كتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
المؤلف : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

همذان وكانت الغلبة لاصحاب محمد فانهزم بركياروق في خمسين فارسا فنزل على فرسخ من المصاف حتى استراح والتأم اليه عسكره فلقي اخاه سنجر فانهزم اصحاب سنجر ثلاثين فرسخا فاشتغل اصحاب بركياروق بالنهب واسرت ام اخوى السلطان سنجر ومحمد فاكرمها وقال انما ارتبطتك ليطلق اخي من عنده من الاسارى فأنفذ سنجر من كان عنده من الاسارى واطلقها
وفي يوم الجمعة رابع عشر رجب قطعت خطبة السلطان بركياروق واعيدت خطبة السلطان محمد
وفي شعبان زاد امر العيارين بالجانب الغربي حتى اخذوا عيبتين ثيابا لقاضي القضاة ابي عبد الله الدامغاني فلم يردوهما الا بعد تعب
وتقدم الخليفة الى الامير يمن بتهذيب البلد فعبر السلطان في ثالث عشرين شعبان فأخذ جماعة منهم فقتلهم
ومن عجيب ما اتفق ان رجلا من العيارين اعور هرب واخذ على رأسه شبكة فيها خزف ولبس جبة صوف وخرج قاصدا للدجيل ليخفى حاله فاتفق ان خادما للخليفة خرج ليتصيد فكان يتطير بالعور فلقيه اعوران فتطير بهما فرأى غلمانه هذا العبار فصاحوا به ونادوا استاذهم ليقولوا له هذا ثالث فظن العيار انهم قد عرفوه فدخل مزرعة فارتابوا بهربته وجدوا في طلبه فأخذوه ومعه سيف تحت ثيابه فبحثوا عن حاله فعرفوه فقتلوه
وفي آخر شعبان كثر الجرف بالعراق والوباء وامتنع القطر وزاد المرض وعدمت الادوية والعقاقير ورئي نعش عليه ستة موتى ثم حفر لهم زبيه فألقوا فيها وفي هذا الشهر وقع حريق بخرابة ابن جردة فهلك معظمها وكانت الريح عاصفا فأطارت شرارة فاحرقت دارا برحبة الجامع واخرى فاحرقت ستارة دار الوزير بباب العامة

وفي رمضان قبض على الوزير عميد الدولة وعلى اخوته زعيم الرؤساء ابي القاسم وابي البركات بن جهير الملقب بالكافي راسله الخليفة بابي نصر بن رئيس الرؤساء ويمن فلما خرج من الديوان معهما قدم عليه المركوب وقد احس بما يراد منه فقال انا اساويكما في المشي
وفي ليلة السابعة والعشرين من رمضان قتل شحنة اصبهان في دار السلطان محمد قتله باطني وقد كان يتحرز منهم ويلبس درعا تحت ثيابه فأغفل تلك الليلة لبس الدرع وخرج الى دار السلطان فضربه الباطني بسكين في خاصرته وقتل معه اثنين ومات في تلك الليلة جماعة من ولد هذا الشحنة فأخرج من داره خمس جنائز وفي ذي الحجة قتل امير بالري قتله باطني فحمل الباطني الى فخر الملك بن نظام الملك فقال له ويحك اما تستحي هتكت حرمتي واذهبت حشمتي وقتلته في داري فقال الباطني العجب منك انك تذكر ان لك حرمة مهتوكة او دارا مملوكة او حشمة تمنع من الدماء المسفوكة او ما تعلم اننا قد انفذنا الى ستة نفر احدهم اخوك وفلان وفلان فقال له وانا في جملتهم فقال اقل من ان تذكرا وان تدنس نفوسنا بقتلك فعذب على ان يقر من امره بذلك فلم يقر فقتله
وفي هذه السنة خرج الافرنج ثلثمائة الف فهزمهم المسلمون وقتلوهم فسلم يسلم منهم سوى ثلاثة آلاف هربوا ليلا وباقي الفل هربوا مجروحين

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
168 - احمد بن عبد الوهاب
ابن الشيرازي ابو منصور الواعظ تفقه على ابي اسحاق ورزق في الوعظ قبولا وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
169 - احمد بن محمد
ابن عمر بن محمد ابو القاسم المعروف بابن الباغان من اهل اصبهان سمع الحديث الكثير تحت ضر شديد وكان رجلا صالحا وتوفي في شعبان هذه السنة

170 - احمد بن احمد
ابن الحسن ابو البقاء كان وكيلا بين يدي ابي عبد الله الدامعاني وقد سمع من ابن النقور والصريفيني وابي بكر الخطيب وكان يضرب به المثل في الدهاء والحذق في صناعته وتوفي قبل اوان الرواية في هذه السنة
171 - الحسين بن احمد
ابن محمد بن طلحة ابو عبد الله النعالي سمع ابا سعيد الماليني وابا الحسين بن بشران في آخرين وعاش تسعين سنة فاحتاج الناس الى اسناده مع خلوة من العلم حدثنا عنه أشياخنا وتوفي في صفر هذه السنة ودفن بمقبرة جامع المنصور
172 - سلمان بن ابي طالب
عبد الله بن محمد الفتى ابو عبد الله الحلواني والد الحسن بن سلمان الفقيه الذي درس في النظامية ببغداد سمع ابا الطيب الطبري وابا طالب بن غيلان وابا محمد الجوهري وغيرهم وحدث وكان له معرفة تامة باللغة والادب قرأ على الثمانيني وغيره وقال الشعر ونزل اصبهان فقرأ عليه اكثر ائمتها وفضلائها الادب وكان جميل الطريقة وتوفي في هذه السنة باصبهان
173 - سعد الدولة الكوهرائين
وكان من الخدم الاتراك الذين ملكهم ابو كاليجار بن سلطان الدولة من بهاء الدولة بن عضد الدولة وانتقل اليه من امرأة وكان الكوهرائين بعد اقبال الدنيا عليه ومسير الجيوش تحت ركابه يقصد مولاته ويسلم عليها ويستعرض حوائجها وبعث به ابو كاليجار مع ابنه ابي نصر الى بغداد فاعتقل طغرالبك ابا نصر ولم يبرح معه الكوهرائين ومضى معه الى القلعة فلما توفي خدم الكوهرائين الب ارسلان ووقاه بنفسه لما جرحه يوسف فلم يغن عنه فلما ملك جلال الدولة ملك شاه جاء الى بغداد في رسالة وجلس له القائم بأمر الله في صفر سنة ست وستين واعطاه

عهد جلال الدولة وأقطعه ملك شاة واسط وكان قد جعل إليه الشحنكية بغداد ثم قبل ذلك نال دنيا واسعة فرأى مالم يره خادم يقاربه من نفوذ الأمر وكمال القدرة والجاه وطاعة العسكر ولم ينقل أنه مرض ولا صدع ونال مراده في كل عدو له وذكر أنه لم يجلس إلا على وضوء وكان يصلي بالليل ولا يستعين على وضوئه بأحد ولا يعلم أنه صادر أحد ولا ظلمة إلا أنه كان يعمل رأيه في قتل من لا يجوز قتله من اللصوص ويمثل بهم ويزعم أن ذلك سياسة ولما اختصم محمد وبركياوق مع بركياروق كان فكبا به الفرس فسقط وعليه سلاحه فقتل ثم حمل إلى بغداد فدفن بها في الجانب الشرقي وتربته مقابل رباط أبي النجيب
174 - عبد الرزاق الصوفي الغزنوي
كان مقيما في رباط عتاب وكان خيرا يحج سنين على التجريد واحتضر وقد قارب مائة سنة ولا كفن له فقالت له زوجته وهو يجود بنفسه أنك تفتضح إذا لم يوجد لك كفن فقال لو وجد لي كفن لا فتضحت ومات في هذه السنة أبو الحسن البسطامي شيخ رباط إبن المحلبان وكان لا يلبس إلا الصوف شتاء وصيفا وكان يحترم ويقصد فخلف مالا مدفونا يزيد على أربعة آلاف دينار وكان عبد الرزاق على ما ذكرنا فتعجب الناس من تفاوت حاليهما وكلاهما شيخ رباط
175 - عبد الباقي بن حمزة
إبن الحسين أبو الفضل الحداد القرشي سمع من الجوهري وغيره وكان له يد في الفرائض والحساب وكان شيخنا ابو الفضل إبن ناصر يثني عليه ويوثقه وتوفي في شعبان هذه السنة
176 - عبد الصمد بن علي
إبن الحسين إبن البدن أبو القاسم من أهل نهر القلائين والد شيخنا عبد الخالق قال شيخنا عبد الوهب الأنماطي كان شيخ المحلة يضرب ويعقب ولكنه كان سنيا

توفي يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادي الأولى ودفن في داره بنهر القلائين
177 - عبد الملك بن محمد
إبن الحسن أبو سعد السامري سمع الحديث من إبن النقور وإبن المهتدي والزينبي وغيرهم وحدث ببغداد وشهد عند أبي عبد الله الدامغاني في سنة خمس وستين وكان حجاجا وإليه كسوة الكعبة وعمارة الحرمين والنظر في المارستانين العضدي والعتيق والجوامع بمدينة السلام واجسر والترب بالرصافة وكان كثير الصدقة ظاهر المعروف وافر التجمل مستحسن الصورة كامل الظرف روي عنه أشياخنا وآخر من روى عنه شهدة بنت الأبرى وتفي في رجب هذه السنة ودفن بمقبرة الخيزران عند قبر أبي حنيفة
178 - عبد القاهر بن عبد السلام
إبن على أبو الفضل العباس من أهل مكة وكان نقيب الهاشمين بها وكان من خيارهم ومن ذوي الهيئات النبلاء سمع الحديث بمكة واستوطن بغداد وقرأ بها وكان قيما بالقراآت فقرأ عليه من أشياخنا أبو محمد وأبو الكرم إبن الشهرزوري وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة
179 - محمد بن أحمد
إبن محمد بن محمد بن عبدوس بن كامل أبو الحسين الدلال ويعرف بالزعفراني سمع أبا بكر النقاش والشافعي روى عنه أبو القاسم التنوخي وكان ثقة وأخذ الفقه عن أبي بكر الرازي

180 - محمد بن علي
إبن الحسين بن حداء أبو بكر العكبري كان من العلماء الصالحين نزل يتوضأ في دجلة فغرق في ربيع الأول من هذه السنة
181 - محمد بن جعفر
إبن طريف البجلي الكوفي أبو غالب سمع أبا الحسين إبن قدوية وغيره وسماعه صحيح وهو ثقة روى عنه شيوخنا وتوفي يوم الثلاثاء العشرين من جمادي الآخرة
182 - محمد بن محمد
إبن محمد بن جهير الوزير أبو منصور بن أبي نصر الوزير بن الوزير الملقب عميد الدولة كان حسن التدبير كافيا في مهمات الخطوب كثير الحلم لم يعرف أنه عجل على أحد بمكروه وقرأ الأحاديث على المشايخ وكان كثير الصدقات يجيز العلماء ويثابر على صلاتهم ولما احتضر القائم أوصى المقتدي ببني جهير وخصه بالذكر الجميل فقال يا بني قد استوزرت إبن المسلمة وإبن دارست وغيرهما فما رأيت مثل بني جهير وكان عميد الدولة قد خدم ثلاثة خلفاء ووزراء لإثنين منهم تقلد وزارة المقتدي في صفر سنة إثنتين وسبعين فبقي فيها خمس سنين ثم عزل بالوزير إبي شجاع ثم عاد بعد عزل أبي شجاع في سنة أربع وثمانين فلم يزل إلى أن مات المقتدي ثم دبر المستظهر التدبير الحسن ثماني سنين واحد عشر شهرا وأربعة أيام وكان عيبه عند الناس الكبر وكانت كلمة معدودة فإذا كلم شخصا قام ذلك مقام ذلك بلوغ الأمل حتى أنه قال يوما لولد أبي نصر بن الصباغ اشتعل وأداب وإلا كنت صباغا بغير أب فلما نهض المقول له ذلك من مجلسه هنأه الناس بهذه العناية ثم آل أمره إلى أن قبض عليه وحبس في باطن دار الخلافة فأخرج من محبسه ميتا في شوال فحمل إلى داره فغسل بها ودفن في التربة التي استجدها في

قراح إبن رزين وكان فيها قبور جماعة من ولده ومنع أصحاب الديوان دفنه وأخذوا الفتاوي بجواز بيع تربته لأنه لم يثبت البينه بأنه وقفها ولم يتم لهم ذلك
183 - محمد بن صدقة
إبن مزيد أبو المكارم الملقب بعز الدولة وأبوه سيف الدولة كان ذكيا شجاعا فتوفي وجلس الوزير عميد الدولة في داره للعزاء به ثلاثة أيام للصهر الذي كان بينهما وخرج إليه في اليوم الثالث توقيع يتضمن التعزية له والأمر بالعود إلى الديوان فعزاه قائما وخرج قاضي القضاه أبو الحسن الدامغاني إلى حلة سيف الدولة برسالةة من دار الخلافة تتضمن التعزية لأبيه واتفق في مرضه أنه أتى أبوه بديوان أبي نصر بن نباتة فبصر في توقيع قصيدة قال يعزي سيف الدولة أبا الحسن علي بن حمدان ويرثى ابنه ابا المكارم محمدا فأخذ من حضرة المجلدة من يده وأطبقه فعاد وأخذه وفتحه وخرج ذلك وأراد قصيدة إبن نباتة التي يقول فيها
... فإن بميا فارق قين حفيره ... تركنا عليها ناظر الجود داميا ... وحاشاك سيف الدولة اليوم أن ترى ... من الصبر خلو إلى الحزن ظاميا ... ولما عدمنا الصبر بعد محمد ... أتينا أباه نستفيد التعازيا ...
184 - يحيى بن عيسى
إبن جزلة أبو علي الطبيب كان نصرانيا فلازم أبا علي بن الوليد ليقرأ عليه المنطق فلم يزل يدعوه إلى الإسلام ويذكر له الدلالات الواضحة والبراهين البينة حتى أسلم واستخدمه أبو عبد الله الدامغاني في كتب السجلات وكان يطب أهل محلته سائر معارفه بغير أجرة بل احتسابا وربما حمل إليهم الأدوية بغير عوض ووقف كتبه قبل وفاته وجعلها في مسجد أبي حنيفة

سنة
ثم دخلت سنة أربع وتسعين وأربعمائة

فمن الحوادث فيها أنه في المحرم ولي أبو الفرج بن السيبي قضاء باب الأزج حين مرض حاكمها أبو المعالي عزيزى ولما توفي عزيزي وقع إلى أبي الفرج إبن السيبي ان ينوب عنه أبو سعد المخرمي وتفردت وزارة الخليفة لأبي المحاسن عبد الجليل بن محمد الدهستاني وهو الذي استوزره بركياروق ولقبه نظام الدين جددث عمارة ديوان الخليفة ونظريته وعين على حضوره فيه وأفاضه الخلع عليه يوم السبت سادس صفر فوصلت من بركياروق كتب تسدعيه فسارع إلى ذلك وبطل ماعزم عليه وشهد في جمادي الآخرة عند أبي الحسن الدامغاني أبو العباس أحمد بن سلامة الكرخي المعروف بإبن الرطبي وأبو الفتح محمد بن عبد الجليل الساوى وأبو بكر محمد بن عبد الباقي شيخنا
وفي هذه السنة قتل السلطان بركياروق خلقا من الباطنية ممن تحقق مذهبه ومن اتهم به فبلغت عدتهم ثلثمائة ونيف ووقع التتبع لأموال من قتل منهم فوجد لأحدهم سبعون بيتا من الزوالي المحفور وكتب بذلك كتاب إلى الخليفة فتقدم بالقبض على قوم يظن فيهم ذلك المذهب ولم يتجاسر أحد أن يشفع في أحد لئلا يظن ميله إلى ذلك المذهب وزاد تتبع العوام لكل من أرادوا وصار كل من في نفسه شيء من إنسان يرميه بهذا لمذهب فيقصد وينهب حتى حسم هذا الأمر فانحسم وأول ماعرف من أحوال الباطنية في أيام ملك شاة جلال الدولة فإنهم اجتمعوا فصلوا صلاة العيد في ساوة ففطن بهم الشحنة فاخذهم وحبسهم ثم أطلقهم ثم اغتالوا مؤذنا من أهل ساوة فاجتهدوا أن يدخل معهم فلم يفعل فخافوا أن ينم عليهم فاغتالواه فقتلوه فبلغ الخبر إلى نظام الملك وتقدم بأخذ من يتهم فقتله فقتل المتهم وكان نجارا فكانت أول فتكة لهم قتل نظام الملك وكانوا يقولون قتلتم منا نجارا وقتلنا به نظام الملك فاستفحل أمرهم بأصبهان لما مات ملك شاة فآل الأمر إلى أنهم كانوا يسرقون الإنسان فيقتلونه ويلقونه في البئر فكان الإنسان إذا دنا وقت العصر ولم يعد إلى منزلة يئسوا منه وفتش الناس المواضع فوجدوا إمرأة في دار لاتبرح فوق حصير فأزالوها فوجدوا تحت الحصير أربعين قتيلا

فقتلوا المرأة وأخربوا الدار والمحلة وكان رجل ضرير على باب الزقاق إذا مر إنسان سأله أن يقوده خطوات إلى الزقاق فإذا حصل هناك جذبه من في الدار واستولوا عليه فجد المسلمون في طلبهم بأصبهان وقتلوا منهم خلقا كثيرا وأول قلعة تملكها الباطنية قلعة في ناحية يقال لها الروذناذ من نواحي الديلم وكانت هذه القلعة لقماج صاحب ملك شاة وكان مستحفظها متهما بمذهب القوم فأخذ ألفا ومائتي دينار وسلم إليهم القلعة في سنة ثلاث وثمانين في أيام ملك شاة فكان متقدمها الحسن بن الصباح وأصله من مرو وكان كاتبا للأمير عبد الرزاق بن بهرام إذ كان صبيا ثم صار إلى مصر وتلقى من دعاتهم المذهب وعاد داعية للقوم ورأسا فيهم وحصلت له هذه القعلة وكانت سيرته في دعائه أنه لا يدعو الأغبياء لا يفرق بين شماله ويمينه ومن لا يعرف أمور الدنيا ويطعمه الجوز والعسل والشونير حتى يتبسط دماغه ثم يذكر له حينئذ ما تم على أهل بيت المصطفى من الظلم والعدوان حتى يستقر ذلك في نفسه ثم يقول له إذا كانت الأزارقة والخوارج سمحوا بنفوسهم في القتال مع بني أمية فما سبب تخلفك بنفسك في نصره أمامك فيتركه بهذه المقالة طعمة للسباع وكان ملك شاة قد أنفذ إلى هذا إبن الصباح يدعوه إلى الطاعة ويتهدده إن خالف ويأمره بالكف عن بث أصحابه لقتل العلماء والأمراء فقال في جواب الرسالة والرسول حاضر الجواب ما ترى ثم قال لجماعة وقوف بين يديه أريد أن أنفذكم إلى مولاكم في يحاجة فمن ينهض لها فاشرأب كل واحد منهم لذلك وظن رسول السلطان انها رسالة يحملها اياهم فأومى الى شاب منهم فقال له أقتل نفسك فجذب سكينه وضرب بها غلصمته فخر ميتا وقال لآخرارم نفسك من القلعة فألقى نفسه فتمزق ثم التفت إلى رسول السلطان فقال أخبره أن عندي من هؤلاء عشرين ألفا هذا حد طاعتهم لي وهذا هو الجواب فعاد الرسول الى السلطان ملك شاة فأخبره بما رأى فعجب من ذلك وترك كلامهم وصار بأيديهم قلاع كثيرة فمنها قلعة على خمسة فراسخ من أصبهان كان حافظها تركيا فصادقه نجار باطني واهدى له جتارية وفرسا ومركبا

فوثق به واستنابه في حفظ المفاتيح فاستعدعى النجار ثلاثين رجلا من اصحاب ابن عطاس وعمل دعوة ودعا التركي واصحابه وسقاهم الخمر فلما سكروا دفع الثلاثين بالحبال اليه وسلم اليهم القلعة فقتلوا جماعة من اصحاب التركي وسلم التركي وحده فهرب وصارت القلعة بحكم ابن عطاش وتمكنوا وقطعوا الطرقات ما بين فارس وخوزستان فوافق الامير جاولي سقاوو جماعة من اصحابه حتى اظهروا الشغب عليه وانصرفوا عنه واتوا الى الباطنية واشاعوا الموافقة لهم ثم اظهر ان الامراء بني برسق يقصدونه وانه على ترك البلاد عليهم والانصراف عنهم فحادت طائفة من اصحابه عنه فلما سار بلغ الباطنية حده فحسن لهم اصحابه المنحازون اليهم اتباعه والاستيلاء على امواله فساروا اليه بثلثمائة من صناديدهم فلما توسطوا الشعب عاد عليهم ومن معه من اصحابه فقتلوهم فلم يفلت الا ثلاثة نفر تسلقوا في الجبال فغنم خيلهم واموالهم وتهذبت الطرق بهلاكهم وتبعهم بعض الامراء وقتل خلقا منهم ابن كوخ الصوفي وكان قد اقام ببغداد بدرب زاخي في الرباط مدة وكان يحج في كل سنة بثلثمائة من الصوفية وينفق عليهم الالوف من الدنانير وقتل جماعة من القضاة اتهموا بهذا المذهب وكان قد حصل بعسكر بركياروق جماعة واستغووا خلقا من الاتراك فوافقوهم في المذهب فاستشعر اصحاب السلطان ولازموا لبس السلاح ثم تتبعوا من يتهم فقتلوا اكثر من مائة وثم بلد يعرف بالصيمر هو سواد يقارب المشان يعتقد اهله ابن الشبشاش واهل بيته وكان له نارنجيات انكشفت لبعض اتباعه ففارقه وبين للناس امره فكان مما اخبر به عنه انه قال احضرنا يوما جديا مشويا ونحن جماعه من اصحابه فلما اكلناه امر برد عظامه الى التنور فردت وترك على التنور طبقا ثم رفعه بعد ساعة فوجدنا جديا حيا يرعى حشيشا ولم نر للنار اثر ولا للرماد خبرا فتلطفت حتى عرفت هذه النار نجية وذاك انى وجدت ذلك التنور يفضى الى سرداب وبينهما طبق حديد بلولب فاذا اراد ازالة النار فركه فينزل اليه

ويترك مكانه طبقا آخر مثله وستأتى اخبار ابن الشبشاش فيما بعد إن شاء الله تعالى وفى هذه السنة قصد بركياروق خوزستان وانضم اليه اولاد برسق وكان امير آخر قد مات وصار عسكره مع أياز فتوجه اياز من همذان بعسكره واتصل بيركياروق وسار طالبا لاخيه محمد فالتقيا وعلى ميمنة بركياروق اياز وعلى الميسرة اولاد برسق فانهزمت طلائع محمد وهرب مؤيد الملك فادركة غلممان بركياروق فأسروه فقتل وخرج الزعيم ابن جهير متنكرا فقصد حلة سيف الدولة وفي رمضان هذه السنة تقدم الخليفة بفتح جامع القصر وان يصلى فيه صلاة التراويح ولم يكن العادة جاريه بذلك ورتب فيه للامامة ابو الفضل محمد بن ابى جعفر عبد الله بن احمد بن المهتدى وامر بالجهر بالبسملة والقنوت على مذهب الشافعى وبيض الجامع وعمرو كسى وحملت اليه الاضواء وامر المحتسب ان ينهى النساء عن الخروج ليلا للتفرج
وفي هذه السنة ارسل السلطان محمد الى اخيه سنجر يلتمس منه مالا وكسوة فوقع التقسيط بذلك على اهل نيسابور الكبار والضعفاء حتى جبيت الحمامات والخانات وترددت الرسل بينهما فوقع الصلح وسارا وقد بلغهما تفرق العساكر عن بركياروق فلما وصلا الى دامغان اخربوها فعفت واخربوا ما أتوا عليه من البلاد وعم الغلاء تلك الاصقاع حتى شوهد رجل يأكل كلبا مشويا فى الجامع وانسان يطاف به فى الاسواق وفى عنقه يد صبى قد ذبحه واكله
ومضى بركياروق الى بغداد ومعه الامير اياز فوصل الى بغداد فى خمسة آلاف فارس وخرج الموكب لتلقبه ثم دخل بعده ولده ملك شاه بن بركياروق فاستقبله اهل المناصب من النهروان وحمل اليه من دار الخلافة تعويذ من ذهب فيه مصحف جامع فعلق عليه وكان عمره سنة وشهورا
وفى عيد الفطر خطب الشريف ابو تمام ابن المهتدى بجامع القصر فاراد أن يدعو لبركياروق فدعا للسلطان محمد غلطا لا عن قصد فاتى اصحاب بركياروق الى الديوان انه قد تدولف علينا فعزل ثم اعيد بعد جمعتين

وفى يوم الاضحى بعث الخليفة للسطان منبرافنصب فى دار المملكة وصلى هناك الشريف ابو الكرم وانفذ اليه جملا للاضحية وحربة للنحر وكان السلطان محموا فلم يمكنه النحر بيده ولما وصل السلطان بركياروق لم يرد سيف الدوله الى خدمته وكان متجنيا فراسله السلطان بركياروط فابى وقال لااصحب السلطان مع كون الوزير الاعز معه فان سلمه الى فانا المخلص وكان الوزير قد نفذ الى سيف الدولة قبل ذلك انه قد اجتمع عليك للخزانه السلطانية الف الف دينار فان اديتها والافبلدك مقصود فلما قرأ الكتاب طرد الرسول وكان الرسول العميد وكانت كيفية طرده انه نزل فى خيمة فأمر سيف الدولة بأن يقطعوا اطنابها فوقعت الخيمة عليه فخرج وركب فى الحال وكتب الى سيف الدولة من الطريق ... لا ضربت لى بالعراق خيمة ... ولا علت انا ملى على قلم ... ان لم اقدها من بلاد فارس ... شعث النواصى فوقها سود اللمم ... حتى ترى لى فى الفرات وقعة ... يشرب منها الماء ممزوجا بدم ...
وقطع سيف الدولة خطبة السلطان وخطب لمحمد فراسل السلطان بركياروق الخليفة بأن المطالب قد امتنعت ولا بد من اعانتنا بشئ نصرفه الى العسكر فتقرر الامر على خمسة الآلف دينار وصححت الى عشر ذى الحجة
واتفق ان رئيس جبلة هرب من الافرنج ونزل الانبار فسمع الاعز بذلك فقصده واخذ منه الف قطعة ومائتى قطعة من المصاغ وثلاثين الف دينار غير الثياب والآلات ووصل السلطان محمد واخوه سنجر الى النهر وان وكان بركياروق مريضا فعبروه الى الجانب الغربى ودخل محمد سنجر بغداد فى الخامس والعشرين من جمادى الآخرة وقطعت خطبة بركياروق وخطب لمحمد فى الديوان ونصبت مطردان وقام الخطيب فخطب له ونزل محمد بدار المملكة وسنجر بدار سعد الدولة ووصل بركياروق الى واسط ونهب عسكره فقصد الية القاضى ابوعلى الفارقى فوعظة وسأله منع العسكر من النهب ثم سار نحو الجبل

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
185 - احمد بن محمد
ابن عبد الواحد بن الصباغ ابو المنصور سمع الحديث من الجوهرى وابى الطيب الطبرى وتفقة عليه وعلى ابن عمه ابى نصر بن الصباغ وشهد عند القاضى اقضاه ابي عبد الله الدامغانى سنة سته وستين وكان ينوب في القضاء بربع الكوخ عن القاضى ابى محمد الدامغانى وولى الحسبة بالجانب الغربى وكان فاضلا فى الفقة وكان يصوم الدهر ويكثر الصلاة وتوفى فى محرم هذه السنة
186 - اسعد بن مسعود
ابن على بن محمد بن ابراهيم العتبى من ولد عتبة بن غزوان من اهل نيسابور ولد سنة اربع واربعمائة وسمع من ابى بكر الحيرى وابى سعيد الصيرفى وعبد الغافر الفارسى وغيرهم وكان فى شبابه يتصرف فى الاعمال ثم ترك العمل وتاب وتزهد ولزم البيت واملى الحديث مدة وتوفى فى هذه سنة بينسابور
187 - سعد بن على
ابن الحسن بن القاسم ابو منصور العجلى من اهل اسد اباذا انتقل الى همذان وكان مفتيها سمع ببغداد من ابى الطيب الطبرى وأبى طالب العشارى وابى اسحاق البرمكى والقزوينى والجوهرى وسمع بمكة والمدينة والكوفة وغيرها
188 - عبد الله بن الحسن
ابن ابى منصور ابو محمد الطبسى جال الاقطار وسمع من الشيوخ الكثير وخرج لهم التاريخ وكان احد الحفاظ ثقة صدوقا عارفا بالحديث حسن الخلق وتوفى فى هذه السنة بمرو الروذ
189 - عبد الرحمن بن احمد
ابن محمد النويرى المعروف بالزاز السرخى نزيل مرو ولد فى سنة احدى أو اثنتين

وثلاثين واربعمائة وسمع الحديث من خلق كثير واملى ورحل اليه الاثمة والعلماء وكان حافظا لمذهب الشافعى وكان متدينا ورعا محتاطا فىمطعمه ورأى رجل فى المنام رسول الله صلى عليه ولم فقال له قل له ابشر فقد قرب وصولك الى وانا أنتظر قدمك رأى ذاك ثلاث ليال ثم جاءه فبشره فبشره فعاش بعد ذلك سنين وتوفى فىهذه السنة
190 - عزيزى بن عبد الملك
ابن منصور ابو المعالى الجيلى القاضى يلقب شيذله ولى القضاء بباب الازج وسمع الحديث من جماعة وكان شافعيا لكنه كان يتظاهر بمذهب الاشعرى وكانت فيه حدة وبذاءة لسان توفى فى صفر هذه السنة ودفن فى مقبرة باب ابرز مقابل تربة ابى اسحاق وسراهل باب الازج بوفاته سمع يوما رجلا يقول من وجد لنا حمارا فقال يدخل باب الازج ويأخذ من شاء وقال يوما بحضرة نقيب النقباء طراد لو حلف انه لايرى انسانا فرأى اهل باب الازج لم يحنث فقال النقيب ايها الثالب من عاشر قوما اربعين صباحا كان منهم
191 - محمد بن احمد
ابن عبد الباقى بن الحسن بن محمد بن طوق ابو الفضائل الربعى الموصلى تفقه على ابى اسحاق الشيرازى وسمع الحديث من ابى الطيب الطبري وابى اسحاق البرمكى وابى القاسم التنوخى وابن غيلان والجوهرى وغيرهم وكتب الكثير وروى عنه اشياخنا وقال عبد الوهاب الانماطى كان فقيها صالحا فيه خير توفى فى صفر هذه السنة ودفن بالشونيزى
192 - محمد بن احمد
ابن محمد أبو طاهر الرحبى سمع الحديث الكثير وكتب وكان صالحا وتوفى فى المحرم من هذه السنة ودفن بمقبرة جامع المنصور قال ابو المواهب ابن فرجية المقرى رأيتة فى المنام وكأنة قد صر من شفته أو لسانه شيء فقلت له فى ذلك

فقال لفظة من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم غيرتها برأيى ففعل بى هذا
193 - محمد بن احمد
ابن عيسى عباد الشروطى ابو بكر من اهل الدينور ثم انتقل الى همذان ودخل بغداد فسمع ابا اسحاق البرمكى وكان فقيها فاضلا صدوقا زاهدا وتوفى فى نصف صفر
194 - محمد بن الحسن
ابو عبد الله الراذانى نزيل او انا كان فقيها مقرئا من الزهاد المنقطعين والعباد الورعين له كرامات سمع من القاضى ابى يعلى وغيره وبلغنى ان ولدا له صغيرا طلب منه غزالا وألح عليه فقال له يا بنى غدا يأتيك غزال فلما كان الغد جاء غزال فوقف على باب الشيخ وجعل يضرب بقرنيه الباب الى ان فتح له ودخل فقال الشيخ لابنه أتاك الغزال توفى ابو عبد الله فى جمادى الاولى من هذه السنة
195 - محمد بن على
ابن المحسن ابو الحسن بن ابى القاسم التنوخى قبل قاضى القضاه ابو عبد الله شهادته فى سنة ثلاث وسبعين واربعمائة وتوفى فى شوال هذه السنة وانقرض بيته
196 - محمد بن على بن عبيد الله
ابن احمد بن صالح سليمان بن ودعان ابو نصر الموصلى القاضى قدم بغداد فى سنة ثلاث وسبعين ومعه جزء فيه اربعون حديثا عن عمه ابى الفتح وهي التى وضعها زيد بن رفاعة الهاشمى وجهل لها خطبة فسرقها ابو الفتح بن ودعان عم

ابي نصر هذا وحذف خطبتها وركب على كل حديث شيخا الى شيخ الذي روى عنه ابن رفاعة وقد روى ابو نصر هذا احاديث غيره والغالب على حديثه المناكير والموضوع توفي بالموصل في ربيع الاول من هذه السنة
197 - محمد بن منصور
ابو سعد المستوفى الملقب بشرف الملك من اهل خوارزم وكان جليل القدر وكان يتعصب لاصحاب ابي حنيفة وهو الذي بني المدرسه الكبيرة بباب الطاق وبنى القبة على قبر ابي حنيفة وبنى مدرسة بمرو ووقف فيها كتبا نفيسة وبنى اربطة فى المفاوز وعمل مصالح كثيرة ثم ترك الاشغال وكان الملوك يصدرون عن رأية رلم يتنعم احد تنعمه ولا راعى احد نفسه فى مطعمة ومشربه ومركبة حتى انه كان يشرب ماء خوارزم باصبهان ويزعم انه يمر ئة وانه عليه نشأ وكان يأكل حنطة مرو ببلاد الشام وهي اجود الحنطة وبذل لجلال الدولة ملك شاه مائة الف دينار حتى عزله عز الاشراف وكانت خاتون الجلالية قد قسطت باصبهان مالا فقسطت عليه جملة وافرة نوبتين فقال لبعض من يدخل اليها اعلم ان الذي اخذ منى لا يؤثر عندي فان لي ذخائر جمة وكل ذلك كسبته في ايامهم وان لم يعلموا بأن ما اخذ مني لم يغير حالي واستوحشوا مني وأسأل ان تعرفها انني الخادم الذي لم يغيره حال وان مالي بين ايديهم فأخبرت خاتون بذلك فاسترجحت عقله وأمن بذلك من ضرر توفي ابو سعد في جمادي الاخرة من هذه السنة باصبهان
198 - محمد بن منصور
ابن النسوى المعروف بعميد خراسان ورد بغداد في زمن طغرلبك وحدث عن ابي حفص عمر بن احمد بن مسرور وكان كثير الرغبة في الخير بنى بمرو مدرسة ووقفها على ابي بكر بن ابي المظفر السمعاني واولاده فهم فيها الى الآن وبنى

مدرسة بنيسابور وفيها تربته توفي في شوال هذه السنة
199 - محمد بن المبارك
ابن عمر ابو حفص ابن الخرقى القاضي المحتسب كان حافظا للقرآن صارما في حسبته ولى الحسبة

سنة
ثلاث وسبعين وكان المتعيشون يخافونه ومنع قوام الحمامات ان يمكنوا احدا يدخل بغير مئزر وتهددهم على ذلك بالاشهار وتوفي في ربيع الآخرة من هذه السنة
200 - مؤيد الملك بن نظام الملك
كان قد اشار على السلطان محمد بطلب السلطنة فلما تم له ذلك استوزره فبقي سنة واحد عشر شهرا ثم كانت وقعة بين محمد وبركياروق فأسر مؤيد الملك وقتل في جمادي الآخرة من هذه السنة وقد قارب عمره خمسين سنة
201 - نصر بن احمد
ابن عبد الله بن النظر ابو الخطاب البزاز القاريء ولد سنة ثمان وسبعين وثلثمائة سمع ابن رزقويه وابا الحسين بن بشران وابا محمد عبد الله بن عبيد الله البيع وهو آخر من حدث عنهم وعمر حتى صار اليه الرحلة من الاطراف وانتشرت عنه الرواية وكان شيخا صالحا صدوقا صحيح السماع حدثنا عنه اشياخنا توفي في ربيع الاول من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
سنة
ثم دخلت سنة خمس وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في يوم الخميس سادس محرم قبض على الكيا ابي الحسن

على بن محمد المدرس بالنظامية فحمل الى موضع افرد له ووكل به جماعة وذلك انه رفع عنه الى السلطان محمد بأنه باطني فتقدم بالقبض عليه فتجرد في حقه ابو الفرج بن السيبي القاضي واخذ المحاضر وكتب ابو الوفاء بن عقيل خطه له بصحة الدين وشهد له بالفضل وخوطب من دار الخلافة في تخليصه فاستنقذ
وفي بوم الثلاثاء حادي عشر المحرم جلس المستظهر لمحمد وسنجر واجتمع ارباب المناصب في التاج ونزل كمال الدولة في الزبزب واصعد الى دار المملكة فاستدعاهما فنزلا في الزبزب وكان الطيار قد شعث وغاب وهو الذي انحدر فيه والدهما جلال الدولة ابو الفتح ملكشاه الى دار الخلافة حين جلس له المقتدي بأمر الله وانحدر فيه طغرلبك حين جلس له القائم بأمر الله وهذا الطيار كان لجلال الدولة ابي طاهر بن بويه وانفق عليه زائدا على عشرة آلاف دينار وأهداه للقائم وجددت عمارته في سنة سبع واربعين وتشعث في ايام المقتدي فجددت عمارته وحط الى دجلة فكان للناس في تلك الايام من الفرجة بدجلة عجائب ثم هدم فنزلا في الزبزب فانحدر الى دار الخلافة ومعهما الحشر وقد شهروا للسلام وقدم لهما مركوبان من مراكب الخليفة وبين يديهما امراء الاجناد وكان على كتف المستظهر البردة المحمدية وفي يده القضيب ودخلا فقبلا الارض فأمر الخليفة كمال الدولة بإفاضة الخلع عليهما وعقد الخليفة لوائين بيده وكانت الخلع على محمد سيفا وطوقا وسوادا وسيفا وقيد بين يدي السلطان خمسة ارؤس خيلا بمراكب احدها مركب صيني وبين يدي الآخر ثلاثة فوعظهما الخليفة وأمرهما بالتطاوع وقرأ عليهما واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ثم انصرفا فلما كان يوم السبت منتصف محرم خرج سنجر متقدما لاخيه قاصدا ممالكه بخراسان وخرج محمد يوم الاربعاء تاسع عشر المحرم فارجف يوم الجمعة حادي عشرين المحرم بدنو السلطان بركياروق فامر الخليفة كمال الدولة وامراء بالمضي الى محمد وسنجر واعادتهما فلقي محمد افرده وفاته سنجر وعزم الخليفة على النهوض لنصرة السلطان محمد وامر بالاحتراز والاستعداد وجمع السفن فبذل

السلطان محمد القيام بهذه الخدمة وانه يكفيه عناية النهوض ودخل سيف الدولة صدقه الى الخليفة فتقدم بتطويعه وقال ان الخليفة يعتقد منك الصارم العضب ثامن عشر المحرم فسار الى النهروان وبعث الخليفة اليه من اعلمه انه قد ولاه ما وراء بابه وارسل سعادة الخادم ومعه منجوق واخرج معه ابو علي الحسن ابن محمد الامتراباذي الحنفي وابو سعد بن الحلواني ليكونا مع السلطان محمد في جميع مواقفه ويعلما الناس ان الامام قد ولاه ما وراء بابه فلحقوه بالدسكرة ثم التقى هو وبركياروق وآل الامر الى الصلح على ان يكون لسلطان بركياروق ومحمد الملك وان يضرب له ثلاث نوب وجعل له من البلاد جنزة واعمالها وآذربيجان وديار بكر وديار مضر وديار ربيعة وهذه البلاد تؤدي الف الف دينار وثلثمائة الف دينار وبضعة عشر الف دينار ثم لم يف محمد فعوود وجرى عليه المكروه وفي رجب قبل قاضي القضاة ابو الحسن الدامغاني شهادة ابي الحسين وابي خازم ابني القاضي ابي يعلي بن الفراء
وفي هذه السنة قدم الى بغداد ابو المؤيد عيسى بن عبد الله الغزنوي ووعظ في الجامع واظهر المذهب الاشعري ومال معه صاحب المخزن ابن الفقيه فوقعت فتنة وجاز يوما من مجلسه ماضيا الى منزله برباط ابي سعد الصوفي فرجم من مسجد ابن جردة فارتفع بذلك سوقه وكثر اصحابه وخرج من بغداد في ربيع الاخر سنة ست وتسعين فكانت اقامته سنة وبعض اخرى
وفي رابع رمضان استوزر للمستظهر ابو المعالي الأصفهاني وعزل في رجب سنة سته وتسعين واعتقل في الحبس احد عشر شهرا ثم اطلق وفي العشرين من رمضان قبض على ابي المعالى هبة الله بن المطلب ورتب مكانه ابو منصور نصر بن عبد الله الرجي ثم قبض عليه في السنة الاتية واعيد ابو المعالي بن المطلب وفي ذي القعدة وقعت نار بنهر معلى فأحرقت ما بين درب سرور الى درب المطبخ طولا وعرضا وكان سببها ان بعض الكناسين وضع سراجه في اصل

شريجة قصب فأكلها فاحترقت اموال عظيمة
وفي ذي الحجة بعث كتاب من الخليفة الى صدقه وقد لقب بملك العرب وفي ذي الحجة قتل رجل امرأة السيدة الذي يخدمه على هدى منه لها وذلك انها ضررته في سيدة فقتلها وامكنه ان يهرب فلم يفعل ونادى يا معشر الناس اما فيكم من يقتلني فاني قتلت هذه المرأة ولا عذر لي في مقامي بعدها قالوا انا نخاف من هذه السكين التي بيدك فالقى اليهم السكين فحملوه الى باب النوبى فأقر بالقتل فاحضر زج المرأة معه الى رحبة الجامع فأعطى سيفا فضرب به رأس القاتل وابانه اذرعا في ضربة واحدة
وفي هذه السنة عمر صدقة بن منصور الحلة وانما كان ينزل هو وابوه في البيوت القريبة وفيها جرى لجكر ميش وكان من مماليك جلال الدولة ملكشاه ثم صارت الجزيرة والخابور بيده ان جماعة من السواد اتوه يشكون من عمالهم فعمل دعوة اشتملت على الف رأس من الغنم والبقر وغير ذلك من الدجاج والحلواء ولم يحضر الخبز ثم دعا وجوه العسكر فعجبوا اذ لم يروا خبزا وقالوا ما السبب في هذا فقال الخبز انما يجيء من الزرع والزرع انما يكون بعمارة السواد وقد اضررتم بأهل اقطاعكم فاستغلوه الان انتم بتحصيل الطعام فعملوا بالتوصية وتابوا وفي هذه السنة عم الرخص كثيرا ببغداد في الطعام وفي الفواكه

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
202 - الاعز
وزير السلطان بركياروق قتلته الباطنية بباب اصبهان
203 - الحسن بن محمد
ابن احمد بن عبد الله بن الفضل ابو علي الكرماني الشرقي الصوفي رحل في طلب الحديث وعنى بجمعه وسمع الكثير وكان فيه دين وعبادة وزهد يصلي بالليل لكنه روى ما لم يسمع فافسد ما سمع وكان المؤتمن ابو نصر يقول هو كذاب توفي هذه السنة وقد جاوز السبعين

204 - محمد بن احمد
ابن عبد الواحد ابو بكر الشيرازي يعرف بابن الفقير شيخ صالح سمع ابا القاسم بن بشران وروى عنه شيخنا عبد الوهاب وقال كان يخرب قبر ابي بكر الخطيب ويقول كان كثير التحامل على اصحابنا يعني الحنابلة الى ان رأيته يوما واخذت الفأس من يده وقلت هذا كان رجلا حافظا اماما كبيرا الشأن ومؤثر ثقة فتاب ولم يعد وتوفي في محرم هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
205 - محمد بن محمد
ابن عبد العزيز النحاس ابو الفرج قاضي العراق ولد

سنة
ست عشرة واربعمائة وولى القضاء سنة اربع وستين وتوفي في هذه السنة
206 - محمد بن هبة الله
ابو نصر البندنيجي الضرير الشافعي قرأ على ابي اسحاق الشيرازي ومضى الى مكة فأقام مجاورا بها اربعين سنة متشاغلا بالعبادة والتدريس والفتيا ورواية الحديث انشدنا ابو نصر احمد بن محمد الطوسي قال انشدني ابو نصر محمد بن هبة الله البندنيجي ... عدمتك نفس ما تملى بطالتي ... وقد مر اخواني واهل مودتي ... اعاهد ربي ثم انقض عهده ... واترك عزمي حين تعرض شهوتي ... وزادي قليل لا اراه مبلغي ... اللزاد ابكي ام لطول مسافتي ...
207 - ابو القاسم صاحب مصر
الملقب المستعلى توفي في ذي الحجة ورتب مكانه ابنه ابو علي وسنة سبع سنين ولقب الامر بأحكام الله
سنة
ثم دخلت سنة ست وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه لما انهزم السلطان محمد من الوقعة التي كانت بينه وبين

بركياروق دخل اصبهان وكان فيها جماعة قد استحلفهم فقوى جاشة بهم ورم البلد وجدد عمارة سور القلعة واقبل بركياروق في خمسة عشر الفا فحاصره وعدد اصحاب محمد قليل فضاقت الميرة على محمد فقسط على اهل البلد على وجه العرض فأخذ مالا عظيما ثم عاود عسكره الشغب فاعاد التقسيط بالظلم والعذاب وبلغ الخبز عشرة امناء بدينار ورطل لحم بربع دينار ومائة منا تبن بأربعة دنانير وقلعت اخشاب المساجد وابواب الدكاكين هذا والقتال على ابواب البلد وينال صاحب محمد يحرق الناس بالمصادرة وعسكر بركياروق في رخص كثير ثم ان محمدا خرج في اصحابه سرا من بعض ابواب البلد فلم يصبح الا على فراسخ فندب بركياروق من يطلبه فلحقه اباز وقد نزل لضعف خيله من قلة العلوفة فبعث الى اياز يقول له بيننا عهد ولي في عنقك ايمان فقال امض في دعة الله فقال خيلي ضعيفة فدفع اليه فرسا وبغلة واخذ علمه وثلاثة افراس محملة دنانير واسر من اصحابه اميرين وعاد اياز فأخبر بركياروق فلم يسره سلامة اخيه
وفي صفر لقب ابو الحسن الدامغاني بتاج الاسلام مضافا الى قاضي القضاة وفي يوم الاثنين ثالث عشرين ربيع الاول اعيدت الخطبة لبركياروق فخطب في الديوان ثم تقدم الى الخطباء سابع عشرين هذا الشهر بان يقتصروا على ذكر الخليفة ولا يذكروا احدا من السلاطين المختلفين ثم التقى السلطان محمد وبركياروق في يوم الاربعاء في جمادي الآخرة فوقعت الحرب بينهما فانهزم محمد الى بعض بلاد ارمينية على اربعين فرسخا من الوقعة ثم سار منها الى خلاط ثم حضر الى تبريز ومضى بركياروق الى زنجان ثم وقع بينهما صلح
وكان سيف الدولة صدقة يحافظ على الحطبة لمحمد فجاء في ربيع الآخر الى نهر الملك ثم نزل المدائن فخرج اليه العلويون يسألونه الامان لبلدهم فأجاب وبعث الخليفة اليه يخبره بانزعاج الناس فلم يلتفت ونقل اهل بغداد من الجانب الغربي الى الجانب الشرقي بالحريم ومن الحريم الى دار الخليفة وبلغ الخبر ثلاثة ارطال بقيراط واستبيح السواد وافتضت الابكار وبعث الخليفة قاضي القضاة

ابا الحسن وابا نصر بن الموصلايا الى سيف الدولة فلما قربا قدم لهما مركوبين من مراكبه وقام لهما واحترمهما واجاب بالطاعة لامير المؤمنين ونهض من خيمته وانفذ لهما دراريج مشوية وقال هذه صدناها فلم يتناول قاضي القضاة شيئا من الطعام واعتذر بانه لا يأكل في سفره مات يحوجه الى البروز لحاجة ثم سار وسار معه سيف الدولة الى صرصر وعانقه لما اراد عبوره ورجع
وفي رمضان خلع على زعيم الرؤساء ابي القاسم علي محمد بن محمد بن جهير واستوزره المستظهر ودخل ينال صاحب السلطان محمد الى بغداد وافسد القرى وقسط عليها واكثر الظلم فروسل بقاضي القضاة فعرفه قبح الظلم وحرمة الشهر فزاده ذلك عتوا وجاء العيد فصلى بالحسبة وامر بضرب البوقات والطبول عند دار العميد بقصر ابن المامون واحتبس سفناوصلت للخليفة فقرر عليها شئ يعطاه ثم اصعد الى او انا فنهب الدنيا وعاث أقبح عيث ثم آل امر ينال الى ان هرب من السلطان ثم آل امره الى ان قتل وتقدم بنقض السوق التى استجدها جلال الدولة ملكشاه بالمدينة المعروفة بطغرلبك وكانت مرسومة بالصباغين بعد خروجة والسوق التى كان بها البزازون ايام دخوله والمدرسة التى بنتها تركان خاتون وكانوا قد انفقوا على ذلك الاموال الجمة فنقض ذلك كله

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
208 - احمد بن على
ابن عبيد الله بن سوار ابو طاهر المقرئ ولد سنة اثنتى عشرة واربعمائة وكان ثقة ثبة مأمونا اماما فى علم القرا آت وصنف فيها كتبا وسمع الحديث الكثير وتوفى فى يوم الاربعاء رابع ودفن عند قبر معروف
209 - احمد بن محمد
ابن احمد بن حمزة ابو الحسين الثقفى ذكر انه من ولد عروة بن مسعود الثقفى ولد

قبل سنة ثلاثين واربعمائة ودخل بغداد فى شبيبتة وسمع ابا القاسم التنوخى وابا محمد الجوهرى وتفقة على ابى عبد الله الدامغانى ورى عنه شيخنا عبد الوهاب قال كان خيرا ثقة
210 - محمد بن الحسن
ابو سعد البردانى الحنبلى كان من الفقهاء توفى فى محرم هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
211 - محمد بن عبيد الله
ابن محمد بن احمد بن كادش ابو ياسر العكبرى الحنبلى المفيد سمع قاضى القضاة ابا الحسن الماوردى وغيره ونسخ وكان مفيد بغداد وروى عنه شيخنا ابو القاسم المسر قندى وغيره وتوفى فى صفر هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
212 - ابو المعالى الصالح
سكن باب الطاق وكان مقيما بمسجد هناك معروف به الى اليوم سمع وعظ ابن ابى عمامة فتاب وتزهد حدثنى ابو القاسم ابن قسامى الفقيه قال حدثنى ابو الحسن ابن بالان وكان ثقة قال حدثنى ابو المعالى الصالح وحدثنى مسعود بن شيرا زاد المقرى قال سمعت ابا المعالى الصالح يقول ضاق بى الامر فى رمضان حتى اكلت فيه ربعين باقلى فعزمت على المضى الى رجل من ذوى قرابتى اطلب منه شيئا فنزل طائر فجلس علىمنكبى وقال ياابا المعالى انا الملك الفلانى لا تمض اليه نحن نأتيك به فبكر الرجل الى حدثنى ابو محمد عبد الله بن على المقرى قال كان ابو المعالى لاينام الاجالسا ولا يلبس الاثويا واحدا شتاء كان اوصيفا وكان اذا اشتد البرد يشد المئزر بين كفتية قال وكنت يوما عنده فقيل له قد جاء سعد الدولة شحنه بغداد فقال اغلقوا الباب فجاء فطرق الباب وقال ها أنا قد نزلت عن دابتى وما ابرح حتى يفتح لى ففتح له فدخل فجعل يوبخة ما هو فيه وسعد الدولة يبكى بكاء كثيرا فانفرد بعض اصحابه وتاب على يده توفى ابو المعالى فى هذه السنة ودفن قريبا من قبر أحمد

213 - ابو الظفر بن الخجندى
الفقية الشافعى المدرس باصفهان وينسب الى المهلب بن ابى صفرة قتله علوى بالرى فى الفتنة بين السنة والشيعة وقتل العلوى
214 - السيدة بنت القائم بامر الله
التى كانت زوجة طغر لبك توفيت وكانت كثيرة الصدقة وحملت الى الرصافة فى الزبزب للعزاء بها ببيت النوبة

سنة
ثم دخلت سنة سبع وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الافرنج اجتمعوا بالشام فحاربهم المسلمون فقتلوا منهم اثنى عشر الفا ورجعوا غاتمين
وفى يوم الثالث والعشرين من المحرم وقعت منارة واسط وكان حامد بن العباس قد ابتناها للمقتدر فى سنة اربع وثلثمائة وكان أهل واسط يفتخرون بها وبقبة الحجاج ولما وقعت المنارة لم يهلك تحتها احد وارتفع فى واسط من البكاء والعويل مالا يكون لفقد آدمى
وفى هذه السنة كانت الشرطة قد تركت من الجانب الغربى لا ستيلاء العيارين عليه وكانت الشحن تعجز تعن العيارين فلا يقع بأيديهم الا الضعفاء فيأخذون منهم ويحرقون بيوتهم فرد الىالنقيبين الى ابي القاسم باب البصرة وجميع محال اهل السنة والى الرضاء الكرخ ورواضعه فانكف الشر ثم عاد وتأذى الناس بالشحنة وكان قد عول على النهب فاجتمع الناس الى الديوان شاكين فقرر مع النقيبين تقسيط الفى دينار ومائتى دينار منها على الكرخ خمسمائة والباقى

على سائر المحال فأهلك ذلك الضعفاء وقرر على اهل اتوثة اربعون دينارا فأسقط عنهم النقيب عشرة فلم يقدروا على اداء الباقي فقصدوا الأماكن يستجبون الناس فدخلوا على ابن الشيرازى البيع فتصدق عليهم بدينار وكانوا اهل قرآن وتدين وصلاح
وفى هذه السنة وقع الصلح بين محمد وبركياورق وكان السبب أن بركياورق بعث القاضىابا المظفر الجرجانى وحمد بن عبد الغفار سفيرين بينه وبين اخيه فى الصلح فجلس الجرجانى واعظا وحضر السلطان محمد فذكر ماامر الله تعالى به من اصلاح ذات البين والنهى عن قطيعة الرحم فأجاب محمد الى الصلح وحلف كل واحد من الاخوين يمينا لصاحبة على الوفاء وذكر لكل واحد من البلاد ما يخصة ووصل الخبر الى بغداد فخطب لبركياورق فى الديوان ثم خطب له فى الجوامع وقطعت خطبة محمد
وفى هذه السنة اخرج ابو المؤيد عيسى بن عبد الله الغزنوى الواعظ من بغداد لغلبتة علىقلوب الناس وتوفى باسفرائين

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
215 - احمد بن الحسين
ابن الحداد المستعمل ابو المعالى سمع الجوهرى والعشارى وتوفى يوم الاربعاء السادس والعشرين من ربيع الآخر ودفن بقبرة باب حرب
216 - احمد بن على
ابن الحسين بن زكريا ابو بكر الطرثيثى المعروف بابن زهراء المقرئ الصوفى ولد فى شوال سنة اثنتى عشرة واربعمائة حدث عن ابى الحسن الحمامى وابى على بن شاذان وغيرهما وتلمذ فى التصوف الى ابى سعيد بن أبى الخير

شيخ الصوفية بينسابور وكان صيتا يؤذن كل ليله على سطح رباط ابى سعد الصوفى فيسمع صوته فى جانبى بغداد وكان سماعة صحيحا كثيرا فأفسد سماعة بأن روى مالم يسمع وادعى انه سمع من ابى الحسن ابن رزقويه وما يصح ذلك قال شجاع بن فارس حال الطرثيى فى الضعف اشهر من ان يخفى اجمع الناس على ضعفة قال شيخنا عبد الوهاب كان مخلطا قال شيخنا ابو القاسم السمر قندى دخلت على الطرثيثى وكان يقرأ عليه جزء من حديث ابى الحسين بن رزقوية فقلت متى ولدت فقال فى سنة اثنتى عشرة واربعمائة قلت ففى هذه السنة توفى ابن رزقويه ثم قمت فأخرجت وفيات الشيوخ بخط ابى الفضل ابن خيرون فحملت اليه واذا فيه مكتوب توفى ابو الحسن ابن رزقويه سنه اثنتى عشرة فأخذت الجزء من يده وقد سمعوا فيه فضربت على التسميع فقام ونفض سجادته وخرج من المسجد قال شيخنا بن ناصر كان كذابا وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بباب حرب
217 - احمد بن بندار
ابن ابراهيم أبو ياسر البقال الدينورى حدث ببغداد وكان ثقة وروى عنه اشياخنا وتوفى فى يوم الاربعاء خامس عشر رجب ودفن بباب أبرز
218 - احمد بن محمد
ابن على ابو بكر القصار يعرف بابن الشبلى سمع ابا عبد الله الحسين بن محمد بن الحسن الخلال ورى عنه شيخنا ابو القاسم ابن السمر قندى وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
219 - اسمعيل بن على
ابن الحسين بن على ابو على الجاجرى من اهل نيسابور ولد سنة ست واربعمائة وسمع ابا سعيد النضروى وابا عثمان الصابونى وابا عبد الله بن باكويه وعيرهم ورد بغداد فسمع منه شيخنا ابو القاسم السمر قندى وكان واعظا زاهدا حسن الطريقة توفى فى محرم هذه السنة ودفن فى مشهد محمد بن اسحاق بن خزيمة

220 - اسمعيل بن محمد
ابن عثمان بن احمد ابو الفرج القومساني من اهل همذان سمع بهمذان من ابيه وجده وجماعة وورد بغداد فسمع بها من ابي الحسين بن المهتدي وابى محمد الصريفيني وجابر بن ياسين وابن النقور وابن البسري وغيرهم وكان حافظا حسن المعرفة بالرجال والمتون صدوقا ثقة امينا دينا تاركا للخوض فيما لا يعنيه وتوفي في محرم هذه السنة
221 - ارشيرد بن منصور
ابو الحسين العبادي الواعظ سمع بمرو ونيسابور من جماعة وقدم بغداد فسمع ابن خيرون وقد ذكرنا قدومه الى بغداد ونفاقه على اهل بغداد في حوادث سنة ست وثمانين وخرج من بغداد فتوفي بمرو في غرة جمادي الاولى من هذه السنة
222 - الحسين بن علي
ابن احمد بن محمد ابن البسري ابو عبد الله ولد سنة عشر واربعمائة وروى عن ابي محمد بن عبد الجبار السكري وهو آخر من حدث عنه سمع منه في سنة اربع عشرة واربعمائة وتوفي ليلة الاربعاء ثالث عشرين جمادي الآخرة ودفن في مقبرة جامع المنصور
223 - عبد الرحمن بن عمر
ابن عبد الرحمن ابو مسلم السمناني سمع ابا علي بن شاذان وروى عنه اشياخنا وتوفي يوم الثلاثاء تاسع المحرم ودفن بالشونيزية
224 - علي بن عبد الرحمن
ابن هرمز بن عبد الرحمن ابو الخطاب ابن الجراح ولد سنة عشر واربعمائة وحدث واقرأ ببغداد وكان من اهل الفضل والادب وكان من اهل البيوتات

المعروفة في الرياسة وصنف قصيدتين في القراآت وسمى احداهما بالمكملة والاخرى بالمبعدة روى عنه اشياخنا توفي سحرة يوم الثلاثاء العشرين من ذي الحجة ودفن بمقبرة باب ابرز عند ابي اسحاق الشيرازى
225 - العلاء بن الحسن
ابن وهب بن موصلايا ابو سعد الكاتب نال من الرفعة في الدنيا ما لم ينله ابناء جنسه فانه ابتدأ في خدمة دار الخلافة في ايام القائم

سنة
اثنتين وثلاثين واربعمائة فخدمها خمسا وخمسين سنة واسلم في سنة اربع وثمانين وناب عن الوزارة في ايام المقتدى وايام المستظهر نوبا كثيرة وكان كثير الصدقة كريم الفعال حسن الفصاحة ويدل على فصاحته وغزارة علمه ما كان ينشئه من مكاتبات الديوان والعهود وحكى بعض اصحابه قال شتمت يوما غلاما لي فوبخني وقال انت قادر على تأديب الغلام او صرفه فأما الخنا والقذف فاياك والمعاودة له فان الطبع يسرق من الطبع والصاحب يستدل به على المصحوب وتوفي في هذه السنة فجاءة
226 - محمد بن احمد
ابن عمر ابو عمر النهاوندي الحنفي بصري ولد سنة عشر واربعمائة وقيل سنة سبع وولى القضاء بالبصرة مدة وكان فقيها عالما سمع من جماعة منهم ابو الحسن الماوردي توفي في صفر هذه السنة بالبصرة
سنة
ثم دخلت سنة ثمان وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان بركياروق توجه الى بغداد فمرض ببروجرد فخلع على ولده ملك شاه واسند وصيته الى اياز ومات فقصد الى بغداد واجلس الصبي على التخت وله من عمره اربع سنين وعشرة اشهر ومضى اليه الوزير ابو القاسم ابن جهير وخدمه كما كان يخدم اباه بمحضر من اياز ثم انفصل اياز الى مكان

من روشن دار المملكة حتى قصده الوزير وخدمه خدمة منفردة وكان اياز هو المستولى على الامور ونزل اياز دار سعد الدولة وحضر من اصحابه الديوان قوم فطالبوا بالخطبة فخطب له بالديوان بعد العصر وخوطب بجلال الدولة وخطب له يوم الجمعة مستهل جمادي الاولى في جوامع بغداد ونثر عند ذكره الدراهم والدنانير وكان سيف الدولة قد ظاهر هذا العسكر بالعداوة وجمع خمسة عشر الف فارس فنفذ اليه اياز هدايا فبعث في جوابها ثلاثة آلاف دينار على ما هو عليه وعلم اياز بقرب السطان محمد فخيم بالزاهر وشاور اصحابه فقووا عزمه على الثبات وكان اشدهم في ذلك ينال فقال له وزيره المسمى بالصفى كلهم اشار بغير الصواب وانما الصواب مصالحة السلطان محمد
فلما كان يوم الثلاثاء تاسع جمادي الاولى قصد الاتراك نهر معلى وجمعوا السفن من المشارع الى معسكرهم بالزاهر فلما كان يوم الجمعة ثاني عشرين جمادي الاولى نزل السطان محمد الرملة وانزعج اهل بغداد وخافوا امتداد الفساد فركب اياز حتى اشرف على عسكر محمد فوقع في نفسه الصلح فاستدعى وزيره الصفى وامره بالعبور الى السلطان محمد وان يصالحه وقال اني لو ظفرت لم يسكن صدري على نفسي والصواب ان اغمد سيوفي الاسلام المختلفة فعبر وزيره واجتمع بالوزير سعد الملك ابي المحاسن وحضر ا بين يدي السلطان محمد فأدى الصفى رسالة صاحبه واعتذر عما جرى منه بسابق القدر فوافق من السطان قبولا وعبر ابن جهير والموكب الى محمد فلقوه وحضر الكيا الهراسي فتولى اخذ اليمين المغلظة على السلطان محمد وامن الناس وعمل اياز دعوة للسلطان محمد في دار سعد الدولة فحضر السلطان وخدمه بغلمان اتراك بالخيول والاسلحة الظاهرة وبجواهر نفيسة منها الجبل البلخشى الذي كان لمؤيد الملك بن نظام الملك واتفق ان الاتراك ما زحوا رجلا فالبسوه سلاحا وخفا وقميصه فوق ذلك ونالوه بأيديهم فدنا من السلطان فسأل عنه فأخبر ان تحت قميصه سلاحا فاستشعر ونهض من مكانه

فلما كان يوم الخميس ثالث عشر جمادي الآخرة استدعى السلطان الامراء سيف الدولة واياز وغيرهما فحضورا فخرج اليهم الحاجب وقال السلطان يقول لكم بلغنا نزول الامير ارسلان بن سليمان بديار بكر وينبغي ان يجتمع آراؤكم على من يتجهز لقتاله فقال الجماعة هذا امر لا يصلح الا للامير اياز فقال اياز ينبغي ان اجتمع مع سيف الدولة ونتعاضد على ذلك فخرج الحاجب فقال السلطان يقول لكما قوما فادخلا لتقع المشورة ها هنا فدخلا اليه وقد رتب اقواما لقتل اياز فلما دخل اياز بادره احدهم بضربة أبان بها رأسه واما سيف الدولة فغطى وجهه بكمه واما الوزير سعد الملك فأظهر انه اخذته غشية واخرج اياز مقتولا في زلى ورأسه مقطوع على صدره فألقى بازاء دار السلطان وركب عسكر اياز الى داره فنهبوها وجمع بين بدنه ورأسه قوم من المطوعة وكفنوه في خرقة خام وحملوه الى مقبرة الخيزران
وفي ثاني عشر رجب ازيل الغيار عن اهل الذمة الذين كان الزموه في سنة اربع وثمانين ولا يعرف سبب زواله
وفي هذا الشهر مضى ابن جهير في الموكب فخلع على السلطان محمد وقصد دار وزيره سعد الملك وحمل اليه من دار الخليفة الدست والدواة والخلع
وفي هذا الشهر قصد الوزير سعد الملك المدرسة النظامية وحضر تدريس الكيا الهراسي بها ليرغب الناس في العلم
وانفذ السلطان محمد الى الوزير الزعيم الخلع الكاملة فلبسها في الديوان وانفذ الى كل واحد من الكتاب تختا من الثياب وجاء سعد الملك الى دار الزعيم مسلما وزائرا
وفي شعبان خرج السلطان محمد من بغداد ورتب البرسقى شحنة العراق وفوض العمارة الى محمد بن الحسن البلخي ورد امر واسط الى سيف الدولة صدقة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
227 - احمد بن محمد
ابن احمد بن محمد ابو علي البرداني الحافظ ولد في سنة ست وعشرين واربعمائة وسمع ابا القاسم الازجي وابا الحسن القزويني وابا طالب بن غيلان والبرمكي والعشاري والجوهري واستملى له وخلقا كثيرا وكتب الكثير وسمع الكثير واول سماعه في سنة ثلاث عن ابي طالب العشاري وكان ثقة ثبتا صالحا وتوفي في ليلة الخميس حادي عشرين شوال ودفن بمقبرة باب حرب
228 - اياز الامير
قد ذكرنا قتله في الحوادث
229 - بركياروق السطان
ابن ملك شاه ابو المظفر ارادت ام محمود بن ملك شاه من السلطان ان ينص على ابنها محمود فعرفه نظام الملك ما في ذلك من الخطر فنص على بركياروق وكان ذلك سببا لقتل نظام الملك وورد بركياروق الى بغداد ثلاث مرات وقطعت خطبته بها ست دفعات توفي في ربيع الاول من هذه السنة وهو ابن اربع وعشرين سنة وشهرين بعلة السل والبواسير
230 - ثابت بن بندار
ابن ابراهيم بن الحسن بن بندار البقال ابو المعالي يعرف بابن الحمامي وهو من اهل باب خراسان ولد سنة ست عشرة واربعمائة وسمع ابا الحسن بن رمة وابا بكر البرقاني وابا علي بن شاذان في خلق كثير وحدث واقرأ وكان ثقة ثبتا صدوقا حدثنا عنه اشياخنا آخرهم ولده يحيى وكان ابو بكر بن الخاضبة يقول ثابت ثابت وقال شيخنا عبد الوهاب كان ثقة مامونا دينا كيسا خيرا توفي في ليلة الاحد ثالث عشرين جمادي الاخرة ودفن بمقبرة باب حرب قريبا من قبر

القاضي ابي يعلي
231 - عيسى بن عبد الله
ابن القاسم ابو المؤيد الغزنوي كان واعظا شاعرا كاتبا ورد بغداد فسمع السراج بن الطيوري ووعظ بها ونفق ونصر مذهب الاشعري فأخرج من بغداد في هذه السنة وربما قيل في السنة التي بعدها خرج يقصد غزنة فتوفي في الدريق باسفرائين
232 - محمد بن احمد
ابن محمد بن قيداس ابو طاهر الحطاب ولد في رمضان

سنة
عشر واربعمائة وسكن التوثة وسمع ابا علي بن شاذان وابا محمد الخلال وغيرهما روى عنه اشياخنا وتوفي في محرم هذه السنة ودفن في الشونيزيه
233 - محمد بن احمد
ابن ابراهيم بن سلفة بن احمد الاصفهاني كان شيخا صالحا عفيفا حدث عن ابي الخطاب نصر بن النظر وابي الحسين بن الطيوري وغيرهما وتوفي في هذه السنة
234 - محمد بن علي
ابن الحسن بن ابي علي الصقر ابو الحسن الواسطي سمع الحديث ورواه وتفقه على ابي اسحاق الشيرازي وقرأ الادب وقال الشعر وكان ظريفا روى عنه شيخنا ابو الفضل بن ناصر ومن اشعاره ... من قال لي جاه ولي حشمة ... ولي قبول عند مولانا ... ولم يعد ذاك بنفع على ... صديقه لاكان من كانا ...
توفي في هذه السنة بواسط
سنة
ثم دخلت سنة تسع وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ظهر في المحرم رجل بسواد نهاوند ادعى النبوة وتبعه خلق

من الرستاقية وباعوا املاكهم ودفعوا اليه اثمانها وكان يهب جميع ما معه لمن يقصده وسمى اربعة من اصحابه ابا بكر وعمر وعثمان وعلي وكان يدعى معرفه النجوم والسحر وقتل بنهاوند
وخرج رجل من اولاد الب ارسلان فطلب السلطنة فقبض عليه فكان بين مدة خروجه واعتقاله شهران فكان اهل نهاوند يقولون خرج عندنا في مدة شهرين مدع للنبوة وطالب للملك واضمحل امرهما اسرع من كل سريع
وفي النصف من رجب وهو نصف شباط توالت الغيوم وزادت دجلة حتى قيل انها زادت على سنة الغرق وهلكت في هذه السنة الغلات وخربت دور كثيرة وانزعج الخلق فلما اهل رمضان نقص الماء وقدر في هذه الزيادة امر عجيب وذلك ان نقيب النقباء ابو القاسم الزيني اشرفت داره بباب المراتب على الغرق فأقام سميريات ليصعد فيها الى باب البصرة فقتقدمت منهن سفينة فيها تسع جوار لهن اثمان معهن صبية اراد اهلها زفافها في هذه الليلة على زوجها فأشفقوا فيها على الغرق فحملوها معهن فلما وصلت السفينة مشرعة الرباط غرقت بمن فيها فأمسك النقيب من الاصعاد وتسلى بمن بقي عمن مضى واقامت ام الصبية عليها المأتم

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
235 - سهل بن احمد
ابن علي الارغياني ابو الفتح الحاكم وارغيان قرية بنواحي نيسابور سمع الحديث الكثير وتفقه وكان حافظا للمذهب وعلق اصول الفقه على الجوينى وناظر ثم ترك المناظرة وبنى رباطا ووقف عليه وقوفا وتشاغل بقراءة القرآن وادام التعبد وتوفي في محرم هذه السنة
236 - عمر بن المبارك
ابن عمر ابو الفوارس ولد سنة ثلاث وعشرين واربعمائة وقرأ القرآن وسمع

الحديث من ابي القاسم بن بشران وابي منصور السواق وابي الحسن القزويني وغيرهم وأقرأ السنين الطويلة وختم القرآن الوفا من الناس وروى الحديث الكثير فحدثنا عنه ابن بنته ابو محمد المقرى وكان من كبار الصالحين الزاهدين المتعبدين حتى انه كان له ورد بين العشائين يقرأ فيه سبعا من القرآن قائما وقاعدا فلم يقطعه مع علو السن وتوفي ضحى نهار يوم الاربعاء سادس عشر المحرم عن سبع وسبعين ممتعا بسمعه وبصره وعقله واخرج من الغد فصلى عليه سبطه ابو محمد في جامع القصر وحضر جنازته ما لا يحد من الناس حتى ان الاشياخ ببغداد كانوا يقولون ما راينا جمعا قط هكذا لا جمع ابن القزويني ولا جمع ابن الفراء ولا جمع الشريف ابي جعفر وهذه الجموع التي تناهت اليها الكثرة وشغل الناس ذلك اليوم وفيما بعده عن المعاش فلم يقدر احد من نقاد الباعة في ذلك الاسبوع على تحصيل نقده وقال لي ابو احمد سبطه دخل الى رجل بعد رجوعي من قبر جدي فقال لي رأيت مثل هذا الجمع قط فقلت لا فقال لي ذاك من ها هنا خرج يشير الى المسجد ويأمرني فيه بالاجتهاد ورئي ابو منصور في النوم فقيل له ما فعل الله بك فقال غفر لي بتعليم الصبيان فاتحة الكتاب
237 - محمد بن عبد الله
ابن يحيى ابو البركات ويعرف بابن الشيرجي وبابن الوكيل المعرى ولد يوم الجمعة العشرين من رمضان سنة ست واربعمائة وقرأ القرآن على ابي العلاء الواسطي وغيره وسمع الحديث من ابي القاسم بن بشران وغيره وتفقه على ابي الطيب الطبري سنين وسكن الكرخ وروى عنه اشياخنا وكان يتهم بالاعتزال وتوفي يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الاول من هذه السنة ودفن في مقبرة الشونيزي
238 - محمد بن عبيد الله
ابن الحسن بن الحسين ابو الفرج البصري قاضي البصرة سمع من علماء البصرة

ثم ورد بغداد فسمع ابا الطيب الطبري وابا القاسم التنوخي وابا الحسن الماوردي وابا محمد الجوهري وغيرهم وسمع بالكوفة والاهواز بواسط وغيرها وكان يعرف الآداب سمع من ابي القاسم الرقي وابن برهان وله فصاحة ومحفوظ كثير وكان ممن يخشع قلبه عند الذكر ويبكي وكانت له مروءة تامة توفي بالبصرة في محرم هذه السنة
239 - محمد بن محمد
ابن الطيب ابو الفضل الصباغ ولد في ذي الحجة

سنة
عشرين واربعمائة وسمع ابا القاسم ابن بشران وحدثنا عنه اشياخنا وتوفي يوم السبت غرة ربيع الاول ودفن بباب حرب
240 - مهارش بن مجلى
ابو الحارث صاحب الحديثة وهو الذي اكرم القائم وفعل معه الجميل الذي قد سبق ذكره حين خرج القائم من داره وكان كثير الصلاة والصدقة محبا للخير فبلغ ثمانين سنة توفي في هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة خمسمائة
فمن الحوادث فيها انه في سابع المحرم دخل صبي الى بيت اخته فوجد عندها رجلا فقتلها وهرب وكان ذلك بالنصرية فركب الشحنة وخرب المحلة
وفي يوم عاشوراء قتل فخر الملك ابو المظفر بن نظام الملك وهو اكبر اولاده قتله باطني على وجه الاغتيال وكان فخر الملك قد رأى في ليلة عاشوراء التي قتل في يومها الحسين عليه السلام وهو يقول له عجل الينا والليلة افطر عندنا فانتبه مشفقا من ذلك فشجعوه وامروه ان لايبرح يومه هذا من داره وكان صائما فلما صار وقت العصر خرج من حجره كان فيها الى بعض دور النساء فسمع صوت متظلم بحرقة وهو يقول ذهب المسلمون ما بقي من يكشف

ظلامة ولا من يأخذ بيد ضعيف ولا من يفرج عن ملهوف فقال ادنوه مني فقد عمل كلامه في قلبي فلما اتوهب به قال ما حالك فدفع اليه رقعة فبينما هو يتأملها ضربه بسكين في مقتله فقضى نحبه وكان ذلك بنيسابور وهو يومئذ وزير سنجر فقرر فأقر على جماعة من اصحاب فخر الملك انهم الفوه وكذب عليهم وانما كان باطنا يريد ان يقتل بيده وسعايته فقتل من عين عليه وكانوا برآء ثم قتل هو بعد ذلك
وفي رابع عشر صفر خرج الوزير ابو القاسم على بن جهير من داره بباب العامة الى الديوان على عادته فلما استقر في الديوان وصل اليه ابو الفرج بن رئيس الرؤساء ومهج وشافهاه بعزله فانصرف الى داره ماشيا ومشيا معه وكان سيف الدولة صدقه قد قرر امره لما رد الى الوزارة انه متى تغير الرأى فيه عزل مصونا فقصد دار سيف الدولة بعد عزله وهو يقول في الطريق امنك الله يا سيف الدولة يوم الفزع الاكبر كما امنتني فأقام بدار سيف الدولة الى ان نفذ اليه قوما من الحلة فخرج معهم هو وولده واصحابه وكانت مدة وزارته ثلاث سنين وخمسة اشهر واياما وكان قد استفسد في وزارته هذه قلوب جماعة عليه منهم قاضي القضاة ابو الحسن الدامغاني وصاحب المخزن ابو القاسم ابن الفقيه وامر الخليفة بنقض داره التي بباب العامة وكان في ذلك عبرة من جهة ان ابا نصر بن جهير بناها بانقاض دور الجانب الغربي وباب محول على يدي صاحب الشرطة ابي الغنائم بن اسمعيل وكان هذا الشرطي يأخذ اكثر ذلك لنفسه ويحتج بعمارة هذه الدار ولا يقدر الضعفاء على الكلام فكانت عاقبة الظلم الخراب وذهاب الاموال فلما عزل استنيب قاضي القضاة ابو الحسن وجعل معه ابو الحسين بن رضوان مشاركا له وجالسا الى جانبه ثم استدعى على حضرة الخلافة يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الاول ابو المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب فكلمه بما شد ازره وشافهه بالتعويل عليه وتقدم بافاضة الخلع عليه فخرج الى الديوان وقرأ ابو الحسين بن رضوان عهده وهو من انشاء ابن رضوان

وفي هذا اليوم استدعى ابو القاسم بن الحصين صاحب المخزن الى باب الحجرة فخلع عليه هناك ابانة لمحله ورفعا لمنزلته
وفي ثالث شعبان قبض السلطان على وزيره ابي المحاسن وصلبه بظاهر اصبهان مع جماعة من اعيان الكتاب واستوزر نظام الملك ابا نصر احمد بن نظام الملك
وفي ذي القعدة عول في ديوان الزمام على ابي الحسن علي بن صدقة وخلع عليه ولقب عميد الدولة
وفي هذه السنة رتب ابو جعفر عبد الله الدامغاني حاجب الباب ولقب بمهذب الدولة وخلع عليه فخلع الطيلسان وقد كان اليه القضاء بربع الطاق وقطعه كبيرة من البلاد نيابة عن اخيه فشق ذلك على اخيه لكونه قاضي القضاة
وفي آخر ذي الحجة وصل الى بغداد رأس أحمد بن عبد الملك بن عطاش ورأس ولده معه وهو متقدم الباطنية بقلعة الصفهان وهذه القلعة بناها السلطان جلال الدولة ملك شاه وسبب بنائه لها انه ورد عليه بعض متقدمي الروم واظهر الاسلام فخرج معه في بعض الايام للصيد فهرب منه كلب معروف بجودة العدو الى الجبل فصعد السلطان وراءه وطاف في الجبل حتى وجده فقال له الرومي لو كان هذا الجبل عندنا لبنينا عليه قلعة ينتفع بها ويبقى ذكرها فثبت هذا الكلام في قلبه فبناها وانفق عليها الف الف ومائتي الف دينار فكان اهل اصفهان يقولون حين ابتلوا بابن عطاش انظروا الى هذا القلعه كان الدليل على موضعها كلب والمشير بها كافر وخاتمة امرها هذا الملحد ولما رجع هذا الرومي الى بلده قال اني نظرت الى اصفهان وهو بلد عظيم والاسلام به قاهر فلم اجد شيئا اشتت به جموعهم غير مشورتي على السلطان ببناء هذه القلعة ولما مات السلطان آل امرها الى الباطنية فاستولى عليها ابن عطاش اثنتي عشرة سنة فلما سيقت الممالك الى السلطان محمد اهتم بأمر الباطنية فنزل بهذه القلعة فحاصرها سنة فارسلوا اليه ان ينفذ اليهم من يناظرهم فأنفذ فلم يرجعوا ثم ضاق الامر بهم

فاذعنوا بالطاعة فاخرجهم الى اماكن التمسوها ونقضها في ذي القعدة من هذه السنة وقتل رئيسها ابن عطاش وسلخه وقتل ابنه والقت زوجته نفسها من اعلى القلعة ومعها جوهر نفيس فهلكت وما معها وكان هذا ابن عطاش في اول امره طبيبا فأخذ ابوه في ايام طغرلبك لاجل مذهبه فاراد قتله فأظهر التوبة ومضى الى الري وصاحب ابا علي النيسابوري وهو متقدمهم هناك وصاهره وصنف رسالة في الدعاء الى هذا المذهب سماها العقيقة ومات في سواد الري فمضى ولده الى هذه القلعة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
241 - احمد بن محمد
ابن احمد بن سعيد ابو الفتح الحداد الاصفاني ابن اخت ابي القاسم عبد الرحمن ابن عبد الله بن منده ولد سنة ثمان واربعمائة وسمع من خلق كثير روى عنه شيخنا عبد الوهاب فاثنى عليه ووصفه بالخيرية والصلاح وكان من اهل الثروة وتوفي في رجب هذه السنة بأصبهان
242 - جعفر بن احمد
ابن الحسين بن احمد ابن السراج ابو محمد القاريء ولد سنة ست عشرة واربعمائة قرأ القرآن بالقراآت واقرأ سنين وسمع ابا علي بن شاذان وابا محمد الخلال والبرمكي والقزويني وخلقا كثيرا وسافر الى بلاد الشام ومصر وسمع بدمشق وطرابلس وخرج له الخطيب فوائد في خمسة اجزاء وتكلم على الاحاديث وكان اديبا شاعرا لطيفا صدوقا ثقة وصنف كتبا حسانا وشعره مطبوع وقد نظم كتبا كثيرة شعرا فنظم كتاب المبتدأ وكتاب مناسك الحج وكتاب التنبيه وغيره حدثنا عنه اشياخنا وأخر من حدث عنه شهدة بنت الابرى قرات عليها كتابه المسمى بمصارع العشاق بحق سماعها منه ومن اشعاره ... بان الخليط فأد معي ... وجدا عليهم تستهل

وحدا بهم حادي الفرا ... ق عن المنازل فاستقلوا ... قل للذين ترحلوا ... عن ناظري والقلب حلوا ... ودمي بلا جرم اتيت ... غداة بينهم استحلوا ... ما ضرهم لو انهلوا ... من ماء وصلهم وعلوا ...
انبأنا ابو المعمر الانصاري قال انشدنا جعفر ابن السراج لنفسه في مدح اصحاب الحديث ... قل للذين بجهلهم ... اضحوا يعيبون المحابر ... والحاملين لها من الايدي ... مجتمع الاساور ... لولا المحابر والمقا ... لم والصحائف والدفاتر ... والحافظون شريعة المبعوث ... من خير العشائر ... والناقلون حديثه ... عن كابر ثبت فكابر ... لرأيت من شيع الضلا ... ل عساكرا تتلو عساكر ... كل يقول بجهله ... والله للمظلوم ناصر ... سميتهم اهل الحديث ... اولى النهى واولى البصائر ... حشوية فعليكم ... لعن يزيركم المقابر ... هم حشو جنات النعيم ... على الاسرة والمنابر ... رفقاء احمد كلهم ... عن حوضه ريان صادر ...
كان جعفر السراج صحيح البدن لم يعتره في عمره مرض يذكر فمرض اياما وتوفي ليلة الاحد العشرين من صفر هذه السنة ودفن بالمقبرة المعروفة الاجمة من باب ابرز
243 - سعد بن محمد
ابو المحاسن وزير السلطان محمد صلبه السلطان على ما سبق ذكره
244 - عبد الوهاب بن محمد
ابن عبد الوهاب بن عبد الواحد ابو محمد الشيرازي الفارسي سمع الحديث الكثير

وتفقه ولاه نظام الملك التدريس بمدرسته ببغداد سنة ثلاث وثمانين فبقي بها مدة يدرس ويملي الحديث الا انه لم يكن له انس بالحديث فكان يصحف تصحيفا ظريفا فحدثهم بالحديث الذي فيه صلاة في اثر صلاة كتاب في عليين فقال كنار في غلس فقيل ما معنى هذا فقال النار في الغلس تكون اضوأ توفي في رمضان هذه السنة
245 - على بن نظام الملك
قتل يوم عاشوراء وهو ابن ست وستين سنة وذكرنا في الحوادث كيف كان ذلك
246 - محمد بن ابراهيم
ابو عبد الله الاسدي ولد بمكة سنة احدى واربعين واربعمائة ونشأ بالحجاز ولقي ابا الحسن التهامي في صباه فتصدى لمعارضته ثم خرج الى اليمن ثم توجه الى العراق واتصل بخدمة الوزير ابي القاسم المغربي ثم عاد الى الحجاز ثم سافر الى خراسان ومن بديع شعره ... قلت ثقلت اذ أتيت مرارا ... قال ثقلت كاهلي بالايادي ... قلت طولت قال لا بل تولت ... وابرمت قال حبل الوداد ...
توفي بغزنة في عاشر محرم هذه السنة
247 - محمد بن الحسن
ابن احمد بن الحسن بن خداداذ ابو غالب الباقلاوي ولد سنة احدى واربعمائة

وسمع ابا عبد الله المحاملي وابا علي بن شاذان وابا بكر البرقاني وابا العلاء الواسطي وغيرهم حدثنا عنه اشياخنا وهو من بيت الحديث وكان شيخا صالحا كثير البكاء من خشية الله تعالى صبورا على اسماع الحديث وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
248 - المبارك بن عبد الجبار
ابن احمد بن القاسم بن احمد ابو الحسين الطيوري الصيرفي ويعرف بابن الحمامي ولد في ربيع الاول سنة احدى عشرة واربعمائة وسمع ابا علي بن شاذان وابا الفرج الطناجيري وابا الحسن العتيقي وابا محمد الخلال وانحدر الى البصرة فسمع بها وكان مكثرا صالحا امينا صدوقا متيقظا صحيح الاصول صينا ورعا حسن السمت كثير الصلاة سمع الكثير ونسخ بخطه ومتعه الله بما سمع حتى انتشرت عنه الرواية حدثنا عنه اشياخنا وكلهم أثنوا عليه ثناء حسنا وشهد وا له بالصدق والامانة مثل عبد الوهاب وابن ناصر وغيرهما وذكر عن المؤتمن انه كان يرميه بالكذب وهذا شيء ما وافقه فيه احد وتوفي في منتصف ذي القعدة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
249 - المبارك بن الفاخر
ابن محمد بن يعقوب ابو الكرم النحوي سمع الحديث من ابي الطيب الطبري والجوهري وغيرهما وكان مقرئا في النحو عارفا باللغة عير ان مشايخنا جرحوه كان شيخنا ابو الفضل ابن ناصر سيء الرأي فيه يرميه بالكذب والتزوير وكان يدعى سماع ما لم يسمعه توفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
250 - يوسف بن علي
ابو القاسم الزنجاني الفقيه تفقه على ابي اسحاق وبرع في الفقه وكان من اهل الدين انبأنا ابو المعمر الانصارى قال سمعت ابا القاسم يوسف بن علي الزنجاني يقول

سمعت شيخنا ابا اسحاق بن علي ابن الفيروز اباذي يقول سمعت القاضي ابا الطيب يقول كنا في حلقة النظر بجامع المنصور فجاء شاب خراساني فسأل مسألة المصراة وطالب بالدليل فاحتج المستدل بحديث ابي هريرة الوارد فيها فقال الشاب وكان خبيثا ابو هريرة غير مقبول الحديث قال القاضي فما استتم كلامه حتى سقطت عليه حية عظيمة من سقف الجامع فوثب الناس من اجلها وهرب الشاب من يدها فلم ير لها اثر توفي يوسف في صفر هذه السنة ودفن عند ابي حامد الاسفرائيني

سنة
ثم دخلت سنة احدى وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه جددت الخلع المستظهرية في اول المحرم على الوزير ابي المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب ووصل الى الخليفة وشافهه بما رفع قدره ولم يصل معه الا ابو القاسم بن الحصين صاحب المخزن
وفي ربيع الآخر دخل السلطان محمد الى بغداد واصطاد في طريقه صيدا كثيرا وبعث اربع جمازات عليها اربعون ظبيا هدية الى دار الخلافة وكان على الظباء وسم السلطان جلال الدولة ملك شاه فانه كان يصيد الغزلان فيسمها ويطلقها ومضى الوزير ابو المعالي في الموكب لخدمة السلطان وحمل معه شيئا من ملابس الخليفة واخرج مجلدا بخط الخليفة يشتمل على دعاء رواه العباس عن النبي صلى الله عليه و سلم فقام السلطان فدعا وشكر هذا الاهتمام وانصرف الوزير وصاحب المخزن الى دار نظام الملك وقد كان حاضرا اداء الرسالة الى السلطان لكنه سبق الى داره فأدى الوزير رسالة عن الخليفة تتضمن مدح بيته وسلفه فقام وقبل الارض ودعا وشكر وخرج السلطان الى مشهد ابي حنيفة فدخل فاجتمع اليه الفقهاء فقال هذا يوم قد انفردت فيه مع الله تعالى فخلوا بيني وبين المكان فصعدوا الى اعاليه فأمر غلمانه بغلق الابواب وان لا يمكنوا الامراء من الدخول واقام يصلي ويدعو ويخشع واعطاهم خمسمائة دينار دينار وقال اصرفوا هذه في مصالحكم وادعوا لي ومرض نحو عشرة من غلمانه الصغار فبعث بهم

المتولى لا مورهم الى المارستان فلما علم بعث مائة دينار فصرفت في مصالح المكان وخرج يوما فرأى الفقهاء حول داره وهم نحو من اربعمائة فأمر بكسوتهم جميعا وحملت اليه قسي بندق فلما رآها قال قد ذكرت بها شيخا من الاتراك قد تعطل فأتوه به فأعطاه ثلاثين دينارا وكان اصحابه لا يظلمون احدا ولا يتعرضون بأذى ولقد جاء بعض الصبيان الاتراك الى بعض البيادر فقال بيعوني تبنا فقالوا التبن عندنا مبذول للصادر والوارد فخذ منه ما احببت فأبى وقال ما كنت لابيع رأسي بمخلاة تبن فان اخذتم ثمن ذلك والا انصرفت فباعوه بما طلب ثم كثر الفساد فعاثوا وصعب ضبطهم
وكان صدقه بن مزيد قد باين هذا السلطان وكان السبب ان سر خاب الديلمي عصى على السلطان فاستجار بصدقة فطلبه السلطان فامتنع من تسليمه فسار السلطان اليه وآل الامر الى الحرب وصار مع صدقة اكثر من عشرين الفا فالتقوا وكانت الوقعة في رجب فصف صدقة عسكره فجعل في ميمنته ابنه دبيس وسعيد بن حميد ومعهما خفاجة وجماعة من الاكراد وفي مقابلتهم من العسكر السلطاني البرسقى والسعدية وكان في ميسرته ابنه بدران ومعه عبادة بأسرها وفي مقابلتهم من العسكر السلطاني الامير احمد بك وجماعة من الامراء وكان سيف الدولة في قلب عسكره ومعه سرخاب الديلمي وابو المكارم حماد بن ابي الجبر فاما خفاجة وعبادة فلزمت مواضعها وحمل قلب عسكر سيف الدولة وحمل معهم فحصلت خيولهم في الطين والماء وكانت الأتراك تخرج من ايديهم في رمية واحدة عشرة آلاف نشابة وتقاعد عن صدقة جماعة من العرب فصاح صدقة يال خزيمة يال ناشرة يال عوف وجعل يقول انا تاج الملوك انا ملك العرب فأصابه سهم في ظهره وادركه غلام اسمه بزغش من السعدية احد اتباع الاتراك الواسطيين وهو لا يعرفه فجذبه عن فرسه فسقطا الى الارض جميعا فقال له صدقة وهو بارك بين يديه يلهث لهثا شديدا ارفق فضربه فرمى قحفه ثم حز رأسه وحمله وانهزم اصحابه واسر منهم حماد بن ابي الجبر ودبيس

ابن صدقة وسرخاب الديلمي الذي نشأت الفتنة بسببه واخذ دبيس فحلف على خلوص النية واطلق وزادت القتلى على ثلاثة آلاف واخذ من زوجته خمسمائة دينار وجواهر وكانت الوقعة بعد صلاة الجمعة تاسع عشر رجب
وفي رمضان عزل ابن سعد ابن الحلواني عن الحسبة وعول على القاضي ابي العباس ابن الرطبي
وفي هذا الشهر عزل الوزير ابن المطلب وعول على نقيب النقباء ابي القاسم وقاضي القضاة ابي الحسن في النيابة في الديوان والاشتراك في النظر وقبض على الوكيل ابي القاسم بن الحصين وحمل الى القلعة ثم اعيد الوزير
وفي يوم الفطر عزل مهذب الدولة ابو جعفر ابن الدامغاني عن حجبة الباب واستنيب ابو العز المؤيدي
وفي ذي الحجة وقع حريق في خرابة ابن جردة وبقي مقدار ما بين الصلاتين وذهب من العقار ما تزيد قيمته على ثلثمائة الف دينار وتلفت نفوس كثيرة وتخلص قوم بنقوب نقبوها في سور المحلة وخرجوا الى مقابر باب ابرز وكان هذا المكان قد احترق في سنة ثلاث وتسعين واربعمائة وعمره اهله ثم اتى عليه هذا الحريق ثم عاد الحريق في عدة اماكن بدرب القيار وغيره مرارا متوالية فارتاع الناس لذلك واقاموا على سطوحهم من يحفظها ونصب بعضهم الخيم في اعاليها وذلك في حر شديد واعدوا في السطوح حباب الماء وبقوا على ذلك اياما حتى تعطلوا عن معايشهم وظهر على جارية قوم احبت رجلا فوافقته على المبيت في دار مولاها مستترا وعول بأن يأخذ زنفليجة كانت هناك فلما اخذها طرحا النار وخرجا فأظهر الله تعالى امرهما فافتضحا
وظهر في هذه السنة صبية عمياء تتكلم في اسرار الناس وبالغ الناس في التحيل لعلم حالها فلم يعلموا قال ابن عقيل واشكل امرها على العلماء والخواص والعوام حتى انها كانت تسأل عن نقوش الخواتيم وما عليها والوان الفصوص وصفات الاشخاص وما في دواخل البنادق من الشمع والطين من الحب المختلف والخرز

وبالغ احدهم في ترك بده على ذكره فقيل لها ما الذي في يده فقالت يحمله الى اهله وعياله وثبت بالتواتر ان جميع ما يتكلم به ابوها في السؤال لها ما في يد فلان وما الذي قد خبأه هذا الرجل فتقول في ذلك تفاصيل لا يدركها البصر فاستحال ان يكون بينها وبين ابيها ترجمة لامور مختلفة قال ابن عقيل ليس في هذا الا انه خصيصة من الله سبحانه كخواص النبات والاحجار فخصت هذه باجراء ما يجري على لسانها من غير اطلاع على البواطن قال المصنف رحمه الله وقد حكى ابراهيم بن الفراء انه اخذ شيئا يشبه الحنطة وليس بحنطة فأخطأت هذه المرة في حرزة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
251 - ابراهيم بن مياس
ابن مهدي بن كامل ابو اسحاق القشيرى من اهل دمشق سمع الكثير واكثر عن الخطيب وكتب من تصانيفه وورد بغداد فسمع من ابن النقور وكان ثقة وتوفي في شعبان هذه السنة
252 - اسمعيل بن عمرو
ابن محمد ابو سعد النجيرمي من اهل بيسابور ومن بيت الحديث سمع الكثير وكان ثقة دينا وكان يقرأ الحديث للغرباء قرأ صحيح مسلم على عبد الغفار عشرين مرة وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة
253 - احمد بن عبد الله
ابن منصور القبرواني ابو بكر توفي في رمضان ودفن في باب حرب وحدث عن الجوهري وغيره
254 - حيدرة بن ابي الغنائم المعمر
ابن عبد الله ابو الفتوح العلوى نقيب الطالبيين وكان عفيفا متشاغلا بالعلوم

غزير الادب مليح الصورة توفي في هذه السنة وعمره ثمان وثلاثون

سنة
ومدة ولايته النقابة اثنتا عشرة سنة وثلاثة اشهر وولى بعده اخوه ابو الحسن علي
255 - صدقة بن منصور
ابن دبيس بن علي بن مزيد ابو الحسن الاسدي الملقب بسيف الدولة كان كريما ذا ذمام عفيفا من الزناء والفواحش كأن عليه رقيبا من الصيانة ولم يتزوج على زوجته قط ولا تسرى وقيل انه لم يشرب مسكرا ولا سمع غناء ولا قصد التسوق في طعام ولا صادر احدا من اصحابه وكان تاريخ العرب والأ ماجد كرما ووفاء وكانت داره ببغداد حرم الخائفين فلما خرج سرخاب الحاجب عن طاعة السلطان محمد التجأ اليه فأجاره ثم طلبه السلطان منه فلم يسلمه فجاء السلطان محاربا له على ما سبق ذكره في هذه السنة وهو ابن خمس وخمسين سنة وكانت امارته اثنتين وعشرين سنة غير ايام وحمل فدفن في مشهد الحسين عليه السلام
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه شرع في عمارة جامع السلطان واتمه بهروز الخادم وفوض اليه السلطان محمد عمارة دار المملكة وملاحظة الاعمال بالعراق فحفر السواني وعمر فرخصت الاسعار وبنى رباطا للصوفية قريبا من النظامية ومنع النساء ان يعبرن مع الرجال في السميريات ثم وقع الغلاء فبيعت الكارة بثمانية دنانير
وفي هذه السنة عزل الوزير ابن المطلب في حادي عشرين رجب وكان ابو القاسم علي بن جهير باصفهان فاستدعى للوزارة باذن السلطان وجلس في وزارة المستظهر في شوال
وفي يوم الجمعة الثاني والعشرين من شعبان تزوج المستظهر بخاتون بنت ملك

شاه وكانت الوكالة للوزير نظام الدين احمد بن نظام الملك اخى الوزير احمد والخطيب ابو العلاء صاعد بن محمد الفقيه الحنفي

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
256 - الحسن العلوى
ابو هاشم رئيس همذان وكان قد صادره السلطان على تسعمائة الف دينار فأداها في نيف وعشرين يوما ولم يبع فيها ملكا ولا عقارا
257 - صاعد بن محمد
ابن عبد الرحمن ابو العلاء البخاري القاضي من أهل اصبهان ولد بها في سنة ثمان واربعين واربعمائة وسمع الحديث بها وببغداد ومكة وتفقه على مذهب ابي حنيفة وبرع حتى صار مفتي البلد وكان متدينا وقتل في الجامع يوم الفطر من هذه السنة
258 - عبيد الله بن علي
ابو اسمعيل الخطبي قاضي اصفهان قتله الباطنية بها
259 - عبد الواحد بن اسمعيل
ابن احمد بن محمد ابو المحاسن الروياني من اهل آمل طبرستان ولد سنة خمس عشرة واربعمائة ورحل الى الاقطار وعبر ما وراء النهر وسمع الحديث واقتبس العلوم وتفقه وكان يحفظ مذهب الشافعي ويقول لو احترقت كتب الشافعي لأملتها من حفظي وله مصنفات في المذهب والخلاف توفي شهيدا مقتولا ظلما يوم عاشوراء هذه السنة بآمل في الجامع يوم الجمعة
260 - محمد بن عبد الكريم
ابن محمد بن خشيش ابو سعيد الكاتب ولد سنة اربع عشرة واربعمائة وسمع

ابا 4 علي بن شاذان وابا الحسن بن مخلد وغيرهما وروى عنه اشياخنا وكان ثقة خيرا صحيح السماع وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بباب حرب
261 - محمد بن عبد القادر
ابن احمد بن الحسين ابو الحسين ابن السماك الواعظ المعدل روى عن ابي القاسم الازجي والتوزي وغيرهم روى لنا عنه اشياخنا وقال شيخنا ابو الفضل بن ناصر لا تحل الرواية عنه لانه كان كذابا ولم يكن عفيفا في دينه وكان يكتب بخطه سماعاته على الاجزاء وقال كذلك كان ابوه وجده ولم يكن في عدالته بمرضى توفي في رجب هذه السنة ودفن في داره بنهر معلى
262 - هبة الله بن احمد
ابن محمد بن علي بن ابراهيم بن سعد ابو عبد الله البزدوى الموصلي ولد سنة اثنتين وعشرين واربعمائة وسمع ابا القاسم بن بشران وغيره روى عنه اشياخنا وكان فاضلا صالحا صحيح السماع عمر حتى انتشرت عنه الرواية وتوفي في رمضان هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
263 - يحيى بن علي
ابن محمد بن الحسن بن بسطام الشيباني التبريزي ابو زكريا احد أئمة اللغة كانت له معرفة حسنة بالنحو واللغة قرأ على ابي العلاء وغيره وتخرج به جماعة من اهل اللغة وصاحبه الاكبر شيخنا ابو منصور ابن الجواليقي وقال شيخنا ابو منصور ابن خيرون ما كان ابو زكريا بمرضى الطريقة قال شيخنا ابن ناصر ولكنه كان ثقة فيما يرويه وصنف التصانيف الكثيرة وتوفي فجاءة في جمادي الاخرة من هذه السنة وصلى عليه ابو طالب الزينبي ودفن الى جانب تربة ابي اسحاق الشيرازي بباب ابرز انبأنا ابو منصور ابن الجواليقي قال انشدنا ابو زكريا قال كتب الى العميد الفياض ... قل ليحيى بن علي ... والاقاويل فنون

غي اني لست من يكذب فيها ويخون ... انت عين الفضل ان مد ... ت الى الفضل العيون ... انت من عزبه الفضل وقد كان يهون ... فقت من كان واتعبت لعمري من يكون ... واذا قيس بك الكل ... فصحو ودجون ... واذا فتش عنهم ... فالاحاديث شجون ... قد سمعنا ورأينا ... فسهول وحزون ... ووزنا بك من كا ... ن فقيل وقيون ... انك الاصل ومن دوك ... نك في العلم غصون ... انك البحر واعيا ... ن ذوى الفضل عيون ... ليس كالسيف وان حلى في الحكم الجفون ... ليس كالفذ المعلى ... ليس كالبيت الحجون ... ليس كالجد وان آ ... نس هزل ومجون ... ليس في الحسن سواء ... ابدا بيض وجون ... ليس كالابكار في اللطف وان راقتك عون ... ان ودى لك عما ... يصم الود مصون ... ليس لى منه ظهور ... تتنافى وبطون ... بل لقلبي منه صب ... بالمعافاة مكون ... غلق الرهن وقد يغلق في الحب الرهون ... ومن الناس امين ... في هواه وخؤون ...
قال ابو زكريا فكتبت اليه ... قل للعميد اخى العلا الفياض ... انا قطرة من بحرك الفياض ... شرفتني ورفعت ذكرى بالذي ... البستنيه من الثنا الفضفاض ... اني اتيتك بالحصى عن لؤلؤ ... ابرزته عن خاطر مرتاض

ولخاطري عن مثل ذاك توقف ... ما إن يكاد يجود بالأنقاض ... أيعارض البحر الغطامط جدول ... أم درة تقتاس بالرضاض ... يا فارس النظم المرصع جوهرا ... والنثر يكشف غمة الأمراض ... لا تلزمني من ثنائك موجبا ... حقا فلست لحقه بالقاضي ... ولقد عجزت عن القريض وربما ... أعرضت عنه أيما أعراض ... أنعم علي ببسط عذري أنني ... أقررت عند نداك بالأنفاض ... سنة 503

ثم دخلت سنة ثلاث وخمسمائة
فمن الحوادث فيها أخذ الإفرنج طرابلس
وفيها أن الوزير أبا المعالي بن المطلب خرج مستترا في أزار و خف من دار الخلافة ومعه ولداه فنزل دجلة وصعد دار السلطان فاستجار بها
وفي ربيع الآخر دخل السلطان بغداد وعزل إبن قضاعة عن عمارة بغداد وولي مكانه عميد الدولة بن صدقة أبو علي
وفي شعبان نزل الوزير نظام الدين أحمد بن نظام الملك إلى السميرية فضربه باطنى في عنقه بسكين فبقى مريضا مدة وسلم وقبض على الباطنى وسقى الخمر فلما سكر أقر على جماعة من الباطنية بمسجد في محلة المأمونية فقتلوا وقتل معهم
ذكر من توفي في هذه السنة من الآكابر
264 - أحمد بن علي
إبن أحمد أبو بكر العثلي العثلى كان في حداثتة يجصص الحيطان ويتنزه عن عمل النقوش والصور وكان لا يقبل من احد سيئا عفافا وقناعة وكان له عقار قد ورثة من أبيه وكان يبيع منه شيئا فشيئا ويتقوت به واشتغل بالعبادة وصحب القاضي أبا يعلي وقرأ عليه طرفا من الفقه وسمع منه الحديث وحدث عنه بشئ يسير وكان إذا

حج يزور القبور بمكة ثن يجيء إلى قبر الفضيل فيخط بعصا الأرض ويقول يا رب ها هنا فقدر له أن حج في سنة ثلاث وخمسمائة فوقع من الجمل مرتين وشهد عرفة محرما وتوفي عشية ذلك اليوم في عرفات فحمل إلى مكة وطيف به حول البيت ودفن يوم النحر عند قبر الفضيل ولما بلغ خبره إلى بغداد صلى الناس عليه صلاة الغائب فامتلأ الجامع من الناس
265 - أحمد بن المظفر
إبن الحسين بن عبد الله بن سوسن أبو بكر التمار ولد سنة أحدى عشرة وأربعمائة روى عنه جماعة وحدثنا أشياخنا قال شجاع بن فارس الذهلي كان ضعيفا جدا قيل له بماذا ضعفتموه فقال بأشياء ظهرت منه دلت على ضعفه منها أنه كان يلحق سماعاته في الأجزاء وتوفي في صفر هذه السنة ودفن بباب حرب
266 - عمر بن عبد الكريم
إبن سعدويه أبو الفتيان الدهستاني رحل وطلب الحديث فدار الدنيا وخرج على المشايخ وانتخب وكان ممن يفهم هذا الشأن وكان ثقة سمع أبا يعلي بن الفراء وغيره وصحح عليه الصحيحين أبو حامد الغزالي وتوفي بسرخس في هذه السنة
267 - محمد ويعرف بأخى جمادى
قال المصنف قرأت بخط أبي شجاع الذهلي مات محمد ويعرف بأخى جمادى من أهل الجانب الشرقي يوم الخميس سادس محرم سنة ثلاث وخمسمائة وكان رجلا صالحا عرض له مرض شارف منه التلف فرأى النبي صلى الله عليه و سلم في منامه فعوفي من ذلك المرض فانقطع عن مخالطة الناس فلزم المسجد نحو أربعين سنة وكان لا يخرج منه إلا في أيام الجمعات لصلاة الجمعة ثم يعود إليه وحدثني أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ عن أخي جمادي قال خرجت في يدي عيون فانتفخت فأجمع الأطباء على قطعها فبت ليلة على سطح قد رقيت إليه فقلت في الليل يا صاحب هذا الملك الذي لا ينبغي لغيره هب لي شيئا بلا شيء فنمت

فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فقلت يا رسول الله يدي أنظر إليها فقال مدها فمددتها فأمر يده عليها واعادها وقال قم فقمت وانتبهت والخرق التي قد شدت بها مخانق فقمت في الليل ومضيت إلى باب الأزج إلى قرابة لي فطرقت الباب فقالت المرأة لزوجها قد مات فلان تعنيني وظنت أني مخبر جاء يخبرها بذلك فلما فتحت الباب فرأتني تعجبت ورجعت إلى باب الطاق فرأيت الناس من عند دار السلطان إلى منزلي خلقا لا يحصى معهم الجرار والأباريق فقلت مالكم فقالوا قيل لنا أن رجلا قد راى النبي صلى الله عليه و سلم هاهنا يتوضأ من بئر فقلت في نفسي ان مضيت لم يكن لي معهم عيش فاختفيت في الخرابات طول النهار قال المصنف هذا الرجل مدفون في زاوية كانت له بالجانب الشرقي مما يلي قبر أبي حنيفة وقد زرت قبره
268 - هبة الله بن محمد
إبن علي الكرماني أبو المعالي بن المطلب الوزير ولد

سنة
أربعين وأربعمائة وسمع من أبي الحسين بن المهتدي وتوفي يوم الأحد ثاني شوال هذه السنة ودفن بباب أبرز
سنة
ثم دخلت سنة أربع ومسمائة
فمن الحوادث فيها أنه وصل الخبر بأن الإفرنج ملكوا الشام فقام التجار فمنعوا الخطبة في جامع السلطان فقال السلطان لا تعارضوهم وبعث عبيدا ومعهم ولد للسلطان
وخرج شيخنا أبو الحسن الزاغوني إلى الغزاة ورافقه جماعة فبلغني أنهم ساروا إلى بعض الأماكن وعادوا
وجلس الشريف أبو السعادات إبن الشجري في حلقة النحويين بجامع المنصور وحضر عنده الأكابر
وخرج زين الإسلام أبو سعد الهروي لإستدعاء خاتون بنت ملك شاه زوجة

الخيلفة المستظهر فدخلت بغداد يوم السبت ثامن عشرين رجب من هذه السنة ونزلت بدار المملكة عند أخيها السلطان محمد وزينت بغداد ونقل جهازها في رمضان فكان على مائة وإثنين وستين جملا وسبعة وعشرين بغلا وجاءت النجائب والمهور والجواري المزينات وغلقت الأسواق ونصبت القباب وتشاغل الناس بالفرح وكان الزفاف في ليلة العاشر من رمضان
وجلس أبو بكر الشاشي في النظامية في شعبان وحضر عنده وزير السلطان وأرباب الدولة
ووصل إلى بغداد حاج خراسان ثم رحلوا إلى الكوفة فقيل لهم أن الطريق ليس بها ماء فعادوا ولم يحج منهم أحد

ذكر من توفي في هذه السنة من الآكابر
269 - أحمد بن محمد
إبن محمد بن عبيد الله بن الكاتب أبو المكارم ويعرف بإبن السكرى ولد سنة خمس وعشرين وأربعمائة وسمع الأمير أبا محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر وروى عنه شيخنا عبد الوهاب الأنماطي وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
270 - إسمعيل بن محمد
إبن عبد الغافر أبو عبد الله بن أبي الحسين الفارسي من أهل نيسابور المحدث إبن المحدث ولد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وسمع من أبي حسان المزكي وغيره وقدم بغداد فسمع من إبن المهتدي والجوهري وأبي الغنائم إبن المأمون روى عنه شيخنا البسطامي وغيره وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة وهو إبن أحدى وثمانين سنة
271 - إدريس بن حمزة
إبن علي أبو الحسن الشامي الرملي العثماني من أهل الرملة بلدة من بلاد فلسطين

تفقه علي أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي ثم ببغداد على أبي إسحاق الشيرازي ودخل إلى بلاد خراسان وخرج إلى وراء النهر وسكن سمرقند وفوض إليه التدريس بها إلى أن توفي في هذه السنة وكان من فحول المناظرين
272 - عبد الوهاب بن هبة الله
إبن السيبي أبو الفرج مؤدب ولد الخليفة المقتفي روى عنه المقتفي الحديث وتوفي يوم السبت عشرين محرم هذه السنة عند عوده من الحج قبل وصوله إلى المدينة بيوم وحمل إلى المدينة فصلى عليه بها ودفن بالبقيع
273 - علي بن محمد
إبن علي أبو الحسن الطبري الهراسي ويعرف بالكيا ولد في ذي القعدة

سنة
خمس وأربعمائة وتفقه على أبي المعالي الجويني وكان حافظا للفقه كان يعيد الدرس في إبتدائه بمدرسة نيسابور على كل مرقاة من مراقي مسمع مرة وكانت المراقي سبعين وسمع الحديث وكان فصيحا جهوري الصوت ودرس بالنظامية ببغداد مدة واتهم برأي الباطنية فأخذ فشهد له جماعة بالبراءة من ذلك منهم أبو الوفاء بن عقيل وتوفي يوم الخميس غرة محرم هذه السنة ودفن بمقبرة باب أبرز عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي
سنة
ثم دخلت سنة خمس وخمسمائة
فمن الحوادث فيها أنه كان قد بعث السلطان محمد إلى الإفرنج الأمير مودود في خلق عظيم فخرج فوصل إلى جامع دمشق فجاء باطني في زي المكدين فطلب منه شيئا فضربه في فؤاده فمات
وفي ربيع الأول خلع علي إبن الخرزي بباب الحجرة وخرج إلى الديوان ونثر عليه دنانير ووجد رجل أعمى على سطح الجامع ومعه سكين مسمومة وذكر أنه أراد الخليفة

وولد الخليفة من بنت السلطان وضربت الدبادب والبوقات وقعد الوزير للهناء في باب الفردوس وتوفي أخ للمستظهر فقطع ضرب الطبل أياما وقعد للعزاء به بباب الفردوس
وعزل أحمد بن نظام الملك عن الوزارة في تاسع رمضان وكانت مدة وزارته أربع سنين واحد عشر شهرا

ذكر من توفي في هذه السنة من الآكابر
274 - الحسن بن عبد الواحد
إبن الحصين أبو القاسم صاحب مخزن الخليفة المستظهر بالله تمكن من الدولة تمكنا كثيرا وكان يعزل ويولي من الوزير إلى من دونه فقبض عليه السلطان محمد وحمله إلى القلعة بنكجة فتوفي في هذه السنة
275 - علي بن محمد
إبن علي بن محمد بن يوسف أبو الحسن إبن العلاف ولد سنة ست وأربعمائة وروي عن أبي القاسم بن بشران وأبي الحسن الحمامي وغيرهما وكان سماعه صحيحا ومتع بسمعه وبصره وجوارحه إلى أن توفي في هذه السنة عن ثمان وتسعين سنة
276 - عبد الملك بن محمد
إبن الحسين أبو محمد البوزعاني سمع أبا الحسن القزويني وروى عنه أشياخنا وكان شيخا صالحا وتوفي في محرم هذه السنة
277 - محمد بن محمد
إبن محمد أبو حامد الغزالي ذكر أنه ولد سنة خمسين وأربعمائة وتفقه على أبي المعالي الجويني وبرع في النظر في مدة قريبة وقاوم الأقران وتوحد وصنف الكتب الحسان في الأصول والفروع التي انفرد بحسن وضعها وترتيبها وتحقيق الكلام فيها حتى أنه صنف في حياة أستاذه الجويني فنظر الجويني في كتابه المسمى

بالمنخول فقال له دفنتني وأنا حي هلا صبرت حتى أموت وأراد أن كتابك قد غطى على كتابي ووقع له القبول من نظام الملك فرسم له التدريس بمدرسته ببغداد فدخل في سنة أربع وثمانين ودرس بها وحضره الأئمة الكبار كإبن عقيل وأبي الخطاب وتعجبوا من كلامه واعتقدوه فائدة ونقلوا كلامه في مصنفاتهم ثم أنه ترك التدريس والرياسة ولبس الخام الغليظ ولازم الصوم وكان لا يأكل إلا من أجرة النسخ وحج وعاد ثم رحل إلى الشام وأقام ببيت المقدس ودمشق مدة يطوف المشاهد وأخذ في تصنيف كتاب الأحياء في القدس ثم أتمه بدمشق إلا أنه وضعه على مذهب الصوفية وترك فيه قانون الفقه مثل أنه ذكر في محو الجاه ومجاهدة النفس أن رجلا اراد محو جاهة فدخل الحمام فلبس ثياب غيره ثم لبس ثيابه فوقها ثم خر ج يمشي على مهل حتى لحقوه فاخذوها منه وسمي سارق الحمام وذكر مثل هذا على سبيل التعليم للمريدين قبيح لأن الفقه يحكم بقبح هذا فإنه متى كان للحمام حافظ وسرق سارق قطع لا يحل لمسلم أن يتعرض بأمر يأثم الناش به في حقه وذكر أن رجلا اشترى لحما فرأى نفسه تستحي من حمله إلى بيته فعلقه في عنقه ومشى وهذا في غاية القبح ومثله كثير ليس هذا موضعه وقد جمعت أغلاط الكتاب وسميته أعلام الأحيام بأغلاط الأحياء وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي المسمى بتلبيس إبليس مثل ما ذكر في كتاب النكاح أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه و سلم أنت الذي تزعم أنك رسول الله وهذا محال وإنما كان سبب إعراضه فيما وضعه عن مقتضى الفقه أنه صحب الصوفية فرأى حالتهم الغاية وقال اني أخذت الطريقة من أبي علي القارمذي وامتثلت ماكان يشير به من وظائف العبادات واستدامة الذكر إلى أن جرت تلك العقبات وتكلفت تلك المشاق وما حصلت ما كنت أطلبه ثم أنه نظر في كتاب أبي طالب المكي وكلام المتصوفة القدماء فاجتذبه ذلك بمرة عما يوجبه الفقه وذكر في كتاب الأحياء من الأحاديث الموضوعة وما لا يصح غير قليل وسبب ذلك قلة معرفته بالنقل فليته عرض تلك الأحاديث على من يعرف وإنما

نقل نقل حاطب ليل وكان قد صنف للمستظهر كتابا في الرد على الباطنية وذكر في آخر مواعظ الخلفاء فقال روي أن سليمان بن عبد الملك بعث إلى أبي حازم إبعث إلى من أفطارك فبعث إليه نخالة مقلوة فبقي سليمان ثلاثة أيام لا يأكل ثم أفطر عليها وجامع زوجته فجاءت بعبد العزيز فلما بلغ ولد له عمر بن عبد العزيز وهذا من أقبح الأشياء لأن عمر إبن عم سليمان وهو الذي ولاه فقد جعله إبن إبنه فما هذا حديث من يعرف من النقل شيئا أصلا وكان بعض الناس شغف بكتاب الأحياء فأعلمته بعيوبه ثم كتبته له فأسقطت ما يصلح إسقاطه وزدت ما يصلح أن يزاد ثم أن أبا حامد عاد إلى وطنه مشتعلا بتعبده فلما صارت الوزارة إلى فخر الملك احضره وسمع كلامه وألزمه بالخروج إلى نيسابور فخرج ودرس ثم عاد إلى وطنه واتخذ في جواره مدرسة ورباطا للمتصوفة وبنى دارا حسنة وغرس فيها بستانا تشاغل بحفظ القرآن وسمع الصحاح سمعت إسمعيل بن علي الموصلي الواعظ يحكى عن أبي منصور الرزاز الفقيه قال دخل أبو حامد بغداد فقومنا ملبوسة ومركبة خمسمائة دينار فلما تزهد وسافر وعاد إلى بغداد فقومنا ملبوسة خمسة عشر قيراطا وحدثني بعض الفقهاء عن انوشر وإن وكان قد وزر للخليفة أنه زار أبا حامد الغزالي فقال أبو حامد زمانك محسوب عليك وأنت كالمستأجر فتوفرك على ذلك أولى من زيارتي فخرج انوشروان وهو يقول لا إله إلا الله هذا الذي كان في أول عمره يستزيدني فضل لقب في ألقابه كان يلبس الذهب والحرير فآل أمره إلى هذا الحال توفي أبو حامد يوم الإثنين رابع عشر جمادى الآخرة من هذه السنة بطوس ودفن بها وسأله فبيل الموت بعض أصحابه أوصني فقال عليك بالإخلاص فلم يزل يكررها حتى مات
278 - محمد بن علي
إبن محمد أبو الفتح الحلواني سمع أبا الحسين بن المهتدي وغيره وتفقه على الشريف أبي جعفر وحدث بشيء يسير توفي يوم عيد الأضحى من هذه السنة ودفن

بباب حرب
279 - مودود الأمير
قد ذكرنا في الحوادث كيفية قتله وكيف قتله الباطنية في دمشق

سنة
ثم دخلت سنة ست وخمسمائة
فمن الحوادث فيها أن أبا علي المغربي كان من الزهاد معروفا بين الصوفية بالزهادة والقناعة كان يأتيه كل يوم روزجاري برغيفين من كد يدة فياكلهما ثم عن له أن يشتغل بصنعة الكيمياء فأخذ إلى دار الخلافة وانقطع خبره
وفي جمادي الآخرة جلس إبن الطبري بالنظامية مدرسا وعزل الشاشي
ومن الحوادث دخول يوسف بن أيوف الهمذاني الواعظ إلى بغداد وكان قد دخلها بعد الستين والأربعمائة فتفقه على أبي إسحاق حتى برع في الفقه ثم عاد إلى مرو فاشتغل بالتعبد واجتمع في رباطه خلق زائد عن الحد من المنقطعين إلىالله تعالى وعاد إلى بغداد في هذه السنة فوعظ بها فوقع له القبول وقام إليه رجل متفقه يقال به إبن السقاء فآذاه في مسألة فقال له إجلس فإني اجد من كلامك رائحة الكفر ولعلك تموت على غير دين الإسلام بعد مديدة أن إبن السقاء خرج إلى بلاد الروم وتنصر وقام إليه إبنا أبي بكر الشاشي فقالا له إن كنت تتكلم علىمذهب الأشعري وإلا فلا تتكلم فقال إجلسا لا متعكما الله بشبابكما فماتا ولم يبلغا الشيخوخة قال المصنف ورأيت بخط شيخنا أبي بكر بن عبد الباقي البزاز قال في يوم الخميس ثالث عشر ذي القعدة من سنة ست وخمسمائة سمع صوت هده عظيمة في أقطار بغداد بالجانبين الشرقي والغربي وسمعت أنا صوتها وانا جالس في المارستان حتى طننت أنه صوت حائط قد ذهب بالقرب منا ولم يعلم ما هو ولم يكن في السماء غيم فيقال صوت رعد

ذكر من توفي في هذه السنة من الآكابر
280 - أحمد بن الفرج
إبن عمر أبو نصر الدينوري والد شيختنا شهدة سمع القاضي أبا يعلي وإبن المأمون وإبن المهتدي وإبن النقور وإبن المسلمة وأبا بكر الخطيب روى عنه جماعة منهم إبنته شهدة وكان خيرا متزهدا حسن السيرة وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة
281 - صاعد بن منصور
إبن إسمعيل بن صاعد أبو العلاء الخطيب من أهل نيسابور سمع الحديث الكثير وروى عنه شيخنا أبو شجاع البسطامي وكان الجويني يثني عليه وخلف أباه في الخطابة والتدريس والتذكير ولي قضاء خوارزم وأملى الحديث وتوفي في رمضان هذه السنة
282 - عبد الملك بن عبد الله
إبن أحمد بن رضوان أبو الحسين حدث عن أبي محمد الجوهري وروى عنه أبو المعمر الأنصاري وكان خيرا صالحا كثير الصدقة والبر وكان كاتب المستظهر بالله على ديوان الرسائل وتوفي في شوال هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
283 - محمد بن الحسين
إبن إسمعيل أبو جعفر البرزائي من أهل طبرستان رحل في طلب الحديث وسمع الكثير بالعراق والحجاز والجبال وكان صالحا صدوقا وتوفي في هذه السنة
284 - محمد بن محمد
إبن أيوب أبو محمد القطواني من أهل سمرقند وقطوان على خمسة فراسخ منها سافر البلدان وسمع الكثير وكان إماما واعظا فاضلا له القبول التام بين الخواص والعوام وحظي عند الملوك وكان يأمرهم بالمعروف من غير محاباة ووعظ

يوما في الجامع وصلى العصر ثم ركب فرسا له فسقطت قطعة من السور فنفر الفرس ورماه فاندقت عنقه فحمل إلى داره فتوفي وقت الفجر يوم السبت سادس رجب سنة ست وخمسمائة
285 - المعمر بن علي
إبن المعمر أبو سعد بن أبي عمامة الواعظ ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائة وسمع إبن غيلان والحلال والجوهري وغيرهم وكان يعظ وجمهور وعظه حكايات السلف وكان له خاطر حاد وذهن بغدادي وتماجن وكان يحاضر المستظهر بالله قال يوما في وعظه اهون ما عنده أن يجعل لك أبواب الوصي توابيت ولما دخل نظام الملك وزير السلطان ملك شاة بغداد صلى في جامع المهدي الجمعة فقام أبو سعد بن أبي عمامة فقال الحمد لله ولي الأنعام وصلى الله على من هو للأنبياء ختام وعلى آله سرج الظلام وعلى أصحابه الغر الكرام والسلام على صدر الإسلام ورضي الإمام زينة الله بالتقوى وختم عمله بالحسنى وجمع له بين خير الآخرة والدنيا معلوم يا صدر الإسلام أن آحاد الرعية من الأعيان مخيرون في القاصد والوافد إن شاؤا وصلوه وإن ساؤا ف فصلوه فأما من توشح بولايه وترشح لآلائه فليس مخيرا في القاصد والوافد لأن من هو على الحقيقة أمير فهو في الحقيقة أجير قد باع نفسه وأخذ ثمنه فلم يبق له من نهاره ما يتصرف فيه على أختياره ولا له أن يصلى نفلا ولا يدخل معتكفا دون التبتل لتدبيرهم والنظر فى امورهم لأن ذلك فضل وهذا فرض لازم وأنت يا صدر الاسلام وان كنت وزير الدولة فأنت اجير الامه استأجرك جلال الدولة بالأجرة الوافرة لتنوب عنه فى الدنيا والآخره فاما في الد في الدنيا ففي مصالح المسلمين واما فى الآخرة فلتجيب عند رب العالمين فانه سيقفة بين يديه ويقول له ملكتك البلاد وقلدتك ازمة العباد فما صنعت فى اقامة البذل وافاضة العدل فلعله يقول يا رب اخترت من دولتى شجاعا عاقلا حازما وسميته قوام الدين نظام الملك وها هو قائم فى جملة الولاة وبسطت يده فى السوط والسيف والقلم

ومكنته من الدينار والدرهم فاسأله يارب ماذا صنع فى عبادك وبلادك أفتحسن ان تقول فى الجواب نعم تقلدت أمور العباد وملكت ازمة العباد فبثثت النوال وأعطيت الافضال حتى انى اقربت من لقائك ودنوت من تلقائك اتخذت الابواب والنواب والحجاب والحجاب ليصدواعنى القاصد ويردواعنى الوافد فاعمر قبرك كما عمرت قصرك وانتهز الفرصة ما دام الدهر يقبل امرك فلا تعتذر فما ثم يقبل عذرك وهذا ملك الهند وهو عابد صنم ذهب سمعه فدخل عليه اهل مملكته يعزونه فى سمعه فقال ما حزنى لذهاب هذه الجارحة من بدتى ولكن لصوت مظلوم كيف لا اسمعه فأغيثه ثم قال ان كان قد ذهب سمعى فما ذهب بصرى فليؤمر كل ذى ظلامة ان يلبس الاحمر حتى اذا رأيتة عرفته وانصفته وهذا انوشروان قال له رسول ملك الروم لقد اقدرت عدوك عليك بتسهيل الوصول اليك فقال انما اجلس هذا المجلس لأ كشف ظلامة واقضى حاجة وانت ياصدرالاسلام احق بهذه المأثرة واولى بهذه المعدلة واخرى من اعد جوابا لتلك المسأله فانه الله الذى تكاد السموات يتفطرن منه فى موقف ما فيه الا خاشع او خاضع اومقنع ينخلع فيه القلب ويحكم فيه الرب ويعظم الكرب ويشيب الصغير ويعزل الملك والوزير يوم يتذكر الانسان وانى له الذكرى يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه امدا بعيدا وقد استحلبت لك الدعاء وخلدت لك الثناء مع براءتى من التهمة فليس لى فى الارض ضيعة ولا قرية ولابينى وبين احد حكومة ولابى بحمد الله فقر ولافاقة فلما سمع نظام الملك هذه المو عظة بكى بكاء طويلا وأمر له بمائة دينار فأبى ان يأخذ وقال انا فى ضيافة امير المؤمنين ومن يكون فى ضيافته يقبح ان يأخذ عطاء غيره فقال له فضها على الفقراء فقال الفقراء على بابك اكثر منهم علىبابى ولم يأخذ شيئا توفى ابو سعد فى ربيع الاول من هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة سبع وخمسمائة
فمن الحوادث فيها الوقعة لكبيرة بين المسلمين والافرنج قتل من الافرنج ألف وثلثمائة وغنم المسلمون منهم الغنيمة العظيمة واستولوا على جميع سوادهم وفوضت شحنكية بغداد الى بهروز ووزرللمستظهر ابو منصور الحسين بن الوزير ابى شجاع وفى هذه السنة حج بالناس زنكى بن برسق

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
286 - احمد بن على
ابن بدران ابو بكر الحلوانى المقرئ الزاهد المعروف بخالوه سمع ابا الطيب الطبرى وابا محمد الجوهرى والعشارى وابن النقور وقرأ بالقراآت وحدث وخرج له الحميدى مشيخة قرئت عليه وكان من اهل الخير والدين وتوفى ليله الاربعاء منتصف جمادى الأولى ودفن بباب حرب
287 - احمد بن محمد
ابن عبد الله بن عمروس ابو العباس المالكى احد الفقهاء المالكية ولد فى سنة ثلاث عشرة واربعمائة وكانت له اجازة من ابى على ابن شاذان وكان صدوقا متيقظا صالحا وتوفى فى رمضان هذه السنة وصلى عليه شيخنا ابو بكر بن عبد الباقى البزاز
288 - اسمعيل بن احمد
ابن الحسين بن على بن موسى ابو على بن أبى بكر البيهقى ولد سنة ثمان وعشرين واربعمائة ووالده العالم المعروف صاحب التصانيف وسمع هو من أبية وابى الحسن عبد الغافر وابى عثمان الصابونى وسافر الكثير وسكن خوارزم قريبا من عشرين سنة ودرس بها ثم مضى الى بلخ فأقام بها مدة وورد بغداد

وحدث بها وورد نيسابور فى هذه السنة فسمعوا منه ثم خرج الى بيهق فتوفى بها هذه السنة وكان فاضلا مرضى الطريقة
289 - شجاع بن ابى شجاع
فارس بن الحسن بن فارس بن الحسين بن غريب ابن زنجويه بن بشير بن عبد الله ابن المنخل بن شريك بن محكان بن ثور بن سلمة بن شعبة بن الحارث بن سدوس ابن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل بن قاسط ابن هنب بن افصى بن دعمى بن جديلة بن اسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ابو غالب الذهلى الحافط ولد سنة ثلاثين واربعمائة وسمع اباه وابا القاسم الأزجى وابا الحسن بن المهتدى والجوهرى والبرمكى والتنوخى وابا طالب ابن غيلان والعشارى وغيرهم وكتب الكثير وكان ثقة مأمونا ثبتا فهما وكان يورق للناس قال شيخنا عبد الوهاب دخلت عليه فقال توبنى قلت من ايش قال قد كتبت شعر ابن الحجاج سبع مرات وانا اريد اتوب وكان مفيد اهل بغداد والمرجوع اليه فى معرفة الشيوخ وشرع فى تتمة تاريخ بغداد ثم غسل ذلك قبل موته بعد أن ارخ بعد الخطيب وتوفى فى عشية الاربعاء ثانى جمادى الاولى ودفن بمقبرة بباب حرب قريبا من ابن سمعون
290 - على بن محمد بن على
ابو منصور الانبارى سمع الحديث من ابن غيلان والجوهرى وابى يعلى ين الفراء وتفقة عليه وافتى ووعظ بجامع القصر وجامع المنصور وجامع المهدى وشهد عند ابى عبد الله الدامغانى وولى قضاء باب الطاق وتوفى فى جمادى الاخرة من هذه السنة
291 - محمد الابيوردى
ابن احمد بن محمد بن احمد بن محمد بن اسحاق بن الحسن بن منصور بن معاوية بن محمد

ابن عثمان بن عتبة بن عنبسة بن ابى سفيان صخر بن حرب ابو المظفر بن ابى العباس كانت له معرفة حسنة باللغة والنسب سمع اسمعيل بن مسعدة وابا بكر بن خلف وابا محمد السمر قندى وابا الفضل بن خيرون وغيرهم وصنف تاريخ ابيورد والمختلف والمؤتلف فى انساب العرب وغير ذلك وكان له الشعر الرائق غير أنه كان فيه تية وكبر زائد يخرج صاحبة الى الحماقة فكان اذا صلى يقول اللهم ملكنى مشارق الارض ومغاربها وكتب مرة الى الخليفة قصة وكتب على رأسها الخادم المعاوى يعنى معاوية بن محمد بن عثمان لا معاوية بن ابى سفيان فكره الخليفه النسبه الى معاويه فأمر بكشط الميم ورد البقية فبقيت الخادم العاوى قال احمد بن سعد العجلى كان السلطان نازلا على باب همذان فرأيت الاديب الابيوردى راجعا من عندهم فقلت من اين فانشأ يقول ارتجالا ... ركبت طرفى فأذرى دمعه اسفا ... عند انصرافى منهم مضمر الياس ... وقال حتام تؤذينى فإن سنحت ... حوائج لك فاركبنى الى الباس ...
ومن شعره ... تنكر لي دهري ولم يدر انني ... اعز واحداث الزمان تهون ... فظل يريني الخطب كيف اعتداؤه ... وبت اريه الصبر كيف يكون ...
توفي الابيوردي باصبهان في هذه السنة
292 - محمد بن الحسن
ابن وهبان ابو المكارم الشيباني حدث عن الجوهري والماوردي وابي الطيب الطبرى الا ان علماء النقل طعنوا فيه وكان السبب انه سمع لنفسه من ابن غيلان في سنة خمسين واربعمائة وابن غيلان توفي سنة اربعين ومات يوم الاربعاء رابع عشر صفر ودفن برباطة بالمقتدية
293 - محمد بن طاهر
ابن علي بن احمد ابو الفضل المقدسي الحافظ ولد سنة ثمان واربعين واربعمائة واول

ما سمع وكتب في سنة ستين وسافر وكتب الكثير وكان له حفظ الحديث ومعرفة به وصنف فيه الا انه صنف كتابا سماه صفوة التصوف يضحك منه من يراه ويعجب من استشهاده على مذاهب الصوفية بالاحاديث التي لا تناسب ما يحتج له من نصرة الصوفية وكان داودي المذهب فمن اثنى عليه فلأجل حفظه للحديث والا فالجرح اولى به ذكره ابو سعد ابن السمعاني وانتصر له بغير حجة بعد ان قال سألت شيخنا اسمعيل بن احمد الطلحي الحافظ عن محمد بن طاهر فأساء الثناء عليه وكان سيء الرأي فيه وقال وسمعت ابا الفضل ابن ناصر يقول محمد بن طاهر لا يحتج به صنف كتابا في جواز النظر الى المردو اورد فيه حكاية عن يحيى بن معين قال رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها فقيل له تصلى عليها فقال صلى الله عليها وعلى كل مليح ثم قال كان يذهب مذهب الاباحة قال ابن السمعاني وذكره ابو عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق الحافظ فأساء الثناء عليه جدا ونسبه الى اشياء ثم انتصر له السمعاني فقال لعله قد تاب فواعجبا ممن سيره قبيحة فيترك الذم لصاحبها لجواز ان يكون قد تاب فما ابله هذا المنتصر ويدل على صحة ما قاله ابن ناصر من انه كان يذهب مذهب الاباحة ما انبأنا به ابو المعمر المبارك بن احمد الانصاري قال انشدنا ابو الفضل محمد بن طاهر المقدسي ... دع التصوف والزهد الذي اشتغلت به ... جوارح اقوام من الناس ... وعج على دير داريا فان به الر ... هبان ما بين قسيس وشماس ... فاشرب معتقة من كف كافرة ... تسقيك خمرين من لحظ ومن طاس ... ثم استمع رنة الاوتار من رشأ ... مهفهف طرفة امضى من الماس ... غنى بشعر امرىء في الناس مشتهر ... مدون عندهم في صدر قرطاس ... لولا نسيم بذكراكم يروحنى ... لكنت محترقا من حر أنفاسي ...
قال المصنف رحمه الله فالعجب من ابن السمعاني قد روى عنه هذه القصيدة وطعن الاكابر فيه ثم رد ذلك بلا شيء توفي محمد بن طاهر في ربيع الاول من

هذه السنة ودفن بمقبرة العقبة بالجانب الغربي عند رباط البسطامي ولما احتضر جعل يردد هذا البيت ... وما كنتم تعرفون الجفا ... فممن ترى قد تعلمتم
294 - محمد بن عبد الواحد
ابن الحسن ابو غالب القزاز ويعرف بابن زريق سمع ابا اسحاق البرمكي والقزويني والعشاري والجوهري وقرأ القرآن بالقراآت على ابن شيطا وغيره وكان ثقة توفي ليلة الخميس خامس شوال
295 - محمد بن احمد
ابن الحسن بن عمر ابو بكر الشاشى الفقيه ولد فى محرم سنة سبع وعشرين واربعمائه وسمع ابا يعلى بن الفراء وابا بكر الخطيب وابا اسحاق الشيرازى وكان معيد درسة وقرأ على ابى نصربن الصباغ كتابه الشامل وصنف ودرس فى النظامية ثم عزل وكان ينشد ... تعلم يافتى والعود رطب ... وطنيك لين والطبع قابل ... فحسبك يافتى شرفا وفخرا ... سكوت الحاضرين وانت قائل ...

ورى عنه اشياخنا وكان أشعريا توفى فى سحرة يوم السبت سادس عشر شوال ودفن
عند ابى اسحاق بباب ابرز
296 - محمد بن مكى
ابن عمر ابن محمد ابو بكر المعروف بابن دوست لد سنة سبع وعشرين واربعمائة وسمع العشارى والجوهرى وابا بكر بن بشران وكان سماعه صحيحا روى عنه اشياخنا وتوفى يوم الخميس ثالث عشر ربيع الاول ودفن بمقبرة غلام الخلال بباب الازج
297 - المؤتمن ين احمد
ابن على ابن الحسن بن عبيد الله ابو نصر الساجى المقدسى ولد سنة خمس واربعين

واربعمائة وتفقه على ابى اسحاق الشيرازى مدة وسمع من اصحاب المخلص والكتانى ورحل فى طلب الحديث الى بيت المقدس وأصبهان وخراسان والجبال وقرأ على عبد الله الانصارى الحديث وحصل الكثيرمنه وكان حافظا عارفا بالحديث معرفة جيدة خصوصا المتون وكان حسن القراءة والخط صحيح النقل ومازال يسمع ويستفيد الى ان مات كان فيه صلف نفس قناعة وصبرعلى الفقر وصدق وامانة وورع حدثنا عنه اشياخنا وكلهم وصفه بالثفة والورع وقد طعن فيه محمد ابن طاهر المقدسى والمقدسى احق بالطعن وأين الثريا من الثرى توفى المؤتمن يوم السبت ثامن عشر صفر ودفن بمقبرة باب حرب
298 - هادى بن اسمعيل
الحسنى العلوى الاصبهانى حدث عن ابى سعيد العياروروى عنه شيوخنا وتوفى بعد عوده من الحج يوم الخميس العشرين من ربيع الاول ودفن بمقبرة باب حرب
299
- محمد بن علي ابو بكر النورى سمع ابا جعفر ابن المسلمة وابا الحسن الملطى فى آخرين وتوفى فى سلخ رجب

سنة
ثم دخلت سنة ثمان وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه وقع فى جمادى الاولى حريق عظيم فى الريحانيين ومنظرة باب بدر هلك فيه عقار جليل قال المصنف ورأيت بخط شيخنا ابى بكر بن عبد الباقى البزاز قال ورد الى بغداد فى يوم الخميس سابع عشر رجب من سنة ثمانى وخمسمائة كتاب ذكر فيه انه كان فى ليله الاحد ثامن جمادى الاخرة من هذه السنة زلزله حدثت فوقع منها فى مدينة الرهامن سورها ثلاثة عشر برجا ووقع بعض سور حران ووعقت دور كثيرة على عالم فهلكوا وانه خشف

بسميساط وخسف بموضع وتساقط فى بالس نحو مائة دار وقلب بنصف القلعة وسلم نصفها

ذكر من توفى فى هذه السنة من الآكابر
300 - احمد بن الحسن
ابن احمد ابو العباس الخلطي الدباس سمع ابا الحسن بن المهدى والقاضى ابا يعلى ابن الفراء وهو تلميذ وعليه تفقة وابا جعفر ابن المسلمة وغيرهم وكان صالحا من اهل القرآن والستر والصيانه والثقة وتوفى فى ليله الاربعاء ثانى عشر جمادى الاولى ودفن بمقبرة باب حرب
301 - احمد بن عبد العزيز
ابن بعراج ابو نصرالشيخ الصالح سمع ابا محمد الخلال وابا الحسن القزوينى والبرمكى وغيرهم وكان سماعه صحيحا وكان كثير التلاوة بالقرآن وقرأ القرا آت على ابى الخطاب الصوفى توفى ليله الاثنين عاشر محرم ودفن بمقبرة باب حرب
302 - احمد بن عبيد الله
ابن محمد بن ابى الفتح ابو عبد الله الدلال المقرئ سمع ابا محمد الخلال وابا طالب بن غيلان وابا الفرج الطناجيرى وكان صحيح السماع صالحا ستيرا وتوفى يوم السبت ثامن جمادى الاولى ودفن بمقبرة معروف
303 - دلال بنت ابى الفصل
محمد بن عبد العزبز بن المهتدى اخت ابى على بن المهتدى سمعت اباها وتوفيت فى محرم ودفنت بباب حرب
304 - على بن احمد
ابن فتحان ابو الحسن الشهرزورى البقال ولد سنة اثنتين وعشرين واربعمائة

وسمع من ابن بشران وبن المذهب وغيرهم وحدث وتوفى يوم الثلاثاء واربع جمادى الاول ودفن بمقبرة باب حرب
305 - على بن محمد
ابن محمد بن جهير ابو القاسم ويلقب بالزعيم كان فى ايام القائم وبعض ايام المقتدى متولى كتابة ديوان الزمام ووزر للمستظهر نوبتين فبقى فى الوزارة الاولى ثلاث سنين وخمسة اشهر واياما وولى بعده ابو المعالى بن المطلب ثم عزل واعيد الزعيم الى الوزارة فبقى فيها خمس سنين وخمسه اشهر الى ان توفى وتدرج فى الولايات والمراتب خمسين

سنة
وكان معروفا بالحلم والرزانة وجودة الرأى وحسن التدبير وتوفى يوم الاثنين سابع عشرين ربيع الاول
306 - محمد بن المختار
ابن المؤيد ابو العزا الهاشمى الحنبلى المعروف بابن الخص سمع ابا الحسن القزرينى وابا اسحاق البرمكى وابا على بن المذهب والجوهرى والعشارى فى أخرين وكان ثقة اثنى عليه شيخنا محمد بن ناصر وتوفى ليله الاثنين عاشر محرم
307 - محمد بن احمد
ابن محمد ابو نصر القفال ابن بنت ابي بكر الاكفاني سمع ابا محمد الجوهري وابا الحسين بن الآبنوسي وكان سبب موته انه وقع من سطح داره فمات ودفن بمقابر الشهداء
سنة
ثم دخلت سنة تسع وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه تكاملت عمارة الدار التي استجدها بهروز الخادم من الدار السلطانية وحمل اليها اعيان الدولة الفروش والحسنة والكسي الرائقة واستدعى القراء والفقهاء والقضاة والصوفية فقرأوا فيها القرآن ثلاثة ايام متواليه

ووقع حريق في قراح ابي الشحم في جمادي الاولى فهلكت فيه آدرود كاكين كثيرة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
308 - اسمعيل بن محمد
ابن احمد بن ملة ابو عثمان بن ابي سعيد الاصبهاني سمع الكثير ووعظ وقدم بغداد فحدث عن ابي بكر بن زيذة وغيره واملى بجامع المنصور ثلاثين مجلسا وكان مستملية شيخنا ابو الفضل بن ناصر ولم يكن شيخنا ابو الفضل راضيا عنه وقال وضع حديثا واملاه وكان يخلط توفي باصبهان في هذه السنة
309 - منتخب بن عبد الله
ابو الحسن الدوامي المستظهري كان رجلا حازما خيرا كثير الصلاح شهد له بذلك شيخنا ابو الفضل بن ناصر ووقف كتبا على اصحاب الحديث منها مسند الامام احمد بن حنبل توفي ليلة السبت السابع من ذي الحجة من هذه السنة وصلى عليه ابو الحسن بن الفاعوس ودفن عند منصور بن عمار بمقبرة احمد
310 - هبة الله بن المبارك
ابن موسى بن علي ابو البركات السقطي احد من رحل في طلب الحديث الى واسط والبصرة والكوفة والموصل واصبهان والجبال وبالغ في الطلب وتعب في الجمع وكان فيه فضل ومعرفة وانس بالحديث فجمع الشيوخ وخرج التاريخ وارخ لكنه افسد ذلك بان ادعى سماعا ممن لم يره منهم ابو محمد الجوهري فانه لا يحتمل سنة السماع منه وسئل شيخنا ابن ناصر عنه فقالوا اثقة هو فقال لا والله حدث بواسط عن شيوخ لم يرهم فظهر كذبه عندهم روى عنه ابو المعمر الانصاري وتوفي في ربيع الاول من هذه السنة وصلى عليه ابو الخطاب الكلواذاني ودفن عند قبر منصور بن عمار بمقبرة باب حرب

سنة
ثم دخلت سنة عشر وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه وقعت النار في حصائر الحطب ودكاكين الحطب التي على دجلة واكلت النار الاعواد الكبار وجذوع النخل وتطاير الناس الى دروب باب المراتب فأحرق كنائسها واحترقت الدور التي بدرب السلسلة والدور الشارعة على دجلة من جملتها دار نور الهدى ابي طالب الحسين بن محمد الزينبي ورباط بهروز الذي بناه للصوفية ودار الكتب التي بالنظامية الا ان الكتب سلمت وحملها الفقهاء الى مكان يؤمن فيه من النار وهذا الحريق كان بين العشائين
واقام السلطان طول السنة ببغداد وقد كان عادته المقام بباب همذان في زمان الصيف واجرى النهر البارع من نهر الجبل اليها ورحل الى النهروان ونفذ الى الخليفة بغلة واربعة ارؤس خيل وألف دينار مغربية مثقبة وخمسة امناء كافور ومثلها مسكا واربعين ثوبا سقلاطون وطلب من الخليفة شيئا من ملبوسه ولواء ومصحفا
وفي جمادي الاولى من هذه السنة رتب القاضي ابو العباس الرطبي على باب النوبى الى جانب حاجب الباب وخلع عليه بعد ذلك خلعة جميلة
وفيها دخل امير الجيوش الى مكة قاهر لاميرها مذلا له قال ابن عقيل فحكى لي امير الجيوش انه دخل الى مكة بخفق البنود وضرب الكوسات ليذل السودان واميرهم قال وحكاه لي متبجحا بذلك ذاهلا عن حرمة المكان فسمعته منه متعجبا وشهد قلبي انه آخر امره لتعاظم الكعبة عندي وقلت لما رجعت الى بيتي انظر الى جهل هذا الحبشي ولم ينبهه احد ممن كان معه من عالم بالشرع او بالسير وذكرت قولهم خلآت القصوى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم بل حبسها حابس الفيل فلما اعطاهم ما ارادوا اطلقت ناقته وقد صين المسجد عن انشاد ضالة حتى قيل لطالبها لا وجدت فكيف بحبشي يجيء بدبادبه معظما لنفسه

فلم يعد اليها واعقبه الله سبحانه النكال والاستئصال

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
311 - ابراهيم بن احمد
ابو الفضل المخرمي سمع ابا محمد الصريفينى وابا الحسين بن النقور ونزل الى دجلة ليتوضأ فلحقه شبه الدولة فوقع في الماء فأخرج فحمل الى بيته فمات قال شيخنا ابن ناصر كان رجلا صالحا مستورا كثير تلاوة القرآن محافظا على الجماعات وحضرت غسله فرأيت النور عليه فقبلت بين عينيه وتوفي في ليلة الثلاثاء عاشر ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
312 - احمد بن قريش
ابن حسين ابو العباس سمع ابا طالب بن غيلان وابا اسحاق البرمكي وابا محمد الجوهري وابا الحسن القزويني وغيرهما وكان صحيح السماع حدثنا عنه اشياخنا وتوفي يوم الاحد حادي عشر رجب ودفن بباب حرب
313 - احمد بك الامير
كان اقطاعه في كل سنة اربعمائة الف دينار وجنده خمسة الاف فارس وجاءه رجل ومعه قصة وهو يبكي وينتحب ويشكو الظلم فسأله ان يوصل قصته الى السلطان فتناولها منه فضربه بسكين كانت معه فوثب عليه الامير فتركه تحته فجاء آخر فضرب الامير بسكين فقطعا قطعا فجاء ثالث فتمم الامير
314 - جلولي
صاحب فارس كانت له فيها حروب مع الكرمانية وكان رجل الترك ورأسا فيهم
315 - عبدالله بن يحيى
ابن محمد بن بهلول ابو محمد السر قسطى الاندلسى من اهل سر قسطة من بلاد

الاندلسى كان فقيها فاضلا لطيف الطبع مليح الشعرورد بغداد فى حدود هذه السنة ومن شعره ... ومهفهف يختال فى ابراده ... مرح القضيب اللدان تحت البارح ... ابصرت فى مرآة فكرى خده ... فحكيت فعل جفونه يجوارحى ... ماكنت احسب ان فعل توهمى ... يقوى تعديه فيجرح جارحى ... لاغروان جرح التوهم خده ... فالسحر يعمل فى البعيد النازح ...
316 - على بن احمد
ابن محمد بن احمد بن بيان ابو القاسم الوزان ولد فى ليله الاثنين ثالث عشر صفر سنة ثلاث عشرة واربعمائة وسمع ابا الحسن بن مخلد وهو آخر من حدث عنه وحدث عنه بجزء الحسن بن عرفة وهو آخر من حدث بهذا الجزء فالحق الصغار بالكبار فكان يأخذ عنه دينارا من كل واحد وسمع ابا القاسم بن بشران وهو آخر من حدث عنه وسمع خلقا كثيرا وتوفى ليله الاربعاء سادس شعبان ودفن بمقبرة باب حرب
317 - عقيل بن على
ابن عقيل بن محمد بن عقيل ابو الحسن ابن الامام ابى الوفاء ولد ليله احدى وعشرين رمضان سنة احدى وثمانين واربعمائة وتفقه وكان له فهم وحفظ حسن سمع الحديث وشهد عند قاضى القضاء محمد بن على الدامغانى وتوفى فى منتصف المحرم عن سبع وعشرين سنة ودفن فى داره بالظفر يه ثم نقل لما توفى ابوه فدفن فى دكة احمد بن حنبل وظهر من ابية صبر جميل دخل عليه بعض اصحابة وهو جالس يروحه فكأنه احسن من الداخل بانكار ذلك فقال له انها جثه على كريمة فما دامت بين يدى لم يطب قلبى الابتعاهدها فاذا غابت فهى فى

استرعاء من هولها خير منى وقال لولا أن القلوب توقن باجتماع يابنى لتفطرت المرائر لفراق الأحباب قال المصنف ونقلت من خطة قال لما اصبت بولدى عقيل خرجت الى المسجد اكراما لمن قصدنى من الناس والصدور فجعل قارئ يقرأ يايها العزيز إن له ابا شيخا كبيرا فبكى الناس وضج الموضع بالبكاء فقلت له يا هذا ان كان قصدك بهذا تقبيح الاحزان فهو نياحة بالقرآن وما نزل القرآن للنوح انما نزل ليسكن الاحزان فأمسك ونقلت من خط ابى الوفاء ابن عقيل قال ثكلت ولدين تجيبين احدهما حفظ القرآن وتفقه مات دون البلوغ يشير الىولده ابى منصور وقد ذكرناه فى سنة ثمان وثمانين والآخر مات وقد حفظ كتاب الله وخط خطا حسنا يشارةاليه تفقه وناظر فى الاصول والفورع وسهد مجلس الحكم وحضر الموكب وجمع اخلاقا حسنة ودماثة وادبا وقال شعرا جيدا يشير الى عقيل هذا قال فتعزيت عمرو بن عبدود العامرى الذى قتله على علية السلام فقالت امه ترثيه ... لوكان قاتل عمر وغير قاتله ... ما زلت ابكى عليه دائم الابد ... لكن قاتله من لايقاد به ... من كان يدعىابوه بيضة البلد ...
فقلت سبحان الله ... كذبت وبيت الله لو كنت صادقا ... لما سبقتنى بالعزاء النساء ...
كما قال الشاعر ... كذبت وبيت الله لوكنت عاشقا ... لما ستبقتنى بالبكاء الحمائم ... وذاك ان ام عمرو كانت يسليها ويعزيها جلاله القاتل والافتخار بأن ابنها مقتوله فهلا نظرت الى قاتل ولدى وهو الابدى الحكيم المالك الاعيان المربى بانواع الدلال فهان القتيل والمقتول بجلاله القاتل وقتله احياء في المعنى اذ كان اماتهما على احسن خاتمة الاول لم يجر عليه قلم والاخروفقه للخيروختم له بلوائح وشواهددلت علىالخير قال ابن عقيل وسألنى رجل فقال هل للطف من

علامة فقلت اخبرك بها عن ذوق كانت عادتى التنعم ففقدت ولدى فتبدلت خشن العيش ونفسى راضية
318 - محمد بن منصور
ابن عبد الجبار ابو بكر بن ابي المظفر السمعاني من اهل مرو ولد سنة ست وستين واربعمائة سمع الحديث من ابيه وجماعة ثم رحل الى نيسابور فسمع بها وبالري وهمذان وبغداد والكوفة ومكة وروى الحديث وورد بغداد ووعظ في النظامية وخرج الى اصبهان فسمع بها وعاد الى مرو واملى بها مائة واربعين مجلسا في جامعها وقد رأيت من املائه فانه لم يقصر وكان عالما بالحديث والفقه والادب والوعظ وطلب يوما للقراء في مجلس وعظه فاعطوه الف دينار قال شعرا كثيرا ثم غسله فلم يبقى منه الا القليل وكتبت اليه رقعة فيها ابيات شعر فكتب الجواب وقال فأما الابيات فقد اسلم شيطان شعري وادركته المنية وهو ابن ثلاث واربعين سنة واشهر وتوفي في صفر هذه السنة ودفن عند قبر ابيه بمرو
319 - محمد بن الحسن
ابن احمد بن عبد الله ابن البناء ابو نصر بن ابي علي سمع الجوهري وغيره وكان له علم ومعرفة وخلف اباه في خلقته بمجامعي القصر والمنصور وكان سماعه صحيحا وكان ثقة وتوفي في ليلة الاربعاء سادس ربيع الاول ودفن بمقبرة باب حرب
320 - محمد بن علي
ابن محمد ابو بكر النسوى سمع وحدث وكان تزكية الشهود اليه بنسا وكان فقيها على مذهب الشافعي دينا وتوفي ببلده في هذه السنة
321 - محمد بن علي الاصبهاني
ابو المكارم القصار يعرف بمكرم سمع من الجوهري والقزويني وابن لؤلؤ

وحدث عنهم وتوفي يوم الأربعاء رابع عشر رجب ودفن في داره بالمقتدية
322 - محمد بن علي
إبن ميمون بن محمد أبو الغنائم النرسي ويعرف بأبي الكوفي لأنه كان يجيد القرأءة في زمان الصبوة فلقبوه بأبي ولد في شوال سنة أربع وعشرين وسمع الكثير وأول سماعه سنة سبع وثمانين وكتب وسافر ولقي أبا عبد الله العلوي وكان هذا العلوي يعرف الحديث وكان صالحا سمع ببيت المقدس وحلب ودمشق والرملة ثم قدم بغداد فسمع البرمكي والجوهري والتنوخي والطبري والعشاري وغيرهم وكان يورق للناس بالأجرة وقرأ القرآن بالقراأت واقرأ وصنف وكان ذا فهم ثقه ختم به علم الحديث أنبأنا شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي قال سمعت أبا الغنائم إبن النرسي يقول ما بالكوفة احد من اهل السنة والحديث الا ابيا وكان يقول توفي بالكوفة ثلثمائة وثلاثة عشر من الصحابة لا يتبين قبرا احد منهم الا قبر علي عليه السلام وقال جاء جعفر بن محمد ومحمد بن علي بن الحسين فزارا الموضع من قبر امير المؤمنين على ولم يكن اذ ذاك القبر وما كان الا الارض حتى جاء محمد بن زيد الداعي واظهر القبر وقال شيخنا ابن ناصر ما رأيت مثل ابي الغنائم في ثقته وحفظه وكان يعرف حديثه بحيث لا يمكن احدا ان يدخل في حديثه ما ليس منه وكان من قوام الليل ومرض ببغداد وانحدر وادركه اجله بحلة ابن مزيد يوم السبت سادس عشر شعبان فحمل الى الكوفة
323 - محمد بن احمد
ابن طاهر بن احمد بن منصور يعرف بخازن دار الكتب القديمة ومن ساكنى درب المنصور بالكرخ سمع ابن غيلان والتنوخي وغيرهما وكان سماعه صحيحا روى عنه اشياخنا الا انه كان يذهب مذهب الامامية وهو فقيه في مذهبهم ومفتيهم كذلك قال شيخنا ابن ناصر وتوفي يوم السبت ثالث عشر شعبان ودفن بمقابر قريش

324 - محمد بن ابي الفوج
ابو عبد الله المالكي المعروف بالزكي المغربي من اهل صقلية كان عارفا بالنحو واللغة وورد بالعراق وخرج الى خراسان فجال فيها ثم خرج الى غزنة وبلاد الهند ومات باصبهان وجرت بينه وبين جماعة من الائمة مخاصمات آلت ان طعن فيهم وكان يقول الغزالي ملحد واذا ذكره قال الغزالي المجوسي
325 - المبارك بن الحسين
ابن احمد ابو الخير الغسال المقريء سبط الخواص ولد سنة سبع وعشرين واربعمائة وسمع ابا الحسن ابن المهتدي وابا محمد الخلال وابا جعفر بن المسلمة وابا يعلي بن الفراء وخلقا كثيرا وقرأ القرآن بالقراآت واقرأ وحدث كثيرا وكان ثقة وتوفي في عشر جمادي الاولى ودفن بباب حرب
326 - المبارك بن محمد
ابو الفضل بن ابي طالب الهمذاني المؤدب سمع القاضي ابا يعلي وأبا جعفر بن المسلمة وكان من اهل السنة وكان شيخنا ابن ناصر يثني عليه وتوفي ليلة الخميس خامس ربيع الآخر
327 - محموظ بن احمد
ابن الحسن الكلوذاني ابو الخطاب ولد في شوال سنة اثنتين وثلاثين واربعمائة وسمع ابا محمد الجوهرى والعشارى وابن المسلمة والقاضى ابا يعلى وتفقه عليه وقرأ الفرائض على الونى وصنف وانتقع بتصنيفه وحدث وافتى ودرس وشهد عند قاضى القضاه ابى عبدالله الدامغانى وكان ثقة ثبتا غزير الفضل والعقل وله شعر مطبوع حدثنا عنه اشياخنا
انشدنا محمد بن الحافظ قال انشدنا ابو الخطاب محفوظ بن احمد لنفسه

دع عنك تذكار الخليط المنجد ... والشوق نحو الآنسات الخرد ... والنوح فى اطلال سعدى انما ... تذكار سعدى شغل من لم يسعد ... واسمع مقالى ان اردت تخلصا ... يوم الحساب وخذ بهديى تهتد ... واقصد فانى قد قصدت موفقا ... نهج ابن حنبل الامام الاوحد ... خير البرية بعد صحب محمد ... والتابعين امام كل موحد ... ذى العلم والرأى الأصيل ومن حوى ... شرفا علا فوقا السها والفرقد ... واعلم بأنى قد نظمت مسائلا ... لم آل فيها النصح غير مقلد ... واجبت عن تسآل كل مهذب ... ذى صوله عند الجدال مسود ... هجر الرقاد وبات ساهر ليله ... ذى همة لا يستلذ بمرقد ... قوم طعا مهم دراسة علمهم ... يتسابقون الىالعلا والسودد ... قالوا بماعرف المكلف ربه ... فأجبت بالنظر الصحيح المرشد ... قالوا فهل رب الخلائق واحد ... قلت الكمال لربنا المتفرد ... قالوا فهل لله عندك مشبه ... قلت المشبه في الجحيم الموصد ... قالوا فهل تصف الاله ابن لنا ... قلت الصفات لذي الجلال السرمدي ... قالوا فهل تلك الصفات قديمة ... كالذات قلت كذاك لم تتجدد ... قالوا فأنت تراه جسما مثلنا ... قلت المجسم عندنا كالملحد ... قالو فهل هو في الاماكن كلها ... فأجبت بل في العلو مذهب احمد ... قالو فتزعم ان على العرش استوى ... قلت الصواب كذاك اخبر سيدي ... قالوا فما معنى استواه ابن لنا ... فأجبتهم هذا سؤال المعتدي ... قالوا النزول فقلت ناقلة له ... قوم تمسكهم بشرع محمد ... قالوا فيكف نزوله فأجبتهم ... لم ينقل التكييف لي في مسند ... قالوا فينظر بالعيون ابن لنا ... فأجبت رؤيته لمن هو مهتدي ... قالوا فهل لله علم قلت ما ... من عالم الا بعلم مرتدي ... قالو فيصف انه متكلم ... قلت السكوت نقيصة المتوحد

قالوا فما القرآن قلت كلامه ... من غير ما حدث وغير تجدد ... قالوا الذى نتلوه قلت كلامه ... لا ريب فيه عند كل مسدد ... قالوا فأخال العباد فقلت ما ... من خالق غيرالاله الأمجد ... قالوا فهل القبيح مراده ... قلت الاراده كلها للسيد ... لو لم يرده لكان ذاك نقيصة ... سبحانه عن ان يعجز فى الردى ... قالوا فما الايمان قلت مجاوبا ... عمل وتصديق بغير تبلد ... قالوا فمن بعد النبى خليفة ... قلت الموحد قبل كل موحد ... حاميه فى يوم العريش ومن له ... فى الغار مسعد ياله من مسعد ... خير الصحابة والقرابة كلهم ... ذاك المؤيد قبل كل مؤيد ... قالوا قمن صديق احمد قلت من ... تصديقه بين الورى لم يجحد ... قالوا فمن تالى ابى بكر الرضا ... قلت الأمارة فى الأمام الأزهد ... فاروق احمد والمهذب بعده ... نصر الشريعة باللسان وباليد ... قالوا فثالثهم فقلت مارعا ... من بايع المختار عنه باليد ... صهر النبى على ابنتيه ومن حوى ... فضلين فضل تلاوة وتهجيد ... اعنى ابن عفان الشهيد ومن دعى ... فى الناس ذا النورين صهر محمد ... قالوا فرابعهم فقلت مبادرا ... من حاز دونهم اخوة احمد ... زوج البتول وخير من وطئ الحصى ... بعد الثلاثة والكريم المحتد ... اعنى ابا الحسن الامام ومن له ... بين الانام فضائل لم تجحد ... ولعم سيدنا النبى مناقب ... لو عددت لم تنحصر بتعدد ... اعنى ابا الفضل الذى استسقى به ... عمر او ان الجدب بين الشهد ... ذاك ا الهمام ابو الخلائف كلهم ... نسقا الى المستظهر بن المقتدى ... صلى الا له عليه هبت صبا ... وعلى بنيه الراكعين السجد ... وادام دولتهم علينا سر مدا ... ما حن فى الإسحار كل مغرد ... قالوا ابان الكلود انى الهدى ... قلت الذى فوق السماء مؤيدى

وله ايضا ... ومذ كنت من أصحاب احمد لم ازل ... اناضل عن اعراضهم وأحامى ... وما صدنى عن نصرة الحق مطمع ... ولا كنت زنديقا حليف خام ... ولا خيرفى دنيا تنال بذله ... ولا فى حياة اولعت بسقام ... ومن جانب الاطماع عز وانما مذلته تطلا به الحطام ...
وتوفى ابو الخطاب ليله الخميس الرابع والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة وصلى عليه بجامع القصر وكان المتقدم فى الصلاة عليه ابو الحسن بن فاعوس ثم حمل الىجامع المنصور فصلى عليه ثم دفن الى جانب ابى محمد التميمى فى دكة احمد بن حنبل

سنة
ثم دخلت سنة احدى عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه زلزلت الارض ببغداد يوم عرفة وكانت الستور والحيطان تمر وتجئ ووقعت درو ودكا كين فى الجانب الغربى فلما كان بعد ايام وصل الخبر بموت السلطان محمد بن ملك شاه قال شيخناا ابو الفضل بن ناصر كانت هذه الزلزلة وقت الضحى وكنت فى المسجد الذى على باب درب الدواب قاعدا فى السطح مستندا الى سترة تلى الطريق فتحركت السترة حتى خرجت من الحائط مرتين قال وبلغنى ان دكاكين وقعت بالجانب الغربى فىالقرية ثم كان عقيبها موت السلطان محمد ثم موت المستظهر ثم ما جرى من الحروب والفتن للمستر شد بالله مع دبيس بن مزيد وغلا السعر حتى بلغ الكر ثلثمائة دينار ولم يوجد ومات الناس جوعا واكلوا الكلاب والسنانير
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
328 - احمد القزوينى
كان من الاولياء المحدثين توفى فى رمضان هذه السنة فشهده امم لا تحصى

وقبره ظاهر يتبرك به فى الطريق الى معروف الكرخى
329 - الحسن بن احمد
ابن جعفر ابو عبدالله الشقاق الفرضى الحاسب صاحب ابى حكيم الطبرى سمع ابا الحسين ابن المهتدى وغيره وتوحد فى علم الحساب والفرائض وتوفى يوم الاثنين حادى عشرين ذى الحجة
330 - الحسين بن الحسن
ابو القاسم القصار سمع الجوهرى وابا يعلى ابن الفراء وابا الحسين بن المهتدى وكان سماعة صحيحا توفى فى رجب
331 - عبد الرحمن بن احمد
ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف سمع ابن المذهب والبرمكى وغيرهما وكان ثقة حدثنا عنه اشياخنا وتوفى ليله الاحد عشر شوال فجاءة وقت صلاة المغرب ودفن بمقبرة باب حرب فى تربة ابى الحسين السو سنجردى
332 - على بن احمد
ابن ابى منصور المطوعى الطبرى ابو الحسن سمع ابا جعفر وحدث عنه وتوفى يوم الثلاثاء جمادى الآخرة ودفن بباب ابرز
333 - على بن احمد
ابو الحسن الطبرى سمع من ابن غيلان وغيره وكان مستورا وكان سماعة صحيحا وتوفى فى ذى القعدة وبعضهم يقول انما توفى سنة اثنتي عشرة
334 - لؤلؤ الخادم صاحب حلب
فتك به قوم من الاتراك كانوا فى جملته وهو متوجه الىقلعةجعبر

335 - محمد بن سعيد
ابن ابراهيم بن نبهان ابو علي الكاتب سمع ابا علي بن شاذان وابا الحسين بن الصابي جده لامه وابا علي بن دوما وبشرى وهو آخر من حدث عنهم وانتهى اليه الاسناد حدث عنه اشياخنا قال شيخنا ابن ناصر الا انه تغير قبل موته بستنين وبقى مطروحا على فراشه لا يعقل فمن سمعة فى تسع وعشر فسماعة باطل وكان يتهم بالرفض توفى ليله الاحد سابع شوال ودفن فى داره بالكوخ قال شيخنا ابو الفضل سمعتة يقول مولدى سنة احدى عشرة واربعمائة ثم سمعته مرة اخرى يقول مولدى سنة خمس عشرة فقلت لهفى ذلك فقال اردت ان ادفع عنى العين لأجل علو السن والافمولدى سنة احدى عشرة فبلغ مائة سنة انبأنا شيخنا ابو الفضل بن ناصر قال انشدنا ابو على بن نبهان لنفسة فى قصيدة ... لى اجل قدره خالفى ... نعم ورزق اتوفاه ... حتى اذا استوفيت منه الذى ... قدر ولى لم اتعداه ... قال حرام كنت القاه ... فى مجلس قد كنت اغشاه ... صار ابن نبهان الىربه ... يرحمنا الله وارياه
336 - محمد بن عبد الكريم
ابن عبيدالله بن محمد بن احمد ابو بكر الخطيب السجزى ثم البلخى ولى الخطابة ببلخ وسمع من ابية وغيره وسمع باصبهان من حمد وغيره وبنيسابور من ابى الفتح الطوسى وبالعراق من عاصم وغيره وكان فقيها فاضلا وتوفى فى هذه السنة
337 - محمد بن على
ابن ابى طالب ابن محمد ابو الفضل بن ابى القاسم المعروف بابن زبيباولد سنة ست وثلاثين واربعمائة وسمع من القاضى ابى يعلى والجرهرى وابن المذهب وغيرهم وكان ابوه ومن اصحاب القاضى قال شيخنا ابن ناصر لم يكن بحجة لانه كان على

غير السمت المستقيم
338 - محمد بن ملك شاه
السلطان توفي باصبهان في ذي الحجة من هذه السنة عن سبع وثلاثين

سنة
وقام بالسلطنة ابنه محمود وفرق خزانته في العسكر وقيل كانت عشر الف الف دينار عينا وما يناسب ذلك من العروض
339 - المبارك بن طالب
ابو السعود الحلاوى المقرئ قرأ القرآن على ابى على ابن البناء وابى منصور الخياط وغيرهما وسمع الحديث من الصريفينى وغيره سمع منه اشياخنا وكان نقى العرض آمر بالمعروف وانتقل من نهر معلىالكثرة المنكرة بها واقام بالحربية حتى توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
340 - يمن بن عبد الله
الجيوشى ابو الخير احد خدم المستظهر بالله كان مهيبا جوادا حسن التدبير ذا رأى وفطنه ثاقبة وارتقت به الأمور العالية حتى فوضت اليه امارة الحاج وبعث رسولا الى السلطان من حضرة امير المؤمنين مرارا وسمع ابا عبدالله الحسين بن احمد بن طلحة النعالى بافادة ابى نصر الاصبهانى وكان يؤم به فى الصلوت وحدث باصبهان لما قدمها رسولا وتوفى بها فى ربيع الآخر من هذه السنة ودفن هناك وقد ذكرنا فى حوادث السنة المتقدمة عن ابن عقيل فى حقة كلاما يتعلق بالحج
سنة
ثم دخلت سنة اثنتى عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه خطب للسلطان محمود بن محمد بن ملك شاه ابى القاسم يوم الجمعة ثالث عشرين محرم
وفى ربيع الآخر احترقت سوق الريحانيين وسوق عبدون وكان حريقا مشهودا

كان من عقد الحديد وعقد حمام السمر قندى الى باب دار الضرب وخان الدقيق والصيارف
وفى هذا الشهر توفى المستظهر بالله وولى ابنه المسترشد

باب ذكر خلافة المسترشد بالله
واسمعه الفضل ويكنى ابا منصور ومولده يوم الاربعاء رابع ربيع الاول سنة اربع وثمانين واربعمائة وقيل خمس وثمانين وقيل ست ثمانين وسمع الحديث من مؤدبه ابى البركات احمد بن عبد الوهاب السيبى ومن ابى القاسم على بن بيان وحدث قرأ عليه ابو الفرج محمد بن عمر ابن الاهوازي سائر فى موكبة الىالحلبة فسمع ذلك جماعة وقرئ عنهم عنه وزيره على بن طراد وابو على بن الملقب وكان شجاعا بعيد الهمة وكانت بيعته بكرة الخميس الرابع والعشرين من ربيع الآخر سنة اثنتى عشرة وخمسمائة فبايعه اخوته وعمومته والفقهاء والقضاة وارباب الدوله وكان قاضى القضاة ابو الحسن على بن محمد الدامغانى هو المتولى لأخذ البيعة لانه كان ينوب فى الوزارة قال المصنف ونقلت من خط ابى الوفاء بن عقيل قال لما ولى المسترشد بالله تلفائى ثلاثة من المستخدمين يقول كل واحد منهم قد طلبك امير المؤمنين فلما صرت بالحضرة قال لي قاضي القضاة وهو قائم بين يديه مولانا أمير المؤمنين ثلاث مرات فقلت ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ثم مددت يدى فبسط لى يده الشريفة فصافحت بعد السلام وبايعت فقلت ابايع سيدنا ومولا نا امير المؤمنين المسترشد بالله على كتاب الله وسنة رسول وسنة الخلفاء الراشدين ما اطاق واستطاع وعلى الطاعة منى وقبلت يدى وتركتها على عينى زيادة على ما فعلت فى بيعة المستظهر تعظيما له وحده من بين سائر الخلفاء فيما نشأ عليه من الخير ودحض ادوات اللهو وتميز بطريقة جده القادرفبعثوا الى مبرة عشرة دنانير وكان رسمى فى البيعة

خمسين دينارا وبرز تابوت المستظهر يوم بيعة المسترشد بين الصلاتين فصلى عليه المسترشد وكبر اربع تكبيرات وجلس قاضي القضاة للعزاء بباب الفردوس ثلاثة ايام ونزل الامير ابو الحسن بن المستظهر عند تشاغلهم بالمستظهر من التاج في الليل واخذ معه رجلا هاشميا من الحماة الذين يبيتون تحت التاج فمضى الى الحلة الى دبيس فبقي عنده مدة فأكرمه وافرد له دار الذهب وكان يدخل عليه كل يوم مرة ويقبل الارض ويستعرض حوائجه وبعث المسترشد نقيب النقباء ابا القاسم على بن طراد ليأخذ البيعة على دبيس ويستعيد اخاه فأعطى دبيس البيعة وقال هذا عندي ضيف ولا يمكنني اكراهه على الخروج فدخل النقيب على الامير ابي الحسن وادى رسالة الخليفة اليه ومعها خط الخليفة بالامان على ما يجب وخاتمه ليعود فلم يجب فرجع ووزر ابو شجاع محمد بن ابي منصور بن ابي شجاع وكان عمره عشرين سنة صانعه لابيه لانه كان وزير للسلطان محمود واستنيب له ابو القاسم على بن طراد فكتب الى الوزير ابو محمد الحريري صاحب المقامات ... هنيئا لك الفخر فافخر هنيا ... كما قد رزقت مكانا عليا ... رقيت كآبائك الاكرمين ... الدست الوزارة كفؤا رضيا ... تقلدت اعباءها يافعا ... كما اوتى الحكم يحيى صبيا ...
وفي جمادي قبض على صاحب المخزن ابي طاهر ابن الخرزي وعلى ابن كمونة وابن غيلان القاضي وجماعة وارجف بأن هؤلاء كتبوا الى الامير ابي الحسن يأمرونه بأن لا يطيع
وتوفي ولد المسترشد الاكبر فدفن في الدار مع المستظهر ثم توفي ولد اخر بالجدري فبكى عليه المسترشد حتى أغمي عليه
وطولب ابن حمويه بمال فباع في يوم ثلاثة آلاف قطعة ثياب غير الاثاث والقماش واخرج ابن بكري من الحبس وقرر عليه ثلاثة آلاف دينار وخمسمائة وتقدم ببيع املاكه ليوفى واضيفت دار سيف الدولة الى الجامع وكتب دبيس

ابن مزيد فتوى في رجل اشترى دارا فغصبها منه رجل وجعلها مسجدا هل يصح له ذلك ام يجب اعادتها الى مكانها فكتب قاضي القضاة وجماعة من الفقهاء يجب ردها الى مالكها وينقض وقفها فرفع ذلك الى المسترشد وطالب بداره التي اضيفت الى الجامع فأظهر بها كتابا مثبتا في ديوان الحكم انه اشتراها ابوه من وكيل المستظهر بخمسة عشر الف دينار وانفق عليها ثمانية عشر الف دينار وفي رجب خلع المسترشد على دبيس جبه وفرجيه وعمامه وطوقا وفرسا ومركبا وسيفا ومنطقة ولواء وحمل الخلع نقيب النقباء وابن السيبي ونجاح وكان يوما مشهودا
وفي ذي القعدة خلع المسترشد على نظر ولقبه امير الحرمين واعطى حقيبتين ولوائين وسبعة احمال كوسات وسار للحج
وفي ذي الحجة صرف ابو جعفر ابن الدامغاني عن حجبة الباب وجلس ابو غالب ابن المعوج ثم خرج ابو الفتح بن طلحة فجلس بباب النوبى وجلس ابن المعوج نائبه

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
341 - احمد بن محمد
ابو العباس الهاشمي يعرف بابن الزوال العدل ولد يوم عرفة سنة اثنتين واربعين وسمع ابا الحسن بن المهتدي وابا جعفر ابن المسلمة وابا يعلى بن الفراء وغيرهم روى عنه شيوخنا وشهد عند ابي عبد الله الدامغاني وكان يسلك طريقة الزهد والتقشف وتوفي ليلة الخميس وقت العتمة تاسع عشرين محرم ودفن بمقبرة باب حرب
342 - احمد بن محمد
ابن محمد بن احمد ابو منصور الحارثي ولد في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين واربعمائة وسمع من جماعة وروى عنه شيخنا عمر بن محمد البسطامي وكان له فضل وتقدم

ورياسة عريضة وجاه كثير وتوفي في محرم هذه السنة
343 - احمد المستظهر بالله
امير المؤمنين ابن المقتدي بدأت به علة التراقي فمرض ثلاثة عشر يوما وتوفي ليلة الخميس سادس عشرين ربيع الآخر من هذه السنة وكانت مدة عمره احدى واربعين سنة وستة اشهر وسبعة ايام وكانت خلافته اربعا وعشرين سنة وثلاثة اشهر واحد عشر يوما قال المصنف رحمه الله ورأيت بخط شيخنا ابي بكر بن عبد الباقي قال توفي المستظهر نصف الليل وغسله ابو الوفاء بن عقيل وابن السيبي وصلى عليه الامام المسترشد بالله ودفن في الدار ثم اخرج في رمضان قال شيخنا ابو الحسن الزاغوني انما عجل اخراجه لانه قيل ان المسترشد رآه وهو يقول له اخرجني من عندك والا اخذتك الى عندي
344 - ارجوان جارية الذخيرة
ام المقتدي بأمر الله تدعى قرة العين كانت جارية ارمنية وكان لها بر ومعروف وحجت ثلاث حجج ادركت خلافة ابنها المقتدي وخلافة ابنه المستظهر وخلافة ابنه المسترشد ورأت للمسترشد ولدا وتوفيت في هذه السنة
345 - بكر بن محمد
ابن علي بن الفضل بن الحسن بن احمد بن ابراهيم بن اسحاق بن عثمان بن جعفر ابن عبد الله بن جعفر بن جابر بن عبد الله الانصاري ابو الفضل الزرنجري وزرنجر قرية من قرى بخارى على خمسة فراسخ منها سمع الحديث الكثير من جماعة منهم لم يحدث عنهم وتفقه على ابي بكر عبد العزيز بن احمد الحلواني وبرع في الفقه فكان يضرب به المثل وحفظ مذهب ابي حنيفة ويقولون هو ابو حنيفة الصغير ومتى طلب المتفقه منه الدرس القى عليه من أي موضع اراد من غير مطالعة ولا مراجعة لكتاب وكان الفقهاء اذا اشكل عليهم شيء رجعوا اليه وحكموا بقوله ونقله وسئل يوما عن مسألة فقال كررت هذه

المسألة ليلة في برج من حصن بخارا أربعمائة مرة وتوفي في شعبان هذه السنة ببخارا
346 - الحسين بن محمد
إبن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الوهاب أبو طالب الزيني ولد في سنة عشرين وأربعمائة وقرأ القرآن على أبي الحسين إبن التوزي وسمع من أبي طالب بن غيلان وأبي القاسم التنوخي وأبي الحسين وغيرهم وانفرد في بغداد برواية الصحيح عن كريمة وتفقه على أبي عبد الله الدامغاني وبرع في الفقه ودرس وانتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة ببغداد ولقب نور الهدى ولم يزل واليا للمدرسة التي بناها شرف الملك أبو سعد تدريسا ونظر وترسل إلى ملوك الأطراف من البلاد من قبل الخليفة وولي نقابة الطالبين والعباسيين وكان شريف النفس كثير العلم غزير الدين فبقي في النقابة شهورا ثم حمل إليه هاشمي قد جنى جناية تقتضي معاقبته فقال ما يحمل قلبي أن أسمع العاقبين وما أراهم فاستعفى فأعفى واستحضر أخوه طراد من الكوفة وكان نقيبها فولي النقابة على العباسيين وتوفي يوم الإثنين حادي عشر صفر هذه السنة وصلى عليه إبنه القاسم علي وحضره الأعيان وأرباب الدولة والعلماء وحمل إلى مقبرة أبي حنيفة فدفن داخل القبة ومات عن إثنتين وتسعين سنة قال إبن عقيل كان نور الهدي يقول بلغ أبي العلم ما لا أبلغه من العلم
347 - رابعه بنت أبي حكيم
إبن أبي عبد الله الحيري والدة شيخنا إبن ناصر سمعت من الجوهري وإبن المسلمة وإبن النقور وغيرهم وحدثت وروي عنها ولدها وغيره وكانت خيرة توفيت يوم الأحد حادي عشر ذي القعدة ودفنت بمقبرة باب أبرز

348 - طلحة بن أحمد
إبن الحسن بن سليمان بن بادي بن الحارث بن قيس بن الأشعث بن قيس الكندي ولد بدير العاقول بعد صلاة الجمعة الثالث والعشرين من شعبان سنة إثنتين وخمسين وسمع من أبي محمد الجوهري في سنة ثلاث وخمسين ومن القاضي أبي يعلي إبن الفراء وأبي الحسين إبن المهتدي وأبي الحسين إبن النرسي وأبي جعفر إبن المسلمة وإبن المامون وإبن النقور والصريفيني وإبن الدجاجي وإبن البسري وقرأ الفقه على يعقوب البرزباني وكان عارفا بالمذهب حسن المناظرة وكانت له حلقة بجامع القصر للمناظرة وتوفي في هذه السنة ودفن بمقبرة الفيل قريبا من ابي بكر عبد العزيز
349 - محمد بن الحسين
ابن محمد ابو بكر الارسا بندى القاضي من قرية من قرى مرو سمع الحديث ببخارا وتفقه هناك على صاحب ابي زيد ونظر في الادب وبرع في النظر وولى القضاء وكان حسن الاخلاق متواضعا جوادا وورد بغداد فسمع بها ابا محمد التميمي وغيره الا انه يروى عنه التحريف في الرواية فانه كان يقول عندنا انه من صنف شيئا فقد اجاز لكل من يروى عنه ذلك وتوفي في ربيع الاول من هذه السنة وكتب على قبره ... من كان معتبرا ففينا معتبر ... او شامتا فالشامتون على الاثر ...
350 - محمد بن حاتم
ابن محمد بن عبد الرحمن ابو الحسن الطائي من اهل طوس ورد نيسابور وتفقه على الجويني ثم سافر الى البلاد الى المشايخ فسمع بها الحديث الكثير ورجع الى نيسابور فتوفي فيها هذه السنة وكان فقيها خيرا ذا كياسة
351 - محمود بن الفضل
ابن محمود ابو نصر الاصفهاني سمع الكثير وكتب وكان حافظا ضابطا ثقة مفيدا

لطلاب العلم وتوفي يوم الاثنين سابع عشرين جمادي الاولى ودفن بباب حرب قريبا من بشر الحافي
352 - يوسف بن احمد
ابو طاهر الخرزي كان صاحب المخزن للمستظهر وكان لا يوفى المسترشد حق التعظيم وهو ولي عهد فلما ولى اقره مديدة ثم قبض عليه في جمادي الاولى من هذه السنة وهلك
وحدثني عبد الله بن نصر البيع عن ابي الفتوح بن طلحة صاحب المخزن قال كنا نخدم مع المسترشد وهو ولي عهد وكان يقصر في حقه ابن الخرزي ويقفه في حوائجه فكنت الزمه فاقول لا تفعل فيقول انا اخدم شابا في اول عمره يشير الى المستظهر وما ابالي وكان المسترشد حنقا عليه يقول لئن وليت لافعلن به فلما ولى خلابي ابن الخرزي وامسك ذبلى وقال الصنيعة فقلت له الآن وقد فعلت في حقه ما فعلت فقال انظر ما نفعل فقلت هذا رجل قد ولى ولا مال عنده فاشتر نفسك منه بمال فقال كم فقلت عشرين الفا فقال والله ما رأيتها قط قلت لا تفعل فلم يقبل فانتظرنا البطش به فخلع عليه ثم بعد ايام خلع عليه فكتبت الى المسترشد اقول اليس هو الذي فعل كذا وكذا فكتب في مكتوبي خلق الانسان من عجل ثم عاد وخلع عليه ثم تقدم بالقبض عليه فأخذنا من داره ما يزيد على مائة الف دينار من المال والاواني الذهب والفضة ثم اخذنا مملوكا له كان يعرف باطنه فضربناه فأومى الى بيت في داره فاستخرجنا منه دفائن اربعمائة الف دينار ثم تقدم الينا بقتله
353 - يحيى بن عثمان
ابن الشواء ابو القاسم الفقيه سمع ابا يعلي بن الفراء وابا الحسين بن النقور وابن المهتدي وابن المسلمة والجوهري وتفقه على القاضي ابي يعلي ثم على القاضي يعقوب وكان فقيها حسنا وسماعه صحيح وقرأ بالقراآت وتوفي ليلة الثلاثاء تاسع عشر جمادي الآخره ودفن في باب حرب

354 - يحيى بن عبد الوهاب
ابن محمد بن اسحاق بن محمد بن يحيى بن ابراهيم بن الوليد ويعرف بابن منده ومنده لقب ابراهيم ويكنى يحيى ابا زكريا ولد سنة اربع وثمانين واربعمائة وكان محدثا وابوه وجده وابو جده وجد جده وابوه وسمع يحيى الكثير وكان ثقة حافظا صدوقا وصنف وجمع وقدم بغداد فأملى بها وحدثنا عنه اشياخنا وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ولم يخلف في بيت ابن منده مثله
355 - ابو الفضل ابن الخازن
كان اديبا لطيفا ظريفا وانبأنا ابو عبد الله محمد بن علي الحراني قال حكى لي ابو الفتح ابن زهمونة قال سافرت الى اصبهان سنة ست وخمسمائة فاتفق معي ابو الفضل ابن الخازن فقصدنا يوما دار شمس الحكماء ابي القاسم الاهوازي الطبيب لزيارته لمودة كانت بيننا ولم يكن حاضرا فدخلنا الى حمام في الدار وخرجنا منه فجلسنا في بستان فيها فأنشدني ابن الخازن ارتجالا ... وافيت منزله فلم ار صاحبا ... الا تلقاني بوجه ضاحك ... والبشر في وجه الغلام نتيجة ... لقد مات ضياء وجه المالك ... ودخلت جنته وزرت جحيمه ... فشكرت رضوانا ورأفة مالك ... سنة 513

ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه في المحرم خوطب الاكمل الزينبي بقضاء القضاة وحكم في خامس عشرين محرم وخلع عليه في صفر بالديوان ومضى الى جامع المنصور للتثبيت
ومنها ان الامير ابا الحسن بن المستظهر انفصل عن الحلة في صفر ومضى الى واسط ودعا الى نفسه واجتمع معه الرجالة والفرسان بالعدة والسلاح وملكها

وسوادها وهرب العمال وجبي الخراج فشق ذلك على الخليفة فبعث ابن الانباري كاتب الانشاء الى دبيس وعرفه ذلك وقال امير المؤمنين معول عليك في مبادرته فأجاب بالسمع والطاعة وانفذ صاحب جيشه عنان في جمع كثير فلما سمع الامير ابو الحسن ذلك رحل من واسط منهزما مع عسكره بالليل فضلوا الطريق وساروا ليلهم اجمع ثم رجعوا الى ناحية واسط حتى وصلوا الى عسكر دبيس فلما لاح لهم العسكر انحرف الامير ابو الحسن عن الطريق فتاه في البرية في عدد من خواصه وذلك في شهر تموز ولم يكن معهم ماء وكان بينهم وبين الماء فراسخ فأشرف على الهلكة حتى ادركه نصر بن سعد الكردي فسقاه الماء وعادت نفسه اليه ونهب ما كان معه من المال والتجمل وحمل الى دبيس وكان نازلا بالنعمانية فأصعد به الى بغداد وخيم بالرقة وبعث به الى المسترشد بعد تسليم عشرين الف دينار اليه قررت عنه وكانت مدة خروجه الى ان اعيد احد عشر شهرا وكان مديره ابن زهمونة فشهر ببغداد على جمل وقد البس قميصا احمر وترك في رقبته مخانق برم وخرز ووراءه غلام يضربه بالدرة ثم قتل في الحبس وشفع في سعد الله بن الزجاجي فعفى عنه
وصرف ولد الربيب عن الوزارة ووزر ابو علي ابن صدقة وخطب في يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الاول من هذه السنة على منابر بغداد لولد الامام المسترشد بالله فقيل في الخطبة اللهم أنله من الامل العدة وما ينجز له به موعوده في سلالته الطاهرة في مولانا الاجل عدة الدين المخصوص بولاية العهد في العالمين ابي جعفر منصور بن امير المؤمنين
وفي هذه السنة ورد سنجر الى الري فملكها وحاربه ابن اخيه محمود فانهزم وكان مع سنجر خمسة ملوك على خمسة اسرة منهم ملك غزنة وكان معه من الباطنية الوف ومن كفار الترك الوف وكان معه نحو اربعين فيلا ثم ان محمودا حضر عند سنجر فخدمه
وعزل القاضي ابو علي الحسن بن ابراهيم الفارقي عن قضاء واسط وولى

ابو المكارم علي بن احمد البخاري
وفي ربيع الاول قبلت شهادة الارموي وابن الرزاز والهيتي وابي الفرج بن ابي خازم بن الفراء وانفرد الامام المسترشد اياما لا يخرج من حجرته الخاصة هو ووالدته وجارية حتى ارجف عليه وكان السبب وقيل بل شغل قلبه وفي جمادي الاولى خلع علي ابي علي بن صدقة ولقب جلال الدين وظهر في هذا الشهر غيم عظيم وجاء مطر شديد وهبت ريح قوية اظلمت معها السماء وكثر الضجيج والاستغاثة حتى ارتج البلد
وذكر ان دبيسا راسل المسترشد انه كان من شرطي في اعادة الامير ابي الحسن انى اراه أي وقت اردت وقد ذكر انه على حالة صعبة فقيل له ان احببت ان تدخل اليه فافعل او تنفذ من يختص بك فيراه او يكتب اليك بخطه فاما ان يخرج هو فلا وكان قد ندم على تسليمه
وورد كتب من سنجر فيها اقطاع للخليفة بخمسين الف دينار وللوزير بعشرة الاف ورد الى الوزير العمارة والشحنكية ووزارة خاتون
وفي شعبان وصل ابن الطبري بتوقيع من السلطان بتدريس النظامية
وعلى استقبال شوال وصل القاضي الهروى وتلقاه الوزير بالمهد واللواء ومعه حاجب الباب والنقيبان وقاضي القضاة والجماعة وحمل على فرس من الخاص ونزل باب النوبى وقبل الارض ثم حضر في اليوم الثالث والعشرين فوصل الى المسترشد فاوصل له كتبا وحمل من سنجر ثلاثين تختا من الثياب وعشرة مماليك وهدايا كثيرة
وفي العشر الاوسط من ذي الحجة اعتمد ابو الحسن احمد بن قاضي القضاة ابي الحسن الدامغاني الى امرأة فاشهد عليها بجملة من المال دينا له عليها وقال هذه أختي زوجة إبن يعيش وشهد عليهما شاهدان الأرموي والمنبجي فلماعلمت أخته وزوجها انكرا ذلك وشيكا إلى المسترشد فكشفت الحال فقال إني أخطأت في إسمها وإتما هي أختي الصغرى فأبدل إسم بإسم فوافقه على ذلك المنجي وأما

الأرموى فقال ما شهدت إلا على الكبرى وكشط من كتاب الكبرى وكتب إسم الصغرى فصعب هذا عند الخليفة وتقدم في حقه بالعظائم واختفى أبو الحسين فحضر أخوه تاج القضاه عند شيخ الشيوخ إسمعيل وأحضر كتابا فيه إقرار بنت الزينبي زوجة الوزير عميد الدولة بن صدقة لأخيها قاضي القضاة الأكمل بجملة كبيرة من أل أما ثلاثة آلاف ونحوها وفيه خطوط إثنى عشر شاهدا وأنه ثبت على قاضي القضاة أبي الحسن الدامغاني أنه زور على أخته وظهر هذا للشهود حتى رجعوا عن الشهادة فإن كان أخي قد أخطأ ومعه شاهد واحد وقد خالفه شاهد واحد فهذا قاضي القضاة اليوم يكذبه إثنا عشر شاهدا فكتب شيخ الشيوخ إلى الخليفة بالحال فخرج التوقيع بالسكوت عن القصتين جميعا ذكر هذا شيخنا أبو الحسن إبن الزاغوني في تاريخه
وفي هذه السنة شدد التضييق على الأمير أبي الحسن وسد الباب وأبقى منه موضع تصل منه الحوائج ثم أحضره وقال له قد وجد في قبة دارك تشعيث ولعله منك وأنك قد عزمت على الهرب مرة أخرى وجرى بينهما خطاب طويل وحلف أنه لم يفعل وتنصل ثم أعيد إلى موضعه على التضييق
وورد الخبر بأن ديبس بن مزيد كسر المنبر الذي في مشهد علي عليه السلام والذي في مشهد الحسين وقال لا تقام ها هنا جمعة ولا يخطب لأحد

ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
356 - إبراهيم بن علي
إبن إبراهيم بن يوسف أبو غالب النوبند جاني الصوفي ونوبند جان من نواحي فارس سمع من إبن المهتدي وإبن النقور وغيرهما وحدث وكان صالحا دينا وتوفي ليلة شعبان ودفن عند رباط الزوزني
357 - أحمد بن محمد
إبن شاكر الجزاء أبو سعد إبن القزويني سمع منه ومن العشاري والجوهري

وكان صالحا وتوفي يوم الثلاثاء خامس عشر صفر ودفن بباب حرب
358 - أحمد بن الحسن
إبن طاهر بن الفتح أبو المعالي ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة وسمع أبا الطيب الطبري وأبا يعلي وإبن المهتدي وإبن المسلمة وغيرهم وكان سماعه صحيحا وتوفي يوم الأحد خامس رجب ودفن بمقابر الشهداء
359 - علي بن محمد
إبن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الملك بن حموية الدامغاني أبو الحسن بن أبي عبد الله قاضي القضاة إبن قاضي القضاة ولد في رجب سنة تسع وأربعين وأربعمائة وشهد عند أبيه أبي عبد الله في سنة ست وستين وفوض إليه القضاء بباب الطاق وما كان إلى جده أبي إمه القاضي أبي الحسن أحمد بن أبي جعفر السمناني من القضاء وكان يوم تقلد القضاء وعدل إبن ست عشرة سنة ولم يسمع أن قاضيا تولى أصغر من هذا وولي القضاء لأربعة خلفاء القائم والمقتدي الى ان مات ابوه ثم ثم ولى الشافعي فعزل نفسه وبعث اليه الشامي يقول له انت على عدالتك وقضائك فنفذ إليه يقول إما الشهادة فإنها استشهدت وإما القضاء فقضي عليه وانقطع عن الولاية واشتغل بالعلم فقلده المستظهر قضاء القضاة في سنة ثمان وثمانين وكان عليه إسم قاضي القضاة وهو معزول في المعنى بالسيبي والهروي ولم يكن إليه إلا سماع البينة في الجانب الغربي لكنه كان يتطرى جاهه بالاعاجم ومخاطبتهم في معناه ثم ولي المسترشد فأقره على قضاء القضاة ولا يعرف بأن قاضيا تولى لأربع خلفاء وغيره وغير شريح الا أبا طاهر محمد بن الكرخي قد رأيناه ولي القضاء لخمسة خلفاء وإن كان مستنابا المستظهر والمسترشد والراشد والمقتفى والمستنجد وناب أبو الحسن الدامغاني عن الوزارة في الأيام المستظهرية والمسترشدية بمشاركة غيره معه وتفرد باخذ البيعة للمسترشد وكان فقيها متدينا ا مروءة وصدقات وعفاف وكان له بصر جيد بالشروط والسجلات وسمع الحديث من القاضي أبي يعلي بن الفراء وأبي بكر الخطيب والصريفيني

وإبن النقور وحدث وكان قد تقدم إليه المستظهر بسماع قول بعض الناس فلم يره أهلا فلم يسمع قوله وسمع أبا البركات بن الجلاء الأمين قال حضر أبو الحسن الدامغاني وجماعة أهل الموكب باب الحجرة فخرج الخادم أن أمير المؤمنين يحب يسمع كلامك يقول لك أنحن نحكمك ام تحكمنا قال فقال كيف يقال لي هذا وأنا بحكم أمير المؤمنين فقال أليس يتقدم إليك بقبول قول شخص فلا تفعل قال فبكى ثم قال لأمير المؤمنين يا أمير المؤمنين إذا كان يوم القيامة جيء بديوان ديوان فسئلت عنه فإذا جيء بديوان القضاء كفاك أن تقول وليته لذاك المدبر إبن الدامغاني فتسلم أنت وأقع أنا قال فبكى الخليفة وقال أفعل ما تريد وقد روى رفيقنا أبو سعد السمعاني قال سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الأزدي يقول دخل أبو بكر الشاشي على قاضي القضاة الدامغاني زائر له فما قام قاضي القضاة فرجع الشاشي وما قعد وكان ذلك في سنة نيف وثمانين فما اجتمعا إلا بعد سنة خمسمائة في عزاء لأبن الفقيه فسبق الشاشي فجلس فلما دخل الدامغاني قام الكل سوى الشاشي فإنه ما تزحزح فكتب قاضي القضاة إلى المستظهر يشكو الشاشي أنه ما احترم نائب الشرع فكتب المستظهر ماذا أقول له اكبر منك سنا وأفضل منك وأورع منك لوقمت له كان يقوم لك وكتب الشاشي وكتب الشاشي إلى المستظهر يقول فعل في حقي وصنع ووضع مرتبة العلم والشيوخة وكتب في أثناء القصة
... حجاب وإعجاب وفرط تصلف ... ومد يد نحو العلا بتكلف ... فلو كان هذا من وراء كفاية ... لهان ولكن من وراء تخلف ...
فكتب المستظهر في قصته يمشي الشاشي إلى الدامغاني ويعتذر فمضى إمتثالا للمراسم وكنا معه فقام له الدامغاني قياما تاما وعانقه واعتذر إليه وجلسا طويلا يتحدثان وكان القاضي يقول تكلم والدي في المسألة الفلانية واعترض عليه فلان وتكلم فلان في مسألة كذا وكذا واعترض عليه والدي إلى أن ذكر عدة مسائل فقال له الشاشي ما أجود ما قد حفطت أسماء المسائل قال المصنف رحمه الله وكان أبو الحسن إبن الدامغاني قصر أيضا في حق أبي الوفاء إبن عقيل فكتب إبن عقيل

إليه ما قرأته بخطة مكاتبة سنح بها الخاطر لتوصل إلى أبي الحسن الدامغاني قاضي القضاة يتضمن تنبيها له على خلال قد سولت له نفسه إستعمالها فهدت من مجد منصبه مالا يتلافاه على طول الوقت في مستقبل عمره لما خمره في نفوس العقلاء من ضعف رأيه وسوء خلقه الذي لم يوفق لعلاجه وكان مستعملا نعمة الله تعالى في مداواة نقائصه بخصائصه ومن عذيري ممن نشأ في ظل والد مشفق عليه قد حلب الدهر شطريه واتلف في طلب العلم أطيبية أجمع أهل عصره على كمال عقله كما إجتمع العلماء عى غزارة علمه واتفق تقدمه في نصبه القضاء بالدولة التركمانية والتركية المعظمة لمذهبه وفي عصره من هو أفضل منه بفنون من الفضل كأبي الطيب الطبري وأخلق بالرياسة كالماوردي وأبي إسحاق الفيروز أباذي وإبن الصباغ فقدمه الزمان على أمثاله ومن يربي عليه في الفضل والأصل فكان أشكر الناس لنعمة الله فاصطنع من دونه من العلماء وأكرم من فوقه من الفقهاء حتى أراه الله في نفسه فوق ما تمناه من ربه وغشاه من السعادة مالم يخطر بباله حيث رأى أبا الطيب الطبري نظير أستاذه الصيمري بين يديه شاهدا وله في مواكب الديوان ما نعا وتعجرف عليه أبو محمد الميمي فكان يتلافاه بجهده ويأبى الأ إكرامة ويغشاه في تهنئة وتعزية حتى عرض عليه القائم الوزارة فأبى تعدي رتبة القضاء فلما ولي ولده سلك طريقة عجيبة خرج بها عن سمت أبيه فقدم أولاده السوقة وحرم أولاد العلماء حقوقهم وقبل 2 شهادة أرباب المهن وانتصب قائما للفساق الذين شهد بفسقهم لباسهم الحرير والذهب ومنع أن يحكم ألا برأى أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وصاح في مجلسه بأعلى صوته أنه لم يبق في الأرض مجتد وهو لا يعلم ما تحت هذا الكلام من الفساد وهو أخراج عن الإجماع الذي هو آكد أدلة الشرع وليس لنا دليل معصوم سواه جعله الله في هذه الشريعة خلف النبوة حيث كان نبيها خاتم خاتم الأنبياء لا يخلفه نبي فجعل اجتماع أمته بدلا من نبوة بعد نبوة وقد علم أن المقدم عليه نقيب النقباء تقدم ميز وترك النظر صحفا وتعاطى أن لا يخاطب أحد بما يقتضيه حاله من شيوخه أو علم أونسب الآباء

فعاد ممقوتا إلى القلوب وأهمله من لا حاجة إليه له أصلحة الله لنفسه فما أغنانا عنه كتب إبن عقيل يوبخه أيضا على تقصير في حقه من عذيري ممن خص بولاية الأحكام وقضاء القضاة والحكم في جميع بلاد الإسلام فكان أحق الناس بالإنصاف والإنصاف لا يختص بأحكام الشرع بل حقوق الناس التي توجبها قوانين السياسة وآداب الرياسة مما يقتضي إعطاء كل ذي حق حقه ويجب أن يكون هو المعيار لمقادير الناس لا سيما أهل العلم الذي هو صاحب منصبهم ونراه على إستمرار عادته يعظم الأعاجم الواردين من الخراسانية تعظيما باللفظ وبالنهوض عنهم وينفخ فيهم بالمدح حال حضورهم ثقة بالسماع والحكاية عنهم وبطل الثناء بعد خروجهم فيحشمهم ذلك في نفوس من لا يعرفهم ويتقاعد عند علماء بلده ومشيخة دار السلام الذين قد انكشفت له علومهم على طول الزمان ويقصر بأولاد الموتى منهم مع معرفته بمقادير إسلا فهم والناس يتلحمون أفعاله وأكثر من يخصهم بالتعظيم لا يتعدون هذه المسائل الطبوليات ليس عندهم من الروايات والفروعيات خبر مفلسون من أصول الفقه والذين لا يعتمدون إلا على الألقاب الفارغة وإذا لم يسلك إعطاء كل ذي حق حقه لم يطعن ذلك في المحروم بل في الحارم إما من جهة قصور العلم بالموازنة أو من طريق إعتماد الحرمان لأرباب الحقوق وذاك البخس البحت والظلم الصرف وذلك يعرض بأساب التهمة في التعديل فيما سوى هذا القبيل ولا وجه لقول متمكن من منصبه لا أبالي فقد بالي من هو أكبر منصبا فقال عليه السلام لو لا أن يقال أن محمدا نقض الكعبة لأعدتها إلى قواعد إبراهيم فتوقى أن يقول الذين قتلهم وكسر أصنامهم وهذا عمر يقول لولا أن يقال أن عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم في حاشية المصحف ومن فقه قال في حاشية المصحف لأن وضع الآي كأصل الآي لا يجوز لأحد أن يضع آية في سورة من غير قول رسول الله صلى الله عليه و سلم بالوحي ضعوها على رأس كذا فأنبأ بقوله في حاشية المصحف على هذا الفقه الدقيق فإن قال لا أبالي بمن قال من العلماء العراق

كان العتب متضاعفا فيقال قد ظهر من أعظامك الغرباء زيادة على محلهم ومقدارهم طلبا لانتشار إسمك بالمدحة وعلماء العراق هم بالقدح أقوم كما انهم بأسباب المدح أعلم فأطلب السلامة تسلم والسلام توفي أبو الحسن الدامغاني ليلة الأحد رابع عشر محرم عن ثلاث وستين وستة أشهر ولي منها قضاء القضاة عشرين سنة وخمسة اشهر وأياما وصلى عليه وراء مقبرة الشمونيرية تقدم في الصلاة عليه إبنه أبو عبد الله محمد وحضر النقيبان والأكابر ودفن في داره بنهر القلائين في الموضع الذي دفن فيه أبوه ثم نقل الأب إلى مشهد أبي حنيفة
360 - علي بن عقيل
إبن محمد بن عقيل أبو الوفاء الفقيه فريد دهره وإمام عصره قال شخنا أبو الفضل إبن ناصر سألته عن مولده فقال ولدت في جمادي الآخرة سنة أحدى وثلاثين وأربعمائة وكذا رأيته أنا خطه وكان حسن الصورة ظاهر المحاسن حفظ القرآن وقرأ القراآت على أبي الفتح بن شيطا وغيره وكان يقول شيخي في القرآءة إبن شيطا وفي الأدب والنحو أبو القاسم بن برهان وفي الزهد أبو بكر الدينوري وأبو منصور بن زيدان أحلى من رأيت وأعذبهم كلاما في الزهد وأبن الشيرازي ومن النساء الحرانية بنت الحنبيد وبنت الغراد المنقطعة الى قعر بيتها لم تصعد سطحا قط ولها كلام في الورع وسيد زهاد عصره وعين الوقت ابو الوفاء القزويني ومن مشايخي في آداب التصوف ابو منصور ابن صاحب الزيادة العطار شيخ زاهد مؤثر بما يفتح له فتخلق بأخلاق مقتدى الصوفية ومن مشايخي في الحديث التوزي وابو بكر بن بشران والعشاري والجوهري وغيرهم ومن مشايخي في الشعر والترسل ابن شبل وابن الفضل وفي الفرائض ابو الفضل الهمذاني وفي الوعظ ابو طاهر ابن العلاف صاحب ابن سمعان وفي الاصول ابو الوليد وابو القاسم ابن البيان وفي الفقه ابو يعلي ابن الفراء المملوء عقلا وزهدا وورعا قرأت عليه حين عبرت من باب الطاق لنهب الغز لها سنة اربع واربعين ولم اخل بمجالسته وخلواته التي تتسع لحضوري والمشي معه ماشيا وفي ركابه الى

ان توفي وحظيت من قربه بما لم يحظ به احد من اصحابه مع حداثة سني والشيخ ابو اسحاق الشيرازي امام الدنيا وزاهدها وفارس المناظرة وواحدها وكان يعلمني المناظرة وانتفعت بمصنفاته وابو نصر ابن الصباغ وابو عبد الله الدامغاني حضرت مجدلس درسه ونظره من سنة خمسين الى ان توفي وقاضي القضاة الشامي انتفعت به غاية النفع وابو الفضل الهمذاني واكبرهم سنا واكثرهم فضلا ابو الطيب الطبري حظيت برؤيته ومشيت في ركابه وكانت صحبتي له حين انقطاعه عن التدريس والمناظرة فحظيت بالجمال والبركة ومن مشايخي ابو محمد التميمي كان حسنة العالم وما شطة بغداد ومنهم ابو بكر الخطيب كان حافظ وقته وكان اصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء وكان ذلك يحرمني علما نافعا واقبل علي ابو منصور بن يوسف فحظيت منه بأكثر من حظوة وقدمني في الفتاوى مع حضور من هو اسن مني واجلسني البرامكة بجامع المنصور لما مات شيخي سنة ثمان وخمسين وقام بكل مؤنتي وجملي فقمت من الحلقة اتتبع حلق العلماء لتلقط الفوائد فأما اهل بيتي فان بيت ابي فكلهم ارباب اقلام وكتابة وشعر وآداب وكان جدي محمد ابن عقيل كاتب حضرة بهاء الدولة وهو المنشيء لرسالة عزل الطائع وتولية القادر ووالدي انظر الناس واحسنهم جدلا وعلما وبيت امي بيت الزهري صاحب الكلام والمدرس على مذهب ابي حنيفة وعانيت من الفقر والنسخ بالاجرة مع عفة وتقوى ولا ازاحم فقيها في حلقة ولا تطلب نفسي رتبة من رتب اهل العلم القاطعة لي عن الفائدة وتقلبت على الدول فما اخذتني دولة السلطان ولا عاقة عما اعتقد انه الحق فأوذيت من اصحابي حتى طل الدم واوذيت من دولة النظام بالطلب والحبس فيا من خسرت الكل لاجله لا تخيب ظني فيك وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع من العصمة وقصر محبتي على العلم واهله فما خالطت لعابا قط ولا عاشرت الا امثالي من طلبة العلم وافتى ابن عقيل ودرس وناظر الفحول واستفتى في الديوان في زمن القائم في زمرة الكبار وجمع علوم

الاصول والفروع وصنف فيها الكتب الكبار وكان دائم الاشتغال بالعلم حتى اني رأيت بخطه اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري حتى اذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة وبصرى عن مطالعة اعمل فكري في حال راحتي وانا مستطرح فلا انهض الا وقد خطر لي ما اسطره واني لاأجد من حرصي على العلم وانا في عشر الثمانين اشد مما كنت اجده وانا ابن عشرين وكان له الخاطر العاطر والبحث عن الغوامض والدقائق وجعل كتابه المسمى بالفنون مناظرا لخواطره وواقعاته ومن تأمل واقعاته فيه عرف غور الرجل وتكلم على المنبر بلسان الوعظ مدة فلما كانت سنة خمس وسبعين واربعمائة جرت فيها فتن بين الحنابله والاشاعرة فترك الوعظ واقتصر على التدريس ومتعه الله بسمعه وبصره وجميع جوارحه قال المصنف وقرأت بخطه قال بلغت لا ثنتي عشرة سنة وانا في سنة الثمانين وما ارى نقصا في الخاطر والفكر والحفظ وحدة النظر وقوة البصر لرؤية الاهلة الخفية الا ان القوة بالاضافة الى قوة الشبيبة والكهولة ضعيفة وكان ابن عقيل قوى الدين حافظا للحدود ومات ولدان له فظهر منه من الصبر ما يتعجب منه وكان كريما ينفق ما يجد فلم يخلف سوى كتبه وثياب بدنه فكانت بمقدار كفنه وقضاء دينه وكان اذ طال عمره يفقد القرناء والاخوان قال المصنف رحمه الله فقرأت بخطه رأينا في اوائل اعمارنا اناسا طاب العيش معهم كالدينورى والقزويني وذكر من قد سبق اسمه في حياته ورأيت كبار الفقهاء كأبي الطيب وابن الصباغ وابي اسحاق ورأيت اسمعيل والد المزكي تصدق بسبعة وعشرين الف دينار ورأيت من بياض التجار كإبن يوسف وإبن جرده وغيرهما والنظام الذي سيرته بهرت العقول وقد دخلت في عشر التسعين وفقدت من رأيت من السادات ولم يبق الا اقوام كأنهم الممسوح صورا فحمدت ربي اذ لم يخرجني من الدار الجامعة لانوار المسار بل اخرجني ولم يبق مرغوب فيه فكفاني عنه التأسف على ما يفوت لان التخلف مع غير الامثال عذاب وانما هون فقداني للسادات نظري الى الاعارة بعين اليقين وثقتي الى وعد المبدىء لهم

فلكأني اسمع داعي البعث وقد دعا كما سمعت ناعيهم وقد نعى حاشي المبدىء لهم على تلك الاشكال والعلوم ان يقنع لهم في الوجود بتلك الايام اليسيرة المشوبة بأنواع الغصص وهو المالك لا والله لا اقنع لهم الا بضيافة تجمعهم على مائدة تليق بكرمه نعيم بلا ثبور وبقاء بلا موت واجتماع بلا فرقة ولذات بغير نغصة
وحدثني بعض الاشياخ انه لما احتضر ابن عقيل بكى النساء فقال قد وقفت خمسين سنة فدعوني اتهنأ بلقائه توفي رضي الله عنه بكرة الجمعة ثاني عشر جمادي الاولى من هذه السنة وصلى عليه في جامع القصر والمنصور وكان الجمع يفوت الاحصاء قال شيخنا ابن ناصر حزرتهم بثلثمائة الف ودفن في دكة الامام احمد وقبره ظاهر
361 - محمد بن احمد
ابن الحسين ابو عبد الله البردي ولد سنة خمس وخمسين وسافر في طلب القراآت البلاد البائنة وعبر ما وراء النهر وكان اذا قرأ بكى الناس لحسن صوته وحدث بشيء يسير عن ابي اسحاق الشيرازي وتوفي في هذه السنة
362 - محمد بن طرخان
ابن بلتكين ابو بكر التركي سمع الكثير وكتب وكان له معرفة بالحديث والادب وسمع الصريفيني وابن النقور وابن البسرى روى عنه اشياخنا ووثقوه توفي في صفر هذه السنة ودفن بالشونيزية
363 - محمد بن عبد الباقي
ابو عبد الله الدورى ولد سنة اربع وثلاثين واربعمائة وسمع الجوهري والعشاري وابا بكر بن بشران وغيرهم وكان شيخنا صالحا ثقة دينا خيرا وتوفي في صفر هذه السنة
364 - المبارك بن علي
ابن الحسين ابو سعد المخرمي ولد في رجب سنة ست واربعين واربعمائة وسمع

الحديث من ابى الحسين ابن المهتدى وابن المسلمة وجابر بن ياسين والصريفينى وابى يعلى ابن الفراء وسمع منه شيئا من الفقة ثم تفقه على صاحبه ابى جعفر الشريف ثم على يعقوب البرزبينى وافتى ودرس وجمع كتبا كثيرة ولم يسبق الى جمع مثلها وشهد عند ابى الحسن الدامغانى فى سنه تسع وثمانين وناب فى القضاء عن السيبى والهروى وكان حسن السيرة جميل الطريقة شديد الأقضية وبنى مدرسة بباب الازج ثم عزل عن القضاء فى

سنة
احدى عشرة ووكل به فى الديوان على حساب وقوف الترب فأدى مالا ثم توفى فى ثانى عشر محرم هذه السنة ودفن الىجانب ابى بكر الخلال عند رجلى الامام احمد بن حنبل
سنة
ثم دخلت سنة اربع عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه فى المحرم خطب للسلطانين ابى الحارث سنجر بن ملك شاه وابن اخيه ابى القاسم محمود بن محمد جميعا فى موضع واحد وسمى كل واحد منهما شاهنشاه
وفى اول صفر رتب ابو الفتوح حمزة بن على بن طلحة وكيلا ناظر فى المخزن وكان قبل ذلك ينظر فى حجبة الباب فبقي فى الحجبة سنة وشهرا واياما ثم نقل الى المخزن
وتمرد العيارون فى هذا الأوان وأخذوا زواريق منحدرة من الموصل ومصعدة الى غيرها وفتكوا بأهل السواد فتكات متواليات وهجموا على العتابيين فحفظوا ابواب المحلة ودخلوا الى دور عيونها فأخذوا ما فيها وما فى موازين المتعيشين فتقدم الخليفة الىاخراج اتراك دارية لقتالهم فخرجوا وحاصروهم فى الأجمة خمسة عشر يوما ثم ان العيارين نزلوا فى سفن وانحدروا الى شارع دار الدقيق دخلوا المحلة واقبلوا منها الى الصحارى وقصد أعيانهم دار الوزير ابن صدقة بباب العامة فى ربيع الاول واظهروا التوبة وخرج فريق منهم لقطع

الطريق فقتلهم اهل السواد بأوانا وبعثوا رؤسهم الى بغداد
وفى ربيع الاول ورد القاضى ابو جعفر عبد الواحد بن احمد الثقفى قاضى الكوفة والبلاد المزيدية وكان دبيس الملقب بسيف الدوله نفذ به الى الامير ايلغازى ابن ارتق فخطب منه ابنته فزوجة بها نقلها اليه فوردت صحبة ابى جعفر الحلة
ووقعت الخصومة بين السلطان محمود واخية مسعود ابنى محمد وكان مسعود هو العاصى عليه فتلطفة محمود فلم يصلح وقامت الحروب فى ربيع الاول فانحاز البرسقى الى محمود وانهزم مسعود وعسكره واستولى على اموالهم وقصد مسعود جبلا بينه وبين موضع الوقعة اثنا عشر فرسخا فأخفى نفسه وانفذ بركابى الى المعسكر يطلب الامان فحضر بين يدى السلطان فقال له ياسلطان العالم إن من السعادة ان اخاك لم يجد مهربا عنك وقد نفذ يطلب الامان وعاطفتك اجل متوسل به اليك فقال له واين هو قال فى مكان كذا فقال السلطان ما نويت غير هذا وهل الا العفو والاحسان واستدعى بالبرسقى وقال له تمضى الى اخى وتؤمنه وتستدعية واتفق بعد انفصال الركابى انه ظفر يونس بن داود البلخى بمسعود فاحتال عليه وقيل له ان حملته الى اخيه فربما اعطاك الف دينار او اقل وان حملته الى دبيس او الى الموصل وصلت الى ما شئت فعول على ذلك فجاء البرسقى فلم يره فسار خلفه فلحقه على ثلاثين فرسخا فأخذه وعرفه امان اخية له واعاده الى العسكر وخرج الاعيان فاستقبلوه ونزل عند امه ثم جلس السلطان محمود فدخل اليه فقبل الارض بين يدية فضمة الية وقبل بين عينية وبكى كل واحد منهما فكان هذا من محاسن افعال محمود
ولما بلغ عصيان مسعود الى سيف الدوله دبيس اخذ فى اذية بغداد وحبس مال السلطان وورد اهل نهر عيسى ونهر الملك مجفلين الى بغداد باهاليهم ومواشيهم فزعا من سيف الدوله لانه بدأ بالنهب فى اطرافهم وعبرعنان صاحب جيشه فبدأ بالمدائن فعسكربها وقصد بعقوباوحاصرها ثم اخذها عنوة وسبيت الذرارى

وافترشت النساء وكان سيف الدولة يعجبة اختلاف السلاطين ويعتقد أنه ما دام الخلاف قائما بينهم فأمره منتظم كما استقام امروالده صدقة عند اختلاف السلاطين فلما بلغة كسر مسعود وخاف مجيء محمود امر باحراق الأتبان والغلات وانفذ الخليفة اليه نقيب الطالبيين ابا الحسن على بن المعمر فحذره وانذاره فلم ينفع ذلك فيه وبعث اليه السلطان بالتسكين وانه قد اعفاه من وطء بساطه فلم يهتز لذلك وتوجه نحو بغداد فى جمادى الآخرة فضرب سرادقة بازاء دار الخلافة من الجانب الغربى وبات اهل بغداد على وجل شديد ونعيت والدة نقيب الطالبيين فقعدفى الكرخ للعزاء بها فمضى اليه سيف الدولة فنثر عليه اهل الكرخ وتهدد دارالخلافة وقال انكم استدعيتم السلطان فان انتم صرفتموه والا فعلت وفعلت فنفذ اليه انه لإيمكن رد السلطان بل نسعى فىالصلح فانصرف دبيس فسمع اصوات اهل باب الازج يبون فعاد وتقدم بالقبض عليهم فأخذ جماعة منهم وضربوا بباب النوبى ثم انحدر ثم دخل السلطان محمود فى رجب وتلقاه الوزير ابو على بن صدقة وخرج اليه اهل باب الازج فنثروا عليه الدنانيرونصت شحنكية بغداد الىبرنقش الزكوى
وفى شعبان هذه السنة بعث دبيس زوجته المسماة شرف خاتون بنت عميد الدوله ابن جهير الى السلطان وفى صحبتها عشرون الف دينار وثلاثة عشر رأسا من الخيل فما وقع الرضا عنه وطولب بأكثر من هذا فأصر على اللجاج ولم يبذل شيئا آخر فمضى السلطان الىناحيتة فبعث يطلب الأمان مغالطة لينهزم فلما بعث اليه خاتم الامان دخل البرية فدخل السلطان الحلة فبات بها ليلة
وفى هذه السنة تقدم المسترشد بإراقة الخمور التى بسوق السلطان ونقض بيوتهم وفيها رد وزير السلطان لميرمي المكوس والضرائب وكان السلطان محمد قد اسقطها فى سنه احدى وخمسمائة
ودخل السلطان محمود فتلقاه الوزير والموكب وطالب بالافراج عن الامير ابى الحسن فبذل له ثلثمائة الف دينار ليسكت عن هذا

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
365 - احمد بن عبد الوهاب
ابن هبه الله ابن السيبى ابو البركات سمع ابا الحسين بن النقور وابا محمد الصريفينى وابا القاسم ابن البسرى وغيرهم وحدث عنهم وروى عنه الخليفة المقتفي وكان يعلم اولاد المستظهر فأنس بالمسترشد فلما صارت الخلافة اليه وقبض على ابن الخرزى رد الى هذا الرجل النظر فى المخزن فولى ذلك السنة وثمانية اشهر وكان كثير الصدقة متعهدا لأهل العلم وخلف مالاحرز بمائة الف دينار واوصى بثلثى ماله ووقف وقوفا على مكة والمدينة ومات عن ست وخمسين سنة وثلاثة اشهر وصلى عليه بالمقصوره فى جامع القصر الوزير ابو على بن صدقة وارباب الدولة ودفن عند جده ابى الحسن القاضى بباب حرب
366 - احمد بن على
ابن محمد بن الحسن بن عبدون ابو سعد المقرى سمع ابا محمد التميمى وأبا الفضل بن خيرون وأبا الحسين ابن الطيورى وكان ستيرا صالحا يصلى فى المسجد المعروف بالوراقين وتوفى فى ربيع الآخر ودفن بباب حرب
367 - احمد بن محمد
ابن على البخارى ابو المعالى ولد سنة ثلاثين وسمع ابا طالب بن غيلان والجوهرى وغيرهما وسماعة صحيح وكان مستورا وتوفى فى هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
368 - احمد بن الخطاب
ويعرف بابن صوفان ابو بكر الحنبلى سمع ابا بكر الخياط وابا علىابن البناء وقرأعليه القراأت وكان صالحا مستورا يقرئ القرآن ويؤم الناس وتوفى فى ذىالقعدة ودفن بمقبرة باب حرب

369 - احمد بن محمد
ابن احمد ابو الحسن الضبى المحاملى العطار كان يبيع العطر وكان مستورا سمع ابا الحسين ابن الآبنوسى وابا الحسين الملطى وابا محمد الجوهرى روى عنه ابو المعمر الانصارى وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة ودفن بباب الازج
370 - سعد الله بن علي
ابن الحسين بن ايوب ابو محمد بن ابي الحسين روى عن القاضي ابي يعلي وابي الحسين ابن المهتدي وابي جعفر ابن المسلمة وابن النقور في آخرين وكان ستيرا صالحا صحيح السماع حسن الطريقة توفي في رجب ودفن بالشونيزي
371 - عبيد الله بن نصر
ابن السري الزاغوني ابو محمد المؤدب والد شيخنا ابي الحسن سمع ابا محمد الصريفيني وابن المهتدي وابن المسلمة وابن المأمون وخلقا كثيرا وكان من حفاظ القرآن واهل الثقة والصيانة والصلاح وجاوز الثمانين وتوفي يوم الاثنين عاشر صفر ودفن بمقبرة باب حرب
372 - عبد الرحمن بن محمد
ابن شاتيل ابو البركات الدباس سمع القاضي ابا يعلي وابا بكر الخياط وابا جعفر ابن المسلمة وابن المهتدي وابن النقور والصريفيني وغيرهم وكان مستورا من اهل القرآن والحديث وسماعة صحيح وتوفي في ليلة الاثنين سابع ذي القعدة ودفن بمقبرة باب حرب
373 - عبد الرحميم بن عبد الكريم
ابن هوازن بن عبد الملك بن طلحة ابو نصر ابن القشيرى قرأ على ابيه فلما توفي سمع من ابي المعالي الجويني وغيرهما وسمع الحديث من جماعة وكان له الخاطر الحسن والشعر المليح وورد الى بغداد ونصر مذهب الاشعري وتعصب له

ابو سعد الصوفي عصبية زائدة في الحد الى ان وقعت الفتنة بينه وبين الخنابلة وآل الامر الى ان اجتمعوا في الديوان فأظهروا الصلح مع الشريف ابي جعفر وحبس الشريف ابو جعفر في دار الخلافة ونفذ الى نظام الملك وسئل ان يتقدم الى ابن القشيرى بالخروج من بغداد لاطفاء الفتنة فأمره بذلك فلما وصل اليه اكرمه وامره بالرجوع الى وطنه قال ابن عقيل كان النظام قد نفذ ابن القشيرى الى بغداد فتلقاه الحنابلة بالسب وكان له عرض فأنف من هذا فأخذه النظام اليه ونفذهم البكري وكان ممن لا خلاق له واخذ يسب الحنابلة ويستخف بهم توفي ابو نصر ابن القشيري في جمادي الآخرة من هذه السنة بنيسابور واقيم له العزاء في رباط شيخ الشيوخ
374 - عبد العزيز بن علي
ابن عمر ابو حامد الدينوري كان احد ارباب الاموال الكثيرة وعرف بفعل الخير والاحسان الى الفقراء وكانت له حشمة وتقدم عند الخليفة وجاه عند التجار وسمع ابا محمد الجوهري روى عنه ابو المعمر الانصاري وتوفي في هذه السنة بهمذان
375 - محمد بن محمد
ابن علي بن الفضل ابو الفتح الخزيمي دخل بغداد سنة تسع وخمسمائة فحدث عن ابي القاسم القشيرى وجماعة من نظرائه ووعظ وكان مليح الايراد حلو المنطق ورأيت من مجالسه اشياء قد علقت عنه فيها كلمات ولكن اكثرها ليس بشيء فيها احاديث موضوعة وهذيانات فارغة يطول ذكرها فكان مما قال انه روى في الحديث المعروف ان رسول الله صلى الله عليه و سلم تزوج امرأة فرأى بكشحها بياضا فقال الحقى باهلك فزاد فيه فهبط جبريل وقال العلي الاعلى يقرئك السلام ويقول لك بنقطة واحدة من العيب ترد عقد النكاح ونحن بعيوب كثيرة لا نفسخ عقد الايمان مع امتك لك نسوة تمسكهن لاجلك امسك هذه لاجلي

قال المصنف وهذاكذب فاحش على الله تعالى وعلى جبريل فانه لم يوح اليه شيء من هذا ولا عوتب في فراقها فالعجب من نفاق مثل هذا الكذب في بغداد ولكن علىالسفساف والحهال وكذلك مجالس ابى الفتوح الغزالى ومجالس ابن العبادى فيها العجائب والنقولات المتخرصة والمعانىالتى لا توافق الشريعة وهذه المحنة تعم اكثر القصاص بل كلهم لبعدهم عن معرفة الصحيح ثم لاختيارهم ما ينفق على العوام كيف ما اتفق احتضر الخزيمى بالرى فأدركة حين نزعه قلق شديد قيل له ما هذا الانزعاج العظيم فقال الورود على الله شديد فلما توفي دفن بالري عند قبر ابراهيم الخواص

سنة
ثم دخلت سنة خمس عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها ان السلطان محمود خرج من بغداد متصيدا فورد الخبر اليه بوفاة جدته ام ابيه فعاد عن متصيدة وجلس للعزاء بها في حجرة من دار المملكة هو وخواصه وجلس وزيره ابو طالب على بن احمد وكافة ارباب الدولة واعيان العسكر في صحن الدار وحضر عندهم الوزير ابو علي بن صدقة والموكب في الايام الثلاثة بثياب العزاء ونصب كرسي للوعظ فتكلم عليه ابو سعد اسمعيل بن احمد وابو الفتوح احمد بن محمد الغزالي الطوسيان وجاء ابن صدقة في اليوم الرابع ومعه الموكب لاقامة السلطان من العزاء وافاضة الخلع عليه ففعل ذلك وعزم السلطان محمود على الخروج من بغداد فقيل له من دار الخلافة ينبغي ان تقيم في هذا الصيف عندنا وكان ذلك من خوف سيف الدولة فقال ان معي هذه العساكر فقيل له انا لا نترك غاية فيما يعود الى الاقامة واستقر ان يزيحوا العلة في نفقة اربعة اشهر ففرغت خزائن الوكلاء واستقر ان يؤخذ من دور الحريم ودكاكينه ومساكنه اجرة شهر فكتبت بذلك الجرائد ورتب لذلك الكتاب والمشرف والجهبذ وجبي من ذلك مبلغ وافر في مدة ثلاثة ايام فكثرت الشكايات فنودي برفع ذلك واعادة ما جبى على اربابه والتفت الى الاستقراض

من ذوي الأموال
وفى صفر وجد مقتول بالمختارة فجاء اصحاب الشحنة فكبسوا المحلة وطلبوا الحامى فهرب فجاء نائب الشحنةالىباب العامة بالعدد والسلاح الظاهر وتوكل بدار ابن صدقة الوزير ووكل عشرة وبدار ابن طلحة صاحب المخزن وبدار حاجب الباب ابن الصاحب وقال انا اطالبكم بجناية المقتول
وفى يوم الجمعة ثامن ربيع الاول استدعى على بن طراد النقيب بحاجب من الديوان فلما حضر قرأ عليه الوزير ابن صدقة توقيعا مضمونه قد استغنى عن خدمتك فمضى واغلق بابه وكانت ابنته متصلة بالامير أبى عبد الله بن المستظهر وهو المقنفى فكان الوزير ابن صدقة يتقرب منه ولا يباسطه فى دار الخلافة فلما كان يوم الاربعاء سابع عشر ربيع الاول انحدر الوزير ابو طالب متفرجا فلما حاذى باب الأزج عبر اليه على بن طراد وذكر له الحال فوعده ثم خاطبه في حقه فرضي عنه واعيد الى النقابة في ثاني ربيع الآخر
وفي عشية يوم الثلاثاء خامس ربيع الأول خلع في داء السلطان على القاضي أبي سعد الهروي وركب إلى داره بقراح ابن رزين ومعه كافة الأمراء ونفذ أمره في القضاء بجميع الممالك سوى العراق مراعاة لقاضي القضاة أبي عبد الله الزينبي لما يعلم من ميل المسترشد إليه وخرج الهروي في هذا الشهر إلى سنجر برسالة من المسترشد ومن السلطان محمود واصحب تشريفات وحملانا وسار في تجمل كثير وفي يوم الثلاثاء تاسع جمادي الاولى صرف كاتب ديوان الزمام عنه وهو شمس الدولة ابو الحسن على بن هبة الله ابن الزوال ووقع بذلك بالنظر في ديوان الزمام مضافا الى ديوان الانشاء
وفي عتمة يوم الاحد رابع جمادى الاخرة وقع الحريق في دار المملكة فاحترقت

الدار التي استجدها بهروز الخادم وكان السبب ان جارية كانت تختضب الحناء في الليل وقد اسندت الشمعة الى خيش فعلقت به النار فما تجاسرت ان تنطق فاحترقت الدار وكان السلطان نائما على السطح فنزل وهرب الى سفينة ووقف وسط دجلة وقيل انه مضى الى دار برنقش الزكوى وذهب من الفرش والآلات والاواني واللؤلؤ والجوهر ما يزيد على قيمة الف الف دينار وغسل غسالون التراب فظفروا بالذهب والحلي سبائك ولم يسلم من الدار شيء ولا خشبة واحدة وعاد السلطان الى دار المملكة وتقدم ببناء دار له على المسناة المستجدة وان تعمل آزاجا استظهارا واعرض عن الدار التى احترقت وقال ان ابي لم يتمتع بها ولا امتد بقاؤه بعد انتقاله اليها وقد ذهبت اموالنا فيها فلا اريد عمارتها ومضى الوزير ابن صدقة اليه مهنئا بسلامة نفسه
ثم وصل الخبر من اصفهان بعد يومين بحريق جامع اصفهان وان ذلك كان في الليلة السابعة والعشرين من ربيع الآخر قبل حريق الدار السلطانية بثمانية ايام وهذا جامع كبير انفقت الاموال في العمارة له وكان فيه من المصاحف الثمينة نحو خمسمائة مصحف من جملتها مصحف ذكر انه بخط ابي بن كعب واحترقت فيه اخشاب اعترم عليها زائد على الف الف دينار وورد من اصفهان بعد ذلك القاضي ابو القاسم اسمعيل بن ابي العلاء صاعد بن محمد البخاري ويعرف بابن الدانشمنده مدرس الحنفيين وجلس في دار السلطان للوعظ في رمضان وحضر السلطان وكافة اوليائه ثم اجتمع الشافعيون في دار الخلافة شاكين من هذا الوعظ وذكروا انه تسمح بذكر اصحابهم وغض منهم
وقتل العيارون مسلحيا بالمختارة فشكا الشحنة سعد الدولة الى الديوان ما يتم منهم واستأذن في اخذ المتشبهين فاخذاه فأخذ من كان مستورا وغير مستور فغلقت المساجد مع صلاة المغرب ولم يصل بها احد العشاء
وتصيد السلطان في شعبان ثم قدم فمضى اليه قاضي القضاة الزينبي وابن الانباري

واقبال ونظر والأماثل فخلف السلطان بمحضر منهم على الطاعة والمناصحة ثم نفذ السلطان في عشية ذلك اليوم هدية الى الخليفة
فلما كان يوم الاثنين رابع عشرين شعبان جلس المسترشد فى الدار الشاطئية المجاورة للمثمنة وهى من الدور البديعة التى انشأها المقتدى وتممها المسترشد فجلس فى قبة على سدة وعليه الثوب المصمط الاسود والعمامة الرصافية وعلى كتفة بردة النبى صلى الله علية وسلم وبين يدية القضيب وحضر الدار وزيره ابو على بن صدقة ورتب الامورواقام فى كل باب حاجبا بمنطقة ومعه عشرون غلاما من الدار وانفردحاجب المخزن ابن طلحة فى مكان ومعه التشريف وجلس الوزير فى كم الجارى واستدعى ارباب المناصب وحضرمتقدموا العلماء وأتى وزير السلطان ابوالحسن على بن احمد السميرمى والمستوفى واخواص دولتهم ثم وقف الوزير ابو على بن صدقة عن يسار السدة والوزير ابو طالب عن يمينة ثم نقل السلطان محمود ويده في يد اخيه مسعود وقد نفذ اليه الزبزب مع اقبال ونطر فلما صعد منه قدم مركوبة عند المثمنة فركب الى باب الدركاه ثم مشى من هناك فلما قرب استقبلة الوزيران ومن معهما وحجبوه الى بين يدي الخليفة فلما قاربوا كشفت الستارة لهما ووقف السلطان في الموضع الذي كان وزيره قائما فيه فيه واخوه مما يليه فخدما ثلاث دفعات ووقفا والوزير ابن صاعد يذكر له عن الخليفة انسه بن وتقربه وحسن اعتقاده فيه ثم امر الخليفة بافاضة الخلع عليه فحمل الى مجنب البهو ومعه اخوه وبرنقش وريحان وتولى افاضة ذلك عليه صاحب المخزن واقبال ونظر وفي الساعة التي كان مشتغلا فيها بلبس الخلع كان الوزيران قائمين بين يدي الخليفة يحضران الامراء اميرا اميرا فيخدم ويعرف خدمته فيقبل الارض وينصرف ثم عاد السلطان واخوه فمثلا بين يدي الخليفة وعلى محمود الخلع السبعة والطوق والتاج والسواران فخد ما وامر الخليفة بكرسي فجلس عليه السلطان ووعظه الخليفة وتلا عليه قوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره وامره بالاحسان الى الرعية ثم اذن للوزير

ابي طالب في تفسير ذلك ففسره واعاد عنه انه قال وفقني الله لقبول اوامر مولانا امير المؤمنين وارتسامها فالسعادات معها متيسرة وهي بالخيرات مبشرة وسلم الخليفة الى الوزيرين سيفين وامرهما ان يقلدا بهما السلطان فلما فعلا قال له اقمع بهما الكفار والملحدين وعقد الخليفة بيده لوائين حملا معه وخدم ثم خرج فقدم اليه في صحن الدار فرس من مراكب الخليفة بمركب حديد صيني وقيد بين يديه اربعة افراس بمراكب ذهب واذن الخليفة بعد ذلك لارباب الدولة واهل العلم والاشراف والعدول وعرفه الوزير رجلا رجلا منهم والخليفة ملتفت اليه مصغ الى ادعيتهم معط لكل واحد ما يصلح من النظر اليه ومن خطابه ثم صعد ابن صدقة في اليوم الذي يلي هذا اليوم في الزبزب الى السلطان فتعرف خبره عن الخليفة وافاض عليه الملابس التي كانت على الخليفة وقت جلوسه وانحدر الوزير الى دار الوزير ابي طالب فخلع عليه واطال مقامه عنده وخلوا في مهمات تجارياها
وفي هذه السنة وقعت امطار عظيمة ودامت واتصلت بجميع العراق واهلكت ما على رؤس النخل وفي الشجر من الارطاب والاعناب والفواكه وما كان في الصحاري من الغلات فلما كان انتصاف الليل من ليلة السبت وهي ليلة الحادي والعشرين من كانون الثاني سقط الثلج ببغداد ودام سقوطه الى وقت سقوطه من الغد الظهر فامتلأت به الشوارع والدروب وقام نحو ذراع وعمل منه الاحداث صور السباع والفيلة وعم سقوطه من بين تكريت الى البطيحة ونزل على الحاج بالكوفة وقد ذكرنا في كتابنا هذا ان الثلج وقع في سنين كثيرة في ايام الرشيد والمقتدر والمعتمد والطائع والمطيع والقادر والقائم وما سمع بمثل هذا الواقع في هذه السنة فانه بقي خمسة عشر يوما ما ذاب وهلك شجر الاترج والنارنج والليمون ولم تهلك البقول والخضر ولم يعهد سقوط الثلج بالبصرة الا في هذه السنة
انبأنا ابو عبد الله ابن الحراني قال لما نزل الوفر ببغداد في سنة خمس عشرة قال بعض شعراء الوقت

يا صدور الزمان ليس بوفر ... ما رأيناه في نواحي العراق ... انما عم ظلمكم سائر الخلق فشابت ذوائب الآفاق ...
ونفذ من دار الخلافة بالقاضي ابي منصور ابراهيم بن سالم الهيتي نائب الزينبي برسالة من الخليفة ومن السلطان وكتب من الديوان الى المغازي بسلامته من غزاة غزاها ويأمر انه بابعاد دبيس وفسخ النكاح بينه وبين ابنته وقد كان لها زوج قبل دبيس سلجوقي وكان قد دخل بها فقبض السلطان عليه واعتقله فورد بغداد شاكيا من ايلغازى ومحتجا عليه بأن نكاحه ثابت فروسل بالهيتي فقال له ان النكاح فاسد فقال ايلغازى ان النكاح الذي فسخه عامي لا ينفذ فسخه فأجاب بجواب ارضاه عاجلا وحلف على طاعة الخليفة والسلطان واما سيف الدولة فانه كاتب الخليفة كتبا يستميل بها قلبه ويذكر طاعته فروسل في جواب كتابه بمكتوب يسلك معه فيه الملاطفة فدخل الحلة واخرج اهلها فازدحموا على المعابر فغرق منهم نحو خمسمائة ودخل اخوه النيل واخرج شحنة السلطان منها وكان السلطان ببغداد فحثه الخليفة على دبيس فندب السلطان الامراء لقصد دبيس فلما قصدوه احرق من دار ابيه وخرج من الحلة الى النيل فأخذ منها من الميرة ودخل الازير وهو نهر سنداد الذي يقول فيه الاسود بن يعفر
... والقصر ذي الشرفات من سنداد ...
فلما وصل العسكر الحلة وجدوها فارغة فقصدوا الازير فحاصروه فراسله برنقش ان يحذر مخالفة السلطان وينفذ اخاه منصورا الى الخدمة فأجاب وخرج دبيس وعسكره ووقف بازاء عسكر برنقش فتحالفا وتعاهدا في حق منصور ونفذ به اليه وعاد العسكر الى بغداد ومعهم منصور فحمله برنقش الى خدمة السلطان فأكرمه وبعثه مع برنقش إلى خدمة الخليفه
ودخلت العرب من نبهان فيد فكسروا ابوابها واخذوا ما كان لاهلها فتوجع الناس لهم وعلموا ان خراب حصنهم سبب لانقطاع منفعة الناس من الحجيج فعمل موفق الخادم الخاتوني لهم ابوابا من حديد وحملها على اثني عشر جملا

وانفذ الصناع لتنقية العين والمصنع وكانت العرب طموهما واغترم على ذلك مالا كثيرا وتولى ذلك نقيب مشهد امير المؤمنين علي عليه السلام واعيدت المكوس والمواصير والزم الباعة ان يرفعوا الى السلطان ثلثي ما يأخذونه من الدلالة في كل ما يباع وفرض على كل نول من السقلاطون ثمانية قاط وحبة ثم قيل للباعة زنوا خمسة الآف شكرا للسلطان فقد تقدم بازالة المكس ومرض وزير السلطان محمود فعاده السلطان وهنأه بالعافية فعمل له وليمة بلغت خمسين الف دينار وكان فيها الاغاني والملاهي
وفي رجب اخذ القاضي ابو عبد الله ابن الرطبي شواء من الاعاجم فشهره فمضى وشكا الى العجم فاقبل العجم في خمسة غلمان اتراك فأخذوه وسحبوه الى دار السلطان وجرت فتنة وغلقت ابواب الحديد ورجمهم العامة فعادوا على العامة بالدبابيس فانهزموا وحملوه فلما شرح الحال لوزير السلطان اعيد مكرما وطولب اهل الذمة بلبس الغيار فانتهى الامر الى ان يسلموا الى الخليفة اربعة الاف والى السلطان عشرين الف دينار واحضر الجالوت فضمنها وجمعها

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
376 - الحسن بن احمد
ابن الحسن بن علي ابو علي الحداد الاصفهاني ولد سنة تسع عشرة واربعمائة وسمع ابا نعيم وغيره انتهى اليه الاقراء والحديث باصبهان وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة عن ست وتسعين
377 - خاتون السفرية
كانت حظية ملك شاه فولدت له محمدا وسنجر وكانت تتدين وتبعث حمال السبيل الى طريق مكة ولما حصلت في الملك بحثت عن اهلها وامها واخواتها حتى عرفت مكانهم ثم بذلت الاموال لمن يأتيها بهم فلما وصلوا اليها دخلت امها وكانت قد فارقت امها منذ اربعين سنة فجلست البنت بين جوار يقاربنها

في الشبه حتى تنظر هل تعرفها أم لا فلما سمعت الأم كلامها نهضت إليها فقبلتها وأسلمت الأم فلما توفيت خاتون قعد لها السلطان محمود في العزاء على ما سبق ذكره
وهذه المرأة تذكر في نوادر التاريخ لأنهم قالوا لا يعلم امرأه في الإسلام ولدت خليفتين أو ملكين سوى ولادة بنت العباس لأنها ولدت لعبد الملك الوليد وسليمان و وليا الخلافة وشاهفرند ولدت للوليد بن عبد الملك يزيد وإبراهيم وكلاهما ولي الخلافة والخيزران ولدت الهادي والرشيد وهذه ولدت محمدا وسنجر وكلاهما ولي السلطنة وكان عظيما في ملكه
378 - عبد الرزاق بن عبد الله
إبن علي بن إسحاق الطوسي إبن أخي نظام الملك كان قد تفقه على الجويني وأفتى وناظر ثم وزر لسنجر فترك طريقة الفقهاء وإشتغل بالجند وتدبير المماليك وتوفي في هذه السنة
379 - عبد الوهاب بن حمزة
أبو سعد الفقيه الحنبلي العدل سمع إبن النقور والصريفيني وغيرهما وتفقه على الشيخ أبي الخطاب وأفتى وشهد عند أبي الحسن الدامغاني وكان مرضي الطريقة جميل السيرة من أهل السنة توفي في شعبان ودفن بباب حرب
380 - علي بن يلدرك الكاتب
أبو الثناء الزكي كان شاعرا ذكيا ظريفا مترسلا وله شعر مطبوع وتوفي في صفر هذه السنة ودفن بباب حرب قال المصنف نقلت من خط أبي الوفاء بن عقيل قال حدثني الرئيس أبو الثناء بن يلدرك وهو ممن خبرته بالصدق أنه كان بسوق نهر معلى وبين يديه رجل على رأسه قفص زجاج وذاك الرجل مضطرب المشي يظهر منه عدم المعرفة بالحمل قال فما زلت أترقب منه سقطة لما رأيت من إضطراب مشية فما لبث أن زلق زلقة طاح منها القفص فتكسر جميع ما كان فيه فبهت الرجل ثم أخذ عند الإفاقة من البكاء يقول هذا والله جميع

بضاعتي والله لقد أصابني بمكة مصيبة عظيمة توفي على هذه ما دخل قلبي مثل هذه واجتمع حوله جماعة يرثون له ويبكون عليه وقالوا مالذي أصابك بمكة فقال دخلت قبة زمزم وتجردت للإغتسال وكان في يدي دملج فيه ثمانون مثقالا فخلعته وأغتسلت ولبست وخرجت فقال رجل من الجماعة هذا دملجك له معي سنين فدهش الناس من إسراع جبر مصيبته
381 - علي بن المدير
الزاهد كان يسكن دار البطيخ من الجانب الغربي وله مسجد معروف اليوم به وله بيت إلى جانبه وكان يتعبد فتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وصلى عليه بجامع القصر وكان يوما مشهودا وحمل ودفن في البيت الذي إلى جانب مسجده
382 - محمد بن علي
إبن عبيد الله الدنف أبو بكر المقرىء ولد سنة إثنتين وأربعين وأربعمائة وسمع إبن المسلمة وإبن المهتدي والصرفيني وإبن النقور ونظراءهم وتفقه علي الشريف أبي جعفر وكان من الزهاد الأخيار ومن أهل السنة وانتفع به خلق كثير وحدث بشيء يسير وتوفي في شوال ودفن بباب حرب
383 - محمد بن محمد
إبن عبد العزيز بن العباس بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن المهتدي أبو علي العدل الخطيب ولد في جمادي الأولى سنة إثنتين وثلاثين وأربعمائة وسمع إبن غيلان والقزويني والجوهري والطبري ونظراءهم وحدث عنهم وهو آخر من حدث عن العتيقي وأبي منصور إبن السواق وأبي القاسم بن شاهين وكان ثقة عدلا دينا صالحا وشهد عند أبي عبد الله الدامغاني وهو آخر من بقي من شهود القائم بأمر الله وكان من ظراف البغدادين ومحاسن الهاشميين ومات عن ثلاث وثمانين سنة وتوفي يوم الجمعة خامس عشرين شوال وحضر قاضي القضاة

الزينبي والنقيبان والأعيان ودفن بباب حرب
384 - محمد بن محمد
إبن الجزري أبو البركات البيع سمع البرمكي والجوهري وكان سماعه صحيحا وتوفي في ليلة الأحد خامس عشرين ذي القعدة ودفن بباب حرب
385 - نزهة المعروفة بست السادة
أم ولد المسترشد توفيت وحملت إلى الرصافة وخرج معها عميد الدولة بن صدقة والجماعة بالنيل
386 - هزارسب بن عوض
إبن الحسن الهروي أبو الخير سمع من إبن النظر وطراد وأقرانهما الكثير وكتب الكثير وأفاد الطلبة من الغرباء والحاضرين وكان ثقة من أهل السنة خيرا واخترمته المنية قبل أوان الرواية وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب

سنة
ثم دخلت سنة ست عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها أنه في عشية يوم الأحد خامس عشر المحرم استدعى الوزير أبو طالب علي بن أحمد السميرمي وخاطبه في معنى دبيس فإن في قربه من مدينة السلام خطرا على أهلها وأنا نؤثر مقام آق سنقر البرسقي عندنا لأنا لا نشك في نصحه فوافق السلطان محمود على ذلك وكوتب البرسقي لينحدر وأرسل في ذلك سديد الدولة أبو عبد الله إبن الأنباري فأقبل إلى بغداد فخرج وزير السلطان فتلقاه ونصبت له الخيم بتولي فراشي الخليفة الخواص
وفي يوم الأربعاء حادي عشر المحرم قصد برنقش دار الخلافة ومعه منصور أخو دبيس وأنزل عند باب النوبي فقبل الأرض وجلس عند حاجب الباب ليطالع بحاله ثم مضى برنقش إلى الديوان وقال أن السلطان يخاطب في الرضا عن منصور

ويشفع في ذلك فنزل الجواب عرف حضور منصور بالشفاعة المغيثية معتذرا مما جرى من الوهلات وتقدم من اللإساآت وما دام مع الرايات المغيثية فهو مخصوص بالعناية مشمول بالرعاية
وفي هذه السنة زاد الماء حتى خيف على بغداد من الغرق وتقدم إلى القاضي أبي العباس إبن الرطبي بالخروج إلى القورج ومشاهدة ما يحتاج إليه وهذا القورج الذي غرق الناس منه في سنة ست وستين تولى عمارته نوشتكين خادم أبي نصر بن جهير وكتب إسمة علية لضرب علية خيمة ولم يفارقة حتى أحكمه وغرم عليه ألوف دنانير من مال نفسه وسأله محمد الوكيل أن يأخذ منه ثلاث الاف دينار ويشاركه في الثواب فلم يفعل وقال إخراج المال عندي أهون وحاجتي إلى الله تعالى أكثر من حاجتي إلى المال
وفي يوم الأربعاء رابع عشر صفر مضى الوزير أبو علي بن صدقة ومعه موكب الخليفة إلى القورج واجتمع بالوزير أبي طالب ووقفا على ظهور مراكبهما ساعة ثم إنصرفا فما إستقر الناس في منازلهم حتى جاء مطر عظيم أجمع الأشياخ أنهم لم يروا مثله في أعمارهم ووقع برد عظيم معه ولم يبق بالبلد دار إلا ودخل الماء من حيطانها وأبوابها وخرج من آبار الناس وفي هذا الوقت ورد الحاج شاكرين لطريقهم واصفين نعمة الله تعالى بكثرة الماء والعشب ورخص السعر وكانت الكسوة نفذت على يدي القاضي أبي الفتح إبن البيضاوي وأقام بالمدينة لعمارة ما تشعث من مسجدها
وفي عشية سلخ صفر تقدم السلطان بالإستظهار على منصور بن صدقة ونفذ إلى مكان فوثق عليه
وفي يوم الأربعاء غرة ربيع الأول خرج السلطان محمود من بغداد وكان مقامه بها سنة وسبعة أشهر وخمسة عشر يوما ثم نودي في يوم الجمعة ثالث ربيع الأول بإسقاط المكوس والضرائب وما وضع على الباعة من قبل السلطان ثم إستدعى البرسقي إلى باب الحجرة وفووض في أمر دبيس فقابل ذلك بالسمع والطاعة فخلع

عليه وتوجه إلى صرصر واقترح أن يخرج معه إبن صدقه فاعتذر الخليفة بأن مهام الخدمة منوطة به وإخراج عوضه أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم إبن الأنباري سديد الدولة ونودي في احريتم أنه متى أقام جندي ولم يخرج للقتال فقد برئت منه الذمة وعبر دبيس ونفذ إلى البرسقي يقول له قد أغنيتك عن العبور وصرت معك على أرض واحدة وظفر الأتراك بثلاثين رجلا من السوادية يريدون أن يفجروا نهر فقتلهم الأتراك ثم تصاف العسكران يوم الخميس سلخ ربيع الأول فأجلت الوقعة عن هزيمة البرسقي فقد كان في خمسة آلاف فارس نصفهم لابس وكان عسكر دبيس في أربعة آلاف بأسلحة ناقصة وعدد مقصرة إلا أن رجالته كانت كثيرة وكان سبب هزيمة البرسقي أنه رأى في الميسرة خللا فأمر بحط خيمتة لتنصب عندهم ليشجعهم بذلك وكان ذلك ضلة من الرأي لأنهم لما رأوا الخيمة قد حطت أشفقوا فانهزموا وكان الحر شديد فهلكت البراذين والهمالج عطشا وترقب الناس من دبيس بعد هذا ما يؤذي فلم يفعل وأحسن السيرة فيما يرجع إلى أعمال الوكلاء وراسل الخليفة بالتلطف وتقررت قواعد الصلح واستقر انفاذ قاضي القضاة الزينبي ليحلف سيف الدولة على المستقر فعله بعد الصلاح فاستعفى فأعفى ونص على أبي العباس إبن الرطبي فخرج مع ناصح الدولة أبي عبيد الله الحسين إبن جهير وتبعهما إقبال الخادم وعادوا من الحلة فقصدوا وقت دخولهم دار الوزير إبن صدقة ليوهموه خلاف ماهم عليه من تقرر الأحوال على عزلة فلم يخف عليه ولا على الناس وعرف أن التقريرات إستقرت بينهم عليه وانزعج وكان كل واحد من دبيس وإبن صدقة معلنا بعداوة الآخر فبكر إبن صدقة إلى الديوان على عادته وجلس في الموكب وكان يوم الخميس وخرج جواب ما أنهى ثم استدعي إلىمكان وكل به فيه ونهبت داره التي كان يسكنها بباب العامة ودور حواشيه وأتباعه وقبض على حواشيه وعلى عز الدولة أبي المكارم إبن المطلب ثم أفرج عنه ورد إليه ديوان الزمام بعد ذلك
وفي غداة يوم الجمعة الحادي والعشرين من جمادي الأولى تقدم الخليفة باستدعاء

علي بن طراد إلى باب الحجرة وأخرجت له خلع من ملابس الخاص وووقع له بنيابة الوزارة وكان نسخة التوقيع محلك يا نقيب النقباء من شريف الأباء وموضعك الحالي بالإختصاص والأختيار ما يقتضيه إخلاصك المحمود إختياره الزاكية آثاره توجب التعويل عليك في تنفيذ المهام والرجوع إلى استصوابك في النيابة التي يحسن بها القيام وجماعة الأولياء والأتباع مأمورون بمتابعتك وإمتثال ما تصرفهم عليه من الخدم في إبدائك وإعادتك فاحفظ نظام الدين وتقدم إلى من جرت عادته بملازمة الخدمة وسائر الأعوان وتوفر على مراعاة الأحوال بانشراح صدر وفراغ بال فإن الأنعام لك شامل وبنيل آمالك كافل إن شاء الله ثم تقدم الخليفة بعد مدة من عزل الوزير باطلاقه إلى دار يمن وجمع بينه وبين اهله وولده وفعل معه الجميل
ثم قدم اقضى القضاة ابو سعد الهروى من العسكر بهدايا من سنجر ومال واخبر ان السلطان محمود قد استوزر عثمان بن نظام الملك وقد عول عثمان على القاضي الهروى بأن يخاطب الخليفة في ان يستوزر اخاه ابا نصر احمد بن نظام الملك وانه لا يستقيم له وزارة وابن صدقة بدار الخلافة وقال انا اتقدم الى من يحاسبه على ما نظر للسلطان فيه من الاعمال ويحاققه ان اراد المسألة فالدنيا بين يديه فليتخير أي موضع احب فليقم فيه فتخير ابن صدقة حديثة الفرات ليكون عند سليمان بن مهارش فأجيب واخرج وحقر فوقع عليه يونس الحرمي وجرت له معه قصص وضمانات حتى وصل الحديثة ورأى في البرية رجلا فاستراب به ففتش فاذا معه كتاب من دبيس الى يونس يحثه على خدمة الوزير ابي علي وكتاب باطن يضمن له ان سلمه اليه ستة الاف دينار عينا وقرية يستغلها كل سنة الفي دينار
واستدعى ابو نصر احمد بن نظام الملك في نصف رمضان من داره بنقيب النقباء على بن طراد وابن طلحة صاحب المخزن ودخل الى الخليفة وحده وخرج مسرورا وافردت له دار ابن جهير بباب العامة وخلع عليه في شوال وخرج

الى الديوان وقريء عهده وكان علي بن طراد بين يديه يأمر وينهى وامر بملازمة مجلسه
فأما حديث دبيس فقد ذكرنا ما تجدد بينه وبين الخليفة من الطمأنينة واسباب الصلح فلما كان ثاني رمضان بعث طائفة من اصحابة فاستاقوا مواشي نهر الملك وكانت فيما قيل تزيد على مائة الف رأس فبعث الخليفة اليه عفيفا الخادم يقبح له ما فعل فلما وصل اليه اخرج دبيس ما في نفسه وما عومل به من الامور الممضة منها انهم ضمنوا له هلاك ابن صدقة عدوه فأخرجوه من الضيق الى السعة واجلسوا ابن النظام في الوزارة شيئا شيئا وزيادة ومنها انه خاطبهم في اخراج البرسقي من بغداد فلم يفعلوا ومنها أنهم وعدوه في حق اخيه منصور انهم يخاطبوا في اصلاح حاله وخلاصه من اعتقاله وانه كتب اليه من العسكر ان انحراف دار الخلافة هو الموجب لاخذه ولو ارادوا اخراجه لشفعوا فيه فهم عفيف بمجادلته فلم يصغ دبيس اليه وقال له قد اجلتكم خمسة ايام فان بلغتم ما اريده والا جئت محاربا وتهدد وتوعد فبادر عفيف بالرحيل واتت رجالة الحلة فنهبوا نهر الملك وافترشوا النساء في رمضان واكلوا وشربوا فجاء عفيف فحكى للخليفة ما جرى وفي ذي الحجة اخرج المسترشد السرادق ونودي النفير فأمير المؤمنين خارج الى القتال عنكم يا مسلمين وغلا السعر فبلغ ثلاثة ارطال بقيراط وامر المسترشد ان يتعامل الناس بالدراهم عشرة بدينار والقراضة اثني عشر بدينار وخرج الخليفة يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي الحجة من داره وعبر الى السرادق قال المصنف ولنذكر مبتدأ امر هذا دبيس كما نفعل في ابتداء امور الدول وذلك ان اول من نبغ من بيته مزيد فجعل اليه ابو محمد المهلبي وزير معز الدولة ابي الحسين بن بويه حماية سورا وسوادها فوقع الاختلاف بين بني بويه وكان يحمي تارة ويغير اخرى وبعث به فخر الملك ابو غالب الى بني خفاجة سنة القرعاء فأخذ الثار منهم ومات فقام مقامه ابنه ابو الاعز دبيس وكان عائنا قل ان يعجب بشيء الا هلك حتى انه نظر الى ابنه بدران فاستحسنه فمات وكان يبغض ابن ابنه

صدقة وهو ابو دبيس هذا فعوقب في هذا فقال رأيت في المنام كأنه قد بلغ اعنان السماء وفي يده فأس وهو يقلع الكواكب ويرمي بها الى أهل الارض ووقع بعدها ولا شك انه يبلغ المنزلة وينفق في الفتن ويهلك بيته وتوفي ابو الاعز وخلف ثمانين الف دينار فولى مكانه ابنه منصور ثم مات فولى ابنه صدقة فأقام بخدمة السلطان ملك شاه ويؤدي اليه المال ويقصد بابه كل قليل فلما قتل النظام استفحل أمره واظهر الخلاف وعلم ان حلته لا تدفع عنه فبنى على تل بالبطيحة وعول على قصده ان دهمه عدو او امه وان يفتح البثوق ويعتصم بالمياه واخذ على ابن ابي الخير موثقا على معاضدته ثم ابتاع من عربه مكانا هو على ايام من الكوفة فأنفق عليه اربعين الف دينار وهو منزل يتعذر السلوك اليه وعمر الحلة وجعل عليها سورا وخندقا وانشأ بساتين وصار الناس يستجيرون به فأعطاه المستظهر دار عفيف بدرب فيروز فغرم عليها بضعة عشر الف دينار وتقدم الخليفة بمخاطبته بملك العرب وكان قد عصى السلطان بركياروق وخطب لمحمد فلما ولى محمد صار له بذلك جاه عند محمد وقرر مع أخيه بركياروق ان لا يعرض لصدقه واقطعه الخليفة الانبار ودمما والفلوجة وخلع عليه خلع لم تخلع على امير قبله فأعطاه السلطان واسطا واذن له في اخذ البصرة وصار بدل على السلطان الا دلال الذي لا يحتمله واذا وقع اليه رد التوقيع او اطال مقام الرسول على مواعيد لا ينجزها واوحش اصحاب السلطان ايضا وعادى البرسقى وكان يظهر بالحلة من سب الصحابة ما لايقف عند حد فأخذ العميد ثقة الملوك ابو جعفر فتاوى فيما يجب على من سب الصحابة وكتب المحاضر فيما يجرى في بلد ابن مزيد من ترك الصلوات وانهم لا يعرفون الجمعة والجماعات ويتظاهرون بالمحرمات فأجاب الفقهاء بانه لا يجوز الاغضاء عنهم وان من قاتلهم فله اجر عظيم وقصد العميد باب السلطان وقال ان حال ابن مزيد قد عظمت وقد قلت فكرته في اصحابك وقد استبد بالاموال واهمل الحقوق ولو نفذت بعض اصحابك ملكته ووصلت الى اموال كثيرة عظيمة وطهرت الارض من ادناسه فانه

لا يسمع ببلده اذان ولا قرآن وهذه المحاضر باعتقاده والفتاوى بما يجب عليه وهذا سرخاب قد لجأ اليه وهو على رأيه في بدعته التي هي مذهب الباطنية وكان السلطان قد تغير على سرخاب فهرب منه الى الحلة فتلقا بالاكرام فراسله السلطان وطالبه بتسليمه فقال لا افعل ولا اسلم من لجأ الى ثم قال لاولاده واصحابه بهذا الرجل الذي لجأ الينا تخرب بيوتنا وتبلغ الاعداء منا المراد وكان كما قال فان السلطان قصده فاستشار اولاده فقال دبيس هذا الصواب ان تسلم الى مائة الف دينار وتأذن لي في الدخول الى الاصطبلات فأختار منها ثلثمائة فرس وتجرد معي ثلثمائة فرس فاني اقصد باب السلطان واعتذر عنك وازيل ما قد ثبت في نفسه منك واخدمه بالمال والخيل واقرر معه ان لا يتعرض بأرضك فقال بعض الخواص الصواب ان لا تصانع من تغيرت فيك نيته وانما ترد بهذه الاموال من يقصدنا فقال صدقة هذا هو الرأي فجمع عشرين الفا من الفرسان وثلاثين الفا من الرجالة وجرت الوقعة على ما سبق في كتابنا في حوادث تلك السنة وذكرنا ان الخليفة بعث الى صدقة ليصلح ما بينه وبين السلطان فأذعن ثم بدا له وقد ذكرنا مقتله ثم نشأ له دبيس هذا ففعل القبائح ولقي الناس منه فنون الاذى وبشؤمه بطل الحج في هذه السنة لانه كان قد وقعت وقعة بينه وبين اصحابه واهل واسط فأسر فيها مهلهل الكردي وقتل فيها جماعة ونفذ المسترشد اليه ينذره من اراقة الدماء ويأمره بالاقتصار على ما كان لجده من البلاد ويشعره بخروجه اليه ان لم يكف فزاد في طغيانه وتواعد وارعد واقبلت طلائعه فانزعج اهل بغداد فلما كانت بكرة الثلاثاء ثالث شوال صلب البرسقى تسعة انفس ذكر انهم من اهل حلب والشام وان دبيس بن صدقة ارسلهم لقتل البرسقى في تاسع ذي القعدة وضرب الخليفة سرادقة عند رقة ابن دحروج ونصب هناك الجسر ثم بعث القاضي ابو بكر الشهرزوري الى دبيس ينذره وكان من جملة الكلام وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فاحتد وغضب وكانت فرسانه تزيد على ثمانية الاف ورجالته عشرة الاف فامر القاضي ابا بكر

بمشاهدة العسكر فصلى المسترشد يوم الجمعة رابع عشرين ذي الحجة ونزل راكبا من باب الغربة مما يلي المثمنة وعبر في الزبزب وعليه القباء والعمامة وبردة النبي صلى الله عليه و سلم على كتفيه والطرحة على رأسه وبيده القضيب ومعه وزيره احمد بن نظام الملك والنقيبان وقاضي القضاة الزينبي وجماعة الهاشميين والشهود والقضاة والناس فنزل بالمخيم واقام به الى ان انقضى الشهر اعني دا الحجة وفي هذه السنة وصل ابو الحسن علي بن الحسين الغزنوي ووعظ ببغداد وصار له قبول وورد بعده ابو الفتوح الاسفرائيني ونزل برباط ابي سعد الصوفي وتكلم بمذهب الاشعري ثم سلم اليه رباط الارجوانية والدة المقتدي وورد الشريف ابو القاسم على بن يعلي العلوي ونزل برباط ابي سعد ايضا وتكلم على الناس واظهر السنة فحصل له نفاق عند اهل السنة وكان يورد الاحاديث بالاسانيد

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
387 - الحسن بن محمد
ابن اسحاق بن ابراهيم بن مخلد ابو علي الباقرحي ولد سنة سبع وثلاثين واربعمائة وسمع ابا القاسم التنوخي وابا بكر بن بشران والقزويني وابن شيطا والبرمكي والجوهري وغيرهم وكان رجلا مستورا من اولاد المحدثين فهو محدث وابوه وجده وابو جده وجد جده وتوفي في هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
388 - عبد الله بن احمد
ابن عمر بن ابي الاشعث ابو محمد السمرقندي اخو شيخنا ابي القاسم ولد بدمشق سنة اربع واربعين واربعمائة ونشأ ببغداد فسمع الكثير من الصريفيني وابن النقور وغيرهما وسمع ببيت المقدس وبنيسابور وببلخ وبسرخس وبمرو وباسفرائين وبالكوفة وبالبصرة وغير ذلك من البلاد وصحب اباه والخطيب وجمع والف وكان صحيح النقل كثير الضبط ذا فهم ومعرفة انبأنا ابو زرعة بن محمد بن طاهر عن ابيه قال سمعت ابا اسحاق المقدسي يقول لما دخل ابو محمد السمرقندي بيت

المقدس قصد ابا عثمان بن الورقاء فطلب منه جزءا فوعده به ونسي ان يخرجه فتقاضاه فوعده مرارا فقال له ايها الشيخ لاتنظر الى بعين الصبوة فان الله قد رزقني من هذا الشان ما لم يرزق ابا زرعة الرازي فقال الشيخ الحمد لله ثم رجع اليه يطلب الجزء فقال الشيخ ايها الشاب اني طلبت البارحة الاجزاء فلم اجد فيها جزءا يصلح لابي زرعة الرازي فخجل وقام توفي ابو محمد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الاخر من هذه السنة
389 - عبد القادر بن محمد
ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف ابو طالب بن ابي بكر بن ابي القاسم الاصفهاني والاصل ولد سنة ست وثلاثين واربعمائة وسمع البرمكي والجوهري والعشاري وابن المذهب وغيرهم وسمع الكثير وحدث بالكثير سنين وكان الغاية في التحري واتباع الصدق والثقة وكان صالحا كثير التلاوة للقرآن كثير الصلاة وهو آخر من حدث عن ابي القاسم الازجي وتوفي يوم السبت ثامن عشر ذي الحجة ودفن بباب حرب
390 - على بن احمد
ابو طالب السميرمي وسميرم قرية باصبهان كان وزير السلطان محمود وكان مجاهرا بالظلم والفسق وبنى ببغداد دارا على دجلة فأخرب المحلة المعروفة بالتوثة ونقل الاتها الى عمارة داره فاستغاث اليه اهل التوثة فحبسهم ولم يخرجهم الا بغرم وهو الذي اعاد المكوس بعد عشر سنين من زمان ازالتها وكان يقول لقد سننت على اهل بغداد السنن الجائرة فكل ظالم يتبع افعالي وما اسلم في الدنيا وقد فرشت حصيرا في جهنم وقد استحييت من كثرة التعدي على الناس وظلمي من لا ناصر له وقال هذا في الليلة التي قتل في صباحها وكان سرادقه قد ضرب بظاهر البلد وركب في بكرة ذلك اليوم وقال قد عزمت على الالمام بالحمام والعود عاجلا في الوقت الذي اختاره المنجمون فعاد ودخل الحمام ثم خرج وبين يديه من العدد ما لا يحصى من حملة السلاح والصمصامات والسيوف

ولم يمكنه سلوك الجادة التي تلي دجلة لزيادة الماء هناك فقصد سوق المدرسة التي وقفها خمار تكين التتشى واجتاز في المنفذ الضيق الذي فيه حظائر الشوك فلما خرج اصحابه بأجمعهم منه وبرز عنق بغلته ويداها وثب رجل من دكة في السوق فضربه بسكين فوقعت في البغلة ثم هرب الى دار على دجلة فأمر بطلبه فتبعه الغلمان واصحاب السلاح فخلا منهم المكان فظهر رجل آخر كان متواريا فضربه بسكين في خاصرته ثم جذبه عن البغلة الى الارض وجرحه عدة جراحات فاعد اصحاب الوزير فبرز لهم اثنان لم يريا قبل ذلك فحملا عليهم مع الذي تولى جراحته فانهزم ذلك الجمع من بين يدي هؤلاء الثلاثة ولم يبق من له قدرة على تخليصه ولحلاوة الروح قام الوزير وقد استغلوا عنه بالحملات على اصحابه فأراد الارتقاء الى بعض درج الغرف التي هناك فعاوده الذي جرحه فجره برجله وجعل يكرر الضرب في مقاتله والوزير يستعطفه ويقول له انا شيخ فلم يقلع عنه وبرك على صدره وجعل يكبر ويقول بأعلى صوته الله اكبر انا مسلم انا موحد هذا واصحاب الوزير يضربونه على رأسه وظهر بسيوفهم ويرشقونه بسهامهم وذلك كله لا يؤلمه وسقط حين استرخت قوته فوجدوه لم يسقط حتى ذبحه كما يذبح الغنم وقتل مع الوزير رجلان من اصحابه وحملت جثة الوزير على بارية اخذت من الطريق الى دار اخيه النصير وحز رأس الذي تولى قتله وقتل الاربعة الذين تولوا قتله وحز رأس القاتل خاصة فحمل الى المعسكر وجيء بالضارب الاول فقتل في المكان والقيت رممهم بدجلة وكانت زوجة هذا الوزير قد خرجت في بكرة اليوم الذي قتل فيه راكبة بغلة تساوى ثلثمائة دينار بمركب لا يعرف قيمته وبين يديها خمس عشرة جنيبة بالمراكب الثقال المذهبة ومعها نحو مائة جارية مزينات بالجواهر والذهب وتحتهن الهماليج بمراكب الذهب والفضة وبين ايديهن الخدم والغلمان والنفاطون بالشموع والمشاعل فلما استقرت بالخيم المملوأة بالفرش والاموال والحمال جاءها خبر قتل زوجها فرجعت مع جواريها وهن حواسر حواف فأمشبة الامر قول ابي العتاهية

رحن في الوشى واصبحن عليهن المسوح ...
ولقول ابي العتاهية هذا قصة وهو ان الخيزران قدمت على المهدي وهو بما سبذان في مائة قبة ملبسة وشيا وديباجا فمات فعادت الى بغداد وعلى القباب المسوح السود مغشاة بها فقال ابو العتاهية
... رحن في الوشى واصبحن عليهن المسوح ... كل نطاح من الدهر له يوم نطوح ... لتموتن ولو عمرت ما عمر نوح ... فعلى نفسك نح لا ... بد ان كنت تنوح ...

وكان قتل السميرمي يوم الثلاثاء سلخ صفر وكانت مدة وزارته ثلاث سنين
وعشرة اشهر وعشرين يوما
391 - علي بن محمد
ابن فنين ابو الحسن البزاز سمع ابا بكر الخياط وابا الحسين بن المهتدي وابا الحسين ابن المسلمة وغيرهم وحدث عنهم وقرأ بالقراآت وكان سماعه صحيحا وتوفي ليلة الاحد خامس ذي الحجة ودفن بباب حرب
392 - القاسم بن علي
ابن محمد بن عثمان ابو محمد البصري الحريري صاحب المقامات كان يسكن محلة حرام بالبصرة ولد في حدود سنة ست واربعين واربعمائة وسمع الحديث وقرأ الادب واللغة وفاق اهل زمانه بالذكاء والفطنة والفصاحة وحسن العبارات وانشأ المقامات التي من تأملها عرف قدر منشئها وتوفيفي هذه السنة بالبصرة
393 - محمد بن علي
ابن منصور بن عبد الملك ابو منصور القزويني قرأ القرآن على ابي بكر الخياط وغيره وكان يقريء الناس وسمع اباه وابا طالب بن غيلان وابا اسحاق البرمكي وابا الطيب الطبري وابا الحسن الماوردي والجوهري وغيرهم وكان صالحا خيرا

له معرفة باللغة والعربية وتوفي في شوال هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب

سنة
ثم دخلت سنة سبع عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه رحل المسترشد في المحرم وكان اقبال الامير الحاجب ونظر صاحب العسكر فنزل بقرية تعرف بحديثة من نهر ملك فاستقبله البرسقى وجماعة من الامراء الذين معه ودخلوا عليه وحلفوا على المناصحة والمبالغة في الحرب وقرأ ابو الفرج محمد بن عمر الاهوازي على المسترشد جزء الحسن بن عرفة وهو سائر وكان قد ذكر ان جماعة من الباطنية وصلوا بغداد في زي الاتراك يقصدون الفتك فتقدم ان يبعد كل مستعرب من الاتراك عن السرادق وامر بأن تحمل الاعلام الخاصة وهي اربعة اربعة من الخدم وكذلك الشمسة ولا يدنو من المسترشد غير الخدم والمماليك وسار المسترشد وعسكره يوم الاحد رابع المحرم الى النيل فلما تقاربوا رتب سنقر البرسقي بنفسه العسكر صفوفا وكانوا نحو الفرسخ عرضا وجعل بين كل صفين مجالا للخيل ووقف موكب الخليفة من روائهم حيث يراهم ويرونه ورتب دبيس عسكره صفا واحدا وجعل له ميمنة وميسرة وقلبا وجعل الرجالة بين يدي الفرسان بالتراس الكبار ووقف في القلب من وراء الرجالة وقد منى عسكره ووعدهم نهب بغداد فلما تراءى الجمعان بادرت رجاله دبيس فحملت وصاحوا با اكلة الخبز الحوارى والكعك الابيض اليوم نعلمكم الطعان والضرب بالسيف وكان دبيس قد استصحب معه البغايا والمخانيث بالملاهي والزمور والدفوف يحرضون العسكر ولم يسمع في عسكر الخليفة إلا القرآن والتسبيح والتكبير والدعاء والبكاء وفي هذه الليلة أجتمع أهل بغداد على الدعاء في المساجد وختم الختمات والإبتهال في النصر فحمل عنتر بن أبي العسكر الكردي على صف الخليفة فتراجعوا وتأخروا وكان الخليفة ووزيره من وراء الصف خلف نهر عتبق فلما رأى هزيمة الرجالة قال الخليفة

لوزيره أحمد يا نظام الدين ما ترى قال نصعد العتيق يا أمير المؤمنين فصعد الخليفة والمهد والإعلام وجرد الخليفة سيفه وسأل الله تعالى النصر وقال جماعة من عسكر دبيس ان عنترا غدر فلم يصدق قالوا فلما رأوا المهد والعلم والموكب قد صعد على العتيق تيقن غدر عنتر فحمل زنكي مع جماعة كانوا قد كمنوا في عسكر دبيس فكسروهم وأسروا عنتر بن أبي العسكر ووقعت الهزيمة وهرب دبيس ومن معه من خواصه إلى الفرات فعبر بفرسه وسلاحه وقد أدركته الخيل ففاتهم وذكر أن إمرأة عجوزا كانت على الفرات قالت لدبيس دبير جئت فقال دبير من لم يجيء وقتل الرجالة وأسر خلق كثير من عسكر دبيس وكان الواحد منهم إذا قدم ليقتل قال فداك يا دبيس ثم يمد عنقه ولم يقتل من عسكر الخليفة سوى عشرين فارسا وعاد الخليفة منصورا فدخل بغداد يوم عاشوراء وكانت غيبته من خروجه ستة عشر يوما ولما عاد الخليفة من حرب دبيس ثار العوام ببغداد فقصدوا مشهد مقابر قريش ونهبوا ما فيه وقلعوا شبائكه وأخذوا ما فيه من الودائع والذخائر وجاء العلويون يشكون هذا الحال إلى الديوان فأنهى ذلك فخرج توقيع الخليفة بعد أن أطلق في النهب بإنكار ما جرى وتقدم إلى نظر الخادم بالركوب إلى المشهد وتأديب الجناة ففعل ذلك ورد بعض ما أخذ فظهر في النهب كتب فيها الصحابة وأشياء قبيحة
وفي محرم هذه السنة نقصت دار علي بن أفلح وكان المسترشد قد أكرمه ولقبه جمال الملك فظهر أنه عين لدبيس فتقدم بنقض داره فهرب وسنذكر حاله عند وفاته في زمان المقتفي إن شاء الله تعالى
وفي صفر عزم الخليفة على عمل السور فأشير عليه بالجباية من العقار وتقدم من الديوان إلى إبن الرطبي فأحضر أبو الفرج قاضي باب الأزج وأمر أن يجيء العقار لبناء السور وابتدئ بأصحاب الدكاكين فقلق الناس لذلك فجمع من ذلك مال كثير ثم أعيد على الناس فكثر الدعاء للخليفة وأنفق عليه من ماله وكان قد كتب القاضي أبو العباس إبن الرطبي إلى المسترشد قصة يقول فيها

الخادم أدام الله ظل المواقف المقدسة طالع بما يعتقد إن اداه أدى حق النعمة عليه وإن كتمه كان مقصرا في تأديه ما يجب عليه وعالما أن الله يسأله عنه فلو وفرض في وقته قضاء يقول له يا أحمد بن سلامة قد خدمت العلم منذ الصبى حتى إنتهيت إلى سن الشيوخ وطول العمر في خدمة العلم نعمة مقرونة بنعمة وخدمت إمام العصر خدمة زال عنها الإرتياب عنده فيما تنهيه وعرفت بحكم مخالطتك لأبناء الزمان أن الناصح قليل والشفق فأكثر وهو أدام الله أيامه ينجوه عما تتحدث به الرعية لا تصل إليه حقائق الأحوال إلا من جانب مخصوص فما عذرك عند الله في كتمانك ولست ممن يراد وأمثالك ألا القول حق وإيراد صدق لا لعمارة ولا لجمع مال فلم يجد لنفسه جوابا يقوم عذره عنده فكيف عند الله تعالى وهذا الوقت الذي قد تجدد فيه من يتوهم أنه على شيء في خدمه وأثاره مال من جباية يغرر بنفسه مع الله تعالى وبمجد مولانا وأولى الأوقات باستمالة القلوب وإذاعة الصدقات وأعمال الصالحات هذا الوقت وحق الله يا مولانا أن الذي تتحدث به العوام فيما بينهم من أن أحدهم كان يعود من معيشته ويأوي إلى منزله فيدعو بالنصر والحفظ للدولة قد صاروا يجتمعون في المساجد والأماكن شاكين مما قد التمس منهم ويقولون كنا نسمع أن في البلد الفلاني مصادرة فنعجب ونحن الآن في كنف الأمامة المعظمة نشاهد ونرى والناس بين محسن الظن ومسيء والمحسن يقول ما يجوز أن يطلع أمير المؤمنين على ما يجري فيقر عليه والمسيء الظن يقول الفاعل لهذا أقل أن يقدم عليه إلا عن علم ورضا وقد كاد كل ذي ولاء وشفقة يضل ويتبلد وفي يومنا هذا حضر عند الخادم فقيه يعرف بإسمعيل الأرموي والخادم يذكر الدرس فقال
ليبك على الإسلام من كان باكيا
وحكي أن له دويرات بالجعفرية أجرتها دينار قد طولب بسبعة دنانير فيا مولانا الله الله في الدين والدولة للذين بهما الإعتصام فما هذا الأمر مما يهمل وكيف يجوز أن يشاع عنا هذا الفعل الذي لا مساغ له في الشرع ويجعل الخلق شهودا وما يخلو

في أعداء الدولة من يكون له مكاتب ومخبر يرفع هذا إليهم فما يبلغ الأعداء في القدح الى مثل هذا وما المال ولماذا يراد الا لانجاد الانصار والاولياء وهل تنصرف الحقوق المشروعة الا في مثل هذا وليس الا عزمة من العزمات الشريفة يصلح بها ضمائر الناس ويؤمر باعادة ما اخذ من الضعفاء وان كان ما اخذ من الاغنياء باقيا اعيد وان مست حاجة اليه عوملوا فيه وكتب قرضا على الخزائن المعمورة وجعل ذلك مضاهيا لما جرت به العوائد الشريفة عند النهضات التي سبقت واقترن بها النظر في تقديم الصدقات وختم الختمات والخادم وان اطال فانه يعد ما ذكره ذمرا بالعرض لكثرة ما على قلبه منه والامر اعلى وكان الابتداء بعمارة السور يوم السبت النصف من صفر وكان كل اسبوع تعمل اهل محلة ويخرجون بالطبول والجنكات وعزم الخليفة على ختان اولاده واولاد اخوته وكانوا اثني عشر فأذن للناس ان يعلقوا ببغداد فعلقت وعمل الناس القباب وعملت خاتون قبة بباب النوبى وعلقت عليها من الثياب الديباج والجواهر ما ادهش الناس وعملت قبة في درب الدواب على باب السيد العلوى وعليها غرائب منحوتة والحلل ونصب عليها ستران من الديباج الرومي مقدار كل واحد منهما عشرين ذراعا في عشرين وعلى احدهما اسم المتقى لله وعلى الاخر المعتز بالله واظهر الناس مخباتهم من الثياب والجوهر سبعة ايام بلياليهن
ثم وصل الخبر بان دبيسا حين هرب مضى الى غزية فاضافوه وسألهم ان يخالفوه فقالوا ما يمكننا معاداة الملوك ونحن بطريق مكة وانت بعيد النسب منا وبنوا المنتفق اقرب اليك نسبا فمضى اليهم وحالفوه وقصد البصرة في ربيع الاول وكبس مشهد طلحة والزبير فنهب ما هناك وقتل خلقا كثيرا وعزم على قطع النخل فصانعه اصحابها عن كل رأس شيئا معلوما
ووصل الخبر ان السلطان محمود قبض على وزيره شمس الدين عثمان بن نظام الملك وتركه في القلعة لان سنجر كان امره بابعاده فحبسه فقال ابو نصر المستوفى

للسلطان متى مضى هذا الى سنجر لم نأمنه والصواب قتله ها هنا وانفاذ رأسه فبعث السلطان محمود الى الخليفة ليعزل اخا عثمان وهو احمد بن نظام الملك فبلغ ذلك احمد فانقطع في داره وبعث الى الخليفة يسأله ان يعفى من الحضور بالديوان لئلا يعزل من هناك فاجابه ولم يؤذ بشيء
وناب ابو القاسم ابن طراد في الوزارة ثم بعث الى عميد الدولة ابن صدقة وهو بالحديثة فاستحضر فأقام بالحريم الطاهرى اياما ثم نفذ له الزبزب وجميع ارباب الدولة ومع سديد الدولة خط الخليفة فقرأه عليه وهو اجب ياجلال الدين داعى التوفيق مع من حضر من الأصحاب لتعود فى هذه الساعة الى مستقر عزك مكرما فاقبل معهم من الحريم الطاهرى وجلس فى الوزارة يوم الاثنين سادس ربيع الآخر
وفى جمادى الآخرة وصل ابن الباقرحى ومعه كتب من سنحر ومحمود بتسليم النظامية اليه ليدرس فيها فمنعه الفقهاء فالزمهم الديوان متابعتة
وفى آخر شعبان وصل اسعد الميهنى بأخذ المدرسة والنظر فيها وفى نواحيها وازاله ابن الباقرحى عنها ففعل واتفق الميهنى والوزير احمد على ان دخل المدرسة قليل لا يمكن اجراء الامر على النظام المتقدم وانهم يقنعون المتفقه ويقطعون من بقي فاقتل بذلك الأمر المدرس فدرس يوما واحدا ببعض ب وامتنع الفقهاء من الحضور وترك التدريس ثم مضى الى المعسكر ليصلح حاله فاقام خواجا احمد ابا الفتح بن برهان ليدرس نائباالى ان يأتى اسعد الميهنى فألقى الدرس يوما فأحضره الوزير ابن صدقة واسمعة المكروه قال كيف اقدمت علىمكان فدرتب فيه مدرس ثم الزمه بينه وتقدم الى قاضى القضاة فصرفه عن الشهادة وامر ابا منصور ابن الر زاز بالنيابة فى المدرسة واشتد الغلاء فبلغت كارة الدقيق الخشكار ستة دنانير ونصف

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
394 - احمد بن عبد الجبار
ابن احمد ابو سعد الصيرفى اخوا بى الحسين سمع من جماعة ولا نعرف فيه الا الخير توفى فى هذه السنة
395 - عبيد الله بن الحسن
ابن احمد بن الحسن بن احمد بن محمد بن مهرة ابو نعيم بن ابى على الحداد ولد سنة ثلاث وستين واربعمائة وسمع بنيسابور وبهراة واباصبهان وبغداد وغيرها الكثير ورحل فى الطلب وعنى بالجمع للحديث وقرأ الادب وحصل من الكتب مالم يحصله غيره كان اديبا حميد الطريقة غزير الدمعة
396 - عيسى بن اسمعيل
ابن عيسى بن اسمعيل ابو زيد العلوى من اولاد الحسن بن على بن ابى طالب من اهل أبهر بلد عند زنجان رحل الى البلاد وسمع الحديث من جماعة وكان يميل الى طريقة التصوف ويغلب فى السماع والوجد على زعمة توفى فى شوال هذه السنة وصلى عليه بباب الطاق ودفن فى قبر قد حضره لنفسه فى حياته
397 - عثمان بن نظام الملك
وزير السلطان محمود كان قد طلبة سنجر فقبض عليه السلطان وحبسة فقال ابو نصر المستوفى متى مضى هذا الى سنجر لم تأمنه والصواب قبله انفاذ رأسه فبعث السلطان اليه عنتر الخادم فلما أتا وعرفه ماجاء فيه قال امهلنى حتى اصلى ركعتين فقام راغتسل وصلى ركعتين وصبرلقضاء الله واخذ السيف من السياف فنظر فيه ثم قال سيفى امضى من هذا فاضرب به ولا تعذبنى فقبله بسيفه وبعث وبرأسه

فلما كان بعد قليل فعل بابى نصر المستوفى مثل ذلك
398 - عثمان بن على
ابن المعمر بن ابى عمامة البقال ابو المعالى اخو ابى سعد الواعظ سمع من ابن غيلان وغيره وقال شيخنا عبد الوهاب حهدنا به ان نقرأ عليه فأبى وقال اشهدوا أنى كذابا وكان شاعرا خبيث اللسان ويقال انه كان قليل الدين يخل بالصلوات مات فى ربيع الآخر من هذه السنة
399 - محمد بن احمد
ابن محمد بن المهتدى ابو الغنائم الخطيب العدل سمع القزوينى والبرمكى والجوهرى والتنوخى والعشارى والطبرى وغيرهم وكان شيخا ذا هيئة جميلة وصلاح ظاهروسماعة صحيح وكان شيخنا عبد الوهاب يثنى عليه ويصفه بالصدق والصلاح وعاش مائة وثلاثين سنة وكسراممتعا بجميع جوارحه وكتب المستظهر فى حقة هو شيخ الأسرة توفى فى يوم الاحد ثانى عشر ربيع الاول ودفن بباب حرب قريبا من بشرا الحافى
400 - محمد بن احمد
ابن عمر القزاز ابو غالب الحريرى يعرف بابن الطيورى اخو أبى القاسم شيخنا وخال شيخنا عبد الوهاب الأنماطى سمع ابا الحسن زوج الحرة والعشارى وابا الطيب الطبرى حدث وكان سماعة صحيحا وكان خيرا اصالحا روى عنه شيخنا عبد الوهاب توفى ليله الجمعة سابع عشر صفر ودفن بباب حرب عند ابيه
401 - محمد بن على
ابن محمد ابو جعفر من اهل همذان يلقب بمقدم الحاج حج كثيرا وكان يقرأ القرآن بصوت طيب ويختم فى مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ختمة فى كل سنة فى ليلة واحدة قائما فى الروضة وسمع الحديث وتوفى فى محرم هذه السنة بهمذان

وهو ابن ست وستين

سنة
402 - محمد بن مرزوق
ابن عبد الرزاق بن محمد ابو الحسن الزعفرانى الجلاب ولد سنة اثنتين واربعين واربعمائة وسمع القاضى ابا يعلى وابا الحسين ابن المهتدى وابن المسلمة والصويفيني وغيرهم وتفقه على ابى اسحاق ورحل فى طلب الحديث وسمع بالبصرة وخوزستان واصبهان والشام ومصر وكان سماعه صحيحا وكان ثقة له فهم جيد وكتب تصانيف والخطيب وسمعها منه وتوفي يوم الاربعاء تاسع عشرين صفر ودفن بالوردية
403 - المبارك بن محمد
ابن الحسن ابو العز الواسطي سمع وحدث ووعظ الا انه كان يحكي عنه تخليط في وعظه وتفسيره للقرآن توفي في رجب هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ثماني عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه وردت الاخبار بان الباطنية ظهروا بآمد وكثروا فنفر عليهم اهل البلد فقتلوا منهم سبعمائة رجل
وردت شحنكية بغداد الى سعد الدولة برنقش الزكوى وتقدم الى البرسقى بالعود الى الموصل وسلم منصور بن صدقة الى سعد الدولة ليسلمه الى دار الخلافة فوصل سعد الدولة وسلم منصور الى دار الخلافة ووصل الخبر بوصول دبيس ملتجئا الى الملك طغرل بن محمد بن ملك شاه وانهما على قصد بغداد فتقدم الخليفة الى ابن صدقة باتأهب لمحاربتهما وجمع الجيوش وتقدم الى برنقش الزكوى بالتأهب ايضا واستجاش الاجناد من كل جانب فلم يزالوا يتأهبون الى ان خرجت هذه السنة
وفي ربيع الاول وقع حرف وامراض وعمت من بغداد الى البصرة
وفي جمادي الاولى تكاملت عمارة المثمنة وشرع المسترشد في اخذ الدور المشرفة

على دجلة الى مقابل مشرعة الرباط ليبنى ذلك كله مسناة واحدة ونقض الدار التي بنى في المشرعة وذكر ان المسترشد تزوج ببنت سنجر وانه يريد ان يبني هذا المكان
وفي رجب تقدم الى نظر وابن الانباري فمضيا الى سنجر لاستحضار ابنته زوجة المسترشد وكان المتولى للعقد والخطاب في ذلك القاضي الهروى
وفي شعبان وصلت كتب الى الديوان بأن قافلة واردة من دمشق فيها باطنية قد انتدبوا لقتل اعيان الدولة مثل الوزير ونظر فقبض على جماعة منهم وصلب بعضهم في البلد اثنان عند عقد المأمونية واثنان بسوق الثلاثاء وواحد بعقد الجديد وغرق جماعة ونودي أي متشبه من الشاميين وجد ببغداد اخذ وقتل واخذ في الجملة ابن ايوب قاضي عكبرا ونهبت داره وقيل انه وجد عنده مدارج من كتب الباطنية واخذ آخر كان يعينهم بالمال واخذ رجل من الكرخ
وفي شوال قبض على ناصح الدولة ابي عبد الله بن جهير استاذ الدار وقبض ماله ووكل به وذكر انه قرر عليه اربعون الف دينار

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
404 - احمد بن محمد
ابن احمد بن سلم ابو العباس بن ابي الفتوح الخراساني من اهل اصبهان سمع بها من ابي عثمان سعيد بن ابي سعيد العيار الصوفي وابي عمر عبد الوهاب بن ابي عبد الله بن منده وبمكة من سعد الزنجاني وغيره وحج خمس حجات وجاور بمكة سنين وكان واعظا متصوفا وعظ ببغداد فنفق عليهم وتوفي باصبهان في ربيع الاخر من هذه السنة وكانت ولادته سنة ست واربعين
405 - احمد بن علي
ابن تركان ابو الفتح ويعرف بابن الحمامي لان اباه كان حماميا وكان على مذهب

احمد بن حنبل وصحب ابا الوفاء ابن عقيل وكان بارعا فى الفقة وأصوله شديد الذكاء والفطنة فنقم عليه واصحابنا اشياء لم تحتملها اخلاقهم الخشنة فانتقل وتفقه على الشاشى والغزالى ووجد اصحاب الشافعى على اوفى ما يريدة من الاكرام ثم ترقى وجعلوه مدرسا للنظامية فوليها نحو شهر وشهد عند الزينبى وتوفى يوم الاربعاء سابع عشر جمادى الاولى ودفن بباب ابرز
406 - ابراهيم بن سمقايا
ابو اسحاق الزاهد كان من اعيان الصالحين توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
407 - عبد الله بن محمد
ابن على بن محمد ابو جعفر الدامغانى سمع الصريفينى وابن المسلمة وابن النقور وشهد عند ابيه قاضى القضاة ابى عبد الله وجعل قاضيا على ربع الكرخ من قبل اخيه قاضى القضاة ابى الحسن ثم ترك ذلك وخلع الطيلسان وولى حجاجة باب النوبى ثم عزل وكان دمت الاخلاق عتيدا بالرياسة وتوفى ليله الثلاثاء ثانى جمادى الاول ودفن بالشونيزية عند قبر ابن اخيه ابى الفتح السامرى
408 - عبيد الله ين عبد الملك
ابن احمد الشهرزورى ابو غالب البقال المقرئ سمع من ابن المذهب والجوهرى وغيرهما وحدث وسماعة صحيح وكان شيخا فيه سلامة
409 - قاسم بن ابى هاشم
اميرمكة توفى فى العشرالاوسط من صفر وخلفة ابنه ابو فليتة فاحسن السياسة واسقط المكس
410 - محمد بن على
ابن سعدون ابوياسرسمع ابن المسلمة وابا القاسم الدجاجى وحدث وتوفى بالمارستان

411 - محمد بن الحسن
ابن كردى أبو السعادات المعدل ثم القاضى ببعقوبا سمع ابن المسلمة والصريفينى وحدث وشهد عند ابى عبد الله الدامغانى وكان كثير الصدقة مشهودا له بالخير وبلغ ثمانين

سنة
وتوفى ليله السبت غرة رمضان ودفن بباب حرب
412 - المبارك بن جعفر
ابن مسلم ابو الكرم الهاشمى سمع الحديث الكثير من ابى محمد التميمى وطراد وغيرهما وكتب الكثير وتفقه على ابى القاسم يوسف بن محمد الزنجانى وعلى شيخنا ابىالحسن الزاغونى وكان صالحا حيرا وهو اول من لقننى القرآن وانا طفل وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنةعن اربعين سنة ودفن بباب حرب
سنة
ثم دخلت سنة تسع عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه لما التجأ دبيس بن صدقة الى الملك طغرل بن محمد بن ملك شاه وحسن له ان يطلب السلطنة والخطبة وقصد بغداد وتقدم الخليفة بالاستعداد لمحاربتها وامر بفتح باب من ميدان خالص فى سور الدار مقابل الحلبة وسماه باب النصر وجعل عليه باب من حديد وبرزفى يوم الجمعة خامس صفر وخرج سحرة يوم الاثنين ثامن صفر من باب النصر بالسواد وعلية البردة وبيده القضيب وعلية الطرحة والشمسة على رأسة وبين يدية ابو على بن صدقة وزيره ونقيب النقباء ابو القاسم وقاضى القضاء واقبال الخادم وارباب الدولة يمشون فى ركابة الى ان وصلوا باب الحلبة ثم ركب الجماعة الى ان وصلواالى صحن الشماسية فلما قربوا من السرادق ترجلوا كلهم ومشوا بين يدية ثم لسرادق ورحل يوم التاسع من صفر فنزل بالخالص ونزل طغرل ودبيس براذان فلما عرفا خروج الخليفة عدلا عن طريق خراسان ونزل برباط هلولا فخرج الوزير ابو على بن صدقة فى عسكر كثير الىالدسكرة وتوجه الملك طغرل الى الهارونية

ورحل الخليفة فنزل الدسكرة فدبر الملك ودبيس ان يعبرا ديالى وتامرا او يكبسوا بغداد ليلا ويقطعوا الجسر بالنهر وإن ويحفظ دبيس المعابر ويشتغل طغرل بنهب بغداد فعبرا تامرا فنزل طغرل بين ديالي وتامرا وعبر دبيس ديالي على ان يتبعه الملك فمرض الملك تلك الليلة وتوالى مجيء المطر وزاد الماء في ديالي والخليفة نازل الدسكرة لا يعلم بمكر ديبيس فقصد ديبيس مشرعة النهروان في مائتي فارس جريدة فنزل هناك وقد تعب وجاء المطر عليهم طول ليلتهم وليس معهم خيمة ولا زاد ولا عليف فوصلت جمال قد نفذت من بغداد الى الخليفة علها الزاد والثياب فأخذها دبيس ففرقها على عسكره فاكتسوا وشبعوا وغنموا وبلغ الخبر الى بغداد بمجيء دبيس فانزعج الناس ودخلوا تحت السلاح والتجأ النساء والمشايخ الى المساجد واعلنوا بالدعاء والاستغاثة الى الله تعالى وتأدى الخبر الى الخليفة وارجف في عسكره بان دبيسا قد دخل بغداد وملكها فرحل مجدا الى النهروان فلم يشعر دبيس الابرايات الخليفة قد طلعت فلما رأها قبل الارض في مكانه وقال انا العبد المطرود ما ان يعفى عن العبد فلم يجبه احد فعاود القول والتضرع فرق له الخليفة وهم بالعفو عنه او مصالحته فصرفه الوزير ابن صدقة عن هذا الرأى وبعث الخليفة نظر الخادم الى بغداد بتطبيب قلوب الناس ونادى في البلد بخروج العسكر بطلب دبيس والاسراع مع الوزير ابي علي بن صدقة ودخل الخليفة داره وكانت غيبته خمسة وعشرين يوما ومضى دبيس والملك الى سنجر فاستجارا به هذا من اخيه وهذا من امير المؤمنين فأجارهما ولبسا عليه فقالا قد طردنا الخليفة وقال هذه البلاد لي فقبض سنجر على دبيس واعتقله في قلعة يتقرب بذلك الى المسترشد وخرج سعد الدولة برنقش الزكوى في تاسع رجب الى السلطان واجتمع به خاليا واكثر الشكوى من الخليفة وحقق في نفسه ان الخليفة يطلب الملك وانه خرج من داره نوبتين وكسر من قصده وان لم يدبر الامر في حسم ذلك اتسع الخرق وصعب الامر وسيتضح لك حقيقة ذلك اذا اردت دخول بغداد والذي يحمله على ذلك وزيره ابو علي بن صدقة وقد كاتب امراء الاطراف وجميع العرب والاكراد

فحصل في نفس السلطان من ذلك ما دعاه الى دخول بغداد
وفي هذه الايام دخل ابو العباس ابن الرطبي يعلم الامراء بدار الخليفة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
413 - آق سنقر البرسقى
صاحب الموصل قتله الباطنية في مقصورة الجامع
414 - هلال بن عبد الرحمن
ابن سريج بن عمر بن احمد بن محمد بن ابراهيم بن بلال بن رباح مؤذن النبي صلى الله عليه و سلم كنيته ابو سعيد جال في بلاد الجبل وخراسان ووصل الى سمرقند وجال في ما وراء النهر ودخل بغداد وكان شيخا جهورى الصوت بالقرآن حسن النغمة وتوفي في هذه السنة بسمرقند
415 - هبة الله بن محمد
ابن علي ابو البركات ابن البخاري ولد
سنة
اربع وثلاثين وسمع من ابن غيلان وابن المذهب والجوهري والعشاري والتنوخي وحدث عنهم وكان سماعه صحيحا وشهد عند ابي الحسن الدامغاني وتوفي يوم الاثنين ثاني عشرين رجب ودفن بمقبرة باب حرب
سنة
ثم دخلت سنة عشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه لما قاتل المسترشد طغرل بن محمد فرح بذلك محمود وكاتب الخليفة فقال قد علمت ما فعلت لاجلي وانا خادمك وصائر اليك وتراسلا بالايمان والعهود على انهما يتفقان على سنجر ويمضيان الى قتاله ويكون محمود في السلطنة وحده فلما علم سنجر بذلك بعث الى محمود يقول له انت يمينى والخليفة قد عزم على ان يمكر بي وبك فاذا اتفقتما على فرغ منى وعاد اليك فلا تلتفت اليه وانت تعلم انه ليس لي ولد ذكر وانك ضربت معي مصافا وظفرت بك فلم اسيء اليك

وقتلت من كان سببا لقتالنا واعدتك الى السلطنة وجعلتك ولي عهدي وزوجتك ابنتي فلما مضت الى الله تعالى زوجتك الاخرى ورأي فيك رأي الوالد فالله الله ان تعول على ما قال لك ويجب بعد هذا ان تمضي الى بغداد ومعك العساكر فتقبض على وزير الخليفة ابن صدقة وتقتل الاكراد الذين قد دونهم وتأخذ النزل الذي قد عمله وجميع آلة السفر وتقول انا سيفك وخادمك وانت تعود الى دارك على ما جرت به عادة آبائك وانا لا احوجك الى تعسف فان فعل والا اخذته بالشدة والا لم يبق لك ولا لي معه حكم ونفذ اليه رجلا وقال هذا يكون وزيرك فلما وصل الرجل والرسالة انثنى عزمه عما كان عول عليه والتفت الى قول عمه وكتب صاحب الخبر الى الخليفة بذلك فنفذ الخليفة اليه سديد الدولة ابن الانبارى يقول له تقنع ان تتأخر في هذه السنة عن بغداد لقلة الميرة والناس في عقب الغلاء فقال لابد لي من المجيء واتفق انه خرج شحنة بغداد برنقش الخادم الى السلطان محمود يشكو من استيلاء الخليفة على ما ذكرنا في السنة قبلها فاوغر صدره على دخول بغداد وحقق في نفسه ان الخليفة مع خروجه ومباشرته الحرب بنفسه لا يقعد ولا يمكن احدا من دخول بغداد من اصحاب السلطان من شحنته وعميد فتوجه السلطان الى بغداد فلما سمع الخليفة نفذ اليه رسولا وكتابا الى الوزيره يأمربرد السلطان عن التوجه فأبى واجاب بجواب ثقل سماعة على الخليفة فشرع الخليفة فى عمل المضارب واعتداد السلاح وجمع العساكر ونودى ببغداد يوم السبت عاشر ذى القعدة بعبور الناس الى الجانب الغربى وتقدم باخراج سرادقة الى ظاهر الحلبة انزعج الناس وعبروا الى الجانب الغربى فكثر الزحام على المعابروالسفن وبلغ اجرة الدار بالجانب الغربى سته دنانير وخمسة وتأذوا غاية التأذى فلما اطمأن الناس وسكنوا بدار الخليفة من القتال وقال اخلى البلد عليه واخرج واحقن دماء المسلمين فنودى بالعبور الى الجانب الشرقى فعبروا وحمل سرادق الخليفة الىالجانب الغربى فضرب تحت الرقة وتواتر مجئ الامطار ودام الرعد والبرق وثلاثة ايام وكادت الدور وتغرق انهدم

بعضها وعبرت الرايات الأعلام ثم خرج المسترشد من داره رابع عشرين ذى القعدة من باب الغربة وعبرفى الزبزب وصعد الىمضاربه فلما عرف السلطان ذلك بعث برنقش الزكوى واسعد الطغرائى فدخلا بغداد ومضيا الى السرادق فجلسا على بابة زمانا الى ان اذن لهما وقد جلس لهما الخليفة على سريره فقبلا الارض واديار رسالة السلطان وامتعاضه من انزعاج امير المؤمنين ثم خشنا فى آخر الرسالة وقال الخليفة انا اقول له يجب ان تتأخرفى هذه السنة عن العراق فلا تقبل ما بينى وبينك الا السيف ثم قال البرنقش انت كنت السبب فى مجيئه وانت فسدت قلبه ثم هم بقتله فمنعه الوزير وقال هو رسول وكتب الجواب وبعثه معها فخرجا الى السطان وهو بقرميسين وقد توجه الى المرج قأوصلا الكتاب واخبرا ه بما شاهداه من خروج الخليفة عن داره وكونه فى مضاربه بالجانب الغربى فامتلا غيظا واستشاط وأمر بالرحيل الى بغداد
وفى عاشر ذى الحجة وهو يوم النحر أمر امير المؤمنين بنصب خيمة كبيرة وبين يديها ضحية أخرى ومد شقتين من شقاق السرادق بغير دهليز ونصبوا فى صدر الخيمة منبر ا عاليا وحضر خواص الخليفة ووزيره والنقباء وارباب المناصب والاشراف والهاشميون والطالبيون وخلق من الوجوه واقبل الخليفة ومعه ولده الراشد وهو ولى عهده فوفق الى الجانب المنبر وصلى بالناس صلاة العيد وكان المكبرون خطباء الجوامع ابن الغريق وابن المهتدى وابن التريكي غيرهم فلما فرغ من الصلاة صعد المنبر ووقف ولى العهد دونه بيده سيف مشهور فابتدأ فقال الله اكبر كلما سحت الانواء واشرق الضياء وطلعت ذكاء وعلت على الارض السماء الله اكبر ما همع سحاب ولمع سراب وانجح طلاب وسر قادم باياب الله اكبر ما نبت نجم وازهر واينع غصن واثمر وطلع فجر واسفر واضاء هلال واقمر سبحان الذي جل عن الاشباه والنظير وعجز ع تكييف ذاته الفكر والضمير لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير الحمد لله ناصر اوليائه وخاذل اعدائه الذي لا يخلوا من علمه مكان

ولا يشغله شأن عن شأن احمده على تزايد نعمه واسأله الزيادة من بره وكرمه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة اجعلها لنفسي الوقاء واعدها ذخرا ليوم اللقاء واشهد ان محمدا عبده ورسوله بعثه والكفر ممتد الرواق وقد ضرب بجزانة في الآفاق فشمر فيه عن ساق وقوم اهل الزيغ والنفاق صلى الله عليه وعلى اله الاخيار واهل بيته الاطهار وعلى عمه وصنو ابيه العباس ذي الشرف الشامخ والمجد الباذخ جد امير المؤمنين ابي الخلفاء الراشدين وعلى ازواجه الطاهرات امهات المؤمنين وسلم صلاة يزكيهم بها يوم الدين وتجعلهم في جواره اعلى عليين عباد الله قد وضح السبيل لطالبيه ونطق الدليل للراغب فيه واستظهرالحق لظهور معانيه فما للنفوس راغبة عن رشادها مشمرة عن فسادها مفرطة في اصدارها وايرادها جاهلة بمعادها او هي عفية عن استعدادها هيهات هيهات كم اخترمت المنية قبلكم وساقت الى الارماس من كان اشد منكم ومثلكم سلبتهم ارواحهم وقطعتهم افراحهم ولم تخف جيوشهم ولا سلاحهم طالما افنت امما واستزلت قدما وامطرت عليهم من الفناء ديما ورمتهم من البلاء اسهما وحرمتهم من الامال مغما وحملتهم من الاثقال مغرما ولم تراع فيهم محرما ذلوا بعد ان عزوا في دنياهم وسادوا وجروا الجيوش الى الاعداء وقاد وافعاد مطلقهم ما سورا وقائدهم بالشقاوة مشهورا قد عدموا نورا وسرورا فيا اسفا لهم ضيعوا زمنا وما اكتسبوا حسنا كيف بهم اذا نشرت الامم واعيدت الى الحياة الرمم ونزل بذي الذنوب الالم وظهر من اهل التقصير الاسف والندم ذلك يوم لا يرحم فيه من شكا ولا يعذر من بكى ولا يجد الظالم لنفسه مسلكا يوم يشتد فيه الفرق يتزايد فيه القلق وتثقل على اهلها الاوزار وتلفح وجوه العصاة النار وتذهل المرضعات وتعظم التبعات وتظهر الايات وتكاشف البليات ولا يقال فيه من ندم ولا ينجو من عذاب الله الا من رحم واعلموا عباد الله ان يومكم هذا يوم شرفه الله بتشريفه القديم وابتلى فيه خليله ابراهيم

بذبح ولده اسمعيل وفداه بذبح عظيم وسن فيه النحر وجعله شعارا للسنة الى آخر الدهر لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة والجذع من الضأن والثني من المعز عن واحد فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرها لكم لعلكم تشكرون ثم جلس بين الخطبتين ثم قام الى الثانية فحمد الله وكبر وصلى على النبي صلى الله عليه و سلم يمينا وشمالا ثم قال اللهم اصلحني واصلح لي ذريتي واعنى على ما وليتني واوزعني شكر نعمتك ووفقني لما اهلتني له وانصرني على ما استخلفتني فيه واحفظني فيما استرعيتني ولا تخلني من خفايا لطفك التي عودتني رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاحاديث فاطر السموات والارض انت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون قال المصنف رحمه الله نقلت هذه الخطبة من خط ابي عبد الله محمد بن عبد الله بن العباس الحراني الشاهد وقد اجاز لي رواية ما يروى عنه قال حضرت هذه الخطبة مع قاضي القضاة ابي القاسم الزينبي وجماعة العدول وكان خطباء الجوامع قياما تحت المنبر وهم المكبرون في اثناء الخطبة قال فلما انهى الخطبة وتحفز للنزول بادره الشريف ابو المظفر احمد بن علي بن عبد العزيز الهاشمي فأنشده ... عليك سلام الله ياخير من علا ... على منبر قد حف اعلامه النصر ... وافضل من ام الانام وعمهم ... بسيرته الحسنى وكان له الامر ... واشرف اهل الارض شرقا ومغربا ... ومن جده من اجله نزل القطر ... لقد شرفت اسماعنا منك خطبة ... وموعظة فضل يلين لها الصخر ... ملآت بها كل القلوب مهابة ... فقد رجفت من خوف تخويفها مصر ... سما لفظها فضلا على كل قائل ... وجل علاها ان يلم بها حصر ... اشدت بها سامي المنابر رفعة ... تقاصر عن ادراكها الانجم الزهر

وزدت بها عدنان مجدا مؤثلا ... فأضحى لها بين الانام بك الفخر ... وسدت بني العباس حتى لقد غدا ... يباهي بك السجاد والعالم الحبر ... فلله عصر انت فيه امامه ... ولله دين انت فيه لنا الصدر ... بقيت على الاسلام والملك كلما ... تقادم عصر انت فيه اتى عصر ... واصبحت بالعيد السعيد مهنأ ... يشرفنا فيه صلاتك والنحر ...
ونزل فنحر بدنة ثم دخل السرادق ووقع البكاء على الناس ودعوا له بالتوفيق والنصر وامر بجمع السفن كلها فعبر بها الى الجانب الغربي وانقطع عبور الناس بالكلية واما السلطان فانه بلغ الى حلوان فبعث من هنالك الامير زنكي الى واسط فازاح عنها عفيف الخادم فهرب حتى لحق بالخليفة وامر الخليفة بسد ابواب داره جميعها سوى باب النوبى ورسم لحاجب الباب القعود عليه لحفظ الدار ولم يبق من اصحاب الخليفة وحواشيه في الجانب الشرقي سواه
واقبل السلطان في يوم الثلاثاء ثامن عشر ذي الحجة الى بغداد فنزل بالشماسية ودخل بعض عسكره الى بغداد فنزلوا في دور الناس وانبثوا في الحريم وغيره وامر الخليفة بنقل الحرم والجواري الى الحريم الطاهري من الجانب الغربي ونقل بعض رحله الى دار العميد التي بقصر المأمون ولم يزل السلطان يبعث الرسل الى الخليفة ويتلطف به ويدعوه الى الصلح والعود الى داره وهو لا يجيب ثم وقف عسكر السلطان بالجانب الشرقي والعامي بالجانب الغربي يسبون الاتراك ويقولون يا باطنية يا ملاحدة عصيتم امير المؤمنين فعقودكم باطلة وانكحتكم فاسدة ثم تراموا بالنشاب
وفي هذه السنة يقول المصنف حملت الى ابي القاسم على بن يعلي العلوى وانا صعير السن فلقنني كلمات من الوعظ والبسني قميصا من الفوط ثم جلس لوداع اهل بغداد عند السور مستندا الى الرباط الذي في اخر الحلبة ورقاني الى المنبر فأوردت الكلمات وحزر الجمع يومئذ فكانوا نحو خمسين الفا وكان يورد الاحاديث بأسانيدها وينصر اهل السنة ويقول انا علوى بلخي ما انا علوى

كرخي وسمعت منه الحديث واجاز لي جميع مسموعاته ومجموعاته وانشدنا يوم وداعة وذكر انها لابي القاسم الجميل النيسابوري وانه سمعها منه ... سرورى من الدهرلقيا كم ... ودار سلامى مغناكم ... وأنتم مدى املى ما أعيش ... وما طاب عيشى لولاكم ... جنابكم الرحب مرعى الكرام ... فلا صوح الدهر مرعاكم ... كأن بايديكم جنة ... ونارا فارجوو أخشاكم ... فحياكم الله كم حسرة ... أرانى فراق محياكم ... حشا البين يوم ارتحلتم حشاى ... بنارالهموم وحاشاكم ... فياليت شعرى ومن لى بأن ... اعيش الى يوم القاكم ... اذاازدحمت فى فؤادى الهموم ... اعلل قلبى بذكراكم ... تود جفونى لوأنها ... مناخ لبعض مطاياكم ... وأستنشق الريح من ارضكم ... لعلى احظى برياكم ... فلا تنسوا العهد ما بيننا ... فلسنا مدىالدهر ننساكم ... فها انتم أولياء النعيم ... وها انا بالرق مولاكم ...

وخرج العلوى من بغداد فى ربيع الآخر من هذه السنة
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
416 - احمد بن محمد
ابن محمد أبو الفتوح الغزالى الطوسى اخو ابى حامد كان متصوفا متزهدا فى اول امره ثم وعظ فكان متفوها وقبله العوام وجلس فى بغداد فى التاجية ورباط بهروز وجلس فى دار السلطان محمود فأعطاه الف دينار فلما خرج رأى فرس الوزيرفى دهليز الدار بمركب ذهب وقلائد وطوق ش فركبه ومضى فاخبر الوزيرفقال لا يتبعه أحد ولا يعاد الى الفرس وخرج يوما الى ناعورة فسمعها تئن فرمى طيلسانه عليها وكان له نكت لطيفة الا ان الغالب على كلامه التخليط

ورواية الاحاديث الموضوعة والحكايات الفارغة والمعانى الفاسدة وقد علق عنه كثير من ذلك وقد راينا من كلامه الذى علق عنه وعليه خطه اقرارا بانه كلامة فمن ذلك انه قال قال موسى ارني قيل له لن فقال هذا شأنك تصطفى آدم ثم تسود وجهه وتخرجه من الجنة وتدعوني الى الطور ثم تشمت بي الاعداء هذا عملك بالاخيار كيف تصنع بالاعداء وقال نزل اسرافيل بمفاتيح الكنوز على رسول الله صلى الله عليه و سلم وجبريل جالس عنده فاصفر وجه جبريل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا اسرافيل هل نقص مما عنده شيئا قال لا قال ما لا ينقص الواهب ما اريده وقال دخل يهودي الى الشيخ ابي سعيد فقال اريد ان اسلم فقال له لا ترد فقال الناس يا شيخ تمنعه من الاسلام فقال له تريد بلا بد قال نعم قال رئت من نفسك ومالك قال نعم قال هذا الاسلام عندي احملوه الآن الى الشيخ ابي حامد حتى يعلمه لا لا المنافقين يعي لا اله الا الله قال احمد الغزالي الذي يقول لا اله الا الله غير مقبول ظنوا ان قول لا اله الا الله منشور ولايته افنسوا عزله وحكى عنه القاضي ابو يعلي انه صعد المنبر يوما فقال معاشر المسلمين كنت دائما ادعوكم الى الله فانا اليوم احذركم منه والله ما شدت الزنانير الا من حبه ولا اديت الجزية الا في عشقه وكان احمد الغزالي يتعصب لابليس ويعذره حتى قال يوما لم يدر ذاك المسكين ان اظافر القضاء اذا حكت ادمت وقسى القدر اذا رمت اصمت ثم انشد ... وكنا ليلى في صعود من الهوى ... فلما توافينا ثبت وزلت ...
وقال التقي موسى وابليس عند عقبة الطور فقال يا ابليس لم لا تسجد لآدم فقال كلاما كنت لاسجد لبشر يا موسى ادعيت التوحيد وانا موحد ثم التفت الى غيره وانت قلت ارني فنظرت الى الجبل فانا اصدق منك في التوحيد قال اسجد للغير ما سجدت من لم يتعلم التوحيد من ابليس فهو زنديق يا موسى كلما ازداد محبة لغيري ازددت له عشقا قال المصنف لقد عجبت من هذا الهذيان الذي قد صار

عن جاهل بالحال فانه لو كان ابليس غار لله محبة ما حرض الناس على المعاصي ولقد ادهشني نفاق هذا الهذيان في بغداد وهي دار العلم ولقد حضر مجلسه يوسف الهمذاني فقال مدد كلام هذا شيطاني لا رباني ذهب دينه والدنيا لا تبقى له وشاع عند احمد الغزالي انه كان يقول بالشاهد وينظر الى المردان ويجالسهم حتى حدثني ابو الحسين بن يوسف انه كتب اليه في حق مملوك له تركي فقرأ الرقعة ثم صاح باسمه فقام اليه وصعد المنبر فقبل بين عينيه وقال هذا جواب الرقعة توفي ابو الفتوح في هذه السنة
417 - بهرام بن بهرام
ابو شجاع البيع سمع الجوهري والتنوخي وكان سماعه صحيحا وكان كريما بنى مدرسة لاصحاب احمد بباب الازج عند باب كلواذى ودفن فيها ووقف قطعة من املاكه على الفقهاء وسبل الخير وكانت وفاته يوم الجمعة سادس عشر محرم
418 - صاعد بن سيار
ابن محمد بن عبد الله بن ابراهيم ابو العلاء الاسحاقي من اهل هراة سمع الحديث الكثير وكان حافظا متقنا روى عنه اشياخنا وتوفي بغورج وغورج قرية على باب هراة

النسخ الخطية لهذا المجلد
نسخة محفوظة بمكتبة ايا صوفية باسلا مبول تحت رقم 3096 وهي الاصل وعلامتها ص
نسخة الطوبخانة باسلا مبول ابتدأت المقابلة عليها من ترجمة محمد بن علي بن المحسن التنوخي كما يظهر من حواشي الدكتور كرنكو وقد نبهنا على ذلك بهامش صفحة 127 وعلامتها ط
استحصل حضرة الدكتور سالم الكرنكوى مصحح الدائرة نقولا من النسخة الاولى مأخوذة بالتصوير ثم نسخ هذا الجزء بقلمه وقابله على ما ظفر به من النسخة الثانية ثم ارسله الينا مع النقول التصويرية المأخوذة من النسخة الاولى فاعدنا المقابلة مرة اخرى لزيادة التوثق
وقد اعتنى الدكتور المذكور بتصحيح الكتاب جهد الطاقة مع مراجعة تاريخ بغداد وتاريخ ابن جرير وشذرات الذهب وغيرها وعلق كثيرا من الحواشي اثبتنا المهم منها وعلامة حواشيه ك واتممنا التصحيح حسب الامكان والله المستعان
خاتمة الطبع
الحمد لله على احسانه حمدا يليق بعظمة شأنه والصلاة والسلام على خاتم انبيائه سيدنا محمد وآله وصحبه
وبعد فقد تم بحمد الله تعالى طبع الجزء التاسع من كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والامم للامام الشهير ابي الفرج ابن الجوزي رحمه الله وهو من انفس كتب التاريخ جمع بين الوقائع والتراجم وكان الطبع بمطبعة الجمعية العلمية الشهيرة بدائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن ادامها الله مصونة عن الفتن والمحن في ظل الملك المؤيد المعان الذي اشتهر فضله في كل مكان السلطان بن السلطان

مملكتة بالعز والبقاء دائمة التقدم والارتقاء وهذه الجمعة تحت صدراه ذى الفضائل السنية والمفاخر العلية النواب السير حيدر نواز جنك بهادر رئيس الجمعية ورئيس الوزراء في الدولة الآصفية والعالم العامل بقية الافاضل النواب محمد يارجنك بهادر وتحت اعتماد الماجد الاريب الشريف النسيب النواب مهدي يارجنك بهادر عميد الجمعية ووزير المعارف والمالية في الدولة الآصفية ومعين امير الجامعة العثمانية وضمن ادارة العالم المحقق والفاضل المدقق مولانا السيد هاشم الندوى معين عميد الجمعية ومدير دائرة المعا0 رف ادام الله تعالى درجاتهم سامية ومحاسنهم زاكية
وعنى بتصحيحه من افاضل دائرة المعارف وعلمائها مولانا السيد هاشم الندوي ومولانا محمد طه الندوي ومولانا الشيخ عبد الرحمن اليماني ومولانا محمد عادل القدوسي ومولانا السيد احمد الله الندوى والسيد حسن جمال الليل المدني والشيخ احمد بن محمد اليماني وطبع بعد ملاحظة مولانا العلامة عبد الله العمادي ركن مجلس الدائرة غفر الله ذنوبهم وستر عيوبهم
وكان تمامه يوم الاثنين الثالث عشر من شهر شعبان سنة 1359
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد نبيه الامين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين الى يوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

سنة
ثم دخلت سنة احدى وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها ان جماعة من عسكر السلطان محمود جاؤا ليدخلوا الى دار الخلافة من باب النوبي فمنعتهم خاتون فجاؤا الى باب الغربة يوم الاربعاء رابع المحرم ومعهم جماعة من الساسة والرعاع وأخذوا مطارق الحدادين وكسروا باب الغربة ودخلوا الى التاج ونهبوا دار الخلافة مما يلي الشط فخرج الجواري حاسرات يلطمن فدخلن دار خاتون قال المصنف فرأيتهن وانا صبي يستشفعن وقد جئن صارخات وجزم على باب المخزن فدخلن دار خاتون وضج الناس كأن الدنيا تزلزلت فأخبر الخليفة بالحال فخرج من السرادق وابو علي بن صدقه بين يديه وقدموا السفن في دفعة واحدة ودخل العسكر في السلاح وترسوا في وجوههم وألبسوا الملاحين السلاح ورماة النشاب من ورائهم ورمى العيارون أنفسهم في الماء فعبروا وعسكر السلطان مشغولون بالنهب قد دخل منهم دار الخلافة نحو الف في السلاح فلما رأوا عسكر الخليفة قد عبر وقع عليهم الذلة فانهزموا ووقع فيهم السيف واختفوا في السراديب فدخل عسكر الخليفة فأسروا جماعة وقتلوا جماعة من الامراء ونهب العوام دور اصحاب السلطان ودخلوا دار وزيره ودار العزيز بن نصر المستوفي ودار ابي البركات الطبيب

وكانت عنده ودائع فأخذ من داره ما قيمته ثلثمائة ألف دينار ودخلوا رباط بهروز وتعرضوا للمتصوفة وهرب اصحاب السلطان وقتل منهم عدة وافرة في الدروب والمضايق وبقي الخليفة والوزير بالجانب الغربي حتى نقلت الحرم والرحل الذي كانوا اودعوه في الحريم الطاهري ودار العميد ثم عبر الخليفة الى داره يوم السبت سابع المحرم ومعه العساكر وحفروا الخنادق ليلا عند ابواب الدروب والمسالك ورتب على ابواب المحال من يحرسها من ورود اصحاب السلطان فبقي القتال على هذا اياما وجاء من عسكر السلطان خلق كثير فخرج اليهم الوزير والنقيب والعسكر فغدر ابو الفتح ابن ورام في جماعة معه وانتقلوا الى العسكر السلطاني فلما كان يوم عاشوراء انقطع القتال وترددت الرسل ولان الامر وقال السلطان أريد أن تبعث لي من يخلفني وأنفذ بعد ذلك وزيري ليستوثق لي فمال الخليفة الى الصلح فبعث قاضي القضاة الزينبي واسمعيل الصوفي ونيفا وثلاثين شاهدا من المعدلين فاحتبسهم ستة أيام فقال الناس قد قبض عليهم ويئس الناس من الصلاح وحفرت الخنادق وسدت العقود وسلم كل قطر من بغداد الى شحنة واجفل اهل الجانب الغربي خوفا لكونهم سبوا السلطان وشتموه وكانوا يقولون يا باطني لما لم تقدر على غزو الروم جئت تغزو الخليفة والمسلمين ودخل يرنقش الزكوي على السلطان فاغراه بالناس فنفر السلطان وقال أنت تريد أن أنهب المسلمين وأغير القبلة ثم تقدم من وقته الى الوزير وقال أحضر الجماعة فاحضروا وقت المغرب فصلى قاضي القضاة بالسلطان المغرب وسلم عليه فأذن له في الجلوس وقرأ عليه مكتوب الخليفة فقام قائما وقبل الأرض وقال سمعا وطاعة لأمير المؤمنين ولم يخالف في شيء مما اقترح عليه وحلف فعادوا بطيبة القلب واصبح الناس مطمئنين وفتحت العقود وطمت الخنادق ودخل اصحاب السلطان الى البلد يقولون نحن منذ ثلاثة أيام ما اكلنا الخبز ولو لم يقع الصلح متنا جوعا وكان الخبز في معسكرهم كل منا بدانق ولم يوجد وكانوا يسلقون الطعام في الماء ثم يأكلونه وكان السعر في الحريم

رخيصا فما رئي سلطان قد حاصر بلدا فكان هو المحاصر الا هذا وظهر من السلطان حلم وافر عن العوام وحكى ابو المكارم بن رميضاء السقلاطوني قال رأيت ابا سعد ابن أبي عمامة في المنام حين اختصم المسترشد ومحمود وعلي ثياب بياض فسلمت عليه وقلت له من أين اقبلت قال من عند الامام احمد بن حنبل وها هو ورائي فالتفت فرأيت أحمد بن حنبل ومعه جماعة من اصحابه فقلت الى اين تقصدون قال الى امير المؤمنين المسترشد بالله لندعو له بالنصر فصحبتهم وانتهينا إلى الحربية الى مسجد ابن القزويني فقال الامام احمد بن حنبل ندخل نأخذ الشيخ معنا فدخل باب المسجد وقال السلام عليكم فاذا الصوت من صدر المسجد وعليك السلام يا ابا عبد الله الامام قد نصر قال فانتبهت مرعوبا وكان كما قال الشيخ
ثم ان اصحاب السلطان طلبوا ما نهب من دورهم فتقدم الخليفة الى حاجب الباب وكان ابن الصاحب ان يأخذ العوام الذين نهبوا دور الاتراك فقبض على عالم كثير لا يحصى واسترد ما امكن واشهد عليهم انه متى ظهر مع احد شيء من النهب ابيح دمه ثم نفذ الخليفة اقبال وابن الانباري وابن الصاحب وفي صحبتهم خيل وبغال وجواشن وتخوت ثياب ثم اسرج الزبزب للوزير وجلس فيه وحجاب الديوان معه وركب ارباب الدولة في السفن حول الزبزب ونزل العوام في السفن وعلى الشط وكان يوما عظيما فدخل الى السلطان وأدى الرسالة فقام السلطان وقبل الأرض ثم اذن للوزير في الانكفاء فنهض فركب في الزبزب الى أن وصل الى دار وزير السلطان فصعد فقعد عنده زمانا يتحادثان ثم خرج فرحا وتمكن اصحاب السلطان من بغداد ونودي من قبل السلطان انه قد فتح دار ضرب فمن لم يقبل ديناره ابيح دمه فسمع الوزير بذلك فضمن للسلطان كل شهر ألف دينار وازال دار الضرب ثم اعيد حق البيع وكثر الانبساط وجاء وزير السلطان الى الخليفة في رابع صفر فدخل اليه فأكرمه كرامة لم يكرم بها وزير قط ثم خلع عليه وخلا هو ووزير الخليفة فتحادثا طويلا
ومرض السلطان في المدائن وغشي عليه ووقع من على الفرس وكان مريضا

مرضا شديدا فبعث له الخليفة ادوية وهدايا وبعث عشرة آلاف رطل خبز وعشرة ارؤس من البقر وتمرا كثيرا تصدق عنه ثم ركب في حادي عشر صفر ثم انتكس وارجف عليه وكان الخليفة قد هيأ له الخلع ليجيء اليه فيخلع عليه فمنعه المرض وأشار عليه الطبيب بالخروج من بغداد فبعث الخليفة الخلع مع الوزير ابن صدقة فخلعها عليه وهو مطروح على جانبه وانصرف ثم رحل السلطان في ثاني عشر ربيع الآخر واقام في المرج اياما ورحل يطلب همذان وفوض شحنكية بغداد الى زنكي
وجلس ابن سلمان يدرس في النظامية ورخصت الأسعار ببغداد ثم وصل الخبر من همذان في جمادى الآخرة بأن السلطان قبض على العزيز وصادره واعتقله وعلى الوزير فصادره واعتقله وكان السبب ان الوزير تكلم على العزيز وان يرنقش تكلم على الوزير وقال للسلطان هذا أخذ الأموال من الخليفة واتفق هو ووزيره وتحالفا على أن يرحل بك من بغداد ولا تبلغ غرضا فكل ما جرى عليك منه
ثم بعث السلطان الى أنوشروان وهو مقيم بالحريم الطاهري فاستوزر فلم يكن له ما يتجهز به حتى بعث له الوزير جلال الدين من عند الخليفة الخيم والخيل وما يحتاج إليه فرحل في مستهل رمضان فأقام في الوزارة عشرة أشهر ثم استعفى وعاد الى بغداد
وفي اليوم الثالث من رمضان وصل بهروز الخادم الملقب مجاهد الدين الى بغداد وقد فوض السلطان اليه بغداد والحلة وفوضت ولاية الموصل وما يجري مجراها الى زنكي فخرج اليها وارسل الخليفة علي بن طراد الى سنجر لابعاد دبيس من حضرته ومعه خلع فلبسها واكرمه واعطاه كوسات واعلاما وبوقات واذن له في ضرب الطبل على بابه ثلاث صلوات واعطاه طوقا وفرسين وسيفين محلاة ولوائين وبعث معه ابن صاعد خطيب نيسابور وجاء الخبر بأن سنجر قتل من الباطنية اثني عشر ألفا

ومن الحوادث في هذه السنة أن أبا الفتوح الأسفرائيني وكان لا يعرف الحديث انما هو في ذلك على عادة القصاص سئل عن قول النبي صلى الله عليه و سلم ما كذب ابراهيم إلا ثلاث كذبات فقال هذا ليس بصحيح والحديث في الصحيح وقال يوما على المنبر قيل لرسول الله صلى الله عليه و سلم كيف أصبحت قال أعمى بين عميان ضالا بين ضلال فنقل ذلك الى الوزير اين صدقة فاستحضره فأقر وأخذ يتأول بتأويلات باردة فاسدة فقال الوزير للفقهاء ما تقولون فقال ابن سلمان مدرس النظامية لو قال هذا الشافعي ما قبلنا منه ويجب على هذا ان يجدد اسلامه وتوبته فمنع من الجلوس بعد أن استقر أن يجلس ويشد الزنار ويتوب ثم يرحل من بغداد فنصره قوم من الاكابر يميلون الى اعتقاده فأعادوه الى الجلوس وكان يتكلم بما يسقط حرمة المصحف من قلوب العوام فافتتن به خلق كثير وزادت الفتن في بغداد وتعرض اصحاب ابي الفتوح بمسجد ابن جردة فرجموا ورجم معهم ابو الفتوح وكان اذا ركب يلبس الحديد ومعه السيوف المجذبة تحفظه ثم اجتاز بسوق الثلاثاء فرجم ورميت عليه الميتات ومع هذا يقول ليس هذا الذي نتلوه كلام الله انما هو عبارة ومجاز والكلام الحقيقي قائم بالنفس فينفر اهل السنة كلما سمعوا هذا فلما كان اليوم الذي دفن فيه ابو الحسن ابن الفاعوس انقلبت بغداد لموته وغلقت الاسواق وكان الحنابلة يصيحون على عادتهم هذا يوم سنى حنبلي لا قشيري ولا أشعري ويصرخون بسبب ابي الفتوح فمنعه المسترشد من الجلوس وأمر أن لا يقيم ببغداد وكان ابن صدقة يميل الى اهل السنة فنصرهم
فلما ان كان يوم الاحد العشرين من شوال ظهر عند انسان وراق كراسة قد اشتراها في جملة كاغد فيها مكتوب القرآن وقد كتب بين كل سطرين من القرآن سطر من الشعر على وزن اواخر الآيات ففتش على كاتبها فاذا به رجل معلم يقال له ابن الاديب فكبس بيته فوجدوا فيه كراريس على هذا المعنى فحمل الى الديوان فسئل عن ذلك فأقر وكان من اصحاب ابي الفتوح فحمل على

حما وشهر في البلد ونودي عليه وهمت العامة باحراقه فانتعش اهل السنة ثم اذن لابي الفتوح فجلس وظهر عبد القادر فجلس في الحلبة فتشبث به اهل السنة وانتصر بحسن اعتقاد الناس به

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
1 - احمد بن احمد
ابن عبد الواحد بن احمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد ابي عيسى بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور ابو السعادات المتوكلي سمع ابا الغنائم ابن المأمون وابا جعفر ابن المسلمة والخطيب وغيرهم وكان سماعه صحيحا وسمعت منه الحديث وكتب لي اجازة بخطه فذكر فيها نسبه الذي ذكرته وتوفي ليلة الخميس سابع عشرين رمضان مترديا من سطح داره بالتوثة ودفن بمقبرة باب الدير وبلغ ثمانين سنة
2 - علي بن عبد الواحد
ابن احمد بن العباس ابو الحسن الدينوري سمع ابا الحسن القزويني وابا محمد الخلال والجوهري وغيرهم وسمعت عليه الحديث وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة
3 - علي بن المبارك
ابو الحسن المقرئ الزاهد ويعرف بابن الفاعوس كان من اصحاب الشريف أبي جعفر وكان زاهدا يقرأ يوم الجمعة على الناس احاديث قد جمعها بغير اسانيد حدثني ابو الحكم الفقيه قال كان يجيء ساقي الماء الى حلقته فيأخذ منه الكوز ويشرب لئلا يظن انه صائم وتوفي ليلة السبت تاسع عشر شوال وانقلبت بغداد بموته وغلقت الاسواق وكان الجمع يفوت الاحصاء واستغاث العوام بذكر السنة ولعن أهل البدعة
4 - فاطمة بنت الحسين
ابن الحسن بن فضلويه الرازي كانت واعظة متعبدة لها رباط تجتمع فيه

الزاهدات سمعت ابا جعفر ابن المسلمة وابا بكر الخطيب وغيرهما وسمعت منها بقراءة شيخنا ابي الفضل بن ناصر كتاب ذم الغيبة لابراهيم الحربي ومن مجالس ابن سمعون روايتها عن ابن النقور عنه ومسند الشافعي وغير ذلك وتوفيت في ربيع الاول من هذه السنة
5 - محمد بن الحسين
ابن بندار ابو العز القلانسي المصري ولد في

سنة
خمس وثلاثين وأربعمائة وقرأ بالقراآت وسمع الحديث من ابن المهتدي وابن المأمون وابن المسلمة وغيرهم وعمر فرحل الناس اليه من الأقطار للقراآت نسبه شيخنا عبد الوهاب الأنماطي الىالرفض واساء الثناء عليه وقال شيخنا ابو الفضل بن ناصر ألحق سماعه في جزء وتوفي في شوال هذه السنة ودفن بواسط
6 - محمد بن عبد الملك
ابن ابراهيم بن أحمد ابو الحسن بن ابي الفضل الهمذاني الفرضي من اصحاب التاريخ من اولاد المحدثين والأئمة وذكر شيخنا عبد الوهاب ما يوجب الطعن فيه وتوفي فجاءة ليلة السبت سادس شوال هذه السنة ودفن الى جنب أبيه عند قبر ابي العباس بن سريج
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه وصل علي بن طراد من عند سنجر ومعه رسول من عند سنجر وسأل أمير المؤمنين أن يؤذن له فيخطب على المنبر يوم الجمعة في جوامع بغداد فأذن له وخلع عليه وخطب على المنابر كل جمعة في جامع
وفي هذه اعني السنة توفي ابن صدقة الوزير وناب نقيب النقباء وفيها مضى محمود الى سنجر فاصطلحا بعد خشونة كانت بينهما فسلم سنجر اليه دبيسا وقال له تعزل زنكي عن الموصل والشام وتسلم البلاد الى دبيس وتسأل الخليفة ان يرضى

عنه فأخذه ورحل
وفي صفر ظهرت ريح شديدة مع غيم كثير ومطر واحمر الجو ما بين الظهر الى العصر وانزعج الناس واحتملت الريح رملا أحمر ملأت به البراري والسطوح
قال شيخنا ابن الزاغوني وتقدم الى نقيب النقباء ليخرج الى سنجر فرفع الى الخزانة ثلاثين الف دينار ليعفى وتقدم الى شيخ الشيوخ فرفع خمسة عشر ألف دينار ليعفى
وفي ربيع الأول رتب ابو طاهر ابن الكرخي في قضاء واسط
وفي جمادى الآخرة رتب المنبجي في مدرسة خاتون المستظهرية رتبه موفق الخادم وخرج بهروز لعمارة بثق النهروان ورتب الآلات
وفي هذا الشهر ظهر الخبر بتوجه دبيس الى بغداد في عسكر عظيم فانزعج اهل بغداد وكوتب محمود فقيل له انك ان لم تمنعه من المجيء والا احتجنا ان نخرج اليه وينتقض العهد الذي بيننا وبينك فذكر أنه سيصل الى بغداد وتطاولت للوزارة جماعة منهم عز الدولة بن المطلب وابن الانباري وناصح الدولة ابن المسلمة واحمد بن النظام فمنعوا من الخطاب في ذلك واجلس للنيابة في الديوان نقيب النقباء
وفي رمضان خلع على عز الدولة دراعة وعمامة بغير ذؤابة وفرس ومركب وجلس للهناء
وفي شوال وصل الخبر بأن السلطان محمود عزل أنوشروان من الوزارة وكان هو قد سأل ذلك وأخذ منه الدواة التي أعطاه والبلغة وصادر أهل همذان فأخذ منهم سبعين ألف دينار

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
7 - الحسن بن علي
ابن صدقة الوزير وزر للمسترشد وكان ذا رأي ومدح المسترشد فقال

وجدت الوزى كالماء طعما ورقة ... وان أمير المؤمنين زلاله ... ولولا طريق الدين والشرع والتقى ... لقلت من الاعظام جل جلاله ...
توفي في ليلة الاحد من هذه السنة
8 - الحسين بن علي
ابن أبي القاسم ابو علي اللامشي من أهل سمرقند روى الحديث وتفقه وكان يضرب به المثل في النظر وكان خيرا دينا على طريق السلف مطرحا للتكلف امارا بالمعروف بعث رسولا من خاقان ملك ما وراء النهر الى دار الخلافة فقيل له لو حججت فقد وصلت بغداد فقال لا اجعل الحج تبعا لرسالتهم فرجع الى سمرقند وتوفي في رمضان هذه السنة وهو ابن احدى وثمانين

سنة
9 - محمد بن اسعد
ابن الفرج بن احمد بن علي ابو نصر الشيباني الحلواني سمع ابا الحسين ابن الغريق وابا الغنائم ابن المأمون وابا جعفر ابن المسلمة وغيرهم وكان ثقة يسكن نهر القلائين وتوفي في رمضان من هذه السنة
10 - موسى بن احمد
ابن محمد ابو القاسم السامري كان يذكر أنه من أولاد أبي ذر الغفاري وكان قد سمع الحديث الكثير وقرأ بالورايات وتفق على شيخنا ابي الحسن ابن الزاغوني وناظر ورأيته يتكلم كلاما حسنا وتوفي في رابع رجب ودفن بمقبرة أحمد ابن حنبل
سنة
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها انه دخل السلطان محمود الى بغداد يوم تاسع عشر محرم واقام دبيس في بعض الطريق واجتهد في ان يمكن دبيس من الدخول او ان يرضى عنه ونفذ الى زنكي ليسلم البلاد الى دبيس فامتنع وفي صفر تقدم السلطان بالختم على اموال مدرسة ابي حنيفة ومطالبة وكلائه بالحساب ووكل بقاضي القضاة الزينبي لأجل ذلك وكان قد قيل له ان دخل المكان نحو ثمانين الف دينار وما ينفق عليه عشرة
وفي هذا الشهر درس اسعد الميهني بجامع القصر لأن الوزير احمد منعه من النظامية
وفي الاحد سلخ ربيع الآخر خلع المسترشد على نقيب النقباء ابي القاسم بن طراد واستوزره وضمن زنكي ان ينفذ للسلطان مائة الف دينار وخيلا وثيابا على ان لا يغير عليه ساكنا واستقر على الخليفة مثل ذلك على ان لا يولي دبيس فباع الخليفة عقارا بالحريم وقرى وما زال يصحح ثم ان دبيسا دخل بغداد بعد جلوس الوزير في الوزارة بثلاثة ايام ودخل دار السلطان وركب في الميدان وقعد في دجلة في سفينة السلطان وراءه الناس وجاء زنكي فالقى نفسه بين يدي السلطان وحمل معه هدايا فائفة فاكرمه وخلع عليه بعد ثلاثة ايام واعاده الى الموصل ونفذ الخليفة الى السلطان خلعا كان قد اعدها له مع الوزير ابي القاسم الزينبي يوم الجمعة ثالث جمادى الآخرة وكان الوزير في الزبزب والموكب في سفن والناس على دجلة وفي السفن يدعون للخليفة والسلطان ويلعنون دبيسا وكان سنجر قد سلم دبيسا الى اخته امرأة محمود فكانت هي التي تمانع عنه ورحل السلطان من العراق يطلب همذان يوم السبت رابع جمادى الآخرة

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11