كتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
المؤلف : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

وكان قبل هذا يتولى القضاء بنواحى الشام وتقلد الحسبة ببغداد وفى جمادى الاولى تقلد نازوك الشرطة بمدينة السلام مكان ابى طاهر محمد بن عبد الصمد وخلع عليه
وفى جمادى الآخرة ظهر كوكب ذو ذنب فى المشرق فى برج السنبلة طوله نحو ذراعين
وفى شعبان وصلت هدية الحسين بن احمد بن المادرائى من مصر وهى بغلة ومعها فلو وغلام طويل اللسان يلحق لسانه أنفه
وفى هذا الشهر قرئت الكتب على المنابر فى الجوامع بفتح كان فى بلاد الروم لاهل طرسوس وملطية وقاليقلا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال استقضى المقتدر بالله فى يوم النصف من رمضان سنة عشر وثلثمائة ابا الحسين عمر بن ابى عمر محمد بن يوسف بن يعقوب وكان قبل هذا يخلف اباه على القضاء بالجانب الشرقى والشرقية وسائر ما كان الى قاضى القضاة ابى عمر وذلك انه استخلفه وله عشرون سنة ثم استقضى بعد استخلاف ابيه له على اعمال كثيرة ثم قلد مدينة السلام فى حياة ابيه وفى رمضان قلد المطلب ابن ابراهيم الهاشمى الصلاة فى جامع الرصافة ببغداد
وفى يوم الفضر ركب الامير ابو العباس ابن المقتدر الى المصلى ومعه الوزير حامد بن العباس وعلى بن عيسى ومؤنس المظفر والجيش وصلى بالناس اسحاق ابن عبد الملك الهاشمى
وفى يوم الاثنين سلخ ذى القعدة اخرج رأس الحسين بن منصور الحلاج من دار السلطان ليحمل الى خراسان
وورد الخبر بأنه انشق بواسط سبعة عشر شقا اكبرها الف ذراع واصغرها

مائتا ذراع وانه غرق من امهات القرى الف وثلثمائة قرية وفيها حج بالناس اسحاق بن عبد الملك

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
270 - احمد بن ابراهيم بن كامل ابو الحسن مولى بنى فهر كان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة وله اثنتان وثمانون سنة
271 - احمد بن محمد بن يحيى ابو على حدث عن الحارث بن مسكين وكان ثقة وتوفى فى شعبان هذه السنة
272 - احمد بن محمد بن عبد الله ابن سهل السراج ابو الحسن حدث عن يونس بن عبد الاعلى وغيره وكان ثقة دينا توفى فى شهر رمضان هذه السنة
273 - احمد بن محمد بن عبد الواحد ابن يزيد بن ميمون ابو جعفر الطائى قدم مصر وحدث بها وكان ثقة توفى فى مصر فى رجب هذه السنة
274 - احمد بن عبد الله بن محمد ابن هلال بن نافع ابو جعفر المقرىء مولى الازد حدث عن ابيه وغيره وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
275 - الحسن بن الحسين بن على ابن عبد الله بن جعفر ابو على الصواف المقرىء سمع من أبى سعيد الأشج وغيره وكان ثقة فاضلا نبيلا سكن الجانب الشرقى توفى فى رمضان هذه السنة ودفن فى مقابر الخيزران

276 - خالد بن محمد خالد ابو محمد الصفار الختلى حدث عن يحيى بن معين روى عنه على بن محمد السكرى سئل عنه الدارقطنى فقال صالح توفى فى هذه السنة
277 - عبد الله بن محمد ابن احمد بن مسلمة ابو محمد الفزارى حدث عن عبادبن الوليد الغبرى روى عنه ابن المظفر وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
278 - عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الرحمن بن هلال ابو محمد القرشى الشامى المعروف بأبى صخرة الكاتب سمع على بن المدينى ولوينا ويحيى بن اكثم روى عنه ابن المظفر وكان ثقة وتوفى ببغداد شوال هذه السنة
279 - عيسى بن سليمان ابن عبد الملك ابو القاسم القرشى وراق داود بن رشيد حدث عنه وعن غيره روى عنه ابن المظفر وكان ثقة توفى فى شعبان هذه السنة
280 - محمد بن احمد ابن حماد بن سعد ابو بشر الدولابى الوراق مولى الانصار وكانت له معرفة بالحديث وكان حسن التصنيف وحدث عن اشياخ فيهم كثرة قال ابو سعيد ابن يونس وكان يضعف توفى وهو قاصد الى الحج بين مكة والمدينة بالعرج فى ذى القعدة من هذه السنة
281 - محمد بن احمد بن هلال ابو بكر الشطوى سمع أبا كريب واحمد بن منيع وغيرهما وروى عنه محمد بن المظفر

وغيره وربما سماه بعض الرواة احمد بن محمد ومحمد بن احمد اكثر وتوفى لأربع خلون من ربيع الاول من هذه السنة
282 - محمد بن ابراهيم بن آدم ابن ابى الرجال ابو جعفر الصلحى سكن بغداد وحدث بها عن بشر بن هلال الصواف وازهر بن جميل وغيرهما روى عنه ابن المظفر وغيره وكان ثقة توفى فى هذه السنة
283 - محمد بن بنان بن معن ابو اسحاق الخلال سمع محمد بن المثنى ومهنأ بن يحيى الشامى وغيرهما روى عنه على بن عمر السكرى وابو الفضل الزهرى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال انبأنا احمد بن على قال انبأنا الأزهرى قال انبأنا على بن عمر الحافظ قال محمد ابن بنان بغدادى لم يكن به بأس توفى فى شعبان هذه السنة
284 - محمد بن جعفر بن العباس ابن عيسى بن ابى جعفر المنصور يكنى ابا جعفر كان خطيب الجامع بمدينة المنصور فلم يزل يتولى ذلك حتى توفى فى يوم السبت لثمان بقين من ذى الحجة من هذه السنة
285 - محمد بن جرير ابن كثير بن غالب ابو جعفر الطبرى ولد فى آخر سنة اربع أواول سنة خمس وعشرين ومائتين وكان اسمر الى الأدمة اعين ملتف الجسم مديد القامة فصيح اللسان سمع محمد بن عبد الملك بن ابى الشوارب واسحاق بن ابى اسرائيل واحمد بن منيع البغوى وابا همام الوليد بن شجاع وابا كريب ويعقوب الدورقى وابا سعيد الأشج ومحمد بن بشار وخلقا كثيرا من اهل العراق والشام ومصر وحدث عنه احمد بن كامل القاضى وغيره استوطن ابن طرير بغداد الى حين

وفاته وكان قد جمع من العلوم ما رأس به اهل عصره وكان حافظا للقرآن بصيرا بالمعانى عالما بالسنن فقيها فى الاحكام عالما باختلاف العلماء خبيرا بايام الناس واخبارهم وتصانيفه كثيرة منها كتاب التاريخ وكتاب التفسير وتهذيب الآثار الا انه لم يتمم تصنيفه وله فى اصول الفقه وفروعه كتب كثيرة اخبرنا ابو منصور وعبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت الخطيب قال سمعت على بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوى يحكى ان محمد بن جرير مكث اربعين سنة يكتب فى كل يوم منها اربعين ورقة
اخبرنا ابو منصور اخبرنا الخطيب قال اخبرنى القاضى ابو عبد الله محمد بن سلامة القضاعة اجازة قال حدثنا على بن نصر بن الصباح الثعلبى قال حدثنا القاضى ابو عمر عبيد الله بن احمد السمسار وابو القاسم بن عقيل الوراق ان ابا جعفر الطبرى قال لأصحابه اتنشطون لتفسير القرآن قالوا كم يكون قدره قال ثلاثون الف ورقة فقالوا هذا مما تفنى الاعمار قبل تمامه فاختصره فى نحو ثلاثة آلاف ورقة ثم قال هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم الى وقتنا قالوا كم يكون قدره فذكر نحو مما ذكر فى التفسير فأجابوه بمثل ذلك فقال انا لله ماتت الهمم فاختصره فى نحو مما اختصر التفسير
اخبرنا القزاز قال اخبرنا ابو بكر الخطيب قال انشدنا على بن عبد العزيز الطاهرى ومحمد بن جعفر بن علان الشروطى قالا انشدنا مخلد بن جعفر الدقاق قال انشدنا محمد بن جرير الطبرى ... اذا أعسرت لم يعلم رفيقى ... وأستغنى فيستغنى صديقى ... حيائى حافظ لى ماء وجهى ... ورفقى فى مطالبتى رفيقى ... ولو انى سمحت ببذل وجهى ... لكنت الى الغنى سهل الطريق ...

قال وانشدنا ايضا
... خلقان لا أرضى طريقهما ... بطر الغنى ومذلة الفقر

فاذا غنيت فلا نكن بطرا ... واذا افتقرت فته على الدهر ...
توفى ابو جعفر الطبرى وقت المغرب من عشية الاحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلثمائة ودفن وقد اضحى النهار يوم الاثنين برحبة يعقوب فى ناحية باب خراسان فى حجرة بازاء داره وقيل بل دفن ليلا ولم يؤذن به احد واجتمع من لا يحصيهم الا الله وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا وذكر ثابت بن سنان فى تاريخه انه انما اخفيت حاله لأن العامة اجتمعوا ومنعوا من دفنه بالنهار وادعوا عليه الرفض ثم ادعوا عليه الالحاد قال المصنف كان ابن جرير يرى جواز المسح على القدمين ولا يوجب غسلهما فلهذا انسب الى الرفض وكان قد رفع فى حقه ابو بكر ابن ابى داود قصة الى نصر الحاجب يذكر عنه اشياء فأنكرها منها انه نسبه الى رأى جهم وقال انه قائل بل يداه مبسوطتان اى نعمتاه فأنكر هذا وقال ما قلته ومنها انه روى عن روح رسول الله صلى الله عليه و سلم لما خرجت سألت فى كف على فحساها فقال انما الحديث مسح بها على وجهه وليس فيه حساها قال المصنف رحمه الله وهذا ايضا محال الا انه كتب ابن جرير فى جواب هذا الى نصر الحاجب لاعصابه فى الاسلام كهذه العصابة الخسيسة وهذا قبيح منه لأنه كان ينبغى ان يخاصم من خاصمه وأما ان يذم طائفته جميعا وهو يدرى الى من ينتسب فغاية فى القبح

سنة ثم دخلت سنة احدى عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان بغلة وردت من مصر الى بغداد ومعها فلو وقد وضعت مهرا فى ربيع الاول وكان يرتضع منها وانه ظهر الجراد وعظم امره وكثر افساده للغلات
وقلد ابو عمرو حمزة بن القاسم الصلاة فى جامع المدينة وشغب الجند فى المحرم فلما اطلقت ارزاقهم سكنوا وخلع على مؤنس المظفر وعقد له على الغزاة

للصائفة فى هذه السنة وقرىء كتاب على المنبر بالفتح على المسلمين من طرسوس وكان نازوك امر بضرب غلامين كان احدهما غلاما لبعض الرجالة المصافية فحمل الرجالة السلاح وقصدوا دار نازوك ووقعت بينهم حرب وقتل جماعة فركب المقتدر وبلغ الى باب العامة ثم اشار عليه نصر الحاجب بالرجوع فرجع ووجه القواد للتسكين وشغلهم بإطلاق ارزاقهم فسكنوا
وصرف حامد بن العباس عن الوزارة وعلى بن عيسى عن الدواوين والاعمال لأنه اخر ارزاق الجند وقبض على على بن عيسى وانسابه والمتصرفين فى ايامه وقرر عليه ثلثمائة الف دينار واخرج ابو الحسن علي بن محمد بن الفرات فقلدوا الوزارة يوم الخميس لتسع بقين من ربيع الآخر وخلع عليه وعلى ابنيه المحسن والحسين واقطع الدار بالمخرم وجلسوا للهناء واخذ ابن الفرات حامد بن العباس فصادره وأخذ خطه بالف الف دينار وثلثمائة الف دينار وصادر مؤنسا خادم حامد على ثلاثين الف دينار وروسل على بن عيسى ان يقرر بامواله فكتب انه لا يقدر على اكثر من ثلاثة آلاف دينار فاخذه المحسن ولد ابن الفرات والبسه جبة صوف واهانه وناله بالأذى الفاحش حتى استخرج منه اليسير
وورد الخبر فى ربيع الآخر بدخول ابى طاهر سليمان بن الحسن الجنابى الى البصرة سحر يوم الاثنين لخمس بقين من ربيع الآخر فى الف وسبعمائة رجل وانه نصب سلاليم بالليل على سورها وصعد على اعلى السور ثم نزل إلى البلد وقتل البوابين الذين على الابواب وفتح الابواب وطرح بين كل مصراعين حصباء ورملا كان معه على الجمال لئلا يمكن غلق الابواب عليه ووضع السيف فى اهل البصرة واحرق المربد ونقض الجامع ومسجد قبر طلحة وهرب الناس فطرحوا انفسهم فى الماء فغرق اكثرهم واقام ابو طاهر بالبصرة سبعة عشر يوما يحمل على جماله كل ما يقدر عليه من الامتعة والنساء والصبيان

وخرج عنها بما معه يوم الخميس لاثنتى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة وولى منصرفا الى بلده
وفى رجب استخلف القاضى ابو عمر ولده عمر على القضاء بمدينة السلام وركب الى جامع الرصافة وحكم
وفى رابع عشر رمضان وقع برد المواريث الى ذوى الأرحام وفى نصف رمضان احرق على باب العامة صورة مانى واربعة اعدال من كتب الزنادقة فسقط منها ذهب وفضة مما كان على المصاحف له قدر
وفى هذه السنة اتخد ابو الحسن ابن الفرات مارستانا فى درب المفضل وانفق من ماله عليه فى كل شهر مائتى دينار جاريا

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
286 - احمد بن محمد
ابن هارون ابو بكر الخلال سمع الحسن بن عرفة وسعدان بن نصر وغيرهما وصرف عنايته الى الجمع لعلوم احمد بن حنبل وطلبها وسافر لأجلها وصنفها وجمع منها مالم يجمعه احد وكل من تبع هذا المذهب بأخذ من كتبه وتوفى يوم الجمعة قبل الصلاة ليومين خلوا من ربيع الاول من هذه السنة ودفن الى جنب المروذى في الدكة
287 - احمد بن حفص ابن يزيد ابو بكر المعافرى حدث وروى عن عيسى بن حماد وغيره وكان فاضلا توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
288 - احمد بن محمد ابن الحسين ابو محمد الجريرى سمع سريا وكان الجنيد يكرمه وقيل له عند

وفاته الى من نجلس بعدك فقال الى ابى محمد الجريرى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا الخطيب اخبرنا عبد الكريم بن هوازن قال اخبرنى محمد بن الحسين السلمى قال سمعت عبد الله الرازى يقول سمعت الجريرى يقول منذ عشرين سنة ما مددت رجلى عند جلوسى فى الخلوة فإن حسن الادب مع الله المولى قال عبد الكريم وسمعت عبد الله بن يوسف الاصبهانى يقول سمعت ابا الفضل الصرام يقول سمعت على بن عبد الله يقول اعتكف ابو محمد الجريرى بمكة سنة اثنتين وتسعين ومائتين فلم يأكل ولم ينم ولم يستند الى حائط ولم يمد رجليه فقال له ابو بكر الكتانى يا ابا محمد بماذا قدرت على اعتكافك فقال علم صدق باطنى فأعاننى على ظاهرى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال اخبرنا محمد بن عبد الواحد اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت ابا سعيد الرازى يقول توفى الجريرى سنة وقعة الهبير وطئته الجمال وقت الوقعة قال السلمى وسمعت ابا عبد الله الرازى يقول وقعة الهبير كانت سنة احدى عشرة وثلثمائة قال مؤلف الكتاب رحمه الله الهبير اسم موضع عارض فيه ابو سعيد الجنابى القرمطى الحاج فأصاب منهم جماعة فتفرقوا فعاد وعارضهم فى محرم سنة اثنتى عشرة وفتك بهم الفتك القبيح فجائز أن يكون الجريرى قد هلك فى المعارضة الاولى وانما هلك فى الطريق وبقى على حاله واخبرنا ابو منصور القزاز قال اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا عبد الكريم ابن هوازن قال سمعت ابا عبد الله بن باكوية الشيرازى يقول سمعت احمد بن عطاء الروذبارى يقول مات الجريرى سنة الهبير فجزت عليه بعد

سنة واذا هو مستند جالس وركبته الى صدره وهو يشير الى الله تعالى بإصبعه
289 - احمد بن حمدان ابن على بن سنان ابو جعفر النيسابورى لقى ابا حفص وغيره وكان من الورعين واسند الحديث وله كلام حسن وكان يقول انت تبغض اهل المعاصى بذنب واحد تظنه ولا تبغض نفسك مع ما تيقنته من ذنوبك توفى فى هذه السنة
290 - ابراهيم بن السرى ابن سهل ابو اسحاق الزجاج كان من اهل الفضل والعلم مع حسن الإعتقاد وله تصانيف حسان اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنا على بن ابى البغدادى قال اخبرنى ابو الحسن احمد بن يوسف الازرق فى كتابه قال حدثنى ابو محمد بن درستويه قال حدثنى الزجاج قال كنت اخرط الزجاج فاشتهيت النحو فلزمت المبرد لتعلمه وكان لا يعلم مجانا ولا يعلم بأجرة الاعلى قدرها فقال اى شىء صناعتك قلت اخرط الزجاج وكسبى فى كل يوم درهم ونصف واريد أن تبالغ فى تعليمي وأنا اعطيك كل يوم درهما واشترط لك انى اعطيك اياه ابدا الى ان يفرق الموت بيننا استغنيت عن التعلم او احتجت اليه قال فلزمته وكنت اخدمه فى اموره ومع ذلك فأعطيه الدرهم فينصحنى فى العلم حتى استقللت فجاءه كتاب بعض بنى ما دمة من الصراة يلتمسون معلما نحويا لاولادهم فقلت له اسمنى لهم فأسمانى فخرجت فكنت اعلمهم وانفذ اليه فى كل شهر ثلاثين درهما واتفقده بعد ذلك بما اقدر عليه ومضت على ذلك مدة فطلب منه عبيد الله بن سليمان مؤدبا لإبنه القاسم فقال لا اعرف لك الا رجل زجاجا بالصراة مع بنى مادمة قال فكتب اليهم عبيد الله فاستنزلهم عنى فأحضرنى واسلم الى القاسم فكان ذلك سبب غناى وكنت اعطى المبرد ذلك الدرهم فى كل يوم الى ان مات ولا اخليه من التفقد معه بحسب طاقتى

اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن أبى على قال اخبرنى أبى قال حدثنى ابو الحسين عبد الله بن احمد بن عياش القاضى قال حدثنى ابو اسحاق الزجاج قال كنت اؤدب القاسم بن عبيد الله فأقول إن بلغك الله مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بى فيقول ما احببت فأقول أن تعطينى عشرين الف دينار وكانت غاية أمنيتى فما مضت الاسنون حتى ولى القاسم الوزارة وانا على ملازمتى له وقد صرت نديمة فدعتنى نفسى الى اذكاره بالوعد ثم هبته فلما كان فى اليوم الثالث من وزارته قال لى يا ابا اسحاق ألم ارك اذكرتنى بالنذر فقلت عولت على رأى الوزير ايده الله وانه لا يحتاج الى اذ كارى لنذر عليه فى أمر خادم واجب الحق فقال لى انه المعتضد بالله ولولاه ما تعاظمنى دفع ذلك اليك فى مكان واحد ولكن اخاف أن يصير له معك حديثا فاسمع لى تأخذه متفرقا فقلت افعل فقال اجلس للناس وخذ رقاعهم فى الحوائج الكبار واستعجل عليها ولا تمتنع من مسألتى شيئا تخاطب فيه صحيحا كان او محالا الى ان يحصل لك مال النذر ففعلت ذلك وكنت اعرض عليه كل يوم رقاعا فيوقع فيها وربما قال لى كم ضمن لك على هذا فأقول كذا وكذا فيقول غبنت هذا يساوى كذا وكذا فاستزد فأراجع القوم فلا أزال أماكسهم ويزيدونى حتى ابلغ ذاك الحد الذى رسمه لى قال وعرضت عليه شيئا عظيما فحصلت عندى عشرون الف دينار واكثر منها فى مديدة فقال لى بعد شهور يا ابا اسحاق حصل مال النذر فقلت لا فسكت وكنت اعرض ثم يسألنى فى كل شهر او نحوه هل حصل المال فأقول لا خوفا من انقطاع الكسب الى ان حصل عندى ضعف ذلك المال فسألنى يوما فاستحييت من الكذب المتصل فقلت قد حصل ذلك ببركة الوزير فقال فرجت والله عنى فقد كنت مشغول القلب الى أن يحصل لك قال ثم اخذ الدواة فوقع لى الى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة فأخذتها وامتنعت ان اعرض عليه شيئا ولم ادر كيف اقع منه فلما كان من

غد جئته وجلست على رسمى فأومأ الى هات ما معك يستدعى منى الرقاع على الرسم فقلت ما اخذت من احد رقعة لأن النذر قد وقع الوفاء به ولم ادر كيف اقع من الوزير فقال يا سبحان الله أترانى كنت اقطع عنك شيئا قد صار لك عادة وعلم به الناس وصارت لك به منزلة عندهم وجاه وغدو ورواح الى بابك ولا يعلم سبب انقطاعه فيظن ذلك لضعف جاهك عندى او تغير رتبتك اعرض على على رسمك وخذ بلا حساب فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع وكنت اعرض عليه كل يوم الى ان مات وقد أثلت حالى هذه قال المصنف رحمه الله رأيت كثيرا من اصحاب الحديث والعلم يقرؤن هذه الحكاية ويتعجبون مستحسنين لهذا الفعل غافلين عما تحته من القبيح وذلك انه يجب على الولاة ايصال قصص المظلومين واهل الحوائج فإقامة من يأخذ الاجعال على هذا قبيح حرام وهذا مما يهن به الزجاج وهنا عظيما ولا يرتفع لأنه ان كان لم يعلم ما فى باطن ما قد حكاه عن نفسه فهذا جهل بمعرفة حكم الشرع وان كان يعرف فحكايته فى غاية القبح نعود بالله من قلة الفقه اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا ابو الجوائز الحسن بن على الكاتب قال حدثنى ابو القاسم على بن طلحة النحوى قال سمعت ابا على الفارسى قال دخلت مع شيخنا ابى اسحاق الزجاج على القاسم بن عبيد الله الوزير فورد اليه خادم وساره بشىء استبشر به ثم تقدم الى شيخنا ابى اسحاق بالملازمة الى أن يعود ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفى وجهه اثر الوجوم فسأله شيخنا عن ذلك لأنس

كان بينه وبينه فقال كانت تختلف الينا جارية لإحدى المغنيات فسمتها ان تبيعنى اياها فامتنعت من ذلك ثم اشار عليها احد من كان ينصحها بان تهديها الى رجاء ان اضاعف لها ثمنها فلما وردت اعلمنى الخادم بذلك فنهضت مستبشرا لافتضاضها فوجدتها قد حاضت فكان منى ما ترى فأخذ شيخنا الدواة من بين يديه وكتب ... فارس ماش بحربته ... حاذق بالطعن فى الظلم ... رام أن يدمى فريسته ... فانقته من دم بدم ...
انبأنا ابو منصور القزاز قال انبأنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو بكر احمد بن محمد الغزال قال انبأنا على بن عبد العزيز قال انبأنا ابو محمد الوراق قال جار كان لنا قال كنت بشارع الانبار وانا صبى يوم نيروز فعبر رجل راكب فبادر بعض الصبيان وقلب عليه ماء فأنشأ يقول وهو ينفض رداءه من الماء ... اذا قل ماء الوجه قل حياؤه ... ولا خير فى وجه اذا قل ماؤه ...
فلما عبر قيل لنا هذا ابو اسحاق الزجاج قال الطاهرى شارع الانبار هو النافذ الى الكبش والأسد
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو الطيب الطبرى قال حدثنى محمد بن طلحة قال حدثنى القاضى محمد بن احمد المخرمى انه جرى بين الزجاج وبين المعروف بمسينة وكان من اهل العلم شر واتصل ونسجه ابليس واحكمه حتى خرج الزجاج الى حد الشتم فكتب اليه مسينة ... أبى الزجاج الاشتم عرضى ... لينفعه فآثمه وضره ... واقسم صادقا ما كان حر ... ليطلق لفظه فى شتم حره ... فلو أنى كررت لفر مني ... ولكن للمنون على كره ... فأصبح قد وقاه الله شرى ... ليوم لا وقاه الله شره

فلما اتصل هذا الخبر بالزجاج قصده راجلا حتى عتذر اليه وسأله الصلح توفى الزجاج يوم الجمعة لاحدى عشرة مضت من جمادى الآخرة من هذه السنة
291 - بدر ابو النجم مولى المعتضد بالله ويسمى بدر الكبير ويقال له بدر الحمامى وكان قد تولى الاعمال مع ابن طولون بمصر فلما قتل قدم بغداد فولاه السلطان اعمال الحرب والمغاور بفارس وكرمان فخرج الى عمله وحدث عن هلال بن العلاء وغيره واقام هناك وطالت أيامه حتى توفى بشيراز ثم نبش وحمل الى بغداد وقام ولده محمد مقامه فى حفظ البلاد
292 - حامد بن العباس ابو محمد استوزره المقتدر بالله سنة ست وثلثمائة وكان موسرا له اربعمائة مملوك يحملون السلاح لكل واحد منهم مماليك وكان يحجبه الف وسبعمائة حاجب وكان ينظر بفارس قديما ودام نظره بواسط وكان صهره ابو الحسين بن بسطام اذا سافر كان معه اربعون بختية موقرة أسرة ليجلس عليها وفيها واحدة موقرة سفافيد المطبخ وكان معه اربعمائة سجادة للصلاة فلما قبض على حامد صودر صهره هذا على ثلثمائة الف دينار وكان حامد ظاهر المروءة كثير العطاء فحكى ابو بكر الصولى انه شكا اليه شفيع المقتدرى فناء شعيره فجذب الدواة وكتب له بمائة كر شعير فقال له ابن الحوارى فأنا اكتب له بمائة كر فنظر اليه نصر الحاجب فكتب له بمائة كر وكتب لأم موسى بمائة كر ولمؤنس الخادم بمائة كر وحكى ابو على التنوخى عن بعض الكتاب قال حضرت مائدة حامد وعليها عشرون نفسا وكنت اسمع انه ينفق عليها كل يوم مائتى دينار فاستقللت ما رأيت ثم خرجت فرأيت فى الدار نيفا وثلاثين مائدة منصوبة على كل مائدة ثلاثون نفسا وكل مائدة كالمائدة التى بين يديه حتى البوارد والحلوى وكان لا يستدعى احدا الى طعامه

بل يقدم الطعام إلى كل قوم فى اماكنهم انبأنامحمد بن ابى طاهر انبأنا على بن المحسن التنوخى أذنا عن ابيه قال حدثنى القاضى ابو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشمى قال كان حامد بن العباس من اوسع من رايناه نفسا واحسنهم مروءة واكثرهم نعمة واشدهم سخاء وتفقدا لمرؤته وكان ينصب فى داره كل يوم عدة موائد ولا يخرج من الدار احد من الجلة والعامة والحاشية وغيرهم اذا حضر الطعام او يأكل حتى غلمان الناس فربما نصب فى داره فى يوم واحد اربعون مائدة وكان يجرى على كل من يجرى عليه الخبز لحما وكان جراياته كلها الحوارى فدخل يوما الى دهليزه فرأى فيه قشر باقلاة فاحضر وكيله وقال ويلك يؤكل فى دارى الباقلا قال هذا من فعل البوابين قال أوليست لهم جرايات لحم قال بلى قال فسلهم عن السبب فسألهم فقالوا لا نتهنأ نأكل اللحم دون عيالنا فنحن ننفذه اليهم لنأكله معهم ليلا ونجوع بالغدوات فنأكل البانلا فأمر حامد أن يجرى عليهم جرايات لعيالهم تحمل الى منازلهم وإن يأكلوا جراياتهم فى الدهليز فقال ذلك فلما كان بعد ايام رأى قشر باقلاة فى الدهيلز فاستشاط غيظا وكان حديدا فشتم وكيله وقال ألم اضعف الجرايات فلم فى دهليزى قشور الباقلا فقال ان الجرايات لما تضاعفت جعلوا الاولى لعيالاتهم فى كل يوم وصاروا يجمعون الثانية عند القصاب فاذا خرجوا من النوبة ومضوا نهارا الى منازلهم فى نوبة استراحتهم فيها أخذوا ذلك مجتمعا من القصاب فتوسعوا به قال فلتكن الجرايات بحالها وليتخذ مائدة فى كل يوم ليلة تنصب غدوة قبل نصب موائدنا يطعم عليها هؤلاء والله لئن وجدت بعد هذا فى دهليزى قشر باتلاة لأضربنك وجميعهم بالمقارع ففعل ذلك وكان ما زاد فى نفقة الاموال فيه امرا عظيما قال المحسن وحدثنى هبة الله بن محمد بن يوسف المنجم قال حدثنى جدى قال وقفت امرأة لحامد بن العباس على الطريق فشكت اليه الفقر ودفعت اليه قصة كانت معها فلما جلس وقع لها بمائتى دينار فأنكر الجهبذ دفع هذا القدر الى مثلها فراجعه فقال حامد والله ما كان فى نفسى ان اهب لها الا مائتى درهم

ولكن الله تعالى اجرى لها على يدى مائتى دينار فلا ارجع فى ذلك اعطها فدفع اليها فلما كان بعد ايام دفع اليه رجل قصة يذكر فيها ان امراتى وانا كنا فقراء فرفعت قصة الى الوزير فوهب لها مائتى دينار فاستطالت على بهاوتريد الآن اعناتى لأطلقها فان رأى الوزير أن يوقع الى من يكفها عنى فعل فضحك حامد فوقع له بمائتى دينار وقال قولوا له يقول لها قد صار الآن مالك مثل مالها فهى لا تطالبك بالطلاق فقبضها وانصرف غنيا قال المحسن وحدثنى عبد الله ابن احمد بن داسة قال حدثنى ابو الحسين احمد بن الحسين بن المثنى قال لما قدم حامد بن العباس الأبلة يريد الاهواز وهو وزير خرجت لتلقيه فرأيت له حراقة ملاحوها خصيان بيض وعلى وسطها شيخ يقرأ القرآن وهى مظللة مسترة فسألت عن ذلك فقالوا هذه حراقة الحزم لا يحسن ان يكون ملاحوها فحولة قال المحسن وحدثنى ابو عبد الله الصيرفى قال حدثنى ابو عبد الله القنوتى قال ركب حامد وهو عامل واسط الى بستان له فرأى بطريقه دار محترقة وشيخا يبكى ويولول وحوله صبيان ونساء على مثل حاله فسأل عنه فقيل هذا رجل تاجر احترقت داره وافتقر فوجم ساعة ثم قال اين فلان الوكيل فجاء فقال اريد أن اندبك لأمر إن عملته كما اريد فعلت بك وصنعت وذكر جميلا وان تجاوزت فيه رسمى فعلت بك وصنعت وذكر قبيحا فقال مر بأمرك فقال ترى هذا الشيخ قد آلمني قلبى له وقد تنغصت على نزهتى بسببه وما تسمح نفسى بالتوجه الى بستانى الابعد أن تضمن لى أننى اذا عدت العشية من النزهة وجدت الشيخ فى داره وهى كما كانت مبنية مجصصة نظيفة وفيها صنوف المتاع والفرش والصفر كما كانت وتبتاع له ولعياله كسوة الشتاء والصيف مثل ما كان لهم فقال الوكيل فتقدم الى الخازن بأن يطلق ما اريده والى صاحب المعونة ان يقف معى ويحضر من اطلبه من الصناع فتقدم حامد بذلك وكان الزمان صيفا فتقدم باحضار اصناف الروزجارية فكانوا ينقضون بيتا

ويقيمون فيه من يبنيه وقيل لصاحب الدار اكتب جميع ما ذهب منك حتى المكنسة والمقدحة وصليت العصر وقد سقفت الدار وجصصت وغلقت الابواب ولم يبق غير الطوابيق فأنفذ الرجل الى حامد وسأله التوقف فى البستان وان لا يركب منه الى ان يصلى عشاء الآخرة فبيضت الدار وكنست وفرشت ولبس الشيخ وعياله الثياب ودفعت اليهم الصناديق والخزائن مملوءة بالأمتعة فاجتاز حامد والناس قد اجتمعوا كأنه يوم عيد يضجون بالدعاء له فتقدم حامد الى الجهبذ بخمسة آلاف درهم يدفعها الى الشيخ يزيدها فى بضاعته وسار حامد الى داره قال المحسن حدثنى ابو الحسن بن المأمون الهاشمى انه وجد لحامد فى نكبته التى قتل فيها فى بئر لمستراح له اربعمائة الف دينار عينا دل عليها لما اشتدت به المطالبة واخبرنى غيره ان حامدا كان عمل حجرة وجعل فيها مستراحا وكان يتقدم الى كيله ان يجىء بالدنانير فكلما حصل له كيس اخذه تحت ثيابه وقام كأنه يبول فدخل ذلك المستراح فألقى الكيس فى البئر وخرج من غير أن يصب فيها ماء ولا يبول ويوهم الفراش انه فعل ذلك فاذا خرج قفل المستراح ولم يدخله غيره على رسم مستراحات الملوك فإذا أراد الدخول فتحه له الخادم المرسوم بالوضوء وذلك الخادم المرسوم بالوضوء لا يعلم السر فى ذلك فلما تكامل المال قال هذا المستراح فسد فسدوها فسد وعطل فلما اشتدت به المطالبة دل عليه فاخرج ما فيه ولما عزل المقتدر حامدا قرر مع ابن الفرات انه لا ينكبه وقال خدمنا بغير رزق وشرط ان يناظر بمحضر من القضاة والكتاب وكان قد وقع بينه وبين مفلح الخادم وجرى بينهما مخاشنة فقال حامد والله لابتاعن مائة اسود أجعلهم قوادا واسمى كل واحد منهم مفلحا فادى عنه مفلح الى الخليفة مالم يقله وأشار بأن ينفذ الى ابن الفرات وقال ان لم يكن فى قبضه وقفت اموره فتقدم الخليفة بذلك وأمر ابن الفرات ان يفرد له دار حسنة ويفرش له فرشا جميلا ويحضر ما يختار من الاطعمة وباع حامد داره التى كانت

له على الصراة من نازوك باثنى عشر الف دينار وباع خادما له عليه بثلاثة آلاف دينار وأقر حامد بألف الف دينار ومائتى الف دينار واحدر الى واسط فى رمضان هذه السنة فتسلمه محمد بن عبد الله البزوفرى وكان ينظر من قبل لحامد فاراد البزوفرى ان يحتاط لنفسه حين مرض حامد فاحضر قاضى واسط وشهودها يخبرهم انه مات حتف انفه فلما دخل الشهود عليه قال لهم ان ابن الفرات الكافر الفاجر الرافضى عاهدنى وحلف بايمان البيعة ان اقررت بأموالى صاننى عن المكروه فلما أقررت سلمنى الى ابنه فقدم لى بيضا مسموما فلا صنع للبزوفرى فى دمى الى وقتنا هذا ولكنه كفر احسانى توفى حامد فى رمضان هذه السنة
293 - عبد الله بن اسحاق ابن ابراهيم بن حماد بن يعقوب ابو محمد الانماطى المدائنى سكن بغداد وحدث بها عن الصلت بن مسعود الجعدرى وعثمان بن ابى شيبة روى عنه ابى الجعابى وابن مظفر وقال الدارقطنى ثقة مأمون توفى فى ذى القعدة هذه السنة
294 - محمد بن اسحاق بن خزيمة ابن المغيرة بن صالح بن بكر السلمى مولى مجشر بن مزاحم ابو بكر طاف البلاد فى طلب الحديث فسمع بنيسابور من ابن راهويه وغيره وبمرو من على بن حجر وغيره وبالرى من محمد بن مهران وغيره وببغداد من احمد بن منيع وغيره وبالبصرة من بشر بن معاذ العقدى وغيره وبالشام من موسى بن سهل الرملي وغيره وبالجزيرة من عبد الجبار بن العلاء وغيره وبمصر من يونس بن عبد الاعلى وغيره وسمع بواسط من محمد بن حرب وغيره روى عنه جماعة من مشايخه منهم البخاري ومسلم وكان مبرزا فى علم الحديث وغيره اخبرنا

محمد بن ناصر انبأنا ابو محمد الحسن بن احمد السمرقندى قال سمعت ابا سعيد احمد بن محمد العبدانى يقول اخبرنا ابو اسحاق احمد بن محمد المفسر قال اخبرنا ابو محمد الخطيب قال سمعت ابا الحارث روح بن احمد بن روح يقول سمعت ابا العباس احمد بن المظفر البكرى يقول سمعت محمد بن هارون الطبرى يقول كنت انا ومحمد بن نصر المروزى ومحمد بن علويه الوزان ومحمد بن اسحاق ابن خزيمة على باب الربيع بن سليمان بمصر نسمع منه كتب الشافعى فبقينا ثلاثة ايام بلياليهن لم نطعم شيئا وفنيت ازوادنا فقلت الآن قد حلت لنا المسألة فمن يسأل فاستحيا كل واحد منا أن يسأل فقلنا نقترع فوقعت القرعة على محمد بن اسحاق ابن خزيمة فقال دعونى اصلى ركعتين وسجد يدعوا بدعاء الاستخارة اذ قرع علينا الباب فخرج واحد فاذا هو رجل خادم لأحمد بن طولون امير مصر وبين يديه شمعة وخلفه شمعة فاستأذن فدخل ثم سلم وجلس وادخل يده فى كمه فأخرج رقعة فقال من محمد بن نصر المروزى فقلنا هذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فأعطاه ثم قال ان الامير احمد بن طولون يقرأ عليك ويقول لك استنفق هذا فاذا فنى بعثنا اليك مثله قال من محمد بن علويه الوزان فقلنا هذا فأعطاه مثل ذلك ثم قال من محمد بن هارون الطبرى فقلت انا فأعطانى مثل ذلك ثم قال من محمد بن اسحاق بن خزيمة فقلنا هو ذاك الساجد فامهله حتى رفع رأسه من السجدة فأعطاه مثل ذلك فقلنا لا نقبل هذا منك حتى تخبرنا بالقصة فقال ان الامير احمد بن طولون كان قائلا نصف النهار اذ اتاه آت فى منامه فقال يا احمد ما حجتك غدا عند الله اذا وقفت بين يديه فسألك عن اربعة من اهل العلم طووا منذ ثلاثة أيام لم يطعموا شيئا فانتبه فزعا مذعورا فكتب اسماءكم وصرر هذه الصرر وبعثنى فى طلبكم وكنت استخبر خبركم حتى وجدتكم الآن وقال المؤلف وقد رويت لنا هذه الحكاية على وجه آخر
أخبرنا ابو منصور القزاز عن الخطيب قال حدثنى ابو الفرج محمد بن عبيد الله

ابن محمد الشيرازى لفظا قال سمعت احمد بن منصور بن محمد الشيرازى يقول سمعت محمد بن احمد الصحاف السجستانى قال سمعت ابا العباس البكرى من ولد أبى بكر الصديق يقول جمعت الرحلة بين محمد بن جرير ومحمد بن اسحاق بن خزيمة ومحمد ابن نصر المروزى ومحمد بن هارون الرويانى بمصر فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم واضربهم الجوع فاجتمعوا ليلة فى منزل كانوا يأوون اليه فاتفق رأيهم على ان يستهموا ويضربوا القرعة فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام فخرجت القرعة على محمد بن اسحاق بن خزيمة فقال لأصحابه امهلونى حتى أتوضا وأصلى صلاة الخيرة قال فاندفع فى الصلاة فإذا هم بالشموع وخصى من قبل والى مصر يدق الباب ففتحوا الباب فنزل عن دابته فقال ايكم محمد بن نصر فقيل هو هذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها اليه ثم قال ايكم محمد بن جرير فقالوا هذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها اليه ثم قال ايكم محمد بن هارون فقالوا هو ذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها اليه ثم قال ايكم محمد بن اسحاق بن خزيمة فقالوا هو ذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها اليه ثم قال ان الامير كان قائلا بالامس فرأى فى المنام خيالا قال ان المحامد طوواكشحهم جياعا فانفذ اليكم هذه الصرر واقسم عليكم اذا نفدت فابعثوا الى احدكم
قال مؤلف الكتاب وقد سبق نحو هذه الحكايات عن الحسن بن سفيان النسوى توفى ابو بكر بن خزيمة ليلة السبت ثامن ذى القعدة من هذه السنة ودفن فى حجرة من داره ثم صيرت تلك الدار مقبرة
295 - محمد بن احمد بن الصلت ابن دينار ابو بكر الكاتب سمع وهب بن بقية وغيره وربما سمى احمد بن محمد بن الصلت الا أن الاول اشهر

اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابن رزق اخبرنا عمر بن جعفر البصرى قال محمد بن احمد بن الصلت ثقة مأمون توفى فى المحرم من هذه السنة
296 - محمد بن اسماعيل بن على ابن النعمان بن راشد ابو بكر البندار المعروف بالبصلانى سمع على بن الحسين الدرهمى وخالد بن يوسف السمتى وبندار وغيرهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى على بن محمد بن نصر الدينورى قال سمعت حمزة بن يوسف السهمى يقول سألت الدارقطنى عن محمد بن اسماعيل البصلانى فقال ثقة توفى فى شعبان هذه السنة
297 - يانس الموفقى كان فى اصل سور داره من خيار الفرسان والرجالة الف مقاتل توفى فى هذه السنة وخلف ضياعا تغل ثلاثين الف دينار

سنة ثم دخلت سنة اثنتى عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انهم وجدوا رجلا اعجميا واقفا على سطح مجلس من دار السر التى كان المقتدر يكثر الجلوس فيها عند والدته عليه ثياب دبيقى وتحتها قميص صوف ومعه محبرة ومقلمة وسكين واقلام وقيل انه دخل مع الصناع فحصل فى الموضع وبقى اياما فعطش فخرج يطلب الماء فظفربه وسئل عن حاله فقال ليس يجوز ان أخاطب غير صاحب هذه الدار فأخرج الى ابى الحسن بن الفرات فقال انا اقوم مقام صاحب الدار فقال ليس يجوز غير

خطابه فضرب فعدل الى ان قال ندا نم ولزم هذه اللفظة فضرب حتى مات فأخرج فصلب ولطخ بالنفط وضرب بالنار وأرجف الناس بان ابن الفرات دسه ليوهم المقتدر أن نصر الحاجب اراد أن يحتال ليفتك به لأنهم ارادوا مصادرة نصر
وفيها ضعف أمر ابى الحسن ابن الفرات بعد قوته وكان السبب انه ورد الخبر فى محرم هذه السنة بأن ابا طاهر بن ابى سعيد الجنابى ورد الى الهبير ليلتقى حاج سنة احدى عشرة وثلثمائة فى رجوعهم واوقع ببعض الحاج ومضى بعضهم على غير الطريق فعارضهم ابو طاهر وقاتلهم يوم الاحد لاثنتى عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة اثنتى عشرة فقتل منهم قتلا مسرفا واسر معه جماعة من خدم السلطان واسبابه واخذ جمال الحاج وسبى من اختار من النساء والرجال والصبيان وسار بهم الى هجر وترك باقى الحاج فى مواضعهم بلا جمال ولا زاد وكانت سن ابى طاهر فى ذلك الوقت سبع عشرة سنة فمات اكثر الحاج بالعطش والحفاء وحصل له ما حزر من الاموال الف الف دينار ومن الامتعة والطيب وغير ذلك بنحو الف الف وكان جميع عسكره نحوا من ثمانى مائة فارس ومثلهم رجاله فانقلبت بغداد وخرجت النساء منشورات الشعور مسودات الوجوه يلطمن ويصرخن فى الشوارع وانضاف اليهن حرم المنكوبين الذين نكبهم ابن الفرات وكانت صورة شنيعة فركب ابن الفرات الى المقتدر وحدثه الحال فقال له نصر الحاجب الساعة تقول اى شىء الرأى بعد أن زعزعت أركان الدولة وعرضتها للزوال بابعادك مؤنس المظفر الذى يناضل الاعداء ومن الذى اسلم رجال السلطان واصحابه الى القرمطى سواك واشار نصر على المقتدر بمكاتبة مؤنس بالتعجيل الى الحضرة فأمر أن يكتب اليه بذلك ووثب العامة على ابن

الفرات فرجمت طيارته بالآجر ورجمت داره وصاحوا يا ابن الفرات القرمطى الكبير وامتنع الناس من الصلاة فى الجوامع ثم قبض على ابن الفرات وابنيه وأسبابه وحمل الى دار نازوك والعامة يضربونه بالآجر ويقولون قد قبض على القرمطى الكبير واخذ خطه بألفى الف دينار وكان ابنه المحسن يخرج فى زى النساء فغمز عليه فأخذ وكتب خطه بثلاثة آلاف الف دينار وقتل ابن الفرات وولده المحسن ووزر ابو القاسم عبد الله بن محمد الخاقانى
وورد كتاب من محمد بن عبد الله الفارقى من البصرة يذكر ان كتاب ابى الهيجاء عبد الله بن حمدان ورد عليه من هجر وانه كلم ابا طاهر فى امر من كان استأسر من الحاج وسأل اطلاقهم وانه احصى من قتله منهم فكانوا من الرجال الفين ومائتين وعشرين ومن النساء نحو خمسمائة امرأة ووعد باطلاقهم ثم وردت الاخبار بورود طائفة الى البصرة الى ان كان آخر من اطلق منهم ابو الهيجاء فى جماعة من اصحاب السلطان وقدم معهم رسول من ابى طاهر يسأل الافراج له عن البصرة والاهواز فأنزل واكرم واقيمت له الانزال الواسعة ولم يجب الى ما التمس وانفق السلطان فى خروج مؤنس الى الكوفة ثم الى واسط الف الف دينار
ومن الحوادث ان نازوك جلس فى مجلس الشرطة ببغداد فاحضر له ثلاثة نفر من اصحاب الحلاج وهم حيدرة والشعرانى وابن منصور فطالبهم بالرجوع عن مذهب الحلاج فأبوا فضرب اعناقهم ثم صلبهم فى الجانب الشرقى من بغداد ووضع رؤسهم على سور السجن فى الجانب الغربى
وظهر بين الكوفة وبغداد رجل يدعى انه محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد بن على ابن الحسين بن على بن ابى طالب وجمع جمعا عظيما من الاعراب واستفحل امره فى شوال فأنفذ ابو القاسم الخاقانى حاجبه احمد بن سعيد وضم اليه خمسمائة رجل من الفرسان والف راجل وامره بمحاربته فظفر بجماعة من اصحابه وانهزم الباقون

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
298 - ابراهيم بن خمش ابو اسحاق الزاهد النيسابورى سمع محمد بن رافع وغيره وكان يعظ الناس انبأنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو بكر البيهقى اخبرنا ابو عبد الله الحاكم قال سمعت ابا منصور الصوفى ابن بنت ابراهيم يقول سمعت جدى يقول يضحك القضاء من الحذر ويضحك الاجل من الامل ويضحك التقدير من التدبير وتضحك القسمة من الجهد والعناء
299 - اسحاق بن بنان بن معن ابو محمد الانماطى سمع الوليد بن شجاع واسحاق بن ابى اسرائيل وكان ثقة توفى فى هذه السنة
300 - عبيد الله بن عبد الله بن محمد ابو العباس الصيرفى حدث عن عبد الاعلى بن حماد روى عنه على بن عمر السكرى وكان صدوقا توفى فى رجل هذه السنة
301 - عمر بن عبد الله بن عمر بن عثمان ابو القاسم المعروف بإبن ابى حسان الزيادى سمع المفضل بن غسان روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة وقيل فى سنة اربع عشرة وثلثمائة
302 - على بن محمد بن الفرات ابو الحسن وزرمرارا للمقتدر وملك اموالا كثيرة تزيد على عشرة آلاف الف دينار وبلغت غلته الف الف دينار واودع الاموال وجوه الناس فلم يبق ببغداد قاض ولا عدل ولا تاجر مستور الا ولابن الفرات عنده وديعة

انبأنا محمد بن ابى طاهر انبأنا على بن المحسن عن ابيه قال حدثنى ابو الحسين عبد الله ابن احمد بن عياش القاضى ان رجلا دامت عطلته فزور كتبا عن على بن محمد ابن الفرات وهو وزير الى أبى زنبور عامل مصر وخرج اليه فلقيه بها فأنكرها ابو زنبور لإفراط التأكيد فيها واستراب بالخطاب فوصل الرجل بصلة يسيرة وامر له بجراية وقال تأخذها الى ان انظر فى امرك وانفذ الكتب الى ابن الفرات وكان فيها ان للرجل حرمة وكيدة بالوزير وخدمة قديمة فوصلت الكتب الى ابى الحسن بن الفرات واصحابه بين يديه فعرفهم ذلك وقال ما الرأى فقال بعضهم نقطع يده للتزوير على الوزير وقال بعضهم يقطع ابهامه وقال بعضهم يضرب ويحبس وقال بعضهم يكشف امره لأبى زنبور حتى يطرده فقال ابن الفرات ما أبعد طباعكم عن الجميل رجل توسل بنا وتحمل المشقة الى مصر بجاهنا ولعله كان لا يصل الينا فيأخذ كتبنا فخفف عنا بأن كتب لنفسه يكون حظه الخيبة ثم كتب على الكتاب المزور الى ابى زنبور هذا كتابى ولا اعلم لاى سبب انكرته ولا لأى سبب استربت به وحرمة صاحبه بى وكيدة وسببه عندى اقوى مما تظن فاجزل عطيته وتابع بره فلما كان بعد مدة طويلة دخل عليه رجل جميل الهيئة فأقبل يدعو له ويبكى ويقبل الارض بين يديه وابن الفرات لا يعرفه ويقول بارك الله علك مالك فقال انا صاحب الكتاب المزور الى أبى زنبور الذى حققه بفضل الوزير فعل الله به وصنع فضحك ابن الفرات وقال فبكم وصلك فقال وصل الى من ماله وبتقسيط قسطه لى وبتصرف صرفنى عشرون الف دينار فقال الزمنا فانا ننفعك باضعانه واستخدمه فأكسبه مالا عظيما قال ابن عياش وكان اول ما انحل من نظام سياسة الملك فيما شاهدناه القضاء فان ابن الفرات وضع منه وادخل فيه اقواما لا علم لهم ولا ابوة فما مضت الا سنوات حتى ابتدأت الوزارة تتضع ويتقلدها من ليس باهل حتى

بلغت سنة نيف وثلاثين وثلثمائة الى ان تقلد وزارة المتقى ابو العباس الاصبهانى الكاتب وكان فى غاية سقوط المروءة والرقاعة ولقد رأيت قردا معلما يقول له القراد تحب ان تكون بزازا فيقول نعم ويومى برأسه فيقول تشتهى ان تكون عطارا فيومى برأسه نعم الى ان يقول أتشتهى ان تكون وزيرا فيومى برأسه لا فيضحك الناس وكان اول ما وضع من القضاء انه قلده ابا امية الاحوص البصرى فانه كان بزاز فاستتر ابن الفرات عنده وخرج من داره الى الوزارة فولاه القضاء وجرت الحال على ما ذكرنا فى ترجمة الاحوص سنة ثلثمائة وقد ذكرنا كيف اتضع ابن الفرات وكيف اخد وحبس وقتل فى حوادث هذه السنة فلا نعيده انبأنا محمد بن أبى طاهر عن أبى القاسم التنوخى عن ابيه قال اخبرنى بعض الكتاب قال كان ابن الفرات قد صودر على الف الف دينار وستمائة الف دينار فأدى جميعها فى مدة ستة عشر شهرا من وقت أن قبض عليه اخبرنا ابو بكر محمد بن أبى طاهر البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو محمد قال حدثنى بعض شيوخ الكتاب ببغداد عمن حدثه انه سمع ابا الحسن ابن الفرات يقول لأبى جعفر بن بسطام ويحك يا ابا جعفر لك قصة فى رغيف فقال ان امى كانت عجوزا صالحة عودتنى منذ ولدتنى ان تجعل تحت مخدتى التى انام عليها فى كل ليلة رغيفا فيه رطل فاذا كان من غد تصدقت به عنى فانا افعل ذلك الى الآن فقال ابن الفرات ما سمعت باعجب من هذا إعلم انى من أسوأ الناس رأيا فيك لأمور اوجبت ذلك فى منامى كأننى استدعيك لأقبض عليك فتحاربنى وتمتنع منى فاتقدم لمحاربتك فتخرج الى من يحاربك وبيدك رغيف كالترس فتتقى السهام ولا يصل اليك منها شىء واشهد الله انى قد وهبت لله عز و جل ما فى نفسى عليك وان رأيى لك اجمل رأى من الآن فانبسط
303 - فاطمة بنت عبد الرحمن ابن ابى صالح الحرانى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا احمد

ابن محمد العتيقى على بن ابى سعيد المصرى قال حدثنا أبى قال فاطمة بنت عبد الرحمن بن عبد الغفار الربعى تكنى ام محمد مولدها ببغداد وقدم بها الى مصر وهى حدثة سمعت من ابيها عبد الرحمن وطال عمرها حتى جاوزت الثمانين وكانت تعرف بالصوفية لأنها اقامت تلبس الصوف ولا تنام الا فى مصلاها بلا وطاء فوق ستين سنة سمع منها ابن اخيها عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن توفيت فى هذه السنة
304 - محمد بن اسحاق ابن عبد الملك الهاشمى الخطيب كان يلى صلاة الجمعة فى المسجد الجامع بدار الخلافة وصلاة الاعياد فى المصلى وتوفى يوم السبت لست خلون من ذى الحجة من هذه السنة
305 - محمد بن محمد بن سليمان ابن الحارث بن عبد الرحمن ابو بكر الازدى الواسطى المعروف بالباغندى سمع محمد بن عبد الله بن نمير وابا بكر وعثمان ابنى أبى شيبة وشيبان بن فروخ على بن المدينى وخلقا كثيرا من اهل الشام ومصر والكوفة والبصرة وبغداد ورحل فى طلب الحديث الى الامصار البعيدة وعنى به العناية العظيمة وأخذ عن الحفاظ والائمة وكان حافظا فهما كان يقول انا أجيب فى ثلاثمائة الف مسألة فى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم وسكن بغداد فحدث بها فروى عنه المحالي وابن مخلد وأبو بكر الشافعى ودعلج وابن الصواف وابن المظفر وابن حيويه وابن شاهين وخلق كثير
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد الخطيب قال سمعت هبة الله بن الحسن الطبرى

يذكر أن الباغندى كان يسرد الحديث من حفظه مثل تلاوة القرآن وكان يقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان وحدثنا فلان وهو يحرك رأسه حتى تسقط عمامته
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى العتيقى قال سمعت عمر بن احمد الواعظ يقول قام ابو بكر الباغندى يصلى فكبر ثم قال حدثنا محمد بن سليمان لوين فسبحنا به فقال بسم الله الرحمن لرحيم الحمد لله رب العالمين قال المؤلف وقد انبأنا بمثل هذه الحكاية محمد بن عبد الملك بن خيرون قال انبأنا ابو الحسين بن المهتدى عن ابى جعفر بن شاهين قال صليت خلف محمد بن سليمان الباغندى فافتتح الصلاة ثم قال حدثنا محمد بن سليمان لوين فقيل له سبحان الله فقال انبأنا شيبان بن فروخ الابلى فقالوا سبحان الله فقال بسم الله الرحمن الرحيم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على حدثنا ابو محمد عبد الله بن على بن عياض القاضى اخبرنا محمد بن احمد بن جميع حدثنا احمد بن محمد بن شجاع قال كنا عند ابراهيم بن موسى الجوزى ببغداد وكان عنده الباغندى ينتقى عليه فقال له ابراهيم بن موسى هوذا تسخر بى انت اكثر حديثا منى واعرف واحفظ للحديث فقال له قد حبب الى هذا الحديث بحسبك انى رأيت النبى صلى الله عليه و سلم فى النوم فلم اقل له ادع الله لى بل قلت له يا رسول الله ايما اثبت فى الحديث منصور او الاعمش فقال لى منصور منصور
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال لم يثبت من امر الباغندى ما يعاب به سوى التدليس فرأيت كافه شيوخنا يحتجون بحديث ويخرجونه فى الصحيح وقال الدارقطنى الباغندى كثير التدليس يحدث بما لم يسمع وربما سرق وتوفى يوم الجمعة ودفن يوم السبت لعشر بقين من ذى الحجة من هذه السنة وقد قيل سنة ثلاث عشرة والاول اصح

سنة ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها أن بنى هاشم ضجوا فى الطرقات لتأخر ارزاقهم عنهم وذلك لثمان من المحرم ولليلة بقيت من المحرم انقض كوكب قبل مغيب الشمس من ناحية الجنوب الى ناحية الشمال فأضاءت الدنيا منه اضاءة شديدة وكان له صوت كصوت الرعد الشديد
ولم يزل ابو القاسم الخاتانى فى ايام وزارته يبحث عمن يدعى عليه من اهل بغداد انه يكاتب القرمطى ويتدين بدين الاسماعيلية الى ان تظاهرت عنده الاخبار بأن رجلا يعرف بالكعكى ينزل فى الجانب الغربى رئيس للرافضة وانه من الدعاة الى مذهب القرامطة فتقدم الى نازوك بالقبض عليه فمضى ليقبض عليه فتسلق من الحيطان وهرب ووقع برجل فى داره كان خليفته ووجد فى الدار رجالا يجرون مجرى المتعلمين فضرب الرجل ثلثمائة سوط وشهره على جمل ونودى عليه هذا جزاء من يشتم ابا بكر وعمر وحبس الباقين وعرف المقتدر أن الرافضة تجتمع فى مسجد براثا فتشتم الصحابة فوجه نازوك للقبض على من فيه وكان ذلك فى يوم الجمعة لست بقين من صفر فوجدوا فيه ثلاثين انسانا يصلون وقت الجمعة ويعلنون البراءة ممن يأتم بالمقتدر فقبض عليهم وفتشوا فوجدوا معهم خواتيم من طين ابيض يختمها لهم الكعكى عليها محمد بن اسماعيل الامام المهدى ولى الله فأخذوا وحبسوا وتجرد الخاقانى لهدم مسجد براثا واحضر رقعة فيها فتوى من الفقهاء انه مسجد ضرار وكفر وتفريق بين المؤمنين وذكر انه ان لم يهدم كان مأوى الدعاء والقرامطة فأمر المقتدر بهدمه فهدمه نازوك وامر الخاقاني بتصييره مقبرة فدفن فيه عدة من الموتى واحرق باقيه

وكتب الجهال من العوام على نخل كان فيه هذا مما أمر معاوية بن ابى سفيان بقبضه على على بن أبى طالب
وفى يوم الثلاثاء لإثنتى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر خرج مفلح الاسود لايقاع الفداء ببلاد الروم فتم الفداء لخمس بقين من رجب
وكان الحاج قد خرجوا من بغداد فى ذى القعدة فخرج جعفر بن ورقاء وهو والى طريق مكة والكوفة فتقدم الحاج خوفا من أبى طاهر الجنابى وكان معه الف فارس من بنى شيبان فلقى جعفر بن ورقاء بزبالة فناوشه قليلا واضطرب الناس ورجعوا الى الكوفة وتبع ابو طاهر القوافل ورجال السلطان حتى صار الى القادسية فخرج اليه اهلها وسألوه ان يؤمنهم فأمنهم ثم رحل الى الكوفة وخرج اليه اهل الكوفة واصحاب السلطان فحاربوه فغلبهم وأقام بظاهر الكوفة سبعة ايام يدخل البلد بالنهار ويخرج بالليل فيبيت فى معسكره ويحمل ما قدر عليه فحمل من الوشى اربعة آلاف ثوب ومن الزيت ثلثمائة راوية ومن الحديد شىء كثير ثم رحل الى بلده فدخل جعفر بن ورقاء ومن معه الى بغداد فتقدم المقتدر الى مؤنس بالخروج لمحاربة ابى طاهر واضطرب اهل بغداد اضطرابا شديدا انتقل اكثر من فى الجانب الغربى الى الشرقى ولم يحج فى هذه السنة احد من اهل بغداد ولا من اهل خراسان وكان ابو العباس احمد بن عبيد الله بن احمد ابن الخصيب قد استخرج مالا كثيرا من زوجة المحسن ولد ابن الفرات فصارت له بذلك مرتبة عند المقتدر فأرجف بوزارته فقدح فيه الخاقاني وكتب هو يقدح فى الخاقانى فآل الامر الى ان صرف الخاقانى وكانت مدة وزارته سنة وستة اشهر ويومين واحضر المقتدر الخصيبى فقلدا الوزارة وخلع عليه
وكثر الرطب فى هذه السنة ببغداد حتى بيع كل ثمانية ارطال بحبة وعمل منه تمر وحمل الى البصرة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
306 - ابراهيم بن محمد ابن ايوب بن بشير ابو القاسم الصائغ حدث عن محمد بن حسان الازرق واسحاق ابن ابراهيم البغوى وابراهيم الحربى وغيرهم وروى عن ابن قتيبة مصنفاته وكان ثقة ثنتا وتوفى فى هذه السنة
307 - ابراهيم بن نجيح ابن ابراهيم بن محمد بن الحسين ابو القاسم الكوفى نزل بغداد وحدث بها عن ابيه وعن محمد بن اسحاق البكائى وروى عنه محمد بن المظفر وتوفى ببغداد وجىء به الى الكوفة فدفن بها فى هذه السنة
308 - الحسن بن محمد ابن عبد الله بن شعبة ابو على الانصارى سمع حوثرة بن محمد وغيره روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
309 - سعيد بن سعدان ابو القاسم الكاتب سمع من جماعة وروى عنه ابن المظفر الحافظ وكان صدوقا وتوفى فى المحرم هذه السنة
310 - عبيد الله بن محمد ابن عبد الله بن سعيد بن المغيرة بن عمرو بن عثمان بن عفان ابو عمر والعثمانى سمع ابن المدينى روى عنه ابن المظفر وابن حيويه وكان صدوقا وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
311 - عثمان بن سهل بن مخلد البزاز حدث عن الحسن الزعفرانى روى عنه ابو عمر ابن حيويه وكان ثقة توفى فى

رمضان هذه السنة
312 - على بن عبد الحميد ابن عبد الله بن سليمان ابو الحسن الغضائرى حدث عن عبيد الله القواريرى وعباس العنبرى وجماعة وكان ثقة ومات فى شوال هذه السنة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا ابو طالب يحيى ابن على الدسكرى اخبرنا ابو بكر ابن المقرىء قال سمعت على بن عبد الحميد الغضائرى يقول سمعت السرى السقطى ودنقت عليه الباب فقام الى عضادتى الباب فسمعته يقول اللهم اشغل من يشغلنى عنك بك قال ابن المقرىء وزادني بعض اصحابنا عليه انه قال وكان من بركة دعائه أنى حججت اربعين حجة على رجلى من حلب ذاهبا وراجعا
313 - على بن محمد بن بشار ابو الحسن حدث عن صالح بن احمد بن حنبل وأبى بكر المروزى وكان من كبار الصالحين واهل الكرامات
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو الفضل عبد الصمد ابن محمد الخطيب قال حدثنا الحسن بن الحسين بن حكمان قال سمعت ابا الحسن احمد ابن محمد بن مقسم يقول سمعت ابا الحسن بن بشار يقول وكان اذا اراد أن يخبر عن نفسه شيئا قال اعرف رجلا حاله كذا وكذا فقال ذات يوم اعرف رجلا منذ ثلاثين سنة يشتهى ان يشتهى ليترك ما يشتهى فما يجد شيئا يشتهى حدثنا ابو بكر العامرى قال انبأنا ابو سعد بن أبى صادق قال انبأنا ابن باكويه قال سمعت محمد بن احمد بن الحسن المقرىء يقول سمعت ابا الحسن على بن محمد بن بشار يقول منذ ثلاثين سنة ما تكلمت بكلمة احتاج ان اعتذر منها توفى ليلة الخميس لسبع خلون من ربيع الاول من هذه السنة فحضره الامراء والوزراء ودفن

يوم الخميس بمشرعة الساج من الجانب الغربى ببغداد وقبره اليوم ظاهر يتبرك به
314 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم ابن مهران بن عبد الله ابو العباس السراج مولى ثقيف ولد فى سنة ثمان عشرة ومائتين وسمع قتيبة واسحاق بن راهويه وخلقا كثيرا من اهل خراسان وبغداد والكوفة والبصرة والحجاز روى عنه البخارى ومسلم وابن ابى الدنيا وكان من المكثرين الثقات وعنى بالحديث وصنف كتبا كثيرة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا القاضى ابو العلاء الواسطى حدثنا محمد بن جعفر التميمى قال سمعت ابا حامد احمد بن محمد الفقيه يقول سمعت ابا العباس بن السراج يقول يوما لبعض من حضر واشار الى كتب منضدة عنده فقال هذه سبعون الف مسألة لمالك مانفضت التراب عنها منذ كتبتها اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنا ابو طالب مكى بن على حدثنا ابراهيم بن محمد المزكى قال كان ابو العباس السراج مجاب الدعوة اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو بكر الحوارزمى قال سمعت ابا العباس ابن حمدان يقول سمعت محمد بن اسحاق السراج يقول رأيت فى المنام كأنى ارقى فى سلم طويل فصعدت تسعا وتسعين مرقاة فكل من قصصت عليه ذلك يقول لى تعيش تسعا وتسعين سنة قال ابن حمدان وكان ذلك عمر السراج تسعا وتسعين سنة ثم مات اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا ابو بكر الخطيب قال قرأت على قبر السراج بنيسابور فى لوح عند رأسه هذا قبر ابى العباس محمد ابن اسحاق السراج مات فى سنة ثلاث عشرة وثلثمائة
اخبرنا زاهر بن طاهر اذنا انبأنا احمد بن الحسين البيهقى اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال سمعت ابا عمر بن ابى العباس السراج يقول ولدت وابى ابن ثلاث وثمانين

سنة وتوفى ابى وانا ابن ثلاث عشرة سنة وكنت اذا دخلت مسجد ابى يقول للناس عملت هذا بعد ثمانين سنة فى ليلة
315 - محمد بن احمد ابن الحسن بن خراش ابو الحسين حدث عن بشر بن الوليد ومحمود بن غيلان والوليد بن شجاع وغيرهم وكان البغوى سيىء الرأى فيه وتوفى فى رجب هذه السنة
316 - محمد بن احمد بن المؤمل ابن أبان بن تمام ابو عبيد الصيرفى سمع أباه والقاسم بن هاشم فى آخرين وروى عنه ابن حيويه وغيره
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو بكر البرقانى حدثنا عمر ابن بشران قال ابو عبيد بن المؤمل ثقة يفهم قال ابن شافع توفى ابو عبيد فى هذه السنة وقيل فى سنة ثنتى عشرة والاول اصح
317 - محمد بن احمد بن هشام ابو نصر الطالقانى سمع ابراهيم بن هانىء والفتح بن شخرف روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وربما سماه بعض الرواة احمد بن محمد بن هشام وتوفى فى هذه السنة
318 - محمد بن ابراهيم ابو جعفر الاطروش البرقى الكاتب سمع ابا عمر الدورى ويحيى بن اكثم القاضى وغيرهما وروى عنه ابو بكر الجعابى وغيره احاديث مستقيمة وتوفى لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان هذه السنة

319 - محمد بن جمعة بن خلف ابو قريش القهستانى كان كثير السماع والرحلة صنف وجمع وكان ضابطا متقنا حافظا وروى عن خلق كثير روى عنه ابن مخلد وابو بكر الشافعى وتوفى بقهستان فى هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة اربع عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الروم دخلت فى صفر الى ملطية فأخربوا وسبوا واقاموا فيها اياما كثيرة فوصل اهل ملطية إلى بغداد فى جمادى الآخرة مستغيثين من الروم
وفى ليلة الثلاثاء لاربع بقين من جمادى الاولى وقع حريق فى نهر طابق فاحترق فيه الف دار وألف دكان
وفى هذا الشهر قرئت الكتب على المنابر بموت الدمستق وفى رجب وقع حريق فى دار السلطان فاحترقت دور الامراء وفى يوم الاحد لاربع خلون من شعبان ورد كتاب من مكة يذكرون خروج اهل مكة منها ونقلهم حرمهم واموالهم خوفا من القرمطى لاتصال الخبر بقربه منهم
وورد الخبر بأن ريحا عظيمة هبت فى رمضان بنصيبين حتى قلعت الشجر وهدمت المنازل وفى يوم الاحد لثمان خلون من شوال وهو اليوم السابع من كانون سقط ببغداد ثلج كثير وقبل هذا اليوم بستة ايام برد الهواء بردا شديدا ثم زاد شدة بعد سقوط الثلج وافرط فى الشدة جدا حتى تلف اكثر نخل بغداد وسوادها وجف وتلف شجر الانرج والتين والسدر وجمد الشراب والمارود والخل وجمدت الخلجان الكبار من دجلة ببغداد وجمد اكثر الفرات بنواحى الرقة وجمدت دجلة بأسرها بالموصل حتى عبرت الدواب عليها وحتى

جلس المعروف بأبى زكرة المحدث فى وسط دجلة على الجمد وكتب عنه الحديث ثم انكسر البرد بريح جنوب ومطر غزير
وقدم الحاج من خراسان فى شوال فأحضرهم مؤنس المظفر وعرفهم شغل السلطان يأمر القرمطى عن إنفاذ من يبذرق الحاج فانصرفوا ولم يتهيأ حج من طريق العراق لخوف القرامطة
وفى ذى القعدة بعث المقتدر بالله نازوك فقبض على ابى العباس الخصيبى وعلى ابنه ابى الحسين وكاتبه اسرائيل بن عيسى وكانت مدة وزارته سنة وشهرين واستدعى المقتدر ابا القاسم عبيد الله بن محد الكلواذى يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة خلت من ذى القعدة واوصله الى حضرته واعلمه انه قد قلد ابا الحسن على ابن عيسى الوزارة وانه قد استخلفه الى ان يقدم وتقدم الى سلامة الطولونى بالنفوذ فى البرية الى دمشق ليحضر على بن عيسى فسار على بن عيسى من دمشق الى منبج ثم انحدر فى الفرات الى بغداد
وانعزل فى هذه السنة ابو جعفر بن البهلول القاضى عن القضاء فقيل له لم فعلت قال اريد أن يكون بين الصدر والقبر فرجة ومات بعد سنتين

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
320 - احمد بن محمد ابن هارون ابو عبد الله الجسرى كان ثقة يحفظ حدث بمصر وتوفى فى هذه السنة
321 - اسحاق بن ابراهيم ابن الخيل ابو يعقوب الجلاب سمع ابا بكر وعثمان ابنى ابى شيبة روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى غرة شعبان من هذه السنة وصلى عليه ابو عمر القاضى

322 - ثابت بن حزم ابن عبد الرحمن بن مطرف بن سليمان بن يحيى ابو القاسم العوفى من اهل سرقسطة ينسب الى عوف بن غطفان وهو عوف بن سعد بن ذبيان وقوم ينسبون عوفا الى قريش ويذكر العوفى نسبه الى رهط عطية العوفى من بنى سعد بن بكر وهم حضنة رسول الله صلى الله عليه و سلم رحل ثابت وطلب العلم وتولى قضاء سرقسطة وتوفى بالاندلس فى هذه السنة
323 - الحسن بن صاحب ابن حميد ابو على الشاشى احد الرحالين كتب ببلاد خراسان والجبال والعراق والحجاز والشام وقدم بغداد فى سنة احدى عشرة وثلثمائة فحدث بها عن على ابن خشرم واسحاق بن منصور وأبى زرعة وغيرهم روى عنه ابو بكر الجعابى وابن المظفر وكان ثقة وتوفى بالشاش فى هذه السنة
324 - سعيد النوبى صاحب باب النوبى من دار السلطان توفى فى صفر واقيم مكانه اخوه
325 - العباس بن يوسف ابو الفضل الشكلى حدث عن سرى السقطى روى عنه ابن شاهين وكان صالحا متنسكا توفى فى شهر رجب من هذه السنة
326 - محمد بن ابراهيم ابن زياد بن عبد الله الطيالسى الرازى كان جوالا وحدث ببغداد ومصر وطرطوس وسكن قرميسين وعمر طويلا وكان يحدث عن يحيى بن معين وعبيد الله بن عمر القواريرى وخلق كثير روى عنه ابن صاعد والجعابى وجعفر الخلدى وغيرهم

اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قرأت فى كتاب الدارقطنى بخطه محمد بن ابراهيم بن زياد متروك وفى موضع آخر ضعيف وسالت عنه البرقانى فقال بئس الرجل
328 - محمد بن جعفر ابن بكر بن ابراهيم ابو الحسين البزاز ويعرف بابن الخوارزمى سمع عثمان بن ابى شيبة واحمد بن ابراهيم الدورقى وعمرو بن على وغيرهم روى عنه ابن شاهين وغيره وتوفى فى هذه السنة
328 - محمد بن حسن ابو بكر الضرير الواعظ قال ابو سعيد بن يونس هو بغدادى قدم البصرة وكان من حفاظ القرآن حسن الصوت وكان يقعد فى الجامع ويقرأ بالألحان ويقع كلامه فى القلوب وكان كريما توفى بمصر فى هذه السنة
329 - محمد بن محمد ابن عبد الله الباهلى بغدادى حدث عن ابى عمر الدوزى واحمد الدورقى وغيرهما وكان ثقة ثبتا متزهدا من اهل الصيانة وتوفى بمصر فى ربيع الآخر من هذه السنة
330 - نصر بن القاسم بن نصر بن زيد ابو الليث الفرائضى سمع عبيد الله بن عمر القواريرى روى عنه ابن شاهين وكان ثقة عالما بالفرائض فقيها على مذهب أبى حنيفة مقرئا جليلا توفى فى هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة خمس عشرة وثلثمائة فمن الحوادث فيها ان على بن عيسى قدم وقد جعل وزيرا فخرج الناس لتلقيه فى اول صفر فمنهم من لقيه بالانبار ومنهم من لقيه دونها فلما وصل دخل الى المقتدر بالله فخاطبه بأجمل خطاب وانصرف الى منزله فبعث اليه المقتدر بكسوة فاخرة وفرش وعشرين الف دينار وخلع عليه فى غداة غد لسبع خلون من صفر فلما خلع عليه انشد
... ما الناس الا مع الدنيا وصاحبها ... فكيف ما انقلبت يوما به انقلبوا ... يعظمون اخا الدنيا فان وثبت ... يوما عليه بما لايشتهى وثبوا ...
وفى يوم الاحد لثمان خلون من ربيع الاول انقض كوكب عظيم له ضوء شديد على ساعتين بقيتا من النهار
وفى يوم الخميس لأربع خلون من ربيع الآخر خلع على مؤنس للخروج الى النغر لأن الكتاب ورد من عامل الثغور بان الروم دخلوا اسميساط واخذوا جميع ما فيها ونصبوا فيها خيمة الملك وضربوا فى المسجد الجامع بها فى اوقات صلواتهم الناقوس ثم قرئت الكتب على المنابر فى يوم الجمعة لاحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر أن المسلمين عقبوا على الروم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وغنموا غنائم كثيرة
وفى يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر ظهر ببغداد أن خادما من خواص خدم المقتدر بالله حكى لمؤنس المظفر أن المقتدر تقدم الى خواص خدمه بحفز زبية فى الدار المعروفة بدار الشجرة من دار السلطان حتى اذا حضره مؤنس للوداع عند عزمه على الخروج الى النغر حجب الناس وادخل مؤنس وحده فاذا اجتاز على تلك الزبية وهى مغطاة وقع فيها فنزل

الخدم وخنقوه ويظهر أنه وقع فى سرداب فمات فتأخر مؤنس عن المضى الى دار السلطان لهذا السبب وركب اليه القواد والغلمان والرجالة واصحابه بالسلاح وخلت دار السلطان من الجيش وقال له ابو الهيجاء عبد الله بن حمدان بحضرة الناس نقاتل بين يديك ايها الاستاذ حتى تنبت لك لحية فوجه اليه المقتدر بنسيم الشرابى ومعه رقعة بخطه اليه يحلف له فيها على بطلان ما بلغه ويعرفه انه قد عمل على المصير اليه فى الليلة المقبلة ليحلف له مشافهة على بطلان ما حكى له فصرف مؤنس اليه جميع من صار اليه من الجيش واجاب عن الرقعة بما يصلح وبأنه لا ذنب له من حضور من حضر داره لانه لم يدعهم واقتصر على خواص من رسمه من الغلمان والقواد وحلف ابوالهيجاء ان لا يبرح من دار مؤنس ليلا ولا نهارا الى ان يركب معه الى دار السلطان وتطمئن النفوس الى سلامته وتقدم المقتدر الى نصر الحاجب والاستاذين بالمصير الى مؤنس المظفر لينحدر معهم الى حضرته لوداعه فصاروا اليه وانحدروا معهم يوم الخميس لاثنتى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر ووصل الى المقتدر وقبل الارض بين يديه وقبل يده ورجله فخاطبه المقتدر بالجميل وحلف له على ثقته به وعلى صفاء نيته له وودعه مؤنس وذلك بعد أن قرأ عليه الوزير على بن عيسى كتاب وصيف البكتمرى المتقلد لأعمال المعاقل بجند قنسرين والعواصم بأن المسلمين عقبوا على الروم فظفروا بعسكرهم وقتلوا منهم وغنموا وخرج مؤنس من داره بسوق الثلاثاء يوم الاثنين لثمان بقين من ربيع الآخر الى مضربه بباب الشماسية وشيعه الامير ابو العباس بن المقتدر والوزير على بن عيسى ونصر الحاجب وهارون بن غريب وشفيع المقتدرى والقواد فلما بلغ الوزير على بن عيسى ونصر الحاجب معه الى دار مبارك القمى حلف عليهما بأن يرجعا فعدلا الى شاطىء دجلة وانصرفا في طياريهما وصار باقى القواد والاستاذين معه الى مضربه وكان سليمان بن الحسن يسايره وهارون بن غريب ويلبق وبشرى ونازوك وطريف العسكرى

يسيرون بين يديه كما تسير الحجاب ورحل مؤنس من مضربه يوم الاحد لليلتين بقيتا من ربيع الاخر
وفى جمادى الاولى وقع حريق بالرصافة وصف الجوهرى ومربعة الحرسى وفى الحطابين بباب الشعير
وفى يوم الخميس ثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى اخذ خناق ينزل درب الاقفاص من باب الشام خنق جماعة ودفنهم فى عدة دور سكنها وكان يحتال على النساء يكتب لهن كتاب العطف وبدعى عندهن علم النجوم والعزائم فيقصدنه فاذا حصلت المرأة عنده سلبها ووضع وتراله فى عنقها ورفس ظهرها واعانته امرأته وابنه فاذا ماتت حفر لها ودفنها فعلم بذلك فكبست الدار فاخرج منها بضع عشرة امرأة مقتولة ثم ظهر عليه عدة ادركان يسكنها مملوءة بالقتلى من النساء خاصة فطلب فهرب الى الانبار فأنفذ اليها من طلبه فوجده فقبض عليه وحمل الى بغداد فضرب الف سوط وصلب وهو حى ومات لست بقين من جمادى الاولى
وفى شعبان دخل الى بغداد ثلاثة عشر اسيرا من الروم اخذوا من بيت المقدس فيهم قرابة الملك
وفى هذه السنة كان ظهور الديلم فكان اول من غلب على الري منهم لنكى بن النعمان ثم ما كان بن كاكى ولقى اهل الجبل بأسرهم من الديلم شدة شديدة وذلك انهم اخربوا الجبل وقتلوا من اهله مقتلة عظيمة حتى الاطفال فى المهود ثم غلب على الرى اسفار بن شيرويه ومضى الى قزوين فألزم اهلها مالا وعسفهم عسفا شديدا واراق دماءهم وعذبهم فخرج النساء والشيوخ والاطفال الى المصلى مستغيثين الى الله عز و جل منه وكان له قائدا اسمه مرداويج بن زياد فوثب هذا القائد عليه فقتله وملك مكانه واساء السيرة باصبهان وانتهك الحرمات وجلس على سرير ذهب دونه سرير من فضة يجلس عليه من يرفع منه

وكان يقول انا سليمان بن داود وهؤلاء اعوانى الشياطين وكان يسىء السيرة فى اصحابه وخصوصا الاتراك فاصحر يوما بعسكره فاشتق العسكر رجل شيخ على دابة فقال قد زاد امر هذا الكافر واليوم تكفونه قبل تصرم النهار ويأخده الله اليه فدهشت الجماعة ولم ينطق احد بكلمة ومر الشيخ كالريح فقال الناس لم لا نتبعه ونأخذه ونسأله من اين له علم هذا او نمضى به الى مرداويج لئلا يبلغه الخبر فيلومنا فركضوا فى كل طريق فلم يجدوه ثم عاد مرداويج فدخل الى داره ونزع ثيابه ودخل الحمام فقتله الا تراك وركبوا الى الاصطبلات لنهب الخيل ولما قتل حمل تابوته فمشى الديلم بأجمعهم حفاة اربع فراسخ
وجاء ابو طاهر الهجرى رئيس القرامطة وكان قد أخذ الحاج فى سنة اثنتى عشرة فلما سمع الناس به اشتد خوفهم فبعث ابو القاسم يوسف بن ابى الساج الى محاربته وتقدم المقتدر أن يحمل الى يوسف سبعون الف دينار فسار نحو الكوفة وكان مع أبى طاهر الف فارس وخمسمائة راجل ومع يوسف اكثر من عشرين الف ما بين فارس وراجل وذلك سوى الاتباع فلما قرب الهجرى من الكوفة هرب عمال السلطان منها فقدم الهجرى مقدمته فى مائتى راجل فنزلت النجف ونزل هو بدير هند بحضرة خندق الكوفة وقد كان بعث ليوسف مائة كر دقيق والف كر شعير فأخذها الهجرى فقوى بها وضعف يوسف وسبق الهجرى الى الكوفة قبل يوسف بيوم فحال بينه وبينها وبعث يوسف اليه ينذره ويقول له ان أطعت والا فالحرب فأبى أن يطيع فوقعت الحرب بينهما يوم السبت لتسع خلون من شوال سنة خمس عشرة على باب الكوفة ولما عاين يوسف عسكر ابى طاهر احتقره وقال من هؤلاء الكلاب حتى افكر فيهم هؤلاء بعد ساعة فى يدى وتقدم ان يكتب كتاب الفتح قبل اللقاء فلما سمع اصحاب الهجرى صوت البوقات والد بادب من عسكر

يوسف قال رجل منهم لآخر هذا فشل فقال له اجل ولم يكن فى عسكر ابى طاهر دبادب ولابوقات وثبت يوسف فأثخن اصحاب ابى طاهر بالنشاب المسموم وجرح منهم اكثر من خمسمائة فلما رأى ابو طاهر ذلك وكان فى عمارية له نزل فركب فرسا وحمل فى خواصه وحمل يوسف بنفسه مع ثقاته فأسر يوسف وقتل من اصحابه عدد كثير وانهزم الباقون وقيل لبعض اصحاب الهجرى كيف تغلبون مع قلتكم فقالوا نحن نقدر السلامة فى الثبوت وهؤلاء يقدرونها فى الهرب وكان قد قبض يوسف بن ابى الساج على كاتبه ابى عبد الله محمد بن خلف وأخذ منه ما قيمته مائة الف دينار ثم أخذ خطه بخمسمائة الف دينار وبلغ الخبر الى بغداد فندب مؤنس للخروج اليه فجاء كتاب أن الهجرى رحل عن الكوفة الى ناحية الأنبار وما شك الناس انه يقصد بغداد ويملكها فماج اهل بغداد فقال على بن عيسى للمقتدر بالله ان الخلفاء انما يجمعون المال ليقمعوا به اعداء الدين ولم يلحق المسلمين منذ قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم اعظم من هذا الامر لأن هذا الرجل كافر وقد اوقع بالناس سنة اثنتى عشرة وجرى عليهم منه ما لم يعهد مثله وقد تمكنت هيبته فى قلوب الناس ولم يبق فى بيت مال الخاصة كثير شىء فاتق الله يا أمير المؤمنين وخاطب السيدة فان كان عندها مال قد ذخرته لشدة فهذا وقت اخراجه فدخل الى والدته وعاد فأخبر أن السيدة ابتدأته بالبذل وامرت باخراج خمسمائة الف دينار لتنفق وكان قد بقى فى بيت مال الخاصة خمسمائة الف فقال المقتدر بالله اخرج منها ثلاثمائة الف فأخرج ذلك ودبر تفرقته وبعث عسكرا فى اربعين الفا وقطعوا قنطرة عند عقرقوف فوصل اليها القرمطى فوجدها مقطوعة وسبر المحاضة فلم يجد عبرا ولو وجد لم يثنه عن بغداد فعاد الى الأنبار وبلغ على بن عيسى أن رجلا يعرف بالشيرازى مقيم ببغداد يكاتب القرمطى فقبض عليه

واستنطقه فقال ما صحبته الا لأنه على الحق وانتم مبطلون كفار فقال اصدقنى عن الذين يكاتبونه فقال ولم اصدقك عن قوم مؤمنين حتى تسلمهم الى اصحابك الكافرين فيقتلونهم لا افعل هذا ابدا فصفع وضرب بالمقارع وقيد وغل وجعل فى فمه سلسلة وحبس فلم يأكل ولم يشرب ثلاثا فمات ووجه يليق الى محاربة القرمطى فلم يثبت يلبق وانهزم وكان يوسف بن ابى الساج اسيرا مع القرمطى فأخرج رأسه من خيمة يتطلع لينظر الى الوقعة فقال له القرمطى اردت الهرب وظننت ان غلمانك يخلصونك فضرب عنقه ولما انصرف القرمطى عن الأنبار تصدق المقتدر والسيدة وعلى بن عيسى بخمسين الف درهم ولما صلى بمدينة السلام وسلموا تصدقوا بعشرة آلاف درهم ولما انصرف عن المقتدر بالله من بيت مال الخاصة بمائة الف درهم
وفى هذه السنة بلغت زيادة دجلة اثنى عشر ذراعا وثلاثين ولم يحج فى هذه السنة احد من العراق وخراسان لخوف الهجرى ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
331 - اسحاق بن احمد ابن جعفر ابو يعقوب الكاغدى حدث بمصر واستوطن تنيس وحدث بها وأم فى جامعها روى عنه يقوب الدورقى وغيره وتوفى بدمياط فى هذه السنة
332 - ايوب بن يوسف ابن ايوب بن سليمان ابو القاسم البزاز المصرى سكن بغداد وحدث بها روى عنه ابن شاهين وتوفى فى هذه السنة
333 - بدر الشرابى توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة

334 - الحسن بن محمد ابن الحسن بن صالح بن شيخ بن عميرة ابو الحسين الاسدى حدث عن علي بن خشرم روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
335 - الحسين بن محمد ابن محمد بن عفير بن محمد بن سهل بن أبى حثمة ابو عبد الله الانصارى وسهل من الصحابة ولد الحسين فى سنة تسع عشرة ومائتين وسمع ابا بكر بن أبى شيبة ولوينا وغيرهما روى عنه الشافعى وابن الصواف وابن المظفر وابو بكر ابن شاذان وابن شاهين قال الدارقطنى هو ثقة وكان يسكن سويقة نصر من الجانب الشرقى وتوفى فى صفر هذه السنة عن ست وتسعين سنة وايام
336 - الحسين بن عبد الله ابن الجصاص الجوهرى ابو عبد الله كان ذا ثورة عظيمة وكانت بداية امره ان ابن طولون قال له ما صناعتك قال الجوهر قال لا يبتاع لنا شىء الا على يده فكسب الاموال انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى القاسم على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو على احمد بن الحسين بن عبد الله الجصاص قال قال لى ابى كان بدؤ اكثارى اننى كنت فى دهليز حرم ابى الجيش خمارويه بن احمد بن طولون وكنت اتوكل له ولهم فى ابتياع الجوهر وغيره مما يحتاجون اليه وما كنت اكاد افارق الدهليز لاختصاصى بهم فخرجت الى قهرمانة لهم فى بعض الايام ومعها عقد جوهر فيه مائة حبة لم ار قبله احسن منه تساوى كل حبة الف دينار فقالت يحتاج ان تخرط هذه حتى تصغر فنجعله لمكعب وكدت اطير فرحا فأخذتها وقلت السمع والطاعة وخرجت فى الحال فجمعت التجار ولم ازل اشترى ما قدرت عليه الى ان حصلت مائة حبة

اشكالا فى النوع الدى أرادوه فجئت بها عشية فقلت ان خرط هذا لا يحتاج الى زمان وقد خرطنا اليوم ما قدرنا عليه وهو هذا فدفعت اليهم المجتمع وقلت الباقى نخرطه فى ايام فقنعوا بذلك وما زلت أياما فى طلب الحب حتى اجتمع فحملت اليهم مائتى حبة قامت على بأثمان قريبة تكون مائة الف درهم اوحواليها وحصلت جوهرا بمائتى الف دينار او حواليها ثم لزمت دهليزهم وأخذت لنفسى غرفة كانت فيه فجعلتها مسكنى فلحقنى من هذا اكثر مما لحقنى حتى كثرت النعمة وانتهيت الى ما استفاض خبره ولما نكبنى المقتدر واخذ منى تلك الاموال العظيمة اصبحت يوما فى الحبس آيس ما كنت فيه من الفرج فجاءنى خادم فقال البشرى قلت وما الخبر قال قم فقد اطلقت فقمت معه فاجتازنى فى بعض دور الخليفة يريد اخراجى الى دار السيدة لتكون هى التى تطلقنى لأنها هى شفعت فى فوقعت عينى على اعدال خيش لى اعرفها فكان مبلغها مائة عدل فقلت اليس هذا من الخيش الذى حمل من دارى قال بلى فتأملته فاذا هو مائة عدل وكانت هذه الاعدال قد حملت الى من مصرفى كل عدل منها الف دينار وكان لى هناك حافظ عليه فجعلوه فى اعدال الخيش فوصلت سالمة ولإستغنائى عن المال لم اخرجه عن الاعدال وتركته فى بيت من دارى وقفلت عليه ونقل كل ما فى دارى فكان آخره انقل الخيش منها ولم يعرف احد ما فيه فلما رأيته بشدة طمعت فى خلاصه فلما كان بعد ايام من خروجى راسلت السيدة وشكوت حالى اليها وسألتها أن تدفع الى ذلك الخيش لأنتفع بثمنه اذ كان لا قدر له عندهم ولا حاجة لهم اليه فوعدتنى بخطاب المقتدر فى ذلك فلما كان بعد ايام اذكرتها فقالت قد امر بتسليمه اليك فسلم الى بأسره ففتحته فأخذت منه المائة الف دينار ما ضاع منه شىء وبعت من الخيش ما اردت بعد أن اخذت منه قدر الحاجة قال المحسن وحدثنى ابو العباس هبة الله بن النجم ان جده حدثه انه لما قبض المقتدر على ابن الجصاص انفذ الى داره من يحصى

ما فيها ويحمله فقال لى الذى كتب الاحصاء انا وجدنا له فى قماشه سبعمائة مزملة جباب فما ظنك بما يكون هذا فى جملته قال المحسن وحدثنى ابو الحسين بن عياش انه سمع جماعة من ثقات الكتاب يقولون انهم حصلوا ما ارتفعت به مصادرة ابى عبد الله بن الجصاص فى ايام المقتدر فكانت ستة آلاف الف دينار سوى ما قبض من داره وبعد الذى بقى له من ظاهره قال المحسن وسمعت ابا محمد جعفر ابن ورقاء الشيبانى يحدث فى سنة تسع واربعين وثلثمائة قال اجتزت بابن الجصاص بعد اطلاقه الى داره من المصادرة بأيام وكانت بيننا مودة ومصاهرة فرأيته على روشن داره على دجلة فى وقت حار وهو حاف حاسر يعدو من اول الروشن الى آخره كالمجنون فطرحت طيارى اليه وصعدت بغير اذن فلما رآنى استحيا وعدا الى مجلس له فقلت له ويحك ما الذى اصابك فدعا بطست فغسل وجهه ورجليه ووقع ساعة كالمغشى عليه ثم قال أولا يحق لى ان يذهب عقلي وقد خرج عن يدى كذا وكذا واخذ منى كذا وكذا وجعل بعده امرا عظيما فقلت له والعقول والاديان فما سلم لك ذلك فالفضل معك وانما يقلق هذا القلق من يخاف الفقر والحاجة الى الناس او يفقد العادة من مأكول ومشروب وملبوس او النقصان فى جاه فاصبر حتى اوافقك على انه ليس ببغداد بعد ما خرج عنك ايسر منك من اصحاب الطيالس فقال هات فقلت اليس دارك هذه التى كانت قبل مصادرتك ولك فيها من الفرش والاثاث ما فيه جمال لك قال بلى فقلت وقد بقى من عقارك بالكرخ ما قيمته خمسون الف دينار فقال نعم قلت ودار الحرز وقيمتها عشرة آلاف دينار قال نعم قلت وعقارك بباب الطاق قيمته ثلاثون الف دينار قال نعم قلت وبستانك الفلانى ومصنعتك الفلانية وقيمتهما كذا قال نعم قلت ومالك بالبصرة قيمته مائة الف دينار قال نعم فجعلت اعدد عليه حتى بلغت قيمة ذلك سبعمائة الف دينار فقلت واصدقنى

عما سلم لك من الجوهر والاثاث والقماش والجوارى والعبيد والدواب وعن قيمة ذلك فبلغت قيمة ما ذكر ثلثمائة الف دينار فقلت يا هذا من ببغداد اليوم يحتوى ملكه على الف الف دينار وجاهك عند الناس الجاه الاول وهم يظنون انه قد بقى لك ضعف هذا فلم تغتم قال فسجد وحمد الله وبكى ثم قال والله لقد غلبت على الفكر حتى نسبت جميع هذا انه لى وقل فى عينى لإضالته الى ما أخذ منى ولو لم نجئنى الساعة لزاد الفكر على حتى يبطل عقلى فان الله تعالى انقذ بك وما عزانى احد انفع من تعزيتك وما اكلت منذ ثلاث شيئا فأحب ان تقيم عندى لنأكل ونتحدث فأقمت عنده يومى قال المصنف وقد ذكر فيما أخذ من ابن الجصاص خمس مائة سفط من مرتفع ثياب مصر ووجد له فى بستانه اموال كثيرة مدفونة فى جرار خضر وفماقم مرصصة الرأس وقد كان ابن الجصاص ينسب الى التغفيل فله كلمات عجيبة قد ذكرتها فى كتاب المغفلين الا انهم قالوا كان يتطابع بها ويقصد ان يظنوا فيه سلامة الصدر وقد ذكرت طرفا مما يدل على ذكائه وفطنته فى ذلك الكتاب
327 - سليمان بن داود بن كثير بن وفدان ابو محمد الطوسى سكن بغداد وحدث بها عن لوين وسوار بن عبد الله وروى عنه ابن شاهين وكان صدوقا وتوفى فى هذه السنة
338 - عبد الله بن احمد بن سعيد ابو القاسم الجصاص حدث عن بندار وعن محمد بن المثنى وروى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاخرة من هذه السنة
339 - على بن سليمان بن الفضل ابو الحسين الاخفش روى عن البرد وثعلب والزيدى وغيرهم روى عنه ابن المرزبان والمعافى

وكان ثقة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة وقيل فى شعبان فجاءة وحكى ثابت بن سنان قال كان ابو الحسن الأخفش يواصل ابا على بن مقلة ويبره ابو على فشكا اليه يوما شدة الفاتة وسأله ان يكلم على بن عيسى الوزير فى اخراج رزق له فلم يفعل وزبر ابا على وانتهره فعلم الاخفش فاغتم وانتهت به الحال إلى ان أكل الشلجم التي فقيل انه قبض على قلبه فمات نجاءة
340 - محمد بن جعفر بن احمد ابو عمر بن شبيب ابو الحسن الصيرفى يعرف بإبن الكوفى حدث عن لوين وغيره وروى عنه ابن المظفر وابن شاهين وتوفى فى مصر هذه السنة
341 - محمد بن الحسين بن حفص ابو جعفر الخثعمى الأشنانى الكوفي قدم بغداد وحدث بها عن عباد بن يعقوب الرواجنى وابى كريب روى عنه الباغندى والمحاملى وابن السماك وابن الجعابى وابن المظفر وقال الدارقطنى هو ثقة مأمون توفى لسبع خلون من صفر هذه السنة
342 - محمد بن الحسن بن عبيد ابو عبد الله المطبخى السامرى سمع عمرو بن على وعلى بن حرب وكان شيخا صالحا

سنة ثم دخلت سنة ست عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها أن ابا طاهر الهجرى دخل الى الرحبة فوضع السيف فى اهلها وان اهل قرقيسيا طلبوا منه الامان فأمنهم ونادى فيهم ان لا يظهر احد بالنهار وانفذ ابو طاهر سرية الى الاعراب فقتل منهم مقتلة عظيمة فصاروا

اذا سمعوا به هربوا وقصد الرقة وقتل بها جماعة ثم انصرف الى بلده ولما رأى على بن عيسى تحكم الهجرى فى البلاد وعجز السلطان عنه استعفى من الوزارة وكانت مدة وزارته هذه سنة واربعة اشهر ويومين وكان المقتدر بالله يتشوف الى معرفة خبر الهجرى ولم يكن احد بكاتبه بشىء من أخباره الا الحسن ابن اسماعيل الاسكافى عامل الانبار فان كتبه كانت ترد فى كل ايام الى على بن عيسى فينهبها فأقام ابو على بن مقلة اطيارا وكوتب عليها بأخبار الهجرى وقتا فوقتا وكان ينفذها الى نصر الحاجب فيعرضها فجعل نصر الحاجب يطرى ابن مقلة ويقول للمقتدر اذا كانت هذه مراعا له بأمورك ولا تعلق له بخدمتك فكيف اذا اصطنعته وتستوزره ولما رجع ابو طاهر القرمطى الى بلده بنى دارا وسماها دار الهجرة ودعا الى المهدى وتفاقم امره وكثر اتباعه وحدثته نفسه بكبس الكوفة وهرب عمال السلطان فى السواد وكان اصحابه يكبسون القرى فيقتلون وينهبون فبعث المقتدر الى محاربتهم هارون بن غريب الى واسط وصافى البصري الى الكوفة فقتل هارون منهم جماعة وحمل مائة وسبعين رأسا وجماعة اسارى واوقع صافى بمن خرج اليه واستأسر منهم وادخلوا بغداد على الجمال مشتهرين ومعهم اعلام بيض منكسة وعليها مكتوب ونريد ان نمن على الذين استضعفوا فى الارض الآية فقتلوا واستقام امر السواد وزادت دجلة بغتة زيادة مفرطة قطعت الجسور ببغداد وغرق من الحبسارين جماعة وبلغت زيادة الفرات اثنى عشر ذراعا وثلثين

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
343 - ابراهيم بن محمد بن ابراهيم ابو اسحاق المعمرى الكوفى حدث عن ابى كريب والحسن بن عرفة وغيرهما وكان احد المشهود واحد الوجوه وبلغ سنا عالية ثم توفى فى ذى الحجة من هذه السنة

344 - بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد ابو الحسن الزاهد ويعرف بالحمال سمع الحسن بن عرفة وغيره وكان ثقة زاهدا متعبدا وسكن مصر وكانت له منزلة عند الخاصة والعامة وكان لا يقبل من السلطان شيئا وكانوا يضربون بعبادته المثل اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب حدثنا ابو نعيم الحافظ قال سمعت محمد بن الحسين بن موسى يقول سمعت الحسن بن احمد الرازى يقول سمعت ابا على الروذبارى يقول كان سبب دخولى مصر حكاية بنان وذاك انه امر ابن طولون بالمعروف فأمر ان يلقى بين يدى السبع فجعل السبع يشمه ولا يضره فلما خرج من بين يدى السبع قيل له ما الذى كان فى قلبك حيث شمك السبع قال كنت اتفكر فى سؤر السباع ولعابها
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو حازم عمر بن احمد العبدوى قال اخبرنى عبد الملك بن ابراهيم القشيرى حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الاردنى حدثنا عمر بن محمد بن ! ان رجلا كان له على رجل مائة دينار بوثيقة الى اجل فلما جاء الاجل طلب الوثيقة فلم يجدها فجاء الى بنان فسأله الدعاء فقال له انا رجل قد كبرت وانا احب الحلوى فاذهب فاشتر لى رطل معقود وجئنى به حتى ادعو لك فذهب فاشترى له ما قال ثم جاء به فقال له بنان افتح القرطاس ففتح الرجل القرطاس فاذا هو بالوثيقة فقال لبنان هذه وثيقتى فقال خذ وثيقتك وخذ المعقود واطعمه صبيانك فأخذه ومضى توفى بنان بمصر فى رمضان هذه السنة وخرج فى جنازته اكثر اهل البلد
345 - داود بن الهيثم ابن اسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان ابو سعد التنوخى الأنبارى سمع جده اسحاق وعمر بن شبة روى عنه ابن المظفر الحافظ وكان فصيحا نحويا لغويا حسن العلم بالعروض واستخراج المعمى وصنف كتبا فى اللغة والنحو على مذهب الكوفيين وله كتاب كبير فى خلق الانسان وكان أخذ عن يعقوب بن السكيت

وثعلب وكان يقول الشعر الجيد ولد بالانبار وتوفى بها فى هذه السنة وله ثمان وثمانون سنة
346 - الزبير بن محمد بن احمد ابن سعيد ابو عبد الله الحافظ سمع عباسا الدورى وعبد الله بن أبى سعد الوراق روى عنه الطبرانى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
347 - عبد الله بن سليمان بن الاشعث ابو بكر ابن أبى داود السجستانى محدث العراق وابن امامها فى عصره ولد سنة ثلاثين ومائتين وحدثه ابوه وطوف به شرقا وغربا وسمعه من علماء الوقت وصنف الكتب وكان عالما فهما من كبار الحفاظ نصب له السلطان منبرا فحدث عليه وكان فى وقته مشائخ علماء لكنهم لم يبلغوا فى الاتقان ما بلغ وكان عيسى ابن على بن عيسى الوزير يحدث فى داره فيقول حدثنا البغوى فى ذلك الموضع ويشير الى بقعة فى الدار وحدثنا ابن صاعد ويشير الى بقعة فيقول فى ذلك المكان فيذكر جماعة ويشير الى مواضعهم فقيل له مالك لا تذكر ابن ابى داود فقال ليته اذا مضينا الى داره كان يأذن لنا فى الدخول
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو القاسم الازهرى قال سمعت احمد بن ابراهيم بن شاذان يقول خرج ابو بكر بن أبى داود الى سجستان فى ايام عمرو بن الليث فاجتمع اليه اصحاب الحديث وسألوه ان يحدثهم فأبى وقال ليس معى كتاب فقالوا له ابن أبى داود وكتاب قال فأثارونى فأمليت عليهم ثلاثين الف حديث من حفظى فلما قدمت بغداد قال البغداديون مضى ابن أبى داود الى سجستان ولعب بالناس ثم فيجوا فيجا اكتروه بستة دنانير الى سجستان ليكتب لهم النسخة فكتبت وجىء بها الى بغداد وعرضت على الحفاظ فخطأونى فى ستة احاديث منها ثلاثة احاديث حدثت بها كما حدثت وثلاثة احاديث اخطأت فيها

اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا احمد بن محمد العتيقى قال سمعت طلحة بن محمد ابن جعفر يقول سمعت ابا بكر بن ابى داود يقول مررت يوما بباب الطاق فاذا رجل يعبر الرؤيا فمر به رجل فأعطاه قطعة وقال له رايت البارحة كأنى اطالب بصداق امرأة ولم اتزوج قط فرد عليه القطعة وقال ليس لهذه جواب فتقدمت اليه فقلت له خذ منه القطعة حتى افسر لك فأخذ القطعة فقلت للرجل انت تطالب بخراج ارض ليست لك فقال هو ذا والله معى العون توفى ابو بكر يوم الاثنين سابع عشر ذى الحجة من هذه السنة وهو ابن ست وثمانين سنة وستة اشهر وايام وصلى عليه زهاء ثلاثمائة الف ثم صار الواصلون يصلون عليه حتى صلى عليه ثمانين مرة حتى انفذ المقتدر بنازوك فخلص جنازته ودفن فى مقابر باب البستان وخلف له ثلاثة بنين وثلاث بنات
348 - محمد بن اسحاق ابو العباس الصيرفى الشاهد حكى عن الزبير بن بكار وتوفى فى شوال هذه السنة
349 - محمد بن جعفر بن محمد بن المهلب ابو الطيب الديباجي سمع يعقوب بن ابراهيم الدورقى والحسن بن عرفة وغيرهما روى عنه ابو بكر الشافعى وابن المظفر الحافظ وكان ثقة ومات فى هذه السنة
350 - محمد بن جعفر بن حمكويه ابو العباس الرازى قدم بغداد وحدث بها عن ابى حاتم الرازى ويحيى بن معاذ حكايات روى عنه ابو حفص الكتانى وغيره
351 - محمد بن جعفر ابو بكر العطار النحوى من اهل المخرم حدث عن الحسن بن عرفة وعباس الدورى روى عنه محمد بن

المظفر وعلى بن عمر الدارقطنى
352 - محمد بن جعفر بن حمدان ابو الحسن القماطرى حدث عن ابى عتبة احمد بن الفرج الحمصى وغيره روى عنه ابن المظفر والدارقطنى
353 - محمد بن السرى ابو بكر النحوى المعروف بابن السراج كان احد العلماء المذكورين بالادب وعلم العربية وصحب المبرد وروى عنه السيرافى والرمانى وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا الخطيب اخبرنا على بن ابى على عن على بن عيسى ابن على النحوي كان ابو بكر ابن السراج يقرأ عليه كتاب الاصول الذى صنفه فمر فيه باب فاستحسنه بعض الحاضرين فقال هذا والله احسن من كتاب المقتضب فأنكر عليه ابو بكر ذلك وقال لا تقل هذا ومثل ببيت وكان كثيرا ما يمثل فى ما يجرى له من الامور بأبيات حسنة فأنشد حينئذ ... ولكن بكت قبلى فهاج لى البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدم ...
قال وحضر فى يوم من الايام بنى له صغير فاظهر من الميل اليه والمحبة له فاكثر فقال له بعض الحاضرين اتحبه فقال متمثلا ... احبه حب الشحيح ماله ... قد كان ذاق الفقر ثم ناله ...

توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
354 - نصر الحاجب حجب المقتدر بالله وتقدم عنده وكان دينا عاقلا وخرج الى لقاء القرامطة محتسبا فانفق من مالة مائة الف دينار الى ما اعطاه السلطان فاعل فى الطريق ومات فى هذه السنة فحمل الى بغداد فى تابوت

سنة ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان مؤنسا المظفر دخل بغداد بعد أن لقيه عبد الله بن حمدان ثم من براد للامارة واحكم معه ما أراد فدخل بيته ولم يمض الى دار السلطان فمضى اليه ابو العباس ابن امير المؤمنين ومحمد بن على الوزير وعرفاه شوق امير المؤمنين اليه فاعتذر من تخلفه بعلة شكاها فأرجف الناس بتنكره ووثب الرجالة ببعض حاشيته فواثبهم اصحابه فوقع فى نفس مؤنس ان هذا بأمر السلطان فجلس فى طياره وصار الى باب الشماسية وتلاحق به اصحابه وخرج اليه نازوك فى جيشه فلما بلغ المقتدر ذلك صرف الجيش عن بابه وكاتب مؤنسا وسائر الجيش بازاحة عللهم فى الاموال وخاطب مؤنسا بأجمل خطاب وقال واما نازوك فلست ادرى ما سبب عتبه واستيحاشه والله يغفر له سيىء ظنه واما ابن حمدان فلست اعرف شيئا احفظ له الاعز له عن الدينور وانما أردنا نقله الى ما هو اجل منه وما لاحد من الجماعة عندى الا ما يحب واستظهر كل واحد منهم لنفسه بعد ان لا يخلع الطاعة ولا ينقض بيعة فانى مستسلم لأمر الله عز و جل غير مسلم حقا خصنى الله به فاعل ما فعله عثمان بن عفان رضى الله عنه ولا آتى فى سفك الدماء ما نهى الله عز و جل عنه ولست انتصر الا بالله فسمع العسكر هذا فقالوا نمضى فنسمع ما يقول فاخرج المقتدر جميع من كان يحمل سلاحا وجلس على سريره فى حجره مصحف يقرأ فيه وامر بفتح الابواب واحضر بنيه فاقامهم حول سريره فصار المظفر الى باب الخاصة ثم صرف الناس على حالة جميلة فسروا بالسلامة ورجع المظفر الى داره فلما كان يوم الخميس لثلاث عشرة من المحرم عاود اصحاب نازوك وسائر الفرسان الركوب فى السلاح واخرجوا المظفر على كره منه وغلبه نازوك على التدبير وركب نازوك يوم الجمعة بعد الصلاة والناس معه فى السلاح فوجدوا الابواب مغلقة فأحرقوا بعضها ودخلوا وقد تكاملت عدة

الفرسان اثنى عشر الفا ومبلغ مالهم فى كل شهر خمسمائة الف دينار والرجالة عشرين الفا ومبلغ مالهم عشرون ومائة الف دينار فدخل نازوك واصحابه الدار بخيلهم فدخل المظفر واخرج الخليفة وولده والسيدة الى منزله ونهب الجند الدار ثم وكل المظفر بالقصر واجمع رأى نازوك وعبد الله بن حمدان على اجلاس محمد بن المعتضد فجاؤا به فى ليلة السبت للنصف من المحرم فسلموا عليه بالخلافة ولقب القاهر بالله وقلد ابو على بن مقلة وزارته ونازوك الحجبة مضافا الى الشرطة ونهبت دار السلطان ووجد لأم المقتدر ستمائة الف دينار فحملت وخلع المقتدر من الخلافة يوم السبت النصف من المحرم واشهد على نفسه القضاة بالخلع وسلم الكتاب بذلك الى القاضى ابى عمر محمد بن يوسف فسلمه الى ولده ابى الحسين وقال له احفظه ولا يراه احد من خلق الله فلما اعيد المقتدر الى الخلافة بعد يومين اخذ القاضى ابو عمر الكتاب فسلمه الى المقتدر من يده الى يده وحلف له انه ما رآه من خلق الله غيرى فحسن موقع ذلك المقتدر وشكره وقلده بعد مديدة قضاء القضاة ولما كان من غدبيعة القاهر وهو يوم الاحد جلس القاهر بالله وحضر الوزير ابو على بن مقلة فكتب ابن مقلة الى العمال بخبر تقليده الخلافة ثم شغب الجند يطلبون الارزاق فلما كان يوم الاثنين اجتمعوا وطالبوا وهجموا فقتلوا نازوك وصاحوا مقتدر يا منصور فهرب الوزير والحجاب والحشم وجاء المقتدر فجلس وجىء بالقاهر اليه فأجلسه بين يديه واستدناه وقبل جبينه وقال يا اخى انت لا ذنب لك وقد علمت انك قهرت والقاهر يقول الله الله نفسي نفسي يا امير المؤمنين فقال له وحق رسول الله لاجرى عليك منى سوء ابدا وعاد ابن مقلة فكتب الى الاماكن بخلافة المقتدر وفيها يذرق الحاج منصور الديلمى وسلموا فى طريقهم فلما وصلوا الى مكة وافاهم ابو طاهر الهجرى الى مكة يوم التروية فقتل الحاج فى المسجد الحرام

وفى الفجاج من مكة وقتلهم فى البيت قتلا ذريعا وكان الناس فى الطواف وهم يقتلون وكان فى الجماعة على بن بابويه يطوف فلما قطع الطواف ضربوه بالسيوف فلما وقع أنشد ... ترى المحبين صرعى فى ديارهم ... كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا ...
واقتلع الهجرى الحجر الاسود وقلع قبة بئر زمزم وعرى الكعبة وقلع باب البيت واصعد رجلا من اصحابه ليقلع الميزاب فتردى الرجل على راسه ومات وقتل امير مكة واخذ اموال الناس وطرح القتلى فى بئر زمزم ودفن باقيهم فى مصارعهم وفى المسجد الحرام من غير ان يصلى عليهم وانصرف الى بلده وحمل معه الحجر الاسود فبقى عندهم اكثر من عشرين سنة الى ان ردوه اخبرنا محمد بن ابى طاهر انبأنا على بن المحسن عن ابيه قال حدثنا ابو الحسين عبد الله بن احمد بن عياش القاضى قال اخبرنى بعض اصحابنا انه كان بمكة فى الوقت الذى دخلها ابو طاهر القرمطى ونهبها وسلب البيت وقلع الحجر الاسود والباب وقتل المسلمين فى الطواف وفى المسجد وعمل تلك الاعمال العظيمة قال فرأيت رجلا قد صعد البيت ليقلع الميزاب فلما صار عليه سقط فاندقت عنقه فقال القرمطى لا يصعد اليه احد ودعوه فترك الميزاب ولم يقلع ثم سكنت النائرة بعد يوم او يومين قال فكنت اطوف بالبيت فاذا بقرمطى سكران وقد دخل المسجد بفرسه فصفر له حتى بال فى الطواف وجرد سيفه ليضرب به من لحق وكنت قريبا منه فعدوت فلحق رجلا كان الى جنبى فضربه فقتله ثم وقف وصاح يا حمير اليس قلتم فى هذا البيت من دخله كان آمنا فكيف يكون آمنا وقد قتلته الساعة بحضرتكم قال فخشيت من الرد عليه ان يقتلنى ثم طلبت الشهادة فجئت حتى لصقت به وقبضت على لجامه وجعلت ظهرى مع ركبتيه لئلا يتمكن من ضربى بالسيف ثم قلت اسمع قال قل قلت ان الله عز و جل لم يرد أن من دخله كان آمنا انما اراد من دخله فأمنوه وتوقعت ان يقتلنى فلوى رأس فرسه وخرج

من المسجد وما كلمنى قال المحسن وحدثنى ابو احمد الحارثى قال اخبرنى رجل من اصحاب الحديث اسرته القرامطة سنة الهبير واستعبدته سنين ثم هرب منها لما امكنه قال كان يملكنى رجل منهم يسومنى سوء العذاب ويستخدمنى اعظم خدمة ويعربد على اذا سكر فسكر ليلة واقا منى حياله وقال ما نقول فى محمد هذا صاحبكم فقلت لا ادرى ولكن ما تعلمنى ايها المؤمن اقوله فقال كان رجلا سائسا فما تقول فى ابى بكر قلت لا ادرى قال كان رجل ضعيفا مهينا فما تقول فى عمر قلت لا ادرى قال كان والله فظا غليظا فما تقول فى عثمان قلت لا ادرى قال كان جاهلا احمق فما تقول فى على قلت لا ادرى قال كان ممخرقا أليس يقول ان هاهنا علما لو اصبت له حملة اما كان فى ذلك الخلق العظيم بحضرته من يودع كل واحد منهم كلمة حتى يفرغ ما عنده هل هذه الا مخرقة ونام فلما كان من غد دعانى فقال ما قلت لك البارحة فاريته انى لم افهمه فحذرنى من اعادته والاخبار عنه بذلك فاذا القوم زنادقة لا يؤمنون بالله ولا يفكرون فى احد من الصحابة قال المحسن ويدل على هذا ان ابا طاهر القرمطى دخل الكوفة دفعات فما دخل الى قبر على عليه السلام واجتاز بالحائر فما زار الحسين وقد كانوا يمخرقون بالمهدى ويوهمون انه صاحب المغرب ويراسلون اسماعيل بن محمد صاحب المهدية المقيم بالقيروان ومضت منهم سرية مع الحسن بن ابى منصور بن ابى سعيد فى شوال سنة ستين وثلثمائة فدخلوا دمشق فى ذى القعدة من هذه السنة فقتلوا خلقا ثم خرجوا الى مكة فقتلوا واستباحوا واقاموا الدعوة للمطبع لله فى كل فتح فتحوه وسودوا أعلامهم ورجعوا عما كانوا عليه من المخرقة ضرورة وقالوا لو فطنا لما فطن له ابن بويه الديلمى لاستقامت امورنا وذلك انه ترك المذاهب جانبا وطلب الغلبة والملك فأطاعه الناس وكان من مخاريقهم قبة ينفرد فيها اميرهم وطائفة معه ولم يقاتلوا فاذا كل المقاتلون حمل هو بنفسه وتلك الطائفة على قوم قد كلوا من القتال وكانوا يقولون ان النصر ينزل من هذه القبة وقد جعلوا مدخنة وفحما فاذا ارادوا ان يحملوا صعد احدهم الى القبة

وقدح وجعل النار فى المجمرة واخرج حب الكحل فطرحه على النار فتفرقع فرقعة شديدة ولا يكون له دخان وحملوا ولا يلبث لهم شيء ولا يوقد ذلك الا ان يقول صاحب العسكر نزل النصر فكسر تلك القبة اصحاب جوهر الذى ملك مصر

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
355 - احمد بن محمد بن احمد بن حفص ابو عمرو الحيرى شيخ نيسابور فى عصره فى الرياسة والعدالة والثروة والحديث سمع محمد بن رافع واسحاق بن منصور ومحمد بن يحيى وابا زرعة وابا حاتم فى خلق كثير وتوفى لست خلون من ذى القعدة من هذه السنة
356 - احمد بن مهدى بن رستم اسند الحديث الكثير انبأنا محمد بن ابى القاسم اخبرنا حمد بن احمد اخبرنا ابو نعيم الحافظ قال سمعت ابا محمد بن حيان يقول كان احمد بن مهدى ذا مال كثير نحو ثلثمائة الف درهم فأنفقه كله على العلم وذكر أنه لم يعرف له فراش اربعين سنة وقال ابن حيان وسمعت ابا على احمد بن محمد بن ابراهيم يقول قال احمد بن مهدى جائتنى امرأة ببغداد ليلة من الليالى فذكرت انها من بنات الناس وانها امتحنت بمحنة وقالت اسألك بالله ان تسترنى فقلت وما محنتك قالت اكرهت على نفسى وانا حبلى وذكرت للناس انك زوجى وان ما بى من الحبل منك فلا تفضحنى استرنى سترك الله عز و جل فسكت عنها ومضت فلم اشعر حتى وضعت وجاء امام المحلة فى جماعة من الجيران يهنئونى بالولد فأظهرت لهم التهلل ووزنت فى اليوم الثانى دينارين ودفعتهما الى الامام فقلت ادفع هذا الى تلك المرأة لتنفقه على المولود فانه سبق ما فرق بينى وبينها وكنت ادفع فى كل شهر اليها دينارين على يد الامام واقول هذه نفقة المولود الى ان أتى على ذلك سنتان ثم توفى المولود فجاءنى الناس يعزوننى فكنت اظهر لهم التسليم

والرضا فجاءتنى المرأة ليله من الليالى بعد شهر ومعها تلك الدناير التى كنت ابعث لها بيد الامام فردتها وقالت سترك الله عز و جل كما سترتنى فقلت هذه الدنانير كانت صلة منى للمولود وهى لك فاعمل فيها ما تريدين
357 - اسماعيل بن اسحاق بن ابراهيم مولى بكر بن مضر بن النعمان يكنى ابا احمد كان من الغزاة وله مواقف معروفة فى الروم توفى فى رجب هذه السنة
358 - بدر بن الهيثم ابن خلف بن خالد بن راشد بن الضحاك بن النعمان ابو القاسم اللخمى القاضى الكوفى نزل بغداد وحدث بها عن أبى كريب وغيره روى عنه ابن شاهين ويوسف القواس وكان ثقة من المعمرين وسمع الحديث بعد أن مضى من عمره اربعون سنة انبأنا القزاز قال انبأنا احمد بن على قال حدثنى الازهرى قال ذكر ابو الحسن الدارقطنى ان بدر بن الهيثم عاش مائة وسبع عشرة سنة وكان نبيلا وادرك ابا نعيم الفضل بن دكين ومنا كتب عنه ودخل على على بن عيسى الوزير فرفعه وقال له كم سن القاضى قال ما ادرى كم سنى ولكن قد كان بالكوفة اعجوبة فركبت مع ابى سنة خمس عشرة ومائتين وكان بين الركبتين مائة سنة توفى بدر فى شوال هذه السنة وحمل الى الكوفة فدفن فيها
359 - جعفر بن عبد الله بن جعفر بن مجاشع ابو محمد الختلى حدث عن جماعة وروى عنه ابن المظفر وابو بكر بن شاذان وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
360 - جعفر بن محمد بن ابراهيم بن حبيب ابو بكر المعروف بابن ابى الصعو الصيدلانى حدث عن ابى موسى محمد بن المثنى ومحمد بن منصور الطوسى ويعقوب الدورقى روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة

361 - عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ابن المرزبان بن سابور بن شاهنشاه ابو القاسم ابن بنت احمد بن منيع بغوى الاصل ولد ببغداد سنة ثلاث عشرة ومائتين وقيل سنة اربع عشرة فى رمضان وهو اصح ورأى ابا عبيد ولم يسمع منه وسمع من يحيى بن معين جزءا فأخذه منه موسى بن هارون فرماه فى دجلة وقال اتريد أن تجمع فى الرواية بين الثلاثة احمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلى بن المدينى وكان البغوي يقول احصيت المشايخ الذين لا يروي عنهم اليوم غيرى فكانوا سبعة وثمانين شيخا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت الخطيب اخبرنا على بن المحسن قال سمعت عمر بن احمد الوعظ يقول سمعت عبد الله بن محمد البغوى يقول قرأت بخط جدى احمد بن منيع ولد ابو القاسم ابن بنتى يوم الاثنين فى شهر رمضان سنة اربع عشرة ومائتين واول ما كتب الحديث سنة خمس وعشرين ومائتين عن اسحاق بن اسماعيل الطالقانى قال الخطيب وسمع البغوى على ابن الجعد وخلف بن هشام البزار ومحمد بن عبد الوهاب الحارثى وابا الاحوص محمد بن حيان البغوى وعبيد الله بن محمد بن عائشة التيمى وابا نصر التمار وداود بن عمر الضبى ويحيى بن عبد الحميد الحمانى واحمد بن حنبل وعلى بن المدينى وحاجب ابن الوليد ومحمد بن جعفر الوركانى وبشر بن الوليد القاضى ومحمد بن حسان السمتى ومحرز بن عون وهارون بن معروف وشيبان بن فروخ وسويد بن سعيد وابا خيثمة زهير بن حرب فى آخرين من امثالهم روى عنه يحيى بن محمد بن صاعد وعلى ابن اسحاق المادرائى وعبد الباقى بن قانع وحبيب بن الحسن القزاز ومحمد بن عمر الجعابى وابو بكر بن مالك القطيعى وعبد الله بن ابراهيم الزينبى وابو حفص بن الزيات ومحمد بن المظفر وابو عمر بن حيويه وابو بكر بن شاذان والدارقطنى وابن شاهين وابو حفص الكتانى وخلق سوى هؤلاء لا يحصون وكان ثقة ثبتا مكثرا فهما عارفا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت الخطيب قال حدثنى على بن

احمد بن على المؤدب حدثنا محمد بن اسحاق النهاوندى حدثنا الحسن بن عبد الرحمن ابن خلاد قال لا يعرف فى الاسلام محدث وازى عبد الله بن محمد البغوى فى قدم السماع فانه توفى فى سنة سبع عشرة وثلثمائة وسمعناه يقول حدثنا اسحاق بن اسماعيل الطالقانى سنة خمس وعشرين ومائتين
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى ابو الوليد الحسن بن محمد الدربندى قال سمعت ابا محمد عبدان بن احمد الخطيب ابن بنت احمد بن عبدان الشيرازى يقول سمعت جدى يقول اجتازا ابو القاسم البغوى بنهر طايق على باب مسجد فسمع صوت مستمل فقال من هذا فقالوا ابن صاعد فقال ذاك الصبى فقالوا نعم قال والله لا ابرح من موضعى حتى املى من هاهنا فصعد الدكة وجلس ورآه اصحاب الحديث فقاموا وتركوا ابن صاعد ثم قال حدثنا احمد ابن حنبل الشيبانى قبل ان يولد المحدثون حدثنا طالوت بن عباد قبل ان يولد المحدثون حدثنا ابو نصر التمار قبل ان يولد المحدثون فأملى ستة عشر حديثا عن ستة عشر شيخا ما كان فى الدنيا من يروى عنهم غيره
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا عبيد الله بن عمر بن احمد الواعظ قال حدثنا ابى حدثنا عمر بن الحسن بن على بن مالك قال سألت موسى بن هارون عن ابى القاسم بن منيع فقال ثقة صدوق لو جاز لانسان ان يقال له فوق الثقة لقيل له قلت له يا ابا عموان فان هؤلاء يتكلمون فيه قال يحسدونه ابن منيع لا يقول الا الحق
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال حدثنى على بن محمد بن نصر قال سمعت حمزة بن يوسف يقول سمعت ابا الحسين محمد بن غسان يقول سمعت الأردبيلى يقول سئل ابن أبى حاتم عن ابى القاسم البغوى يدخل فى الصحيح قال نعم قال حمزة سألت ابا بكر بن عبدان عن أبى القاسم البغوى قال لا شك انه يدخل فى الصحيح اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر احمد حدثنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال سمعت الدارقطنى

يقول كان ابو القاسم بن منيع قلما يتكلم على الحديث فاذا تكلم كان كلامه كالمسمار فى الساج قال مؤلف الكتاب هذا كلام العلماء الاثبات فى البغوى وقد تكلم فيه ابو احمد بن عدى بكلام حاسد لا يخفى سوء قصده
اخبرنا ابو منصور بن خيرون اخبرنا اسماعيل بن ابى الفضل الاسماعيلى اخبرنا حمزة بن يوسف بن ابراهيم السهمى اخبرنا ابو احمد عبد الله بن عدى الجرجانى قال كان ابو القاسم عبد الله بن محمد البغوى وراقا فى ابتداء عمره يورق على جده وعمه وغيرهما ووافيت العراق سنة سبع وتسعين وما رأيت فى مجلسه فى ذلك الوقت الا دون العشرة غرباء بعد أن يسألهم بنوه مرة بعد مرة حضور مجلس ابيهم فيقرأ عليهم لفظا وكان مجانهم يقولون فى دار ابن منيع شجرة تحمل داود بن عمرو الضبى من كثرة ما يروى عنه وما علمت ان احدا حدث عن على بن الجعد باكثر مما حدث هو وسمعه القاسم المطرز يوما يقول حدثنا عبيد الله العيشى فقال القاسم فى حرام من يكذب فلما كبر واسن ومات اصحاب الاسناد احتمله الناس واجتمعوا عليه ونفق عندهم ومع نفاقه واسناده كان مجلس ابن صاعد اضعاف مجلسه وحدث بأشياء انكرت عليه وكان معه طرف من معرفة الحديث والتصانيف قال مؤلف الكتاب رحمه الله هذا كلام لا يخفى انه صادر عن تعصب والوراقة لا تضره وقلة الجمع عليه لا تؤذيه وكلام المجان لا اثر له وقول المطرز خارج عن كلام اهل العلم وقد ذكرنا قصته مع ابن صاعد على ان ابن صاعد قد سمع منه واما الذى انكر عليه فما عرفنا احدا انكر عليه شيئا قط الا انه سها مرة فى حديث ثم اعلمهم انه غلط وهذا لا عيب فيه لأن الآدمى لا يخلو من الغلط اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى العلاء بن أبى المغيرة الاندلسى اخبرنا على بن بقاء الوراق اخبرنا عبد الغنى ابن سعيد الازدى قال سألت ابا بكر محمد بن على النقاش تحفظ شيئا مما اخذ على ابن بنت احمد بن منيع فقال لى كان غلط فى حديث عن محمد بن عبد الوهاب عن ابن شهاب عن ابى اسحاق الشيبانى عن نافع عن ابن عمر فحدث به عن محمد بن عبد الوهاب

وانما سمعه من ابراهيم بن هانىء عن محمد بن عبد الوهاب فأخذه عبد الحميد الوراق بلسانه ودار على اصحاب الحديث وبلغ ذلك ابا القاسم ابن بنت احمد بن منيع فخرج الينا يوما فعرفنا انه غلط فيه وانه اراد أن يكتب حدثنا ابراهيم بن هانىء فمرت يده على العادة فرجع عنه قال ابو بكر ورأيت فيه الانكسار والغم وكان ثقة رحمه الله اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على الخطيب اخبرنا ابن رزق اخبرنا اسماعيل بن على الخطبى قال توفى ابو القاسم بن منيع ليلة الفطر فى سنة سبع عشرة وثلثمائة ودفن يوم الفطر وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرا قال الخطيب ودفن فى مقبرة باب التبن قال المصنف ورأيت فى بعض الروايات انه مات وهو صحيح السمع والبصر والاسنان يطأ الاماء
362 - على بن الحسن بن المغيرة ابو محمد الدقاق سمع اسحاق بن ابى اسرائيل روى عنه ابو بكر بن شاذان وكان ثقة مأمونا توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
363 - محمد بن الحسين بن محمد بن عمار ابو الفضل يعرف بابن ابى سعد الهروى قدم بغداد فحدث بها عن محمد بن عبد الله الانصارى روى عنه ابن المظفر وكان ثقة حافظا اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قرأت فى كتاب ابى القاسم ابن الثلاج بخطه قتل ابو الفضل محمد بن الحسن المعروف بابن ابى الحسين مع اخيه فى يوم الاثنين قبل التروية بيوم فى المسجد الحرام قتلهما القرمطى ابن ابى سعيد الجنابى فى السنة التى دخل القرمطى مكة سنة سبع عشرة وثلثمائة
364 - محمد بن بان بن حبيب ابو بكر الحضرمى ولد سنة خمس وعشرين ومائتين وحدث عن حرملة بن يحيى وغيره وكان رجلا صالحا ثقة نبيلا ثبتا متقللا فقيرا لا يقبل من احد شيئا توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ثمان عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه هبت ريح من المغرب فى آذار حملت رملا احمر يشبه رمل الصاغة فامتلأت منه اسواق بغداد وسطوحها ومنازلها وقيل انه من جبلى زرود
وفيها قبض المقتدر على ابن على ابن مقلة وكانت مدة وزارته سنتين واربعة اشهر وثلاث ايام واستوزر سليمان بن الحسن بن مخلد وجعل على بن عيسى ناظرا معه وفى جمادى الاولى احترقت دار ابى على ابن مقلة التى فى وجه الزاهر وكان قد انفق عليها مائة الف دينار وانتهب الناس الخشب والرصاص والحديد وفيها حج بالناس عبد السميع بن ايوب بن عبد العزيز الهاشمى وخرجوا بخفارة وبذرته
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
2
365 - ابراهيم بن احمد بن محمد ابن ابراهيم بن مطرف بن على ابو اسحاق الاستراباذى سمع من ابى خليفة وابى يعلى الموصلى وغيرهما وكان ثقة فقيها فاضلا ثبتا وتوفى فى هذه السنة وهو شاب
366 - احمد بن اسحاق بن البهلول ابن حسان بن سنان ابو جعفر التنوخى أنبارى الاصل ولد فى سنة احدى وثلاثين ومائتين وسمع اباه وابراهيم بن سعيد الجوهرى ومؤمل بن اهاب وابا سعيد الاشج وابا هشام الرفاعى وخلقا كثيرا وكان عنده عن ابى كريب حديث واحد روى عنه الدارقطنى وغيره وكان ثقة فقيها على مذهب ابى حنيفة قيما بالنحو على مذهب الكوفيين فصيح العبارة كثير الحفظ للشعر القديم والحديث والسير والتفسير وكان شاعرا فصيحا لسنا ورعا متخشنا فى القضاء بيته بيت العلم

حمل الناس العلم عن ابيه وجده وعنه وعن ابنه محمد وعن ابن اخيه داود بن الهيثم ابن اسحاق ولى ابو جعفر قضاء الانبار وهبت وطريق الفرات من قبل الموفق بالله فى سنة ست وسبعين ومائتين ثم تقلده للمعتضد ثم تقلد بعض كور الجبل للمكتفى فى سنة اثنتين وتسعين ومائتين ولم يخرج اليها ثم قلده المقتدر فى سنة ست وتسعين ومائتين بعد فتنة ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور وطسوجى قطربل ومسكن الانبار وطريق الفرات وهبت ثم اضاف اليه بعد سنين القضاء بكور الاهواز مجموعة لما مات قاضيها وكيع وما زال على هذه الاعمال حتى صرف عنها فى سنة سبع عشرة وثلثمائة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على ابن ابى على عن ابى الحسن احمد بن يوسف الازرق قال حدثنى القاضى ابو طالب محمد بن القاضى ابى جعفر بن البهلول قال كنت مع ابى فى جنازة والى جانبه ابو جعفر الطبرى فأخذ ابى يعظ صاحب المصيبة ويسلبه وينشده اشعارا ويروى له اخبارا فداخله الطبرى فى ذلك وذنب معه ثم اتسع الامر بينهما فى المذاكرة وخرجا الى فنون كثيرة من الآداب والعلم استحسنها الحاضرون وتعالى النهار وافترقنا فقال لى ابى يا بنى تعرف هذا الشيخ الذى داخلنا اليوم فى المذاكرة من هو فقلت هذا ابو جعفر محمد بن جرير الطبري فقال انا لله ما حسنت عشرتى يا بنى فقلت كيف قال الا قلت لي فكنت اذاكره غير تلك المذاكرة هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع فى صنوف العلم وما ذاكرته بحسبها قال ومضت على هذا مدة فحضرنا فى جنازة اخرى فاذا بالطبرى فقلت له ايها القاضى هذا الطبرى قد جاء فأومأ اليه بالجلوس عنده فجلس الى جنبه وأخذ ابى بجاريه فكل ما جاء الى قصيدة ذكر الطبرى منها ابياتا فيقول له ابى هاتها يا ابا جعفر الى آخرها فيتلعثم الطبرى فينشدها ابى الى آخرها وكل ما ذكر شيئا من السير قال ابى هذا كان فى قصة فلان ويوم بنى فلان مر فيه يا ابا جعفر فربما مر وربما

تلعثم فمر أبى فى جميعه فما سكت أبى يومه ذلك الى الظهر وبان للحاضرين تقصير الطبرى عنه ثم قمنا فقال لى ابى الآن شفيت صدرى
انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز انبانا على بن ابى على التنوخى عن ابيه قال حدثنى القاضى ابو الحسين على بن محمد بن ابى جعفر بن البهلول قال طلبت السيدة ام المقتدر من جدى كتاب وقف بضيعة كانت ابتاعتها وكان كتاب الوقف مخزونا فى ديوان القضاء وارادت أخذه لتخرقه وتتملك الوقف ولم يعلم الجد بذلك فحمله الى الدار وقال للقهرمانة قد احضرت الكتاب فأيش ترسم فقالوا تريد أن يكون عندنا فأحسن بالامر فقال لأم موسى القهرمانة تقولين لأم المقتدر السيدة اتقى الله هذا والله مالا طريق اليه ابدا انا خازن المسلمين على ديوان الحكم فان مكنتمونى من خزنة كما يجب والا فاصرفونى وتسلموا الديوان دفعة واحدة فاعملوا فيه ما شئتم واما ان يفعل شىء من هذا على يدى فوالله لا كان ذلك ابدا ولو عرضت على السيف ونهض والكتاب معه وجاء الى طياره وهو لا يشك فى الصرف فصعد الى ابن الفرات وحدثه بالحديث فقال له الا دافعت عن الجواب وعرفتنى حتى اكتب واملى فى ذلك والآن انت مصروف فلا حيلة لى مع السيدة فى امرك قال وادت القهرمانة الرسالة الى السيدة فشكت الى المقتدر فلما كان يوم الموكب خاطبه المقتدر شفاها فى ذلك فكشف له الصورة وقال له مثل ذلك القول والاستعفاء فقال له المقتدر مثلك يا احمد من قلد القضاء اقم على ما انت عليه بارك الله فيك ولا تخف ان ينثلم محلك عندنا قال فلما عاودت السيدة قال لها المقتدر الاحكام مالا طريق الى اللعب به وابن البهلول مأمون علينا محب لدولتنا ولو كان هذا شىء يجوز لما منعتك اياه فقالت السيدة كأن هذا لا يجوز فقال لها لا هذه حيلة من ارباب الوقف على بيعه واعلمها كاتبها ابن عبد الحميد شرح الامر وأن الشراء لا يصح بتخريق كتاب الوقف وان هذا لا يحل فارتجعت المال وفسخت

الشراء وعادت تشكر جدى وانقلب ذلك امرا جميلا عندهم فقال جدى بعد ذلك من قدم امر الله على امر المخلوقين كفاه الله شرهم توفى ابو جعفر ابن البهلول فى ربيع الآخر من هذه السنة
367 - اسماعيل بن سعدان بن يزيد ابو معمر البزاز سمع خلقا كثيرا وروى عنه ابن المظفر الحافظ وكان ثقة وتوفى فى شهر جمادى الآخر من هذه السنة
367
- 368 اسحاق بن محمد ابن مروان ابو العباس الغزال كوفى حدث عن ابيه روى عنه ابن المظفر وقال الدارقطنى لا يحتج بحديثه توفى فى هذه السنة
369 - جعفر بن محمد ابن يعقوب ابو الفضل الصندلى سمع من على بن حرب وغيره روى عنه ابن حيويه والقواس وكان ثقة صالحا دينا سكن باب الشعير وكان يقال انه من الابدال توفى فى صفر هذه السنة
370 - عبد الله بن احمد ابن عتاب ابو محمد العبدي حدث عن احمد بن منصور الرمادي روى عنه ابن حيويه وابن شاهين

وكان ثقة توفى فى محرم هذه السنة
371 - عبد الله بن جعفر ابن احمد بن خشيش ابو العباس الصيرفى سمع يعقوب الدورقى روى عنه الدارقطني وقال هو ثقة توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
372 - عبد الملك بن احمد بن نصر ابن سعيد ابو الحسين الخياط سمع يقوب الدورقي ومحمود بن خداش ويونس ابن عبد الاعلى والربيع بن سليمان المصريين روى عنه اسماعيل الخطى وابن شاهين
235 - وكان ثقة توفى فى شهر رجب من هذه السنة
373 - عبد الواحد بن محمد بن المهتدى بالله ابو احمد الهاشمى سمع يحيى بن ابى طالب روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان راهب بنى هاشم صلاحا ودينا وورعا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
374 - محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع ابن مالك ابوالطيب اللخمى الكوفى ولد سنة اربعين ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن ابى سعيد الاشج وغيره روى عنه ابن المظفر وابن شاذان وابن شاهين والكتانى وكان ثقة يفهم وقد روى ابن عقدة عن الحضرمى انه قال هو كذاب وهذا ليس بصحيح
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى الصورى حدثنا ابو طاهر محمد بن محمد بن الحسين المعدل حدثنا ابو الحسن بن سفيان الحافظ قال كان محمد بن الحسين اللخمى ثقة صاحب مذهب حسن وجماعة وامر بالمعروف ونهى عن المنكر وكان مما يطلب للشهادة فيأبى ذلك وتوفى فى هذه السنة وقد قيل توفى سنة عشر وثلثمائة
375 - محمد بن الحسين بن سعيد بن ابان ابو جعفر الهمذانى ويعرف بالطنان قدم بغداد وحدث بها عن احمد بن محمد بن رشد بن المصرى روى عنه الدارقطنى وقال هو ثقة وقال بعض الحفاظ ليس بالمرض توفى فى هذه السنة
376 - يحيى بن محمد بن صاعد ابو محمد مولى ابى جعفر المنصور ولد سنة ثمان وعشرين ومائتين ورحل فى طلب الحديث الى البلاد وكتب وحفظ وسمع لوينا واحمد بن منيع وبندار ومحمد ابن المثنى والبخارى وخلقا كثيرا او اول ما كتب الحديث عن الحسن بن عيسى بن ماسرجس سنة تسع وثلاثين روى عنه من الاكابر عبد الله بن محمد البغوى

والجعابى وابن المظفر وابن حيويه والدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة مأمونا من كبار حفاظ الحديث وممن عنى به وله تصانيف فى السنن تدل على فقهه وفهمه اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى القاضى ابو بكر محمد ابن عمر الداودى قال سمعت شيخا من اصحاب الحديث حسن الهيئة لا احفظ اسمه يقول حضر رجل عند يحيى بن صاعد ليقرأ عليه شيئا من حديثه وكان معه جزء عن ابى القاسم البغوى عن جماعة من شيوخه فغلط فقرأه على ابن صاعد وهو مصغ الى سماعه ثم قال له بعد ايها الشيخ انى غلطت بقراءة هذا الجزء عليك وليس هو من حديثك انما هو من حديث ابى القاسم البغوى فقال له يحيى ما قرأته على هو سماعى من الشيوخ الذين قرأته عنهم ثم قام فأخرج اصوله وأراه كل حديث قرأه على الشيخ الذى هو مكتوب فى الجزء عنه توفى يحيى فى ذى القعدة من هذه السنة وله تسعون سنة ودفن فى باب الكوفة

سنة ثم دخلت سنة تسع عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه قدم مؤنس يوم الخميس لعشر خلون من صفر بالحاج من مكة سالمين وسر الناس بتمام الحج وانفتاح الطريق وتلقوه بأنواع الزينة وضربوا له القباب وكان مؤنس قد بلغه فى انصرافه من مكة ارجاف بقصد ابى طاهر الهجرى طريق الجادة فعدل بالقافلة عنه فتاه فى البرية ووجد فيها آثار عجيبة وعظاما مفرطة فى الكبر وصور الناس من حجارة وحمل بعضها الى الحضرة وحدث بعض من كان معه انه راى امرأة قائمة على تنور وهى من حجر والخبز الذى فى التنور من حجر وقيل هى بلاد عاد وقيل ثمود وفيها قبض على سليمان بن الحسن الوزير وكانت مدة وزارته سنة وشهرين وتسعة ايام ثم استوزر المقتدر أبا القاسم عبيد الله بن محمد الكلواذى ثم عزل وكانت وزارته شهرين وثلاثة ايام ثم استوزر الحسين بن القاسم ثم عزل

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
377 - اسلم بن عبد العزيز ابن هاشم بن خالد ابو الجعد ولى القضاء بالأندلس وتوفى بها فى رجب هذه السنة
378 - جعفر بن محمد بن المغلس ابو القاسم حدث عن حوثرة بن محمد المنقرى وابى سعيد الاشج روى عنه ابن شاهين ويوسف القواس وابو حفص الكتانى وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
379 - الحسن بن على بن احمد ابن بشار بن زياد ابو بكر الشاعر المعروف بابن العلاف حدث عن ابى عمر الدورى وغيره روى عنه ابن شاهين وابن حيويه وغيرهما اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على اخبرنا على بن ابى على المعدل قال حدثنى ابى حدثنا عبد العزيز بن أبى بكر الشاعر قال حدثنى أبى قال كنت ذات ليلة فى دار المعتضد وقد اطلنا الجلوس بحضرته ثم نهضنا الى مجلسنا من حجرة كانت مرسومة بالندماء فلما اخذنا مضاجعنا وهدأت العيون أحسسنا بفتح الابواب والاقفال بسرعة فارتاعت الجماعة لذلك وجلسنا فى فرسنا فدخل الينا خادم من خدم المعتضد فقال ان امير المؤمنين يقول لكم ارقت الليلة بعد انصرافكم فعملت ... ولما انتبهنا للخيال الذى سرى ... اذا الدار قفر والمزار بعيد ...
وقد أرتج على تمامه فأجيزوه ومن اجازه بما يوافق غرضى اجزلت له جائزته وفى الجماعة كل شاعر مجيد مذكور وأديب فاضل مشهور فافحمت الجماعة واطالوا الفكر فقلت مبتدرا ... فقلت لعينى عاودى النوم واهجعى ... لعل خيالا طارقا سيعود ...
فرجع الخادم اليه بهذا الجواب ثم عاد الى فقال امير المؤمنين يقول لك احسنت وما قصرت وقد وقع بينك الموقع الذى اريده وقد امر لك بجائزة وها هى فاخذتها

وازداد غيظ الجماعة منى توفى الحسن بن على فى هذه السنة وقيل فى سنة ثمان عشرة عن مائة سنة
380 - الحسن بن على بن زكريا ابن صالح بن عاصم بن زفر ابو سعيد العدوى البصرى ولد سنة عشر ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن مسدد وهدبة وطالوت وكامل بن طلحة وغيرهم روى عنه الدارقطنى والكتانى وكان واضعا للحديث توفى فى هذه السنة
381 - الحسين بن الحسين بن عبد الرحمن ابو عبد الله الانطاكى قاضى ثغور الشام ويعرف بابن الصابونى قدم بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه ابو بكر الشافعى والدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى ببغداد فى هذه السنة
382 - عبد الله بن احمد بن محمود ابو القاسم البلخى من متكلمى المعتزلة البغداد بين صنف فى الكلام كتبا كثيره واقام ببغداد مده طويله وانتشرت بها كتبه ثم عاد الى بلخ فاقام بها الى ان توفى فى شعبان هذه السنة
383 - عبيد الله بن ثابت بن احمد بن خازم ابو الحسن الحريرى مولى بنى تميم كوفى الاصل حدث عن ابى سعيد الاشج روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان محدثا كثير الحديث ثقة فهما وتوفى فى هذه السنة
384 - على بن الحسين بن حرب بن عيسى ويعرف بابن حربويه القاضى سمع الحسن بن عرفة وغيره وروى عنه ابن حيويه

وابن شاهين وكان ثقة عالما أمينا اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على حدثنا الصورى اخبرنا محمد بن عبد الرحمن الازدى حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور حدثنا ابو سعيد بن يونس قال على بن الحسين بن حرب قاضى مصر يكنى ابا عبيد قدم مصر على القضاء واقام بها دهرا طويلا وكان شيئا عجيبا ما راينا مثله قبله ولا بعده وكان يتفقه على مذهب أبى ثور وعزل عن القضاء سنة احدى عشرة وثلثمائة وكان سبب عزله انه كتب يستعفى من القضاء ووجه رسولا الى بغداد يسال فى عزله وكان قد اغلق بابه وامتنع من أن يقضى بين الناس فكتب بعزله واعفى فحدث حين جاء عزله فكتب عنه ورجع الى بغداد وكانت وفاته ببغداد وكان ثقة ثب 2 تا
انبأنا عبد الرحمن بن محمد قال انبأنا احمد بن على قال اخبرنا البرقانى قال ذكرت لابى الحسن الدارقطنى ابا عبيد ابن حربويه فذكر من جلالته وفضله وقال حدث عنه عبد الرحمن النسائى فى الصحيح ولعله مات قبله بعشرين سنة توفى ابو عبيد فى صفر هذه السنة وصلى عليه ابو سعيد الاصطخرى ودفن فى داره
385 - محمد بن ابراهيم بن نيروز ابو بكر الانماطى سمع عمرو بن على ومحمد بن المثنى وغيرهما روى عنه ابو بكر الشافعى وابن المظفر والدارقطنى وغيرهم وذكره يوسف القواس فى جملة شيوخه الثقات وتوفى فى هذه السنة وقيل فى السنة التى قبلها
386 - محمد بن ابراهيم بن محمد بن ابى الحجيم ابو كثير الشيبانى البصرى قدم بغداد وحدث بها عن يونس بن عبد الاعلى والربيع بن سليمان روى عنه ابن المظفر وابن حيويه وابن شاهين وكان ثقة
387 - محمد بن الفضل بن العباس ابو عبد الله البلخى اخبرنا عمر بن ظفر اخبرنا جعفر بن احمد حدثنا عبد العزيز

ابن على اخبرنا ابن جهضم قال حدثنى على بن محمد قال سمعت ابراهيم الخواص يقول قال لى محد بن الفضل ما خطوت اربعين سنة خطوة لغير الله عز و جل وما نطرت اربعين سنة فى شىء استحسنته حياء من الله عز و جل وما امليت على ملكى ثلاثين سنة شيئا ولو فعلت ذلك لاستحييت منهما اسند محمد عن قتيبة وصحب ابن خضرويه وانتقل الى سمرقند فمات بها فى هذه السنة
388 - محمد بن سعد ابو الحسين الوراق صاحب ابى عثمان النيسابورى وكان له علم بالشريعة وكان يتكلم فى دقائق علوم المعاملات اخبرنا ابن ناصر اخبرنا ابو بكر بن خلف اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال قال ابو الحسين الوراق من غض بصره عن محرم اورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدى بها سامعوه ومن غض بصره عن شبهة نور الله قلبه بنور يهتدى به الى طريق مرضاته قال السلمى توفى ابو الحسين الوراق بل العشرين والثلثمائة
289 - يحيى بن عبد الله بن موسى ابو زكريا الفارسى كتب بمصر عن الربيع صاحب الشافعى وحدث وكان ثقة صدوقا حسن الصلاة شهد عند القضاه وتوفى بمصرفى فى هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة عشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه كانت شتوتها دفيئة ولم يجمد فيها الماء وكان هواؤها كهواء الربيع فلما جاء الربيع كثرت الامراض الحادة منذ شباط وكثر الموت وعرض الاكثر الناس ذرب
وكان قد ورد الى طريق مكة صاحب لأبى طاهر الهجرى ليجبى الحاج فلم يخرج من الحاج الا نفر يسير رجاله فلما فاته من جباية الحاج ما قدر عطف على الاعراب

فاجتاحهم
وحضر من ناظر عن مرداويج بن زياد الديلمى والتمس ان يقاطع عن الاعمال التى غلب عليها من اعمال المشرقى فكتب له عهده وانفذ له لواء وخلعة
وفى رمضان توفى قاضى القضاة ابو عمر واستخلف ابنه ابو الحسين فى سائر اعماله سوى قضاء القضاة وفى شوال قتل المقتدر بالله وولى القاهر بالله

باب ذكر خلافة القاهر بالله
لما قتل المقتدر وانحدر مؤنس رأى راس المقتدر قال ان قتلتموه والله لنقتلن كلنا فأقل الاشياء ان تظهروا ان ذلك جرى عن غير قصد وان تنصبوا فى الخلافة ابنه ابا العباس فانه اذا جلس فى الخلافة سمحت نفسه ونفس جدته والدة المقتدر باخراج الاموال فغيروا رايه وعدلوا به الى محمد بن المعتضد فاحضر وسنه ثلاثة وثلاثون سنة وحلف لهم وبايعه من حضر من القضاة والقواد ولقب القاهر بالله وذلك فى سحر يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال ويكنى القاهر بالله ابا منصور وامه مولدة يقال لها قبول توفيت قبل خلافته ولد لخمس خلون من جمادى الاولى من سنة سبع وثمانين ومائتين ولما استخلف نقش على سكة العين والورق محمد رسول الله القاهر بالله المنتقم من اعداء الله لدين الله وكان رجلا ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير اسمر معتدل الجسم اصهب الشعر طويل الانف فى مقدم لحيته طول لم يشب الى ان خلع وزرله ابو على ابن مقلة وابو جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله ابو العباس بن الخصيب وحجبه على بن بليق وما زال القاهر بالله باحثا عن مواضع المستترين من ولد المقتدر وامهات اولاده وحرمه والمناظرة لوالدة المقتدر وطلب المال منها على ماسنذكره ان شاء الله تعالى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
390 - احمد بن عمير ابن جوصاء ابو الحسن الدمشقى كتب عنه وتوفى فى دمشق هذه السنة
291 - ابراهيم بن محمد
ابن على بن طحاء بن على بن مقلة ابو اسحاق التميمى روى عن على بن حرب الطائى وعباس الدورى وكان ثقة فاضلا وذكر ابو الحسن على بن محمد بن حبيب المارودى قال مر ابراهيم بن بطحاء واليه الحسبة بجانبى بغداد بباب قاضى القضاة ابى عمر فرأى الخصوم جلوسا على بابه ينتظرون جلوسه للنظر بينهم وقد تعالى النهار وهجرت الشمس فوقف واستدعى حاجبه وقال تقول لقاضى القضاة الخصوم جلوس بالباب قد بلغتهم الشمس وناذوا بالانتظار فاما جلست لهم او عرفتهم عذرك لينصرفوا ويعودوا
392 - اسماعيل بن عباد ابن القاسم بن عباد ابو على القطان حدث عن على بن حرب وغيره روى عنه ابن شاهين وتوفى فى رمضان هذه السنة
313 - اسحاق بن موسى ابن سعيد الرملى حدث عن ابى داود السجستانى وغيره روى عنه المعافى بن زكريا وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
394 - بكير الشراك احد شيوخ الصوفية كان ينزل بالشونزية اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا

ابو بكر بن ثابت اخبرنا اسماعيل بن احمد الحيرى اخبرنا محمد بن الحسين السلمى قال سمعت الحسين بن احمد يقول بكير الشراك لم ار فى مشايخ الصوفية احسن لزوما للفقر منه مات سنة عشرين وثلثمائة
395 - جعفر المقتدر بالله امير المؤمنين كان قد بلغ الى مؤنس ان المقتدر قد دبر عليه حتى يقبض عليه فغضب واصعد الى الموصل
ووجه رسولا فأخذ الرسول وضرب ووقع الوزير الحسين بن القاسم بقبض املاك مؤنس وملك مؤنس الموصل ثم اقبل الى بغداد فلما بلغ الجند خبره شغبوا على المقتدر فأطلق لهم مالا كثيرا وخرج الى حربه فجعل الجند يتسللون الى مؤنس ثم نادوا باسم مؤنس فأتى مؤنس عبكرا وضرب المقتدر مضربه بباب الشماسة وركب يوم الاربعاء لثلاث بقين من شوال فمر فى الشارع يريد مضربه وعليه قباء فضى مصمت وعليه عمامة سوداء والبردة على كتفيه وبين يديه اعلام الملك والويته وحوله جماعة من الانصار بأيديهم المصاحف وكثر دعاء الناس له ثم جرت الحرب ووافى البربر من اصحاب مؤنس فأحاطوا بالمقتدر وضربه رجل منهم من خلفه ضربة سقط منها الى الارض فقال انا الخليفة فقال البربرى لك اطلب واضجعه فذبحه بالسيف ورفع رأس المقتدر على سيف ثم على خشبة وسلب ثيابه حتى مربه بعض الاكرة فستره بحشيش ثم حفر له فى الموضع ودفنت جثته دون رأسه وذلك برقة الشماسة مما يلى قرية يحيى وكان المقتدر قد اتلف نيفا وسبعين الف الف دينار وذلك اكثر مما جمعه هارون الرشيد وحمل رأسه الى مؤنس وكان سنه يومئذ ثمانيا وثلاثين سنة وشهرا وخمسة ايام وكان قتله فى الساعة الرابعة يوم الاربعاء لثلاث بقين من شوال هذه السنة وكانت خلافته اربعا وعشرين سنة واحد عشر شهرا واربعة عشر يوما من جملتها يومان وثلاث ليال خلع فيها من الخلافة ثم اعيد قال

ابو بكر الصولى عاش المقتدر فى الخلافة اكثر مما عاش الخلفاء قبله فان المعمرين من الخلفاء قبله معاوية وعبد الملك وهشام والمنصور والرشيد والمأمون والمعتمد وزاد عليهم ثم كلهم ماتوا على فرشهم وختم له بالشهادة ومن العجائب انه لم يل الخلافة من اسمه جعفر ويكنى ابا الفضل الا هو والمتوكل وقتل هو يوم الاربعاء والمتوكل ليلة الاربعاء
396 - الحسن بن الربيع ابو على البجلى من اهل الكوفة سمع حماد بن زيد وابن المبارك وابن ادريس وغيرهم روى عنه عباس الدورى وغيره وحنبل وكان ثقة صالحا متعبدا يبيع البوارى
397 - الحسن بن محمد بن عمر بن جعفر بن سنان ابو على النيسابورى حدث عن جماعة وروى عنه يوسف القواس وكان ثقة توفى فى هذه السنة
398 - الحسين بن صالح بن خيران ابو على الفقيه الشافعى كان من افاضل الشيوخ واماثل الفقهاء مع حسن المذهب وقوة الورع واراده السلطان ان يلى القضاء فلم يفعل
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا القاضى ابو العلاء محمد ابن على الواسطى اخبرنا الحسين بن محمد بن عبيد العسكرى قال اريد ابو على بن خيران للقضاء فامتنع فوكل ابو الحسن على بن عيسى الوزير ببابه وختم فبقى بضع عشرة يوما فشاهدت الموكلين على بابه حتى كلم فأعفاه فقال لى أبى

يا بنى انظر حتى تحدث ان عشت ان انسانا فعل به مثل هذا وامتنع اخبرنا المبارك بن على الصيرفى قال اخبرنا ابو على محمد بن محمد بن المهدي اخبرنا خيران بن احمد بن محمد بن على بن خيران الفقيه قال اخبرنى ابو عبد الله الحسين بن محمد الفقيه الكشفلى ان على بن عيسى وزير المقتدر بالله امرنا زوك صاحب البلد أن يطلب الشيخ ابا على بن خيران الفقيه حتى يعرض عليه قضاء القضاة فاستتر فوكل بباب داره رجاله بضعة عشر يوما حتى احتاج الى الماء فلم يقدر عليه الا من عند الجيران فبلغ الوزير ذلك فأمر بازالة التوكيل عنه وقال فى مجلسه والناس حضور ما اردنا بالشيخ ابى على بن خيران الاخيرا اردنا ان نعلم ان فى مملكتنا رجلا يعرض عليه قضاء القضاة شرقا وغربا وهو لا يقبل توفى ابو على بن خيران فى ذى الحجة من هذه السنة
399 - الحسن بن محمد بن الحسين ابن ابراهيم بن اشكاب ابو الحسين العامرى سمع الزبير بن بكار روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة يسكن باب خراسان توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
400 - عبد الملك بن محمد بن عدى ابو نعيم الفقيه الجرجانى الاستراباذى سافر البلاد وكتب الحديث الكثير سمع احمد بن منصور الرمادى وعلى بن حرب الطائى فى جماعة روى عنه ابن صاعد وكان احد ائمة المسلمين من الحفاظ للشرع مع صدق وورع وضبط وتيقظ وكان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما يحفظ الحفاظ المسانيد

401 - العباس بن بشر بن عيسى بن الاشعث ابو الفضل المعروف بالرخجى وكان يسكن بالجانب الشرقى وحدث عن يعقوب الدورقى روى عنه ابن شاهين وكان ثقة توفى فى شوال هذه السنة ودفن بالمانكية
402 - محمد بن ابراهيم بن حفص بن شاهين ابو الحسن البزاز حدث عن يوسف بن موسى القطان وغيره وروى عنه الدارقطنى وغيره وذكره يوسف القواس فى جملة شيوخه الثقات اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا احمد بن ابى جعفر القطيعى قال سمعت القاضى ابا الحسن الجراحى يذكر ان ابن شاهين هذا مات فجاءة وقد خرج من الحمام فى عشية يوم الاثنين لخمس خلون من شهر رمضان سنة عشرين وثلثمائة
403 - محمد بن الحسين ابن ازهر بن جبير بن جعفرابو بكر القطاعي الدعاء الاصم حدث عن قعنب ابن محرز الباهلى وعمر بن شبة وغيرهما روى عنه ابو عمر والسماك وكان غير ثقة يروى الموضوعات عن الثقات توفى فى اول هذه السنة
404 - محمد بن الحسن ابن الحسين بن الخطاب بن فرات ابو بكر العجلى ويعرف بالكاراتى حدث عن سعدان بن نصر وغيره روى عنه ابو عمر والسماك وابو بكر بن شاذان احاديث مستقيمة
405 - محمد بن يوسف ابن يعقوب بن اسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم ابو عمر القاضى الازدى مولى

آل جرير بن حازم ولد بالبصرة لتسع خلون من رجل سنة ثلاث واربعين ومائتين وسمع محمد بن الوليد اليسرى ومحمد بن اسحاق الصاغانى والحسن بن ابى الربيع الجرجانى وزيد بن اخرم فى آخرين روى عنه الدارقطنى وابو بكر الابهرى ويوسف بن عمر القواس وابن حبابة وغيرهم وكان ثقة فاضلا غزير العقل والحلم والذكاء يستوفى المعانى الكثيرة فى الالفاظ اليسيرة ومن سعادته ان المثل يضرب بعقله وسداده وحلمه فيقال فى العاقل الرشيد كأنه ابو عمر القاضى وفى الحليم لو انى ابو عمر القاضى ما صبرت ولى قضاء مدينة المنصور والاعمال المتصلة بها فى سنة اربع وستين وجلس فى جامع المدينة ثم استخلف تائبا عن ابيه على القضاء بالجانب الشرقى وكان يحكم بين اهل المدينة رياسة وبين اهل الجانب الشرقى وكان يحكم بين اهل المدينة رياسة وبين اهل الجانب الشرقي خلافة الى سنة اثنتين وتسعين ومائتين ولما توفى ابو خازم القاضى عن الشرقية نقل ابو عمر عن مدينة المنصور الى قضاء الشرقية فكان على ذلك الى سنة ست وتسعين ثم صرف هو ووالده عن جميع ما كان اليهما وتوفى والده سنة سبع وتسعين ومائتين وما زال ابو عمر ملازما لمنزله الى سنة احدى وثلثمائة فتقلد على بن عيسى الوزارة واشار على المقتدر به فقلده الجانب الشرقى والشرقية وعدة نواحى من السواد والشام والحرمين واليمن وغير ذلك ثم قلده قضاء القضاة سنة سبع عشرة وثلثمائة وحمل الناس عنه علما كثيرا من الحديث وكتب الفقه التى صنفها اسماعيل بن اسحاق وعمل مسند كبيرا ولم ير الناس ببغداد احسن من مجلسه فكان يجلس للحديث وعن يمينه ابو القاسم بن منيع وهو قريب من ابيه فى السن والاسناد وعن يساره ابن صاعد وابو بكر النيسابورى بين يديه وسائر الحفاظ حول سريره
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى على بن ابى على المعدل حدثنا الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق قال قال لى ابو اسحاق بن جابر الفقيه لما ولى ابو عمر طمعنا فى ان نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه فكنا نستفتى فنقول

امضوا الى القاضى ونراعى ما يحكم به فيدافع عن الاحكام مدافعة احسن من فصل الحكم ثم نجينا الفتاوى فى تلك القصص فنخاف ان تحرج ان لم نفت فتعود الفتاوى اليه فيحكم بما يفتى به الفقهاء فما عثرنا عليه بخطأ قال على وسمعت ابا اسحاق ابراهيم بن احمد الطبرى يقول سمعت بعض شهود الحضرة القدماء يقول كنت بحضرة ابى عمر القاضى وجماعة من شهوده وخلفائه فاحضر ثوبا يمانيا قبل فى ثمنه خمسون دينارا فاستحسنه كل من حضر المجلس فقال يا غلام هات القلانسى فجاء فقال اقطع جميع هذا الثوب قلانس واحمل الى كل واحد من اصحابنا قلنسوة ثم التفت اليها فقال انكم استحسنتموه بأجمعكم ولو استحسنه واحد منكم لوهبته له فلما اشتركتم فى استحسانه لم اجد طريقا الى ان يحصل لك واحد شىء منه الا بأن يجعله قلانس يأخذ كل واحد منا واحدة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو بكر البرقانى قال حكى لى الحمدونى ان اسماعيل القاضى ببغداد كان يحب الاجتماع مع ابراهيم الحربى فقيل لابراهيم لو لقيته فقال ما اقصد من له حاجب فقيل ذلك لاسماعيل فنحى الحاجب عن بابه اياما فذكر ذلك لابراهيم فقصده فلما دخل تلقاه ابو عمر محمد بن يوسف القاضى وكان بين يدى اسماعيل غلاما قائما ولما نزع ابراهيم نعله امر ابو عمر غلاما له ان يرفع نعل ابراهيم فى منديل معه فلما طال المجلس بين اسماعيل وابراهيم وجرى بينهما من العلم ما تعجب منه الحاضرون ولما اراد ابراهيم القيام تقدم ابو عمر الى الغلام ان يضع نعله بين يديه من حيث رآها ابراهيم ملفوفة فى المنديل فقال ابراهيم لأبى عمر رفع الله قدرك فى الدنيا والآخرة فقيل ان ابا عمر لما توفى رآه بعضهم فى المنام فقال له ما فعل الله بك فقال ادركتنى دعوة الرجل الصالح ابراهيم الحربى وكما قال الحمدونى توفى ابو عمر يوم الاربعاء لست بقين من رمضان هذه السنة وهو ابن ثمان وسبعين سنة ودفن فى داره رحمه الله

سنة ثم دخلت سنة احدى وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم السبت لاحدى عشرة خلت من صفر جلس القاهر بالله فى الميدان واحضر رجلا قطع الطريق فى دجلة فضرب بحضرته الف سوط ثم ضربت عنقه وضرب جماعة من اصحابه وقطعت ايديهم وارجلهم
وفى يوم الخميس لسبع بقين من صفر خلع القاهر بالله على الوزير ابى على ابن مقلة وكناه وكتب اليه يا ابا على ادام الله امتاعى بك محلك عندى جليل ومكانك من قلبى مكان مكين وانا حامد لمذهبك مرتض لافعالك عارف بنصيحتك ولم اجد مع قصور الاحوال مما اضمره لك ما يزيد فى محلك وكمال سرورك غير تشريفك بالكنية وانا اسأل الله عونا على ما احبه لك وفى جمادى الاخرة وقع الارجاف بان الامير على بن يلبق والحسن بن هارون كاتبه قد عملا على لعن معاوية بن ابى سفيان على المنابر فاضطربت العامة من ذلك وتقدم على بن يلبق حاجب القاهر بالقبض على ابى محمد البرهارى رئيس الحنابلة فهرب واستتر وقبض على اصحابه واحدروا روا الى البصرة ثم خاف على بن يلبق من القاهر الى ان فتش لبنا قد اشترى مخافة ان يكون فيه رقعة وطالب على بن يلبق القاهر بان يسلم اليه كل محبوس عنده من والدة المقتدر وغيرها فسلمهم اليه ونقلهم الى داره واجتمع ابن مقلة وعلى بن يلبق على منع القاهر ارزاق حشمه واكثر ما كان يقام له فطالبه ابن يلبق ان يسلم ما بقى فى يده من الفرش وامتعة والدة المقتدر فسلم ذلك وبيع ومكثت والدة المقتدر عند والدة على بن يلبق مكرمة عشرة ايام وتوقيت ولما تمكن التضييق من القاهر علم فساد نية طريف السبكرى وبشرى ليلبق وابنه على ومنافستها لهما على المراتب فكاتبهما وراسل قوما من الجند وضمن لهم زيادة العطاء وحرضهما على مؤنس ويلبق وبلغ ابى على بن مقلة ان القاهر قد جد فى التدبير عليه وعلى مؤنس ويلبق وابنه فحذرهم وحملهم على

الجد فى التدبير على القاهر وخلعه من الخلافة ثم عقدوا الامر سرا لأبى احمد بن المكتفى ودبروا على القبض على القاهر فأحس القاهر فاحتال عليهم حتى قبض على يلبق ومؤنس واستتر على بن يلبق وابو على ابن مقلة فوجه القاهر الى ابى جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله فاستحضره فى يوم الاحد مستهل شعبان فقلده وزارته وخلع عليه من الغد وطرحت النار فى دار ابى على ابن مقلة ووقع النهب ببغداد وقبض على ابى احمد بن المكتفى واقيم فى باب وسد عليه بالآجر والجص وهو حى ثم وقع على بن يلبق وابوه فاقر بعشرة الآف دينار ثم قتل مؤنس وعلى ابن يلبق وابوه واستقامت الامور للقاهر وتقدم بالمنع من القيان والخمر والنبيذ ومنع اصحاب الناطف ان يعيروا قدورهم لمن يطبخ فيها التمر والزبيب للأنبذة وقبض على المغنين من الرجال والنساء والحرائر والإماء وقبض على جماعة من الجوارى المغنيات وتقدم ببيعهن فى النخاسين على انهن سواذج

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
406 - احمد بن محمد بن سلامة ابن سلمة بن عبد الملك ابو جعفر الطحاوى الفقيه ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين وكان ثبتا فهما فقيها عاقلا من طحا قرية فى صعيد مصر قال ابو سعيد بن يونس توفى فى ليلة الخميس مستهل ذى القعدة من سنة احدى وعشرين وثلاثمائة ولم يخلف مثله
407 - احمد بن محمد بن موسى ابن النضر بن حكيم بن على بن زربى ابو بكر المعروف بابن ابى حامد صاحب بيت المال سمع عباسا الدورى وخلقا كثيرا وروى عنه الدارقطنى وغيره وكان ثقه صدوقا جوادا

اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى عبيد الله بن أبى الفتح قال حدثنا ابو الحسن الدارقطنى قال كان ابو حامد المروروذى قليل الدخول على ابن أبى حامد صاحب بيت المال وكان فى مجلسه رجل من المتفقهة فغاب عنه اياما فسأل عنه فأخبر انه متشاغل بامر قد قطعه عن حضور المجلس فأحضره وسأله عن حاله فذكر انه قد اشترى جارية لنفسه وانه انقطعت به النفقة وضاقت يده فى تلك السنة لانقطاع المادة عنه من بلده وكان عليه دين الجماعة من السوقة فلم يجد قضاء لذلك دون أن باع الجارية فلما قبض الثمن تذكرها وتشوق اليها واستوحش من بعدها عنه حتى لم يمكنه التشاغل بفقه ولا بغيره من شدة قلقه تعلق قلبه بها وذكر أن ابن ابى حامد قد اشتراها فأوجبت الحال مضى ابى حامد الفقيه الى ابن أبى حامد يسأل الاقالة واخذ المال من البائع فلما دخل اليه قام اليه واستقبله واكرمه غاية الاكرام وسأله عن حاله وعن ما جاء له فأخبره ابو حامد بخبر الفقيه وبيع الجارية وسأله قبض المال ورد الجارية على صاحبها فلم يعرف ابن ابى حامد للجارية خبرا ولا كان عنده علم من امرها وذلك ان امرأته كانت قد اشترتها ولم يعلم بذلك مورد تبين في وجهه ثم قام ودخل على امراته يسألها عن جارية اشتريت فى سوق النخاسين على الصفة والنعت فصادف ذلك ان امرأته كانت جالسة والجارية حاضرة وهم يصلحون وجهها وقد زينت بالثياب الحسان والحلى فقالت يا سيدى هذه الجارية التى التمست فسر بذلك سرورا تاما اذ كانت عنده رغبة فى قضاء حاجة أبى حامد فعاد الى أبى حامد وقال له خفت ان لا تكون الجارية فى دارى والآن فهى بحمد الله عندنا والأمر للشيخ اعزه الله فى بابها ثم امر باخراج الجارية فحين اخرجت تغير وجه الفتى تغيرا شديدا فعلم بذلك ان الامر كما ذكره الفقيه من حبه لها وصبابته بها

فقال له ابن ابى حامد هذه جاريتك فقال نعم هذه جاريتى واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها فقال له خذها بارك الله لك فيها فجزاه ابو حامد خيرا وشكره وسأله قبض المال واخبره انه على حاله وقدره ثلاثة الآف درهم فأبى ان يأخذه وطال الكلام فى ذلك فقال ابو حامد انما قصدناك نسأل الاقالة ولم نقصد اخذها على هذا الوجه فقال له ابن ابى حامد هذا رجل فقيه وقد باعها لأجل فقره وحاجته ومتى اخذ المال منه خيف عليه ان يبيعها ثانية ممن لا يردها عليه والمال يكون فى ذمته فاذا جاءه نفقة من بلده جاز ان يرد ذلك فوهب المال له وكان عليها من الحلى والثياب شىء له قدر كبير فقال له ابو حامد ان رأى ايده الله ان يتفضل وينفذ مع الجارية من يقبض هذه الثياب والحلى الذى عليها فما لهذا الفقيه احد ينفذه به على يده فقال سبحان الله هذا شىء اسعفناها به ووهبناه لها سواء ان كانت فى ملكنا او خرجت عن قبضتنا ولسنا نرجع فيما وهبناه من ذلك فعرف ابو حامد أن الوجه ما قاله فلم يلح عليه بل حسن موقعه من قلبه فلما اراد لينهض ويودعه قال ابن أبى حامد اريد أن اسألها قبل انصرافها عن شىء فقال يا جارية اي ما احب اليك نحن او مولاك هذا الذى باعك وانت الآن له فقالت يا سيدى اما انتم فأحسن الله عونكم وفعل بكم وفعل فقد احسنتم الى واغنيتمونى واما مولاى هذا فلو ملكت منه ما ملك منى ما بعته بالرغائب العظيمة فاستحسن الجماعة ذلك منها وما هى عليه من العقل مع الصبى وودعوه وانصرفوا توفى ابن ابى حامد فى رمضان هذه السنة
408 - سعيد بن محمد ابن احمد بن سعيد ابو عثمان البيع وهو اخو زبير بن محمد الحافظ سمع من جماعة وروى عنه ابن شاهين والدارقطنى وذكره يوسف القواس فى جملة شيوخه الثقات توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة

409 - شغب ام المقتدر بالله كانت لها اموال عظيمة تفوت الاحصاء كان يرتفع لها من ضياعها فى كل عام الف الف دينار وكانت تتصدق بأكثر ذلك وكانت تواظب على مصالح الحاج وتبعث خزانة الشراب والاطباء معهم وتأمر باصلاح الحياض فمرضت وفسد مزاجها ثم هجم عليها قتل ابنها المقتدر فأخبرت انه لم يدفن فجزعت جزعا شديدا ولطمت وامتنعت من الأكل والشرب حتى كادت تتلف فما زالوا يرفقون بها حتى أكلت كسرة بملح ثم دعاها القاهر فقررها بالرفق والتهديد فحلفت له انه لا مال عندها ولا جوهر الا صناديق فيها ثياب ومصوغ وطيب وذكرت انه لو كان عندها مال ما اسلمت ولدها للقتل فضربها بيده وعلقها برجل واحدة فلم يجد عندها غير ما اقرت به فأخذ وكانت قيمته نحوا من مائة وثلاثين الف دينار
اخبرنا محمد بن ابى طاهر البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال عذب القاهر ام المقتدر بصنوف العذاب حتى قيل انه علقها منكسة وكان يجرى بولها على وجهها فقالت له لو كان معنا مال ما جرى فى امرنا من الخلل ما آل الى جلوسك حتى تعاقبنى هذه العقوبة وانا امك فى كتاب الله وانا خلصتك من ابنى فى الدفعة الاولى وقال ابو الحسين بن عياش حدثنى ابو محمد عمى قال انفذنى عمى ابو الحسين بن ابى عمر القاضى وابن الحباب الجوهرى الى القاهر وكان قد طلب شاهدين ليشهدا على ام المقتدر بتوكيلها فى بيع املاكها فدخلنا على القاهر فسلمنا ووقفنا فدفع الينا بعض الخدم كتابا اوله اقرت شغب مولاة المعتضد ام جعفر المقتدر فاذا هو وكالة فى بيع املاكها فقلنا للخادم واين هى فقال وراء الباب فاستأذنا الخليفة فى خطابها فقال افعلوا فقلنا انت ها هنا حتى نقرأ عليك قالت نعم فقرأنا الكتاب عليها وقررناها ثم وقفنا عن كتب الشهادة طلبا لرؤيتها فقال الخليفة

مالكم قلنا يا امير المؤمنين لا يصح لنا الشهادة دون ان نرى المرأة باعيننا ونعرفها فقال افعلوا فسمعنا من وراء الستارة بكاء ونحيبا ورفعت الستارة فقلنا لها انت شغب مولاة المعتضد وام المقتدر فسكتت ساعة ثم قالت نعم فقررناها واسبل الستر فوقفنا عن الشهادة فقال القاهر فأيش بقى قلنا تعرف يا امير المؤمنين انها شغب فقال نعم هذه شغب مولاة ابى وام اخى واوقعنا خطوطنا فى الكتاب ولما رأينا ها رأينا عجوزا دقيقة الجسم سمراء اللون الى البياض والصفرة عليها اثر ضر شديد فما انتفعنا بأنفسنا ذلك اليوم فكرا فى تقلب الزمان وتصرف الحدثان وجئنا واقمنا الشهادة عند ابى الحسين القاضى قال مؤلف الكتاب وتوفيت بعد قتل المقتدر بسبعة اشهر وثمانية ايام وكأنها توفيت فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفنت بالرصافة
410 - جارية شغب ام المقتدر بالله اخبرنا ابو بكر محمد بن عبد الباقى البزاز عن ابى القاسم على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو الفرج احمد بن عثمان بن ابراهيم الفقيه المعروف بابن النرسى قال كنت جالسا بحضرة ابى وانا حدث وعنده جماعة فحدثنى حديث وصول النعم الى الناس بالألوان الطريفة وكان ممن حضر صديق لابى فسمعته يحدث ابى قال حضرت عند صديق لى من التجار كان يحزر بمائة الف دينار فى دعوة وكان حسن المروءة فقدم مائدته وعليها ديكيريكة فلم يأكل منها فامتنعنا فقال كلوا فانى اتأذى بأكل هذا اللون فقلنا نساعدك على تركه قال بل اساعدكم على الاكل وأحتمل الاذى فاكل فلما اراد غسل يديه اطال فعددت عليه انه قد غسلها اربعين مرة فقلت يا هذا وسوست فقال هذه الاذية التى

فرقت منها فقلت وما سببها فامتنع من ذكره فالححت عليه فقال مات ابى وسنى عشرون سنة وخلف لى نعمة صغيرة ورأس مال ومتاعا فى دكانه وكان خلفانيا فى الكرخ فقال لى لما حضرته الوفاة يا بنى انه لا وارث لى غيرك ولا دين على مظلمة فاذا انا مت فأحسن جهازى وصدق عنى بكذا وكذا واخرج عنى حجة بكذا وكذا وبارك الله لك فى الباقى ولكن احفظ وصيتى فقلت قل فقال لا تسرف فى مالك فتحتاج الى ما فى ايدى الناس ولا تجده واعلم ان القليل مع الاصلاح كثير والكثير مع الفساد قليل فالزم السوق وكن اول من يدخلها وآخر من يخرج منها وان استطعت ان تدخلها سحر بليل فافعل فانك تستفيد بذلك فوائد تكشفها لك الايام ومات وانفذت وصيته وعملت بما اشار به وكنت ادخل السوق سحرا واخرج منها عشاء فلا اعدم من يجيئنى من يطلب كفنا فلا يجد من قد فتح غيرى فأحكم عليه ومن يبيع شيئا والسوق لم تقم فابيعه له وأشياء من الفوائد ومضى على لزومى السوق سنة وكسر فصار لى بذلك جاه عند اهلها وعرفوا استقامتى فاكرمونى فبينا انا جالس يوما ولم يتكامل السوق اذا بأمرأة راكبة حمارا مصريا وعلى كفله منديل دبيقى وخادم وهى بزى القهرمانة فبلغت آخر السوق ثم رجعت فنزلت عندى فقمت اليها واكرمتها وقلت ما تأمرين وتأملتها فاذا بأمرأة لم ار قبلها ولا بعدها الى الآن احسن منها فى كل شىء فقالت اريد كذا ثيابا طلبتها فسمعت نغمة ورأيت شكلا قتلنى وعشقتها فى الحال اشد العشق فقلت اصبرى حتى يخرج الناس فاخذ لك ذلك فليس عندى الا القليل مما يصلح لك فاخرجت الذى عندى وجلست تحادثنى والسكاكين فى فؤادى من عشقها وكشفت عن انامل رايتها كالطلع ووجه كدارة القمر فقمت لئلا يزيد على الامر فاخذت لها من السوق ما أرادت وكان ثمنه مع مالى نحو خمسمائة دينار فأخذته وركبت ولم تعطنى شيئا وذهب عنى لما تداخلنى من حبها ان امنعها من المتاع الا بالمال واستدل على منزلها ومن

دار من هى فحين غابت عنى وقع لى انها محتالة وان ذلك سبب فقرى فتحيرت فى امرى وقامت قيامتى وكتمت خبرى لئلا افتضح بما للناس على وعملت على بيع ما فى يدى من المتاع واضافته الى ما عندى من الدراهم ودفع اموال الناس اليهم ولزوم البيت والاقتصار على غلة العقار الذى ورثته عن ابي ووطنت نفسى على المحنة واخذت اشرع فى ذلك مدة اسبوع واذا هى قد نزلت عندى فحين رأيتها أنسيت جميع ما جرى على وقمت اليها فقالت يا فتى تأخرنا عنك لشغل عرض لنا وما شككنا فى انك لم تشك اننا احتلنا عليك فقلت قد رفع الله قدرك عن هذا فقالت هات التخت والطيار فأحضرته فأخرجت دنانير عتقا فوفتنى المال بأسره واخرجت تذكرة بأشياء اخر فانفذت الى التجار اموالهم وطلبت منهم ما ارادت وحصلت انا فى الوسط ربحا جيدا واحضر التجار الثياب فقمت وثمنتها معهم لنفسى ثم بعتها عليها بربح عظيم وانا فى خلال ذلك انظر اليها نظر تالف من حبها وهى تنظر الى نظر من قد فطن بذلك ولم تنكره فهممت بخطابها ولم أقدم فاجتمع المتاع وكان ثمنه ألف دينار فأخذته وركبت ولم اسألها عن موضعها فلما غابت عنى قلت هذا الآن هو الحيلة المحكمة اعطتنى خمسة آلاف درهم واخذت الف دينار وليس الا بيع عقارى الآن والحصول على الفقر المدقع ثم سمحت نفسى برؤيتها مع الفقر وتطاولت غيبتها نحو شهر والح التجار على المطالبة فعرضت عقارى على البيع ولازمنى بعض التجار فوزنت جميع ما كنت املكه ورقا وعينا فانا كذلك اذ نزلت عندى فزال عنى جميع ما كنت فيه برؤيتها فاستدعت الطيار والتخت فوزنت المال ورمت الى تذكرة يزيد ما فيها على الفى دينار بكثير فتشاغلت باحضار التجار ودفع اموالهم اليهم واخذ المتاع منهم وطال الحديث بيننا فقالت يا فتى لك زوجة فقلت لا والله ما عرفت امرأة قط واطمعنى ذلك فيها وقلت هذا وقت خطابها

والامساك عنها عجز ولعلها تعود او لا تعود وأردت كلامها فهبتها وقمت كأنى احث التجار على جمع المتاع وأخذت يد الخادم واخرجت له دنانير وسألته ان ياخذها ويقضى لى حاجة
فقال افعل وأبلغ لك محبتك ولا آخذ شيئا فقصصت عليه قصتى وسالته توسط الامر بينى وبينها فضحك وقال انها لك اعشق منك لها ووالله ما بها حاجة الى اكثر هذا الذى تشتريه وانما تجيئك محبة لك وتطريقا الى مطاولتك فخاطبها بظرف ودعنى فانى افرغ لك من الامر فجسر فى بذلك عليها فخاطبتها وكشفت لها عشقى ومحبتى وبكيت فضحكت وتقبلت ذلك احسن تقبل وقالت الخادم يجيئك برسالتى ونهضت ولم تأخذ شيئا من المتاع فرددته على الناس وقد حصل لى مما اشترته اولا وثانيا الوف دراهم ربحا ولم يحملنى النوم تلك الليلة شوقا اليها وخوفا من انقطاع السبب فلما كان بعد ايام جاءنى الخادم فأكرمته وسألته عن خبرها فقال هى والله عليلة من شوقها اليك فقلت اشرح لى امرها فقال هذه مملوكة السيدة ام المقتدر وهى من اخص جواريها بها واشتهت رؤية الناس والدخول والخروج فتوصلت حتى جعلتها قهرمانة وقد والله حدثت السيدة بحديثك وبكت بين يديها وسألتها ان تزوجها منك فقالت السيدة لا افعل او أر هذا الرجل فان كان يستأهلك والالم ادعك ورأيك ويحتاج فى ادخالك الدار بحيلة فان تمت وصلت بها الى تزويجها وان انكشفت ضربت عنقك فى هذا وقد نفذتنى اليك فى هذه الرسالة وقالت لك ان صبرت على هذا والا فلا طريق لك والله الى ولا لى اليك بعدها فحملنى ما فى نفسى ان قلت أصبر فقال اذا كان الليل فاعبر الى المخرم فادخل الى المسجد وبت فيه ففعلت فلما كان السحر اذا انا بطيار قد قدم وخدم قد رقوا صناديق فرغ فحطوها فى المسجد وانصرفوا وخرجت الجارية فصعدت الى المسجد ومعها الخادم الذى اعرفه فجلست وفرقت باقى الخدم فى حوائج واستدعتنى فقبلتنى

وعانقنى طويلا ولم اكن نلت ذلك منها قبله ثم اجلستنى فى بعض الصناديق وقفلته وطلعت الشمس وجاء الخدم بثياب وحوائج من المواضع التى كانت انفذتهم اليها فجعلت ذلك بحضرتهم فى باقى الصناديق ونقلتها وحملتها الى الطيار وانحدروا فلما حصلت فيه ندمت وقلت قتلت نفسى لشهوة واقبلت الومها تارة واشجعها اخرى وانذر النذور على خلاصى واوطن نفسى مرة على القتل الى ان بلغنا الدار وحمل الخدم الصناديق وحمل صندوقى الخادم الذى يعرف الحديث وبادرت بصندوقى امام الصناديق وهى معه والخدم يحملون الباقى ويلحقونها فكل ما جازت بطبقة من الخدم والبوابين قالوا نريد نفتش الصندوق فتصبح عليهم وتقول متى جرى الرسم معي بهذا فيمسكون وروحى فى السياق الى ان انتهت الى خادم خاطبته هى بالاستاد فعلمت انه اجل الخدم فقال لا بد من تفتيش الصندوق الذى معك فخاطبته بلين وذل فلم يجبها وعلمت انها ما ذلت له ولها حيلة واغمى على وانزل الصندوق للفتح فذهب على امرى وبلت فزعا فجرى البول من خلل الصندوق فصاحت يا استاذ اهلكت علينا متاعنا بخمسة الاف دينار فى الصندوق وثياب مصبغات وماء ورد قد انقلب على الثياب والساعة تختلط الوانها وهى هلاكى مع السيدة فقال لها خذى صندوقك الى لعنة الله انت وهو ومرى فصاحت بالخدم احملوه وادخلت الدار فرجعت الى روحى فبينا نحن نمشى اذ قالت واويلاه الخليفة والله فجاءنى اعظم من الاول وسمع كلام خدم وجوارى وهو يقول من بينهم ويلك يا فلانة ايش فى صندوقك ارينى هو فقالت ثياب لستى يا مولاى والساعة افتحه بين يديها وتراه وقالت للخدم أسرعوا ويلكم فاسرعوا وادخلتنى الى حجرة وفتحت عنى وقالت اصعد هذه الدرجة الى الغرف واجلس فيها وفتحت بالعجلة صندوقا آخر فنقلت بعض ما كان فيه الى الصندوق الذى كنت فيه وقفلت الجميع وجاء المقتدر وقال افتحى ففتحته فلم يرضى منه شيئا وخرج فصعدت الى وجعلت ترشفنى وتقبلنى فعشت ونسيت ما جرى وتركتنى وقفلت باب

الحجرة يومها ثم جاءتنى ليلا فاطعمتنى وسقتنى وانصرفت فلما كان من غد جاءتنى فقالت السيدة الساعة تجىء فانظر كيف تخاطبها ثم عادت بعد ساعة مع السيدة فقالت انزل فنزلت فاذا بالسيدة جالسة على كرسى وليس معها الا وصيفتان وصاحبتى فقبلت الارض وقمت بين يديها فقالت اجلس فقلت انا عبد السيدة وخادمها وليس من محلى ان اجلس بحضرتها فتأملتنى وقالت ما اخترت يا فلانة الا حسن الوجه والادب ونهضت فجاءتنى صاحبتى بعد ساعة وقالت ابشر فقد اذنت لى والله فى تزويجك وما بقى الآن عقبة الا الخروج فقلت يسلم الله فلما كان من الغد حملتنى فى الصندوق فخرجت كما دخلت بعد فخاطرة اخرى وفزع نالنى ونزلت فى المسجد ورجعت الى منزلى فتصدقت وحمدت الله على السلامة فلما كان بعد ايام جاءنى الخادم ومعه كيس فيه ثلاثة آلاف دينار عينا وقال امرتنى ستى بانفاذ هذا اليك من مالها وقالت تشترى به ثيابا ومركوبا وخدما وتصلح به ظاهرك وتعال يوم الموكب الى باب العامة وقف حتى تطلب فقد وافقت الخليفة ان تزوجك بحضرته فأجبت عن رقعة كانت معه وأخذت المال واشتريت ما قالوا يسير منه وبقى الاكثر عندى وركبت الى باب العامة فى يوم الموكب بزى حسن وجاء الناس فدخلوا الى الخليفة ووقفت الى ان استدعيت فدخلت فاذا انا بالمقتدر جالس والقواد والقضاة والهاشميون فهبت المجلس وعلمت كيف اسلم وأقف ففعلت فتقدم المقتدر الى بعض القضاة الحاضرين فخطب لى وزوجنى وخرجت من حضرته فلما صرت فى بعض الدهاليز قريبا من الباب عدل بى الى دار عظيمة مفروشة بانواع الفرش الفاخرة وفيها من الآلات والخدم والامتعة والقماش كل شىء لم ار مثله قط فأجلست فيها وتركت وحدى وانصرف من ادخلنى فجلست يومى لا أرى من اعرفه ولم ابرح من موضعى الا الى الصلاة وخدم يدخلون ويخرجون وطعام عظيم ينقل وهم يقولون الليلة تزف فلانة باسم صاحبتى الى زوجها البزاز فلا اصدق فرحا فلما جاء الليل اثر فى الجوع وقفلت الابواب

وبئست من الجارية فقمت اطوف الدار فوقفت على المطبخ ووجدت الطباخين جلوسا فاستطعمتهم فلم يعرفونى وقدرونى بعض الوكلاء فقدموا الى هذا اللون من الطبيخ مع رغيفين فأكلتهما وغسلت يدى باشنان كان فى المطبخ وقدرت انها قد بقيت وعدت الى مكانى فلما جن الليل اذا طبول وزمور واصوات عظيمة واذا بالابواب قد فتحت وصاحبتى قد اهديت الى وجاؤا بها فجلوها على وانا اقدر أن ذلك فى النوم فرحا وتركت معى فى المجلس وتفرق الناس فلما خلونا تقدمت اليها فقبلتها وقبلتنى فشمت لحيتى فرفستنى فرمت بى عن المنصة وقالت انكرت ان تفلح يا عامى يا سفلة وقامت لتخرج فقمت وعلقت بها وقبلت الارض ورجليها وقلت عرفينى ذنبى واعمل بعده ما شئت فقالت ويحك أكلت فلم تغسل يدك فقصصت عليها قصتى فلما بلغت الى آخرها قلت على وعلى فحلفت بطلاقها وطلاق كل امرأة اتزوجها وصدقة مالى وجميع ما املكه والحج ماشيا على قدمى والكفر بالله وكل ما يحلف المسلمون به لا اكلت بعدها ديكيريكة الا غسلت يدى اربعين مرة فاشفقت وتبسمت وصاحت يا جوارى فجاء مقدار عشرة جوار ووصائف وقالت هاتوا شيئا نأكل فقدمت الوان طريفة وطعام من اطعمة الخلفاء فأكلنا وغسلنا ايدينا ومضى الوصائف ثم قمنا الى الفراش فدخلت بها وبت بليلة من ليالى الخلفاء ولم نفترق اسبوعا وكانت يوم الاسبوع وليمة هائلة اجتمع فيها الجوارى فلما كان من غد قالت ان دار الخلافة لا تحتمل المقام فيها اكثر من هذا فلولا أنه استؤذن فأذن بعد جهد لما تم لنا هذا لأنه شىء لم يفعل قبل هذا مع جارية غيرى لمحبة سيدتى لى وجميع ما تراه فهو هبة من السيدة لى وقد اعطتنى خمسين الف دينار من عين وورق وجوهر ودنانير وذخائر لى خارج القصر كثيرة من كل لون وجميعها لك فاخرج الى منزلك وخذ معك مالا واشتر دارا سرية واسعة الصحن فيها بستان كبير كثير الشجر فاخر الموقع وتحول اليها وعرفنى لأنقل هذا كله اليك فاذا حصل عندك جئتك وسلمت الى عشرة آلاف دينار عينا فحملها الخادم معى فابتعت

الدار وكتبت اليها بالخبر فحملت الى تلك النعمة بأسرها فجميع ما انا فيه منها فأقامت عندى كذا وكذا سنة اعيش معها عيش الخلفاء ولم ادع مع ذلك التجارة فزاد مالى وعظمت منزلتى واثرت حالى وولدت لى هؤلاء الفتيان واومأ الى اولاده ثم ماتت رحمها الله تعالى وبقى على من مضرة الديكيريكة حاضرا ما شاهدته
411 - عبد السلام بن محمد ابن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن ابان مولى عثمان بن عفان وهو ابو هاشم بن ابى على الجبائى المتكلم شيخ المعتزلة ومصنف الكتب على مذاهبهم ولد سنة سبع وسبعين ومائتين وتوفى فى شعبان هذه السنة وكان عمره ستا واربعين سنة وثمانية اشهر واياما
412 - على بن احمد ابن مروان ابو الحسن المقرىء من اهل سامرا ويعرف بابن نقيش سمع الحسن ابن عرفة وعمر بن شبة روى عنه ابن المظفر الحافظ وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة بسر من رأى
413 - محمد بن الحسن بن دريد ابن عتاهية ابو بكر الأزدى ولد فى سكة صالح بالبصرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين ونشأ بعمان وتنقل فى جزائر البحر والبصرة وفارس وطلب الادب وعلم النحو واللغة وكان ابوه من الرؤساء وذوى اليسار وورد بغداد بعد أن اسن فاقام بها الى آخر عمره وحدث عن عبد الرحمن ابن اخى الاصمعى وابى حاتم والرياشى وكان المقدم فى حفظ اللغة والانساب وله شعر كثير روى عنه ابو سعيد السير فى وابو بكر ابن شاذان وابو عبيد الله الرزبانى وغيرهما وكان يقال ابو بكر بن دريد اعلم الشعراء واشعر العلماء اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى على بن محمد بن نصر قال سمعت حمزة بن

يوسف يقول سألت الدارقطنى عن ابن دريد فقال قد تكلموا فيه قال حمزة وسمعت ابا بكر الابهرى المالكى يقول جلست الى جنب ابن دريد وهو يحدث ومعه جزء فيه قال الاصمعى فكان يقول فى واحد حدثنا الرياشى وفى آخر حدثنا ابو حاتم وفى آخر حدثنا ابن اخى الاصمعى كما يجىء على قلبه وقال ابو منصور الازهرى دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم اعد اليه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كتب الى ابو ذر الهروى سمعت ابن شاهين يقول كنا ندخل على ابن دريد ونستحى مما نرى من العيد ان المعلقة والشراب المصفى موضوع وقد كان جاز التسعين سنة وتوفى يوم الاربعاء لثنتى عشرة ليلة بقيت من شعبان هذه اسنة فلما حملت جنازته اذا بجنازة ابى هاشم الجبائى فقال الناس مات علم اللغة والكلام يموت ابن دريد والجبائى ودفنا جميعا فى الخيزرانية قال الخطيب اخبرنا على بن ابى على عن ابيه قال حدثنى ابو على الحسن بن سهل بن عبد الله الايذجى القاضى قال لما توفى ابو هاشم الجبائى ببغداد واجتمعنا لندفنه فحملناه الى مقابر الخيزران فى يوم مطير ولم يعلم بموته اكثر الناس وكنا جميعة فى الجنازة فبينا نحن ندفنه اذ حملت جنازة اخرى معها جميعة عرفتهم بالادب فقلت لهم جنازة من هذه فقالوا جنازة ابى بكر ابن دريد فذكرت حديث الرشيد لما دفن محمد بن الحسن والكسائى بالرى فى يوم واحد فأخبرت اصحابنا وبكينا على الكلام والعربية طويلا وافترقنا
414 - محمد بن موسى ابو بكر الواسطى اصله من خراسان فرغانة وكان يعرف بابن الفرغانى وهو من قدماء اصحاب الجنيد استوطن مرو اخبرنا ابن ناصر الحافظ قال انبأنا محمد بن عبد الله الواعظ يقول سمعت ابا بكر محمد بن موسى الفرغانى يقول ابتلينا بز ان ليس فيه آداب الاسلام ولا اخلاف الجاهلية ولا اخلاق ذوى المروءة قال السلمى توفى الواسطى بعد العشرين والثلثمائة رحمه الله

415 - ابو جعفر المجذوم كان شديد العزلة عن الخلق وهو من اقران ابى العباس بن عطاء و كرامات اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت اخبرنا محمد بن على ابن الفتح حدثنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت على بن سعيد الصيصى يقول سمعت محمد بن خفيف يقول سمعت ابا الحسين الدراج قال كنت احج فيصحبنى جماعة فكنت احتاج الى القيام معهم والاشتغال بهم فذهبت سنة من السنين وخرجت الى القادسية فدخلت المسجد فاذا رجل فى المحراب مجذوم وعليه من البلا شىء عظيم فلما رآنى سلم على وقال لى يا ابا الحسين عزمت على الحج فقلت نعم على غيظ وكراهية له قال فقال لى فالصحبة فقلت فى نفسى انا هربت من الاصحاء اقع فى يدى مجذوم قلت لا قال لى افعل قلت لا والله لا افعل فقال يا ابا الحسين يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوى فقلت نعم على الانكار عليه قال فتركته فلما صليت العصر مشيت الى ناحية المغيثة فبلغت من الغد ضحوة فلما دخلنا اذا انا بالشيخ فسلم على وقال لى يا ابا الحسين يصنع الله عز و جل للضعيف حتى يتعجب القوى قال فأخذنى شبه الوسواس فى امره قال فلم احس حتى بلغت القرعاء على الغد وبلغت مع الصبح فدخلت المسجد فاذا انا بالشيخ قاعد وقال لى يا ابا الحسين يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوى قال فبادرت اليه فوقعت بين يديه على وجهى فقلت المعذرة الى الله واليك قال لى مالك قلت اخطأت قال ما هو قلت الصحبة قال الست حلفت وانا نكره ان نحنثك قال قلت فأراك فى كل منزل قال ذلك لك قال فذهب عنى الجزع والعب فى كل منزل ليس لى هم الا الدخول الى المسجد فأراه الى ان بلغت المدينة فغاب عنى فلم اره فلما قدمت مكة حضرت أبا بكر الكتانى وابا الحسن المزين فذكرت لهم فقالوا لى يا أحمق ذاك ابو جعفر المجذوم ونحن نسأل الله ان نراه فقالوا ان لقيته فتعلق به لعلنا نراه

قلت نعم فلما خرجنا من منى ومن عرفات لم القه فلما كان يوم الجمرة رميت الجمار فجذبنى انسان وقال لى يا ابا الحسين السلام عليك فلما رايته لحقنى من رؤيته شىء عظيم فصحت وغشى على وذهب عنى وجئت الى مسجد الخيف واخبرت اصحابنا فلما كان يوم الوداع صليت خلف المقام ورفعت يدى فاذا انسان خلفى يجذبنى فقال لى يا ابا الحسين عزمت عليك ان لا تصيح قلت لا أسالك ان تدعو لى فقال سل ما شئت فسألت الله تعالى ثلاث دعوات فأمن على دعائى وغاب عنى فلم اره فسألته عن الادعية فقال اما احداها قلت يا رب حبب الى الفقر فليس شىء فى الدنيا احب الى منه والثانى قلت اللهم لا تجعلنى ابيت ليلة ولى شىء ادخره لغدوانا منذ كذا وكذا سنة مالى شىء ادخره والثالث قلت اللهم اذا اذنت لأوليائك ان ينظروا اليك فاجعلنى منهم وانا ارجو

سنة ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد فى يوم الخميس لثلاث عشر خلت من المحرم كتاب من ابى جعفر محمد بن القاسم الكرخى وكان يتقلد اعمال الخراج والضياع بالبصرة والاهواز بمصير جماعة من الديلم من اصحاب مرداويج الى اصبهان وتسلمهم اباها لمرداويج الديلمى وانه قد خرج قائد جليل من قواده كان يتقلد له البصرة وانه فاز بمال جليل وهرب وصار الى ارجان يقال له على بن بويه وانه كتب اليه بأنه فى طاعة السلطان وانفذ منه كتابا الى الوزير الخصيبى يسأله فى الورود الى الحضرة أو النفوذ الى شراز لينضم الى ياقوت مولى امير المؤمنين المتولى لاعمال المعادن بفارس وكرمان وكان ابو على ابن مقلة قد استتر من القاهرة لخوفه منه وكان القاهر بطاشا وكان ابن مقلة في مدة استتاره يراسل الجند ويغريهم على القاهر ويوحشهم منه ويعرفهم انه قد بنى لهم المطامير وعمل على حبسهم فيها واحتال من جهة منجم يعرف بسيما وكان يخوفه

من القاهر من طريق النجوم فاجتمع الجند وذكروا انه قد صح عندهم ان القاهر قد عمل حبوسا يحبسهم فيها فانهى ذلك الى القاهر فحلف انه لم يفعل ذلك فاتفقوا على القبض على القاهر وتحالفوا فقال لهم سيما ان كنتم على هذا العزم فقوموا بنا الساعة فقالوا بل نؤخره الى غد فانه يوم موكب يجلس فيه للسلام ويظهر لنا فنقبض عليه فقال ان تفرقتم الساعة واخرتم امضاءه الى ساعة اخرى بطل ما دبرتموه فركبوا معه وصاروا الى الدار ورتب على ابوابها غلمانا ووقف هو على باب العامة وأمر بالهجوم فهجموا كلهم من سائر الابواب فى وقت واحد فبلغ الخبر الوزير الخصيبى فخرج فى زى امرأة واستتر فلما دخلوا على القاهر هرب الى سطح حمام فاستتر فيه فوجدوه فقبضوا عليه وصاروا به الى موضع الحبوس فحبسوه ووكلوا بباب البيت جماعة ووقع النهب ببغداد وخلع يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الاولى من هذه السنة وسملت عيناه فى هذا اليوم حتى سالتا جميعا فعمى وارتكب منه امر عظيم لم يستمع بمثله فى الاسلام فكانت خلافته الى هذا اليوم سنة وستة اشهر وسبعة ايام وبقى القاهر محبوسا فى دار السلطان الى سنة ثلاث وثلاثين ثم اخرج الى دار ابن طاهر فكان تارة يحبس وتارى يخلى فخرج يوما فوقف بجامع المنصور يتصدق وقصد بذلك التشنيع فى المستكفى فرآه ابو عبد الله بن ابى موسى فمنعه من ذلك واعطاه خمسمائة درهم

باب ذكر خلافة الراضى بالله
اسمه محمد ويكنى ابا العباس ابن المقتدر ولد ليلة الاربعاء لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين وامه ام ولد رومية تسمى ظلوم ادركت خلافته وكان قصير القامة نحيف الجسم اسمر رقيق السمرة درى اللون اسود الشعر سبطه فى وجهه طول وفى مقدم لحيته تمام وفى شعر هارقة بويع له واقيم القاهر بين يديه فسلم عليه بالخلافة وبعث الراضى الى ابى بكر

الصولى فقال له اختر لى لقبا فاختار له المرتضى فبعث اليه يقول كنت انت قد عرفتنى ان ابراهيم بن المهدى اراد أن يكون له ولى عهد فاحضروا منصور ابن المهدى وسموه المرتضى وما اختار أن تسمى باسم وقع لغيرى ولم يتم امره وقد اخترت الراضى بالله ولما بويع الراضى بالله كتب كتابا لأبى على ابن مقلة وكان قد اختفى فى داره فكبست فاستتر فى بئر فسلم وظهر ومضى الى الراضى فقلده الوزارة وتقدم الى على بن عيسى بمعاونته وامر الراضى باطلاق كل من كان فى حبس القاهر وصودر عيسى طبيب القاهر على مائتى الف دينار وكان القاهر قد اودعه عشرين الف دينار ومائة وخمسين الف درهم والف مثقال عنبر فأعترف وأداها وولى ابو بكر بن رائق امارة الجيش ببغداد وكان الحجاب اصحاب المناطق اربعمائة وثمانين حاجبا

ذكر من طرف من سيرته
كان الراضى سمحا واسع النفس اديبا شاعرا حسن البيان والفصاحة يحب محادثة العلماء سمع من البغوى قبل الخلافة كثيرا ووصله بمال كثير غزير ورفع اليه ان عبد الرحمن بن عيسى قد اجتاز اموالا عظيمة وتقرر عليه مائة الف دينار فحلف ان لا يقنع الا بادائها فكتب الوزير ابو جعفر الكرخى تقسيطا بدأ فيه بنفسه ودخل عليه جعفر بن ورقاء فسلم اليه الدرج وخاطبه ليكتب شيئا فقال انا ادبر الامر وكتب ضمن جعفر بن ورقاء لوكيل امير المؤمنين مائة الف دينار عن عبد الرحمن بن عيسى ونفذبها فلما رأى الراضى الرقعة اغتاظ وخرقها وقال قل له يا اعرابى جلف اردت ان ترى الناس انك واسع النفس وقد عزمت عمن لا حرمته بينك وبينه هذا المال وضاقت نفسى انا عن تركه وهو خادمى فتظهر أنك اكرم منى لا كان هذا فقال ابن ورقاء والله ما اعتمدت ان يقع فى نفسه الا هذا فيفعل ما فعله ولو جرى الامر بخلافه لأديت ما املك

واستمحت الناس اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان للراضى فضائل كثيرة وختم الخلفاء فى امور عدة منها انه آخر خليفة له شعر مدون وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش والاموال وآخر خليفة خطب على المنبر يوم جمعة وآخر خليفة جالس الجلساء ووصل اليه الندماء وآخر خليفة كانت نفقته وجوائزه وعطاياه وجراياته وخزانته ومطابخه ومجالسه وخدمه وحجابه واموره كلها تجرى على ترتيب المتقدمين من الخلفاء وقدروى لنا فى حديث انه وقع حريق بالكرخ فاطلق للهاشميين عشرة آلاف دينار وللعامة اربعين الفا حتى عمروا ما احترق وولع يهدم القصور من دار الخلافة وتصييرها بساتين وله اشعار حسان منها ... لاتعذلى كرمى على الاسراف ... ربح المحامد متجر الاشراف ... اجرى كآبائى الخلائف سابقا ... واشيد ما قد اسست اسلافى ... انى من القوم الذين اكفهم ... معتادة الاخلاف والاتلاف ...
حدثنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال سمعت ابا بكر محمد بن يحيى الصولى يحكى انه دخل على الراضى وهو يبني شيئا او يهدم شيئا فأنشده ابياتا وكان الراضى جالسا على آحرة حيال الصناع قال وكنت انا وجماعة من الجلساء فأمرنا بالجلوس بحضرته فأخذ كل واحد منا آجرة فجلس عليها واتفق أنى اخذت آجرتين ملتصقتين بشىء من اسفيذاج فجلست عليهما فلما قمنا امر أن توزن آجرة كل واحد منا ويدفع اليه وزنها دراهم او دنانير قال ابى الشك منى قال فتضاعفت جائزتى على جوائز الحاضرين يتضاعف وزن آجرتى على وزن آجرهم من اشعاره ... يصفر وجهى اذا تأمله ... طرفى ويحمر وجهه خجلا ... حتى كان الذى بوجنته ... من دم جسمى اليه قد نقلا ...
قال ابو بكر الصولى قد كنت قلت ابياتا وهى ... يا مليح الدلال رفقا بقلب ... يشتكى منك جفوة ملالا

نطق السقم بالذى كان يخفى ... فسل الجسم ان اردت سؤالا ... قد أتاه فى النوم منك خيال ... فرآه كما اشتهيت خيالا ... يتحاماه للضنا ألسن العذ ... ل فأضحى لا يعرف العذالا ...
فأنشدت هذه الابيات للراضى بالله فجذب الدواة وعمل من وقته ... عقل لا يقبل المحالا ... وانت لا تبذل الوصالا ... ضللت فى حبكم فحسبى ... حتى متى اتبع الضلالا ... قد زارنى منكم خيال ... فزدت اذ زارنى خبالا ... رأى خيالا على فراش ... وما أراه رأى خيالا ...
قال الصولى فعجبت والله من سرعة فطنته
وفى هذه السنة عظم امر مرد اويج باصبهان وحدث الناس انه يريد تشعيث الدولة وقصد بغداد وانه مسالم لصاحب البحرين يجتمعان على ذلك وكان يقول انا ارد دولة العجم وابطل ملك العرب ثم أساء السيرة فى اصحابه خصوصا فى الاتراك فتواطؤا على اهلاكه ثم ورد الخبر بأن غلمانه قتلوه وان رئيس الغلمان غلام يعرف بيجكم زعم ابن ياقوت انه هو الذى دبر ذلك وكاتب فيه الغلمان
وفى هذه السنة ارتفع أمر أبى الحسن على بن بويه الديلمى ولبويه قصة عجيبة وهى بداية امورهم فلنذكرها أنبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه حدثنا على بن حسان الأنبارى الكاتب قال لما أنفذنى معز الدولة من بغداد الى ديلمان لأبنى له دورا فى بلدة منها قال لى سل عن رجل من الديلم يقال له ابو الحسين بن شيركوه فاكرمه واعرف حقه وأقرئه سلامى وقل له سمعت وانا صبى بحديث منام كان ابى رآه وفسره هو وانت على مفسر بديلمان ولم اقم عليه للصبى فحدثنى به واحفظه لتعيده على فلما جئت الى ديلمان جاءنى رجل مسلما فعلمت بأنه كان بينه وبين بويه والد الامير صداقة

فأكرمته وعظمته وابلغته رسالة معز الدولة فقال لى كانت بينى وبين بويه مودة وكيدة وهذه داره ودارى متحاذيتان كما ترى واومأ اليهما فقال لى ذات يوم انى قد رأيت رؤيا هالتنى فاطلب لى انسانا يفسر هالى فقلت نحن ها هنا فى مفازة فمن ابن لنا من يفسر ولكن اصبر حتى يجتاز بنا منجم او عالم فنسأله ومضى على هذا الامر شهور فخرجت انا وهو فى بعض الايام الى شاطىء البحر نصطاد سمكا فجلسنا فاصطدنا شيئا كثيرا فحملناه على ظهورنا انا وهو وجئنا فقال لى ليس فى دارى من يعمله فخذ الجميع اليك ليعمل عندك فأخذته وقلت له فتعال الى لنجتمع عليه ففعل فقعدنا انا وهو وعيالى ننظفه ونطبخ بعضه ونشوى الباقى واذا رجل مجتاز يصيح منجم مفسر للرؤيا فقال لى يا ابا الحسين تذكر ما قلته لك بسبب المنام رأيته فقلت بلى فقمت وجئت بالرجل فقال له بويه رأيت ليلة فى منامى كأنى جالس ابول فخرج من ذكرى نار عظيمة كالعمود ثم تشعبت يمنة ويسرة واماما وخلفا حتى ملأت الدنيا وانتبهت فما تفسير هذا فقال له الرجل لا افسرها لك باقل من الف درهم قال فسخرنا منه وقلنا له ويلك نحن فقراء نخرج نصيد سمكا لنأكله والله ما رأينا هذا قط ولا عشره ولكنا نعطيك سمكة من أكبر هذا السمك فرضى بذلك وقال له يكون لك اولاد يفترقون فى الدنيا فيملكونها ويعظم سلطانهم فيها على قدر ما احتوت النار التى رأيتها فى المنام عليه من الدنيا قال فصفعنا الرجل وقلنا سخرت منا واخذت السمكة حراما وقال له بويه ويلك انا صياد فقير كما ترى واولادى هم هؤلاء وأومأ الى على بن بويه وكان اول ما اختط عارضه والحسن وهو دونه واحمد وهو فوق الطفل قليلا ومضت السنون وأنسيت المنام حتى خرج بويه الى خراسان وخرج على بن بويه فبلغنا حديثه وانه قد ملك أرجان ثم ملك فارس كلها فما شعرنا الا بصلاته قد جاءت الى اهله وشيوخ بلد الديلم وجاءنى رسوله يطلبنى فطلبنى فخرجت ومشيت اليه فهالنى ملكه وانسيت المنام وعاملنى من الجميل والصلات بأمر عظيم وقال لى وقد خلونا يا أبا الحسين تذكر منام

أبى الذى ذكرتموه للمفسر وصفعتموه لما فسره لكم فاستدعى عشرة آلاف دينار فدفعها الى وقال هذا من ثمن تلك السمكة خذه فقبلت الارض فقال لى تقبل تدبيري فقلت نعم قال انقذها الى بلد الديلم واشتر بها ضياعا هناك ودعنى ادبر امرك بعدها ففعلت واقمت عنده مدة ثم استأذنته فى الرجوع فقال اقم عندى فانى اقودك واعطيك قطاعا بخمسمائة الف درهم فى السنة فقلت له بلدى احب الى فأحضر عشرة آلاف دينار اخرى فأعطانى اياها وقال لا يعلم احد فاذا حصلت ببلد الديلم فادفن منها خمسة آلاف استظهارا على الزمان وجهز بناتك بخمسة آلاف ثم أعطانى عشرة دنانير وقال احتفظ بهذه ولا تخرجها من يدك فأخذتها فاذا فى كل واحد مائة دينار وعشرة دنانير فودعته وانصرفت قال ابو القاسم فحفظت القصة فلما عدت الى معز الدولة حدثته بالحديث فسر به وتعجب وكان بويه يكنى ابا شجاع وينسب الى سابور ذى الاكتاف وأولاد بويه ثلاثة اكبرهم ابو الحسن على ولقبه عماد الدولة وابو على الحسن ولقبه ركن الدولة وابو الحسين احمد ولقبه معز الدولة لقبهم بهذه الالقاب المستكفى بالله وكانوا فقراء ببلد الديلم ويحكى معز الدولة انه كان يحتطب على رأسه ثم خدموا مردوايج وكان ابو الحسن على بن بويه الديلمى احد قواد مرداويج بن زيار الديلمى وقد ذكرنا حال مرداويج فى سنة خمس عشرة وثلثمائة وكان قد انفذ عليا الى الكرج يستحث له على حمل مال فلما حصل بها استوحش من مرداويج واخذ المال المستخرج لنفسه وهو خمسمائة الف درهم وصار الى همذان فاغفلت ابوابها دونه ففتحها عنوة وقتل من اهلها خلقا كثيرا ثم صار منها الى اصبهان فدخلها وملكها فأنفذ اليه مرداويج جيشا فخرج منها الى ارجان فاستخرج منها نحوا من مائتى الف دينار وصار الى كازرون وبلد سابور فاستخرج نحو خمسمائة الف دينار مع كنوز كثيرة وجدها فزاد عدده وقويت شوكته وملك شيراز وطلب منه اصحابه المال ولم يكن معه ما يرضيهم فأشرف على

انحلال امره فاغنم واستلقى على ظهره مفكرا فاذا حية قد خرجت من سقف ذلك المجلس فدخلت موضعا آخر فدعا الفراشين ليبحثوا عنها فوجدوا ذلك السقف يفضى الى غرفة بين سقفين فأمر بفتحها ففتحت فاذا فيها صناديق من المال والصياغات ما قيمته خمسون الف دينار فأخذ المال وفرقه عليهم فثبت امره وكان قد وصف له خياط يخيط لبعض من كان يحاربه فأحضره وكان بالخياط طرش فظن انه قد سعى به اليه فلما خاطبه فى خياطة الثياب وكان جوابه والله ما لفلان عندى الا اثنا عشر صندوقا فما ادرى ما فيها فتعجب على بن بويه من الجواب ووجه من حملها فوجد فيها مالا عظيما وكان قد ركب يوما وطاف فى خرابات البلد يتأمل ابنيه الاوائل وآثارهم فتهور تحت قوائم فرسه فاستراب بذلك الموضع وامر بالكشف عنه فاذا مال عظيم
ولما تمكن على بن بويه من البلد اراد أن يقاطع السلطان عنه ويتقلده من قبله فراسل الراضى بتلك فأجابه فضمنه بثمانية آلاف درهم خالصة للحمل بعد النفقات والمؤن فانفذ اليه ابن مقلة خلعة ولواء وامر أن لا يسلم اليه حتى يعطى المال فتلقى الرسول فطالبه بالمال فخاشنه وارهبه فاعطاه الخلع وبقى عنده مدة وهو يماطله بالمال حتى توفى الرسول وهو اول الملوك الذين افتتحت بهم الدولة الديلمية وكان عاقلا سخيا شجاعا وتوفى على بشير ازفى سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة
وظهر ببغداد رجل يعرف بابى جعفر محمد بن على الشلمغانى ويعرف بابن ابى العزاقير وكان قد ظهر وحامد بن العباس فى الوزارة وذكر عنه انه يقول بتناسخ اللاهوت وان اللاهوات قد حل فيه فاستتر ثم ظهر فى زمن الراضى وقيل انه يدعى انه اله فاستحضر بحضرة الراضى فانكر ما ادعى عليه وقال انا اباهل من يدعى على هذه المقالة فان لم تنزل العقوبة على من باهلنى بعد ثلاثة ايام واقصاه بسبعة ايام فدمى لكم حلال فانكر هذا القول عليه وقيل يدعى علم الغيب وافتى قوم بان دمه حلال الا ان يتوب من هذه المقالة فضرب ثمانين سوطا ثم قتل وصلب

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
416 - احمد بن عبد الله ابن مسلم بن قتيبة قدم مصر وتولى القضاء بها وحدث عن ابيه بكتبه المصنفة وتوفى بمصر وهو على القضاء فى ربيع الاول من هذه السنة
417 - احمد بن محمد ابن الحارث بن عبد الوارث ابو الحسن يعرف بابن العتاب حدث عن يحيى بن نصر وغيره وكان ثقة يفهم توفى فى ربيع الاخر من هذه السنة
418 - اسحاق بن محمد ابن الفضل بن جابر ابو العباس الزيات سمع يعقوب الدورقى روى عنه الدارقطنى وقال هو صدوق وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
419 - جعفر بن احمد ابن يحيى ابو الفضل السراج حدث عن يونس بن عبد الاعلى وغيره وكان ثقة صالحا توفى فى هذه السنة
420 - حسان بن ابان ابن عثمان ابو على الأيلى اقام بدمياط وحدث بها وولى قضاءها وكان يفهم ما يحدث وتوفى بها فى هذه السنة
421 - محمد بن احمد ابن القاسم ابو على الروذبارى اصله من بغداد وسكن مصر وكان من ابناء

الرؤساء والوزراء والكتبة وصحب الجنيد وسمع الحديث وحفظ منه شيئا كثيرا وتقدم وقد ذكروا فى اسمه غير ما قلنا فمنهم من قال احمد بن محمد ومنهم من قال الحسن بن همام والصحيح ما ذكرنا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ قال قرأت على محمد بن أبى الحسن الساحلى عن ابى العباس احمد بن محمد النسوى قال سمعت احمد بن احمد الرازي يقول سمعت محمد بن عمر الجعابى الحافظ يقول قصدت عبدان الأهوازى فقصد مسجدا فرأيت شيخا وحده قاعدا فى المسجد حسن الشيبة فذاكرنى باكثر من مائتى حديث فى الابواب وكنت قد سلبت فى الطريق فأعطانى الذى كان عليه فلما دخل عبدان المسجد ورآه اعتنقه وبش به فقلت لهم من هذا الشيخ قالوا هذا ابو على الروذبارى فرأيت من حفظه ما يتعجب منه وحكى عنه ابو عبد الرحمن السلمى انه كان يقول استاذى فى التصوف الجنيد وفى الحديث والفقه ابراهيم الحربى وفى النحو ثعلب اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا ابراهيم بن هبة الله الجرباذ قانى حدثنا معمر بن احمد الاصبهانى قال بلغنى عن ابى علي الروذبارى انه قال انفقت على الفقراء كذا وكذا الفا فما وضعت شيئا فى يد فقير فانى كنت اضع ما ادفع الى الفقراء فى يدى فيأخذه من يدى حتى تكون يدى تحت ايديهم ولا تكون فوق يدى فقير اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ قال انشدنا ابو طالب يحيى بن على الدسكرى للروذبارى ... ولو مضى الكل منى لم يكن عجبا ... وانما عجبى للبعض كيف بقى ... ادرك بقية روح فيك قد تلفت ... قبل الفراق فهذا آخر الرمق ...
توفى ابو على الروذبارى فى هذه السنة وقيل فى سنة ثلاث وعشرين
422 - محمد بن احمد ابن محمد بن عبد الله بن ابى الثلج ابو بكر الكاتب ولد فى سنة ثمان وثلاثين ومائتين

وسمع جماعة وروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وتوفى فى هذه السنة
423 - محمد بن اسماعيل المعروف بخير النساج يكنى ابا الحسن من كبار الصوفية من اهل سامرا سكن بغداد وصحب سريا وابا حمزة وتاب فى مجلسه ابراهيم الخواص والشبلى اخبرنا عبد الرحمن ابن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا يحيى بن على قا حدثنا عبد العزيز بن ابى الحسن القرميسينى قال سمعت على بن عبد الله الهمذانى يقول حدثنا على بن محمد الفرضى حدثنا ابو الحسين المالكى قال كنت اصحب خير النساج سنين كثيرة ورأيت له من كرامات الله ما يكثر ذكره غير انه قال لى قبل وفاته بثمانية ايام انى اموت يوم الخميس المغرب وادفن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى فلا تنساه قال ابو الحسين فانسيته الى يوم الجمعة فلقينى من خبرنى بموته فخرجت لاحضر جنازته فوجدت الناس راجعين فسألتهم لم رجعوا فذكروا انه يدفن بعد الصلاة فبادرت ولم التفت الى قولهم فوجدت الجنازة قد اخرجت قبل الصلاة او كما قال فسألت من حضره عن حاله عند خروج روحه فقال انه لما احتضر غشى عليه ثم فتح عينيه واومأ الى ناحية البيت وقال قف عافاك الله فانما انت عبد مأمور وانا عبد مأمور وما امرت به لايفوتك وما امرت به يفوتنى فدعنى امضى لما امرت به ثم امض لما امرت به فدعا بماء فتوضأ للصلاة وصلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد ثم مات واخبرنى بعض اصحابنا انه رآه فى النوم فقال ما فعل الله بك فقال لا تسألنى انت عن ذا ولكن استرحنا من دنياكم الوضرة بلغ خير النساج من العمر مائة وعشرين سنة وتوفى فى هذه السنة
424 - محمد بن سليمان ابن محمد بن عمرو بن الحسين ابو جعفر الباهلى النعمانى حدث عن احمد بن بديل وغيره وروى عنه الدارقطنى مات بالنعمانية فى هذه السنة

425 - يعقوب بن ابراهيم ابن احمد بن عيسى بن البخترى ابو بكر البزاز ويعرف بالحراب ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين سمع الحسن بن عرفة وعمر بن شبة روى عنه الدارقطنى وقال كان ثقة مأمونا مكثرا توفى يعقوب وهو ساجد ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة
426 - يعقوب بن صالح ابو محمد السيرافى كانت عنده كتب ابى عبيد القاسم بن سلام عن على بن عبد العزيز وكان عنده حديث كثير وحدث وكان ثقة مأمونا كان يبيع لأهل فارس وتجار الهند امتعتهم توفى بمصر فى ربيع الاول من هذه السنة

سنةة ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى ربيع الاول بلغ الوزير ابا على ابن مقلة ان رجلا يعرف بابن شنبوذ يغير حروفا من القرآن فاستحضره واستحضر القاضى ابا الحسين عمر بن محمد وابا بكر بن مجاهد ونوظر بحضرة الوزير فأغلظ القول بمناظرته فضرب بين الهنبازين سبع درر فدعا على ابن مقلة ان تقطع يده ويشتت شمله ثم عرضت عليه الحروف التى قرأ بها فأنكر ما كان شنيعا وقال فيما سوى ذلك قد قرأ به قوم وذلك مثل قوله فأمضوا الى ذكر الله يأخذ كل سفينة صالحة غصبا فاستتابوه فتاب وكتب خطه بذلك فحمل الى المدائن في الليل ليقيم بها اياما ثم يدخل منزله مستخفيا ولا يظهر لئلا تقتله العامة وقيل انه نفى الى البصرة ثم الى الاهواز فمات بها
وفى يوم السبت لثلاث عشرة خلت من ربيع الاول طالب الجند

بارزاقهم وشغبوا وزاد الامر فى هذا وحملوا السلاح وضربوا مضاربهم فى رحبة باب العامة وحاصروا الدار ثم سكنوا
وفى يوم السبت لعشر خلون من جمادى الآخرة ركب بدر الخرشنى صاحب الشرطة فنادى ببغداد فى الجانبين فى اصحاب ابى محمد البربهارى ان لا يجتمع منهم نفسان فى موضع وحبس منهم جماعة واستتر البربهارى
وفى شهر ايار اتصلت الجنوب وعظم الحر وغلظ الغيم وتكاثف فلما كان آخر يوم منه وهو يوم الاحد لخمس بقين من جمادى الآخرة بعد الظهر هبت ريح عظيمة لم ير مثلها واظلمت واسودت الى بعد العصر ثم خفت ثم عاودت الى وقت عشاء الآخرة
وفى جمادى الآخرة عاد الجند فشغبوا وطالبوا بالرزق ونقبوا دار الوزير ودخلوها فملكوها
وفى رمضان ذكر للوزير أن رجلا فى بعض الدور الملاصقة للزاهر يأخذ البيعة على الناس لانسان لا يعرف ويبذل لهم الصلة فتوصل الى معرفته فعرف وعلم انه قد اخذ البيعة لجعفر بن المكتفى وان جماعة من القواد قد اجابوا الى ذلك منهم يانس فقبض على الرجل ومن قدر عليه من جماعته وقبض على جعفر ونهب منزله
وفيها وقع حريق عظيم فى الكرخ فى طرف البزازين فذهبت فيه اموال كثيرة للتجار فاطلق لهم الراضى ثلاثة آلاف دينار
وخرج الناس للحج فى هذه السنة ومعهم لؤلؤ غلام المتهشم يبذرقهم فاعترضه ابو طاهر بن ابى سعيد الجنابى ولم يكن عند لؤلؤ خير منه وانما ظنه بعض الاعراب فحاربه فانهزم لؤلؤ وبه ضربات واكثر ابو طاهر القتل فى الحاج ونهب ورجع من سلم الى بغداد وبطل الحج فى هذه السنة وكانت الوقعة بينه وبين لؤلؤ فى سحر يوم الاربعاء لاثنتى عشرة ليلة خلت من ذى القعدة

وفى هذه الليلة بعينها انقضت النجوم ببغداد من اول الليل الى آخره وبالكوفة ايضا انقضاضا مسرفا لم يعهد مثله ولا ما يقاربه وغلا السعر فى هذه السنة فبلغ الكرا لحنطة مائة وعشرين دينارا

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
427 - ابراهيم بن محمد بن عرفة ابن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلب بن ابى صفرة الازدى العتكى ابو عبد الله المعروف بنفطويه حدث عن خلق كثير يروى عنه ابن حيويه والمرزبانى والمعافى وغيرهم وكان صدوقا وله مصنفات اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا احمد بن عمر بن روح حدثنا منصور بن ملاعب الصيرفى قال انشدنا ابراهيم بن عرفة لنفسه ... استغفر الله مما يعلم الله ... ان الشقى لمن لم يرحم الله ... هبه تجاوز لى عن كل مظلمة ... واسوأنا من حيائى يوم القاه ...
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابن رزقويه قال انشدنى احمد ابن عبد الرحمن قال انشدنى ابراهيم بن محمد بن عرفة ... احب من الاخوان كل مؤاتى ... وكل غضيض الطرف عن عثراتى ... يطاوعنى فى كل امراريده ... ويحفظنى حيا وبعد مماتى ... ومن لى به ياليتنى قد اصبته ... اقاسمه مالى ومن حسناتى ...
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت الخطيب قال حدثنى عبيد الله بن احمد ابن عثمان الصيرفى قال قال لنا ابو بكر بن شاذان بكر ابراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه يوما الى درب الرءاسين فلم يعرف الموضع فتقدم الى رجل يبيع البقل فقال له ايها الشيخ كيف الطريق الى درب الرءاسين قال فالتفت البقلى الى جار له فقال يا فلان ألا ترى الى هذا الغلام فعل الله به وصنع فقد احتبس على فقال

وما الذى تريد منه قال لم يبادر فيجيئنى بالسلق باى شىء اصفع هذا الماص بظر امه لا يكنى قال فتركه ابن عرفة وانصرف من غير أن يجيبه بشىء اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا الحسن بن ابى بكر عن احمد بن كامل القاضى قال توفى ابراهيم بن عرفة فى يوم الاربعاء لست خلون من صفر سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة ودفن يوم الخميس فى مقابر باب الكوفة وصلى عليه البريهارى رئيس الحنابلة وكان حسن الافتنان فى العوم وذكر أن مولده سنة اربعين ومائتين وكان يخضب بالوسمة
428 - ابراهيم بن حماد بن اسحاق ابن اسماعيل بن حماد بن زيد ابو اسحاق الازدى ولد فى رجب سنة اربعين ومائتين وسمع خلقا كثيرا منهم الحسن بن عرفة وكان ثقة فاضلا عابدا اخبرنا أبو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى الحسن بن محمد الخلال قال قال لنا القاضى ابو الحسين الجراحى ماجئت الى ابراهيم بن حماد قط الا وجدته قائما يصلى او جالسا يقرأ قال الخلال قال ابو بكر النيسابورى ما رأيت اعبد منه توفى فى صفر هذه السنة
429 - اسماعيل بن العباس ابن عمر بن مهران بن فيروز ابو على الوراق ولد سنة اربعين ومائتين وسمع الزبير بن بكار والحسن بن عرفة وعلى بن حرب وغيرهم روى عنه الدارقطنى ووثقه وكان قد حج فى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة ثم رجع فمات فى الطريق وحمل الى بغداد فدفن بها
430 - اسامة بن على بن سعيد ابن بشير ابو رافع الرازى ولد سنة خمسين ومائتين وسمع الحديث واكثر

وكان ثقة وتوفى بمصر فى ذى الحجة من هذه السنة
431 - بندار بن ابراهيم ابن عيسى ابو محمد القاضى كان على قضاء استراباذو وكان محمود الاثر صحيح الديانة فاضلا ثقة امينا روى عن الحارث بن ابى اسامة ومعاذ بن المثنى وبشر بن موسى وغيرهم وتوفى فى هذه السنة
432 - سليمان بن الحسن ابن على بن الجعد بن عبيد الجوهرى يكنى ابا الطيب روى عنه ابن شاهين احاديث مستقيمة وتوفى فى هذه السنة
433 - عبد الله بن محمد ابن سعيد بن زياد ابو محمد المقرىء المعروف بابن الجمال سمع يعقوب الدورقى وعمر بن شبة روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان من الثقات وتوفى فى رمضان هذه السنة
434 - عبيد الله بن عبد الرحمن ابن محمد بن عيسى ابو محمد السكرى سمع زكريا بن يحيى المنقرى صاحب الاصمعى وابن قتيبة روى عنه ابن حيويه والدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة نبيلا توفى فى هذه السنة
435 - عبيد الله بن عبد الصمد ابن المهتدى بالله ابو عبد الله الهاشمى حدث عن سيار بن نصر الحلبى وغيره روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة يتفقه على مذهب الشافعى توفى فى رمضان هذه السنة

436 - عبد الملك بن محمد ابن عدى ابو نعيم الاستراباذى كان مقدما فى الحديث والفقه وتوفى فى هذه السنة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة
437 - عبد الحميد بن سليمان ابو عبد الرحمن الوراق الواسطى نزل بغداد وحدث بها فروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة يفهم الحديث وتوفى فى شوال هذه السنة
438 - عثمان بن اسماعيل ابن بكر ابو القاسم السكرى سمع احمد بن منصور الرمادى روى عنه الدارقطنى وقال كان من الثقات توفى فى هذه السنة
439 - على بن الفضل ابن طاهر بن نصر بن محمد ابو الحسن البلخى كان من الجوالين فى طلب العلم سمع محمد بن الفضل البلخى وابا حاتم الرازى وكان ثقة حافظا روى عنه الدارقطنى وابن شاهين توفى فى هذه السنة
440 - محمد بن احمد ابن اسد ابو بكر الحافظ يعرف بابن البستنبان هروى الاصل ولد سنة احدى واربعين ومائتين سمع الزبير بن بكار وغيره روى عنه الدارقطنى وغيره وكان ثقة توفى فى رجب هذه السنة

441 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن زياد بن يزيد بن هارون ابو عبد الله الزعفرانى المعروف بابن بليل روى عنه الدارقطنى وكان رجلا صالحا ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو منصور محمد بن عيسى حدثنا صالح بن احمد بن محمد الحافظ قال سمعت محمد بن عبد الله الزعفرانى يقول رأيت النبى صلى الله عليه و سلم فى المنام فى سنة نيف وتسعين ومائتين وفى رأسه ولحيته بياض كثير فقلت يا رسول الله بلغنا انه لم يكن فى رأسك ولحيتك الا شعرات بيض فقال ذلك لدخول سنة ثلثمائة قال صالح وتوفى فى سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة

سنة ثم دخلت سنة اربع وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الجند احدقو بدار الخلافة وضربوا خيمهم فيها وحولها وملكوها وطولب الراضى بأن يخرج فيصلى بالناس ليراه الناس معهم فخرج وصلى وقال فى خطبته اللهم ان هؤلاء الغلمان بطانتى وظهارتى فمن ارادهم بسوء مارده ومن كادهم فكده وقبض الغلمان على الوزير وسألوا الخليفة ان يستوزر غيره فرد الخيار اليهم وقالوا على بن عيسى فاستحضره وعرضت عليه الوزارة فأبى وأشار بأخيه ابى على عبد الرحمن بن عيسى فقلد الوزارة وخلع عليه واحترقت دار ابن مقلة وحمل الى دار عبد الرحمن بن عيسى فضرب حتى صار جسمه كأنه الباذنجان واخذ خطه بألف الف دينار ثم عجز عبد الرحمن ابن عيسى عن تمشية الامور وضاق المال فاستعفى فقبض عليه لسبع خلون من رجب فكانت مدته خمسين يوما وقلد الوزارة ابو جعفر محمد بن القاسم الكرخى ثم عزل وقلد سليمان بن الحسن وكان هذا كله من عمل الاتراك والغلمان ومن العجائب ان دار ابن مقلة احترقت فى مثل اليوم الذى امر فيه باحراق دار

سليمان بن الحسن بباب المحول فى مثل ذلك الشهر بينهما سنة وكتب على حيطان دار ابن مقلة ... احسنت ظنك بالايام اذا حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتى به القدر ... وسالمتك الليالى فاغررت بها ... وعند صفو الليالى يحدث الكدر ...
وغلا السعر فجاع الناس وعدم الخبز خمسة ايام ووقع الطاعون واقترب بذلك الموت وخص ذلك الضعفاء وكان يجعل على النعش اثنين وربما كان بينهما صبى وربما بقى الموت على الطريق على حالهم وربما حفرت حفائر كبار فيلقى فى الحفيرة خلق كثير ومات باصبهان نحو مائتى الف
ووقع حريق بعمان فاحترق من العبيد السود سوى البيض اثنا عشر الفا واربعمائة حمل كافور

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
342 - احمد بن موسى
ابن العباس بن مجاهد ابو بكر المقرىء ولد فى ربيع الآخر سنة خمس واربعين ومائتين وكان شيخ القراء فى وقته والمقدم منهم على اهل عصره وحدث عن خلق كثير وروى عنه الدارقطنى وغيره وكان ثقة مأمونا سكن الجانب الشرقى وكان ثعلب يقول ما بقى فى عصرنا احد أعلم بكتاب الله من ابى بكر بن مجاهد اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا ابو على عبد الرحمن بن محمد ابن فضالة قال سمعت محمد بن عبد الله بن المطلب يقول نفذت الى ابن مجاهد لاقرأ عليه فتقدم رجل وافر اللحية كبير الهامة وابتدأ ليقرأ فقال ترفق يا خليل سمعت محمد بن الجهم يقول سمعت الفراء يقول ادب النفس ثم ادب الدرس اخبرنا القزاز اخبرنا ابن ثابت قال حدثنى ابو الفضل محمد بن عبد العزيز بن المهدى قال سمعت الحسين بن محمد بن خلف المقرىء يقول سمعت ابا الفضل الزهرى يقول

انتبه بى فى الليلة التى مات فيها ابو بكر بن مجاهد قال يابنى ترى من مات الليلة فانى رأيت فى منامى كأن قائلا يقول قد مات الليلة مقوم وحى الله منذ خمسين سنة فلما اصبحنا اذا ابن مجاهد قد مات اخبرنا القزاز قال اخبرنا الخطيب قال اخبرنى محمد بن جعفر بن علان قال اخبرنا عيسى بن محمد الطومارى قال رايت ابا بكر بن مجاهد فى النوم كأنه يقرأ فكأنى اقول له يا سيدى انت ميت وتقرأ وكأنه يقول لى كنت ادعو فى دبر كل صلاة وعند ختم القرآن ان يجلعنى ممن يقرأ فى قبره فأنا ممن يقرأ فى قبره توفى ابن مجاهد يوم الاربعاء وقت العصر واخرج يوم الخميس لعشر بقين من شعبان هذه السنة ودفن فى مقبرة باب البستان وخلف مالا صالحا
443 - احمد بن بقى بن مخلد قاضى القضاة بالاندلس حدث وتوفى بها فى هذه السنة
444 - احمد بن محمد بن موسى الفقيه الجرجانى روى عن أبى حاتم الرازى وغيره وتوفى فى هذه السنة
445 - احمد بن محمد بن موسى بن العباس ابو محمد كان معنيا بامر الاخبار يطلب التواريخ وولى حسبة سوق الرقيق وسوق مصر وكتب عنه توفى فى محرم هذه السنة
446 - احمد بن جعفر بن موسى ابن يحيى بن خالد بن برمك ابو الحسن النديم المعروف بجحظة كان حسن الادب كثير الرواية للاخبار متصرفا فى فنون جمة من العلوم مليح الشعر حاضر النادرة صانعا فى الغناء وتوفى فى هذه السنة ورد تابوته من واسط اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا على بن المحسن حدثنا الحسين ابن محمد بن سليمان الكاتب قال حدثنا حدثنا جحظة قال انشدت عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين قولى

قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كان فى العالم من يسمع ... كم واثق بالعمر واريته ... وجامع بددت ما يجمع ...
فقال لى ذنبك الى الزمان الكمال قال ابن المحسن وحدثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب اخبرنى ابو الحسن بن حنش الكاتب قال قال لنا جحظة صك لى بعض الملوك صكا فترددت الى الجهبذ فى قبضه فلما طالت على مدافعته كتبت اليه ... اذا كانت صلاتكم رقاعا ... تخطط بالأنامل والا كف ... ولم تجد الرقاع علي نفعا ... فها خطى خذوه بالف الف ...
قال ابو الحسن وشرب ابى دواء فكتب اليه جحظة رقعة يسأله عن حاله ... ابن لى كيف امسيت ... وما كان من الحال ... وكم سارت بك الناقة ... نحو المنزل الخالى ...
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا الخطيب اخبرنا على بن ابى على البصرى قال حدثنى ابى قال حدثنى ابو الفرج الاصبهانى قال حدثنى جحظة قال اتصلت على اضافة اتفقت فيها كل ما كنت املكه حتى بقيت ليس فى دارى غير البوارى فاصبحت يوما وانا افلس من طنبور بلا وتر ففكرت كيف اعمل فيه فوقع لى ان اكتب الى محبرة بن ابى عباد الكاتب وكنت اجاوره وكان قد ترك التصرف قبل ذلك بسنتين ولزم بيته وحالفه النقرس فأزمنه حتى صار لا يتمكن من التصرف الا محمولا على الايدى او فى محفة وكان مع ذلك على غاية الظرف وكبر النفس وعظم النعمة وان اتطايب عليه ليدعونى فآخذ منه ما انفقه مدة فكتبت اليه ... ماذا ترى فى جدى ... وبرمة وبوارد ... وقهوة ذات لون ... يحكى خدود الخزائد ... ومسمع ليس يخطى ... من نسل يحيى بن خالد ... ان المضيع لهذا ... نزر المروءة بارد ...
فما شعرت الا بمحفة محبرة يحملها غلمانه الى دارى وانا جالس على بابى فقلت له

لم جئت ومن دعاك قال انت قلت انما قلت لك ما ذا ترى فى هذا وعنيت فى بيتك وما قلت لك انه فى بيتى وبيتى والله افرغ من فؤاد ام موسى فقال الآن قد جئت ولا ارجع ولكن ادخل اليك واستدعى من دارى ما اريد قلت ذاك اليك فدخل فلم ير فى بيتى الا بارية فقال يا ابا الحسن هذا والله فقر مفضح هذا ضر مدقع ما هذا فقلت هو ما ترى فأنقذ الى داره فاستدعى فرشا وقماشا وجاء فراشه ففرشه وجاؤا من الصفر والشمع وغير ذلك مما يحتاج اليه وجاء طباخه بما كان فى مطبخه وجاء شرابيه بالصوانى والمخروط والفاكهة والبخور وجلس يومه ذلك عندى فلما كان من غد سلم الى غلامه كيسا فيه الفا درهم ورزمة ثياب من فاخر الثياب واستدعى محفته فجلس فيها وشيعته هنية فلما بلغ آخر الصحن قال مكانك يا ابا الحسن احفظ بابك فكل ما فى الدار لك وقال للغلمان اخرجوا فأغلقت الباب على قماش بالوف كثيرة
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الحسن بن ابى طالب قال حدثنا احمد بن محمد بن عمران قال انشدنا جحظة ... قل للذين تحصنوا من راغب ... بمنازل من دونها حجاب ... ان حال دون لقائكم بوابكم ... فالله ليس لبابه بواب ...
اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا محمد بن أبى نصر الحميدى انشدنا ابو غالب محمد بن احمد ابن سهل النحوى قال اخبرنا ابو الحسين بن دينار قال انشدنى ابو الفرج الاصبهانى قال انشدنا جحظة ... لنا صاحب من ابرع الناس فى البخل ... وافضلهم فيه وليس بذى فضل ... دعانى كما يدعو الصديق صديقه ... فجئت كما يأتى الى مثله مثلى ... فلما جلسنا للغداء رأيته ... يرى انما من بعض اعضائه اكلى ... ويغتاظ احيانا ويشتم عبده ... واعلم ان الغيظ والشتم من اجلى ... امد يدى سرا لآكل لقمة ... فليحظنى شزر فأعبث با لبقل ... الى ان جنت كفى لحينى جناية ... وذلك ان الجوع أعدمنى عقل

فاهوت يمينى نحو رجل دجاجة ... فجرت كما جرت يدى رجلها رجلى ...
قال ابو غالب ومما وقع لنا عاليا من شعر جحظة ما انشدناه ابو الحسن الفك بن كلكلة الطنبورى وكان يقول انه بلغ من السن مائة وخمس عشرة سنة قال انشدنا استاذى جحظة لنفسه ... رحلتم فكم من انه بعد حنة ... مبينة للناس حزنى عليكم ... وقد كنت اعتقت الجفون من البكا ... فقد ردها فى الرق شوقى اليكم ...
447 - رضوان بن احمد بن اسحاق بن عطية ابو الحسن التميمى وهو رضوان بن جالينوس وكان احمد يلقب جالينوس سمع رضوان الحسن بن عرفة وابن ابى الدنيا روى عنه الدارقطنى وابن شاهين والكتانى والمخلص كان ثقة توفى فى هذه السنة
448 - صالح بن محمد بن الفضل الاصبهانى حدث عن جماعة من العلماء من بلده وغيره وروى تاريخ البخارى وكان ثقة وتوفى فى رجب هذه السنة
449 - عبد الله بن احمد بن محمد ابن المغلس ابو الحسن الفقيه الظاهرى اخذ العلم عن ابى بكر بن داود صاحب المذهب ونشر علم داود فى البلاد وصنف على مذهبه وحدث عن جده محمد بن المغلس وعن على بن داود القنطرى وابى قلابة الرقاشى وعبد الله بن احمد بن حنبل فى آخرين وكان ثقة فاضلا فهما اصابته سكتة فتوفى فى هذه السنة
450 - عبد الله بن محمد بن زياد ابن واصل بن ميمون ابو بكر الفقيه النيسابورى مولى ابان بن عثمان بن عفان من اهل نيسابور ولد سنة ثمان وثلاثين ومائتين ورحل فى طلب العلم الى العراق

والشام ومصر وسكن بغداد وحدث بها عن محمد بن يحيى الذهلى وعباس الدورى وخلق كثير روى عنه دعلج وابن حيويه وابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين والمخلص وغيرهم واجتمع له العلم بالفقه والحديث وكان ثقة صالحا قال الدارقطنى لم نر في مشايخنا احفظ منه للاسانيد والمتون وكان فقه المشايخ جالس الربيع والمزنى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت انبأنا ابو سعد المالينى حدثنا يوسف بن عمر بن مسرور قال سمعت ابا بكر النيسابورى يقول أعرف من اقام اربعين سنة لم ينم الليل الا جاثيا ويتقوت كل يوم بخمس حبات ويصلى صلاة الغداة على طهارة عشاء الآخرة ثم قال انا هو وهذا كله قبل ان اعرف ام عبد الرحمن ايش اقول لمن زوجنى ثم قال فى اثر هذا ما أراد الله الا الخير انبأنا ابن ناصر عن ابى القاسم ابن البسرى عن ابى عبد الله بن بطة قال كنا نحضر فى مجلس ابى بكر النيسابورى لنسمع منه الزيادات وكان يحزر ان فى المجلس ثلاثين الف محبرة ومضى على هذا مدة يسيرة ثم حضرنا مجلس ابى بكر النجاد وكان يحزر ان فى مجلسه عشرة آلاف محبرة فتعجب الناس من ذلك وقالوا فى هذه المدة ذهب ثلثا الناس توفى ابو بكر النيسابورى فى ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بباب الكوفة
451 - عبد الرحمن بن سعيد ابن هارون ابو صالح الاصبهانى سكن بغداد وحدث بها عن عباس الدورى روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
452 - عثمان بن جعفر ابو حاتم ابو عمر والمعروف بابن اللبان الاحول سمع عمر بن شبة روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة

453 - عفان بن سليمان بن ايوب ابو الحسن التاجر سكن مصر وشهد بها عند الحكم فقبلت شهادته وكان من اهل الخير والصلاح وله وقوف بمصر معروفة على اصحاب الحديث وعلى اولاد العشرة من الصحابة وكان تاجرا موسعا عليه توفى بمصر فى شعبان هذه السنة
454 - محمد بن الفضل بن عبد الله ابو ذر التميمى كان رئيس جرجان وله افضال كثيرة وكانت داره مجمع العلماء رحل فى طلب العلم وسمع الكثير وتفقه على مذهب الشافعى وتوفى فى هذه السنة
455 - هارون بن المقتدر بالله توفى فى ربيع الاول واغتم عليه اخوه الراضى بالله غما شديدا وتقدم بأن ينفى بختيشوع بن يحيى المتطبب من بغداد لانه اتهمه فى علاجه فأخرج الى الانبار ثم شفعت فيه والدة الراضى فعفا عنه وأمر برده

سنة ثم دخلت سنة خمس وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه خرج الراضى الى واسط فى المحرم وجرت حرب بين الاتراك استظهر فيها عليهم بحكم وعاد الراضى فى صفر وخلع على بجكم فى ربيع الاول وولى امارة بغداد وعقد له لواء الولاية للمشرق الى خراسان
ومن الحوادث انه صارت فارس فى يد على بن بويه والرى واصبهان والجبل فى يد الحسن بن بويه والموصل وديار بكر وديار ربيعة وديار مضر والجزيرة فى ايدى بنى حمدان ومصر والشام فى يد محمد بن طغج والاندلس فى يد عبد الرحمن بن محمد الاموى من ولد هشام بن عبد الملك وخراسان فى يد نصر بن احمد واليمامة وهجر واعمال البحرين فى يد ابى طاهر سليمان بن الحسن الجنابى القرمطى وطبرستان وجرجان فى يد الديلم ولم يبق فى يد الخليفة غير مدينة السلام وبعض السواد فبطلت دواوين المملكة وضعفت الخلافة

ثم استوزر الراضى ابا الفتح ابن الفضل بن جعفر بن الفرات

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
456 - احمد بن محمد بن الحسن ابو حامد ابن الشرقى ولد فى رجب سنة اربعين ومائتين وسمع بالامصار من شيوخها وكان واحد عصره فى علم الحديث وكان كثير الحج اخبرنا زاهر بن طاهر انبأنا احمد بن الحسين البيهقى اخبرنا ابو عبد الله الحاكم قال سمعت ابا احمد الحسين بن على التميمى يقول سمعت ابا بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة يقول ونظر الى ابى حامد الشرقى فقال حياة ابى حامد تحجز بين الناس والكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم توفى فى رمضان هذه السنة
457 - ابراهيم بن عبد الصمد بن موسى ابو اسحاق الهاشمى حدث عن جماعة روى عنه الدارقطنى وابن شاهين فى آخرين وكان يسكن سر من رأى وحدث بها 2 وببغداد وتوفى فى محرم هذه السنة
459 - اسحاق بن محمد بن ابراهيم ابو يعقوب الصيدلانى حدث عن ابى الاشعث احمد المقدام ولم يكن عنده غير حديث واحد وتوفى فى صفر هذه السنة
459 - جعفر بن محمد بن احمد بن الوليد ابو الفضل القافلائى حدث عن محمد بن اسحاق الصاغانى وعلى بن داود القنطرى واحمد بن ابى خيثمة روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان من الثقات وله معرفة فى الحديث وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
460 - جعفر بن محمد بن عبدويه ابو عبد الله المعروف بالبرائى مروى الاصل حدث عن ابراهيم بن هانىء روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة

461 - الحسن بن آدم العسقلانى حدث عن جماعة وكان ثقة وكان يتولى عمالات من صعيد مصر توفى بالفيوم من صعيد مصر فى شوال هذه السنة
462 - الحسن بن عبد الله بن على ابن محمد بن الملك بن ابى الشوارب ابو محمد الاموى ولى قضاء مدينة المنصور بعد عزل ابى الحسين الاشنانى عنها وكانت ولاية الاشنانى لها ثلاثة ايام فحسب اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا على بن المحسن حدثنا طلحة ابن محمد بن جعفر قال بعد الثلاثة ايام التى تقلد فيها ابن الاشنانى مدينة المنصور استقضى المقتدر على مدينة المنصور الحسن بن عبد الله بن على فى يوم الاثنين لست بقين من ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلثمائة وهذا رجل حسن الستر جميل الطريقة قريب الشبه من ابيه وجده فى باب الحكم والسداد فلم يزل واليا على المدينة الى نصف رمضان سنة عشرين وثلثمائة ثم صرفه المقتدر وتوفى فى يوم عاشوراء من سنة خمس وعشرين
463 - عبد الله بن محمد بن سفيان ابو الحسين الخزاز النحوى حدث عن المبرد وثعلب وكان ثقة وله مصنفات فى علوم القرآن غزيرة الفوائد توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
464 - عمر بن احمد بن على بن عبد الرحمن ابو حفص الجوهرى المعروف بابن علك المروزى حدث عن عباس الدورى وغيره روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وكان ثقة صدوقا متقنا متيقظا فقيها ناسكا توفى بمرو فى هذه السنة
465 - محمد بن اسحاق بن يحيى ابو الطيب النحوي يعرف بابن الوشاء كان من اهل الادب حسن التصانيف

مليح الاخبار حدث عن احمد بن عبيد بن ناصح والحارث بن ابى اسامة وثعلب والمبرد وغيرهم
466 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم ابن عيسى بن فروخ ابو بكر المزنى سكن الرقة وحدث بها عن ابى حفص عمرو ابن على الفلاس وغيره وروى عنه ابو بكر الشافعى وابو القاسم الطبرانى وابن المظفر وغيرهم وقال الدارقطنى هو ثقة توفى بعد العشرين والثلثمائة
467 - محمد بن احمد بن قطن ابن خالد بن حيان ابو عيسى السمسار سمع الحسن بن عرفة وغيره روى عنه الدارقطنى والكتانى وكان ثقة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى عبد العزيز بن على الوراق قال ذكر أن ابن قطن ولد فى سنة خمس وثلاثين ومائتين يوم الجمعة وكان يوم عاشوراء وتوفى فى يوم الجمعة لسبع بقين من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثلثمائة
468 - محمد بن احمد بن المهدى ابو عمارة اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدث ابو عمارة عن ابى بكر بن ابى شيبة ولوين وعلى بن الموفق وغيرهم وفى حديثه مناكير وغرائب روى عنه ابو عمر وابن السماك وابو سهل بن زياد القطان ودعلج وابو بكر الشافعى واخبرنا ابو الطيب الطبرى قال قال لنا ابو الحسن الدارقطنى ابو عمارة ضعيف جدا
469 - محمد بن احمد بن هارون ابو بكر العسكرى الفقيه كان يتفقه لابى ثور وحدث عن ابراهيم بن عبد الله بن الجنيد والحسن بن عرفة وعباس الدورى وغيرهم روى عنه الآجرى والدارقطنى ويوسف القواس وغيرهم وتوفى فى شوال من هذه السنة

470 - محمد بن احمد ابن يوسف بن اسماعيل ابو احمد الجريرى حدث عن ابن اخى الاصمعى وغيره ولم يظهر عنه الا الخير توفى فى محرم هذه السنة
471 - محمد بن ابى موسى عيسى ابن احمد بن موسى بن محمد بن ابراهيم ابو عبد الله الهاشمى سمع جعفر الفريابى وكان ثقة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن ابى على قال حدثنى ابو اسحاق ابراهيم بن محمد الطبرى قال رأيت ثلاثة يتقدمون ثلاثة اصناف من ابناء جنسهم فلا يزاحمهم احد ابو عبد الله الحسين بن احمد الموسوى يتقدم الطالبين فلا يزاحمه احد وابو عبد الله محمد بن ابى موسى الهاشمى يتقدم العباسيين فلا يزاحمه احد وابو بكر الاكفانى يتقدم الشهود فلا يزاحمه احد
472 - محمد بن المسور بن عمر ابن الفضل بن العباس بن عبد المطلب اندلسى 2 الاصل كان فقيها مقدما روى الحديث وتوفى بالاندلس فى هذه السنة
473 - موسى بن عبيد الله بن يحيى ابن خاقان ابو مزاحم كان ابوه وزير المتوكل وسمع ابو مزاحم من عباس الدورى وابى قلابة وعبد الله بن احمد والمروروذى روى عنه الآجرى وابن شاهين وكان ثقة من اهل السنة نقش خاتمه دن بالسنن موسى تعن توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
474 - موسى بن جعفر بن محمد ابو الحسن العثمانى كوفى الاصل ولد سنة اربعين

وسمع الربيع بن سليمان روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ست وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه خرج الراضى متنزها الى ان حادى بزوعى فاقام يومين ثم رجع وفيها ورد كتاب من ملك الروم الى الراضى وكانت الكتابة بالرومة بالذهب والترجمة بالعربية بالفضة يطلب منه الهدنة وفيه ولما بلغنا ما رزقته ايها الاخ الشريف الجليل من وفور العقل وتمام الادب واجتماع الفضائل اكثر ممن تقدمك من الخلفاء حمدنا الله تعالى اذ جعل فى كل امة من يمتثل امره وقد وجهنا شيئا من الالطاف وهى اقداح وجرار من فضة وذهب وجوهر وقضبان فضة وسقور وثياب سقلاطون ونسيج ومناديل واشياء كثيرة فاخرة فكتب اليهم الجواب بقبول الهدية والاذن فى الفداء وهدنة سنة
وتحدث الناس فى شوال هذه السنة ان رقعة جاءت من ابن مقلة الى الراضى يضمن فيها ابن رائق وابنى مقاتل بالفى الف دينار وانه يقبض عليهم بحيلة لطيفة فقال الراضى صر الى حتى تعرفنى وجه هذا فجاء فعلم ابن رائق فركب فى جيشه الى الدار وقال لا ابرح الا بتسليم ابن مقلة فاخرج فأمر بقطع يده اليمنى وقيل هذا سعى فى الارض بالفساد
ووجد يهودى مع مسلمة وكان اليهودى غلاما لجهبذ يهودى لابن خلف فضربه صاحب الشرطة فلم يرض ابن خلف حتى ضرب صاحب الشرطة بحضرة اليهود فى يوم جمعة فافتتن الناس لذلك وكان امرا قبيحا
وفى هذه السنة وقع الوباء فى البقر وظهر فى الناس جرب وبثور

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
475 - ابراهيم بن داود القصار ابو اسحاق الرقى اخبرنا محمد بن ناصر انبأنا احمد بن على بن خلف حدثنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت ابا بكر بن شاذان يقول سمعت ابراهيم القصار يقول المعرفة اثبات الرب عز و جل خارجا عن كل موهوم وقال اضعف الخلف من ضعف عن رد شهوته واقوى الخلق من قوى على ردها قال السلمى كان ابراهيم من جلة مشايخ الشام من اقران الجنيد عمر وصحبه اكثر مشايخ الشام وكان ملازما للفقر توفى فى سنة ست وعشرين وثلثمائة
476 - احمد بن زياد بن محمد ابن زياد بن عبد الرحمن اللخمى أندلسى وهو من ولد شيطون وهو زياد بن عبد الرحمن صاحب مالك بن أنس وشبطون اول من ادخل فقه مالك الاندلس وعرض عليه القضاء فلم يقبله توفى احمد بالاندلس فى هذه السنة
477 - جبلة بن محمد بن كريز حدث عن يونس بن عبد الاعلى وكان ثقة صدوقا توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
478 - الحسن بن على بن زيد ابن حميد بن عبيد الله بن مقسم ابو محمد مولى على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب من اهل سر من رأى حدث ببغداد عن جماعة روى عنه الدارقطنى وابن بطة وتوفى فى هذه السنة وقيل فى السنة التى قبلها

479 - شعيب بن محرز ابن عبيد الله بن خلف بن الراجبان ابو الفضل الكاتب حدث عن عمر بن شبة وعلى بن حرب روى عنه الدارقطنى والمخلص وكان ثقة وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
480 - عبد الله بن العباس بن جبريل ابو محمد الوراق الشمعى حدث عن على بن حرب روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة توفى فى هذه السنة
481 - عبد الله بن الهيثم بن خالد ابو محمد الخياط الطينى سمع ابراهيم بن الجنيد والحسن بن عرفة روى عنه الدارقطنى ويوسف القواس وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
482 - عبد العزيز بن جعفر ابن بكر بن ابراهيم ابو شيبة يعرف بابن الخوارزمى سمع الحسن بن عرفة روى عنه الدارقطنى وكان ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
483 - محمد بن جعفر بن رميس ابن عمر ابو بكر القصرى سمع ابا علقمة الفروى والحسن بن محمد بن الصباح وغيرهما أنفق فى طلب الحديث الوف دنانير روى عنه الدارقطنى وقال هو من الثقات وتوفى فى هذه السنة سنة 327 ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه خرج الراضى الى الموصل لمحاربة الحسن بن عبد الله بن

حمدان وخرج بحكم فكان ينزل بين يديه بقليل فاستوى ابن رائق على بغداد فدخلها فى الف من القرامطة اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد ابن على بن ثابت اخبرنا التنوخى اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال لما كان فى المحرم سنة سبع وعشرين وثلثمائة خرج الراضى الى الموصل واخرج معه قاضى القضاة ابا الحسين عمر بن محمد بن يوسف وامره ان يستخلف على مدينة السلام باسرها ابا نصر يوسف بن عمر لما علم انه لا احد بعد ابيه يجاريه ولا انسان يساويه فجلس يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم سنة سبع وعشرين فى جامع الرصافة وقرأ عهده بذلك وحكم فتبين للناس من امره ما بهر عقولهم ومضى فى الحكم على سبيل معروفة له ولسلفه وما زال ابو نصر يخلف اباه على القضاء بالحضرة من الوقت الذى ذكرنا الى ان توفى قاضى القضاة قال ابو بكر الصولى ومضى الراضى عاجلا الى الموصل وقد تقدم بحكم فواقع الحسن بن عبد الله فهزمه ثم خرج ابن رائق من بغداد وعاد الراضى اليها
وجاء فى جمادى الاولى وهو أول يوم من اذار بعد المغرب مطر عظيم وبرد كبار فى كل بردة نحو الاوقيتين ودام وسقط بذلك حيطان كثيرة من دور بغداد وظهر جراد كثير وكان الحج قد بطل من سنة سبع عشرة وثلثمائة فلم يحج احد من العراق فلما جاءت سنة سبع وعشرين كاتب ابو على عمر بن يحيى العلوى القرامطة وكانوا يحبونه لشجاعته وكرمه وسألهم ان ياذنوا للحجيج ليسير بهم ويعطيهم من كل جمل خمس دنانير ومن المحمل سبعة دنانير فأذنوا لهم فحج الناس وهى اول سنة مكس فيها الحاج وخرج فى تلك السنة القاضى ابو على ابن ابى هريرة الشافعى فلما طولب بالخفارة لوى راحلته ورجع وقال لم ارجع شحا على الدراهم ولكن قد سقط الحج لهذا المكس ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
484 - الحسن بن القاسم بن دحيم ابو على الدمشقى حدث عن العباس بن الوليد البيروتى وكان اخباريا وله فيها مصنفات

توفى بمصر فى محرم هذه السنة وقا اناف على الثمانين سنة
485 - الحسين بن القاسم بن جعفر ابن محمد بن خالد بن بشر ابو على الكوكبى الكاتب صاحب آداب واخبار حدث عن احمد بن ابى خيثمة وابى العيناء وابن ابى الدنيا وغيرهم روى عنه الدارقطنى والمعافى وابن سويد وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
486 - عثمان بن الخطاب ابن عبد الله ابو عمر البلوى الاشج المغربي المعروف بأبى الدنيا يروى عن على بن ابى طالب قدم بغداد بعد سنة ثلثمائة بسنتين وعلماء النقل لا يثبتون قوله ولا يصدقون خبره اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو بكر احمد بن موسى بن عبد الله الروشتائى حدثنا محمد بن احمد بن محمد بن يعقوب المفيد قال سمعت ابا عمر وعثمان بن الخطاب بن عبد الله البلوى من مدينة بالمغرب يقال لها رندة وهو المعمر ويعرف بابى الدنيا يقول ولدت فى اول خلافة ابى بكر الصديق فلما كان فى زمن على بن ابى طالب خرجت انا وابى نريد لقاءه فلما صرنا قريبا من الكوفة او من الارض التى هو فيها لحقنا عطش شديد فى طريقنا اشفينا منه على الهلكة وكان أبى شيخا كبيرا فقلت له اجلس حتى ادورأنا فى الصحراء او البرية فلعلنى اقدر على ماء او من يدلنى على ماء او ماء المطر فجلس ومضيت اطلب الماء فلما كنت عنه غير بعيد لاح لى ماء فصرت اليه فاذا انا بعين ماء وبين يديها شبيه بالركية او الوادى من مائها فنزعت ثيابى واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتى رويت ثم قلت أمضى فاجىء بأبى فهو

غير بعيد فجئت اليه فقلت قم فقد فرج الله وهذه عين ماء قريب منا ومضينا نحو العين والماء فلم نر شيئا فدرنا نطلب فلم نقدر على شىء واجهد ابى جهدا شديدا فلم يقدر على النهوض لشدة ما لحقه فجلست معه فلم يزل يضطرب حتى مات فاحتلت حتى واريته ثم جئت حتى لقيت اميرالمؤمنين عليا عليه السلام وهو خارج الى صفين وقد اسرجت له بغلة فجئت فأمسكت الركاب ليركب وانكببت لأقبل فخذه فنفحنى الركاب فشجنى فى وجهى شجة قال المفيد ورأيت الشجة فى وجهه واضحة قال ثم سألنى عن خيرى فأخبرته بقصتى وقصة ابى وقصة العين فقال هذه عين لم يشرب منها احد الا وعمر عمرا طويلا فأبشر فانك تعمر ما كنت تجدها بعد شربك منها كما قال المفيد ثم سألناه فحدثنا عن على بن ابى طالب باحاديث ثم لم ازل اتتبعه فى الاوقات فألح عليه حتى يملى على حديثا ثم اعود حتى جمعت منه خمسة عشر حديثا لم يجتمع عنه لغيرى لتتبعى له والحاحى عليه وكان معه شيوخ من بلده فسألتهم عنه فقالوا هو مشهور عندنا بطول العمر حدثنا بذلك آباؤنا عن آبائهم عن اجدادهم وان قوله فى لقيه على بن ابى طالب معلوم عندهم انه كذلك اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا ابو القاسم عبيد الله بن احمد بن عبد الاعلى بن محمد بن مروان الرقى حدثنا ابو القاسم يوسف بن احمد بن محمد البغدادى وكان شاهدا بالرقة فقلت له ان المفيد حدث عن الاشج عن على ابن ابى طالب فقال ان الاشج دخل بغداد واجتمع الناس عليه فى دار اسحاق واحدقوا به وضايقوه وكنت حاضره فقال لا تؤذونى فانى سمعت على بن ابى طالب يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كل مؤذ فى النار وحدث ببغداد خمسة احاديث حفظت منها ثلاثة هذا احدها وما علمت احدا ببغداد كتب عنه حرفا واحدا ولم يكن عندى بالثقة وقال المفيد بلغنى ان الاشج مات فى سنة سبع وعشرين وثلثمائة وهو راجع الى بلده
487 - محمد بن جعفر ابن محمد بن سهل ابو بكر الخرائطى من اهل سر من رأى سمع ابراهيم بن الجنيد

والحسن بن عرفة وخلقا كثيرا وكان حسن التصنيف سكن الشام وحدث بها وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
488 - محمد بن جعفر ابن محمد بن نوح ابو نعيم الحافظ بغدادى نزل الرملة وحدث بها عن خلق كثير روى عنه محمد بن المظفر الحافظ وتوفى فى هذه السنة
489 - محمد بن جعفر ابن محمد بن الحسن بن المستفاض ابو الحسن بن ابى بكر الفريابى ولد سنة سبع واربعين ومائتين وحدث عن عباس الدورى وخلق كثير روى عنه ابن شاهين وغيره وكان ثقة
490 - محمد بن جعفر ابن احمد بن بكر الرافقى ويعرف بابن الصابونى قدم بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه الدارقطنى
491 - يزداد بن عبد الرحمن ابن محمد بن يزداد ابو محمد الكاتب مروزى الاصل سمع ابا سعيد الاشج روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وذكره يوسف القواس فى شيوخه الثقات توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة

ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى غرة المحرم ظهرت فى الجو حمرة شديدة من ناحية الشمال والمغرب وظهرت فيها اعمدة بيض غظيمة كثيرة العدد

وفيها ان الخبر ورد بان ابا على الحسن بن بويه الديلمى صار الى واسط فانحدر الراضى وبجكم فانصرف ابو على عن واسط ورجع الراضي الى بغداد وفيها ان بجكم تزوج سارة بنت ابى عبد الله محمد بن احمد بن يعقوب البريدى على صداق مبلغه مائتا الف درهم
وفيها فى شعبان بلغت زيادة الماء فى دجلة تسعة عشر ذراعا وبلغت زيادة الفرات احدى عشر ذراعا
وانبثق بثق من نواحي الانبار فاجتاح القرى وغرق الناس والبهائم والسباع وصب الماء فى الصراة الى بغداد ودخل الشوارع فى الجانب الغربى من بغداد وغرق شارع الانبار فلم يبق فيه منزل وتساقطت الدور والابنية على الصراة وانقطع بعض القنطرة العتيقة والجديدة
وفى هذا الشهر توفى قاضى القضاة ابو الحسين عمر بن محمد وولى ابنه ابو نصر يوسف
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا التنوخى اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال لما كان يوم الخميس لخمس بقين من شعبان خلع الراضى على ابى نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف وقلده الحضرة بأسرها الجانب الشرقى والغربى والمدينة والكرخ وقطعه من اعمال السواد وخلع على اخيه ابى محمد الحسين بن عمر لقضاء اكثر السواد ثم صرف الراضى ابا نصر عن مدينة المنصور بأخيه الحسين فى سنة تسع وعشرين وأقره على الجانب الشرقى وفى يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذى الحجة اشهد ابو على بن أبى موسى الهاشمى على نفسه ثلاثين شاهدا من العدول بانه لا يشهد عند القاضى ابى نصر يوسف بن عمر ببغداد وأخذ خطوط الشهود انه عدل مقبول الشهادة وفى يوم الاثنين لثمان بقين من ذى الحجة اسجل القاضى ابو نصر يوسف بن عمر بأن ابا عبد الله بن أبى موسى الهاشمى ساقط الشهادة بشهادة عشرين عدلا عليه بذلك وفى مستهل ذى القعدة وافى رسول أبى طاهر الجنابى القرمطى فاطلق له من

مال السلطان خمسة وعشرون الف دينار من جملة خمسين الف دينار ووفق عليها على ان يبذرق بالحاج فبذرقهم فى هذه السنة
وفى هذا الشهر صرف ابو عبد الله البريدى عن الوزارة واستوزر سليمان بن الحسن وكان البريدى قد ضمن واسطا واعمالها بستمائة الف دينار

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
492 - اسحاق بن محمد ابن اسحاق ابو عيسى الناقد حدث عن الحسن بن عرفة وتوفى فى محرم هذه السنة
493 - جعفر المرتعش
ابو محمد كذلك ذكره ابو بكر الخطيب وقال ابو عبد الرحمن السلمى اسمه عبد الله ابن محمد ابو محمد النيسابورى كان من ذوى الاموال فتخلى عنها وصحب الفقراء مثل الجنيد وأبى حفص وابى عثمان واقام ببغداد حتى صار شيخ الصوفية وكان اقامته بالشونيزية وكانوا يقولون عجائب بغداد ثلاثة اشارات الشبلى ونكت المرتعش وحكايات جعفر الخواص اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا احمد بن على بن خلف انبأنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت ابا الفرج الصائغ يقول قال المرتعش من ظن ان افعاله تنجيه من النار وتبلغه الرضوان فقد جعل لنفسه ولفعله خطرا ومن اعتمد على فضل الله بلغه الله اقصى منازل الرضوان وقيل له ان فلانا يمشى على الماء فقال ان من مكنه الله من مخالفة هواه فهو اعظم من المشى على الماء اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال ذكر محمد بن مأمون البلخى انه سمع ابا عبد الله الرزاز يقول حضرت وفاة المرتعش فى مسجد الشونيزية سنة ثمان وعشرين وثلثمائة فقال انظروا ديونى فنظروا فقالوا بضعة عشر درهما فقال انظروا خريقاتى فلما قربت منه قال اجعلوها فى ديونى وأرجو من أن الله يعطيني الكفن ثم قال سألت الله ثلاثا عند موتي فأعطانيها سألته ان يميتنى على الفقر وسألته ان يجعل موتى فى هذا المسجد فقد صحبت فيه اقواما وسألته ان يكون

حولى من آنس به واحبه وغمض عينيه ومات بعد ساعة رحمه الله
494 - الحسن بن احمد بن يزيد ابن عيسى بن الفضل بن بشار المعروف بالاصطخرى قاضى قم ولد سنة اربع واربعين ومائتين وسمع سعدان بن نصر واحمد بن منصور الرمادى وعباسا الدورى روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وكان احد الائمة المذكورين وهو من شيوخ الفقهاء الشافعيين وكان ورعا زاهدا وكتابه الذى الفه يدل على سعة علمه وقوة فهمه وكان متقللا فيقال انه كان قميصه وسراويله وعمامته وطيلسانه من شقة واحدة وله كتاب القضاء لم يصنف مثله توفى فى هذه السنة
495 - الحسن بن ابراهيم ابن عبد الله بن عبد المجيد ابو محمد المقرىء وهو ابن اخت ابى الآذان سمع من جماعة وروى عنه الدارقطنى وقال هو من الثقات توفى فى هذه السنة
496 - الحسن بن سعيد بن الحسن ابن يوسف ابو القاسم الوراق يعرف بابن الهرش مروزى الاصل حدث عن ابراهيم بن هانى روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة

497 - الحسين بن محمد بن سعيد ابو عبد الله البزاز المعروف بابن المطبقى ولد فى ربيع الاول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وحدث عن خلاد بن اسلم والربيع بن سليمان ومحمد بن منصور الطوسى روى عنه الخطبى والدارقطنى وابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة ودفن فى داره وبلغ ستا وتسعين سنة وهو صحيح الفهم والعقل والجسم
498 - حامد بن احمد ابن الهيثم ابو الحسين البزاز حدث عن احمد بن منصور الرمادى توفى فى هذه السنة
499 - حامد بن بلال بن الحسن ابو احمد البخارى حدث عن جماعة روى عنه ابو بكر الشافعى وابن شاهين توفى في رجب هذه السنة
500 - حامد بن احمد بن محمد ابو احمد المروزى المعروف بالزيدي كان له عناية بحديث زيد بن ابى أنيسة وجمعة وطلبه فنسب اليه سكن طرسوس ثم قدم بغداد وحدث بها فروى عنه الدارقطنى وكان ثقة مذكورا يالفهم موصوفا بالحفظ توفى فى رمضان هذه السنة
501 - حمزة بن الحسين ابن عمر ابو عيسى السمسار سمع من جماعة روى عنه الخلدى وابن شاهين وكان ثقة وذكر أنه كان يعرف بحمزة واسمه عمر توفى فى هذه السنة

502 - خير مولى عبد الله ابن يحيى بن زهير التغلبى يكنى ابا صالح سمع من بكار بن قتيبة وكان ثقة تقبله القضاة وتحكم بقوله وكان اسود خصيا توفى فى رمضان هذه السنة
503 - عبد الله بن سليمان ابن عيسى بن الهيثم ابو محمد الوراق المعروف بالفامى سمع ابراهيم بن هانىء وعبد الله ابن احمد روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
504 - على بن احمد ابن الهيثم ابو الحسن البزار حدث عن على بن حرب روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
505 - على بن محمد ابو الحسن المزين الصغير اصله من بغداد وصحب الجنيد وسهل بن عبد الله واقام بمكة مجاورا حتى توفى بها فى هذه السنة اخبرنا ابو بكر بن حبيب العامرى اخبرنا ابو سعد بن أبى صادق اخبرنا ابو عبد الله بن باكويه اخبرنا ابو عبد الله بن خفيف قال سمعت ابا الحسن المزين بمكة يقول كنت فى بادية تبوك فتقدمت الى بئر لأستقى منه فزلقت رجلى فوقعت فى جوف البئر فرأيت فى جوف البئر زاوية واسعة فاصلحت موضعا وجلست عليه وقلت ان كان منى شىء لا افسد الماء على الناس وطابت نفسى وسكن قلبى فبينا انا قاعد اذا بخشخشة فتأملت فاذا انا بأفعى ينزل على فراجعت نفسى فاذا هى ساكنة علي فنزل فداربى وانا هادىء السر لا تضطرب على نفسى ثم لف ذنبه واخرجنى من البئر وحلل عنى ذنبه فلا ادرى ارض ابتلعته او سماء رفعته ثم قمت ومشيت

وثم آخر يقال له
506 - ابو جعفر المزين الكبير
كان بمكة وبها مات وكان من العباد اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن ابى على حدثنا ابراهيم بن احمد الطبرى حدثنا جعفر الخلدى قال ودعت فى بعض حجاتى المزين الكبير فقلت زودنى شيئا فقال ان ضاع منك شىء او اردت ان يجمع الله بينك وبين انسان فقل يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه ان الله لا يخلف الميعاد اجمع بينى وبين كذا وكذا فان الله يجمع بينك وبين ذلك الانسان او ذلك الشىء قال فجئت الى الكتانى فودعته وقلت زودنى فأعطانى فصا عليه نقش كأنه طلسم فقال اذا اغتممت فانظر الى هذا فانه يزول غمك قال فانصرفت فما دعوت الله بتلك الدعوة الا استجيب لى ولا رايت الفص وقد اغتممت الازال غمى فانا ذات يوم قد توجهت اعبر الى الجانب الشرقى من بغداد اذ هاجت ريح عظيمة وانا فى السميرية والفص فى جيبى فأخرجته لانظر اليه فلا ادرى كيف ذهبت منى فى الماء او فى السفينة فاغتممت غما عظيما فدعوت بالدعوة وعبرت فما زلت ادعو بها يومى وليلتى اياما فلما كان بعد ذلك اخرجت صندوقا فيه ثيابى لأغير منها شيئا ففرغت الصندوق فاذا بالفص فى اسفل الصندوق فأخذته وحمدت الله على رجوعه
507 - عمر بن ابى عمر محمد بن يوسف ابن يعقوب بن اسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم ابو الحسين الازدى ناب عن ابيه فى القضاء وهو ابن عشرين سنة ثم توفى ابوه وهو على القضاء وكان حافظا للقرآن والفقه على مذهب مالك والفرائض والحساب واللغة والنحو والشعر والحديث واقر على القضاء ثم جعل قاضى القضاة الى آخر عمره وصنف مسندا ورزق قوة الفهم وجودة القريحة وشرف الاخلاق قال ابو القاسم بن برهان النحوي كان عدد الشهود فى زمان قاضى القضاة ابى الحسين بن قاضى القضاة

ابى عمر الف وثمانمائة شاهد ليس فيهم من شهد الا بفضيلة محضة فى دين او علم او مال او شرف
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا عبد الصمد بن محمد بن محمد بن نصر قال قال لنا اسماعيل بن سعيد المعدل كان ابو عمر القاضى يقول ما زلت مروعا من مسأله تجيئنى من السلطان حتى نشأ ابو الحسين ولدى
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على حدثنا التنوخى حدثنا محمد بن عبيد الله النصيبى ان جعفر بن ورقاء حدثهم قال عدت من الحج انا واخي فتأخر عن تهنئتى القاضى ابو عمر وابنه ابو الحسين فكتبت اليهما ... أأستجفى ابا عمرو اشكو ... واستجفى فتاه ابا الحسين ... بأى قضية وبأى حكم ... الحافى قطيعة واصلين ... فما جاء ولا بعثا بعذر ... ولا كانا لحقى موجبين ... فان نمسك ولا نعتب تمادى ... جفاؤهما لا خلص مخلصين ... وان نعتب فحق غير أنا ... نجل عن العتاب القاضيين ...
فوصلت الابيات الى ابى عمر وهو على شغل فأنفذها الى ابى الحسين وامره بالجواب عنها فكتب الى ... تجن واظلم فلست منتقلا ... عن خالص الود ايها الظالم ... ظننت بى جفوة عتبت لها فخلت انى لحبلكم صارم ... حكمت بالظن والشكوك ولا يحكم بالظن فالهوى حاكم ... تركت حق الوداع مطرحا ... وجئت تبغى زيارة القادم ... امران لم يذهبا على فطن ... وانت بالحكم فيهما عالم ... وكل هذا مقال ذى ثقة ... وقلبه من جفائه سالم ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو الطيب الطبرى قال سمعت المعافى بن زكريا يقول كنت احضر مجلس ابى الحسين بن ابى عمر يوم النظر فحضرت يوما انا وجماعة من اهل العلم فى الموضع الذى جرت العادة

بجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج قال فدخل اعرابى لعل له حاجة اليه فجلس بقربنا فجاء غراب فقعد على نخلة فى الدار وصاح ثم طار فقال الاعرابى هذا الغراب يقول بأن صاحب هذه الدار يموت بعد سبعة ايام قال فصحنا عليه وزبرناه فقام وانصرف واحتبس خروج ابى الحسين واذا قد خرج الينا غلام فقال القاضى يستدعيكم قال فقمنا ودخلنا اليه واذا به متغير اللون منكسر البال مغتم فقال اعلموا انى احدثكم بشىء قد شغل قلبى وهو أنى رايت البارحة فى المنام شخصا وهو يقول ... منازل آل حماد بن زيد ... على اهليك والنعم السلام ...
وقد ضاق لذلك صدرى قال فدعونا له وانصرفنا فلما كان اليوم السابع من ذلك اليوم دفن رحمه الله
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال توفى قاضى القضاة يعنى ابا الحسين عمر بن محمد بن يوسف فى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلثمائة وصلى عليه ابنه ابو نصر ودفن الى جانب ابى عمر فى دار الى جانب داره قال ابو بكر الصولى كان هذا القاضى عمر بن محمد قد بلغ من العلوم مبلغا عظيما وقرأ على من كتب اللغة والاخبار ما يقارب عشرة آلاف ورقة وتوفى ابن سبع وثلاثين سنة ووجد عليه الراضى وجدا شديدا حتى كان يبكى بحضرتنا وقال كنت اضيق بالشىء ذرعا فيوسعه على وكان يقول لا بقيت بعده
508 - عثمان بن عبدويه ابو عمرو البزاز الكشى سمع ابراهيم الحربى روى عنه ابو بكر بن ابى موسى القاضى وكان ثقة توفى فى رمضان هذه السنة
509 - محمد بن احمد بن ايوب بن الصلت ابو الحسن المقرىء المعروف بابن شنبوذ حدث عن ابى مسلم الكجى وبشر بن

موسى وخلق كثير من اهل الشام ومصر وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراآت وقرأ بها فصنف ابو بكر الأنبارى وغيره كتبا فى الرد عليه اخبرنا القزاز قال اخبرنا الخطيب قال اخبرنى ابراهيم بن مخلد فيما اذن لى ان ارويه عنه قال اخبرنا اسماعيل بن على الخطبى قال اشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ يقرىء الناس ويقرأ فى المحراب بحروف تخالف المصاحف مما يروي عن ابن مسعود وأبى وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذى جمعه عثمان ويتبع الشواذ فيقرأ بها ويجادل حتى عظم امره وفحش وانكره الناس فوجه السلطان فقبض عليه فى يوم السبت لست خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة وحمل الى دار الوزير محمد بن على بن مقلة واحضر القضاة والفقهاء والقراء وناظره يعنى الوزير بحضرتهم فأقام على ما ذكر عنه ونصره واستنزله الوزير عن ذلك فأبى ان ينزل عنه او يرجع عما يقرا به من هذه الشواذ المنكرة التى تزيد على المصحف وتخالفه فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس وأشاروا بعقوبته ومعاملته مما يضطره الى الرجوع فأمر بتجريده واقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه فضرب نحو العشر درر ضربا شديدا فلم يصبر واستغاث واذعن بالرجوع والتوبة فخلى عنه واعيدت عليه ثيابه واستتيب فكتب عليه كتاب بتوبته توفى ابن شنبوذ يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من صفر هذه السنة
510 - محمد بن الحسن بن محمد ابن حاتم بن يزيد ابو الحسن المعروف والده بعبيد العجل عن زكريا ابن يحيى المروزى وموسى بن هارون الطوسى روى عنه الدارقطنى اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال بلغنى عن ابى الفتح عبيد الله بن احمد النحوى انه ذكره فقال كان سيء الحال في الحديث توفى يوم الثلاثاء لأربع عشرة بقين من رجب هذه السنة

511 - محمد بن على بن الحسين بن عبد الله ابو على المعروف بابن مقلة ولدفي شوال ببغداد فى سنة اثنتين وسبعين ومائتين فأول تصرف تصرفه مع ابى عبد الله محمد بن داود بن الجراح وسنه يؤمئذ ست عشرة سنة وذلك فى سنة ثمان وثمانين فأقام بعه ثمانية اشهر ثم انتقل الى ابى الحسن ابن الفرات قبل تقلده الوزارة واجرى له مثل ذلك وكان يسترفق فى ايامه بقضاء الحوائج ثم زاده فى الجراية وولى ابن الفرات الوزارة ثم عزل وأعيد فقلد غير ابن مقلة الكاتبات فسعى به ابن مقلة حتى صرف ثم عاد الى الوزارة فقبض على ابن مقلة صادره على مائة الف دينار ثم آل الامر الى ان وزر لثلاثة خلفاء وزر ابن مقلة للمقتدر فى سنة ست عشرة وثلثمائة وقبض عليه فى آخر سنة سبع عشرة ووزر للقاهر سنة عشرين واستتر عنه خوفا منه سنة احدى وعشرين فلم يظهر حتى بويع للراضى بالله وقال كنت مستترا فى دار أبى الفضل بن مارى النصرانى بدرب القراطيس فسعى بى الى القاهر وعرف موضعى فانى لجالس وقد مضى نصف الليل اخبرتنا زوجة ابن مارى ان الشارع قد امتلا بالمشاعل والخيل فطار عقلى ودخلت بيتا فيه تبن فدخلوه ونبشوه بأيديهم فلم اشك انى مأخوذ فعاهدت الله تعالى انه ان نجانى ان انزع عن ذنوب كثيرة وان تقلدت الوزارة امنت المستترين واطلقت ضياع المنكوبين ووقفت وقوفا على الطالبين فما استتممت نذرى حتى خرج الطلب وكفانى الله امرهم وكان ابن مقلة قد نفى ابا العباس احمد بن عبيد الله الخصيبى وسليمان بن الحسن وكلاهما وزر للمقتدر وتقدم بانفاذهما فى البحر فخب بهما البحر ويئسا من الحياة فقال الخصيبى اللهم انى استغفرك من كل ذنب وخطيئة واتوب اليك من معاودة معاصيك الا من مكروه ابى على ابن مقلة فاننى ان قدرت عليه جازيته عن ليلتى هذه وما حل بى منه فيها وتناهيت فى الاساءة اليه فقال سليمان

ويحك فى هذا الموضع وانت معاين للهلاك تقول هذا فقال لا اخادع ربى واعيد من عمان فلما عزل ابن مقلة فى خلافة الراضى ضمنه الخصيبى بألفى الف دينار وحلت به المكاره من قبله وكان ابن مقلة لما شرع فى بناء داره بالزاهر جمع المنجمين حتى اختاروا له وقتا لبنائه ووضع اساسه بين المغرب والعشاء فكتب اليه بعضهم ... قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا ... واصبر فانك فى اضغاث احلام ... تبنى بانقاض دور الناس مجتهدا ... دارا ستنقض ايضا بعد ايام ... ما زلت تختار سعد المشترى لها ... فلم توق به من نحس بهرام ... ان القرآن وبطليموس ما اجتمعا ... فى حال نقض ولا فى حال ابرام ...
وكان له بستان عدة اجربه شجر بلا نخل عمل له شبكة ابريسم وكان يفرخ فيه الطيور التى لا تفرخ الا فى الشجر كالقمارى والدباسى والهزارو الببغ والبلابل والطواويس والقبج وكان فيه من الغزلان والبقر اليدوية والنعام والابل وحمير الوحش وبشر بأن طائرا بحريا وقع على طائر يرى فازدوجا وباضا وافقصا فأعطى من بشره بذلك مائة دينار ببشارته وكان بين جحظة الشاعر وبين ابن مقلة صداقة قبل الوزارة فلما استوزر استأذن عليه جحظة فلم يؤذن له فقال ... قل للوزير ادام الله دولته ... اذكر مناد متى والخبز خشكار ... اذ ليس بالباب برذون لنوبتكم ... ولا حمار ولا فى الشط طيار ...
وكان ابن مقلة يوما على المائدة فلما غسل يده راى على ثوبه نقطة صفراء من الحلوى فأخذ القلم وسودها وقال تلك عيب وهذا اثر صناعة وانشد ... انما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدواة عطر الرجال ... وجرى على ابن مقلة فى اعتقاله المكاره وأخذ خطه بألف الف دينار واطلق بعد ذلك فكتب الى الراضى انه ان اعاده الى الوزارة استخرج له ثلاثة آلاف الف دينار وقد ذكرنا انه ضمن بعض الامراء بمال فاستفتى الفقهاء فى

حقه فقال بعضهم هذا قد سعى فى الارض بالفساد فتقطع يده فقطعت وكان ينوح على يده ويقول يدخدمت بها الخلفاء ثلاث دفعات وكتبت بها القرآن دفعتين تقطع كما تقطع ايدى اللصوص ثم قال ان المحنة قد نشبت بى وهى تؤدينى الى التلف وانشد ... اذا مات بعضك فابك بعضا ... فان البعض من بعض قريب ...

ومن شعر ابن مقلة حين قطعت يده قوله
... ما سئمت الحياة لكن توثقت بأيمانهم فبانت يمينى ... بعث دينى لهم بدنياى حتى ... حرمونى دنياهم بعددينى ... فقد حطت ما استطعت بجهدى ... حفظ ارواحهم فما حفظونى ... ليس بعد اليمين لذة عيش ... يا حياتى بانت يمينى فبينى ...
وله ايضا
... اذا اتى الموت لميقاته ... فعد عن قول الاطباء ... وان مضى من انت صب به فالصبر من فعل الالباء ... ما مر شىء من بنى آدم ... امر من فقد الاحباء ...
ثم قطع لسانه بعد ذلك وطال حبسه فلحقه ذرب وكان يستسقى الماء بيده اليسرى وفمه الى ان مات فى شوال سنة ثمان وعشرين وثلثمائة ودفن فى دار السلطان ثم سأل اهله تسليمه اليهم فنبش وسلم اليهم فدفنه ابنه ابو الحسين فى داره ثم نبشته زوجته المعروفة بالدينارية ودفنته فى دارها ومن العجائب انه تقلد الوزارة ثلاث دفعات وسافر في عمره ثلاث مرات واحدة الى الموصل واثنتين فى النفى الى شيراز ودفن بعد موته ثلاث مرات فى ثلاث مواضع
512 - محمد بن القاسم بن محمد ابن بشار بن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن ابن دعامة ابو بكر ابن الانبارى ولد يوم الاحد لاحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة احدى وسبعين ومائتين

وسمع اسماعيل بن اسحاق القاضى والكديمى وثعلبا وغيرهم وكان صدوقا فاضلا دينا من اهل السنة وكان من اعلم الناس بالنحو والادب واكثرهم حفظا له وصنف كتبا كثيرة فى علوم القرآن وغريب الحديث وغير ذلك وذكر عنه انه كان يحفظ ثلثمائة الف بيت من الشواهد فى القرآن وكتب عنه وابو حى انبأنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن ابى على البصرى عن ابيه قال اخبرنى غير واحد ممن شاهد ابا بكر بن الانبارى انه كان يملى من حفظه لا من كتاب وان عادته فى كل ما كتب عنه من العلم كانت هكذا ما املى قط من دفتر
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ قال سمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق يقول حدثنى ابى عن جدى ان ابا بكر بن الانبارى مرض فدخل عليه اصحابه يعودونه فرأوا من انزعاج ابيه وقلقه عليه امرا عظيما فطيبوا نفسه ورجوه العافية فقال لهم كيف لا اقلق وانزعج لعلة من يحفظ جميع ما ترون واشار لهم الى حيرى مملوءا كتبا قال حمزة وكان مع حفظه زاهدا متواضعا حكى ابو الحسن الدارقطنى انه حضره فى مجلس املاء يوم جمعة فصحف اسما اورده فى اسناد حديث اما كان حيان فقال حبان او كان حبان فقال حيان قال ابو الحسن فاعظمت ان يحمل عن مثله فى فضله وجلالته وهم وهبته ان اقفه على ذلك فلما انقضى الاملاء تقدمت الى المستملى وذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه فقال ابو بكر للمستملى عرف الحاضرين انا صحفنا الاسم الفلانى لما املينا حديث كذا فى الجمعة الماضية ونبهنا ذلك الشاب على الصواب وعرف ذلك الشاب انا رجعنا الى الاصل فوجدناه كما قال
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو العلاء الواسطى قال قال محمد بن جعفر التميمى ما رأينا احفظ من ابى بكر الانبارى ولا اغزر بحرا منه وحدثنى عنه ابو الحسن العروضى قال اجتمعت انا وهو عند الراضى على الطعام وكان قد عرف الطباخ ما يأكل ابو بكر فكان يشوى له قلبه يابسة قال

فأكلنا نحن من أطايب الطعام والوانه وهو يعالج تلك القلية ثم فرغنا وأتينا بحلوى فلم يأكل منها شسئا وقام وقمنا الى الخيش فنام بين الخيشين ونمنا فى خيش ينافس فيه ولم يشرب ماء الى العصر فلما كان مع العصر قال لغلام الوظيفة فجاءه بماء من الحب وترك الماء المزمل بالثلج فغاظنى امره فصحت نصيحة فأمر امير المؤمنين باحضارى وقال ما قصتك فأخبرته وقلت هذا يا امير المؤمنين يحتاج ان يحال بينه وبين تدبير نفسه لأنه يقتلها ولا يحسن عشرتها قال فضحك وقال له فى هذا لذة وقد صار له الفا فلا يضره ثم قلت يا ابا بكر لم تفعل هذا بنفسك فقال ابقى على حفظى قلت ان الناس قد اكثروا فى حفظك فكم تحفظ قال أحفظ ثلاثة عشر صندوقا قال محمد بن جعفر وهذا مالا يحفظه احد قبله ولا بعده وحدثت انه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير من تفاسير القرآن بأسانيدها
وقال لنا ابو الحسن العروضى كان يتردد ابن الانبارى الى اولاد الراضى فسألته جارية عن تفسير رؤيا فقال انا حاقن ثم مضى فلما كان من غد عاد وقد صار معبر للرؤيا وذلك انه مضى من يومه فدرس كتاب الكرمانى وجاء قال وكان يأخذ الرطب فيشمه ويقول اما انك طيب ولكن اطيب منك حفظ ما وهب الله لى من العلم قال محمد بن جعفر وكان يملى من حفظه وقد املى غريب الحديث قيل انه خمسة واربعون الف ورقة وكتاب شرح الكافى وهو نحو الف ورقة وكتاب الهاآت نحو الف ورقة وكتاب الأضداد وما رأيت اكبر منه والجاهليات سبعمائة ورقة والمذكر والمؤنث ما عمل احد اتم منه وكتاب المشكل بلغ فيه الى طه وما اتمه قال وحدثت عنه انه مضى يوما الى النخاسين وجارية تعرض حسنة كاملة الوصف قال فوقعت فى قلبى ثم مضيت الى دار امير المؤمنين الراضى فقال لى اين كنت الى الساعة فعرفته فأمر بعض اسبابه فمضى فاشتراها وحملها الى منزلى فجئت فوجدتها فعلمت

الامر كيف جرى فقلت لها كونى فوق الى ان استبرئك وكنت اطلب مسألة قد اختلطت على فاشتغل قلبى فقلت للخادم خذها وامض بها الى النخاس فليس قدرها ان تشغل قلبى عن علمى فأخذها وامض بها الى النخاس فليس قدرها ان تشغل قلبى عن علمى فأخذها الغلام فقالت دعنى اكلمه بحرفين فقالت انت رجل لك محل وعقل واذا اخرجتنى ولم يتبين لى ذنبى لم آمن ان يظن الناس بى ظنا قبيحا فعرفنيه قبل أن تخرجنى فقلت لها مالك عندى عيب غير أنك شغلتنى عن علمى فقالت هذا سهل عندى وقال فبلغ الراضى امره فقال لا ينبغى ان يكون العلم فى قلب احدا احلى منه فى قلب هذا الرجل ولما وقع فى علة الموت أكل كل شىء كان يشتهى وقال هى علة الموت اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا ابو بكر محمد بن احمد بن عبد الله النحوى قال حدثنى أبى قال سمعت ابا بكر بن الانبارى يقول دخلت المارستان بباب محول فسمعت صوت رجل فى بعض البيوت يقرأ او لم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده فقال انا لا اقف الا على قوله كيف يبدىء الله الخلق فأقف على ا عرفه القوم وأقروا به لأنهم لم يكونوا يقرون باعادة الخلق وأبتدىء بقوله ثم يعيده ليكون خبرا واما قراءة على بن أبى طالب وادكر بعد أمه فهو وجه حسن الامه النسيان واما ابو بكر بن مجاهد فهو امام فى القراءة وأما قراءة الاحمق يعنى ابن شنبوذا ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت الغفور الرحيم فخطأ لأن الله تعالى قد قطع لهم بالعذاب فى قوله ان الله لا يغفر أن يشرك به فقلت لصاحب المارستان من هذا الرجل فقال هذا ابراهيم الموسوس محبوس فقلت ويحك هذا أبى بن كعب افتح الباب عنه ففتح الباب فاذا انا برجل منغمس فى النجاسة والأدهم فى قدميه فقلت السلام عليك فقال كلمة مقولة فقلت ما منعك من رد السلام على فقال السلام أمان وانى اريد أن امتحنك ألست تذكر اجتماعنا عند أبى العباس يعنى ثعلبا فى يوم كذا وفى يوم كذا وعرفنى ما ذكرته وعرفته واذا به رجل من افاضل اهل العلم فقال هذا الذى ترانى منغمسا فيه ما هو فقلت الخرء يا هذا فقال

وما جمعه فقلت خروء فقال لى صدقت وانشد كأن خروء الطير فوق رؤسهم
ثم قال لى والله لو لم تجبنى بالصواب لأطعمتك منه فقلت الحمد لله الذى نجانى منك وتركته وانصرفت انبأنا محمد بن ناصر انبأنا عبد المحسن بن محمد بن على اخبرنا ابو الحسن احمد بن محمد اخبرنا القاضى ابو الحسن على بن عبد الله الدينورى قال قال ابو بكر عبد الله بن على بن عيسى لما مرض ابو بكر ابن الانبارى مرضه الذى توفى فيه انقطع عن الخروج الى المسجد اياما فدخلوا عليه واعتذروا من تأخرهم عنه فقال له واحد من الجماعة تقدم فى أخذ الماء من غد فانى اجيئك بسنان بن ثابت المتطبب وكان يجتمع فى حلقته وجوه الحضرة من اولاد الوزراء والكتاب والامراء والاشراف فلما كان من الغد حضر سنان بن ثابت مع ذلك الرجل فدخل اليه فلما توسط المنزل قال ارونى الماء ما دمت فى الضوء فنظر اليه ثم دخل الى العليل فسأله عن حاله قال له رأيت الماء وهو يدل على اتعابك جسمك وتكلفك امرا عظيما لا يطيقه الناس قال كنت افعل ذلك ولم يعلم من اي نوع فوصف له سنان ما يستعمله ثم خرج فتبعه قوم فقال هو تالف وما فيه حيلة فارفقوا به ثم مضى فلما بعد قلت لابن الانبارى يا استاذ ما الذى كنت تفعله حتى استدل المتطبب عليه من حالك فقال كنت ادرس فى كل جمعة عشرة آلاف ورقة توفى ابو بكر بن الانبارى ليلة النحر من هذه السنة
513 - ام عيسى بنت ابراهيم الحربى كانت عالمة فاضلة تفتى فى الفقه وتوفيت فى رجب هذه السنة ودفنت الى جانب ابيها

سنة ثم دخلت سنة تسع وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها أن الفرات زادت احد عشر ذراعا وانبثق بثق من نواحى

الانبار فاجتاح القرى وغرقها وغرق الناس والبهائم والوحش والسباع وصب الماء فى الصراة الى بغداد ودخل شوارع الجانب الغربى وغرق شارع باب الانبار فلم يبق منه منزل الا وسقط تساقط الابنية على الصراة وسقطت قنطرة الصراة الجديدة وانقطع بعض العتيقة وزادت دجلة ثمانية عشر ذراعا فى ايار وحزيران
ومرض الراضى فقام فى يومين اربعة عشر رطلا من الدم كذلك قال الصولى ولما اشتدت علته ارسل الى بجكم وهو بواسط يعرفه شدة علته ويسأله ان يعقد ولاية العهد لابنه الاصغر وهو ابو الفضل وتوفى الراضى وتولى الخلافة المتقى لله اخوه

باب ذكر خلافة المتقى لله
واسمه ابراهيم بن المقتدر ويكنى ابا اسحاق وامه ام ولد تسمى خلوب ادركت خلافته وولد فى شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين وكان قد اجتمع الاشراف والقضاة فى دار بحكم وشاوروه فيمن يولون فاتفق عليه فحمل من داره وكانت باعلى الحريم الطاهرى الى دار الخلافة فصعد الى رواق التاج فصلى ركعتين على الارض وجلس على السرير وبايعه الناس وكان استخلافه يوم الاربعاء لعشر بقين من ربيع الاول من هذه السنة
ولم يغدر باحد قط ولا تغير على جاريته التى كانت له قبل الخلافة ولا تسرى عليها وكان حسن الوجه معتدل الخلق قصير الانف ابيض مشربا حمرة فى شعره شقرة وجعودة كث اللحية اشهل العينين ابى النفس لم يشرب النبيذ قط وكان يتعبد ويصوم جدا وكان يقول المصحف نديمى ولا اريد جليسا غيره فغضب الجلساء من هذا حتى قال ابو بكر الصولى واودع هذا الكلام فى كتابه المسمى بالاوراق فقال ما سمع بخليفة قط قال انا لا اريد جليسا انا اجالس المصحف سواه افتراه ظن ان مجالسة المصحف خص بها دون آبائه واعمامه

الخلفاء وان هذا الرأى غمض عليهم وفطن له قال المصنف فاعجبوا لهذا المنكر للصواب ويعلم انه كان هو والجلساء لا يكادون يشرعون فيما ينفع واقله المدح فليته اذ قال هذا لم يثبته فى تصنيف وفى يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى فرغ من المسجد براثا وجمع فيه الجمعة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال كان فى الموضع المعروف ببراثا مسجد يجتمع فيه قوم ممن ينسب الى التشبع يقصدونه للصلاة والجلوس فرفع الى المقتدر بالله ان الرافضة يجتمعون فى ذلك المسجد لسب الصحابة والخروج عن الطاعة فأمر بكبسه يوم الجمعة وقت الصلاة فكبس وأخذ من وجد فيه فعوقبوا وحبسوا حبسا طويلا وهدم المسجد حتى سوى بالارض وعفى رسمه ووصل بالمقبره التى تليه ومكث خرابا الى سنة ثمان وعشرين وثلثمائة فامر الامير بحكم باعادة بنائه وتوسيعه واحكامه فبنى بالآجر والجص وسقف بالساج المنقوش ووسع فيه ببعض ما يليه مما ابتيع له من املاك الناس وكتب فى صدره اسم الراضى بالله وكان الناس ينتابونه للصلاة فيه والتبرك ثم امر المتقى بالله بعد بنصب منبر فيه كان فى مدينة المنصور معطلا مخبوءا فى خزانة المسجد عليه اسم هارون الرشيد فنصب فى قبلة المسجد وتقدم الى احمد بن الفضل ابن عبد الملك الهاشمى وكان الامام فى جامع الرصافة بالخروج اليه والصلاة بالناس فيه الجمعة فخرج وخرج الناس من جانبى مدينة السلام حتى حضروا هذا المسجد وكثر الجمع وحضر صاحب الشرطة فاقيمت صلاة الجمعة فيه لثنتى عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى سنة تسع وعشرين وثلثمائة وتوالت صلاة الجمعة فيه ثم تعطلت الصلاة فيه بعد الخمسين واربعمائة
وفى يوم الثلاثاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سقط رأس القبة الخضراء بالمدينة اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت انبأنا ابراهيم بن

مخلد اخبرنا اسماعيل بن على الخطبى قال سقط رأس القبة الخضراء التى فى قصر ابى جعفر المنصور لتسع خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وكان تلك الليلة مطر عظيم ورعد هائل وبرق شديد وكانت هذه القبة تاج بغداد وعلم البلد ومأثرة من مآثر بنى العباس عظيمة بنيت اول ملكهم وكان بين بنائها وسقوطها مائة وسبع وثمانون سنة
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا على بن ابى على البصرى قال حدثنى ابى قال قال لى ابو الحسين بن عياش اجتمعت فى ايام المتقى بالله اسحاقات كثيرة فانسحقت خلافة بني العباس فى ايامه وانهدمت قبة المنصور الخضراء التى كان بها فخرهم فقلت له ما كانت الا سحاقات قال كان يكنى ابا اسحاق وكان وزيره القراريطى يكنى ابا اسحاق وكان قاضيه ابن اسحاق الخرقى وكان محتسبه ابو اسحاق ابن بطحاء وكان صاحب شرطته ابو اسحاق بن احمد وكانت داره القديمة دار اسحاق بن ابراهيم المصعبى وكانت الدار نفسها دار اسحاق بن كنداج واشتد الغلاء فى جمادى الاولى وزاد وبلغ الكر الدقيق مائة وثلاثين دينارا واكل الناس النخالة والحشيش وكثر الموت حتى دفن جماعة فى قبر واحد بلا صلاة ولا غسل ورخص العقار والقماش حتى بيع ما ثمنه دنانير بعددها دراهم
وقطع الاكراد على قافلة خرجت الى خراسان فأخذوا منها ما مبلغه ثلاثة آلاف دينار وكان اكثر المال لبجكم وزادت الفرات زيادة لم يعهد مثلها وغرقت العباسية ودخل الماء شوارع بغداد فسقطت القنطرة العتيقة والجديدة
وفى شوال اجتمعت العامة فى جامع دار السلطان وتظلمت من الديلم ونزولهم فى دورهم بغير أجرة وتعديهم عليهم فى معاملاتهم فلم يقع انكار لذلك فمنعت العامة الامام من الصلاة وكسرت المنبرين وشعث المسجد ومنعهم الديلم من ذلك فقتل من الديلم جماعة
وفى هذا الشهر تقلد ابو اسحاق محمد بن احمد الاسكافى وزارة المتقى وخلع عليه

وفى هذه السنة خرج التشرينات والكانونان وشباط بلا مطر الا مطرة واحدة خفيفة لم يسل منها ميزاب
فوقع الموت فى المواشى والعلل فى الناس وكثرت الحمى ووجع المفاصل ودام حتى تكشف المتجملون وهلك الفقراء واحتاج الناس الى الاستسقاء فرئى منام عجيب اخبرنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا على بن المحسن عن ابيه قال حدثنى ابو الحسن احمد بن يوسف الازرق حدثنا ابو محمد الصلحى الكاتب قال نادى منادى المتقى فى زمن خلافته فى الاسواق ان امير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته ان امرأة صالحة رأت النبى صلى الله عليه و سلم فى منامها فشكت احتباس القطر فقال لها قولى للناس يخرجون فى يوم الثلاثاء الادنى ويستسقون ويدعون الله فانه يسقيهم فى يومهم وان امير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج فى يوم الثلاثاء كما امركم رسول الله صلى الله عليه و سلم وان تدعوا وتستسقوا باصلاح من نباتكم واقلاع من ذنوبكم قال فأخبرنى الجم الغفير انهم لما سمعوا النداء ضجت الاسواق بالبكاء والدعاء فشق ذلك على وقلت منام امرأة لا يدرى كيف تأويله وهل يصح ام لا ينادى به خليفة فى اسواق مدينة السلام فان لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفار فليته امر الناس بالخروج ولم يذكر هذا وما زلت قلقا حتى اتى يوم الثلاثاء فقيل لى ان الناس قد خرجوا الى المصلى مع ابى الحسن احمد بن الفضل بن عبد الملك امام الجوامع وخرج واكثر اصحاب السلطان والفقهاء والاشراف فلما كان قبل الظهر ارتفعت سحابة ثم طبقت الآفاق ثم اسبلت عز اليها بمطر جود فرجع الناس حفاة من الوحل وفى هذه السنة لم يمض الحاج الى المدينة لأجل طالبى خرج فى ذلك الصقع

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
514 - احمد بن ابراهيم ابن حماد بن اسحاق بن اسماعيل بن حماد بن زيد ابو عثمان ولى قضاء مصر وقدم

اليها ثم عزل فأقام بها الى ان توفى فى رمضان هذه السنة حدث عن اسماعيل ابن اسحاق القاضى وخلق كثير وكان ثقة كريما حييا
515 - احمد بن ابراهيم ابن تومرد الفقيه تفقه على ابى العباس بن سريج خرج من الحمام فوقع عليه حائط فمات فى هذه السنة
516 - اسحاق بن ابراهيم ابن موسى ابو القاسم الغزال الفقيه ولد فى سنة اربعين ومائتين وحدث عن الحسن بن عرفة ومحمد بن سعد العوفى روى عنه يوسف القواس وتوفى بمصر فى هذه السنة
517 - بجكم التركى كان امير الجيش وكان يلقب امير الامراء قبل ملك بنى بويه وكان عاقلا يفهم بالعربية ولا يتكلم بها ويقول اخاف ان اخطىء والخطأ من الرئيس قبيح وقال ان كنت لا احسن العلم والادب فأحب ان لا يكون في الارض اديب ولا عالم ولا رأس صناعة الا فى جنبتى وتحت اصطناعى وكان قد استوطن واسطا وقرر مع الراضى بالله ان يحمل الى خزانته من ماله فى كل سنة ثمانى مائة الف دينار بعد أن يزيح العلة فى مؤتة خمسة آلاف فارس يقيمون بها واظهر العدل وكان يقول قد نبئت ان العدل اربح للسلطان فى الدنيا والآخرة وبنى دار ضيافة للضعفاء والمساكين بواسط وابتدأ بعمل المارستان ببغداد وهو الذى جدده عضد الدولة وكانت امواله عظيمة فكان يدفنا فى داره وفى الصحارى وكان يأخذ رجالا فى صناديق فيقفلها عليهم ويأخذ صناديق فيها مال ويقود هو بهم الى الصحراء ثم يفتح عليهم فيعاونونه فى دفن المال ثم يعيدهم الى الصناديق فلا يدرون اى موضع حملهم ويقول انما افعل هذا لأنى اخاف ان يحال بيني وبين

دارى فضاعت بموته الدفائن وبعث بجكم الى سنان بن ثابت الطبيب بعد موت الراضى وسأله ان ينحدر اليه الى واسط فانحدر اليه فاكرمه وقال له انى اريد أن اعتمد عليك فى تدبير بدنى وفى امر آخر هو أهم الى من امربدنى وهو امر اخلاقى لثقتى بعقلك ودينك فقد غمتنى غلبة الغضب والغيظ وافراطهما فى حتى اخرج الى ما اندم عليه عند سكوتهما من ضرب وقتل وانا اسألك ان تتفقد ما اعمله فاذا وقفت لى على عيب لم تحتشم ان تصدقنى عنه وتنبهنى عليه ثم ترشدنى الى علاجه فقال له السمع والطاعة انا افعل ذلك ولكن يسمع الامير منى بالعاجل جملة علاج ما انكره من نفسه الى ان آتى بالتفصيل فى اوقاته اعلم ايها الامير انك قد اصبحت وليس فوق يدك يدلاحد من المخلوقين وانك مالك لكل ما تريده قادر على ان تفعله اى وقت اردته لايتهيأ لاحد من المخلوقين منعك منه ولا ان يحول بينك وبين ما تهواه اى وقت اردت واعلم ان الغيظ والغضب يحدث فى الانسان سكرا اشد من سكر النبيذ بكثير فكما ان الانسان يعمل فى وقت السكر من النبيذ مالا يعقل به ولا يذكره اذا صحا ويندم عليه اذا حدث به ويستحيى منه كذلك يحدث له فى وقت السكر من الغيظ بل اشد فاذا ابتدأ بك الغضب فضع فى نفسك ان تؤخر العقوبة الى غد واثقا بان ما تريد ان تعمله فى الوقت لا يفوتك عمله فانك اذا بت ليلتك سكنت فورة غضبك وقد قيل اصح ما يكون الانسان رأيا اذا استدبر ليله واستقبل نهاره فاذا صحوت من سكرك فتأمل الأمر الذى اغضبك وقدم امر الله عز و جل اولا والخوف منه وترك التعرض لسخطه واشف غيظك بمالا يؤثمك فقد قيل ما شفى غيظه من اثم واذكرقدرة الله عليك فانك تحتاج الى رحمته والى اخذه بيدك فى اوقات شدائدك فكما تحب ان يغفر لك كذلك غيرك يؤمل عفوك وفكر باى ليله بات المذنب قلقا لخوفه منك وما يتوقعه من عقوبتك واعرف مقدار ما يصل اليه من السرور بزوال الرعب عنه ومقدار الثواب الذى يحصل لك بذلك واذكر قوله تعالى

الا تحبون ان يغفر الله لكم وانما يشتد عليك ذلك مرتين او ثلاثا ثم تصير عادة لك وخلقا فيسهل فابتدأ بجكم فعلم بما قال له وعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة وببغداد مارستان ورفق بالرعية الا ان مدته لم تطل اخبرنا محمد ابن عبد الباقى البزاز عن ابى القاسم التنوخى عن ابيه قال حدثنى عبد السلام بن الحارث قال جاء رجل من الصوفية الى بجكم فوعظه وتكلم بالفارسية والعربية حتى ابكاه بكاء شديدا فلما ولى قال بجكم لبعض من بحضرته احمل معه الف درهم فحملت واقبل جكم على من بين يديه فقال ما أظنه بقبلها وهذا متخرق بالعباده ايش يعمل يعمل بالدراهم فما كان باسرع من ان رجع الغلام فارغ اليد فقال بجكم اعطيته اياها قال نعم فقال بجكم كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف وخرج بجكم يوما يتصيد فلقى قوما من الاكراد مياسير فشره الى اموالهم فقصدهم فى عدد يسير من غلمانه مستهينا بأمرهم فهربوا بين يديه وتفرقوا فدار غلام منهم من خلفه فطعنه بالرمح وهو لا يعرفه فقتل لتسع بقين من رجب هذه السنةوكانت امارته سنتين وثمانية اشهر وتسعة ايام فركب المتقى الى داره فنزلها ونقل ما فيها وحفر أماكن فيها فحصل له من ماله ما يزيد على الفى الف عينا وورقا وقيل للروز جارية خذوا التراب بأجرتكم فأبوا فأعطوا الفى درهم وغسل التراب فخرج منه ستة وثلاثون الف درهم وقيل ظهر له على الف الف وثلثمائة الف دينار عينا وبيع له من اصناف الاموال من الجواهر والكساء والمراكب والاوانى والرقيق والخف والحافر والسلاح امر عظيم سوى ما نهب وتلف ثم ظهر على مال عظيم فى داره سوى المال الاول مدفون فمن ذلك ستة عشر قمقما ذهبا يحمل القمقم فى الدهق لثقله
518 - جعفر بن احمد ابن يحيى بن عباد الجبار ابو محمد القارىء المؤذن مروزى الاصل سمع من جماعة وروى عنه ابن المظفر والدارقطنى وقال هو ثقة توفى فى هذه السنة

519 - الحسن بن على بن خلف ابو محمد البربهارى جمع العلم والزهد وصحب المروذى وسهلا التسترى وتنزه عن ميراث ابيه لأمر كرهه وكان سبعين الف درهم وكان شديدا على اهل البدع فما زالوا يثقلون قلب السلطان عليه وكان ينزل بباب محول وانتقل الى الجانب الشرقى واستتر عند اخت توزون فبقى نحوا من شهر ثم اخذه قيام الدم فمات فقالت المرأة لخادمها انظر من يغسله وغلقت الابواب حتى لا يعلم احد وجاء الغاسل فغسله ووقف يصلى عليه وحده فاطلعت فاذا الدار ممتلئة رجالا بثياب بيض وخضر فاستدعت الخادم وقالت ما الذى فعلت فقال يا سيدتى رأيت ما رأيت قالت نعم قال هذه مفاتيح الباب وهو مغلق فقالت ادفنوه فى بيتى واذا مت فادفنونى عنده فدفنوه فى دارها وماتت بعده فدفنت هناك والمكان بقرب دار المملكة بالمخرم وكان عمره ستا وتسعين سنة قال شيخنا ابو الحسن ابن الزاغونى وكشف عن قبره بعد سنين وهو صحيح لم يرم وظهرت من قبره روائح الطيب حتى ملأت مدينة السلام
520 - الحسن بن ادريس ابن محمد بن شاذان ابو القاسم القافلائى حدث عن جماعة فروى عنه ابن حيويه والدارقطنى توفى فى هذه السنة
521 - الحسن بن محمد ابن احمد بن ابى الشوك ابو محمد الزيات سمع هلال بن العلاء وغيره وروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة توفى فى هذه السنة
522 - عبد الله بن احمد بن ثابت ابو القاسم البزاز حدث عن حفص بن عمر الربالى ويعقوب الدورقى روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان صالحا ثقة توفى فى رجب هذه السنة

523 - عبد الله بن طاهر بن حاتم ابو بكر الابهرى صحب يوسف بن الحسين وكان من اقران الشبلى واسند الحديث اخبرنا محمد بن ناصر انبأنا ابو بكر بن خلف انبأنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت محمد بن عبد الله يقول سمعت ابا بكر بن طاهر يقول وسئل ما بال الانسان يحتمل من معلمه مالا يحتمله من أبويه فقال لان ابويه سبب حياته الفانية ومعلمه سبب حياته الباقية
524 - عبد الله بن محمد بن اسحاق ابن يزيد ابو القاسم مروزى الاصل سمع سعدان بن نصر روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى رمضان هذه السنة
525 - عبيد الله بن موسى ابن اسحاق بن موسى ابو الاسود الانصارى الخطمى حدث عن محمد بن سعد العوفى روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
526 - عبد الملك بن يحيى بن الحسين ابو الحسين العطار الزعفرانى يعرف بابن ابى زكار حدث عن على بن داود القنطرى روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة
527 - محمد الراضى بالله امير المؤمنين ابن المقتدر توفى ليلة السبت لاربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الاخر على خمس ساعات ماضية من الليل بعلة الاستسقاء وكان من اعظم آفاته كثرة الجماع وغسله القاضى يوسف بن عمر وكانت خلافته ست سنين وعشرة اشهر وعشرة ايام وعمره احدى وثلاثين سنة وثمانية اشهر ودفن فى تربته بالرصافة وكانت تربة عظيمة قد انفقت عليها الاموال والآن قد عمل عندها سور المحلة

فلم يبق لها الا اثر قريب ودفنت عنده امه ظلوم
528 - محمد بن احمد ابن ابى سهل واسمه يزيد بن خالد ابو الحسين الحربى حدث عن ابى العباس بن مسروق روى عنه ابو عبد الله بن بطة وتوفى فى شعبان هذه السنة
529 - محمد بن ايوب ابن المعافى بن العباس ابو بكر الكعبرى حدث عن اسماعيل بن اسحاق القاضى وابراهيم الحربى روى عنه ابن بطة وغيره وكان ثقة صالحا زاهدا وكان ابن بطة يقول ما رأيت افضل من ابى بكر بن ايوب وتوفى فى رمضان هذه السنة
530 - محمد بن حمدويه ابن سهل بن يزداد ابو نصر المروزى روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة وقيل فى سنة سبع وعشرين والاول اصح
531 - يوسف بن يعقوب ابن اسحاق بن البهلول ابو بكر الازرق التنوخى الكاتب ولد بالانبار سنة ثمان وثلاثين ومائتين وسمع جده اسحاق والزبير بن بكار والحسن بن عرفة وغيرهم وكتب كثيرا من اللغة والنحو والاخبار وكان ازرق العين متخشنا فى دينه كثير الصدقة تصدق بنحو مائة الف دينار وكان امارا بالمعروف روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وآخرون روى عنه ابو الحسن بن المتيم وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة ودفن فى مقابر باب الكوفة وله اثنتان وتسعون سنة نسة 330 ثم دخلت سنة ثلاثين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه ظهر فى المحرم كوكب مذنب رأسه الى المغرب وذنبه

الى المشرق وكان عظيما جدا منتشر الذنب وبقى ثلاثة عشر يوما الى ان اضمحل وفى نصف ربيع الاول بلغ الكر الحنطة مائتين وعشرة دنانير والكر الشعير مائة وعشرين دينارا ثم بلغ الكر الحنطة ثلثمائة وستة عشر دينارا وأكل الضعفاء الميتة ودام الغلاء وكثر الموت وشغل الناس بالمرض والفقر وتقطعت السبل وترك التدافن للموتى واشتغل الناس عن الملاهى واللعب وفى يوم الجمعة لأربع خلون من شهر ربيع الآخر قام رجل من العامة فى الجامع بالرضافة والامام يخطب فلما دعا للمتقى لله قال له العامة كذبت ما هو بالمتقى فأخذ وحمل الى دار السلطان وخرج المتقى فلقى ناصر الدولة ابا محمد بن حمدان حين دخل بغداد وجاء مطر كأفواه القرب وامتلات البلاليع وفاضت ودخل دور الناس وبلغت زيادة دجلة عشرين ذراعا وثلث
ووقعت حرب بين الاتراك والقرامطة بناحية باب حرب وقتل فيها جماعة فانهزم القرامطة وخرجوا عن بغداد وزاد البلاء على الناس ببغداد وكبست منازلهم ليلا ونهارا واحتقر النساء واستتر اكثر العمال لأجل ما طولبوا به مما ليس فى السواد
وخرج اصحاب السلطان الى ما قرب من بغداد فأغارو على مااستحصد من الزرع حتى اضطر ارباب الضياع الى حمل ما حصدوه بسنبله ووقع بين توزون ونوزتكين التركيين فاصعد توزون الى الموصل وانفذ فى طلبه فلم يلحق ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
532 - اسحاق بن محمد
ابو يعقوب النهر جورى صحب الجنيد وغيره وجاور بالحرم سنين وبه مات فى هذه السنة
اخبرنا ابن ناصر اخبرنا ابو بكر بن خلف اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت

ابا الحسن الفارسى يقول سمعت ابا يعقوب النهر جورى يقول مفاوز الدنيا تقطع بالاقدام ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب
523 - الحسين بن اسماعيل ابن محمد بن اسماعيل بن سعيد بن ابان ابو عبد الله الضبى القاضى المحاملى ولد فى محرم سنة خمس وثلاثين ومائتين وسمع الحديث وله عشر سنين وشهد عند الحكام وله عشرون سنة وسمع يوسف بن موسى القطان ويعقوب الدورقى والبخارى وخلقا كثيرا وكان عنده سبعون رجلا من اصحاب ابن عيينة روى عنه دعلج وابن المظفر والدارقطنى وكان يحضر مجلسه عشرة آلاف وكان صدوقا اديبا فقيها مقدما فى الفقه والحديث ولى قضاء الكوفة ستين سنة واضيف اليه قضاء فارس واعماله ثم استعفى فأعفى وعقد فى داره مجلسا للنظر فى الفقه فى سنة سبعين ومائتين فلم تزل تتردد اليه الفقهاء الى ان توفى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا احمد بن محمد العتيقى اخبرنا ابو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهرى قال حدثنا القاضى الحسين بن اسماعيل قال كنت عند ابى الحسن بن عبدون وهو يكتب لبدر وعنده جمع فيهم ابو بكر الداودى واحمدابن خالد المادرائى فذكر قصة مناظرته مع الداودى فى التفضيل الى ان قال فقال الداودى والله ما نقدر تذكر مقامات على مع هذه العامة قلت انا والله اعرفها مقامه ببدر وأحد والخندق ويوم خيبر قال فان عرفتها فينبغى ان تقدمه على ابى بكر وعمر قلت قد عرفتها ومنه قد مت ابا بكر وعمر عليه قال من اين قلت ابو بكر كان مع النبى صلى الله عليه و سلم على العريش يوم بدر مقامه مقام الرئيس ينهزم به الجيش وعلى مقامه مقام مبارز والمبارز لا ينهزم به الجيش وجعل يذكر فضائله واذكر فضائل ابى بكر فقلت لا تنكر لهما حقا ولكن الذين اخذنا عنهم القرآن والسنن واصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قدموا ابا بكر فقدمناه لتقديمهم فالتفت احمد بن خالد فقال ما ادرى لم فعلوا هذا قلت ان لم تدر فانا ادرى قال لم فعلوا فقلت ان السودد والرياسة فى الجاهلية

كانت لا تعدو منزلتين اما رجل كانت له عشيرة تحميه واما رجل كان له مال يفضل به ثم جاء الاسلام فجاء باب الدين فمات النبى صلى الله عليه و سلم وليس لأبى بكر مال ولم تكن تيم لها مع عبد مناف ومخزوم تلك الحال فاذا بطل اليسار الذى كانت تترأس به قريش أهل الجاهلية فلم يبق الا باب الدين فقدموه له فافحم توفى المحاملى ربيع الآخر من هذه السنة
534 - على بن محمد بن عبيد بن حسان ابو الحسن البزاز ولد سنة اثنتين وخمسين ومائتين وسمع عباس الدورى وابا قلابة روى عنه الدارقطنى وكان ثقة فاضلا توفى فى شوال هذه السنة
535 - على بن محمد بن سهل ابو الحسن الصائغ الدينورى اخبرنا ابو بكر العامرى اخبرنا ابو سعد بن ابى صادق قال اخبرنا ابن باكويه قال سمعت الحسين بن احمد الدينورى يقول سمعت ممشاذ يقول خرجت ذات يوم الى الصحراء فبينا انا مار اذا انا بنسر قد فتح جناحيه فتعجبت منه فاطلعت فاذا بأبى الحسن الدينورى الصائغ قائم يصلى والنسر يظلله توفى الصائغ بمصر فى هذه السنة
536 - عبد الغافر بن سلامة ابن احمد بن عبد الغافر بن سلامة بن هاشم الحضرمى من اهل حمص كان جوالا فقدم بغداد فحدث بها عن جماعة فروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وابن الصلت الا هوازى وهو آخر من روى عنه من البغداديين والقاضى ابو عمر الهاشمي البصرى وهو آخر من روى عنه فى الدنيا كلها وكان ثقة توفى بالبصرة فى هذه السنة

537 - محمد بن احمد بن صالح ابن احمد بن محمد بن حنبل ابو جعفر الشيبانى حدث عن ابيه وعن عمه زهير بن صالح روى عنه الدارقطنى وغيره وتوفى فى هذه السنة
538 - محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم ابو بكر امام مسجد الجامع العتيق بمصر حدث عن ابراهيم بن مرزوق وبكار بن قتيبة وغيرهما وكان نحويا يعلم اولاد الملوك النحو توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
539 - نصر بن احمد ابو القاسم البصرى المعروف بالخبزارزى الشاعر روى عنه المعافى بن زكريا وغيره اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على حدثنا ابو منصور محمد بن محمد بن احمد ابن الحسين بن عبد العزيز العكبرى حدثنا ابو عبد الله الحسين بن محمد المالكى اخبرنا ابو محمد عبد الله بن محمد الاكفانى قال خرجت مع عمى ابى عبد الله الاكفانى الشاعر وابى الحسين بن لنكك وابى عبد الله المفجع وابى الحسن السباك فى بطالة عيد وانا يومئذ صبى اصحبهم فمشوا حتى انتهوا الى نصر بن احمد الخبز أرزى وهو يخبز على طابقه فجلست الجماعة عنده يهنئونه بالعيد ويتعرفون خبره وهو يوقد السعف تحت الطابق فزاد فى الوقود فدخنهم فنهضت الجماعة عند تزايد الدخان فقال نصر بن احمد لابى الحسين بن لنكك متى أراك يا ابا الحسين فقال له ابو الحسين اذا اتسخت ثيابى وكانت ثيابه يومئذ جددا على انقى ما يكون من البياض فمشينا فقال ابو الحسين ابن لنكك يا اصحابنا ان نصرا لا يخلى هذا المجلس الذى مضى لنا معه من شىء يقوله ويجيب ان نبدأه فجلس واستدعى دواة وكتب ... لنصر فى فؤادى فرط حب ... انيف به على كل الصحاب ... أتيناه فبخرنا بخورا ... من السعف المدخن للثياب

فقمت مبادر فظننت نصرا ... اراد بذاك طردى او ذهابى ... فقال متى اراك أبا حسين ... فقلت له اذا اتسخت ثيابى ...
وانفذ الابيات الى نصر فأملى جوابها فقرأناها فاذا هو قد أجاب ... محت ابا الحسين صميم ودى ... فداعبنى بالفاظ عذاب ... اتى وثيابه كقتير شيب ... فعدن له كريعان الشباب ... ظننت جلوسه عندى كعرس ... فجدت له بتمسيك الثياب ... فقلت متى اراك ابا حسين ... فجاوبنى اذا اتسخت ثيابى ... فان كان التقزز فيه فخر ... فلم يكنى الوصى ابا تراب ...
قال مؤلف الكتاب وكان فصيحا اديبا وكان اميا لا يعرف الخط وكان يصنع خبز الارز فنسب اليه توفى في هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة احدى وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه اول المحرم وهو النصف من ايلول قوى الحر حتى أخذ بالانفاس وخرج ايلول كله عن حر شديد ودخل تشرين بمثل ذلك وكان فى اليوم الثامن منه حر لم يكن مثله فى آب وتموز
وفى صفر ورد الخبر بورود الروم الى ارزن وميافارقين وانهم سبوا واحرقوا
وفى ربيع الآخر عقد نكاح لأبى منصور اسحاق بن المتقى بالله على علوية بنت ناصر الدولة ابى محمد بن حمدان على مائة الف درهم وخمسمائة درهم وجرى العقد بحضرة الخليفة وولى العقد على الجارية ابو عبد الله محمد بن ابى موسى الهاشمى ولم يحضر ناصر الدولة وضرب ناصر الدولة سكة فزاد فيها عند ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم وضيق ناصر الدولة على المتقى فى نفقاته وانتزع ضياعه وضياع والدته

وفى اذار من هذه السنة غلت الاسعار حتى اكلوا الكلاب ووقع الوباء ووافى من الجراد الاعرابى الاسود امر عظيم حتى بيع كل خمسين رطلا بدرهم فكان ذلك معونة للفقراء لشدة غلاء الخبز
وفى ذى القعدة خرج المتقى الى الشماسية لصيد السباع وفيها خرج خلق كثير من تجار بغداد مع الحاج للانتقال الى الشام ومصر لاتصال الفتن ببغداد وتواتر المحن عليهم من السلطان
وفيها ورد كتاب من ملك الروم يلتمس منديلا كان لعيسى عليه السلام مسح به وجهه فصارت صورة وجهه فيه وذلك المنديل فى بيعة الرها وانه ان انفذ اليه اطلق من اسارى المسلمين عدد كثيرا فاستؤمر المتقى لله فأمر باجضار الفقهاء والقضاة فقال بعض من حضر هذا المنديل منذ زمان طويل فى هذه البيعة لم يلتمسه ملك من ملوك الروم وفى دفعة الى هذا غضاضة على الاسلام والمسلمون احق بمنديل عيسى عليه السلام فقال على بن عيسى خلاص المسلمين من الاسر أحق فأمر المتقى بتسليم المنديل وتخليص الاسارى قال الصولى ووصل الخبر بأن القرمطى ولد له مولود فأهدى اليه ابو عبد الله البريدي هدايا عظيمة فيها مهد ذهب مرصع بالجوهر وكثر الرفض فنودى ببراءة الذمة ممن ذكر احدا من الصحابة بسوء وورد الخبر بقبول على بن بويه خلع السلطان بفارس ولبسه اياها وحضره حينئذ الشهود والقضاة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
540 - ابراهيم بن احمد بن سهل ابن احمد بن سهل بن الربيع بن سليمان ابو اسحاق مولى جهينة سمع بكار بن قتيبة وغيره وتوفى فى رجب هذه السنة
541 - حبشون بن موسى ابن ايوب ابو نصر الخلال ولد سنة اربع وثلاثين ومائتين وسمع الحسن بن

عرفة وغيره روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة يسكن باب البصرة توفى فى شعبان هذه السنة
542 - سنان بن ثابت ابو سعيد الطبيب اسلم على يد القاهر بالله ولم يسلم ولده ولا احد من اهل بيته وكان متقدما فى الطب وفى علوم كثيرة ودخل على الخلفاء توفى فى غرة ذى القعدة من هذه السنة
543 - عبد الله بن محمد بن المبارك ابو محمد النيسابورى صحب حمدون القصار وكان له علم بالشريعة وكتب الحديث ورواه توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
544 - على بن اسماعيل بن ابى بشر واسمه اسحاق بن سالم بن اسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن ابى بردة بن ابى موسى ابو الحسن الاشعرى المتكلم ولد سنة ستين ومائتين وتشاغل بالكلام وكان على مذهب المعتزلة زمانا طويلا ثم عن له مخالفتهم واظهر مقالة خبطت عقائد الناس واوجبت الفتن المتصلة وكان الناس لا يختلفون ان هذا المسموع كلام الله وانه نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه و سلم فالائمة المعتمد عليهم قالوا انه قديم والمعتزلة قالوا مخلوق فوافق الأشعرى المعتزلة فى ان هذا مخلوق وقال ليس هذا كلام الله انما كلام الله صفة قائمة بذاته ما نزل ولا هو مما يسمع وما زال منذ اظهر هذا خائفا على نفسه لخلافه اهل السنة حتى انه استجار بدار ابى الحسن التميمى حذرا من القتل ثم نبغ اقوام من السلاطين فتعصبوا لمذاهبه وكثر اتباعه حتى تركت الشافعية معتقد الشافعى ودانوا يقول الاشعرى انبأنا محمد بن ناصر الحافظ ابو الحسين المبارك بن عبد الجبار انبأنا ابو على الحسن بن على بن ابراهيم بن يزداد المقرىء الاهوازى

الدمشقى قال ولد على بن ابى بشر الاشعرى بالبصرة ونشأ بها فأقام بها اكثر عمرو فسمعت ابا الحسن محمد بن محمد الوزان بالبصرة يقول ولد ابن ابى بشر سنة ستين ومائتين ومات سنة نيف وثلاثين وثلثمائة ولم يزل معتزليا اربعين سنة فناضل عن الاعتزال ثم قال بعد ذلك قد رجعت عن الاعتزال قال الاهوازى وسمعت ابا الحسن العسكرى وكان من المخلصين فى مذهب الاشعرى يقول كان الاشعرى تلميذ الجبائى يدرس عليه ويتعلم منه لا يفارقه اربعين سنة قال الاهوازى وسمعت ابا عبد الله الحمرانى سنة خمس وسبعين وثلثمائة يقول لم نشعر يوم جمعة واذا بالاشعرى قد طلع على منبر الجامع بالبصرة بعد صلاة الجمعة ومعه شريط فشده على وسطه ثم قطعه وقال اشهدوا انى تائب مما كنت فيه من القول بالاعتزال وتوفى ببغداد ودفن بمشرعة الروايا قبره اليوم عافىالاثر لا يلتفت اليه
545 - محمد بن احمد بن سعقوب بن شيبة ابن الصلت السدوسى مولاهم ابو بكر سمع جده يعقوب بن شيبة وعباسا الدورى وغيرهما وروى عنه ابو عمر بن مهدى وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى على بن ابى على البصرى أخبرها أبي قال حدثنى ابو بكر عمر بن عبد الملك السقطى قال سمعت ابا بكر ابن يعقوب بن شيبة يحدث قال لما ولدت دخل ابى على امى فقال لها ان المنجمين قد اخذوا مولد هذا الصبى وحبسوه فاذا هو يعيش كذا وكذا وقد حسبتها اياما وقد عزمت ان اعدله لكل يوم دينار مدة عمره فان ذلك يكفى الرجل المتوسط له ولعياله فأعدى له حبا فارغا فأعدته وتركته فى الارض وملأ بالدنانير ثم قال اعدى حبا آخر آجعل فيه مثل هذا استظهارا ففعلت وملأه ثم استدعى حبا آخر وملأه بمثل ما ملأ به كل واحد من الحبين ودفن الجميع فما نفعنى ذلك مع حوادث الزمان فقد احتجت الى ما ترون قال ابو بكر السقطى

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11