كتاب : قرى الضيف
المؤلف : عبدالله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس

( حمراء يرحب كل صدر ضيق ... معها ويفتح كل باب مقفل )
( تحكى ضرام النار إلا أنها ... نار لعمرك ليس تؤذي المصطلي )
( لا سيما من كف طاوية الحشا ... ترنو بناظرتي خذول مطفل ) - من الكامل -
وقال
( كتبت وفرط شوقي قد عناني ... وقد بعد اللقاء على التداني )
( وما في البيت لي ثان فكن لي ... جعلت فداك يا مولاي ثاني )
( فعندى ما يجاوز كل وصف ... وما يرضى الخليل إذا أتاني )
( خروف أظهر الشواء فيه ... تأنقه فليس له مداني )
( غلالة باطن منه لجين ... وظاهره غلالة زعفران )
( وكأس مثل عين الديك صرف ... لها حبب كمنظوم الجمان )
( لها في كف شاربها شعاع ... تطرف منه مبيض البنان )
( يطوف بشمسها قمر منير ... تمكن طالعا في غصن بان )
( وإن أحببت مسمعة أتتنا ... محذقة بأصناف الأغاني )
( تطلق هم سامعها ثلاثا ... بتحريك المثالث والمثاني )
( فهذا عندنا ولدون هذا ... لعمرك ما كفاك وما كفاني )
( فزرنا لاعدمتك من صديق ... تتم لنا بزورته الأماني ) - من الوافر -
وقال
( فحم شبه الغلام وأدلى ... في كوانينه حياة النفوس )

( كان كالآبنوس غير محلى ... فغدا وهو مذهب الآبنوس )
( لقي النار في ثياب حداد ... فكسته مصبغات عروس ) - من الخفيف -
وقال
( بت ضيفا لسيد يمني ... فقراني والجود قدما يماني )
( وأتت عرسه تغازل إيري ... قلت لا تفعلي فلست بزاني )
( ولو أني فعلت ما كنت ممن ... يتصدى لنسوة الإخوان )
( فأتاني وقال نكها بعيشي ... فهي موقوفة على الضيفان )
( قلت قد زدت في الضيافة معنى ... ما عرفناه في قديم الزمان )
( قال من أجل ذاك طار لي اسم ... وألح الضيوف في غشياني )
( فمتى يدعى مع اسمي ضيوف ... قيل مرعى وليس كالسعدان ) - من الخفيف -
30 - القاضي أبو الحسن علي بن النعمان
أنشدني له ابن وهب
( ولي صديق ما مسني عدم ... مذ وقعت عينه على عدمي )
( أغنى وأقنى فما يكلفني ... تقبيل كف له ولا قدم )
( قام بأمري لما قعدت به ... ونمت عن حاجتي ولم ينم ) - من المنسرح -
وأنشدني له أيضا
( صديق لي له أدب ... صداقة مثله نسب )
( رعى لي فوق ما يرعى ... وأوجب فوق ما يجب )

( فلو نقدت خلائقه ... لبهرج عندها الذهب ) - من مجزوء الوافر -
31 - إسحاق بن أحمد بن المارديني
أنشدني له ابن وهب يصف الثريا
( أرقني الشوق فلم أكتحل ... بلذة الغمض إلى الفجر )
( تسري همومي فأراعي بها ... كواكبا دائبة تسري )
( حتى كأن البدر إذ أشرقت ... على الثريا غرة البدر )
( صفحة مرآة وقد أذهبت ... بمقبض رصع بالدر ) - من السريع -
وله في الليل والنجوم
( كم مجهل بسواد الليل ملتبس ... باتت تقمه العيس المراسيل )
( ليل قد اختلفت أشكال أنجمه ... كأنهن عيون للدجى حول )
( تبدو الثريا ككف للدعاء بها ... قد مدها الصبح والجوزاء إكليل )
( تلوى رقاب المطايا من تطاوله ... وينهض الفجر فيه وهو مشكول ) - من البسيط -
32 - القاضي أبو عبد الله محمد بن النعمان
أنشدني له عبد الصمد بن وهب هذه الأبيات وهي مما يتغنى بها
( رب ليل لم أذق فيه الكرى ... حظ عيني فيه دمع وسهر )
( طال حتى خلته لا ينقضي ... ونأى الصبح فما منه أثر )

( غاب عني قمر أحببته ... فتعللت بأنوار القمر )
( كلما هيج شوقي حزني ... صحت يا ليلي أما فيك سحر ) - من الرمل -
وقال
( رب خود عرفت في عرفات ... سلبتني في حسنها حسناتي )
( حرمت يوم أحرمت نوم عيني ... واستباحت حماي باللحظات )
( وأفاضت مع الحجيج ففاضت ... من جنوبي سواكب العبرات )
( ولقد أضرمت بقلبي جمرا ... حين راحت للرمي بالجمرات )
( لم أنل من منى منى النفس حتى ... خفت بالخيف أن تكون وفاتي ) - من الخفيف -
وقال يصف الهلال
( انظر إلى حسن ذا الهلال وقد ... بدا لست مضين من عمره )
( وقد أطافت به كواكبه ... حسنا فبينته لمعتبره )
( مثل زناد قد صيغ من ذهب ... يقدح نارا وهن من شرره )
( ثم تولى يريد مغربه ... في شفق الشمس وهي في أثره )
( فخلته غائصا ببحر دم ... يقذف بالرائعات من درره )
( فلم أزل ليلتي أراجعه ... لحظي وأبكي للوقت من قصره )
( حتى تبدى الصباح منتبها ... قبل انتباه المخمور من سكره ) - من المنسرح -
وقوله في مليح بعمامة حرير حمراء
( يا من يمر ولا تمر به ... القلوب من الحرق )

( بعمامة من خده ... أو خده منها سرق )
( فكأنها وكأنه ... قمر أحاط به شفق )
( فإذا مشى وإذا انثنى ... وإذا رنا وإذا نطق )
( شغل الجوارح والخواطر ... والمسامع والحدق ) - من الكامل -
33 - صالح بن مؤنس
أنشدني له ابن وهب في ابن رشدين صالح
( يفديك بالمهجة يا صالح ... من كل ما يكرهه صالح )
( فأنت غصن صيغ من دره ... على ذراه قمر لائح ) - من السريع -
وله فيه بديها
( شربنا مثل ماء الورد ... في الطيب على الورد )
( ونادمت ابن رشدين ... فما حدت عن الرشد )
( فتى كالبدر في الرفعة ... والإشراق والسعد )
( كأني منه في الجنة ... لو أظفر بالخلد ) - من الهزج -
وله فيه
( بك يا صالح أرضى ... عن زماني حين أسخط )
( فأدم لي الوصل إني ... بك في العالم أغبط )
( أنت والرحمن مذ كنت ... على قلبي مسلط )
( ومصيب أنا في الحب ... ومن بعدي يغلط )
( يا جوادا في لهاه ... بنداه أتبسط )

( أسقط الحشمة في العشرة ... فالحشمة تسقط ) - من مجزوء الرمل -
وله جارية اسمها خمرة وأضمره
( ما اسم إذا صحفته وعكسته ... ونقصت حرفا منه كان سلاحا )
( وإذا قام ولم يحل عن حاله ... عادى العقول وصالح الأرواحا ) - من الكامل -
وله في بعض آل الفرات
( قد مر عيد وعيد ... ما اخضر لي فيه عود )
( وكيف يخضر عودي ... والماء منه بعيد )
( يا من له عدد المجد ... كلها والعديد )
( آل الفرات نداهم ... على الفرات يزيد )
( وأنت فضلك فيهم ... عليك منه شهود )
( وكل يوم لغيري ... من راحتيك مدود )
( هل لي إلى الرزق ذنب ... إن كان منه صدود )
( ما الناس إلا شقي ... في دهرنا وسعيد ) - من المجتث -
وقال في صفة جدي
( جد لي بجدي نعته من اسمه ... لم يلج التنور مثل جسمه )
( كأن بين جلده ولحمه ... لفات قطن بسطت من شحمه )
( يؤكل من نعمته بعظمه ... ) - من الرجز -
وله يصف رءوسا
( قد غدونا على رءوس سمان ... ناعمات من أرؤس الخرفان )

( وارمات الخدود من غير سوء ... شحمات العيون والآذان )
( تتداعى بالوهم من قبل أن تلمسها ... كف آكل ببنان )
( ولأصل اللسان طيب ينسيك ... من الطيب مص طرف اللسان )
( ورقاق ذي نعمة وبياض ... كوجوه المخدرات الحسان )
( وبقول تغنيك عن زهرة الروض ... وتنسيك خضرة البستان )
( وأتت راحنا التي هي في الأرواح ... مثل الأرواح في الأبدان )
( ثم وافى بنفسج في حداد ... فرأينا السرور في الأحزان )
( عند حر يستنفد الوصف مدحا ... وهو عبد لسائر الإخوان )
( أحكمتك الأيام يا ابن حكيم ... فأريت الزمان حكم الزمان ) - من الخفيف -
وقال أيضا
( سأدمن شرب الراح ما دمت باقيا ... وأمدح من شرابها كل مدمن )
( فما تكمل الأوقات إلا بقهوة ... ولا تحسن الأيام إلا لمحسن ) - من الطويل -
وقال
( إذا هجا الشاعر في خفية ... وخفض الصوت عن الرفع )
( ولاذ بالجحد لما قاله ... فإنما خاف من الصفع ) - من السريع -
وقال في يوم شديد البرد
( هذا لعمرك يوم يستطير له ... من قرة شعر الهامات بالرعد )
( لو شئت لا خائفا لذعا ولا ألما ... قبضت فيه على جمر الغضا بيدي ) - من البسيط

وله في غلام صوفي
( عشقت صوفيا له شاهد ... يقيم عذري عند عذالي )
( قد قصد الله بأحواله ... فليته يقصد في حالي ) - من السريع -
وقال يهجو عبيد الله بن أبي الجوع من قصيدة أولها
( هاجيك فيما قاله مادح ... فأنت في صفقتك الرابح )
( وما يقوت الفيل من بقة ... أمثالها في فمه طائح )
( ورب من ترفعه خزية ... ميسمها في وجهه لائح )
( ففخر عبد الله في الناس أن ... يقول قد ناقضني صالح )
( يا ابن أبي الجوع قدحت امرءا ... من فكره يحترق القادح )
( لقد تعرضت على غرة ... قريحة صاحبها قارح )
( فاركب ذلول الأمر أو صعبه ... في فقد جد بك المازح )
( وعق من أهلك من شئته ... فإنما أنت له فاضح )
( واغد بما تهوى وروح إنني ... غاد بما تكرهه رائح )
( يا أيها الصعو الذي لم يزل ... يرقص حتى دقه الجارح ) - من السريع -
ومنها
( إن زأر الليث على ما أرى ... وهاج يوما ضرط النابح )
( وود أن يفلت من بعدما ... انحى على أوداجه الذابح )

( إن الذي تطمع في قربه ... نجم لمن يرمقه لائح )
( يا شاربا في يده حتفه ... لم تدر ما خاض لك الجارح )
( أراك قد لججت في غمرة ... يغرق في تيارها السابح )
( فقد تمرست بمن شعره ... كالبحر لا ينزفه الماتح )
( كم جامح قبلك ألجمته ... بالذل حتى سكن الجامح )
وقوله فيه
( يا ذا الذي عن رشده قد عمي ... لو كنت جلدا حدت عن أسهمي )
( لو كنت شهما حازما ضابطا ... لما تقلبت على الشيهم )
( ما أنت في فعلك إلا كمن ... تطعم الريق من الأرقم )
( كيف يخوض البحر من مثله ... يغرق في دائرة الدرهم )
( فاثبت أو أجزع كل ذا واحد ... لا عاصم اليوم لمستعصم )
( استقدر الله على كل ما ... ألصق منك الأنف بالمرغم )
( تجاسر الجوع على صالح ... تجاسر الكلب على الضيغم )
( وفاه باسمي مفصحا بعدما ... تركته أسكت من أبكم )
( وقال قوم قد غدا شاعرا ... والشعر لا يعرف للمفحم )
( فقلت لا لوم على مثله ... من أخذ الصفع قفاه حمي )
( أنا الذي ألبسته حسرة ... بما جرى من ذكره في فمي )
( والله لا يجهل من بعدها ... وفي قفاه للردى ميسمي )

( أبين به من ميسم واضح ... يضيء كالغرة في الأدهم )
( فليت شعري كيف رام العلا ... وهم أن يرقى بلا سلم ) - من السريع -
ومنها
( ثم أتت بالصعو مستبشرا ... يروم أن يلحق بالقشعم )
( في الثمر المر دليل على ... رداءة الأصل لمستطعم )
وله فيه
( لا تعجبي لسكوتي بعد أشجاني ... فالعذر عن كل ما أهواه أسلاني )
( قد أرقأ الله دمعي بعد جريته ... وأنقذ القلب من هم وأحزان )
( فما أرى أحدا يصفي الهوى أحدا ... وجود هذا رعاك الله أعياني )
( لم يبق بين الورى إلا مكاشرة ... تبدو لنا عن صدور ذات أضغان )
( أقول لابن أبي الجوع المنافق إذ ... لم ينهه الحلم عني وهو ينهاني )
( أراك تقرعني سرا وتعجمني ... فهل وجدت صفاتي غير صوان )
( ترد في جبهة النقار معوله ... إذا تضعضع عنها كل كدان )
( العز داري وظهر العزم راحلتي ... والوحش أنسي وجن الأرض إخواني ) - من البسيط -
وله في العناق وأحسن ما شاء
( لي سيد ما مثله سيد ... تصدت الحمى له فاشتكى )
( عانقته عند موافاتها ... والأفق بالليل قد احلولكا )

( فجاءت الحمى كعاداتها ... فلم تجد ما بيننا مسلكا ) - من السريع -
وقوله يصف برادة على حامل نحاس
( أم الحياة على سرير نحاس ... عريانة أبدا بغير لباس )
( هي في الموات لدى الورى معدودة ... لكنها ضمنت حياة الناس ) - من الكامل -
وقوله
( بعين الله أنت فإن عيني ... إذا ما غبت دامية الجفون )
( كأنك مهجتي فإذا تدانى ... فراقك حم لي ريب المنون ) - من الوافر -
وقال يصف البنفسج والورد
( بنفسج جاء في حداد ... ووردنا في معصفرات )
( فاشرب على مأتم وعرس ... جلا جميعا عن الصفات ) - من مخلع البسيط -
وسأله ابن رشدين المسير معه إلى القاش فقال مرتجلا
( يا آمري بالمسير في لجج النيل ... كأن سخرت لي الريح )
( ما جمد الماء لي فأركبه ... كلا ولا صامت التماسيح ) - من المنسرح -
34 - محمد بن الحسن اليمني
أنشدت له في صالح
( يا قاطعي بعد وصل ... تسوم ما لا أسومك )

( يا ليت أني يوما ... من الزمان نديمك )
( فالشوق عندي غريم ... كما السلو غريمك ) - من المجتث -
وقوله
( فاضح الغصن النضير ... كاسف البدر المنير )
( أنت عذري في حياتي ... ومماتي ونشوري )
( ما سرور غاب عنه ... صالح لي بسرور ) - من مجزوء الرمل -
35 - محمد بن هرون بن الأكتمي
أنشدت له في بعض الوزراء يهجوه
( يا وزيرا إلى المكاييل ... والبيع ينسب )
( من يرم حبك يتعب ... وأمانيه تكذب )
( وإذا ما رجوته ... قلت ما مات أشعب )
( يا وضيعا ترجل المجد ... مذ صار يركب ) - من مجزوء الخفيف -
وله يهجو ابني كشاجم أبا النصر وأبا الفرج
( يا ابني كشاجم أنتما ... مستعملان مجربان )
( مات المشوم أبوكما ... فخلفتماه على المكان )
( وقرنتما في عصرنا ... ففعلتما فعل القران )
( لغلاء أسعار الطعام ... وميتة الملك الهجان ) - من الكامل -
وقوله في عزاء
( بقاؤكما يعيد الميت حيا ... وإن غطاه دونكما التراب )

( فلا تستشعرا حزنا عليه ... فيذهب لاعدمتكما الثواب ) - من الوافر -
وله في غلامه راشد
( يا قمر الليل كن شهيدي ... فأنت من أعدل الشهود )
( هل نمت أو ذقت طعم غمض ... مذ هجعت أعين الرقود )
( وكيف يلتذ باغتماض ... من لج مولاه في الصدود )
( فكن شفيعي إلى حبيب ... قد زاد في كثرة الجحود ) - من مخلع البسيط -
وقال رحمه الله
( كأن الأباريق مملوءة ... ظباء وقوف على ساحل )
( رماها بأسهمه قانص ... فخضبها بالدم السائل ) - من المتقارب -
وقوله في شمعة
( باكية ضاحكة ... خدامها جلاسها )
( مظهرة أنوارها ... إن جز منها رأسها )
( كأنها عاشقة ... تذيبها أنفاسها ) - من مجزوء الرجز -
وقال
( لو أنصفت عطفت أو رقت ... ما أضنت الجسم ولا سلت )
( أفدي التي إن أقبلت أقبلت ... دنياي أو غنت لنا أغنت ) - من السريع -
وقال
( يا أيها ذا أستمع مقالي ... فليس في قصتي ضلال )
( ثلاثة مالها مثال ... السجن والجوع والعيال )
( إن دام هذا علي منهم ... صححت ما شنعوا وقالوا )
( أليس إن مت مات شعري ... أفنى وما قلته يقال ) - من مخلع البسيط

وقوله
( أكثر العذال لومي ... يا ابن رشدين وزادوا )
( وبقلبي منك وجد ... ماله الدهر نفاد )
( قد تجافى عن جفوني ... مذ تجافيت الرقاد )
( فيك يا صالح للقلب ... صلاح وفساد )
( أنا من حبك مولاي ... عليل لا أعاد ) - من مجزوء الرمل -
وقوله
( دافعت أيامي بأيامي ... حتى مضى أكثر أعوامي )
( وإنما عمر الفتى كله ... كأنه طارق أحلام )
( يا ويح من أمسى على غرة ... وأنفه من حتفه دامي )
( يرمى بسهم للردى صائب ... من حيث لا يشعر بالرامي ) - من السريع -
36 - عبيد الله بن محمد بن أبي الجوع
أحد رواه المتنبي الأدباء وأصحابه العلماء وممن تمهر في لغات العرب وأجاد أنواع الأدب فمن شعره قوله رحمه الله تعالى
( أظنك يا سيدي إذ جفوت ... توهمت بي نبوة الغادر )
( وخلت بأني ملالا سلوت ... ولست بسال ولا صابر )
( وقد علم الله أني عليك ... أشفق مني على ناظري ) - من المتقارب

وقال
( صالح يا مشبه بدر الدجى ... بالحسن والإشراق والرفعة )
( وجهك في الليل كشمس الضحى ... نورا فما تصنع بالشمعة ) - من السريع -
وقال
( يا أطيب الناس ريحا ... وأطيب الناس راحا )
( وما به أتصدى ... الأطراب والأفراحا )
( هات اسقني أو تراني ... لا أعرف الأقداحا )
( واحفظ علي فؤادي ... من أن يطير ارتياحا )
( لو كنت كاسمك يا صالح ... اعتمدت الصلاحا )
( لكن أبى الله إلا ... أن تفسد الأرواحا ) - من المجتث -
قال وكتب إلى بعض إخوانه يستدعيه بهذه الأبيات
( شعبان قد صار نضوا ... ولم نفد فيه لهوا )
( وليس ذلك منا ... جهلا ولا كان سهوا )
( فبالمودة إلا ... بكرت للقصف عدوا )
( حتى نقوم فنرفوا ... ما خرق الدهر رفوا )
( من بعد تقديم جدي ... مسمن ظل يشوى )
( له ثلاثون يوما ... يحبو إلى الضرع حبوا )
( وأوفر الزور في الخل ... قد تبوا مثوى )

( لما انتزعت حشاه ... عوضته البقل حشوا )
( وقد عنيت بجام ... ملأته لك حلوى )
( وقهوة بنت كرم ... صفت من الذم صفوا )
( ما شعشعت قط إلا ... سطت على الهم سطوا )
( جنبتها كل وغد ... يمحو المحاسن محوا )
( إلا إذا ما اقتنصنا ... عذب الخلائق حلوا )
( وشادن ذي دلال ... يشدو فيلهيك شدوا )
( إما غناء وإما ... عجائبا عنه تروى )
( حتى تظل بما فيه ... من وقارك خلوا )
( وعندنا لك ورد ... يحدو المسرة حدوا )
( ريحانه لا يوازي ... لونا وعطرا وسروا )
( فما اعتذارك في أن ... تفني زمانك صحوا )
( وأنت بعد قليل ... بالصوم والله تطوى )
( أبا علي ألا اسمع ... نصيحة ليس تزوى )
( فإنما نحن سفر ... على محجة بلوى )
( ولا تعرج ذميما ... على معاهد حزوى ) - من المجتث -
وله في أبخر
( لا تنفس في مجلس أنا فيه ... وتنفس سرا وراء الباب )
( ثم لا تعترض لسر صديق ... إن ذاك السراء سوط عذاب )
( إنما فوك فقحة كل وقت ... تتصدى الأنوف كالنشاب )

( تصرع الطائر المحلق في الجو ... ولو غاب في سواء السحاب ) - من الخفيف -
وقوله
( أرى اللذات تعبر بي يمينا ... على رغمي وتعبر بي شمالا )
( فأجرع دونها غصصا لأني ... أشاهدها وما اعطيت مالا ) - من الوافر -
وقوله
( وعذار مجعد ... فوق خد مورد )
( كلما رمت فرصة ... لسعت عقرب يدي ) - من مجزوء الخفيف -
37 - الحسن بن محمد الشهواجي
كتب إلى صالح بن رشدين يستهديه مشوربا في يوم نيروز
( اليوم يا صالح ما تبصر ... وصحو مثلي فيه مستنكر )
( وقد مضى الوعد وحصلته ... وصفوه من مطله يكدر )
( فهات ما يحضر إني امرؤ ... يقنعه منك الذي يحضر ) - من السريع -
وله
( قولي ماض على العباد فما ... يرد في جده ولا لعبه )
( ولي لسان كأنه ظبة السيف ... طويل أكاد أعثر به ) - من المنسرح -
وقوله
( وقهوة كشعاع الشمس صافية ... شربتها مع شرب سادة كرما )

( إذا ثنوا أرؤس الفرسان في رهج ... حازو الفخار وأجروا بالسيوف دما )
( إذا رأيتهم أيقنت أنهم ... نجوم كل فخار لا نجوم سما ) - من البسيط -
وقوله
( تضيق بي الدنيا إذا كنت غائبا ... وأسرع في أقطارها حين تقرب )
( وأنت جناحي كلما طرت للعلا ... وسيفي الذي أسطو به حين أضرب ) - من الطويل -
وقوله
( وقهوة في كأسها ... ترمي الندامى بالشرر )
( قد جمعت نشر الربا ... وبرد أنفاس السحر )
( أطيب ما شربتها ... على غناء ووتر )
( طوبى لمن حج إلى ... كعبتها ثم اعتمر ) - من الرجز -
وقوله
( وعلو قدرك وهو أبعد غاية ... في كل حال من علو الكوكب )
( لأسيرن مديحك الحسن الذي ... ألبسته ثوب الثناء الطيب )
( حتى يحدث من بأرض المشرق الأقصى ... حديثك من بأرض المغرب ) - من الكامل -
وقوله
( ومهفهف ساق أغن سقيته ... قبل الصبوح سلافة عذراء )
( ما صاح ديك الصبح إلا صيحة ... حتى توسد كفه اغفاء )
( جعلته قبل رقاده كاسلته ... لما استقل لسانه فأفاء ) - من الكامل

38 - أبو علي صالح بن رشدين الكاتب
أحد أئمة الكتاب المهرة في سائر الآداب صحب المتنبي وروى شعره وكان جيد المعاني أنشدني له محمد بن عمر الزاهر
( قل لمولاي منعما ... لم صرمت المتيما )
( أنت أعطشتني إليك ... وأبكيتني دما )
( فإذا شئت أن ترى ... عاشقا ميتا ظما )
( فأدر في ناظريك ... تجدني توهما ) - من الخفيف -
وقوله
( أجنة نحن فيها ... أم نحن في المرزجوش )
( ما بين آس وماء ... ينساب بين العروش )
( وقهوة ذات حسن ... وطاجن ذي نشيش )
( وسيد رشت منه ... لما تطاير ريشي ) - من المجتث -
وزاره ابن أبي الزلازل في منزله فلم يره فطرح له رقعة من طاق في المنزل وكتب اسمه على الباب
فلما أتى صالح ورأى اسمه على الباب ووجد الرقعة فقرأها فوجده يعتبه فيها على انقطاعه عنه فذهب صالح في

الوقت إلى منزل ابن أبي الزلازل فلم يجده فكتب اسمه على بابه وترك رقعة فيها
( قد ومن خصني بودك أذكى ... طول شوقي إليك في القلب نارا )
( سرت فيه تلقاء داري قصدا ... فإذا النور قد تغشى الديارا )
( فتعجبت أن أرى الأفق ليلا ... مدلهما وجوف داري نهارا )
( وإذا خطك البديع على الباب ... يبت الضياء والأنوارا )
( فتمنيت أن خدي نعلا ... أخمصيك اللذين نحوي سارا )
( غير مستنكر لمثلك أن يسبق ... فضلا وأن يفوت فخارا )
( ثم أصبحت أشتكي عثر السكر ... وعزمي زيارتيك ابتكارا )
( فإذا رقعة تمر بها الريح ... يمينا طورا وطورا يسارا )
( فتأملتها وكانت من اللائي ... تروق القلوب والأبصارا )
( ما توهمت أنني قبلها أقرأ ... خطا يزيل عني الخمارا )
( قابلتني منها سهام عتاب ... جعلت درعي الحصين اعتذارا )
( وأحاشيك أن تكون خليلا ... مذق الود للصديق معارا ) - من الخفيف -
فلما رأى ابن أبي الزلازل الرقعة كتب إليه بهذه الأبيات
( بأبي أنت سابق لا يجارى ... قاده نحوي اشتياق فزارا )
( عاقني الحظ أن أراه وأن نقضي ... عند اجتماعنا الأوطارا )
( يا ابن رشدين قد أفدت بك الرشد ... وبدلت بعد عسر يسارا )
( كنت بالأمس عند إخوان صدق ... أدباء ندير كأسا عقارا )
( قد جعلنا محمود ذكرك نقلا ... وشربنا من قبله تذكارا )

( ثم إني انصرفت سكران أعتس ... طريقي تمايلا وعثارا )
( والدجى كالهموم في قلب من فارق ... عشقا وغربة وادكارا )
( أخبط الليل مفردا إذ تراءى ... لي نور أضاء ثم استطارا )
( فهنيئا إني أودك ودا ... ترتضيه مغيبا وجهارا )
( ثم أخبرتني بشكواك فيها ... فوقاني الإله فيك الحذارا )
( لم أزل دائبا أكرر قولي ... كان لي فيك حافظ الجار جارا ) - من الخفيف -
40 - أحمد بن محمد العوفي
أنشدني له محمد بن عمر الزاهر قوله
( يا حسرة في نفوس ... ويا شجى في حلوق )
( يا فضة بين ثنيي ... غلالة من عقيق )
( علي لا زلت همي ... في صبحتي وغبوقي )
( ودون سلوة وجدي ... وجدان بيض الأنوق ) - من المجتث -
وأنشدني أيضا
( يا موقظا ظرف همي ... من بعد ما كان أغفى )
( تظن ما بت أخفيه ... من جوى بك يخفي )
( ولي لسان دموع ... ما يكتم الناس حرفا )
( إذا تظلم طرفي ... وقعت بالطرف تكفى ) - من المجتث

وأنشدني له
( قد عابني برقادي ... خياله حين زارا )
( ولا وحبيه ما إن ... فعلت ذاك اختيارا )
( طمعت في أن أراه ... طوعا فنمت اضطرارا )
( فتلك علة نومي ... يا ملزمي فيه عارا ) - من المجتث -
41 - القائد أبو تميم سليمان بن جعفر
كتب إلى صالح بن رشدين رسالة يستدعيه فيها إلى الشراب فامتنع عليه وكتب له هذه الأبيات
( يا أيها القائد الجليل ومن ... أصبح بالمكرمات يفتخر )
( آليت لا أشرب المدام وإن ... كانت ذنوب المدام تغتفر )
( يكفي أخا العقل أن سورتها ... تجني على عقله ويعتذر ) - من المنسرح -
فكتب إليه القائد أبو تميم
( أبا علي حاشاك يا أملي ... من أن أراك الغداة تعتذر )
( قلبي إذا غبت ساعة قلق ... يكاد شوقا إليك يستعر )
( فسر إلينا فوقتنا حسن ... ساعد فيه السحاب والمطر ) - من المنسرح -
قال ابن رشدين حضرت عند القائد أبي تميم في ضيعة له فلما عمل فينا الشراب نظرت إلى جارية له تسمى عبدة ذاهبة وجائية فحملني

النبيذ أن أخذت رقعة وكتبت فيها إليه
( صالح لا يزال يطلب عبده ... من كريم يصفي الأخلاء وده )
( قد بثثت الغداة وجدي وحبي ... من ولي يولي لمولاه مجده )
( فإذا شئت أن أرى لك عبدا ... فتفضل أبا تميم بعبده ) - من الخفيف -
فقرأها وأمسك فارتعت وخفته وتماديت في الشرب معه ثم نهضت إلى منزل أنزلني فيه بقربه فلما استقر بي أنفذ لي الجارية ومعها درج فيه طيب كثير وعليها ثياب رفيعة حسنة ورقعة فيها شعر
( قد بعثنا أبا علي بعبده ... وقضينا بذاك حق الموده )
( وحمدناك إذ خطبت إلينا ... أسأل الله أن يهنيك حمده )
( فخذنها فأنت أكرم كفء ... وهي ما عشت كاسمها لك عبده ) - من الخفيف -
وقال الخادم الذي جاء بها يقول لك مولاي لا تخرج غدا من منزلك أو يأتيك رسولي فلما أصبحت جاءني القائد أبو تميم بجواريه المغنيات وطباخه معه طعام كثير قد أعده وشراب فما زلنا نأكل ونشرب إلى الليل وانصرف فرحا مسرورا
42 - أبو هريرة أحمد بن عبد الله بن أبي العصام
أنشدني له ابن وهب
( لئن ذهبت أيام لذتنا الأولى ... بذي الأسل ما وجدي عليها بذاهب )
( ألا ليت أياما مضت لم تكن مضت ... ففقدي لها يا صاح إحدى المصائب )
( رعى الله أيام السرور فإنها ... تمر سريعات كمر السحائب ) - من الطويل

وقوله في رثاء صالح
( قد أفسد الموت على صالح ... كل الذي أصلحه صالح )
( وانصرف البواب عن بابه ... وصاح في مجلسه الصائح )
( خلوه في دار البلى مفردا ... وناح في أوطانه النائح )
( يا ليت شعري ما الذي قاله ... إذ راح في حفرته الرائح )
( يا أيها الناس ألا فاسمعوا ... قولي فإني مشفق ناصح )
( لا تؤثروا الدنيا على غيرها ... ففرق ما بينهما واضح )
( فالحمد لله وشكر له ... كل امرئ عن أهله نازح ) - من السريع -
وقوله
( من رسولي إليك أو من شفيعي ... يا شبيه الهلال عند الطلوع )
( أنت في القلب شاهد ليس يخلو ... من ضميري وأنت بين ضلوعي ) - من الخفيف -
وقوله
( أما ترى الغيم كالباكي بأربعة ... والأرض تضحك كالجذلان من فرح )
( فقم فديتك نشكو ما نكابده ... من الزمان وما نلقى إلى القدح ) - من البسيط -
وقوله
( كم لي بدير القصير من قصف ... مع كل ذي نشوة وذي ظرف )
( لهوت فيه بشادن غنج ... تقصر عنه بدائع الوصف ) - من المنسرح -
وقوله
( أذكرتني يا دير من قد مضى ... من أهل ودي ومصافاتي )

( كم كان لي فيك وفيهم معا ... من طيب أيام وليلات )
( أشكو إلى الله مصاباتهم ... وفقدنا أهل المروءات ) - من السريع -
وقوله
( كتمت حبك في قلبي فما وسعه ... هذا وليس له شغل سواه معه )
( يا من إذا ما بدت للناس صورته ... رأيت فيها فنون الحسن مجتمعه )
( والله ما حلت عما قد عهدت ولا ... أصغيت أذنا إلى العذال مستمعه )
( رفقا بمن لو تسلى عنك يا أملي ... بكل شيء على الدنيا لما نفعه ) - من البسيط -
43 - أبو القاسم بن علي بن بشر الكاتب
أنشدني له محمد بن عمر الزاهر يصف العذار
( من عذيري إلى العذار الجديد ... من رسولي إلى القريب البعيد )
( دب في خده العذار فحاكى ... ظلمة النحس في بياض السعود ) - من الخفيف -
وقوله
( أما ترى لي ناظرا شاهدا ... بالحب والأعين رسل القلوب )
( ودون إلحاح جفوني به ... تخبر عما في فؤادي الكئيب )
( وأنت لا شك به عالم ... لأن عند المرد علم الغيوب ) - من السريع -
وقوله
( ضممته ضم مفرط الضم ... لا كأب مشفق ولا أم )
( ولم نزل والظلام حارسنا ... جسمين مستودعين في جسم )

( ألثمه في الدجا وبرق ثناياه ... يريني مواقع اللثم )
( ثم افترقنا عند الصباح وقد ... أثرت فيه كهيئة الختم ) - من المنسرح -
وقوله
( إذا ذكرت أياديك التي سلفت ... مع قبح فعلي وزلاتي ومجترمي )
( أكاد أقتل نفسي ثم يدركني ... علم بأنك مجبول على الكرم ) - من البسيط -
وقوله
( أنت مني بحيث مأوى الغرام ... وبحيث افتقاد طيب المنام )
( في فؤادي وناظري وهما منك ... قرينا صبابة وانسجام ) - من الخفيف -
وقوله
( لحى الله امرءا يوعيك سرا ... لتكتمه وفض الله فاه )
( فإنك بالذي استودعت منه ... أنم من الزجاج بما حواه ) - من الوافر -
وقوله
( بيضاء جنح جبينها ... في ليل طرتها البهيم )
( ضدان ما اجتمعا لغير ... تشتت الصبر المقيم )
( ولذكرها أندى على الأكباد ... من برد النسيم )
( ووصفت نعمة حسنها ... فنعمت في صفة النعيم ) - من الكامل -
وقوله
( ديوان المكارم لا تقتضى ... كما تقتضى واجبات الديون )

( ولكنها في قلوب الكرام ... تجول مجال القذى في العيون ) - من المتقارب -
وقوله
( طرفي على ما عهدت في أرقه ... فيك وقلبي يزداد من حرقه )
( ولي حبيب أقام معتنقي ... كما أقام الشهاب في غسقه )
( وجملة الأمر أنني رجل ... قدمت قبل الفراق من فرقه )
( هذا حديثي والشمل مجتمع ... فما حديثي في عقب مفترقه ) - من المنسرح -
قال لي الزاهر أخبرني ابن بشر أنه كان له جد لأم يعرف بكولان وكان هو من أهل الأدب والكتابة وحسن الشعر والخطابة قال لي حججت سنة من السنين وجاورت بمكة حرسها الله فاعتللت علة تطاولت بي وضاق معها خلقي ثم صلحت منها بعض الصلاح ففكرت في أنني عملت في أهل البيت تسعا وأربعين قصيدة مدحا فقلت أكملها خمسين
ثم ابتدأت فقلت
( بني أحمد يا بني أحمد ... )
ثم ارتج عليه فلم أقدر على زيادة فعظم ذلك علي واجتهدت في أن أكمل البيت فلم أقدر فحدث لي من الغم بهذه الحالة ما زاد على غمي بإضاقتي وعلتي فنمت اهتماما بالحال فرأيت النبي فجئت إليه فشكوت إليه ما أنا فيه من الإضافة وما أجده من العلة وأخرى من القلة فقال لي تصدق يوسع عليك وصم يصح جسمك فقلت له يا رسول الله وأعظم مما شكوته إليك أنني رجل شاعر أتشيع وأخص بالمحبة ولدك

الحسين وتداخلني له رحمة لما جرى عليه من القتل وكنت قد عملت في أهل بيتك تسعا وأربعين قصيدة فلما خلوت بنفسي في هذا الموضع حاولت أن أكملها خمسين فبدأت قصيدة قلت فيها مصراعا وأرتج علي إجازته ونفر عني كل ما كنت أعرفه فما أقدر على قول حرف قال فقال لي قولا نحا فيه إلى أنه ليس هذا إلي لقول الله تعالى ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) ثم قال لي اذهب إلى صاحبك وأومأ بيده الشريفة إلى ناحية من نواحي المسجد وأمر رسولا أن يمضي بي إلى حيث أومأ فمضى بي الرسول على ناس معهم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فقال له الرسول أخوك وجه إليك بهذا الرجل فاسمع ما يقوله قال فسلمت عليه وقصصت عليه قصتي كما قصصت على النبي فقال لي فما المصراع قلت
( بني أحمد يا بني أحمد ... ) - من المتقارب -
فقال للوقت قل
( ... بكت لكم عمد المسجد )
( بيثرب واهتز قبر النبي ... أبي القاسم السيد الأصيد )
( وأظلمت الأفق أفق البلاد ... وذر على الأرض كالإثمد )
( ومكة مادت ببطحائها ... لإعظام فعل بني الأعبد )
( ومال الحطيم بأركانه ... وما بالبنية من جلمد )
( وكان وليكم خاذلا ... ولو شاء كان طويل اليد )

قال ورددها علي ثلاث مرات فانتبهت وقد حفظتها
44 - الحسن بن خلاد رحمه الله تعالى
أنشدني الزاهر له
( ومنهتك له نظر ... يصون مواقع النظر )
( هلال لو بدا للسفر ... ألهاهم عن السفر )
( فوا ويلاه من قمر ... يريك مساوي القمر )
( لقد أصبحت من كلفي ... بغرته على غرر ) - من مجزوء الوافر -
وقوله
( يا مريدا مني الوصل ... ووصلي في يديه )
( أنا لا أعرف من لا ... يعرف الحق عليه ) - من مجزوء الرمل -
وقوله من أبيات
( نختال في حلل الصبا ... كالبدر في حلل الغيوم )
( وإذا تثنت جال في ... أعطافها ماء النعيم )
( ينسيك طيب نسميها ... بعد الكرى برد النسيم ) - من مجزوء الكامل -
وله أول قصيدة
( هو السيف لا يكسوك ما لم يجرد ... فجرده واسترفد بغربيه ترفد ) - من الطويل

45 - أبو الحسن اللطيم
أنشدني ابن وهب قوله
( لا تنكري سرعة اختلاسي ... لذات أيامي القصار )
( فإن علمي بغدر دهري ... صيرني خالع العذار ) - من مخلع البسيط -
وقوله
( أهديت لي تذكرة خاتما ... اسمك منقوش على فصه )
( فما اعترتني زفرات الهوى ... إلا تروحت إلى مصه ) - من السريع -
46 - سليمان بن حسان النصبي رحمه الله
أنشدني ابن وهب له
( وهتوف ورقاء أرقت العين ... وزادت خبل الفؤاد خبالا )
( ذات طوق من الزبرجد يحكي ... صفو عيش عني تولى وزالا )
( أيقظتني والصبح قد خالط الليل ... كما خالط الصدود الوصالا )
( وتراها كأنما بدموعي ... خضبوها أو خاضت الجريالا ) - من الخفيف -
وقوله يصف الراي المقلي وهو ضرب من السمك
( ما رأينا مثل هذا الراي ... حسنا ما رأينا )
( صار تبرا بعد أن كان ... عقيقا ولجينا ) - من مجزوء الرمل -
وقوله في شمعة
( ومجدولة مثل صدر القناة ... تعرت وباطنها مكتسي )

( لها مقلة هي روح لها ... وتاج على الراس كالبرنس )
( إذا رنقت لنعاس عرا ... وقطت من الرأس لم تنعس )
( وإن غازلتها الصبا حركت ... لسانا من الذهب الأملس )
( وتنتج في وقت تلقيحها ... ضياء يجلي دجا الجندس )
( فنحن من النور في أسعد ... وتلك من النار في أنحس )
( وقد ناب وجهك عن ضوئها ... وعن ذا البنفسج والنرجس )
( ولكنها آلة للندام ... ونجم تألق في المجلس )
( توقدها نزهة للعيون ... ورؤيتها منية الأنفس )
( تكيد الظلام كما كادها ... فتفنى وتفنيه في مجلس )
( فيا ربة العود حثي الغناء ... ويا حامل الكأس لا تحبس )
( ويا صالح أنعم وعش سالما ... على الدهر في عزك الأقعس ) - من المتقارب -
وله يصف روضة
( وروضة ذات غدير متئق ... وزهر مثل عشور المهرق )
( ونرجس مثل العيون الرمق ... أجفانها من لؤلؤ مفلق )
( باهتة قد فتحت لم تطبق ... وسوسن غض النبات مونق )
( يشف فيه كالزجاج الأزرق ... وقد حكاه في ضياء الرونق )
( بنفسج مثل اللجين المحرق ... يا حسنها من روضة لم تطرق )

( كأنها سافرة عن خلقي ... أو حسن ما ألفته عن منطقي )
( باكرتها مثل انفلاق الفلق ... وشهبه حائرة في الأفق )
( في عصبة غر كرام سبق ... يخطرن فيها بقسي البندق )
( كل فتى في قصده موفق ... كأنه من نفسه في فيلق )
( مقرطس في رميه مؤنق ... وهو يراعيها بطرف شيق )
( خوفا عليها وهو عين المحنق ... فصاد ما شاء بلا تعوق )
( وراح من نجيعه في يلمق ... ) - من الرجز -
وقوله في الحمام
( أنت في الحمام موقوف ... على قلبي وسمعي )
( فتأملها تجدها ... كونت من بعض طبعي )
( جرها من حر أنفاسي ... وفيض الماء دمعي ) - من مجزوء الرمل -
وله يصف ناعورة
( كم نعرت بالحي ناعورة ... حنينها كالبربط الناعر )
( فتارة تحسبها قينة ... تردد الزمر على الزامر )
( وتارة ثكلى جرى دمعها ... في مستهل واكف ماطر )
( كأنما كيزانها أنجم ... دائرة في فلك دائر ) - من السريع

47 - الحسن بن علي الأسدي كاتب السر
كتب إليه أحمد بن محمد بن إسماعيل الرسي يطلب منه الكتاب الذي عمله المعروف بالأنيس فأنفذ إليه الجزء الأول منه وكتب إليه
( قد بعثنا بمؤنس لك في الوحشة ... خل يدعى كتاب الأنيس )
( فيه ما يشتهي الأديب من العلم ... وفيه جلاء هم النفوس )
( فيه ما شئت من بدور معان ... ضاحكات إلى وجوه شموس )
( والنفيس البهي ما زال يهدى ... كل حين إلى البهي النفيس ) - من الخفيف -
فلما قرأ رقعته كتب على ظهرها ارتجالا
( قد قرأت الكتاب يا خل نفسي ... فهو لي مؤنس وأنت الأنيس )
( فهو تأليف ذى ذكاء وفهم ... وهو وقف على العلوم حبيس ) - من الخفيف -
وحكى عنه أنه قال قد كان أبو الحسين جنبك الأخشيدي من كرماء الناس وكانت بيني وبينه مودة فكنت أغشاه كثيرا للحوائج التي تعرض إليه فاستخدم بوابا فحجبني غير مرة فكتبت إليه
( يا علم المكرمات والسؤدد ... إليك أشكو بوابك الأسود )
( يبعدني كلما دنوت وما ... حق كريم الوداد أن يبعد )
( في كل يوم ألقى بطلعته ... طالع نحس يسوءني أنكد )
( وجه شتيم بكل فاحشة ... عليه من كل مشهد يشهد )
( كلب يهر الضيوف إن طرقوا ... فناءك الرحب كالح اعقد )
( أبعده وانف الخبيت عنك كما ... ينفي القذى عنه خالص العسجد )
( أولا فلن تستيطع تنظم ما ... عنك من المكرمات قد بدد )

( وما انتفاع الورى ببحر ندى ... تذاد عنه العطاش لا تورد ) - من المنسرح -
فما شعرت حتى جاءني خادم له يقال له بشرى وكان يحبه والبواب الأسود معه وقال لي إن مولاي يقرأ عليك السلام ويقول لك قد غمني ما جرى من البواب وقد قرئ علي الشعر
ولو كنت أحسن قوله لأجبتك ولكني قد أنفذته إليك وأمرت بشرى أن يضربه بين يديك ثلاثين مقرعة ونحبسه فشكرت له وقلت لبشرى قل له يا سيدي ما أحب أن تبلغ به إلى هذا كله وسألت بشرى أن لا يضربه فقال والله مالي إلى تركه من سبيل وقد قال لي سيقول لك لا تضربه وعلي لئن رددته إلي بلا ضرب لأضربنه بين يدي مائة مقرعة قلت فإذا كان كذلك فاضربه ضربا خفيفا
ولا تحنثه فضربه بحضرتي ضربا خفيفا وانصرف به ولا والله ما رأيته في داره بعدها
48 - أبو القاسم أحمد بن محمد بن إسماعيل ابن طباطبا الحسني الرسي
أنشدني له ابن وهب قوله
( يا بدر بادر إلي بالكاس ... فرب خير أتى على ياس )
( ولا تقبل يدي فإن فمي ... أولى بها من يدي ومن رأسي )
( لا عاش في الناس من يلوم على ... حبي وعشقي لأحسن الناس ) - من المنسرح -
وقوله
( قل للذي حسنت منه خلائقه ... باكر صبوحك واسبق من تسابقه )

( أما ترى الغيم مجموعا ومفترقا ... يسير هذا إلى هذا يعانقه )
( كعاشق زار معشوقا يودعه ... قبل الفراق فآلى لا يفارقه ) - من البسيط -
وقوله
( قالت أراك خضبت الشيب قلت لها ... سترته عنك يا سمعي ويا بصري )
( فاستضحكت ثم قالت من تعجبها ... تكاثر الغش حتى صار في الشعر ) - من البسيط -
وقوله
( عيرتني بالنوم جورا وظلما ... قلت زدت الفؤاد هما وغما )
( اسمعي حجتي وإن كنت أدري ... أن عذري يكون عندك جرما )
( لم أنم لذة ولا نمت إلا ... طمعا في خيالك أن يلما ) - من الخفيف -
وقوله
( خليلي إني للثريا لحاسد ... وإني على صرف الزمان لواجدا )
( أيبقى جميعا وهي سبعة ... وأفقد من أحببته وهو واحد )
( كذلك من لم تخترمه منية ... يرى عجبا فيما يرى ويشاهد ) - من الطويل -
وقوله
وقوله وهو مما يتغنى به
( قالت لطيف خيال زارني ومضى ... صف لي هواه ولا تنقص ولا تزد )
( فقال أبصرته لو مات من ظمأ ... وقلت قف عن ورود الماء لم يرد )

( قالت صدقت الوفا في الحب عادته ... يا برد ذاك الذي قالت على كبدي ) - من البسيط -
وقوله
( سأعتبها حق ما استعتبت ... وإن لم تكن أبدا معتبه )
( وسوف أجربها بالصدود ... ومن يشرب السم للتجربه ) - من المتقارب -
49 - ولده أبو محمد القاسم بن أحمد الرسي
أنشدني له ابن وهب
( إذا الكروان صاح على الرمال ... وحل البدر في برج الكمال )
( وجعد وجه بركتنا هبوب ... تمر به الجنوب مع الشمال )
( وحركت الغصون فشابهتها ... قدود سقاتنا في كل حال )
( فهات الكأس مترعة ودعني ... أبادر لذتي قبل ارتحالي )
( فكل جماعة لا شك يوما ... يفرق بينهم صرف الليالي ) - من الوافر -
وقوله
( إذا التحف الجو بالأدكن ... وغنى الحمائم بالأعن )
( وهب نسيم الصبا سحرة ... بريح البنفسج والسوسن )
( وحن إلى القصف ألافه ... فبادر إلى شيخك المنحني )
( فنفس من الحنق أوداجه ... وسق الندامى ولا تنسني ) - من المتقارب

وقوله بهجو ابن كلس المتطبب
( توق معز الدين شؤم ابن كلس ... ولا تقبلن منه مقال مدلس )
( فإنا أردناه لكافور شربة ... فزاد على تقديرنا ألف مجلس ) - من الطويل -
50 - أخوه أبو إسماعيل إبراهيم بن أحمد الرسي
أنشدت له
( عرفت الديار على ما بها ... وأوقفت ركبي على بابها )
( وناديت فيها بأعلى النداء ... مرارا بأسماء أربابها )
( فلم أر فيها سوى بومها ... تصيح جهارا بأترابها )
( فأعلمني ذاك أن الزمان ... أخنى عليها وأودى بها ) - من المتقارب -
51 - ولده أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم ابن أحمد رحمهما الله تعالى
أنشدني له الزاهر
( شم النسيم لذيذا ... من قبل أن لا تشمه )
( واصرف عن القلب ما اسطعت ... بالمسرة همه )
( وغالط الدهر إن كنت ... لست تملك حكمه )
( وقد نصحتك جهدي ... فلا تصم وتكمه ) - من المجتث

وقوله
( صدقت عنا نوار ... ولقد كانت تزور )
( ثم قالت كيف أودى ... ذلك الغصن النضير )
( وشباب يتلالا ... فيه للناظر نور )
( قلت إن أنصفت هذا ... لابن خمسين كثير ) - من مجزوء الرمل -
52 - أبو الحسن العقيلي رحمه الله
أنشدني الزاهر قوله
( لنا أخ يحسن أن يحسنا ... جناه للجانين عذب الجنى )
( قد عرفت روضة معروفه ... بأنها تنبت زهر الغنى )
( إذا تبدى وجه إحسانه ... تنزهت فيه عيون المنى ) - من السريع -
وقوله
( الصبح ينشر فوق مسك ... الليل كافور الضياء )
( والبرق يذهب ما تفضضه ... الغيوم من السماء )
( فاشرب على ديباج نبت ... قد أحاط بشرب ماء )
( فالعيش في زمن الربيع ... رقيق حاشية الرداء ) - من الكامل -
وقوله
( وراح تتيه بأنفاسها ... على ما يفوح من العنبر )

( كأن زجاجاتها درة ... تشف عن الذهب الأحمر ) - من المتقارب -
وقوله
( تاه الربيع بآذريونه وزها ... لما بدا منه نشر في الربا أرج )
( كأن أغصانه فيروزج بهج ... من فوقه ذهب في وسطه سبج ) - من البسيط -
وقوله
( اشرب على زهر البنفسج قهوة ... تنفي الأسى عن كل صب مكمد )
( فكأنه قرص بخد غريرة ... أو أعين زرق كحلن بأثمد ) - من الكامل -
وقوله
( ونارنجة بين الرياض نظرتها ... على غصن رطب كقامة أغيد )
( إذا ميلتها الريح مالت كأكرة ... بدت ذهبا في صولجان زمرد ) - من الطويل -
وقوله
( ومدامة يبدو إليك جنينها ... وعليه تاج لم يصغه صائغ )
( تخفى لفرط صفاتها فكأنما ... إبريقنا الملآن منها فارغ ) - من الكامل -
وقوله
( إن كنت تعلم أن لي ... علما بأسرار السرور )
( فاعمل بحسب وصيتي ... لك في ملازمة البكور )
( ودع الصغير مكانه ... واعدل إلى جهة الكبير ) - من الكامل

( ما بين ورد كالخدود ... وأقحوان كالثغور )
( وعليك بالذهب الذي ... أجراه روباس العصير )
( ما زال يسبك بالذي ... قد شب من نار الهجير )
( حتى صفا فكأنه ... دمع الطليق على الأسير ) - من الكامل -
وقوله
( نحن أناس نوالنا خضل ... يرتع فينا الرجاء والأمل )
( كل فتى ليس في مودته ... مذق ولا في خلاله خلل )
( لو أبصر البحر فيض أنملنا ... فاض على وجه فيضه الخجل )
( تسبق أموالنا مؤملنا ... لا يعترينا مطل ولا بخل )
( تسمح قبل السؤال أنفسنا ... بخلا على ماء وجه من يسل ) - من المنسرح -
53 - أبو القاسم بن أبي العفير الأنصاري رحمه الله
أنشدت له
( وروض كحسن العرف يسري وبهجة ... من الزهر فيها شاكلت بهجة الحمد )
( يريك عناق العاشقين عناقه ... بثغر على ثغر وخد على خد )

وعارضه المتنبي بحضرة كافور في قصيدته الميمية التي أولها
( نظر المحب إلى الحبيب غرام ... ) - من الكامل -
فقال له العرب لا تقول إليه غرام وإنما تقول له فقال له الأنصاري تقول إليه ولديه وله وحروف الخفض ينوب بعضها عن بعض والوزير أبو بكر بن صالح الروزباري حاضر والوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات حاضر فقال الأنصاري
( أما الثناء فصادر بك وارد ... باد بما تسدي إلي وعائد )
( لك يا أبا بكر إلي صنائع ... أيقظن أحوالي وجدي راقد )
( أوليتني نعما متى أنكرتها ... شهدت علي مواهب وفوائد )
( نعم أقر بها وكم من نعمة ... يخفى المقر بها ويحظى الجاحد )
( ولرب ليل قد هجرت رقادة ... لك والردى مغف وطرفي ساهد )
( أتحلل الكلم العوان تحللا ... فأغافص المعنى كأني صائد )
( وقصائد لي فيك لولا أنها ... كلم شهدت بأنهن مشاهد )
( ولهن في عين الولي شواهد ... تترى وفي عين العدو جلامد )
( لما رعيت مودتي وخلطتني ... ببني أبيك ظننت أنك والد )
( ولقد علمت وأنت خير معلم ... أن الثناء على الليالي خالد )
( لما تعرض لي بمقت حاسدي ... أبدى الملام وكيف يرضى الحاسد )
( ما زال ينشد قائما حتى إذا ... أنشدت عارضني لأني قاعد )
( في مجلس أما الوزير فمنكب ... فيه يؤيده وأنت الساعد )
( ولى ولا أنا شاكر لسؤاله ... فيه ولا هو للإجابة حامد ) - من الكامل

54 - أحمد بن محمد الكحال
أنشدني له الزاهر وقد كتب إلى بعض إخوانه يستهديه جرة نبيذ
( لو قد سألتك حسب قدرك ... ما رضيت بألف جره )
( ولقل ذاك لقدر من ... لا تحصر الأوصاف قدره )
( فابعث إلي بجرة ... وكفاف ما أبغيه جره )
( وتوخها كبر الجرار ... فرب وافية كزكره )
( من رسم بسطام الذي ... أحيا بحسن الرسم ذكره )
( لا بوطسا يؤذي النديم ... ولا مذاقته بمره )
( واعلم بأن محلها ... عند الضرورة مثل صره ) - من الكامل -
وكتب إلي بعض إخوانه يستدعيه
( لا تتركن لغد مالا ولا سبدا ... فلست تقتل علما هل تعيش غدا )
( خذ من زمانك ما جاد الزمان به ... فمن جنى بعض ما يهوى فقد سعدا )
( أنت ابن وقتك فاحذر أن تضيعه ... فليس يرجع وقت فائت أبدا )
( وعند عبدك شيء إن نشطت له ... وزرت زدت أياديك الكرام يدا )
( راي طري كقاب الفتر تحسبه ... ذوبا من الفضة البيضاء أو بردا )
( كأن كفا عليه جرشت قطعا ... من اللجين صغار النظم أو زردا )

( كأن قاليه بالقلي ألبسه ... من الشقائق أثوابا له جددا )
( كأنه في سعير القلي منقليا ... صب تقلبه كف الهوى كمدا )
( كأن ياقوتة حمراء هللها ... صواغها ذهبا للحسن متحدا )
( كأنه كان في نهر الحياة فما ... يكاد يسلم منه روحه الجسدا )
( وقهوة تذكر الأفلاك ساكنة ... مشمولة أفنت الأيام والممدا )
( يديرها قمر في كفه قمر ... من الرحيق يزيل الهم والكمدا )
( فلا تضيع سرورا جاء عن كثب ... عجزا فتكتسب التوبيخ والفندا ) - من البسيط -
55 - أبو الحسن محمد بن الوزير الحافظ
كتب إلى صديق يستدعيه الاتجالا
( لسنا مسمعة حلوه ... ولون يفتق الشهوه )
( فالبارع من مجدك ... إن لم تجب الدعوه ) - من الهزج -
وأهدى إلى بعض إخوانه مقطا وكتب إليه
( إني بعثت مقطا غير محتشم ... ولم أجل في الغنى فكري ولا العدم )
( ولو بعثت سوادي ناظري لما ... كانا كفاء لما تولي من النعم )
( فاقبله واجعله مما يستعان به ... فإنه خادم السكين والقلم ) - من البسيط -
وقوله يصف النرجس
( خواتم من لجين ... فصوصها كارباء )
( وليس تضحك إلا ... إذا بكتها السماء ) - من المجتث

وقوله
( منذ حل السواد زاد البياض ... واعتداءاته طوال عراض )
( وإذا ما طغى المشيب فلا المنقاش ... يقوى به ولا المقراض )
( وكثيرا أرى جساما صحاحا ... لأناس فيها قلوب مراض ) - من الخفيف -
وأهدى إلى الإخشيد خاتما وكتب معه
( وذي عنق لم يطل ... عليه ولم يقصر )
( ومتنين قد حصرا ... على قدر الخنصر )
( وقد زاد في ضمره ... على الفرس المضمر )
( وأسفله فضة ... وأعلاه من جوهر )
( بعثت به معسرا ... إلى ملك موسر )
( ولا غرو أن يهدي المقل ... إلى المكثر ) - من مجزوء المتقارب -
وقوله
( قد قلت إذ سار السفين بهم ... والسوق ينهب مهجتي نهبا )
( لو أن لي عزا أصول به ... لأخذت كل سفينة غصبا ) - من الكامل -
56 - أحمد بن محمد بن عبد الكريم اليتيم النحوي
أنشدت قوله
( إذا ما نلت من دنياك حظا ... فأحسن للغني وللفقير )

( ولا تمسك يديك على قليل ... فإن الله يأتي بالكثير ) - من الوافر -
وقوله
( خاطبت شمس النهار إذ بدت ... وقلت ما أنت لي بمنصفة )
( إن التي أشبهتك مائلة ... من بعد ذاك الوصال قد جفت )
( فعاتبيها فليس يقنعني ... يا شمس من شبهك الذي أتت )
( لما رأتني على الوفاء لها ... صدت وما أنصفت ولا وفت ) - من المنسرح -
57 - أبو محمد بن أبي عمرو الطرازي
أنشدت له من
( نار جرت في غاية ... ترمى العلا بالشهب )
( كأنها جيش وغى ... فرسانه من ذهب ) - مجزوء الرجز -
وقوله يصف الفستق
( وفستق رأيت منه ... طرفا من الطرف )
( كأنه لما بدا ... والراح فينا تختلف )
( زمرد ضمنه ... من خالص العاج الصدف ) - من مجزوء الرجز -
58 - أبو الحسن علي بن لؤلؤ الكاتب
أنشدت له
( رب صبح كطلعة الوصل جلى ... جنح ليل كطلعة الهجران )

( زار في حلة البزاة فولى الليل ... عنه في حلة الغربان ) - من الخفيف -
وقوله
( يوم كأن الروض خاط لضوئه ... قراطق من وشي غلائلها الغدر )
( كأن صفاء الجو ناظر أزرق ... له الغيم جفن هدب أجفانه القطر )
( كأن أعالى السرو بين رياضه ... مطارف لفت في مواكبها خضر ) - من الطويل -
59 - أبو القاسم عبد الصمد بن فضالة الصفار
قال يصف الورد
( لا تصحب الدنيا كئيبا مكمدا ... من ذا رأيت من البرية خالدا )
( قم فاغتنم طيب الربيع وحسنه ... فلقد حباك به الغمام وأسعدا )
( ورد كأن أصوله وفروعه ... سقيت دما حتى ارتوى فتوردا )
( وشقائق شق القلوب كأنه ... خد مليح ضم صدغا أسودا )
( والماء يجري في الرياض كأنه ... سيف صقيل من قراب جردا )
( فاشرب عليه فإنه وقت إذا ... ولى تفاوت أن ينال فيوجدا ) - من الكامل -
وله
( فلو زين الحسن في وجهه ... بهجر الصدود ووصل الوصال )
( لتم وإن كنت ما إن أرى ... بديع الجمال جميل الفعال ) - من المتقارب

60 - ابن الزيعي
قال يصف دير القصير من قصيدة يقول فيها
( يا حسرة في القلب ما أقتلها ... كأنها في القلب أطراف الأسل )
( فكم وكم من ليلة طيبة ... أحييتها في الدير في خير محل )
( دير القصير الفرد في صفائه ... يا من رأى الجنة من غير عمل )
( أشربها راحا شمولا قرقفا ... تدب في الجسم فما تبقي علل )
( يديرها ذو غنج بطرفه ... يحيي إذا شاء وإن شاء قتل )
( كأنه غصن من البان وقد ... زاد عليه بالقوام المعتدل )
( ألثغ حتف النفس في لثغته ... تاه بها على الورى تيه مدل )
( إن قال نار قال ناغ أو يقل ... نور يقل نوغ بدل وغزل )
( فاحثث كؤوس الراح يا ساقينا ... واغتنم الدهر فللدهر دول )
( من قبل أن يطرقنا بين فلا ... ينفع عند البين ليست ولعل ) - من الرجز -
61 - محمد بن عباس البصري المعروف بصاحب الراقوية
قال
( لا تعذلوني فما مثلي بمعذول ... جسمي سقيم وأمري غير مجهول )
( إن مل مولاي وصلي بعد ألفته ... فإن مولاي عندي غير مملول )
( ملكت قلبي ولم تعطف على دنف ... ما كل ذاك على قلبي بمعزول ) - من البسيط

وقوله
( يا حامل الكأس أدرها واسقني ... قد ذعر الشوق فؤادي فانذعر )
( أما ترى البركة ما أحسنها ... إذا تداعى الطير فيها وصفر )
( أما ترى نوارها أما ترى ... حسن مسير مائها إذا انحدر )
( كأنما الجوهر في ألوانه ... نثر في تلك النواحي فانتثر ) - من الرجز -
وقوله
( أما طغان فقد طغى ... والطرف منه قد بغى )
( شهر السلاح بطرفه ... فتكا وما شهد الوغى )
( لولا مخافة عقرب ... في صدغه أن يلدغا )
( للثمت منه ممسكا ... ومصندلا ومصبغا ) - من مجزوء الكامل -
وقوله
( أتاني في قميص اللاذ يسعى ... عدو لي يلقب بالحبيب )
( فقلت له لم استحليت هذا ... فقد أصبحت في زي عجيب )
( فقال الشمس أهدت لي قميصا ... غريب اللون في شفق المغيب )
( فصوبي والمدام ولون خدي ... قريب من قريب من قريب ) - من الوافر -
وقوله
( وشمعة ظلت أناجيها ... تبيت تبكي وأبكيها )
( كأنما صفرتها صفرتي ... ومدمعي دمع مآقيها )
( أعارها قلبي من ناره ... فمثل ما فيه كذا فيها ) - من السريع

62 - أبو عبد الله الحسين المعروف بالجمل
له في طبيب
( إذا سقام عراك نازله ... فاندب أبا جعفر لنازله )
( يعرف ما يشتكيه صاحبه ... كأنما جال في مفاصله ) - من المنسرح -
63 - أبو عبد الله بن العرمرم
قدم له صديق سمكا في يوم شديد البرد فقال ارتجالا
( شيخ وبرد وسمك ... لكل ما يخشى شرك )
( فهاتها صافية ... وضمن الكأس الدرك )
( ولا تبال بعدها ... من لام فيها وترك ) - من مجزوء والرجز
وقوله
( وليتم أمر الخراج محمدا ... فغدا الخراج بغير جيم يكتب )
( إن كان من عدم الرجال دهيتم ... فالكلب فيكم عن قليل يخطب ) - من الكامل -
وقوله في أبخر
( أردت لقاءه فلقيت منه ... كما يلقى الخلاء من الفقاح )
( وجالسني فلم أشعر بأني ... ولم أبعد جليس المستراح ) - من الوافر

64 - أحمد بن صدقة الكاتب
كتب إلى ابن رشيد يستدعيه
( بالله يا صالح قم مسرعا ... إلى عقار أدركت تبعا )
( وساعد الليلة في شربها ... وخذ من السكر بها مصرعا )
( وقد بذلنا لك أرواحنا ... لما رأيناك لها موضعا ) - من السريع -
65 - أبو الحسن بن أبي ياسر
قال يصف شمعة
( وهيفاء من ندماء الملوك ... تزيد فينقص من قدرها )
( إذا ضحكت جنح داجى الظلام ... بكت فجرى الدمع من نحرها )
( فإن نعست للكرى نعسة ... فإيقاظها القص من شعرها ) - من المتقارب -
66 - محمد بن عاصم الموقفي
أنشدني له الزاهر في الفصادة
( ألا قل لعلوان كيف أجترأت ... على الأسد الباسل الخادر )
( وكيف أرقت دما دونه ... يراق دم الجحفل الثائر )
( ترفق قليلا على مرفق ... به مرفق البدو والحاضر )
( فليس الحديد على ساعد ... ولكن من الدهر في الناظر ) - من المتقارب

وقوله
( أسكر الخمر خمر ريقك حتى ... باتت الخمر من رضابك سكرا )
( فلهذا أراك تزداد صحوا ... وأراها عليك لا تتجرا ) - من الخفيف -
وقوله
( أشرب على الجيزة والمقس ... من قهوة صفراء كالورس )
( وروح النفس بها إنما ... عيش الفتى في راحة النفس )
( وأنس بإخوان الصفا إنهم ... من أكبر النزهة والأنس )
( فلست تدري أيما ساعة ... تبيت تحت اللحد والرمس )
( والمرء لا يعرف في يومه ... يصبح في دنياه أو يمسي ) - من السريع -
وقوله
( أقول والليل دجى مسبل ... والأنجم الزهر به ميل )
( يا طول ليل ماله آخر ... فيك وصبح ماله أول ) - من السريع -
وقوله
( اشرب ستنسى ويك مع من نسي ... من قهوة قوصية المغرس )
( في قمر للربع من شهره ... كشقة من درهم أطلس ) - من السريع -
وقوله
( يا حادي اللذات عرس بنا ... ويا مدير الكأس قم فاسقنا )

( أما ترى شمس ضحى يومنا ... قد لبست مطرفها الأدكنا )
( والروض للوسمي في حلة ... أذهبها من بعد ما لونا ) - من السريع -
وقوله
( اشرب شمولا على ريح الشمال فقد ... هبت شمالا ولاح الصبح فاتضحا )
( كأنها جنة في الكف مائلة ... تبدو فيخفي ضيا أنوارها القدحا )
( كأن حاملها من خمر ريقته ... وافى بها أولها من خده اقتدحا ) - من البسيط -
وقوله
( وظبي زارني من غير وعد ... نعمت بقربه بأتم سعد )
( سقاني ثم نقلني بلثم ... على عجل وحياني بورد )
( وشمر ساعدا فيه وشوم ... بقلبي مثلها من أجل صد )
( فكان كفضة سكت عمودا ... عليها أسطر باللازورد ) - من الوافر -
وقوله في دير القصير من قصيدة أولها
( إن دير القصير هاج ادكاري ... لهو أيامي الحسان القصار )
( وزمانا مضى حميدا سريعا ... وشبابا مثل الرداء المعار )
( عرفتني ربوعه بعد نكر ... فعرفت الربوع بالإنكار )
( ولو أن الديار تشكو اشتياقا ... لشكت جفوتي وبعد مزاري )
( ولكادت نحوي تسير لما قد ... كنت فيها سيرت من أشعاري )
( وكأني إذ زرته بعد هجر ... لم يكن من منازلي ودياري )

( إذ صعودي على الجياد إليه ... وانحداري في المعقبات الجواري )
( بصقور إلى الدماء سوار ... وكلاب على الوحوش ضواري )
( منزلا لست محصيا ما لقلبي ... ولنفسي فيه من الأوطار )
( منزلا في علوه كسماء ... والمصابيح حوله كالدراري ) - من الخفيف -
ومنها
( غردت بينها الطيور فطارت ... بفؤاد المتيم المستطار )
( كم خلعت العذار فيه ولم أرع ... مشيبا بمفرقي وعذاري )
( كم شربنا على التصاوير فيه ... بصغار محثوثة وكبار )
( صورة من مصور فيه ظلت ... فتنة للقلوب والأبصار )
( أطربتنا من غير شدو فأغنت ... عن سماع العيدان والمزمار )
( لا وحسن العينين والشفة اللمياء ... منها وخدها الجلناري )
( لا تخلفت عن مزاري ديرا ... هي فيه ولو نأى بي مزاري )
( فسقى الله أرض حلوان فالنخل ... فدير القصير صوب العشار )
( كم تنبهت من لذاذة نومي ... بنعير الرهبان في الأسحار )
( والنواقيس صائحات تنادي ... حي يا نائما على الابتكار )
( قبل أن يبلي الجديد الجديدان ... بليل معاقب ونهار )
( إنما هذه الحياة عوار ... وعلى المستعير رد العواري )

وقوله
( أأيامي بشاطى البركتين ... سقاك الله نوء المرزميني )
( لقد أذكرتني طربي ولهوي ... ووكلت الفؤاد بلوعتين )
( ترى أيامنا فيك المواضي ... يعود وصالها من بعد بين )
( سقى الله البقاع ملث قطر ... وأعطش منزلا بالجلهتين )
( ودار على المدار رهام مزن ... تسير إلى جنان السروتين )
( فكم من بيعة عقدت لقصف ... وعزف في رياض البيعتين )
( وكم من مدنف قد حاز وصلا ... ونال مناه وسط المنيتين ) - من الوافر -
وقوله
( إشرب بطموة من صفراء صافية ... تزرى بخمر قراهيت وغايات )
( على رياض من النوار زاهرة ... تجري الجداول فيها بين جنات )
( منازلا كنت مفتونا بها يفعا ... وكن قدما مواخيري وحاناتي )
( كأنما النيل في مر النسيم بها ... مسيلم في دروع سامريات ) - من البسيط

( حتى دخلنا بيتها ... فحصلت في البيت الحرام )
( فجعلت أفتح ميمها ... لما جثوت لها بلامي )
( وكأنني إذ ذاك أولجت ... الضياء على الظلام )
( ضدان لم يجمعهما ... إلا المحبة للحرام )
( كأنت لعمري عاهة ... جمعت غرابا مع حمام ) - من الكامل -
68 - أبو سهل بن أسباط الكاتب
قال
( إن كنت يا قلب عزمت الهوى ... فاستخر الله إذا قبلا )
( ولا تكن يا قلب مثل الذي ... قدم رجلا وثنى رجلا )
( حتى تلاقي في الهوى أهله ... وقلما تلقى له أهلا )
( لا توردني موردا كلما ... قطعت وحلا ألتقى وحلا ) - من السريع -
69 - عبد الله الصفري
قال يصف الشيب
( بد الشيب في رأسي فقالت تعجبا ... لقد شبت من هجري وأنت صغير )
( فقلت لها لا غرو إن وصالكم ... يرد شباب المرء وهو كبير ) - من الطويل -
70 - أبو العباس الكندي
قال يصف الندى على البحر
( كأني الندى في البحر بحران مائع ... على مائع هذا على ذاك مطبق )
( فهذا لجين سابح مترقرق ... وذاك لجين في السماء معلق )

( إذا أبصرته الشمس بعد احتجابها ... له ساعة أبصرته يتمزق ) - من الطويل -
وقوله
( عذارك المنقطع المسبل ... يقطع عذري عند من يعذل )
( ووجهك المقبل إقبال من ... أنت على طلعته مقبل )
( لا عشت أن أعدمه فالذي ... يعدمه يعدم ما يأمل ) - من المتقارب -
وقوله يصف السحاب
( سارية في غسق الظلام ... دانية من قلل الآكام )
( جاءت مجيء الجحفل اللهام ... فافترقت كالإبل السوامي )
( كأنها والبرق ذا ابتسام ... كتيبة مذهبة الأعلام )
( دنت من الأرض بلا احتشام ... ثم بكت بكاء مستهام )
( وانتشرت بسائغ الإنعام ... وثورة تحكم في الإعدام ) - من الرجز -
71 - أحمد بن بدر المعروف بالبلاط
قال في ولده وقد حم
( أعزز علي بني ما تلقى ... سدت علي شكاتك الطرقا )
( قد كنت بالحمى أحق فليتني ... ألقى من الحمى الذي تلقى ) - من الكامل -
72 - أبو العباس الزوفي
أنشدت له في الشيب
( قد رابني من شبيبتي ريب ... وفل من غرب صبوتي الشيب )

( وكان ثوب الشباب أحسن ملبوسا ... بهاء فأخلق الثوب )
( من عابني بالمشيب قلت له ... صدقت فالشيب كله عيب )
( طلائع الشيب كلما طلعت ... شق على ميت الصبا جيب ) - من المنسرح -
عبد الوهاب بن جعفر الحاجب
أنشدت له
( هاتر هتور بكثرة الفرح ... واقدح زناد اللهو بالقدح )
( وصل الغبوق إذا وصلت إلى المسى ... وإن أصبحت فاصطبح )
( أبرد إلى الندمان رسلك ما ... برد النسيم وغن واقترح )
( أصلح فساد العيش مجتهدا ... ففساد عمرك غير منصلح ) - من الكامل -
74 - أبو بكر الموسوس المعروف بسيبويه
أبو بكر هذا من البصرة وكان يشبه في حضور جوابه وبيان خطابه وحسن عبارته وكثرة درايته بأبي العيناء وكان قد تناول البلاذر فعرضت له منه لوثة وكان الناس يتبعونه ويكتبون عنه ما يقول فقال يوما للمصريين يا أهل مصر أصحابنا البغداديون أحزم منكم لا يقولون باتخاذ الولد حتى يقتنوا له العقد والعدد فهم أبدا يعزبون ولا يقولون باتخاذ العقار خوفا أن يملكهم شر الجار فهم أبدا يكنزون ولا يقولون بإظهار الغنى في موضع عرفوا فيه بالفقر فهم أبدا يسافرون
ووقف يوما بالجامع وقد أخذت الحلق مأخذها فقال يا أهل مصر

حيطان المقابر أنفع منكم يستند إليها ويستدرى بها من الريح ويستظل بها من الشمس والبهائم خير منكم تمتطى ظهورها وتؤكل لحومها وتحتذى جلودها
وكان ابن خزابة الوزير ربما رفع أنفه تيها فقال له سيبويه وقد رآه فعل ذلك أيشم الوزير رائحة كريهة فيشمر أنفه فأطرق واستعمل النهوض فخرج سيبويه فقال له رجل من أين أقبلت فقال من عند هذا الزاهي بنفسه المدل بعرسه المستطيل على أبناء جنسه
وكانت زوجته ابنة الإخشيد
وأخلى الحمام لمفلح فجاء سيبويه ليدخل فمنع وقيل له الأمير مفلح داخل فقال لا أنقي الله مغسوله ولا بلغه رسوله ولا وقاه من العذاب مهوله وجلس حتى خرج من الحمام فقال له إن الحمام لا يخلى إلا لأحد ثلاث مبتلي في قبله أو مبتلي في دبره أو سلطان يخاف من شره فأي الثلاثة أنت ومن شعره
( اعذر أخاك على رداءة خطه ... واغفر رداءته لجودة ضبطه )
( فالخط ليس يراد من تحسينه ... وبيانه إلا إبانة سمطه )
( فإذا أبان عن المعاني سمطه ... كانت ملاحته زيادة شرطه ) - من الكامل -
أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن يونس المنجم
أنشدت له
( غنت فأخفت صوتها في عودها ... فكأنما الصوتان صوت العود )
( غيداء تأمر عودها فيطيعها ... أبدا ويتبعها اتباع ودود )

( أندى من النوار صبحا صوتها ... وأرق من نشر الثنا المعهود )
( فكأنما الصوتان حين تمازجا ... ماء الغمامة وابنة العنقود ) - من الكامل -
وقوله
( سقى الله أحياء اللوى كلما سقى ... بضرب من المزن الكتهور هامل )
( إذا نثرت ريح جمان سحابة ... غدا وهو حلي للرياض العواطل )
( به خفق برق ليس بين جوانح ... ووسواس رعد ليس بين مفاصل )
( إذا كاد در البرق يلمس نبته ... فلقاه در النور بين الخمائل ) - من الطويل -
وقوله
( يجري النسيم على غلالة خده ... وأرق منه ما يمر عليه )
( ناولته المرآة ينظر وجهه ... فعكست فتنة ناظريه إليه ) - من الكامل -
وقوله
( صديق قد ندمت على اختباري ... له لما تأمله اختباري )
( ينم بسر مستوعيه سرا ... كما نم الظلام بسر نار )
( أنم من النصول على مشيب ... ومن صافى الزجاج على عقار ) - من الوافر -
وقوله
( وذي حرص تراه يلم وفرا ... لوارثه ويدفع عن حماه )
( ككلب الصيد يمسك وهو طاو ... فريسته ليأكلها سواه ) - من الوافر -
وقوله
( لكل شيء في الورى آفة ... وآفة المرء من الكبر )

( يحسب أن الكبر فخر له ... وليس غير العلم من فخر ) - من السريع -
76 - أبو القاسم عبد الغفار المصري
أنشدت له
( إنما الفضل غرة ... في وجوه المدائح )
( أريحي رياحه ... عبقات الروائح )
( كعبة الجود كفه ... بين غاد ورائح )
( إنما تصلح الأمور ... برأي ابن صالح ) - من مجزوء الخفيف -
77 - أبو العباس أحمد بن مروان بن حماد النحوي
أنشدني ابن وهب له
( لم يطل ليلى ولكن ... سهري كان طويلا )
( وكذا ليس يلذ النوم ... من كان عليلا )
( يا غزالا لم أجد عنه ... إلى الصبر سبيلا )
( هب لعين سهرت فيك ... من الغمض قليلا ) - من مجزوء الرمل -
78 - محمد بن جعفر الأنصاري الكاتب المعروف بالقصير
من شعره
( قد طال منك المطل في الوعد لي ... وأنت في مطلك لا تخطي )

( لو كنت تعطي مال مصر وما ... حوت من الدور على الشط )
( وما لدار الضرب عن عسجد ... لكان كفرا بالذي تعطي ) - من السريع -
79 - أبو علي تميم بن معد صاحب مصر
أنشدني له علي بن مأمون المصيصي
( يا دهر ما أقساك من متلون ... في حالتيك وما أقلك منصفا )
( أتروح للنكس الجهول ممهدا ... وعلى اللبيب الحر سيفا مرهفا )
( فإذا صفوت كدرت شيمة باخل ... وإذا وفيت نقضت أسباب الوفا )
( لا أرتضيك وإن صفوت لأنني ... أدري بأنك لا تدوم على الصفا )
( زمن إذا أعطى استرد عطاءه ... وإذا استقام بدا له فتحرفا )
( ما قام خيرك يا زمان بشره ... أولى بنا ما قل منك وما كفى ) - من الكامل -
وقوله
( أيا دير مرخنا سقتك رعود ... من الغيم تهمي مزنها وتجود )
( فكم واصلتنا من رباك أو انس ... يطفن علينا بالمدامة غيد )
( وكم ناب عن نور الضحى فيك مبسم ... وناب عن الورد الجني خدود )
( وماست على الكثبان قضبان فضة ... فأثقلها من حملهن نهود )
( ليالي أغدو بين ثوبي صبابة ... ولهو وأيام الزمان هجود )
( وإذ لمتي لم يوقظ الشيب ليلها ... وإذ أثري في الغانيات حميد ) - من الطويل

وقوله
( يا منتهى أملي لا تدن لي أجلي ... ولا تعذب ظنوني فيك بالظن )
( إن كان وجهك وجها صيغ من قمر ... فإن قدك قد قد من غصن ) - من البسيط -
وأنشدني له من قصيدة أولها
( سرى البرق فارتاع الفؤاد المعذب ... ) - من الطويل -
يقول فيها
( وبات ضجيعي منه أهيف ناعم ... وأدعج نشوان وألعس أشنب )
( كأن الدجى في لون صدغيه طالع ... وشمس الضحى في صحن خديه تغرب )
( وإني لألقي كل خطب بمهجة ... يهون عليها منه ما يتصعب )
( وأستصحب الأهوال في كل موطن ... ويمزج لي السم الذعاف فأشرب )
( فما الحر إلا من تدرع عزمه ... ولم يك إلا بالقنا يتنكب )
( وما لي أخاف الحادثات كأنني ... جهول بأن الموت ما منه مهرب )
( خليلي ما في أكؤس الراح راحتي ... ولا في المثاني لذتي حين تضرب )
( ولكنني للمدح أرتاح والعلا ... وللجود والإعطاء أصبو وأطرب )
( ومن بين جنبيه كنفسي وهمتي ... يروح له فوق الكواكب موكب )
وقوله
( إذا حان من شمس النهار غروب ... تذكر مشتاق وحن حبيب )

( ترى عندهم علم وإن شطت النوى ... بأن لهم قلبي علي رقيب )
( لهم كبدي دوني وقلبي ومهجتي ... ونفسي التي أدعى بها وأجيب )
( فآية حزني لوعة وصبابة ... وعنوان شيني زفرة ونحيب )
( وما بلد الإنسان إلا الذي له ... به سكن يشتاقه وحبيب )
( إلى الله أشكو وشك بين وفرقة ... لها بين أحشاء المحب دبيب ) - من الطويل -
وقوله
( أما والذي لا يملك الأمر غيره ... ومن هو بالسر المكتم أعلم )
( لئن كان كتمان المصائب مؤلما ... لإعلانها عندي أشد وآلم )
( وبي كل ما تشكو العيون أقله ... وإن كنت منه دائما أتبسم ) - من الطويل -
وقوله وهو مما يتغنى به
( قالت وقد نالها للبين أوجعه ... والبين صعب على الأحباب موقعه )
( اجعل يديك على قلبي فقد ضعفت ... قواه عن حمل ما فيه وأضلعه )
( واعطف علي المطايا ساعة فعسى ... من شت شمل الهوى بالبين يجمعه )
( كأنني يوم ولت حسرة وأسى ... غريق بحر يرى الشاطي ويمنعه ) - من البسيط -
وقوله
( وغضبي من الإدلال والتيه والهوى ... بلا غضب سكرى الجفون بلا سكر )
( كأن على لباتها رونق الضحى ... وفي حيث يهوى القرط منها سنا الفجر )
( ترى البدر مثل البدر في صحن خدها ... وتفتر عن مثل الجمان من الثغر ) - من الطويل -
وقوله
( أما ترى الرعد بكى فاشتكى ... والبرق قد أومض فاستضحكا )

( فاشرب على غيم كصبغ الدجا ... أضحك وجه الأرض لما بكى )
( وانظر لماء النيل في مده ... كأنه صندل أو مسكا ) - من السريع -
وقوله
( وليلة بتها على طرب ... آخرها مشبه لأولاها )
( أقبل البرق من ترائبها ... وألثم الشمس من محياها )
( سقتني الراح وهي خداها ... بأكؤس السكر وهي عيناها )
( إذا أرادت مزاحها جعلت ... بآخر اللحظ في فمي فاها )
( فيا لها قهوة معتقة ... وليس إلا الخدود مأواها )
( حبابها الثغر حين يمزج لي ... ونقلها اللثم حين أسقاها )
( لله أيامنا التي سلفت ... بدار حزوى ما كان أحلاها )
( فالقصر من حيرة الملوك إلى ... أعلى رباها إلى مصلاها )
( إذ نجتني اللهو من أصائلها ... والعز من فجرها ومغداها )
( إن عرضت لذة ملكناها ... أو صعبت خطة حويناها ) - من المنسرح -
وقوله
( وصفراء لم تطبخ بنار شربتها ... على وجه معشوق السجا يا مقرطق )
( كأن حباب الكأس من نظم ثغره ... وإشراقها من خده المتألق ) - من الطويل - وقوله
( لو صورت خلقها إرادتها ... ما قدرته كمثل ما قدرا )

( كامسك نشرا والبرق مبتسما ... والغصن قدا والحقف مؤتزرا ) - من المنسرح -
وقوله
( شبهتها بالبدر فاستضحكت ... وقابلت قولي بالنكر )
( وسفهت قولي وقالت متى ... سمجت حتى صرت كالبدر )
( والبدر لا يرنو بعين كما ... أرنو ولا يبسم عن ثغر )
( ولا يميط المرط عن ناهد ... ولا يشد العقد في نحر )
( من قاس بالبدر صفاتي فلا ... زال أسيرا في يدي هجري ) - من السريع -
وقوله
( ناولتها شبه خديها مشعشعة ... صرفا كأن سناها ضوء مقباس )
فقبلتها وقالت وهي ضاحكة ... وكيف تسقى خدود الناس للناس )
( أليس خداي ذابا إذ لمستهما ... فاستنبطا قهوة حمراء في الكاس )
( قلت اشربي إنها دمعي وحمرتها ... دمي وطابخها في الكأس أنفاسي )
( قالت إذا كنت من حبي بكيت دما ... فسقنيها على العينين والراس )
( يا ليلة بات فيها البدر معتنقي ... وباتت الشمس فيها بعض جلاسي )
( وبت مستغنيا بالثغر عن قدحي ... وبالخدود عن التفاح والآس ) - من البسيط -
وقوله
( وما أم خشف ظل يوما وليلة ... ببلقعة بيداء ظمآن صاديا )

( تهيم فلا تدري إلى أين تنتهي ... مولهة حيرى تجوب الفيافيا )
( أضر بها حر الهجير فلم تجد ... لغلتها من بارد الماء شافيا )
( إذا بعدت عن خشفها انعطفت له ... فألفته ملهوفا إلى الجوع ظاميا )
( بأوجع مني يوم شدوا رحالهم ... ونادى منادي الحي أن لا تلاقيا ) - من الطويل -
وقوله مفتخرا
( ألقى الكمي فلا أخاف لقاءه ... ويفل إقدامي شبا الحدثان )
( وأكر في صدر الخميس معانقا ... للموت حين يفر كل جبان )
( ويزيدني كل الخطوب تعظما ... وتسلط الأيام عز مكان )
( وعلمت أخلاق الزمان فلم أضق ... ذرعا بأيامي وغر زماني )
( وكما يمل الدهر من إعطائه ... فكذا ملالته من الحرمان )
( وكما يكر لمعشر بسعادة ... فكذا يكر لمعشر بهوان )
( فإذا رماك بشدة فاصبر لها ... فلسوف يأتي بعدها بليان )
( وسل الليالي عن نفاذ عزيمتي ... وسل الحوادث عن ثبات جناني )
( يخبرك عني أنني لم ألقها ... بين العزائم واهن الأركان )
( أصبحت لا أشتاق إلا للندى ... إلفا ولا أهوى سوى الإحسان )
( وإذا السيوف قطعن كل ضريبة ... قطع السيوف القاطعات لساني ) - من الكامل -
وقوله
( اسقياني فلست أصغى لعذل ... ليس إلا تعلة النفس شغلي )
( أأطيع العذول في ضد ما أهوى ... كأني اتهمت رأيي وعقلي )
( عللاني بها فقد أقبل الليل ... كلون الصدود من بعد وصل )

( وانجلى الغيم بعدما أضحك الروض ... بكاء السحاب فيه بوبل )
( عن هلال كصولجان نضار ... في سماء كأنها جام ذبل ) - من الخفيف -
أحسن في هذا التشبيه ما شاء وقوله
( إذا هب سلطان المريسي نافحا ... سحيرا وحل القر كل نقاب )
( ومد على الأفق الغمام ثيابه ... فقم فالقه في عدة وحراب )
( بكن وكانون وكأس مدامة ... وكيس وكس وافر وكباب ) - من الطويل -
وقوله
( ورد الخدود أرق من ... ورد الرياض وأنعم )
( هذا تنشقه الأنوف ... وذا يقبله الفم )
( فإذا علت فأفضل الوردين ... ورد يلثم )
( هذا يشم ولا يضم ... وذا يضم ويشم ) - من الكامل -
وأنشدني المصيصي له
( وجنة من شفني هواه ومن ... أفنيت فيه دموع آماقي )
( كأنما الصيرفي دنر ما ... يحمر منها ودرهم الباقي ) - من المنسرح -
وأنشدني له أبو الحسن علي بن مأمون المصيصي من قصيدة مخمسة أولها
( دم العشاق مطلول ... ودين الحب ممطول )

( وسيف اللحظ مسلول ... ومبدا الحب معزول )
( وإن لم يصغ للآثم ... )
( إذا لم يظهر الحب ... ولم ينهتك الصب )
( ويفشي سره القلب ... فجملة ما ادعى كذب )
( فبح يا أيها الكاتم ... )
( وأحور ساهر الطرف ... يفوق جوامع الوصف )
( مليح الدل والظرف ... جنت ألحاظه حتفي )
( فمن يعدي على الظالم ... )
( أطاع جفونه السحر ... وذل لوجهه البدر )
( وماد بردفه الخصر ... وأشبه ثغره الدر )
( فقلب محبه هائم ... )
( يعنفني على حبي ... ويهجرني بلا ذنب )
( كأني لست بالصب ... لقهوة ريقه العذب )
( أما في الحب من راحم ... )
( غزال لحظه شركه ... وبدر ثوبه فلكه )
( لو أني كنت أمتلكه ... فأنهب ما حوت تككه )
( نهاب الظافر الغانم ... )
( خذوا بدمي قنا القد ... وحسن تورد الخد )

( وليل الشعر الجعد ... وثقل الكفل النهد )
( وسقم الأعين الدائم ... )
( متى يظفر بالوصل ... وينفي الجور بالعدل )
( محب دائم الخبل ... سليب الصبر والعقل )
( كئيب مدنف هائم ... )
( بحسن الأعين النجل ... وعض الوقف والحجل )
( وذاك القصب الجدل ... وريق كجنا النحل )
( وثغر يطمع الشائم ... )
( سلوا الشمس التي طلعت ... علينا ثم ما أفلت )
( عسى ترثي لمن قتلت ... بعينيها وما علمت )
( فقد يستعطف العالم ... )
( أما والخرد الصفر ... شبيهات سنا البدر )
( وألوان صفا الخمر ... لقد أضر من في صدري )
( غراما ليس بالنائم ... )
( وراح تبعث الطربا ... وتحيي الظرف والأدبا )
( يثير مزاجها حببا ... تخال به عيون دبى )

( ودرا صفه الناظم ... )
( أما والجمرة الكبرى ... وزمزم والصفا ومنى )
( ومن لبى بها ودعا ... وطاف البيت ثم سعى )
( خميصا مخبتا صائم ... )
( لقد أضحى لنا خلفا ... نزار وابتنى شرفا )
( وأصبح خامس الخلفا ... وأحيا سعيه السلفا )
( وأضحى بالهدى قائم ... )
( نمى في المجد عنصره ... وطال النجم مفخره )
( وفاق البدر منظره ... فصرف الدهر يحذره )
( أبي لين صارم ... ) - من الهزج -
وقوله في الراي
( كأن الراي حين أتى طريا ... بأذناب كمجمرة العقيق )
( بإسقيات بلور لطاف ... بأسفلها بقايا من رحيق ) - من الوافر -
80 - محمد بن أبي مروان بن أخي المستنصر بالله
المدعو الخليفة بالأندلس وهو الحكم بن عبد الرحمن المرواني من شعره
( وما كان من عطف علي حديثها ... ولكن لتعذيب الفؤاد المعذب )
( حديث لو استسقت به الصخر جادها ... بأعذب من صوب الغمام وأطيب ) - من الطويل

وقوله
( راجعه شوقه فحنا ... وشفه شجوه فأنا )
( وسال من دمعه مصون ... أظهر ما كان مستكنا )
( فعاد فيه الهوى يقينا ... وكان عند الرقيب ظنا )
( لو كان يلقى الذي تلاقي ... أوسعه رحمة ومنا ) - من مخلع البسيط -
وقوله
( بين أجفانها وبين ضلوعي ... نازعتني الحياة أيدي المنون )
( لست أدري أعن مدى طرفها الفاتن ... موتي أم طرفي المفتون ) - من الخفيف -
وقوله
( قد رضيت الهوى لنفسي خلا ... ورأيت الممات في الحب سهلا )
( وتذللت للحبيب وعز الصب ... في سنة الهوى أن يذلا )
( بأبي من أحل قتلي عمدا ... وهنيئا لسيدى ما استحلا )
( سوف أجزي الحبيب بالصدود ودا ... مستجدا وبالقطيعة وصلا )
( وإذا ما استزاد تيها وعجبا ... زدت نفسي له خضوعا وذلا ) - من الخفيف -
وقوله
( غير مستنكر همول دموعي ... في التصابي وغير بدع خشوعي )
( ليس عزي إلا فناء عزائي ... وسنائي إلا بقاء خضوعي )
( وبحسبي أني ألاقي عذولي ... باصطبار عاص ودمع مطيع ) - من الخفيف -
وقوله
( أعد نظرا واستوقف الطرف منعما ... تجد كلفا صبا بحبك مغرما )

( سرى الحب في أخلاقه فأرقها ... وعلمه أحكامه فتعلما )
( ولست تراه سائلا منك عطفة ... حذارا من التقبيل إلا توهما )
( فإن جدت لاقته الحياة كريمة ... وإن لم تجد لاقى الحمام مقدها ) - من الطويل -
وقوله
( لئن وعدتني وصلها وعد عاتب ... يجاحدني وعدي وينكرني حقي )
( فأفضل ثوب الغيث في الأرض دافق ... وأبلغه ما جاء بالرعد والبرق )
( فإن ما نعتني فضل إنجاز موعد ... فإن الحيا الممنوع أشهى إلى الخلق )
( فلا كان لي في الأرض رزق أناله ... إذا لم يكن في نيل موعدها رزقي ) - من الطويل -
وقوله
( يا ربيعي ما كان ضرك لوجدت ... علينا كما يجود الربيع )
( ورده ذاهب ووردك باق ... وهو سهل به وأنت منوع )
( كن شفيعي إليك يا جنة الخلد ... فمالي غير الخضوع شفيع ) - من الخفيف -
وقوله
( كم تصاب أردفته بتصاب ... واصطباح وصلته باغتباق )
( وكؤوس عاطيتها بدر تم ... جل أن يعتريه نقص المحاق )
( وغصون جنيت منها ثمارا ... لم يشنها تساقط الأوراق )
( زمن بكيته حسب وجدي ... كنت أبكيه من دم الأحداق ) - من الخفيف -
وقوله
( ومختطف للعين بت أشيمه ... مجالسة والليل حيران مطرق )
( سرى يخبط الظلماء حتى كأنه ... بوجدي يسرى أو بقلبي يخفق ) - من الطويل

وقوله
( تبدت بأكناف الحجاز ديارها ... فأوقد نار الوجد في القلب نارها )
( كأن بأنفاسي استمد ضرامها ... وعن كبدي الحرى تلظي استعارها )
( يحن إليها القلب حتى كأنما ... إليه تناهيها ومنه انتشارها ) - من الطويل -
وقوله
( ولما حمى الشوق المبرح ناظري ... كراه حذارا أن يريني مثاله )
( شربت عقارا أذكرتني بريقه ... وأهدت كرى أهدى إلي خياله )
( فهل هي إلا نعمة مسترقة ... أنالت يدي ما لم أؤمل نواله ) - من الطويل -
81 - حبيب بن أحمد الأندلسي
قال
( ودعتني بزفرة واعتناق ... ثم نادت متى يكون التلاقي )
( وتصدت فأشرق الصبح منها ... بين تلك الجيوب والأطواق )
( يا سقيم الجفون من غير سقم ... بين عينيك مصرع العشاق )
( إن يوم الفراق أفظع يوم ... ليتني مت قبل يوم الفراق ) - من الخفيف -
وله
( هيج البين دواعي سقمي ... وكسا جسمي ثوب الألم )
( أيها البين أقلني مرة ... فإذا عدت فقد حل دمي )
( يا خلي الروع نم في غبطة ... إن من فارقته لم ينم )

( ولقد هاج لقلبي سقما ... حب من لو شاء داوى سقمي ) - من الرمل -
وقوله
( وجنة كالربيع جاد عليها ... من حياء لا من حيا وسمي )
( ووجوه قلبتها كالدنانير ... ومثلي لمثلها صيرفي )
( تتهادى الرياح منها نسيما ... شابه عنبر ومسك ذكي ) - من الخفيف -
وقوله
( ألا بأبي من قلبه غير مشفق ... علي ولي قلب عليه شفيق )
( وإني لأبدي للوشاة تبسما ... وإنسان عيني في الدموع غريق )
( وكم شافهتني للصبا أريحية ... ومازج ريقي للأحبة ريق ) - من الطويل -
تم بحمد الله تعالى وحسن توفيقه مراجعة الجزء الأول من كتاب يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر لأبي منصور الثعالبي ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الثاني مفتتحا بترجمة الوزير أبي مروان عبد الملك بن جهور نسأل الله المعونة والتوفيق إلى إكماله

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - الوزير أبو مروان عبد الملك بن جهور
أنشدت له من البسيط
( أسقمت قلبي فكن أنت الدواء له ... ولا تدعه بأيدي الشوق مخترما )
( عيناي أورثتاه سقمه نظرا ... رضيت دمعي من عيني منتقما ) - البسيط -
وقوله من الكامل
( ألحاظه منهوكة النظر ... ضعفت نواظرها من الخفر )
( وحديثه اشهى لسامعه ... من نغمة الشادي على الوتر )
( ورضابه أشهى على كبدي ... من ري عذب بارد خصر )
( وكأن قلبي حين يفقده ... ما بين ذي ناب وذي ظفر ) - الكامل -
وقوله من البسيط
( يا أحسن الناس في عيني مبتسما ... وأعذب الخلق عندي منطقا وفما )
( حلت بقلبي من عينيك نازلة ... من الهوى صيرتني في الورى علما )

( لم تبق جارحة مني أقلبها ... إلا بعثت عليها بالهوى سقما )
( فارحم مقام محب ما شكا وبكى ... تبرما بالذي يلقى ولا ندما ) - البسيط -
وقوله من السريع
( أملح ما تنظر عيناك ... شاك شكا الحب إلى شاكي )
( يقصر من ذكرك ليلي على ... أني فيه ساهر باكي )
( ولي فؤاد يستجير من الشوق إلى برد ثناياك ... )
( سيدتي لو كنت أبصرت ما ... يصنع بي حبك أبكاك ) - السريع -
وقوله من البسيط
( أنار لي وجهه ليلا فخلت به ... بدرا تماما على الافاق يطلع )
( ومر يمشي دقيق الخصر يجذبه ... ردف فقلت ادركوه قبل ينقطع ) - البسيط -
وقوله من الوافر
( أجلك أن تحل بك الاماني ... فكيف بأن أراك وأن تراني )
( وأكره أن يمثلك التمني ... حذارا أن يبوح به لساني )
( ولو أني ستطعت لفرط شجوي ... عليك لما رآك الحافظان )
( وما أشكو إليك بغير دمعي ... بيان الدمع أعرب من بياني ) - الوافر -
وقوله من البسيط
( اليوم منقبض والدمع منبسط ... وحب من شفني بالروح مختلط )
( حملت قلبي أن يسلو تذكره ... فقال إن الذي حملتني شطط )

( تسومني الصبر عن روحي وتمنعني ... عن ذكره إن ذا من رأيك الغلط ) - البسيط -
وقوله من الوافر
( ترى العشاق لاقوا ما ألاقي ... فقد بلغت بي النفس التراقي )
( خصصت من الهوى بأمر شيء ... وكنت ارى الهوى عذب المذاق )
( أنا العبد الذي لا عتق يرجو ... ولا يجد السبيل إلى الاباق ) - الوافر -
وقوله من الطويل
( وما سرني أن الهوى غير صاحبي ... وأن خراج العبشميين في ملكي )
( ولا كنت أرضى أن أرى متخليا ... من الحب لو أعطى به خاتم الملك )
( نسيم الهوى أذكى وإن جار واعتدى ... على أنف العشاق من نفحة المسك ) - الطويل -
وقوله من الطويل
( ومن يحمد الصبر الجميل على الهوى ... فإن خلاف الصبر عندي احمد )
( إذا كان قلب المرء لا يألم النوى ... ويشكو لظى نيرانها فهو جلمد ) - الطويل -
وقوله من الكامل
( احوى النواظر ألعس الشفتين عذب الريق آلمى ... )
( مخضر شاربه علا ... درا يريك الدر نظما )
( لو زارني طيف له ... عند الهجوع ولو ألما )
( لاعاد روحا أو لفرج ... من هموم النفس هما ) - الكامل

2 - احمد بن عبد ربه الاندلسي رحمه الله تعالى
انشدت له من الكامل
( بكرت علي عواذلي تلحينني ... وعلى الذي لم يعد بي اعدينني )
( إيها عليك فقد كبرت عن الصبا ... ونهى المشيب عن الذي تنهينني )
( إنى وكيف وقد رأين تغيري ... عن عهدهن إذا العيون رأينني )
( وعلى مفارقة الشباب شمتن بي ... وعلى معاداة الصبا عادينني )
( أدنينني حتى إذا التهب الجوى ... أقصينني اضعاف ما أدنينني )
( وفتنني بلواحظ تشكو الضنى ... دائب بهن وربما داوينني )
( يذكين في قلبي وبين جوانحي ... حرقا بنار جحيمها اصلينني ) - الكامل -
ومنها ايضا
( يا ابن الخلائف إن ايام الغنى ... ايامك الغر التي أغنينني )
( بنوالها وسجالها وثمالها ... اسقينني حتى لقد أروينني ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( وصحائح مرضى العيون شحائح ... بيض الوجوه نواعم الابشار )
( اضنينني بلواحظ تشكو الضنى ... وكسونني ما هن منه عواري )
( بجوى حوته مهجتي عن مقلتي ... والجار قد يشقى بذنب الجار ) - الكامل

وله في العذار من الكامل
( يا ذا الذي خط الجمال بخده ... خطين هاجا لوعة وبلابلا )
( ما صح عندي أن لحظك صارم ... حتى لبست بعارضيك حمائلا ) - الكامل -
وفي مثله من الكامل
( ومعذر نقش الجمال بمسكه ... خدا له بدم القلوب مضرجا )
( لما تيقن أن سيف جفونه ... من نرجس جعل النجاد بنفسجا ) - الكامل -
وقوله من الوافر
( تعللنا أمامة بالاماني ... ولج بنا البعاد من التداني )
( إذا ما قلت اين الوصل قالت ... طلبت العز في دار الهوان ) - الوافر -
وقوله من الخفيف
( بذمام الهوى امت إليه ... وبحكم العقار اقضي عليه )
( بابي من زها علي بوجه ... كاد يدمي لما نظرت إليه )
( كلما علني من الراح صرفا ... علني بالرضاب من شفتيه )
( ناول الكأس واستمال بلحظ ... فسقتني عيناه قبل يديه ) - الخفيف -
وقوله من الرمل المجزوء
( أيها البدر الذي ضن علينا بالطلوع ... )
( ابغ لي عندك قلبا ... طار من بين ضلوعي )
( يا بديع الحسن كم لي ... فيك من وجد بديع ) - الرمل المجزوء

وقوله من الطويل
( وساحبة فضل الذيول كأنها ... قضيب من الريحان فوق كثيب )
( إذا ما بدت من خدرها قال صاحبي ... أطعني وخذ من وصلها بنصيب ) - الطويل -
وقوله من الكامل
( ينبيك أنك لم تجد وجدي ... ما خدت العبرات من خدي )
( نام الخلي عن الشجي به ... وجفا الملول ولج في الصد )
( كنت الشفاء فصرت لي سقما ... أبدا تتوق إلي هوى مردي ) - الكامل -
وقوله من الطويل
( سقوني حمامي يوم ساقوا حمولهم ... فرحت وراحوا بين ساق وسائق )
( وأخرس لفظي وهو ليس بأخرس ... وأنطق دمعي وهو ليس بناطق )
( فيا بأبي تلك الدموع التي همت ... فدلت على مكنون تلك العلائق ) - الطويل -
وقوله من الكامل
( أزف الرحيل فودعتني مقلة ... أوحت إلي جفونها بسلام )
( وتطلعت بين الحدوج كأنها ... شمس تطلع من خلال غمام )
( وشكت بتاريخ الصبابة والهوى ... بمدامع نطقت بغير كلام )
( كمهاة رمل قد تربعت الحمى ... بين الظباء العفر والآرام )
( حتى إذا ضرب المصيف رواقه ... صافت بظل أراكة وبشام ) - الكامل

وقوله من الطويل
( ألا إنما الدنيا غضارة أيكة ... إذا اخضر منها جانب جف جانب )
( هي الدار ما الآمال إلا فجائع ... عليها ولا اللذات إلا مصائب )
( فكم سخنت بالأمس عين قريرة ... وقرت عيون دمعها اليوم ساكب )
( فلا تكتحل عيناك منها بعبرة ... على ذاهب منها فإنك ذاهب ) - الطويل -
وقوله من الطويل
( صحا القلب إلا نظرة تبعث الأسى ... لها زفرة موصولة بحنين )
( بلى ربما حلت عرى عزماته ... سوالف آرام وأعين عين )
( لواقط حبات القلوب إذا رنت ... بسحر عيون وانكسار جفون )
( وريط من الموشي أينع تحته ... ثمار صدور لا ثمار غصون )
( برود كأنوار الربيع لبسنها ... ثياب خضاب لا ثياب مجون )
( قرين نجوم ديم عن نور أوجه ... تجن بها الألباب أي جنون )
( وجوه جرى فيها النعيم فكللت ... بورد خدود يجتني بعيون )
( سألبس للأحزان ثوب تصبر ... وإن لم يكن عند اللقا بحصين )
( وكيف ولى قلب إذا هبت الصبا ... أهاب بشوق في الفؤاد كمين ) - الطويل -
وقوله من البسيط
( ونائح في غصون السدر أرقني ... وما عنيت بشيء ظل يعنيه )
( مطوق بعقود ما تزايله ... حتى تزايله إحدى تراقيه )

( قد بات يبكي لشجو ما دريت به ... وبت ابكي لشجو ليس يدريه ) - البسيط -
وقوله من الخفيف
( وقضيب يميس فوق كثيب ... طيب المجتنى لذيذ العناق )
( قد تغنى كما استهل يغني ... ساق حر مغرد فوق ساق )
( ينثر الدر في المسامع نثرا ... بين در منظم مستاق )
( وافتضضنا من العواتق بكرا ... نكحت امها بغير صداق )
( ثم بانت ولم تطلق ثلاثا ... لم تبن حرة بغير طلاق )
( ديننا في السماع دين مديني وفي شربنا الشراب عراقي ... ) - الخفيف -
وقوله من الوافر
( سرى طيف الحبيب على البعاد ... ليصلح بين عيني والرقاد )
( فبات إلى الصباح يدي وساد ... لوجنته كما يده وسادي )
( بنفسي من أعاد إلي نفسي ... ورد إلى جوانحه فؤادي )
( خيال زارني لما رآني ... عدتني عن زيارته عوادي )
( يواصلني على الهجران منه ... ويدنيني على طول البعاد ) - الوافر -
وقوله من الطويل
( وريان من ماء الشباب تهاتفت ... به نشوات من صبا ودلال )
( كما اهتز بان من أكاليل روضة ... تلاعبه ريحا صبا وشمال )

( تعلم منه الهجر طيف خياله ... هدوا فما يلقاه طيف خيال )
( وأعرض حتى عاد يعرض في المنى ... ويمنع ذكراه الخطور ببالي ) - الطويل -
وقوله من الكامل
( بأبي غزال صد بعد وصاله ... وزها علي بحسنه وجماله )
( سلب الكرى عيني والبسها الكرى ... وحمى خيالي من لقاء خياله ) - الكامل -
وقوله من البسيط
( مستوحشا من جميع الناس كلهم ... كأنما الناس اقذاء على بصري ) - البسيط -
وقوله من الطويل
( أما والذي سوى السماء مكانها ... ومن مرج البحرين يلتقيان )
( ومن قام في الاوهام من غير رؤية ... بأثبت من إدراك كل عيان )
( لما خلقت كفاك إلا لأربع ... عقائل لم يخلق لهن يدان )
( لتقبيل أفواه وإعطاء نائل ... وتقليب هندي وحبس عنان ) - الطويل -
3 - عبد الملك بن سعيد المرادي
أنشدت له من المديد
( قد بلوت الحب مختبرا ... فأنا المسئول عن خبره )
( هو عذب عز مورده ... غير أن الموت في صدره )
( نظري أذكى جوى كبدي ... وهلاك الصب في نظره ) - المديد

وقوله من الكامل
( قمر بسبي ذوي العقول أنيقا ... ورشا بتقطيع القلوب رفيقا )
( ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... درا يصير من الحياء عقيقا )
( وإذا نظرت إلى محاسن وجهه ... ابصرت وجهك في سناه غريقا ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( برح الخفاء فأعتبي او عاتبي ... فهواك سد علي رحب مذاهبي )
( لو كنت أعلم لي سوى فرط الهوى ... ذنبا إليك لكنت أول تائب )
( يا ظالما لا يستفيد بظلمه ... متعتبا في الحب غير معاتب )
( هلا عطفت علي عطفة راحم ... لما ذللت إليك ذلة راغب ) - الكامل -
4 - الوزير ابو عثمان عبد الله بن يحيى بن إدريس
انشدت له من الطويل
( أسحرا سقت عيني جفونك أم خمرا ... فقد رحت ملآن الجفون به سكرا )
( وشعرا أراني صبح وجهك أم دجا ... ووجها جلا إظلام شعرك أم فجرا )
( وجسم تثنى بين ثوبيك ناعم ... أم الغصن اللدن اكتسى ورقا خضرا ) - الطويل -
وقوله من الخفيف
( رب خمر شربتها من جفون ... ورياض جنيتها من خدود )

( إذ يشج اللثام ريقا بريق ... ويلف العناق جيدا بجيد )
( تحت ظل من النعيم ظليل ... وبفيء من السرور مديد ) - الخفيف -
وقوله من الخفيف
( إن بين الضلوع نيران شوق ... وغليلا يذوب منه الغليل )
( وحنينا إليه في طول ليل ... ما إلى الصبح من دجاه وصول )
( غاب صبري الجميل إذ غاب فيه ... وجهه عني المليح الجميل ) - الخفيف -
وقوله من الخفيف
( إن بين الضلوع شوقا دفينا ... ترك القلب والها مستكينا )
( يا غزالا يصبي القلوب هواه ... وهلالا يعشي سناه العيونا )
( أنت علمتني الصبابة والبخل فصرت البخيل فيك الضنينا ... ) - الخفيف -
وقوله من البسيط
( لأنزعن وإن لم أقض من وطري ... إلا لبانة أشواق ومدكر )
( أكف كفي وأثني من تقلبه ... قلبي وأقصر من سمعي ومن بصري ) - البسيط -
5 - يوسف بن هرون البطليوسي
أنشدت له من الكامل
( هو ظالمي لكن أرق عليه ... من أن أجيل اللحظ في خديه )

( أعفيت رقة وجنتيه من أذى ... عيني وما أعفيت من عينيه )
( وكأن در الخد يكسي حمرة الياقوت من نظر العيون إليه ... ) - الكامل -
وقوله من الوافر
( أتضرب بين عيني واغتماضي ... بواش من لواحظك المراض )
( وتخلفني بوعد قد تقضى ... مدى عمري وليس له تقاضي )
( ولم أسألك إلا النزر إني ... بذاك النزر مغتبط وراض )
( أبح تفاحتيك للحظ عيني ... وأعطيك الأمان من العضاض ) - الوافر -
6 - عبد الله بن إسمعيل بن بدر
قال من البسيط
( اشكو إلى الله من سمعي ومن بصري ... ما يجلبان إلى قلبي من الفكر )
( قد كنت أسمع عمن لست أذكره ... خوفا عليه من التصريح بالذكر )
( سمعت حتى إذا أبصرت قلت له ... يا حاش لله ما هذا من البشر ) - البسيط -
7 - سعيد بن محمد بن فرج
انشدني له من البسيط
( سمعي فلا كان أعمي بالبكا بصري ... وقاد قلبي إلى الاحزان والفكر )
( فإن بكت مقلة من فقد من عرفت ... فقد بكيت بمن لم أدر بالنظر )
( يا واصفية رويدا إن وصفكم ... لم يبق من جلدي شيئا ولم يذر )

( قالوا بدا فغلطنا بالسرار له ... لما تبلج منه الليل بالقمر ) - البسيط -
وقوله من الكامل
( سقم الأحبة للقلوب سقام ... وإذا القلوب سقمن فهو حمام )
( لله بدر قد تنقص نوره ... بالسقم وهو بما سواه تمام ) - الكامل -
وقوله من المتقارب
( بكيت ومثلي بكى للوداع ... وعاصي العزاء بشوق مطاع )
( ولم أحمد الصبر يوم النوى ... ولا كان من قبله في طباعي )
( ولو كنت لم أبك من بينهم ... بكيت على عهد حب مضاع ) - المتقارب -
وأنشدني لبعضهم شعرا من الوافر
( كلامك مثل ريقك ذا بهذا ... مزاج سلافة حلو بعذب )
( فلو أني إذا اسمعت هذا ... شربت بذاك ضاع علي لبي )
( فإن أبصرتني منه صريعا ... فغالط في هواي وشاة صحبي )
( وقل هو نشوة من خمر حب ... فإن الدن قد يدعى بحب ) - الوافر -
يحيى بن عبد الملك بن هذيل رحمه الله تعالى
أنشدني له من الخفيف
( لا تلم هائما قد استحسن الوجد وكل أمره إلى استحسانه ... )

( فأنا الطائع المشوق لمن صار ... يريني الهوان في عصيانه )
( مر بي خاطرا يكاد من العجب به ان يراع في ريعانه ... )
( في ملاء كأنه وهو فيها ... ورد خديه في جنى سوسانه )
( يشتكي بالفتور من كسل المشي ولا يشتكيه من أجفانه ... )
( ولقد شفني واسهر طرفي ... لمع برق يزف في لمعانه )
( شمته والظلام يفتر عنه ... كافترار الزنجي عن أسنانه ) - الخفيف -
وقوله من الطويل
( ألا عودة من طيفه فيرى حالي ... ألا ياد ادكاري للكرى لي أتى تالي )
( يكاد يضيق الجو من عظم زفرتي ... وتهفو نجوم الليل من فرط إعوالي )
( ابي غير تعذيبي ولو امر الردى ... أطاع ولكن فعله هو أنكى لي ) - الطويل -
وقوله من الخفيف
( والثريا دنت من البدر حتى ... خلتها دارعا يدير مجنا ) - الخفيف -
وقوله من الكامل
( ومزنة والبرق ينسج فوقها ... بردين من نوء وطل باكي )
( مالت على طي الجناح وإنما ... جعلت أريكتها قضيب أراك ) - الكامل

وقوله في الخضاب من الكامل
( لما رأت شعري تغير لونه ... ورأته محتجبا وراء حجاب )
( قالت خضبت فقلت شيبي إنما ... لبس الحداد على ذهاب شبابي ) - الكامل -
9 - قاسم بن عبد الرحمن العجلي
انشدني له من السريع
( استحيت الاغصان من قده ... وحار ماء الحسن في خده )
( إني لمشتاق إلى ريقه ... طوبى لمن يرشف من برده ) - السريع -
10 - محمد بن هشام بن سعد الخير
انشدني له من الخفيف
( يا سقيم الجفون من غير سقم ... حاش لله أن تبوء بإثمي )
( أنت أذكيت من الحشا نار شوقي ... وجعلت السقام يلهو بجسمي )
( ما أبالي بمن لحاني إذا قام ... خطيبا من سحر عينيك خضمي ) - الخفيف -
11 - عبد الله بن حارث
قال من الطويل
( عزائم وجد ما يحل لها عقد ... وجرية دمع ليس يبقى لها خد )

( ومقلة ممنوع الرقاد كأنما ... جرى بين عينيه وبين الكرى حقد )
( وبادية الإعراض لا عن ملالة ... ولكن إعراضا يولده الود )
( منعمة تزهو بخد مورد ... كأن شعاع الشمس من خدها يبدو )
( وقد وثقت مني بعزم صبابة ... لها دون عقد الصبر من مهجتي عقد )
( وما الصد إلا كالوصال إذا غدا ... لغير ملال أو قلى ذلك الصد ) - الطويل -
12 - عباس بن قرماس
انشدني له من الطويل
( وأحور ما يعفى العيون من العشق ... له كذب في الجد أحلى من الصدق )
( وللحسن في خديه شمس مقيمة ... وبدر كمال لا يحور إلى محق )
( وما العيش إلا ميتة الهجر والنوى ... بأحور ما يبقى هواه ولا يبقي ) - الطويل -
13 - احمد بن محمد بن فرج
قال من الوافر
( بنفسي من يصد بغير ذنب ... سوى إدلاله ثقة بحبي )
( عجبت لقلبه قاس كجسمي ... ويحكى جمسه في اللين قلبي )
( فهلا بالتشاكل كان قاس ... لقاس واغتدى رطب لرطب )

( وإن لم ينعطف باللين فظ ... فقولي بالقساوة قلب صب ) - الوافر -
وقوله من الوافر
( بأيهما أنا في الحب بادي ... بشكر الطيف أم شكر الرقاد )
( سرى وأرادني أملي ولكن ... عففت فلم انل منه مرادي )
( وما في النوم من حرج ولكن ... جريت من العفاف على اعتقادي ) - الوافر -
وقوله من الوافر
( وما زال الهوى سكنا لقلبي ... أفر إليه من نوب الخطوب )
( وألتذ الغرام المحض منه ... وأستحلي به حتى كروبي )
( كذاك الحب ضيف ليس يأتي ... إلى غير الكرام من القلوب ) - الوافر -
وقوله من الطويل
( بمهلكة يستهلك الجهد عفوها ... فتترك شمل العزم وهو مبدد )
( يرى عاصف الأرواح فيها كأنه ... من الأين يمشي ظالع ومقيد ) - الطويل -
14 - أبو الصخر عبد الله بن محمد
قال من الخفيف
( حبذا العيش بين يوم وصال ... مستجد وبين يوم صدود )
( وحديث موشح بعتاب ... فيهما نزهة الفؤاد العميد )

( من غزال في مقلتيه سهام ... هن أمضى من مرهفات الحديد ) - الخفيف -
وقوله من الطويل
( وكم ليلة قد نادمتني نجومها ... اديم صبوحا عندها وغبوقا )
( يعاطينني كأسا ألذ من المنى ... وأعذب من ريق الاحبة ريقا ) - الطويل -
وأنشدني لبعض شعرائهم من الطويل
( أيا شمس دنياي التي كلما غدت ... لها عزة المولى فلي ذلة العبد )
( أعالج داء الدهر منك بذلتي ... وقد قيل قدما عالجوا الضد بالضد ) - الطويل -
15 - زكريا بن يحيى المعروف بابن الطنجية
انشدني له من الكامل
( صبرا على هجر الحبيب وصده ... لا يؤيسنك هجره من وده )
( ولا تقنطن من الصدود فإنما ... لين الزمان معرض بأشده )
( وانا الفداء لشادن علقته ... حبيه صيرني تحلة عبده )
( ماء الشباب يجول في وجناته ... وحسام رونقه يجول بخده ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( قف بالمطي على المنازل ... بالسفح من حصن فعاقل )
( دمن أناخ بها الربيع وحل أثقال الرواحل ... )

( لعبت بها هوج البوارح ... بالغدو وبالأصائل )
( تستن في عرصاتها ... وتجر أذيال القساطل )
( حتى كأن رسومها ... إخلاق أجفان المناصل )
( أوأسطر من عهد ذي القرنين ... في الصحف الأوائل ) - الكامل -
16 - فاتك الشهواجي
قال في غلام يهواه من الرجز
( رسالة من كلف الفؤاد ... معذب بالصد والبعاد )
( اجفانه وقف على السهاد ... يبكي بدمع رائح وغادي )
( إلى الذي مما لقيت خالي ... منعم العيش رخي البال )
( يريد هجري ويرى مطالي ... لئن سلاني لست عنه سالي )
( يا غصن بان مخجل الاغصان ... ويا رخيم الدل والمعاني )
( يا قمرا ما إن له مداني ... يا ذا الذي بطرفه سباني )
( بلغت أعداي الذي أحبوا ... صرت علي والزمان الب )
( هذا جزا من بصبي يصبو ... عثرت والطرف الجواد يكبو )
( يا عبد ما تعرف ما ألاقي ... يا عبد ما شوقك كاشتياقي )
( نفس بحق الود عن خناقي ... ما شدد الهجران من وثاقي )

( يا ذا الذي يملكني بطرفه ... يا من يجل الوصف عند وصفه )
( يا قاتلي بوعده وخلفه ... ارحم محبا قد دنا من حتفه )
( ارحم عزيزا في هواك ذلا ... ألبسته ثوبا فما تملى )
( قطعه العذال فيك عذلا ... يا بدر تم في السما تجلى )
( إرث لقلب دائم الجراح ... ارع انتهاكي فيك وافتضاحي )
( لا تقبلن في قول لاحي ... يا ذا الذي بكفه سراحي )
( فقد عفا الرحمن عما قد سلف ... فعد عن زور التصابي والصلف )
( واحن على الصب بوصل وانعطف ... إن لم ينله منك وإحسان تلف )
( بحق ما في فيك من رضاب ... يا من غذته نعمة الشباب )
( لا تقطعن الدهر في عتاب ... فقد تقضى زمن التصابي )
( بحق من انزل صحفا وكتب ... إجعل إلى القلب طريقا وسبب )
( يا لعبة وافت على كل اللعب ... قد مسني بعدك بؤس ونصب )
( لم يرض بالذلة غير نذل ... ولست ارضى بقبيح الفعل )
( إني ارى من دون هذا قتلي ... فاقطع وصالي أو فجد بالفضل ) - الرجز -
وهي طويلة جدا
17 - أبو بكر إسماعيل بن بدر
انشدت له من الطويل
( غزال جنينا الورد من وجناته ... على أنه منا القلوب بها يجني )

( إذا ما بدا والليل منسدل الدجا ... رأيت سناه كيف يفعل بالدجن )
( أخبره بالطرف أني أحبه ... فتخبرني عيناه أن قد وعى مني ) - الطويل -
وقوله من السريع
( كيف ترى شوقي وتعذيبي ... يا غاية في الحسن والطيب )
( إن الذي قال علي العدى ... إفك كما قيل على الذيب )
( يا يوسف الحسن أما رحمة ... تكشف عني ضر ايوب ) - السريع -
18 - مؤمن بن سعيد بن إبراهيم
أنشدت له من مجزوء الرمل
( قل لمن لست أسمي ... بأبي أنت وأمي )
( ما على بعض ظباء الإنس ... لو فرج همي )
( سيدي وجهك شمس ... أشرقت أم بدر تم ) - مجزوء الرمل -
وقوله من الكامل
( أودى الفراق بقلبه فكأنه ... بعد الظعائن ميت لم يلحد )
( يا ظاعنا ولى بقلبي إذ غدا ... ما الصبر من جزعي عليك بأحمد )
( أفنيت فيك دموع عيني بعد ما ... أفنيت فيك تصبري وتجلدي )
( الله يعلم أن نار صبابتي ... من يوم بنت جحيمها لم يبرد ) - الكامل

وقوله من الكامل
( ذكر الرصافة قلبه فاشتاقا ... واذاع ماء جفونه مهراقا )
( كم بالرصافة من أخ لي مسعد ... لولا النوى ما جئنهم مشتاقا )
( يا حبذا ارض الرصافة منزلا ... لقي الفؤاد بذكره ما لاقى )
( لا تنكروا شوقي إلى بلد به ... أهلي فحكم البين أن أشتاقا ) - الكامل -
وقوله من الرمل
( إنما أزري بقدري أنني ... لست من بابة أهل البلد )
( ليس منهم غير ذي مقلية ... لذوي الالباب أو ذي حسد )
( يتحامون لقائي مثلما ... يتحامون لقاء الاسد )
( طلعتي اثقل في أعينهم ... وعلى انفسهم من احد )
( لو رأوني قعر بحر لم يكن ... احد يأخذ منهم بيدي ) - الرمل -
19 - الوزير أبو وهب عبد الوهاب بن محمد
قال من الرمل المجزوء
( قتلت عيناك عبدك ... قبل أن تقضيه وعدك )
( حلت عن عهد محب ... لم يزل يحفظ عهدك ) - الرمل المجزوء

20 - عبد محمد بن حسين بن طلحة العبسي
قال من الخفيف
( كيف صبري واملح الثقلين ... مخلف موعدي ولاو بديني )
( كلما رمت وصلها وصلتني ... بصدود وذنبتني ببين )
( هي وسنى الجفون لكن بنوم ... مذ أرتنيه أذهبت نوم عيني ) - الخفيف -
21 - الوزير ابو عثمان عبيد الله بن محمد بن ابي عبيدة
أنشدت له من المتقارب
( أمولاي حتى متى أضرع ... وأشكو إليك فما تسمع )
( نبا بي الوساد وطول البعاد ... وطار الرقاد فما أهجع )
( أود بأن المنايا أتت ... وأين يرى اللحد لي مضجع )
( يقطع قلبي صدودك عني ... فما لي في عيشة مطمع ) - المتقارب -
وقوله من الوافر
( صدود ليس يبلغه عقاب ... وعتب ليس يثنيه عتاب )
( وإبعاد بلا ذنب طويل ... وإعراض وصد واجتناب )
( فلا سهر يطيب ولا رقاد ... ولا أكل يسوغ ولا شراب ) - الوافر

22 - محمد بن مطرق بن شخيص
انشدت له من الطويل
( يقولون كم تدعو إلى غير راحم ... وما كل من يشكو إلى الناس يرحم )
( وددت بأن يرضى فإن جاد بالرضا ... تفكر في ذنب المحب فيندم ) - الطويل -
وقوله من الخفيف
( كان في كثرة العتاب دليل ... لي على أن من هويت ملول )
( من نوى جفوة تقول في الحب ... على من يحبه ما يقول )
( فاقطعي الوصل أو صلي فبقائي ... مع طول العتاب منك قليل )
( واسلكي بي سبيل عروة إن لم ... يتجه لي إلي رضاك سبيل ) - الخفيف -
وقوله من الطويل
( ولم أدر إذ زموا الهوادج بالضحى ... أطرفي أعمى أم نهاري مظلم )
( فيا جفن عيني كيف تطمع في الهوى ... بنوم ونوم العاشقين محرم ) - الطويل -
23 - علي بن حتفان بن أخت النظام
أنشدت له من الكامل
( وذكرت ما يلقى المحب مخلفا ... بعد الأحبة من جوى وسهاد )
( بالله لا تنس الوداد فإنني ... باق على عهدي ومحض ودادي ) - الكامل

24 - محمد بن عبديس الجناني رحمه الله
انشدت له من المتقارب
( إليك أمد بشجوي يدا ... فقد بلغ الحب مني المدى )
( فريد المحاسن أنت الذي ... قد اثبتني في الاسى مفردا )
( ترفق فلو كنت بعض العدى ... وفعلك فعلك ما بي عدا )
( ارحني فقد بت مما لقيت ... وأروح ما أرتجيه الردى ) - المتقارب -
25 - احمد بن ابي صفوان بن العباس ابن عبد الله بن عمر بن مروان
قال من البسيط
( فلو تراني نشوانا أميل على ... هذا وذاك بلا خوف الرقيبين )
( والكأس يسعى ونقر العود يخفرها ... ونقل كأسي من ريق الغزالين )
( رأيت أحسن مرئي وأبهجه ... ليث العرين صريعا بين ريمين ) - البسيط -
26 - أغلب بن شعيب
أنشدت له من الخفيف
( رب ليل أحييت فيه سنا الصبح ... بوجه يعشي الوجوه سناه )
( بات والراح في غلائلها البيض ... تعاطيكها به راحتاه )

( فأعار الكؤوس توريد خديه ... وطيب النسيم من رياه )
( وكأن المدام قد علمتها ... كيف تسبي ألبابنا مقلتاه ) - الخفيف -
وقوله من الخفيف
( قد توقعت حادث البين إشفاقا ... عليه من قبل حين وقوعه )
( فرأيت الفراق دل على أن ... فراق الحياة في توديعه ) - الخفيف -
وقوله من الخفيف
( من مجير المشوق من اشواقه ... ويكف الدموع من آماقه )
( بان عني من غادر القلب مني ... فرقا من تأسفي لفراقه ) - الخفيف -
وأنشدني لبعض أدبائهم من الطويل
( وليلة انس كاد يسبقها الفجر ... وتسفر في عيني بها الظلم الكدر )
( لقيتك منها بالاماني ذاكرا ... فيا طيب ليلى من لقاء هو الذكر )
( أقمتك في نفسي لنفسي تذكرا ... ففزت بوصل ما يغالبه الهجر )
( الست نظير البدر حسنا وبهجة ... فمالك لا تسري كما يفعل البدر ) - الطويل -
27 - محمد بن سليمان الفاني الاكبر
قال من المنسرح
( أمثل شوقي إليك ينفرج ... وهو بروحي والجسم ممتزج )
( اين لقلبي من الهوى وزر ... ولوعة الشوق فيه تعتلج )

( وابأبي من يذيب نفسي بالتكريه منه الدلال والغنج ... )
( علم طرفي السهاد من طرفه الساحر ذاك الفتور والدعج ... ) - المنسرح -
28 - حسن بن محمد بن ربيع الفاني
قال من البسيط
( لولا جفونك ما استولى بي الكمد ... ولا تحكم في أجفاني السهد )
( الهجر يذكي جوى قوم فيا عجبا ... للوصل يذكي جوى قوم فيتقد )
( كأنه ليس يبقى في جوانحه ... إلا ليشقى بما يلقى وما يجد )
( هذا مقام فؤادي في تشوقه ... فلا تسل بعد ذا ان كان لي كبد ) - البسيط -
29 - عبد الله بن بكر رحمه الله تعالى
أنشدت له من الخفيف
( حسدت نفسي الطبيب وقالت ... ليت كفي مكان كف الطبيب )
( عجبا كيف ساعدته يداه ... فصد ذاك المطرف المخضوب )
( ليت وجه الحبيب كان من الدنيا ومن جنة الخلود نصيبي ... ) - الخفيف

وقوله من الكامل
( لما رأيت شعاع وجهك قد بدا ... متهللا كتهلل البرق )
( سبحت من عجب وقلت متى ... للشمس مطلع سوى الشرق )
( ما كنت أحسب مثل صورتها ... متكونا ابدا من الخلق ) - الكامل -
وأنشدني للكلبي الوافر
( بنفسي من هواك لهيب شوق ... وما يخبو كما يخبو اللهيب )
( هو الداء لم يشف منه ... لقاء يلتقيه ولا مغيب )
( وتروي بالعناق قلوب قوم ... وتظمأ لو تعانقت القلوب )
( على أني إذا ما غبت عني ... وان أصبحت في أهلي غريب ) - الوافر -
قال وعتب الحكم ولي العهد على الكلبي في بعض الامر فأقصاه وأبعده فكتب إليه كتابا متنصلا وجعل عنوانه عبده الكلب إلا أن يمنحه مولاه ياء نسبته فاستظرف الحكم كتابة وضحك منه ودعاه فأعتبه ووصله
30 - محمد بن حفص بن فرح
قال من البسيط
( يا من غدت نفسه نفسي فإن سلمت ... سلمت أو ألمت قاسمتها الألما )
( ما إن علمت الذي تشكوه من سقم ... حتى وجدت بنفسي ذلك السقما ) - البسيط

وله من الخفيف
( في المنى راحة لكل عميد ... شفه الحب بالنوى والصدود )
( إن تناءى الحبيب أدنته منه ... فغدا في العباد غير بعيد )
( أو جفاه فإنه لمناه ... واصل حبله برغم الحسود ) - الخفيف -
31 - عبد الله بن محمد بن فرح الاندلسي
قال من الطويل
( شكا السقم من أهوى وجد به الصبا ... ولا مثل ما جد الصبا بي في الحب )
( وما عدته إلا وسقمي واحد ... وأبت ولي سقمان بالحب والكرب ) - الطويل -
وقوله من الخفيف
( ما لهذا الصدود من غير معنى ... يا حبيبي إلى متى تتجنى )
( أنت غصن فكيف تقسو لجان ... مد كفا وأنت تهتز لدنا )
( إن تكن قد مللت قربي تباعدت ... قليلا لعلني سوف أدنى )
( أيها الباخل الممانع جد لي ... من حياتي ببعض ما أتمنى )
( أو أرحني بالموت فالموت عندي ... هو خير من أن أعيش معنى ) - الخفيف -
وقوله من الطويل
( رحلت وقلبي عنك ليس براحل ... وزلت وصبري عنك أول زائل )

( وجدت بنا العيس العتاق وإنما ... رحيلي من الدنيا بتلك الرواحل )
( ومن عجب اختار فيك منيتي ... وما في الدنيا من خيار لعاقل ) - الطويل -
وقوله من المتقارب
( نظرت إلى عقدات الكثيب ... يعيني مشوق إليها كئيب )
( وكم نظرة ملأت ناظري ... إليها دما مستهل الغروب )
( رعى الله أهل كثيب اللوى ... كرعيك منهم عهود الحبيب )
( وشقق فيهم جيوب السماء ... كما شقق البين رتق الجيوب ) - المتقارب -
وقوله من الطويل
( أرى نار ليلي بالعقيق تلوح ... فتدنو النوى بالشوق وهي تروح )
( نظرت إليها وهي تسبح في الدجى ... وإنسان عيني في الدموع سبوح )
( فسلني بوجد لو تقسم في الورى ... لما بات بين الخافقين صحيح )
( فيا لك نارا تصطليها جوانحي ... ودون الصلا منها مهامه فيح ) - الطويل -
32 - محمد بن احمد بن قادم
قال من الخفيف
( لم أبح باسمه لاني ضنين ... باسمه أن تذيله الأفواه )

( أنا من خاطري أغار عليه ... عند ذكري له فكيف سواه )
( ساء ظني لفرط غيرة قلبي ... مع علمي عفاف من أهواه )
( وإذا ما سمعت من يتشكى ... حرقة خلت انها شكواه ) - الخفيف -
وقوله من البسيط
( إني زعيم لمن أسهرت مقلته ... أن لا يطيف به طيف من الوسن )
( سبحان رب الورى ما كان أغفلني ... حتى رمتني الليالي فيك بالمحن ) - البسيط -
وقوله من الخفيف
( قف بربع البلى وربع الهموم ... واسفح الدمع فيه سفح الغيوم )
( غيرت آيه صروف الليالي ... ومحاها الغمام محو الرقيم )
( ساء ما اعتاض بالسحائب من نبت ... المعالي بمنبت القيصوم )
( فالأسى حين يعدم الشيء محمول ... على قدر جوهر المعلوم ) - الخفيف -
وقوله من الوافر
( أما والبيت والشهر الحرام ... وزمزم والمشاعر والمقام )
( لقد حنت ركاب الركب حتى ... شجت قلب الخلي من الغرام )
( إذا شاق الحنين فؤاد خلو ... فكيف نرى فؤاد المستهام )
( تحن إلى حنين العيس نفسي ... ويبعث شجوها نوح الحمام )
( وإن حياة نفس كل شيء ... يشوقها لموشكة الحمام ) - الوافر

وقوله من الكامل
( ما كان تركي للعيادة عن قلى ... منى ولا لتبدل وتغير )
( لكن علمت إذا سمعتك تشتكي ... أن لا يقوم به جميل تصبري ) - الكامل -
33 - محمد بن عبد العزيز العتيبي
قال من الكامل
( فاسأل بهن ربوعهن وما الذي ... يجدي عليك سؤال ربع داثر )
( عفت معالمه الليالي مثل ما ... عفى سواد الشعر بهجة عامر ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( حوراء خود تستعير إذا مشت ... لين القضيب الناعم المياس )
( لانت أناملها ولكن قلبها ... في قسوة الحجر الصلود القاسي ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( ألا في سبيل الله قلب متيم ... اصيبت ببين الظاعنين مقاتله )
( هوى صبره بالبين من ذروة الهوى ... وغالته إذ بان الخليط غوائله )
( وبين الحمول المستقلة شادن ... أغن غليظ القلب رخص أنامله )
( تيقنت أن الصبر عني زائل ... عشية زمت للرحيل رواحله ) - الكامل

34 - محمد بن مروان بن حرب
قال من مخلع البسيط
( من فرط شحي عليك أني ... رسول نفسي إليك عني )
( فلو سألت الرسول ممن ... أتى لقال الرسول مني ) - مخلع البسيط -
35 - المكفوف محمد بن محمود بن ايوب الغنوي
قال من البسيط
( لا يبعد الله أياما نعمت بها ... بين الغواني وشمل الحي ملتئم )
( بكل ناعمة الاطراف مشرقة ... تكاد تسفر من إشراقها الظلم )
( كأنها دمية بل كوكب شرق ... بل روضة أنف زهراء بل صنم )
( فما لمثلي لا يبكي لفرقتها ... والعهد منها ولو أن البكاء دم ) - البسيط -
36 - مازن بن عمرو بن مروان بن محمد بن عاصم
قال من السريع
( كم لي بمن أهواه من وجد ... بين إلى هجر إلى صد )
( وعبرة لو أنها جمرة ... ما أطفئت من شدة الوقد )
( إن حالت الريح إلى غيرها ... أقول قد حال عن العهد )
( وإن دنا دان توهمته ... دنا ليثنيك عن الود )
( كأن سوء الظن مستجمع ... من بين هذا الخلق لي وحدي ) - السريع

وقوله من الكامل
( ومنعم للحسن في وجناته ... فجر ينم صباحه ونهاره )
( قد تاه قرطقه بنهدي صدره ... وزها بلعبة خصره زناره )
( أمسى يعللني المدام وعنده ... عود ترن بشجوه أوتاره )
( فيهيج مني لوعة لو أنها ... بصفا المقرر ضعضعت أحجاره )
( والدن مقطوع الوتين ترى له ... علقا يجود بصوبه مدراره )
( طفئت مصابحنا فكان سراجنا ... مصباحه حتى الصباح وناره ) - الكامل -
37 - احمد بن عبد الله بن عبد العزيز ابن أمية بن الامام الحكم
قال من الطويل
( لئن منعوا من ناظر نور ناظري ... فما منعوا ما بيننا في الضمائر )
( نموت ولا نشكو الهوى غير أننا ... إذا ما التقينا نشتكي بالمحاجر ) - الطويل -
وقوله من السريع
( ودعني إذ ودعوا صبري ... وجمعوا البين إلى الهجر )
( واستخلفوا في كبدي لوعة ... لاعجها أذكى من الجمر )
( لولا دموع العين يوم النوى ... لأحرقت من حرها صدري )
( وكيف صبري في هوى شادن ... مكتحل الاجفان بالسحر ) - السريع

38 - محمد بن عبد الله بن عبد الواحد المعروف بعرجون
قال من الخفيف
( يا رسولي ابلغ إليها شكاتي ... واسألنها ولو بقاء حياتي )
( قل لها قد قضى هواك عليه ... فهو ميت أو مؤذن بالممات )
( فالحظيه ترين إن شئت ميتا ... كان يحيا بأيسر اللحظات )
( واعجبي أن تكون لحظة عين ... منك تهدي الحياة للاموات ) - الخفيف -
39 - عيسى بن ابي جرثومة
قال من البسيط
( يا من سقتني كأس الحب عيناه ... صرفا وثنى بأخرى طيب رياه )
( وزادني وردتي خديه ثالثة ... فأسكرتني عيناه وخداه )
( يا من كساه ضياء الحسن خالقه ... فبالملاحة حياه ورداه )
( حي يرجي سلاما في ملاحظة ... تشفي به سقم قلب طال بلواه ) - البسيط -
40 - احمد بن عبد الملك بن مروان
قال من الكامل
( ولقد نفست على الاراك وحق لي ... لما اجتني بالذوق طيب جناك )
( وبي الصدى لا بالأراك فما له ... رشف اللمى وحرمت رشف لماك )

( اشعرت لو أني حللت محله ... لم امتهنك بأن اقبل فاك ) - الكامل -
وقال من الطويل
( على صدع شملي منك قلبي تصدعا ... فعن أي حال منك ابدي التوجعا )
( على النأي منكم أم على قرب داركم ... بهجر يزيل الصبر عني أجمعا )
( بلى إن في قرب الديار لراحة ... وإن لم يدع فيك هجرك مطمعا )
( كما أن ايام النوى تبعث الاسى ... ويدعو التصابي للمحب إذا دعا ) - الطويل -
وقوله من البسيط
( هبت لنا الريح من تلقاء كاظمة ... وهنا فكم رد نفح الريح من روح )
( وما عرفت نسيم الريح من بلدي ... إلا بعرف حبيب هب في الريح ) - البسيط -
41 - عيسى بن جوشن
قال من البسيط
( أذاع سافح دمع العين حين همى ... من الجوانح سرا كان مكتتما )
( لا تحسبي انه سر بذلت به ... ولا فتحت به للكاشحين فما )
( لولا عواصي دموع لا تطاوعني ... ما ذاع سرك عندي لا ولا علما )
( لؤم بذي الحب ان يبدي سرائر ما ... يهوى ومن صانها حفظا فقد كرما )
( سجيتي انني ارعى ودائعكم ... واحفظ العهد منكم كلما قدما )

( وانني امنح الواشي بكم اذنا ... معارة فيكم عن قوله صمما ) - البسيط -
42 - عبد الله بن سعيد الكاتب المعروف بأبن الاخرس
قال من الخفيف
( ما لعذري يزيد في قدر ذنبي ... وعتابي يغريك في بعتب )
( ولماذا اشتريت ودي وقد اعطيتك الود من لساني وقلبي ... )
( حسبي الله من اعاد وحساد ... وبالصدق في ترضيك حسبي )
( انت شربي وليس في العيش حظ ... لي يصفو اذا تكدر شربي ) - الخفيف -
43 - عبد الله بن حسين بن عاصم بن طاهر
قال من المجتث
( ابدى الصدود حبيب ... قد خان عهدي وملا )
( ولي فمن لي بروحي ... يردها اذ تولى )
( لا آخذ الله منه ... من بالجفاء تحلى ) - المجتث -
وقوله من البسيط
( اغري بي الشوق فكر ما يسالمني ... اقام بين ضلوعي حرب صفينا )
( هذا وما خان احبابي الاولى ظلموا ... وانهم لعهود الحب راعونا )

( يا اهل ودي عدا بي عن زيارتكم ... هوى يلح بإبعادي احايينا )
( ما لي على الحب من عون يوازرني ... فيه سوى ادمع تجري افانينا ) - البسيط -
44 - الوزير ابو الحزم جهور بن عبد الله
قال من الكامل
( يا عائبا لي بالصدود ... اذا ذكرت قبيح عذرك )
( اخليت من قلبي مكانا ... كان معمورا بذكرك )
( وانا احبك لو وثقت واستديم بقاء عمرك ... ) - الكامل -
45 - عيسى بن عبد الملك بن قزمان
قال من السريع
( كم من حبيب كان لي قرة ... مقترب الود لطيف المكان )
( يرى على الاعداء فيما يرى ... كالصارم الهندي او كالسنان )
( حتى اذا الدهر نبا نبوة ... حال فحلنا بانقلاب الزمان )
( كان صديق الغيب فيما يرى ... وانما كان صديق العيان ) - السريع -
وقوله من المتقارب
( تقول بعدت فأنسيتنا ... ولم يك حبك بالدائم )

( فقلت لها لو علمت الهوى ... لما جرت فيه على العالم )
( لان الهوى وانتزاح النوى ... يزيدان في لوعة الهائم )
( كفعل الرحيق وسكر الكرى ... اذا ما استعانا على النائم ) - المتقارب -
46 - محمد بن عبد الجبار النظام
قال من الخفيف
( ان جهلا بالمرء ذي الحزم والراي ... رجوع في الغي بعد نزاع )
( ومحالا بأن يطيع هواه ... والهوى ما علمت شر مطاع ) - الخفيف -
وله من الخفيف
( اودعت مهجتي غداة الوداع ... حرقات تجنها اضلاعي )
( طفلة تستبي العقول بدل ... آخذ للقلوب والاسماع )
( كشف البين ما كتمت وما كنت قديما اصونه في قناعي ) - الخفيف -
47 - الوزير ابو عامر احمد بن عبد الملك بن شهيد
انشدني له ابو سعيد بن دوست قال انشدني الوليد بن بكر الفقيه الاندلسي قوله من قصيدة يمدح فيها من الطويل

( واخرى اعتلقنا دونهن ودونها ... قصور وحجاب ووال ومعشر )
( يزينها ماء النعيم وحفها ... من العيش فينان الاراكة اخضر )
( اذا رامها ذو حاجة صد وجهه ... ظبا الباترات والوشيج المكسر ) - الطويل -
ومنها
( ومن قبة لا يدرك الطرف رأسها ... تزل بها ريح الصبا فتحدر )
( اذا زاحمت فيها المخارم صوبت ... هبوبا على بعد المدى وهي تجأر )
( تكلفتها والليل قد جاش بحره ... وقد جعلت امواجه تتكسر )
( ومن تحت حضني ابيض ذو شقاشق ... وفي الكف من عسالة الخط اسمر )
( الى بيت ليلى وهو فرد بذي الغضا ... يضيء كعين المستهام ويزهر )
( هما صاحباي من لدن كنت يافعا ... مقيلان من جد الفتى حين يعثر )
( فذا جدول في الكف تشفي به المنى ... وذا غصن في الكف يجني ويثمر )
( فبتنا على ضم اشتياقنا ... تكاد له اكبادنا تتفطر ) - الطويل -
ومنها
( ودوية من فتنة مدلهمة ... دريس الصوى معروفها متنكر )
( اذا جابها الخريت في طرقاتها ... يظل بها اعمى وان كان يبصر )
( ترى ثابتات الحكم عند اعتسافها ... ترك على ادفافها فتهور )
( وان سلكت اضواجها عييت بها ... غوارب من ذي مطريات تزجر )

( وسرنا نجوز النهج حتى بدا لنا ... بغرة يحيى ساطع اللون ازهر ) - الطويل -
وله من اخرى اولها من الطويل
( امن رسم دار بالعقيق محيل ... )
( ولما هبطنا الغيث يذعر وحشه ... على كل خوار العنان أسيل )
( مسومة نعتدها من جيادنا ... لطرد قنيص أو لطرد رعيل )
( إذا ما تغنى فوق متونها ... ضحيا أجانب تحتهم بصهيل )
( تدوس بنا أوكار نوء كأنه ... رداء عروس أوذنت برحيل )
( رمينا بها عرض الصوار فأقعصت ... أغن قتلناه بغير قتيل )
( وبادر أصحابي النزول فأقبلت ... كراديس من غض الشواء نشيل )
( فقلت لساقيها أدرها سلافة ... شمولا ومن عينيك صرف شمول )
( فقام بكأسيه مطيعا لامرتي ... يميل به الإدلال كل ميل )
( وشعشع راحيه فما زال مائلا ... برأس كريم منهم ونبيل ) - الطويل -
وله من أخرى من الطويل
( منازلهم تبكي إليك عفاءها ... سقتها الثريا بالعري نحاءها )
( ألثت عليها المعصرات بقطرها ... وجرت بها هوج الرياح ملاءها )
( حبست بها عدوا زمام مطيتي ... فحلت بها عيني على وكاءها )

( رأت شدن الآرام في زمن الهوى ... ولم تر ليلي فهي تسفح ماءها )
( خليلي عوجا بارك الله فيكما ... بدارتها الأولى نحي فناءها )
( ولا تمنعاني أن أجود بأدمع ... حواها الجوى لما نظرت جواءها )
( فأقسم ما شمت الغداة وقودها ... وقد شمت ما راب الحمى وأساءها )
( ميادين أفراس الصبا ومراتع ... رتعت بها حتى ألفت ظباءها )
( ولم أر أسرابا كأسرابها الدمى ... ولا ذئب مثلي قد رعى ثم شاءها )
( ولا كضلال كان اهدى لصبوتي ... ليالي يهديني الغرام خباءها )
( وما هاج هذا الشوق إلا حمائم ... بكيت لها لما سمعت بكاءها )
( تغن فلا يبعد بذي الأيك عاشق ... بكى بين ليلى فاستحث بكاءها )
( أنا البحر لا يستوهن الخطب طاقتي ... وتأبى الحسان أن أطيق لقاءها )
( تيمم قصدي النائبات فردها ... فتى لم يشجع حين حان رياءها )
( إذا طرقته الحادثات أعارها ... شبا فكرات قد أطال مضاءها )
( أما وأبي الاعداء ما دفعتهم ... يد سبقتهم يتقون عداءها )
( جزاهم بما حازوا من الجهل حلمه ... كريم إذا رأي المكارم جاءها ) - الطويل -
ومنها
( وكم لك من يوم وقفت بظله ... وقد نازلتنا الحادثان إزاءها )
( ومن موقف ضنك زحمت به العدى ... وقد نفضت فيه العقاب رداءها )
( وكم أمة أنجدتها وكأنها ... يرابيع سدت خيفة قصعاءها )
( ومن خطبة في كبة الصك فيصل ... حسمت بها اهواءها ومراءها ) - الطويل

ومن أخرى أولها من الكامل
( انكيت إذ ظعن الفريق فراقها ... )
يقول فيها
( إني امرؤ لعب الزمان بهمتي ... وسقيت من خمر الخطوب دهاقها )
( فإذا ارتمت نحوي المنى لأنالها ... وقف الزمان لها هناك فعاقها )
( فإذا أبو يحيى تأخر سعيه ... فمتى أؤمل في الدنا إلحاقها )
( الملبسي ذهبية من فضله ... ثنت العيون فلم تطق رقراقها )
( والمانعي من صرف دهري بعدما ... قلبت إلي الحادثات حداقها )
( حتام لا تزوي جيادك للوغى ... وتشيم من بيض السيوف رقاقها )
( وتسد طرق الارض منك بجحفل ... يذر الملوك مديمة إطراقها )
( بحر إذا خفقت عقاب لوائه ... بتخوم ارض لم تخف إخفاقها ) - الكامل -
ومنها
( بطل إذا خطب النفوس إلى الوغى ... جعل الظبا تحت العجاج صداقها )
( لو عارضت هوج الرياح بنانه ... يوما لسد ببعضها آفاقها )
( وإذا الملوك جرت جيادا في الوغى ... والجود قطع غفوة أعناقها )
( ولو أن أفواه الضراغم منهل ... للورد أورد خيله أشداقها ) - الكامل -
وقوله من الطويل
( أفي كل عام مصرع لعظيم ... اصاب المنايا حادثي وقديمي )

( فكيف لقائي الحادثات إذا سطت ... وقد فل سيفي منهم وعزيمي )
( مضى السلف الوضاح إلا بقية ... كغرة مسود القميص بهيم )
( وكيف اهتدائي في الخطوب إذا دجت ... وقد فقدت عيناي ضوء نجومي )
( أما وابي الايام لولا اعتداؤها ... لظاهرت في ساداتها بقروم )
( وقارعت من يبغي قراعي منهم ... بأحلام بطش أو بطيش حلوم )
( أحلوا ملامي لا أبا لأبيهم ... وإني ورب المجد غير ملوم )
( فلا تعذلوني إن ولهت فإنها ... علاقة حبر لا علاقة ريم ) - الطويل -
وقوله من الخفيف
( قد تركنا الصبا لكل غوي ... وانسلخنا من كل ذام وعاب )
( وانقطعنا لواعظات مشيب ... آذنتنا حياتها بذهاب )
( وإذا ما الصبا تحمل عنا ... فقبيح بما ارتضاه التصابي )
( وفتو سروا وقد عكف الليل وأقعي مغدودن الاطناب ... )
( وكأن النجوم لما هدتهم ... اشرقت للعيون من آدابي )
( وكأن الصباح قانص طير ... قبضت كفه برجل غراب )
( وكأن البروق إذ طالعتهم ... أوقدت في سمائها من شهابي )
( يتقرون جوز كل فلاة ... جنح ليل جوزاؤه من ركابي )
( عن ذكري لمدلجيهم فتاهوا ... من حديثي في عرض أمر عجاب )

( همة في السماء تسحب ذيلا ... من ذيول العلا وجد كابي )
( وفتى أرهفت ظباه المعالي ... فثنته بالباتر القرضاب )
( نيبته أيامه ولياليه بظفر من الخطوب وناب ... )
( حول لو رآه صرف الليالي ... لتوارى من خوفه في حجاب )
( ذاق ايامه فكان سواء ... عنده طعم شهدها والصاب )
( ولو أن الدنيا كريمة نجر ... لم تكن طعمة لفرس الكلاب )
( وإذا ما نظرت ما حاز غيري ... قل عما حملته في ثيابي ) - الخفيف -
وقوله من الرمل
( اصفيح شيم أم برق بدا ... أم سنا المحبوب أورى أزندا )
( هب من مرقده منكسرا ... مسبلا للكم مرخ للردا )
( يمسح النعسة من عيني رشأ ... صائد في كل يوم أسدا )
( كاد أن يرجع من لثمي له ... وارتشافي الثغر منه أدردا )
( قال لي يلعب صد لي طائرا ... فتراني الدهر أجري بالكدا )
( فإذا استنجرت يوما وعده ... قال لي يمطل ذكرني غدا )
( شربت اعضاؤه خمر الصبا ... وسقاه الحسن حتى عربدا )
( وأنا المجروح من عضته ... لا شفاني الله منها ابدا )
( ومكان عازب من جيرة ... اصدقاء وهم عين العدا )
( ذي نبات بلبلت اعرافه ... كعذار الشعر في الخد بدا )

( قلت إذ خيمت فيه قاطنا ... وتلاقتني الاماني سجدا )
( ورأيت الدهر خوفي ساكنا ... وبنى الاحرار حولي أعبدا )
( جاد من أصبحت في ايامه ... والردى يحذر من خوفي الردى )
( ملك يحسب عدلا ملكا ... وإمام أم فينا فهدى )
( خلته والرمح في راحته ... قمرا يحمل منه فرقدا )
( نعم ما اخترت لنفسي فاعلموا ... إن زمان جار او صرف عدا )
( ليس من يعشو إلى نار القرى ... مثل من يعشو إلى نار الهدى ) - الرمل -
ومن شعره من الطويل
( ابرق بدا ام لمع ابيض قاصل ... ورجع شدا ام رجع اشقر صاهل )
( ألا إنها حرب جنيت بلحظة ... إلى عرب يوم الكثيب عقائل )
( هوى تغلبي غالب القلب فانطوى ... على كمد من لوعة القلب داخل )
( ردى تعلمي بالخيل ما قرب النوى ... جيادك بالثرثار يا ابنة وائل )
( جزينا بيوم المرج آخر مثله ... وغصن سقينا ناب اسمر عاسل ) - الطويل -
ومنها
( سهرت لها ارعى النجوم وأنجما ... طوالع للراعين غير أوافل )
( وقد فغرت فاها بها كل زهرة ... إلى كل ضرع للغمامة حافل )
( كأن الدجى همي ودمعي نجومه ... تحدر إشفاقا لدهر مماحل )
( وما بي إلا همة اشجعية ... ونفس ابت لي من طلاب الرذائل )
( وكيف ارتضائي دارة الجهل منزلا ... إذا كانت الجوزاء بعض منازلي )

( وصبري على محض الاذى من اسافل ... ومجدي حسامى والسيادة ذابلي )
( وما طمى بحر البيان بفكرتي ... واغرق قرن الشمس بعض جداولي )
( زففت إلى خير الورى كل حرة ... من المدح لم تخمل برعي الخمائل )
( وما رمتها حتى حططت رحالها ... على ملك منهم أغر حلاحل ) - الطويل -
وقوله من قصيدة أولها من الكامل
( هاتيك دارهم فقف بمغانها ... )
يقول فيها
( ودعتهم وزناد قدح في الحشا ... دون الضلوع يشب من نيرانها )
( يا صاحبي إذا ونى حاديكما ... فتنشقا النفحات من ظيانها )
( وخذا بمرتبع الحسان فربما ... شفع الشباب فصرت من أخدانها )
( وكأنما الشعرى عقيلة معشر ... نزلت بأعلى النسر من ولدانها )
( وكأنما طرق المجرة منهج ... للعامرية ضامن فينانها )
( المعجلين عداتهم برماحهم ... والجاعلين الهام من تيجانها )
( أنا طودها الراسي إذا ما زلزلت ... ايدي الحوادث من فؤاد جبانها )
( وعلي للصبر الجميل مفاضة ... زغف أفل بها شباة سنانها )
( وكأنني لما كرمت وقد شكت ... ارضى الحوادث غبت من حدثانها )
( وقضت بعز النفس مني دوحة ... من عامر أصبحت من أغصانها )
( أسري لهم بالخيل حتى خيلوا ... أن الجبال رمتهم برعانها )

( ورمى العدى بكتائب ملء الفضا ... اعمدن نصل الصبح في رهجانها )
( من كل سلهبة تطير بأربع ... ينسيك مؤخرها التماح لبانها )
( نشأوا بزاهرة الملوك ومائها ... وكأنهم نشأوا على غسانها )
( وأرتهم العرب الكرام مصاعها ... فتعلموا من ضربها وطعانها ) - الكامل -
وقوله من قصيدة اخرى من الطويل
( خليلي ما آنفك الاسى منذ بينهم ... حبيبي حتى حل بالقلب فاختطا )
( اريد دنوا من خليلي وقد نأى ... وأهوى اقترابا من مزار وقد شطا )
( وإني لتعروني الهموم لذكركم ... هدوا فلا استطيع قبضا ولا بسطا )
( وإن هبوط الواديين إلى النقا ... بحيث التقى الجمعان واستقبل السقطا )
( لمسرح سرب ما تقرى نعاجه ... بريرا ولا تقرو جآذره خمطا )
( ومرتجز القى بذي الاثل كلكلا ... وحط بجرعاء الابارق ما حطا )
( سعى في قياد الريح يسمح للصبا ... فألقت على غير التلاع به مرطا )
( وما زال يروي الترب حتى كسا الربى ... درانك والغيطان من نسجه بسطا )
( وعنت له ريح فأسقط قطره ... كما نثرت حسناء من جيدها سمطا )
( ولم ار درا بددته يد الصبا ... سواه فبات الزهر يجمعه لقطا ) - الطويل

وقوله يصف الذئب وأحسن من الطويل
( أزال كسا جثمانه مستترا ... طيالس سودا كالدجى وهو أطلس )
( فدل عليه لحظ خب مخادع ... ترى ناره من ماء عينيه تقبس ) - الطويل -
وقوله من مجزوء الكامل
( وأغر قد لبس الدجى ... بردا فراقك وهو فاحم )
( يحكى بغرته هلال ... الفطر لاح لعين صائم )
( ارمي به بقر الحمى ... وأصد عن عصم العواصم )
( وتجانبي فتق النفوس ... من المهاريت الدلاقم )
( حتى إذا علم الصباح ... اشار من تلك المعالم )
( وتمايلت ايدي الثريا وهي مذهبة الخواتم ... )
( ورنت ذكاء بناظر ... رمد من الاقذاء سالم ) - مجزوء الكامل -
قلت ومن رسائله العجيبة قوله يصف البرد والنار والحطب
أطال الله بقاء مولاي الذي اهتدي بمصباحه واعشو إلى غرره وأوضاحه صبحتنا اليوم خيل البرد مغيرة فانقبضت إلى اخريات الايوان وقد كدسني بصارم وسنان فجعلت مجني حطبا دل على نفسه وتشظى من يبسه فسلطت عليه صاحب الشرر ورميته منها ببنات الحديد والحجر فواقعه قليلا وعاركه طويلا فكان لها عجيج وله من حرها ضجيج ثم خلا لها صريعا واستولت

عليه صعبا منيعا فبددت شمله والفت شملها واستحالت حية لا يستلذ قتلها ترمي بألوان وتتهدد بلسان فلذعت البرد لذعة ونكرته على فؤاده نكزة خر لها على جبينه ومات بها من حينه وغشينا من فائض حمتها حركان لنا حياة ولذلك وفاة فالحمد لله على نعمته وما أرانا من غريب قدرته ودلنا به من لطيف صنعته ولما استحال جمرها رمادا وقد مهد لنا من الدفء مهادا ولمحته العين كالورد وذر عليه كافور الهند انبسطت نفس شاكرك فتذكر لما كلفته من الزيادة في المعنى الذي اعتمدته محرما له لا مقتديا به ومستثنيا فيه لا آخذا منه
وله من أخرى يصف فيها البرد والحمام
لما تلقى اليوم البرد شاكرك بنوع ومشى إليه بروع وكان بالامس بردا أجحف فابتنى من سحابة أو طف قصد بيت النار ومورد الأبرار والفجار فلما رأى الناس أخلاطا تذكر جهنم ولفحها المتضرم وقوله تعالى ( وإن منكم إلا واردها ) واستعاذ بالله من لهبها وسأله أن لا يكون من حطبها وإذا بأهلها يتساقون أكواب الحر ويتعاورون أثواب القر فلما أخذت منهم حمياه تهللت الشفاه وانطلقت الافواه فأخذوا من تجالدهم وأكثروا من عوائدهم وكشفت الابشار وهتكت الاستار وجعلوا يتجالدون دلكا ويتضاربون حكا حتى إذا خرجوا بجماهرهم وانحفلوا بحذافرهم صب على جسمه من عريض وامتد على وضاح ذي وميض قاربه الحر حتى احتواه وباعده القر حتى اشتهاه فحينئذ اخذ في طهره وقضى من أمره وقد لطف حسه وتراجعت إليه نفسه فذكر ما خاطبك به أمس في المعنى الذي كلفته على الاختيار الذي قصدته فإذا بذلك الكلام لا يدل على سواه ولا يقتضي لغير

معناه فأثبتت فقرا مخترعة أرهفت جوانبها فسالت غرائبها وهي حلة ملبسها المشكور فإن كان ذلك من كريم كان ذلك طرازا على كمها ورقما على حاشيتها فإن زاد أن يكون عن كريم فإن ذلك تميمة لوشيها وذهب يرف على أرضها فالشكر حلوبة مسخرة للمشكور دريها أمل وملحها عسل فإن كانت من كريم كان روضها وردا وحوضها شهدا وإن زاد أن يكون عن كريم كانت ناقة صالح صرها ثواب وحفظها عقاب والشكر طائر يتغنى باسم المشكور فإن كان من كريم كان شخصه محبوبا ورجعه تطريبا وإن زاد أن يكون عن كريم كان حمامة نوح يغرد بنغم ويقع ببشرى والشكر درع حصينة يلبسها المشكور فإن كان من كريم كان ظلها بردا ونفحها ندا وإن زاد أن يكون عن كريم كان ثمرها عجوة وجناها شهوة والشكر واد يسقي أرض المشكور فإن كان من كريم استحال اتيا وإن زاد أن يكون عن كريم عمر عمر العجاج وأترع الاضواج والشكر نسيم يهب على المشكور فإن كان من كريم كان نشره فوحا ونفحه روحا وإن زاد أن يكون عن كريم صاك منه عنبر وتنفس منه مسك أذفر
وقوله في صفة برغوث
أسود زنجي وأهلي وحشي ليس بوان ولا زميل وكأنه جزء لا يتجزأ من ليل أو شونيزة أو بنتها عزيزة أو نقطة مدد أو سويداء قلب فؤاد شربه عب ومشيه وثب يكمن نهاره ويسير ليله يدارك بطعن مؤلم ويستحل دم

كل كافر ومسلم مساور للأساورة ومجرد له على الجبابرة يتكفن بأرفع الثياب ويهتك كل حجاب ولا يحفل ببواب يرد مناهل العيش العذبة ويصل إلى الاحراج الرطبة ولا يمنع منه أمير ولا ينفع فيه غيرة غيور وهو أحقر حقير شره مبثوث وعهده منكوث وكذلك كل برغوث كفى بهذا نقصانا للإنسان ودلالة على قدرة الرحمن
وقوله في صفة بعوضة
مالكة لا حس لها سواها تحقرها عين من رآها تمشي إلى الملك بندبها وتضرب بحبوحة داره بطلبها تؤذيه بإقبالها وتعرفه بإراقة مالها فتعجز كفه وترغم أنفه وتضرج خده وتفري لحمه وجلده زجرتها تسليمها ورمحها خرطومها تذلل صعبك إن كنت ذا قوة وعزم وتسفك دمك وإن كنت ذا حلفة وعسكر ضخم تنقض العزائم وهي منقوضة وتعجز القوى وهي بعوضة ليرينا الله عجائب قدرته وضعفنا عن أضعف خليقته
وله يصف ثعلبا
أدهى من عمرو وأفتك من قاتل حذيفة بن بدر كثير الوقائع في المسلمين مغري بإقامة ذم المؤمنين إذا رأى الفرصة انتهزها وإن طلبته الكماة أعجزها وهو مع ذلك بقراط في إدامه وجالينوس في اعتدال طعامه غذاؤه حمام ودراج وعشاؤه بذرح ودجاج
وله يصف ماء
كأنه عصير صباح أو ذوب قمر لياح له من إنائه انصباب الكوكب الدري من سمائه العين كانونه والقمر عفريته كأنه خيط من غزل قلق أو مخصرة ضربت من ورق يترفع عنك فتردى ويصدع به قلبك فتحيا

وقوله من رسالة يصف فيها الحلوى
وما أرقني إلا ليلة أضحيانة دخلت فيها الجامع ووقفت موقف الساجد والراكع حتى إذا قضيت من حق الله أمرا وأتبعت الشفع وترا جلت في أكنافه وانعطفت في أعطافه فإذا أرضه تباهي السماء وغبراؤه تضاهي الخضراء زجاجة نورية كأنها الكواكب الدرية ورعد قراء لله تعالى وخيرته كالرعد يسبح بحمده والملائكة من خيفته فصحت واويلاه واحر قلباه أين منك المفر وأين دونك المقر لاها الله لا يتركك كريم ولا يقلاك إلا لئيم بركا كبرك الجمال وثباتا كثبات الجبال ثم خرجت في تتمة من الاصحاب وثبة من الاتراب وفيهم فقيه كان ذا لقم ولم أشعر به فلما طالعتنا الحلوى صاح هذا
وأبيكم الروض فناديته اسكت فضحتنا لا أبالك فقال لا وأبيك قلت مالك وما تريد قال ذلك الشهيد العتيد واضطرب به الالم واستخفه الشره فدار في ثيابه وأسال من لعابه وازور جانبه وخفق شاربه ثم نهض في كر وصدر بحر ونظر إلى الفالوذج فصاح هذا اللص كأنه ثألى مجاجة الزنابير حدثت على شوابير وخالطها لباب الحبة فجاءت أطيب من ريق الاحبة ثم نظر إلى الخبيص فصاح بأبي الغالي الرخيص انظر فيه ذا التماع اكرم به من شعاع هذا جليد سماء الرحمة تمخضت به فأبرزت منه زبد النعمة تجرحه اللحظة وتدميه اللفظة بماء أبيض قالوا بماء البيض البض فقال غض من غض انظروه له إشراق هذا وأبيكم بقية العشاق ما أطيب خلوة الحبيب لولا حضرة الرقيب ثم نظر إلى الزلابية فصاح ويل لأمه الزانية

أبأحشاء نسجت أم صفاق قلبي ألفت بأبي أجد مكانك من نفسي مكينا وجبل هواك على كبدي متينا من أين خلصك كف طابخك إلى باطني فأقطعك مني دواجني والعزيز الغفار لأطلبن بالثأر وتلمظ له لسان الميزان فجعل يصيح الثعبان الثعبان فلما عاينته قد ألبس وهو ينظر نظر المفلس حنت له ضلوعي وعلمت أن الله فيه غير مضيعي وقد تحل الصدقة على ذي الوفر وفي كل كبد رطبة أجر فأمرت الغلام بابتياع أرطال تجمع أنواعها التي انطقته وتحتوي على ضروبها التي أخرعته فجاء بها فوضعها بين يديه فلما عاينها انحنى عليها بليانه والقى عليها بجرانه وجعل يركل برجليه ويجاحش بفخذيه ممانعا ومدافعا عنها فصحت به لا عليك حكمها فجعل يقطع ويبلع ويوجر فاه ويدفع وعيناه تبضان كأنهما جمرتان وقد برزتا عن وجهه كأنهما خصيتا وأنا أقول على رسلك يا فلان البطنة تذهب الفطنة وهو يقول ( أكلها دائم وظلها ) حتى التهم جماهرها وألحق أولها بآخرها وهبت منه ريح عقيم أهبا لنا بالعذاب الاليم وفرقتنا شذر مذر وسربتنا في كل شعب شغر بغر فانتحينا منه الطرفان وصدق الخبر فيه العيان نفخ ذلك فبدد النعام ونفح هذا فبدد الانام فلم نجتمع بعد هذا والسلام
وله يصف جارية
أخت نعمة وربيبة نعمة كأن شعرها على غرتها الغراء غراب يسفد حمامة بيضاء وكأن خدهاعلى جيدها المشرق تفاحة قدم بها إبريق من راووق تكلمك بألحاظها وتأسوك بألفاظها تقابلك من خدها بوردة ومن عينها بنرجسة

كأنما ثغرها من جوهر وشفتها خيط حرير أحمر وتقبل إليك بقضيب بان ثمرته رمانتان وتنفتل عليك بكفل مائج كأنه كثيب عالج تنطوي بقبطية وتقوم على انبوب بردية أن استقبلتها بركان تضحك لك عن فلقة رمان أو يطحنك جبهة أسد غرير فيقبض روحك قبض أرواح المؤمنين ويتوفاك بكد كالفقيه المشرف على المذاهب ركبت فيه اخلاق كاتب فإن كنت شافعيا سددتك وإن كنت مالكيا قلدتك المنظر غلام والمخبر فتاة إن علوتها تدفعت إليك أو علتك تداركت عليك وإن أعطشك فراشها سقتك من شراب إن شئت قلت خمرة أو رضاب أو أجاعك عراكها أطعمتك من لسانها يصل إليك وصول الايمان
فنثره في غاية الملاحة ونظمه في غاية الفصاحة
ومن شعره ما أنشدنيه الشيخ ابو سعيد بن دوست عن الفقيه الوليد ابي بكر الاندلسي قوله من الخفيف
( قل لمن زاد إذ تباعد بعدا ... وتناسى عهدي ولم أنس عهدا )
( لا يغرنك ما ترى من ودادي ... فلعلي إن شئت غيرت ودا )
( لا وحق الهوى وحق لياليه ... ومن صاغ حسن وجهك فردا )
( ما أطيق الذي ادعيت ولو ملكته لم أكن لغيرك عبدا ... ) - الخفيف -
وله من الكامل
( ما أطربت فوق الغصون حمامة ... ألا رأيت دموع عيني تسكب )
( وإذا الرياح تناوحت ألفيتني ... بين الصبابة والأسى أتقلب )
( يا عاذلي في الحب مهلا بالأذى ... لو كنت تعشق ما ظللت تؤنب )

( كم حاولت نفسي السلو فطالبت ... أسبابه جهدا فعز المطلب ) - الكامل -
48 - غسان بن سعيد
قال من البسيط
( من خانه حسب فليطلب الادبا ... ففيه منيته إن حل أو ذهبا )
( فاطلب لنفسك آدابا تعز بها ... كيما تسود بها من يملك الذهبا ) - البسيط -
49 - محمد بن يحيى النحوي المعروف بقلفاط
قال من الوافر
( طوى عني مودته غزال ... طوى قلبي على الاحزان طيا )
( إذا ما قلت يسلاه فؤادي ... تجدد حبه فازددت غيا )
( أحييه وأفديه بنفسي ... وذاك الوجه اهل أن يحيا ) - الوافر -
وقوله من الوافر
( أيا طيفا سما وهنا إليا ... لقد جددت لوعاتي عليا )
( الم مواصلا كأخي غرام ... سيذكر وصله ما دام حيا )
( غزال لو رأى غيلان يوما ... محاسنه إذا انساه ميا ) - الوافر -
50 - شهيد بن المفضل عفا الله عنه
قال من الكامل
( كم ذا ترد عنان شوقك صابرا ... وأخو الصبابة لا يكون صبورا )

( فاخلع عذارك في هواه فربما ... كان المحب على الهوى معذورا )
( ما العز إلا أن تذل مع الهوى ... شحا عليه وإن ظللت أسيرا ) - الكامل -
51 - منصور بن ابي الهول
قال من مجزوء الرمل
( كم إلى كم أتسلى ... ليس لي صبر أجل لا )
( بأبي أنت وأمي ... أترى قتلي حلا )
( حاش لله بأن اسلو عن الحب وكلا ... ) - مجزوء الرمل -
وأنشدني لبعض شعرائهم من المتقارب
( إسار الهوى لا إسار العدا ... هو التارك الحر مستعبدا )
( عبودية تؤيس الآملين ... له أن يباع وأن يفتدى )
( فليس له فرج يرتجيه ... من الاسر غير تمني الردى )
( فيا غصن بان إذا ما مشى ... ويا بدر تم إذا ما بدا )
( ويا عارضا كلما أطمعت ... بوارقه زاد قلبي صدى )
( أسرت فهلا بحكم الكتاب ... قضيت بالمن أو بالفدى )
( ولكن أبيت سوى قسوة ... يفوت بها قلبك الجلمدا ) - المتقارب -
52 - غريب بن سعيد
أنشدني له من مجزوء الكامل
( وجد دخيل واكتئاب ... وفراق شمل واقتراب )
( ما بين قلبي إذ نأيت وبين إخواني حجاب ... )

( فإذا خلا ولجت عليه همومه من كل باب ... )
( يا عاذلي لما رأى ... دمع العيون له انسكاب )
( ما لي على برح النوى ... جلد فأقصر في العتاب ) - مجزوء الكامل -
وله من المنسرح
( ألان يوم الفراق قسوته ... حتى جرى دمعه وما شعرا )
( فخلت ما سال من مدامعه ... درا على وجنتيه منتثرا )
( لم يبك شوقا لكن بكى حزنا ... لهول يوم الفراق إذ حضرا )
( في مشهد لو أطاق شاهده ... فيه استتارا لوجده استترا )
( أبى أساه وفيض أدمعه ... إلا اشتهارا في الحب فاشتهرا ) - المنسرح -
وقوله من الطويل
( استودع الريح الجنوب تحية ... إليكم تؤدي من سلامي ومن شكري )
( وكم بلغت ريح الشمال نسيمكم ... فأهدت إلينا منكم أطيب النشر )
( رعى الله أحبابا تألف شملهم ... بقرطبة بين الرصافة والقصر )
( تعوضت من انسى بهم وحشة النوى ... ومن قربهم قرب المهامة والقفر ) - الطويل -
53 - إدريس بن الهيثم بن براق الكلاعي
قال من الطويل
( ولم أنسها يوم الوداع ومسحها ... بوادر دمع العين والعين تذرف )
( أفانين تجري من دموع ومن دم ... على الخد منها تستهل وترعف )
( وتكرارنا نجوى الهوى ذات بيننا ... وكل إلى كل يلين ويعطف )

( جعلنا هناك الهجر منا بجانب ... وللبين داع بالترحل يهتف )
( ولولا النوى لم نشك ضعفا عن الاسى ... ومن يحمل الاشجان بالبين يضعف )
( فقلت كلانا مشتك من صبابة ... ولكنني عن حملها منك أضعف ) - الطويل -
قال وحدثت أن إدريس بن الهيم غنى بأبيات أولها من الطويل
( ألا إنما أنسى إذا ما نأيتم ... بأقرب من لاقيته بكم عهدا )
( إذا حصلت روحي إليكم وقد أتت ... على أرضكم ألقت على كبدي بردا )
( ويوحشني قرب الجميع وإنها ... لتأنس نفسي إن ذكرتكم فردا )
( وما كان قلبي إذ تبديت صخرة ... فينبو الهوى عنه ولا حجرا صلدا )
( فقد آن فقداني لنفسي فلو أتى ... عليها حمام ما وجدت لها فقدا ) - الطويل -
54 - محمد بن سعيد بن مخارق الاسدي
أنشدني من أبيات من الوافر
( يظل الدمع من جزع عليهم ... وقد بانوا يسح ويستهل )
( سأتبع إثرهم شوقا إليهم ... وأقتص المناهل حيث حلوا )
( فما لي أشتكي بالبين منهم ... كأني ليس لي زاد ورحل ) - الوافر

55 - قاضي الجماعة محمد بن يحيى بن يحيى
قال من الرمل
( نازح الدار بنا بي واغترب ... ورماه الدهر رشقا من كثب )
( بعدت عن دار ليلى داره ... وهو في حبل هواها مضطرب )
( فرجت نفسي أن تشفى بكم ... فرحة في الحب شيبت بكرب )
( كنت لي بدرا في سجفه ... طلع البين عليه فغرب ) - الرمل -
56 - احمد بن نعيم
قال من الخفيف
( ليت أن الرياح إن نفد الصبر وشطت عن ارضها اوطاني ... )
( بلغتها تحيتي وسلامي ... وسلام الإله كل أوان ) - الخفيف -
57 - سعيد بن محمد بن العاص المرواني
قال يصف الهلال وأجاد من الكامل
( والبدر في جو السماء قد انطوى ... طرفاه حتى عاد مثل الزورق )
( فتراه من تحت المحاق كأنه ... غرق الكثير وبعضه لم يغرق ) - الكامل -
وهو مأخوذ من قول ابن المعتز من الكامل
( انظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر ) - الكامل

وأنشدت له من الكامل
( رفعوا الهوادج للرحيل وأعتموا ... فغدت لبينهم المدامع تسجم )
( وسروا وأروقة الظلام تكنهم ... فكأنهم من تحت ذلك أنجم )
( واستكتموا بمسيرهم تحتى الدجى ... فأبى نسيم المسك أن يستكتموا )
( ومن العجائب انني متأخر ... عنهم وقلبي عندهم متقدم )
( وهي النوى لم يبق لي من بعدها ... غير الهواء بنفحه اتنسم )
( وإذا الصبا اسرت اقول لعلها ... تلقاهم بتحيتي فيسلموا ) - الكامل -
58 - عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن حسان
انشدت له من الطويل
( لقد هاجني للشوق نوح حمائم ... مطوقة من مشرقات الحمائم )
( وناحت وما أذرت دموعا قد رأت ... عيوني تجري بالدموع السواجم )
( إذا ما تراجعن الحنين حسبتها ... نوادب رجعن الصدى في المآتم ) - الطويل -
59 - سعيد بن عباس
أنشدت له من الوافر
( بنفسي من يجرعني منوني ... ويرجمني بأحجار الظنون )
( ويصرمني ولا يرثي لما بي ... وينفي النوم ظلما عن جفوني ) - الوافر

60 - عمر بن يوسف الحنطي
انشدت له من الكامل
( أو ميض برق أم سيوف تبرق ... في عارض أكنافه تتألق )
( ديم إذا ارتدت إليك وجوهها ... أضحت وجوه الارض منها تشرق )
( ترمي بأجفان الوميض كما انثنت ... أجفان عاشقة إلى من يعشق ) - الكامل -
61 - يحيى بن عباد البسري
قال من الطويل
( إذا بارق هاج الفؤاد المعذبا ... فطرب قلبا هائما فتطربا )
( بنفسي بلاد رحت من نحو ارضها ... بعيني مشوق ما ألذ وأطيبا )
( بلاد بها قلبي رهين معذب ... وإن جلت في الافاق شرقا ومغربا ) - الطويل -
62 - الغزال بن الحكم
انشدت له من الخفيف
( ريع قلبي لما ذكرت الديارا ... وتنورت بالنخيلات نارا )
( وازدهتني ذات السنا ببروق ... من لظاها فما أطيق اصطبارا )
( والقريح الفؤاد يزداد للنار ... وميض السعير منها استعارا ) - الخفيف

63 - يحيى بن زكريا بن شماس
قال من الكامل
( نعب الغراب ببينهم فتحملوا ... ونأى المحل بها فكيف تزار )
( بكروا وفي الاظعان يوم تحملوهن ... القصور تكنها الاستار )
( صفر النحور من العبير روادع ... بيض الثغور كواعب أبكار ) - الكامل -
64 - الوزير ابو المظفر عبد الرحمن بن بدر
قال من المديد
( اي طيف في الكرى طرقا ... سام عيني الدمع والارقا )
( انا افدي من بجنح دجى ... جاب في ظلمائه الطرقا )
( لي حظ في زيارته ... لي لو ان الكرى صدقا ) - المديد -
65 - الديك النيري مطرق بن محمود
قال من الكامل
( طرق الخيال فمرحبا بالطارق ... قرت به في النوم عين العاشق )
( طرق الخيال خيال ليلى موهنا ... رحلي فبات مضاجعي ومعانقي )
( ومنى المشوق أخي الصبابة أن يرى ... وسنان أو يقظان وجه العاشق ) - الكامل

66 - احمد بن ابراهيم بن قلزم
انشدت له من الكامل
( هل تعتب الايام منك بنظرة ... تغدو بسراء على ضراء )
( لولا محاباة الخيال برقدة ... من طيفها لطوى الردى حوبائي )
( يا ليت ايام النوى عادت كرى ... فأنال من طيف الحبيب شفائي ) - الكامل -
67 - يربوع بن اسد المالقي
أنشدت له من السريع
( يا بأبي طيف سرى موهنا ... ودونه جوب الفلا والقفار )
( أكرم به من راحل ذاهب ... يرعى نوى الدار وشحط المزار )
( لو أنه شايع إلمامه ... بطول مكث دائم أو قرار )
( لكنه هيج نار الاسى ... ثم تولى بفؤاد مطار ) - السريع -
68 - الوزير ابو محمد غنائم المالقي
قال وأجاد من البسيط
( صير فؤادك للمحبوب منزلة ... سم الخياط مجال للمحبين )
( ولا تسامح بغيضا في معاملة ... فقلما تسع الدنيا بغيضين ) - البسيط

69 - غالب بن عبد الله بن عطية
أنشدت له من الكامل
( كيف الحياة ولي حبيب هاجر ... قاسي الفؤاد يسومني تعذيبا )
( لما درى أن الخيال مواصلي ... جعل السهاد على الجفون رقيبا ) - الكامل -
وله في عطش البحر من السريع
( إنا إلى الله لقد نالنا ... هم يذيب القلب إحراقه )
( يا عجبا مما دهينا به ... نسكن في الماء ونشتاقه ) - السريع -
70 - محمد بن ابي الحسن العروضي
قال من البسيط
( لما تطلع بدر التم أذكرني ... بدرا تطلع وهنا من بني قطن )
( بدر تطلع والافاق مظلمة ... فانجاب إظلامها عن وجهه الحسن )
( كم مهجة أرهفت ألحاظ مقلته ... ومقلة منعتها لذة الوسن ) - البسيط -
71 - اسماعيل بن اسحاق المنادي
قال من الطويل
( سلام على خل ادين بحبه ... وأصفيه من حلو الوداد وعذبه )
( سلام امرئ اودى الفراق بصبره ... ولج فأودى بالفؤاد ولبه )

( لعل الذي شت الجميع بنأيه ... سيجمعنا بعد الشتات بقربه )
( وما الاخ بالاخ الشقيق وإنما ... أخوك الذي يعطيك حبة قلبه ) - الطويل -
72 - محمد بن وافد
انشدت له من الوافر
( كتابك هاج لي شوقا عجيبا ... وأورثني الصبابة والنحيبا )
( تغرب عن أحبته محب ... فأصبح صبره عنه غريبا )
( فكيف بصبره والقلب منه ... يكاد من الصبابة أن يذوبا ) - الوافر -
73 - خلف بن أيوب
انشدت له من السريع
( والله لولا خطرات المنى ... ما طال يوما عمر أهل الهوى )
( وابأبي من ظلت من هجره ... مستشعرا ثوب الاسى والجوى ) - السريع -
74 - علي بن احمد الاندلسي
قال من الكامل
( بيض كبيض الهند في افعالها ... فلذاك قيل ظبا وقيل ظباء )
( وترى محاسنها تروق كأنما ... نشرت عليها وشيها صنعاء ) - الكامل

75 - يحيى بن الفضل
قال من الطويل
( وسفن تثير الريح منها عجاجة ... تظل مياه الارض وهي صعيدها )
( تلوح كأمثال الشواهين حلقت ... على دهم خيل قد اثيرت صيودها )
( فللطير ما قد نشرته قلوعها ... وللخيل ما قد أظهرته قدودها ) - الطويل -
وقوله ايضا من مجزوء الكامل
( لا تيأسن بوفاة من ... لم تنتفع بحياته )
( وليجر عندك ميتا ... مجراه قبل مماته )
( فوفاته كحياته ... وحياته كوفاته ) - مجزوء الكامل -
76 - ابو بطال
انشدت له في العذار من الطويل
( وعارض كافور تراه كأنما ... يدب به من خالص المسك عقرب )
( تنزه عن لسب الجلود وإنما ... يغوص على حب القلوب فيلسب ) - الطويل -
وقوله من البسيط
( جمعت مالا ففكر هل جمعت له ... يا جامع المال أبوابا تفرقه )
( المال عندك مخزون لوارثه ... ما المال مالك إلا يوم تنفقه )

( إن القناعة من يحلل بساحتها ... لم يلق في ظلها هما يؤرقه ) - البسيط -
وأنشدت لبعض شعرائهم في العذار من الكامل
( ومعذر نقش العذار بمسكه ... خدا له بدم القلوب مضرجا )
( لما تيقن ان سيف جفونه ... من نرجس جعل النجاد بنفسجا ) - الكامل -
77 - القرشي المعروف بالفرح
أنشدت له من الرمل
( رب كأس قد كست جنح الدجا ... ثوب برد من سناها يققا )
( قلت أسقيها رشا في جفنه ... سنة تورث عيني أرقا )
( أشرقت في ناصع من كفه ... كشعاع الشمس وافى الفلقا )
( خفيت للعين حتى خلتها ... تتقي من لحظة ما يتقى )
( اصبحت شمسا وفوه مغربا ... ويد الساقي المحيي مشرقا )
( فإذا ما غربت في فمه ... تركت في الخد منه شفقا )
( خلع البرق على ارجائه ... ثوب وشي منه لما برقا ) - الرمل -
78 - إدريس بن عبد الله بن عباد الليزي
انشدت له من الطويل
( غريب بأرض الغرب منقطع الذكر ... بعيد من الأهلين في بلد قفر )

( تذكر في اهل الجزيرة أهله ... فهيجه طول التشوق والفكر )
( فصوت حمام في الغصون كأنما ... ندبن قتيلا أو روين من الخمر )
( لئن كن ما تجري لهن مدامع ... فكل غريب الدار أدمعه تجري ) - الطويل -
79 - عثمان بن ابراهيم بن النضر
انشدت له من الطويل
( الا يا حمام الايك مالك باكيا ... وغصنك نصر والجنات مريع )
( تغن ولا تنشج فإلفك حاضر ... قريب وإلفي غائب وشسوع )
( بكيت بلا دمع وترفض مقلتي ... شآبيب منها في المصيف ربيع )
( وقلبك خلو من تباريح لوعتي ... وقلبي بلوعات الفراق صريع ) - الطويل -
80 - المنصور بن ابي عامر
انشدت له من الطويل
( ألم ترني بعت المقامة بالسرى ... ولين الحشايا بالخيول الضوامر )
( وبدلت بعد الزعفران وطيبه ... صدا الدرع من مستحكمات المسامر )
( فلا تحسبوا أني شغلت بلذة ... ولكن أطعت الله في كل كافر )

81 - الوليد بن الحكم
انشدت له من الطويل
( إلى رجب او غرة الشهر بعده ... توافيكم بيض المنايا وسودها )
( ثمانون الفا دين عثمان دينها ... بشرذمة جبريل فيها يقودها ) - الطويل -
82 - القاضي محمد بن عبد الله بن ايوب بن ابي عيسى
انشدت له قوله من ابيات اولها من الخفيف
( لا تلمني على البكا والعويل ... )
( فعلت زفرتي وطال انتحابي ... وبدت لوعتي وهاج غليلي )
( ولنعم البلاد للنازح الأوطان ... دمع جرى برغم العذول )
( وقبيح صبر الخليل أخي الوجد عن الدمع عند ذكر الخليل ... )
( وبنفسي نائي المحل قريب ... من فؤاد صب وجسم نحيل )
( كان بيني وبينه البحر والقفر ووخد السرى وطول الذميل ... )
( يا قليل الإنصاف في الهجر مهلا ... إن وجدي عليك غير قليل ) - الخفيف -
وقوله من البسيط
( بل ما ادكارك من ورق مغردة ... على قضيب بذات الهضب مياس )
( هجن الصبابة لولا همة شرفت ... فصيرت قلبه كالجندل القاسي ) - البسيط

83 - محمد بن فطيس
قال من الكامل
( ثكلتك امك هل سمعت مخلدا ... ام هل رأيت مصححا لم يسقم )
( ام هل رأيت من البرية ناشئا ... نال الذي في مدة لم يهرم )
( فدع الاماني إنها مكذوبة ... واجعل دعاءك للسبيل الاقوم )
( اي امرئ يرجو البقاء وقد رأى ... آثار عاد في البلاد وجرهم ) - الكامل -
84 - احمد بن عبد الله بن احمد اللؤلؤي
قال من الطويل
( لئن غاب عن عيني وأعجز ناظري ... لما غاب وهمي ولا زال عن فكري )
( وتالله لو استطيع محض مودة ... لأحللته قلبي وأسكنته صدري )
( أتتني بصفو الود منه صحيفة ... تخبر عن ود وتنطق عن بر )
( تضمنها من جوهر الشعر حكمة ... بها سحرت من كاد ينفث بالسحر )
( يطول لها لفظ الذكي بلاغة ... ويقصر بالراوي لها طائل العمر ) - الطويل -
وقوله من الرجز
( أقبل فإن اليوم يوم دجن ... إلى محل كالضمير المكني )
( ساكنه كطائر في وكن ... لعلنا نعلم أدنى وفن )

( في مجلس مزخرف ذي كن ... فأنت في سنك دون سني ) - الرجز -
85 - ابو عثمان سعيد بن احمد بن عبد ربه
انشدت له من الكامل
( لما عدمت مواسيا وجليسا ... جالست بقراطا وجالينوسا )
( وجعلت كتبهما شفاء تفرجي ... وهما الشفاء لكل جرح يوسى ) - الكامل -
وقوله من الطويل
( أمن بعد غوصي في علوم الحقائق ... وطول انبساطي في مواهب خالقي )
( ومن بعد إشرافي على ملكوته ... أرى طالبا شيئا إلى غير رازقي )
( وقد آذنت نفسي بتقويض رحلها ... واعنف في سوقي إلى الموت سائقي )
( وإني وإن أيقنت أو زغت هاربا ... عن الموت في الآفاق فالموت لاحقي ) - الطويل -
86 - الحسن بن محمد بن بابل
قال من الطويل
( ألا ما لجسمي قد علاه شحوب ... وما بال قلبي ضامرته كروب )
( وما بال احشائي توقد لوعة ... وما بال رأسي قد علاه مشيب )
( وما ذاك إلا أن رمتني يد النوى ... وأني في أرجاء مصر غريب )
( أراعي نجوم الليل لا آنف الكرى ... كأني على رعي النجوم رقيب )
( إذا ما دعوت الدمع يوما أجابني ... وإن رمت دعوى الصبر ليس يجيب )

( وإن رمت كتمان الذي بي من الاسى ... جرى هاطل من مقلتي سكوب )
( ألا ليت شعري هل أرى الدهر منزلا ... تبواه بعد الفراق حبيب )
( وهل أردن يوما مياه رصافة ... وهل يصفون لي عيشها ويطيب ) - الطويل -
87 - عبد النصر بن احمد
انشدت له ما كتب به الى بعض الرؤساء بديهة في عيد الاضحى وكان عوده أن ينفذ إليه كبشا لاضحيته فأبطأ عليه من المديد
( يا سليل الاكرمين ومن ... فضله فرض فما منه بد )
( أزف العيد وعودتم الكبش داري والحبل معد ... )
( ولقد ابرزت مديتنا ... فهي من قبل الصباح تحد )
( خيمك الفضل وقد حكموا ... انك الفرد وما لك ند ) - المديد -
فانفذ إليه ثلاثة أكبش وصلة واسعة
88 - محمد بن احمد العطار
انشدت له من قصيدة يقول فيها من مدح المنصور بن ابي عامر الحاجب من البسيط
( يا حاجب الملك الاعلى الذي طفقت ... به الخلافة والايام تبتسم )

( ومن به أمن الرحمن بلدتنا ... من بعد أن فارقت ملكا لها العجم )
( وخامر المسلمين الذعر وانحسرت ... عنهم عوائد صنع الله والنعم )
( حتى إذا قنط الاسلام وانبسطت ... اعداؤه واستبيحت منهم الحرم )
( هبت به ريح نصر الله عن كثب ... للدين واستيقظت من نومها الهمم )
( وجرد السيف فانحازت لسلته ... من الجسوم طلى الاعناق والقمم )
( إذا تبسم فالاموال عابسة ... أو صال ماتت له الابطال والبهم )
( فأي بلدة شرك أمها قدما ... ولم يحل بها في عقرها النقم )
( بقيت للدين والدنيا تسوسهما ... ما حنت النيب أو ما أورق السلم ) - البسيط -
89 - موسى بن احمد المعروف بالوتد
انشد له يعارض العطار في قصيدته الميمية ويرد عليها فيها من البسيط
( يا ايها المنتمى للعطر قدك فقد ... قدحت نيران بغي سوف تضطرم )
( زعمت انك محسود على نعم ... اوليتها ومحال انها نعم )
( فرب ذي نقم يعتدها نعما ... بجهله وهي إما حصلت نقم )
( قذفت أعراض قوم جاهلا بهم ... يا ظالما وهم أعلام عصرهم )
( وقلت إنك قد فارقتهم وهم ... في حيث قدرك إما حصلوا رخم )
( فما حماك اغتياب القوم فضلهم ... ولا تحرجت فيمن عرضه حرم )
( مدحت نفسك فاستنقصتهم سفها ... وما استزلك إلا فرط حلمهم )
( اقسمت بالله ما يرضى بفعلك من ... فيه حشاشة إيمان ولا كرم )

( ما حصحص الحق فيما قد أتيت به ... لكنها ظلمات فوقها ظلم )
( وعن قريب ستجني غب ما غرست ... يداك فالبغي غرس طعمه وخم ) - البسيط -
90 - حبيب بن احمد الشاعر
انشدت له من قصيدة يقول فيها في ابن ابي عامر من البسيط
( لا ضيع لله للمنصور مالكنا ... حوط الهدى وصلاح الدين بالنظر )
( في كل يوم له في المسلمين يد ... غراء تخبر عن أفعاله الغرر )
( فيا لها فرجة عمت طوالعها ... كما يعم ضياء الشمس والقمر )
( لا زالت الارض والدنيا بطاعته ... معمورتين إلى أقصى مدى العمر ) - البسيط -
91 - أبو علي بن حسان الاسنجي
انشدت له من الكامل
( ثقلت نفسك بالذنوب ودونها ... جسر لعمرك ما تحير ثقيلا )
( يا باني الغرف التي قد عطلت ... لو كنت تعقل دينها تعطيلا )
( فاقصده إنك ميت ومشاهد ... يوما عليك من الحساب طويلا )
( تبني مصانعها وأنت مسافر ... فلمن بناؤك إن أردت رحيلا ) - الكامل

92 - ابو محمد الباجي رحمه الله تعالى
انشدت له من الطويل
( إذا كنت لا أعفو عن الذنب من أخ ... وقلت أكافيه فأين التفاضل )
( ولكنني أغضي جفوني على القذى ... وأصفح عما رابني وأجامل )
( متى أقطع الاخوان في كل عثرة ... بقيت وحيدا ليس لي من أواصل )
( ولكن أداريه فإن صح سرني ... وإن هو أعيا كان عنه التجامل ) - الطويل -
93 - عبد الرحمن بن عمرو الحجري
انشدت له من الكامل
( لما قدمت وقال بعض صحابتي ... قد جاء من علقت يمينك حبله )
( قالت قعيدة بيتها يمم أبا ... إسحق سيدنا وقبل نعله )
( نفسي تعاود نيله الغمر الذي ... هو أهله وعسى به ولعله ) - الكامل -
94 - عبد الملك بن خزيمة
قال من البسيط
( ابرز إلى الناس إن الناس في اسف ... إذ ليس بعدك للاسلام من خلف )
( وقد مضت لك ايام ثمانية ... اشفى لها الناس من وجد على التلف )
( خوفا لعلة حبر ليس يشبهه ... من البرية إلا خيرة السلف )

( أضحى الضلال بإبراهيم متضعا ... وصار بالمشرفي الدين ذا شرف ) - البسيط -
95 - ابو العباس المرداوي
انشدت له من المجتث
( إني رايت لك اليوم ... يا كريما أجله )
( طفلا عليه حياء ... وفي الحيا الخير كله )
( سقيته الحلم لدنا ... والفرع يسقيه أصله )
( لا زلت أثني عليه ... دهري بما هو أهله )
( فبارك الله فيه ... وفي محل يحله ) - المجتث -
96 - محمد بن وهيب البدسمي
أنشدت له وقد حضر مجلس بعض الفقهاء وهو محتفل بسراة الناس وقد حضروا لعقد نكاح فقال الفقيه لابن وهيب لو أمكنا عقد هذا النكاح لشاركتنا في الحسنة فقال نعم وكرامة وكيف تريد ذلك منثورا أو منظوما فقال له الفقيه سبحان الله ويمكن نظم هذا والاتيان على فصوله قال لي إي والله وإنه لايسر على من نثره وإن أردت نظمته الان بين يديك من أوله إلى آخره ولا أخليه من البسملة في افتتاحه فقال إذا أتيت بهذا أتيت بطامة فقال له هات كاتبا أمل عليه فأحضره كاتبا فأمل عليه في نسق نظما لم يتردد فيه ولا أبطأ كأنه يتلوه من كتاب حفظه وذكر الشروط والتاريخ على نصها في

الصداقات قديما كل ذلك بحضرة من شهد المجلس فبهت القوم لما رأوه وشاهدوه وأقروا أنه نسيج وحده وفريد دهره واستكثروا من الثناء عليه والمباهاة به وقال له الفقيه أمرك والله عجيب كاد لولا المشاهدة لم أصدقه
وركب إلى المنصور بن أبي عامر فأخبره بالمجلس وأراه الشعر فعجب من ذلك وأمر بصلة جزيلة حملت إليه وكان عدة ما ارتجله ثلاثين بيتا وقد كتبت بعضها وإن لم تكن من نادر الشعر وبديعه وهي من الطويل
( لأصدق عبد الله نجل محمد ... فتى أموي زوجه البكر مريما )
( وأمهرها عشرين عجل نصفها ... دنانير يحويها ابوها مسلما )
( وأنكحها منه أبوها محمد ... سلالة ابراهيم من حي خثعما )
( وباقي صداق البكر باق إلى مدى ... ثلاثة اعوام زمانا متمما )
( مؤخرة عنه يؤدي جميعها ... إذا لم يكن عند التطلب معدما )
( ومن شرطها أن لا يكون مرحلا ... لها أبدا عن دارها اين يمما )
( وأن لا يرى حتما بشيء يضرها ... يصرف فيه الدهر كفا ولا فما ) - الطويل -
وكان ابن وهيب هذا احد أفراد زمانه وكان إذا جلس ابن ابي عامر في الاعياد للشعراء وأذن لهم في الانشاد على مرابتهم جلس ابن وهيب وبدأ بما يصنعه بديهة فلا تأتيه نوبته حتى يفرغ من قصيدته ويقوم وينشده وإن مداده لم يجف وهذه مادة عظيمة
97 - أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي اللغوي
أحفظ أهل زمانه للإعراب والفقه واللغة والمعاني والنوادر وله كتب مؤلفة

منها اختصار كتاب العين وكتاب طبقات النحويين واللغويين في الاندلس والمشرق من زمن ابي الاسود الدؤلي إلى زمن عبد الله الرياحي النحوي معلم الزبيدي وله كتاب الابنية في النحو ليس لاحد مثله وكان الشعر أقل أدواته
فما أنشدت له في تكذيب منجم من المتقارب
( يقول المنجم لي لا تسر ... فإنك إن سرت لاقيت ضرا )
( فإن كان يعلم أني جسير ... فقد جاء بالنهي لغوا وهجرا )
( وإن كان يجهل سيري فكيف ... يراني إذا سرت لاقيت شرا ) - المتقارب -
وله في رثائه لشيخه علي بن إسمعيل بن القاسم القالي البغدادي اللغوي قصيدة جزلة الألفاظ كثيرة الغريب صاغها صوغ فحول العرب وضمنها قطعة من غريب كلامهم وهي قصيدة طويلة أولها من السريع
( تالله لا يبقى لصرف النوى ... ذو جسد في رأس نيق منيف ) - السريع -
وقوله في الزهد من السريع
( لو لم تكن نار ولا جنة ... للمرء إلا أنه يقبر )
( لكان فيه واعظ زاجر ... ناه لمن يسمع أو يبصر ) - السريع -
وقوله من السريع
( الفقر في أوطاننا غربة ... والمال في الغربة أوطان )
( والأرض شيء كلها واحد ... والناس جيران وأخوان ) - السريع

98 - محمد بن يحيى بن يعقوب
انشدت له قوله في الزهد من الوافر
( لقد فاز الموفق للصواب ... وعاتب نفسه قبل العتاب )
( ومن شغل الفؤاد بحب مولى ... يجازى بالجزيل من الثواب )
( فذاك ينال عزا لا كعز ... من الدنيا يصير إلى الذهاب )
( تفكر في الممات فعن قريب ... ينادى بالرحيل إلى الحساب )
( وقدم ما ترجي النفع منه ... لدار الخلد واعمل بالكتاب )
( ولا تغتر بالدنيا فعما ... قريب سوف يؤذن بالخراب ) - الوافر -
99 - الفقيه محمد بن عبد الله بن ابي ريمين
أنشدت له قوله في الزهد من الخفيف
( أيها المرء إن دنياك بحر ... طافح موجه فلا تأمننها )
( وسبيل النجاة فيها مهين ... وهو أخذ الكفاف والقوت منها ) - الخفيف -
وقوله من الطويل
( خليلي إن الذي تعلمانه ... زمان التصابي وانطلاق عنانه )
( شديد الاسى حر الجوى محرق الحشى ... فهل من مجير مخبر بأمانه )
( رأى مجير غير من قد عصيته ... فيا اسفى أن لم يعد بحنانه ) - الطويل -
وقوله من الطويل
( وذي حرق زادت به زفراته ... إذا ما سطت في قلبه خطراته )

( له في دجى الاظلام خلوة مخلص ... تذكره فيها الجحيم هناته )
( ويدفعه ذكر الوعيد إلى الاسى ... فتنهل من لوعاته عبراته )
( إذا ما تلا التنزيل وانكشفت له ... عجائبه زادت له عزماته )
( وإن لحظت عين اليقين معاده ... سقت خوفه من مائه لحظاته )
( بنفسي ولي أنه بمليكه ... وفي ذكره إصباحه وبياته ) - الطويل -
وقوله من الخفيف
( أيها المرء لم تسرك دنيا ... انت منها مرحل عن قريب )
( وإذا المرء لم يقصر خطاه ... في أمانيه فهو غير لبيب ) - الخفيف -
100 - احمد بن محمد بن عفيف
انشدت له قوله من قصيدة يمدح فيها امير المرية خيران أولها من الكامل
( قف بالمطي على مغاني الدار ... ليس الوقوف على الرسوم بعار ) - الكامل -
يقوله فيها
( انت الذي انقذتنا من بعدما ... كنا جميعا تحت جرف هار )
( ونهضت نحو المارقين بجحفل ... جم أولي عزم وذي استبصار )
( باعوا النفوس لنصر دين محمد ... فكأنهم في الحرب اسد الزار ) - الكامل -
وفيها يصف اعداءهم
( كانوا رياحا للردى حتى رموا ... من جيشك المنصور بالاعصار )

( الله أركسهم وفرق شملهم ... حتى أحلهم بدار بوار ) - الكامل -
101 - محمد بن عمر بن عبد الله بن عبد العزيز المعروف بابن القوطية
من أعلم أهل زمانه باللغة والعربية وأرواهم للاشعار والاخبار وكان مع ذلك حافظا للفقه والحديث من أهل النسك والزهادة وله كتاب في الافعال لم يسبقه أحد إلى مثله وكان ابو علي البغدادي المعروف بالقالي يفضله ويعظمه ويعرف حقه ويقدمه
أخبرني ابو سعيد بن دوست قال اخبرني الوليد بن بكر الفقيه أن يحيى بن هذيل الشاعر زار يوما ابن القوطية في ضيعة له فألفاه خارجا منها فاستبشر بلقائه وابتدأه ببيت حضره على البديهة فقال من البسيط
( من أين أقبلت يا من لا شبيه له ... ومن هو الشمس والدنيا له فلك ) - البسيط -
فأجابه مسرعا من البسيط
( من منزل يعجب النساك خلوته ... وفيه ستر على الفتاك إن فتكوا ) - البسيط -
قال ابن هذيل فما تمالكت أن قبلت يده إذا كان شيخي وأستاذي وكان الشعر اقل صناعته لكثرة غرائبه فمن بديعه قوله من البسيط
( ضحى اناخوا بوادي الطلح عيرهم ... فأوردوها عشاء أي إيراد )
( أكرم به ودايا حل الحبيب به ... ما بين رند وصفصاف وفرصاد )

( يا واديا سار عنه الركب مرتحلا ... بالله قل أين سار الركب يا وادي )
( أبالحمى نزلوا أم باللوى عدلوا ... ام عنك قد رحلوا خلفا لميعادي )
( بانوا وقد اورثوا جسمي لبينهم ... سقما وقد قطعوا بالبين أكبادي ) - البسيط -
102 - احمد بن محمد بن عبد ربه
احد محاسن الاندلس علما وفضلا وأدبا ونبلا وشعره في نهاية الجزالة والحلاوة وعليه رونق البلاغة والطلاوة
انشدني له ابو سعيد بن دوست قال انشدني الوليد بن بكر قوله من الكامل
( يا من يجرد من بصيرته ... تحت الحوادث صارم العزم )
( رعت العدو فما مثلت له ... إلا تفزع منك في الحلم )
( اضحى لك التدبير مطردا ... مثل أطراد الفعل للاسم )
( رفع العدو إليك ناظره ... فرآك مطلعا مع النجم ) - الكامل -
وقوله من الوافر
( ومعترك تهز له المنايا ... ذكور الهند في ايدي ذكور )
( لوامع يبصر الاعمى سناها ... ويعمى دونها طرف البصير )
( وخافقه الذوائب قد أقامت ... على حمراء ذات شبا طرير )
( نجوم تحتها عقبان موت ... تخطفت القلوب من الصدور )
( بيوم راح في سربال ليل ... كما عرف الاصيل من البكور )

( وعين الشمس تدنو في قتام ... دنو الإنف ما بين الستور )
( فكم قصرت من عمر طويل ... به وأطلت من عمر قصير ) - الوافر -
وقوله من البسيط
( كم ألحم السيف من أبناء ملحمة ... ما منهم فوق ظهر الارض ديار )
( فأورد النار من أرواح بارقة ... كادت تميز من غيظ بها النار )
( كأنما صال في ثني مفاضته ... مستأسد حنق الاحشاء هرار )
( لما رأى الفتنة العمياء قد دخنت ... منها على الناس آفاق وأقطار )
( وأطبقت ظلم من فوقها ظلم ... ما يستضاء بها نور ولا نار )
( قاد الجياد إلى الاعداء سارية ... قبا طواها كطي العصب إضمار )
( ملمومة تتبارى في ململمة ... كأنها لاعتدال الخلق اقمار )
( تفوت بالثأر أقواما وتدركه ... من آخرين إذا لم يدرك الثار )
( فانصاع ناصر دين الله يقدمهم ... وحوله من جنود الله انصار )
( كتائب تتبارى حول رايته ... وجحفل كسواد الليل جرار ) - البسيط -
وقوله يصف الحرب من الطويل
( ومعترك ضنك تساقت كماته ... كؤوس المنايا من كلى ومفاصل )
( يديرونها راحا من الراح بينهم ... ببيض رقاق أو بسمر ذوابل )
( وتسمعهم أم المنية وسطها ... غناء صهيل البيض تحت المناصل ) - الطويل

وقوله من الطويل
( بكل رديني كأن سنانه ... شهاب بدا في ظلمة الليل ساطع )
( تقاصرت الآجال في طول متنه ... وعادت به الآمال وهي فجائع )
( وساءت ظنون الحرب في حسن ظنه ... فهن ظبات للقلوب قوارع )
( وذي شطب تقضي المنايا بحكمه ... وليس لما تقضي المنية دافع )
( فرند إذا ما اعتن للعين راكد ... وبرق إذا ما اهتز بالكف لامع )
( يسلل ارواح الكماة انسلاله ... ويرتاع منه الموت والموت رائع ) - الطويل -
وقوله من السريع
( بكل منثور على متنه ... مثل مدب النمل بالقاع )
( يرتد طرف العين عن حده ... عن كوكب للموت لماع ) - السريع -
وقوله من الطويل
( كريم على العلات جزل عطاؤه ... منيل وإن لم يعتمد لنوال )
( وما الجود من يعطي إذا ما سألته ... ولكن من يعطي بغير سؤال ) - الطويل -
وقوله من السريع
( من يرتجى بعدك أو يتقي ... وفي يديك الجود والباس )
( إن عشت عاش الناس في نعمة ... وإن تمت مات بك الناس ) - السريع -
وقوله في الشيب من الوافر
( شباب المرء تنفده الليالي ... وإن كانت تصير إلى نفاد )
( فأسوده يصير إلى بياض ... وأبيضه يعود إلى سواد ) - الوافر

وقوله من البسيط
( قالوا شبابك قد ولى فقلت لهم ... هل من جديد على كر الجديدين )
( صل من هويت وإن أبدى معاتبة ... فأطيب العيش وصل بين إلفين )
( واقطع حبائل خل لا تلائمه ... فربما ضاقت الدنيا على اثنين ) - البسيط -
وقوله يرثي ولده من الكامل
( بليت عظامك والاسى يتجدد ... والصبر ينفد والبكا لا ينفد )
( يا غائبا لا يرتجى لإيابه ... ولقائه حتى القيامة موعد )
( ما كان أحسن ملحدا ضمنته ... لو كان ضم أباك ثم الملحد )
( باليأس أسلو عنك لا بتجلدي ... هيهات اين من الحزين تجلد ) - الكامل -
وقوله يرثيه من المنسرح
( واكبدا قد تقطعت كبدي ... وأحرقته لواعج الكمد )
( ما مات حي لميت أسفا ... أعذر من والد على ولد )
( يا رحمة الله جاوري جدثا ... دفنت فيه حشاشتي بيدي )
( ونورى ظلمة القبور على ... من لم يصل ظلمه إلى أحد )
( أي حسام اخذت رونقه ... وأي روح نزعت من جسدي )
( يا قمرا اجحف الخسوف به ... قبل طلوع السواء في العدد )
( اي حشى لم يذب له اسفا ... وأي عين عليه لم تجد )
( لا صبر لي بعده ولا جلد ... فجعت بالصبر فيه والجلد )
( يا لوعة لا يزال لاعجها ... يقدح نار الاسى على كبدي ) - المنسرح

وقوله من البسيط
( لا بيت يسكن إلا فارق السكنا ... ولا امتلا فرحا إلا امتلا حزنا )
( لهفا على ميت مات السرور به ... لو كان حيا لاحيا الدين والسننا )
( واها عليك ابا بكر مرددة ... لو سكنت والها أو فترت شجنا )
( إذا ذكرتك يوما قلت واحزانا ... وما يرد عليك القول واحزنا )
( يا سيدي ومزاج الروح في بدني ... هلا دنا الموت مني حيث منك دنا )
( يا أطيب الناس روحا ضمه بدن ... استودع الله ذاك الروح والبدنا )
( لو كنت اعطى به الدنيا معاوضة ... منه لما كانت الدنيا له ثمنا ) - البسيط -
وقوله في التحبب إلى الناس من الكامل
( وجه عليه من الحياء سكينة ... ومحبة تجري مع الانفاس )
( وإذا احب الله يوما عبده ... القى عليه محبة للناس ) - الكامل -
وقوله من البسيط
( لا غرو إن نال منك السقم ما سألا ... قد يكسف البدر أحيانا إذا كملا )
( ما تشتكي علة في الدهر واحدة ... إلا اشتكى الجود من وجد بها عللا ) - البسيط -
وقوله من البسيط
( قالوا نأيت عن الاخوان قلت لهم ... ما لي أخ غير ما تحوي عليه يدي )
( دعني أصن حر وجهي عن إذالته ... وإن تغربت عن أهلي وعن ولدي ) - البسيط -
وقوله من الطويل
( وأعذر من أدمى الجفون من البكا ... كريم رأى الدنيا بكف لئيم )

( أرى كل فدم قد تبجح في الغنى ... وذو الظرف لا تلقاه غير عديم ) - الطويل -
وقوله في الشيب من الوافر
( بدا وضح المشيب على عذاري ... وهل ليل يكون بلا نهار )
( وألبسني النهى ثوبا جديدا ... وجردني من الثوب المعار )
( شريت سواد ذا ببياض هذا ... فبدلت العمامة بالخمار )
( وما بعت الصبا بيعا بشرط ... ولا استثنيت فيه بالخيار ) - الوافر -
وقوله في الشباب من الكامل
( ولى الشباب وكنت تسكن ظله ... فانظر نفسك أي ظل تسكن )
( وانه المشيب عن الصبا لو أنه ... يدلي بحجته إلى من يعلن ) - الكامل -
وقوله فيه من المنسرح
( كنت أليف الصبا فودعني ... وداع من بان غير منصرف )
( أيام لهوي كظل اسجلة ... وإذ شبابي كروضة أنف ) - المنسرح -
وقوله فيه من الوافر
( شبابي كيف صرت إلى نفاد ... وبدلت البياض من السواد )
( وما أبقى الحوادث منك إلا ... كما أبقت من القمر الدادي )
( فراقك عرف الاحزان قلبي ... وفرق بين عيني والرقاد )
( كأني منك لم اربع بربع ... ولم أرتد به أحلى مراد )
( سقى ذاك الربا وبل الثريا ... وغادى نبته صوب الغوادى )

( زمان كان فيه الرشد غيا ... وكان الغي فيه من رشادي )
( فكم لي من غليل فيك خاف ... وكم لي من عويل فيك بادي ) - الوافر -
وقوله من البسيط
( فكرت فيك ابحر انت أم قمر ... فقد تحير فكري بين هذين )
( إن قلت بحر وجدت البحر منحسرا ... وبحر جودك ممتد العنانين )
( أو قلت بدر رأيت البدر منتقصا ... فقلت شتان ما بين اليزيدين ) - البسيط -
وقوله في الزهد من السريع
( يا ويلتا من موقف ما به ... أخوف من أن يعدل الحاكم )
( أبارز الله بعصيانه ... وليس لي من دونه راحم )
( يا رب عفوا منك عن مذنب ... أسرف إلا أنه نادم ) - السريع -
وقوله من الوافر
( أتلهو بين باطيه وزير ... وأنت من الهلاك على شفير )
( فيا من غره أمل طويل ... به يردى إلى أجل قصير )
( اتفرح والمنية كل يوم ... تريك مكان قبرك في القبور )
( هي الدنيا وإن سرتك يوما ... فإن الحزن عاقبة السرور )
( ستسلب كل ما جمعت فيها ... بعارية ترد إلى معير )
( وتعتاض اليقين من التظني ... ودار الحق من دار الغرور ) - الوافر -
وقوله من السريع
( مدامع قد خددت في الخدود ... وأعين مكحولة بالهجود )

( ومعشر اوعدهم ربهم ... فبادروا خشية ذاك الوعيد )
( فهم عكوف في محاريبهم ... يبكون من خوف عقاب المجيد )
( قد كاد أن يعشب من دمعهم ... ما قابلت أعينهم في السجود ) - السريع -
وقوله في الغزل من الطويل
( أتقتلني ظلما وتجحدني قتلي ... وقد قام عن عينيك لي شاهدا عدل )
( أطلاب ذحلي ليس بي غير شادن ... بعينيه سحر فاطلبوا عنده ذحلي )
( أغار على قلبي بعينيه شادن ... أطالبه فيه أغار على عقلي )
( بنفسي التي ضنت علي بوصلها ... ولو سألت قتلي وهبت لها قتلي )
( إذا جئتها صدت حياء بوجهها ... فيعجبني هجر ألذ من الوصل )
( كتمت الهوى جهدي فحرره الاسى ... بماء البلا هذا يخط وذا يملي )
( وإن حكمت جارت علي بحكمها ... ولكن ذاك الجور أحلى من العدل )
( وأحببت فيها العذل حبا لذكرها ... فلا شيء أشفى في فؤادي من العذل )
( أقول لقلبي كلما ضامه الاسى ... إذا ما أبيت العز فاصبر على الذل )
( برأيك لا رأيي تعرضت للهوى ... وأمرك لا أمري وفعلك لا فعلي )
( وجدت الهوى نصلا لموتي مغمدا ... فجردته ثم اتكيت على النصل )
( فإن كنت مقتولا على غير ريبة ... فأنت الذي عرضت نفسك للقتل ) - الطويل -
وقوله وهو من دقيق التشبيه وحسن النسيب من الكامل
( حوراء راعتها النوى في حور ... حكمت لواحظها على المقدور )
( نظرت إليك بمقلتي أدمانه ... وتلفتت بسوالف اليعفور )

( وكأنما غاص الاسى بجفونها ... حتى أتاك بلؤلؤ منثور ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( أدعو إليك فلا دعاء يسمع ... يا من يضر بناظريه وينفع )
( للورد حين ليس يطلع دونه ... والورد عندك كل حين يطلع )
( من لي بأحور ما يبين لسانه ... خجلا وسيف جفونه لا يقطع )
( منع الكلام سوى إشارة مقلة ... منها يكلمني وعنها يسمع ) - الكامل -
وقوله من الطويل
( جمال يفوت الوهم في غاية الفكر ... وطرف إذا ما فاه ينطق بالسحر )
( ووجه اعار البدر ذلة حاسد ... فمنه الذي يسود في صفحة البدر ) - الطويل -
وقوله في النحول من الكامل
( لم يبق من جثمانه ... إلا حشاشة مبتئس )
( قد رق حتى ما يرى ... بل ذاب حتى ما يحس ) - الكامل -
وقوله في البين من الوافر
( فررت من اللقاء إلى الفراق ... فحسبي ما لقيت وما ألاقي )
( سقاني البين كأس الموت صرفا ... وما ظني أموت بكف ساقي )
( فيا برد اللقاء على فؤادي ... أجرني اليوم من حر الفراق ) - الوافر -
وقوله في نوح الحمام من الطويل
( ويهتاج قلبي كلما كان ساكنا ... دعاء حمام لم يبت بوكون )
( وإن ارتياحي من بكاء حمامة ... كذي شجن داويته بشجون )

( كأن حمام الأيك لما تجاوبت ... حزين بكى من رحمة لحزين ) - الطويل -
وقوله فيه من الطويل
( اناحت حمامات اللوى ام تغنت ... فأبدت دواعي قلبه ما أجنت )
( فديت التي كانت ولا شيء غيرها ... مني النفس او يقضي لها ما تمنت ) - الطويل -
وقوله فيه من الطويل
( لقد سجعت في جنح ليل حمامة ... فأي أسى هاجت على الهائم الصب )
( لك الويل بل هيجت شجوي بلا جوى ... وشكوى بلا شكوى وكربا بلا كرب )
( وأسكبت دمعا من جفون مسهد ... وما رقرقت منك المدامع بالسكب ) - الطويل -
وقوله في الرياض من الطويل
( وما روضة بالحزن حاك لها الندى ... برودا من الموشي حمر الشقائق )
( يقيم الدجى اعناقها ويميلها ... شعاع الضحى المستن في كل شارق )
( إذا ضاحكتها الشمس تبكي بأعين ... مكللة الاجفان صفر الحمالق )
( حكت أرضها لون السماء وزانها ... نجوم كأمثال النجوم الخوافق )
( بأطيب نشرا من خلائقك التي ... لها خضعت في الحسن زهر الخلائق ) - الطويل -
وقوله في التضمين من الطويل
( وروضة ورد حف بالسوسن الغض ... تحلت بلون السام والذهب المحض )
( رأيت بها بدرا على الارض ماشيا ... ولم أر بدرا قط يمشي على الارض )
( إلى مثله تصبو إذا كنت صابيا ... فقد كاد منه البعض يصبو إلى البعض )

( وقل للذي يفني الفؤاد بحبه ... على انه يجزي المحبة بالبغض )
( أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشراهون من بعض ) - الطويل -
وقوله من الطويل
( وحاملة راحا على راحة اليد ... موردة تسعى بلون مورد )
( متى ما ترى الإبريق للكأس راكعا ... تصل له من غير طهر وتسجد )
( على ياسمين كاللجين ونرجس ... كأقراط در في قضيب زبرجد )
( بتلك وهذي فاله يومك كله ... وعنها فسل لا تسأل الناس عن غد )
( ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالاخبار من لم تزود ) - الطويل -
وقوله من الطويل
( أيقتلني دائي وانت طبيبي ... قريب وهل من لا يرى بقريب )
( لئن خنت عهدي إنني خير خائن ... وأي محب خان عهد حبيب )
( وساحبة فضل الذيول كأنها ... قضيب من الريحان فوق كثيب )
( إذا برزت من خدرها قال صاحبي ... أطعني وخذ من حظها بنصيب )
( فما كل ذي لب بمؤتيك نصحه ... وما كل مؤت نصحه بلبيب ) - الطويل -
وقوله من المديد
( يا طويل الهجر لا تنس وصلي ... واشتغالي بك عن كل شغل )
( يا هلالا فوق جيد غزال ... وقضيبا فوق دعصة رمل ) - المديد -
وقوله من المديد
( يا وميض البرق بين الغمام ... لا عليها بل عليك السلام )

( إن في الاحداج مقصورة ... وجهها يهتك ستر الظلام )
( تحسب الهجر حلالا لها ... وترى الوصل عليها حرام )
( ما تأسيك لدار خلت ... ولشعب شت بعد التئام )
( إنما ذكرك ما قد مضى ... ضلة مثل حديث المنام ) - المديد -
وقوله من المديد
( يا عاتبا صرت له عاتبا ... رب مطلوب غدا طالبا )
( من يتب عن حب معشوقه ... لست عن حبي له تائبا )
( فالهوى لي قدر غالب ... كيف أعصي القدر الغالبا )
( ساكن القلب ومن حله ... اصبح القلب به ذاهبا ) - المديد -
وقوله من المديد
( اي تفاح ورمان ... نجتني من خوط ريحان )
( اي ورد فوق خد بدا ... مستنيرا فوق سوسان )
( وثن يعبد في خلوة ... صيغ من در ومرجان )
( من رأى الذلفاء في خلوة ... لم ير الحد على الزاني )
( إنما الذلفاء ياقوتة ... أخرجت من كيس دهقان ) - المديد -
وقوله من المديد
( من محب شفه سقمه ... وتلاشى لحمه ودمه )

( كاتب حنت صحيفته ... وبكى من رحمة قلمه )
( يرفع الشكوى إلى قمر ... تنجلي عن وجهه ظلمه )
( خل عقلي يا مسفهه ... إن عقلي لست أتهمه )
( للفتى عقل يعيش به ... حيث تهدي ساقه قدمه ) - المديد -
وقوله من المديد
( زادني لومك إصرارا ... إن لي في الحب انصارا )
( طار قلبي من هوى رشأ ... لو رثى للقلب ما طارا )
( خذ بكفي لا أمت غرقا ... إن بحر الحب قد فارا )
( انضجت نار الهوى كبدي ... ودموعي تطفئ النارا )
( رب نار بت أرمقها ... تقضم الهندي والغارا ) - المديد -
وقوله من البسيط
( يا ليلة كان في ظلمائها نور ... إلا وجوها تضاهيها الدنانير )
( حور سقتني كأس الموت أعينها ... ماذا سقتني تلك الاعين الحور )
( إذا ابتسمن فدر الثغر منتظم ... وإن نطقن فدر اللفظ منثور )
( خل الصبا عنك واختم بالنهى عملا ... فإن خاتمة الاعمال تكفير )
( فالخير والشر مقرونان في قرن ... فالخير ممتنع والشر محذور ) - البسيط -
وقوله من البسيط
( يا طالبا في الحب ما لا ينال ... وسائلا لم يعف ذل السؤال )
( ولت ليالي الصبا محمودة ... لو أنها ترجع تلك الليالي )

( وأعقبتك التي أوصلتها ... بالهجر لما رأت شيب القذال )
( لا تلتمس وصلة من مخلف ... ولا تكن طالبا ما لا ينال )
( يا صاح قد أخلفت اسماء ما ... كانت تمنيك من حسن وصال ) - البسيط -
وقوله من البسيط
( ظالمتي في الحب لا تظلمي ... فتصرمي حبل من لم يصرم )
( أهكذا باطلا عاقبتني ... لا يرحم الله من لم يرحم )
( قتلت نفسا بلا نفس وما ... ذنب بأعظم من سفك الدم )
( لمثل هذا بكت عيني لا ... للمنزل القفر ولا للرسم )
( ماذا وقوفي على رسم عفا ... مخلولق دارس مستعجم ) - البسيط -
وقوله من مخلع البسيط
( ما اقرب اليأس من رجائي ... وأبعد الصبر من بكائي )
( يا مذكي النار في جوائي ... انت دوائي وأنت دائي )
( من لي بمخلفة وعدها ... تخلط لي اليأس بالرجاء )
( سألتها حاجة فلم تفه ... لي بنعم لا ولا بلاء )
( قلت استجيبي فلما لم تجب ... فاضت دموعي على ردائي )
( كآبة الذل في كتابي ... ونخوة العز في الجواء ) - مخلع البسيط -
وله فيه من مخلع البسيط
( قتلت نفسا بغير نفس ... فكيف تنجو من العذاب )

( خلقت من بهجة وطيب ... إذ خلق الناس من تراب )
( ولت حميا الشباب عني ... فلهف نفسي على الشباب )
( أصبحت والشيب قد علاني ... يدعو حثيثا إلى الخضاب ) - مخلع البسيط -
وقوله من الوافر
( تجافى النوم بعدك عن جفوني ... ولكن ليس تجفوها الدموع )
( يطير إليك من شوق فؤادي ... ولكن ليس تتركه الضلوع )
( كأن الشمس لما غبت غابت ... فليس لها على الدنيا طلوع )
( يذكرني تبسمك الاقاحي ... ويحكي لي توردك الربيع )
( فما لي من تذكرك امتناع ... ودون لقائك الحصن المنيع )
( إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع ) - الوافر -
وقوله من الكامل
( حال الزمان له فبدل حالا ... وكسا المشيب مفارقا وقذالا )
( غابت غواني الحي عنك وربما ... طلعت إليك أكله وحجالا )
( اضحى عليك حلالهن محرما ... ولقد يكون حرامهن حلالا )
( إن الكواعب إن رأينك طاويا ... وصل الشباب طوين عنك وصالا )
( وإذا دعونك عمهن فإنه ... نسب يزيدك عندهن خبالا ) - الكامل -
وقوله من مجزوء الكامل
( هتك الحجاب عن الضمائر ... طرف به تبلى السرائر )
( يرنو فيمتحن القلوب ... كأنه في القلب ناظر )

( يا ساحرا ما كنت اعرف قبله في الناس ساحر ... )
( اقصيتني من بعد ما ... أدنيتني فالقلب طائر )
( وغررتني وزعمت انك لابن في الصيف تامر ... ) - مجزوء الكامل -
وقوله من مجزوء الكامل
( يا مقلة الرشأ الغرير وشقة القمر المنير ... )
( ما رنقت عيناك لي ... بين الاكلمة والستور )
( إلا وضعت يدي على ... كبدي مخافة أن تطير )
( هبني كبعض حمام مكة واستمع قول النذير ... )
( ابني لا تظلم بمكة لا الصغير ولا الكبير ... ) - مجزوء الكامل -
وقوله من مجزوء الكامل
( قل ما بدا لك وافعل ... واقطع حبالك اوصل )
( هذا الربيع فحيه ... وانزل بأكرم منزل )
( وصل الذي هو واصل ... وإذا كرهت تبدل )
( وإذا نبا بك منزل ... أو مسكن فتحول )
( وإذ افتقرت فلا تكن ... متخشعا وتحمل ) - مجزوء الكامل -
وقوله من مجزوء الكامل
( يا دهر ما لك ضنك ... وانت غير مواتي )
( جرعتني غصصا بها ... كدرت علي حياتي )
( اين الذين تسابقوا ... في المجد للغايات )
( قوم بهم روح الحياة ... ترد في الاموات )

( وإذا همو ذكروا الاساءة ... أكثروا الحسنات ) - مجزوء الكامل -
وقوله فيه من الهزج
( متى اشفي غليلي ... بنيل من بخيل )
( غزال ليس لي منه ... سوى الحزن الطويل )
( حملت الضيم فيه من ... حسود او عذول )
( جميل الوجه اخلاني ... من الصبر الجميل )
( وما ظهري لباغي الضيم بالظهر الذلول ... ) - الهزج -
وقوله من الرجز
( لم ادر جني سباني ام بشر ... ام شمس ظهر أشرقت لي أم قمر )
( ام ناظر يهدي المنايا طرفه ... حتى كأن الموت فيه في النظر )
( ويحي قتيلا ما له من قاتل ... إلا سهام الطرف ريشت بالحور )
( ما بال رسم الوصل أضحى دارسا ... حتى لقد أذكرني ما قد دثر )
( دار لسلمى إذ سليمى جارة ... قفر ترى آياتها مثل الزبر ) - الرجز -
وقوله من الرجز
( قلب بلوعات الهوى معمود ... حي كميت حاضر مفقود )
( ما ذقت طعم الموت في كأس الرجا ... حتى سقتنيه الظباء الغيد )
( من ذا يداوي القلب من داء الهوى ... إذ لا دواء للضنى موجود )
( أم كيف اسلو غادة ما حبها ... إلا قضاء ما له مردود )
( القلب منها مستريح سالم ... والقلب مني جاهد مجهود ) - الرجز

وقوله من الرجز
( يا أيها المشعوف بالحب التعب ... كم أنت في تقريب ما لا يقترب )
( دع ود من لا يرعوي إذا غضب ... ومن إذا عاتبته يوما عتب )
( إنك لا تجني من الشوك العنب ... ) - الرجز -
وقوله من الرمل
( أنا في اللذات ممنوع العذار ... هائم في حب ظبي ذي احورار )
( صفرة في حمرة في خده ... جمعت روضة ورد وبهار )
( بأبي طاقة آس اقبلت ... تنثني بين حجل وسوار )
( قادني قلبي وطرفي للهوى ... كيف من قلبي ومن طرفي حذاري )
( لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري ) - الرمل -
وقوله من الرمل
( يا مدير الصدغ بالخد الاسيل ... ومجيل السحر بالطرف الكحيل )
( هب لمحزون كئيب نظرة ... منك يشفي بردها حر الغليل )
( وقليل ذاك إلا أنه ... ليس من مثلك عندي بالقليل )
( بأبي أحور غنى موهنا ... بغناء قصر الليل الطويل )
( يا بني الصيداء ردوا فرسي ... إنما يفعل هذا بالذليل ) - الرمل -
وله من الرمل
( شادن يسحب اذيال الطرب ... ينثني ما بين لهو ولعب )

( بجبين مفرغ من فضة ... فوق خد مشرب لون الذهب )
( كتب الدمع بخدي عهده ... للهوى والشوق يملي ما كتب )
( يا لجهلي ما اراه ذاهبا ... وسواد الرأس مني قد ذهب )
( قالت الخنساء لما جئتها ... شاب بعدي رأس هذا واشتهب ) - الرمل -
وقوله من الرمل
( يا هلالا في تجليه ... وقضيبا في تثنيه )
( والذي لست اسميه ولكني أكنيه ... )
( شادن ما تقدر العين تراه من تلاليه ... )
( كلما قابلها شخص رأى صورته فيه ... )
( لان حتى لو مشى الذر عليه كاد يدميه ... ) - الرمل -
وقوله من الرمل
( يا هلالا قد تجلى ... في سحاب من حرير )
( وأميرا بهواه ... قاهرا كل امير )
( ما لخديك استعارا ... حمرة الورد المنير )
( ورسوم الوصل قد البسها ثوب الدثور ... ) - الرمل -
وقوله من السريع
( أنت بما في نفسه أعلم ... فاحكم بما شئت به تحكم )
( ألحاظه في الحب قد هتكت ... مكتومة والحب لا يكتم )
( يا مقلتي وحشية قتلت ... نفسا بلا نفس ولا تظلم )

( قالت تسليت فقلنا لها ... ما قال قبلي عاشق مغرم )
( يا أيها الزاري على عمر ... قد قلت فيه غير ما تعلم ) - السريع -
وقوله من السريع
( ويحي قتيلا ما له من عقل ... من شادن يهتز مثل النصل )
( مكحل ما مسه من كحل ... لا تعذلاني إنني في شغل )
( يا صاحبي رحلي أقلا عذلي ... ) - السريع -
وقوله فيه من المنسرح
( بيضاء مضمومة مقرطقة ... تنقد عن نهدها قراطقها )
( كأنما بات ناعما جذلا ... في جنة الخلد من يعانقها )
( واي شيء ألذ من أمل ... نالته معشوقة وعاشقها )
( دعني أمت في هوى مخدرة ... يعلق نفسي بها علائقها )
( من لم يمت عبطة يمت هرما ... الموت كأس والمرء ذائقها ) - المنسرح -
وقوله من الخفيف
( أنت دائي وفي يديك شفائي ... يا دوائي من الهوى وشفائي )
( إن قلبي يحب من لا اسمي ... في عناء أعظم به من عناء )
( كيف لا كيف أن ألذ بعيش ... مات صبري به ومات عزائي )
( أيها اللائمون ماذا عليكم ... أن تعيشوا وأن أموت بدائي )

( ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء ) - الخفيف -
وقوله من الخفيف
( ذات دل وشاحها قلق ... من ضمور وحجلها شرق )
( برت الشمس نورها وحباها ... لحظ عينيه شادن حدق )
( ذهب خدها يذوب حياء ... وسوى ذاك كله ورق )
( إن أمت ميتة المحبين يوما ... وفؤادي من الهوى حرق )
( فالمنايا ما بين غاد وسار ... كل حي برهنها علق ) - الخفيف -
وقوله من مجزوء الخفيف
( اشرقت لي بدور ... في ظلام تنير )
( طار قلبي لحسنها ... من لقلب يطير )
( يا بدور انا بها الدهر عان أسير ... )
( إن رضيتم بأن أموت ... فموتي حقير )
( كل خطب ما لم تكونوا ... غضبتم يسير ) - مجزوء الخفيف -
وقوله من المقتضب
( يا مليحة الدعج ... هل لديك من فرج )
( أم أراك قاتلي ... بالدلال والغنج )
( من لحسن وجهك من ... سوء فعلك السمج )
( عاذلي ويحكما ... قد غرقت في لجج )

( هل علي ويحكما ... إن لهوت من حرج ) - المقتضب -
وقوله من المتقارب
( أأحرم منك الرضى ... وتذكر ما قد مضى )
( وتعرض عن هائم ... ابى عنك أن يعرضا )
( قضى الله بالحب لي ... فصبرا على ما قضى )
( رميت فؤادي فما ... تركت به منهضا )
( وقوسك شريانة ... ونبلك جمر الغضا ) - المتقارب -
وقوله من الطويل
( وأزهر كالعيوق يسعى بأزهر ... لنا منه داء وهو برء من الداء )
( ألا بأبي صدغ حكى العين فتله ... وشارب مسك قد حكى عطفة الراء )
( فما السحر ما يعزى إلى ارض بابل ... ولكن فتور اللحظ من طرف حوراء )
( وكيف أدارت مذهب اللون اصفرا ... بمذهبة في راحة الكف صفراء ) - الطويل -
وقوله من الطويل
( معذبتي رفقا بقلب معذب ... وإن كان يرضيك العذاب فعذبي )
( لعمري لقد باعدت غير مباعد ... كما أنني قربت غير مقرب )
( بنفسي بدر أخمد البدر نوره ... وشمس متى تطلع إلى الشمس تغرب )
( لو أن أمرأ القيس بن حجر بدت له ... لما قال مرا بي على ام جندب ) - الطويل -
وقوله من الطويل

( محب طوى كشحا عل الزفرات ... وإنسان عين خاض في العبرات )
( فيا من بعينيه سقامي وصحتي ... ومن في يديه ميتتي وحياتي )
( بحبك عاشرت الهموم صبابة ... كأني لها ترب وهن لداتي )
( فخذي ارض للهموم ومقلتي ... سماء لها تنهل بالعبرات ) - الطويل -
وقوله من المديد
( طلق اللهو فؤادي ثلاثا ... لا ارتجاع لي بعد الثلاث )
( وبياض في سواد عذاري ... بدل التشبيب لي بالمراثي )
( غير أني لا أطيق اصطبارا ... واراني صائرا لانتكاثي )
( بإناث في صفات ذكور ... وذكور في صفات إناث ) - المديد -
وقوله من المديد
( صدعت قلبي صدع الزجاج ... ما له من حيلة او علاج )
( مزجت روحي ألحاظها ... فالهوى مني لروحي مزاج )
( يا قضيبا فوق دعص النقا ... وكثيبا تحت تمثال عاج )
( انت نوري في سواد الدجا ... وسراجى عند فقد السراج ) - المديد -
وقوله من المديد
( مستهام دمعه سافح ... بين جفنيه هوى قادح )
( كلما ام سبيل الهوى ... قاده السافح والنازح )

( حل فيما بين اعدائه ... وهو عن احبابه نازح )
( ايها القادح نار الهوى ... اصلها يا ايها القادح ) - المديد -
وقوله من المديد
( عاد منها كل مطبوخ ... غير داذي ومفضوح )
( فاعتقد من ود اهل الحجى ... كل ود غير مشدوخ )
( وانتشق رياك من ملتقى ... شارب بالمسك ملطوخ )
( إن في العلم وآثاره ... ناسخا من بعد منسوخ ) - المديد -
وقوله من المديد
( يا مجال الروح من جسدي ... والذي يفتر عن برد )
( وفريد الحسن واحدة ... منتهاه منتهى العدد )
( خذ بكفي إنني غرق ... في بحار جمة المدد )
( ورياح الهجر قد هدمت ... ما اقام الصبر من أودي ) - المديد -
وقوله من المديد
( أذكرت من طيرناباذ ... فقري الكرخ فبغداذ )
( قهوة ليست ببارقة ... لا بتع ولا داذي )
( مرة يهذي الحليم بها ... بأبي ذلك من هاذي )
( فهي استاذ الشراب معا ... والمعاني دأب واستاذ ) - المديد

وقوله من البسيط
( نور تولد من شمس ومن قمر ... في طرفه سقم أمضى من القدر )
( أصلي فؤادي بلا ذنب جوى حرق ... لم يبق من مهجتي شيئا ولم يذر )
( لا والرحيق المصفى من مراشفه ... وما بخديه من خال ومن طرر )
( ما أنصف الحب قلبي في حكومته ... ولا عفا الشوق عني غير مقتدر ) - البسيط -
وقوله من البسيط
( خرجت أجتاز قفرا غير مجتاز ... فصادني أسهل العينين كالباز )
( صفر على أنه صفر لوالبه ... ذا فوق نعل وهذا فوق قفاز )
( كم موعد لي من ألحاظ مقتله ... لو أنه موعد يقضى بإنجاز )
( أبكي ويضحك مني طرفه هزؤا ... نفسي الفداء لذاك الضاحك الهازي ) - البسيط -
وقوله من البسيط
( يا غصنا مائسا بين الرباط ... ما لي من بعد بالعيش اغتباط )
( يا من إذا ما ابتدى ماشيا ... وددت أن له خدي بساط )
( تترك عيناه من يبصره ... مختلط اللبسة كل اختلاط )
( قلت متى نلتقي يا سيدي ... قال غدا نلتقي عند الصراط ) - البسيط -
وقوله من البسيط
( يا ساحرا طرفه إذ يلحظ ... وفاتنا لفظه إذ يلفظ )

( يا غصنا ينثني من لينه ... وجهك من كل عين يحفظ )
( أيقظني إذ جاءني من نفسه ... من طرفه ناعس مستيقظ )
( ظبي له وجنة من رقة ... تجرحها مقلة من يلحظ ) - البسيط -
وقوله من البسيط
( يا من دمي دونه مسفوك ... وكل حر له مملوك )
( كأنه فضة مسبوكة ... أو ذهب خالص مسبوك )
( ما أطيب العيش لولا أنه ... عن عاجل كله متروك )
( والخير مسدودة أبوابه ... ولا طريق له مسلوك ) - البسيط -
وقوله من البسيط
( إليك يا غرة الهلال ... وبدعة الحسن والجمال )
( مددت كفا بها انقباض ... وأين كفي من الهلال )
( شكوت ما بي إليك وجدا ... فلم ترقي ولم تبال )
( أعاضك الله من قريب ... حالا من السقم مثل حالي ) - البسيط -
وقوله من الوافر
( بنفسي من مراشفه مدام ... ومن لحظات مقلته سهام )
( ومن هو إن بدا والبدر تم ... صبا من حسنه البدر التمام )
( أقول له وقد أبدى صدودا ... فلا لفظ إلي ولا ابتسام )
( تكلم ليس يوجعك الكلام ... ولا يمحو محاسنك السلام ) - الوافر -
وقوله من الوافر
( سلبت الروح من بدني ... وصمت القلب بالحزن )
( فلي بدن بلا روح ... ولي روح بلا بدن )

( قرنت مع الردى نفسي ... فنفسي وهو في قرن )
( فليت السحر من عينيك لم أره ولم يرني ... ) - الوافر -
وقوله من الوافر
( غزال من بني العاص ... أحس بصوت قناص )
( فأتلع جيده حذرا ... وأشخص أي إشخاص )
( أيا من أخلصت نفسي ... هواه كل إخلاص )
( أطاعك من ضمير القلب عفواكل معتاص ... ) - الوافر -
وقوله من الكامل
( في الكلة الصفراء ريم أبيض ... يشفي القلوب بمقلتيه ويمرض )
( لما غدا بين الحمول مقوضا ... كاد الفؤاد عن الحياة يقوض )
( صد الكرى عن جفن عينك معرضا ... لما رآه يصد عنك ويعرض ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( أوحت إليك جفونها بوادع ... خود بدت لك من وراء قناع )
( بيضاء ما باهى النعيم بصفرة ... فكأنها شمس بغير شعاع )
( أما الشباب فودعت أيامه ... ووداعهن موكل بوادعي )
( لله أيام الصبا لو أنها ... كرت علي بلذة وسماع ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( أصغى إليك بكأسه مصغي ... صلت الجبين معقرب الصدغ )

( كأس تولد بالمحبة بيننا ... طورا وتنزع أيما نزع )
( في روضة درجت بزهرتها الصبا ... والشمس في درج من الفزع )
( واشرب بكف أغن عقرب صدغه ... للقلب منك مميتة اللدغ ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( يا دمية ليست بمعتكف ... بل ظبية أوفت على شرف )
( بل درة زهراء ما سكنت ... بحرا ولا درا من الصدف )
( أسرفت في قتلي بلا ترة ... وسمعت قول الله في السرف )
( إني أتوب إليك معترفا ... إن كنت تقبل قول معترف ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( يا فتنة بعثت على الخلق ... ما بينها والموت من فرق )
( شمس بدت لك في مغاربها ... يفتر مبسمها عن البرق )
( ما كنت أدري قبل رؤيتها ... لشمس مطلعا سوى الشرق )
( يا من يضن بفضل نائلة ... لو في يديك مفاتح الرزق ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( طلعت له والليل دامس ... شمس تجلت في حنادس )
( تختال في صفر المجاسد ... بين حارسه وحارس )
( يا من لبهجة وجهه ... يستأسر البطل الممارس )
( لم بيق من قلبي سوى ... رسم تغير فهو دارس ) - الكامل

وقوله من الكامل
( دع قول واشية وواشي ... واجعلهما كلبي هراش )
( واشرب معتقة تسلسل ... في العظام وفي المحاشي )
( حتى ترى العود المسن ... بها أرق من الخشاش ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( ألحاظ عين تنتهي ... في روض ورد تزدهي )
( رتعت بها وتنزهت ... منها بأي تنزه )
( يا أيها الخنث الجفون ... بنخوة وتكره )
( والمكتفي عجبا أما ... ترثي لأشعث أمره ) - الكامل -
وقوله من الكامل
( أطفت شرارة لهوى ... ولوت بشرة عدوي )
( شعل علون مفارقي ... ومضت ببهجة سروي )
( لما شككت عروضها ... ذهب الزحاف بحزوي )
( يا أيها الشادي صه ... ليست بساعة شدو ) - الكامل -
وقوله من الهزج
( ألا يا زين قلبي للشباب ... العفر إذ ولى )

( جعلت الغي سربالي ... وكان الرشد بي أولى )
( بنفسي جائر في الحكم ... يلفي جوره عدلا )
( وليس الشهد في فيه ... بأحلى عنده من لا ) - الهزج -
وقوله من الهزج
( هنا تفنى قوافي الشعر ... في هذا الروي )
( قواف ألبست حليا ... من الحلى الروي )
( تعالت عن جرير بل ... زهير بل عدي ) - الهزج -
103 - ابو عمرو يوسف بن هرون المعروف بأبي سبيح
وأنشدت لأبي عمرو يوسف بن هرون الاندلسي المعروف بأبي سبيح يمدح أبا علي إسماعيل بن القاسم البغدادي القالي من قصيدة أولها من الكامل
( من حاكم بيني وبين عذولي ... الشجو شجوي والعويل عويلي )
( في أي جارحة اصون معذبي ... سلمت من التعذيب والتنكيل )
( إن قلت في بصري فثم مدامعي ... او قلت في كبدي فثم غليلي )
( وثلاث شيبات نزلن بمفرقي ... فعلمت أن نزولهن رحيلي )
( طلعت ثلاث في نزول ثلاثة ... واش ووجه مراقب ومقيل )
( فعذلنني عن صبوتي متذللا ... ولقد سمعت بذلة المعذول ) - الكامل -
ومنها
( حتى إذا صدت الوحوش فلم تدع ... منهن غير معالم وطلول )

( ونهت محافظة الحسان فلم تصل ... كفي إلى ظبي أغن كحيل )
( ومكبل لم يجترم جرما ولا ... دامت صحابته بغير كبول )
( متلفت كتلفت المرتاع يقسم ... لحظه في الحول بعد الحول )
( حتى إذا ما السرب عن للحظه ... أومى بقادمتيه خل سبيلي )
( ولت جماعتها وشد وراءها ... وكأنه بطل وراء رعيل )
( عجلت وأدركها ردى في إثرها ... إن الردى قيد لكل عجول )
( ولقد غدوت بأهرت متضائل ... سر النفوس إليه غير ضئيل )
( ولربما اشتم الصعيد بأنفه ... حينا فقام له مقام دليل )
( متتبع لظلاله فكأنه ... في القيظ يطلب ظله لمقيل )
( فنزلت في فرش الرياض ولم يكن ... ليحوزها مثلي بغير نزول )
( روض تعاهده السحاب كأنه ... متعاهد من علم إسمعيل )
( قسه إلى الاعراب تعلم أنه ... أولى من الاعراب بالتفضيل )
( حازت قبائلهم لغات جمعت ... فيهم وحاز لغات كل قبيل )
( فالشرق خال بعده فكأنما ... نزل الخراب بربعه المأهول )
( جمعوا بغيبته وموت شيوخه ... عنهم ولما يظفروا ببديل )
( مذ جاءهم وهم بليل همومهم ... منه فصاروا في دجى موصول )
( فكأنه شمس بدت في غربنا ... وتغربت في شرقهم بأفول )
( يا سيدي هذا ثنائي لم اقل ... زورا ولا عرضت بالتنويل )

( من كان يأمل نائلا فأنا امرؤ ... لم ارج غير القرب في تأميلي ) - الكامل -
وقوله من الطويل
( وإني لاغضي الطرف عنك جلالة ... وخوفا على خديك من لحظاتي )
( ولو أنني أهملت عيني بأن ترى ... سناك لحالت دونها عبراتي )
( رأيت وشاة الكاشحين أباعدا ... ولكن دمعي من عديد وشاتي )
( زعمت بأني حلت عنك ولم أكن ... أعنيك في بثي وفي حسراتي )
( وهل أنا إلا طالب لمنيتي ... إذا حلت عمن في يديه وفاتي ) - الطويل -
وقوله من الطويل
( عزمت على قتلي بغير تحرج ... شجى بك حتى تقتل الهائم الشجي )
( ولم يبد سري فيك رأيي وإنما ... تبدى فرارا من حشى متوهج )
( نحولي ودمعي دبجا وجنتي بما ... رأت مقلتي من خدك المتدبج )
( بهارا ودرا هبت الريح فوقه ... بقرو فغطت ورده بالبنفسج ) - الطويل -
وقال يرثي البلدي الخباز من الرمل
( أنا إن رمت سلوا ... عنك يا قرة عيني )
( كنت في الإثم كمن شارك ... في قتل الحسين )
( لك صولات على قلبي ... دليلات لحيني )
( مثل صولات علي ... يوم بدر وحنين ) - الرمل

ومن شعره قوله من الطويل
( هبوا أن سجني مانع لوصاله ... فما العذر ايضا في امتناع خياله )
( بلى لم تنم عيني فيطرق طيفها ... زوال منامي علة لزواله )
104 - عبد الملك بن إدريس المعروف بالخريري
له من قصيدة كتب بها إلى ابنه عبد الرحمن من محبسه اولها من الكامل
( ألوي بعزم تجلدي وتصبري ... نأي الأحبة واعتياد تذكري )
( شحط المزار فلا قرار ونافرت ... عيني الهجوع فلا خيال يعتري )
( أزرى بصبري وهو مشدود القوى ... وألان عودي وهو صلب المكسر )
( وطوى سروري كله وتلذذي ... بالعيش طي صحيفة لم تنشر )
( هلا بما ألقى الحبيب توهما ... بضمير تذكاري وعين تفكري )
( وإذا الفتى فقد الشباب سما له ... حب البنين ولا كحب الاصغر )
( عجبا لقلبي يوم راعتنا النوى ... ودنا وداعك كيف لم يتفطر )
( ما خلتني ابقى خلافك ساعة ... لولا السكون إلى اخيك الاكبر )
( إنسان عيني إن نظرت وساعدي ... مهما بطشت وصاحبي المستوزر )
( فإذا شكوت إليه شكوى راحة ... ذكرته فشكا إلي بأكثر )
( أربى علي فحظه مما بنا ... حظ المعلى من قداح الميسر ) - الكامل -
ومنها
( واعلم بأن العلم أرفع رتبة ... وأجل مكتسب وأسنى مفخر )

( وبضمر الاقلام يبلغ أهلها ... ما ليس يبلغ بالجياد الضمر )
( والعلم ليس بنافع اربابه ... ما لم يفد عملا وحسن تبصر )
( فإذا دفعت إلى قرين فابله ... قبل التقارض والتشارك واخبر )
( لا يستفزك منظر حسن بدا ... حتى تقابله بحسن المخبر )
( كم من أخ يلقاك منه ظاهر ... باد سلامته وباطنه وري )
( واشرح لكل ملمة صدرا وخذ ... بالحزم في كل الامور وشمر )
( واستنصح البر التقي وشاور الفطن ... الذكي تكن ربيح المتجر )
( واخزن لسانك واحترس من نطقه ... واحذر بوادر غيه ثم احذر )
( واصفح عن العوراء إن قيلت وعد ... بالحلم منك على السفيه المعور )
( وكل المسيء إلى إساءته ولا ... تنعقب الباغي ببغي تنصر )
( فكفاك من شر سماعك خبره ... وكفاك من خبر قبول المخبر )
( وإذا سئلت فجد وإن قل الجدى ... جهد المقل إزاء جهد المكثر )
( واشكر لمن أولاك برا إنه ... حق عليك ولا تكن بالممتري )
( ليس الحريص بزائد في حرصه ... بأتم حيلته هشيمة إذخر )
( أو ما رأيت غبي قوم موسرا ... ولبيبهم يشقى بحال المعسر )
( قد أوعب التكوين كل مكون ... مذ أحكم التقدير كل مقدر )
( فلو ابتغيت بكل جهد نيل ما ... سبق القضاء بمنعه لم تقدر )

105 - ابو عمر احمد بن محمد بن دراج الاندلسي المعروف بالقسطلي
كان بصقع الاندلس كالمتنبي بصقع الشام وهو أحد الفحول وكان يجيد ما ينظم ويقول فمن ذلك قوله من قصيدة يمدح بها محمد بن أبي عامر من البسيط
( ما كفر نعماك من شأني فيثنيني ... عمن توالى لنصر الملك والدين )
( ولا ثنائي وشكري بالوفاء بما ... أوليتني دون بذل النفس يكفيني )
( حق على النفس أن تبلى ولو فنيت ... في شكر ايسر ما أضحيت توليني )
( ها إنها نعمة ما زال كوكبها ... إليك في ظلمات الخطب يهديني )
( تنأى بجوهر ود غير مبتذل ... عندي وجوهر حمد غير مكنون )
( وحبذا النأي عن أهلي وعن وطني ... في كل بر وبحر منك يدنيني )
( وموقف للنوى أغليت متئدي ... فيه وأرخصت دمع الاعين العين )
( من كل نافرة ذلت لقود يدي ... في ثني ما يدك العلياء تحبوني )
( والخدر يخفق في احشاء والهة ... تردد الشجو في احشاء محزون )
( اجاهد الصبر عنها وهي غافلة ... عن لوعة في الحشى منها تناجيني )
( يا هذه كيف اعطي الشوق طاعته ... وهذه طاعة المنصور تدعوني )
( شدي علي نجاد السيف اجعله ... ضجيع جنب نبا عن مضجع الهون )
( رضيت منها وشيك الشوق لي عوضا ... وقلت فيها للوعات الاسى بيني )
( فإن تشج تباريح الهوى كبدي ... فقد تعوضت قربا منك يأسوني )

( وإن يمت موقف التوديع مصطبري ... فاحر لي بدنو منك يحييني )
( او افرط الحظ من نعماك منقلب ... من الوفاء بحظ فيك مغبون )
( وخازن عنك نفسي في هواجرها ... وليس جودك عن كفي بمخزون )
( وأي ظل سوى نعماك يلحقني ... أو ورد ماء سوى جدواك يرويني )
( وحاش للخيل ان تزهى علي بها ... والبيض والسمر أن تحظى بها دوني )
( وربما كنت امضي في مكارهها ... قدما وأثبت في أهوالها الجون )
( من كل ابيض ماضي الغرب ذي شطب ... وكل لدن طرير الحد مسنون )
( كذاك شأوي مفدى في رضاك إذا ... سعيت فيه فلا ساع يباريني )
( لكن سهام من الاقدار ما برحت ... على مراصد ذاك الماء ترميني )
( يحملن للروع أسدا في فرائسها ... تمد للطعن أمثال الثعابين )
( والبيض تحت ظلال النقع لامعة ... تغلغل الماء في ظل الرياحين )
( حتى يحوزوا لك الارض التي اعترفت ... بملك آبائك الشم العرانين )
( حيث استبوا فارسا والروم واعتوروا ... رق الاساور منهم والدهاقين ) - البسيط -
وقوله من قصيدة أولها من البسيط
( لولا التحرج لم يحجب محياك ... )
( وحشية اللفظ هل يودي قتيلكم ... دمي مضاع وجاني ذاك عيناك )
( إني أراك بقتل النفس حاذقة ... قولي فديتك من بالقتل اوصاك )
( ما لي وللبرق استسقيه من ظمأ ... هيهات لا رى إلا من ثناياك )
( لولا الضلوع لظل القلب نحوكم ... ضعي بعيشك فوق القلب يمناك )

( اصليتني لوعة الهجران ظالمة ... رحماك من لوعة الهجران رحماك )
( أظن عزمك أن أخفي لاسلوكم ... حلي غريمي إني لست أسلاك )
( حاشاك أن تجمعي حسن الصفات إلى ... قبح الصنيع بمن يهواك حاشاك )
( إن كان واديك ممنوعا فموعدنا ... وادي الكرى فلعلي فيه ألقاك )
( ظبي وقلب فمن لي أن أصيدهما ... ضاع الفؤاد وقلب الظبي أشراكي )
وقوله من الوافر
( أصخ نحوي لدعوة مستقيل ... ينادي من غيابات الخمول )
( رهينة كل هم مستكن ... ونهزة كل خطب مستطيل )
( ومأمون على ظلم الاعادي ... ونوام على ثوب الذحول )
( تراني منك في همم صحاح ... نكصن على دجى خطب عليل )
( ولكن رب دهر ساورتني ... غوائله على نهج السبيل )
( مظاهر لامتي بغي ومكر ... ومصلت صارمي قال وقيل )
( ورام عن قسي الغل نبلا ... اصبن مقاتل الادب النبيل )
( ابا وبنين عن عرض منيع ... لقد اجلين عن امل قتيل )
( فكان كأنه جفن سخين ... أسال دما على خد أسيل )
( ومضطرم الحشى داء دويا ... تنفس منه عن سيف صقيل )
( فتلك معالمي علم الرزايا ... وتلك وسائلي درج السيول )
( وتلك مراتب الاخطار مني ... حمائم تنتحبن على هديل )

( لعل رضاك يا منصور يوما ... يحل بساحتي عما قليل )
( ويقرع منك اسماع المعالي ... لنا بعثار عبد مستقيل )
( إليك جلوت ابكار المعاني ... معاذيرا بلألاء القبول )
( سوار في الظلام بلا نجوم ... هواد في الفلاة بلا دليل ) - الوافر -
وقوله من اخرى من الطويل
( إليك شحنا الفلك تهوي كأنها ... وقد ذعرت عن مغرب الشمس غربان )
( على لجج خضر إذا هبت الصبا ... ترامي بنا فيها ثبير وثهلان )
( وإن سكنت عنا الرياح جرى بنا ... زفير إلى ذكر الاحبة حنان )
( يقلن وموج البحر والهم والدجا ... تموج بنا فيها عيون وآذان )
( ألا هل إلى الدنيا معاد وهل لنا ... سوى البحر قبر أو سوى الماء أكفان )
( وهبنا رأينا معلم الارض هل لنا ... من الارض مأوى أو من الانس عرفان )
( هوت أمهم ماذا هوت برجالهم ... إلى نازح الافاق سفن وأظعان )
( كواكب إلا أن أفلاك سيرها ... زمام ورحل أو شراع وسكان )
( فإن غربت ارض المغارب موئلي ... وانكرني فيها خليط وخلان )
( فكم رحبت ارض العراق بمقدمي ... وأجزلت البشرى على خراسان )
( وإن بلادا اخرجتني لعاطل ... وإن زمانا خان عهدي لخوان )
( سلام على الاخوان تسليم آيس ... وسقيا لدهر كان لي فيه إخوان )

( فلا مؤنس إلا شهيق وزفرة ... ولا مسعد إلا دموع وأجفان )
( وما كان ذاك البين بين أحبة ... ولكن قلوب فارقتهن ابدان )
( فيا عجبا للصبر منا كأننا ... لهم غير من كنا وهم غير من كانوا )
( مضى عيشهم بعدي وعيشي بعدهم ... كأني قد خنت الوفاء وقد خانوا )
( وأفجع من آوى صفيح وجلمد ... ووازت رمال بالفلاة وكثبان )
( وجوه تناءت في البلاد قبورها ... وإنهم في القلب مني لسكان )
( وما بليت في الترب إلا تجددت ... عليها من القلب المفجع أحزان ) - الطويل -
ومنها
( وأوردتها يوم اللقاء فراته ... كما انصرفت يوم الهباءة ذبيان )
( بكل كمي عامري يسوقه ... لحر الوغى قلب على الدين حران )
( حليهم بيض الصوارم والقنا ... لها وحلاها سابغات وأبدان )
( فيا ذل أعلام الهدى يوم عزهم ... ويا عز أعلام الهدى بك إذ هانوا )
( حفرت لهم في يوم ثبرة بالقنا ... قبورا هواء الارض منهن ملان )
( يطير بهم باز ونسر وناعب ... ويغدو بهم ذئب رميح وسرحان )
( فلو نشر الاملاك يومك فيهم ... لألقى إليك التاج كسرى وخاقان )
( ولو رد في المنصور روح حياته ... غداة لقيت الموت والموت غرثان )
( وناديت في الهيجاء ابناء ملكة ... فلباك آساد عبيد وفتيان )
( جبال إذا أرسيتها حومة الوغى ... وإن تدعها يوما إليك فعقبان )
( يقودهم داع الى الحق مجلب ... على البغي يرضى ربه وهو غضبان )

( واسمر يسري في بحار من الندى ... بكفك لكن يغتدي وهو ظمآن )
( تلألأ نورا من سناك سنانه ... وقد دعت الفرسان للحرب فرسان )
( فحياك من أحييت منه شمائلا ... يموت بها في الارض ظلم وعدوان )
( وناداك إسرارا وناداك معلنا ... وحسب المعالي منه سر وإعلان )
( الا هكذا فليحفظ العهد حافظ ... الا هكذا فليخلف الملك سلطان )
( فلله ماذا انجبت منك عامر ... ولله ماذا ناسبت منك قحطان )
( ولله منا اهل بيت رمتهم ... إلى يدك العليا بحور وبلدان )
( فما قصرت بي عن علاك شفاعة ... ولا بك عن مثلي جزاء وإحسان ) - الطويل -
وقوله من أخرى من الخفيف
( بشر الخيل يوم كر الطراد ... وظبا الهند عند حر الجلاد )
( وسماء العلا بنجم المساعي ... ورياض المنى بصوب الغوادي )
( ثم واف القصور من ملك بصرى ... بالمشيدات من ذرى شداد )
( ثم ناد الأذواء عن ذي الرياسات ... نداء يصغي له كل ناد )
( وصلتكم أرحام ملك نمتكم ... من كرام الاملاك والاجواد )
( وهناكم منصور كم من نجيب ... في مساع جلت عن الانداد )
( بلغت مجدكم نجوم الثريا ... ومساعيكم أقاصي البلاد )
( ونما منكم إلى الملك سيف ... نافذ الحكم في رقاب الاعادي )
( بسمات اهدت لكم هدى هود ... وبحلم أعاد احلام عاد )
( وأنارت به نجوم المعالي ... وأنار الدنيا ببيض الايادي )
( وهو في المنجبين اعلى وأزكى ... والد أنت اكرم الاولاد )
( قمر في مطالع الملك أوفى ... طالعا والمنى على ميعاد )

( وتلاقت زهر النجوم عليه ... بسعود الجدود والاجداد )
( وسما للاسلام باسم ابيه ... وانتحى باسم جده للاعادي )
( هو للبين بالحياة بشير ... وهو للشرك منذر بالبواد )
( سابق الشأو لم يؤخر مداه ... عن مداكم تأخر الميلاد )
( ولدته الحروب منكم تماما ... فارس الخيل فارس الاساد )
( فاكتسى الدين منه ثوب سرور ... وصليب الضلال ثوب حداد )
( فهنيئا للتاج أي جبين ... عنده أي عاتق للنجاد )
( وهنيئا لنا وللدين والدنيا ... وللبيض والقنا والجياد )
( وغريب تهوي به كل ارض ... وشريد ينبو به كل وادي )
( وهنيئا لطيء ولهمدان ... ولخم وكندة وإياد ) - الخفيف -
وله من اخرى يرثي بها ام هشام المؤيد بالله من المتقارب
( بقاء الخلائق رهن الفناء ... وقصر التداني وشيك التنائي )
( لقد حل من يومه لاقتراب ... وقد حان من عمره لانتهاء )
( هل الملك يملك ريب المنون ... أم العز يصرف صرف القضاء )
( ارى الموت يصدع شمل الجميع ... ويكسو الربوع ثياب العفاء )
( يبيد الحياة يبطش شديد ... ويلقي النفوس بداء عياء )
( ألم تر كيف استباحت يداه ... حريم الملوك وعلق النساء )
( هو الرزء أودى بعزم الملوك ... مصابا وأودى بحسن العزاء )
( فما في العويل له من كفاء ... ولا في الدموع له من شفاء )

( فهيهات فهي غناء الزفير ... وهيهات فيه انتصار البكاء )
( وأنى يدافع سقم بسقم ... وكيف يعالج داء بداء )
( فتلك مآقي جفون رواء ... مفجرة من قلوب ظماء )
( فلا صدر إلا حريق بنار ... ولا جفن إلا غريق بماء )
( فقد كاد يصدع صم السلام ... ويضرم نار الاسى في الهواء )
( وجيب القلوب وشق الجيوب ... وشجو النحيب ولهف النداء )
( فمن مقلة شرقت بالدموع ... ومن وجنة غرقت بالدماء )
( وسافرة من قناع الحياء ... ونابذة صبرها بالعراء )
( وبيض صبغن بلون الحداد ... حمر البرود وبيض الملاء )
( أنجما هوى من سماء المعالي ... لتبك عليك نجوم السماء )
( وحاشا لرزئك أن يقتضيه ... عويل الرجال ولدم النساء )
( لبيض اياديك في الصالحات ... تمسك وجه الضحى بالضياء )
( فقل لفقيدك أن يحتبي ... عليك الصباح بثوب المساء ) - المتقارب -
ومنها
( لئن حجبت تحت ردم اللحود ... ومن قبل في شرفات العلاء )
( فتلك مآثرها في التقى ... وبذل اللهى ما بها من خفاء )
( جزاك بأعمالك الزاكيات ... خير المجازين خير الجزاء )
( ولقيت من ضنك ذاك الضريح ... نسيم النعيم وطيب الثواء ) - المتقارب

وقوله أيضا من الطويل
( لك الله بالنصر العزيز كفيل ... أجد مقام أم أجد رحيل )
( هو الفتح أما يومه فمعجل ... إليك وأما صنعه فجزيل )
( وآيات نصر ما تزال ولم تزل ... بهن عمايات الضلال تزول )
( سيوف تنير الحق أني أنتضيتها ... وخيل يجول النصر حيث تجول )
( ألا في سبيل الله غزوك من غوى ... وضل به في الناكثين سبيل )
( لئن صدئت ألباب قوم بمكرهم ... فسيف الهدى في راحتيك صقيل )
( فإن يحى فيهم مكر جالوت جدهم ... فأحجار داود لديك مثول )
( خفيف على ظهر الجواد إذا عدا ... ولكن على صدر الكمي ثقيل )
( وجرداء لم تبخل يداها بغاية ... ولا كرها نحو الطعان بخيل )
( لها من خوافي لقوة الجو اربع ... وكشحان من ظبي الفلا وتليل )
( وبيض تركن الشرك في كل منتأى ... فلولا وما أزري بهن فلول )
( تمور دماء الكفر في شفراتها ... ويرجع عنها الطرف وهو كليل )
( وأسمر ظمآن الكعوب كأنما ... بهن إلى شرب الدماء غليل )
( إذا ما هوى للطعن أيقنت انه ... لصرف الردى نحو النفوس رسول )
( وحنانة الاوتار في كل مهجة ... تعاصيك أوتار لها وذحول )
( إذا نبعها عنها ارن فإنما ... صداه نحيب في العدى وعويل )
( كتائب عز النصر في جنباتها ... وكل عزيز يممته ذليل )

( يسير بها في البر والبحر قائد ... يسير عليه الخطب وهو جليل )
( جواد له من بهجة العز غرة ... ومن شيم الفضل المبين حجول )
( به امن الاسلام شرقا ومغربا ... وغالت غوايات الضلالة غول )
( حسام لداء المكر والغدر حاسم ... وظل على الدين الحنيف ظليل )
( إذا انشق ليل الحرب عن صبح وجهه ... فقد حان من يوم الضلال أفول )
( كريم التأني في عقاب جناته ... ولكن إلى صوت الصريخ عجول )
( وايقن باغ حتفه أن امه ... وقدامه الليث الهصور هبول ) - الطويل -
وله ايضا من الكامل
( اليوم ابهجت المنى أبهاجها ... وتوسطت شمس الضحى ابراجها )
( ما للوزارة لا تضيء لنا وقد ... اضحى سراج العالمين سراجها )
( شمس تبدت في ذوائب يعرب ... ركبت إلى الرتب العلا معراجها )
( لم تنتقل قدما لاول منزل ... للمجد حتى استقبلت منهاجها )
( انجبته ذخر الخلافة إن شكت ... الما تضمن برءها وعلاجها )
( وسللته سيفا لكل ملمة ... يفري بأول ضربة أوداجها )
( فنظمت في جيد الوزارة عقدها ... وعقدت في رأس الرياسة تاجها )
( والخيل جانحة إليه كلما ... رفع اللواء وأوجفت أسراجها )
( يا قبلة للاملين وكعبة ... تدعو بحي على الندى حجاجها )
( انت الذي فرجت عني كربة ... لله قد شدت علي رتاجها )

( وجلوت عن قلق المنى من ليلة ... طاولت في ظلم الاسى إدلاجها )
( وسقيتني من جود كفك منعما ... كأسا وجدت من الحياة مزاجها )
( فلألبسن الدهر فيك ملابسا ... للحمد احكم منطقي ديباجها )
( ما عاقب الليل النهار ورجعت ... ورق الحمائم بالضحى اهزاجها ) - الكامل -
وقوله من قصيدة اخرى من المتقارب
( دعيت فأصغ لداعي الطرب ... وطاب لك الدهر فاشرب وطب )
( فهذا بشير الربيع الجديد ... يبشرنا انه قد قرب )
( بهار يروق بمسك ذكي ... وصبغ بديع وخلق عجب )
( غصون الزبرجد قد أورقت ... لنا فضة نورت بالذهب )
( فمن حقها ان ترى الشاربين ... وقد نفقت سوقهم بالنخب )
( وأن تسالوا الله طول البقاء ... لعبد المليك مليك العرب )
( فلولا محاسنه لم ترق ... ولولا شمائله لم تطب ) - المتقارب -
وقوله من الطويل
( الم تعلمي ان الثواء هو النوى ... وأن بيوت العاجزين قبور )
( ولم تزجري طير السرى بحروفها ... فتنبيك إن يمن فهو سرور )
( يخوفني طول السفار وإنه ... لتقبيل كف العامري سفير )
( ذريني أرد ماء المفاوز آجنا ... إلى حيث ماء المكرمات نمير )
( وأختلس الايام خلسة فاتك ... إلى حيث لي من عدوهن خفير )
( فإن خطيرات المهالك ضمن ... لراكبها أن الجزاء خطير )
( ولما تدانت للوداع وقد هفا ... بصبري منها أنه وزفير )

( تناشدني عهد المودة والهوى ... وفي المهد مبغوم النداء صغير )
( عيي بمرجوع الخطاب ولفظه ... بموضع أهواء النفوس خبير )
( تبوأ ممنوع القلوب ومهدت ... له أذرع محفوفة ونحور )
( عصيت شفيع النفس فيه وقادني ... رواح لتدآب السرى وبكور )
( وطار جناح البين بي وهفت بها ... جوانح من ذعر الفراق تطير )
( لئن ودعت مني غيورا فإنني ... على عزمتي من شجوها لغيور )
( وما شاهدتني والضواحك تلتظى ... علي ورقراق السراب يمور )
( أسلط حر الهاجرات إذا سطا ... على حر وجهي والاصيل هجير )
( وأستنشق النكباء وهي نوازح ... واستمطئ الرمضاء وهي تفور )
( وللموت في عين الجبان تلون ... وللذعر في سمع الجريء صفير )
( ولو شاهدتني والسرى جل عزمتي ... وجرسي لحنان الفلاة سمير )
( وأعتسف الموماة في غسق الدجا ... وللأسد في غيل الغياض زئير )
( امير على غول التنائف ما له ... إذا ريع إلا المشرفي وزير )
( وقد خليت طرق المجرة انها ... على مفرق الليل البهيم قتير )
( ودارت نجوم القطب حتى كأنها ... كؤوس طلا والى بهن مدير )
( لقد ايقنت أن المنى طوع همتي ... وأنى بعطف العامري جدير )
( وأنى بذكراه لهمي زاجر ... وأنى منه للخطوب نذير )
( تلاقت عليه من تميم ويعرب ... شموس تلالا في العلا وبدور )

( من الحميريين الذين أكفهم ... سحائب تهمى بالندى وبحور )
( هم صدقوا بالوحي حين اتاهم ... وما الناس إلا عابد وكفور )
( مناقب يعيا الوصف عن كنه قدرها ... ويرجع عنها الوهم وهو حسير )
( الا كل مدح عن نداك مقصر ... وكل رجاء في سواك غرور )
( ولما تراءوا للسلام ورفعت ... عن الشمس في افق الشروق ستور )
( وقد قام من زرق الاسنة دونه ... صفوف ومن بيض السيوف سطور )
( رأوا طاعة الرحمن كيف اعتزازها ... وآيات صنع الله كيف تنير )
( وكيف استوى بالبدر والبحر مجلس ... وقام بعبء الراسيات سرير )
( يقولون والاوجال تخرس ألسنا ... وحارت عيون منهم وصدور )
( لقد حاط أعلام الهدى بك حائط ... وقدر فيك المكرمات قدير ) - الطويل -
ومنها
( أثرني لخطب الدهر والدهر معضل ... وكلني لليث الغاب وهو هصور )
( وقد تخفض الاسماء وهي سواكن ... ويعمل في الفعل الصحيح ضمير )
( وتنبو الردينيات والطول وافر ... ويبعد وقع السهم وهو قصير ) - الطويل -
وقوله من اخرى من الكامل
( اوجعت خيلي في الهوى وركابي ... وقذفت نبلي في الصبا وحرابي )
( وسللت في سبل الغواية صارما ... عضبا ترقرق فيه ماء شبابي )
( ورفعت للشوق المبرح راية ... خفاقة بهزائج الأطراب )

( ولبست للوام لأمة خالع ... مسرودة بصبابة وتصابي )
( وبرزت للشكوى بشكة معلم ... نكص الملام بها على الاعقاب )
( فاسأل كمي الوجد كيف أثرته ... بغروب دمع صائب التكساب )
( واسأل جنود العذل كيف لقيتها ... في جحفل البرحاء والاوصاب )
( ولقد كررت على الملام بزفرة ... ذهل العتاب بها عن الاعتاب )
( حتى تركت العاذلين لما بهم ... شغفا بحب التاركي لما بي )
( من كل ممنوع اللقاء اغتاله ... صرف النوى فنأى به ودنا بي )
( حتى افتتحت على الاحبة معقلا ... وعر المسالك مقفل الابواب )
( ووقفت موقف عاشق حلت له ... فيه غنيمة كاعب وكعاب )
( بحدائق الحدق التي أفنينني ... بأحد من سيفي ومن نشابي )
( في روضة جاد النعيم نباتها ... فتفتحت بكواعب اتراب )
( من كل مغنوم لقلبي غانم ... عشقا ومسبي لعقلي سابي )
( في جنح ليل كالغراب أطار لي ... عن ملتقى الاحباب كل غراب )
( وجلا لعيني كل بدر طالع ... قمن بهتك حجابه وحجابي )
( جاب الظلام فلم يدع من دجنه ... إلا غدائر شعره المنجاب )
( فظللت بين صبابة وظلامة ... مغري الجفون بطرفه المغري بي )
( فإذا كتبت بناظري في قلبه ... أخفى فخط بناظريه جوابي )
( وإذا سقاني من عقار جفونه ... ابقى علي فشجها برضاب )
( وسلافة الاعناب توقد نارها ... تهدي إلي بيانع العناب )

( فسكرت والايام تسلب جدتي ... والدهر ينسج لي ثياب سلابي )
( سكرين من خمر كأن خمارها ... فقد الشباب وفرقة الاحباب )
( لمدى تناهى في الغواية فانتهى ... فينا إلى أجل له وكتاب ) - الكامل -
ومنها
( وشملتني بشمائل أذكرنني ... في طيبها طوبى وحسن مآب )
( ورضاك رد لي الرضا في أوجه ... من جور أيام علي غضاب )
( وهداك أشرق لي وليلي مظلم ... وسناك ابرق لي وزندي كابي )
( فحللت منه خير دار مقامة ... وثويت منه في أعز رحاب )
( واسمت في أزكى البقاع صوافني ... وضربت في أعلى البقاع قبابي )
( وشويت للاضياف لحم ركائبي ... في نار أحلاسي وفي اقتابي )
( ولقد كسوت برغم دهر ضامني ... ما أخلقت عصراه من أثوابي ) - الكامل -
وقوله يصف الهلال من الرجز
( ومحق الشهر كمال البدر ... فلاح في أولى الصباح النضر )
( كأنه قرط بأذن الفجر ... ) - الرجز

134

الباب العاشر في ذكر شعراء الموصل وغرر أشعارهم

136

106 - فمنهم السري بن احمد الكندي المعروف بالرفاء
السري وما أدراك من السري صاحب سر الشعر الجامع بين نظم عقود الدر والنفث في عقد السحر ولله دره ما أعذب بحره واصفى قطره وأعجب أمره وقد أخرجت من شعره ما يكتب على جبهة الدهر ويعلق في كعبة الفكر فكتبت منه محاسن وملحا وبدائع وطرفا كأنها أطواق الحمام وصدور البزاة البيض واجنحة الطواويس وسوالف الغزلان ونهود العذارى الحسان وغمزات الحدق الملاح وبدأت بصدر من أخباره وبطرف لأشعاره
بلغني أنه أسلم صبيا في الرفائين بالموصل فكان يرفو ويطرز إلى أن قضى باكورة الشباب وتكسب بالشعر ومما يدل على ذلك ما قرأته بخطه وذكر ان صديقا له كتب إليه يسأله عن خبره وهو بالموصل في سوق البزازين يطرز فكتب إليه من السريع
( يكفيك من جملة اخباري ... يسري من الحب وإعساري )
( في سوقة أفضلهم مرتد ... نقصا ففضلي بينهم عاري )

( وكانت الابرة فيما مضى ... صائنة وجهي واشعاري )
( فأصبح الرزق بها ضيقا ... كأنه من ثقبها جاري ) - السريع -
وهذه الابيات ليست في ديوان شعره الذي في ايدي الناس وإنما هي في مجلدة بخط السري استصحبها أبو نصر سهل بن المرزبان من بغداد وهي عنده الان وكل خبر عندنا من عنده
ولما جد السري في خدمة الادب وانتقل عن تطريز الثياب إلى تطريز الكتاب فشعر بجودة شعره ونابذ الخالديين الموصليين وناصبهما العداوة وادعى عليهما سرقة شعره وشعر غيره وجعل يورق وينسخ ديوان شعر ابي الفتح كشاجم وهو إذ ذاك ريحان أهل الادب بتلك البلاد والسري في طريقه يذهب وعلى قالبه يضرب وكان يدس فيما يكتبه من شعره أحسن شعر الخالديين ليزيد في حجم ما ينسخه وينفق سوقه ويغلي سعره ويشنع بذلك على الخالديين ويغض منهما ويظهر مصداق قوله في سرقتهما فمن هذه الجبهة وقعت في بعض النسخ من ديوان كشاجم زيادات ليست في الاصول المشهورة منها وقد وجدتها كلها للخالديين بخط أحدهما وهو ابو عثمان سعيد ابن هاشم في مجلدة اتحف بها الوراق المعروف بالطرسوسي ببغداد أبا نصر سهل بن المرزبان وأنفذها الى نيسابور في جملة ما حصل عليه من طرائف الكتب باسمه ومنها وجدت الضالة المنشودة من شعر الخالدي المذكور وأخيه ابي بكر محمد بن هاشم ورأيت فيها أبياتا كتبها أبو عثمان لنفسه وأخرى كتبها لاخيه وهي بأعيانها للسري بخطه في المجلدة المذكورة لابي نصر فمنها أبيات في وصف الثلج واستهداء النبيذ من البسيط
( يا من أنامله كالعارض الساري ... وفعله أبدا عار من العار )
( أما ترى الثلج قد خاطت أنامله ... ثوبا يزر على الدنيا بأزرار )
( نار ولكنها ليست بمبدية ... نورا وماء ولكن ليس بالجاري )

( والراح قد أعوزتنا في صبيحتنا ... بيعا ولو وزن دينار بدينار )
( فامنن بما شئت من راح يكون لنا ... نارا فإنا بلا راح ولا نار ) - البسيط -
ومن قوله ايضا من الوافر
( ألذ العيش إتيان الصبيح ... وعصيان النصيحة والنصيح )
( وإصغاء الى وتر وناي ... إذا ناحا على زق جريح )
( غداة دجنة وطفاء تبكي ... إلى ضحك من الزهر المليح )
( وقد حديت قلائصها الحياري ... بحاد من رواعدها فصيح )
( وبرق مثل حاشيتي رداء ... جديد مذهب في يوم ريح ) - الوافر -
هكذا بخط السري والذي بخط الخالدي حاشيتي لواء ولست ادري أأنسب هذه الحال إلى التوارد أم إلى المصالتة وكيف جرى الامر فبينهم مناسبة عجيبة ومماثلة قريبة في تصريف أعنة القوافي وصياغة حلى المعاني
وانا أجعل فصلا لشعر السري في ذكر سرقتهما منه وغارتهما عليه ثم اسوق غرر الخالديين مع نبذ من أخبارهما إذا فرغت من قضاء حق السري بإذن الله تعالى ومشيئته
ولم يزل السري في ضنك من العيش الى أن خرج إلى حلب واتصل بسيف الدولة واستكثر من المدح له فطلع سعده بعد الافول وبعد صيته بعد الخمول وحسن موقع شعره عند الامراء من بني حمدان ورؤساء الشام والعراق ولما توفي سيف الدولة ورد السري بغداد ومدح المهلبي الوزير وغيره من

الصدور فارتفق بهم وارتزق معهم وحسنت حاله وسار شعره في الافاق ونظم حاشيتي الشام والعراق وسافر كلامه إلى خراسان وسائر البلدان وكنت احسب انني استغرقت شعره لجمعي فيه بين لمع انشدنيها وانسخنيها ابو بكر الخوارزمي أولا وبين ديوان شعره المجلوب من بغداد وهو أول ما رأيته مما أنفذه ابو عبد الله محمد بن حامد الخوارزمي من بغداد إلى ابي بكر وبين المجلدة بخط السري التي وقعت إلي من جهة ابي نصر وفيها زيادات كثيرة على ما في الديوان فقرأت في كتاب الوساطة للقاضي ابي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني ابياتا انشدها للسري في جملة ما انشده لاكابر الشعراء مما يتضمن الاستعارة الحسنة مع إحكام الصنعة وعذوبة اللفظ وهي من الطويل
( اقول لحنان العشاء المغرد ... يهز صفيح البارق المتوقد )
( تبسم عن ري البلاد صبيبه ... ولم يبتسم إلا لإنجاز موعد ) - الطويل -
ومنها من الطويل
( ويا ديرها الشرقي لا زال رائح ... يحل عقود المزن فيك ومغتدى )
( عليلة انفاس الرياح كأنما ... يعل بماء الورد نرجسها الندى )
( يشق جيوب الورد في شجراتها ... نسيم متى ينظر إلى الماء يبرد ) - الطويل -
فأعجبت جدا بها وتعجبت منها وتأسفت على ما فاتني من أخواتها من هذه القصيدة وغيرها ثم قرأت في كتاب تفسير ابن جني لشعر المتنبي بيتا واحدا أنشده السري من قصيدة وذكر أنه اخذه من قول المتنبي من الطويل
( سقاك وحيانا بك الله إنما ... على العيس نور والخدود كمائمه ) - الطويل

وهو من المنسرح
( حيا بك الله عاشقيك فقد ... اصبحت ريحانة لمن عشقا ) - المنسرح -
فكدت أقضي بأني لم اسمع في معناه أظرف منه ولا ألطف ولا أعذب ولا أخف وطلبت القصيدتين فعزتا وأعوزتا وعلمت أن الذي حصلت من شعره غيض من فيض ما لم يقع إلي
ولما وجدت السري أخذ جديد القميص في حسن السرقة وجودة الاخذ من الشعر كسرت هذا الفصل على ذكر سرقاته
قال السري من قصيدة في سيف الدولة وذكر بعض غزواته من الوافر
( طلعت على الديار وهم نبات ... وأغمدت السيوف وهم حصيد )
( فما ابقيت إلا مخطفات ... حماها الخصر منها والنهود ) - الوافر -
وكرر هذا المعنى فقال من الكامل
( أفنت ظباك الروم حتى إنها ... لم تبق إلا ظبية أو ريما ) - الكامل -
وإنما سرقه من قول المتنبي من الطويل
( فلم يبق إلا من حماها من الظبا ... لمى شفتيها والثدي النواهد ) - الطويل -
وقال السري من قصيدة من الكامل
( حييت من طلل اجاب دثوره ... يوم العقيق سؤال دمع سالل )
( يخفي وينزل وهو أعظم حرمة ... من ان يذال براكب أو فاعل ) - الكامل

وهو من قول المتنبي من الطويل
( نزلنا على الاكوار نمشي كرامة ... لمن بان عنه ان نلم به ركبا ) - الطويل -
وفي قصيدة السري من الكامل
( فالدهر يمسح منه غرة سابق ... لاقاه اول سابقين اوائل ) - الكامل -
وهو من قول مروان بن ابي حفصة من الكامل
( مسحت معد وجه معن سابقا ... لما جرى وجرى ذوو الاحساب ) - الكامل -
وقال السري من قصيدة وذكر الخيال من الكامل
( وافى يحقق لي الوفاء ولم يزل ... خدن الصبابة بالوفاء حقيقا )
( ومضى وقد منع الجفون خفوقها ... قلب لذكرك لا يقر خفوقا ) - الكامل -
فالتجنيس اخذه من قول التنوخي من مجزوء الكامل
( يفديك قلب خافق ... أبدا وطرف ما خفق ) - مجزوء الكامل -
واللفظ من قول ابن المعتز من الكامل
( ما بال قلبك لا يقر خفوقا ... ) - الكامل -
وقال السري من قصيدة من الكامل
( نضت البراقع عن محاسن روضة ... ريضت بمحتفل الحيا أنوارها )

( فمن الثغور المشرفات لجينها ... ومن الخدود المذهبات نضارها )
( أغصان بان اغربت في حملها ... فغرائب الورد الجني ثمارها ) - الكامل -
وهو من قول ابن الرومي من البسيط
( غصون بان عليها الدهر فاكهة ... وما الفواكة مما يحمل البان ) - البسيط -
وقال السري من الكامل
( تلك المكارم لا أرى متأخرا ... أولى بها منه ولا متقدما )
( عفو أظل ذوي الجرائم كلهم ... حتى لقد حسد المطيع المجرما ) - الكامل -
وهو من قول ابي تمام من الكامل
( وتكفل الايتام عن آبائهم ... حتى وددنا أننا أيتام ) - الكامل -
والاصل فيه قول ابي دهبل الجمحي من المنسرح
( ما زلت في العفو للذنوب وإطلاق ... لعان بجرمه غلق )
( حتى تمنى البراء أنهم ... عندك أضحوا في القد والحلق ) - المنسرح -
وقال السري من قصيدة من الوافر
( إذا ذكر العقيق لنا نثرنا ... عقيق الدمع سحا وانهمالا )
( طلول كلما حاولن سقيا ... سقتها العين أدمعها سجالا )
( تحن جمالنا هونا إليها ... فأحسبها ترى منها جمالا )
( ونسأل من معالمها محيلا ... فنطلب من إجابتها محالا ) - الوافر -
وهو من قول ديك الجن من الكامل
( قالوا السلام عليك يا أطلال ... قلت السلام على المحيل محال ) - الكامل

وقال السري من قصيدة يتشوق بها بني فهد من الطويا
( تناءوا ولما ينصرم عزهم ... وحاشا لذاك الحبل أن يتصرما )
( فشرق منهم سيد ذو حفيظة ... وغرب منهم سيد فتشأما )
( كأن نواحي الجو تنثر منهم ... على كل فج قاتم اللون أنجما ) - الطويا -
وهو من قول الشاعر من الطويل
( رمى القفر بالفتيان حتى كأنهم ... بأقطار آفاق البلاد نجوم ) - الطويل -
وقال من قصيدة من الوافر
( تناهى فاطمأن إلى العتاب ... وأحسن للعواذل في الخطاب )
( وصار جنيب غصن غير رطب ... وكان جنيب أغصان رطاب )
( خلت منه ميادين التصابي ... وعرى منه أفراس الشباب )
( وزهده خضاب الله لما ... تولى عنه في زور الخضاب ) - الوافر -
وإنما اخذ مصراع البيت الثالث من قول زهير من الطويل
( وعزي افراس الصبا ورواحله ... ) - الطويل -
وذكر خضاب الله في البيت الرابع وهو من قول ابي تمام من الكامل
( ورأت خضاب الله وهو خضابي ... ) - الكامل

وفي قصيدة السري من الوافر
( وكنت كروضة سقيت سحابا ... فأثنت بالنسيم على السحاب ) - الوافر -
وهو من قول المتنبي من الكامل
( وذكي رائحة الرياض كلامها ... تبغي الثناء على الحيا فيفوح ) - الكامل -
والاصل فيه قول ابن الرومي من الخفيف
( شكرت نعمة الولي على الوسمي ... ثم العهاد بعد العهاد )
( فهي تثني على السماء ثناء ... طيب النشر شائعا في البلاد ) - الخفيف -
وقال السري من قصيدة من الوافر
( ليالينا بأحياء الغميم ... سقيت ذهاب مذهبة الغيوم )
( مضت بك رآفة الايام فينا ... وغفلة ذلك الزمن الحليم )
( فكنا منك في جنات عيش ... وفت حسنا بجنات النعيم )
( رياض محاسن وسنا شموس ... وظل دساكر وجنى كروم )
( وأجفان إذا لحظت جسوما ... جعلن سقامهن على الجسوم ) - الوافر -
وإنما اخذ هذا المثال من قول ابي تمام من الوافر
( فيا حسن الرسوم وما تمشى ... إليها الدهر في صور البعاد )
( وإذ طير الحوادث في رباها ... سواكن وهي غناء المراد )
( مذاكي حلبة وشروب دجن ... وسامر قينة وقدور صاد )

( وأعين ربرب كحلت بسحر ... وأجساد تضمخ بالجساد ) - الوافر -
وممن أخذ هذا المثال مع ركوب هذه القافية القاضي ابو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني حيث قال من قصيدة من الوافر
( وأجفان تروي كل شيء ... سوى قلب إلى الاحباب صادي )
( بذاك جزيت إذ فارقت قوما ... لبست لبينهم ثوبي حداد )
( معادن حكمة وغيوث جدب ... وأنجم حيرة وصدور نادي ) - الوافر -
وقال السري من قصيدة من المنسرح
( ترتع حولي الظباء آنسة ... نظائرا في الجمال أشباها )
( رقت عن الوشى نعمة فإذا ... صافح منها الجسوم وشاها ) - المنسرح -
وهو من قول المتنبي من الطويل
( حسان التثني ينقش الوشى مثله ... إذا مسن في أجسامهن النواعم ) - الطويل -
وقال من ابيات من الطويل
( وأغيد مهتز على صحن خده ... غلائل من صبغ الحياء رقاق )
( أحاطت عيون العاشقين بخصره ... فهن له دون النطاق نطاق ) - الطويل -
وهو أيضا من قول المتنبي من الوافر
( وخصر تثبت الاحداق فيه ... كأن عليه من حدق نطاقا ) - الوافر

وكتب إلى صديق له قد اتهمه بغلام إليه في حاجة من الوافر
( أبا بكر أسأت الظن فيمن ... سجيته التمنع والخلاف )
( وخفت عليه في الخلوات مني ... ولم تك بيننا حال تخاف )
( جفوت من الصبا ما ليس يجفى ... وعفت من الهوى ما لا يعاف )
( فلو أني هممت بقبح فعل ... لدى الإغفاء أيقظني العفاف ) - الوافر -
وإنما أخذه من قول ابي الحسن بن طباطبا من الكامل
( ماذا يعيب الناس من رجل ... خلص العفاف من الانام له )
( يقظاته ومنامه شرع ... كل بكل منه مشبته )
( إن هم في حلم بفاحشة ... زجرته عفته فينتبه ) - الكامل -
وقال السري من أبيات لصديق له أهدى إليه ماء ورد فارسي في قارورة بيضاء مزينة بقراطيس مذهبة من الطويل
( بعثت بها عذراء حالية النحر ... مشهرة الجلباب حورية النجر )
( مضمنة ماء صفا مثل صفوها ... فجاءت كذوب التبر في جامد الدر )
( ينوب بكفي عن أبيه وقد مضى ... كما نبت عن آبائك السادة الغر ) - الطويل -
وإنما هو عكس قول المتنبي من الطويل
( فإن يك سيار بن مكرم انقضى ... فإنك ماء الورد إن ذهب الورد ) - الطويل -
وقال من قصيدة في سيف الدولة من البسيط
( لما تراءى لك الجمع الذي نزحت ... أقطاره ونأت بعدا جوانبه )
( تركتهم بين مصبوغ ترائبه ... من الدماء ومخضوب ذوائبه )

( فحائر وشهاب الرمح لاحقه ... وهارب وذباب السيف طالبه )
( يهوي إليه بمثل النجم طاعنه ... وينتحيه بمثل البرق ضاربه )
( يكسوه من دمه ثوبا ويسلبه ... ثيابه فهو كاسيه وسالبه ) - البسيط -
وهو من قول البحتري من الكامل
( سلبوا وأشرقت الدماء عليهم ... محمرة فكأنهم لم يسلبوا ) - الكامل -
وقال السري من قصيدة في سيف الدولة وذكر العدو من البسيط
( تروع أحشاءه بالكتب وهولها ... خوف الردى ورجاء السلم مستلم )
( لا يشرب الماء إلا غص من حذر ... ولا يهوم إلا راعه الحلم ) - البسيط -
وهو من قول أشجع السلمي من الكامل
( فإذا تنبه رعته وإذا غفا ... سلت عليه سيوفك الاحلام ) - الكامل -
وقال من قصيدة من الوافر
( وقفنا نحمد العبرات لما ... رأينا البين مذموم السجايا )
( كأن خدودهن إذا استقلت ... شقيق فيه من طل بقايا ) - الوافر -
وهو من قول الناشئ الاوسط من المتقارب
( كأن الدموع على خدها ... بقية طل على جلنار ) - المتقارب -
وقال من قصيدة في مرثية ام ابي تغلب من الطويل
( تذال مصونات الدموع إزاءها ... ونمشي حفاة حولها الرجل والركب )

( تساوت قلوب الناس في الحزن إذ ثوت ... كأن قلوب الناس في موتها قلب ) - الطويل -
ومصراع البيت الاول من قول المتنبي من الوافر
( مشى الامراء حوليها حفاة ... ) - الوافر -
والبيت الثاني من قول ابن الرومي من الطويل
( سلالة نور ليس يدركها اللمس ... إذا ما بدا أغضى له البدر والشمس )
( به اضحت الاهواء بجمعها هوى ... كأن نفوس الناس في حبه نفس ) - الطويل -
ولابي بكر الخالدي في الاخذ منه من الطويل
( وبدر دجى يمشي به غصن رطب ... دنا نوره لكن تناوله صعب )
( إذا ما بدا أغرى به كل ناظر ... كأن قلوب الناس في حبه قلب ) - الطويل -
وقال السري من قصيدة من البسيط
( أيام لي في الهوى العذري مأربة ... وليس لي في هوى العذال من ارب )
( سقى الغمام رباها دمع مبتسم ... وكم سقاها التصابي دمع مكتئب ) - البسيط -
وردد هذا المعنى فقال من الطويل
( ولما اعتنقنا خلت أن قلوبنا ... تناجي بأفعال الهوى وهي تخفق )
( هي الدار لم يخل الغمام ولا الهوى ... معالمها من عبرة تترقرق ) - الطويل

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12