كتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
المؤلف : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

ورأيناه فقيرا يجيئنا بلا ازار وتقرأ عليه الحديث ونبره بالشىء بعد الشىء توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
546 - محمد بن احمد بن يعقوب بن احمد ابن محمد بن عبد الملك ابو الفضل الهاشمى من اهل المصيصة ولى القضاء بدسكرة الملك فى طريق خراسان وورد بغداد فحدث بها عن على بن عبد الحميد الغضائرى وأبى عروبة الحرانى واحمد بن عمير بن جوصا وغيرهم وكان سىء الحال فى الحديث
547 - محمد بن مخلد بن حفص ابو عبد الله الدورى العطار ولد سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وكان ينزل الدور وهى محلة فى آخر بغداد بالجانب الشرقى فى اعلى البلد سمع يعقوب ابن ابراهيم الدورقى والزبير بن بكار والحسن بن عرفة ومسلم بن الحجاج فى آخرين روى عنه ابن عقدة والآجرى وابن الجعابى وابن المظفر وابن حيويه والدارقطنى وغيرهم وكان ثقة ذاقهم واسع الرواية مشهور بالديانة مذكورا بالعبادة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا محمد بن عبد العزيز البرذعى اخبرنا احمد بن محمد بن عمران اخبرنا ابو عبد الله محمد بن مخلد قال ماتت والدتى فنزلت فى لحدها فانفرجت لى فرجة عن قبر يلزقها فاذا رجل عليه اكفان جدد على صدره طاقة ياسمين طرية فأخذتها فشممتها فاذا هى اذكى من المسك وشمها جماعة كانوا معى فى الجنازة ثم رددتها الى موضعها وسددت الفرجة توفى ابن مخلد فى جمادى الآخرة من هذه السنة وقد استكمل سبعا وتسعين سنة وثمانية اشهر واحد وعشرين يوما
548 - محمد بن على بن الحسن بن ابى الحديد ابو الحسين حدث عن يونس بن عبد الاعلى ومحمد بن عبد الحكم وبكار بن قتيبة

وكان فقيه على مذهب أبى حنيفة فرضيا عاقلا ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
549 - المجنون البغدادى اخبرنا ابراهيم بن دينار الفقيه عن ابى الوفاء بن عقيل قال سمعت الحسن بن غالب المقرىء يقول سمعت ابا الحسين بن سمعون يقول سمعت ابا بكر الشبلى يقول رايت يوم الجمعة معتوها عند جامع الرصافة قائما عريانا وهو يقول انا مجنون الله انا مجنون الله فقلت له لم لا تدخل الجامع وتتوارى وتصلى فنظر الى وانشد ... يقولون زرنا واقض واجب حقنا ... وقد اسقطت حالى حقوقهم عنى ... اذا هم رأوا حالى ولم يأنفوا لها ... ولم يأنفوا منها أنفت لهم منى ... سنة 332 ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى ربيع الاول دخل الروم راس العين وسبوا من اهلها ثلاثة آلاف انسان ونهبوا البلاد وكان الذى قصدها الدمستق فى ثمانين الفا
وفى جمادى الاولى كثرت الامطار فتساقطت منازل الناس ومات خلق كثير تحت الهدم وما زالت قيمة العقار ببغداد تنقص وزاد الأمر بسبب الغلاء وبلغ الخبز الخشكار ثلاثة ارطال بدرهم والتمر رطلين بدرهم واغلقت عدة حمامات وتعطلت اسواق ومساجد حتى صار يطلب من يسكن الدور بأجرة يعطاها ليحفظها وكثرت الكبسات بالليل من اللصوص بالسلاح والشمع وتحارس الناس بالليل بالبوقات وجاء فى شباط مطر عظيم سبل وبرد كبار وجمعه الثلاجون

وكبسوه وتساقطت الدور وبرد الهواء فى آذار ووقع جليد كثير فاحترق اكثر الزرع ولم يجمد الماء فى شتوة هذه السنة
وورد الخبر فى شوال بموت ابى طاهر سليمان بن الحسن الهجرى فى منزله بهجر وانه جدر فى هذه السنة ومات ولم يحج فى هذه السنة احد من بغداد ولا من خراسان لأجل موت الهجرى فلم يحضر احد من اهل هجر يبذرق الحاج فخاف الناس فأقاموا وكان الذى بقى من اخوة ابى طاهر ثلاثة ابو القاسم سعيد وهو الرئيس الذى يدبر الامور وابو العباس وكان ضعيف البدن كثير الامراض مقبلا على زيادة الكتب وابو يعقوب يوسف وكان مقبلا على اللعب الا ان الثلاثة كانت كلمتهم واحدة والرياسة لجميعهم وكانوا يجتمعون على رأى واحد فيمضونه وكان وزراؤهم سبعة كلهم من بنى سنبر
وفى هذه السنة قتل ابو عبد الله البريدى اخاه ابا يوسف وكان ابو يوسف يتكبر على اخيه ويؤذيه ودفنه بالابلة من غير أن غسله او كفنه واخذ من ماله الف الف ومائتى الف دينار وعشرة آلاف الف درهم واخذ من الكسوة والقرش والآلة قيمة الف الف دينار والف رطل ند وعشرين الف رطل عود منها الفا رطل هندى وصادر العمال على الف الف دينار ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
550 - احمد بن محمد بن سعيد ابن عبد الرحمن ابو العباس الكوفي المعروف بابن عقدة وعقدة لقب ابيه محمد لقب بذلك لأجل تعقيده فى التصريف والنحو وكان عقدة ورعا ناسكا علم ابن هشام الخزاز الادب فوجه ابوه اليه دنانير فردها وقال ما رددتها استقلالا لها ولكن سألنى الصبى ان اعلمه القرآن فاختلط تعليم النحو بتعليم

القرآن فلا استحل ان آخذ منه شيئا ولو دفع الى الدنيا واما ولده ابو العباس فانه سمع الحديث الكثير وكان من اكابر الحفاظ وروى عنه من اكابرهم ابو بكر بن الجعابى وعبد الله بن عدى والطبرانى وابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وقال الدارقطنى اجمع اهل الكوفة انه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود الى زمن ابى العباس بن عقدة احفظ منه قال ابو العباس ودخل البرديجى الكوفة فزعم انه احفظ منى فقلت لا تطول نتقدم الى دكان وراق ونضع القبان وتزن من الكتب ما شئت ثم تلقى علينا فنذكرها فبقى وكان بعض الهاشميين جالسا عند بن عقدة فقال ابن عقدة انا اجيب فى ثلثمائة الف حديث من حديث اهل بيت هذا سوى غيرهم وقال ابن عقدة مرة احفظ من الحديث بالاسانيد والمتون منسقا خمسين ومائتى الف حديث وأذاكر من المسانيد وبعض المتون والمراسيل والمقاطيع بستمائة الف حديث
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا أحمد بن على بن ثابت قال حدثنى الصورى قال قال لى عبد الغنى بن سعيد سمعت الدارقطنى يقول كان ابو العباس بن عقدة يعلم ما عند الناس ولا يعلمون ما عنده قال مؤلف الكتاب ومع هذا الحفظ العظيم وكثرة ما سمع وكتب فانه انتقل من مكان الى مكان فكانت كتبه ستمائة حمل فقد ذمه الناس لأسباب فذكر ابن عدى انه كان يسوى نسخا للاشياخ ويأمرهم بروايتها وقال الدارقطنى ابن عقدة رجل سوء اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على حدثنا على بن محمد بن نصر قال سمعت حمزة بن يوسف يقول سمعت ابا عمر بن حيويه يقول كان ابن عقدة فى جامع براثا يملى مثالب اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم او قال الشيخين يعنى ابا بكر وعمر فتركت حديثه لا احدث عنه بشىء قال المصنف وتوفى ابن عقدة فى ذى القعدة من هذه السنة
551 - الحسن بن يوسف ابن يعقوب بن ميمون ابو على الحداد روى عن يونس بن عبد الاعلى وغيره

وكان امام جامع مصر العتيق وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
552 - سليمان بن الحسن ابو القاسم وزر للراضى ثم ملك المتقى لله فابقاه على حاله وتوفى فى رجب هذه السنة
553 - عبد الله بن احمد ابن اسحاق ابو محمد الجوهرى المصرى سكن بغداد بنهر الدجال وحدث بها عن الربيع بن سليمان المرادى وغيره روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وآخر من روى عنه ابو عمر بن مهدى وكان ثقة توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
554 - عبد الله بن محمد ابن احمد ابو بكر البزاز وهو خال ابن الجعابى روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان توزون التركى كان رئيس الجيش وامير الامراء وتقلد الشرطة ببغداد وكانت بينه وبين المتقى وحشه فخرج المتقى الى ناحية الموصل ودخل توزون من واسط الى بغداد فأخد اموال اهل بغداد وأخذ من دعلج العدل مائة الف درهم وأقام المتقى عند بنى حمدان واستدعاهم لحرب توزون فلما أقبلوا على حربه خرج توزون فكسرهم ثم كاتب المتقي يسأله أن يرجع إلى بغداد فلم يقبل واقام بالرقة ثم ظهر له من بنى حمدان تضجر به فبعث الى توزون يطلب الصلح فتلقى توزون ذلك بأتم رغبة فبعث اليه المتقى من يستحلفه فحلف أيمانا مؤكدة ثم اعاد اليه من يعيد اليمين فحلف فلما قدم المتقى فبلغ السندية تلقاه

توزون فقبل الارض وقبل يده ثم ركب وسار معه وقد وكل به وبجماعته الديلم وحصرهم فى مضربه وقبض عليهم واستحضر عبد الله بن المكتفى فبويع له ولقب المستكفى بالله وبايعه المتقى بعد أن اشهد على نفسه بالخلع فى يوم السبت لعشر بقين من صفر هذه السنة وسلم اليه المتقى فأخرج الى جزيرة بين يدى السندية على نهر عيسى فسمل فى يوم خلعه وكانت مدة خلافته ثلاث سنين واحد عشر شهرا ولم يحل الحول على توزون بعد أن فعل ذلك

باب ذكر خلافة المستفكى بالله
واسمه عبد الله بن على المكتفى بن المعتضد ويكنى ابا القاسم ولد فى صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين وولى الخلافة وسنه احد واربعون سنة وسبعة ايام فى سن المنصور حين ولى وكان مليح الشخص ربعة من الرجال ليس بالطويل ولا بالقصير معتدل الجسم حسن الوجه ابيض مشربا بالحمرة اسود الشعر سبط خفيف العارضين أكحل أقنى الانف ولما ولى المستكفى طوق توزون وسوره وخلع عليه وجلس بين يدى المستكفى بالله على كرسى ولم يحج من الناس فى هذه السنة الا نفر يسير مع البكريين ووقف بالناس بمكة عمر بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمى
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
555 - الحسن بن احمد بن سعيد بن انس ابو على المؤذن ويعرف بالمالكى سمع ابا عمر القاضى وغيره وروى عنه العتيقى والتنوخى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
556 - الحسن بن عبد العزيز الهاشمى اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب انبأنا ابراهيم بن مخلد اخبرنا اسماعيل بن على

الخطبى قال توفى الحسن بن عبد العزيز الهاشمى وهو والى الصلاة بالحرمين ومسجد الرصافة ببغداد فى شوال هذه السنة وله من السن خمس وسبعون سنة وشهور
557 - الحسين بن على بن احمد بن عبد الله ابو على الحريرى ويعرف بابن جمعة ولد سنة سبع وخمسين ومائتين وحدث عن ابى بكر بن مالك وأبى الحسن الدارقطنى وابن المظفر وكان ثقه صدوقا وتوفى فى رمضان هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة اربع وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى المحرم لقب المستكفى بالله نفسه امام الحق وضرب ذلك على الدنانير والدراهم فكان يخطب له بلقبين امام الحق والمستكفى بالله
وورد الخبر بأن معز الدولة ابا الحسين احمد بن بويه قد زل بباجسرى فاضطرب الناس واستتر المستكفى بالله وعبر الاتراك الى الجانب الغربى وساروا الى الموصل وبقى الديلم ببغداد ووجه المستكفى بالطاف وفاكهة وطعام لابى الحسين بن بويه ودخل ابو الحسين فلقى المستكفى ووقف بين يديه طويلا واخذ عليه البيعة للمستكفى واستحلف له باغلظ الايمان ولخواصه وحلف المستكفى لابى الحسين بن بويه وأخويه وكتب بذلك كتاب ووقعت فيه الشهادة عليهما ولبس ابو الحسين الخلع وطوق وسور وعقد له لواء وجعل امير الامراء وهو اول ملوك بنى بويه ولقب اخوه الاكبر على عماد الدولة والاوسط ابو على الحسن ركن الدولة وامر أن نضرب القابهم وكناهم على الدنانير والدراهم ونزل الديلم والاتراك دور الناس ولم يكن يعرف ببغداد قبل هذا التنزل فصار من هذا اليوم رسما
انبأنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال ومن اعجب

الاشياء المتولدة فى زمن معز الدولة السعى والصراع وذلك ان معز الدولة احتاج الى السعاة ليجعلهم فيوجا بينه وبين اخيه ركن الدولة الى الرى فيقطعون تلك المسافة البعيدة فى المدة القريبة وأعطى على جودة السعى الرغائب فحرص احداث بغداد وضعفاؤهم على ذلك حتى انهمكوا فيه واسلموا اولادهم اليه فنشأ ركابيان لمعز الدولة يعرف احدهما بمرعوش والآخر بفضل يسعى كل واحد منهما نيفا وثلاثين فرسخا فى يوم من طلوع الشمس الى غروبها يترددون ما بين عكبرا وبغداد وقد رتب على كل فرسخ من الطريق قوم يحضون عليهم فصاروا ائمة السعاة ببغداد وانتسب السعاة اليهم وتعصب الناس لهم واشتهى معز الدولة الصراع فكان يعمل بحضرته حلقة فى ميدانه ويقيم شجرة يابسة تنصب فى الحال ويجعل عليها الثياب الديباج والعتابى والمروزى وتحتها اكياس فيها دراهم ويجمع على سور الميدان المحانيث بالطبور والزمور وعلى باب الميدان الدبادب ويؤذن للعامة فى دخول الميدان فمن غلب اخذ الثياب والشجرة والدراهم ثم دخل فى ذلك احداث بغداد فصار فى كل موضع صراع فاذا برع احدهم صارع بحضرة معز الدولة فان غلب اجريت عليه الجرايات فكم من عين ذهبت بلطمة وكم من رجل اندقت وشغف بعض اصحاب معز الدولة بالسباحة فتعاطاها اهل بغداد حتى احدثوا فيها الطرائف فكان الشاب يسبح قائما وعلى يده كانون فوقه حطب يشتعل تحت قدر الى ان تنضج ثم يأكل منها الى ان يصل الى دار السلطان
وفى ربيع الآخر قلد القاضى ابو السائب عتبة بن عبيد الله القضاء فى الجانب الشرقي واقر القاضى ابو طاهر على الجانب الشرقي
وقلد ابو الحسن محمد بن صالح الهاشمى قضاء مدينة ابى جعفر وفى هذه السنة جمع القاضى ابو الحسن محمد بن صالح الهاشمى ابا عبد الله محمد بن ابى 342

موسى الهاشمى وابا نصر يوسف بن ابى الحسين عمر بن محمد القاضى فى منزله حتى اصطلحا وتعاقدا على التصافى وأخذ كل واحد منهما خط صاحبه بتزكيته وربما توكد الصلح بينهما وكانا قد خرجا الى اقبح المباينة حتى اشهد ابو نصر وهو والى قضاء مدينة السلام على نفسه باسقاط ابى عبد الله وانه غير موضع للشهادة وسعى ابو عبد الله فى صرفه ومعارضته بما يكره حتى تهيأ له فى ذلك ما اراد
وفى يوم الخميس لثلاث بقين من جمادى الآخرة انحدر معز الدولة الى دار الخلافة فسلم على الخليفة وقبل الارض وقبل يد المستكفى وطرح له كرسى فجلس ثم تقدم رجلان من الديلم فمد ايديهما الى المستكفى وطالبا بالرزق

فلما مدا ايديهما ظن انهما يريدان فناولهما يديه تقبيل يده فجذباه فنكساه من السرير ووضعا عمامته فى عنقه وجراه ونهض معز الدولة واضطرب الناس ودخل الديلم الى دور الحرم وحمل المستكفى راجلا الى دار معز الدولة فاعتقل بها وخلع من الخلافة ولهبت الدار حتى لم يبق فيها شيئ وسمل المستكفى وكانت مدته فى الخلافة سنة واربعة اشهر ويومين واحضر الفضل بن المقتدر يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة فبويع ولقب المطيع لله باب ذكر خلافة المطيع لله واسمه الفضل بن المقتدر ويكنى ابا القاسم وامه ام ولد يقال لها مشغلة ادركت

خلافته وكان له يوم بويع ثلاث وثلاثون سنة وخمسة اشهر وايام ولما بويع احضر المستكفى ليسلم عليه بالخلافة واشهد على نفسه بالخلع وصودر خواص المستكفى فاخذ منهم الوف كثيرة ووصل المطيع العباسيين فى يوم بنيف وثلاثين الف دينار على اضافته ووصل خادم من المدينة فذكر ما يلحق حجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم من التفريط وقطع مواد الطيب وغيره عنها فأمر للخادم بعشرين الف درهم وتقدم بحمل الطيب وضم اليه خمسة من الخدم ليكونوا فى خدمة الحجرة ونفذ مع ابى احمد الموسوى قنديلا من ذهب وزنه ستمائة مثقال وتسع قناديل من فضة ليعلقها فى الكعبة
اخبرنا ابن ناصر قال سمعت ابا محمد التميمى يقول سمعت عمى ابا الفضل عبد الواحد ابن عبد العزيز التميمى يقول سمعت المطيع لله يقول وقد احدق به خلق كثير من الحنابلة حزروا ثلاثين الفا فاراد ان يتقرب اليهم فقال سمعت شيخى ابن بنت منيع يقول سمعت احمد بن حنبل يقول اذا مات اصدقاء الرجل ذل وفى يوم الاربعاء لاربع خلون من شعبان وجدت امرأة هاشمية قد سرقت صبيا فشوته فى تنور وهو حى وأكلت بعضه واقرت بذلك وذكرت ان شدة الجوع حملها على ذلك فحبست ثم اخرجت وضربت عنقها ووجدت امرأة اخرى هاشمية ايضا قد اخذت صبية فشقتها بنصفين فطبخت نصفها سكباجا والنصف الآخر بماء وملح فدخل الديلم فذبحوها ثم وجدت ثالثة قد شوت صبيا وأكلت بعضه فقتلت وكان قد بلغ المكوك من الحنطة خمسة وعشرين درهما واضطر الناس الى اكل البزر قطونا كان يؤخذ فيضرب بالماء ثم يبسط على الطابق ويشعل تحته فاذا حمى أكلوا الجيف واذا راثت الدواب اجتمعوا جماعة من الضعفاء على الروث فالتقطوا ما فيه من الحب الشعير فأكلوه وكانت الموتى مطرحين فربما اكلت الكلاب لحومهم وخرج الناس الى البصرة خروجا مسرفا فمات اكثرهم فى الطريق ومات بعضهم بالبصرة وصار العقار والدور تباع برغفان خبز ويأخذ الدلال بحق دلالته بعض الخبز انبأنا محمد بن عبد الباقى

عبد الباقى عن على بن المحسن عن ابيه قال حدثنى ابو الحسين بن عباس القاضى قال حدثنى ابو عبد الله الموسوى العلوى انه باع فى سنة اربع وثلاثين وثلثمائة عند اشتداد الغلاء على معز الدولة وهو مقيم بظاهر بغداد من الجانب الغربى كر حنطة بعشرة آلاف درهم قال ولم اخرج الغلة حتى تسلمت المال
وكانت بين اصحاب معز الدولة ابى الحسين وبين اصحاب ناصر الدولة ابى محمد ابن حمدان حرب بعكبر فخرج معز الدولة ومعه الخليفة المطيع الى عكبرا وذلك فى رابع رمضان ثم حضر معز الدولة المطيع ووكل به فلما كان يوم الاربعاء لعشر خلون من رمضان وافى ناصر الدولة الى بغداد فنزل فى الجانب الغربى فعبر اصحاب معز الدولة اليهم فعبر ناصر الدولة الى الجانب الشرقى ودخل بغداد وجاء معز الدولة فاحتربوا فملك الجانب الغربى باسره الا انه ضاق عليهم العيش فاشترى لمعز الدولة كرا بعشرين الفا ولحق الناس من السواد من جانبى بغداد ضر عظيم ثم ملك معز الدولة الجانب الشرقى فانهوم ناصر الدولة
وفى هذه السنة كثر القمل برستاق التيمرة الكبرى حتى يئس الناس من غلاتهم وانحط من نوع الطير الصفر يزيد على جرم العصفور وكان الطائر يعلق على شجرة فيصفر فيصير الطير حينئذ افواجا فينحط كل فوج منها على ضيعة فيلقط القمل حتى فنى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
558 - توزون قد ذكرنا اخباره وما صنع بالمتقى توفى لثمان بقين من المحرم ولم يتم له حول بعد فعله القبيح واهماله ما عقد من الايمان
559 - سليمان بن اسحاق ابن ابراهيم بن الخليل ابو ايوب الجلاب سمع ابراهيم الحربى روى عنه ابن حيويه وكان ثقة توفى فى هذه السنة

560 - عبد الله بن احمد بن عبد الله بن بكير ابو القاسم التميمي سمع ابن قتيبة وروى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
561 - عمر بن الحسين بن عبد الله ابو القاسم الخرقى صاحب كتاب المختصر فى الفقه على مذهب احمد بن حنبل وكان فقه النفس حسن العبارة بليغا وكانت له مصنفات كثيرة وتخريجات على المذهب لم تظهر لأنه خرج من بغداد لما ظهر سب الصحابة فاودع كتبه في درب سليمان فاحترقت الدار التى كانت فيها الكتب وتوفى بدمشق هذه السنة
562 - محمد بن عيسى بن عبد الله ابو عبد الله يعرف بابن ابى موسى عمى الفقيه على مذهب العراقيين ولاه المتقى لله القضاء ببغداد ثم عزله واعاده المستكفى بالله وكان له علم غزير وسمت حسن ووقار وكان ثقة مشهورا بالفقر لا يطعن عليه فى شىء من ولايته فكبس اللصوص داره وأخذوا جميع ما كان فى منزله ولم يكن شيئا مذكورا وكانوا يقدرون ان له مالا وضربوه ضربة اثخنته وهرب فى السطوح ورمى بنفسه الى ما يجاوره فسقط فمات وذلك فى ربيع الاول من هذه السنة
563 - محمد بن محمد بن احمد بن عبد الله ابو الفضل السلمى الوزير كان فقيها مناظرا وسمع الحديث بخراسان ونيسابور والرى وبغداد والكوفة واملى وكان حافظا وصنف وكان يصوم الاثنين والخميس ولا يدع صلاة الليل ولا التصنيف وولى الوزارة للسلطان وهو على ذلك وكان يسأل الله الشهادة فسمع ليلة جلبة الخيل فقال ما هذا فقالوا غوغاء العسكر قد اجتمعوا يؤلبون ويقولون ان الذنب لك فى تأخير رزقنا فدعا بالحلاق

فحلق رأسه وسخن له الماء فى مصرية وتنور وتنظف واغتسل ولبس الكفن ولم يزل ليلته يصلى وبعث السلطان يمنعهم عنه لم يقبلوا فقتلوه وهو ساجد فى ربيع الاخر من هذه السنة
564 - محمد بن عبد الله ابن طغج ابو بكر كان شجاعا شديد التيقظ فى حروبه وكان جيشه يحتوى على اربعمائة الف رجل وكان له ثمانية آلاف مملوك يحرسونه بالنوبة كل نوبة الف مملوك ويوكل بجانب خيمته الخدم ثم لا يثق حتى يمضى الى خيم الفراشين فينام فيها ولقيه الراضى بالله الا خشيد لانه فرغانى وكان من ملك فرغانة يسمى الاخشيد كما تدعو الروم ملكها قيصر والفرس كسرى واليمن تبع والمسلمون الخليفة وملك اشروسنة يسمى الافشين وملك خوارزم خوارز مشاه وملك الترك خاقان وملك جرجان صول وملك اذربيجان اصبهذ وملك طبرستان سالار توفى بدمشق فى ذى الحجة من هذه السنة
565 - ابو بكر الشبلى وقد اختلفوا فى اسمه ونسبه فقيل دلف بن جعفر وقيل دلف بن جحدر وقيل دلف بن جعترة وقيل دلف بن جعونة وقيل جعفر بن يونس وقيل جحدر بن دلف وهو من اهل اشروسنة من قرية بها يقال لها شبيلة كان خاله امير الامراء بالاسكندرية وولد الشبلى بسر من رأى وكان حاجب الموفق فجعل لطعمته دماوند وكان ابوه حاجب الحجاب حضر الشبلى يوما مجلس خير النساج فتاب ثم رجع الى دماوند فقال ان الموفق ولانى بلدتكم فاجعلونى فى حل ففعلوا وصحب الفقراء وكان الجنيد يقول تاج هؤلاء القوم الشبلى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا على بن محمود الزوزنى قال سمعت على بن المثنى التميمى يقول دخلت على الشبلى فى داره يوما وهو يهيج ويقول

على بعدك لا يصبر ... من عادته القرب ... ولا يقوى على حجبك ... من تيمه الحب ... فان لم ترك العين ... فقد يبصرك القلب ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا عبد الكريم بن هوزان قال سمعت ابا حاتم محمد بن احمد بن يحيى يقول سمعت عبد الله بن على التميمى يقول سأل جعفر بن نصير بكران الدينورى وكان يخدم الشبلى مالذى رأيت منه يعنى عند وفاته قال قال لى على درهم مظلمة تصدقت عن صاحبه بألوف فما على قلبى شغل اعظم منه ثم قال وضيئنى للصلاة ففعلت فنسيت تخليل لحيته وقد امسك عن لسانه فقبض على يدى وادخلها فى لحيته ثم مات فبكى جعفر وقال ما تقولون فى رجل لم تفته فى آخر عمره ادب من آداب الشريعة عن محمد بن الحسين بن موسى قال سمعت ابا نصر الهروى يقول كان الشبلى يقول انما يحفظ هذا الجانب بى يعنى من الديالمة فمات وهو يوم الجمعة وعبرت الديالمة الى الجانت الشرقى يوم السبت عن ابى الحسين ابن المهتدى قال سمعت ابا حفص عمر بن عبيد بن تعويذ يقول حدثنى ابو بكر غلام الشبلى وكان يعرف ببكير قال وجد الشبلى خفة من وجع كان به فى يوم الجمعة سلخ ذى الحجة سنة اربع وثلاثين وثلثمائة فقال لى بكير تعز الجامع قلت نعم قال فلما حصلنا فى الوراقين من الجانب الشرقى تلقانا رجل شيخ فقال لى بكير غدا يكون لى مع هذا الشيخ شأن من الشأن نقلت يا سيدى من هو فقال لى هذا المقبل واومأ بيده الى الشيخ قال فلما كان فى ليلة السبت قضى رحمة الله عليه فقيل لى فى موضع كذا وكذا شيخ صالح يغسل الموتى فجئت الى الباب فنقرته وقلت سلام عليكم فقال لى مات الشبلى فقلت نعم فخرج الى فاذا هو الشيخ الذى لقينا بالامس فقلت لا اله الا الله فقال لى مالك فقلت يا سيدى سالتك بالله من اين لك بموت الشبلى فقال لى فقدتك ما أبلهك من اين يكون للشبلى انه يكون له معى شأن من الشان اخبرنا ابو القاسم الحريري عن ابى طالب العشارى اخبرنا على بن المظفر الاصبهانى حدثنا ابو القاسم النحاس قال سمعت يوسف

بن يعقوب الاصبهانى يقول قال الادمى القارىء رايت فى المنام كان كل من فى مقبرة الخيزرانية جلوسا على قبورهم فقلت من تنتظرون فقالوا قد وعدنا يجيئنا رجل يدفن عندنا يهب الله محسننا ومسيئنا له قال فبكرت وجلست فاذا بجنازة الشبلى تدفن عندهم

سنة ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها قد ذكرنا ان معز الدولة ابو الحسين بن بويه حصر المطيع ووكل به وان ناصر الدولة ابو محمد بن حمدان جاء الى بغداد يخاصم عن الخليفة فدخل الى بغداد وحارب معز الدولة فعبر معز الدولة الى الجانب الشرقى فملكه فى اول يوم من المحرم فانهزم ناصر الدولة ونهب الديلم باب الطاق وسوق يحيى وقتل من العامة جماعة وخرج نساء وصبيان من بغداد هاربين فى طريق عكبر الأنه وقع للناس ان الديلم اذا ملكوا الجانب الشرقى وضعوا السيف تشفيا من العوام لأنهم كانوا يشتمون معز الدولة والديالمة شتما مسرفا واستعمل معز الدولة الحلم ومنع من القتل الا من هرب من الرجال والنساء والصبيان وتلف فى طريق عكبر من الحر والعطش خلق كثير لأنهم خرجوا مشاة حفاة انبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو الحسن احمد بن يوسف قال لما دخل الديلم من الجانب الغربى الى الجانب الشرقى وخاف الناس السيف هربوا على وجوههم وكانت العذراء والمخباة المترفة من ذوات النعم والصبية والاطفال والعجائز وسائر الناس يخرجون على وجوههم يتعادون يريدون الصحراء وكان ذلك اليوم حار فلا يطيقون المشى قال ابو محمد الصلحى انهزمنا يومئذ مع ناصر الدولة نريد الموصل من بين يدي معز الدولة وقد عبر من الجانب الغربى الى الجانب الشرقى فرأيت مالا احصى من اهل بغداد قد تلفوا بالحر والعطش ونحن نركض هاربين فما شبهته الا بيوم القيامة قال فأخبرنى جماعة انهم شاهدوا امرأة لم ير مثلها فى حسن الثياب والحلى

وهى تصيح انا ابنة فلان ومعى جوهر وحلى بالف دينار ورحم الله من اخذه منى وسقانى شربة ماء فما يلتفت اليها احد حتى خرت ميتة وبقيت متكشفة والثياب عليها والحلى وما يعرض له احد
ولما استقر معز الدولة ببغداد استحلف المطيع لله انه لا يبغيه سوءا ولا يمالى عليه عدوا ثم ازال عنه التوكيل واعاده الى داره وورد الخبر بدخول ركن الدولة أبى على الحسن بن بويه الرى وملك الجبل بأسره
وفى اول رجب صرف القاضى محمد بن الحسن بن ابى الشوارب عن القضاء بالجانب الغربى من بغداد وتقلد ابو الحسن محمد بن صالح ابن ام شيبان مضافا الى ما كان اليه من قضاء الجانب الشرقى
وفى رمضان وقع بقطربل برد كبار فى كل بردة أوقيتان واكثر فطحن الغلات وذلك فى سابع عشر نيسان

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
666 - الحسن بن حمويه ابن الحسن ابو محمد القاضى الاستراباذى ادرك عمار بن رجاء ولم يكتب عنه وروى عنه محمد بن اسحاق بن راهويه وخلق كثير وكان على قضاء استراباذ مدة طويلة وكان من القوامين بالليل المتهجدين بالاسحار يضرب به المثل فى قضاء حوائج المسلمين والقيام بامرهم بنفسه وماله وجاهه وعقد مجلس الاملاء باستراباذ وكتب عنه اهلها مات فجاءة على صدر جارية وقت الانزال فى هذه السنة
567 - حمزة بن القاسم بن عبد العزيز ابو عمر الهاشمى ولد فى شعبان سنة سبع واربعين ومائتين وكان يتولى الصلاة بالناس فى جامع المنصور ثم تولى امامة جامع الرصافة وحدث عن سعدان بن نصر الدوري وحنبل بن اسحاق روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة

ثبتا ظاهر الصلاح مشهورا بالرواية معروفا بالخير وحسن المذهب توفى فى شعبان هذه السنة ودفن عند قبر معروف
568 - عبد الرحمن بن احمد بن عبد الله ابو عبد الله الختلى سمع ابا العباس البرتى والباغندى وابن ابى الدنيا روى عنه الدارقطنى وكان فهما عارفا ثقة حافظا انتقل الى البصرة فسكنها اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على قال اخبرنى على بن المحسن قال اخبرنى ابى قال دخل الينا ابو عبد الله الختلى الى البصرة صاحب حديث وكان مشهورا بالحفظ فجاء وليس معه شىء من كتبه فحدث شهورا الى ان لحقته كتبه فسمعته يقول حدثت بخمسين الف حديث من حفظى الى ان لحقتنى كتبى
569 - على بن عيسى بن داود ابن الجراح ابو الحسن وزير المقتدر بالله والقاهر بالله ولد سنة خمس واربعين ومائتين وسمع احمد بن بديل الكوفى والحسن بن محمد الزعفرانى وحميد بن الربيع وعمر بن شبة روى عنه الطبرانى وغيره وكان صدوقا فاضلا عفيفا فى ولايته كثير المعروف وقراءة القرآن والصلاة والصيام يحب اهل العلم ويكثر مجالستهم واصله من الفرس وكان داود جده من ديرقنى من وجوه الكبار وكذلك ابوه عيسى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا الازهرى قال قال لى ابو الحسن محمد بن احمد بن رزقويه قال قال لى ابن كامل القاضى سمعت على بن عيسى الوزير يقول كسبت سبعمائة الف دينار اخرجت منها فى هذه الوجوه يعنى وجوه البر ستمائة الف وثمانين الفا
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن المحسن التنوخى حدثنا ابى حدثنا القاضى ابو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة وابو محمد عبد الله بن احمد بن داسة قالا حدثنا ابو سهل ابن زياد القطان صاحب على بن عيسى قال كنت مع على بن عيسى لما نفى الى مكة فلما دخلناها دخلنا فى حر شديد وقد كدنا نتلف

فطاف على بن عيسى وسعى وجاء فالقى نفسه وهو كالميت من الحر والتعب وقلق قلقا شديدا وقال اشتهى على الله شربة ماء مثلوج فقلت له يا سيدنا تعلم ان هذا مالا يوجد بهذا المكان فقال هو كما قلت ولكن نفسى ضاقت عن ستر هذا القول فاستقررت فيه حتى نشأت سحابة فبرقت ورعدت وجاءت بمطر يسير وبرد كثير فبادرت الى الغلمان فقلت اجمعوا فجمعنا منه شيئا عظيما وملأنا منه جرارا كثيرة وجمع اهل مكة منه شيئا عظيما وكان على بن عيسى صائما فلما كان وقت المغرب خرج الى المسجد الحرام ليصلى المغرب فقلت له انت والله مقبل والنكبة زائلة وهذه علامات الاقبال فاشرب الثلج كما طلبت وجئته باقداح مملوءة من اصناف الاسوقة والاشربة مكبوسة بالبرد فاقبل يسقى ذلك من قرب منه من الصوفية والمجاورين والضعفاء ويستزيد ونحن نأتيه بما عندنا واقول له اشرب فيقول حتى يشرب الناس فخبأت مقدار خمسة ارطال وقلت له انه لم يبق شىء فقال الحمد لله ليتنى كنت تمنيت المغفرة فلعلى كنت اجاب فلما دخل البيت لم ازل اداريه حتى شرب منه وتقوت ليلته بباقيه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا القاضى ابو العلاء قال انشدنا القاضى ابو عبد الله ابن ابى جعفر قال انشدنى ابى قال انشدنى الوزير ابو الحسن على بن عيسى لنفسه ... فمن كان عنى سائلا بشماتة ... لما نابنى اوشامتا غير سائل ... فقد ابرزت منى الخطوب ابن حرة ... صبورا على اهوال تلك الزلازل ... وقد روينا عن مكرم بن بكر القاضى قال كنت خصيصا بالوزير ابى الحسن على بن عيسى فدخلت عليه وهو مهموم جدا فسألته عن ذلك فقال كتب الى عاملنا بالثغر ان اسارى المسلمين فى بلد الروم كانوا على رفق وصيانة الى ان ولى آنفا ملك الروم حدثان منهم فعسفا الاسارى واجاعاهم واعرياهم وعاقباهم وطالباهم بالتنصر وانهم فى عذاب شديد ولا حيلة لى فى هذا والخليفة لا يساعدنى فكنت انفق الاموال واجهز الجيوش الى القسطنطينية فقلت هاهنا امر سهل

يبلغ به الغرض فقال قل يا مبارك قلت ان بانطاكية عظيما للنصارى يقال له البطرك وبالقدس آخر يقال له الجاثليق وأمرهما ينفذ على الروم وعلى ملوكهم والبلدان فى سلطاننا والرجلان فى ذمتنا فيأمر الوزير باحضارهما ويتقدم اليهما بازالة ما تجدد على الاسارى فان لم يزل لم يطالب بتلك الجريرة غيرهما فكتب يستدعيهما فلما كان بعد شهر جاءنى رسوله فجئت فوجدته مسرورا فقال جزاك الله عن نفسك ودينك وعنى خيرا كان رايك ابرك رأى وأسده هذا رسول العامل قد ورد وقال له خبر بما جرى فقال انقذنى العامل مع رسول البطرك والجاثليق الى القسطنطينية وكتبا الى ملكيها انكما قد خرجتما بما فعلتما عن ملة عيسى عليه السلام وليس لكما الاضرار بالأسارى فانه يخالف دينكما وما يأمركما به المسيح فاما زلتما عن هذا الفعل والا حرمناكما ولعنا كما على هذين الكرسيين فلما وصلنا الى القسطنطينية حجبنا اياما ثم اوصل الرسولان اليهما واستدعيانى فقال الترجمان يقول لكما الملكان الذى بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى كذب وتشنيع وقد اذنا فى دخولك لتشاهدهم على ضد ما قيل وتسمع شكرهم لنا فحملت فرأيت الأسارى وكان وجوههم قد خرجت من القبور تشهد بما كانوا فيه من الضر ورأيت ثيابهم جددا فعلمت انى حجبت تلك الايام لتغير حالهم فقال لى الاسارى نحن شاكرون للملكين فعل الله بهما وصنع واومأ الى بعضهم ان الذى بلغكم كان صحيحا انما خفف عنا لما حصلتم هاهنا فكيف بلغتم امرنا فقلت ولى الوزارة على بن عيسى وبلغه حالكم ففعل كذا وكذا فضجوا بالدعاء والبكاء وسمعت امرأة منهم تقول مريا على بن عيسى لا نسى الله لك هذا الفعل فلما سمع الوزير ذلك اجهش بالبكاء وسجد شكرا لله تعالى فقلت ايها الوزير اسمعك كثيرا تتبرم بالوزارة فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة فشكرنى وانصرفت
اخبرنا ابو بكر بن ابى طاهر عن ابى القاسم على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى جماعة من اهل الحضرة ان رجلا عطارا بالكرخ كان مشهورا بالستر

وارتكبه دين فقام عن دكانه ولزم منزله واقبل على الدعاء والصلاة ليالى كثيرة فلما كانت ليلة الجمعة صلى صلاته ودعا ونام قال فأريت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقول اقصد على بن عيسى الوزير فقد امرته لك بأربعمائة دينار فخذها واصلح بها امرك قال وكان على قيمة ستمائة دينار فلما كان من غد قلت قد قال النبى صلى الله عليه و سلم من رآنى فى المنام فقد رآنى حقا فان الشيطان لا يتمثل بى فلم لا اقصد الوزير فجئت الباب فمنعت من الوصول اليه فجلست الى ان ضاق صدرى وهممت بالانصراف فخرج صاحبه وكان يعرفنى معرفة ضعيفة فأخبرته فقال يا هذا الوزير والله فى طلبك منذ السحر والى الآن وقد سأل عنك فما عرفك احد والرسل مبثوثة فى طلبك فكن مكانك قال ومضى ودخل فما كان باسرع من ان دعونى قد خلت الى الوزير فقال لى ما اسمك فقلت فلان ابن فلان العطار قال من اهل الكرخ قلت نعم قال يا هذا احسن الله جزاءك فى قصدك اياى فوالله ما ربحت بعيش منذ البارحة جاءنى رسول الله صلى الله عليه و سلم فى منامى فقال اعط فلان بن فلان العطار من الكرخ اربعائة دينار يصلح بها شأنه وكنت اليوم طول نهارى فى طلبك وما عرفك احد ثم قال هاتوا الف دينار فحملوها فقال هذه اربعمائة دينار خذها امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم وستمائة هدية منى لك فقلت ايها الوزير ما احب ان ازاد على عطية رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا فانى ارجو البركة فيه لا فيما عداه فبكى على بن عيسى وقال هذا هو اليقين خذ ما بدا لك فأخذت اربعمائة دينار فانصرفت فقصصت قصتى على صديق لى واريته الدنانير وسألته ان يحضر عزمائى ويتوسط بينى وبينهم ففعل فقالوا نحن نؤخره ثلاث سنين بالمال فليفتح دكانه فقلت لا بل يأخذون منى الثلث من اموالهم وكانت ستمائة فأعطيت كل من له شىء ثلث ماله فكان الذى فرقت بينهم مائتى دينار وفتحت دكانى وادرت المائتين الباقية فى الدكان فما حال الحول الا ومعى الف دينار فقضيت دينى كله وما زالت

حالتى تزيد وتصلح توفى على بن عيسى فى هذه السنة وقيل فى سنة اربع وثلاثين عن تسع وثمانين سنة
570 - محمد بن احمد بن سليمان بن ابى مريم ابو رجاء الاسوانى الشاعر الفقيه كتب عنه على بن عبد العزيز وكان فقيها على مذهب الشافعى وكان فصيحا صينا وله قصيدة تضمن فيها اخبار العالم فذكر قصص الانبياء نبيا نبيا وسئل قبل موته بنحو من سنتين كم بلغت قصيدتك الى الان فقال ثلاثين ومائة الف بيت وقد بقى الطب والفلسفة توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
571 - محمد بن احمد بن سليمان ابو الفضل المعروف بابن القواس حدث عن اسحاق بن سنين الختلى وروى عنه الدارقطنى توفى ببغداد فى اول سنة خمس وثلاثين وقالوا كان ثقة
572 - محمد بن اسماعيل بن اسحاق بن بحر ابو عبد الله الفارسى كان يتفقه على مذهب الشافعى وحدث عن ابى زرعة الدمشقى وغيره وروى عنه الدارقطنى وغيره وآخر من حدث عنه ابو عمر بن مهدى وكان ثقة فاضلا توفى فى هذه السنة
573 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم بن عثمان ابو بكر بن ابى يعقوب المقرىء حدث عن محمد بن عبيد اله المنادى وغيره وكان صدوقا
574 - محمد بن جعفر بن احمد بن يزيد ابو بكر الصيرفى المطيرى من اهل مطيرة سر من رأى سكن بغداد وحدث بها عن الحسن بن عرفة وعلى بن حرب وعباس الدورى وكان حافظا روى عنه الدارقطنى وقال هو ثقة مأمون وابن شاهين قال كان صدوقا ثقة وتوفى فى صفر هذه السنة

575 - هارون بن محمد بن هارون ابن على بن موسى بن عمرو بن جابر بن يزيد بن جابر بن عامر بن اسيد بن تيم بن صبح بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة ابو جعفر والد القاضى ابى عبد الله الحسين بن هارون وكان اسلافه ملوك عمان فى قديم الزمان واول من دخل عمان من ملوك بنى ضبة فتملك بها ثم لم تزل ولده من بعده يرثون هناك السيادة والشرف ويزيد بن جابر ادركه الاسلام فاسلم وحسن اسلامه واول من انتقل منهم من عمان هارون بن محمد فسكن بغداد وحدث بها روى عنه ابنه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا عبد الكريم بن محمد المحاملى اخبرنا على بن عمر الدارقطنى وذكر هارون بن محمد فقال استولى على الفضائل وساد بعمان فى حداثة سنه ثم خرج منها فلقى العلماء بمكة والكوفة والبصرة ودخل مدينة السلام سنة خمس وثلثمائة فعلت منزلته عند السلطان وارتفع قدره وانتشرت مكارمه وعطاياه وانتابه الشعراء من كل موضع وامتد حوه فأكثر واجزل صلاتهم وأنفق امواله فى بر العلماء والافضال عليهم وفى صلات الاشراف والطالبيين والعباسيين وغيرهم واقتناء الكتب المنسوبة وكان مبرزا فى العلم باللغة والشعر والنحو ومعانى القرآن والكلام وكان داره مجمعا لاهل العلم من كل فن الى ان توفى فى سنة خمس وثلاثين وثلثمائة

سنة ثم دخلت سنة ست وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ظهر كوكب مذنب فى صفر من ناحية المشرق طوله نحو ذراعين فمكت عشرة ايام ثم اضمحل
وسار الخليفة ومعز الدولة من واسط فى البرية على الطفوف فلما صار فى البرية ورد على معز الدولة رسول من الهجر بين القرامطة بكتاب منهم اليه باللوم على سلوكه البرية بغير امرهم اذ كانت لهم فلم يجبهم عن الكتاب وقال للرسول يقول لهم ومن انتم حتى تستأذنون فى سلوك البرية وكأنى انما اقصد البصرة

قصدى انما هو بلدكم واليكم اخرج من البصرة بعد فتحى اياها باذن الله وستعرفون خبركم ولما افتتح معز الدولة البصرة قطع عن الخليفة الالفى درهم التى كان يقيمها له فى كل يوم لنفقته وعوضه عنها ضياعا من ضياع البصرة وغيرها وزيادة على قدر ضياع الخليفة بنحو مائتى الف دينار ثم نقص ارتفاعها على ممر السنين الى ان صار خمسين الف دينار فى السنة
وورد الكتاب بتقلد القاضى ابى السائب عتبة بن عبيد الله القضاء فى الجانب الغربى ومدينة ابى جعفر مكان القاضى ابى الحسين محمد بن صالح فاجتمعت له مدينة السلام

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
576 - احمد بن جعفر ابو محمد بن عبيد الله بن يزيد ابو الحسين المعروف بابن المنادى ولد لثمان عشرة ليلة خلت من ربيع الاول سنة ست وخمسين ومائتين وسمع جده محمد بن عبيد الله ومحمد بن اسحاق الصاغانى والعباس بن محمد الدورى وخلقا كثيرا وكان ثقة امينا ثبتا صدوقا ورعا حجة صنف كتبا كثيرة وجمع علوما جمة ولم يسمع الناس من مصنفاته الا اقلها لشراسة خلقه وروى عنه جماعة آخرهم محمد بن فارس الغورى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو الفضل عبيد الله بن احمد الصيرفى قال كان ابو الحسين ابن المنادى صلب الدين حسن الطريقة شرس الاخلاق فلذلك لم تنتشر عنه الرواية قال وقال لى ابو الحسن ابن الصلت كنا نمضى مع ابن قاح الوراق الى ابى الحسين ابن المنادى نسمع منه فاذا وقفنا ببابه خرجت الينا جارية له وقالت كم انتم فنخبرها بعددنا ويؤذن لنا فى الدخول ويحدثنا فحضر مرة انسان علوى وغلام له فلما استأذنا قالت الجارية كم انتم فقلنا نحو الثلاثة عشر وما كنا حسبنا العلوى ولا غلامه فى العدد فدخلنا عليه فلما رآنا خمسة عشر نفسا قال لنا انصرفوا اليوم فلست احدثكم فانصرفنا

وظننا انه عرض له شغل ثم عدنا اليه مجلسا ثانيا فصرفنا ولم يحدثنا فسألناه بعد عن السبب الذى اوجب ترك التحديث لنا فقال كنتم تذكرون عدتكم فى كل مرة للجارية وتصدقون ثم كذبتم فى المرة الاخيرة ومن كذب فى هذا المقدار لم يؤمن ان يكذب فيما هو اكثر منه قال فاعتذرنا اليه وقلنا نحن نتحفظ فيما بعد فحدثنا او كما قال نقلت من خط ابى يوسف القزوينى قال ابو الحسين اين المنادى من القراء المجودين ومن اصحاب الحديث الكبار وله فى علوم القرآن اربعائة كتاب ونيف واربعون كتابا اعرف منها احد وعشرين كتابا او دونها وسمعت بالباقى وكان من المصنفين ولا نجد فى كلامه شيئا من الحشوبل هو نفى الكلام وجمع بين الرواية والدراية قال مؤلف الكتاب وقد وقع الى من مصنفاته قطعة بخطه وفيها من الفوائد مالا يكاد يوجد فى كتاب ومن تامل مصنفاته عرف قدر الرجل توفى فى محرم هذه السنة ودفن فى مقبرة الخيزران
577 - ريطة بنت عبيد الله العابدة صحبت ابا عثمان النيسابورى واقرانه وحفظت عنهم من كلامهم وصلت حتى اقعدت وكان مشايخ الزهاد يزورونها وتوفيت فى محرم هذه السنة
578 - عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن ابن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ابو عمر وقيل ابو محمد الخطابى حدث عن الدراوردى روى عنه ابو بكر الاثرم والبغوى وكان ثقة توفى بالبصرة فى هذه السنة
579 - عبد الرحمن بن محمد ابن عبيد الله بن سعد ابو محمد الزهرى ولد سنة سبع وخمسين ومائتين وسمع عباسا الدورى وروى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة

580 - محمد بن احمد بن احمد بن حماد ابو العباس بن الاثرم المقرىء هكذا نسبه الدارقطنى والمحسن بن على التنوخى وابو عمر الهاشمى وكان ابو بكر بن شاذان يسقط جده احمد ويجعل حماد هو الجد ولد فى سنة اربعين ومائتين وسمع الحسن بن عرفة وعلى بن حرب وعباسا الدورى وكتب الناس عنه بانتقاء عمر البصرى وحدث عنه محمد بن المظفر والدارقطنى وغيرهما وهو ثقة وتوفى فى هذه السنة
581 - محمد بن احمد بن ابراهيم ابن قريش بن حازم بن صبيح ابو عبد الله الكاتب يعرف بالحكيمى ولد فى ذى القعدة سنة اثنتين وخمسين ومائتين وسمع زكريا بن يحيى بن اسد المروزى ومحمد بن اسحاق الصاغانى والعباس بن محمد الدورى فى آخرين روى عنه الدارقطنى وابو عمر بن حيويه وغيرهما قال البرقانى هو ثقة الا انه يروى مناكير اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قرأت بخط ابى الحسن بن الفرات توفى الحكيمى يوم الخميس لاثنتى عشرة ليلة بقيت من ذى الحجة سنة ست وثلاثين وثلثمائة ودفن يوم الجمعة
582 - محمد بن يحيى بن عبد الله ابن العباس بن محمد بن صول ابو بكر الصولى كان احد العلماء بفنون الآداب حسن المعرفة باخبار الملوك وايام الخلفاء ومآثر الاشراف وطبقات الشعراء وحدث عن ابى داود السجستانى وثعلب والمبرد وابى القيناء والكديمى وابى رويق وخلق كثير وكان واسع الرواية حسن الحفظ حاذقا بتصنيف الكتب وكان له بيت عظيم مملوء كتبا وكان يقول كل هذه الكتب سماعي ونادم جماعة من الخلفاء وصنف سيرهم وله ابوة حسنة فان جده صول واهله كانوا ملوك جرجان ثم راس اولاد صول فى الكتابة وتقلد الاعمال السلطانية

وكان ابو بكر حسن الاعتقاد جميل الطريقة وله شعر حسن روى عنه ابن حيويه وابو الحسن الدارقطنى وغيرهما
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر ابن ثابت قال انشدنى ابو القاسم الازهرى قال انشدنا عبيد الله بن محمد المقرى قال انشدنا ابو بكر الصولى لنفسه ... احببت من اجله من كان يشبهه ... وكل شىءمن المعشوق معشوق ... حتى حكيت بجسمى بما بمقتله ... كأن سقمى من جفنيه مسروق ...

ومن اشعاره
... شكا اليك ما وجد ... من خانه فيك الجلد ... لهفان ان شئت اشتكى ... ظمآن ان شئت ورد ... صب اذا رام الكرى ... نبهه لذع الكمد ... يا ايها الظبى الذى ... تصرع عيناه الاسد ... امالا سراك فدى ... اما لقتلاك قود ... ماذا عن من جارفى ... احكامه لو اقتصد ... ما صره لو انه ... انجز ما كان وعد ... هان عليه سهرى ... فى حبه لما رقد ... واها لغز غره ... انا وصلناه وصد ... بمقلتيه حور ... وقده فيه غيد ...
قال ابو بكر الصولى حضرت باب على بن عيسى الوزير ومعنا جماعة من اجلاء الكتاب فقدمت دواة وكتبت ... خلفت على باب ابن عيسى كأننى ... قضا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... اذا جئت اشكو طول فقرى وخلتى ... يقولان لا تهلك اسى وتجمل ... ففاضت دموع العين من قبح ردهم ... على النحر حتى بل دمعى محملى ... لقد طال تردادى وقصدى اليهم ... فهل عند رسم دار س من معول ... فنم الخبر اليه فاستدعانى وقال يا صولى فهل عند رسم دار س

من معول فاستحييت وقلت ايد الله الوزير ما بقى شىء وانا كما ترى فأمر لى بخمسة آلاف فأخذتها وانصرفت خرج ابو بكر الصولى لاضاقة عن بغداد فتوفى بالبصرة فى هذه السنة
583 - ابنة ابى الحسن المكى انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز اخبرنا ابو القاسم على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى عبيد الله بن احمد بن بكير قال كان لأبى الحسن المكى ابنة مقيمة بمكة اشد ورعا منه وكانت لا تقتات الا ثلاثين درهما ينفذها اليها ابوها فى كل سنة مما يستفضله من ثمن الخوص الذى يسفه ويبيعه فأخبرنى ابن الرواس التمار وكان جاره قال جئته اودعه للحج وأستعرض حاجته وأسأله ان يدعو لى فسلم الى قرطاسا وقال لتسأل بمكة فى الموضع الفلانى عن فلانة وتسلم هذا اليها فعلمت انها ابنته فأخذت القرطاس وجئت فسألت عنها فوجدتها بالعبادة والزهد اشد اشتهارا من أن تخفى فطمعت نفسى ان يصل اليها من مالى شىء يكون لى ثوابه وعلمت اننى ان دفعت اليها ذلك لم نأخذه ففتحت القرطاس وجعلت الثلاثين خمسين درهما ورددته كما كان وسلمته اليها فقالت اى شىء خبر أبى فقلت على السلامة فقالت قد خالط اهل الدنيا وترك الانقطاع الى الله فقلت نعم فقالت خلطت فى هذه الدراهم شيئا من عندك فقلت نعم فمن اين علمت بهذا فقالت ما كان ابى يزيدنى على الثلاثين شيئا لأن حاله لا تحتمل اكثر منها الا أن يكون ترك العبادة فلو أخبرتنى بذلك ما أخذت منه ايضا شيئا ثم قالت لى خذ الجميع فقد عققتنى من حيث قدرت انك بررتنى ولا آخذ مال لا اعرف كيف هو شيئا فقلت خذى منها ثلاثين كما انفذ اليك ابوك وردى الباقى فقالت لو عرفتها بعينها من جملة الدراهم لأخذتها ولكن قد اختلطت بمالا اعرف جهته فلا آخذ منها شيئا وانا الآن اقتات الى الموسم الآخر من المزابل لان هذه كانت قوتى طول السنة فقد اجعتنى ولولا انك ما قصدت

أذاى لدعوت عليك قال فاغتتمت وعدت الى البصرة وجئت الى ابى الحسن فاخبرته واعتذرت اليه فقال لآخذنها وقد اختلط بغير مالى وقد عققتنى واياها قال فقلت ما اعمل بالدراهم قال لا ادرى فما زلت مدة اعتذر اليه وأسأله ما اعمل بالدراهم فقال لى بعد مدة صدق بها ففعلت

سنة ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه يوم السبت لاحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم تفزع الناس بالليل وتحارسوا وخيل اليهم حيوان يظهر فى الليل فى سطوحهم فتارة يظنونه ذئبا وتارة غيره فيقوا على ذلك ايا ما كثيرة ثم سكنوا وكان ابتداء ذلك من سوق الثلاثاء ثم انتشر فى الجانبين وفى يوم الاثنين لليلتين خلتا من رمضان انتهت زيادة دجلة الى احدى وعشرين ذراعا وثلث فغرقت الضباع والدور التى عليها واشفى الجانب الشرقى على الغرق وهم الناس بالهرب منه
ذكرى من توفى فى هذه السنة من الاكابر
584 - احمد بن اسماعيل بن القاسم ابن عاصم ابو جعفر حدث عن ابى بكر بن ابى مريم وعن ابى زرعة الدمشقى بتاريخه ورحل وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
585 - عبد الله بن محمد بن حمدويه ابن نعيم بن الحكم ابو محمد البيع والدابى عبد الله الحاكم اذن ثلاثا وثلاثين سنة وغزا اثنتين وعشرين غزاة وكان يديم الصلاة بالليل وانفق على العلماء والزهاد مائة الف درهم وقد رأى عبد الله بن احمد ومسلم بن الحجاج وروى عنه ابن خزيمة وغيره وتوفى فى هذه السنة وهو ابن ثلاث وتسعين سنة

586 - قدامة بن جعفر بن قدامة ابو الفرج الكاتب له كتاب حسن فى الخراج وصناعة الكتابة وقد سأل ثعلبا عن اشياء
587 - محمد بن الحسن بن يزيد ابن عبيد بن ابى خبزة ابو بكر الرقى قدم بغداد فى سنة ثلاثين وثلثمائة وحدث بها عن هلال بن العلاء وغيره روى عنه الدارقطنى اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال ما علمت من حاله الاخيرا
588 - محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد ابو عبد الله الزعفرانى الواسطي سمع ابا بكر بن ابى خيثمة وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
589 - محمد بن على بن عمر ابو على المذكر كان يذكر فى بعض مواضع من نيسابور ويجتمع اليه الخلق وسمع الحديث من مشايخ فلم يقتصر عليهم حتى روى عن مشايخ ابائه الذين لم يسمع منهم ثم لم يقتصر على ذلك حتى حدث عن هؤلاء الشيوخ بما لم يتابع عليه هذا على كبر سنة فانه توفى فى شعبان هذه السنة وهو ابن مائة وسبع سنين
590 - محمد بن مطهر بن عبيد ابو النجاه الفرضى الضرير كان حادقا بالفرائض له فيها مصنفات بعيد المثل وكان فقيها على مذهب مالك وله كتاب مصنف فى الفقه على مذهبه وكان اديبا فطنا وتوفى فى رمضان هذه السنة سنة 338 ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه فى آخر ربيع الاول وقعت فتنة بين اهل السنة والشيعة

ونهبت الكرخ وفى يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة تقلد القاضى ابو السائب عتبة بن عبيد الله الهمذانى قضاء القضاة ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
591 - احمد بن محمد ابن اسماعيل بن يونس ابو جعفر النحوى المعروف بابن النحاس وكان عالما بالنحو حاذقا كتب الحديث خرج الى العراق فلقى اصحاب المبرد وله تصانيف حسان فى تفسير القرآن والنحو توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
592 - ابراهيم بن محمد ابن احمد بن أبى ثابت أبو اسحاق العطار روى عن سعدان بن نصر والربيع بن سليمان والحسن بن عرفة ولم يكن عنده الا حديث واحد روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة سكن دمشق ومات بها فى هذه السنة
593 - عبد الله المستكفى بالله امير المؤمنين ابن على المكتفى بويع فمكث فى الخلافة سنة واربعة اشهر ويومين وخلع وقبض عليه ابو الحسن بن بويه واعتقله فى داره فمات هناك بنفث الدم فى هذه السنة وقيل بل سمله المطيع واعتقله وتوفى وهو ابن ست واربعين سنة وشهرين
594 - على بن حمشاذ ابن سختونه بن نصر ابو الحسن المعدل محدث عصره بنيسابور سافر البلدان وسمع واكثر عن اسماعيل القاضى وطبقته وكان كثير الحديث والتصانيف شديد الاتقان وجمع المسند الكبير فى اربعمائة جزء والانوار مائتين وستين جزأ والتفسير مائتين وثلاثين جزأ وكان ابو بكر بن اسحاق يقول صحبت على بن حمشاذ فى

السفر والحضر فما اعلم ان الملائكة كتبت عليه خطيئة وكان لا يترك قيام الليل وتوفى فى يوم الجمعة رابع عشر شوال من هذه السنة فجاءة دخل الحمام يوم الجمعة فمات فيه من غير مرض
595 - على بن محمد ابن محمد بن احمد بن الحسن ابو الحسن الواعظ ولد فى محرم سنة احدى وخمسين ومائتين وهو بغدادى اقام بمصر مدة طويلة فقيل له المصرى ثم رجع الى بغداد سمع من جماعة بمصر وبغداد روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه وابو الحسين بن بشران اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال كان ابو الحسن المصرى ثقة امينا عارفا جمع حديث الليث بن سعد وابن لهيعة وصنف كتبا كثيرة فى الزهد وكان له مجلس يتكلم فيه بلسان الوعظ فحدثنى الازهرى ان ابا الحسن المصرى كان يحضر مجلس وعظه رجال ونساء وكان يجعل على وجهه برقعا تخوفا ان يفتتن به النساء من حسن وجهه قال الازهرى وحدثت ان ابا بكر النقاش المقرىء حضر مجلسه مستخفيا فلما سمع كلامه قام قائما وشهر نفسه وقال لابى الحسن ايها الشيخ القصص بعدك حرام توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
596 - على بن بويه ابو الحسن اول من ظهر من الديلم وقد ذكرنا مبدأ امره وامر ابيه فى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة وانه ضمن البلاد من الخليفة وتمكن وكان فيه عقل وشجاعة وكانت امارته ست عشرة سنة وكان الخليفة يخاطبه بأمير الامراء وتوفى بشيراز فى هذه السنة وعمره سبع وخمسون سنة
597 - محمد بن عبد الله بن دينار ابو عبد الله المعدل الزاهد من اهل نيسابور روى عنه ابن شاهين وكان ثقة فقيها عارفا بمذهب ابى حنيفة ورغب عن الفتوى لاشتغاله بالعبادة وكان يديم

الصام والقيام مع صبره على الفقر وكسب الحلال من عمل يده وكان يحج فى كل عشرة سنين ويغزو فى كل ثلاث سنين وتوفى منصرفه عن الحج يوم الاثنين غرة صفر من هذه السنة ودفن بقرب ابى حنيفة
598 - محمد بن احمد بن موسى ابو المثنى الزاهد المعروف بالدردائى من اهل الكوفة قدم بغداد وحدث بها فى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة عن الحسن بن على بن عفان العامرى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال كتب الى ابو طاهر محمد بن محمد بن الحسين ابن الصباغ المعدل من الكوفة وحدثنيه محمد بن على الصورى عنه قال اخبرنا ابو الحسن محمد بن احمد بن حماد الحافظ قال مات ابو المثنى الدردائى الفقيه لتسع بقين من رمضان سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة وكان رجلا صالحا احد من يفتى فى الحلال والحرام والدماء ثقة صدوقا وكان يرمى بالقدر وقد جالسته الطويل العريض فما سمعت منه فى هذا شيئا
599 - محمد بن ابراهيم بن احمد ابن صالح بن دينار ابو الحسن البغوي المعدل البغشينى يعرف بابن حبيش لان احمد جده كان يلقب حبيشا ولد فى شعبان سنة اثنتين وخمسين ومائتين وانما سميناه بالبغشينى لانه من قرية من خراسان من مرو الروذ يقال لها بغشة قال وكان المنصور بنى لهم مسجدا وصلى فيه المنصور واستسقى فيه ماء وحدث عن عباس الدورى وغيره روى عنه الدارقطنى وتوفى يوم الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى يوم الاثنين لاحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الاولى بأن سيف الدولة غزا فأوغل فى بلاد الروم وفتح حصونا كثيرة من حصونهم وسبى خلقا كثيرا فلما اراد الخروج من بلاد الروم اخذوا عليه الدرب الذى اراد أن يخرج منه فتلف كل من كان معه من المسلمين اسرا وقتلا وارتجع الروم ما أخذه من السبى وأخذوا خزانته وكراعه وسلاحه وافلت فى عدد يسير وكان معه الف رجل
وفى ذى القعدة رد الحجر الاسود الذى كان ابو طاهر سليمان بن الحسن الهجرى أخذه من الكعبة وعلق على الاصطوانة السابعة من مسجد الكوفة وقد كان بجكم بذل فى رده خمسين الف دينار فلم يرد وقيل أخذناه بأمر واذا ورد الامر برده بذل فى رده خمسين الف دينار فلم يرد وقبل أخذناه بأمر واذا ورد الامر برده رددناه فلما كان فى ذى القعدة كتب اخوة ابى طاهر كتابا يذكرون فيه انهم ردوا الحجر بأمر من أخذوه ليتم مناسك الناس وحجهم فرد الى موضعه

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
600 - احمد بن عبد الله بن على بن اسحاق ابو الحسن الناقد ولد بمصر وحدث عن الربيع بن سليمان وغيره وكان ثقة ظريفا توفى فى صفر هذه السنة
601 - الحسن بن داود بن باب شاذ ابو سعيد المصرى قدم بغداد ودرس فقه ابى حنيفة على الصيمرى ودرس وقرأ بقراآت عدة وحفظ طرفا من علم الادب والحساب والجبر والمقابلة وكان مفرط الذكاء قوى الفهم وكتب الحديث وكان ثقة عزير العقل وكان ابوه يهوديا فاسلم وذكر بالعلم توفى ابو سعيد فى ذى القعدة من هذه السنة ودفن فى مقبرة الشونيزى وما بلغ الاربعين

602 - الحسين بن احمد الناصر ابن يحيى الهادى بن الحسين بن ابراهيم بن اسماعيل بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب ابو عبد الله الكوفى قدم بغداد وحدث بها عن ابيه روى عنه ابن حيويه وكان احد وجوه بنى هاشم وعظمائهم وكبرائهم وصلحائهم ورعا خيرا فاضلا فقيها ثقة صدوقا وكان احد شهود الحاكم ثم ترك الشهادة وتوفى فى هذه السنة
603 - محمد القاهر بالله امير المؤمنين
ابن احمد المعتضد بالله ولى الخلافة سنة وستة اشهر وسبعة ايام وكان بطاشا فخافه كل احد حذر منه وزيره ابو على بن مقله فاستتر واغرى الجند به فخلعوه وسملوا عينيه ثم خرج من دار السلطان فى سنة ثلاث وثلاثين الى دار ابن طاهر توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن الى جنب ابيه المعتضد فى خلافة المطيع وكان عمره اثنتين وخمسين سنة
406 - محمد بن احمد بن عمرو بن عبد الخالق ابن خلاد ابو العباس العتكى البزار سمع خلقا كثيرا وروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى يوم الاحد لعشر خلون من شعبان هذه السنة
605 - محمد بن عبد الله بن احمد ابو عبد الله الصفار الاصبهانى محدث عصره بخراسان سمع الكثير وروى عن ابن أبى الدنيا من كتبه وكان مجاب الدعوة ولم يرفع رأسه الى السماء نيفا واربعين سنة وكان يقول اسم امى آمنة واسمى محمد واسم ابى عبد الله فاسمى واسم امى وأبى يوافق اسم رسول الله واسم ابيه وامه توفى فى ذى القعدة من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة اربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر بمسير صاحب عمان الى الأبلة يريد البصرة

وورود ابى يعقوب الهجرى لمعاونة صاحب عمان على فتح البصرة فانهزم صاحب عمان من البصرة واستؤسر جماعة من اصحابه وأخذ منه خمسة مراكب ودخل فى ربيع الآخر ابو محمد المهلبى الى بغداد ومعه المراكب والاسارى وفى رمضان وقعت فتنة عظيمة بالكرخ بسبب المذهب

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
اشهب بن عبد العزيز ابن داود بن ابراهيم ابو عمرو العامرى احد الفقهاء منسوب الى عامر بن صعصعة وكذلك قبيصة بن عقبة ويقال العامرى وينسب الى عامر بن لؤى منهم حسل العامرى وعباس وغيرهما ويقال العامرى منسوبا الى عامر بن عدى فى تجيب منهم ابراهيم بن سعيد بن عروة توفى اشهب فى شعبان هذه السنة
607 - عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم ابو الحسن الكرخى كرخ جدان ولد سنة ستين ومائتين وسكن بغداد ودرس بها فقه ابى حنيفة وحدث عن اسماعيل بن اسحاق القاضى روى عنه ابن حيويه وابن شاهين وانتهت اليه رياسة اصحاب ابى حنيفة وانتشر اصحابه فى البلاد وكان متعبدا كثير الصلاة والصوم صبورا على الفقر عزوفا عما فى ايدى الناس الا انه كان رأسا فى الاعتزال
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى الصيمرى قال حدثنى ابو القاسم على بن محمد بن علان الواسطى قال لما اصاب ابا الحسن الكرخى الفالج فى آخر عمره حضرته وحضر اصحابه ابو بكر الدامغانى وابو على الشاشى

وابو عبد الله البصرى فقالوا هذا مرض يحتاج الى نفقة وعلاج وهو مقل لا نحب ان نبدله للناس فيجب ان نكتب الى سيف الدولة ونطلب منه ما ننفق عليه ففعلوا ذلك فأحس ابو الحسن بماهم فيه فسأله عن ذلك فأخبر به فبكى وقال اللهم لا تجعل رزقى الا من حيث عودتنى فمات قبل ان يحمل سيف الدولة له شيئا ثم ورد كتاب سيف الدولة ومعه عشرة آلاف درهم ووعد أن يمد بامثاله فتصدق به توفى الكرخى فى شعبان هذه السنة وصلى عليه ابو تمام الحسن بن محمد الزينبى من اصحابه ودفن بازاء مسجده فى درب ابى زيد على نهر الواسطى
608 - محمد بن احمد بن محمد بن عبد الرحمن ابو الفتح المصرى ولد سنة اربع وسبعين ومائتين وسمع الكثير وكتب واحترقت كتبه دفعات وروى شيئا كثيرا
اخبرنا ابو منصور اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا على الحسن بن احمد الباقلاوي وغيره من اصحابنا يذكرون ان المصرى كان يشترى من الوراقين الكتب التى لم يكن سمعها ويسمع فيها لنفسه توفى المصرى ببغداد يوم الجمعة تاسع محرم هذه السنة
609 - محمد بن صالح بن هانىء بن زيد ابو جعفر الوراق سمع الحديث الكثير وكان له فهم وحفظ وكان من الثقات الزهاد لا يأكل الا من كسب يده قال ابو عبد الله بن يعقوب الحافظ صحبت محمد ابن صالح سنين ما رأيته اتى شيئا لا يرضاه الله ولا سمعت منه شيئا يسأل عنه وكان يقوم الليل وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة احدى واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر بحرب جرت بين ابى عبد الله احمد بن عمر بن يحيى العلوى وبين المصريين بمكة وكانت على المصريين وقتل امير مكة وتم الحج

فى هذه السنة على طمأنينة واقام اهل مصر الخطبة للمصرى وقت الظهر يوم عرفة واقام العلوى الخطبة بعد الظهر لركن الدولة ومعز الدولة ورفع الى ابى محمد الحسين بن محمد المهلبى ان رجلا يعرف بالبصرى مات بمدينة السلام وكان اماما للعزا قرية وهو صاحب ابى جعفر محمد بن على المعروف بابن ابى العزاقر وكان يدعى حلول روح ابى جعفر بن ابى العزاقر فيه وانه قد خلف مالا جزيلا وان له اصحابا وثقات يعتقدون فيه الربوبية وان ارواح الانبياء والصديقين حلت فيهم فتقدم بالختم على منزله والقبض على هذه الطائفة وكان فى الطائفة شاب يعرف بابن هرثمة يدعى له ان روح على بن أبى طالب حلت فيه وامرأة يقال لها فاطمة يدعى ان روح فاطمة الصغرى حلت فيها وخادم يدعى ميكائيل وحصل من قبلهم عشرة آلاف درهم وعين تقارب قيمة ذلك وكان المهلبى يسمى هذا المال مال الزنادقة وخلى القوم لئلا ينسب المهلبى الى الانحراف عن الشيعة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
610 - احمد بن محمد بن زياد ابن بشر بن درهم ابو سعيد ابن الاعرابى البصرى سكن مكة وصار شيخ الحرم صاحب الجنيد والنورى وحسنا المسوحى وغيرهم واسند الحديث وصنف كتبا للصوفية وتوفى بمكة يوم الاحد بين الظهر والعصر لسبع وعشرين خلت من ذى القعدة من هذه السنة
611 - اسماعيل بن محمد بن اسماعيل ابن صالح ابو على الصفار صاحب المبرد سمع الحسن بن عرفة العبدى وعباسا الدورى ومحمد بن عبيد الله المنادى وغيرهم روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن رزقويه وهلال الحفار وابو الحسين بن بشران وكان ثقة قال الدارقطنى صام اسماعيل الصفار اربعة وثمانين رمضانا وكان متعصبا للسنة توفى فى محرم هذه السنة

السنة ودفن بالقرب من قبر معروف بينهما عرض الطريق دون قبر الآدمى وابى عمر الزاهد
612 - اسحاق بن عبد الكريم بن اسحاق ابو يعقوب الصواف سمع من ابى عبد الرحمن النسائى وغيره وكان فقيها مقبولا عند القضاة توفى فى شعبان هذه السنة
613 - شعبة بن الفضل بن سعيد بن سلمة ابو الحسن الثعلبى اسمه سعيد وانما غلب عليه شعبة حدث بمصر عن بشر بن موسى ومحمد بن عثمان بن ابى شيبة روى عنه جماعة وكان ثقة توفى بمصر فى جمادى الآخرة من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة اثنتين واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى ربيع الآخر بغزاة لسيف الدولة وانه غنم وقتل وسبى واستأسر قسطنطين بن الدمستق وجرت حروب بمكة لأجل الخطبة فانهزم المصريون
ذكرى من توفى فى هذه السنة من الاكابر
614 - الحسن بن محمد بن موسى ابن اسحاق بن موسى ابو على الانصارى سمع ابا بكر بن ابى الدنيا والمبرد وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
615 - على بن محمد بن ابى الفهم ابو القاسم التنوخى جد ابى القاسم التنوخى الذى يروى عنه ابو بكر الخطيب ولد بانطاكية فى ذى الحجة من سنة ثمان وسبعين ومائتين وقدم بغداد فى حداثته

فتفقه بها على مذهب ابى حنيفة وسمع من البغوى وغيره وكان يعرف الكلام على مذهب المعتزلة وكان يعرف النحو ويقول الشعر ولى القضاء بالأهواز وتقلد قضاء ايذج من قبل المطيع
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا التنوحى قال اخبرنا ابى قال حدثنا ابى قال سمعت ابى ينشد يوما ولى اذ ذاك خمسة عشر سنة بعض قصيدة دعبل بن على الطويل التى يفخر فيها باليمن ويعدد مناقبهم ويرد على الكميت فيها فخره بنزار وأولها ... أفيقى من ملامك يا ظعينا ... كفاك اللوم مر الاربعينا ...
وهى نحو ستمائة بيت فاشتهيت حفظها لما فيها من مفاخر اهل اليمن فقلت يا سيدى ادفعها الى حتى احفظها فدافعنى فألححت عليه فقال كأنى بك تأخذها فتحفظ منها خمسين بيتا او مائة بيت ثم ترمى بالكتاب وتخلقه على فقلت ادفعها الى فاخرجها وسلمها الى وقد كان كلامه اثر فى فدخلت حجرة لى كانت برسمى فى داره فخلوت فيها ولم اتشاغل يومى وليلتى بشىء عن حفظها فلما كان فى السحر كنت قد فرغت من جميعها واتقنتها فخرجت اليه غدوة على رسمى فجلست بين يديه فقال هى كم حفظت من قصيدة دعبل فقلت حفظتها بأسرها فغضب وقدر أنى كذبته وقال هاتها فأخرجت الدفتر من كمى وفتحه فنظر فيه وانا انشد الى ان مضيت من اكثر من مائة بيت فصفح منها عدة اوراق وقال أنشد من ها هنا فانشدت مقدار مائة بيت آخر فصفح الى ان قارب آخرها بمائة بيت وقال انشد من هاهنا فأنشدته من مائة بيت الى آخرها فهاله ما رآى من حسن حفظى فضمنى اليه وقبل رأسى وعينى وقال يا بنى لا تخبر بهذا احدا فانى اخاف عليك من العين وقال ايضا حفظنى ابى وحفظت بعده من شعر ابى تمام والبحترى سوى ما كنت احفظه لغيرهما من المحدثين والقدماء مائتى قصيدة قال وكان يقول ابى وشيوخنا بالشام من حفظ للطائيين اربعين قصيدة ولم يقل الشعر فهو حمار فى مسلاخ انسان فقلت الشعر وسنى دون العشرين توفى فى ربيع الاول من هذه السنة

616 - القاسم بن القاسم ابن مهدى ابو العباس السيارى ابن بنت احمد بن سيار كان من اهل مرو وكان فقيها عالما كتب الحديث الكثير ورواه توفى فى هذه السنة
617 - محمد بن ابراهيم ابن أبى الحزور أبو بكر حدث عن بشر بن موسى وغيره وتوفى يوم السبت لليلة خلت من ربيع الاول
618 - محمد بن ابراهيم ابن اسحاق بن مهران ابو عبد الله مولى ثقيف هو ابن اخى أبى العباس محمد بن اسحاق السراج النيسابورى ولد ببغداد وسمع بها من الحارث بن أبى اسامة والكديمى وانتقل بآخرة الى الشام فسكن بيت المقدس وحدث بها وكان صدوقا
619 - محمد بن ابراهيم ابن الحسين بن الحسن بن عبد الخالق ابو الفرج البغدادى الفقيه الشافعى يعرف بابن سكرة سكن مصر وحدث بها عن ابى عمر الضرير روى عنه ابو الفتح بن مسرور وذكر انه سمع منه فى سنة خمس وخمسين وثلثمائة وكان فيه لين
620 - محمد بن ابراهيم ابن يحيى بن احمد الخلال حدث عن ابى خليفة الفضل بن الحباب روى عنه ابو الفتح بن مسرور وقال حدثنا بمدينة المنصور وكان ثقة

621 - محمد بن داود ابن سليمان بن جعفر بن بكر الزاهد النيسابورى روى عن الحسن بن سفيان وجعفر الفريابى وأبى عبد الرحمن النسائى وأبى يعلى الموصلى وغيرهم وكان ثقة وسمع منه ابن صاعد والدارقطنى وكان يقال انه من الاولياء وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
622 - محمد بن موسى ابن يعقوب بن المأمون عبد الله بن الرشيد يكنى ابا بكر ولى مكة فى سنة ثمان وستين ومائتين وقدم مصر فحدث بها عن على بن عبد العزيز بالموطأ عن القعنبى عن مالك وحدث عن جماعة وكان ثقة مأمونا وتوفى بمصر فى ذى الحجة من هذه السنة وله اربعة وسبعون سنة تزيد شهرا
سنة ثم دخلت سنة ثلاث واربعين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر بوقعة كانت بين الدمستق وسيف الدولة عظيمة وقتل خلق من اصحاب الدمستق ورؤساء بطارقته
وفيها عم الناس امراض وحميات ونزلات واوجاع الحلق وفى ذى الحجة عرض لمعز الدولة مرض وهو الايقاظ الدائم فأرجف به فاضطربت بغداد اضطرابا شديدا واضطر الى الركوب مع علته حتى رآه الناس فسكتوا

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
623 - الحسن بن على ابو على الكاتب المصرى صحب ابا على الروذبارى وغيره وكان ابو عثمان المغربى يعظم امره ويقول

ابو على الكاتب من السالكين اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا ابو بكر بن خلف حدثنا عبد الرحمن السلمى قال قال ابو على روائح نسيم المحبة تفوح من المحبين وان كتموها وتظهر عليهم دلائلها وان اخفوها وتدل عليهم وان ستروها وأنشد ... اذا ما اسرت انفس الناس ذكره ... تبينته فيم ولم يتكلموا ... تطيب به انفاسهم فيذيعها ... وهل سر مسك اودع الريح يكتم ...
624 - على بن محمد بن محمد ابن عقبة بن همام ابو الحسن الشيبانى الكوفى قدم بغداد فحدث بها عن جماعة وروى عنه الدارقطنى وكان ثقة امينا مقبول الشهادة عند الحكام اقام يشهد ثلاثا وسبعين سنة وكان صاحب قراءة وفقه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن الحسين صاحب العباسى حدثنا ابو اسحاق ابراهيم بن احمد الطبرى قال سمعت ابا الحسن على بن محمد بن محمد بن عقبة الشيبانى يقول وقد دخل عليه قاضى القضاة ابو الحسن محمد بن صالح الهاشمى فقال له كنت السفير لوالدك حتى زوجته بوالدتك وحضرت الا ملاك والعرس والولاة وتسليم المكتب وتقلدت القضاء بالكوفة وشهدت عند خليفتك واذنت فى مسجدى نيفا وسبعين سنة واذن جدى نيفا وسبعين سنة وهو مسجد حمزة بن حبيب الزيات توفى الشيبانى فى رمضان هذه السنة
625 - محمد بن على بن حماد ابو العباس الكرخى الأديب كان عالما زاهدا ورعا سمع من عبدان واقرانه وكان يختم القرآن كل يوم ويديم الصوم وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
626 - ابو الخير التيناتى ولا يعرف اسمه اصله من المغرب وسكن قرية من قرى انطاكية يقال لها تينات

ويقال له الاقطع لانه كان مقطوع اليد وذلك لانه عاهد الله تعالى على امر فنكث فأخذ لصوص من الصحراء وأخذ معهم فقطعت يده وقد صحب ابا عبد الله بن الجلاء وغيره من المشايخ
اخبرنا ابو بكر بن حبيب اخبرنا على بن ابى صادق اخبرنا ابن باكويه قال سمعت عبد الواحد بن بكر يقول سمعت محمد بن الفضل يقول خرجت من انطاكية ودخلت تينات ودخلت على ابى الخير الأقطع على غفلة منه بغير اذن فاذا هو يسف زنبيلا فتعجبت فنظر الى وقال يا عدو نفسه ما الذى حملك على هذا فقلت هيجان الوجد لما بى من الشوق اليك فضحك ثم قال لى اقعد لانعد الى شىء من هذا بعد اليوم واستر على فى حياتى

سنة ثم دخلت سنة اربع واربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها انه حدث فى ابتداء المحرم باصبهان علة مركبة من الدم والصفراء فشملت الناس فربما هلك جميع من فى الدار وكان اصلح حالا من تلقاها بالقصد وكانت بقية العلة قد طرأت على الأهواز وبغداد وواسط واقترن بها هناك وباء حتى كان يموت كل يوم الف نفس
وظهر جراد كثير فى حزيران فأتى على الغلات الصيفية والاثمار واضر بالشجر والثمار
وفى هذه السنة عقد معز الدولة لابنه ابى منصور بختيار الرياسة وقلده امرةالامراء فى محرم هذه السنة لأجل مرضه وحج الناس فى هذه السنة من غير بذرتة
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
627 - الحسن بن زيد بن الحسن ابن محمد بن حمزة ابو محمد الجعفرى من اهل وادى القرى ولد سنة احدى وخمسين

ومائتين وقدم بغداد وحدث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه وخرج معه الحاج الى الرى فتوفى فى الطريق فى ربيع الآخر من هذه السنة
628 - عبد الله بن ابراهيم بن محمد ابن عمر بن هرثمة ابو محمد هروى الاصل كان ينزل سوق العطش بالجانب الشرقى وحدث عن الحارث بن أبى اسامة والكديمة والباغندى روى عنه ابن رزقويه وكان ثقة وتوفى فى صفر هذه السنة
629 - عثمان بن احمد بن عبد الله بن يزيد ابو عمرو الدقاق المعروف بابن السماك سمع محمد بن عبيد الله المنادى وحنبل بن اسحاق وخلقا كثيرا روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وابن شاذان وكان ثقة صدوقا ثبتا صالحا كتب المصنفات الكبار بخطه وكان كل ما عنده بخطه توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن فى مقبرة باب الدير وحزر الجمع بخمسين الف انسان
630 - محمد بن احمد بن محمد بن احمد ابو جعفر القاضى السمنانى ولد فى سنة احدى وستين ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن على بن عمر السكرى وروى عن الدارقطنى وابى القاسم بن حبابة وغيرهم وكان ثقة عالما فاضلا سخيا حسن الكلام عراقى المذهب وكان له فى داره مجلس نظر يحضره الفقهاء ويتكلمون وتوفى فى يوم الاثنين سادس ربيع الاول من هذه السنة بالموصل وهو قاضيها
631 - محمد بن احمد بن بطة ابن اسحاق الاصبهانى ابو عبد الله وطنه اصبهان ونزل نيسابور ثم عاد الى وطنه

سمع الكثير وحدث وكان بطة محدثا ايضا وبطة اسم وكنيته ابو سعيد وتوفى ابو عبد الله باصبهان فى هذه السنة وربما اشتبه بابن بطة العكبرى فيقال ابو عبد الله ابن بطة وابو عبد الله بن بطة والفرق اذا لم يذكر الاسم ضم الباء فى حق الاصبهانى وفتحها فى حق العكبرى
632 - محمد بن محمد بن يوسف بن الحجاج ابو النضر الطوسى كان فقيها اديبا عابدا يصوم النهار ويقوم الليل ويتصدق بالفاضل من قوته ويامر بالمعروف وينهى عن المنكر ورحل فى طلب الحديث الى البلدان فسمع الحديث الكثير وكان قد جزأ الليل الى ثلاثة اجزاء فجعل جزءا للتصنيف وجزءا لقراءة القرآن وجزءا للنوم
انبأنا زاهر بن طاهر اخبرنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله محمد بن عبد الله قال سمعت ابا الفضل بن يعقوب العدل يقول سمعت الثقة من اصحابنا يقول رايت ابا النضر فى المنام بعد وفاته بسبع ليال فقلت له وصلت الى ما طلبته قال اى والله نحن عند رسول الله صلى الله عليه و سلم وبشر ابن الحارث يحجبنا بين يديه ويرافقنا فقلت له كيف وجدت مصنفاتك فى الحديث قال قد عرضتها كلها على رسول الله صلى الله عليه و سلم فرضيها توفى ابو النضر فى شعبان هذه السنة
633 - محمد بن احمد ابو بكر الحداد حدث عن ابى يزيد القراطيسى وابى عبد الرحمن النسائى وغيرهما وكان فصيحا حافظا للفقه على مذهب الشافعى عارفا بالنحو والفرائض متعبدا وولى قضاء مصر نيابة توفى يوم قدومه من الحج فى محرم هذه السنة
634 - يحيى بن محمد بن يحيى ابو القاسم القصبانى ولد سنة اربع وستين ومائتين وحدث عن جماعة فروى عنه ابن شاهين وكان ثقة توفى فى صفر هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة خمس واربعين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه وزر ابو محمد الحسن بن محمد المهلبى لمعز الدولة فى جمادى الآخرة وورد الخبر فى هذا الشهر ان الروم اوقعوا باهل طرسوس فى البحر وقتلوا منهم الفا وثمانمائة رجل واحرقوا القرى التى حولها وسبوا اهلها
ذكرى من توفى فى هذه السنة من الاكابر
635 - اسماعيل بن يعقوب بن ابراهيم ابو القاسم المعروف بابن الجراب ولد بسر من رأى فى رجب سنة اثنتين وستين ومائتين وسمع ابراهيم الحربى واسماعيل القاضى وغيرهما وانتقل الى مصر فسكنها وحدث بها وحصل حديثه عند اهلها وتوفى فى رمضان هذه السنة وكان ثقة
636 - محمد بن عبد الواحد بن ابى هاشم ابو عمر اللغوى الزاهد المعروف بغلام ثعلب سمع احمد بن عبيد الله النرسى وموسى بن سهل اوشاء او الكديمى وغيرهم وكان غزير العلم كثير الزهد روى عنه ابن رزقويه وابن بشران وآخر من حدث عنه ابو على بن شاذان انبأنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن أبى على عن ابيه قال ومن الرواة الذين لم ير قط احفظ منهم ابو عمر غلام ثعلب أملى من حفظه ثلاثين الف ورقة لغة فيما بلغنى وجميع كتبه التى فى ايدى الناس انما أملاها بغير تصنيف ولسعة حفظه اتهم

بالكذب وكان يسأل عن الشىء الذى يقدر السائل انه قد وضعه فيجيب عنه ثم يسأله غيره بعد سنة على مواطأة فيجيب بذلك الجواب بعينه
اخبرنا بعض اهل بغداد قال كنا نجتاز على قنطرة الصراة نمضى اليه مع جماعة فتذاكروا كذبه فقال بعضهم انا اصحف له القنطرة واسأله عنها فلما صرنا بين يديه قال له ايها الشيخ ما القنطرة عند العرب فقال كذا وذكر شيئا قد انسيته انا قال فتضاحكنا واتممنا المجلس وانصرفنا فلما كان بعد اشهر ذكرنا الحديث فوضعنا رجلا غير ذلك فسأله فقال ما القنطرة فقال اليس قد سئلت عن هذه المسألة منذ كذا وكذا شهر افقلت هى كذا قال فما درينا فى اي الامرين نعجب فى ذكائه ان كان علما فهو اتساع ظريف وان كان كذبا فى الحال ثم قد حفظه فلما سئل عنه ذكر الوقت والمسألة فأجاب بذلك الجواب فهو اظرف قال ابى وكان معز الدولة قد قلد شرطة بغداد مملوكا تركيا يعرف بخواجا فبلغ ابا عمر الخبر وكان يملى الياقوتة فلما جاؤه قال اكتبوا ياقوتة خواجا الحواج فى اللغة الجوع ثم فرع على هذا بابا فاملاه فاستعظم الناس ذلك وتتبعوه فقال ابو على الحاتمى اخرجنا فى امالى الحامض عن ثعلب عن ابن الاعرابى الخواج الجوع
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حكى رئيس الرؤساء ابو القاسم على بن المحسن عمن حدثه ان ابا عمر الزاهد كان يؤدب ولد القاضى ابى عمر فأملى يوما على الغلام نحوا من ثلاثين مسألة فى اللغة وذكر غريبها وختمها ببيتين من الشعر وحضر ابو بكر بن دريد وابن الانبارى وابن مقسم عند ابى عمر القاضى فعرض عليهم تلك المسائل فما عرفوا منها شيئا وانكروا الشعر فقال لهم القاضى ما تقولون فيها فقال له ابن الانبارى انا مشغول بتصنيف مشكل القرآن ولست اقول شيئا وقال ابن مقسم مثل ذلك لاشتغاله بالقراآت

وقال ابن دريد هذه المسائل من موضوعات ابى عمر ولا اصل لشىء منها فى اللغة وانصرفوا وبلغ ابا عمر ذلك فاجتمع مع القاضى وسأله احصار دواوين جماعة من قدماء الشعراء عينهم له ففتح القاضى خزانته وأخرج له تلك الدواوين فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة ويخرج لها شاهدا من بعض تلك الدواوين ويعرضه على القاضى حتى استوفى جميعها ثم قال وهذان البيتان انشدهما ثعلب بحضرة القاضى وكتبهما القاضى بخطه على ظهر كتاب القاضى فأحضر الكتاب فوجد البيتين على ظهره بخطه كما ذكر ابو عمر وانتهت القصة الى ابن دريد فلم يذكر ابا عمر بلفظه حتى مات
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا عبد الصمد بن محمد الخطيب اخبرنا الحسن بن الحسين الهمذانى قال سمعت ابا الحسن بن المرزبان يقول كان ابن ماسى ينفذ الى ابي عمر كفايته ينفقها على نفسه فقطع عنه ذلك مدة لعذر ثم انقذ اليه ما انقطع جملة وكتب اليه رقعة يعتذر من تأخير ذلك عنه فرده وأمر من بين يديه ان يكتب على ظهر رقعته اكرمتنا فملكتنا ثم اعرضت عنا فارحتنا قال احمد بن على لا شك ان ابن ماسى هو ابراهيم بن ايوب توفى ابو عمر يوم الاحد ودفن يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من ذى القعدة من هذه السنة ودفن فى الصفة المقابلة لقبر معروف ودفن فيها بعده ابو بكر الآدمى وعبد الصمد بن على الطشتى وقبور الثلاثة ظاهرة
637 - محمد بن احمد بن يوسف ابن يعقوب بن بريد ابو بكر الطائى الكوفى الخزاز سمع جماعة وقدم بغداد فحدث بها فروى عنه ابن رزقويه وغيره وكان ثقة وتوفى بدمشق فى رمضان هذه السنة
638 - محمد بن جعفر بن محمد ابن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن على بن ابى طالب ابو الحسن

المعروف بأبى قيراط كان نقيب الطالبيين ببغداد وحدث عن ابيه وعن سليمان ابن على الكاتب روى عنه محمد بن اسماعيل الوراق وتوفى ببغداد فى ذى الحجة من هذه السنة
639 - محمد بن على بن احمد ابن رستم ابو بكر الماذرائى الكاتب ولد بالعراق سنة سبع وخمسين ومائتين وقدم مصر هو واخوه احمد وكانا بمصر مع ابيهما وكان ابوهما يلى خراج مصر لأبى الحسن خمارويه بن احمد وكان محمد قد كتب الحديث ببغداد عن احمد بن عبد الجبار العطاردى وطبقته واحترقت كتبه وبقى من مسموعه شىء عند بعض الكتاب فسمع منه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن قال حدثنى ابى قال حدثنى ابو محمد الصلحى قال حدثنى ابو بكر محمد بن على الماذرائى بمصر وكان شيخا جليلا عظيم المال والجاه والمجد قديم الولاية لكبار الاعمال قد وزر لخمارويه ابن احمد بن طولون وعاش نيفا وتسعين سنة قال كتبت لخمارويه بن احمد وانا حدث فركبتنى الاشغال وقطعنى ترادف الاعمال عن تصفح احوال المتعطلين وتفقدهم وكان ببابى شيخ من مشيخة الكتاب قد طالت عطلته فأغفلت امره فرأيت ابى فى منامى وكأنه يقول لى يا بنى اما تستحى من الله ان تتشاغل بلذاتك وعمالك والناس يتلفون ببابك صبرا او هزلا هذا فلان من شيوخ الكتاب قد افضى امره الى ان تقطع سراويله فما يمكنه ان يشترى بدلة وهو كالميت جوعا وانت لا تنظر فى امره احب ان لا يغفل امره اكثر من هذا قال فانتهبت مذعورا واعتقدت الاحسان الى الشيخ ونمت واصبحت وقد انسيت امر الشيخ فركبت الى خمارويه وانا والله اسير اذا ترايا لى الرجل على دويبة ضعيفة ثم اومأ الى الرجل فانكشف فخذه فاذا هو لابس خفا بلا سراويل فحين وقعت عينى على ذلك ذكرت المنام وقامت قيامتى فوقفت فى موضعى واسند عينه وقلت يا هذا ما حل لك ان تركت اذكارى بأمرك

أما كان فى الدنيا من يوصل لك رقعة اويخاطبنى فيك الآن قد قلدتك الناحية الفلانية واجريت عليك رزقا فى كل شهر وهو مائتا دينار واطلقت لك من خزانتى الف دينار صلة ومعونة على الخروج اليها وامرت لك من الثياب بكذا وكذا فاقبض ذلك واخرج وان حسن اثرك فى تصرفك زدتك وفعلت بك وصنعت قال وضممت اليه غلاما يتنجز له ذلك كله ثم سرت فما انقضى اليوم حتى حسن حاله وخرج الى عمله توفى محمد بن على الماذرائى فى شوال هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ست واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ركب الخليفة ومعه معز الدولة فسارا فى الصحراء ثم رجعا الى داريهما وفى آخر المحرم كانت فتنة للعامة بالكرخ
وفى التشرينين اصاب الناس اورام الحلق والماشرى وكثر موت الفجاءة وكان من افتصد فى هذين الشهرين انصبت الى ذراعه مادة حادة عظيمة ثم ما سلم مقتصد اما ان مات او يشفى على التلف
ونقص البحر فى هذه السنة ثمانين ذراعا وظهرت فيه جبال وجزائر لا تعرف ولا سمع بها وفى ذى الحجة ورد الخبر بانه كان بالرى ونواحيها زلزلة عظيمة مات فيها خلق كثير من الناس
اخبرنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى القاسم على بن المحسن عن ابيه قال اخبرنى ابو الفرج الاصبهانى ان لصا نقب ببغداد فى زمن الطاعون الذى كان فى سنة ست واربعين وثلثمائة فمات مكانه وهو على النقب وان اسماعيل القاضى لبس سواده ليخرج الى الجامع فيحكم ولبس احد خفيه وجاء ليلبس الآخر فمات
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
640 - احمد بن عبد الله بن الحسن ابو هريرة العدوى كتب ببغداد عن ابى مسلم الكجى وغيره وبمصر عن أبى يزيد

أبى يزيد القراطيسى وكان يورق ويستملى على الشيوخ وكان ثقة توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
641 - ابراهيم بن محمد ابن احمد بن هشام ابو اسحاق البخارى الفقيه سمع جماعة وورد بغداد حاجا فروى عنه من اهلها ابو عمر بن حيويه وعبيد الله بن عثمان الدقاق وتوفى فى هذه السنة
642 - الحسن بن خلف ابن شاذان ابو على الواسطى حدث عن اسحاق الازرق ويزيد بن هارون وغيرهما اخرج عنه البخارى فى صحيحه وتوفى فى هذه السنة ببغداد
643 - الحسين بن ايوب ابن عبد العزيز بن عبد الله ابو عبد الله الهاشمي حدث عن جماعة وروى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة وكان ينزل فى الجانب الشرقى فتوفى فى هذه السنة ودفن في داره
644 - عبيد الله بن احمد ابن عبد الله ابو القاسم المعروف بابن البلخى سمع ابا مسلم الكجى روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة صالحا وتوفى فى رمضان هذه السنة
645 - عبد الصمد بن على ابن محمد بن مكرم ابو الحسين الوكيل المعروف بالطشتى ولد سنة ست وستين ومائتين سمع ابراهيم الحربى وابن أبى الدنيا وغيرهما روى عنه ابو الحسين بن بشران وأبو على بن شاذان وكان ثقة وتوفى فى شعبان هذه السنة ودفن الى جانب أبى عمر الزاهد مقابل معروف الكرخى

646 - محمد بن محمد ابن عبد الله بن خالد ابو جعفر التاجر البغدادى صحيح السماع ثابت الاصول رحل الى مصر والشام فسكن الرى فقيل له الرازى وكان صاحب جمال فلقب بالجمال وقدم خراسان فنزل بنيسابور ثم مضى الى سمرقند وسمع منه الاشياخ الكبار وروى عن عبد الله بن احمد عن ابيه وعن أبى بكر القطربلى عن سرى السقطى وتوفى بسمرقند فى ذى الحجة من هذه السنة
647 - محمد بن يعقوب بن يوسف ابن معقل بن سنان بن عبد الله الاموى مولاهم ابو العباس الاصم ولد سنة سبع واربعين ومائتين ورأى محمد بن يحيى الذهلى ولم يسمع منه ثم سمع من خلق كثر ورحل به ابوه الى اصبهان ومكة ومصر والشام ودمياط والجزيرة وبغداد وغيرها من البلدان فسمع من مشايخها وانصرف الى خراسان وهو ابن ثلاثين سنة وهو محدث كبير وانما ظهر به الصمم بعد انصرافه من المرحلة ثم استحكم حتى كان لا يسمع نهيق الحمار ولم يختلف فى صدته وصحة سماعاته وضبط ابيه لها وكان حسن التدين اذن سبعين سنة فى مسجده وكان يورق ويأكل من كسب يده وربما عابه قوم بأخذ شىء على التحديث وانما كان يفعل هذا ابنه ووراقه فأما هو فانه كان يكره ذلك وحدث ستا وسبعين سنة سمع منه الآباء والابناء وابناء الابناء وكانت الرحلة اليه من البلاد متصلة
انبأنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال خرج علينا ابو العباس الاصم ونحن فى مسجده وقد امتلأت السكة من الناس فلما نظر الى كثرة الناس والغرباء وقد قاموا يطرقون له ويحملون على عوالقهم الى مسجده فلما بلغ المسجد جلس على جدار المسجد وبكى طويلا ثم قال كأنى بهذه السكة ولا يدخلها احد منكم فانى لا اسمع وقد ضعف

البصر وحان الرحيل وانقضى الاجل فما كان الا نحو شهر حتى كف بصره وانقطعت الرحلة وانصرف الغرباء وآل امره الى ان كان يناول قلما فيعلم بذلك انهم يطلبون الرواية فيقرأ احاديث كان يحفظها اربعة عشر حديثا وسبع حكايات توفى فى ربيع الاول من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة سبع واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه كانت زلزلة بغداد فى نيسان وكانت زلازل عظيمة فى حلوان وبلدان الجبل وقم وقاشان فقتلت خلقا كثيرا واخربت
وظهر فى آخر نيسان وايار جراد اتلف الغلات الصيفية والثمار ببغداد واتلف من الغلات الشتوية بديار مضر شيئا عظيما واجتاحت الرطاب والمباطخ وورد الخبر بأن الروم خرجوا الى آمد وميافارقين وفتحوا حصونا كثيرا وقتلوا من المسلمين الفا وخمسمائة رجل
وفى آخر هذه السنة فتح الروم سمياط واخربوها
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
648 - احمد بن ابراهيم بن محمد بن جامع ابو العباس حدث عن ابى الزنباع وغيره وكان ثقة توفى فى محرم هذه السنة
649 - الزبير بن عبد الواحد ابن محمد بن زكريا بن صالح بن ابراهيم ابو عبد الله الاسد اباذى احد من رحل فى طلب الحديث وطاف البلاد شرقا وغربا فسمع خلقا كثيرا منهم الحسن بن سفيان ومحمد بن اسحاق بن خزينة وابو يعلى الموصلى وكان حافظا متقنا مكثرا صدوقا سمع منه ببغداد محمد بن مخلد وكان الزبير اذ ذاك حدثا وصنف الشيوخ والابواب توفى فى ذى الحجة من هذه السنة

650 - عبد الله بن بشران ابن محمد بن بشران بن مهران ابو الطيب القرشى الاموى وهو جد ابى الحسين وابى القاسم ابنى بشران سمع بشر بن موسى ويوسف القاضى وكان ثقة وتولى القضاء بنواحى حلب وتوفى فى هذه السنة
651 - عبد الله بن جعفر بن درستويه ابن المرزبان ابو محمد الفارسى النحوى ولد فى سنة ثمان وخمسين ومائتين حدث عن عباس الدورى والمبرد وابن قتيبة وسكن بغداد الى آخر وفاته وحمل عنه من علوم الادب كتب صنفها روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه وابو على بن شاذان اثنى عليه ابو عبد الله بن منده ووثقه وتوفى فى صفر هذه السنة
652 - عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن الحسن بن شهاب ابو طالب العكبرى ولد سنة اربع وستين ومائتين سمع ابا شعيب الحرانى ومحمد بن صالح ابن ذريح وثقه سيف القاضى وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
عبد الوهاب بن محمد بن موسى ابو احمد الغندجانى ولد سنة ست وستين ومائتين وسمع بالأهواز من احمد بن عبدان وببغداد من المخلص وغيره واستوطنها وتوفى بالمبارك فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن بالنعمانية

654 - على بن عبد الرحمن بن عيسى ابن زيد بن ماتى ابو الحسن الكاتب مولى زيد بن على بن الحسين من اهل الكوفة قدم بغداد وحدث عن جماعة روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة وحمل الى الكوفة
محمد بن احمد بن سهل ابو الفضل الصيرفى نيسابورى الاصل حدث عن ابى مسلم الكجى وروى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة توفى فى المحرم من هذه السنة
محمد بن الحسن بن عبد الله ابن على بن عبد الملك بن أبى الشوارب ابو الحسن القرشى ثم الاموى ولد سنة اثنتين وتسعين ومائتين وولى القضاء وبمدينة السلام وحدث عن أبى العباس بن مسروق
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال استخلف المستكفى بالله فى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة واستقضى على مدينة المنصور والشرقية ابا الحسن محمد بن الحسن بن ابى الشوارب وذكر طلحة انه كان رجلا واسع الاخلاق كريما جوادا طلابة للحديث قال ثم قبض عليه فى صفر سنة اربع وثلاثين فلما كان فى رجب من هذه السنة قبض عليه المستكفى بالله واستخلف المطيع فقلد ابا الحسن الشرقية والحرمين واليمن ومصر وسر من رأى وقطعة من اعمال السواد وبعض اعمال الشام وشقى الفرات وواسط ثم صرف عن جميع ذلك فى رجب سنة خمس وثلاثين
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب انبأنا ابراهيم بن مخلد اخبرنا اسماعيل بن على ابن على قال وعزل محمد بن الحسن بن ابى الشوارب عن جميع ما كان يتقلده من امر القضاء وامر المستكفى بالقبض عليه ففعل ذلك يوم الثلاثاء لخمس خلون من صفر سنة اربع وثلاثين وكان قبيح الذكر فيما يتولاه من الاعمال منسوبا

الى الاسترشاء فى الاحكام والعمل فيها بما لا يجوز قد شاع ذلك عنه وكثر الحديث به وتوفى فى رمضان هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ثمان واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى جمادى الاولى اتصلت الفتن بين الشيعة والسنة قتل بينهم خلق ووقع حريق كثير فى باب الطاق
وفيها غرق من الحاج الوارد من الموصل بضعة عشر زورقا كان فيها من الرجال والنساء والصبيان ستمائة نفس
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
657 - احمد بن سلمان ابن الحسن بن اسرائيل بن يونس ابو بكر النجاد ولد سنة ثلاث وخمسين ومائتين وسمع ابا داود والباغندى وابا بكر بن ابى الدنيا وعبد الله بن احمد وخلقا كثيرا وكان يمشى فى طلب الحديث حافيا وجمع المسند وصنف فى السنن كتابا كبيرا وكانت له فى جامع المنصور يوم الجمعة حلقتان قبل الصلاة وبعدها احداهما للفتوى فى الفقه على مذهب احمد والاخرى لاملاء الحديث روى عنه ابو بكر ابن مالك والدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الحسين بن على بن محمد الفقيه قال سمعت ابا اسحاق الطبرى يقول كان احمد بن سلمان يصوم الدهر ويفطر كل ليلة على رغيف ويترك منه لقمة فاذا كان فى الجمعة تصدق بذلك الرغيف وأكل تلك اللقم التى استفضلها توفى ليلة الجمعة لعشر بقين من ذى الحجة من هذه السنة عن خمس وتسعين ودفن قريبا من بشر الحافى
658 - ابراهيم بن شيبان ابو اسحاق القرميسينى شيخ المتصوفة بالجبل صحب ابا عبد الله المغربى وابراهيم

الخواص وكان يقول الخوف اذا سكن القلب احرق مواضع الشهوات فيه وطرد عنه رغبة الدنيا
659 - جعفر بن محمد بن نصير ابن القاسم ابو محمد الخواص المعروف بالخلدى سافر الكثير وسمع الحديث الكثير وروى علما كثيرا روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وخلق كثير وكان صدوقا دينا حج ستين حجة وتوفى فى رمضان هذه السنة
660 - شريرة الرائقية جارية مولدة كانت لابنة ابن حمدون النديم وكانت سمراء موصوفة بحسن الغناء فاشتراها ابو بكر محمد بن رائق من مواليها بثلاثة عشر الف دينار على يد ابى جعفر ابن حمدون واعطى ابا جعفر عن دلالته الف دينار ثم قتل عنها فتزوجها الحسين ابن ابى العلاء ابن سعيد بن حمدان توفيت فى رجب هذه السنة
661 - على بن سهل ابو الحسن البوشنجى لقى ابا عثمان وصحب ابن عطاء والجريرى وكان دينا متعمدا للفقر واسند الحديث وتوفى فى هذه السنة اخبرنا ابن ناصر انبأنا ابن خلف اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت ابا العباس محمد بن الحسن البغدادى يقول سألت ابا الحسن البوشنجى عن التصوف فقال اسم ولا حقيقة وقد كان قبل حقيقة ولا اسم
662 - على بن محمد ابن الزبير ابو الحسن القرشى الكوفى ولد سنة اربع وخمسين ومائتين ونزل بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
663 - محمد بن ابراهيم ابن يوسف بن محمد ابو عمر الزجاجى النيسابورى صحب ابا عثمان والجنيد والنورى

والخواص وغيرهم واقام بمكة وصار شيخها حج قريبا من ستين حجة وقيل انه لم يبل ولم يتغوط فى الحرم منذ اربعين سنة وهو به مقيم وتوفى فى هذه السنة
664 - محمد بن اسحاق ابن عبد الرحيم أبو بكر السوسى قدم بغداد فى سنة احدى واربعين وثلثمائة وحدث بها احاديث مستقيمة فروى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وغيرهما وتوفى فى هذه السنة
665 - محمد بن احمد ابن اسحاق بن البهلول بن حسان أبو طالب التنوخى اصله من الانبار سمع ابا مسلم الكجى وبشر بن موسى الأسدى وعبد الله بن احمد بن حنبل وغيرهم اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن التنوخى أخبرنا طلحة بن جعفر الشاهد قال لم يزل احمد بن اسحاق بن البهلول على قضاء المدينة يعنى مدينة المنصور من سنة ست وتسعين ومائتين الى ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلثمائة وكان ربما اعتل فيخلفه ابنه ابو طالب محمد وهو رجل جميل الامر حسن المذهب شديد التصون وممن كتب العلم وحدث بعد ابيه بسنتين أخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى الحسن بن أبى طالب حدثنا على بن عمر والجريرى قال توفى أبو طالب بن البهلول فى يوم الاحد ضحوة لست عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة ثمان واربعين وثلثمائة
666 - محمد بن احمد بن تميم ابو الحسن الخياط القنطرى كان ينزل قنطرة البردان ولد فى صفر سنة تسع وخمسين ومائتين وحدث عن ابى قلابة الرقاشى ومحمد بن سعد العوفى والكديمى وغيرهم توفى يوم الجمعة سلخ شعبان فى هذه السنة قال محمد بن ابى الفوارس كان فيه لين
667 - محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة ابن يزيد بن عبد الملك ابو بكر الآدمى القارىء الشاهد صاحب الألحان كان من احسن

الناص صوتا بالقرآن ولد فى رجب سنة ستين ومائتين وحدث عن احمد بن عبيد ابن ناصح والحارث بن محمد بن ابى اسامة وعبد الله الدورقى ومحمد بن عثمان بن ابى شيبة وغيرهم وروى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وابن بشران وغيرهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن حدثنا القاضى ابو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الاسدى قال سمعت أبى يقول حججت فى بعض السنين وحج فى تلك السنة ابو القاسم البغوى وابو بكر الآدمى القارىء فلما صرنا بمدينة الرسول صلى الله عليه و سلم جاءنى ابو القاسم البغوى فقال لى يا ابا بكر هاهنا رجل ضرير قد جمع حلقة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ةقعد يقص ويروى الكذب من الاحاديث الموضوعة والاخبار المفتعلة فان رأيت ان تمضى بنا اليه لننكر عليه ونمنعه فقلت له يا ابا القاسم ان كلامنا لا يؤثر مع هذا الجمع الكثير والخلق العظيم ولسنا ببغداد فيعرف لنا موضعنا ولكن ها هنا امر آخر هو الصواب فاقبلت على أبى بكر الآدمى فقلت له استعذ واقرأ فما هو الا ان ابتدأ بالقراءة حتى انجفلت الحلقة وانفض الناس جميعا فأحاطوا بنا يسمعوا قراءة ابى بكر وتركوا الضرير وحده فسمعته يقول لقائده خذ بيدي هكذا تزول النعم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن قال حدثنى ابى قال حدثنى ابو محمد يحيى بن محمد بن فهد قال حدثنى ذرة الصوفى قال كنت بائتا بكلواذي على سطح عال فلما هدأ الليل قمت لأصلى فسمعت صوتا ضعيفا يجىء من بعد فأصغيت اليه فاذا وتاملته هو صوت لأبى بكر الآدمى القارىء فقدرته منحدرا فى دجلة واصغيت فلم اجد الصوت بقرب ولا يزيد على ذلك ساعة

ثم انقطع فتشككت فى الامر وصليت ونمت وبكرت فدخلت بغداد على ساعتين من النهار او اقل وكنت مجتازا فى السمارية فاذا بأبى بكر الآدمى ينزل الى الشط من دار ابى عبد الله الموسوى العلوى التى تقرب من فرضة جعفر على دجلة فصعدت اليه وسألته عن خبره فأخبرنى بسلامته وقلت اين كنت البارحة فقال فى هذه الدار فقلت قرأت قال نعم قلت اى وقت قال بعد نصف الليل الى قريب من الثلث الآخر قال فنظرت فاذا هو الوقت الذى سمعت فيه صوته بكلواذى فعجبت من ذلك عجبا شديدا بان له فى فقال مالك فقلت انى سمعت صوتك البارحة وانا على سطح بكلواذي وتشككت فلولا انك اخبرتنى الساعة على غير اتفاق ما صدقته قال فاحكها عنى فانا احكيها دائما توفى ابو بكر الآدمى يوم الاربعاء لليلتين بقيتا من ربيع الاول ودفن فى هذا اليوم فى الصفة التى بحذاء معروف الكرخى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال محمد بن ابى الفوارس سنة ثمان واربعين وثلثمائة فيها مات محمد بن جعفر الآدمى وكان قد خلط فيما حدث به
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن ابى على المعدل اخبرنا ابو بكر بن ابى موسى القاضى وابو اسحاق الطبرى وغيرهما قالوا سمعنا ابا جعفر عبد الله بن اسماعيل بن بريه يقول رأيت ابا بكر الآدمى فى النوم بعد موته بمديدة فقلت له ما فعل الله بك فقا لى وقفنى بين يديه وقاسيت شدائد وامورا صعبة فقلت له فتلك الليالى والمواقف والقرآن فقال ما كان شىء اضر على منها لأنها كانت للدنيا فقلت له فالى اى شىء انتهى امرك قال قال لى تعالى آليت على نفسى ان لا اعذب ابناء الثمانين

سنة ثم دخلت سنة تسع واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان وقعت فتنة بين السنة والشيعة فى القنطرة الجديدة وتعطلت الجمعة من الغد فى جميع المساجد

الجامعة فى الجانبين سوى مسجد براثا فان الصلاة تمت فيه وقبض على جماعة من بنى هاشم واعتقلوا فى دار الوزير لأنهم كانوا سبب الفتنة واطلقوا من الغد وفى هذا الشهر ورد الخبر بأن ابنا لعيسى بن المكتفى بالله ظهر بناحية أرمينية وموقان وانه يلقب بالمستجير بالله يدعو الى المرتضى من آل رسول الله صلى الله عليه و سلم وانه ليس الصوف وامر بالمعروف وتبعه جماعة فسار الى آذربيجان فغلب على عدة بلدان منها ثم حورب فأخذ
وفى نصف شوال عرضت لمعز الدولة علة فى الكلى فبال الدم وقلق منها قلقا شديدا ثم بال بعد ذلك الرمل ثم الحصى الصغار والرطوبة التى ينعقد منها الرمل والحصى واسلم فى هذه السنة من الاتراك مائتا الف خركاه

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
668 - ازهر بن احمد بن محمد ابو غانم الخرقى حدث عن ابى قلابة الرقاشى روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ينزل بالجانب الشرقى فى سوق العطش وتوفى فى هذه السنة
669 - جعفر بن حرب انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى القاسم بن المحسن عن ابيه ان جعفر بن حرب كان يتقلد الاعمال الكبار للسلطان وكانت نعمته تقارب نعمة الوزارة فاجتاز يوما راكبا فى مواكب له عظيم ونعمة على غاية الوفور ومنزلته بحالها فى نهاية الجلالة فسمع رجلا يقرأ ألم للدين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق فصاح اللهم بلى يكررها دفعات وبكى ثم نزل عن دابته ونزع ثيابه ودخل الى دجلة واستتر بالماء ولم يخرج منه حتى فرق جميع ماله فى المظالم التى كانت عليه وتصدق بالباقى فاجتاز رجل فرآه فى الماء قائما وسمع بخبره فوهب له قميصا ومئزرا فاستتر بهما وخرج وانقطع الى العلم

والعبادة حتى مات
670 - الحسين بن على بن يزيد بن داود ابو على الحافظ النيسابورى ولد سنة سبع وسبعين ومائتين وكان واحد دهره فى الحفظ والاتقان والورع مقدما فى مذاكرة الائمة كثير التصنيف ذكره الدارقطنى فقال امام مهذب وكان مع تقدمه فى العلوم احد الشهود المعدلين بنيسابور ورحل فى طلب الحديث الى الآفاق البعيدة وسمع من الاكابر وكان ابن عقدة لا يتواضع لأحد كتواضعه لابى على وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
671 - حسان بن محمد بن احمد بن هارون ابو الوليد القرشى الفقيه امام اهل الحديث بخراسان فى عصره وازهدهم واكثرهم اجتهادا فى العبادة درس الفقه على ابى العباس ابن سريج وسمع من الحسن بن سفيان وغيره وصنف التصانيف الحسنة
اخبرنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا انبأنا الحاكم ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال سمعت ابا الوليد حسان بن محمد بن احمد القرشى يقول فى مرضه الذى مات فيه قالت لى والدتى كنت حاملا بك وكان للعباس ابن حمزة مجلس فاستأذنت اباك ان احضر مجلسه فى ايام العشر فأذن لى فلما كان فى آخر المجلس قال العباس بن حمزة قوموا وقمت فأخذ العباس يدعو فقلت اللهم هب لى ابنا عالما ثم رجعت الى المنزل فبت تلك الليلة فرأيت فيما يرى النائم كأن رجلا أتانى فقال ابشرى فان الله قد استجاب دعوتك ووهب لك ولدا ذكرا وجعله عالما ويعيش كما عاش ابوك قالت وكان أبى عاش اثنتين وسبعين سنة قال حسان وهذه قد تمت لى اثنتان وسبعون سنة فعاش بعد هذه الحكاية اربعة ايام توفى ليلة الجمعة خامس ربيع الاول من سنة تسع واربعين وثلثمائة

672 - حمد بن محمد بن ابراهيم ابن الخطاب ابو سليمان الخطابى سمع الكثير وصنف التصانيف منها المعالم شرح فيها سنن أبى داود والاعلام شرح فيها البخارى وغريب الحديث وله فهم مليح وعلم غزير ومعرفة باللغة والمعانى والفقه وله اشعار فمن ذلك قوله ... ما دمت حيا فدار الناس كلهم ... فانما انت فى دار المداراة ... من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى ... عما قليل نديما للندامات ...
673 - عبد الواحد بن عمر ابن محمد بن أبى هشام واسم أبى هشام بشار وكنية عبد الواحد ابو طاهر كان من اعلم الناس بحروف القراآت ووجوه القراآت وله فى ذلك تصانيف وحدث عن جماعة منهم ابو بكر بن أبى داود وابن مجاهد روى عنه ابو الحسن الحمامى وكان ثقة امينا يسكن الجانب الشرقى توفى فى شوال هذه السنة ودفن فى مقبرة الخيزران
674 - على بن المؤمل ابن الحسن بن عيسى بن ماسرجس ابو القاسم انبأنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال كان يضرب المثل بعقل شيخنا ابى القاسم وكان من اورع مشايخنا وسمع بنيسابور وببغداد وبالكوفة وحدث سنين وحججت معه فى سنة احدى واربعين فكان اكثر الليل يقرأ فى العمارية فاذا نزل قام الى الصلاة لا يشتغل بغير ذلك وما اعلم انى دخلت الطواف الا وجدته يطوف وسمعت ابنه ابا عبد الله يقول ضعف بصر ابى ثلاث سنين ولم يخبرنا به حتى ضعفت العين الاخرى فحينئذ اخبرنا به وتوفى فى صفر هذه السنة

675 - العباس بن محمد ابو محمد الجوهرى حدث عن البغوى وابن ابى داود ابن صاعد روى عنه الحاكم ابو عبد الله النيسابورى وقال كان احد الجوالين فى طلب الحديث بفهم ومعرفة واتقان توفى فى صفر هذه السنة
676 - محمد بن ابراهيم ابن سليمان بن محمد ابو احمد العسال الاصبهانى سمع محمد بن ايوب الرازى وابراهيم ابن زهير الحلوانى وبكر بن سهل الدمياطى ونحوهم اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو القاسم عبد الله بن احمد السوذرجانى باصبهان قال سمعت ابا عبد الله بن مندة يقول كتبت عن الف شيخ ولم ار فيهم اتقن من ابى احمد العسال قال ابو نعيم ولى ابو احمد العسال القضاء وكان من كبار الناس فى الحفظ والاتقان والمعرفة وتوفى فى رمضان سنة تسع واربعين وثلثمائة

النسخ الخطية لهذا المجلد نسخة محفوظة بمكتبة ايا صوفية باسلامبول تحت رقم وهى الاصل وعلامتها ص نسخة محفوظة بمكتبة كوبربلى زاده باسلامبول ايضا تحت رقم وينتهى هذا الجزء منها فى صفحة من هذا المطبوع ولا يوجد منها ما بعد ذلك كما نبهنا عليه بهامش تلك الصفحة وعلامتها كو نسخة برلين يصفها حضرة الدكتور كرنكو بانها قديمة صعبة القراءة ويبتدىء الموجود منها من صحفة كما نبهنا عليه بهامشها وعلامتها استحصل حضرة الدكتور سالم الكرنكوى مصحح الدائرة نقولا من النسختين الاوليين مأخوذة بالتصوير ثم نسخ هذا الجزء بقلمه من نسخة ص وقابله على نسخة كو وعلى نسخة ب ثم ارسله الينا مع النقول التصويرية المأخوذة من النسختين الاوليين فاعدنا المقابلة مرة اخرى لزيادة التوثق
وقد اعتنى الدكتور المذكور بتصحيح الكتاب جهد الطاقة مع مراجعة تاريخ بغداد وتاريخ ابن جرير وشذرات الذهب وغيرها وعلق كثير من الحواشى اثبتنا المهم منها وعلامة حواشيه واتممنا التصحيح حسب الامكان والله المستعان

خاتمة الطبع
الحمد لله على احسانه حمدا يليق بعظمة شأنه والصلاة والسلام على خاتم انبيائه سيدنا محمد وآله وصحبه
وبعد فقد تم بحمد الله تعالى طبع الجزء السادس من كتاب المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم للامام الشهير ابى الفرج ابن الجوزى رحمه الله وهو من انفس كتب التاريخ جمع بين الوقائع والتراجم وكان الطبع بمطبعة الجمعية العلمية الشهيرة بدائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن ادامها الله مصونة عن الفتن والمحن فى ظل الملك المؤيد المعان الذى اشتهر فضله فى كل مكان السلطان بن

السلطان سلطان العلوم مظفر الممالك آصف جاه السابع مير عثمان على خان بهادر لا زالت مملكته بالعز والبقاء دائمة التقدم والارتقاء وهذه الجمعية تحت صدارة ذى الفضائل السنية والمفاخر العلية النواب السير حيدر نوازجنكك بهادر رئيس الجمعية ورئيس الوزارء فى الدولة الآصفية والعالم العامل بقية الافاضل مهدى يارجنكك بهادر عميد الجمعية ووزير المعارف والسياسة فى الدولة الاصفية ومعين امير الجامعة العثمانية والماجد الهمام النواب ناظر يارجنكك بهادر شريك العميد للجمعية وركن العدلية وضمن ادارة العالم المحقق والفاضل المدقق مولانا السيد هاشم الندوى معين عميد الجمعية ومدير دائرة المعارف ادام الله تعالى درجاتهم سامية ومحاسنهم زاكية
وعنى بتصحيحه من افاضل دائرة المعارف وعلمائها مولانا السيد هاشم الندوى ومولانا محمد طه الندوى ومولانا الشيخ عبد الرحمن اليمانى ومولانا محمد عادل القدوسنى ومولانا السيد احمد الله الندوى والسيد حسن جمال الليل المدنى والشيخ احمد بن محمد اليمانى وطبع بعد ملاحظة مولانا العلامة عبد الله العمادى ركن مجلس الدائرة غفر الله ذنوبهم وستر عيوبهم
وكان تمام طبعه يوم السبت العاشر من شهر صفر سنة 1358 ه وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد نبيه الامين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين الى يوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
سنة 350
ثم دخلت سنة خمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه اشتدت علة معز الدولة ليلة السبت لاربع خلون من المحرم وامتنع عليه البول كله واشتد قلقه وجزعه ثم بال على ساعة باقية من الليل دما بشدة ثم تبعه البول وخرج مع البول رمل كثير وحصى صغار وخف الالم فلما اصبح سلم داره وغلمانه وكراعه الى ابنه ابى منصور بختيار وفوض الامور اليه وخرج في عدة يسيرة من غلمانه وخاصته ليمضي الى الاهواز ثم اشير عليه بالتوقف فتنقل من مكان الى مكان الى أن عاد الى داره ثم انتقل في جمادى الاولى من داره بسوق الثلاثاء الى البستان المعروف ببستان الصيمرى وأخذ في ان يهدم ما يليه من العقار والابنية الى حدود البيعة واصلح ميدانا وبنى دارا على دجلة في جوار البيعة ومد المسناة وبنى الاصطبلات وقلع الابواب الحديد التي على مدينة ابى جعفر المنصور وابواب الرصافة وقصر الرصافة ونقلها الى داره وهدم سور الحبس المعروف بالجديد ونقل آجره الى داره وبنى به ونقض المعشوق بسر من رأى وحمل آجره وانفق على البناء الى ان مات مائة الف الف دينار وقبض على جماعة فصودروا على مال عظيم فأمر أن يصرف الى بناء الدار والاصطبلات ولحق الناس في هذا الصقع شدة شديدة من التنزل عليهم
وفى يوم الاحد لثمان بقين من شعبان تقلد ابو العباس عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب القضاء بالحضرة من جانبي بغداد والمدينة وقضاء القضاة وخلع عليه من دار السلطان لأن الخليفة امتنع من أن يصل اليه وضرب بين يديه الدبادب على أن يحمل الى خزانة معز الدولة كل سنة مائتي الف درهم وامتنع الخليفة من ان يصل اليه هذا القاضي في موكب او غيره
وفي شوال ورد الخبر بأن نجاء غلام سيف الدولة دخل بلد الروم غازيا وانه

غنم ما قيمته ثلاثون الف دينار وسبى الفى رأس واستأسر خمسمائة في السلاسل وفى شباط جاء برد بنواحي قطر بل وبازائها في الجانب الشرقي في كل بردة

او قيتان واكثر وقتل الطيور والبهائم ذكر من توفي في هذه السنة من
الاكابر
احمد بن محمد
ابن عبد الله بن زياد ابو سهل القطان حدث عن محمد بن عبيد الله المنادى وغيره وروى عنه ابن رزقويه وكان ثقة
أخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال سمعت محمد بن الحسين بن الفضل القطان يقول حدثنى من سمع ابا سهل بن زياد يقول سمى الله المعتزلة كفارا قبل ان يذكر فعلهم فقال يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم اذا ضربوا في الارض او كانوا غزا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا الآية
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الازهري قال قال لي ابو عبد الله ابن بشر القطان ما رأيت رجلا احسن انتزاعا لما اراد عن آي القرآن من ابى سهل بن زياد فقلت لابن بشر وما السبب في ذلك قال كان جارنا وكان يديم الصلاة بالليل وقراءة القرآن ولكثرة درسه صار القرآن نصب عينيه ينتزع منه ما شاء من غير تعب توفى في شعبان هذه السنة ودفن بقرب قبر غير معروف
اسمعيل بن علي
ابن اسمعيل بن بنان ابو محمد الخطبي ولد في محرم سنة تسع وستين ومائتين وسمع الحارث بن ابى اسامة والكديمي وعبد الله بن احمد وغيرهم وروى عنه الدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه وكان ثقة فاضلا نبيلا فهما عارفا بايام

الناس واخبار الخلفاء وصنف تاريخا كبيرا على ترتيب السنين وكان عالما بالأدب ركينا عاقلا ذا رأى يتحرى الصدق
أخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال سمعت الازهري يقول جاء ابو بكر بن مجاهد واسمعيل الخطبي الى منزل أبى عبد الصمد الهاشمى فقدم اسمعيل ابا بكر فتأخر ابو بكر وقدم اسمعيل فلما استأذن اسمعيل اذن له فقال ادخل ومن انا معه اخبرنا ابو منصور اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى عبيد الله بن ابى الفتح قال سمعت ابا الحسن بن رزقويه يذكر عن اسمعيل الخطبى قال وجه الى الراضي بالله ليلة عيد الفطر فحملت اليه راكبا بغلة فدخلت عليه وهو جالس في الشموع فقال لي يا اسمعيل انى قد عزمت في غد على الصلاة بالناس في المصلى فما اقول اذا انتهيت في الخطبة الى الدعاء في نفسى قال فأطرقت ثم قلت يقول امير المؤمنين رب اوزعنى اشكر نعمتك التى انعمت على وعلى والدى وان اعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك فى عبادك الصالحين فقال لى حسبك ثم امرنى بالانصراف واتبعنى بخادم فدفع الى خريطة فيها اربع مائة دينار وكانت الدنانير خمسمائة فأخذ الخادم منها لنفسه مائة دينار او كما قال توفى الخطبى في جمادى الآخرة من هذه السنة

تمام بن محمد بن سليمان
ابن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب ابو بكر ولدسنة تسع وستين ومائتين حدث عن عبد الله بن احمد وغيره وروى عنه ابن رزقويه وتوفى في ذى القعدة من هذه السنة
الحسن بن على
ابن عبيد الله بن الحسن ابو احمد الخلال المعروف بالكوسج حدث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة

الحسين بن القاسم
ابو على الطبرى الفقيه الشافعي
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال درس على ابي على ابن ابى هريرة وبرع فى العلم وسكن وصنف كتاب المحرر وهو اول كتاب صنف فى الخلاف وصنف كتاب الافصاح فى المذهب وكتابا فى الجدل وكتابا فى اصول الفقه وتوفى ببغداد فى سنة خمسين وثلثمائة
عبد الله بن اسمعيل
ابن ابراهيم بن عيسى بن ابى جعفر المنصور ويكنى ابا جعفر ويعرف بابن برية الهاشمى كان امام جامع المنصور وحدث عن ابن ابى الدنيا وغيره وروى عنه ابن رزقويه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن ابى على قال سمعت القاضى ابا بكر بن ابى موسى الهاشمى وابا اسحاق الطبرى ومن لا احصى من شيوخنا يحكون انهم سمعوا ابا جعفر المعروف بابن برية الامام يقول رقى هذا المنبر يعنى منبر مسجد جامع المدينة الواثق فى سنة ثلاثين ومائتين ورقيت هذا المنبر فى سنة ثلاثين وثلثمائة وبين الرقيتين مائة سنة وانا وهو فى القعدد الى المنصور سواء هو الواثق بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور وانا عبد الله بن اسمعيل بن ابراهيم بن عيسى بن منصور توفى ابن برية فى صفر هذه السنة وقيل سنة اثنتين وخمسين
عتبة بن عبيد الله
ابن موسى بن عبيد الله ابو السائب الهمذانى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال عتبة رجل من اهل همذان وكان ابوه عبيد الله تاجرا مستورا دينا اخبرنا جماعة من الهمذانيين انه

كان يؤمهم فى مسجد لهم فوق الثلاثين سنة ونشأ ابو السائب يطلب العلم وغلب عليه فى ابتداء امره علم التصوف والميل الى اهل الزهد ثم خرج عن بلده ولقى العلماء وعنى بفهم القرآن وكتب الحديث وتفقه على مذهب الشافعي واتصلت اسفاره فعرف الامير ابو القاسم ابن ابى الساج خبره وما هو عليه من الفضل فأدخل اليه فرآه فاضلا عاقلا فقلده الحكم بمراغة وتقلد جميع آذربيجان مع مراغة وعظمت حاله وقبض على ابن ابى الساج فعاد الى الجبل وتقلد همذان ثم عاد الى بغداد وتقلد اعمالا جليلة بالكوفة ديار مضر والاهواز وعامة الجبل وقطعة من السواد وتقدم عند قاضي القضاة ابى الحسين بن ابى عمر وسمع شهادته واستشاره فى جميع اموره ولما قبض المستكفى بالله على محمد بن الحسن بن ابى الشوارب قلد ابا السائب مدينة ابى جعفر ثم قتل اللصوص ابا عبد الله محمد بن عيسى وكان قاضيا على الجانب الشرقى تقلد قضاء القضاة فى رجب سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت اخبرنا احمد بن على التوزى قال ولد ابو السائب فى سنة اربع وستين ومائتين وتوفى فى ربيع الآخر سنة خمسين وثلثمائة قال المصنف رحمه الله ودفن فى داره بسوق يحيى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا على بن ابى على المعدل اخبرنا ابو طاهر المخلص اخبرنا ابو بكر احمد بن على الدهنى المعروف بابن القطان قال رأيت ابا السائب عتبة بن عبيد الله قاضى القضاة بعد موته فقلت ما فعل الله بك مع تخليطك بهذا اللفظ فقال غفر لى فقلت فكيف ذاك فقال ان الله تعالى عرض على افعالى القبيحة ثم أمر بى الى الجنة وقال لولا آليت على نفسى ان لا اعذب من جاوز الثمانين لعذبتك ولكنى قد غفرت لك وعفوت عنك اذهبوا به الى الجنة فأدخلتها

محمد بن احمد بن حبيب
ابن احمد بن راجبان ابو بكر الدهقان بغدادى سكن بخار أو حدث بها عن يحيى ابن ابى طالب والحسن بن مكرم وابى قلابة الرقاشى وغيرهم ولد ابو بكر بن حبيب ببغداد
سنة
ست وستين ومائتين ودخل بخارا سنة سبع وثمانين ومائتين ومات ببخارا يوم السبت غرة رجب سنة خمسين وثلثمائة
سنة
ثم دخلت سنة احدى وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى المحرم بدخول الروم عين زربة فى مائة وستين الف رجل فطلب المسلمون الامان فأمنهم ملك الروم فلما دخل البلد نادى فى اول الليل بان يخرج جميع الناس الى المسجد الجامع وان من تأخر فى منزله قتل فخرج من امكن الخروج فلما اصبح انقذ رجاله فمن وجدوه فى منزله قتلوه فقتلوا خلقا من الرجال والنساء والاطفال وامر بقطع نخل البلد فقطع منه اربعون الف نخلة ونادى فيمن حصل فى الجامع ان يخرجوا حيث شاؤا وان من امسى فيه قتل فخرج الناس مبادرين وتزاحموا فى الابواب فمات بالضغط خلق كثير ومروا على وجوههم حفاة عراة لا يدرون اين يتوجهون فمات اكثرهم فى الطرقات ثم أخذ الاسلحة والامتعة وامر بهدم الجامع وكسر المنبر وهدم سور البلد والمنازل وبقى مقيما فى بلاد اسلام احد وعشرين يوما وفتح حول عين زربة اربعة وخمسين حصنا بعضها بالسيف وبعضها بالامان وقتل خلقا كثيرا من المسلمين ثم أن سيف الدولة أعاد بناء عين زرية
وفى شهر ربيع الآخر كتب العامة على مساجد بغداد لعن معاوية بن ابى سفيان ولعن من غضب فاطمة فدكا ومن اخرج العباس من الشورى ومن نفى اباذر الغفارى ومن منع من دفن الحسن عن جده ولم يمنع معز الدولة من

ذلك وبلغه ان العامة قد محوا هذا المكتوب فأمر أن يكتب لعن الله الظالمين لآل رسول الله من الاولين والآخرين والتصريح باسم معاوية فى اللعن فكتب ذلك
وفى شوال ورد الخبر بأن الروم استأسروا ابا فراس بن سعيد بن حمدان من منبج وكان متقلدا لها
وورد الخبر بأنه وقع فى الجامدة فى آخر يوم من تشرين الثانى برد فى كل بردة رطل ونصف ورطلان
وورد الخبر بأن الدمستق ورد الى حلب بغتة ولم يعلم سيف الدولة فخرج اليه وحاربه فانهزم سيف الدولة وظفر بداره وهى خارج حلب فوجد فيها ثلثمائة وتسعين بدرة دراهم فأخذها ووجد له الف واربعمائة بغل فأخذها وأخذ من خزائن السلاح مالا يحصى واحرق الدار وملك الربض فقاتله اهل حلب من وراء السور فقتل من الروم خلق كثير بالحجارة والمقاليع وسقطت ثلمة من السور على اهل حلب فقتلتهم فطمع الروم فى تلك الثلمة فأكبوا عليها ودفعهم اهل البلد عنها فلما جن الليل اجتمع المسلمون عليها فبنوها وفرغوا منها وعلوا عليها فكبروا ثم ان رجالة الشرط بحلب مضوا الى منازل الناس وخانات التجار لينهبوها فقيل للناس الحقوا منازلكم فانها قد نهبت فنزلوا عن السور واخلوه ومضوا الى منازلهم ليدفعوا عنها فلما رأى الروم السور خاليا تجاسروا واعلى ان صعدوه واشرفوا على البلد فرأوا الفتنة وان بعضهم ينهب بعضا فنزلوا وفتحوا الابواب ودخلوا وثلموا السور فى عدة مواضع ووضعوا فى الناس السيف فقتلوا كل من لقيهم ولم يرفعوا السيف حتى ضجروا وكان فى البلد الف ومائتين رجل من اسارى الروم فتخلصوا وكان سيف الدولة قد أخذ من الروم سبعمائة انسان ليفادى بهم فأخذهم الدمستق وسبى من البلد من المسلمين بضعة عشر الف صبى وصبية وأخذ من النساء ما ارادو من خزائن سيف الدولة وأمتعة التجار مالا يحاط بقيمته فلما لم يبق معه ما يحمل عليه احرق الباقى

واخرب المساجد وعمد الى حباب الزيت فصب فيها الماء حتى فاض الزيت وشربته الأرض واقام فى البلد تسعة ايام وكان معه مائتا الف رجل فيهم ثلاثون الفا بالجواشن وثلاثون الفا من صناع الهدم واربعة الآف بغل عليها حسك حديد يطرحه حول العسكر بالليل وخركاهات ملبسة لبودا حمر لدوابه فلما هم ان ينصرف قال له ابن اخت الملك قد فتحنا هذا البلد وبقيت القلعة فقال قد بلغنا مالم نكن نظنه فدع القلعة فسكانها غزاة قال لا بد قال شأنك فصعد فوقع فيه حجر فمات فلما اتى به الدمستق احضر من كان معه من اسارى المسلمين وكانوا الفين ومائتين فضرب اعناق الجميع
وفى رمضان سقط روشن من دار الوزير ابى محمد الهلبي الى دجلة وكان عليه جماعة من وجوه الدولة منهم ابو اسحاق محمد بن احمد القراريطى فانكسرت فخذه فحمل وجبرت فصلحت ومنهم ابن حاجب النعمان فان نخاع ظهره انقطع فحمل على سرير فأقام عليلا الى الجمعة الثانية ومات

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحسن بن محمد
ابن هارون ابو محمد المهلبى من ولد المهلب بن ابى صفرة استوزره معز الدولة ابو الحسين احمد بن بويه فبقى فى وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة اشهر وكان يقول الشعر الحسن وفيه الادب الوافر وكان يطرب على اصطناع الرجل ويهاج لذلك وكان له الحلم والأناة روى ابو اسحاق الصاغانى قال صاغ الوزير ابو محمد المهلبى دواة ومرفعا وحلاهما حلية ثقيلة وكانت طول ذراع وكسر فى عرض شبر فقدمت بين يديه وابو احمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازى جالس عن يمينه وانا جالس إلى جنبه فتذاكرنا سرا حسن الدواة فقال ابو احمد

ما كان احوجنى اليها لأبيعها فانتفع بثمنها فقلت فأى شىء يعمل الوزير قال يدخل فى حرأمه وسمع الوزير ما جرى بيننا باصغائه الينا ثم اجتمعت بأبى احمد من الغد فقال لى عرفت خبر الدواة قلت لا قال فانه جاءنى البارحة رسوله ومعه الدواة ومرفعها ومنديل وعشر قطع ثياب وخمسة آلاف درهم وقال الوزير يقول لك انا عارف بقصور المواد عنك وتضاعف المؤن عليك وقد آثرتك بهذه الدواة لما ظننت من استحسانك لها وجعلت معها ما تكتسى به وتصرفه فى بعض نفقتك فبقيت متعجبا من اتفاق ما تجارينا به وحدث هذا على اثره وتقدم الوزير بصياغة دواة اخرى فصيغت ودخلنا الى مجلسه وتركت بين يديه وهو يوقع منها فنظر الى والى ابى احمد ونحن نلحظها فقال هيه من منكما يريدها على الاعفاء من الدخول فاستحيينا وعلمنا انه كان قد سمع قولنا وقلنا بل يمتع الله الوزير منها ويبقيه ليهب الفا منها توفى ابو محمد المهلبى فى هذه السنة عن اربع وستين سنة ودفن فى مقابر قريش
10 - دعلج بن احمد بن دعلج
ابن عبد الرحمن ابو محمد السجستانى المعدل سمع الحديث ببلاد خراسان والرى وحلوان وبغداد والبصرة ومكة وكان من ذوى اليسار والمشهورين بالبر والافضال وله صدقات جارية ووقوف على اهل الحديث ببغداد ومكة وسجستان وكان قد جاور بمكة زمانا فجاءه قوم من العرب فقالوا ان اخالك من اهل خراسان قتل اخانا فنحن نقتلك به فقال اتقوا الله فان خراسان ليست بمدينة واحدة فاجتمع الناس فخلوا عنه فانتقل الى بغداد فاستوطنها وكان يقول ليس فى الدنيا مثل دارى وذاك انه ليس فى الدنيا مثل بغداد ولا ببغداد مثل القطيعة ولا فى القطيعة مثل درب ابى خلف وليس فى الدرب مثل دارى وحدث ببغداد عن عثمان بن سعيد الدارمى والحسن بن سفيان النسوى وابن

البراء والباغندى وعبد الله بن احمد وخلق كثير روى عنه ابن حيويه والدارقطنى وابن رزقويه وعلى وعبد الملك ابنا بشران وغيرهم وكان ثقة ثبتا مأمونا قبل الحكام شهادته وصنف له الدارقطنى كتبا منها المسند الكبير فكان اذا شك فى حديث ضرب عليه قال الدارقطنى لم ار فى مشائخنا اثبت منه
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى ابو القاسم الازهرى عن ابى عمر بن حيويه قال ادخلنى دعلج الى داره وارانى بدرا من المال معبأة فى منزله وقال يا ابا عمر خذ من هذا ما شئت فشكرت له وقلت له انا فى كفاية عنها ولا حاجة لى فيها
اخبرنا ابو منصور اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى محمد بن على بن عبد الله الحداد عن شيخ سماه قال حضرت يوم جمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور فرأيت رجلا بين يدى في الصف حسن الوقار ظاهر الخشوع دائم الصلاة لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد الى قرب قيام الليل ثم جلس فغلبتنى هيبته ودخلت قلبى محبته ثم اقيمت الصلاة فلم يصل مع الناس الجمعة فكبر على ذلك وتعجبت من حاله وغاظنى فعله فلما قضيت الصلاة تقدمت اليه وقلت ايها الرجل ما رأيت اعجب من امرك اطلت النافلة واحسنتها وتركت الفريضة وضيعتها فقال لى يا هذا ان لى عدوا وبى علة منعتنى من الصلاة قلت وما هى قال انا رجل على دين اختفيت فى منزلى مدة بسببه ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل ان تقام التفت فرأيت صاحبى الذى له الدين على ورآنى فمن خوفه احدثت فى ثيابى وهذا عذرى فأسألك بالله الاسترت على وكتمت امرى فقلت له ومن الذى له عليك الدين فقال دعلج بن احمد وكان الى جانبه صاحب لدعلج قد صلى وهو لا يعرفه فسمع هذا القول ومضى فى الوقت الى دعلج فذكر له القصة فقال له دعلج امض الى الرجل واحمله الى الحمام واطرح عليه خلعة من ثيابى واجلسه فى منزلى حتى انصرف من الجامع ففعل الرجل ذلك فلما انصرف دعلج الى منزله امر بالطعام فأحضر وأكل هو

والرجل ثم اخرج حسابه فنظر فيه فاذا عليه خمسة آلاف درهم فقال له انظر لا يكون عليك في الحساب غلط او نسى لك نقده فقال له الرجل لا فضرب دعلج على حسابه وكتب تحته علامة الوفاء ثم احضر الميزان ووزن له خمسة آلاف درهم وقال له اما الحساب الاول فقد احللناك مما بيننا وبينك فيه واسألك ان تقبل هذه الخمسةآلاف درهم وتجعلنا في حل من الروعة التى دخلت قلبك برؤيتك ايانا في المسجد الجامع
أخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى ابو منصور محمد بن محمد بن احمد العكبرى قال حدثنى ابو الحسين احمد ابن الحسين الواعظ قال اودع ابو عبد الله بن ابى موسى الهاشمى عشرة آلاف دينار ليتم فضاقت يده وامتدت اليها فانفقها فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال امر السلطان بفك الحجر عنه وتسليم ماله اليه وتقدم الى ابن ابى موسى بحمل المال ليسلم الى الغلام قال ابن ابى موسى فلما تقدم الى بذلك ضاقت على الارض بما رحبت وتحيرت فى امرى لا اعلم من اى وجه اغرم المال فبكرت من دارى وركبت بغلتى وقصدت الكرخ لا اعلم اين أتوجه وانتهت بى بغلتى الى درب السلولى ووقفت بى على باب مسجد دعلج بن احمد فثنيت رجلى ودخلت المسجد وصليت صلاة الفجر خلفه فلما سلم انفتل الى ورحب بى وقام وقمت معه ودخل الى داره فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها هريسة فقال يأكل الشريف فأكلت وانا لا احصل امرى فلما رأى تقصيري قال اراك منقبضا فما الخبر فقصصت عليه قصتى وانى انفقت المال فقال كل فان حاجتك تقضى ثم احضر حلوى فأكلنا فلما رفع الطعام وغسلنا ايدينا قال يا جارية افتحى ذلك الباب فاذا خزانة مملوءة زبلا مجلدة فأخرج الى بعضها وفتحها الى أن اخرج النقد الذى كانت الدنانير منه واستدعى الغلام والتخت والطيار فوزن عشرة آلاف دينار وبدرها وقال يأخذ الشريف هذه فقلت يثبتها الشيخ على فقال افعل وقد كاد عقلى يطير فرحا فركبت بغلتى وتركت الكيس على القربوس وغطيته بطيلسانى

وعدت الى دارى وانحدرت الى السلطان بقلب قوى وجنان ثابت فقلت ما أظن الا أنه قد استشعر فى انى قد اكلت مال اليتيم واستبددت به والمال فقد اخرجته فاحضر قاضى القضاة والشهود والنقباء وولاة العهود واحضر الغلام وفك حجره وسلم المال اليه وعظم الشكر لى والثناء على فلما عدت الى منزلى استدعانى احد الامراء من اولاد الخلافة وكان عظيم الحال فقال قد رغبت فى معاملتك وتضمينك املاكى بيادر ويا نهر الملك فضمنت ذلك بما تقرر بينى وبينه من المال وجاءت السنة ووفيته وحصل فى يدى من الربح ماله قدر كبير وكان ضمانى لهذه الضياع ثلاث سنين فلما مضت حسبت حسابى وقد تحصل فى يدى ثلاثون الف دينار فعزلت عوض العشرة آلاف دينار التى أخذتها من دعلج وحملتها اليه وصليت معه الغداة فلما انفتل من صلاته رأنى ونهض معى الى داره وقدم المائدة والهريسة فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب فلما قضينا الأكل قال لى خبرك حالك فقلت بفضل الله وبفضلك قد افدت بما فعلته معى ثلاثين الف دينار وهذه عشرة آلاف عوض الدنانير التى أخذتها منك فقال يا سبحان الله والله ما خرجت الدنانير عن يدى ونويت آخذ عوضها حل بها الصبيات فقلت له يا شيخ ايش اصل هذا المال حتى تهب لى عشرة آلاف دينار فقال اعلم انى نشأت وحفظت القرآن وسمعت الحديث وكنت اتبرز فوافانى رجل من تجار البحر فقال لى انت دعلج بن احمد فقلت نعم فقال قد رغبت فى تسليم مالى اليك لتتجربه فما سهل الله من فائدة كانت بيننا وما كان من جائحة كانت فى اصل مالى فسلم الى بارنامحات بالف الف درهم وقال لى ابسط يدك ولا تعلم موضعا تنفق فيه هذا المتاع الا حملته اليه ولم يزل يتردد الى سنة بعد سنة يحمل الى مثل هذا والبضاعة تنمى فلما كان فى آخر سنة اجتمعنا قال لى انا كثير الاسفار فى البحر فان قضى الله على بما قضاه على خلقه فهذا المال لك على ان تتصدق منه وتبنى المساجد وتفعل الخير فانا افعل مثل هذا وقد ثمر الله المال فى يدى فاسألك ان تطوى هذا

الحديث ايام حياتى توفى دعلج فى جمادى الآخرة من هذه السنة وهو ابن اربع او خمس وتسعين سنة

عبد الله بن جعفر بن شاذان
ابو الحسين البزاز من اهل الجانب الشرقى حدث عن الكديمى وابراهيم الحربى وعبد الله بن احمد روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
عبد الباقى بن قانع
ابن مرزوق ابو الحسن الاموى مولاهم سمع الحارث بن ابى اسامة وابراهيم الحربى روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وابو على بن شاذان وكان من اهل العلم والفهم والثقة غير انه تغير فى آخر عمره قال الدارفطنى كان يخطىء ويصر على الخطأ توفى فى شوال هذه السنة
محمد بن الحسن بن محمد
ابن زياد بن هارون بن جعفر ابو بكر المغزىء النقاش موصلى الاصل ويقال انه مولى ابى دجانة سماك بن خرشة ولد فى سنة ست وستين ومائتين وكان عالما بحروف القراآت حافظا للتفسير وله تصانيف فيهما سافر الكثير وكتب بالكوفة والبصرة ومكة ومصر والشام والجزيرة والموصل والجبال وبلاد خراسان وما وراء النهر وحدث عن اسحاق بن سنين الختلى وابى مسلم الكجى وخلق كثير روى عنه ابو بكر بن مجاهد والخلدى والدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه فى آخرين و آخر من حدث عنه ابو على بن شاذان وفى حديثه مناكير باسانيد مشهورة وقد كان يتوهم الشىء فيرويه وقد وثقه الدارقطنى على بعض ما أخطأ فيه فرجع عنه
أخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى عبيد الله ابن ابى الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر انه ذكر النقاش فقال كان يكذب فى

الحديث قال احمد وسالت عنه البرقانى فقال كل حديثه منكر
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت ابا الحسين ابن الفضل القطان يقول حضرت ابا بكر النقاش وهو يجود بنفسه فجعل يحرك شفتيه بشىء لا اعلم ما هو ثم نادى بعلو صوته لمثل هذا فليعمل العاملون يرددها ثلاثا ثم خرجت نفسه توفى النقاش فى يوم الثلاثاء ثانى شوال هذه السنة ودفن غداة الاربعاء فى داره وكان يسكن دار القطن

محمد بن سعيد ابو بكر الحربى
الزاهد يعرف بابن الضرير روى عنه ابن رزقويه وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا احمد بن سليمان بن على المغزىء اخبرنا عبد الواحد بن ابى الحسن الفقيه قال سمعت ابى يقول سمعت ابا بكر ابن الضرير الزاهد يقول دافعت الشهوات حتى صارت شهوتى المدافعة فحسب توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
محمد بن سهل بن عسكر
ابن عمارة ابو بكر البخارى حدث عن عبد الرزاق وغيره روى عنه ابراهيم الحربى وابن ابى الدنيا والبغوى وابن صاعد وكان ثقة توفى فى شعبان هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى اليوم العاشر من المحرم غلقت الاسواق ببغداد وعطل البيع ولم يذبح القصابون ولا طبخ الهراسون ولا ترك الناس ان يستقوا الماء ونصبت القباب فى الاسواق وعلقت عليها المسوح وخرج النساء منتشرات الشعور يلطمن في الاسواق واقيمت النائحة على الحسين عليه السلام
وفى نصف ربيع الاول ورد الخبر بأن الف رجل من الارمن صاروا الى

الرهافاستاقوا خمسة آلاف رأس من الغنم وخمسمائة من البقر والدواب واستأسروا عشرة انفس وانصرفوا موقرين
وفى جمادى الآخرة قلد ابو بشر عمر بن اكثم القضاء بمدينة السلام بأسرها على ان يتولى ذلك بلا رزق وخلع عليه ورفع عنه ما كان يحمله ابو العباس بن ابى الشوارب وامر أن لا يمضى شيئا من احكام ابى العباس وفى شعبان قلد قضاء القضاة
وفى شعبان مات الدمستق الذى فتح بلدة حلب واسمه نقفور
وفى ليلة الخميس ثامن عشر ذى الحجة وهو يوم غد يرخم اشعلت النيران وضربت الدبادب والبوقات وبكر الناس الى مقابر قريش قال ثابت بن سنان المؤرخ حدثنى جماعة من اهل الموصل ممن اثق به ان بعض بطارقة الأرمن انفذ فى سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة الى ناصر الدولة رجلين من الارمن ملتصقين بينهما خمس وعشرون سنة سليمين ومعهما ابوهما وان الالتصاق كان فى المعدة ولهما بطنان وسرتان ومعدتان واوقات جوعهما وعطشهما تختلف وكذلك اوقات البول والبراز ولكل واحد منهما صدر وكتفان وذراعان ويدان وفخذان وساقان وقدمان واحليل وكان احدهما يميل الى النساء والآخر يميل الى الغلمان وكان احدهما اذا دخل الى المستراح دخل قرينه معه وان ناصر الدولة وهب لهما الفى درهم واراد أن يحدرهما الى بغداد ثم انصرف رأيه عن ذلك
اخبرنا محمد بن أبى طاهر اخبرنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو محمد يحيى بن محمد بن فهد وأبو عمر احمد بن محمد الخلال قالا حدثنا جماعة كثيرة العدد من اهل الموصل وغيرهم ممن كنا نثق بهم ويقع لنا العلم بصحة ما حدثوا به لكثرته وظهوره وتواتره انهم شاهدوا بالموصل سنة نيف واربعين وثلثمائة رجلين انفذ هما صاحب ارمينية الى ناصر الدولة للأعجوبة منهما وكان لهما نحو من ثلاثين سنة وهما ملتزقان من جانب واحد ومن حدفويق الحقو الى دوين الابط

وكان معهما ابوهما فذكر لهم انهما ولداه كذلك توأما تراهما يلبسان قميصين وسراويلين كل واحد منهما لباسهما مفردا الا انهما لم يكن يمكنهما لالتزاق كتفيهما وايديهما فى المشى لضيق ذلك عليهما فيجعل كل واحد منهما يده التى تلىاخاه من جانب الالتزاق خلف ظهر أخيه ويمشيان كذلك وانما كانا يركبان دابة واحدة ولا يمكن احدهما المنصرف الا ان ينصرف الآخر معه وإذا اراد احدهما الغائط قام الآخر معه وان لم يكن محتاجا وان اباهما حدثهم انه لما ولدا ارادان يفرق بينهما فقيل له انهما يتلفان لأن التزاقهما من جنب الخاصرة وانه لا يجوز ان يسلما فتركهما وكانا مسلمين فاجازهما ناصر الدولة وخلع عليهما وكان الناس بالموصل يصيرون اليهما فيتعجبون منهما ويهبون لهما قال ابو محمد واخبرنى جماعة انهما خرجا الى بلدهما فاعتل احدهما ومات وبقى الآخر اياما حتى انتن واخوه حيي لا يمكنه التصرف ولا يمكن الاب دفن الميت الى ان لحقت الحى علة من الغم والرائحة فمات ايضا فدفنا جميعا وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الاطباء وقال هل من حيلة فى الفصل بينهما فسألهما الاطباء عن الجوع هل تجوعان فى وقت واحد فقال اذا جاع الواحد منا تبعه جوع الاخر بشىء يسير من الزمان وان شرب احدنا دواء مسهلا انحل طبع الآخر بعد ساعة وقد يلحق احدنا الغائط ولا يلحق الآخر ثم يلحقه بعد ساعة فنظروا فاذا لهما جوف واحد وسرة واحدة ومعدة واحدة وكبد واحد وطحال واحد وليس من الالتصاق اضلاع فعلموا انهما ان فصلا تلفا ووجدوا لهما ذكران واربع بيضات وكان ربما وقع بينهما خلاف وتشاجر فتخاصما اعظم خصومة حتى ربما حلف احدهما لاكلم الآخر اياما ثم يصطلحان

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
عمر بن اكثم
ابن احمد بن حيان بن بشر ابو بشر الاسدى ولد سنة اربع وثمانين ومائتين وولى

القضاء ببغداد فى ايام المطيع لله من قبل ابى السائب عتبة بن عبيد الله ثم ولى قضاء القضاة بعد ذلك وكان ينتحل مذهب الشافعى رحمه الله ولم يل قضاء القضاة من الشافعيين قبله غير ابى السائب فقط
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد ابن جعفر قال لما افتتح المطيع لله والامير معز الدولة احمد بن بويه البصرة فى سنة ست وثلاثين وثلثمائة خرج القاضي ابو السائب عتبة بن عبيد الله الى البصرة مهنيا لهما وكان يكتب له على الحكم عمر بن اكثم وكان قد نشأ نشوءا حسنا على صيانة تامة فقبل الحكام شهادته ثم كتب للقضاة واستخلفه ابو السائب عند خروجه على الجانب الشرقى ثم جمع البلد لأبى السائب وهو بالبصرة مع المطيع فكتب بذلك الى الحضرة واستخلفه على بغداد بأسرها فأجرى الامور مجاريها فظهرت منه خشونة فانحسم عنه الطمع ثم اصعد ابوالسائب الى الحضرة وعاد ابو بشر الى كتابته وكان جد ابيه حيان قد تقلد القضاء فى نواح كثيرة وتقلد اصبهان ثم تقلد الشرقية فنظرت فاذا ابوبشر قد جلس فى الشرقية فى الموضع الذى جلس فيه عند جد ابيه بعد مائة سنة وتوفى ابو بشر فى ربيع الاول من هذه السنة

محمد بن اسحاق بن مهران
المنقرى يعرف بشاموخ حدث عن ابى العباس البراثى والحسن بن الحباب وعلى ابن حماد الخشاب وحديثه كثير المناكير روى عنه يوسف بن عمر القواس وابن رزقويه وتوفى فى هذه السنة
محمد بن احمد بن موسى
ابن هارون بن الصلت ابو الطيب الاهوازى سكن بغداد وحدث بها عن ابى خليفة الفضل بن الحباب البصرى وغيره روى عنه الدارقطنى وكان صدوقا

وتوفى فى هذه السنة

محمد بن احمد بن يوسف
ابن جعفر ابو الطيب المغزىء يعرف بغلام ابن شنبوذ خرج من بغداد وتغرب وحدث بجرجان واصبهان عن ادريس بن عبد الكريم وابن شنبوذ وغيرهما وتوفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى عاشوراء مثل ما عمل فى السنة الماضية من تعطيل الاسواق واقامة النوح فلما اضحى النهار يومئذ وقعت فتنة عظيمة فى قطيعة ام جعفر وطريق مقابر قريش بين السنة والشيعة ونهب الناس بعضهم بعضا ووقعت بينهم جراحات
وورد الخبر بنزول جيش ضخم من الروم على المصيصة وفيه الدمستق واقام عليها سبعة ايام ونقب فى سورها نيفا وستين نقبا ولم يصل ودافعه اهلها وانصرف اذ قصرت به الميرة بعد أن اقام ببلاد الاسلام خمسة عشر يوما واحرق الدمستق المصيصة واذنة وطرسوس وذلك لمعاونتهم اهل مصيصة على الروم فظفر بهم الروم فقتلوا منهم نحو خمسة آلاف رجل وقتل اهل أذنة وطرسوس من الروم عددا كثيرا وقال الدمستق قبل انصرافه عن المصيصة يا اهل المصيصة انى منصرف عنكم لا لعجز عن فتح مدينتكم ولكن لضيق العلوفة وانا عائد اليكم بعد هذا الوقت فمن اراد منكم الهرب فليهرب قبل رجوعى فمن وجدته قتلته
وورد الخبر فى ربيع الاول ان الغلاء بانطاكية وسائر الثغور اشتد حتى لم يقدر على الخبز وانتقل من الثغور الى دمشق وغيرها خمسون الفا هربا من الغلاء وفى جمادى الاولى ورد الخبر بأن الهجر يين انفذوا سرية الى طبرية واستهدوا

من سيف الدولة حديدا فقلع ابواب الرقة وكانت من حديد وأخذ كل حديد وجد حتى أخذ صنجات الباعة والبقالين فبعثها اليهم حتى كتبوا اليه اننا قد استفنينا
وفى جمادى الآخرة اراد معز الدولة الاصعاد الى الموصل فانحدر الى الخليفة فودعه وخرج وروى هلال بن المحسن الصابى عن ابى الحسن ابن الخراسانى حاجب معز الدولة قال كنت مع معز الدولة بحضرة المطيع فلما تقوض المجلس قال لى قل للخليفة اريد أن اطوف الدار واشاهدها واتأمل صحونها وبساتينها فيتقدم الى من يمشى معى ويطيفنى فقلت له ذلك فتقدم الى خادمه شاهك وحاجبه ابن ابى عمر وفمشيا بين يديه وانا وراءهما بعدنا عن حضرة الخليفة فقالا له لا يجوز ان نتخرق الدار فى اكثر من نفسين او ثلاثة فاختر من تريد واردد الباقين فأخذ ابا جعفر الصيمرى معه ونحن عشرة من غلمانه وحجابه ووقف باقى الجند والحواشى فى صحن السلام ودخلنا ومضى الامير مسرعا فلحقته وجذبت قباءه من خلفه فالتفت الى فقلت له بالفارسية واصحاب الخليفة لا يعرفونها فى اى موضح انت حتى تسترسل هذا الاسترسال وتعدو من غير تحفظ ولا استظهار الا تعلم انه قد فتك فى هذا الدار بالف امير ووزيروما كان غرضك فى ان تطوف وحدك اليس لو وقف لنا عشرة نفر من الخدم او غيرهم فى هذه الممرات الضيقة لاخذونا فقال له الصيمرى قد صدقك فقال قد كان ذلك غلطا والآن فان رجعنا الساعة علم اننا قد فزعنا وخفنا وسقطنا بذلك من اعينهم وضعفت هيبتنا فى صدورهم ولكن احتفوا بى فان مائة من هؤلاء لا يقاومونا ونحن نسرع فى رؤية ما نراه قال فسعينا سعيا حثيثا وانتهينا الى دار فيها صنم من صفر على صورة امرأة وبين يديه اصنام صغار كالوصائف فرأينا من ذلك ما اعجبنا وتحير معز الدولة وسأل عن الصنم فقيل له هذا صنم حمل فى ايام المقتدر بالله من بلد من بلاد الهند لما فتح صاحب عمان ذلك البلد وقيل انه كان يعبد هناك فقال معز الدولة انى قد استحسنت هذا الصنم وشغفت به

ولو كانت مكانه جارية لاشتريتها بمائة الف دينار على قلة رغبتى فى الجوارى واريد أن اطلبه من الخليفة ليكون قريبا منى فأراه فى كل وقت فقال له الصيمرى لا تفعل فانه ينسبك فى ذلك الى ما ترتفع عنه قال وبادرنا بالخروج فما رجعت الينا عقولنا الا بعد اجتماعنا مع اصحابنا ونزل معز الدولة الطيار فقال لابى جعفر الصيمرى قد ازدادت محبتى للمطيع لله وثقتى به لأنه لو كان يضمر لى سوءا او يريده بى لكنا اليوم فى قبضته فقال الصيمرى الامر على ذلك وصعد معز الدولة الى داره وامر بحمل عشرة آلاف درهم الى نقيب الطالبيين ليفرقها فيهم شكر الله على سلامته

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
بكار بن احمد بن بكار
ابن بنان بن بكار بن زياد بن درستويه ابو عيسى المغزىء ولد فى صفر سنة خمس وسبعين ومائتين وحدث عن عبد الله بن احمد وغيره روى عنه ابو الحسن الحمامى وكان ثقة ينزل بالجانب الشرقى فى سوق يحيى وكان زائدا عن ستين سنة توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن عند قبر ابى حنيفة فى مقبرة الخيزران
ثوابة بن احمد بن ثوابة
ابن مهران بن عبد الله ابوالحسن الموصلى قدم بغداد وحدث بها عن ابى يعلى احمد ابن على بن المثنى وغيره روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان صدوقا وتوفى فى محرم هذه السنة
جعفر بن محمد
بن احمد ابن الحكم ابو محمد المؤدب الواسطى الاصل سمع الباغندى والكديمى وعبد الله ابن احمد روى عنه ابن رزقويه وابو على بن شاذان وكان ثقة كثير الحديث توفى في رمضان هذه السنة

شجاع بن جعفر
ابن احمد ابو الفوارس الوراق الواعظ كان يذكر انه من ولد ابى ايوب الانصارى وحدث عن عباس الدورى وابن ابى خيثمة والكديمى وروى عنه ابو على بن شاذان وتوفى فى هذه السنة
محمد بن اسمعيل بن موسى
ابن هارون ابو الحسين الرازى المكتب سكن بغداد بقصر عيسى وحدث عن ابى حاتم الرازى وابراهيم الحربى وغيرهما وهو ضعيف وله احاديث منكرة منها ما اخبرنا به عبد الرحمن اخبرنا ابو بكر الخطيب اخبرنا على بن احمد الرزاز اخبرنا محمد بن اسمعيل بن موسى حدثنا عمرو بن تميم بن سيار حدثنا هوذة بن خليفة عن ابن جريج عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان سركم ان تزكو صلاتكم فقدموا خياركم قال الخطيب هذا حديث منكر بهذا الاسناد ورجاله كلهم ثقات والحمل فيه على الرازى وكان ابو القاسم هبة الله بن الحسن الطبرى يكذبه فى روايته
محمد بن المهلب
ويلقب بندار ويكنى ابا الحسين الشيرازى كان الشبلى يعظمه وتوفى فى هذه السنة 26
محمد بن محمد بن الحسن ابو عبد الله التروغندى الطوسى صحب ابا عثمان
الحيرى وكان عالى الهمة له كرامات توفى فى هذه السنة
27 - محمد بن ابى الطيب
احمد بن ابى القاسم عبد الله بن محمد البغوى يكنى ابا الفتح حدث عن بشر بن موسى وجده البغوى وتوفى فى يوم السبت لاثنتى عشرة بقيت من المحرم من هذه السنة

ابو اسحاق الهجيمى
ولد فى
سنة
خمسين ومائتين وسمع الحديث واقسم لا يحدث او يجوز المائة فابر الله عز و جل قسمه فجازها وحدث فى المحرم سنة احدى وخمسين وثلاثمائة وتوفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربع وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل فى يوم عاشوراء ما جرت به عادة القوم من اقامة النوح وتعليق المسوح
وفى ليلة السبت الثالث عشر من صفر انكسف القمر كله
وفى ليلة الثلاثاء لعشر بقين من ربيع الآخر كبس مسجد براثا وقتل فى قوامه نفسان
وفى نيسان جاء برد كبار جدا حكى بعض من يوثق به انه وزن بردة فكان فيها مائة درهم
وفى يوم الاربعاء لاربع خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة تقلد ابو احمد الحسين بن موسى الموسوى نقابة الطالبيين بأسرهم سوى ابى الحسن ابن ابى الطيب وولده فانهم استعفوا منه فرد أمرهم الى ابى الحسن على بن موسى حمولى
وفى سحرة يوم السبت لثمان بقين من جمادى الاولى ماتت اخت معز الدولة فركب الخليفة المطيع لله فى طياره واصعد اليه الى بستان الصيمرى الذى ذكرناه انه بناه فى حوادث تلك السنة وكان صعود الخليفة اليه بسبب تعزيته باخته فلما بلغ معز الدولة صعود الخليفة اليه فى دجلة نزل اليه ووقف فى الدرجة ولم يكلفه الصعود فعزاه الخليفة فشكره معز الدولة وقبل الارض دفعات ثم

انحدر المطيع الى دارالخليفة
وورد الخبر ان ملك الروم جاءالى المصيصةففتحها وقتل من اهلها مقتلة عظيمة وساق من بقى وكانوا نحو مائتى الف وقد ذكرنا انه كان فى العام الماضى اتى نحوها ولم ينل طائلا منها لاجل قلة الميرة عليه وقال ما قال فلما كان فى هذه السنة وهى سنة اربع وخمسين وثلثمائة فتحها عنوة ومضى الى طرسوس طالبا لحصارها فأذعنوا بالطاعة فأعطاهم الامان فدخلها وأمرهم بالانتقال عنها فانتقلوا وجعل المسجد الجامع اصطبلا لدوابه ونقل ما فيه من القناديل الى بلده واحرق المنبر ثم امر بعمارتها فتراجع اهلها وتنصر بعضهم وفى هذه السنة جعل المسير بالحاج الى ابى احمد الحسين بن موسى النقيب وعمل يوم غدير خم ببغداد ما تقدم ذكره من اشعال النار فى ليلته وضرب الدبادب والبوقات وبكور الناس الى مقابر قريش

ذكر من توفى فى هذه السنة من الأكابر
احمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد
ابو الطيب الجعفى الشاعر المعروف المتنبى كان ابوه يعرف بعبدان قال شيخنا ابن ناصر سمعت ابا زكريا يقول سمعت ابا القاسم بن برهان يقول عبدان بفتح العين جمع عبدانة وهى النخلة الطويلة ومن قال عبدان بكسر العين فقد اخطأ ولد المتنبى بالكوفة سنة ثلاث وثلثمائة ونشأ بالشام فأكثر المقام بالبادية وطلب الادب وعلم العربيةوفاق اهل عصره فى الشعر واتصل بالامير ابى الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة فانقطع اليه واكثر القول فى مديحه ثم مضى الى مصر فمدح بها كافور الخادم الاخشيدى ثم ورد بعد ذلك بغداد
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن

التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابوالحسن محمد بن يحيى العلوى قال كان المتنبى وهو صبى ينزل فى جوارى بالكوفة وكان ابوه يعرف بعبدان السقاء يستقى لنا ولأهل المحلة ونشأ هو محبا للعلم والأدب وصحب الاعراب فجاءنا بعد سنين بدويا قحا وكان تعلم الكتابة والقراءة واكثر من ملازمة الوراقين فأخبرنى وراق كان يجلس اليه قال لى ما رأيت احفظ من هذا الفتى ابن عبدان قلت له كيف قال كان اليوم عندى وقد احضر رجل كتابا من كتب الاصمعى نحو ثلاثين ورقة ليبيعه فاخذ ينظر فيه طويلا فقال له الرجل يا هذا اريد بيعه وقد قطعتنى عن ذلك وان كنت تريد حفظه فهذا ان شاء الله يكون بعد شهر فقال له فان كنت قد حفظته فى هذه المدة مالى عليك قال اهب لك الكتاب قال فأخذت الدفترمن يده فاقبل يتلوه على الى آخره ثم استلمه فجعله فى كمه فقام صاحبه وتعلق به وطالبه بالثمن فقال ما الى ذلك سبيل قد وهبته لى فمنعناه منه وقلنا له انت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه قال المحسن وسألت المتنبى عن نسبه فما اعترف لى به وقال انا رجل اخبط القبائل واطوى البوادى وحدى ومتى انتسبت لم آمن ان يأخذنى بعض العرب بطائلة بينها وبين القبيلة التى انتسب اليها ومادمت غير منتسب الى احد فانا اسلم على جميعهم قال المحسن واجتمعت بعد موت المتنبى بعد سنين مع القاضى ابى الحسن بن ام شيبان الهاشمى وجرى ذكر المتنبىفقال كنت اعرف اباه بالكوفة شيخا يسمى عبدان يستقى على بعير له وكان جعفيا صحيح النسب فقال وكان المتنبى لما خرج الى كلب فأقام فيهم ادعى انه علوى حسنى ثم ادعى بعد ذلك النبوة ثم عاد يدعى انه علوى الى ان شهد عليه بالشام بالكذب فى الدعوتين وحبس دهرا طويلا واشرف على القتل ثم استتيب واشهد عليه بالتوبة واطلق قال المحسن وحدثنى ابوعلى بن ابى حامد قال سمعت خلقا كثيرا بحلب يحكون وابو الطيب المتنبى بها اذ ذاك انه تنبأ فى بادية السماوة ونواحيها الى ان خرج بها لؤلؤ اميرحمص فقاتله واسره وشرد من كان اجتمع اليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب وحبسه دهرا طويلا فأعتل

وكاد يتلف فسئل فى امره فاستتابه وكتب عليه ببطلان ما ادعاه ورجوعه الى الاسلام قال وكان قد تلا على البوادى كلاما ذكر انه قرآنا انزل عليه فمن ذلك والنجم السيار والفلك الدوار والليل والنهار ان الكافر لفى أخطار امض على سنتك واقف اثر من كان قبلك من المرسلين فان الله قامع بك زيغ من الحد فى دينه وضل عن سبيله قال وكان المتنبى اذا شوغب فى مجلس سيف الدولة تذكر ان له هذا القرآن وامثاله مما يحكى عنه فينكره ويجحده قال وقال ابن خالويه النحوى يوما فى مجلس سيف الدولة لولا ان الآخر جاهر لما رضى ان يدعى بالمتنبى لان متنبى معناه كاذب ومن رضى انه يدعى بالكذب فهو جاهل فقال له انا لست ارضى ان ادعى بهذا وانما يدعونى به من يريد الغض منى ولست اقدر على الامتناع قال المحسن فاما انا فسألته فى الاهواز سنة اربع وخمسين وثلثمائة عن معنى المتنبى فأجابنى بجواب مغالط لى وقال هذا شىء كان فى الحداثة اوجبته الصورة فاستحيينا ان استقصى عليه فأمسكت

ذكر مقتل المتنبى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت الحافظ قال حدثنى على بن ايوب قال خرج المتنبى من بغداد الى فارس فمدح عضد الدولة واقام عنده مديدة ثم رجع من شيراز يريد بغداد فقتل بالطريق بالقرب من النعمانية فى شهر رمضان وقيل فى شعبان من سنة اربع وخمسين وثلثمائة وفى سبب قتله ثلاثة اقوال احدها انه كان معه مال كثير فقتله العرب لأخذ ماله فذكر بعض العلماء انه وصل اليه من عضد الدولة اكثر من مائتى الف درهم والقصيدة قصيدته التى فيها ... ولو انى استطعت حفظت طرفى ... فلم ابصر به حتى اراكا ...
وفى آخرها
... وانى شئت يا طرقى فكونى ... اذاة او نجاحا او هلاكا ...
فجعل قافية البيت الهلاك فهلك وذلك انه ارتحل عن شيراز يحسن حال وكثرة

مال ولم يستصحب خفيرا فخرج عليه اعراب فحاربهم فقتل هو وابنه محمد وبقى من غلمانه وفاز الاعراب بأمواله وكان قتله بشط دجلة فى موضع يعرف بالصافية يوم الاربعاء لثلاث بقين من رمضان سنة اربع وخمسين وثلثمائة واسم قاتله فاتك بن ابى الجهل الاسدى والثانى ان سبب قتله كلمة قالها عن عضد الدولة فدس عليه من قتله وذكر مظفر بن على الكاتب قال اجتمعت برجل من بنى ضبة يكنى ابا رشيد فذكر انه حضر قتل المتنبى وانه كان صبيا حين راهق حينئذ وكان المتنبى قد وفد على عضد الدولة وهو بشيراز ثم صحبه الى الاهواز فأكرمه ووصله بثلاثة آلاف دينار وثلاث كساء فى كل كسوة سبع قطع وثلاثة افراس بسروج محلاة ثم دس عليه من سأله اين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة بن حمدان فقال المتنبى هذا اجزل الا انه عطاء متكلف وكان سيف الدولة يعطى طبعا فاغتاظ عضد الدولة لما نقل اليه هذا واذن لقوم من بنى ضبة فى قتله اذا انصرف قال فمضيت مع ابى وكنا فى ستين راكبا فكمنا فى واد فمر فى الليل ولم يعلم به فلما اصبحنا تبعنا اثره فلحقناه وقد نزل تحت شجرة كمثرى وعندها عين وبين يديه سفرة طعام فلما رآنا قام ونادى هلموا وجوه العرب فلم يجبه احد فأحس بالداهية فركب ومعه ولده وخمسة عشر غلاما له وجمعوا الرجال والجمال والبغل فلو ثبت مع الرجالة لم يقدر عليه ولكنه برز الينا يطاردنا قال فقتل ولده واخذ غلمانه وانهزم يسيرا يسيرا فقال له غلام له اين قولك ... الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلم ...
فقال له قتلتنى قتلك الله والله لا انهزمت اليوم ثم رجع كارا علينا فطعن زعيمنا فى عنقه فقتله واختلفت عليه الرماح فقتل فرجعنا الى الغنائم وكنت جائعا فلم يكن لى هم الا السفرة فأخذت آكل منها فجاء أبى فضربنى بالسوط وقال الناس فى الغنائم وانت مع بطنك اكفأ ما فى الصحاف واعطنيها فكفأت ما فيها ودفعتها وكانت فضة ورميت الدجاج والفراخ فى حجرتى والثالث ان

المتنبى هجم على ضبة الاسدى فقال ... ما انصف اليوم ضبه ... وامه الطرطبه ...
فبلغه فأقام له فى الطريق من قتله وقتل ولده وأخذ ما معه وكان ضبة يقطع الطريق ذكره هلال بن المحسن الصابى واشعاره فائقة الحسن محكمة الصناعة وقد ذكرت من منتخبها ابياتا كعادتى عند ذكر كل شاعر اذكره فمن ذلك قوله ... حاشى الرقيب فخانته ضمائره ... وغيض الدمع فانهلت بوادره ... وكاتم الحب يوم البين منهتك ... وصاحب الدمع لا تخفى سرائره ... يا من تحكم فى نفسى فعذبنى ... ومن فؤادى على قتلى يظافره ... تمضى الركائب والابصار شاخصة ... منها الى الملك الميمون طائره ... حلو خلائقه شوس حقائقه ... يحصى الحصى قبل ان يحصى مآثره ... تضيق عن جيشه الدنيا ولو رحبت ... كصدره لم تضق فيها عساكره ... وله ... لك يا منازل فى القلوب منازل ... اقفرت انت وهن منك اواهل ... يعلمن ذاك وما علمت وانما ... اولا كما يبكى عليه العاقل ... وانا الذى اجتلب المنية طرفه ... فمن المطالب والقتيل القاتل ... اثنى عليك ولو تشاء لقلت لى ... قصرت فالامساك عنى نائل ... لا تجسر الفصحاء تنشد ها هنا ... بيتا ولكنى الهزبر الباسل ... ما نال اهل الجاهلية كلهم ... شعرى ولا سمعت بسحرى بابل ... واذا أتتك مذمتى من ناقص ... فهى الشهادة لى بانى فاضل ... وله ... قد علم البين منا البين اجفانا ... تدمى والف فى ذا القلب احزانا ... قد كنت اشفق من دمعى على بصرى ... فاليوم كل عزيز بعدكم هانا ... تهدى البوارق اخلاف المياه لكم ... وللمحب من التذكار نيرانا ... اذا قدمت على الاحوال شيعنى ... قلب اذا شئت ان يسلاكم خانا

لا استزيدك فيما فيك من كرم ... انا الذى نام ان نبهت يقظانا ... وله ... كل يوم لك احتمال جديد ... ومسير للمجد فيه مقام ... واذا كانت النفوس كبارا ... تعبت فى مرادها الاجسام ... وله ... اجاب دمعى وما الداعى سوى طلل ... دعا فلباه قبل الركب والابل ... ظللت بين اصيحابى اكفكفه ... فظل يسفح بين العذر والعذل ... اشكو النوى ولهم من مقلتى ارق ... كذلك اشكو وما اشكو سوى الكلل ... وما صبابة مشتاق على امل ... من اللقاء كمشتاق بلا امل ... الهجر اقتل لى مما اراقبه ... انا الغريق فما خوفى من البلل ... قد ذقت شدة ايام ولذتها ... فما حصلت على صاب ولا عسل ... وقد ارانى الشباب الروح فى بدنى ... وقد أرانى المشيب الروح فى بدلى ... خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ... فى طلعة البدر ما يغنيك عن زحل ... وله ... لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقى ... وللحب مالم يبق منى وما بقى ... وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ... ولكن من يبصر جفونك يعشق ... وبين الرضى والسخط والقرب والنوى ... مجال لدمع المقلة المترقرق ... واحلى الهوى ما شك فى الوصل ربه ... وفى الهجر فهو الدهر يرجو ويتقى ... وما كمد الحساد مما قصدته ... ولكنه من يزحم البحر يغرق ... وله ... من الجاذر فى زى الاعاريب ... حمر الحلى والمطايا والجلابيب ... ان كنت تسأل شكا فى معارفها ... فمن بلاك بتسهيد وتعذيب ... كم زورة لك فى الاعراب خافية ... ادهى وقد رقدوا من زورة الذيب ... ازورهم وسواد الليل يشفع لى ... وانثنى وبياض الصبح يغرى بى

قد وافقوا الوحش فى سكنى مراتعها ... وخالفوها بتقويض وتطيب ... جيرانها وهم شر الجوار لها ... وصحبها وهم شر الا صاحيب ... فؤاد كل محب فى بيوتهم ... ومال كل اخيذ المال مسلوب ... افدى ظباء فلاة ما عرفن بها ... مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب ... ولا برزن من الحمام مائلة ... اوراكهن صقيلات العراقيب ... ومن هوى كل من ليست مموهة ... تركت لون مشيبى غير مخضوب ... كأن كل سؤال فى مسامعه ... قميص يوسف فى اجفان يعقوب ... انت الحبيب ولكنى اعوذ به ... من ان اكون محبا غير محبوب ... 30 على بن محمد بن احمد
ابن اسحاق بن البهلول ابو الحسن التنوخى ولد فى شوال سنة احدى وثلثمائة وكان حافظا للقرآن قرأ على ابى بكر ابن مقسم بحرف حمزة وقرأ على ابن مجاهد بعض القرآن وتفقه على مذهب ابى حنيفة وقرأ من النحو واللغة والاخبار والاشعار وقال الشعر وتقلد القضاء بالانبار وهيت من قبل ابيه ثم ولى من قبل الراضى بالله سنة سبع وعشرين القضاء بطريق خراسان ثم صرف وبقى الى ان قلده ابو السائب عتبة بن عبيد الله فى سنة احدى واربعين وهو يومئذ يتولى قضاء القضاة بالانبار وهيت واضاف له اليهما بعد مدة الكوفة ثم اقره على ذلك ابو العباس بن ابى الشوارب لما ولى قضاء القضاة مدة ثم صرفه ثم لما ولى عمر ابن اكثم قضاء القضاة قلده عسكر مكرم وايذج مدة وحدث فروى عنه المحسن ابن على التنوخى وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة

محمد بن الحسن بن يعقوب
ابن الحسن بن الحسين بن مقسم ابو بكر العطار المغزىء ولد سنة خمس وستين ومائتين وسمع ابا مسلم الكجى وثعلبا وادريس بن عبد الكريم الحداد

وغيرهم روى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وغيرهما وكان ثقة من اعرف الناس بالقراآت واحفظهم لنحو الكوفيين وله فى معانى القرآن كتاب سماه كتاب الانوار وما رأيت مثله وله تصانيف عدة ولم يكن له عيب الا انه قرأ بحروف تخالف الاجماع واستخرج لها وجوها من اللغة والمعنى مثل ما ذكر فى كتاب الاحتجاج للقرافى فى قوله تعالى فلما استياسوا منه خلصوا نجيا فقال لو قرىء خلصوا نجبا بالباء لكان جائزا وهذا مع كونه يخالف الاجماع بعيد من المعنى اذ لا وجه للنجابة عند يأسهم من اخيهم انما اجتمعوا ينتاحون وله من هذا الجنس من تصحيف الكلمة واستخراج وجه بعيد لها مع كونها لم يقرأ بها كثير وقد انكر العلماء هذا عليه وارتفع الامر الى السلطان فأحضره واستتابه بحضرة الفقهاء والقراء فأذعن بالتوبة وكتب محضر بتوبته وشهد عليه جماعة ممن حضر وقيل انه لم ينزع عن تلك الحروف وكان يقرىء بها الى ان مات
اخبرنا بو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على اخبرنا ابو الحسن على بن احمد المقرئى اخبرنا ابو طاهر عبد الواحد بن عمر بن ابى هاشم قال وقد نبغ فى عصرنا هذا فزعم ان كل ما صح عنده وجه فى العربية لحروف من القرآن يوافق خط المصحف فقراءته جائزة فى الصلاة فابتدع بقوله ذلك بدعة ضل بها عن قصد السبيل واورط نفسه فى مزلة عظمت بها جنايته على الاسلام واهله وحاول الحاق كتاب الله من الباطل مالا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه اذ جعل لأهل الالحاد فى دين الله بسىء رأيه طريقا الى مغالطة اهل الحق بتخير القراآت من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون التمسك بالاثر وقد كان ابو بكر شيخنا نشله من بدعته المضلة باستتابته منها وشهد عليه الحكام والشهود والمقبولين عند الحكام بترك ما اوقع نفسه فيه من الضلالة بعد ان سئل البرهان على صحة ما ذهب اليه فلم يأت بطائل ولم تكن حجته قوية ولا ضعيفة فاستوهب ابو بكر تأديبه من السلطان عند توبته ثم عاود فى وقتنا هذا

الى ما كان ابتدعه واستغوى من اصاغر المسلمين ممن هو فى الغفلة والغباوة ظنا منه ان ذلك يكون للناس دينا وان يجعلوه فيما ابتدعه اماما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو بكر احمد بن محمدالمستملى قال سمعت ابا احمد الفرضى غير مرة يقول رايت فى المنام كأنى فى المسجد الجامع اصلى مع الناس وكأن ابن مقسم قد ولى ظهره القبلة وهو يصلى مستدبرها فأولت ذلك مخالفته الأئمة فيما اختاره من القراآت توفى ابو بكر بن مقسم يوم الخميس لثمان خلون من ربيع الآخر من هذه السنة

محمد بن عبد الله بن ابراهيم
ابن عبدويه بن موسى ابو بكر المعروف بالشافعى ولد بجبل سنة ستين ومائتين وسكن بغداد وسمع محمد بن الجهم وابا قلابة الرقاشى والباغندى وخلقا كثيرا و كان ثقة ثبتا كثير الحديث حسن التصنيف قد روى الحديث قديما فكتب عنه فى زمان ابن صاعد روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وغيرهما من الائمة وآخر من روى عنه ابو طالب بن غيلان حدثنا ابن الحصين عن ابن غيلان عنه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال لما منعت الديلم ببغداد الناس ان يذكروا فضائل الصحابة وكتب سب السلف على المساجد كان الشافعى يتعمد فى ذلك الوقت املاء الفضائل فى جامع المدينة وفى مسجده بباب الشام حسبة وقربة وحدثنى الازهرى انه سمع ابن رزقويه لما حدث يقول ادركتنى دعوة ابى بكر الشافعى انه دعا الله لى بأن ابقى حتى احدث فاستجيب له فى توفى ابو بكر الشافعى فى ذى الحجة من هذه السنة
مكى بن احمد بن سعدويه
ابو بكر البرذعى احد الرحالة فى طلب الحديث وسمع من ابن منيع وابن صاعد وغيرهما وتوفى فى هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة خمس وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل فى عاشوراء ما جرت به عادة القوم من النوح وغيره وورد الخبر بأن بنى سليم قطعوا الطريق على قافلة المغرب ومصر والشام الحاجة الى مكة فى سنة اربع وخمسين وكانت قافلة عظيمة وكان فيها من الحاج التجار والمنتقلين من الشام الى العراق هربا من الروم ومن الامتعة نحو عشرين الف حمل منها دق مصر الف وخمسمائة حمل ومن امتعة المغرب اثنى عشر الف حمل وانه كان فى اعدال الامتعة من الاموال العين والورق ما يكثر مقداره جدا وكان لرجل يعرف بالخواتيمى قاضي طرسوس فيها مائة وعشرون الف دينار وان بنى سليم اخذوا الجمال مع الامتعة وبقى الناص رجالة مقطعا بهم كما اصاب الناس فى الهبير سنة القرمطى فمن الناس من عاد الى مصر ومنهم وهم الاكثر من تلف
وفى جمادى الآخرة وقع برفع المواريث الحشرية وغيرها وفى رجب تم الفداء بين اسيف الدولة والروم وتسلم سيف الدولة ابا فراس بن سعيد بن حمدان وابا الهيثم بن ابى حصين بن القاضي
وفى ليلة السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان انكسف القمر كله وغاب منكسفا
وكتب معز الدولة الى طاهرك بن موسى ان يبنى موضع الحبس الجديد ببغداد مارستانا وعمل على ان يقف عليه وقفا وافرد لذلك مستغلا بالرصافة ببغداد وضياعا بكلواذى وقطر بل وجرجرايا ترتفع بخمسة آلاف دينار وابتدأ طاهرك فبنى المسناة واتمها وابتدأ بالبناء داخلها فمات معز الدولة قبل ان يستتم ذلك
وفى يوم السبت لعشر خلون من شوال ورد الخبر بأن جيشا ورد من خراسان الى الرى قاصدا لغزو الروم وكانوا بضعة عشر الف رجل اتراك وغيرهم وان ركن الدولة حمل اليهم من الدواب والثياب والاطعمة شيئا كثيرا فقبلوه

فلما كان فى يوم من الايام ركب هؤلاء الغزاة الى منازل ابن العميد وزيرركن الدولة بالرى فقتلوا من وجدوا من الديلم ونهبوا دار أبى الفضل بن العميد وزير ركن الدولة وهرب بين ايديهم فحاربهم ركن الدولة فظفر بهم وقتل منهم نحوا من الف وخمسمائة فانكشفوا من بين يديه وأخذوا طريق آذربيجان فأنفذ معز الدولة ابا العباس بن سرخاب الى بغداد خوفا من أن يصير هؤلاء الغزاة اليها فيحدثوا حادثة ورسم له كيف يحترس
وفى هذه السنة حج بالناس ابو احمد النقيب وهو الذى حج بهم فى السنة الحالية

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحسين بن داود
ابن على بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب ابو عبد الله العلوى
اخبرنا زاهر بن طاهر ابو القاسم الشحامى قال انبأنا ابو عثمان اسمعيل بن عبد الرحمن الصابونى وابو بكر احمد بن الحسين البهقى وابو عثمان سعيد بن محمد وابو بكر محمد بن عبد العزيز قالوا اخبرنا الحاكم وعبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال كان الحسين بن داود شيخ آل رسول الله صلى الله عليه و سلم فى عصره بخراسان وسنى العلوية فى ايامه وكان من اكثر الناس صلاة وصدقة ومحبة لاصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم صحبته برهة من الدهر فما سمعته ذكر عثمان الا قال امير المؤمنين الشهيد رضى الله عنه وبكى وما سمعته ذكر عائشة الاقال الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله وبكى سمع من جعفر بن احمد الحافظ وعبد الله بن محمد بن شيرويه واكثر عن ابى بكر ابن خزيمة وابى العباس الثققى وهو من اجل بيت للحسنية واكثرهم اجتهادا بخراسان فان داود بن على كان المنعم على آل رسول الله صلى الله عليه و سلم فى عصره وعلى بن عيسى كان ازهد

العلوية فى عصره واكثرهم اجتهادا وكان عيسى يلقب بالفياض من كثرة عطاياه وكان محمد بن القاسم ينادم الرشيد ثم بعده المأمون وكان القاسم راهب آل محمد صلى الله عليه و سلم فى عصره والحسن بن زيد امير المدينة فى عصره واستاذ مالك بن انس وقدر روى عنه فى الموطأ توفى الحسين بن داود يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وثلثمائة بين الظهر والعصر وسمعته فى ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وثلثمائة يقول رأيت رؤيا عجيبة فسألناه عن الرؤيا فقال رأيت فى المنام كأنى على شط البحر فأذا انا بزورق كأنه البرق يمر فقالوا هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك السلام فما كان باسرع من ان رأيت زورقا آخر قد اقبل فقالوا هذا امير المؤمنين على بن ابى طالب فقلت السلام عليك يا ابت فقال وعليك السلام فما كان باسرع من ان جاء زورق آخر قد ظهر قالوا الحسن بن على فقلت السلام عليك يا ابت فقال وعليك السلام فما كان باسرع من ان جاز زورق آخر وليس فيه احد فقلت لمن هذا الزورق فقالوا هذا الزورق لك فما اتى عليه بعد هذه الرؤيا الا اقل من شهر حتى توفى

عبد الرحمن بن محمد
ابن متويه ابو القاسم الزاهد البلخى محدث بلخ فى عصره سمع من جماعة وقدم بغداد فى سنة خمسين وثلثمائة حاجا فانتخب عليه محمد بن المظفر وروى عنه ابن رزقويه والحمامى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
36 - محمد بن الحسين بن على ابن الحسن بن يحيى بن حسان ابن الوضاح ابو عبد الله الأنبارى يعرف بالوضاحى الشاعر انتقل الى خراسان فنزلها وسكن نيسابور وكان يذكر انه سمع الحديث من المحاملى وابن مخلد وابى روق روى عنه الحاكم ابو عبد الله النيسابورى شيئا من شعره وقال كان اشعر من فى وقته ومن شعره ... سقى الله باب الكرخ ربعا ومنزلا ... ومن حله صوب السحاب المجلجل

فلو ان باكى دمنة الدار باللوى ... وجارتها ام الرباب بمأسل ... رأى عرصات الكرخ او حل ارضها ... لأمسك عن ذكر الدخول فحومل ...
توفى محمد الوضاحى بنيسابور فى رمضان هذه السنة

محمد بن احمد بن هارون
ابن محمد الريوندى المعروف بابى بكر الشافعى اخبرنا زاهر بن طاهر انبانا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال سمع ابو بكر الشافعى مع ابى بكر بن اسحاق بن مندة من ابى عبد الله محمد بن ايوب واقرانه بالرى ثم لم يقتصر على ذلك وحدث بالمناكير وروى عن قوم لا يعرفون مثل ابى العكوك الحجازى وغيره فدخلت يوما على ابى محمد عبد الله بن محمد الثقفى فعرض على حديثا باسناد مظلم عن الحجاج بن يوسف قال سمعت سمرة بن جندب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من اراد الله به خيرا فقهه فى الدين فقلت هذا باطل فقال حدثنا به ابو بكر الشافعى فقلت هذا موضوع وانما يقرب به اليك لانك من ولد الحجاج فضحك فلما كان بعد ايام دخل المسجد شيخ لا اعرفه فصلى معى ثم قال جئت فى شىء اعرضه عليك اتعرفنى قلت لا قال انا ابو بكر الشافعى انما بعث بى ابو محمد القفى اليك لأعرض حديثى عليك فلا احدث الا بما ترى فقلت دع اولا ابو العكوك الحجارى واحمد بن عمرو الزنجانى فعندى ان الله تعالى لم يخلفهما ثم اعرض على اصولك لندبر فيها فقال الله الله في فانهما رأس المال كتبت عن ابى العكوك بمكة واحمد بن عمرو ببغداد فقلت اخرج اصولك عنهما ان كان الغلط منى وحدثته ان شيخنا شهد لك بالسماع معه من محمد بن ايوب فلو اقتصرت على ذلك كان اولى بك ففارقنى على هذا فكأننى قلت له زد فيما ابتدأت فانه زاد عليه توفى فى هذه السنة
محمد بن عمر بن سلم
ابن البراء بن سبرة بن سيار ابو بكر قاضى الوصل ويعرف بابن الجعابى ولد

سنة اربع وثمانين ومائتين وحدث عن يوسف القاضى وجعفر الفريابى وخلق كثير وكان احد الحفاظ المجودين صحب ابا العباس ابن عقدة وعنه أخذ الحفظ وله تصانيف كثيرة فى علوم الحديث روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه وكان ابو على الحافظ يقول ما رأيت فى البغداديين احفظ منه وقد رأى ابن صاعد وابا بكر النيسابورى وغيرهما
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى ابو الوليد الحسن بن محمد الدربندى قال سمعت محمد بن الحسين بن الفضل القطان يقول سمعت ابا بكر الجعابى يقول دخلت الرقة وكان لى ثم قمطر من كتب فانقذت علامى الى ذلك الرجل الذى كتبى عنده فرجع الغلام مغموما فقال ضاعت الكتب فقلت يا بنى لا تغتم فان فيها مائتا الف حديث لا يشكل على منها حديث لا اسنادا ولا متنا انبأنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن ابى على عن ابيه قال ما شاهدنا احفظ من ابى بكر الجعابى وسمعت من يقول انه يحفظ مائتى الف حديث ويجيب فى مثلها الا انه كان يفضل الحفاظ بأنه كان يسوق المتون بألفاظها واكثر الحفاظ يتسمحون فى ذلك وكان يزيد عليهم بحفظ المقطوع والمرسل والحكايات ولعله يحفظ من هذا قريبا مما يحفظ من الحديث المسند وكان اماما فى المعرفة بعلل الحديث وثبات الرجال ومعتلهم وضعفائهم واساميهم وانسابهم وكناهم ومواليدهم واوقات وفاتهم ومذاهبهم وما يطعن به على كل احد وما يوصف به من السداد وكان فى آخر عمره قد انتهى هذا العلم اليه حتى لم يبق فى زمانه من يتقدمه فيه فى الدنيا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن عبد الغالب الضراب قال سمعت ابا الحسن بن رزقويه يقول كان ابن الجعابى يملى فتمتلىء السكة التى يملى فيها والطريق ويحضره ابن المظفر والدارقطنى ولم يكن يملى الاحاديث كلها بطرقها الا من حفظه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الحسن بن محمد الاشقر قال سمعت القاضى ابا عمر القاسم بن جعفر الهاشمى يقول سمعت الجعابى يقول

احفظ اربعمائة الف حديث واذاكر بستمائة الف حديث قال المصنف رحمه الله كان الجعابى يتشيع ويسكن باب البصرة وسئل عن حديثه الدارقطنى فقال خلط وقال البرقانى كان صاحب غرائب ومذهبه معروف فى التشيع وقد حكى عنه قلة دين وشرب الخمر والله اعلم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى الازهرى ان ابن الجعابى لما مات صلى عليه فى جامع المنصور وحمل الى مقابر قريش فدفن بها وكانت سكينة نائحة الرافضة تنوح مع جنازته وكان اوصى ان تحرق كتبه فاحرق جميعها احرق معها كتب الناس كانت عنده وقال الأزهرى فحدثنى ابو الحسين بن البواب قال كان لى عند ابن الجعابى مائة وخمسون جزءا فذهبت فى جملة ما احرق توفى ابن الجعابى فى نصف رجب من هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة ست وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل فى يوم عاشوراء ما يعمله القوم من النوح وغيره وتوفى معز الدولة ابو الحسين
احمد بن بويه
وتولى ابنه عز الدولة ابو منصور بختيار وفى يوم الخميس لسبع خلون من شعبان خلع على القاضى ابى محمد عبيد الله بن احمد بن معروف وقلد القضاء بالجانب الغربى من بغداد ومدينة المنصور وحريم دار السلطان وقلد القاضى ابو بكر احمد بن سيار القضاء فيما بقى من الجانب الشرقى ببغداد وخلع عليهما وبعد مديدة قلد القاضى ابو محمد بن معروف الاشراف على الحكم والحكام
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
احمد بن بويه
ابوالحسين الملقب معز الدولة قد ذكرنا اخبار بويه واولاده فى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة وان احمد بن بويه كان يحتطب على رأسه ثم ملكوا البلاد

واستولوا عليها وقد ذكرنا احوال ابى الحسين ابن بويه وقدومه الى بغداد فى سنة اربع وثلاثين ودخلوله له على المستكفى وحمله المستكفى الى داره وغير ذلك من احواله الى انه اصعد الى بغداد وخلف بواسطة عسكره وغلمانه والحاجب الكبير سبكتكين على ان يعود بعد عشرين يوما الى واسط فمرض ببغداد ولحقه ذرب وضعف وكان لا يثبت فى معدته طعام فعهد الى ابنه بختيار ولما نزل به الموت امر ان يحمل الى بيت الذهب واستحضر بعض العلماء فتاب على يده فلما حضر وقت الصلاة خرج ذلك الرجل الى مسجد ليصلى فيه فقال له معز الدولة لم لا تصلى ها هنا فقال ان الصلاة فى هذه الدار لا تصح وسأله عن الصحابة فذكر سوابقهم وان عليا عليه السلام زوج ابنته ام كلثوم من عمر بن الخطاب فاستعظم ذلك وقال ما علمت بهذا وتصدق بأكثر ماله واعتق مماليكه ورد كثيرا من الظالم وبكى حتى غشى عليه وحكى ابوالحسين بن الشيبة العلوى قال بينا انا فى دارى على دجلة بمشرعة القصب فى ليلة ذات غيم ورعد وبرق سمعت صوت هاتف يقول ... لما بلغت ابا الحسين ... مراد نفسك فى الطلب ... وامنت من حدث الليالى ... واحتجبت عن النوب ... مدت اليك يدى الردى ... فأخذت من بيت الذهب ...
فأرخت الوقت وكان لأربع ساعات قد مضين من ليلة الثلاثاء سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلثمائة ثم اتصل المطراياما فلما انقشع الغمام وانتشر الناس شاع الخبر بأن معز الدولة توفى فى تلك الليلة وكانت امارته احدى وعشرين سنة واحد عشر شهرا وعمره ثلاث وخمسون سنة وكان قد سد فوهة نهر الرفيل وشق النهر وانات وعمل المغيض بالسندية ورد المواريث الحشرية الى ذوى الارحام

حامد بن محمد
ابن عبد الله بن محمد بن معاذ ابو على الرفاء الهروى سمع ببغداد والكوفة ومكة

وحلوان وهمذان والرى ونيسابور ثم قدم بغداد فحدث فسمع الناس منه بانتخاب الدارقطنى وكان ثقة وتوفى بهراة فى رمضان هذه السنة

عبد الخالق بن الحسن
ابن محمد بن نصر ابو محمد السقطى سمع الباغندى روى عنه ابن رزقويه وكان ثقة احد الشهود المعدلين وكان البرقانى يثنى عليه ويوثقه وتوفى فى رجب هذه السنة
عمر بن جعفر بن محمد
ابن سلم ابو الفتح الختلى ولد سنة احدى وسبعين ومائتين وسمع الحارث بن ابى اسامة والكديمى والحربى روى عنه ابن رزقويه وكان ثقة صالحا توفى فى شعبان هذه السنة ودفن فى مقبرة الخيزران
عثمان بن محمد بن بشر
ابو عمر السقطى المعروف بابن شنقة ولد سنة تسع وتسعين ومائتين وحدث عن اسمعيل القاضي وابراهيم الحربى روى عنه ابن رزقويه كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى وكان البرقانى يثنى عليه ويوثقه توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
على بن الحسين بن محمد
بن احمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان ابو الفرج الاصبهانى الكاتب حدث عن محمد بن عبد الله الحضرمى مطين وخلق كثير والغالب عليه رواية الاخبار والآداب وكان عالما بأيام الناس والسير وكان شاعرا وصنف كتبا كثيرة منها الاغانى وكتاب ايام العرب ذكر فيه الفا وسبعمائة يوم روى عنه الدارقطنى وكان يتشيع ومثله لا يوثق بروايته يصرح فى كتبه بما يوجب عليه الفسق وتهون شرب الخمر وربما حكى ذلك عن نفسه ومن تأمل كتاب الاغانى

رأى كل قبيح ومنكر توفى فى ذى الحجة من هذه السنة

على بن عبد الرحمن
الملقب سيف الدولة توفى فى صفر هذه السنة بعسر البول
محمد بن احمد بن محمد
ابن احمد بن حسنون ابو الحسين المعروف بابن النرسى ولد سنة سبع وستين ومائتين وسمع ابا حفص والكتانى وكان صدوقا ثقة من اهل القرآن حسن الاعتقاد ومات فى صفر هذه السنة ودفن فى مقبرة باب حرب
محمد بن ابراهيم
ابن محمد بن خالد بن عيسى ابو العباس يعرف بالشيرجى مروزى الاصل سمع جعفر بن محمد الفريابى وحدث عنه ابن رزقويه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قال محمد بن ابى الفوارس يقول مات ابوالعباس
محمد بن ابراهيم
المروزى لتسع بقين من ذى الحجة سنة ست وخمسين وثلثمائة وكان شيخا ثقة مستورا لا بأس به
محمد بن ابراهيم بن احمد
ابن ابى الحكم ابو عبد الله الختلى حدث عن ابى مسلم الكجى وغيره روى عنه ابو الحسين بن طلحة النعالى
محمد بن ابراهيم
الفروى سمع ابا مسلم الكجى وروى عنه ابو نعيم الاصبهانى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لى ابو نعيم هذا الشيخ من ولد اسحاق بن ابى فروة وكان شيخا له هيئة حسنة وهو ثقة

محمد بن ابراهيم بن العباس
ابن الفضيل ابو بشر الموصلى قدم بغداد سنة اثنتين وستين وثلثمائة وروى بها عن ابى يعلى الموصلى كتاب معجم شيوخه وسمع منه محمد بن ابى الفوارس
يوسف بن عمر
ابن ابى عمر محمد بن يوسف بن يعقوب بن اسمعيل بن حماد بن زيد ابو نصر الازدى ولد سنة خمس وثلثمائة وولى القضاء بمدينة السلام فى حياة ابيه وبعد وفاته وما زال رئيسا عفيفا نزها نبيلا بارعا فى الادب والكتابة فصيحا عارفا باللغة والشعر تام الهيبة ولا يعرف من القضاة اعرف فى القضاء منه ومن اخيه الحسين فانهما وليا القضاء بالحضرة وكذلك ابوهما عمر وجدهما محمد وابوه يوسف فأما يعقوب فانه ولى قضاء مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم تقلد فارس وما زال ابو نصر واليا على بغداد باسرها فى زمن الراضى الى السنة التى مات فيها الراضى فانه صرفه عن مدينة المنصور باخيه الحسين واقره على الجانب الشرقى والكرخ فلما مات الراضى صرف عن القضاء ببغداد وولى محمد بن عيسى المعروف بأبن أبىموسى الضرير
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى التنوخى قال انشدنى ابوالحسن احمد بن على البتى قال انشدنى ابو نصر يوسف بن عمر القاضى لنفسه ... يا محنة الله كفى ... ان لم تكفى فخفى ... ما آن ان ترحمينا ... من طول هذا النشفى ... ذهبت اطلب بختى ... فقيل لى قد توفى ... ثور ينال الثريا ... وعالم متخفى ... الحمد لله شكرا ... على نقاوة حرفى

توفى ابو نصر فى ذى القعدة من هذه السنة سنة 357 ثم دخلت سنة سبع وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل ببغداد يوم عاشوراء ما جرت عادة القوم من تعطيل الاسواق وتعليق المسوح والنوح وفى غدير خم جرت به عادتهم ايضا
وفى يوم الاثنين لثلاث بقين من ربيع الآخر صرف القاضى ابو محمد عبيد الله ابن معروف عن القضاء فى حريم دار السلطان وتقلده القاضى ابو بكر احمد بن سيار مضافا الى ما كان اليه من الجانب الشرقى وازيد ما كان الى ابن معروف من الاشراف على الحكام والاحكام
وفى ذى القعدة ورد الخبر بأن الروم سبوا من سواد انطاكية اثنى عشر الفا من المسلمين
وورد خبر الحاج بأن اكثر اهل الخراسانية هلكوا وهلكت جمالهم بالعطش ومن سلم منهم وهم الاقل ولم يلحق يوم عرفة ولم يتم لهم الحج وانما تم لنفر يسير من اهل بغداد ولم يرد من مصر غير الامام ونفسين معه ولم يحج من اهل الشام احد وورد من اليمن نفر يسير
وفى تشرين الثانى عرض للناس الماشر و وجع الحلق وكثر الموت فجاءه

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
ابراهيم المتقى لله
امير المؤمنين ابن المقتدر كان قد الجىء الى خلع نفسه على ما ذكرنا فى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة ثم عاش بعد ذلك الى ان توفى فى شعبان هذه السنة وعمره يومئذ ستون سنة وايام

الحسين بن محمد
ابن عبيد بن احمد بن مخلد بن ابان ابو عبد الله الدقاق المعروف بابن العسكرى كان ينزل درب الشاكرية من الجانب الشرقى بنهر معلى حدث عن محمد بن عثمان بن ابى شيبة وابن مسروق روى عنه الازهرى والجوهرى والحلال وابو على الواسطى والازجى والتنوخى قال العتيقى كان ثقة امينا وقال ابن ابى الفوارس كان فيه تساهل توفى فى شوال هذه السنة
عبد الرحمن بن العباس
ابن عبد الرحمن بن زكريا ابو القاسم الفامى والد ابى طاهر المخلص سمع الكديمى والحربى وابا شعيب الحرانى ويوسف القاضى روى عنه ابن رزقويه وابو نعيم وكان ثقة واصابه طرش فى آخر عمره وتوفى فى رمضان هذه السنة
عمر بن جعفر
ابن عبد الله بن ابى السرى ابو حفص البصرى الحافظ ولد سنة ثمانين ومائتين وكان الناس يكتبون بافادته ويسمعون بانتخابه على الشيوخ ويقولون هو موفق فى الانتخاب وحدث عن أبى خليفة الفضل بن الحباب وزكريا الساجى والباغندى والبغوى وابن صاعد وروى عنه ابن رزقويه وقد ضعفه قوم
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال كان الدارقطنى يتبع خطأ عمر البصرى فيما انتقاه عن ابى بكر الشافعى خاصة وعمل فيه رسالة فاعتبرتها فرأيت جميع ما ذكره من الاوهام يلزم عمر غير موضعين او ثلاثة وجمع ابو بكر الجعابى اوهام عمر فيما حدث به ونظرت فى ذلك فرأيت اكثر قد حدث به عمر على الصواب بخلاف ما حكى عنه الجعابى سمعت البرقانى يقول كان عمر قد انتخب على ابن الصواف احسبه قال نخوا من عشرين جزءا فقال الدارقطنى تنتخب على ابن الصواف هذا القدر حسب وهوذا انتخب عليه تمام المائة جزء ولا يكون فيما انتخبه حديث واحد فيما انتخبه عمر ففعل ذلك توفى عمر فى جمادى الاولى

عثمان بن الحسين
ابن عبد الله ابو الحسن التميمى الخرقى حدث بمصر ودمشق عن جعفر الفريابى والبغوى وغيرهما وكان ثقة مأمونا توفى ببغداد فى درب سليمان
محمد بن اسحاق بن يعقوب
ابن اسحاق ابو بكر الشيبانى الطبرى قدم بغداد حاجا فى سنة خمسين وثلثمائة وحدث بها عن ابن رزقويه وغيره
محمد بن احمد
ابن على بن مخلد بن ابان ابو عبد الله الجوهرى المحتسب يعرف بابن المحرم كان احد غلمان محمد بن جرير الطبرى وحدث عن محمد بن يوسف بن الطباع والكديمى وغيرهما وروى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو القاسم الازهرى حدثنا عبيد الله بن عمر البقال قال تزوج شيخنا ابن المحرم قال فما حملت المرأة الى جلست فى بعض الايام على العادة اكتب شيئا والمحبرة بين يدى فجاءت امها فأخذت المحبرة فلم اشعر حتى ضربت بها الارض وكسرتها فقلت لها فى ذلك فقالت بس هذه شر على ابنتى من ثلثمائة ضرة
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سألت ابا بكر البرقانى عن ابن المحرم فقال لا بأس به وسمعت محمد بن ابى الفوارس وقد سئل عنه فقال ضعيف وقال ولد سنة اربع وستين ومائتين ومات فى ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وثلثمائة وكان يقال فى كتبه احاديث مناكير ولم يكن عندهم بذاك

محمد بن جعفر
ابن احمد بن عيسى ابو الطيب الوراق يعرف بابن الكدوش سمع حامد بن محمد بن شعيب البلخى وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابورى وغيرهما وحدث فروى عنه عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال محمد بن ابى الفوارس سنة سبع وخمسين وثلثمائة فيها مات ابو الطيب محمد بن جعفر يعرف بابن الكدوش يوم الاحد لاحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى ومولده سنة ثمانين ومائتين وكان صاحب كتاب وكان ثقة مأمونا مستورا حسن المذهب سمع منه
محمد بن جعفر
ابن دران بن سليمان بن اسحاق بن ابراهيم ابو الطيب يلقب غندرا سمع ابا خليفة الفضل بن الحباب وابا يعلى الموصلى وغيرهما ولقى الجنيد واقرانه وروى عنه الدارقطنى والكتانى وانتقل الى مصر فسكنها وتوفى بها فى هذه السنة وقيل فى سنة ثمان وخمسين
محمد بن الحسين
ابن على بن ابراهيم ابو سليمان الحرانى سكن بغداد وحدث بها عن ابى خليفة وعبدان الاهوازى وابى يعلى الموصلى وغيرهم من اهل الشام ومصر كتب عنه بانتخاب الدارقطنى
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال قال محمد بن ابى الفوارس ابو سليمان الحرانى كان مولده بحران ثم انتقل الى نصيبين فاقام بها وكان شيخا ثقة مستورا حسن المذهب توفى فى يوم الثلاثاء لعشر بقين من رمضان سنة سبع وخمسين وثلثمائة

سنة
ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه جرى يوم عاشوراء ما جرت به عادة الشيعة من تعطيل الاسواق واقامة النوح وكذلك فعلوا فى يوم غدير خم
وفى هذه السنة وقع الغلاء وبيع الكر بتسعين دينارا وكان الخبر يعدم وورد الخبر بأن الروم دخلوا كفر توثا فسبوا وقتلوا ثمانمائة انسان ومضوا الى حمص فوجدوا اهلها قد انتقلوا عنها فأحرقوها ونكسوا فى الثغور وسبى نحو من مائة الف انسان فارسي
وفى جمادى الاولى خرج ابو عبد الله بن أبى بكر الآدمى القارى من منزله وأخذ من بعض الصيارف فوق الألف درهم وفقد اربعة ايام لم يعرف له خبر فلما كان يوم الجمعة لاحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الاولى وجد ميتا مطروحا فى الصراة بسرا ويله وخاتمه على اصبعه وليس به جراحة ولا أثر خنق ولا غرق وانما طرح فى الماء بعد أن مات
ودخل جوهر الى مصر يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وخمسين وخطب لبنى عبيد فى الجانبين بفسطاط مصر وسائر اعمالها يوم الجمعة لعشر ليال بقين من شعبان هذه السنة وكان الخاطب فى هذا اليوم عبد السميع بن عمر العباسى

وفى ذى الحجة نقل الامير عز الدولة معز الدولة من داره الى تربة بنيت له فى مقابر قريش

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحسن بن علان
ابن ابراهيم بن مروان ابو على الخطاب الفامى ولد سنة اربع وثمانين ومائتين وحدث عن ابى خليفة وجعفر الفريابى حدث عنه ابو نعيم وقال هو ثقة وقال ابن ابى الفوارس كان كثير الحديث ثقة مستورا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
الحسن بن محمد
ابن يحيى بن جعفر ابو محمد العلوى حدث ببغداد فسمع منه ابن رزقويه وابو على ابن شاذن توفى فى هذه السنة وروى احاديث منكرة
الحسن بن محمد
ابن احمد بن كيسان ابو محمد الحربى روى عن اسمعيل بن اسحاق القاضى وغيره

روى عنه ابو على بن شاذان وابو نعيم الاصبهانى وقال كان ثقة توفى فى شوال هذه السنة

حيدرة بن عمر ابو الحسن الزندوردى احد الفقهاء على مذهب داود بن على
الظاهرى توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن فى مقابر الخيزران
عبيد الله بن احمد
ابن محمد ابو الفتح النحوي يعرف بجخجخ سمع البغوى وابن دريد روى عنه محمد
بن ابى الفوارس وكان ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
كافور الخادم
استولى على مصر والشام بعد موت سيده وكان سيده ابو بكر محمد بن طنج الاخشيد وكان سيده الاخشيد قد اشتراه بثمانية عشر دينارا وهو الذى قصده المتنبى ومدحه وقد تأملت مدائح المتنبى له فرأيت فيها الكلام موجها يحتمل المدح ويحتمل الذم ولعل المتنبى لعب بعقل ذلك الخادم فأن قوله ... قواصد كافور توارك غيره ...
لا شك ان من يقصد شيئا فقد ترك غيره ولا شك من قصد البحر استقل السواقيا ولكن من لنا انه اراد انك انت البحر وكذلك قوله عدوك مذموم بكل لسان يحتمل انه لا يعاديك الا مثلك ومثلك مذموم وقوله لله سرفى علاك يحتمل أن القضاء جرى بولاية مثلك لا انك تستحق ويقوى هذا الظن انه كان يخرج من عنده فيهجوه وقال ابو جعفر بن مسلم بن طاهر العلوى ما رأيت اكرم من كافور كنت اسايره يوما وهو فى موكب خفيف يريد التنزه وبين يديه عدة جنائب بمراكب ذهب وفضة وخلفه بغال الموكب فسقطت مقرعته من يده ولم يرها ركابيته فنزلت عن دابتى وأخذتها من الارض ودفعتها اليه فقال ايها الشريف اعوذ بالله من بلوغ الغاية ما ظننت ان الزمان

يبلغنى الى أن تفعل بى انت هذا وكاد يبكى فقلت انا صنيعة الاستاذ ووليه فلما بلغ باب داره ودعنى فلما سرت التفت فاذا انا بالجنائب والبغال كلها فقلت ما هذا قالوا امر الاستاذ بحمل هذا اليك فأدخلته دارى وكانت قيمته تزيد على خمسة عشر الف دينار ولى كافور مصر والشام اثنتين وعشرين

سنة
وخطب فيها للعلويين وتوفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة تسع وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم عاشوراء فعلت الشيعة ما هو عادتهم من تعطيل الاسواق واقامة النوح واللطم
وورد الخبر فى المحرم بأن الروم وردوا مع تقفور فاحاطوا طوابسور انطاكية وملكوا البلد واخرجوا المشائخ والعجائز والاطفال من البلد وقالوا لهم امضوا حيث أردتم واخذوا الشباب من النساء والغلمان والصبيان فحملوهم على وجه السبى وكانوا اكثر من عشرين الف رجل وكان تقفور ملك الروم قدعثى وقهر بلادا كثيرة من بلاد الاسلام وعظمت هيبته وكان قد تزوج امرأة الملك الذى قبله على كره منها وكان لها ابنان من الملك فعمل تقفور على ان يخصيهما ويهديهما الى البيعة ليستريح منهما ومن ان يكون لهما نسل للملك فبلغ ذلك زوجته فقلقت وارسلت فى انه يسيرا اليها فى زى النساء ومعهما جماعة تثق بهم فى مثل زيهما واوهمت زوجها ان نسوة من اهلها زاروها فى ليلة الميلاد فجؤا وهو نائم فقتلوه واجلس فى الملك الاكبر من ولديها
وفى ربيع الاول صرف القاضى ابو بكر احمد بن سيار عن القضاء فى حريم دار السلطان ورد الى ابى محمد بن معروف
وفى ربيع الآخر ورد الخبر بأن الهجريين نادوا ان لا تخرج قافلة من البصرة الى بلد هجر ولا الى الكوفة فى البرية ولا الى مكة فمن فعل ذلك فلا ذمام له ونقصت دجلة فى هذه السنة نقصانا مفرطا وغارت الآبار وفى ذى الحجة

انقض كوكب عظيم فى اول الليل اضاءت منه الدنيا حتى صار كانه شعاع الشمس وسمع فى انقضاضه صوت كالرعد الشديد وحج بالناس ابو احمد النقيب

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
حبيب بن الحسن
ابن داود بن محمد بن عبد الله ابو القاسم القزاز سمع ابا مسلم الكجى والحسن بن علويه فى جماعة روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه وابو محمد وقال كان ثقة
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى الازهرى عن محمد بن العباس بن الفرات قال كان حبيب القزاز مستورا دفن فى الشونيزية وذكر ان قوما من الرافضة اخرجوه من قبره ليلا وسلبوه كفنه الى ان اعاد له ابنه كفنا واعاد دفنه وقال محمد بن ابى الفوارس توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة وكان ثقة مستورا حسن المذهب
على بن بندار
ابن الحسين ابو الحسن صحب بنيسابور ابا عثمان وابا حفص وبسمرقند محمد ابن الفضل وببلخ محمد بن حامد ويجوزجان ابا على الجوزجانى وبالرى يوسف بن الحسين وببغداد الجنيد وريما وسمنون وابن عطاء والجريرى وبالشام ابا عبد الله ابن الجلاء وبمصر الدقاق والروذبارى وروى الحديث وكان يتكلم على مذهب الصوفية وتوفى فى هذه السنة
محمد بن ابراهيم بن احمد
ابن محمد الاستراباذى كتب الحديث الكثير وخرج ودون الابواب والمشائخ سمع جماعة وتوفى فى هذه السنة
محمد بن احمد بن الحسن
ابن اسحاق بن ابراهيم بن عبد الله ابو على ابن الصواف ولد فى شعبان سنة سبعين

ومائتين وسمع اسحاق بن الحسن الحربى وبشر بن موسى وعبد الله بن احمد بن حنبل وغيرهم روى عنه الدارقطنى وغيره من المتقدمين ومن المتأخرين وابن رزقويه وابن بشران وابن ابى الفوارس وابو نعيم الاصبهانى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال سمعت محمد بن ابى الفوارس يقول سمعت ابا الحسن الدارقطنى يقول ما رأت عيناى مثل ابى على ابن الصواف ورجل آخر بمصر لم يسمه ابو الفتح قال ابو الفتح و مات لثلاث خلون من شعبان

سنة
تسع وخمسين وثلثمائة وله يوم مات تسع وثمانون سنة وكان ثقة مأمونا من اهل التحرز ما رأيت مثله فى التحرز
محارب بن محمد
ابن محارب ابو العلاء القاضى الشافعى من ولد محارب بن دثار حدث عن جعفر الفريابى وغيره وكان ثقة عالما صدوقا وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم عاشوراء فعلت الشيعة ما جرت به عادتهم من النوح واللطم وتطيل الاسواق
وورد كتاب ابى احمد الحسين بن موسى نقيب الطالبيين من مكة بتمام الحج فى سنة تسع وخمسين وانه لم يرد احد من قبل المغربى وان الخطبة اقيمت للمطيع لله وللهجريين من بعده وانه علق القناديل التى حملها معه خارج البيت وكان واحد منها ذهب وزنه ستمائة مثقال والباقى فضة مدة خمسة ايام حتى رآها الناس ثم ادخلت الى البيت وانه نصب الاعلام الجدد التى حملت معه وعليها اسم الخليفة وفى
اول صفر لحق المطيع سكتة آل الامر فيها الى استرخاء جانبه الايمن وثقل لسانه
وفى جمادى الآخرة ظهر جراد صغير فنسفتها الريح فصارت الارض مفروشة به

وفى شعبان تقلد ابو محمد ابن معروف قضاء القضاة وصرف ابو بكر ابن سيار من الجانب الشرقى وركب معه الوزير ابو الفضل الشيرازى وكان هذا الوزير قد اطلق من حبسه وخلع عليه خلع الوزارة وقبل ابن معروف شهادة ابى سعيد الحسن بن عبد الله السيرافى واستخلفه على الحكم من الجانب الشرقى وقيل ايضا شهادة ابى الحسن على بن عيسى الرمانى النحوى ووثبت العامة بالمطهر بن سليمان فى جامع المدينة و نسبوه الى القول بخلق القرآن

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
سليمان بن احمد الطبرانى اللخمى
ولخم قبيلة نزلت باليمن وبالشام وطبرية موضع بينه وبين بيت المقدس فرسخان فيه ولد عيسى عليه السلام يقال له بيت لحم بالحاء المهملة وكان سليمان من الحفاظ والاشداء فى دين الله تعالى وله الحفظ القوى والتصانيف الحسان وتوفى باصبهان فى هذه السنة ودفن بباب مدينة اصبهان الى جانب قبر حممة الدوسى صاحب النبي صلى الله عليه و سلم
عمر بن احمد
ابن محمد بن حمة ابو حفص الخلال كان احد الشهود المعدلين وحدث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
محمد بن احمد
ابن ابراهيم ابو عبد الله الاصبهانى سكن بغداد وحدث بها عن محمد بن على بن مخلد والحسن بن محمد الداركى وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال سالت ابا نعيم عن هذا الشيخ فقال سمعت منه ببغداد وهو ثقة قال احمد وحدثت عن ابى الحسن ابن الفرات قال توفى ابو عبد الله الاصبهانى فى ذى القعدة سنة ستين وثلثمائة

وكان ثقة جميل الأمر ذا هيئة
محمد بن احمد بن عثمان ابن العبنر بن عثمان بن عبد الجبار ابو نصر المروزى قدم بغداد فحدث بها فى سنة اربع وخمسين وثلثمائة عن محمد بن خزيمة وابى العباس السراج وغيرهما فروى عنه الدارقطنى
محمد بن جعفر
ابن محمد بن الهيثم بن عمران بن يزيد ابو بكر البندار انباري الاصل ولد فى شوال سنة سبع وستين ومائتين وقيل ثمان وستين وسمع من احمد بن الخليل البرجلانى ومحمد بن ابى العوام الرياحى وجعفر بن محمد الصائغ وابى اسمعيل الترمذى وهو آخر من حدث عنهم
اخبرنا القزاز اخبرنا الحطيب قال سألت البرقانى عن ابن الهيثم فقلت هل تكلم فيه احد فقال لا وكان سماعه صحيحا بخط ابيه وقال محمد بن ابى الفوارس توفى يوم عاشوراء فجاءه وكان عنده اسناد انتقى عليه عمر البصرى وكان قريب الامر فيه بعض الشىء وكان له اصول بخط ابيه جياد

محمد بن الحسين
ابن عبد الله ابو بكر الآجرى سمع ابا مسلم الكجى وابا شعيب الحرانى وجعفر الفريابى وخلقا كثيرا وكان ثقة صدوقا دينا وله تصانيف كثيرة وحدث ببغداد قبل سنة ثلاثين وثلثمائة ثم انتقل الى مكة فسكنها الى ان مات بها فى هذه السنة اخبرنا محمد بن ابي طاهر البزاز عن ابيه قال حكى لنا ابو سهل محمود بن عمر العكبرى قال لما وصل ابو بكر الآجرى الى مكة استحسنها واستطابها فتحسن فى نفسه ان قال اللهم احينى فى هذه البلدة ولو سنة فسمع هاتفا يقول يا ابا بكر لم سنة بل ثلاثين سنة فلما كان فى سنة الثلاثين سمع هاتفا يقول يا ابا بكر قد وفينا بالوعد فمات تلك السنة

محمد بن جعفر
ابن محمد بن مظفر ابو عمر والزاهد سمع الكثير ورحل الى البلاد وكان له ضبط واتقان وورع فسمع بنيسابور ابراهيم بن ابى طالب ونظراءه وبالرى محمد بن ايوب البجلى وأقرانه وببغداد جعفر الفريابى وامثاله وبالكوفة عبد الله بن محمد ابن سوار وطبقته وبالبصرة ابا خليفة القاضى وبالاهواز عبدان بن احمد وبالحجاز احمد بن يزيد واقرانه وروى عنه الحفاظ وكان صابرا على الفقر وكان يتجمل بثياب للجمعات ثم ينصرف فيلبس فروا فى الشتاء ويقعد فى مسجده فيعمل ما فيه مصالح الفقراء ويضرب اللبن لقبورهم ويأكل رغيفا بجزرة او بصلة ويحيى الليل وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة وهو ابن خمس وتسعين سنة
محمد بن داود
ابو بكر الصوفى ويعرف بالرقى اصله من الدينور واقام ببغداد مدة ثم انتقل الى دمشق فسكنها وتوفى بها فى جمادى الاولى من هذه السنة وقرأ على ابن مجاهد وسمع الحديث من محمد بن جعفر الخرائطي وصحب ابا عبد الله بن الجلاء والدقاق وعمر فوق المائة سنة
محمد بن صالح
ابن على بن يحيى ابو الحارث الهاشمى يعرف بابن ام شيبان وهو اخو القاضى ابى الحسن محمد بن صالح وكان الاصغر سمع يحيى بن صاعد وغيره ودرس فقه مالك وحدث بخراسان ودخل بخارا فقلد قضاء نسا وتوفى ببغداد وقيل ببخارا فى هذه السنة
محمد بن فرخان
ابن روزبه ابو الطيب الدورى قدم بغداد وحدث بها عن ابيه احاديث منكرة وروى عن الجنيد وابن مسروق وكان فيه ظرف ولياقة غير انهم يتهمونه بوضع الحديث

سنة
ثم دخلت سنة احدى وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل ببغداد ما قد صار الرسم به جاريا فى كل يوم عاشوراء من غلق الاسواق وتعطيل البيع والشراء وتعليق المسوح
وانقض فى ليلة الاربعاء تاسع صفر كوكب عظيم له دوى كدوى الرعد وفى جمادى الآخرة مات ابو القاسم سعيد بن ابى سعيد الجنابى بهجر وقام من بعده بالامر اخوه ابو يعقوب يوسف ولم يبق من اولاد ابى سعيد الجنابى غيره وعقد القرامطة الامر بعد ابى يعقوب لستة نفر من اولادهم شركة بينهم وفى هذه السنة وردت كتب الحاج بأن بنى هلال اعترضوهم فقتلوا خلقا كثيرا فبطل الحج ولم يسلم الا من مضى مع الشريف ابى احمد الموسوى على طريق المدينة وتم حجهم
حاشية فى ب بخط مختلف وفيها خروم ونصها
وفى سنة احدى وثلاثين سار المعز لدين الله من القيروان بعد أن ولى جميع اعمال المغرب لمن يثق بهم وسير جوهر اليه ابا جعفر احمد بن نصر بالهدايا من مصر ووفد اليه القاضى ابو طاهر ومعه التجار ووجوه الناس ونزل المعز بقرية بولاق لليلتين خلتا من شهر رمضان فاقام بها وخرج الناس وجماعة الاشراف ووجوه اهل الملل ودخل المعز والمظلة على رأسه وتقدم الناس كلهم اليه وسلموا عليه واحد واحد حتى فرغوا وهو واقف على دابته وخطب الحسن بن زولاق بين يديه خطبة اصغى اليها ولم يزل واقفا حتى فرغ منها وهى الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين الجاحدين العاصين وصلى الله على خير امرىء دعا الى خير دين محمد سيد المرسلين وعلى اهل بيته الطاهرين على رغم انف الراغمين انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة فى القربى ولقد اجترنا على علم على العالمين السلام على امير المؤمنين المعز لدين الله السلام على الامام المنتظر السلام عليك

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
عثمان بن عمر بن خفيف
ابو عمرو المغزىء المعروف بالدراج حدث عن ابى بكر بن ابى داود روى عنه ابن رزقويه وكان من اهل القرآن والفقه والديانة والستر جميل المذهب
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال قال لى البرقانى كان عثمان بدلا من الابدال قال وذكر لى انه قال يوما فى مرضه الذى توفى فيه لرجل كان يخدمه امض فصل ثم ارجع سريعا فانك تجدنى قد مت وكانت صلاة الجمعة قد حضرت فمضى الرجل الى الجامع ورجع اليه بسرعة فوجده قد مات توفى يا مهدى الامة السلام عليك يا خليفة رب العالمين عليك يا صاحب الزمان وصاحب السر والاعلان فضائلك اكثر من ان تحصى انتم اهل البيت وفيكم نزل القرآن وبكم ظهر الايمان وبكم رجم الشيطان وبكم اضمحلت الاباطيل وبكم افتخر على الملائكة جبريل ففرح قائلا من مثلى وانا ابن بيت آل محمد جبريل خادمكم ميكائيل زائركم رحمة الله وبركاته عليكم اهل بيت انه حميد مجيد اليك امير المؤمنين خرجنا منها مهاجرين والى بيعتك جئت عما لك مقتبسين ولعبدك جوهر شاكرين اتقنا مصنفات علمك فنشرنا ما فى العالمين وبثثناها فى امصار المسلمين وشرفنا بها على الناس اجمعين فصلى الله علينا وعلى الناس ولكن اكثر الناس لا يشكرون ثم سار المعز والشريف يحدثه وخرج اليه سائر الرعية واليهود والنصارى وزينت البلد ولم ير احد راكبا الا النعمان بن محمد القاضى ودخل القاهرة ودخل الى قصره ولما بلغ الادوار لله تعالى ودخل اليه القضاة والعلماء وسائر الرعية لتهنئته ومدحه الشعراء وكانت من دخول جوهر ديار مصر الى ان قدم المعز اربع سنين وعشرين يوما وكان يطالعه بالاحوال شيئا فشيئا وفى سنة احدى وستين وثلاثمائة بنى جوهر القائد الجامع المعروف بالازهر بالقاهرة

الدارج فى رمضان هذه السنة

على بن اسحاق بن خلف
ابو الحسن القطان الشاعر المعروف بالزاهى مليح الشعر
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا الخطيب قال انشدنا التنوخى قال انشدنى محمد بن عبيد الله بن احمد الكاتب قال انشدنى على بن اسحاق بن خلف لنفسه ... قم نهنىء عاشقين ... اصبحا مصطلحين ... جمعا بعد فراق ... فجعا منه ببين ... ثم عادا فى سرور ... من صدود امنين ... فهما روح ولكن ... ركبا فى بدنين ... 85 محمد بن الحسن
ابن سعيد الخشاب ابو العباس الصوفى سمع الحديث الكثير وله حكايات عن ابى جعفر الفرغانى وابى بكر الشبلى روى عنه السلمى والحاكم ابوعبد الله وكان قد نزل نيسابور ثم خرج الى مكة فتوفى بها فى هذه السنة
محمد بن حميد
ابن سهيل بن اسمعيل بن شداد ابو بكر المخرمى سمع ابا خليفة الفضل بن الحباب وجعفر الفريابى وابن جرير فى آخرين روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وابو نعيم قال ابو بكر البرقانى هو ضعيف وقال محمد بن ابى الفوارس كان فيه تساهل وشرة توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها دخول جموع الروم الى بلاد الاسلام فانهم دخلوا نصيبين

واستباحوا وقتلوا كثيرا من رجالها وسبوا من نسائها وصبيانها واقاموا بها نيفا وعشرين يوما وغلبوا على ديار ربيعة بأسرها وورد الى بغداد خلق كثيرمن اهل تلك البلاد فانتشروا فى الجوامع وكسروا المنابر ومنعوا الخطبة وحاولوا الهجوم على دار المطيع لله واقتلعوا بعض شبابيكها حتى غلقت ابوابها ورماهم الغلمان بالنشاب من رواشنها وحيطانها وخاطبوه بما نسبوه فيه الى العجز عن ما اوجبه الله على الائمة وافحشوا القول ووافق ذلك شخوص عز الدولة من واسط للزيارة فخرج اليه اهل الستر والصيانة من اهل بغداد منهم ابو بكر الرازى الفقيه وابو الحسن على بن عيسى النحوى وابو القاسم الداركى وابن الدقيق الفقيهان وشكوا اليه ما طرق المسلمين من هذه الحادثة فوعدهم بالغزو واستنفر الناس فخرج من العوام عدد الرمل ثم نفذ جيشا فهزم الروم وقتل منهم خلق كثير وأسر اميرهم وجماعة من بطارقته وانفذت رؤس القتلى الى بغداد وكتب معهم كتاب الى المطيع لله يبشر بالفتح
وفى شهر رمضان قتل رجل من صاحب المعونة فى الكرخ فبعث ابو الفضل الشيرازى وكان قد اقامه معز الدولة مقام الوزير من طرح النار من النخاسين الى السماكين فاحترقت اموال عظيمة وجماعة من الرجال والنساء والصبيان فى الدور والحمامات فأحصى ما احترق فكان سبعة عشر الف وثلثمائة دكان وثلثمائة وعشرين دارا اجرة ذلك فى الشهر ثلاثة واربعون الف دينار ودخل فى الجملة ثلاثة وثلاثون مسجدا فقال رجل لأبى الفضل ايها الوزير أريتنا قدرتك ونحن نؤمل الله تعالى ان يرينا قدرته فيك فلم يجبه وكثر الدعاء عليه فوزر بعد معز الدولة لابنه عز الدولة فقبض عليه وسلمه للشريف ابى الحسن محمد بن عمر العلوى فأنفذه الى الكوفة فسقى ذراريح فتقرحت مثانته فمات فى ذى الحجة من هذه السنة
وفى يوم الجمعة الثامن من شهر رمضان دخل ابو تميم معد بن اسمعيل الملقب بالمعز لدين الله مصر ومعه توابيت ابائه وكان قد مهد له ابو الحسن جوهر

الامور وأقام له الدعوة وبنى له القاهرة فنزلها وكان جوهر قد دخل الى مصر سنة ثمان وخمسين ووطأ الأمر للمعز واقام له الخطبة
وخلع المطيع فى هذه السنة على ابى طاهر بن بقية وزير عز الدولة بختيار ولقبه الناصح وكان واسع النفس وكانت وظيفته كل يوم من الملح الف رطل وراتبه من الشمع فى كل شهر الف منا وكان عز الدولة قد استوزر ابا الفضل العباس بن الحسين الشيرازى صهر المهلبى فى سنة سبع وخمسين فبقى فى وزارته سنتين وشهرين وثلاثة ايام وعز له بأبى الفرج محمد بن العباس بن فسانجس فوزر له ثلاثة عشر شهرا وعشرة ايام ثم اعاد ابا الفضل الى الوزارة فصادرالناس واحرق الكرخ فكثر الدعاء عليه فقبض بختيار قيل وكان ابو الحسن محمد بن محمد بن بقية يخدم فى مطبخ معز الدولة وينوب عنه اخوه ابو طاهر بن بقية ثم خدم عز الدولة فى مطبخه وارتفع امره الى ان احتاج اليه الوزير ابو الفضل فى حفظ غيبه عند عز الدولة ثم ضعف امر الوزيرابى الفضل ثم هلك فقلد عز الدولة وزارته ابا طاهر ابن بقية فقال الناس من الغضارة الى الوزارة وكان كريما يغطى كرمه عيوبه ووزر له اربع سنين واحد عشر يوما وتسلمه عضد الدولة وقتله وصلبه وهو ابن نيف وخمسين سنة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
ابراهيم بن محمد
ابن سختويه بن عبد الله ابو اسحاق المزكى النيسابورى سمع من محمد بن اسحاق بن خزيمة ومحمد بن اسحاق السراج وغيرهما وسمع بالرى من عبد الرحمن بن ابى حاتم وغيره وببغداد من ابى حامد الحضرمى وطبقته وبالحجاز من ابى عبيد الله الجيزى ونظرائه وبسرخس من محمد بن عبد الرحمن الدغولى واقرانه وكان ثقة ثبتا مكثرا مواصلا للحج انتخب عليه ببغداد ابو الحسن الدارقطنى وكتب الناس بانتخابه علما كثيرا وروى كتبا كبارا وقد اخبرنا ابو القاسم بن الحصين عن

ابى طالب بن غيلان عنه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا الحسين بن احمد بن عثمان بن شيطا قال سمعت ابراهيم المزكى يقول أنفقت على الحديث بدرا من الدنانير وقدمت بغداد فى سنة ست عشرة لأسمع من ابن صاعد ومعى خمسون الف درهم بضاعة فرجعت الى نيسابور ومعى اقل من ثلثها انفقت ما ذهب منها على اصحاب الحديث
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى محمد بن على المغزىء عن محمد بن عبد الله الحافظ قال كان ابراهيم بن محمد المزكى من العباد المجتهدين الحجاجين المنفقين على العلماء والمستورين عقد له الاملاء بنيسابور سنة ست وثلاثين وثلثمائة وهو اسود الرأس واللحية وزكى فى تلك السنة وكنا نعد فى مجلسه اربعة عشر محدثا منهم ابو العباس الاصم وتوفى بسو سنقين ليلة الاربعاء غرة شعبان سنة اثنتين وستين وثلثمائة وحمل تابوته فصلينا عليه ودفن فى داره وهو يوم مات ابن سبع وستين سنة وسوسنقين منزل بين همذان وساوة

الحسين بن عمر
ابن ابى عمر القاضى ابو محمد بن ابى الحسين ولاه الراضى قضاء مدينة المنصور وهو حدث السن ثم ولى المتقى فاقره على ذلك الى جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلثمائة ثم صرفه فقدم اصبهان وحدث عن البغوى وابن صاعد وولى قضاء يزد وتوفى بها
سعيد بن القاسم
ابن العلاء بن خالد ابو عمر البرذعى قدم بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه الدارقطنى وكان احدى الحفاظ كتب عن يحيى بن محمد بن مندة وطبقته وتوفى فى هذه السنة
السرى بن احمد
ابن العسرى ابو الحسن الكندى الرفاء الموصلى الشاعر له معان حسان وهو

مجود وله مدائح فى سيف الدولة وغيره من امراء بنى حمدان وكان بينه وبين الخالدين ابى بكر وابى عثمان محمد وسعيد اهاج كثيرة فبالغا فى اذاه وقطعا اسمه من سيف الدولة وغيره فانحدر الى بغداد ومدح الوزير ابا محمد المهلبى فانحدر الخالديان وراءه ودخلا على المهلبى وثلبا وحصلا فى جملة منادميه وجعلا هجيراهما ثلبه فآل به الامر الى عدم القوت وركبه الدين ومات ببغداد

عبد الملك
ابن الحسن بن يوسف ابو عمرو المعدل ويعرف بابن السقطى سمع ابا مسلم الكجى ويوسف القاضى وجعفرا الفريابى والبغوى روى عنه ابو نعيم الحافظ وابو على ابن شاذان وكان ثقة ولم يزل مقبول الشهادة عند القضاة وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة وقيل بلغ خمسا وثمانين سنة
محمد بن ابى الحسن
ابن كوثر بن على ابو بحر البربهارى حدث عن محمد بن الفرج الازرق ومحمد بن غالب التمتام وابراهيم الحربى والباغندى والكديمى وغيرهم روى عنه ابن رزقويه والبرقانى وابو نعيم وانتخب عليه الدارقطنى وقال اقتصروا على حديث ابى بحر على ما انتخبته فقد كان له اصل صحيح وسماع صحيح واصل ردىء فحدث بذاك فأفسده
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو بكر البرقانى قال سمعت من ابى بحر و حضرت عنده يوما فقال ابن السرخسى سأريكم ان الشيخ كذاب وقال لأبى بحر ايها الشيخ فلان بن فلان كان ينزل فى الموضع الفلانى هل سمعت منه قال ابو بحر نعم قد سمعت منه قال ابو بكر وكان ابن السرخسى قد اختلق ما سأله عنه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال قرأت على البرقانى وحدثنا عن

ابى بحر فقال اخرج عنه ابو الفتح بن ابى الفوارس فى الصحيح قلت له كذلك فعل ابو نعيم الحافظ فقال ابو بكر ما يساوى ابو بحر عندى كعبا ثم سمعته ذكره مرة اخرى فقال كان كذابا وقال ابن ابى الفوارس كان مخلطا وقال ابو الحسن بن الفرات اظهر منه فى آخر عمره اشياء منكرة منها انه حدث عن يحيى بن ابى طالب وعبدوس المدائنى فغفله قوم من اصحاب الحديث فقروا ذلك عليه وكانت له اصول جيدة فحلط ذلك بغيره وغلبت الغفلة عليه وتوفى فى هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه تقلد ابو الحسن محمد بن صالح بن ام شيبان الهاشمى قضاء القضاة صارفا لابى محمد بن معروف وكان ابو محمد قد طولب ببيع دار ابى منصور الشرابى على ابى بكر الاصبهانى الحاجب فامتنع فقيل له ان الوكيل الذى نصبه المطيع يبيع ذلك وليس يراد منك الاسماع الشهود والاسجال بها فامتنع فالزم فاجاب وشرط لنفسه شروطا منها انه لا يرتزق عن الحكم ولا يخلع عليه ولا يأمر مالا يوجبه حكم ولا يشفع اليه فى انفاق حق وفعل مالا يقتضيه شرع وقرر لكاتبه فى كل شهر ثلثمائة درهم و لحاجبه مائة وخمسون درهما وللفارض على بابه مائة درهم ولخازن دار الحكم والاعوان ستمائة درهم وركب الى دار المطيع حتى سلم اليه عهده وركب من غد الى المسجد الجامع فقرئ فيه عهده وتولى انشاءه ابو منصور احمد بن عبد الله الشيرازى وهو يومئذ صاحب ديوان الرسائل ونسخته
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما عهده عبد الله الفضل الامام المطيع لله امير المؤمنين الى محمد بن صالح الهاشمى حين دعا الى ما يتولاه القضاء فى مدينة المنصور والمدينة الشرقية من الجانب الغربى والجانب الشرقى من مدينة السلام والكوفة وشقى الفرات

وواسط وكوخى وطريقى الفرات ودجلة وطرف خراسان وقرميسين وحلوان وديار مضر وديار ربيعة وديار بكر والموصل والحرمين واليمن ودمشق وحمص وجند قنسرين والعواصم ومصر والاسكندرية وجندى فلسطين والاردن واعمال ذلك كلها وما يجرى مع ذلك من الاشراف على ما يختاره لنقابة العباسيين بالكوفة وشقى الفرات واعمال ذلك وما قلده اياه من القضاء وتصلح احوال الحكام واستشراف ما يجرى عليه امر الاحكام من سائر النواحى والامصار والبلاد والاقطار التى تشتمل عليها المملكة وتنتهى اليها الدعوة واقرار من يحمد هديه وطريقته واستبدال من يذم سمته وسجيته نطرا منه للكافة واحتياطا للخاصة والعامة وحنوا على الملة والذمة عن علم انه المقدم فى بيته وشرفه المبرز فى عفافه وظلفه المزكى فى دينه واما نته الموصوف فى ورعه ونزاهته المشار اليه بالعلم والحجى المجمع عليه فى الحلم والنهى البعيد من الادناس اللابس من النقاء إجمل لباس النقى الجيب المحبور بصفاء الغيب العالم بمصالح الدنيا العارف بما يفيد سلامة العقبى امره بتقوى الله فانها الجنة الواقية وان يجعل كتاب الله فى كل ما يعمل فيه رويته ويرتب عليه حكمه وقضيته امامه الذى يفزع اليه وعماده الذى يعتمد عليه وان يتخذ سنة محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم مطلوبا بقصده ومثالا يتبعه وان يراعى الاجماع وان يقتدى بالائمة الراشدين وان يعمل اجتهاده فيما لا يوجد فيه كتاب ولا سنة ولا اجماع وان يحضر مجلس قضائه من يستظهر بعلمه ورأيه وان يسوى بين الخصمين اذا تقدما اليه فى لحظه ولفظه ويوفى كلا منهما نصيبه من انصافه وعدله حتى يامن الضعيف من حيفه وييأس القوى من ميله وامره ان يشرف على اعوانه واصحابه ومن يعتمد عليه من أمنائه واسبابه اشرافا يمنع من التخطى الى السيرة المحظورة ويدفع عن الاشفاف الى المكاسب المحظورة فذكر من هذا الجنس كلاما طويلا
وفى هذه السنة نقلدا ابو محمد عبد الواحد الفضل بن عبد الملك نقابة العاسيين

وصرف القاضى ابا تمام الزينبى منها
وفيها ظهر ما كان المطيع يستره من مرضه وتعذر الحركة عليه وثقل لسانه لأجل فالج ناله قديما فدعاه سبكتكين حاجب معز الدولة الى خلع نفسه وتسليم الأمر الى ولده الطائع ففعل ذلك وعقد له الأمر فى يوم الاربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من ذى القعدة سنة ثلاث وستين فكانت خلافة المطيع الى ان خلع نفسه وسلم الخلافة الى ولده تسعا وعشرين سنة واربعة اشهر واربعة وعشرين يوما فكتب هذا ما اشهد على متضمنه امير المؤمنين الفضل المطيع لله حين نظر لدينه ورعيته وشغل بالعلة الدائمة عن ما كان يراعيه من الامور الدينية اللازمة وانقطع افصاحه عن بعض ما يجب لله عز و جل فى ذلك فرأى اعتزال ما كان اليه من هذا الأمر وتسليمه الى ناهض به قائم بحقه بمن يرى له الرأى عقده له واشهد بذلك طوعا فى يوم الاربعاء الثالث عشر من ذى القعدة سنة ثلاث وستين وثلثمائة فكتب فيه القاضى محمد بن صالح شهد عندى بذلك احمد بن حامد بن محمد وعمر بن محمد بن احمد وطلحة بن محمد بن جعفر وكتب محمد بن صالح وقد انبأنا جماعة من اشياخنا عن ابى منصور بن عبد العزيز قال كان المطيع بعد ان خلع يسمى الشيخ الفاضل
باب ذكر خلافة الطائع لله عز و جل
اسمه عبد الكريم بن المطيع لله ويكنى ابا بكر وامه ام ولد اسمها عتب ادركت خلافته وقد ذكرنا ان المطيع خلع نفسه غير مستكره وولى الطائع فى اليوم الذى خلع فيه المطيع نفسه وكان سنه يوم ولى ثمان واربعين سنة وقيل خمسين ولم يل الامر اكبر سنا منه ولا من له اب حى سوى ابى بكر الصديق والطائع وكلاهما يكنى ابا بكر وكان الطائع ابيض اشقر حسن الجسم شديد القوة وفى رواية انه كان فى دار الخلافة ايل عظيم فكان يقتل بقرنه الدواب والبغال ولا يتمكن احد من مقاومته فاجتاز الطائع لله فرآه وقد شق روايه فقال للخدم امسكوه فسعوا خلفه حتى الجأوه الى مضيق وبادر الطائع فأمسك قرنيه

بيديه فلم يقدر ان يخلصهما واستدعى بنجار فقال ركب المنشار عليهما ففعل فلما بقيا على يسير قطعهما بيده وهرب الايل على وجهه وسقطت فرجية الطائع عن كتفيه فتطأطأ بعض الخدم ليرفع الفرجية فنظر اليه بمؤخر عينه منكر الفلعة فتركها ومضى الطائع وبقيت الفرجية الى آخر النهار ولا يجسر احد على تحريكها من موضها فلما اراد النجار الانصراف حضر خادم وقال خذ الفرجية فأخذها وكانت من الوشى القديم فباعها بمائة وسبعين دينارا ولما ولى الطائع وعليه البردة ومعه الجيش وبين يديه سبكتكين فى يوم الثلاثاء تاسع عشر ذى القعدة ومن غد هذا اليوم خلع على سبكتكين الخلع السلطانية وعقد له لواء الامارة ولقبه نصر الدولة وحضر عيد الاضحى فركب الطائع الى المصلى بالجانب الشرقى وعليه السواد قباء وعمامة وخطب خطبة خفيفة بعد ان صلى بالناس كانت الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله والله اكبر متقربا اليه ومعتمدا عليه ومتوسلا باكرم الخلق لديه الذى صيرنى اماما منصوصا عليه ووهب لى احسن الطاعة فى ما فوضه الى من الخلافة على الامة الله اكبر الله اكبر مقتربا بجميل آلائه فيما اسنده الى من حفظ الامم واموالها وذراريها وقمع بى الأعداء فى حضرها وبواديها وجعلنى خير مستخلف على من فيها الله اكبر الله اكبر تقربا بنحر البدن التى جعلها من شعائره وذكرها فى محكم كتابه واتباعا لسنة نبيه وخليله صلى الله عليه و سلم فى فدية ابينا اسماعيل وقد امر بذبحه فاستسلم لاهراق دمه وسفحه غير جزع فيما نابه ولا نكل عن ما امر به فتقربوا الى الله فى هذا اليوم العظيم بالذبائح فانها من تقوى القلوب الله اكبر الله اكبر وصلى الله على محمد خيرته من خليقته وعلى اهل بيته وعترته وعلى آبائى الخلفاء النجباء وأيدنى بالتوفيق فيما اتولى وسددنى من الخلافة فيما اعطى وانا اخوفكم معشر المسلمين غرور الدنيا فلا تركنوا الى ما يبيد ويفنى ويزول ويبلى وانى اخاف عليكم يوم الوقوف بين يدى الله غدا وصحفكم

تقرأ عليكم فمن اوتى كتابه بيمينه فلا يخاف ظلما ولا هضما اعاذنا الله واياكم من الردى واستعملنا واياكم بأعمال اهل التقوى واستغفر الله لى ولكم ولجميع المسلمين
ثم ان عز الدولة ادخل يده فى اقطاع سبكتكين فجمع سبكتكين الاتراك الذين ببغداد ودعاهم الى طاعته فأجابوه وراسل ابا اسحاق بن معز الدولة يعلمه بالحال ويطعمه ان يعقد له الامر فاستشار والدته فمنعته من ذلك فصار اليها من بغداد من الديلم وصوبوا لها محاربة سبكتكين فحاربوه فقهرهم واستولى على ما كان ببغداد لعز الدولة وثارت العامة تنصر سبكتكين وبعث سبكتكين الى عز الدولة يقول له ان الامر قد خرج عن يدك فأخرج لى عن واسط وبغداد ليكونا لى وتكون البصرة والاهواز لك ولا يفتح بيننا باب حرب وكتب عز الدولة الى عضد الدولة يستنجده فماطله بذلك ثم ان الناس صاروا حزبين فاهل التشيع ينادون بشعار عز الدولة والديلم واهل السنة ينادون بشعار سبكتكين والاتراك واتصلت الحروب وسفكت الدماء وكبست المنازل واحرق الكرخ حريقا ثانيا

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحارث بن ابى العلاء
سعيد بن حمدان ابو فراس العدوى الشاعر كان فيه شجاعة وكرم وله شعر فى نهاية الحسن وقلده سيف الدولة منبج وحران واعمالها فخرج فقاتل الروم فنكى وقتل واسر فبقى فى الاسر سنتين ثم فداه سيف الدولة وقيل انه قتل بعد ذلك وما بلغ اربعين سنة ورثاه سيف الدولة
اخنرنا ابن ناصر اخبرنا على بن احمد بن البسرى عن ابى عبد الله بن بطة قال انشدنى الحسن بن سعيد المقدسي قال انشدنى محمد بن شجاع الحبلى قال انشدنى ابو فراس بن حمدان لنفسه

المرء نصب مصائب لا تنقضى ... حتى يوارى جمسه فى رمسه ... فمؤجل يلقى الردى فى غيره ... ومعجل يلقى الردى فى نفسه ...
قال وكان عند ابى فراس اعرابى فقال اجز هذا بمثله فقال ... من يتمن العمر فليتخذ ... صبرا على فقد احبائه ... ومن يعاجل ير فى نفسه ... ما يتمناه لأعدائه ...
اخذ هذا من قول الحكيم ! من طال عمره فقد احبابه و من قصرت حياته كانت مصيبته في نفسه ومن قول الآخر ! من احب طول البقاء فليتخذ للمصائب قلبا جلدا
اخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر قالا اخبرنا ابو الحسين بن عبد الجبار قال انشدنا القاضى ابو القاسم على بن المحسن التنوخى قال انشدنا ابو الفرج الببغاء قال انشدنا ابو فراس وكتب بها الى غلامين له وهو مأسور ... هل تحسان لى رفيقا رفيقا ... يحفظ الود أو صديقا صديقا ... لا رعى الله يا حبيبى دهرا ... فرقتنا صروفه تفريقا ... بت ابكيكما وان عجيبا ... ان يبيت الاسير يبكي الطليقا ... فاذكرانى وكيف لا تذكرانى ... كل ما استخون الصديق الصديقا ...
ومن شعره المستحسن ... ولى بك من فرط الصبابة آمر ... ودونك من حسن النصون زاجر ... عفافك عنى انما عفة الفتى ... اذا عف عن لذاته وهو قادر ... نفى الهم عنى همة عدوية ... وجاش على صرف الحوادث صابر ... واسمر مما ينبت الخط ذابل ... وابيض مما يصنع الهندباتر ... لعمرك ما الابصار تنفع اهلها ... اذا لم يكن للمبصرين بصائر ... وكيف ينال المجد والجسم وادع ... وكيف يحار المجد والوفر وافر

وله ... غنى النفس لمن يعقل ... خير من غنى المال ... وفضل الناس فى الانفس ... ليس الفضل فى الحال ...
وله ... ماكنت مذ كنت الاطوع خلانى ... ليست مؤاخذة الاخوان من شأنى ... اذا خليلى لم تكثر اساءته ... فاين موقع احسانى وغفرانى ... يجنى الليالى واستحلى جنايته ... حتى ادل على عفوى واحسانى ... يجنى على واحنو دائما ابدا ... لا شىء احسن من حان على جان ...
وله ... مرام الهوى صعب وسهل الهوى وعر ... واعسر ما حاولته الحب والصبر ... اواعدتى بالوعد والموت دونه ... اذا مت عطشانا فلا نزل القطر ... بدوت واهلى حاضرون لاننى ... ارى الداردار الست من اهلها نفر ... وما حاجتى فى المال ابغى وفوره ... اذا لم يفر عوض فلا وفر الوفر ... هو الموت فاختر ما علا لك ذكره ... فلم يمت الانسان ما حسن الذكر ... وقال اصيحابى الفرار او الردى ... فقلت هما امران احلاهما مر ... سيذكرنى قومى اذا جد جدها ... وفى الظلمة الظلماء يفتقد البدر ... ولو سد غيرى ما سددت اكتفوا به ... وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر ... ونحن اناس لا توسط عندنا ... لنا الصدر دون العالمين او القبر ... تهون علينا فى المعالى نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغلها مهر ...
وقال وقد سمع صوت حمامة وهو مأسور ... اقول وقد ناحت بقربى حمامة ... ايا جارتى ما فاق حالك حالى ... معاذ الهوى ما ذقت طارقة الهوى ... ولا خطرت منك الهموم ببالى ... ايحمل محزون الفؤاد قوادم ... الى غصن نائى المسافة عالى ... تعالى ترى روحا لدى ضعيفة ... تردد فى جسم يعذب بالى

ايضحك مأسور وتبكى طليقة ... ويسكت محزون ويندب سالى ... لقد كنت اولى منك بالدمع مقلة ... ولكن دمعى فى الحوادث غالى ...
وله أيضا ... ان فى الاسر لصبا ... دمعه فى الخد صب ... هو بالروم مقيم ... وله بالشام قلب ...
وله ايضا ... لقد ضل من تحوى هواه خريدة ... وقد ذل من تقضى عليه كعاب ... ولكننى والحمد لله حازم ... اعز اذا ذلت لهن رقاب ... ولا تملك الحسناء قلبى كله ... وان شملتها رقة وشباب ... واجرى فلا اعطى الهوى فضل مقودى ... واهفوا ولا يخفى على صواب ... بمن يثق الانسان فيما ينوبه ... ومن اين للحر الكريم صحاب ... وقد صار هذا الناس الا اقلهم ... ذئابا على اجسادهن ثياب ... تغابيت عن قومى فظنوا غباوة ... بمفرق اغبانا حصى وتراب ... ولو عرفونى حق معرفتى بهم ... اذا علموا انى شهدت وغابوا ... الى الله اشكو بثنا فى منازل ... تحكم فى اجسادهن كلاب ... فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والانام غضاب ... وليت الذى بينى وبينك عامر ... وبينى وبين العالمين خراب ... 94 عبد العزير بن احمد
ابن جعفر بن يزداد بن معروف ابو بكر الفقيه الحنبلى المعروف بغلام الخلال ولد سنة اثنتين وثمانين ومائتين وحدث عن محمد بن عثمان بن ابى شيبة وموسى ابن هارون وابى خليفة الفضل بن الحباب وجعفر الفريابى ومحمد بن محمد الباغندى والبغوى وابى داود و بن صاعد فى آخرين وله المصنفات الكثيرة على مذهب احمد ابن حنبل
انبأنا احمد بن الحسين بن احمد الفقيه عن القاضى ابى يعلى محمد بن الحسين قال

ابو بكر عبد العزيز له المصنفات الحسنة منها المقنع نحو مائة جزء وكتاب الشافعى نحو مائتى جزء وزاد المسافر وكتاب الخلاف مع الشافعى وكتاب القولين ومختصر الحسبة وله غير ذلك فى التفسير والاصول قال القاضى وبلغنى ان عبد العزيز قال فى علته انا عندكم الى يوم الجمعة فقيل له يعافيك الله فقال سمعت ابا بكر الخلال يقول سمعت ابا بكر المروذى يقول عاش احمد بن حنبل ثمان وسبعين سنة ومات يوم الجمعة ودفن بعد الصلاة وعاش ابو بكر المروذى ثمان وسبعين سنة ومات يوم الجمعة ودفن بعد الصلاة وانا عندكم الى يوم الجمعة ولى ثمان وسبعون سنة فلما كان يوم الجمعة مات ودفن بعد الصلاة وذلك لعشر بقين من شوال سنة ثلاث وستين وثلثمائة وقال غيره لسبع بقين من شوال ودفن عند دار الفيل بمقبرة باب الازج

على بن محمد
ابو الفتح البستى كان شاعرا مجيدا يقصد التطابق والتجانس فى شعره وابيات قصائده قليلة لأجل التجانس وقد انتقيت من جميع ديونه ابياتا مستحسنة فرتبتها على حروف المعجم وهي ... دعنى فلن اخلق ديباجتى ... ولست ابدى للورى حاجتى ... منزلتى يحفظها منزلى ... وباجتى تكرم ديباجتى ...
له ايضا ... يا ايها السائل عن مذهبى ... ليقتدى فيه بمنهاجي ... منهاجى العدل وقمع الهوى ... فهل لمنهاجى من هاجى ...
وله ايضا
... اذا رأيت الوداع فاصبر ... ولا يهمنك البعاد ... وانتظر العود عن قريب ... فان قلب الوداع عادوا ... وله ايضا ... لقاء اكثر من تلقاه اوزار ... فلا تبال اصدوا عنك او زاروا

لهم لديك اذا جاؤك اوطار ... فان قضوها تنحوا عنك اوطاروا ... اخلاقهم فتجنبهن اوعار ... وقربهم ماثم للمرء اوعار ... اوضار اخلاقهم يعدى معاشرهم ... فلا يزول فقد ما من رأوا ضاروا ...

وله ايضا
... دعونى وامرى واختيارى فاننى ... عليم بما امرى واخلق من امرى ... اذا مر بى يوم ولم اصطنع يدا ... ولم استفد علما فما ذاك من عمرى ...
وله ايضا ... كم مذنب قد ضاقنى ... فقرنته صفحا وغفرا ... كم حاسد صابرته ... فقتلته بالصبر صبرا ...
وله ايضا ... اذا خدمت الملوك فالبس من التوقى اعز ملبس ... وادخل عليهم وانت اعمى ... واخرج اذا ما خرجت اخرس ...
وله ايضا ... دعونى وسمتى فى عفافى فأننى ... جعلت عفافى فى حياتى دينى ... واعظم من قطع اليدين على الفتى ... صنيعة برنا لها من يدى دنى ... وله ايضا ... يا خادم الجسم كم تشفى بخدمته ... لتطلب الربح مما فيه خسران ... اقبل على النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم انسان ... وله ايضا ... يا ناظر العين قل هل ناظر عينى ... اليك يوما وهل تدنو خطى البين ... الله يعلم انى بعد فرقتكم ... كطائر سلخوه من جناحين ... ولو قدرت ركبت الريح تخونكم ... فان بعدى عنكم قد حنى حينى ... 96 العباس بن الحسين ابو الفضل الشيرازى وزر لعز الدولة بختياربن معز الدولة ابى الحسين وكان

ظالما فقبض عليه فقتل فى ربيع الآخر من هذه السنة وعمره تسع وخمسون

سنة
ودفن بمشهد على عليه السلام 97 عيسى بن موسى
ابن ابى محمد واسمه محمد بن المتوكل على الله ابو الفضل الهاشمى ولد سنة ثمانين ومائتين وسمع محمد بن خلف بن المرزبان وابا بكر بن ابى داود ولازمه نيفا وعشرين سنة روى عنه ابو على ابن شاذان وكان ثقة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت الخطيب قال قال لى على بن احمد بن عيسى المتوكلى قال لى هلال بن محمد الحفار قال لى جدك عيسى بن موسى مكثت ثلاثين سنة اشتهى ان اشارك العامة فى أكل هريسة السوق فلا اقدر على ذلك لأجل البكور الى سماع الحديث
سنة
ثم دخلت سنة اربع وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى المحرم من المدينة ان اهل العراق وخراسان والكوفة والبصرة بلغوا سميرا فرأوا هلال ذى الحجة على نقصان من ذى القعدة وعرفوا ان لاماء فى الطريق من فيد الى مكة الاصبابة لا يقوم بهم وبجمالهم فعدلوا الى بطن نخل يطلبون مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم فوصلوا اليها يوم الجمعة سادس ذى الحجة فبركت الجمال ولم تنهض فعرفوا فى المسجد وخرجوا فصلوا صلاة العيد فى مصلى النبي صلى الله عليه و سلم وكان امير الحاج ابو منصور محمد بن عمر بن يحيى العلوى وورد الناس الكوفة فى اول المحرم بعد أن لحقهم جهد شديد واقاموا بالكوفة لفساد الطريق ثم خفروا انفسهم واموالهم حتى دخلوا بغداد فى آخر الشهر
وفى يوم الاربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم اوقع العيارون حريقا

بالخشابين من باب الشعير فاحترق اكثر هذا السوق وما يليها من سوق الجزارين واصحاب الحصر وصف البوارى فهلك شىء كثير وزاد امر العيارين فى هذه السنة حتى ركبوا الدواب وتلقبوا بالقواد وغلبوا على الامور وأخذوا الخفائر عن الاسواق والدروب وكان فى جملة العيارين قائد يعرف بأسود الزبد لأنه كان يأوى قنطرة الزبد ويستعظم من حضر وهو عريان لا يتوارى فلما كثر الفساد رأى هذا الاسود من هو اضعف منه قد اخذ السيف فطلب سيفا ونهب واغار و اجتمع اليه جماعة فأخذ الاموال واشترى جارية بألف دينار فلما حصلت عنده حاول منها حاجته فمنعته فقال ما تكرهين منى قالت اكرهك كما انت فقال ما تحبين قالت ان تبيعنى قال او افعل خيرا من ذلك فحملها الى القاضى واعتقها ووهب لها الف دينار فعجب الناس من سماحة اخلاقه اذ لم يجازها على كراهيتها له ثم خرج الى الشام فهلك بها
وفى المحرم ورد الخبر بوقوع الخطبة لأبى تميم معد الملقب بالمعز بمكة والمدينة فى موسم سنة ثلاث وستين وثلثمائة وقطعت خطبة الطائع من يوم الجمعة لعشر بقين من جمادى الاولى الى ان اعيدت فى يوم الجمعة لعشر خلون من رجب فلم يخطب فى هذه المدة لامام وذلك لأجل تشعث جرى بينه وبين عضد الدولة وكان عضد الدولة قد قدم العراق فأعجبه ملكها فوضع الجند ليشغبوا على عز الدولة فشغبوا فأغلق ابوابه فأمر عضد الدولة الاستظهار عليه وذلك يوم الجمعة لأربع ليال بقين من جمادى الآخرة وكتب عن الطائع الى الآفاق باستقرار الأمر لعضد الدولة وخلع عضد الدولة على محمد بن بقية وزير عز الدولة ثم اضطربت الامور على عضد الدولة ولم يبق فى يده غير بغداد فنفذ عضد الدولة الى ركن الدولة يعلمه انه قد خاطر بنفسه وجنده وقد هذب مملكة العراق واستقاد الطائع لله الى داره وان عز الدولة عاص لا يقيم دولة وانه ان خرج من العراق لم يبعد اضطراب الممالك ويسأله المدد فلما بلغه هذه الرسالة غضب فقال للرسول قل له خرجت فى نصرة ابن اخى او فى الطمع فى مملكته فأفرج عضد الدولة

عن بختيار وخرج عضد الدولة إلى فارس وعاد جيش بختيار إليه وفي يوم الخميس لعشر خلون من ذي القعدة تزوج الطائع لله شاه زنان بنت عز الدولة على صداق مائة ألف دينار وخطب خطبة النكاح بحضرتهما أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة القاضي
وفي رجب زادت الأسعار وعدمت الاقوات وبيع الكر من الدقيق الحواري بمائة ونيف وسبعين دينارا والعشرة الامناء من السكر نيف وأربعين درهما والتمر ثلاثة أرطال بدرهم وضاقت العلوفه فبيع الحمل من التبن بعشرة دراهم وأخرج السلطان كراعه إلى السواد
وفي هذه السنة اضطرب أمر الحاج ولم يندب لهم أحد من جهة السلطان وخرجت طائفة من الخراسانية على وجه التغرير والمخاطرة فلحقهم شدة وتأخر البغداديون والتجار وأقام الحج أصحاب المغربي وأقيمت الخطبة له وفي ليلة الإثنين لتسع بقين من ذي القعدة طلع كوكب الذوابة من ناحية المشرق وله شبه الذوابة مستطيلا نحو و محين في رأى العين ولم يزل يطلع في كل ليلة إلى ليلة عشر بقين م من ذي الحجة
وفي يوم الأربعاء سلخ ذي القعدة صرف أبو الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان عن قضاء القضاة وقلده أبو محمد بن معروف وكتب عهده
وفي يوم الأربعاء لتسع بقين من ذي الحجة خلع على الشريف أبي أحمد الحسين ابن موسى الموسوى من دار عز الدولة وقلد نقابة الطالبيين

ذكر من توفى في هذه السنة من الأكابر
سبكتكين حاجب معز الدولة خلع عليه الطائع وطوقه وسوره ولقبه نصر الدولة فسقط سبكتكين من الفرس فانكسر ضلعه فاستدعى ابن الصلت المجبر فرد ضلعه ولازمه إلى أن برأ فأغناه وأعطاه يوم أدخله الحمام ألف دينار وفرسا ومركبا

وخلعه وكان يقدر على الركوب والقيام فى الصلاة والسجود ولا يقدر على الركوع وكان يقول لطبيبه اذا تذكرت عافيتى على يدك فرحت بك ولم اقدر على مكافأتك واذا ذكرت حصول رجليك على ظهرى اشتد غيظى منك توفى يوم الثلاثاء لسبع بقين من المحرم وكانت مدة امارته شهرين وثلاثة عشر يوما وحمل تابوته الى بغداد فدفن فى تربة ابنته بالمحزم وخلف الف الف دينار مطيعية وعشرة آلاف الف درهم وصندوقين فيهما جوهر وستين صندوقا منها خمسةواربعون فيها آنية ذهب وفضة وخمسة عشر فيها بلور ومحكم ومائة وثلاثين مركبا ذهبا منها خمسون وزن كل واحد الف مثقال وستمائة مركب فضة اربعة الآف ثوب ديباجا وعشرة آلاف ثوب دبيقيا وعتابيا وغير ذلك وثلثمائة عدل فيها فرش وثلاثة آلاف رأس دابة وبغلا والف رأس من الجمال وثلثمائة غلام دارية واربعين خادما غير ما ترك عند ابى بكر البزاز صاحبه وكان لسبكتكين هذا دار المملكة اليوم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى هلال بن المحسن قال كانت دار المملكة التى بأعلى المخرم محاذية الفرضة لسبكتكين غلام معز الدولة فنقض عضد الدولة اكثرها ولم يستبق الا البيت الستينى الذى هو فى وسط اروقة من ورائها اروقة من اطرافها قباب معقودة وتنفتح ابوابه الغربية الى دجلة وابوابه الشرقية الى صحن من خلفه بستان ونخل وشجر وكان عضد الدولة جعل الدارا التى هذا البيت فيها دار العامة والبيت برسم جلوس الوزراء وما يتصل به من الاروقة والقباب مواضع للدواوين والصحن منا ما لديلم النوبة فى ليالى الصيف قال هلال وهذه الدار وما تحتوى عليه من البيت المذكور خراب ولقد شاهدت مجلس الوزراء فى ذلك ومحفل من يقصدهم ويحضرهم وقد جعله جلال الدولة اصطبلا اقام فيه دوابه وسواسه واماما بناه عضد الدولة وولده بعده من هذه الدار فهو متماسك على تشعثه قال ابن ثابت ولما ورد طغرل بك الغزى بغداد واستولى عليها عمر هذه الدار وجدد كثيرا مما كان وهي

منها سنة ثمان واربعين واربعمائة فمكثت كذلك الى سنة خمسين واربع مائة ثم احترقت وسلمت اكثر آلاتها ثم عمرت بعد واعيد كما كان وهى منها
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال حدثنى القاضى ابو القاسم على بن المحسن قال سمعت ابى يقول ماشيت الملك عضد الدولة فى دار المملكة بالمخرم التى كانت دار سبكتكين حاجب معز الدولة من قبل وهو يتأمل ما عمل وهدم منها وقد كان أراد ان يزيد فى الميدان السبكتكينى اذرعا ليجعله بستانا ويرد بدل التراب رملا يطرح التراب تحت الروشن على دجلة وقد ابتاع دورا كثيرة كبارا وصغارا ونقضها ورمى حيطانها بالعيلة تخفيفا للمؤنة واضاف عرصاتها الى الميدان وكانت مثل الميدان دفعتين وبنى على الجميع مسناة فقال لى فى هذا اليوم وقد شاهد ما شاهد تدرى ايها القاضى كم انفق على ما قلع من التراب الى هذه الغاية وبناء هذه المسناة السخيفة مع ثمن ما ابتيع من الدور واستضيف قلت اظنه شيئا كثيرا فقال لى هو الى وقتنا هذا تسعمائة الف درهم صحاحا ويحتاج الى مثلها دفعة او دفعتين حتى يتكامل قلع التراب ويحصل موضعه الرمل موازيا لوجه البتسان فلما فرغ من ذلك وصار البستان ارضا بيضاء لا شىء فيها من غرس ولا نبات قال قد انفق على هذا حتى صار كذا اكثر من الفى الف درهم ثم فكر فى ان يجعل شرب البستان من دواليب ينصبها على دجلة وعلم ان الدواليب لا تكفى فأخرج المهندسين الى الانهار التى فى ظاهر الجانب الشرقى من مدينة السلام ليستخرجوا منها نهرا يسيح ماؤه الى داره فلم يجدوا ما ارادوه الا فى نهر الخالص فعلى الارض بين البلد وبينه تعلية امكن معها ان يجرى الماء على قدر من غير ان يحدث به ضرر وعمل تلين عظيمين يساويان سطح ماء الخالص ويرتفعان عن ارض الصحراء اذرعا وشق فى وسطهما نهرا جعل له خورين من جانبيه وداس الجميع بالفيلة دوسا كثيرا حتى قوى واشتد وصلب وتلبد فلما بلغ الى منازل البلد واراد سوق النهر الى داره عمد الى دور السلسلة فدك ارضها دكا قويا ورفع ابواب الدور واوثقها وبنى جوانب النهر طول البلد بالآجر

والكلس والنورة حتى وصل الماء الى الدار وسقى البستان قال ابى وبلغت النفقة على عمل البستان وسوق الماء اليه على ما سمعته من حواشى عضد الدولة خمسة آلاف درهم ولعله قد انفق على ابنية الدار ما اظن مثل ذلك وكان عضد الدولة عازما على ان يهدم الدور التى بين داره وبين الزاهر ويصل الدار بالزاهر فمات قبل ذلك

عبد السلام بن محمد
ابن ابى موسى ابو القاسم المخرمى الصوفى سافر الكثير ولقى الشيوخ وحدث عن ابى بكر بن ابى داؤد وابى عروبة الحرانى روى عنه ابو نعيم الاصبهانى وكان ثقة حسن الاخلاف متزهدا اقام بمكة سنين وتوفى بها فى هذه السنة
الفضل المطيع لله
امير المؤمنين ابن المقتدر قد ذكرنا انه خلع نفسه لاجل مرض لازمه وولى ابنه الطائع واشهد على نفسه القضاة والعدول وكانت خلافته تسعا وعشرين سنة واربعة اشهر واحد وعشرين يوما وخرج الطائع الى واسط وحمل معه اباه المطيع فمات فى العسكر بدير العاقول فى محرم هذه السنة فكان عمره ثلاثا وستين سنة وحمل الى بغداد فدفن بتربة جدته ام المقتدر
محمد بن ابراهيم
ابن محمد ابو بكر الشاهد المعروف بالربيعى حدث عن ابن جرير الطبرى وغيره روى عنه ابو القاسم عبيد الله بن عمر البقال وغيره وقال ابن ابى الفوارس توفى فى سنة اربع وستين وثلثمائة وفيه نظر
محمد بن بدر
ابو بكر كان ابوه يعرف ببدر الحمامى غلام ابن طولون ويسمى بدر الكبير كان اميرا على بلاد فارس كلها وتوفى بتلك النواحى فقام ابنه محمد فى الناحية مقامه

وكتب السلطان اليه بالولاية مكان ابيه وكتب الى من معه من القواد بالسمع والطاعة له فكان اميرا على بلاد فارس مدة ثم قدم بغداد وحدث بها عن بكر ابن سهل الدمياطى وحماد بن مدرك وغيرهما روى عنه الدارقطنى وابو نعيم الاصبهانى وغيرهما وقال ابو نعيم ثقة صحيح السماع
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثت عن ابى الحسن بن الفرات قال توفى محمد بن بدر الحمامى

سنة
اربع وستين وثلثمائة وكان ثقة ان شاء الله فيما علمته ولم يكن من اهل هذا الشأن يعنى الحديث ولا يحسنه وكان له مذهب فى الرفض قال احمد وببغداد كانت وفاته
محمد بن ثابت
ابن احمد ابو بكر الواسطى قدم بغداد وحدث بها عن عباس الدورى وغيره روى عنه ابن شاهين والكتانى وكان ثقة
سنة
ثم دخلت سنة خمس وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان ركن الدولة ابا على كتب الى ولده عضد الدولة ابى شجاع يعرفه انه قد كبرت سنه وقرب منه ما يتوقعه امر الله تعالى وانه يؤثر مشاهدته واجتمعوا فقسم ركن الدولة الممالك بين اولاده فجعل لعضد الدولة فارس وكرمان وارجان ولمؤيد الدولة الرى واصبهان ولفخر الدولة همذان والدينور وجعل لولده ابا العباس فى كنف عضد الدولة واوصاه به
وفى يوم الثلاثاء سادس عشر رجب جلس قاضى القضاة ابو محمد بن معروف فى دار عز الدولة ونظر فى الاحكام لأن عز الدولة اقترح ذلك عليه ليشاهد مجلس حكمه
وفى ذى القعدة خلع على ابى عبد الله احمد بن محمد بن عبيد الله العلوى لامارة الحاج من دار عز الدولة وحج بالناس علوى من جهة العزيز صاحب مصر

واقيمت الدعوة له بمكة والمدينة على رسم المعز أبيه بعد ان حوصر اهل مكة فمنعوا الميرة وقاسوا شدة شديدة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
احمد بن جعفر
ابن مسلم بن راشد ابو بكر الختلى ولد سنة ثمان وسبعين ومائتين سمع ابا مسلم الكجى وعبد الله بن احمد بن حنيل وخلفا كثيرا وكتب من التفاسير والقراءات شيئا كثيرا وكان صالحا دينا مكثرا ثقة ثبتا كتب عنه الدارقطنى وروى عنه ابن رزقويه والبرقانى وابو نعيم الأصبهانى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا ابو القاسم الحسين بن احمد بن عثمان بن شيطا قال حضرنا عند ابى بكر بن مسلم لنسلم عليه فقال له بعض الحاضرين ابقاك الله فقال ما احب البقاء لانى منذ سنة لم احضر الجمعة وهذه الصيفة كلها لم انم بالليل على السطح ومذ شهر لم آكل الخبز انما اسف الفتيت فلست احب الحياة وهذه حالى قال فانصرفنا من عنده فلم يلبث الا يسيرا حتى مات توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن فى باب مقبرة الخيزران الى جانب ابن المنادى
الحسين بن محمد
ابن احمد ابو على الماسر حسبى الحافظ رحل وسمع وكتب الكثير وفى بيته وسلفه بضع عشر محدثا وصنف المسند الكبير فى الف وثلثمائة جزء مهذبا بعلله وجمع حديث الزهرى جمعا لم يسبق اليه وصنف المغازى والقبائل واكثر المشائخ والابواب وخرج على كتاب البخارى ومسلم وكان ثبتا وتوفى يوم الثلاثاء تاسع رجب من هذه السنة

معد بن اسمعيل
ابن عبيد الله ابو تميم صاحب مصر وهو اول من ظهر منهم بالمغرب وتلقب المعز لدين الله وتقلد الامر فى يوم الجمعة تاسع عشرين شوال سنة احدى واربعين وثلثمائة فاقام ناظرا ثلاثا وعشرين سنة وخمسة اشهر وستة وعشرين يوما منها بمصر ثلاث سنين وكان جوهر قد دخل مصر سنة ثمان وخمسين فوطد الامر بمصر لمعد وبنى له القاهرة واقام له الخطبة فدخل الى مصر سنة اثنتين وستين وكان بطاشا احضر يوما ابا بكر النابلسى الزاهد وكان ينزل الاكواخ من ارض دمشق فقال له بلغنا انك قلت اذا كان مع الرجل المسلم عشرة اسهم وجب ان يرمى فى الروم سهما واحدا وفينا تسعة فقال ما قلت هكذا فظن انه رجع عن قوله فقال كيف قلت قال قلت اذا كان معه عشرة وجب ان يرميكم بتسعة ويرمى العاشر فيكم ايضا فانكم غيرتم الملة وقتلتم الصالحين وادعيت نور الألهية فأمر حينئذ ان يشهر فشهر فى اليوم الاول وضرب بالسياط فى اليوم الثانى واخرج فى اليوم الثالث فسلخ سلخه رجل يهودى وكان يقرأ القرآن ولا يتأوه قال اليهودى لداخلنى له رحمة فطعنت بالسكين فى فؤاده حتى مات عاجلا حكى صاحب النابلسى قال مضيت مستخفيا اول يوم فتراءيت له وهو يشهر فقلت ما هذا فقال امتحان فلما كان اليوم الثانى رأيته يضرب فقلت ما هذا فقال كفارات فلما اخرج فى اليوم الثالث يسلخ قلت ما هذا قال ارجو ان تكون درجات وكان كافور الاخشيدى قد بعث الى هذا النابلسى بمال فرده وقال للرسول قل له قال الله اياك نعبد واياك نستعين والاستعانة به تكفى فرد كافور الرسول اليه وقال له اقرأ له ما فى السموات وما فى الارض وما بينهما وما تحت الثرى فأين ذكر كافور هاهنا وهل المال الا له فقال ابو بكر كان رصوفى لا نحن فقبله وكان المعز مغرى بالنجوم فحكم له فاستشار منجميه فأشير عليه ان يعمل سردابا تحت الارض ويتوارى فيه الى ان يجوز الوقت فعمل على ذلك واحضرقواده وقال قد جعلت ولدى نزارا خليفتى

مدة غيبتى ووصى الى ولده وجعل جوهر يدبره ونزل الى السرداب فأقام فى

سنة
وكانت المغاربة اذا رأت غماما ساريا ترجل الفارس منهم الى الارض واومأ بالسلام تقديرا ان المعز فيه ثم خرج بعد ذلك وجلس للناس واقام مديدة ثم توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ست وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه توفى ابو على بن بويه فى المحرم فوجد عضد الدولة طريقا الى ما كان يخفيه من قصد العراق
وفى ليلة الثلاثاء لست بقين من جمادى الاولى نقلت بنت عز الدولة زوجة الطائع اليه
وبلغت زيادة دجلة فى رمضان وهو الخامس والعشرين من نيسان احد وعشرين ذراعا وانفجر بالزاهد يثق وبباب التبن آخر
وفى شوال ورد ابو بكر محمد بن على بن شاهويه صاحب القرامطة الى الكوفة ومعه الف رجل منهم واقام الدعوة بها وبسوراء والنيل للطائع لله ولعضد الدولة وكانت وقعة بين عضد الدولة وعز الدولة فأسر فيها غلام تركى لعز الدولة لم يكن من قبل بأحظى غلمانه ولا باقربهم منه فجن عليه جنونا وحزن عليه حزنا شديدا وتسلى عن كل شىء الا عنه وزال تماسكه واطرح القرار وامتنع من المطعم والمشرب وانقطع الى البكاء واحتجب عن الناس وكان اذا وصل اليه وزيره او قواده قطعهم بالشكوى لما حل به وحرم على نفسه الجلوس فى الفرش والمخاد وكتب الى عضد الدولة يسأله رد الغلام اليه وكتب الى خواصه المطيفين به يسألهم معونته على ما رغب إليه فصار ضحكة بين الناس وعاتبه الخلق فما ارعوى وانفذ الشريف ابا احمد الحسين بن موسى رسولا اليه فى هذا الامر وبذل له على يده فدية الغلام جاريتين عوادتين لم يكن لهما نظير وقد بذل له فى احدا هما مائة الف فأبى ان يبيعها وقال له ان وقف عليك هذا

الامر فى الفداء فزد ما ترى ولا تفكر فيما بينى وبين عضد الدولة الا فى هذا الغلام فقد رضيت ان آخذه وامضى الى اقصى الارض فلما ادى الرسالة امر عضد الدولة برد الغلام
وفى هذه السنة حج بالناس ابو عبد الله احمد بن ابى الحسين محمد بن عبيد الله العلوى وكذلك الى سنة ثمانين وثلثمائة
وفيها خطب للمغاربة فى مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان فى حاج هذه السنة جميلة بنت ناصر الدولة ابى محمد بن حمدان وكان معها اخواها ابراهم وهبة الله فضرب بحجها المثل فانها استصحبت اربعمائة جمل عليها محامل عدة ولم يعلم فى ايها كانت ونثرت على الكعبة حين شاهدتها عشرة آلاف دينار من ضرب ابيها وكست المجاورين بالحرمين وانفقت الاموال الجزيلة وقتل اخوها فى الطريق فتصدقت بدمه

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
107 - اسمعيل بن نجيد
ابن احمد بن يوسف بن سالم ابو عمر السلمى صحب ابا عثمان ولقى الجنيد وسمع الحديث ورواه وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
اخبرنا محمد بن ناصر انبأنا ابو بكر بن خلف اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت جدى اسمعيل بن نجيد يقول من لم تهذبك رؤيته فاعلم انه غير مهذب انبأنا ا زاهر بن طاهر اخبرنا احمد بن الحسين البيهقى حدثنا ابو عبد الله الحاكم قال سمعت ابا سعيد بن ابى بكر بن ابى عثمان يقول كان جدى طلب شيئا لبعض الثغور وتأخر ذلك عنه وضاق به ذرعا وبكى على رؤس الناس فجاءه ابو عمرو ابن نجيد بعد العتمة ومعه كيس فيه الفا درهم فقال تجعل هذا فى الوجه الذى تأخر ففرح ابو عثمان بذلك ودعا له فلما جلس ابو عثمان قال ايها الناس قد رجوت لابى عمر ومما فعل فانه تاب عن الجماعة فى ذلك الامر وحمل كذا وكذا

فجزاه الله عنى خيرا فقام ابو عمر وعلى رؤس الناس فقال انما جعلت ذلك من مال امى وهى غير راضية فينبغى ان يرد على لأرده اليها فأمر ابو عثمان بذلك الكيس فأخرج ورده اليه على رؤس الناس وتفرق الخلق فلما جن عليه الليل جاء الى ابى عثمان فى مثل ذلك الوقت وقال يمكن ان يجعل هذا فى ذلك الوجه من حيث لا يعلم به غيرنا فبكى ابو عثمان وكان بعد ذلك يقول انا اخشى من همة ابى عمرو
108 - الحسن بن بويه
ابو على ركن الدولة قد ذكرنا انه قسم المملكة بين اولاده الثلاثة توفى عن قولنج عرض له فى ليلة السبت ثامن عشرين محرم هذه السنة وكانت امارته اربعا واربعين سنة وشهرا وتسعة ايام ومدة عمره ثمانا وسبعين سنة
109 - الحسين بن ابى النجم
بدر بن هلال المؤدب روى عن ابى مزاحم الخاقانى روى عنه ابو العلاء الواسطى وكان يؤدب الطائع لله خرج معه الى الاهواز فتوفى فى هذه السنة وكان ثقة جميل الامر
110 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم ابن افلح بن رافع بن ابراهيم بن افلح بن عبد الرحمن بن عبيد بن رفاعة بن رافع ابو الحسن الانصارى الزرقى وكان رفاعة احد النقباء عقبيا شهد احدا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان محمد بن اسحاق نقيب الانصار ببغداد وحدث عن البغوى وغيره قال محمد بن ابى الفوارس كان ثقة وعن ابى الحسن بن الفرات قال كان محمد بن اسحاق الزرقى ثقة جميل الامر حافظا لامور الانصار ومناقبهم ومشاهدهم وقد كتبت عنه شيئا يسيرا وذكر لى ان كتبه تلفت وتوفى فى جمادى الآخرة سنة ست وستين وثلثمائة ودفن فى مقابر الانصار عند ابيه

111 - محمد بن الحسن بن احمد
ابن اسمعيل ابو الحسن السراج سمع يوسف بن يعقوب القاضى وابا شعيب الحرانى وابا جعفر الحضرمى وغيرهم وكان شديد الاجتهاد فى العبادة وكان يشبه بابى يونس القوى صلى حتى اقعد ثم بكى حتى عمى وتوفى يوم عاشوراء فى هذه السنة
سنة 367

ثم دخلت سنة سبع وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى صفر الى الكوفة بوفاة ابى يعقوب يوسف ابن الحسن الجنابى القرمطى صاحب هجر فاغلقت اسواق الكوفة ثلاثة ايام وفى ربيع الاول زلزلت بغداد
وفى ربيع الآخر عبر عز الدولة الى الجانب الغربى على جسر عقده ودخل الى قطريل وتفرق عنه ديلمته ودخل اوائل اصحاب عضد الدولة ثم نزل عضد الدولة بالخيم فى الشفيعى وخرج الطائع متلقيا له وضربت القباب المزينة ودخل البلد ثم خرج عضد الدولة ومعه الطائع ليقاتل عز الدولة بختيار فلما اراد الخروج دخل عليه ابو على الفارسى فقال له ما رأيك في صحبتنا فقال انا من رجال الدعاء لا اللقاء فخار الله للملك فى عزيمته وانجح قصده فى نهضته وجعل العافية زاده والظفر تجاهه والملائكة انصاره ثم انشد ... ودعته حيث لا تودعه ... نفس ولكنها تسير معه ... ثم تولى وفى الفؤاد له ... ضيق محل وفى الدموع سعه ...
فقال عضد الدولة بارك الله فيك فانى اثق بطاعتك واتيقن صفاء طويتك وقد انشدنا بعض اشياخنا بفارس ... قالوا له اذ سار جانبه ... فبدلوه البعد بالقرب ... والله ما شطت نوى ظاعن ... سار من العين الى القلب

فدعا له ابو على وقال ائذن مولانا فى نقل هذين البيتين فأذن له فاستملاهما منه فلما خرج للقتال التقوا فأخذ عز الدولة اسيرا وقتل ثم ركب بعد ذلك عضد الدولة الى دار الطائع لله فى يوم الاحد لتسع خلون من جمادى الاولى ومعه اصناف الجند والاشراف والقضاة والشهود والاماثل والوجوه فخلع عليه الخلع السلطانية وتوجه بتاج مرصع بالجوهر وطوقه وسوره وقلده سيفا وعقد له لوائين بيده احدهما مفضض على رسم الامراء والآخر مذهب على رسم ولاة العهود ولم يعقد هذا اللواء الثانى لغيره قبله ممن يجرى مجراه ولقبه تاج الملة مضافا الى عضد الدولة وكتب له عهدا وقرئ العهد بحضرته ولم تجر العادة بذلك وانما كانت العهود تدفع الولاة بحضرة الخلفاء فاذا أخذه الرجل منهم قال له هذا عهدى اليك فاعمل به وحمله على فرس بمركب ذهب وقاد بين يديه آخر بمركب مثله فخرج وجلس فى الطيار الى داره وجلس من الغد بالخلع والتاج على السرير للهناء وتقدم باخراج عشرين الف درهم فى الصدقات ففرقت على سائر الملل وبعث اليه الطائع هدايا كثيرة طريفة فبعث هو خمسمائة جمال وحمل خمسين الف الف دينار والف الف درهم وخمسمائة ثوب انواعا وثلاثين صينية فضة فيها العنبر والمسك والنوافح
وفى شهر رمضان وردت المدود العظيمة بتامرا فقلعت سكر السهلية وتناهت زيادة دجلة حتى انتهت الى احدى وعشرين ذراعا وانفجر بالزاهر من الجانب الشرقى بثق غرق الدور والشوارع وانفجر بثق من الخندق غرق مقابر باب التبن وقطيعة ام جعفر وخرج سكان الدور الشارعة على دجلة منها وغار الماء من آبارها وبلاليعها وانهم الناس نفوسهم خوفا من غرق البلد كله ثم نقص الماء وفى يوم الاحد سابع ذى القعدة كانت بسيراف زلزلة هدمت المنازل واتت على ما فيها من الاموال وهلك بها اكثر من مائتى انسان
وفى هذه السنة جرت لابى الحسين بن سمعون قصة عجيبة مع عضد الدولة اخبرنا بها ابو الحسن علي بن المعافة الفقيه قال حدثنا ابو بكر محمد بن عبد الباقى البزاز قال

اخبرنا القاضى ابو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى اجازة قال حدثنا ابو الحسن على بن نصر بن الصباح قال حدثنا ابو الثناء شكر العضدى قال دخل عضد الدولة الى بغداد وقد هلك اهلها قتلا وحرقا وجوعا للفتن التى اتصلت فيها بين الشيعة والسنة فقال آفة هؤلاء القصاص يغرون بعضهم ببعض ويحرضونهم على سفك دمائهم واخذ اموالهم فنادى فى البلد لا يقص احد فى جامع ولا طريق ولا يتوسل متوسل بأحد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن احب التوسل قرأ القرآن فمن خالف فقد اباح دمه فرفع اليه فى الخبران ابا الحسين ابن سمعون الواعظ جلس على كرسيه يوم الجمعة فى جامع المنصور وتكلم على الناس فأمرنى ان انفذ اليه من يحصله عندى ففعلت فدخل على رجل له هيبة وعلى وجهه نور فلم املك ان قمت اليه واجلسته الى جانبى فسلم ينكر ذلك وجلس غير مكترث واشفقت والله ان يجرى عليه مكروه على يدي فقلت ايها الشيخ ان هذا الملك جلد عظيم وما كنت اوثر مخالفة امره وتجاوز رسمه والآن فانا موصلك اليه فكما تقع عينك عليه فقبل التراب وتلطف فى الجواب اذا سألك واستعن الله عليه نعساه يخلصك منه فقال الخلق والامر لله فمضيت به الى حجرة فى آخر الدار قد جلس فيها الملك منفردا خيفة ان يجرى من ابى الحسين بادرة بكلام فيه غلظ فتسير به الركبان فلما دنوت من الحجرة وقفته وقلت له اياك ان تبرح من مكانك حتى اعود واذا سلمت فليكن بخشوع وخضوع ودخلت لاستأذن له فالتفت فاذا هو واقف الى جانبى قد حول وجهه نحو دار بختيار واستفتح وقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهى ظالمة ان اخذه اليم شديد
ثم حول وجهه نحو الملك وقال بسم الله الرحمن الرحيم ثم جعلنا كم خلائف فى الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون واخذ فى وعظه فاتى بالعجب فدمعت عين الملك وما رأيت ذلك منه قط وترك كمه على وجهه وتراجع ابو الحسين فخرج ومضى الى حجرتى فقال الملك امض الى بيت المال وخذ

ثلاثة الاف درهم والى خزانة الكسوة وخذ منها عشرة اثواب وادفع الجميع اليه فان امتنع فقل له فرقها فى فقراء اصحابك قال قبلها فجئنى برأسه فاشتد جزعى وخشيت ان يكون هلاكه على يدى ففعلت وجئته بما امر وقلت له مولانا يقرئك السلام وقال لك استعن بهذه الدراهم فى نفقتك والبس هذه الثياب فقال لى ان هذه الثياب التى على مما قطعه لى ابى منذ اربعين سنة البسها يوم خروجى الى الناس واطويها عند انصرافى عنهم وفيها متعة وبقية ما بقيت ونفقتى من اجرة دار خلفها ابى فما اصنع بهذا قلت هو يأمرك بأن تصرفه فى فقراء اصحابك فقال ما فى اصحابى فقير واصحابه الى هذا افقر من اصحابى فليفرقه عليهم فعدت فأخبرته فقال الحمد لله الذى سلمه منا وسلمنا منه

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
112 - ابراهيم بن محمد ابن احمد بن محمويه ابو القاسم النصر اباذى النيسابورى منسوب الى نصر اباذ بنيسابور وهى محلة من محالها وكذلك ابو نصر النصر اباذى الفقيه وجماعة وثم آخر يقال له ابو عمر ومحمد بن عبد الله النصر اباذى منسوب الى نصر اباذ من الرى كبير القدر يروى الحديث فأما ابو القاسم فانه سمع الحديث الكثير من جماعة منهم مكحول البيروتى وكان ثقة عالما بالحديث روى عنه ابو عبد الرحمن السلمى وابو عبد الله الحاكم وابو العلاء الواسطى وصحب الشبلى وجاور بمكة وتوفى بها فى هذه السنة
113 - بختيار ابو منصور الملك عز الدولة بن معز الدولة ابى الحسين احمد بن بويه ملك بعد موت ابيه وكان احسن الناس واشدهم جسما وقلبا وكان يصرع الثور الجلد بيديه من غير اعوان ولاحبال يقبض على قوائمه ويطرحه الى الارض حتى يذبح وكان من

قوة القلب على امر عظيم يبارز الاسود فى متصيداته وخلع المطيع عليه وطوقه وسوره وكتب عهده فطمع ابن عمه عضد الدولة فى مملكة بغداد فخاصمه فقتل بختيار وكان سنه يومئذ ستا وثلاثين سنة وكانت مدة امارته احدى عشرة سنة وشهورا
114 - عبيد الله
بن عبد الله ابن محمد بن ابى سمرة ابو محمد البندار بغوى الاصل سمع الباغندى روى عنه البرقانى وقال ثقة امين له معرفة وحفظ وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
115 - عثمان بن الحسن
ابن على بن محمد ابو يعلى الوراق يعرف بالطوسى سمع البغوى وابن ابى داود روى عنه البرقانى وقال كان ذا معرفة وفضل له تخريجات وجموع وهو ثقة توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
116 - محمد بن احمد بن عبد الله
ابن نصر بن بجير ابو طاهر الذهلى القاضى ولد سنة تسع وتسعين ومائتين وسمع ابا شعيب الحرانى ويوسف بن يعقوب وثعلبا وغيرهم وولى القضاء بواسط ثم بمدينة المنصور وبالشرقية وكان على مذهب مالك حدث ببغداد وسمع منه الدارقطنى وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت انبأنا ابراهيم بن مخلد انبأنا اسمعيل بن على الخطبى قال صرف الحسين بن عمر بن محمد القاضى عن قضاء مدينة المنصور وولى مكانه ابو طاهر فشهد عند قاضى القضاة عمر بن محمد وله خاصة به ثم ولاه القضاء بواسط الى ان توفى عمر واقام على حاله مدة ثم عز له بحكم عند دخوله واسط ونكبه وصار الى بغداد واقام فى منزله ثم ولى قضاء المدينة واعمالها وكان حسن الستر جميل الامر وقال الصورى كان ابو طاهر قاضيا بمصر وبها توفى سنة سبع وستين وثلثمائة استعفى من القضاء قبل موته

117 - محمد بن الحسن ابن على بن محمد بن عيسى بن يقطين ابو جعفر البزاز سمع ابا خليفة الفضل بن الحباب وابا يعلى الموصلى والباغندى والبغوى وسافر وكتب بالجزيرة والشام وغيرهما من البلدان فاكثر وكان صدوقا فهما روى عنه ابو نعيم الاصبهانى وغيره قال ابو الحسن بن الفرات كان ابو جعفر ثقة وانتقى عليه من الحفاظ عمر البصرى وابن المظفر والدارقطنى وتوفى يوم الاربعاء ودفن يوم الخميس رابع عشرين ربيع الآخر من هذه السنة
118 - محمد بن عبد الرحمن
ابو بكر القاضى المعروف بابن قريعة روى عن ابى بكر ابن الانبارى ولا يعرف له مسند من الحديث وكان حسن الخاطر يأتى الكلام مسجوعا مطبوعا من غير تعمد ولاه ابو السائب عتبة بن عبيد الله القاضى قضاء السندية وغيرها من اعمال الفرات ومشى يوما مع ابن معروف القاضى فدخلا دربا فتأخر ثم قال لابن معروف ان تقدمت فحاجب وان تأخرت فواجب وزحمه يوما حمار عليه راكب فقال ... يا خالق الليل والنهار ... صبرا على الذل والصغار ... كم من جواد بلا حمار ... ومن حمار على حمار ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى منصور بن ربيعة الزهرى قال سمعت ابا طاهر العطار قاضى الدينور يقول سمعت ابا سعيد السمرقندى يقول كان ببغداد قائد يلقب بالكينا كنيته ابو اسحاق وكان يخاطب ابن قريعة بالقاضى فندر منه يوما فى المخاطبة ان قال لابن قريعة يا ابا بكر فقال له ابن قريعة لبيك يا ابا اسحاق فقال القائد ما هذا فقال يا هذا انما بكركتك اذا قضيتنا فاذا بكر كتنا تسحقناك فقال القائد ويلاه هذا افضح من الاول
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى محمد بن ابى الحسن قال انشدنى ابو العباس احمد بن على النحوى قال سمعت ابن قريعة ينشد

لى حيلة فيمن ينم ... وليس فى الكذاب حيله ... من كان يخلق ما يقول ... فحيلتى فيه قليلة ...
توفى ابن قريعة ليلة السبت لعشر بقين من جمادى الآخرة من هذه السنة عن خمس وستين

سنة
سنة
ثم دخلت سنة ثمان وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الطائع تقدم فى شعبان بأن تقام الخطبة لعضد الدولة على منابر الحضرة تالية للخطبة له فوقع الابتداء بذلك فى يوم الجمعة لتسع بقين منه وبأن تضرب على بابه ببغداد الدبادب فى اوقات الصلوات الثلاث الغداة والمغرب والعشاء وهذان امران لم يكونا من قبل ولا اطلقا لولاة العهود ولاخطب بحضرة السلطان الا له ولا ضربت الدبادب الا على بابه وقد كان معز الدولة احب ان تضرب له الدبادب بمدينة السلام وسأل المطيع لله ذاك فلم يأذن له ودخل عضد الدولة داره بمدينة السلام عائدا من الموصل وتلقاه الطائع بقطربل
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابز
119 - احمد بن جعفر
ابن حمدان بن مالك بن شبيب بن عبد الله ابو بكر القطيعى ولد فى محرم سنة اربع وسبعين ومائتين وابوه يكنى ابا الفضل وحمدان لقب وانما اسمه احمد وكان يسكن قطيعة الدقيق فنسب اليها سمع ابو بكر من ابراهيم بن اسحاق واسحاق بن الحسن الحربيين وبشر بن موسى والكديمى والكجى وعبد الله بن احمد وغيرهم وكان كثير الحديث ثقة روى عن عبد الله بن احمد المسند والزهد والتاريخ والمسائل وغير ذلك
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا ابو طالب محمد بن الحسين بن بكير قال سمعت ابا بكر بن مالك القطيعى يقول كانت والدتى بنت اخى ابى عبد الله بن الجصاص وكان عبد الله بن احمد يجيئنا فيقرأ علينا ما نريد وكان يقعدنى فى حجره حتى

يقال له يؤلمك فيقول انى احبه قال المصنف رحمه الله لما غرقت القطيعة بالماء الاسود غرق بعض كتبه فاستحدث عوضها فتكلم فيه بعضهم وقال كتب من كتاب ليس فيه سماعه ومثل هذا لا يطعن به عليه لانه يجوز ان تكون تلك الكتب قد قرئت عليه وعورض بها اصله وقد روى عنه الائمة كالدارقطنى وابن شاهين والبرقانى وابى نعيم والحاكم ولم يمتنع احد من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال لما اجتمعت بأبى عبد الله الحاكم ذكرت ابن مالك ولينته فانكر على وقال ذلك شيخى وحسن حاله وقد حكى عن ابى الحسن بن الفرات انه قال تغير ابن مالك فى آخر عمره فكان لا يعرف شيئا مما قرئ عليه وتوفى فى هذه السنة ودفن فى مقابر باب حرب قريبا من قبر الامام احمد بن حنبل
120 - تميم بن المعز
قد ذكرنا ان المعز اول من ظهر من المغرب على ديار مصر وكان له اولاد منهم تميم هذا وكان فى تميم فضل ووفاء وكرم وفصاحة وله شعر حسن
اخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الانماطى انبأنا ابو عبد الله محمد بن أبى نصر الحميدي قال حدثنى ابو محمد على بن ابى عمر اليزيدى قال حدثنا ابو بكر محمد بن عبد الواحد الزبيرى قال حدثنى ابو على الحسن بن الاشكرى المصرى قال كنت من جلاس الامير تميم بن المعز وممن غلب عليه جدا فبعث بى الى بغداد فاشتريت له جارية رائعة من افضل ما وجد فى الحسن والغناء فلما وصلت اليه اقام دعوة لجلسائه وانا فيهم ثم وضعت الستارة وامرها بالغناء فغنت ... وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهنا لمعانه ... يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنع اركانه ...

وفى غير هذه الرواية زيادة
... فبدا لينظر كيف لاح فلم يطق ... نظرا اليه وصده سجانه

فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه ...
قال احسنت وطرب تميم وكل من حضر ثم غنت ... سيسليك عما فات اول مفضل ... او ائله محمودة واواخره ... ثنى الله عطفيه والف شخصه ... على البرمذ شدت عليه مآزره ...

فطرب الامير تميم ومن حضر طربا شديدا ثم غنت
... استودع الله فى بغداد لى قمرا ... بالكرخ من فلك الازرار مطلعه ...
فاشتد طرب تميم وافرط جدا ثم قال لها تمنى ماشئت فلك مناك فقالت اتمنى عافية الامير وبقاءه فقال ووالله لا بدلك ان تتمنى فقالت على الوفاء ايها الامير بما اتمنى فقال نعم فقالت اتمنى ان اغنى هذه النوبة ببغداد فاستنقع لون تميم وتغير لونه وتكدر المجلس وقام وقمنا كلنا قال ابن الاشكرى فلحقنى بعض خدمه وقال لى ارجع فالامير يدعوك فرجعت فوجدته جالسا ينتظرنى فسلمت وجلست بين يديه فقال ويحك ارأيت ما امتحنا به قلت نعم ايها الامير قال لا بد من الوفاء لها وما اثق فى هذا بغيرك فتأهب لتحملها الى بغداد فاذا غنت هناك فاصرفها فقلت سمعا وطاعة قال ثم قمت وتأهبت وامرها بالتأهب واصحبها جارية له سوداء تعاد لها وتخدمها وامر بناقة ومحمل فأدخلت فيه وحملها معى ثم سرت الى مكة مع القافلة فقضينا حجنا ثم دخلنا فى قافلة العراق وسرنا فلما وردنا القادسية اتتنى السوداء عنها فقالت تقول لك سيدتى اين نحن فقلت لها نحن نزول بالقادسية فانصرفت اليها فاخبرتها فلم انشب ان سمعت صوتها تدافع بالغناء ... لما وردنا القادسية حيث مجتمع الرفاق ... وشممت من ارض الحجا ... ز نسيم ارواح العراق ... ايقنت لى ولمن احب بجمع شمل واتفاق ... وضحكت من فرح اللقا ... ء كما بكيت من الفراق ...
فتصايح الناس من اقطار القافلة اعيذى بالله اعيذى بالله قال فما سمع لها
كلمة

قال ثم نزلنا باليا سرية وبينها وبين بغداد قرب فى بساتين متصلة ينزلها الناس فيبيتون ليلتهم ثم يبكرون لدخول بغداد فلما كان قريب الصباح اذا بالسوداء اتتنى مذعورة فقلت ما لك فقالت ان سيدتى ليست حاضرة فقلت واين هى قالت والله ما ادرى قال فلم احس لها اثرا بعد ودخلت بغداد وقضيت حوائجى منها وانصرفت اليه فأخبرته الخبر فعظم ذلك عليه واغتم له ثم ما زال بعد ذلك ذاكر لها واجما عليها
121 - الحسن بن عبد الله
ابن المرزبان ابو سعيد السيرافى النحوى القاضى سكن بغداد وولى القضاء بها وحدث بها عن عبد الله بن محمد بن زياد وابى بكر بن دريد وغيرهما وكان ابوه مجوسيا واسمه بهزاذ فسماه ابو سعيد عبد الله
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت رئيس الرؤساء ابا القاسم على بن الحسن يذكر ان ابا سعيد السيرافى كان يدرس القرآن والقراءات وعلوم القرآن والنحو واللغة والفقه والفرائض والكلام والشعر والعروض والقوافى والحساب وذكر علو ما سوى هذه وكان من اعلم الناس بنحو البصريين وينتحل مذهب اهل العراق فى الفقه وقرأ على ابى بكر بن مجاهد القرآن وعلى ابن دريد اللغة ودرسا جميعا عليه النحو وقرأ على ابى بكر بن السراج وعلى ابى بكر المبرمان النحو وقرأ احدهما عليه القرآن ودرس الآخر عليه الحساب وكان زاهدا لا يأكل الامن كسب يده فذكر جدى ابو الفرج عنه انه كان لا يخرج الى مجلس الحكم ولا الى مجلس التدريس فى كل يوم الا بعد ان ينسخ عشر ورقات يأخذ اجرتها عشرة دراهم تكون قدر مؤنته ثم يخرج وقال ابن أبى الفوارس كان يذكر عنه الاعتزال ولم نره يظهر من ذلك شيئا وكان نزها عفيفا توفى فى رجب هذه السنة عن اربع وثمانين سنة ودفن فى مقبرة الخيزران
122 - عبد الله بن ابراهيم
ابن يوسف ابو القاسم الزنجانى ويعرف بالابندونى وهى قرية من قرى جرجان

احد الرحالين فى طلب العلم والحديث الى البلاد وكان رفيق ابى احمد بن عدى الحافظ وسكن بغداد وحدث عن ابى يعلى الموصلى والحسن بن سفيان وابن خزيمة وغيرهم روى عنه البرقانى وغيره وكان ثقة ثبتا مصنفا
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت البرقانى ذكر الأبندونى قال كان محدثا قد أكل ملحه وكان زاهدا ولم يكن يحدث غير واحد منفرد فقيل له فى ذلك فقال اصحاب الحديث فيهم سوء ادب فإذا اجتمعوا للسماع تحدثوا وانا لا اصبر على ذلك قال البرقانى ودفع الى يوما قدحا فيه كسر يابسة وامرنى ان احمله الى الباقلاوى ليطرح عليه ماء الباقلاء ففعلت ذلك فلما القى الباقلاوى الماء وقع فى القدح من الباقلاء ثنتان او ثلاث فبادر الباقلاوى الى رفعها فقلت له ويحك ما مقدار هذا حتى ترفعه من القدح فقال هذا الشيخ يعطينى فى كل شهر دانقا حتى ابل له الكسر اليابسة فكيف ادفع اليه الباقلاء مع الماء وجعل البرقانى يصف اشياء من تقلله وزهده وقال كان سيدا فى المحدثين توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
123 - عبد الله بن ورقاء ابو احمد الشيبانى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كان ابو احمد الشيبانى من اهل البيوتات واسرته كانوا من اهل الثغور انشدنا القاضى ابو على قال انشدنا الامير ابو احمد ابن ورقاء قال انشدنا ثعلب قال انشدني ابن الاعرابى لاعرابى فى صفة النساء
... هى الضلع العوجاء لست تقيمها ... ألا ان تقويم الضلوع انكسارها ... ايجمعن ضعفا واقتدارا على الفتى ... أليس عجيبا ضعفا واقتدارها ...

توفى ابو احمد فى آخر ذى الحجة من هذه السنة وقد بلغ تسعين سنة
124 - عبد الله بن الحسن
ابن سليمان ابو القاسم المغزىء المعروف بابن النحاس ولد سنة تسعين ومائتين

وسمع احمد بن الحسن الصوفى والبغوى وابن أبى داود روى عنه ابو بكر بن مجاهد وابو الحسن الحمامى والبرقانى وكان ثقة من اهل القرآن والفضل والخير والستر والعقل والحسن والمذهب الجميل توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
125 - عيسى بن حامد ابن بشر بن عيسى ابو الحسن القاضى ويعرف بابن اخت القنيبطى سمع جعفر الفريابى وابن جرير الطبرى وكان احد اصحابه وكان ثقة جميل الامر وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
126 - محمد بن احمد

ابن ابراهيم ابو الحسن الشافعى سمع محمد بن عثمان ابن ابى شيبة توفى فى
يوم الخميس سلخ جمادى الاولى من هذه السنة
127 - محمد بن اسحاق ابن محمد بن ابراهيم ابو الحسين السختيانى سمع ابا العباس الثقفى وكان من العباد المجتهدين وكان يحج ويغزو ولا يعلم بذلك اهل بلده فاذا سئل عن غيبته لم يحدث بذلك وتوفى فى رجب هذه السنة وهو ابن ست وستين سنة
128 - محمد بن عيسى ... ابن محمد بن عبد الرحمن ابو احمد الجلودى روى عن ابراهيم بن محمد بن سفيان عن مسلم صحيحه وكان من الزهاد وكان يورق ويأكل من كسب يده وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة وهو ابن ثمانين سنة
129 - محمد بن محمد
ابن يوسف ابو بكر اللحيانى المغزىء نزل نيسابور وادعى دعاوى فى القراءات انبأنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال سمعت ابا بكر بن الامام يقول قلت لأبى بكر اللحيانى على من

قرأت بالعراق فقال على ابى بكر بن مجاهد فقلت قرأت عليه قبل ان يخضب او بعد ان خضب قال قرأت عليه وقد خضب قلت فقرأت عليه قبل ان يأخذ العصابيده قال كان لا يخرج الا والعصا بيده فقلت يا هذا فوالله الذى لا اله الا هو ما خضب ابو بكر بن مجاهد ولا أخذ العصا بيده قط

سنة
ثم دخلت سنة تسع وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه قبض على الشريف ابى احمد الحسين بن موسى الموسوى فى صفر وقلد ابو الحسن على بن احمد بن اسحاق العلوى نقابة الطالبيين ببغداد وواسط وابو الفتح احمد بن عمر بن يحيى نقابتهم بالكوفة وابو الحسن احمد بن القاسم المحمدى نقابتهم بالبصرة والاهواز وكان قد استذنب ابو احمد بما ليس بذنب فأرى خطا مزورا على خطه بافشاء الاسرار وقيل له ان عز الدولة اعطاك عقدا فى فداء غلامه فكتمتناه فقال اما الخط فليس بخطى واما العقد فانه قال ان لم يقبل ما دفعت فادفع هذا فلم يجز لى ان اخونه
وفى يوم الاثنين لأربع بقين من صفر قبض عضد الدولة على أبى محمد ابن معروف قاضى القضاة وانفذه الى القلعة بفارس وقلد ابو سعد بشر بن الحسين ما كان اليه من قضاء القضاة واحتج على ابن معروف بالتقصير فى حق عضد الدولة وبانه ينفسح فيما لا ينبغى للقضاة مثله فأجاب عن ذلك فلم يلتفت اليه وفى شعبان ورد رسول للعزيز صاحب مصر الى عضد الدولة بكتاب وما زال يبعث اليه برسالة بعد رسالة فاجابه بما مضمونه صدق الطوية حسن النية
وسأل عضد الدولة الطائع فى مورده الثانى الى الحضرة ان يزيد فى لقبه تاج الملة ويجدد الخلع عليه ويلبسه التاج والحلى المرصع بالجوهر فأجابه الى ذلك وجلس الطائع على سرير الخلافة فى صدر صحن السلام وحوله من خدمه الخواص نحو مائة بالمناطق والسيوف والزينة وبين يديه مصحف عثمان وعلى كتفيه البردة وبيده القضيب وهو متقلد سيف النبى صلى الله عليه و سلم وضرب

ستارة بعثها عضد الدولة وسأل ان يكون حجابا للطائع حتى لا يقع عليه عين احد من الجند قبله ودخل الاتراك و الديلم ولم يكن مع احد منهم حديد ووقف الاشراف واصحاب المراتب من الجانبين فلما وصل عضد الدولة اوذن به الطائع فأذن له فدخل فأمر برفع الستارة فقيل لعضد الدولة قد وقع طرفه عليك فقبل الارض ولم يقبلها احد ممن معه تسليما للرقبة فى تقبيل الارض اليه فارتاع زياد من بين القواد لما شاهد وقال بالفارسية ما هذا ايها الملك أهذا هو الله عز و جل فالتفت الى ابى القاسم عبد العزيز بن يوسف وقال له فهمه وقل له هذا خليفة الله فى الارض ثم استمر يمشى ويقبل الارض تسع مرات والتفت الطائع الى خالص الخادم وقال له استدنه فصعد عضد الدولة وقبل الارض دفعتين فقال له الطائع ادن الى ادن فدنا واكب وقبل رجله وثنى الطائع يمينه عليه وكان بين يديه سريره مما يلى الجانب الايمن للكرسى ولم يجلس فقال له ثانيا اجلس فأومأ ولم يجلس فقال له اقسمت عليك لتجلسن فقبل الكرسى وجلس فقال له الطائع ما كان اشوقنا اليك واتوقنا الى مفاوضتك فقال عذرى معلوم فقال نيتك موثوق بها وعقيدتك مسكون اليها وأومأ برأسه ثم قال له الطائع قد رأيت ان افوض اليك ما وكل الله تعالى الى من امور الرعية فى شرق الارض وغربها وتدبيرها فى جميع جهاتها سوى خاصتى واسبابى وما وراء بابى فتول ذلك مستخيرا بالله تعالى فقال له عضد الدولة يعيننى الله عز و جل على طاعة مولانا وخدمته واريد المطهر وعبد العزيز وجوه القواد الذين دخلوا معى ان يسمعوا لفظ امير المؤمنين فاذنوا وقال الطائع هاتوا الحسين بن موسى ومحمد بن عمرو بن معروف وابن ام شيبان والزينبى فقدموا فأعاد الطائع لله القول بالتفويض اليه والتعويل عليه ثم التفت الى طريف الخادم فقال يا طريف يفاض عليه الخلع ويتوج فنهض عضد الدولة الى الرواق فالبس الخلع فخرج فأومأ ليقبل الارض فلم يطق فقال له الطائع حسبك حسبك وامره بالجلوس على الكرسى ثم استدعى الطائع تقديم الويته فقدم لواء ان واستخار

الطائع لله عز و جل وصلى على رسوله وعقدهما ثم قال يقرأ كتابه فقرأ فقال له الطائع خار الله لنا ولك وللمسلمين آمرك بما أمرك الله به وأنهاك عما نهاك الله عنه وابرأ الى الله مما سوى ذلك انهض على اسم الله واخذ الطائع سيفا كان بين المخدتين اللتين تليانه فقلده اياه مضافا الى السيف الذى قلده مع الخلعة ولما اراد عضد الدولة ان ينصرف قال للطائع انى اتطير ان اعود على عقبى فاسأل ان يؤمر بفتح هذا الباب لى فاذن فى ذلك وشاهد فى الحال نحو ثلثمائة صانع قد اعدهم عضد الدولة حتى هيىء للفرس مسقال وركب وسار الجيش مشاة الى ان خرج من باب الخاصة ثم ركب القواد والجيش وسار فى البلد ثم بعث الطائع اليه بعد ثلاثة ايام هدية فيها غلالة قصب وصينية ذهب وخرداذى بلور وفيه شرب ناقص كأنه قد شرب بعضه وعلى فم الخرداذى خرقة حرير مشدودة مختومة وكاس بلور من هذا الفن فوافى ابو نصر الخازن ومعه من الاموال نحو ما ذكرنا فى دخوله الاول فى السنة الماضية ولما عاد عضد الدولة جلس للتهنيئة فقال ابو اسحاق الصابى على البديهة ... يا عضد الدولة الذى علقت ... يداه من فخره بأعرفه ... ليست للملك تاج ملته ... فصل عرى غربه بمشرفه ... احرزت منك الجديد فى عمر ... اطاله الله غير مخلقه ... يلوح منك الجبين بحاشية ... لحاظنا فى ضياء رونقه ... كأنه الشمس فى انارتها ... ويشبه البدر فى تألقه ... لما رأيت الرجال تنشده ... من كل فحل القريض مغلقه ... الجأت نفسى اليك رؤيتها ... لتطلب المدح طول منطقه ... قال له خاطرى بطمع ان ... تساجل البحر فى تدفقه ... خفف واوجز فقلت مختصرا ... للقول فى جده واصدقه ... يفتخر النحل تحت اخمصه ... فكيف بالتاج فوق مفرقه ...
وفى شهر رمضان بعث الى ضبة بن محمد الاسدى وكان من اكابر الذعار وقد

قتل النفوس ونهب الامول وتحصن بعين التمر نيفا وثلاثين سنة والوصول اليها يصعب فلما طل عليه العسكر هرب وترك اهله وخاصته فأسر اكثرهم وملك البلد
وفى يوم الثلاثاء لتسع بقين من ذى القعدة تزوج الطائع لله بنت عضد الدولة الكبرى وعقد العقد بحضرة الطائع وبمشهد من الاشراف والقضاة والشهود ووجوه الدولة على صداق مبلغه مائة الف دينار وفى رواية مائتى الف دينار والوكيل عن عضد الدولة فى العقد ابو على الحسن بن احمد الفارسى النحوى والخطيب القاضى ابو على المحسن بن على التنوخى
وفى هذا الشهر قلد ابو الفتح احمد بن عمر بن يحيى العلوى الحج وتولاه فى موسم هذه السنة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
130 - احمد بن عطاء
ابن احمد ابو عبد الله الروذ بارى ابن اخت ابى على الروذبارى اسند الحديث وكان يتكلم على مذهب الصوفية توفى بصور فى ذى الحجة من هذه السنة
131 - الحسين بن على ابو عبد الله البصرى يعرف بالجعل سكن بغداد وكان من شيوخ المعتزلة وصنف على مذاهبهم وانتحل فى الفروع مذهب اهل العراق وتوفى فى هذه السنة وصلى عليه ابو على الفارسى ودفن فى تربة استاذه ابى الحسن الكرخى بدرب الحسن بن زيد وكان قد قارب الثمانين سنة
132 - حسنوية ابن الحسين الكردى
كان له مال عظيم وسلطان وكان يخرج اموالا كثيرة فى الصدقات توفى فى قلعته يوم الثلاثاء لليلة خلت من ربيع الآخر من هذه السنة

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11