كتاب : مُصنف ابن أبي شيبة
المصنف : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي

أَنْ يُخْبِرَهُمْ كَمْ هُمْ ، فَأَبَى.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ : كَمْ يَنْحَرُونَ ؟ فَقَالَ : عَشْرًا كُلَّ يَوْمٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الْقَوْمُ أَلْفٌ ، كُلُّ جَزُورٍ لِمِئَةٍ وَتَبَعِهَا.
ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَنَا مِنَ اللَّيْلِ طَشٌّ مِنْ مَطَرٍ ، فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنَ الْمَطَرِ ، قَالَ : وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَتَئِذٍ يَدْعُو رَبَّهُ ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى : الصَّلاَةَ عِبَادَ اللهِ ، فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَحَرَّضَ عَلَى الْقِتَالِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ جَمْعَ قُرَيْشٍ عِنْدَ هَذِهِ الضِّلَعَةِ الْحَمْرَاءِ مِنَ الْجَبَلِ ، فَلَمَّا أَنْ دَنَا الْقَوْمُ مِنَّا وَصَافَفْنَاهُمْ ، إِذَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ يَسِيرُ فِي الْقَوْمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا عَلِيُّ ، نَادِ لِي حَمْزَةَ ، وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ؛ مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ ، وَمَا يَقُولُ لَهُمْ . ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنْ يَكُ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ ، فَجَاءَ حَمْزَةُ ، فَقَالَ : هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَهُوَ يَنْهَى عَنِ الْقِتَالِ ، وَيَقُولُ لَهُمْ : يَا قَوْمُ ، إِنِّي أَرَى قَوْمًا مُسْتَمِيتِينَ ، لاَ تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ ، يَا قَوْمُ ، اِعْصِبُوا اللَّوْمَ بِرَأْسِي ، وَقُولُوا : جَبُنَ عُتْبَةُ ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ.
فَسَمِعَ ذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ ، فَقَالَ : أَنْتَ تَقُولُ هَذَا ، لَوْ غَيْرُكَ قَالَ

هَذَا أَعْضَضْتُهُ ، لَقَدْ مُلِئَتْ رِئَتُكَ وَجَوْفُكَ رُعْبًا ، فَقَالَ عُتْبَةُ : إِيَّايَ تُعَيِّرُ يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ ، سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أَيُّنَا أَجْبَنُ ؟.
قَالَ : فَبَرَزَ عُتْبَةُ ، وَأَخُوهُ شَيْبَةُ ، وَابْنُهُ الْوَلِيدُ حَمِيَّةً ، فَقَالُوا : مَنْ مُبَارِزٌ ؟ فَخَرَجَ فِتْيَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ سِتَّةٌ ، فَقَالَ عُتْبَةُ : لاَ نُرِيدُ هَؤُلاَءِ ، وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا ، مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قُمْ يَا عَلِيُّ ، قُمْ يَا حَمْزَةُ ، قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ ، فَقَتَلَ اللَّهُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ ، وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ.
قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَصِيرٌ بِالْعَبَّاسِ أَسِيرًا ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : إِنَّ هَذَا وَاللهِ مَا أَسَرَنِي ، لَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا ، عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ ، مَا أَرَاهُ فِي الْقَوْمِ ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ : أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ لَهُ : اُسْكُتْ ، لَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ ، قَالَ عَلِيٌّ : فَأُسِرَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْعَبَّاسُ ، وَعَقِيلٌ ، وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ.
37835- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَصَبْتُ سَيْفًا يَوْمَ بَدْرٍ فَأَعْجَبَنِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَبْهُ لِي ، فَنَزَلَتْ : {يَسْأَلُونَك عَنِ الأَنْفَالِ} الآيَةَ.

37836- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ؛ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ هُوَ الَّذِي اسْتَفْتَحَ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَيُّنَا كَانَ أَفْجَرَ بِكَ ، وَأَقْطَعَ لِرَحِمِهِ ، فَأَحِنْهُ الْيَوْمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا ، فَقَدْ جَاءَكُمَ الْفَتْحُ}.
37837- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ ، قَالَ : نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ : لَيْسَ لأَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ ، يَعْنِي أَمَانًا إِلاَّ أَبَا الْبَخْتَرِي ، فَمَنْ كَانَ أَسَرَهُ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَّنَهُ ، فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ.
37838- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ : لَنَزَلَتْ هَؤُلاَءِ الآيَاتُ فِي هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ : عَلِيٍّ ، وَحَمْزَةَ ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، وَعُتْبَةَ ، وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ : {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}.

37839- حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَصْحَابِهِ ، وَهُمْ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَنَيِّفٌ ، وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ ، فَاسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، وَعَلَيْهِ رِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ أَبَدًا ، قَالَ : فَمَا زَالَ يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ وَيَدْعُوهُ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَرَدَّاهُ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتَكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ} فَلَمَّا كَانَ يَوْمَئِذٍ وَالْتَقَوْا ، هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا ، فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعَلِيًّا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، هَؤُلاَءِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ وَالإِخْوَانِ ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمَ الْفِدْيَةَ ، فَيَكُونُ مَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ فَيَكُونُوا لَنَا عَضُدًا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ قُلْتُ : وَاللهِ مَا أَرَى

الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ فُلاَنٍ ، قَرِيبًا لِعُمَرَ ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِنْ أَخِيهِ فُلاَنٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ ، حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ ، هَؤُلاَءِ صَنَادِيدُهُمْ ، وَأَئِمَّتُهُمْ ، وَقَادَتُهُمْ.
فَهَوِيَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ ، فَأَخَذَ مِنْهُمَ الْفِدَاءَ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، قَالَ عُمَرُ : غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ ، وَأَبُو بَكْرٍ يَبْكِيَانِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ : أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكُمْ مِنَ الْفِدَاءِ ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ، لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ، تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} إِلَى قَوْلِهِ : {لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} مِنَ الْفِدَاءِ {عَذَابٌ عَظِيمٌ} ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمَ الْغَنَائِمَ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ، عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِم الْفِدَاءَ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ ، وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَهُشِّمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ : {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا ، قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، بِأَخْذِكُمَ الْفِدَاءَ.

37840- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَتْ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ ، وَهِيَ امْرَأَةُ عُثْمَانَ ، فَتَخَلَّفَ عُثْمَان ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يَوْمَئِذٍ ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَدْفِنُونَهَا إِذْ سَمِعَ عُثْمَانُ تَكْبِيرًا ، فَقَالَ : يَا أُسَامَةُ ، اُنْظُرْ مَا هَذَا التَّكْبِيرُ ؟ فَنَظَرَ ، فَإِذَا هُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجَدْعَاءِ ، يُبَشِّرُ بِقَتْلِ أَهْلِ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ : لاَ وَاللهِ مَا هَذَا بِشَيْءٍ ، مَا هَذَا إِلاَّ الْبَاطِلُ ، حَتَّى جِيءَ بِهِمْ مُصَفَّدِينَ مُغَلَّلِينَ.
37841- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ ، قَالَ : أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ سَبْعُونَ رَجُلاً ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ ، فَجَمَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأَنْصَارَ فَخَيَّرَهُمْ ، فَقَالَ : مَا شِئْتُمْ ، إِنْ شِئْتُمَ اُقْتُلُوهُمْ ، وَيُقْتَلُ مِنْكُمْ عِدَّتُهُمْ ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخَذْتُمْ فِدَاءَهُمْ ، فَتَقَوَّيْتُمْ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، نَأْخُذُ الْفِدَاءَ نَتَقَوَّى بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَيُقْتَلُ مِنَّا عِدَّتُهُمْ ، قَالَ : فَقُتِلَ مِنْهُمْ عِدَّتُهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ.
37842- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبِيْدَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ بِنَحْوِ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ.

37843- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ ، قَالَ : كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى الْعَرِيشِ ، قَالَ : فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ اُنْصُرْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ ، فَإِنَّك إِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَمْ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَعْضَ مُنَاشَدَتِكَ رَبَّك ، فَوَاللهِ لَيُنْجِزَنَّ لَك الَّذِي وَعَدَكَ.
37844- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، قَالَ : قُدِمَ بِأُسَارَى بَدْرٍ ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

عِنْدَ آلِ عَفْرَاءَ فِي مَنَاحَتِهِمْ ، عَلَى عَوْفٍ وَمُعَوِّذٍ ابْنَيْ عَفْرَاءَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ ، قَالَتْ : قُدِمَ بِالأُسَارَى فَأَتَيْتُ مَنْزِلِي ، فَإِذَا أَنَا بِسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فِي نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ ، مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ قُلْتُ : أَبَا يَزِيدَ ، أَعْطَيْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ ، أَلاَ مُتُّمْ كِرَامًا ، قَالَتْ : فَوَاللهِ مَا نَبَّهَنِي إِلاَّ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ : أَيْ سَوْدَةُ : أَعَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَاللهِ إِنْ مَلَكْتُ نَفْسِي حَيْثُ رَأَيْتُ أَبَا يَزِيدَ أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ.
37845- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلاَءِ الأُسَارَى ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَوْمُكَ وَأَصْلُكَ ، اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَتِبْهُمْ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ، وَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ ، قَدِّمْهُمْ نَضْرِبْ أعَنَاقَهُمْ ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَنْتَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ ، فَأَضْرِمَ الْوَادِيَ عَلَيْهِمْ نَارًا ، ثُمَّ أَلْقِهِمْ فِيهِ ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ ، قَالَ ، فَسَكَتَ

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ.
فَقَالَ أُنَاسٌ : يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ، وَقَالَ أُنَاسٌ : يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ ، وَقَالَ أُنَاسٌ : يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَيُلَيِّنُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ ، حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُشَدِّدُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ ، حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ ، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ، وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى ، قَالَ : {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ مُوسَى ، قَالَ {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ ، وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ نُوحٍ ، قَالَ : {رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} أَنْتُمْ عَالَةٌ فَلاَ يَنْفَلِتَنَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ بِفِدَاءٍ ، أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ.
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِلاَّ سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ ، فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الإِسْلاَمَ ، قَالَ : فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ أَخْوَفَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مِنِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِلاَّ سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.

37846- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : لَمْ يَقْتُلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا ، إِلاَّ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ.
37847- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْتُلْ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا إِلاَّ ثَلاَثَةً : عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ ، وَطُعَيْمَةَ بْنَ عَدِي ، وَكَانَ النَّضْرُ أَسَرَهُ الْمِقْدَادُ.
37848- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رَجُلاً أَسَرَ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ، فَرَآهُ بِلاَلٌ فَقَتَلَهُ.
37849- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : حدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ ؟ قَالَ : فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ ، قَالَ : أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ ، قَالَ : وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ ، أَوْ : رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ.

37850- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : أَقْعَصَ أَبَا جَهْلٍ ابْنَا عَفْرَاءَ ، وَذَفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ.
37851- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، قَالَ : قَالَ أَصْحَابُ أَبِي جَهْلٍ لأَبِي جَهْلٍ وَهُوَ يَسِيرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ : أَرَأَيْتَ مَسِيرَكَ إِلَى مُحَمَّدٍ ؟ أَتَعْلَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِنْ مَتَى كُنَّا تَبَعًا لِعَبْدِ مَنَافٍ ؟.
37852- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَبِي ، وَإِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَقَدْ ضُرِبَتْ رِجْلُهُ وَهُوَ صَرِيعٌ ، وَهُوَ يَذُبُّ النَّاسَ عَنْهُ بِسَيْفِهِ ، فَقُلْتُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ ، قَالَ : هَلْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ قَتَلَهُ قَوْمُهُ ، قَالَ : فَجَعَلْتُ أَتَنَاوَلُهُ بِسَيْفٍ لِي غَيْرِ

طَائِلٍ ، فَأَصَبْتُ يَدَهُ ، فَنَدَرَ سَيْفَهُ ، فَأَخَذْتُهُ فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا أَقَلُّ مِنَ الأَرْضِ ، يَعْنِي مِنَ السُّرْعَةِ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : آللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ؟ فَرَدَّدَهَا عَلَيَّ ثَلاَثًا ، فَخَرَجَ يَمْشِي مَعِي حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ ، هَذَا كَانَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قَالَ وَكِيعٌ : زَادَ فِيهِ أَبِي ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : فَنَفَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ.
37853- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَقَدْ قُلِّلُوا فِي أَعْيُنِنَا يَوْمَ بَدْرٍ ، حَتَّى قُلْتُ لِصَاحِبٍ لِي إِلَى جَنْبِي : كَمْ تَرَاهُمْ ؟ تَرَاهُمْ سَبْعِينَ . قَالَ : أُرَاهُمْ مِئَة ، حَتَّى أَخَذْنَا مِنْهُمْ رَجُلاً فَسَأَلْنَاهُ ، فَقَالَ : كُنَّا أَلْفًا.
37854- حَدَّثَنَا شَاذَانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ : قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ خَمْسَةُ رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، مِنْ قُرَيْشٍ ؛ مِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ ، يَحْمِلُ يَقُولُ : أَنَا مِهْجَعٌ ، وَإِلَى رَبِّي أَجْزْعُ ، وَقُتِلَ ذُو الشِّمَالَيْنِ ، وَابْنُ بَيْضَاءَ ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَعَامِرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.

37855- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، قَالَ : إِنَّ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْحَرْبَةَ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَلاَ يُؤْتَى بِأَسِيرٍ إِلاَّ أَوْجَرَهَا إِيَّاهُ ، قَالَ : فَلَمَّا أُخِذَ الْعَبَّاسُ ، قَالَ لآخِذِهِ : أَتَدْرِي مَنْ أَنَا ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : أَنَا عَمُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلاَ تَذْهَبْ بِي إِلَى عُمَرَ ، قَالَ : فَأَمْسَكَهُ ، وَأُخِذَ عَقِيلٌ ، وَقَالَ لآخِذِهِ : تَدْرِي مَنْ أَنَا ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : أَنَا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَأَمْسَكَ النَّاسُ.
37856- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، يَعْنِي جَدَّهُ ، عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ الضَّبَابِيِّ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بِابْنِ فَرَسٍ لِي ، يُقَالُ لَهَا : الْقَرْحَاءُ ، فَقُلْتُ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ بِابْنِ الْقَرْحَاءِ لِتَتَّخِذَهُ ، قَالَ : لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ ، وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ أُقِيضَكَ بِهِ الْمُخْتَارَةَ مِنْ دُرُوعِ بَدْرٍ فَعَلْتُ ، قُلْتُ : مَا كُنْتُ أُقِيضُكَ الْيَوْمَ بِغُرَّةٍ لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا ذَا الْجَوْشَنِ ، أَلاَ تُسْلِمُ فَتَكُونَ مِنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ ، قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : وَلِمَ ؟ قُلْتُ : إِنِّي رَأَيْتُ قَوْمَكَ وَلِعُوا بِكَ ، قَالَ : فَكَيْفَ مَا بَلَغَكَ عَنْ مَصَارِعِهِمْ ؟ قُلْتُ : قَدْ بَلَغَنِي ، قَالَ : فَأَنَّى يُهْدَى

بِكَ ؟ قُلْتُ : إِنْ تَغْلِبْ عَلَى الْكَعْبَةِ وَتَقْطُنْهَا ، قَالَ : لَعَلَّك إِنْ عِشْتَ أَنْ تَرَى ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ : يَا بِلاَلُ ، خُذْ حَقِيبَةَ الرَّجُلِ ، فَزَوِّدْهُ مِنَ الْعَجْوَةِ ، فَلَمَّا أَدْبَرْتُ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُ خَيْرُ فُرْسَانِ بَنِي عَامِرٍ ، قَالَ : فَوَاللهِ ، إِنِّي بِأَهْلِي بِالْعَوْذَاءِ إِذْ أَقْبَلَ رَاكِبٌ ، فَقُلْتُ : مِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ قَالَ : مِنْ مَكَّةَ ، قَالَ : قُلْتُ : مَا فَعَلَ النَّاسُ ؟ قَالَ : قَدْ وَاللهِ غَلَبَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ وَقَطَنَهَا ، فَقُلْتُ : هَبِلَتْنِي أُمِّي ، لَوْ أُسْلِمُ يَوْمَئِذٍ ، ثُمَّ أَسْأَلُهُ الْحِيرَةَ لأَقْطَعَنِيهَا ، قَالَ : وَاللهِ لاَ أَشْرَبُ الدَّهْرَ مِنْ كُوزٍ ، وَلاَ يَضْرِطُ الدَّهْرَ تَحْتِي بِرْذَوْنٌ.
37857- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ : عَلَيْكَ بِالْعِيرِ لَيْسَ دُونَهَا شَيْءٌ ، فَنَادَاهُ الْعَبَّاسُ وَهُوَ أَسِيرٌ فِي وَثَاقِهِ : لاَ يَصْلحُّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لِمَهْ ؟ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، وَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ.
37858- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : كَانَ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ ، مُعْتَجِرًا بِهَا ، فَنَزَلَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَعَلَيْهِمْ عَمَائِمُ صُفْرٌ.

37859- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ حَمْزَةَ ، عَنِ الزُّبَيْرِ ؛ بِنَحْوٍ مِنْهُ.
37860- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًا ؟ ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُمَ الآنَ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ.
37861- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، قَالَ : لَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ إِلاَّ فَرَسَانِ ، كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا الزُّبَيْرُ.
37862- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : عُرِضْتُ أَنَا ، وَابْنُ عُمَرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ فَاسْتُصْغِرْنَا ، وَشَهِدْنَا أُحُدًا.

37863- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ : فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لأَخَضْنَاهَا ، وَلَوْ أَمَرْتنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا ، قَالَ : فَنَدَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ.
قَالَ : فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا وَرَدَتْ عَلَيْهِمْ رَوَايَا قُرَيْشٍ ، وَفِيهِمْ غُلاَمٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ ، فَأَخَذُوهُ ، فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ ، فَيَقُولُ : مَا لِي عِلْمٌ بِأَبِي سُفْيَانَ ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ ، وَعُتْبَةُ ، وَشَيْبَةُ ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ ، فَإِذَا ضَرَبُوهُ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَنَا أُخْبِرُكُمْ ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ ، فَإِذَا تَرَكُوهُ ، قَالَ : مَا لِي بِأَبِي سُفْيَانَ عِلْمٌ ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ ، وَعُتْبَةُ ، وَشَيْبَةُ ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِي النَّاسِ ، فَإِذَا قَالَ هَذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ.
وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ انْصَرَفَ ، قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَكُمْ ، وَتَتْرُكُونَهُ إِذَا كَذَبَكُمْ ، قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : هَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ ، يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الأَرْضِ هَاهُنَا وَهَاهُنَا ، فَمَا مَاطَ أَحَدُهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

37864- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَسٌ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ عُمَرَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَتَرَاءَى الْهِلاَلَ ، فَرَأَيْتُهُ وَكُنْتُ حَدِيدَ الْبَصَرِ ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ : مَا تَرَاهُ ؟ وَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ وَلاَ يَرَاهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ عَلَى فِرَاشِي ، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيُرِي مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ بِالأَمْسِ ، يَقُولُ : هَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ : فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَأُوا تِلْكَ الْحُدُودَ يُصْرَعُونَ عَلَيْهَا.
ثُمَّ جُعِلُوا فِي بِئْرٍ ، بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى إِِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ ، وَيَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ : هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَقًّا ؟ فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لاَ أَرْوَاحَ فِيهَا ؟ قَالَ : مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ يَرُدُّونَ عَلَيَّ شَيْئًا.
37865- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ ، قَالَ : تَبَارَزَ عَلِيٌّ ، وَحَمْزَةُ ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ : {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}.

37866- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ ، قَالَ : نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ : مَنْ أَسَرَ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ حِزَامٍ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَّنَهَا ، فَأَسَرَهَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكَتَفَهَا بِذُؤَابَتِهَا ، فَلَمَّا سَمِعَ مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ خَلَّى سَبِيلَهَا.
37867- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ دَاوُدَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ : {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ ، أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَنْحَازُوا ، وَلَوْ انْحَازُوا لَمْ يَنْحَازُوا إِلاَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ.
37868- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : كَانَ ابْنُ عَمَّتِي حَارِثَةُ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ ، فَانْطَلَقَ غُلاَمًا نَظَّارًا ، مَا انْطَلَقَ لِقِتَالٍ ، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ ، فَجَاءَتْ عَمَّتِي أُمُّهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، ابْنِي حَارِثَةُ ، إِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ ، وَإِلاَّ فَسَتَرَى مَا أَصْنَعُ ، فَقَالَ : يَا أُمَّ حَارِثَةَ ، إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ ، وَإِنَّ حَارِثَةَ فِي الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى.

37869- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ، قَالَ : مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا ، وَأَبِي حُسَيْلٌ ، قَالَ : فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ ، فَقَالُوا : إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا ؟ فَقُلْنَا : مَا نُرِيدُهُ ، مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : انْصَرِفَا نَفِي لَهُمْ ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ.
37870- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا : إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ.
37871- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : كَانَ طَلْحَةُ صَاحِبَ رَايَةِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَقَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُبَارَزَةً.

37872- حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ : مَنْ لَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلاَ يَقْتُلْهُ ، فَإِنَّهُمْ أُخْرِجُوا كُرْهًا.
37873- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ أَبِي الْهَيْثُمَّ ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَصَلَبَهُ إِلَى شَجَرَةٍ.
37874- حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ أَهْلَ بَدْرٍ كَانُوا ثَلاَثُ مِئَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ ، الْمُهَاجِرُونَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ ، وَكَانَتْ هَزِيمَةُ بَدْرٍ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ.
37875- حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ بَدْرٍ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ ، الْمُهَاجِرُونَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ.

37876- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاَثُ مِئَةٍ ، وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُمْ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ ، وَمَا جَاوَزَ مَعَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ.
37877- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبِيْدَةَ ، قَالَ : عِدَّةُ الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا كَعِدَّةِ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَ طَالُوتَ النَّهَرَ ، عِدَّتُهُمْ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ.
37878- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : كَانَ عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ يَوْمَ جَالُوتَ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ.
37879- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، وَإِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : كَانَ عِدَّةُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثُ مِئَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ ، وَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّهُمْ عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ يَوْمَ جَالُوتَ ، الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ ، وَمَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهَرَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ.

37880- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيِّ ؛ أَنَّ مَلَكًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : كَيْفَ أَصْحَابُ بَدْرٍ فِيكُمْ ؟ فَقَالَ : أَفْضَلُ النَّاسِ ، فَقَالَ الْمَلَكُ : وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ.
37881- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ، يَعْنِي حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ ، وَمَا يَدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.
37882- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا : يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَوَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ؟ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ.
37883- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَالِمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ لِعُمَرَ : وَمَا يُدْرِيكَ ، لَعَلَّ اللَّهَ قَدَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ.

37884- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.
37885- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا لَيْثٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ؛ أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَشْتَكِي حَاطِبًا ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : كَذَبْتَ ، لاَ يَدْخُلُهَا ، إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ.
37886- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، قَالَ : جَاءَ جِبْرَائِيلُ ، أَوْ مَلَكٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : مَا تَعُدُّونَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فِيكُمْ ؟ قَالَ : خِيَارُنَا ، قَالَ : كَذَلِكَ هُمْ عِنْدَنَا خِيَارُ الْمَلاَئِكَةِ.

37887- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ؛ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} قَالَ : هَذَا يَوْمَ بَدْرٍ خَاصَّةً.
37888- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ ، أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} قَالَ : هَذَا يَوْمَ بَدْرٍ خَاصَّةً ، لَيْسَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِرِ.
37889- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءَ الْعَرَبِيِّ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، وَجَعَلَ فِدَاءَ الْمَوْلَى عِشْرِينَ أُوقِيَّةً ، الأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
37890- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، قَالَ : كَانَ الصَّفِيُّ يَوْمَ بَدْرٍ سَيْفَ عَاصِمِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ.
37891- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ : قدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أَهْلِ بَدْرٍ.

37892- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَالَ : كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ قَوْلَهُ : {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} يَوْمَ بَدْرٍ ، وَالدُّخَانُ قَدْ مَضَى.
37893- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : اشْتَرَكْنَا يَوْمَ بَدْرٍ أَنَا ، وَعَمَّارٌ ، وَسَعْدٌ فِيمَا أَصَبْنَا يَوْمَ بَدْرٍ ، فَأَمَّا أَنَا ، وَعَمَّارٌ فَلَمْ نَجِئْ بِشَيْءٍ ، وَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ.
37894- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : كَانَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو رَجُلاً أَعْلَمَ مِنْ شَفَتِهِ السُّفْلَى ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُسِرَ بِبَدْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اِنْزَعْ ثَنِيَّتَيْهِ السُّفْلَيَيْنِ فَيُدْلَعَ لِسَانُهُ ، فَلاَ يَقُومَ عَلَيْك خَطِيبًا بِمَوْطِنٍ أَبَدًا ، فَقَالَ : لاَ أُمَثِّلُ ، فَيُمَثِّلَ اللَّهُ بِي.
37895- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّؤُوسِ قَبْلَكُمْ ، كَانَتْ نَارٌ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَسْرَعَ النَّاسُ فِي الْغَنَائِمِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا}.

37896- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : أَوَّلُ مَنِ اُسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِهْجَعٌ.
26- هَذَا مَا حَفِظَ أَبُو بَكْرٍ فِي أُحْدٍ ، وَمَا جَاءَ فِيهَا.
37897- حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : مَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ مَكَرَ فِيهِ بِهِمْ.
37898- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ وَصَاحَ إِبْلِيسُ : أَيْ عِبَادَ اللهِ ، أُخْرَاكُمْ ، قَالَ : فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ ، قَالَ : فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ ، فَقَالَ : عِبَادَ اللهِ ، أَبِي أَبِي ، قَالَتْ : فَوَاللهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ ، قَالَ عُرْوَةُ : فَوَاللهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ.

37899- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ ، فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ بِإِخْوَانِهِمْ مُثْلَةً سَيِّئَةً ، جَعَلُوا يَقْطَعُونَ آذَانَهُمْ وَآنَافَهُمْ ، وَيَشُقُّونَ بُطُونَهُمْ ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَئِنْ أَنَالَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ لَنَفْعَلَنَّ وَلَنَفْعَلَنَّ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : بَلْ نَصْبِرُ.
37900- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : كَانَ سَعْدٌ أَشَدَّ الْمُسْلِمِينَ بَأْسًا يَوْمَ أُحُدٍ.
37901- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ؛ أَنَّ النَّاسَ انْجَفَلُوا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ يَرْمِي ، وَفَتًى يَنبِّلُ لَهُ ، فَكُلَّمَا فَنِيَتْ نَبْلُهُ ، دَفَعَ إِلَيْهِ نَبْلَهُ ، ثُمَّ قَالَ : اِرْمِهِ أَبَا إِسْحَاقَ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ طَلَبُوا الْفَتَى فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ.

37902- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُفَدِّي أَحَدًا بِأَبَوَيْهِ إِلاَّ سَعْدًا ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ : ارْمِ سَعْدُ ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي.
37903- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعْدًا ، يَقُولُ : جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ.
37904- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، وَأَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ مِسْعَرٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَن أَبِيهِ ، عَنْ سَعْدٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ شِمَالِهِ يَوْمَ أُحُدٍ رَجُلَيْنِ ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بَيَاضٌ ، لَمْ أَرَهُمَا قَبْلُ ، وَلاَ بَعْدُ.
37905- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ بِسَيْفَيْنِ ، وَيَقُولُ : أَنَا أَسَدُ اللهِ ، قَالَ : فَجَعَلَ يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ ، فَعَثَرَ ، فَوَقَعَ عَلَى قَفَاهُ مُسْتَلْقِيًا وَانْكَشَطَ ، وَانْكَشَفَتِ الدِّرْعُ عَنْ بَطْنِهِ ، فَأَبْصَرَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ فَزَرَّقَهُ بِرُمْحٍ ، أَوْ حَرْبَةٍ فَنَفَذَهُ بِهَا.

37906- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ؛ {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا ، بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} قَالَ : لَمَّا أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ ، قَالُوا : لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ مَا أَصَبْنَا مِنَ الْخَيْرِ كَيْ يَزْدَادُوا رَغْبَةً ، فَقَالَ اللَّهُ : أَنَا أُبَلِّغُ عَنْكُمْ ، فَنَزَلَتْ : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا} إِلَى قَوْلِهِ : {الْمُؤْمِنِينَ}.
37907- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِحَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : لَوْلاَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا ؛ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الْعَافِيَةُ ، فَيُحْشَرَ مِنْ بُطُونِهَا ، ثُمَّ دَعَا بِنَمِرَةٍ ، فَكَانَتْ إِذَا مُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ بَدَتْ رِجْلاَهُ ، وَإِذَا مُدَّتْ عَلَى رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مُدُّوهَا عَلَى رَأْسِهِ ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْحَرْمَلَ ، وَقَلَّتِ الثِّيَابُ ، وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى ، فَكَانَ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ وَالثَّلاَثَةُ يُكَفَّنُونَ فِي الثَّوْبِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ قُرْآنًا ، فَيُقَدِّمُهُ.

37908- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، قَالَ : حدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا ، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ ، وَقَالَ : أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا.
37909- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ ، فَبَيْنَمَا نِسَاءُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ يَبْكِينَ عَلَى هَلْكَاهُنَّ ، فَقَالَ : لَكِنَّ حَمْزَةَ لاَ بَوَاكِيَ لَهُ ، فَجِئْنَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ يَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ ، وَرَقَدَ فَاسْتَيْقَظَ ، فَقَالَ : يَا وَيْحَهُنَ إِنَّهُنَّ لَهَاهُنَا حَتَّى الآنَ ؟ مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ ، وَلاَ يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ.

37910- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ خَبَّابٍ ، قَالَ : هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا ، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلاَّ نَمِرَةٌ ، كَانُوا إِذَا وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ ، وَإِذَا وَضَعُوهَا عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اجْعَلُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.
37911- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ : حدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زَيْدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدَ الْبَدْرِيِّ ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ ، قَالَ : إِنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرِ حَمْزَةَ ، فَمُدَّتِ النَّمِرَةُ عَلَى رَأْسِهِ فَانْكَشَفَتْ رِجْلاَهُ ، فَجُذِبَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ فَانْكَشَفَ رَأْسُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مُدُّوهَا عَلَى رَأْسِهِ ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ شَجَرَ الْحَرْمَلِ.

37912- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، قَالُوا : أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ ، وَعَمْرِو بْنِ جَمُوحٍ قَتِيلَيْنِ ، فَقَالَ : ادْفِنُوهُمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ ، فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَافِيَيْنِ فِي الدُّنْيَا.
37913- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ ، قَالُوا : لَمَّا صَرَفَ مُعَاوِيَةُ عَيْنَهُ الَّتِي تَمُرُّ عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ ، جَرَتْ عَلَيْهِمَا ، فَبَرَزَ قَبْرُهُمَا ، فَاسْتُصْرِخَ عَلَيْهِمَا ، فَأَخْرَجْنَاهُمَا يَتَثَنَّيَانِ تَثَنِّيًا كَأَنَّمَا مَاتَا بِالأَمْسِ ، عَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غُطِّيَ بِهِمَا عَلَى وُجُوهِهِمَا ، وَعَلَى أَرْجُلِهِمَا مِنْ نَبَاتِ الإِذْخِرِ.
37914- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ نُبَيْحٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ لِي أَبِي عَبْدُ اللهِ : أَيْ بنِيَّ ، لَوْلاَ نُسَيَّاتٌ أُخَلِّفُهُنَّ مِنْ بَعْدِي مِنْ أَخَوَاتٍ وَبَنَاتٍ ، لأَحْبَبْتُ أَنْ أُقَدِّمَكَ أَمَامِي ، وَلَكِنْ كُنَّ فِي نِظَارِي الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ جَاءَتْ بِهِمَا عَمَّتِي قَتِيلَيْنِ ، يَعْنِي أَبَاهُ وَعَمَّهُ ، قَدْ عَرَضَتْهُمَا عَلَى بَعِيرٍ.

37915- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَأَرَادَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَدُوهُ فَأَبَى ، فَأَعْطَوْهُ حَتَّى بَلَغَ الدِّيَةَ فَأَبَى.
37916- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ ، وَدَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ ، عَنْ الْفَارِسِيِّ مَوْلَى بَنِي مُعَاوِيَةَ ؛ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلاً يَوْمَ أُحُدٍ فَقَتَلَهُ ، وَقَالَ : خُذْهَا وَأَنَا الْغُلاَمُ الْفَارِسِيُّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَا مَنَعَك أَنْ تَقُولَ : الأَنْصَارِي وَأَنْتَ مِنْهُمْ ؟ إِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ.
37917- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُشْرِكِينَ ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ ، لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ ، يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلاَءِ ، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ ، وَتَقَدَّمَ فَلَقِيَهُ سَعْدٌ بِأُخْرَاهَا مَا دُونَ أُحُدٍ ، فَقَالَ سَعْد : أَنَا مَعَكَ ، قَالَ سَعْدٌ : فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَصْنَعُ مَا صَنَعَ ، وَوُجِدَ بِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ ، وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ ، فَكُنَّا نَقُولُ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ نَزَلَتْ : {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} .

37918- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ؛ أَنَّ قَتْلَى أُحُدٍ غُسِّلُوا.
37919- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ شَلاَءَ ، وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ.
37920- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : قُتِلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَقُتِلَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ الَّذِي طَهَّرَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ يَوْمَ أُحُدٍ.
37921- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَاسْتَصْغَرَنِي ، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي ، قَالَ نَافِعٌ : فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَقَالَ : هَذَا حَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ : أَنْ يَفْرِضُوا لاِبْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ فِي الْمُقَاتِلَةِ ، وَلاِبْنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي الذُّرِّيَّةِ.

37922- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ ، فَلَمَّا خَلَّفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ فَنَظَرَ خَلْفَهُ فَإِذَا كَتِيبَةٌ خَشْنَاءُ ، فَقَالَ : مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالُوا : عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنُ سَلُولَ وَمَوَالِيهِ مِنَ الْيَهُودِ ، قَالَ : أَقَدْ أَسْلَمُوا ؟ قَالُوا : لاَ ، بَلْ عَلَى دِينِهِمْ ، قَالَ : مُرُوهُمْ فَلْيَرْجِعُوا فَإِنَّا لاَ نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ.
37923- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ؛ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ سَقَطَتْ عَيْنُهُ عَلَى وَجْنَتِهِ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَرَدَّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنٍ وَأَحَدَّهَا.
37924- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ جَابِرٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ فَزِمِّلُوا بِدِمَائِهِمْ ، وَأَنْ يُقَدَّمَ أَكْثَرُهُمْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ ، وَأَنْ يُدْفَنَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ ، قَالَ : فَدَفَنْتُ أَبِي وَعَمِّي فِي قَبْرٍ.
37925- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : حدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : أَقْدِمْ مُصْعَبُ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَمْ يُقْتَلْ مُصْعَبٌ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنْ مَلَكٌ قَامَ مَكَانَهُ ، وَتَسَمَّى بِاسْمِهِ.

37926- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : كُنَّ النِّسَاءُ يَوْمَ أُحُدٍ يُجْهِزْنَ عَلَى الْجَرْحَى ، وَيَسْقِينَ الْمَاءَ ، وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى.
37927- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ ، فَقَالَ : مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذَا ؟ فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ ، فَجَعَلَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ : أَنَا أَنَا ، فَقَالَ : فَمَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ ؟ قَالَ : فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ سِمَاكٌ أَبُو دُجَانَةَ : أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ ، قَالَ : فَأَخَذَهُ ، فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ.
37928- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى أُحُدًا ، قَالَ : هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ.

37929- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : حدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا ، يَعْنِي قَتْلَى أُحُدٍ.
37930- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ أَنْفُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَبَاعِيَتُهُ ، وَزَعَمَ أَنَّ طَلْحَةَ وَقَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ، فَضُرِبَ فَشَلَّتْ إِصْبَعَهُ.
37931- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ التَّيْمِيُّ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ ، قَالَ : كُنْتُ فِيمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدَيَّ مِرَارًا.
37932- حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، وَثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَهِقَهُ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ ، قَالَ : مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ يَرُدُّهُمْ حَتَّى قُتِلَ حَتَّى قُتِلَ سَبْعَةٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا.

37933- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ؛ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٌ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَآمَنَ بِهِ ، ثُمَّ لَحِقَ بِأَهْلِ مَكَّةَ وَشَهِدَ أُحُدًا فَقَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ أُسْقِطَ فِي يَدِهِ فَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ ، فَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ جُلاَسِ بْنِ سُوَيْدٌ : يَا أَخِي ، إِنِّي قَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي ، فَأَتُوبُ إِلَى اللهِ ، وَأَرْجِعُ إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَاذْكُرْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَإِنْ طَمِعْتَ لِي فِي تَوْبَةٍ فَاكْتُبْ إِلَي ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} قَالَ : فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ : يَتَمَنَّعُ ، ثُمَّ يُرَاجَعُ إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا ، لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمَ الضَّالُّونَ}.
37934- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ ؛ أَنَّ عَلِيًّا لَقِيَ فَاطِمَةَ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَقَالَ : خُذِي السَّيْفَ غَيْرَ مَذْمُومٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا عَلِيُّ ، إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ الْيَوْمَ ، فَقَدْ أَحْسَنَهُ أَبُو دُجَانَةَ ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ؛ ثَلاَثَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ.

37935- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : جَاءَ عَلِيٌّ بِسَيْفِهِ ، فَقَالَ : خُذِيهِ حَمِيدًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ الْيَوْمَ ، فَقَدْ أَحْسَنَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ، وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ ، وَأَبُو دُجَانَةَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ ؟ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ : أَنَا ، وَأَخَذَ السَّيْفَ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى جَاءَ بِهِ قَدْ حَنَاهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَعْطَيْتَهُ حَقَّهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ.
37936- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مُصْلِتًا يَمْشِي ، فَاسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي ، فَقَالَ :
أَنَا النَّبِيُّ غَيْر الْكَذِبْ
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.
قَالَ : فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَتَلَهُ.
37937- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ؛ أَنَّ امْرَأَةً دَفَعَتْ إِلَى ابْنِهَا يَوْمَ أُحُدٍ السَّيْفَ ، فَلَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ ، فَشَدَّتْهُ عَلَى سَاعِدِهِ بِنِسْعَةٍ ، ثُمَّ أَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَا ابْنِي يُقَاتِلُ عَنْكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَيْ بُنَيَّ احْمِلْ هَاهُنَا ، أَيْ بُنَيَّ احْمِلْ هَاهُنَا ، فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ ، فَصُرِعَ ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، لَعَلَّك جَزِعْتَ ؟ قَالَ : لاَ يَا رَسُولَ اللهِ.

37938- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ خَلْفَ الْمُسْلِمِينَ ، يُجْهِزْنَ عَلَى جَرْحَى الْمُشْرِكِينَ ، فَلَوْ حَلَفْتُ يَوْمَئِذٍ لَرَجَوْتُ أَنْ أَبَرَّ ، أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ : {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ، ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}.
فَلَمَّا خَالَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وَعَصَوْا مَا أُمِرُوا بِهِ ، أُفْرِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِسْعَةٍ ، سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَهُوَ عَاشِرُهُمْ ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ ، قَالَ : رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً رَدَّهُمْ عَنَّا ، قَالَ : فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ سَاعَةً حَتَّى قُتِلَ ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ أَيْضًا ، قَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ رَجُلاً رَدَّهُمْ عَنَّا ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ : مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا.
فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ ، فَقَالَ : اُعْلُ هُبَلُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قُولُوا : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : لَنَا عُزَّى ، وَلاَ عُزَّى لَكُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قُولُوا : اللَّهُ مَوْلاَنَا ، وَالْكَافِرُونَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ ،

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ.
يَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا
وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَر
ُحَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةَ ، وَفُلاَنٌ بِفُلاَنٍ ، وَفُلاَنٌ بِفُلاَنٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ سَوَاءً ، أَمَّا قَتْلاَنَا فَأَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ ، وَقَتْلاَكُمْ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : قَدْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مَلأٍ مِنِّي ، مَا أَمَرْتُ وَلاَ نَهَيْتُ ، وَلاَ أَحْبَبْتُ وَلاَ كَرِهْتُ ، وَلاَ سَاءَنِي وَلاَ سَرَّنِي ، قَالَ : فَنَظَرُوا فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ ، وَأَخَذَتْ هِنْدُ كَبِدَهُ فَلاَكَتْهَا ، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَأْكُلَهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَكَلَتْ مِنْهُ شَيْئًا ؟ قَالُوا : لاَ ، قَالَ : مَا كَانَ اللَّهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ النَّارَ.
فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ، وَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ ، فَرُفِعَ الأَنْصَارِيُّ وَتُرِكَ حَمْزَةُ ، ثُمَّ جِيءَ بِآخَرَ فَوَضَعَهُ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ، ثُمَّ رُفِعَ وَتُرِكَ حَمْزَةُ ، ثُمَّ جِيءَ بِآخَرَ فَوَضَعَهُ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ، ثُمَّ رُفِعَ وَتُرِكَ حَمْزَةُ ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلاَةً.
37939- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : شُجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِهِ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَذُلِقَ مِنَ الْعَطَشِ ، حَتَّى جَعَلَ يَقَعُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَتَرَكَهُ أَصْحَابُهُ ، فَجَاءَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَطْلُبُهُ بِدَمِ أَخِيهِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، فَقَالَ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَلْيَبْرُزْ لِي ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ نَبِيًّا قَتَلَنِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

: أَعْطُونِي الْحَرْبَةَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَبِكَ حَرَاكٌ ؟ فَقَالَ : إِنِّي قَدَ اسْتَسْقَيْتُ اللَّهَ دَمَهُ ، فَأَخَذَ الْحَرْبَةَ ، ثُمَّ مَشَى إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ فَصَرَعَهُ عَنْ دَابَّتِهِ ، وَحَمَلَهُ أَصْحَابُهُ فَاسْتَنْقَذُوهُ ، فَقَالُوا لَهُ : مَا نَرَى بِكَ بَأْسًا ، قَالَ : إِنَّهُ قَدَ اسْتَسْقَى اللَّهَ دَمِي ، إِنِّي لأَجِدُ لَهَا مَا لَوْ كَانَتْ عَلَى رَبِيعَةَ وَمُضَرَ لَوَسِعَتْهُمْ.
37940- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الزُّبَيْرِ ، مِثْلَهُ.
37941- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ ، أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ تَطْلُبُهُ ، لاَ تَدْرِي مَا صَنَعَ ، قَالَ : فَلَقِيَتْ عَلِيًّا ، وَالزُّبَيْرَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلزُّبَيْرِ : اُذْكُرْهُ لأُمِّكَ ، وَقَالَ الزُّبَيْرُ : لاَ ، بَلَ اُذْكُرْهُ أَنْتَ لِعَمَّتِكَ ، قَالَتْ : مَا فَعَلَ حَمْزَةُ ؟ قَالَ : فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لاَ يَدْرِيَانِ ، قَالَ : فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : إِنِّي لأَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا ، قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا ، وَدَعَا لَهَا ، قَالَ : فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ ، قَالَ : ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ ، فَقَالَ : لَوْلاَ جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ ، قَالَ : ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَيَضَعُ تِسْعَةً وَحَمْزَةَ ، فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ ، ثُمَّ يُجَاءُ بِتِسْعَةٍ ، فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعًا حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ.

37942- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : مَنْ رَأَى مَقْتَلَ حَمْزَةَ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْزَلُ : أَنَا رَأَيْتُ مَقْتَلَهُ ، قَالَ : فَانْطَلِقْ فَأَرِنَاهُ ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ ، فَرَآهُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مُثِّلَ بِهِ وَاللهِ ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ ، وَوَقَفَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَتْلَى ، فَقَالَ : أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ ، لُفُّوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ جَرِيحٌ يُجْرَحُ ، إِلاَّ جُرْحُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى ، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْك ، قَدِّمُوا أَكْثَرَ الْقَوْمِ قُرْآنًا ، فَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْدِ.
37943- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : اشْتُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شِدَّةَ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَقَالَ : احْفِرُوا ، وَأَوْسِعُوا ، وَأَحْسِنُوا ، وَادْفِنُوا فِي الْقَبْرِ الاِثْنَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا ، فَقَدَّمُوا أَبِي بَيْنَ يَدَيْ رَجُلَيْنِ.

37944- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ ، خَرَجَ مَعَهُ نَاسٌ ، فَرَجَعُوا ، قَالَ : فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ ؛ قَالَتْ فِرْقَةٌ : نَقْتُلُهُمْ , وَفِرْقَةٌ قَالَتْ : لاَ نَقْتُلُهُمْ , فَنَزَلَتْ : {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّهَا طَيْبَةُ ، وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ ، كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ.
37945- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا هِشَامُ الدَّسْتَوَائِيُّ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : صُرِخَ إِلَى قَتْلاَنَا يَوْمَ أُحُدٍ ، إِذْ أَجْرَى مُعَاوِيَةُ الْعَيْنَ ، فَاسْتَخْرَجْنَاهُمْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَيِّنَةً أَجْسَادُهُمْ ، تَتَثَنَّى أَطْرَافُهُمْ.
37946- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ ، قَالَ : رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ ، فَمَا أَرَى أَحَدًا مِنَ الْقَوْمِ إِلاَّ يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاسِ.

37947- حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى ، قَالَ : بَارَزَ عَلِيٌّ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ بَنِي شَيْبَةَ طَلْحَةَ وَمُسَافِعًا ، قَالَ : وَسَمَّى إِنْسَانًا آخَرَ ، قَالَ : فَقَتَلَهُمْ سِوَى مَنْ قَتَلَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَ لِفَاطِمَةَ حَيْثُ نَزَلَ : خُذِي السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيمٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَئِنْ كُنْتَ أَبْلَيْتَ ، فَقَدْ أَبْلَى فُلاَنٌ الأَنْصَارِيُّ ، وَفُلاَنٌ الأَنْصَارِيُّ ، وَفُلاَنٌ الأَنْصَارِيُّ حَتَّى انْقَطَعَ نَفَسُهُ ، أَوْ كَادَ يَنْقَطِعُ نَفَسُهُ.
37948- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : لَمَّا كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى ثَلاَثَةٍ ؛ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَلِكُ الأَمْلاَك ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى مَنْ كَسَرَ رَبَاعِيَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَثَّرَ فِي وَجْهِهِ ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا.
37949- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، قَالَ : هُشِّمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَجُرِحَ فِي وَجْهِهِ ، وَدُووِيَ بِحَصِيرٍ مُحَرَّقٍ ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَنْقُلُ إِلَيْهِ الْمَاءَ فِي الْحَجَفَةِ.

37950- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ لأَبِي بَكْرٍ : رَأَيْتُكَ يَوْمَ أُحُدٍ فَصُغتُ عَنْكَ ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَكِنِّي لَوْ رَأَيْتُكَ مَا صُغتُ عَنْكَ.
27- غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ.
37951- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ ، فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الأَرْضِ وَرَائِي ، فَالْتَفَتُّ ، فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ ، يَحْمِلُ مِجَنَّهُ ، فَجَلَسْتُ إِلَى الأَرْضِ ، قَالَتْ : فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ ، قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ ، فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ ، قَالَتْ : وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ ، قَالَتْ : فَمَرَّ يَرْتَجِزُ ، وَهُوَ يَقُولُ :

لَبِّثْ قَلِيلاً يُدْرِكِ الْهَيْجَا حَمَلْ
مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الأَجَلْ.
قَالَتْ : فَقُمْتُ ، فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً ، فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ لَهُ ، تَعْنِي الْمِغْفَرَ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : وَيْحَكِ ، مَا جَاءَ بِكِ ؟ وَيْحَكِ ، مَا جَاءَ بِكِ ؟ وَاللهِ إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ ، مَا يُؤَمِّنُكِ أَنْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ وَبَلاَءٌ ؟ قَالَتْ : فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلْتُ فِيهَا ، قَالَتْ : فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبِغَةَ عَنْ وَجْهِهِ ، فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ، قَالَ ، فَقَالَ : يَا عُمَرُ ، وَيْحَك ، قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمَ ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ ، أَوِ الْفِرَارُ إِلاَّ إِلَى اللهِ.
قَالَتْ : وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ : حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ ، فَقَالَ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ ، فَدَعَا اللَّهَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ قُرَيْظَةَ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، قَالَتْ : فَرَقَأَ كَلْمُهُ ، وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ : {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ بِتِهَامَةَ ، وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرِ بْنِ حِصْنٍ وَمَنْ مَعَهُ بِنَجْدٍ ، وَرَجَعَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي صَيَاصِيهِمْ ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ ، فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ ، وَوُضِعَ السِّلاَحُ.
قَالَتْ : فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : أَقَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ ؟ وَاللهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ السِّلاَحَ ، فَاخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالرَّحِيلِ

وَلَبِسَ لاَمَتَهُ ، فَخَرَجَ فَمَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ ، وَكَانُوا جِيرَانَ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : مَنْ مَرَّ بِكُمْ ؟ فَقَالُوا : مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِي ، وَكَانَ دِحْيَةُ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَسِنَّتُهُ وَوَجْهُهُ بِجِبْرِيلَ ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَحَاصَرَهُمْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَيْهِمْ ، قِيلَ لَهُمْ : انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ ، فَقَالُوا : نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ ابْنِ مُعَاذٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَنَزَلُوا ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدٍ ، فَحُمِلَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ ، وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ : يَا أَبَا عَمْرٍو ، حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ ، وَأَهْلُ النِّكَايَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ ، قَالَتْ : لاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دَارِهِمَ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ ، فَقَالَ : قَدْ أَنَى لِسَعْدٍ أَنْ لاَ يُبَالِيَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ، فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ ، قَالَ عُمَرُ : سَيِّدُنَا اللَّهُ ، قَالَ : أَنْزِلُوهُ ، فَأَنْزَلُوهُ.
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اُحْكُمْ فِيهِمْ ، قَالَ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ ، وَتُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :

لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ ، قَالَ : ثُمَّ دَعَا اللَّهَ سَعْدٌ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا ، وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ ، فَقَالَ : فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ ، وَكَانَ قَدْ بَرَأَ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ إِلاَّ مِثْلُ الْخُرْصِ.
قَالَتْ : فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَرَجَعَ سَعْدٌ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي كَانَ ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَتْ : فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، قَالَتْ : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي ، وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} قَالَ عَلْقَمَةُ : فَقُلْتُ : أَيْ أُمَّهْ ، فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ ؟ قَالَتْ : كَانَتْ عَيْنُهُ لاَ تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ.
37952- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، قَالَ : لَمَّا نَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَمْسَى ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ ، أَوَ قَالَ : مَلَكٌ ، فَقَالَ : مَنْ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ مَاتَ اللَّيْلَةَ ، اسْتَبْشَرَ بِمَوْتِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ؟ فَقَالَ : لاَ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ ، فَإِنَّهُ أَمْسَى دَنِفًا ،

مَا فَعَلَ سَعْدٌ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ قُبِضَ ، وَجَاءَ قَوْمُهُ فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى دَارِهِمْ ، قَالَ : فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ ، ثُمَّ خَرَجَ ، وَخَرَجَ النَّاسُ ، فَبَتَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ مَشْيًا ، حَتَّى إِنَّ شُسُوعَ نِعَالِهِمْ لَتُقْطَعُ مِنْ أَرْجُلِهِمْ ، وَإِنَّ أَرْدِيَتَهُمْ لَتَسْقُطُ عَنْ عَوَاتِقِهِمْ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بَتَتَّ النَّاسَ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَسْبِقَنَا إِلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ كَمَا سَبَقَتْنَا إِلَى حَنْظَلَةَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ : فَأَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُغَسَّلُ ، قَالَ : فَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ : دَخَلَ مَلَكٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَجْلِسٌ ، فَأَوْسَعْتُ لَهُ ، وَأُمُّهُ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ :
وَيْلَ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدًا ... بَرَاعَةً وَجَدًّا.
بَعْدَ أَيَادٍ يَا لَهُ وَمَجْدًا ... مُقَدَّمٌ سَدَّ بِهِ مَسَدًّا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : كُلُّ الْبَوَاكِي يَكْذِبْنَ إِلاَّ أُمَّ سَعْدٍ ، قَالَ مُحَمَّدٌ : وَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِنَا : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ لِجِنَازَتِهِ ، قَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ : مَا أَخَفَّ سَرِيرَ سَعْدٍ ، أَوْ جِنَازَةَ سَعْدٍ ؟ قَالَ : فَحَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ مَاتَ سَعْدٌ : لَقَدْ نَزَلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شَهِدُوا جِنَازَةَ سَعْدٍ ، مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ .

قَالَ مُحَمَّدٌ : فَسَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ ، وَدَخَلَ عَلَيْنَا الْفُسْطَاطَ ، وَنَحْنُ نَدْفِنُ وَاقِدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَقَالَ : أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا ؟ سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يُحَدِّثُونَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ مَاتَ سَعْدٌ : لَقَدْ نَزَلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شَهِدُوا جِنَازَةَ سَعْدٍ ، مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ : فَأَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : مَا كَانَ أَحَدٌ أَشَدَّ فَقْدًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ ، أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ ؛ أَنَّ رَجُلاً أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ سَعْدٍ يَوْمَئِذٍ ، فَفَتَحَهَا بَعْدُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ.
قَالَ مُحَمَّدٌ : وَحَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : وَكَانَ وَاقِدٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ ، فَقَالَ لِي : مَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : أَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، قَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا ، إِنَّك بِسَعْدٍ لَشَبِيهٌ ، ثُمَّ قَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا ، كَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ ، قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ مَنْسُوجٍ فِيهَا ذَهَبٌ ، فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَجَلَسَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْمِسُونَ الْجُبَّةَ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا ، فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْهَا ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا رَأَيْنَا ثَوْبًا أَحْسَنَ مِنْهُ ، قَالَ : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِمَّا تَرَوْنَ.

37953- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَوْبُ حَرِيرٍ ، فَجَعَلُوا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ لِينِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِي الْجَنَّةِ أَلْيَنُ مِمَّا تَرَوْنَ.
37954- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ ، يَقُولُ ، وَذَكَرَ الْحَرُورِيَّةَ وَتَبْيِيتَهُمْ ، فَقَالَ : قَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُفِرَ الْخَنْدَقُ ، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ يُبَيِّتَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ : إِنْ بُيِّتُّمْ ، فَإِنَّ دَعْوَاكُمْ حم لاَ يُنْصَرُونَ.
37955- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللهِ سَعْدًا قَالَ : إِنَّمَا يَعْنِي السَّرِيرَ ، قَالَ : {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} قَالَ : تَفَسَّخَتْ أَعْوَادُهُ ، قَالَ : دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْرَهُ فَاحْتَبَسَ ، فَلَمَّا خَرَجَ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ : ضُمَّ سَعْدٌ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ.
37956- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.

37957- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، يُقَالُ لَهَا : أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ سَكَنٍ ، قَالَتْ : لَمَّا خُرِجَ بِجِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ صَاحَتْ أُمُّهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأُمِّ سَعْدٍ : أَلاَ يَرْقَأُ دَمْعُكِ ، وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ ؟ إِنَّ ابْنَكِ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ لَهُ ، وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ.
37958- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَدِمْنَا فِي حَجٍّ ، أَوْ عُمْرَةٍ فَتُلُقِّينَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَكَانَ غِلْمَانُ الأَنْصَارِ يَتَلَقَّوْنَ أَهَالِيَهُمْ ، فَلَقُوا أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ ، فَنَعَوْا لَهُ امْرَأَتَهُ فَتَقَنَّعَ ، فَجَعَلَ يَبْكِي ، فَقُلْتُ : غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ، أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَكَ مِنَ السَّابِقَةِ وَالْقِدَمِ مَالَكَ ، وَأَنْتَ تَبْكِي عَلَى امْرَأَةٍ ، قَالَتْ : فَكَشَفَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : صَدَقْتِ لَعَمْرِي ، لَيَحُقَّنَّ أَنْ لاَ أَبْكِيَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ ، قُلْتُ : وَمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ : لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِوَفَاةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، قَالَتْ : وَهُوَ يَسِيرُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

37959- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
37960- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : لَمَّا مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِرُوحِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
37961- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، رَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ ، قَالَتْ : فَحَوَّلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ خَيْمَةً لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ.
37962- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ فِي قَوْلِهِ : {إِذْ جَاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ، وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} قَالَتْ : كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.

37963- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَافَّ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، قَالَ ، وَكَانَ يَوْمًا شَدِيدًا لَمْ يَلْقَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُ قَطُّ ، قَالَ : وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ ، وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ جَالِسٌ ، وَذَلِكَ زَمَانُ طَلْعِ النَّخْلِ ، قَالَ : وَكَانُوا يَفْرَحُونَ بِهِ إِذَا رَأَوْهُ فَرَحًا شَدِيدًا ، لأَنَّ عَيْشَهُمْ فِيهِ ، قَالَ ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهُ فَبَصُرَ بِطَلْعَةٍ ، وَكَانَتْ أَوَّلَ طَلْعَةٍ رُئِيَتْ ، قَالَ : فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ : طَلْعَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ ، مِنَ الْفَرَحِ ، قَالَ : فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَبَسَّمَ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ لاَ تَنْزِعْ مِنَّا صَالِحَ مَا أَعْطَيْتَنَا ، أَوْ صَالِحًا أَعْطَيْتَنَا.
37964- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ ، قَالَ : لَمَّا أُصِيبَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بِالرَّمْيَةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، وَجَعَلَ دَمُهُ يَسِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : وَا انْقِطَاعُ ظَهْرَاهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَهْ يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَجَاءَ عُمَرُ ، فَقَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
37965- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : مَسْعُود ، وَكَانَ نَمَّامًا ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ بَعَثَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ

: أَنَ ابْعَثْ إِلَيْنَا رِجَالاً يَكُونُونَ فِي آطَامِنَا ، حَتَّى نُقَاتِلَ مُحَمَّدًا مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ ، وَتُقَاتِلَ أَنْتَ مِمَّا يَلِي الْخَنْدَقَ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَجْهَيْنِ ، فَقَالَ لِمَسْعُودٍ : يَا مَسْعُودُ ، إِنَّا نَحْنُ بَعَثْنَا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ : أَنْ يُرْسِلُوا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ ، فَيُرْسِلَ إِلَيْهِمْ رِجَالاً ، فَإِذَا أَتَوْهُمْ قَتَلُوهُمْ ، قَالَ : فَمَا عَدَا أَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَمَا تَمَالَكَ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : صَدَقَ وَاللهِ مُحَمَّدٌ ، مَا كَذَبَ قَطُّ ، فَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ أَحَدًا.
37966- حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : مَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ ثَلاَثًا ، مَا ذَاقُوا طَعَامًا ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ هَاهُنَا كُدْيَةً مِنَ الْجَبَلِ ، يَعْنِي قِطْعَةً مِنَ الْجَبَلِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : رُشُّوا عَلَيْهَا الْمَاءَ ، فَرَشُّوهَا ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ ، أَوِ الْمِسْحَاةَ ، ثُمَّ قَالَ : بِسْمِ اللهِ ، ثُمَّ ضَرَبَ ثَلاَثًا فَصَارَتْ كَثِيبًا ، قَالَ جَابِرٌ : فَحَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ شَدَّ عَلَى بَطْنِهِ حَجَرًا.
37967- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَنْقُلُ التُّرَابَ ، حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعْرَ صَدْرِهِ ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ يَقُولُ :
اللَّهُمَّ لَوْ لاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا.
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا.
إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا.

37968- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً بَارِدَةً ، وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ ، قَالَ :
إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ.
فَأَجَابُوهُ :
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا.
37969- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الظُّهْرِ ، وَالْعَصْرِ ، وَالْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ حَتَّى كُفِينَا ذَلِكَ ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ : {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ، وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَقَامَ ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلاَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ : {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً ، أَوْ رُكْبَانًا}.

37970- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ الظُّهْرَ ، وَالْعَصْرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ.
37971- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، قَالَ : جَاءَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، فَقَالاَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْخَنْدَقِ : نَكُفُّ عَنْكَ غَطَفَانَ ، عَلَى أَنْ تُعْطِيَنَا ثِمَارَ الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَرَاوَضُوهُ حَتَّى اسْتَقَامَ الأَمْرُ عَلَى نِصْفِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ ، فَقَالُوا : اُكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كِتَابًا ، فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ ، قَالَ : وَالسَّعْدَانِ ؛ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ جَالِسَانِ ، فَأَقْبَلاَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالاَ : أَشَيْءٌ أَتَاكَ عَنِ اللهِ ، لَيْسَ لَنَا أَنْ نَعْرِضَ فِيهِ ؟قَالَ : لاَ ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَصْرِفَ وُجُوهَ هَؤُلاَءِ عَنِّي ، وَيَفْرُغَ وَجْهِي لِهَؤُلاَءِ ، قَالَ : قَالاَ لَهُ : مَا نَالَتْ مِنَّا الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِنَا شَيْئًا إِلاَّ بِشِرًى ، أَوْ قِرًى.

37972- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبِيْدَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ : حَبَسُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى ، صَلاَةِ الْعَصْرِ ، مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا.
37973- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، وَابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي . إِلاَّ أَنَّ ابْنَ إِدْرِيسَ قَالَ : عُرِضْتُ.
37974- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ : مَنْ رَجُلٌ يَذْهَبُ فَيَأْتِينَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ ؟ فَرَكِبَ الزُّبَيْرُ فَجَاءَهُ بِخَبَرِهِمْ ، ثُمَّ عَادَ ، فَقَالَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ : مَنْ يَجِيئُنِي بِخَبَرِهِمْ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ : نَعَمْ ، قَالَ : وَجَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ أَبَوَيْهِ ، فَقَالَ : فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ : لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِي ، وَحِوَارِيِّ الزُّبَيْرُ ، وَابْنُ عَمَّتِي.
37975- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ مَيْمُونٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

أَنْ نَحْفِرَ الْخَنْدَقَ ، عَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الْجَبَلِ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ ، لاَ تَدْخُلُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ ، فَاشْتَكَيْنَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا رَآهَا أَخَذَ الْمِعْوَلَ وَأَلْقَى ثَوْبَهُ ، وَقَالَ : بِسْمِ اللهِ ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا ، فَقَالَ : اَللَّهُ أَكْبَرُ ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ ، وَاللهِ إِنِّي لأَبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ السَّاعَةَ ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ فَقَطَعَ ثُلُثًا آخَرَ ، فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ ، وَاللهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الأَبْيَضَ ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ : بِسْمِ اللهِ ، فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ ، وَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ ، وَاللهِ إِنِّي لأَبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ.
37976- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ؛ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ ، حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَأَمَرَ بِلاَلا ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ الظُّهْرَ ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ.
37977- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ؛ أَنَّ صَفِيَّةَ كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ.

37978- حَدَّثَنَا وَكِيعُ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ : مَنْ يُبَارِزُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قُمْ يَا زُبَيْرُ ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَاحِدِي ، فَقَالَ : قُمْ يَا زُبَيْرُ ، فَقَامَ الزُّبَيْرُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَيُّهُمَا عَلاَ صَاحِبَهُ قَتَلَهُ ، فَعَلاَهُ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ جَاءَ بِسَلَبِهِ ، فَنَفَّلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ.
37979- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ كُلِّهِمْ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ؛ أَنَّ نَوْفَلاً ، أَوِ ابْنَ نَوْفَلٍ ، تَرَدَّى بِهِ فَرَسُهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقُتِلَ ، فَبَعَثَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِدِيَتِهِ ، مِئَةً مِنَ الإِبِلِ ، فَأَبَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَ : خُذُوهُ ، فَإِنَّهُ خَبِيثُ الدِّيَةِ ، خَبِيثُ الْجِيفَةِ.

28- مَا حَفِظْتُ فِي بنِي قُرَيْظَةَ.
37980- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عِكْرِمَةَ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ : جَنَاحٌ.
37981- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، وَعَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ ، وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ ، فَقَالَ : وَضَعْتَ السِّلاَحَ ؟ فَوَاللهِ مَا وَضَعْتُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : فَأَيْنَ ؟ قَالَ : هَاهُنَا ، وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، قَالَ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ.
37982- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ : الْحَرْبُ خَِدْعَةٌ.
37983- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : عَاهَدَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا ، وَجَعَلَ اللَّهَ عَلَيْهِ كَفِيلاً ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ قُرَيْظَةَ ، أُتِيَ بِهِ وَبِابْنِهِ سَلْمًا ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَوْفِي الْكَفِيلَ ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقَهُ ، وَعُنُقَ ابْنِهِ.

37984- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ قُرَيْظَةَ ، فَقَالَ : فِدَاك أَبِي وَأُمِّي.
37985- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِِبْرَاهِيمَ ، عَن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ ، سَمِعَهُ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، يَقُولُ : نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، قَالَ : فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدٍ ، قَالَ : فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ ، قَالَ : فَلَمَّا أَنْ دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ ، أَوْ خَيْرِكُمْ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ ، قَالَ : تُقْتَلُ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَضَيْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ ، وَرُبَّمَا قَالَ : قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللهِ.
37986- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ؛ أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حكْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَرَدُّوا الْحُكْمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَحَكَمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ ، وَتُقَسَّمُ أَمْوَالُهُمْ ، قَالَ هِشَامٌ : قَالَ أَبِي : فَأُخْبِرْتُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ.

37987- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : رَمَى أَهْلُ قُرَيْظَةَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ ، فَأَصَابُوا أَكْحَلَهُ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تَشْفِيَنِي مِنْهُمْ ، قَالَ : فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَحَكَمَ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : بِحُكْمِ اللهِ حَكَمْتَ.
37988- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ، يَقُولُ : دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَحْزَابِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ ، سَرِيعَ الْحِسَابِ ، هَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ.
37989- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ ، قَالَ : لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ الأَحْزَابَ ، وَرَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَيْتِهِ ، فَأَخَذَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : عَفَا اللَّهُ عَنْكَ ، وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَلَمْ تَضَعْهُ مَلاَئِكَةُ السَّمَاءِ ؟ ائْتِنَا عِنْدَ حِصْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَنَادَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ : أَنَ ائْتُوا حِصْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ ، ثُمَّ اغْتَسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَتَاهُمْ عِنْدَ الْحِصْنِ.

29- مَا حَفِظْتُ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ.
37990- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، قَالَ : كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، فَكَتَبَ إِلَيَّ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، وَهُمْ غَارُّونِ ، وَنَعَمُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ ، فَكَانَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِمَّا أَصَابُوا ، وَكُنْتُ فِي الْخَيْلِ.
37991- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا ، وَأَبُو صِرْمَةَ الْمَازِنِيُّ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الْعَزْلِ ؟ فَقَالَ : أَسَرْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ ، أَسَرْنَا نِسَاءَ بَنِي عَبْدِ الْمُصْطَلِقِ ، فَأَرَدْنَا الْعَزْلَ ،

وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ ، فَقَالَ بَعْضُنَا : أَتَعْزِلُونَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ فَأَتَيْنَاهُ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَسَرْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ ، أَسَرْنَا نِسَاءَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَأَرَدْنَا الْعَزْلَ ، وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَسَمَةٍ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ وَهِيَ كَائِنَةٌ.
37992- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ لَمَّا أَتَوْا الْمَنْزِلَ ، وَقَدْ جَلاَ أَهْلُهُ ، أَجْهَضُوهُمْ ، وَقَدْ بَقِيَ دَجَاجٌ فِي الْمَعْدِنِ ، فَكَانَ بَيْنَ غِلْمَانٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَغِلْمَانٍ مِنَ الأَنْصَارِ قِتَالٌ ، فَقَالَ غِلْمَانٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ : يَا لَلْمُهَاجِرِينَ ، وَقَالَ غِلْمَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ : يَا لَلأَنْصَارِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيِّ ابْنَ سَلُولَ ، فَقَالَ : أَمَا وَاللهِ لَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُنْفِقُوا عَلَيْهِمَ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ ، أَمَا وَاللهِ : {لَئِنْ رَجَعَنَّا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمْ بِالرَّحِيلِ ، فَكَأَنَّهُ يَشْغَلُهُمْ ، فَأَدْرَكَ رَكْبًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فِي الْمَسِيرِ ، فَقَالَ لَهُمْ : أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا قَالَ الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ؟ قَالُوا : وَمَاذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : قَالَ : أَمَا وَاللهِ لَوْ لَمْ تُنْفِقُوا عَلَيْهِمْ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ ، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ رَجَعَنَّا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ، قَالُوا : صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَأَنْتَ وَاللهِ الْعَزِيزُ ، وَهُوَ الذَّلِيلُ.

30- غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيةِ.
37993- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ : {إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا} ، قَالَ : الْحُدَيْبِيَةُ.
37994- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ ، وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي شَوَّالٍ ، قَالَ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفَانَ ، لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا تَرَكْنَا قُرَيْشًا وَقَدْ جَمَعَتْ لَكَ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهَا الْخَزِيرَ ، يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا تَبَرَّزَ مِنْ عُسْفَانَ ، لَقِيَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ طَلِيعَةً لِقُرَيْشٍ ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : هَلُمَّ هَاهُنَا ، فَأَخَذَ بَيْنَ سَرْوَعَتَيْنِ ، يَعْنِي شَجَرَتَيْنِ ، وَمَالَ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ حَتَّى نَزَلَ الْغَمِيمَ.
فَلَمَّا نَزَلَ الْغَمِيمَ خَطَبَ النَّاسَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ :

أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعَتْ لَكُمْ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهَا الْخَزِيرَ ، يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِمَا تَرَوْنَ ؟ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الرَّأْسِ ، يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ ، أَمْ تَرَوْنَ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ ، فَنُخَالِفُهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ ، فَإِنْ جَلَسُوا جَلَسُوا مَوْتُورِينَ مَهْزُومِينَ ، وَإِنْ طَلَبُونَا طَلَبُونَا طَلَبًا مُتَدَارِيًا ضَعِيفًا ، فَأَخْزَاهُمَ اللَّهُ ؟.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، نَرَى أَنْ تَعْمِدَ إِلَى الرَّأْسِ ، فَإِنَّ اللَّهَ مُعِينُكَ ، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكَ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُظْهِرُكَ ، قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ وَهُوَ فِي رَحْلِهِ : إِنَّا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِنَبِيِّهَا : {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ ، إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ ، إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا غَشِيَ الْحَرَمَ وَدَخَلَ أَنْصَابَهُ ، بَرَكَتْ نَاقَتُهُ الْجَدْعَاءُ ، فَقَالُوا : خَلأَتْ ، فَقَالَ : وَاللهِ مَا خَلأَتْ ، وَمَا الْخَلأُ بِعَادَتِهَا ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ عَنْ مَكَّةَ ، لاَ تَدْعُونِي قُرَيْشٌ إِلَى تَعْظِيمِ الْمَحَارِمِ فَيَسْبِقُونِي إِلَيْهِ ، هَلُمَّ هَاهُنَا لأَصْحَابِهِ ، فَأَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ فِي ثَنِيَّةٍ تُدْعَى ذَاتَ الْحَنْظَلِ ، حَتَّى هَبَطَ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ ، فَلَمَّا نَزَلَ اسْتَقَى النَّاسُ مِنَ الْبِئْرِ ، فَنَزَفَتْ وَلَمْ تَقُمْ بِهِمْ ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُمْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَةِ ، فَقَالَ : اِغْرِزُوهُ فِي الْبِئْرِ ، فَغَرَزُوهُ فِي الْبِئْرِ ، فَجَاشَتْ وَطَمَا مَاؤُهَا

حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِالْعَطَنِ.
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِهِ قُرَيْشٌ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَخَا بَنِي حُلَيْسٍ ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ ، فَقَالَ : ابْعَثُوا الْهَدْيَ ، فَلَمَّا رَأَى الْهَدْيَ لَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً ، وَانْصَرَفَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : يَا قَوْمُ الْقَلاَئِدُ وَالْبُدْنُ وَالْهَدْي ، فَحَذَّرَهُمْ وَعَظَّمَ عَلَيْهِمْ ، فَسَبُّوهُ وَتَجَهَّمُوهُ ، وَقَالُوا : إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ لاَ نَعْجَبُ مِنْكَ ، وَلَكِنَّا نَعْجَبُ مِنْ أَنْفُسِنَا إِذْ أَرْسَلْنَاكَ ، اِجْلِسْ.
ثُمَّ قَالُوا لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ : انْطَلِقْ إِلَى مُحَمَّدٍ ، وَلاَ نُؤْتَيَنَّ مِنْ وَرَائِكَ ، فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى أَتَاهُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَا رَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْعَرَبِ سَارَ إِلَى مِثْلِ مَا سِرْت إِلَيْهِ ، سِرْتَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ إِلَى عِتْرَتِكَ وَبَيْضَتِكَ الَّتِي تَفَلَّقَتْ عَنْك لِتُبِيدَ خَضْرَاءَهَا ، تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَعَامِرِ بْنِ لُؤَي ، قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ عِنْدَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ يُقْسِمُونَ بِاللهِ لاَ تَعْرِضُ لَهُمْ خُطَّةً إِلاَّ عَرَضُوا لَكَ أَمْرَّ مِنْهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ ، وَلَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَقْضِيَ عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرَ هَدْيَنَا ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ قَوْمَكَ ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ قَتَبٍ ، وَإِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَخَافَتْهُمْ ، وَإِنَّهُ لاَ خَيْرَ لَهُمْ أََنْ تَأْكُلَ الْحَرْبُ مِنْهُمْ إِلاَّ مَا قَدْ أَكَلَتْ ، فَيُخَلُّونَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ ، فَنَقْضِي عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرُ هَدْيَنَا ، وَيَجْعَلُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً ، نُزِيلُ فِيهَا نِسَاءَهُمْ وَيَأْمَنُ فِيهَا سَرْبُهُمْ ، وَيُخَلُّونَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ ، فَإِنِّي وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الأَمْرِ

الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يُظْهِرَنِي اللَّهُ ، أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي ، فَإِنْ أَصَابَنِي النَّاسُ فَذَاكَ الَّذِي يُرِيدُونَ ، وَإِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَيْهِمَ اخْتَارُوا ؛ إِمَّا قَاتَلُوا مُعَدِّينَ ، وَإِمَّا دَخَلُوا فِي السِّلْمِ وَافِرِينَ.
قَالَ : فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : تَعْلَمُنَّ وَاللهِ مَا عَلَى الأَرْضِ قَوْمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكُمْ ، إِنَّكُمْ لإِخْوَانِي وَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَلَقَدَ اسْتَنْصَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِي الْمَجَامِعِ ، فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكُمْ أَتَيْتُكُمْ بِأَهْلِي حَتَّى نَزَلْتُ مَعَكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أُوَاسِيَكُمْ ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ الْحَيَاةَ بَعْدَكُمْ ، تَعْلَمُنَّ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ عَرَضَ نِصْفًا فَاقْبَلُوهُ ، تَعْلَمُنَّ أَنِّي قَدْ قَدِمْتُ عَلَى الْمُلُوك ، وَرَأَيْتُ الْعُظَمَاءَ ، فَأُقْسِمُ بِاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا ، وَلاَ عَظِيمًا أَعْظَمَ فِي أَصْحَابِهِ مِنْهُ ، إِنْ يَتَكَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ ، فَإِنْ هُوَ أَذِنَ لَهُ تَكَلَّمَ ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَكَتَ ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضَّأُ فَيَبْتَدِرُونَ وَضُوءَهُ يَصُبُّونَهُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ ، يَتَّخِذُونَهُ حَنَانًا.
فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ، وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ ، فَقَالُوا : انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ ، فَإِنْ أَعْطَاكُمْ مَا ذَكَرَ عُرْوَةُ ، فَقَاضِيَاهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ هَذَا عَنَّا ، وَلاَ يَخْلُصَ إِلَى الْبَيْتِ ، حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَسْمَعُ بِمَسِيرِهِ مِنَ الْعَرَبِ ؛ أَنَّا قَدْ صَدَدْنَاهُ ، فَخَرَجَ سُهَيْلٌ ، وَمِكْرَزٌ حَتَّى أَتَيَاهُ وَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ ، فَأَعْطَاهُمَا الَّذِي سَأَلاَ ، فَقَالَ : اُكْتُبُوا : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ ، قَالُوا : وَاللهِ لاَ نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا ، قَالَ : فَكَيْفَ ؟ قَالُوا : نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، قَالَ : وَهَذِهِ فَاكْتُبُوهَا ، فَكَتَبُوهَا ، ثُمَّ قَالَ :

اُكْتُبْ : هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، فَقَالُوا : وَاللهِ مَا نَخْتَلِفُ إِلاَّ فِي هَذَا ، فَقَالَ : مَا أَكْتُبُ ؟ فَقَالُوا : انْتَسِبْ ، فَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : وَهَذِهِ حَسَنَةٌ ، اُكْتُبُوهَا ، فَكَتَبُوهَا.
وَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ ، أَنَّ بَيْنَنَا الْعَيْبَةَ الْمَكْفُوفَةَ ، وَأَنَّهُ لاَ إِغْلاَلَ ، وَلاَ إِسْلاَلَ.
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ : الإِغْلاَلُ الدُّرُوعُ ، وَالإِسْلاَلُ السُّيُوفُ ، وَيَعْنِي بِالْعَيْبَةِ الْمَكْفُوفَةِ أَصْحَابَهُ يَكُفُّهُمْ عَنْهُمْ.
وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا ، وَمَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ لَمْ نَرْدُدْهُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : وَمَنْ دَخَلَ مَعِي فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِي ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : مَنْ دَخَلَ مَعَنا فَهُوَ مِنَّا ، لَهُ مِثْلُ شَرْطِنَا ، فَقَالَتْ بَنُو كَعْبٍ : نَحْنُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ : نَحْنُ مَعَ قُرَيْشٍ.
فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الْكِتَابِ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَرْسُفُ فِي الْقُيُودِ ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : هَذَا أَبُو جَنْدَلٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : هُوَ لِي ، وَقَالَ سُهَيْلٌ : هُوَ لِي ، وَقَالَ سُهَيْلٌ : اقْرَأَ الْكِتَابَ ، فَإِذَا هُوَ لِسُهَيْلٍ ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : يَا أَبَا جَنْدَلٍ ، هَذَا السَّيْفُ ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَرَجُلٌ ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : أَعَنْتَ عَلَيَّ يَا عمَرُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِسُهَيْلٍ : هَبْهُ لِي ، قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَأَجِزْهُ لِي ، قَالَ : لاَ ، قَالَ مِكْرَزٌ : قَدْ أَجَزْتُهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ ، فَلَمْ يُهَجْ.

37995- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ مَرْوَانَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَامَ صَدُّوهُ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ اضْطَرَبَ فِي الْحِلِ ، وَكَانَ مُصَلاَهُ فِي الْحَرَمِ ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْقَضِيَّةَ وَفَرَغُوا مِنْهَا ، دَخَلَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، انْحَرُوا ، وَاحْلِقُوا ، وَأَحِلُّوا ، فَمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ ، ثُمَّ أَعَادَهَا فَمَا قَامَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ ، فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَقَالَ : مَا رَأَيْتِ مَا دَخَلَ عَلَى النَّاسِ ؟ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اذْهَبْ ، فَانْحَرْ هَدْيَك ، وَاحْلِقْ ، وَأَحِلَ ، فَإِنَّ النَّاسَ سَيُحِلُّونَ ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَحَلَقَ ، وَأَحَلَّ.
37996- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : لَمَّا حُصِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبَيْتِ ، صَالَحَهُ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا فَيُقِيمَ بِهَا ثَلاَثًا ، وَلاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ : السَّيْفِ وَقِرَابِهِ ، وَلاَ يَخْرُجَ مَعَهُ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا ، وَلاَ يَمْنَعَ أَحَدًا أَنْ يَمْكُثَ بِهَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ ،

فَقَالَ لِعَلِيٍّ : اُكْتُبَ الشَّرْطَ بَيْنَنَا : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ تَابَعَنَاكَ ، وَلَكِنِ اُكْتُبْ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحُوَهَا ، فَقَالَ عَلِيٌّ : لاَ وَاللهِ ، لاَ أَمْحُوهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَرِنِي مَكَانَهَا ، فَأَرَاهُ مَكَانَهَا ، فَمَحَاهَا ، وَكَتَبَ : ابْنُ عَبْدِ اللهِ ، فَأَقَامَ فِيهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ ، قَالُوا لِعَلِيٍّ : هَذَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَرْطِ صَاحِبِكَ ، فَمُرْهُ فَلْيَخْرُجْ ، فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، فَخَرَجَ.
37997- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : نَزَلْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَوَجَدْنَا مَاءَهَا قَدْ شَرِبَهُ أَوَائِلُ النَّاسِ ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبِئْرِ ، ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْهَا ، فَأَخَذَ مِنْهُ بِفِيهِ ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهَا وَدَعَا اللَّهَ ، فَكَثُرَ مَاؤُهَا حَتَّى تَرَوَّى النَّاسُ مِنْهَا.
37998- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَمَعَهُ الْمُهَاجِرِونَ وَالأََنْصَارُ حَتَّى أَتَى الْحُدَيْبِيَةَ ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَرَدُّوهُ عَنِ الْبَيْتِ ، حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمْ كَلاَمُ وَتَنَازُعٌ ، حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ ، قَالَ : فَبَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابُهُ وَعِدَّتُهُمْ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِئَةٍ تَحْتَ

الشَّجَرَةِ ، وَذَلِكَ يَوْمُ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ ، فَقَاضَاهُمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : نُقَاضِيكَ عَلَى أَنْ تَنْحَرَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ ، وَتَحْلِقَ وَتَرْجِعَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ نُخَلِّي لَكَ مَكَّةَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، فَفَعَلَ.
قَالَ : فَخَرَجُوا إِلَى عُكَاظٍ ، فَأَقَامُوا فِيهَا ثَلاَثًا ، وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا بِسِلاَحٍ إِلاَّ بِالسَّيْفِ ، وَلاَ تَخْرُجَ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ إِنْ خَرَجَ مَعَكَ ، فَنَحَرَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ ، وَحَلَقَ وَرَجَعَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي قَابِلِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ دَخَلَ مَكَّةَ ، وَجَاءَ بِالْبُدْنِ مَعَهُ ، وَجَاءَ النَّاسُ مَعَهُ ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ : {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ، لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} قَالَ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ : {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ، فَمَنَ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَاتِلُوهُمْ ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ إِنْ قَاتَلُوهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ فِيْهِ ، فَأَتَاهُ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، وَكَانَ مُوثَقًا ، أَوْثَقَهُ أَبُوهُ ، فَرَدَّهُ إِلَى أَبِيهِ.

37999- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ فِي الْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، قَالَ : وَالْمُشْرِكُونَ عِنْدَ بَابِ النَّدْوَةِ مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ ، وَقَدْ تَحَدَّثُوا أَنَّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ جُهْدًا وَهُزْلاً ، فَلَمَّا اسْتَلَمُوا ، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّهُمْ قَدْ تَحَدَّثُوا أَنَّ بِكُمْ جُهْدًا وَهُزْلاً ، فَارْمُلُوا ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ حَتَّى يَرَوْا أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً ، قَالَ : فَلَمَّا اسْتَلَمُوا الْحَجَرَ رَفَعُوا أَرْجُلَهُمْ فَرَمَلُوا ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَلَيْسَ زَعَمْتُمْ أَنَّ بِهِمْ هُزْلاً وَجُهْدًا ، وَهُمْ لاَ يَرْضَوْنَ بِالْمَشْيِ حَتَّى يَسْعَوْا سَعْيًا ؟.
38000- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ ، قَالَ : شَهِدْتُ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إِذَا النَّاسُ يُوجِفُونَ الأَبَاعِرَ ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ : مَا لِلنَّاسِ ؟ فَقَالُوا : أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَخَرَجْنَا نُوجِفُ مَعَ النَّاسِ حَتَّى وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفًا عِنْدَ كُرَاعِ الْغَمِيمِ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَعْضُ مَا يُرِيدُ مِنَ النَّاسِ ، قَرَأَ عَلَيْهِمْ : {إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا} فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوَفَتْحٌ هُوَ ؟ قَالَ : إِيْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّهُ لَفَتْحٌ ، قَالَ : فَقُسِّمَتْ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ، عَلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ ، وَثَلاَثُ مِئَة فَارِسٍ ، فَكَانَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ.

38001- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَنَحَرَ مِئَةَ بَدَنَةٍ ، وَنَحْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِئَة ، وَمَعَهُمْ عِدَّةُ السِّلاَحِ وَالرِّجَالِ وَالْخَيْلِ ، وَكَانَ فِي بُدْنِهِ جَمَلٌ ، فَنَزَلَ الْحُدَيْبِيَةَ فَصَالَحَتُهُ قُرَيْشٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ مَحَلُّهُ حَيْثُ حَبَسْنَاهُ.
38002- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، قَالَ : لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا ، وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ ، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟ قَالَ : يَابْنَ الْخَطَّابِ ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا ، قَالَ : فَانْطَلَقَ عُمَرُ ، وَلَمْ يَصْبِرْ ، مُتَغَيِّظًا حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا

وَبَيْنَهُمْ ؟ قَالَ : يَابْنَ الْخَطَّابِ ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا ، قَالَ : فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْفَتْحِ ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إيَّاهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوَفَتْحٌ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ.
38003- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ قُرَيْشًا صَالَحُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ : اُكْتُبْ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : أَمَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ فَمَا نَدْرِي مَا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ ، وَلَكِنِ اُكْتُبْ بِمَا نَعْرِفُ : بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، فَقَالَ : اُكْتُبْ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ ، قَالُوا : لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ اتَّبَعَنَاكَ ، وَلَكِنِ اُكْتُبَ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اُكْتُبْ : مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَتَكْتُبُ هَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا.
38004- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، سَمِعَ جَابِرًا ، يَقُولُ : كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَة ، فَقَالَ لَنَا : أَنْتُمَ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ.

38005- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ ، وَمَرْوَانَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ خَرَجَ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ ، وَأَشْعَرَ ، وَأَحْرَمَ.
38006- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَعَثَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُصَالِحُوهُ ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ سُهَيْلٌ ، قَالَ : قَدْ سَهُلَ مِنْ أَمْرِكُمْ , الْقَوْمُ يَأْتُونَ إِلَيْكُمْ بِأَرْحَامِهِمْ ، وَسَائِلُوكُمُ الصُّلْحَ ، فَابْعَثُوا الْهَدْيَ ، وَأَظْهِرُوا التَّلْبِيَةِ , لَعَلَّ ذَلِكَ يُلَيِّنُ قُلُوبَهُمْ , فَلَبَّوْا مِنْ نَوَاحِي الْعَسْكَرِ ، حَتَّى ارْتَجَّتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ ، قَالَ : فَجَاؤُوهُ فَسَأَلُوا الصُّلْحَ.
قَالَ : فَبَيْنَمَا النَّاسُ قَدْ تَوَادَعُوا , وَفِي الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، وَفِي الْمُشْرِكِينَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , فَقِيلَ : أَبُو سُفْيَانَ , فَإِذَا الْوَادِي يَسِيلُ بِالرِّجَالِ وَالسِّلاَحِ ، قَالَ : قَالَ إِيَاسٌ : قَالَ سَلَمَةُ : فَجِئْتُ بِسِتَّةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُسَلَّحِينَ أَسُوقُهُمْ , مَا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا ، وَلاَ ضَرًّا , فَأَتَيْنَا بِهِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ يَسْلُبْ ، وَلَمْ يَقْتُلْ ، وَعَفَا ،

قَالَ : فَشَدَدْنَا عَلَى مَا فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ مِنَّا , فَمَا تَرَكْنَا فِيهِمْ رَجُلاً مِنَّا إِلاَّ اسْتَنْقَذْنَاهُ ، قَالَ : وَغُلِبْنَا عَلَى مَنْ فِي أَيْدِينَا مِنْهُمْ.
ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا أَتَتْ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى ، فَوَلُوا صُلْحَهُمْ , وَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا ، وَطَلْحَةَ , فَكَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ قُرَيْشًا ، صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لاَ إِغْلاَلَ ، وَلاَ إِسْلاَلَ , وَعَلَى أَنَّهُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ حَاجًّا ، أَوْ مُعْتَمِرًا ، أَوْ يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللهِ ، فَهُوَ آمِنٌ عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ , وَمَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ قُرَيْشٍ مُجْتَازًا إِلَى مِصْرَ وَإِلَى الشَّامِ ، يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللهِ ، فَهُوَ آمِنٌ عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ , وَعَلَى أَنَّهُ مَنْ جَاءَ مُحَمَّدًا مِنْ قُرَيْشٍ فَهُوَ رَدٌّ , وَمَنْ جَاءَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ لَهُمْ.
فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ جَاءَهُمْ مِنَّا فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ , وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ رَدَدْنَاهُ إِلَيْهِمْ , يَعْلَمُ اللَّهُ الإِسْلاَمَ مِنْ نَفْسِهِ يَجْعَلُِ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا.
وَصَالَحُوهُ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَمِرُ عَامًا قَابِلاً فِي مِثْلِ هَذَا الشَّهْرِ ، لاَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِخَيْلٍ ، وَلاَ سِلاَحٍ ، إِلاَّ مَا يَحْمِلُ الْمُسَافِرُ فِي قِرَابِهِ ، فَيَمْكُثُ فِيهَا ثَلاَثَ لَيَالٍ , وَعَلَى أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ حَيْثُ حَبَسْنَاهُ فَهُوَ مَحِلُّهُ ، لاَ يُقْدِمُهُ عَلَيْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : نَحْنُ نَسُوقُهُ ، وَأَنْتُمْ تَرُدُّونَ وَجْهَهُ.

38007- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : حدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَعَثَتْ قُرَيْشٌ خَارِجَةَ بْنَ كُرْزٍ يَطَّلِعُ لَهَمْ طَلِيعَةً , فَرَجَعَ حَامِدًا يُحْسِنُ الثَّنَاءَ , فَقَالُوا لَهُ : إِنَّك أَعْرَابِيٌّ ، قَعْقَعُوا لَكَ السِّلاَحَ فَطَارَ فُؤَادُكَ ، فَمَا دَرَيْتَ مَا قِيلَ لَكَ وَمَا قُلْتَ ، ثُمَّ أَرْسَلُوا عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فَجَاءَهُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , مَا هَذَا الْحَدِيثُ ؟ تَدْعُو إِلَى ذَاتِ اللهِ ، ثُمَّ جِئْتَ قَوْمَكَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ , مَنْ تَعْرِفُ وَمَنْ لاَ تَعْرِفُ , لِتَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ ، وَتَسْتَحِلَّ حُرْمَتَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، فَقَالَ : إِنِّي لَمْ آتِ قَوْمِي إِلاَّ لأَصِلَ أَرْحَامَهُمْ , يُبَدِّلُهُمُ اللَّهُ بِدِينٍ خَيْرٍ مِنْ دِينِهِمْ , وَمَعَايِشَ خَيْرٍ مِنْ مَعَايِشِهِمْ , فَرَجَعَ حَامِدًا بِحُسْنِ الثَّنَاءَ.
قَالَ : قَالَ إِيَاسٌ ، عَنْ أَبِيهِ : فَاشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ ، فَقَالَ : يَا عُمَرُ , هَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي إِخْوَانَكَ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ ؟ فَقَالَ : لاَ ، يَا نَبِيَّ اللهِ , وَاللهِ مَا لِي بِمَكَّةَ مِنْ عَشِيرَةٍ , غَيْرِي أَكْثَرُ عَشِيرَةً مِنِّي , فَدَعَا عُثْمَانَ فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، حَتَّى جَاءَ عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ , فَعَبِثُوا بِهِ ، وَأَسَاؤُوا لَهُ الْقَوْلَ ، ثُمَّ أَجَارَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، ابْنُ عَمِّهِ ، وَحَمَلَهُ عَلَى السَّرْجِ وَرَدِفَهُ ،

فَلَمَّا قَدِمَ ، قَالَ : يَابْنَ عَمِّ , مَا لِي أَرَاك مُتَحَشِّفًًا ؟ أَسْبِلْ ، قَالَ : وَكَانَ إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : هَكَذَا إِزْرَةُ صَاحِبِنَا , فَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا بِمَكَّةَ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ ، إِلاَّ أَبْلَغَهُمْ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ سَلَمَةُ : فَبَيْنَمَا نَحْنُ قَائِلُونَ ، نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَيُّهَا النَّاسُ , الْبَيْعَةَ ، الْبَيْعَةَ , نَزَلَ رُوحُ الْقُدُسِ ، قَالَ : فَسِرْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ تَحْتَ شَجَرَةِ سَمُرَةٍ ، فَبَايَعْنَاهُ , وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ : {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} قَالَ : فَبَايَعَ لِعُثْمَانَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى ، فَقَالَ النَّاسُ : هَنِيئًا لأَبِي عَبْدِ اللهِ , يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَنَحْنُ هَاهُنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَوْ مَكَثَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً ، مَا طَافَ حَتَّى أَطُوفَ.
38008- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ : لاَ تُوقِدُوا نَارًا بِلَيْلٍ ، ثُمَّ قَالَ : أَوْقِدُوا وَاصْطَنِعُوا ، فَإِنَّهُ لَنْ يُدْرِكَ قَوْمٌ بَعْدَكُمْ مُدَّكُمْ ، وَلاَ صَاعَكُمْ.

38009- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، قَالَ : فَجَهَشَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ مِثْلَ الْعُيُونِ ، قَالَ : قُلْتُ : كَمْ كُنْتُمْ ؟ قَالَ : لَوْ كُنَّا مِئَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا ، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَة.
38010- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَثَمَانِ مِئَةٍ ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ ، يُدْعَى نَاجِيَةَ ، يَأْتِيهِ بِخَبَرِ الْقَوْمُ ، حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَدِيرًا بِعُسْفَانَ ، يُقَالُ لَهُ : غَدِيرُ الأَشْطَاطِ ، فَلَقِيَهُ عَيْنَهُ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، تَرَكْتُ قَوْمَكَ ؛ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدَ اسْتَنْفَرُوا لَكَ الأَحَابِيشَ ، وَمَنْ أَطَاعَهُمْ ، قَدْ سَمِعُوا بِمَسِيرِكَ ، وَتَرَكْتُ عِبْدَانَهُمْ يُطْعَمُونَ الْخَزِيرَ فِي دُورِهِمْ ، وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلٍ بَعَثُوهُ.
فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : مَاذَا تَقُولُونَ ؟ مَاذَا تَأْمُرونَ ؟ أَشِيرُوا عَلَيَّ ، قَدْ جَاءَكُمْ خَبَرُ قُرَيْشٍ ، مَرَّتَيْنِ ، وَمَا صَنَعَتْ ، فَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ ، قَالَ لَهُمْ

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَتَرَوْنَ أَنْ نَمْضِيَ لِوَجْهِنَا ، مَنْ صَدَّنَا عَنِ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ ؟ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نُخَالِفَ هَؤُلاَءِ إِلَى مَنْ تَرَكُوا وَرَاءَهُمْ ، فَإِنِ اتَّبَعَنَا مِنْهُمْ عُنُقٌ قَطَعَهُ اللَّهُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، الأَمْرُ أَمْرُكَ ، وَالرَّأْيُ رَأْيُكَ ، فَتَيَامَنُوا فِي هَذَا الْعَصَلِ ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ خَالِدٌ ، وَلاَ الْخَيْلُ الَّتِي مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَ بِهِمْ قَتَرَةَ الْجَيْشِ.
وَأَوْفَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى ثَنِيَّةٍ تَهْبِطُ عَلَى غَائِطِ الْقَوْمِ ، يُقَالُ لَهُ بَلْدَحُ ، فَبَرَكَتْ ، فَقَالَ : حَلْ حَلْ ، فَلَمْ تَنْبَعِثْ ، فَقَالُوا : خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ ، قَالَ : إِنَّهَا وَاللهِ مَا خَلأَتْ ، وَلاَ هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ ، أَمَّا وَاللهِ لاَ يَدْعُونِي الْيَوْمَ إِلَى خُطَّةٍ ، يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرْمَةً ، وَلاَ يَدْعُونِي فِيهَا إِلَى صِلَةٍ إِلاَّ أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهَا ، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ ، فَرَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ ، عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ ، حَتَّى نَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى ثَمَدٍ مِنْ ثِمَادِ الْحُدَيْبِيَةِ ظَنُونٍ ، قَلِيلِ الْمَاءِ ، يَتَبَرَّضُ النَّاسُ مَاءَهَا تَبَرَّضًا ، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِلَّةَ الْمَاءِ ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ، فَأَمَرَ رَجُلاً فَغَرَزَهُ فِي جَوْفِ الْقَلِيبِ ، فَجَاشَ بِالْمَاءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِعَطَنٍ.
فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي رَكْبٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، هَؤُلاَءِ قَوْمُكَ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ ، يُقْسِمُونَ بِاللهِ لَيَحُولُنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ ، قَالَ : يَا بُدَيْلُ ، إِنِّي لَمْ آتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ ، إِنَّمَا جِئْتُ أَقْضِي نُسُكِي وَأَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ ، وَإِلاَّ فَهَلْ لِقُرَيْشٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ، هَلْ لَهُمْ إِلَى أَنْ أُمَادَّهُمْ مُدَّةً

يَأْمَنُونَ فِيهَا وَيَسْتَجِمُّونَ ، وَيُخَلُّونَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا أَمْرِي عَلَى النَّاسِ كَانُوا فِيهَا بِالْخِيَارِ : أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَاتِلُوا وَقَدْ جَمَعُوا وَأَعَدُّوا ، قَالَ بُدَيْلٌ : سَأَعْرِضُ هَذَا عَلَى قَوْمِكَ.
فَرَكِبَ بُدَيْلٌ حَتَّى مَرَّ بِقُرَيْشٍ ، فَقَالُوا : مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَ : جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَعَلْتُ ، فَقَالَ أُنَاسٌ مِنْ سُفَهَائِهِمْ : لاَ تُخْبِرْنَا عَنْهُ شَيْئًا ، وَقَالَ نَاسٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمْ وَحُكَمَائِهِمْ : بَلْ أَخْبِرْنَا مَا الَّذِي رَأَيْتَ ؟ وَمَا الَّذِي سَمِعْتَ ؟ فَاقْتَصَّ عَلَيْهِمْ بُدَيْلٌ قِصَّةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَمَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُدَّةِ ، قَالَ : وَفِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ ، فَوَثَبَ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، هَلْ تَتَّهِمُونَنِي فِي شَيْءٍ ؟ أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ ؟ أَوَلَسْتُمْ بِالْوَالِد ؟ أَوَلَسْتُ قَدَ اسْتَنْفَرْتُ لَكُمْ أَهْلَ عُكَاظٍ ، فَلَمَّا بَلَحُوا عَلَيَّ نَفَرْتُ إِلَيْكُمْ بِنَفْسِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي ، قَالُوا : بَلَى ، قَدْ فَعَلْتَ ، قَالَ : فَاقْبَلُوا مِنْ بُدَيْلٍ مَا جَاءَكُمْ بِهِ ، وَمَا عَرَضَ عَلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَابْعَثُونِي حَتَّى آتِيَكُمْ بِمُصَادِقِهَا مِنْ عِنْدِهِ ، قَالُوا : فَاذْهَبْ.
فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، هَؤُلاَءِ قَوْمُكَ ؛ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ ، وَعَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ ، يُقْسِمُونَ : لاَ يُخَلُّونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى تُبِيدَ

خَضْرَاءَهُمْ ، وَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ قِتَالِهِمْ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : أَنْ تَجْتَاحَ قَوْمَكَ ، فَلَمْ تَسْمَعْ بِرَجُلٍ قَطَّ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ ، وَبَيْنَ أَنْ يُسْلِمَكَ مَنْ أَرَى مَعَكَ ، فَإِنِّي لاَ أَرَى مَعَكَ إِلاَّ أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ ، لاَ أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ ، وَلاَ وُجُوهَهُمْ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ، وَغَضِبَ : اُمْصُصْ بَظْرَ اللاَتِ ، أَنَحْنُ نَخْذُلُهُ ، أَوْ نُسْلِمُهُ ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ : أَمَّا وَاللهِ لَوْلاَ يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لأَجَبْتُكَ فِيمَا قُلْتَ ، وَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةٍ ، فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ.
وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَعَلَى وَجْهِهِ الْمِغْفَرُ ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ عُرْوَةُ ، وَكَانَ عُرْوَةُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكُلَّمَا مَدَّ يَدَهُ ، يَمَسُّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَعَهَا الْمُغِيرَةُ بِقَدَحٍ كَانَ فِي يَدِهِ ، حَتَّى إِذَا أَحْرَجَهُ ، قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ، قَالَ عُرْوَةُ : أَنْتَ بِذَاكَ يَا غُدَرُ ، وَهَلْ غَسَلْتَ عَنْكَ غَدْرَتَكَ إِلاَّ أَمْسَ بِعُكَاظٍ ؟. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ.
فَقَامَ عُرْوَةُ ، فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَوْمِهِ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، إِنِّي قَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوك ، عَلَى قَيْصَرَ فِي مُلْكِهِ بِالشَّامِ ، وَعَلَى النَّجَاشِيِّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَعَلَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا رَأَيْتَ مَلِكًا هُوَ أَعْظَمُ فِيمَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ فِي أَصْحَابِهِ ، وَاللهِ مَا يَشُدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ ، وَمَا يَرْفَعُونَ عِنْدَهُ الصَّوْتَ ، وَمَا يَتَوَضَّأُ مِنْ وَضُوءٍ إِلاَّ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ ، أَيُّهُمْ يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَيْءٍ ، فَاقْبَلُوا الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ بُدَيْلٌ ؛

فَإِنَّهَا خُطَّةُ رُشْدٍ.
قَالُوا : اجْلِسْ ، وَدَعَوْا رَجُلاً مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، يُقَالُ لَهُ : الْحُلَيْسُ ، فَقَالُوا : انْطَلِقْ ، فَانْظُرْ مَا قِبَلُ هَذَا الرَّجُلِ ، وَمَا يَلْقَاكَ بِهِ ، فَخَرَجَ الْحُلَيْسُ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلاً عَرَفَهُ ، قَالَ : هَذَا الْحُلَيْسُ ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْي ، فَابْعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ ، فَبَعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَاخْتَلَفَ الْحَدِيثُ فِي الْحُلَيْسِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : جَاءَهُ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَعُرْوَةَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَمَّا رَأَى الْهَدْيَ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ امْرءًا لَئِنْ صَدَدْتُمُوهُ إِنِّي لَخَائِفٌ عَلَيْكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ عَنْتٌ ، فَأَبْصِرُوا بَصَرَكُمْ.
قَالُوا : اجْلِسْ ، وَدَعَوْا رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ : مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الأَحْنَفِ ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَي ، فَبَعَثُوهُ ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : هَذَا رَجُلٌ فَاجِرٌ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَلأَصْحَابِهِ فِي الْمُدَّةِ ، فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ ، فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ يُكَاتِبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ ، فَجَاءَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ، فَقَالَ : قَدْ بَعَثَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَيْكَ أُكَاتِبُكَ عَلَى قَضِيَّةٍ ، نَرْتَضِي أَنَا وَأَنْتَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : نَعَمَ ، اُكْتُبْ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ ، قَالَ : قَالَ : مَا أَعْرِفُ اللَّهَ ، وَلاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ ، وَلَكِنْ أَكْتُبَ كَمَا كُنَّا نَكْتُبُ : بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَالُوا :

لاَ نُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تُقِرَّ بِالرَّحْمَان الرَّحِيمِ ، قَالَ سُهَيْلٌ : إِذًا لاَ أُكَاتِبُهُ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى أَرْجِعَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اُكْتُبْ : بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، قَالَ : لاَ أُقِرُ ، لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا خَالَفْتُكَ ، وَلاَ عَصَيْتُكَ ، وَلَكِنْ اُكْتُبْ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْهَا أَيْضًا ، قَالَ : اُكْتُبْ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ . سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو.
فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ، أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ : إِنِّي رَسُولُ اللهِ ، وَلَنْ أَعْصِيَهُ ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي ، وَأَبُو بَكْرٍ مُتَنَحٍّ نَاحِيَةً ، فَأَتَاهُ عُمَرُ ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ، أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ : دَعْ عَنْكَ مَا تَرَى يَا عُمَرُ ، فَإِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ ، وَلَنْ يَعْصِيَهُ.
وَكَانَ فِي شَرْطِ الْكِتَابِ أَنَّهُ : مَنْ كَانَ مِنَّا فَأَتَاكَ ، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْ قِبَلِكَ رَدَدْنَاهُ إِلَيْكَ ، قَالَ : أَمَا مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِي فَلاَ حَاجَةَ لِي بِرَدِّهِ ، وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَطْتَ لِنَفْسِكَ فَتِلْكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.
فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، يَرْسُفُ فِي

الْحَدِيدِ ، قَدْ خَلاَ لَهُ أَسْفَلُ مَكَّةَ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ ، فَرَفَعَ سُهَيْلٌ رَأْسَهُ ، فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ أَبِي جَنْدَلٍ ، فَقَالَ : هَذَا أَوَّلُ مَنْ قَاضَيْتُكَ عَلَى رَدِّهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : يَا سُهَيْلُ ؛ إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ ، قَالَ : وَلاَ أُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تَرُدَّهُ ، قَالَ : فَشَأْنُكَ بِهِ ، قَالَ : فَبَهَشَ أَبُو جَنْدَلٍ إِلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي ؟ فَلَصِقَ بِهِ عُمَرُ وَأَبُوهُ آخِذٌ بِيَدِهِ يَجْتَرُّهُ ، وَعُمَرُ يَقُولُ : إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ ، وَمَعَك السَّيْفُ ، فَانْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ.
فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِمْ يَدْخُلُ فِي دِينِهِ ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا نَفَرٌ فِيهِمْ أَبُو بَصِيرٍ وَرَدَّهُمْ إِلَيْهِمْ ، أَقَامُوا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ ، فَكَانُوا قَطَعُوا عَلَى قُرَيْشٍ مَتْجَرَهُمْ إِلَى الشَّامِ ، فَبَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّا نَرَاهَا مِنْك صِلَةً ، أَنْ تَرُدَّهُمْ إِلَيْك وَتَجْمَعَهُمْ ، فَرَدَّهُمْ إِلَيْهِ.
وَكَانَ فِيمَا أَرَادَهُمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْكِتَابِ : أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ ، فَيَقْضِي نُسُكَهُ ، وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ ، فَقَالُوا : لاَ تَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّكَ أَخَذْتَنَا ضَغْطَةً أَبَدًا ، وَلَكِنِ ارْجِعْ عَامَكَ هَذَا ، فَإِذَا كَانَ قَابِلٌ أَذِنَّا لَكَ ، فَاعْتَمَرْتَ وَأَقَمْتَ ثَلاَثًا.
وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : قُومُوا فَانْحَرُوا هَدْيَكُمْ ، وَاحْلِقُوا وَأَحِلُّوا ، فَمَا قَامَ رَجُلٌ وَلاَ تَحَرَّكَ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَمَا تَحَرَّكَ رَجُلٌ

وَلاَ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، وَكَانَ خَرَجَ بِهَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ ، فَقَالَ : يَا أُمَّ سَلَمَةَ ، مَا بَالُ النَّاسِ ، أَمَرْتُهُمْ ثَلاَثَ مِرَارٍ أَنْ يَنْحَرُوا ، وَأَنْ يَحْلِقُوا ، وَأَنْ يَحِلُّوا ، فَمَا قَامَ رَجُلٌ إِلَى مَا أَمَرْتُهُ بِهِ ؟ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اُخْرُجْ أَنْتَ فَاصْنَعْ ذَلِكَ ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَمَّمَ هَدْيَهُ ، فَنَحَرَهُ ، وَدَعَا حَلاَقًا فَحَلَقَهُ ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَثَبُوا إِلَى هَدْيِهِمْ فَنَحَرُوهُ ، وَأَكَبَّ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَغُمَّ بَعْضًا مِنَ الزِّحَامِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَقَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ، عَلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، لِكُلِّ مِئَةِ رَجُلٍ سَهْمٌ.
38011- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : كَانَ مَنْزِلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي الْحَرَمِ.
38012- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ ، عَنْ شَرِيكٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ.

38013- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ الْهَدْيُ دُونَ الْجِبَالِ الَّتِي تَطْلُعُ عَلَى وَادِي الثَّنِيَّةِ ، عَرَضَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ ، فَرَدُّوا وُجُوهَ بُدْنِهِ ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ حَبَسُوهُ وَهِيَ الْحُدَيْبِيَةُ ، وَحَلَقَ وَائْتَسَى بِهِ نَاسٌ فَحَلَقُوا ، وَتَرَبَّصَ آخَرُونَ ، قَالُوا : لَعَلَّنَا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ، قِيلَ : وَالْمُقَصِّرِينَ ، قَالَ : رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثًا.
38014- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الدَّسْتَوَائِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، إِلاَّ عُثْمَانَ وَأَبَا قَتَادَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ، قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ، قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ، قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : وَالْمُقَصِّرِينَ.
38015- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَسْلَمَ ، عْن نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ نَاجِيَةَ ، قَالَ : لَمَّا كُنَّا بِالْغَمِيمِ لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ قُرَيْشٍ ، أَنَّهَا بَعَثَتْ خَالِدَ

بْنَ الْوَلِيدِ فِي جَرِيدَةِ خَيْلٍ ، تَتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَلْقَاهُ ، وَكَانَ بِهِمْ رَحِيمًا ، فَقَالَ : مَنْ رَجُلٌ يَعْدِلُنَا عَنِ الطَّرِيقِ ؟ فَقُلْتُ : أَنَا ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَأَخَذْتُ بِهِمْ فِي طَرِيقٍ قَدْ كَانَ حَزْنٌ ؛ بِهَا فَدَافِدٌ وَعِقَابٌ ، فَاسْتَوَتْ بِي الأَرْضُ حَتَّى أَنْزَلْتُهُ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ ، وَهِيَ نَزَحٌ ، قَالَ : فَأَلْقَى فِيهَا سَهْمًا ، أَوْ سَهْمَيْنِ مِنْ كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ بَصَقَ فِيهَا ، ثُمَّ دَعَا ، قَالَ : فَعَادَتْ عُيُونُهَا حَتَّى إِنِّي لأََقُولُ ، أَوْ نَقُولُ : لَوْ شِئْنَا لاَغْتَرَفْنَا بِأَقْدَاحِنَا.
38016- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ : يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَالْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثًا ، قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : وَالْمُقَصِّرِينَ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمَ التَّرَحُّمَ ؟ قَالَ : إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا.
38017- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ أَبِي عَلْقَمَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، قَالَ : أَقْبَلْنَا مَعَ

رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ نَزَلُوا دَهَاسًا مِنَ الأَرْضِ ، يَعْنِي بِالدَّهَاسِ الرَّمْلَ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَكْلَؤُنَا ؟ قَالَ : فَقَالَ بِلاَلٌ : أَنَا ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِذًا نَنَامُ ، قَالَ : فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، فَاسْتَيْقَظَ أُنَاسٌ فِيهِمْ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفِيهِمْ عُمَرُ ، قَالَ : فَقُلْنَا : اهْضِبُوا ، يَعْنِي تَكَلَّمُوا ، قَالَ : فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ ، قَالَ : فَفَعَلْنَا ، قَالَ : كَذَلِكَ فَافْعَلُوا لِمَنْ نَامَ ، أَوْ نَسِيَ.
قَالَ : وَضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَطَلَبْتُهَا ، قَالَ : فَوَجَدْتُ حَبْلَهَا قَدْ تَعَلَّقَ بِشَجَرَةٍ ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَكِبَ فَسِرْنَا ، قَالَ : وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَعَرَفْنَا ذَلِكَ فِيهِ ، قَالَ : فَتَنَحَّى مُنْتَبِذًا خَلْفَنَا ، قَالَ : فَجَعَلَ يُغَطِّي رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ ، وَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى عَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ، فَأَتَوْنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ : {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا}.
31- غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ.
38018- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ شَيْبَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ لَهُمْ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا بَنِي لِحْيَانَ : لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ ، وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا.

38019- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَنْصَارِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرٌو ، أَوْ عُمَرُ بْنُ أُسَيْدَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَشْرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ ، فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَّةِ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِئَةَ رَجُلٍ رَامِيًا ، فَوَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ حَيْثُ أَكَلُوا التَّمْرَ ، فَقَالُوا : هَذِا نَوَى يَثْرِبَ ، ثُمَّ اتَّبَعُوا آثَارَهُمْ ، حَتَّى إِذَا أَحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَؤُوا إِلَى جَبَلٍ ، فَأَحَاطَ بِهِمَ الآخَرُونَ ، فَاسْتَنْزَلُوهُمْ وَأَعْطَوْهُمَ الْعَهْدَ ، فَقَالَ عَاصِمٌ : وَاللهِ لاَ أَنْزِلُ عَلَى عَهْدِ كَافِرٍ ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ نَبِيَّك عَنَّا ، وَنَزَلَ إِلَيْهِ ابْنُ دَثِنَةَ الْبَيَاضِيُّ.
32- مَا ذُكِرَ فِي نَجْدٍ ، وَمَا نُقِلَ عَنْهَا.
38020- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى نَجْدٍ ، قَالَ : فَأَصَبْنَا نَعَمًا كَثِيرَةً ، قَالَ : فَنَفَّلَنَا صَاحِبُنَا الَّذِي كَانَ عَلَيْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا ، ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا أَصَبْنَا ، فَكَانَتْ سُهْمَانُنَا بَعْدَ الْخُمُسِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ، اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ، فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا ثَلاَثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا بِالْبَعِيرِ الَّذِي نَفَّلَنَا صَاحِبُنَا ، فَمَا عَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَاحِبِنَا مَا حَاسَبَنَا بِهِ فِي سُهْمَانِنَا.

38021- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى نَجْدٍ ، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بَعِيرًا.
38022- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنَفِّلُ مِنَ الْمَغْنَمِ فِي بِدَايَتِهِ الرُّبُعَ ، وَفِي رَجْعَتِهِ الثُّلُثَ.
38023- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ.

38024- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ الثُّلُثَ.
38025- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ.
38026- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : تَذَاكَرَ أَبُو سَلَمَةَ ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، وَأَنَا مَعَهُمَ الأَنْفَالَ ، فَأَرْسَلُوا إلَى سَعِيدٌ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَجَاءَ الرَّسُولُ ، فَقَالَ : أَبَى أَنْ يُخْبِرَنِي شَيْئًا ، قَالَ : فَأَرْسَلَ سَعِيدٌ غُلاَمَهُ ، فَقَالَ : إِنَّ سَعِيدًا يَقُولُ لَكُمْ : إِنَّكُمْ أَرْسَلْتُمْ تَسْأَلُونَنِي عَنِ الأَنْفَالِ ، وَإِنَّهُ لاَ نَفْلَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

38027- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، قَالَ : حدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّصْرِيُّ ، قَالَ : النَّفَلُ حَقٌّ ، نَفَّلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
33- غَزْوَةُ خَيْبَرَ.
38028- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا} قَالَ : خَيْبَرَ.

38029- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، قَالَ : بَارَزَ عَمِّي يَوْمَ خَيْبَرَ مَرْحَبًا الْيَهُودِيَّ ، فَقَالَ مَرْحَبٌ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ.
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ.
فَقَالَ عَمِّي عَامِرٌ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ ... شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ.
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ ، فَرَجَعَ السَّيْفُ عَلَى سَاقِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ ، قَالَ سَلَمَةُ : فَلَقِيتُ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالُوا : بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ، قَتَلَ نَفْسَهُ ، قَالَ سَلَمَةُ : فَجِئْتُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْكِي ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ؟ قَالَ : مَنْ قَالَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ :
حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ جَعَلَ يَرْجُزُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، يَسُوقُ الرِّكَابَ ، وَهُوَ يَقُولُ :
تَاللهِ لَوْلاَ اللهِ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا.
إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا.
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا ... فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : عَامِرٌ ، يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : غَفَرَ لَك رَبُّك ، قَالَ : وَمَا أَسْتَغْفَرَ لإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلاَّ اُسْتُشْهِدَ ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَوْلاَ مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ ، فَقَامَ فَاسْتُشْهِدَ.
قَالَ سَلَمَةُ : ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ ، فَقَالَ : لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدَ ، قَالَ : فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنَيْهِ ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطُرُ بِسَيْفِهِ ، فَقَالَ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ.
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ.
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ.
أُوفِيهِمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ.
فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ بِالسَّيْفِ ، وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
38030- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ : قسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، قَالَ : فَمَشَيْت أَنَا وَعُثْمَان بْنُ عَفَّانَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَؤُلاَءِ إِخْوَتُك مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، لاَ يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي وَضَعَك اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ ، أَرَأَيْتَ إِخْوَتَنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ دُونَنَا ، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّسَبِ ، فَقَالَ : إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلاَمِ.

38031- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يُغِيرُ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَسْتَمِعَ ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ ، قَالَ فَأَتَى خَيْبَرَ وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ حُصُونِهِمْ ، فَتَفَرَّقُوا فِي أَرْضِيهِمْ ، مَعَهُمْ مَكَاتِلُهُمْ وَفُؤُوسُهُمْ وَمُرُورُهُمْ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ ، قَالُوا : مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اللَّهُ أَكْبَرُ ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ : إِنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَقَسَمَ الْغَنَائِمَ ، فَوَقَعَتْ صَفِيَّةُ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِي.
فَقِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِي ، فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصْلِحُهَا ، قَالَ : وَلاَ أَعْلَمُ إِلاَّ إِنَّهُ قَالَ : وَتَعْتَدُّ عِنْدَهَا ، فَلَمَّا أَرَادَ الشُّخُوصَ ، قَالَ النَّاسُ : مَا نَدْرِي اتَّخَذَهَا سُرِّيةً ، أَمْ تَزَوَّجَهَا ؟ فَلَمَّا رَكِبَ سَتَرَهَا وَأَرْدَفَهَا خَلْفَهُ ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ أَوْضَعُوا ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَصْنَعُونَ

إِذَا رَجَعُوا فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَعَثَرَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَقَطَ وَسَقَطَتْ ، وَنِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرْنَ مُشْرِفَاتٍ ، فَقُلْنَ : أَبْعَدَ اللَّهُ الْيَهُودِيَّةَ وَأَسْحَقَهَا ، فَسَتَرَهَا وَحَمَلَهَا.
38032- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ ، قَالَ : كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي ، فَلَمَّا رَأَوْنَا ، قَالُوا : مُحَمَّدٌ وَاللهِ ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اللَّهُ أَكْبَرُ ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ.
38033- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عَامِرٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكْرَى خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ ، ثُمَّ بَعَثَ ابْنَ رَوَاحَةَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَخَيَّرَهُمْ .

38034- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَضْرَةِ خَيْبَرَ ، فَزِعَ أَهْلُ خَيْبَرَ ، وَقَالُوا : جَاءَ مُحَمَّدٌ فِي أَهْلِ يَثْرِبَ ، قَالَ : فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالنَّاسِ فَلَقِيَ أَهْلَ خَيْبَرَ ، فَرَدُّوهُ وَكَشَفُوهُ هُوَ وَأَصْحَابَهُ ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجِبْنَ أَصْحَابَهُ وَيُجِبْنَهُ أَصْحَابُهُ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لأُعْطِيَنَّ اللِّوَاءَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ أللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
قَالَ : فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَصَادَرَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، قَالَ : فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَرْمَدُ ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ وَأَعْطَاهُ اللِّوَاءَ ، قَالَ : فَانْطَلَقَ بِالنَّاسِ ، قَالَ : فَلَقِيَ أَهْلَ خَيْبَرَ وَلَقِيَ مَرْحَبًا الْخَيْبَرِيَّ ، وَإِذَا هُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ.
إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ ... أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ.
قالَ : فَالْتَقَى هُوَ وَعَلِيٌّ ، فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً عَلَى هَاهَتِهِ بِالسَّيْفِ ، عَضَّ السَّيْفُ مِنْهَا بِالأَضْرَاسِ ، وَسَمِعَ صَوْتَ ضَرْبَتِهِ أَهْلُ الْعَسْكَرِ ، قَالَ : فَمَا تَتَامَّ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى فُتِحَ لأَوَّلِهِمْ.
38035- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى خَيْبَرَ فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، فَصَامَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَفْطَرَ آخَرُونَ ، فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ.

38036- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ ، عَنِ الْحَكَمِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ ، وَلَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ.
38037- حَدَّثَنَا شَاذَانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ : إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : لأَدْفَعَنِ اللِّوَاءَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، يَفْتَحُ اللَّهُ بِهِ ، قَالَ عُمَرُ : مَا تَمَنَّيْت الإِمْرَةَ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَطَاوَلْتُ لَهَا ، قَالَ : فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، قُمَ اذْهَبْ فَقَاتِلْ ، وَلاَ تَلْفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْك ، فَلَمَّا قَفَّى ، كَرِهَ أَنْ يَلْتَفِتَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، عَلاَمَ أُقَاتِلُهُمْ ؟ قَالَ : حَتَّى يَقُولُوا : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، فَإِذَا قَالَوهَا حَرُمَتْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا.
38038- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْمِنْهَالِ ، وَالْحَكَمِ ، وَعِيسَى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : مَا كُنْتُ مَعَنا يَا أَبَا لَيْلَى بِخَيْبَرَ ؟ قُلْتُ : بَلَى وَاللهِ ،

لَقَدْ كُنْت مَعَكُمْ ، قَالَ : فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ فَسَارَ بِالنَّاسِ ، فَانْهَزَمَ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ ، وَبَعَثَ عُمَرَ فَانْهَزَمَ بِالنَّاسِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ ، قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَدَعَانِي ، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَرْمَدُ لاَ أُبْصِرُ شَيْئًا ، فَدَفَعَ إِلَيَّ الرَّايَةَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ وَأَنَا أَرْمَدُ لاَ أُبْصِرُ شَيْئًا ؟ قَالَ : فَتَفَلَ فِي عَيْنِي ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَ ، اكْفِهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ ، قَالَ : فَمَا آذَانِي بَعْدُ حَرٌّ ، وَلاَ بَرْدٌ.
38039- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْن أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ ، قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ رُوَيْفِعِ بْن ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ نَحْوَ الْمَغْرِبِ ، فَفَتَحْنَا قَرْيَةً ، يُقَالُ لَهَا جَرْبَةُ ، قَالَ : فَقَامَ فِينَا خَطِيبًا ، فَقَالَ : إِنِّي لاَ أَقُولُ فِيكُمْ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَسْقِيَنَّ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ ، وَلاَ يَبِيعَنَّ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ ، وَلاَ يَرْكَبَنَّ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِيهِ ، وَلاَ يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ حَتَّى إِذَا أَخْلقَهُ رَدَّهُ فِيهِ.

38040- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالُوا : فُلاَنٌ شَهِيدٌ ، فُلاَنٌ شَهِيدٌ ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ ، فَقَالُوا : فُلاَنٌ شَهِيدٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : كَلاَّ ، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا ، أَوْ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَابْنَ الْخَطَّابِ ، اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ : أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ : أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ.
38041- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ : حدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ الأَشْجَعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَشْرَجُ بْنُ زِيَادٍ الأَشْجَعِيُّ ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ ؛ أَنَّهَا غَزَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ سَادِسَةُ سِتِّ نِسْوَةٍ ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا ، فَقَالَ : بِأَمْرِ مَنْ خَرَجْتُنَّ ؟ وَرَأَيْنَا فِيهِ الْغَضَبَ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، خَرَجْنَا وَمَعَنَّا دَوَاءٌ نُدَاوِي بِهِ ، وَنُنَاوِلُ السِّهَامَ ، وَنَسْقِي السَّوِيقَ ، وَنَغْزِلُ الشَّعْرَ ، نُعِينُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَقَالَ لَنَا : أَقِمْنَ ، فَلَمَّا أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ قَسَمَ لَنَا كَمَا قَسَمَ لِلرِّجَالِ.
38042- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : حدَّثَنِي عُمَيْرُ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ ، قَالَ : شَهِدْتُ خَيْبَرَ وَأَنَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ ، فَلَمَّا فَتَحُوهَا أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفًا ، فَقَالَ : تَقَلَّدْ هَذَا ، وَأَعْطَانِي مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِي بِسَهْمٍ.

38043- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ بَرِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ ، فَقَسَمَ لَنَا ، وَلَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدَ الْفَتْحَ غَيْرَنَا.
38044- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ ذَبَحَ النَّاسُ الْحُمُرَ ، فَأَغْلُوا بِهَا الْقُدُورَ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَلْحَةَ ، فَنَادَى : إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ ، فَكُفِئَتِ الْقُدُورُ.
38045- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُغَفَّلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ ، قَالَ : فَالْتَزَمْتُهُ ، وَقُلْتُ : هَذَا لاَ أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا ، قَالَ : فَالْتَفَتُّ ، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَبَسَّمُ ، فَاسْتَحْيَيْتُ.
38046- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ضَمْرَةَ الْفَزَارِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلِيطٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَلِيطٍ ، وَكَانَ بَدْرِيًّا ، قَالَ : لَقَدْ أَتَى نَهْيُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ ، وَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِي بِهَا ، قَالَ : فَكَفَأْنَاهَا عَلَى وُجُوهِهَا.

38047- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا الْقَاسِمُ وَمَكْحُولٌ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الْحِمَارِ الأَهْلِي ، وَعَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، وَأَنْ تُوطَأَ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ ، وَعَنْ أَنْ تُبَاعَ السِّهَامُ حَتَّى تُقْسَمَ ، وَأَنْ تُبَاعَ الثَمَرَةُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا ، وَلَعَنَ يَوْمَئِذٍ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ ، وَالْخَامِشَةَ وَجْهَهَا ، وَالشَّاقَّةَ جَيْبَهَا.
38048- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ ، وَأَخَذُوا الْحُمُرَ الإِنْسِيَّةِ ، فَذَبَحُوهَا وَمَلَؤُوا مِنْهَا الْقُدُورَ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ جَابِرٌ : فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ ، وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ سَيَأْتِيكُمْ بِرِزْقٍ هُوَ أَحَلُّ مِنْ ذَا وَأَطْيَبُ ، فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ يَوْمَئِذٍ وَهِيَ تَغْلِي ، فَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ لُحُومَ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ وَلُحُومَ الْبِغَالِ ، وَكُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ ، وَحَرَّمَ الْمُجَثَّمَةَ ، وَالْخُلْسَةَ ، وَالنُّهْبَةَ.

38049- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، قَالَ : حدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ ، عْن عَلِيٍّ ، قَالَ : سَارَ رَسُولُ اللهِ إِلَى خَيْبَرَ ، فَلَمَّا أَتَاهَا بَعَثَ عُمَرَ وَمَعَهُ النَّاسُ ، إِلَى مَدِينَتِهِمْ ، أَوْ إِلَى قَصْرِهِمْ ، فَقَاتَلُوهُمْ ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنِ انْهَزَمَ عُمَرُ وَأَصْحَابُهُ ، فَجَاءَ يُجَبِّنُهُمْ وَيُجَبِّنُونَهُ ، فَسَاءَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ : لأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، يُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ ، فَتَطَاوَلَ النَّاسُ لَهَا ، وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمْ ، يُرُونَهُ أَنْفُسَهُمْ ، رَجَاءَ مَا قَالَ ، فَمَكَثَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : أَيْنَ عَلِيٌّ ؟ فَقَالُوا : هُوَ أَرْمَدُ ، فَقَالَ : ادْعُوهُ لِي ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ ، فَتَحَ عَيْنَيَّ ، ثُمَّ تَفَلَ فِيهِمَا ، ثُمَّ أَعْطَانِي اللِّوَاءَ ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ سَعْيًا ، خَشْيَةَ أَنْ يُحْدِثَ رَسُولُ اللهِ فِيهِمْ حَدَثًا ، أَوْ فِي ، حَتَّى أَتَيْتُهُمْ فَقَاتَلْتُهُمْ ، فَبَرَزَ مَرْحَبٌ يَرْتَجِزُ ، وَبَرَزْت لَهُ أَرْتَجِزُ كَمَا يَرْتَجِزُ ، حَتَّى الْتَقَيْنَا ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ بِيَدَي ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ ، فَتَحَصَّنُوا وَأَغْلَقُوا الْبَابَ ، فَأَتَيْنَا الْبَابَ ، فَلَمْ أَزَلْ أُعَالِجُهُ حَتَّى فَتَحَهُ اللَّهُ.
38050- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَبُو مُنَيْنٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لأَدْفَعَنِ الْيَوْمَ الرَّايَةَ إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، فَتَطَاوَلَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : أَيْنَ عَلِيٌّ ؟ فَقَالُوا : يَشْتَكِي عَيْنَهُ ، فَدَعَاهُ فَبَزَقَ فِي كَفَّيْهِ ، وَمَسَحَ بِهِمَا عَيْنَ عَلِيٍّ ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ الرَّايَةَ ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ.

38051- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عْن أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ ، يَقُولُ : لَوْلاَ أَنْ يُتْرُكَ آخَرُ النَّاسِ لاَ شَيْءَ لَهُمْ ، مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْكُفَّارِ إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَهُمْ سُهْمَانًا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ سُهْمَانًا ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ جَرِيَّةً تَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَكَرِهْتُ أَنْ يُتْرُكَ آخِرُ النَّاسِ لاَ شَيْءَ لَهُ.
38052- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : سَبَى رَجُلٌ امْرَأَةً يَوْمَ خَيْبَرَ ، فَحَمَلَهَا خَلْفَهُ فَنَازَعَتْهُ قَائِمَ سَيْفِهِ ، فَقَتَلَهَا ، فَأَبْصَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : مَنْ قَتَلَ هَذِهِ ؟ فَأَخْبَرُوهُ ، فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ.
38053- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى النَّفَرَ الَّذِينَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقِيقِ بِخَيْبَرَ لِيَقْتُلُوهُ ، فَنَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ.

34- حَدِيثُ فَتْحِ مَكَّةَ.
38054- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ ، قَالَ : وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَفِينَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ ، فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَصْنَعُ لِبَعْضٍ الطَّعَامَ ، قَالَ : فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ يَصْنَعُ لَنَا فَيُكْثِرُ فَيَدْعُونَا إِلَى رَحْلِهِ ، قَالَ : قُلْتُ : أَلاَ أَصْنَعُ لأَصْحَابِنَا فَأَدْعُوهُمْ إِلَى رَحْلِي ، قَالَ : فَأَمَرْت بِطَعَامٍ فَصُنِعَ ، وَلَقِيت أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِّي ، فَقُلْتُ : الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ ، قَالَ : أَسَبَقَتْنِي ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَدَعَوْتُهُمْ فَهُمْ عِنْدِي ، قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَلاَ أُعَلِّلْكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ؟ قَالَ : ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ.
قَالَ : أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ ، وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الأُخْرَى ، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ ، فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي ، قَالَ : وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي

كَتِيبَةٍ ، قَالَ : فَنَادَانِي ، قَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : اهْتِفْ لِي بِالأَنْصَارِ ، وَلاَ يَأْتِنِي إِلاَّ أَنْصَارِيٌّ ، قَالَ : فَهَتَفْتُ بِهِمْ ، قَالَ : فَجَاؤُوا حَتَّى أَطَافُوا بِهِ.
قَالَ : وَقَدْ وَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا وَأَتْبَاعًا ، قَالُوا : نُقدِّمَ هَؤُلاَءِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيءٌ كُنَا مَعَهُمْ ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلأَنْصَارِ حِينَ أَطَافُوا بِهِ : أَتَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ ؟ ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى : اُحْصُدُوهُمْ ، ثُمَّ ضَرَبَ سُلَيْمَانَ بِحَرْفِ كَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى بَطْنِ كَفِّهِ الْيُسْرَى : اُحْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا ، فَمَا أَحَدٌ مِنَّا يَشَاءُ أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ أَحَدًا إِلاَّ قَتَلَهُ ، وَأَمَّا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ ، لاَ قُرَيْشَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ، قَالَ : فَغَلَّقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ.
قَالَ : فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ ، فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَعْبُدُونَهُ ، وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ ، فَجَعَلَ يَطْعُنْ بِهَا فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ : {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}

حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلاَهَا حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ ، وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ ، قَالَ : وَالأَنْصَارُ تَحْتَهُ ، قَالَ : تَقُولُ الأَنْصَارُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ.
قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَجَاءَ الْوَحْيُ ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَقْضِيَ ، فَلَمَّا قَضَى الْوَحْيُ ، قَالُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، قَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : قُلْتُمْ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ ، قَالُوا : قَدْ قُلْنَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَمَا اسَمِي إِذًا ؟ كَلاً إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، هَاجَرْت إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ، قَالَ : فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ ، يَقُولُونَ : وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلاَّ لِلضَّنِّ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ، قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَعْذُرَانِكُمْ وَيُصَدِّقَانِكُمْ.
38055- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، قَالاَ : كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ هُدْنَةٌ ، فَكَانَ بَيْنَ بَنِي كَعْبٍ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ بِمَكَّةَ ، فَقَدِمَ صَرِيخٌ لِبَنِي كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ :
اللهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا
فَانْصُرْ هَدَاك اللَّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا ... وَادْعُ عِبَادَ اللهِ يَأْتُوا مَدَدَا.

فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَرَعَدَتْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إنَّ هَذِهِ لَتَرْعَدُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ ، ثُمَّ قَالَ لِعَائِشَةَ : جَهِّزِينِي ، وَلاَ تُعْلِمَنَّ بِذَلِكَ أَحَدًا ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَنْكَرَ بَعْضَ شَأْنِهَا ، فَقَالَ : مَا هَذَا ، قَالَتْ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُجَهِّزَهُ ، قَالَ : إلَى أَيْنَ ، قَالَتْ : إلَى مَكَّةَ ، قَالَ : فَوَاللهِ مَا انْقَضَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَعْدُ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ غَدَرَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِالطَّرِيقِ فَحُبِسَتْ ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ ، فَغُمَّ لأَهْلِ مَكَّةَ لاَ يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ : أَيْ حَكِيمُ ، وَاللهِ لَقَدْ غَمَّنَا وَاغْتَمَمْنَا ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَرْوٍ ، لَعَلَّنَا أَنْ نَلْقَى خَبَرًا ، فَقَالَ لَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْكَعْبِيُّ مِنْ خُزَاعَةَ : وَأَنَا مَعَكُمْ ، قَالاَ : وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ ، قَالَ : فَرَكِبُوا حَتَّى إذَا دَنَوْا مِنْ ثَنِيَّةِ مَرْوٍ أَظْلَمُوا فَأَشْرَفُوا عَلَى الثَّنِيَّةِ ، فَإِذَا النِّيرَانُ قَدْ أَخَذَتِ الْوَادِيَ كُلَّهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمٍ : مَا هَذِهِ النِّيرَانُ ، قَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ : هَذِهِ نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو ، جَوَّعَتْهَا الْحَرْبُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : لأوَأَبِيك لَبَنُو عَمْرٍو أَذَلُّ وَأَقَلُّ مِنْ هَؤُلاَءِ ، فَتَكَشَّفَ عَنْهُمَ الأَرَاك ، فَأَخَذَهُمْ حَرَسُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ

وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الْحَرَسِ ، فَجَاؤُوا بِهِمْ إِلَيْهِ ، فَقَالُوا : جِئْنَاك بِنَفَرٍ أَخَذْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَقَالَ عُمَرُ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ : وَاللهِ لَوْ جِئْتُمُونِي بِأَبِي سُفْيَانَ مَا زِدْتُمْ ، قَالَوا : قَدْ وَاللهِ أَتَيْنَاك بِأَبِي سُفْيَانَ ، فَقَالَ : احْبِسُوهُ ، فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَصْبَحَ ، فَغَدَا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقِيلَ لَهُ : بَايِعْ ، فَقَالَ : لاَ أَجِدُ إِلاَّ ذَاكَ ، أَوْ شَرًّا مِنْهُ ، فَبَايَعَ ، ثُمَّ قِيلَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ : بَايِعْ ، فَقَالَ : أُبَايِعُك ، وَلاَ أَخِرُّ إِلاَّ قَائِمًا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَمَّا مِنْ قَبْلِنَا فَلَنْ تَخِرَّ إِلاَّ قَائِمًا.
فَلَمَّا وَلَّوْا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَيْ رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ السَّمَاعَ ، يَعَنْي الشَّرَفَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ إِلاَّ ابْنَ خَطَلٍ ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ اللَّيْثِيَّ ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، وَالْقَيْنَتَيْنِ ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاقْتُلُوهُمْ ، قَالَ : فَلَمَّا وَلَّوْا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَوْ أَمَرْت بِأَبِي سُفْيَانَ فَحَبَسَ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ ، فَأَدْرَكَهُ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَجْلِسَ حَتَّى تَنْظُرَ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلاَّ لِيَرَى ضَعْفَةً فَيَسْأَلَهُمْ ، فَمَرَّتْ جُهَيْنَةُ ، فَقَالَ : أَيْ عَبَّاسُ ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ : هَذِهِ جُهَيْنَةُ ، قَالَ : مَا لِي وَلِجُهَيْنَةَ ؟ وَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ ، ثُمَّ مَرَّتْ مُزَيْنَةُ ، فَقَالَ : أَيْ عَبَّاسُ ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ : هَذِهِ مُزَيْنَةُ ، قَالَ : مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ ، وَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ ، ثُمَّ مَرَّتْ سُلَيْمٌ ، فَقَالَ : أَيْ عَبَّاسُ ،

مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ : هَذِهِ سُلَيْمٌ ، قَالَ : ثُمَّ جَعَلَتْ تَمُرُّ طَوَائِفُ الْعَرَبِ ، فَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَسْلَمُ وَغِفَارٌ فَيَسْأَلُ عَنْهَا فَيُخْبِرُهُ الْعَبَّاسُ.
حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ ، فِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَالأَنْصَارِ ، فِي لأمةٍ تَلْتَمِعُ الْبَصَرَ ، فَقَالَ : أَيْ عَبَّاسُ ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ : هَذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ ، فِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَالأَنْصَارِ ، قَالَ : لَقَدْ أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيك عَظِيمَ الْمُلْكِ ، قَالَ : لاَ وَاللهِ ، مَا هُوَ بِمُلْكٍ ، وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ ، وَكَانُوا عَشَرَةَ آلاَفٍ ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.
قَالَ : وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَدَفَعَهَا سَعْدٌ إِلَى ابْنِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، وَرَكِبَ أَبُو سُفْيَانَ فَسَبَقَ النَّاسَ حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ ، قَالَ لَهُ أَهْلُ مَكَّةَ : مَا وَرَاءَك ؟ قَالَ : وَرَائِي الدَّهْمُ ، وَرَائِي مَا لاَ قِبَلَ لَكُمْ بِهِ ، وَرَائِي مَنْ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ ، مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقْتَحِمُونَ دَارَهِ ، وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَقَفَ بِالْحَجُونِ بِأَعْلَى مَكَّةَ ، وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي الْخَيْلِ فِي أَعْلَى الْوَادِي ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي الْخَيْلِ فِي أَسْفَلِ الْوَادِي ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ ، وَإِنِّي وَاللهِ لَوْ لَمْ أُخْرَجْ مِنْك مَا خَرَجْتُ ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي ، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ، وَهِيَ سَاعَتِي هَذِهِ ، حَرَامٌ لاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا ، وَلاَ يُحْتَشُّ حَبْلُهَا ، وَلاَ يَلْتَقِطُ

ضَالَّتَهَا إِلاَّ مُنْشِدٌ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : شَاهٌ ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ : قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِلاَّ الإِذْخِرَ ، فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا وَقُيُونِنَا ، أَوْ لِقُيُونِنَا وَقُبُورِنَا.
فَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَوُجِدَ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقُتِلَ ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَوَجَدُوهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَبَادَرَهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ لِيَقْتُلُوهُ ، فَقَالَ ابْنُ عَمِّهِ نُمَيْلَةُ : خَلُّوا عَنْهُ ، فَوَاللهِ لاَ يَدْنُو مِنْهُ رَجُلٌ إِلاَّ ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا حَتَّى يَبْرُدَ ، فَتَأَخَّرُوا عَنْهُ فَحَمْلَ عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَفَلَقَ بِهِ هَامَتَهُ ، وَكَرِهَ أَنْ يَفْخَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
ثُمَّ طَافَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَيْتِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ ، فَقَالَ : أَيْ عُثْمَان ، أَيْنَ الْمِفْتَاحُ ؟ فَقَالَ : هُوَعِنْدَ أُمِّي سُلاَفَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : لاَ وَاللاَتِ وَالْعُزَّى ، لاَ أَدْفَعُهُ إِلَيْهِ أَبَدًا ، قَالَ : إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرٌ غَيْرُ الأَمْرِ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ ، فَإِنَّك إِنْ لَمْ تَفْعَلِي قُتِلْتُ أَنَا وَأَخِي ، قَالَ : فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ ، قَالَ : فَأَقْبَلَ بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ وِجَاهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عُثِرَ فَسَقَطَ الْمِفْتَاحُ مِنْهُ ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْنَى عَلَيْهِ ثَوْبَهُ ، ثُمَّ فَتْحَ لَهُ عُثْمَان ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْكَعْبَةَ ، فَكَبَّرَ فِي زَوَايَاهَا وَأَرْجَائِهَا ، وَحَمِدَ اللَّهَ ، ثُمَّ صَلَّى بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ ،

فَقَالَ عَلِيٌّ : فَتَطَاوَلْت لَهَا وَرَجَوْت أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْنَا الْمِفْتَاحَ ، فَتَكُونُ فِينَا السِّقَايَةُ وَالْحِجَابَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَيْنَ عُثْمَان ؟ هَاكُمْ مَا أَعْطَاكُمَ اللَّهُ ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ.
ثُمَّ رَقَى بِلاَلٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَأَذَّنَ ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ أُسَيْدٍ : مَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قَالَوا : بِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ ، قَالَ : عَبْدُ أَبِي بَكْرٍ الْحَبَشِيُّ ؟ قَالَوا : نَعَمْ ، قَالَ : أَيْنَ ؟ قَالَوا : عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ ، قَالَ : عَلَى مَرْقِبَةِ بَنِي أَبِي طَلْحَةَ ؟ قالَوا : نَعَمْ ، قَالَ : مَا يَقُولُ ؟ قَالَوا : يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، قَالَ : لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ أَبَا خَالِدٍ عَنْ أَنْ يَسْمَعَ هَذَا الصَّوْتَ ، يَعَنْي أَبَاهُ ، وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْمُشْرِكِينَ.
وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حُنَيْنٍ ، وَجَمَعَتْ لَهُ هَوَازِنُ بِحُنَيْنٍ ، فَاقْتَتَلُوا ، فَهُزِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ اللَّهُ : {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ دَابَّتِهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّك إِنْ شِئْت لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ ، شَاهَتِ الْوُجُوهُ ، ثُمَّ رَمَاهُمْ بِحَصْبَاءَ كَانَتْ فِي يَدِهِ ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السَّبْيَ وَالأَمْوَالَ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنْ شِئْتُمْ فَالْفِدَاءُ ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَالسَّبْيُ ، قَالُوا : لَنْ نُؤْثِرَ الْيَوْمَ عَلَى الْحَسَبِ شَيْئًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِذَا خَرَجْتُ فَاسْأَلُونِي ، فَإِنِّي سَأُعْطِيكُمَ الَّذِي لِي ، وَلَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيَّ أَحَدٌّ مِنَ

الْمُسْلِمِينَ ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَاحُوا إِلَيْهِ ، فَقَالَ : أَمَّا الَّذِي لِي فَقَدْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ ، وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَ ذَلِكَ إِلاَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ ، فَإِنَّهُ قَالَ : أَمَّا الَّذِي لِي فَإِنِّي لاَ أُعْطِيهِ ، قَالَ : أَنْتَ عَلَى حَقِّكَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : فَصَارَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ عَجُوزٌ عَوْرَاءُ.
ثُمَّ حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الطَّائِفِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَيْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، دَعَنْي فَأَدْخُلْ عَلَيْهِمْ ، فَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ ، قَالَ : إِنَّهُمْ إِذَا قَاتَلُوك ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ عُرْوَةُ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مِثْلُهُ فِي قَوْمِهِ مِثْلُ صَاحِبِ يَاسِينَ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : خُذُوا مَوَاشِيَهُمْ وَضَيِّقُوا عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعًا حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةٍ ، جَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ ، قَالَ أَنَسٌ : حَتَّى انْتَزَعُوا رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَأَبْدَوْا عَنْ مِثْلِ فِلْقَةَ الْقَمَرِ ، فَقَالَ : رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي ، لاَ أَبَا لَكُمْ ، أَتَبْخَلُونَنِي ، فَوَاللهِ أَنْ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا إِبِلاً وَغَنَمًا لأَعْطَيْتُكُمُوهُ ، فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ يَوْمَئِذٍ مِئَةً مِئَةً مِنَ الإِبِلِ ، وَأَعْطَى النَّاسَ.
فَقَالَتِ الأَنْصَارُ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمَ اللَّهُ بِي ؟ قَالَوا : بَلَى ، قَالَ : أَوَلَمْ أَجِدْكُمْ عَالةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بَي ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي ؟ قَالَوا : بَلَى ، قَالَ : أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ : قَدْ جِئْتَنَا مَخْذُولاً فَنَصَرْنَاك ،

قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ ، قَالَ : لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ : جِئْتَنَا طَرِيدًا فَآوَيْنَاك ، قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ ، وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ : جِئْتنَا عَائِلاً فَآسَيْنَاك ، قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ ، قَالَ : أَفَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَنْقَلِبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ ، وَتَنْقَلِبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى دِيَارِكُمْ ؟ قَالَوا : بَلَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : النَّاسُ دِثَارٌ ، وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ.
وَجَعَلَ عَلَى الْمَقَاسِمِ عَبَّادَ بْنَ وَقْشٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَارِيًّا لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ ، فَقَالَ : اُكْسُنِي مِنْ هَذِهِ الْبُرُودِ بُرْدَةً ، قَالَ : إِنَّمَا هِيَ مَقَاسِمُ الْمُسْلِمِينَ ، وَلاَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُعْطِيَك مِنْهَا شَيْئًا ، فَقَالَ قَوْمُهُ : اُكْسُهُ مِنْهَا بُرْدَةً ، فَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ ، فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا ، فَأَعْطَاهُ بُرْدَةً ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : مَا كُنْتُ أَخْشَى هَذَا عَلَيْهِ ، مَا كُنْتُ أَخْشَاكُمْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا ، حَتَّى قَالَ قَوْمُهُ : إِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا ، فَقَالَ : جَزَاكُمَ اللَّهُ خَيْرًا ، جَزَاكُمَ اللَّهُ خَيْرًا.
38056- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي السَّوَادِءِ ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ.

38057- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : لَمَّا وَادَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ مَكَّةَ ، وَكَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ حُلَفَاءَ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي صُلْحِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَدَخَلَتْ بَنُو بَكْرٍ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ ، فَكَانَ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ ، فَأَمَدَّتْهُمْ قُرَيْشٌ بِسِلاَحٍ وَطَعَامٍ ، وَظَلَّلُوا عَلَيْهِمْ ، فَظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ ، وَقَتَلُوا فِيهُمْ ، فَخَافَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَكُونُوا قَدْ نَقَضُوا ، فَقَالُوا لأَبِي سُفْيَانَ : اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ.
فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَدْ جَاءَكُمْ أَبُو سُفْيَانَ ، وَسَيَرْجِعُ رَاضِيًا بِغَيْرِ حَاجَتِهِ ، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ ، أَوَ قَالَ : بَيْنَ قَوْمِكَ ، قَالَ : لَيْسَ الأَمْرُ إِلَيَّ ، الأَمْرُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ، قَالَ : وَقَدْ قَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ : لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ ظَلَّلُوا عَلَى قَوْمٍ وَأَمَدُّوهُمْ بِسِلاَحٍ وَطَعَامٍ ، أَنْ يَكُونُوا نَقَضُوا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : الأَمْرُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ.
ثُمَّ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَنَقَضْتُمْ ؟ فَمَا كَانَ مِنْهُ جَدِيدًا فَأَبْلاَهُ اللَّهُ ، وَمَا كَانَ مِنْهُ شَدِيدًا ، أَوْ مَتِينًا فَقَطَعَهُ اللَّهُ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ شَاهِدَ عَشِيرَةٍ ، ثُمَّ أَتَى فَاطِمَةَ ، فَقَالَ : يَا فَاطِمَةُ ، هَلْ لَك فِي أَمْرٍ تَسُودِينَ فِيهِ نِسَاءَ قَوْمِكَ ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهَا نَحْوًا مِمَاْ ذَكَرَ لأَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَتْ : لَيْسَ الأَمْرُ إِلَي ، الأَمْرُ إِلَى اللهِ

وَإِلَى رَسُولِهِ ، ثُمَّ أَتَى عَلِيًّا ، فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَضَلَّ ، أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ ، فَأَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ ، قَالَ : فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى ، وَقَالَ : قَدْ أَجْرَتُ النَّاسَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.
ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى مَكَّةَ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا صَنَعَ ، فَقَالُوا : وَاللهِ مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ وَافِدَ قَوْمٍ ، وَاللهِ مَا أَتَيْتَنَا بِحَرْبٍ فَنَحْذَرَ ، وَلاَ أَتَيْتَنَا بِصُلْحٍ فَنَأْمَنَ ، ارْجِعْ.
قَالَ : وَقَدِمَ وَافِدُ خُزَاعَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ ، وَدَعَا إِلَى النُّصْرَةِ ، وَأَنْشَدَهُ فِي ذَلِكَ شِعْرًا :
لاَهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا.
وَوَالِدًا كُنْتَ وَكُنَّا وَلَدًا ... إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا.
وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُؤَكَّدَا ... وَجَعَلُوا لِي بِكَدَاءٍ رُصَّدَا.
وَزَعَمْتْ أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدًا
... فَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا.
وَهُمْ أَتَوْنَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدًا ... نَتْلُو الْقُرْآنَ رُكَّعًا وَسُجَّدًا.
ثُمَّتَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدًا ... فَانْصُرْ رَسُولَ اللهِ نَصْرًا أَعْتَدَا.
وَابْعَثْ جُنُودَ اللهِ تَأْتِي مَدَدًا ... فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبِدَا

فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا ... إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا.
قالَ حَمَّادٌ : هَذَا الشِّعْرُ بَعْضُهُ عَنْ أَيُّوبَ ، وَبَعْضُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ ، وَأَكْثَرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أسْحَاقَ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ.
قَالَ : قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ :
أَتَانِي وَلَمْ أَشْهَدْ بِبَطْحَاءِ مَكَّة ... رِجَالُ بَنِي كَعْبٍ تُحَزَّ رِقَابُهَا.
وَصَفْوَانُ عُودٌ حُزَّ مِنْ وَدَقٍ اسْتِهِ
... فَذَاكَ أَوَانُ الْحَرْبِ شُدَّ عِصَابُهَا.
فَلاَ تَجْزَعَنْ يَابْنَ أَمِّ مُجَالِدٍ ... فَقَدْ صَرَّحَتْ صِرْفًا وأََعَصل نَابهَا.
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَنَالَنَّ مَرَّةً ... سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو حَوْبَهَا وَعِقَابَهَا.
قالَ : فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالرَّحِيلِ ، فَارْتَحَلُوا ، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا مَرًّا ، قَالَ : وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَ مَرًّا لَيْلاً ، قَالَ : فَرَأَى الْعَسْكَرَ وَالنِّيرَانَ ، فَقَالَ : مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ فَقِيلَ : هَذِهِ تَمِيمٌ ، مَحَّلَتْ بِلاَدَهَا فَانْتَجَعَتْ بِلاَدَكُمْ ، قَالَ : وَاللهِ ، لَهَؤُلاَءِ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ مِنًى ، أَوْ قَالَ : مِثُلُ أَهْلِ مِنًى ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : دُلُّونِي عَلَى الْعَبَّاسِ ، فَأَتَى الْعَبَّاسَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ ، وَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا سُفْيَانَ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، فَقَالَ : كَيْفَ أَصْنَعُ بِاللاَتِ وَالْعُزَّى ؟.
قَالَ أَيُّوبُ : فَحَدَّثَنِي أَبُو الْخَلِيلِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْقُبَّةِ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ : إِخْرَ عَلَيْهَا ، أَمَّا وَاللهِ أَنْ لَوْ كُنْت خَارِجًا مِنَ الْقُبَّةِ مَا قُلْتهَا أَبَدًا.

قَالَ : قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَوا : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
ثُمَّ رَجَعَ إلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ.
فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ ، وَذَهَبَ بِهِ الْعَبَّاسُ إلَى مَنْزِلِهِ ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارَ النَّاسُ لِطَهُورِهِمْ ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَا أَبَا الْفَضْلِ ، مَا لِلنَّاسِ ؟ أُمِرُوا بِشَيْءٍ ؟ قَالَ : لاَ ، وَلَكِنَّهُمْ قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ ، قَالَ : فَأَمَرَهُ الْعَبَّاسُ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ كَبَّرَ ، فَكَبَّرَ النَّاسُ ، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا ، ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ طَاعَةَ قَوْمٍ جَمَعَهُمْ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا ، وَلاَ فَارِسَ الأَكارِمَ ، وَلاَ الرُّومَ ذَاتَ الْقُرُونِ ، بِأَطْوَعَ مِنْهُمْ لَهُ.
قَالَ حَمَّادٌ : وَزَعَمَ يَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ؛ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ : يَا أَبَا الْفَضْلِ ، أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيك وَاللهِ عَظِيمَ الْمُلْكِ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : إِنَّهُ لَيْسَ بِمُلْكٍ وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ ، قَالَ : أَوْ ذَاكَ ، أَوْ ذَاكَ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ.
قَالَ : قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ ، قَالَ : فَقَالَ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَوْ أَذِنْتَ لِي فَأَتَيْتُهُمْ ، فَدَعَوْتُهُمْ ، فَأَمَّنْتُهُمْ ، وَجَعَلْتَ لأَبِي سُفْيَانَ شَيْئًا يُذْكَرُ بِهِ ، فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ ، فَرَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الشَّهْبَاءَ وَانْطَلَقَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي ، رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي ، فَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ قُرَيْشٌ مَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ ، دَعَاهُمْ إِلَى اللهِ فَقَتَلُوهُ ، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ رَكِبُوهَا مِنْهُ لأَضْرِمَنَّهَا عَلَيْهِمْ نَارًا.

فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ ، فَقَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا ، قَدَ اسْتَبْطِنْتُمْ بِأَشْهَبَ بَاذِلٍ ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ الزُّبَيْرَ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِ مَكَّةَ ، فَقَالَ لَهُمَ الْعَبَّاسُ : هَذَا الزُّبَيْرُ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ ، وَهَذَا خَالِدٌ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِ مَكَّةَ ، وَخَالِدٌ مَا خَالِدٌ ؟ وَخُزَاعَةُ الْمُجَدَّعَةُ الأُنُوفِ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَلْقَى سِلاَحَهُ فَهُوَ آمِنٌ ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَرَامَوْا بِشَيْءٍ مِنَ النَّبْلِ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَهَرَ عَلَيْهِمْ ، فَأَمَّنَ النَّاسَ إِلاَّ خُزَاعَةَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ ، فَذَكَرَ أَرْبَعَةً : مِقْيَسَ بْنَ صَبَابَةَ ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ ، وَابْنَ خَطَلٍ ، وَسَارَةَ مَوْلاَةَ بَنِي هَاشِمٍ ، قَالَ حَمَّادٌ : سَارَةُ ، فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ ، وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ : قَالَ : فَقَتَلَهُمْ خُزَاعَةُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ : {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، أَتَخْشَوْنَهُمْ ، فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمَ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ ، وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} قَالَ : خُزَاعَةُ ، {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} قَالَ : خُزَاعَةُ ، {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}قَالَ : خُزَاعَةُ.
38058- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ أَبِي إِسْحَاقَ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، فَسَايَرَنَا رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو إِسْحَاقَ : كَيْفَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَقَدْ رَعَدَتْ

هَذِهِ السَّحَابَةُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ ؟ فَقَالَ الْخُزَاعِيُّ : لَقَدْ فَصَلَتْ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ ، ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْنَا رِسَالَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خُزَاعَةَ ، وَكَتَبْتُهَا يَوْمَئِذٍ ، كَانَ فِيهَا : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بُدَيْلٍ ، وَبُسْرٍ ، وَسَرَوَاتِ بَنِي عَمْرٍو ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمَ اللَّهَ ، الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ، أَمَّا بَعْدَ ذَلِكُمْ : فَإِنِّي لَمْ آثَمْ بَإِلَّكُمْ ، وَلَمْ أَضَعْ فِي جَنْبِكُمْ ، وَإِنَّ أَكْرَمَ أَهْلِ تِهَامَةَ عَلَيَّ أَنْتُمْ ، وَأَقْرَبَهُ رَحِمًا ، وَمَنْ تَبِعَكُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ ، وَإِنِّي قَدْ أَخَذْتُ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْكُمْ مِثْلَ مَا أَخَذْتُ لِنَفْسِي ، وَلَوْ هَاجَرَ بِأَرْضِهِ غَيْرَ سَاكِنِ مَكَّةَ ، إِلاَّ مُعْتَمِرًا ، أَوْ حَاجًّا ، وَإِنِّي لَمْ أَضَعْ فِيكُمْ إِنْ سَلِمْتُمْ ، وَإِنَّكُمْ غَيْرُ خَائِفِينَ مِنْ قِبَلِي ، وَلاَ مُحْصَرِينَ.
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلاَثَةَ ، وَابْنُ هَوْذَةَ ، وَبَايَعَا وَهَاجَرَا عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُمَا مِنْ عِكْرِمَةَ ، وَأَخَذَ لِمَنْ تَبِعَهُ مِثْلَ مَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ ، وَإِنَّ بَعْضُنَا مِنْ بَعْضٍ فِي الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا كَذَبْتُكُمْ ، وَلِيُحْيِّكُمْ رَبُّكُمْ.
قَالَ : وَبَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : هَؤُلاَءِ خُزَاعَةُ ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِي ، قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ نُزُولٌ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَمَكَّةَ ، وَلَمْ يُسْلِمُوا حَيْثُ كَتَبَ إِلَيْهِمْ ، وَقَدْ كَانُوا حُلَفَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

38059- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حدَّثَنَا حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : كُفُّوا السِّلاَحَ ، إِلاَّ خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ ، فَأَذِنَ لَهُمْ حَتَّى صَلَّوْا الْعَصْرَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : كُفُّوا السِّلاَحَ ، فَلَقِيَ مِنَ الْغَدِ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلاً مِنْ بَنِي بَكْرٍ فَقَتَلَهُ بِالْمُزْدَلِفَةِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَامَ خَطِيبًا ، فَقَالَ : إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ ، وَمَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، وَمَنْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ.
38060- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : دَخَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ ، وَفِي الْبَيْتِ وَحَوْلَ الْبَيْتِ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا ، تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ ، قَالَ : فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكُبَّتْ كُلُّهَا لِوُجُوهِهَا ، ثُمَّ قَالَ : {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

الْبَيْتَ ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، فَرَأَى فِيهِ تِمْثَالَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ، وَقَدْ جَعَلُوا فِي يَدِ إِبْرَاهِيمَ الأَزْلاَمَ يَسْتَقْسِمُ بِهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَاتَلَهُمَ اللَّهُ ، مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلاَمِ ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِزَعْفَرَانٍ ، فَلَطَّخَهُ بِتِلْكَ التَّمَاثِيلِ.
38061- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا ، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ كَانَ فِي يَدِهِ ، وَيَقُولُ : {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} {جَاءَ الْحَقُّ ، وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}.
38062- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو مَرْيَمَ ، عْن عَلِيٍّ ، قَالَ : انْطَلَقَ بِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى بِي الْكَعْبَةَ ، فَقَالَ : اجْلِسْ ، فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِ الْكَعْبَةِ ، وَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْكِبَيْ ، ثُمَّ قَالَ لِي : انْهَضْ بِي ، فَنَهَضْتُ بِهِ ، فَلَمَّا رَأَى ضَعْفِي تَحْتَهُ ، قَالَ : اجْلِسْ ، فَجَلَسْتُ فَنَزَلَ عَنِّي ، وَجَلَسَ لِي ، فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، اصْعَدْ عَلَى مَنْكِبَي ، فَصَعِدْتُ عَلَى مَنْكِبِهِ ، ثُمَّ نَهَضَ بِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا نَهَضَ بِي خُيِّلَ إِلَيَّ أَنِّي لَوْ شِئْتُ نِلْتُ أُفُقَ السَّمَاءِ ، فَصَعِدْتُ عَلَى

الْكَعْبَةِ ، وَتَنَحَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لِي : أَلْقِ صَنَمَهُمْ الأَكْبَرِ ، صَنَمِ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ مِنْ نُحَاسٍ ، وَكَانَ مَوْتُودًا بِأَوْتَادٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي الأَرْضِ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : عَالِجْهُ ، فَجَعَلْتُ أُعَالِجُهُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِي : إِيهٍ ، فَلَمْ أَزَلْ أُعَالِجُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ ، فَقَالَ : اقْذِفْهُ ، فَقَذَفْتُهُ وَنَزَلْتُ.
38063- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَصُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي الْبَيْتِ ، وَفِي أَيْدِيهِمَا الْقِدِاحُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَا لإِبْرَاهِيمَ وَلِلْقِدِاحِ ؟ وَاللهِ مَا اسْتَقْسَمَ بِهَا قَطُّ ، ثُمَّ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَبُلَّ وَمَحَى بِهِ صُوَرَهُمَا.
38064- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَالأَنْصَابُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ ، فَجَعَلَ يُكَفؤهَا لِوُجُوهِهَا ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا ، فَقَالَ : أَلاَ إِنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي ، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي ، غَيْرَ أَنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ

النَّهَارِ ، لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا ، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ أَنْ تُعَرَّفَ ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، إِلاَّ الإِذْخِرَ ، لِصَاعَتِنَا وَبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا ، فَقَالَ : إِلاَّ الإِذْخِرَ ، إِلاَّ الإِذْخِرَ.
38065- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : دَخَلْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْكَعْبَةَ ، فَرَأَى فِي الْبَيْتِ صُورَةً ، فَأَمَرَنِي فَأَتَيْتُهُ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ تِلْكَ الصُّورَةَ وَيَقُولُ : قَاتَلَ اللَّهُ قَوْمًا يُصَوِّرُونَ مَا لاَ يَخْلُقُونَ.
38066- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، وَوَكِيعٌ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَرْصَاءَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : لاَ تُغْزَى بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
38067- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، وَوَكِيعٌ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ ، عنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْرًا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَدًا.

38068- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : زَعَمَ السُّدِّيُّ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ ، أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ ، وَقَالَ : اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ : عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ خَطَلٍ ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ.
فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارٌ ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا ، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ.
وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ لأَهْلِ السَّفِينَةِ : أَخْلِصُوا ، فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لاَ تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ : وَاللهِ لَئِنْ لَمْ يُنْجِينِي فِي الْبَحْرِ إِلاَّ الإِخْلاَصُ مَا يُنْجِينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ ، اللَّهُمَّ إِنَّ لَك عَهْدًا إِنْ أَنْتَ عَافَيْتنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ ، أَنْ آتِي مُحَمَّدًا حَتَّى أَضَعَ يَدَيْ فِي يَدِهِ ، فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا ، قَالَ : فَجَاءَ فَأَسْلَمَ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عَنْدَ عُثْمَانَ ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ ، جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بَايِعْ عَبْدَ اللهِ ، قَالَ : فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاَثًا ، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ الثَّلاَثِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ ؟ قَالَوا : وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَا فِي نَفْسِكَ ، أَلاَ أَوْمَأْت إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ.

38069- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، قَالَ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ نَزَعَهُ ، فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، فَقَالَ : اُقْتُلُوهُ.
38070- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ؛ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ قَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ.
38071- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ ثَمَانِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ ، فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِلْمًا ، فَعَفَا عَنْهُمْ ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ : {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}.

38072- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : قالَتْ أُمُّ هَانِئٍ : قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ ، تَعَنِي ضَفَائِرَ.
38073- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
38074- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ حِينَ دَخَلَهَا وَهُوَ مُعْتَجِرٌ بِشُقَّةِ بُرْدٍ أَسْوَدَ ، فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ ، وَفِي يَدِهِ مِحْجَنٌ يَسْتَلِمُ بِهِ الأَرْكَانَ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَمَا وَجَدْنَا لَهَا مُنَاخًا فِي الْمَسْجِدِ ، حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَيْدِي الرِّجَالِ ، ثُمَّ خُرِجَ بِهَا حَتَّى أُنِيخَتْ فِي الْوَادِي ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ عَلَى رِجْلَيْهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنْكُمْ عُِبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظَّمَهَا بِآبَائِهَا ، النَّاسُ رَجُلاَنِ : فَبَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ ، وَكَافِرٌ شَقِيٌّ

هَيِّنٌ عَلَى اللهِ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ، وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.
قَالَ : ثُمَّ عَدَلَ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ ، فَأُتِيَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، فَغَسَلَ مِنْهَا وَجْهَهُ ، مَا تَقَعُ مِنْهُ قَطْرَةٌ إِلاَّ فِي يَدِ إِنْسَانٍ ، إِنْ كَانَتْ قَدْرَ مَا يَحْسُوهَا حَسَاهَا ، وَإِلاَّ مَسَحَ بِهَا ، وَالْمُشْرِكُونَ يَنْظُرُونَ ، فَقَالُوا : مَا رَأَيْنَا مَلِكًا قَطَّ أَعْظَمَ مِنَ الْيَوْمِ ، وَلاَ قَوْمًا أَحْمَقَ مِنَ الْيَوْمِ.
ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً ، فَرَقَيَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ ، فَأَذَّنَ بِالصَّلاَةِ ، وَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَتَجَرَّدُوا فِي الأُزُرِ ، وَأَخَذُوا الدِّلاَءَ ، وَارْتَجَزُوا عَلَى زَمْزَمَ يَغْسِلُونَ الْكَعْبَةَ ، ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا ، فَلَمْ يَدَعُوا أَثَرًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلاَّ مَحَوْهُ ، أَوْ غَسَلُوهُ.
38075- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، قَالاَ : وَكَانَ بِهَا يَوْمَئِذٍ سِتُّونَ وَثَلاَثُ مِئَة وَثَنٍ عَلَى الصَّفَا ، وَعَلَى الْمَرْوَةِ صَنَمٌ ، وَمَا بَيْنَهُمَا مَحْفُوفٌ بِالأَوْثَانِ ، وَالْكَعْبَةُ قَدْ أُحِيطَتْ بِالأَوْثَانِ ، قَالَ : فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ : فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ قَضِيبٌ يُشِيرُ بِهِ إِلَى الأَوْثَانِ ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ يُشِيرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَيَتَسَاقَطَ ، حَتَّى أَتَى إِسَافًا وَنَائِلَةَ ، وَهُمَا قُدَّامَ الْمَقَامِ ، مُسْتَقْبِلٌ بَابَ الْكَعْبَةِ ، فَقَالَ : عَفِّرُوهُمَا ، فَأَلْقَاهُمَا الْمُسْلِمُونَ ، قَالَ : قُولُوا ، قَالَوا : مَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : قُولُوا : صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ.

38076- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلاً مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ ، بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي ، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ بَعْدِي ، أَلاَ وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ ، حَرَامٌ ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا ، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا ، وَلاَ يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلاَّ مُنْشِد ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَقْتُلَ ، وَإِمَّا أَنْ يُفَادِيَ أَهْلَ الْقَتِيلِ.
قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : أَبُو شَاهٍ ، فَقَالَ : اُكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : اُكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ : إِلاَّ الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِلاَّ الإِذْخِرَ.

38077- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، عَنْ عَمْرو بْنِ مُرَّةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الدُّؤَلِ بْنِ بَكْرٍ : لَوَدِدْت أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعْتُ مِنْهُ ، فَقَالَ لِرَجُلٍ : انْطَلِقْ مَعِي ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَقْتُلَنِي خُزَاعَةُ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى انْطَلَقَ ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ ، فَعَرَفَهُ فَضَرَبَ بَطْنَهُ بِالسَّيْفِ ، قَالَ : قَدْ أَخْبَرْتُك أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونَنِي ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَرَّمَ مَكَّةَ ، لَيْسَ النَّاسُ حَرَّمُوهَا ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، وَهِيَ بَعْدُ حَرَمٌ ، وَإِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ ثَلاَثَةٌ : مَنْ قَتَلَ فِيهَا ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلٍ ، أَوْ طَلَبَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلأَدِيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ : فَحَدَّثْت بِهَذَا الْحَدِيثِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ، فَقُلْتُ : أَعْدَى اللَّهَ ، فَقَالَ : أَعْدَى.
38078- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ لَمَّا جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ ، فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ ، فَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا ؟ قَالَ ، نَعَمْ ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ.

38079- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْن عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : هَذِهِ حَرَمٌ ، يَعَنْي مَكَّةَ ، حَرَّمَهَا اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَوَضَعَ هَذَيْنِ الأَخْشَبَيْنِ ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي ، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي ، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا ، وَلاَ ترْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لاَ صَبْرَ لَهُمْ عَنِ الإِذْخِرِ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُنْيَانِهِمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِلاَّ الإِذْخِرَ.
38080- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ صَعِدَ بِلاَلٌ الْبَيْتَ فَأَذَّنَ ، فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لِلْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ : أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا الْعَبْدِ ، فَقَالَ الْحَارِثُ : إِنْ يَكْرَهْهُ اللَّهُ يُغَيِّرْهُ.
38081- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ بِلاَلاً أَذَّنَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَوْقَ الْكَعْبَةِ.
38082- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ : خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ بِثَمَانِيَةِ آلاَفٍ ، أَوْ عَشَرَةِ آلاَفٍ ، وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِأَلْفَيْنِ.

38083- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَتْ : لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ ، فَرَّ إِلَيَّ رَجُلاَنِ مِنْ أَحْمَائِي مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ ، قَالَتْ : فَخَبَّأْتُهُمَا فِي بَيْتِي ، فَدَخَلَ عَلَيَّ أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ : لأَقْتُلَنَّهُمَا ، قَالَتْ : فَأَغْلَقْت الْبَابَ عَلَيْهِمَا ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَعْلَى مَكَّةَ ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ فِي جَفْنَةٍ ، إِنَّ فِيهَا أَثَرَ الْعَجِينِ ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ.
فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غُسْلِهِ ، أَخَذَ ثَوْبًا فَتَوَشَّحَ بِهِ ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مِنَ الضُّحَى ، ثُمَّ أَقْبَلَ ، فَقَالَ : مَرْحَبًا وَأَهْلاً بِأُمِّ هَانِئٍ ، مَا جَاءَ بِكَ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، فَرَّ إِلَيَّ رَجُلاَنِ مِنْ أَحْمَائِي ، فَدَخَلَ عَلَيَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُمَا ، فَقَالَ : لاَ ، قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ ، وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ.
38084- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ : {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ، قَالَ : قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى خَتَمَهَا ، وَقَالَ : النَّاسُ حَيِّزٌ ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ ، وَقَالَ :

لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ . فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ : كَذَبْتَ ، وَعَنْدَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ ، وَهُمَا قَاعِدَانِ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : لَوْ شَاءَ هَذَانِ لَحَدَّثَاك ، وَلَكِنْ هَذَا يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عِرَافَةِ قَوْمِهِ ، وَهَذَا يَخْشَى أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ ، فَسَكَتَا ، فَرَفَعَ مَرْوَانُ الدِّرَّةَ لِيَضْرِبَهُ ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ ، قَالاَ : صَدَقَ.
38085- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ طَاوُوسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ، وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.
38086- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ أُمِّ يَحْيَى بِنْتِ يَعْلَى ، عَنْ أَبِيهَا ، قَالَ : جِئْتُ بِأَبِي يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَا يُبَايِعُك عَلَى الْهِجْرَةِ ، فَقَالَ : لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.
38087- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ بْن أَبِي ثَابِتٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.

38088- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَخِي ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ : بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ ، فَقَالَ : مَضَتِ الْهِجْرَةُ لأَهْلِهَا ، فَقُلْتُ : عَلاَمَ نُبَايِعُك يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ ، قَالَ : فَلَقِيتُ أَخَاهُ فَسَأَلْتُهُ ؟ فَقَالَ : صَدَقَ مُجَاشِعٌ.
38089- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَامَ عَامَ الْفَتْحِ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ، ثُمَّ أَفْطَرَ ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالآخِرِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
38090- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ حَيْثُ فَتَحَ مَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ ، يَقْصُرُ الصَّلاَةَ حَتَّى سَارَ إِلَى حُنَيْنٍ.
38091- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، أَمَّنَ النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةً.

38092- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا هَمَّامٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : أُنْزِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ ، مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُو الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ ، قَالَ : نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا جَمِيعًا ، فَلَمَّا تَلاَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : هَنِيئًا مَرِيئًا ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَا يُفْعَلُ بِكَ ، فَمَاذَا يُفْعَلُ بِنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا : {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ.
38093- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مَكْحُولٌ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ تَلَقَّتْهُ الْجِنُّ بِالشَّرَرِ يَرْمُونَهُ ، فَقَالَ جِبْرَائِيلُ : تَعَوَّذْ يَا مُحَمَّدُ ، فَتَعَوَّذَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ

فَدُحِرُوا عَنْهُ ، فَقَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ ، الَّتِي لاَ يُجَاوِزهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ ، مِنْ شَرِّ مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ، وَمِنْ شَرِّ مَا بُثَّ فِي الأَرْضِ ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ، وَمِنْ شَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ ، إِلاَّ طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ.
38094- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ ، قَالَ : مَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى اللاَتِ ، فَقَالَ :
يَا عُزَّ كُفْرَانَكِ لاَ سُبْحَانَكِ
إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ.
38095- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ ، قَالَ : لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ ، دَعَا شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ بِالْمِفْتَاحِ ، مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ ، فَتَلَكَّأَ ، فَقَالَ لِعُمَرَ : قُمْ فَاذْهَبْ مَعَهُ ، فَإِنْ جَاءَ بِهَا وَإِلاَّ فَاجْلِدْ رَأْسَهُ ، قَالَ : فَجَاءَ بِهَا ، قَالَ : فَأَجَالَهَا فِي حَجَرِهِ وَشَيْبَةُ قَائِمٌ ، قَالَ : فَبَكَى شَيْبَةُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : هَاكَ فَخُذْهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ لَكُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلاَمِ.
38096- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ.

38097- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ.
38098- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ تُطْمَسَ التَّمَاثِيلُ الَّتِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ.
38099- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْجِعْرَانَةِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى مَكَّةَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ الْمَنَاسِكَ ، وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ : مَنْ حَجَّ الْعَامَ فَهُوَ آمِنٌ ، وَلاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكَ ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
38100- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا بَيْعَ الْخَمْرِ ، وَالْخَنَازِيرِ ، وَالْمَيْتَةِ ، وَالأَصْنَامِ ، قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ ؛ فَإِنَّهَا تُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ وَالْجُلُودُ وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا ؟ قَالَ : قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا ، أَخَذُوهَا فَجَمَلُوهَا ، ثُمَّ بَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا.

38101- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَزْهَرِ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ ، وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيد ، فَأُتِيَ بِشَارِبٍ ، فَأَمَرَهُمْ فَضَرَبُوهُ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَ بِالسَّوْطِ ، وَبِالنَّعْلِ ، وَبِالْعِصِي ، وَحَثَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ ، فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ أُتِيَ بِشَارِبٍ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ : كَمْ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ضَرَبَ ؟ فَحزَّرَهُ أَرْبَعِينَ ، فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ.
38102- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ ، ابْنِ أَخِي يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ يَعْلَى ، قَالَ : جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي أُمَيَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : بَلْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ ، فَقَدَ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ.

38103- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ السَّائِبِ ؛ أَنَّهُ كَانَ يُشَارِكُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الإِسْلاَمِ فِي التِّجَارَةِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ أَتَاهُ ، فَقَالَ : مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي كَانَ لاَ يُدَارِي ، وَلاَ يُمَارِي يَا سَائِبُ ، قَدْ كُنْت تَعْمَلُ أَعْمَالاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، لاَ تُتَقَبَّلُ مِنْك ، وَهِيَ الْيَوْمُ تُتَقَبَّلُ مِنْك . وَكَانَ ذَا سَلَفٍ وَصِلَةٍ.
38104- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ ، دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ ، وَدَخَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَقْتُلَنَّ ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْقَتْلِ ، فَقَالَ : مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا قَدَرْتُ عَلَى أَنْ لاَ أَصْنَعَ إِلاَّ الَّذِي صَنَعْتُ.
38105- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ : مُحَمَّدُ (بْنُ عَبَّادِ) بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي حَدِيثًا ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ ، قَالَ : حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ ، فَصَلَّى فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ ، فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلَمَّا ذَكَرَ عِيسَى ، أَوْ مُوسَى ، أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ.

38106- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ فَجَلَسَ عِنْدَ بَابِهَا ، وَكَانَ إِذَا جَلَسَ وَحْدَهُ لَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَدْعُوَهُ ، قَالَ : اُدْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ ، قَالَ : فَجَاءَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَاجَاهُ طَوِيلاً ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِهِ ، أَوْ عَنْ يَسَارِهِ ، ثُمَّ قَالَ : اُدْعُ لِي عُمَرَ ، فَجَاءَ فَجَلَسَ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرٍ فَنَاجَاهُ طَوِيلا ، فَرَفَعَ عُمَرُ صَوْتَهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ ، هُمَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّك سَاحِرٌ ، وَأَنَّك كَاهِنٌ ، وَأَنَّك كَذَّابٌ ، وَأَنَّك مُفْتَرٍ ، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَقُولُونَهُ إِلاَّ ذَكَرَهُ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنَ الْجَانِبِ الآخَرِ ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ.
ثُمَّ دَعَا النَّاسَ ، فَقَالَ : أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِمِثْلِ صَاحِبَيْكُمْ هَذَيْنِ ؟ قَالَوا : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللهِ ، فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ : إِنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أَلْيَنَ فِي اللهِ مِنَ الدُّهْنِ فِي اللَّبَنِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ ، فَقَالَ : إِنَّ نُوحًا كَانَ أَشَدَّ

فِي اللهِ مِنَ الْحَجَرِ ، وَإِنَّ الأَمْرَ أَمْرُ عُمَرَ ، فَتَجَهَّزُوا ، فَقَامُوا فَتَبِعُوا أَبَا بَكْرٍ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَسْأَلَ عُمَرَ ، مَا هَذَا الَّذِي نَاجَاك بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ : قَالَ لِي : كَيْفَ تَأْمُرُونِي فِي غَزْوِ مَكَّةَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هُمْ قَوْمُك ، قَالَ : حَتَّى رَأَيْتُ أَنَّهُ سَيُطِيعُنِي ، قَالَ : ثُمَّ دَعَا عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّهُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ ، حَتَّى ذَكَرَ كُلَّ سُوءٍ كَانُوا يَذْكُرُونَهُ ، وَأَيْمُ اللهِ لاَ تَذِلُّ الْعَرَبُ حَتَّى يَذِلَّ أَهْلُ مَكَّةَ ، فَأَمُرَكُمْ بِالْجِهَادِ لِتَغْزُوا مَكَّةَ.
35- مَا ذَكَرَوا فِي الطَّائِفِ.
38107- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَقَالَ مُرَّةُ : عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الطَّائِفِ ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا ، فَقَالَ : إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اُغْدُوَا عَلَى الْقِتَالِ ، فَغَدَوْا ، فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا ، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

38108- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ جَبْرٍ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ : لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ انْصَرَفَ إِلَى الطَّائِفِ ، فَحَاصَرَهُمْ تِسْعَ عَشْرَةَ ، أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ فَلَمْ يَفْتَتِحْهَا ، ثُمَّ أَوْغَلَ رَوْحَةً ، أَوْ غَدْوَةً ، فَنَزَلَ ، ثُمَّ هَجَّرَ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ ، فَأُوصِيكُمْ بِعِتْرَتِي خَيْرًا ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمَ الْحَوْضُ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَتُقِيمُنَّ الصَّلاَةَ وَلتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ ، أَوْ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً مِنِّي ، أَوْ كَنَفْسِي ، فَلَيَضْرِبَنَّ أعَنْاقَ مُقَاتِلَتِهِمْ وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيَّهُمْ ، قَالَ : فَرَأَى النَّاسُ أَنَّهُ أَبُو بَكْرٍ ، أَوْ عُمَرُ ، فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ ، فَقَالَ : هَذَا.
38109- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ ، فَجَاءَهُ أَصْحَابُهُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَحَرَقَتْنَا نِبَالُ ثَقِيفٍ ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : اللَّهُمَ اهْدِ ثَقِيفًا ، مَرَّتَيْنِ.
قَالَ : وَجَاءَتْهُ خَوْلَةُ ، فَقَالَ : إِنِّي نُبِّئْتُ أَنَّ بِنْتَ خُزَاعَةَ ذَاتُ حُلِيٍّ ، فَنَفِّلَنِّي حُلِيَّهَا إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْك الطَّائِفَ غَدًا ، قَالَ : إِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَنَا فِي قِتَالِهِمْ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ ، نُرَاهُ عُمَرَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا مُقَامُك عَلَى قَوْمٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَك فِي قِتَالِهِمْ ؟ قَالَ : فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ ، فَنَزَلَ الْجِعْرَانَةَ
، فَقَسَّمَ بِهَا غَنَائِمَ حُنَيْنٍ ، ثُمَّ دَخَلَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ.

38110- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْحَجَّاجِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ ، قَالَ : أَعْتَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الطَّائِفِ كُلَّ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ رَقِيقِ الْمُشْرِكِينَ.
38111- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الْحَجَّاجِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : خَرَجَ غُلاَمَانِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الطَّائِفِ فَأَعْتَقَهُمَا ، أَحَدُهُمَا أَبُو بَكْرَةَ ، فَكَانَا مَوْلَيَيْهِ.
38112- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحَاصِرًا وَادِيَ الْقُرَى.
38113- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا قَيْسٌ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، يَدْعُو عَلَيْهِمْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ.

38114- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ السَّائِبِ ، قَالَ سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ ، أَحَدِ بَنِي سُوَاءَةَ ، يُقَالُ لَهُ : عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَيَّةَ ، قَالَ : أُصِيبَ رَجُلاَنِ يَوْمَ الطَّائِفِ ، قَالَ : فَحُمِلاَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَأُخْبِرَ بِهِمَا ، فَأَمَرَ بِهِمَا أَنْ يُدْفَنَا حَيْثُ أُصِيبَا وَلُقِيَا.
38115- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ بِالنَّبَاةِ ، أَوْ بِالنَّبَاوَةِ ، وَالنَّبَاوَةُ مِنَ الطَّائِفِ : تُوشِكُونَ أَنْ تَعْرِفُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَخِيَارَكُمْ مِنْ شِرَارِكُمْ ، قَالَوا : بِمَ ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَالثَّنَاءِ السَّيِّئِ ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ.
38116- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا : مَا رَأَيْتُ الْمَلَكَ مُنْذُ نَزَلْتُ مَنْزِلِي هَذَا ، قَالَ : فَانْطَلَقَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةُ ، فَحَدَّثَتْ ذَلِكَ عُمَرَ ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَهَا ، فَقَالَ : صَدَقَتْ ، فَأَشَارَ عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالرَّحِيلِ ، فَارْتَحَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

38117- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ : لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُنَيْنٍ بَعْدَ الطَّائِفِ ، قَالَ : أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ ، فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ ، وَعَارٌ ، وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ الْخُمُسَ ، ثُمَّ تَنَاوَلَ شَعَرَةً مِنْ بَعِيرٍ ، فَقَالَ : مَا لِي مِنْ مَالِكُمْ هَذَا إِلاَّ الْخُمُسُ ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ.
38118- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ ، قَالَ : حدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ عُتْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الطَّائِفِ نَزَلَ الْجِعْرَانَةَ ، فَقَسَّمَ بِهَا الْغَنَائِمَ ، ثُمَّ اعْتَمَرَ مِنْهَا ، وَذَلِكَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ.
38119- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَارَةَ ، عَنْ أَشْيَاخِهِ ، عَنِ الزُّبَيْرِ ؛ أَنَّهُ مَلَكَ يَوْمَ الطَّائِفِ خَالاَتٍ لَهُ ، فَأُعْتِقْنَ بِمِلْكِهِ إِيَّاهُنَّ.

36- مَا حَفِظْتُ فِي بَعْثِ مُؤْتَةَ.
38120- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى مُؤْتَةَ ، فَاسْتَعْمَلَ زَيْدًا ، فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَابْنُ رَوَاحَةَ ، فَتَخَلَّفَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَجَمَّعَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : مَا خَلَّفَكَ ؟ قَالَ : أَجْمِّعُ مَعَك ، قَالَ : لَغَدْوَةٌ ، أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
38121- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : وَكَانَتِ الأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشَ الأُمَرَاءِ ، وَقَالَ : عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَوَثَبَ جَعْفَرٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا كُنْتُ أَرْهَبُ

أَنْ تَسْتَعْمِلَ عَلَيَّ زَيْدًا ، فَقَالَ : امْضِ ، فَإِنَّك لاَ تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ.
فَانْطَلَقُوا ، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، وَأَمَرَ فَنُودِيَ : الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : ثَابَ خَيْرٌ ، ثَابَ خَيْرٌ ، ثَلاَثًا ، أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي ، انْطَلَقُوا فَلَقُوا الْعَدُوَّ ، فَقُتِلَ زَيْدٌ شَهِيدًا ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا ، اشْهَدُوا لَهُ بِالشَّهَادَةِ ، وَاسْتَغْفِرُوا لَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الأُمَرَاءِ ، هُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ ، فَأَنْتَ تَنْصُرُهُ ، فَمِنْ يَوْمَئِذٍ سُمِّيَ سَيْفَ اللهِ الْمَسْلُولَ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : انْفِرُوا ، فَأَمِدُّوا إِخْوَانَكُمْ ، وَلاَ يَتَخَلَّفَنَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ ، فَنَفَرُوا مُشَاةً وَرُكْبَانًا ، وَذَلِكَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ.
فَبَيْنَمَا هُمْ لَيْلَةً مُمَايَلِينُ عَنِ الطَّرِيقِ ، إِذْ نَعَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَالَ عَنِ الرَّحْلِ ، فَأَتَيْتُهُ ، فَدَعَّمْتُهُ بِيَدَيْ ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ يَدِ رَجُلٍ اعْتَدَلَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَبُو قَتَادَةَ ، فَسَارَ أَيْضًا ثُمَّ نَعَسَ حَتَّى مَالَ عَنِ الرَّحْلِ ، فَأَتَيْتُهُ ، فَدَعَّمْتُهُ بِيَدَيْ ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ يَدِ رَجُلٍ اعْتَدَلَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَبُو قَتَادَةَ ، قَالَ فِي الثَّانِيَةِ ، أَوِ الثَّالِثَةِ ، قَالَ : مَا أُرَانِي إِلاَّ قَدْ شَقَقْتُ عَلَيْك مُنْذُ اللَّيْلَةِ ، قَالَ : قُلْتُ : كَلاَ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، وَلَكِنْ أَرَى الْكَرَى أَو النُّعَاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْك ، فَلَوْ عَدَلْتَ فَنَزَلْتَ

حَتَّى يَذْهَبَ كَرَاكَ ، قَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُخْذَلَ النَّاسُ ، قَالَ : قُلْتُ : كَلاَ ، بِأَبِي وَأُمِّي.
قَالَ : فَابْغِنَا مَكَانًا خَمِيرًا ، قَالَ : فَعَدَلْتُ عَنِ الطَّرِيقِ ، فَإِذَا أَنَا بِعُقْدَةٍ مِنْ شَجَرٍ ، فَجِئْتُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذِهِ عُقْدَةٌ مِنْ شَجَرٍ قَدْ أَصَبْتُهَا ، قَالَ : فَعَدَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَعَدَلَ مَعَهُ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ ، فَنَزَلُوا وَاسْتَتَرُوا بِالْعُقْدَةِ مِنَ الطَّرِيقِ ، فَمَا اسْتَيْقَظْنَا إِلاَّ بِالشَّمْسِ طَالِعَةً عَلَيْنَا ، فَقُمْنَا وَنَحْنُ وَهِلِينَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : رُوَيْدًا رُوَيْدًا ، حَتَّى تَعَالَتِ الشَّمْسُ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ كَانَ يُصَلِّي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ فَلْيُصَلِّهِمَا ، فَصَلاَهُمَا مَنْ كَانَ يُصَلِّيهِمَا ، وَمَنْ كَانَ لاَ يُصَلِّيهِمَا.
ثُمَّ أَمَرَ فَنُودِيَ بِالصَّلاَةِ ، ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِنَا ، فَلَمَّا سَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ ، أَنا لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا يَشْغَلُنَا عَنْ صَلاَتِنَا ، وَلَكِنْ أَرْوَاحَنَا كَانَتْ بِيَدِ اللهِ ، أَرْسَلَهَا أَنَّى شَاءَ ، أَلاَ فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الصَّلاَةُ مِنْ عَبْدٍ صَالِحٍ فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا.
قَالَوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، الْعَطَشُ ، قَالَ : لاَ عَطَشَ ، يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَرِنِي الْمَيْضَأَةَ ، قَالَ : فَأَتَيْتُهُ بِهَا ، فَجَعَلَهَا فِي ضِبْنِهِ ، ثُمَّ الْتَقَمَ فَمَهَا ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَفَثَ فِيهَا ، أَمْ لاَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَرِنِي الْغُمَرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، فَأَتَيْته بِقَدَحٍ بَيْنَ الْقَدَحَيْنِ ، فَصَبَّ فِيهِ ، فَقَالَ : اسْقِ الْقَوْمَ ، وَنَادَى

رَسُولُ اللهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ : أَلاَ مَنْ أَتَاهُ إِنَاؤُهُ فَلْيَشْرَبْهُ ، فَأَتَيْتُ رَجُلاً فَسَقَيْتُهُ ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِفَضْلَةِ الْقَدَحِ ، فَذَهَبْتُ فَسَقَيْتُ الَّذِي يَلِيهِ ، حَتَّى سَقَيْتُ أَهْلَ تِلْكَ الْحَلْقَةِ ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم بِفَضْلَةِ الْقَدَحِ ، فَذَهَبْتُ فَسَقَيْتُ حَلْقَةً أُخْرَى ، حَتَّى سَقَيْت سَبْعَةَ رُفَقٍ.
وَجَعَلْتُ أَتَطَاوَلُ ، أَنْظُرُ هَلْ بَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ ، فَصَبَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَدَحِ ، فَقَالَ لِي : اشْرَبْ ، قَالَ : قُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، إِنِّي لاَ أَجِدُ بِي كَثِيرَ عَطَشٍ ، قَالَ إِلَيْك عَنِّي ، فَإِنِّي سَاقِي الْقَوْمَ مُنْذُ الْيَوْمِ ، قَالَ : فَصَبَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ ، ثُمَّ صَبَّ فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ ، ثُمَّ صَبَّ فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ ، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا.
ثُمَّ قَالَ : كَيْفَ تَرَى الْقَوْمَ صَنَعُوا حِينَ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ ، وَأَرْهَقَتْهُمْ صَلاَتُهُمْ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : أَلَيْسَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؟ إِنْ يُطِيعُوهُمَا فَقَدْ رَشَِدُوا ، وَرَشَِدَتْ أُمُّتُهُمْ ، وَإِنْ يَعْصُوهُمَا فَقَدْ غَوَوْا وَغَوَتْ أُمُّتُهُمْ ، قَالَهَا ثَلاَثًا ، ثُمَّ سَارَ وَسِرْنَا ، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، إِذَا نَاسٌ يَتَّبِعُونَ ظِلاَلَ الشَّجَرَةِ ، فَأَتَيْنَاهُمْ ، فَإِذَا نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : فَقُلْنَا لَهُمْ : كَيْفَ صَنَعْتُمْ حِينَ فَقَدْتُمْ نَبِيَّكُمْ ، وَأَرْهَقَتْكُمْ صَلاَتُكُمْ ؟ قَالَوا : نَحْنُ وَاللهِ نُخْبِرُكُمْ ، وَثَبَ عُمَرُ ، فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ : {إِنَّك مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}

وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ تَوَفَّى نَبِيَّهُ ، فَقُمْ فَصَلِّ وَانْطَلِقْ ، إِنِّي نَاظِرٌ بَعْدَك وَمُتلوِّمٌ ، فَإِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا وَإِلاَّ لَحِقْتُ بِكَ ، قَالَ : وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ ، وَانْقَطَعَ الْحَدِيثُ.
38122- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ؛ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ : لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ ، فَذَكَرَ مِنْ بُكَاءَهُنَ ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْهَاهُنَّ.
38123- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنِ الشَّعْبِيِّ زَعَمَ ؛ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ بِالْبَلْقَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ اُخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ بِأَفْضَلَ مَا خَلَفْت عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
38124- حَدَّثَنَا عبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، وَوَكِيعٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، يَقُولُ : لَقَدَ انْدَقَّ فِي يَدَيْ يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ ، فَمَا صَبَرَتْ فِي يَدِي إِلاَّ صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَّةٌ.

38125- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى الثَّلاَثَةَ الَّذِينَ قُتِلُوا بِمُؤْتَةِ ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِمْ.
38126- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو السَّكْسَكِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نَفِيرٍ ، قَالَ : لَمَّا اشْتَدَّ حُزْنُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ مَعَ زَيْدٍ يَوْمَ يَوْمَ مُؤْتَةَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَيُدْرِكَنَّ الْمَسِيحَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ أَقْوَامٌ ، إِنَّهُمْ لَمِثْلُكُمْ ، أَوْ خَيْرٌ ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، وَلَنْ يُخْزِيَ اللَّهُ أُمَّةً ، أَنَا أَوَّلُهَا وَالْمَسِيحُ آخِرُهَا.
38127- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَمَّا أَتَتْ وَفَاةُ جَعْفَرٍ ، عَرَفْنَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحُزْنَ ، قَالَتْ : فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ النِّسَاءَ يَبْكِينَ ، قَالَ : فَارْجِعْ إِلَيْهِنَّ فَأَسْكِتْهُنَ ، فَإِنْ أَبَيْنَ فَاحْثُ فِي وُجُوهِهِنَّ التُّرَابَ ، قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : قُلْتُ فِي نَفْسِي : وَاللهِ مَا تَرَكْتَ نَفْسَك ، وَلاَ أَنْتَ مُطِيعٌ رَسُولَ اللهِ.
38128- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي الَّذِي أَرْضَعَنِي مِنْ بَنِي مُرَّةَ ، قَالَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ ، نَزَلَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَرْقَبَهَا ، ثُمَّ مَضَى فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

38129- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَبَرُ قَتْلِ زَيْدٍ ، وَجَعْفَرٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ نَعَاهُمْ إِلَى النَّاسِ ، وَتَرَكَ أَسْمَاءَ حَتَّى أَفَاضَتْ مِنْ عَبْرَتِهَا : ثُمَّ أَتَاهَا فَعَزَّاهَا ، وَقَالَ : ادْعِي لِي بَنِي أَخِي ، قَالَ : فَجَاءَتْ بِثَلاَثَةِ بَنِينَ ، كَأَنَّهُمْ أَفْرُخٌ ، قَالَتْ : فَدَعَا الْحَلاَقَ فَحَلَقَ رُؤُوسَهُمْ ، فَقَالَ : أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ ، وَأَمَّا عَوْنُ اللهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَالَهَا ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ ، قَالَ : فَجَعَلَتْ أُمُّهُمْ تُفْرِحُ لَهُ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَتَخْشَيْنَ عَلَيْهِمَ الضَّيْعَةَ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟.
38130- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حدَّثَنَا قُطْبَةُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، قَالَ : أُرِيَهُمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ ، فَرَأَى جَعْفَرًا مَلَكًا ذَا جَنَاحَيْنِ ، مُضَرَّجًا بِالدِّمَاءِ ، وَزَيْدًا مُقَابِلُهُ عَلَى السَّرِيرِ ، قَالَ : وَابْنَ رَوَاحَةَ جَالِسًا مَعَهُمْ كَأَنَّهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهُ.
38131- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ ؛ أَنَّهُ لَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَتْلُ جَعْفَرٍ ، وَزَيْدٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ ، ذَكَرَ أَمْرَهُمْ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِجَعْفَرٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ.

38132- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : جَاءَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ فَقَامَ مَقَامَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أُلاَقِي مِنْك الْيَوْمَ مَا لَقِيتُ مِنْك أَمْسِ ؟.
38133- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُد ، قَالَ : سَمِعْتُ الْبَهِيَّ يُحَدِّثُ ؛ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ : مَا بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي جَيْشٍ قَطُّ ، إِلاَّ أَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَهُ لاَسْتَخْلَفَهُ.
38134- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ : لَوْ أَنَّ زَيْدًا حَيٌّ لاَسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

38135- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَطَعَ بَعْثًا قِبَلَ مُؤْتَةَ ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ، وَفِي ذَلِكَ الْبَعْثِ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، قَالَ : فَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَطْعَنْونَ فِي ذَلِكَ ، لِتَأْمِيرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَ النَّاسَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أُنَاسًا مِنْكُمْ قَدْ طَعَنْوا عَلَيَّ فِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ ، وَإِنَّمَا طَعَنْوا فِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ كَمَا طَعَنْوا فِي تَأْمِيرِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ ، وَايْمُ اللهِ ، إِنْ كَانَ لَحَقِيقًا لِلإِمَارَةِ ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ ابْنَهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مِنْ صَالِحِيكُمْ ، فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا.
38136- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ الأَجْلَحِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : لَمَّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَتْلُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَتَهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ حَتَّى أَفَاضَتْ عَبْرَتَهَا ، وَذَهَبَ بَعْضُ حُزْنِهَا ، ثُمَّ أَتَاهَا فَعَزَّاهَا ، وَدَعَا بَنِي جَعْفَرٍ فَدَعَا لَهُمْ ، وَدَعَا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِي صَفْقَةِ يَدِهِ ، فَكَانَ لاَ يَشْتَرِي شَيْئًا إِلاَّ رَبِحَ فِيهِ.
فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّا لَسْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، فَقَالَ : كَذَبُوا ، لَكُمُ الْهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ ، وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ.

38137- حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الأَزْدِيُّ ، قَالَ : حدَّثَنِي أَبُو أُوَيْسٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : كُنْتُ بِمُؤْتَةِ ، فَلَمَّا فَقَدْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبْنَاهُ فِي الْقَتْلَى ، فَوَجَدْنَا فِيهِ خَمْسينَِ ؛ بَيْنَ طَعَنْةٍ وَرَمْيَةٍ ، وَوَجَدْنَا ذَلِكَ فِيمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ،
37- غَزْوَةُ حُنَيْنٍ ، وَمَا جَاءَ فِيهَا.
38138- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ : هَلْ كُنْتُمْ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ ، يَا أَبَا عُمَارَةَ ؟ فَقَالَ : أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا وَلَّى ، وَلَكِنَّ انْطَلَقَ جُفَاءٌ مِنَ النَّاسِ وَحُسَّرٌ إلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ هَوَازِنَ ، وَهُمْ قَوْمٌ رُمَاةٌ ، فَرَمَوْهُمْ بِرِشْقٍ مِنْ نَبْلٍ كَأَنَّهَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ ، قَالَ : فَانْكَشَفُوا ، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ هُنَالِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يَقُودُ بَغْلَتَهُ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَنْصَرَ ، وَهُوَ يَقُولُ :
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبَ.
اللَّهُمَّ نَزِّل نَصْرُك ، قَالَ : وَكُنَّا وَاللهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ لِلَّذِي يُحَاذِي بِهِ.

38139- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : لاَ وَاللهِ مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ دُبُرَهُ ، قَالَ : وَالْعَبَّاسُ ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذَانِ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ :
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.
38140- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ : اللَّهُمَّ إِنَّك إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ.
38141- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْنٍ ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ جَمَعَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَمْعًا كَثِيرًا ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ فِي عَشَرَةِ آلاَفٍ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفٍ ، قَالَ : وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ ، قَالَ : فَجَاؤُوا بِالنَّعَمِ وَالذُّرِّيَّةِ ، فَجُعِلُوا خَلْفَ ظُهُورِهِمْ ، قَالَ : فَلَمَّا الْتَقَوْا وَلَّى النَّاسُ ، وَالنَّبِيُّ

صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ ، قَالَ : فَنَزَلَ ، فَقَالَ : إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : وَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ ، لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا كَلاَمُا ، فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ ، فَقَالَ : أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، فَقَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، نَحْنُ مَعَك ، ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ ، فَقَالَ : أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، فَقَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، نَحْنُ مَعَك.
ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ فَالْتَقَوْا ، فَهَزَمُوا وَأَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمِ ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الطُّلَقَاءَ وَقَسَمَ فِيهَا ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ : نُدْعَى عِنْدَ الشِّدَّةِ وَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ لِغَيْرِنَا ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَمَعَهُمْ ، وَقَعَدَ فِي قُبَّةٍ ، فَقَالَ : أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ ؟ فَسَكَتُوا ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، لَوْ أَنَّ النَّاسَ سَلَكُوا وَادِيًا ، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لأَخَذْت شِعْبَ الأَنْصَارِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ ؟ فَقَالُوا : رَضِينَا ، رَضِينَا يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ : قَالَ هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ : قُلْتُ لأَنَسٍ : وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَلِكَ ؟ قَالَ : وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ ذَلِكَ ؟.
38142- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَمْ تَرَ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، مَا أَرَدْتِ إِلَيْهِ ؟ قَالَتْ : أَرَدْتُ إِنْ دَنَا إِلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ طَعَنْتُهُ بِهِ.

38143- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبَهُ ، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبُو طَلْحَةَ عِشْرِينَ رَجُلاً ، فَأَخَذَ أَسْلاَبَهُمْ.
38144- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ ، قَالَ : انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ ، فَنُودُوا : يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، قَالَ : فَرَجَعُوا وَلَهُمْ حُنَيْنٌ ، يَعَنْي بُكَاءً.
38145- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ انْكَشَفَ النَّاسُ عَنْهُ ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : زَيْدٌ ، آخِذٌ بِعَنْانِ بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ

، وَهِيَ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ النَّجَاشِيُّ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : وَيْحَك يَا زَيْدُ ، اُدْعُ النَّاسَ ، فَنَادَى : أَيُّهَا النَّاسُ ، هَذَا رَسُولُ اللهِ يَدْعُوكُمْ ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : وَيْحَك ، حُضَّ الأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، هَذَا رَسُولُ اللهِ يَدْعُوكُمْ ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : وَيْحَك ، اُدْعُ الْمُهَاجِرِينَ ، فَإِنَّ لِلَّهِ فِي أَعَنْاقِهِمْ بَيْعَةً ، قَالَ : فَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ ، أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْهُمْ أَلْفٌ ، قَدْ طَرَحُوا الْجُفُونَ وَكَسَرُوهَا ، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى فُتِحَ عَلَيْهِمْ.
38146- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ ، قَالَ : نَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَغْلَةٍ كَانَ عَلَيْهَا ، فَجَعَلَ يَصْرُخُ بِالنَّاسِ : يَا أَهْلَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، يَا أَهْلَ بَيْعَةِ الشَّجَرَةِ ، أَنَا رَسُولُ اللهِ وَنَبِيُّهُ ، وَتَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ.
38147- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَوْفَى بِيَدِهِ ضَرْبَةٌ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ : ضُرِبْتُهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : وَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا ؟ قَالَ : نَعَمْ.

38148- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ ؛ أَنَّ نَفَرًا مِنْ هَوَازِنَ جَاؤُوا بَعْدَ الْوَقْعَةِ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا نَرْغَبُ فِي رَسُولِ اللهِ ، قَالَ : فِي أَيِّ ذَلِكَ تَرْغَبُونَ ، أَفِي الْحَسَبِ ، أَمْ فِي الْمَالِ ؟ قَالَوا : بَلْ فِي الْحَسَبِ ، وَالأُمَّهَاتِ ، وَالْبَنَاتِ ، وَأَمَّا الْمَالُ فَسَيَرْزُقُنَا اللَّهُ ، قَالَ : أَمَّا أَنَا ، فَأَرُدَّ مَا فِي يَدِي وَأَيْدِي بَنِي هَاشِمٍ مِنْ عَوْرَتِكُمْ ، وَأَمَّا النَّاسُ فَسَأَشْفَعُ لَكُمْ إِلَيْهِمْ إِذَا صَلَّيْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَقُومُوا فَقُولُوا كَذَا وَكَذَا ، فَعَلَّمَهُمْ مَا يَقُولُونَ ، فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ ، وَشَفَعَ لَهُمْ ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَدَّ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِمْ ، غَيْرَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ ، أَمْسَكَا امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا فِي أَيْدِيهِمَا.
38149- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، قَالَ : لَمَّا فَرَّ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ ، جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ :
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.
قَالَ : فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ : ثَلاَثَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، وَرَجُلٌ مِنْ غَيْرِهِمْ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْعَبَّاسُ وَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِالْعَنْانِ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ جَانِبِهِ الأَيْسَرِ ، قَالَ : فَلَيْسَ يُقْبِلُ نَحْوَهُ أَحَدٌ إِلاَّ قُتِلَ ، وَالْمُشْرِكُونَ حَوْلَهُ صَرْعَى بِحِسَابِ الإِكْلِيلِ.

38150- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ ، وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ ، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ : يُعْطِي رَسُولُ اللهِ غَنَائِمَنَا نَاسًا تَقْطُرُ سُيُوفُنَا مِنْ دِمَائِهِمْ ، أَوْ سُيُوفُهُمْ مِنْ دِمَائِنَا ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَجَاؤُوا ، فَقَالَ لَهُمْ : فِيكُمْ غَيْرُكُمْ ؟ قَالَوا : لاَ ، إِلاَّ ابْنُ أُخْتِنَا ، قَالَ : ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ ، فَقَالَ : قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ إِلَى دِيَارِكُمْ ؟ قَالَوا : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّه ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : النَّاسُ دِثَارٌ ، وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ ، الأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي ، وَلَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ.
38151- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ ؛ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ ، وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ خَرَجُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ يَنْظُرُونَ عَلَى مَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ ، فَمَرَّ بِهِمْ أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالُوا : يَا عَبْدَ اللهِ ، مَا فَعَلَ النَّاسُ ؟ قَالَ : لاَ يَسْتَقْبِلُهَا مُحَمَّدٌ أَبَدًا ، قَالَ : وَذَلِكَ حِينَ تَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : لَرَبٌّ مِنْ قُرَيْشِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَبٍّ مِنِ الأَعْرَابِ ، يَا فُلاَنُ ، اذْهَبْ فَأْتِنَا بِالْخَبَرِ ، لِصَاحِبٍ لَهُمْ ، قَالَ : فَذَهَبَ حَتَّى كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَوْمِ ، فَسَمِعَهُمْ يَقُولُونَ : يَا لِلأَوْس، ِ يَا لِلْخَزْرَجِ ، وَقَدْ عَلَوْا الْقَوْمَ ، وَكَانَ شِعَارُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

38152- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السَّبْيَ بِالْجِعْرَانَةِ ، أَعْطَى عَطَايَا قُرَيْشًا وَغَيْرَهَا مِنَ الْعَرَبِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَكَثُرَتِ الْقَالَةُ وَفَشَتْ ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ : أَمَّا رَسُولُ اللهِ فَقَدْ لَقِيَ قَوْمَهُ ، قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ : مَا مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْ قَوْمِكَ ، أَكْثَرُوا فِيهَا ؟ قَالَ : فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : فَقَدْ كَانَ مَا بَلَغَك ، قَالَ : فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : مَا أَنَا إِلاَّ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي ، قَالَ : فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ ، وَقَالَ : اجْمَعْ قَوْمَك ، وَلاَ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ ، قَالَ : فَجَمَعَهُمْ فِي حَظِيرَةٍ مِنْ حَظَائِرِ السَّبِيِّ ، وَقَامَ عَلَى بَابِهَا ، وَجَعَلَ لاَ يَتْرُكُ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْ قَوْمِهِ ، وَقَدْ تَرَكَ رِجَالاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَرَدَّ أُنَاسًا ، قَالَ : ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ ، فَقَالَ :
يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهُدَاكُمَ اللَّهُ ؟ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ عَالَةً فَأَغْنَاكُمَ اللَّهُ ؟ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ

فَقَالَ : أَلاَ تُجِيبُونَ ؟ قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ.
فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ ، قَالَ : وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَصَدَقْتُمْ وَصَدَقْتُمْ : أَلَمْ نَجِدْكَ طَرِيدًا فَآوَيْنَاك ، وَمُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاك ، وَعَائِلاً فَآسَيْنَاكَ ، وَمَخْذُولاً فَنَصَرْنَاك ؟ فَجَعَلُوا يَبْكُونَ ، وَيَقُولُونَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ ، قَالَ : أَوَجَدْتُمْ مِنْ شَيْءٍ مِنْ دُنْيَا أَعْطَيْتهَا قَوْمًا ، أَتَأَلَّفُهُمْ عَلَى الإِسْلاَمِ ، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلاَمِكُمْ ، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا ، أَوْ شِعْبًا ، وَسَلَكْتُمْ وَادِيًا ، أَوْ شِعْبًا ، لَسَلَكَتْ وَادِيَكُمْ ، أَوْ شِعْبَكُمْ ، أَنْتُمْ شِعَارٌ ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ ، وَلَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ.
ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى إِنِّي لأَرَى مَا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ ، وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ ، وَلأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ ، أَمَّا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ ؟ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ ، وَانْصَرَفُوا وَهُمْ يَقُولُونَ : رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا ، وَبِرَسُولِهِ حَظًّا وَنَصِيبًا.
38153- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ ، فَسِرْنَا فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْحَرِ ، فَنَزَلْنَا تَحْتَ ظِلاَلِ الشَّجَرِ ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ لَبِسْت لاَمَتِي وَرَكِبْت فَرَسِي ، فَانْطَلَقْت إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ فِي فُسْطَاطِهِ

فَقُلْتُ : السَّلاَمُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللهِ ، وَرَحْمَةُ اللهِ ، الرَّوَاحُ ، حَانَ الرَّوَاحُ ، فَقَالَ : أَجَلْ ، فَقَالَ : يَا بِلاَلُ ، فَثَارَ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةٍ ، كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ ، فَقَالَ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَأَنَا فِدَاؤُك ، فَقَالَ : أَسْرِجْ لِي فَرَسِي ، فَأَخْرَجَ سَرْجًا دَفَّتَاهُ مِنْ لِيفٍ ، لَيْسَ فِيهِمَا أَشَرٌ ، وَلاَ بَطَرٌ ، قَالَ : فَأَسْرَجَ.
فَرَكِبَ ، وَرَكِبْنَا فَصَافَفْنَاهُمْ عَشِيَّتَنَا وَلَيْلَتَنَا ، فَتَشَامَّتِ الْخَيْلاَنِ ، فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا عِبَادَ اللهِ ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ اقْتَحَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسِهِ ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ ، فَأَخْبَرَنِي الَّذِي كَانَ أَدْنَى إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ ، وَقَالَ : شَاهَتِ الْوُجُوهُ ، قَالَ : فَهَزَمَهُمَ اللَّهُ.
قَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ : فَحَدَّثَنِي أَبْنَاؤُهُمْ ، عَنْ آبَائِهِمْ ؛ أَنَّهُمْ قَالَوا : لَمْ يَبْقَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ امْتَلأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ تُرَابًا ، وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، كَإِمْرَارِ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ الْحَدِيدِ.
38154- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ هَوَازِنَ جَاءَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالإِبِلِ وَالْغَنَمِ ، فَجَعَلُوهَا صُفُوفًا ، يَكْثُرُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ،

فَلَمَّا الْتَقَوْا ، وَلَّى الْمُسْلِمُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا عِبَادَ اللهِ ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يُضْرَبْ بِسَيْفٍ ، وَلَمْ يُطْعَنْ بِرُمْحٍ ، قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ : مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ ، قَالَ : فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلا ، فَأَخَذَ أَسْلاَبَهُمْ.
وَقَالَ أَبُو قَتَادَةُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي ضَرَبْت رَجُلاً عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ فَأُجْهِضْتُ عَنْهُ ، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ : فَأَعْجَلْت عَنْهُ ، قَالَ : فَانْظُرْ مَنْ أَخَذَهَا ، قَالَ : فَقَامَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : أَنَا أَخَذْتُهَا ، فَأَرْضِهِ مِنْهَا وَأَعْطِنِيهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ ، أَوْ سَكَتَ ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : لاَ ، وَاللهِ لاَ يَفِيئُهَا اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِهِ وَيُعْطِيكَهَا ، قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَ : صَدَقَ عُمَرُ.
وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، مَا هَذَا مَعَك ؟ قَالَتْ : أَرَدْتُ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ ؟ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، قُتِلَ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ ، انْهَزَمُوا بِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ.

38155- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَوَازِنَ ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَتَضَحَّى ، وَعَامَّتُنَا مُشَاةٌ ، فِينَا ضَعَفَةٌ ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ ، فَانْتَزَعَ طَلَقًا مِنْ حَقَبِهِ ، فَقَيَّدَ بِهِ جَمَلَهُ رَجُلٌ شَابٌّ ، ثُمَّ جَاءَ يَتَغَدَّى مَعَ الْقَوْمِ ، فَلَمَّا رَأَى ضَعْفَهُمْ وَقِلَّةَ ظَهْرِهِمْ خَرَجَ يَعْدُو إِلَى جَمَلِهِ فَأَطْلَقَهُ ، ثُمَّ أَنَاخَهُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُهُ ، وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَةٍ وَرْقَاءَ ، هِيَ أَمْثَلُ ظَهْرِ الْقَوْمِ ، فَقَعَدَ فَاتَّبَعَهُ ، فَخَرَجْتُ أَعْدُو فَأَدْرَكْتُهُ وَرَأْسُ النَّاقَةِ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ ، وَكُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ النَّاقَةِ ، وَكُنْتُ تَقَدَّمْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِخِطَامِ الْجَمَلِ ، فَأَنَخْتُهُ ، فَلَمَّا وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ بِالأَرْضِ ، اخْتَرَطْتُ سَيْفِي فَأَضْرِبُ رَأْسَهُ ، فَنَدَرَ فَجِئْتُ بِرَاحِلَتِهِ ، وَمَا عَلَيْهَا أَقُودُهُ ، فَأَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلاً ، فَقَالَ : مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ ؟ فَقَالُوا : ابْنُ الأَكْوَعِ ، فَنَفَلَهُ سَلَبَهُ.

38156- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَا أَفَاءَ ، قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ، وَلَمْ يَقْسِمْ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا ، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ ، فَخَطَبَهُمْ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمَ اللَّهُ بِي ؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمَ اللَّهُ بِي ؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمَ اللَّهُ بِي ، قَالَ : كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا ، قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ ، قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا
؟ قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ : قَالَ : لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ : جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى رِحَالِكُمْ ؟ لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ ، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا ، أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْت وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهُمْ ، الأَنْصَارُ شِعَارٌ ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ ، وَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ.

38- مَا جَاءَ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ.
38157- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عمَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَخَرَجْت أَنَا وَرَبَاحٌ ، غُلاَمُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ الإِبِلِ ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنْدِّيهِ مَعَ الإِبِلِ ، فَلَمَّا كَانَ بِغَلَسٍ أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَتَلَ رَاعِيَهَا ، وَخَرَجَ يَطْرُدُهَا هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ ، فَقُلْتُ : يَا رَبَاحُ ، اُقْعُدْ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ ، فَأَلْحِقْهُ بِطَلْحَةِ ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ قَدْ أُغِيرَ عَلَى سَرْحِهِ.
قَالَ : فَقُمْت عَلَى تَلٍّ ، وَجَعَلْت وَجْهِي مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ نَادَيْت ثَلاَثَ مَرَّاتٍ : يَا صَبَاحَاهُ ، ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ ، مَعِي سَيْفِي وَنَبْلِي ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ ، وَذَاكَ حِينَ يَكْثُرُ الشَّجَرُ ، قَالَ : فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ جَلَسْتُ لَهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ ، ثُمَّ رَمَيْتُ ، فَلاَ يُقْبِلُ عَلَيَّ فَارِسٌ إِلاَّ عَقَرْتُ بِهِ ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهُمْ وَأَقُولُ :
أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ.
فَأَلْحَقُ بِرَجُلٍ فَأَرْمِيهِ وَهُوَ عَلَى رَحْلِهِ ، فَيَقَعُ سَهْمِي فِي الرَّجُلِ ، حَتَّى انْتَظَمَتْ كَتِفُهُ ، قُلْتُ : خُذْهَا :

وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ.
فَإِذَا كُنْتُ فِي الشَّجَرَةِ أَحْرَقْتُهُمْ بِالنَّبْلِ ، وَإِذَا تَضَايَقَتِ الثَّنَايَا عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَرَدَّيْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنُهُمْ ، أَتْبَعُهُمْ وَأَرْتَجِزُ ، حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي ، وَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ ، قَالَ : ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيهُمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ رُمْحًا ، وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً ، يَسْتَخْفُونَ مِنْهَا ، وَلاَ يُلْقُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلاَّ جَعَلْت عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ ، وَجَمَعْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، حَتَّى إِذَا امْتَدَّ الضُّحَى ، أَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِي ، مُمِدًّا لَهُمْ ، وَهُمْ فِي ثَنِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ ، ثُمَّ عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَأَنَا فَوْقَهُمْ ، قَالَ عُيَيْنَةُ : مَا هَذَا الَّذِي أَرَى ؟ قَالَوا : لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ ، مَا فَارَقْنَا بِسَحَرٍ حَتَّى الآنَ ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا ، وَجَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ : لَوْلاَ أَنَّ هَذَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَهُ طَلَبًا لَقَدْ تَرَكَكُمْ ، قَالَ : لِيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ ، فَقَامَ إِلَيَّ نَفَرٌ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ ، فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمَ الصَّوْتَ ، قُلْتُ لَهُمْ : أَتَعْرِفُونِي ؟ قَالَوا : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لاَ يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكُنِي ، وَلاَ أَطْلُبُهُ فَيَفُوتُنِي ، قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : إِنْ أَظُنُّ.
قَالَ : فَمَا بَرِحْتُ مَقْعَدِي ذَاكَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى فَوَارِسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ ، وَإِذَا أَوَّلُهُمَ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ ، وَعَلَى أَثَرِهِ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

، وَعَلَى أَثَرِ أَبِي قَتَادَةَ الْمِقْدَادُ الْكِنْدِيُّ ، قَالَ : فَوَلَّوْا الْمُشْرِكِينَ مُدْبِرِينَ ، وَأَنْزِلُ مِنَ الْجَبَلِ ، فَأَعْرِضُ لِلأَخْرَمِ ، فَآخُذُ عَنْانَ فَرَسِهِ ، قُلْتُ : يَا أَخَرَمُ ، أَنْذِرْ بِالْقَوْمِ ، يَعَنْي أُحَذِّرُهُمْ ، فَإِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَقْطَعُوك ، فَاتَّئِدْ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ ، قَالَ : يَا سَلَمَةُ ، إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ ، فَلاَ تَحُل بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ ، قَالَ : فَخَلَّيْتُ عَنْانَ فَرَسِهِ ، فَيَلْحَقُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَان ، فَاخْتَلَفَا طَعَنْتَيْنِ ، فَعَقَرَ الأَخْرَمُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَطَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ ، وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ.
فَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَاخْتَلَفَا طَعَنْتَيْنِ فَعَقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ ، وَقَتَلَهُ أبُو قَتَادَةَ ، وَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ.
ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ أَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ ، حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ، وَيَعْرِضُونَ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ ، يُقَالُ لَهُ : ذُو قَرَدٍ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ ، فَأَبْصَرُونِي أَعْدُو وَرَاءَهُمْ ، فَعَطَفُوا عَنْهُ ، وَشَدُّوا فِي الثَّنِيَّةِ ، ثَنِيَّةِ ذِي ثَبيرٍ ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَلْحَقُ بِهِمْ رَجُلاً فَأَرْمِيهِ ، فَقُلْتُ : خُذْهَا :
وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ.
فَقَالَ : يَا ثَكِلَتْنِي أُمِّي ، أَكْوَعِي بُكْرَةَ ، قُلْتُ : نَعَمْ أَيْ عَدُوَّ نَفْسِهِ ، وَكَانَ الَّذِي رَمَيْتُهُ بُكْرَةَ فَأَتْبَعْتُهُ بِسَهْمٍ آخَرَ ، فَعَلَقَ فِيهِ سَهْمَانِ ، وَتَخَلَّفُوا فَرَسَيْنِ ، فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلأَتْهُمْ عَنْهُ : ذِي قَرَدٍ.

فَإِذَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَمْسِ مِئَةٍ ، وَإِذَا بِلاَلٌ قَدْ نَحَرَ جَزُورًا مِمَّا خَلَّفْتُ ، فَهُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، خَلِّنِي ، فَأَنْتَخِبُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِئَةَ رَجُلٍ ، فَآخُذَ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْعَشْوَةِ ، فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلاَّ قَتَلْتُهُ ، قَالَ : أَكُنْتَ فَاعِلاً ذَاكَ يَا سَلَمَةُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَالَّذِي أَكْرَمَ وَجْهَك ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ.
قَالَ : ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُمْ يُقْرَوْنَ الآنَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ ، قَالَ : مَرُّوا عَلَى فُلاَنٍ الْغَطَفَانِي ، فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا ، فَلَمَّا أَخَذُوا يَكْشِطُونَ جِلْدَهَا ، رَأَوْا غَبَرَةً فَتَرَكُوهَا وَخَرَجُوا هُرَّابًا ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ ، فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ جَمِيعًا ، ثُمَّ أَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا قَرِيبٌ مِنْ ضَحْوَةٍ ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، كَانَ لاَ يُسْبَقُ ، فَجَعَلَ يُنَادِي : هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ ، أَلاَ رَجُلٌ يُسَابِقُ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا ، وَأَنَا وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرْدَفًا ، قُلْتُ لَهُ : أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا ، وَلاَ تَهَابُ شَرِيفًا ؟ قَالَ : لاَ ، إِلاَّ رَسُولَ اللهِ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43