كتاب : نثر الدر
المؤلف : الآبي

سمع مخنّث طبيباً يذكُر الطبائع الأربعَ، فقال: الطبائعُ الأربع عندنا الأكْلُ، والشُّربُ، أن تنيك وتُناك.
جمع مخنثٌ بَيْنَ نفْسيْن، فأخذوا جميعاً، أفرج عنهُما. ورُفع المخنثُ إلى السلطان فسألهُ عن قِصَّته، فقال: هؤلاء وجدُوا طائرين فِي قفص، فَخلُّوا الطائرين وجبسوا القَفَصَ.
نظر رجلٌ قبيح الوجُه فِي المرآة، فقال: الحمد لله الَّذِي أحسن خلقي فقال مخنثٌ حَضرهَ: أم مَنْ يبهتُ ربهُ زانيةٌ.
رأى عبادة دينار بن عبد الله - وقد ولي مصر - فقال: يَا فرعونُ أرفع رأسك وانظر من نُدِب لمكانِك.
واشتكى مخنثٌ، ثُمَّ تماثل، فقيل لَهُ: كَيْفَ أنت؟ فقال جاءتني العلةُ باقاتٍ وتجيئني العافيةُ طاقات.
سمع مخنّث قول ابنة الخس لما قيل لَهَا: ما حملك عَلَى الزنى؟ فقالت: طولُ السوادِ وقُربُ الوسَاد. فقال المخنّث: وحبُّ السِّفاد.
سمع مخنث رجلاً يقرأ قراءةً قبيحة، فقال: أظنُ أن هَذَا القرآن هو الي يزْعم ابنُ أبي دواد أنه مخلُوقٌ.
سمع مخنث رجلاً يقول: اللهم اجَعل الموتَ خيرَ غائب أنتظِرهُ فقال: إذاً غيابُك غيابُ سوء.
قال المتوكل لعبادة: كَمْ سِنُّك؟ قال: والله مَا أعْرفُ الحِسابَ، ولكن تعرفُ أنت عفْرويه. قال: لا - والله - ومَنْ عَفرويه؟ قال: الَّذِي يقول فِيهِ القائل.
ضراط عَفرويْه بليلٍ طرقا احسب الآن كَيْفَ شِئت وتزوجتُ أم مخنّث، فلما كَانَ ليلة الزفاف جعل يتسمعُ عليهما فلما سمعَ الحس.
قال: يَا أمي. وذا تأكلين وحْدَكِ. لا هنأك اللهُ.
قيل لمخنّث: كَيْفَ تَرى الدُّنيا؟ قال: مِثلنَا. نخن يوماً عند الأسخياء، ويوماً عند البخلاء.
قالت امرأة لعبادة: اشتريتُ قَفيزاً بثلاثةَ عَشرَ درهماً، كم يصِيبني بثلاثة دَراهمَ؟ فقال: أنت طُولُكِ وعَرضْك لا تعرفين هَذَا!! يصيبك قَفيزٌ إلا بعشرة دراهم.
دخل عبادة الحمامَ يوماً فرأى غلاماً كبيرَ الأير، فبادر فقبض عَلَيْهِ، فقال الغلام: مَا هَذَا. عافَاك الله؟ قال: أما سَمعت قول الشاعر:
إذا مَا رايةٌ رِفُعت لمجدٍ ... تلقاها عرابةُ باليمين.
ألزَم المتوكلُ عبادةً في يوم من شهر رمضان أنْ يقرأ في المُصْحَف، فقرأ وجعل يصحَّف، ويغْلطُ. حتى بلغ إلى قوله " وبشر المخْبتين " فصحفَه، وقال وبشِّر المخنثين فطردَه.
نظر مخنث إلى إنسان وَحش الخِلْقه، فقال: هذا نموذج جَهَّنم أخْرجَ إلى الدنيا.
طلب رجل منزلاً يكتريه، فجاء إلى باب دار ودفعهُ، وقال: لكمْ منزلٌ للكِرَاء؟ وإذا في الدار مخنثٌ - وفوقَه رجلٌ - فصاح مِنْ تَحتِه: أليسَ ترانَا بعْضَنا فوق بعض منْ ضِيق المكان؟ مِنْ أين لنا مَنزلٌ يُكْرى؟؟ قال مخنْث لآخَرَ: ذهبتِ الأيور الباستانية التي كنا نَعْرفُها. فقال: ما ذَهبت الأيورُ، ولكن اتْسعنْا نحن.
رأى إنسانٌ مخنثاً ينتِف لحيتَه، فقال له: ويلكَ. لأي شيء تنْتِفُ لحيتَكَ؟ فقال: يُسرك أنَ مِثلْها في استِكَ؟ قال: لا. قال المخنثُ: فشيء تأنفُ لاستكَ منه، لا آنفُ لوجْهي منه؟؟ كان المتوكل على برْكة يصيدُ السَّمكَ - وعنده عبادةُ المخنثُ - فتحرك المتوكِّل، فضرط، وقال لعبادة: اكتمها علي فإنَّك إن ذكرْتَها ضربتُ عُنقَك. ودخل الفتحُ: أيشْ صدْتُم مِن الغَداة؟م فقال له عبادةُ: ما صِدَنا شيئاً، وما كان معنَا أيضاً أفْلتَ.
ركب المتوكل يوماً زلالا ومعه جماعةٌ، فعصفَت الريحُ، وفزعَ الناسُ. فقال عبادة. يا أميرَ المؤمنين. أما كُنيزُ دُبَّةَ فإنه لا يخافُ الغَرق. فقال المتوكّلُ: وكيفَ ذاك؟ قال: لأنه يسْبحُ على رَق. وكان كنيزٌ مخنَّثاً آدَر.
كان بعض ولد الفضل بن الربيع يتخَنّثُ، فوكَل به أبُوه غُلاماً يمنعُه من نتْف لحُيته، فبات ليلة. فلما اصبح رآه منتوفَ اللحية، فقال: أهلكْتني - والله - أين لحيتُك؟ قال: " فطاف عليها طائِفٌ مِنْ رَبِّك وهُم نائمون. فأصْبحت كالصرِيم " .
قيل لمخنث: كيف تتهجى بكمرة؟ فقال: كاف، ميم، راء، هاء قالوا: هذه كَمرة. قال: كل إنسان يتهجي ما يشْتهي.
لقى الطائفُ - وكان ماجناً - جماعةً من المخنثين، فقال: نيكُوا بني الزواني، واضربُوا بني القُحاب. فقال مخنثٌ منهم: يا سيدي. سَبقتْ رحمتُك غضَبَك.

أدْخلَ مخنثٌ على العُرْيان بن الهيثم - وهو أميرُ الكوفة - فقالوا: إنه يَفعلُ ويصَنعُ. فقال له العريان: يا عدوَّ اللهِ. لمَ تفعلُ هذا؟ قال: كذّبوا علي - أيها الأمير - كما كذَابوا عليكَ. فغضب العريانُ، واسْتوى جالساً، وقال: وما قيلَ في؟ قال: يُسمُّونك العريانَ وعليك عشرون قطعةً ثياب. فَضحِك. وخلاه.
قال مخنث: رمضَانُ بين شَوالٍ وشعْبانَ مخشلبةٌ بين دُرتين.
وقل لمخنّث: ما الذي أفدت من التخنيث؟ قال: است مخرقة، واسمٌ قبيحٌ.
قال هيتُ المخنّثُ لُعَمر بن أم سلمةَ: إن فتح الله عليكُم الطائِف فسل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يهبَ لك بادنَة بنت غيلان بن سلَمة، فإنها كحْلاءُ، سموعٌ، نَجْلاءُ، خُمصَانةٌ، هَيْفاء إنْ مشتْ تثنَّت، وإن جلَست تدنَّتْ، وإن تكلَّمتْ تغنَّت، وتُقِبلُ بأربع، وتدبرُ بثمان، وفخذَيْها كالإناء المكْفأ.
فَروِي أن كلامَه بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فمنع المخنَّثين من الدُّخول على النساء.
نظر مخنث إلى إنسان كبير الأنف، قد أشرف على فمه. فقال: انظروا إليه كأن أنفه أير يتطلَّع في بئر الخَلا.

الباب الخامس عشر
نوادر اللاطة
ِ
روادَ إنسانٌ متقر على الفُجور، فقَال: ما تعُطيني؟ فقال، أستغفرُ لك وأقرأ لك كل يوم آيات أعوذكُ بها، فقال الغلامُ اليوم عاجلاً " وردّ للهُ الذين كفروا بغيظِهمْ " رؤي بعضُ اللاطة مع غلام أسودَ، فقيل له في ذلك، قالَ: الأسودُ طيبُ النَكْهةِ ليِّنُ الأفْخاذِ، مُلْتهبُ الجوف، رخيص الجذر سريع الإجابة لأنك تدعوه لتنيكه فيظن أنك دعوتَه لينكيك.
قيل لبعض المتصوفةِ: أنت لُوطي. فقال: ما تقولُ في لص لا يسرق، هل يلزمه القطعُ؟ قال بعضهم: رأيت شيخاً يطاف به، وينادي عليْه: هذا جزاءُ من يلَوطُ، والشيخُ يقول: بخ بخ لِواطٌ محضٌ، لا زنى، ولا سرَقٌ.
قل لشيخ لاطَ: ألا تستحي؟ فقال: أستحي وأشتهي.
قال بعضهم: الغُلام استطاعةُ المعتزلةِ، لأنه يصلُح للضدين، يَفْعلُ ويُفْعُل به.
والمرأة استطاعة المُجبرةِ: لا تصلح إلا لعمل واحد.
قيل لأعرابي: ما تقولُ في نيك الغِلمان؟ فقال: اعُزبْ، قبَّحك اللهُ. والله إني لأعافُ الخَار أن أمر به، فكيفَ ألجُ عليه في وَكره؟ وجُد شيخٌ في مسجد، وتحتَه صبي، فلما هجمَ عليه عدَا الصبي، وقام الشيخُ متأسفاً وجعل ينظر إلى متَاعِهِ ويقولُ.
كان ببغدادَ لوطي مُوسِرٌ، فكان إذا جاءَ وقتُ الزكاة وزنَ زكاة ماله، ووضعهُ. فإذا حصَل عنده مؤاجرٌ وزَنَ جذْره منهُ، وقال: ألكَ أمُّ أوْ أختٌ تستحق الزكاة؟ فيدْفَعهُ إليه، ويقولُ: خذها مِن زَكاة مَالي، وأعْطني ما أريده منْك تفضُّلاً.
وكان بعض المؤاجِرين يتحرجُ فكان إذا أعطاهُ إنسانٌ جذْرَهُ أخْرج تُفاحةٌ أو ما يشبهُهَا، وقال للرجل: قد اشتريتَ مني هذا بهذه الدَّرَاهم. فيقول اللوطيُ: نعم.
فيقول: فأما الآن فَأُعطيك ما تريدُ من غَيْر جذْر.
قيل لوحد: لم فَضَّلتَ الغلام على الجاريةِ؟ قال: لأنهُ في الطريق صاحب ومع الإخوان نديمٌ، وفي الخلْوة أهلٌ.
قال ابنُ قريعة القاضي: مررت بشِيخ قد خَرج من خَربة، وبيده أيرُه وهو يقول: ما أعجبَ أسبابَ النّيك؟ فقلتُ له: يا هذا، إنما يقالُ: ما أعجبَ أسبابَ الرَزق؟؟ قال: خُذْ حديثي، ودخلتُ هذا الخرابَ لأبولَ، فأنعظتُ فهممتُ أن اجْلِد عميرةَ. فدخل صبيان كالقمرين، فلم يرياني، وأخذا يتبادلان فقمت إلى هذا فنكته، وإلى هذا فنكته. وخرجتُ كما تراني متعجباً بالله، ما هذا بعجب؟؟ قلت - بلى والله - وانصرف لا حَفِظك الله.
جاءُوا إلى أبي نُواسٍ بغلام ملِيح، إلا أنه أعُرجُ. فقال: ما أصنعُ به وهو أعرجُ؟ فقال الغلامُ: إنْ أردَتني لأن تضربَ علي بالصوالجةِ فلا أصلحُ لذلك وإن أردتَني للنيك فقُم.
كتب رجلٌ إلى غلام كان يعشقُه: وضعتُ على الثرى خدي لترضَى. فكتب إليه الغلام: زنْ عشرة دَراهم، وضَعْ خدَّك على خدي.
وصفُوا غلاماً عِنْد بعض اللاطة، فقيل: هو فاسدٌ. قال: في فَسادِه صَلاحي.
نظر غلام في المرآة، فرى لحيتَه قد بدتْ وقال فقال قَوَّادُه

بعث المبرِّد غلامَه، وقال بحضرة الناس: امض فإنْ رأيتَه فلا تقُلْ له، وإن لم ترَه فقل له. فذهب الغلامُ، ورجعَ فقال: لم أره، فقلتُ له، فجاءَ فلمْ يجئ فسُئِل الغلامُ بعد ذلك، فقال: انْفذَني إلى غُلام، فقال: إن رأيت مولاهُ فلا تقُلْ له شيئاً، وإن لم تره فادْعُه. فذهبُ فلم أرَ مَولاهُ، فقلتُ: فجاء الموْلى، فلم يجئ الغلام.
أدخل ابنُ سَيابةَ غلام ليفسِقَ به، فقالَ له الغُلامٌ: أنت ابنُ سَيابة الزنديقُ؟ قال: نعم. قال: أين الزندقةُ؟ ونومَه، وأدخل عليه، ثم قال: يا بُني: قيل لأبي نواس لِمَ تُؤْثر الغُلامَ الفحل على الخصى؟ فقال: لان الغلام معه بيْذقان في وسط الرقعة يدفع بهما الشاةَ.
قيل للوطي: كيف رأيت فلاناً؟ لغلام كان يتعاطَاهُ. فقال: يجعلُ البيذّقَ فِرْزَاناً.
غَمز لوطي غلام، فقال الغلامُ: أنا لا أصلُحُ لما تريدُ. فقال اللوطي: وأنا أجعلُك بحيثُ تصلُح.
قال بعضهم سمعتُ شيْخاً قد خرف بعد شطارة يقول: نكتُ غلاماً في دهليزي أمس فأردتُ أن أدخُل عليه، فقال لي: لا تفعلْ، فإني مسحُتُ على خُفي، وأكرهُ أن ينتقض وضوئي. فقلتُ: إنَّ نيك الغِلمان بين الفخذين لا ينقضُ وضُوءَهم.
وقال آخر: رأيتُ شيخاً مِنْ كبار الشُّطار، يمرُّ ومعهُ صَبي صَغيرٌ. فقلتُ: بلغنا هذه الحالَ. فقال: يا سيدي إن الأسد إذا كبر يَصيدُ الضفادع.
وجدَ شيخ مع صبي خلفَ كرَب فقالوا له يا شيخُ. أما تَسْتحي وأنت رجلٌ عاقل؟ لم لا تحصن نفْسَك؟ فأخرج من فيه قطعة فيها قيراطٌ، وقال: والله ما أملكُ غيره وقد رضى بها هذا الصبي. فهل فيكم مَنْ يزوجني بها حتى أتحصن؟ سأل بعضُهم غلاما، وإعطاء دِرْهمين، فأراد أنْ يدخُل عليه، فامتنع، وقال: لا أقْوى. فقال الرجل قد خيَّرتُك في إحدى ثلاث - وكان يعْلم أن الغلام يذْهب مذهب الجَماعةِ - إما أن تردَّ الدِّرهمين، أوْ تدعَني أدخلُه، أو تقول: القرآن مخلوق. قال الغلام: أما ردُّ شيءٍ من الدرهمين فلا سبيل إليه، وأما القرآنُ فلو ضربْت عنُقي ما قلتُ إنَّه مخْلوقٌ، وأما الثَّالثةُ فأتحمّلُها فأدخل عليه، وصاح الغلامُ وجعل يقول: صاح الصبيانُ بأبي سعيد الخرزي: يا لوطي يا لُوطي. فجعل يضحكُ فقيل له: يا شيخ. أمَا تستحي؟ يصيح بك الصبيانُ - وأنت تضحكُ؟ قال: فديتُك. إذا صدقُوا أيش يمكنني أنْ أقُول؟ غضب سعيد بن وهب يوماً على غلام له، فأمَرَ به، فبطحَ، وكشف الثوب عنه ليضربه، وقال: يا بن الفاعِلة. إنَّما غرتْك استُك هذه حتى اجترأتَ على هذه الجرْأة، وسأُريك هوانها علي. فقال الغلامُ: طالما غرتْك هذه الأستُ حتى اجترأت على اللهِ، وسوف ترى هوانك عليْه. قال سعيدٌ: فورد على مِن حالهِ ما حيرني، وسقط السوط. من يدي.
قسَم بعضُ الولاة بالمدينة قسْماً في الزَّمني، فأتاهُ أبو خزيْمَة، فقال: أعطني فإني زمِنٌ. قال: ما أرى بك زمَانةً. قال: بلى قال: ما هي؟ قال: أنا لُوطي. قال: نعم، إنَّك لزمِنٌ من عقلك، وأعْطاه.
سئل ابنُ سيابة عن مؤاجر، فقال وكان يقول: نيك وكان يترافق اثنان: أحدهما " يقود بالصِّبيان الصغار، والآخر، بالبالغين الكبار، وكلُّ واحد يعيبُ صاحبَه، ويعنِّفُه، حتى أخِذ في بعض الأيّام صَاحِبُ الصِّغار مع صبي، ورُفع إلى السُّلطان فضُرب، وحَمل الصبي على عاتِقِه ليطاف به في البَلد، فلقيّهُ رفيقُه، وهو على تلك الحال، فقال: قد كنتُ أنهاك عن الصِّغار حذراً عليك من مثْل هذا، ولو كان كبيراً لم ينكرْ كونُه معك في البيْتِ. فقال: اسكتْ يا أحمقُ. فلو قبلتُ منك وكان مكان هذا الصغير ذاك الكبير، فكان يُدَقُّ عنقب بثقِله.
وجُد آخرُ مع صبي في منارة المسْجد، وسَراويلاتُهما محلولةٌ، فقيل: ما هذا؟ فقال: أريد أن أبْدل تكتهُ بتكتي.
قال بعضهم: إذا كان للغلام أير ضخمٌ فهو فخذٌ ثالث.
قيل لبعضهم: اللواطُ إذا استحكَ صار حُلاقاً. قال: هذا مِن أراجيف الزنُّاة.
قال بعضهم: نزل بي ضيف فنومتُه في الدار، فوجدتُه في بعض الليل معي على السرير في البيت ينيكني، فقلتُ: ويحْك!! لم دَخلت البيت؟ قال: وجدتُ البرْدَ. قلتُ: فلم صعدت السريرَ؟ قال: من البراغيثِ. قلتُ فلمَ تنيكني؟ قال: ليس هذا موضع المسأَلة.

دب واحدٌ على غُلام، فانتبه الغُلامُ، وأخذ شيئاً فرمَاهُ به، وشجه. فلما أصْبحَ، قيل له: استعْدِ عليه. فقال: يا قوم أنيكُهم من غير أن أستأْذنَهم. ثم أْستعدى عليهم إذا ضربوني؟؟ هذا لا يجُوز.
كان غلامان يلعبان بالطيور، فقال أحدهما لصاحبه: إذا كان غداً وتسابقْنا تنايكنا. قال صاحبه: وإن لم نتسابقْ لم نتنايك؟ قال الجاحظُ: كان بعضُ المؤاجرين يعْطي في الشَّمال بأربعة دَراهم وفي الجنوب بدرهمين فقيل له في ذلك. فقال: في الشمال الريحُ علي، وفي الجنُوب الريحُ معي.
أراد رجل أن ينيك غلاماً بين فخذيه، فصاح، وقال: لا أنا لا أطيقُ خارج نظر رجلٌ إلى غُلام وفي وجهه وجبينه أثرٌ. فقال له الغُلام - وقد أدْمَن النظرَ إليه - : يسألُك الله عن سوء ظنِّك. قال: بل يسألُك عن سوء مصْرَعِك.
نظر بعضهم إلى غلام أمْردَ وهو يتكلَّم بقِحَة، ورقاعة. فقال: هذا وجهُ من يشمُّ التراب.
أخذ رجلٌ مع غلام، فرفع إلى صاحب الشُّرطة، فأدَّبه، ثم وجدَ بعدَ ذلك مع امرأة وعُوقب. وبعد ذلك مع مخنّث فأدِّب، ثم وجد في خربة ينيك أناناً. فقال له صاحبُ الشُّرطة: ويلك!! لم لا تعمِد أيركَ؟ قال: يا سيدي هذا غِمْده، ولكنْ لستم تتركونني أنْ أغْمده. فضحِك وخلاه.
قيل للوطي: ويحك؟؟ إن مِن الناس من يسرقُ، ويزني، ويعمل العظائمَ سنين كثيرةً، وأمْره مسْتُور، وأنت إنما لُطت منذُ شهور. وقد شُهرت وافتضحت.
فقال: من يكونُ سرهُّ عند الصِّبيان، كيف يكونُ حاله؟ نظر بعضُهم إلى غلام وأدَمنَ النظر. قال: فقال الغلامُ: لمَ هذا النَظر؟ فقلتُ: سيدي: أين منزلكم؟ قال: في النار، تطلُب أثراً بعد عين أن تؤخر اليوم لغد، وتتبعَ مالا تأْمَنُ السائِق عليه.
دخل بعضهم الحمام فرأى فيه غلاماً صبيحاً، فأرادَه على نفْسه فامتنع، فكابر، وأخذه وأفلت الغلامُ، وصاحَ، فدخل القيِّم وجماعة معه، فقالوا للرجل: ألا تستحي سوءة لك؟ قال: قلتُ له: صُب الماء علي فامتنع. قالوا: فما بالُ أيرك قائماً؟؟ قال: قام من شدة الغَضَب.
قيل للوطي: متى عهدك بالحر؟ قال: مذ خرجتُ منْه.
ذكر يونس بعضَ اللاطة فقال: يضربُ ما بين الكُركى إلى العنْدليب يقول: لا يدَعُ رجلاً ولا صبياً إلا عفَجهُ.
حكى بعضهم قال: رأيتُ بعضَ اللاطة يضربُ غلاماً له ضرْب التَّلف، ويدعى عليه فسألته عن ذنبه. قال: ليس قلبه في العمل، نكته اليوم وكان أيره نائم.
قيل الفتيان: نيك الرجل ريبةٌ. قال: هذا مِن أراجيف الزناة.
رأى يحيى بنُ أكثم غلاماً حسنَ الوجْه في دار المأْمون فقال فَرفع ذلك إلى المأْمون، فعاتبه. فقال: يا أمير المؤمنين كان انتهى درسِي إلى ذلك الموضع، فَضَحك.
استنقَع بعضُهم في الماء متكشِّفاً، فمر به غلامٌ عمَري كان يتعسفُ فأنكرَ ذلك على الرجل كالمحتْسب. فقال لهُ الرجلُ: بأبي أنتَ!! أردْتَ إماتَة منْكرٍ، فأحييْتَ أنْكرَ منه، وأوْمى إلى متاعه.
قال بعضهم: كنتُ عند يحيى بن أكْثم عشيةً، فدخل إليه عبد الملك بن عُثمان بن عبد الوهاب - وكان يُرمى به - فقال: أصلَح اللهُ القاضي، إنك أدْخلتَ علينا أميناً في وقُفِنَا، ففعلَ، وفَعلَ. فقال له: وتدعُ أنْتَ إنساناً يدخلُ عليْك؟ فما سمعتُها نهضتُ. فلمَّا كنتُ في صحْن الدار سمعتُه يقولُ له: حُلَّ حُلَّ.
وكان يحيى يقولُ بالبصرة لي رجلان أبعثُهما ليأتياني بالغِلمان، فأحدهما لا يأتيني بالغُلام حتى ينيكَ الغلامَ، وهو إسماعيل بن إسحاق. والآخر لا يأْتيني حتى ينيكهُ الغلامُ وهو صلْت بن مسعود.
قال العدلي الشِّطْرنجي: كنتُ غلاماً، فضمني المأْمونُ إلى يحيى، فإني لِعنْدَهُ يوماً إذْ جَذبَني إلى مخْدعٍ في مجلسه، وأضْجعني الفاحشةَ، ونظر مِن ورَاء الستر، فرأى ابنَ العلاء بن الوضاح - وكان مفْرط الجمال فضربَ علي جَنْبي، وقال: قُمْ.

الباب السادس عشر
نوادر البغائين
قال بعضهم: قلتُ لرجل كان يتعاطى الأدبَ - وكان متهماً - : ما معنَى قولِهم: " إذا عزَّ أخُوك فَهُنْ؟ " قال: إذا لَمْ ينم لتنيكَه فنَمْ حتى ينيكَكَ.
دخل عبادة على المتوكل وهو نائمٌ، ومعه في الفراش أسود قد ظهرت رجْلاه من اللحافِ، فقال عبادة: يا أميرَ المؤمنين. بت البارحةَ فِي خُفيكَ وكان المتوكل ممن يُرمى ويتهم بذلك، وخبَره في أمر بشياط الهليوف معروفٌ.

قيل لمأْبون: إن بنتك به أبنَة فقال: قيل لابن عوْن: إن المتوكلَ قد بنَى بناءَين سماهما الشاةَ: والعروس فقال: قد فرغ من تحميل الناس على الناس حتى صار يُنايك بينْ الأبِنيَةِ فقال وقع بينَ أحمد بن السندي وبينَ غلامه كلامٌ، فَهجَرهُ الغلامُ أياماً فكادَ أن يُجَنَّ، فتحمَّل عليه بغَرسَةَ المحتِسب، فلم يُجبْه الغُلام. وكان غرسةُ أيضاً مأبوناً. فقال: يا غلامُ. لو كان أيرك مثل أير بغْل سماعةَ مَا زادَ على هذا. فقال أحمد بنُ السندي هو قريبُ منه. وتحمل عليه بإخوانه حتى صالحَهُ، واتخذ دعوة أرْعَد فيها وأبْرق. فقيلَ للحنْظلي: عِنْدَ مَنْ كنتُم أمس؟ قال: كنا في دَعْوة أير غلام أحمد بن السنْدي ومرَّ أحمدُ بنُ السندي ببغْل أبي كان الطَّحان - وقد أدْلىَ - فوقفَ بإزائه ثم تنفس الصُّعَداءَ، فقالَ: هذا الأير!! لا ما نُعللُ به استاهنا أربعين سنةً.
قيلَ: وكان هذا البغْلُ إذا أدْلى أخذ في الأرض برأس غُرْمولِه التُّرابَ، فإذا ضربَ به بطْنَه رأيتَ الغُبارَ يتطاير عن يَمينِه وشِمَاله.
قال بعضُهم: دخْلتُ إلى رجل من كبار الناس ببغداد فُجاءةً، وإذا غُلامٌ له فوقْه. فلما رآني استَحْيا وقالَ: زعمَ هذا الغلامُ أنه احتْلَم البارحةَ، فأردتُ أنْ أجرِّبه.
وقال أبو العيناء: دخلتُ على أبي العلاءَ المنْقَري - وغلامه على ظهْره - فقلتُ: ما الخَبر؟ فقال: إنَّ هذا الغُلام زعَم أنَّه قد احتْلَم، فظنْنتُ أنه يكْسَلُ عَنْ خِدْمة النِّساء، فأحُبَبْتُ أن أمتحنَه. قال: فحدثُتُ بهذا المعتصمَ فقال: لعَنهُ اللهُ تركني.
قيل لرجل من وَلد بشْر بن داود - وكان مأْبُونا - : أما تَسْتحي وأبُوك كان سيفَ السُّلطان؟ قال: فأنا جُعْبَتُه.
وقال له آخر: إنَّ أبَاك كان ينيك، وأنتَ تناك. قال: نقَضَنِي ديْنه.
قال ابنُ حمدون: بات عِندي المراكبي الشطْرنْجي - وكان مأْبُوناً - فسمِعْتُه يقولُ لغُلام كان قد بَاتَ أيضاً عِنْدي: أعْطِيكَ دينَاراً وتُبادلني، وأعطيك أنَا قبلاً. وإن صَغُرت لم أبَال؟؟ قيل لبعضهم: لوطي أنت أم صاحبُ نِسَاء؟ قال: أنَا لُوطي، وزانٍ وأميلُ إلى المخنثين، وأدبُّ بالليل أي دِباب، ويعُتريني قليلُ بغَاء.
أحْضِرتْ بصَليةٌ في منزل رجل كبير من أهل بغداد - وابنُ الهفتي حاضرٌ - وكان يعاتبه كثيراً، فتسرع ابنُ الهفتي أيضاً، فقال له: أتعِجبك بالأبنةِ قال: هي ألذُّ من طيب الطعام عنْدي. قال: خُذوهَا مِنْ بيْن أيْدينا، فإني لا أشْتهيها. قال: هذه أيضاً فضَيلةٌ مِنْ فضائل البصليَّة لا يشتهيها البغَّاءُون.
وكان الرجل مرْمياً بالأبْنة. وقال له يوماً وقد رأى له كنيفاً لا يدخُلهُ غَيْرهُ: استك عامةُ وكنيفُك خاصة.
كان بعضُ آل الجُنيد إذَا رأى إنساناً يُرْمي بالبغاء دعَا لفتُحته بأن عافية. فقال له عبادةُ ما صحتْ نيتُك في الدُّعاء، لأنك بَعْد تسألُ بان.
قيل لأبي سَوار: قد امْتهنَك غُلامك هذا الأسود. قال: ما امْتهنَني، لكني أمتهنُه. عَمدتُ إلى أكرم عِلْق فيه، واستعُملتُه في أقْذر مدْخَل فيَّ.
أشرفَت امرأةٌ مِن منْظَرة لها فرأتْ فتى جميلاً أعْجبها، فقالت لجاريتها: أدخليه فأدخلْته. فقدمتِ الطعامَ، وأكلا، أحضرتِ الشرابَ، وآنَستْه، فَلم تجد عنْده شيئاً. فقالتْ ما أحْوجَنا إلى مَنْ كان ينيكنا جميعاً. فقال: أخذتيها من فمي.
أدخَل بعضُ البغائين واحد من السقائين، وحَمَله على نفْسه، فلما واقعه قال: أوجعتني، لا تدخلْه كله. قال السقاء: فأُخُرجُه؟ قال: لا. قال فما أصنَعُ؟ قال: دعهُ مكانَه. قال السقَّاءُ: فمَنْ يحْفظُ البغْل؟ كان الناصرُ ولي واحداً عَملَ البندرة بجرجانَ، وكان يُرمي بالأبنْة، فاستقصره يوماً في سَبب مال وجَبَ لمَنْ يَجْبيه. فقال: أيُّها الناصر، إنما الصَّاحِب رحِمه الله بعضُ الكتَّاب مِن العراق مِمن كان عرَفَهُ وقْتَ مُقامه ببغداد، وشكى سوء حاله، فأحْسَن إليه، وولاه عَملاً، وأجْرى له في كل شهر خمْسَمائة درهم. وكتب صَكَّة بذلك؟َ، فحسدَه بعضُ الحَاضرين وقال للصَّاحب: إنَّ هذا رجلٌ مأْبونٌ، معروفُ الطريقة بالفَسادِ، وجَميع ما تصلُه به، وتُوصَّلُه إليه ينفقُه على مَنْ يرتكِبُ معه الفضيحةَ، وأفْرطَ في ذمَّ الرَّجل، والدَّلالةِ على قَبائحهِ حتَّى طن أنه قد أفْسدَ حاله.

فلما رُدَّ الصَّكُّ إليه للتوقيع فيه لم يشُكَّ الساعي أنه يُبْطلهُ أو يمزّقُه. فلما أخذهُ، ونظر فيه كتبَ تحْت ما كان قَدَّرَ له كلَّ شهر: ولغُلام يخدمه ويستعينُ به خمسون درهماً، ووقع في الصَّك وردَّه إليه.
كان لعبادَة غلامٌ كبير الفَقْحَة. فقيل له: أنت بغاء فَيالكَ غلام كبير الفقحة؟؟ قال: يا حْمقَى: ما يدريكم: كلما ثقلتْ المرزبَّة كانَ أشدَّ لدخول الوتَر.
؟

الباب السابع عشر
نوادر جحا
حكى الجاحظُ. أنَّ اسمهُ نوحٌ، وكنيته أبو الغُصن، وأنه أربى علي المائِةِ، وفيه يقولُ عمرُ بنُ أبي ربيعة:
ولَّهتْ عَقْلي وتلقّبتْ بي ... حتى كأني مِنْ جنُوني جُحا
ثم أدْرك أبا جعْفر، ونزلَ الكوفةَ.
قيلَ لجحا: أتعلمتَ الحسابَ؟ قال: نعمْ. فما يُشكلُ على شيءٌ منه. قال له: اقْسم أربعةَ دراهَم على ثلاثة. فقال: لرجلين درهمان، درهمان، وليس للثالثِ شيءٌ وأراد المهديُّ أن يعبث به فَدَعا النطع والسَّيف، فلما أقُعد في النطع، وقام السيافُ على رأسه وهز سيفه، ورفع إليه رأسهُ. فقال: انظُر لا تُصيبُ محاجمي بالسيفِ، فإني قد احتجمتُ فضحك المهديُّ وأجَازَه.
وماتت لأبيه جاريةُ حبشية: فبعثَ به إلى السُّوق ليشتري لها كفناً، فأبطأ عليه حتى أنفذ غيره، وحمل الكفن، وحُمِلتْ جِنازتُها، فجاء جُحا - وقد حُملتْ - فجعل يعدو في المقابر، ويقول: رأيتم جنازة جارية حبشية، كفنُها معي؟ وجمحت به يغلةٌ يوماً، فأخذتْ به في غير الطريق الذي أرادَه، فلقيه صديقٌ له. فقال: أينَ عزمْت يا أبا الغصنِ؟ فقال: في حاجةٍ للبغْلةِ.
وكان يأكل يوما مع أمه خُبزاً وبقلاً، فقال لها: يا أُمي، لا تأكلي الجرجيرَ فإنه يقيمُ الأير.
ومرت به جنازة، فقالَ: بارك اللهُ لنا في الموت وفيما بعدَ الموتِ. فقيل: إنها جنازةُ نَصْراني. فقال: إذنْ لا بارك اللهُ لنا في الموتِ، ولا فيما بعد الموت.
وكانتْ لهم جاريةٌ يقال لها عميرةُ، فضربتْها أمُّه ذات يوم، وصاحتِ الجاريةُ واجتمع الجيرانُ على الباب. فخرجَ إليهم، وقال: مالكُم؟ عافاكم الله. إنما هي أمي تجْلد عميرةَ.
وصلى بقوم - وفي كُمِّهِ جَرْو كلب - فلما ركَع سقط الجروُ، وصاح، وتنحنْح. فالتفتَ إليهم، وقال: إنَّه سلُوقُّي عافاكم الله.
وحمل جرةً خضراء إلى السوق يبيعُها. فقالوا: هي مثقوبةٌ. فقال: ليس تسيل، فإنَّه كان فيها قُطنٌ لوالدتي. فما سالَ منه شيءُ.
وأعطاه أبوه درهما يزنُه، فطرحَهُ في الكِفة، وطرَحَ في الكِفة الأخرى سنجة درهمين، وهو يحسبهما سَنْجةَ درهم، فلم يستويا، فطرح سنجةَ الدِّرهم على رأس الدِّرهم، فكانَ أقلَّ، فطرح حبتين أيضاً، ثم قال لأبيه: ليس في شيء، وينقُص حبتين.
ونظر يوماً إلى السَّماء، فقال: ما أخْلَقها بالمطر لو كان متغيمةً.
ورأوهُ يوماً في السوق يَعْدو فقالوا: ما شأْنُك؟ قال: مرّت بكم جاريةٌ رجل مخضوب الحية؟ واجتَازَ يوم بباب الجامع فقال: لِمنْ هذا القصر؟ قالوا له: هذا مسجد الجامع. قال: رحِمَ اللهُ جامعاً. ما أحسنَ ما بَنَي مسجدَه؟؟ وذهبتْ أمُّه في عرس، وتركتْهُ في البيْتِ، وقالتْ له: احفَظ الباب. فجلَس إلى الظهر. فلما أبطأَتْ عليه قامَ، فقلَع البابَ، وحملَه على عاتِقِه.
ونظر إلى رجل مقيَّد - وهو مغْتَم - فقال له: ما غمُّك؟ إذا نُزع عنكَ فثمنُه قائمٌ، ولبسه ربحٌ.
وماتتْ خالتُه، فقالوا: اذْهبْ، واشتر لها حَنوطاً. فقال: أخْشى ألا ألحق الجنازةَ.
وتبخَّر يوماً فأُحْرِقتْ ثيابُه. فقال: واللهِ لا تبخرتُ أبداً إلا عُرْياناً لما قَدَم أبو مسلم العراق قال ليَقْطين بن موسى: أحبُ أنْ أرى جحا.
قال: فوجَّه يقطينُ إليه فدعاهُ وقال: تهيأْ حتى تدخُل على أبي مُسلم فإذا دخلْت عليْه فَسلِّم، وإيَّاك أن تَتَعلَّقَ بشيء دونَ أنْ تشْتدَّ فإني أخشاهُ عليْكَ قال: نعمْ.
فلما كان مِنْ الغد، وجلسَ أبو مسْلم وجَّه يقْطينُ إليه فَدَعاه، فأدخلَ على أبي مسلم - وهو في صَدْر المجلس - ويقطينُ إلى جنبه، فسلَّم. ثم قال: يا يقَطينُ. أيُّكُما أبو مسلم؟ فضحك أبو مسلم حتى وضَع يده على فمه. ولم يكُن رُئي قبلَ ذلك ضاحكاً.
وأراد جحا الخروجَ إلى ضيعْةٍ، فقيلَ له: أحْسنَ الله صَحَابتَك: فقال: الموضعُ أقربُ مِنْ ذاك.

وعُجنَ في منزلِه، فطلَبوا منْه حطباً. فقالَ: إنْ لم يكُن حطبٌ فأخُبزوه فطِيرا.
ولما حذق الكتابةَ والحسابَ بعث به المعلم مع الصبيان إلى أبيه. فقال له أبوهُ كمْ عشرين في عشرين؟ فقال: أربعين ودانقين. فقال وكيف صارَ فيه دانقين؟ قال: كان فيها دِرْهم ثقيلٌ.
أكلَ جحا يوما مع قوم رؤساً، فلما فرغ من الأكل دعا للقوم، وقال: أطْعمكُم اللهُ مِنْ رؤس أهل الجنة.
وضرطَ أبوه يوماً، فقال جحا: على أيري. فقال أبوه: ويْلكَ أيش قُلْتَ؟ قال: حسبتُك أمي.
وماتتْ أمه فجعلَ يبكي، ويقولُ: رَحمك الله فلقدْ كان بابُكِ مفتوحاً، ومتاعك مبذُولاً.
دخلَ البيتَ وإذا جاريةُ أبيه نائمةٌ، فاتكأ عليْها، فانتبَهتْ، وقالتْ: من ذا؟ قال: اسكُني أنا أبي.
ورأوهُ في جنازة أبي العباس النحوي وهو يقول: يا أبا العَّباس رحمَك اللهُ مَنْ حُرْمَتُنا بعدك يا أبا العباس.
وسمع قائلاً يقول: ما أحْسنَ القمرَ؟ فقال: أي والله خاصةً بالليل.
وجاز بقوم في كُمِّه خُوخٌ، فقال لهم: مَنْ أخُبرَني بمَا في كُمي فلَه أكبر خُوخة فيه؟ قالوا: خُوخٌ. فقال: ما قال لكم إلا مَنْ أمُّه زانيةُ.
وقال له أبوه يوماً: احملْ هذا الحُب فَقَيرهُ. فذهب به، وقيرهُ مِنْ خارج. فقال أبُوه: أسْخَنَ اللهُ عينْك: رأيتَ مَنْ قير الحبَّ مِنْ خارج؟ فقال جحا: إنْ لم ترْضَ - عافاك اللهُ - فاقْلبه مثلَ الخُفِّ حتى يصيرَ القيْر مِن داخِل.
وبات ليلةً مع صبيانٍ له، فجعلوا يفُسون. فقال لامرأته: هذا - واللهِ - بليةٌ.
قالت دَعْهم يفْسون فإنَّه أدفأُ لهم. فقام وخرى وسطَ البيت، ثم قال: أنْبهى الصبيانَ حتى يصْطلُوا بهذه النار.
قيل له: ما لوجهك مستطيلاً؟ قال: ولدتُ في الصيفِ، ولولا أن الشتاء أدركهُ لسال وجهي.
ورثى يوماً مَغْمُوماً، فقيل له: مالَك؟ قال: وقعتْ أمي من السطح على مذاكيرها.
وأخذ بَوْلَه في قَارْورة، فأتى به الطبيبَ. فقال: إني أريد أنْ أنقطع إلى بعْض الملُوكِ. فانظْرْ: هل أصيبُ منه خيراً؟ وَكَانَ فِي دارهم شجرةُ تين، وكانتْ الدار لأمه. فدعا أبوه قوماً فسكِروا، وجعلوا يبولون فِي البستان. فقال لأُمه: يَا أمه:!! هو ذي يبولُون فِي أصْل تينك.
وماتت ابنةً له فذهب ليشتري لها كفناً، فلما بلغ البزازين رجع مسرعاً فقال: لا تحملُوها حتى أجيءَ أنا.
ومرَّ في الميدانِ فرأى قصرا مشرفاً، فوقف ينظر إليه، ويتأمْله طويلاً، ثم قال أتوهمُ أني رايتُه في مَجلَّةِ بني فُلان.
ودخل البستان فتعلَّق ثوبُه بشجرة، فالتفت، وقال: لولا أنك بهيمة لكسرتُ أنْفك.
وخرج يوما بقُمقم يستقي فيه مِن ماء النهر، فسقط مِنْ يده وغرِق فَقعد على شطِ النهر، فمَّر به صاحبٌ له، فقال: ما يُقعِدك ها هُنا؟ قال: قمقمٌ لي قدْ غرق وأنا أنْتظُر أنْ ينتَفخَ ويطفُو فوقَ الماء.
واشترى يوماً نفانق فانقض عليه عقابٌ، وانتسفَ بعض النفانِق فَطَار به فنظَر إليه، وقال: يا شقيُّ. ومن أين لك خَردَلٌ تأكلُه به؟؟ وأسلمتْه أمُّه في البزازين، فقالتْ له بعْد حَولين: توجهتَ في شيء؟ قال: نعمْ. تعلمت نصْفَ العمل. قيل: وما تعلَّمتَ؟ قال: تعلمتُ النشرَ، بقي الطيُّ.
وقيل له - وكان بريء من جراحة أصابته: بم تداوَيْت؟ قال: بدَم الوالدين. يُريد دمَ الأخوين.
وركب يوماً حماراً، وعقر ذنَبه. فقالوا: لِم فعلت ذلك؟ فقال: لأنه يقدِّمُ سَرجْه.
وتعلَّق بلص في بعض الليل، فصاح اللصُّ: قُرحتي. فخلاهُ حتى مر، وقال: خشيتُ أنْ أوجعهُ.
وكان نقشُ خاتمه: عَشاءُ الليل رديءُ.
وأخذهُ صاحبُ المصلحة فقدَّمه إلى الوالي، فقال: رأيتُ هذا يجْلِده عَميرة. فقال: احبسوه. فلقِيَهُ صديقٌ له، فقال: ما حالُكَ؟ قال: قصتي عجيبةُ، لا يَدَعَونا " ننيكهُم. فإذا نكنا أنفسَنا حَبَسونَا.

الباب الثامن عشر
نوادر أشعب
كان يقول: كلبي كلبُ سوء، يبصبص للأضياف وينبح أصحابَ الهدايا.
وأشعبُ هذا هو الموصوفُ بالطمع. وقيل له: ما بلغ مِنْ طمعك؟ قال: لم تقُلْ هذا إلا وفي نفْسِك خيرٌ تصنعه بي.
ومِن عجيب أخباره أنه لم يمتْ شريفٌ قط من أهل المدينة إلا استعدى أشعب علي وَصيته، أو وارثه، وقال له: احلف أنه لمْ يُوصِ لي بشي قبل موته.

وقيل له: لقد لِقيتَ رجلاً من أصْحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلو حَفظتَ أحاديث تتحدَّثُ بها؟؟ قال: أنا أعلُم الناسِ بالحديث. قيل: فحدِّثنا. قال: حدثني عِكرمةُ عن ابن عباس، قال: خلَّتَان لا تجتمعان في مؤمن إلا دخلَ الجنةَ. ثم سكتَ. قيل له: هاتِ، ما الخلَّتان؟ قال: نسِي عِكرمةُ إحداهُما، ونسيُ أنا الأخرى.
قال بعضُهم: قلت له: لو تحدثتَ عند العَشيّة!! فقال: أخافُ أن يجئ إنسانٌ ثقيل: قلتُ: ليس معنا ثالثٌ. فمضَى معي. فلما صليتُ دعوتُ بالعشاء، فلم يلبثْ أنْ جاء صديقٌ يدقُّ البابَ، فقال أشْعَبُ: تُرى قد صِرنْا إلى ما نكُرهُ؟ قال: قلتُ له: عِنْدي فيه عشرُ خِصال لا يُكرهُ منها خَصْلةٌ، فإن كرهت واحدة لم آذن له. قال. هات. قلت: أولاهن أنه لا يأكل. فقال التسع الباقية لك. أدخله.
وكان أشبعُ لا يغب طعام سالم بنِ عبد الله بن عُمَر فاشتهى سالمٌ أنْ يأْكل مع بناتِه. فخرج إلى بُستان له، فجاء أشعبِ فَخُبر بالقصة فاكترى جملاً بدرهم. فلما حاذى حائطَ البستان. وثبَ، فصار عليه، فغطى سالمٌ بناتَه بثوبه. وقال: بناتي بناتي. فقال أشعبُ: إنك لتعلَم ما لنا في بناتك من حق وإنّك لتعلَم ما نُريد.
قيل: بغتْ أم أشعب، فضُربتْ، وحُلِقتْ، وحملت على بعير يُطاف بها، وهي تقول: منْ رآني فلا يزْنينَّ. فأشرفتْ عليها ظريفةٌ من أهل المدينة: فقالت لها: إنك لمطاعةٌ!! نهانا الله عنهُ، فما ندعُه، ونَدعهُ لقولك؟؟ كان زياد بنُ عبدِ الله الحارثي على شُرطةِ المدينة، وكان مبخلاً على الطعام فدعا أشعبَ في شهر رمضانَ ليفطرَ عنده، فقدِّمتْ إليه في أول ليلة بَصَليةٌ معْقُودةٌ، كانتْ تُعْجِبه، فجعل أشعبُ يُمِعنُ فيها - وزيادٌ يلمحه - فلما فَرغوا من الأكل قال زياد: ما أظُنُّ أن لأهل السجن إماماً يصلي بهم في هذا الشهر فَلُيصَلِّ بهم أشْعَبُ. فقال أشْعبُ: لو غَير ذلك - أصْلحَك الله - ؟ قال: وما هُو؟ قال: أحْلِفُ أني لا أذوق بصَلَيّةً أبَدا. فخجل زيادٌ، وتغَافل عنه.
قال أشَعب: جاءتني جاريةٌ بدينار، وقالتْ هَذِهِ ودَيعةٌ عندكَ. فجعلتُه بيْن ثِنْى الفراش. فجاءتْ بعد أيام فقالتْ: بأبي الدينارَ فقلتُ: ارفعي الفراش، وخُذي ولدّهُ. وكنتُ تركتُ إلى جَنْبه درهماً فتركت الدينارَ. وأخذت الدرهم وعادت بعد أيام فوجدتْ معهُ درهماً آخرَ، فأخذته.
وعادت في الثَالثة كذلك. فلما رأيتُها في الرابعةِ بكيتُ. فقالت: ما يُبكيكَ؟ قلتُ ماتَ دينارُك في النِّفاس. قالت: وكيف يكون للدينار نِفَاسٌ؟؟ قلتُ: يا فاسقةُ تُصدقين بالولادة، ولا تصدقين بالنفاس!! سأل سالم بنُ عبدِ الله بن عمر أشعبَ عن طمعه، فقال: قلتُ لصبيان مرَّةً: اذهبُوا. هذا سالم قد فتَح بيتَ صدَقَة عمرَ حتى يُطعمكم تمرْاً. فلمَّا احْتبسوا ظننْتُ انه كما قلتُ لهم فغدوْتُ في أثَرهم.
وقيل له: ما بلغ مِنْ طَمَعِكِ؟ قال: أرى دُخَانَ جَاري فأُرد.
وقيل له أيضاً: ما بلغَ من طمعك؟ قال: لم أر اثنين قطُّ. يتسَارانِ إلا ظننتُ أنهما يأمران لي بشيء.
وقيل أيضاً: ما بلغ من طمَعكَ؟ قال: ما رأيتُ عروساً بالمدينة تُزفُّ إلا كنستُ بيتي، ورششتُه طمَعاً في أن تُزفَّ إليَّ.
ووقف علىَ رجل خَيْزُراني - وكان يعمل طبقاً - فقال له: وسعْه قليلاً.
قال الخَيْزْراني: وما تُريد بذلك؟ كأنَّك تُريد أنْ تشتريَه؟ قال: لا، ولكن يشتريه بعضُ الأشراف، فَيْهدي إلي فيه شيئاً.
وقال له ابنُ أبي عتيق: أمَا تستحي - وعندكَ ما أرى - مِنْ أنْ تسأل الناسَ؟ قال: معي من لُطفِ المسألةِ مالا تطيبُ نفسي بترْكه.
وكان أشعبُ يحدِّث عَنْ عبد الله بن عُمر، فيقولُ: حدَّثني عبد الله، وكان يُبغضُني في الله.
وجلس يوماً في الشتاء إلى رجل من وَلدِ عُقبة بن أبي مُعَيْطٍ، فمرَّ به حسنُ بن حسن، فقال: ما يُقعِدُك إلى جَنْب هذا؟ قال: أصْطلي بناره.
ولما مات ابنُ عائشةَ المغني جعل أشْعبُ يبكي، ويقول: قلتُ لكم زوجوا ابن عائشة من الشماسيةِ حتى يخرجَ بينهما مزامير داودَ، فلم تفعلوا وكان لا يُغني حذرٌ مِنْ قَدَر:

ولما أخرجت جنازةُ الصريميةِ المغنّيةِ كان أشعبُ جالساً في نفر من قُريش، فبكى عليها، وقال: اليومَ ذهبَ الغِناءُ كلهُّ. وترحَّمَ عليها، ثُم مَسحَ عيْنَيهِ، والتفتَ إلهيمْ، وقال: وعلى ذلكَ فقد كانتْ الزانِيةُ شرَّ خلْق الله فضحكوا، وقالوا: يا أشعبُ، ليس بين بُكائِكَ عليْها، وبين لغْنِك إياها فرقٌ. قال: نعم كنا نحبوها الفاجرَة بكَبْش إذا أردْنَا أن نزورَها فتطبخ لنا في دارها ثم لا تُعشينا - يشهد الله - إلا بسلق.
وجاز به يوما سبطٌ لابن سُريج وهو جالس في فتية من قريش، فوثب إليه، وحمله على كتفه، وجعلَ يُرقْصُه ويقولُ: فُديتَ من ولَد علي عُودٍ، واستهل بغناء، وحُنِّك. بحلْوى، وقطعت سرتُه بزير وخُتِنَ بمِضْراب.
وتَبع مرةً امرأةً فقالت له: وما تصنَعُ بي ولي زوجٌ؟ قال: فتسري بين فديتك.
وقيلَ له: هل رأيتَ أطْمعَ منك؟ قال: نعمْ: كَلْب أمِّ حومل، تبعني فَرسخيْن، وأنا أمضُع كُنْدراً. ولقد حسدْتُه على ذلك.
وخفَّفَ الصلاة مرةً، فقال له بعضُ أهل المسجد: خفَفتَ الصلاةَ جداً!! قال: لأنه لم يُخالطْها رياءٌ.
وقال له رجل: ضَاعَ معْروفي عندَك. قال: لأنه جاءَ من غير محْتسب ثم وقَعَ عند غير شاكر.
قيل له: هل رأيتَ أحداً أطمعَ منك؟ قال: نعمْ. خَرجْتُ إلى الشام مع رفيق لي، فنزلنا بعض الديارات، فتلاحَيْنَا. فقلتُ: أير هذا الراهب في حر أم الكاذب. فلم نشعر إلا بالراهب قط اطلع عليْنَا، وقد أنعظ وهو يقول: أيُّكم الكَاذِبُ؟ ودخل يوماً إلى بعض الرؤساء - وهو يَحْتَجم فقال له أشعبك حَجمَك بنُوك.
كان أشعب عند الحسن بن الحسن بن علي عليهم السلام، فدخل عليهم أعرابي مشعث اللِّمة، قبيح الخلقة متنكِّباً قوساً. فقال أشعبُ للحسن: تأذنُ أنْ أسْلحَ عليه فسمعه الأعرابي، فوضع سهماً في كبير قوسه، وفوقه نحو أشعب وقال: لَئِن فَعلت ليكونَنَّ آخِر سلْح تسْلحه أبداً فقال أشعب للحسن: يا سيدي. أخذني والله القولنج.
قال رجل لأشْعبَ - وكان صديقَ أبيه - : يا بني. كان أبوك عظيمَ اللحية، فمنْ أشبهتَ أنت؟ قال: أشبهتُ أمي.

الباب التاسع عشر
نوادر السُّؤَّال
قال بعضهم: رأيتُ سائلاً ببغداد في الزياتين - وهم أنصَب منْ في الأرض - يسأل، ويقول: تَصَدقوا على حُبَّا وكرامةً لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وليس يلتفتُ إليه أحد، ولا يُعطيهِ شيئاً. فدفعتُ إليه درهماً، وقلتُ في نَفْسي: إن هذا المسكين لا يعرفُ هؤلاء وبُعْضهم لعلي - عليه السلام - فأخذ الدرهمَ مني، وقال: يا صاحب الصدقَةِ، إنْ كنتَ تصدقتَ بها على وفي قلبك بُغْضٌ لأبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وفلانٍ، وفلانٍ ومعاويةَ خَالِ المؤمنين رديفِ المصْطفى، وكاتب الوحي فقطع اللهُ يديكَ ورجلَيْك وأعْمى عَيْنيكَ.
قال: فأخذتُه الدراهمُ مِنْ كل جانبٍ، وبقيتُ أنا متحيراً. ثُمَّ مضى فلحظتُه. فَعلِم ما في قلبي. فقال: يا فَتى. على رسْلكَ!! عِنْدك أن هؤلاء القَرانِنةَ لا يصَّدَّقون على إلا بمثْل هذِه الحيلةِ.
جاء سائلٌ إلى قوم فسألهم، فَردَّوا عليه، وألحَّ عليهم فردَّوا. فألحَّ، فخرجَ إليه بعضُهم فقال: عَافَاك اللهُ. أمَا سمعتَ الرَّدَّ؟ قال: ولكنكم غَممتْمُوني فأردتُ أنْ أغمّكم يا قَرانِنةُ.
وقف سائلٌ على قوم، فقال بعضُهم: يضاعتُنا واحدةٌ. فقال السائلُ: أنا أقود علي أمي.
أعطي سائلٌ كسرةً صغيرة. فقال: رحم الله من تممها لُقمةٌ.
قال بعضهم: رأيتُ ببغداد مكفوفاً: من أعطاني حَبّةً سقاهُ اللهُ من الحوض على يد معاويةً. فتبعتُه حتى خَلوتُ به، ولطمْتُه، وقلتُ: يا كذا عَزلتَ أميرَ المؤمنين عن الحْوض. فقال: أردْتَ أنْ أسْقَيهُمْ بحبة على يد أمير المؤمنين علي عليه السلام؟؟ لا، ولا كرامةَ.
سأل أبو فرعون رجلاً، فمنعهُ. فألحَّ عليْه فأعطاه فقال: اللهم أخْرنَا وإيَّاهُمْ. نسْألهم إلحافاً، ويعطوننا كُرهاً، فلا يُبَاركُ اللهُ لنا فيها، ولا يأْجرهُم عليها.
وقف سائل على باب، فقال: يأهَل الدار. فبادر صاحبُ الدار قبلَ أن يُتم السائلُ كلامه، وقال: صنَع اللهُ لك. فقال السائل: يا بنَ البَظْراء. كنتَ تصبر حتى تسمع كلامي عسى جئتُ أدعوك إلى دَعوة.
وقف أعرابي سائل على بابٍ، وسأل. فأجابه رجلٌ: ليس ها هُنا أحدٌ قال: إنَّك لاحدٌ لوْ جعل اللهُ فيك بَرَكةً.

قال الجّمازُ: سمعتُ سائلاً يقول: مَنْ يعطيني حُبَّا لأمينين: جبريل ومعاوية؟ وقف سائلٌ على بابٍ وكانت صاحبهُ الدار تبولُ على البالوعة. فحسبَ السائلُ أن صوتَ بولها نشيشُ المقلي. فقال: أطعمُونَا مِنْ هذا الذي تقْلُونه.
فضرطتْ المرأةُ، وقالتْ: حطُبنَا - وحياتِك - رطبٌ ليس يشتعل.
وكان آخر يقول منْ يعطينى قطعةً حُبًّا لهندِ حماة النبي.
ووقف سائل بباب المافروخي عامل الأهواز، وسأل فأعَطَوه لقمةً من خُبز فسكتَ ساعةً، ولم يبرح. ثم صاح، وقالَ: هذا الدّواءُ لأي شيءٍ ينفْعُني؟ وكيف آخذُه؟ وقف سائل على باب قوم فقال: تصدقُوا علي فإني جائع. قالوا: لم نَخبزْ بعدُ. قال: فكفّ سَويق؟ قالوا: ما اشترينا بعدُ. قال: فشربة ماء فإني عطشانْ. قالوا: ما أتانا السقاء بعدُ. قال: فيسيرُ دُهن أضعُه على رأسي. قالوا: ومِنْ أين لنا الدهنُ؟ فقال: يا أولادَ الزني، فما قعودُكم ها هُنا؟؟ قومُوا وسلُوا معي.
وقف سائل على باب دار فقال: تصدَّقوا علي. فقالت جاريةٌ من الدار: ما عندنَا شيءٌ نعطيكَ، وسِتى في المأتم. فقال السائلُ: أي مأتم أعظمُ من مأتمكُم إذا لم يكن عندكم شيءٌ؟؟ وقف آخر بباب دارٍ، فسأل، فقال صاحبُ الدار: أغْناكَ اللهُ، فليس صبيانُنا ها هنا. قال: إنَّما طلبْتُ كسرةً: لمْ اطلُب الجماعَ.
وقفَ آخر بباب فقال: أوسِعُوا علي مما رَزَقكم الله فإني في ضيق. فقالَ. صاحبُ الدار: إن كُنتَ في الدّهْليز في ضِيق فادخُل الدار فإنه أوسعُ لك فقال السائل: إنما قُلتُ: تأْمُر لي بشيءٍ. فقالَ: قد أمرتُك أنْ تشتري لابني قَلنسوة.
فقال السائل: أيش تريدُ مني يا هذا؟ قال: أريدُ منك عشرةَ دراهم أوديها عَن كِرا الدار. فولى السائلُ هارباً.
وقف أعرابي على قوم يسألهم، فقال أحدُهُم له: بُورك فيكَ. وقالَ آخرُ ما أكثر السُّؤَّال؟ فقال الأعرابي: تُرانا أكثَر مِنْ بورك فيك؟ والله لقد علمكُم اللهُ كلمةً ما تُبالُون ولو كُنا مثل ربيعة ومُضر.
وقف آخُر على بابٍ، فأجابتْه امرأةٌ من الدار: ما خبَزْنا اليوم. قال: فأعطني كف دقيق. قالتْ: ما اشترينا بعدُ دقيقاً. قال: فاستقْرضي منْ الجيران رغيفاً. قالت لا يقرضونا. قال قد أحْسَنُوا يا زانيةُ تستقرضين، ولا تردين. لا يُقْرضُونكِ!! وقف سائل على إنسان - وهو مقبلٌ على صديق له يحدثهُ، ويتغافلُ عن السائل - ثم قال لهُ بعد ساعة طويلة: صنع الله لك. فقال له السائل: أين كان هذا يا سيدي إلى هذا الوقت؟ كان في الصُّنْدوق؟ وكان رجل ببغداد من الشحاذين فكان دأبُه أن يترصَّد إقبال الربيع، فيطلبُ وردةً أول ما تطلُع، وقبْل أن يراها الناسُ فيأْخُذها، ويحملها إلى الحذائين ويبشِّرهم بمجيء الصيف، وحاجةِ الناس إلى النّعال، فيجبّون له شيئاً، ويعطونه. وإذا أقبل الخريفُ عَمدَ إلى جَزرة قبل أنْ يرى الناسُ الجزر، ويُهديها إلى الخفافين، ويبشرهم بمجيء الشتاء. فما زال هذا دأبه يتعيش منه طول عُمره.
وكان رجلٌ منْهم معه صحيفة، ودواةٌ، فكان يتقدم إلى الرجل منْ أهْل السُّوق وغيرهم، فيسألهُ أنْ يُعطيه شيئاً، ثم يقول له: أنا أرْضى بدرهم واحد تُعْطينيه في مثل هذا اليوم من السنة القابلة. فيستحي الرجلُ فيقولُ: أثبتْ لي خطك بهذا الدرهم الواحدِ، فيأْخُذ خطَّه، ويعود في القابل، وفي اليوم الذي يكون قدْ أرخه فيأخذ منه ذلك. فكان يجتمعُ له في كل سنة جملةٌ جَاملةٌ.
سمع رجل سائلاً في مسْجد الكوفة يقول: أسألكم بحقِّ أبي بكر وعُمَر، فما أعطاه أحدٌ شيئاً. فقال: ليسَ لهؤلاء القوم هاهنا جاهٌ. رأى أبو القمقام الهلال على وجه قصرية فقال لها: اضحكي في وجهي وخُذي هذا الدينار مني. فاستظرفته، وأخذت منهُ الدِّينار عبثاً. فقال: قد تفاءلتُ بَوجْهك، فما لي عندك؟ قالت: أردُّ دِيناراً. قال: هذا كُما كُنَّا فأينْ حلاوةُ الفأل؟ وصدقت، فأعطته ديناراً. فقال: التجارةُ بركةٌ والخديعةُ يُمْنٌ.
وكان على عصا ساسان المكري مكتوباً بالذهب: الحركة بركةٌ، الطراوة سُفتجَة، الكسل شؤْمٌ، التمييزُ جُرمٌ.
حكى بعضُهم قال: سَمِعتُ أبن سكّرة يقول: كان شرطي مع خمْرة - وهي التي يشببُ بها في شِعْره، وفيها يقولُ.
لِخَمرةَ عندي حديثٌ يطولُ ... رأتني أبولُ فكادت تبولُ

أن أعطيها على كل فرد أربعة دوانيق. فقال: فجاءتني يوماً فأعطيتُها درهمين ونكتها مرتين. ولم ينتشر علي في الثالث، فأردتُ ارتجاع قسط الواحد منها وامتْنعَتْ من ذلك. فبيْنا نحنُ في ذلك إذْ وقف سائلٌ على الباب، ودعا وسأل. فقُلْتُ له: ادخُل: فدخل. فقلْتُ: ليْس يحضُرني. ولكنْ نِكْ هذه، فقد استْوفتْ جذْرها. قال: فأخذ بيدها، ودخل البيت، وناكها. وخرجَ - وأيره في يده - وهو يقطُر، ويشيرُ إليه، ويقول لي: ثقل اللهُ بهذا مِيزانك يوم القيامةِ.

الباب العشرون
نوادر المعلمين
قال بعضُهم: مررت ببعض سككِ البصرة وإذا معلمٌ قد ضرب صبياً، وأقام الصبيان صفاً، وهو يقولُ هلم: اقرءوا. ثم جاء إلى صبي بجنْب الصبي الذي ضربه، فقال: قُل لهذا يقرأُ، فإني لست أكلمه.
قال أبُو عثمان: كان ابنُ شُبرمة لا يقبلُ شهادة المعلِّم، وربما قبل شهادة المؤدِّب.
وكان يحيى بنُ أكثم أسوأ الناس رأياً فيهم.
وكان السنديُّ بنُ شاهك لا يستحلِفُ المكاري، ولا الحائكَ، ولا الملاحَ، ويجعلُ القولَ قولَ المدَّعي ويقولُ: اللَّهم إني أستَخيرُك في الحمَّال ومعلِّم الكتاب.
وصفَ بعضُهم معلِّماً فقال: هو أفْرهُ الناسِ وصيفاً، وأكثرهُم رغيفاً.
قال بعضهم: مررْتُ بمعلم وإذا صِبيانُه يلعبُون ويقتَتِلُون، فقلتُ للمعلم: ما بالُ صبيانكَ ليْسُوا يَفْرَقُون منك!! قال: وأنا أيْضاً لستُ أفُرقُ منْهم.
قال: وقال غُلام لأبيه: لا أريد هذا المعلم. فقال له أبُوه: ما لَهُ؟؟ قال: يصْنُع بي أمْراً عظيماً. قال: يسْتخدِمُك؟ قال: أشد مِنْ ذلك. قال: فيضربُك؟ قال أشد من ذاك. قال: فيعُفجُك؟ قال أشد مِن ذَاك. قال: فأيُّ شيءٍ ويلك يفعلُ بك؟ قال: يأكُل غدايَ.
قال: كان معلمٌ يُقيمُ الصبيانَ صَفَّين، ويتكئ صبيين بيديه، ويقولُ: أربعةُ وأربعةٌ: ستةٌ. فقلت له: إذا كانَ أربعةٌ وأربعةٌ ستةً، فكمْ يكونُ ثلاثةٌ وثلاثةٌ؟ قال: صدقتَ. لم آخذْ جذْره.
وكان لأبي دواد المعلِّم ابنُ، فَمرضِ، فلما نَزعَ قال: اغْسِلوه. قالوا. لم يمتْ بعد. قال: إلى أن يُفرغَ من غَسْله ما قد ماتَ.
وقال شريكُه: تعلِّم الصبيانَ - وعليك قميصٌ جديدٌ فيسودونه عليك؟ قال: قد اشتريتُ قطْناً، وقلت لأهِلنا: يغْزلُون قميصاً خَلَقاً.
قال: مررتُ يوماً بمعلِّم - والصبيانُ يحذِفُون عينَه بالقَصب - وهو ساكتٌ - فقلت: ويحْكَ!! أرى منك عَجَبا. فقال: وما هُو؟ قلتُ: أراكَ جالِساً والصبيانُ يَحْذفُون عَيْنِك بالقَصب!! فقال: اسكتْ، ودَعْهُم. فما فَرحي والله إلا أنْ يُصيبَ عَيْني شيءٌ، فأريكَ كيفَ أنتِفُ لِحَي آبائهم.
كان بحمص مُعلم يُكنى أبا جعفر يتعاطى عِلْمَ الحساب، فصارتُ إليه يوماً امرأةٌ، فقالتْ: يا أبا جعفر:؛ قفيزُ دقيق بثمانيةِ دراهم كم يُصيبُني بأربعة دراهمَ؟ فقال لها، بعد أن فكَّرَ: في هذه المسألةِ ثلاثةُ أقوال: أحدهما أنْ تُعطى الرجُل أربعةٌ أخرى، وتأْخُذي قفِيزاً، والآخر: لك قفيزٌ إلا بأربعةِ دراهم. والثالث: تدفعين دِرْهمَ درهمَ، وتأْخذين مَكُّوكَ مكُّوكَ حتى تستوفين.
وصار إليه ثلاثةُ روز جارتين قد أخذوا أجْرتَهم دِرهمين فقالوا: يا أبا جعفر، كيف نَقْتٍسم الدِّرهمين ونحنُ ثلاثةٌ؟ قال: أسْقِطوا منكم واحداً، وخُذوا دِرهماً درهما. قالوا: سبحانَ الله!! كيفَ نُسْقِط أحدَنَا وقد عمِلَ؟ قال: فزيدوا واحداً. وخذوا نِصْفَ نصف. قالوا: كيف نزيد فينَا من لم يعمل ويأْخذ كرانا؟ قال: فخذوا نِصْفاً نصْفاً واشتروا بالباقي تمراً، وكُلوه.
وسألته امرأةٌ، فقالت: أربعةُ أرطال تمر بدرهم، كم يُصيبُني بدانق ونصف؟ ففكر ساعةً طولة، وأدخلَ يديه تحت ذَيْلِه، وجعلَ يحُسِبُ بهما ثم أخْرج يديْه وقد جَمعُهما، وقال: كُتلةٌ مثلُ هذه كبيرةٌ.
وقال بعضهم مررتُ بمعلم وهو جالسٌ وحده، وليس عِنْده من الصّبيان أحدٌ، فقلتُ له: يا معلِّمُ، ما فعل صبيانُك؟ فقال: خلْف الدُّور يتصافَعون. فقلتُ: أريد أن أنظرَ إليهم. فقال: إن كان ولا بُدَّ فغط رأسكَ، لا يحسبُونك أنا فيصفعُوك.

قال: ورأيتُ مُعلِّماً وقد جاء غلامان قد تعلَّق أحدهما بالآخر، وقال: يا معلِّمُ، هذا عضَّ أذُني. فقال الآخر: واللهِ ما عضَضْتُها، وإنَّما هو عضّ أذن نفْسِه. فقال له المعلم: يا بنَ الخبيثةِ. صار جَمَلاً حتى يعضَّ أذنَ نفسِه؟ قال: رأيتُ معلماً بالكوفة - وهو شيخٌ مخضوبُ الرأس واللحْية - وهو يجلس يبكي فوقفتُ عليه، وقلتُ: يا عمّ: مِمَّ تبكي؟ فقال: سرق الصبيانُ خُبْزي.
قال: وسمعتُ معلِّماً وهو يقرئُ صبيّاً وما أمْرُنَا إلا واحدةُ كَلمح بالبصر والصبيُّ يقول: كلحم بالبَصِل فقال له: يا فاعلُ، أحسبك تشتهي بصَليَّة قال: وقرأ صبي على معلِّم " الذين يقولون لا تُنْفقُوا على مَنْ عند رسول الله " فقال المعلم: من عِند أبيك القرنَان أوْلى، فإنه كثير المال يَا بنَ الفاعلة، هو ذا؟؟ تُلْزمُ النبي نفقةً لا تجبُ عليه. أعجبكَ كثرة ماله؟؟ قال: ورأيت معلماً وقد جاء صبي، فصفعة محكمة. فقال له المعلم: أيّهما أصْلبُ: هذه أم التي صَفعْتُك أمْس؟ قال: وكان بالمدينة معلِّم يُفْرط في ضرْب الصبيان، ويشتمهُم. فلاموه على ذلك، فسألني أن أقْعدَ عنده، وأشاهدَ حاله معهم، فقعدْتُ عنده، فإذا بصبي يقول: يا معلمُ: " وإن عليك اللعنةَ إلى يوم الدين " فقال: عليكَ وعلى أبويْكَ.
وجاء آخر، فقال: يا معلِّم: " فاخرجْ منها فإنك رَجيم " قال: ذاكَ أبُوك الكَشْخَان.
وجاء آخر، فقال: يا معلِّم: إني أريد أن أنْكِحَك " قال: انكح أمَّك الفاعلة.
وقال آخر: يا معلم: " ما لنا في بَنَاتِك من حقِّ " قال: لا، ولا كرامَة، فلا يزالُ معهم في مثل هذا وهو يَضْربُهم، ويُزَنِّيهم.
قال: ومررت بمعلِّم وقد جاء صبي صغير، فصفعه. فقلت له: لمَ تَدَعُ هذا الصبي يجترئُ عليك؟ فقال: دعْهُ فإني أشكُوه غداً إلى أبيه.
قرأ غلامٌ علي معلم: " إنا وجدْنا آباءنا على " أمْك " وإنا على آثارهم " فرد عليه المعلم " على أمَّةٍ " فقال: على أمِّك. فلما تكَّررَ قال المعلِّم: قُلْ: على أمِّي. فقال على أمِّي. فقال المعلم: على أي حال إذا وجَدْتَ أباكَ على أمِّك خيراً من أن تَجدَه على أميِّ أنَا واستفتحَ غلامٌ، فقال: يا معلِّم " إن أبي يدعوكَ " فقال: هَاتُمْ نعْلِي. فقال الغلامُ: إنما استَفْتحتُ. فقال: قد أنكرتَ أن يُفْلح أبُوك.
قال معلم لغلام: قُلْ: " قد أفْلحَ مَنْ زَكَاهَّا. وقد خَابَ من دسَّاها " . فقال: وقد داس مَنْ خبَّاها. فلم يزل يكرِّرُ ذلك عليه إلى أن أعْيَتْه العِلَّةُ. فقال المعلم: وقد داسَ مَنْ خبَّاها. فقال الغلامُ " وقد خاب من دسَّاها " . فقال المعلم لأبيه: قد قلتُ لكَ إنه لا يُفْلِح.
قالوا: إذا قال المعلّم للصبيان: تَهجَّوْا ذَهبّ عقْلُهُ أربعينَ صَباحاً.
وكان بعضُ المعلمين يعلِّم صبياً، وأمُّهُ حاضرةٌ، فقال له: اقرأ وإلا قمتُ ونكتُ أمَّك. فقالت الأمُّ: إنَّه صبي، ويتيم، واليتيمُ فيه لجَاجٌ، ولا يؤمِنُ بالشيء حتى يراه.
أراد معلم أن يتزوجَ امرأةً كان ابنُها عنده، فامتنعتْ عليه، فأمر بحْمل ابنها وضرْبه، وقال: لم قلتَ لأمك إن أير المعلم كبير؟ فلما رجع الصبي إلى أمه قال: ضربني المعلمُ وقال لي: كذا، وكذا. فوجَّهتْ إلى المعلِم: احضِرْ شهودَك تتزوجُّ. وتزوجته.
قال آخر: مررت بأحدِهم وصبي يقرأ عليه: " فذلك الذي يدُعُّ اليَتِيمَ " والمعلمُ يرد عليه: يدْعُو اليتيمَ، ويضربُه. قال: فجئتُ إليه، وقلتُ: هذا من الأمْر بالمعروفِ. ففسَر.
فقلتُ: يا شيخُ، الصبي على الصَّواب، وأنت على الخطأ. وإنهما معنى يدعُّ: يدْفعُ. قال: فزبرني، وأغْلظَ لي وقالَ: إنما معْناهُ يدعُو اليتيمَ ليفْسِقَ به. قال: فوليتُ وقلتُ: أنت لا تَرْضى أن تُخطئ حتى تفسرَ.
وقال: مررتُ بمعلم وهو يضرب صَبيْانَه كلَّهم، فسألتُه عن الذَّنْب فقال: يُرْجفُون بي. قال: بماذا؟ قال: يزعُمون أني أحجُّ العامَ، وأمُّ مَنْ نوى هذا قَحبةٌ.
قال: كان يعلم معلمٌ صبيّاً: " وإذا قال لقمان لابْنهِ " " لا تقصُصْ رؤياك على إخُوتك فَيَكيدُوا لك كَيْداً " قيل: ما هذا؟ قال: أبوه يدخلُ مشاهرة شهر في شهر، وأنا أدخله مِن سورة في سورة.
وقرأ صبي على معلِّم: أريدُ أن أنكحكَ. فقال: هذا إذا قرأتَ على أمِّك الزانيةِ.
وقرأ آخر!! وأمَّا الآخرُ فتصلَبُ. فقال: هذا إذا قرأت علي أبيك القَرنَان.

قالت امرأةٌ لمعلم: إذا كان مكُّوكُ دقيق بدرهم. كم يكون بربع درهم؟ فتحير، ثم قال: ممن اشتريتِ؟ قالت: مِنْ فلان الدَّقاق. قَال: اقْنعي بما يعطيك فإنه ثِقةٌ.
قال جرابُ الدولة: كان عندنا بسجستانَ معلمٌ سخيف اجتزتُ يوماً به يقولُ لصبي بين يديه: اقرأ يا بنَ الزَّانية. فأخذت أوبِّخه، فقال: اسكتْ. فقد نكتُ أمَّه كثيراً.
قال: أبو دواد لشريكه: يا أبا الحسين، دارُ جعفر بن يحيى، خيرٌ أو دارُ وردِ؟ فأطرقَ، ثم قال: خَيُرهما عند الله أتْقاهُما.
قال بعضُهم: مررتُ بمعلِّم وهو يتلَوى، فقلتُ: ما شأْنُكَ يا شيخُ؟ قال: ما نمتُ البارحةَ من ضربان العُرُوق. فنظرْت إليه، وقلتُ: أنتَ والله صحيحٌ سليمٌ مثلُ الظلِيم. فغضِب واستشَاط، وقال: أحدُكم يضربُ عليه عِرقٌ واحد فلا ينامُ الليلة كله من الصياح، وأنا يَضْربُ على حُزمة عروق، وتريدونَ مني ألا أصِيحَ؟ فقلتُ: وأيُّ حزمة تضربُ عليك؟ فكشفَ عن أير مثل أير البغل وقال: هذا.
وقال بعضُهم: سألتُ معلماً: أنت أسَنُّ أمْ أخوك؟ فقال: إذا جاء رمضانُ استوينا.
حُكي أنه كان في بعض دُروب بغدادَ معلمٌ، فاجتازَ به أبو عمر القاضي يوماً بزينة تامَّة، وهيئة حسنة، فقال المعلم: تَرونَ هذا؟ إن خشخشةَ ثيابه، وقَعْقَعةَ مرْكبهِ هو تظْلُّم الأرامل والأيْتَام.
فبلغ ذلك أبا عُمر، فدعاهُ، وأدْنَاهُ، وأحْسنَ إليه، فكان إذا رآه بعد ذلك يقول: ما خَشْخشةُ ثيابه، وقعقعةُ مرْكبه إلا تسبيحُ الملائكةِ وتهلُيلهم.

الباب الحادي والعشرون
نوادر الصِّبيان
قال رجل لابنه: ما أراك تُفْلح أبداً. فقال الأبن: إلا أنْ يرزقني الله مؤدبا غيرَك.
قال بعضهم: أحضِرْتُ لتعليم المعتزّ - وهو صغير - فقلت له: بأي شيء تبدأ اليوم؟ فقال: بالانصراف.
قال بعضهم: رأيتُ أعرابياً يعاتبُ ابناً له صغيراً، ويذكر حقه عليه. فقال الصبي: يا أبهْ إنَّ عِظمَ حقِّك علي لا يُبطلُ صغيرَ حقي عليك، والذي تمتُّ به إلى أمتُّ بمثله إليك، ولست أقولُ: إنا سواءُ، ولكن لا يجْمُل الاعتداءُ.
عرْبدَ غلام على قوم، فأراد عمُّه أن يعاقبَه، ويؤدِّبَه، فقال له: يا عمِّ: إني قد أسأْتُ، وليسَ معي عقْلي، فلا تُسيء بي ومعَك عقلُك.
ونظر دَميمٌ يوماً في المرآة، وكان ذميماً، فقال: الحمدُ لله، خلقّني فأحسن خلقي وصورني فاحسن صورتي، وابن له صغيرٌ، يسمع كلامه. فلما خرج سألهُ رجلٌ - كان بالباب - عن أبيه. فقال: هو بالبيتِ يكْذبُ على الله.
كان الفتحُ بن خاقان - وهو صبي - بين يديى المعتصم، فقال له، وعرضَ عليه خاتَمّهُ: هل رأيتَ - يا فتحُ - أحسنَ من هذا الفصِّ؟ قال: نعم: يا أميرَ المؤمنين اليدُ التي هو فيها أحسنُ منه.
وعاد المعتصمُ أباه - والفتح صغيرٌ - فقال له: داري أحسنُ أم دارُ أبيك؟ قال: يا أميرَ المؤمنين، دارُ أبي ما دُمتَ فيه.
قال ابنُ أبي ليلى: رأيتُ بالمدينة صبياً قد خرجَ من دار، وبيدِه عُودٌ مكشوفٌ. فقلتُ له: غطه لا ذُعِرْتَ. قال: أو يْغطى من اللهِ شيءٌ. لا تلفتَ.
قال الفرزدقُ لغلام أعجبهُ إنشادُه: أيسرني أني أبوك؟ قال: لا، ولكنْ أمي، لُيصيبَ أبي من أطايبك.
قال البلاذُري: أدخِلَ الرّكاضُ وهو ابنُ أربع سنين إلى الرشيد ليعجبَ من فطنته، فقال له: ما تحبُّ أنْ أهَبَ لك؟ قال: جميلَ رأيك فإني أفوزُ به في الدُّنيا، والآخرة، فأمر له بدنانيرَ، ودراهمَ فصُبَّتْ بين يديه. فقال: اختر الأحبَّ إليك. قال: الأحبَّ إلى أمير المؤمنين، وهذا مِنْ هذَين، وضربَ يدَه إلى الدَّنانير فضحك الرشيدُ، وأمر أن يضم إلى ولده، ويجري عليه.
اجتازَ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه بصبيان يلعبون، وفيهم عبدُ الله ابن الزُّبير فتهاربُوا إلا عبدَ الله فإنه وقفَ. فقال له عمرُ: لِمَ لمْ تَفِرّ مع أصحابك؟ قال: لم يكُن لي جُرمٌ فأفرَّ منك، ولا كان الطريقُ ضيّقاً فأُوسِّعَهُ عليك.
قال إياسُ: كان لي أخٌ، فقال لي وهو غلام صغيرٌ: مِنْ أي شيء خُلقنا قلتُ: مِنْ طين. فتناول مَدَرةً، وقال: مِنْ هذا؟ قلتُ: نعم. خلَق الله آدم من طين: قال: فيستطيع الذي خلقنا أن يُعيدنا إلى هذا الذي خلقنا منه؟ قلتُ: نعمْ. قال: فينبغي لنا أن نخافَه.
قيل لغلام: أتحبُّ أن يموتَ أبُوك؟ قال: لا، ولكنْ أحِبُّ أنْ يُقتلَ لأرثَ ديتَه فإنَّه فقير.

قَعَدَ صبي مع قوم، فقُدم شيء حارٌّ، فأخذ الصبي يبكي. فقالوا: ما يُبْكيك؟ قال: هو حارٌّ. قالوا: فاصبرُ حتى يبرَدَ. قال: أنتم لا تصبرون.
خرج صبي من بيتِ أمِّه في صَحو، وعاد في مطر شديد، فقالت له أمُّه: فَديتُك ابني هذا المطُر كلهُّ على رأسِك يجيء. قال: لا يامي. كان أكْثُره على الأرض، ولو كان كلُّه على رأسي لَغرقتُ.
وسمع آخر أمَّه تبكي في السَّحرَ، فقال: لِمَ تبكينَ؟ قالتْ: ذكرتُ أباك، فاحترق قلبي. قال الصبيُّ: صدقْتِ. هذا وقتُه.
وجهّ رجل ابنه إلى السوق ليشتري حبلاً للبئر، ويكون عشرين ذراعاً، فانصرف مِنْ بعض الطريق. وقال: يا أبي. في عرْض كَمْ ؟ قال: في عَرْض مصيبتي فيك.
وقال آخر لابنه، وهو في المكتب. في أي سُورة أنت؟ فقال: لا أقِسمُ بهذا البلد، ووالد بلا ولد. فقَال: لعمرْي. مَنْ كنتَ ولدَه فهو بلا ولد.
وقال آخر لابنه: أين بلغْتَ عند المعلِّم؟ فقال: الفرجَ. أراد الفجرَ. فقال الأبُ: أنت بعدُ في حر أمِّك.
قيلَ لبعضهم: إن ابنكَ يناك. فقال لأبنه: ما هذا الذي يُقال؟ قال: كذَبُوا وإنما أنا أنيكهم: فلما كان بعد أيام رآهُ وقد اجتمع عليه عدةٌ من الصبيان ينيكونه، فقال: مِمَّن تعلمتَ هذا النيك؟ قال: مِنْ أمي.
قال ابنُ أبي زيد الحامِض: قال لي أبي: يا بني، ليس واللهِ تُفْلحُ أبداً فقال له: يا أبه!! ليس والله أُحْنِثُك.
جاء صبي إلى أبيه، فقال: يا أبَه. قد وجدتُ فأساً قال: هاته - يا بُني. قال: ليس في رأسه حديدٌ. قال: يا مشئوم!! فقل: وجدتُ وتدا.

الباب الثاني والعشرون
نوادر للعبيد والمماليك
ولي بعض الأمراء مولى بعد غيبة طويلة فقال: أنت في الأحياء بعد فقال: وأنا أستخير أن أموت قبل مولاي الأمير.
قال بعضهم: رأيت في السوق غلاما يُنادي عليه، فقدمتُ واستعرضته فقال: إن أردت أن تشتريني فاعلم أني قد حلفت أن لا أنيك مولاي أبداً حتى ألقى الله، فإذا إنّه المسكين كان مُبلى بصاحب يؤذيه ويستنيكه.
استباع غلام فقيل: لم تستبيع؟ قال: لأن مولاي يُصَلي من قعود وينيكني من قيام ويلحَن إذا قرأ القرآن ويُعرب إذا زنا بي.
قال الدّارمي لغلامه: بأبي أنت وأمي لو كان العِتق مثل الطّلاق لسَررتُك بواحدة.
اعترض بعضهم غلاماً أراد شراءه فقال يا غلام: إن أشتريتك تُفلح؟ فقال: فإن لم تشتر.
قال أبو العيناء: أشتُرى للواثق عبدٌ فصيحٌ من البادية، فأتيناه وجعلنا نكتب عنه كلّ ما يقول، فلما رأى ذلك مِنّا قلّب طرفه وقال: إنّ تراب قعرها لملتْهب.
يقال ذلك للرجُل يُسَر الناس برؤيته لانتفاعهم به وأصل ذلك: أنّ الحافر يحفر فإن خرج التّراب مُرّا علم أنّ الماء مِلح وإن كان طيّباً علم أنّ الماء عذب فأنبط وإذا خرج طيّباً انتبه الصبيان.
اشترى بعضُ الهاشميّين غلاماً فصيحاً فبلغ الرشيد خبره، فأرسل إليه يطلبه. فقال يا أمير المؤمنين: لم أشتره إلا لك، فلمّا وقف الغلام بين يدي الرّشيد قال له: إنّ مولاك قد وهبك لي. فقال الغلام: يا أمير المؤمنين ما زِلْتُ ولا زُلْتُ.
قال: فَسِّر. فقال: ما زِلتُ لك وأنا في مِلكه ولا زُلتُ عن مِلكه، فأُعجب الرّشيد به وقدّمه.
قال أبو العيناء: مررت بسُوق النخّاسين بالبصرة، فإذا غلام يُنادي عليه ثلاثين ديناراً والغلام يُساوي خمسمائة دينار، فاشتريته وكنت أبني داراً فدفعت إليه عشرين ديناراً على أن يُنفقها، فلم أزل أصك عليه حتى أنفق نحو العشرة. ثم صككت بشيء آخر. فقال لي: فأين أصل المال؟ قلتك ارفع إلي حِسَابك، فرفع حِسَاباً بعشرة دنانير. فقلت: فأَين الباقي؟ قال: اشتريت ثوباً مصمتاً وقطعته. قلت: من أمرك بهذا؟

قال: إنّ أهل المُرَوَّات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلاً يعود زينة عليهم. قال: فقلتُ في نفسي: أشتريتُ الأصمعي وابن الأعرابي ولم أدر. وكانت في نفسي امرأة أردت تزوجّها فقالت يا غلام: فيك خير. قال: وهل الخير إلا في. فقلت له: قد عزمت على كذا. وتزوجتها ودفعتُ إلى الغلام ديناراً وقلتُ له: خُذ لنا سمكاً هازبي، فأبطأ واشترى مارماهي فأنكرت عليه خلافي. فقال يا مولاي: فكّرتُ فإذا بُقراط يقول: الهازبي يُولد السّوداء والمارمَاهي أقلّ غائلة. قلت: لا الذي بقُراط أنت أم جالينوس وأدخلته البيت وضربته عشرة، فلما قام أخذني وضربني سبعة وقال يا مولاي: الأدب ثلاثة وسبعة لها قِصاص، فغاظني ورميته فشججته، فمضى إلى ابنه عمي وقال لها: الدين النصيحة وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منّا.
وقال: مولى القوم منهم: وأعلمك أنّ مولاي تزوّج واستكتمني، فلما أعلّمتُه أني مُعرفّك ما فعل شجنّي، فوجّهت إلى بنت عمى بغِلمان، فبطِحت في الدّار وضربت وسمتّه النّايح، فما كان يتهيأ لي كلامه. فقلت: اعتقه، فلعلّه يمضي عني، فلزمني ولذّ بي وقال: الآن وجب حقك علي، ثم إنّه أراد الحجّ، فجهزّته، فغاب عني عشرين يوماً ورجع فقلت: لم رجَعْتَ؟ فقال: قُطع علينا وفكّرتُ، فإذا الله جل وعزّ يقول: " والله على الناسِ حج البيتِ مَنِ اسْتطاعَ إليْه سبِيلاً " وكنت غير مُستطيع وإذا حقك أوجَبُ على فرَجَعْتُ، ثم إنه أراد الغزو فجهّزتُه، فلما صار على عشرة فراسخ بعتُ ما كان لي بالبصرة وخرجت عنها خوفاً أن يرجع وصرت إلى بغداد.
قال بعضهم: استعرضْتُ غلاماً فقلت له: يا غلام تحبّ أن أشتريك. فقال: حتى أسأَل عنك.
أعتق عبد الله بن جعفر غلاماً، فقال الغلام: أكتُب كما أملي.
قال: فأملِ. قال: اكتُب: كنتَ بالأمسِ لي، فوهَبْتُك لمن وهَبَكَ لي، فأنت اليوم واليوم صرت مثلي، فكتب ذلك واستحسنه وزاده خيراً.
قال حماد بن إسحاق الموصلي: كان لأبي غلام يسْتقي الماء لمن في داره على بغْلَين، فانصرف أبي يوماً وهو يَسُوقُ البغل وقد قَرُب من الحوض الذي يصُبّ فيه الماء. فقال: ما خبَرُك يا فتح؟ قال: خبري أنّه ليس في الدّار أشقي منّي ومنك.
قال: وكيف؟ قال: لأنك تُطعمهم الخُبز وأنا أسقيهم الماء، فضحك منه وقال: فما تحب أن أصنع بك؟ قال: تعتقني وتهب لي هذين البغلين، ففعل ذلك.
/الفصل السادس

بسم الله الرحمن الرحيم
وأنعمت فزد، الحمد لله الذي إذا أراد شيئاً قدره تقديرا، وكان خلقه عليه يسيرا، " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون " .

خلق ورزق، وقد أبدأ وعلم، وألهم وسدد، وأرشد وبشر، وأنذر ووعد وأوعد، خلقنا بحكمته البالغة، ورزقنا من نعمته السابغة، وذرأنا بقوته القاهرة، وبرأنا بقدرته الباهرة، وعلمنا رشد الدين، وألهمنا برد اليقين، وسددنا للنهج القويم، وأرشدنا إلى الصراط المستقيم،، وبشرنا بثوابه العظيم، وأنذرنا بعقابه الأليم، ووعدنا على الطاعة خيرا دائما، وأوعدنا عن المعصية شرا لازما، وبعث إلينا رسله الداعين إليه، الدالين عليه، نادين إلى فرضه، قائمين بحقه في أرضه، واجتبى منهم محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى آله واصطفاه واختاره لدينه وارتضاه فبعثه إلى الأسود والأحمر، والفصيح والأعجم، والمؤمن والمعاند، والمقر والجاحد، والداني والشاحط، والراضي والساخط، والبر والفاجر، والمسلم والكافر، حتى أوضح لهم الدين . وأرشدهم أجمعين، فوجبت فرية الثواب لمن استجاب فاهتدى . وحقت كلمة العذاب على من ارتاب فاعتدى . وسعد من سمع دعاءه فأقر وقر، وشقى من صم عنه فنفر وفر، وبعثه تعالى بكلمة الصدق وأرسله بالهدى ودين الحق، وأيده بالأعلام من أسرته، والنجوم من عترته، والسابقين إلى صحبته ونصرته، حجج الله على الخلق، وسيوفه على المارقين من الحق، جاهدوا في الله حق الجهاد، وأذلوا أهل الشقاق والعناد ن حتى قال عز من قائل " يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين " ، اللهم فضل عليه وعليهم صلاة أوجبتها لهم بإحسانك العميم، واستوجبوها منك باجتهادهم العظيم إنك أنت السميع المجيب اللهم وفقنا لاتباع أمرك، وأعنا على أعباء شكرك، ولا تحرمنا الشكر إذا أوليت، والأجر إذا أبليت، واجعل توفيقك لنا رائداً وقائدا وهاديا وحاديا وموافقا ومرافقا ومعينا وقريبا، فلا حول إلا بك ولا توفيق إلا منك، ولا عصمة إلا إذا عصمت، ولا سلامة إلا إذا سلمت، فاقرن لنا سلامة النفس بسلامة اليقين، وسعادة الدنيا بسعادة يوم الدين، وصل على السراج المنير والنور المستبين محمد خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين .
هذا هو الفصل السادس من كتاب نثر الدر ويشتمل على ستة عشر بابا الباب الأول: فيه نكت من كلام فصيح الأعراب الباب الثاني: فيه فقر وحكم للاعراب الباب الثالث: أدعية وكلام لسؤال الأعراب الباب الرابع: في أمثال العرب الباب الخامس: في النجوم وأنواعها على مذهب العرب الباب السادس: أسجاع الكهان العرب الباب السابع: أوابد العرب الباب الثامن: وصايا العرب الباب التاسع: أسامي أفراس العرب الباب العاشر: أسامي سيوف العرب الباب الحادي عشر: نوادر الأعراب الباب الثاني عشر: أمثال العامة والسفل الباب الثالث عشر: نوادر أصحاب الشراب والسكارى الباب الرابع عشر: في أكاذيب العرب وغيرهم الباب الخامس عشر: في نوادر المجان الباب السادس عشر: نوادر في الضراط والفساء

الباب الأول
نكت من فصيح كلام العرب وخطبهم
حدثنا الصاحب كافي الكفاة رحمة الله عليه عن الأبجر عن ابن دريد عن عمه عن ابن الكلبي عن أبيه قال: ورد بعض بني أسد من المعمرين على معاوية فقال له: ما تذكر؟ قال: كنت عشيقاً لعقيلة من عقائل الحي أركب لها الصعب والذلول، أتهم وأنجد وأغور لاآلو مربأة في متجر إلا أتيته، يلفظني الحزن إلى السهل، فخرجت أقصد دهماء الموسم، فإذا أنا بقباب سامية على قلل الجبال مجللة بأنطاع الطائف وإذا جزر تنحر، وأخرى تساق، وإذا رجل جهوري الصوت على نشز من الأرض ينادي: يا وفد الله: الغداء، الغداء إلا من تغدى فليخرج للعشاء.
قال: فجهرني ما رأيت فدلفت أريد عميد الحي، فرأيته على سرير ساسم على رأسه عمامة خز سوداء كأن الشعرى العبور تطلع من تحتها، وقد كان بلغني عن حبر من أحبار الشام أن النبي التهامي هذا أوان مبعثه.
فقلت: عله. وكدت أفقه به.
فقلت: السلام عليك يا رسول الله. فقال: لست به، وكأن قد وليتني به، فسألت عنه فقيل: هذا أبو نضلة هاشم بن عبد مناف فقلت هذا المحبر والسناء والرفعة لا مجد بني جفنة. فقال معاوية: أشهد أن العرب أوتيت فصل الخطاب.
وصف أعرابي قوماً فقال كأن خدودهم ورق المصاحف، وكأن حواجبهم الأهلة وكأن أعناقهم أباريق الفضة.

دخل ضرار بن عمرو والضبي على المنذر بعد أن كان طعنه عامر بن مالك فأذراه عن فرسه فأشبل عليه بنوه حتى استشالوه فعندها قال: من سره بنوه ساءته نفسه، فقال له المنذر: ما الذي نجاك يومئذ؟ قال: تأخير الأجل، وإكراهي نفسي على المق الطوال.
قال معاوية: لصحار العبدي: ما هذه البلاغة التي فيكم؟ قال: شيء تجيش به صدورنا فتقذفه على ألسنتنا. فقال له رجل من عرض القوم: هؤلاء بالبسر أبصر منهم بالخطب. فقال صحار: أجل والله إنا لنعلم أن الريح لتلقحه، والبرد ليعقده، وأن القمر ليصبغه، وأن الحر لينضجه، فقال معاوية: فما تعدون البلاغة فيكم؟ قال الايجاز قال: وما الإيجاز؟ قال: أن تجيب فلا تبطئ، وتقول فلا تخطئ. قال معاوية: أو كذا لي تقول؟ قال صحار: أقلني يا أمير المؤمنين لا تبطئ ولا تخطئ.
تكلم صعصعة عند معاوية فعرق، فقال معاوية: بهرك القول؟ قال صعصعة: إن الجياد نضاحة بالماء.
قيل لبعضهم: من أين أقبلت؟ قال: من الفج العميق. قال: فأين تريد؟ قال: البيت العتيق. قالوا: وهل كان ثم من مطر؟ قال: نعم حتى عفى الأثر وأنضر الشجر، ودهده الحجر.
قال الجاحظ: ومن خطباء إياد قس بن ساعدة الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيته بسوق عكاظ على جمل أحمر وهو يقول: أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت. وهو القائل في هذه: " الآيات محكمات، مطر ونبات، وآباء وأمهات، وذاهب وآت، ونجوم وتمور وبحار لا تغور وهو القائل: " يا معشر إياد: أين ثمود وعاد؟ أين الآباء والأجداد؟ وأين المعروف الذي لم يشكر؟ وأين الظلم الذي لم ينكر؟ أقسم قس قسماً إن لله لديناً وهو أرضى له وأفضل من دينكم هذا.
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن الأهتم عن الزبرقان ابن بدر فقال: إنه لمانع لحوزته، مطاع في أدنيه قال الزبرقان حسدني يا رسول الله ولم يقل الحق. قال عمرو. وهو والله زمر المروءة، ضيق العطن، لئيم الخال. فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في عينيه فقال: يا رسول الله رضيت. فقلت: أحسن ما علمت، وغضبت. فقلت: أسوأ ما علمت وما كذبت في الأولى وصدقت في الأخرى فقال صلى الله عليه وسلم: " إن من البيان لسحرا " .
وكان عامر بن الظرب العدواني حكماً وكان خطيباً رئيساً وهو الذي قال: يا معشر عدوان، الخير ألوف عروف ولن يفارق صاحبه حتى يفارقه، وإني لم أكن حكيماً حتى اتبعت الحكماء ولم أكن سيدكم حتى تعبدت لكم.
قال بعضهم، قلت لأبي الحصين: ما أعجب ما رأيت من الخصب؟ قال: كنت أشرب رثيئة تجرها الشفتان جراً، وقارصاً إذا تجشأت جدع أنفي، ورأيت الكمأة تدوسها الإبل بمناسمها، وخلاصة يشمها الكلب فيعطس.
قيل لأعرابي: ما وراءك؟ قال: خلفت أرضاً تتظالم معزاها يقول: سمنت، وأشرت فتظالمت.
قال سعيد بن سلم: كنت والياً بأرمينيه فغبر أبو دهمان الغلابي على بابي أياماً فلما وصل مثل بين يدي قائماً بين السماطين فقال: إني والله لأعرف أقواماً لو علموا أن سف التراب يقيم من إصلاح أولادهم لجعلوه مسكة لأرماقهم إيثاراً للتنزه عن عيش رقيق الحواشي، أما والله إني لبعيد الوثبة، بطيء العطفة، إنه والله ما يثنيني عليك إلا مثل ما يصرفك عني، ولأن أكون مقلاً مقرباً، أحب إلي من أن أكون مكثراً مبعداً والله ما نسأل عملاً لا نضبطه ولا مالاً إلا ونحن أكثر منه، إن هذا الأمر الذي صار في يدك قد كان في يد غيرك، فأمسوا والله حديثاً، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً فتحبب إلى عباد الله. بحسن البشر ولين الجانب، فإن حب عباد الله موصول بحب الله، وبغضهم موصول ببغض الله وهم شهداء الله على خلقه، ورقباء على من اعوج عن سبيله.
دخل على المهدي وفود خراسان فقام رجل منهم فقال: أطال الله بقاء أمير المؤمنين، إنا قوم نأينا عن العرب، وشغلتنا الحروب عن الخطب، وأمير المؤمنين يعرف طاعتنا، وما فيه مصلحتنا، فيكتفي منا باليسير دون الكثير ويقتصر منا على ما في الضمير دون التفسير فقال أنت خطيب القوم.

قال أبو عمرو بن العلاء، رأيت أعرابياً بمكة فاستفصحته فقلت ممن الرجل؟ قال، أسدي يريد أزدي قلت، أين بلدك؟ قال، عمان قلت: صف لي بلدك. فقال: بلد صلدح، وكثيب أصبح، وفضاء صحصح قلت: ما مالك؟ قال: النخل قلت: أين أنت من الإبل؟ قال: إن النخل ثمرها غذاء، وسعفها ضياء وكربها صلاء وليفها رشاء، وجذعها بناء، وقروها إناء قلت أنى لك هذه الفصاحة؟ قال: إنا ننزل حجرة لا نسمع فيها ناجخة التيار.
وخطب بعض الأعراب فقال: إن الدنيا دار بلاغ، والآخرة دار قرار، أيها الناس خذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، واخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم ففيها حييتم ولغيرها خلفتم، اليوم عمل بلا حساب وغداً حساب بلا عمل، إن الرجل إذا هلك قال الناس: ما ترك؟ وقالت الملائكة: ما قدم؟ فلله آباؤكم قدموا بعضاً يكن لكم قرضاً، ولا تخلفوا كلاً فيكون عليكم.
قيل لبني عبس: كيف كنتم تصنعون؟ قالوا: كنا لا نبدأ أبداً بظلم، ولم نكن بالكثير فنتوكل، ولا بالقليل فنتخاذل، وكنا نصبر بعد جزع الناس ساعة.
وسئل دغفل عن المماليك فقال: عز مستفاد، وغيظ في الأكباد كالأوتاد.
قال أبو بكر لسعيد، أخبرني عن نفسك في جاهليتك وإسلامك فقال: أما جاهليتي فوالله ما خمت عن بهمة، ولا هممت بأمة ولا نادمت غير كريم، ولا رئيت إلا في خيل مغيرة أو في حمل جريرة أو في نادي عشيرة، وأما مذ خطمني الإسلام فلن أذكي لك نفسي.
قال رجل لغلامه: إنك ما علمت لضعيف قليل الغناء. قال: وكيف أكون ضعيفاً قليل الغناء، وكيف كفيتك ثمانين بعيراً نزوعاً وفرساً جروراً ورمحاً خطيا وامرأة فاركاً.
قيل لأعرابي: صف لنا خلوتك مع عشيقتك قال: خلوت بها والقمر يرينيها، فلما غاب القمر أرتنيه، قيل فما أكثر ما جرى بينكما؟ قال: أقرب ما أحل الله مما حرم، الإشارة بغير بأس، والتعرض لغير مساس، ولئن كانت الأيام طالت بعدها، لقد كانت قصيرة معها.
وذكر بعضهم مسجد الكوفة فقال: شاهدنا في هذ المسجد قوماً كانوا إذا خلعوا الحذاء، عقدوا الحبا، وقاسوا أطراف الأحاديث، حيروا السامع وأخرسوا الناطق.

دخل عبد الله بن عبد الله بن الأهتم على عمر بن عبد العزيز مع العامة فلم يفاجأ عمر إلا وهو ماثل بين يديه، فتكلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن الله خلق الخلق غنياً عن طاعتهم، آمناً من معصيتهم، والناس يومئذ في المنازل والرأي مختلفون، والعرب بشر تلك المنازل، أهل الحجر والوبر، وأهل المدر الذين تحتار دونهم طيبات الدنيا، ورفاغة عيشها، ميتهم في النار، وحيهم أعمى مع لا يحصى من المرغوب عنه، والمزهود فيه، فلما أراد الله أن ينشر عليهم رحمته، بعث إليهم رسولاً من أنفسهم عزيزاً عليه ما عنتوا، حريصاً عليهم، بالمؤمنين رءوفاً رحيماً، فلم يمنعهم ذلك من أن جرحوه في جسمه، ولقبوه في اسمه ومعه كتاب من الله ناطق، لا يرحل إلا بأمره، ولا ينزل إلا بإذنه، واضطروه إلى بطن غار، فلما أمر بالعزيمة، انبسط لأمر الله لونه، فأفلح الله حجته، وأعلى كلمته، وأظهر دعوته، وفارق الدنيا تقيا نقياً، ثم قام بعده أبو بكر فسلك سنته، وأخذ بسبيله، وارتدت العرب، فلم يقبل منهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الذي كان قابلاً منهم، فانتضى السيوف من أغمادها، وأوقد النيران من شعلها، ثم ركب بأهل الحق إلى أهل الباطل، فلم يبرح يفصل أوصالهم، ويسقي الأرض دماءهم حتى أدخلهم في الذي خرجوا منه، وقررهم بالذي نفروا منه، وقد كان أصاب من مال الله بكراً يرتوي عليه، وحبشية ترضع ولداً له، فرأى من ذلك غصة عند موته في حلقه، فأدى ذلك إلى خليفة من بعده وبرئ إليهم منه، وفارق الدنيا تقياً نقياً على منهاج صاحبه ثم قام من بعده عمر بن الخطاب فمصر الأمصار، وخلط الشدة باللين، فحسر عن ذراعيه، وشمر عن ساقيه وأعد للأمور أقرانها، وللحرب آلتها، فلما أصابه قن المغيرة استهل بحمد الله ألا يكون أصابه ذو حق في الفيء فيستحل دمه بما استحق من حقه، فقد كان أصاب من مال الله مائة وثمانين ألفاً فكسر بها رباعه، وكره بها كفالة أولاده، فأوى ذلك إلى خليفة من بعده، وفارق الدنيا تقياً نقياً على منهاج صاحبيه، ثم إنا والله ما اجتمعنا بعدهما إلا على ظلع، ثم إنك يا عمر ابن الدنيا ولدتك ملوكها، وألقمتك ثديها، فلما وليتها ألقيتها حيث ألقاها الله، فالحمد لله الذي جلا بك حوبتنا، وكشف بك كربتنا، امض ولا تلتفت، فإنه لا يعز على الحق شيء، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات، ولما أن قال: ثم إنا والله ما اجتمعنا بعدهما إلا على ظلع سكت الناس إلا هشاما فإنه قال: كذبت.
قال الأصمعي: كان حبيب الروم يقول في قصصه: اتقوا لقية من خنع فقنع، واقترف فاعترف، ووجل فعمل، وحاذر فبادر، أفاد ذخيرة، وأطاب سريرة، وقدم مهاداً واستظهر ذاداً.
لما وصل عبد العزيز بن زرارة إلى معاوية قال: يا أمير المؤمنين: لم أزل استدل بالمعروف عليك، امتطي النهار عليك، فإذا الوى بي الليل فقبض البصر وعفى الأثر والاجتهاد يعذر وإذا بلغتك فقطني.
قال أعرابي خرجت حين انحدرت أيدي النجوم، وشالت أرجلها فما زلت أصدع الليل، حتى انصدع الفجر.
سئل أعرابي عن زوجته - وكان حديث عهد بعرس - كيف رأيت أهلك؟ فقال: أفنان أثلة، وجنى نخلة، ومس رملة، ورطب نخلة، وكأني كل يوم آئب من غيبة.
وصف آخر مرح فرس فقال: كأنه شيطان في أشطان. وقيل لآخر: كيف عدو فرسك؟ قال: يعدو ما وجد أرضاً.
وقال الآخر لأخيه ورأى حرصه على الطلب: يا أخي، أنت طالب ومطلوب، يطلبك من لا تفوته، وتطلب ما قد كفيته، فكأن ما غاب عنك قد كشف لك، وما أنت فيه قد نقلت عنه. يا أخي: كأنك لم تر حريصاً محروماً، ولا زاهداً مرزوقاً.
ذم أعرابي رجلاً فقال: أنت والله ممن إذا سأل ألحف، وإذا سئل سوف، وإذا حدث خلف، وإذا وعد أخلف، تنظر نظرة حسود، وتعرض إعراض حقود.
قال بعضهم، مضى سلف لنا اعتقدوا منناً، واتخذوا الأيادي عند إخوانهم ذخيرة لمن بعدهم، وكانوا يرون اصطناع المعروف عليهم فرضاً وإظهار البر والإكرام عندهم حقاً واجباً، ثم حال الزمان عن نشء آخر حدثوا، اتخذوا مننهم صناعة وأياديهم تجارة، وبرهم مرابحة، واصطناع المعروف بينهم مقارضة، كنقد السوق، خذ مني وهات.
افتتح بعضهم خطبة فقال: بحمد الله كبرت النعم السوابغ، والحجج البوالغ، بادروا بالعمل، بوادر الأجل، وكونوا من الله على وجل، فقد حذر وأنذر، وأمهل حتى كأن قد أهمل.

وفد هانئ بن قبيصة على يزيد بن معاوية فاحتجب عنه أياماً ثم إن يزيد ركب يوماً يتصيد، فتلقاه هانئ فقال: إن الخليفة ليس بالمحتجب المتخلي، المتنحي، ولا بالمتطرف المتنحي ولا الذي ينزل على العدوات والفلوات، ويخلو باللذات والشهوات، وقد وليت أمرنا، فأقم بين أظهرنا، وسهل إذننا واعمل بكتاب الله فينا، فإن كنت عجزت عما هاهنا، واخترت عليه غيره، فازدد علينا بيعتنا، نبايع من يعمل بذلك فينا ونقمه، ثم عليك بخلواتك، وصيدك وكلابك. قال: فغضب يزيد وقال: والله لولا أن أسن بالشام سنة العراق لأقمت أودك. ثم انصرف وما هاجه بشيء وإذن له ولم تتغير منزلته عنده، وترك كثيراً مما كان عليه.
كان العيالمي يقول: الناس لصاحب المال ألزم من الشعاع للشمس ومن الذنب للمصر، ومن الحكم للقر، وهو عندهم أرفع من السماء، وأعذب من الماء، وأحلى من الشهد، وأذكى من الورد، خطؤه صواب، وسيئته حسنة، وقوله مقبول، يغشى مجلسه، ولا يمل حديثه قال: والمفلس عند الناس أكذب من لمعان السراب، ومن رؤيا الكظة، ومن مرآة اللقوة ومن سحاب تموز، لا يسأل عنه إن غاب ولا يسلم عليه إن قدم، إن غاب شتموه، وإن حضر زبروه، وإن غضب صفعوه، مصافحته تنقض الوضوء، وقراءته تقطع الصلاة، أثقل من الأمانة، وأبغض من الملحف المبرم.
قال أعرابي: خرجت في ليلة حنلس قد ألقت أكارعها على الأرض فمحت صور الأبدان فما كنا نتعارف إلا بالأذان، فسرنا حتى أخذ الليل ينفض صبغه.
بعث النعمان جيشاً إلى الحارث بن أبي شمر فقال: من يعرف عدونا الذي أنقذنا إليه جيشنا؟ فقال بعض بني عجل: أنا قلت: فصفه قال: هو قطف نطف، صلف قصف، فقام الوديم وهو عمرو بن ضرار فقال: أبيت اللعن، أو طال العشوة، هو والله حليم النشوة، جواد الصحوة شديد السطوة. فقال: هكذا ينبغي أن يكون عدونا.
سئل أعرابي من عبس عن ولده، فقال: ابن قد كهل، وابن قد رفل، وابن قد عسل، وابن قد فسل، وابن قد مثل، وابن قد فصل.
قال الأصمعي: قيل لبني عبس: كيف صبرتم، وكيف كانت حالكم فيما كنتم فيه؟ قالوا طاحت والله الغرائب من النساء، فما بقي إلا بنات عم، وما بقي معنا من الإبل إلا الحمر الكلف، وما بقي من الخيل إلا الكميت الوقاح وطاح ما سوى ذلك من الأهلين والمال.
وذم أعرابي قوماً فقال: بيوت تدخل حبواً إلى غير نمارق، وشبارق فصح الألسنة برد السائل، جذم الأكف عن النائل.
قال الأصمعي: حججت فبينا أنا بالأبطح إذا شيخ في سحق عباء، صعل الرأس أثط أخزر أزرق، كأنما ينظر من فص زجاج أخضر، فسلمت فرد علي التحية، فقلت: ممن الشيخ؟ قال: من بني حمزة ابن بكر بن عبد مناف بن كنانة. قلت: فما الاسم؟ قال خميصة ابن قارب. ثم أعرابي أنت؟ قلت: نعم قال: من أية؟ قلت: من أهل بصرة قال: فإلى من تعتزي؟ قلت: قيس بن غيلان. قال: لأيهم؟ قلت: أحد بني يعصر، وأنا أقلب ألواحاً معي. قال: ما هذه الخشبات المقرونات قلت: اكتب فيهن ما أسمع من كلامكم. قال: وإنكم مختلون إلى ذلك. قلت: نعم، وأي خلة. ثم صمت ملياً ثم قال في وصف قومه: كانوا كالصخرة الصلادة تنبو عن صفحاتها المعاول ثم زحمها الدهر بمنكبه فصدعها صدع الزجاجة مالها من جابر فأصبحوا شذر مذر أيادي سبأ، ورب يوم والله عارم قد أحسنوا تأديبه، ودهر غاشم قد قوموا صعره، ومال صامت قد شتتوا تألفه، وخطة بؤس قد حسمها إحسانهم وحرب عبوس ضاحكتها أسنتهم، أما والله يا أخا قيس لقد كانت كهولهم جحاجح، وشبابهم مراجح ونائلهم مسفوح، وسائلهم ممنوح وجنانهم ربيع وجارهم منيع. فنهضت لأنصرف فأصر بمجامع ذيلي وقال: أجلس فقد أخبرتك عن قومي حتى أخبرك عن قومك فقلت في نفسي: إن الله يشيد في قيس والله وصمة تبقى على الدهر.
فقلت: حسبي، لا حاجة لي إلى ذكرك قومي قال: بلى هم والله هضبة ململمة العز أركانها والمجد أحضانها، تمكنت في الحسب العد تمكن الأصابع في اليد فقمت مسرعاً مخافة أن يفسد علي ما سمعت.
قال أعرابي لقومه وقد ضافوا بعض أصحاب السلطان: يا قوم لا أغركم من نشاب معهم في جعاب كأنها نيوب الفيلة وقسي كأنها العتل ينزع أحدهم حتى يتفرق شعر إبطه ثم يرسل نشابه كأنها رشاء منقطع فما بين أحدكم وبين أن يصدع قلبه منزلة! قال: فصاروا والله رعباً قبل اللقاء.

ذكر أعرابي امرأة فقال: رحم الله فلانة إن كانت لقريبة بقولها بعيدة بفعلها يكفها عن الخنى أسلافها، ويدعونا إلى الهوى كلامها كانت والله تقصر عليها العين ولا يخاف من أفعالها الشين.
وصف أبو العالية امرأة فقال جاء بها والله كأنها نطفة عذبة في شن خلق ينظر إليه الظمآن في الهاجرة.
وقال أبو عثمان رأيت عبداً أسود لبني أسيد قدم علينا من شق اليمامة فبعثوه ناطوراً وكان وحشياً يغرب في الإبل فلما رآني سكن إلي، فسمعته يقول: لعن الله بلاداً ليس بها عرب قاتل الله الشاعر. حيث يقول:
حر الثرى مستغرب التراب
إن هذه العريب في جميع الناس كمقدار القرحة في جلد الفرس فلولا أن الله رق عليهم فجعلهم في حشاه، لطمست هذه العجمان آثارهم أترى الأعيار إذا رأت العتاق لا ترى لها فضلاً، والله ما أمر نبيه بقتلهم إلا لضنه بهم و لا ترك قبول الجزية منهم إلا لتركها لهم.
قال حصن بن حذيفة: إياكم وصرعات البغي وفضحات المزاح.
وقف جبار بن سلمى على قبر عامر بن الطفيل فقال: كان والله لا يضل حتى يضل النجم ولا يعطش حتى يعطش البعير، ولا يهاب حتى يهاب السيل، وكان والله خير ما يكون حين لا تظن نفس بنفس خيراً.
قيل لشيخ: ما صنع بك الدهر فقال: فقدت المطعم وكان المنعم واجمت النساء وكن الشفاء فنومي سبات وسمعي خفات وعقلي تارات.
وسئل آخر فقال: ضعضع قناتي وأوهن شواتي وجرأ علي عداتي.
صعد أعرابي منبراً فلما رأى الناس يرمقونه صعب عليه الكلام فقال: رحم الله عبداً قصر من لفظه، ورشق الأرض بلحظه، ووعى القول بحفظه قدم وفد من العراق على سليمان بن عبد الملك فقام خطيبهم فقال: يا أمير المؤمنين، ما أتيناك رهبة ولا رغبة فقال سليمان: فلم جئت لا جاء الله بك. قال: نحن وفود الشكر أما الرغبة فقد وصلت إلينا في رحالنا، وأما الرهبة فقد أمناها بعدلك، ولقد حببت إلينا الحياة، وهونت علينا الموت. فأما تحبيبك الحياة إلينا فبما انتشر من عدلك وحسن سيرتك وأما تهوينك علينا الموت فلما نثق به من حسن ما تخلفنا به في أعقابنا الذين تخلفهم عليك. فاستحيى سليمان وأحسن جائزته.
ذكر أعرابي في ظلم وال وليهم فقال: ما ترك لنا فضة إلا فضها ولا دهباً إلا ذهب به، ولا غلة إلا غلها، ولا ضيعة إلا أضاعها ولا عقاراً إلا عقره، ولا علقاً إلا اعتلقه، ولا عرضاً إلا عرض له، ولا ماشية إلا امتشها، ولا جليلاً إلا جله، ولا دقيقاً إلا دقه.
قال عمر لعمرو بن معدي كرب: أخبرني عن قومك. فقال: نعم القوم قومي، عند الطعام المأكول، والسيف المسلول.
دخل خالد بن صفوان التميمي على السفاح وعنده أخواله من بني الحارث بن كعب فقال: ما تقول في أخوالي؟ قال: هم هامة الشرف وخرطوم الكرم، وغرس الجود إن فيهم لخصالاً ما اجتمعت في غيرهم من قومهم إنهم لأطولهم أمماً، وأكرمهم شيماً، وأطيبهم طعماً، وأوفاهم ذمماً وأبعدهم همماً، هم الجمرة في الحرب، والرفد في الجدب، والرأس في كل خطب، وغيرهم بمنزلة العجب. فقال له: وصفت أبا صفوان فأحسنت، فزاد أخواله في الفخر، فغضب أبو العباس لأعمامه فقال: أفخر يا خالد؟ فقال: أعلى أخوال أمير المؤمنين؟. قال: نعم، وأنت من أعمامه. فقال: وكيف أفاخر قوماً هم بين ناسج برد وسائس قرد، ودابغ جلد، وراكب عرد. دل عليهم الهدهد، وغرقتهم فأرة، وملكتهم امرأة؟ فأشرق وجه أبي العباس وضحك.
حدث أن صبرة بن شيمان الحراني دخل على معاوية، والوفود عنده فتكلموا فأكثروا فقال صبرة: يا أمير المؤمنين، إنا حي فعال، ولسنا بحي مقال ونحن بأدنى فعالنا عند أحسن مقالهم فقال: صدقت.
يروى أن معاوية قال لدغفل: ما تقول في بني عامر بن صعصعة؟ فقال: أعناق ظباء، وأعجاز نساء. قال: فما تقول في بني تميم؟ قال: حجر أخشن إن صادفته آذاك، وإن تركته أعفاك. قال: فما تقول في اليمن؟ قال: سيود أبوك.
قال الجاحظ: رأيت رجلاً من غنى يفاخر رجلاً من بني فزارة ثم أحد بني بدر بن عمرو، وكان الغنوي متمكناً من لسانه، وكان الفزاري بكياً. فقال الغنوي: ماؤنا بين الرقم إلى كذا، وهم جيراننا فيه، فنحن أقصر منهم رشاء، وأعذب منهم ماء، لنا ريف السهول ومعاقل الجبال، وأرضهم سبخة، ومياههم أملاح، وأرشيتهم طوال، والعرب من عز بز فبعزنا ما تخيرنا عليهم، وبذلهم ما رضوا عنا بالضيم.

ذكر حجل بن نضلة بين يدي النعمان معاوية بن شكل فقال: أبيت اللعن إنه لقعو الأليتين، مقبل النعلين، مشاء بأقراء، تباع إماء قتال ظباء. فقال النعمان: أردت أن تذيمه فمدهته.
لما ظفر المهلب بالخوارج وجه كعب بن معدان إلى الحجاج فسأله عن بني المهلب فقال: المغيرة فارسهم وسيدهم، وكفى بيزيد فارساً شجاعاً، وسخيهم قبيصة، ولا يستحي الشجاع أن يفر من مدرك، وعبد الملك سم ناقع، وحبيب موت ذعاف، ومحمد ليث غاب، وكفاك بالمفضل نجدة. قال: فكيف خلفت جماعة الناس؟ قال: خلفتهم بخير، قد أدركوا ما أملوا، وأمنوا ما خافوا قال: وكيف كان بنو المهلب فيهم؟ قال: كانوا حماة السرج نهاراً، فإذا اليلوا ففرسان البيات. قال: فأيهم كان أنجد؟ قال: كانوا كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفها. قال: فكيف كنتم أنتم وعدوكم؟ قال: كنا إذا أخذنا عفونا جدوا فيئسنا منهم، وإذا اجتهدوا واجتهدنا طمعنا فيهم. فقال الحجاج: إن العاقبة للمتقين. كيف أفلتكم قطري؟ قال: كدناه ببعض ما كادنا به فصرنا منه إلى التي نحب. قال: فهلا اتبعتموه؟ قال: كان الحد عندنا أثراً من الفل. قال: فكيف كان لكم المهلب وكنتم له؟ قال: كان لنا منه شفقة الوالد، وله منا بر الولد. قال فكيف اغتباط الناس؟ قال فشا فيهم الأمن وشملهم النفل. قال: أكنت أعددت هذا الجواب؟ قال: لا يعلم الغيب إلا الله عز وجل. فقال: هكذا والله يكون الرجال، المهلب كان أعلم بك حيث وجهك.
وقال عمر لمتمم بن نويرة: إنك لجزل، فأين كان أخوك منك؟ قال: كان والله يخرج في الليلة الصنبر يركب الجمل الثفال، ومجنب الفرس الحرور، وفي يده الرمح الخطي، وعليه الشملة الفلوت وهو بين المزادتين حتى يصبح، فيصبح متبسماً.
يروى أن خالد بن صفوان دخل على يزيد بن المهلب وهو يتغدى فقال: ادن، فكل. فقال: أصلح الله الأمير لقد أكلت أكلة لست ناسيها.
قال: وما أكلت؟ قال: أتيت ضيعتي لإبان الأغراس، وأوان العمارة فجلت فيها جولة حتى إذا صحرت الشمس، وأزمعت بالركود، ملت إلى غرفة لي هفافة، في حديقة قد فتحت أبوابها، ونضح بالماء جوانبها وفرشت أرضها بألوان الرياحين من بين ضيمران نافخ، وسمسق فائح، وأقحوان زاهر، وورد ناضر، ثم أتيت بخبز أرز كأنه قطع العقيق، وسمك جراني بيض البطون، زرق العيون، سود المتون، عراض السرر: غلاظ القصر، ودقة وخلول، ومرى وبقول، ثم أتيت برطب أصفر صاف غير أكدر لم تبتدله الأيدي، ولم تهتشمه كيل المكاييل، فأكلت هذا ثم هذا، قال يزيد: يا بن صفوان لألف جريب من كلامك، خير من ألف جريب مزروع.
علم المنصور ابنه صالحاً خطبة فقام بها في الناس في مجلسه فلم يشيع كلامه أحد خوفاً من المهدي، فبدأ شبة بن عقال المجاشعي من الصف فقال: والله ما رأيتك اليوم خطيباً أبل ريقاً ولا أنبض عروقاً ولا أثبت جناباً ولا أعذب لساناً، وقليل ذلك لمن كان أمير المؤمنين أباه والمهدي أخاه، هو كما قال الشاعر:
هو الجواد فإن يلحق بشاوهما ... على تكاليفه فمثله لحقا..
أو يسبقاه على ما كان من مهل ... فمثل ما قدما من صالح سبقا
فاستحسن كلامه وعلقه المنصور بيده.
ومن الأخبار القديمة أن لقمان بن عاد ولقيم ابنه أغارا فأصابا إبلاً، ثم انصرفا نحو أهلهما، فنحرا ناقة في منزل نزلاه. فقال لقمان: أتعشى أم أعشى لك؟ فقال لقيم أي ذلك شئت. قال لقمان: اذهب فارع إبلك وعشها حتى ترى النجم قمة رأس، وحتى ترى الجوزاء كأنها قطاً نوافر وحتى ترى الشعرى كأنها نار، فإلا تكن عشيت فقد آنيت. قال له لقيم: واطبخ أنت لحم جزورك فأز ماء واغله حتى ترى الكراديس كأنها رؤوس شيوخ صلع، وحتى ترى اللحم يدعو غطيفاً أو غنياً أو غطفان، فإن لم تكن أنضجت فقد آنيت.
ذكر عند عمر الزبيب والتمر أيهما أطيب، فقال رجل: الحبلة أفضل أم النخلة؟ فقال: الزبيب إن آكله أضرس وإن أتركه أغرث ليس كالصقر في رؤوس الرقل الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل تحفة الصائم، وتحفة الكبير وصمتة الصغير وتعلة الصبي ونزل مريم ابنة عمران، وينضج ولا يعنى طابخه وتحترش به الضباب من الصلعاء.

قال: وبعث رجل بنين له يرتادون في خصب فقال أحدهم: رأيت بقلاً وماء غيلاً، يسيل سيلاً، وخوصة تميل ميلاً، يحسبها الرائد ليلاً. وقال الثاني: رأيت ديمة على ديمة في عهاد غير قديمة، تشبع منها الناب قبل الفطيمة.
وقيل لبعضهم: ما وراءك؟ قال: التراب يابس، والأرض سراب، فالمال عائس عابس.
قال خالد للقعقاع: أنافرك على أينا أعظم للسجاح، وأطعن بالرماح. وأنزل بالبراح قال: لا بل عن أينا أفضل أباً وأماً وجداً وعماً، وقديماً وحديثاً. فقال خالد: أعطيت يوماً من سأل وأطعمت حولاً من أكل، وطعنت فارساً طعنة شككت فجذبه بجنب الفرس، فأخرج القعقاع نعلين وقال: ربع عليهما أبي أربعين مرباعاً لم يثكل فيهن تميمية ولداً.
ذكر متمم بن نويرة أخاه مالكاً فقال: كان يخرج في الليل الصنبرة، عليه الشملة الفلوت، بين المزادتين النضوحتين، على الجمل الثفال، معتقل الرمح الخطي فيصبح متبسماً.
وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن الأهتم عن الزبرقان فقال: مانع لحوزته، مطاع في أدنيه فقال الزبرقان أما أنه قد علم أكثر مما قال ولكنه حسدني شرفي. فقال عمرو أما لئن قال ما قال فوالله ما علمته إلا الضيق العطن، زمر المروءة، لئيم الخلق، حديث الغنى، فلما رأى أنه قد خالف قوله الأول ورأى النكار في عين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا رسول الله رضيت؟ فقلت: بأحسن ما علمت وغضبت، فقلت: بأقبح ما علمت.
كانت خطبة النكاح لقريش في الجاهلية: باسمك اللهم ذكرت فلانة، وفلان بها شغوف لك ما سألت، ولنا ما أعطيت.
دخل الهذيل بن زفر على يزيد بن المهلب في حمالات لزمته، ونوائب نابته. فقال له: أصلحك الله قد عظم شأنك عن أن يستعان بك، ويستعان عليك، ولست تصنع شيئاً من المعروف وإن عظم إلا وأنت أعظم منه، وليس العجب أن تفعل وإنما العجب ألا تفعل. فقال يزيد: حاجتك؟ فذكرها، فأمر له بها وبمائة ألف درهم فقال: أما الحمالات فقد قبلتها، وأما المال فليس هذا موضعه.
وسأل عمر رضي الله عنه عمرو بن معدي كرب عن سعد فقال: خير أمير، نبطي في حبوته، عربي في نمرته أسد في تامورته يعدل في القضية، ويقسم بالسوية، ينقل إلينا حقنا، كما تنقل الذرة. فقال عمر: لسر ما تقارضتما الثناء.
قيل لواحد من العرب: أين شبابك؟ فقال: من طال أمده وكثر ولده، ودف عدده، وذهب جلده، ذهب شبابه.
وقال رجل من بني أسد: مات لرجل منا ابن، فاشتد جزعه عليه، فقام إليه شيخ منا فقال: اصبر أبا مهدية فإنه فرط أفترطته، وخير قدمته، وذخر أحرزته فقال مجيباً له، بل ولد ودفنته، وثكل تعجلته، وغيب وعدته، والله لئن لم أجزع من النقص، لم أفرح بالمزيد.
قال ابن أقيصر: خير الخيل الذي إذا استدبرته حنأ، وإذا استقللته أقعى، وإذا استعرضته استوى، وإذا مشى ردى، وإذا عدا دحا. ونظر إلى خيل عبد الرحمن ابن أم الحكم، فأشار إلى فرس منها فقال: تجيء هذه سابقة، قالوا: وكيف ذاك؟ قال: رأيتها مشت فكتفت،وخبت فوجفت وعدت فنسفت فجاءت سابقة.
قال الحجاج لرجل من الأزد: كيف علمك بالزرع؟ قال: إني لا أعلم من ذلك علماً. قال: فأي شيء خيره؟ قال: ماغلظ قصبته وأعتم نبته وعظمت حبته. قال: فأي العنب خير؟ قال: ما غلظ عموده، واخضر عوده، وعظم عنقوده. قال: فما خير التمر؟ قال: ما غلظ لحاه ودق نواه ورق سحاه.
وتكلم أهل التمر وأهل الزبيب عند عمر فقال: أرسلوا إلى أبي حثمة الأنصاري فسألوه فقال: ليس كالصقر في رؤوس الرقل الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، تعلة الصبي، ينضج ولا يعنى طابخه به، يحترش به الضب من الصلعاء، ليس كالزبيب الذي إن أكلته ضرست، وإن تركته غرثت.
وقال أبو العباس لخالد بن صفوان: يا خالد إن الناس قد أكثروا في النساء، فأي النساء أحب إليك؟ قال يا أمير المؤمنين، أحبها ليست بالضرع الصغيرة، ولا بالفانية الكبيرة وحسبي من جمالها أن تكون فخمة من بعيد، مليحة من قريب، أعلاها قضيب. وأسفلها كثيب، غذيت في النعيم، وأصابتها فاقة فأدبها النعيم، وأذلها الفقر، لم تفتك فتمجن، الهلوك على زوجها، الحصان من جارها، إذا خلونا كنا أهل دنيا، وإذا افترقنا كنا أهل آخرة.
قال عمارة بن عقيل: أصابتنا سنون ثلاث لم نحتلب فيهن رئلاً، ولم نلقح نسلاً، ولم نزرع بقلاً.

تكلم الوفود عند عبد الملوك حتى بلغ الكلام إلى خطيب الأزد فقام فقبض على قائم سيفه ثم قال: قد علمت العرب أنا حي فعال، ولسنا بحي مقال، وأنا نجزى بفعلنا عند أحسن قولهم، ونعمل السيف. فمن مال قوم السيف أوده. ومن نطق الحق أرده. ثم جلس. فحفظت خطبته دون كل خطبة.
قال الأصمعي: بلغني عن بعض العرب فصاحة فأتيته لأسمع من كلامه فصادفته يخضب فلما رآني قال: إن الخضاب لمن مقدمات الضعف، ولئن كنت قد ضعفت فطالما مشيت أمام الجيوش وعدوت على صيد الوحوش ولهوت بالنساء، واختلت في الرداء، وأرويت السيف، وقريت الضيف، وأبيت العار، وحميت الجار، وغلبت القروم، وعاركت الخصوم، وشربت الراح، ونادمت الجحجاج، فاليوم قد حناني الكبر، وضعف البصر، وجاءني بعد الصفاء الكدر.
قال: سمعت أعرابياً يعاتب أخاه ويقول: أما والله لرب يوم كتنور الطهاة رقاص بالحمامة، قد رميت بنفسي في أجيج سمومه أتحمل منه ما أكره لما نحب.
قال روح بن زنباع لمعاوية: نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تحط مني شرفاً أنت رفعته، أو أن تهدم مني بيتاً أنت شيدته، وأن تشمت بي عدواً أنت قمعته.
ذكر عمرو بن معد يكرب بني سليم فقال: بارك الله على حي بني سليم ما أصدق في الهيجاء لقاؤها، وأثبت في النوازل بلاؤها، وأجزل في النائبات عطاؤها، والله لقد قاتلتهم فما أجبنتهم، وهاجيتهم فما أفحمتهم وسألتهم فما أبخلتهم.
جرى بين الخوات وبين جبير والعباس بن مرداس كلام فقال خوات: أما والله لقد تعرضت لشبابي، وشبا أنيابي، وحسن جوابي، لتكرهن غيابي. فقال عباس: أنت والله يا خوات لئن استقبلت لعني وفني، وذكا سني، لتنفرن مني. أإياي توعد يا خوات، يا مأوى السوآت والله لقد استقبلك اللؤم فودعك، واستدرك فكسعك، وعلاك فوضعك، فما أنت بمهجوم عليك من ناحية إلا عن فصل أو إياي ثكلتك أمك تروم وعلي تقوم، والله ما ميطت سوأتك بعد ولا ظهرت منها. فقال عمر: أيها عنكما، إما أن تسكتا، وإما أن أوجعكما ضرباً. فصمتا وكفا.
كان الربيع بن ضبع من المعمرين ودخل على عبد الملك بن مروان فقال له عبد الملك: وأبيك يا ربيع لقد طلبك جد غير عاثر ثم قال: فصل لي عمرك قال: عشت مائتي سنة في الفترة من عيسى بن مريم وعشرين ومائة في الجاهلية وستين في الإسلام فقال: أخبرني من فتية من قريش المتواطئ الأسماء. قال: سل عن أيهم شئت. قال: أخبرني عن عبد الله بن عباس قال: فهم وعلم وعطاء، خدم ومقرىء ضخم. قال: فأخبرني عن عبد الله بن عمر قال: حلم وعلم وطول كظم، وبعد عن الظلم.
قال: فأخبرني عن عبد الله بن جعفر قال: ريحانة طيب ريحها، لين مسها، قليل عن المسلمين ضرها. قال: فأخبرني عن عبد الله بن الزبير. قال: جبل وعر، تنحدر منه على الصخر. قال: لله درك يا ربيع ما أخبرك بهم؟ قال: يا أمير المؤمنين قرب جواري، وكثر استخباري.
كان كعب بن لؤي يقوم في الناس أيا م الحج فيقول: أيها الناس اسمعوا وأنصتوا واعلموا وتعلموا، ليل ساج، ونهار ضاح والأرض مهاد، والجبال أوتاد والنجوم أعلام، والأنثى والذكر زوج،روالآخرين كالأولين، وإلف يلي كل ما يهيج، هل رأيتم ظاعناً رجع الدار أمامكم؟ والظن غير ما تقولون، صلوا أرحامكم، واحفظوا أظهاركم، وثمروا أموالكم. حرمكم زينوه وعظموه، تمسكوا به، فسيأتي له نبأ ويبعث به نبي.
كان قابوس بن منذر ملكاً مترفاً قليل الغزو، كثير اللهو وكان له سمار، وكان يحبه أن يعري بين أصحابه ليتسابوا، فاجتمع في مجلسه أربعة من رجال العرب منهم الحصين بن ضرار الضبي، وأحمير بن بهدلة السعدي، وضمرة بن جابر النهشلي وعمارة وابن رشد العبسي فقال قابوس: يا حصين إن هذا وأشار إلى ضمرة يزعم أنك غانم الفرى صيك الذر، إنزال بالغموض، رعاء بالرفوض. فقال: أيها الملك إن زعم ذلك فإنه خبيث الزاد، لاصق الرماد، قصير العماد تباع للأذواد فقال ضمرة: والله أيها الملك إنه لوعاء خطائط، وزاد مطائط.
ولاج موارط، غير صميم لأواسط، ثم أقبل على أحيمر فقال: إن هذا وأشار إلى عمارة يزعم إنك بقاق في النزى، كل على القوى، مذموم الشيم محجل البرم.

فقال: أبيت اللعن أما إنه إن زعم ذلك فإنه لمناع للموجود سآل عن المفقود، بكاء على المعهود، فناؤه واسع، وضيفه جائع، وشره شائع، وسره ذائع. فقال عمارة. هو والله أيها الملك ذري المنظر سيء المخبر، لئيم المكسر يهلع إذا أعسر، ويبخل إذا أيسر، ويكذب إذا أخبر. إن عاهد غدر وإن أؤتمن ختر، وإن قال أهجر، وإن وعد أخلف، وإن سأل ألحف، يرى البخل حزماً، والسفاه حلما، والمرزئة كلما، فقال: قدك ألهمته.
قال رائد مرة تركت الأرض مخضرة كأنها حولا بها قصيصة رقطاء، وعرفجة خاضبة، وعوسج كأنه النعام من سواده.
وقال آخر في صفة ناقة إذا اكحالت عينها وأللت أذنها وسجح خذها وهدل مشفرها واستدارت جمجمتها فهي كريمة.

الباب الثاني
فقر وحكم للأعراب
ذكروا أن قوماً أضلوا الطريق، فاستأجروا أعرابياً يدلهم على الطريق، فقال: إني والله ما أخرج معكم حتى أشرط لكم وعليكم. قالوا: فهات مالك. قال: يدي مع أيديكم في الحار والقار. ولي موضع في النار موسع علي فيها، وذكر والدي محرم عليكم. قالوا: فهذا لك، فما لنا عليك إن أذنبت؟ قال: إعراضة لا تؤدي إلى عتب، وهجرة لا تمنع من مجامعة السفرة. قالوا: فإن لم تعتب؟ قال: حذفة بالعصا أصابت أم أخطأت.
كان الرشيد معجباً بخط إسماعيل بن صبح فقال لأعرابي حضره: صف إسماعيل. فقال: ما رأيت أطيش من قلمه، ولا أثبت من حلمه.
مدح أعرابي رجلاً برقة اللسان فقال: كان والله لسانه أرق من ورقة، وألين من سرقة.
وقال آخر: أتيناه فأخرج لسانه كأنه مخراق لاعب.
نظر عمر بن الخطاب إلى نهشل بن قطن وكان ملتفاً في بت في ناحية المسجد، وزاده آهبة وقلة. وعرف تقديم العرب له في الحكم والعلم فأحب أن يكشفه ويسبر ما عنده فقال: أرأيت لو تنافرا إليك اليوم لأيهما كنت تنفر، يعني علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل.
قال: يا أمير المؤمنين لو قلت فيهما كلمة لأعدتها جدعة قال عمر: لهذا العقل تحاكمت إليك العرب.
قال عامر بن الظرب: الرأي نائم، والهوى يقظان فمن هناك يغلب الهوى الداني.
قال أعرابي لهشام بن عبد الملك بن مروان: أتت علينا أعوام ثلاث، فعام أكل الشحم، وعام أكل اللحم، وعام أنتقي العظم، وعندكم فضول أموال، فإن كانت لله فأقسموها بين عباد الله، ولو كانت لكم فتصدقوا، إن الله يجزي المتصدقين. قال: هل من حاجة غير ذلك؟ قال: ما ضربت إليك أكباد الإبل، ادرع الهجير، وأخوض الدجى لخاص دون عام.
قيل لأعرابي: مالك لا تضع العمامة عن رأسك؟ قال: إن شيئاً فيه السمع والبصر لحقيق بالصون.
كان هشام يسير ومعه أعرابي إذا انتهى إلى ميل عليه كتاب، فقال للأعرابي أنظر أي ميل هذا؟ فنظر ثم رجع. فقال: عليه محجن، وحلقة، وثلاثة كأطباء الكلبة ورأس كأنه منقار قطاة فعرفه هشام بصورة الهجاء ولم يعرفه الأعرابي، وكان عليه خمسة.
قال الهيثم بن عدي: يمين لا يحلف بها الأعرابي أبداً أن يقول له: لا أورد الله لك صادراً، ولا أصدر لك وارداً، ولا حططت رحلك، ولا خلعت نعلك.
خرج عثمان من داره فرأى أعرابياً في شمله. فقال: يا أعرابي أين ربك؟ قال: بالمرصاد. وكان الأعرابي عامر بن عبد قيس وكان ابن عامر سيره إليه.
سأل الحجاج أعرابياً عن أخيه محمد بن يوسف فقال: كيف تركته؟ قال: عظيماً سينماً قال ليس عن هذا أسألك قال تركته ظلوماًغشوماً قال: أما علمت أنه أخي؟ قال: أتراه بك أعز مني بالله.
قيل لشيخ من الأعراب: قمت مقاماً ما خفنا عليك منه؟ قال: الموت أخاذ شيخ كبير، ورب غفور لا دين، ولا بنات.
وقال آخر لبعض السلاطين: أسألك بالذي أنت بين يديه، أدل مني بين يديك، وهو على عقابك أقدر منك على عقابي، ألا نظرت في أمري نظر من ير براءتي، أحب إليه من سقمي.
قال إسحاق المدني: جلس إلى أعرابي فقال: إني أحب المعرفة، وأجلك عن المسألة.

حبس مروان بن الحكم رجلاً من بني عبس فأتاه بشيخ منه فكلمه فيه فأبى أن يطلقه. فقال: أما والله لئن كنت حبسته، لقد كان تقياً، ذا مروءة. قال: وما المروءة فيكم يا أخا بني عبس؟ قال: صدق الحديث وصلة الرحم، وإصلاح المال. فأعجب مروان وكان إذا أعجب الشيء دعا له ابنيه عبد الملك وعبد العزيز ليسمعاه، قال: فدعاهما ثم استعاده، فأعاد الشيخ القول، وحضر طعام مروان فدعاه إلى طعامه فلم يجبه، فدعا ابنا له كان معه فأجاب. قال مروان لشيخ. ابنك خير منك يا أخا بني عبس، دعوناك إلى طعامنا فلم تجب، ودعوناه فأجاب فقال العبسي: ما أحسبه ضر أباه إن كنت خيراً منه. فضحك مروان حتى استلقى وأطلق له صاحبه.
قال عبد الملك بن مروان لرجل من العرب: كيف علمك بالكواكب؟ قال: لو لم أعرف منها غير النجم لكفاني، - يريد نجم الثريا - فقال له: وكيف ذاك؟ قال: إذا طلعت من المشرق حصدت زرعي، وإذا توسطت السماء جردت نخلي، وإذا سقطت في الغرب دفنت بذري، هذا تدبير معيشتي. فقال عبد الملك: حسبك بها علماً.
قال هشام لأعرابي: كيف أفلت من فلان عامل له؟ قال: ببراءته وعدله.
وقال آخر: نعم أخو الشريف درهمه، يغنيه عن اللئام، ويتجمل به في الكرام.
دخل أعرابي على بعض الولاة فقال: ممن الرجل؟ فقال: من قوم إذا أحبوا ماتوا. قال: عذري ورب الكعبة.
تقول العرب:
طلع النجم غديه ... فابتغى الراعي شكيه
طلع النجم عشاء ... فابتغى الراعي كساء
يريدون الثريا، ويقولون في الهلال: ابن ليلة عتمه سخيله حل أهلها برميلة. ابن ليلتين، حديث أمتين، بكذب ومين ابن ثلاث، حديث فتيات غير جد مؤتلفات. ابن أربع عتمة ربع، غير جائع ولا مرضع. ابن خمس عشاء خلفات قعس. ابن ست سر وبت. ابن سبع، دلجة الضبع. ابن ثمان، قمر إضحيان، ابن تسع، ملتقط منه الجزع، ابن عشر يؤديك إلى الفجر.
قال أعرابي: ما غبنت قط حتى يغبن قومي. قيل: وكيف؟ قال: لا أفعل شيئاً حتى أشاورهم.
قال أعرابي: ورأى إبل رجل كثرت بعد قلة، فقيل له أنه قد زوج أمه فجاءته بمال. فقال: اللهم إنا نعوذ بك من بعض الرزق.
سأل أعرابي رجلاً حاجة فمنعه فقال: الحمد لله الذي أفقرني من معروفك ولم يعنك عن شكري.
قال أعرابي لابنه وتكلم فأساء: اسكت يا بني، فإن الصمت صون اللسان وستر العي.
قال آخر: ابذل لصديقك كل مودة، ولا تبذل له كل طمأنينة واعطه من نفسك كل مواساة، ولا تفض إليه بكل الأسرار.
اجتمع قوم بباب الأوزاعي يتذاكرون، وأعرابي من كلب ساكت، قال له رجل: بحق ما سميتم خرس العرب. فقال: يا هذا أما سمعت أن لسان الرجل لغيره وسمعه له.
وشتم رجل أعرابياً فلم يجبه فقيل له في ذلك فقال: أنا لا أدخل في حرب الغالب فيها شر من المغلوب.
قال أعرابي: أكثر الناس بالقول مدل وبالفعل مقل..
وقال آخر: رب بعيد لا يفقد بره، ورب قريب لا يؤمن شره.
وقال آخر: أبين العجز: قلة الحيلة، وملازمة الحليلة.
وقال آخر: ألم أكن نهيتك أن تريق ماء وجهك بمسألتك من لا ماء في وجهه؟!.
وصف آخر عبد الله بن جعفر فقال: كان إذا افتقر نفسه وإذا استغنى لم يستغن وحده.
وقال آخر: أحسن الأحوال حال يغبطك بها من دونك، ولا يحقرك بها من فوقك.
وصف آخر رجلاً: إن أتيته احتجب، وإن غبت عنه عتب وإن عاتبته غضب.
وقال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: أعجز الناس من قصر في طلب الأخوان، وأعجز منه من ظفر به منهم، ثم ضيعهم.
وقال آخر: لو عاونني الحال ما استبطأتك إلا بالصبر ولا استزدتك إلا بالشكر.
وقال آخر: إن يسير مال أتاني عفواً لم أبذل فيه وجهاً، ولم أبسط إليه كفاً، ولم أغضض له طرفاً، أحب إلي من كثير مال أتاني بالكد، واستفراغ الجهد.
وقال آخر: لا تصغر أمر من حاربت أو عاديت فإنك إن ظفرت لم تحمد وإن عجزت لم تعذر.
هنأ بعضهم فتى أراد البناء على أهله فقال: بالبركة وشدة الحركة والظفر في المعركة.
قال أعرابي وقد نظر إلى دينار: قاتلك الله ما أصغر قيمتك، وأكبر همتك.
وقال آخر: اجمعوا الدراهم فإنها تلبس اليلمق: وتطعم الجردق.
قال أبو عمرو بن العلاء: دفعت إلى ناحية فيها نفير من الأعراب فرأيتها مجدبة فقلت لبعضهم ما بلدكم هذا؟ فقال: لا ضرع ولا زرع.

قلت: فكيف تعيشون؟ قال: نحترش الضباب، ونصيد الدواب فنأكلها، قلت: كيف صبركم عليه؟ فقال: يا هناه! نسأل خالق الأرض.
هل سويت؟ فيقول: بل رضيت.
قال أعرابي: هو أمزح من المطل الواجد والظمآن الوارد، والعقيم الوالد.
قال أعرابي: العزيز منوع، والذليل قنوع، والواجد متحير. وقال آخر: عليك بالأدب فإنه يرفع العبد الملوك حتى يجلسه في مجالس الملوك.
قيل لبعضهم: ما بال فلان يتنقصك؟ قال: لأنه شقيقي في النسب، وجاري في البلد، وشريكي في الصناعة.
وقال آخر: عباد الله، الحذر، الحذر، فوالله لقد ستر كأنه غفر.
وشكا أعرابي ركود الهواء فقال: ركد حتى كأنه أذن تسمع.
وقال آخر: كل مقدور عليه مختور أو مملوك.
لقي رجل أعرابياً لم يكن يعرفه قال له: كيف كنت بعدي؟ فقال له الأعرابي: وما بعد مالا قبل له.
قيل لأعرابي: أعطى الخليفة فلاناً مائة ألف. قال: بل أعطاه إياه الذي لو شاء لأعطاه مكانه عقلاً.
قيل لأعرابي له أمة يقال لها زهرة: أيسرك أنك الخليفة وأن زهرة ماتت؟ قال: لا والله! قيل: ولم؟ قال: تذهب الأمة، وتضيع الأمة.
أتى الحجاج بأعرابي في أمر احتاج إلى مسألته عنه، فقال له الحجاج: قل الحق وإلا قتلتك.
فقال له: اعمل أنت به فإن الذي أمر بذلك أقدر عليك منك علي. فقال الحجاج: صدق، فخلوه.
مدح أعرابي قوماً فقال: يقتحمون الحرب حتى كأنما يلقونها بنفوس أعدائهم.
قال أعرابي في حكم جليس الملوك: أن يكون حافظاً للسمر، صابراً على السهر.
وقال بعضهم: قلت لأعرابي: كيف رأيت الدهر؟ فقال: وهوبا لما سلب، سلوبا لما وهب، كالصبي إذا لعب.
وقال أعرابي: لا يقوم عن الغضب بذل الاعتذار.
ووصف آخر رجلاً فقال: ذاك ممن ينفع سلمه، ويتواصف حلمه، ولا يستمرا ظلمه.
وقال آخر: فلان حتف الأقران غداة النزال، وربيع الضيفان عشية النزول.
وقال آخر: لكل كاس حاس، ولكل عار كاس.
وقال آخر: لا أمس ليومه، ولا قديم لقومه.
وقال آخر: فلان أفصح خلق الله كلاماً، إذا حدث، وأحسنهم استماعاً إذا حدث، وأمسكهم عن الملاحاة إذا خولف، يعطي صديقه النافلة ولا يسأله الفريضة، له نفس عن العوراء محصورة وعلى المعالي مقصورة، كالذهب الإبريز الذي يعز في كل أوان والشمس المنيرة التي لا تخفى بكل مكان، هو النجم المضيء للجيران، والبارد العذب للعطشان.
وقال آخر: فلان ليث إذا عدا، وغيث إذا غدا، وبدر إذا بدا، ونجم إذا هدى، وسم إذا أردى.
وقال آخر: الفقير في الأهل مصروم، والغني في الغربة موصول.
وقال آخر: الاغتراب يرد الجدة ويكسب الجدة.
وقال آخر: أعظم لخطرك، الآ ترى عدوك أنه لك عدو.
قيل لأعرابي: كيف أبنك؟ فقال: عذاب رعف به الدهر، فليتني قد أودعته القبر، فلأنه بلاء لا يقاومه الصبر، وفائدة لا يجب فيها الشكر.
قال أعرابي: لا تضع سرك عند من لا سر له عندك.
وقال آخر: من سعى رعى، ومن لزم المنام رأى الأحلام.
قال أعرابي لرجل: ويحك! إن فلاناً وإن ضحك إليك فإن قلبه يضحك منك، ولئن أظهر الشفقة عليك، فإن عقاربه لتسري إليك فإن لم تتخذه عدواً في علانيتك، فلا تجعله صديقاً في سريرتك.
وحذر آخر رجلاً فقال: احذر فلاناً فإنه كثير المسألة حسن البحث، لطيف الاستدراج، يحفظ أول كلامك على آخره ويعتبر ما أخرت بما قدمت فباثه مباثة الأرض، وتحفظ منه تحفظ الخائف واعلم أن من يقظة المرء إظهار الغفلة مع الحذر.
قال أعرابي: حاجيتك: ما ذو ثلاث آذان تسبق الخيل بالرديان؟ يعني: سهماً.
ومدح أعرابي نفسه فقيل له: أتمدح نفسك؟ قال: أفآكلها إلى غيري.
وقال آخر: أفآكلها إلى عدو يذمني.
وقال آخر: الخيل تجري في المروج على أعراقها، وفي الحلبة على جدود أربابها، وفي الطلب على إقبال فرسانها وفي الهزيمة على آجالهم.
وقال آخر: حق الجليس إذا دنا أن يرحب به، وإذا جلس أن يوسع له، وإذا حدث أن يقبل عليه.
وقال آخر: هلاك الولي في صاحب يحسن القول ولا يحسن العمل.
وقال أعرابي في الثناء على الرشيد عام حج، قد أصبح المختلفون مجتمعين على تقريظك ومدحك، حتى أن العدو يقول اضطراراً ما يقوله الولي اختياراً، والبعيد يثق من إنعامك عاماً، بما يثق به القريب خاصاً.
وقال آخر للحسن بن سهل: قد أصبحت للخاصة عدة، وللعامة عصمة، وللإمام ثقة، وللغني جمالاً، وللفقير ثمالاً.

ومن كلامهم: اندب إلى طعامك من تدعوه إلى جفانك.
ومنه: الحيلة لعطف المتجني، أعسر من نيل المتمني.
ومنه: العقل وزير ناصح، والهوى وكيل فاضح.
وقال آخر لصاحب له: لا تقل فيما لا تعلم، فتتهم فيما تعلم.
وقال آخر: نبو النظر عنوان الشر، وقال آخر: استشر عدوك العاقل، ولا تستشر صديقك الأحمق، فإن العاقل ينفي على رأيه الزلل، كما يتقي الورع على دينه الحرج.
ومن كلامهم: الحسود لايسود. ومنه: الواقية خير من الراقية.
وقال بعضهم: لم تجتمع ضعفاً إلا قووا حتى يمتعوا، ولم يتفرقوا قويا إلا ضعفوا حتى يخضعوا.
قال أعرابي: العبوس بؤس، والبشر بشرى، والحاجة تفتق الحيلة والحيلة تشحذ الطبيعة.
وقال آخر: مجالسة الأحمق خطر، والقيام عنه ظفر.
قال الأصمعي: جلس إلى أعرابي تقتحمه العين يحمي دربه. والله ما ظننته يجمع بين كلمتين فاستنطقته، فإذا نار تأجج فقلت: أتحسن شيئاً من الحكمة تفيد منه؟ قال: نعم، الرجوع عن الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام، والعطية بعد المنع، أجمل من المنع بعد العطية، والإقدام على العمل بعد التأني فيه، أحسن من الإمساك عنه بعد الإقدام عليه.
قال فعظم في عيني حتى ملأ عيني وقلبي هيبة.
قال أعرابي: العذر الجميل أحسن من المطل الطويل، فإذا أردت الإنعام فانجح، فإن تعذرت الحاجة فأفصح.
قيل لأعرابي: ما وقوفك ها هنا؟ فقال: وقفت مع أخ لي يقول بلا علم، ويأخذ بلا شكر، ويرد بلا حشمة.
قال أعرابي لآخر: لا كل لسانك عن البيان، ولا أسكتك الزجر والهوان.
وقال آخر لرجل: حاجتي إليك حاجة الضال إلى المرشد، والمضل إلى المنشد.
وقال آخر: بالفحول تدرك الذحول.
وقال آخر: أنا أستنجدك إذا كنت مضافاً، وأسترفدك إذا كنت مضيفاً.
قيل لأعرابي: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أحتسب على الله الحسنة، ولا أحتسب على نفسي السيئة.
وقال آخر وقد قيل له: أيسرك أنك أحمق وأن لك مائة ألف درهم؟ قال: لا. قيل: ولم؟ قال: لأن حمقة واحدة تأتي على مائة ألف، وألفي بعدها أحمق.
قال آخر: من جاد بماله فقد جاد بنفسه، إلا يكن جاد بها فقد جاد بقوامها.
وقال آخر: من هذل جواده في الرخاء، قام به في الشدة.
ذكر رجل عند أعرابي بشدة العبادة فقال: هذا والله رجل سوء يظن أن الله لا يرحمه حتى يعذب هذا التعذيب.
قال رجل لشيخ بدوي: تمرنا أجود من تمركم. فقال: تمرنا جرد فطس، عراض كأنها ألسن الطير، تمضغ التمرة في شدقك فتجد حلاوتها في عقبك.
قال أعرابي: سألت فلانا حاجة أقل من قيمته، فردني رداً أقبح من خلقته.
وقال: مواقعة الرجل أهله من غير عبث من الجفاء.
قيل لأعرابي: ما تصنع بالبادية إذا اشتد القيظ وحمي الوطيس.
فقال: يمشي أحدنا ميلاً، حتى يرفض عرقاً ثم ينصب عصاه، ويلقي عليها كساه، فكأنه في إيوان كسرى.
قال بعضهم: رأيت أعرابياً يصلي ويسيء الصلاة فقال له رجل: يا أعرابي، أحسن صلاتك. فقال: إن المطالب بها كريم.
عاب أعرابي قوماً فقال: هم أقل الناس ذنوباً إلى أعدائهم، وأكثرهم تجرماً على أصدقائهم، يصومون عن المعروف، ويفطرون على الفحشاء.
وصف بعض الأعراب النساء فقال: عليك منهن بالجاليات العيون، الآخذات بالقلوب، بارع الجمال، وعظم الأكفال، وسعة الصدور ولين البشرة ورقة الأنامل وسبوطة القصب، وجزالة الأسوق، وجثولة الفروع، ونجالة العيون، وسهولة الخدود، وامتداد القوام، ورخامة المنطق، وحسن الثغور، وصغر الأفواه وصفاء الألوان.
وصف أعرابي امرأة: هي خالية إلا من ألا وليت.
قيل لأعرابي: كيف كتمانك للسر؟ فقال: أجحد المخبر، وأحلف للمستخبر.
قيل لآخر: بماذا تغلب الناس؟ قال: أبهت بالكذب، وأستشهد بالموتى.
قال الأصمعي: سألت أعرابياً عن الدنيا فقال: إن الآمال قطعت أعناق الرجال، كالسراب، غر من رآه، وأخلف من رجاه، ومن كان الليل والنهار مطيته، أسرعا السير به والبلوغ. ثم أنشد يقول:
المرء يدفع بالأيام يدفعها ... وكل يوم مضى يدني من الأجل
ذكر أعرابي رجلاً بقلة الحياء فقال: لو دقت بوجهه الحجارة لرضها ولو خلا بالكعبة لسرقها.
قيل لأعرابي: بم سدت قومك؟ قال: بحسب لا يطعن عليه، ورأي لا يستغنى عنه.

قيل لآخر: بم تعرفون السؤدد في الغلام؟ قال: إذا كان سابل الغرة، طويل الغرلة، ملتاث الأزرة، وكانت فيه لوثة، فلسنا نشك في السؤدد.
وقال آخر لسنان بن سلمة الهذلي: ما أنت بأرسخ فتكون فارساً، ولا بعظيم الرأس فتكون سيداً.
وقال بعضهم: نحن لا نسود إلا من موطننا رحله، ولفرسنا عرضه ويملكنا ماله.
سأل أعرابي عن رجل فقال: أحمق مرزوق. فقال: والله ذاك الرجل الكامل.
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: تمرنا جرد فطس، يغيب فيها الضرس عراض كأنها ألسن الطير تضع التمرة في فيك فتجد حلاوتها في كعبك.
قال أعرابي لأخيه: إن لم يكن مالك لك، كنت أنت له، فإن لم تفنه، أفناك، فكله قبل أن يأكلك.
وحلف آخر فقال: لا والذي شقهن خمساً من واحد، وأشار إلى كفه، شق الرجال للخيل، والجبال للسيل.
وقال آخر في رجل: صغره في عيني، كبر الدنيا في عينه.
قيل لأعرابي: كيف حزنك على ولدك؟ قال: ما ترك لنا حب الغداء والعشاء حزناً.
قيل لرجل منهم كان يجمع بين ضرائر: كيف تقدر على جمعهن قال: كان لنا شباب يظأرهن علينا، ومال يصيرهن لنا، ثم قد بقي لنا خلق حسن، فنحن نتعايش به.
قال أعرابي: ما تم عقل أحد، إلا قل كلامه.
وقال أعرابي: إن فلاناً ليكنس على أعراض النيل من غيظه.
وقال آخر: مع الشعاب التحاب، والافراط في الزيارة ممل، والتفريط فيها مخل.
قدم أعرابي على السلطان ومعه كتاب قد كتب فيه قصته، فجعل يقول: هاؤم اقرءوا كتابيه. فقيل له: هذا يقال يوم القيامة.
قال: هذا والله شر من يوم القيامة، إنه يؤتى يوم القيامة بحسناتي وسيئاتي، وأنتم جئتم بسيئاتي، وتركتم حسناتي.
قال أبو العيناء: قلت لأعرابي: إن الله محاسبك فقال: سررتني فإن الكريم إذا حاسب تفضل.
وقال معاوية لأعرابي: ما العيش؟ قال: ركوب الهوى وترك الحيا.
قيل لأعرابي وقد عمر مائة وعشرين سنة: ما أطول عمرك؟ قال: تركت الحسد فبقيت.
حلف أعرابي بالمشي إلى بيت الله ألا يكلم ابنه فحضرته الوفاة فقيل له: كلمه قبل أن تفارق الدنيا. قال: والله ما كنت قط أعجز عن المشي إلى بيت الله منى الساعة.
قال عبد الملك لأعرابي: تمن. قال: العافية. قال: ثم ماذا؟ قال: رزق في دعة. قال: ثم ماذا؟ قال الخمول، فإني رأيت الشر إلى ذوي النباهة أسرع.
قيل لأعرابي من بني يربوع: مالكم على مثال واحد؟ قال: لأنا من بني فحل واحد.
ذم أعرابي رجلاً فقال: عليه كل يوم قسامة من فعله تشهد عليه بفسقه وشهادات الأفعال، أعدل من شهادات الرجال.
وذكر آخر رجلاً بالعي فقال: رأيت عورات الناس بين أرجلهم وعورة فلان بين فكيه.
وقال آخر لرجل دفعه: لتجدني ذا منكب مزحم، وركن مدعم، ورأس مصدم، ولسان مرجم ووطء ميثم.
قال الأصمعي: نظر أعرابي إلى الهلال فقال: لا مرحبا بك عقفان يحل الدين، ويقرب الآجال.
قيل لأعرابي: ما تلبس؟ فقال: الليل إذا عسعس، والصبح إذا تنفس.
سئل أعرابي عن ألوان الثياب فقال: الصفرة أشكل والحمرة أجمل والخضرة أنبل والسواد أهول والبياض أفضل.
وصف أعرابي الكتاب، وقد دخل الديوان فرآهم فقال: أخلاق حلوة وسمائل معشوقة ووقار أهل العلم وظرف أهل الفهم فإن سبكتهم وجدتهم كالزبد يذهب جفاء.
وذم أعرابي رجلاً فقال: عبد البدن، خز الثياب، عظيم الرواق، صغير الأخلاق، الدهر يرفعه وهمته تضعه. قيل لأعرابي ينسج: ألا تستحي أن تكون نساجاً؟ فقال: إنما أستحي أن أكون أخرق لا أنفع أهلي.
مد المأمون يده إلى الأعرابي ليقبلها فتناولها بكمه فقال: أتتقزز منها؟ قال: لا بل أتقزز لها.
وصف أعرابي قوماً فقال: هم كلاب وفلان من بينهم سلوتي.
سئل رجل عن نسبه فقال: أنا ابن أخت فلان. فقال أعرابي: الناس ينتسبون طولاً وأنت تنتسب عرضاً.
رأى أعرابي عوداً فلما عاد إلىالبادية وصفه لأصحابه فقال: رأيت خشباً محدودب الظهر، أرسح البطن، أكلف الجلد، أجوف أغضف، جبينه في استه، وعيناه في صدره، وأمعاءه خارج بطنه، بها يتكلم، وعينه تترجم، معروك الأذن، مخنوق الحلق.
سئل آخر عن امرأته فقال: أفنان أثلة، وجنى نخلة، ومس رملة وكأني قادم في كل ساعة من غيبة.
اجتمع إعرابي مع صاحبة له فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ذكر معاده فاستعصم وقال: إن من باع جنة عرضها السموات والأرض بمقدار فتر بين رجليك، لقليل البصر بالمساحة.

اشتكى أعرابي بالحضر فقيل: ما تشتهي؟ قال: حشك فلاة، وحسي قلاة.
قال أعرابي لرجل: اكتب لابني تعويذاً. فقال: ما اسمه؟ قال: فلان قال: فما اسم أمه؟ قال: ولم عدلت عن اسم أبيه؟ قال: لأن الأم لا يشك فيها. قال: فاكتب: فإن كان ابني فعافاه الله، وإن لم يكن ابني فلا شفاه الله.
قيل لأعرابي: ما تقول في إبن العم؟ قال: عدوك وعدو عدوك.
ووعظ آخر ابناً له أفسد ماله في الشراب فقال: لا الدهر يعظك ولا الأيام تنذرك، ولا الشيب يزجرك، والساعات تعد عليك، والأنفاس تعد منك والمنايا تقاد إليك، أحب الأمرين إليك، أردهما بالمضرة عليك.
قيل لأعرابي: ما تقول في الجري. قال: تمرة نرسيانة غراء الطرف، صفراء السائر، عليها مثلها من الزبد، أحب إلي منها ولا أحرمه.
وقال آخر: كن حلو الصبر عند مر النازلة.
ومر أعرابي في أطمار رثة برجل فقال الرجل: والله ما يسرني أني كنت ضيفك في ليلتي هذه. فقال له الأعرابي: أما والله لو كنت ضيفي، لغدوت من عندي أبطن من أمك قبل أن تضعك بساعة، أما الله إنا وجدناك آكلكم للمأدوم، وأعطاكم للمحروم.
قال أعرابي: رب موثق مؤبق.
قيل لآخر: أتشرب النبيذ؟ فقال: والله ما أرضى عقلي مجتمعاً فكيف أفرقه؟.
وقيل لآخر: أما تشرب؟ قال: أنا لا أشرب ما يشرب عقلي.
قال بعضهم: رأيت أعرابياً والإبل قد ملأت الوادي فقلت: لمن هذه؟ فقال: لله في يدي.
قال أبو العيناء: أضفت أعرابياً قدم من المدينة، فلما قعدنا نأكل، جعلت أذكر غلاء السعر في تلك السنة، فرفع الأعرابي يده عن الطعام، وقال: ليس من المروءة ذكر غلاء الأسعار للضيف. فقام، فاجتهدت به أن يأكل شيئاً فأبى، وانصرف.
حكى عن حصين بن أبي الحر قال: وفدت إلى معاوية فطلبت عامر بن عبد قيس فقال لا تريه بالنهار فأتيته عند المغرب وهو يتعشى، فسلمت عليه فرد السلام، ولم يدعني إلى عشائه ولم يسألني عن أهله، فقلت: العجب منك لم تدعني إلى عشائك ولم تسألني عن أحد من أهلك، فقال: أما عشائي فخشن، وأنت قد تعودت النعمة، فكرهت أن أحملك من تجشمه على ما يشق عليك. وأما أهلي، فأنا أعرف أخبارهم، الماضي فلا يرجع إليهم، وأما الباقي فلا حق بمن مضى منهم.
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: المعتذر من غير ذنب يوجب الذنب على نفسه.
قال: وقلت لغلام عذري: ما بال العشق يقتلكم؟ قال: لأن فينا جمالاً وعفة.
قال أعرابي: بلوت فلاناً فلم يزدني اختباره إلا اختياراً له.
وقال آخر: هلاك الوالي في صاحب، يحسن القول، ولا يحسن العمل.
تكلم أعرابي فقال: لا تنكحن واحدة فتحيض، إذا حاضت، وتمرض إذا مرضت، ولا تنكحن اثنتين، فتكون بين شرتين، ولا تنكحن ثلاثاً، فيفلسنك ويهزمنك، وينحلنك ويحظرنك.
فقيل له: حرمت ما أحل الله.
وأثنى أعرابي على رجل فقال: إن خيرك لصريح، وإن منعك لمريح وإن رفدك لربيح.
قيل لأعرابي: ما أعددت للشتاء؟ فقال: جلة لبوضاً وصيصية سلوكاً، وشملة مكورة قويمصاً دفياً وناقة مجالحة.
وقيل لآخر: ما أعددت للشتاء؟ فقال: شدة الرعدة وقرفصاء القعدة، وذرب المعدة.
وقيل لآخر: كيف البرد عندكم؟ قال: ذاك إلى الريح.
سمع عمر أعرابياً يقول: اللهم اغفر لأم أوفى. فقال: ومن أم أوفى؟ قال: امرأتي وأنها لحمقاء مرغامة، أكول قامه، لاتبقى لها حامة، غير أنها حسناء فلا تفرك، وأم غلمان فلا تترك.
قال أبو مهدى: تحرشت بشجاع فخرج يطردني كأنه سهم رابح، ثم استكف كأنه كفة في ميتة، فانتظمت ثلاثة إثنان أحدهن رأسه.
قال الأصمعي: كانت العرب تستعيذ من خمشة الأسد، ونفثة الأفعى وضبطة الفالج.
قال أبو زيد: رب غيث لم يك غوثاً، ورب عجلة نهب ريثاً.
وقال آخر لرجل رآه يذم قرابته: أما سمعت ما يقول العرب، فإنها تقول: الرحم بكدرها والمودة بصفائها.
قدم هوذة بن علي، على كسرى فسأله عن بنيه، فذكر عدداً، فقال: أيهم أحب إليك؟ قال: الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يقدم، والمريض حتى يصح. فقال له كسرى: ما غداؤك في بلدك؟ قال: الخبز. قال كسرى لجلسائه: هذا عقل الخبز يفضله على عقول أهل البوادي، الذين يغتذون اللبن والتمر.

قال الأصمعي: كنت بالبادية فجاء بي أعرابي معه عبد أسود فقلال: يا حضري، أتكتب؟ قلت: أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من عرفجة التغلبي لميمون مولاه، إنك كنت عبد الله فوهبك لي، فرددتك ووهبتك لواهبك للجواز على الصراط، قد كنت أمس لي، وأنت اليوم مثلي ولا سبيل لي عليك إلا سبيل ولاء.
أتى معاوية برجل من جرهم قد أتت عليه الدهور فقال له: أخبرني عما رأيت في سالف عمرك؟ قال: رأيت بين جامع مالاً مفرقاً، ومفرق مالاً مجموعاً، ومن قوى يظلم، وضعيف يظلم، وصغير يكبر، وكبير يهرم، وحي يموت، وجنين يولد، وكلهم بين مسرور بموجود ومحزون بمفقود.
قال أعرابي: خرجنا حفاة والشمس في قلة السماء، حيث انتعل كل شيء ظله وما زادنا إلا التوكل، وما مطايانا إلا الأجل، حتى لحقنا القوم.
وصف آخر تعادى قوم، فقال: ألحاظهم سهام، وألفاظهم سمام.
وقال آخر: هبت عليهم ريح التعادي، فنسفتهم عن النوادي والبوادي.
وقال آخر: ما النار باحرق للفتيلة، من التعادي للقبيلة.
وقال آخر: مع القرابة والثروة، يكون التناكر والتحاسد ومع الغربة والخلة، يكون التناصر والتحاشد.
وقال الحجاج لأعرابي: أخطيب أنا؟ قال: نعم، لولا أنك تكثر الرد، وتشير باليد، وتقول أما بعد.
ويقول الأعرابي لراعي إبله إذا استرعاه: إن عليك أن ترد ضالتها، وتهنأ جرباتها، وتلوذ حوضها وتترك مبسوطة في الرسل، مالم تنهك حلباً أو تضر بنسل. فيقول له الراعي: ليس لك أن تذكر أمي بخير ولا شر، ولك حذفة بالعصا عند غضبك أخطأت أم أصبت، ولي مقعدين من النار موضع يدي من الحار.
ذكر أعرابي السلطان فقال: أما والله لإن عزوا في الدنيا بالجور، لقد ذلوا في الآخرة بالعدل.
وقال آخر: العاقل بخشونة العيش مع العقلاء، آنس منه بلين العيش مع السفهاء.
قال بعضهم: رأيت أعرابياً يرعى غنماً فقلت له: أنت راعي هذه الغنم؟ فقال: أنا راعيها والله يرعاها.
قال المفضل: قلت لأعرابي: ما البلاغة؟ قال: الايجاز من غير عجز، والأطناب في غير خطل.
وكان أعرابي يجالس الشعبي ولا يتكلم، فسئل عن طول صمته فقال: أسمع وأعلم، واسكت فأسلم.
وصف آخر رجلاً فقال: صغير القدر، قصير الشبر، ضيق الصدر لئيم الخبر، عظيم الكبر، كثير الفخر.
قدم وفد طيء على معاوية فقال: من سيدكم اليوم؟ قالوا: خزيم بن أوس بن حارثة بن لام، من احتمل شتمنا، وأعطى سائلنا وحلم عن جاهلنا، وأغتفر ضربنا إياه بعصينا.
حلف أعرابي على شيء فقيل له: قل إن شاء الله، فخضع نفسه حتى لصق بالأرض ثم قال: إن شاء الله تذهب بالحنث، وترضى الرب، وترغم الشيطان، وتنجح الحاجة.
قال أعرابي لابن عم له: مالك أسرع إلى ما أكره من الماء إلى قرارة ولولا ضني بإخائك، لما أسرعت إلى عتابك، فقال الآخر: والله ما أعرف تقصيراً فأقلع، ولا ذنباً فأعتب، ولست أقول لك كذبت، ولا أقر إني أذنبت.
وقال أعرابي: ما زال يعطيني حتى حسبته يردعني، وما ضاع مال أودع حمداً.
وقال أعرابي: شر المال، مالا أنفق منه، وشر الأخوان الخاذل في الشدائد وشر السلطان من أخاف البرى، وشر البلاد ما ليس فيه خصب وأمن.
وقال: سمعت آخر يقول لابنه: صحبة بليد نشأ مع الحكماء، خير من صحبة لبيب نشأ مع الجهال.
قال أعرابي لابنه: إياك يا بني وسؤال البلغاء في الرد.
قيل لإعرابي: كيف كتمانك السر؟ قال: ما جوفي له إلا قبر.
وأسر رجل إلى بعضهم، ثم قال له: أفهمت؟ قال: بل جهلت قال: أحفظت؟ قال: بل نسيت.
قال أعرابي من غطفان: لقد أحببت امرأة من بني ذهل بن شيبان، فكنت أنام وقلبي طائر، وأهب ودمعي قاطر.
قيل لأعرابي: علي من البرد أشد؟ قال: علي خلق في خلق.
قيل لطائي مرة: إن امرأتك تبغضك. فقال: ما أبالي إذا نلت منها ذو أحب، أن تنال مني ذو تكره. وذو في لغة طيء: الذي.
مدح أعرابي رجلاً قال: فهو أكسبكم للمعدوم، وآكلكم للمأدوم وأعطاكم للمحروم. قال أعرابي: ما رأيت كفلان، إن طلب حاجة، غضب قبل أن يرد عنها وإن سئل، رد صاحبها قبل أن يفهمها. وذم آخر رجلاً فقال: لم يقنع كمياً سيفاً، ولا قرى يوماً ضيفاً ولا حمدنا له شتاء ولا صيفاً.
؟؟؟

الباب الثالث
أدعية مختارة
وكلام للسؤال من الأعراب وغيرهم

وقف أعرابي في بعض المواسم فقال: اللهم إن لك حقوقاً فتصدق بها علي، وللناس تبعات قبلي فتحملها عني، وقد أوجبت لكل ضيف قرى، وأنا ضيفك فاجعل قراي في هذه الليلة الجنة.
قال آخر لرجل سأله: جعل الله للخير عليك دليلا، ولا جعل حظ السائل منك عذرة صادقة.
وقال آخر: اللهم لا تنزلني ماء سوء، فأكون امرء سوء.
وقف سائل منهم فقال: رحم الله امرء أعطى من سعة، وواسى من كفاف، وآثر من قوت.
ومن دعائهم: أعوذ بك من بطر الغنى، وذلة الفقر.
وقال آخر: أعوذ بك من سقم وعدواه، وذي رحم ودعواه، وفاجر وجدواه، وعمل لا ترضاه.
وسأل أعرابي فقال له صبي في جوف الدار. بورك فيك، فقال: قبح الفم، لقد تعلم الشر صغيراً.
ودعا آخر فقال: اللهم إني أعوذ بك من طول الغفلة، وإفراط الفطنة، اللهم لا تجعل قولي فوق عملي، ولا تجعل أسوأ عملي ما قرب من أجلي.
وقال آخر: اللهم هب لي حقك وارض عني خلقك. وقال آخر: اللهم إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا، فقد ظلمنا أنفسنا. فاعف عنا.
وقال آخر: اللهم امتعنا بخيارنا، وأعنا على شرارنا، واجعل الأموال في سمائحنا.
وقال آخر: اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيداً فقربه، وإن كان قريباً فيسره، وإن كان قليلاً فكثره، وإن كان كثيراً فبارك فيه.
سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً يقول في دعائه: اللهم اجعلني من الأقلين. فقال له عمر: وما هذا الدعاء؟ قال سمعت الله يقول: " وقليل ماهم " وقال ذكره جل وعز: " وما آمن معه إلا قليل " .
وقال تعالى: " وقليل من عبادي الشكور " . فقال عمر: عليك من الدعاء بما يعرف.
دعا الغنوي في حبسه: أعوذ بك من السجن والدين، والغل والقيد والتعذيب والتحبيس، وأعوذ بك من الجور بعد الكور، ومن سوء الخلافة في النفس والأهل والمال، وأعوذ بك من الحزن والخوف، وأعوذ بك من الهم والرق، ومن الهرب والصلب، ومن الاستخفاء، ومن الاستخذاء، ومن الأطراد والأعراب، ومن الكذب والعيضهة، ومن السعاية والنميمة، ومن لؤم القدرة ومقام الخزي في الدنيا والآخرة: إنك على كل شيء قدير.
وكان بعضهم يقول في دعائه: اللهم احفظني من صديقي، وكان في دعاء آخر: اللهم اكفني بواثق الثقات.
قال أعرابي في دعائه: تظاهرت على بادئ منك النعم، وتكاثفت مني عندك الذنوب، فأحمدك على النعم التي لايحصيها أحد غيرك، وأستغفرك من الذنوب التي لا يحيط بها إلا عفوك.
سألت أعرابية فقالت: سنة جردت، وأيد جمدت، وحال جهدت، فهل من آمر بمير، أو دال على خير، أو مجيب بخير، رحم الله من رحم، وأقرض من لا يظلم.
قال منصور بن عمار صاحب المجالس: اللهم اغفر لأعظمنا جرماً وأقسانا قلباً، وأقربنا بالخطيئة عهداً، وأشدنا على الذنب إصراراً فقال له الخريمي وكان حاضراً. امرأتي طالق، إن كنت أردت غير إبليس.
قال: إذا دعت الأعراب لمسافر قالوا: اللهم قو ضعفته، واحرس غفلته، وشد منته، اللهم اطو عنه غول الأرض وهولها، وحببه إلى أصحابه واحمله على ركابه، سلم له عصيها وقصبها، وألق عليه السخرة والبلاغ، وادرأ عنه وعنها الأعراض والأمراض، حتى توديه سالماً إلى سالمين.
كانوا يقولون: نعوذ بالله من ضربة الجبان، وضبطة الأعمى، وبادرة الصبي، ودعوة البخيل، وضرط الرقيب، ونادرة المجنون، وذلة العالم.
قال أعرابي في دعائه: اللهم أرزقني صحة لا تلهي، وغنى لا يطغي وسريرة لا فضيحة فيها ولا شنعة، وعلانية لا رياء تطغي فيها و لا سمعة.
سأل رجل من بني كلاب معروف النسب فقال: إني رجل من بلعنبر، ولي سن، وبي فقر وعندي دعاء وشكر، وفي إعطائي أجر وذخر. فقيل له: أنت من بني كلاب وتتنسب إلى بلعنبر قال: إنه مقام خزي، وهم لنا عدو. فأحببت أن يلحقهم عاره.
دعا أعرابي فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أفتقر في غناك، أو أضل في هداك، أو أذل في عزك، أو أضام في سلطانك، أو أضطهد والأمر لك.
قال سفيان بن عيينة: إني لواقف بعرفة وأعرابي إلى جانبي فسمعته يقول: اللهم قد أنضيت ظهري، وأبعدت مطلبي، ووقفت ببابك ضارعاً خاضعاً، فإن كنت لم تقبل تعبي ونصبي، فلا تحرمني أجر المصاب على مصابه. فلما قربت الشمس أن تغرب قال: اللهم عجت الأصوات بضروب اللغات ليسألونك الحاجات، وحاجتي إليك أن لا تنساني على طول البكاء إذا نسيني أهل الدنيا.

سأل أعرابي قوماً فقال: رحم الله امرءاً لم تمج أذنه كلامي، وقدم لنفسه معاذة من سوء مقامي، فإن البلاد مجدبة والدار مضيعة والحال مسبغة، والحياء زاجر ينهى عن كلامكم، والفقر عاذر يدعو إلى إخباركم، والدعاء إحدى الصدقتين. فرحم الله امرء آسى بمير، أو دعا بخير. فقال له رجل: ممن يا أعرابي؟ فقال: ممن لا تنفعكم معرفته ولا تضركم جهالته اللهم غفراً، إن يوم الاكتساب، يمنع من كرم الانتساب.
دعا أعرابي في الكعبة فقال: اللهم إنك عالم بحوائجي فاقضها، وعارف بذنوبي فاغفرها. فقيل له: اختصرت. فقال: لا والله بل بالغت.
وقال آخر في دعائه: اللهم إني أسألك الخوف منك، حين يأمنك من لا يعرفك، وأسألك الأمن منك، حين يخافك من يغتر بك.
ودعا آخر فقال: اللهم فما أعرف معتمداً من زيارة فاطلب، ولا أجد غنى فأترك في الحجة، فإن أطنبت في سؤالك فلفاقتي إلى ما عندك، وإن قصرت في دعائك فلما تعودت من ابتدائك.
قالت أعرابية عند الكعبة: إلهي لك أذل، وعليك أدل.
كان من دعاء شريح: اللهم إني أسألك الجنة بلا عمل عملته، وأعوذ بك من النار بلا ذنب تركته.
يقال إنه كان من دعاء يونس في الظلمات: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وإلا تغفر لي وترحمني، أكن من الخاسرين، مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
قال أعرابي في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من حاجة إلا إليك، ومن خوف إلا منك، ومن طمع إلا فيما عندك.
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول وهو متعلق بأستار الكعبة: إلهي! من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفاً، إلهي! من أولى بالعفو عني منك، وقضاؤك نافذ، وعلمك بي محيط، أطعتك بإذنك، والمنة لك علي، وعصيتك بعلمك، والحجة لك علي، فبثبات حجتك وانقطاع حجتي، وبفقري إليك وغناك عني، ألا غفرت لي ذنوبي.
دعا أعرابي فقال: اللهم إنك حصيت ذنوبي فاغفرها، وعرفت حوائجي فاقضها.
وكان بعضهم يقول في دعائه: اللهم أعني على ديني بديناً، وأعني على آخرتي بتقوى.
ودعا آخر: اللهم إني أعوذ بك من الفاجر وجدواه والغريم وعدواه، وأعوذ بك من سقم، وعداوة ذي رحم، وعمل لا ترضاه، اللهم أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذل إلا لك.
سأل أعرابي قوماً وهم في مصيبة فقالوا: ما ترى شغلتنا قال: ما بكم بدأت ولا إليكم انتهت.
قال الأصمعي،: مر بي يوماً أعرابي سائل فقلت له: كيف حالك؟ فقال: أسأل الناس إجحافاً، ويعطوننا كرهاً، فلا يؤخرون ما يعطون ولا يبارك لنا فيما نأخذ، والعمر بين ذلك فإن والأجل قريب والأمل بعيد.
قال الأصمعي: اعترضنا أعرابي في طريق مكة فقال: هل عائد علي بفضل، أو مواس من كفاف؟ فأمسك عنه القوم. فولى وهو يقول: اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز، ولا إلى الناس فنضيع.
وقف أعرابي على حلقة الحسن فقال: رحم الله من عاد بفضل وواسى من كفاف، وآثر من معروف فقال الحسن: ما بقي منكم أحداً.
دعا عمرو بن عتبة فقال: اللهم أعني على الدنيا بالقناعة، وعلى الدين بالعصمة، اللهم إني أعوذ بك من طول الغفلة وإفراط الفطنة.
اللهم لا تجعل قولي فوق عملي، ولا تجعل أسوأ عملي ما ولى أجلي، اللهم إني أستغفرك مما أملك، وأستصفحك لما لا أملك، اللهم لا تجعلني ممن إن مرض شجن، وإن استغنى فتن، وإن افتقر حزن.
سألت أعرابية بالبصرة فقالت: يا قوم! طرائد زمان، وفرائس نازلة، نبذتنا الرحال، ونشرتنا الحال، وأطعمنا السؤال، فهل من كاسب لأجر، أو راغب في ذخر.
سأل أعرابي رجلاً حاجة فقال: إذهب بسلام. فقال له: أنصفنا من ردنا في حوائجنا إلى الله.
وكانوا يستنجحون حوائجهم بركعتين يقولون بعدهما: اللهم إني بك استفتح، وبك استنجح، وبحمد نبيك إليك أتوجه، اللهم ذلل لي صعوبته وسهل حزونته، وارزقني من الخير أكثر مما أرجو، واصرف عني من الشر أكثر مما أخاف.
ودعا بعضهم فقال: اللهم إني أعوذ بك من حياة على غفلة، ومن وفاة على غرة، ومن مرد إلى حسرة، وأسألك العافية من أن أمل عافيتك وأكفر نعمتك، أو أنسى حسن بلائك، أو أستبدل بالسيئة الحسنة.
سأل أعرابي فقال: سنة حردت، وحال جهدت، وأيد حمدت، فرحم الله من يرحم.
تقول العرب في الدعاء على الرجل: لا طلبته الخيول للغارة أو يتكاره جدب الزمان وعلى هذا المعنى حمل قول الشاعر:
وجنبت الخيول أبا زنيب ... وجاد على منازلك السحاب

دعا رجل لآخر فقال لا جعل الله حظ السائل منك عذرة صادقة دعا أعرابي أبطأ عنه ابنه فخاف عليه فقال : اللهم إن كنت أنزلت به بلاء فأنزل معه صبراً، وإن كنت وهبت له عافية فافرغ، عليه الشكر، اللهم إن كان عذاباً فاصرفه، وإن كان فلاحاً، فزد فيه وهب لنا الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء.
كان قيس بن سعد يقول: اللهم ارزقني مجداً وحمداً، فلا حمد إلا بفعال، ولا مجد إلا بمال. اللهم إني أعوذ بك من فقر مكب، وضرع إلى عير مخب.
كان محمد بن المنكدر يقول: اللهم قو فرحي بأهلي، فإنه لا قوام لهم إلا به.
قال بعضهم: كنت مع سعيد بن عبد الملك فقصدت له أعرابية تريد أن نسأله فمنعت منه، فلم تزل تحتال حتى وقفت عليه، فقالت أبا عثمان:
حياك من لم تكن ترجو تحيته ... لولا الحوائج ما حياك إنسان
وسألت أعرابية المنصور في طريق مكة، فمنعها فقالت متمثلة: الطويل:
إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى ... فأبعدكن الله من شجرات
وسألته أخرى فمنعها، فقالت:
دنوك إن كان الدنو كما أرى ... علىّ وبعد الدار مستويان
زعموا أن الحسين الخادم أطال الجلوس عند الواثق فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إلى أمير المؤمنين فلا، ولكن إلى الله فيه، وهي أن يطيل بقاءه ويديم نعماءه.
قال الحسين بن وهب: شكرت ابن أبي داود فقال لي: أحوجك الله إلى أن تعلم مالك عند صديقك.
قال رجل لرجل: سترك الله. فقال: وإياك فستر، ولا جعل ما تحت الستر ما يكره، فكم مستور منه على ما يكرهه الله.
قال الأصمعي كان من دعاء أبي المجيب: اللهم اجعل خير عملي ما قارب أجلي. وكان يقول: اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز، ولا إلى الناس فنضيع.
وقال أبو زيد: وقف علينا أعرابي في حلقة يونس فقال: الحمد لله كما هو أهله، ونعوذ بالله أن أذكر به وأنساه، خرجنا من المدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثون رجلاً ممن أخرجته الحاجة، وحمل على المكروه لا يمرضون مريضهم، ولا يدفنون ميتهم، ولا ينتقلون من منزل إلى منزل، وإن كرهوه، والله يا قوم، لقد جعت حتى أكلت النوى المحرق، ولقد مشيت حتى انتعلت الدم، وحتى خرج من قدمي لحم كثير. أفلا رجل يرحم ابن سبيل، أذل طريق، ونضو سفر، فإنه لا قليل من الأجر، ولا غنى عن الله عز وجل، ولا عمل بعد الموت، وهو يقول جل ذكره " من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه " ملي، وفي، ماجد، واجد لا يستتقرض من عوذ ولكنه يبلو الأخيار. قال فبلغني أنه لم يبرح حتى أخذ ستين ديناراً.
وقال سفيان الثوري: سمعت سوداء بعرفة تقول: يا حسن الصحبة: أسألك ستراً لا تهتكه الرياح، ولا تخرقه الرماح.
كان من دعاء ابن السماك: اللهم إنا نحب طاعتك وإن قصرنا، ونكره معصيتك وإن ركبناها، اللهم فتفضل علينا بالجنة وإن لم نكن أهلها، وخلصنا من النار وإن كنا قد استوجبناها.
ووقفت امرأة من الأعراب من هوازن على عبيد الرحمن بن أبي بكرة فقالت أصلحك الله، أقبلت من أرض شاسعة، يرفعني رافعة، ويخفضني خافضة بملمات من البلاء، وملمات من الدهور برين عظمي، وأذهبن لحمي، وتركنني ولهة أمشي بالحضيض، وقد ضاق بي البلد العريض، لا عشيرة تحميني، ولا حميم يكفيني، فسألت في أحياء العرب من المرجو سيبه، المأمون عيبه، المكفي سائله، الكريمة شمائله، المأمول نائله، فأرشدت إليك، وأنا امرأة من هوازن، مات الوالد وغاب الرافد، وأنت بعد الله غياثي، ومنتهى أملي، فاصنع إلي إحدى ثلاث: إما أن تقيم أودي، أو تحسن صفدي، أو تردني إلى بلدي. قال: بل: أجمعهن لك وحياً.
ووقفت أعرابية على قوم فقالت: بعدت مشقتي، وظهرت محارمي، وبلغت حاجتي إلى الرمق، والله سائلكم عن مقامي.
وسألت أخرى فقالت: ساءلتكم، فسؤلكم القليل الذي يوجب لكم والكثير، رحم الله واحداً أعان محقاً.
ووقفت أخرى فقالت: يا قوم، تغير بنا الدهر إذ قل منا الشكر ولزمنا الفقر، فرحم الله من فهم بالعقل، وأعطى من فضل، وآثر من كفاف، وأعان على عفاف.
كان بعضهم يقول: اللهم قني عثرات الكرام.
وكان بعض السلف يقول: اللهم أحملنا من الرجلة، وأغننا من العيلة.
وسأل أعرابي فقيل له: بورك فيك ونوالي عليه ذلك من غير مكان فقال: وكلكم الله إلى دعوة لا تحضرها نية.

وقال بعضهم: اللهم أعني على الموت وكربته، وعلى القبر وغمته، وعلى الميزان وحقته، وعلى الصراط وذلته، وعلى يوم القيامة وروعته.
وقال آخر: اللهم أغنني بالإفتقار إليك، ولا تفقرني بالاستغناء عنك.
وقال آخر: اللهم أعني على الدنيا بالقناعة، وعلى الدين بالعصمة.
وقال آخر: اللهم أمتعنا بخيارنا، وأعنا على أشرارنا، واجعل المال في سمحائنا.
ولما ولي مسروق السلسلة انبرى له شاب فقال له: وقاك الله خشية الفقر، وطول الأمل، ولا جعلك ذرية للسفهاء، ولا شيناً للفقهاء.
وقال أعرابي في دعائه! اللهم لا تحيني وأنا أرجوك، ولا تعذبني وأنا أدعوك، اللهم قد دعوتك كما أمرتني، فأجبني كما وعدتني.
وقالت امرأة من الأعراب: اللهم إني أعوذ بك من شر قريش وثقيف وما جمعت من اللفيف، وأعوذ بك من ملك امرأة، ومن عبد ملأ بطنه.
كان قوم في سفينة فهاجت الريح فقال رجل منهم: اللهم إنك أريتنا قدرتك، فأرنا رحمتك.
ورأى آخر رجلاً سائلاً يسأل يوم عرفة فقال: أيهذا إلام تسأل غير الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك، فاجتمع إليه الناس وقد دهمهم العدو، فأقسم على الله فمنحهم الله أكتافهم.
ودعا سعيد بن المسيب فقال رغبك الله فيما أبقى، وزهدك فيما يفنى، ووهب لك اليقين الذي لا تسكن النفوس إلا إليه، ولا تعول في الدين إلا عليه.
وكان مطرف يقول: اللهم إنك أمرتنا بأمرك، ولا نقوى عليه إلا بعونك، ونهيتنا عما نهيتنا عنه، ولا ننتهي عنه إلا بعصمتك، واقعة علينا حجتك، غير معذورين فيما بيننا وبينك، ولا منجوسين فيما عملنا لوجهك.
ودعا أعرابي فقال: اللهم إني أعوذ بك من الفقر المدقع، والذل المضرع.
وقال آخر وقد سمع صوت الصواعق: اللهم إن كان عذاباً فاصرفه، وإن كان صلاحاً فزد فيه، وهب لنا الصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، اللهم إن كانت محنة فمن علينا بالعصمة، وإن كانت عقاباً فمن علينا بالمغفرة.
قال طاووس: يكفي من الدعاء مع الورع، ما يكفي العجين من الملح.
دعا أعرابي فقال: اللهم إني أسألك البقاء، والنماء وحط الأعداء، وطيب الإتاء.
وقف أعرابي في جامع البصرة فقال: أما بعد فإنا أبناء السبيل، وأنضاء الطريق، تصدقوا علينا فإنه لا قليل من الأجر، أما والله إنا لا نقوم هذا المقام، وفي الصدور حزازة، وفي القلب غصة.
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً على باب الكعبة وهو يقول: اللهم سائلك ببابك نفدت أيامه، وبقيت آثامه، وانقطعت شهواته، وبقيت تبعاته، اللهم فاغفر لي، فإن تغفر لي، فاعف عني فربما عفا المليك عن مملوكه وهو مغضبه.
وقال وسمعت آخر وهو يقول: اللهم إني أعوذ بك من المفر منك ومن الذل إلا لك، ومن التعزز إلا بك، فأعطني الخير، واجعلني له آهلاً، وجنبني الشر، ولا تجعلني له مثلاً.
وقال: وسمعت آخر يدعو في يوم عرفة يقول: اللهم لا تحرمني خير ما عندك، لسوء ما عندي، وإن كنت لك تقبل تعبي ونصبي، فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبته.
وقف أعرابي على قوم فسألهم فانتهروه فقال: اللهم إني أسألك من القناعة ما يقلل عندي المستفاد، ويهون علي الأسف على ما فات ثم أقبل على القوم وقال: وأنتم فحرمكم الله من الشكر ما تستوجبون به الزيادة.
وقف أعرابي على قوم فقال: أخ في كتاب الله، وجار في بلاد الله وطالب إليكم من رزق الله، فهل من أخ موات في ذات الله؟!.
كان يوسف بن الحسين المرازي يقول في دعائه: اللهم إنك تعلم أني نصحت الناس قولاً، وخنت نفسي فعلاً، فهب خيانتي لنفسي لنصيحتي للناس.
دع أعرابي فقال: يارب إن كنت تدع رزقي لهواني عليك، فنمروذ كان أهون مني، وإن كنت تدعه لكرامتي عليك، فسليمان كان أكرم مني.
حج رجل من الأعراب فقال: اللهم حضرني إليك الرغب والرهب فأدأبت النهار، وأسأدت الليل، غير وعد ولا رسل أصل الجعجاع، وأدمن الإيضاع، فأنقيت الخف، وبريت العظم، وأكلت السنام، لك بذلك الإمتنان، وفي قديم إلي منك الإحسان، أنا ضيفك أرجو قراك، فلينلني عفوك وليسعني فضلك، اللهم أحيني العاقبة، والغفران، يا إله الطول والإحسان.
دعا أعرابي على آخر فقال: رماك الله بليلة لا أخت لها.
ودعا آخر فقال: اللهم إني أسألك طعم الأهل، وخصب الرجل.

وكان آخر يقول: اللهم إني أعوذ بك من قرع الغناء، وكساد أيم، وغضب العاقل.

الباب الرابع
أمثال العرب
هذا الباب نذكر فيه صوراً من ؟أمثال العرب مما يحسن المحاضرة به في المحاورات، وإيراده في أثناء المكاتبات ومجنس أجناساً، ويتبع في تجنيسه الألفاظ دون المعاني. يقدم في كل ما جاء منها على لفظ: " أفعل " فإنها أكثر تكراراً في الكلام، والحاجة إليها أمس، والناس بها ألهج.
في أسماء الرجال وصفاتهم
آبل من حنيف الحناتم.
أبخل من مادر.
أبلغ من سحبان وائل.
أبين من قس.
أبخل من ذي معذرة.
أبخل من ذي الضنين بنائل غيره.
أبر من فلحس. وهو رجل من شيبان، حمل أباه على ظهره وحج به.
أبطأ من فند: بعثته مولاته ليقتبس ناراً فعاد إليها بعد سنة.
أجمل وأجمل من ذي العمامة: وهو سعيد بن العاص بن أمية.
أجود من حاتم.
أجود من كعب بن مامة.
أجود من هرم.
أجن من دقة: هو دقة بن عباية بن أسماء بن خارجة.
أحمق من هبنقة: ذي الودعات.
أحمق من شرنبث.
أحمق من بيهس.
أحمق من حجينة، رجل من بني الصيداء.
أحمق من أبي غبشان: باع مفاتيح الكعبة لقصي بزق خمر.
أحمق من حذنة.
أحمق من شيخ: فهو بطن من عبد القيس اشترى الفسو من إياد، وكانوا يعيرون به، فيروي خيره، فعيرت بعد ذلك عبد القيس بالفسوة.
أحمق من ربيعة البكاء: هو ربيعة بن عامر بن ربيعة ابن صعصعة رأى أمه - وهو رجل - تحت زوجها، فقرر أن يقتلها فبكى، وصاح، فقيل له: أهون مقتول أم تحت زوج.
من الحكمة
أحكم من لقمان.
أحكم من هرم بن قطبة.
أحمى من مجير الجراد: وهو مدلج بن سويد الطائي.
أحمى من مجير الظعن: وهو ربيعة بن مكدم.
أحلم من الأحنف.
أحلم من قيس بن عاصم.
أحزم من سنان بن أبي حارثة.
أخسر من شيخ مهو.
أخسر صفقة من أبي غبشان.
أخلى من جوف حمار: رجل من عاد وجوفه واد كان ينزل به فلما كفر أخرب الله واديه.
أخنث من هيت.
أخيب من حنين.
أخنث من طويس.
أخنث من الدلال.
أخجل من مقمور. وهو صاحب الخفين.
أخطب من قس.
أدل من حنيف الحنائم.
أدل من دعيميص بن زهير.
أدهى من قيس بن زهير.
أرمى من ابن تقن. وهو رجل من عاد.
أروى من معجل أسعد: كان رجلاً أحمق وقع في غدير فجعل ينادي ابن عم له يقال له: أسعد ويقول: ناولني شيئاً أشرب به الماء ويصيح بذلك حتى غرق.
أزنى من قرد.
أسأل من فلحس: وهو رجل من بني شيبان كان سيداً عزيزاً يسأل سهماً في الجيش وهو في بيته فيعطى لعزه فإذا أعطيه، سأل لامرأته، فإذا أعطيه سأل لبعيره، وكان له ابن يقال له زاهر فكان مثله فقيل فيه: العصا من العصية: هكذا رواه ابن حبيب، فأما أبو عبيد فإنه يقول: الفلحس: الذي يتحين طعام الناس يقال: أتانا فلان يتفلحس، كما يتطفل.
أسأل من قرثع.
أسرق من شظاظ: رجل من بني ثعلب.
أسرق من برجان.
أشأم من خوتعة.
أشأم من قدار.
أشأم من أحمر عاد.
أشأم من طويس.
أصبر من قضيب: رجل من بني ضبة.
أشد من لقمان بن عاد.
أسبل من جذل الطعان.
أضيع من دم سلاغ جبار: هو رجل من عبد القيس.
أضل من سنان: هو سنان بن أبي حارثة المري، وكان قومه عنفوه على الجود فركب ناقته، ورمى بها الفلاة، فلم ير بعد ذلك وسمته العرب: ضالة غطفان. وقالوا: إن الجن استفحلته تطلب كرم فحله.
أضبط من عائشة بن عثم: هو رجل من بني عبد شمس بن سعد من حديثه أنه كان يسقي إبله يوماً، فأنزل أخاه في الركية ليميحه، فازدحمت الإبل فهوت بكرة في البئر فأخذ ذنبها، وصاح بها أخاه: يا أخي الموت! فقال: ذلك إلى ذنب البكرة ثم اجتذبها فأخرجها.
أطمع من أشعب.
أظلم من جلندي.
أطمع من مقمور.
أعز من قنوع.
أفرس من ملاعب الأسنة.
أفرغ من حجام ساباط.
أعز من كليب وائل.
أعز من مروان القرظ.
أعدى من الشنفري.
أعدى من السليك.
أعيى من الباقل.
أغزل من امرئ القيس.
أغدر من قيس بن عاصم.
أغدر من عتيبة بن الحارث.
أغلى فداء من حاجب بن زرارة.
أغلى فداء من بسطام بن قيس.
أفتك من البراض.
أفتك من الحارث بن ظالم.
أفتك من عمرو بن كلثوم.
أكذب من حجينة.
أفلس من ابن المذلق.
أفلس من العريان: وهو العريان بن شهلة القطامي.
أكذب من المهلب بن أبي صفرة.
أكذب من قيس بن عاصم.

أقرى من زاد الركب. وهم ثلاثة نفر من قريش.
أقرى من غيث الضريك: وهو قتادة بن مسلمة الحنفي.
أقرى من مطاعيم الريح: وهم أربعة أحدهم أبو محجن الثقفي.
أقرى من أرماق المقوين: وهم كعب وحاتم وهرم.
أقرى من آكل الخبز: وهو عبد الله بن حبيب العنبري.
أكفر من ناشرة: وهو عبد الله، من كفران النعمة.
أكفر من حمار.
ألأم من ابن قرصع: رجل من أهل اليمن.
ألأم من جدرة.
ألأم من البرم القرون.
ألأم من ضبارة: وهما رجلان معروفان باللؤم. سأل بعض ملوك العرب عن ألأم الناس فذكر إليه وجاءوه بجدرة، فجدع أنفه وفر ضبارة. فقالوا في المثل: نجا ضبارة لما جدع الجدرة.
ألأم من راضع.
ألهف من قضيب: رجل من العرب كان تماراً بالبحرين وله حديث.
أمضى من سليك المقانب.
أمنع من عنز: رجل من عاد.
أمطل من عقرب: رجل تاجر بالمدينة.
أنعم من خزيم: رجل من ولد سنان بن أبي حارثة كان في زمان الحجاج.
أنعم من حيان أخي جابر.
أنوم من عبود: عبد نام في محتطبه أسبوعاً أنكح من ابن ألغز.
ألوط من راهب.
أنكح من حوثرة: رجل من قيس.
أكذب من أسير السند: رجل من عبد القيس.
أكذب من أخيذ الديلم.
أكذب من أخيذ الجيش.
أكذب من أخيذ الصبحان.
أكذب من الشيخ الغريب.
أكذب من مجرب.
أندم من أبي غبشان.
أندم من شيخ مهو.
أندم من الكسعي.
أوفى من أبي حنبل.
أوفى من الحارث: تقول مضر: هو الحارث بن ظالم. وتقول ربيعة: هو الحارث بن عباد.
أوفى من عوف بن ملحم.
أوفى من السمؤال.
أوفر فداء من الأشعث: أسرته مذحج ففدى نفسه بثلاثة ألاف بعير.
أهون من تبالة على الحجاج: تبالة: بلدة صغيرة من بلدان اليمن يقال إنها أول بلدة وليها الحجاج، فيقال إنه لما سار إليها قال للدليل: أين هي؟ قال: قد سترها هذه الأكمة عنك، فقال: أهون علي بعمل بلدة تسترها أكمة ورجع.
أهون من قعيس على عمته: رهنته على صاع من بر فلم تفكه.
أهدى من دعيميص الرمل: دليل معروف.
أجبن من المنزوف ضرطاً.
أجرأ من فارس خصاف.
أجرأ من خاصي الأسد.
أجرأ من الماشي بترج: وهي مأسدة.

سائر ما جاء من الأمثال في أسماء الرجال
مواعيد عرقوب. يضرب في الخلف والمطل.
يلقى ما لالقى يسار الكواعب: يضرب لمن يطمع فيما يورطه.
لا أفعل كذا حتى يؤوب القارظان.
لا أفعل كذا حتى يؤوب المنخل: يضرب لما يكون صفقة لم يشهدها حاطب لأمر، لو شهده من غاب عنه لأنكره.
أسعد أم سعيد؟.
أنج سعد فقد هلك سعيد.
أينما أوجه ألق سعداً.
إن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.
نفس عصام سودت عصاماً.
كبر عمرو عن الطوق.
أوردها سعد وسعد مشتمل.
سد ابن بيض الطريق.
جزاء سنمار.
أودى كما أودى درم.
جار كجار أبي دؤاد.
إنما سميت هانئاً لتهنأ: ويقال لتهنأ.
لا حر بوادي عوف.
هما كند ماني جذيمة.
عند جهينة الخبر اليقين.
ما وراءك يا عصام.
أنا منه فالج بن خلاوة.
لا يطاع لقصير أمر.
لأمر ما جدع قصير أنفه.
خذ من جذع ما أعطاك.
لا آتيك حتى يؤوب هبيرة بن سعد.
تجشأ لقمان من غير شبع.
إذا أتلف الناس، أخلف إلياس.
إنما خدش الخدوش أبونا أنوش. يعني بذلك أول من كتب.
من يطع عريباً يمس غريباً. عريب بن عمليق.
من يطع نمرة يفقد ثمرة.
من يطع عكباً يمس منكباً.
إن لام المعدى ونفر إذ لام ارتفع.
بمثل جارية فلتزن الزانية سراً أو علانية هو جارية بن سليمان ابن الحارث بن يربوع بن حنظلة وكان جميلاً له حديث.
إن الشقي وافد البراجم.
شاكه أبا يسار.
شدت لأسر عمرو بن عدي.
يحمل شن ويفدي لكيز.
الأمثال في النساء
أبصر من الزرقاء: يريد زرقاء اليمامة وهي معروفة.
أبذى من المطلقة.
أحيى من هدى.
أحيى من فتاة.
أحلى من ميراث العمة الرقوب.
أخرق من ناكثة غزلها: وهي امرأة من قريش.
أخزى من ذات النحيين.
أحمق من دغة.
أخيل من مذالة: يعنون الأمة لأنها تهان وهي تتبختر.
أخيل من واشمة استها.
أزنى من سجاح.
أزنى من هر. وهي امرأة يهودية، وهي إحدى من قطع المهاجر يدها حين شمتت بموت النبي صلى الله عليه وسلم.
أزهى من واشمة استها.
أسرع من نكاح أم خارجة.
أشأم من البسوس.
أسرع من المهثهثة.
أشأم من منشم قيل هي النمامة.

أشأم من رغيف الحولاء.
أشأم من ورقاء.
أشغل من ذات النحيين.
أشبق من حبى المدينية.
أضل من موءودة.
أطول من طنب الحمقاء أعز من الزباء.
أعز من حليمة.
أعز من أم قرفة.
أغنج من مفنقة.
أغلم من سجاح.
أفرغ من فؤاد أم موسى.
أكذب من السالئة.
أنقى من مرآة الغريبة.
أنجب من مارية: ولدت لزرارة: حاجباً، ولقيطاً وعلقماً.
أنجب من بنت الخرشب: ولدت لزياد العبسي الكملة وعلقمة، ربيعاً الكامل، وعمارة الوهاب، وقيس الحفاظ، وأنس الفوارس.
أنجب من أم البنين: ولدت لمالك بن جعفر بن كلاب، ملاعب الأسنة: عامراً، وفارس قرزل: طفيل، وربيع المقترين: ربيعة، ونزال المضيف: سلمى، ومعوذ الحكماء: معاوية.
أنجب من خبيئة: ولدت لجعفر بن كلاب: خالداً الأصبغ ومالك الطيان وربيعة الأحوص.
أنجب من عاتكة: ولدت لعبد مناف هاشماً وعبد شمس والمطلب.
أوفى من خماعة.
أوفى فكيهة.
أوفى من أم جميل.
أقود من ظلمة: وقد قيل: أقود من الظلمة.
لن ترضى شانئة إلا بجرزة: يراد به الاستئصال.
إن العوان لا تعلم الخمرة.
قطعت جهيزة قول كل خطيب: يضرب لمن يقطع على الناس كلامهم بجمعه.
إن النساء لحم على وضم إلا ما ذب عنه.
كل ذات صدار خالة لي.
كل شيء مهة ومهاة ما خلا النساء وذكرهن.
أطري فإنك ناعلة.
أمر مبكانيك لا أمر مضحكاتك.
مالي ذنب إلا ذنب صحر.
إن سرارها قوم لي عنادها.
وقعت في مرتعة فعيثي.
ذري بما عندك ياليغاء.
تحسبها حمقاء وهي باخس.
توقري يا زلزة.
تعلم من أطفح: يراد تعلم لمن الذنب.
قوري وألطفي.
كالممهورة من مال أبيها: يضرب لمن يتحمد بما لم يكن فيه.
أنت كالممهورة إحدى خدمتيها.
لو ذات سوار لطمتني.
خرقاء وجدت صوفاً.
قيل لحبلى: ما تشتهين؟ فقالت التمر وواهاً ليه.
لن تعدم الحسناء ذاماً.
إسق رقاش إنها سقاية.
القول ما قالت حذام.
المرأة من المرء وكل أدماء آدم.
إن النساء شقائق الأقوام: أي لهن مثل ما عليهن.
عثرت على الغزل بأخرة فلم تدع بنجد قردة.
اطرقي وميشي: يضرب لمن يخلط في كلامه.
لا تحمد أمة عام اشترائها ولا حرة عام ابتنائها.
كل ذات ذيل تختال.
خرقاء وجدت ثلة.
لا تعدم صناع ثلة.
خرقاء ذات نيقة.
خرقاء عيابة.
لا تعظيني ولا تعظعظي.
محسنة فهيلي.
الثيب عجالة الراكب: يضرب في الحث على الرضا باليسير إذا أعوز الكثير.
كالفاخرة بحدج ربتها.
وحمى ولا حبلى.
يا عبرى مقبلة، ويا سهرى مدبرة.
جلت الهاجن عن الولد: الهاجن الصغيرة.
قد كنت مصفرة قبل عاشرينا.
وأخبرينا أخبرها دماءها.
حانية مختضبة.
إلا حظية فلا ألية.
كفا مطلقة تفت اليرمع.
جعلت ما بها بي، وانطلقت تلمز.
من حظك نفاق أيمك.
إن الحماة أولعت بالكنه وأولعت كنتها بالظنة.

الأمثال في القبائل والآباء والأمهات والشيوخ
والصبيان والأخوة والأخوات والأحرار والعبيد والإماء أتيه من فقيد ثقيف: وهو الذي هوى امرأة أخيه فتاه حياً.
أتيه من أحمق ثقيف: هو يوسف بن عمر، وهو من التيه والكبر.
أذل من قيسي بحمص.
أضل من قارظ عنزة.
أفسى من عبدي.
أبطش من دوسر. كتيبة النعمان.
أحنى من الوالد.
أحنى من الوالدة.
أخرق من صبي.
أشجع من صبي.
أضبط من صبي.
أظلم من صبي.
أكذب من صبي.
أبخل من صبي.
أبكى من يتيم.
أسرع من دمعة الخصي.
القبائل
لا يدرى أسعد الله أكثر أم جذام.
فرق ما بين معد تحاب.
قدما كل المعدى أكل سوء.
وافق شن طبقه.
لولا وئام هلكت جذام.
بعد الدار كبعد النسب.
ارعى فزارة لا هناك المرتع.
يا شن أثخني قاسطاً.
لا تعدم من ابن عمك نصراً.
يابعضي دع بعضاً: يضرب في عطف ذي الرحم.
رب ابن عم ليس بابن عم لك.
ربضك منك وإن كان سماراً.
تباعدت العمة عن الخالة.
إلى أمه يلهف اللهفان.
لست على أمك بالدهنا تدل.
هل لك في أمك مهزولة؟ قال: إن معها إلا إخلابة، يضرب للرجل يحض على حق يلزمه فيرضى فيه بأمر مقارب.
أم فرشت فأنامت.
تنهانا أمنا عن الغي وتعدوا له فيه.
لم ولمه عصيت أمي الكلمة؟ يضرب عند الندم على معصية الشقيق.
هوت أمه وهبلته لمه: يقال في مدح الأب.
من أشبه أباه فما ظلم.
كل فتاة بأبيها معجبة.

لا أبوك نشر ولا التراب نفد.
من يكن أبوه حذاء تجدد نعلاه.

الأخ
رب أخ لم تلده أمك.
هذا التصافي لا تصافي المحلب.
إذا عز أخوك فهن.
اسق أخاك النمرى.
الناس إخوان وشتى في الشيم.
انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً.
مكره أخوك لا بطل.
من لك بأخيك كله.
أخوك من صدقك.
إن أخاك ليسر بأن يعتقل: يقال في الذم.
من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه.
إن على أختك تطردين: أي قد أعد لك قرنك.
لاتلم أخاك، واحمد رباً عافاك.
إذا ترضيت أخاك فلا إخاء لك به.
أنا عذله وأخي خذله، وكلانا ليس بابن أمه.
لا يدعى للجلى إلا أخوها.
النفس تعلم من أخوها.
الشيوخ
بئس مقام الشيخ أمرس أمرس.
كل امرئ سيعود مريئاً.
من العناء رياضة الهرم.
تركته تقاس بالخداع: يضرب للشيخ، أي هو شاب في جلده.
أهون هالك عجوز في عام سنة.
أهون مظلوم عجوز معقوقة.
الشاب والصبي
كان ذلك من شب إلى دب.
كل امرئ في بيته صبي.
اتق الصبيان لا تصبك بأعقائها.
أدرك القويمة لا تأكلها الهويمة.
العبيد
عبد صريخه أمة.
استعنت عبدي فاستعان عبدي عبده.
مساواك عبد غيرك.
ليس عبد بأخ لك.
عبد وخلى في يده.
أعطي العبد كراعاً. ومثله: عبد ملك عبداً فطلب دراعاً.
الحر يعطى والعبد يألم قلبه.
يا عبد من لا عبد له.
حبيب إلى عبد سوء محكده.
احمل العبد على فرس إن هلك، هلك، وإن عاش فلك.
لا أفعل ذلك ما أبس عبد بناقته.
عبد أرسل في سومه.
هو العبد زلمة.
الإماء
لا تفش سرك إلى أمه.
لا تفاكه أمة، ولا تبل على أكمة.
كالأمة تفخر بحدج ربتها.
تركته تغنيه بحدج ربتها.
تركته تغنيه الجرادتان: أي لاهياً في إمائها.
تلقى أمه عملها.
من أضرب بعد الأمة المعارة؟ هاجت زبراء: وهي جارية أحنف.
الغلمان
لا تغز إلا بغلام قد غزا.
كيف بغلام قد أعياني أبوه.
تبشرني بغلام قد أعياني أبوه.
الأحرار
لا حر بوادي عوف.
تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.
أنجز حر ما وعد.
الولد
ولدك من دمي عقبيك.
ابنك ابن بوحك.
من سره بنوه، ساءته نفسه.
إن الموصين بنو سهوان.
زين في عين والد ولده.
هم في أمر لا ينادي وليده.
أبهذا الذين يشبهون.
يعود لما أبني فيهدمه حسل: يعني ولده.
مثل ابنة الجبل مهما يقل تقل.
أنا ابن بجدتها.
تحلب بني وأشد على يديه، يقال لمن يفتي غيره على فعل ينسبه إليه وهو فاعل.
دع بنيات الطريق: أي خدم معظم الطريق، أي الأمر.
احفظي بيتك ممن لا تنشدين.
بنت برح.
بنت طبق.
شرك على رأسك: يقال ذلك في الشيء إذا استعظموه من داهية وغيرها.
الأمثال في النفس والجسد
والأعضاء والجوارح والشعر وما يشبه ذلك:
أسرع من العير.
أسرع من طرف العين.
أسرع من لمح البصر.
أوهى من طرف المؤق.
أجرد من صلعة.
أهدى من اليد إلى الفم.
أعرى من إصبع.
أقصر من اليد إلى الفم.
أهدى من الإنسان إلى فيه.
أسرع من اليد إلى الفم.
أدق من الشعر.
أهون من الشعر الساقط.
ألزم من شعرات القص.
ألزم من اليمين للشمال.
أفرغ من يد تفت اليرمع.
أقصر من أنملة.
أذل من يد في رحم.
أضعف من يد في رحم.
أعيى من يد في رحم: يراد الجنيف.
أحمق من الممتخط بكوعه.
أدنى من حبل الوريد.
أشك من ناب جائع.
أعظم كمراً من الحواثر.
آكل من الضرس.
النفس والجسد
ألقى عليه شراً شره: أي ألقى نفسه عليه من حبه.
ألقى عليه بعاعه. مثله: ألقى عليه أوراقه.
مثل ذلك: هجم عليه نقابا: أي بنفسه.
ضرب على ذلك الأمر حاشه: أي نفسه.
ألقى عليه أجرامه وأجرانه: أي هواه.
ضرب عليه جروته: أي وطن عليه نفسه.
صدقته الكذوب: يعني نفسه.
ما أنت بأنجاهم مرقة: يعني نفساً.
النفس أعلم من أخوك النافع.
أكذب النفس إذا حدثتها.
النفس مولعة بحب العاجل.
ما زلت أفتل في الذروة والغارب.
نفسي تعلم أني خاسر.
حتى أسمحت قرونته وقرينيه أيضاً.
النفس عروف: أي إذا نزل أمر اعترفت نفسك بما نجحجح أعلم.
الرأس والعنق
هو في ملء رأسه: أي هو فيما يشغله.
جاحش عن خيط رقبته: يضرب للذي يدافع عن دمه.
أعطاه بقوف رقبته: أي بجملته.
أخذه بقوف رقبته.
وأخذه سوط رقبته.

وأخذه بظوف رقبته.
بولغ به المخنق.
في رأسه خطة.
في رأسه نعرة.
رماه بأقحاف رأسه أي بالدواهي.
هو قفا غادر شر.
من نجا برأسه فقد ربح.
وقع في سي رأسه: يريد به الخصب والخير. وسيء برأسه وسوا رأسه وسوأ رأسه.
تقطع أعناق الرجال المطامع.
رأس برأس وزيادة مائة.
رمى منه في الرأس: يضرب في البغض حتى لا ينظر إليه.
اختلفت رؤوسها فرتعت: يقال في اختلاف الأراء.
إني لا كل الرأس وأعلم ما فيه.

الوجه
وجه المحرش أقبح.
أقبح في وجه المآل تعرف إمرته.
ما يعرف قطاته من لطاته.
قبل البكاء كان وجهك عابساً.
وابآ بي وجوه اليتامى: يضرب في التحنن على الأقارب.
اللحية والشعر
فلم خلقت إذا لم أخدع الرجال: يعني لحيته.
أصهب السبال: من أسماء العدو.
اقشعرت منه الذوائب: يضرب في الجبان.
العين
نظرت إليه عرض عين.
نظرة من ذي علق.
عينه فرارة.
أعور، عينك والحجر.
جعلته نصب عيني.
لا آتيك ما حملت عيني الماء.
ما بها عين وما بالدار عين.
وما سقت عيني الماء.
عند فلان من المال عائرة عين: يراد به الكثرة.
إذا جاء الحين، حارت العين.
أزرق العين: من أسماء العدو.
هو على حندر عينه: يضرب في البغض.
لأرينك لمحاً باصراً: يضرب في التوعد.
غره بين عيني ذي رحم.
ليس لعين ما رأت، ولكن لكف ما أخذت.
هو في مثل صدقة البعير.
وفي مثل حولاء الناقة: أي في الخصب.
عين عرفت فذرفت.
لحظ أصدق من لفظ.
هو شديد جفن العين: يقال ذلك للصبور على السهر.
احذر إذا احمرت حماليقه.
ليست لما قرت به العين ثمن.
أطلب أثراً بعد عين.
بعين ما أرينك: أي اعجل وكن كأني أنظر إليك.
الأذن
لا يسمع أذناً خمشاً: أي لا يقبل نصحاً.
ليست على ذلك أذني: أي سكت عنه.
أساء سمعاً، فأساء إجابة.
بأذن السماع سميت: معناه أن فعلك يصدق.
من يسمع يخل.
جاء بأذني عناق الأرض: أي بالباطل والكذب ويقال في الداهية أيضاً.
جعلت ذلك دبر أذني.
جاء ناشراً أذنيه: أي طامعاً.
الأنف
كل شيء أخطأ الأنف جلل.
أرغت حيث لا يضع الراقي أنفه.
جرحه حيث لا يضع الراقي أنفه: أي لا دواء له.
أنفك منك وإن كان أجدع.
شفيت نفسي وجدعت أنفي.
مات فلان حتف أنفه.
أنف في السماء وإست في الماء.
جدع الحلال أنف الغيرة قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كاس أنفه فيما يكره.
أفعله رغم أنفه.
لا أحب رئمان أنف وأمنع الضرع.
رب حام لأنفه وهو جادعه.
شامخ بأنفه: يعني الصلف.
لمكر ما جدع قصير أنفه.
أنفك منك وإن دن.
الأسنان
إنه ليحرق عليه الأرم.
قد تحدته من بنات النواجز.
قد عض على نواجزه.
متى عهدك بأسفل فيك: أي متى أبعدت فضرب مثلاً للأمر القديم.
ما في فيه حاكه ولا تاكه.
جاء تضبب لثته: يراد به الحرص.
جاء وهو يقرع سن نادم.
أعييتني بأشر فكيف بدردر؟ أهد لجارك أشد لمضغك: يقول إذا أهديت أهدوا إليك.
الصبي أعلم بمضغ فيه.
ضرسوا فلاناً: إذا أدموه، اللسان والنطق.
كدمت غير مكدم.
أهون مرزئة لسان ممخ.
عليه من الله لسان صالحة: يقال ذلك في الثناء.
من عض على شبدعه سلم من الآثام: يريد اللسان.
سكت ألفاً ونطق خلفاً.
سرت إلينا شبادعهم: أي ذمهم وعيبهم.
مقتل الرجل بين فكيه.
الذقن
ذليل استعان بذقنه.
أفلتني جريعة الذقن.
لألحقن حواقنك بذواقنك.
الفم
كل جان يده إلى فيه.
جرى منه مجرى اللدود.
لو وجدت إلى ذلك فاكرش لفعلته: أي لو وجدت سبيلاً.
فاهاً لفيك.
أفواهها مجاسها.
ويقال أيضاً: أخاكها مجاسها.
أراك بشر ما أحار مشفر.
حياك من خلا فوه.
ذكرني فوك حماري أهلي.
حدثني فاه إلى في.
فلان خفيف الشفة: أي قليل المسألة.
اليد
أطعمتك يد شبعت ثم جاعت ثم شبعت، ولا أطعمتك يد جاعت ثم شبعت.
إذا أرجحن شاصيا فارفع يداً. وإذا ارجعن أيضاً.
حلبت بالساعد الأشد: لليدين والفم.
صفرت يداه لي عند فلان.
يد ما تحجر في عكم: أي لا تخفى ولا تستر.
بالساعد تبطش الكف.
ذهبوا أيدي سبأ.
على يدي دار الحديث.
هو على حبل ذراعك.
أراد أن يأكل بيدين.
لا تبطر صاحبك ذرعه: أي لا تحمله مالا يطيق.
ما تبل إحدى يديه الأخرى. يقال للبخيل.

اقصر بذرعك.
ارق على ظلعك.
يداك أوكتا وفوك نفخ.
تركته على أنقى من الراحة.
لقيته أول ذات يدين.
كان فلان كراعاً فصار ذراعاً.
كفا مطلقة تفت اليرمع.
اليد العليا خير من اليد السفلى.
إن الذليل ليس له عضد.
فلان على يدي عدل.
هذه يدي لك: يريد الانقياد.
فلان يقلب كفيه على كذا: يقال عند الندم.
سقط في يده: إذا ندم.
رددت يده في فيه: إذا غطته.
فلان نازع يداي عاصياً.
أعطاه عن ظهر يد.
الأيدي الواحد بعشرة.
مالي بهذا الأمر يدان.
فلان عندي باليمين وفلان عندي بالشمال.
تربت يداك.
هم عليه يد: أي مجتمعون.
أشدد يديك بغرزه: أي ألزمه.
عي أبأس من شلل.

الصدر
شد للأمر حزيمه.
جاء يضرب أصدريه: إذا جاء فارغاً.
تأبى ذلك بنات لببي.
صدرك أوسع لسرك.
الجنب
عركت ذلك بجنبي.
ما أبالي على أي قطريه وقع. وقتريه أيضاً.
بجنبه فلتكن الوجبة.
ما أبالي على أي قطريه وقع. وقتريه أيضاً.
بخيبة فلتكن الوجبة.
من كلا جنبيك لا لبيك.
البطن والظهر
انقطع السلى في البطن: أي فات الأمر.
ما في بطنها نعرة: أي ليس بها حبل.
بطني فعطري، وسائري فذري.
نزت به البطنة.
كيف توقي ظهر ما أنت راكبه؟ قلب الأمر ظهراً لبطن.
إن كنت تشد بي أزرك فارخه.
مات ببطنته لم يتغضغض منها شيء: يقال للبخيل.
مات وهو عريض البطان.
ما أعرفني كيف يجز الظهر.
لا تجعل حاجتي منك بظهر.
ببطنه يعدو مثل ذلك الذكر.
حولها من ظهرك إلى بطنك: أي أحلها إلى قرين.
ما حك ظهري مثل يدي.
عرف بطني تربة: قيل في ذروته وغاربه.
القلب والكبد
يستمع المرء بأصغريه.
اجعله في سويداء قلبك.
ما أبردها على الكبد.
هو بين الخلب والكبد.
هو أسود الكبد.
الرجل والساق
رماه فأشواه: من الشواء وهي القوائم.
إرق على ظلعك.
قدح في ساقه.
قرع له ساق.
قرع له ظنبوبه إذا حدا.
إن يدم أظلك فقد نقب خفى.
بق نعليك وابذل قدميك.
هلكوا على رجل فلان: أي في زمن فلان.
لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقاً.
شر ما أجاءك إلى مخة عرقوب.
أتتك بحائن رجلاه.
لفلان قدم في الخير.
جاء فلان يجر رجليه.
لأطأنهم بأخمص رجلي.
قد شمرت ساقيها فشمري.
جاء بوركي خبر أرجلكم.
العروق
أخبرته بعجري وبجري.
فتح صدرك بعلم عجرك وبجرك.
أيعيرني ببجري وينسى بجره.
إن العروق عليها ينبت الشجر.
السه
العين ذكاء السه.
إياك وكل قرن أهلب.
كالمصطاد أنت باسته.
طار باست، فزعة.
في استها مالا يرى. يضرب لمن يحيره أكثر من مرآه.
اتقى بسلحه سمره.
جاء ينفض مذرويه.
أفلت وانحص الذنب.
أفلت وله حصاص.
قبل الضراط استحصاف الأليتين.
استه البائن أعلم.
است لم تعود المجمر.
إنك لتمد بسرم كريم.
أريها استها وتريني القمر.
أضحك من ضرطه، ويضرط من ضحكي.
استه أضيق من ذلك.
أضرطاً وأنت الأعلى.
استي اخبثي.
إست في الأرض، وأنف في السماء.
الذكر
نعم عوفك.
إن الكمر أشباه الكمر.
من يطل أير أبيه ينتطق به.
لو خفت خصاهم ولكنها كالمزاد.
هذا حر معروف.
لا ماءك أبقيت ولا حرك أنقيت.
النكاح
انكحيني وانظري.
كمعلمة أمها البضاع.
لقوة صادفت قبيصاً.
بالرفاء والبنين.
هنئت فلا تنكه.
قرب الوساد وطول السواد.
من ينكح الحسناء يعط مهراً.
الأمثال في الإبل والخيل والبغال والحمير
أحقد من جمل.
أحسن من شنف الأنضر.
أخف حلماً من بعير.
أخيب من ناتج سقب من حائل.
أخلف من ثيل البعير.
أخلف من بول البعير.
أذل من السقبان بين الحلائب.
أذل من الحوار.
أخبط من عشواء.
أذل من بعير سانية.
أروى من بكر هبنقة.
أصول من جمل.
أصبر من عود بدفيه جلب.
أصبر من ذي ضاغط معرك.
أشرب من الهيم.
أغير من الفحل.
أغير من الجمل.
ألأم من سقب ريان.
أملخ من لحم الحوار.
أهون من ضرطة الجمل.
أثقل من حمل الدهيم.
أتخم من فصيل.
أحمق من الربع.
أنفر من أزب.
أهدى من جمل.
أشأم من قاشر: وهو فحل.
أعز من الأبلق العقوق.
أشهر من فارس الأبلق.
أشهر من راكب الأبلق.
أسمع من فرس.
أشأم من خميرة.
أطوع من فرس.
أعدى من فرس.

أقصر من ظاهرة الفرس.
أجرأ من فارس خصاف.
أجرأ من خاصي خصاف.
أتعب من رائض مهر.
أحسن من الدهم الموقفة.
أبصر من فرس.
أخلف من ولد الحمار.
أذل من عير أبي سيارة.
أذل من حمار مقيد.
أجهل من حمار.
أقصر من غب الحمار.
أعقم من بغلة.
أعقر من بغلة.
أهون من ذنب الحمار على البيطار.
أتبع من تولب.
أشأم من داحس.
أشأم من الزرقاء: قالوا هي الناقة، وربما نفرت وذهبت في الأرض.
أكذب من الأخيذ الصيحان: قالوا هذا الفصيل الذي أتخم من اللبن وقيل غير ذلك.
أشأم من سراب: وهي ناقة البسوس.
أسرع من فريق الخيل: يريد السابق الذي يفارقها.
أنشط من عير الفلاة.
أضرط من حمار.
أحمق من أم الهنبر: قالوا: هي الهنبر ولد الحمار وأمه الأتان.

الإبل
صدقني سن بكره.
كانت عليهم كراغية البكر.
أكرم نجر الناجيات نجره.
كل نجار إبل نجارها.
نجارها نارها.
لا تنسبوها وانظروا ما نارها: قالوا ذلك للبعير.
أصوص عليها صوص: الأصوص الناقة الحائل السمينة والصوص الرجل اللئيم.
أخذت الإبل أسلحتها.
أعجب حياً نعمه.
يهيج لي السقام، شولان البروق في كل عام.
أصبر من عود.
إني والله لا أحسن تكذابك وتأثامك، تشول بلسانك شولان البروق.
كالمهدر في العنة.
لا يعدم الحوار من أمه حنة.
لا تعدم ناقة من أمها حنة.
تكذابك وتأثامك، تشول بلسانك شولان البرق.
كفضل ابن المغاض على الفضيل: يراد به التقارب.
استنت الفصلان حتى القريعي.
امهلني فواق ناقة.
لا آتيك ما حنت النيب إلى النيب.
لا آتيك ما أطت الإبل.
ما أفعل ذلك حتى يلج الجمل في سم الخياط.
الغاشية تهيج الآبية.
إن الغاشية تعشى النابية.
حرك لها حوارها تحن.
الفحل يحمي شوله معقولاً.
أدع لها حوارها تحن.
زاحم بعود أو دع.
الذود إلى الذود إبل.
اذهبي فلا أنده سربك.
شنشنة أعرفها من أخزم.
إن جرجر العود فزده ثقلاً، وإن أعيا فزده نوطا.
إنما يجزى الفتى ليس الجمل.
لا يضير الحوار وطء أمه.
هل تنتج الناقة إلا لمن لقحت.
أخلبت ناقتك أم أحلبت.
رئمت لفلان بو ضيم.
غلبت جلتها حواشيها.
عود يقلح.
ومثله: ومن العناء رياضة الهرم.
عود يعلم العنج.
استنوق الجمل.
جاءوا على بكرة أبيهم.
اللقوح الربعية مال وطعام.
القزم من الأفيل.
إذا زحف البعير أعيته أذناه.
اضربه ضرب غرائب الإبل.
لا ناقتي في هذا ولا جملي.
هان على الأملس ما لاقى الدبر.
هما كركبتي البعير.
ما تقرن بفلان الصعبة.
شتى تؤوب الحلبة.
أدرك أرباب النعم: أي من كان له عناية بالأمر.
لكل أناس في بعيرهم خبر.
عرض علي الأمر سوم عالة.
ما استتر من قاد الجمل.
كفى برغائها منادياً.
عرف حميقاً جمله.
اختلط المرعى بالهمل.
إن تسلم الجلة فالنيب هدر.
قودوه لي باركاً.
ضرب البعير في جهازه: إذا مات وضرب في رقبته.
اتخذ الليل جملاً تدرك.
إن الضجور قد تحلب العلبة.
كل أزب نفور.
ما أرخص الجمل لوما الهر.
كالنازي بين القرينين.
وقع القوم في سلي جمل: يراد به الشدة.
هذا أمر لا تبرك عليه الإبل. أي شديد.
وما هو في العير ولا في النفير.
يخبط خبط عشواء.
كلكم فليحتلب صعوداً.
يا إبلي عودي إلى مبارك.
أرخت مشافرها للعس والحلب.
عشمشم يغشي الشجر: وهما الأيهمان.
جل الولد عن الهاجن.
بئس العوض من جمل قيده.
عجباً تحدث أيها العود.
لا يجمل الكذب بالشيخ.
إحدى نواده البكر.
أعديتني فمن أعداك؟: يخاطب ناقته وقد تثاءبت لتثاؤب لص فتثاءب لتثاؤبها.
ناب وقد تقطع الدوية.
كلا زعمت العير لا تقاتل.
الإبساس قبل الإيناس.
لا أفعل ذلك ما أرزمت أم حائل.
آخر البز على القلوص: يعني الدهيم التي حملت رؤوس زناد الذهلى.
ماله سارحة ولا رائحة.
لا أفعل ذلك ما حنت الدهماء.
لا أفعل ذلك ما حنت النيب.
لا أفعل ذلك. ما أطت الإبل.
لقد كنت وما يقاد بي البعير.
لا تراهن على الصعبة، ولا تنشد القريض.
الحرام يركب من لا حلال له.
قد لا يقاد بي الجمل.
ضرح الشموس ناجزاً بناجز.
أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل.
العنوق بعد النوق.
يوم بيوم الحفض المجور.
كالحادي وليس له بعير.
في مثل حدقة البعير.

هم في مثل حولاء الناقة: مثل ذلك يريدون العشب والخصب.

الخيل
هذا أوان الشد، فاشتدي زيم: زيم اسم فرس.
كان جذعاً باسقاً من صوره، ما بين لحييه إلى سنوره.
إنه لحثيث التوالي وسريع التوالي: يقال للفرس، وتواليه: مآخيره.
لا يعدم شقي مهراً.
طلب الأبلق العقوق.
كان جوادي فخصي.
كل مجر بالخلاء يسر.
جرى مذك حسرت عنه الحمر.
جرى المذكيات غلاب.
مذكية تقاس بالجذاع.
الخيل تجري على مساويها.
قد تبلغ القطوف الوساع.
جاء فلان وقد لفظ لجامه.
تجري يليق وتذم: ويليق اسم فرس.
إن الجواد عينه فراره.
هما كفرسي رهان.
الخيل أعلم بفرسانها.
أحشك وتروثني.
عرفتني نسأها الله.
تقفز الجعثن بي، يا مر زدها قعبا: يعني فرسه.
شتى تؤوب الحلبة: قالوا هو في الخيل إذا عازف من الحلبة.
غضب الخيل على اللجم.
لألحقن قطوفها بالمعناق.
ترك الخداع من أجرى من مائة.
كالأشقر إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر.
اتبع الفرس ولجامها.
ما يشق غباره: أصله للخيل.
أحق الخيل بالركض المعار.
الأمثال في الحمار
أكرمت فارتبط.
إذا أدنيت الحمار من الردهة فلا تقل له سأ.
إذا قربت الحمار من الوهدة فلا تقل هد وهت.
ودق العير إلى الماء: يضرب في المستسلم.
أدني حماريك فأزجري.
أنكحنا الفرا، فسوف ترى.
دون ذا أو ينفق الحمار.
قد يضرط العير والمكواة في النار.
إنك لآذى من العير إلى السهم.
اتخذوه حمار الحاجات.
هما حماري العبادي.
ما بقي منه إلا قدر ظمء الحمار.
فلأضربنه ضرب أداني الحمر.
ذكرني فوك حماري أهلي.
ضرها جد العير الصليانة: يضرب للحالف.
كان حماراً فاستأتن.
أودى العير إلا ضرطاً.
ما بالعير من قماص.
العير أوقى لدمه.
جاء كخاصي العير.
وقعا كعكمي عير.
إن ذهب عير فعير في الرباط: لمن جاء مستجيباً.
عير بعير وزيادة عشرة.
عير عاره وتده.
كل صيد في جوف الفرا.
نجى حماراً سمنه.
لا يأبى الكرامة إلا حمار.
سواسية كأسنان الحمار.
قبل عير وما جرى.
تركته جوف حمار: قيل لأنه لا ينتفع بشيء في بطنه ولا يؤكل وقيل غير ذلك.
هو عير وحده وجحيش وحده.
عير ركضته أمه، وركلته أيضاً.
قد حيل بين العير والنزوان.
معيوراء تكادم.
البغل نغل وهو لذلك أهل.
الجحش لما فاتك الأعيار.
الأمثال في البقر والغنم والظباء
أعجل من نعجة إلى حوض.
أهون من ضرطة عنز.
أقفط من تيوس البياع.
أصرد من عير جرباء.
أغر من ظبي مقمر.
أصح من ظبي.
أشقى من راعي ضأن ثمانين.
أشغل من مرضع بهم ثمانين.
أقفط من تيس بني حمان.
آمن من ظبي مقمر.
أنوم من غزال.
أوقل من وعل.
أحمق من نعجة على حوض.
أسخى من لافظة.
أذل من اليعر.
أذل من النقد.
أبله من ثور.
أزهى من ثور.
الغنم والضأن
لا تحبق في هذا الأمر عناق حوليه.
لا ينفط فيه عناق.
عند النطاح يقلب الكبش الأجم.
لا تنطح بها ذات قرن جماء.
لا ينتطح فيه عنزان.
لا أفعل ذلك حتى تجتمع معزى الفزر.
رمدت الضأن فربق ربق.
أضرعت المعزى فرمق رمق، ورنق أيضاً.
ماله عافطة ولا نافطة.
ماله ثاغية ولا راغية.
عنز في حبل فاستتيست.
المعزى تبهى ولا تبنى.
كل شاة تناط برجلها.
ما له هلع ولا هلعة. قالوا: هو الجري والقناص.
خير حالبيك تنطحين.
حتفها تحمل ضأن بأظلافها.
لا يعرف هراً من بر: الهر: دعاء الغنم، والبر: سوقها.
فرارة تسفهت قرارة. أي الضأن.
نزو الفرار استجهل القرارا.
أعنز بها كل داء.
هيل هيل، دري دبس. اسم شاة.
لا تنطح جماء ذات قرن.
كالخروف أينما مال اتقى الأرض بصوف.
ما لفلان أمر ولا آمرة: الأمر: الخروف. الآمرة: الرحل.
أجرى الله غنماً خيرها.
الخروف يتقلب على الصوف.
كالكبش يحمل شفرة وزناداً.
كل شاة معلقة برجلها.
باءت غرار بكحل.
الكلاب على البقر.
نزو الفرار استجهل القرارا.
ولد البقر من الوحش.
إنما أكلت يوم الثور الأبيض.
كالثور يضرب لما عافت البقر.
تركت فلاناً بملاحس البقر. أي الموضع لا أنيس به.
جاء يجر بقره.
من عيال البقر أولادها.
في الظباء تركة.
ترك ظبي ظله.
كيف الطلا وأمه.
لا أفعل ذلك ما لألأت به ظبي العرف بأذنابها.
به داء ظبي.

من لي بالسانح بعد البارح.
ما يجمع بين الأروى والنعام.
هو كادح الأروى بمثل مطرد الأوابد.
تركتهم في كصيصة الظبي.
بحازج الأروى، قليلاً ما ترى.
أول الصيد فرع.
تيس الحلب.
ضب السحاة.
قنفذ برقة.
أرنب الخلة.
شيطان الحماطة.
ذنب الحمير.

الأمثال في الأسد والسباع والوحوش
أبخر من أسد.
أجرأ من خاصي أسد.
أجرأمن ذي لبد.
أجرأ من أسامة.
أجرأ من قسورة.
أجرأ من ليث بخفان.
أجوع من ذئب.
أحمى من أنف الأسد.
أخف رأساً من الذئب.
أخبث من ذئب الخمير.
أخبث من ذئب الغضى.
أختل من ذئب.
أخون من ذئب.
أخب من ذئب.
أشجع من أسامة.
أشجع من ليث عريسة.
أشجع من ليث عفرين.
أشره من أسد.
أصح من ذئب.
أشد من أسد.
أظلم من ذئب.
أعز من أست النمر.
أعز من أنف الأسد.
أعدى من الذئب.
أعتى من الذئب.
أعق من ذئبه.
أمنع من لهاة الليث.
أنشط من ذئب.
أيقظ من ذئب.
آلف من كلب.
أبصر من كلب.
أبخل من كلب.
أبخر من فهد.
أجوع من كلبة حومل.
أشجع من كلب.
أبول من كلب.
أحمق من أم الهنبر.
أحمق من جهيزة.
أحذر من ذئب.
أحول من ذئب.
أحرص من ذئب.
أخرس من كلب.
أحرس من كلبة كريز.
أخب من ثعالة.
أختل من ثعالة.
أخيل من ثعالة.
أخيل من ثعلب في استه عهنة.
أروغ من ثعالة.
أزنى من قرد.
أزنى من هجرس.
أزنى من ضيون.
أزنى من قط.
أزنى من هر.
أجبن من هجرس.
أزهى من ثعلب.
أسرع من كلب إلى ولوغه.
أعطش من ثعلب.
أسرع من لحسة الكلب أنفه.
أسمع من سمع.
أذل من صيد ليث عفرين.
أعبث من قرد.
أكسب من فهد.
أكسب من ذئب.
ألح من كلب.
ألأم من كلب على عرق.
ألوط من دب.
أوقح من ذئب.
أولغ من كلب.
أنبش من جيأل.
أنعس من كلب.
أنوم من فهد.
أجرأ من خاصي الأسد.
أسرع غدرة من الذئب.
أبقى عدواً من الذئب.
أسلط من سلقة: وهي الذئبة.
أنكد من كلب أجص.
أجوع من ذئب.
أعق من ذئبة.
أعيث من جعار.
أحمق من ضبع.
أغزل من الفرعل.
أفحش من كلب.
أجوع من زرعة وبني كلبة.
لا قرار على زأر من الأسد.
أخذه أخذ سبعة. قالوا أراد سبعة وقيل: أراد العدو وقيل هو اسم الرجل.
الذئب
أبشر بغزو كولغ الذئب.
من استرعى الذئب ظلم.
الذئب يأدوا للغزال ليأكله. ويقال: يدأي أي متدارك.
الذئب يكنى أبا جعدة.
سقط العشاء به على سرحان.
الذئب خالياً أشد.
الذئب مغبوط جائعاً.
لقد كنت ما أخشى بالذئب فاليوم قيل: الذئب. ويضربون المثل ب: الذئب الخمر.
وذئب الغضا.
وسرحان القصيم.
خش ذؤاله بالحبالة. الذؤالة: الذئب.
نزلنا ببلدة يتنادى أصرماها: وهما الذئب والغراب.
ذئب الغضى.
سرحان القصيم.
ضريت فهي تخطف: وضربت أيضاً قيل أرادوا به الذئب.
الذئب أدغم: يضرب لمن يظن به الخير وليس كذلك لأن الذئاب دغم.
الذئب للضبع.
لبست له جلد النمر.
الضبع
أطرقي أم عامر.
خامري أم عامر.
خامري حضاجر أتاك ما تحاذر.
عيثي جعار.
الضبع تأكل العظام ولا تدري ما قذى استها.
كمجير أم عامر.
اعرض عليه خصلتي الضبع الراكب.
أحاديث الضبع استها.
كرهت خنازير الحميم الموغر.
في الكلب
استعسب فلان استعساب الكلب.
على أهلها تجني براقش. وهي كلبة وقيل إمرأة.
نعم كلب في بؤس أهله.
لا أفعل ذلك حتى ينام ظالع الكلاب.
سمن كلبك يأكلك.
لا تقتن من كلب سوء جروا.
أحب أهل الكلب إلى الكلب الظاعن.
فلان ما يعوي ولا ينبح.
كلب عس، خير من أسد ربض.
كلب عس خير من أسد أندس.
الكلب على البقر.
أجع كلبك يتبعك.
يبعث الكلاب عن مرابضها.
أحب أهل الكلب إليه خانقه.
عجلت ما عجلت الكلبة أن تلد ذا عينين.
النبح ومن بعيد، أهون من العدو من قريب.
على فلان واقية الكلاب.
لا يضر السحاب نباح الكلاب.
الثعلب
إنما فلان ذئب الثعلب.
لقد ذل من بالت عليه الثعالب.
كذلك النجار يختلف: مثل ينسب إلى الثعلب.
زمان أربت بالكلاب الثعالب.
الهر
إذا اعترضت كاعتراض الهرة، أوشكت أن تسقط في أفرة.
ما يعرف هراً من بر.
الأمثال في الهوام والحشرات
آكل من السوس.
أجول من قطرب.
أشهر من قطرب.

أفسد من السوس.
أجوع من قراد.
أسمع من قراد.
أذل من قراد بمنسم.
أجهل من فراشة.
أضعف من فراشة.
أطيش من فراشة.
أخف من فراشة.
أخطأ من فراشة.
أجهل من عقرب.
أزب من عقرب.
أعدى من العقرب.
أجمع من الذرة.
أضبط من ذرة.
أخفى من الذرة.
أقطف من فريخ الذر.
أشم من ذرة.
أكسب من ذرة.
أجرد من جراد.
أصفى من لعاب الجراد.
أصفى من لعاب الجندب.
أصرد من جرادة.
أسرى من جراد.
أعظم من جراد.
أغوى من غوغاء الجراد.
أفسد من الجراد.
أنزى من الجراد.
أزهى من ذباب.
أشقى من الذباب بالذباب.
أندى من الذباب.
أطيش من ذباب.
أمهن من ذباب.
أهون ذباب.
أجل من الحرش: مثل يحكى عن الضب.
أشرد من ورل.
أصبر من ضب.
أضل من ضب.
أضل من ورل.
أطول ذماء من الضب.
أسمع من ضب.
أروى من ضب.
أخب من ضب.
أخدع من ضب.
أحير من ضب.
أخير من ورل.
أظلم من ورل.
أعق من ضب.
أعقد من ذنب الضب.
أعقد من بعج الضب.
أعمر من ضب.
أقصر من فتر الضب.
هو أعلم بضب من حرشه.
أقصر من إبهام الضب.
أذل من حمار قبان.
أطول ذماء من الخنفساء.
أخنس من الخنفساء.
أخس من الخنفساء.
أنحس من فاسية.
أسرع غضباً من فاسية.
ألج من الخنفساء.
ألزق من الجعل.
آكل من الحوت.
أسبح من نون.
أروى من الحوت.
أظمأ من حوت.
أعطش من حوت.
أشجع من ليث عفرين.
أصنع من سرفة.
أوهن من بيت العنكبوت.
أصنع من النحل.
أصنع من دود القز.
أضعف من بقة.
أعز من مخ البعوض.
أضبط من نملة.
أروى من النملة.
أعطش من النمل.
أكسب من النمل.
أكثر من النمل.
أقوى من النملة.
أقصر من زب النملة.
أقطف من نملة.
أسرى من جراد.
أضل من ولد اليربوع.
أسرق من زبابة.
أكسب من فأر.
أطول من الحية.
أسمع من حية.
أظلم من الحية.
أظلم من أفعى.
أعدى من الحية.
أروى من الحية.
أعرى من الأيم.
أثبت من قراد.
أظفر من برغوث.
أفحش من قالية الأفاعي.
أشهر من جرجر.
أسرى من أنقد.
أسمع من قنفذ.
أرسح من ضفدع.
أعطش من النقاقة.
أدب من قرنبي.
أخشن من الشهيم.
أجزم من حرباء.
أظلم من تمساح.
أعلق من قراد.
أغزل من عنكبوت.
أغزل من سرفة.
أفسد من أرضة.
أفسى من ظربان.
أقطف من حلمة.
ألزق من برام.
ألزق من قرنبي.
أنتن من ظربان.
أشرد من ورل الحضيض.
أسرع من تلمظة الورل.
أشرد من ورل الحضيض.
أضل من ورل.
أسمع من دلدل.
أعذر من أم أدراص.
أكثر من الدباء.
أسوأ من جرادة.
أخطأ من ذبابة.

الضب
أطعم أخاك من عقنقل الضب، إنك إن تمنعه منه يغضب.
هذا أجل من الحرش.
أتعلمني بضب أنا حرشته.
ما أبالي ما نهئ من الضب وما نضج.
ما نهئ من ضبك.
كل ضب عنده مرداته.
لا أفعل ذلك سن الحسل.
خله درج الضب.
لا يكون ذلك حتى يحن الضب في أثر الإبل الصادرة.
ما هو إلا الضب كدية.
ضب قلعة.
ما هو إلا ضب كذا، وضب كلدة. أي لا يقدر عليه.
إن تك ضباً فأنا حسلة.
أخذه أخذ الضب ولده.
أنا أعلم بضب احترشته.
إذا أخذت برأس الضب أغضبته.
إذا أخذت بذنبه أغضبته.
الضب أخبث نفسه.
حتى يؤلف بين الضب والنون.
تطلب ضباً وهذا ضب مخرج رأسه.
الظربان
هما يتماشيان جلد الظربان.
بينهما جلد الظربان.
فسا بينهم ظربان.
القنفذ
ذهبوا إسراء قنفذ.
قنفذ برقة: يضرب به المثل.
الفأر
سرينا ليلة ابن انقد.
أضل دريص نفقه.
سقط في أم أدراص بليل مضلل.
بات بليلة أنقد.
برز نارك، وإن هزلت فارك.
الحوت
أحوتا تماقس؟
الحية
شيطان الحماطة: يضرب به المثل فهو الحية.
إنه لهتر أهتار، وصل أصلال.
صمي صمام ابنة الجبل. يراد به الحية.
هو كالأرقم إن يقتل ينقم، وإن يترك يلقم.
أطرق إطراق الشجاع.
جاء بإحدى بنات طبق.
لا يلسع المؤمن من جحر مرتين.
قد بكرت شبوة تزبئر.
سرت إلينا شبارعهم. وهي العقارب.
دبت إلينا عقاربهم.
تلدغ العقرب وتصيء الجراد.
لا أدري أي الجراد عاره.
جاء القوم كالجراد المشعل.
علقت معالقها وصر الجندب.
وقع في أم جندب.
قد بدت جنادعه.
القراد
القردان حتى الحلم.

فلانا يقرد فلاناً: أي يحتال له بخدعة.
لا يليق هذا بصفري: والصفر: حية تكون في البطن.
القرنبي في عين أمها حسنة.
ما عليها خز بصيصة: قالوا هي البقة.
ما الذباب وما مرقته.
كلفتني مخ البعوض.
لا أفعل ذلك حتى يحج البرغوث.
طامر بن طامر: قالوا: هو البرغوث.
أنا أغني عنه من التفة عن الرفة: قالوا: التفة: عتاق الأرض، الرفة: التبن.

الأمثال في الطيور ضواريها وبغاثها
آمن من حمام مكة.
آلف من حمام مكة.
أحمق من حمامة.
أخرق من حمامة.
آلف من غراب عقدة.
أبعد من بيض الأنوق.
أعز من بيض الأنوق.
أبصر من باز.
أبصر من عقاب ملاع.
أحذر من فرخ عقاب.
أحزم من فرخ عقاب.
أخطف من عقاب.
أزهى من غراب.
أعز من الغراب الأعصم.
أعز من عقاب الجو.
أبصر من نسر.
أبصر من غراب.
أخيل من غراب.
أحذر من غراب.
أبكر من غراب.
أبصر من الوطواط بالليل.
أجبن من صافر.
أجبن من صفرد.
أجبن من كروان.
أجبن من ليل.
أجبن من نهار.
أحمق من نعامة.
أحذر من ظليم.
أروى من نعامة.
أحمق من رخمة.
أحمق من الحباري.
أحمق من عقعق.
أسرع من عقعق.
ألص من عقعق.
أحذر من عقعق.
أحلم من فرخ الطائر.
أحسن من طاووس.
أحسن من الديك.
أخف رأساً من الطير.
أصفى من عين الديك.
أشجع من ديك.
أخف حلماً من العصفور.
أخيل من ديك.
أزهى من ديك.
أزهى من طاووس.
أسخى من لافظة.
أسفد من ديك.
أسفد من عصفور.
أسلح من حباري.
أسلح من دجاجة.
أشأم من طير العراقيب.
أشأم من غراب البين.
أشبه من الغراب بالغراب.
أشرد من ظليم.
أشرب من خفيدد.
أشم من نعامة.
أشم من هقل.
أصنع من تنوط.
أصدق من قطاة.
أصفى من عين الغراب.
أصغر من صعوة.
أقصر من إبهام القطاة.
أكذب من فاختة.
أكمد من حباري.
أكبر من لبد.
أمنع من عقاب الجو.
أنفر من نعامة.
أند من نعامة.
أهدى من قطا.
أهدى من حماقة.
أصح من ظليم.
أحذر من قرلي.
أحزم من قرلي.
أبخر من صقر.
أثقل من زواقي: وهي الديكة.
أموق من الرخمة.
أموق من نعامة.
أنجب من نعامة.
أشد سواداً من حنك: وهي الديكة.
أنسب من قطاة.
أشأم من الشقراق.
وجد تمرة الغراب.
أذل من بضة البلد.
أقصر من إبهام الحباري.
العنقاء والعقاب
حلقت به عنقاء مغرب.
طارت بهم العنقاء.
أودت بهم عقاب ملاع.
عقاب قلاع كأنه لبد.
إن البغاث بأرضنا يستنسر.
أنطقي يا رخم إنك من طير الله.
وقعت رخمته: إذا وافقه وأحبه.
النعام
الأوب أوب نعامة.
ما يجمع بين الأروى والنعام.
خفت نعامته.
شالت نعامتهم.
الصقر والبازي
صقر يلوذ حمامه بالعوسج.
وهل ينهض البازي بغير جناح؟! ما رأيت صقراً يرصده خرب.
تقلدها طوق حمامة.
الغراب
هم في خير لا يطير غرابه.
لا يكون كذا حتى يشيب الغراب.
فلان واقع الغراب.
مثل قوله: إنه لساكن الريح وسكنت ريحه.
تفرس الأسد المشتم. وتفرق من صوت الغراب.
تركت فلاناً بوحش الإصمت.
أخاك كغراب الصرد.
هو غراب بن دأية: يقال ذلك للكذاب.
الحبارى
كل شيء يحب ولده حتى الحباري.
أطرق كراً، إن النعام في القرى.
بات فلان كمد الحباري.
أطرق كراً يحلب لك.
أطرق كراً إنك لن ترى.
وعيد الحباري الصقر.
القطا
لو ترك القطا ليلاً لنام.
ليس قطاً مثل قطي.
لاقيت الأخيل: دعاء على المسافر.
الطير
إنه لواقع الطير. يقال للحليم.
كأن على رأسه الطير.
خلا لك الجو فبيضي واصفري.
ما يزجر الطير بأسمائها، وما يسمى البقل بأسمائه.
ليس هذا بعشك فادرجي.
لا تأكل حتى تطير عصافير نفسك.
طار أنضجها.
طار طائره.
فلان طيور فيوء.
انقطع قوى من قاوية، ويقال: قابية من قوبها.
كانت بيضة العقر.
كانت بيضة الديك.
فلان بيضة البلد. يقال في المدح والذم.
أفرخ قيض بيضها المنقاض.
أفرخوا بيضتهم.
مررت بهم الجماء الغفير. قال بعضهم: الجماء: البيضة والغفير: الريش، يريد الكثرة.
كلفتني بيض السمائم.
كلفتني بيض السماسم.
فلان ما يفقئ البيض.
فلان لا يريد الرادية.
فلان لا ينضج الكراع. يقال ذلك في الضعيف.
فلان يحمي بيضته.

الأمثال في السماء والهواء والشمس والقمر والكواكب
أطول من السكاك.
أطول من اللوح.
أرفع من السماء.
أنأى من الكواكب.
أبعد من الكواكب.
أبعد من النجم.
أهدى من النجم.
أوسع من اللوح.
أبعد من مناط العيوق.
أرق من الهواء.
أشهر من الشمس.
أشهر من القمر.
أشهر من البدر.
أطول صحبة من الفرقدين.
أنكد من تالي النجم.
أبين شؤماً من زحل.
أضيع من قمر الشتاء.
السماء والهواء
لا أفعل ذلك ما إن السماء سماء.
لا أفعل ذلك ما إن في السماء نجماً.
لا أفعل ذلك ما عنى في السماء نجم.
رأى فلان الكواكب ظهراً ومظهراً.
أريها السهى وتريني القمر.
جلاء الجوزاء، يضرب للذي يتوعد ولا يصنع شيئاً.
جاء بالضح والريح. الضح: الشمس.
لا أفعل ذلك ماذر شارق.
إن يبغ عليك قومك لا يبغ القمر.
لا آتيك السمر والقمر.
سر وقمر لك.
في القمر ضياء، والشمس أضوأ منه.
هل يخفى القمر؟!
في الليل والنهار والغداة والعشي والزمان والدهر والأحوال
أبقى من الدهر.
أبين من وضح الصبح.
أبين من فلق الصبح.
أشهر من فلق الصبح.
أضوأ من الصبح.
أضوأ من ابن ذكاء.
أضوأ من نهار.
أطول من الفلق.
أطول من يوم الفراق.
أطول من شهر الصوم.
أطول من الدهر.
أطغى من الليل.
أطفل من ليل على نهار.
أحير من الليل.
أنم من الصبح.
أسير من الليل.
أنم من ذكاء.
أجرأ من الليل.
أظلم من الليل.
أقود من الليل.
أقود من وضح النهار.
أندى من الليل الماطر.
الليل والنهار
لا أفعل ذلك ما اختلف الجديدان والملوان والفتيان.
لا أفعل ذلك ما اختلفت الصرفان.
خير ليلة بالأبد، ليلة بين الزباني والأسد.
السميرات عليك.
جرشا فتعشه: بالسين والشين، وهي الساعة.
الهوية من الليل.
باتت بليلة حرة.
باتت بليلة شتاء.
ما يوم حليمة بسر.
ليلة ليلاء.
يوم أيوم.
المكثار كحاطب الليل.
الليل أخفى للويل.
سمر ذيلاً وادرع ليلاً.
اتخذ الليل جملاً تدرك.
إن الليل طويل وأنت مقمر.
يوم النازلين بنيت سوق ثمانين.
أسائر اليوم وقد زال الظهر.
إن مع اليوم غداً يا مسعدة.
وهل يخفى على الناس النهار.
ما أشبه الليل بالبارحة.
الليل وأهضام الوادي.
يذهب يوم الغيم ولا يشعر به.
اليوم ظلم.
إحدى لياليك فهيسي هيسي.
يريك يوم برأيه.
تركته على مثل ليلة الصدر.
من ير يوماً ير به.
يوم بيوم الحفض المجور.
إحدى لياليك فهيسي.
من ابن كل جدة تبليها عدة.
الليل أعور لا يبصر فيه.
لم أر كاليوم في الحريمة.
لم أر كاليوم واقية.
لا أفعل ذلك ما حدا الليل نهاراً.
أصبح ليل.
أنا ابن جلا. يريدون النهار.
حلب فلان الدهر أشطره.
أودى به الأزلم الجذع.
ما نلتقي إلا من عفر.
لا أفعله ما جمر ابن جمير: قالوا: السمير: الدهر، والجمير مثله.
لا أفعل ذلك سجيس الأوجس.
لا أفعل ذلك سجيس عجيس.
لا أفعل ذلك دهر الدهارير.
لا أفعل ذلك أبد الأبيد.
من عتب على الدهر، طالت معتبته.
لا أفعل ذلك عوض العائضين، ولا أفعله عوضي.
قد بين الصبح لذي عينين.
أقمت عنده في ضغيغ دهره: أي قدر تمامه.
كان ذلك زمن الفطحل.
ضح رويداً.
لقيته قبل كل صيح ونفر.
لقيته صكة عمي.
أرقب لك صبحاً.
لكل صباح صبوح.
برد غداة، غر عبداً من ظمأ.
عند الصباح يحمد القوم السري.
عش ولا تغتر.
يأتيك كل غد بما فيه.
لقيته ذات العويم.
وقع الناس في قحوط.
عش رجباً تر عجباً.
الأمثال في الأرض والجبال
والرمال والحجارة والبلدان
والمواضع والماء والنار والزناد والتراب والبحر: آمن من الأرض.
أصبر من الأرض.
أوثق من الأرض.
أوطأ من الأرض.
أحفظ من الأرض.
أحمل من الأرض.
آكل من النار.
أثقل من ثهلان.
أكتم من الأرض.
أكثر من الرمل.
أتقل من نضار.
أثقل من عماية.
أثقل من شمام.
أثقل من أحد.
أثقل من دمخ الدماخ.
أسرع من الماء إلى قراره.
أرق من الماء.
أحمق من لاعق الماء.
أحمق من ماضغ الماء.
أصفى من الماء.
أحمق من القابض على الماء.
أذب من خباب الماء.
أحمق ممن لطم طم الماء.
أحمق من ترب العقد.
أحر من النار.
أحر من الجمر.

آكل من النار.
أحسن من النار.
أحقر من التراب.
أحضر من التراب.
أخفى من الماء تحت الرفة.
أخلف من نار الحباحب.
أسرع من النار في يبيس العرفج.
أسرع من شرارة في قصباء.
أطمع من قالب الصخرة.
أطول صحبة من ابني شمام.
أطول من فرسخي دير كعب.
أصلب من جندل.
أصلب من حجر.
أقضى من صخر.
أقسى من الحجر.
أجرى من الماء.
أظلم من رمل.
أعذب من ماء غادية.
أعذب من ماء المفاصل.
أعذب من ماء الحشرج.
أعرض من الدهناء.
ألذ من ماء غادية.
أعطش من رمل.
أعذب من الماء البارق.
أعمق من البحر.
ألطف من الماء.
ألهف من قالب الصخرة.
أنم من التراب.
أوجد من الماء.
أوجد من التراب.
أوسع من الدهناء.
أندى من البحر.
أيبس من الصخر.
أهول من الحريق.
أسرع من الخذروف. وهو حجر يلعب به.
ألقى من وحي في حجر.
فلان أكثر حصى من فلان: أي أكثر عدداً.
أعطش من رمل العقد.
أشرب من الهيم: قيل هي رمال بعينها واحدتها: هيماء.
أسهل من جلدان: وهو حمى من وراء الطائف إلى ناحية اليمن.
أحمق من ناطح الماء.
أحمق من ماطخ الماء: والمطخ: اللعوق.
أصفى من ماء المفاصل.

الأرض
قتل أرضاً عالمها.
من سلك الجدد أمن العثار.
قتلت أرض جاهلها.
النقد عند الحافرة: قالوا: الحافرة: الأرض وقيل غير ذلك.
إنه لأريض للخير.
لقيه بين سمع الأرض وبصرها.
لقيته بوحش أصمت.
أخذت الأرض زخارفها.
تلك الأرض لاتقض بضعتها ولا تنعفر بضعها.
برح الخفاء. الخفاء: المتطأطئ من الأرض.
قالوا: أصايرا ظاهراً.
إن جانب أعياك، فالحق بجانب.
من تجنب الخبار، أمن العثار.
التقى الثريان.
لا تؤبس الثرى بيني وبينك.
جاء بالطم والرم: الطم: البحر. والرم: الثرى.
أفق قبل أن يحفر ثراك.
خذ من الرضفة ما عليها.
ما يبض حجره.
رمى فلان بحجره.
كانت وقرة في حجر.
وجه الحجر وجهة ماله، وقد بيضت وجهة وجهه.
صمت حصاة بدم.
الولد للفراش وللعاهر الحجر.
جاء فلان بالقض والقضيض.
يا حبذا الإمارة ولو على الحجارة.
كأنما ألقمه حجراً.
على ما خيلت وعث القصيم.
هل بالرمل من أوشال.
وقعوا في أم حبوكر: أم حبوكر: الرملة.
أشرق ثبير، كيما نغير.
الله أعلم ما حطها من رأس يسوم.
رماه بثالثة الأثافي.
هو إحدى الأثافي.
لكن بشعفين أنت جدود.
إن وراء الأكمة ما وراءها.
لا تفش سرك إلى أمة، ولا تبل على أكمة.
هو ابنة الجبل.
صمي ابنة الجبل.
مهما يقل تقل.
الليل يواري حضناً.
إذا قطعنا علماً بدا علم.
أنجد من رأى حضناً.
ما حللت ببطن تبالة لتحرم الأضياف.
خذمتها ما قطع البطحاء.
كلا جانبي هرشي لهن طريق.
وقع في وادي خدبات.
ألقت مراسيها بذي رمرام.
ألقت مراسيها بوادي مضلل.
ألقت مراسيها بوادي ثهلل.
تمرد مارد وعز الأبلق.
يكفيك ما بلغك المحلا.
أمرع واديه وأجني حلبه.
رويداً يعلون الجدد.
هيهات، هيهات الجناب الأخضر.
هذا ولما تردي تهامة.
بكل واد أثر من ثعلبة.
ليتك من وراء حوض الثعلب.
تركته بوحش أصمت.
جرى الوادي فطم على القرى.
سال الوادي فذره.
تركته ببلدة إصمت.
قد بل عرشه ببقة.
أبرم الأمر ببقة.
أشبه شرج شرجاً لو أن أسيمرا.
دخل ظفارحم.
ليس سلامان كعهدان.
لاهلك بواد خبر.
عسى الغوير أبؤساً.
فلان في سر قومه. يقال للأرض إذا كانت طيبة أرض سر.
قد بلغ الماء الزبى.
إن ترد الماء بماء أكيس.
ماء ولا كصدءاء.
كالقابض على الماء.
لو بغير الماء غصصت الماء: ملك الأمر.
هو يرقم في الماء.
فلان ماء مسوس.
أعطاه غيضاً من فيض.
لا أفعل ذلك ما بل البحر صوفه.
لا أفعل ذلك ما إن في الفرات قطرة.
هو أبرص من عير.
ماؤكم هذا، ماء عناق.
لتجدن نبطة قريباً.
ثأطة مدت بماء.
في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار.
ارخ يدك، واسترخ إن الزناد من مرخ.
اقدح بدخلي في مرخ، ثم شد بعد أو أرخ.
إنه لمعتلث الزناد.
فلان وارى الزناد.
وريت بك زنادي.
فلان ثاقب الزناد.
فلان كافي الزند.
صلدت زناده.
أضئ لي أقدح لك.
ويقال: أقدح الزند بعفار أو مرخ.
ليس في جفيره غير زندين.
هما زندان في وعاء.
ما يصطلي بناره.
كأنه نار حباحب.

فلان حسبه ثائب.
ما بها نافخ ضرمة.
أتانا وكأن لحيته ضرمة عرفج.
كا لمستغيث من الرمضاء بالنار.
نجارها نارها: والنار هاهنا: السمة.
هو القابس العجلان.
أي فتى قتله الدخان؟ هرق على جمرك ماء.
لو كنت أنفخ في فحم.
اقدح إن لم تؤذ ناراً ببحر.

الأمثال في السحاب والرعد والبرق
والرياح والسراب والمطر والثلج والسيل والنسيم:
أبرد من ثلج.
أبرد من الغب: وهو البرد.
أبرد من عضرس.
أبرد من حبقر.
أبرد من عبقر.
أبرد من غب المطر.
أبرد من أمرد.
أخف من النسيم.
أخف من الهباء.
أرق من الهباء.
أرق من دمع الغمام.
أرق من رقراق السراب.
أسرع من الريح.
أسرع من البرق.
أسرع من السيل إلى الحدور.
أطفى من السيل تحت الليل.
أجرأ من السيل.
أجرأ من الأيهمين.
أغر من سراب.
أغشم من السيل.
أكذب من يلمع.
أكذب من اليهير.
أمضى من الريح.
أمضى من السيل تحت الليل.
أولج من ريح.
أهون من النباح على السحاب.
أهول من السيل.
أشد بياضاً من البرد.
إنما هو كبرق الخلب.
يذهب يوم الغيم ولا يشعر به.
فلان يرعد ويبرق.
رب صلف تحت الراعدة.
برق لمن لا يعرفك. ويقال: برقي بالتأنيث.
أرنيها نمرة أركها مطرة.
ذهب دمه درج الرياح.
ذهبت هيف لأديانها.
إنه لساكن الريح.
إن كنت ريحاً لقد لاقيت إعصاراً.
ريح حزاء فالنجاء.
ريحمها جنوب. يقال للمتصافيين فإذا تفرقا قيل: شملت ريحها سراب.
ليس بأول من غره السراب.
أوردته حياض عطيش: يعنون السراب.
المطر عام الربيع.
الصيف بحسب الممطور.
إن كل مطر الغيث يصلح.
الغيث مصلح ما خبل على العرفجة.
برئت منه مطر السماء: أي أبداً.
رب عجلة تهب ريثاً.
ورب غيث لم يكن غيثاً.
رب فروقة يدعى ليثاً.
قد بلغ السيل الزبى.
قد سيل به ولا يدري.
كالسيل تحت الدمن.
ما أقوم بسيل تلعتك.
إنما أخشى سيل تلعتي.
اضطره السيل إلى معطشة.
هم درج السيول.
من يرد السيل على أدراجه.
الأمثال في الشجر والروضة
والصمغ والنبات والمرعى والشوك:
أذل من هرمة.
أشد حمرة من المصعة.
أطيب نشراً من روضة.
أضعف من بروقة.
أغر من الدباء.
أمر من العلقم.
أكره من العلقم.
أذل من فقع بقاع.
أمر من الدفلى.
أحمق من رجلة.
أكسى من البصل.
أبعد خيراً من قتادة.
الشجر:
طمعوا بخير أن ينالوه فأصابوا سلعاً وقاراً.
ذليل عاذ بقرملة.
في عضة ما ينبتن شكيرها.
تحمل عضة جناها.
في عيصه ما ينبت العود.
عيصك منك وإن كان أشبا.
النبع يقرع بعضه بعضاً.
هذا على طرف الثمام.
عصبه عصب السلمة.
هو يدب له الخمر.
يمشي له الضراء.
كان ذلك كسل أمصوخة، وأمسوخة: بالسين.
أنا إذن كالخاتل بالمرخة.
ضغث على إبالة.
شجر يرف.
أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب.
تجنب الروضة وأحال يعدو.
وقع في روضة وغدير.
إياكم وخضراء الدمن.
النبات:
لا يغرنك الدباء، وإن كان في الماء.
جذها جذ العير الصليانة.
حول الصليان الزمزمة.
مرعى ولا كالسعدان.
تسألني برامتين شلجما.
المال بيني وبينه شق الأبلمة.
دقك بالمنخار حب القلقل.
لست بخلاة بنجاة.
ليت حظي من العشب خوصه.
أوضع من ابن قوضع.
لتجدني بقرن الكلأ.
عثر بأشرس الدهر. الشرس: ما صفر من الشوك.
إنك عالم بمنابت القصيص.
كانوا مخلين فلاقوا حمضاً.
هو حواءة: يقال لمن يلزم بيته. وهو نبت.
لا ينبت البقلة إلا الحقلة.
لقد اتقيتهم حتى ما أسمي البقل بأسمائه.
أحمر كأنه الصربة.
لأقلعنك قلع الصمغة الشبوك.
لا تجن من الشوك العنب.
لا تنقش الشوكة بالشوكة فإن ضلعها معها.
لطمه لطم المنتقش.
جاء فلان بالشوك والشجر.
استغنت الشوكة عن التنقيح.
من دون ذلك خرط القتاد.
لا المرعى مرعى، ولا الوله عشب ولا بعير أخلف.
أساء رعياً فسقى.
رعى فأقصب.
شر الرعاء الحطمة.
كثر الحلبة وقل الرعاء.
أمرعت فانزل.
أصاب قرن الكلأ.
اختلط المرعى بالهمل.
الأمثال في الذهب والفضة والحديد
والسيف والرمح وأصناف السلاح:
أحسن من شنف الأنضر.
أشد من الحديد.
أرق من شق الجلم.
أشد من حد الجلم.
أنفذ من الإبرة.

أضيق من خرت الإبرة.
أضيق من سم الإبرة.
أمضى من الصمصامة.
أمضى من النصل.
أنفذ من سنان.
أمضى من سنان.
أطول من الرمح.
أطول من ظل الرمح.
أضيق من ظل الرمح.
أنفذ من خازق.
أسرع من السهم.
أنفذ من السهم.
أصرد من السهم.
أمرق من السهم.
؟؟؟

الجلد:
؟خذه ولو بقرطى مارية.
عنده كنز النطفة وجران الرقيق.
ما يحسن القلبان في يدي حالبة الضأن.
لو ذات سوار لطمتني.
الحديد:
الحديد بالحديد يفلح.
لم أجد لشفرتي محزاً.
كالباحث عن المدية.
السيف:
سبق السيف العذل.
لا يجتمع السيفان في غمد واحد.
إني لأنظر إلى السيف وإليك.
من يشتري سيفي وهذا أثره.؟ محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا.
ماز رأسك والسيف.
سلوا السيف واستللت المنتن. ويقال المنتل.
لكل صارم نبوة.
لا تأمن الأحمق وبيده السيف.
في نظم سيفك ما ترى يالقيم.
ذكرتني الطعن وكنت ناسياً.
الأمر سلكي وليس بمخلوجة.
يشج مرة ويأسو مرة.
الطعن يظأر.
لأطعنن في حوصهم.
فلان صلب القناة.
ظئار قوم طعن.
ومثله: إن الهوان للئيم مرأمة.
عاد السهم إلى النزعة.
مابها أهزع، ومثله: ومخشوب لم ينقح.
الحذر قبل إرسال السهم.
قد انصف القارة من راماها.
نعتني بدائها وانسلت.
ما بللت من فلان بأفوق ناصل.
ما بللت منه بأعزل.
رجح بأفوق ناصل.
ثار حابلهم على نابلهم.
اختلط الحابل بالنابل.
قبل الرماء تملأ الكنائن.
ويقال أيضاً: قبل الرمي يراش السهم.
إحدى حظيات لقمان.
تركته خير قوس سهماً.
وما تنهض رابضته. أي رميته.
أصمي رميته وأنمى رميته.
هو أوثق سهم في كنانتي.
ما أصبت منه أقذ ولا مريشاً.
فاق السهم بيني وبينه.
من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب.
إعط القوس باريها.
إنباض الرمي يراش السهم.
أدركني ولو بأحد المغروين.
نبل العبد أكثرها المرامي.
إن فلاناً ليكسر على أرعاظ النبل غضباً.
ليت القسي كلها أرجلاً.
مع الخواطىء سهم صائب.
رماه بنبله الصائب.
ارجع إن شئت في فوق، ويقال في فوقي.
من أنى ترمي الأقرع تشجه.
لا خير في سهم زلج.
لا تعجل بالإنباض قبل التوتير.
كالمستتر بالغرض.
ركب فلان عوداً وأصله في السهم.
شغل عن الرامي الكنانة بالنبل.
ألقى عصاه.
شق العصا.
ما قرعت عصا على عصا إلا حزن لها قوم وسر آخرون.
عصا الجبان أطول.
لا تدخل بين العصا ولحائها.
قشرت له العصا.
العصا من العصية.
قلب له ظهر المجن.
الأمثال في الحرب والقتل والأسر
والجبن والفزع والشجاعة والغزو والصياح.
ما كفى حرب جانيها.
الحرب غشوم.
الحرب خدعة.
إن أخا الهيجاء من يسعى معك.
القتل:
ليس بعد الإسار إلا القتل.
سواء علينا قاتلاه وسالبه.
لا يحزنك دم هراقة أهله.
أهل القتيل يلونه.
أبى قائلها إلا تماً.
كالمتمرغ في دم القتيل.
ليس بعد السلب إلا الإسار.
قتل نفساً مخيرها.
بسلاح ما يقتلن القتيل.
الدم الدم، والهدم الهدم.
إن الجبان حتفه من فوقه.
دردب لما عضه الثقاف.
أفرخ روعك.
أغيرة وجبناً.
بصيصن إذ حدين بالأذناب.
بسلاح مايقتل الرجل.
أضرطاً وأنت الأعلى.
لا يدعى للجلى إلا أخوها.
ضرباً وطعناً أو يموت الأعجل: الشجاع.
مكره أخوك لا بطل.
الفرا بقراب أكيس.
إن رمت المحاجزة فقبل المناجزة.
التقدم قبل التندم.
أجر ما استمسكت.
رويد الغزو ينمرق.
أول الغزو ينمرق.
أول الغزو أخرق.
لا تسل الصارخ وانظر ماله.
ابدأهم بالصراخ يفروا.
بعد الهياط والمياط.
أرطي إن خيرك بالرطيط.
مثل صيحة الحبلى.
أصاخ إصاخة المنده للناشد.
أتيتك عاتاً وصاتاً وصت.
الأمثال في الثياب واللباس
والخز والأدم والقز والآنية والدل والسقاء والوعاء والعطر.
هو أهون علي من طلبه ومن طلباء.
أذل من النعل.
أرجل من خف.
أكذب من صنع.
أحمق من الدابغ على التحلي.
أطيب نشراً من الصوار.
أهون من ربذة.
أهون من ثملة.
أطول من جيد الخرقاء.
ومثله: أطول من طنب الخرقاء.
أعرض ثوب الملبس.
ومثله: أعرض ظهر الملبس.
أو، عرض جنب الملبس.
أعرضت القرفة.
ما كانوا عندنا إلا ككفة ثوب.
كأنها بردة أخماس.

هو كالساقط بين الفراشين.
شمر واتزر، والبس جلد النمر.
كمش ذلاذلة.
من يطل ذيله ينتطق به.
هو الشعار دون الدثار.
جليس كثرت نفس شاغليه.
ليس عليك نسجه فاسحب وجر.
خلع الدرع بيد الزوج.
فلان نسج وحده.
غرني برداك من غدافلي.
فلان طاهر الثياب.
فلان دنس الثياب.
أم فلان في ثوب فلان.
ألبس لكل حالة لبوسها إما نعيمها وإما بؤسها.
من عز بز.
أشبه امرءاً بعض بزه.
هم كبيت الأدم.
إن الشراك قد من أديمه.
أجمع سيرين في خرزة.
إنما يعاتب الأديم ذو البشرة.
هو مؤدم مبشر.
بق نعليك وابذل قدميك.
رجع بخفي حنين.
كل الحذاء يحتذى الحافي الوقع.
زلت به نعله.
لو كنت منا لحدوناك.
رب نعل شر من الحفاء.
قد علقت دلوك دلو أخرى.
كأنما أفرغ عليه ذنوباً من ماء.
ألق دلوك في الدلاء.
هرق لها في قرقر ذنوبا.
ساجل فلان فلاناً.
أهون مظلوم سقاء مروب.
خل سبيل من وهى سقاؤه: ومن هريق بالفلاة ماؤه.
ما يقعقع له بالشنان.
هذا أمر لا تفشأ له قدري.
استعجلت قديرها فامتلت.
خير إناءيك كفأت.
كفت إلى وئية.
أدي قدراً مستعيرها.
ما أصغيت لك إناء ولا أصفرت لك فناء.
إن كنت في قوم فاحلب في إنائهم.
سمن حتى صار كأنه الخرس.
حن قدح ليس منها.
صدقني وسم قدحه.
من فاز بفلان فقد فاز بالسهم الأخيب.
ليس الهناء بالدس.
عنية تشفي الجرب.
ألقى حبله على غاربه.
رمى برسنه على غاربه.
قد أخذه برمته.
جاوز الحزام الطبيين.
التقت حلقتا البطان.
هو يحطب في حبله.
ما أنت بلحمة ولا ستاه.
وما أنت بنيرة ولا حفة.
قد عي فلان بالإسناف.
هو على حبل ذراعك.
جروا له الخطير ما انجر لكم.
ما حويت ولا تويت.
جاحش عن خيط رقبته.
النقد عند الحافر.
جاء بقرني حمار: إذا جاء بالباطل والكذب.
كطالب القرن جدعت أذناه.
وجدت الدابة ظلفها.
اجعله في وعاء غير سرب.
طويت فلاناً على بلاله، وبلوله، وبللته.
إن بينهم عيبة مكفوفة.
كلفت إليك عرق القربة، وعلق القربة.
ليت لي من فلان عرق القربة.
احفظ ما في الوعاء بشد الوكاء.
ما يحجز فلان في العكم.
لا يخصها مني في سقاء أوفر.
إذا سمعت بسرى القين فإنه مصبح.
مثل جليس السوء كالقين إلا يحرق ثوبك بشراره أو يؤذيك بدخانه.
إني صناع لو تبالي صنعتي.
أجناؤها أبناؤها.
حلأت حالية عن كوعها، ويروى: حزت حازة عن كوعها.
اعمل في عامين كرزاً من وبر.
حزت حازة عن كوعها.
هو ماعز مقروظ.
بقه وقد حلم الأديم.
ما يجعل قدك إلى أديمك.
لا يعدم جلد السوء عن عرف السوء.
أحمر كالقرف.
هذا حظ جد من المبناة.
دقوا بينهم عطر منشم.
لا مخبأ لعطر بعد عروس.
لا عطر بعد عروس. قال المفضل: عروس رجل بعينه.

الأمثال في الرحى والطعام
والأكل والشرب واللبن وسائر المأكولات والمشروبات.
أقدم من الحنطة.
أشأم من رغيف الحولاء.
أدق من الشخب.
ألين من الزبدة.
أمسخ من اللحم الحوار، وأملخ...
أحلى من النشب.
أحلى من الشهد.
أحلى من السلوى.
ألذ من السلوى.
أحلى من التمر الجني.
آنس من نخلة.
أعظم بركة من نخلة مريم.
أصيغ من تمر بلاد الطائف.
أسمع جعجعة ولا أرى طحناً.
كل أداة الخبز عندي غيره.
طحنه طحن إبل لم يكن طحن قبله.
تطعم تطعم.
اعلل تحظب.
تخرسي يا نفس لا مخرسة لك اليوم.
رب أكلة تمنع الأكلات.
ليس لشبعة خير من صفرة تحفزها.
الثيب عجالة الراكب.
يلقم لقماً ويغدي زاده.
إنك لتأكل وسطاً وتربض حجرة.
يدرك الخضم بالقضم.
قد يبلغ بالقضم الخضم.
من يأكل لا يأكل قضماً، ومن يأكل قضماً لا يأكل خضماً.
تجشأ لقمان من غير شبع.
قد نهيتك عن شربة بالوشل.
لا تشرب مشرب صفو بكدر.
إنك ريان فلا تعجل بشربك.
ليس الري عن التشاف.
أكل عليه الدهر وشرب.
أحس فذق ومثله: إنه لشراب بأنقع.
أحلب حلباً لك شطرة.
لا أفعل ذلك ما اختلفت الدرة والجرة.
لا يكون أول من التبأ لبأة.
إن الرثيئة مما تفثأ الغضب.
ربضك منك وإن كان سماراً.
شخب في الإناء وشخب في الأرض.
أمهلني فواق ناقة.
صرح الحق عن محضه.
أبان الصريح عن الرغوة.
أبى الحقين العذرة.
أعن صبوح ترقق.
يسر حسواً في ارتغاء.

حال صبوحهم دون غبوقهم.
سبق درته غراره.
ليس كل حين أحلب فأشرب.
الصيف ضيعت اللبن.
أتاك ريان بلبنه.
حلبتها ثم أقلعت.
درت حلوبة المسلمين.
أثر الصرار يأتي دون الذيار.
لم تحلب ولم تغار فأودي اللبن.
شخب طمح.
لا يلبث الحلب الحوالب.
أدرها وإن أبت.
عدا القارص فحرز.
شب شوباً لك بعضه.
يشوب ويروب.
يحلب بنى وأشد على يديه.
من ير الزبد يعلم أنه من اللبن.
من ير الزبد يخله من لبن.
لو قيل للشحم: أين تذهب؟ لقال: أسوي العوج.
أنا منه كحاقن الإهالة.
اختلط الخاثر بالزابد.
ما يدري أيخثر أم يذيب.
جمل واجتمل.
لوشكان ذا إهالة. ومثله: لسرعان ذا إبانة ومثله: وشكان ذا إذابة وحقناً.
يا نفسي لا لهف لك كل بيضاء لك: يريد الشجر.
لا نجم في ذنب الكلب.
ليس الشحم باللحم ولكن من قواصيه.
شحمتي في قلعي.
سمنهم في أديمهم.
وقع على شحمة الركي. والرقي.
ما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة.
لكن على الأثلاث لحم لا يظلل.
شوى أخوك حتى إذا أنضج رمد.
إنه يعلم من أين تؤكل الكتف.
غثك خير من سمين غيرك.
كسؤر العبد من لحم الحوار.
من اشتوى أكل شواؤكم.
ما هو بخل ولا خمر.
اليوم خمر وغداً أمر.
هي الخمر تكنى الطلاء.
ذق تغتبط.
لا تكن حلواً فتسترط ولا مراً فتعقى.
وجد تمرة الغراب.
التمرة إلى التمرة تمر كلاهما.
التمر في البئر وعلى ظهر الجمل.
إنه لأشبه من التمر بالتمر السويق.
أحشفاً وسوء كيلة؟.
ترى الفتيان كالنخل، وما يدريك ما الدخل.
كمستبضع التمر إلى هجر.
متى كان حكم الله في كرب النخل.
قيل للحبلى ما تشتهين؟ قالت: التمر وواهاً ليه.
ما ظلمته نقيراً ولا فتيلاً.
ما الخوافي كالقلبة ولا الخناز كالثعبة.
عرف النخل أهله.
كل حاطب على لسانه تمرة.

الأمثال في المال والغنى والفقر
والصدق والكذب، والحق والباطل، والحمق والحيلة، والإطراق والشر والظلم،
والدعاء والاعتذار، والعلم والرأي:
لم يذهب من مالك ما وعظك.
خير مالك ما نفعك.
جاء فلان بالطم والرم.
من مال جعد، وجعد غير محمود.
في وجه المال تعرف إمرته.
خير مارد في أهل ومال.
جاء بالهيل والهيلمان.
لفلان كحل، ومثله: ولفلان سواد.
حسبك من غنى شبع ورى.
الغنى طويل الذيل مياس.
سوء حمل الفاقة يضع من الشرف.
المسألة آخر كسب الرجل.
الخلة تدعو إلى السلة.
سواء هو والمعدوم والعدم.
رب مكثر مستقل لما في يده.
عر فقره بفيه، لعله يلهيه.
من قنع فنع، ومن قنع شبع.
إن في المرتعة لكل كريم مقنعة.
الصدق ينبى عنك لا الوعيد.
من عرف بالصدق جاز كذبه.
عند النوى يكذبك الصادق.
من عرف بالكذب لم يجز صدقه.
إن خصلتين خيرهما الكذب لخصلتا سوء.
ليس لمكذوب رأي.
رأي الكذوب قد يصدق.
قد قيل ذلك إن حقاً وإن كذباً.
أكذب النفس إذا حدثتها.
لا يدري المكذوب كيف يأتمر.
الحق أبلج، والباطل لجلج.
أبغض حق أخيك.
ما يمعن بحقي ولا يذعن.
إذا طلبت الباطل انجح بك.
قد اتخذ الباطل دغلاً.
من خاصم بالباطل أنجح به.
أحمق لا يجأي مرغه.
أحمق بلغ.
معاداة العاقل، خير من مصادقة الجاهل.
زادك الله رعالة، كلما ازددت مثالة.
خرقاء عيابة.
إن تحت طريقتك لعند أوة.
مخرنبق لينباع.
لو كان ذا حيلة تحول.
المرء يعجز لا المحالة.
لا تنفع حيلة مع غيلة.
أمكراً وأنت في الحديد.
مجاهرة إذا لم أجد مختلاً.
ترك الخداع من أجرى من مائه.
إن لم تغلب فاخلب.
المعافى ليس بمخدوع.
أي فتى قتله الدخان.
لو كان ذا حيلة تحول.
إذا نزل بك الشر فاقعد به.
الشر يبدوه صغاره.
من شر ما ألقاك أهلك.
إن من الشر خياراً.
بعض الشر أهون من بعض.
إن حسبك من شر سماعه.
استقدمت رحالتك: يقال: للمتعجل إلى الشر.
من نجل الناس نجلوه: أي شارهم.
الشر أخبث ما أوعيت من زاد.
حلقي وثوبي: يضرب في الشر.
ادفع الشر عنك بعود أو عمود.
ليس أخو الشر كمن توقاه.
هو يكايله الشر ويحاسيه الشر.
سرق ما بينهم بشر.
أترك الشر يتركك.
أر غياً أزدد فيه.
رأيته بأخي للشر: أي بشر. ومثله: رأيته بأخي الخير.
خيرها بشرها وخيرها بخيرها.
ادفع الشر عنك بمثله إذا أعياك غيره.

الظلم مرتعه وخيم.
من أشبه أباه فما ظلم.
الشحيح أعذر من الظالم.
هذه بتلك والبادي أظلم.
لعالك عالياً.
تعساً لليدين والفم.
ماله أحال وأجرب.
عقرا حلقا.
اللهم غيظاً لا هبطاً.
هنئت فلا تنكه.
رب سامع عذرتي لم يسمع قفوتي.
رب سامع بخبري لم يسمع عذري: لعل له عذر وأنت تلومه.
ترك الذنب أيسر من الاعتذار.
المعاذير مكاذب.
أعذر من أنذر.
قد بلغ فلان في العلم أطوريه.
العالم كالحمة يأتيها البعداء، ويزهد فيها القرباء.
إذا زل العالم زل بزلته العالم.
علمان خير من علم.
الرأي الدري.
رأي فاتر وغدر حاضر.
قد أحزم لو أعزم.

الأمثال في النوم والفلك
والطب والمنية والدواهي
آلف من الحمى.
أحر من القرع.
أطب من ابن حذيم. ويقال جد لم.
الحمى أضرعتني لك.
إني إذا حككت قرحة أدميتها.
غدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية.
ما به قلبة.
ما به ظبظاب.
عوير وكسير وكل غير خير.
ما هو إلا شرق أو غرق.
أضاف حتى ما يشتكي السواف.
لا يعدم مانع علة.
كان مثل الذبحة على النحر.
حال الجريض دون القريض.
أغبيط أم عارض.
لو كان درءاً لم تئل.
لا علة، هذه أوتاد وأخلة، وفهرنا في الحلة.
أرق على ظلعك.
آخر الداء الكي.
يا طبيب طب لنفسك، وطب أيضاً.
القوم طبون، وقرب طب.
قرب طباً.
بقطيه بطبك.
إن دواء الفتق أن تحوصه.
دمث لجنبك قبل النوم مضجعاً.
مطله مطل نعاس الكلب.
يأكل وسطاً ويربض حجرة.
نام نومة عبود.
ظلت على فراشها تكري ويقال تكري.
لا ينام من أثير.
المنايا على الحوايا.
لم يفت من لم يمت.
الثكل أرامها ولداً.
لا أفعل ذلك ما حي حي، أو مات ميت.
المنية ولا الدنية.
الموت الأحمر.
لا عتاب بعد الموت.
لا يملك الخائن حينه.
الموت السجيح خير من الحياة الذميمة.
العقوق ثكل من لم يثكل.
ولى الثكل بنت غيرك.
إنه لداهية الغبر.
إنه لعضلة من العضل.
جاء بالداهية الدهياء.
جاء بالرقم الرقماء.
جاء بأم الربيق على أريق.
جاء بإحدى بنات الطريق.
جاء بمطفئة الرضف.
صمي صمام.
وصمي ابنة الجبل أيضاً.
إن الدواهي في الآفاق تهترش، ويقال: ترتهس.
إن الخصاص يرى في جوفه الرقم.
الأمثال الأفراد
إلا ده فلا ده.
ضرب أخماساً لأسداس.
ويل للشجي من الخلي.
خذ ما طف واستطف.
ما يدري قبيلاً من دبير.
سمن فأرن.
عاد الحيس يحاس.
هما صوعان في إناء.
اعتبر السفر بأوله.
سواء لواء، وقال بعضهم: سواه لواه.
لأقيمن قذلك ولأقيمن حدلك.
اذكر غائباً يقترب.
هذه بتلك فهل جزيتك.
الحفائظ تحلل الأحقاد.
ملكت فاسجح.
المقدرة تذهب الحفيظة.
لولا الوئام هلك اللئام.
من يبغ في الدين يصلف.
استكرمت فاربط.
أنا غريرك من هذا الأمر.
على الخبير سقطت.
عاط بغير أنواط.
خذ الأمر بقوابله.
الملسى لا عهدة له.
إن السلامة منها ترك ما فيها.
افعل كذا وخلاك ذم.
صيدك لا تحرمه.
رب عجلة تهب ريثاً.
النجاح مع الشراح.
قد نفخت لو كنت تنفخ في فحم.
إن كنت تشد بي أزرك فأرخه.
رضيت من الغنيمة بالإياب.
الحريص يصيدك لا الجواد.
جاء فلان وقد لفظ لجامه.
سرق السارق فانتحر.
ذل لو أجد ناصراً.
يعود على المرء ما يأتمر.
جانيك من يجني عليك.
أنا منه فالج بن خلاوة.
وجدت الناس أخبر نقله.
لا ينفعنك من جار سوء توق.
أنت تئق وأنا مئق، فمتى نتفق؟.
عادة السوء شر من للمغرم.
همك ما همك ويقال: همك ما أهمك.
ما أباليه عبكة.
يكفيك نصيبك شح القوم.
المرء تواق إلى مالم ينل.
خلاؤك أقنى لحيائك.
تسقط به النصيحة على الظنة.
لا بقيا للحمية بعد الحرائم.
إنه لنكد الحظيرة.
رهباك خير من رغباك.
دردب لما عضه الثقاف.
أنت مرة عيش ومرة جيش.
يا حبذا التراث لولا الذلة.
لأمدن غضنك.
قد بدا نجيث القوم.
لا يحسن التعريض إلا ثلباً.
سفيه لم يجد مسافهاً.
من قل ذل، ومن أمر فل.
فلان ألوى بعيد المستمر.
من حفنا أو رفنا فليقتصد.
قد ألنا وإيل علينا.
إرض من المركب بالتعليق.
أجر الأمور على أذلالها.
ما فيها صافر.
كأنهم جن عبقر.
قال فلان قولاً ما مؤس البحر.
غمرات ثم ينجلين.

ضربك بالفطيس خير من المطرقة.
صغراها مراها.
مصى مصيصاً. يقال لمن يؤمن بالتثبت والتوقر.

الباب الخامس
النجوم والأنواء
ومنازل القمر على مذهب العرب
نذكر أولاً في هذا الباب منازل القمر وما قالت العرب فيها، وفي نزول القمر بها أو مصورة عنها، وطلوع كل واحدٍ وسقوط رقيبه منها، ثم نذكر الصور والبروج، والصور خاصة، وعلى موضعه من بروجه الذي هو فيه من فلك البروج عامة بعون الله تعالى.
فأما المنازل وهي ثمانية وعشرون نجماً الشرطان والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرفة والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك والغفر والزبانيان والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية وفرغ الدلو المقدم، وفرغ الدلو المؤخر، وبطن الحوت.
قالت العرب في أسجاعها عند طلوع كل نجم، إذا طلع الشرطان، ألقت الإبل أوبارها في الأعطان، ويوشك أن يشتد حر الزمان.
ثم البطين فقالت: إذا طلع البطين، طلعت الأرض بكل زين، وحسنت في كل عين. ثم الثريا - وهو النجم - إذا طلع النجم، فالبرد في هدم، والعانات في كدم، والفلاحون في ضجم، والقيظ في حذم، والبرد في حطم، والعشب في صلم.
ثم الدبران، إذا طلع الدبران توقدت الحزان، وأخمدت النيران. وبات الفقير بكل مكان.
ثم الهقعة: إذا طلعت الهقعة، انتقل الناس للقلعة.
ثم الهنعة، إذا طلعت الهنعة طلب الناس النجعة، وأحبوا إلى الوليف الرجعة.
ثم الذراع: إذا طلعت الذراع، حسرت الشمس القناع، وأشعلت في الأفق الشعاع، وترقرق السراب بكل قاع.
النثرة إذا طلعت النثرة، التقط البلح بكثرة، وأصابك من القر خضرة، ويوشك أن تظهر الخضرة. ثم الطرفة: إذا طلعت الطرفة، حسنت السعفة، وصار التمر تحفة.
ثم الجبهة، إذا طلعت الجبهة أرطبت النخلة، وحسن النخل حمله.
ثم الزبرة وهي الخراتان إذا طلعت الزبرة أرطبت البسرة وإذا طلعت الخراتان طابت أم الجرذان، وتزينت القنوان.
ثم الصرفة، إذا طلعت الصرفة احتال كل ذي حرفة، ورأيت الطير حفة، وفشت الخفة.
ثم العواء، إذا طلع العواء لم يبق في كرم جناء، واكتنس الظباء، وطاب الهواء، وضرب الخباء، وأمن على عوده الحرباء.
ثم السماك: إذا طلع السماك ولت العكاك فأجل حراك، وأصلح خباك، وصوب فناك، فكأنك بالفرقد أتاك.
ثم الغفر: إذا طلع الغفر، حسن في عين الناظر الجمر، وطاب التمر، وذهب البصر، وأتى من البرد السفر.
ثم الزبانيان إذا طلعت الزباني فاطلب ما يكفيك زماناً، واستعد لشتائك ولا تواني.
ثم الإكليل: إذا طلع الإكليل، هاجت الفحول، ووفى كل خليل، واستبان على أهليه الكثير والقليل.
ثم القلب: إذا طلع القلب. جاء الشتاء كالكلب، ووقع الثلج كالثرب وطلع على النسر كالركب، وانحجر من البرد الضب.
ثم الشولة إذا طلعت الشولة، أتاك الشتاء بصولة، وخرج النحل، وللطير عليهن دولة.
ثم النعائم: إذا طلعت النعائم، التطت البهائم من الصقيع الدائم، وخلص البرد إلى كل نائم.
ثم البلدة: إذا طلعت البلدة، أصاب الناس من البرد شدة، وفشت الرعدة وأكلت القشدة، وقيل للبرد: اهده.
ثم سعد الذابح، إذا طلع سعد الذابح، انحجزت الضوابح، ولم تهر النوابح، من البرد البارح، وأورى عوده كل قادح.
ثم سعد بلع، إذا طلع سعد بلع، شيع العاجز الهبع، وطاب الوقع، وهيئت الربع، وكأنك بالبرد قد انقشع.
ثم سعد السعود: إذا طلع سعد السعود، ذاب كل مجمود، وخضر كل عود، ووقى كل مصرود، وانتشر كل مولود، وكره عند النار القعود.
ثم سعد الأخبية: إذا طلع سعد الأخبية طابت الأفنية، وقصرت الأبنية وزقت الأسقية، وانتشرت الأخبية.
ثم فرغ الدلو المقدم: إذا طلع الدلو، شيع الضعيف الخلو، وهيب الجزو، ومن القيظ بعض الشبو.
ثم فرغ الدلو المؤخر: إذا طلع الفرغ، طلب الكلب الوغل، وشبع الفحل فلم يرع.
ثم الحوت وهو السمكة: إذا طلعت السمكة، وتعلقت بالثوب الحسكة، نصبت الشبكة، وطاب الزمان للنسكة.
وقالوا: أيضاً: طلع النجم عشاء، ابتغى الراعي كساء.
يريدون طلوع الثريا بالعشيات وذلك عند اشتداد البرد. وطلع النجم غدية، ابتغى الراعي شكية. يريدون شكوة يحمل فيها الماء لشدة الحر.

وجعلوا السنة أربعة أجزاء. فجعلوا الزمن الأول الصفرية. وسموا مطره الوسمي وحصته من السنة واحد وتسعون يوماً، وجعلوا حصته من النجوم سبعة أنجم تسقط مع الفجر إلى طلوع الشمس بين كل نجمين ثلاثة عشر يوماً، فأول الصفرية وهو أول الوسمي سقوط أول نجومه، وهي عرقوة الدلو السفلى وهو الفرغ الأسفل.
والحوت والشرطان والبطين والثريا والدبران والهقعة، وسقوط عرقوة الدلو السفلى يكون لعشر يمضين من أيلول، ويستوي الليل والنهار بعد ذلك بأربع عشر ليلة وهو فصل، وسقوط كل نجم أن ينظر إليه الناظر مع طلوع الفجر إذا قيد فرسه من تحت بطنها في الأفق مما يلي المغرب وكلما سقط نجم طلع نظيره من المشرق ولا يرين الطالع عند سقوط الساقط لأنه قريب من الشمس، فيفضحه ضوء النهار، ونوء كل نجم ما بعده إلى سقوط النجم الذي يليه، فإذا تم سقوطها انقطع مطر الوسمي. وجعلوا الزمن الثاني الشتاء وحصته من السنة أحد وتسعون يوماً بسقوط أول نجومه الهنعة والذراع والنثرة والطرفة والجبهة والزبرة والصرفة، فسقوط الهنعة يكون لعشر ليال تمضي من كانون فعند ذلك تسقط الهنعة وينتهي طول الليل وقصر النهار بعد ذلك بإحدى عشرة، فإذا سقطت الصرفة قالوا: انصرف الشتاء، فعند ذلك ينقطع الشتاء، ومنهم من يسمى الشتاء ربيعا. ثم جعلوا الزمن الثالث الصيف وهو زمن الربيع وحصته من السنة إحدى وتسعون يوماً وهو في آذار قالوا: إذا مضى عشر من آذار، برد ماء الآبار، وتصرم الثمار، وصور النحل الآبار، واشتهى الغلام الإزار، وشدت على المطايا الأكوار، واستوى الليل والنهار وحصته من النجوم العواء والسماك والغفر والزبانيان والإكليل والقلب والشولة، فسقوط العواء في أحد عشر يوماً من آزار ويستوي الليل والنهار بعد ذلك بإحدى عشرة ليلة فإذا تم سقوط هذه انقضى مطر الصيف وذلك عند طلوع الثريا.
وجعلوا الزمن الرابع القيظ ويسمى مطر الخريف وحصته من السنة إحدى وتسعون يوماً، بسقوط أول نجومه وذلك لعشر تمضي من حزيران ونجومه النعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية وعرقوة الدلو العليا وهي الفرغ المقدم فإذا تم سقوطها انقطع مطر الخريف وزمان القيظ وعاد زمان الصفرة. فذلك أربعة أزمنة عددها ثلاثمائة وأربعة وستون يوماً ويزاد فيها يوم الجبهة حتى يتم العدد بثلاثمائة وخمس وستين يوماً ويصح كل زمن في وقته.
ومن العرب من جعل السنة ستة أجزاء، فجعل الزمان الأول الوسمي وجعل حصته من السنة شهرين وحصته من النجوم أربعة أنجم وثلثي نجم.
وجعل الزمن الثاني الشتاء، وجعل حصته من السنة شهرين ومن النجوم أربعة أنجم وثلثي نجم.
وجعل الزمن الثالث الربيع، وجعل حصته من السنة شهرين ومن النجوم أربعة أنجم وثلثي نجم.
وجعل الزمن الرابع الصيف وحصته من السنة شهرين ومن النجوم أربعة أنجم وثلثي نجم.
وجعل الزمن الخامس الحميم وجعل حصته من السنة شهرين ومن النجوم أربعة أنجم وثلثي نجم.
وجعل الزمن السادس الخريف وجعل حصته من السنة شهرين ومن النجوم أربعة أنجم وثلثي نجم.
ويكرهون أن يكون ابتداء مطرهم بالشرطين ويخافون أن يكون ذلك العام جدباء، ويقولون: إنه إذا أصابهم في الشرطين مطير قالوا: نخاف أن يكون أحداجا من الأنواء.
يسمونها الأنيسين ويقال للواحد الأنيس ويقال: هما كوكبان بين يدي شرطين وسقوط الجبهة هو أول الربيع، وهو انكسار البرد، وظهور مظهر الدفء، وإنهاك العشب، ونتاج الإبل، وتوليد الغنم، وحينئذ ينتجون ويولدون ويحضنون.
وقالت امرأة من العرب: لم أر كالربيع مضى، لم تقم عليه المآتم، ويقولون أن القر في بطون الإبل، فإذا ذهب القر سحت الإبل.
قال بعضهم إذا سقطت النثرة سرت الإبل وأنت قبل ذلك باركة في أعطانها، وتلقى جلالها عنها ويؤمن هربه عل المال، ويدب القراد ويطلع الضب رأسه وينضر الشجر لسخونة الأرض قبل أن يظهر الدفء. وقالوا: كفا الشتاء: الذراعان والنثرة، وقالوا: لا يورق العود حتى تنوء الجبهة، فإذا أنت سقطت الجمرة الأولى، والجمرات ثلاث: فأولها: سقوط الجبهة لأربع عشرة يمضين من شباط.
والثاني: مع سقوط الزبرة لثمان وعشرين من شباط.
والثالثة مع سقوط الصرفة لثلاث عشرة يمضين من آذار.

وفي أول الجمرات مع سقوط الجبهة ساخ الثرى وماذ المعرق، وأورق العود، واختلفت رءوس الإبل في مباركها، ولفظت الأرض ما فيها من نبت، وتزعم العرب أن نوء الجبهة أعم المطر نفعاً يصل ما قبله وما بعده. ويقال: إنه لم يمتلئ غائط قط من ماء نوء الجبهة إلا امتلأ عشباً.
ويقولون عن نوء الجبهة إنه يظهر كل ثرى كان في بطن الأرض قبله وأنه إذا اخلف نوءها لم يتم ربيع ذلك العام.
وعقارب الشتاء أربع وهي البرد ينزل بهن القمر في العشر الأواخر من الشهور العربية في ليالي الشتاء وقل ما يخلفوا أن يكون فيهن فرقاً ولهن للمجرة ينزل القمر الأول العقرب وليلة ست وعشرين من الشهر العربي وهي تشرين الآخر، ثم الثانية العقرب الهزار بقارن القمر العقرب لأربع وعشرين من شهر العرب وذلك في كانون الأول ثم العقرب الجثوم الثالثة لاثنتين وعشرين من شهر العربي وذلك في كانون الآخر. ثم عقرب الختران ليلة عشرين من شهر العربي في شباط، وسميت الأولى المخرمة لأن القمر حين يحلها ولا يخرج منها حتى يستسر.
وسميت الثانية الهرار لموافقة طلوع الهرارين قلب العقرب والنسر الواقع حين يسريان في المشرق مع طلوع الفجر، وسميت الجثوم لشدة الشتاء وجثومه، وسميت الختران لنتاج الإبل وكثرة الختران في ذلك الوقت ثم يقارن القمر الثريا بعد ذلك بخمس عشرة ليلة فيكون لخامسة تمضي من الشهر العربي وفيه قال الشاعر.
إذا ما قارن القمر الثريا ... لخامسةٍ فقد ذهب الشتاء
ثم الشهر الذي بعد هذا من شهور العرب يقارن فيه الثريا لثالثة ويقال إنها أغزر ليلة في السنة في كثرة اللبن، وذلك لأن الإبل يتكامل نتاجها، وتجلب الحملان في ذلك الوقت فتخلو ألبان الشتاء لأهلها.
وقال الشاعر:
إذا ما قارن القمر الثريا ... لثالثةٍ فقد كثر السلاء..
ثم يقارن القمر الثريا في الشهر الثالث مع اسمراره، ويقال عند سقوط السماك يخاف الناشرة. وذلك لأن المطر ينقطع قبل سقوط السماك ثم يكون مطره عند سقوطه غير متصل بما كان قبله، وقد هاجت الأرض، وذهبت الوغرات، فإذا أصابه مطر نوء السماك نشر وعاد العود أخضر، وعاد في أصوله الورق، فإذا رعته الماشية، أدراها وضرها وأصابها عنه داء يسمونه الهرار، وقد جعلوا لكل من كان نجوماً، وسموا سقوطها وطلوعها أنواء، فجعلوا السقوط علماً لنجوم الوسمي، والشتاء والربيع، وهو نصف السنة وحين البرد وما قاربه من الذي من قبله، ومن بعده، وجعلوا الطلوع علماً لنجوم الصيف والحميم والخريف، وما دنا منها من لين الزمان وهو نصف السنة.
قالوا: سقوط الفرغ للأسفل، هو ذهاب الحر ودخول البرد، واستغناء عن أكثر سقى الإبل، لأن الظمأ يطول وإنما يحتاج للإبل في الشهر إلى أن ترد مرة لا تحتاج الغنم إلى أكثر من مرتين في الشهر وإن وقعت الأمطار جرأت الماشية فإذا سقط فرغ الدلو للأسفل عدوه طلع السماك الرامح ولذلك قال الشاعر:
حتى رأيت عراقي الدلو ساقطة ... وذا السلاح مصوح الدلو قد طلعا
ورقيب الفرغ الأَسفل العواء السماك الرامح يطلع معه، وهو يطلع قبل السماك الأعزل الذي ينزل به القمر، وأراد بقوله ذو السلاح، السماك الرامح، ويزعم أهل الشام أن استواء الليل والنهار في استقبال الشتاء يكون في أيلول لست تبقى منه، في ذلك اليوم يطلع العواء ويسقط الدلو وبينه الفرغ المؤخر ويعود إلى السقوط ويدعون مؤخره أشد تقارباً لطلوع النجم والدبران ثم تسقط الهنعة، ويطلع رقيبها النعائم لأربعة وعشرين يوماً يمضي من كانون الأول فسقوطها عدوه هو أول مطر الشتاء وأنوائه. ثم تسقط الذراع ويطلع نظيرها البدرة لسبعة أيام تمضي من كانون الآخر ونوءها خمس ليال وقل ما يخلف نوء الذراع، والذراع عندهم ذراع الأسد والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء من الأسد، فما بين العواء والذراع عندهم من الأسد، ومنهم من يجعل السماك منه ثم يسقط النثرة لعشرين تمضي من كانون الآخر ويطلع رقيبها سعد الذابح ونوءها سبع ليال. قال ذو الرمة:
مرن الضُّحى طاوٍ بني صهواتِه ... لزوايا غمام النثرة المترادف

ثم يسقط الطرف، ويطلع نظيره سعد بلع، ليومين يمضيان من الشباط ونوءه لست ليال، لأن الجبهة تقترن بما قبلها وما بعدها، ونوءها غزير طويل مثل نوء الثريا، ثم يسقط الجبهة لخمسة عشر يوماً من شباط، ويطلع رقيبها سعد السعود، ونوءها سبع ليال، فإذا سقطت الجبهة انكسر الشتاء، وولد الناس، واجتنى أوائل الكمأة، وسقطت الجمرة الأولى، ثم تسقط الزبرة ليوم تبقى من شباط ويطلع رقيبها سعد الأخبية، وهي الجمرة الوسطى، ومطرها ينسب إلى الجبهة لقربها منها، ونوءها أربع ليال ثم تسقط الصرفة لثلاثة عشر يوماً تمضي من آزار، ويطلع رقيبها فرغ الدلو، ونوءه ثلاث ليال وهو آخر نجوم الشتاء، وينصرف الشتاء وتمضي نصف السنة، وفي خمسة وعشرين يوماً من آذار يسقط العواء ويطلع رقيبه فرغ الدلو المؤخر ونوءه ثلاث ليال، وتخرج الشمس من الحوت وتدخل الحمل ثم يجري مصعده نحو الشمال، ويستوي الليل والنهار، وقد مضى خط الوسمي والشتاء من السنة ثم يجئ حد الصيف، فإذا طلع النطح وهو الشرطان كان أول الصيف وأول البوارح بطلوع النجوم لا بسقوطها، وبارح كل نجم الطلوع، ونوء العواء أربع ليال وهو أول الوسمي، ويسقط الحوت لثمان يمضين من تشرين الأول، ويطلع رقيبه السماك الأعزل ونوءه ليلة، ونوء الحوت ليس نوءه بغزير ولا مشهود ولا يكاد العرب تذكره في كلامها ولا أشعارها، وذلك أنه نوء قصير عندهم لا مطر فيه، ونوء الدلو غزير طويل فهو يغترف نوء الحوت فلا يكاد يذكر، ثم يسقط الشرطان، وهو النطح ويطلع رقيبة الغفر في أحد وعشرين يوماً من تشرين الأول، وهو عند العرب أغزر من الحوت. وهم له أذكر ومطره بإذن الله من أنفع المطر لأنه خير ولي للدلو، لا يجف ثرى الدلو حتى يكون السرطان له ولياً، لأنه ينوء حين تحتاج الأرض إلى المطر.
قال ذو الرمة:
حواءُ قرحاءُ أشراطية وكفت
ثم يسقط البطين غدوة، ويطلع رقيبة الزبانيان لثلاث يمضين من تشرين الآخر، وهو عندهم شر الأنواء يكرهون المطر فيه لأنه نزر قليل، وقل ما أصابهم إلا أخطأهم نوء الثريا، ونوءها أشرف الأنواء وأغزرها وهم لا يذكرون نوء البطين في شعر ولا غيره.
ثم يسقط الثريا وهي النجم فيعترض في الأفق سبعاً في ست عشرة يوماً تمضي من تشرين الآخر، ونوءه سبعة أيام ويطلع رقيبها الإكليل، ونوء الثريا أحب الأنواء إلى العرب لأنها تنوء وقد دخلوا في البرد، فإذا أصابهم نوءها، برقت الأرض سنتها فإذا جادهم وثقوا بالحيا بإذن الله، فإذا أخطأهم فهي السنة والقحط، إلا أن يكثر مطر الجبهة، ثم يسقط الدبران ويطلع رقيبه القلب لتسعة وعشرين يوم من تشرين الآخر، ويطلع مع النسر الواقع، وتسمى العرب قلب العقرب والنسر الواقع إذا طلعا الهرارين وليس سقوط الدبران وطلوع قلب العقرب النوء، ولا غرر، لأن نوء الثريا يفترق ما قبله وما بعده، ويقال أن ليس في السماء نجماً مما ينزل به القمر ثلاثة عشر يوماً، إلى أن يطلع الذي بعده، وذلك ما كان له بارح من منازل القمر فقد يكون البارح لغير المنازل، فيكون بارحه بقدر ما بينه وبين الذي يتلوه من الكواكب، فطلوع الشرطين لاثنتي عشرة تتبقى من نيسان، ويسقط الغفر ثم يطلع البطين ليوم يمضي من آيار، ويسقط الزبانيان، ثم يطلع النجم وهو الثريا، فأول البوارح بارح الثريا، وهو أقلها بارحاً، وبارحه لين، وربما سكن وابتداؤه اليوم الرابع عشر من آيار ومعه يطلع العيوق، فيكون بارحه ثلاثة عشر يوماً، ويهيج العود ويسقط رقيبه الإكليل، ثم يطلع الدبران اليوم السابع والعشرين من آيار، وبارحه أشد من بارح النجم واضع وهو بارح طيب لا يشتد فيه الشمال ولا الحرور، ويسقط رقيبه القلب ثم يطلع الهقعة وهو أول جوزاء عند العرب لعشر يمضي من حزيران، ويسقط رقيبها الشولة ويستر بارحها، وهو أول بارح في الجوزاء، وفيه يؤكل البلح، ويدرك بعض الفواكه، ثم يطلع الهنعة وهي آخر الجوزاء لثمان تبقى من حزيران وهو أشد ريحاً وحروراً وسموماً، ويسقط رقيبها النعائم وهو أول ما يرى الأحمر والأصفر من النسر وتحرق الرمضاء. قال ذو الرمة:
حدا بارح الجوزاء أعراف مورِه ... به وعجاج العقرب المتناوح
يجعل البارح للجوزاء وجعل العجاج للعقرب وإذا استتم طلوع الجوزاء واشتد الحر وأوردوا إبلهم قالوا للراعي: صر شطور إبلك لا توردها بهلاً يقول: حتى تجود بها لبناً.

فيصر خلفين من أخلاف الناقة، ويترك اثنين للفصيل. فإذا طلعت الشعرى قيل للراعي: ثلث فيصر ثلاثة أخلاف، فإذا طلع السهيل قيل للراعي: اجمع. فيصر أخلافها كلها فلذلك قالوا: " إذا طلع سهيل فلأم الفصيل الويل " وإنما الويل للفصيل لأنهم يصرون أخلاف الناقة كلها.
وإذا طلعت الجوزاء ترقدت المعزاء وكنست الظباء فلا تزال تقيل في مكانسها حتى تطلع العذرة، وطلوعها بين طلوع الشعرى وطلوع السهيل، ثم تطلع الشعرى الغميصاء وهي الذراع، وطلوعها لخمس تمضين من تموز وذلك أشد بوارح القيظ سموماً، وفيه أول إدراك البسر، ويسقط رقيبها البلدة، ويسقط النسر والواقع وهي أشد الوغرات وهي التي يغطس فيها الإنسان بين البئر والحوض، وعندها أو بعيدها قليلاً بسط المجرة وقالوا: جنى النخل بكرة، ولم تترك ذات در قطرة ثم طلع النثرة والشعرى والعبور لثماني عشرة من تموز وذلك أشد ما يكون من الحر التهاباً، والشعرى ليس لها نوء في المطر ووغرتها مثل وغرة جوزاء، ويسقط رقيبها سعد الذابح ثم يسقط الطرف لثلاث يمضين من آب، وتطلع معها الغدرة في تلك الغداة ويا رياح وغلة وحر شديد، وعند ذلك تؤكل الرطب ويسقط رقيبها سعد بلع.
وقالت العرب: إذا طلعت الغدرة، فعلة نكرة، في بلاد البصرة. ثم تطلع الجبهة لست عشرة تمضي من آب ويومئذ يرثى أهل الحجاز سهيلاً، وفيها بارح وحرور، ويكثر الرطب ويسقط رقيبها سعد السعود.
وسبعة وعشرين يوماً من آب يرى أهل البصرة سهيلاً، وسهيل الجبهة يطلعان في يوم واحد، وقالوا: إذا طلع سهيل رفع كيل، ووضع كيل، ولاح للفصيل الويل.
يقولون يرفع كيل الحب، ويوضع كيل الزبيب والتمر، ويفصل الفصيل غرامة. وعند طلوع سهيل، يقال: يا آل سهيل في الأوعية، لأنه يفسد كثيراً مما يتخذونه من الأشربة والمري والكواميخ وأكثر ذلك أن يطيب ليلة، فعند ذلك يقال: برد ماء الخرقاء، وذلك أن الماء يبرد من غير مبرد للماء، وماء الخرقاء التي لا تبرد بمنزله.
قال الشاعر:
إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرةٍ ... سهيل أذاعت غزلها في القرائب
والعرب تستغني بذكر سهيل عن ذكر الجبهة فلا يذكرونها في أشعارهم، ثم تطلع الزبرة وهي الخراتان، ويبرد الليل لسبعة وعشرين يوماً من آب ويستقل سيهل ويسقط رقيبها سعد الأخبية.
ثم يطلع الصرفة لعشر تمضين من أيلول، ويقال: إذا طلعت الصرفة انصرف القيظ، فند ذلك ابتداء السنة ودخول الصفرية، ويسقط رقيبها فرغ الدلو الأعلى ثم يطلع العواء لثلاثة وعشرين يوماً يمضين من أيلول، ويسقط رقيبه فرغ الدلو الأسفل، ثم يطلع السماك لست تمضي من تشرين الأول، ويسقط رقيبه بطن الحوت، فعند ذلك يصرم النخل وليس من هذه الوغرات وغرة إلا ولها بارح فإن اشتد هانت، وإن هان اشتدت فاستحقاق البوارح والوغرات من طلوع النجم إلى أن تنام الجوزاء، وذلك إلى استتمام طلوع الهنعة، ثم يطلع الغفر لسبعة عشر يوماً تمضي من تشرين الأول، ويسقط رقيبه الشرطان ثم يطلع الزبانيان ليومين يمضيان من تشرين الآخر، ويسقط رقيبها البطين ثم يطلع الإكليل لخمسة عشر يوماً من تشرين الآخر، ويسقط رقيبه النجم، ثم يطلع القلب لثمانية وعشرين يوماً تمضي من تشرين الآخر ويسقط رقيبه الدبران، ويطلع النسر الواقع، ثم يطلع الشولة اليوم التاسع من كانون الأول، ويسقط رقيبها الذراع، ثم يطلع سعد الذابح لثمانية أيام تمضي من كانون الآخر، ويسقط رقيبها النثرة، ثم يطلع سعد بلع لأحد وعشرين ويوماً من كانون الآخر، ويسقط رقيبه الجبهة، ثم يطلع سعد الأخبية لخمسة عشر يوماً تمضي من شباط، ويسقط رقيبه الزبرة، ثم يطلع فرغ الدلو المقدم ليوم تبقى من شباط، ويسقط رقيبه الصرفة. ثم يطلع فرغ الدلو المؤخر لإحدى عشرة يوماً تمضي من آزار، ويسقط رقيبه العواء، ثم يطلع الحوت لأربعة وعشرين يوماً تمضي من آذار، ويطلع رقيبه السماك.

وأول منازل القمر: الشرطان ويقولون هما قرنا الحمل، وهما كوكبان مفترقان عند الأعلى، الشامي منهما كوكب صغير، وتسميان أيضاً النطح وهما عن يمين المدقق ويدعيان أيضاً الإنسانين ولسقوطهما بالغداة نوء ليلة، ولطلوعهما بالغداه بارح ليلة والله أعلم. ثم ينزل بالبطين وهو بطن الحمل، وهو ثلاثة كواكب صغار متفرقات غير نيرات وهي عن يمين المنكب، ولسقوطهما نوء ثلاثة ليال، ولطلوعهما بارح ثلاث ليال. ثم ينزل بالثريا وهي ستة كواكب مجتمعات طمس على حلقه إلية الشاة، ونوءها سبع ليال وبارحها أربع ليل، ثم ينزل بالدبران ويسمى التابع والمجدح ويسميه بعض العرب الضيقة وهو كوكب أحمر نير، ويسمى الكواكب الصغار التي مع القلائص نوء ليلة، وبارحة ليلة وهو أول بوارح الصيف ويقصر القمر أحياناً فينزل بالضيقة وهي بين النجم والدبران كوكبان صغيران متقاربان كالملتصقين وقد قال الشاعر:
بضيقةِ بين النجمِ والدبرانِ
ثم ينزل بالهقعة وهي رأس الجوزاء وتسمى تحياه وهي ثلاثة كواكب متقاربة، كما تنكت في الأرض بالإبهام والسبابة الوسطى مضمومة، ونوءها ثلاث ليال وبارحها ليلة. ثم ينزل بالهنعة وهي في المجرة وبينهما وبين الذراع المقبوضة وهما كوكبان مقترنان، وعندهما يقطع القمر المجرة شامياً ونوءها ثلاث ليال وبارحها ليلة، ثم ينزل بذراع الأسد المقبوضة، وهما كوكبان نيران بنيهما كواكب صغار يقال لها الأظفار ويبعد أحياناً فينزل بالذراع المبسوطة وهما أيضاً كوكبان أحدهما نير يقال لها الشعرى الغميصاء، والآخر أصغر منه يميل إلى الحمرة يقال له المرزم وهو مرزم الذراع، ونوءها خمس ليال، وعند ذلك يشتد البرد، وبارحها ليلة وعند طلوعها تشتد رياح الصيف ويكثر الحرور والسموم، ثم ينزل بالنثرة وهي فم الأسد ومنخراه وهي لطخة صغيرة بين كوكبين صغيرين وتدعى أيضاً باللهاة، ولسقوطها نوء ليلة ولطلوعها بارح ليلة، وهو أشد ما يكون الحر، ثم ينزل بالطرف وهما كوكبان صغيران مفترقان، وهما عينا الأسد وقدام الطرف كواكب صغار يقال لها: الأشفار ونوءه ست ليال وفيه تنق الضفادع، وتتزاوج الطير وتهب الجنائب، ولطلوعه بارح ليلة، ثم ينزل بالجبهة وهي كواكب أربعة، وهو فيها عوج أحدهما براق وهو اليماني منها، ونوءها سبع ليال وفيه ينكسر حد الشتاء، وتورق الشجر، ويزقو المكاء، بارحها ليلة وسهيل يطلع بالحجاز مع طلوع الجبهة ثم ينزل بالخراتين وهما كوكبان نيران وهما زبرة الأسد، واسقوطهما نوء ثلاث ليال ويرى فيه المطر فإن أخلف فبرد شديد، ولطلوعهما بارح ثلاث ليال، ويرى سهيل بالعراق.
ثم ينزل بالصرفة وهي كوكب أزهر، عنده كواكب صغار طمس ويسمى قنب الأسد، ونوءها ثلاث ليال وعند طلوعها، برد الليل كله، ثم ينزل بالعواء وهي خمسة كواكب مصطفة كأنها كتابة ألف وتدعى وركا الأسد وبعضهم يقول: كلاب تتبع الأسد. ونوءها ليلة وبارحها ثلاث ليال وربما كان مطر هذا البارح لأنه يوافق نوء الدلو.
ثم ينزل السماك الأعزل وهو كوكب أزهر ويقال، أحد ساقي الأسد، والسماك الرامح الساق الأخرى، ويعدل أحياناً فينزل بعجز الأسد وهي أربعة كواكب أسفل العواء يمانية وتدعى أيضاً: عرش السماك، ولسقوط السماك نوء ليلة، ولطلوعه بارح ليلة ثم ينزل بالغفر وهو ثلاثة كواكب غير زهر، ثم كوكبان مفترقان وهما قرنا العقرب ويسميهما أهل الشام يدا العقرب، ثم ينزل بالإكليل وهو رأس العقرب وهو ثلاثة كواكب مصطفة، ثم ينزل بالشولة وهي ذنب العقرب ويسميها أهل الشام الإمرة، وتقصر أحياناً فينزل بالغفر مما بين القلب والشولة، ثم ينزل بالنعائم وهي ثمانية كواكب زهر، منها أربعة وارد في المجرة، ويسمى النعام الواردة وأربعة خارجة منها تدعى النعام الصادرة، ويدعى موضع النعائم الوصل، ثم ينزل بالبلدة وهي رقعة فيما بين النعائم وسعد الذابح، موضع قفر ليس فيه كوكب إلا خفي، ويعدل القمر أحياناً فينزل بالقلادة، وهي كواكب صغار مستديرة خفية فوق البلدة، ثم ينزل سعد الذابح وهو كوكبان صغيران مقترنان أحدهما مرتفع في الشمال والأخر هابط في الجنوب، عند الأعلى منهما كوكب صغير يقال هي شاته التي يذبحها، وبين الكوكبين قدر ذراع في العين وكذلك كل سعد في السعود.
ثم ينزل بسعد بلع، وهما كوكبان صغيران مستويان في المجرى.

ثم ينزل بسعد السعود وهو ثلاثة كواكب أحدهما أنور من الآخرين ويقصر القمر أحياناً، فينزل بسعد بأثره، وهما كوكبان أسفل من سعد السعود، ثم ينزل بسعد الأخبية وهو أربعة كواكب، واحد منها في وسطها، ثم ينزل بعرقوة الدلو العليا، وهي كوكبان أزهران مفترقان يقال لهما فرغا الخريف، ويدعيان ناهزى الدلو المقدمين، والناهز الذي يحرك الدلو ليمتلئ، ثم ينزل بعرقوة الدلو السفلى وهي كوكبان أزهران مفرقان ويقال لهما فرعا الربيع ويدعيان ناهزى الدلو المؤخرين، ولسقوطهما بالغداة نوء أربع ليال، ولطلوعهما بالغداة بارح ليلة، ويقصر القمر أحياناً فينزل بالكرب، والكرب الذي في وسط العراق، وربما نزل ببلدة الثعلب وهي بين الدلو والسمكة عن يمين المرفق ثم ينزل ببطن السمكة وهو كوكب أزهر نير في وسط منها مما يلي الرأس، وصورة السمكة عن يمين المرفق ثم ينزل ببطن السمكة وهو كوكب أزهر نير في وسط منها مما يلي الرأس، وصورة السمكة التي في المجرى على حلقة السمكة كواكب تنفرج في فم السمكة فلا تزال تتسع كالجبلين إلى وسطها، ثم لا تزال تنضم إلى ذنبها ويعدل القمر أحياناً فينزل بالسمكة الصغرى وهي أعلاهما في الشمال على مثل صورتها إلا أنها أعرض وأقصر، وهي تحت نحر الناقة، ولها نوء ليلة عند العرب ولطلوعها بالغداة بارح ليلة.
قد ذكرنا منازل القمر وما قيل من العرب في الأنواء والبوارج والمنازل ونذكر الآن صور الكواكب على مذهب المنجمين، ونسب كل كوكب عرفته العرب إلى موضعه منها بعون الله وتوفيقه.
قالوا: إن جميع الكواكب المرصودة سوى الصغار التي لم ترصد ألف واثنان وعشرون كوكباً سوى الصغيرة وهي ثلاثة كواكب تجمعها ثمان وأربعون صورة، منها في النصف الشمالي إحدى وعشرون صورة وأسماؤها الدب الأَصغر، والدب الأكبر، كوكبة التنين، قيقاوس العواء الذي يقال له الصياح، الإكليل الشمالي وهو الفكة، الجاثي على ركبته، الشلياق وهو النسر الواقع، الطائر وهو الدجاجة، ذات الكرسي، برشاوش وهو حامل رأس الغول، ممسك الأعنة، الحواء الذي يمسك الحية، حية الحواء، السهم، العقاب وهو النسر الطائر، الدلفين، قطعة الفرس الثاني المسلسلة، المثلث كوكبة الفرس الأعظم.
وعدد كواكب هذه الصورة التي من نفس الصورة ثلاثمائة وواحد وعشرون كوكباً، والتي حوالي الصور تسعة وعشرون كوكباً، ومنها على فلك البروج اثنتا عشرة صورة وهي: الحمل، والثور والتوأمان، والسرطان، والأسد، والعذراء، والميزان، والعقرب، والرامي والجدي، وساكب الماء وهو الدلو، والسمكتان وهما الحوت.
وكواكبها من نفس الصور مائتان وتسعة وثمانون كوكباً وحوالي الصور سبعة وخمسون كوكباً سوى الضفيرة، ومنها في النصف الجنوبي خمس عشرة صورة وهي قيطس، والجبار وهو الجوزاء، النهر، الأرنب، الكلب الأصغر، السفينة، الشجاع، الباطئة، الغراب، قيطورس، الضبع، المجمرة، الإكليل الجنوبي، الحوت الجنوبي وكواكبها مائتا وسبعة وتسعون كوكباً، وحوالي الصور تسعة عشر كوكباً.
فأول الصور كوكبة الدب الأصغر وكواكبها من نفس الصورة سبعة منها ثلاثة على الذنب: وأربعة على مربع مستطيل. والعرب تسميه بنات نعش الصغرى، منها أربعة التي على المربع نعش والثلاثة التي على الذنب بنات وتسمى النيرين من الأربعة الفرقدين، والنير الذي على طرف الذنب الجدي، وهو الذي يتوخى به القبلة، وموضع الثلاثة التي على الذنب من قسمة البروج في الجوزاء والأربعة الأخرى في السرطان.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11