كتاب : ربيع الأبرار
المؤلف : الزمخشري

وإذا نبح كلب على رجل بالليل وألح عليه، ولا حارس ولا سبيل إلى الفوت، فدواؤه أن يقعد بين يديه مستخذياً مستسلماً، فإنه إذا رآه كذلك شغر عليه ولم يهجه، كأنه حين رآه تحت قدرته أراد أن يسمه بميسم ذل، كما يجز الآسر ناصية الأسير.
يرى الكلب العظم المدملج فيعلم أنه إن عضه رضه وإن ابتلعه استمرأه.
كان في بني ضبة كلب زبني يوضع السراج على رأسه، وهو منتصب على عجب ذنبه معلق يديه، فيدعى باسمه ويلقي له اللحم فلا يتحرك، فإذ أخذ عنه السراج وثب على اللحم، ويعلق في عنقه المكتل وتوضع فيه الرقعة فيمضي إلى البقال ويأتي بالحاجة. ويطحنون عليه، فإذا فرغ من طحنه مضى إلى المتمعك فتمعك فيه كحمار الطحان.
تلقح الكلبة من كلاب مختلفة الألوان، وتأتي بالجراء على شيات مختلفة. وتلقح أيضاً من غير الكلب، وليس ذلك إلا لأرحام الكلاب.
أبو السري المحبي في دليل ابن إسماعيل:
أيها المبتلي بحب كلاب ... لا يحب الكلاب غير الكلاب
لو تعريت بينها كنت منها ... إنما فقتها بلبس الثياب
رفع إلى الحسن بن سهل أن الدواب وبئت، فوقع تقتل الكلاب، فقال أبو العواذل:
له يومان من خير وشر ... يسل السيف فيه من القراب
فأما الجود منه فللنصارى ... وأما شره فعلى الكلاب
وفرط الناس في قتلها فأكلت لحوم الدواب فكلبت على الناس، واضطروا إلى قتلها، وعلموا الصواب في توقيع الحسن.
تكون بالبادية دابة من جنس السباع، دقيقة الخطم، على قدر ابن عرس، تدنو من الناقة وهي باركة ثم تثب فتدخل حياءها فتندمس فيه حتى تصل إلى الرحم فتجذبها، وتسقط الناقة ميتة، ويزعمون أنه شيطان، وقل ما ترى، واسمها العنزة.

دواب البحر من السمك وسائر الحيوان
المختلف فيه وما وضع الله فيها من العجائب جابر بن عبد الله: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر علينا أبا عبيدة نتلقى عيراً لقريش، وزودنا جراباً من تمر لم يجد لنا غيره.
فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء، فيكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبلله بالماء فنأكله. فانطلقنا على ساحل البحر، فرفع لنا كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلثمائة حتى سمنا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينيه بالقلال الدهن، ونقتطع منه الفدرة كالثور. ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها، ثم رحل أعظم بعير منا فمر من تحتها. وتزودنا من لحمه وسائق. فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: هذا رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ فأرسلنا إلى رسول الله منه فأكله.
القرش دابة عظيمة من دواب البحر تمنع السفن من السير، وتدع السفينة فتقبلها، وتضربها فتكسرها.
وسمعت أنا من بعض البحارين بمكة: ونحن قعود عند باب بني شيبة، يصف لي القرش فيقول: هو مدور الخلقة، وعظمه كما بين مقامنا هذا إلى الكعبة، ومن شأنه أن يتعرض للجلاب، وهي السفن الكبار، فلا يرده شيء إلا أن يأخذ أهلها المشاعل، فثم الحذر والمرور على وجهه كالبرق، كل شيء عنده جلل إلا النار.
وقال: رأيت ملاحاً يصعد في المردي فلما نصفه خر مقطوعاً نصفين فنظرنا فإذا القرش قد ضربه بذنبه.
وبه سميت قريش، قال المشمرج بن عمرو الحميري:
وقريش هي التي تسكن البح ... ر بها سميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تت ... رك فيه لذي جناحين ريشا
وللشريف الرضي ذي المناقب في قطعة له مليحة:
يبرهن العدلي وال ... مجبر في وعوعه
والقرش لا يروعه ال ... نقيق من ضفادعه
حكي أن تمساحاً وأسداً اعتلجا على شريعة، فضربه التمساح بذنبه، وضغم الأسد رأسه، فماتا جميعاً.
ذل التمساح على وجه الأرض شبيه بذل الأسد في الماء الغمر، يذل حتى يركب الصبي ظهره، ويقبض على أذنيه كيف شاء، ويفعل ذلك غلمان السواد بشاطئ الفرات إذا احتملت الأسود المدود.

ويكون في النيل وخلجانه خيل في صور خيل البر، وهي تأكل التماسيح، وربما خرجت فرعت الزروع. وإذا رأى أهل مصر حوافرها علموا أن ماء النيل ينتهي في طلوعه إلى ذلك المكان. وإذا أصابوا منها صغيراً ربوه في البيوت.
وفي سن من أسنان فرس الماء شفاء من وجع المعدة، وأعفاجه تبريء من الجنون والصرع كما تبريء لحوم بنات عرس.
كان ماضغ يحرك فكه الأسفل إلا التمساح فإنه يحرك فكه الأعلى. سمك البحر كله ليس له لسان ولا دماغ.
الكوسج سمكة غليظة الجلد تشبه الجري، إن اصطادوها ليلاً وجدوا في جوفها شحمة طيبة، وإن اصطادوها نهاراً لم يجدوها.
الشبوطة تنتهي في النهر إلى الشبكة فلا تستطيع النفوذ، فتتأخر قاب رمح ثم تجمع جراميزها حتى تطفر الشبكة، وربما كان ارتفاع وتبتها أكثر من عشرة أذرع.
أكثر البياضة بيضاً السمك، ثم الجراد، ثم العقارب، ثم الضباب، لأن السمكة لا تزن ولا تلقم ولا تحضن ولا ترضع فكثر الله ذرها. وما زق وحضن - والزق ضرب من القيء وفيه عليه وهن وشدة - قلل الله نسله، كالحمامة لا تبيض إلا بيضتين. والدجاجة تحضن ولا تزق فزاد الله في بيضها وفراخها. والحية تضع ثلاثين بيضة، ولها ثلاثون ضلعاً ولذلك قويت أصلابها. فسبحان من دبر هذا التدبير اللطيف، وأحكم هذه الحكمة البالغة.
من السمك قواطع كما في الطير، منها الأسبور والنرسوج يقطع من بحر الزنج إلى دجلة البصرة تستعذب الماء، تتملح بعذوبة الماء كما تتحمض الإبل. نقطع في السنة مرتين. فتقيم في دجلة شهرين، وهي في إحدى المرتين أسمن منها في الثانية. ويزعمون أن بين بحر الزنج والبصرة أبعد مما بين الصين ومنها.
الدخس دابة في البحر تنجي الغريق، تدنو منه حتى يضع يده على ظهرها، يستعين بالإتكاء عليها والتعلق بها وهي تسبح.
قالوا إن ببحر طبرستان سرطاناً على جلده من الوشي والنقوش الدقيقة العجيبة ما يتحير فيها الناظر.
زعموا أن السمك يتجه نحو الغناء والصوت الحسن ويقر قرار المستمع، فإذا قطع نفر، وإذا أعيد عاد. وإذا سمع الدلفين وأنواع السمك صوت الرعد هرب إلى القمر وسدر.
والضفدع لا يمكنه الصياح حتى يدخل حنكه الأسفل في الماء، فإذا صار في حنكه الأسفل بعض الماء صاح، ولذلك لا تسمع له نقيقاً خارج الماء. وهو يعيش في الماء، ويبيض في الشط كالسلحفاة والرق.
الميخ بخراسات يكبس في الأزاج. ويحال بينه وبين الريح والهواء بأحكم ما يقدر عليه ومتى انخرق من تلك الخزانة في مقدار منخر الثور حتى يدخله استحال الميخ كله ضفادع.
ويرى في غب المطر ما لا يحصى من الضفادع، إذا كان المطر ديمة في مواضع لا يقربها بحر ولا نهر ولا شيء من معادن الماء، تجدها في الضحاضح وعلى ظهور المساجد، وتذهب العامة إلى أنها كانت في السحاب، وإنما تخلق عقب المطر في الأرض بعد وقوعه.
وزعم بعضهم أن أهل ايذج مطروا مرة أكبر شبابيط في الأرض وأسمنها وأعذبها.
والضفادع من الخلق المائي الذي يصبر عن الماء أياماً صالحة، وتعظم ولا تسمن كالدراج والأرنب، فإن سمنهما أن يحملا اللحم.
وفي سواحل فارس ناس يأكلونها، وهي أجحظ الخلق عيناً. والأسد ينتابها في مظانها فيأكلها أكلاً شديداً. والحية تطلبها في الشرائع.
قال الأخطل:
ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدل عليها صوتها حية البحر
عبد الرحمن بن عثمان الليثي: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع.
ابن عمر: لا تسبوا الضفادع فإن نقيقها تسبيح.
في خرافات مسيلمة: يا ضفدع نقي ما تنقين، نصفك في الماء ونصفك في الطين، لا الماء تكدرين، ولا الشارب تمنعين، وكان يدعيها تنزيلاً من لدن حكيم عليم، فسمع بها أبو بكر فقال: ما خرجت من إله.
شاعر:
قالت الضفدع قولاً ... فهمته الحكماء
في فمي ماء وهل ين ... طق من في فيه ماء.
الماء الراكد إذا صار رقراقاً وضحضاحاً استحال دعاميص، وانسلخت الدعاميص فصارت فراشاً وبعوضاً.
من شأن الدلفين أن يقتل السمكة الكبيرة، فإذا طفت استجن بها مندساً تحتها، فعل الصائد بالذريعة، فيقع عليها الطير يأكلها، فيثب عليها من تحت فيأخذها. وفي المحرضات.
لعمرك ما عبد العزيز بكافل ... تقي ولا عبد العزيز رضاً كافي

وإنك واستكفاء مثلك مثله ... كما استظهر الدلفين بالسمك الطافي

الطيور وما أوتيت من أعاجيب الإلهام
في حضنها ورزقها ورفرفتها على فراخها وتدبير أمرها النبي صلى الله عليه وسلم : الديك الأبيض صديقي، وعدو عدو الله، يحرس دار صاحبه ويسمع أدؤر حواليه. وكان يبيته معه في البيت.
زعم أهل التجربة أن الرجل إذا ذبح الديك الأبيض الأفرق لم يزل ينكب في أهله وماله.
قال لقيم الدجاج في رسول الله عند افتتاح خيبر:
رميت نطاة من الرسول بفيلق ... شهباء ذات مناكب وفقار
فوهب له دجاج خيبر عن آخرها. ولذلك قيل له لقيم الدجاج.
كل ديك يقبض على الحبة فيحذف بها قدام الدجاجة، ومن ذلك قيل أسمح من لاقطة، إلا ديك مرو فإنه يطرد الدجاج من الحب وينزع الحب من أفواه الدجاج، لبخل المراوزة.
ساوم مدني دجاجة بعشرة دراهم، فقال والله لو كانت في الحسن كيوسف وفي العظم ككبش إبراهيم، وكانت كل يوم تبيض ولي عهد للمسلمين ما ساوت أكثر من درهمين.
يوضع تحت الدجاجة بيضتان من بيض الطاووس، لا تقوى على تسخين أكثر منهما، ويتفقدونها حتى لا تقوم فيفسدها الهواء. وربما باضت الدجاجة بيضتين في يوم واحد، وهو من أسباب موتها.
الحمامة تحضن بيضة الدجاجة فيخرج الفروج أكيس.
أبو عثمان الخالدي:
وأنكر من بوم يصرصر غدوة ... وأشأم من ديك يصيح عشاء
إذا هرمت الدجاجة لم يكن لأواخر ما تبيض صفرة. وإذا لم يكن للبيضة مح لم يخلق منها فروج، لأنه غذاؤه المح ما دام في البيضة. وقد يكون للبيضة محان فتفقس عن فروجتين يخلقهما الله من البياض، ويتغذيان بالمحين، لأن الفراريج تخلق من البياض والصفرة غذاؤها.
الطرماح:
فيا ليل كمش غبر الليل مصعداً ... ببم ونبه ذا العفاء الموشح
إذا صاح لم يخذل وجاوب صوته ... حماش الشوى يصدحن من كل مصدح
جران العود:
ماذا يؤرقني والنوم يعجبني ... من صوت ذي رعثات ساكن الدار
كأن حماضة في رأسه نبتت ... من آخر الصيف قد همت بإثمار
كان لمزيد ديك قديم كان يكرم عليه، فحضر العيد وليس معه شيء، فخرج إلى المصلى وأمر امرأته بذبحه واتخاذه طعاماً. فأرادت تأخذه فذهب يخرق السطوح وهي تتبعه، فسألها جيرانه وهم قوم هاشميون عن موجب ذبحه، فوصفت لهم الحال، فقالوا: ما نرضى بأن يبلغ الإضطرار بأبي إسحاق ما نرى. فأرسل إليه هذا شاة، وهذا شاتين، وهذا بقرة، حتى امتلأت داره. فجاء وسمع الثغاء والخوار فقال ما هذا؟ فقصت القصة، فقال: كان هذا الديك أكرم على الله من نبيه إسماعيل، فدي بذبح واحد وفدي هذا بما أرى.
أهدى هلال بن الحريش إلى عبد الرحمن بن الأشعث دجاجة فائقة قد أعجب بسمنها، فأخرج إليه كتاباً من الحجاج أن أبعث إلي برأس هلال، فتغير وأرعد. فقال: لا عليك يا هلال، لا نأكل دجاجتك ونبعث إليه برأسك، والله لا يصل إلأيك حتى يصل إلي. فأنشأ يقول:
وا بنفسي دجاجة لم تخني ... وضعت لي نفسي مكان الأنوق
فرجت كربة المنية عني ... بعد ما كدت أن أغص بريقي
يا ابن قيس ويا ابن خير بني كن ... دة بين الأشج والصديق
إن شكري شكر الطليق من القت ... ل ووجدي عليك وجد الشفيق
أبو المنذر، وأبو اليقظان، وأبو برايل، وأبو عقبة، كنى الديك.
الموصلي: سمعتني أعرابية وأنا أنشد:
وكأس مدام يحلف الديك أنها ... لدى المزج من عينيه أصفى وأنور
فقالت يا أبا محمد، إن الديك من صالح طيوركم ما كان ليحلف بالله كاذباً.
إسماعيل بن أبير الواقدي:
نبهتها سحراً والليل معتكر ... والديك يمزج تصفيقاً بتصويت
ابن الأعرابي: قلت لشيخ من قريش: من علمك هذا؟ قال: علمني من علم الحمامة على بلهها تقليب بيضها كي تغطي الوجهين جميعاً نصيبهما من الحضن.
كان الصحابة يقولون: كونوا بلهاً كالحمام، عنوا أنها مع بلهها مصلحة أمر نفسها وفراخها.
خرؤ الحمام نافع من الرمل والحصا، يقتمح منه وزن درهمين مع مثله دار صيني.

الهداية في الحمام لا تكون إلا في الخضر والنمر منها، وأما الشديد السواد فكالزنجي القليل المعرفة. والأبيض ضعيف القوة. وإذا خرج الجوزل عن بيضته علم أبواه أن حلقه لا يتسع للغذاء، فلا يكون لهما هم إلا أن ينفخا في حلقه الريح لتتسع حوصلته بعد التحامها، ثم يعلمان أنه لا يحتمل في أول غذائه أن يزق بالطعم فيزقانه باللعاب المختلط بقواهما وقوى الطعم ويسمى اللبأ. ثم يعلمان أن حوصلته تحتاج إلى دبغ فيأكلان من شورج أصل الحيطان. وهي شيء بين الملح الخالص والتراب، فيزقنه به فإذا علما أنه قد دبغ زقاه الحب الذي قد غب في حواصلهما ثم بالذي هو أطرأ فأطرأ حتى يتعود، فإذا علما أنه قد أطاق اللقط منعاه وبلغا منتهى حاجته إليهما نزع الله تلك الرحمة منهما، وأقيل بهما على طلب نسل آخر. فسبحان من عرف الخلائق وأتقنها وسواها، وجعلها دلالة لمن استدل بها عليه، ومخبراً صادقاً لمن استخبرها عنه. ذلكم الله رب العالمين.
بعضهم: رأيت حمامة ذكراً له انثيان، وقد باضتا منه، فهو يحتضن مع هذه وهذه، ويزق معهما.
الجاحظ: وللحمام من الفضيلة والمفخر أن الواحدة تباع بخمسمائة دينار، ولم يبلغ ذلك شيء من الطير غيره، وهو الهادي الذي جاء من الغابة. قال: ولو دخلت بغداد والبصرة وجدت ذلك بلا معاناة. ولو حدث أن برذوناً أو فرساً بلغ خمسمائة دينار لكان سحراً.
وتباع البيضة الواحدة منه بخمسة دنانير، والفرخ بعشرين. فمن كان له زوجان منه قاما في الغلة مقام ضيعة. وأصحابه يبنون من أثمانه الدور الجياد والحوانيت المغلة، هو مع ذلك ملهى عجيب، ومنظر أنيق، ومعتبر لمن فكر.
جهم بن خلف:
وقد هاج شوقي أن تغنت حمامة ... مطوقة ورقاء تصدح في الفجر
هتوف تبكي ساق حر ولن ترى ... لها دمعة يوماً على نحرها تجري
تغنت بصوت فاستجاب لصوتها ... نوائح بالأصناف في فنن السدر
إذا فترت كرت بلحن شج لها ... يهيج للصب الحزين جوى الصدر
دعتهن مطراب العشيات والضحى ... بصوت يهيج المستهام على الذكر
فلم أر ذا وجد يزيد صبابة ... عليها ولا ثكلى تبكي على بكر
فأسعدتها بالنوح حتى كأنها ... نوائح هبت يلتدمن على قبر
بسرة واد من تبالة مونق ... كسا جانبه الطلح واعتم بالزهر
فقلت لقد هجتن صباً متيماً ... حزيناً وما منكن واحدة تدري
أكلت حية بيض مكاء، فجعل المكاء يشرشر على رأسها ويدنو منها، حتى إذا فتحت الحية فاها تريده وهمت به ألقى فيه حسكة، فأخذت بحلقها حتى ماتت.
كان من دعاء مكحول: يا رازق الغراب في عشه. وذلك أن الغراب إذا فقس عن فراخه فقس عنها بيضاً فينفر عنها، فتفتح أفواهها فيرسل ذباباً تدخل في أفواهها فتكون غذاء لها، حتى إذا اسودت انقطع الذباب وعاد الغراب يغذيها.
أنشد ثعلب:
وصاح بينهم من بطن قو ... من الغربان شحاج حجول
من اللائي لعن بكل أرض ... فليس لهن في أرض قبول
يناصرن النوى فإذا اتلأبت ... ركاب القوم واقلولي الحمول
يبادرن الديار يجلن فيها ... وبئس من المليحات البديل
الحارثي:
أقول وقد صاح ابن دأية غدوة ... بين النوى لا أخطأتك الشبائك
أ في كل يوم رائعي أنت روعة ... ببيونة الأحباب عرسك فارك
ولا بضت في خضراء ما عشت بيضة ... وضاقت برحباها عليك المسالك
تعلم الحبارى أن سلاحها يدبق ريش الصقر، فترميه به، ثم تجتمع عليه الحباريات فينتفن ريشه طاقة طاقة حتى يموت. وكذلك الحبارى تموت كمداً إذا انحسر عنها ريشها ورأت صويحباتها تطير.
وفي ديوان المنظوم:
وهل للحبارى بعد عشرين ريشة ... تساقطها حمقاً فتتلف بالكمد
مطايرة الشهم الأثيث جناحه ... إذا ساق كدري السماوة فاطرد
وهل يستطيع القرد والقرد ما به ... لضابثه طرف مصاولة الأسد
الطركلة تتسافد بالأستاه. والحجلة تكون في سفالة الريح، واليعقوب في علاوتها، فتلقح كما تلقح النخلة من الفحال بالريح.

الجاحظ: أي شيء أعجب من العقعق، وصدق حسه، وشدة حذره، وحسن معرفته. ثم ليس في الأرض طائر أشد تضييعاً لبيضه وفراخه منه.
والحبارى مع أنها أحمق تحوط بيضها وفراخها أشد الحياطة.
استلب عقعق مرة سخاباً كريماً لقوم، فاتهموا به أعرابية، فبينا هي تضرب إذ مر العقعق والسخاب في منقاره، فصاحوا به فرمى به. فقالت الأعرابية:
ويوم السخاب من تعاجيب ربنا ... كما أنه من بلدة السوء نجاني
شاعر:
إذا بارك الله في طائر ... فلا بارك الله في العقعق
طويل الذنابي فصير الجناح ... متى ما يجد غفلة يسرق
يقلب عينين في رأسه ... كأنهما قطرتا زئبق
القطاة لا تبيض إلا أفراداً. قال أبو وجزة:
وهن ينسبن وهنا كل صادقة ... باتت تباشر عرماً غير أزواج
آخر:
ويصاد القطا فينجو سليماً ... بعد يأس ويهلك الصياد
ومن الطير ما يؤثر التفرد كالعقاب، ومنه ما يتعايش معاً كالكراكي، ومنه ما يتعايش أزواجاً كالقطا.
كان الرشيد في متصيد له، فأتاه البازيار بدراج أبيض وقال: ما رأيت مثله قط، فقال: أطلقه من يدك، فإن الشيء إذا جاوز حده سمج.
تغدى مع الحكم بن أيوب بعض عماله، فتناول من بين يديه دراجة، فاحتقدها عليه فعزله عن عمله، وفيه يقول الفرزدق:
قد كان بالعرض صيد لو قنعت به ... فيه غنىً لك عن دراجة الحكم
وصف علي بن عبيدة الريحاني الطاووس، ثم قال في آخره: وما يروق العين منه أكثر مما يحكي اللسان.
الصاحب في خط قابوس: هذا جناح الطاووس أم خط قابوس.
سأل أعرابي جعفر الصادق عن التوحيد، فتناول بيضة بين يديه فوضعها على راحته وقال: هذا حصن مملق لا صدع فيه، ثم من ورائه عرقيء مستشف، ثم من ورائه دمعة سائلة، ثم من ورائها ذهب مائع، ثم لا تنفك الأيام والليالي حتى تنفلق عن طاووس ملمع. فأي شيء في العالم إلا وهو دليل على أنه ليس كمثله شيء.
الظليم يبتلع الحديد المحمي، ثم يميعه بحر فانصته، ثم يحيله كالماء الجاري. وفي ذلك أعجوبتان: التغذي بما لا يغذو، واستمراؤه لشيء لو طبخ في قدر أبداً لما انحل.
والذي سخر الحديد لجوف الظليم هو الذي سخر الصم الصلاب لأذناب الجراد، إذا أرادت الجرادة أن تلقي بيضها غمزت ذنبها في ضاحي الصخرة فانصدعت لها، وليس ذلك من جهة القوة، ولكن من جهة التسخير، وعود الحلفاء يتلقاه مع رخاوته ودقته في منابته الآجر والخزف الغليظ فيثقبه. وهو الذي سخر القمقم والطنجير والطست لإبرة العقرب حتى نفذت فيها.
وهو كالبعير من جهة المنسم والوظيف والخزامة التي في أنفه، وكالطائر من جهة الريش والجناحين والذنب والمنقار. ثم ما فيه من شكل الطائر جذبه إلى البيض، وما فيه من شكل البعير لم يجذبه إلى الولادة.
ويضربون المثل بالنعامة في التعلق بالعلل، إذا قيل لها احملي، قالت: أنا طائر، وإذا قيل لها طيري، قالت: أنا بعير.
قال يحيى بن نوفل:
ومثل نعامة تدعى بعيراً ... تعاظمها إذا ما قيل طيري
وإن قيل احملي قالت فإني ... من الطير المربة بالوكور
ومن أعاجيب النعامة أنها مع عظم عظامها وشدة عدوها لا مخ فيها. ومن أعاجيبها أنها مع عظم بيضها تلزه ثم تضعه طولاً، حتى لو مددت عليه خيط المطمر لما وجدت لشيء منه خروجاً عن الإستواء ثم تعطي كل واحدة نصيبها من الحضن. قال ذو الرمة:
ذاك أم خاضب بالسي مرتعه ... أبو ثلاثين أمسى وهو منفرد
وقال ابن أحمر:
وضعن وكلهن على غرار ... حصان الجيب قد وسقت جنينا
ومنها: أن أشد ما يكون لعدوها أن تستقبل الريح، وكلما كان أشعر لعصوفها كان أشد لحضرها، تضع عنقها على ظهرها ثم تخترق الريح.
ومنها: أن الصيف إذا دخل وابتدأ البسر في الحمرة ابتدأ لون وظيفيها في الحمرة، فلا يزالان يزدادان حتى تنتهي حمرة البسر، ولذلك قيل لها خاضب.
ومنها: أنها لا تأنس بالطير ولا بالإبل، وهي مشاكلة للقبيلين.
الذئب لا يعرض لبيض النعام وفراخه ما دام الأبوان حاضرين، فإنهما متى ثقفاه ركبه الذكر فطحره، وأعجلته الأنثى فتركضته، وتسلمه الذكر، فلا يزالان كذلك حتى يقتلاه أو يعجزهما هرباً.

والنعام يتخذ في الدور، وضرره شديد، لأن النعامة ربما رأت في الجارية قرطاً فيه حجر أو حبة لؤلؤ فخطفته فأكلته، وخرمت الأذن. أو رأت ذلك في ليتها فضربت بمنقارها فخرقته.
وتقول العرب: ضربان من الحيوان أصمان لا يسمعان النعام والأفاعي. وعن ابن الأعرابي: كلم أعرابي صاحبه فرآه لا يسمع كلامه ولا يفهم، فقال: أصلخ كصلخ النعامة.
وسأل أبو عمرو الشيباني بعض العرب عن الظليم هل يسمع؟ فقال: يعرف بعينيه وأنفه، لا يحتاج معهما إلى سمع.
كل ذي رجلين إذا انكسرت إحداهما استعان في حركته ونهوضه بالباقية إلا النعامة، فإنها تبقى جاثمة لا تمشي. ولبعض الأعراب وكان له أخ اسمه دحية وكانت امرأته تطرده:
أدحبة عني تطردين تبددت ... بلحمك طير طرن كل مطير
فإني وإياه كرجلي نعامة ... على كل حال من غنى وفقير
الطرماح في وصف الظليم:
مجتاب شملة برجد لسراته ... قدراً وأسلم ما سواه البرجد
الكراكي يجمعها أمير لها كيعسوب النحل، ولا يجمعها إلا أزواجاً.
العقاب إذا اشتكت كبدها من رفع الأرانب والثعالب في الهواء أكلت من الأكباد حتى تبرأ.
قال بشر أخو بشار بن برد له، وكانوا ثلاثة لأم حنفي وسدوسي وعتيلي: لو خيرك الله أن تكون شيئاً من الحيوان أي شيء كنت تحب أن تكون؟ قال: عقاب، لأنها تبيت حيث لا ينالها سبع ولا ذو جناحين، وهي معمرة، إن شاءت كانت فوق كل شيء، وإن شاءت كانت بقرب كل شيء، تغدى باليمن، وتعشى بالعراق، ريشها فروها في الشتاء، وخيشها في الصيف. وهي أبصر خلق الله تعالى.
العرب: قيل للخفاش: لماذا ليس لك جناح؟ قال: لأني تصوير مخلوق، قيل: فلماذا لا تخرج نهاراً؟ قال: حياء من الطيور.
العصافير أوالف للناس أوانس، لا تسكن داراً حتى يسكنها إنسان، ومتى سكنتها لم تقم فيها إذا خرج الإنسان فبفراقه تفارق.
وإذا كان زمن الخروج إلى البساتين لم يبق في البصرة عصفور إلا خرج إليها، إلا ما أقام على بيضه وفراخه. ولذلك قال أبو يعقوب الخريمي:
فتلك بغداد ما تبيت من الوحة ... شة في دورها عصافرها
ويدرب العصفور فيستجيب من المكان البعيد ويرخن. قال الجاحظ: بلغني أن عصفوراً درب من ميل.
وليس في الأرض رأس أشبه برأس الحية من رأس العصفور.
وليس في الحيوان الذي يعايش الناس أقصر عمراً منه لكثرة السفاد.
أبو منصور الثعالبي:
سقياً لأيام الصبا إذ أنا ... في طلب اللذات عفريت
أصيد كالبازي ولكنني ... أسفد كالعصفور ما شيت
ويتميز الذكر من العصافير من أنشأها تميز الديك من الدجاجة، لأن له لحية سوداء. ولا شيء آخر أحنى على ولده من العصفور، وإذا عرض له شيء صاح، فأقبلت العصافير تساعده، وليس لشيء في مثل جسم العصفور مراراً ماله من شدة الوطء، إذا كنت تحت السطح حسبت وقعه على حجر. والكلب منعوت بشدة الوطء أيضاً، والخصيان من كل شيء. وذكورتها لا تعيش إلا سنة. وتجلب الحيات إلى المنازل لحرص الحيات على ابتلاع بيضها وفراخها.
كلثوم بن عمرو العتابي:
يا ليلة لي بحوارين ساهرة ... حتى تكلم في الصبح العصافير
ويضرب المثل به في سخافة الحلم، قال حسان:
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير
جنس من العصافير الصغار فرخ طائر يقال له كيول في وزن الحمامة يزقه ويربيه.
يعقوب بن الربيع أخو الفضل:
يقطع قلبي بالصدود تجنياً ... ويزعم أني مذنب وهو مذنب
كعصفورة في كف طفل يسومها ... ورود حياض الموت والطفل يلعب
نعت إلى أشرف الأشراف أبو الحسن ببغاء في دار الإمارة بمكة مجاوبه من اليمن، وقال: ربما دخلنا وهي تنطق فيحسبه نطق إنسان.
وهي تعقد القاف كما يعقدها خلص العرب. وقد وعدني أن تحمل إلي لأشاهدها فما اتفق.
قال الجاحظ: وقد يتهيأ لبعض الغربان من الحروف ما لا تفسره الببغاء.
جنيد الكاتب الملقب باذنجانة في غلبة وصيف وبغا على المستعين وصدوره عن رأيهما:
مقتسم معتبد ... بين وصيف وبغا
يقول ما قالا له ... كما تقول الببغا

كان لسعيد بن خالد القرشي طائر اسمه كسرى وفرخ اسمه سلسان، فأكل الفرخ سنور جار يعرف بأنس، فكتب إلى العلاء بن منظور صاحب شرطة الكوفة وهو الذي وهب له كسرى:
يا ابن منظور بن قيس دعوة ... ضوؤها أنور من ضوء القبس
إن سلسان بن كسرى غاله ... في سواد الليل سنور أنس
فأقدنا منه أو أخلفه أو ... خل بين الناس من عز افترس
أكثر الحضن في الطيور على الأنثى منها، والذكر لا يحضن إلا في صدر النهار يسيراً، وأما الزق فأكثره على الذكر.
وفي الطير جنس لا يقع على الأرض إلا ريثما يضع بيضه في تراب ويغطيه، ثم هو طيار في الهواء أبداً. وبيضه يفقس من نفسه عند انتهاء مدته، فإذا بلغ فرخه الطيران كان كأبويه.
الجاحظ: وأي شيء أعجب من طائرين يأتيان من ناحية السند، أحدهما كبير الجثة، يرتفع في الهواء صعداً، والآخر صغير لا يزال يرفرف حوله، ويربق على رأسه، ويطير عند ذناباه، ويدخل تحت جناحه وبين رجليه، فلا يزال حتى يتقيه بذرقه، فإذا ذرق شحا له فاه، والصغير يعلم أن رزقه وما يعيش في بطنه، فإذا وعاه رجع آخذاً فلا يخطئ حلقه. فالكبير يعلم أنه لا يخلصه منه إلا اتقاؤه بذرقه، والصغير يعلم أن رزقه وما يعيش به في بطنه فإذا دعاه رجع آخذاً قوت يومه.
قيل لجيش ابن الأشعث جيش الطواويس. لكثرة ما كان فيه من الغتبان المنعوتين بالجمال.
شاعر:
تظل به الطير صداحة ... تطارح فيه صنوف الغناء
النخعي: كانوا يكرهون أن يدفع الطير إلى الصبي يلعب به.
زعم الأطباء أنهم استفادوا معرفة الحقنة من الطائر الذي أصابه الحصر، أتى إلى البحر فأخذ بمنقاره من الماء الزعاف، ثم مجه في جوفه من قبل ذنبه، وأمكنه ذلك لطول عنقه ومنقاره، ثم ذرق فاستراح.
عن ابن عباس: إن الله خلق في زمان موسى عليه السلام طائراً اسمها العنقاء، لها أربعة أجنحة من كل جانب، وجهها كوجه الإنسان، وأعطاها من كل شيء حسن قسطاً، وخلق لها ذكراً مثلها، وأوحى إليه أني خلقت طائرين عجيبين، وجعلت رزقهما في الوحوش التي حول بيت المقدس، وآنستك بهما وجعلتهما زيادة فيما فضلت به بني إسرائيل. فتناسلا وكثر نسلهما.
فلما توفي موسى عليه السلام انتقلت فوقعت بنجد والحجاز، فلم تزل تأكل الوحوش وتخطف الصبيان إلى أن تنبأ خالد بن سنان العيسى بين عيسى ومحمد. فشكوها إليه، فدعا الله تعالى فقطع نسلها وانقرضت.
الجاحظ: الظن يسرع إلى أن البيضة تخرج من جهة التحديد والتلطيف، وإنما تخرج من الجانب الغليظ.
ثلاثة أشياء تخبئ الدراهم والدنانير وتفرح بها: العقعق، وابن مقرض، والفأرة.
يدرب العقعق فيستجيب إذا دعي ، وينزجر إذا زجر، ويخبئ الحلي فيصيح به صاحبه فيمضي به حتى يقفه على المكان الذي خبأه فيه، ولكنه لا يتولى البحث عنه.
جرف الطاعون أهل بيت فسدوا بابه، وثم طفل لم يشعروا به. ففتح بعد شهر فإذا الطفل، وثم كلبة مجر قد عطفها الله عليه فكانت ترضعه مع جرائها.
وسجن رجل شهراً وقد أغلق بيته على زوجي حمام طيارين وزوجين مقصوصين، وهو لا يشك في هلاك المقصوصين، فإذا بهما سلين، قد هدى الله الطيارين إلى رزقهما حتى عاشا.
وقع شأن طائر يقال له كاسر العظام أن يزق كل فرخ ضائع بعد التوفر على فراخه.
والعقاب تبيض في الغالب ثلاث بيضات، فإذا أفرخت خرجت من عشها واحداً لا تزقه، وتقتصر على الأثنين فيعطف عليه كاسر العظام ويزقه مع شرهه وعظم بطنه.
اليراعة: طائر صغير إن طار بالنهار كان كبعض الطير، وإن طار بالليل فكأنه شهاب ثاقب قد قذف به، أو مصباح انفصل عن ذبالة.
جاءت عبد الله بن جعفر أعرابية بدجاجة، فقالت: أصلحك الله، إن هذه دجيجة دجنت في حجري، كنت أطعمها من فتوتي، وأنومها على فراشي، وألمسها في آناء الليل فكأنما ألمس بنتاً على كبدي، وإني نذرت لله عز وجل أن أدفنها في أكرم بقعة، فلم أجد تلك البقعة إلا بطنك، فضحك من قولها، وأمر لها بعشرة أوقار من زبيب وبر. فقالت: أصلحك الله إن الله لا يحب المسرفين.

البعوض، والهمج، والذبان، والفراش
والزنابير، والجراد، والجنادب، وما أشبه ذلك.
النبي صلى الله عليه وسلم : خلق الله ألف أمة، منها ستمائة في البر، وأربعمائة في البحر. فأول ما يهلك الجراد، فإذا هلك تتابعت الأمم.

في الجراد نفع للعباد، لأنه يؤكل ويعاش به، ولأنه إذا أصاب زرعاً كان لصاحبه الثواب إذا صبر والعوض.
علي عليه السلام: وإن شئت قلت في الجرادة، إذ خلق لها عينين حمراويين، وأسرج لها حدقتين فمراويين، وجعل لها السمع الخفي، وفتح لها الفم السوي، وجعل لها الحس القوي، ونابين بهما تقرض، ومنجلين بهما تقبض، يرهبها الزراع في زرعهم، ولا يستطيعون ذبها ولو أجلبوا بجمعهم، حتى ترد الحرث في نزواتها، وتقضي شهواتها، وخلقها لا تكون إصبعاً مستدقة.
أبو زهير الكلبي:
قل لأبي الجودي عند الفجر ... أتاك حصاد بغير أجر
مسربلين في ملاء صفر ... لا يشتكين انقلاب الدهر
لعاب الجراد سم لا يقع على شيء إلا أحرقه.
المأمون: قالوا إن الذباب إذا دلك على موضع لسعة الزنبور سكن. فلسعني زنبور فحككت على موضع لسعة عشرين ذبابة فما سكن، فقالوا: هذا الزنبور كان حتفاً قاضياً، ولولا هذا العلاج لقتلك.
زعموا أن رجلاً من ولد حليمة ظئر رسول الله كان أصيد خلق الله كلهم، وأحذقهم بالتدريب، وبلغ من حذقه أنه ضرى ذئباً يصطاد به الظباء والثعالب، وسرق منه فرجع إليه من ثلاثين فرسخاً. وضرى أسداً حتى صار أهلياً واصطاد به الحمر والبقر وعظام الوحش. وضرى الزنابير حتى اصطاد بها الذبان.
قالوا: إن الزنبور يأخذ الشيء الذي يتخذ منه بيته من زبد المدود، ولا يدري أ من نفس الزبد أو شيء يكون في الزبد. فسبحان من علمه ذلك البناء العجيب، ودله على ذلك الجوهر الغريب.
عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
بخصور تحكي خصور الزنا ... بير رقاق هممن بالإنقصاف
النحل لا يقع على شيء منتن ولا ينزل على العطر.
خطب المأمون فوقع ذباب على عينه فطرده، ثم عاد مراراً حتى قطع عليه الخطبة، فلما صلى أحضر أبا الهذيل فقال له: لم خلق الله الذباب؟ قال: ليذل به الجبابرة. قال: صدقت، وأجازه بمال.
قالوا من الله على الناس بالذباب، لأنها تأتي على البخارات التي في الهواء بأجنحتها، ولولاها لتكدر عيشهم من الروائح العفنة التي تتحلل في الحر، وأما في الشتاء فالبرد مانع من تحلل الروائح.
الجاحظ: من منافع الذبان أنها تحرق وتخلط بالكحل، فإذا اكتحلت بها المرأة كانت عينها أحسن. ونرى المواشط يستعملنه ويأمرن به العرائس.
من لم يرض بالكفاف وطمحت عيناه إلى ما فوقه، ولم ينظر إلى ما يتخوف أمامه كان مثل الذباب الذي لم يرض بالشجر والرياحين حتى طلب الماء الذي يسيل من أذن الفيل المغتلم، فيضربه بأذنه فيهلك.
ذبان الأسد لا يقوم له شيء، أشد من الزنابير وأضرب من العقارب الطيارة، وهي تعض الأسد كما يعض الكلب ذباب الكلب. ومتى رأت بالأسد أدنى خدش اجتمعن عليه، فلا يقلعن حتى يقتلنه.
تأذى الصاحب بالذباب فقال: هذا ذباب السيف لا ذباب الصيف.
عنترة:
وخلا الذباب به فليس ببارح ... هزجاً كفعل الشارب المترنم
غرداً يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم
النحل تجتمع فتقسم الأعمال بينها، فبعضها يعمل العسل، وبعضها يعمل الشمع، وبعضها يبني البيوت، وبعضها يستقي الماء.
الجاحظ: من علم البعوضة أن وراء جلد الجاموس دماً، وأن ذلك الدم غذاء لها، وأنها متى طعنت في ذلك الجلد الغليظ المتين الصلب نفذ فيه خرطومها مع ضعفه على غير معاناة. ولو أنك طعنت فيه بسلاءة شديدة المتن، رهيفة الحد لانكسرت.
الجاحظ: غضب صاحب المسلحة على ملاح في أجمة البصرة، فجرده للبعوض مقموطاً، فصاح: اقتلني أي قتلة شئت وأرحني، فأبى، فصاح ساعة، ثم عاد صياحه إلى الأنين ثم خفت. فنظرت فإذا هو ميت، وهو أشد سواداً من الزنجي، وأشد انتفاخاً من الزق المنفوخ وذلك كله بين العشائين.
وحكيت أنا الحكاية لعربي، فذكر أن البعوض يقتل البرذون في ساعة.
شاعر:
لنعم البيت بيت أبي دثار ... إذا ما خاف بعض القوم بعضا
البعض عض البعوض، وأبو دثار كنية البيت الرقيق الذي يقال له الكلة.
بق البطاح مثل، كجرارات الأهواز، وعقارب شهرزور. وربما ظفرت بالسكران النائم فلا يبقى منه إلا عظام عارية.
أبو إسحاق الصابي :
وليلة لم أذق من حرها وسناً ... كأن في جوها النيران تشتعل

أحاط بي عسكر للبق ذو لجب ... ما فيه إلا شجاع قاتل بطل
من كل شائلة الخرطوم طانة ... لا تمنع الحجب مسراها ولا الكلل
طافوا علينا وحر الصيف يطبخنا ... حتى إذا نضجت أجسادنا أكلوا
يقال للبعوض الأحدب الطنان، والمغنى المعنى.
راجز:
إذا تغنين غناء الزط ... وهن مني بمكان القرط
فثق بوقع مثل وقع الشرط
آخر:
يلدغ جلدي شرر النيران ... من طائر يزمر في الآذان
في ديوان المنظوم:
أقول لنازل البستان طوبى ... لعيشك ثم يسكتني البعوض
يململه فليس به فرار ... ويثخنه فليس به نهوض
عماه قرصه وطنينه أن ... يبيت وعينه فيها غموض
كأنك حين يهذي بالأغاني ... تكرر في مسامعك العروض
حدث شيخ من أهل اليمامة قال: رأيت بعيراً قد نهشته أفعى فقتلته، وكل شيء حواليه من الطير والسباع التي أكلت منه ميت، وإذا عليه بعوض كثير. فقلت في نفسي: ما الذي مجته في هذا الجسم العظيم وما هي إلا في وزن عرق من عروقه حتى قتلته وفسخته؟ وحتى ذاقت هذه السباع منه فهلكت. وأعجب من ذلك أن هذا الخلق الضعيف المهين يأكل منه فلا يضره. فطارت واحدة فوقعت على وجهي، فتورم رأسي، وحملت إلى منزلي في محمل، وتناثر شعر وجهي ورأسي، وعولجت بأنواع العلاج فبقيت أقرع أمرط.
لرجل من بني حسان وقع في جند الثغور:
أ أنصر جند الشام ممن يكيدهم ... وأهلي بنجد ذاك حرص على النصر
براغيث تؤذيني إذا الناس نوموا ... وبق أقاسيه على ساحل البحر
فإن يك فرض بعدها لا أعدله ... وإن بذلوا حمر الدنانير كالجمر
ضرب من الفراش إذا طار بالليل حسبت أن شراراً يطير.
إذا نهق الحمار صعق الذباب. قال ابن مقبل:
ترى النعرات الحمر حني لبانه ... أحاد ومثنى أصعقها صواهله

الحشرات والهوام ودواب الأرض
خالد بن الوليد سيف الله: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة زوج النبي فوجدت عندها ضباً محنوذاً قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد، فقدمت الضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان قلما يقدم إليه الطعام حتى يحدث به أو يسمي له. فأهوى بيده إلى الضب، فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله بما قدمتن له، قلن: هو الضب يا رسول الله. فرفع يده، قلت: أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه، فاجتررته فأكلته ورسول الله ينظر فلم ينهني.
جابر: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب، فأبى أن يأكل منه، وقال: لا أدري لعله من القرون التي مسخت.
وروى الخدري أن أعرابياً قال له: إني في غائط مضبة وأنه عامة طعام أهلي، فلم يجبه، فعاوده حتى قال في الثالثة: يا أعرابي، إن الله غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض، فلا أدري لعل هذا منها، فلا آكله ولا أنهى عنه.
وعن عمر رضي الله عنه: إن الله لينفع به غير واحد، وإنه لطعام عامة الرعاع، ولو كان عندي لطعمته، وإنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال أبو الهندام ولد ثبث بن ربعي:
أكلت الظباء فما عفتها ... وإني لأشهى قديد الغنم
وركبت زبداً على تمرة ... فنعم الطعام ونعم الأدم
فأما البط وحياتكم ... فما زلت منها كثير السقم
وما نالت منها كما نسلتم ... فلم أر فيها كضب هرم
وما في البيوض كبيض الدجا ... ج وبيض الجراد شفاء القرم
ومكن الضباب طعام العريب ... ولا تشتهيه نفوس العجم
أطعم حران العود ضيفه ضباً، فهجله ابن عم له فقال:
وتطعم ضيفك الجوعان ضباً ... كأن الضب عندهم غريب
فأجابه:
ولولا أن أصلك فارسي ... لما عبت الضباب ومن قراها
آخر:
قربت للضيف من أضب كشاها ... وأي لوية إلا كشاها
اللوية ما يرفع للشيخ أو الصبي من الطعم الطيب.
وأنشد الجاحظ:
تلك لو ذقت اكشي بالأكباد ... لما تركت الضب يمشي بالواد

حضر بدوي من بني هلال مائدة الفضل البرمكي، فذم الفضل أكله وأفرط، وتابعه القوم فأفرطوا، ففاظ ذلك الهلالي، فلم يلبث الفضل أن أتى بصحفة من فراخ الزنابير ليتخذ منها زماوره، وقد رأى ذلك بخراسان فاستظرفه، فخرج الهلالي وهو يقول:
وعاج يعاف الضب لؤماً وخسه ... وبعض أدام الطبخ هام ذئاب
ولو أن ملكاً كابر الحق معلناً ... لقالوا لقد أوتيت فصل خطاب
آخر:
لعمري لضب بالعنيزة صائف ... تضحى عرار فهو ينفخ كالقزم
أحب إلينا أن يجاور أرضنا ... من السمك النهري والساجم الوخم
الأصمعي: يبلغ الحسار مائة سنة ثم تسقط سنة فحينئذ يسمى ضباً.
لا يحفر الضب إلا في كدية ويطيل الحفر حتى تفنى براثنه، ويتوخى الارتفاع عن مجاري الماء ومداق الحوافر. وقد علم أنه نستاء قليل الهداية فلا يحفر إلا عند أكمة أو شجرة، ويتممن في جحره، ويحمل عند ذنبه عقرباً يتقي بها يد الحارث.
أنشد يحيى بن منصور الذهلي:
وبعض الناس أنقض رأي حزم ... من اليربوع والضب المكون
يرى مرداته من رأس ميل ... ويأمن سيل بارقة هتون
ويحفر في الكدى خوف انهيار ... ويحمل مكره رأس الوجين
ويخدع إن رأيت له احتيالاً ... رواغ الفهد من أسد كمين
ويدخل عقرباً تحت الذنابي ... ويعمل كيد ذي خدع ضبين
رأى بعض الفقهاء رجلاً يأكل الضب، فقال: اعلم أنك أكلت شيخاً من مشيخة بني إسرائيل.
أخذ لبدوية ضب نشق في حبالتها، فسعدت الوالي، فعرض عليها عشرة أضب، فأبت أن ترضى، وقالت، إن ضبي ليس كالضباب، ضبي سجل حائل أعور عنين، ضب بكلدة، لم ير ضبة ولم تره، فلم تزل حتى افتدوا منها ببكر من الإبل.
أعرابي:
فلو كان هذا الضب لا ذنب له ... ولا كشية ما مسه الدهر لامس
ولكنه من آجل طيب ذنيبه ... وكشيته دبت إليه الدهارس
الضبة ترمي بمكنها ثمانين وتدعه أربعين يوماً، ثم تجيء بعد الأربعين فتبحث عن مكنها فإذا حسلة يتعادين، فتأكل منه ما قدرت عليه.
وذنب الضب أخشن من السفن، وهو سلاحه وقد أعطي فيه من القوة نحو ما أعطيت العقاب في كفها، فربما ضرب الحية فقطعها أو قدها.
وخرء الضب صالح للكوكب في العين، وقد يتداوى به الأعراب من وجع الظهر.
أبو حية العكلي: كانت الضبة دجاجة، وكانت الأرنب دراجة، يعني أن الطعمين متشابهان.
شاعر:
شديد اصفرار الكشيين كأنما ... تطلى بورس بطنه وشمائله
فذلك أشهى عندنا من نتاجكم ... ...... وقبح آكله
أعرابي:
سقى الله أرضاً يعلم الضب أنها ... بعيد من الآفات طيبة البقل
بنى بيته فيها على رأس كدية ... وكان أثراً في حرفة العيش ذا عقل
وأنشد الأصمعي:
ذكرتك ذكرة فاصطدت ضباً ... وكنت ذا ذكرتك لا أحب
منحتكم المودة من فؤادي ... ومالي من مودتكم نصيب
ومن خصائص الضب الدماء بعد الذبح، وهشم الرأس، والطعن الجائف، وطول العنق، ومنه المثل: لا آتيك سن الحمل وإن له نزكين ولانثاه قرنان. قال:
سجل له نزكان كانا فضيلة ... على كل حاف في الأنام وناعل
ويشركه في هذا الحرذون والسقنقور. ومن الضباب ما له لسانان، ويأكل أولاده كالهرة.
الورل يقتل الضب، وهو أشد منه سلاحاً. وقد يزيف إلى الإنسان وينفخ ويتوعد.
وعن بعض العرب: نجعت ورلاً بطرره فنظرت فإذا هو عض إبهامي حتى اختلفت فيها أسنانه، فلم يخلها حتى عضضت على رأسه. وشققته فإذا في قانصته حيتان عظيمتان، يشدخ رأس الحية ثم يبتلعها. وليس في الحيوان أقوى على أكل الحيات منه، ولا أكثر سفاداً حتى لقد طم على العصفور والخنزير والذباب في ذلك. ويغتصب الحية بيتها كما تغتصب الحية بيوت سائر الأحناش والطير.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب بلالاً ويمازحه، فرآه يوماً وقد خرج بطنه فقال: أم حسين، وهي عظاية لها بطن بارز، وذكرها الحرباء، ويقال لها أم عويف، ويقول لها صبيان العرب:
أم عويف شمري برديك ... إن الأمير غاضب عليك
وضارب بالسوط صفحتيك

فتنشر برديتها وتقوم على رجليها.
وهذا كما تقول المطحن، وهو يشبه أم حبين: اطحن لنا جرابنا، فيطحن بنفسه الأرض حتى يغيب فيها.
خطب ابن الأشعث فقال: أيها الناس، إنه ما بقي من عدوكم إلا كما بقي من ذنب الوزغة تضرب بها يميناً وشمالاً ثم لا تلبث حتى تموت. فمر به رجل من بني قشير فقال: قبح الله هذا ورأيه، يأمر أصحابه بقلة الاختراس وترك الإساعداد.
ابن عباس: الوزغ بريد الشيطان لأنه يرسله ليفسد على الناس منحهم. ورأيت أهل مكة أحرص شيء على قتل الوزغ، وعلى تحصين الملح وحفظه منه. ويقولون: إذا تمرغ فيه تمرغ الدابة في التراب أفسده على صاحبه وحوله إلى مادة لتولد البرص.
دخل أعرابي البصرة فاشترى خبزاً فأكله الفار، فقال:
عجل رب الناس بالعقاب ... لعامرات البيت بالخراب
كحل العيون وقص الرقاب ... مجررات أحبل الأذناب
كيف لنا بأنمر إلا هاب ... منهرت الشدق حديد الناب
كأنما برئن بالحراب ... تفرسها كالأسد الوثاب
تزعم العامة أن الفأرة كانت طحانة، والأرضة كانت يهودية، ولذلك يلطخون الأجداع بمرقة لحم الجزور.
يجمع بين الفأرة والعقرب في زجاجة، فتقرض إبرتها أولاً حتى تتعجل السلامة من لدغتها، ثم تأكلها بعد ذلك.
الجرذ إذا خصي أكل الجرذان أكلاً لا يقوم له شيء منها. قالوا: الخصي من كل جنس أضعف من الفحل إلا الجرذ، فإن الخصاء يحدث فيه شجاعة وجرأة، لا يدع الجرذان الكبار التي غلبت الهررة وبنات عرس إلا قتلها.
خرء الفأر نافع من داء الثعلب.
من الناس من يمشي إلى الأسد، ويقبض على الثعبان، ولا يقدر أن ينظر إلى الجرذ، ويعزيه عند رؤيته من النفضة والاصفرار ما لا يعتري الصبور على السيف وهو يلاحظ بريقه عند قفاه.
بنا عبد الله بن خازم السلمي عند عبيد الله بن زياد إذا هو بجرذ أبيض دخلوا به للتعجب فتجمع ابن خازم حتى كأنه فرخ، واصفر وجهه فقال عبيد الله: أبو صالح يعصي الرحمن، ويتهاون بالشيطان، ويقبض على الثعبان، ويمشي إلى الأسد، ويلقى الرماح بوجهه، وقد اعتراه من جرذ ما ترون. أشهد أن الله على كل شيء قدير.
جرذان الأنابير تخرج أرسالاً إلى الماء، والجري قد كمن لها وهو فاتح فاه، فإذا عب الجرذ في الماء التهمه.
ربما قطعت الفأرة أذن النائم. وفي الفأر ما إذا عض قتل. قال الجاحظ: وأنا رأيت عند ذلك من العظاظ والعقاس ما لا يكون بين شيئين.ويزعمون أنهم لم يروا بين سبعين أو بهيمتين أشد من قتل بين جرذين. ويأتي الجرذ إلى القارورة الضيقة الرأس فيها الدهن، فيضرب بذنبه، فكلما ابتل أخرجه فلطمه، حتى لا يبقى فيها شيئاً.
الهرة إنما تحتاط في دفن رجيعها وإخفاء رائحته لئلا تشمها الفأرة فتهرب. وأحسن من هذا أن يلهمها الله ذلك لأنها من الطوافين عليهم والطوافات، لينظروا إلى فعلها فيتعلموا منها إخفاء عذرتهم، ولا يتركوها بارزة مكشوفة، كما هي عادة أكثرهم الذين هم شر من البهائم.
ربما كان السنور في الأرض، والفأرة في السقف، فلا يومئ لها ثلاث مرات إلا دير بها فزعاً وطاحت فأكلها.
أبو زيد الأنصاري: دخلت على رؤبة وإذا هو يمل جرذاناً ويأكلها، وقال: إنها خير من اليرابيع والضباب إنها تأكل التمر والخبز.
سمع قاص يقول: اللهم أكثر جرذاننا وأقلل صبياننا.
الحيات تبتلع الجرذان، وزعموا أنها منتتة الجلود والجروم لذلك، بخلاف الأفاعي فإنها تأكل الفأر. وربما كانت الحية في غلظ الإبهام وقد ابتلعت جرذاً أغلظ من الذراع.
يسقى صاحب الأسر خرء الفار فيطلق، ويحتمله الصبي فيشفيه من الحصر.
اطلع رجل من أهل الشام على جرذ أخرج من جحره دنانير كثيرة فركمها وأخذ يلعب بها. ثم أخذ يدخلها في جحره فقام وأخذ الدنانير. فأقبل الجرذ يثب ويضرب بنفسه الأرض حتى مات.
يزعم أهل القاطول أن الفأر يخلق من طينة، وأنهم ربما رأوا الفأرة لم يتم خلقها بعد، فلا يريمون حتى يتم وتتحرك.
قال عمرو بن كركرة لأعرابي: أ تأكلون القرنبي؟ قال: طال والله ما سال ماؤه على شدقيه.

الخلد أعمى أصم، يخرج من جحره فيقف على بابه ويشجو فاه، فيجيء الذباب فيسقط على شدقيه أو يمر بين لحييه، فيستدخلها بجذبه النفس، يعلم أنه رزقه وقسمته. ويخرج من جحره تراباً فيضعه حوله، وهو صالح للنقرس يبل بالماء ويطلى به موضعه.
من اليربوع واحتياله بما يسوي من محافره التي إذا طلب من هذا خرج من هذا أخذت الزباء عمل الأنفاق. ومن شأنه أن يمشي على زمعاته في السهولة لئلا يتقص أثره، كما تؤبر الأرنب.
القنفذ إذا نزعت فروه فما هو إلا شحمة قاعدة، والأعراب تستطيبه، وهو صالح للرياح. يوشبه به كل دخاس ونمام وناموس لأنه لا يظهر إلا بالليل. قال عبدة بن الطبيب:
قوم إذا دمس الظلام عليهم ... خرجوا قنافذ بالنميمة تمزع
ومن القنافذ جنس أعظم من هذه القنافذ، له شوك كصياصي الحاكمة والمداري، وقد سخر له وذلل وهيئت له، لأنه متى شاء أن ينصل منها شيئاً يرمي به الشخص الذي يخافه فعل، وخرج كالسهم الذي يحفزه الوتر. ونحو شجر الخروع إذا جف حبه في أكمامه وتصدعت عنه بعض التصدع حذف به، فربما وقع على أكثر من قاب رمح طويل.
والبرذون يسقط عليه الذباب فيحرك ذلك الموضع من جسده أي موضع كان، سخره الله له كما مكنه من تحريك ذنبه.
رمى الناس من يحرك أذنيه، وربما حرك احديهما. ومنهم من يبكي بإحدى عينيه، وبالتي يقترحها عليه المعنت. ويحكى عن جوار باليمن أن إحداهن تشخص قرناً من قرون رأسها أي قرن شاءت حتى ينتصب.
شاعر:
حمحم بعد حلقه ونورته ... كقنفذ القف اختبى في فروته
اعترض رجل عبد الله بن الزبير في خطبته بكلمة، ثم طأطأ رأسه، فقال: ما له قاتله الله ضبح ضبحة الثعلب وقبع قبعة القنفذ.
بعضهم: رأيت حية ابتلعت كبشاً عظيم القرنين، فلم تقدر على ابتلاع القرنين، فجعلت تضرب به يمنة ويسرة حتى كسرت القرنين وابتلعتها.
يقطع ذنب الحية فتعيش إن أفلت من الذر.
قيل أن بالحبشة حيات تطير بها. ويزعمون أن الكمأة تعفن فيخلق منها أفاعي. ومن العجب أن الأفعى لا ترد الماء، ولا تريده، وهي مع ذلك إذا وجدت الخمر شربت منها حتى تسكر.
الثعبان عجيب الشأن في إهلاك بني آدم، يلوي عني ساق الإنسان فيكسرها. وليس له إلا النمس، وهي دويبة تدنو منه فينطوي عليها يريد أكلها، فتحتشمي ريحاً وتزفر زفرة، فينقد الثعبان قطعاً. ولولا النمس لأكلت الثعابين أهل مصر.
أبو حيان وأبو يحيى كنية الأفعوان لأنه يعيش ألف سنة.
ابن الحجاج وقد وهبت له دابة:
فديت من صيرني راكباً ... ولم أزل أرجل من حية
فديته إن فدائي له ... في قلب من يحسده كبة
رجلة الحية مشيها على بطنها.
جلود الحيات لا تفارقها، وإنما الذي يسلخ قشر فوق الجلد، وغلاف يخلق كل عام، كما يسلخ الجنين المشيمة. والطير سلخها تحسيرها. والحوافر سلخها عقائقها. وسلخ الإبل طرحها أوبارها. وسلخ الأيائل نصول قرونها. وسلخ الأشجار إلقاء ورقها.
النابغة:
صل صفاً لا ينطوي من القصر ... جارية قد صغرت من الكبر
مهروقة الشدقين حولاء النظر ... يفتر عن عوج حداد كالإبر
الحرباء ربما رأى الإنسان فتوعده ونفخ وتطاول له حتى يفزع منه من لا يعرفه. وما عنه خير ولا شر.
السقنقور إنما ينفع أكله إذ صيد في أيام سفاده، لأن لحم الهائج أهيج لآكله.
مر ماجن بالمدينة على ملسوع، فقال: أتريد أن أصف لك دواؤك؟ قال: نعم، قال: عليك بالصياح إلى الصباح.
سمع عالم رجلاً يقول: أنا مثل العقرب أضر ولا أنفع. فقال: ما أقل علمك! بل لعمري إنها تنفع، إذا شق بطنها ثم شدت على موضع اللسعة. وتجعل في جوف فخار ويشد رأسه وتطين جوانبه ثم توضع في التنور، فإذا صارت رماداً سقي منه من به الحصاة مقدار نصف دانق فتتت الحصاة. وقد تلسع أصحاب ضروب من الحسيات فيشفون. وتلقى في الدهن فيجتذب الدهن قواها فيكون مفرقاً للأورام الغلاظ. وتلسع الأفاعي فتموت.
بعضهم: رأيت بالبادية ناقة قد نهشت الأفعى مشفرها والفصيل يرضعها، فبقيت الناقة سادرة واقفة، وخر الفصيل ميتاً قبلها، فتعجبت من سرعة ما سرى السم في لبن ضرعها حتى قتل الفصيل قبل أمه.
عقارب القاطول يموت بعضها عن لسع بعض، ولا يموت عن لسعها غير العقارب.

لسع أعرابي فخيف عليه، فقيل: ليس شيء خير له من أن تغسل خصية زنجي عرق ويسقى غسالتها. فلما سقوه قطب، فقيل له: طعم ماذا تجد؟ فقال: طعم قربة جديدة.
أرض حمص لا تعيش فيها العقارب، يزعم أهلها أن ذلك لطلسم. وإن طرحت فيها عقرب ماتت من ساعتها.
النبي صلى الله عليه وسلم : لعن الله العقرب ما أخبثها! تلسع المؤمن والمشرك، والنبي والذمي.
الصاحب: كتبت من قاشان وقد قاسيت من خوف عقاربها ما يقاسيه شيخنا أبو عبد الله من عقارب الأصداغ.
ذكروا أن أقتل العقارب عقارب عسكر مكرم، وأهله يرون أن أصلح ما يعالج به موضع اللسعة مص الحجام، وربما فصلت ثنايا الحجام من مصه.
لسعت عقرب مفلوجاً فذهب عنه الفالج. وولد الحامل التي لسعت وربما ماتت ولم تضره. وأشد اللسع أن تلسع أول ما تخرج من جحرها بعد أن أقامت فيه فتوتها.
مشايخ الأعراب لا يقتلون ورلاً ولا قنفذاً، ولا يدعون أحداً يصطادهما، لأنهما يقتلان الأفاعي ويريحان منها.
شتم رجل الأرضة، فقال له بكر بن عبد الله المزني: مه، فهي التي أكلت الصحيفة التي تعاقد المشركون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبها تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
الجاحظ: وإن الذي يعجز عن صنعة السرفة وعن تدبير العنكبوت في قلتها وصغر جرمها، ما ينبغي أن يتكبر في الأرض، ويمشي الخيلاء، ويتهكم في القول، ويتألى ولا يستثني. وليعلم أن عقله منحة من ربه، وإن استطاعته عارية عنده.
إذا قدم القوم ليلة القرب من يصلح لهم أدوات السقي، عرفوا بانتعاش القردان دنوهم، من غير أن يحسوا حساً، فائتزروا وتهيئوا للعمل. قال ذو الرمة:
إذا سمعت وقع المطي تنعشت ... غشاشها من غير لحم ولا دم
احفظ بالإعجام في العين فقد قل في زماننا المحتفظون به وبأمثاله.
الحرقوص دويبة أكبر من البرغوث، وعضها أشد من عضه، وهي متولعة بفروج النساء تولع النملة بالمذاكير. وينبت لها جناحان فتصير فراشة، كما ينبتان للنحلة والجعل.
وقيل الحرقوص البرغوث بعينه، واحتج يقول الطرماح:
ولو أن حرقوصاً على ظهر قملة ... يكسر على صفي تميم لولت
ويقال له النهيك، قال أعرابي وقد عض بهن امرأته:
وإني من الحرقوص إن عض عضة ... لما بين رجليها لجد غيور
تطيب نفسي سعندما يستفزني ... مقالتها إن النهيك صغير
أعرابية:
يا أيها الحرقوص مهلاً مهلا ... أ إبلاً أعطيتني أم نخلا
أم أنت شيء لا يبالي الجهلا
كان أبو هريرة يفلي ثوبه فيلتقط البراغيث ويدع القمل، فقال له أنس، فقال: أبدأ بالفرسان ثم أعكر على الرجالة.
الجاحظ: البرغوث أسود أحدب نزاء، قال بعضهم: دبيبها من تحتي أشد علي من عضها. وليس ذلك بدبيب، والكن البرغوث خبيث، يستلقي على ظهره ويرفع قوائمه فيدغدغ بها، فيظن من لا علم له أنه يمشي تحت جنبه.
أعرابي:
ليل البراغيث عناني وأنصبني ... لا بارك الله في ليل البراغيث
كأنهن وجلدي إذ خلون له ... أيتام سوء أغاروا في المواريث
محبوب بن أبي العشنط النهشلي:
الليل نصفان نصف للهموم فما ... أقضي الرقاد ونصف للبراغيث
أبيت حتى تساميني أوائلها ... أنزو وأخلط تسبيحاً بتغريث
سود مداليج في الظلماء مؤذية ... قال المليك لها في جلده عيشي
أعرابي:
ألا يا عباد الله من لقبيلة ... إذا ظهرت في الأرض شد مغيرها
فلا الدين ينهاها ولا هي تنتهي ... ولا ذي سلاح من معد يضيرها
لقي قوم الجهد من براغيث دمشق وأنطاكية، فما خلصهم منها إلا قمص الحرير الصيني، جعلوها طويلة الأردان والأبدان، فناموا مستريحين.
أبو الرماح الأسدي:
تطاول بالفصطاط ليلي ولم يكن ... بحنو الغضا ليلي علي يطول
تؤرقني حدب قصار أذلة ... وإن الذي يؤذينه لذليل
إذا جلت بعض الليل منهن جولة ... تعلقن بي أو جلن حيث أجول
إذا ما قتلناهن أضعفن كثا ... علينا ولا ينعى لهن قتيل
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... وليس لبرغوث علي سبيل
آخر:

هنيئاً لأهل الري طيب بلادهم ... وأن أمير الري يحيى بن خالد
بلاد إذا جن الظلام تظافرت ... براغيثها من بين مثنى وواحد
ديازجة سود الوجوه كأنها ... بغال بريد أرسلت من مذاود
القمل لا يحدث من الوسخ أو العرق إذا علاهما ثوب أو ريش أو شعر حتى يكون لذلك المكان عفن وخموم.
وعن يحيى بن خالد البرمكي: شيئان يورثان القمل، الإكثار من أكل التين اليابس، وبخار اللبان. وثياب أكثر الناس تقمل إلا ثياب المخدمين المترفين، وربما كان الإنسان قمل الطبع وإن تنظف وتعطر وبدل الثياب، كما عرض لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام حتى استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في لبس الحرير، فأذن لهما.
ويسرع القمل إلى الدجاج والحمام إذا لم يغسل ولم ينظف بيته. ويعرض للقرد، فإذا أصاب قملة رمى بها في فيه.
وخرج محمد بن زبيدة في أيام محاربته المأمون منتزهاً، فرأى دعاراً قد تطافروا من الحانات، فأراد أن يدخل عليهم في مساكنهم ويسمع من حديثهم، فقعد ساعة فدبت قملة على ثوبه فتناولها بعض خدمه، فقال: أي شيء تناولت؟ فأخبره، فقال: أرنيها فقد والله سمعت بها وما رأيتها. قال الخادم: فتعجبت من المقادير كيف ترفع رجلاً في السماء وتحط آخر في الثرى.
وألوان القمل على حسب مقاره، فهو في رأس الأسود أسود، وفي رأس الأبيض أبيض، وفي رأس المختضب أحمر، وفي رأس الأشمط أبرق، وفي وقت فصول الخضاب يكون أشكل، فإذا ابيض عاد أبيض. وهكذا تحضر دود البقل وجراده وذبابه.
وليس ذلك بأعجب من حرة بني سليم حيث اسود كل شيء فيها من إنسان وبهيمة وطائر وهامة. وبلاد الترك جميع حيواناتها على صور الترك.
علي عليه السلام: ألا تنظرون إلى صغير ما خلق الله كيف أحكم خلفه وأتقن تركيبه؟ وفلق له السمع والبصر، وسوى له العظم والبشر، انظروا إلى النملة كيف في صغر جثتها ولطافة هيأتها لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها، وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقرها، تجمع في حرها لبردها، وفي وردها لصدرها، لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديدان، ولو في الصفا اليابس، والحجر الجامس.
ولو فكرت في مجاري أكلها، وفي علوها وسفلها، وما في الجوف من شراشيف بطنها، وما في الرأس من عينها وأذنها، لقضيت من خلقها عجباً، ولقيت من وصفها تعباً، فتعالى الذي أقامها على قوائمها، وبناها على دعائمها. لم يشركه في فطرتها فاطر، ولم يعنه على خلقها قادر.
إذا خافت الذرة على الحب أن يعفن أخرجته إلى ظهر الأرض ليجف. وربما اختارت لذلك الليل، لأن الليل أخفى، وفي القمر لأنها فيه أبصر، وإذا خافت أن ينبت في مكان ند نقرت موضع التقطمير من وسط الحبة، وهي تعلم أنها من ذلك الموضع تبتدئ في النبات.
وعن لقمان: يا بني لا تكونن الذرة أكيس منك تجمع في صيفها لشتائها.
وعن عمر بن عبد العزيز: قاتل الله زياداً، جمع لهم كما تجمع الذرة وحاطهم كما تحوط الأم البرة.
الذرة تفلق الحب أنصافاً مئلا ينبت فيفسد، وأما الكزبرة فتفلقها أرباعاً، لأنها من بين الحب ينبت نصفها. قال الجاحظ: وهذا علم غامض إذا عرفه الفلاح المجرب والأكار الحاذق فقد بلغ الغاية.
وتجد من بعيد رائحة شيء لو وضعته على أنفك لم تجد له رائحة، كرجل دجاجة يابسة، تجد رائحتها من جوف جحرها، فإذا تكلفت حملها وأعجزتها استدعت إليها سائر الذر واستعانت بها.
إذا نضح باب قرية النمل بماء فيه زرنيخ أو كبريت هجرتها وهربت منها. وتهرب من دخان الميعة ودخان قرن الأيل.
الظربان انتن خلق الله فسوة، تصيب الثوب فلا تذهب حتى يبلى، ويفسو في الهجمة وهي باركة فتتفرق، فلا تجمع إلا بجهد.
ويقال: هما يتمسان ظرباناً، إذا تهاجرا. ويدخل جحر الضب فيسد خصاصه وفروجه ببدنه، وهو مستدير لأسفل الجحر حيث أمعن فيه، فما يرسل ثلاثاً إلا خرج الضب وأعطى بيده، وكان الموت أهون عليه.
ليث عفرين ضرب من العناكب له ست أعين، يصيد الذباب صيد الفهود. إذا رأى الذباب لطى بالأرض وسكن أطرافه، فمتى وثب لم يخطئ.
شحمة الأرض: دويبة منقطة بحمرة، كأنها سمكة بيضاء، أعرض من العظاة، تشبه كف المرأة بها.

قملة النسر إذا سقطت استحالت منها دويبة خبيثة أكبر من القملة تكون بمهرجان تفسخ الإنسان بأوحى من الإشارة باليد.
إذا أقربت العرب أكل أولادها جلد بطنها وخرقته حتى تخرج، وقد ماتت الأم وقيل في ذلك:
وحاملة لا تكمل الدهر حملها ... تموت وينمى حملها حين تعطب
العقارب القتالة تكون بشهرزور، وقرى الأهواز. وعقارب نصيبين من شهرزور، لأنهم حوصروا ورموا في المجانيق بكيزان محشوة من عقارب حتى توالدت هناك.
صيد العقرب أن تشك جرادة في طرف عود، وتدخل في جحرها، فتعلق بها. وتدخل فيه خوط كراث فلا تبقى فيه عقرب إلا تبعته.
وهذا آخر الكتاب. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً.
ووافق الفراغ منه في سنة أربع وثلاثين وستمائة، عظم الله بركتها ويمنها بمنه ورحمته.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9