الكتاب : مشكل الآثار
المؤلف : أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ الطَّحَاوِيُّ الْأَزْدِيُّ

الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمْ الْفُتْيَا مُتَمَسِّكِينَ بِتَحْرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ غَيْرَ مُخْتَلِفِينَ فِيهِ ، وَكَانَتْ الضَّبُعُ ذَاتَ نَابٍ فَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ ، وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ إخْرَاجُهَا مِنْهُ .
فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُسْتَفِيضُ فِي أَيْدِي الْعُلَمَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُ ذَلِكَ .
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ قُلْت لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ إنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ قَالَ : قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ يَعْنِي : ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ عَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا ذُكِرَ تَحْرِيمُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - إيَّاهُ فِيهَا حَلَالٌ أَكْلُهُ فَكَانَ جَوَابُنَا : فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَوْنِهِ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا وَقَفَ عَلَى تَحْرِيمِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَرَّمَهُ مِنْ ذِي النَّابِ مِنْ السِّبَاعِ ، وَمِنْ ذِي الْمِخْلَبِ مِنْ الطَّيْرِ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا أُبِيحَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَا حَقَّ بِمَا حُرِّمَ بِهَا ، وَهَكَذَا كَانَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ قَدْ قَالَ فِيمَا حَدَّثَهُ بِهِ أَبُو إدْرِيسَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ مِنْ { نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ } مَا سَمِعْنَا بِهَذَا حَتَّى دَخَلْنَا الشَّامَ أَيْ : فَسَمِعْنَاهُ

فَأَخَذْنَا بِهِ .
فَكَانَ هَذَا مِمَّا قَدْ كَانَ مَعَ ابْنِ شِهَابٍ بِالْمَدِينَةِ فَسَقَطَ عَنْهُ عِلْمُهُ بِهِ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ بْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ مَنْ سِوَاهُمْ قَدْ وَقَفُوا عَلَى تَحْرِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ذَلِكَ كُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ فَأَخَذُوا بِذَلِكَ وَكَانَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ فِيمَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَحْمُودَةً لِتَمَسُّكِهَا بِكِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلِمَا أَعْلَمَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَعْلَمَهَا بِهِ مِمَّا اسْتَثْنَاهُ مِمَّا فِي كِتَابِهِ مُجْمَلًا فَأَمَّا مَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَتَّى سَمِعَهُ بِالشَّامِ فَإِنَّ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إدْرِيسَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ } قَالَ : الزُّهْرِيُّ ، وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ وَاَللَّهَ - سُبْحَانَهُ - نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدَّلِيلِ عَلَى الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا } ) .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَذَكَرْنَا مَعَ ذَلِكَ مَا قَدْ لَحِقَهُ مِمَّا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فِيهِ وَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي الضَّبُعِ أَنَّ فِيهَا شَاةً وَذَكَرْنَا مَعَ ذَلِكَ دُخُولَ الضَّبُعِ فِيمَا { نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذِي النَّابِ مِنْ السِّبَاعِ ، وَأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ بِذَلِكَ أَنَّهَا غَيْرُ مَأْكُولَةٍ } وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ ، وَكَانَتْ حَاجَتُنَا إلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَا قَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا } فَكَانَ الْمُزَنِيّ : قَدْ حَكَى لَنَا فِي ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قَدْ دَلَّتْهُ عَلَى أَنَّ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ فِي حُرُمِهِمْ مِنْ الصَّيْدِ هُوَ مَا كَانَ أُحِلَّ لَهُمْ أَكْلُهُ فِي حَالِ حِلِّهِمْ وَكَانَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ يَحْكِي لَنَا فِي ذَلِكَ مِمَّا يَذْكُرُهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَمِمَّا كَانَ يَجْتَبِيهِ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّاسِ فِي إحْرَامِهِمْ مِنْ الصَّيْدِ هُوَ مَا كَانُوا يَصِيدُونَهُ لِيَأْكُلُوهُ ، وَمَا كَانُوا يَصِيدُونَهُ مِنْهُ بِجَوَارِحِهِمْ مِنْ الْكِلَابِ وَمِمَّا سِوَاهَا مِمَّا يُطْعِمُونَهَا إيَّاهُ ، وَمِمَّا أَكْلُهُ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ كَالذِّئَابِ ، وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ ذَوِي الْأَنْيَابِ مِنْ السِّبَاعِ وَمِنْ ذَوِي الْمَخَالِبِ مِنْ الطَّيْرِ وَيَقُولُ قَدْ دَخَلَ هَذَا فِيمَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ اصْطِيَادُهُ فِي إحْرَامِهِ ، وَكَانَ الَّذِي

حَكَاهُ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ فِيهَا { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا } فَعَمَّ بِذَلِكَ جَمِيعَ الصَّيْدِ الْمَأْكُولِ ، وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ قَدْ كَانَ أَتْبَعَ ذَلِكَ حُجَّةً احْتَجَّ بِهَا فِيهِ فَقَالَ : وَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ - وَالْإِحْرَامِ - الْغُرَابُ - وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ - وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ } .
فَكَانَتْ : الرِّوَايَاتُ فِي ذَلِكَ مِمَّا نَحْنُ مُسْتَغْنُونَ عَنْ ذِكْرِ أَسَانِيدِهَا لِاتِّفَاقِ الْفَرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا عَلَيْهِمَا .
قَالَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، وَلَمَّا حَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيمَا أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَهُ فِي إحْرَامِهِ مَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ إلَى غَيْرِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَنَا غَيْرَ صَحِيحَةٍ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْخَمْسُ مِمَّا قَدْ أُحِلَّ قَتْلُهُ لِلْمُحْرِمِ فِي إحْرَامِهِ وَيَكُونُ مَعَهَا مَا قَدْ أُحِلَّ لَهُ قَتْلُهُ فِي إحْرَامِهِ مِنْ أَجْنَاسِهَا سِوَاهَا ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا ذَكَرَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ عَدَدًا لِمَا ذَكَرَهُ بِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ إنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا أُحِلَّ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ فِي إحْرَامِهِ مِنْ الصَّيْدِ غَيْرُ ذَلِكَ الْعَدَدِ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ فِيهِ ذَلِكَ الْعَدَدُ ، وَدَخَلَ فِيهِ مِنْ أَجْنَاسِهِ أَعْدَادٌ سِوَاهُ وَقَدْ وَجَدْنَا مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى تَعَدُّدِ ذِكْرِهِ بِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي حَدِيثٍ سِوَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ بِمَعْنَى غَيْرِ ذَلِكَ الْعَدَدِ .
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى

الْعَبْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي : النَّحْوِيَّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إلَّا مِنَّةً ، وَالْمُسْبِلُ إزَارَهُ الَّذِي يَجُرُّ إزَارَهُ ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ } قَالَ : فَذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ بِمَا ذَكَرَهُمْ بِهِ فِيهِ ثُمَّ وَجَدْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ ثَلَاثَةً أُخَرَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى فِي حَدِيثٍ آخَرَ كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ قَالَ ثنا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لَا أَدْرِي بِأَيِّهَا أَبْدَأُ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ أَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ الَّذِي بَاعَهُ فَأَخَذَهَا وَهُوَ كَاذِبٌ ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إلَّا لِلدُّنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ وَفَّى ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِي آلَ عِمْرَانَ } .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُهُ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَحَصْرُهُمْ بِالْعَدَدِ الَّذِي حَصَرَهُمْ بِهِ فِيهِ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثَلَاثَةٌ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْل الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُمْ بِهِ فِيهِ .
وَوَجَدْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَ ثَلَاثَةً أُخَرَ أَيْضًا أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَ بِهِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرَ

الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ } .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَبُو حَازِمٍ هَذَا هُوَ الْأَشْجَعِيُّ وَلَاؤُهُ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهَا - عَزَّةُ وَجَمِيعُ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ الْحَدِيثَ مِمَّنْ هَذِهِ كُنْيَتُهُ أَبُو حَازِمٍ هَذَا وَاسْمُهُ سَلْمَانُ وَهُوَ يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ يُعَدُّ فِي الْمَدَنِيِّينَ وَأَبُو حَازِمٍ التَّمَّارُ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ مَوْلَى لِبَنِي غِفَارٍ يُعَدُّ فِي الْمَدَنِيِّينَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ ثنا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ الشَّيْخُ الزَّانِي وَالْإِمَامُ الْكَاذِبُ ، وَالْعَائِلُ الْمَزْهُوُّ } .
وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الشَّيْخُ الزَّانِي وَالْمَلِكُ الْكَاذِبُ وَالْعَائِلُ الْمَزْهُوُّ } فَكَانَ مَا ذُكِرَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنْ ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حُصِرَ فِيهِ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ لَمْ يَنْفِ

أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ غَيْرُهُ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْخَمْسَ اللَّائِي ذَكَرَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى مَعَ تِلْكَ الْخَمْسِ غَيْرُهَا غَيْرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ لَهُ فِي ذَلِكَ عَلَيْنَا أَنْ يَقُولَ أَلْحَقْتُ بِكُلِّ ثَلَاثَةٍ مِنْ الثَّلَاثَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ سِوَاهَا مِمَّنْ ذُكِرَ فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لِذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهَا .
وَلَوْ وَجَدْت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرًا لِسِوَى الْخَمْسِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجَجْت بِهِ لِأَلْحَقْتُهَا بِهَا ، وَلَكِنِّي لَمْ أَجِدْهُ فَلَمْ أُلْحِقْ بِهَا شَيْئًا فَنَقُولُ لَهُ فَمَا كَانَتْ حَاجَتُك إلَى أَنْ تَنْفِيَ بِهَا غَيْرَهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا قَدْ نَفَتْهُ ثُمَّ نَقُولُ نَحْنُ مُحْتَجِّينَ لِمَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا اللَّهَ - تَعَالَى - قَدْ قَالَ : فِي كِتَابِهِ { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا } فَكَانَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى دُخُولِ صَيْدِ الْبَحْرِ كُلِّهِ ، وَعَلَى أَنَّهَا قَدْ عَمَّتْهُ كُلَّهُ بِالتَّحْرِيمِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ مِمَّا قَدْ عَمَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمِثْلِ هَذَا شَيْءٌ إلَّا بِمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ بِهِ مِنْهُ آيَةٍ مَسْطُورَةٍ أَوْ مِنْ سُنَّةٍ مَأْثُورَةٍ أَوْ مِنْ إجْمَاعٍ مِنْ الْأُمَّةِ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يُرِدْ بِمَا قَدْ عَمَّهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا سِوَاهُ ، وَإِذَا عَدِمْنَا ذَلِكَ لَمْ نُخْرِجْ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِتِلْكَ الْآيَةِ إلَّا مَا قَدْ أُجْمِعَ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهُ وَهِيَ الْخَمْسُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ لَا مَا سِوَاهُ ، وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ الصَّحِيحِ مِمَّا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ الَّذِي يُرْمَى فِيهِ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ الَّتِي يَجْرِي رَمْيُهَا فِيهِ هَلْ هُوَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِهَا ؟ ) .
بِمَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ } وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبَرْدِيُّ قَالَ ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ { : أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ ضُعَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى حُمُرَاتٍ فَجَعَلَ يَقُولُ يَا بَنِيَّ أَفِيضُوا ، وَلَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ } .
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ ثنا الْبَرْدِيُّ قَالَ ثنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : { بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَعَفَةِ أَهْلِهِ لَيْلًا مِنْ جَمْعٍ وَقَالَ لَهُمْ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ } حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ { ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَعَلَيْنَا سَوَادٌ مِنْ

اللَّيْلِ فَجَعَلَ يَضْرِبُ أَفْخَاذَنَا ، وَيَقُولُ أَأُبَيْنِيَّ أَفِيضُوا ، وَلَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ } .
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي هَاشِمٍ يَا بَنِي أَخِي تَعَجَّلُوا قَبْلَ زِحَامِ النَّاسِ ، وَلَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ } .
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ ثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ ثنا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ أَهْلَهُ وَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ } .
وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ ثنا سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَا : عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ فِي حَدِيثِ حُسَيْنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي حَدِيثِ رَوْحٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَمَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ ثُمَّ جَعَلَ يَلْطَخُ أَفْخَاذَنَا وَجَعَلَ يَقُولُ فِي حَدِيثِ رَوْحٍ أَيْ بَنِيَّ وَفِي حَدِيثِ حُسَيْنٍ أَأُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ .
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ حُسَيْنٍ سَوَاءً قَالَ : أَبُو

جَعْفَرٍ : فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا مَكْشُوفَةُ الْمَعَانِي بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَجَّلَهُ مِنْ جَمْعٍ أَنْ لَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، وَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ مَنْ لَهُ الرُّخْصَةُ فِي التَّعْجِيلِ مِنْ هُنَاكَ كَانَ مَنْ لَا رُخْصَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ بِذَلِكَ النَّهْيِ أَوْلَى .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ ثنا الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ ثنا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ قَالَ ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ ثنا كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ وَثَقَلَهُ صَبِيحَةَ جَمْعٍ أَنْ يُفِيضُوا مَعَ أَوَّلِ الْفَجْرِ بِسَوَادٍ ، وَلَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ إلَّا مُصْبِحِينَ } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَتَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا ذَكَرْنَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ .
فَقَالَ قَائِلٌ : مَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمْ الْفُتْيَا إلَّا وَقَدْ خَرَجَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّهُ يُجْزِئُ رَمْيُهُ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي أَصْحَابِهِ ، وَمِنْهُمْ مَالِكٌ فِي أَصْحَابِهِ ، وَمِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ فِي أَصْحَابِهِ بَلْ قَدْ زَادَ عَلَيْهِمْ فَذَكَرَ أَنَّ مَنْ رَمَاهَا يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ رَمْيُهُ قَالَ : فَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا قَدْ تَلَقَّتْهُ .

( بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ : مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ { إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ تَسْلِيمَ الْمَعْرِفَةِ أَوْ تَسْلِيمَ الْخَاصَّةِ } ) حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ عَنْ { طَارِقٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَ خَادِمُهُ فَقَالَ : قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَرَأَى النَّاسَ رُكُوعًا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ وَرَكَعَ وَمَشَى وَفَعَلْنَا مِثْلَ مَا فَعَلَ فَمَرَّ رَجُلٌ مُسْرِعٌ فَقَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَبَلَّغَ رَسُولُهُ فَلَمَّا صَلَّيْنَا رَجَعَ فَوَلَجَ أَهْلَهُ وَجَلَسْنَا مَكَانَنَا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ أَيُّكُمْ يَسْأَلُهُ فَقَالَ طَارِقٌ أَنَا أَسْأَلُهُ فَسَأَلَهُ طَارِقٌ فَقَالَ سَلَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْك فَرَدَدْت عَلَيْهِ صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ قَالَ : فَرَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ تَسْلِيمُ الْخَاصَّةِ وَفُشُوُّ التِّجَارَةِ حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ وَقَطْعُ الْأَرْحَامِ وَظُهُورُ شَهَادَةِ الزُّورِ وَكِتْمَانُ شَهَادَةِ الْحَقِّ } .
{ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ الْمُنْقِرِيُّ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ { عَلْقَمَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ مَسْرُوقٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ بَيْنَهُمَا فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ فَضَحِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِمَّ تَضْحَكُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ السَّلَامَ بِالْمَعْرِفَةِ وَأَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ لَا يُصَلِّيَ فِيهِ } حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِصْبَاحِ ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ

الرَّحْمَنِ الْأَبَّارُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَوْ غَيْرِهِ كَذَا قَالَ { عُمَرُ قَالَ : دَخَلَ الْمَسْجِدَ رَجُلٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ رَجُلٌ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهُ وَعَلَيْكَ ، اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ إلَّا لِمَعْرِفَةٍ أَوْ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَأَنْ يَمُرَّ بِالْمَسْجِدِ عَرْضِهِ وَطُولِهِ ثُمَّ لَا يُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَمِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُطَاوِلَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ أَوْ قَالَ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ فِي بُنْيَانِ الدُّورِ } فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي رَدِّهِ السَّلَامَ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ رَدًّا خَاصًّا بِقَوْلِهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ { وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ مَعَهُ إذْ دَخَلَ رَجُلٌ كَالْبَدْوِيَّ فَصَلَّى فَأَخَفَّ صَلَاتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ } .
الْحَدِيثَ .
قَالَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ وَاللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمِّ أَبِيهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ : { كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ فَلَمَّا جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَعَلَيْك مِنِّي السَّلَامُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ } وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْقَيْسِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَدَوِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ { أَبِي ذَرٍّ فِي حَدِيثِ إسْلَامِهِ قَالَ فَانْتَهَيْتُ إلَيْهِ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى هُوَ وَصَاحِبُهُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكُنْت أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ وَعَلَيْك وَرَحْمَةُ اللَّهِ } .
( قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَدًّا خَاصًّا لَمْ يَعُمَّ بِهِ الْمُسْلِمَ وَغَيْرَهُ مِنْ النَّاسِ مِمَّا تُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ السَّلَامُ يَكُونُ سَلَامًا خَاصًّا لِمَنْ يُرِيدُ الْمُسْلِمُ السَّلَامَ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ لَا يُرِيدُ السَّلَامَ عَلَيْهِ { فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ } بِتَوْفِيقِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَوْنِهِ أَنَّ الْمُسَلِّمَ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْجَمَاعَةِ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ كَمَا عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلَّذِي سَلَّمَ عَلَيْهِ فَاخْتِصَاصُهُ الْوَاحِدَ بِذَلِكَ السَّلَامِ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ ظُلْمٌ مِنْهُ لِبَقِيَّتِهِمْ ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إذْ لَقِيَهُ وَالرَّدُّ مِنْ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا هُوَ رَدٌّ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ رَدٌّ عَنْ جَمَاعَةٍ هُوَ مِنْهُمْ كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْهُ فَالرَّدُّ هُوَ عَلَى وَاحِدٍ فَجَازَ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُ وَعَلَيْك السَّلَامُ وَأَمَّا الْجَائِي إلَى الْجَمَاعَةِ بِسَلَامٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعُمَّ الْجَمَاعَةَ بِهِ فَإِذَا قَصَدَ بِهِ إلَى أَحَدِهِمْ كَانَ قَدْ قَصَّرَ

بِنَفْسِهِ عَنْ الْوَاجِبِ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ { وَمِمَّا يَدْخُلُ } فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { لَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ } وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فَذَلِكَ كَلَامٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ وَحْدَهُ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ .
{ فَقَالَ قَائِلٌ } : فَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي ذَكَرْتَهُ أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ فَخَالَفَ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ فِيهِ { فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جُنَادٍ الْبَغْدَادِيُّ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ لِي أَبُو ذَرٍّ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ سَلَامِهِ { قَالَ : فَقُلْت السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : وَعَلَيْك } قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ سَلَامُ أَبِي ذَرٍّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سَلَامًا خَاصًّا وَقَدْ كَانَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الَّذِي رَوَيْتُهُ { فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ } فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو ذَرٍّ كَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُتَشَاغِلٌ إمَّا بِصَلَاةٍ ، وَإِمَّا بِطَوَافٍ بِالْبَيْتِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ بِمَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى السَّلَامِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ مَا بِهِ الْحَاجَةُ إلَى السَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَصَدَ سَلَامَهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ جَاءَ إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ سَلَامُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْك بِخِلَافِ مَا يَكُونُ سَلَامُهُ لَوْ جَاءَ إلَى الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ فِي سَلَامِهِ الَّذِي يَعُمُّهُمْ ، وَإِيَّاهُ بِهِ ، وَاَللَّهَ - سُبْحَانَهُ تَعَالَى - نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

{ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - رَدَّ الشَّمْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ غَيْبُوبَتِهَا ، وَرَدِّ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إيَّاهَا عَلَيْهِ ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِمَّا تَوَهَّمَ مَنْ تَوَهَّمَ مُضَادَّ ذَلِكَ } { حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ ثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ : { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُوحِيَ إلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّيْتَ يَا عَلِيُّ قَالَ : لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إنَّهُ كَانَ فِي طَاعَتِك وَطَاعَةِ رَسُولِك فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمْسَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَرَأَيْتُهَا غَرَبَتْ ثُمَّ رَأَيْتُهَا طَلَعَتْ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ } .
{ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْمَدَنِيِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَعْفَرٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ بِالصَّهْبَاءِ ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَاجَتِهِ فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إنَّ عَبْدَك عَلِيًّا احْتَبَسَ بِنَفْسِهِ عَلَى نَبِيِّكَ فَرُدَّ عَلَيْهِ شَرْقَهَا قَالَتْ أَسْمَاءُ فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى الْجِبَالِ وَعَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ غَابَتْ وَذَلِكَ فِي الصَّهْبَاءِ } .

{ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ } : فَاحْتَجْنَا أَنْ نَعْلَمَ مَنْ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْمَذْكُورُ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْمَدَنِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْفِطْرِيِّ وَهُوَ مَحْمُودٌ فِي رِوَايَتِهِ .

خَاتِمَةٌ فِي اعْتِذَارِ تَكْمِيلِ الْكِتَابِ قَدْ تَمَّ طَبْعُ الْكِتَابِ قَدْرَ مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْكِتَابُ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْعِبَارَةِ وَقَدْ بَذَلَ الْمَجْلِسُ جَهْدَهُ فِي تَكْمِيلِ الْكِتَابِ بِمُرَاسَلَاتٍ إلَى بِلَادٍ شَتَّى وَتَسْوِيدِ بَيَاضَاتِهِ وَتَصْحِيحِ أَغْلَاطِهِ مَا أَمْكَنَ وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ عَلَى نُسْخَةٍ أُخْرَى فَبَقِيَ هَذَا النَّقْصُ لَا مَحَالَةَ فَالْمَرْجُوُّ مِنْ نَاظِرِي هَذَا الْكِتَابِ مِمَّنْ وَجَدَ نُسْخَةً أُخْرَى صَحِيحَةً كَامِلَةً أَنْ يُكْمِلَ الْكِتَابَ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17