كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْحَقَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ لَاحِقٌ بِهِمْ فَهُوَ كَأَنْبَتَ الزَّرْعُ بِمَعْنَى نَبَتَ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْحَقَهُ بِهِمْ اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ أَيْ يَمْنَعُونَ عَنْ سَبِيلِك وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَك وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَك أَيْ أَنْصَارَك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُسْلِمِينَ ، وَالْمُسْلِمَاتِ وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ أَيْ أُمُورَهُمْ وَمُوَاصَلَاتِهِمْ وَأَلِّفْ أَيْ اجْمَعْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمْ الْإِيمَانَ ، وَالْحِكْمَةَ ، وَهِيَ كُلُّ مَا مَنَعَ الْقَبِيحَ وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِك وَأَوْزِعْهُمْ أَيْ أَلْهِمْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِك الَّذِي عَاهَدْتهمْ عَلَيْهِ وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّك وَعَدُوِّهِمْ إلَهَ الْحَقِّ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَيَزِيدُ فِيهِ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ وَمَا قَالَهُ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ ، وَالْمَشْهُورُ كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قُلْت إنَّمَا يَأْتِي بِهِ عَلَى قَصْدِ الدُّعَاءِ لَا عَلَى قَصْدِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَحْسُنُ مَا ذَكَرَهُ وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْقُنُوتِ لَفْظٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَحَسَنٌ أَنْ يَدْعُوَ بِأَدْعِيَةِ الْقُرْآنِ قَاصِدًا الدُّعَاءَ وَقَدَّمَ قُنُوتَ الصُّبْحِ عَلَى قُنُوتِ عُمَرَ ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوِتْرِ ( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ ) بَدَلَ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ ( عَذِّبْ الْكَفَرَةَ لِيَعُمَّ ) كُلَّ كَافِرٍ ( وَأَنْ يَقْرَأَ ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ( فِي ) الرَّكَعَاتِ ( الثَّلَاثِ ) إذَا أَوْتَرَ بِهَا ( سَبِّحْ ) اسْمَ رَبِّك فِي الْأُولَى ( ثُمَّ ) قُلْ يَا أَيُّهَا (

الْكَافِرُونَ ) فِي الثَّانِيَةِ ( ثُمَّ الْإِخْلَاصُ ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ ) فِي الثَّالِثَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْوِتْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ وَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك .
( قَوْلُهُ : ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ ( قَوْلُهُ : إنْ فَعَلَهُ بَعْدَ نَوْمٍ ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُقُوعُهُ بَعْدَ وَقْتِ الْعِشَاءِ .
ا هـ .
يَعْنِي بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ ( قَوْلُهُ : وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ فِي الْأُولَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيُتْبِعُهُ بِقُنُوتِ عُمَرَ مُنْفَرِدٌ ) وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ ( قَوْلُهُ : الْجِدَّ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ ، أَمَّا بِفَتْحِهَا ، فَالْعَظَمَةُ ، وَالْحَظُّ ، وَبِضَمِّهَا الرَّجُلُ الْعَظِيمُ قَوْلُهُ إذَا أَوْتَرَ بِهَا ) ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا ( قَوْلُهُ : { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك } فِي الْأُولَى ) قَالَ فِي الْأَذْكَارِ ، فَإِنْ نَسِيَ سَبِّحْ فِي الْأُولَى أَتَى بِهَا مَعَ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } فِي الثَّانِيَةِ ، وَكَذَلِكَ إنْ نَسِيَ فِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَتَى بِهَا فِي الثَّالِثَةِ مَعَ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ

( وَأَقَلُّ الضُّحَى رَكْعَتَانِ ) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا مِنْ الضُّحَى } وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ سِتٌّ ( وَأَكْثَرُهُ ) الْأَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي وَأَكْثَرُهَا ( ثَمَانٌ يُسَلِّمُ ) نَدْبًا كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ ( مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا هَذَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَفْضَلُهَا ثَمَانٌ وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ وَاقْتَصَرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنْ صَلَّيْت الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ لَمْ تُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ ، أَوْ أَرْبَعًا كُتِبْت مِنْ الْمُحْسِنِينَ ، أَوْ سِتًّا كُتِبْت مِنْ الْقَانِتِينَ ، أَوْ ثَمَانِيًا كُتِبْت مِنْ الْفَائِزِينَ ، أَوْ عَشْرًا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْك ذَلِكَ الْيَوْمَ ذَنْبٌ ، أَوْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ بَنَى اللَّهُ لَك بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَدَّمْته فَظَهَرَ أَنْ مَا فِي الرَّوْضَةِ ، وَالْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ ا هـ .
فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ كَلَامِ الْأَصْلِ لِذَلِكَ ( وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الِاسْتِوَاءِ ) كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ ، وَالْمَجْمُوعِ ، وَالتَّحْقِيقِ وَخَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَقْتُ الضُّحَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا أَيْ كَالْعِيدِ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مُرَّةَ الطَّائِفِيِّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { قَالَ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ صَلِّ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ نَهَارِك أَكْفِك آخِرَهُ } ، لَكِنْ قَالَ

الْأَذْرَعِيُّ نَقْلُ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ فِيهِ نَظَرٌ ، وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ .
قَالَ : وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ خَبَرُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ( وَالِاخْتِيَارُ ) فِعْلُهَا ( عِنْدَ مُضِيِّ رُبْعِ النَّهَارِ ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ } بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي أَخْفَافِهَا ؛ وَلِئَلَّا يَخْلُوَ كُلُّ رُبْعٍ مِنْ النَّهَارِ عَنْ عِبَادَةٍ .
( قَوْلُهُ : كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ ، وَالْمَجْمُوعِ ) وَالتَّحْقِيقِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقُ إلَى الزَّوَالِ ( قَوْلُهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَقْتُ الضُّحَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ ) لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فَهُوَ وَجْهٌ غَرِيبٌ ، أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ " بَعْضُ " قَبْلَ أَصْحَابِنَا وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ حِكَايَةَ وَجْهٍ بِذَلِكَ كَالْأَصَحِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَإِنْ لَمْ يَحْكِهِ فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِمَعْنَى الضُّحَى وَهُوَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَمِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ وَوَقْتُهَا إذَا أَشْرَقَتْ الشَّمْسُ إلَى الزَّوَالِ أَيْ أَضَاءَتْ وَارْتَفَعَتْ بِخِلَافِ شَرَقَتْ فَمَعْنَاهُ طَلَعَتْ ( قَوْلُهُ : وَالِاخْتِيَارُ عِنْدَ مُضِيِّ رُبُعِ النَّهَارِ ) قَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَهَا وَبِهِ أَفْتَيْت .

( وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ لِكُلِّ دُخُولٍ لَهُ وَلَوْ تَقَارَبَ ) مَا بَيْنَ الدُّخُولَيْنِ ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ } وَمِنْ ثَمَّ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنْ غَيْرِ تَحِيَّةٍ بِلَا عُذْرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَنِّهَا بَيْنَ مُرِيدِ الْجُلُوسِ وَغَيْرِهِ ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّيْخُ نَصْرٌ لِمُرِيدِهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ مُعَلَّقٌ عَلَى مُطْلَقِ الدُّخُولِ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ وَإِقَامَةً لِلشَّعَائِرِ كَمَا يُسَنُّ لِدَاخِلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ سَوَاءٌ أَرَادَ الْإِقَامَةَ بِهَا أَمْ لَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إذَا أَتَى بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَتَكُونُ كُلُّهَا تَحِيَّةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَتَحْصُلُ التَّحِيَّةُ بِفَرِيضَةٍ ( وَوَرَدَ وَسُنَّةٍ ) ، وَإِنْ لَمْ تُنْوَ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا أَنْ لَا يُنْتَهَكَ الْمَسْجِدُ بِلَا صَلَاةٍ بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ ، وَالْعِيدِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ ، نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنْ لَا يَحْصُلَ فَضْلُهَا إلَّا إذَا نُوِيَتْ ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ : إنَّهُ الْقِيَاسُ ( لَا بِرَكْعَةٍ ) وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ ، أَوْ شُكْرٍ ( وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ ( وَيُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ بِهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ ) كَأَنْ قَرُبَتْ إقَامَتُهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ } وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِ وَتُكْرَهُ التَّحِيَّةُ إذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي الْمَكْتُوبَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّاخِلُ قَدْ صَلَّى ، فَإِنْ صَلَّى جَمَاعَةً لَمْ تُكْرَهْ التَّحِيَّةُ ، أَوْ فُرَادَى ، فَالْمُتَّجَهُ الْكَرَاهَةُ ( وَ ) يُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ بِهَا ( عَنْ الطَّوَافِ لِدَاخِلِ

الْحَرَمِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ حِينَئِذٍ مَعَ انْدِرَاجِهَا تَحْتَ رَكْعَتَيْهِ ، وَكَذَا إذَا خَافَ فَوَاتَ رَاتِبِهِ ( وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ ) قَبْلَ فِعْلِهَا ، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ إلَّا إذَا جَلَسَ سَهْوًا وَقَصُرَ الْفَصْلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدَانَ وَاسْتَغْرَبَهُ ، لَكِنَّهُ أَيَّدَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ لَمَّا قَعَدَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ } إذْ مُقْتَضَاهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا جَهْلًا أَوْ سَهْوًا شُرِعَ لَهُ فِعْلُهَا إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ قَالَ : وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي الْإِحْيَاءِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ ، فَإِنْ دَخَلَ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ وَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ صَلَاةِ التَّحِيَّةِ لِحَدَثٍ ، أَوْ شُغْلٍ وَنَحْوِهِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِهِ زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

( قَوْلُهُ : وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ ) شَمِلَ ذَلِكَ الْمَسَاجِدَ الْمُتَلَاصِقَةَ قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ مَسْجِدًا وَبَعْضُهُ غَيْرَ مَسْجِدٍ وَهُوَ مَشَاعٌ فَتُسَنُّ فِيهِ التَّحِيَّةُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْغُسْلِ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَنِّهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ رَأَيْت فِي تَصَانِيفِ بَعْضِ الْأَقْدَمِينَ الْجَزْمَ بِاسْتِحْبَابِ التَّحِيَّةِ لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ الْمُرُورِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ ) أَيْ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِحُصُولِ فَضْلِهَا ، وَإِنْ لَمْ تَنْوِ وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ قَالَ فِي الشَّامِلِ الصَّغِيرِ وَتُنْدَبُ رَكْعَتَانِ بَعْدَ وُضُوءٍ وَطَوَافٍ وَدُخُولِ مَنْزِلٍ وَتَوْبَةٍ وَقَبْلَهَا وَقَبْلَ خُرُوجٍ وَإِحْرَامٍ وَاسْتِخَارَةٌ وَتَحْصُلُ الثَّمَانِيَةُ بِكُلِّ صَلَاةٍ زَادَتْ عَلَى رَكْعَةٍ انْتَهَى قَالَ الكوهيكلوني وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِهِمْ ، وَكَذَا يَحْصُلُ كُلُّ الْأَجْرِ ( هـ ) ( قَوْلُهُ : وَيُكْرَهُ الِاشْتِغَالُ بِهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ ) لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، وَالْإِمَامُ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً فِي نَافِلَةٍ كَالْعِيدِ فَفِي اسْتِحْبَابِ التَّحِيَّةِ وَجْهَانِ فِي الْفُرُوقِ لِابْنِ جَمَاعَةَ الْمَقْدِسِيَّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ مَنْ دَخَلَ ، وَالْإِمَامُ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ بِأَنَّ فَضْلَ الْفَرِيضَةِ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ انْتَهَى فَيُصَلِّي تِلْكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ ، أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ .
ا هـ .
مِنْهُ النَّافِلَةُ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَتَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ ) الْمُتَّجَهُ الْكَرَاهَةُ لَهُ إذَا أَرَادَ إعَادَتَهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَقَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِيمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الثَّانِيَةَ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ ، وَقَدْ قَالَ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلَيْنِ { إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ، ثُمَّ أَدْرَكْتُمَا جَمَاعَةً فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ } وَهُوَ يَدُلُّ بِالْعُمُومِ وَتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَفِي جَمَاعَةٍ وَأَيْضًا إذَا تَرَكَ الْجَمَاعَةَ وَصَلَّى التَّحِيَّةَ رُبَّمَا يُسَاءُ بِهِ الظُّنُونُ وَرُبَّمَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصُّفُوفِ ، وَقَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ الْكَرَاهَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ ) سُئِلْت عَمَّنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَصَلَّى تَحِيَّتَهُ جَالِسًا هَلْ تَحْصُلُ لَهُ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ شَرَعَ فِيهَا قَائِمًا ، ثُمَّ جَلَسَ حَصَلَتْ ، وَإِنْ جَلَسَ مُتَعَمِّدًا ، ثُمَّ شَرَعَ فِيهَا لَمْ تَحْصُلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ ع إذَا جَلَسَ لِيَأْتِيَ بِهَا جَالِسًا فَأَتَى بِهَا حَصَلَتْ إذْ لَيْسَ لَنَا نَافِلَةٌ يَجِبُ التَّحَرُّمُ بِهَا قَائِمًا وَحَدِيثُهَا خُرِّجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلِهَذَا لَا تَفُوتُ بِجُلُوسٍ قَصِيرٍ نِسْيَانًا ، أَوْ جَهْلًا ( قَوْلُهُ : وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدَانَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ انْتَهَى وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَاسْتَمَرَّ قَائِمًا حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ فَاتَتْهُ أَيْضًا وَذِكْرُهُمْ الْجُلُوسَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ

( وَتُسَنُّ رَكْعَتَانِ لِلْإِحْرَامِ ) بِحَجٍّ ، أَوْ عُمْرَةٍ ، أَوْ مُطْلَقًا ( وَ ) رَكْعَتَانِ ( بَعْدَ الطَّوَافِ ) لِمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِمَا ( وَ ) رَكْعَتَانِ بَعْدَ ( الْوُضُوءِ ) كَمَا مَرَّ مَعَ دَلِيلِهِ فِي بَابِهِ ( يَنْوِي بِكُلٍّ ) مِنْ الثَّلَاثَةِ ( سُنَّتَهُ ) نَدْبًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَيَحْصُلُ كُلٌّ مِنْهَا بِمَا تَحْصُلُ بِهِ التَّحِيَّةُ ( وَرَكْعَتَا الِاسْتِخَارَةِ ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ، ثُمَّ لْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك وَأَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي ، أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي ، أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ وَفِي رِوَايَةٍ ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ .
} قَالَ النَّوَوِيُّ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَبِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ اسْتَخَارَ بِالدُّعَاءِ وَإِذَا اسْتَخَارَ مَضَى بَعْدَهَا لِمَا يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُهُ ( وَ ) رَكْعَتَا ( الْحَاجَةِ ) لِخَبَرِ { مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلَى اللَّهِ ، أَوْ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُحْسِنْ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَسْأَلُك مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِك ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إلَّا غَفَرْته وَلَا هَمًّا إلَّا فَرَّجْته وَلَا حَاجَةً هِيَ لَك رِضًا إلَّا قَضَيْتهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ وَاقْتَصَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى حَدِيثِهَا وَتَضْعِيفِهِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِحُكْمِهَا وَفِي التَّحْقِيقِ لَا تُكْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُهَا ضَعِيفًا إذْ لَا تَغْيِيرَ فِيهَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَنُقِلَ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ ( وَ ) رَكْعَتَانِ ( عِنْدَ الْقَتْلِ ) إنْ أَمْكَنَ لِقِصَّةِ خُبَيْبِ الْمَشْهُورَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ ( وَ ) رَكْعَتَانِ عِنْدَ ( التَّوْبَةِ ) لِخَبَرِ { لَيْسَ عَبْدٌ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَقُومُ فَيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا غَفَرَ لَهُ .
} رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ( وَ ) رَكْعَتَانِ عِنْدَ ( الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ وَ ) عِنْدَ ( دُخُولِهِ ) لَهُ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ قَالَ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ قَالَ : وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى { يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ } أَيْ يُصَلِّينَ وَجَعَلَهَا غَيْرَ الضُّحَى ، لَكِنْ ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ صَلَاةً الْإِشْرَاقِ هِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ ، وَهِيَ صَلَاةُ الضُّحَى وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِخَبَرِ { لَا يُحَافِظُ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى إلَّا أَوَّابٌ ، وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ } رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَرَكْعَتَانِ عَقِبَ الْأَذَانِ ( وَ ) رَكْعَتَانِ ( فِي الْمَسْجِدِ لِلْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ يَبْدَأُ بِهِمَا ) قَبْلَ دُخُولِهِ مَنْزِلَهُ وَيَكْتَفِي بِهِمَا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِهِ

مَنْزِلَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ ( وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ ، وَهِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ) يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَفِي كُلٍّ مِنْ الرُّكُوعِ ، وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَكُلٍّ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا ، وَالْجُلُوسِ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ .
الثَّانِيَةِ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ مَرَّةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَّمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَصَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَفِيهِ { إنْ اسْتَطَعْت أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِك مَرَّةً } وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ { فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُك مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ، أَوْ رَمْلِ عَالِجٍ غَفَرَ اللَّهُ لَك } وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ أَشَارَ إلَيْهَا الْأَصْلُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا سُنَّةٌ ، وَهُوَ مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَرَى عَلَيْهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ ، وَإِنَّ حَدِيثَهَا حَسَنٌ وَلَهُ طُرُقٌ يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيُعْمَلُ بِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي الْعِبَادَاتِ ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِ اسْتِحْبَابِهَا عَنْ جَمْعٍ وَفِي هَذَا الِاسْتِحْبَابِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ حَدِيثَهَا ضَعِيفٌ وَفِيهَا تَغْيِيرٌ لِنَظْمِ الصَّلَاةِ الْمَعْرُوفِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُفْعَلَ ، وَكَذَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ حَدِيثُهَا ضَعِيفٌ وَقَالَ فِي أَذْكَارِهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، فَإِنْ صَلَّاهَا لَيْلًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ، وَإِنْ صَلَّى نَهَارًا ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ .

( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَجَعَلَهَا غَيْرَ الضُّحَى ) وَلِهَذَا قَالَ فِي الْعُبَابِ وَرَكْعَتَا الْإِشْرَاقِ غَيْرُ الضُّحَى ( قَوْلُهُ وَهِيَ صَلَاةُ الضُّحَى إلَخْ ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ .

( وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ ) وَتُسَمَّى صَلَاةُ الْغَفْلَةِ لِغَفْلَةِ النَّاسِ عَنْهَا وَاشْتِغَالِهِمْ بِغَيْرِهَا مِنْ عِشَاءٍ وَنَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا ( وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَيْنَ الْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ كُتِبَتْ لَهُ عِبَادَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً } وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا وَيَقُولُ هَذِهِ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ } وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ خَبَرِ الْحَاكِمِ السَّابِقِ أَنَّ صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ هَذِهِ وَصَلَاةِ الضُّحَى ، وَهَذِهِ ، وَالصَّلَاةِ عِنْدَ الْقَتْلِ مَعَ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا ، وَبَيَانُ عَدَدِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ أَنَّهُ تُسَنُّ رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ ، وَتُسَنُّ أَيْضًا صَلَوَاتٌ أُخَرُ مِنْهَا إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُوَدِّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمِنْهَا إذَا دَخَلَ أَرْضًا لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا كَدَارِ الشِّرْكِ يُسَنُّ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهَا إذَا مَرَّ بِأَرْضٍ لَمْ يَمُرَّ بِهَا قَطُّ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ وَمِنْهَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَزُفَّتْ إلَيْهِ يُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ الْوِقَاعِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ صَلَاةُ الرَّغَائِبِ ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ جُمُعَةِ رَجَبٍ وَصَلَاةُ لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ مِائَةُ رَكْعَةٍ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَنْ ذَكَرَهُمَا .
( قَوْلُهُ وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً إلَخْ ) وَرُوِيَتْ سِتًّا وَأَرْبَعًا وَرَكْعَتَيْنِ وَهُمَا الْأَقَلُّ

( فَصْلٌ لَا حَصْرَ فِي التَّطَوُّعَاتِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا ) مِنْ وَقْتٍ وَغَيْرِهِ أَيْ لَا حَصْرَ لِأَعْدَادِهَا وَلَا لِرَكَعَاتِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا { لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مَوْضُوعٌ اسْتَكْثِرْ مِنْهَا ، أَوْ أَقِلَّ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ ، وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا ( فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِرَكْعَةٍ وَبِمِائَةٍ ) مَثَلًا ( وَفِي كَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى رَكْعَةٍ ) فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا ( وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إذَا نَذَرَ صَلَاةً لَا يَكْفِيهِ رَكْعَةٌ ، وَالثَّانِي لَا بَلْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الَّذِي يَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالشُّرُوعِ رَكْعَتَانِ ( فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا ) وَعَلِمَ ، أَوْ ( جَهِلَ كَمْ صَلَّى جَازَ ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِمَا رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ صَلَّى عَدَدًا كَثِيرًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ هَلْ تَدْرِي انْصَرَفْت عَلَى شَفْعٍ ، أَوْ عَلَى وِتْرٍ فَقَالَ إنْ لَا أَكُنْ أَدْرِي فَإِنَّ اللَّهَ يَدْرِي ( فَإِنْ نَوَى عَدَدًا فَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ الزِّيَادَةَ ) عَلَيْهِ ( وَالنُّقْصَانَ ) عَنْهُ ، وَالْعَدَدُ عِنْدَ النُّحَاةِ مَا وُضِعَ لِكَمِّيَّةِ الشَّيْءِ ، فَالْوَاحِدُ عَدَدٌ فَتَدْخُلُ فِيهِ الرَّكْعَةُ ، وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْحُسَّابِ : مَا سَاوَى نِصْفَ مَجْمُوعِ حَاشِيَتَيْهِ الْقَرِيبَتَيْنِ ، أَوْ الْبَعِيدَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ ، فَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الرَّكْعَةُ ، لَكِنَّهَا تَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ هُنَا بِالْأَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ التَّغْيِيرُ بِالزِّيَادَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَفِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قِيلَ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ أَوْلَى وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَغْيِيرَهَا بِالنَّقْصِ مُمْتَنِعٌ ( فَإِنْ نَوَى أَرْبَعًا وَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ، أَوْ ) مِنْ ( رَكْعَةٍ ، أَوْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ عَامِدًا قَبْلَ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ

بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا نَوَاهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ صَلَاةٌ ثَانِيَةٌ فَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُصَلِّي مُتَيَمِّمًا وَرَأَى الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الزِّيَادَةُ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ ( وَلَوْ قَامَ ) إلَيْهَا ( نَاسِيًا ) فَتَذَكَّرَ ( وَأَرَادَ الزِّيَادَةَ ) ، أَوْ لَمْ يُرِدْهَا ( لَزِمَهُ الْعَوْدُ ) إلَى الْقُعُودِ ؛ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ سَهْوًا لَغْوٌ ، ثُمَّ أَتَى إنْ شَاءَ بِمُرَادِهِ بَعْدَ نِيَّتِهِ لَهُ فِي الْأُولَى وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الثَّانِيَةِ ( وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ) فِيهِمَا آخِرَ صَلَاتِهِ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُتِمَّ الْقِيَامَ ، لَكِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ ( وَإِنْ زَادَ رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا ثُمَّ نَوَى زِيَادَةَ عَدَدٍ ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ إكْمَالَ أَرْبَعٍ ( لَمْ تُحْسَبَا مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْعَدَدِ لِمَا مَرَّ فَيَأْتِي بِمَا نَوَاهُ إنْ شَاءَ ( وَمَنْ نَوَى عَدَدًا فَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ آخِرَ صَلَاتِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَرِيضَةِ جَازَ ( وَهُوَ ) أَيْ هَذَا التَّشَهُّدُ ( رُكْنٌ ) كَسَائِرِ التَّشَهُّدَاتِ الْأَخِيرَةِ ( وَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ ) بِلَا سَلَامٍ ( بَيْنَ ) يَعْنِي فِي ( كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ) كَمَا فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَفِي كُلِّ ثَلَاثٍ ، أَوْ أَكْثَرَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ ، وَالْمَجْمُوعِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ فِي الْفَرَائِضِ فِي الْجُمْلَةِ ( لَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ اخْتِرَاعُ صُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تُعْهَدْ ( وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ) فِي لَيْلٍ ، أَوْ نَهَارٍ لِخَبَرِ { صَلَاةُ اللَّيْلِ ، وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى } صَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَالْخَطَّابِيُّ ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( وَأَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ فِيمَا ) أَيْ فِي الرَّكَعَاتِ الَّتِي ( قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ) إذَا صَلَّى بِتَشَهُّدَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا فِي الْفَرِيضَةِ ، فَإِنْ صَلَّى بِتَشَهُّدٍ قَرَأَهَا فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ

.
( قَوْلُهُ : مِنْ وَقْتٍ وَغَيْرِهِ ) خَرَجَ بِهِ الْوِتْرُ وَسَائِرُ النَّوَافِلِ كَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِوَقْتٍ ، أَوْ سَبَبٍ ؛ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا الزِّيَادَةُ ، وَالنَّقْصُ الْمَذْكُورَانِ ( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا ( قَوْلُهُ : وَالثَّانِي لَا بَلْ قَالَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْحُسَّابِ مَا سَاوَى إلَخْ ) بِمَعْنَى أَنْ تَأْخُذَ مَا قَبْلَهُ فَتُضِيفَهُ إلَى مَا بَعْدَهُ فَمَا اجْتَمَعَ فَاَلَّذِي بَيْنَهُمَا نِصْفُ مَا اجْتَمَعَ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْوَاحِدِ .

( فَرْعٌ يَقْضِي ) نَدْبًا ( مِنْ النَّوَافِلِ مَا لَهُ وَقْتٌ ) مَخْصُوصٌ ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ ( كَالْعِيدِ ، وَالضُّحَى وَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ ) طَالَ الزَّمَانُ ، أَوْ قَصُرَ لِعُمُومِ خَبَرِ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا ؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَضَى بَعْدَ الشَّمْسِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ } رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ سُنَّتِهِ فَلْيُصَلِّهِ إذَا ذَكَرَهُ } ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مُؤَقَّتٌ كَالْفَرْضِ ( لَا مَا يُفْعَلُ لِعَارِضٍ كَالْكُسُوفَيْنِ ، وَالِاسْتِسْقَاءِ ، وَالتَّحِيَّةِ ) فَلَا يَقْضِي إذَا فَعَلَهُ لِعَارِضٍ ، وَقَدْ زَالَ ، وَكَذَا النَّفَلُ الْمُطْلَقُ ، وَإِنْ تَدَافَعَ فِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نَعَمْ إنْ شَرَعَ فِيهِ ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَضَاهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَدَاؤُهُ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْفَرْضِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْأَدَاءُ اللُّغَوِيُّ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَيَنْبَغِي لِمَنْ فَاتَهُ وِرْدٌ أَنْ يَتَدَارَكَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِئَلَّا تَمِيلَ نَفْسُهُ إلَى الدَّعَةِ ، وَالرَّفَاهِيَةِ ( وَيُسْتَحَبُّ قَضَاءُ النَّوَافِلِ ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِعْلُ الرَّوَاتِبِ ( فِي السَّفَرِ كَالْحَضَرِ ) ، لَكِنَّهَا لَا تَتَأَكَّدُ فِيهِ كَالْحَضَرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَة فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ قِيلَ يُسَبِّحُونَ فَقَالَ لَوْ كُنْت مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْت صَلَاتِي يَا ابْنَ أَخِي إنِّي صَحِبْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي أَبِي بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرَ ، ثُمَّ عُثْمَانَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى { لَقَدْ كَانَ

لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } قَالَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ مَعَ الْفَرَائِضِ وَفِي الْجَوَابِ عَنْهُ عُسْرٌ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ خُولِفَ فِيهِ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ أَيْ فِي الْفَرْضِ مَا عَدَا الْمَغْرِبَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ رِوَايَتِهِ هَذِهِ بِرِوَايَتِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يَتَنَفَّلُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ } كَمَا انْدَفَعَ أَيْضًا بِحَمْلِ قَوْلِهِ السَّابِقِ عَلَى غَيْرِ الرَّوَاتِبِ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ سُنَّةِ الْفَجْرِ ، وَالْفَرِيضَةِ بِاضْطِجَاعٍ ) عَلَى يَمِينِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِخَبَرِ { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ } فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَمَا يُجْزِئُ أَحَدَنَا مَمْشَاهُ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَضْطَجِعَ عَلَى يَمِينِهِ قَالَ لَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ بِاضْطِجَاعٍ ( فَبِحَدِيثٍ ) ، أَوْ تَحَوُّلٍ مِنْ مَكَانِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَاسْتَحَبَّ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ الِاضْطِجَاعَ بِخُصُوصِهِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَقَالَ : فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فَصَلَ بِكَلَامٍ ( وَأَنْ يَقْرَأَ فِي ) أُولَى ( رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ، وَالْمَغْرِبِ ، وَالِاسْتِخَارَةِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ ) قُلْ يَا أَيُّهَا ( الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ ، أَوْ ) فِي الْأُولَى ( قُولُوا آمَنَّا بِاَللَّهِ ، ثُمَّ ) فِي الثَّانِيَةِ ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا الْآيَتَيْنِ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ خَاصَّةً ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَكِلَاهُمَا سُنَّةٌ وَاسْتَحْسَنَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ وَسَائِلِ الْحَاجَاتِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا أَلَمْ نَشْرَحْ وَفِي الثَّانِيَةِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْ

رَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَةِ { وَرَبُّك يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ } الْآيَاتِ الثَّلَاثَ وَفِي الثَّانِيَةِ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ الْآيَتَيْنِ ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَعْنَى الِاسْتِخَارَةِ .
قَوْلُهُ : فَرْعٌ يَقْضِي مِنْ النَّوَافِلِ مَا لَهُ وَقْتٌ ) إنَّمَا يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ لِغَيْرِ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ بِعُذْرٍ كَجُنُونٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ قَبْلَ قَضَائِهَا فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى ، وَالرَّاجِحُ فِيهِ وَفِي التَّرَاوِيحِ وَفِي الرَّاتِبَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ الْفَرْضِ مَنْعُ تَقْدِيمِهَا إذْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِفِعْلِ الْفَرْضِ وَمُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ ( قَوْلُهُ : وَرَوَاتِبُ الْفَرَائِضِ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ ابْنُ الْخَيَّاطِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْكِتَابِ : الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ رَوَاتِبَ الصَّوْمِ لَا تُقْضَى وَهُوَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا } وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى الصَّوْمِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى ( سُئِلْت ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ بَعْدَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ ( وَسِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ ) يَبْقَى النَّظَرُ فِيمَنْ أَفْطَرَ جَمِيعَ رَمَضَانَ ، أَوْ بَعْضَهُ وَقَضَاهُ هَلْ يَتَأَتَّى لَهُ تَدَارُكُ ذَلِكَ أَمْ لَا مَا الْمُعْتَمَدُ ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَعْدَ قَضَائِهِ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنْ يَصُومَ سِتَّةَ أَيَّامٍ ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ ( قَوْلُهُ : ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِعْلُ الرَّوَاتِبِ ) ، فَالْقَضَاءُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ ( قَوْلُهُ بِاضْطِجَاعٍ عَلَى يَمِينِهِ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَكْمَلُ وَإِلَّا فَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِالْأَيْسَرِ ( قَوْلُهُ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ خَاصَّةً ) ، وَالسُّنَّةُ تَخْفِيفُ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا .

( وَتَطَوُّعُ اللَّيْلِ ) أَيْ ، وَالتَّطَوُّعُ فِيهِ ( وَفِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي النَّهَارِ ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْآتِي ( وَ ) فِي ( الْمَسْجِدِ ) لِمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ { فَضْلُ صَلَاةِ النَّفْلِ فِي الْبَيْتِ عَلَى مِثْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ كَفَضْلِ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى فَضْلِهَا فِي الْبَيْتِ } رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَلِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيَاءِ ، وَهَذَا مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّهُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ وَفَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا أَوْ زَمَانِهَا ، فَالْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِهَا أَوْلَى وَمُرَادُهُ بِالتَّطَوُّعِ فِي الْأُولَى النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَفِي الثَّانِيَةِ النَّفَلُ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ رَكْعَتَا الْإِحْرَامِ إذَا كَانَ بِالْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ كَمَا هُمَا مَعْرُوفَانِ فِي مَحَلِّهِمَا ، وَالنَّافِلَةُ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَفِعْلُهُمَا فِي الْجَامِعِ أَفْضَلُ لِفَضِيلَةِ الْبُكُورِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَنَقَلَهُ الْجُرْجَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَلَاةُ الضُّحَى لِخَبَرٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ وَصَلَاةُ مُنْشِئِ السَّفَرِ وَالْقَادِمِ مِنْهُ وَالْمَاكِثِ بِالْمَسْجِدِ لِاعْتِكَافٍ وَتَعَلُّمٍ أَوْ تَعْلِيمٍ وَالْخَائِفِ فَوْتَ الرَّاتِبَةِ قَالَ وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ السَّاكِنَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ يُخْفِي صَلَاتَهُ فِيهِ ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا يُفْهِمُهُ قَوْلُ الْمُهَذَّبِ وَأَفْضَلُ التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ أَفْضَلَ لِلتَّطَوُّعِ فِيهِ مِنْ بَعْضٍ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ ( وَنِصْفُهُ الْأَخِيرُ ) إنْ قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ ( أَوْ ثُلُثُهُ الْأَوْسَطُ ) إنْ قَسَمَهُ أَثْلَاثًا ( أَفْضَلُ ) مِنْ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ وَمِنْ ثُلُثَيْهِ الْأَخِيرَيْنِ ( وَأَفْضَلُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ ثُلُثِهِ الْأَوْسَطِ ( السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ ) { سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ

فَقَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ } وَقَالَ { أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ } وَقَالَ { يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ } رَوَى الْأَوَّلَ مُسْلِمٌ وَالثَّانِيَتَيْنِ الشَّيْخَانِ وَمَعْنَى يَنْزِلُ رَبُّنَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ ( وَيُكْرَهُ تَرْكُ تَهَجُّدٍ اعْتَادَهُ ) وَنَقْصُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَ ) يُكْرَهُ ( تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي } وَاسْتَحَبَّ فِي الْإِحْيَاءِ قِيَامَهَا .
وَحُمِلَ عَلَى إحْيَائِهَا مُضَافًا إلَى أُخْرَى قَبْلَهَا ، أَوْ بَعْدَهَا كَمَا فِي الصَّوْمِ وَقَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ وَغَيْرُهُ ( وَ ) يُكْرَهُ ( قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا ) { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ ؟ فَقُلْت : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا } إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ؛ وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ الْبَدَنَ إذْ لَا يُمْكِنُهُ نَوْمُ النَّهَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَصَالِحِهِ الدِّينِيَّةِ ، وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَلِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ غَيْرَ أَيَّامِ النَّهْيِ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ فِي اللَّيْلِ مَا فَاتَهُ مِنْ أَكْلِ النَّهَارِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَالتَّقْيِيدُ بِكُلِّ اللَّيْلِ ظَاهِرُهُ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ بِتَرْكِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَالْمُتَّجَهُ تَعَلُّقُهَا

بِالْقَدْرِ الْمُضِرِّ وَلَوْ بَعْضَ اللَّيْلِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِيهِ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَرِيبًا مِنْهُ فَقَالَ إنْ لَمْ يَجِدْ بِذَلِكَ مَشَقَّةً اُسْتُحِبَّ لَا سِيَّمَا الْمُتَلَذِّذِ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْ وَجَدَ نَظَرَ إنْ خَشِيَ مِنْهَا مَحْذُورًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا ، وَرِفْقُهُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى وَاحْتَرَزُوا بِدَائِمًا عَنْ إحْيَاءِ لَيَالٍ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْلَ } ( وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْلِيَهُ مِنْ صَلَاةٍ ) وَإِنْ قُلْت ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( أَنْ يُوقِظَ مَنْ يَطْمَعُ فِي تَهَجُّدِهِ ) لِيَتَهَجَّدَ فَاسْتِحْبَابُ إيقَاظِ النَّائِمِ لِلرَّاتِبَةِ أَوْلَى لَا سِيَّمَا إنْ ضَاقَ وَقْتُهَا ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى } وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْت } هَذَا ( إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا ) وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الشَّخْصُ الْقِيَامَ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَنْ يَمْسَحَ الْمُسْتَيْقِظُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يَقْرَأَ { إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ } إلَى آخِرِهَا وَأَنْ يَفْتَتِحَ تَهَجُّدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ .
وَإِطَالَةُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَكْثِيرِ الرَّكَعَاتِ وَأَنْ يَنَامَ مَنْ نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَذْهَبَ نَوْمُهُ ، وَلَا يَعْتَادُ مِنْهُ غَيْرَ مَا يَظُنُّ إدَامَتَهُ عَلَيْهِ .
وَيَتَأَكَّدُ إكْثَارُ الدُّعَاءِ ، وَالِاسْتِغْفَارِ فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَفِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ آكَدُ وَعِنْدَ السَّحَرِ أَفْضَلُ

( قَوْلُهُ وَفِي الْمَسْجِدِ ) وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، أَوْ أَمْكَنَ إخْفَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ ( قَوْلُهُ : وَمُرَادُهُ بِالتَّطَوُّعِ إلَخْ ) أَمَّا الْمَنْذُورَةُ فَهَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ ، أَوْ الْمَسْجِدِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَسْجِدَ فِي نَذْرِهِ ، فَإِنْ عَيَّنَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ قَطْعًا وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ ثَانِيهمَا ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ ( قَوْلُهُ : وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ السَّاكِنَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ يُخْفِي صَلَاتَهُ فِيهِ ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْبَيْتِ الْإِخْفَاءُ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الرَّوَاتِبِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ نَظَرٌ ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ { أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ } وَأَيْضًا { اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَجْعَلُوهَا قُبُورًا } وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ غَيْرُ الْإِخْفَاءِ وَلَهُ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ غَيْرُ غَرَضِ الْإِخْفَاءِ ( قَوْلُهُ : وَنِصْفُهُ الْأَخِيرُ ، أَوْ ثُلُثُهُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلُ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّ الْغَفْلَةَ فِيهِ أَكْثَرُ ، وَالْعِبَادَةَ فِيهِ أَثْقَلُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ذَاكِرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ كَشَجَرَةِ خَضْرَاءَ بَيْنَ أَوْرَاقٍ يَابِسَةٍ } ( قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ ) قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَخْصِيصُ لَيْلَةِ غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْرَهَ ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ ( قَوْلُهُ وَقِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا ) قَيَّدَهُ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ بِمَنْ يُضْعِفُهُ ذَلِكَ عَنْ الْفَرَائِضِ وَهُوَ حَسَنٌ ( قَوْلُهُ : وَالْمُتَّجَهُ تَعَلُّقُهَا بِالْقَدَرِ الْمُضِرِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ) .
الْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلَاةَ } الْآيَةَ أَمَرَ بِهَا فِي الْخَوْفِ فَفِي الْأَمْنِ أَوْلَى ، وَالْأَخْبَارُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً } وَفِي رِوَايَةٍ { بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً } وَلَا مُنَافَاةَ ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ ، أَوْ أَنَّهُ أُخْبِرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِهَا ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ ، وَالصَّلَاةُ ( هِيَ ) أَيْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي بَابِهَا ( فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي أَدَاءِ مَكْتُوبَاتِ الْمُقِيمِينَ ) مِنْ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ { مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الْجَمَاعَةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ } أَيْ غَلَبَ وَلَيْسَتْ فَرْضَ عَيْنٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ فَإِنَّ الْمُفَاضَلَةَ تَقْتَضِي جَوَازَ الِانْفِرَادِ وَأَمَّا خَبَرُهُمَا { أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ، وَلَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ .
} فَوَارِدٌ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ فُرَادَى ، وَالسِّيَاقُ يُؤَيِّدُهُ ؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّقْهُمْ وَإِنَّمَا هَمَّ بِتَحْرِيقِهِمْ ، فَإِنْ قُلْت لَوْ لَمْ يَجُزْ تَحْرِيقُهُمْ لَمَا هَمَّ بِهِ قُلْنَا لَعَلَّهُ هَمَّ بِالِاجْتِهَادِ ، ثُمَّ نَزَلَ وَحْيٌ بِالْمَنْعِ ، أَوْ تَغَيَّرَ الِاجْتِهَادُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِالْأَدَاءِ الْقَضَاءُ وَبِالْمَكْتُوبَاتِ الْمَنْذُورَةُ

وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ ، وَالنَّوَافِلُ وَسَتَأْتِي إلَّا النَّوَافِلَ فَتَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِهَا وَبِالْمُقِيمِينَ الْمُسَافِرُونَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ ، لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَبِالرِّجَالِ النِّسَاءُ ، وَالْخَنَاثَى ، وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا وَبِالْأَحْرَارِ الْأَرِقَّاءُ فَلَيْسَتْ فَرْضًا فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِاشْتِغَالِهِمْ بِخِدْمَةِ السَّادَةِ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَوْلَهُ ( لَا الْعُرَاةِ ) فَلَيْسَتْ فَرْضًا عَلَيْهِمْ بَلْ هِيَ وَالِانْفِرَادُ فِي حَقِّهِمْ سَوَاءٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ عَلَى تَفْصِيلٍ مَرَّ بَيَانُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ ( سُنَّةٌ ) أَيْ هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْمُؤَدَّاةِ سُنَّةٌ ( فِي الْمَقْضِيَّةِ ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الصُّبْحَ جَمَاعَةً حِينَ فَاتَتْهُمْ فِي الْوَادِي } وَبَيَّنَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ سُنِّيَّتَهَا فِي ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِيمَا يَتَّفِقُ فِيهِ الْإِمَامُ ، وَالْمَأْمُومُ كَأَنْ يَفُوتَهُمَا ظُهْرٌ ، أَوْ عَصْرٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ ( لَا الْمَنْذُورَةِ ) فَلَا تَجِبُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَلَا تُسَنُّ وَإِذَا كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِيمَا تَقَدَّمَ ( فَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُونَ ) أَيْ يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ ( عَلَيْهَا ) كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ ( حَتَّى يَظْهَرَ الشِّعَارُ ) أَيْ شِعَارُ الْجَمَاعَةِ ( بِإِقَامَتِهَا بِمَكَانٍ فِي قَرْيَةٍ ، أَوْ أَمْكِنَةٍ فِي الْبَلَدِ الْكَبِيرِ ) وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَرْيَةِ يَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ ، وَالْكَبِيرَةَ وَتَقْيِيدُهُ الْبَلَدَ بِالْكَبِيرِ يُخْرِجُ الصَّغِيرَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا .
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ يَكْفِي إقَامَتُهَا فِي مَحَلٍّ وَفِي الْكَبِيرَةِ ، وَالْبِلَادِ تُقَامُ فِي مَحَالَّ أَيْ يَظْهَرُ بِهَا الشِّعَارُ ( لَا ) فِي ( وَسَطِ الْبُيُوتِ ) ، وَإِنْ

ظَهَرَتْ فِي الْأَسْوَاقِ فَلَا يَكْفِي ؛ لِأَنَّ الشِّعَارَ لَا يَظْهَرُ بِهَا وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا الشِّعَارُ يَكْفِي ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْقَائِلِ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ ، وَهُوَ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ " وَسَطِ " لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ ( وَلَا تُشْتَرَطُ ) الْجَمَاعَةُ أَيْ إقَامَتُهَا ( بِجُمْهُورِهِمْ ) أَيْ الْمُقِيمِينَ ( بَلْ تَسْقُطُ بِطَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا ( وَتَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي السَّاكِنِينَ ) بِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ بِخِلَافِ النَّاجِعِينَ لِلرَّعْيِ وَنَحْوِهِ .

( كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ) .
( قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ ، وَالصَّلَاةِ ) ، أَوْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ قُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ ، أَوْ أَنَّ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ ، وَالثَّانِيَةَ فِي السِّرِّيَّةِ ؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ عَنْ الْجَهْرِيَّةِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ ، وَالتَّأْمِينِ لِتَأْمِينِهِ ( قَوْلُهُ فِي أَدَاءِ مَكْتُوبَاتِ الْمُقِيمِينَ ) الْمَسْتُورِينَ ( قَوْلُهُ : لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ ) ؛ وَلِأَنَّهَا فَضِيلَةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا فَلَمْ تَجِبْ كَالتَّكْبِيرَاتِ ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ كَانَتْ شَرْطًا فِيهَا كَالْجُمُعَةِ ( قَوْلُهُ : وَبِالْمُقِيمِينَ الْمُسَافِرُونَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ ) وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُسَافِرِينَ لَوْ أَقَامُوا بِبَلْدَةٍ يَوْمَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَةً لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِمْ فَرْضُ الْجُمُعَةِ وَمَتَى كَانَ السَّفَرُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤَوَّلَ النَّصُّ وَيُحْمَلَ عَلَى عَاصٍ بِسَفَرِهِ ، أَوْ مُسَافِرٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ قس ( قَوْلُهُ : وَبِالْأَحْرَارِ الْأَرِقَّاءُ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ إذَا تُمْحَضُوا فِي قَرْيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيَطْرُقُهُ احْتِمَالَانِ ، وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ ( قَوْلُهُ : فَلَا تَجِبُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ ) وَلَا تُسَنُّ وَلَا تُكْرَهُ ( قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ إلَخْ ) ضَبَطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْقَرْيَةَ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا عِشْرُونَ ، أَوْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا ( قَوْلُهُ : لَا فِي وَسْطِ الْبُيُوتِ ) الْمُرَادُ بِوَسْطِ الْبُيُوتِ مَا تَظْهَرُ فِيهِ إقَامَتُهَا بِالْأَسْوَاقِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِ وَسْطِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ

هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا الشِّعَارُ يَكْفِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بَلْ تَسْقُطُ بِطَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ ) فِي تَأْدِيَةِ الْفَرْضِ بِالصِّبْيَانِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَرَدِّ السَّلَامِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْ الصَّغِيرِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ د .

( وَلَا فَرْضَ فِيهَا ) أَيْ الْجَمَاعَةِ ( عَلَى النِّسَاءِ بَلْ تُسْتَحَبُّ ) فِي حَقِّهِنَّ وَلَا يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهَا لَهُمْ تَأَكُّدَهُ لِلرِّجَالِ لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ قَالَ تَعَالَى { وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } ( وَ ) هِيَ ( فِي الْبُيُوتِ لَهُنَّ أَفْضَلُ ) مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ لِخَبَرِ { لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ؛ وَلِأَنَّهَا أَسْتَرُ لَهُنَّ ( وَلَوْ تَرَكْنَهَا ) أَيْ الْجَمَاعَةَ ( لَمْ يُكْرَهْ ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِهَا لَهُنَّ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى فِيمَا ذُكِرَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ ( وَتَقِفُ ) نَدْبًا ( إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ ) لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَمَّتَا نِسَاءً فَقَامَتَا وَسْطَهُنَّ ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ ، وَالْخُنْثَى يَقِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمَامَهُنَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ( وَاقْتِدَاؤُهُنَّ بِرَجُلٍ ، ثُمَّ خُنْثَى أَفْضَلُ ) مِنْ اقْتِدَائِهِنَّ بِالْمَرْأَةِ لِمَزِيَّتِهِمَا عَلَيْهَا وَذِكْرُ الْخُنْثَى مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَكِنَّ خَلْوَةَ الْأَجْنَبِيِّ ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَ مِنْ رَجُلٍ ، أَوْ خُنْثَى ( بِهَا ) أَيْ بِالْمَرْأَةِ ( حَرَامٌ ) لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَعَمْ إنْ وَجَدَهَا مُنْقَطِعَةً بِبَرِّيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا جَازَ لَهُ لِلضَّرُورَةِ اسْتِصْحَابُهَا بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا لَوْ تَرَكَهَا لِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " بِهَا " خَلْوَتُهُ بِهِنَّ فَجَائِزٌ إذَا كُنَّ ثِقَاتٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ فَعُدُولُهُ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِهِنَّ إلَى بِهَا حَسَنٌ ( وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْعَجَائِزِ ) الْأَوْلَى لِذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ ( حُضُورُ الْمَسْجِدِ مَعَ الرِّجَالِ ) وَيُكْرَهُ لِلزَّوْجِ ، وَالسَّيِّدِ ، وَالْوَلِيِّ تَمْكِينُهُنَّ مِنْهُ ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلِخَوْفِ الْفِتْنَةِ ، وَالنَّهْيِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ لِلتَّنْزِيهِ } ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ لَا يُتْرَكُ لِلْفَضِيلَةِ ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا تُشْتَهَى فَإِنَّهُ كَمَا يُنْدَبُ لَهَا الْحُضُورُ ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ كَلَامُهُ يُنْدَبُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ وَأَمِنَ الْمَفْسَدَةَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا } فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ ، أَوْ سَيِّدٌ ، أَوْ وَلِيٌّ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْحُضُورِ حَرُمَ الْمَنْعُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَالْأَصْحَابُ وَيُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِحُضُورِ الْمَسَاجِدِ وَجَمَاعَاتِ الصَّلَاةِ لِيَعْتَادَهَا ( وَتَصِحُّ نَافِلَةٌ وَمَنْذُورَةٌ فِي جَمَاعَةٍ بِلَا كَرَاهَةٍ ) وَإِنْ لَمْ تُسَنَّ فِيهِمَا الْجَمَاعَةُ .
( قَوْلُهُ : وَلَا فَرْضَ فِيهَا عَلَى النِّسَاءِ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ ، وَقَدْ تَكُونُ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِنَّ وَمَفْسَدَةٌ لَهُنَّ ( قَوْلُهُ : وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ ) بِإِسْكَانِ السِّينِ تَقُولُ جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ بِالتَّسْكِينِ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ بِالْفَتْحِ ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ بِالتَّسْكِينِ ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَهُوَ بِالْفَتْحِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ ، وَقَدْ أَجَازُوا فِي الْمَفْتُوحِ الْإِسْكَانَ وَلَمْ يُجِيزُوا فِي السَّاكِنِ الْفَتْحَ قَوْلُهُ : لِخَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ) قَالَ فِيهِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ كَلَامًا وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ بِهِ ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ تَحْرِيمُ النَّظَرِ إلَيْهِ

( فَرْعٌ وَيَحُوزُ فَضِيلَتَهَا ) أَيْ الْجَمَاعَةِ ( بِصَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ ) ، أَوْ نَحْوِهِ ( بِزَوْجَةٍ ، أَوْ وَلَدٍ أَوْ رَقِيقٍ ) ، أَوْ غَيْرِهِمْ إذْ أَقَلُّهَا اثْنَانِ ( وَهِيَ ) فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ ( أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَسْجِدٍ ) لِخَبَرِ { صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا ، أَوْ زَمَانِهَا ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّ قَلِيلَ الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي الْبَيْتِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكَسَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ يُومِئُ إلَيْهِ وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا قَالَ وَيَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِهِ لَوْ كَانَ إذَا ذَهَبَ إلَى الْمَسْجِدِ وَتَرَكَ أَهْلَ بَيْتِهِ لَصَلَّوْا فُرَادَى ، أَوْ لَتَهَاوَنُوا ، أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الصَّلَاةِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ لَا تَتَعَطَّلُ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ لِغَيْبَتِهِ .
ا هـ .
( وَالْمَسَاجِدُ ) أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي فَضْلِ الْمَشْيِ إلَيْهَا ؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا إظْهَارَ شِعَارِ الْجَمَاعَةِ ، فَالصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ ( وَأَكْثَرُهَا ) أَيْ الْمَسَاجِدِ ( جَمَاعَةً أَفْضَلُ ) لِلْمُصَلِّي ( وَإِنْ بَعُدَ ) عَنْهُ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ السَّابِقِ { نَعَمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا } ، وَإِنْ قَلَّتْ ، بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي : الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي

غَيْرِهَا وَيُنَازِعُ فِيهِ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ وَلَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَخْشَعْ فَالِانْفِرَادُ أَفْضَلُ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ ( إلَّا إنْ تَعَطَّلَ الْمَسْجِدُ الْقَرِيبُ مِنْهُ لِغَيْبَتِهِ ) عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامَهُ ، أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، أَوْ كَانَ الْبَعِيدُ بُنِيَ مِنْ أَمْوَالٍ خَبِيثَةٍ ( أَوْ كَانَ إمَامُ الْأَكْثَرِينَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ ) ، أَوْ الشُّرُوطِ مِنْ حَنَفِيٍّ وَغَيْرِهِ ( أَوْ ) كَانَ ( مُبْتَدِعًا ) كَمُعْتَزِلِيٍّ وَقَدَرِيٍّ وَرَافِضِيٍّ ( أَوْ فَاسِقًا ) فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فِي الْأُولَى وَيُؤْمَنُ النَّقْصُ فِي الْبَقِيَّةِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْأُولَى بِالْقَرِيبِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَعِيدَ بِخِلَافِهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ وَتَعْبِيرُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ وَتَعْبِيرُهُ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْأَكْثَرِينَ الشَّامِلِ لِلْقَرِيبِ مَعَ تَعْبِيرِهِ قَبْلَ بِمَا يَشْمَلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبَعِيدِ إذْ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ مُطْلَقًا ( بَلْ الِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ ) مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ هَؤُلَاءِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ ، لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ فَقَطْ وَمِثْلُهَا الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى ، لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ كَلَامُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ

الِانْفِرَادِ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ ( فَإِنْ اسْتَوَيَا ) أَيْ الْمَسْجِدَانِ ( فِي الْجَمَاعَةِ ) قَدَّمَ مَا يَسْمَعُ نِدَاءَهُ وَإِلَّا ( ، فَالْأَقْرَبُ ) مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ ( ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ ) عَنْ مَالِ بَانِيهِ وَوَافَقَهُ م يَتَخَيَّرُ نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُتَرَتِّبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلَ ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ .

( قَوْلُهُ إذْ أَقَلُّهَا اثْنَانِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ، فَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِيلَ ذَلِكَ بَحْثٌ لُغَوِيٌّ وَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَأْخَذُهُ التَّوْقِيفُ الشَّرْعِيُّ ( قَوْلُهُ : وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَسْجِدٍ ) أَيْ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ ) أَيْ كَأَصْلِهِ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ } ( قَوْلُهُ : وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ إلَخْ ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَالْجَمَاعَةُ خَارِجَ الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِيهَا ( قَوْلُهُ : بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ إلَخْ ) أَيْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ تَعَطَّلَ الْقَرِيبُ إلَخْ ) يُسْتَثْنَى أَيْضًا صُوَرٌ مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ يُبَادِرُ إمَامُهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الْمَحْبُوبِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ ، وَالْمَأْمُومُ بَطِيئَهَا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُهَا مَعَ إمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ ( قَوْلُهُ : أَوْ فَاسِقًا ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ ، أَوْ مُتَّهَمًا بِهِ ( قَوْلُهُ : فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَعَارَضَ فَضِيلَةُ سَمَاعِ الْقُرْآنِ مَعَ الْإِمَامِ مَعَ قِلَّةِ الْجَمَاعَةِ ، وَعَدَمُ سَمَاعِهِ مَعَ كَثْرَتِهَا ، فَالظَّاهِرُ تَفْضِيلُ الْأَوَّلِ

قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَاعَاةَ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ كا .
قَوْلُهُ : وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ أَفْتَيْت ( قَوْلُهُ : فَإِنْ اسْتَوَيَا جَمَاعَةً ، فَالْأَقْرَبُ إلَخْ ) فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَسْمَعُ نِدَاءَ الْأَبْعَدِ دُونَ الْأَقْرَبِ لِحَيْلُولَةِ مَا يَمْنَعُ السَّمَاعَ أَوْ نَحْوِهَا ، فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ ش .

( فَرْعٌ يُدْرِكُ ) الْمَسْبُوقُ ( فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ ) مِنْ الْإِمَامِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ لِإِدْرَاكِهِ رُكْنًا مَعَهُ ، لَكِنَّهُ دُونَ فَضْلِ مَنْ يُدْرِكُهَا مِنْ أَوَّلِهَا ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ فَضْلَهَا بِذَلِكَ لَمُنِعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ زِيَادَةً بِلَا فَائِدَةٍ وَمُقْتَضَاهُ إدْرَاكُ فَضْلِهَا ، وَإِنْ فَارَقَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ وَلَا يَخْفَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي ( قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ سُبِقَ ) شَخْصٌ ( فِي الْجَمَاعَةِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ وَرَجَا جَمَاعَةً ) وَلَوْ بِمَسْجِدٍ آخَرَ ( أَخَّرَ ) نَدْبًا ( لِيُدْرِكَ الْكُلَّ ) أَيْ كُلَّ الصَّلَاةِ ( مَعَ ) الْجَمَاعَةِ ( الْأُخْرَى ) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ جَمَاعَةً ، وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ نُدِبَ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا لِيُصَلُّوا جَمَاعَةً ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي نُسْخَةٍ قَبْلَ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَتُسَنُّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ( وَيُدْرِكُ فَضْلَ التَّكْبِيرَةِ بِشُهُودِهَا ، وَالِاشْتِغَالِ بِالْمُتَابَعَةِ ) عَقِبَهَا بِعَقْدِ صَلَاتِهِ لِخَبَرِ { إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخَبَرِ { مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُنْقَطِعًا ( فَلَوْ أَبْطَأَ ) بِالْمُتَابَعَةِ ( لِوَسْوَسَةٍ ) غَيْرِ ظَاهِرَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ( عُذِرَ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْطَأَ لِغَيْرِ وَسْوَسَةٍ وَلَوْ بِسَبَبٍ لِلصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ ، أَوْ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ غَيْرُ عُذْرٍ فِي التَّخَلُّفِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ لِطُولِ زَمَنِهَا ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَا هُنَا مِنْ

زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَهَا ) أَيْ التَّكْبِيرَةِ ( لَمْ يَسْعَ ) أَيْ لَمْ يُسْرِعْ نَدْبًا لِيُدْرِكَهَا بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ ، وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا } قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ ، أَوْ يَفْحُشْ التَّأْخِيرُ وَيَخْرُجْ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ .
ا هـ .
أَمَّا لَوْ خَافَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْرِعُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ بَحْثًا وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ الشَّامِلِ ، وَالتَّتِمَّةِ ، وَالْبَحْرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ نَعَمْ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَشِيَ فَوَاتَهُ فَيُسْرِعُ كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ ، وَكَذَا لَوْ امْتَدَّ الْوَقْتُ وَكَانَتْ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَتَعَطَّلَتْ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ .

( قَوْلُهُ : تُدْرَكُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ ) لَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ ، وَالتَّحَرُّمِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ تَمَامِهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ نَظَرًا إلَى إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ ، وَالْإِمَامُ فِي التَّحَلُّلِ احْتِمَالَانِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ بِالْأَوَّلِ وَقَالَ إنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ وَأَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ بِالثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَيُفْهِمُ قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي التَّهْذِيبِ أَخْذًا مِنْ التَّنْبِيهِ وَتُدْرَكُ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ أت وَهُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : لِوَسْوَسَةٍ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ تُوَسْوَسُ الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ بِجِوَارِ الْمُصَلِّي ، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ ( قَوْلُهُ : غَيْرِ ظَاهِرَةٍ ) ؛ لِأَنَّ زَمَنَهَا قَصِيرٌ ( قَوْلُهُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِغَلَبَةِ الْوَسْوَسَةِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَنُدُورِهَا فِي غَيْرِهَا .
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي الْأَفْعَالِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْأَقْوَالِ وَأَيْضًا قَدْ يُنْسَبُ هَذَا إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْوَسْوَسَةَ وَلَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ ، أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ هُوَ إمَامًا وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ لَعَلَّ الْمَذْكُورَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ فِي الْوَسْوَسَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ غَيْرِ وَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ وَيَكُونُ طُولُ الزَّمَنِ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ .
وَالتَّخَلُّفُ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ طَوِيلٌ فَاسْتَوَيَا ( قَوْلُهُ : لِطُولِ

زَمَنِهَا ) إذْ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهَا لَمْ يَسْعَ ) لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ السَّعْيِ مَنْعُ الْإِسْرَاعِ إذْ السَّعْيُ الْجَرْيُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ ) لِلصَّلَاةِ ( لَا بِتَرْكِ الْأَبْعَاضِ ، وَالْهَيْئَاتِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ ، وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ } قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ ، وَالْأَصْحَابِ بِأَنْ يُخَفِّفَ الْقِرَاءَةَ ، وَالْأَذْكَارَ بِحَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ ( فَإِنْ رَضِيَ ) الْمَأْمُومُونَ ( الْمَحْصُورُونَ ) بِالتَّطْوِيلِ ( وَهُمْ أَحْرَارٌ غَيْرُ أُجَرَاءَ طَوَّلَ بِهِمْ ) نَدْبًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ ، أَوْ اخْتَلَفُوا لَمْ يُطَوِّلْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَّا إنْ قَلَّ مَنْ لَمْ يَرْضَ كَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ وَنَحْوِهِمَا لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً ، أَوْ نَحْوَهَا خَفَّفَ وَإِنْ كَثُرَ حُضُورُهُ طَوَّلَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الرَّاضِينَ وَلَا يُفَوِّتُ حَقَّهُمْ ؛ لِهَذَا الْفَرْدِ الْمُلَازِمِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ لِإِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ التَّطْوِيلَ لَمَّا شَكَاهُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ : وَهُمْ أَحْرَارٌ غَيْرُ أُجَرَاءَ : الْأَرِقَّاءُ ، وَالْأُجَرَاءُ أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ إذَا أَذِنَ لَهُمْ السَّادَةُ ، وَالْمُسْتَأْجَرُونَ فِي حُضُورِ الْجَمَاعَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ بِالتَّطْوِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ فِيهِ مِنْ أَرْبَابِ الْحُقُوقِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ ( وَإِنْ طَوَّلَ الْإِمَامُ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ بِمَنْ يَلْحَقُهُ أَوْ لِانْتِظَارِ شَرِيفٍ كُرِهَ ) لِإِضْرَارِ الْحَاضِرِينَ وَلِمُخَالَفَةِ الْخَبَرِ السَّابِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا أَطْلَقُوهُ

فِي الْأُولَى نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إطَالَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا قَاصِدُ الْجَمَاعَةِ وَصَحَّ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيلُ فِي الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ } ، فَالْمُخْتَارُ دَلِيلًا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ يَضُرُّ الْحَاضِرِينَ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْحَمْلِ أَنَّهُمْ لَوْ رَضُوا بِهِ فِيمَا ذُكِرَ لَا يُكْرَهُ مَعَ أَنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ زَائِدٍ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ هَيْئَاتِهَا فَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ ، وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَرَجَوْا زِيَادَةً نُدِبَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ وَلَا يَنْتَظِرَهُمْ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ أَفْضَلُ مِنْهَا آخِرَهُ بِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ ( وَإِذَا أَحَسَّ ) ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ( بِدَاخِلٍ فِي الْمَسْجِدِ ) ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِيهَا الصَّلَاةُ ( اُسْتُحِبَّ ) لَهُ ( أَنْ يَنْتَظِرَهُ إنْ كَانَ فِي الرُّكُوعِ ) غَيْرِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ ( أَوْ ) فِي ( التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَلَمْ يُفْحِشْ ) فِي الِانْتِظَارِ ( وَلَمْ يُمَيِّزْ ) بَيْنَ الدَّاخِلِينَ لِمُلَازَمَةٍ ، أَوْ دَيْنٍ ، أَوْ صَدَاقَةٍ ، أَوْ اسْتِمَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَذَلِكَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى إذَا كَانَ الدَّاخِلُ يَعْتَادُ الْبُطْءَ وَتَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ إلَى الرُّكُوعِ فَلَا يَنْتَظِرْهُ زَجْرًا لَهُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَخْشَى خُرُوجَ

الْوَقْتِ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ مِمَّنْ لَا يَعْتَقِدُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ ، أَوْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ بِإِدْرَاكِ مَا ذُكِرَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الِانْتِظَارِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحَسَّ بِهِ خَارِجَ مَوْضِعِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ ، أَوْ دَاخِلَهُ وَكَانَ الِانْتِظَارُ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ ، وَالتَّشَهُّدِ ، أَوْ فِيهِمَا وَأَفْحَشَ فِيهِ ، أَوْ مَيَّزَ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ ( كُرِهَ ) لِتَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِ وَضَرَرِ الْحَاضِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ إنْ انْتَظَرَ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ ، وَالتَّشَهُّدِ بَلْ إنْ انْتَظَرَ لِلتَّرَدُّدِ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ ( وَصَحَّتْ ) صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ ، لَكِنْ نُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى بُطْلَانِهَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ وَعَلَّلَهُ بِالتَّشْرِيكِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ ، وَفُحْشُ الِانْتِظَارِ بِأَنْ يُطَوِّلَ تَطْوِيلًا لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ

( قَوْلُهُ : يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ التَّطْوِيلُ ، وَالتَّخْفِيفُ مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ قَوْمٍ طَوِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ آخَرِينَ قَالَ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ لَا يَزِيدُ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ لَا يُخَالِفُ مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ تَطْوِيلًا قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ حَسَنٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ ) كَالسُّبْكِيِّ ( قَوْلُهُ : نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ ( قَوْلُهُ : فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ ( قَوْلُهُ : لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا يُفْهِمُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَنْزِيهٌ ع ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يُفْحِشْ فِي الِانْتِظَارِ ) لَوْ لَحِقَ آخَرُ وَكَانَ انْتِظَارُهُ وَحْدَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي إلَيْهَا مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ كَانَ مَكْرُوهًا بِلَا شَكٍّ قَالَهُ الْإِمَامُ ( قَوْلُهُ : ، وَذَلِكَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إلَخْ ) ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الدَّاخِلِ غَيْرَ مُغْنِيَةٍ عَنْ الْقَضَاءِ ( قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحَسَّ بِهِ إلَخْ ) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عِلَّةُ مَا قَالُوهُ التَّطْوِيلُ قَالَ : لَكِنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِالْخَارِجِ الْقَرِيبِ لِصِغَرِ الْمَسْجِدِ ، وَالْبَعِيدِ لِسَعَتِهِ ، وَالْوَجْهُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّفْصِيلِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ : كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ

أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ ) عِبَارَةُ الْكِفَايَةِ لَمْ تَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَتَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ لَمْ تَصِحَّ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ لَمْ تُسْتَحَبَّ .

( فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً ) مُؤَدَّاةً ( وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً ، أَوْ وَجَدَ مُنْفَرِدًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعِيدَهَا ) مَعَهُمْ ، أَوْ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ ، أَوْ كَانَ إمَامُ الثَّانِيَةِ مَفْضُولًا ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى الصُّبْحَ فَرَأَى رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا قَالَا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ } وَقَالَ { وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ رَجُلٌ إلَى الْمَسْجِدِ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ } رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُمَا وَخَرَجَ بِالْمَكْتُوبَةِ أَيْ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمَنْذُورَةُ .
إذْ لَا تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَمَا مَرَّ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ إذْ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي ، وَالنَّافِلَةُ ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْهَا كَالْفَرْضِ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ بَعْدَ أُخْرَى ، فَإِنْ فُرِضَ الْجَوَازُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ ، فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ مِثَالٌ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى بِقَرْيَةٍ ، ثُمَّ سَافَرَ لِأُخْرَى قَرِيبَةٍ فَوَجَدَهَا تُصَلِّي كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لَأَجْزَأَتْهُ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ لِبَرْدٍ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُرْشِدُ إلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ

وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ لِلْوَقْتِ ( وَالْفَرْضُ مِنْهُمَا الْأُولَى ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِسُقُوطِ الْخِطَابِ بِهَا ( وَلْيَنْوِ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلْيَنْوِ ( بِالثَّانِيَةِ الْوَقْتَ ) أَيْ ذَاتَ الْوَقْتِ مِنْ كَوْنِهَا ظُهْرًا ، أَوْ عَصْرًا مَثَلًا ( لَا الْفَرْضَ ) إذْ كَيْفَ يَنْوِي فَرْضَ مَا لَا يَقَعُ فَرْضًا ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ مَعَ كَوْنِهَا نَفْلًا وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً لَا إعَادَتُهَا فَرْضًا وَالْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يَنْوِي مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا الْفَرْضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ .

( فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً إلَخْ ) ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ إلَخْ ) وَهُوَ يَدُلُّ بِعُمُومِهِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا ، وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً ( قَوْلُهُ : وَقَالَ : وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ إلَخْ أَيْضًا ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأُولَى وَأَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الشَّفَاعَةُ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ ، وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ انْتَهَى وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي صَلَّى مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُهِمَّاتِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ .
( قَوْلُهُ : فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ) وَنَقَلَ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ الْأَرْمِنْتِيِّ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ التَّصْرِيحَ بِاسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ ( قَوْلُهُ : نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ ) عِبَارَتُهُ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ قَدْ صَلَّى مَرَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ كُلَّ صَلَاةٍ فَقَوْلُهُ مَرَّةً ظَاهِرُهُ الِاحْتِرَازُ عَمَّنْ صَلَّى مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ حَيْثُ لَا يُعَارِضُهَا مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ تَحْرُمُ الْإِعَادَةُ ، وَقَدْ تُكْرَهُ ، وَقَدْ تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِتَفْوِيتِ الْأَهَمِّ فَمِنْ الْأَوَّلِ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْإِعَادَةِ لَفَاتَتْهُ عَرَفَةُ وَمِنْهُ الدَّافِعُ عَنْ

بُضْعٍ ، أَوْ نَفْسٍ حَيْثُ نُوجِبُ الدَّفْعَ ، وَكَذَا مَنْ عَرَضَ لَهُ إنْقَاذُ غَرِيقٍ وَإِطْفَاءُ حَرِيقٍ نُوجِبُهُ .
وَكَذَا التَّخَلُّفُ عَنْ النَّفِيرِ الْعَامِّ إذَا تَعَيَّنَتْ الْفَوْرِيَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ عَصَى بِتَأْخِيرِهَا وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ ، أَوْ كَانَ عَبْدًا ، أَوْ أَجِيرًا ، وَالْإِعَادَةُ تَشْغَلُهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ الْعَمَلِ الْفَوْرِيِّ وَأَمْثِلَةُ الضَّرْبَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ كَثِيرَةٌ لَا تَخْفَى ، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى رَجَحَتْ مَصْلَحَةُ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَصْلَحَتِهَا كَانَ تَرْكُهَا أَفْضَلَ ، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَمَا سَبَقَ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ إلَخْ ) فِيهِ نَظَرٌ قس قَالَ شَيْخُنَا : بَلْ الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ ( قَوْلُهُ لَا الْفَرْضَ ) إنَّمَا أَعَادَهَا لِيَنَالَ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضٍ وَإِنَّمَا يَنَالُ ذَلِكَ إذَا نَوَى الْفَرْضَ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ إلَخْ ) وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ رُكُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ يَنْوِي الْجُمُعَةَ لَا الظُّهْرَ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ ( قَوْلُهُ : وَالْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يَنْوِي إلَخْ ) قَالَ وَلَعَلَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ خَلَلًا فِي الْأُولَى كَفَتْ الثَّانِيَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ كَمَا أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ لَمْ يُؤَدِّ وَظِيفَةَ الْوَقْتِ إذَا بَلَغَ فِيهِ وَبِمَا تَرَجَّاهُ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ لَيْسَ الْأُولَى بِعَيْنِهَا وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت .

( فَصْلٌ يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِعُذْرٍ ) .
فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ ، وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا { مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ } أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ ( عَامٍّ كَمَطَرٍ وَثَلْجٍ يَبُلُّ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( الثَّوْبَ ) لَيْلًا ، أَوْ نَهَارًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ { خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرْنَا فَقَالَ لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ } ، فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا ، أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ ( وَبِالرِّيحِ ) الْأَوْلَى : وَالرِّيحِ ( الْعَاصِفَةِ ) أَيْ الشَّدِيدَةِ ( لَيْلًا ) لِلْمَشَقَّةِ { لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَذَاتِ الرِّيحِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ، وَالظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ لَيْلًا كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الرِّيحُ الْخَفِيفَةُ لَيْلًا ، وَالشَّدِيدَةُ نَهَارًا إلَّا الصُّبْحَ ، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ كَاللَّيْلِ ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ ( وَالْوَحَلِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ ( الشَّدِيدِ ) لَيْلًا ، أَوْ نَهَارًا كَالْمَطَرِ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ ، لَكِنْ تَرَكَ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَالتَّحْقِيقِ التَّقْيِيدَ بِالشَّدِيدِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَفِيفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ ( ، وَالسَّمُومِ ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ الرِّيحِ الْحَارَّةِ لَيْلًا ، أَوْ نَهَارًا لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهَا ( وَشِدَّةِ الْحَرِّ ظُهْرًا ) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالظُّهْرِ الرَّوْضَةَ ، وَكَذَا أَصْلُهَا فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ ، لَكِنَّ كَلَامَهُ بَعْدُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَيْلًا ، أَوْ نَهَارًا ( وَ ) شِدَّةِ ( الْبَرْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا ) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ ( وَزَلْزَلَةٍ )

بِفَتْحِ الزَّايِ ، وَهِيَ تَحَرُّكُ الْأَرْضِ لِلْمَشَقَّةِ ( أَوْ ) عُذْرٍ ( خَاصٍّ كَشِدَّةِ نُعَاسٍ ) وَلَوْ فِي انْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ هَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنَّوْمِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى ( وَمَرَضٍ ) يَشُقُّ ( كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرِيضَةِ لِلْحَرَجِ قَالَ تَعَالَى { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ ( وَ ) يُرَخَّصُ ( بِتَمْرِيضِ قَرِيبٍ ) لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ وَتَمْرِيضُهُ لَهُ بِأَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ وَيَتَعَاطَى مَا يَحْتَاجُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مُطْلَقُ الْقَرَابَاتِ ( أَوْ يَسْتَأْنِسُ ) أَيْ ، أَوْ بِاسْتِئْنَاسِهِ ( بِهِ ، أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ فِيهِمَا لِتَضَرُّرِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ فَحِفْظُهُ ، أَوْ تَأْنِيسُهُ أَفْضَلُ مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ ( ثُمَّ الزَّوْجَةُ ، وَالصِّهْرُ ، وَالْمَمْلُوكُ ، وَالصِّدِّيقُ كَالْقَرِيبِ ) فِيمَا ذُكِرَ ، وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ مَعْنًى ( لَا بِتَمْرِيضِ أَجْنَبِيٍّ ) فَلَا يُرَخَّصُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْقَرِيبِ فِي الشَّفَقَةِ وَلَا بِحُضُورِهِ عِنْدَهُ لِلِاسْتِئْنَاسِ ، أَوْ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمَوْتِ كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ قَوْلَهُ ( إلَّا إنْ خَشِيَ ) عَلَيْهِ ( ضَيَاعًا يَتَضَرَّرُ بِهِ ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ ، أَوْ كَانَ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ لِخِدْمَتِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ ، أَوْ الْكَفَنِ وَحَفْرِ الْقَبْرِ إذَا كَانَ مَنْزُولًا بِهِ ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْآدَمِيِّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الضَّيَاعِ ، وَالتَّضَرُّرِ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ ( وَ ) يُرَخَّصُ أَيْضًا ( بِالْخَوْفِ ) عَلَى كُلِّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ ، أَوْ مَالٍ ، أَوْ غَيْرِهِمَا ( حَتَّى

عَلَى خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ ) وَطَبِيخِهِ فِي الْقِدْرِ عَلَى النَّارِ وَلَا مُتَعَهِّدَ يَخْلُفُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِعُذْرٍ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ كَالسَّفَرِ يَوْمَهَا إذَا قَصَدَ إسْقَاطَهَا وَلَمْ تُمْكِنْهُ فِي طَرِيقِهِ وَكَالتَّحِيَّةِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ ، أَوْ مَالِهِ أَوْ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ ( وَ ) بِالْخَوْفِ ( مِنْ ) حَبْسٍ ، أَوْ مُلَازَمَةِ ( غَرِيمٍ وَبِهِ ) أَيْ بِالْخَائِفِ ( إعْسَارٌ يَعْسُرُ ) عَلَيْهِ ( إثْبَاتُهُ ) بِخِلَافِ الْمُوسِرِ بِمَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ ، وَالْمُعْسِرُ الْقَادِرُ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ ، أَوْ حَلِفٍ ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ ، وَالدَّائِنِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَوْلُهُ يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ ( وَ ) بِالْخَوْفِ ( مِنْ قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ يَرْجُو ) بِغَيْبَتِهِ ( الْعَفْوَ عَنْهُمَا ) مَجَّانًا ، أَوْ عَلَى مَالٍ وَيُلْحَقُ بِهِمَا التَّعْزِيرُ لِآدَمِيٍّ ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَنْهُ ( لَا ) بِالْخَوْفِ مِنْ ( حَدِّ زِنًا وَنَحْوِهِ ) كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَشُرْبٍ إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُرَخَّصُ بِهِ بَلْ يَحْرُمُ التَّغَيُّبُ عَنْهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغْيِيبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَإِنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ ، وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ ، وَالتَّغَيُّبُ طَرِيقُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ رَجَاءَ الْعَفْوِ بِتَغْيِيبِهِ أَيَّامًا قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْقِصَاصَ لَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَتْرُكَ الْجَمَاعَةَ سِنِينَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ

قَوْلُهُمَا أَيَّامًا لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كَلَامِهِمَا وَالشَّافِعِيُّ ، وَالْأَصْحَابُ أَطْلَقُوا وَيَظْهَرُ الضَّبْطُ بِأَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ يَجُوزُ لَهُ التَّغْيِيبُ ، وَإِنْ يَئِسَ ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْعَفْوِ حَرُمَ التَّغْيِيبُ فَالْمُصَنِّفُ تَرَكَ التَّقْيِيدَ لِذَلِكَ ( وَبِمُدَافَعَةِ ) أَحَدِ ( الْأَخْبَثَيْنِ ) بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ ( أَوْ ) مُدَافَعَةِ ( الرِّيحِ بَلْ يُكْرَهُ ) الصَّلَاةُ مَعَهَا ( أَوْ الْجُوعِ ) الْأَوْلَى ، وَالْجُوعِ ( وَالْعَطَشِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ الشَّدِيدَيْنِ ( وَالْمَطْعُومُ حَاضِرٌ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ ، أَوْ لَيْسَ بِحَاضِرٍ أَيْ وَقَرُبَ حُضُورُهُ ( وَنَفْسُهُ تَتُوقُ ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ تَشْتَاقُ إلَيْهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ } وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذْ وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ } وَقَوْلُ الْمُهِمَّاتِ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّوَقَانِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ ، وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا عِنْدَ حُضُورِهَا بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ مُفَارَقَتُهُمَا لِلتَّوَقَانِ إذْ التَّوَقَانُ إلَى الشَّيْءِ الِاشْتِيَاقُ إلَيْهِ لَا الشَّوْقُ ، فَشَهْوَةُ النَّفْسِ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِدُونِهِمَا لَا تُسَمَّى تَوَقَانًا وَإِنَّمَا تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا بَلْ بِشِدَّتِهِمَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ وَصْفَهُمَا بِهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ التَّوَقَانِ ، وَقَضِيَّتُهُ حَذْفُهُمَا أَيْضًا لِذَلِكَ ( فَيَتَخَلَّفُ ) عَنْ الْجَمَاعَةِ نَدْبًا ( لِيَتَفَرَّغَ ) عَنْ الْحَدَثَيْنِ وَالرِّيحِ ( وَيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ فَقَطْ ) فِي الْجُوعِ بِأَنْ يَأْكُلَ لُقَيْمَاتٍ تَكْسِرُ سَوْرَتَهُ .
وَخَالَفَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَصَوَّبَ إكْمَالَ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَكْلِ قَالَ : وَمَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا تَكْسِرُ سَوْرَةَ

الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ( وَيَأْتِيَ عَلَى الْمَشْرُوبِ ) كَاللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً ( فَلَوْ خَشِيَ ) بِتَخَلُّفِهِ ( فَوَاتَ الْوَقْتِ صَلَّى ) وُجُوبًا ( مُدَافِعًا وَجَائِعًا ) وَعَطْشَانَ وَلَا كَرَاهَةَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ ( وَبِعَجْزِهِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ ) بِهِ وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَلِيقَ بِهِ بِأَنْ يَعْتَادَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ " لَائِقٍ " ( وَخُرُوجِ الرُّفْقَةِ لِمُرِيدِ السَّفَرِ ) الْمُبَاحِ لِمَشَقَّةِ تَخَلُّفِهِ ( وَبِالْبَحْثِ عَنْ ضَالَّةٍ يَرْجُوهَا ) بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ ( وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ أَصْلِهِ ذَلِكَ بِغَصْبِ مَالِهِ ( وَبِأَكْلِ نِيءِ ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ ( بَصَلٍ وَنَحْوِهِ ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا } وَفِي رِوَايَةٍ { الْمَسَاجِدَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ } زَادَ الْبُخَارِيُّ قَالَ جَابِرٌ مَا أَرَاهُ يَعْنِي إلَّا نِيئَهُ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ أَوْ فُجْلًا هَذَا إنْ ( تَعَذَّرَ ) أَيْ تَعَسَّرَ ( زَوَالُ رِيحِهِ ) بِغَسْلٍ وَمُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَسَّرْ وَخَرَجَ بِالنِّيءِ الْمَطْبُوخُ لِزَوَالِ رِيحِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ الْمُسْتَحْكِمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا لِأَنَّ التَّأَذِّي بِهِمَا أَشَدُّ مِنْهُ بِأَكْلِ الثُّومِ قَالَ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَجْذُومَ وَالْأَبْرَصَ يُمْنَعَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ السِّمَنُ الْمُفْرِطُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى فِيهِ خَبَرًا وَكَوْنُهُ

مُتَّهَمًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الذَّخَائِرِ وَزِفَافُ زَوْجَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ اللَّيْلِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَسَمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا لِمَنْ لَا تَتَأَتَّى لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا لِكَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ لِلرَّجُلِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَعْذَارًا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى قَوْلِ الْفَرْضِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ لَا حُصُولُ فَضْلِهَا وَيُوَافِقُهُ جَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ { سَأَلَ أَعْمَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ لِكَوْنِهِ لَا قَائِدَ لَهُ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ } بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا تُلْحِقُهُ بِفَضِيلَةِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً فَقِيلَ : لَا .
هَذَا كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ يُلَازِمُهَا وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ { إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ ، أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا } ، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَلْخِيصِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ حُصُولَهُ إذَا كَانَ نَاوِيًا الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَآكِلِ بَصَلٍ وَثُومٍ وَكَوْنِ خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ .
وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ وَجَعْلِ حُصُولِهَا لَهُ كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى

( قَوْلُهُ : فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرُّخْصَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ ( قَوْلُهُ : أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ إلَخْ ) نَعَمْ لَوْ كَانَ يَقْطُرُ عَلَيْهِ الْمَطَرُ مِنْهُ كَسُقُوفِ الْأَسْوَاقِ كَانَ عُذْرًا لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فِيهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ ( قَوْلُهُ : وَبِالرِّيحِ الْعَاصِفَةِ لَيْلًا ) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَارِدَةً ( قَوْلُهُ : ، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ كَاللَّيْلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْوَحَلُ الشَّدِيدُ ) الْمُرَادُ بِالْوَحَلِ الشَّدِيدِ هُوَ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ ح .
( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْوَجْهُ قو ( قَوْلُهُ : وَشِدَّةُ الْحَرِّ ظُهْرًا إلَخْ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ ، وَالْبَرْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا قَوْلُهُ : لَكِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْخَفِيفِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا خَفَاءَ أَنَّ الْبِلَادَ الْمُفْرِطَةَ الْبَرْدِ ، أَوْ الْحَرِّ لَا تَخْلُو مِنْهُمَا غَالِبًا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّهِمْ إلَّا مَا خَرَجَ عَمَّا أَلِفُوهُ أَمَّا مَا لَا يَمْنَعُهُمْ التَّصَرُّفَ فَلَا ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ الزَّوْجَةُ ، وَالصِّهْرُ إلَخْ ) وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْعَتِيقِ ، وَالْمُعْتِقِ بِهِمْ أَيْضًا ج ( قَوْلُهُ : وَلَعَلَّ الثَّانِيَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ ) بِأَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهِ وَلَا

بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ ، أَوْ يَشُقُّ إحْضَارُهَا ، أَوْ لَا يَنْدَفِعُ الْغَرِيمُ بِهَا ، أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ حَنَفِيًّا لَا يَسْمَعُهَا إلَّا بَعْدَ حَبْسِهِ مُدَّةً وَمَحَلُّ كَوْنِهِ عُذْرًا إذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْإِعْسَارِ أَمَّا إذَا كَانَ مَقْبُولًا كَمَا إذَا لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ كَصَدَاقِ الزَّوْجَةِ وَكَمَا إذَا ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَعَلِمَ الْمُدَّعِي بِإِعْسَارِهِ وَطَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا ( قَوْلُهُ ، أَوْ حَلِفٍ ) ، أَوْ عَلِمَ مِنْ وَرَعِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ حَلِفَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ لَمْ يَحْلِفْ ( قَوْلُهُ : وَالْغَرِيمُ ) يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ ح .
( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ ) وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ ( قَوْلُهُ : وَبِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ إلَخْ ) إنَّمَا تَكُونُ مُدَافَعَةُ الْحَدَثِ عُذْرًا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَهُ مِنْ الطَّهَارَةِ وَإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ ( قَوْلُهُ : أَيْ وَقَرُبَ حُضُورُهُ ) فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ حُضُورُ الطَّعَامِ عَنْ قُرْبٍ لَا يَكُونُ كَالْحَاضِرِ ، وَإِنْ كَانَ يَتُوقُ إلَيْهِ قَوْلُهُ : وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ ) ، أَوْ فِي رَدِّ زَوْجَةٍ لَهُ نَشَزَتْ ( قَوْلُهُ : وَفِي رِوَايَةِ الْمَسَاجِدِ ) وَيُكْرَهُ حُضُورُهُ عِنْدَ النَّاسِ ( قَوْلُهُ : وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ إلَخْ ) قَدْ اُسْتُحْسِنَ تَعْبِيرُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ فِي التَّنْبِيهِ بِقَوْلِهِ ، أَوْ خَافَ تَأَذِّي الْجَمَاعَةِ بِرَائِحَتِهِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْبَخَرَ ، وَالصُّنَانَ الشَّدِيدَ ، وَالْجِرَاحَاتِ الْمُنْتِنَةَ وَمَنْ دَاوَى جَسَدَهُ بِثُومٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ جَمِيعَهُمْ أَكَلُوا بَصَلًا وَنَحْوَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَعَذَّرَ زَوَالُ رَائِحَتِهِ فَهَلْ يُكْرَهُ حُضُورُهُمْ فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا ؟ يَجِبُ حُضُورُهُمْ وَصَلَاتُهُمْ الْجُمُعَةَ (

قَوْلُهُ : وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ ، وَالْبَرَصِ ) ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ السُّقُوطِ ح ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الصَّوَابُ السُّقُوطُ ( قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا ) ، وَإِنْ حَصَلَ الشِّعَارُ بِغَيْرِهِ ح ( قَوْلُهُ : لَا حُصُولُ فَضْلِهَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مِنْهُ عَجِيبٌ ، وَقَدْ قَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُنْتَقَصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ لِلْحَدِيثِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا ) ز أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ بَعْدَ كَلَامٍ بَسَطَهُ ، وَالْحَقُّ أَنَّ مَعَ الْعُذْرِ الْمُسَوِّغِ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْجَمَاعَةِ لَا الْمُضَاعَفَةُ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى الْمُضَاعَفَةِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى أَصْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَبْقَى خِلَافٌ ( قَوْلُهُ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ ) .
( لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ ) وَلَوْ مُخْفِيًا كُفْرَهُ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِصَلَاتِهِ ( وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ) بِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ( مَا لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ الشَّهَادَتَانِ ) ، فَإِنْ سُمِعَتَا مِنْهُ ، وَلَيْسَ بِعِيسَوِيٍّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِهِمَا وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ ، وَالْمُخْتَصَرِ ، وَالْأَصْحَابُ لِإِفْسَادِهِ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ وَاسْتِهْزَائِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْإِسْلَامَ كَمَا قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ أَيْ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يُعَزَّرْ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدُ أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ ( وَلَا ) تَصِحُّ ( خَلْفَ مَنْ عَلِمَهُ ارْتَكَبَ مُبْطِلًا ) لَهَا ( فِي اعْتِقَادِهِمَا كَمُحْدِثٍ وَمُتَنَجِّسٍ ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ مَعَ التَّقْصِيرِ ( وَكَذَا فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ لَا الْإِمَامِ ) لِذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ اخْتِلَافُ اعْتِقَادِهِمَا لَا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْفُرُوعِ الِاجْتِهَادِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي أَمْ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا كَحَنَفِيٍّ أَمَّ شَافِعِيًّا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا عِنْدَهُ كَتَرْكِهِ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ فَرْجِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا عِنْدَ الْحَنَفِيِّ ( فَتَصِحُّ ) صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ ( خَلْفَ حَنَفِيٍّ احْتَجَمَ ) ، أَوْ افْتَصَدَ ( لَا ) خَلْفَ ( مَاسِّ فَرْجِهِ ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْمَسَّ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ دُونَ الْحَجْمِ ، وَالْفَصْدِ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا التَّعْلِيلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهِمَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ دُونَ الْحَنَفِيِّ وَجَازَ لَهُ بِكُرْهٍ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْقَاصِرِ فِي الْإِقَامَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ

مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ الْقَصْرَ فِي الْجُمْلَةِ وَسَتَأْتِي فِيهِ زِيَادَةٌ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ .
( وَكَذَا ) حَنَفِيٌّ ( تَارِكٌ الْبَسْمَلَةَ ) لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ خَلْفَهُ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَنَفِيُّ كَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ) أَيْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ، أَوْ نَائِبِهِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ خَلْفَهُ عَالِمًا كَانَ ، أَوْ عَامِّيًّا وَلَا يُفَارِقُهُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَوْدَنِيِّ وَالْحَلِيمِيِّ وَاسْتَحْسَنَاهُ ، لَكِنْ بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ .
وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ عَدَمَ الصِّحَّةِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا اسْتَحْسَنَاهُ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ كَصِحَّةِ الْجُمُعَةِ السَّابِقَةِ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الْأُخْرَى ( فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ تَرَكَ وَاجِبًا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ شَكَّ ) فِي أَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَاتِ أَمْ لَا ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا فَذَاكَ وَإِلَّا ، فَالظَّاهِرُ إتْيَانُهُ بِهَا مُحَافَظَةً عَلَى الْكَمَالِ عِنْدَهُ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اعْتِقَادِهِ الْوُجُوبَ وَإِنَّمَا ضَرَّ فِي الْإِمَامِ الْمُوَافِقِ لِعِلْمِ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِهَا عِنْدَهُمَا ( فَإِنْ تَرَكَ ) إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ ( الْقُنُوتَ ) فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ لِاعْتِقَادِهِ عَدَمَ سُنِّيَّتِهِ ( وَأَمْكَنَهُ ) هُوَ أَنْ يَقْنُتَ وَيُدْرِكُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى ( قَنَتَ ) نَدْبًا ( وَإِلَّا تَابَعَهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ وَلَهُ فِرَاقُهُ لِيَقْنُتَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ إذَا قَنَتَ لَا يَسْجُدُ ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْإِمَامِ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْجُدُ كَمَا لَوْ كَانَ إمَامُهُ شَافِعِيًّا فَتَرَكَهُ ( وَلَوْ تَرَكَ شَافِعِيٌّ الْقُنُوتَ وَخَلَفَهُ حَنَفِيٌّ فَسَجَدَ ) الشَّافِعِيُّ ( لِلسَّهْوِ تَابَعَهُ ) الْحَنَفِيُّ ( وَلَوْ تَرَكَ ) السُّجُودَ ( لَمْ يَسْجُدْ ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ وَلَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِمَنْ يَرَى

تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ فَطَوَّلَهُ لَمْ يُوَافِقْهُ بَلْ يَسْجُدْ وَيَنْتَظِرْهُ سَاجِدًا كَمَا يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا إذَا سَجَدَ فِي سَجْدَةِ " ص " وَكَمَا لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِمِثْلِهِ فَقَرَأَ إمَامُهُ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ يَقْتَضِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَهُوَ وَاضِحٌ قُلْت وَكَلَامُ الْقَفَّالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَيُحْتَمَلُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فِي ذَلِكَ ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ ، وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ( وَلَا قُدْوَةَ بَيْنَ مَنْ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمَا فِي الْقِبْلَةِ ، أَوْ فِي إنَاءَيْنِ ) طَاهِرٍ وَنَجِسٍ ( كَمَا سَبَقَ ) بَيَانُهُ مَعَ بَيَانِ حُكْمِ مَا لَوْ كَثُرَتْ الْآنِيَةُ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ .

( بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ ) .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْإِسْلَامَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ ) مَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صِحَّةً مُغْنِيَةً عَنْ الْقَضَاءِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَّا الْمُقْتَدِيَ وَمَنْ لَا فَلَا .
قَوْلُهُ : فَتَصِحُّ خَلْفَ حَنَفِيٍّ إنْ احْتَجَمَ ) صَوَّرَهَا صَاحِبُ الْخَوَاطِرِ الشَّرِيفَةِ بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ قِيلَ وَيَرُدُّهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْإِمَامِ بِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ فِي الْقَصْدِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَقَعُ مِنْهُ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ وَقَوْلُهُ بِمَا إذَا نَسِيَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُفَارِقُهُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ ) فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَقَدْ لَا يَعْلَمُ الْإِمَامُ بِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ ، أَوْ مُفَارَقَتِهِ كَأَنْ يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ مَثَلًا فَيَنْتَفِي خَوْفُ الْفِتْنَةِ ( قَوْلُهُ : وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ ) أَيْ ، أَوْ الْحَنْبَلِيُّ ( قَوْلُهُ : وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ) رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَ إلَّا أَيْضًا فَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ ( قَوْلُهُ : بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ .

( فَصْلٌ لَا قُدْوَةَ ) صَحِيحَةَ ( بِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَمُحْدِثٍ صَلَّى ) عَلَى ( حَسَبِ حَالِهِ ) لِإِكْرَاهٍ أَوْ لِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ ( وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدِي مِثْلَهُ ) لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ كَالْفَاسِدَةِ وَأَمَّا عَدَمُ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالْإِعَادَةِ حَيْثُ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ ؛ فَلِمَا مَرَّ أَوَاخِرَ التَّيَمُّمِ .
( وَلَا بِمَأْمُومٍ ) إذْ لَا يَجْتَمِعُ وَصْفَا الِاسْتِقْلَالِ وَالتَّبَعِيَّةِ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّ النَّاسَ اقْتَدَوْا بِأَبِي بَكْرٍ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُقْتَدِينَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي مَرَضِ وَفَاتِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ } قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنْ صَحَّ هَذَا كَانَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ كَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيُّ ، وَالْأَصْحَابُ ( وَ ) لَا ( مَنْ تَوَهَّمَهُ مَأْمُومًا ) كَأَنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ جَمَاعَةً وَتَرَدَّدَ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى ، حُكْمُ الظَّنِّ ، وَالشَّكِّ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا هَجَمَ ، فَإِنْ اجْتَهَدَ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ وَاقْتَدَى بِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَمَا يُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ ، وَالثَّوْبِ ، وَالْأَوَانِي ( وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ ) مِنْ مُصَلِّيَيْنِ ( أَنَّهُ إمَامٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا ) إذْ لَا مُقْتَضَى لِلْبُطْلَانِ ( لَا عَكْسَهُ ) بِأَنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَأْمُومٌ فَلَا تَصِحُّ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مُقْتَدٍ بِمَنْ يَقْصِدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ ( فَمَنْ شَكَّ ) وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ( أَنَّهُ

إمَامٌ ، أَوْ مَأْمُومٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) لِشَكِّهِ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ ، أَوْ مَتْبُوعٌ فَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا وَظَنَّ الْآخَرُ صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ دُونَ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ ، وَالشَّكِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَالْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ بِنَاءً عَلَى طَرِيقِ الْعِرَاقِيِّينَ أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ فِي الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ ( وَلَا ) قُدْوَةَ ( بِمَنْ يَعْجِزُ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا ( عَنْ الْفَاتِحَةِ ، أَوْ عَنْ إخْرَاجِ حَرْفٍ ) مِنْهَا ( مِنْ مَخْرَجِهِ ، أَوْ عَنْ تَشْدِيدٍ ) مِنْهَا ( لِرَخَاوَةِ لِسَانِهِ ) وَلَوْ فِي السِّرِّيَّةِ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ ، وَهَذَا لَا يَصْلُحُ لِلتَّحَمُّلِ ، وَكَذَا مَنْ يُصَلِّي بِسَبْعِ آيَاتٍ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَا يَقْتَدِي بِمَنْ يُصَلِّي بِالذِّكْرِ فَلَوْ عَجَزَ إمَامُهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِخَرَسٍ فَارَقَهُ بِخِلَافِ عَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ بِخِلَافِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأَخْرَسِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِحُدُوثِ الْخَرَسِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ أَعَادَ ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْخَرَسِ نَادِرٌ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْحَدَثِ ( وَلَا بِمَنْ بَانَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَا النِّيَّةَ ، وَإِنْ سَهَا ) بِتَرْكِ التَّكْبِيرَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى فَيُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ النِّيَّةِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَاتَيْنِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ عَاجِزٍ ) عَنْ الْفَاتِحَةِ ، أَوْ بَعْضِهَا وَيُسَمَّى أُمِّيًّا ( بِمِثْلِهِ إنْ اتَّفَقَا ) عَجْزًا لِاسْتِوَائِهِمَا نُقْصَانًا كَالْمَرْأَتَيْنِ وَلَا يُشْكِلُ بِمَنْعِ اقْتِدَاءِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهِ بِمِثْلِهِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا ( لَا ) اقْتِدَاءُ ( قَارِئِ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ ) دُونَ آخِرِهَا ( بِقَارِئِ آخِرِهَا )

دُونَ أَوَّلِهَا ( وَإِنْ كَثُرَ ) الْآخِرُ ، وَلَا عَكْسُهُ ، وَلَا اقْتِدَاءُ قَارِئِ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا بِقَارِئِ وَسَطِهَا ، وَلَا عَكْسُهُ الشَّامِلُ لَهَا كَلَامُ أَصْلِهِ ( وَلَا أَلْثَغَ الرَّاءِ ) مَثَلًا ( بِأَلْثَغِ السِّينِ ) كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِهِمَا وَلَا أَرَتَّ بِأَرَتَّ إنْ اخْتَلَفَتْ رَتَّتُهُمَا .
الْأَلْثَغُ بِالْمُثَلَّثَةِ مَنْ فِي لِسَانِهِ لُثْغَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ ، وَهُوَ مَنْ يُبْدِلُ حَرْفًا بِآخَرَ كَأَنْ يُبْدِلَ السِّينَ بِالْمُثَلَّثَةِ ، أَوْ الرَّاءَ بِالْغَيْنِ فَيَقُولُ : " الْمُثْتَقِيمَ " " غَيْغِ الْمَغْضُوبِ " ، وَالْأَرَتُّ بِالْمُثَنَّاةِ مَنْ فِي لِسَانِهِ رُتَّةٌ بِضَمِّ الرَّاءِ ، وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ .
وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الِاتِّفَاقِ ، وَالِاخْتِلَافِ بِالْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فَلَوْ أَبْدَلَ أَحَدُهُمَا السِّينَ تَاءً ، وَالْآخَرُ زَايًا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ لُثْغَتُهُ يَسِيرَةً بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَرْفِ غَيْرَ صَافٍ لَمْ يُؤَثِّرْ .

( قَوْلُهُ : فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ : فَفِيهِ التَّفْصِيلُ فِي الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ عَاجِزٍ بِمِثْلِهِ إلَخْ ) قَوْلُهُمْ بِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْأُمِّيِّ بِمِثْلِهِ يَتَنَاوَلُ الْجُمُعَةَ فِيمَا لَوْ أَمَّ فِيهَا أُمِّيٌّ بِأَرْبَعِينَ أُمِّيِّينَ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَحَكَى مَعَهُ وَجْهًا بِالْمَنْعِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَا تُفْعَلُ مَرَّتَيْنِ فَاعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ إمَامُهَا كَامِلًا وَهُوَ فَرْعٌ غَرِيبٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ هُوَ الْوَجْهُ وَقَوْلُهُ يَتَنَاوَلُ الْجُمُعَةَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِاسْتِوَائِهِمَا نَقْصًا ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ خَرِسَ إمَامُهُ الْقَارِئُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَارَقَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى سَلَّمَ أَعَادَ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الِاتِّفَاقِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَتُكْرَهُ ) الصَّلَاةُ ( خَلْفَ التِّمْتَام ، وَالْفَأْفَاءِ ) هَذَا مُسَاوٍ لِكَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ ، وَالْمُحَرَّرِ وَتُكْرَهُ إمَامَةُ التَّمْتَامِ ، وَالْفَأْفَاءِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ ( وَهُمَا الْمُكَرِّرَانِ الْفَاءَ ، وَالتَّاءَ ) وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهِمَا بَلْ يَجْرِي فِي الْوَأْوَاءِ ، وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْوَاوَ وَفِي غَيْرِهِ مِمَّنْ يُكَرِّرُ شَيْئًا مِنْ سَائِرِ الْحُرُوفِ ؛ لِلزِّيَادَةِ وَلِتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ بِتَكْرَارِ الْحَرْفِ وَلِنَفْرَةِ الطِّبَاعِ مِنْ سَمَاعِ كَلَامِهِمْ وَصَحَّتْ إمَامَتُهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْقُصُونَ شَيْئًا بَلْ يَزِيدُونَ زِيَادَةً هُمْ مَعْذُورُونَ فِيهَا ، وَالْفُقَهَاءُ يُعَبِّرُونَ بِالتَّمْتَامِ وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ التَّأْتَاءُ ( وَ ) تُكْرَهُ ( خَلْفَ لَحَّانٍ ) كَثْرَةُ اللَّحْنِ الْمُفَادَةُ بِلَحَّانٍ لَيْسَتْ مُرَادَةً وَفِي نُسْخَةٍ لَاحِنٍ ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِتَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَنْ يَلْحَنُ لَحْنًا ( لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى ) كَرَفْعِ هَاءِ لِلَّهِ وَنَصْبِهِ وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُهُ ( فَإِنْ غَيَّرَهُ ) كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْتَ أَوْ كَسْرِهَا ، فَإِنْ كَانَ ( لِعَجْزٍ فَكَالْأَلْثَغِ ) فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَقُدْوَةُ مِثْلِهِ بِهِ ( أَوْ لِتَقْصِيرٍ فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ ) فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ ( وَهَذَا ) إنَّمَا يَأْتِي ( فِي الْفَاتِحَةِ ) ، أَوْ بَدَلِهَا ( فَقَطْ ) كَمَا مَرَّ ، فَإِنْ لَحَنَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ { إنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } بِجَرِّ اللَّامِ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَتَصِحُّ وَتَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ ؛ لِأَنَّ تَرْكَ السُّورَةِ جَائِزٌ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ قِيلَ لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِمَّا يَلْحَنُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ بِلَا ضَرُورَةٍ وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ قَالَ : وَمُقْتَضَاهُ الْبُطْلَانُ فِي الْقَادِرِ ، وَالْعَاجِزِ .

S( قَوْلُهُ : وَتُكْرَهُ خَلْفَ التِّمْتَام ، وَالْفَأْفَاءِ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذْ وُجِدَ هُنَاكَ غَيْرُهُ صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ، أَوْ تَمَيَّزَ بِالْفِقْهِ فَهُوَ أَوْلَى وَلَا كَرَاهَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ قس ( قَوْلُهُ وَخَلْفَ لَحَّانٍ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي إنَّهُ عُدَّ مِمَّا لَا يُخِلُّ الْمَعْنَى الْهَمْدُ لِلَّهِ ، وَأَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ ، وَكَذَا الرُّويَانِيُّ جَعَلَهُ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى قُلْت وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا سَيَأْتِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَيْنَ الْحَاءِ ، وَالْهَاءِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا لَيْسَ بِلَحْنٍ .

( وَلَا يَقْتَدِي رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ { لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً } مَعَ خَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ { لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا } ( وَلَا بِخُنْثَى ) مُشْكِلٍ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ ( وَلَا خُنْثَى ) مُشْكِلٌ ( بِهِمَا ) أَيْ بِامْرَأَةٍ وَبِخُنْثَى مُشْكِلٍ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ مَعَ تَحَقُّقِ أُنُوثَةِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى مَعَ احْتِمَالِهَا فِي الثَّانِيَةِ ( وَلَا تَتَبَيَّنُ الصِّحَّةُ إذَا ) خَالَفَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا ذُكِرَ ، ثُمَّ ( بَانَ الْإِمَامُ رَجُلًا ، وَالْمَأْمُومُ امْرَأَةً ) أَوْ بَانَا رَجُلَيْنِ ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ فِي الظَّاهِرِ لِلتَّرَدُّدِ عِنْدَهَا ، وَيُكْرَهُ اقْتِدَاءُ خُنْثَى بَانَتْ أُنُوثَتُهُ بِامْرَأَةٍ ، وَرَجُلٍ بِخُنْثَى بَانَتْ ذُكُورَتُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَتَقْتَدِي الْمَرْأَةُ بِالْجَمِيعِ ) أَيْ بِالرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةِ ، وَالْخُنْثَى .

( قَوْلُهُ : لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ فِي الظَّاهِرِ لِلتَّرَدُّدِ عِنْدَهَا ) ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِخُنْثَى فِي ظَنِّهِ كَمَا صَوَّرَهَا النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ أَبَانَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ بَعْدَهَا وَصَوَّرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُنُوثَتَهُ ، ثُمَّ بَانَ رَجُلًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا أَصَحُّ ، وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْعَالِمِ بِخُنُوثَتِهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ ظَاهِرًا وَاسْتِحَالَةِ جَزْمِ النِّيَّةِ وَأَنَّهُ لَوْ ظَنَّهُ رَجُلًا ، ثُمَّ بَانَ فِي أَثْنَائِهَا خُنُوثَتُهُ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ وَهَلْ يَبْنِي ، أَوْ يَسْتَأْنِفُ فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ لَوْ ظَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ رَجُلًا ، ثُمَّ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ حَتَّى بَانَ رَجُلًا فَلَا قَضَاءَ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي لَوْ ائْتَمَّ رَجُلٌ بِخُنْثَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِحَالِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ عَلِمَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَلَوْ لَمْ يُعِدْ حَتَّى بَانَ رَجُلًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ا هـ .
، وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ إذَا بَانَ رَجُلًا فِي تَصْوِيرِ الْمَاوَرْدِيِّ ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ح .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَقْضِي كَمُسْتَحَاضَةٍ غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ وَمُسْتَجْمِرٍ وَمُتَيَمِّمٍ وَعَارٍ وَمُضْطَجِعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ) كَمَاسِحِ خُفٍّ وَقَاعِدٍ وَمُسْتَلْقٍ وَمُومٍ بِشُرُوطِهَا الْمَعْرُوفَةِ فِي مَحَالِّهَا ( صَحَّ ) لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا تَصِحُّ قُدْوَةَ غَيْرِهَا وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً بِهَا ؛ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْعَارِي مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ .
( قَوْلُهُ : وَيُومِئُ بِالْأَرْكَانِ إيمَاءً ظَاهِرًا ) أَمَّا مَنْ يُشِيرُ إلَيْهَا بِجُفُونِهِ ، أَوْ بِرَأْسِهِ إشَارَةً خَفِيَّةً ، أَوْ يُجْرِي الْأَرْكَانَ عَلَى قَلْبِهِ لِعَجْزٍ فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَشْعُرُ بِانْتِقَالَاتِهِ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَلَكِنَّهُ وَاضِحٌ قف ( قَوْلُهُ : أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ بَانَتْ الْمَرْأَةُ مُتَحَيِّرَةً فَهُوَ كَظُهُورِ حَدَثِ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا تَخْفَى وَقَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ إذَا بَانَ ) لِلْمَأْمُومِ ( فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ) عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ ( حَدَثُ إمَامِهِ ، أَوْ تَنَجُّسُهُ ) وَلَوْ بِنَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ ( فَارَقَهُ ) وُجُوبًا لِعِلْمِهِ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُغْنِي عَنْ الْمُفَارَقَةِ تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ قَطْعًا بَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ خَلْفَ مَنْ عَلِمَ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ ( أَوْ ) بِأَنَّ ذَلِكَ ( بَعْدَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَقْضِ ) صَلَاتَهُ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ ؛ وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرَةَ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَحْرَمَ وَأَحْرَمَ النَّاسُ خَلْفَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ كَمَا أَنْتُمْ ، ثُمَّ خَرَجَ وَاغْتَسَلَ وَرَجَعَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ } وَلَا يُنَافِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ } ؛ لِأَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ، وَالْخَبَرَانِ صَحِيحَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي النَّجَاسَةِ بَيْنَ الْخَفِيَّةِ ، وَالظَّاهِرَةِ ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ جِنْسِ الْخَفِيَّةِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الظَّاهِرَةِ ؛ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ فِيهَا إلَى تَقْصِيرٍ وَجَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ أَقْوَى ، وَحَمَلَ فِيهِ وَفِي تَصْحِيحِهِ كَلَامَ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَيْت ، وَالْخَفِيَّةُ مَا تَكُونُ بِبَاطِنِ الثَّوْبِ ، وَالظَّاهِرَةُ مَا تَكُونُ بِظَاهِرِهِ فَيَجِبُ فِيهَا الْقَضَاءُ عَلَى الثَّانِي نَعَمْ لَوْ كَانَتْ بِعِمَامَتِهِ وَأَمْكَنَهُ رُؤْيَتُهَا إذَا قَامَ ، لَكِنَّهُ صَلَّى جَالِسًا لِعَجْزِهِ فَلَمْ تُمْكِنْهُ رُؤْيَتُهَا لَمْ يَقْضِ ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْجُلُوسُ فَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ ذَكَرَ

ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُقْتَدِي الْأَعْمَى ، وَالْبَصِيرِ أَيْ حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا انْتَهَى ، فَالْأَوْلَى الضَّبْطُ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ أَنَّ الظَّاهِرَ مَا تَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ رَآهَا ، وَالْخَفِيَّةُ بِخِلَافِهَا ( إلَّا إنْ عَلِمَهُ ) مُحْدِثًا ، أَوْ مُتَنَجِّسًا ( وَنَسِيَ وَلَمْ يَحْتَمِلْ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ) الْأَوْلَى تَطَهَّرَ بِأَنْ لَمْ يَفْتَرِقَا فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِتَقْصِيرِهِ ( وَفِي الْجُمُعَةِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي ) بَيَانُهُ فِيهَا مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ ، أَوْ لَا ( وَيَقْضِي إنْ بَانَ ) إمَامُهُ ( امْرَأَةً ، أَوْ خُنْثَى أَوْ مَجْنُونًا ، أَوْ أُمِّيًّا ، أَوْ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ ، أَوْ كَافِرًا وَلَوْ زِنْدِيقًا وَمُرْتَدًّا ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْفَوْنَ غَالِبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا كَمَا مَرَّ وَلِنَقْصِ مَا عَدَا الْقَادِرَ عَلَى الْقِيَامِ ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْقَادِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ ، وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَأَصْلِهِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لَوْ خَطَبَ جَالِسًا فَبَانَ قَادِرًا فَكَمَنْ بَانَ جُنُبًا ( إلَّا إنْ اقْتَدَى بِمَنْ أَسْلَمَ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ كُنْت غَيْرَ مُسْلِمٍ ) أَيْ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت حَقِيقَةً ، أَوْ أَسْلَمْت ، ثُمَّ ارْتَدَدْت فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ ؛ لِأَنَّ إمَامَهُ كَافِرٌ بِذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ ، وَهَذَا قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ ، أَوْ شَكَّ فِيهِ ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِكُفْرِهِ .

( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِنَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّجَاسَةَ الظَّاهِرَةَ كَذَلِكَ فَيُفَارِقُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا بِخِلَافِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَسْتَأْنِفُ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الظَّاهِرَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ فَرْضَهُ الْجُلُوسُ ) فَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً وَاشْتَغَلَ عَنْهَا بِالصَّلَاةِ ، أَوْ لَمْ يَرَهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ ا هـ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ الْمُشَاهَدَةِ ( قَوْلُهُ ، فَالْأَوْلَى الضَّبْطُ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَأَصْلِهِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لَوْ خَطَبَ جَالِسًا إلَخْ ) الْمُعْتَمَدُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَامَ هُنَا رُكْنٌ وَفِي الْخُطْبَةِ شَرْطٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الشُّرُوطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَرْكَانِ وَلَوْ أَحْرَمَ خَلْفَ شَاخِصٍ يَظُنُّهُ رَجُلًا فَبَانَ أُسْطُوَانَةً عَلَيْهَا ثِيَابُ الرِّجَالِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ خَلْفَ شَخْصٍ يَظُنُّهُ رَجُلًا فَبَانَ امْرَأَةً أَمْ لَا ؟ تَبْطُلُ ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا كَعَدَمِهِ فِيهِ نَظَرٌ ، وَالْمُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ الصَّلَاحِيَّةِ لِلْإِمَامَةِ ؛ وَلِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى غَالِبًا .

( فَرْعٌ تَصِحُّ ) الصَّلَاةُ ( خَلْفَ مَجْهُولٍ ) إسْلَامُهُ ، أَوْ قِرَاءَتُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ ( فَإِنْ أَسَرَّ ) هَذَا ( فِي جَهْرِيَّةٍ أَعَادَ ) الْمَأْمُومُ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ وَيَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَئِمَّتِنَا ؛ لِأَنَّ إسْرَارَ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ يُخَيِّلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُحْسِنُهَا لَجَهَرَ بِهَا أَمَّا فِي السِّرِّيَّةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْإِمَامِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ( لَا إنْ قَالَ ) بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ الْجَهْرِيَّةِ ( نَسِيت ) الْجَهْرَ وَصَدَّقَهُ الْمَأْمُومُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ ( بَلْ تُسْتَحَبُّ كَمَنْ جَهِلَ ) مِنْ إمَامِهِ الَّذِي لَهُ حَالَتَا جُنُونٍ وَإِفَاقَةٍ ، أَوْ إسْلَامٍ وَرِدَّةٍ ( وَقْتَ جُنُونِهِ أَوْ رِدَّتِهِ ) فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بَلْ تُسْتَحَبُّ ( وَتَصِحُّ خَلْفَ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَعَبْدٍ ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ لِلِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِمَا وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّ ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ ، وَأَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ ( وَ ) ، لَكِنَّ ( الْبَالِغَ ، وَالْحُرَّ أَوْلَى ) مِنْهُمَا ، وَإِنْ اخْتَصَّا بِفَضْلٍ مِنْ وَرَعٍ ، أَوْ نَحْوِهِ ؛ لِكَمَالِهِمَا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الِاقْتِدَاءَ بِالصَّبِيِّ وَمَنْ كَرِهَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَبِالْعَبْدِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ، فَالْعَبْدُ الْبَالِغُ أَوْلَى مِنْ الْحُرِّ الصَّبِيِّ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَبْدٌ وَحُرٌّ وَزَادَ بِالْفِقْهِ فَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ حَيْثُ صَحَّحُوا فِيهَا أَوْلَوِيَّةَ صَلَاةِ الْحُرِّ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الدُّعَاءُ ، وَالشَّفَاعَةُ ، وَالْحُرُّ بِهِمَا

أَلْيَقُ .
وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُبَعَّضَ أَوْلَى مِنْ كَامِلِ الرِّقِّ .

( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ ) ؛ وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الصَّلَاةِ يُكَذِّبُ قَوْلَهُ ظَاهِرًا فَأَشْبَهَ مَنْ بَاعَ عَيْنًا ، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ وَقَفَهَا ، أَوْ بَاعَ عَبْدًا ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَعْتَقَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْإِعَادَةُ إنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجِبَ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي دَارِ الْكُفْرِ إلَّا مَنْ أَخْلَصَ إيمَانَهُ بِخِلَافِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ قَدْ يُصَلِّي فِيهَا تَقِيَّةً مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ مُنَافِقٌ ( قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْإِمَامِ ) .
وَتَوَضَّأَ الْإِمَامُ وَأَغْفَلَ لُمْعَةً مِنْ عَقِبِهِ يُشَاهِدُهَا الْمَأْمُومُ فَهَلْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وُضُوءُهُ عَنْ تَجْدِيدٍ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثُ وَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ حَدَثٍ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي وَلَوْ أَخْبَرَ الْإِمَامُ الْمَسْبُوقَ بِأَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ فِي رَكْعَتِهِ الَّتِي أَدْرَكَ رُكُوعَهَا لَزِمَهُ التَّدَارُكُ بِرَكْعَةٍ ، فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ اسْتَأْنَفَ ( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ قَالَ نَسِيت الْجَهْرَ ) ، أَوْ أَسْرَرْت لِكَوْنِهِ جَائِزًا ( قَوْلُهُ : فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ ) بَلْ تُسْتَحَبُّ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ نَصَّ عَلَيْهِ الْبُوَيْطِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا جَهِلَ الْمَأْمُومُ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ حَتَّى سَلَّمَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَتَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ عَمَلًا عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ أُمِّيٌّ فَمُتَابَعَتُهُ لَهُ مَعَ الِاعْتِقَادِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُبْطِلَةً .
ا هـ .
وَمَا ذَكَرَهُ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ فَمُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِ

لِإِمَامِهِ بَعْدَ إسْرَارِهِ لَا تُبْطِلُ عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ وَهَذَا وَإِنْ عَارَضَهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا بِالْجَهْرِ تَرَجَّحَ عَلَيْهِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْبِرَ إمَامَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ بِأَنَّهُ أَسَرَّ لِلنِّسْيَانِ ، أَوْ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فَسَوَّغَ بَقَاءَ الْمُتَابَعَةِ ، ثُمَّ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ وُجِدَ الْإِخْبَارُ الْمَذْكُورُ عَمِلَ بِالْأَوَّلِ وَإِلَّا فَبِالثَّانِي وَيَحْمِلُ سُكُوتَهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ جَهْرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ سِرًّا حَتَّى تَجُوزَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ ، وَجَوَازُ الِاقْتِدَاءِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ ، ثُمَّ ظَهَرَ الْخَطَأُ فَإِنَّهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ .

( فَصْلٌ يُقَدَّمُ ) فِي الْإِمَامَةِ ( الْعَدْلُ عَلَى الْفَاسِقِ وَإِنْ كَانَ أَفْقَهَ وَأَقْرَأَ ) .
لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِهِ ( بَلْ تُكْرَهُ ) الصَّلَاةُ ( خَلْفَ الْفَاسِقِ ) لِذَلِكَ وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَفَى بِهِ فَاسِقًا ( وَ ) خَلْفَ ( الْمُبْتَدِعِ ) الَّذِي لَا يُكَفَّرُ بِبِدْعَتِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي كَالْفَاسِقِ بَلْ أَوْلَى لِمُلَازَمَةِ اعْتِقَادِهِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ ( ، وَالْأَعْمَى كَالْبَصِيرِ ) فِي الْإِمَامَةِ لِتَعَارُضِ فَضِيلَتَيْهِمَا ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَنْظُرُ مَا يَشْغَلُهُ فَهُوَ أَخْشَعُ ، وَالْبَصِيرُ يَنْظُرُ الْخَبَثَ فَهُوَ أَحْفَظُ لِتَجَنُّبِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( إنْ لَمْ يَبْتَذِلْ ) بِالْمُعْجَمَةِ مَا إذَا تَبَذَّلَ أَيْ تَرَكَ الصِّيَانَةَ مِنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ كَأَنْ لَبِسَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ ، فَإِنَّ الْبَصِيرَ أَوْلَى مِنْهُ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ بِصِيغَةِ " قِيلَ " عَنْ النَّصِّ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَظَافَةِ الثَّوْبِ ، وَالْبَدَنِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِتَبَذُّلِ الْأَعْمَى بَلْ لَوْ تَبَذَّلَ الْبَصِيرُ كَانَ الْأَعْمَى أَوْلَى مِنْهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِمَامُهُ الْحُرُّ الْأَعْمَى أَفْضَلُ مِنْ إمَامِهِ الْعَبْدِ الْبَصِيرِ ( وَتَصِحُّ خَلْفَ مُبْتَدِعٍ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ) أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْبِدَعِ ( وَلَا يُكَفَّرُ ) بِهِ كَذَا أَطْلَقَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الصَّحِيحُ ، أَوْ الصَّوَابُ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا الْخَطَّابِيَّةِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ لِمُوَافِقِيهِمْ وَلَمْ يَزَلْ السَّلَفُ ، وَالْخَلَفُ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ تَأَوَّلَ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مَا جَاءَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ تَكْفِيرِ الْقَائِلِ

بِخَلْقِ الْقُرْآنِ عَلَى كُفْرَانِ النِّعَمِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ مِنْ تَكْفِيرِ مُنْكِرِي الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَبِالْمَعْدُومِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ يُصَرِّحُ بِالتَّجْسِيمِ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَتُكْرَهُ خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، أَوْ ذَكَرَ مَعَهُ مَا ذَكَرْته كَانَ أَوْلَى ( وَالْأَفْقَهُ ) فِي بَابِ الصَّلَاةِ ( الْأَقْرَأُ ) أَيْ الْأَكْثَرُ قُرْآنًا ( أَوْلَى ) مِنْ غَيْرِهِ لِفَضْلِهِ بِزِيَادَةِ الْفِقْهِ ، وَالْقِرَاءَةِ ( ثُمَّ الْأَفْقَهُ ) أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَإِ ؛ لِأَنَّ افْتِقَارَ الصَّلَاةِ لِلْفِقْهِ لَا يَنْحَصِرُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ وَلِتَقْدِيمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَقْرَأُ مِنْهُ ( ثُمَّ الْأَقْرَأُ ) عَلَى الْأَوْرَعِ ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ احْتِيَاجًا إلَيْهِ مِنْ الْوَرَعِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ { يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا } وَفِي رِوَايَةِ سَلْمَانَ { وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ } وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَإِ عَلَى الْأَفْقَهِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ كَانُوا يَتَفَقَّهُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يُوجَدُ قَارِئٌ إلَّا ، وَهُوَ فَقِيهٌ قَالَ النَّوَوِيُّ ، لَكِنْ فِي قَوْلِهِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ مُطْلَقًا انْتَهَى ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَإِ فِي الْخَبَرِ الْأَفْقَهُ فِي

الْقُرْآنِ فَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ اسْتَوَوْا فِي فِقْهِهِ فَإِذَا زَادَ أَحَدُهُمْ بِفِقْهِ السُّنَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ فَلَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ الْأَفْقَهِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَلَا نِزَاعَ فِيهِ ( ثُمَّ الْأَوْرَعُ ) ، وَهُوَ ( مُتَّقِي ) أَيْ مُجْتَنِبُ ( الشُّبُهَاتِ ) خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ ( بَعْدَهُمَا ) أَيْ بَعْدَ الْأَفْقَهِ ، وَالْأَقْرَإِ وَلَا حَاجَةَ بِهِ لِهَذَا بَعْدَ تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ ، وَقَوْلُهُ : وَهُوَ مُتَّقِي الشُّبُهَاتِ أَخَذَهُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّحْقِيقِ ، وَالْمَجْمُوعِ الْوَرَعَ بِأَنَّهُ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَفَسَّرَهُ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ ، وَالْعِفَّةِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ الْأَوْرَعِ ( يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ ) عَلَى الْأَنْسَبِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ { لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ } ؛ وَلِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَسَنِّ فِي ذَاتِهِ ، وَالْأَنْسَبِ فِي آبَائِهِ ، وَفَضِيلَةُ الذَّاتِ أَوْلَى ، وَالْعِبْرَةُ بِالْأَسَنِّ ( فِي الْإِسْلَامِ ) لَا بِكِبَرِ السِّنِّ ( فَيُقَدَّمُ شَابٌّ أَسْلَمَ أَمْسِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ الْيَوْمَ ) لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ السَّابِقَةِ فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا بَدَلَ سِنًّا ( فَإِنْ أَسْلَمَا مَعًا ، فَالشَّيْخُ ) مُقَدَّمٌ عَلَى الشَّابِّ لِعُمُومِ خَبَرِ مَالِكٍ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَالَ الْبَغَوِيّ وَيُقَدَّمُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ ؛ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ إسْلَامُهُ قَبْلَ بُلُوغِ مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا أَمَّا بَعْدَهُ فَيَظْهَرُ تَقْدِيمُ التَّابِعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَسَاوِيهِمَا حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ ( ثُمَّ ) بَعْدَ الْأَسَنِّ ( الْأَنْسَبُ فَيُقَدَّمُ الْقُرَشِيُّ ) عَلَى غَيْرِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ

مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ } ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الشَّأْنِ الْإِمَامَةُ الْكُبْرَى فَقِسْنَا عَلَيْهَا الصُّغْرَى .
وَعَلَى قُرَيْشٍ كُلَّ مَنْ فِي نَسَبِهِ شَرَفٌ .
وَيُعْتَبَرُ بِمَا تُعْتَبَرُ بِهِ الْكَفَاءَةُ كَالْعُلَمَاءِ ، وَالصُّلَحَاءِ ؛ فَيُقَدَّمُ الْهَاشِمِيُّ ، وَالْمُطَّلِبِيُّ ، ثُمَّ سَائِرُ قُرَيْشٍ ( ثُمَّ الْعَرَبِيُّ ثُمَّ الْعَجَمِيُّ ) وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْعَالِمِ أَوْ الصَّالِحِ عَلَى ابْنِ غَيْرِهِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ الْأَنْسَبِ ( الْأَقْدَمُ هُوَ أَوْ أَبُوهُ ) ، وَإِنْ عَلَا ( هِجْرَةً ) إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا تَقْدِيمُ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ هَاجَرَ أَحَدُ آبَائِهِ ، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْوَرَعِ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ هُوَ مَا أَشْعَرَ بِتَصْحِيحِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ ، وَهُوَ مَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمُتَابِعِيهِ ، لَكِنْ أَخَّرَهُ فِي التَّنْبِيهِ عَنْهَا وَارْتَضَاهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْ تَأْخِيرِ الْهِجْرَةِ عَنْ السِّنِّ ، وَالنَّسَبِ هُوَ مَا أَشْعَرَ بِتَصْحِيحِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ أَيْضًا ، وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِمَا لِخَبَرِ أَبِي مَسْعُودٍ السَّابِقِ .
قَالَ وَأَمَّا خَبَرُ مَالِكٍ فَإِنَّمَا كَانَ خِطَابًا لَهُ وَلِرُفْقَتِهِ وَكَانُوا مُتَسَاوِينَ نَسَبًا ، وَهِجْرَةً وَإِسْلَامًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَسَاوِينَ أَيْضًا فِي الْفِقْهِ ، وَالْقِرَاءَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ هَاجَرُوا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَامُوا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَالظَّاهِرُ تَسَاوِيهِمْ فِي جَمِيعِ الْخِصَالِ إلَّا السِّنَّ فَلِهَذَا قَدَّمَهُ ( ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا وَبَدَنًا وَصَنْعَةً ) عَنْ الْأَوْسَاخِ لِإِفْضَاءِ النَّظَافَةِ إلَى اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَكَثْرَةِ

الْجَمْعِ ( ثُمَّ الْأَحْسَنُ صَوْتًا ) لِمَيْلِ الْقَلْبِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَاسْتِمَاعِ كَلَامِهِ ( ثُمَّ ) الْأَحْسَنُ ( صُورَةً ) لِمَيْلِ الْقَلْبِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ كَذَا رَتَّبَ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ ، ثُمَّ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ ، وَالْبَدَنِ وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَحُسْنِ الصَّوْتِ ، ثُمَّ الْوَجْهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ تَقْدِيمُ أَحْسَنِهِمْ ذِكْرًا ثُمَّ صَوْتًا ثُمَّ هَيْئَةً ، فَإِنْ تَسَاوَيَا وَتَشَاحَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِحُسْنِ الْهَيْئَةِ حُسْنُ الْوَجْهِ لِيُوَافِقَ مَا فِي التَّحْقِيقِ ( وَالْمُقِيمُ أَوْلَى مِنْ الْمُسَافِرِ ) الَّذِي يَقْصُرُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمَّ أَتَمُّوا كُلُّهُمْ فَلَا يَخْتَلِفُونَ وَإِذَا أَمَّ الْقَاصِرُ اخْتَلَفُوا ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ مَعَ مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ السُّلْطَانُ ، أَوْ نَائِبُهُ ، فَإِنْ كَانَ فَهُوَ أَحَقُّ ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا .
قَالَ : وَمَعْرُوفُ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ غَيْره ؛ لِأَنَّ إمَامَةَ غَيْرِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى ( فَرْعٌ السَّاكِنُ بِحَقٍّ ) وَلَوْ مُسْتَعِيرًا ( مُقَدَّمٌ عَلَى هَؤُلَاءِ ) أَيْ الْأَفْقَهِ ، وَالْأَقْرَإِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ ( وَإِنْ كَانَ ) السَّاكِنُ ( عَبْدًا ) ؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلِخَبَرِ { لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ } وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد { فِي بَيْتِهِ وَلَا سُلْطَانِهِ } بِخِلَافِ السَّاكِنِ بِلَا حَقٍّ كَالْغَاصِبِ ( وَالْمَالِكُ ) لِلْمَنْفَعَةِ وَلَوْ بِدُونِ الرَّقَبَةِ ( أَوْلَى مِنْ الْمُسْتَعِيرِ ) لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ ، وَالرُّجُوعَ فِيهَا ( لَا ) الْمَالِكُ لِلرَّقَبَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ أَوْلَى ( مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ) بَلْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى مِنْهُ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ وَمَا صَدَقَ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ تَسَاوِيهِمَا غَيْرُ مُرَادٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَا مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ كَانَ أَوْلَى

لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ( وَالْمُكَاتَبِ ) كِتَابَةً صَحِيحَةً ، وَالْمُبَعَّضِ ( لَا الْقِنِّ أَوْلَى مِنْ السَّيِّدِ فِيمَا سَكَنَهُ بِحَقٍّ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِخِلَافِ الْقِنِّ فَسَيِّدُهُ أَوْلَى مِنْهُ ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ، أَوْ مَلَّكَهُ الْمَسْكَنَ لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكْنَى إلَيْهِ دُونَ الْقِنِّ ( وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكَيْنِ ) لِغَيْرِهِمَا فِي تَقَدُّمِهِ ( وَ ) مِنْ إذْنِ ( أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ ) فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ حَضَرَ الشَّرِيكَانِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْآخَرِ فَلَا يَتَقَدَّمُ غَيْرُهُمَا إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا أَحَدُهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ ( وَالْحَاضِرُ مِنْهُمَا أَحَقُّ ) مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ انْتِفَاعُهُ بِالْجَمِيعِ .
وَعُلِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَيْنِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَالشَّرِيكَيْنِ ، فَإِنْ حَضَرَ الْأَرْبَعَةُ كَفَى إذْنُ الشَّرِيكَيْنِ ( وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ ) الرَّاتِبِ ( أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ ) ، وَإِنْ اخْتَصَّ غَيْرُهُ بِفَضِيلَةٍ لِخَبَرِ { لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ } ( وَيُبْعَثُ لَهُ ) نَدْبًا إذَا أَبْطَأَ لِيَحْضُرَ ، أَوْ يَأْذَنَ فِي الْإِمَامَةِ ( فَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأُمِنَتْ الْفِتْنَةُ ) بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ ( أَمَّ غَيْرُهُ ) بِالْقَوْمِ نَدْبًا لِيَحُوزُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ خِيفَ الْفِتْنَةُ ( صَلَّوْا فُرَادَى وَنُدِبَ لَهُمْ إعَادَةٌ مَعَهُ ) إنْ حَضَرَ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهِ وَتَحْصِيلًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ إذَا خَافُوا الْفِتْنَةَ انْتَظَرُوهُ ، فَإِنْ خَافُوا فَوْتَ الْوَقْتِ كُلِّهِ صَلَّوْا جَمَاعَةً ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِيمَا إذَا خَافُوا فَوْتَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَرَادُوا فَضِيلَتَهُ .
وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِيمَا إذَا خَافُوا فَوْتَ كُلِّهِ وَلَمْ يُرِيدُوا ذَلِكَ ، ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلُّوا أَوَّلَ الْوَقْتِ جَمَاعَةً كَمَا

سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ ( وَالْوَالِي ) فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ( أَوْلَى مِنْ الْكُلِّ ) أَيْ كُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَضِيلَةٍ ، أَوْ كَانَ مَالِكًا إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ لِخَبَرِ { لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ } وَلِعُمُومِ سَلْطَنَتِهِ مَعَ أَنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ .
وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ وَقَوْلِي إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ هُوَ مَا عَبَّرَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَعْبِيرِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ يُحْمَلُ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ إذْ اعْتِبَارُ ذَلِكَ بِلَا حَمْلٍ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةٌ لِلْمَاوَرْدِيِّ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ قَالَ : وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ ، فَإِنْ أَذِنَ لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ وَإِلَّا صَلَّوْا فُرَادَى وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ امْرَأَةً فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ إلَّا بِالنِّسَاءِ ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا ، أَوْ صَبِيًّا اُسْتُؤْذِنَ وَلِيُّهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُمْ جَمَعُوا وَإِلَّا صَلَّوْا فُرَادَى قَالَ الْقَمُولِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْوَالِي فِي غَيْرِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ ، أَوْ نَائِبُهُ .
أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ أَحَدُهُمَا فِي مَسْجِدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ بِلَا شَكٍّ ، وَيُرَاعَى فِي الْوُلَاةِ إذَا اجْتَمَعُوا تَفَاوُتَ الدَّرَجَةِ فَيُقَدَّمُ ( الْأَعْلَى ، فَالْأَعْلَى ) مِنْهُمْ رِعَايَةً لِمَنْصِبِ الْوِلَايَةِ ( وَمَنْ قَدَّمَهُ الْمُقَدَّمُ بِالْمَكَانِ ) وَكَانَ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَهُوَ ( أَوْلَى ) مِنْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا لَهُ فَاخْتَصَّ بِالتَّقَدُّمِ ، وَالتَّقْدِيمِ أَمَّا الْمُقَدَّمُ بِغَيْرِ الْمَكَانِ كَالْأَفْقَهِ ، وَالْأَقْرَإِ فَلَا يُقَدَّمُ مُقَدَّمُهُ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : يُقَدَّمُ الْعَدْلُ عَلَى الْفَاسِقِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ أَنْ يَنْصِبَ إمَامًا فَاسِقًا لِلصَّلَوَاتِ ، وَإِنْ صَحَّحْنَا الصَّلَاةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ أَيْ ؛ لِأَنَّ إمَامَةَ الْفَاسِقِ مَكْرُوهَةٌ وَوَلِيُّ الْأَمْرِ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ ، وَلَيْسَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ أَنْ يُوقِعَ النَّاسَ فِي صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْزِلَةُ الْوَالِي مِنْ الرَّعِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَصُّ الْأَصْحَابِ تَبَعًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ تُكْرَهُ الْقُدْوَةُ بِمَنْ بِدْعَتُهُ ظَاهِرَةٌ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ إمَامًا لِلْمُصَلِّينَ ( قَوْلُهُ : نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ بِصِيغَةِ قِيلَ عَنْ النَّصِّ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ : وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ يُصَرِّحُ بِالتَّجْسِيمِ ) أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِالتَّصْرِيحِ عَمَّنْ يُثْبِتُ الْجِهَةَ فَإِنَّهُ لَا يُكَفَّرُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ ، وَالزَّنْدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ إنَّهُ الْأَصَحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ ر وَكَتَبَ أَيْضًا .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ ، أَوْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي الْمُرْشِدِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَانْتَحَلَ شَيْئًا مِنْ الْبِدَعِ كَالْمُجَسِّمَةِ ، وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ هَلْ يُكَفَّرُ لِلْأَصْحَابِ فِيهِ طَرِيقَانِ وَكَلَامُ الْأَشْعَرِيِّ يُشْعِرُ بِهِمَا وَأَظْهَرُ مَذْهَبَيْهِ تَرْكُ الْكُفْرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي فَمَنْ قَالَ قَوْلًا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَكْفِيرِ قَائِلِهِ كَفَّرْنَاهُ وَإِلَّا فَلَا .
( قَوْلُهُ : فَلَا يُوجَدُ قَارِئٌ إلَّا وَهُوَ فَقِيهٌ ) وَكَانَ يُوجَدُ الْفَقِيهُ وَلَيْسَ بِقَارِئٍ فَإِنَّهُ قِيلَ لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأُبَيُّ وَابْنُ

مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قِيلَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَا كُنَّا نُجَاوِزُ عَشْرَ آيَاتٍ حَتَّى نَعْرِفَ أَمْرَهَا وَنَهْيَهَا وَأَحْكَامَهَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إنَّ أَقْرَأَهُمْ كَانَ أَعْلَمَ أَشَارَ الْإِمَامُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ الْأَغْلَبُ ، فَإِنَّ عُمَرَ لَمْ يَحْفَظْهُ وَهُوَ يُفَضَّلُ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ مَعَ حِفْظِهِمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَامٌّ إذَا قُلْنَا الْمُرَادُ الْأَصَحُّ قِرَاءَةً فَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُمَرَ أَصَحُّ قِرَاءَةً .
( قَوْلُهُ : ثُمَّ يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ ) فَيُقَدَّمُ الْبَالِغُ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَأَكْثَرُ احْتِرَازًا ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ الْعِقَابَ ( قَوْلُهُ : تَقْدِيمُ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ ) ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ ح ( قَوْلُهُ وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ تَقْدِيمَهَا عَلَيْهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ، ثُمَّ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ إلَخْ ) قَدَّمَ فِي الْأَنْوَارِ نَظَافَةَ الثَّوْبِ ، وَالْبَدَنِ عَلَى طِيبِ الصَّنْعَةِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ إلَخْ ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ قَوْلُهُ : وَكَانَ يَصْلُحُ ) أَيْ مَنْ قَدَّمَهُ الْمُقَدِّمُ إلَخْ .

( فَصْلٌ لِلْقُدْوَةِ شُرُوطٌ ) سَبْعَةٌ .
( الْأَوَّلُ لَا يَتَقَدَّمُ الْمَأْمُومُ ) عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ } وَالِائْتِمَامُ الِاتِّبَاعُ ، وَالْمُتَقَدِّمُ غَيْرُ تَابِعٍ ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِذَا ( تَقَدَّمَ ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ كَالتَّقَدُّمِ بِالتَّحَرُّمِ قِيَاسًا لِلْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَفْحَشُ مِنْ الْمُخَالِفِ فِي الْأَفْعَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَقَالَ : وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ ، وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، لَكِنَّ كَلَامَ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ انْتَهَى .
وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَفِي الْمَجْمُوعِ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ تَصِحُّ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ وَقِيلَ : إنْ جَاءَ مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ صَحَّتْ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهِ ، أَوْ مِنْ قُدَّامِهِ لَمْ تَصِحَّ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ تَقَدُّمِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ ، وَهَذَا أَوْجَهُ وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاتُهُ لَهُ ( وَالِاعْتِبَارُ ) فِي التَّقَدُّمِ وَغَيْرِهِ لِلْقَائِمِ ( بِالْعَقِبِ ) ، وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ ( لَا الْكَعْبِ ) فَلَوْ تَسَاوَيَا فِي الْعَقِبِ وَتَقَدَّمَتْ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ لَمْ يَضُرَّ وَلَوْ تَقَدَّمَتْ عَقِبُهُ وَتَأَخَّرَتْ أَصَابِعُهُ ضَرَّ ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْعَقِبِ يَسْتَلْزِمُ تَقَدُّمَ الْمَنْكِبِ ، وَالْمُرَادُ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَ الْأُخْرَى عَلَى رِجْلِ الْإِمَامِ لَمْ يَضُرَّ .
( وَ ) الِاعْتِبَارُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ ( بِالْأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِ ، وَالْجَنْبِ لِلْمُضْطَجِعِ ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ وَبِالْأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِ يَشْمَلُ الرَّاكِبَ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا قِيلَ : مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ الِاعْتِبَارُ

بِمَا اعْتَبَرُوا بِهِ فِي الْمُسَابَقَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَقَدُّمِ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى تَقَدُّمُ رَاكِبِهَا عَلَى رَاكِبِ الْأُخْرَى ( وَنُدِبَ ) لِلْجَمَاعَةِ ( أَنْ يَسْتَدِيرُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ ) إنْ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِيَحْصُلَ الِاسْتِقْبَالُ لِلْجَمِيعِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَلَا دَلِيلَ لَهُ مِنْ السُّنَّةِ ، فَالصَّوَابُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ لِكَثْرَةِ الْجَمْعِ كَأَيَّامِ الْحَجِيجِ ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ ، وَالْوُقُوفُ خَلْفَ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ ( وَ ) أَنْ ( يَقِفَ الْإِمَامُ خَلْفَ الْمَقَامِ ) أَيْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ ( وَإِنْ قَرُبُوا ) أَيْ الْمُؤْتَمُّونَ بِهِ ( مِنْ الْكَعْبَةِ ) بِأَنْ كَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْهُ ( لَا مِنْ جِهَتِهِ جَازَ ) إذْ لَا يَظْهَرُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ ؛ وَلِأَنَّ رِعَايَةَ الْقُرْبِ ، وَالْبُعْدِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ مِمَّا يَشُقُّ بِخِلَافِ جِهَتِهِ فَلَوْ تَوَجَّهَ لِلرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مَثَلًا فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ الْمُتَوَجِّهُ لَهُ وَلَا لِإِحْدَى جِهَتَيْهِ ( وَلَوْ وَقَفَا ) أَيْ الْإِمَامُ ، وَالْمَأْمُومُ ( فِي الْكَعْبَةِ مُتَقَابِلَيْنِ ، أَوْ مُتَدَابِرَيْنِ ) أَوْ لَا ، وَلَا كَأَنْ تَوَجَّهَا إلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ إلَى سَقْفِ الْكَعْبَةِ كَمَا فِي صَلَاةِ الْمُسْتَلْقِي ( جَازَ ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ أَقْرَبَ إلَى الْجِدَارِ ) الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ مِنْ الْإِمَامِ إلَى مَا اسْتَقْبَلَهُ لِمَا مَرَّ ( لَا إنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ ) فَلَا يَجُوزُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِي جِهَتِهِ وَلَوْ كَانَ حِينَئِذٍ بَعْضُهُ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ وَبَعْضُهُ إلَى غَيْرِهَا فَمَا الْمُغَلَّبُ قَالَ

الزَّرْكَشِيُّ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي الْإِبْطَالُ تَغْلِيبًا لِلْمُبْطِلِ ( وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ خَارِجًا ) عَنْ الْكَعْبَةِ ، وَالْمَأْمُومُ دَاخِلَهَا ( لَا يُوَلِّيهِ ظَهْرَهُ ) لِمَا مَرَّ ( أَوْ عَكْسَهُ ) بِأَنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ خَارِجَهَا ( اسْتَقْبَلَ مِنْهَا مَا شَاءَ ) وَلَوْ تَرَكَ لَفْظَةَ كَذَا كَانَ أَوْضَحَ ( فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الذَّكَرُ ) وَلَوْ صَبِيًّا إذَا لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ ( عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ } ( وَ ) أَنْ ( يَتَأَخَّرَ ) عَنْهُ ( قَلِيلًا ) اسْتِعْمَالًا لِلْأَدَبِ وَإِظْهَارًا لِرُتْبَةِ الْإِمَامِ عَلَى رُتْبَةِ الْمَأْمُومِ ، فَإِنْ سَاوَاهُ ، أَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ ، أَوْ خَلْفَهُ كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ( فَإِنْ جَاءَ ذَكَرٌ آخَرُ أَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ ) نَدْبًا ( ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ يَتَأَخَّرَانِ حَالَةَ الْقِيَامِ ) لَا حَالَةَ غَيْرِهِ كَالْقُعُودِ ، وَالسُّجُودِ إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّقَدُّمُ ، وَالتَّأَخُّرُ فِيهَا إلَّا بِعَمَلِ كَثِيرٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّكُوعَ كَالْقِيَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْدَبُ لِلْعَاجِزِينَ عَنْ الْقِيَامِ وَأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ الثَّانِي .
وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ لِئَلَّا يَصِيرَ مُنْفَرِدًا ( وَهُمَا أَوْلَى ) بِالتَّأَخُّرِ مِنْ الْإِمَامِ بِالتَّقَدُّمِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ { قُمْت عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ } ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ مَكَانِهِ هَذَا ( إنْ أَمْكَنَ ) التَّقَدُّمُ ، وَالتَّأَخُّرُ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا لِضِيقِ الْمَكَانِ مِنْ أَحَدِ

الْجَانِبَيْنِ فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَسَارِ الْإِمَامِ مَا يَسَعُ الْجَائِي الثَّانِيَ يُحْرِمُ خَلْفَهُ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي ( وَ ) أَنْ ( يَصْطَفَّ الذَّكَرَانِ ) وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ سَوَاءٌ أَتَأَخَّرَا عَنْهُ فِيمَا مَرَّ أَمْ حَضَرَا مَعَهُ ابْتِدَاءً ( خَلْفَهُ ) بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ ، .
وَكَذَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ فَلَوْ وَقَفَا عَنْ يَمِينِهِ ، أَوْ يَسَارِهِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا خَلْفَهُ ، وَالْآخَرُ بِجَنْبِهِ ، أَوْ خَلْفَ الْأَوَّلِ كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ ( وَإِنْ صَلَّى بِامْرَأَةٍ ) وَلَوْ مَحْرَمًا ( وَقَفَتْ خَلْفَهُ ) ، وَكَذَا النِّسَاءُ ، أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ ، أَوْ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ وَقَفَا خَلْفَهُ ، وَهِيَ خَلْفَهُمَا .
صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى اصْطَفَّا ) أَيْ هُوَ ، وَالرَّجُلُ صَفًّا ( وَتَخَلَّفَ ) أَيْ الرَّجُلُ عَنْهُ ( قَلِيلًا وَ ) وَقَفَ ( الْخُنْثَى خَلْفَهُمَا ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ ) أَيْ الْخُنْثَى ( فَإِنْ كَثُرُوا ) بِأَنْ كَانَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ جَمَاعَةٌ ( فَالرِّجَالُ ) يُقَدَّمُونَ لِفَضْلِهِمْ ( ثُمَّ الصِّبْيَانُ ) ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ ، ( ثُمَّ الْخَنَاثَى ) لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ ، وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِهِمْ مِنْ زِيَادَتِهِ ( ثُمَّ النِّسَاءُ ) ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ { لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ ، وَالنُّهَى ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلِيهِ فِي الصَّلَاةِ الرِّجَالُ ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ ، ثُمَّ النِّسَاءُ } ، لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ وَقَوْلُهُ لِيَلِيَنِّي بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ

وَبِحَذْفِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ رِوَايَتَانِ ، وَالْأَحْلَامُ جَمْعُ حِلْمٍ بِالْكَسْرِ ، وَهُوَ التَّأَنِّي فِي الْأَمْرِ ، وَالنُّهَى جَمْعُ نُهْيَةٍ بِالضَّمِّ ، وَهُوَ الْعَقْلُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ النُّهَى الْعُقُولُ وَأُولُو الْأَحْلَامِ الْعُقَلَاءُ وَقِيلَ الْبَالِغُونَ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ اللَّفْظَانِ بِمَعْنًى وَلِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ عَطَفَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ تَأْكِيدًا وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ عَنْ الرِّجَالِ إذَا لَمْ يَسَعْهُمْ صَفُّ الرِّجَالِ ، وَإِلَّا كُمِّلَ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ ( وَهَذَا ) كُلُّهُ ( مُسْتَحَبٌّ لَا شَرْطٌ ) فَلَوْ خَالَفُوا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْعُرَاةِ الْبُصَرَاءِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَعَ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُنَا ( وَلَا يُحَوَّلُ صِبْيَانٌ ) حَضَرُوا أَوَّلًا ( لِرِجَالٍ ) حَضَرُوا ثَانِيًا ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ بِخِلَافِ الْخَنَاثَى ، وَالنِّسَاءِ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي ( فَصْلٌ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ ) عَنْ الصَّفِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ { أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ دَخَلَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ } وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَبِي دَاوُد وَصَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ { فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ، ثُمَّ مَشَى إلَيْهِ } وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لِعَدَمِ أَمْرِهِ بِهَا وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ } حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ ضَعَّفَهُ وَكَانَ يَقُولُ فِي الْقَدِيمِ لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ

اتِّحَادِ الْجِنْسِ ، فَإِنْ اخْتَلَفَ كَامْرَأَةٍ وَلَا نِسَاءَ ، أَوْ خُنْثَى وَلَا خَنَاثَى فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( فَإِنْ وَجَدَ ) فِي صَفٍّ ( سَعَةً ) وَلَوْ بِأَنْ لَا يَكُونَ خَلَاءٌ بَلْ يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ لَوَسِعَهُمْ ( اخْتَرَقَ الصَّفَّ ) الَّذِي يَلِيهِ فَمَا فَوْقَهُ ( إلَيْهَا ) لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا وَلَا يَتَقَيَّدُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ تَخَطِّي الرِّقَابِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً ( أَحْرَمَ ، ثُمَّ جَرَّ ) فِي الْقِيَامِ ( وَاحِدًا ) مِنْ الصَّفِّ ( إلَيْهِ ) لِيَصْطَفَّ مَعَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا جَوَّزَ أَنْ يُوَافِقَهُ وَإِلَّا فَلَا جَرَّ بَلْ يَمْتَنِعُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ ( وَنُدِبَ ) لِمَجْرُورِهِ ( مُسَاعَدَتُهُ ) بِمُوَافَقَتِهِ لِيَنَالَ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ ، وَالتَّقْوَى وَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد { إنْ جَاءَ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا فَلْيَخْتَلِجْ إلَيْهِ رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ فَلْيَقُمْ مَعَهُ فَمَا أَعْظَمَ أَجْرَ الْمُخْتَلَجِ } وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُرُّ أَحَدًا مِنْ الصَّفِّ إذَا كَانَا اثْنَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا وَلِهَذَا كَانَ الْجَرُّ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ ، أَوْ كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى وَيَجُرُّهُمَا مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ

( فَصْلٌ لِلْقُدْوَةِ شُرُوطٌ ) .
( قَوْلُهُ : أَفْحَشُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ فِي الْأَفْعَالِ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمُرَادُ الْمُخَالَفَةُ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا يَفْعَلُهَا الْإِمَامُ كَالتَّخَلُّفِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ، وَالتَّقَدُّمِ بِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَلَمْ يَسْجُدْهَا الْإِمَامُ ، وَالتَّخَلُّفِ عَنْهَا عِنْدَ سُجُودِ الْإِمَامِ ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ فِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ فِي الْمَوْضُوعَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَفْعَلْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ اسْتَشْكَلَ بِمَا لَوْ صَلَّى وَشَكَّ هَلْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ فِي التَّكْبِيرِ أَمْ لَا ؟ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْمَوْقِفِ أَكْثَرُ وُقُوعًا فَإِنَّهَا تَصِحُّ فِي صُورَتَيْنِ وَتَبْطُلُ فِي وَاحِدَةٍ فَتَصِحُّ مَعَ التَّأَخُّرِ ، وَالْمُسَاوَاةِ وَتَبْطُلُ مَعَ التَّقَدُّمِ خَاصَّةً ، وَالصِّحَّةُ فِي التَّكْبِيرِ أَقَلُّ وُقُوعًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِالْمُقَارَنَةِ ، وَالتَّقَدُّمِ وَتَصِحُّ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ التَّأَخُّرُ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ ) وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ : وَالِاعْتِبَارُ بِالْعَقِبِ لَا الْمَنْكِبِ ) لَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رِجْلَيْهِ بَلْ جَعَلَ تَحْتَ إبْطَيْهِ خَشَبَتَيْنِ أَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْأُولَى بِالْجَنْبِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمَنْكِبِ ؛ لِأَنَّهُ فِي الِاعْتِمَادِ لِهَذَا الشَّخْصِ كَالْجَنْبِ لِلْمُضْطَجِعِ وَلَوْ وَضَعَ رِجْلَيْهِ مَعًا عَلَى الْأَرْضِ وَتَأَخَّرَ الْعَقِبُ وَتَقَدَّمَتْ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ ، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَقِبِ صَحَّ أَوْ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ فَلَا وَقَوْلُهُ إنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْأُولَى بِالْجَنْبِ وَفِي الثَّانِيَةِ

إلَخْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْطَأَ فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ قَائِمًا بَلْ مَحْمُولًا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَهُ شَخْصَانِ بِمَنْكِبَيْهِ وَوَقَفَاهُ عَلَى الْأَرْضِ وَصَلَّى مُنْتَصِبًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَالَ شَيْخُنَا الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ ، لَكِنْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ وُقُوفُهُ عَلَى الْخَشَبَتَيْنِ ، أَوْ تَدَلِّيهِ بِحَبْلٍ طَرِيقًا لِفِعْلِ الصَّلَاةِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَ الْأُخْرَى إلَخْ ) فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَإِحْدَاهُمَا مُتَقَدِّمَةٌ ، وَالْأُخْرَى مُتَأَخِّرَةٌ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ شَيْخُنَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الِاعْتِكَافِ لَا يُقَالُ اجْتَمَعَ مَانِعٌ وَمُقْتَضٍ فَيُقَدَّمُ الْمَانِعُ ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ اعْتِمَادَهُ عَلَيْهِمَا مَانِعٌ إنَّمَا الْمَانِعُ تَقَدُّمُ إحْدَاهُمَا وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ ( قَوْلُهُ ، وَالْجَنْبُ لِلْمُضْطَجِعِ ) وَأَمَّا الْمُسْتَلْقِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِرَأْسِهِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَلْقِي بِرَأْسِهِ د .
وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعَقِبِ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ الْأَقْرَبُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِرَأْسِهِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : كَذَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَا إنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ ) فَهِيَ سِتَّةُ أَحْوَالٍ ( قَوْلُهُ : وَيَتَأَخَّرُ قَلِيلًا ) وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ ( قَوْلُهُ : كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ مُسَاوَاتِهِ لَمْ تُحَصِّلْ لَهُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ ( قَوْلُهُ : وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إلَخْ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ ، فَالرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ) قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ إنَّمَا تُقَدَّمُ الرِّجَالُ عَلَى

الصِّبْيَانِ إذَا كَانُوا أَفْضَلَ ، أَوْ تَسَاوَوْا ، فَإِنْ كَانَ الصِّبْيَانُ أَفْضَلَ قُدِّمُوا وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا وَجْهٌ لَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ ، فَالرَّاجِحُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ ع ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ إلَخْ ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ قَالَ شَيْخُنَا إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صَفَّ الرِّجَالِ تَامٌّ غَيْرَ أَنَّ الصِّبْيَانَ لَوْ دَخَلُوا فِيهِ وَسِعَهُمْ ( قَوْلُهُ : يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ ) أَيْ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَارَنَةِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَدَّرُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي كِتَابِهِ نِهَايَةِ الْبَيَانِ وَلَا يَقِفُ مُنْفَرِدًا بَلْ إنْ وَجَدَ سَعَةً فِي أَيِّ صَفٍّ كَانَ دَخَلَ فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا أَطْلَقُوهُ بَلْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ التَّخَطِّي لِلْفُرْجَةِ بِصَفٍّ ، أَوْ صَفَّيْنِ ، فَإِنْ انْتَهَى إلَى ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا ، فَالْمَنْعُ بَاقٍ كَذَا رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي التَّهْذِيبِ لِأَبِي عَلِيٍّ الزُّجَاجِيِّ بِضَمِّ الزَّايِ ، وَالتَّعْلِيقِ لِأَبِي حَامِدٍ ، وَالْفُرُوقِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ ، وَالْمُحَرَّرِ لِسُلَيْمٍ وَقَيَّدَهُ بِذَلِكَ فِي الْمُهَذَّبِ ، وَالتَّتِمَّةِ ، وَالْحِلْيَةِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ .
ا هـ .
وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِصَفٍّ ، أَوْ صَفَّيْنِ وَهْمٌ حَصَلَ مِنْ الْتِبَاسِ مَسْأَلَةٍ بِمَسْأَلَةٍ ، فَإِنَّ التَّخَطِّيَ هُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ ، وَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ نَقَلَ عَنْهُمْ فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ فِي التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعِبَارَةُ النَّصِّ الَّذِي نَقَلَهُ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَهِيَ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَدْخَلِ رَجُلٍ زِحَامٌ وَأَمَامَهُ فُرْجَةٌ وَكَانَ بِتَخَطِّيهِ إلَى الْفُرْجَةِ بِرَاحِلَةٍ ، أَوْ اثْنَيْنِ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُ التَّخَطِّي ، فَإِنْ كَثُرَ كَرِهْت لَهُ (

قَوْلُهُ : أَحْرَمَ ، ثُمَّ جَرَّهُ ) فَيُكْرَهُ لَهُ جَرُّهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ ( قَوْلُهُ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ ) لَوْ كَانَ الْمَجْرُورُ عَبْدًا فَأَبَقَ ضَمِنَهُ الْجَارُّ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

الشَّرْطُ ( الثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ أَفْعَالَ الْإِمَامِ ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ بِمُشَاهَدَتِهِ أَوْ ( بِمُشَاهَدَةِ بَعْضِ الصُّفُوفِ ) لِمَنْ يَرَى ( أَوْ سَمَاعِ صَوْتِهِ ، أَوْ ) صَوْتِ ( الْمُبَلِّغِ لِمَنْ لَا يَرَى ) وَلَوْ لِبُعْدِهِ عَنْ النَّاسِ ، أَوْ لِظُلْمَةٍ ( أَوْ ) بِهِدَايَةِ ( ثِقَةٍ بِجَنْبِ أَعْمَى أَصَمَّ ) ، أَوْ بَصِيرٍ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ ، أَوْ نَحْوِهَا وَفِي نُسْخَةٍ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْأَصْلِ أَيْ أَعْمَى لَا يَسْمَعُ ، أَوْ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَوَصْفُهُ الْأَخِيرَ بِالثِّقَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ الْمُبَلِّغُ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الْجُوَيْنِيُّ عَنْ النَّصِّ .

الشَّرْطُ ( الثَّالِثُ أَنْ يَجْمَعَهُمَا ) أَيْ الْإِمَامَ ، وَالْمَأْمُومَ ( مَوْقِفٌ ) إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الِاقْتِدَاءِ اجْتِمَاعُ جَمْعٍ فِي مَكَان كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الْعُصُرِ الْخَالِيَةِ .
وَمَبْنَى الْعِبَادَاتِ عَلَى رِعَايَةِ الِاتِّبَاعِ ، وَلِاجْتِمَاعِهِمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي فَضَاءٍ ، أَوْ بِنَاءٍ ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ ، وَالْآخَرُ بِغَيْرِهِ ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ ( فَإِنْ كَانَا فِي مَسْجِدٍ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ ، وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُ وَاخْتَلَفَتْ أَبْنِيَةٌ ) مِنْهُ كَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمَنَارَةٍ ( تَنْفُذُ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ وَإِنْ أُغْلِقَتْ ) ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ مُؤَدُّونَ لِشِعَارِهَا أَمَّا إذَا لَمْ تَنْفُذْ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ فَلَا يُعَدُّ الْجَامِعُ لَهَا مَسْجِدًا وَاحِدًا .
وَخَالَفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَضُرُّ الشُّبَّاكُ فَلَوْ وَقَفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ ضَرَّ وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَالَ الْحِصْنِيُّ ، وَهُوَ سَهْوٌ ، وَالْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ أَيْ أَخْذًا مِنْ شَرْطِهِ تَنَافُذَ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ ( وَالْمَسَاجِدُ ) الْمُتَلَاصِقَةُ ( الَّتِي ) تَنْفُذُ ( أَبْوَابُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ كَالْمَسْجِدِ ) الْوَاحِدِ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَاخْتَلَفَتْ الْأَبْنِيَةُ وَانْفَرَدَ كُلُّ مَسْجِدٍ بِإِمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَجَمَاعَةٍ ( إلَّا إنْ حَالَ ) بَيْنَهُمَا ( نَهْرٌ قَدِيمٌ ) بِأَنْ حُفِرَ قَبْلَ حُدُوثِهَا ، فَلَا تَكُونُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ بَلْ كَمَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي ( لَا ) نَهْرٌ ( طَارِئٌ ) بِأَنْ حُفِرَ بَعْدَ حُدُوثِهَا فَتَكُونُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ فَيُعْتَبَرُ قُرْبُ الْمَسَافَةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ، وَهَذَانِ إنَّمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ وَلَا مُنَافَاةَ بَلْ مَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ مَأْخُوذٌ

مِمَّا فِي الْأَصْلِ وَكَالنَّهْرِ الطَّرِيقُ .
( وَعُلْوُ الْمَسْجِدِ كَسُفْلِهِ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ فَهُمَا مَسْجِدٌ وَاحِدٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ ( وَكَذَا رَحَبَتُهُ ) مَعَهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ ، وَهِيَ مَا كَانَ خَارِجَهُ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ ، فَإِنْ انْفَصَلَتْ فَكَمَسْجِدٍ آخَرَ وَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ اسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي حَيْلُولَةِ النَّهْرِ الْقَدِيمِ بَيْنَ جَانِبَيْ الْمَسْجِدِ وَحَيْلُولَةِ الطَّرِيقِ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ : الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ ، وَالْأَصْحَابُ عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهَا لَا حُجَّةَ فِيهِ إذْ لَا نِزَاعَ فِي صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهَا وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ يَكُونَانِ كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا .
وَالْأَشْبَهُ لَا ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ غَيْرِهِ وَتَوَقَّفَ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ نَدْرِ أَوُقِفَتْ مَسْجِدًا أَمْ لَا هَلْ تَكُونُ مَسْجِدًا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ لَهَا حُكْمَ مَتْبُوعِهَا أَوْ لَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَقْفِ ، وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ الْأَوَّلُ .
وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَخَرَجَ بِرَحَبَتِهِ حَرِيمُهُ ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَّصِلُ بِهِ الْمُهَيَّأُ لِمَصْلَحَتِهِ كَانْصِبَابِ الْمَاءِ وَطَرْحِ الْقُمَامَاتِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُ الرَّحَبَةِ مِنْ الْحَرِيمِ بِعَلَامَةٍ لِتُعْطَى حُكْمَ الْمَسْجِدِ ( وَإِنْ كَانَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ اُشْتُرِطَ فِي الْفَضَاءِ ) وَلَوْ مُحَوَّطًا ، أَوْ مُسْقَفًا مَمْلُوكًا ، أَوْ مَوَاتًا ، أَوْ وَقْفًا ، أَوْ مُخْتَلِفًا مِنْهَا ( أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ ، أَوْ ) مَنْ ( عَلَى ) أَحَدِ ( جَانِبَيْهِ وَلَا مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ ) ، أَوْ

شَخْصَيْنِ مِمَّنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ ، أَوْ بِجَانِبِهِ ( عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ .
وَهُوَ شِبْرَانِ ( تَقْرِيبًا ) فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ وَلَا بُلُوغُ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ ، وَالْأَخِيرِ مِنْ صَفٍّ ، أَوْ شَخْصِ فَرَاسِخَ ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُرْفِ وَقِيلَ مَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذْ سِهَامُ الْعَرَبِ لَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ ( وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ ) بِأَنْ كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ ، وَالْآخَرُ فِي فَضَاءٍ ( وَلَوْ ) كَانَ الْبِنَاءُ ( مَدْرَسَةً وَرِبَاطًا أَنْ لَا يَحُولَ ) بَيْنَهُمَا ( حَائِلٌ يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ أَوْ الْمُشَاهَدَةَ لِلْإِمَامِ ، أَوْ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمُشَبَّكٍ ، أَوْ بَابٍ مَرْدُودٍ ) ، أَوْ جِدَارِ صُفَّةٍ شَرْقِيَّةً ، أَوْ غَرْبِيَّةً لِمَدْرَسَةٍ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ إذْ الْحَيْلُولَةُ بِذَلِكَ تَمْنَعُ الِاجْتِمَاعَ بِخِلَافِ حَيْلُولَةِ الشَّارِعِ ، وَالنَّهْرِ كَمَا سَيَأْتِي وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ كَالْعِرَاقِيِّينَ .
وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ كَالْمَرَاوِزَةِ فَشَرَطَ فِيمَا إذَا صَلَّى بِجَنْبِهِ اتِّصَالَ الْمَنَاكِبِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا وَفِيمَا إذَا صَلَّى خَلْفَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ تَقْرِيبًا ، فَالْعِبْرَةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بِالِاتِّصَالِ وَعِنْدَ الْأَوَّلَيْنِ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ ( وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ ) ، وَالْأُخَرُ دَاخِلَهُ ( وَبَيْنَهُمَا بَابٌ ) أَيْ مَنْفَذٌ ( أَوْ كَانَا فِي بَيْتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ ) وَبَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ ( اُشْتُرِطَ ) مَعَ مَا مَرَّ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ مَنْ لَيْسَ فِي بِنَاءِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُشَاهِدْهُ وَلَا مَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ فِي بِنَائِهِ ( أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ ( بِحِذَاءِ الْمَنْفَذِ ) أَيْ مُقَابِلَهُ ( يُشَاهِدُ ) الْإِمَامَ ، أَوْ مَنْ مَعَهُ فِي بِنَائِهِ

( فَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ فِي الْبَيْتِ ) الْأَوْلَى مَنْ فِي الْمَكَانِ ( الْآخَرِ تَبَعًا لَهُ ) أَيْ لِمَنْ يُشَاهِدُ وَلَا يَضُرُّ الْحَائِلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ ( وَيَصِيرُ ) الْمُشَاهِدُ ( فِي حَقِّهِمْ كَالْإِمَامِ لَا يُحْرِمُونَ قَبْلَهُ ، لَكِنْ لَوْ فَارَقَهُمْ بَعْدُ ) ، أَوْ زَالَ عَنْ مَوْقِفِهِ ( لَمْ يَضُرَّ ) صَلَاتَهُمْ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ .
وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِيهَا وَلَوْ رَدَّ الرِّيحُ الْبَابَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتْحُهُ حَالًا فَتَحَهُ وَدَامَ عَلَى الْمُتَابَعَةِ وَإِلَّا فَارَقَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ إمَامُهُ ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا بِعَدَمِ وُجُوبِ مُفَارَقَةِ الْبَقِيَّةِ وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْكَلَامِ فِيهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَحْدَهُ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ بَعْدَ رَدِّ الْبَابِ وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ فَتْحَهُ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ ( وَمَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ ( وَلَا يَضُرُّ ) فِي الِاقْتِدَاءِ ( حَيْلُولَةُ الشَّارِعِ ) ، وَإِنْ كَثُرَ طُرُوقُهُ ( وَ ) لَا ( الْمَاءُ ، وَإِنْ احْتَاجَ ) عَابِرُهُ ( إلَى سِبَاحَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُعَدَّا لِلْحَيْلُولَةِ .
وَلَوْ صَلَّى فَوْقَ سَطْحِ مَسْجِدٍ وَإِمَامُهُ فَوْقَ سَطْحِ بَيْتٍ ، أَوْ مَسْجِدٍ آخَرَ مُنْفَصِلٍ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِاخْتِلَافِ الْأَبْنِيَةِ وَعَدَمِ الِاتِّصَالِ ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا قَرَارَ لَهُ ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَا فِي بِنَاءَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ وَحَالَ بَيْنَهُمَا شَارِعٌ ، أَوْ نَهْرٌ ( وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ ، أَوْ مَنْ عَلَى الْمَنْفَذِ أَوْ الْمَأْمُومُ ) الْمُحَاذِي لَهُ ( فِي عُلْوٍ ، وَالْآخَرُ فِي سُفْلٍ وَقَدَمُ الْأَعْلَى مُحَاذٍ لِرَأْسِ الْأَسْفَلِ ) ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا إنْ صَلَّى بِجَنْبِهِ وَلَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إنْ صَلَّى خَلْفَهُ (

لَمْ يَضُرَّ ، فَإِنْ لَمْ يُحَاذِهِ ) عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ ( بَطَلَتْ ) صَلَاةُ الْمُقْتَدِي ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ لَا يُعَدَّانِ مُجْتَمِعَيْنِ فِي مَكَان وَاحِدٍ ( بِخِلَافِ ) مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي ( الْمَسْجِدِ ) لِمَا مَرَّ .
( وَالِاعْتِبَارُ ) فِي الْمُحَاذَاةِ ( بِمُعْتَدِلِ الْقَامَةِ وَيُفْرَضُ الْقَاعِدُ ) الْمُعْتَدِلُ ( قَائِمًا ) ، وَالْقَصِيرُ ، وَالطَّوِيلُ مُعْتَدِلَيْنِ وَكَلَامُهُ فِي الْعُلْوِ ، وَالسُّفْلِ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَرَاوِزَةِ ، وَالْجَارِي عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ اشْتِرَاطُ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ ، وَالْمَجْمُوعِ دَالٌّ عَلَيْهِ ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ ، وَكَذَا الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبِنَاءَيْنِ كَالْفَضَاءِ يُفْهِمُ الصِّحَّةَ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحَاذَاةً عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الشَّاشِيِّ وَغَيْرُهُ ، وَالْمُرَادُ بِالْعُلْوِ الْبِنَاءُ وَنَحْوُهُ أَمَّا الْجَبَلُ الَّذِي يُمْكِنُ صُعُودُهُ فَدَاخِلٌ فِي الْفَضَاءِ ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ فِيهَا عَالٍ وَمُسْتَوٍ ، فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ ، فَالصَّلَاةُ عَلَى الصَّفَا ، أَوْ الْمَرْوَةِ ، أَوْ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ صَحِيحَةٌ ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا .
وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَلَهُ نَصٌّ آخَرُ فِي أَبِي قُبَيْسٍ بِالْمَنْعِ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْمُرُورُ إلَى الْإِمَامِ إلَّا بِانْعِطَافٍ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ ، أَوْ عَلَى مَا إذَا بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ أَوْ حَالَتْ أَبْنِيَةٌ هُنَاكَ مَنَعَتْ الرُّؤْيَةَ ( وَلَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ ) مَكْشُوفَتَيْنِ ( فِي الْبَحْرِ فَكَالْفَضَاءِ ) فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ ( وَإِنْ لَمْ تُشَدَّ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى ) وَتَكُونَانِ كَدُكَّتَيْنِ فِي الْفَضَاءِ ( وَإِنْ كَانَتَا مُسْقَفَتَيْنِ ) ، أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ (

فَكَالْبَيْتَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ ) قَدْرِ ( الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ وَ ) وُجُودِ ( الْوَاقِفِ بِالْمَنْفَذِ ) إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَالسَّفِينَةُ الَّتِي فِيهَا بُيُوتٌ كَالدَّارِ الَّتِي فِيهَا بُيُوتٌ ، وَالسُّرَادِقَاتُ فِي الصَّحْرَاءِ كَسَفِينَةٍ مَكْشُوفَةٍ ، وَالْخِيَامُ كَالْبُيُوتِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ ، أَوْ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ .
وَالسُّرَادِقُ يُقَالُ لِمَا يُمَدُّ فَوْقَ صَحْنِ الدَّارِ وَلِلْخِبَاءِ وَنَحْوِهِ وَلِمَا يُدَارُ حَوْلَ الْخِبَاءِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ( وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهُ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ آخِرِ الْمَسْجِدِ ) لَا مِنْ آخِرِ مُصَلٍّ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالْإِمَامُ خَارِجَهُ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ طَرَفِهِ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ .

قَوْلُهُ : أَمَّا إذَا لَمْ تَنْفُذْ أَبْوَابُهَا إلَخْ ) فَلَوْ اتَّخَذَ فِيهِ حُجْرَةً وَسَدَّ مَنَافِذَهَا بِالْبِنَاءِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا بَابًا ، أَوْ اتَّخَذَ سِرْدَابًا وَسَدَّ بَابَهُ بِالطِّينِ وَصَلَّى دَاخِلَهُ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ ( قَوْلُهُ وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ ) أَيْ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا رَحَبَتُهُ ) اخْتَلَفَ الشَّيْخَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الصَّلَاحِ فِي حَقِيقَةِ الرَّحَبَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هِيَ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ الْمَسْجِدِ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ رَحَبَةُ الْمَسْجِدِ صَحْنُ الْمَسْجِدِ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا شَاهَدْنَاهُ وَلَمْ نَدْرِ ، فَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ وُقِفَ مَسْجِدًا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ شَارِعًا مُحَجَّرًا عَلَيْهِ صِيَانَةً لَهُ بِكَوْنِهِ أَحَاطَ بِهِ بُنْيَانٌ مِنْ جَانِبَيْهِ كَرَحَبَةِ بَابِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ الَّتِي بَيْنَ الطَّيْبَرِسِيَّةِ والابتغاوية فَلَيْسَ مَسْجِدًا قَطْعًا .
( قَوْلُهُ : عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى صُعُودٍ ، وَالْإِمَامُ عَلَى هُبُوطٍ ، أَوْ بِالْعَكْسِ ( قَوْلُهُ : فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ ) وَيَضُرُّ مَا زَادَ عَلَيْهَا ( قَوْلُهُ : وَلَا بُلُوغُ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ ، وَالْأَخِيرِ مِنْ صَفٍّ إلَخْ ) ، لَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يُطَوِّلَ الْإِمَامُ الرُّكُوعَ وَنَحْوَهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَابِعَهُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ لِمَنْ لَا تُمْكِنُهُ الْمُتَابَعَةُ قَالَهُ فِي الْكَافِي ع .
( قَوْلُهُ : أَوْ جِدَارِ صُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ ، أَوْ غَرْبِيَّةٍ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَصُفَفُ الْمَدَارِسِ الْغَرْبِيَّةِ ، وَالشَّرْقِيَّةِ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ الْقُدْوَةِ فِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ دُونَ الْمُرُورِ وَإِنَّمَا يَجِيءُ اخْتِلَافُهُمَا إذَا حَصَلَ

إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ ، وَالْمُرُورِ جَمِيعًا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا .
ا هـ .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ عِنْدَ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ بِالْمُرُورِ وَلَوْ بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَوْ أَمْكَنَ الْمُرُورُ ، لَكِنْ بِانْعِطَافٍ كَالْمُصَلِّي بِبُيُوتِ الْمَدَارِسِ الَّتِي بِيَمِينِ الْإِيوَانِ أَوْ يَسَارِهِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ ، فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ كَالْجِدَارِ ، وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَ صَلَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمُسَامِتِ لِجِدَارِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَابِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الصَّفُّ لِحَيْلُولَةِ الْجِدَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالِ الصَّفِّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الرُّؤْيَةُ بِقَرِينَةِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ الْمُرُورُ إلَيْهِ بِالِانْعِطَافِ قَوْلُهُ لَا يُحْرِمُونَ قَبْلَهُ وَلَا يَرْكَعُونَ قَبْلَ رُكُوعِهِ ) وَلَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَ سَلَامِهِ ( قَوْلُهُ : وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا شُبَّاكٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يُؤَثِّرْ ( قَوْلُهُ : وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْحَائِلَ أَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي مَنْعِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَائِلَ غَيْرُ النَّافِذِ فِي الْمَسْجِدِ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ دُونَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ ش ( قَوْلُهُ : وَالْجَارِي عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ اشْتِرَاطُ قُرْبِ الْمَسَافَةِ إلَخْ ) ، ثُمَّ هَذَا الشَّرْطُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى لَيْسَ كَافِيًا وَحْدَهُ بَلْ يُضَمُّ إلَى مَا تَقَدَّمَ حَتَّى لَوْ وَقَفَ الْمَأْمُومُ عَلَى صُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ ، وَالْإِمَامُ فِي الصَّحْنِ فَلَا بُدَّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ

وُقُوفِ رَجُلٍ عَلَى طَرَفِ الصُّفَّةِ وَوُقُوفِ آخَرَ فِي الصَّحْنِ مُتَّصِلًا بِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ

الشَّرْطُ ( الرَّابِعُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ ) ، أَوْ الِائْتِمَامِ ( أَوْ الْجَمَاعَةِ ) بِالْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ عَمَلٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ إذْ لَيْسَ لِلْمَرْءِ إلَّا مَا نَوَى ( وَيَنْبَغِي ) أَيْ يَجِبُ إنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ ابْتِدَاءً ( أَنْ يَقْرِنَهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ) كَسَائِرِ مَا يَنْوِيهِ مِنْ صِفَاتِ الصَّلَاةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ ( انْعَقَدَتْ ) صَلَاتُهُ ( مُنْفَرِدًا ) إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا ( فَإِنْ تَابَعَهُ بِلَا نِيَّةٍ ، أَوْ وَهُوَ شَاكٌّ فِي النِّيَّةِ ) الْمَذْكُورَةِ ( نَظَرْت ، فَإِنْ رَكَعَ مَعَهُ أَوْ سَجَدَ ) مَثَلًا ( بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ ) عُرْفًا ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ حَتَّى لَوْ عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقِفَ سَلَامَهُ عَلَى سَلَامِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ وَقَفَ صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ رَابِطٍ بَيْنَهُمَا ( وَإِنْ وَقَعَ ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُتَابَعَةِ ( اتِّفَاقًا أَوْ بِانْتِظَارٍ يَسِيرٍ ) عُرْفًا ( لَمْ يَضُرَّ ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا يُسَمَّى مُتَابَعَةً وَفِي الثَّانِيَةِ مُغْتَفَرٌ لِقِلَّتِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ شَكُّهُ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي الِانْعِقَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيُسْتَثْنَى مِمَّا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ مَا لَوْ عَرَضَ فِي الْجُمُعَةِ فَيُبْطِلُهَا إذَا طَالَ زَمَنُهُ ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمَاعَةِ فِيهَا شَرْطٌ ( وَتَجِبُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي الْجُمُعَةِ ) ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ إلَّا بِجَمَاعَةٍ لِمَا مَرَّ ( فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ ( تَعْيِينُ الْإِمَامِ ، فَإِنْ الْتَبَسَ ) عَلَيْهِ ( بِوُقُوفِهِ فِي الصَّفِّ ) مَثَلًا ( فَقَالَ صَلَّيْت خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْهُمْ ) ، أَوْ الْإِمَامِ الْحَاضِرِ ( صَحَّتْ ) صَلَاتُهُ إذْ مَقْصُودُ الْجَمَاعَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِالتَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ بَلْ قَالَ

الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُعَيِّنَهُ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا إذَا عَيَّنَهُ بَانَ خِلَافُهُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ بِالِالْتِبَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ يُوهِمُ التَّقْيِيدَ ، وَلَيْسَ مُرَادًا ( وَإِنْ عَيَّنَ رَجُلًا ) كَزَيْدٍ ( وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَبَانَ مَأْمُومًا ) ، أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ عَمْرًا ، أَوْ هُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ ( لَمْ تَصِحَّ ) صَلَاتُهُ لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ ، وَهُوَ كَمَنْ عَيَّنَ الْمَيِّتَ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ ، أَوْ نَوَى الْعِتْقَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ فَأَخْطَأَ فِيهَا وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بُطْلَانُهَا بِمُجَرَّدِ الِاقْتِدَاءِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا ؛ لِأَنَّهُ لَا إمَامَ لَهُ ، ثُمَّ إنْ تَابَعَهُ الْمُتَابَعَةَ الْمُبْطِلَةَ بَطَلَتْ رُدَّ بِأَنَّ فَسَادَ النِّيَّةِ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ وَبِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِيهَا إذَا عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ بَطَلَتْ كَمَا مَرَّ ( وَلَوْ عَيَّنَ مَنْ فِي الْمِحْرَابِ ) بِأَنْ عَلَّقَ الْقُدْوَةَ بِشَخْصِهِ سَوَاءٌ أَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَنْ فِي الْمِحْرَابِ أَمْ بِزَيْدٍ هَذَا أَمْ بِهَذَا الْحَاضِرِ أَمْ بِهَذَا أَمْ بِالْحَاضِرِ ( وَظَنَّهُ زَيْدًا فَبَانَ عَمْرًا صَحَّتْ ) صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ لَمْ يَقَعْ فِي الشَّخْصَيْنِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِيهِ بَلْ فِي الظَّنِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْقُدْوَةَ بِالْحَاضِرِ مَثَلًا وَلَمْ يُعَلِّقْهَا بِشَخْصِهِ ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ صِفَةٌ لِزَيْدٍ الَّذِي ظَنَّهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ ، وَالْخَطَأُ فِي الْمَوْصُوفِ يَسْتَلْزِمُ الْخَطَأَ فِي الصِّفَةِ فَبَانَ أَنَّهُ اقْتَدَى بِغَيْرِ الْحَاضِرِ ( فَرْعٌ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُؤَدٍّ بِقَاضٍ وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ ) وَبِالْعَكْسِ إذْ لَا يَتَغَيَّرُ نَظْمُ الصَّلَاةِ بِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِخَبَرِ جَابِرٍ وَقَالَ إنَّهُ ثَابِتٌ كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ ، هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ ، وَلَهُمْ مَكْتُوبَةٌ ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِ هِيَ إلَخْ وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِالْجَوَازِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالصِّحَّةِ لِاسْتِلْزَامِهِ لَهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَمَعَ جَوَازِ ذَلِكَ يُسَنُّ تَرْكُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ ( فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ ( نِيَّةُ الْإِمَامَةِ ) ، أَوْ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْإِمَامِ ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ النِّسَاءُ فَعَنْ أَنَسٍ { أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَوَقَفْت خَلْفَهُ ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ حَتَّى صِرْنَا رَهْطًا كَثِيرًا فَلَمَّا أَحَسَّ بِنَا أَوْجَزَ فِي صَلَاتِهِ ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا فَعَلْت هَذَا لَكُمْ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ؛ وَلِأَنَّ أَفْعَالَهُ غَيْرُ مَرْبُوطَةٍ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ فَإِذَا لَمْ يَرْبِطْهَا بِصَلَاةِ إمَامِهِ كَانَ مُوقِفًا صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ مَنْ لَيْسَ إمَامًا لَهُ ، وَهَذَا ( فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ ) لِاسْتِقْلَالِهِ ( لَكِنْ لَوْ تَرَكَهَا ) أَيْ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ ( لَمْ يَحُزْ الْفَضِيلَةَ ) أَيْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ إذْ لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ عَمَلِهِ إلَّا مَا نَوَى كَمَا مَرَّ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ وَتَصِحُّ نِيَّتُهُ لَهَا مَعَ تَحَرُّمِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إمَامًا وَبِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ صَرَّحَ الْجُوَيْنِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْوَجْهُ وَقَوْلُ الْعِمْرَانِيِّ هُنَا إنَّهَا لَا تَصِحُّ حِينَئِذٍ غَرِيبٌ وَإِذَا نَوَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ حَازَ الْفَضِيلَةَ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ وَلَا تَنْعَطِفُ نِيَّتُهُ عَلَى مَا قَبْلَهَا ( وَ ) أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فَلَوْ تَرَكَهَا ( بَطَلَتْ جُمُعَتُهُ ) لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ فِيهَا سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَمْ زَائِدًا عَلَيْهِمْ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ ( فَإِنْ نَوَى ) فِي غَيْرِهَا (

وَعَيَّنَ الْمُؤْتَمَّ بِهِ فَأَخْطَأَ لَمْ يَضُرَّ ) ؛ لِأَنَّ غَلَطَهُ فِي النِّيَّةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا ، وَإِنْ نَوَى فِيهَا كَذَلِكَ فَأَخْطَأَ ضَرَّ ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَمَا مَرَّ .

( قَوْلُهُ : بِالْإِمَامِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ : أَوْ وَهُوَ شَاكٌّ فِي النِّيَّةِ إلَخْ ) مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ إنَّهُ فِي حَالِ شَكِّهِ كَالْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ فِيهَا كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ وَبِالْيَسِيرِ مَعَ الْمُتَابَعَةِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِدِ ، وَالنَّاسِي ، وَالْجَاهِلِ بِاشْتِرَاطِهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ .
وَالْأَشْبَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي التَّوَسُّطِ ( قَوْلُهُ : بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) هَلْ الْبُطْلَانُ عَامٌّ فِي الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ أَوْ الْجَاهِلِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِالْعَالِمِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْذَرُ الْجَاهِلُ غ وَقَوْلُهُ هَلْ الْبُطْلَانُ عَامٌّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَجِبُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي الْجُمُعَةِ ) فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُ ، وَكَذَا جُمُعَتُهُمْ إنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ ( قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ بِالِالْتِبَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) يُفْهَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ عِنْدَ عَدَمِ الِالْتِبَاسِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ، أَوْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا بِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَمَّا ذَكَرَ الْإِمَامُ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ اسْتَبْعَدَ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ بِمَنْ فِي الْمِحْرَابِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مَنْ سَيَرْكَعُ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُ بِسُجُودِهِ وَقَوْلُ الْإِمَامِ هُوَ الْحَقُّ فَإِنَّ التَّعْيِينَ وَعَدَمَهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَدُّدِ .
فَأَمَّا إمَامٌ حَاضِرٌ فِي الْمِحْرَابِ يَرْكَعُ الْمَأْمُومُ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُ بِسُجُودِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ وَلَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ هَذَا الَّذِي فِي الْمِحْرَابِ

هَذَا كَالْمُسْتَحِيلِ ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي فِيهَا تَصْوِيرٌ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْهُمْ أَتَى بِهِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ سُنَّةَ الْمَوْقِفِ وَوَقَفَ وَسَطَ الصَّفِّ ، أَوْ اصْطَفَّ إمَامٌ وَمَأْمُومٌ ، أَوْ كَانُوا عُرَاةً ، أَوْ نِسَاءً فَتَوَسَّطَ الْإِمَامُ وَصَلَّى بِهِمْ وَأَشْكَلَ عَلَى الْمَأْمُومِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْحَاضِرِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَعْيِينُهُ ، فَإِنْ عَيَّنَ شَخْصًا مِنْهُمْ وَصَلَّى خَلْفَهُ نَظَرْت ، فَإِنْ شَكَّ هَلْ هُوَ إمَامٌ ، أَوْ مَأْمُومٌ لَمْ تَصِحَّ ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ الْإِمَامَ نَظَرْت ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ صَحَّتْ ، وَإِنْ بَانَ الْإِمَامُ غَيْرَهُ بَطَلَتْ ، ثُمَّ أَطَالَ فِي ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ ( قَوْلُهُ : وَمُفْتَرِضٌ بِمُتَنَفِّلٍ ) وَفِي صِحَّةِ الْفَرْضِ خَلْفَ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ ( قَوْلُهُ : يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ ، أَوْ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْإِمَامِ ) فَنِيَّةُ الْجَمَاعَةِ صَالِحَةٌ لِلْإِمَامِ أَيْضًا وَتَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ لِلِاقْتِدَاءِ ، أَوْ الْإِمَامَةِ قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ الثَّانِي وَفِي الثَّانِيَةِ فِي الْقِيَامِ قَوْلُهُ : لَكِنْ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَحُزْ الْفَضِيلَةَ ) ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ( قَوْلُهُ : فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ ) وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ أَحْمَدَ يُوجِبُهَا وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَنَا ( قَوْلُهُ صَرَّحَ لَهُ الْجُوَيْنِيُّ ) وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ نَوَى فِيهَا كَذَلِكَ ) ، فَإِنْ أَخْطَأَ ضَرَّ مَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ .

الشَّرْطُ ( الْخَامِسُ تَوَافُقُ ) نَظْمِ ( الصَّلَاتَيْنِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ ) كَالرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَتَا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ ( فَلَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ مَثَلًا بِمَنْ يُصَلِّيَ الْجِنَازَةَ ، أَوْ الْكُسُوفَ لَمْ تَصِحَّ ) الْقُدْوَةُ لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ بِاخْتِلَافِ فِعْلِهِمَا ( إلَّا فِي ثَانِي قِيَامِ ثَانِيَةِ الْكُسُوفِ ) فَتَصِحُّ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ بَعْدَهَا ، وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ إيَّاهُ عَنْهُ وَلَا إشْكَالَ فِي الصِّحَّةِ إذَا اقْتَدَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ .
قَالَ وَمَنْعُ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ يُصَلِّيَ جِنَازَةً ، أَوْ كُسُوفًا مُشْكِلٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي الْقِيَامِ لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ ، ثُمَّ إذَا انْتَهَى إلَى الْأَفْعَالِ الْمُخَالِفَةِ ، فَإِنْ فَارَقَهُ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْهُ إذَا رَكَعَ بَلْ أَوْلَى فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُبْطِلَ ثَمَّ يَعْرِضُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ ، وَهُنَا مَوْجُودٌ عِنْدَهُ ، وَهُوَ اخْتِلَافُ فِعْلِ الصَّلَاتَيْنِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْمُتَابَعَةُ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ ، وَالشُّكْرِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ ، وَالْكُسُوفِ ( وَتَصِحُّ الظُّهْرُ ) مَثَلًا ( خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ ، أَوْ الْمَغْرِبَ وَيَتَخَيَّرُ ) الْمُصَلِّي خَلْفَهُ ( فِي مُفَارَقَتِهِ ) لَهُ ( عِنْدَ الْقُنُوتِ ) فِي الصُّبْحِ ( وَالتَّشَهُّدِ ) فِي الْمَغْرِبِ فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ عِنْدَ اشْتِغَالِهِ بِهِمَا وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَمَرَّ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ .
وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهُ الِاعْتِدَالَ بِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَسْبُوقِ ( وَكَذَا ) تَصِحُّ ( الصُّبْحُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ ) ، أَوْ نَحْوَهَا كَعَكْسِهِ بِجَامِعِ أَنَّهُمَا صَلَاتَانِ مُتَّفِقَانِ

فِي النَّظْمِ ( ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ ) عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ ( لِيُسَلِّمَ مَعَهُ ) فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُفَارِقَهُ وَيُسَلِّمَ لِغَرَضِ أَدَاءِ السَّلَامِ فِي الْجَمَاعَةِ وَلِوُرُودِهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقُنُوتُ فِي الثَّانِيَةِ قَنَتَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ فِرَاقُهُ لِيَقْنُتَ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِمَّا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ التَّارِكِ لِلْقُنُوتِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا ( فَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ ) ، أَوْ نَحْوَهَا ( لَزِمَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ فِي ) الرَّكْعَةِ ( الرَّابِعَةِ ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِهِ لَهَا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ فَلَيْسَ لَهُ انْتِظَارُهُ بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ كَمَا مَرَّ ( لِأَنَّهُ يُحْدِثُ ) هُنَا ( جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ ) بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ فِيهِ ، ثُمَّ اسْتَدَامَهُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالتَّشَهُّدِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِالْجُلُوسِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ أَنَّ الْمُضِرَّ إنَّمَا هُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْأَفْعَالِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي هَذِهِ ، أَوْ لِلتَّشَهُّدِ فِي تِلْكَ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ لَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ عَكْسُهُ ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ مَعًا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ ، وَالتَّشَهُّدَ فِي تِلْكَ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ لُزُومِهَا تَنْزِيلًا لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ وَتَشَهُّدِهِ مَنْزِلَتَهُمَا وَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِهِمَا جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ ( وَتَصِحُّ الْعِشَاءُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ ) كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِالصُّبْحِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى بَاقِي صَلَاتِهِ ( وَالْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّ ) هَا ( مُنْفَرِدًا ، فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا ) فِي رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ ( جَازَ ) كَمُنْفَرِدٍ اقْتَدَى فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بِغَيْرِهِ ( وَتَصِحُّ الصُّبْحُ

خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ ، أَوْ الِاسْتِسْقَاءَ وَعَكْسُهُ ) لِتَوَافُقِهِمَا فِي نَظْمِ أَفْعَالِهِمَا ( وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُوَافِقَهُ فِي التَّكْبِيرِ ) الزَّائِدِ إنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ الْعِيدِ ، أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ ( أَوْ ) فِي ( تَرْكِهِ ) إنْ عَكَسَ اعْتِبَارًا بِصَلَاتِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَافَقَتُهُ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ لَا يَضُرُّ فِعْلُهَا ، وَإِنْ لَمْ تُنْدَبْ وَلَا تَرْكُهَا ، وَإِنْ نُدِبَتْ .

( قَوْلُهُ : الْخَامِسُ تَوَافُقُ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ ) وَجَدَ مُصَلِّيًا جَالِسًا وَشَكَّ أَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَوْ لَا ، وَكَذَا لَوْ رَآهُ فِي وَقْتِ الْكُسُوفِ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ كُسُوفٌ ، أَوْ غَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَعْلَمُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ هَلْ وَاجِبُهُ الْجُلُوسُ ، أَوْ الْقِيَامُ " " ، فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ كَأَنْ رَآهُ يُصَلِّي مُفْتَرِشًا ، أَوْ مُتَوَرِّكًا فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مَعَهُ وَيَجْلِسُ هَذَا إنْ كَانَ فِيهِ فَقِيهًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَا يَعْرِفُ هَيْئَاتِ الْجَلَسَاتِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا ) ، ثُمَّ الرِّيمِيُّ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ( قَوْلُهُ : وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُبْطِلَ ثَمَّ يَعْرِضُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ إلَخْ ) فَأَشْبَهَ التَّلَاعُبَ قَالَ فِي الْعُبَابِ ، فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ جَاهِلًا وَفَارَقَهُ فَوْرًا لَمْ يَضُرَّ ( قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ ) إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ ( قَوْلُهُ : وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ مَعًا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامَهُ إلَخْ ) يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ فِي هَذِهِ ، وَإِنْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ ، وَكَذَا تَلْزَمُهُ فِي تِلْكَ إنْ لَمْ يَجْلِسْ لِلتَّشَهُّدِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ؛ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ يُحْدِثُهُ لِلتَّشَهُّدِ وَقَوْلُ أَصْلِهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ تَشَهُّدًا أَيْ جُلُوسَهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ بِخِلَافِ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ وَافَقَ الْإِمَامَ فِي تَشَهُّدِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ انْتَهَى .
وَمُصَلِّي الظُّهْرِ لَا يَفْعَلُهُ أَصْلًا ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ

ثَالِثَتِهِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ إنْ فَعَلَهُ ، فَالْحُكْمُ ، فَالتَّعْلِيلُ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَصْلِهِ وَاحِدٌ ( قَوْلُهُ : وَتَصِحُّ الْعِشَاءُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ إلَخْ ) تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِصَلَاتِهِ الْعِشَاءَ ، أَوْ نَحْوَهَا خَلْفَ التَّرَاوِيحِ وَعَكْسُهُ وَبِصَلَاةِ الصُّبْحِ ، أَوْ نَحْوِهَا خَلْفَ " " قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ جَوَّزَ كَوْنَهُ مَأْمُومًا ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ إمَامٌ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّجْوِيزَ ثَمَّ اقْتَضَى قِيَامَ الْمَانِعِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ ، وَهُنَا لَا مَانِعَ حِينَئِذٍ .
ا هـ .
إيعَابُ الْعِيدِ أَوْ الِاسْتِسْقَاءَ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي كَوْنِ الْجَمَاعَةِ مَطْلُوبَةً فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْعِيدِ مُؤَدَّاةً .

الشَّرْطُ ( السَّادِسُ الْمُوَافَقَةُ ) لِلْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ ( فَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ فَرْضًا لَمْ يُتَابِعْهُ ) فِي تَرْكِهِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِلَّا فَفِعْلُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ ( أَوْ ) تَرَكَ ( سُنَّةً أَتَى ) هُوَ ( بِهَا إنْ لَمْ يَفْحُشْ ) تَخَلُّفُهُ لَهَا ( كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَقُنُوتٍ يُدْرِكُ مَعَهُ ) أَيْ مَعَ الْإِتْيَانِ بِهِ ( السَّجْدَةَ الْأُولَى ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَخَلُّفٌ يَسِيرٌ أَمَّا إذَا فَحُشَ التَّخَلُّفُ لَهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ ، وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَلَا يَأْتِي بِهَا لِخَبَرِ { إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ } فَلَوْ اشْتَغَلَ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعُدُولِهِ عَنْ فَرْضِ الْمُتَابَعَةِ إلَى سُنَّةٍ وَيُخَالِفُ سُجُودَ السَّهْوِ ، وَالتَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَاسْتَشْكَلَ مَا قَالَهُ بِشَيْءٍ مَرَّ مَعَ جَوَابِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ فَرْضًا لَمْ يُتَابِعْهُ ) بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُفَارِقَهُ وَيُتِمَّ لِنَفْسِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَهُ إلَى أَنْ تَنْتَظِمَ صَلَاتُهُ فَيَتْبَعَهُ فِي الْمُنْتَظِمِ ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفْضِيَ انْتِظَارُهُ إلَى تَطْوِيلِ رُكْنٍ قَصِيرٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْيَمَانِيِّينَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ جِدًّا أَنْ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ اعْتَدَلَ مَعَ الْإِمَامِ فَشَرَعَ الْإِمَامُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُهُ فِي الِاعْتِدَالِ ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ قَصِيرٌ وَيَنْتَظِرُهُ فِي السُّجُودِ ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ ( قَوْلُهُ : أَتَى بِهَا ) إنْ لَمْ يَفْحُشْ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا لَا بَأْسَ بِزِيَادَتِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا .

الشَّرْطُ ( السَّابِعُ الْمُتَابَعَةُ ) فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَا فِي أَقْوَالِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي ( فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِالْفِعْلِ وَلَا يُقَارِنَهُ ) فِيهِ ( وَلَا يَتَأَخَّرَ ) عَنْهُ ( إلَى فَرَاغِهِ ) مِنْهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا تُبَادِرُوا الْإِمَامَ ، إذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا } وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا } ( فَإِنْ فَعَلَ ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ فَأَقَلَّ أَوْ قَارَنَهُ ، أَوْ تَأَخَّرَ إلَى فَرَاغِهِ ( لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ ( وَكُرِهَ ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فِي سَبْقِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ } وَكَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فِي الْآخَرَيْنِ لِمُخَالَفَةِ الْأَخْبَارِ الْآمِرَةِ بِالْمُتَابَعَةِ ، وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مَعَ مَا يَأْتِي عَقِبَهَا فِي غَيْرِ الْمُقَارَنَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَفِي نُسْخَةٍ : وَإِنْ قَارَنَهُ كُرِهَ فَعَلَيْهَا لَا زِيَادَةَ ( وَفَاتَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ ) لِارْتِكَابِهِ الْمَكْرُوهَ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ وَضَابِطُهُ أَنَّهُ حَيْثُ فَعَلَ مَكْرُوهًا مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَأْمُورٍ بِهِ فِي الْمُوَافَقَةِ ، وَالْمُتَابَعَةِ كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ فَاتَهُ فَضْلُهَا إذْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَمَاعَةٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْمُقَارَنَةِ الْمُفَوِّتَةِ لِذَلِكَ الْمُقَارَنَةُ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ ، أَوْ يُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْبَعْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ لَا تُفَوِّتُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّقَدُّمُ بِرُكْنٍ وَفِي تَعْلِيلِهِ نَظَرٌ ( إلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ( فَإِنَّهُ إنْ قَارَنَهُ فِيهَا ، أَوْ ) فِي ( بَعْضِهَا ، أَوْ شَكَّ )

فِي أَثْنَائِهَا ، أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ ( هَلْ قَارَنَهُ ) فِيهَا أَمْ لَا ، أَوْ ظَنَّ التَّأَخُّرَ فَبَانَ خِلَافُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَمْ تَنْعَقِدْ ) صَلَاتُهُ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ ؛ وَلِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ مُصَلٍّ فَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَتِهِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ ، وَفَارَقَ ذَلِكَ الْمُقَارَنَةُ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بِانْتِظَامِ الْقُدْوَةِ فِيهَا لِكَوْنِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ .
وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ انْعِقَادِهَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ كَبَّرَ وَإِلَّا فَتَنْعَقِدُ فُرَادَى وَجْهٌ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ حُكْمِ الظَّنِّ ؛ إذْ مِثْلُهُ حُكْمُ الِاعْتِقَادِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي فَرْعِ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ ( وَيُسْتَحَبُّ قَبْلَ التَّكْبِيرِ ) لِلْإِحْرَامِ ( أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ ) كَأَنْ يَقُولَ اسْتَوُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ ، أَوْ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { اعْتَدِلُوا فِي صُفُوفِكُمْ وَتَرَاصُّوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي } قَالَ أَنَسٌ رَاوِيهِ { فَلَقَدْ رَأَيْت أَحَدَنَا يُلْصِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ } وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { كَانَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ } ( وَ ) أَنْ ( يَلْتَفِتَ ) لِذَلِكَ ( يَمِينًا وَشِمَالًا ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ ( وَأَنْ يَقُومُوا بَعْدَ فَرَاغِ ) الْمُقِيمِ مِنْ ( الْإِقَامَةِ ) فَيَشْتَغِلُوا بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ } قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ .
وَيُسَنُّ إذَا كَبُرَ الْمَسْجِدُ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ رَجُلًا يَأْمُرُهُمْ بِتَسْوِيَتِهَا وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُنَادِي فِيهِمْ وَيُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ مَنْ يَرَى مِنْهُ خَلَلًا فِي تَسْوِيَةِ الصَّفِّ فَإِنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ ، وَالتَّقْوَى ، وَالْمُرَادُ بِتَسْوِيَتِهَا إتْمَامُ الْأَوَّلِ ، فَالْأَوَّلِ وَسَدُّ

الْفُرَجِ وَتَحَاذِي الْقَائِمِينَ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ صَدْرُ وَاحِدٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مَنْ هُوَ بِجَنْبِهِ وَلَا يُشْرَعُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ وَلَا يَقِفُ فِي صَفٍّ حَتَّى يَتِمَّ مَا قَبْلَهُ قَالَ وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِحْبَابَ الْقِيَامِ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْإِقَامَةِ بِالشَّابِّ أَمَّا الشَّيْخُ الْبَطِيءُ فَعِنْدَ لَفْظِ الْإِقَامَةِ ، وَلَيْسَ دَوَامُ قِيَامِهِ قِيَامًا قَبْلَ فَرَاغِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْهُ ( وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ الْمُتَابَعَةِ بِلَا عُذْرٍ كَالِاشْتِغَالِ بِالسُّورَةِ ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ( أَوْ التَّسْبِيحَاتِ ) فِي الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ ( بِرُكْنَيْنِ ) فِعْلِيَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا طَوِيلَيْنِ ( لَا بِرُكْنٍ بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ بِلَا عُذْرٍ بِخِلَافِ التَّخَلُّفِ بِرُكْنٍ وَلَوْ طَوِيلًا ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي نَفْسِهِ لَا يُؤَثِّرُ فَفِي خَبَرِ مُعَاوِيَةَ { لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ فَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْت تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْت } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ ( وَالتَّخَلُّفُ بِرُكْنَيْنِ أَنْ يُتِمَّهُمَا الْإِمَامُ ، وَالْمَأْمُومُ فِيمَا قَبْلَهُمَا كَمَا لَوْ رَكَعَ وَاعْتَدَلَ ، ثُمَّ هَوَى لِلسُّجُودِ ، وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ ) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ مُلَابَسَةُ الْإِمَامِ رُكْنًا ثَالِثًا .
وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ ( فَإِنْ كَانَ ) تَخَلُّفُهُ ( لِعُذْرٍ كَإِبْطَاءِ قِرَاءَةٍ ) لِعَجْزٍ لَا لِوَسْوَسَةٍ ( وَاشْتِغَالٍ بِاسْتِفْتَاحٍ لَزِمَهُ إتْمَامُ الْفَاتِحَةِ ) إنْ كَانَ مُوَافِقًا ( أَوْ ) شَيْءٍ مِنْهَا ( قَدْرَ مَا اشْتَغَلَ بِهِ مِنْ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ ) إنْ كَانَ مَسْبُوقًا ، وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْمُوَافِقِ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَيَسْعَى خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ ) أَيْ صَلَاةِ نَفْسِهِ ( مَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ ) فِي نَفْسِهَا أَيْ ( طَوِيلَةٍ ) أَخْذًا مِنْ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ

فَلَا يُعَدُّ مِنْهَا الْقَصِيرُ ، وَهُوَ الِاعْتِدَالُ ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَيَسْعَى خَلْفَهُ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ مَا لَزِمَهُ قِرَاءَتُهُ قَبْلَ انْتِصَابِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ( فَإِنْ سَبَقَهُ بِهَا ) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ بِهِ أَيْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ قِرَاءَتِهِ إلَّا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ عَنْ السُّجُودِ ، أَوْ جَالِسٌ لِلتَّشَهُّدِ ( وَافَقَهُ فِي ) الرُّكْنِ ( الرَّابِعِ وَقَضَى ) أَيْ أَدَّى ( مَا فَاتَهُ بِتَخَلُّفِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ كَالْمَسْبُوقِ .
وَهَذِهِ ( كَمَسْأَلَةِ الزِّحَامِ ) الْآتِي بَيَانُهَا فِي الْجُمُعَة ( هَذَا ) كُلُّهُ ( فِي ) الْمَأْمُومِ ( الْمُوَافِقِ ) ، وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ ، وَهُوَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَوْ رَكَعَ ) الْإِمَامُ ( وَالْمَسْبُوقُ ) الَّذِي لَمْ يَشْتَغِلْ بِافْتِتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ ( فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ تَابَعَهُ ) فِي الرُّكُوعِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بَقِيَّتُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ ( وَأَجْزَأَهُ ) كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ وَيَرْكَعُ مَعَهُ وَيُجْزِئُهُ ( فَإِنْ تَخَلَّفَ ) الْمَسْبُوقُ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ ( لِإِتْمَامِهَا وَفَاتَهُ الرُّكُوعُ ) مَعَهُ وَأَدْرَكَهُ فِي الِاعْتِدَالِ ( بَطَلَتْ رَكْعَتُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ فِي مُعْظَمِهَا وَفِي نُسْخَةٍ لِاشْتِغَالِهِ بِالسُّورَةِ ، أَوْ التَّسْبِيحَاتِ فَفَاتَهُ الرُّكُوعُ لَغَتْ رَكْعَتُهُ ( وَتَخَلَّفَ بِلَا عُذْرٍ ) فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ ، أَمَّا مَسْبُوقٌ اشْتَغَلَ بِافْتِتَاحٍ ، أَوْ تَعَوُّذٍ فَيَلْزَمُهُ قِرَاءَةٌ بِقَدْرِهِمَا مِنْ الْفَاتِحَةِ كَمَا مَرَّ لِتَقْصِيرِهِ بِعُدُولِهِ عَنْ فَرْضٍ إلَى نَفْلٍ قَالَ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ .
وَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ مَعْذُورٌ لِإِلْزَامِهِ بِالْقِرَاءَةِ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي غَيْرُ مَعْذُورٍ

لِتَقْصِيرِهِ بِمَا مَرَّ ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَلَا يَرْكَعُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ بَلْ يُتَابِعُهُ فِي هُوِيِّهِ لِلسُّجُودِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ الْفَارِقِيُّ وَصُورَتُهَا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ قَبْلَ سُجُودِهِ وَإِلَّا فَيُتَابِعُهُ قَطْعًا وَلَا يَقْرَأُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الرُّويَانِيُّ فِي حِلْيَتِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ ، لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ فِي رُكُوعِهِ وَإِلَّا فَيُفَارِقُهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَعْذُورًا أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا بَلْ إنَّهُ لَا كَرَاهَةَ وَلَا بُطْلَانَ بِتَخَلُّفِهِ قَطْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِتَقْصِيرِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِي الرُّكُوعِ فَأَتَى بِالِافْتِتَاحِ ، وَالتَّعَوُّذِ فَرَكَعَ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَأَعْرَضَ عَنْ السُّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا يَرْكَعُ مَعَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ مِنْ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ انْتَهَى .
وَهَذَا الْمُقْتَضَى هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَقْصِيرَهُ بِمَا ذُكِرَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ ( وَلَوْ نَسِيَ ) الْمَأْمُومُ ( الْفَاتِحَةَ أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَتِهَا ، فَإِنْ ذَكَرَ ) النِّسْيَانَ ، الْأَوْلَى وَلَوْ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَتِهَا ، فَإِنْ كَانَ ( قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ ) مَعَ الْإِمَامِ ( تَخَلَّفَ لِقِرَاءَتِهَا ) لِبَقَاءِ مَحَلِّهَا ( وَلَهُ حُكْمُ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ ) مَعَ سَرِيعِهَا فِي أَنَّهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ ، وَالْقِيَاسُ فِي الْمُنْتَظِرِ سَكْتَةَ الْإِمَامِ لِيَقْرَأَ فِيهَا الْفَاتِحَةَ فَرَكَعَ إمَامُهُ عَقِبَهَا أَنَّهُ كَالنَّاسِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي قَوْلِهِ بِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ (

وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ التَّذَكُّرُ أَوْ الشَّكُّ بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَهُ ( تَابَعَهُ ) وَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا ( وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ السَّلَامِ ) مِنْ الْإِمَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ تَذَكَّرَ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَرَأَهَا حُسِبَتْ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا ، أَوْ إمَامًا فَشَكَّ فِي رُكُوعِهِ فِي الْقِرَاءَةِ فَمَضَى ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ أَيْ مَثَلًا أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَرَأَهَا فِي الْأُولَى فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ إذْ لَا اعْتِدَادَ بِفِعْلِهِ مَعَ الشَّكِّ انْتَهَى .
وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْفَاتِحَةِ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْقَاضِي ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ مُتَابَعَتِهِ انْتَهَى ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِقِرَاءَتِهَا إلَى أَنْ يَخَافَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ فَيُخْرِجَ نَفْسَهُ ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ قِيَامِ إمَامِهِ فِي أَنَّهُ سَجَدَ مَعَهُ أَمْ لَا سَجَدَ ، ثُمَّ تَابَعَهُ فَلَوْ قَامَ مَعَهُ ، ثُمَّ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ لِلسُّجُودِ كَمَا أَفْتَى بِهِمَا الْقَاضِي وَلَوْ سَجَدَ مَعَهُ ، ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّهُ رَكَعَ مَعَهُ أَمْ لَا لَمْ يَعُدْ لِلرُّكُوعِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَخْرِيجًا عَلَى الثَّانِيَةِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِ إمَامِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فِي أَنَّهُ رَكَعَ مَعَهُ أَمْ لَا عَادَ لِلرُّكُوعِ قُلْته تَخْرِيجًا عَلَى الْأُولَى وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ فَوْتَ مَحَلِّ الْمَتْرُوكِ لِتَلَبُّسِهِ مَعَ الْإِمَامِ بِرُكْنٍ لَمْ يَعُدْ لَهُ وَإِلَّا عَادَ ( وَمِنْ الْأَعْذَارِ التَّخَلُّفُ لِزِحَامٍ وَخَوْفٍ وَسَيَأْتِي ) كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّهِ وَأَوَّلُهُمَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ كَمَسْأَلَةِ الزِّحَامِ .

( قَوْلُهُ : بِأَنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ فَأَقَلَّ ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَأَقَلَّ أَنَّهُ لَوْ سَبَقَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَاسْتَمَرَّ فِيهِ إلَى أَنْ لَحِقَهُ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا لَوْ اسْتَمَرَّ فِيهِ ، ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ وَشَمِلَ مَا إذَا سَبَقَهُ بِرُكْنٍ تَامٍّ بِأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ ، ثُمَّ لَحِقَهُ أَوْ بِدُونِهِ بِأَنْ رَكَعَ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى لَحِقَهُ فِيهِ وَيَحْرُمُ فِعْلُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ لَا تَبْطُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ : كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ ) وَمُسَاوَاتِهِ لِإِمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ ( قَوْلُهُ : إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا ) كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حُصُولُ الثَّوَابِ كَمَا لَوْ صَلَّى جَمَاعَةً فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ صَحِيحٌ وَهُوَ فِي جَمَاعَةٍ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ صَلَاةُ الْغُزَاةِ جَمَاعَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ثَوَابَ فِيهَا ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ ، فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ صِحَّتِهَا مَعَ انْتِفَاءِ الثَّوَابِ فِيهَا أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا إمَّا عَلَى الْعَيْنِ ، أَوْ الْكِفَايَةِ ، أَوْ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِقِيَامِ الشِّعَارِ ظَاهِرًا .
( قَوْلُهُ : أَوْ يُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْبَعْضِ ) فَتَفُوتُ فَضِيلَتُهَا فِيمَا قَارَنَهُ فِيهِ ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الظَّاهِرُ سُقُوطُ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ فِي الْجَمِيعِ لِحُصُولِ الْمُخَالَفَةِ قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِفَوَاتِ الْفَضِيلَةِ فِيمَا قَارَنَهُ ( قَوْلُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِنْ خِلَافُهُ صَحَّ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الشَّكِّ ، وَالظَّنِّ ( قَوْلُهُ : لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْعَامِدِ الْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ

قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ دَوَامُ قِيَامِهِ قِيَامًا إلَخْ ) هَذَا وَجْهٌ مَرْجُوحٌ ( قَوْلُهُ : بِرُكْنَيْنِ لَا بِرُكْنٍ بَطَلَتْ ) كَأَنْ اشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ إلَى السَّجْدَةِ الْأُولَى ، أَوْ بِالْقُنُوتِ حَتَّى هَوَى إلَى الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُوَسْوِسًا يُرَدِّدُ الْكَلِمَاتِ فَرَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ هُوَ الْفَاتِحَةَ وَجَبَ الْإِتْمَامُ وَتَخَلُّفُهُ كَالتَّخَلُّفِ بِلَا عُذْرٍ ( قَوْلُهُ : كَإِبْطَاءِ قِرَاءَةٍ ) لِعَجْزٍ ، أَوْ نَحْوِهِ ( قَوْلُهُ : لَا لِوَسْوَسَةٍ ) فَلَوْ رَدَّدَ الْمُوَسْوِسُ الْقِرَاءَةَ فَرَكَعَ الْإِمَامُ وَجَبَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ تَخَلُّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ .
ا هـ .
وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي الْقَوْلِ التَّمَامِ : قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ : وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ لِشُغْلِهِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَمَعْذُورٌ وَلَكِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ إدْرَاكُ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَإِلَّا فَهُوَ مُقَصِّرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ ( قَوْلُهُ : إنْ كَانَ مُوَافِقًا ) ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْفَاتِحَةِ إنَّمَا اغْتَفَرْنَاهُ لِلْمَأْمُومِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاتِهِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْحُضُورِ غَالِبًا وَالْإِحْرَامِ ، بِخِلَافِ الْإِسْرَاعِ فِي الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ النَّاسَ غَالِبًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ) بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ زَمَنًا يَسَعُ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ، وَالْعِبْرَةُ بِحَالِ الشَّخْصِ فِي السُّرْعَةِ ، وَالْبُطْءِ قَالَهُ فِي الْخَادِمِ ، لَكِنْ مُقْتَضَى مَا صَحَّحُوهُ فِي الْمُوَافِقِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ ، وَالْإِمَامُ سَرِيعَهَا فَرَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ لِإِتْمَامِهَا وَيَكُونُ مَعْذُورًا تَرْجِيحَ أَنَّ الْمُرَادَ

بِزَمَانِ إمْكَانِ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ مِنْ سَرِيعِ الْقِرَاءَةِ .
ا هـ .
هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَهُ ( قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَظُنَّ إلَخْ ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ : فِي أَنَّهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ ) فَلَوْ أَتَمَّ رَكْعَتَهُ فَوَجَدَ إمَامَهُ رَاكِعًا رَكَعَ مَعَهُ وَهُوَ كَالْمَسْبُوقِ ( قَوْلُهُ : وَالْقِيَاسُ فِي الْمُنْتَظِرِ سَكْتَةَ الْإِمَامِ إلَخْ ) وَبِهِ أَفْتَيْت وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هُمَا احْتِمَالَانِ لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ الَّذِي يَتَّجِهُ الْجَزْمُ بِهِ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ع ( فَرْعٌ ) لَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى ، فَإِنْ قَامَ مَعَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ ، وَإِنْ انْتَظَرَهُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَقَدْ طَوَّلَ الرُّكْنَ الْقَصِيرَ وَإِنْ سَجَدَ وَقَامَ مَعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذْ لَا تَجُوزُ مُتَابَعَتُهُ فِي زِيَادَةِ السَّهْوِ ، وَإِنْ سَجَدَ وَانْتَظَرَهُ قَاعِدًا فَقَدْ قَعَدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقُعُودِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ ، وَإِنْ سَجَدَ وَقَامَ وَانْتَظَرَهُ فِي الْقِيَامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ بِرُكْنَيْنِ ، وَذَلِكَ أَيْضًا مُبْطِلٌ فَيَتَعَيَّنُ مُفَارَقَتُهُ ، أَوْ سُجُودُهُ وَانْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَمْ تَجُزْ لَهُمْ الْمُفَارَقَةُ بِعُذْرٍ وَلَا غَيْرِهِ فَيَسْجُدُونَ وَيَنْتَظِرُونَهُ فِي السُّجُودِ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا إلَخْ ) فَيَحْرُمُ عَوْدُهُ إلَيْهَا ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ .

( وَإِنْ ) سَبَقَ إمَامَهُ بِدُونِ رُكْنٍ كَأَنْ ( رَكَعَ ، وَالْإِمَامُ قَائِمٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ ) سَبْقَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرُ كَعَكْسِهِ ( وَلَهُ انْتِظَارُهُ ) فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ ( وَالرُّجُوعُ إلَيْهِ أَفْضَلُ ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ لِيَرْكَعَ مَعَهُ ( إنْ تَعَمَّدَ السَّبْقَ ) جَبْرًا لِمَا أَخَلَّ بِهِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ سَهَا بِهِ ( تَخَيَّرَ ) بَيْنَ الِانْتِظَارِ ، وَالْعَوْدِ ( فَلَوْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ بِأَنَّ ) الْأُولَى كَأَنْ ( رَكَعَ وَرَفَعَ ، وَالْإِمَامُ قَائِمٌ وَوَقَفَ يَنْتَظِرُهُ ) حَتَّى رَفَعَ وَاجْتَمَعَا فِي الِاعْتِدَالِ ( لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ) ، وَإِنْ حَرُمَ كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ كَعَكْسِهِ ( أَوْ ) سَبَقَهُ ( بِرُكْنَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا ) بِالتَّحْرِيمِ ( بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ نَاسِيًا ، أَوْ جَاهِلًا ( فَالرَّكْعَةُ ) وَحْدَهَا تَبْطُلُ فَيَأْتِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَخْفَى بَيَانُ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ مِنْ قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّخَلُّفِ ( وَ ) ، لَكِنْ ( مَثَّلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ سَجَدَ ) فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي الِاعْتِدَالِ ( وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ ) فِي التَّخَلُّفِ ( فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَوِيَا ) بِأَنْ يُقَدِّرَ مِثْلَ ذَاكَ هُنَا ، أَوْ بِالْعَكْسِ ( وَأَنْ يَخْتَصَّ هَذَا بِالتَّقَدُّمِ لِفُحْشِهِ ) ، وَهُوَ الْأَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ ( وَلَوْ سَبَقَهُ بِالْقِرَاءَةِ ، وَالتَّشَهُّدِ لَمْ يَضُرَّ ) وَلَوْ فِي الْجَهْرِيَّةِ إذْ لَا تَظْهَرُ بِهِ مُخَالَفَةٌ بِخِلَافِ سَبْقِهِ بِالسَّلَامِ لِارْتِكَابِهِ حَرَامَيْنِ : التَّقَدُّمَ بِرُكْنٍ وَقَطْعَ الْقُدْوَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ ( فَرْعٌ ، وَإِنْ أَدْرَكَ ) الْمَسْبُوقُ ( الْإِمَامَ رَاكِعًا ) وَفِي آخِرِ مَحَلِّ قِرَاءَتِهِ ( كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ) تَكْبِيرَةً ( ثُمَّ ) كَبَّرَ ( لِلْهُوِيِّ ) لِلرُّكُوعِ أُخْرَى كَالْمُوَافِقِ ( فَإِنْ اقْتَصَرَ ) فِيهِمَا ( عَلَى تَكْبِيرَةٍ فَإِنْ

نَوَى بِهَا الْإِحْرَامَ فَقَطْ وَأَتَمَّهَا قَبْلَ هُوِيِّهِ انْعَقَدَتْ ) صَلَاتُهُ وَلَا يَضُرُّ تَرْكُ تَكْبِيرَةِ الْهُوِيِّ ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَقَوْلُهُ وَأَتَمَّهَا قَبْلَ هُوِيِّهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَأَتَى بِهَا مِنْ قِيَامٍ ( أَوْ ) نَوَى بِهَا ( الرُّكُوعَ ) فَقَطْ ( فَلَا ) تَنْعَقِدُ لِخُلُوِّهَا عَنْ التَّحَرُّمِ ( وَلَوْ نَوَاهُمَا ) بِهَا ( أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا ) بِهَا بِأَنْ نَوَى بِهَا أَحَدَهُمَا بِلَا تَعْيِينٍ ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا مِنْهُمَا ( لَمْ تَنْعَقِدْ ) أَيْضًا لِلتَّشْرِيكِ فِي الْأُولَى بَيْنَ التَّحَرُّمِ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَعَهُ بِقَصْدِهِ كَمَا لَوْ تَحَرَّمَ بِفَرْضٍ وَنَفْلٍ بِخِلَافِ غُسْلِهِ لِلْجَنَابَةِ ، وَالْجُمُعَةِ وَنَحْوِهِ وَلِتَعَارُضِ قَرِينَتَيْ الِافْتِتَاحِ ، وَالْهُوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ بِشِقَّيْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ مُعَيَّنٍ لِوُجُودِ الصَّارِفِ ( وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ ) ، وَهِيَ مَا إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا ( وَجَبَتْ نِيَّةُ التَّكْبِيرِ ) لِلتَّحَرُّمِ لِيَمْتَازَ عَمَّا عَارَضَهُ مِنْ تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ إنْ تَعَمَّدَ السَّبْقَ ) عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَخْفَى إلَخْ ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ : فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَهُ رُكْنَانِ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّ التَّكْبِيرَ وُجُوبًا وَهُوَ النِّيَّةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ وَرُكْنُ الرُّكُوعِ يَسْتَحِقُّ التَّكْبِيرَ اسْتِحْبَابًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَصْلِ الْوَاجِبِ بِالتَّمْيِيزِ .

( فَرْعٌ تُكْرَهُ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ عُذْرٍ ) لِمُفَارَقَتِهِ لِلْجَمَاعَةِ الْمَطْلُوبَةِ وُجُوبًا ، أَوْ نَدْبًا مُؤَكَّدًا ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا فَارَقَهُ لِعُذْرٍ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ ( فَإِنْ فَارَقَهُ ) وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ ( صَحَّتْ صَلَاتُهُ ) ؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ ، فَالسُّنَنُ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ إلَّا فِي الْحَجِّ ، وَالْعُمْرَةِ ، أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَكَذَلِكَ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ ، وَالْحَجِّ ، وَالْعُمْرَةِ ؛ وَلِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فَارَقَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ بِهِمْ فَتَنَحَّى مِنْ خَلْفِهِ رَجُلٌ وَصَلَّى وَحْدَهُ ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَغَضِبَ وَأَنْكَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى الرَّجُلِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ } .
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ فَارَقَهُ وَبَنَى بَلْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَلَّمَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا فَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِبْطَالِ لِعُذْرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ شَاذَّةٌ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ شُذُوذِهَا يُجَابُ بِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعَى أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَلَّ عَلَى جَوَازِ إبْطَالِ أَصْلِ الْعِبَادَةِ فَعَلَى إبْطَالِ صِفَتِهَا أَوْلَى ، وَالتَّطْوِيلُ وَحْدَهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ لِمَا يَأْتِي ، فَالْخَبَرُ صَادِقٌ بِالْعُذْرِ وَبِغَيْرِهِ ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ مُعَاذًا افْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَنَحْنُ أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا فَتَأَخَّرْت وَصَلَّيْت } وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد ، وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمَغْرِبِ وَفِي رِوَايَاتِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مُعَاذًا افْتَتَحَ سُورَةَ

الْبَقَرَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْعِشَاءِ فَقَرَأَ اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنْ تُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ لِشَخْصَيْنِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ مُعَاذًا لَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ النَّهْيِ وَيَبْعُدُ أَنَّهُ نَسِيَهُ وَرَجَّحَ الْبَيْهَقِيُّ رِوَايَةَ الْعِشَاءِ بِأَنَّهَا أَصَحُّ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ : لَكِنَّ الْجَمْعَ أَوْلَى وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ رِوَايَةِ الْقِرَاءَةِ بِالْبَقَرَةِ ، وَالْقِرَاءَةِ بِاقْتَرَبَتْ بِأَنَّهُ قَرَأَ بِهَذِهِ فِي رَكْعَةٍ ، وَهَذِهِ فِي رَكْعَةٍ ( وَيُعْذَرُ ) فِي الْمُفَارَقَةِ ( بِمَا يُعْذَرُ بِهِ فِي الْجَمَاعَةِ وَبِتَرْكِ الْإِمَامِ سُنَّةً مَقْصُودَةً كَالْقُنُوتِ ) ، وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ( وَكَذَا لَوْ طَوَّلَ الْقِرَاءَةَ وَبِهِ ) أَيْ الْمَأْمُومِ ( ضَعْفٌ ، أَوْ شُغْلٌ ) ، وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَسًا لَا يُعْفَى عَنْهُ أَوْ رَأَى خُفَّهُ تَخَرَّقَ ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ مُدَّتَهُ انْقَضَتْ ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ .

( قَوْلُهُ : فَإِنْ فَارَقَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ) أَمَّا ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لِمَا سَبَقَ فَيَسْقُطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ عَالِمًا ذَاكِرًا لِلْقُدْوَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَطْعًا ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ حَرَامَيْنِ التَّقَدُّمَ بِرُكْنٍ وَقَطْعَ الْقُدْوَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُعِيدًا لِصَلَاةِ الصُّبْحِ ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِهَا صَحِيحٌ وَهِيَ صَلَاةٌ ذَاتُ سَبَبٍ فَلَا يُؤَثِّرُ الِانْفِرَادُ فِي إبْطَالِهَا ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الدَّوَامِ ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ ، ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ ؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ قَالَ شَيْخُنَا ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ الْمُعِيدَ لَوْ نَوَى قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا الْجَمَاعَةُ إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا مُسَوِّغَ لِإِعَادَتِهَا إلَّا هِيَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا كَتَبَهُ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُنَا عَلَى مَا إذَا وُجِدَ مُسَوِّغٌ لِإِعَادَتِهَا غَيْرُ الْجَمَاعَةِ كَأَنْ كَانَتْ الْأُولَى .
قِيلَ : بِوُجُوبِ إعَادَتِهَا ( قَوْلُهُ : وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ ) الْغُسْلُ وَسَائِرُ التَّجْهِيزِ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ ، وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ ) كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَسًا قَالَ شَيْخُنَا صُورَتُهُ أَنَّهَا نَجَاسَةٌ خَفِيَّةٌ وَرَآهَا الْمَأْمُومُ بِسَبَبِ كَشْفِ الرِّيحِ مَثَلًا عَنْهَا .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ ، وَهُوَ ) أَيْ : وَالْمُنْفَرِدُ ( يُصَلِّيَ ) حَاضِرَةً ( صُبْحًا ، أَوْ رُبَاعِيَّةً ) ، أَوْ ثُلَاثِيَّةً كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي الْأَصْلِ ( وَقَدْ قَامَ ) فِي غَيْرِ الصُّبْحِ ( إلَى ) الرَّكْعَةِ ( الثَّالِثَةِ أَتَمَّهَا ) أَيْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ نَدْبًا ( وَدَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَقُمْ إلَى الثَّالِثَةِ ( قَلَبَهَا نَفْلًا وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ) ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ تَمَّمَ رَكْعَتَيْنِ اُسْتُحِبَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَاسْتِئْنَافُهَا جَمَاعَةً ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا تَحَقَّقَ إتْمَامَهَا فِي الْوَقْتِ لَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ، وَإِلَّا حَرُمَ السَّلَامُ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْوَقْتِ فَرْضٌ ، وَالْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ ؛ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرْضِ لِمُرَاعَاةِ السُّنَّةِ ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ .
وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ جَارٍ عَلَى طَرِيقِهِ وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ ، فَالْأَفْضَلُ قَطْعُهَا لِيَتَوَضَّأَ مِنْ غَيْرِ قَلْبِهَا نَافِلَةً بِأَنَّ الْمُنَافِيَ حَصَلَ ثَمَّ فِي الْجُمْلَةِ ، وَلِهَذَا حَرَّمَ جَمَاعَةٌ إتْمَامَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا ( وَلَا تُقْلَبُ الْفَائِتَةُ ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَلْبُهَا نَفْلًا ( لِيُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً ) فِي فَائِتَةٍ أُخْرَى ، أَوْ حَاضِرَةٍ إذْ لَا تُشْرَعُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ حِينَئِذٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ ، فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي تِلْكَ الْفَائِتَةِ بِعَيْنِهَا جَازَ ذَلِكَ ، لَكِنَّهُ لَا يُنْدَبُ نَعَمْ إنْ كَانَ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ فَوْرِيًّا ، فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ .
( وَيَقْلِبُهَا ) أَيْ الْفَائِتَةَ نَفْلًا وُجُوبًا ( إنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ ) وَيَشْتَغِلُ بِهَا كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ ( وَيَقْطَعُ النَّافِلَةَ ) نَدْبًا ( إنْ خَشِيَ فَوَاتَ

الْجَمَاعَةِ ) وَفَوَاتُهَا بِسَلَامِ الْإِمَامِ نَعَمْ إنْ رَجَا جَمَاعَةً تُقَامُ عَنْ قُرْبٍ ، وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ ، فَالْأَوْلَى إتْمَامُ نَافِلَتِهِ ، ثُمَّ يَفْعَلُ الْفَرِيضَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَوَّلِهَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَوَائِلَ كِتَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ( وَإِنْ نَوَى الْمُنْفَرِدُ الِاقْتِدَاءَ فِي أَثْنَائِهَا ) أَيْ صَلَاتِهِ ( جَازَ ) ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ رَكْعَتُهُمَا لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ الْمَشْهُورَةِ لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ الْإِمَامُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ { ؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ جُنُبٌ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ كَمَا أَنْتُمْ وَخَرَجَ وَاغْتَسَلَ وَعَادَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ وَتَحَرَّمَ بِهِمْ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُمْ أَنْشَئُوا اقْتِدَاءً جَدِيدًا لِانْفِرَادِهِمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي بَعْدَ انْفِرَادِهِ إمَامًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ مَأْمُومًا ، لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ ( وَيُوَافِقُهُ ) بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ ( فِي جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ ) وَغَيْرِهِمَا ( حَتَّى تَتِمَّ صَلَاتُهُ ، ثُمَّ يُفَارِقُهُ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ ، أَوْ يَنْتَظِرُهُ ) عِبَارَتُهُ قَاصِرَةٌ عَنْ الْمُرَادِ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ بَدَلَ حَتَّى إلَى آخِرِهِ ، فَإِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ أَوَّلًا أَتَمَّ لِنَفْسِهِ كَمَسْبُوقٍ أَوْ فَرَغَ هُوَ أَوْ لَا فَارَقَهُ وَسَلَّمَ ، أَوْ انْتَظَرَهُ ( فِي التَّشَهُّدِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ ) وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الِاقْتِدَاءِ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ .

( قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلرَّكْعَةِ ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ لِلْمُتَنَفِّلِ الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ كَالرَّكْعَتَيْنِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَيَظْهَرُ الْجَوَازُ إذْ لَا فَرْقَ .
ا هـ .
وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْأَفْضَلَ ( قَوْلُهُ : وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ ) فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ إلَخْ ) فَتَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ

( فَرْعٌ تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْمَحْسُوبِ ) لِلْإِمَامِ ، وَإِنْ قَصَّرَ الْمَأْمُومُ فَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ السَّابِقِ فِي فَصْلِ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْفِرَادُ لِخَبَرِ { مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَلَا تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِإِدْرَاكِهِ الرُّكُوعَ مَعَهُ إلَّا إذَا أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهَا ( وَلَوْ ) الْأَوْلَى فَلَوْ ( أَدْرَكَهُ فِيهِ ، وَالْإِمَامُ مُحْدِثٌ ، أَوْ فِي رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ ) قَامَ إلَيْهَا ( سَهْوًا ) ، أَوْ نَسِيَ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ وَاعْتَدَلَ ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ ظَانًّا جَوَازَهُ فَأَدْرَكَهُ فِيهِ ( لَمْ يُجْزِهِ ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْإِمَامِ لِتَحَمُّلِ الْقِيَامِ ، وَالْقِرَاءَةِ ( فَإِنْ أَتَى مَعَهُ ) أَيْ مَعَ مَنْ لَمْ يُحْسَبْ رُكُوعُهُ ( بِالرَّكْعَةِ كَامِلَةً ) بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ ( أَجْزَأَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ شَيْئًا ( لَا إنْ عَلِمَ بِحَدَثِهِ ، أَوْ سَهْوِهِ وَنَسِيَ ) فَلَا يُجْزِئُهُ بَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ ( وَإِنْ هَوَى الْمَسْبُوقُ لِلرُّكُوعِ فَرَفَعَ الْإِمَامُ وَلَاقَاهُ فِي حَدِّ أَقَلِّ الرُّكُوعِ ) ، وَهُوَ بُلُوغُ رَاحَتَيْهِ رُكْبَتَيْهِ ( مُطْمَئِنًّا ) أَيْ الْمَسْبُوقُ ( أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ شَكَّ فِي الِاكْتِفَاءِ ) أَيْ فِي إدْرَاكِ الْحَدِّ الْمُعْتَبَرِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ ( لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا ) لِلرَّكْعَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إدْرَاكِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَيْضًا بَقَاءُ الْإِمَامِ فِيهِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِهِ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِيَقِينٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِغَلَبَةِ الظَّنِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّا لَا نَشْتَرِطُ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ التَّيَقُّنَ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا فِي

طَهَارَةِ الْإِمَامِ ، وَقَدْ قَالَ الْفَارِقِيُّ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْإِمَامَ ، فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقَدْرِ الْمُجْزِئِ ( كَمَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ ( وَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَهُ فِي الْفِعْلِ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِيهِ ) ، وَإِنْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَيُوَافِقُهُ فِي جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ مَعَ زِيَادَةٍ .
قَوْلُهُ : تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْمَحْسُوبِ ) قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ مَعَهُ فَلَمَّا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ نَوَى مُفَارَقَتَهُ جَازَ وَحُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ فَقَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَرَكَعَ وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ الْحَنَفِيَّ رَاكِعًا وَشَكَّ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ، أَوْ غَيْرَهَا ، فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ، أَوْ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ قِرَاءَتَهَا كَانَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ وَإِلَّا فَلَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَلَا تُدْرَكُ الرَّكْعَةُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ إلَخْ ) لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْمَكْتُوبَةِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَجَوَّزْنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْسَبَ لَهُ الرُّكُوعُ ، وَقَدْ شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ رُكُوعٌ مَحْسُوبٌ لِلْإِمَامِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَالْإِمَامُ مُحْدِثٌ ) ، أَوْ نَسِيَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِيهِ ( قَوْلُهُ : وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِغَلَبَةِ الظَّنِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَنٍّ لَا يُجَامِعُهُ شَكٌّ إذْ الظَّنُّ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ بِالْقُوَّةِ ، أَوْ تَرَدُّدٍ بِالْفِعْلِ ، وَالْمَحْذُورُ هُنَا الثَّانِي

( فَرْعٌ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ ) الْأَوَّلِ ، أَوْ الثَّانِي أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا ( أَوْ التَّشَهُّدِ ) الْأَوَّلِ ، أَوْ الْأَخِيرِ ( لَمْ يُكَبِّرْ لِلْهُوِيِّ ) إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ فِيهِ وَلَا هُوَ مَحْسُوبٌ لَهُ بِخِلَافِ انْتِقَالِهِ مَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رُكْنٍ إلَى آخَرَ وَبِخِلَافِ الرُّكُوعِ كَمَا يُعْلَمُ الثَّانِي مِمَّا مَرَّ ، وَالْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِهِ ( وَإِنْ أَدْرَكَهُ مُعْتَدِلًا فَهَوَى مَعَهُ كَبَّرَ ) لِلْهُوِيِّ وَلِلِانْتِقَالِ بَعْدَهُ مِنْ رُكْنٍ إلَى آخَرَ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ ( وَيُسْتَحَبُّ مُوَافَقَتُهُ فِي قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ ، وَالتَّسْبِيحَاتِ ) لِلْمُتَابَعَةِ ( وَتَنْتَهِي الْقُدْوَةُ ) الْكَامِلَةُ ( بِالسَّلَامِ ) الثَّانِي مِنْ الْإِمَامِ لِزَوَالِ الرَّابِطَةِ ( فَيَلْزَمُ الْمَسْبُوقَ الْمُبَادَرَةُ بِالْقِيَامِ ) إذَا لَمْ يَكُنْ جُلُوسُهُ مَوْضِعَ تَشَهُّدِهِ وَأَكَّدَ لُزُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ( وَيَحْرُمُ مُكْثُهُ ) فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ قَدْرُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَشَارَ إلَيْهِ .
( وَلَا يُكَبِّرُ ) لِقِيَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ تَكْبِيرِهِ وَلَا مُتَابَعَتِهِ ( فَإِنْ كَانَ ) جُلُوسُهُ مَعَهُ ( مَوْضِعَ تَشَهُّدٍ ) لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ ، أَوْ ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ ( كَبَّرَ وَمَكَثَ إنْ شَاءَ ) كَمَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا ( وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَسْبُوقِ ) الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ : " لَهُ " ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَسْبُوقِ ( انْتِظَارُ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ ) فَإِنَّهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا لَا مِنْ نَفْسِهَا وَلِهَذَا لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهَا الْحَدَثَ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْجُمُعَةِ فَلَا يُنَافِي مَا وَقَعَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ الْأُولَى ( فَإِنْ قَامَ ) بِلَا نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ ( عَامِدًا ) عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ ( قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) وَمَا يَأْتِي بِهِ مَعَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70