الكتاب : مشكل الآثار
المؤلف : أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ الطَّحَاوِيُّ الْأَزْدِيُّ

يَخِرُّ إلَيْهَا مِنْ الْقِيَامِ وَمِنْ الْقُعُودِ فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَمُوتُ إلَّا ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ يُرِيدُ بِقِيَامِهِ ذَلِكَ الْقِيَامَ الَّذِي هُوَ الْعَزْمُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَهْلِ الْكِتَابِ { وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا } أَيْ : بِالْمُطَالَبَةِ لَدَيْهِ وَطَلَبِ أَخْذِهِ مِنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَتْ مُبَايَعَتُهُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْمَوْتِ وَهِيَ أَشْرَفُ الْبَيْعَاتِ ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَايَعَ عَلَيْهِ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعْصُومًا غَيْرَ مَوْهُومٍ مِنْهُ زَوَالُ الْحَالِ الَّتِي بِهَا ثَبَتَتْ بَيْعَتُهُ عَلَى مُبَايَعَتِهِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ .
فَمَا رُوِيَ مِمَّا بُويِعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الْحَرَّةِ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ هَاذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ : لَا أُبَايِعُ أَحَدًا عَلَى هَذَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكَانَ مَا أَخْبَرَ بِهِ حَكِيمٌ فِي حَدِيثِهِ مِمَّا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْبَيْعَاتِ وَاَلَّتِي لَا تَجُوزُ إلَّا لِرَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكُلُّ هَذِهِ الْأُصُولِ الَّتِي تَأَوَّلَ عَلَيْهَا حَدِيثُ حَكِيمٍ هَذَا مُحْتَمَلَةٌ أَنْ يَكُونَ مَا تَأَوَّلَتْ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ حَكِيمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا كَانَ أَرَادَ مِنْهَا وَمِمَّا سِوَاهَا مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُؤَذِّنِينَ أَنَّهُمْ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .
فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا مَعْنَاهُ فَوَجَدْنَا الْمُؤَذِّنِينَ أَحَدَ الْعَامِلِينَ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا يُعَانُونَهُ مِنْ الْأَذَانِ وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ ذَكَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ بِأَحْسَنِ مَا ذَكَرَ بِهِ أَحَدًا مِمَّنْ يَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إلَى اللَّهِ } الْآيَةَ وَكَانَ الْعَامِلُونَ بِأَصْنَافِ طَاعَاتِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا يَنْتَظِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا فَتَطَاوَلَ إلَى ذَلِكَ أَعْنَاقُهُمْ وَيَكُونُونَ فِي الْعُلُوِّ بِذَلِكَ أَضْدَادًا لِمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ مَعَاصِيهِ وَالْخُرُوجِ عَنْ أَمْرِهِ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ { فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } وَكَانَ الْمُؤَذِّنُونَ فِيمَا كَانُوا يُعَانُونَهُ مِنْ أَذَانِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ بِهِ فَوْقَ مَا غَيْرُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَاتِ سِوَاهُ فِي مُعَانَاتِهِمْ إيَّاهُمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونُوا بِعُلُوِّ أَصْوَاتِهِمْ فِي أَذَانِهِمْ الَّذِي كَانُوا يُعَانُونَهُ فِي الدُّنْيَا وَمُدَاوَمَتِهِمْ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَإِتْبَاعِهِمْ ذَلِكَ إقَامَاتِ الصَّلَوَاتِ وَاجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ بِأَصْوَاتِهِمْ وَاسْتِعْلَائِهِمْ عَلَى الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يَأْتُونَ بِالْأَذَانِ فِيهَا مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا خَفَاءَ بِهَا جُعِلُوا فِي ذَلِكَ فِي

طُولِ أَعْنَاقِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى ثَوَابِهِمْ عَلَيْهِ فَوْقَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَعْمَالِ بِطَاعَاتِ اللَّهِ سِوَاهُ فِي انْتِظَارِ الثَّوَابِ لَهُ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهِ وَلَمْ نَجِدْ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا قَالَ النَّاسُ فِيهِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَهُ رَسُولُهُ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَزْوَاجِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَسْرَعُكُنَّ بِي لِحَاقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدَيْنِ ) حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إسْمَاعِيلَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى { أَنَّ عُمَرَ كَبَّرَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَرْبَعًا ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ يُدْخِلُ هَذِهِ قَبْرَهَا قُلْنَ : مَنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ أَسْرَعُكُنَّ بِي لِحَاقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدًا فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ بِأَيْدِيهِنَّ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ صَنَاعًا يَعْنِي بِمَا يُقِيمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو زَكَرِيَّا بِطَبَرِيَّةَ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ثنا أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ { قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَزْوَاجِهِ يَتْبَعُنِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا } قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَكُنَّا إذَا اجْتَمَعْنَا فِي بَيْتِ إحْدَانَا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَمُدُّ أَيْدِيَنَا فِي الْجِدَارِ نَتَطَاوَلُ فَلَا نَزَالُ نَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ زَوْجُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَتْ امْرَأَةً قَصِيرَةً يَرْحَمُهَا اللَّهُ وَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَنَا يَدًا فَعَرَفْنَا حِينَئِذٍ أَنَّ مَا أَرَادَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الصَّدَقَةَ قَالَتْ وَكَانَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةً صَنَاعَةَ الْيَدِ تَدْبَغُ وَتَخْرُزُ وَتَصَّدَّقُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا قَدْ عَرَفَهُ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ زَيْنَبَ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ مَعَ قِصَرِ يَدَيْهَا لِلْخَيْرِ الَّذِي كَانَتْ تَكْتَسِبُهُ

بِهِنَّ أَنَّهَا أَطْوَلُهُنَّ يَدَيْنِ أَيْ : بِالْخَيْرِ لَا بِمَا سِوَاهُ وَكَفَانَا عَنْ الْكَلَامِ فِي تَأْوِيلِهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ مَا قَالَهُ فِيهِ ، وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي إنْزَاءِ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ ) حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَغْلٌ أَوْ بَغْلَةٌ فَقُلْت مَا هَذَا قَالُوا : بَغْلٌ أَوْ بَغْلَةٌ قُلْت : وَمَا هُوَ قَالَ يُحْمَلُ الْحِمَارُ عَلَى الْفَرَسِ فَيَكُونُ مِثْلَ هَذَا أَوْ يَخْرُجُ مِثْلَ هَذَا قُلْت : أَفَلَا نَحْمِلُ فُلَانًا عَلَى فُلَانَةَ قَالَ : إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } .
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَسَالِمٌ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ { نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ نَحْمِلَ الْحُمُرَ عَلَى الْبَرَاذِينِ } .
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ ابْنِ زُرَيْرٍ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ { أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ فَرَكِبَهَا فَقَالَ عَلِيُّ لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ كَانَ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ثنا لَيْثٌ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ

السَّلَامُ مِثْلَهُ .
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى .
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَشَاحِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ دُونَ النَّاسِ إلَّا بِثَلَاثٍ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَأَنْ لَا نُنْزِيَ الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ .
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، ثُمَّ ذُكِرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ثنا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ فَقَالَ قَائِلٌ فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُتَضَادَّانِ ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا قَوْلَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَمَّا قَالَ لَهُ عَلِيٌّ لَوْ حَمَلْنَا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ لَكَانَ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيًا لِلنَّاسِ } جَمِيعًا عَنْ إنْزَاءِ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْهُمَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ اخْتَصَّهُمْ يَعْنِي بَنِي هَاشِمٍ بِأَنْ لَا يُنَزُّوا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ فَكَانَ نَهْيُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَتَجَاوَزْ بَنِي هَاشِمٍ إلَى غَيْرِهِمْ وَكَانَ نَهْيُهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ قَدْ عَمَّ النَّاسَ جَمِيعًا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ .
أَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ كَانَ جَوَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِيمَا قَالَ لَهُ : لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ جَاءَنَا مِثْلُ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَفْعَلُهُ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ؛ أَيْ : أَنَّ الْحُمُرَ إذَا حَمَلَتْ عَلَى

الْخَيْلِ كَانَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِغَالَاتٌ وَبِغَالٌ لَا ثَوَابَ فِي ارْتِبَاطِهَا وَلَا سُهْمَانَ لَهَا فِي الْغَنَائِمِ لِمَنْ غَزَا عَلَيْهَا وَإِذَا حُمِلَتْ الْخَيْلُ عَلَى الْخَيْلِ كَانَتْ عَنْهَا خَيْلًا فِي ارْتِبَاطِهَا الثَّوَابُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مُرْتَبِطِيهَا وَارْتِبَاطِهِمْ إيَّاهَا .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد ثنا مُسَدَّدٌ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ثنا أَبِي عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي زِيَادٍ التَّيْمِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ } .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ ثنا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى

يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ } .
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ ابْنِ إدْرِيسَ وَابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّ ذَاكَ قَالَ : الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } زَادَ ابْنُ إدْرِيسَ { وَالْإِبِلُ عِزٌّ لِأَهْلِهَا وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ وَقَفَ عَلَيْنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِنَا فَحَدَّثَنَا قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ أَبَدًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ أَبُو قُرَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَفْطَسُ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَرَشِيُّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ثنا سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { الْخَيْلُ مَعْصُوبٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا } .
وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ تَدْخُلُ فِي هَذَا النَّوْعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَرْنَا بَعْضَهَا لِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِهِ مِمَّا يَجِيءُ فِيمَا بَعْدُ فِي كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي جَوَابِهِ إيَّاهُ عَنْ قَوْلِهِ لَوْ حَمَلْنَا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ بِقَوْلِهِ { إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } أَيْ : أَنَّ مُنْتِجِي مَا لَا ثَوَابَ فِي إنْتَاجِهِ وَلَا سَهْمَ فِي الْغَنِيمَةِ مَعَ الْغَزْوِ عَلَيْهِ وَتَارِكِي

إنْتَاجِ مَا فِي إنْتَاجِهِ ثَوَابٌ وَالسُّهْمَانِ فِي الْغَنِيمَةِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فَهَذَا وَجْهُ مَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي رَوَيْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى اخْتِصَاصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُمْ أَنْ لَا يُنَزُّوا الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ لِمَعْنًى كَانَ فِيهِمْ قَدْ ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبَيَّنَ فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَصَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ مِنْ أَجْلِهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ثنا مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ ثنا أَبُو جَهْضَمٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ { مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَّا بِثَلَاثٍ أَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَأَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ وَأَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ قَالَ فَلَقِيت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ ، وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ كَانَتْ الْخَيْلُ قَلِيلَةً فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَحَبَّ أَنْ يَكْثُرَ فِيهِمْ } فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لِلْآخَرِ مِنْهُمَا ، وَأَنَّ مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْآخَرِ مِنْهُمَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الذُّلِّ بِالزَّرْعِ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ قَالَ سَمِعْت أَبَا أُمَامَةَ وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { مَا دَخَلَتْ هَذِهِ بَيْتَ قَوْمٍ إلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ } .
فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا فَوَجَدْنَا وِلَايَةَ خَرَاجِ الْأَرْضِينَ وَجِبَايَةَ أَمْوَالِهَا وَوَضْعُهَا فِي مَوَاضِعَهَا الَّتِي يَجِبُ وَضْعُهَا فِيهَا إلَى الْمُسْلِمِينَ يَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ أَئِمَّتُهُمْ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيَضَعُونَهُ فِيمَا يَجِبُ وَضْعُهُ فِيهِ وَكَانَ مَا تَوَلَّاهُ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَكَانَ مَنْ دَخَلَ فِيمَا يُوجِبُ الْخَرَاجَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَادَ بِهِ مَطْلُوبًا بِمَا كَانَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ طَالِبًا فَكَانَ فِي ذَلِكَ دُخُولُ الذُّلِّ عَلَيْهِمْ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ رِزْقِهِ ، وَعَنْ انْتِقَالِ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ عَنْهُ وَعَنْ لُزُومِهِمَا مُخَالَفَتَهُ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لِيُعْبَدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي

تَحْتَ رُمْحِي وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ } .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ قِسْمَتِهِ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ بِالْعَدْلِ عَلَيْهِنَّ اللَّهُمَّ إنَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ } .
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عِمْرَانَ الطَّبَرَانِيُّ بِطَبَرِيَّةَ أَبُو أَيُّوبَ ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ كَانَ بِابْنِ خَلَفٍ ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ { اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ } ، وَهُوَ غَيْرُ مَلُومٍ فِي ذَلِكَ إذْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا فِعْلَ لَهُ فِيهِ فَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الْإِشْفَاقِ وَالرَّحْمَةِ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ مِنْهُ فِي قِسْمَتِهِ بَيْنَهُنَّ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا عَنْ الْعَدْلِ مَيْلًا مِنْ قَلْبِهِ إلَى بَعْضِهِنَّ بِمَا لَمْ يَمِلْ بِمِثْلِهِ إلَى بَقِيَّتِهِنَّ ، وَذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمِمَّا الْعِبَادُ فِيهِ سَوَاءٌ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ

هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَتَانِ فَكَانَ يَمِيلُ مَعَ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ أَوْ قَالَ سَاقِطٌ } .
وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } أَنَّ ذَلِكَ أُرِيدَ بِهِ مَا يَقَعُ فِي قُلُوبِكُمْ لِبَعْضِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ ، وَذَلِكَ مَعْفُوٌّ لَهُمْ عَنْهُ إذْ لَا يَسْتَطِيعُونَ دَفْعَهُ عَنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَجْتَلِبُوهُ إلَى قُلُوبِهِمْ فَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا أَرَادَهُ مِنْ رَبِّهِ عَلَى الْإِشْفَاقِ وَعَلَى الرَّهْبَةِ مِمَّا يَسْبِقُ إلَى قَلْبِهِ مِمَّا قَدْ يَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْهُ مَعَ قُرْبِهِ مِنْ غَلَبَتِهِ عَلَيْهِ ، وَهَذَا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِثْلُ الَّذِي فِي حَدِيثِ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِيُّ مِمَّا قَدْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ رَبَّهُ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا أَخْطَأَ وَمَا تَعَمَّدَ وَمَا أَخْطَأَهُ فَهُوَ غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِهِ لَمَّا خَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ تَقَرُّبُهُ مِمَّا تَعَمَّدَهُ وَقَدْ رَوَيْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ نَهْيِهِ أُمَّتَهُ أَنْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ وَأَمْرِهِ إيَّاهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَكَانُ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ مَا شَاءَ مُحَمَّدٌ ) .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ ثنا شَيْبَانُ يَعْنِي النَّحْوِيَّ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ { جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَاجَعَهُ فِي بَعْضِ الْكَلَامِ فَقَالَ : مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَشِئْت فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَعَلْتَنِي مَعَ اللَّهِ عَدْلًا لَا بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ } .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أَنْبَأَنِي قَالَ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَسَارٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ } .
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ { رَأَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النَّوْمِ قَوْمًا مِنْ الْيَهُودِ فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُمْ فَقَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ قَالَ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ إنَّهُ رَأَى قَوْمًا مِنْ النَّصَارَى فَأَعْجَبَتْهُ هَيْئَتُهُمْ فَقَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ قَالَ وَإِنَّكُمْ قَوْمٌ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَصَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُهَا مِنْكُمْ فَتُؤْذِينِي فَلَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ

وَشَاءَ مُحَمَّدٌ ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ } .
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبَانَ الْبَصْرِيُّ أَبُو شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى ، وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ { أَتَى حَبْرٌ مِنْ الْأَحْبَارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا ذَاكَ قَالَ تَقُولُونَ إذَا حَلَفْتُمْ وَالْكَعْبَةِ فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ إنَّهُ يُقَالُ فَمَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَلْيَحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ ، ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَجْعَلُونَ لِلَّهِ نِدًّا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ قَالَ إنَّهُ قَدْ قَالَ مَنْ قَالَ فَمَنْ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ مَعَهَا ، ثُمَّ شِئْت } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهْيَهُ أُمَّتَهُ أَنْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت وَأَمْرُهُ إيَّاهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَكَانَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ شِئْت } قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ هَذَا الْمَحْظُورِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْله تَعَالَى { أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } وَلَمْ يَقُلْ ، ثُمَّ لِوَالِدَيْك فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ أَنَّ هَذَا مِمَّا كَانَ مُبَاحًا قَبْلَ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ

مِثْلِهِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ثُمَّ نَهَى عَمَّا نَهَى عَنْهُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَكَانَ ذَلِكَ نَسْخًا لِمَا قَدْ كَانَ مُبَاحًا مِمَّا قَدْ تَلَوْتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يَنْسَخُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَلِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللَّهِ قَدْ دَلَّنَا عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فِيهِ { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ } الْآيَةَ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ { خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ } كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ { عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْبِكْرُ يُجْلَدُ وَيُنْفَى وَالثَّيِّبُ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ } وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيُّ عَنْ عُبَادَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا حِطَّانُ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { خُذُوا عَنِّي فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ } .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَفَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مَا قَالَ ، ثُمَّ قَالَ { أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا } فَكَانَ

حَدُّهُنَّ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُنَّ سَبِيلًا مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، ثُمَّ جَعَلَ لَهُنَّ سَبِيلًا فِيهَا حَدًّا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ كَمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنُ الْقُرْآنَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا قَرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْله تَعَالَى { وَالْأَرْحَامَ } فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ هَلْ كَانَ بِالنَّصْبِ أَوْ الْجَرِّ .
حَدَّثَنَا بَكَّارَ ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْت مُنْذِرَ بْنَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ { كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صَدْرِ النَّهَارِ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ قَالَ : فَرَأَيْت وَجْهَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَغَيَّرُ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ ، ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ قَالَ أَوْ خَطَبَ { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } إلَى آخِرِ الْآيَةِ { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ حَتَّى قَالَ مِنْ شِقِّ التَّمْرَةِ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ قَدْ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ عَنْهَا ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْت كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ وَرَأَيْت وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ } .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ثنا رَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ الْعَبْدِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْت جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ

السَّلَامُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ { لِبِلَالٍ عَجِّلْ الصَّلَاةَ } .
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ { قَدِمَ نَاسٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُضَرَ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ مُجْتَابِي النِّمَارِ قَالَ الْمَسْعُودِيُّ النِّمَارُ الصُّوفُ بِهِمْ ضُرٌّ شَدِيدٌ وَحَاجَةٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ { اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } تَصَدَّقُوا قَبْلَ أَنْ لَا تَصَدَّقُوا لِيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ دِينَارِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ دِرْهَمِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ بُرِّهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ شَعِيرِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ الرَّجُلُ مِنْ تَمْرِهِ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ لَهَا مِزٌّ فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ فَسَرَّهُ ذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ ، ثُمَّ تَسَارَعَ النَّاسُ بَعْدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ { اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } عِنْدَ حَضِّهِ إيَّاهُمْ عَلَى صِلَةِ أَرْحَامِهِمْ لِمَا رَأَى مِنْ أَهْلِهَا مِنْ الْجَهْدِ وَالضُّرِّ وَالْحَاجَةِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا أَنَّهُ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ بِمَعْنَى اتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا وَكَانَ مَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ مَنْ قَرَأَهَا بِالْجَرِّ عَلَى تَسَاؤُلِهِمْ كَانَ بَيْنَهُمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى

وَالْأَرْحَامِ وَلَمْ تَكُنْ تِلَاوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهَا عَلَى مَنْ تَلَاهَا عَلَيْهِ عَلَى التَّسَاؤُلِ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الْحَضِّ عَلَى التَّوَاصُلِ وَتَرْكِ قَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ لَا بِالْجَرِّ ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ .
كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُولُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ { الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ } مَنْصُوبَةً يَقُولُ " اتَّقُوا اللَّهَ وَالْأَرْحَامَ " وَقَدْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَحْمَدُ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ قَرَأَ عَاصِمٌ وَالْأَرْحَامَ نَصَبَ وَنَافِعٌ كَمِثْلِهِ وَأَبُو عَمْرٍو كَمِثْلِهِ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا خَلَفٌ عَنْ الْخَفَّافِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَالْأَرْحَامَ بِالنَّصْبِ يَقُولُ وَالْأَرْحَامَ لَا تَقْطَعُوهَا ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْكَلْبِيُّ قَالَ خَلَفٌ وَهِيَ الْقِرَاءَةُ .
وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ سَمِعْت خَلَفًا يَقُولُ أُخِذَتْ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَخَذْنَا نَحْنُ بَعْدَ ذَلِكَ قِرَاءَةَ عَاصِمٍ سَمَاعًا مِنْ رَوْحِ بْنِ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا بِهَا حَرْفًا حَرْفًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ نَفْسِهِ عَنْ عَاصِمٍ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) .
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ } .
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَزْدِيُّ أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْطَارِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَسَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ : هَلْ يُخَالِفُ هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِيمَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً وَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ وَفِيمَا قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ يَعْنِي .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ { قَوْمًا أَتَوْا النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ الْأَعْرَابِ مُجْتَابِي النِّمَارِ فَحَثَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَكَأَنَّهُمْ أَبْطَئُوا بِهَا حَتَّى رَأَوْا ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِقِطْعَةِ تِبْرٍ فَأَلْقَاهَا فَتَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ

يَسْقُطَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَمِلَ بِهَا مَنْ بَعْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ } .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي النَّحْوِيَّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ وَمُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلَالٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ { أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمٌ مِنْ الْأَعْرَابِ فَأَبْصَرَ عَلَيْهَا الْخَصَاصَةَ وَالْجَهْدَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَحَضَّهُمْ عَلَيْهَا وَرَغَّبَهُمْ فِيهَا فَأَبْطَئُوا حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِقَبْضَةٍ مِنْ وَرِقٍ فَأَعْطَاهَا إيَّاهُ ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ بِالصَّدَقَةِ حَتَّى رُئِيَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً } ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلَّافُ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ فِي نَاحِيَةِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ أَنَّ { رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَامَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِصُرَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَى ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ فَأَعْطَى ، ثُمَّ قَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَأَعْطَوْا فَأَشْرَقَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَأَيْنَا الْفَرَحَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً } ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي

هَذِهِ الْأَحَادِيثِ { مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ } .
وَرَوَى حُذَيْفَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ { قَامَ قَائِلٌ فَسَأَلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ ، ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ أَعْطَى وَأَعْطَى الْقَوْمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ سَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِنْ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُوءًا فَاسْتُنَّ بِهِ فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِنْ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا } .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا أَشْبَهُ الْمَعْنَيَيْنِ عِنْدَنَا بِالْحَقِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِمَنْ تَقَدَّمَهُ مَعَهُ الْعَمَلُ وَمَنْ تَقَدَّمَهُ فَعَمَلُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ قَدْ انْقَطَعَ فَمَعْقُولٌ عِنْدَنَا أَنَّ مَعَ الْمُقْتَدِي فِي ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا مَعَ الْمُبْتَدِي وَكَذَلِكَ يَكُونُ أَجْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ذِكْرُ السُّنَّةِ الْمُسْتَنَّةِ فَهِيَ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ وَسَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ : هَلْ يُخَالِفُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْتَهُ مَا قَدْ رَوَى فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ وَعِيسَى الْغَافِقِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ عَمْرِو

بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { مَنْ مَاتَ عَلَى مَرْتَبَةٍ مِنْ هَذِهِ الرَّوَاتِبِ بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ إدْرِيسَ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ هَارُونَ الْأَزْدِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ثنا حَيْوَةُ وَابْنُ لَهِيعَةَ قَالَا ثنا أَبُو هَانِئٍ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ وَزَادَ { وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَذَكَرَ هَذَا السَّائِلُ مَعَ ذَلِكَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا النَّبِيلُ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ { يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؟ قَالَ نَعَمْ } .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ حَتَّى قَطَعَهُ مَوْتُهُ عَنْهُ فَبَقِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى نِيَّتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا وَكُتِبَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ الثَّوَابِ مَا كَانَ يُكْتَبُ لَهُ لَوْ لَمْ يَمُتْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُحْرِمِ يَمُوتُ فِي إحْرَامِهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِخَبَرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ يَقُولُ { كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سَفَرٍ فَخَرَّ رَجُلٌ عَنْ بَعِيرِهِ فَوُقِصَ فَمَاتَ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَادْفِنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ

فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُهِلُّ } .
قَالَ لَنَا يُونُسُ : قَالَ لَنَا سُفْيَانُ وَزَادَ فِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا } .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ رَجُلًا خَرَّ مِنْ بَعِيرِهِ فَوُقِصَ فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُهِلُّ أَوْ يُلَبِّي } .
وَمِثْلَهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الشَّهِيدِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الزُّهْرِيِّ { وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ مَسَحَ وَجْهَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِقَتْلَى أُحُدٍ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَوَجَدُوهُمْ قَدْ مُثِّلَ بِهِمْ فَقَالَ زَمِّلُوهُمْ بِجِرَاحِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلْمٍ كُلِمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ رِيحُ مِسْكٍ } فَهَذَا أَعْنِي حَدِيثَ فَضَالَةَ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فِيهَا ذِكْرُ أَحْوَالِ مَنْ كَانَ عَمِلَ فِي طَاعَاتِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى قَطَعَهُ عَنْهُ مَوْتُهُ وَذِكْرُ أَحْوَالِهِ الَّتِي يُبْعَثُ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِيهِ ذِكْرُ أَعْمَالٍ مُسْتَأْنَفَاتٍ بَعْدَ مَوْتِ ذَوِي الْعِلْمِ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ يَجْرِي عَلَيْهِمْ ثَوَابُهَا بَعْدَ مَوْتِهِمْ مُنْضَافًا إلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِمْ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِيَّاكَ وَاللَّوَّ فَإِنَّهَا تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) .
حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَلَا تَعْجِزْ فَإِنْ فَاتَك شَيْءٌ فَقُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَإِنَّهَا تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ } .
فَتَأَمَّلْنَا إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ مَوْصُولٌ أَوْ قَدْ دَخَلَهُ تَدْلِيسٌ مِنْ ابْنِ عَجْلَانَ أَتَاهُ بِهِ عَنْ الْأَعْرَجِ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ سَمَاعٍ مِنْهُ إيَّاهُ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيَّ الذُّهْلِيَّ أَبَا الْعَلَاءِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيِّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَلَا تَعْجِزْ فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ صَنَعَ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَإِنَّهَا تَفْتَحُ مِنْ الشَّيْطَانِ } ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِيعَةَ وَحِفْظِي لَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ .
وَوَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي أَوَّلِهِ رَبِيعَةُ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ إنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ الْأَعْرَجِ تَدْلِيسًا مِنْهُ بِهِ عَنْهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَخَذَهُ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْهُ .
ثُمَّ تَأَمَّلْنَا حَدِيثَ رَبِيعَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ هَلْ هُوَ سَمَاعُهُ

إيَّاهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى التَّدْلِيسِ بِهِ عَنْهُ .
فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ خَتْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ فَإِنْ فَاتَك شَيْءٌ فَقُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ وَإِيَّاكَ وَ لَوْ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ } فَوُفِّقْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي إسْنَادِهِ إنَّمَا هُوَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ ، ثُمَّ بَانَ لَنَا مَعْنَى " لَوْ " الْمُحَذَّرِ مِنْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ وُقُوفِنَا عَلَى أَنَّ " لَوْ " لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ إذْ كَانَ اللَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ إبَاحَتَهَا فِي شَيْءٍ ذَكَرَهَا فِيهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ لِنَبِيِّهِ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ جَوَابِهِ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ السَّاعَةِ { وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْت مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ } ، إذْ قَدْ كَانَ رَسُولُهُ ذَكَرَهَا فِيمَا ذَكَرَهَا فِيهِ .
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ قَالَ { ضَرَبَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَثَلُ الدُّنْيَا مَثَلُ أَرْبَعَةٍ : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَآتَاهُ عِلْمًا فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مَالِهِ وَرَجُلٌ آتَاهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ آتَانِي مِثْلَ مَا آتَى فُلَانًا لَفَعَلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَفْعَلُ فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ - وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا فَهُوَ يَمْنَعُهُ مِنْ حَقِّهِ وَيُنْفِقُهُ

فِي الْبَاطِلِ - وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ آتَانِي مِثْلَ مَا آتَى فُلَانًا لَفَعَلْت فِيهِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ } فَلَمْ تَكُنْ " لَوْ " مَكْرُوهَةً فِيمَا ذَكَرْنَا فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَكْرُوهَةٌ مُحَذَّرٌ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَا وَصَفْنَا .
ثُمَّ تَأَمَّلْنَا ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ مَكْرُوهَةٌ فِيهِ فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ مَا كَانَ مِنْ قَوْمٍ ذَمَّهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ قَوْلٍ كَانَ مِنْهُمْ ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ } فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ { قُلْ إنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ } ثُمَّ عَادَ يُخْبِرُ عَنْهُمْ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِمَّا أَخْفَوْهُ عَنْ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ ثُمَّ عَادَ تَعَالَى بَعْدُ يُخْبِرُ عَنْهُمْ بِمَا كَانُوا يَقُولُونَ فَقَالَ { يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا } فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِمَا أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ فَقَالَ { قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إلَى مَضَاجِعِهِمْ } ، ثُمَّ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُؤْمِنِينَ مُحَذِّرًا لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَقَالَ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا } ، ثُمَّ أَخْبَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمَعْنَى الَّذِي بِهِ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ أُولَئِكَ الْكَافِرُونَ فَقَالَ { لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ } ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ الَّتِي يَجْرِي عَلَيْهَا الْخَلْقُ مِنْ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ فَقَالَ { وَاَللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ } الْآيَةَ .
وَوَجَدْنَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا

فَرَّطْتُ } إلَى قَوْلِهِ { مِنْ الْمُحْسِنِينَ } فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ { بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا } الْآيَةَ قَالَ فَكَانَ فِيمَا تَلَوْنَا مِنْ اللَّوَّاتِ مَا قَدْ عُقِلَ بِهِ مَا هِيَ فِيهِ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ وَمَا هِيَ فِيهِ مَذْمُومَةٌ ، وَكَذَلِكَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ .
ثُمَّ وَجَدْنَا الْعَرَبَ تَذُمُّ اللَّوَّ وَتُحَذِّرُ مِنْهَا فَتَقُولُ : احْذَرْ لَوًّا تُرِيدُ بِهِ قَوْلَ الْإِنْسَانِ لَوْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا يَلْحَقُنِي لَعَمِلْت خَيْرًا وَفِيمَا ذُكِرَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ " اللَّوَّ " الْمَكْرُوهَةَ هِيَ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْنَا وَعَلَى أَنَّ اللَّوَّ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَكْرُوهَةٍ هِيَ اللَّوُّ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ أَيْضًا .
وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ الْأَزْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ قَالَ الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك وَمَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ أَصَابَك لَوْ فَعَلْت كَذَا ، وَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي لَكَانَ كَذَا ، وَكَذَا وَلَمْ يَكُنْ كَذَا وَكَذَا .
وَقَدْ بَانَ مِمَّا شَرَحْنَا وَذَكَرْنَا أَنْ لَا تَضَادَّ وَلَا اخْتِلَافَ فِي شَيْءٍ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَأَنَّ مَا تَلَوْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى شَادٌّ لِذَلِكَ شَاهِدٌ لَهُ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَنْ صَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَشَفَعُوا لَهُ أَنَّهُمْ يَشْفَعُونَ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُمْ عَدَدٌ ذُكِرَ مِقْدَارُهُ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ أَيُّوبَ بْنَ أَبِي تَمِيمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ رَضِيعَ عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُوا لَهُ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ } حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نُصَيْرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُوا لَهُ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ ثنا إسْمَاعِيلُ ، وَهُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيعِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثنا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ النَّاسِ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا يَقُولُ حَمَّادُ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ وَالنَّاسُ يُخَالِفُونَهُ فِي

ذَلِكَ وَيَقُولُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ رَضِيعُ عَائِشَةَ ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخِطْمِيُّ ، هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ حَدِيثٍ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ كُنْت جَالِسًا عِنْدَ أَمِيرٍ قَدْ سَمَّاهُ فَجَعَلَ يَتَرَدَّدُ عَلَيْهِ بِرُءُوسِ الْخَوَارِجِ قَالَ فَجَعَلْتُ كُلَّمَا رَأَيْتُ رَأْسًا مِنْهَا قُلْت إلَى النَّارِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ يَا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { يَكُونُ عَذَابُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي دُنْيَاهَا } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخِطْمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ نَزَلَ الْكُوفَةَ وَاخْتَطَّ بِهَا دَارًا وَوَلَّاهُ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى مَا كُنَّا فِيهِ مِنْ عَدَدِ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ الشُّفَعَاءِ لِصَاحِبِهَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ يَعْنِي السُّكَّرِيَّ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غُفِرَ لَهُ } .
وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي أَبَا مُعَاوِيَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيَّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غُفِرَ لَهُ } .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عَدَدِ الْجَمَاعَةِ

الْمُشَفَّعِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ ثنا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ فَقَالَ لِكُرَيْبٍ اُنْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ النَّاسِ قَالَ فَخَرَجْت فَإِذَا نَاسٌ قَدْ اجْتَمَعُوا قَالَ أَخْرِجُوهُ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ } .
وَوَجَدْنَا عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُوَافِقُ مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُخَالِفُ مَا رَوَيْنَاهُ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ سُوَيْد بْنُ نَصْرٍ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيعِ عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً يَشْفَعُونَ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ } قَالَ سَلَّامٌ فَحَدَّثْت بِهِ شُعَيْبَ بْنَ الْحَبْحَابِ فَقَالَ حَدَّثَنِي بِهِ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ .
فَكَانَ جَوَابُنَا عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جَادَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْغُفْرَانِ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْهُمْ بِشَفَاعَتِهِمْ لَهُ ، ثُمَّ جَادَ لَهُ بِالْغُفْرَانِ بِشَفَاعَةِ أَرْبَعِينَ مِنْهُمْ فَكَانَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ هُوَ آخِرُ مَا كَانَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا جَادَ بِسَبَبِهِ

بِالْغُفْرَانِ لِلْمُصَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِشَفَاعَتِهِمْ وَكَانَ خَبَرُ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مُتَقَدِّمَيْنِ لِذَلِكَ فَقَالَ وَلِمَ حَمَلْتَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْت وَلَمْ تَحْمِلْهُ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ هُمَا الْمُتَأَخِّرَانِ وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَجُودَ بِغُفْرَانٍ بِمَعْنًى ، ثُمَّ يَرْجِعَ عَنْ الْغُفْرَانِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَجُودَ بِالْغُفْرَانِ بِمَعْنًى ، ثُمَّ يَجُودَ بِالْغُفْرَانِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَبِأَيْسَرِهِ عَلَى خَلْقِهِ الَّذِينَ جَادَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْعَدَدَيْنِ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ { إنَّ لِلْقَبْرِ لَضَغْطَةً لَوْ نَجَا مِنْهَا أَحَدٌ لَنَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ } حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { إنَّ لِلْقَبْرِ لَضَغْطَةً لَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ } هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِغَيْرِ إدْخَالٍ مِنْهُ بَيْنَ نَافِعٍ وَبَيْنَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَحَدًا وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَيْسَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ثنا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْت نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنْ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنُ سَالِمٍ الصَّائِغُ الْمَكِّيُّ أَبُو جَعْفَرٍ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر الْكَرْمَانِيُّ قَاضِي كَرْمَانَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَعْدُ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْت نَافِعًا عَنْ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَدْ خَالَفَ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ شُعْبَةَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعْدٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ .
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَوْ أَنَّ أَحَدًا نَجَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ لَنَجَا مِنْهُ سَعْدٌ ثُمَّ قَالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثَةِ يَجْمَعُهَا كَأَنَّهُ يَقْلِبُهَا ، ثُمَّ قَالَ ، لَقَدْ ضُغِطَ ، ثُمَّ عُوفِيَ } فَقَالَ قَائِلٌ أَفَيَكُونُ هَذَا مُضَادًّا لِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي هَذَا الْمَعْنَى ؟ فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي

هِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ إلَّا بَرِئَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ } .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ ، فَإِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ سَيْفٍ لَمْ يَلْقَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَإِنَّمَا كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ ثنا أَبُو زُرْعَةَ أَنْبَأَ حَيْوَةُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو { ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ رَأَى ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ فَقَالَ لَهَا مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ يَا فَاطِمَةُ ؟ فَقَالَتْ أَقْبَلْتُ مِنْ وَرَاءِ جِنَازَةِ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ بَلَغْتِ الْكُدَى قَالَتْ : وَكَيْفَ أَبْلُغُهَا وَقَدْ سَمِعْت مِنْك مَا سَمِعْت ؟ فَقَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ بَلَغْتِ الْكُدَى مَا رَأَيْتِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيك } ثُمَّ عُدْنَا إلَى طَلَبِ مَنْ بَيْنَ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ قَحْزَمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنًا لِفَيَّاضِ بْنِ عُقْبَةَ تُوُفِّيَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَاشْتَدَّ وَجْدُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ : يَا أَبَا يَحْيَى أَلَا أُبَشِّرُكَ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو سَمِعْتُهُ يَقُولُ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوْ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ إلَّا بَرِئَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ } .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ

اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ عَنْ اللَّيْثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ قَحْزَمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنًا لِفَيَّاضِ بْنِ عُقْبَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَزَادَ عَلَى يُونُسَ فِي إسْنَادِهِ إدْخَالَهُ بَيْنَ اللَّيْثِ وَبَيْنَ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ وَسَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ ، وَهُوَ أَشْبَهُ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى فَسَادِ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمِثْلِهِ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِمَّا يُوجِبُ حَدِيثُ عَائِشَةَ دُخُولَهُ فِيهِ ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعَوْنَ عَلَى ذَلِكَ ، وَنَسْتَوْثِقُهُ فِيمَا أَمَّلْنَا .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِيمَا تَغْرُبُ فِيهِ الشَّمْسُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ { دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَلَمَّا غَابَتْ الشَّمْسُ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ قَالَ قُلْت اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ تَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا اُطْلُعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا قَالَ ثُمَّ قَرَأَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا } فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ فِي السَّمَاءِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا فِيمَا تَغْرُبُ فِيهِ مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُد الْحَرَّانِيُّ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَرَأَ { فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } } وَكَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا لَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ غَيْرُ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ دَاوُد ، وَهُوَ مِمَّا يُخَطِّئُهُ فِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَيَقُولُونَ إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ أَصْحَابُ حَمَّادٍ فَلَمْ يَرْفَعُوهُ فَمِمَّنْ خَالَفَهُ فِيهِ مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ الْأَنْمَاطِيُّ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا { فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } يَهْمِزُهَا .

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمُوَافَقَةِ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ يَعْنِي الطَّاحِيَّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ مِصْدَعٍ أَبِي يَحْيَى عَنْ { ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْرَأَنِي أُبَيٌّ كَمَا أَقْرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } مُخَفَّفَةً } .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مُخَفَّفَةً وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مُخَفَّفَةً فَفِيمَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيٍّ هَذَا مَا يُثْبِتُ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ شَدَّدَ ذَلِكَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَالَفَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَنَحْنُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ { عَيْنٍ حَمِئَةٍ } وَقَالَ عَمْرٌو حَامِيَةٍ قَالَ فَسَأَلْنَا كَعْبًا فَقَالَ : إنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ لَتَغْرُبُ فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ فِي شَاهِدِ حَمِئَةٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي حَاضِرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْت عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ تَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ وَجَدَهَا

تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ قَالَ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْت لِمُعَاوِيَةَ أَتَسْأَلُ هَذَا عَنْ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا نَزَلَ فِي بَيْتِي فَقَالَ كَيْفَ تَقْرَؤُهَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ؟ فَقُلْتُ : " وَجَدَهَا { تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قَالَ أَبُو حَاضِرٍ فَقُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَا أَشُدُّ قَوْلَك بِقَوْلِ صَاحِبِنَا تُبَّعٍ قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَبْلِي مُسْلِمًا مَلِكًا يَدِينُ لَهُ الْمُلُوكُ وَتَحْشِدُ بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي أَسْبَابَ عِلْمٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدِ وَأَتَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطٍ حَرْمَدِ فَالْخُلُبُ فِي لُغَتِنَا الطِّينُ وَالثَّأْطُ الْحَمْأَةُ وَالْحَرْمَدُ الْأَسْوَدُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ لِي : هَذِهِ قَوَافِي مُخْتَلِفَةٌ وَقَدْ رَأَيْت أَهْلَ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ مِنْهُمْ أَبُو بِجَادٍ الْحَارِثِيُّ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْشِدُونَ الْأَوَّلَ مِنْ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرْت لِي عَنْ يُونُسَ ، وَهُوَ قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ خَالِي قَدْ أَتَى طَرَفَ الْبِلَادِ مِنْ الْمَكَانِ الْأَبْعَدِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ حَتَّى تَلْتَئِمَ قَوَافِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ وَتَعُودَ كُلُّهَا إلَى الْحَرْفِ وَلَا تَخْتَلِفَ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَاضِرٍ أَوْ أَبُو حَاضِرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ فِي الْكَهْفِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ فَقُلْت إنَّا نَقْرَؤُهَا { حَمِئَةٍ } فَسَأَلَ مُعَاوِيَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْهَا فَقَالَ كَمَا قَرَأْتهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْت فِي بَيْتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ إلَى كَعْبٍ يَسْأَلُهُ أَيْنَ تَجِدُ الشَّمْسَ تَغْرُبُ فِي التَّوْرَاةِ ؟ قَالَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ قَالَ فَقُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ لَوْ كُنْت عِنْدَكُمْ لَرَفَدْتُكَ بِمَا تَزْدَادُ بِهِ بَصِيرَةً فِي حَمِئَةٍ قَالَ ابْنُ

عَبَّاسٍ وَمَاذَا هُوَ ؟ قَالَ قُلْتُ نَجُدُ فِيمَا كَانَ مِنْ قَوْلِ تُبَّعٍ مَا ذَكَرَهُ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنْ كَلَفِهِ بِالْعِلْمِ وَإِمْعَانِهِ إيَّاهُ بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي أَسْبَابَ أَمْرٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدِ فَرَأَى مَغَابَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا فِي عَيْنٍ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطٍ حَرْمَدِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا الْخُلُبُ ؟ قَالَ قُلْت : الطِّينُ فِي كَلَامِهِمْ قَالَ فَمَا الثَّأْطُ ؟ قُلْت : الْحَمَأَةُ قَالَ فَمَا الْحَرْمَدُ ؟ قُلْت : الْأَسْوَدُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرَجُلٍ اُكْتُبْ مَا يَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ فَقَالَ قَائِلٌ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيٍّ هَذَا يُخَالِفُ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رَوَيْتُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَفِي هَذَا غُرُوبُهَا فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ وَالطِّينُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ أَنَّ الطِّينَ قَدْ يَكُونُ فِي السَّمَاءِ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى مِمَّا ذَكَرَهُ عَنْ أَضْيَافِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا كَانَ جَوَابًا مِنْهُمْ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ قَوْلِهِ { فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ } فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطِّينَ فِي السَّمَاءِ كَمَا هُوَ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَفِي شِعْرِ تُبَّعٍ الَّذِي رَوَيْتَهُ : فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ فَذَلِكَ مِمَّا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ قَدْ رَأَى مَغِيبَهَا وَأَنَّهُ فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ هُوَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْحُجَّةُ فِي اللُّغَةِ وَفِيمَا سِوَاهَا وَمَعَ هَذَا فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الرُّؤْيَةُ الَّتِي أَرَادَهَا تُبَّعٌ رُؤْيَةَ يَقِينٍ وَعِلْمٍ بِالْقَلْبِ لَا رُؤْيَةَ عَيْنٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ

الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رُؤْيَةِ الْقُلُوبِ وَيَقِينِهَا لَا عَلَى رُؤْيَةِ الْأَبْصَارِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الِالْتِئَامِ بِغَيْرِ تَضَادٍّ فِيهِ وَلَا اخْتِلَافٍ وَقَدْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ أَعْنِي حَمِئَةً غَيْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِخِلَافِ مَا قَرَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ حَامِيَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ .
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ثنا الْخَفَّافُ عَنْ هَارُونَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ حَامِيَةً يَقُولُ : حَارَّةٍ وَمِنْهُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ثنا خَلَفٌ ثنا عُبَيْدُ بْنُ عَقِيلٍ عَنْ شِبْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ حَامِيَةٍ بِأَلِفٍ كَمِثْلِهِ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ عَنْ الَّذِي كَانَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ مِنْ عَمْرٍو وَمِنْ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَيْضًا وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافَقَةَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي حَمِئَةٍ وَالْأَكْثَرُ مِنْهُمْ عَلَى حَامِيَةٍ وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ وَتَرَكْنَا مَا سِوَاهُ مِمَّا لَا يَتَّصِلُ أَسَانِيدُهُ وَكَانَ مِمَّنْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ أَيْضًا عَاصِمٌ وَسُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَذَكَرَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى ذَلِكَ وَيَخْتَارُهُ لِكَثْرَةِ عَدَدِ الْقُرَّاءِ ؛ وَلِأَنَّ عَاصِمًا لِقِرَاءَتِهِ مِنْ صِحَّةِ الْمَخْرَجِ مَا لَيْسَ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ سَمِعْت يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ يَقُولُ إنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ تُؤْخَذُ بِصِحَّةِ الْمَخْرَجِ فَمَا نَعْلَمُ لِقِرَاءَةٍ مِنْ صِحَّةِ الْمَخْرَجِ مَا صَحَّ لِقِرَاءَةِ عَاصِمٍ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي عَبْدِ

الرَّحْمَنِ وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَلِيٍّ وَقَرَأَ عَلِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَكُنْت أَنْصَرِفُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَمُرُّ بِزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ كَمَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلَا يُغَيِّرُ عَلَيَّ شَيْئًا قَالَ وَقَرَأَ زِرٌّ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَصَدَقَ وَقَدْ كُنَّا أَخَذْنَا قِرَاءَةَ عَاصِمٍ حَرْفًا حَرْفًا عَنْ رَوْحِ بْنِ الْفَرَجِ وَحَدَّثَنَا أَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَاصِمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْت لِعَاصِمٍ عَلَى مَنْ قَرَأْت ؟ فَقَالَ عَلَى السُّلَمِيِّ وَقَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ وَقَرَأَ عَلِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ عَاصِمٌ وَكُنْتُ أَجْعَلُ طَرِيقِي عَلَى زِرٍّ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ وَقَرَأَ زِرٌّ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَقَدْ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ سَمِعْت حَفْصَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيَّ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَرَأْت عَلَى عَلِيٍّ فَأَكْثَرْتُ وَأَمْسَكْتُ عَلَيْهِ فَأَكْثَرْتُ وَأَقْرَأْتُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ حَتَّى خَتَمَا الْقُرْآنَ وَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِحُرُوفِ الْقُرْآنِ فَمَا خَالَفَ عَلِيًّا فِي حَرْفٍ فَلَوْ أَضَافَ مُضِيفٌ قِرَاءَةَ عَاصِمٍ كُلَّهَا إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَا كَانَ مُعَنَّفًا وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى تَقْرَأُ قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ ؟ قَالَ بَلْ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ هِيَ الْآخِرَةُ { إنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَعْرِضُ

عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ مَرَّتَيْنِ } فَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ مَا نُسِخَ مِنْهُ وَمَا بُدِّلَ .
وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَرَوْنَ آخِرًا ؟ قَالُوا قِرَاءَةَ زَيْدٍ قَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَلَمَّا كَانَتْ السَّنَةُ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فَشَهِدَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَكَانَتْ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ آخِرًا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالِاخْتِلَافُ فِي هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي هَذَا الْحَرْفِ مِنْ أَيْسَرِ الِاخْتِلَافِ ؛ لِأَنَّا إذَا صَحَّحْنَا مَا رُوِيَ فِي الْعَيْنِ الَّتِي تَغْرُبُ فِيهَا الشَّمْسُ اسْتَحَقَّ بِذَلِكَ الْحَمَأُ وَالْحَرَارَةُ جَمِيعًا فَكَانَتَا مِنْ صِفَاتِهَا وَكَانَ مَنْ قَرَأَ " حَامِيَةٍ " وَصَفَهَا بِإِحْدَى صِفَاتِهَا وَمَنْ قَرَأَ " حَمِئَةٍ " وَصَفَهَا بِصِفَتِهَا الْأُخْرَى ، وَذَلِكَ وَاسِعٌ غَيْرُ ضَيِّقٍ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى قِرَاءَةً مِنْ هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ { عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي جَوَابِهِ كَانَ لِزَوْجَتَيْهِ أُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى وَهُمَا عِنْدَهُ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ احْتَجَبَا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ أَعْمَى لَا يَرَانَا وَلَا يَعْرِفُنَا وَمِنْ قَوْلِهِ لَهُمَا أَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا } .
حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ { نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَيْمُونَةَ قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ } .
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ { عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كُنْت عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ فَاسْتَأْذَنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْحِجَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومَا فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا ؟ } فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا حَجَبَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّاسِ فَمَنَعَهُمْ عَنْ رُؤْيَتِهِنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي ذَلِكَ حَجْبُ النَّاسِ عَنْهُنَّ كَمَا حَجَبَهُنَّ عَنْ النَّاسِ ، وَأَنَّهُ حَرَامٌ

عَلَيْهِنَّ النَّظَرُ إلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعُمْيَانُ وَالْبُصَرَاءُ جَمِيعًا فَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا ذَكَرْنَا مَا قَدْ خَالَفَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ رُضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا ، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ { رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَأَنَا جَارِيَةٌ فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْعَرِبَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ } وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ عَمْرٌو عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ { وَكَانَ يَوْمًا عِنْدِي تَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعِبَ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا قَالَ تَنْظُرِينَ ؟ فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ حِذَاءَ خَدِّهِ ، وَهُوَ يَقُولُ دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ حَتَّى إذَا مَلِلْتُ قَالَ حَسْبُكِ ؟ قُلْت نَعَمْ قَالَ اذْهَبِي } حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ ابْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ { دَخَلَ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ فَقَالَ لِي يَا حُمَيْرَاءُ أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إلَيْهِمْ ؟ فَقُلْت نَعَمْ فَقَامَ بِالْبَابِ وَجِئْتُهُ فَوَضَعْتُ ذَقَنِي عَلَى عَاتِقِهِ وَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إلَى خَدِّهِ وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ أَبُو الْقَاسِمِ طَيِّبًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسْبُكِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ فَقَامَ ثُمَّ قَالَ حَسْبُك فَقُلْتُ لَا تَعْجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَتْ وَمَا بِي حُبُّ النَّظَرِ إلَيْهِمْ ، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي أَوْ مَكَانِي مِنْهُ } وَمَا

قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ { دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعْهُمْ يَا عُمَرُ فَإِنَّهُمْ بَنُو أَرْفِدَةَ } فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا لَمْ يَبِنْ لَنَا مُضَادَّتُهُ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ مَكْشُوفَ الْمَعْنَى وَمَوْقُوفًا بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ وَعَلَى أَنَّ مَا فِيهِ مِمَّا خَاطَبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُمَّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَ زَوْجَتَيْهِ كَانَ لِامْرَأَتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ قَدْ لَحِقَهُمَا الْعِبَادَةُ وَكَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ لَا ذِكْرَ فِيهِ لِتَقَدُّمِ نُزُولِ الْحِجَابِ فِي نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ النَّاسِ وَفِي حِجَابِ النَّاسِ عَنْهُنَّ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ إلَّا كَانَ لِمُخَالِفِهِ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ فَيَتَكَافَآنِ فِي ذَلِكَ وَإِذَا تَكَافَآ فِيهِ ارْتَفَعَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ وَهِيَ حِينَئِذٍ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ فَلَمْ يَلْحَقْهَا الْعِبَادَاتُ فَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ مِنْهَا كَانَ وَلَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَفِيمَا رَوَيْتُمْ عَنْ عَائِشَةَ مَا يَجِبُ دَفْعُهُ وَتَرْكُ قَبُولِهِ ؛ لِأَنَّ فِيهِ لَعِبَ السُّودَانِ بِالدَّرَقِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَذَلِكَ مِنْ اللَّهْوِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَكَيْفَ فِيهِ عَلَى تَجَاوُزِ حُرْمَتِهِ حُرْمَتَهُمْ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَوُصِلَ ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ

حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ سَهْمِ قُرَيْشٍ كَانَ مِنْ سَهْمِ بَاهِلَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ { قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ أَبْدَلَكُمَا بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ } وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِمَّا كَانَ مِنْ السُّودَانِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ الْمَذْمُومِ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَمْثَالِهِمْ فِي الْحَرْبِ فَذَلِكَ مَحْمُودٌ مِنْهُمْ فِي الْمَسْجِدِ وَفِيمَا سِوَاهُ وَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ اللَّعِبِ كَانَ عَلَى جِهَةِ اللَّهْوِ مِمَّا لَا يُقَابَلُ بِمِثْلِهِ عَدُوٌّ وَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْإِسْلَامِ وَلَا لِأَهْلِهِ فَذَلِكَ مَذْمُومٌ مِنْ أَهْلِهِ غَيْرُ مَحْمُودٍ مِنْهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِنْفٍ مِنْ اللَّهْوِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ آلَةٌ فِي حَرْبِ الْعَدُوِّ وَأَنَّهُ مَحْمُودٌ كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَزْرَقِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً الْجَنَّةَ صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْأَجْرَ وَالرَّامِيَ بِهِ وَمُنْبِلَهُ فَارْمُوا وَارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا وَلَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ إلَّا ثَلَاثَةٌ تَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ وَمُدَاعَبَتُهُ امْرَأَتَهُ وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ

وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ كَانَتْ نِعْمَةً كَفَرَهَا } وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا هِشَامُ بْنُ زَكَرِيَّا بِإِسْنَادِهِ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ثنا أَبُو رَجَاءَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ قَالَ لِي عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَكَانَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ هَذَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْ اللَّهْوِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ تَعْلِيمُ آلَةِ الْحَرْبِ مِمَّا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ أَهْلُهُ فَبَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ أَنْ لَا شَيْءَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُضَادٌّ لِشَيْءٍ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ وَأَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْهُ فَلِمَعْنًى أَرَادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وَأَنَّ تَمْيِيزَ ذَاكَ وَوَضْعَهُ مَوَاضِعَهُ يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمِثْلِهِ لَا مِمَّنْ سِوَاهُمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ { عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَتِهِ إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ } .
حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ ثنا الشَّافِعِيُّ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهَا ، وَأَنَّهَا سَأَلَتْ كَمْ بَقِيَ عَلَيْك مِنْ كِتَابَتِكَ ؟ فَذَكَرَ شَيْئًا قَدْ سَمَّاهُ فَأَمَرَتْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ أَخِيهَا وَأَلْقَتْ الْحِجَابَ مِنْهُ وَقَالَتْ عَلَيْك السَّلَامُ وَذَكَرَتْ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ { إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ } قَالَ سُفْيَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ وَثَبَّتَهُ مَعْمَرٌ .
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ ثنا سَعِيدُ بْنُ دَاوُد بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ قَالَ فَكُنْت أَتَمَسَّكُ بِهَا كَيْمَا أَدْخُلَ عَلَيْهَا وَأَرَاهَا فَقَالَتْ وَهِيَ تَسِيرُ مَاذَا بَقِيَ عَلَيْك مِنْ كِتَابَتِكَ يَا نَبْهَانُ ؟ قُلْت : أَلْفَا دِرْهَمٍ قَالَتْ فَهُمَا عِنْدَك ؟ فَقُلْت : نَعَمْ فَقَالَتْ : ادْفَعْ مَا بَقِيَ عَلَيْك مِنْ كِتَابَتِك إلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ فَإِنِّي قَدْ أَعَنْتُهُ بِهِمَا فِي نِكَاحِهِ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ، ثُمَّ أَلْقَتْ دُونِي الْحِجَابَ فَبَكَيْتُ وَقُلْتُ : وَاَللَّهِ لَا أُعْطِيهَا إيَّاهَا أَبَدًا قَالَتْ إنَّك وَاَللَّهِ يَا بُنَيَّ لَنْ تَرَانِي أَبَدًا { إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إلَيْنَا أَنَّا إذَا كَانَ عِنْدَ مُكَاتَبِ إحْدَاكُنَّ وَفَاءٌ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ فَاضْرِبْنَ دُونَهُ الْحِجَابَ } .
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ

مُجَمِّعٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ لِزَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ بَعْدَ وُقُوفِنَا بِهِ وَبِمَا سِوَاهُ مِنْ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَعْتِقُ بِإِلْقَاءِ الْحِجَابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ كَاتَبَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي مِمَّا قَدْ بُيِّنَ فِي بَعْضِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ الْوَفَاءُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ ، وَهُوَ غَيْرُ عَتِيقٍ يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَهُ قَبْلَ أَدَائِهِ إيَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ كِتَابَتِهِ إلَى مَنْ كَانَ كَاتَبَهُ وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ مَا أَبَاحَ لِأَزْوَاجِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ النَّظَرِ إلَى مَنْ أَبَاحَ لَهُنَّ النَّظَرَ إلَيْهِ مِنْ النَّاسِ وَأَبَاحَ لِمَنْ أَبَاحَ لَهُنَّ ذَلِكَ مِنْهُ النَّظَرَ إلَيْهِنَّ بِقَوْلِهِ { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ } إلَى { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } .
فَوَجَدْنَا مَنْ كَاتَبَهُنَّ مِمَّا ذَكَرْنَا قَدْ دَخَلَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ بِالدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَانَ مَا دَلَّ عَلَى مَنْ كَاتَبْنَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ مِمَّا إذَا أَدَّاهُ الْمُكَاتَبُ الَّذِي قَدْ حَلَّ عَلَيْهِ عَتَقَ بِهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَى سَيِّدَتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ تَأْخِيرُهُ ذَلِكَ لِيَسَعَ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا بِمِلْكِهَا إيَّاهُ حَرَامًا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِيَبْقَى لَهُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا أَدَّى ذَلِكَ الْوَاجِبَ لِمَنْ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ فَهَذَا وَجْهُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ { إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ } وَمِمَّا يُسْتَخْرَجُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْأَحْكَامِ مِمَّا

يَدْخُلُ فِيهِ مَعَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ سِوَاهُنَّ مِنْ النَّاسِ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا الْمُكَاتَبَةَ فِي حَالِ مُكَاتَبَتِهَا لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِلَا قِنَاعٍ وَإِذَا بَرِئَتْ مِنْ مُكَاتَبَتِهَا بِأَدَائِهَا إيَّاهَا إلَى مَنْ كَاتَبَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ كَمَا تُصَلِّي سَائِرُ النِّسَاءِ بِقِنَاعٍ ، فَاحْتِبَاسُهَا مُكَاتَبَتَهَا لِيَتَّسِعَ ذَلِكَ لَهَا فِي صَلَاتِهَا حَرَامٌ عَلَيْهَا وَرَأَيْنَاهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ مِنْ طَلَاقِهِ إيَّاهَا .
تَعْتَدُّ نِصْفَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَإِذَا أَدَّتْ فَعَتَقَتْ حَالَتْ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَتْ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ كَسَائِرِ النِّسَاءِ الْحَرَائِرِ سِوَاهَا وَكَانَتْ فِي عِدَّتِهَا قَبْلَ أَدَائِهَا مُكَاتَبَتَهَا لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَبَعْدَ أَدَائِهَا إيَّاهَا عَلَيْهَا فِيهَا مِنْ الْإِحْدَادِ مَا عَلَى سَائِرِ الْحَرَائِرِ سِوَاهَا فِي مِثْلِهَا فَإِذَا احْتَبَسَتْ مُكَاتَبَتَهَا لِيَتَّسِعَ لَهَا مَا يَحِلُّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ وَلِتَكُونَ فِي عِدَّتِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْحَرَائِرِ سِوَاهَا كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا عَلَيْهَا وَرَأَيْنَاهَا فِي مُكَاتَبَتِهَا لَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِلَا مَحْرَمٍ إلَى حَيْثُ شَاءَتْ وَهِيَ بَعْدَ أَدَائِهَا مُكَاتَبَتِهَا فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ هَذَا الْحُكْمِ فَإِذَا احْتَبَسَتْ مُكَاتَبَتَهَا لِيَتَّسِعَ لَهَا هَذَا الْمَعْنَى كَانَ حَرَامًا عَلَيْهَا وَوَجَدْنَا سَائِرَ الْمُكَاتَبِينَ مِنْ الذُّكْرَانِ فِي حَالِ مُكَاتَبَاتِهِمْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَهُمْ فِيهَا بَعْدَ أَدَائِهِمْ مُكَاتَبَاتِهِمْ وَعَتَاقِهِمْ بِذَلِكَ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَوَاتِ عَلَيْهِمْ كَوُجُوبِهَا عَلَى سَائِرِ ذَوِي الزَّكَوَاتِ مِنْهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ فَإِذَا احْتَبَسُوا مُكَاتَبَتَهُمْ لِسُقُوطِ الزَّكَوَاتِ عَنْهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ لَوْ أَدَّوْا مُكَاتَبَتَهُمْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ .
فَهَذِهِ وُجُوهٌ مِنْ وُجُوهِ الْفِقْهِ مَوْجُودَةٌ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي خَاطَبَ بِهِ زَوْجَتَهُ أُمَّ سَلَمَةَ

يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْفِقْهِ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَالتَّأَمُّلُ لَهَا فِي أَقْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ الْفَوَائِدِ وَمِنْ الْمَعَانِي الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى مِمَّا يُنَزِّلُهُ فِي كِتَابِهِ وَمِمَّا يُجْرِيهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

( بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي رَفْعِ الْعِلْمِ عَنْ النَّاسِ وَقَبْضِهِ مِنْهُمْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْت اللَّيْثَ يَقُولُ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَظَرَ إلَى السَّمَاءِ يَوْمًا فَقَالَ هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ : يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ زِيَادٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ : يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَقَدْ أُثْبِتَ وَوَعَتْهُ الْقُلُوبُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنْ كُنْتُ لَأَحْسِبكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ ذَكَرَ ضَلَالَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ : فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ عَوْفٍ فَقَالَ : صَدَقَ عَوْفٌ أَلَا أُخْبِرُك بِأَوَّلِ ذَلِكَ يُرْفَعُ ؟ الْخُشُوعُ حَتَّى لَا تَرَى خَاشِعًا } حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ الْفَوْزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ ثنا ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ الْوَلِيدِ الْجُرَشِيِّ ثنا جُبَيْرٌ عَنْ عَوْفٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ لَبِيدِ بْنِ زِيَادٍ : زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ وَإِلَّا أَنَّهُ قَالَ : { يُرْفَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِينَا كِتَابُ اللَّهِ وَقَدْ عَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا ؟ } حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ وَالْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَبُو إسْمَاعِيلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ جُبَيْرٍ { عَنْ عَوْفٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ قَدْ

قَرَأْنَاهُ وَعَلَّمْنَاهُ صِبْيَانَنَا وَنِسَاءَنَا ؟ فَذَكَرَ ضَلَالَةَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، ثُمَّ قَالَ : ذَهَابُهُ بِذَهَابِ أَوْعِيَتِهِ قَالَ جُبَيْرٌ فَلَقِيت شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فَذَكَرْت لَهُ حَدِيثَ عَوْفٍ فَقَالَ صَدَقَ عَوْفٌ وَأَوَّلُ مَا يُرْفَعُ الْخُشُوعُ حَتَّى لَا تَرَى خَاشِعًا } وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ { عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَوَاَللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّك يَا زِيَادُ وَإِنْ كُنْتُ لَأَعُدّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا يُغْنِي عَنْهُمْ } قَالَ جُبَيْرٌ فَلَقِيت عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقُلْت لَهُ أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَخُوك أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخْبَرْتُهُ بِاَلَّذِي قَالَ قَالَ فَقَالَ صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إنْ شِئْت لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ الْخُشُوعُ يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ الْجَمَاعَةِ فَلَا تَرَى فِيهِ خَاشِعًا .
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ { عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا وَذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ابْنَ أُمِّ لَبِيدٍ إنْ كُنْتُ أُرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ

رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَا يَفْقَهُونَ مِمَّا فِيهِمَا شَيْئًا } .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَأَنْكَرَ مُنْكِرٌ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَقَالَ كَيْفَ يَكُونُ الْعِلْمُ يُرْفَعُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَيَّامُهُ هِيَ الْأَيَّامُ السَّعِيدَةُ الَّتِي لَا أَمْثَالَ لَهَا وَالْوَحْيُ إنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِيهَا فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهَا وَيَبْقَى فِي أَيْدِي النَّاسِ لِيُبَلِّغَهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا أُمِرُوا بِهِ فِيهِ يَكُونُ ذَلِكَ مَرْفُوعًا فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ انْقَطَعَ التَّبْلِيغُ وَبَقِيَ النَّاسُ فِي أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا عِلْمٍ وَكَانُوا بَعْدَهُ فِي خُرُوجِهِمْ عَنْهُ أَغْلَطَ وَهَذَا يَسْتَحِيلُ ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ إنَّمَا عُلِّمَ لِيَأْخُذَهُ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَحَادِيثِ وَأَصَحِّهَا ، وَأَنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ نَظَرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى السَّمَاءِ وَمِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ ذَلِكَ هَذَا أَوَانٌ يُرْفَعُ فِيهِ الْعِلْمُ إنَّمَا هُوَ إشَارَةٌ مِنْهُ إلَى وَقْتٍ يُرْفَعُ فِيهِ الْعِلْمُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَقْتٌ يَكُونُ بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ كَلِمَةٌ يُشَارُ بِهَا إلَى الْأَشْيَاءِ مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } لَيْسَ هُمْ فِيهِ يَوْمَ أُنْزِلَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مَرْئِيٍّ يَوْمَ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي أَمْثَالٍ لِهَذَا كَثِيرَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ عَوْفٍ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا نَظَرَ إلَى السَّمَاءِ أُرِيَ فِيهَا الزَّمَانَ الَّذِي يُرْفَعُ فِيهِ الْعِلْمُ فَقَالَ مَا قَالَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا

ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا احْتِجَاجُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِضَلَالَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعِنْدَ الْيَهُودِ مِنْهُمْ التَّوْرَاةُ وَعِنْدَ النَّصَارَى مِنْهُمْ الْإِنْجِيلُ وَلَمْ يَمْنَعَاهُمْ مِنْ الضَّلَالَةِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَهَابِ أَنْبِيَائِهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَا فِي أَيَّامِهِمْ فَكَذَلِكَ مَا تَوَاعَدَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ أُمَّتَهُ فِي حَدِيثِ عَوْفٍ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ أَيَّامِهِ وَبَعْدَ ذَهَابِ مَنْ تَبِعَهُ وَخَلَفَهُ بِالرُّشْدِ وَالْهِدَايَةِ مِنْ أَصْحَابِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَمِنْ سَائِرِ أُمَّتِهِ سِوَاهُمْ وَفِي حَدِيثِ عَوْفٍ الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلُ جُبَيْرٍ فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ صَدَقَ عَوْفٌ وَأَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنْ ذَلِكَ الْخُشُوعُ حَتَّى لَا تَرَى خَاشِعًا وَالْخُشُوعُ الَّذِي أَرَادَ شَدَّادٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، هُوَ الْإِخْبَاتُ وَالتَّوَاضُعُ وَالتَّذَلُّلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ النَّحْوِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَعْرُوفُ بِوَلَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمَصَادِرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى فِي قَوْله تَعَالَى { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } قَالَ الْخَاشِعُونَ الْمُخْبِتُونَ الْمُتَوَاضِعُونَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَرَى ذَلِكَ فِيهِمْ وَيَكُونَ عَلَامَةً لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِهِ أَصْحَابَ نَبِيِّهِ : { وَاَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ } إلَى قَوْلِهِ : { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } وَأَثَرُ السُّجُودِ فِيمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } قَالَ الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ .
وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ }

قَالَ الْخُشُوعُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ } قَالَ أَثَرُ التُّرَابِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثنا هَارُونُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْت عِكْرِمَةَ وَسُئِلَ { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } قَالَ أَثَرُ التُّرَابِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكُلُّ هَذَا صِفَاتُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ تُرْفَعُ عَنْهُمْ وَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِمَّا يُقَوِّي التَّأْوِيلَ الَّذِي تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عَوْفٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا حَمَلَنَا عَلَيْهِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ شَدَّادٍ فِيهِ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى رَفْعِ الْعِلْمِ فِي الْأَوَانِ الَّذِي يُرْفَعُ فِيهِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الزَّمَانُ الَّذِي لَا خُشُوعَ فِيهِ مَعَ النَّاسِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ الْخُشُوعُ كَانَتْ مَعَهُمْ الْقَسْوَةُ وَالِاسْتِكْبَارُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الَّذِي يَعُودُ إلَى عَوْفٍ وَشَدَّادٍ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَهَابِ الْعِلْمِ أَنَّهُ ذَهَابُ أَوْعِيَتِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ .
مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ انْتِزَاعًا ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا سُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا } .
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْأَسَدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُنَاسَةَ ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ

بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ثنا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا أَبُو غَسَّانَ ثنا زُهَيْرُ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ جَمِيعًا قَالَا ثنا ابْنُ وَهْبٍ ثنا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ ثنا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هَكَذَا قَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ مَكَانَ ابْنِ عَمْرٍو فِيمَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو كَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إهَابٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمَّا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي إسْنَادِهِ بَحَثْنَا عَنْ ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْهُ فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ السَّمْحِ اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ يَا ابْنَ أَخِي إنِّي قَدْ أُخْبِرْتَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَاجٌّ فِي عَامِي هَذَا ، وَأَنَّهُ قَدْ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً فَلَقِيَ عُرْوَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَوِيَ فِي قُلُوبِنَا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ يَرْجِعُ إلَى عَبْدِ

اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَا إلَى عَائِشَةَ حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى مَا هُوَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ نَزَارٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ عِنْدَ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ، وَعَنْ ابْنِ عَمْرٍو جَمِيعًا وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ فَرَدَّهُ إلَى ابْنِ عَمْرٍو لَا إلَى عَائِشَةَ .
كَمَا حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ حِبَّانَ الْأَزْدِيُّ وَفَهْدٌ قَالَا ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ عَائِشَةَ وَغَيْرِ ابْنِ عَمْرٍو .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ } وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ جَلَسَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَيْمَنِ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ حَدِّثْنَا يَا أَبَا مُوسَى حَدِّثْنَا عَنْ الْأَيَّامِ الَّتِي سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { يَأْتِي عَلَيْكُمْ أَيَّامٌ يُقْبَضُ فِيهِنَّ الْعِلْمُ وَيَنْزِلُ فِيهِنَّ الْجَهْلُ وَيَكْثُرُ فِيهِنَّ الْهَرْجُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ هُوَ الْقَتْلُ بِالْحَبَشِيَّةِ } .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قُلْنَا وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ الْقَتْلُ وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ فَقَالَ عُمَرُ لَمَّا سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَأْثُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إنَّ قَبْضَ الْعِلْمِ لَيْسَ بِشَيْءٍ يُنْتَزَعُ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ وَلَكِنَّهُ فَنَاءُ الْعُلَمَاءِ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي النَّحْوِيَّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِيَادٍ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ الْقَتْلُ } .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { لَا تَزَالُ الْأُمَّةُ عَلَى شَرِيعَةٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ ثَلَاثٌ يُقْبَضُ مِنْهُمْ الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهِمْ وَلَدُ الْحِنْثِ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ الصَّقَّارُونَ قَالُوا وَمَا الصَّقَّارُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ نَشْءٌ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ تَحِيَّتُهُمْ بَيْنَهُمْ إذَا الْتَقَوْا التَّلَاعُنُ } فَفِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَوَانَ رَفْعِ الْعِلْمِ هُوَ عَلَى زَمَانٍ لَمْ يَكُنْ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ مَا قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى زَمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فَقَدْ

اتَّفَقَتْ آثَارُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّهَا الَّتِي رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَيَصْدُقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ ) ( بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَنْ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ ، وَهُوَ فِي لِحَافِهَا .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا عَفَّانَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أُخْتِهِ رُمَيْثَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ { أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لَهَا إنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُحِبُّ الْخَيْرَ كَمَا تُحِبُّهُ عَائِشَةُ فَإِذَا جَاءَكِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُولِي لَهُ إنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُحِبُّ الْخَيْرَ كَمَا تُحِبُّهُ عَائِشَةُ فَلَوْ أَمَرْت النَّاسَ يُهْدُونَ لَك حَيْثُ كُنْتَ قَالَتْ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قُلْتُ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَلَمَّا خَرَجَ قُلْنَ لَهَا مَا فَعَلْتِ ؟ قَالَتْ قَدْ قُلْت لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَقُلْنَ عَاوِدِيهِ فَعَاوَدْتُهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي ، ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَوَاَللَّهِ مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ يَنْزِلُ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِهَا لَيْسَ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْت لَا جَرَمَ وَاَللَّهِ لَا أُوذِيكَ فِيهَا أَبَدًا } فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُضَادُّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ قَالَ سَأَلْت كَعْبًا عَنْ حَدِيثِهِ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَذَكَرَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ إيَّاهُ وَقَالَ فِيهِ قَالَ كَعْبٌ وَأَخْبَرَتْنِي { أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَتْ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ تَعْنِي الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا تَوْبَتُهُ قَالَتْ فَلَمَّا بَقِيَ ثُلُثٌ مِنْ اللَّيْلِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ

تَوْبَتُنَا فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ تِيبَ عَلَى كَعْبٍ وَصَاحِبَيْهِ قَالَتْ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُرْسِلُ إلَيْهِ أُبَشِّرُهُ قَالَ إذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُونَكِ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ وَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا بَعْدَ مَا صَلَّى الصُّبْحَ } فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ أَنَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مُضَادٍّ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ إخْبَارُ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ تَوْبَةُ كَعْبٍ وَصَاحِبَيْهِ فِي بَيْتِهَا وَفِي لَيْلَتِهَا لَا مَا سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ فِي غَيْرِ لِحَافِهَا وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إثْبَاتُ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ يَنْزِلُ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِهَا لَيْسَ عَائِشَةَ فَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ أَنَّ نُزُولَ الْوَحْيِ كَانَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ فِي لِحَافِ عَائِشَةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَهْيِهِ عَنْ تَقْلِيدِ الْخَيْلِ الْأَوْتَارَ ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي مُصَبِّحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا وَامْسَحُوا نَوَاصِيَهَا وَادْعُوا لَهَا بِالْبَرَكَةِ وَقَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ } وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ مِمَّا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فَكَانَ مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا أَجَازَهُ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ كَأَنَّهُ يَحْكِيهِ عَنْ قَائِلٍ سِوَاهُ قَالَ الْأَوْتَارُ هَاهُنَا الذُّحُولُ يَقُولُ لَا تَطْلُبُوا عَلَيْهَا الذُّحُولَ الَّتِي وُتِرْتُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُ هَذَا أَشْبَهُ عِنْدِي بِالصَّوَابِ ، سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ مَعْنَاهُ الْأَوْتَارُ وَكَانُوا يُقَلِّدُونَهَا إيَّاهَا فَتُخْنَقُ بِهَا قَالَ .
وَمِمَّا يُصَدِّقُ ذَلِكَ حَدِيثُ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرٍ { أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِقَطْعِ الْأَوْتَارِ مِنْ أَعْنَاقِ الْخَيْلِ } قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ يُفْعَلُ بِهَا مَخَافَةَ الْعَيْنِ عَلَيْهَا حَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ أَبُو الْمُنْذِرِ الْوَاسِطِيُّ إسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ وَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَطْعِهَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهَذَا يُشْبِهُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِالتَّمَائِمِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَأَمَّا مَا حَكَاهُ

أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّمَا أَخَذَهُ فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ حَدِيثِهِ الَّذِي .
حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ { أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ أَلَا لَا تَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ وَلَا وَتَرٌ إلَّا قُطِعَتْ } قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ مِنْ الْعَيْنِ .
حَدَّثَنَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي بَشِيرٍ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بَعَثَ رَجُلًا وَقَالَ لَا تَدَعْ قِلَادَةَ وَتَرٍ وَلَا قِلَادَةً فِي عُنُقٍ يَعْنِي إلَّا قَطَعْتَهُ } .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا حَدِيثَ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فَوَجَدْنَا فِيهِ أَمْرَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَقْلِيدِ الْخَيْلِ بِقَوْلِهِ وَقَلِّدُوهَا فَكَانَ ذَلِكَ مَعْقُولًا أَنَّهُ أَرَادَ التَّقْلِيدَ الَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاسُ ، وَهُوَ تَقْلِيدُ الْخَيْلِ فِي أَعْنَاقِهَا ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ فَانْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ التِّرَاتَ وَثَبَتَ بِهِ أَنَّ مَا يُقَلِّدُهُ فِي أَعْنَاقِهَا مِمَّا أُمِرَ بِتَقْلِيدِهَا إيَّاهُ هُوَ مَا لَا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ كَمَا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَوْتَارِ إذَا قَلَّدَ بِهَا فَبَانَ بِذَلِكَ صِحَّةُ مَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي تَأْوِيلِهِ هَذَا الْمَعْنَى وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ سِوَاهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ذَلِكَ فِيهِ .
حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى } إلَى قَوْلِهِ { قَلْبِي } وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا ، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ كَمَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْت الدَّاعِيَ } .
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عِيسَى بْنِ تَلِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى } وَلَمْ يَقُلْ إذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُد بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ زَكَرِيَّا أَيْضًا سَوَاءً .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنِي عَمِّي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ زَكَرِيَّا أَيْضًا سَوَاءً فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ

إذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ الْآيَةَ الَّتِي لَمْ يَرَ مِثْلَهَا ، وَهُوَ إلْقَاءُ أَعْدَائِهِ إيَّاهُ فِي النَّارِ فَلَمْ تَعْمَلْ فِيهِ شَيْئًا لِوَحْيِ اللَّهِ إلَيْهَا { يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إبْرَاهِيمَ } فَكَانَتْ آيَةً مُعْجِزَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيَنْفِيَ الشَّكَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ قَوْلِهِ { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى } أَيِّدْ إنَّا وَلَمْ نَرَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْآيَةَ الَّتِي أُرِيَهَا إبْرَاهِيمُ فِي نَفْسِهِ لَا نَشُكُّ فَإِبْرَاهِيمُ مَعَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهَا فِي نَفْسِهِ أَحْرَى أَنْ لَا يَشُكَّ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى لَهُ { أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى } وَقَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى } لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّكِّ مِنْهُ ، وَلَكِنْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ طَلَبِهِ إجَابَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَسْأَلَتِهِ إيَّاهُ ذَلِكَ لِيَطْمَئِنَّ بِهِ قَلْبُهُ وَيَعْلَمَ بِذَلِكَ عُلُوَّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا ، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ أَيْ : قَوْلُهُ لِقَوْمِهِ { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً } } أَيْ : كَقُوَّةِ أَهْلِ الدُّنْيَا أَيْ : يَنْتَصِفُ بِهَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ أَوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ أَيْ : مِنْ أَرْكَانِ الدُّنْيَا الَّتِي كَانُوا يُؤْذِنَهُ بِمِثْلِهَا وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ الرُّكْنُ الشَّدِيدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا رُكْنَ مِثْلُهُ ، وَلَكِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إذْ كَانَ لَا يَخَافُ الْفَوْتَ رُبَّمَا أَخَّرَ بَعْضَ عُقُوبَاتِ الْمُذْنِبِينَ لِمَا يَشَاءُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا لَهُ مِنْ إمْلَاءٍ أَوْ مِنْ اسْتِدْرَاجٍ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ حَتَّى يُنْزِلَهَا بِهِمْ عِنْدَ مَشِيئَتِهِ ذَلِكَ فِيهِمْ كَمَا أَنْزَلَ بِذَوِي مَعَاصِيهِ مِنْ فِرْعَوْنَ وَسَائِرِ الْأُمَمِ الَّتِي خَالَفَتْ عَلَيْهِ وَخَرَجَتْ عَنْ أَمْرِهِ وَعَنَدَتْ عَمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُ

صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ قَوْلِ لُوطٍ هَذَا كَانَ مِنْ أَجْلِهِ .
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ إنْ كَانَ لَيَأْوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } وَمَا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ نَبِيٍّ إلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ } فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ لُوطٍ هَذَا كَانَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ يُكَوِّنُونَ لَهُ رُكْنًا يَأْوِي إلَيْهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مِثْلَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْت الدَّاعِيَ } أَيْ : لِأَنَّ يُوسُفَ لَمَّا جَاءَهُ الدَّاعِي { قَالَ ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ } الْآيَةَ أَيْ : كُنْتُ أَجَبْتُ الدَّاعِيَ ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خُرُوجِي مِنْ السِّجْنِ الَّذِي كُنْت فِيهِ .

بَابٌ ( بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } هَلْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَوْ مَنْ سِوَاهُ .
حَدَّثَنَا يُونُسُ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَالرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدٌ وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ التُّجِيبِيِّ أَبُو سَعْدٍ قَالُوا أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } } فَأَنْكَرَ مُنْكِرٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ هُوَ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَذَكَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا سِوَاهُ ، وَأَنَّهَا فِي سُورَةٍ مَكِّيَّةٍ ، وَأَنَّ إسْلَامَ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } قَالَ لَيْسَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِعَامَيْنِ وَمَا أُنْزِلَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ آمَنَ بِهِ قَوْمُهُ وَاسْتَكْبَرْتُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا وَقَدْ وَافَقَ الشَّعْبِيُّ فِي نَفْيِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تَكُونَ أُنْزِلَتْ فِي ابْنِ سَلَامٍ وَفِي نَفْيِ آيَةٍ أُخْرَى قَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنَّهَا أُنْزِلَتْ فِيهِ أَيْضًا ، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى { قُلْ كَفَى

بِاَللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } قُلْت هُوَ ابْنُ سَلَامٍ قَالَ كَيْفَ يَكُونُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ .
قَالَ : وَكَانَ سَعِيدٌ يَقْرَأُ وَمَنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ وَكَانُوا يَشُدُّونَ ذَلِكَ بِمَا يَرْوِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ عَنْ هَارُونَ النَّحْوِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ : وَمَنْ عِنْدِهِ بِكَسْرِهَا وَيَقُولُ مَنْ عِنْدِ اللَّهِ عِلْمُ الْكِتَابِ .
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْبَابَ هَلْ خَالَفَ فِيهِ الشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَحَدًا مِنْ أَمْثَالِهِمَا ؟ فَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ } قَالَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ } قَالَ يَقُولُونَ ابْنُ سَلَامٍ وَكَيْفَ يَكُونُ ابْنُ سَلَامٍ وَهَذِهِ الْآيَةُ مَكِّيَّةٌ ؟ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ فَنُبِّئْت أَنَّ مُحَمَّدًا يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ قَالَ صَدَقَ هِيَ مَكِّيَّةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا تِلْكَ الْآيَةُ وَهِيَ سُورَةُ الْأَحْقَافِ ، وَلَكِنَّهَا قَدْ كَانَتْ تَنْزِلُ الْآيَةُ فَيُؤْمَرُ بِهَا أَنْ تُوضَعَ فِي مَكَانِ كَذَا ، وَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ الْآيَةُ تَنْزِلُ بِالْمَدِينَةِ فَيُؤْمَرُ بِوَضْعِهَا فِي سُورَةٍ قَدْ كَانَتْ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ .
ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى حَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي

رَوَيْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فَكَشَفْنَاهُ لِنَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُد وَفَهْدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ النَّصْرِيَّ الدِّمَشْقِيَّ قَدْ حَدَّثُونَا قَالُوا : أَنْبَأَ أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ { مَا سَمِعْت النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ } وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ نُزُولُ تِلْكَ الْآيَةِ فِيهِ فَوَقَعَ فِي قُلُوبِنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَكَشَفْنَا عَنْهُ أَيْضًا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى الْحَقِيقَةِ فِيهِ بِمَنِّ اللَّهِ وَعَوْنِهِ .
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، قَالَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَفِيهِ نَزَلَتْ { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَبِمَا أَضَافَهُ إلَى مَالِكٍ فِيهِ مِثْلَهُ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا مِنْ كَلَامِ سَعْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ فَخَرَجَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي إثْبَاتِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ كَانَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا قَدْ رُوِيَ فِي نُزُولِهَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ .
فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ ثنا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لِلَّهِ أَبُوكَ ، تَعْلَمُ حَدِيثًا حَدَّثَهُ أَبُوك عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَمِيرُ

الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَيُّ حَدِيثٍ يَرْحَمُك اللَّهُ ؟ فَرُبَّ حَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ ؛ قَالَ حَدِيثُ الْمِصْرِيِّينَ لَمَّا حَاصَرُوا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فَحَدَّثَهُ بِهِ فَكَانَ فِيهِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لَمَّا حَذَّرَهُمْ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ كَذَبَ الْيَهُودِيُّ كَذَبَ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ : كَذَبْتُمْ وَاَللَّهِ وَأَثِمْتُمْ مَا أَنَا بِيَهُودِيٍّ وَإِنِّي لَأَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْلَمُ ذَلِكَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ { قُلْ كَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } وَالْآيَةُ الْأُخْرَى { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إخْبَارِ ابْنِ سَلَامٍ بِنُزُولِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فِيهِ أَوْلَى وَكَانَ بِمَا نُزِّلَ فِيهِ أَعْلَمَ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنْ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ أُضِيفَتْ الْقِرَاءَةُ إلَيْهِمْ مِنْ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } إلَّا كَذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا قَرَأَهَا بِالْكَسْرِ إلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ ثنا خَلَفٌ قَالَ قَرَأَ الْأَعْمَشُ { وَمَنْ عِنْدَهُ } بِنَصْبٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ كَمِثْلِهِ وَنَافِعٌ كَمِثْلِهِ وَابْنُ كَثِيرٍ كَمِثْلِهِ وَأَبُو عَمْرٍو كَمِثْلِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا مَخْرَجَ قِرَاءَةِ عَاصِمٍ وَرُجُوعَهَا إلَى عَلِيٍّ وَإِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَإِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقِرَاءَةِ نَافِعٍ فَقَدْ كَانَتْ مَأْخُوذَةً عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ ، وَكَانَ أَخْذُ أَبِي جَعْفَرٍ إيَّاهَا مِنْ مَوْلَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ وَكَانَ أَخْذُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ إيَّاهَا مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ .
كَذَلِكَ حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ عَنْ

أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَقِرَاءَةُ حَمْزَةَ مَأْخُوذَةٌ فِيمَا حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ خَلَفٍ الْبَزَّارِ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى سُلَيْمِ بْنِ عِيسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ ، وَأَنَّ سُلَيْمًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَرَأَهُ عَلَى حَمْزَةَ ، وَأَنَّ حَمْزَةَ ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى رَجُلَيْنِ وَهُمَا الْأَعْمَشُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فَمَا كَانَ مِنْ قِرَاءَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَعَلَى حَرْفِ عَلِيٍّ وَمَا كَانَ مِنْ قِرَاءَةِ الْأَعْمَشِ فَعَلَى حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمِمَّا أَخَذْنَاهُ مِنْ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَخِيهِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَنَّ أَخَاهُ قَرَأَهُ عَلَى أَبِيهِ ، وَأَنَّ أَبَاهُ قَرَأَهُ عَلَى عَلِيٍّ ، وَأَنَّ الْأَعْمَشَ قَرَأَهُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، وَأَنَّ يَحْيَى قَرَأَهُ عَلَى عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ ، وَأَنَّ عُبَيْدًا قَرَأَهُ عَلَى عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ ، وَأَنَّ عَلْقَمَةَ قَرَأَهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّبَبِ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ الْآيَتَانِ اللَّتَانِ أَوَّلَ سُورَةِ الْحُجُرَاتِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا } الْآيَةَ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ } الْآيَةَ ) .
حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ { قَدِمَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمِلْهُ عَلَى قَوْمِهِ وَقَالَ عُمَرُ لَا تَسْتَعْمِلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَكَلَّمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي ؟ قَالَ مَا أَرَدْتُ خِلَافَك قَالَ فَنَزَلَتْ { لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ } } قَالَ فَكَانَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا تَكَلَّمَ لَمْ يُسْمِعْ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ قَالَ وَمَا ذَكَرَ أَبَاهُ وَلَا جَدَّهُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَالزُّبَيْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلَكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ وَأَشَارَ الْآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْت إلَّا خِلَافِي فَقَالَ : مَا أَرَدْت خِلَافَك فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ } إلَى آخِرِ الْآيَةِ .
حَدَّثَنَا يُوسُفُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ثنا نَافِعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ ابْنُ

الزُّبَيْرِ فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ { لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ } وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ هِيَ قَوْلُهُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } الْآيَةَ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْلَدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ جُرَيْجٍ { لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمِّرْ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ وَقَالَ عُمَرُ بَلْ أَمِّرْ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَرَدْت إلَّا خِلَافِي فَقَالَ عُمَرُ مَا أَرَدْتُ خِلَافَك فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَنَزَلَتْ فِي ذَلِكَ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } فَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَشْبَهَ بِأَنْ يَكُونَ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِمَا هِيَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِيمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ شَدَّ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ مِمَّا كَانَ عِنْدَ نُزُولِهَا مِنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ الْمُنْقِرِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ ثنا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ } قَالَ { وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ رَفِيعَ الصَّوْتِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَقَالَ أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَأَجْهَرُ لَهُ بِالْقَوْلِ حَبِطَ عَمَلِي وَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَفَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَك فَقَالَ أُنْزِلَتْ فِي هَذِهِ الْآيَةُ أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْهَرُ لَهُ بِالْقَوْلِ فَحَبِطَ عَمَلِي وَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَتَى بِهِ الرَّجُلُ فَقَالَ إنَّهُ يَقُولُ كَذَا ، وَكَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ } قَالَ أَنَسٌ فَكُنَّا نَرَاهُ يَمْشِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ كَانَ فِي بَعْضِنَا بَعْضُ الِانْكِشَافِ فَأَقْبَلَ وَقَدْ تَكَفَّنَ وَتَحَنَّطَ فَقَالَ بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَمَّا نُزُولُ الْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي تَلَوْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي مَعْنًى سِوَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ الْأُخْرَى كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي فِي إمْلَاءِ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ حِبَالِ بْنِ رُفَيْدَةَ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ فَقَالَتْ لِجَارِيَةٍ لَهَا أَخْرِجِي لِمَسْرُوقٍ سَوِيقًا وَحَلِّيهِ فَلَوْلَا أَنِّي صَائِمَةٌ لَذُقْتُهُ فَقَالَ لَهَا أَصُمْتِ هَذَا الْيَوْمَ ، وَهُوَ يُشَكُّ فِيهِ ؟ ، فَقَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } كَانَ

قَوْمٌ يَتَقَدَّمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّوْمِ وَفِيمَا أَشَبَهَهُ ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَلِيٍّ الْمَرُّوذِيُّ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ أَنْبَأَ جَعْفَرٌ الْأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى الْجَابِرِ عَنْ حِبَالِ بْنِ رُفَيْدَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ رَجُلًا صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَا تَفْعَلْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ { لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عِنْدَ تَصْحِيحِ مَا رَوَيْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْنَا كَانَ نُزُولُهَا فِي مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ فِيهِ نُزُولُ الْآيَةِ الْأُخْرَى مِنْهُمَا وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَعْنًى يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مَا فِي حَدِيثِ بَكَّارَ بْنِ قُتَيْبَةَ الَّذِي رَوَيْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْت إلَّا خِلَافِي وَمِنْ قَوْلِ عُمَرَ عِنْدَ ذَلِكَ مَا أَرَدْت خِلَافَك وَمَا فِي حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ وَمُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيِّ مَكَانَ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي وَقَوْلُ عُمَرَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ مَا أَرَدْتَ خِلَافَكَ فَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ بَكَّارٍ أَوْلَى عِنْدَنَا وَأَشْبَهُ بِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ سُؤَالٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا الَّذِي أَرَادَ بِهِ خِلَافَهُ وَاَلَّذِي فِي حَدِيثَيْ يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مَا أَرَدْتَ إلَّا خِلَافِي هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُومَةِ وَالنَّكِيرِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَرَّأَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يُوقِعُ بَيْنَهُمَا الِاخْتِلَافَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ وَطَهَّرَ قُلُوبَهُمَا وَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيًّا لِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ بَاطِنُهَا ظَاهِرَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ } مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ

أَبِي مَرْيَمَ ثنا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ } قَالَ لَا تُنَادُوا نِدَاءً لَا تَقُولُوا يَا مُحَمَّدُ ، وَلَكِنْ قُولُوا قَوْلًا لَيِّنًا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى { لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَيْضًا قَالَ ثنا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ { لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } قَالَ لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى يُفِيضَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ وَمُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَذْبَحُوا حَتَّى يَذْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَقَالَ الْكَلْبِيُّ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلٍ وَلَا عَمَلٍ فَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ الْحَسَنِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِيهِ تَوْكِيدٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِمَّا يُوَافِقُهُ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ { إنَّ الشَّيْطَانَ يَعْقِدُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ إذَا نَامَ كُلُّ عُقْدَةٍ مِنْهَا يَضْرِبُ مَكَانَهَا عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَإِذَا أَصْبَحَ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ كَسْلَانَ خَبِيثَ النَّفْسِ } .
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَمَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ كُلُّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ مَكَانَهَا عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ اُرْقُدْ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَإِنْ ذَكَرَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ } .
حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إنَّ لِلشَّيْطَانِ عِنْدَ رَأْسِ أَحَدِكُمْ حَبْلًا فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَوَحَّدَ اللَّهَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ وَإِنْ قَامَ وَتَوَضَّأَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ أُخْرَى فَإِذَا هُوَ صَلَّى حُلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا وَأَصْبَحَ خَفِيفًا طَيِّبَ النَّفْسِ ، وَإِنْ هُوَ نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ أَصْبَحَ عَلَيْهِ عُقَدٌ وَأَصْبَحَ ، وَهُوَ ثَقِيلٌ خَبِيثَ النَّفْسِ } فَقَالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ النَّهْيَ عَنْ وَصْفِ النَّفْسِ بِالْخُبْثِ وَأَمْرَهُ أَنْ يَقُولَ - مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ خَبُثَتْ نَفْسِي - لَقِسَتْ نَفْسِي مَكَانَ خَبُثَتْ نَفْسِي وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ

عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي } وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا يَقُولُ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي } وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ وَصْفَ النَّفْسِ بِالْخُبْثِ وَصْفٌ لَهَا بِالْفِسْقِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ } فَكَانَ مَكْرُوهًا لِلرَّجُلِ أَنْ يُفَسِّقُ نَفْسَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا مَا يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَكَانَ مَحْبُوبًا لَهُ أَنْ يَقُولَ مَكَانَ ذَلِكَ لَقِسَتْ نَفْسِي ، وَإِنَّ مَعْنَاهُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ ، وَهُوَ الشَّرَاسَةُ وَشِدَّةُ الْخُلُقِ كَذَلِكَ مَعْنَاهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمِمَّنْ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ حَكَى ذَلِكَ لَنَا عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ فِيمَا حَكَاهُ لَنَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صِفَةِ الزُّبَيْرِ إنَّهُ وَعْقَةٌ لَقِسٌ يَعْنِي هَذَا الْمَعْنَى وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى الْخَبِيثِ وَمَعْنَى اللَّقِسِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَاحِدًا كَانَ أَوْلَاهُمَا بِمَنْ يُرِيدُ وَصْفَ نَفْسِهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي يَرْجِعَانِ إلَيْهِ أَحْسَنَهُمَا ، وَهُوَ مَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ فِي حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَسَهْلٍ حَتَّى يَكُونَ مِنْ نَفْسِهِ مَا يَسْتَحِقُّ لَهُ أَنْ يُوصَفَ بِالْخُبْثِ

مِنْ تَرْكِهَا الصَّلَاةَ وَإِنْشَائِهَا وَاخْتِيَارِهَا النَّوْمَ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِسْقًا مِنْهَا وَتَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ أَنْ تُوصَفَ بِالْخُبْثِ الَّذِي مَعْنَاهُ بِهَذَا الْفِسْقِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَا فَقَدْ بَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنَّ كُلَّ مَعْنًى مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْمَعْنَى الْآخَرِ الْمَذْكُورِ فِيهَا وَلَا مُضَادَّ لَهُ ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ انْصَرَفَ إلَى مَعْنًى مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي انْصَرَفَ إلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِسْنَادٍ مَحْمُودٍ أَنَّهُ قَالَ { وَإِذَا أَصْبَحَ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ لَقِسَ النَّفْسِ } وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَزْدِيُّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَهْمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْبَيْطَرِيِّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثَيْ الرَّبِيعِ وَفَهْدٍ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ يَعْنِي { لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ لَقِسَ النَّفْسِ كَسْلَانَ } فَقَدْ ذَكَرَ هَذَا مَا ذَكَرْنَا وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى خَبِيثِ النَّفْسِ أَنَّهُ لَقِسُ النَّفْسِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوْلَى بِوَصْفِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا اخْتِيَارٌ لِلْأُمُورِ الْمَذْمُومَةِ وَمَعَهَا الشَّرَاسَةُ وَشِدَّةُ الْخُلُقِ بِمَا فِي حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَسَهْلٍ فَإِذَا كَانَ مَعَهَا الِاخْتِيَارُ لِلْأُمُورِ الْمَذْمُومَةِ جَازَ لَهُ وَصْفُهَا بِمَا فِي حَدِيثَيْ الْأَعْرَجِ وَأَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِمَّا فِي حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَصِفُهَا بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِي هَدِيَّتِهِ إلَى النَّجَاشِيِّ وَمِنْ وَعْدِهِ بِهَا أُمَّ سَلَمَةَ إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ وَمِنْ إعْطَائِهِ بَعْدَ رُجُوعِهَا إلَيْهِ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْضَهَا وَسَائِرَ نِسَائِهِ سِوَاهَا بَقِيَّتَهَا .
حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ { لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا إنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ أَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةً وَإِنِّي لَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ مَاتَ وَلَا أَرَى الْهَدِيَّةَ الَّتِي أَهْدَيْتُ إلَيْهِ إلَّا سَتُرَدُّ إلَيَّ فَإِذَا رُدَّتْ إلَيَّ فَهُوَ لَكِ فَكَانَ كَمَا قَالَ هَلَكَ النَّجَاشِيُّ فَلَمَّا رُدَّتْ الْهَدِيَّةُ أَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ وُقِيَّةً مِنْ ذَلِكَ الْمِسْكِ وَأَعْطَى الْبَاقِيَ أُمَّ سَلَمَةَ وَأَعْطَاهَا الْحُلَّةَ } حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ثنا أَسَدٌ ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَأَنْكَرَ مُنْكِرٌ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ مَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النَّجَاشِيِّ " لَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ مَاتَ " قَدْ دَفَعَهُ مَا كَانَ مِنْ إخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّاسَ بِمَوْتِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مَوْتُهُ فِيهِ وَصَلَاتِهِ لَهُمْ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْت جَابِرًا يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ { قَدْ تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ الْحَبَشِ أَصْحَمَةُ فَهَلُمَّ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ قَالَ : فَصَفَفْنَا فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَصْحَمَةُ لَفْظَةٌ بِالْحَبَشِيَّةِ تَفْسِيرهَا عَطِيَّةٌ ، وَهِيَ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ

عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ } .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَلَا غَيْرَهُ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَعَى لَهُمْ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ } .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَفَّ بِهِمْ بِالْمُصَلَّى وَكَبَّرَ عَلَيْهِ يَعْنِي النَّجَاشِيَّ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ } .
فَفِي ذَلِكَ وُقُوفُهُ عَلَى مَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مَوْتُهُ فِيهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِمَا قَدْ وَقَفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ كَانَ قَالَ وَيَدْفَعُهُ أَيْضًا مَا قَدْ ذُكِرَ فِيهِ مِنْ وَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُمَّ سَلَمَةَ بِالْهَدِيَّةِ إنْ رُدَّتْ إلَيْهِ ، وَأَنَّهُ لَمَّا رُدَّتْ إلَيْهِ أَعْطَاهَا بَعْضَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ بَقِيَّتِهَا وَفِي ذَلِكَ خُلْفُهُ بَعْضَ مَا وَعَدَهَا بِهِ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِهِ ؛ لِأَنَّ مَوَاعِيدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ كَانَتْ تَجْرِي بِخِلَافِ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْجِزُهَا عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
فَمِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ حَدَّثَنَا

ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ { جَابِرٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَأَعْطَيْتُك هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا فَلَمْ يَأْتِ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ } صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْت إنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَدَنِي أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا فَأَعْطَانِي أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدُ أَسْأَلُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْت قَدْ سَأَلْتُك فَلَمْ تُعْطِنِي ، ثُمَّ سَأَلْتُك فَلَمْ تُعْطِنِي فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي قَالَ : وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ ؟ مَا مَنَعْتُكَ مِنْ شَيْءٍ إلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ قَالَ وَحَثَا لِي حَثْيَةً ، ثُمَّ قَالَ : عُدَّهَا فَعَدَدْتُهَا فَوَجَدَ بِهَا خَمْسَ مِائَةٍ قَالَ خُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ عَمْرٌو وَكَانَ لَهُ أَوَّلُ مَالٍ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَيْنٌ أَوْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا قَالَ جَابِرٌ فَقُلْت أَنَا وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبَسَطَ جَابِرٌ كَفَّيْهِ فَعَدَّ لِي أَبُو بَكْرٍ خَمْسَ مِائَةٍ وَخَمْسَ مِائَةٍ وَخَمْسَ مِائَةٍ

قَالَ هَذَا الْمُنْكِرُ وَإِذَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَاجِبًا عَلَى وَلِيِّ أَمْرِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ إمْضَاؤُهَا كَانَ هُوَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ أَوْلَى فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ إخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّاسَ بِحَقِيقَةِ مَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مَوْتُهُ فِيهِ كَمَا ذُكِرَ .
غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنْهُ أَمْرُ هَدِيَّتِهِ وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ أَخْبَارُ النَّجَاشِيِّ فِيهَا وَقَعَ بِقَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ مَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي قُلُوبِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ بَنِي آدَمَ فِيمَا قَدْ كَانَ مِمَّا قَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِخِلَافِهِ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، ثُمَّ لَمَّا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى حَقِيقَةِ مَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَتْ وَفَاتُهُ فِيهِ كَانَ مِنْهُ مَا أَخْبَرَ النَّاسَ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي إعْطَائِهِ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْضَ الْهَدِيَّةِ الَّتِي رُدَّتْ إلَيْهِ وَإِعْطَائِهِ بَقِيَّتَهَا مَنْ سِوَاهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ بَعْدَ تَقَدُّمِ وَعْدِهِ إيَّاهَا بِهَا كُلِّهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَدِيَّةُ لَمَّا رُدَّتْ إلَيْهِ بَذَلَهَا لِأُمِّ سَلَمَةَ كَمَا كَانَ وَعَدَهَا بِهَا ثُمَّ لَمْ تَقْبَلْهَا إلَّا بِإِدْخَالِهِ بَقِيَّةَ نِسَائِهِ مَعَهَا فِيهَا كَرَاهِيَةَ اسْتِئْثَارِهَا عَلَيْهِنَّ كَمَا كَانَ مِنْ الْأَنْصَارِ لَمَّا دَعَاهُمْ لِيَقْطَعَ لَهُمْ مِنْ الْبَحْرَيْنِ مَا أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا لَا نَفْعَلْ حَتَّى تَقْطَعَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي قَطَعْتَهُ لَنَا مِنْ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ الِاسْتِئْثَارِ عَلَيْهِمْ مِمَّا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُمْ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ

كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَانَ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ أُمِّ سَلَمَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ أَوْجَبَ لَهَا جَلَالَةَ الرُّتْبَةِ وَحُسْنَ الصُّحْبَةِ لِصَوَاحِبَاتِهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُلَّةٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنْ الْآخِرِينَ وَفِي قَوْله تَعَالَى { ثُلَّةٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الْآخِرِينَ } .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ { لَمَّا نَزَلَتْ { ثُلَّةٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنْ الْآخِرِينَ } شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنَزَلَتْ { ثُلَّةٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الْآخِرِينَ } فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتُقَاسِمُوهُمْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ } .
فَتَأَمَّلْنَا هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فَوَجَدْنَا الْأُولَى مِنْهُمَا قَدْ تَقَدَّمَهَا قَوْله تَعَالَى { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } فَجَعَلَ الْمُقَرَّبِينَ أَعْلَاهُمْ رُتْبَةً وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً وَوَصَفَهُمْ بِالسَّبْقِ ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ ثُلَّةٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ كَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعْنِي مِمَّنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ الْأُمَمِ وَقَلِيلٌ مِنْ الْآخِرِينَ وَوَجَدْنَا الثَّانِيَةَ مِنْهُمَا قَدْ تَقَدَّمَهَا قَوْله تَعَالَى { إنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الْآخِرِينَ } وَكَانَ الَّذِي فِي الْأُولَى فَمِنْ قَوْله تَعَالَى : وَقَلِيلٌ مِنْ الْآخِرِينَ عَلَى الْمُقَرَّبِينَ وَاَلَّذِي سَبَقَ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ فَمِنْ قَوْلِهِ : وَثُلَّةٌ مِنْ الْآخِرِينَ عَلَى أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَهُمْ غَيْرُ الْمُقَرَّبِينَ وَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي آخِرِ السُّورَةِ الَّتِي فِيهَا

هَاتَانِ الْآيَتَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُقَرَّبِينَ هُمْ غَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ، وَأَنَّهُمْ أَعْلَى الثَّلَاثِ الْفِرَقِ رُتْبَةً وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً ، وَأَنَّهُمْ فِي الْعَدَدِ أَقَلُّ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَهُمْ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى مِنْ الْآيَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ، وَأَنَّ الْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا هُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ وَكَانَ الزَّوْجَانِ جَمِيعًا الْمُقَرَّبُونَ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ إلَّا أَنَّ الْمُقَرَّبِينَ مِنْهُمْ أَعْلَى فِيهَا رُتْبَةً وَأَشْرَفُ فِيهَا مَنْزِلَةً مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ .
وَدَلَّنَا ذَلِكَ أَنَّ فَرَحَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ لِمَا عَلِمُوا بِهَا أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سِوَى الْمُقَرَّبِينَ مِنْهُمْ أَصْحَابَ الْيَمِينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ .
ثُمَّ طَلَبْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ الَّتِي تَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَمْ هُوَ مِمَّنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سِوَاهَا .
فَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ ثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ { ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ تَحَدَّثْنَا عِنْدَ نَبِيِّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْلَةً حَتَّى أَكْرَيْنَا الْحَدِيثَ ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى أَهْلِينَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَوْنَا إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ بِأُمِّهَا وَأَتْبَاعِهَا مِنْ أُمَّتِهَا فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ وَمَعَهُ الثَّلَاثَةُ مِنْ أُمَّتِهِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الْعِصَابَةُ مِنْ أُمَّتِهِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ النَّفَرُ مِنْ

أُمَّتِهِ وَالنَّبِيُّ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي كَبْكَبَةٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبُونِي فَقُلْت : يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَذَا أَخُوك مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَقُلْت يَا رَبِّ فَأَيْنَ أُمَّتِي قَالَ اُنْظُرْ عَنْ يَمِينِك فَنَظَرْتُ فَإِذَا الظِّرَابُ ظِرَابُ مَكَّةَ تَهَوَّشُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ قَالَ رَضِيتَ ؟ قُلْت رَبِّ رَضِيتُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ أُمَّتُك أَفَرَضِيت ؟ قُلْتُ رَضِيتُ رَبِّ .
ثُمَّ قَالَ اُنْظُرْ عَنْ يَسَارِك فَنَظَرْت فَإِذَا الْأُفُقُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ قَالَ رَضِيتَ ؟ قُلْت رَبِّ رَضِيتُ قَالَ فَإِنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ فَأَنْشَأَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَخِي بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ أَنْشَأَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَك بِهَا عُكَاشَةُ .
قَالَ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إنْ اسْتَطَعْتُمْ فِدًى لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي أَنْ تَكُونُوا مِنْ السَّبْعِينَ فَافْعَلُوا فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الظِّرَابِ فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْأُفُقِ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْت عِنْدَهُ نَاسًا يَتَهَوَّشُونَ كَثِيرًا وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ تَرَاجَعُوا فِيهِمْ فَقَالُوا : مَا تَرَوْنَ عَمِلَ هَؤُلَاءِ السَّبْعُونَ أَلْفًا حَتَّى صَيَّرُوا مِنْ أَمْرِهِمْ فَقَالُوا : هَؤُلَاءِ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَزَالُوا يَعْمَلُونَ بِهِ حَتَّى مَاتُوا قَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرِقُّونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ قَالَ وَذَكَرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَعِي مِنْ أُمَّتِي رُبْعُ أَهْلِ

الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا ، ثُمَّ قَالَ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا الثُّلُثَ فَكَبَّرْنَا ، ثُمَّ قَالَ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا الشَّطْرَ فَكَبَّرْنَا ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ { ثُلَّةٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الْآخِرِينَ } } وَوَجَدْنَا يَزِيدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُوسَى الْعَمِّيُّ ثنا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَالْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عِمْرَانَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ تَحَدَّثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ { فَإِذَا النَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ وَقَدْ أَنْبَأَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْمِ لُوطٍ يَعْنِي فِيمَا كَانَ قَالَهُ لَهُمْ { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ } } وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَ إسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ { أَسْنَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ إلَى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ بِمِنًى ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ شَعْرَةٍ سَوْدَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ أَوْ شَعْرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ وَلَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ } حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ { كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ فَقَالَ لَنَا أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ فَوَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنِّي

لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَمَا أَنْتُمْ فِي الشِّرْكِ إلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَحْمَرِ } .
وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فَقَالَ { أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ } ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ مُوسَى وَحَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ سَمِعْت ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ { خَرَجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إلَى قُبَّةِ أَدَمٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَوَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ فَقُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَلَا إنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ أَلَا وَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْقِلَّةِ مِثْلُ الشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ وَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَبْيَضِ } وَوَجَدْنَا صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرَ النَّاسُ فَقَالَ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرَ النَّاسُ فَقَالَ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ مَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْكُفَّارِ إلَّا كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَبْيَضِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ ، ثُمَّ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ زَادَهُ عَلَى مَا رَجَا مِنْ ذَلِكَ فَجَعَلَ أُمَّتَهُ ثُلُثَيْ أَهْلِ الْجَنَّةِ } كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ { ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ أَنْتُمْ وَرُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَكُمْ رُبُعُهَا وَلِسَائِرِ النَّاسِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
قَالَ : فَكَيْفَ أَنْتُمْ وَثُلُثَهَا ؟ فَقَالُوا : فَذَلِكَ أَكْبَرُ ، قَالَ : فَكَيْفَ أَنْتُمْ وَالشَّطْرَ ؟ قَالُوا : ذَلِكَ أَكْبَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَهْلُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ أَنْتُمْ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ صَفًّا } وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ ثنا أَبُو سِنَانٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَهْلُ الْجَنَّةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ صَفًّا هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْهَا ثَمَانُونَ صَفًّا } فَإِلَى هَذَا تَنَاهَى مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِمَّا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا شَرَّفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ فِي أُمَّتِهِ وَأَعْطَاهُ مِمَّا لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } وَفِي قَوْلِهِ { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْحَفْرِيُّ ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي الْكَنُودِ عَنْ خَبَّابٍ { وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } الْآيَةَ قَالَ { جَاءَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فَوَجَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ بِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَصُهَيْبٍ وَخَبَّابٍ فِي أُنَاسٍ مِنْ الضُّعَفَاءِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَهُ حَقَرُوهُمْ فَأَتَوْهُ فَخَلَوْا بِهِ فَقَالُوا لَهُ : إنَّا نُحِبُّ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا تَعْرِفُ لَنَا بِهِ الْعَرَبُ فَضْلَنَا ، وَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ تَأْتِيك فَنَسْتَحْيِي أَنْ تَرَانَا قُعُودًا مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُدِ فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاك فَأَقِمْهُمْ عَنَّا فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إنْ شِئْت ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْك كِتَابًا ، فَدَعَا بِالصَّحِيفَةِ لِيَكْتُبَ لَهُمْ ، وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ فَلَمَّا أَرَادَ ذَلِكَ وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ : { وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } الْآيَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْأَقْرَعَ وَصَاحِبَهُ فَقَالَ { وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ } الْآيَةَ ثُمَّ ذَكَرَ فَقَالَ { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا } إلَى { الرَّحْمَةَ } فَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّحِيفَةِ وَدَعَانَا فَأَتَيْنَاهُ ، وَهُوَ يَقُولُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَدَنَوْنَا مِنْهُ فَوَضَعْنَا رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَكَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَامَ وَتَرَكَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } } الْآيَةَ

يَقُولُ مَجَالِسَ الْأَشْرَافِ { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ } الْآيَةَ أَمَّا الَّذِي أَغْفَلَ قَلْبَهُ فَهُوَ عُيَيْنَةُ وَالْأَقْرَعُ وَأَمَّا فُرُطًا فَهَلَاكًا ، ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلَ رَجُلَيْنِ وَمَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا { فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ وَإِلَّا صَبَرَ أَبَدًا حَتَّى نَقُومَ } فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانَ سُؤَالُ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ فِيهِمْ مَا سَأَلَا وَفِيمَا أُنْزِلَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى { : وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ } .
.
.
" الْآيَةُ وَمِنْ قَوْلِهِ { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ } الْآيَةَ هَلْ هُمَا خَاصَّتَانِ فِي النَّفَرِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْ هُمَا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِمَا مِنْهُمْ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ نَافِعٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } أَنَّهُمْ الَّذِينَ شَهِدُوا الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَعَقَلْنَا أَنَّ الْمُرَادَيْنِ فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْنَا أَنَّهُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ، وَأَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِخَاصَّتَيْنِ لِلنَّفَرِ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ خَبَّابٍ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ النَّاسِ ، وَأَنَّهُمَا عَلَى النَّفَرِ الْمَوْصُوفِينَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ، وَأَنَّ مِنْهُمْ النَّفَرَ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ خَبَّابٍ وَأَمْثَالَهُمْ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ مَا يَشْهَدُونَ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { فِي نَهْيِهِ رَدِيفَهُ عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ أَنْ يَقُولَ تَعِسَ الشَّيْطَانُ } حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَثَرَ بَعِيرِي فَقُلْتُ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ يَعْظُمُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْبَيْتِ وَيَقُولُ بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ ، وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَصْغُرُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابَةِ } حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ عَنْ رِدْفِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدَّثَنَاهُ مَرَّةً هَكَذَا وَحَدَّثَنَا بِهِ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ فِيهِ أَوْ مِنْ حَدَّثَنِي بِهِ عَنْ رِدْفِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { عَثَرَ حِمَارٌ فَقَالَ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ : لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّك إذَا قُلْت تَعِسَ الشَّيْطَانُ يَعْظُمُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ فَيَقُولُ : بِقُوَّتِي صَرَعْته وَإِذَا قُلْت : بِسْمِ اللَّهِ تَصَاغَرَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ } فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدِيفَهُ عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ عَنْ قَوْلِهِ تَعِسَ الشَّيْطَانُ وَإِخْبَارُهُ إيَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا يَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ بِسَبَبِ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ { قَوْلِهِ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُلَبِّسُ عَلَيْهِ قِرَاءَتَهُ وَصَلَاتَهُ أَنْ يخسأه } وَذَلِكَ مُثْبِتٌ مِنْهُ لَهُ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

الْوَاسِطِيُّ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ { : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِينِي فَيُلَبِّسُ عَلَيَّ قِرَاءَتِي قَالَ : ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا أَتَاك فَاخْسَأْهُ فَفَعَلْت فَذَهَبَ عَنِّي } حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إيَاسٍ الْجَرِيرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عُثْمَانَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُطَرِّفًا قَالَ { قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ حَالَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا حَسَسْته فَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِك ثَلَاثًا } فَقَالَ هَذَا الْمُعَارِضُ فَهَلْ تَجِدُونَ وَجْهًا يُخَرِّجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَى الْآخَرِ حَتَّى يَنْتَفِيَ عَنْهُمَا التَّضَادُّ وَالِاخْتِلَافُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سُلْطَانَ الشَّيْطَانِ عَلَى بَنِي آدَمَ هُوَ وَسْوَسَتُهُ إيَّاهُمْ وَإِيقَاعُهُ فِي قُلُوبِهِمْ مَا لَا يُحِبُّونَ وَإِنْسَاؤُهُ إيَّاهُمْ مَا يَذْكُرُونَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ صَاحِبِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ { فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ } وقَوْله تَعَالَى { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ سُلْطَانٌ فِي إعْثَارِ دَوَابِّهِمْ وَلَا فِي اسْتِهْلَاكِ أَمْوَالِهِمْ وَأُمِرُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } .
فَلَمَّا كَانَ مِنْ رِدْفِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ قَوْلُهُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ وَالتَّعْسُ هُوَ السُّقُوطُ عَلَى أَنَّهُ جُعِلَ ذَلِكَ فِعْلًا لِلشَّيْطَانِ لِسُؤَالِهِ بِقَوْلِ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ

أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ - نَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ مُوقِعٌ لِلشَّيْطَانِ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إنَّمَا كَانَ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ ذَلِكَ بِسْمِ اللَّهِ حَتَّى لَا يَكُونَ عِنْدَ الشَّيْطَانِ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ فِعْلٌ وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَشَكِّي عُثْمَانَ إلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ الشَّيْطَانِ مَا شَكَاهُ إلَيْهِ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مَوْهُومٌ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُلْطَانِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْسَأَهُ ، وَهُوَ الْإِبْعَادُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } فَخَرَجَ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِمَا لَا مُضَادَّةَ فِيهِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْهُمَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رَوَاهُ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ { لَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ } حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا مُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو { عَنْ نُعَيْمِ بْنِ دَجَاجَةٍ قَالَ كُنْت جَالِسًا عِنْدَ عَلِيٍّ فَجَاءَ أَبُو مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ وَنَهَضَ : يَا فُرَيْجُ أَمَا إنَّك تُعْيِي النَّاسَ قَالَ أَمَا إنِّي أُخْبِرُهُمْ أَنَّ الْآخِرَ فَالْآخِرَ شَرٌّ قَالَ فَحَدِّثْنَا مَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْمِائَةِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ لَا يَكُونُ مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ قَالَ أَخْطَأْت وَأَخْطَأْت فِي أَوَّلِ فَتْوَاكَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ يَوْمَئِذٍ ، وَهَلْ الرَّخَاءُ أَوْ الْفَرَجُ إلَّا بَعْدَ الْمِائَةِ } فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا حَكَاهُ أَبُو مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِذَا هُوَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ فَكَانَ ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَ الْمِائَةِ سَنَةٍ عَيْنٌ تَطْرِفُ عَلَى فَنَاءِ النَّاسِ جَمِيعًا وَفِي فَنَائِهِمْ ذَهَابُ الدُّنْيَا وَوَجَدْنَا فِيهِ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إنَّمَا كَانَ قَصَدَ بِكَلَامِهِ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ النَّاسِ لَا لِمَنْ سِوَاهُمْ وَإِتْبَاعُهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ نَفْسِهِ ، وَهَلْ يَكُونُ الرَّخَاءُ أَوْ الْفَرَجُ إلَّا بَعْدَ الْمِائَةِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ وُقُوفُهُ عَلَى مَا لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَهُ وَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ فَنَاءُ ذَلِكَ الْقَرْنِ بِغَيْرِ نَفْيٍ مِنْهُ أَنْ يَخْلُفَهُمْ قُرُونٌ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ

وَجَدْنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُوَافَقَةَ عَلِيٍّ فِيمَا حَكَاهُ مِنْ مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا حَكَاهُ أَبُو مَسْعُودٍ عَنْهُ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومِسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي سَالِمٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ { صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدُهُمْ } وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ { صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ } وَوَجَدْنَا عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ أَنْبَأَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ { : قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ وَمَا سُؤَالُك عَنْ السَّاعَةِ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ } وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ قَالَ سُلَيْمَانُ أَرَاهُمْ ذَكَرُوا عِنْدَهُ السَّاعَةَ } وَوَجَدْنَا عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا هَذَا الْمَعْنَى كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَلِيحٍ الْحَسَنُ بْنُ

عُمَرَ الْفَزَارِيّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ { صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَى غُلَامٍ فَقَالَ رَأْسُ مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ حَيٌّ } فَقَدْ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ اللَّاتِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَائْتَلَفَتْ بِأَنَّ مُرَادَهُ كَانَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو مَسْعُودٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مَعْنًى مَوْهُومًا صَحِيحًا لَا مَعْنَى مَا ظَنَّهُ الْجَاهِلُونَ مِمَّا قَدْ دَفَعَهُ الْعِيَانُ وَلَا مِمَّا يُوهِمُ مَنْ تَوَهَّمَ مِنْ إغْفَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ مَا كَانَ قَالَهُ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُمْ عَنْهُ نَقْلُ الْجَمَاعَةِ وَنَقْلُ الْجَمَاعَةِ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا إذَا كَانَ فِي نَقْلِ الْآحَادِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ كَانَ فِي بَاقِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَضْرَمُونَ مِمَّنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَبَقِيَ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى جَاوَزَ هَذِهِ الْمُدَّةَ مِنْهُمْ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ فَقَدْ رُوِيَ فِي سِنِّهِ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ سَمِعْت أَبَا عُثْمَانَ يَقُولُ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ مَا مِنْ شَيْءٍ إلَّا نَقَصَ سِوَى أَمَلِي وَلَهُ فِي ذَلِكَ أَمْثَالٌ كَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ تُوُفِّيَ زِرٌّ ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ هُشَيْمٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ فَالْجَوَابُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ذَكَرَهُ

عَنْهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ وَأَبُو مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ مِمَّنْ كَانَ اتَّبَعَهُ لَا مِمَّنْ سِوَاهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَفَاةُ هَؤُلَاءِ الْمُعَمِّرِينَ فِي الْمِائَةِ سَنَةٍ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خُرُوجِهَا ، وَهُوَ أَوْلَى مَا حَمَلْتُ عَلَيْهِ هَذَا الْمَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ : مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا وَمِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُطْلَقًا وَفِي السَّبَبِ الَّذِي كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ { كَانَ حَيٌّ مِنْ بَنِي لَيْثٍ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى مِيلَيْنِ وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبَوْا أَنْ يُزَوِّجُوهُ فَجَاءَهُمْ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَسَانِي هَذِهِ الْحُلَّةَ وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ فِي دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ بِمَا أَرَى وَانْطَلَقَ فَنَزَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَأُرْسِلَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ ، ثُمَّ أَرْسَلَ رَسُولًا وَقَالَ إنْ أَنْتَ وَجَدْتَهُ حَيًّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَلَا أُرَاك تَجِدُهُ حَيًّا ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَحَرِّقْهُ بِالنَّارِ فَجَاءَهُ فَوَجَدَهُ قَدْ لَدَغَتْهُ أَفْعَى فَمَاتَ فَحَرَقَهُ بِالنَّارِ } فَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ عَنْ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ { جَاءَ رَجُلٌ إلَى قَوْمٍ فِي جَانِبِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ بِرَأْيِي فِيكُمْ فِي كَذَا ، وَفِي كَذَا وَقَدْ كَانَ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبَوْا أَنْ يُزَوِّجُوهُ فَذَهَبَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَبَعَثَ الْقَوْمُ إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ ، ثُمَّ أَرْسَلَ رَجُلًا فَقَالَ إنْ أَنْتَ وَجَدْتَهُ حَيًّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَمَا أُرَاك تَجِدُهُ حَيًّا ، وَإِنْ

وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَحَرِّقْهُ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَوَجَدَهُ قَدْ لُدِغَ فَمَاتَ فَحَرَقَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا ذِكْرُ السَّبِيلِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ قَوْلِهِ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَقَدْ رَوَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَا ثنا أَبُو الْغُصْنِ دُجَيْنُ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَفِي النَّارِ قَالَ فَقُلْت مَا اسْمُ الشَّيْخِ ؟ قَالَ سُلَيْمٌ أَوْ أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ } وَمِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ } وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ { عُثْمَانَ يَقُولُ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا أَكُونَ أَوْعَى صَحَابَتِهِ عَنْهُ ، وَلَكِنْ اشْهَدُوا لَسَمِعْته يَقُولُ مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا

شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ سَمِعْت عَلِيًّا ، يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ يَلِجْ النَّارَ } وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ ثنا أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَطَعِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْكَلْبِيُّ أَبُو الْكَرَوَّسِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { مَنْ حَدَّثَ عَنِّي فَكَذَبَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ثنا أَبُو دَاوُد وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَا ثنا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ { سَمِعْت عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْت لِلزُّبَيْرِ مَا يَمْنَعُك أَنْ تُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُحَدِّثُ عَنْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَقَالَ أَمَا وَاَللَّهِ مَا فَارَقْته مُنْذُ أَسْلَمْت ، وَلَكِنِّي سَمِعْته يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ .
زَادَ وَهْبٌ فِي حَدِيثِهِ وَاَللَّهِ مَا قَالَ مُتَعَمِّدًا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ مُتَعَمِّدًا } وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ وَهْبٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَفَهْدٌ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي

اللَّيْثُ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { مَنْ حَدَّثَ عَنِّي كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثنا عَفَّانَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى أَبُو شُرَيْحٍ ثنا الْفِرْيَابِيُّ ثنا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى .
ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ عَائِشَةُ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنَا حِصْنٌ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ قَالَ عَنِّي مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ } وَمِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ كَمَا قَدْ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْفَيْضِ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ عَمَّارٌ وَأَبُو مُوسَى كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ يَعِيشَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر الشَّيْبَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ سَمِعْت عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقُولُ لِأَبِي مُوسَى أَنْشُدُك اللَّهَ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا يُونُسُ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالُوا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَمَا

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ حَسِبْته أَنَّهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتَهُ مِنْ النَّارِ } حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ .
ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ كِتَابِي مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدٍ " فَلْيَتَبَوَّأْ " كَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ

عَمْرٍو أَنْبَأَ شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْمَقْدِسِيُّ الْخَيَّاطُ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ قَالَ { سَمِعْت زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ بَعَثَ إلَيَّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَقَالَ مَا أَحَادِيثُ تَبْلُغُنِي أَنَّك تُحَدِّثُ بِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزْعُمُ أَنَّ لَهُ حَوْضًا فِي الْجَنَّةِ فَقُلْت حَدَّثَنَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَعَدْنَاهُ ، قَالَ كَذَبْت ، وَلَكِنَّك شَيْخٌ قَدْ خَرِفْت فَقُلْت لَهُ أَمَا إنَّهُ قَدْ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَا كَذَبْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } وَمِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي نُعَيْمَةَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الطُّنْبُذِيِّ رَضِيعِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ وَمَنْ أَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ } وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُبَشِّرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُبَشِّرِ بْنِ

مُكَسِّرٍ الْبَصْرِيُّ أَبُو بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْغَافِقِيُّ مَالِكُ بْنُ عُبَادَةَ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَهُ { أَنَّ وَدَاعَةَ الْحَمْدِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ بِجَنْبِ مَالِكِ بْنِ عُبَادَةَ أَبِي مُوسَى الْغَافِقِيِّ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ يَقُصُّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ .
.
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَالِكٌ إنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا غَافِلٌ أَوْ هَالِكٌ إنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَهِدَ إلَيْنَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ وَإِنَّكُمْ سَتَرْجِعُونَ إلَى قَوْمٍ يَشْتَهُونَ الْحَدِيثَ عَنِّي فَمَنْ عَقَلَ شَيْئًا فَلْيُحَدِّثْ بِهِ وَمَنْ افْتَرَى عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا أَوْ مَقْعَدًا فِي جَهَنَّمَ } وَحَدَّثَنَاهُ يُونُسُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ فِي بَعْضِهَا عَاقِلٌ وَفِي بَعْضِهَا غَافِلٌ وَمِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عُقَيْلٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ وَمَنْ حَدَّثَ عَنِّي فَلَا يَقُلْ إلَّا صِدْقًا أَوْ قَالَ حَقًّا أَوْ قَالَ إحْدَاهُمَا وَمَنْ افْتَرَى عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ } وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ قَالَ عَلَيَّ

فَلَا يَقُلْ إلَّا حَقًّا أَوْ صِدْقًا وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ } وَمِنْهُمْ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الثَّقَفِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو الْهُذَيْلِ الطَّائِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ نِيحَ عَلَى قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ { فَخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ مَا بَالُ النِّيَاحَةِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ نِيحَ عَلَيْهِ عُذِّبَ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ } وَمِنْهُمْ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدٌ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقَيَّةَ اللَّخْمِيِّ قَالَ سَمِعْت مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ يَقُولُ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قُمْ فَحَدِّثْ النَّاسَ بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عُقْبَةُ فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتَهُ مِنْ جَهَنَّمَ وَسَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ } وَمِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَّ مُسْلِمًا مَوْلَى خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ قَالَ لِلْمُخْتَارِ هَذَا رَجُلٌ كَذَّابٌ وَلَقَدْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَفِي هَذَا

الْبَابِ أَحَادِيثُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ تَرَكْتهَا إذْ كَانَتْ طُرُقُهَا لَيْسَتْ كَطُرُقِ هَذِهِ الْآثَارِ وَفِيمَا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ ذِكْرُهُ التَّعَمُّدَ بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ وَفِي بَعْضِهَا السُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا يُوجِبُ اخْتِلَافًا ؛ لِأَنَّ مَنْ كَذَبَ فَقَدْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ وَلَحِقَهُ الْوَعِيدُ الَّذِي ذَكَرْنَا وَذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّعَمُّدَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى التَّوْكِيدِ لَا عَلَى مَا سِوَاهُ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ فَعَلْت كَذَا ، وَكَذَا بِيَدِي وَنَظَرْت إلَى كَذَا ، وَكَذَا بِعَيْنِي وَسَمِعْت كَذَا ، وَكَذَا بِأُذُنِي عَلَى التَّوْكِيدِ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ لَا عَلَى أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِغَيْرِ يَدِهِ وَلَا عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ بِغَيْرِ أُذُنِهِ وَلَا عَلَى أَنَّهُ يَرَاهُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ جَاءَ بِمِثْلِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِمَّا يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْوَعِيدَ فِي الْآخِرَةِ بِغَيْرِ ذِكْرِ تَعَمُّدٍ فِيهِ إذْ كَانَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّعَمُّدِ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ } الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى { إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الْآيَةَ وَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْوَعِيدِ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا } الْآيَةَ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ التَّعَمُّدَ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى التَّعَمُّدِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَاذِبًا وَلَا يَكُونُ زَانِيًا وَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا وَلَا يَكُونُ سَارِقًا إلَّا بِقَصْدِهِ إلَى ذَلِكَ وَتَعَمُّدِهِ إيَّاهُ ، وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ التَّعَمُّدَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ وَمِنْ سُكُوتِهِ عَنْهُ فِي بَعْضِهِ وَإِنَّمَا ذِكْرُهُ التَّعَمُّدَ عَلَى التَّوْكِيدِ فِي الْكَلَامِ لَا عَلَى مَا سِوَاهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَا

يَلْحَقُ الْوَعِيدُ فِيهِ إلَّا لِلْمُتَعَمِّدِينَ وَلَا يَكُونُ كَاذِبًا وَلَا سَارِقًا وَلَا مُحَارِبًا وَلَا زَانِيًا إلَّا مَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ الْعَمْدُ وَغَيْرُ الْعَمْدِ فِي مِثْلِ الْقَتْلِ الَّذِي قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ فِيهِ قَاتَلَا غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ وَيَكُونُ قَاتِلًا مُتَعَمِّدًا فَتَبَيَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ بِعَمْدِهِ وَخَطَئِهِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ بِزِيَادَةِ مَعْنًى ذَكَرَهُ فِيهِ أَخَّرْنَا ذِكْرَهُ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذَا الْبَابِ بِخِلَافِ حَدِيثِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ ، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ بِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ غَيْرَ يُونُسَ بْنِ بُكَيْر وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ لَيْسَ فِي سِنِّهِ مَا يُدْرِكُ بِهِ عَمْرَو بْنَ شُرَحْبِيلَ لِقِدَمِ وَفَاتِهِ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْر وَقَدْ دَخَلَ فِيهِ بَيْنَ طَلْحَةَ وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَبُو عَمَّارٍ ، وَهُوَ غَرِيبٌ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ بِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } .
وَقَدْ وَجَدْنَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْأَعْمَشِ كَذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ

غِيلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا لَمَا كَانَ مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّوْكِيدِ لَا عَلَى مَا سِوَاهُ ، مِثْلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } فَذَكَرَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَهُ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَكَرَهُ فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ ذِكْرِهِ مَعَهُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى تَوْكِيدِهِ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يُوَكِّدَ وَتَرْكِهِ ذَلِكَ حَيْثُ شَاءَ تَرْكَهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ كُلِّهِ وَاحِدٌ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ { مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ } حَدَّثَنَا جَعْفَرُ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ } وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا الْعَقَدِيُّ وَبِشْرٌ الزَّهْرَانِيُّ وَعَفَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ وَالْفِرْيَابِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ مِنْهُ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ } إلَى قَوْلِهِ { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ } فَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ

أَنَّ ذَوِي الْكِتَابِ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ وَكَانَ مَا يَأْخُذُونَهُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ مَا يَأْخُذُونَهُ عَنْ رُسُلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ إلَيْهِمْ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ وَدَخَلَ فِيهِ أَخْذُهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى رُسُلِهِ إلَّا الْحَقَّ كَانَ الْحَقُّ هَاهُنَا كَهُوَ فِي قَوْله تَعَالَى { إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وَكَانَ مَنْ شَهِدَ بِظَنٍّ فَقَدْ شَهِدَ بِغَيْرِ الْحَقِّ إذْ كَانَ الظَّنُّ كَمَا قَدْ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إلَّا ظَنًّا إنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا } وَفِي ذَلِكَ إعْلَامُهُ إيَّانَا أَنَّ الظَّنَّ غَيْرُ الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ مَنْ شَهِدَ بِالظَّنِّ شَاهِدًا بِغَيْرِ الْحَقِّ كَانَ مِثْلُهُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا بِالظَّنِّ مُحَدِّثًا عَنْهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَالْمُحَدِّثُ عَنْهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ مُحَدِّثٌ عَنْهُ بِالْبَاطِلِ وَالْمُحَدِّثُ عَنْهُ بِالْبَاطِلِ كَاذِبٌ عَلَيْهِ كَأَحَدِ الْكَاذِبِينَ عَلَيْهِ الدَّاخِلِينَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي { صَلَاتِهِ عَلَى الْجُهَنِيَّةِ الَّتِي رَجَمَهَا بِإِقْرَارِهَا عِنْدَهُ بِالزِّنَا وَفِي تَرْكِهِ الصَّلَاةَ عَلَى مَاعِزٍ الَّذِي رَجَمَهُ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَهُ } .
حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى أَبُو غَسَّانَ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ { أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ حُبْلَى مِنْ الزِّنَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَدَعَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِيَّهَا فَقَالَ لَهُ أَحْسِنْ إلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَائْتِنِي بِهَا فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا وَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ تُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى } حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى مِثْلَهُ .
غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عِمْرَانَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : فَقَالَ لَهُ عُمَرُ .
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي إسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ سَوَاءً .
فَفِيمَا رَوَيْنَا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَرْجُومَةِ فِي الزِّنَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَنُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومِسِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ { أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ اعْتَرَفَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبِك جُنُونٌ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : أَحْصَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرُجِمَ فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَيْرًا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ } .
فَفِي هَذَا تَرْكُهُ الصَّلَاةَ عَلَى هَذَا الْمَرْجُومِ فِي الزِّنَا ، وَهُوَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فَتَأَمَّلْنَا جَمِيعَ مَا رَوَيْنَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَرْجُومَيْنِ فِي الزِّنَا فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَفِي تَرْكِهِ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا لِأَيِّ مَعْنًى كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فَوَجَدْنَا الْمَرْأَةَ الَّتِي رَجَمَهَا لِإِقْرَارِهَا عِنْدَهُ بِالزِّنَا كَانَ مِنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى فِي إقْرَارِهَا عِنْدَهُ بِذَلِكَ جُودٌ مِنْهَا بِنَفْسِهَا لَهُ وَبَذْلٌ مِنْهَا نَفْسَهَا لِإِقَامَةِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ الزِّنَا عَلَيْهَا وَفِي صَبْرِهَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أُخِذَ مِنْهَا ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهَا مُوجِبًا لِحَمْدِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا إذْ كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاتُهُ عَلَى الْمَحْمُودِينَ مِنْ أُمَّتِهِ وَوَجَدْنَا مَا كَانَ مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ إلَيْهِ بَاذِلًا لِنَفْسِهِ فِي رَجْمِهِ إيَّاهُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مَوْتُهُ وَإِنَّمَا جَاءَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ وَسَنَأْتِي بِمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِيمَا

بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، ثُمَّ كَانَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ - قَبْلَ أَنْ يُؤْتَى عَلَى نَفْسِهِ - هَرَبُهُ مِنْ إقَامَةِ عُقُوبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ الَّتِي أَوْجَبَهَا مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَيْهِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مُوقِعَ الرَّيْبِ فِي أَمْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْهَرَبُ كَانَ مِنْهُ لِرُجُوعٍ كَانَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ أَوْ فِرَارًا مِنْ إقَامَةِ الْعُقُوبَةِ الَّتِي قَدْ لَزِمَتْهُ عَلَيْهِ وَكَانَ مَذْمُومًا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ فَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَى الْمَذْمُومِينَ مِنْ أُمَّتِهِ كَمَا لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا وَكَمَا لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْغَالِّ مِنْ الْغُزَاةِ مَعَهُ بِخَيْبَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي أَمْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ مِنْ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ تَرْكِ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ فَمِمَّا رُوِيَ فِي أَمْرِ الْمَرْجُومِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ هَرَبِهِ عَنْ اسْتِتْمَامِ الرَّجْمِ وَمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ الْقَوْلِ عِنْدَمَا بَلَغَهُ ذَلِكَ مِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ الصَّائِغُ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنِي النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ { جَاءَ مَاعِزٌ الْأَسْلَمِيُّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ جَالِسٌ فَأَقَرَّ بِالزِّنَا فَرَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهِ فَأَقَامُوهُ فِي مَكَان قَلِيلِ الْحِجَارَةِ فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الْحِجَارَةُ جَزِعَ فَخَرَجَ يَشْتَدُّ حَتَّى أَتَى الْحَرَّةَ فَثَبَتَ لَهُمْ فِيهَا فَرَمَوْهُ بِجَلَامِيدِهَا حَتَّى سَكَتَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاعِزٌ حِينَ أَصَابَتْهُ الْحِجَارَةُ جَزِعَ فَخَرَجَ يَشْتَدُّ فَقَالَ هَلَّا خَلَّيْتُمْ

سَبِيلَهُ } .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ { قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ مَاعِزًا حِينَ وَجَدَ مَسَّ الْمَوْتِ وَالْحِجَارَةِ فَرَّ قَالَ أَفَلَا تَرَكْتُمُوهُ ؟ } وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْن أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ { عَنْ نَصْرِ بْنِ دَهْرٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْت فِيمَنْ رَجَمَ مَاعِزًا فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ جَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ ؟ } قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرْت ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِهِ حِينَ سَمِعْته يَقُولُ فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لِعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ فَقَالَ حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لِمَاعِزٍ سِتٌّ مِنْ رِجَالِ أَسْلَمَ وَمَا أَتَّهِمُ الْقَوْمَ وَلَمْ أَعْرِفْ الْحَدِيثَ فَجِئْت جَابِرًا فَقُلْت إنَّ رِجَالًا مِنْ أَسْلَمَ يُحَدِّثُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُمْ حِينَ ذَكَرُوا جَزَعَ مَاعِزٍ مِنْ الْحِجَارَةِ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ وَمَا أَتَّهِمُ الْقَوْمَ وَلَا أَعْرِفْ الْحَدِيثَ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَنَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ كُنْت فِيمَنْ رَجَمَ الرَّجُلَ فَرَجَمْنَاهُ فَوَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ فَصَرَخَ بِنَا يَا قَوْمُ رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَيْرُ قَاتِلِي فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ فَلَمَّا رَجَعْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا قَالَ قَالَ فَهَلَّا تَرَكْتُمْ

الرَّجُلَ وَجِئْتُمُونِي بِهِ لِيَسْتَثْبِتَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ } مِنْهُ فَأَمَّا لِتَرْكِهِ حَدًّا فَلَا فَعَرَفْت وَجْهَ الْحَدِيثِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُبَارَكِ ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ { جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت فَأَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللَّهِ حَتَّى أَتَى أَرْبَعَ مِرَارٍ قَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ فَاشْتَدَّ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَادِيَتِهِ فَرَمَاهُ بِوَظِيفِ حِمَارٍ فَصَرَعَهُ فَرَمَاهُ النَّاسُ حَتَّى قَتَلُوهُ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَارُهُ فَقَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ } .
وَفِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ قَوْلُ الْمَرْجُومِ لِلنَّاسِ إنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَيْرُ قَاتِلِي فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَجِيئَهُ كَانَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِقْرَارَهُ عِنْدَهُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لَيْسَ لِأَنَّهُ يَرْجُمُهُ الرَّجْمَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ قَتْلُهُ ، وَلَكِنْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ نُزُولِ قُرْآنٍ فِيهِ بِمَعْنًى عَسَى أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ عُقُوبَةٌ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَالْجُهَنِيَّةِ الْمُقِرَّةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالزِّنَا عَلَى نَفْسِهَا وَطَلَبِهَا مِنْهُ إقَامَةَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا وَتَرْدَادِهَا إلَيْهِ لِذَلِكَ فِي حَالِ حَمْلِهَا وَبَعْدَ وَضْعِهَا حَمْلَهَا وَبَعْدَ فِطَامِهَا وَلَدَهَا فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى عِلْمِهَا بِالْعُقُوبَةِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهَا فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا يُخْفِيهِ عَلَيْهَا مَنْ يَرَاهَا تَطْلُبُ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهَا فِيمَا كَانَ مِنْهَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهَا وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَرْجُومِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا بَلَغَهُ مَا كَانَ مِنْهُ قَالَ لَهُ خَيْرًا } فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مَحْمُودًا وَلَمْ يَكُنْ مَذْمُومًا قِيلَ لَهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَا قَدْ ذَكَرْت وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِيمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ فِي أَمْرِهِ خِلَافُ ذَلِكَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي الرَّقِّيَّ الْقَطَّانَ ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ { جَاءَ مَاعِزٌ إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَسَأَلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَرَجَمْنَاهُ بِالْخَزَفِ وَالْجَنْدَلِ وَالْعِظَامِ وَمَا حَفَرْنَا لَهُ وَمَا أَوْثَقْنَاهُ فَسَبَقَنَا إلَى الْحَرَّةِ فَاتَّبَعْنَاهُ فَقَامَ لَنَا فَرَمَيْنَاهُ حَتَّى سَكَتَ فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا سَبَّهُ } فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ خِلَافُ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا حَدِيثَ جَابِرٍ فَوَجَدْنَا عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا قَدْ كَشَفَ الْمَعْنَى لَنَا فِيهِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِي ثنا غِيلَانُ بْنُ جَامِعٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ { أَنَّهُمْ لَبِثُوا بَعْدَ رَمْيِ مَاعِزٍ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالُوا غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ،

لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهَا } فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَمِنْ هَذَا الْقَوْلِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ لَحِقَهُ مِنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحَمْدُ لَهُ لِمَعْنًى عَلِمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَثَ فِي أَمْرِهِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَحِقَتْهُ إمَّا بِوَحْيٍ جَاءَهُ وَإِمَّا بِرُؤْيَا رَآهَا فِيهِ وَقَدْ وَجَدْنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فِي حَدِيثٍ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ سَمِعْت يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ أَنْبَأَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَضَّاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ زَنَى فَأَتَى هَزَّالًا فَأَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ زَنَى فَقَالَ لَهُ هَزَّالٌ ائْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِيك قُرْآنٌ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ زَنَيْت فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مِرَارٍ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ فَلَجَأَ إلَى شَجَرَةٍ فَقُتِلَ فَقَالَ رَجُلٌ لِصَاحِبِهِ هَذَا قَدْ قُتِلَ كَمَا يُقْتَلُ الْكَلْبُ فَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِمَارٍ مُنْتَفِخٍ فَقَالَ لَهُمَا انْهَشَا مِنْ هَذَا قَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نَسْتَطِيعُ جِيفَةٌ مُنْتِنَةٌ فَقَالَ مَا أَصَبْتُمَا مِنْ أَخِيكُمَا أَنْتَنُ إنَّهُ يَهَشُّ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ قَالَ وَيْحَك يَا هَزَّالُ أَلَا سَتَرْته وَيْحَك يَا هَزَّالُ أَلَا سَتَرْته } .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ بْنِ نُعَيْمٍ أَنْبَأَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ

سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَضَّاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ { مَكَانَ يَهَشُّ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ إنَّهُ لَيَنْغَمِسُ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ } فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ مِنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ عَقِيبًا لِرَجْمِهِ مَاعِزًا وَإِنَّمَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُدَّةٌ وَقَفَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَقِيقَةِ مَا صَارَ إلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا لَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا عَالِمًا بِهِ حَتَّى أَعْلَمَهُ اللَّهُ إيَّاهُ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ خَيْرًا كَانَ مُؤَخَّرًا عَنْ غَيْرِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَأَمَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ هَضَّاضٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ مِمَّا حُكِيَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلَيْنِ مَا قَالَ مَوْصُولًا بِانْصِرَافِهِمْ مِنْ رَجْمِهِ فَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْضُرْ رَجْمَهُ وَإِنَّمَا جَاءَهُ رَاجِمُوهُ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْهُمْ وَمِنْهُ ثُمَّ كَانَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الْقَوْلُ بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى حَقِيقَةِ مَا صَارَ إلَيْهِ عِنْدَ رَبِّهِ تَعَالَى مِنْ عَفْوِهِ عَنْهُ

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ ) مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ { قَوْلِهِ لِلَّذِي حَلَفَ عِنْدَهُ لِخَصْمِهِ الَّذِي كَانَ خَاصَمَهُ إلَيْهِ فِيمَا كَانَ ادَّعَى عَلَيْهِ أَمَا إنَّك قَدْ فَعَلْت فَادْفَعْ إلَيْهِ حَقَّهُ وَسَتُكَفِّرُ عَنْك لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَا صَنَعْت } حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّالِبَ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَاسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ فَحَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّك قَدْ فَعَلْت ، وَلَكِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ بِقَوْلِك لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ } .
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ الْكُوفِيُّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ { جَاءَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي أَقِمْ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يُقِمْ فَقَالَ لِلْآخَرِ احْلِفْ فَحَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ادْفَعْ إلَيْهِ حَقَّهُ وَسَتُكَفِّرُ عَنْكَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَا صَنَعْت } فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَدْ غُفِرَ لِلْحَالِفِ بِهَا يَمِينُهُ عَلَى مَا قَدْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ مَا حَلَفَ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ ؟ ، فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَامِعٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعَا أَبَا وَائِلٍ يُخْبِرُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ

اللَّهَ تَعَالَى ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } } الْآيَةَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ } وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبُوهُ كَعْبٌ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا قَالَ { حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ ، وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إلَى هَذِهِ السَّارِيَةِ لِسَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ كُنْت أَنَا وَأَبُوك كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَأَخُوك مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ قُعُودًا عِنْدَ هَذِهِ السَّارِيَةِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ الرَّجُلَ يَحْلِفُ عَلَى مَالِ الرَّجُلِ فَيَقْتَطِعُهُ بِيَمِينِهِ كَاذِبًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ أَيُّمَا رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى مَالِ رَجُلٍ كَاذِبًا فَاقْتَطَعَهُ بِيَمِينِهِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الْجَنَّةُ وَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ فَقَالَ أَخُوك مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا قَالَ فَقَلَّبَ سِوَاكًا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ فَقَالَ : وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ أَوْ وَإِنْ كَانَ عُودًا مِنْ أَرَاكٍ } وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ حَدَّثَنِي طَارِقٌ قَالَ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ قَالَ { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى مَالِ آخَرَ فَيَقْتَطِعُهُ

بِيَمِينِهِ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ وَبَرِئَتْ مِنْهُ الْجَنَّةُ } وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الرِّيَاحِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْبَرْصَاءِ قَالَ { سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ يَقُولُ ، وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ جَمْرَتَيْنِ مِنْ الْجِمَارِ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِ أَخِيهِ بِيَمِينٍ فَاجِرَةٍ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ } .
وَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ ابْنِ أَبِي الْخُوَارِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ الْبَرْصَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ لَقِيَ اللَّهَ ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ } حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ قَالُوا ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ قَالَهَا ثَلَاثًا } وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ عَمِّهِ - شَكَّ سُفْيَانُ - أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ لَقِيَ اللَّهَ ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ، وَهُوَ لَهُ مَاقِتٌ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ : وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مِنْ وَعِيدِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْ حَلَفَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17