِ الْمَجْنُونَةِ ( قَوْلُهُ وَلَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ إلَخْ ) هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كَالِاسْتِحْدَادِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ أَمْ لَا وَهَلْ فِي تَرْكِهَا نَوْعٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ أَنَّ ذَلِكَ كَالِاسْتِحْدَادِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ أَنَّ تَرْكَهَا لَيْسَ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ

( فَصْلٌ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ ) أَهْلُهُ عَلَيْهِ ( إلَى مِثْلِهِ ) كَيَهُودِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ تَنَصَّرَ أَوْ عَكْسِهِ ( أَوْ إلَى مَا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ ) كَيَهُودِيٍّ تَوَثَّنَ أَوْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَوَثَنِيٍّ تَهَوَّدَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ .
وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } وَلِأَنَّهُ أَحْدَثَ دِينًا بَاطِلًا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِهِ سَوَاءٌ أَصَرَّ عَلَيْهِ أَمْ عَادَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضِيلَةٌ لِبُطْلَانِهَا بِالِانْتِقَالِ عَنْهُ وَصَارَ كَالْمُرْتَدِّ ( لَكِنَّهُ يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ ) كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ ثُمَّ هُوَ حَرْبِيٌّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ وَيُفَارِقُ مَنْ فَعَلَ مَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُ مِنْ قِتَالٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ يُقْتَلُ وَلَا يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ بِتَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَيْنَا بِخِلَافِ الْمُنْتَقِلِ ضَرَرُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَذِكْرُ تَبْلِيغِهِ الْمَأْمَنَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ أَمَّا لَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَنَا وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ فَإِنَّهُ يُقِرُّ لِمَصْلَحَةِ قَبُولِهَا ثُمَّ قَالَ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ كَلَامُهُمْ فِي الضَّرْبِ الثَّالِثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا قُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ .

قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ إلَخْ ) مَا بَحَثَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ ( قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ ) أَيْ قَبْلَ الِانْتِقَالِ ( قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ ) هَذَا إذَا كَانَ حَرْبِيًّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ قَبْلَ الِانْتِقَالِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ فَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ ع .
( قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَبْقَى ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ وَالْوَجْهُ إلَى آخِرِهِ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا وَاضِحٌ

( وَإِذَا تَنَصَّرَتْ ) أَوْ تَوَثَّنَتْ ( يَهُودِيَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ ) كَالْمُرْتَدَّةِ ( فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً ) لَهُ ( فَهِيَ كَالْمُرْتَدَّةِ ) وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا ( فَإِذَا ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( تَمَجَّسَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ كِتَابِيٍّ لَا يَرَى نِكَاحَهَا فَكَتَمَجُّسِهَا تَحْتَ مُسْلِمٍ فَتَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِشَرْطِهَا ) أَيْ فَتَتَنَجَّزُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَتَوَقَّفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ فَإِنْ أَسْلَمَا فِيهَا دَامَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ التَّمَجُّسِ فَإِنْ رَأْي نِكَاحَهَا أَقْرَرْنَاهُمَا

( وَ لَا يَحِلُّ ) لِأَحَدٍ ( نِكَاحُ الْمُرْتَدَّةِ ) لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ لَا تُقِرُّ كَالْوَثَنِيَّةِ وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا وَلَا مِنْ الْمُرْتَدِّينَ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الدَّوَامُ وَهِيَ لَيْسَتْ مُبْقَاةً ( فَإِنْ ارْتَدَّتْ ) وَلَوْ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَحْدَهُ ( قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ ) النِّكَاحُ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهِ بِالدُّخُولِ ( أَوْ بَعْدَهُ وَقَفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى ) انْقِضَاءِ ( الْعِدَّةِ ) فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِيهَا دَامَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ ؛ لِأَنَّهَا اخْتِلَافُ دِينٍ طَرَأَ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَلَمْ يُوجِبْ الْفَسْخَ فِي الْحَالِ كَإِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَأُلْحِقَتْ رِدَّتُهُمَا بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّهَا أَفْحَشُ وَلَيْسَتْ كَإِسْلَامِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا أَسْلَمَا مُكِّنَا مِنْ الْوَطْءِ بِخِلَافِ مَا إذَا ارْتَدَّا .
( وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ ) فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِمَا حَدَثَ ( وَلَا حَدَّ ) فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ ( وَتَجِبُ عِدَّةٌ ) مِنْهُ ( وَهُمَا ) أَيْ عِدَّةُ الرِّدَّةِ وَعِدَّةُ الْوَطْءِ ( عِدَّتَا شَخْصٍ ) وَاحِدٍ كَمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الدَّوَامُ إلَخْ ) يُرَدُّ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ مِنْ تَحَتُّمِ قَتْلِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهُ ( قَوْلُهُ فَإِنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ ) أَيْ حَيْثُ لَا عِدَّةَ بِاسْتِدْخَالٍ أَوْ غَيْرِهِ

( فَرْعٌ الْمُتَوَلِّدَةُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ حَرَامٌ ) وَإِنْ كَانَ الْكِتَابِيُّ الْأَبَ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكِتَابِيَّةٍ ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَسَائِرُ الْأَدْيَانِ تَتَقَاوَمُ وَلَا يَعْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ هَذَا فِي صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ ( فَإِنْ ) بَلَغَتْ عَاقِلَةً ثُمَّ ( تَبِعَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا أُلْحِقَتْ بِهِ ) فَيَحِلُّ نِكَاحُهَا ( قَالَهُ الشَّافِعِيُّ ) ؛ لِأَنَّ فِيهَا شُعْبَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّا غَلَّبْنَا جَانِبَ التَّحْرِيمِ مَا دَامَتْ تَابِعَةً لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ فَإِذَا بَلَغَتْ وَاسْتَقَلَّتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ قَوِيَتْ تِلْكَ الشُّعْبَةُ .
( وَقِيلَ لَا ) تُلْحَقُ بِهِ فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا كَالْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَجُوسِيَّيْنِ ( وَتَأَوَّلَ ) قَائِلُهُ ( النَّصَّ ) عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا فَبَلَغَ وَاخْتَارَ دِينَ أَحَدِهِمَا ( وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ) فَقَالَ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْحِلِّ فَقَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ نِسْبَةَ التَّصْحِيحِ لِلرَّافِعِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَأْوِيلُ النَّصِّ بِمَا ذُكِرَ عَجِيبٌ فَقَدْ صَوَّرَهَا فِي الْأُمِّ بِأَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْهِ نَصْرَانِيٌّ وَالْآخَرَ مَجُوسِيٌّ انْتَهَى وَأَيْضًا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْأَوَّلِ فَبَلَغَ وَاخْتَارَ دِينَ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِدُونِهِ كَذَلِكَ

( قَوْلُهُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَوَانِعِ يُنِيفُ عَلَى الْعِشْرِينَ كَوْنُهَا مِنْ الْمَحَارِمِ إمَّا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ يَكُونُ تَحْتَ الزَّوْجِ أُخْتُهَا أَوْ عَمَّتُهَا أَوْ خَالَتُهَا أَوْ تَكُونُ خَامِسَةً أَوْ يَكُونُ النَّاكِحُ قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ أَوْ مَمْلُوكَةً لِلنَّاكِحِ أَوْ رَقِيقَةً وَالنَّاكِحُ حُرٌّ فَاقِدُ الشُّرُوطِ أَوْ تَكُونُ أَمَةً كِتَابِيَّةً أَوْ حُرَّةً كِتَابِيَّةً دَانَتْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ أَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ وَثَنِيٍّ وَكِتَابِيَّةٍ أَوْ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَنْكُوحَةَ الْغَيْرِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ وَالثَّيِّبَ الصَّغِيرَةَ وَالْيَتِيمَةَ وَالْمُحْرِمَةَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ كَمَجُوسِيَّةٍ تَدِينُ الْيَهُودِيَّةَ بَعْدَ الشَّرْعِ

( تَتِمَّةٌ ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ أَنْ يَنْكِحَ جِنِّيَّةً وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَفِي تَعْلِيلِهِ بِهَذَا نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ - الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي النِّكَاحِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مَرْفُوعًا نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ .

( قَوْلُهُ وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ ) وَقَالَ الْقَمُولِيُّ يَجُوزُ وَتَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ ( قَوْلُهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا ) وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ يَقْتَضِي اسْتِحَالَتَهُ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَقَدْ رَأَيْت شَيْخًا كَبِيرًا صَالِحًا أَخْبَرَنِي أَنَّهُ تَزَوَّجَ جِنِّيَّةً .
قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَقَدْ رَأَيْت أَنَا آخَرَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي حُكْمِ طَلَاقِهَا وَلِعَانِهَا وَالْإِيلَاءِ مِنْهَا وَعِدَّتِهَا وَنَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَالْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى ا هـ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُهُ فَإِنَّهُمْ يُسَمُّونَ نِسَاءً وَرِجَالًا وَسَمَّاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إخْوَانَنَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ أَنَّ بِلْقِيسَ الْمَلِكَةَ تَزَوَّجَتْ قَبْلُ بِسُلَيْمَانَ وَقِيلَ بِغَيْرِهِ بَعْدَمَا أَسْلَمَتْ وَأَنَّهَا كَانَتْ جِنِّيَّةً وَاسْمُهَا بَارِعَةُ فَلَوْلَا أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْجِنِّ لَمَا جَازَ نِكَاحُهَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُ مَنْ فِي أَحَدِ أَبَوَيْهَا مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ هَلْ يُجْبِرُهَا عَلَى مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ التَّشْكِيلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ النَّفْرَةُ وَهَلْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشُرُوطِ النِّكَاحِ مِنْ أَمْرِ وَلِيِّهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ وَهَلْ يَجُوزُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْ قَاضِيهِمْ وَهَلْ إذَا رَآهَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ الَّتِي أَلِفَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا هِيَ هَلْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَهَلْ يُكَلَّفُ الْإِتْيَانُ بِمَا يَأْلَفُونَهُ مِنْ قُوتِهِمْ كَالْعَظْمِ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِهِ

( الْبَابُ السَّابِعُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ ) وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ ( وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمَجُوسِيَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا ) مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنْ كَانَ ( قَبْلَ الْمَسِيسِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ ( وَإِلَّا تَوَقَّفَتْ عَلَى ) انْقِضَاءِ ( الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ { امْرَأَةً أَسْلَمَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أَسْلَمْت وَعَلِمْت بِإِسْلَامِيِّ فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَوْجِهَا الثَّانِي وَرَدَّهَا إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ } وَفِي مَعْنَى الْمَسِيسِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ( ثَبَتَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ حِينَئِذٍ ) أَيْ مِنْ حِينِ إسْلَامِ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا طَلَاقٍ ؛ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا .

( الْبَابُ السَّابِعُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ ) ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ أَطْلَقُوا اسْمَ الْمُشْرِكِ عَلَى مَنْ لَمْ يُنْكِرْ إلَّا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ غَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا إلَخْ ) لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ إسْلَامَهُ فِي عِدَّتِهَا فَقَالَتْ بَلْ بَعْدَهَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ انْقِضَائِهَا حَلَفَتْ أَوْ عَلَى وَقْتِ إسْلَامِهِ حَلَفَ هُوَ وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مُجَرَّدَ السَّبْقِ صُدِّقَ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى ( قَوْلُهُ ثَبَتَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ حِينَئِذٍ ) قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَوْضُوعٌ لِقَطْعِ النِّكَاحِ فَكَمَا أَنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَقْطَعُ النِّكَاحَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَكَذَا اخْتِلَافُ الدِّينِ

( وَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ ) وَلَوْ وَثَنِيًّا ( وَالْمَرْأَةُ حُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ وَخَرَجَ بِالْحُرَّةِ فِيهَا الْأَمَةُ وَبِالْكِتَابِيَّةِ نَحْوُ الْوَثَنِيَّةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ { رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي فَرَدَّهَا عَلَيْهِ } وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي صِفَةِ الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبَةِ لِلتَّقْرِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا كَمَا مَرَّ ( وَالِاعْتِبَارُ ) فِي الْمَعِيَّةِ ( بِآخِرِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ ) ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ لَا بِأَوَّلِهِ ( وَإِسْلَامُ أَبَوَيْ الزَّوْجَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَإِسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ) فِيمَا ذُكِرَ وَكَالصَّغِيرَيْنِ الْمَجْنُونَانِ
( قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ حُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ ) أَيْ بِحَيْثُ يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا

( وَإِنْ أَسْلَمَتْ ) الزَّوْجَةُ ( الْبَالِغَةُ وَأَبُو زَوْجِهَا الطِّفْلِ مَعًا ) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ( قَالَ الْبَغَوِيّ بَطَلَ النِّكَاحُ لِتَرْتِيبِ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ فَقَدْ سَبَقَتْهُ ) بِالْإِسْلَامِ .
( وَفِيهِ نَظَرٌ ) ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ فَلَا يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِهَا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحُوهُ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي تَقَدُّمُهَا فَيُتَّجَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ وَكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الْفِقْهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَلَا يُحْكَمُ لِلطِّفْلِ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْخُوَارِزْمِيّ ( قَالَ ) الْبَغَوِيّ ( وَإِنْ أَسْلَمَتْ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ ) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا الطِّفْلُ ( بَطَلَ ) النِّكَاحُ ( أَيْضًا ) ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ يَحْصُلُ حُكْمًا وَإِسْلَامُهَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ وَالْحُكْمِيُّ يَكُونُ سَابِقًا لِلْقَوْلِيِّ فَلَا يَتَحَقَّقُ إسْلَامُهُمَا مَعًا .
( قَوْلُهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ إلَخْ ) وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِلتَّقَدُّمِ فِي إسْلَامِ الْأَبِ وَالتَّأَخُّرِ فِي إسْلَامِ الْوَلَدِ بِالزَّمَانِ وَبِهِ يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِ الزَّوْجَةِ عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ

( فَرْعٌ وَطْءُ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا ) عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ ( حَرَامٌ ) لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْوَطْءِ فِي عِدَّةِ الرِّدَّةِ ( وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ مِنْهَا ) فِي الْعِدَّةِ ( مَوْقُوفٌ ) كُلٌّ مِنْهَا ( فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ مِنْ حِينَئِذٍ ) أَيْ مِنْ حِينِ إيقَاعِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ صَرِيحَ التَّعْلِيقِ فَلَأَنْ يَقْبَلَ تَقْدِيرَهُ أَوْلَى وَتَعْتَدُّ لِلطَّلَاقِ مِنْ وَقْتِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ ( فَلَا ) وُقُوعَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ قَبْلَ إيقَاعِهِ ( وَإِنْ قَذَفَهَا وَاجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ ) الدَّفْعُ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ ( وَإِلَّا فَلَا ) يُلَاعِنُ ( فَإِنْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِتَخَلُّفِهِ هُوَ ) بِالْإِسْلَامِ ( حُدَّ ) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ مُسْلِمَةٍ ( أَوْ ) بِتَخَلُّفِهَا ( هِيَ عُزِّرَ ) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ كَافِرَةٍ .

( وَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى وَثَنِيَّةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُخْتِهَا ) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا ( فِي الْعِدَّةِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَنْكِحْ فِي الْعِدَّةِ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا ؛ لِأَنَّ زَوَالَ نِكَاحِهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَلَا يَنْكِحُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهَا

( فَإِنْ نَكَحَ الْمُتَخَلِّفُ أُخْتَ الْمُسْلِمَةِ ) الْكَافِرَةَ ( فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَهَا فِي الْعِدَّةِ تَخَيَّرَ إحْدَاهُمَا ) كَمَا لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ أَسْلَمَا ( بَعْدَهَا اسْتَقَرَّتْ الْأُخْرَى ) أَيْ الثَّانِيَةُ

( فَصْلٌ وَإِنَّمَا نُقِرُّهُمَا ) بَعْدَ إسْلَامِهِمَا ( عَلَى نِكَاحٍ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا ) وَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ ( أَوْ قَارَنَهُ ) مُفْسِدٌ عِنْدَنَا ( وَاعْتَقَدُوهُ صَحِيحًا مُسْتَمِرًّا وَلَمْ يُقَارِنْ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعَ ابْتِدَاءَهُ ) أَيْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَارَنَهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا وَاعْتَقَدُوا فَسَادَهُ أَوْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فَلَا نُقِرُّهُمَا عَلَيْهِ ( فَإِنْ نَكَحَ ) فِي الْكُفْرِ ( بِلَا وَلِيٍّ ) وَلَوْ بِلَا شُهُودٍ أَيْضًا ( أَوْ ثَيِّبًا بِإِجْبَارٍ ) أَوْ بِكْرًا بِإِجْبَارِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ ( أَوْ رَاجَعَ ) الرَّجْعِيَّةَ ( فِي الْقُرْءِ الرَّابِعِ وَجَوَّزُوهُ ) بِأَنْ اعْتَقَدُوا امْتِدَادَ الرَّجْعَةِ إلَيْهِ ( أُقِرَّا عَلَيْهِ ) أَيْ النِّكَاحِ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ فَنَزَلَ حَالُ الْإِسْلَامِ مَنْزِلَةَ حَالِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ حَالَ نِكَاحِ الْكَافِرِ لِلرُّخْصَةِ وَالتَّخْفِيفِ فَلْيُعْتَبَرْ حَالُ الِالْتِزَامِ بِالْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعَقْدُ عَنْ شَرْطِهِ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا وَلِخَبَرِ غَيْلَانَ فِي إسْلَامِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاؤُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ .
( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نُقِرُّهُمَا عَلَى نِكَاحٍ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا ) فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُ الْوَلِيَّ وَمَالِكٌ لَا يَشْتَرِطُ الشُّهُودَ وَدَاوُد لَا يَشْتَرِطُهُمَا ( قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَارِنْ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ مُعْسِرٌ خَائِفٌ الْعَنَتَ ثُمَّ صَارَ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا قَادِرًا عَلَى طَوْلِ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِ خَائِفٍ الْعَنَتَ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ لِأَنَّهُ قَارَنَ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَارَنَهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ

( وَإِنْ نَكَحَ مَحْرَمًا لَهُ ) كَبِنْتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ ( ثَلَاثًا قَبْلَ التَّحَلُّلِ لَمْ يُقَرَّا ) عَلَيْهِ ( ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ ) أَيْ النِّكَاحِ

( وَإِنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةَ غَيْرٍ ) وَلَوْ عَنْ شُبْهَةٍ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ ( أَوْ ) نَكَحَ ( بِشَرْطِ الْخِيَارِ ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا مُدَّةً ( فَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا ) أَيْ إسْلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا ( أُقِرَّا ) عَلَى النِّكَاحِ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا بِأَنْ انْقَضَتْ مَعَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا فَلَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ وَاكْتَفَوْا بِمُقَارَنَةِ الْمُفْسِدِ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا تَغْلِيبًا لِلْفَسَادِ ، نَعَمْ الْيَسَارُ وَأَمْنُ الْعَنَتَ إنْ قَارَنَا أَوْ أَحَدُهُمَا النِّكَاحَ فِي الْكُفْرِ وَاسْتَمَرَّ إلَى إسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَكَانَ زَائِلًا عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ قُرِّرَ النِّكَاحُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ .
( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ ) وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ صَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ

( وَ ) النِّكَاحُ ( الْمُؤَقَّتُ ) بِمُدَّةٍ كَسَنَةٍ ( إنْ اعْتَقَدُوهُ مُسْتَمِرًّا أَقْرَرْنَاهُ ) وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوَقْتِ لَغْوًا وَهَذَا كَاعْتِقَادِنَا مُؤَقَّتَ الطَّلَاقِ مُؤَبَّدًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوا اسْتِمْرَارَهُ سَوَاءٌ أَسْلَمَا بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ أَمْ قَبْلَهُ ( وَكَذَا الْغَصْبُ لَوْ اعْتَقَدَهُ غَيْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِكَاحًا ) كَأَنْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ امْرَأَةً وَاِتَّخَذَهَا زَوْجَةً وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ غَصْبَهَا نِكَاحًا فَنُقِرُّهُمَا عَلَيْهِ إقَامَةً لِلْفِعْلِ مَقَامَ الْقَوْلِ أَمَّا لَوْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً وَاِتَّخَذَهَا زَوْجَةً فَلَا نُقِرُّهُمَا عَلَيْهِ وَإِنْ اعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا ؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَقَيَّدَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَطَّنْ الذِّمِّيُّ دَارَ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ حِينَئِذٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وَعِلَّتُهُمْ التَّقْرِيرُ فِيمَا لَوْ غَصَبَ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيَّةً أَوْ الذِّمِّيُّ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي الثَّانِيَةِ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا يُخَالِفُهُ وَوَافَقَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَخَالَفَ فِي الْأُولَى فَقَالَ فِيهَا لَا تَقْرِيرَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ ؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَدْفَعَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ .
وَقَدْ يُقَالُ فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ عِلَّتَهُمْ السَّابِقَةَ وَتِلْكَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا مَا قَالَهُ بَلْ عَكْسُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَفْهُومِهَا الْأَوْلَوِيِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ وَكَالْغَصْبِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُطَاوَعَةُ

( قَوْلُهُ لَوْ اعْتَقَدَهُ غَيْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِكَاحًا ) خَرَجَ بِهِ الْغَصْبُ بِقَصْدِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا بِهِ ( قَوْلُهُ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ غَصْبَهَا نِكَاحًا ) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ وَتَبِعَهُ جَمَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ الْمُرَادُ أَنَّ دِينَهُمْ قَاضٍ بِذَلِكَ أَمَّا لَوْ اعْتَقَدَاهُ عَلَى انْفِرَادِهِمَا وَكَانَ دِينُهُمْ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لَمْ يُفِدْ اعْتِقَادُهُمَا شَيْئًا .
( قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ إلَخْ ) أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ أَوْ مُعَاهَدٌ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ فِي الثَّانِيَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَخَالَفَ فِي الْأُولَى ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا ضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْمَغْصُوبَةُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْنَا الدَّفْعُ عَنْهَا

( وَلَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ ) أَيْ عَنْ شَرْطِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ خَلَائِقُ فَلَمْ يَسْأَلْهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شُرُوطِ أَنْكِحَتِهِمْ وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ قَالَ { قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْلَمْت وَتَحْتِي أُخْتَانِ قَالَ اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ ذَلِكَ لَبَحَثَ عَنْ كَيْفِيَّةِ النِّكَاحَيْنِ وَحَكَمَ بِبُطْلَانِهِمَا إنْ جَرَيَا مَعًا وَبِصِحَّةِ الْأَوَّلِ إنْ تَرَتَّبَا وَأَمَّا فِي حَالِ الْإِسْلَامِ فَالْوَجْهُ الِاحْتِيَاطُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .

( فَصْلٌ فَإِنْ لَمْ يُقَارِنْ الْمُفْسِدَ الْعَقْدُ بَلْ طَرَأَ ) بَعْدَهُ ( قَارَنَ الْإِسْلَامَ كَمَنْ أَسْلَمَ وَوُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ أَحْرَمَ ) بَعْدَ إسْلَامِهِ ( ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِيهِمَا فِي الْعِدَّةِ ) أَوْ أَسْلَمَتْ وَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهِمَا فِي الْعِدَّةِ ( قُرِّرَ ) نِكَاحُهُمَا ( وَإِنْ يَجُزْ ابْتِدَاؤُهُ ) ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ وَالْإِحْرَامِ لَا يَقْطَعَانِ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ فَهَذَا أَوْلَى وَلِأَنَّ الْإِمْسَاكَ اسْتِدَامَةٌ فَجَازَ مَعَ ذَلِكَ كَالرَّجْعَةِ ( بَلْ لِلْمُحْرِمِ ) الْمَذْكُورِ ( أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا مِمَّنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ ) فِي زَمَنِ إسْلَامِهِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ كَمَا ذُكِرَ ( وَمَتَى أَسْلَمَ مَعَ حُرَّةٍ ) تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ ( وَأَمَةٍ تَحْتَهُ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ مَعَ أَمَةِ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَمِنَ الْعَنَتَ بَطَلَ نِكَاحُ الْأَمَةِ ) فِي الثَّلَاثِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ مَعَهَا فِي زَمَنِ إسْلَامِهَا أَمْ الْعِدَّةِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ حِينَئِذٍ وَسَوَاءٌ أَنْكَحَهُمَا فِي الْأُولَى مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا كَمَا فِي نِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ .
( قَوْلُهُ أَوْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ ) أَيْ وَطْئًا لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ قُرِّرَ نِكَاحُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاؤُهُ ) كُلُّ امْرَأَةٍ جَازَ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا جَازَ لَهُ إمْسَاكُهَا بِعَقْدٍ مَضَى فِي الشِّرْكِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ إمْسَاكُهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَالْإِحْرَامِ الطَّارِئَيْنِ

( وَلَوْ أَسْلَمَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْسَرَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ) زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ ( فِي الْعِدَّةِ اسْتَمَرَّ نِكَاحُهَا وَكَذَا ) يَسْتَمِرُّ ( لَوْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ ) لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي بُطْلَانِ نِكَاحِ الْأَمَةِ مُقَارَنَةُ الْيَسَارِ أَوْ أَمْنُ الْعَنَتِ إسْلَامَهُمَا مَعًا ؛ لِأَنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ هُوَ وَقْتُ جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ إنْ سَبَقَ إسْلَامَهُ فَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ لَا تَحِلُّ لَهُ أَوْ إسْلَامُهَا فَالْمُسْلِمَةُ لَا تَحِلُّ لِلْكَافِرِ فَكَانَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْإِسْلَامِ شَبِيهًا بِحَالِ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَاعْتُبِرَ الطَّارِئُ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ مِنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَالْإِحْرَامِ ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَدَلٌ يَعْدِلُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحُرَّةِ ، وَالْبَدَلُ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأَصْلِ فَجَرَوْا فِيهِ عَلَى التَّضْيِيقِ اللَّائِقِ بِهِ وَلِأَنَّ الْمُفْسِدَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْخَوْفُ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَهُوَ دَائِمٌ فَأَشْبَهَ الْمَحْرَمِيَّةَ وَأَمَّا الْعِدَّةُ وَالْإِحْرَامُ فَيُنْتَظَرُ زَوَالُهُمَا عَنْ قُرْبٍ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَحَذَفَ مِنْ الْأَصْلِ عَكْسَ الْأَوْلَى وَهُوَ أَنْ يُسْلِمَ مُعْسِرٌ ثُمَّ يُوسِرَ ثُمَّ تُسْلِمَ هِيَ ( بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ الْحُرَّةُ وَأَسْلَمَتْ الْأَمَةُ ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ رِدَّتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
فَلَا يَسْتَمِرُّ نِكَاحُهَا وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْحُرَّةِ حِينَئِذٍ إذْ يَكْفِي فِي دَفْعِهَا اقْتِرَانُ إسْلَامِ الْحُرَّةِ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الْيَسَارِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ اقْتِرَانُهُ بِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ الْأَمَةِ جَمِيعًا وَلَمْ يَمْنَعْ الْيَسَارُ السَّابِقُ إمْسَاكَهَا كَمَا مَرَّ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ أَثَرَ نِكَاحِ الْحُرَّةِ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهَا بِدَلِيلِ إرْثِهَا وَغُسْلِهَا وَلُزُومِ تَجْهِيزِهَا فَكَانَ النِّكَاحُ بَاقٍ بِخِلَافِ الْيَسَارِ وَبِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْلَمَتْ وَتَعَيَّنَتْ

حُسِبَتْ عَلَى الزَّوْجِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ مَوْتُهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى خَمْسٍ فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَاخْتَارَهَا فَمَاتَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَوَاقِي فَإِنَّمَا يُمْسِكُ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ قَالَ الْإِمَامُ وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ فِي الْمَنْعِ أَقْوَى مِنْ الْيَسَارِ إذْ غَيْبَتُهَا تَحْتَهُ تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِخِلَافِ غَيْبَةِ مَالِهِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي أَنَّ غَيْبَتَهَا تَمْنَعُ ذَلِكَ دُونَ طَرِيقَةِ غَيْرِهِ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ .

( وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَعَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ قُرِّرَتْ ) عَلَى النِّكَاحِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً كَأَنْ كَانَتْ وَثَنِيَّةً أَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَلَمْ تُسْلِمْ وَلَمْ تُعْتِقْ أَوْ أَسْلَمَتْ وَ عَتَقَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ ( انْفَسَخَ نِكَاحُهَا ) مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ ( وَإِنْ جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ) الْمُسْلِمَةِ وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَلَمْ تُعْتَقْ أَوْ عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ تُسْلِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ
قَوْلُهُ وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ إلَخْ ) الْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ فَدَخَلَتْ الصُّورَتَانِ فِيمَا قَبْلَ إلَّا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَعَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ قُرِّرَتْ

( وَإِنْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ ارْتَدَّتْ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ هُوَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ) الَّتِي ( لِإِسْلَامِهَا بَانَتْ ) بِاخْتِلَافِ الدِّينِ أَوَّلًا ( وَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ ) أَيْ عِدَّةِ الْإِسْلَامِ ( وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرِّدَّةِ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرِّدَّةِ ( انْقَطَعَ ) النِّكَاحُ ( مِنْ ) وَقْتِ ( الرِّدَّةِ وَكَذَا حُكْمُ إسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ ) فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ ارْتَدَّ .
فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ هِيَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لِإِسْلَامِهِ بَانَتْ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي عِدَّةِ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرِّدَّةِ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا انْقَطَعَ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ

( فَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ ثُمَّ ارْتَدَّ ) قَبْلَ الِاخْتِيَارِ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَمْ يَصِحَّ اخْتِيَارُهُ مُرْتَدًّا ) فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ الِاخْتِيَارُ حِينَئِذٍ

( فَصْلٌ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ ) أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ } وَلِقَوْلِهِ { وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } وَلِخَبَرِ غَيْلَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ حَيْثُ أَمَرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِمْسَاكِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَرَائِطِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَوْ أَسْلَمُوا لَا نُبْطِلُهُ وَالْفَاسِدُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْإِسْلَامِ وَلَا يُقَرَّرُ عَلَيْهِ .
( فَلَوْ طَلَّقَ ) زَوْجَتَهُ ( فِي الشِّرْكِ ثَلَاثًا وَلَمْ تَتَحَلَّلْ فِيهِ ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَحِلَّ ) لَهُ ( إلَّا بِمُحَلِّلٍ ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوهُ طَلَاقًا ؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَعْتَبِرُ حُكْمَنَا بِخِلَافِ طَلَاقِهِ الْمُسْلِمَةَ لِعَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِهِ لَهَا أَمَّا إذَا تَحَلَّلَتْ فِي الشِّرْكِ فَتَحِلُّ لَهُ
( فَصْلٌ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ ) ( قَوْلُهُ أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا ) لِأَنَّ الصِّحَّةَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا إنْ وَافَقَتْ الشَّرْعَ فَصَحِيحَةٌ وَإِلَّا فَمَحْكُومٌ لَهَا بِالصِّحَّةِ رُخْصَةً لَا سِيَّمَا إذَا اتَّصَلَتْ بِالْإِسْلَامِ قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَنْكِحَةُ الَّتِي فِي نَسَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلِّهَا مُسْتَجْمِعَةٌ شُرُوطَ الصِّحَّةِ كَأَنْكِحَةِ الْإِسْلَامِ فَاعْتَقِدْ هَذَا بِقَلْبِك وَتَمَسَّكْ بِهِ وَلَا تَزِلَّ عَنْهُ فَتَخْسَرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ وَلَمْ يَقَعْ فِي نَسَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ إلَى آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَّا نِكَاحٌ مُسْتَجْمِعٌ لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ كَنِكَاحِ الْإِسْلَامِ الْمَوْجُودِ الْيَوْمَ .
( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا إلَخْ ) لِأَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ الذِّمِّيِّ يُحَلِّلُ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يُحَلِّلُ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا } وَالْإِحْصَانُ لَا يَحْصُلُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ

( وَإِذَا انْدَفَعَ نِكَاحُهَا ) أَيْ الْكَافِرَةِ ( قَبْلَ الدُّخُولِ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ لَا إسْلَامِهَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا ( فَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ) تَسْتَحِقُّهُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ فِي التَّسْمِيَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّتْ النِّصْفَ ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ أَمَّا إذَا انْدَفَعَ بِإِسْلَامِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ جِهَتِهَا ( وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ ) لَهَا ( شَيْئًا فَالْمُتْعَةُ ) تَسْتَحِقُّهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهَا وَكَلَامُ أَصْلِهِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ لَا مَهْرَ لَهُنَّ إذَا انْدَفَعَ - نِكَاحُهُنَّ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلِمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ إذَا مَاتَ وَتَحْتَهُ مَحْرَمٌ لَمْ نُوَرِّثْهَا .
وَجَرَى عَلَى هَذَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَغَيْرُهُمْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ( أَوْ ) انْدَفَعَ نِكَاحُهَا ( بَعْدَ الدُّخُولِ ) بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا ( فَالْمُسَمَّى الصَّحِيحُ ) تَسْتَحِقُّهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا ( فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) تَسْتَحِقُّهُ وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ

( قَوْلُهُ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ ) شَمَلَ إسْلَامُهُ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ ( قَوْلُهُ أَمَّا إذَا انْدَفَعَ بِإِسْلَامِهَا إلَخْ ) لَوْ زَوَّجَ الْكِتَابِيُّ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ كِتَابِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ صَارَتْ مُسْلِمَةً وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَقِيلَ لَهَا نِصْفُهُ إذْ لَا صُنْعَ لَهَا ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُحَرَّمَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ إلَخْ ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَزْمُ بِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ ) بِخِلَافِ الْمُفَارَقَةِ مِنْ الْأُخْتَيْنِ وَزَائِدَةُ الْعَدَدِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ مَا زَادَ إلَخْ ) هَذَا النَّصُّ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ ( قَوْلُهُ وَلِمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ نَكَحَهَا تَفْوِيضًا وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوِّضَةِ بِحَالٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ اسْتِحْقَاقُ وَطْءٍ بِلَا مَهْرٍ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَ أُخْتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَطَلَّقَهُنَّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَبْلَ إسْلَامِهِمْ ) أَيْ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ ( لَمْ يَنْكِحْ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( إلَّا بِمُحَلِّلٍ ) لِمُصَادَفَةِ طَلَاقِهِنَّ حَالَةَ صِحَّةِ نِكَاحِهِنَّ وَدَفَعَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا الثَّانِي احْتِمَالَ إرَادَةِ طَلَاقِ الْمَجْمُوعِ ثَلَاثًا ( أَوْ ) طَلَّقَهُنَّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ( بَعْدَ إسْلَامِهِمْ تَخَيَّرَ ) أَيْ اخْتَارَ وَاحِدَةً فِي الْأُولَى وَأَرْبَعًا فِي الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَسْلَمُوا انْدَفَعَ نِكَاحُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ( وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهُنَّ أَوْ بَعْدَهُنَّ ) وَطَلَّقَهُنَّ بَيْنَ الْإِسْلَامِيِّينَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ( تَخَيَّرَ أَيْضًا ) فِي الصُّورَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْسِكُ إلَّا وَاحِدَةً فِي الْأُولَى وَأَرْبَعًا فِي الثَّانِيَةِ .
( وَ طَلُقَتْ الْمُخْتَارَةُ وَتَبَيَّنَ الْفَسْخُ ) فِي الْبَاقِي ( مِنْ حِينِ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ ) مِنْهُمْ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ بِفُرُوعِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ

( وَلَوْ نَكَحَ حُرَّةً وَأَمَةً وَلَوْ أُخْتَيْنِ وَطَلَّقَهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمُوا لَمْ يَنْكِحْ إحْدَاهُمَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ ) لِمَا مَرَّ ( وَإِنْ أَسْلَمُوا ثُمَّ طَلَّقَ ) هُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا ( أَوْ أَسْلَمَتَا ثُمَّ طَلَّقَ ) هُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا ( ثُمَّ أَسْلَمَ ) فِي الْعِدَّةِ ( أَوْ عَكْسِهِ ) بِأَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَتَا فِيهَا ( تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ لِلتَّحْلِيلِ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ ) وَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى مُحَلِّلٍ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْإِسْلَامُ انْدَفَعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالطَّلَاقُ إنَّمَا يَنْفُذُ فِي الْمَنْكُوحَةِ وَهِيَ الْحُرَّةُ دُونَ الْأَمَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إذَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِهِمَا وَإِلَّا تَعَجَّلَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبْقِ إسْلَامِهِمَا أَوْ إسْلَامِهِ فَلَا يَلْحَقُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا طَلَاقٌ فَلَا تَحْتَاجَانِ إلَى مُحَلِّلٍ فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ دُونَ الْأُخْرَى تَعَيَّنَ الطَّلَاقُ فِي الْمُسْلِمَةِ فَتَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ دُونَ الْمُتَخَلِّفَةِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ وَالصَّدَاقُ فَاسِدٌ كَالْخَمْرِ ) وَالْخِنْزِيرِ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ ( وَلَمْ تَقْبِضْهُ ) الزَّوْجَةُ ( اسْتَحَقَّتْ مَهْرَ الْمِثْلِ ) لِتَعَذُّرِ طَلَبِ الْفَاسِدِ فِي الْإِسْلَامِ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِهَا ذَلِكَ بَلْ وَاسْتِحْقَاقُهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْهُ زَوْجُهَا قَاصِدًا تَمَلُّكَهُ وَالْغَلَبَةَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَنَعَهَا قَاصِدًا ذَلِكَ سَقَطَ حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَإِنْ قَبَضَتْهُ فِي الْكُفْرِ فَلَا شَيْءَ لَهَا ) لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا وَمَا مَضَى فِي الْكُفْرِ لَا يُنْقَضُ لِخَبَرِ { الْإِسْلَامِ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ } ( إلَّا إنْ كَانَ ) الصَّدَاقُ ( مُسْلِمًا ) أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ كَأَنْ أَصْدَقَهَا حُرًّا مُسْلِمًا اسْتَرَقُّوهُ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِهِ ( فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( ؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُمْ فِي الْكُفْرِ عَلَى الْخَمْرِ ) وَنَحْوِهَا ( دُونَ الْأَسِيرِ ) الْمُسْلِمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ وَلِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَجَازَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَفِي الْمُسْلِمِ وَنَحْوِهِ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ .
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُسْلِمُ مُطْلَقًا كَذَلِكَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ غَيْرُ النَّاكِحِ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا غَصَبَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ آخَرَ فَقَبَضَتْهَا ثُمَّ أَسْلَمَا أَبْطَلْنَاهُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الصَّدَاقِ يَقْتَضِيهِ ( وَإِنْ قَبَضَتْ ) فِي الْكُفْرِ ( نِصْفَ الْفَاسِدِ اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ ) وَيُمْتَنَعُ تَسْلِيمُ الْبَاقِي مِنْ الْفَاسِدِ لِمَا مَرَّ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ كَاتَبَ ذِمِّيٌّ عَبْدَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ وَقَبَضَ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ حَيْثُ تَسَلَّمَ بَاقِيهِ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْكِتَابَةِ يَحْصُلُ بِحُصُولِ الصِّفَةِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ تَمَامُ

قِيمَتِهِ وَلَا يَحُطُّ مِنْهَا قِسْطَ الْمَقْبُوضِ فِي الْكُفْرِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ آخِرِ النُّجُومِ وَقَدْ جَرَى فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ يُعْتَقُ بِالصِّفَةِ وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ ( وَالْمُعْتَبَرُ فِي ) تَقْسِيطِ ( الْخَمْرِ ) وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مِثْلِيٌّ لَوْ فُرِضَ مَالًا ( الْكَيْلُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الزِّقُّ ) فَلَوْ أَصْدَقَهَا زِقَّيْ خَمْرٍ فَقَبَضَتْ أَحَدَهُمَا اُعْتُبِرَ فِي التَّقْسِيطِ الْكَيْلُ لَا الْوَزْنُ وَلَا الْعَدَدُ وَلَا الْقِيمَةُ نَعَمْ إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ قِيمَةً لِزِيَادَةِ وَصْفٍ فِيهِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ .
( وَ ) الْمُعْتَبَرُ ( فِي الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ الْقِيمَةُ ) بِتَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ ( عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ لَهُمَا قِيمَةً ) لَا لِعَدَدٍ وَيُفَارِقُ هَذَا مَا فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كِلَابٌ وَأَوْصَى بِكَلْبٍ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ لَا الْقِيمَةُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَحْضُ تَبَرُّعٍ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ ( وَلَوْ أَصْدَقَهَا جِنْسَيْنِ فَأَكْثَرَ كَزِقَّيْ خَمْرٍ وَكَلْبَيْنِ وَسَلَّمَ ) لَهَا ( الْبَعْضَ ) فِي الْكُفْرِ ( فَالْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقِيمَةُ ) بِتَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ ( فِي الْجَمِيعِ ) كَتَقْدِيرِ الْحُرِّ عَبْدًا فِي الْحُكُومَةِ نَعَمْ لَوْ تَعَدَّدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مِثْلِيًّا كَزِقِّ خَمْرٍ وَزِقِّ بَوْلٍ وَقَبَضَتْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْكَيْلِ .

( قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَتْهُ فِي الْكُفْرِ فَلَا شَيْءَ لَهَا ) بَقِيَ هَاهُنَا شَيْءٌ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبَّضَهَا الْخَمْرَ وَنَحْوَهُ قَبْضًا فَاسِدًا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ غَيْرِهَا هَلْ يَكُونُ كَالْعَدَمِ حَتَّى نَحْكُمَ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ يَكُونَ صَحِيحًا فِيهِ احْتِمَالٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ اعْتَبَرُوهُ فَلَا مَهْرَ وَإِلَّا وَجَبَ لَا لِغَايَةٍ فَتَأَمَّلْهُ غ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ إلَخْ ) .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْلِمِ مِثَالٌ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ ذِمِّيًّا مِنْ دَارِنَا أَوْ عَبْدًا لَهُ أَوْ مُكَاتَبًا لَهُ كَانَ الْحُكْمُ مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَائِرُ مَا يُخْتَصَرُ بِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَخْ ) فَيَجِبُ اتِّحَادُ الْمِثْلِيِّ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ

( وَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ بَاعَ كَافِرٌ كَافِرًا ( أَوْ أَقْرَضَهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا ) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ إسْلَامِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ بِإِجْبَارِ قَاضِيهِمْ ) عَلَيْهِ ( لَمْ يُعْتَرَضْ ) عَلَيْهِمَا لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا ( أَوْ ) أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا ( قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ ( أَبْطَلْنَاهُ ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ ( وَإِنْ قَبَضَ دِرْهَمًا ) مِنْ مَالِكِ الدِّرْهَمَيْنِ ( فَقَدْ سَبَقَ ) بَيَانُهُ ( فِي ) أَوَاخِرِ ( بَابِ الرَّهْنِ )

( فَرْعٌ ) لَوْ ( دَخَلَ بِالْمُفَوِّضَةِ ) لِبُضْعِهَا ( بَعْدَ الْإِسْلَامِ ) أَوْ قَبْلَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى ( وَلَا مَهْرَ لَهَا عِنْدَهُمْ ) بِحَالٍ ( فَلَا شَيْءَ ) لَهَا ( عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْأَهَا بِلَا مَهْرٍ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا لَهَا بِالْمَهْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيَّيْنِ وَفِيمَا إذَا اعْتَقَدَا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فِيهِمَا .
قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيَّيْنِ إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا إذَا حَصَلَ إسْلَامٌ وَهُنَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ ( قَوْلُهُ أَوْ فِيمَا إذَا اعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ ) أَيْ لَا بِالْعَقْدِ وَلَا بِالْوَطْءِ وَيَدْفَعُهُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الْحُكْمَ هُنَاكَ قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَخْلُو عَنْ الْمَهْرِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ جَوَّزُوا خُلُوَّهُ عَنْ الْمَهْرِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَذْهَبَنَا إيجَابُ الْمَهْرِ عِنْدَ التَّرَافُعِ لَنَا فِي الْحَالَتَيْنِ وَالْأَحْسَنُ عِنْدِي الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا فِي الذِّمِّيِّينَ وَكَذَا صَوَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالتَّتِمَّةِ لِالْتِزَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَحْكَامَنَا وَالْمَذْكُورُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ فِي الْحَرْبِيَّيْنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ فِيمَا إلَخْ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ بِأَلْفٍ مُلْحَقَةٍ وَفِي غَيْرِهَا بِالْوَاوِ

( فَصْلٌ الذِّمِّيَّانِ لَا الْمُعَاهَدَانِ مَتَى تَرَافَعَا ) إلَيْنَا ( وَالْمِلَّةُ ) أَيْ مِلَّتُهُمَا ( مُخْتَلِفَةٌ ) كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ ( وَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا وَإِعْدَاءُ الْمُسْتَعِدِّي ) مِنْهُمَا عَلَى خَصْمِهِ أَيْ إعَانَةُ الطَّالِبِ لَهُ عَلَى إحْضَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ كَالْحُكْمِ بَيْنَنَا ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُ الظُّلْمِ عَنْ الذِّمِّيِّ كَالْمُسْلِمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهَذِهِ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ جَاءُوك فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } ( وَكَذَا ) يَجِبُ ذَلِكَ ( إذَا اتَّفَقَتْ ) مِلَّتُهُمَا كَيَهُودِيَّيْنِ لِمَا ذُكِرَ وَلِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ { رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا } وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى حُكْمِ دِينِهِمْ ( وَالْمُعَاهَدُ وَالذِّمِّيُّ كَالذِّمِّيَّيْنِ ) فِيمَا ذُكِرَ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُمْ لَا يُحَدُّونَ وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ أَمَّا الْمُعَاهَدَانِ فَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا حُكْمَنَا وَلَا الْتَزَمْنَا دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ بَيْنَ حَرْبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَمُعَاهَدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ .
وَالظَّاهِرُ فِيمَا لَوْ عُقِدَتْ الذِّمَّةُ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ كَالْمُعَاهَدِينَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ

( قَوْلُهُ الذِّمِّيَّانِ لَا الْمُعَاهَدَانِ مَتَى تَرَافَعَا إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ تَرَافَعَا رَفْعُ الْأَمْرِ إلَيْنَا وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ وَحَكَمْنَا بِالْحَقِّ إنْ خَصْمٌ رَضِيَ حَتْمٌ ( قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ فِيمَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ لَوْ أَقَرَّ ذِمِّيٌّ بِزِنًا أَوْ سَرِقَةِ مَالٍ ) وَلَوْ ( لِذِمِّيٍّ حَدَدْنَاهُ ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ ( ثُمَّ عِنْدَ التَّرَافُعِ ) أَيْ تَرَافُعِهِمَا إلَيْنَا ( نَحْكُمُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ تَحَاكَمُوا ) إلَيْنَا ( فِي النِّكَاحِ أَقْرَرْنَا ) لَهُمْ ( مَا نُقِرُّ عَلَيْهِ مَنْ أَسْلَمَ ) وَنُبْطِلُ عَلَيْهِمْ مَا لَا نُقِرُّ عَلَيْهِ مَنْ أَسْلَمَ ( وَنُوجِبُ النَّفَقَةَ فِي نِكَاحِ مَنْ قَرَّرْنَاهُ ) فَلَوْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا قَرَّرَنَا النِّكَاحَ وَحَكَمْنَا بِالنَّفَقَةِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَا وَالْتَزَمَا الْأَحْكَامَ .
( قَوْلُهُ وَنُبْطِلُ عَلَيْهِمْ مَا لَا نُقِرُّ عَلَيْهِ مَنْ أَسْلَمَ ) كَنِكَاحِ أَمَةٍ تَحْتَ مُوسِرٍ

( وَإِنْ نَكَحَ الْمَجُوسِيُّ مَحْرَمًا لَهُ ) وَلَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا ( لَمْ نَعْتَرِضْ ) عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَرَفُوا مِنْ حَالِ الْمَجُوسِ إنَّهُمْ يَنْكِحُونَ الْمَحَارِمَ وَلَمْ يَعْتَرِضُوهُمْ ( فَإِنْ تَرَافَعَا ) إلَيْنَا فِي النَّفَقَةِ ( فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا ) أَيْ أَبْطَلْنَا نِكَاحَهُمَا وَلَا نَفَقَةَ ؛ لِأَنَّهُمَا بِالتَّرَافُعِ أَظْهَرَا مَا يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَظْهَرَ الذِّمِّيُّ الْخَمْرَ
( قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَافَعَا فِي النَّفَقَةِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا ) قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُحْرِمِ ذَاتِيَّةٌ لَا تَقْبَلُ الْحِلَّ بِحَالٍ

( وَلَوْ تَرَافَعُوا ) أَيْ الْكُفَّارُ إلَيْنَا ( فِيهَا ) أَيْ فِي النَّفَقَةِ كَأَنْ جَاءَنَا كَافِرٌ ( وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ ) وَطَلَبُوا فَرْضَ النَّفَقَةِ ( أَعْرَضْنَا عَنْهُمْ مَا لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِنَا ) وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ فَإِنْ رَضُوا بِهِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمْ بِأَنْ نَأْمُرَهُ بِاخْتِيَارِ إحْدَاهُمَا
( قَوْلُهُ وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ ) قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّ حُرْمَتَهُمَا حُرْمَةُ جَمْعٍ فَهِيَ أَضْعَفُ مِنْ الْمُحْرِمِ وَإِنَّمَا لَمْ نُفَرِّقْ لِأَنَّ التَّرَافُعَ لَيْسَ فِي النِّكَاحِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي عَلَقَتِهِ فَأَعْرَضْنَا عَمَّا تَرَافَعَا فِيهِ وَلَمْ نُبْطِلْ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ

( وَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ ) بِشُهُودٍ مُسْلِمِينَ ( ذِمِّيًّا بِكِتَابِيَّةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا ) خَاصٌّ بِالْتِمَاسِهِمْ ذَلِكَ .

( فَصْلٌ وَإِنْ أَسْلَمَ ) كَافِرٌ حُرٌّ ( وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ ) مِنْ الْحَرَائِرِ ( مَدْخُولٍ بِهِنَّ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ ) أَسْلَمْنَ ( بَعْدَهُ أَوْ بَعْضُهُنَّ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ ) وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ ( أَوْ تَخَلَّفْنَ ) عَنْهُ ( وَهُنَّ كِتَابِيَّاتٌ اخْتَارَ أَرْبَعًا ) مِنْهُنَّ ( وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِنَّ ) وَلَا نَظَرَ إلَى تُهْمَةِ الْإِرْثِ ( وَيَرِثُ مِنْ ) الْمَيِّتَاتِ الْمُخْتَارَاتِ ( غَيْرُ الْكِتَابِيَّاتِ وَانْدَفَعَ ) بَعْدَ اخْتِيَارِ الْأَرْبَعِ ( نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ ) لِخَبَرِ غَيْلَانَ السَّابِقِ سَوَاءٌ أَنَكَحَهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا حَتَّى لَوْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ الْأَخِيرَاتِ جَازَ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْخَبَرِ وَالتَّصْرِيحِ بِمَسْأَلَةِ إسْلَامِ بَعْضِهِنَّ مَعَهُ وَبِتَقْيِيدِ - الْإِرْثِ بِغَيْرِ الْكِتَابِيَّاتِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ إذَا كُنَّ غَيْرَ كِتَابِيَّاتٍ فَإِنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ اخْتَارَ أَرْبَعًا أَيْضًا وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ فَأَقَلَّ أَوْ كُنَّ مَدْخُولًا بِهِنَّ وَاجْتَمَعَ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ أَرْبَعٍ فَأَقَلَّ فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَ لِلنِّكَاحِ وَلَوْ أَسْلَمَ أَرْبَعٌ ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فِي عِدَّتِهِنَّ وَتَخَلَّفَتْ الْبَاقِيَاتُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِ الزَّوْجِ أَوْ مُتْنَ عَلَى الشِّرْكِ تَعَيَّنَتْ الْأَوَّلِيَّاتُ .
( فَإِنْ جُنَّ ) الزَّوْجُ الَّذِي أَسْلَمَ ( قَبْلَ الِاخْتِيَارِ أَوْ كَانَ صَغِيرًا وَقَفْنَ ) أَيْ كُلُّهُنَّ أَيْ نِكَاحُهُنَّ أَوْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أَيْ اخْتِيَارُهُنَّ ( حَتَّى يُفِيقَ ) الْمَجْنُونُ ( أَوْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ ) فَيَخْتَارَا إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا وَلَا لِوَلِيِّهِمَا ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ شَهْوَةٍ ( وَالنَّفَقَةُ ) أَيْ نَفَقَتُهُنَّ كُلُّهُنَّ ( فِي مَالِهِمَا ) ؛ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٍ لِأَجْلِهِمَا

( فَصْلٌ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ وَهُنَّ كِتَابِيَّاتٌ ) أَيْ يَحِلُّ ابْتِدَاءً نِكَاحُهُنَّ ( قَوْلُهُ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْخَبَرِ ) قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي حِكَايَةِ الْأَحْوَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْ ذَلِكَ وَلَوْلَا أَنَّ الْحُكْمَ يَعُمُّ الْحَالَيْنِ لَمَا أَطْلَقَ وَحَمْلُ الْخُصُومِ لَهُ عَلَى الْأَوَائِلِ بَعِيدٌ .
وَيَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ { نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَسْلَمْت وَتَحْتِي خَمْسُ نِسْوَةٍ فَسَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فَارِقْ وَاحِدَةً وَأَمْسِكْ أَرْبَعًا فَعَمَدْت إلَى أَقْدَمِهِنَّ عِنْدِي عَاقِرٌ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً فَفَارَقْتهَا } وَحَمْلُهُمْ الْإِمْسَاكَ عَلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ أَبْعَدُ لِمُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ اللَّفْظِ فَإِنَّ الْإِمْسَاكَ صَرِيحٌ فِي الِاسْتِمْرَارِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ تَجْدِيدَهُ وَلِأَنَّهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُجْعَلْ الِاخْتِيَارُ إلَيْهِ بَلْ إلَيْهِنَّ لِافْتِقَارِ النِّكَاحِ لِرِضَاهُنَّ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا ) نَكَحَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَكَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ أَسْلَمَتَا وَهُمَا ( مَدْخُولٌ بِهِمَا حَرُمَتَا ) أَبَدًا ؛ لِأَنَّ وَطْءَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِشُبْهَةٍ يُحَرِّمُ الْأُخْرَى فَبِنِكَاحٍ أَوْلَى بَلْ الْأُمُّ تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ أَيْضًا ( وَلَهُمَا ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ( الْمُسَمَّى ) لَهَا ( الصَّحِيحُ وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا ( فَهُوَ الْمِثْلُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ( حَرُمَتْ الْأُمُّ ) أَبَدًا ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْبِنْتِ ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا يُحَرِّمُ الْأُمَّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ .
( وَاسْتَحَقَّتْ ) أَيْ الْأُمُّ ( نِصْفَ الْمَهْرِ ) لِانْدِفَاعِ نِكَاحِهَا بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهَا بِنَاءً عَلَى فَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَإِنْ دَخَلَ بِالْبِنْتِ فَقَطْ حَرُمَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا ) أَبَدًا بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ أَوْ بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا دُونَ الْبِنْتِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِالْأُمِّ وَالْعَقْدُ عَلَيْهَا لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ وَاسْتَحَقَّتْ الْأُمُّ نِصْفَ الْمَهْرِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) دَخَلَ ( بِالْأُمِّ ) فَقَطْ ( حَرُمَتْ الْبِنْتُ ) أَبَدًا بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ ( وَكَذَا الْأُمُّ ) بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ وَلَهَا الْمُسَمَّى وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ بُطْلَانُ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ شَكَّ هَلْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا أَمْ لَا فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْوَرَعَ تَحْرِيمُهُمَا وَلَوْ شَكَّ فِي عَيْنِ الْمَدْخُولِ بِهَا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا لِتَيَقُّنِ تَحْرِيمِ إحْدَاهُمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ

( قَوْلُهُ وَاسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمَهْرِ ) أَيْ نِصْفَ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِلَّا فَنِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ ( قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا ( قَوْلُهُ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا إلَخْ ) كَتَيَقُّنِهِ أُخُوَّةَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَ ) الْحُرُّ ( مَعَ إمَاءٍ ) تَحْتَهُ ( لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ وَكَانَ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ حَرُمْنَ ) إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ اخْتِيَارُهَا ( وَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ اخْتَارَ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( إنْ حَلَّتْ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ جَازَ لَهُ اخْتِيَارُهَا وَتَقْيِيدُهُ فِي الْأُولَى بِعَدَمِ الدُّخُولِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالدُّخُولِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَوْ قَالَ أَسْلَمَ مَعَ إمَاءٍ اخْتَارَ وَاحِدَةً إنْ حَلَّتْ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ وَإِلَّا حَرُمْنَ لَسَلَمَ مِنْ ذَلِكَ وَوَافَقَ أَصْلَهُ وَكَانَ أَخْصَرَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فِي الْعِدَّةِ
( قَوْلُهُ اخْتَارَ وَاحِدَةً ) لَا أَكْثَرَ ( قَوْلُهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ ) لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ إذْ يُفْهَمُ غَيْرُهُ مِنْهُ بِقِيَاسِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْأُولَى وَالْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْ الْإِمَاءِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَهَا ) وَأَنْ ( يَنْتَظِرَ غَيْرَهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا ) أَيْ الَّتِي أَسْلَمَتْ مَعَهُ ( فَهُوَ اخْتِيَارٌ لَهَا ) ضِمْنًا ( وَتَبِينُ الْبَاقِيَاتُ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ أَنْ أَصْرَرْنَ ) عَلَى الْكُفْرِ ( وَمِنْ وَقْتِ تَطْلِيقِهَا إنْ أَسْلَمْنَ ) فِي الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ فَحُكْمُ اخْتِيَارِهَا حُكْمُ تَطْلِيقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارُهَا صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا وَأَسْلَمَ غَيْرُهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْ الْجَمِيعِ وَتَنْدَفِعُ الْبَاقِيَاتُ ( وَإِنْ فُسِخَ نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ لَمْ يَنْفُذْ ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْسَخُ الزَّائِدُ وَلَيْسَ فِي الْحَالِ زِيَادَةٌ ( فَإِنْ أَضْرَرْنَ لَزِمَ نِكَاحُهَا ) وَبِنَّ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ ( وَإِنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ ) أَوْ ( فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ مَنْ شَاءَ ) مِنْ الْجَمِيعِ

( وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ مَعَهُ ) مِنْ ثَلَاثِ إمَاءٍ تَحْتَهُ ( وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفٌ الْعَنَتَ ثُمَّ ) أَسْلَمَتْ ( أُخْرَى ) فِي عِدَّتِهَا ( وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ ) أَسْلَمَتْ ( أُخْرَى ) كَذَلِكَ ( وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفٌ ) الْعَنَتَ ( انْدَفَعَتْ الْوُسْطَى ) لِفَقْدِ الشَّرْطِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا ( وَتَخَيَّرَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْيَسَارَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي انْدِفَاعِ النِّكَاحِ إذَا اقْتَرَنَ بِإِسْلَامِهِمَا جَمِيعًا كَمَا مَرَّ فَلَوْ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ إسْلَامِ الثَّالِثَةِ أَيْضًا تَعَيَّنَتْ الْأُولَى أَوْ مُوسِرًا عِنْدَ إسْلَامِ الْأُولَى مُعْسِرًا عِنْدَ إسْلَامِ الْأُخْرَيَيْنِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَرْبَعُ إمَاءٍ ) مَثَلًا ( مَدْخُولٌ بِهِنَّ ) أَيْ بِالْخَمْسِ ( وَأَسْلَمْنَ ) مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ ( تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهَا ) عَنْ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ الْإِمَاءِ إذْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْحُرَّةِ تَمْنَعُ اخْتِيَارَ الْأَمَةِ وَكَالْحُرَّةِ الَّتِي أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ وَزَادَ التَّقْيِيدُ بِالدُّخُولِ بِهِنَّ لِيَحْتَرِزَ عَمَّا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ فَلَا تَتَعَيَّنُ الْحُرَّةُ مُطْلَقًا بَلْ إنْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ وَلَوْ مَعَ إسْلَامِ الْإِمَاءِ أَوْ بَعْضِهِنَّ تَعَيَّنَتْ وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَمَةٌ تَعَيَّنَتْ أَوْ أَمَتَانِ فَأَكْثَرُ اخْتَارَ أَمَةً مِمَّنْ أَسْلَمْنَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُرَّةُ فِيهِمَا كِتَابِيَّةً فَتُعَيَّنَ ( وَيَعْتَدِدْنَ ) أَيْ الْإِمَاءُ ( مِنْ حِينِ تَعَيَّنَتْ ) أَيْ الْحُرَّةُ وَهُوَ وَقْتُ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِ الْأَزْوَاجِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ مَعَهُ وَلَا فِي الْعِدَّةِ بِنَّ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ ( وَإِنْ تَخَلَّفَتْ الْحُرَّةُ ) عَنْ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ ( لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدَةً ) مِنْ الْإِمَاءِ ( قَبْلَ انْقِضَاءٍ فَإِنْ اخْتَارَ ) وَاحِدَةً حِينَئِذٍ ( وَأَصَرَّتْ ) أَيْ الْحُرَّةُ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ مَاتَتْ ( لَمْ يَتَبَيَّنْ صِحَّةُ الِاخْتِيَارِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ ( بَلْ يُجَدِّدُهُ ) وُجُوبًا إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ .
وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ اخْتِيَارُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ الْحُرَّةِ فِي الْعِدَّةِ فَكَانَتْ كَالْمَعْدُومَةِ ( وَإِنْ عَتَقْنَ ) أَيْ الْإِمَاءُ ( قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ ) بِأَنْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ أَوْ أَسْلَمْنَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ ( الْتَحَقْنَ بِالْحَرَائِرِ ) الْأَصْلِيَّاتِ ( فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ مَعَهُ ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ ( وَعَتَقَ الْإِمَاءُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ ) أَيْ مِنْ الْجَمِيعِ ( دُونَهَا ) أَيْ الْحُرَّةِ وَلَوْ

أَسْلَمَ وَلَيْسَ تَحْتَهُ إلَّا إمَاءٌ وَتَخَلَّفْنَ وَ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا كَالْحَرَائِرِ الْأَصْلِيَّاتِ وَلَوْ أَسْلَمَ مِنْ إمَاءٍ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ الْبَاقِيَاتُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِتَقَدُّمِ عِتْقِهِنَّ عَلَى إسْلَامِهِنَّ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْأُولَى لِرِقِّهَا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِيِّينَ فَتَنْدَفِعُ بِالْمُعْتَقَاتِ عِنْدَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَالشَّرْطُ ) فِيمَا ذُكِرَ ( أَنْ يُعْتَقْنَ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ ) كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنَّهُ حَالَةَ إمْكَانِ الِاخْتِيَارِ كَمَا فِي الْيَسَارِ وَأَمْنِ الزِّنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعِتْقَ مَعَ الِاجْتِمَاعِ كَهُوَ قَبْلَهُ .
( فَلَوْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ ) وَأَسْلَمَ فَكَانَ الْأَوْلَى وَأَسْلَمُوا ( قَبْلَ ) إسْلَامِ ( الْحُرَّةِ فَلَهُ اخْتِيَارُهُنَّ ) ثُمَّ إنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِي الْعِدَّةِ بَانَتْ بِاخْتِيَارِهِ الْأَرْبَعَ وَإِلَّا بَانَتْ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ ( فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ ) بِأَنْ أَخَّرَ الِاخْتِيَارَ ( انْتِظَارًا لِلْحُرَّةِ ) أَيْ لِإِسْلَامِهَا ( لَزِمَهُ اخْتِيَارُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ ) إذْ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ اخْتِيَارِ الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِكَاحُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَا مَحَالَةَ ( وَلَهُ انْتِظَارُ إسْلَامِ الْحُرَّةِ لِاخْتِيَارِ الرَّابِعَةِ ) فَإِنْ أَسْلَمَتْ اخْتَارَهَا أَوْ الرَّابِعَةُ مِنْ الْعَتِيقَاتِ وَإِلَّا لَزِمَهُ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ مِنْ الْعَتِيقَاتِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ اخْتِيَارِ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ هُوَ مَا حَكَاهَا الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَحَكَى قَبْلَهُ مُقَابِلَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ .
قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمْنَ وَ عَتَقْنَ ) عَبَّرَ بِالْوَاوِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا تَقَدَّمَ إسْلَامُهُنَّ عَلَى عِتْقِهِنَّ وَعَكْسُهُ

( وَإِنْ نَكَحَ مُشْرِكٌ أَرْبَعَ إمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ ( إلَّا وَاحِدَةً فَعَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَتْ كَالْأَصْلِيَّةِ ) أَيْ كَالْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ ( وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَمَتَانِ وَعَتَقَتْ ) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ فَعَتَقَتْ ( إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ ) عَلَى الرِّقِّ ( انْدَفَعَ نِكَاحُهَا ) ؛ لِأَنَّ تَحْتَ زَوْجِهِمَا حُرَّةً عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا ( وَاخْتَارَ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ ) وَإِنَّمَا لَمْ تَنْدَفِعْ الرَّقِيقَةُ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْأُخْرَى كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهَا كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ سَهْوٌ مَنْشَؤُهُ أَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عِتْقُ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاقِعًا قَبْلَ اجْتِمَاعِ الزَّوْجِ وَالْمُتَخَلِّفَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ الْتَحَقَتْ فِي حَقِّهِمَا بِالْحَرَائِرِ قَالَ وَهَذَا خَطَأٌ ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِاجْتِمَاعِ الْعَتِيقَةِ نَفْسِهَا وَالزَّوْجِ فِي الْإِسْلَامِ لَا بِاجْتِمَاعِ غَيْرِهَا وَالزَّوْجِ وَهَذِهِ الْعَتِيقَةُ كَانَتْ عِنْدَ اجْتِمَاعِهَا هِيَ وَالزَّوْجِ فِي الْإِسْلَامِ رَقِيقَةً فَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْإِمَاءِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ غَيْرِهَا .
قَالَ وَقَدْ يُتَكَلَّفُ لَهُ تَأْوِيلٌ يُرَدُّ بِهِ كَلَامُهُ إلَى مُوَافَقَةِ غَيْرِهِ بِأَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِهِ مَا إذَا اخْتَارَ الْمُعْتَقَةَ قَبْلَ إسْلَامِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَأْبَى هَذَا وَنَقَلَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ الْأَرْجَحُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لِاقْتِرَانِ حُرِّيَّةِ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ بِإِسْلَامِهِمَا وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَيُمْنَعُ التَّقْرِيرُ عَلَيْهِمَا وَلَا نَقُولُ بِانْدِفَاعِهِمَا بِمُجَرَّدِ عِتْقِ تِلْكَ

لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْتَقَا ثُمَّ يُسْلِمَا وَإِنَّمَا يَنْدَفِعَانِ إذَا أَسْلَمْنَا عَلَى الرِّقِّ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَذَكَرْت بَعْضَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَّبَهُ ( وَإِنْ عَتَقَتْ الْمُتَقَدِّمَتَانِ ) يَعْنِي أَمَتَانِ مِنْ الْأَرْبَعِ ( بَعْدَ إسْلَامِهِمَا ثُمَّ عَتَقَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا انْدَفَعَتْ الْمُتَقَدِّمَتَانِ ) وَتَعَيَّنَ إمْسَاكُ الْأَخِيرَتَيْنِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ عَتَقَتْ ثِنْتَانِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا وَأَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ ثُمَّ عَتَقَتَا تَعَيَّنَ إمْسَاكُ الْأُولَتَيْنِ وَانْدَفَعَتْ الْمُتَأَخِّرَتَانِ ( نَظَرًا ) فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ( إلَى حَالِ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِيِّينَ ) كَمَا مَرَّ .
( قَوْلُهُ الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ فَعَتَقْنَ ) عَدَلَ عَنْ الْفَاءِ لِئَلَّا يُفْهَمَ مِنْهَا اشْتِرَاطُ التَّعْقِيبِ ( قَوْلُهُ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ ) وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّ حُدُوثَ الْعِتْقِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا أَثَرَ لَهُ يُرِيدُونَ بِهِ فِي الْمَاضِي بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ مِنْ الزَّوْجَاتِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَوَاقِي فَلَا وَالْإِمَامُ وَالْفُورَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ تَمَسَّكُوا بِهَذَا الْإِطْلَاقِ وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى أَنَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ بِالْإِطْلَاقِ مَعَ اسْتِيفَاءِ النِّزَاعِ لِأَنَّ انْدِفَاعَ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَيْسَ مِنْ أَثَرِ الْعِتْقِ بَلْ مِنْ أَثَرِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ تَأْثِيرِ الْعِتْقِ بِخُصُوصِهِ فَيَحْتَمِلُ الْإِطْلَاقَ عَلَيْهِ وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ قَطْعًا بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَهُ اتِّجَاهٌ قَلِيلٌ لَكِنَّ الْأَرْجَحَ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَكُنْت أَقْطَعُ بِمَا قَالَهُ وَأَقُولُ إنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهْمٌ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ لَنَبَّهَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ ا هـ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ وَزَادَ عَلَيْهِ وَبَيَّنَ رَدَّ الْأَوَّلِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ

( فَصْلٌ سَيَأْتِي ) فِي الْبَابِ الْآتِي ( أَنَّ لِأَمَةٍ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ الْخِيَارَ ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ ( فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ عَتَقَتْ وَالْعَبْدُ كَافِرٌ فَلَهَا الْفَسْخُ ) ؛ لِأَنَّهُ يُلَائِمُ حَالَهَا وَلَا يَلْزَمُهَا الِانْتِظَارُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَالُ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ إلَى مَا بَعْدَ إسْلَامِ الزَّوْجِ كَانَتْ عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمَئِذٍ فَتَدْفَعُ بِالتَّعْجِيلِ طُولَ التَّرَبُّصِ ( لَا الْإِجَازَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْبَيْنُونَةِ فَلَا يَلِيقُ بِحَالِهَا اخْتِيَارُ الْإِقَامَةِ وَلِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَكَيْفَ تُقِيمُ تَحْتَ كَافِرٍ وَعَطْفُهُ عَتَقَتْ بِثُمَّ عَلَى أَسْلَمَتْ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ تَأَخُّرِهِ عَنْهُ فِيمَا ذُكِرَ وَلَيْسَ مُرَادًا بِخِلَافِ عَطْفِ أَصْلِهِ لَهُ بِالْوَاوِ وَسَيَأْتِي ( ثَمَّ ) بَعْدَ فَسْخِهَا ( إنْ أَسْلَمَ ) الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ( فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ حُرَّةٍ ) وَهِيَ ( مِنْ حِينِ الْفَسْخِ وَإِنْ أَصَرَّ ) عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَقَدْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ كَمَا فَرَضَهُ أَوَّلًا ( فَمِنْ حِينِ أَسْلَمَتْ ) تَكُونُ عِدَّتُهَا وَيَلْغُو الْفَسْخُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ قَبْلَهُ لَكِنْ تَعْتَدُّ ( عِدَّةَ أَمَةٍ ) لِحُصُولِ عِتْقِهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا .
( وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ ) تَعْتَدُّ ( وَلَهَا تَأْخِيرُ الْفَسْخِ إلَى إسْلَامِهِ ) وَلَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُهَا كَالرَّجْعِيَّةِ إذَا عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ وَالزَّوْجُ رَقِيقٌ ثُمَّ إنْ أَصَرَّ الزَّوْجُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَعِدَّتُهَا مِنْ حِينِ أَسْلَمَتْ وَهِيَ عِدَّةُ أَمَةٍ إنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَهَا الْفَسْخُ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا ( وَإِنْ أَسْلَمَ ) هُوَ ( فَ عَتَقَتْ ) هِيَ ( وَتَخَلَّفَتْ ) عَنْهُ ( فَلَهَا الْفَسْخُ ) لِتَضَرُّرِهَا بِرِقِّهِ ( وَلَهَا تَأْخِيرُهُ ) وَحِينَئِذٍ ( فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي

الْعِدَّةِ ثُمَّ فُسِخَتْ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَفُسِخَتْ ( اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ وَمَتَى أَصَرَّتْ ) عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ( فَعِدَّةُ أَمَةٍ ) تَعْتَدُّ ( لَكِنْ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ ) ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا حُصُولَ الْفُرْقَةِ مِنْ حِينَئِذٍ ( وَإِنْ أَجَازَتْ قَبْلَ إسْلَامِهَا لَمْ تَصِحَّ ) إجَازَتُهَا ؛ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْبَيْنُونَةِ .

( فَرْعٌ لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ فَلَيْسَ لِزَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ خِيَارٌ ) ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِرِقِّهِ أَوَّلًا وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهَا عِتْقٌ ( حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ أَسْلَمَتْ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ سَوَاءٌ أَسْلَمَتْ أَمْ لَمْ تُسْلِمْ إذَا كَانَتْ كِتَابِيَّةً قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ أَنْ تُسْلِمَ وَأَنْ لَا تُسْلِمَ غَلَطٌ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ قَطْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ يُمْنَعُ الْقِيَاسُ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَمْرَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَقِيَتْ تَحْتَهُ وَإِلَّا تَبَيَّنَّا الْفُرْقَةَ مِنْ حِينِ إسْلَامِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْأَذْرَعِيِّ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ
قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ أَنْ تُسْلِمَ وَأَنْ لَا تُسْلِمَ غَلَطٌ إلَخْ ) لَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ بَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ إذْ كَلَامُهُ فِي نَفْيِ خِيَارِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي ثُبُوتِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَرْعُ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَأَمَّا كَوْنُ نِكَاحِهَا يَسْتَمِرُّ أَوَّلًا فَأَمْرٌ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ ( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَمْرَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى إسْلَامِهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ) بَلْ لَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ لِتَعْلِيلِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَنْ ) بِمَعْنَى عَلَى ( زَوْجَاتٍ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ ) مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ قَبْلَهُ وَأَسْلَمَ هُوَ فِيهَا أَوْ كَانَتْ الْحَرَائِرُ كِتَابِيَّاتٍ ( فَلْيَخْتَرْ ) مِنْهُنَّ ( اثْنَتَيْنِ ) فَقَطْ إذْ الْأَمَةُ فِي حَقِّهِ كَالْحُرَّةِ .
وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثِّنْتَيْنِ فِي حَقِّهِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي حَقِّ الْحُرِّ ( فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ إسْلَامِهِ ) سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ أَمْ بَعْدَهُ أَمْ مَعَهُ ( أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ إسْلَامِهِنَّ فَلَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ ) فَيَخْتَارُ أَرْبَعَ حَرَائِرَ وَلَا يَخْتَارُ إلَّا أَمَةً بِشَرْطِهَا إذْ الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ فِيهِ حُرٌّ ( وَإِنْ أَسْلَمَ ) مِنْهُنَّ وَهُنَّ حَرَائِرُ ( مَعَهُ ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ ( اثْنَتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ ) فِيهَا ( لَمْ يَخْتَرْ إلَّا اثْنَتَيْنِ ) إمَّا الْأُولَيَيْنِ وَإِمَّا ثِنْتَيْنِ مِنْ الْبَاقِيَاتِ وَإِمَّا وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَوَاحِدَةً مِنْهُنَّ لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَإِذَا اخْتَارَ وَهُنَّ أَرْبَعُ حَرَائِرَ ثِنْتَيْنِ وَفَارَقَ ثِنْتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَهُمَا حُرَّتَانِ ( فَلَوْ كُنَّ ) فِيمَا ذَكَرَهُ ( إمَاءً لَمْ يَخْتَرْ ) مِنْهُنَّ ( إلَّا الْأُولَيَيْنِ ) فَلَا يَخْتَارُ الْأُخْرَيَيْنِ وَلَا وَاحِدَةً مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا ( فَإِنْ عَتَقَتْ الْمُتَخَلِّفَاتُ ) بَعْدَ عِتْقِهِ ( ثُمَّ أَسْلَمْنَ ) فِي الْعِدَّةِ ( اخْتَارَ ثِنْتَيْنِ مِنْ الْجَمِيعِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّفَاتِ حَرَائِرُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ ثِنْتَيْنِ كَيْفَ شَاءَ .
وَقَوْلُهُ ثِنْتَيْنِ مِنْ الْجَمِيعِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَلَهُ اخْتِيَارُهُمَا يَعْنِي الْأُخْرَيَيْنِ وَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاحِدَةٌ مِنْ الْأُولَيَيْنِ ( وَإِنْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (

وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ ) فِيهَا ( فَإِنْ كُنَّ ) أَيْ جَمِيعُهُنَّ ( حَرَائِرَ اخْتَارَ أَرْبَعًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَكَانَ كَالْحُرِّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ لَمْ يَخْتَرْ الِاثْنَتَيْنِ كَمَا مَرَّ وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِكَاحُهَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً ثُمَّ عَتَقَ وَنَكَحَهَا أَوْ رَاجَعَهَا مَلَكَ طَلْقَتَيْنِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنَّ حَرَائِرَ فَإِنْ كُنَّ إمَاءً ( فَوَاحِدَةٌ ) مِنْ الْجُمْلَةِ يَخْتَارُهَا ( بِشَرْطِهَا ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الْجُمْلَةِ نَقَلَ مَعَهُ الْأَصْلُ أَنَّ الْأُولَى تَتَعَيَّنُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِتَرْجِيحٍ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ صَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً فَإِذَا قُلْنَا بِهِ تَعَيَّنَتْ الْأُولَى كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ .
قَالَ الْمُتَوَلِّي وَعَلَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الْجُمْلَةِ وَعَكَسَ الْإِمَامُ فَحَكَى عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْأُولَى تَتَعَيَّنُ وَعَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الْجُمْلَةِ قَالَ وَقَوْلُ الْقَاضِي هَفْوَةٌ مِنْهُ انْتَهَى وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِشَرْطِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَنْقُولِ الْمُتَوَلِّي أَمَّا عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اخْتَارَ غَيْرَ الَّتِي أَسْلَمَتْ مَعَهُ أَمَّا فِيهَا فَلَا لِرِقِّهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَهُ لَكِنْ قِيَاسُ مَا مَرَّ جَوَازُ اخْتِيَارِ ثِنْتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَأَقُولُ بَلْ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً بِعَيْنِ مَا قَالَهُ ( فَإِنْ عَتَقَ مِنْ الْبَوَاقِي ثَلَاثٌ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمْنَ ) فِيهَا ( اسْتَقَرَّ نِكَاحُهُنَّ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ

يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ ( مَعَ ) نِكَاحِ ( الْأُولَى لِجَوَازِ إدْخَالِ الْحَرَائِرِ عَلَى الْأَمَةِ وَإِنْ ) كُنَّ إمَاءً وَحَرَائِرَ فَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَمَةٌ تَعَيَّنَتْ مَعَ الْحَرَائِرِ إنْ لَمْ يَزِدْنَ عَلَى ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا كَيْفَ شَاءَ مِنْهُنَّ وَمِنْهَا أَوْ حُرَّةً تَعَيَّنَتْ إنْ كَانَتْ الْبَاقِيَاتُ إمَاءً وَإِلَّا فَتَتَعَيَّنُ مَعَ الْحَرَائِرِ إنْ لَمْ يَزِدْنَ عَلَى ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا كَيْفَ شَاءَ .
( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ بِشَرْطِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا يَأْتِي إلَخْ ) مَنْقُولُ الْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامِ مُتَّحِدَانِ فِيمَا ذَكَرَهُ ( قَوْلُهُ وَأَقُولُ بَلْ قِيَاسُهُ أَنَّهُ إلَخْ ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ هُوَ الصَّوَابُ الْمَاشِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْحَادِثَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَكِ مُعْتَبَرٌ وَهُوَ هَاهُنَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْعَدَدَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ وَهُوَ ثِنْتَانِ وَحِينَئِذٍ فَيَعْتَبِرَا الْحَادِثَ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً مِنْ الْإِمَاءِ

وَإِنْ ( كَانَ تَحْتَهُ حُرَّتَانِ وَأَمَتَانِ فَأَسْلَمَ مَعَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْحُرَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا وَ ) الْأَمَةُ ( الْأُولَى فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الثَّانِيَةِ لِحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا وَفِي نِكَاحِهِ حُرَّةً بِخِلَافِهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ الْأُولَى

( فَصْلٌ ) فِي أَلْفَاظِ الِاخْتِيَارِ وَفُرُوعِهِ ( وَالِاخْتِيَارُ قَوْلُهُ اخْتَرْتُك أَوْ اخْتَرْت نِكَاحَك أَوْ أَمْسَكْتُك أَوْ أَثْبَتُّك أَوْ حَبَسْتُك عَلَى النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ ) كَأَثْبَتْتُ نِكَاحَك أَوْ أَمْسَكْته أَوْ اخْتَرْت حَبْسَك أَوْ عَقْدَك لِمَجِيءِ الِاخْتِيَارِ وَالْإِمْسَاكِ فِي الْحَدِيثِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ صَرِيحٌ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ اخْتَرْتُك وَأَمْسَكْتُك مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلنِّكَاحِ كِنَايَةً انْتَهَى وَمِثْلُهُمَا أَثْبَتُّك ( وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ ( ثَمَانٍ فَفَسَخَ نِكَاحَ أَرْبَعٍ ) مِنْهُنَّ كَقَوْلِهِ فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ أَوْ اخْتَرْتهنَّ لِلْفَسْخِ أَوْ هُنَّ لِلْفَسْخِ بِغَيْرِ لَفْظِ اخْتَرْت وَلَمْ يُرِدْ بِالْفَسْخِ طَلَاقًا ( اسْتَقَرَّ الْبَاقِيَاتُ ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ فِيهِنَّ بِشَيْءٍ .
( فَإِنْ أَرَادَ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ أَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا ) مِنْهُنَّ ( حَرُمَ الْجَمِيعُ ) أَمَّا الْمَذْكُورَاتُ فَلِطَلَاقِهِنَّ ( ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ لِلنِّكَاحِ ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْمَنْكُوحَةُ وَأَمَّا الْبَاقِيَاتُ فَلِانْدِفَاعِهِنَّ بِالشَّرْعِ ( وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أُرِيدُكُنَّ حَصَلَ التَّعْيِينُ ) بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مَعَهُ لِلْبَاقِيَاتِ لَا أُرِيدُكُنَّ وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ أُرِيدُكُنَّ وَلِلْبَاقِيَاتِ لَا أُرِيدُكُنَّ وَفِي أُخْرَى أُرِيدُكُنَّ أَوْ لَا أُرِيدُكُنَّ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْأَصْلِ الْأُولَى ثُمَّ الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ أَنَّ أُرِيدُكُنَّ كِنَايَةٌ فِي الِاخْتِيَارِ لِلنِّكَاحِ لَا صَرِيحٌ

( قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَصِحُّ بِالصَّرِيحِ كَفَسَخْتُ نِكَاحَهَا أَوْ رَفَعْته أَوْ أَزَلْته وَبِالْكِنَايَةِ كَصَرَفْتُهَا أَوْ أَبْعَدْتهَا قَالَ وَالْفَسْخُ يَجْرِي مَجْرَى الطَّلَاقِ فَلِهَذَا صَحَّ بِالْكِنَايَةِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا كَانَ الطَّلَاقُ صَرِيحًا فِي اخْتِيَارِ الْمُطَلَّقَاتِ لِلنِّكَاحِ مَعَ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي بَابِ الْفُرْقَةِ وَالصَّرِيحُ فِي بَابٍ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي بَابٍ آخَرَ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ هُنَا لِاخْتِيَارِهِ لِلنِّكَاحِ وَيُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ ثُمَّ الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَةٍ ) فَأَكْثَرَ ( فَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ ) ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُحَرَّمٌ وَالْإِيلَاءَ حَلِفٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ ( فَإِنْ اخْتَارَهَا ) أَيْ الْمُوَلِّي أَوْ الْمُظَاهِرُ مِنْهَا لِلنِّكَاحِ .
( فَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ ) بِرَفْعِهِ ( مِنْ ) وَقْتِ ( الِاخْتِيَارِ ) وَيَصِيرُ فِي الظِّهَارِ عَائِدٌ إنْ لَمْ يُفَارِقْهَا فِي الْحَالِ أَمَّا إذَا اخْتَارَ غَيْرَهَا فَيَكُونُ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ مِنْهَا لَغْوًا ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ وَفِي نُسْخَةٍ فَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الِاخْتِيَارِ وَالظِّهَارِ مِنْ بَعْدِهِ وَالْمُرَادُ لَا يَخْتَلِفُ لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى وَأَخْصَرُ

( وَإِنْ قَذَفَهَا ) أَيْ امْرَأَةً مِنْ نِسَاؤُهُ ( لَمْ يُلَاعِنْ لِلْحَدِّ ) أَوْ لِلتَّعْزِيرِ أَيْ لِدَفْعِهِ ( إلَّا إنْ اخْتَارَهَا ) فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِدَفْعِهِ ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَوْجَةٌ

( وَلَوْ قَالَ ) لِوَاحِدَةٍ ( فَارَقْتُك فَهُوَ فَسْخٌ ) كَاخْتَرْتُ فِرَاقَك أَوْ لَا أُرِيدُك قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ طَلَّقْتُك قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ صَرِيحٌ فِي الْفَسْخِ كَمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِمَا أَيْ وَيَتَعَيَّنُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَرِينَةِ ( فُرُوعٌ الْأَوَّلُ إنْ اخْتَارَ الْجَمِيعُ ) لِلنِّكَاحِ أَوْ لِلْفَسْخِ ( لَغَا ) لِامْتِنَاعِ الْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مُقَرَّرٌ فِي أَرْبَعٍ فِي الثَّانِيَةِ .
( أَوْ طَلَّقَهُنَّ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( عَلَى أَرْبَعٍ وَأُمِرَ بِالتَّعْيِينِ ) لَهُنَّ
( قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَرِينَةِ ) أَيْ فَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ صَرِيحٌ فِي الْفَسْخِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ

( الثَّانِي ) لَوْ عَلَّقَ ( الِاخْتِيَارَ ) لِلنِّكَاحِ ( وَكَذَا الْفَسْخُ ) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ اخْتَرْتُك لِلنِّكَاحِ أَوْ لِلْفَسْخِ ( لَا بِقَصْدِ الطَّلَاقِ ) بِالْفَسْخِ ( لَغَا ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّعْيِينِ وَالِاخْتِيَارُ الْمُعَلَّقُ لَيْسَ بِتَعْيِينٍ وَلِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ فَتَعْلِيقُهُ كَتَعْلِيقِ النِّكَاحِ أَوْ الرَّجْعَةِ فَيَلْغُو أَمَّا إذَا قَصَدَ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ فَلَا يَلْغُو وَهَذَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ يُعْلَمُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ ( وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ صَحَّ وَحَصَلَ الِاخْتِيَارُ ضِمْنًا ) وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا وَيُحْتَمَلُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ كَمَا يُحْتَمَلُ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ الضِّمْنِيِّ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي غَدًا عَلَى كَذَا .
( فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ ) مِنْكُنَّ ( فَقَدْ طَلَّقْتهَا صَحَّ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ وَهُوَ جَائِزٌ وَالِاخْتِيَارُ حَصَلَ ضِمْنًا ( إلَّا ) أَيْ لَكِنْ ( إنْ قَالَ ) بَدَلَ فَقَدْ طَلَّقْتهَا ( فَقَدْ فَسَخْت نِكَاحَهَا ) فَلَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْفُسُوخَ تَجْرِي مَجْرَى الْعُقُودِ فِي امْتِنَاعِ قَبُولِ التَّعْلِيقِ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ لِلْفَسْخِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ الْجَائِزِ غَيْرُ جَائِزٍ ( إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقَ ) فَيَصِحُّ فَعُلِمَ أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى رِعَايَةً لِغَرَضِ مَنْ رَغِبَ فِي الْإِسْلَامِ
قَوْلُهُ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ ) يَمْنَعُ وُجُودُهُ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ إذَا الْمُرَادَةُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ

( الثَّالِثُ الْوَطْءُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ ) لِلْمَوْطُوءَةِ ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ كَمَا مَرَّ وَكِلَاهُمَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَالرَّجْعَةِ ( وَلِلْمَوْطُوءَةِ ) مَعَ مَا اسْتَحَقَّتْهُ قَبْلَ هَذَا الْوَطْءِ ( الْمَهْرُ ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ بِهَذَا الْوَطْءِ ( إنْ اخْتَارَ غَيْرَهَا ) فَإِنْ اخْتَارَهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ .

( الرَّابِعُ ) لَوْ ( حَصَرَ اخْتِيَارَهُ فِي خَمْسٍ ) فَأَكْثَرَ ( مُعَيَّنَاتٍ انْحَصَرَ ) اخْتِيَارُهُ فِيهِنَّ وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْيِينًا تَامًّا لَكِنَّهُ يُفِيدُ ضَرْبًا مِنْ التَّعْيِينِ وَيَزُولُ بِهِ بَعْضُ الْإِبْهَامِ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَيَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ وَثَنِيَّاتٍ وَأَسْلَمَ ) مِنْهُنَّ ( مَعَهُ ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ ( أَرْبَعٌ فَلَهُ ) قَبْلَ انْقِضَائِهَا ( فَسْخُ نِكَاحِ الْمُتَخَلِّفَاتِ لِاخْتِيَارِهِنَّ ) لِلنِّكَاحِ ؛ لِأَنَّهُنَّ قَدْ لَا يُسْلِمْنَ فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاخْتِيَارُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُنَّ بِتَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ لِلزَّوْجِيَّةِ ( وَلَهُ اخْتِيَارُ الْمُسْلِمَاتِ وَ ) لَهُ ( طَلَاقُهُنَّ ) فَيَنْقَطِعُ نِكَاحُهُنَّ بِهِ وَنِكَاحُ الْأُخْرَيَاتِ بِالشَّرْعِ ( لَا الْفَسْخِ ) أَيْ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ نِكَاحِ الْمُسْلِمَاتِ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ وَعَدَدُ الْمُسْلِمَاتِ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعٍ ( إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقَ ) فَلَهُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ ( وَبِاخْتِيَارِهِنَّ ) أَيْ الْمُسْلِمَاتِ ( يَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ ) أَيْ يَتَبَيَّنُ انْدِفَاعُهُ ( بِاخْتِلَافِ الدِّينِ ) .
قَالَ الْبَغَوِيّ إنْ لَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَبِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا فَرْقَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَاخْتَارَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ فِي الْعِدَّةِ بِنَّ مِنْ وَقْتِ اخْتِيَارِ الْأُولَى فَالْمُوَافِقُ لَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ثَمَّ لَمْ يَنْقَطِعْ لِجَوَازِ أَنْ تُعْتَقَ وَاحِدَةٌ مَثَلًا مِنْ الْبَاقِيَاتِ ثُمَّ تُسْلِمَ فَيَخْتَارَهَا أَيْضًا فَكَانَ بِهِ الِاعْتِبَارُ بِخِلَافِهِ هُنَا لِاسْتِيفَائِهِ الْعَدَدَ الشَّرْعِيَّ فَاعْتُبِرَ اخْتِلَافُ الدِّينِ ( وَإِنْ فُسِخَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ ) الْأُوَلِ وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ ( وَأَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَاتُ ) فِي الْعِدَّةِ ( اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ ) أَيْ مِنْ الْجَمِيعِ ( وَلِكُلٍّ مِنْهُنَّ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ ) وَخَرَجَ بِإِسْلَامِ الْمُتَخَلِّفَاتِ مَا لَوْ لَمْ يُسْلِمْنَ فَيَتَعَيَّنُ الْأُولَيَاتُ ( فَإِنْ

تَخَلَّفَ الْجَمِيعُ ) عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ ( ثُمَّ أَسْلَمْنَ بَعْدَهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فِي الْعِدَّةِ وَ ) الْحَالَةُ أَنَّ كُلَّ ( مَنْ أَسْلَمَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا ) وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ ( لَغَا ) الْفَسْخُ ( فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ وَبَقِيَ نِكَاحُهُنَّ ) وَنَفَذَ فِي الْبَاقِيَاتِ ؛ لِأَنَّ فَسْخَ نِكَاحِهِنَّ وَقَعَ وَرَاءَ الْعَدَدِ الْكَامِلِ فَنَفَذَ .
فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ صَارَ مُخْتَارًا لِلْأُوَلِ وَقَوْلُهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً مِثَالٌ فَمِثْلُهُ إسْلَامُ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ نَحْوَهَا ( وَإِنْ أَسْلَمَ ) مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الثَّمَانِ ( خَمْسٌ فَفُسِخَ نِكَاحُهُنَّ ) وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ ( وَقَعَ ) الْفَسْخُ ( عَلَى وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي فِي الْعِدَّةِ ) بَعْدَ فَسْخِ نِكَاحِ الْخَمْسِ ( اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْ الْجَمِيعِ ) فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ صَارَ مُخْتَارًا لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَبِنَّ بِالطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ ( وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَ وَاحِدَةٍ ) مُبْهَمَةٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ مُبْهَمَتَيْنِ مِنْ الْخَمْسِ وَلَمْ يُرِدْ طَلَاقًا ( فَعَيَّنَ ثِنْتَيْنِ انْفَسَخَ ) النِّكَاحُ ( فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَيُعَيِّنُهَا وَلَهُ اخْتِيَارُ الْأُخْرَى مَعَ ثَلَاثٍ ) وَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدَةً اخْتَارَ مِنْ الْبَاقِيَاتِ أَرْبَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا فَرْقَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ الِاخْتِيَارُ وَالتَّعْيِينُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( وَاجِبٌ ) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ غَيْلَانَ السَّابِقِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ الْحَاكِمُ وَإِنْ سَكَتْنَ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ إذْ إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ مَمْنُوعٌ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِ ذَلِكَ كَمَا يَعْصِي بِتَأْخِيرِ التَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا وَنَسِيَ عَيْنَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ إزَالَةَ الْحَبْسِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ ( فَيُحْبَسُ لَهُ ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ( فَإِنْ لَمْ يَنْفَعْ ) فِيهِ الْحَبْسُ ( عُزِّرَ ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ وَيُكَرِّرُهُ ( مَرَّاتٍ إلَى أَنْ يَخْتَارَ ) بِشَرْطِ تَخَلُّلِ مُدَّةٍ يَبْرَأُ بِهَا عَنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ ( وَأَنْفَقَ ) الزَّوْجُ ( عَلَيْهِنَّ ) وُجُوبًا إلَى أَنْ يَخْتَارَ ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي حَبْسِهِ قَالَ الْقَاضِي .
فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْفِقَ إلَّا عَلَى أَرْبَعٍ وَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَمِيعِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّهُنَّ مُمْتَنِعَاتٌ عَنْ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ تَفْرِضُ أَنَّهَا الْمَنْكُوحَةُ وَالنَّفَقَةُ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّ نَصِيبَ الزَّوْجَاتِ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِنَّ بَلْ لِلْكُلِّ مَا لِلْوَاحِدَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا حُبِسَ لَا يُعَزَّرُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَعَلَّهُ يَتَرَوَّى وَأَقْرَبُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ مُدَّةُ الِاسْتِنَابَةِ أَيْ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْإِمْهَالِ الِاسْتِنْظَارَ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ ( فَإِنْ امْتَهَلَ ) بِمَعْنَى اسْتَمْهَلَ ( أُمْهِلَ ثَلَاثَةً ) فَقَطْ ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ

التَّرَوِّي شَرْعًا ( لَا بِالنَّفَقَةِ ) أَيْ لَا يُمْهَلُ لَهَا لِتَضَرُّرِهِنَّ بِتَأْخِيرِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا يَخْتَارُ أَحَدٌ ) مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ( عَنْ مُمْتَنِعٍ ) مِنْ الِاخْتِيَارِ ( وَ ) عَنْ ( مَيِّتٍ ) بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ فِي الْإِيلَاءِ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلِأَنَّ حَقَّ الْفِرَاقِ فِيهِ لَيْسَ لِمُعَيَّنَةٍ وَقَوْلُهُ وَمَيِّتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ
قَوْلُهُ أَوْ مُعَيَّنًا وَنَسِيَ عَيْنَهَا ) أَيْ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا

( فَرْعٌ ) ( لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ ) بِهِنَّ ( فَعِدَّةُ الْحَامِلِ بِالْوَضْعِ ) وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ( وَ ) عِدَّةُ ( ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ ) لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ وَلِلْفِرَاقِ فَأَخَذَ بِالْأَحْوَطِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ ( فَعِدَّةُ الْوَفَاةِ ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ ( وَابْتِدَاءُ الْأَقْرَاءِ مِنْ ) وَقْتِ ( الْإِسْلَامِ ) أَيْ إسْلَامِهِمَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُفَارِقَةٌ بِالِانْفِسَاخِ وَهُوَ يَحْصُلُ مِنْ حِينَئِذٍ ( وَابْتِدَاءُ الْأَشْهُرِ مِنْ ) وَقْتِ ( مَوْتِهِ وَيُوقَفُ لَهُنَّ مِيرَاثُ الزَّوْجَاتِ ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ بِعَوْلٍ أَوْ دُونِهِ ( حَتَّى يَصْطَلِحْنَ ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مُسْتَحَقِّهِ فَيُقْسِمُ بَيْنَهُنَّ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِهِنَّ بِتَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَصَالَحَ عَنْهَا وَلِيُّهَا فَيُمْتَنَعُ بِدُونِ حِصَّتِهَا مِنْ عَدَدِهِنَّ .
( فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا وَفِيهِنَّ صَغِيرَةٌ فَصَالَحَ ) عَنْهَا ( وَلِيُّهَا عَنْ ) بِمَعْنَى عَلَى ( الثَّمَنِ لَا ) عَلَى ( أَقَلَّ ) مِنْهُ ( جَازَ ) اعْتِبَارًا بِعَدَدِهِنَّ وَتَسَاوِيهِنَّ فِي ثُبُوتِ الْأَيْدِي بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْحَظِّ لِمُوَلِّيَتِهِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَطَرِيقُ الصُّلْحِ لِيَقَعَ عَلَى الْإِقْرَارِ أَنْ تَقُولَ كُلٌّ مِنْهُنَّ لِصَاحِبَتِهَا إنَّهَا هِيَ الزَّوْجَةُ ثُمَّ تَسْأَلُهَا تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهَا هَذَا إذَا اصْطَلَحْنَ جَمِيعًا ( فَإِنْ طَلَبَ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ ) فَأَقَلُّ ( شَيْئًا ) مِنْ الْمَوْقُوفِ ( بِلَا صُلْحٍ مُنِعْنَ ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ الزَّوْجَاتِ غَيْرُهُنَّ ( أَوْ ) طَلَبَهُ ( خَمْسٌ ) مِنْهُنَّ ( أُعْطِينَ رُبْعَ الْمَوْقُوفِ ) لِعِلْمِنَا أَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَةً ( وَالسِّتُّ ) إذَا

طَلَبْنَهُ أُعْطِينَ ( نِصْفَهُ ) أَيْ الْمَوْقُوفِ لِعِلْمِنَا أَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَتَيْنِ وَإِنْ طَلَبَهُ سَبْعٌ أُعْطِينَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ ( وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ ) أَيْ بِمَا أَخَذْنَهُ ( حَقُّهُنَّ ) أَيْ تَمَامُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِنَّ أَنْ يُبَرِّئْنَ عَنْ الْبَاقِي وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ ؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ فِيهِنَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَدْفُوعَ فَكَيْفَ نُكَلِّفُهُنَّ بِدَفْعِ الْحَقِّ إلَيْهِنَّ إسْقَاطَ حَقٍّ آخَرَ إنْ كَانَ وَحَكَى مَعَ ذَلِكَ وَجْهًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا أُعْطِينَ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ .
وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ نِسْبَةُ هَذَا إلَى النَّصِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ صَرِيحًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَنَسَبَهُ فِي الْبَيَانِ لِلْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعِلَّتُهُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَحْصُلَ لِصَاحِبِهِ مِثْلُهُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ حِرْمَانُ بَعْضٍ وَإِعْطَاءُ بَعْضٍ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ
( قَوْلُهُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْأَقْرَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ ) أَوْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ ( قَوْلُهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَطَرِيقُ الصُّلْحِ إلَخْ ) مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بُطْلَانِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِلضَّرُورَةِ

( وَلَوْ كَانَ فِيهِنَّ ) أَيْ الثَّمَانِ اللَّاتِي أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ ( أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ ) وَأَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ ( أَوْ كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَكِتَابِيَّةٌ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ) وَمَاتَ ( وَلَمْ يُبَيِّنْ ) فِي الصُّورَتَيْنِ ( لَمْ يُوقَفْ لَهُنَّ شَيْءٌ ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُنَّ لِلْإِرْثِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِنَّ الْكِتَابِيَّاتِ ( وَاقْتَسَمَ بَاقِي الْوَرَثَةِ الْجَمِيعَ ) أَيْ جَمِيعَ التَّرِكَةِ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ إرْثِهِمْ مُحَقَّقٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّزَاحُمِ
قَوْلُهُ لِأَنَّ سَبَبَ إرْثِهِمْ مُحَقَّقٌ ) وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُزَاحَمَةِ قَالَ الكوهكيلوني يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا مَاتَ وَخَلَّفَ أُمًّا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَزَوْجَةِ أَبٍ حَامِلٍ

( فَرْعٌ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ تَحْتَهُ خَمْسٌ ) فَأَكْثَرُ ( وَرِثَ الْجَمِيعُ ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَقِيلَ أَرْبَعٌ فَقَطْ فَيُوقَفُ الْمَوْرُوثُ بَيْنَهُنَّ حَتَّى يَصْطَلِحْنَ وَيُجْعَلُ التَّرَافُعُ إلَيْنَا بِمَثَابَةِ إسْلَامِهِمْ وَقِيلَ إنْ صَحَّحْنَا أَنْكِحَتَهُمْ وَرِثَ الْجَمِيعُ وَإِلَّا فَأَرْبَعٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ ) مَاتَ ( مَجُوسِيٌّ تَحْتَهُ مَحْرَمٌ ) لَهُ ( لَمْ نُوَرِّثْهَا ) مِنْهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنِكَاحٍ فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَحْرَمِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ
( قَوْلُهُ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ تَحْتَهُ خَمْسٌ وَرَّثْنَا الْجَمِيعَ ) قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَوْ طَالَبَتْهُ بِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَلْزَمْنَاهُ بِهَا وَلَا نُبْطِلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَتْ تَقْرِيرَهَا فِيهِ وَهُنَا الْإِرْثُ مُسْتَنِدٌ لِأَمْرٍ مَضَى وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَقَدْ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ فَالْمُفْسِدُ قَدْ زَالَ كَاتِبُهُ

( فَرْعٌ وَمَنْ تَعَيَّنَتْ لِلْفُرْقَةِ بِالزِّيَادَةِ ) عَلَى أَرْبَعٍ ( فَعِدَّتُهَا ) مَحْسُوبَةٌ ( مِنْ ) وَقْتِ ( الْإِسْلَامِ ) أَيْ إسْلَامِهِمَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ ( لَا ) مِنْ وَقْتِ ( الِاخْتِيَارِ ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ اخْتِلَافُ الدِّينِ فَاعْتُبِرَتْ الْعِدَّةُ مِنْ حِينِهِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ

( فَصْلٌ تَجِبُ النَّفَقَةُ ) أَيْ يَسْتَمِرُّ وُجُوبُهَا ( لِلْمَوْقُوفَةِ ) أَيْ لِلْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا حَيْثُ كَانَتْ قَبْلَ إسْلَامِهَا مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً ( مِنْ حِين أَسْلَمَتْ ) سَوَاءٌ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَا ؛ لِأَنَّهَا أَحْسَنَتْ وَأَتَتْ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا وَإِنْ مُنِعَ مِنْ التَّمَتُّعِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْمَفْرُوضَيْنِ وَلِأَنَّ لِلزَّوْجِ قُدْرَةً عَلَى تَقْرِيرِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا بِأَنْ يُسْلِمَ فَجُعِلَتْ كَالرَّجْعِيَّةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي عَدَمُ اسْتِمْرَارِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِيمَا لَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامُهُ لِعُذْرٍ مِنْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَدَامَ بِهِ الْمَانِعُ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا وَيُفَارِقُ مَا قَالَهُ سُقُوطُ الْمَهْرِ بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ عِوَضُ الْعَقْدِ وَهُوَ يَسْقُطُ بِتَفْوِيتِ الْمُعَوَّضِ وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ لِلضَّرُورَةِ وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ وَلَمْ يَفُتْ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ اسْتِمْرَارُ وُجُوبِهَا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَا مَعًا وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ .
( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ تَخَلَّفَتْ الزَّوْجَةُ ) بِإِسْلَامِهَا عَنْ إسْلَامِ الزَّوْجِ ( لَمْ تَسْتَحِقَّ ) عَلَيْهِ نَفَقَةً مُدَّةَ التَّخَلُّفِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ لِنُشُوزِهَا بِالتَّأْخِيرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ تَخَلَّفَتْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ ثُمَّ زَالَ وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا ؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِعَدَمِ التَّمْكِينِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُشُوزٌ وَلَا تَقْصِيرٌ مِنْ الزَّوْجَةِ كَمَا تَسْقُطُ بِحَبْسِهَا ظُلْمًا ( وَالْقَوْلُ فِي ) قَدْرِ ( مُدَّةِ إسْلَامِهَا ) كَأَنْ قَالَ لَهَا أَسْلَمْت الْيَوْمَ فَقَالَتْ بَلْ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلِي عَلَيْك نَفَقَتُهَا ( قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ كُفْرِهَا وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ النَّفَقَةِ ( نَعَمْ لَوْ قَالَ ) لَهَا ( أَسْلَمْت قَبْلَك فَلَا نَفَقَةَ لَك مُدَّةَ التَّخَلُّفِ فَادَّعَتْ الْعَكْسَ ) أَيْ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ ( صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا كَانَ وَاجِبًا وَهُوَ يَدَّعِي مُسْقِطًا كَالنُّشُوزِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ قَالَ فِي الْوَسِيطِ إلَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ أَوَّلَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ أَسْلَمَتْ بَعْدِي وَقَالَتْ بَلْ قَبْلَك فَيُصَدَّقُ هُوَ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ كُفْرِهَا .
( قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ تَخَلَّفَتْ إلَخْ ) لَيْسَ هَذَا مُقْتَضَاهُ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ لِنُشُوزِ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالتَّأَخُّرِ وَإِنْ لَمْ تَأْثَمْ بِهِ

( فَرْعٌ عَلَى الْمُرْتَدِّ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ ) الْمَدْخُولِ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الرِّدَّةَ لَا عَلَى زَوْجِهَا ( وَهِيَ مُرْتَدَّةٌ ) وَإِنْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ سَوَاءٌ ارْتَدَّ الزَّوْجُ أَيْضًا أَمْ لَا لِنُشُوزِهَا بِالرِّدَّةِ وَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ مُتَأَخِّرَةِ الْإِسْلَامِ لِتَبْدِيلِهَا دِينَهَا
( قَوْلُهُ سَوَاءٌ ارْتَدَّ الزَّوْجُ أَيْضًا أَمْ لَا ) لَوْ ارْتَدَّ زَوْجَانِ مَعًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ كَمَا نَقَلَاهُ ثُمَّ قَالَا يُشْبِهُ مَجِيءَ خِلَافٍ فِيهِ كَتَشْطِيرِ الْمَهْرِ بِرِدَّتِهِمَا وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَهْرَ كَانَ ثَابِتًا بِالْعَقْدِ فَرِدَّتُهُ إذَا انْفَرَدَتْ تَشْطُرُهُ وَرِدَّتُهَا إذَا انْفَرَدَتْ تُسْقِطُ الْكُلَّ فَإِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوْزِيعُ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَتَقَابَلَا وَتَرَجَّحَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى جَانِبِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَهْرِ فَلِذَلِكَ تَشْطُرُ وَلَا كَذَلِكَ النَّفَقَةُ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ بِالْعَقْدِ فَتَرَجَّحَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى جَانِبِهَا فَسَقَطَتْ

( فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ بِالْإِسْلَامِ ) قَبْلَ الدُّخُولِ ( فَادَّعَتْ سَبْقَ الزَّوْجِ ) بِهِ ( لِإِثْبَاتِ نِصْفِ الْمَهْرِ ) وَادَّعَى هُوَ سَبْقَهَا بِهِ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ نِصْفِ الْمَهْرِ ( فَإِنْ قَالَتْ ) وَقَدْ ادَّعَى سَبْقَهَا ( لَا أَعْرِفُ السَّابِقَ ) مِنَّا ( لَمْ تُطَالِبْ ) بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ ( فَإِنْ ادَّعَتْ الْعِلْمَ بِذَلِكَ ) أَيْ بِسَبْقِ إسْلَامِهِ ( بَعْدُ ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهَا لَا أَعْرِفُ السَّابِقَ ( صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) وَأَخَذَتْ النِّصْفَ ( وَإِنْ جُهِلَ السَّبَقُ وَالْمَعِيَّةُ ) بِاعْتِرَافِهِمَا ( فَالنِّكَاحُ بَاقٍ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ .
( وَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا ( فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَعَاقُبِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَلَا تُطَالِبُهُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ ) إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ لِاحْتِمَالِ سَبْقِهَا ( وَلَا يَسْتَرِدُّهُ ) هُوَ مِنْهَا ( إنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْهُ ) أَيْ الْمَهْرَ لِاحْتِمَالِ سَبْقِهِ فَيُقِرُّ النِّصْفَ فِي يَدِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ

( وَإِنْ اخْتَلَفَا ) فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ ( فَادَّعَى ) هُوَ ( إسْلَامَهُمَا مَعًا ) لِيَبْقَى النِّكَاحُ ( وَأَنْكَرَتْ ) هِيَ بِأَنْ ادَّعَتْ تَعَاقُبَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ لِتُبْطِلَ النِّكَاحَ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ ( قُلْت وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الدَّعَاوَى ) مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ - مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ تَرْجِيحُ أَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا ( أَوْ ) ادَّعَيَا ( عَكْسَهُ ) فَادَّعَتْ إسْلَامَهُمَا مَعًا وَأَنْكَرَ هُوَ ( فَلَا نِكَاحَ لِاعْتِرَافِهِ ) بِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ وَيَصْدُقُ أَيْضًا فِي أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَهْرِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لَهُ فِي الدَّعَاوَى .
وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ تَصْدِيقُهَا فِي أَنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ جَزْمًا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ قَالَ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْفَرَجِ الرَّازِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَ عَنْ الْجُمْهُورِ الْجَزْمَ بِهِ
( قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُسْتَنِدٌ لِلْحَدِيثِ وَنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَقَيَّدَ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِمَجِيئِهِمَا مُسْلِمَيْنِ قَالَ فَلَوْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةٌ ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى إسْلَامَهُمَا مَعًا صُدِّقَتْ قَطْعًا قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ أَيْضًا فِي أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْمَهْرِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ قُوَّةُ جَانِبِهِ هُنَا عَلَى جَانِبِهَا إذْ قَوْلُهَا أَسْلَمْنَا مَعًا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ لِنُدُورِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهَا سَبَقَتْنِي إلَى الْإِسْلَامِ إذَا اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ إسْلَامُهُ مِنْهُمَا

( وَإِنْ ادَّعَى ) بَعْدَ إسْلَامِهِ ( أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي عِدَّةِ الْمَوْقُوفَةِ ) أَيْ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا ( وَأَنْكَرَتْ ) بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا ( فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى انْقِضَائِهَا فِي رَمَضَانَ ) مَثَلًا ( وَادَّعَى الْإِسْلَامَ ) أَيْ إسْلَامَهُ ( قَبْلَهُ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ ( أَوْ ) اتَّفَقَا ( عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ ) وَقَعَ فِي رَمَضَانَ ( وَادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا ) أَيْ الْعِدَّةَ ( قَبْلَهُ وَأَنْكَرَ ) بِأَنْ ادَّعَى انْقِضَاءَهَا بَعْدَهُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا ( وَإِنْ ) لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ بَلْ ( ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( مُجَرَّدَ السَّبْقِ ) فَاقْتَصَرَ عَلَى سَبْقِ إسْلَامِهِ وَاقْتَصَرَتْ عَلَى سَبْقِ عِدَّتِهَا ( صُدِّقَ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا ( بِالدَّعْوَى ) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَوَّلًا مَقْبُولٌ فَلَا يُرَدُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلٍ آخَرَ وَلِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ أَنْشَأَهُ حِينَئِذٍ فَدَعْوَى الزَّوْجِ إسْلَامَهُ أَوَّلًا كَأَنَّهُ إنْشَاءُ إسْلَامٍ فِي الْحَالِ وَدَعْوَاهَا بَعْدَهُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ أَوَّلًا يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِانْقِضَائِهَا فِي الْحَالِ فَيَتَأَخَّرُ انْقِضَاؤُهَا عَنْ الْإِسْلَامِ وَدَعْوَاهَا انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا أَوَّلًا يَقْتَضِي الْحُكْمَ فِي الْحَالِ بِانْقِضَائِهَا وَدَعْوَاهُ بَعْدَهَا إسْلَامَهُ أَوَّلًا كَأَنَّهُ إنْشَاءُ إسْلَامٍ فِي الْحَالِ فَيَقَعُ بَعْدَ الْعِدَّةِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70