كتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
المؤلف : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

وله ايضا ... اذا دام للمرء السواد واخلقت ... محاسنه ظن الواد خضابا ... وكيف يظن الشيخ ان خضابه ... يظن سوادا او يخال شبابا ...
وله ايضا ... اذا ما كساك الدهر سربال صحة ... ولم تخل من قوت يحل ويعذب ... فلا تغبطن المترفين فانه ... على قدر ما يكسوهم الدهر يسلب ...
وله ايضا ... وفي اربع منى خلت منك اربع ... فلست بدار ايها هاج لي كربي ... اوجهك في عيني ام الريق في فمي ... ام النطق في سمعي ام الحب في قلبي ...
وله ايضا ... ان للمجد سبيلا وعرا ... ضيقا مسلكها فيه صعود ... ليس تثنى بالاباطيل الطلي ... لا ولا توطأ بالهزل بالخدود ... بل بأن ينصب حر نفسه ... وبأن يسهر والناس رقود ... وبأن يلقى بضاحي وجهه ... اوجها فيها عبوس وصدود ... كلما عددت اثمان العلي ... ولما يبتاع منهن نقود ...
وله ايضا في مديحه ... تحكي المكارم عنكم وهي شاهدة ... ليست بغيب ولن تحصى بتعديد ... وما حكاية شيء لا خفاء به ... جاء القياس فالوى بالاسانيد ... لا تحسبوني لشيء غير انفكم ... مغري بتجديد مدح بعد تجديد ... لكن كما راقت القمري جنته ... فظل يتبع تغريدا بتغريد ... احبكم لخلال لا لنعمتكم ... عندي وان اصبحت عون المجاهيد ... افسدتموني لا افساد تنحية ... للخير عني بل افساد تعويد ... وزهدتني اياديكم وفضلكم ... في كل شيء سواها أي تزهيد

وله ايضا في مديحه ... وفي الرقاب وسوم من صنائعكم ... ان انكرتها رجال بعد اقرار ... تستعبدون بها الاحرار دهركم ... فكم عبيد لكم في الناس احرار ... تخادعون عن الدنيا مساترة ... كأن معروفكم ايداع اسرار ... ان كان اورق اقوام فانكم ... مفضلون بتنوير واثمار ... كأنما الناس في الدنيا بظلمكم ... قد خيموا بين جنات وانهار ... لكم خلائق لو تحظى السماء بها ... لما الاحت نجوما غير اقمار ... ومستخف بقدر الشعر قلت له ... لن ينفق العطر الا عند عطار ... ابني البديع واهديه الى ملك ... يبني الرفيع وما يبني بأحجار ... يكسى المديح ولم يعور تجرده ... ككعبة الله لا تكسى لا عوار ...
وقا ايضا ... ولي وطن اليت ان لا ابيعه ... بشيء ولا الفي له الدهر مالكا ... عهدت به شرخ الشباب ونعمة ... كنعمة قوم اصبحوا في ظلالكا ... فقد الفته النفس حتى كأنه لها جسد ان بان غودرت هالكا ... وحبب اوطان الرجال اليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا ... اذا ذكروا اوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا ...
وقا ايضا ... تخذتكم درعا حصينا لتدفعوا ... نبال العدى عني فكنتم نصالها ... وقد كنت ارجوا منكم خير ناصر ... على حين خذلان اليمين شمالها ... فان انتم لم تحفظوا لمودتي ... ذماما فكونوا لا عليها ولا لها ... قفوا موقف المعذور عني بمعزل ... وخلوا نبالي للعدى ونبالها ...
وقال ايضا ... قلبي من الطرف السقيم سقيم ... لو ان من اشكو اليه رحيم ... من وجهها ابدا نهار واضح ... من فرعها ليل عليه بهيم

ان اقبلت فالبدر لاح وان مشت ... فالغصن راح وان رنت فالريم ... نعمت بها عيني وطال عذابها ... ولكم عذاب قد جناه نعيم ... نظرت فأقصدت الفواد بسهمها ... ثم انثنت نحوي فكدت اهيم ... ويلاه ان نظرت وان هي اعرضت ... وقع السهام ونزعهن اليم ... يا مستحل دمي محرم رحمتي ... ما انصف التحليل والتحريم ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي بن ثابت اخبرنا ابو يعلي احمد بن عبد الواحد اخبرنا محمد بن احمد بن عمران حدثنا الحسن بن السري حدثنا علي بن العباس النوبختي قال بلغني ان ابا الحسن علي بن العباس بن جريج الرومي عليل فمضيت اليه اعوده فقلت له أي شيء خبرك قال أي شيء خبر من يموت فقلت ما ارى سحنتك الا صافية حسنة قال هكذا من يموت يكون قبل ذلك بيوم حسن الوجه فقلت يعافى الله فقال خذ حديثي فان لم يقطع ان اموت في هذه العلة فاصنع ما شئت احببت ان اسكن في مدينة ابي جعفر فشاورت صديقا لي يكنى ابا الفضل وهو مشتق من الافضال فقال لي اذا عبرت القنطرة فخذ عن يدك اليمنى وهو مشتق من اليمن وسل عن سكة النعيمية وهو مشتق من النعيم وسل عن دار ابي المعافى وهو مشتق من العافية فخالفت لشؤمي واقتراب اجلي فشاورت صديقا يقال له جعفر وهو مشتق من الجوع والفرار فقال لي اذا عبرت القنطرة فخذ يسرة وهو مشتق من اليسر وسل عن سكة العباس وهو مشتق من العبوس واسكن في دار ابي قليب وهو مستق من الانقلاب وقد انقلبت بي الدنيا كما ترى واعظم ما على يجتمع في هذه السدرة في داري في كل يوم عصافير فيصيحون في وجهي سيق سيق فانا في السياق فعاودته من الغد فاذا هو قد مات توفي ابن الرومي في هذه السنة وقيل في سنة اربع وثمانين
311 - العباس بن محمد بن عبد الله
ابن زياد بن عبد الملك بن شبيب ابو الفضل البزاز ويعرف بدبيس مروزى الاصل سمع سريج بن النعمان وعفان بن مسلم وسليمان بن حرب روى عنه

ابو عمرو بن السماك وكان ثقة مقبولا عند الحكام
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت اخبرنا محمد بن عبد الواحد حدثنا محمد بن العباس قال قريء على ابن المنادى وانا اسمع قال العباس بن محمد ابو الفضل المعروف بدبيس احد الشهود من الجانب الغربي وكان الغم قد غلب على قلبه لحوادث لحقته فركب ذات يوم فأخذ به الحمار الى طريق خارج السور فسقط فثبتت اليسرى من رجليه في الركاب فالى ان لحق مشي به الحمار مجرورا فمات على ذلك وحمل الى منزله فدفن ليومين من رجب سنة ثلاث وثمانين
312 - محمد بن سليمان بن الحارث
ابو بكر الواسطي المعروف بالباغندي حدث عن محمد بن عبد الله الانصاري وابي نعيم وقبيصة وغيرهم روى عنه القاضي المحاملي وابو عمرو بن السماك واحمد بن سلمان النجاد وغيرهم وكان ابو داود السجستاني يسأل الباغندي عن الحديث اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن علي الخطيب قال سمعت ابا الفتح بن ابي الفوارس وسأله ابو محمد الخلال عن الباغندي فقال ضعيف الحديث وقال الدارقطني لا بأس به قال الخطيب لا اعلم به علة فان رواياته كلها مستقيمة ولا اعلم في حديثه منكرا وتوفي في ذي الحجة هذه السنة
313 - محمد بن غالب بن حرب
ابو جعفر الضبي التمار المعروف بتمتام ولد سنة ثلاث وتسعين ومائة وسكن بغداد فحدث بها عن عفان والقعنبي وقبيضة في خلق كثير وكان صدوقا حافظا قال الدار قطني هو ثقة مأمون الأأنه كان يخطئ توفي في رمضان هذه السنة
314 - يحي بن المختار بن منصور بن اسمعيل بن زكر يا النيسابوري
سكن بفداد وحدث بها عن جماعة روي عنه ابن مخلد وابن المنادي وكان صدوقا

توفي صفرهذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة اربع وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها قدوم رسول عمرو بن الليث برأس رافع بن هرثمة في يوم الخميس لاربع بقين من المحرم علي المعتضد بأمر بنصبه في الجانب الشرقي الي الظهر ثم أمر بتحويله الي الجانب الغربي ونصبه هنالك الي الليل
وفي يوم الخميس لاربع عشرة خلت من ربيع الأول خلع علي ابي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب وقلد قضاء مدينة ابي جعفر مكان علي بن محمد بن ابي الشوارب وقعد للحضور في الجامع ومكثت مدينة المنصور من لدن مات بن أبي الشوارب الي أن وليها ابو عمر بغير قاض وذلك خمسة ا شهر واربعة ايام
وفي هذه السنة أخذ نصراني فشهد عليه انه شتم النبي صلي الله عليه وسلم فحبس ثم اجتمع من الغد العوام بسبب النصر اني فصاحوا ا بالقاسم بن عبيد الله وطالبوه باقامة الحد عليه فلما كان يوم الاحد لثلاث عشرة بقيت من الشهر اجتمع اهل باب الطاق وما يليها من الاسواق مضوا الي دار السلطان فلقيهم ابو الحسين ابن الوزير فصاحوا به فاعملهم انه قد انهى خبره الي المعتضد فكدبوه واسمعوه ما كره ووثبوا باعوانه حتي هربوا منهم ومضوا الي باب المعتضد فدخلوا من الباب الاول والثاني فمنعوا فوثبوا علي من منعهم فخرج اليهم اليهم من سألهم عن خبرهم فأخبروه فكتب به الى المعتةضد فأدخل إليه جماعة منهم وسألهم عن الخبر فذكر له فأرسل الي يوسف القاضي لينظر في الامور فمضي معهم الرسول الي القاضي فكادوا يقتلونه ويقتلون القاضي من كثرة الزحام حتي دخل القاضي بابا واغلق دونهم
وفي يوم الخميس لليلات بقين من ربيع الآخر ظهرت ظلمة بمصر وحمرة في السماء شديدة حتي كان الرجل ينظر الي وجه الاخر فيراه احمر وكذلك الحيطان وغيرها فمكثوا كذلك من العصر الي العشاء وخرج الناس يدعون الله عز و جل

ويتضرعون اليه
وفي يوم الاربعاء لثلاث خلون من جمادي الاولى نوده في الارباع والاسواق ببغداد بالنهي عن وقود النار ليلة النيروز وعن صب الماء في يومه ونودي بمثل ذلك في يوم الخميس فلما كانت عشية الخميس نودي على باب صاحب الشرطة بالجانب الشرقي بأن امير المؤمنين قد اطلق الناس في وقود النيران وصب الماء ففعلت العامة في ذلك ما جاوز الحد حتى صبوا على اصحاب الشرطة فكان ذلك من اعظم الفتن
وفي هذه السنة اولعت العوام بأن يقولوا لمن رأوه من الخدم السود يا عقعق فبالغوا في اذى الخدم فتقدم بأخذ جماعة وضربهم
وعزم المعتضد على لعن معاوية بن ابي سفيان على المنابر وامر بانشاء كتاب يقرأ على الناس بذلك فخوفه عبيد الله بن سليمان اضطراب العامة وحذره الفتنة فلم يلتفت الى قوله وعملت النسخ وقرئت بالجانبين في يوم الاربعاء لست بقين من جمادي الاولى وتقدم الى العوام بترك العصبية ومنع القصاص القعود في الجامع وفي الطرقات ومنعت الباعة من القعود في رحابها ومنع اهل الحلق في الفتيا وغيرهم من القعود في المسجد ونودي يوم الجمعة ينهي الناس عن الاجتماع على قاص او غيره وانه قد برئت الذمة ممن اجتمع من الناس على مناظرة او جدل فيمن فعل ذلك احل بنفسه الضرب وتقدم الى الذين يسقون الماء في الجامع ان لا يرحموا على معاوية ولا يذكروه وخرج مكتوب فيه قد انتهى الى امير المؤمنين ما عليه جماعة العامة من شبهة دخلتهم في اديانهم وفساد قد لحقهم في معتقدهم وعصبية قد غلبت عليهم قلدوا فيها قادة الضلال بلابينة وخالفوا السنن المتبعة الى الاهواء المبتدعة فأعظم امير المؤمنين ذلك ورآى ترك انكاره حرجا عليه في الدين
وفي شعبان ظهر شخص انسان في يده سيف في دار المعتضد بالثريا فمضى اليه بعض الخدم لينظر من هو فضربه الشخص بالسيف ضربة قطع بها منطقته وبلغ

السيف الى بدن الخادم وهرب الخادم ودخل الشخص في زرع في البستان فتواري فيه فطلب فلم يوقف له على اثر فاستوحش المعتضد من ذلك ورجم الناس الظنون حتى قالوا انه من الجن ثم عاد الشخص للظهور مرارا كثيرة حتى وكل المعتضد بسور داره واحكم عمارة السور وجيء في يوم السبت لسبع خلون من رمضان بالمعزمين بسبب ذلك الشخص وجيء معهم بالمجانين وكانوا قد قالوا نحن نعزم على بعض المجانين فاذا سقط سأل الجني عن خبر ذلك الشخص فصرعت امرأة فأمر بصرفهم وذكر ابو يوسف القزويني انه لم يوقف على حقيقة ذلك الا في ايام المقتدر وان ذلك الشخص كان خادما ابيض يميل الى بعض الجواري اللواتي في دواخل دور الخدم وكان قد اتخذ لحي على الوان مختلفة وكان اذا لبس بعض اللحى لا يشك من رآه انها لحية فكان يلبس في الوقت الذي يريده لحية منها ويظهر في ذلك الموضع وفي يده سيف او غيره من السلاح فاذا طلب دخل بين الشجر وفي بعض الممرات والعطفات ونزع اللحية وجعلها في كمه وبقي معه السلاح كأنه بعض الخدم الطالبين للشخص فلا يرتاب به احد وسأل هل رأيتم احدا وكان اذا وقع مثل هذا خرج الجواري من تلك الدور فيرى هو تلك الجارية ويخاطبها بما يريد وانما كان غرضه مخاطبة الجارية ومشاهدتها وكلامها ثم خرج من الدار في ايام المقتدر ومضى الى طوس فأقام بها الى ان مات وتحدثت الجارية بعد ذلك بحديثه
وفي هذه السنة وعد المنجمون الناس بغرق اكثر الاقاليم وقالوا الا يسلم من اقليم بابل الا اليسير وان ذلك يكون لكثرة الامطار وزيادة المياه في الانهار وقحط الناس في تلك السنة ولم يروا من الامطار الا اليسير وغارت المياه في الانهار والآبار حتى احتاج الناس الى الاستسقاء فاستسقوا ببغداد وكذب الله عز و جل خبر المنجمين
وحج بالناس في هذه السنة محمد بن عبدالله بن داود الهاشمي المعروف باترجة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
315 - احمد بن المبارك ابو عمرو والمستملي
الزاهد النيسابوري ويلقب بحكموية العابد سمع قتيبة بن سعيد واسحاق بن راهوية واحمد بن حنبل وسريج بن يونس في خلق كثير وكان راهب اهل عصره يصوم النهار ويحيى الليل واستملى على المشايخ ستا وخمسين سنة
انبأنا زاهر بن طاهر قال انبأنا ابو بكر البيهقي اخبرنا ابو عبد الله محمد عبد الله الحاكم قال سمعت الحسن بن علي بن محمد القاضي يقول حضرت مجلس ابي عثمان سعيد بن اسمعيل ودخل ابو عمر والمستملي وعليه اثواب رثة فبكى ابو عثمان فلما كان مجلس الذكر بكى ابو عثمان في آخر مجلسه ثم قال دخل على شيخ من مشايخ اهل العلم فاشتغل قلبي برثاثة حاله ولولا اني اجله من تسميته في هذا الموضع لسميته فجعل الناس يرمون بالخواتيم والدراهم والكسوة بين يديه فقام ابو عمرو المستملي على رؤس الناس وقال انا الذي ذكرني ابو عثمان برثاثة الحال ولولا اني كرهت ان يتهم في غيري فيأثم فيه لسترت ما ستر الله على فتعجب ابو عثمان من اخلاصه واخذ ما جمع له وحمله معه وخرج نحو الجامع فبلغ باب الجامع وقد وهب الفقراء كل ما جمع له وتوفي في جمادي الاخرة من هذه السنة
316 - ابراهيم بن جعفر بن مسعر
ابو اسحاق الكرماني قدم مصر وحدث بها وتوفي في هذه السنة
317 - ابراهيم بن عبد العزيز بن صالح
ابو اسحاق الصالحي حدث عن ابي سعيد الاشج وغيره وروى عنه بالباغندي في جماعة
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن علي اخبرنا محمد بن عبد العزيز قال الصالحي من ولد صالح صاحب المصلى كان يعرف بالطلب والصلاح كتب الناس عنه ووثقوه

وكان ينزل درب سليمان بالرصافة مات في جمادي الاولى سنة اربع وثمانين
318 - اسحاق بن الحسن بن ميمون بن سعد
ابو يعقوب الحربي سمع عفان وهوذة بن خليفة والقعنبي وابا نعيم في آخرين روى عنه ابن صاعد والمجاد والشافعي وابن الصواف وكان اكبر من ابراهيم الحربي بثلاث سنين ووثقه ابراهيم والدارقطني وتوفي لاربع عشرة ليلة بقيت من شوال ونودي عليه في اكناف مدينة السلام واجتمع خلق من الناس لحضور جنازته وغلط قوم فقصدوا منزل ابراهيم الحربي فقال لهم ابراهيم ليس هذا الموضع قصدتم وغدا تأتونه ايضا وعاش ابراهيم الحربي بعده سنة دون شهرين
319 - اسحاق بن محمد
ابو يعقوب مولى بني سدوس ولد بالبصرة سنة اربع وتسعين ومائة وكان صالحا يتجر في الجوهر وتوفي بمصر في ذي الحجة من هذه السنة
320 - عبد الله بن محمد بن يحيى بن المبارك
ابو القاسم العدوي المعروف بابن اليزيدي سمع محمد بن منصور وعبد الرحمن بن يحيى والأصمعي وكان ثقة وتوفي في محرم هذه السنة
321 - عبيد الله بن علي بن الحسن
ابن اسمعيل ابو العباس الهاشمي كان الامام في جامع الرصافة واليه الحسبة ببغداد واحدث عن نصر الجهضمي وروى عنه ابو الحسين ابن المنادي وتوفي في صفر هذه السنة
322 - عبد العزيز بن معاوية
ابن عبد الله بن امية بن خالد بن عبد الرحمن بن سعيد بن عبد الرحمن بن عباد بن اسيد ابو خالد القرشي الاموي البصري قدم بغداد وحدث بها عن ازهر

السمان وابي عاصم النبيل روى عنه ابو عمرو بن السماك توفي في ربيع الاخر من هذه السنة
323 - يزيد بن الهيثم بن طهمان
ابو خالد الدقاق يعرف بالبادا كذا يقول المحدثون وصوابه البادي بكسر الدال لانه ولد هو واخ له يوما وكان هو البادي في الولادة سمع عاصم بن علي ويحيى بن معين روى عنه ابن صاعد وغيره وكان ثقة وتوفي في شوال هذه السنة

خاتمة الطبع
الحمد لله على احسانه حمدا يليق بعظمة شأنه والصلاة والسلام على خاتم انبيائه سيدا محمد وآله وصحبه
وبعد فقد تم بحمد الله تعالى طبع القسم الثاني من الجزء الخامس من كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والامم للامام الشهير ابي الفرج ابن الجوزي رحمه الله وهو من انفس كتب التاريخ جمع بين الوقائع والتراجم وانما ابتدأنا بالطبع من هنا لان الاجزاء الاربعة الاولى والقسم الاول من الخامس لم تحصل لنا الى الان وهذا القسم يبتديء من سنة 257 وينتهي سنة 284 ولم نحصل لهذا القسم الا على نسخة واحدة وهي ناقصة من الابتداء ومنها خمسة اوراق فيها خروم اكملت من تاريخ بغداد وشذرات الذهب وغيرها كما يظهر وهي النسخة المحفوظة بجامع كوبر يلي باسلا مبول تحت رقم 117 اخذ منها نقل بالتصوير واعتنى الدكتور الفاضل سالم الكرنكوي مصحح الدائرة بنسخة وتصحيحه وبذل جهده في مراجعة المظان كتاريخ ابن جرير وتاريخ بغداد وشذرات الذهب وغيرها ثم ارسله الى الدائرة للطبع وقام مصححواالدائرة بتكميل التصحيح حسب الامكان وما كان في الحواشي بعده علامة ك فهو من تعليق الدكتور سالم الكرنكوي وما كان بعده علامة ح فهو من تعليق مصححي الدائرة وكان الطبع بمطبعة الجمعية العلمية الشهيرة بدائرة المعارف العثمانية

بحيدر آباد الدكن ادامها الله مصونة عن الفتن والمحن في ظل الملك المؤيد المعان الذي اشتهر فضله في كل مكان السلطان بن السلطان سلطان العلوم مظفر الممالك آصف جاه السابع امير عثمان على خان بهادر لا زالت مملكته بالعز والبقاء دائمة التقدم والارتقاء وهذه الجمعية تحت صدارة ذي الفضائل السنية والمفاخر العلية النواب السير حيدر نوازجنك بهادر رئيس الجمعية ورئيس الوزارة في الدولة الاصفية والعالم العامل بقية الافاضل النواب محمد يارجنك بهادر وتحت اعماد الماجد الا ريب الشريف النسيب النواب مهدي يا رجنك بهادر عميد الجمعية ووزير المعارف والسياسة في الدولة الاصفية ومعين امير الجامعة العثمانية والماجد الهمام النواب ناظريا رجنك بهادر شريك العميد للجمعية وركن العدلية وضمن ادارة العالم المحقق والفاضل المدقق مولانا السيد هاشم الندوي معين عميد الجمعية ومدير دائرة المعارف ادام الله تعالى درجاتهم سامية ومحاسنهم زاكية
وعني بتصحيحه من افاضل دائرة المعارف وعلمائها مولانا السيد هاشم الندوي ومولانا محمد طه الندوي ومولانا الشيخ عبد الرحمن اليماني ومولانا محمد عادل القدوسي مولانا السيد احمد الله الندوي والسيد حسن جمال الليل المدني والشيخ احمد بن محمد اليماني وطبع بعد ملاحظة مولانا العلامة عبد الله العمادي ركن مجلس الدائرة غفر الله ذنوبهم وستر عيوبهم
وكان تمام طبعه يوم الانثنين الثاني والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة 1357 ه وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد نبيه الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين الى يوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم سنة ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها خروج صالح بن مدرك الطائى على الحاج بالأجفر يوم الأربعاء لا ثنتى عشرة ليلة بقيت من المحرم فأخذ الأموال والتجارات والنساء والمماليك وذكر أنه أخذ من الناس الفى دينار ولسبع بقين من المحرم قرىء على جماعة من حاج خراسان فى دار المعتضد بتولية عمرو بن الليث الصفار ما وراء النهر نهر بلخ وعزل احمد ابن اسماعيل و كتب صاحب البريد من الكوفة يذكر أن ريحا صفراء ارتفعت بنواحى الكوفة فى ليلة الاحد لعشر بقين من ربيع الاول فلم تزل الى وقت المغرب ثم استحالت سوداء فلم يزل الناس فى تضرع الى الله عز و جل ثم مطرت الماء بعقب ذلك مطرا شديدا برعود هائلة وبروق متصلة ومطرت قرية تعرف بأحمد اباذ حجارة بيضا وسودا مختلفة الالوان وانفذ منها حجرا فأخرج الى الدواوين حتى رأوه ثم ورد الخبر من البصرة ان ريحا ارتفعت

فيها بعد صلاة الجمعة لخمس بقين من ربيع الاول ثم استحالت خضراء ثم سوداء ثم تتابعت الأمطار ربما لم يروا مثله قط ثم وقع برد كبار وزن البردة الواحدة مائة وخمسون درهما وان الريح اقتلعت من نهر الحسن خمسمائة او اكثر ومن نهر معقل مائة نخلة عددا وزادت دجلة زيادة مفرطة لم ير مثلها فتهدمت ابنية كثيرة حولها وخيف على الجانبين
وورد الخبر لثلاث خلون من شعبان ان راغبا الخادم مولى الموفق غزا فى البحر فأظفره الله تعالى بمراكب كثيرة وبجميع ما فيها من الروم فضرب اعناق ثلاثة آلاف منهم واحرق المراكب وفتح حصونا كثيرة من حصون الروم
وفى ذى الحجة دخل على بن المعتضد من الرى فتلقاه الناس ودخل الى المعتضد فقال له يا بنى خرجت ولدا ورجعت اخا فقال يا امير المؤمنين ابقانى الله تعالى لخدمتك ولا ابقانى بعدك فأمر أن يخلع عليه بين يديه وفى ذى الحجة خرج المعتضد من بغداد قاصدا آمد واستخلف ببغداد صالحا الحاجب وصلى بالناس العيد ابنه على وانصرف الى الدار فعمل بها سماطا للناس وفيها حج بالناس محمد بن عبد الله بن داود الهاشمى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الأكابر
1 - احمد بن اصرم ابن خزيمة بن عباد بن عبد الله بن حسان بن عبد الله بن مغفل ابو العباس المزنى سمع احمد بن حنبل ويحيى وغيرهما روى عنه ابو بكر النجاد وكان ثقة كبير الشان توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة بدمشق
2 - ابراهيم بن اسحاق ابن ابراهيم بن بشير بن عبد الله بن ديسم ابو اسحاق الحربى اصله من مرو ولد سنة

ثمان وتسعين وسمع ابا نعيم وعفان بن مسلم وعلى بن الجعد واحمد بن حنبل وخلقا كثيراروى عنه ابن صاعد وابن ابى داود وابن الأنبارى وغيرهم وكان اماما فى العلم غاية فى الزهد عارفا بالفقه بصيرا بالأحكام ماهرا فى علم الحديث قيما بالأدب واللغة وصنف كتبا كثيرة قال الدار قطنى ابراهيم امام مصنف عالم بكل شىء بارع فى كل علم صدوق كان يقاس باحمد بن حنبل فى زهده وعلمه وورعه وقال ابراهيم الحربى كان اخوالى نصارى وامى تغلبية وصحبت قوما من الكرخ على سماع الحديث فسمونى الحربى لأن عندهم ماجاز القنطرة العتيقة من الحربية اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنى احمد بن على بن ثابت اخبرنا الجوهرى اخبرنا محمد بن العباس الخزاز سمعت ابا عمر اللغوى يقول سمعت ثعلبا يقول ما فقدت ابراهيم الحربى من مجلس نحو او لغة خمسين سنة انبأنا القزاز انبأنا الخطيب قال حدثنى الأزهرى قال سمعت ابا سعد عبد الرحمن بن محمد الاستراباذى يقول سمعت ابا احمد بن عدى يقول سمعت ابا عمران الاشيب يقول قال رجل لابراهيم الحربى كيف قويت على جمع هذه الكتب فغضب فقال بلحمى ودمى بلحمى ودمى اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت حدثنا عبد العزيز بن علي الوراق حدثنا عسلى بن عبد الله بن جهضم حدثنا الخلدى حدثنا احمد بن عبد الله بن خالد بن ماهان قال سمعت ابراهيم بن اسحاق يقول اجمع عقلاء كل امة انه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه كان يكون قميصى انظف قميص وازاري اوسخ ازار ما حدثت نفسى انهما يستويان قط وفرد عقبى مقطوع والآخر صحيح وادور بغداد كلها هذا الجانب وذلك الجانب لا أحدث نفسى ان اصلحها وما شكوت الى امي ولا الى اخى ولا الى امرأتى ولا الى بناتى قط حمى وجدتها الرجل هو الذى يدخل غمه على نفسه ولا يغم عياله وكان بى شقيقة خمسا واربعين سنة ما اخبرت بها احدا

قط ولى عشر سنين ابصر بفرد عين ما اخبرت بها احدا وافنيت من عمرى ثلاثين سنة برغيفين ان جاءتنى بهما امى او اختى أكلت والا بقيت جائعا عطشان الى الليلة الثانية وافنيت ثلاثين سنة من عمري برغيف في اليوم والليلة ان جاءتنى امرأتى وأحد بناتى به اكلت والا بقيت جائعا عطشان الى الليلة الاخرى والآن آكل نصف رغيف واربع عشرة تمرة ان كانت برنيا او نيفا وعشرين ان كانت دقلا ومرضت ابنتى فمضت امرأتي فأقامت عندها شهر فقام افطارى فى هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين فكانت نفقة رمضان كله بدرهم واربعة دوانيق ونصف
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي قال اخبرنى عبيد الله بن ابى الفتح اخبرنا عمر بن احمد بن هارون المقرىء ان ابا القاسم بن بكير حدثه قال سمعت ابراهيم الحربى يقول ما كنا نعرف من هذه الطبائخ شيئا كنت اجىء من عشاء الى عشاء وقد هيأت لى امى باذنجانة مشوية او لعقة بن او باقة فجل قال عمر وسمعت ابا على الخراط قال كنت جالسا يوما مع ابراهيم الحربى على باب داره فلما أن اصبحنا قال لى يا ابا على قم الى شغلك فإن عندى فجلة قد أكلت البارحة خضرتها اقوم اتغذى بجزرتها أخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال اخبرنى ابو نصر احمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله القاضى حدثنا ابو بكر احمد بن محمد بن اسحاق السنى قال سمعت ابا عثمان الرازى يقول جاء رجل من اصحاب المعتضد الى ابراهيم الحربى بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد يسأله عن امير المؤمنين تفرقة ذلك فرده فانصرف الرسول ثم عاد فقال له ان امير المؤمنين يسألك أن تفرقه فى جيرانك فقال عافاك الله هذا مال لم نشغل انفسنا بجمعه فلا نشغلها بتفرقته قل لأمير المؤمنين إن تركتنا والا تحولنا من جوارك اخبرنا بد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى الأزهري قال اخبرنا احمد بن ابراهيم بن الحسن حدثنا

احمد بن مروان حدثنا ابو القاسم بن الجبلى قال اعتل ابراهيم الحربي علة حتى اشرف على الموت فدخلت اليه يوما فقال لى يا ابا القاسم انا فى أمر عظيم مع ابنتي ثم قال لها قومى اخرجى الى عمك فخرجت فألقت على وجهها خمارها فقال ابراهيم هذا عمك كلميه فقالت يا عم نحن فى امر عظيم لا فى الدنيا ولا فى الاخرى الشهر والدهر مالنا طعام الا كسر يابسة وملح وربما عدمنا الملح وبالأمس قد وجه اليه المعتضد مع بدر الف دينار فلم يأخذها ووجه اليه فلان وفلان فلم يأخذ منها شيئا وهو عليل فالتفت الحربى اليها وتبسم وقال يا بنية انما خفت الفقر قالت نعم قال انظرى الى تلك الزاوية فاذا كتب فقال هناك اثنا عشر الف جزء لغة وغريب كتبتها بخطي اذا مت فوجهي كل يوم بجزء فبيعيه بدرهم فمن كان عنده اثنا عشر الف درهم ليس بفقير قال محمد بن عبد الله الكاتب كنت يوما عند المبرد فأنشد ... جسمى معى غير ان الروح عندكم ... فالجسم فى غربة والروح فى وطن ... فليعجب الناس منى أن لى بدنا ... لا روح فيه ولى روح بلا بدن ...

وأنشد ثعلب
... غابوا فصار الجسم من بعدهم ... لا تنظر العين له فيا ... باى وجه اتلقاهم ... اذا رأونى بعدهم حيا ... يا خجلتى منهم ومن قولهم ... ما ضرك الفقد لنا شيا ...
قال فأتيت الحربى فأنشدته فقال ألا أنشدته
... يا حيائى ممن أحب اذا ما ... قيل بعد الفراق أنى حييت ...
وقال الحسن بن زكريا يا العدوى انشدنى الحربى
... انكرت ذلى فاى شىء ... احسن من ذلة المحب ... اليس شوقى وفيض دمعى ... وضعف جسمى شهود حبى ... اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن علي قال حدثنى عبد الغفار بن عبد الواحد الارموى

قال سمعت ابا يعلى الحافظ يقول سمعت حمزة بن محمد العلوي يقول سمعت عيسى بن محمد الطو مارى يقول دخلنا على ابراهيم الحربي وهو مريض وقد كان يحمل ماؤه الى الطبيب وكان يجىء اليه ويعالجه فجاءت الجارية فردت الماء وقالت مات الطبيب فبكى وانشأ يقول ... اذا مات المعالج من سقام ... فيوشك للمعالج أن يموتا ...
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى الحسن بن ابى طالب حدثنا عمر بن احمد الواعظ حدثنا على بن الحسن البزاز قال سمعت ابراهيم الحربى يقول وقد دخل عليه قوم يعودونه فقالوا كيف تجدك فقال اجدني كما قال الشاعر ... دب فى السقام سفلا وعلوا ... واراني اموت عضوا فعضوا ... ذهبت جدتى بطاعة نفسى ... فتذكرت طاعة الله نضوا ...
توفى ابراهيم الحربى يوم الاثنين لتسع 4 ليال بقين من ذي الحجة ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة خمس وثمانين وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضى فى شارع باب الانبار وكان الجمع كثيرا جدا ودفن فى بيته
3 - اسحاق بن المأمون ابن اسحاق بن ابراهيم ابو سهل الطالقانى حدث عن الكوسج والربيع بن سليمان روى عنه ابن مخلد وكتب الناس عنه كتاب الشافعى بروايته عن الربيع ومن الحديث شيئا صالحا وتوفى في جمادى الاولى من هذه السنة
4 - بدر بن عبد الله ابو الحسن الجصاص الرومى حدث عن عاصم بن على وخليفة بن خياط روى عنه الخطبي والنقاش وتوفى فى محرم هذه السنة

5 - زكريا بن يحيى ابن عبد الملك بن مروان ابو يحيى الناقد سمع خالد بن خداش واحمد بن حنبل وغيرهما روى عنه ابو بكر الخلال ومحمد بن مخلد وأبو سهل بن زياد وغيرهم وكان احد العباد المجتهدين ومن اثبات المحدثين قال فيه احمد بن حنبل هذا رجل صالح وقال الدارقطنى هو فاضل ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو نصر بن هبة الله الجرد باذقانى حدثنا معمر بن احمد بن محمد بن زياد الاصبهاني قال قال ابو زرعة الطبرى قال ابو يحيى الناقد اشتريت من الله تعالى حوراء بأربعة آلاف ختمة فلما كان آخر ختمة سمعت الخطاب من الحوراء وهى تقول وفيت بعهدك فها انا التى قداشتريتني فيقال انه مات توفي ابو يحيى الناقد ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة
6 - سعيد بن محمد ابن سعيد ابو عثمان الأنجدانى سمع ابا عمر الحوضى روى عنه ابو بكر الشافعى وكان صدوقا توفي فى شوال هذه السنة
7 - عبد الله بن احمد ابن سوادة ابو طالب مولى بنى هاشم حدث عن مجاهد بن موسى وطالوت فى جماعة روى عنه ابو بكر بن مجاهد وابن مخلد وابن عقدة وكان صدوقا وتوفي فى هذه السنة بطرسوس
8 - عبيد بن عبد الواحد ابن شريك ابو محمد البزار حدث عن آدم بن ابى اياس ونعيم بن حماد روى عنه النجاد والمحاملى وقال الدارقطنى هو صدوق وتوفى فى رجب هذه السنة

ودفن عند قبر احمد
9 - محمد بن بشر ابن مطر ابو بكر الوراق اخو خطاب بن بشر المذكور سمع عاصم بن على ومحمد ابن عبد الله بن نمير ويحيى بن يوسف الزمي وغيرهم روى عنه ابن صاعد وابو جعفر بن بريه وأبو بكر الشافعى وغيرهم وقال ابراهيم الحربى اخو خطاب صدوق لا يكذب وقال الدارقطنى ثقة توفي فى رمضان هذه السنة
10 - محمد بن حماد ابن ماهان بن زياد ابو جعفر الدباغ سمع على بن المديني وغيره وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
11 - محمد بن يزيد بن عبد الاكبر ابو العباس الازدي الثمالي وثمالة من الازد المعروف بالمبرد له المعرفة التامة باللغة وكان فى نحو البصريين آية ولد سنة عشر ومائتين وقيل سنة ست ومائتين وذكر ابن المرزبان انه سئل لم سميت المبرد قال كان سبب ذلك ان صاحب الشرطة طلبنى للمنادمة فكرهت الذهاب اليه فدخلت على ابى حاتم السجستانى فجاء رسول الوالي فقال لى ابو حاتم ادخل فى هذا يعنى غلاف المزملة فارغ فدخلت فيه وغطى رأسه ثم خرج الى الرسول فقال ليس هو عندى فقال اخبرت انه دخل اليك فقال فادخل الدار ففتشها فدخل فطاف كل موضع من الدار ولم يفطن بغلاف المزملة ثم خرج نجعل ابو حاتم يصفق وينادى على المزملة المبرد المبرد وتسامع الناس ذلك فلهجوابه روى عن لمازنى وابى حاتم وغيرهما وكان موثوقا به فى الرواية وكان بينه وبين ثعلب قارفة اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا الخطيب اخبرنا الجوهري اخبرنا

محمد بن العباس قال انشدنا محمد بن المرزبان لبعض اصحاب المبرد يمدحه ... بنفسى انت يا ابن يزيد من ذا ... يساوى ثعلبا بك غير قين ... اذا ما زتكما العلماء يوما ... رأت شأويكما متفا وتين ... تفسر كل معضلة بحذق ... ويستر كل واضحة بعين ... كأن الشمس ما تمليه شرحا ... وما يمليه همزة بين بين ...
توفى المبرد فى هذه السنة اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا احمد ابن محمد العتيقى حدثنا محمد بن الحسين بن عمر التميمى قال انشدنا احمد بن مروان المالكى قال انشدنى بعض اصحابنا لثعلب فى المبرد حين مات ... مات المبرد وانقضت أيامه ... وسينقضى بعد المبرد ثعلب ... بيت من الآداب اصبح نصفه ... خربا وباقى نصفه فسيخرب ...
هذا قدر ما روى لنا من هذه الطريق وانها لثعلب وقدروى لنا من طريق آخر انها للحسن بن على المعروف بابن العلاف قالها يرثي المبرد ويمدح ثعلبا وهى
... مات المبرد انقضت ايامه ... وليذهبن مع المبرد ثعلب ... بيت من الآداب اصبح نصفه ... خربا وباقى بيته فسيخرب ... فابكوا لما سلب الزمان ووطنوا ... للدهر أنفسكم على ما يسلب ... غاب المبرد حيث لا ترجونه ... ابدا ومن ترجونه فمغيب ... شملتكم ايدى الردى بمصيبة ... وتوعدت بمصيبة تترقب ... فتزودوا من ثعلب فبكاس ما ... شرب المبرد عن قليل يشرب ... وارى لكم ان تكتبوا انفاسه ... ان كانت الانفاس مما يكتب ... فليلحقن بمن مضى متخلف ... من بعده وليذهبن ونذهب

قال المبرد خرجب ومعى اصحاب لى نحو الرقة فاذا نحن بدير كبير فأقبل الى بعض اصحابى فقال مل بنا الى هذا الدير لننظر من فيه ونحمد الله تعالى على ما رزقنا من السلامة فلما دخلنا الدير رأينا مجانين مغللين وهم فى نهاية القذارة واذا بينهم شاب عليه بقية ثياب ناعمة فلما بصر بنا قال من اين انتم يا فتيان حياكم الله فقلنا من العراق فقال يا بأبي العراق واهلها بالله انشدونى وانشدكم فقال المبرد والله ان الشعر من هذا لظريف فقلنا انشدنا فأنشأ يقول ... الله يعلم اننى كحد ... لا استطيع ابث ما اجد ... روحان لى روح تضمنها ... بدن واخرى حازها بلد ... وارى المقيمة ليس ينفعها ... صبر ولا يقوى لها جلد ... واظن غائبتى كشا هدتى ... بمكانها تجد الذى اجد ...
قال المبرد والله ان هذا لظريف بالله زدنا فأنشأ يقول ... لما اناخوا قبيل الصبح عيرهم ... ورحلوها فثارت بالهوى الابل ... وأبرزت من خلال السجف ناظرها ... ترنو الى ودمع العين منهمل ... وودعت ببنان عقدها عنم ... ناديت لاحملت رجلاك يا جمل ... ويلي من البين ماذا حل بى وبهم ... من نازل البين حان البين وارتحلوا ... يا راحل العيس عجل كي اودعهم ... يا راحل العيس فى ترحا لك الأجل ... انى على العهد لم انقض مودتكم ... فليت شعرى اطال العهد ما فعلوا ...
فقال رجل من البغضاء الذين معى مأتوا قال اذن فاموت فقال له ان شئت فمت فتمطى واستند الى السارية التى كان مشدودا فيها فما برحنا حتى دفناه
12 - وليد بن عبيد ابن يحيى ابو عبادة الطائى البحترى من اهل منبج بها ولد سنة ست ومائتين وبها

نشأ وتأدب وخرج الى العراق فمدح المتوكل وخلقا من الروساء والأكابر واقام ببغداد زمانا طويلا ثم رجع الى بلده فمات به وكان فصيحا نقي الكلام وقدروى عنه من شعره المبرد وابن المرزبان وابن درستويه وكان ينحو نحو ابى تمام ويقول ابو تمام الاستاذ وقيل له ان الناس يزعمون انك اشعر من ابى تمام فقال والله ما ينفعنى هذا ولا يضر ابا تمام والله ما أكلت الخبز الابه ولما سمع ابو تمام شعره قال نعيت الى نفسى فإنه ليس يطول عمرى وقد نشأ لطيىء مثلك فمات ابو تمام بعد سنة وكان شعر البحترى فى المديح اجود من المراثي فسئل عن سبب ذلك فقال كنا نقول للرجاء والآن نعمل للوفاء وبينهما بعد اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى ابو يعلى احمد بن عبد الواحد الوكيل اخبرنا ابو الحسن محمد بن جعفر التميمي حدثنا ابو بكر الصولى عن ابن البحترى قال دخل أبى على بعض العمال في حبس المتوكل وهو يطالب بما لا يقدر عليه من الاموال فأنشأ يقول ... جعلت فداك الدهر ليس بمنفك ... من الحادث المشكو والنازل المشكى ... وما هذه الايام الا منازل ... فمن منزل رحب ومن منزل ضنك ... وقد هذبتك الحادثات وانما ... صفا الذهب الابريز قبلك بالسبك ... اما فى نبى الله يوسف اسوة ... لمثلك مسجونا على الزور والإفك ... أقام جميل الصبر فى السجن برهة ... فأسلمه الصبر الجميل الى الملك ...
ومن شعره المستحسن قوله ... الا لا تذكرنى الحمى إن ذكره ... جوى للشوق المستهام المعذب ... انت دون ذاك العهد ايام جرهم ... فطارت بذاك العيش عنقاء مغرب ... ويالائمى فى عبرة قد سفحتها ... لبين واخرى قبلها للتجنب ... نحاول مني شيمة غير شيمتى ... وتطلب عندي مذهبا غير مذهبى

ولما تزايلنا من الجزع وانتأى ... مشرق ركب مصعد عن مغرب ... تبينت ان لادار من بعد عالج ... تسر وان لاخلة بعد زينب ...

وقال ايضا
... سلام عليكم لا وفاء ولا عهد ... أما لكم من هجر خلانكم بد ... أاحبابنا قد انجز الدهر وعده ... وشيكا ولم ينجز لنا منكم وعد ... أأطلال دار العامرية باللوى ... سقت ربعك الأنواء ما فعلت هند ... بنفسي من عذبت نفسى بحبه ... وان لم يكن منه وصال ولاود ... حبيب من الاحباب شطت به النوى ... واى حبيب ما أتى دونه البعد ... اذا جزت صحراء الغوير مغربا ... وجازتك بطحاء السواجير يا سعد ... فقل لبني الضحاك مهلا فإننى ... انا الأفعوان الصل والضيغم الورد ... وله ... ان جرى بيننا وبينك عتب ... او تناءت منا ومنك الديار ... فالغليل الذى علمت مقيم ... والدموع التى عهدت غزار ...
وقال ايضا
... اقول له عند تود يعنا وكل بعبرته ملبس ... لئن قعدت عنك اجسامنا لقد سافرت معك الانفس ... وقال ايضا ... ترون بلوغ المجد أن ثيابكم يلوح عليها حسنها وبصيصها ... وليس العلى دراعة ورداؤها ولاجبة موشية وقميصها ... وقال ايضا ... تنكد العيش حتى صارا كدره ... يأتى نظاما ويأتى صفوه لمعا ... فقد الشقيق غرام ما يرام وفى ... فقد التجمل وهن يعقب الصلعا

كلاهما عبء مكروه اذا افترقا ... متى يقلهما الواهى اذا اجتمعا ... ليس المصيبة فى الثاوى مضى قدرا ... بل المصيبة فى الباقى هوى جزعا ... ان البكاء على الماضين مكرمة ... لو كان ماض اذا بكيته رجعا ... صعوبة الرزء تلفى فى توقعه ... مستقبلا وانقضاء الرزء ان يقعا ... هم ونحن سواء غير أنهم ... اضحوا لنا سلفا نمسي لهم تبعا ...

وقال ايضا
... عجب الناس لاغترابى وفى الأطراف ... تغشى منازل الاشراف ... وجلوسي عن التصرف والأر ... ض لمثلى رحيبة الأطراف ... ليس لى ثروة بلغت مداها ... غير أنى امرؤ كفانى كفافى ... قد رأى الاصيد المنكب عنى ... صيدى عن فنائه وانصرافى ... وغبى الاقوام من بات يرجو ... فضل من لا يجود بالإنصاف ... ان تنل قدرة فقد نلت صونا ... والتغانى بين الرجال تكافى ... وقال ايضا ... مضى اهلك الاخيار الا اقلهم ... وبادوا كما بادت اوائل جرهم ... قبول بأطراف الثغور كأنما ... مواقعها منها مواقع انجم ... ولما رأوا ان الحياة مذلة ... عليهم وعز الموت غير محرم ... ابواان يذوقوا العيش والذم واقع ... عليه وماتوا ميتة لم تذمم ... مساع عظام ليس يبلى جديدها ... وان بليت منها رمائم اعظم ... سلام على تلك الخلائق انها ... مسلمة من كل عارومأثم ... ولا عجب للأسد اذ ظفرت بها ... كلاب الاعادى من فصيح وأعجم ... فحربة وحشى سقت حمزة الردى ... وحتف على فى حسام ابن ملجم ...
توفى البحترى فى هذه السنة وقيل في سنة ثلاث وثمانين وقد بلغ ثمانين سنة

13 - هارون بن عيسى ابن يحيى ابو محمد الصيرفي روى عن ابى عبد الرحمن المقري وعبد الله بن عبد الحكم وكان من عقلاء الناس ثقة فى الحديث وتوفي فى ربيع الأخر من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها ورود الخبر فى ربيع الآخر أن المعتضد وصل الى آمد فأناخ بجنده عليها وحاصرها ونصب المجانيق واقتتلوا فبعث رئيسها يطلب الامان فأمنه فخرج اليه ووصل رسول من هارون بن خمارويه الى المعتضد وهو بآمد يخبره انه قد بذل انه ان سلمت اليه اعمال قنسرين والعواصم حمل الى بيت المال فى كل سنة اربعمائة الف دينار خمسين الف دينار وانه يسأل انه يجدد له ولاية مصر والشام فاجيب الى ذلك فأقام المعتضد بآمد بقية جمادى الاولى عشرين يوما من جمادى الآخرة ثم ارتحل عنها وامر بهدم سورها فهدم بعضه ولم يقدر على هدم الباقى وقال ابن المعتز يهنئه بفتح آمد ... اسلم أمير المؤمنين ودم ... فى غبطة فليهنك النصر ... فلرب حادثة نهضت لها ... متقدما فتأخر الدهر ... ليث فرائسه الاسود فما ... يبيض من دمها له ظفر ...
وحكى ابو بكر الصولي انه كان مع المعتضد اعرابي فصيح يقال له شعلة بن شهاب اليشكرى وكان يأنس به فارسله الى محمد بن عيسى بن شيخ ليرغبه فى الطاعة ويحذره العصيان قال فصرت اليه فخاطبته فلم يجبنى فوجهت الى عمته فصرت اليها فقالت يا ابا شهاب كيف خلفت امير المؤمنين فقلت خلفته امارا

بالمعروف فعالا للخير فقالت اهل ذلك ومستحقه وكيف لا وهو ظل الله تعالى على بلاده وخليفته المؤتمن على عباده فكيف رايت صاحبنا قلت رأيت غلاما حدثا معجبا قد استحوذ عليه السفهاء واستبد بآرائهم يزخرفون له الكذب فقالت هل لك ان ترجع اليه بكتابى قبل لقاء امير المؤمنين قلت أفعل فكتبت اليه كتابا لطيفا اجزلت فيه الموعظة وكتبت فى آخره ... اقبل نصيحة ام قلبها وجع ... خوفا عليك واشفاقا وقل سددا ... واستعمل الفكر فى قولى فانك ان ... فكرت الفيت فى قولى لك الرشدا ... ولا تثق برجال فى قلوبهم ... ضغائن تبعث الشنآن والحسدا ... مثل النعاج حمولافى بيوتهم ... حتى اذا امنوا ألفيتهم اسدا ... وداو داءك والادواء ممكنة ... واذ طبيبك قد ألقى اليك يدا ... أعط الخليفة ما يرضيه منك ولا ... تمنعه مالا ولا اهلا ولا ولدا ... وارددأخا يشكر ردا يكون له ... ردا من السوء لا تشمت به أحدا ...
قال فأخذت الكتاب وصرت اليه فلما نظر فيه رمى به الى ثم قال يا اخا يشكر ما بآراء النساء تتم الدول ولا بعقولهن يساس الملك ارجع الى صاحبك فرجعت الى المعتضد فأخبرته الخير فأخذ الكتاب فقرأه فأعجبه شعرها وعقلها ثم قال انى لأرجو أن اشفعها فى كثير من القوم فلما كان من فتح آمد ما كان ارسل الى المعتضد فقال هل عندك علم من تلك المرأة قلت لا قال فامض مع هذا الخادم فانك ستجدها فى جملة نسائها فمضيت فلما بصرت بى من بعيد أسفرت عن وجهها وجعلت تقول ... ريب الزمان وصرفه ... وعناده كشف القناعا ... واذل بعد العز منا الصعب والبطل الشجاعا ... ولكن نصحت فما اطعت وكم صرخت بأن اطاعا ... فأبى بنا المقدور إلا ان نقم او نباعا

يا ليت شعرى هل نرى ... ابدا لفرقتنا اجتماعا ...
ثم بكت حتى علا صوتها وضربت بيدها على الاخرى وقالت انا لله وانا اليه راجعون كأنى والله كنت ارى ما انا فيه فقلت لها ان امير المؤمنين وجه بى اليك وما ذاك الا لجميل رأيه فيك قالت فهل لك ان توصل لى رقعة اليه قلت نعم فدفعت الى رقعة فيها مكتوب ... قل للخليفة والامام المرتضى ... وابن الخلائف من قريش الأبطح ... علم الهدى ومناره وسراجه ... مفتاح كل عظيمة لم تفتح ... بك اصلح الله البلاد واهلها ... بعد الفساد وطال مالم تصلح ... فتزحزحت بك هضبة العرب التى ... لولاك بعد الله لم تتزحزح ... اعطاك ربك ما تحب فأعطه ... ما قد يحب وجد بعفو واصفح ... يا بهجة الدنيا وبدر ملوكها ... هب ظالمى ومفسدى لمصلح ...
قال فصرت بها الى المعتضد فلما قرأها ضحك وقال قد نصحت لو قبل منها وأمرأن يحمل اليها خمسون الف درهم وخمسون تختا من الثياب وأمر أن يحمل مثل ذلك الى ابن عيسى
ووردت فى يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة هدية عمرو بن الليث من نيسابور وكان مبلغ المال الذى وجد به اربعة آلاف الف درهم وعشرين من الدواب بسروج ولجم محلاة ومائة وعشرين دابة بجلال مشهرة وكسوة حسنة وطيبا وبزاة وفى هذه السنة عبر اسماعيل بن احمد نهر بلخ يريد عمرو بن الليث الصفار فظفر به وذلك ان اهل بلخ ملوه وضجروا من نزول أصحابه فى منازلهم مد يده الى اموالهم وكان اصحاب عمر وقد خرجوا يوما من بلخ فحمل عليهم اصحاب اسماعيل فانهزم عمرو فأخذ وجىء به الى اسماعيل فقام اليه وقبل

بين عينيه وقال عزيز على يا اخى ما نالك وغسل وجهه وخلع عليه وحلف انه لايؤذيه ولا يسلمه فجاءه كتاب المعتضد ان يسلم عمرو بن الليث فسلمه وكان عمرو يقول لو اردت ان اعمل جسرا من ذهب على نهر بلخ لفعلت وكان يحمل فرشه على ستمائة جمل فآل به الامر الى القيد والذل وفى هذه السنة ظهر رجل من القرامطة يكنى ابا سعيد فاجتمع اليه جماعة منهم ومن الاعراب وكثر اصحابه وذلك فى جمادى الآخرة وقوى امره فقتل من حوله من اهل القرى ثم صار الى موضع يقال له القطيف بينه وبين البصرة مراحل وقيل انه يريد البصرة وكتب احمد بن محمد الواثقى وكان يتقلد معادن البصرة وكور دجلة الى السلطان بما قد عزم عليه القرامطة فكتب اليه فى عمل سور على البصرة فقدرت النفقة اربعة عشر الف دينار فبنى وغلب ابو سعيد على هجر وأمن اهلها
ومن الحوادث العجيبة فى هذه السنة ما اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى محمد بن احمد بن يعقوب حدثنا محمد بن نعيم الضبى قال سمعت ابا عبد الله محمد بن احمد بن موسى القاضى يقول حضرت مجلس موسى بن اسحاق القاضى بالرى سنة ست وثمانين فتقدمت امرأة فادعى وليها على زوجها خمسمائة دينار مهرا فانكر فقال القاضى شهودك قال قد احضرتهم فاستدعى بعض الشهود ان ينظر الى المرأة ليشير اليها فى شهادته فقام الشاهد وقال للمرأة قومى فقال الزوج تفعلون ماذا قال الوكيل ينظرون الى امرأتك وهى مسفرة لتصح عندهم معرفتها فقال الزوج فانى اشهد القاضى ان لها على هذا المهر الذى تدعيه ولا تسفر عن وجهها فأخبرت المرأة بما كان من زوجها فقالت فإنى اشهد القاضى أن قد وهبته هذا المهر وابرأته منه فى الدنيا والآخرة فقال القاضى يكتب هذا فى مكارم الاخلاق

ذكر من توفى فى هذه السنة من الأكابر
14 - اسماعيل بن الفضل ابن موسى بن مسمار بن هانىء ابو بكر البلخى سكن بغداد وحدث بها عن ابى كريب وغيره روى عنه ابو عمرو بن السماك وأبو بكر الشافعى وابن مخلد وغيرهم وكان ثقة توفي فى رجب هذه السنة
15 - اسماعيل بن اسحاق ابن ابراهيم بن مهران أبو بكر السراج النيسابورى مولى ثقيف سمع اسحاق بن راهويه واحمد بن حنبل وكان له به اختصاص وكان ثقة توفى فى هذه السنة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا الخطيب قال اخبرنى محمد بن علي المقرىء اخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال سمعت ابا الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول سمعت ابا العباس محمد بن اسحاق السراح يقول وا أسفا على بغداد فقيل له ما الذى حملك على الخروج منها قال أقام بها اخى إسماعيل خمسين سنة فلما توفى ورفعت جنازته سمعت رجلا على باب الدرب يقول لآخر من هذا الميت قال غريب كان هاهنا فقلت انا لله بعد طول مقام اخي بها واشتهاره بالعلم والتجارة يقال غريب كان هاهنا فحملتنى هذه الكلمة على الانصراف الى الوطن
16 - اسحاق بن محمد بن احمد بن ربان ابو يعقوب النخعى حدث عن عبيد الله بن محمد بن عائشة وابراهيم بن بشار

الرمادى وابى عثمان المازنى وغيرهم والغالب على رواياته الاخبار والحكايات روى عنه محمد بن خلف وكيع اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال سمعت ابا القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الاسدى يقول اسحاق بن محمد بن ابان النخعى الاحمر كان خبيث المذهب ردىء الاعتقاد يقول ان عليا هو الله عز و جل قال وكان ابرص فكان يطلي البرص بما يغير لونه فسمى الاحمر لذلك قال وبالمدائن جماعة من الغلاة يعرفون بالإسحاقية ينتسبون اليه قال الخطيب سألت بعض الشيعة ممن يعرف مذاهبهم ويخبر احوال شيوخهم عن اسحاق فقال لى مثل مقالة عبد الواحد بن على سواء وقال لإسحاق مصنفات فى المقالة المنسوبة اليه التى يعتقدها الإسحاقية قال الخطيب ثم وقع الى كتاب لابى محمد الحسن بن على النوبختي من تصنيفه فى الرد على الغلاة وكان النوبختى هذا من متكلمي الشيعة الإمامية فذكر مقالات الغلاة الى ان قال وقد كان ممن جرد الجور فى الغلو فى عصرنا اسحاق بن محمد المعروف بالأحمر وكان ممن يزعم ان عليا هو الله عز و جل وانه يظهر فى كل وقت فهو الحسن فى وقت الحسن وكذلك هو الحسين وهو الذى بعث محمد صلى الله عليه و سلم وقال فى كتاب له لو كانوا الفا لكانوا واحدا وعمل كتابا وذكر أنه كتاب التوحيد التوحيد فجاء فيه بجنون وتخليط لا يتوهمان فضلا عن ان يدل عليهما وكان يقول باطن صلاة الظهر محمد

عليه السلام لاظهاره الدعوة قال لو كان باطنها هو هذه التى هى الركوع والسجود لم يكن لقوله إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر معنى لأن النهى لا يكون الا من حى قادر وقد اورد النوبختى عن اسحاق أشياء كان يحتج بها عن مقالته اقلها يوجب الخروج عن الملة نعوذ بالله من بالله من الخذلان
17 - الحسين بن بشار ابن موسى ابو على الخياط سمع ابا بلال الأشعري وروى عنه ابو بكر الشافعى وكان ثقة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن عسلى بن ثابت أخبرنا احمد بن محمد بن ابى جعفر الأخرم حدثنا عيسى بن محمد الطوماري قال سمعت ابا عمر محمد بن يوسف القاضى يقول اعتل ابى علة شهورا فأتيته ذات يوم فدعابى وبأخوى ابى بكر وابى عبد الله فقال لنا رأيت فى النوم كأن قائلا يقول كل لا واشرب لا فإنك تبرأ فقال له اخى ابو بكر لا كلمة وليست بجسم وما ندرى ما ذلك وكان بباب الشام رجل يعرف بأبي على الخياط حسن المعرفة بعبارة الرؤيا فجئناه به فقص عليه المنام فقال ما أعرف تفسير ذلك ولكنى أقرأ فى كل ليلة نصف القرآن فأخلونى الليلة حتى اقرأ رسمى من القرآن وافكر فى ذلك فلما كان من الغد جاءنا فقال مررت البارحة وانا اقرأ على هذه الآية من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية فنظرت الى لا وهى تتردد فيها وهى شجرة الزيتون اسقوه زيتا وأطعموه زيتا قال ففعلنا ذلك فكان سبب عافيته
18 - زكريا بن داود بن بكر ابو يحيى الخفاف النيسابورى قدم بغداد وحدث بها فروى عنه ابن مخلد وسهل بن زياد وكان ثقة وتوفى بنيسابور فى جمادى الآخرة من هذه السنة

19 - زياد بن الخليل ابو سهل التسترى قدم بغداد وحدث بها عن ابراهيم بن المنذر الخزامي ومسدد وابراهيم بن بشار الرمادي روى عنه ابو بكر الشافعى ثم صار الى البصرة وتوفى بعسفان فى طريق المدينة قبل ان يدخل مكة فى ذى القعدة من هذه السنة
20 - محمد بن الحسين ابن ابراهيم بن زياد بن عجلان ابو شيخ الاصبهانى سكن بغداد وحدث بها عن ابى بكر الأثرم والحسن بن محمد الزعفراني روى عنه ابو بكر الشافعى وكان ثقة وتوفى ببغداد فى هذه السنة
21 - محمد بن يونس ابن موسى بن سليمان بن عبيد بن ربيعة بن كديم ابو العباس القرشى البصرى المعروف بالكديمي ولد فى سنة ثلاث وثمانين ومائة وهو ابن امرأة روح بن عبادة سمع عبد الله بن داود الخريبي ومحمد بن عبد الله الانصارى وازهر السمان وابا داود الطيالسى وابا زيد النحوى والاصمعي وابا عبيدة وعفان بن مسلم وابا نعيم وخلقا كثيرا ورحل فى طلب العلم وحج اربعين حجة وسكن بغداد وكان حافظا للحديث كثير الحديث روى عنه ابن أبى الدنيا وإبن الانبارى وإبن السماك واحمد بن سلمان النجاد وآخر من روى عنه ابو بكر بن مالك القطيعى اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال لم يزل الكديمى معروفا عند اهل العلم بالحفظ مشهورا بالطلب مقدما فى الحديث حتى اكثر روايات الغرائب والمناكير فتوقف اذذاك بعض الناس عنه ولم ينشطواللسماع منه فأنبأني ابو بكر احمد بن علي اليزدي اخبرنا ابو احمد محمد بن محمد الحافظ قال محمد بن يونس ذاهب الحديث تركه يحيى بن صاعد واحمد بن محمد بن سعيد وكان ابو داود يطلق عليه الكذب وكان موسى بن هارون يقول الكديمى كذاب

يضع الحديث وقال سليمان الشاذكونى الكديمى واخوه وابنه بيت الكذب واراد بالكديمى يونس وبأخيه عمر بن موسى وكان يلقب بالحادى قال الدارقطنى كان الكديمي يتهم بوضع الحديث قال مؤلف الكتاب ليس محل الكديمى عندنا الكذب انما كان كثير الغرائب وقد حدث عن شاصونة ابن عبيد قال حدثنا شاصونه منصرفنا من عدن فلم يعرفوا شاصونة فقالوا هذا حديث عمن لم يخلق فجاء قوم بعد وفاته من عدن فقالوا دخلنا قرية يقال لها الجرد فلقينا بها شيخا فسألناه أعندك شيء من الحديث فقال نعم فكتبنا عنه وقلنا له ما اسمك فقال محمد بن شاصونة بن عبيد وأملى علينا الحديث الذى ذكره الكديمى وقد روى لنا حديث شاصونة من غير طريق الكديمى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى القاضي ابو العلاء الواسطى اخبرنا محمد بن حمدويه قال سمعت ابا بكر بن اسحاق الصبغي يقول ما سمعت احدا من اهل العلم يتهم الكديمى فى لقيه كل من روى عنه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنى الخلال حدثنا على ابن محمد الايادى حدثنا ابو بكر الشافعى قال سمعت جعفر الطيالسي يقول الكديمى ثقة ولكن اهل البصرة يحدثون بكل ما يسمعون اخبرنا عبد الرحمن ابن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا ابن رزق حدثنا اسماعيل بن على الخطبي قال مات الكديمي يوم الخميس ودفن يوم الجمعة قبل الصلاة من النصف من جمادى الآخرة سنة ست وثمانين ومائتين وصلى عليه يوسف ابن يعقوب القاضي وكان ثقة

22 - محمد بن يوسف ابو عبد الله البناء لقي ستمائة شيخ وكتب الحديث الكثير كان يبنى للناس بالاجرة فيأخذ منها دانقا لنفقته ويتصدق بالباقى ويختم كل يوم ختمه وتوفي رحمه الله فى هذه السنة
23 - يعقوب بن اسحاق بن تحية ابو يوسف الواسطي سمع يزيد بن هارون ونزل بغداد بالجانب الشرقى فى سوق الثلاثاء وحدث باربعة احاديث ووعدهم يحدثهم من الغد فمات وله مائة واثنا عشر سنة رحمه الله

سنةى ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها ان المعتضد دخل من متنزهه ببراز الروزوامر ببناء قصر فى موضع اختاره من براز الروز فحملت اليه الآلات وابتدىء بعمله
وفى شهر ربيع الاول غلط امر القرامطة بالبحرين واغاروا على نواحى هجر وقرب بعضهم من نواحى البصرة فوجه أمير المؤمنين المعتضد اليهم جيشا وفى شهر ربيع الآخر ولى المعتضد عباس بن عمرو الغنوي اليمامة والبحرين ومحاربة أبي سعيد القرمطى وضم اليه زهاء الفى رجل فسار نحو القرامطة فاقتتلوا فأسر العباس وقتل اصحابه فانزعج اهل البصرة وهموا بالجلاء عنها ثم اطلق العباس ومن العجائب انه كان مع العباس عشرة آلاف فى محاربة القرمطى ابى سعيد فقبض عليهم ابو سعيد فنجا العباس وحده وقتل الباقون وان عمرو بن الليث مضى فى خميس الفا الى محاربة اسمعيل بن احمد فاخذ هوونجا الباقون ولإحدى عشرة ليلة خلت من رجب ولى حامد بن العباس الخراج والضياع

بفارس وكانت فى يد عمرو بن الليث ودفعت كتبه بالولاية الى اخيه احمد بن العباس وكان حامد مقيما بواسط لأنه كان يليها وحج بالناس فى هذه السنة محمد بن عباس بن داود

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
24 - احمد بن اسحاق بن ابراهيم ابن نبيط بن شريط ابو جعفر الاشجعى كوفى قدم مصر وحدث بها عن ابيه عن جده وتوفى بالجيزة من مصر فى هذه السنة
25 - اسماعيل بن نميل بن زكريا ابو على الخلال سمع ابا الوليد الطيالسى فى آخرين وروى عنه ابن مخلد والطبرانى وغيرهما وكان صدوقا
26 - اسحاق بن مروان ابو يعقوب الدهان حدث عن عبد الاعلى بن حماد روى عنه الطبرانى وتوفى فى رجب هذه السنة
27 - جعفر بن محمد بن عرفة ابو الفضل المعدل حدث عنه عبد الصمد الطستى وغيره وكان ثقة مقبولا عند الحكام توفى فى منصرفه من الحج بالعمق لسبع بقين من ذى الحجة من هذه السنة وجيء به الى بغداد فدفن بها
28 - الحسين بن السميدع ابن ابراهيم ابو بكر البجلى من اهل انطاكية قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن

المبارك الصورى واسماعيل بن محمد الصغار وكان ثقة توفى فى هذه السنة
29 - قطر الندى بنت خماروية تزوجها المعتضد بالله وتوفيت لسبع خلون من رجب هذه السنة ودفنت داخل قصر الرصافة
30 - موسى بن الحسن ابن عباد بن ابى عباد ابو السرى الأنصاري المعروف بالجلاجلى نسائى الاصل سمع روح بن عبادة وعفان بن مسلم وابا نعيم والقعنبى وكان قد قدمه القعنبى فى صلاة التراويح فاعجبه صوته فقال كأن صوتك الجلاجل فلقب بذلك وكان ثقة روى عنه ابو بكر الآدمى القارىء وابن مخلد والنجاد وتوفى فى صفر هذه السنة
31 - يحيى بن ابى نصر ابو سعيد الهروى سمع ابن راهويه واحمد بن حنبل وابن المدينى روى عنه ابو عمرو بن السماك وكان ثقة حافظا زاهدا صالحا توفى فى شعبان هذه السنة
32 - يعقوب بن يوسف بن ايوب ابو بكر المطوعى سمع احمد بن حنبل وعلي وابن المدينى روى عنه النجاد والخلدى اخبرنا ابو منصور القزازا اخبرنا الخطيب حدثنا عبد العزيز بن على الوراق قال سمعت على بن عبد الله بن الحسين الهمذانى يقول سمعت جعفر الخلدى يقول سمعت ابا بكر المطوعى يقول كان وردى فى شبيبتي اقرأ كل يوم وليلة قل هو الله احد احدى وثلاثين الف مرة او احدى واربعين ألف مرة

شك جعفر توفى المطوعى فى رجب هذه السنة ودفن بباب البردان
33 - يوسف بن يزيد ابن كامل بن حكيم ابو يزيد القراطيسى روى عن اسد بن موسى ورأى الشافعى وكان ثقة صدوقا وبلغ مائة سنة الا اربعة اشهر وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة رحمه الله

سنة ثم دخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها ورود الخبر بوقوع الوباء بآذربيجان فمات به خلق كثير إلى ان نقد الناس ما يكفنون به الموتى وكفنوا فى الأكسية والنبوذ ثم صاروا الى ان لم يجدوا من يدفن الموتى فكانوا يتركونهم فى الطرق على حالهم وفيها غزا نزار بن محمد عامل الحسن بن على على كوره الصائفة ففتح حصونا كثيرة للروم وادخل طرسوس مائة علج ونيفا وستين علجا من الشمامسة وصلبانا كثيرة واعلاما
ولاثنتى عشرة دخلت من ذى الحجة وردت كتب التجار من الرقة ان الروم قد وافوا فى مراكب كثيرة وجاء قوم منهم على الظهر الى ناحية كيسوم فاستاقوا من المسلمين اكثر من خمسة عشر الف انسان ما بين رجل وصبى فمضوا بهم وأخذوا فيهم قوما من اهل الذمة
وفى هذه السنة كسفت الشمس فظهرت الظلمة ساعات ثم هبت وقت العصر ريح بناحية دبيل سوداء الى ثلث الليل ثم زلزلوا وخسف بهم فلم ينج الا اليسير وورد الخبر بأنه قد مات تحت الهدم فى يوم واحد اكثر من ثلاثين الف انسان ودام هذا عليهم اياما فبلغ من هلك خمسين ومائة الف انسان وحج بالناس فى هذه السنة هارون بن محمد

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
24 - ابراهيم بن حبيب ابو اسحاق الانصارى الزاهد مغربى الاصل توفى بمصر فى ذى الحجة من هذه السنة
35 - أنيس بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبان ابو عمرو المقرىء سمع ابا نصر التمار وغيره روى عنه المحاملى وابن السماك وأبو بكر الشافعى وكان ثقة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة وقيل بل فى سنة سبع
36 - بشر بن موسى بن صالح ابو علي الاسدى ولد سنة تسعين ومائة وسمع من روح بن عبادة حديثا واحدا ومن حفص بن عمر العدنى حديثا واحدا وسمع الكثير من هوذة بن خليفة والحسن بن موسى الاشيب وابى نعيم وعلي بن الجعد والاصمعى وغيرهم روى عنه ابن صاعد وابن مخلد وابن المنادى والنجاد وأبو عمر الزاهد وجعفر الخلدى والخطبى والشافعى وابن الصواف وغيرهم وكان آباؤه من أهل البيوتات والفضل والرياسة والنبل وكان هو فى نفسه ثقة أمينا عاقلا ركينا وكان احمد بن حنبل يكرمه اخبره أبو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال اخبرنا الخلال اخبرنا احمد بن محمد بن عمران قال انشدنى احمد بن خلف قال انشدنى بشر بن موسى لنفسه ... ضعفت ومن جاز الثمانين يضعف ... وينكر منه كل ما كان يعرف ... ويمشى رويدا كالأسير مقيدا ... تدانى خطاه فى الحديد ويرسف ...
توفى بشر فى ربيع الاول من هذه السنة وصلى عليه محمد بن هارون بن العباس الهاشمى صاحب الصلاة ودفن فى مقبرة باب التبن وكان الجمع كثيرا

37 - ثابت بن قرة ابو الحسن الصابىء الطبيب ولد سنة احدى وعشرين ومائتين وتوفى فى هذه السنة وكان غاية فى علم الطب والفلسفة والهندسة
38 - جعفر بن محمد بن سوار ابو محمد النيسابورى حدث عن قتيبة وعلى بن حجر وكان ثقة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
39 - الحسن بن عمرو بن الجهم ابو الحسين الشبعى حدث عن على بن المدينى وحكايات عن بشر الحافى روى عنه ابو عمرو بن السماك وقال السبيعى وإنما هو الشيعي من شيعة المنصور توفى فى هذه السنة
40 - عبد الله بن محمد بن عزيز ابو محمد التميمي الموصلي حدث عن غسان بن الربيع روى عنه اسماعيل الخطبى وقال توفى فى رجب هذه السنة
41 - العباس بن حمزة ابن عبد الله بن اشرس ابو الفضل الواعظ النيسابورى سمع قتيبة بن سعيد واحمد ابن حنبل وعبيد الله بن عمر القواريرى وغيرهم وصحب احمد ابن ابى الحوارى ودخل على ذى النون وكان شديد الاجتهاد يصوم النهار ويقوم الليل وكان يقول لقد لحقتني بركة ذي النون وكان مجاب الدعوة وسئل عن الزهد فقال ترك ما يشغلك عن الله تعالى اخذه واخذ ما يبعدك عن الله تركه توفى العباس فى ربيع الاول هذه السنة
42 - محمد بن احمد ابن روح بن حرب ابو عبد الله الكسائى حدث عن محمد بن عباد المكي وغيره

وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
43 - محمد بن بشر ابن مروان ابو عبد الله الصيرفى حدث عن محمد بن حسان السمتى وغيره روى عنه ابن صاعد وابن قانع غيرهما احاديث مستقيمة
44 - هارون بن محمد ابن اسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى ابو موسى الهاشمى امام الناس فى الحج سمع وحدث وتوفى بمصر فى رمضان هذه السنة وكان ثقة عدلا رحمه الله

سنة ثم دخلت سنة تسع وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها انتشار القرامطة بسواد الكوفة فوقع بعض العمال بجماعة منهم وبعث بهم وبرئيسهم الى المعتضد فأمر به فقلعت أضراسه ثم خلعت يده ثم قطعت يداه ورجلاه وقتل وصلب
ولليلتين خلتا من شهر ربيع الاول أخرج من كان له دار وحانوت بباب الشماسية عن داره وحانوته قيل لهم خذوا انقاضكم واخرجوا وذلك ان المعتضد كان قد قدر أن يبنى لنفسه هناك دارا يسكنها فخط موضع السور وحفر بعضه وابتدأ فى بناء دكة على دجلة وكان امير المؤمنين المعتضد يأمر ببنائها لينتقل فيقيم بها الى ان يفرغ من بناء الدار والقصر فمرض المعتضد بالله فأرجف به فقال عبد الله بن المعتز ... طار قلبى بجناح الوجيب ... جزعا من حادثات الخطوب ... وحذرا من ان يشاك بسوء ... اسد الملك وسيف الحروب

لم يزل أشيب وهو ابن عشر ... بغبار الحرب قبل المشيب ... ثم راضته التجارب حتى ... ما عجيب عنده بعجيب ... جال شيطان الاراجيف فينا ... بحديث مؤلم للقلوب ... وكأن الناس أغنام راع ... غاب عنها أحسن بذيب ... ثم هبت نعمة الله بشرى ... كشفت عنا غطاء الكروب ... وقعت منا مواقع ماء ... فى حريق مشعل ذى لهيب ... رب أصحبه سلامة جسم ... واحبه منك بعمر رحيب ...
وفى شهر ربيع الآخر توفى أمير المؤمنين المعتضد بالله رحمه الله واستخلف ابنه المكتفى بالله
وكثرت فى هذه السنة الزلازل فكان فى رجب زلزلة شد يدة وانقضت الكواكب لثمان خلون من رمضان من جميع السماء فى وقت السحر فلم نزل على ذلك الى ان طلعت الشمس

باب ذكر خلافة المكتفى بالله
واسمه على بن المعتضد ويكنى ابا محمد وليس فى الخلفاء من يكنى ابا محمد الا الحسن بن على و موسى الهادى والمكتفى والمستضيء بأمر الله ولا من اسمه على غير على بن ابى طالب عليه السلام والمكتفى ولد فى رجب سنة اربع وستين وكان المعتضد لما اشتدت علته أمر بأخذ البيعة لابنه علي بالخلافة من بعده فاخذت البيعة بذلك على الناس ببغداد فى عشية يوم الجمعة لاحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر من هذه السنة قبل موت المعتضد بأربعة ايام ثم جددت له البيعة صبيحة الليلة التى مات المعتضد فيها وكان المكتفى بالرقة فلما بلغه الخبر اخذ البيعة على من عنده ثم انحدر الى بغداد وام المكتفى تركيه يقال لها خنجو لم تدرك خلافته وكان ربعة جميلا رقيق اللون حسن الشعر وافر اللحية عريضها وهنأه رجل فقال

اجل الرزايا ان يموت امام ... واسنى العطايا ان يقوم امام ... فأسقى الذى مات الغمام وجاده ... ودامت تحيات له وسلام ... وأبقى الذى قام الاله وزاده ... مواهب لا يفنى لهن دوام ... وتمت له الآمال واتصلت بها ... فوئد موصول بهن تمام ... هو المكتفى بالله يكفيه كل ما ... عناه بركن منه ليس يرام ...

وكان المكتفى يقول الشعر قال الصولى انشدنا لنفسه
... انى كلفت فلا تلحوا بجارية ... كأنها الشمس بل زادت على الشمس ... لها من الحسن اعلاه فرؤيتها ... سعدى وغيبتها عن مقلتى نحسى ... وله ... من لى بأن يعلم ما ألقى ... فيعرف الصبوة والعشقا ... ما زال لى عبدا وحبى له ... صيرنى عبد له رقا ... اعتق من رقى ولكننى ... من حبه لا أملك العتقا ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى الازهرى اخبرنا احمد بن ابراهيم حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال كان المكتفى بالله حين مات ابوه بالرقة فكتب اليه بوفاته فشخص نحو العراق فوافى مدينة السلام يوم الاثنين لثمان خلون من جمادى الاولى سنة تسع وثمانين ومائتين وصار فى الماء الى القصر الحسنى ومر الجيس على الظهر على غير تعبئة وقد كان الجند تحركوا قبل موافاته مدينة السلام فوضع القاسم بن عبيد الله فيهم العطاء وأخذ عليهم البيعة وكان يومئذ فى بيت المال عشرة آلاف الف دينار وجوهر قيمته عشرة آلاف الف دينار غير الآلات وكان المتكفى يوم بويع له عمره خمسا وعشرين سنة وستة وعشر يوما ووزر له

القاسم بن عبيد الله ثم العباس بن الحسن وكان القاضى يوسف بن يعقوب وابنه محمد ابن يوسف وكان نقش خاتمه علي يتوكل على ربه وكان له من الولد محمد وجعفر وعبد الصمد وموسى وعبد الله وهارون والفضل وعيسى والعباس وعبد الملك وفى ايامه فتحت انطاكية وكان الروم قد استولوا عليها فلما فتحت استنقذ من المسلمين اربعة آلاف رجل وقتل من اهلها خمسة آلاف واصاب كل مسلم شهد الوقعة ثلاثة آلاف دينار وظفر للروم بستين مركبا عملوها للغزو
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كانت صلاة الجمعة ببغداد لا تقام الا فى جامع المنصور وجامع المهدى الى ان استخلف المعتضد وأمر بعمارة القصر الحسنى وامر ببناء مطامير فى الدار وكان الناس يصلون الجمعة فى الدار وليس هناك رسم للمسجد انما يؤذن الناس فى الدخول وقت الصلاة ويخرجون عند انقضائها فلما استخلف المكتفى فى هذه السنة نزل القصر وأمر بهدم المطامير وأن يجعل موضعها مسجدا جامعا فاستقرت الصلاة فى الجوامع الثلاثة الى وقت خلافة المقتفى وفى يوم دخول المكتفى الى القصر الحسنى كنى بلسانه القاسم بن عبيد الله وخلع عليه ست خلع وقلده سيفا وحمل على فرس لجامه وسرجه من ذهب
وفي رجب هذه السنة زلزت بغداد ودامت الزلزلة بها أياما وليالي كثيرة
وفى هذه السنة ظهر اقوام من القرامطة وانتشروا في البلدان وقطعوا طريق الحاج وتسمى احدهم بأمير المؤمنين وأنفق المكتفى الاموال الكثيرة في حربهم حتى استأصلهم
وفى اليوم التاسع من ذى الحجة صلى الناس العصر فى ثياب الصيف ببغداد فهبت ريح فبرد الهواء حتى احتاج الناس الى الاصطلاء بالنار ولبس المحشو وجعل البرد يزداد حتى جمد الماء وفيما حج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
45 - احمد بن محمد المعتضد بالله أمير المؤمنين كانت علته فساد المزاج والجفاف من كثرة الجماع وكان دواؤه ان يقل الغذاء فيرطب بدنه ولا يتعب وكان يستعمل ضد هذا ويريهم انه يحتمى فاذا خرجوا دعا بالخبز والزيتون والسمك فسقطت قوته واشتدت علته فى يوم الجمعة لاحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين واجتمع الجند متسلحين وتوفى يوم الاثنين لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة وغسله احمد بن شيبة عند زوال الشمس وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضى وحضر الوزير القاسم بن عبيد الله وأبو حازم وابو عمر وخواص الخدم وكان اوصى أن يدفن فى دار محمد ابن عبيد الله بن طاهر فحفر له فيها وحمل من قصره المعروف بالحسنى ليلا فدفن وكانت خلافته تسع سنين وتسعة اشهر وخمسة ايام وبلغ من السن خمسا وأربعين سنة وعشرة اشهر وأياما اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر ابن ثابت اخبرنا احمد بن عمر بن روح النهروانى حدثنا المعافى بن زكريا حدثنا احمد بن جعفر بن موسى البرمكى قال قال لى صافى الحرمى لما مات المعتضد كفنته والله فى ثوبين وهي قيمتهما ستة عشر قيراطا
46 - بدر غلام المعتضد قيل كان سبب قتله انه لما مات المعتضد امتنع القاسم بن عبيد أن يجعل الخلافة فى ولد المعتضد فامتنع من ذلك بدر وكان صاحب جيش المعتضد المستولى

على الأمر وقال ما كنت لاصرفها عن اولاد مولاى فاضطغنها القاسم عليه وعقد للمكتفى لما كان بين المكتفى وبين بدر من التباعد فى حياة أبيه فقدم المكتفى من الرقة وبدر بفارس يحارب فعمل القاسم فى هلاك بدر خوفا على نفسه من بدر أن يطلع المكتفى على ما كان عزم عليه فأرسل المكتفى الى بدر يعرض الولايات فأبى وقال لا بد لى من المصير الى مولاى فقال القاسم للمكتفى انى لا آمنه عليك فإنه قد اظهر العصيان فغيره عليه فبعث المكتفى الى جماعة من القواد الذين مع بدر فأمرهم بفراقه ففارقوه وقدموا على المكتفى وقصد بدر واسطا فوكل المكتفى بداره وأمر بمحو اسمه من الاعلام والتراس ودعا القاسم ابا حازم القاضى وأمره بالمضى الى بدر ولقائه وتطييب نفسه واعطائه الأمان من امير المؤمنين على نفسه وماله وولده فقال ابو حازم أحتاج الى سماع ذلك من امير المؤمنين حتى اؤديه اليه فقال أنا لسان امير المؤمنين وما اطنك تتهمنى فى الحكاية عنه قال فأقول لبدر إن الوزير قال كذا قال لا قال فأكذب وكان قد دفع اليه كتاب امان من المكتفى فقال له انصرف حتى استأذن لك ثم دعا ابا عمر محمد بن يوسف فأمره بمثل الذى امر به أبا حازم فسارع الى اجابته واستقر الامر أن يدخل بغداد سامعا ميعا فلما قرب بعث العاصم بعض خدم السلطان فأخذه من السفينة ومضى به الى جزيرة ودعا بسيف فلما تيقن القتل سأله ان يمهله حتى يصلى ركعتين ففعل وصلى وأعتق جميع مماليكه وقتل فى رمضان هذه السنة وأخذ رأسه وتركت جثته اياما حتى وجه عياله فأخذوها سرا فحملوها ايام الموسم الى مكة فدفنوها وتسلم السلطان دياره وضباعه ورجع ابو عمر القاضى الى داره حزينا كئيبا لما كان منه فى ذلك فقال الشاعر ... قل لقاضى مدينة المنصور ... بم احللت أخذ رأس الامير

بعد عطاء المواثيق والعهد وعقد الايمان فى منشور
47 - جعفر بن موسى ابو الفضل النحوى يعرف بابن الحداد اخبرنا أبو منصور القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا محمد بن عبد الواحد حدثنا محمد بن العباس قال قرىء على ابن المنادى وانا أسمع قال وأبو الفضل جعفر بن موسى النحوى كتب الناس عنه شيئا من اللغة وغريب الحديث وما كان من كتب ابى عبيد مما سمعه من أحمد بن يوسف الثعلبى وغير ذلك من ثقات المسلمين وخيارهم توفى فى يوم الاثنين لثلاث خلون من شعبان سنة تسع وثمانين ودفن قرب منزله ظهر قنطرة البردان
48 - الحسن بن على ابن ياسر أبو علي الفقيه روى عن الطبرانى وكان ثقة قدم بغداد وكتب عنه بها توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
49 - الحسن بن العباس ابن ابى حمدان ابو على المقرى الرازى ويعرف بالجمال سكن بغداد وحدث بها عن جماعة روى عنه ابن صاعد وابن مخلد والنقاش وكان ثقة توفى فى رمضان من هذه السنة
50 - الحسين بن محمد ابن عبد الرحمن بن فهم بن محرز بن ابراهيم ابو على ولد سنة احدى عشرة ومائتين وسمع خلف بن هشام ويحيى بن معين ومحمد بن سعد وغيرهم روى عنه احمد بن

معروف الخشاب وابن كامل القاضي والخطى والطومارى وكان عسرا فى الرواية متمنعا الا لمن اكثر ملازمته وكان يسكن الجانب الشرقى فى ناحية الرصافة
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا الحسن بن ابى بكر عن احمد بن كامل القاضي قال كان الحسين بن محمد متقنا فى العلوم كثير الحفظ للحديث مسنده ومقطوعه ولأصناف الاخبار والنسب والشعر والمعرفة بالرجال فصيحا متوسطا فى الفقه يميل الى مذهب العراقيين وسمعته يقول صحبت يحيى بن معين فأخذت عنه معرفة الرجال وصحبت ابا خيثمة فأخذت عنه المسند وصحبت الحسن بن حماد سجادة فأخذت عنه الفقه وتوفى فى رجل سنة تسع وثمانين مائتين وبلغ ثمانيا وسبعين سنة قال الخطبى ودفن بباب البردان وكان ببغداد يومئذ زلزلة شديدة وقال الدار قطنى ليس بالقوى اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا الازهرى حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال سمعت محمد بن احمد بن يعقوب بن شيبة يقول سمعت ابا بكر بن ابى خيثمة يقول لما ولد فهم يعنى والد الحسين بن فهم اخذ ابوه المصحف فجعل يبخت كلما صفح ورقة يخرج فهم لا يعلمون فهم لا يبصرون فهم لا يسمعون فضجر فسماه فهما
51 - عمارة بن وثيمة بن موسى ابو رفاعة الفارسى ولد بمصر وحدث عن ابى صالح كاتب الليث وغيره وصنف تاريخا على السنين وحدث به وتوفى فى جمادى الاخره من هذه السنة
52 - عمرو وبن الليث الصفار من كبار الامراء توفى فى هذه السنة ودفن قريبا من القصر الحسنى

سنة ثم دخلت سنة تسعين ومائيتن

فمن الحوادث فيها انه ورد كتاب من الرقة يذكر فيه ان يحيى بن زكرويه بن مهرويه المكنى بأبى القاسم المعروف بالشيخ وكان من دعاة القرامطة وافى فى جمع كثير فخرج اليه جماعة من اصحاب السلطان فهزمهم وقتل رئيسهم وورد الخبر أن جيشا خرجوا من دمشق الى القرامطى فهزمهم وقتل رئيسهم فوجه ابو الأغر لحرب القرمطى فى عشرة آلاف
ولعشر بقين من جمادى الآخرة خرج المكتفى بعد العصر عامدا الى سامرا مريدا البناء بها والانتقال اليها فدخلها يوم الخميس لخمس بقين من جمادى ثم انصرف الى مضارب ضربت له بالجوسق فدعا القاسم بن عبيد الله والقوام بالبناء فقدروا له ما يحتاج اليه من المال واكثروا عليه وطولوا مدة الفراغ وجعل القاسم يصرفه عن رايه فى ذلك فثناه عن عزمه فعاد
وفى يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من شعبان قرىء كتابان فى الجامعين بقتل يحيى بن زكرويه الملقب الشيخ قتله المصريون على باب دمشق بعد أن قتل منهم خلقا كثيرا وكسر لهم جيوشا وكان يحيى هذا يركب جملا فاذا أشار بيده الى ناحية من النواحى فى محاربيه انهزموا فافتتن بذلك اصحابه فلما قتل عقد اخوه الحسين لنفسه وتسمى باحمد بن عبد الله وتكنى بأبى العباس ودعا الى ما كان يدعو اليه أخوه فأجابه اكثر اهل البوادى وقويت شوكته وصار الى دمشق فصالحه اهلها على شىء فانصرف عنهم ثم صار الى اطراف حمص فتغلب عليهم وخطب له على منابرها وتسمى بالمهدى ثم صار الى حمص فأطاعه اهلها وفتحوا له بابها خوفا على أنفسهم ثم سار الى حماة ومعرة النعمان وغيرها فقتل اهلها وسبى النساء والصبيان وسار الى سلمية فحارب اهلها ثم وادعهم ودخلها فقتل من بها من بنى هاشم ثم قتل البهائم وصبيان الكتاتيب ثم خرج الى حوالى ذلك يقتل ويسبى ويخيف السبيل ويستبيح وطء نساء الناس وربما اخذ المرأة فوطئها جماعة منهم فتأتى بولد فلا يدرى من ايهم هو فيهنأ به جميعهم

ولليلتين خلتا من رمضان أمر المكتفى باعطاء الجند ارزاقهم والتأهب لحرب القرمطى بناحية الشام فأطلق للجند فى دفعه واحدة مائة الف دينار وكان السبب ان أهل الشام كتبوا اليه يشكون ما لقوا من القرامطة وخرج المكتفى حتى انتهى إلى الرقة فنزلها وسرح الى القرمطى جيشا بعد جيش وكان القرمطى يكتب الى اصحابه من عبد الله احمد بن عبد الله المهدى المنصور بالله الناصر لدين الله القائم بأمر الله الحاكم بحكم الله الداعى الى كتاب الله الذاب عن حريم الله المختار من ولد رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان ينتحل انه من اولاد على ابن ابى طالب عليه السلام ووقع الثلج ببغداد يوم الرابع والعشرين من كانون الثانى منذاول النهار الى العصر وفيها حج الناس الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن العباس بن محمد

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
53 - جعفر بن محمد بن عمران بن بريق ابو الفضل البزاز المخرمى وغلط ابو القاسم الطبرانى فقاله بويق بالواو حدث عن خلف بن هشام روى عنه احمد بن كامل وكان قد حدث قبل موته بقليل وتوفى على ستر جميل
54 - الحسين بن احمد بن ابى بشر ابو على المقرىء السراج من اهل سامرا روى عنه ابو الحسين بن المنادى وقال كان من افاضل الناس كتب الناس عنه توفى بسر من رأى ليلة عرفة من هذه السنة
55 - عبد الله بن احمد بن محمد بن حنبل ابو عبد الرحمن الشيبانى سمع اباه وعبد الاعلى بن حماد وكامل بن طلحة ويحيى

ابن معين وخلقا كثيرا روى عنه البغوى وابن المنادى والخلال وكان حافظا ثقة ثبتا وكان احمد يقول ابنى محظوظ من علم الحديث وقال ابن المنادى لم يكن فى الدنيا احد أروى عن ابيه منه لأنه سمع المسند وهو ثلاثون الفا والتفسير وهو مائة وعشرون الفا سمع منها ثمانين والباقي أجازه وسمع الناسخ والمنسوخ والتاريخ وحديث شعبة والمقدم والمؤخر فى كتاب الله عز و جل وجوابات القرآن والمناسك الكبير والصغير وغير ذلك من التصانيف وحديث الشيوخ قال وما زلنا نرى اكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث والاسماء والكنى والمواظبة على طلب الحديث فى العراق وغيرها ويذكرون عن اسلافهم الاقرار له بذلك حتى ان بعضهم اسرف فى تقريظه اياه بالمعرفة وزيادة السماع للحديث على ابيه ولما مرض قيل له اين تحب ان تدفن قال صح عندى ان بالقطيعة نبيا مدفونا ولأن اكون فى جوار نبى احب الى من ان اكون فى جوار ابى وتوفى فى جمادى الآخرة لتسع ليال بقين من هذه السنة وكان الجمع كثيرا فوق المقدار ودفن فى مقابر باب التبن وصلى عليه زهير ابن اخيه صالح
56 - عبد الله بن احمد بن سعيد أبو محمد الرباطى المروزى سافر مع أبى تراب النخشبى وكان الجنيد يمدحه ويقول هو رأس فتيان خراسان وكان كريما حسن الخلق اخبرنا عبد الرحمن ابن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا عبد العزيز بن على الوراق حدثنا على بن عبد الله بن الحسن الهمذانى حدثنا الخلدى قال حدثنى احمد ابن محمد بن زياد قال حدثنى مصعب بن احمد بن مصعب قال قدم ابو محمد المروزى الى بغداد يريد مكة فكنت احب ان اصحبه فأتيته فاستأذنته فى الصحبة فلم يأذن لى فى تلك السنة ثم قدم سنة ثانية وثالثة فأتيته فسلمت عليه وسألته فقال اعزم

على شرط يكون احدنا الامير لا يخالفه الآخر فقلت انت الامير فقال يا ابا محمد لا بل انت الامير فقلت انت اسن واولى فقال نعم ولا يجب ان تعصينى فقلت نعم فخرجت معه فكان اذا حضر الطعام يؤثرفي فاذا عارضته بشىء قال ألم اشرط عليك ان لا تخالفنى فكان هذا دأبنا حتى ندمت على صحبته لما يلحق نفسه من الضرر فأصابنا فى بعض الايام مطر شديد ونحن نسير فقال لىيا أبا محمد اطلب الميل فلما رأينا الميل قال لى اقعد فى اصله فأقعدنى فى اصله وجعل يديه على الميل وهو قائم قد حنا على وعليه كساء قد تجلل به يظلنى به من المطر حتى تمنيت أنى لم اخرج معه لما يلحق نفسه من الضرر فلم يزل ذلك دأبه حتى دخلنا مكة
57 - عمر بن ابراهيم ابو بكر الحافظ المعروف بأبى الآذان سمع وحدث عن جماعة روى عنه ابن قانع وابن المنادى وكان ثقة سكن سر من رأى وتوفى بها فى هذه السنة وله ثلاث وستون سنة
58 - محمد بن اسماعيل بن عامر ابو بكر التمار الواسطى سكن بغداد وحدث بها عن احمد بن سنان الواسطى وسرى السقطى والربيع بن سليمان المرادى وغيرهم روى عنه ابو عمرو بن السماك وقال سمعنا منه وهو ابن ستين سنة وهو اسود اللحية
59 - محمد بن الحسين بن عبد الرحمن ابو العباس الأنماطى سمع داود بن عمر والضبى ويحيى بن معين وغيرهما روى عنه ابن صاعد وابن مخلد وابن قانع وغيرهم وكان ثقة ثبتا صالحا توفى فى هذه السنة وقيل فى سنة ثلاث وتسعين

60 - محمد بن الحسين بن الفرج ابو ميسرة الهمذانى كان احد من يفهم شأن الحديث وصنف مسند او حدث عن كامل بن طلحة وطبقته وهو صدوق روى عنه الباغندى وابن نافع
61 - محمد بن عبد الله ابو بكر الزقاق احد شيوخ الصوفية اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا عبد العزيز بن ابى الحسن قال سمعت ابن جهضم يقول سمعت الحسن بن أحمد بن عبد العزيز يقول سمعت الزقادق يقول لى سبعون سنة ارب هذا الفقر من لم يصحبه فى فقره الورع أكل الحرام النص
قال ابن جهضم وحدثنى حسين بن محمد السراج قال قال جنيد رأيت ابليس فى منامى وكأنه عريان فقلت له أما تستحى من الناس فقال بالله عندك هؤلاء من الناس لو كانوا من الناس ما تلاعبت بهم كما يتلاعب الصبيان بالكرة ولكن الناس غير هؤلاء فقلت له ومن هم قال قوم فى مسجد الشونيزى قد اضنوا قلبى وانحلوا جسمى كلما هممت بهم اشاروا الى الله تعالى فأكاد احترق قال جنيد فانتبهت ولبست ثيابى وجئت الى مسجد الشونيزى وعلى ليل فلما دخلت المسجد إذا أنا بثلاثة أنفس جلوس ورؤسهم في مرتعاتهم فلما أحسوا بي قد دخلت المسجد اخرج احدهم رأسه فقال يا ابا القاسم انت كلما قيل لك شىء تقبل قال ابن جهضم ذكر لى ابو عبد الله بن خاتان ان الثلاثة الذين كانوا فى مسجد الشونيزى ابو حمزة وأبو الحسن النورى وأبو بكر الزقاق

62 - يحيى بن زكرويه القرمطى قتله المصريون فى هذه السنة على ما سبق ذكره فى الحوادث

سنة ثم دخلت سنة احدى وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها وقعة بين اصحاب السلطان وبين القرامطة فهزموا القرامطة وأسروا وقتلوا وتفرق الباقون فى البوادى وتبعهم اصحاب السلطان ثم وقعوا بالقرمطى فأخذوه وكان يقال له صاحب الشامة فحمل الى الرقة ظاهرا للناس وعليه برنس ثم ان المكتفى رحل الى بغداد وحمل معه القرمطى فى اول صفر فعزم أن يصلب القرمطى على دقل ويجعل الدقل على ظهر فيل فأمر بهدم طاقات الابواب لئلا تردها ثم استسمج فعل ذلك ثم جعل له كرسيا ارتفاعه ذراعان ونصف على ظهر الفيل ودخل المكتفى الى بغداد والأسرى بين يديه مقيدين ورئيس القوم وقد جعل فى فيه خشبة مخروطة وشدت الى قفاه كهيئة اللجام وأمر المكتفى ببناء دكة فى المصلى العتيق من الجانب الشرقى ارتفاعها عشرة اذرع وبنى لها درج فلما كان يوم الاثنين لسبع بقين من ربيع الاول امر المكتفى القواد والغلمان بحضور الدكة فحضرها الناس وجىء بالاسارى وهم يزيدون على ثلثمائة وجىء بالقرمطى الحسين بن زكرويه المعروف بصاحب الشامة فصعد به الى الدكة وقدم له اربعة وثلاثون انسانا من الاسارى فقطعت ايديهم وأرجلهم وضربت اعناقهم واحد بعد واحد ثم قدم كبيرهم فضرب مائتى سوط وقطعت يداه ورجلاه وكوى ثم احرق ورفع راسه على خشبة ثم قتل الباقون وصلب بدن القرمطى فى طرف الجسر الاعلى
ولثلاث بقين من رجب قرىء كتاب من خراسان يذكر فيه ان الترك قصدوا المسلمين فى جيش عظيم وكان فى عسكرهم تسعمائة قبة تركية ولا يكون

ذلك الا للرؤساء منهم فخرج من المسلمين خلق كثير فكسحوهم مع الصبح وانهزم الباقون
وفى شعبان ورد الخبر بأن صاحب الروم وجه عشرة صلبان معها مائة الف رجل الى الثغور فأغاروا وسبوا من قدروا عليه من المسلمين وأحرقوا
وفى رمضان ورد الخبر من القاسم بن سيما من الرحبة يذكر أن الاعراب الذين استأمنوا ممن كان يتبع القرمطى نكثوا وغدروا وعزموا ان يكسبوا الرحبة يوم الفطر عند اشتغال الناس بالصلاة وانى أوقعت بهم فقتلت واسرت وفى هذه السنة حج بالناس الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن العباس

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
63 - احمد بن يحيى ابن زيد بن يسار ابو العباس الشيبانى مولاهم المعروف بثعلب امام الكوفيين فى النحو واللغة ولد سنة مائتين سمع ابراهيم بن المنذر ومحمد بن زياد الاعرابى وعبيد الله بن عمر القواريرى والزبير بن بكار وغيرهم روى عنه ابن الانبارى وابن عرفة وابو عمر الزاهد وابو معشر وغيرهم وكان ثقة حجة دينا صالحا مشهورا بالصدق والحفظ وكان يقول طلبت العربية واللغة فى سنة ست عشرة ومائتين وابتدأت بالنظر فى حدود الفراء وسنى ثمانى عشرة وبلغت خمسا وعشرين وما بقى على مسألة للفراء ولا شىء من كتبه الا وقد حفظته وسمعت من القواريرى مائة الف حديث قال ابو محمد عبد الرحمن بن محمد الزهرى كان بينى وبين أبى العباس مودة وكيدة وكنت استشيره فى امورى فجئته يوما اشاوره فى الانتقال من محلة الى اخرى لتأذى الجوار فقال ابا محمد العرب تقول صبرك على أذى من تعرفه خير لك من استحداث من لا تعرف

اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا احمد بن على بن الحسين المحتسب اخبرنا ابو عمر احمد بن محمد بن موسى ابن العلاف اخبرنا ابو عمر الزاهد قال كنت فى مجلس ابى العباس ثعلب فسأله سائل عن شىء فقال لا ادرى فقال له أتقول لا ادرى واليك تضرب اكباد الابل واليك الرحلة من كل بلد فقال له ثعلب لو كان لأمك بعدد مالا ادرى بعر لاستغنت
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا القاضى ابو العلاء الواسطى قال انشدنا ابو عبد الله الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب قال انشدنا اسحاق بن احمد الكاذى قال انشدنا ثعلب ... بلغت من عمرى ثمانينا ... وكنت لا آمل خمسينا ... فالحمد لله وشكرا له ... اذ زاد فى عمرى ثلاثينا ... وأسأل الله بلوغا الى ... مرضاته آمين آمينا ...
توفى ثعلب يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الاولى سنة احدى وتسعين ومائتين ودفن فى مقبرة باب الشام وقبره ظاهر وأدركه صمم فى آخر عمره
64 - ابراهيم بن احمد بن اسماعيل ابو اسحاق الخواص من اهل سر من رأى وكان يسافر كثيرا فتوفى فى هذه السنة بالرى وغسله ودفنه يوسف بن الحسين وقيل توفى فى سنة اربع وثمانين
65 - الحسن بن على بن المتوكل ابن ميمون ابو محمد مولى عبد الصمد بن على الهاشمى روى عن عاصم وعفان وروى عنه اسماعيل الخطبى وكان ثقة توفى فى محرم هذه السنة

66 - الحسن بن محمد بن احمد بن شعبة ابو على المروزى قدم بغداد وحدث بجامع الترمذى عن المحبوبى روى عنه العتيقى قال الازهري سمعت منه كان شيخا فهما ثقه له هيبة توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
67 - سليمان بن يحيى بن الوليد ابو ايوب الضى المقرىء قرأ القرآن بحرف حمزة كان شيخا صالحا يقرىء فى مدينة المنصور وسمع الحديث من خلف بن هشام وغيره روى عنه أبو بكر ابن الانبارى وابو الحسين ابن المنادى وتوفى فى هذه السنة
68 - القاسم بن عبيد الله بن سليمان الوزير وزير المعتضد والمكتفى وفوض اليه المكتفى جميع الامور ومرض فى رمضان فى هذه السنة فأمر أن يطلق العمال من الحبوس ويكفل من عليه مال ويطلق من فى الحبس من العلويين الذى اخدوا ظلما بسبب القرمطى الناجم بالشام وزادت علته فاستخلف ابن اخيه ابا احمد عبد الوهاب بن الحسن بن عبيد الله فجاء يعرض على المكتفى فلما خرج من بين يديه تمثل المكتفى ... ولما أبى الاجماحا فؤاده ... ولم يسل عن ليلى بمال ولا اهل ... تسلى باخرى غيرها فاذا الذى ... تسلى بها تغرى بليلى ولا تسلى ...
توفى القاسم يوم الاربعاء لست خلون من ذى القعدة وكان قد وجه فى صدر نهاره بالعباس بن الحسن أبي احمد وابى الحسن على بن عيسى الى المكتفى وكتب معها كتابا يخبره انه فى آخر ساعة من ساعات الدنيا ويسأله التفضيل على ولده

ومخلفيه ويشير عليه بأن يستكتب بعده احد الرجلين اللذين انفذهما اليه فاختار استكتاب العباس وخرجا بالجواب اليه وتوفى فى تلك الساعة قال ابو بكر الصولى ومن العجائب التى رأيتها انا كنا نبكر لعيادة القاسم بن عبيد الله كل يوم فدخلنا يوم الاربعاء الذى توفى فيه ألى داره فرأينا ابنيه ابا علي وابا جعفر قد خرجا فقام الناس اليهما ودنا العباس بن الحسن فقبل يديهما فمات القاسم فى بقية اليوم وخوطب العباس بالوزارة فرايته بعد العصر وقد صار الى دار القاسم فخرج الولدان جميعا فقبلا يده وكان الحاصل من ضياع القاسم كل سنة سبعمائة الف دينار
69 - محمد بن احمد بن البراء بن المبارك ابو الحسن العبدى سمع خلف بن هشام وعلى بن المدينى واحمد بن إبراهيم الدورقى وغيرهم وكان ثقة صدوقا اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر ابن ثابت اخبرنا ابو العلاء الواسطى حدثنا محمد بن احمد بن حماد الكوفى حدثنا الحسن بن اسماعيل الكندى قال حدثنى ابو جعفر بن البراء قال اتصل بعمى ابى الحسن عن القاضى اسماعيل بن اسحاق شىء فعزم اسماعيل على الركوب اليه فبادره عمى ابو الحسن بالركوب فلما دخل انشأ يقول ... صفحت برغمى عنك صفح ضرورة ... اليك وفى قلبى ندوب من العتب ...

فاجابه اسماعيل يقول
... ولا زال بى شوق اليك مبرح ... يذلل منى كل ممتنع صعب ...
توفى ابو الحسن بن البراء فى شوال هذه السنة
70 - محمد بن احمد بن النضر ابن عبد الله بن مصعب ابو بكر المعنى ابن بنت معاوية بن عمرو الازدى ولد سنة

تسع وتسعين ومائة وسمع جده معاوية والقعنبى وغيرهما روى عنه ابن صاعد وابن مخلد وابو بكر النجاد وغيرهم قال عبد الله بن احمد ومحمد بن عبدوس هو ثقة لا بأس به اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا ابن رزق اخبرنا اسماعيل بن على قال مات ابو بكر محمد بن احمد بن النضر يوم الجمعة قبل الصلاة ودفن فى مقابر باب الشام ودفن وقت العصر وذلك لخمس خلون من صفر سنة احدى وتسعين ومائتين
71 - محمد بن ابراهيم بن سعيد ابن عبد الرحمن ابو عبد الله العبدي البوشنجى شيخ اهل الحديث فى عصره سمع بمصر وبالحجاز والكوفة والبصرة وبغداد والشام وحدث فى البلاد روى عنه البخارى ومحمد بن اسحاق الصغانى توفى فى غرة محرم هذه السنة ودفن بنيسابور
72 - محمد بن محمد بن اسماعيل بن شداد ابو عبد الله الانصارى القاضى المعروف بالجذوعى حدث عن مسدد بن مسرهد وعلى بن المدينى وابن نمير وغيرهم وروى عنه ابو عمر وبن السماك وغيره وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى على بن المحسن القاضى قال اخبرنى ابى قال قال ابو الحسين محمد بن على بن الخلال البصرى قال حدثنى ابى وسمعته من غيره ان القضاة والشهود بمدينة السلام ادخلوا على المعتمد على الله للشهادة عليه فى دين كان افترضه عند الاضافة بالانفاق على صاحب الزنج فلما مثلوا بين يديه قرأ عليهم اسماعيل بن بلبل الكتاب ثم قال ان امير المؤمنين اطال الله بقاءه يأمركم بأن تشهدوا عليه بما فى هذا الكتاب فشهد القوم حتى بلغ الكتاب الى الجذوعى القاضى فأخذه بيده وتقدم الى السدير

وقال يا امير المؤمنين أشهد عليك بما فى هذا الكتاب فقال اشهد فقال انه لا يجوز أن أشهد او تقول نعم فأشهد عليك قال نعم فشهد فى الكتاب ثم خرج فقال المعتمد من هذا فقيل له الجذوعى البصرى قال وما اليه قالوا ليس اليه شىء فقال مثل هذا لا ينبغى ان يكون مصروفا فقلدوه واسطا فقلده اسماعيل وانحدر فاحتاج الموفق يوما الى مشاورة الحاكم فيما يشاور فى مثله فقال استدعوا القاضى فحضر وكان قصيرا وله دنيه طويلة فدخل فى بعض الممرات ومعه غلام له فلقيه غلام للموفق وكان شديد التقدم عنده وكان مخمورا فصادفه فى مكان خال من الممر فوضع يده على دنيته حتى غاص رأسه فيها فتركه ومضى فجلس الجذوعى فى مكانه وأقبل غلامه حتى فتقها وأخرج رأسه منها وثنى رداءه على رأسه وعاد الى داره واحضر الشهود فأمرهم بتسليم الديوان ورسل الموفق يترددون وقد سترت الحال عنه حتى ذكر بعض الشهود لبعض الرسل الخبر فعاد الى الموفق فأخبره بذلك فأحضر صاحب الشرطة وأمر بتجريد الغلام وحمله الى باب دار القاضى وضربه هناك الف سوط وكان والد هذا الغلام من جلة القواد ومحله محل من لوهم بالعصيان لأطاعه اكثر الجيش فلم يقل شيئاوترجل القواد وصاروا اليه وقالوا مرنا بأمرك فقال ان الامير الموفق اشفق عليه مني فمشى القواد باسرهم مع الغلام الى باب دار الجذوعى فدخلوا اليه وضرعوا له فأدخل صاحب الشرطة والغلام وقال له لا تضربه فقال لا اقدم على خلاف الموفق قال فانى اركب اليه وازيل ذلك عنه فركب فتشفع له وصفح عنه وتوفى الجذوعى يوم السبت لتسع خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة ببغداد سنة 292 ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين ومائتين فمن الحوادث فيها الفداء بين المسلمين والروم وكانت جملة من فودى به من

المسلمين الفا ومائتى نفس ثم غدر الروم فانصرفوا ورجع المسلمون بمن بقى معهم من الاسارى للروم
وخرج محمد بن سليمان الى مصر فزحف هارون بن خمارويه لقتال محمد بن سليمان فدخل محمد الفسطاط وأخذ آل طولون وكانوا بضعة عشر رجلا فقتلهم وحبسهم واحتوى على دورهم وجبى الخراج وزادت فى هذه السنة دجلة زيادة مفرطة فتهدمت المنازل على شاطئها من الجانبين ونبعت المياه من المواضع القريبة منها وطلع كوكب الذنب وقت المغرب لعشر خلون من رجب فى آخر برج الحوت وحج بالناس في هذه السنه الفضل بن عبد الملك بن العباس بن محمد

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
73 - احمد بن عمرو ابن عبد الخالق ابو بكر العتكى كان حافظا للحديث توفى بالرملة فى هذه السنة
74 - ابراهيم بن عبد الله بن مسلم ابو مسلم البصرى المعروف بالكجى والكشى ولد سنة مائتين وعاش اثنتين وتسعين سنة سمع محمد بن عبد الله الانصارى وابا عاصم النبيل والقعنبى وغيرهم وروى الحديث وكان عالما ثقة جليل القدر وأملى على الناس وكان فى مجلسه سبعة مستملين كل واحد يبلغ صاحبه الذى يليه وكتب الناس عنه قياما بايديهم المحابر ثم مسح المكان وحزروا نيفا واربعين الف محبرة ما سوى النظارة وكان نذر ان يتصدق اذا حدث بعشرة آلاف درهم
اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا محمود بن الفضل ابو نصر الاصبهانى قال سمعت ابا حفص عمر بن احمد بن عمر السمسار يقول سمعت جماعة من اصحاب الفاروق بن

عبد الكبير الخطابى يقول سمعنا الفاروق بن عبد الكبير يقول لما فرغنا من قراءة كتاب السنن على ابى مسلم الكجى اتخذ لنا مأدبة انفق فيها مائة دينار وقال شهدت اليوم على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبل قولى وحدى ولو شهدت على دستجة بقل لاحتجت الى شاهد يشهد معى أفلا اصنعه شكرا لله تعالى وبلغنى عن اسماعيل القاضى قال سمعت بعض مشايخنا يقول كان ابو مسلم الكبشى من قبل ان يحدث يجهز التمر من البصرة الى بغداد وكان له ههنا وكيل يبيعه له فلما حدث كتب الى وكيله انى قد حدثت وصدقت على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فتصدق بما عندك من التمر او بثمنه ان كنت بعته شكرا لله تعالى على ذلك
اخبرنا ابو منصور القزاز حدثنا ابو بكر احمد بن على الحافظ حدثنا ابو محمد عبد الله ابن على بن محمد القرشى حدثنا عبد الله بن ابراهيم بن ايوب بن ماسى قال حدثنى ابو مسلم ابراهيم بن عبد الله البصرى الكجى قال خرجت يوما سحرا فغرنى القمر وكان يوما باردا فاذا الحمام قد فتح فقلت أدخل الى الحمام قبل مضيى فى حاجتى فدخلت فقلت للحمامى يا حمامى أدخل حمامك احد فقال لا فدخلت الحمام فساعة فتحت الباب قال لى قائل ابو مسلم أسلم تسلم ثم انشأ يقول ... لك الحمد إما على نعمة ... وإما على نقمة تدفع ... تشاء فتفعل ما شئته ... وتسمع من حيث لا تسمع ...
قال فبادرت فخرجت وانا جزع فقلت للحمامى أليس زعمت انه ليس فى الحمام احد فقال لى هل سمعت شيئا فأخبرته بما كان فقال ذاك جنى يترايا لنا فى كل حين وينشد الشعر فقلت هل عندك من شعره شىء قال لى نعم فأنشدنى ... ايها المذنب المفرط جهلا ... كم تمادى وتركب الذنب جهلا ... كم وكم تسخط الجليل يفعل ... سمج وهو يحسن الصنع فعلا ... كيف تهدأ جفون من ليس يدرى ... أرضى عنه من على العرش ام لا

اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابن رزق اخبرنا اسماعيل بن على الخطبى قال مات ابو مسلم ابراهيم بن عبد الله الكجى يوم الاحد لسبع خلون من المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين وانحدر به الى البصرة فدفن هناك
75 - ادريس بن عبد الكريم ابو الحسن الحداد المقرىء صاحب خلف بن هشام ولد سنة تسع وتسعين ومائة وسمع احمد ويحيى وغيرهما روى عنه ابو بكر الأنبارى والنجاد والخطبى وابو على إبن الصواف وسئل عنه الدار قطنى فقال ثقة وفوق الثقة بدرجة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى ابو القاسم الازهرى حدثنا طالب بن عثمان قال سمعت ابن مقسم قال كنت عند ابى العباس احمد بن يحيى اذ جاء ادريس الحداد فأكرمه وحادثه ساعة وكان ادريس قد أسن فقام من مجلسه وهو يتساند فلحظه ابو العباس بعينه وأنشأ يقول ... ارى بصرى فى كل يوم وليلة ... يكل وطرفى عن مداه يقصر ... ومن يصحب الأيام تسعين حجة ... يغيرنه والدهر لاتغير ... لغمرى ان اصبحت امشى مقيدا ... لما كنت امشى مطلق القيد اكثر ...

توفى ادريس يوم الأضحى فى هذه السنة
76 - الحسن بن سعيد بن مهران ابو على الصفار المقرىء من اهل الموصل قدم بغداد وحدث بها عن غسان بن الربيع ومعلى بن مهدى وغيرهما روى عنه ابن مخلد وابو بكر الشافعى وكان متعففا وتوفى فى هذه السنة
77 - عبد الحميد بن عبد العزيز ابو خازم القاضى الحنفى أصله من البصرة وسكن بغداد وحدث عن بندار ومحمد

ابن المثنى وغيرهما ولى القضاء بالشام والكوفة وبغداد وكان عالما ورعا ثقة قدوة فى العلوم غزير الفضل والدين
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر بن على بن ثابت اخبرنا على بن الحسن اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال اخبرنى ابو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبى قال قال لى ابن حبيب الذراع كنا ونحن احداث مع أبى خازم وكنا نقعده قاضيا ونتقدم اليه فى الخصومات قال فما مضت الايام والليالى حتى صار قاضيا قال ابو الحسين وبلغ من شدته فى الحكم ان المعتضد وجه اليه بطريف المخلدى فقال له ان لى على الضبعى بيع كان للمعتضد ولغيره مالا وقد بلغنى ان غرماءه ثبتوا عندك وقد قسطت لهم فى ماله فاجعلنا كأحدهم فقال له ابو خازم قل له امير المؤمنين اطال الله بقاءه ذاكر لما قال لى وقت ما قلدنى أنه قد اخرج الامر من عنقه وجعله فى عنقى ولا يجوز لى ان احكم فى مال رجل لمدع الاببينة فرجع اليه طريف فأخبره فقال قل له فلان وفلان يشهدان يعنى رجلين جليلين كانا فى ذلك الوقت فقال يشهدان عندى وأسال عنهما فإن زكيا قبلت شهادتهما والا امضيت ما ثبت عندى فامتنع اولئك من الشهادة فزعا ولم يدفع الى المعتضد شيئا
واخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا التنوخى قال اخبرنى أبى قال حدثنى على بن هشام بن عبد الله الكاتب قال حدثنى أبى قال حدثنى وكيع القاضى قال كنت اتقلد لأبى خازم وقوفا فى ايام المعتضد منها وقوف الحسن بن سهل فلما استكثر المعتضد من عمارة القصر الحسنى ادخل اليه بعض وقوف الحسن بن سهل التى كانت مجاورة للقصر وبلغت السنة إلى آخرها وقد جبيت مالها الاما اخذه المعتضد فجئت الى أبى خازم فعرفته اجتماع مال السنة واستأذنته فى قسمته فى سبيله فقال لى فهل جبيت ما على امير المؤمنين فقلت له ومن يجسر على مطالبة الخليفة فقال والله

لاقسمت الارتفاع او تأخذ ما عليه ووالله لئن لم يزح العلة لاوليت له عملا ثم قال امض اليه الساعة فطالبه فقلت من يوصلنى قال امض الى صافى الحرمى وقل له انك رسول انفذتك فى مهم فاذا توصلت تعرفه ما قلت لك فجئت فقلت لصا فى ذلك فاوصلنى وكان آخر النهار فلما مثلت بين يدى الخليفة ظن ان امرا عظيما قد حدث وقال هيه قل كأنه متشوف فقلت له أنى ألى لعبد الحميد قاضى امير المؤمنين وقوف الحسن بن سهل ومنها ما قد ادخله امير المؤمنين الى قصره ولما جبيت مال هذه السنة امتنع من تفرقته الا ان اجىء بما على امير المؤمنين وانفذني الساعة قاصدا لهذا السبب وأمرنى ان اقول انى حضرت فى مهم لأصل قال فسكت ساعة مفكرا ثم قال اصاب عبد الحميد يا صافى هات الصندوق فاحضر صندوقا لطيفا فقال كم يجب لك فقلت الذى جبيت عام اول من ارتفاع هذه العقارات اربعمائة دينار فقال فكيف حذقك بالنقد والوزن قلت أعرفهما قال هاتوا ميزانا فجىء بميزان واخرج من الصندوق دنانير عينا فوزن لى منها اربعمائة دينار فقبضتها وانصرفت الى ابى خازم بالخبر فقال أضفها الى ما قد اجتمع من مال الوقف عندك وفرقة فى سبيله فى غد ولا تؤخر ذلك ففعلت وكثر شكر الناس لأبى خازم بهذا السبب واقدامه على الخليفة بمثل ذلك وشكرهم للمعتضد فى انصافه اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا التنوخى قال حدثنى ابى قال حدثنى ابو الفرج طاهر بن محمد الصلحى قال حدثنى القاضى ابو طاهر محمد بن احمد بن عبد الله بن نصر قال بلغنى ان ابا خازم القاضى جلس فى الشرقية وهو قاضيها للحكم فارتفع اليه خصمان فاجترأ احدهما بحضرته الى ما يوجب التأديب فأدب فمات فى الحال فكتب الى المعتضد من المجلس اعلم امير المؤمنين اطال الله بقاءه ان خصمين حضرانى فاجترأ احدهما الى ما وجب عليه معه الادب عندى فأمرت بتأديبه فمات فاذا كان المراد بتأديبه

مصلحة المسلمين فمات فى الادب فديته واجبة فى بيت مال المسلمين فان رأى امير المؤمنين اطال الله بقاءه ان يأمر مجمل الدية لحملها الى ورثته فعل فعاد الجواب اليه بانا قد امرنا بحمل الدية اليك وحمل اليه عشرة آلاف درهم فأحضر ورثة المتوفى ودفعها اليهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال ذكر الحسين بن على الصيمرى قال كان عبيد الله بن سليمان قد خاطب ابا خازم فى بيع ضيعة ليتيم تجاور بعض ضياعه فكتب اليه ان رأى الوزير احسن الله اليه ان يجعلنى احد رجلين اما رجل صين الحكم به او رجل صين الحكم عنه انبأنا محمد ابن ابى طاهر البزار قال انبانا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو الحسين على بن هشام قال سمعت القاضى ابا جعفر احمد بن اسحاق بن البهلول التنوخى يحدث ابى قال حدثنى ابو خازم القاضى قال كان فى حجرى ايتام ذكور واناث خلفهم بعض العمال ورددت امانتهم الى بعض الشهود فصار الى الأمين يوما وعرفنى ان عامل المستغلات ببغداد الذى يتولى مستغلات السلطان وعامل بادوريا قد ادخلا ايديهما فى املاك الايتام وذكرا ان الوزير عبيد الله بن سليمان امرهما بذلك عن المعتضد امير المؤمنين فصرت الى المعتضد فى يوم موكب فلما انقضى الموكب دنوت منه وشرحت له الصورة فقال يا عبد الحميد هذا عامل خاننى فى مالى واقتطعه ولى عليه مال جليل من نواح كان يتولاها من ضيعتى خاصة ومالى عليه يضعف هذه الاملاك التى خلفها فقلت يا امير المؤمنين ما تدعيه يحتاج الى بينة وقد صح عندى ان هذه الاملاك املاكه يوم مات ولا طريق الى انتزاعها من يد وارثه الاببينة هذا حكم الله فى البالغين فكيف فى

الاطفال قال فسكت ساعة مطرقا ثم دعا بداوة ووقع بخطه الى عبيد الله ابن سليمان بالافراج عن الضياع اخبرنا محمد بن ابى طاهر أنبأنا على بن المحسن عن ابيه قال حدثنى الحسين بن عياش القاضى عمن حدثه انه كان يساير أبا خازم القاضى فى طريق فقام اليه رجل فقال حسن الله جزاءك ايها القاضى فى تقليدك فلانا القضاء ببلدنا فانه عفيف فصاح عليه ابو خازم وقال اسكت عافاك الله تقول فى قاض انه عفيف هذا من صفات اصحاب الشرطة والقضاة فوقها قال ثم سرنا وهو واجم ساعة فقلت مالك يا ايها القاضى فقال ما ظننت انى أعيش حتى اسمع هذا ولكن قد فسد الزمان وبطلت هذه الصناعة ولعمرى لقد دخل فيها من يحتاج الفاضل معه الى التقريظ وما كان الناس يحتاجون الى ان يقولوا فلان عفيف حتى تقلد فلان وذكر رجلا لا احب أن أسميه فقلت الرجل من هو فامتنع فألححت عليه فأومأ الى ابى عمر توفى ابو خازم فى هذه السنة وذكر بعض علماء النقل انه دفن بالكوفة
78 - الفضل بن محمد ابو برزة الحاسب حدث عن يحيى الحمانى روى عنه عبد الباقى بن قانع وكان ثقة جليل القدر توفى فى صفر هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر أن اخا الحسين بن زكرويه المعروف بصاحب الشامة ظهر بالدالية من طريق الفرات واجتمع اليه جماعة من الاعراب والمتلصصة أنه قد عاث بتلك الناحية وحارب اهلها فخرج اليه الجند وورد الخبر أنه صار الى طبرية فامتنعوا من ادخاله فحاربهم حتى دخلها فقتل عامة من بها من الرجال والنساء ونهبها وانصرف الى ناحية البادية

وفى شهر ربيع الآخر ورد الخبر بأن الداعية الذى بنواحى اليمن صار الى مدينة صنعاء فحاربه اهلها فظفر بهم فقتلهم الا القليل وتغلب على سائر مدن اليمن ثم نبغ قوم من القرامطة فنهبوا بلد هيت وقتلوا خلقا من اهلها وأخذوا ما قدروا عليه من المال واوقروا ثلاثة آلاف راحلة فبعث السلطان اليهم فتفرقوا وجاؤا برأس رئيسهم فسلموا ثم نبغ منهم آخرون وجرت لهم حروب ودخلوا الكوفة حين انصرف الناس من صلاة عيد الاضحى فى ثمانى مائة فارس ونادوا يال ثارات الحسين يعنون الحسين بن زكرويه المصلوب على الجسر وشعارهم يا احمد يا محمد بعنوان المقتولين معه واظهروا الاعلام البيض فقتلوا من أدركوا وسلبوا وبادر الناس الى المدينة فدخلوها ودخل من القرامطة خلفهم نحو من خمسمائة فرماهم العوام بالحجارة وألقوا عليهم الستر فخرجوا بعد أن قتل منهم نحو من عشرين ونصب المقياس على دجلة من جانبيها طوله خمس وعشرون ذراعا على كل ذراع علامة مدورة وعلى كل خمسة اذرع علامة مربعة مكتوب عليها بحديدة علامة الاذع تعرف بها مبالغ الزيادات
وضمن محمد بن جعفر بادوريا بعشرة آلاف كر حنطة وشعير نصفان وبالف الف وستمائة الف درهم وحج بالناس فى هذه السنة الفضل بن عبد الملك الهاشمى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
79 - عبد الله بن محمد ابو العباس الناشىء الشاعر الانبارى اقام ببغداد مدة وكان يقصد الرد على الشعراء والمنطقيين والعروضيين فلم يلتفت اليه لشدة هوسه فرحل الى مصر فتوفى بها فى هذه السنة وله شعر حسن اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز

اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنا على بن ابى على لفظا قال حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال حدثنى محمد بن خلف بن المرزبان قال اجتمع عندى احمد ابن ابى طاهر والناشىء بن محمد وآخر فدعوت لهم مغنية فأخذ الناشىء رقعة فكتب فيها ... فديتك لو انهم انصفوك ... لردوا النواظر عن ناظريك ... تردين أعيننا عن سواك ... وهل تنظر العين الا اليك ... وهم جعلوك رقيبا علينا ... فمن ذا يكون رقيبا عليك ... الم يقرؤا ويحهم ما يرو ... ن من وحى حسنك فى وجنتيك ...

قال فشغفنا بالأبيات فقال ابن أبي طاهر أحسنت والله وأجملت قد والله
حسدتك على هذه الأبيات والله لاجلست وقام وخرج
80 - عبيد الله بن محمد بن خلف ابو محمد البزار صاحب ابى ثور الفقيه سمع جماعة وكان عنده فقه ابى ثور وروى عنه ابو عمرو بن السماك والخلدى وكان ثقة وتوفى فى رجب هذه السنة
81 - عبدان بن محمد بن عيسى ابن محمد المروزى سمع قتيبة وابن راهويه روى عنه عبد الباقى بن قانع واحمد بن كامل وكان ثقة حافظا عالما زاهدا وتوفى فى ليلة عرفة من هذه السنة
82 - عمر بن حفص ابو بكر السدوسى سمع عاصم بن على وكامل بن طلحة روى عنه ابن صاعد والخلدى وكان ثقة وتوفى فى صفر هذه السنة
83 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم ابن كامجر المعروف والده باسحاق بن ابى اسرائيل مروزى الاصل سكن بغداد

وكان يخضب بالحمرة وتوفى فى هذه السنة
84 - محمد بن جعفر بن سهل ابو احمد الختلى حدث عن عبد الله بن احمد بن عيسى الفسطاطى روى عنه زكريا ابن يحيى والد المعافى بن زكريا
85 - محمد بن جعفر بن محمد بن اعين ابو بكر نزل مصر وحدث بها عن أبى بكر بن أبى شيبة وغيره روى عنه الطبرانى وكان ثقة وتوفى بمصر يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من ربيع الاول وقيل توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
86 - نصر بن احمد بن نصر بن عبد العزيز ابو محمد الكندى الحافظ المعروف بنصرك وكان احد ائمة الحديث وسمع خلقا كثيرا وكان قد أخذه اليه خالد بن احمد الذهلى امير بخارا واقام عنده وصنف له المسند وقد روى عنه ابو العباس بن عقدة وتوفى ببخارا فى هذه السنة
87 - يحيى بن عبد الباقى ابن يحيى بن يزيد ابو القاسم النغرى من اهل اذنة قدم بغداد فحدث بها عن لوين وغيره روى عنه ابن صاعد وابن المنادى وابن السماك واكثر الناس عنه الكتابة لنقته وضبطه وتوفى بطرسوس فى هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة اربع وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فها أن القرامطة اعترضوا قافلة الحاج فى طريق مكة بالعقبة فقتلوهم وسبوا من النساء ما أرادوا واحتووا على ما فى القافلة فأخذوا ما قيمته

الفى الف دينار فلما ورد الخبر على السلطان اشخص ابا عبد الله محمد بن داود الهاشمى الكاتب الى الكوفة لتسريح الجيوش منها الى القرمطى لحربه واعطاه مالا لتقوية الجند ومعه محمد بن سعيد الازرق كاتب الجيش ثم صار القرمطى الى الشقوق فأقام بها بموضع يعرف بالطليح ينتظر القافلة الاخرى فلما وافته لقيهم بالهبير فحاربوه يومهم الى الليل ثم انصرف عنهم فلما اصبح عاودهم القتال فلما كان فى اليوم الثالث عطش اهل القافلة وهم على غير ماء فاقتتلوا ثم استسلموا فوضع فيهم السيف فلم يفلت منهم الا اليسير وأخذوا جميع ما فى القافلة فأرسل السلطان من بنى شيبان ألفين ومائتى فارس الى القرمطى لحربه وسار زكرويه الى فيد وراسل اهلها فلم يظفر منهم بشىء فتنحى الى النباج ثم الى حفر ابى موسى ثم انهض المكتفى وصيف بن صوارتكين ومعه جماعة من القواد فنفذوا من القادسية على طريق خفان فلقيهم وصيف يوم السبت لثمان بقين من ربيع الاول فاقتتلوا يومهم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وخلصوا الى زكرويه فضرب بالسيف ضربة خالطت دماغه وأسروا جماعة من اهله وأصحابه وعاش خمسة ايام ثم مات فشق بطنه وقدم به وبالاسارى فقتلوا
وفى هذه السنة طلع كوكب الذنب من ناحية المغرب وكثرت الامطار حتى غرقت المنازل واستتم المجلس المعروف بالتاج على دجلة بالقصر الحسنى لسبع بقين من شعبان وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
88 - اسحاق بن حاجب ابن ثابت المعدل حدث عن خليفة بن خياط وسويد بن سعيد روى عنه ابو بكر النجاد وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة وقيل فى سنة سبع وتسعين
89 - جعفر بن شعيب ابن ابراهيم ابو محمد الشاشى سمع من يحيى بن اكثم وغيره قدم بغداد حاجا وحدث بها وروى عنه اسمعيل بن على الخطبى وكان ثقة وتوفى بالشاش فى هذه السنة
90 - الحسين بن الكميت ابن البهلول بن عمر ابو على الموصلى قدم بغداد وحدث بها عن عفان وابن الربيع وابن المدينى روى عنه ابن السماك والخطبى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
91 - الحسين بن محمد بن حاتم ابن يزيد بن على بن مروان ابو على المعروف بعبيد العجل وهو ابن بنت حاتم بن ميمون المعدل سمع من خلق كثير روى عنه ابو سهل بن زياد وابو بكر الشافعى وكان ثقة حافظا متقنا سكن قطيعة عيسى بن على الهاشمى فى باب دجلة وكان من المتقدمين فى حفظ المسند خاصة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على اخبرنا ابو سعد المالينى اجازة قال اخبرنا ابن عدى قال سمعت احمد بن محمد بن سعيد يقول كنا نحضر مع عبيد عند الشيوخ وهو شاب فينتخب لنا فاذا أخذ الكتاب فى يده طار ما فى

رأسه فنكلمه فلا يجيبنا فاذا خرجنا قلنا له كلمناك فلم تجبنا قال اذا أخذت الكتاب بيدي يطير عنى ما فى راسى فيمر بى حديث الصحابى فكيف اجيبكم وانا احتاج افكر فى مسند ذلك الصحابى من اوله الى آخره هل الحديث فيه ام لا وان لم افعل ذلك خفت ان ازل فى الانتخاب وانتم شياطين قد قعدتم حولى تقولون لم انتخبت لنا هذا وهذا حدثناه فلان او كما قال توفى عبيد فى صفر هذه السنة
92 - صالح بن محمد ابن عمرو بن حبيب ابو على الاسدى مولى اسد بن خزيمة ولد بالكوفة سنة عشر ومائتين ولقى المشايخ بالشام ومصر وخراسان وانتقل عن بغداد فسكن بخارا وكان قد سمع من على بن الجعد وخالد بن خداش وابى نصر النمار وهدبة وابن المدينى وغيرهم وكان صدوقا امينا من الحفاظ الثقات وكان يلقب جزرة وكان السبب انه قرأ على بعض المشايخ فى حداثته كان لأبى امامة خرزة يرقى بها المريض فصحف فقال جزرة فلقب بذلك وتوفى ببخارا فى هذه السنة وقيل سنة ثلاث
93 - محمد بن عيسى بن محمد ابن عبد الله بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابو على الهاشمى المعروف بالبياضى حدث عنه ابن الانبارى وابن مقسم وكان ثقة وليس بمنسوب الى بنى بياضة فان اولئك من الانصار وانما سمى البياضى لأنه حضر يوما مجلس الخليفة وكان اهل المجلس عليهم السواد وكان لباسه ابيض فقال الخليفة من ذلك البياضى فثبت الاسم عليه قتلته القرامطة فى هذه السنة

94 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم بن مخلد ابو الحسن المروزى المعروف بابن راهوية والد بمرو ونشأ بنيسابور وسافر البلاد وسمع من أبيه واحمد بن حنبل والمشايخ وحدث ببغداد فروى عنه محمد ابن مخلد الدورى واسماعيل بن على الخطبى وعبد الباقى بن قانع وغيرهم وكان عالما بالفقه مستقيم الحديث جيد الطريقة يقال انه مات بمرو وليس بصحيح وانما الصواب ما اخبرنا به عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو عبد الله محمد بن عبد الواحد حدثنا محمد بن العباس قال قرىء على ابن المنادى وانا اسمع قال محمد بن اسحاق بن راهويه قتلته القرامطة مرجعه من الحج سنة اربع وتسعين ومائتين وقد كنا سمعنا منه اذ كان بمدينتنا
95 - محمد بن اسحاق بن ابى اسحاق أبو العباس الصفار سمع سريح بن يونس وغيره وذكر الدارقطنى فقال ثقة
96 - محمد بن الحسن ابو الحسين صاحب النرسى خوارزمى الاصل حدث عن على بن الجعد وابى نصر التمار ويحيى واحمد وابن المدينى وغيرهم وفى حديثه لين توفى بالموصل فى هذه السنة
97 - محمد بن الحسن بن الفرج ابو بكر الهمذانى المعدل قدم بغداد وحدث بها عن عبد الحميد بن عصام وغيره روى عنه جعفر الخلدى وابو بكر الشافعى والجعابى وهو صدوق
98 - محمد بن نصر ابو عبد الله المروزى الفقيه ولد ببغداد ونشأ بنيسابور واستوطن سمرقند وكان من اعلم الناس باختلاف

الصحابة ومن بعدهم فى الاحكام ورحل الى الامصار فى طلب العلم سمع يحيى وابن راهويه وهدبة وخلقا كثيرا من اهل خراسان والعراق والحجاز والشام ومصر وصنف التصانيف الكثيرة أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا ابو بكر احمد بن الحسين البيهقى قال اخبرنا ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال سمعت ابا محمد عبد الله بن محمد الثقفى يقول سمعت جدى يقول جالست ابا عبد الله محمد بن نصر المروزى اربع سنين فلم اسمعه طول تلك المدة يتكلم فى غير العلم قال الحاكم وسمعت ابا عبد الله محمد بن العباس الضبى يقول سمعت ابا الفضل بن اسحاق بن محمود يقول كان ابو عبد الله المروزى يتمنى على كبر سنه ان يولد له ابن فكنا عنده يوما من الايام فتقدم اليه رجل من اصحابه فساره فى اذنه بشىء فرفع ابو عبد الله يديه فقال الحمد لله الذى وهب لى على الكبر اسماعيل ثم مسح وجهه بباطن كفيه ورجع الى ما كان فيه فرأينا انه استعمل فى تلك الكلمة ثلاث سنن احدها انه سمى الولد والثانية انه حمد الله تعالى على الموهبة والثالثة انه سماه اسماعيل لانه ولد على كبر سنه وقد قال الله تعالى اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قال الحاكم سمعت ابا عد الله محمد بن يعقوب الحافظ يقول ما رأيت أحسن صلاة من ابى عبد الله محمد بن نصر كان يقرأ وكان الذباب يقع على انفه فيسيل الدم فلا يذبه عن نفسه ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته وخشوعه وهيئته للصلاة كان يضع ذقنه على صدره وينتصب كأنه خشبة منصوبة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا الجوهرى اخبرنا محمد بن العباس الخزاز حدثنا ابو عمرو عثمان بن جعفر بن اللبان قال حدثنى محمد بن نصر قال خرجت من مصر معى جارية لي فركبت البحر اريد مكة فغرقت وذهبت منى ألفا جزء وصرت الى جزيرة انا وجاريتى فما راينا فيها احدا قال وأخذنى العطش فلم اقدر على الماء واجهدت فوضعت رأسى على فخذ جاريتى مستسلما للموت فاذا رجل قد جاءنى ومعه كوز فقال لى هاه فأخذت وشربت

وسقيت جاريتى ثم مضى فلا ادرى من أين جاء ولا اين ذهب
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو الفرج محمد بن عبيد الله الخرجوشى قال سمعت احمد بن منصور الشيرازى يقول سمعت احمد بن اسحاق بن ايوب الفقيه يقول سمعت محمد بن عبد الوهاب الثقفى يقول كان اسماعيل بن احمد السامانى والى خراسان يصل محمد بن نصر المروزى فى كل سنة بأربعة آلاف درهم ويصله اخوه اسحاق بن احمد بأربعة آلاف درهم ويصله اهل سمرقند بأربعة آلاف درهم وكان ينفقها من السنة الى السنة من غير أن يكون له عيال فقيل له لعل هؤلاء القوم الذين يصلونك يبدو لهم فلو جمعت من هذا شيئا لنائبة فقال سبحان الله انا بقيت بمصر كذا وكذا سنة فكان قوتى وثيابى وكاغذى وحبرى وجميع ما انفقه على نفسى فى السنة عشرين درهما فترى ان ذهب هذا لا يبقى ذلك
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت الحافظ قال اخبرنى ابو الوليد الحسن بن محمد الدربندى اخبرنا احمد بن محمد بن سليمان الحافظ قال سمعت ابا صخر محمد بن مالك السعدى يقول سمعت ابا الفضل محمد ابن عبيد الله يقول سمعت الامير ابا ابراهيم اسماعيل بن احمد يقول كنت بسمرقند فجلست يوما للمظام وجلس اخى اسحاق الى جنبى اذ دخل ابو عبد الله محمد بن نصر المروزى فقمت له اجلالا لعلمه فلما خرج عاتبنى اخى اسحاق وقال انت والى خراسان يدخل عليك رجل من رعيتك فتقوم اليه وهذا ذهاب السياسة فبت تلك الليلة وانا منقسم القلب لذلك ورأيت النبى صلى الله عليه و سلم فى المنام كأنى واقف مع اخى اسحاق اذا أقبل النبى صلى الله عليه و سلم فأخذ بعضدى وقال يا اسماعيل ثبت الله ملكك وملك بنيك باجلالك محمد بن نصر ثم التفت الى

اسحاق فقال ذهب ملك اسحاق وملك بنيه باستخفافه بمحمد بن نصر استوطن محمد ابن نصر نيسابور بعد مدة وكان مفتيها واشتغل بالعيادة ثم خرج الى سمرقند فتوفى بها فى محرم هذه السنة
99 - موسى بن هارون بن عبد الله
ابو عمران ويعرف والده بالجمال ولد سنة اربع عشرة ومائتين وسمع احمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما وروى عنه اكابر المحدثين والحفاظ وكان امام اهل عصره وعلامة وقته فى الحفظ والمعرفة بالرجال والاتقان وكان ثقة صدوقا شديد الورع عظيم الهيبة وتوفى فى شعبان هذه السنة ودفن فى مقابر باب حرب
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على ابن ثابت الخطيب قال سمعت الصورى يقول سمعت عبد الغنى بن سعيد يقول احسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم على بن المدينى فى وقته وموسى بن هارون فى وقته وعلى بن عمر الدارقطنى فى وقته اعنى موسى ابن هارون هذا الذى نحن فى ذكره قال الخطيب ولقد سمعت اكثر مشايخنا يصفونه بالورع العظيم والزهد والتقوى والدين والطريقة الحسنة والمنهاج المستقيم والله اعلم

سنة ثم دخلت سنة خمس وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها المفاداة بين المسلمين بالروم أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت الخطيب قال فودى من الرجال والنساء فى سنة خمس وتسعين ومائتين ثلاثة آلاف نفس وفى ذى القعدة

من هذه السنة توفى المكتفى بالله وبويع المقتدر بالله

ذكر خلافة المقتدر بالله
اسمه جعفر بن المعتضد بالله ويكنى ابا الفضل وامه ام ولد يقال لها شغب ادركت خلافته وسميت السيدة وكانت لأم القاسم بنت محمد بن عبد الله بن طاهر فاشتراها منها المعتضد ولد ليلة الجمعة لثمان بقين من رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين وقبل ولد يوم الجمعة وكان ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير جميل الوجه ابيض مشربا حمرة حسن الخلق حسن العينين بعيد ما بين المنكبين جعد الشعر مدور الوجه كثير الشيب فى راسه اخذ فى عارضيه اخذا كثيرا
ذكر بيعة المقتدر
لما اشتدت علة المكتفى فى ذى القعدة سنة خمس وتسعين سال عن اخيه ابى الفضل جعفر فصح عنده انه بالغ فأحضر فى يوم الجمعة لاحدى عشرة ليلة خلت من ذى القعدة القضاة فأشهدهم انه قد جعل العهد اليه وبويع بالخلافة بعد وفاة المكتفي سحرة يوم الاحد لاربع عشرة ليلة خلت من ذى القعدة من هذه السنة ولما اراد الجلوس للبيعة صلى اربع ركعات ومازال يرفع صوته بالدعاء والاستخارة فبويع ولقب المقتدر بالله وهو ابن ثلاث عشرة سنة وشهر واحد وعشرين يوما ولم يكن ولى الخلافة قبله اصغر منه انبانا جماعة من مشايخنا عن ابى منصور بن عبد العزيز قال بلغ المقتدر فى شعبان قبل جلوسه فى الخلافة بثلاثة اشهر وكان فى بيت مال الخاصة خمسة عشر الف الف دينار وفى بيت مال العامة ستمائة الف دينار ومن غير ذلك ما يتمم عشرين الف الف دينار ومن الفرش والآلة والجوهر ما يزيد قيمته على الكل واستوزر المقتدر جماعة منهم ابو احمد العباس بن الحسن بقى فى وزارته اربعة اشهر وسبعة ايام

وقتل وابو الحسن على بن محمد بن الفرات بقى ثلاث سنين وثمانية اشهر وثمانى وعشرين يوما ثم قبض عليه وحبس ثم اعيد الى الوزارة فبقى سنة وخمسة اشهر وسبعة عشر يوما ثم قبض عليه ثم اعيد دفعه ثالثة فبقى عشرة اشهر وثمانية عشر يوما ثم قبض عليه وقتل واستوزر بعد مديدة ابو على محمد بن عبيد الله بن يحيى ابن خاقان بقى سنة وشهرا وخمسة ايام وقبض عليه وبعده ابو الحسن على بن عيسى بن داود بن الجراح بقى ثلاث سنين وعشرة اشهر وثمانية عشر يوما وقبض عليه ثم اعيد فبقى سنة واربعة اشهر ويومين وقبض عليه وبعده ابو محمد حامد بن العباس بقى اربع سنين وعشرة اشهر واربعة وعشرين يوما ثم قبض عليه وقتل وبعده ابو القاسم عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان بقى سنة وسنة اشهر ويومين ثم قبض عليه وبعده ابو العباس احمد بن عبيد الله بن احمد الخصيب بقى سنة وشهرين وقبض عليه وبعده ابو على محمد بن على ابن مقلة بقى سنتين واربعة اشهر وثلاثة ايام وقبض عليه وبعده أبو القاسم عبد الله بن محمد الكواذي بقي شهرين وثلاثة أيام وقبض عليه وابو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد بقى سنة وشهرين وتسعة ايام وقبض عليه وابو على الحسين بن القاسم بن عبيد الله بقى سبعة اشهر وقبض عليه وبعده ابو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات بقى خمسة اشهر وتسعة وعشرين يوما وقتل المقتدر فاستتر الفضل
وكان للمقتدر سنة حجاب سوسن مولى المكتفى ثم نصر القشورى ثم احمد بن نصر القشورى ثم ياقوت ثم محمد وابراهيم ابنا رائق
وكان اطباؤه سنان بن ثابت وبختيشوع بن يحيى ورد المقتدر رسوم الخلافة الى ما كانت عليه من التوسع فى الطعام والوظائق وفرق فى بنى هاشم خمسة آلاف دينار وتصدق فى سائر الناس بمثلها واضعف لبنى هاشم ارزاقهم وفرق فى يوم التروية ويوم عرفة من البقر والغنم ثلاثين الف رأس

ومن الابل الفى رأس واطلق اهل الحبوس الذين يجوز اطلاقهم وأمر محمد ابن يوسف القاضى ان ينظر فى ذلك وكانت قد بنيت ابنية فى الرحبة دخلها فى كل شهر الف دينار فأمر بنقضها ليوسع على المسلمين
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال خلع المقتدر فى زمان خلافته مرتين واعيد فاما المرة الاولى فكانت بعد استخلافه بأربعة اشهر وسبعة ايام وذلك عند قتل العباس بن الحسن الوزير وفاتك مولى المعتضد واجتماع اكثر الناس ببغداد على البيعة لابى العباس عبد الله بن المعتز ولقبوه الراضى بالله وخلع المقتدر واحتجوا فى ذلك بصغر سنة وقصوره عن بلوغ الحكم ونصبوا ابن المعتز يوم السبت لعشر بقين من ربيع الاول سنة ست وتسعين وسلموا عليه بالخلافة ثم بايعوا له بالخلافة ثم فسد الامر وبطل من الغد وثبت امر المقتدر بالله وجددت له البيعة الثانية في يوم الاثنين فظفر بعبد الله بن المعتز فقتل وقتل جماعة ممن سعى فى امره والمرة الثانية فى الخلع بعد احدى وعشرين سنة وشهرين ويومين من خلافته اجتمع القواد والجند والاكابر والاصاغر مع مؤنس الخادم ونازوك على خلعه فقهروه وخلعوه وطالبوه بان يكتب رقعة بخطه بخلع نفسه ففعل واشهد على نفسه بذلك واحضروا محمد بن المعتضد بالله فنصبوه وسموه القاهر بالله وسلموا عليه بأمرة المؤمنين وذلك يوم السبت للنصف من المحرم سنة سبع عشرة وثلثمائة فأقام على ذلك يوم السبت ويوم الاحد فلما كان يوم الاثنين اختلف الجند وتغير رأيهم ووثب طائفة منهم على نازوك وعبد الله بن حمدان المكنى بأبى الهيجاء فقتلوهما واقيم القاهر من مجلس الخلافة واعيد المقتدر بالله الى داره وجددت له بيعة وكان قد تبرأ من الامر يومين وبعض الثالث ولم يكن وقع للقاهر بيعة فى رقاب الناس

ذكر طرف من سيرة المقتدر بالله
كان سخيا جوادا وكان يصرف الى الحرمين وفى طريقهما ثلثمائة الف وخمسة

عشر الفا واربعمائة وستة وعشرين دينارا وكان يجرى على القضاة فى الممالك سنة وخمسين الفا وخمسمائة وتسعة وستين دينارا وكان يجرى على من يتولى الحسبة والمظالم فى جميع البلاد اربعمائة وثلاثين الفا واربعمائة وتسعة وثلاثين دينارا وعلى اصحاب البريد تسعة وسبعين الفا واربعمائة دينارا وكان يصوم كثيرا ويتنفل بالصلاة كثيرا وكان فى داره عشرة آلاف خادم خصى غير الصقالبة والروم والسودان وكان مجمله وافرا ولما بعث ملك الروم رسوله زين الدار والبلد وسنذكر ما جرى فى سنة خمس وثلثمائة وكان جواهر الأكاسرة وغيرهم من الملوك قد صارت الى بنى أمية ثم صارت الى السفاح ثم الى المنصور واشترى المهدى القص المعروف بالجبل بثلثمائة الف دينار واشترى الرشيد جوهرا بالف ألف دينار ولم يزل الخلفاء يحفظون ذلك الى أن آلت الخلافة الى المقتدر وهناك مالم ير مثله وفيه الدرة اليتيمة زنتها ثلاثة مثاقيل فبسط فيه المقتدر ريده ووهب بعضه لصافي الحرمى ووجه منه الى وزيره العباس فرده وقال هذا الجوهر عدة الخلافة ولا يصلح ان يفرق وكانت زيدان القهرمانة متمكنه من الجوهر فأخذت سبحة لم ير مثلها وكان يضرب بها المثل فيقال سبحة زيدان فلما وزر على بن عيسى قال للمقتدر ما فعلت سبحة جوهر قيمتها ثلاثمائة الف دينار اخدت من ابن الجصاص فقال فى الخزانة فقال تطلب فطلبت فلم توجد فأخرجها من كمه وقال اذا كانت خزانة الجوهر لا تحفظ فما الذى يحفظ وقال عرضت على فاشتريتها فاشتد ذلك على المقتدر ثم امتدت يد الخزنة فى ايام القاهر والراضى الى خزائن الجوهر فلم يبق منه شىء
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على اخبرنا على ابن المحسن قال حدثنى أبى قال حدثنا ابو على الحسين بن محمد الأنبارى قال سمعت دلويه الكاتب يحكى عن صافى الحرمى مولى المعتضد قال مشيت يوما

بين يدى المعتضد وهو يريد دور الحرم فلما بلغ الى باب شغب أم المقتدر وقف يتسمع ويطلع من خلل الستر فاذا هو بالمقتدر وله اذ ذاك خمس سنين او نحوها وهو جالس وحواليه مقدار عشر وصائف من اقرانه فى السن وبين يديه طبق فيه عنقود عنب فى وقت لا يوجد العنب والصبى يأكل عنبة واحدة ثم يطعم الجماعة عنبة عنبة على الدور حتى اذا بلغ الدور اليه أكل واحدة مثل ماأكلوا حتى فنى العنقود والمعتضد يتميز غيظا فرجع ولم يدخل الدار ورأيته مهموما فقلت له يا مولاى ما سبب ما فعلته وما قد بان عليك فقال والله يا صافى لولا النار والعار لقتلت هذا الصبى اليوم فان فى قتله صلاحا للأمة فقلت يا مولاى حاشاه اى شىء عمل اعيذك بالله يا مولاى اللعين ابليس فقال ويحك انا ابصر بما اقول انا رجل قد سست الامور واصلحت الدنيا بعد فساد شديد ولا بد من موتى وأعلم ان الناس بعدى لا يختارون غير ولدى وسيجلسون ابنى عليا يعنى المكتفى وما اظن عمره يطول للعلة التى به يعنى الخنازير التى فى حلقه فيتلف عن قريب ولا يرى الناس اخراجها عن ولدى ولا يجدون بعده اكبر من جعفر فيجلسونه وهو صبى وله من الطبع فى السخاء هذا الذى قد رأيت من انه اطعم الصبيان مثل ما أكل ساوى بينه وبينهم فى شىء عزيز فى العالم والشح على مثله فى طباع الصبيان فتحتوى عليه النساء لقرب عهده بهن فيقسم ما جمعته من الاموال كما قسم العنب ويبذر ارتفاع الدنيا ويخربها وتضيع الثغور وتنتشر الامور وتخرج الخوارج وتحدث الاسباب التى يكون فيها زوال الملك عن بنى العباس اصلا فقلت يا مولاى بل يبقيك الله حتى ينشأ فى حياة منك ويصير كهلا فى ايامك ويتأدب بآدابك ويتخلق بخلقك ولا يكون هذا الذى ظننت فقال احفظ عنى ما اقوله فإنه كما قلت قال ومكث يوما مهموما وضرب الدهر ضربه ومات المعتضد وولى المكتفى فلم يطل عمره ومات

وولى المقتدر فكانت الصورة كما قال المعتضد بعينها فكنت كلما وقفت على رأس المقتدر ورأيته قد دعا بالاموال فأخرجت اليه وفرقها على الجوارى ولعب بها ومحقها ذكرت مولاى المعتضد وبكيت وكنت يوما واقفا على رأس المعتضد فقال هاتوا فلانا الطيبى خادم يلى خزانة الطيب فأحضر فقال له كم عندك من الغالية فقال نيف وستون حبا صينيا مما عمله عدة من الخلفاء قال فايها اطيب قال ما عمله الواثق قال احضرنيه فاحضره حبا عظيما تحمله عدة خدم بدهق ففتح فاذا بغالية قد ابيضت من التعشيب وجمدت من العتق فى نهاية الذكاء فاعجبت المعتضد واهوى بيده الى حوالى عنق الحب فأخذ من لطاخته شيئا يسيرا من غير أن يشعث رأس الحب وجعله فى لحيته وقال ما تسمح نفسى تطريق التشعيث على هذا الحب ارفعوه فرفع فمضت الايام فجلس المكتفى يوما وهو خليفة فطلب غالية فاستدعى الخادم وسأله عن الغوالى فأخبره بما كان اخبر به اباه فاستدعى غالية الواثق فجاء بالحب بعينه ففتح فاستطابه وقال أخرجوا منه قليلا فاخرج مقدار ثلاثين أواربعين درهما فاستعمل منه فى الحال ما اراده ودعا بعتيدة له فجعل الباقى فيها ليستعمله على الايام وأمر بالحب فختم بحضرته ورفع ومضت الايام وولى المقتدر الخلافة وجلس يوما مع الجوارى وكنت على رأسه فاراد أن يتطيب فاستدعى الخادم وسأله فاخبره بما اخبر اباه واخاه فقال هات الغوالى كلها فاحضر الحباب كلها فجعل يخرج من كل حب مائة مثقال وخمسين واقل واكثر فيقسمه ويفرقه على من بحضرته حتى انتهى الى حب الواثق فاستطابه فقال هاتوا عتيدة حتى نخرج اليها ما نستعمله فجاؤا بعتيدة فكانت عتيدة المكتفى بعينها فرأى الحب ناقصا والعتيدة فيها شىء فقال ما السبب فى هذا فأخبرته بالخبر على شرحه فأخذ يعجب من بخل الرجلين ويضع منهما بذلك ثم قال فرقوا الحب بأسره على الجوارى فما زال يخرج ارطالا وانا اتمزق غيظا واذكر حديث العنب وكلام المعتضد الى ان مضى قريب من نصف الحب

فقلت له يا مولاى هذه الغالية اطيب الغوالى واعتقها ومالا يعتاض منه فلو تركت ما بقى منها لنفسك وفرقت من غيرها كان اولى وجرت دموعى لما ذكرته من كلام المعتضد فاستحيا منى ورفع الحب فما مضت الاسنين من خلافته حتى فنيت تلك الغوالى واحتاج الى عجن غالية بمال عظيم
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن ابى على البصرى قال اخبرنى ابى اخبرنا ابو منصور القشورى قال كنت أخدم وانا حدث فى دار نصربن القشورى المرسومة بالحجبة من دار المقتدر بالله فركب المقتدر يوما على غفلة وعبر الى البستان المعروف بالزبيدية فى نفر من الخدم والغلمان وانا مشاهد لذلك وتشاغل اصحاب الموائد والطباخون بحمل الآلات والطعام وتعبيتها فى الجون فابطأت وعجل هو فى طلب الطعام فقيل له لم يحمل بعد فقال انظروا ما كان فخرج الخدم كالمتحيرين ليس يجسرون ان يعودوا فيقولوا ما جاء شىء فسمعهم رئيس الملاحين بالطيار فقال ان ينشط مولانا لأكل طعام الملاحين فمعى ما يكفيه فمضوا فقالوا له فقال هاتوا ما معه فأخرج من تخت الطيار جونة مليحة خيارزة لطيفة فيها جدى بارد وسكباج مبردة وبزما ورد وقطعة مالح ممقور طيبة وارغفة سميذ جيدة كل ذلك لطيف واذا هى جونة تعمل فى منزله كل يوم وتحمل اليه فيأكلها فى موضعه من الطيار ويلازمه الخدمة فلما حملت الى المقتدر استنظفها فأكل منها واستطاب المالح والادام فكان اكثر أكله منه ولحقته الاطعمة من مطبخه فقال ما آكل اليوم الامن طعام جعفر الملاح فأتم أكله منه وامر بتفرقه طعامه على من حضر ثم قال قولوا له هات الحلواء فقال نحن لا نعرف الحلوى فقال المقتدر ما ظننت ان فى الدنيا من يأكل طعاما لا حلواء بعده فقال الملاح حلوانا التمر والكسب فإن تنشط احضرته فقال هذا لا حلوى صعب لا اطيقه فأحضرونا من حلوائنا فاحضرت عدة جامات فأكل ثم قال لصاحب المائدة اعمل فى كل يوم جونة تنفق عليها ما بين عشرة دنانير

الى مائتي درهم سلمها الى جعغر الملاح تكون برسم الطيار ابدا فإن ركبت يوما على غفلة كما ركبت اليوم كانت معدة وان جاء المغرب ولم اركب كانت لجعفر قال فعملت الى ان قتل المقتدر وكان جعفر يأخذها فربما حاسب عليها الايام وأخذها دراهم وما ركب المقتدر بعدها على غفلة ولا احتاج اليها انبأنا محمد بن طاهر انبأنا ابو القاسم على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو الفتح احمد بن على بن هارون قال حدثنى ابى قال كان ابن عمى ابو القاسم يوسف بن يحيى بن على حسن الاقبال محظوظا وكانت له داية تسمى نظم فخدمت السيدة ام المقتدر وخصصت بها حتى صارت احد قهارمتها التى تجرى على يديها الصغير والكبير فرفعت ابا القاسم وانتهت به الى اسنى الارزاق واوسع الاحوال واخرجت له الصلات حتى تأثلت حاله بذلك وصار صاحب عشرات الوف دنانير وخلطته بخدمة السيدة فعزم ابو القاسم على تطهير ابنه فأنفق فى وليمته ما لم يسمع بمثله حتى افردت عدة دور للحيوان وعدة دور للفاكهة وانفق الوف دنانير وبلغ نظما خبره فجاءته من عند السيدة بأموال عظيمة معونة له على التطهير وحملت له من عندها من القرش والآنية والثياب والمخروط بالوف فلما مضت ايام قالت لها يا نظم ايش خبر طهر ابن يوسف قالت يا ستى قد بقيت عليه اشياء يريدها فقالت خذى ما تريدين واحمليه اليه فجاءت نظم اليه فقالت ان كان قد بقى فى نفسك شىء فعرفنى فقال لها الطهر غدا ما بقى فى نفسى شىء الا وقد بلغته بك وقد بقى فى نفسى شىء لست اجسر على مسألته فقالت قل ما فى نفسك فان امكن والاليس يضرك فقال أشتهى إعارة القرية الفضية التى عملت لامير المؤمنين ليراها الناس فى دارى ويشاهدوا مالم يشاهدوا مثله فيعلموا مالى من الإختصاص والعناية فوجمت وقالت هذا شىء عمله الخليفة لنفسه ومقداره عظيم وفى هذه القرية مئين الوف دراهم ولا احسب

جاهى يبلغ اليها وكيف يستعار من خليفة شىء او متى سمع بخليفة يعير ولكن انا أسأل السيدة فى هذا فان كان مما يجوز والا عرفتك ومضت فلما كان من الليل جاءتنى وقالت ان اقبالك قد بلغ الى ان يحمد الله عليه فقلت ما الخبر فقالت كل ما تحب قد جئتك بالقرية هبة لا عارية وجئتك معها بصلة ابتدأ بها امير المؤمنين من غير مسألة احد فقلت ما الخبر قالت مضيت وانا منكسرة القلب آيسة من ان يتم هذا فدخلت على هيئتى تلك على السيدة فقالت من اين قلت من عند عبدك يوسف وهو على ان يطهر ابنه غدا قالت اراك منكسرة قلت ببقائك ما انا منكسر قالت ففى وجهك حديث فقلت خير قالت بحياتى ما ذاك قلت قد شكر ما عومل به ودعا وقال انى كنت احب ان اتشرف بما لم يتشرف به احد قبلى ليعلم موضعى من الخدمة قالت وما هو قلت يسأل ان يعار القرية ليتجمل بها ويردها من غدافأمسكت ثم قالت هذا شىء عمله الخليفة لنفسه كيف يحسن ان يرى فى دار غيره وكيف يحسن ان يقال ان الخليفة استعار منه بعض خدمه شيئا ثم استرده منه وهذا فضيحة وليس يجوز ان أسأله هبتها له لأنى لا أدرى قد ملها وشبع منها ام لا فان كان قد ملها فقيمتها عليه اهون ان يفكر فى هبتها وان كان لم يملها لم آمن ان افجعه بها وسأسبر ما عنده فى هذا ثم دعت بجارية فقلت اعرفوا خبر الخليفة فقيل لها هو عند فلانة فقالت تعالى معى فقامت وانا معها وعدة جوار حتى دخلت وكانت عادته اذا رآها ان يقوم لها قائما ويعانقها ويقبل رأسها ويجلسها معه فى دستة قالت فحين رآها قام وأجلسها معه وقال يا ستى وهكذا كان يخاطبها ليس هذا من اوقات تفضلك وزيارتك فقالت ليس من اوقاتى ثم حدثته ساعة وقالت يا نظم متى عزم ابنك يوسف على تطهير ابنه قلت غدا يا ستى فقال الخليفة يا ستى ان كان يحتاج الى شىء آخر امرت به فقالت هو مستكف داع ولكن قد التمس شيئا ما أستحسن خطأبك فيه قال اريد أن اشرف على اهل المملكة كلهم

ويرى عندى مالم ير فى العالم مثله قال وما هو قالت يا سيدى يلتمس ان تعيره القرية فاذا رآها الناس عنده ارتجعت فقال يا ستى والله هذه ظريفة يستعير خادم لنا شيئا وتكونين انت شفيعة فاعيره ثم ارتجعه هذا من عمل العوام لا الخلفاء ولكن اذا كان محله من رأيك هذا حتى قد حملت على نفسك بخطابى فيه وتجشمت زيارتى وأنا اعلم انه ليس من اوقات زيارتك فقد وهبت له القرية فمرى بحملها بجميع آلاتها اليه وقد رأيت أن اشرفه بشىء آخر قالت وما هو قال يحمل اليه غدا جميع وظائفنا ولا يطبخ لنا شىء البتة بل يوفر عليه ويؤخذ لنا سمك طرى فقط فأمرت بنقل القرية وقالت قولى ليوسف ما تصنع بالوظيفة فقال والله ما احتاج الى ملح الاوقد حصلته فان حملت الى لم انتفع بها فخذى لى ثمنها من الوكلاء فأخذت وكان مبلغ ذلك الف وخمسمائة دينار وهى وظيفة كل يوم وقالت اقتصر الخليفة لأجلك اليوم على السمك فاشترى له سمك بثلثمائة دينار وكانت القرية على صفة قرية مثال البقر والغنم والجمال والجواميس والاشجار والنبات والمساحى والناس وكل ما يكون فى القرى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
100 - ابراهيم بن محمد بن نوح ابن عبد الله ابو اسحاق المزكى الحافظ الزاهد امام عصره بنيسابور فى معرفة الحديث والرجال والعلل وسمع خلقا كثيرا ودخل على احمد بن حنبل وذاكره وكان مجلسه مهيبا وقيل انه كان مجاب الدعوة وكان لا يملك من الدنيا الا الدار التى يسكنها وحانوتا يستغل منه كل شهر سبعة عشر درهما يتقوت بها ولا يقبل من احد شيئا وكان يشترى له الجزر فيطبخ بالخل فيتأدم به طول الشتاء وكان يقول خالف الناس الاسود بن يزيد فى زوج بربرة فقال انه حر وقال الناس انه كان عبدا وقال كل من روى عنه رجلان من اهل العلم ارتفعت عنه الجهالة

وكل من لا يروى عنه الا رجل واحد فهو مجهول وقال ابو على الحسين بن على الحافظ لم تر عيناى مثل ابراهيم بن محمد وتوفى فى رجب هذه السنة
101 - احمد بن محمد ابو الحسين النورى وقد قيل محمد بن محمد والاول اصح وكان يعرف بابن البغوى وكان اصله من خراسان من ناحية بغ حدث عن سرى السقطى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا عبد العزيز بن على قال سمعت على بن عبد الله بن جهضم يقول حدثنى عبد الكريم بن احمد البيع قال قال ابو احمد المغازلى ما رأيت احدا قط اعبد من النورى فقيل ولا جنيد قال ولا جنيد قال عبد الكريم ثم حدثنى ابو جعفر الفرغانى قال مكث ابو الحسين النورى عشرين سنة يأخذ من بيته رغيفين ويخرج ليمضى الى السوق فتصدق بالرغيفين ويدخل المسجد فلا يزال يركع حتى يجىء وقت سوقه فاذا جاء الوقت مضى الى السوق فيظن استاذه انه قد تغذى فى منزله ومن فى بيته عندهم انه قد اخذ معه غذاءه وهو صائم قال ابو الحسن القناد مات النورى فى مسجد الشونيزى جالسا متقنعا فبقى اربعة ايام لم يعلم بموته احد
102 - اسماعيل بن احمد بن اسد بن نوح بن سامان من ملوك السامانية وهم ارباب الولايات بسمرقند والشاش وفرغانة وتلك البلاد ظفر اسماعيل بعمرو بن الليث الصفار الخارجى فبعث به الى المعتضد فكتب المعتضد عهد اسماعيل على خراسان وبعث اليه الخلع ولما انتهت الخلافة الى المكتفى بالله كتب عهد اسماعيل وولاه من الرى الى ما وراء النهر الى بلاد الترك وبنى اسماعيل ربطا فى المقاوزيسع كل رباط منها الف فارس ووقف عليها وقوفا وورد الى بلاده جيش عظيم من كبار الترك فيه الف

وسبعمائة قبة ولا تكون القبة التركية الا لرئيس ومتقدم فوجه اسماعيل احد قواده لقتالهم فوافاهم وهم غارون فقتل منهم خلقا كثيرا واستباح عسكرهم وانصرف المسلمون غانمين وكان طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث قد استولى على فارس بعد أن اسر جده عمرو بن الليث فانفذ المعتضد مولاه بدرا لقتاله فبعث طاهر إلى إسماعيل يسأله التوسط بينه وبين الخليفة ليقره على بلاده ويقاطعه على مال واهدى الى اسماعيل هدايا من جملتها ثلاث عشرة جوهرة وزن كل جوهرة ما بين سبعة مثاقيل الى العشرة بعضها احمر وبعضها ازرق فقؤمت بمائة الف دينار فكتب اسماعيل الى المعتضد فشفع فيه ويخبره بحال الهدية ويسأله فى قبولها فأجابه لو انفذ اليك كل عامل لامير المؤمنين امثال هذا لكان مما يسره وشفعه في طاهر وتوفى اسماعيل فى صفر هذه السنة فى خلافة المكتفى فلما بلغه تمثل المكتفى بقول ابى نواس ... لن يخلف الدهر مثلهم ابدا ... هيهات هيهات شأنهم عجب ...
103 - الحسن بن على بن شبيب ابو على المعمرى الحافظ رحل فى طلب العلم الى البصرة والكوفة والشام ومصر وسمع هدبة وابن المدينى ويحيى فى خلق كثير روى عنه ابن صاعد وابن مخلد والنجاد والخلدى وكان من اوعية العلم وله حفظ وفهم وقال الدارقطنى صدوق حافظ
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قرأت على الحسن بن أبى بكر عن احمد بن كامل القاضى قال مات ابو على المعمرى فى ليلة الجمعة لاحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين ودفن يوم الجمعة بعد صلاة العصر على الطريق عند مقابر البرامكة بباب البردان وكان فى الحديث وجمعه وتصنيفه اماما ربانيا وقد شد اسسنانه بالذهب قال وقيل بلغ اثنتين وثمانين سنة وكان قديما يكنى ابا القاسم ثم اكتنى بابى على وقد كان ولى القضاء للبرتى

على البصرة واعمالها وقيل له المعمرى بامه ام الحسن بنت أبى سفيان صاحب معمر بن راشد
104 - عبد الله بن الحسن بن احمد ابن ابى شعيب واسم ابى شعيب عبد الله بن مسلم وكنية عبد الله ابو شعيب الأموي الحرانى المؤدب المحدث ابن المحدث ابن المحدث ولد سنة ست ومائتين وسمع جده واباه وعفان بن مسلم وابا خيثمة روى عنه ابن مخلد والمحاملى وكان صدوقا ثقة مأمونا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة ببغداد وكان قد استوطنها
105 - عبد الله بن محمد بن على ابن جعفر بن ميمون بن الزبير ابو على البلخى سمع قتيبة وعلى بن حجر روى عنه ابن مخلد وابو بكر الشافعى وكان احد أئمة اهل الحديث حفظا واتقانا وثقة واكثارا وله كتب مصنفة فى التواريخ والعلل وتوفى ببلخ فى هذه السنة
106 - على المكتفى بالله ابن المعتضد بالله توفى ببغداد ليلة الاحد مع المغرب لاثنتى عشرة خلت من ذى القعدة من هذه السنة وقال الصولى توفى بين الظهر والعصر يوم السبت ودفن فى دار محمد بن عبد الله بن طاهر وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة غير شهر وقيل ابن ثلاث وثلاثين ويوم وكانت خلافته ست سنين وستة اشهر وتسعة عشر يوما ولما احتضر قال له وزيره ادع بالف الف دينار ففرقها فى امهات أولادك والمسلمون يجعلونك منها فى حل لما وفرت عليهم من اموالهم فقال والله لافعلت ذلك حسبى ما احتقبت ولى عند صافى والدايه ستمائة الف دينار وجمعتها منذ كنت صبيا تفرق عليهن فانها تكفيهن وادخل عليه القضاة والخواص

وأوصى بالخلافة لأخيه جعفر
107 - محمد بن احمد بن نصر ابو جعفر الفقيه الترمذى الشافعى ولد فى ذى الحجة سنة مائتين سكن بغداد وحدث عن يحيى بن بكير وغيره وكان من اهل العلم والزهد قال الدارقطنى هو ثقة مأمون ناسك انبأنا عبد الرحمن بن محمد قال انبأنا احمد بن على بن ثابت قال قرأت على الحسن بن ابى بكر عن احمد بن كامل القاضى قال توفى ابو جعفر الترمذى لاحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة خمس وتسعين وكان قد اختلط فى آخر عمره اختلاطا عظيما ولم يكن للشافعية فقيه بالعراق أرأس منه ولا اشد ورعا وكان من التقلل فى المطعم على حالة عظيمة فقرا وصبرا على الفقر لا يسأل احدا شيئا واخبرنى ابراهيم بن السرى الزجاج انه كان يجرى عليه اربعة دراهم فى الشهر

سنة ثم دخلت سنة ست وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها اجتماع القواد والكتاب والقضاة على خلع المقتدر بالله وتناظرهم فيمن يجعل مكانه فاجتمع رأيهم على عبد الله بن المعتز فأجابهم الى ذلك على ان لا يكون فى ذلك سفك دم فأخبروه ان الامر يسلم اليه عفوا وان جميع من وراءهم من القواد والجند قد رضوا به فبايعهم على ذلك فاصبحوا وقد خلعوا المقتدر بالله وبايعوا ابن المعتز ذكر ثابت بن سنان فى تاريخه قال كانت فتنة عبد الله بن المعتز بالله فى شهر ربيع الاول لأن التدبير وقع من محمد بن داود بن الجراح مع الحسين بن حمدان على ازالة المقتدر بالله ونصب ابن المعتز بالله فواطا على ذلك جماعة من الكتاب والقواد والقضاة فلما كان يوم السبت لعشر بقين من ربيع الاول اوقع الحسين بن حمدان بالوزير ابى احمد العباس وهو على دابته

عند انصرافه من دار الخلافة فقتله وكان الى جانبه المعتضدى يسايره فصاح بالحسين منكرا عليه فعطف عليه الحسين فقتله ووقع الاضطراب وركض الحسين ابن حمدان قاصدا الى الحلبة مقدرا ان يفتك بالمقتدر بالله لأنه كان قد عرف انه قد خرج اليها ليضرب بالصوالجة فلما سمع المقتدر الضحة بادر بالدخول الى داره فأغلقت الابواب فانصرف الحسين الى الدار بالمخرم المعروفة بسليمان بن وهب وبعث الى عبد الله بن المعتز يعرفه تمام الامر وانتظامه فنزل عبد الله بن المعتز من دار ابراهيم بن احمد المادرائى الراكبة للصراة ودجلة وعبر الى دار المخرم وحضر القواد والجند والقضاة ووجوه اهل بغداد سوى ابى الحسن بن الفرات وخواص المقتدر فبايعوا عبد الله وخوطب بالخلافة ولقب بالمرتضى بالله وقال الصولىالمنتصف بالله واستوزر ابا عبد الله محمد بن داود الجراح ووجه الى المقتدر بأمره بالانصراف الى دار ابن طاهر لينتقل هو الى دار الخلافة فاجيب بالسمع والطاعة وعاد الحسين بن حمدان من غدالى دار الخلافة فقاتله من فيها من الخدم والغلمان ودفعوه فانصرف فحمل ما قدر عليه من ماله ومتاعه وحرمه وسار الى الموصل فقالت الجماعة الذين سمعوا رسالة ابن المعتز بالله الى المقتدر بالانصراف الى دار ابن طاهر يا قوم نسلم انفسنا هكذا لولا ننجرد فيما قد اظلنا لعل الله تعالى يكشفه عنا فلبسوا الجواشن واصعدوا الى المخرم فهرب الناس من بين ايديهم وخرج ابن المعتز قاصدا سر من رأى ليتم هناك امره فلم يتبعه احد فدخل دارابى عبد الله بن الجصاص واستجار به ووقع النهب والغارة ببغداد ووجه المقتدر بالله نقبص على اصحاب ابن المعتز بالله واعتقلهم وقتل اكثرهم
وفى ربيع الاول قلد المقتدر بالله ابا الحسن على بن محمد بن الفرات الوزارة فجدد البيعة للمقتدر وجاء خادم لإبن الجصاص الى صافى الحرمى فأخبره بأن ابن المعتز فى دارهم فأنفذ المقتدر صافيا فى جماعة فكبس الدار وحمل ابن

المعتز وابن الجصاص فقرر على ابن الجصاص مال فأداه وانصرف وظهر موت ابن المعتز فى دار السلطان لليلتين خلتا من ربيع الآخر واخرجه مؤنس الى منزله ملفوفا فسلمه الى اهله فدفنوه فى خراب بازاء داره وتلطف ابن الفرات فى امر الحسين بن حمدان حتى رضى عنه وعرف المقتدر أنه متى عاقب جميع من دخل فى امر ابن المعتز فسدت النيات فأمر بتغريق الجرائد فى دجلة فكثر الشاكرون له ولا يعرف خليفة خلع ثم اعيد سوى اثنين الأمين والمقتدر بالله وفى يوم السبت لأربع بقين من ربيع الاول سقط ببغداد الثلج من غدوة الى قرب صلاة العصر حتى صار فى السطوح والدروب منه نحو أربع اصابع وفى اواخر ربيع الاول سلم جماعة ممن بايع لابن المعتز الى مؤنس الخادم فمنهم من قتل ومنهم من فدى نفسه
وللنصف من شوال خلع على مؤنس الخادم وامر بالشخوص الى طرسوس لغزو الروم فخرج
وفى هذه السنة امر المقتدر أن لا يستعان بأحد من اليهود والنصارى فألزموا بيوتهم وأخذوا بلبس العسلى والرقاع من خلف ومن قدام وان تكون ركبهم خشبا وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك ورجع كثير من الحاج لقلة الماء وابطاء المطر وخرج الناس للاستسقاء

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
108 - احمد بن محمد بن زكرياء
ابن ابى عتاب ابو بكر البغدادى الحافظ ويعرف بأخى ميمون حدث عن نصر بن على الجهضمى وغيره وكان حافظا روى عنه الطبرانى وكان يمتنع من ان يحدث فحفظت الاحاديث عنه فى المذاكرة وتوفى بمصر فى شوال هذه السنة
109 - ابراهيم بن هارون ابن سهل قاضى سرقسطة وهى من اقصى ثغور الاندلس توفى فى هذه السنة

110 - احمد بن محمد بن هانىء ابو بكر الطائى الاثرم سمع عفان بن مسلم وابا الوليد والقعنبى وابا نعيم وخلقا كثيرا وله كتب مصنفة منها علل الحديث والناسخ والمنسوخ فى الحديث ومن تأمل كلامه استدل على غزارة علمه وكان يحيى بن معين يقول عنه لقوة حفظه كان احد ابوى الاثرم جنيا وقال ابراهيم الاصبهانى فى الاثرم احفظ من ابى زرعة الرازى واتقن وصحب احمد بن حنبل واقبل على مذهبه مشتغلا به على غيره واصله من بلد اسكاف وهناك مات
111 - ابراهيم بن محمد بن ابى الشيوخ ابو اسحاق الآدمى حدث عن ابى همام الكونى وغيره اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا محمد بن عبد الواحد حدثنا محمد بن العباس قال قرىء على ابن المنادى وانا اسمع قال مات أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن ابى الشيوخ الآدمى بعد الاضحى بيومين سنة ست وتسعين ومائتين فى يوم جمعة كتب الناس عنه ووثقوه وكان قد شهد ثم امتنع بعد ذلك فترك الشهادة
112 - الحسن بن عبد الوهاب بن أبى العنبر ابو محمد حدث عن حفص بن عمر السيارى وغيره روى عنه ابو عمرو بن السماك وكان ثقة دينا مشهورا بالخير والسنة كتب الناس عنه ووثقوه وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
113 - الحسن بن على بن الوليد ابو جعفر الفارسى الفسوي ولد سنة اثنتين ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن على بن الجعد وغيره روى عنه ابو بكر الشافعى وابو على بن الصواف وذكره الدارقطنى فقال لا بأس به وتوفى فى هذه السنة وقيل فى سنة تسعين

114 - خلف بن عمرو ابن عبد الرحمن بن عيسى ابو محمد العكبرى سمع الحميدى وسعيدبن منصور روى عنه الخلدى والخطبى قال الدارقطنى كان ثقة وقال ابن المنادى كان واسع الجاه عريض الستر ثقة
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن الحسين صاحب العباس حدثنا ابراهيم بن على الدقاق انه سمع عبد الله بن محمد بن شهاب قال مات خلف بن عمرو العكبرى سنة ست وتسعين ومائتين وكان له ثلاثون خاتما وثلاثون عكازا يلبس كل يوم خاتما وعكازا طول شهره فاذا جاء الشهر المقبل استأنف لبسها وكان له سوط معلق فقلت له ما هذا فقال ماروى علق سوطك يرهبك عيالك وكان ظريفا توفى بعكبرا
115 - عبد الله بن المعتز بالله واسم المعتز محمد بن جعفر المتوكل ويكنى عبد الله ابا العباس ولد فى شعبان سنة سبع واربعين ومائتين وكان عزيز الادب بارعا فى الفضل مليح الشعر سمع المبرد وثعلبا وغيرهما وله كلام فى الحكمة عجيب كان يقول انفاس الحى خطاه الى أجله ربما اورد الطمع ولم يصدر ربما شرق شارب الماء قبل ربه من تجاوز الكفاف لم يغنه الاكثار وكلما عظم قدر المنافس فيه عظمت الفجيعة به ومن ارحله الحرص أنضاه الطلب والحظ ياتى من لا يأتيه واشقى الناس أقربهم من السلطان كما أن اقرب الاشياء الى النار اسرعها احتراقا ومن شارك السلطان فى عز الدنيا شاركه فى ذل الآخرة اهل الدنيا ركب يساربهم وهم نيام الحرص ينقص من قدر الانسان ولا يزيد فى حظه يشفيك من الحاسد انه يغتم وقت سرورك الفرصة سريعة الفوت بعيدة العود الجود

حارس الاعراض الأسرار اذا كثر خزانهاازدادت ضياعا البلاغة بلوغ المعنى ولما يطل سفر الكلام ذل العزل يضحك من تيه الولاية الجزع أتعب من الصبر تركة الميت عزاء للورثة عنه لا تشن وجه العفو بالتقريع من اظهر عداوتك فقد أنذرك
انبأنا القزاز قال انبأنا احمد بن على بن ثابت قال انبأنا محمد بن احمد بن الحسين العكبرى قال انبأنا ابو محمد الحسن بن محمد بن يحيى المقرىء نال حدثنى عثمان بن عيسى بن هارون الهاشمى قال كنت عند ابن المعتز وكان قد كتب ابو احمد ابن المنجم الى أخيه أبى القاسم رقعة يدعوه فيها فغلط الرسول فجاء فأعطاها ابن المعتز بالله وانا عنده فقرأها وعلم انها ليست اليه فقلبها وكتب ... دعانى الرسول ولم تدعنى ... ولكن لعلى ابو القاسم ...
فأخذ الرسول الرقعة ومضى وعاد عن قريب واذا فيها مكتوب ... أيا سيدا قد غدا مفخرا ... لهاشم اذ هو من هاشم ... تفضل وصدق خطاء الرسول ... تفضل مولى على خادم ... فما ان تطاق اذا ما جددت ... وهز لك كالشهد للطاعم ... فدى لك من كل ما تنقيه ... ابو احمد وابو القاسم ...

قال فقام ومضى اليه قال ابو بكر الصولى اعتل عبد الله بن المعتز فأناه
ابوه عائدا وقال ما عراك يا بنى فأنشأ يقول
... ايها العاذلون لا تعذلونى ... وانظروا حسن وجهها تعذرونى ... وانظروا هل ترون احسن منها ... ان رأيتم شبيهها فاعذلونى ... بى جنون الهوى وما بى جنون ... وجنون الهوى جنون الجنون ...
قال فتتبع ابوه الحال حتى وقف عليها فابتاع الجارية التى شغف بها بسبعة آلاف دينار ووجهها اليه

وله ... ان الذين بخير كنت تذكرهم ... قضوا عليك وعنهم كنت أنهاكا ... لا تطلبن حياة عند غيرهم ... فليس يحييك الا من توفاكا ...

ومن شعره الرائق
... قل لغصن البان الذى قد تثنى ... تحت بدر الدجى وفوق النقا ... ومن كتمان ما بقلبى فنمت ... زفرات تغشى حديث الهوا ... ودموع تقول فى الخد يا من ... يتباكى كذا يكون البكا ... ليس للناس موضع فى فؤادى ... زاد فيه هواك جفنى امتلا ... ليت ليلا على الصراة طويلا ... لليال من سر من را الفدا ... اين مسك بمن حماه وبخور ... من بخار وصفرة من قذا ...
وقال ايضا
... من لى بقلب صبغ من صخرة ... فى جسد من لؤلؤ رطب ... جرحت خديه بلحظى فما ... برحت حتى اقتص من قلبى ... وله ... بلوت أخلاء هذا الزمان ... فأقللت بالهجر منهم نصيبى ... وكلهم ان تصفحتهم ... صديق العيان عدو المغيب ... وله ... بحياتى يا حياتى ... اشربى الكأس وهانى ... قبل ان يفجعنا الدهر ببين وشتات ... لا تخونينى اذا مت وقامت بى نعاتى ... انما الوافى بعهدى ... من وفى بعد وفاتى

وله ... سابق الى مالك وراثه ... ما المرء فى الدنيا بلباث ... كم صامت يخنق اكياسبه ... قد صاح فى ميزان ميراث ... وله ... ياذا الغنى والسطوة القاهره ... والدولة الناهية الآمره ... ويا شياطين بنى آدم ... ويا عبيد الشهوة الفاجرة ... انتظروا الدنيا فقد اقربت ... وعن قليل تلد الآخرة ... وله ... أترى الجيرة الذين تداعوا عند سير الحبيب قبل الزوال ... علموا اننى مقيم وقلبى ... راحل معهم امام الجمال ... مثل صاع العزيز فى ارحل القو ... م ولا يعلمون ما فى الرحال ... ما اعز المعشوق ما اهون الغا ... شق ما اقتل الهوى للرجال ... وله ... يا نفس صبرا والا فاهلكى جزعا ... ان الزمان على ما تكرهين بنى ... لا تحسبى نعما سرتك لذتها ... الا مفاتيح ابواب من الحزن ... وله ... اطلت وعذبتنى يا عذول ... بليت فدعنى حديثى يطول ... هواى هوى باطن ظاهر ... قديم حديث لطيف جليل ... ألا ما لذا الليل ما ينقضى ... كذا ليل كل محب يطول ... أبيت اساهر نجم الدجى ... الى الصبح وحدى ودمعى يسيل ...
قال مؤلف الكتاب وقد ذكرنا ان العسكر اضطرب على المقتدر بالله فخلعوه وبايعوا عبد الله بن المعتز ثم خرج اصحاب المقتدر عاصمو فاستتر ابن المعتز بالله وانما كانت ولايته بعض يوم فأخذ وسلم إلى مؤنس الخادم

فقتله ووجه به الى داره التى على الصراة فدفن هناك وذلك فى ربيع الاول من هذه السنة فرثاه على بن محمد بن بسام فقال ... لله درك من ميت فجعت به ... ناهيك فى العلم والآداب والحسب ... ما فيه الا ولاليت منغصة ... وانما ادركته حرف الادب ...
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا أحمد بن على بن ثابت اخبرنا الحسين بن محمد اخو الخلال اخبرنا ابراهيم بن عبد الله الواسطى قال انشدنا ابو القاسم الكريزى قال انشدنا احمد بن محمد بن عباس لعبد الله بن المعتز أنه قال فى الليلة التى قتل فيها ... يا نفس صبرا لعل الخير عقباك ... خانتك من بعد طول الأمن دنياك ... مرت بنا سحرا طير فقلت لها ... طوباك يا ليتنى اياك طوباك ... ان كان قد قصدك شرقا فالسلام على ... شاطىء الصراة ابلغى ان كان مسراك ... من موثق بالمنايا لافكاك له ... يبكى الدماء على الف له باكى ... فرب آمنة حانت منيتها ... ورب مفلتة من بين أشراك ... أظنه آخر الايام من عمرى ... واوشك اليوم ان يبكى لى الباكى ...
قال ابن قتيبة لما أن أقاموا عبد الله بن المعز الى الجهة التى تلف فيها انشأ يقول ... فقل للشامتين بنا رويدا ... امامكم المصائب والخطوب ... هو الدهر الذى لا بد من أن ... يكون اليكم منه ذنوب ...
116 - محمد بن الحسين بن حبيب ابو حصين الوادعى القاضى من اهل الكوفة قدم بغداد وحدث بها عن احمد ابن يونس اليربوعى ويحيى بن عبد الحميد الحماني وجندل بن والق روى عنه ابن صاعد والمحاملي والنجاد وكان فهما صنف المسند وقال الدارقطنى كان ثقة وتوفى بالكوفة فى هذه السنة

117 - محمد بن الحسين يعرف بحمدى حدث عن بشر بن الوليد الكندى وحيان بن بشر الأسدى روى عنه ابن مخلد
118 - محمد بن الحسين بن حمد ويه الحربى حدث عن يعقوب بن سواك روى عنه ابو طالب بن البهلول
119 - محمد بن داود بن الجراح ابو عبد الله الكاتب عم على بن عيسى الوزير ولد فى

سنة
ثلاث واربعين ومائتين فى الليلة التى توفى فيها ابراهيم بن العباس الصولى وحدث عن عمر بن شبة وغيره وكان فاضلا من علماء الكتاب عارفا بايام الناس واخبار الخلفاء والوزراء وله فى ذلك تصانيف وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
120 - يوسف بن موسى بن عبد الله ابو يعقوب القطان المروروذى رحل الى الآفاق البعيدة فى طلب الحديث وحدث عن ابن راهويه وعلى بن حجر وأبى كريب روى عنه ابو بكر الشافعى وكان ثقة صدوقا وتوفى بمرو بعد منصرفه من الحجة الثانية فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة سبع وتسعين ومائتين فمن الحوادث فيها غزو القاسم بن سيما الصائفة وتم الفداء فى بلد الروم على يدى مؤنس الخادم وتأخرت الامطار فى هذه السنة وزاد السعر
قال ثابت بن سنان المؤرخ ورأيت فى صدر ايام المقتدر ببغداد امرأة بلا ذراعين ولا عضدين وكان لها كفان بأصابع تامة معلقتان رأس كتفيها لا تعمل بهما شيئا وكانت تعمل اعمال اليدين برجليها ورأسها تغزل برجليها وتمد الطاقة وتسويها وتسرح امرأة وتغلقها برجليها ورأيت امرأة اخرى بعضدين

وذراعين وكفين الا ان كل واحد من الكفين ينخرط ويدق اذا فارق الزندين حتى ينتهى الى رأس دقيق يمتد فيصير اصبعا واحدا وكذلك رجليها على هذه الصورة ومعها ابنة لها على مثل صورتها وفيها تولى القاسم بن سيما غزاة الصائفة وورد الخبر أن أركان البيت غرقت من السيول وأن زمزم فاضت ولم ير ذلك فبلها وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
121 - احمد بن عبد الرحمن بن مرزوق ابن عطية ابو عبد الله ابن ابى عوف البزورى سمع سويد بن سعيد وعثمان بن ابى شيبة وعمرو بن محمد الناقد وخلقا كثيرا روى عنه ابو بكر الشافعى وابن الصواف وغيرهما وكان ثقة عفيفا ثبتا له حال من الدنيا واسعة وطريقة فى الخير محمودة واليه ينسب شارع ابن ابى عوف المسلوك فيه الى نهر القلائين وكانت له منزلة من السلطان واختصاص بعبيد الله بن سليمان الوزير ومودة فى انفس العوام
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن الحسن قال حدثنا ابى قال حدثنا القاضى ابو عمر عبيد الله بن الحسين السمسار قال حدثنى ابو على بن ادريس الشاهد قال حدثنى ابو عبد الله بن ابى عوف قال كان سبب اختصاصى بعبيد الله بن سليمان انى اجتزت يوما فى جامع المنصور بالمدينة فوجدته وهو ملازم بثلثمائة دينار فى يد غريم وله وهو فى عقب النكبة وكنت اعرف محله عن مودة بيننا فقلت له لاى شىء اعزك الله انت هاهنا جالس فقال ملازم فى يد هذا الرجل بثلثمائة دينار له على فسألت الغريم انظاره فقال

لا افعل فقلت فالمال لك على ان تصير الى بعد اسبوع حتى اعطيك اياه فقال تعطينى خطك بذلك فاستدعيت دواة ورقعة وكتبت له ضمانا بذلك الى شهر فرضى وانصرف وقام عبيد الله فأخذ يشكرنى فقلت تمم ايدك الله سرورى بأن تصير معى الى منزلى فأركبته حمارى ومشيت خلفه الى ان دخلنا دارى فأكلنا فنام فلما انتبه احضرته كيسا وقلت لعلك على اضافة فأسألك بالله الا اخذت منه ما شئت قال فاخذ منه دنانير وقام فخرج فأقبلت امرأتى تلومنى وتوبخنى وقالت ضمنت عنه مالا يفى به حالك ولم تقنع الا بأن اعطيته شيئا آخر فقلت يا هذه فعلت جميلا واسديت يدا جليلة الى رجل حر كريم جليل من بيت فان نفعنى الله بذلك فله قصدت وان تكن الاخرى لم يضع عند الله ومضى على الحديث مدة وحل الدين وجاء الغريم يطالبنى فاشرفت على بيع عقار لى ودفع ثمنه اليه ولم استحسن على مطالبة عبيد الله ودفعت الرجل بوعد وعدته اياه الى ايام فلما كان بعد يومين جاءتنى رقعة عبيد الله يستدعينى فجئته فقال وردت على غليلة من ضيعة لى افلتت من البيع فى النكبة ومقدار ثمنها مقدار ما ضمنته عنى فتأخذها فتبيعها وتصحح ذلك للغريم فقلت احمله فحمل الغلة الى فبعتها وحملت الثمن بأسره اليه وقلت انت مضيق وانا ادفع الغريم واعطيه البعض من عندى فاتسع انت بهذا فجهد ان آخذ منه شيئا فحلفت ان لا افعل ووفرت الثمن عليه وجاء الغريم فأعطيته البعض من عندى ودفعت به مديدة ولم يمض على ذلك الايسر حتى ولى عبيد الله الوزارة فأحضرنى فى يومه وقام الى من مجلسه وجعلنى فى السمار فكسبت به من الاموال هذه النعمة التى انا فيها قال على بن المحسن وذكر ابو الحسن احمد بن يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن بهلول أن اباه حدثه قال خرجت من حضرة عبيد الله بن سليمان فى وزارته اريد الدهليز فخرج ابن ابى عوف فصاح البوابون والحجاب والخلق هاتوا دابة لآبى عبد الله هاتوا دابة

لأبى عبد الله فحين قدمت دابته ليركب خرج الوزير ليركب فرآه فتنحى ابو عبد الله بن ابى عوف وامر بابعاد دابته لتقدم دابة الوزير فحلف الوزير انه لا يركب ولا تقدم دابته حتى يركب ابن ابى عوف قال فرأيته قائما والناس قيام بقيامه حتى قدمت دابة ابن ابى عوف فركبها ثم قدمت دابة الوزير فركب وسارا جميعا توفى ابن ابى عوف فى شوال هذه السنة
122 - ابراهيم بن هاشم ابن الحسين بن هاشم ابو اسحاق البيع المعروف بالبغوى ولد سنة سبع ومائتين سمع على بن الجعد واحمد بن حنبل وغيرهما وكان ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
123 - جعفر بن محمد بن ماجد ابو الفضل مولى المهدى ويعرف بإبن ابى الفتيل وحدث عن جماعة وروى عنه ابن مخلد والنجاد والطبرنى وكان ثقة توفى فى هذه السنة
124 - الحسن بن محمد ابن سليمان بن هشام ابو على الخزاز المعروف بإبن بنت مطر حدث عن على بن المدينى روى عنه ابن الصواف والطبرانى وقال الدارقطنى ثقة ليس به بأس توفى فى هذه السنة
125 - حامد بن سعدان ابن يزيد ابو عامر اصله فارسى روى عنه ابن مخلد وكان مستورا صالحا ثقة توفى فى شوال هذه السنة

126 - عمرو بن عثمان ابو عبد الله المكى سمع يونس بن عبد الاعلى والربيع بن سليمان وغيرهما روى عنه جعفر الخلدى وكان عمرو بن عثمان قد ولى قضاء جدة فهجره الجنيد وقال لا اكلم من كان يظهر الزهد ثم يبدوا منه الاتساع فى طلب الدنيا توفى ببغداد فى هذه السنة وقيل فى احدى وتسعين والاول اصح
127 - فيض بن الخضر ابو الحارث الاولاسى كان يغنى فى صباه فمر بمريض على قارعة الطريق فقال له ما تشتهى قال الرمان فجاء به فقال له تاب الله عليك فما امسى حتى تغير عما كان عليه وصحب ابراهيم ابن سعد العلوى وتوفى بطرسوس فى هذه السنة
128 - محمد بن داود بن على بن خلف ابو بكر الاصبهاني صاحب كتاب الزهرة روى عن ابيه وكان عالما أديبا وفقيها مناظرا وشاعرا فصيحا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا ابو نعيم الاصبهانى قال اخبرنى جعفر الخلدى فى كتابه الى قال سمعت رويم بن محمد يقول كنا عند داودابن على الاصبهانى اذ دخل عليه ابنه محمد وهو يبكى فضمه اليه وقال ما يبكيك قال الصبيان يلقبونى يقولون لى يا عصفور الشوك فضحك داود فقال له ابنه انت اشد على من الصبيان ممن يضحك فقال داود لا اله الا الله ما الألقاب الا من السماء ما انت يا بنى الا عصفور الشوك
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب على بن أبى على القاضى حدثنا ابو الحسن الداودى قال لما جلس محمد بن داود بن على الاصبهانى فى حلقة ابيه بعد وفاته يفتى استصغروه عن ذلك فدسوا اليه رجلا وقالوا له سله عن حد السكر ما هو

فأتاه الرجل فسأله عن حد السكر ما هو ومتى يكون الانسان سكران فقال اذا عزبت عنه الهموم وباح بسره المكتوم فاستحسن ذلك منه وعلم موضعه من العلم قال المؤلف ابتلى ابو بكر بن داود بحب صبى يقال له محمد بن جامع ويقال محمد بن زخرف فاستعمل العفاف والتدين وكان ما لقى سبب موته ودخل يوما على ثعلب فقال له ثعلب أهاهنا من صبواتك شىء فأنشده ... سقى الله أيا ما لنا ولياليا ... لهن بأكناف الشباب ملاعب ... إذا العيش غض والزمان بغرة ... وشاهد آفات المحبين غائب ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو منصور ابن جعفر الجيلى اخبرنا احمد بن محمد بن عمران حدثنا عبيد الله بن ابى يزيد الانبارى قال قال لى القحطبى قال قال لى محمد بن داود الاصبهانى ما انفككت من هوى منذ دخلت الكتاب وبدأت بعمل كتاب الزهرة وانا فى الكتاب ونظر أبى فى اكثره
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا اسماعيل بن احمد الحيرى حدثنا ابو نصر ابن ابى عبد الله الشيرازى حدثنا ابو الحسين محمد بن الحسين الظاهرى قال حدثنى ابو الحسن محمد بن الحسن بن الصباح الداودى قال انبأنا القاضى ابو عمر محمد ابن يوسف بن يعقوب قال كنت اساير ابا بكر محمد بن داود ببغداد فاذا جارية تغنى بشىء من شعره وهو قوله ... اشكو غليل فؤاد انت متلفه ... شكوى عليل الى الف يعلله ... سقمي يزيد على الايام كثرته ... وانت فى عظم ما القى تقلله ... الله حرم قتلى فى الهوى سفها ... وانت يا قاتلى ظلما تحلله ...
فقال محمد بن داود كيف السبيل الى استرجاع هذا فقال القاضى ابو عمر هيهات سارت به الركبان قال المصنف رحمه الله كان محمد بن داود كثير

المناظرة مع ابى العباس بن سريج وكانا يحضران مجلس ابى عمر القاضى فتجرى بينهما المفاوضة والمناظرة حتى يعجب الناس فتكلما يوما فى مسألة فقال له ابن سريح انت بكتاب الزهرة اشهر منك بهذا فقال له وبكتاب الزهرة تعيرنى والله ما تحسن تستتم قراءته وذلك كتاب عملناه هزلا فاعمل انت مثله جدا فلما توفى محمد بن داود فى رمضان هذه السنة جلس ابن سريج للعزاء ونحى مخادة وقال ما آسى الا على تراب أكل لسان محمد بن داود
129 - محمد بن احمد بن عبدويه ابو الفضل الافريقى روى عنه محمد بن مخلد وذكر انه مات ليومين مضيا من محرم هذه السنة
130 - محمد بن احمد بن عبد الكريم ابو العباس البزاز المخزومى سمع ابا علقمة الفروى وعبد الله بن حبيق فى آخرين وكان ابو بكر الاسماعيلى يصفه بالحفظ
131 - محمد بن ابراهيم بن حمدون ابو الحسن الخزاز الكوفى قدم بغداد وحدث بها عن عبد الله بن ابى زياد القطوانى وابى كريب وغيرهما روى عنه عبد الرحمن والدابى طاهر المخلص وغيره وتوفى ليلة الاربعاء غرة جمادى الاولى من هذه السنة
132 - محمد بن عثمان بن محمد بن ابى شيبة ابو جعفر حدث عن يحيى بن معين وعلى بن المدينى وخلق كثير وكانت له معرفة وفهم وصنف تاريخا وروى عنه الباغندى وابن صاعد وجعفر الخلدى وغيرهم وقد سئل عنه ابو على صالح بن محمد فقال ثقة وقال عبدان ما علمنا الاخيرا وروى ابن عقدة عن جماعة من العلماء تكذيبه والقدح فيه منهم عبد الله بن احمد فانه روى عنه انه قال محمد بن عثمان كذاب بين الامر وتعجب ممن

يكتب عنه وتوفى في ربيع الاول من هذه السنة
133 - محمد بن طاهر ابن عبد الله بن طاهر الحسين كان طاهر بن الحسين يتولى الجزيرة فولاه المأمون خراسان فمات سنة سبع ومائتين ثم وليها بعده عبد الله الى سنة ثلاثين ومائتين ثم توفى فولى الواثق ابنه طاهر فأقام الى سنة ثمان واربعين ثم وليها ابنه محمد بن طاهر فاقام الى سنة ثمان وخمسين فظفر به يعقوب بن الليث فكان معه اسير يطوف به البلاد الى سنة اثنتين وستين فلما كانت الوقعة بالنهروانات نجا محمد بن طاهر فلم يزل مقيما بمدينة السلام الى ان توفى بها فى هذه السنة
134 - موسى بن اسحاق ابن موسى بن عبد الله ابو بكر الانصارى الخطمى ولد سنة عشر ومائتين وسمع اباه وعلى بن الجعد وابا نصر التمار واحمد بن حنبل اقرأ الناس القرآن وهو ابن ثمان عشرة سنة فى الجانب الشرقى واستقضى وله ثمان وعشرون سنة كتب الناس عنه فاكثروا وروى عنه ابن صاعد وابن الانبارى وولى قضاء الرى الاهواز وكان ثقة ثبتا صدوقا دينا عفيفا فصيحا كثيرا الحديث وكان ينتحل مذهب الشافعى رضى الله عنه توفى بالاهواز قاضيا فى محرم هذه السنة
135 - يوسف بن يعقوب ابن اسماعيل بن حماد بن زيد ابو محمد البصرى ولد سنة ثمان زمائتين وسمع سليمان ابن حرب وعمرو بن مرزوق ومسددا وهدية وغيرهم روى عنه ابو عمرو بن السماك وابو سهل بن زياد وابو بكر الشافعى وغيرهم وكان ثقة وقد ولى القضاء بالبصرة فى سنة ست وسبعين ومائتين وضم اليه قضاء واسط ثم اضيف الى ذلك قضاء الجانب الشرقى من بغداد وكان جميل الامر حسن الطريقة ثقة عفيفا مهيبا عالما بصناعة القضاء لا مراقب فيه احدا اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز

اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا التنوخى قال اخبرنى ابى قال حدثنى ابى قال سمعت القاضى ابا عمر محمد بن يوسف يقول قدم خادم من وجوه خدم المعتضد بالله الى ابى فى حكم فجاء فارتفع فى المجلس فأمره الحاجب بموازاة خصمه فلم يفعل إدلالا بعظم محله من الدولة فصاح ابى عليه وقال قفاه أيؤمر بموازاة خصمه فيمتنع يا غلام عمرو بن ابى عمرو النخاس الساعة لأتقدم اليه ببيع هذا العبد وحمل ثمنه الى امير المؤمنين ثم قال لحاجبه خذ بيده وسؤبينه وبين خصمه فأخذ كرها واجلس مع خصمه فلما أنقضى الحكم انصرف الخادم فحدث المعتضد بالحديث وبكى بين يديه فصاح عليه المعتضد وقال لو باعك لأجزت بيعه ولارددتك الى ملكى ابدا وليس خصوصك بى يزيل مرتبة الحكم فانه عمود السلطان وقوام الاذيان توفى يوسف فى رمضان هذه السنة وقد صرف عن القضاء

سنة ثم دخلت سنة ثمان وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها انه قدم القاسم بن سيما من غزوة ارض الروم الصائفة ومعه خلق كثير من الاسارى وخمسون علجا قد شهروا على الجمال بايدى بعضهم اعلام الروم عليها صلبان من ذهب وفضة
وفيها فلج القاضى عبد الله بن على بن ابى الشوارب فقلد مكانه ابنه محمد اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الخطيب اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة ابن محمد بن جعفر قال قال لم يزل عبد الله بن على بن محمد بن عبد الملك بن ابى الشوارب واليا يعنى على القضاء بالجانب الشرقى من بغداد وعلى الكرخ ايضا من شهر ربيع الاول سنة ست وتسعين ومائتين الى ليلة السبت لثلاث عشرة خلت من

جمادى الاخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين فإن الفالج ضربه فيها فأسكت فاستخلف له ابنه محمد على عمله كله فى يوم الخميس لاثنتى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين وكان سربا جميلا واسع الاخلاق ولم يكن له خشونة فاضطربت الامور بنظره ولبست عليه فى اكثر احواله وكانت امور السلطان كلها قد اضطربت ولم يزل على خلافة ابيه الى سنة احدى وثلاثمائة وتوفى
ووردت فى ربيع الاول هدايا انفذها احمد بن اسماعيل بن احمد بن خراسان منها مائة وعشرون غلاما على دوابهم ومعهم اسلحتهم وخمسون بازيا وخمسون جملا عليها فاخر الثياب ومن الشهاوى خمسون وخمسون رطلا من المسك وفى شعبان اخذ رجلان من باب محول يقال لاحدهما ابو كثيرة والآخر يعرف بالشمرى فذكرا انهما اصحاب رجل يعرف بمحمد بن بشر يدعى الربوبية وورد الخبر فى ذى القعدة بمسير الروم الى اللاذقية وان ريحا صفراء حارة هبت بحديثة الموصل فى اول ذى الحجة فمات لشدة حرها جماعة وفى هذه السنة حج بالناس الفضل بن عبد الملك

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
136 - ابراهيم بن داود بن يعقوب ابو اسحاق الصيرفى حدث عن عيسى بن حماد وعبد الملك بن شعيب بن الليث وغيرهما ولم يحدث الا مجلسا او مجلسين وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
137 - احمد بن محمد بن مسروق ابو العباس الطوسى حدث عن خلف بن هشام البزار وعلى بن المدينى وعلى بن الجعد واحمد بن ابراهيم الدورق والبرجلانى والزبير بن بكار روى عنه

روى عنه أبو عمرو بن السماك والخلدى وابو بكر الشافعى وغيرهم قال الدارقطنى ليس بالقوي يأتى بالمعضلات اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا الخطيب حدثنا عبد العزيز ابن على الوراق حدثنا على بن عبد الله الهمذاني حدثنا الخلدى قال حدثنى احمد بن محمد بن مسروق قال دخلت الى الرى فقصدت ابا موسى الدولابى وكان فى ذلك الوقت اشرف من يذكر فلقيته وسلمت عليه وأقمت عنده فى منزله ثلاثة ايام فلما اردت الخروج وقفت عليه لأودعه فابتدأنى وقال يا غلام الضيافة ثلاثة ايام وما كان فوق ذلك فهو صدقة منك على توفى ابن مسروق فى صفر هذه السنة وقيل سنة تسع وتسعين
138 - احمد بن يحيى بن اسحاق ابو الحسين الريوندى الملحد الزنديق قال المؤلف وانما ذكرته ليعرف قدر كفره فانه معتمد الملاحدة والزنادقة ويذكر أن اباه كان يهوديا واسلم هو فكان بعض اليهود يقول للمسلمين لا يفسدن عليكم هذا كتابكم كما افسد ابوه علينا التوراة فعلم ابو الحسين اليهود وقال قولوا عن موسى انه قال لانبى بعدى وانبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز قال انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال كان ابن الريوندى يلازم الرافضة واهل الالحاد فاذا عوتب قال انما اريد أن اعرف مذاهبهم ثم كاشف وناظر قال المصنف وقد كنت اسمع عنه بالعظائم حتى رأيت مالم يخطر مثله على قلب ان يقوله عاقل ووقعت على كتبه فمنها كتاب نعت الحكمة وكتاب قضيب الذهب وكتاب الزمرد وكتاب التاج وكتاب الدامغ وكتاب الفريد وكتاب امامة المفضول وقد نقض عليه هذه الكتب جماعة فاما كتاب نعت الحكمة وكتاب قضيب الذهب وكتاب التاج وكتاب الزمرد والدامغ فنقضها عليه ابو على محمد بن عبد الوهاب الجبائى وقد نقض عليه ايضا كتاب الزمرد

ابو الحسين عبد الرحيم بن محمد الخياط ونقض عليه ايضا كتاب امامة المفضول وقد كان ابن الريوندى وابو عيسى محمد بن هارون الوراق الملحد ايضا يتراميان بكتاب الزمرد ويدعى كل واحد منهما على الآخر أنه تصنيفه وكانا يتوافقان على الطعن فى القرآن واما كتاب الفريد فنقضه عليه ابو هاشم عبد السلام بن على الجبائى قال المؤلف ورأيت بخط ابى الوفاء ابن عقيل قال كان الخبيث ابن الريوندى قد سمى كتابه الذى اعترض به على الشريعة الاسلامية المعصومة على اعتراض مثله من الملحدين كتاب الزمرد فأخذ ابو على الجبائى بعيبه فى تسميته بالزمرد ويذهب الى انه اخطأ وجهل فى تلقيب العلم بالجواهر وان اهل العلم لا يعيرون العلوم اسماء مادونها والجواهر ناقصة بالاضافة الى العلوم فأزرى عليه بذلك ظنا منه انه قصد تلقيبه بالزمرد اعارة له اسم النفيس من الجواهر قال ابن عقيل فوجدنا فى بعض كلامه من كتاب آخر ما ابان به عن غير ذلك مما هو اخبث مما ظنه ابو على فقال ان للزمرد خاصة هى انه اذا رآه الافعى وسائر الحيات عميت قال فكان قصدى ان الشبهة التى اودعتها الكتاب تعمى حجيج المحتجين فاعتقد ما اورده عاملا فى حجج الشرع حسب ما اثر الزمرد فى حدق الحيات فانظروا فى استقصائه فى الازدراء بالشرائع قال ابن عقيل وعجبى كيف عاش وقد صنف الدامغ يزعم انه قد دمغ به القرآن والزمرد يزرى به على النبوات ثم لا يقتل وكم قد قتل لصا فى غير نصاب ولا هتك حرز وانما سلم مدة وعاش لأن الايمان ما صفا فى قلوب اكثر الخلق بل فى القلوب شكوك وشبهات والا فلما صدق ايمان بعض الصحابة قتل اباه ومن بلهه تتبعه للقرآن وقد مر على مسامع سادات العرب فدهش الكل منه وعجز الفصحاء عنه فطمع هو من جهله باللغة ان يستدرك عليهم فأبان عن فضيحته قال المصنف وقد نظرت فى كتاب الزمرد فرأيت فيه الهذيان البارد الذى لا يتعلق بشبهه حتى انه قال فيه نجد فى كلام اكثم بن صيفى احسن من انا اعطيناك الكوثر فى نظائر لهذا يشبه المصنف وفيه ان الانبياء وقعوا

بطلسمات كما ان المغناطيس يجذب وهذا كلام ينبغى ان يستحيا من ذكره فان العقاقير قد عرفت امورها وجربت فكيف وقع هؤلاء الأنبياء بما خفى عمن كان انظر منهم ثم ان المغناطيس يجذب ولا يرد ونبينا عليه السلام دعا شجرة وردها قال وقوله لعمار تقتلك الفئة الباغية فان المنجم يقول مثل هذا فقيل له انما يعرف مثل هذا المنجم اذا عرف المولد وأخذ الطالع ثم قد لايصيب وقد اخبر نبينا عليه السلام بخبر غيب فكان كما قال ثم اخذ يعيب القرآن ويدعى فيه لحنا واستدرك ذاك الخلف بزعمه على الاعادى الفصحاء الذين سلموا لفصاحته قال ابو على الجبائى قرأت كتاب الملحد الجاهل السفيه ابن الريوندى فلم اجد فيه الا السفه والكذب والافتراء قال وقد وضع كتابا فى قدم العالم ونفى الصانع وتصحيح مذهب الدهر وفى الرد على مذهب اهل التوحيد ووضع كتابا فى الطعن على محمد صلى الله عليه و سلم وسماه الزمرد وشتم رسول الله صلى الله عليه و سلم فى سبعة عشرة وضعا فى كتابه ونسبه الى الكذب وطعن فى القرآن ووضع كتابا لليهود والنصارى على المسلمين يحتج لهم فيه فى ابطال النبوة للنبى صلى الله عليه و سلم الى غير ذلك من الكتب التى تبين خروجه عن الاسلام وقال ابن الجبائى ابتدأ ابن الريوندى كلامه فى كتاب الفريد فقال ان المسلمين احتجوا لنبوة نبيهم بالكتاب الذي اتى به وتحدى به فلم يقدروا على معارضته قال فيقال لهم غلطتم وغلبت العصبية على قلوبكم أخبرونا لوادعى مدع لمن تقدم من الفلاسفة مثل دعواكم فى القرآن وقال الدليل على صدق بطليموس واقليدس فما ادعيا ان صاحب اقليدس جاء به فادعى ان الخلق يعجزون عنه لكانت ثبتت نبوته قلنا قد يكون من زمن اقليدس من هو عرف منه وانما شاع كتابه بعده ولو اجتمع ارباب علمه لجمعوا مثله ثم لو كان نبينا بكتابه لم يقدح ذلك فى دلالة نبينا صلى الله عليه و سلم وذكر فى كتاب نعت الحكمة تقبيح اعتقاد من يعتقد أن اهل النار يخلدون وقال لا نفع لهم فى ذلك

ولا للخالق والحكيم لا يفعل شيئا لا نفع فيه وهذا جهل منه فانه يريد بهذا تعليل افعال الخالق سبحانه وافعاله لا تعلل لأن حكمته فوق العقل المعلل ثم يلزمه هذا بتعذيبهم ساعة قال ابو على الجبائى كان السلطان قد طلب ابا عيسى الوراق وابن الريوندى فأما الوراق فأخذ وحبس ومات فى السجن وأما ابن الريوندى فانه هرب الى ابن لاوى اليهودى ووضع له كتاب الدامغ فى الطعن على محمد صلى الله عليه و سلم وعلى القرآن ثم لم يلبث اياما يسرة حتى مرض ومات وقال المصنف وقد ذكر فى كتاب الدامغ من الكفر اشياء تقشعر منها الجلود غير أنى آثرت ان اذكر منها طرفا ليعرف مكان هذا الملحد من الكفر ويستعاذ بالله سبحانه من الخذلان فمن ذلك انه قال عن الخالق تعالى عن ذلك من ليس عنده الدواء للداء الا القتل فعل العدو الحنق الغضوب فما حاجته فى كتاب ورسول وهذا قول جاهل بالله لأنه لا يوصف بالحنق ولا بالحاجة وما عاقب حتى انذر وقال ووجدنا يزعم انه يعلم الغيب فيقول وما يسقط من ورقة الا يعلمها ثم يقول وما جعلنا القبلة التى كنت عليها الا لنعلم وهذا جهل منه بالتفسير ولغة العرب وانما المعنى ليظهر ما علمناه ومثله ولنبلونكم حتى نعلم اى نعلم ذلك واقعا وقال بعض العلماء حتى يعلم أنبياؤنا والمؤمنون به وقال فى قوله ان كيد الشيطان كان ضعيفا اي ضعف له وقد اخرج آدم وأزل خلقا وهذا تغفل منه لأن كيد ابليس تسويل بلاحجة والحجج ترده ولهذا كان ضعيفا فلما مالت الطباع اليه اثر وفعل وقال لم يقم بحساب ستة تكلم بها فى الجملة فلما صار الى التفاريق وجدناه قد غلط فيها باثنين وهو قوله خلق الارض فى يومين ثم قال وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام ثم قال فقضا هن سبع سموات في يومين فعدها هذا المغفل ثمانية ولو نظر فى اقوال العلماء لعلم ان المعنى فى تتمة اربعة ايام وقال فى قوله ان لك ان لا تجوع فيها ولا تعرى وقد جاء وعرى وهذا المغفل ما فهم أن الأمر مشروط بالوفاء بما عوهد عليه من قوله ولا تقربا

هذه الشجرة فتكونا من الظالمين وقال فى قوله انا جعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه ثم قال وربك الغفور فأعظم الخطوب ذكره الرحمة مضموما الى اهلاكهم او هذا الأبله ما علم انه لما وصف نفسه بالمعاقبة لذنبين فانزعجت القلوب ضم الى ذلك ذكر الرحمة بالحلم عن العصاة والامهال والمسامحة فى اكثر الكسب
قال ونراه يفتخر بالمكر والخداع وهذا المسكين قد نسب المعنى الى الافتخار ولا يفهم ان معنى مكره جزاء الماكرين قال ومن الكذب قوله ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم وهذا كان قبل تصوير آدم وهذا الاحمق لو طالع اقوال العلماء وفهم سعة اللغة علم ان المعنى خلقنا آدم وصورناه كقوله انا لما طفى الماء حملناكم وقال من فاحش ظلمه قوله كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها فعذب جلودا لم تعصه وهذا الاحمق لا يفهم أن الجلد آلة للتعذيب فهو كالحطب يحرق لانضاج غيره ولا يقال انه معذب وقد قال العلماء ان الجلود الثانية هى الاولى أعيدت كما يعاد الميت بعد البلى قال وقوله لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وانما يكره السؤال ردىء السلعة لئلا تقع عليه عين التاجر فيفتضح فانظروا الى عامية هذا الاحمق وجهله أتراه قال لا تسألوا عن الدليل على صحة قولى انما كانوا يسالون فيقول قائلهم من أبى فقال لا تسألوا عن اشياء يعنى من هذا الجنس فربما قيل للرجل ابوك فلان وهو غير ابيه فافتضح قال ولما وصف الجنة قال فيها انهار من لبن لم يتغير طعمه وهو الحليب ولا يكاد يشتهيه الا الجياع وذكر العسل ولا يطلب صرفاء والزنجبيل وليس من لذيذ الاشربة والسندس يفرش ولا يلبس وكذلك الاستبرق الغليظ قال ومن تخايل انه فى الجنة يلبس هذا الغليظ ويشرب الحليب والزنجبيل صار كعروس الاكراد والنبط فانظروا الى لعب هذا المستهزىء وجهله ومعلوم

ان الخطاب انما هو للعرب وهم يؤثرون ما وصف كما قال فى فى سدر مخضود وطلح منضود ثم انما وصف اصول الاشياء الملتذ بها فالقدرة قد تكون من اللبن اشياء كالمطبوخات وغيرها ومن العسل اشياء يتحلى بها ثم قال عز و جل وفيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين وقال اعددت لعبادى الصالحين مالاعين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فوصف ما يعرف ويشتهى وضمن مالا يعرف وقال انما أهلك ثمودا لأجل ناقة وما قدر ناقة هذا جهل منه فإنه انما اهلكهم لعنادهم وكفرهم فى مقابلة المعجزة لالاهلاك ناقة قال وقال يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ثم قال لا يهدى من هو مسرف ولو فهم ان الاسراف الاول فى الخطايا دون الشرك والثانى فى الشرك وما يتعلق بكل آية يكشف معناه قال ووجدناه يفتخر بالفتنة التى القاها بينهم كقوله ولقد فتنا بعضهم ببعض ولقد فتنا الذين من قبلهم ثم اوجب للذين فتنوا المؤمنين عذاب الأبد وهذا الجاهل لا يدرى ان الفتنة كلمة يختلف معناها فى القرآن فالفتنة الابتلاء كالآية الأولى والفتنة الاحراق كقوله فتنوا المؤمنين وقال قوله وله اسلم من فى السموات خبر محال لأنه ليس كل الناس مسلمين وكذلك قوله وان من شىء الا يسبح بحمده وقوله ولله يسجد ما فى السموات وما فى الارض ولو أن هذا الزنديق طالع التفسير وكلام العرب لما قال هذا انما يتكلم بعاميته وحمقه وانما المعنى وله اسلم تسلم والكل منقاد لما قضى به وكل ذليل لأمره وهو معنى السجود ثم قد تطلق العرب لفظ الكل وتريد البعض كقوله تدمر كل شىء وقد ذكر اشياء من هذا الجنس مزجها بسوء الادب والانبساط القبيح والذكر للخالق سبحانه وتعالى بما لا يصلح ان يذكر به احد العوام وما سمعنا ان احدا عاب الخالق وانبسط كانبساط هذا اللعين ويلمه لو جحد الخالق كان اصلح له من أن يثبت وجوده ثم يخاصمه ويعيبه وليس فى شىء مما قاله شبهة فضلا عن حجة فتذكر ويجاب عنها وانما هو خذلان فضحه الله تعالى به فى الدنيا والله تعالى يقابله يوم القيامة مقابلة

تزيد على مقابلة ابليس وان خالف لكنه احترم فى الخطاب كقوله بعزتك ولم يواجه بسوء أدب كما واجه هذا اللعين جمع الله بينهما وزاد هذا من العذاب وقد حكينا عن الجبائى ان ابن الريوندى مرض ومات ورأيت بخط ابن عقيل انه صلبه بعض السلاطين والله اعلم وقال ابن عقيل ووجدت فى تعليق محقق من اهل العلم ان ابن الريوندى مات وهو ابن ست وثلاثين سنة مع ما انتهى اليه من التوغل فى المخازى لعنه الله لعنه الله
139 - الجنيد بن محمد بن الجنيد ابو القاسم الخزاز ويقال القواريرى كان ابوه قواريريا وكان هو خزاز او اصله من نهاوند الا ان مولده ومنشأه ببغداد سمع الحسن بن عرفة وتفقه على أبى ثور وكان يفتى بحضرته وهو ابن عشرين سنة وصحب جماعة من اهل الخير واشتهر بصحبة الحارث المحاسبى وسرى السقطى ولازم التعبد وتكلم على طريقة التصوف

اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا احمد بن على المحتسب حدثنا الحسن بن الحسين الفقيه قال سمعت جعفر الخلدى يقول قال الجنيد ما اخرج الله الى الارض علما وجعل للخلق اليه سبيلا الا وقد جعل الله لى فيه حظا ونصيا قال الخلدى وبلغنى عن الجنيد انه كان فى سوقه وكان ورده فى كل يوم ثلثمائة ركعة وثلاثين الف تسبيحة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال اخبرنى ابو الحسن محمد بن عبد الواحد قال اخبرنى محمد بن الحسين السلمى قال سمعت ابا بكر البجلى يقول سمعت ابا محمد الحريرى يقول كنت واقفا على رأس الجنيد وقت وفاته وهو يقرأ القرآن فقلت يا ابا القاسم ارفق بنفسك فقال يا ابا محمد ما رأيت احدا احوج اليه منى فى هذا الوقت وهو يطوى صحيفتى قال الخطيب واخبرنى عبد العزيز ابن على الوراق قال سمعت على بن عبد الله الهمذانى يقول سمعت جعفر الخلدى يقول سمعت الجنيد يقول ما نزعت ثوبى للفراش منذ اربعين سنة
انبأنا القزاز قال انبأنا ابو بكر بن ثابت قال واخبرنى الجواهرى اخبرنا محمد بن العباس اخبرنا ابن المنادى قال مات الجنيد سنة ثمان وتسعين فذكر لى انه حزر الجمع الذين صلوا عليه نحو ستين الفا
140 - الحسن بن على ابن محمد بن سليمان ابو محمد القطان ويعرف بابن علويه ولد فى شوال سنة خمس ومائتين سمع عاصم بن على وغيره روى عنه النجاد والخطبى وكان ثقة وتوفى فى شهر ربيع الآخر من هذه السنة
141 - سعيد بن اسماعيل ابن سعيد بن منصور ابو عثمان الواعظ الحيرى ولد بالرى ونشأ بها ثم انتقل الى نيسابور فسكنها الى ان توفى بها فى ربيع الآخر من هذه السنة سمع الحديث

بالرى من محمد بن مقاتل وموسى بن نصر وبالعراق من محمد بن اسماعيل الاحمسى وحميد بن الربيع اللخمى وغيرهما ودخل بغداد ويقال انه كان مستجاب الدعوة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال اخبرنى محمد بن احمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن نعيم الضبى قال سمعت امى تقول سمعت مريم امرأة ابى عثمان تقول صادفت من أبى عثمان خلوة فاغتنمتها فقلت يا ابا عثمان اى عملك أرجى عندك فقال يا مريم لما ترعرعت وانا بالرى وكانوا يريدوننى على الزواج فأمتنع جاءتنى امرأة فقالت يا ابا عثمان قد احببتك حبا اذهب نومى وقرارى وانا أسألك بمقلب القلوب وأتوسل به اليك ان تتزوج بى قلت ألك والد قالت نعم فلان الخياط فى موضع كذا وكذا فراسلت أباها ان يزوجها منى ففرح بذلك واحضرت الشهود فتزوجت بها فلما دخلت بها وجدتها عوراء عرجاء مشوهة الخلق فقلت اللهم لك الحمد على ما قدرته لى وكان اهل بيتى يلوموننى على ذلك فأزيدها برا واكراما الى ان صارت بحيث لا تدعنى اخرج من عندها فتركت حضور المجالس ايثارا لرضاها وحفظا لقلبها ثم بقيت معها على هذه الحال خمس عشرة سنة وكأنى فى بعض اوقاتى على الجمر وانا لا أبدى لها شيئا من ذلك الى ان ماتت فما شىء أرجى عندى من حفظى عليها ما كان فى قلبها من جهتى
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على حدثنا عبد الكريم بن هوازن سمعت ابا عبد الرحمن السلمى يقول سمعت عبد الله بن محمد الشعرانى يقول سمعت ابا عثمان يقول منذ اربعين سنة ما أقامنى الله فى حال فكرهته ولا نقلنى الى غيره فسخطته وكان ابو عثمان ينشد ... أسأت ولم أحسن وجئتك هاربا ... وأين لعبد من مواليه مهرب

يؤمل غفرانا فإن خاب ظنه ... فما احد منه على الارض اخيب ...
142 - سعيد بن عبد الله بن ابى رجاء ابو عثمان الانبارى ويعرف بإبن عجب حدث عن ابى عمر الدورى وغيره روى عنه ابن مخلد وابن كامل القاضى وابو بكر الشافعى توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
143 - سمنون بن حمزة الصوفى ويقال سمنون بن عبد الله ويكنى أبا القاسم صعب سريا وغيره ووسوس فكان يتكلم فى المحبة ثم سمى نفسه الكذاب لموضع دعواه فى قوله ... فليس لى فى سواك حظ ... فكيف ما شئت فامتحنى ...
فامتحن بحصر البول فصار يدور فى المكاتب ويقول للصبيان ادعوا لعمكم المبتلى بلسانه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر بن ثابت احمد بن على حدثنا عبد العزيز ابن على الوراق حدثنا على بن عبد الله الهمذانى قال حدثنى عبد الكريم بن احمد قال حدثنى ابو جعفر محمد بن عبد الله الفرغانى قال اخبرنى ابو احمد المغازلى قال كان ورد سمنون فى كل يوم وليلة خمسمائة ركعة
144 - صافى الحرمى مرض فاشهد على نفسه انه ليس له عند غلامه قاسم مال ولا عقار ولا وديعة فلما مات حمل غلامه الى الوزير ابن الفرات من العين مائة الف دينار وعشرين الف دينار وسبعمائة منطقة وقال هذا الذى كان له عندى فاعلم المقتدر بذلك فأمر أن ينزل القاسم منزلته وكان صافى صاحب الدولة كلها واليه أمر دار الخليفة وتوفى فى شعبان هذه السنة
145 - عبد الله بن محمد بن صالح بن مساور ابو محمد البكرى وقيل الباهلى من اهل سمرقند كان ممن عنى بطلب الحديث

والآثار ورحل فى ذاك وجالس الحافظ وكتب عنهم وحدث فى البلاد فروى عنه من اهل بغداد محمد بن مخلد وابو بكر الشافعى وكان ثقة توفى فى هذه السنة
146 - عبد السلام بن سهل بن عيسى ابو على السكرى سكن مصر وحدث بها عن يحيى الحمانى وعبيد الله القواريرى روى عنه ابن شنبوذ والطبرانى وكان من نبلاء الناس واهل الصدق ولكنه تغير فى آخر ايامه توفى فى شهر ربيع الآخر من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة تسع وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها انه ظهرت ثلاثة كواكب مذنبة ظهر احدها ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان فى برج الاسد وظهر الثانى فى ليلة الثلاثاء لاحدى عشرة ليلة خلت من ذى القعدة فى المشرق وظهر الثالث ليلة الاربعاء لعشر بقين من ذى القعدة فى برج العقرب وبقيت اياما ثم اضمحلت
وغضب الخليفة على على بن محمد بن الفرات لأربع خلون من ذى الحجة وحبس ووكل بدوره وأخذ كل ما وجد له ولأهله واصحابه وانتهبت دورهم اقبح نهب وادعى عليه انه كتب الى الاعراب ان يكبسوا بغداد واستوزر ابو على محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وكان قد ضمن لأم ولد المعتضد بالله مائة الف دينار فعملت فى توليته وورد الخبر من فارس بطاعون حدث فيها مات فيه سبعة آلاف انسان ووردت اربعة احمال مال من مصر وقيل انه وجد هناك كنز قديم وكان معه ضلع انسان طوله أربعة عشر شبرا فى عرض شبر زعموا انه من قوم عاد وكان مبلغ المال خمسمائة الف دينار وكان معها هدايا عجيبة فذكر الصولى انه كان فى الهدايا تيس له ضرع يحلب اللبن ووردت

رسل احمد بن اسماعيل بهدايا منها مذبة مرصعة بفاخر الجوهر وتاج من ذهب مرصع بجوهر له قيمة كبيرة ومناطق ذهب مرصعة وخلع سلطانية فاخرة وربعة ذهب مرصعة فيها شمامات مسك وعنبر كله مرصع وعشرة افراس بسروجها ولأحدها سرج ذهب ووردت هدايا ابن ابى الساج اربعمائة دابة وثمانون الف دينار وفرش أرمنى لم ير مثله فيه بساط طوله سبعون ذراعا فى عرض ستين ذراعا عمل فى عشر سنين لا قيمة له وفى هذه السنة حج بالناس الفضل بن عبد الملك وورد ورقاء بن محمد بن ورقاء الشيبانى ومعه اسرى من الاعراب كل منهم كان يعنى السلطان واصلح الطريق بأخذهم
ذكر من توفى في هذه السنة من الأكابر
147 - أحمد بن نصر بن إبراهيم
أبو عمر والحافظ المعروف بالخفاف سمع اسحاق بن ابراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وأبا كريب وغيرهم وكان يذاكر بمائة ألف حديث وصام دائما نيفا وثلاثين سنة وتصدق بخمسة آلاف درهم توفى في شعبان هذه السنة أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيع قال سمعت أبا حامد بن محمد المقرىء يقول وقف سائل على أبي عمرو الخفاف فأمر له بدرهم فقال الرجل الحمد لله فقال لصاحبه اجعلها خمسة فقال الرجل اللهم لك الحمد فقال اجعلها عشرة فلم يزل الرجل يحمد الله ويزيده أبو عمرو إلى أن بلغ مائة درهم فقال الرجل جعل الله عليك واقية باقية فقال أبو عمرو والله لو لم يرجع من الحمد إلى غيره لبلغت به عشرة آلاف درهم
148 - البهلول بن إسحاق ابن البهلول بن حسان بن سنان أبو محمد التنوخي ولد سنة أربع ومائتين وسمع إسماعيل بن أبي أويس ومصعبا الزبيري وسعيد بن منصور وغيرهم روى عنه

ابو بكر الشافعى وجماعة آخرهم ابو بكر الاسماعيلى الجرجانى وكان ثقة ضابطا لما يرويه بليغا مصقعا فى خطبته وتوفى فى هذه السنة
149 - جعفر بن محمد بن الازهر ابو احمد البزاز يعرف بالبارودى والطوسى روى عن جماعة حدث عنه النجاد والشافعى وكان ثقة وتوفى فى رجب هذه السنة
150 - الحسين بن عبد الله بن احمد ابو على الخرقى والد عمر صاحب المختصر فى الفقه على مذهب احمد بن حنبل حدث عن جماعة وروى عنه ابو بكر الشافعى وابن الصواف وعبد العزيز بن جعفر وكان خليفة المروذى وتوفى يوم الفطر من هذه السنة ودفن بباب حرب عند قبر الامام احمد بن حنبل
151 - شاه بن شجاع ابو الفوارس الكرمانى كان من اولاد الملوك وصحب ابا تراب النخشبى وابا عبيد الله البسرى وغيرهما اخبرنا محمد بن ناصر باسناده عن ابى الحسين الفارسى يقول سمعت ابا على الانصارى يقول سمعت شاه بن شجاع يقول لاهل

الفضل مالم يروه فاذا راوه فلا فضل لهم قال السلمى ورأيت بخط جدى اسماعيل بن نجيد قال شاه بن شجاع من صحبك ووافقك على ما تحب وخالفك فيما تكره فإنما يصحب هواه قال السلمى مات شاه قبل الثلاثمائة
152 - عباس بن عبد الله ابن محمد بن فضال ابو جعفر الكوفى كتب العلم وعنى بتصنيفه وتوفى بمصر فى ربيع الاول من هذه السنة
153 - عباس بن المهتدى ابو الفضل الصوفى بغدادى دخل مصر وصحب بها ابا سعيد الخراز وكان كثير الاسفار على التوكل وكان من اقران الجنيد انبأنا ابو بكر محمد بن عبد الله ابن حبيب قال انبأنا على بن عبد الله بن ابى صادق اخبرنا ابو عبد الله بن باكويه حدثنا ابو العباس محمد بن الحسن الخشاب قال حدثنى محمد بن عبد الله الفرغانى قال تزوج عباس بن المهتدى امرأة فلما كانت الليلة التى أراد أن يدخل بها وقعت عليه ندامة فدخل عليها وهو كاره فلما اراد أن يدنوا منها زجر عنها فامتنع من وطئها وقام وخرج فلما كان بعد ثلاثة ايام ظهر للمرأة زوج
154 - عياش بن محمد بن عيسى الجوهرى حدث عن ايوب بن يحيى المقابرى وداود بن رشيد واحمد بن حنبل روى عنه الطبرانى وابن الجعابى والاسماعيلى وكان ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
155 - فاطمة القهرمانة غضب عليها المقتدر واخذ ما عندها من المال وكان لها مال عظيم اعطت منه شخصين مائتى الف دينار عبنا غير الهدايا فمرضت وتوفيت فى ذى القعدة من هذه السنة وقيل بل ركبت فى طيارها فى آخر شعبان فغرقت تحت الجسر فى يوم ريح عاصف واخرجت بعد يومين

156 - محمد بن اسماعيل ابو عبد الله المغربى وهو استاذ ابراهيم الخواص حج على قدميه سبعا وتسعين حجة أنبأنا ابو بكر بن حبيب الصوفى اخبرنا ابو سعد بن ابى صادق اخبرنا ابو عبد الله بن باكويه قال سمعت ابا بكر الجوزقانى يقول سمعت ابراهيم بن شيبان يقول سمعت ابا عبد الله المغربى يقول ما رأيت ظلمة منذ سنين كثيرة قال ابراهيم وذلك انه كان يتقدمنا بالليل المظلم ونحن نتبعه وهو حاف حاسر فكان اذا عثر احدنا يقول له يمينا وشمالا ونحن لا نرى ما بين ايدينا فاذا اصبحنا نظرنا الى رجله كأنها رجل عروس خرجت من خدرها و كان يقعد لاصحابه ويتكلم عليهم فما رأيته انزعج الا يوما واحدا كنا على الطور وهو قد استند الى شجرة خرنوب وهو يتكلم علينا فقال فى كلامه لا ينال العبد مراده حتى ينفرد فردا بفرد فانزعج واضطرب فرأيت الصخور قد تدكدكت وبقى فى ذلك ساعات فلما افاق كأنه نشر من قبر توفى فى هذه السنة وقيل سنة سبع وتسعين واوصى ان يدفن الى جانب استاذه على بن رزين وعاش كل واحد منهما عشرين ومائة سنة فهما على جبل الطور
157 - محمد بن ابى بكر احمد بن ابى خيثمة زهير بن حرب ابو عبد الله نسائى الاصل كان فهما عارفا وحدث عن نصر بن على الجهضمى وعمر بن على الصيرفى والحسين بن حريث المروزى وغيرهم اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت عن ابى عبد الله محمد بن الحسين الضميرى قال قال لى على بن الحسن الرازى قال لنا محمد بن الحسين الزعفرانى قال كان لأبى بكر بن ابى خيثمة ابن حافظ استعان به ابو بكر

فى تصنيف كتاب التاريخ قال ابن ثابت ابو عبد الله هذا قال وقرأت فى كتاب ابى الفتح عبيد الله بن احمد النحوى سمعت القاضى ابن كامل يقول اربعة كنت احب بقاءهم ابو جعفر الطبرى والبربرى وابو عبد الله بن ابى خيثمة والمعمرى فما رايت افهم منهم ولا احفظ توفى محمد بن أبى بكر يوم الاربعاء لأربع بقين من ذى القعدة من هذه السنة
158 - محمد بن احمد بن كيسان ابو الحسن النحوى انبأنا القزاز قال انبأنا احمد بن على بن ثابت قال كان ابن كيسان احد المذكورين بالعلم والموصوفين بالفهم وكان يحفظ مذهب البصريين والكوفيين معا فى النحو لانه اخذ عن المبرد وثعلب وكان ابو بكر بن مجاهد المقرى يقول ابو الحسن بن كيسان انحى من الشيخين يعنى ثعلبا والمبرد قال ابن ثابت وبلغنى انه مات فى سنة تسع وتسعين ومائتين
159 - محمد بن السرى بن سهل ابو بكر القنطرى سمع عثمان بن ابى شيبة وغيره وكان ثقة توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
160 - محمد بن يحيى ابو سعيد يعرف بحامل كفنه سكن دمشق وحدث بها عن ابى بكر وعثمان ابنى ابى شيبة وعقبة بن مكرم العمى وابراهيم بن سعيد الجوهرى وسلمة بن شبيب واحمد ابن منيع وغيرهم روى عنه ابو بكر النقاش وغيره
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال بلغنى ان المعروف بحامل كفنه توفى وغسل وكفن وصلى عليه ودفن فلما كان فى الليل

جاءه نباش فنبش عنه فلما حل اكفانه ليأخذها استوى قاعدا فخرج النباش هاربا منه فقام وحمل كفنه وخرج من القبر وجاء الى منزله وأهله يبكون فدق الباب عليهم فقالوا من انت قال انا فلان فقالوا له يا هذا لا يحل لك أن تزيدنا على ما بنا فقال يا قوم افتحوا فأنا والله فلان فعرفوا صوته ففتحوا وعاد حزنهم فرحا وسمى من يومئذ حامل كفنه ومثل هذا جرى لسعير بن الخمس الكوفى فانه لما دلى فى حفرته اضطرب فحلت عنه اكفانا فقام ورجع الى منزله وولد له بعد ذلك ابنه مالك بن سعير توفى محمد بن يحيى فى هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ثلثمائة فمن الحوادث فيها خروج خارجى بالمغرب فنصر عليه
وبعث باعلام من اعلامه وآذان وآناف فى خيوط
وفيها صلب الحسين بن منصور الحلاج وهو حى فى الجانب الشرقى يوم الأربعاء والخميس وفى الغربى يوم الجمعة والسبت لاثنتى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر
وورد الخبر بانخساف جبل بالدينور يعرف بالتل وخروج ماء كثير من تحته اغرق عدة من القرى ووصل الخبر بانخساف قطعة عظيمة من جبل لبنان وسقوطها فى البحر وورد كتاب من صاحب البريد يذكر ان بغلة وضعت فلوة وفيها كثرت الامراض والعلل والعفن ببغداد فى الناس وكلبت الكلاب والذئاب فى البادية وكانت تطلب الناس والدواب والبهائم فاذا عضت انسانا اهلكته
ومدت دجلة مدا عظيما وكثرت الامطار وتناثرت النجوم فى ليلة الاربعاء لسبع بقين من جمادى الآخرة تناثرا عجيبا كلها الى جهة واحدة نحو خراسان

وفى هذه السنة حج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الأكابر
161 - ابراهيم بن موسى بن حميد ابو اسحاق الاندلسى مولى بنى امية حدث عن قتيبة وابن ابى الدنيا وكان ثقة توفى بمصر فى جمادى الاولى من هذه السنة
162 - الاحوص بن المفضل ابن عسان بن المفضل بن معاوية بن عمرو بن خالد إبن غلاب أخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال غلاب امرأة وهى ام خالد بن الحارث بن اوس بن النابغة ويكنى الاحوص ابا امية الغلابى روى عن ابيه كتاب التاريخ وروى عن جماعة وكان يتجر فى البز ببغداد فاستتر ابن الفرات عنده وقال ان وليت الوزارة فأي شىء تحب ان اصنع بك قال تقلدنى شيئا من اعمال السلطان قال ويحك لا يجىء منك عامل ولا امير ولا قائد ولا كاتب ولا صاحب شرطة فإيش اقلدك قال لا ادرى قال اقلدك القضاء قال قد رضيت ثم خرج ابن الفرات وولى الوزارة واحسن الى ابى امية وافضل عليه وولاه قضاء البصرة وواسط والاهواز وانحدر ابو امية الى اعماله واقام بالبصرة وكان قليل العلم الا ان عفته ونصونه غطى على نقصه فلم يزل بالبصرة حتى قبض عليه ابن كنداج امير البصرة فى بعض نكبات المقتدر لابن الفرات وكان بين ابى امية وبين ابن كنداج وحشة فاودعه السجن واقام فيه مدة الى ان مات فيه ولا نعلم ان قاضيا مات فى السجن سواه وبلغنى من طريق آخر أن الاحوص كان يتيه على ابن كنداج امير البصرة ولا يركب اليه ويعارضه فى الظلامات

فيضح من يده ويكتب الى ابن الفرات فيجيبه بالصواعق ويأمره بالسمع والطاعة الى ان ورد كتاب طائر إلى ابن ابى كنداج بالقبض على ابن الفرات فركب الى الاحوص فقبض عليه وامشاه بين يديه طول الطريق الى داره وادخله السجن فأقام فيه مدة ثم مات ثم عاد ابن الفرات الى الوزارة فحدث بذلك فاغتم وقال هل له ولد فجىء بابن له فيه تغفيل فقال هذا لا يصلح فوصله بمال
163 - جعفر بن محمد بن سليمان ابو الفضل الخلال الدورى روى عنه ابو بكر الشافعى وتوفى فى نصف شوال من هذه السنة
164 - الحسين بن عمر بن ابى الاحوص ابو عبد الله الكوفى ولد سنة خمس عشرة ومائتين وحدث ببغداد فسمع منه الشافعى وابن الجعابى ووثقه وتوفى ببغداد فى قطيعة الربيع فى رمضان هذه السنة وحمل الى الكوفة فدفن بها
165 - عبيد الله بن عبد الله بن طاهر ابن الحسين بن مصعب ابو احمد الخزاعى وهو اخو محمد بن عبد الله بن طاهر ولى امارة بغداد وحدث عن الزبير بن بكار روى عنه الصولى والطبرانى وكان اديبا فاضلا شاعرا فصيحا اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو بشر محمد بن عمر الوكيل حدثنا محمد بن عمران المرزبانى قال اخبرنى محمد بن يحيى قال انشدنى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر ... حق التنائى بين اهل الهوى ... تكاتب يسخن عين النوى ... وفى التدانى لا انقضى عمره ... تزاور يشفى غليل الجوى ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو على محمد بن الحسين

الجازرى حدثنا المعافى بن زكريا حدثنا احمد بن أبى سهل الحلوانى حدثنا ابو الحسن على بن هارون بن على بن يحيى قال كان أبى نازلا فى جوار عبيد الله ابن عبد الله بن طاهر فانتقل عنه الى دار ابتاعها وهى دار كان لاسحاق بن ابراهيم الموصلى فكتب اليه عبيد الله مستوحشا له ... يا من تحول عنا وهو يألفنا ... بعدت جدا فلا ياصرت تلقانا ... فاعلم بأنك ان بدلت جيرتنا ... بدلت جارا وما بدلت اخوانا ...

فأجابه هارون بن على
... بعدت عنكم بدارى دون خالصتى ... ومحض ودى وعهدى كالذى كانا ... وما تبدلت مذ فارقت قربكم ... الا هموما ما اعانيها واحزانا ... وهل يسر بسكنى داره احد ... وليس أحبابه للدار جيرانا ...
انبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز عن أبى القاسم على بن المحسن عن ابيه قال حدثنا ابو احمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازى قال حدثنى ابو سليمان بن الثلاج قال قال ابى كان اصل نعمتى من ثمن خمسة ارطال ثلج وذلك انه عز الثلج فى بعض السنين ببغداد وكان عندى منه شىء فبعته وبقى عندى منه خمسة ارطال فاعتلت جارية لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر كانت روحه من الدنيا وهو اذ ذاك امير بغداد فطلبت ثلجا فنفذ الى فقلت ما عندى الا رطل واحد فلا أبيعه الا بخمسة آلاف درهم وكنت قد عرفت الحال فلم يجسر الوكيل على شراء ذاك ورجع يستأذن عبيد الله فشتمه عبيد الله وقال اشتره بأى ثمن كان ولا تراجعنى فجاءني وقال خذ خمسة آلاف درهم وهات الرطل فقلت لا ابيعك الا بعشرة آلاف فلم يتجاسر على المراجعة وأعطانى عشرة آلاف درهم وأخذ الرطل

فشفيت به المريضة وقويت نفسها وقالت اريد رطلا آخر فجاءنى الوكيل بعشرة آلاف درهم وقال هات رطلا آخر فبعته فلما شربته المريضة تماثلت وطلبت الزيادة فجاؤا يلتمسون ذلك فقلت ما بقى عندى الا رطل لا ابيعه الا بزيادة فدارانى وأعطعانى عشرة آلاف درهم ثم احببت لأشرب انا منه لأقول انى شربت ثلجا يساوى الرطل منه عشرة آلاف درهم فشربت منه رطلا وجاءنى الوكيل قرب السحر فقال الله الله قد والله صلحت الجارية فان كان عندك منه شىء فاحتكم فى بيعه فقلت والله ما عندى الا رطل واحد لا ابيعه الا بثلاثين الفا فقال خذ فااستحييت من الله ان ابيع رطل ثلج بثلاثين الفا فقلت هات عشرين واعلم انك ان جئتنى بعدها بملء الارض ذهبا لا تجد عندى شيئا فأعطانى فلما شربته افاقت فأكلت الطعام وتصدق عبيد الله بمال عظيم قال ودعانى من الغد وقال انت بعد الله عز و جل رددت حياتى بحياة جاريتى فاحتكم فقلت انا خادم الامير وعبده فاستخدمنى فى شرابه وثلجه وكثير من امر داره فكانت تلك الدراهم اصل نعمتى وتوفى عبيد الله فى شوال هذه السنة
166 - عبد الله بن محمد بن ابى كامل ابو محمد الفزارى وكان ينزل مدينة المنصور وحدث عن هوذة وداود بن رشيد روى عنه ابو على بن الصواف وابن الجعابى وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة عن اربع وتسعين سنة
167 - على بن طيفور بن غالب ابو الحسن النسوى سكن بغداد وحدث بها عن قتيبة روى عنه ابو بكر الشافعى وابن مالك القطيعى وكان ثقة وتوفى فى صفر هذه السنة
168 - محمد بن ابراهيم بن مطرف ابن محمد بن على ابو احمد الاستراباذى كان من رؤساء استراباذ وكان المنظور

اليه من بين اهلها وكان تاجرا ثقة امينا معروفا بالخير والبذل فى ذات الله عز و جل كتب الحديث وحدث ويقال انه كتب عن ابى سعيد الاشج وتوفى فى هذه السنة
169 - محمد بن جعفر بن محمد بن حبيب ابن ازهر ابو عمر القتات الكوفى قدم بغداد وحدث بها عن ابى نعيم الفضل بن دكين ومنجاب بن الحارث واحمد بن يونس روى عنه الخطبى والشافعى والجعابى وغيرهم وكان ضعيفا وقال الدارقطنى تكلموا فى سماعه من ابى نعيم توفى ببغداد غرة جمادى الاولى وقيل لست خلون من جمادى الاولى سنة ثلثمائة وحمل من يومه الى الكوفة
170 - محمد بن جعفر بن محمد بن حفص ابن عمر بن راشد ابو بكر الربعى الحنفى يعرف بابن الامام ولد سنة اربع عشرة ومائتين وسكن دمياط وحدث بها عن اسماعيل بن ابى اويس واحمد بن يونس والحمانى وابن المدينى وغيرهم وتوفى يوم الاربعاء لعشر خلون من ذى الحجة من هذه السنة وكان ثقة
171 - محمد بن الحسن بن سماعة بن حيان ابو الحسن الحضرمى قدم بغداد وحدث بها عن ابى نعيم روى عنه ابو بكر الشافعى وغيره وقال الدارقطنى ليس بالقوى توفى ببغداد يوم الاثنين لأربع بقين من جمادى الاولى سنة ثلثمائة
172 - محمد بن الحسن بن محمد بن الحارث ابو عبد الله الانبارى يعرف بالقرنجلى سمع اسحاق بن البهلول التنوخى روى عنه الاسماعيلى وكان ثقة توفى فى هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة احدى وثلثمائة
فمن الحوادث فيها غزو الحسين بن حمدان الصائفة ففتح حصونا كثيرة وقتل من الروم خلقا كثيرا وفيها عزل المقتدر محمد بن عبيد الله عن الوزارة وحبسه اياما مع ابنيه عبد الله وعبد الوهاب وقلد الوزارة على بن عيسى وكان من افضل الوزارء وايامه ابهى من غيرها وكان يجتهد فى العدل والاحسان وفيها كثرت الامراض الدموية بالناس ببغداد وكان ذلك فى آخر تموز وآب وكان ذلك المرض نوع سموه الماشرى وكان طاعونا قاتلا
وفيها وصلت هدايا صاحب عمان الى السلطان وفيها ببغة بيضاء وغزال اسود وركب المقتدر فى شعبان على الظهر الى باب الشماسية على طريق الصحرا ثم انحدر الى داره فى دجلة وهى اول ركبة ظهر فيها للعامة ولما ولى الوزارة على بن عيسى شاوره المقتدر فى امر القرامطة فأشار بمكاتبة أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنابى المتغلب على هجر فتقدم اليه بمكاتبته فكتب كتابا طويلا يتضمن الحث على طاعة الخلفاء ويعاتبه على تركه الطاعة ويوبخه على ما يحكى عن اصحابه من اعلان الكفر وانكارهم على من يسبح الله عز و جل ويقدسه واطراحهم الصلوات والزكوات واستهزائهم باهل الدين واسترقاقهم الاحرار ثم تواعده فيه بالحرب ان لم يطع فوصل الكتاب وقد قتل ابو سعيد وثب عليه خادم له صقلابى فقتله ثم دعا رجلا من رؤساء اصحابه فقال له السيد يدعوك فلما دخل قتله ثم دعا آخر فقتله الى ان دعا الخامس فرأى القتلى فصاح واطلع النساء فصحن فقبضن عليه قبل ان يقتل الخامس وقد كان ابو سعيد عهد الى ابنه سعيد فلم يضطلع بالأمر فغلبه عليه اخوه الاصغر ابو طاهر سليمان بن أبي سعيد فتوقفت الرسل الذين حملوا الكتاب عن ايصاله وكاتبوا الوزير على بن عيسى فأمرهم بإيصال الكتاب الى اولاده ومن قام مقامه فأوصلوه فكان فى جوابهم بعد

حمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه و سلم وتعظيم الخليفة وشكر ما يبلغهم عن الوزير من العدل وقالوا انا لم نخرج من الطاعة ولكنا كنا قوما مستورين فنقم علينا ذلك فجار من الناس لا دين لهم فشنعوا علينا وقذفونا بالكبائر ثم خرجوا إلى سبنا وضربنا ثم نادوا قد أجلناكم ثلاثة أيام فمن أقام بعدها أحل بنفسه العقوبة فخرجنا فوثبوا علينا قبل الاجل وضربونا واغرمونا الأموال فسألناهم ان يؤمنونا على أنفسنا فلم يفعلوا وامر صاحب البلد بقتلنا فهربنا فأخذوا حرمنا وسلبوهم سلبا قبيحا وانتهبوا منازلنا فلجأنا الى البادية فخرج ناس الى المعتضد بالله فشنعوا علينا فصدق مقالتهم وبعث الينا من يخاصمنا فدافعنا عن انفسنا فقويت وحشتنا من الخلق وأما ما ادعى علينا من ترك الصلاة وغيرها فلا يجوز قبول دعوى الاببينة واذا كان السلطان ينسبنا الى الكفر بالله تعالى فكيف يسألنا أن ندخل فى طاعته فلما وصل كتابهم كتب الوزير اليهم كتابا جميلا يعدهم فيه بالخير
وفى هذه السنة جرت ملاحة بين ابن الجصاص وابراهيم بن احمد المادرائى فقال ابراهيم بن احمد مائة الف دينار من مالى صدقة لقد ابطلت فى الذى حكيته عنى فقال له ابن الجصاص قفيز دنانير من مالى صدقة لقد صدقت وابطلت فى قولك فقال المادرائى من جهلك انك لا تعلم ان مائة الف دينارا اكثر من قفيز فعجب الناس من كلامهما واعتبر هذا فاذا القفيز سنة وتسعون الف دينار وفى هذه السنة قبض بالسوس على الحسين بن منصور الحلاج وحصل فى يد عبد الرحمن خليفة على بن احمد الرأسى واخذت له كتب ورقاع فيها اشياء مرموزة ثم حمل فأدخل مدينة السلام على جمل ومعه غلام له على جمل آخر مشتهرين ونودى عليه هذا احد دعاة القرامطة فاعرفوه وحبس ثم احضره الوزير على بن عيسى وناظره فلم يجده يقرأ القرآن ولا يعرف من الفقه شيئا ولا من الحديث ولا من الاخبار ولا الشعر ولا اللغة فقال له على بن

عيسى تعلمك الطهور والفروض اجدى عليك من رسائل لا تدرى ما تقول فيها كم تكتب ويلك الى الناس تبارك دو النور الشعشعانى ما احوجك الى الادب ثم امر به فصلب حيا فى الجانب الشرقى فى مجلس الشرطة ثم فى الجانب الغربى حتى رآه الناس ثم حمل الى دار السلطان فحبس بها فاستمال بعض اهلها باظهار السنة حتى مالوا اليه وصاروا يتبركون به ويستدعون الدعاء قال مؤلفه وستأتى اخباره ان شاء الله تعالى
وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك ووقع وباء فى آخر السنة ببغداد خصوصا فى الحربية حتى غلقت اكثر دورها

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
173 - ابراهيم بن محمد بن الهيثم ابو القاسم القطيعى كان يسكن قطيعة عيسى بن على وحدث عن جماعة روى عنه القاضى المحاملى وابو الحسين بن المنادى والخطبى وغيرهم وقال الدارقطنى هو ثقة صدوق انبانا عبد الرحمن انبأنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنا محمد بن عبد الواحد قال حدثنا محمد بن العباس قال قرىء على ابن المنادى وانا اسمع قال ابو القاسم ابراهيم بن محمد القطيعى مات فى جمادى الآخرة سنة احدى وثلثمائة وكان حسن المعرفة بالحديث ثقة متيقظا منزله بالجانب الغربى من قطيعة عيسى كتب عنه الناس
174 - ابراهيم بن خالد الشافعى جمع العلم والزهد ومن تلامذته ابو بكر الاسماعيلى توفى فى هذه السنة
175 - اسماعيل بن يعقوب بن اسحاق ابن البهلول ابو الحسن التنوخى الانبارى ولد بها سنة اثنتين وخمسين

ومائتين وورد بغداد فحدث بها عن عبد الله بن احمد ومحمد بن عثمان بن ابى شيبة وغيرهما وكان حافظا للقرآن عالما بانساب اليمن كثير الحديث ثقة صدوقا وتوفى بالانبار فى هذه السنة
176 - جعفر بن محمد بن الحسن ابن المستفاض ابو بكر الفريابى قاضى الدينور طاف البلاد شرقا وغربا فى طلب العلم ولقى الاعلام وسمع بخراسان وما وراء النهر واستوطن بغداد وحدث عن هدبة وابن المدينى وبندار وابى كريب وقتيبة وخلق كثير روى عنه ابو الحسين ابن المنادى واحمد بن سلمان النجاد وابو بكر الشافعي وغيرهم وكان ثقة حجة أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر احمد بن على قال اخبرنا احمد بن محمد العتيقى قال بلغنا عن شيخنا ابى حفص عمر بن على الزيات قال لما ورد جعفر الفريابى الى بغداد استقبل بالطيارات والزبازب ووعد له الناس الىشارع المنار بباب الكوفة ليسمعوا منه فاجتمع الناس فحزر من حضر مجلسه لسماع الحديث فقبل نحو ثلاثين الفا وكان المستملون ثلثمائة وستة عشر قال العتيقى وسمعت شيخنا ابا الفضل الزهرى يقول سمعت جعفر بن محمد الفريابى كان فى مجلسه من اصحاب المحابر يكتب حدود عشرة آلاف انسان ما بقى منهم غيرى سوى من كان لا يكتب
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على حدثنا عبيد الله بن عمر بن احمد الواعظ عن ابيه قال سمعت ابا الحسن محمد بن جعفر بن محمد الفريابى يقول ولد أبى سنة سبع ومائتين وتوفى فى ليلة الاربعاء فى المحرم سنة احدى وثلثمائة وهو ابن اربع وتسعين سنة وكان قد حفر لنفسه قبرا فى مقابر ابى ايوب قبل موته بخمس سنين فكان

يمر اليه فيقف عنده ولميقض أن يدفن فيه
177 - الحسن بن الحباب ابن مخلد بن محبوب ابو على المقرىء الدقاق سمع لوينا وغيره وكان يقرىء بقراءة ابى عمرو روى عنه ابن المنادى وكان ثقة توفى فى يوم التروية يوم جمعة ودفن يوم عرفة من هذه السنة وقد قارب التسعين
178 - الحسن بن سليمان ابن نافع ابو معشر الدارمي البصرى سكن بغداد وحدث بها عن ابى الربيع الزهرانى وهدبة روى عنه ابن قانع وابو بكر الشافعى وقال الدارقطنى ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن فى مقابر باب الكوفة
179 - عبد الله بن على بن محمد ابن عبد الملك بن ابى الشوارب من سروات السلالة وله ندر وجلالة استقضاه والمكتفى بالله على مدينة المنصور فى سنة اثنتين وتسعين ومائتين فما زال كذلك الى سنة ست وتسعين فان المقتدر نقله الى الجانب الشرقى وتوفى بالسكتة فى هذه السنة وقيل سنة ثمان وتسعين ومائتين
180 - عبد الله بن محمد بن ناجية ابن نجية ابو محمد البربرى سمع سويد بن سعيد وأبا بكر بن أبى شيبة روى عنه ابن الانبارى وابن مقسم والشافعى وكان ثقة ثبتا فاضلا مشهورا بالطلب مكثرا الا أنه اشتهر بصحبة الكرابيسى وتوفى فى رمضان هذه السنة
181 - على بن احمد الراسبى كان اليه الاعمال من حد واسط الى حد شهرزورو وكان يتقلد جندى سابور

والسوس وبا درايا وباكسايا الى آخر حدودها وكان ضمانه الى آخر عمله بالف الف دينار واربعمائة وألف دينار كل سنة فتوفى فى هذه السنة وورد الخبر بوفاته فى جمادى الآخرة وخلف من العين الف الف دينار وآنية ذهب وفضة بقيمة مائة الف دينار ومن الخيل والبغال والجمال الف رأس ومن الخز الف ثوب وقيل انه كان له ثمانون طرازا ينسج فيها الثياب
182 - محمد بن احمد بن محمد بن أبى بكر ابن على بن مقدم ابو عبد الله القاضى المقدمى مولى ثقيف سمع عمرو بن على الفلاس ويعقوب الدورقى وبندار وغيرهم وكان ثقة وتوفى فى غرة شوال هذه السنة
183 - محمد بن جعفر بن عبد الله ابن جابر بن يوسف ابو جعفر الراشدى سمع عبد الاعلى بن حماد النرسى وحدث عن ابى بكر الاثرم وروى عنه ابو بكر بن مالك القطيعى وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة
184 - محمد بن جعفر بن سعيد ابو بكر الجوهرى حدث عن الحسن بن عرفة وروى عنه على بن الحسن بن المثنى العنبرى
185 - محمد بن حبان بن الازهر ابو بكر الباهلى البصري حدث عن ابى عاصم النبيل وروى عنه ابو بكر الجعابى قال عبد الغنى الحافظ يحدث بمناكير وقال الصورى هوضعيف انبأنا القزاز انبأنا ابو بكر بن ثابت قال انبأنا البرقانى قال سمعت عبد الله بن ابراهيم الابندونى يقول

ابن حبان لا بأس به ان شاء الله تعالى
186 - محمد بن عبد الله بن على ابن محمد بن عبد الملك بن ابى الشوارب يعرف بالاحنف كان يخلف اباه على القضاء بمدينة السلام وكان سريا جميلا واسع الاخلاق وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة وتوفى ابوه فى رجبها فكان بينهما فى الوفاة ثلاثة وسبعون يوما ودفنا فى موضع واحد بالقرب من مقابر باب الشام

سنة ثم دخلت سنة اثنتين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى اول يوم من المحرم ورد كتاب ابى الحسن نصر بن احمد صاحب خراسان انه واقع عمه اسحاق بن اسماعيل فأخذه اسيرا فخلع على رسوله وحملت اليه الخلع لولاية خراسان
وفى صفر قرىء على المنابر كتاب بفتح بلاد الروم وورد من بشر الخادم كتاب يذكر فيه ما فتح من حصون الروم وما غنم وسبى وانه اسرى من البطارقة مائه وخمسين
وفى جمادى الاولى ختن المقتدر خمسة من اولاده ونثر عليهم خمسة آلاف دينار عينا ومائة الف درهم ورقا ويقال انه بلغت النفقة فى هذا الختان ستمائة الف دينار وختن قبل ذلك جماعة من الايتام وفرقت فيهم دراهم وكسوة
وفى هذا الشهر قبض على ابى عبد الله بن الجصاص الجوهري وأخذ منه ما قدره ستة عشر الف الف دينار عينا وورقا وآنية وثيابا وخيلا وخذما وفى شهر رمضان أدخل اولاد المقتدر الكتاب وكان المؤدب ابو اسحاق ابراهيم ابن السرى الزجاج
وفى ذى القعدة دخل رجل الى المقتدر وادعى انه ابن الرضا العلوى فكشف

عن حاله فصح انه ابن الضبعى فشهر فى الجانبين وحبس وخرج على الحاج رجل علوى ومعه بنو صالح بن مدرك الطائى فقطعوا عليهم الطريق وتلف خلق كثير من الحاج بالقتل والعطش وخرج اعراب على الحاجز على المنصرفين من مكة فأخذوا ما معهم من العين والامتعة واستاقوا من جمالهم ما ارادوا وأخذوا من النساء مائتين وثمانين امرأة حرائر سوى المماليك وكان الذى حج بهم الفضل بن عبد الملك وفى هذه السنة اتخذ على بن عيسى المارستان بالحربية وانفق عليه من مالة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
187 - احمد بن محمد بن سلام بن عبدويه ابو بكر البغدادى سكن مصر وحدث بها عن داود بن رشيد ولوين وغيرهما روى عنه ابو سعيد بن يونس وقال توفى بمصر فى جمادى الآخرة من هذه السنة وكان رجلا فاضلا من خيار خلق الله عز و جل
188 - احمد بن يونس بن عبد الاعلى ابن موسى الصدفى يكنى ابا الحسن ولد فى ذى القعدة سنة اربعين ومائتين وتوفى اول يوم من رجب هذه السنة كان من البكائين حدث عن ابيه وغيره
189 - اسحاق بن ابراهيم بن ابى حسان ابو يعقوب الانماطى سمع احمد بن ابى الحوارى وغيره روى عنه ابو عمرو بن السماك واسماعيل الخطبى وابن مقسم وقال الدارقطنى هو ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة
190 - بشر بن نصر بن منصور ابو القاسم الفقيه سكن مصر اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر

ابن ثابت قال حدثنى محمد بن على الصورى اخبرنا محمد بن عبد الرحمن الازدى حدثنا عبد الواحد محمد بن مسرور حدثنا ابو سعيد بن يونس قال بشر بن نصر ابن منصور الفقيه على مذهب الشافعى يعرف بغلام عرق وعرق خادم من خدم السلطان كان على البريد بمصر وكان بشر بن نصر قد قدم معه فى جملة من قدم من بغداد وكان فقيها متضلعا دينا توفى بمصر سنة اثنتين وثلثمائة وقد سمعت منه
191 - بدعة جارية عريب كانت مغنية وقد كان اسحق بن ايوب بذل لمولاتها فى ثمنها مائة الف دينار وللسفير بينهما عشرين الف دينار فدعتها فأخبرتها بالحال فلم تؤثر البيع فأعتقتها من وقتها وماتت لست بقين من ذى الحجة من هذه السنة وصلى عليها ابو بكر بن المهتدى وخلقت مالا كثيرا وضياعا ما ملكها رجل قط
192 - حمزة بن محمد بن عيسى بن حمزة ابو على الكاتب جرجانى الاصل سمع من نعيم بن حماد روى عنه الجعابى وكان ثقة توفى فى رجب هذه السنة وقد قارب المائة
193 - الحسن بن على بن موسى ابن هارون ابو على النحاس النيسابورى حدث وكان ثقة صالحا توفى بمصر فى هذه السنة
194 - عبد الله بن الصقر ابن نصر بن موسى بن هلال ابو العباس السكرى سمع ابراهيم بن المنذر الحزامى وروى عنه جعفر الخلدى وابن مالك القطيعى وكان صدوقا ثقة توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة

195 - عبد الله بن محمد ابن ياسين ابو الحسن الفقيه الدورى سمع من بندار روى عنه ابو بكر الشافعى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
196 - موسى بن القاسم ابن ابراهيم ابو الحسن العلوى كتب الحديث وسمع الكثير وكتب عنه وكان رجلا صالحا متواضعا يلزم الجامع وتوفى بمصر فى رمضان هذه السنة
197 - بشر بن ابراهيم ابن خلف الاندلسى كان فقيها ثقة وتوفى فى هذه السنة بالاندلس

سنة ثم دخلت سنة ثلاث وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان المقتدر بالله وقف كثيرا من المستغلات السلطانية على الحرمين واحضر القضاة والعدول واشهدهم على نفسه بذلك
وفى يوم الاربعاء لتسع خلون من رمضان انقطع كرسى الجسر والناس عليه فغرق خلق كثير وفى ليلة الجمعة لثمان بقين من رمضان انقض كوكب عظيم وبقى ضوؤه ساعة كالمقياس وفيها اوقع ورقاء بن محمد بالاعراب بناحية الأجفر فقتل جماعة واستأسر جماعة وقدم بهم فوثبت العامة على الاسارى فقتلتهم وضرب رجل منهم بالسياط فى باب العامة وقيل انه صاحب حصن الحاجر وان الحاج استجاروا به فوصل اليه من امتعتهم شيء كثير ووقع حريق فى سوق النجارين بباب الشام فاحترقت السوق باهلها ووقعت شرارات فى منارة الجامع بالمدينة فاحترقت

وفى ذى الحجة حم المقتدر وافتصد وبقى محموما ثلاثة عشر يوما ولم يمرض فى ايام خلافته غير هذه المرضة الا مالا يخلو منه الاصحاء من التياث قريب وكان يفتصد كثيرا واما دواء الاسهال فلم يشربه قط
وحج بالناس الفضل بن عبد الملك ونظر على بن عيسى بعين رأيه الى أمر القرامطة فخافهم على الحاج وغيرهم فشغلهم بالمكاتبة والمراسلة والدخول فى الطاعة وهاداهم واطلق لهم التسويق بسيراف فكفهم بذلك فخطأه الناس ونسبوه الى موالاتهم فلما رأوا ما فعل القرامطة بعده بالناس علموا صواب رأيه

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
198 - احمد بن شعيب ابن على بن سنان بن بحر ابو عبد الرحمن النسائى الامام كان اول رحلته الى نيسابور فسمع اسحاق بن ابراهيم الحنظلى والحسين بن منصور ومحمد بن رافع واقرانهم ثم خرج الى بغداد فأكثر عن قتيبة وانصرف على طريق مرو فكتب عن على ابن حجر وغيره ثم توجه الى العراق فكتب عن أبى كريب واقرانه ثم دخل الشام ومصر وكان اماما فى الحديث ثقة ثبتا حافظا فقيها وقال الدارقطنى النسائى يقدم على كل من يذكر بهذا العلم من اهل عصره
انبأنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو بكر البيهقى اخبرنا ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال حدثنى محمد بن اسحاق الاصبهانى قال سمعت مشايخنا بمصر يذكرون ان ابا عبد الرحمن فارق مصرفى آخر عمره وخرج الى دمشق فسئل عن معاوية وما ورى فى فضائله فقال لا يرضى معاوية رأسا براس حتى يفضل و كان يتشيع فما زالوا يدفعون فى خصيته حتى اخرج من المسجد ثم حمل الى الرملة فمات فدفن بها سنة

ثلاث وثلثمائة قال الحاكم وحدثنى على بن عمر الحافظ انه لما امتحن بدمشق قال احملونى الى مكة فحمل الى مكة فتوفى بها وهو مدفون بين الصفا والمروة وكانت وفاته فى شعبان هذه السنة وقال ابو سعيد بن يونس المصرى توفى بفلسطين فى صفر هذه السنة
199 - احمد بن عمر بن المهلب ابو الطيب البزاز البغدادى توفى بمصر فى ربيع الآخر من هذه السنة
200 - احمد بن على بن احمد ابو الطيب المادرائى الكاتب ولد بسامرا وقدم به مصر صغيرا واكثر من كتابة الحديث وكان يتدين وولى خراج مصر وتوفى بها فى جمادى الآخرة من هذه السنة
201 - جعفر بن محمد بن عيسى ابو الفضل المعروف بالقبورى حدث عن سويد بن سعيد روى عنه الشافعى وابن الصواف وكان ثقة توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
202 - الحسن بن سفيان ابن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء ابو العباس الشيبانى النسوى محدث خراسان فى عصره رحل البلدان وسمع الكثير فسمع بخراسان حبان بن موسى واسحاق بن ابراهيم وقتيبة وعلى بن حجر فى آخرين وسمع ببغداد احمد بن حنبل ويحيى بن معين وابا خيثمة فى آخرين وسمع بالبصرة ابا كامل وهدبة وشيبان بن فروخ فى آخرين وسمع بالكوفة من ابى بكر بن ابى شيبة فى آخرين وبالحجاز ابراهيم بن المنذر الحزامى وبمصر هارون بن سعيد الأيلى وابا طاهر وحرملة فى آخرين وبالشام صفوان بن صانع وهشام بن خالد والمسيب بن واضح وهشام بن عمار فى آخرين وصنف المسند الكبير والجامع والمعجم

وروى مصنفات ابن المبارك وتفقه على ابى ثور وكان يفتى على مذهبه وأخذ الادب عن اصحاب النضر بن شميل واليه كانت الرحلة بخراسان حدثنا محمد بن ناصر الحافظ من لفظه قال اخبرنا ابو محمد الحسن بن احمد السمرقندى اجازة اخبرنا ابو نعيم بشرويه بن محمد بن ابراهيم المعقلى قال حدثنى ابو نصر احمد بن جعفر الأسفرائني قال حدثنا ابو الحسن الصفار الفقيه قال كنا عند الحسن بن سفيان النسوى وقد اجتمع لديه طائفة من اهل الفضل ارتحلوا اليه من البلاد البعيدة مختلفين الى مجلسه لاقتباس العلم وكتابة الحديث فخرج يوما الى مجلسه الذى كان يملى فيه الحديث فقال اسمعوا ما اقول لكم قبل ان نشرع فى الاملاء قد علمنا انكم طائفة من ابناء النعم واهل الفضل هجرتم اوطانكم وفارقتم دياركم واصحابكم فى طلب العلم واستفادة الحديث فلا يخطرن ببالكم انكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقا اواديتم بما تحملتم من الكلف والمشقة من فروضه فرضا فإنى احدثكم ببعض ما تحملته فى طلب العلم من المشقة والجهد وما كشف الله سبحانه وتعالى عنى وعن اصحابى ببركة العلم وصفو العقيدة من الضيق والضنك اعلموا انى كنت فى عنفوان شبابى ارتحلت من وطنى اطلب العلم واستملاء الحديث فاتفق حصولى باقصى المغرب ودخولى مصر فى سبعة نفر من اصحابى طلبة العلم وسامعى الحديث وكنا نختلف الى شيخ كان ارفع اهل عصره فى العلم منزلة وارواهم للحديث واعلاهم اسنادا وأصحهم رواية وكان يملى علينا كل يوم مقدارا يسيرا من الحديث حتى طالت المدة وخفت النفقة ودعتنا الضرورة الى بيع ما صحبنا من توب وخرقة الى ان لم يبق لنا ما نرجو به حصول قوت يوم وطوينا ثلاثة ايام بلياليهن لم يذق احد منا فيها شيئا واصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد منا من الجوع واحوجت الضرورة الى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال فلم تسمح بذلك انفسنا ولم تطب قلوبنا وأنف كل واحد منا من ذلك والضرورة تحوج ألى السؤال على كل حال فوقع اختيار الجماعة على كتبة رقاع بأسمائنا وارسالها رقعة رقعة فى الماء فمن ارتفع اسمه كان هو القائم بالسؤال

واستماحة القوت لنفسه ولجميع اصحابه فارتفعت الرقعة التى اشتملت على اسمى فتحيرت ودهشت ولم تسامحنى نفسى بالمسأله واحتمال المذلة فعدلت الى زاوية من المسجد اصلى ركعتين طويلتين وادعو الله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضرر وسياقة الفرج فلم اخرج من الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه نظيف الثوب طيب الرائحة يتبعه خادم فى يده منديل فقال من منكم الحسن بن سفيان فرفعت رأسى من السجدة وقتلت انا الحسن بن سفيان فما الحاجة فقال ان الامير طولون صاحبى يقرئكم السلام والتحية ويعتذر اليكم من الغفلة عن تفقد احوالكم والتقصير الواقع فى رعاية حقوقكم وقد بعث بما يكفى نفقة الوقت وهو زائر كم غدا بنفسه ومعتذر اليكم بلفظه ووضع بين يدى كل واحد مناصرة فيها مائة دينار فتعجبنا من ذلك وتحيرنا جدا وقلت للشاب ما القصة في هذا فقال أنا أحد خدم الأمير طولون المختصين به دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلما فى جملة اصحابى فقال لى وللقوم انى احب ان اخلو يومى هذا فانصرفوا انتم الى منازلكم فانصرفت انا والقوم فلما عدت الى منزلى لم يستو قعودى حتى اتانى رسول الامير مسرعا مستعجلا يطلبنى حثيثا فأجبته مسرعا فوجدته منفردا فى بيت واضعا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه فى داخل حشاه فقال اتعرف الحسن بن سفيان واصحابه فقلت لا فقال اقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلانى واحمل هذه الصرر وسلمها اليه والى اصحابه فانهم منذ ثلاثة ايام جياع بحالة صعبة ومهد عذرى لديهم وعرفهم انى صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها اليهم فقال الشاب وسالته عن السبب الذى دعاه الى هذا فقال دخلت الى هذا البيت منفردا على ان استريح ساعة فلما هدأت عينى رأيت فى المنام فارسا فى الهواء متمكنا تمكن من يمشى على بساط الارض وبيده رمح فجعلت انظر اليه متعجبا حتى نزل الى باب هذا البيت ووضع سافلة رمحه

على خاصرتى وقال قم ادرك الحسن بن سفيان واصحابه قم فأدركهم قم فأدركهم فانهم منذ ثلاثة ايام جياع فى المسجد الفلانى فقلت له من انت فقال انا رضوان صاحب الجنة ومنذ اصابت سافلة رمحه خاصرتى اصابنى وجع شديد لا حراك لى معه فعجل ايصال هذا المال اليهم ليزول هذا الوجع عنى قال الحسن فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله تعالى واصلحنا احوالنا ولم تطب نفوسنا بالمقام لئلا يزورنا الامير ولئلا تطلع الناس على اسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة فخرجنا تلك الليلة من مصر واصبح كل واحد منا واحد عصره وقريع دهره فى العلم والفضل فلما اصبح الامير طولون جاء لزيارتنا فأخبر بخروجنا فأمر بابتياع تلك المحلة باسرها واوقفها على ذلك المسجد وعلى من ينزل به من الغرباء واهل الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل امورهم ولا يصيبهم من الخلل ما اصابنا وذلك كله لقوة الدين وصفو الاعتقاد والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق انبأنا زاهر بن طاهر اخبرنا ابو بكر البيهقى اخبرنا ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال سمعت ابا بكر محمد بن داود بن سليمان يقول كنا عند الحسن بن سفيان فدخل عليه ابو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة وابو عمر الحيرى وابو بكر احمد بن على الحافظ فقال له ابو بكر بن على قد كتبت للاستاذ ابى بكر محمد بن اسحاق هذا الطبق من حديثك فقال هات واقرأ فأخذ يقرأ فلما قرأ احاديث ادخل اسنادا منها فى اسناد فرده الحسن الى الصواب فلما كان بعد ساعة وقال له فى الثالثة يا هذا لا تفعل فقد احتملتك مرتين وهذه الثالثة وانا ابن تسعين سنة فاتق الله فى المشايخ فربما استجيب فيك دعوة فقال له ابو بكر بن اسحاق مه لا تؤذ الشيخ فقال ابو بكر بن على انما اردت ان يعلم الاستاذ أن ابا العباس يعرف حديثه

قال الحاكم وسمعت ابا عمرو بن ابى جعفر يقول سمعت ابا بكر بن على الرازى يقول فى حياة الحسن بن سفيان ليس للحسن فى الدنيا نظير قال الحاكم وسمعت ابا عبد الله محمد بن عبد الله الصفار يقول سمعت الحسن بن سفيان يقول كلما ورد فى الحديث العبسى فهو كوفى وكلما ورد عيشى فهو بصرى وكلما ورد عنسى فهو مصرى توفى الحسن بن سفيان فى هذه السنة
203 - رويم بن احمد وقيل ابن محمد بن رويم بن يزيد وفى كنيته ثلاثة اقوال ابو الحسن ابو الحسين وابو محمد وكان عالما بالقرآن ومعانيه وكان يتفقه لداود بن على
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا اسماعيل بن احمد الحيرى اخبرنا محمد بن الحسين السلمى قال سمعت احمد بن ابراهيم يحكى عن ابى عمرو الزجاجى قال نهانى الجنيد ان ادخل على رويم فدخلت عليه يوما وكان قد دخل فى شىء من امور السلطان فدخل عليه الجنيد فرآنى عنده فلما خرجنا قال الجنيد كيف رأيته يا خراسانى قلت لا ادرى قال ان الناس يتوهمون ان هذا نقصان فى حاله ووقته وما كان رويم اعمر وقتا منه فى هذه الأيام ولقد كنت اصحبه بالشونيزية فى حاله الاول وكنت معه فى خرقتين وهو الساعة اشد فقرا منه فى تلك الحالة وفى تلك الايام انبأنا محمد بن أبى طاهر البزاز عن ابى القاسم على ابن المحسن التنوخى عن أبيه قال حدثنا ابو اسحاق ابراهيم بن احمد بن محمد الطبرى قال سمعت جعفرا الخلدى يقول من أراد أن يستكتم سرا فليستكتم كما فعل رويم كتم حب الدنيا اربعين سنة فقيل له كيف قال كان يتصوف اربعين سنة فولى بعد اسماعيل بن اسحاق القاضى قضاء بغداد وكانت بينهما مودة

وكبدة فجذبه اليه وجعله وكيلا على بابه فترك التصوف ولبس الخز والقصب والدبيقى وركب وأكل الطيبات وبنى الدور واذا هو كان يكتم حب الدنيا لما لم يجدها فلما وجدها اظهر ما كان يكتم من حبها توفى رويم فى هذه السنة
204 - زهير بن صالح بن احمد بن حنبل حدث عن ابيه روى عنه النجاد قال الدارقطنى هو ثقة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة وهو حدث
205 - عمر بن الوليد اسماعيل بن مالك ابو حفص السقطى سمع بشر بن الوليد وداود بن رشيد وعثمان أبى شيبة روى عنه الخطبى وابن الصواف وكان شيخا صالحا ثقة توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
206 - محمد بن عبد الوهاب بن سلام ابن خالد بن حمران بن ابان مولى عثمان بن عفان رضى الله عنه ابو على الجبائى المتكلم امام المعتزلة ولد سنة خمس وثلاثين ومائتين وتوفى فى شعبان هذه السنة
207 - محمد بن ابراهيم ابو جعفر الغزال يلقب سمسمة حدث عن محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمى وروى عنه الاسماعيلى وتوفى فى نصف رجب من هذه السنة يوم الجمعة
208 - محمد بن الحسن بن العلاء ابو عبد الله السمسار يعرف بالخواتمى حدث عن ابى بكر بن ابى شيبة وغيره

وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
209 - محمد بن خالد الاجرى كان عبدا صالحا اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن ثابت اخبرنى ابو نعيم الحافظ اخبرنا جعفر الخلدى فى كتابه الى قال حدثنى محمد بن خالد الآجرى قال كنت اعمل الآجر فبينا انا كنت امشى بين الشراج المضروبة اذا سمعت شرجا يقول لشرج عليك السلام الليلة أدخل النار قال فنهيت الآجريين ان يطرحوها فى النار وبقيت حبالها وما عملت بعد ذلك شيئا

سنة ثم دخلت سنة سنة اربع وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه اضطرب امر ابى الحسن على بن عيسى بن الجراح وجرت بينه وبين ام موسى القهرمانة نفرة شديدة فامتنع من كلامها وواصل الاستعفاء فقبض عليه وعلى انسابه ونهبت دورهم دونه ولم يتعرض لشىء من املاكه واخرج ابو الحسن على بن محمد بن الفرات فقلد الوزارة وخلع عليه يوم التروية سبع خلع وحمل اليه من دار السلطان ثلثمائة الف درهم وعشرون خادما وثلاثون دابة لرحله وخمسون دابة لغلمانه وخمسون بغلا لنقله وبغلان للعمارية بقبابها وثلاثون جملا وعشر تخوت ثياب وركب معه مؤنس الخادم وغلمان المقتدر بالله وصار الى داره بسوق العطش وردت عليه ضياعه واقطع الدار التى بالمخرم فسكنها وسقى الناس فى داره فى ذلك اليوم وتلك الليلة اربعون الف رطل من الثلج وزاد ثمن الشمع والكاغد يومئذ فكان هذا من فضائله وكان بين اعتقاله وبين رجوعه الى الوزارة خمس سنين واربعة ايام وسمع بعض العوام يوم خلع عليه يقول والك خذ اليك أخذوا منا

مصحفا واعطونا طنبورا فبلغ ذلك الخليفة فكان ذلك سبب الاحسان الى على ابن عيسى وحسن النية فيه الى ان اخرج عن الحبس وفى فصل الصيف من هذه السنة تقزع الناس من شىء من الحيوان يسمى الزبزب ذكروا انهم يرونه بالليل على سطوحهم وانه ياكل أطفالهم وربما قطع يد الانسان اذا كان نائما وثدى المرأة فيأكله فكانوا يتحارسون طول الليل ويتزاعقون ويضربون الطسوت والهواوين والصوانى ليفزعوه فيهرب وارتجت بغداد من الجانبين بذلك واصطنع الناس لأطفالهم مكابا من سعف يكبونها عليهم بالليل ودام ذلك حتى اخذ السلطان حيوانا ابلق كأنه من كلاب الماء وذكروا انه الزبزب وانه صيد فصلب عند راس الجسر الاعلى بالجانب الشرقى فبقى مصلوبا الى ان مات فلم يغن ذلك شيئا وتبين الناس انه لا حقيقة لما توهموه فسكنوا الا ان اللصوص وجدوا فرصة بتشاغل الناس بذلك الامر وكثرت النقوب واخذ الاموال
وورد الخبر فى هذه السنة من خراسان انه وجد لقندهار فى ابراج سورها ازج متصل بها فيه الف راس فى سلاسل من هذه الرؤوس تسعة وعشرون رأسا فى اذن كل رأس رقعة مشدودة بخيط ابريسم باسم كل رجل منهم وكان من الاسماء شريح بن حيان وخباب بن الزبير والخليل بن موسى وطلق بن معاذ وحاتم بن حسنة وهانىء بن عروة وفى الرقاع تاريخ من سنة سبعين من الهجرة فوجدوا على حالاتهم لم تتغير شعورهم الا ان جلودهم قد جفت وقلد سنان ابن ثابت الطبيب امر المارستانات ببغداد وكانت خمسة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
210 - ابراهيم بن عبد الله بن محمد ابن ايوب ابو اسحاق المخرمى حدث عن القواريرى وسرى السقطى وغيرهما

قال ابو بكر الاسماعيلي كان صدوقا وقال الدارقطنى ليس بثقة حدث عن قوم ثقات احاديث باطلة وتوفى فى رمضان هذه السنة
211 - ابراهيم بن موسى ابن اسحاق ابو اسحاق الجوزى المعروف بالتوزى سمع بشر بن الوليد القاضى وعبد الاعلى بن حماد النرسى ومجاهد بن موسى وابنى أبى سيبة فى آخرين روى عنه ابو الحسين بن المنادى وابو على ابن الصواف وغيرهما وكان ثقة صدوقا توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة وقيل بل في سنة ثلاث
212 - اسحاق بن ابراهيم بن يونس ابن موسى ابو يعقوب المعروف بالمنجنيقى الوراق حدث عن هناد وابى كريب وغيرهما روى عنه جعفر الخلدى والطبرانى وكان صدوقا صالحا زاهدا صالحا زاهدا وتوفى بمصرفى جمادى الآخرة من هذه السنة
213 - طاهر بن عبد العزيز ابو الحسن الاندلسى الرعينى سمع من على بن عبد العزيز واسحاق الدبرى وكان عاتلافهما عارفا باللغة وتوفى فى هذه السنة
214 - عبد العزيز بن محمد بن دينار ابو محمد الفارسى سمع داود بن رشيد روى عنه ابو على الصواف وكان ثقة صادقا عابدا زاهدا صالحا توفى فى هذه السنة
215 - محمد بن احمد بن خالد ابن شيرزاذ البورانى قاضى تكريت حدث ببغداد عن القاسم بن يزيد صاحب وكيع واحمد بن منيع ولوين وغيرهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى على بن محمد

ابن نصر الدينورى قال سمعت حمزة بن يوسف السهمى يقول سألت الدارقطنى عن محمد بن احمد بن خالد البورانى فقال لا بأس به ولكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء قال ابن ثابت وقرأت فى كتاب محمد بن المظفر بخطه توفى ابو بكر البورانى يوم الاحد قبل الظهر ودفن العصر فى مقابر القطيعة لثمان خلون من صفر سنة اربع وثلثمائة
216 - محمد بن احمد بن الهيثم ابن منصور ابو جعفر الدورى سمع اباه ومحمد بن عبد الملك الدقيقى وغيرهما روى عنه ابو بكر الشافعى ومحمد بن المظفر وغيرهما وكان ثقة وتوفى يوم السبت لثمان خلون من المحرم من هذه السنة
217 - محمد بن احمد بن الهيثم ابن صالح بن عبد الله بن الحصين بن علقمة بن لبيد بن نعيم بن عطارد بن حاجب ابن زرارة ابو الحسن التميمى المصرى يلقب فروجة قدم بغداد وحدث بها عن جماعة من المصريين روى عنه الجعابى ومحمد بن المظفر وغيرهما وكان ثقة حافظا وتوفى فى هذه السنة
218 - محمد بن الحسين بن خالد ابو الحسن القنبيطى سمع ابراهيم بن سعيد الجوهرى ويعقوب الدورقى روى عنه ابو على ابن الصواف وكان ثقة توفى ليلة الثلاثاء لليلتين خلتا من صفر هذه السنة
219 - يوسف بن الحسين بن على ابو يعقوب الرازى صحب ذا النون المصرى وسمع احمد بن حنبل روى عنه ابو بكر النجاد

اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى عبد العزيز ابن ابى طاهر الصوفى قال اخبرنا ابو طالب عقيل بن عبيد الله بن احمد السمسار اخبرنا ابو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر بن الجنيد الرازى قال سمعت يوسف ابن الحسين يقول قيل لى ان ذا النون المصرى يعرف اسم الله الاعظم فدخلت مصر فذهبت اليه فبصر بى وانا طويل اللحية ومعى ركوة طويلة فاستبشع منظرى فلم يلتفت الى فلما كان بعد ايام جاء اليه رجل صاحب كلام فناظر ذا النون فلم يقم ذا النون بالحجج عليه فأخذته الى وناظرته فقطعته فعرف ذو النون فضلي فقام الى وعانقنى وجلس بين يدى وهو شيخ وانا شاب وقال اعذرنى فلم اعرفك فعذرته وخدمته سنة فلما كان بعد رأس السنة قلت له يا استاذ قد خدمتك وقد وجب حقى عليك وقيل لى انك تعرف اسم الله الاعظم وقد عرفتنى فلا تجد له موضعا مثلى فأحب ان تعلمنى اياه قال فسكت عنى ذو النون ولم يجبنى وكأنه اومى الى انه يخبرنى قال فتركنى بعد ذلك ستة اشهر ثم اخرج الى من بيته طبقا ومكبة مشدودا فى منديل وكان ذو النون يسكن الجيزة فقال تعرف فلانا صديقنا فى الفسطاط قلت نعم قال فأحب ان تؤدى هذا اليه فأخذت الطبق وهو مشدود وجعلت امشى طول الطريق وانا متفكر فيه مثل ذى النون يوجه الى فلان ترى ايش هو قال فلم اصبر الى ان بلغت الجسر فحللت المنديل ورفعت المكبة فاذا فأرة قفزت من الطبق ومرت قال فاغتظت غيظا شديدا وقلت ذو النون يسخر بى وبوجه مع مثلى فأرة فرجعت على ذلك الغيظ فلما رآنى عرف ما بى فقال يا احمق انما جربناك إئتمنتك على فأرة فخنتنى فأتمنك على اسم الله الاعظم سرعنى فلا أراك اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى عبد العزيز بن علي الازجى حدثنا محمد بن احمد قال سمعت ابا الحسن على بن ابراهيم الرازى يقول حكى لى ابو خلف الوزان عن يوسف بن الحسين انه رئى فى المنام فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لى ورحمنى

فقيل بماذا قال بكلمة او بكلمات قلتها عند الموت قلت اللهم انى نصحت الناس قولا وخنت نفسى فعلا فهب خيانة فعلى لنصح قولى توفى يوسف فى هذه السنة
220 - يموت بن المزرع بن يموت ابو بكر العبدى من عبد القيس بصرى قدم بغداد وحدث بها عن ابى عثمان المازنى وابى حاتم السجستانى وابى الفضل الرياشى وكان صاحب اخبار وآداب وملح وهو ابن اخت الجاحظ واسمه يموت ثم تسمى محمد فغلب الاسم الاول عليه اخبرنا ابو منصور القزاز قال انبأنا ابو بكر بن ثابت قال اخبرنى محمد بن احمد اليزدى قال اخبرنى الحسين بن عمر بن محمد القاضى فى كتابه قال سمعت يموت بن المزرع يقول بليت بالإسم الذى سمانى به ابى فانى اذا عدت مريضا فاستأذنت عليه فقيل من ذا قلت انا ابن المزرع واسقطت اسمى مات يموت بطبرية وقيل بدمشق فى هذه السنة سنة 305 ثم دخلت سنة خمس وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه قدم رسول ملك الروم فى الفداء والهدنة وكان الرسول غلاما حدث السن ومعه شيخ وعشرون غلاما فأقيمت له الانزال الواسعة ثم احضروا بعد ايام دار السلطان وادخلوا وقد عبىء لهم العسكر وصف بالأسلحة التامة وكانوا مائة وستين الفا ما بين فارس وراجل وكانوا من اعلى باب الشماسية الى الدار وبعدهم الغلمان الحجرية والخدم والخواص بالسمة الظاهرة والمناطق المحلاة وكانوا سبعة آلاف خادم منهم اربعة آلاف بيض وثلاثة آلاف سود وكان الحجاب سبعمائة حاجب وفى دجلة الطيارات والزبازب والسميرات بأفضل زينة وسار الرسول فمر على دار نصر القشورى الحاجب فرأى منظر عظيما فظنه الخليفة فداخلته

له هيبة حتى قيل له انه الحاجب وحمل الى دار الوزير فرأى اكثر مما رأى ولم يشك انه الخليفة فقيل له هذا الوزير وزينت دار الخليفة فطيف بالرسول فيها فشاهد ما هاله وكان الستور ثمانية وثلاثين الف ستر والديباج المذهب منها اثنا عشر الفا وخمسمائة وكانت البسط اثنين وعشرين الفا وكان فى الدار من الوحش قطعان تأنس بالناس وتأكل من ايديهم وكان هناك مائة سبع كل سبع بيد سباع ثم اخرج الى دار الشجرة وكانت شجرة فى وسط بركة فيها ماء صاف والشجرة ثمانية عشر غصنا لكل غصن منها شاخات كثيرة عليها الطيور والعصافير من كل نوع مذهبة ومفضضة واكثر قضبان الشجرة فضة وبعضها مذهب وهى تتمايل ولها ورق مختلف الالوان وكل شىء من هذه الطيور يصفر ثم ادخل الى الفردوس وكان فيه من الفرش والآلات مالا يحصى وفى دهاليزه عشرة آلاف جوشن مذهبة معلقة ويطول شرح ما شاهد الرسول من العجائب الى ان وصل الى المقتدر وهو جالس على سرير آبنوس قد فرش بالدبيقي المطرز وعن يمنة السرير تسعة عقود معلقة وعن يسرته تسعة اخرى من افخر الجواهر يعلو ضوؤها على ضوء النهار فلما وصل الرسولان الى الخليفة وقفا عنده على نحو مائة ذراع وعلى بن محمد بن الفرات قائم بين يديه والترجمان واقف يخاطب ابن الفرات وابن الفرات يخاطب الخليفة ثم اخرجا وطيف بهما فى الدار حتى اخرجا الى دجلة وقد اقيمت على الشطوط الفيلة مزينة والزرافة والسباع والفهود ثم خلع عليهما وحمل اليهما خمسون سقروتا فى كل سقروق بدرة عشرة آلاف درهم وورد من مرو كتاب على السلطان ان نفرا عثروا من سور مدينة مرو على نقب فكشفوا عنه الكبس فوصلوا الى ازج فأصابوا فيه الف رأس وفى اذن كل رأس رقعة كتب فيها اسم صاحبه

وفى هذه السنة ورد على السلطان هدايا جليلة من احمد بن هلال صاحب عمان وفيها انواع الطيب ورماح وطرائف من طرائف البحر وطائر اسود يتكلم بالفارسية والهندية افصح من الببغا وفيها قلد ابو عمر محمد بن يوسف القضاء بالحرمين وكتب له عهده وفيها ثارت فتنة بالبصرة وشغبوا على واليهم الحسن بن الخليل الفرغانى واحرق الجامع وقتل من العامة خلق عظيم وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
221 - اسماعيل بن اسحاق ابن الحصين ابن بنت معمر بن سليمان ابو محمد الرقى سكن بغداد وحدث عن احمد بن حنبل وغيره حدث عنه محمد بن المظفر الحافظ توفى فى هذه السنة وقيل سنت ست
222 - سليمان بن محمد ابن احمد ابو موسى النحوي المعروف بالحامض كان من علماء الكوفيين أخذ عن ثعلب وصحبه اربعين سنة وهو المقدم من اصحابه والذى جلس بعده فى مجلسه وصنف كتبا منها غريب الحديث وخلق الانسان والوحوش والنبات يروى عنه ابو عمر الزاهد وكان دينا صالحا وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة ودفن بباب التبن
223 - عبد الله بن صالح ابن عبد الله بن الضحاك ابو محمد البخارى سمع الحسن بن على الحلوانى ولو بنا وعثمان بن ابى شيبة روى عنه محمد بن المظفر وكان ثقة ثبتا صالحا توفى فى هذه السنة

224 - القاسم بن زكريا بن يحيى ابو بكر المقرىء المعرف بالمطرز سمع سويد بن سعيد وابا كريب روى عنه الخلدى والجعابى وكان ثقة ثبتا قارئا مصنفا نبيلا توفى فى صفر هذه السنة ودفن فى مقابر باب الكوفة
225 - محمد بن ابراهيم ابن ابان بن ميمون ابو عبد الله السراج سمع يحيى بن عبد الحميد لحمانى وعبيد الله ابن عمر القواريرى وسريج بن يونس وغيرهم وروى عنه ابو حفص الابار وعلى بن محمد بن لؤلؤ غيرهما وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة وقيل سنة ست وثلثمائة والله اعلم

سنة ثم دخلت سنةست وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان اول يوم من المحرم فتح سنان بن ثابت الطبيب مارستان السيدة الذى اتخذ لها بسوق يحيى على دجلة وجلس فيه ورتب المتطببين وكانت النفقة عليه كل شهر ستمائة دينار واشار سنان على المقتدر باتخاذ مارستان فاتخذه بباب الشام فولاه سنان وسمى المقتدرى وكانت النفقة عليه فى كل شهر مائتى دينار وقرئت الكتب على المنابر فى صفر بما فتح الله على يد يسر الافشينى ببلاد الروم وقرئت على المنابر فى ربيع الاول بما فتح الله على ثمل الخادم فى بحر الروم
وفى ربيع الآخر توفى محمد بن خلف وكيع فتقلد ابو جعفر ابن البهلول ما كان يتولاه من القضاء بمدينة المنصور وقضاء الاهواز
وفى هذا الشهر شغب اهل السجن الجديد وصعدوا السور فركب نزار بن محمد صاحب الشرطة وحاربهم وقتل منهم واحدا ورمى برأسه اليهم

فسكنوا
وفى هذا الشهر ركب المقتدر الى الثريا وانصرف فدخل من باب العامة ووقف طويلا حتى رآه الناس وارجف الناس بمرض المقتدر واشاعوا موته فركب الى باب الشماسية ثم انحدر فى دجلة الى قصره حتى رأوه فسكنوا وفى جمادى الاولى قبض على ابى الحسين على بن محمد بن الفرات ووكل بداره وما كان فيها
وفى السنة وثب بنو هاشم على على بن عيسى لتأخر ارزاقهم فمدوا ايديهم اليه فأمر المقتدر بالقبض عليهم وتأديبهم ونفاهم الى البصرة وأسقط ارزاقهم فسأل فيهم على بن عيسى فردوا فتواروا وقبض على ابنه وبيعت امواله واملاكه وحوسب وكان مما اعطى سبعمائة الف دينار وكان السبب انه أخر طلاق ارزاقهم وارزاق الجند واحتج بضيق المال وكان قد صرفه الى محاربة ابن ابى الساج فطلب من المقتدر اطلاق مائتى الف دينار من بيت المال لا عطاء الجند فثقل ذلك على المقتدر وراسل ابن الفرات فإنه كان قد ضمن له ان يقوم بسائر النفقات فاحتج بما انفق على محاربة ابن ابى الساج فلم يسمع اعتذاره وكوتب فى الوقت ابو محمد حامد بن العباس بالاصعاد الى الحضرة فتلقاه الناس وبعثت اليه الالطاف فلما قدم خلع عليه فركب وخلفه اربعمائة غلام لنفسه وصار الى الدار بالمخرم فنزلها وبان عجزه فى التدبير فأشير عليه ان يطلب على بن عيسى يكون بين يديه ففعل فأخرج على بن عيسى فحمل الى حامد فكان يحضر ومعه دواة وينظر فى الاعمال ويوقع وكان ابو على ابن مقلة ملازما لحامد يكتب بين يديه ويوقع بحضرته وكان ابو عبد الله محمد بن اسماعيل المعروف بزنجى يحضر ايضا بين يدى حامد فقوى امرابى الحسن على بن عيسى حتى غلب على الكل فكان يمضى الامور فى النقض والإبرام من غير مؤامرة حامد وقد كان يحضر دار حامد فى كل يوم دفعتين مدة شهرين ثم صار يحضر كل يوم دفعة واحدة

ثم صار يحضر كل اسبوع مرة ثم سقطت منزلة حامد عند المقتدر فى اول صفر سنة سبع وتبين هو وخواصه انه لا فائدة فى الاعتماد عليه فى شىء من الامور فتفرد حينئذ ابو الحسن على بن عيسى بتدبير جميع امور المملكة وصار حامد لا يأمر فى شىء بتة
وقلد ابو عمر القاضى المظالم فى جمادى الآخرة من هذه السنة وفى هذه السنة امرت السيدة ام المقتدر قهرمانة لها تعرف ثمل ان تجلس بالتربة التى بنتها بالرصافة للمظالم وتنظر فى رقاع الناس فى كل جمعة فجلست واحضرت القاضى ابا الحسن ابن الاشنانى وخرجت التوقيعات على السداد
انبأنا ابن ناصر قال انبأنا ابو عبد الله الحميدي قال انبانا ابو محمد على بن احمد ابن سعيد الحافظ قال قعدت ثمل القهرمانة فى ايام المقتدر للمظالم وحضر مجلسها القضاء والفقهاء وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
226 - ابراهيم بن احمد بن محمد ابن الحارث
ابو القاسم الكلابى روى عن الحارث بن مسكين وغيره وكان رجلا صالحا ففيها على مذهب الامام الشافعى وكان ثقة وكان من اهل الصيانه والانقباض وتوفى فى شعبان هذه السنة
227 - احمد بن يحيى ابو عبد الله الجلاء بغدادى سكن الشام وصحب ابا تراب وذا النون
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو نعيم الحافظ حدثنا محمد بن

الحسين قال سمعت محمد بن عبد العزيز الطبرى يقول سمعت ابا عمر الدمشقى يقول سمعت ابن الجلاء يقول قلت لأبى وامى احب ان تهبانى لله فقالا قد وهبناك لله فغيبت عنهما مدة ثم رجعت من غيبتى فكانت ليلة مطيرة فدققت عليهما الباب فقالا من قلت ولدكما قالا كان لنا ولد فوهبناه لله ونحن من العرب لا نرجع فيما وهبنا وما فتحا لي الباب توفى ابو عبد الله ابن الجلاء الصوفى فى رجب هذه السنة
228 - احمد بن الحسن ابن عبد الجبار بن راشد ابو عبد الله الصوفى سمع على بن الجعد وابا نصر التمار ويحيى بن المعين في خلق كثير وكان ثقة وتوفى فى يوم الجمعة لخمس بقين من رجب هذه السنة
229 - احمد بن عمر بن سريج ابو العباس القاضى حدث عن الحسن بن محمد الزعفرانى وعلى بن اشكاب وعباس الدورى وابى داود وغيرهم روى عنه سليمان بن احمد الطبرانى وابو احمد الغطريفى وانتهت اليه رياسة اصحاب الشافعى وشرح المذهب ولخهة وعمل المسائل فى الفروع انبأنا محمد بن عبد الملك انبأنا احمد بن على بن ثابت انبأنا ابو سعد المالينى حدثنا عبد الله بن عدى الحافظ قال سمعت ابا على ابن خيران يقول سمعت ابا العباس ابن سريج يقول رأيت فى المنام كأنا مطرنا كبريتا احمر فملأت اكمامى وجيبى وحجرى فعبر لى انى ارزق علما عزيزا كعزة الكبريت الاحمر قال ابن ثابت واخبرنا ابو منصور محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذانى سمعت عبد الرحمن بن محمد بن خيران يقول سمعت ابا عبد الله محمد بن عبد الله بن عبيد الفقيه يقول سمعت عثمان السندى يقول قال لى ابو العباس بن سريج فى علته التى مات فيها اريت البارحة فى المنام كأن قائلا يقول لى هذا ربك

تعالى يخاطبك قال فسمعت بماذا اجبتم المرسلين قال فوقع فى قلبى بالايمان والتصديق قال فقيل 6 بماذا اجبتم المرسلين 6 قال فوقع فى قلبى انه يراد منى زيادة فى الجواب فقلت بالايمان والتصديق غير انا قد اصبنا من هذه الذنوب فقال اما انى قد اغفر لكم توفى ابن سريج فى جمادى الاولى من هذه السنة عن سبع وخمسين سنة وستة اشهر ودفن بحجرة سويقة غالب
230 - ابراهيم بن على ابن ابراهيم بن محمد ابو اسحاق العمرى الموصلى قدم بغداد وحدث بها عن جماعة وروى عنه ابن صاعد والنجاد والخلدى وكان ثقة توفى فى هذه السنة
231 - جبريل بن الفضل ابو حاتم السمرقندى ورد بغداد حاجا فى سنة اثنتين وتسعين ومائتين وحدث عن قتيبة وغيره روى عنه عبد الباقى ابن قانع وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
232 - الحسين بن يوسف ابن يعقوب بن اسماعيل بن حماد بن زيد ابو يعلى الأزدى هو اخو أبى عمر القاضى كان إليه ولاية القضاء بالاردن توفى فى محرم هذه السنة
233 - حاجب بن مالك بن اركين ابو العباس الفرغانى الضرير حدث عن احمد بن ابراهيم الدورقى وابى سعيد الاشج حدث عنه محمد بن المظفر وكان ثقة واركين يكنى ابا بكر توفى بدمشق فى هذه السنة
234 - عبد الله بن احمد ابن موسى بن زياد ابو محمد الجواليقى القاضى المعروف بعبدان من اهل الاهواز

ولد سنة ست عشرة ومائتين وكان احد الحفاظ الاثبات جمع المشايخ والابواب وحدث عن هدبة وكامل بن طلحة والزهرانى وغيرهم روى عنه ابن صاعد ولمحاملى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى الصورى قال سمعت عبد الغنى الحافظ يقول سمعت حمزة بن محمد يقول سمعت عبدان يقول دخلت البصرة ثمان عشرة مرة من اجل حديث ايوب السختيانى كل ما ذكر لى حديث من حديثه دخلت اليها بسببه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال اخبرنى محمد بن على المقرىء اخبرنا محمد بن على النيسابورى قال سمعت ابا على الحافظ يقول كان عبدان يحفظ مائة الف حديث توفى عبدان بعسكر مكرم فى ذى الحجة من هذه السنة
235 - على بن الحسن بن سليمان القافلائي القطيعى سمع مجاهد بن موسى روى عنه ابو بكر الشافعى وابن المظفر وكان ثقة توفى فى محرم هذه السنة
236 - محمد بن بابشاذ ابو عبيد الله البصرى سكن بغداد وحدث بها عن عبيد الله بن معاذ العنبرى وبشر بن معاذ العقدى وغيرهما روى عنه عبد العزيز بن محمد الهاشمى وعمر بن بشران السكرى وغيرهما وفى حديثه غرائب ومناكير وتوفى فى شوال هذه السنة
237 - محمد بن الحسين بن شهريار ابو بكر القطان بلخى الاصل حدث عن بشر بن معاذ العقدى والفلاس روى عنه ابو بكر الشافعى وابن الجعابى وابن المظفر قال الدارقطنى ليس به بأس وكذبه ابن ناجية وتوفى فى محرم هذه السنة

238 - محمد بن خلف بن حيان ابن صدقة بن زياد ابو بكر الضبى القاضى المعروف بوكيع كان عالما فاضلا عارفا بايام الناس فقيها قارئا نحويا يتقلد القضاء بالاهواز وله مصنفات منها كتاب العدد وسئل ابن مجاهد ان يصنف كتابا فى العدد فقال قد كفانا ذاك وكيع حدث عن الزبير بن بكارو الحسن بن عرفة وخلق كثير روى عنه احمد بن كامل القاضى وابو على ابن الصواف وابن المظفر وغيرهم انبأنا ابو منصور القزاز قال انبأنا احمد بن على بن ثابت قال انبأنا محمد بن على بن مخلد قال انبأنااحمد بن محمد بن عمران قال اخبرنا ابو بكر محمد بن على انشدنى محمد بن خلف وكيع لنفسه ... اذا ما غدت طلابة العلم تبتغى ... من العلم يوما ما يخلد فى الكتب ... غدوت بتشمير وجد عليهم ... ومحبرتى اذنى ودفترها قلبى ...

توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
239 - محمد بن صالح بن ذريح ابن حكيم بن هرمز ابو جعفر الكعبرى سمع جبارة بن مغلس وعثمان بن ابى شيبة وهناد بن السرى وغيرهم وكان ثقة توفى فى هذه السنة هذا قول الاكثرين وقال بعضهم سنة سبع وقال قوم سنة ثمان
240 - منصور بن اسماعيل بن عمر ابو الحسن الفقيه كان اديبا فهما عاقلا حاد المناظرة وصنف المختصرات فى الفقه على مذهب الشافعى وله الشعر المليح سكن الرملة ثم قدم مصر وقيل انه كان جنديا ثم انه كف بصره ويظهر فى شعره التشيع وتوفى بمصر فى هذه السنة
241 - ابو نصر المحب من مشايخ الصوفية كان له مروءة وسخاء اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب

اخبرنا ابو نعيم الحافظ قال اخبرنى جعفر الخلدى فى كتابه الى قال اخبرنى ابو العباس بن مسروق قال اجتزت انا وابو نصر المحب بالكرخ وعلى ابى نصر ازار له قيمة فاذا نحن بسائل يسأل وهو يقول شفيعى اليكم محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم فشق ابو نصر ازاره واعطاه النصف ومضى خطوات ثم قال هذا نذالة فانصرف واعطاه النصف الآخر

سنة ثم دخلت سنة سبع وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ابتيعت دار محمد بن اسحاق بن كنداج لابراهيم بن المقتدر بثلاثين الف دينار واتخذت للأمراء من اولاد الخليفة دور وفى صفر وقع حريق بالكرخ فى الباقلائيين هلك فيه خلق كثير وفى ربيع الآخر ادخل الى بغداد مائة وخمسون اسيرا من الكرج انقذهم بدر الحمامى
وفى ذى القعدة انقض كوكب عظيم غالب الضوء وتقطع ثلاث قطع وسمع بعد انقضاضه صوت رعد عظيم هائل من غير غيم
وفى هذه السنة دخلت القرامطة البصرة وصرف حامد عن الوزارة وتقلد ابو الحسن بن الفرات الدفعة الثالثة وفيها كسرت العامة الحبوس بمدينة المنصور فأفلت من كان فيها وكانت ابواب المدينة الحديد باقية فغلقت وتتبع اصحاب الشرطة من افلت فلم يفتهم منهم احد
وفيها حج بالناس احمد بن العباس اخو أم موسى القهرمانة
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
242 - احمد بن محمد ابو الحسين التاجر
روى عن الحسين بن الحسين المروزى وابى زرعة وكان صدوقا نبيلا توفى

رحمه الله فى هذه السنة
243 - اسحاق بن عبد الله بن ابراهيم ابن عبد الله بن سلمة ابو يعقوب البزاز الكوفى سافر الى الشام ومصر وكتب عن خلق كثير وصنف المسند واستوطن بغداد وروى عنه ابن المظفر الحافظ وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
244 - جعفر بن احمد ابن عاصم ابو محمد البزاز الدمشقى المعروف بالرواسى قدم بغداد وحدث بها عن هشام بن عمار واحمد بن أبى الحوارى وغيرهما روى عنه الخلدى وابن الصواف وقال الدارقطنى هو ثقة وتوفى بدمشق فى هذه السنة
245 - جعفر بن محمد بن موسى ابو محمد الاعرج النيسابورى قدم بغداد وحدث بها عن جماعة روى عنه الحافظ ابو طالب احمد بن نصر والطبرانى وابو محمد ابن السبيعى وابو الفتح الازدي وكان ثقة حافظا عالما عارفا توفى بحلب فى هذه السنة
246 - الحسن بن الطيب ابن حمزة بن حماد ابو على البلخى قدم بغداد وحدث بها عن هدبة وابى الربيع وعثمان بن ابى شيبة وقتيبة وعلى بن حجر روى عنه اسماعيل الخطبى ومحمد بن المظفر وضعفه الدارقطنى وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
247 - عبد الله بن ابراهيم بن عبد الله ابو القاسم الأسدى المعدل ويعرف بالأكفانى حدث عن المزنى وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة وهو جاء من مكة

248 - عبد الله بن الحسين ابن على بن ابان ابو القاسم البجلى الصفار حدث عن سوار القاضى وروى عنه ابو الحسين بن المنادى وكان ثقة مأمونا ونزل سكة النعيمية من مدينة المنصور وتوفى فى شهر رجب هذه السنة
249 - على بن سهل بن الأزهر ابو الحسن الاصبهانى كان من المترفين فتزهد وكان يبقى الايام لا يأكل وكان يقول استولى على الشوق فالهانى عن الاكل انبأنا محمد بن عبد الباقى اخبرنا ابو الفضل الحداد اخبرنا ابو نعيم الاصفهانى قال سمعت أبى وغيره من اصحاب على ابن سهل انه كان يقول ليس موتى كموتكم اعلال واسقام انما هو دعاء واجابة ادعى فأجيب وكان كما قال كان يوما قاعدا فى جماعة فقال لبيك ووقع ميتا وتوفى فى هذه السنة
250 - محمد بن عبد الحميد كاتب السيدة ام المقتدر بالله عرضت عليه الوزارة فأباها قال الصولى كان موسرا بخيلا فتوفى فى صفر هذه السنة فأخذت السيدة من مخلفته مائة الف دينار

251 - الهيثم بن خلف ابن محمد ابو محمد الدورى سمع القواريرى روى عنه البغوى وكان كثير الحديث حافظا ثبتا توفى فى شهر ربيع الاول من هذه السنة
252 - يحيى بن زكريا بن حيوية النيسابورى يكنى ابا زكريا حدث وكان ثقة صدوقا وتوفى بمصر فى هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ثمان وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان حامد بن العباس خرج من مدينة السلام الى واسط للنظر فى الاعمال التى ضمنها وكان قد ضمن بلدانا من الخليفة بالوف ثم انحدر الى الاهواز وعاد فخلع عليه
وتحركت الاسعار فى آخر هذه السنة فاضطربت العامة لذلك فقصدوا باب حامد فخرج اليهم غلمانه فحاربوهم فقتل من العوام جماعة ومنعوا يوم الجمعة الامام من الصلاة وهدموا المنابر واخربوا مجالس الشرطة واحرقوا الجسور وأمر السلطان بمحاربة العوام فأخذوا وضربوا وفسخ ضمان حامد وبيع الكر بنقصان خمسة دنانير فسكنوا
وفى تموز هذه السنة برد الهواء حتى نزل الناس من السطوح وتدثروا باللحف ثم كان فى الشتوة برد شديد اضر بالنخل والشجر وسقط ثلج كثير وفيها حج بالناس احمد بن العباس
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
253 - احمد بن الصلت بن المغلس
ابو العباس الحمانى وقيل احمد بن محمد بن الصلت ويقال احمد بن عطية وهو ابن

اخى جبارة بن المغلس انبأنا القزاز قال أنبأنا ابو بكر الخطيب قال كان ينزل الشرقية وحدث عن ثابت بن محمد الزاهد وابى نعيم الفضل بن دكين ومسلم بن ابراهيم وبشر بن الوليد ومحمد بن عبد الله بن نمير وجبارة بن المغلس وابى كريب ابن ابى شيبة وابى عبيد القاسم بن سلام احاديث اكثرها باطلة هو وضعها ويحكى ايضا عن بشر بن الحارث ويحيى بن معين وعلى بن المدينى اخبارا جمعها بعد ما صنعها فى مناقب ابى حنيفة قال لى محمد بن ابى الفوارس كان احمد بن الصلت يضع الحديث توفى فى شوال هذه السنة
254 - اسحاق بن ديمهر بن محمد ابو يعقوب المعروف بالتوزى روى عن على بن حرب وغيره روى عنه عبد الباقى بن قانع ومحمد بن المظفر وكان من الثقات والمأمونين والشهود المعدلين توفى فى هذه السنة ودفن فى الشونيزية
255 - ادريس بن طهوى ابن حكيم بن مهران بن فروخ كان يسكن قطيعة ام جعفر وحدث عن ابى بكر ابن ابى شيبة ولوين روى عنه محمد بن المظفر الحافظ وكان ثقة توفى فى هذه السنة
256 - جعفر بن محمد ابن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب ابو عبد الله حدث عن الفلاس وغيره روى عنه ابو بكر الشافعى وابن الجعابى وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
257 - الحسن بن محمد ابن عنبر بن شاكر بن سعيد ابو على الوشاء حدث عن على بن الجعد وسريج بن يونس ويحيى بن معين قال الدارقطنى تكلموا فيه ووثقه البرقانى وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة

258 - شعيب بن محمد ابو الحسن الذراع سمع يقوب الدورقى وابا كريب روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة توفى فى شوال هذه السنة ودفن بباب الشام
259 - عبد الله بن ثابت ابن يعقوب ابو عبد الله المقرىء النحوى التوزى سكن بغداد وحدث عن عمر بن شبة روى عنه ابو عمرو بن السماك وغيره اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابن ثابت اخبرنا ابو القاسم عبيد الله بن محمد النجار اخبرنا محمد بن عبيد الله الكيال قال قال لنا محمد بن الهيثم انشدنا عبد الله بن ثابت لنفسه ... اذا لم تكن حافظا واعيا ... فعلمك فى البيت لا ينفع ... وتحضر بالجهل فى مجلس ... وعلمك فى الكتب مستودع ... ومن يك فى دهره هكذا ... يكن دهره القهقرى يرجع ...

توفى عبد الله فى هذه السنة ودفن بالرميلة
260 - عبد الله بن العباس ابن عبيد الله ابو محمد الطيالسى حدث عن جماعة وروى عنه ابو بكر الآجرى وابن المظفر وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
261 - العباس بن احمد ابن محمد ابو خبيب القاضى البرتى سمع عبدالاعلى بن جماد النرسى روى عنه

ابن شاهين وكان صالحا امينا وتوفى فى شوال هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة تسع وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه وقع فى شهر ربيع الاول حريق كثير بباب الشام وفى سويقة نصر وفى الحذائين بالكرخ وبين القنطرة الجديدة وطاق الحرانى ومات خلق كثير وقتل رجل من الزنادقة فطرح بسببه حريق فى باب المخرم هلك فيه خلق كثير
وفى شهر ربيع الآخر لقب مؤنس المظفر وانشئت الكتب بذلك المقتدر الى امراء النواحى وعقد له فى جمادى الاولى على مصر والشام وخلع على ابى الهيجاء عبد الله بن حمدان وقلد اعمال الحرب وطريق مكة وفيه ابتدىء بهدم باب دار على بن الجهشيار ببغداد فى الفرضة وكان هذا الباب علما ببغداد فى العلو والحسن وبنى موضعه مستغل
وفى رمضان كبس اللصوص منزل ابى عيسى الناقد الصيرفى فأخذوا له عينا وورقا واثاثا قيمته ثلاثون الف دينار ثم وقعوا على اللصوص وهم سبعة فارتجع من المال اثنان وعشرون الف دينار وقتلوا
وفى ذى القعدة احضر ابو جعفر محمد بن جرير الطبرى دار على بن عيسى لمناظر الحنابلة فحضر ولم يحضروا فعاد الى منزله وكانوا قد نقموا عليه اشياء قال المؤلف سنذكر قصتهم معه عند ذكر وفاته ان شاء الله تعالى وفى هذه السنة اهدى الوزير حامد بن العباس الى المقتدر البستان المعروف بالناعورة بناه له وانفق على بنائه مائة الف دينار وعلق على المجالس التى فيه الستائر وفرشه باللبود الخرسانية ثم اهداه

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
262 - احمد بن محمد بن سهل ابن عطاء ابو العباس الآدمى حدث عن يوسف بن موسى القطان والفضل بن زياد وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو نعيم الحافظ قال سمعت ابا الحسين بن حبيش وذكر ابا العباس بن عطاء فقال كان له فى كل يوم ختمة وفى شهر رمضان فى كل يوم وليلة ثلاث ختمات وبقى فى ختمة يستنبط مودع القرآن بضع عشرة سنة فمات قبل ان يختمها توفى ابن عطاء فى ذى القعدة من هذه السنة
263 - اسماعيل بن موسى ابن ابراهيم ابو احمد البجلى الحاسب سمع القواريرى ولوينا وغيرهما روى عنه محمد بن المظفر الحافظ وغيره وكان ثقة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
264 - جعفر بن احمد بن الصباح ابو الفضل المعروف بالجرجرائى حدث عن جماعة روى عنه ابن المظفر الحافظ وكان ثقة صدوقا ثبتا توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
265 - الحلاج الحسين بن منصور بن محمى ويكنى ابا مغيث وقيل ابا عبد الله وكان جده محمى مجوسيا من اهل بيضاء فارس ونشأ الحسين بواسط وقيل بتستر ثم تتلمذ لسهل التسترى ثم قدم بغداد وخالط الصوفية ولقى الجنيد والنورى وغيرهما وكان مخلطا ففى اوقات يلبس المسوح وفى اوقات يلبس الثياب المصبغة وفى اوقات يلبس الدراعة والعمامة ويمشى بالقباء على زى الجند وطاف البلاد وقصد الهند

وخراسان وما وراء النهر وتركستان وكان اقوام يكاتبونه بالمغيث واقوام بالمقيت وتسميه اقوام المصطلم واقوام المخبر وحج وجاور ثم جاء الى بغدادواقتنى العقار وبنى دارا واختلف الناس فيه فقوم يقولون انه ساحر وقوم يقولون له كرامات وقوم يقولون منمس قال ابو بكر الصولى قد رأيت الحلاج وخاطبته فرأيت جاهلا يتعاقل وغبيا يتبالغ وفاجرا يتزهد وكان ظاهره انه ناسك صوفى فاذا علم ان اهل بلدة يرون الاعتزال صار معتزليا او يرون الامامة ار اماميا وأراهم ان عنده علما من امامتهم اورأى اهل السنة صار سنيا وكان خفيف الحركة مشعبذا قد عالج الطب وجرب الكيمياء وكان مع جهله خبيثا وكان يتنقل فى البلدان
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن ثابت الحافظ قال حدثنى ابو سعيد السجزى اخبرنا محمد بن عبد الله الشيرازى قال سمعت ابا الحسن بن ابى توبة يقول سمعت على بن احمد الحاسب يقول سمعت والدى يقول وجهنى المعتضد الى الهند وكان الحلاج معي فى وهو السفينة رجل يعرف بالحسين بن منصور فلما خرجنا من المركب قلت له فى اي شىء جئت الى هاهنا قال جئت لأتعلم السحر وادعوا الخلق الى الله
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن ابى على عن ابى الحسن احمد بن يوسف قال كان الحلاج يدعوا كل قوم الى شىء على حسب ما يستبله طائفة طائفة واخبرنى جماعة من اصحابه انه لما افتتن الناس بالأهواز وكورها بالحلاج وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة فى غير حينها والدراهم التى سماها دراهم القدرة حدث ابو على الجبائى بذلك فقال لهم هذه الاشياء محفوظة فى منازل تمكن الحيل فيها ولكن ادخلوه بيتا من بيوتكم لا من منزله وكلفوه ان يخرج منه خرزتين سوداء فان فعل فصدقوه فبلغ الحلاج قوله وان قوما قد عملوا على ذلك فخرج عن الأهواز

اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى مسعود بن ناصر اخبرنا ابن باكويه قال سمعت ابا زرعة الطبرى قال سمعت محمد بن يحيى الرازى يقول سمعت عمرو ابن عثمان يلعن الحلاج ويقول لو قدرت عليه لقتلته بيدي قرأت آية من كتاب الله تعالى فقال يمكننى ان اؤلف مثله واتكلم به
قال ابو زرعة وسمعت ابا يعقوب الاقطع يقول زوجت ابنتى من الحسين بن منصور الحلاج لما رأيت من حسن طريقته فبان لى بعد مدة يسيرة انه ساحر محتال خبيث كافر قال مؤلف الكتاب افعال الحلاج واقواله واشعاره كثيرة وقد جمعت اخباره فى كتاب سميته القاطع لمحال اللجاج القاطع بمحال الحلاج فمن اراد اخباره فلينظر فيه وقد كان هذا الجل يتكلم بكلام الصوفية فتبدر له كلمات حسان ثم يخلطها باشياء لا تجوز وكذلك اشعاره فمن المنسوب اليه ... سبحان من اظهرنا سوته ... سر سنا لا هوته الناقب ... ثم بدا فى خلقه ظاهر ... فى صورة الآكل والشارب ... حتى لقد عاينه خلقه ... كلحظة الحاجب بالحاجب ...
فلما شاع أخذ وحبس ونوظر واستغوى جماعة فكانوا يستشفون بشرب بوله حتى ان قوما من الجهال قالوا انه اله وانه يحيى الموتى قال ابو بكر الصولى اول من اوقع بالحلاج ابو الحسن على بن احمد الراسبى فأدخله بغداد وغلاما له على جملين قد شهرهما وذلك فى ربيع الآخر سنة احدى وثلثمائة وكتب معهما كتابا يذكر فيه ان البينة قد قامت عنده بأن الحلاج يدعى الربوبية ويقول بالحلول فأحضره على بن عيسى فى هذه السنة واحضر القضاة فناظروه فاسقط فى لفظه ولم يجده يحسن من القرآن شيئا ولا من غيره ثم حبس ثم حمل الى دار الخليفة فحبس قال الصولى وقيل انه كان يدعوا فى اول امره الى الرضا من

آل محمد فسعى به فضرب وكان يرى الجاهل شيئا من شعبذته فإذا وثق به دعا الى انه اله فدعا فيمن دعاه ابا سهل بن نوبخت فقال له أنبت فى مقدم رأسى شعرا ثم ترقت به الحال الى ان دافع عنه نصر الحاجب لأنه قيل له انه سنى وانما تريد قتله الرافضة وكان فى كتبه انى مغرق قوم نوح ومهلك عاد وثمود وكان يقول لاصحابه انت نوح ولآخرأنت موسى ولآخر انت محمد قد اعيدت ارواحهم الى اجسامكم وكان الوزير حامد بن العباس قد وجد له كتبا فيها اذا صام الانسان ثلاثة ايام بلياليها ولم يفطر وأخذ فى اليوم الرابع ورقات هندباء وافطر عليها اغناه عن صوم رمضان واذا صلى فى ليلة واحدة ركعتين من اول الليل الى الغداة اغنته عن الصلاة بعد ذلك واذا تصدق فى يوم واحد بجميع ما ملكه فى ذلك اليوم اغناه عن الزكاة واذا بنى بيتا وصام اياما ثم طاف حوله عريانا مرارا اغناه عن الحج واذا صار الى قبور الشهداء بمقابر قريش فأقام فيها عشرة ايام يصلى ويدعو ويصوم ولا يفطر الاعلى شىء يسير من خبز الشعير والملح والجريش اعفاه ذلك عن العبادة باقى عمره فأحضر القضاة والعلماء والفقهاء بحضرة حامد وقيل له أتعرف هذا الكتاب قال هذا الكتاب السنن للحسن البصرى فقال له حامد ألست تدين بما فى هذا الكتاب فقال بلى هذا كتاب دين الله بما فيه فقال له القاضي ابو عمر هذا نقض شرائع الاسلام ثم جاراه فى كلام الى ان قال له ابو عمر يا حلال الدم فكتب باحلال دمه وتبعه الفقهاء وأفتوا بقتله وكتب الى المقتدر بذلك فكتب اذا كانت القضاة قد افتوا بقتله واباحوا دمه فليحضر محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة وليضربه الف سوط فان تلف والا ضربت عنقه فأحضر بعد عشاء الآخرة ومعه جماعة من اصحابه على بغال موكفة يجرون مجرى الساسة وليجعل على واحد منها ويدخل فى غمار القوم فحمل فباتوا مجتمعين حوله فلما اصبح يوم الثلاثاء لست بقين من ذى القعدة اخرج ليقتل فجعل يتبختر فى قيده

وهو يقول ... نديمى غير منسوب ... الى شىء من الحيف ... سقانى مثل ما يشر ... ب فعل الضيف بالضيف ... فلما دارت الكأس ... دعا بالنطع والسيف ... كذا من يشرب الراح ... مع التنين فى الصيف ...
وضرب الف سوط ثم قطعت يده ثم رجله وحز رأسه واحرقت جثته والقى رماده فى دجلة اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا عبيد الله بن احمد بن عثمان الصيرفى قال قال لنا ابو عمر ابن حيويه لما خرج الحلاج ليقتل مضيت فى جملة الناس ولم ازل ازاحم حتى رايته فقال لأصحابه لا يهولنكم هذا فانى عائد اليكم بعد ثلاثين يوما قال المؤلف وهذا الاسناد صحيح لا يشك فيه وهو يكشف حال هذا الرجل انه كان ممخرنا يستخف عقول الناس الى حال الموت اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا القاضى ابو العلاء قال لما اخرج الحسين ابن منصور ليقتل انشد ... طلبت المستقر بكل ارض ... فلم ار لى بأرض مستقر ... اطعت مطامعى فاستعبدتنى ... ولو أنى قنعت لكنت حرا ...
266 - حامد بن محمد بن شعيب ابن زهير ابو العباس البلخى المؤدب حدث عن سريج بن يونس روى عنه ابو بكر الشافعى قال الدارقطنى هو ثقة توفى فى محرم هذه السنة
267 - محمد بن احمد بن موسى ابو عبد الله المصيصى يعرف بالسوابيطى قدم بغداد وحدث بها عن على بن بكار وغيره وتوفى وهو متوجه الى بلده برأس العين فى هذه السنة

268 - محمد بن الحسين بن مكرم ابو بكر البغدادى سمع بشر بن الوليد وعبيد الله بن عمر القواريرى وخلقا كثيرا وانتقل الى البصرة حتى مات بها روى عنه محمد بن مخلد قال ابراهيم بن فهد ما قدم علينا من بغداد اعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم من ابى بكر ابن مكرم بحديث البصرة خاصة اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن محمد بن نصر قال سمعت حمزة السهمى يقول سألت الدارقطنى عن محمد بن الحسين بن مكرم فقال هو ثقة توفى بالبصرة فى ذى القعدة من هذه السنة
269 - محمد بن خلف بن المرزبان ابن بسام ابو بكر المحولى كان يسكن باب المحول فنسب اليه وكان حسن التصانيف حدث عن الزبير بن بكار وابن ابى الدنيا وغيرهما روى عنه ابو بكر ابن الانبارى فى جماعة آخرهم ابو عمر ابن حيويه وتوفى فى هذه السنة وكان صدوقا ثبتا

سنة ثم دخلت سنة عشر وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان يوسف بن ابى الساج اطلق فى المحرم وحمل اليه مال وخلع عليه وقرر ان يحمل فى كل سنة خمسمائة الف دينار من اعمال ضمنت اليه فبعث الى مؤنس يطلب منه انفاذ ابى بكر ابن الآدمى القارىء فخاف ابو بكر لأنه كان قد قرأبين يديه يوم شهر وكذلك اخذ ربك اذا أخذ القرى وهى ظالمة فقال له مؤنس لا تخف فأنا شريكك فى الجائزة فمضى فدخل عليه فقال هاتوا كرسيا لأبى بكر فجلس فقال اقرأ فقرأ وقال الملك ائتونى به أستخلصه لنفسى فقال لا أريد هذا بل اريد لتقرأ ما قرأته بين يدى حين شهرت وكذلك أخذ ربك

اذا أخذ القرى وهى ظالمة فقرأ فبكى وقال هذه الآية كانت سبب توبتى من كل محظور ولو أمكننى ترك خدمة السلطان لتركت وأمر له بمال قال مؤلف الكتاب وقد ذكرنا انه شهر فى سنة احدى وسبعين ومائتين وحينئذ قرأ بين يديه وكذلك أخذ ربك وذلك فى خلافة المعتمد وفى هذه السنة استزاره فأكرمه وذلك فى خلافة المقتدر وفى هذه السنة اعتل على بن عيسى فركب لعيادته هارون بن المقتدر ومعه مؤنس ونصر القشورى ووجوه الغلمان وفرش له الطريق من الشط الى المجلس فتلقاه ابو الحسن متحاملا وأدى اليه رسالة المقتدر وبالمسألة عن خبره ثم قيل ان المقتدر قد عزم على الركوب اليه فانزعج لذلك وسأل مؤنسا ان يستعفى له منه وكان قد صلح بعص الصلاح فركب الى الدار على ضعف شديد وطلع ليفسخ بذلك ما وقع عليه العزم ثم برأ وفيها سخط على ام موسى القهرمانة وقبض عليها وعلى انسابها ومن كانت تعنى به فصح منها فى بيت المال الف الف دينار واختلف فى السبب فقيل ان المقتدر اعتل فبعثت الى بعض اهله ليقرر عليه ولاية الامر فانكشف ذلك وقيل بل زوجت بنت اخيها ابى بكر بن ابى العباس محمد بن اسحاق بن المتوكل فسعى بها اعداؤها وثبتوا فى نفس المقتدر والسيدة والدته انها ما فعلت ذلك الا لتنصب محمد بن اسحاق فى الخلافة فتمت عليها النكبة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد قال صرف المقتدر بالله ابا جعفر احمد بن اسحاق بن البهلول يوم الخميس لعشر بقين من ربيع الآخر سنة عشر وثلثمائة عن القضاء بمدينة ابى جعفر المنصور واستقضى فى هذا اليوم ابا الحسين عمر بن الحسين بن على الشيبانى المعروف بابن الاشنائى وخلع عليه ثم جلس يوم السبت للحكم وصرف يوم الاحد وكانت ولايته ثلاثة ايام وكان من جلة الناس ومن اصحاب الحديث المحمودين وأحد الحفاظ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11