كتاب : المدونة الكبرى
المؤلف : مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني

المجلد الأول
كتاب الوضوء

ما جاء في الوضوء
كتاب الوضوء ما جاء في الوضوء
قال سحنون: قلت لعبد الرحمن بن القاسم: أرأيت الوضوء أكان مالك يوقت فيه واحدة أو اثنتين أو ثلاثا؟ قال: لا إلا ما أسبغ، ولم يكن مالك يوقت، وقد اختلفت الآثار في التوقيت. قال ابن القاسم: لم يكن مالك يوقت في الوضوء مرة ولا مرتين ولا ثلاثا. وقال: إنما قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] فلم يوقت تبارك وتعالى واحدة من ثلاث. قال ابن القاسم: ما رأيت عند مالك في الغسل والوضوء توقيتا لا واحدة ولا اثنتين ولا ثلاثا، ولكنه كان يقول: يتوضأ أو يغتسل ويسبغهما جميعا. قال ابن وهب عن مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني عن أبيه يحيى أنه سمع جده أبا حسن يسأل عبد الله بن زيد بن عاصم، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جد عمرو بن يحيى: هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قال عبد الله: نعم، قال: فدعا عبد الله بوضوء فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين مرتين ثم تمضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين, ثم مسح رأسه بيديه فأقبل وأدبر بهما, بدأ من مقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع بهما إلى المكان الذي منه بدأ, ثم غسل رجليه1, قال مالك: وعبد العزيز بن أبي سلمة أحسن ما سمعنا في ذلك وأعمه عندنا في مسح الرأس هذا. قال سحنون: وذكر ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن حمران مولى عثمان بن عفان أخبره أن عثمان بن عفان دعا يوما
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب الطهارة حديث 1 البخاري في كتاب الوضوع باب 38 مسلم في كتاب الطهارة حديث 18-19

بوضوء، فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض واستنثر ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم غسل يده اليسرى أيضا إلى المرفق ثلاث مرات ثم مسح رأسه وأذنيه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعب ثلاث مرات ثم غسل رجله اليسرى إلى الكعب ثلاث مرات، وأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه1 " . قال ابن وهب عن ابن شهاب وكان علماؤنا بالمدينة يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما توضأ به أحد للصلاة. قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه قال: ألا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فدعا بماء فأراهم مرة مرة فجعل في يده اليمنى ثم صب بها على يده اليسرى فتوضأ مرة مرة حدثنا وكيع عن علي عن سفيان عن عبد الله بن جابر أنه بلغه عن إبراهيم النخعي قال: حدثني من رأى عمر بن الخطاب يتوضأ مرتين مرتين. قال سحنون عن وكيع عن سفيان عن عبد الله بن جابر قال: سألت الحسن البصري عن الوضوء فقال: يجزيك مرة أو مرتان أو ثلاث. قال وكيع عن سفيان عن جابر بن يزيد الجعفي عن الشعبي قال: يجزيك مرة إذا أسبغت. قال سحنون عن ابن وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنثر من غرفة واحدة.
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب الوضوء باب 24-28 مسلم في كتاب الطهارة حديث 3-4-8 أبو داود في كتاب الطهارة باب 51. النسائي في كتاب الطهارة باب 67-68-93 ابن ماجه في كتاب الطهارة باب 6. أحمد في مسنده "1/59-64-66-68-71"

في الوضوء بماء الخبز والنبيذ والإدام والماء الذي يقع فيه الخشاش وغير ذلك
قال: وقال مالك: لا يتوضأ من الماء الذي يبل فيه الخبز. قلت: فما قوله في الفول والعدس والحنطة وما أشبه ذلك؟ قال: إنما سألناه عن الخبز وهذا مثل الخبز. قال ابن القاسم: وأخبرنا بعض أصحابنا أن سائلا سأل مالكا عن الجلد يقع في الماء فيخرج مكانه أو الثوب هل ترى بأسا أن يتوضأ بذلك الماء؟ قال: فقال مالك: لا أرى به بأسا، قال فقال له: فما بال الخبز؟ فقال له مالك: أرأيت إذا أخذ رجل جلدا فأنقعه أياما في ماء أيتوضأ بذلك الماء وقد ابتل الجلد في ذلك الماء؟ فقال: لا, فقال مالك: هذا مثل الخبز ولكل شيء وجه. قال: وقال مالك: لا يتوضأ بشيء من الأنبذة ولا العسل الممزوج بالماء, قال: والتيمم أحب إلي من ذلك. قال: وقال مالك: لا يتوضأ من شيء من الطعام والشراب ولا يتوضأ بشيء من أبوال الإبل ولا من ألبانها, قال: ولكن أحب

إلي أن يتمضمض من اللبن واللحم ويغسل الغمر إذا أراد الصلاة. قال: وقال مالك: لا يتوضأ بماء قد توضأ به مرة ولا خير فيه. قلت: فإن أصاب ما قد توضأ به مرة ثوب رجل؟ قال: إن كان الذي توضأ به طاهر فإنه لا يفسد عليه ثوبه. قلت: فلو لم يجد رجل إلا ماء قد توضأ به مرة أيتيمم أم يتوضأ بما قد توضأ به مرة؟ قال: يتوضأ بذلك الماء الذي قد توضأ به مرة أحب إلي إذا كان الذي توضأ به طاهرا. قال: وقال مالك في النخاعة والبصاق والمخاط يقع في الماء، قال: لا بأس بالوضوء منه. قال: وقال مالك: كل ما وقع من خشاش الأرض في إناء فيه ماء أو في قدر فيه طعام فإنه يتوضأ بذلك الماء ويؤكل ما في القدور, وخشاش الأرض: الزنبور والعقرب والصرار والخنفساء وبنات وردان وما أشبه هذا من الأشياء. قال: وقال مالك: في بنات وردان والعقرب والخنفساء وخشاش الأرض ودواب الماء مثل السرطان والضفدع ما مات من هذا في طعام أو شراب فإنه لا يفسد الطعام ولا الشراب. قال: وقال مالك: لا أرى بأسا بأبوال ما يؤكل كل لحمه مما لا يأكل الجيف وأرواثها إذا أصاب الثوب قال ابن القاسم: وأرى أنه إن وقع في الماء فإنه لا ينجسه قال: وسئل مالك عن حيتان ملحت فأصيبت فيها ضفادع قد ماتت, قال: لا أرى بأكلها بأسا لأن هذا من صيد البحر.

في الوضوء بسؤر الدواب والدجاج والكلاب
قال وسألت مالكا عن سؤر الحمار والبغل فقال: لا بأس به. قلت: أرأيت إن أصاب غيره؟ قال: هو وغيره سواء. قال: وقال مالك: لا بأس بعرق البرذون والبغل والحمار، قال وقال مالك: في الإناء يكون فيه الماء يلغ فيه الكلب يتوضأ به رجل؟ قال: قال مالك: إن توضأ به وصلى أجزأه, قال: ولم يكن يرى الكلب كغيره. قال: وقال مالك: إن شرب من الإناء ما يأكل الجيف من الطير والسباع لم يتوضأ به. قال: وقال مالك: إن ولغ الكلب في إناء فيه لبن فلا بأس بأن يؤكل ذلك اللبن. قلت: هل كان مالك يقول يغسل الإناء سبع مرات إذا ولغ الكلب في الإناء في اللبن وفي الماء؟ قال: قال مالك: قد جاء هذا الحديث وما أدري ما حقيقته، قال: وكأنه كان يرى أن الكلب كأنه من أهل البيت وليس كغيره من السباع، وكان يقول: إن كان يغسل ففي الماء وحده وكان يضعفه، وكان يقول: لا يغسل من سمن ولا لبن ويؤكل ما ولغ فيه من ذلك وأراه عظيما أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيلقى الكلب ولغ فيه. قلت: أرأيت إن شرب من اللبن ما يأكل الجيف من الطير والسباع والدجاج التي تأكل النتن أيؤكل اللبن أم لا؟ قال:

أما ما تيقنت أن في منقاره قذرا فلا يؤكل، وما لم تره في منقاره فلا بأس به وليس هو مثل الماء لأن الماء يطرح ولا يتوضأ به. قال سحنون: أخبرني ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد وبكير بن عبد الله بن الأشج أنهما كانا يقولان: لا بأس أن يتوضأ الرجل بفضل سؤر الحمير والبغال وغيرهما من الدواب. وقال ابن شهاب مثله في الحمار. وقال عطاء بن أبي رباح وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبو الزناد في الحمار والبغل مثله، وتلا عطاء قول الله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل:8] وقاله مالك من حديث ابن وهب.
قال علي بن زياد عن مالك: في الذي يتوضأ بماء قد ولغ فيه الكلب ثم صلى، قال: لا أرى عليه إعادة وإن علم في الوقت ولا غيره. قال علي وابن وهب عن مالك: ولا يعجبني الوضوء بفضل الكلب إذا كان الماء قليلا، قال: ولا بأس به إذا كان الماء كثيرا كهيئة الحوض يكون فيه ماء كثير أو بعض ما يكون فيه من الماء الكثير. قال ابن وهب عن ابن جريج: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد ومعه أبو بكر وعمر على حوض فخرج أهل الحوض فقالوا: يا رسول الله إن الكلاب والسباع تلغ في هذا الحوض، فقال: "لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شرابا وطهورا ". وأخبرنا عبد الرحمن بن زيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال عمر: لا تخبرنا يا صاحب الحوض فإنا نرد على السباع وترد علينا فالكلب أيسر مؤنة من السباع، والهر أيسرهما لأنه مما يتخذه الناس. قال ابن القاسم وقال مالك: لا بأس بلعاب الكلب يصيب الثوب وقاله ربيعة. وقال ابن شهاب: لا بأس إذا اضطررت إلى سؤر الكلب أن يتوضأ به، وقال مالك: يؤكل صيده فكيف يكره لعابه؟ قلت: فالدجاج المخلاة التي تأكل الجيف إن شربت من إناء فتوضأ به رجل أعاد ما دام في الوقت فإن مضى فلا إعادة عليه قال: نعم وإن كانت الدجاج مقصورة فهي بمنزلة غيرها من الحمام وما أشبه ذلك لا بأس بسؤرها؟ قال: نعم، قال: وقد سألنا مالكا عن الخبز من سؤر الفأرة، قال: لا بأس به، قال: فقلنا له: هل يغسل بول الفأرة يصيب الثوب؟ قال: نعم، قال: وسألنا مالكا عن الدجاج والإوز تشرب في الإناء أيتوضأ به؟ قال: لا إلا أن تكون مقصورة لا تصل إلى النتن وكذلك الطير التي تأكل الجيف. قال ابن القاسم: ولا أرى يتوضأ به وإن لم يجد غيره وليتيمم إذا علم أنها تأكل النتن. قال: وقال مالك: وإن كانت مقصورة فلا بأس بسؤرها. قال: وسألت ابن القاسم عن خرء الطير والدجاج التي ليست بمخلاة تقع في الإناء فيه الماء ما قول مالك فيه؟ قال: كل ما لا يفسد الثوب فلا يفسد الماء، وأن ابن

مسعود ذرق عليه طائر فنفضه بإصبعه من حديث وكيع عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن أبي عثمان النهدي. قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أنه كان يكره فضل الدجاج. قال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب في الإوز والدجاج مثله. وقال الليث بن سعد مثله. وقال مالك: إذا كانت بمكان تصيب فيه الأذى فلا خير فيه وإذا كانت بمكان لا تصيب فيه الأذى فلا بأس به. قال وكيع عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي: رأيت طائرا ذرق على سالم بن عبد الله فمسحه عنه من حديث ابن وهب.

استقبال القبلة للغائط والبول
قال وقال مالك: إنما الحديث الذي جاء "لا تستقبل القبلة لغائط ولا لبول "إنما يعني بذلك فيافي الأرض ولم يعن بذلك القرى والمدائن، قال: فقلت له: أرأيت مراحيض تكون على السطوح؟ قال: لا بأس بذلك ولم يعن بالحديث هذه المراحيض. قلت: أيجامع الرجل امرأته مستقبل القبلة في قول مالك؟ قال: لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أنه لا بأس به لأنه لا يرى بالمراحيض بأسا في المدائن والقرى وإن كانت مستقبلة القبلة. قلت: كان مالك يكره استقبال القبلة واستدبارها لبول أو لغائط في فيافي الأرض، قال: نعم الاستقبال والاستدبارسواء. قال ابن وهب عن مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق أنه سمع أبا أيوب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ذهب أحدكم لغائط أو لبول فلا يستقبل القبلة بفرجه ولا يستدبرها1" . قال ابن وهب وذكر عن حمزة بن عبد الواحد المدني يحدث عن عيسى بن أبي عيسى الحناط عن الشعبي في استقبال القبلة لغائط أو لبول، قال: إنما ذلك في الفلوات فإن لله عبادا يصلون له من خلقه فأما حشوشكم هذه التي في بيوتكم فإنها لا قبلة لها.
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب القبلة حديث1 البخاري في كتاب الوضوء باب 11. مسلم في كتاب الطهارة حديث 59.

الاستنجاء من الريح والغائط
قال وقال مالك : لا يستنجى من الريح ولكن إن بال أو تغوط فليغسل مخرج الأذى وحده فقط إن بال فمخرج البول الإحليل وإن تغوط فمخرج الأذى فقط. قال ابن القاسم قلت لمالك: فمن تغوط فاستنجى بالحجارة ثم توضأ ولم يغسل ما هنالك بالماء حتى صلى؟ قال: تجزئه صلاته وليغسل ما هنالك بالماء فيما يستقبل. قال مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن طحلاء عن عثمان بن عبد الرحمن: أن أباه أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب يتوضأ بالماء وضوءا لما تحت إزاره، قال مالك: يريد الاستنجاء بالماء. قال ابن

في الوضوء من مس الذكر
قلت: فهل ينتقض وضوءه إذا غسل دبره فمس الشرج؟ قال: قال مالك: لا ينتقض وضوءه من مس شرج ولا رفع ولا شيء مما هنالك إلا من مس الذكر وحده بباطن الكف، فإن مسه بظاهر الكف أو الذراع فلا ينتقض وضوءه. قلت: فإن مسه بباطن الأصابع؟ قال: أرى باطن الأصابع بمنزلة باطن الكف، قال لأن مالكا قال لي: إن باطن الأصابع وباطن الكف بمنزلة واحدة. قال: وبلغني أن مالكا قال في مس المرأة فرجها إنه لا وضوء عليها. وقال مالك فيمن مس ذكره في غسله من الجنابة قال: يعيد وضوءه إذا فرغ من غسله من الجنابة إلا أن يكون قد أمر يديه على مواضع الوضوء منه في غسله فأرى ذلك مجزيا عنه. قال ابن القاسم وعلي بن زياد وابن وهب وابن نافع عن مالك عن عبد الله بن بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول: دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: ومن مس الذكر الوضوء؟ فقال عروة: ما علمت ذلك، فقال مروان أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ1". قال عروة: ثم أرسل مروان إلى بسرة رسولا يسألها عن ذلك فأتاه عنها بمثل الذي قال، وقالوا كلهم عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: إذا مس رجل فرجه فقد وجب عليه الوضوء، وقالوا أيضا عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يغتسل ثم يتوضأ قال فقلت له: ما يجزيك الغسل من الوضوء؟ قال: بلى ولكني أحيانا أمس ذكري فأتوضأ2. وذكروا أيضا عن مالك عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن المصعب بن سعد عن سعد أنه كان يقول: الوضوء من مس الذكر3، وذكروا أيضا عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عروة أنه كان يقول: من مس ذكره فقد وجب عليه الوضوء4.
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب الطهارة حديث 58، غير أنه فيه "عن عبد الله بن أبيبكر "بدل عبد الله بن بكر. ورواه داود في كتاب الطهارة باب 69. والترمذي في كتاب الطهارة باب61. النسائي في كتاب الطهارة باب118. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب 63
2 رواه في الموطأفي كتاب الطهارة حديث 62: عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر يغتسل ثم يتوضأ فقلت له: ياأبت، أما يجزيك الغسل من الوضوء؟ قال: بلى، ولكني أحيانا أمس ذكري فأتوضأ.

الوضوء من النوم
قال: وقال مالك: من نام في سجوده فاستثقل نوما وطال ذلك أن وضوءه منتقض. قال: ومن نام نوما خفيفا - الخطرة ونحوها - لم أر وضوءه منتقضا. قال: وقال مالك فيمن نام على دابته قال: إن طال ذلك به انتقض وضوءه وإن كان شيئا خفيفا فهو على وضوئه. قال: فقلت له: أرأيت إن نام الذي على دابته قدر ما بين المغرب والعشاء؟ قال: أرى أن يعيد الوضوء في مثل هذا وهذا كثير، قال: وهو عندي بمنزلة القاعد. قال: وقال مالك: من نام وهو محتب في يوم الجمعة وما أشبه ذلك فإن ذلك خفيف ولا أرى عليه الوضوء لأن هذا لا يثبت، قال: فإن نام وهو جالس بلا احتباء؟ قال: هذا أشد لأن هذا يثبت وعلى هذا الوضوء إن كثر ذلك وطال. قال مالك: عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن تفسير هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة:6] إن ذلك إذا قمتم من المضاجع يعني النوم. قال مالك: عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال: إذا نام أحدكم وهو مضطجع فليتوضأ. قال ابن وهب عن حيوة بن شريح عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن قسيط أن أبا هريرة كان يقول: ليس على المجتبي النائم ولا على القائم النائم وضوء. قال ابن وهب وقال عطاء بن أبي رباح ومجاهد: إن الرجل إذا نام راكعا أو ساجدا فعليه الوضوء. قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: إن السنة فيمن نام راكعا أو ساجدا فعليه الوضوء. قال علي بن زياد عن سفيان عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي خالد بن علاق العبسي عن أبي هريرة قال: من استحق نوما فقد وجب عليه الوضوء، قال ابن وهب: وأن ربيعة بن أبي عبد الرحمن كانت في يده مروحة وهو جالس فسقطت من يده المروحة وهو ناعس فتوضأ، وقال قال ابن أبي سلمة: من استثقل نوما فعليه الوضوء على أي حال كان.

ما جاء في سلس البول والمذي والدود والدم يخرج من الدبر
أرى عليه الوضوء، وإن كان ذلك من طول عزبة أو تذكر فخرج منه أو كان إنما يخرج منه المرة بعد المرة فأرى أن ينصرف فيغسل ما به ويعيد الوضوء. قلت: فالدود يخرج من الدبر؟ قال: لا شيء عليه عند مالك. وقال إبراهيم النخعي مثله من حديث ابن وهب عن أشهب عن شعبة. قلت: فإن خرج من ذكره بول لم يتعمده؟ قال: عليه الوضوء لكل صلاة إلا أن يكون ذلك شيئا قد استنكحه فلا أرى عليه الوضوء لكل صلاة. قال: وقال مالك في سلس البول: إن أذاه الوضوء واشتد عليه البرد فلا أرى عليه الوضوء. قلت: فإن خرج من فرج المرأة دم؟ قال: عليها الغسل عند مالك إلا أن تكون مستحاضة فعليها الوضوء لكل صلاة. قال: وقال لي مالك: المستحاضة والسلس البول يتوضآن لكل صلاة أحب إلي من غير أن أوجب ذلك عليهما وأحب أن يتوضأ لكل صلاة. قال: وسئل مالك عن الذي يصيبه المذي وهو في الصلاة أو في غير الصلاة فيكثر ذلك عليه أترى أن يتوضأ؟ قال: فقال مالك: أما من كان ذلك منه من طول عزبة أو تذكر فإني أرى عليه أن يتوضأ، وأما من كان ذلك منه من استنكاح قد استنكحه من إبردة أو غيرها فكثر ذلك عليه فلا أرى عليه وضوءا، وإن كان قد أيقن أنه خرج ذلك منه فليكف ذلك بخرقة أو بشيء وليصل ولا يعيد الوضوء. قال: وسمعت مالكا يذكر قول الناس في الوضوء حتى يقطر أو يسيل، قال: فسمعته وهو يقول: قطرا قطرا استنكارا لذلك، قال: قلت لابن القاسم: فهل حد في هذا حدا أنه مذي ما لم يقطر أو يسل؟ قال: ما سمعته حد لنا في هذا حدا ولكنه قال: يتوضأ. قال: وقد ذكر لنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: إني لأجده ينحدر مني مثل الخريزة فإذا وجد أحدكم ذلك فليغسل فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة قال مالك: يعني المذي. قال ابن وهب عن عمر بن محمد العمري أن عمر بن الخطاب قال: إني لأجده ينحدر مني في الصلاة على فخذي كخرز اللؤلؤ فما أنصرف حتى أقضي صلاتي. قال مالك بن أنس عن الصلت بن زيد أنه قال: سألت سليمان بن يسار عن البلل أجده فقال سليمان: انضح ما تحت ثوبك بالماء واله عنه. قال ابن وهب عن القاسم بن محمد أنه قال في الرجل يجد البلة قال: إذا استبريت وفرغت فارشش بالماء، وقال ابن وهب عن ابن المسيب أنه قال في المذي: إذا توضأت فانضح بالماء ثم قل هو الماء. قال ابن وهب عن يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث عن ابن شهاب أنه قال: بلغني أن زيد بن ثابت كان يسلس البول منه حين كبر فكان يداري ما غلب من ذلك وما غلبه لم يزد على أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يصلي. قال مالك عن أبي النضر حدثه عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود: أن علي بن أبي طالب أمر أن يسأل له رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحدنا يخرج منه المذي ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته وأنا

في وضوء المجنون والسكران والمغمى عليه إذا أفاقوا
قال وسألت مالكا عن المجنون يخنق؟ قال: أرى عليه الوضوء إذا أفاق. قلت لابن القاسم: فإن خنق قائما أو قاعدا؟ قال: لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكني أرى أن يعيد الوضوء. قلت: فمن ذهب عقله من لبن سكر منه أو نبيذ؟ قال: لم أسأل عنه مالكا ولكن فيه الوضوء. قال: وقال مالك من أغمي عليه فعليه الوضوء، قال: فقيل لمالك: فالمجنون أعليه الغسل إذا أفاق؟ قال: لا، ولكن عليه الوضوء. قال: وكان مالك يأمر من أسلم من المشركين بالغسل، قال: وقد يتوضأ من هو أيسر شأنا ممن فقد عقله بجنون أو بإغماء أو بسكر وهو النائم الذي ينام ساجدا أو مضطجعا لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] وقد قال زيد بن أسلم: إنما تفسير هذه الآية: إذا قمتم إلى الصلاة من المضاجع يعني من النوم.

ما جاء في الملامسة والقبلة
قال: وقال مالك في المرأة تمس ذكر الرجل، قال: إن كانت مسته لشهوة فعليها الوضوء وإن كانت مسته لغير شهوة لمرض أو نحوه فلا وضوء عليها، قال: فإذا مست المرأة الرجل للذة فعليها الوضوء، قال: وكذلك إذا مس الرجل المرأة بيده للذة فعليه الوضوء من فوق ثوب كان أو من تحته فهو بمنزلة واحدة، قال: وعليه الوضوء قال: والمرأة بمنزلة الرجل في هذا، قال: وإن جسها للذة فلم ينعظ فعليه الوضوء. قلت لابن

في الذي يشك في الوضوء والحدث
قال: وقال مالك: وفيمن شك في بعض وضوئه يعرض له هذا كثيرا قال: يمضي ولا شيء عليه وهو بمنزلة الصلاة. قال: وقال مالك فيمن توضأ فشك في الحدث فلا يدري أحدث بعد الوضوء أم لا أنه يعيد الوضوء بمنزلة من شك في صلاته فلا يدري أثلاثا صلى أم أربعا فإنه يلغي الشك. قال ابن القاسم: وقول مالك في الوضوء مثل الصلاة ما شك فيه من مواضع الوضوء فلا يتيقن أنه غسله فليلغ ذلك وليعد غسل ذلك الشيء. قلت لابن القاسم: أرأيت من توضأ فأيقن بالوضوء ثم شك بعد ذلك فلم يدر أحدث أم لا وهو شاك في الحدث؟ قال: إن كان ذلك يستنكحه كثيرا فهو على وضوئه وإن كان لا يستنكحه فليعد وضوءه وهو قول مالك، وكذلك كل مستنكح مبتلى في الوضوء والصلاة.

ما جاء في الوضوء بسؤر الحائض والجنب والنصراني
قال: وقال مالك: لا بأس بالوضوء بسؤر الحائض والجنب وفضل وضوئهما إذا لم يكن في أيديهما نجس. قال: وقال مالك: لا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بما أدخل يده فيه. قال علي بن زياد عن مالك قال في الوضوء: من فضل غسل الجنب وشرابه أو الاغتسال به أو شربه، قال: فقال: لا بأس بذلك كله، بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وعائشة من إناء واحد، قال: وفضل الحائض عندنا في ذلك بمنزلة فضل الجنب. قال

ما جاء في تنكيس الوضوء
قال: وسألت مالكا عمن نكس وضوءه فغسل رجليه قبل يديه ثم وجهه ثم صلى، قال: صلاته مجزئة عنه، قال: قلت له: أترى أن يعيد الوضوء؟ قال: ذلك أحب إلي، قال: ولا ندري ما وجوبه. قال ابن وهب قال: بلغني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ونعيم بن عبد الله بن عمر المجمر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ أحدكم فليبدأ بميامنه ". وذكر وكيع بن الجراح عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود أنهما قالا: ما نبالي بدأنا بأيسارنا أو بأيماننا.

فيمن نسي المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين
ومن فرق وضوءه أو غسله متعمدا أو نسي بعضه
قال: وقال مالك فيمن توضأ فغسل وجهه ويديه ثم ترك أن يمسح برأسه وترك غسل رجليه حتى جف وضوءه وطال ذلك، وقال: إن كان ترك ذلك ناسيا بنى على وضوئه وإن تطاول ذلك، قال: وإن كان ترك ذلك عامدا استأنف الوضوء. قال ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة أن رجلا جاء إلى سعيد بن المسيب فقال: إني اغتسلت من الجنابة ونسيت أن أغسل رأسي، قال: فأمر رجلا من أهل المجلس أن يقوم معه إلى المطهرة فيصب على رأسه دلوا من ماء. قال: وقال مالك: ومن ترك المضمضة والاستنشاق وداخل أذنيه في الغسل من الجنابة حتى صلى، قال: يتمضمض ويستنشق لما يستقبل وصلاته التي صلى تامة، قال: ومن ترك المضمضة والاستنشاق ومسح داخل الأذنين في الغسل من الجنابة والذي ترك ذلك في الوضوء فهما سواء وليمسح داخلهما فيما يستقبل. قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: لو نسيه لم يكن من الوضوء. قال ابن وهب قال الليث بن سعد وقال يحيى بن سعيد: لو نسي ذلك حتى صلى لم يقل له عد لصلاتك، ولم نر أن ذلك ينقص صلاته. قال ابن وهب وقال ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح وعبيد الله بن عمر إنه لا يعيد إلا مما ذكر الله في كتابه. قال ابن وهب وقاله مالك والليث بن سعد مثله. قال ابن وهب عن يونس عن ربيعة أنه كان يقول: إن تفريق الغسل مما يكره وإنه لم يكن

ما جاء في مسح الرأس
قال: مالك: المرأة في مسح الرأس بمنزلة الرجل تمسح على رأسها كلها وإن كان معقوصا فلتمسح على ضفرها ولا تمسح على خمار ولا غيره. قال: وقال مالك: الأذنان من الرأس ويستأنف لهما الماء وكذلك فعل ابن عمر. قال: وقد قال لي مالك: في الحناء تكون على الرأس فأراد صاحبه أن يمسح على رأسه في الوضوء قال: لا يجزئه أن يمسح على الحناء حتى ينزعها فيمسح على شعره. قال: وقال مالك: في المرأة يكون لها الشعر المرخى على خديها من نحو الدلالين أنها تمسح عليهما بالماء ورأسها كله مقدمه ومؤخره، ورواه ابن وهب أيضا وكذلك الذي له شعر طويل من الرجال. قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة مولاة عائشة عن عائشة: أنها كانت إذا توضأت تدخل يدها تحت الوقاية وتمسح برأسها كله. قال ابن وهب قال: وبلغني عن جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم وصفية امرأة ابن عمر وسعيد بن المسيب وابن شهاب ويحيى بن سعيد ونافع مثل ذلك، وقال مالك: في المرأة تمسح على خمارها أنها تعيد الصلاة والوضوء.

ما جاء فيمن عجزه الوضوء أو نسي بعض وضوئه أو غسله
قال: وقال مالك فيمن توضأ ففرغ من بعض الوضوء وبقي بعضه فقام لأخذ الماء فقال: إن كان قريبا فأرى أن يبني على وضوئه وإن تطاول ذلك وتباعد أخذه الماء وجف وضوءه فأرى أن يعيد الوضوء من أوله. قال ابن القاسم: أيما رجل اغتسل من جنابة أو حائض اغتسلت فبقيت لمعة من أجسادهما لم يصبها الماء أو توضأ فبقيت لمعة من مواضع الوضوء حتى صليا ومضى الوقت، قال: إن كان إنما ترك اللمعة عامدا أعاد الذي اغتسل غسله والذي توضأ وضوءه وأعادوا الصلاة وإن كانوا إنما تركوا ذلك سهوا فليغسلوا تلك اللمعة وليعيدوا الصلاة، فإن لم يغسلوا ذلك حين ذكروا ذلك فليعيدوا الوضوء والغسل وهو قول مالك. قال سحنون وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن في تبعيض الغسل مثل ذلك. وقال ابن المسيب في الذي ترك رأسه ناسيا في الغسل، مثل ذلك، وقال مالك

في مسح الوضوء بالمنديل
قال: وقال مالك: لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء، قال ابن وهب عن زيد بن الحباب عن أبي معاذ عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة ينتشف بها بعد الوضوء.

جامع الوضوء وتحريك اللحية
قال: وقال مالك: من كان على وضوء فذبح فلا ينتقض لذلك وضوءه، وقال فيمن توضأ ثم حلق رأسه: إنه ليس عليه أن يمسح رأسه بالماء ثانية. قال ابن القاسم وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: هذا من لحن الفقه، قال: وسمعت مالكا يذكر قول الناس في الوضوء حتى يقطر أو يسيل، قال فسمعته وهو يقول: قطرا قطرا إنكارا لذلك. قال: وقال مالك: وقد كان بعض من مضى يتوضأ بثلث المد. قال: وقال مالك: تحرك اللحية في الوضوء من غير تخليل قال ابن وهب: إن ربيعة بن أبي عبد الرحمن كان ينكر تخليل اللحية، وقال: يكفيها ما مر عليها من الماء. وقال القاسم بن محمد: أغرف ما يكفيني من الماء فأغسل به وجهي وأمره على لحيتي، من حديث ابن وهب عن حيوة بن شريح عن سليمان بن أبي زينب. وقال ابن القاسم: لست من الذين يخللون لحاهم، وقال إبراهيم النخعي: يكفيها ما مر عليها من الماء من حديث وكيع عن الفضيل عن منصور. قال وكيع وقال ابن سيرين: ليس من السنة غسل اللحية وأن ابن عباس لم يكن يخلل لحيته عند الوضوء من حديث ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر.

ما جاء في القيء والحجامة والقلس والوضوء منها
قال: وقال مالك: القيء قيآن أما ما يخرج بمنزلة الطعام فكان لا يرى ما أصاب الجسد من ذلك بنجس، وما تغير عن حال الطعام فأصاب جسده أو ثوبه غسله قال:

في القرحة تسيل
قال: وقال مالك: كل قرحة إذا تركها صاحبها لم يسل منها شيء وإذا نكأها بشيء سال منها، فإن تلك ما سال منها يغسل منه الثوب وإن سال على جسده غسله إلا أن يكون الشيء اليسير مثل الدم الذي يفتله ولا ينصرف، وما كان من قرحة يسيل لا يجف وهي تمصل فإن تلك يجعل عليها خرقة ويداريها ما استطاع، وإن أصاب ثوبه لم أر بأسا أن يصلي به ما لم يتفاحش ذلك وإن تفاحش ذلك فأحب إلي أن يغسله ولا يصلي به. قال ابن القاسم: والقيح والصديد عند مالك بمنزلة الدم. قال: وقال مالك فيمن كانت به قرحة فنكأها فسال الدم أو خرج الدم هو نفسه سال من غير أن ينكأها، قال: هذا يقطع الصلاة إن كان الدم قد سال والقيح فيغسل ذلك عنه ولا يبني ويستأنف ولا يبني إلا في الرعاف وحده، قال: إن كان ذلك الدم الذي خرج من هذه القرحة دما يسيرا فليمسحه وليفتله وليمض على صلاته. قال ابن وهب: إن عمر بن الخطاب صلى والجرح يثعب دما، قال يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: أما الشيء اللازم من جرح يمصل أو أثر براغيث فصل بثوبك، وإذا تفاحش منظره ذلك أو تغير ريحه فاغسله وليس به بأس ما لم يتفاحش منظره ويظهر ريحه ما دمت تداري ذلك. قال ابن وهب قال يونس: قال ابن شهاب في الجراح يمصل قال: تداري ما عليك من ذلك ثم تصلي. قال ابن وهب قال يونس قال أبو الزناد: أما الذي لا يبرح فلا غسل فيه. قال ابن وهب وقد قال عروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح مثله في الدمل والقرحة. قال ابن وهب: إن أبا

هريرة وابن المسيب وسالم بن عبد الله كانوا يخرجون أصابعهم من أنوفهم مختضبة دما فيفتلونه ويمسحونه ثم يصلون ولا يتوضئون. قال ابن وهب: وبلغني أن ابن المسيب وعطاء بن أبي رباح وربيعة ومحمد بن كعب القرظي فيما يخرج من الفم من الدم لا يرون فيه وضوءا. وقال سالم ويحيى بن سعيد مثله.

ما جاء في الصلاة
والوضوء والوطء على أرواث الدواب
قال: وقال مالك: معنى قول النبي عليه السلام: "في الدرع يطهره ما بعده" وهذا في القشب اليابس. قال ابن القاسم: كان مالك يقول: دهره في الرجل يطأ بخفه على أرواث الدواب ثم يأتي المسجد أنه يغسله ولا يصلي فيه قبل أن يغسله، ثم كان آخر ما فارقناه عليه أن قال: أرجو أن يكون واسعا، قال: وما كان الناس يتحفظون هذا التحفظ. وقال مالك فيمن وطئ بخفيه أو بنعليه على دم أو على عذرة قال: لا يصلي فيه حتى يغسله، قال: وإذا وطئ على أرواث الدواب وأبوالها؟ قال: فهذا يدلكه ويصلي به وهذا خفيف. قال ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن رجل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فإن كان ليلا فليدلك نعليه وإن كان نهارا فلينظر إلى أسفلهما ". قال ابن وهب قال الليث بن سعد وسمعت يحيى بن سعيد يقول: نكره أن يصلي ببول الحمير والبغال والخيل وأرواثها ولا نكره ذلك من الإبل والبقر والغنم، وقاله ابن شهاب وعطاء وعبد الرحمن بن القاسم ونافع وأبو الزناد وسالم ومجاهد في الإبل والبقر والغنم. وقال مالك: إن أهل العلم لا يرون على من أصابه شيء من أبوال البقر والإبل والغنم وإن أصاب ثوبه فلا يغسله، ويرون على من أصابه شيء من أبوال الدواب: الخيل والبغال والحمير أن يغسله والذي فرق بين ذلك أن تلك تشرب ألبانها وتؤكل لحومها، وأن هذه لا تشرب ألبانها ولا تؤكل لحومها وقد سألت بعض أهل العلم عن هذا فقالوا لي هذا. قال ابن وهب عن عمر بن قيس عن عطاء قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون حفاة فما وطئوا عليه من قشب رطب غسلوه وما وطئوا عليه من قشب يابس لم يغسلوه. قال وكيع عن سفيان بن عيينة عن سليمان بن مهران عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يتوضأ من موطئ قال وكيع عن عيسى بن يونس عن محمد بن مجاشع التغلبي عن أبيه عن كهيل قال: رأيت علي بن أبي طالب يخوض طين المطر ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه. قال: وقال مالك: لا بأس بطين المطر وماء المطر المستنقع في السكك والطرق

وما أصاب من ثوب أو خف أو نعل أو جسد فلا بأس بذلك، قال: فقلنا له: إنه يكون فيه أرواث الدواب وأبوالها والعذرة، قال: لا بأس بذلك ما زالت الطرق هذا فيها وكانوا يخوضون المطر وطينه ويصلون ولا يغسلونه.

في الدم وغيره يكون في الثوب يصلي به الرجل
قال: وقال مالك في الرجل يصلي وفي ثوبه دم يسير من دم حيضة أو غيره فيراه وهو في الصلاة قال: يمضي على صلاته ولا يبالي ألا ينزعه ولو نزعه لم أر به بأسا، وإن كان دما كثيرا كان دم حيضة أو غيره نزعه واستأنف الصلاة من أولها بإقامة، ولا يبني على شيء مما صلى وإن رأى بعدما فرغ أعاد ما دام في الوقت والدم كله عندي سواء دم الحيضة وغيره، ودم الحوت عند مالك مثل جميع الدم، قال: ويغسل قليل الدم وكثيره من الدم كله وإن كان دم ذباب رأيت أن يغسل. قلت: فإن كان في نافلة فلما صلى ركعة رأى في ثوبه دما كثيرا أيقطع أم يمضي؟ فإن قطع أيكون عليه قضاء أم لا؟ قال: يقطع ولا أرى عليه قضاء إلا أن يحب أن يصلي، قال: فقيل لمالك: فدم البراغيث؟ قال: إن كثر ذلك وانتشر فأرى أن يغسل، قال: والبول والرجيع والاحتلام والمذي وخرء الطير التي تأكل الجيف والدجاج التي تأكل النتن فإن قليل خرئها وكثيره سواء، إن ذكر وهو في الصلاة وهو في ثوبه أو إزاره نزع وقطع الصلاة واستأنفها من أولها بإقامة جديدة كان مع الإمام أو وحده فإن صلاها أعادها ما دام في الوقت فإن ذهب الوقت فلا إعادة عليه، قال: فقلت له: فإن رأى في ثوبه دما ما قبل أن يدخل في الصلاة فنسي حتى دخل في الصلاة؟ قال: هو مثل هذا كله يفعل فيه كما يفعل فيما فسرت لك في هذا، قال: وأرواث الدواب: الخيل والبغال والحمير أرى أن يفعل فيها كما يفعل في البول والرجيع والمذي يكون في الثوب؟ قال: ولا بأس ببول ما يؤكل لحمه مثل البعير والشاة والبقر. قال: وقال مالك في المني يصيب الثوب فيجف فيحته قال: لا يجزيه ذلك حتى يغسله. قال: وقال مالك: ومن صلى وفي جسده دنس فهو بمنزلة من هو في ثوبه يصنع به كما يصنع من صلى وفي ثوبه دنس. قال: وقال مالك في دم البراغيث يكون في الثوب متفرقا قال: إذا تفاحش ذلك غسله فإن كان غير متفاحش، فلا أرى به بأسا، قال مالك: ودم الذباب يغسل، قال: وما رأيت مالكا يفرق بين الدماء ولكنه يجعل دم كل شيء سواء، وذلك أني كنت سألت ابن القاسم عن دم القراد والسمك والذباب فقال: ودم السمك أيضا يغسل.

قال: وقال مالك في الثوب يكون فيه النجس قال: لا يطهره شيء إلا الماء وكذلك، قال: فقلت لمالك: فالقطرة من الدم تكون في الثوب أيمجه بفيه أي يقلعه من ثوبه وينزعه؟ قال: يكرهه لثوبه ويدخله في فيه فكره ذلك. قال: وقال مالك في الثوب يصيبه البول أو الاحتلام فيخطئ موضعه ولا يعرفه قال: يغسله كله. قلت له: فإن عرف تلك الناحية؟ قال: يغسل تلك الناحية منه. قلت: فإن شك فلم يستيقن أصابه أو لم يصبه؟ قال: ينضحه بالماء ولا يغسله وذكر النضح، فقال: هو الشأن وهو من أمر الناس، قال: وهو طهور ولكل ما شك فيه. قلت: أرأيت ما تطاير علي من البول قدر رءوس الإبر هل تحفظ من مالك فيه شيئا؟ قال: أما هذا بعينه مثل رءوس الإبر فلا ولكن قول مالك: يغسل قليل البول وكثيره. قال سحنون عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد في ثوبه دما في الصلاة فانصرف. قال ابن وهب وقال ابن شهاب: القيح بمنزلة الدم في الثوب وهو نجس. وقال مجاهد والليث بن سعد مثله: يغسله بالماء. قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله أفرأيت إن لم يخرج الدم من الثوب؟ قال: "يكفيك الماء ولا يضرك أثره ". قال مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب غسل الاحتلام من ثوبه. قال ابن وهب عن الليث بن سعد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال فيمن أصاب ثوبه بول أو رجيع أو ساقه أو بعض جسده حتى صلى وفرغ قال: إن كان مما يكون من الناس فإنه يعيد صلاته وإن كان قد فات الوقت فلا يعيد. وقال ابن شهاب فيمن صلى بثوب فيه احتلام مثل قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن ويونس، وقال ربيعة في دم البراغيث يكون في الثوب: إذا تفاحشت منظرته أو تغير ريحه فاغسله ولا بأس به ما لم يتفاحش منظره ويظهره ريحه فلا بأس ما دمت تداري ذلك. قال وكيع عن أفلح بن حميد عن أبيه قال: عرسنا مع ابن عمر بالأبواء ثم سرنا حين صلينا الفجر حتى ارتفع النهار فقلت لابن عمر: إني صليت في إزاري وفيه احتلام ولم أغسله، فوقف علي ابن عمر فقال: انزل فاطرح إزارك وصل ركعتين وأقم الصلاة ثم صل الفجر ففعلت. قال سحنون: وإنما ذكرت هذا حجة على من زعم أنه لا يعيد في الوقت، وقال ابن عمر وأبو هريرة في الثوب تصيبه الجنابة فلا يعرف موضعها يغسل الثوب كله من حديث ابن وهب.

في المسح على الجبائر والظفر المكسي
قال: وسألت ابن القاسم عن المسح على الجبائر فقال: قال مالك: يمسح عليها،

قال ابن القاسم: فأرى إن هو ترك المسح على الجبائر أن يعيد الصلاة أبدا. قال: وقال مالك: ولو أن رجلا جنبا أصابه كسر أو شجة وكان ينكب عنها الماء لموضع الجبائر فإنه إذا صح ذلك كان عليه أن يغسل ذلك الموضع الذي كانت عليه الجبائر أو الشجة. قلت: فإن صح ولم يغسل ذلك الموضع حتى صلى صلاة أو صلوات؟ قال: إن كان في موضع لا يصيبه الوضوء إنما هو في المنكب أو الظهر، فأرى أن يعيد كل ما صلى من حين كان يقدر على أن يمسه بالماء لأنه بمنزلة من بقي في جسده موضع لم يصبه الماء في جنابة اغتسل منها حتى صلى صلوات أنه يعيد الصلوات كلها وإنما عليه أن يمس ذلك الموضع بالماء فقط. قال: وقال مالك في الظفر يسقط قال: لا بأس أن يكسي الدواء ثم يمسح عليه. قلت لابن القاسم: والمرأة بهذه المنزلة؟ قال: نعم هي مثله. قال: ابن وهب وقد قال: يمسح على الجبائر الحسن البصري وإبراهيم النخعي ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وقال ربيعة: والشجة في الوجه يجعل عليها الدواء ويمسح عليها، وقال مالك في القرطاس أو لشيء يجعل على الصدغ من صداع أو من وجع به أنه يمسح عليه من رواية ابن وهب.

ما جاء في وضوء الأقطع
قال ابن القاسم: قال مالك فيمن قطعت رجلاه إلى الكعبين قال: إذا توضأ غسل بالماء ما بقي من الكعبين وغسل موضع القطع أيضا. قلت لابن القاسم: أيبقى من الكعبين شيء؟ قال: نعم إنما يقطع من تحت الكعبين ويبقى الكعبان في الساقين، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6]. ولقد وقفت مالكا على الكعبين اللذين إليهما حد الوضوء الذي ذكر الله في كتابه فوضع لي يده على الكعبين اللذين في أسفل الساقين فقال لي: هذان هما. قلت: فإن هو قطعت يداه من المرفقين أيغسل ما بقي من المرفقين ويغسل موضع القطع؟ قال: لا يغسل موضع القطع ولم يبق من المرفقين شيء فليس عليه أن يغسل شيئا من يديه إذا قطعتا من المرفقين. قلت: وكيف لم يبق من المرفقين شيء؟ قال: لأن القطع قد أتى على جميع الذراعين والمرفقان في الذراعين فلما ذهب المرفقان مع الذراعين لم يكن عليه أن يغسل موضع القطع، قال: وأما الكعبان فهما باقيان في الساقين فلذلك غسل موضع القطع، قلت: وهذا قول مالك أيضا، قال: سألت مالكا عن الذراعين؟ قال ابن القاسم: والتيمم هو في ذلك مثل الوضوء. قال ابن القاسم: إلا أن يكون بقي شيء من المرفقين في العضدين يعرف ذلك الناس ويعرفه العرب فإن كان كذلك فليغسل ما بقي من المرفقين.

في غسل بول الجارية والغلام
قال: وقال مالك في الجارية والغلام بولهما سواء إذا أصاب بولهما ثوب رجل أو امرأة غسلا ذلك وإن لم يأكلا الطعام، قال: وأما الأم فأحب إلي أن يكون لها ثوب سوى ثوبها الذي ترضع فيه إذ كانت تقدر على ذلك، وإن لم تكن تقدر على ذلك فلتصل في ثوبها ولتدار البول عنها جهدها ولتغسل ما أصاب من البول ثوبها جهدها.

ما جاء في الذي يبول قائما
قال: وقال مالك في الرجل يبول قائما قال: إن كان في موضع رمل أو ما أشبه ذلك لا يتطاير عليه منه شيء فلا بأس بذلك، وإن كان في موضع صفا يتطاير عليه فأكره له ذلك وليبل جالسا. قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان عن النبي عليه السلام: أنه بال قائما ومسح على خفيه.

الوضوء من ماء البئر تقع فيه الدابة والبرك
قال: وسمعت مالكا وسئل عن جباب إنطابلس التي يكون فيها ماء السماء تقع فيه الشاة أو الدابة فتموت فيه؟ قال: لا أحب لأحد أن يشرب منه ولا يغتسل به، فقيل له: أتسقى منه البهائم؟ قال: لا أرى بذلك بأسا. قال ابن القاسم وقال مالك في البئر من آبار المدينة تقع فيه الوزغة أو الفأرة وقال: يستقي منها حتى تطيب وينزفون منها على قدر ما يظنون أنها قد طابت ينزفون منها ما استطاعوا. قال مالك: وكره للجنب أن يغتسل في الماء الدائم إذا كان غديرا يشبه البرك. قلت: أرأيت ما كان في الطريق من الغدر والآبار والحياض أو في الفلوات يصيبها الرجل قد انثنت وهو لا يدري من أي شيء انثنت أيتوضأ منها أم لا؟ قال: قال مالك: إذا كانت البئر قد انثنت من الحمأة أو نحو ذلك فلا بأس بالوضوء منها. قال: وهذا مثل ذلك. قال ابن وهب: قال وسمعت مالكا وسئل عن رجل أصابته السماء حتى استنقع ذلك الماء القليل أيتوضأ من ذلك الماء؟ قال: نعم يتوضأ منه، قيل له: فإن جف ذلك الماء؟ قال: يتيمم بذلك الطين، قيل له: يخاف أن يكون فيه زبل؟ قال: لا بأس به، قال: وسئل مالك عن مواجل أرض برقة تقع فيه الدابة فتموت فيه؟ قال: لا يتوضأ به ولا يشرب منه، قال: ولا بأس أن تسقى منه الماشية، قال: والعسل تقع فيه الدابة فتموت فيه؟ قال: إن كان ذلك ذائبا فلا يؤكل ولا يباع ولا بأس أن يعلف النحل ذلك العسل الذي ماتت فيه الدابة. قال ابن وهب عن ابن لهيعة

في عرق الحائض والجنب والدواب
قال: وقال مالك: لا بأس بالثوب يعرق فيه الجنب ما لم يكن في جسده نجس فإن كان في جسده نجس فإنه يكره ذلك لأنه إذا عرق فيه ابتل موضع النجس الذي في جسده، وقال: لا بأس بعرق الدواب وما يخرج من أنوفها ورواه ابن وهب قال: وكذلك الثوب يكون فيه النجس ثم يلبسه أو ينام فيه فيعرق فهو بتلك المنزلة، قال: إلا أن يكون في ليال لا يعرق فيها فلا بأس أن ينام في ذلك الثوب الذي فيه النجاسة. قال ابن وهب أخبرني ابن لهيعة والليث وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن جريج قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول: إن أم حبيبة سئلت هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي كان يجامع فيه؟ فقالت: نعم إذا لم ير فيه أذى. قال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يعرق في الثوب وهو جنب ثم يصلي فيه. قال ابن وهب عن مسلمة بن علي عن هشام بن حسان عن عكرمة مولى ابن عباس أن ابن عباس قال: لا بأس بعرق الجنب والحائض في الثوب، وقاله مالك. قال وكيع عن جرير عن المغيرة أو غيره عن إبراهيم: إنه كان لا يرى بتنخع الدابة الذي يخرج منها بأسا. قال ابن وهب: إن أبا هريرة كان يركب فرسا عريا، وقال الليث بن سعد لا بأس بعرق الدواب، وقال ابن وهب وقال مالك: لا بأس بعرق الدواب، وما يخرج من أنوفها.

في الجنب ينغمس في النهر انغماسا ولا يتدلك
قال: وقال مالك في الجنب يأتي النهر فينغمس فيه انغماسا وهو ينوي الغسل من

في اغتسال الجنب في الماء الدائم
قال: وسمعت مالكا يكره للجنب أن يغتسل في الماء الدائم، قال: وقد جاء في الحديث: "لا يغتسل الجنب في الماء الدائم1" قال: وقال مالك: لا يغتسل الجنب في الماء الدائم. قلت لابن القاسم: فما تقول في هذه الحياض التي تسقى منها الدواب لو أن رجلا اغتسل فيها وهو جنب أيفسدها في قول مالك أم لا؟ قال: نعم إلا أن يكون غسل يديه قبل دخوله فيها وغسل فرجه وموضع الأذى منه فلا يكون بذلك بأس لأن الحائض تدخل يدها في الإناء، والجنب يدخل يده في الإناء فلا يفسد ذلك الماء، قال: فجميع جسده بمنزلة يده قال ابن وهب في الحائض تدخل يدها في إناء؟ قال: لا بأس به. قال: وقال مالك في الجنب يدخل في القصرية يغتسل فيها من الجنابة، قال لا خير في ذلك، قال: وإن كان غير جنب فلا بأس بذلك. قال: وسألت مالكا عن البئر القليلة الماء أو ما أشبه ذلك يأتيها الجنب وليس معه ما يغرف به وفي يديه قذر؟ قال: يحتال لذلك حتى يغسل يده ثم يغرف منها فيغتسل، قال: فأدرته، فجعل يقول لي: يحتال لذلك وكره أن يقول لي يغتسل فيها وجعل لا يزيدني على ذلك. قال: وقد جاء الحديث: "أنه نهى الجنب عن الغسل في الماء الدائم"، قال ابن القاسم: ولو اغتسل فيه لم أر ذلك ينجسه إذا كان ماء معينا ورأيت ذلك مجزيا عنه. قال سحنون عن أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبول أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب". قال: وبلغني عن أبي هريرة أنه قال: "ثم يغتسل فيه". قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب2". فقالوا: كيف يفعل أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولا. قال علي بن زياد قيل لمالك: فإذا اضطر الجنب؟ قال: يغتسل فيه إنما كره ذلك له إذا وجد منه بدا فأما إذا اضطر إليه فلا بأس بأن يغتسل فيه إذا كان الماء كثيرا يحمل ذلك، ورواه ابن وهب أيضا قال ابن وهب قال الليث عن يحيى بن سعيد قال: سألته عن البئر والفسقية أو الحوض يكون ماء ذلك كله كثيرا راكدا غير جار وهو
ـــــــ
1 رواه مسلم في كتاب الطهارة حديث 97. النسائي في كتاب الطهارة باب 138. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب 109.
2 نفسه رقم 1 في صفحة 132.

غتسل فيه الجنب أو الحائض هل يكره لأحد أن ينتفع بمائها إن فعل ذلك جاهل من جنب أو حائض؟ قال يحيى: أما البئر المعين فإني لا أرى اغتسال الجنب والحائض فيها بمانع مرافقها من الناس وأما الفسقية أو الحوض فإني لا أرى أن ينتفع أحد بمائها ما لم يكن ماؤها كثيرا.

في الغسل من الجنابة، والمرأة توطأ ثم تحيض بعد ذلك، والماء ينتضح في الإناء
قال ابن القاسم: كان مالك يأمر الجنب بالوضوء قبل الغسل من الجنابة، قال مالك: فإن هو اغتسل قبل أن يتوضأ أجزأه ذلك. قال: وقال مالك في المتوضئ يغتسل من الجنابة ويؤخر غسل رجليه حتى يفرغ من غسله ثم يتنحى ويغسل رجليه في مكان طاهر، قال: يجزئه ذلك. قال: وقال مالك في الماء الذي يكفي الجنب، قال: ليس الناس في هذا سواء. قال: وقال مالك في الحائض والجنب لا تنتقض شعرها عند الغسل ولكن تضغثه بيديها. قال: وقال مالك في الجنب يغتسل فينتضح من غسله في إنائه، قال: لا بأس به ولا تستطيع الناس الامتناع من هذا. وقال الحسن وابن سيرين وعطاء وربيعة وابن شهاب مثل قول مالك، إلا ابن سيرين قال: إنا لنرجو من سعة رحمة ربنا ما هو أوسع من هذا، قال: وسئل مالك عن الرجل يغسل جسده ولا يغسل رأسه وذلك لخوف من امرأته ثم يدع غسل رأسه حتى يجف جسده ثم تأتي امرأته لتغسل رأسه هل يجزئه ذلك من غسل الجنابة؟ قال: وليستأنف الغسل، قال. وقال مالك في المرأة تصيبها الجنابة ثم تحيض أنه لا غسل عليها حتى تطهر من حيضتها. قال ابن وهب عن يونس عن ربيعة وأبي الزناد أنهما قالا: إن مسها ثم حاضت قبل أن تغتسل فليس عليها غسل حتى تطهر إن أحبت من الحيضة، وقاله بكير ويحيى بن سعيد وقد قال ربيعة في أول الكتاب في تبعيض الغسل: إن ذلك لا يجزئه. قال مالك ويحيى بن عبد الله وابن أبي الزناد أن هشام بن عروة أخبرهم عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يغمس يديه في الماء فيخلل بأصابعه حتى يستبرئ البشرة أصول شعر رأسه ثم يفيض على رأسه ثلاث غرفات من الماء بيديه ثم يفيض الماء بعد بيديه على جلده1. قال ابن وهب عن أسامة بن زيد أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه أنه سمع أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فكيف أصنع إذا اغتسلت؟ قال: "احفني على رأسك ثلاث حفنات ثم اغمزيه على أثر كل حفنة يكفيك2 "
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب الطهارة حديث 67: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله".
2 رواه الدارمي في كتاب الوضوء باب 115.

قال مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه سأل أباه عبد الله بن عمر عن الرجل يجنب فيغتسل ولا يتوضأ؟ قال: وأي وضوء أطهر من الغسل ما لم يمس فرجه.

في مجاوزة الختان الختان
قال: وقال مالك: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل. قال ابن القاسم: إنما ذلك إذا غابت الحشفة فأما أن يمسه وهو زاهق إلى أسفل ولم تغب الحشفة فلا يجب الغسل لذلك. قال: وسألت مالكا عن الرجل يجامع امرأته فيما دون الفرج فيقضي خارجا من فرجها فيصل الماء إلى داخل فرجها أترى عليها الغسل؟ فقال: لا إلا أن تكون التذت يريد بذلك أنزلت. قال ابن وهب عن عياض بن عبد الله القرشي وابن لهيعة عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله قال: وأخبرتني أم كلثوم عن عائشة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل ترى عليه من غسل؟ وعائشة جالسة فقال عليه السلام: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل". قال مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة كانوا يقولون: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل1. قال ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن محمد بن عبد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه سئل ما يوجب الغسل؟ فقال: "إذا التقى الختانان وغابت الحشفة فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل2" قال ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب قال: كان يزيد بن أبي حبيب وعطاء بن دينار ومشايخ من أهل العلم يقولون: إذا دخل من ماء الرجل شيء في قبل المرأة فعليها الغسل وإن لم يلتق الختانان، وقاله الليث وقال مالك: إذا التذت يريد بذلك أنزلت.
ـــــــ
1رواه في الموطأ في كتاب الطهارة حديث 71.
2رواه ابن ماجه في كتاب الطهارة باب 111. أحمد في مسنده "2/ 178" بلفظ "توارت"بدل "غابت"

وضوء الجنب قبل أن ينام
قلت: هل كان مالك يأمر من أراد أن ينام أو يطعم إذا كان جنبا بالوضوء؟ قال: أما النوم فكان يأمره أن لا ينام حتى يتوضأ جميع وضوئه للصلاة: غسل رجليه وغيره من ليل كان أو نهار. قال: وأما الطعام فكان يأمره بغسل يده إذا كان الأذى قد أصابهما ويأكل وإن لم يتوضأ؟ قال: وقال مالك: ينام الجنب حتى يتوضأ ولا بأس أن يعاود أهله قبل أن يتوضأ، قال: ولا بأس أن يأكل قبل أن يتوضأ. قال: وأما الحائض فلا بأس أن تنام قبل أن تتوضأ وليس الحائض في هذا بمنزلة الجنب. قال ابن وهب عن الليث بن سعد ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت:كان

في الذي يجد الجنابة في لحافه
قال وقال مالك: من انتبه من نومه فرأى بللا على فخذيه، وفي فراشه، قال: ينظر فإن كان مذيا توضأ ولم يكن عليه الغسل وإن كان منيا اغتسل، قال: والمذي في هذا يعرف من المني، قال: وهو بمنزلة الرجل في اليقظة إذا لاعب امرأته إن أمذى توضأ وإن أمنى اغتسل. قال: وقد يكون الرجل يرى في منامه أنه يجامع فلا يمني ولكنه يمذي وهو في النوم مثل من لاعب امرأته في اليقظة، قال: وقد يكون الرجل يرى في منامه أنه يجامع في منامه فلا ينزل وليس الغسل إلا من المني. قال: وقال مالك: والمرأة في هذا بمنزلة الرجل في المنام في الذي يرى.

في المسافر يريد أن يطأ أهله وليس معه ماء
قلت: أرأيت المسافر يكون على وضوء ولا يكون على وضوء أراد أن يطأ أهله أو جاريته وليس معه ماء؟ قال: وقال مالك: لا يطأ المسافر امرأته ولا جاريته إلا ومعه ماء، قال ابن القاسم: وهما سواء، قال: فقلت لمالك: فالرجل يكون به الشجة أو الجرح لا يستطيع أن يغسله بالماء أله أن يطأ أهله؟ قال: نعم، ولا يشبه هذا المسافر لأن صاحب الشجة يطول أمره إلى أن يبرأ أو المسافر ليس بتلك المنزلة. قال ابن القاسم: ولم يكن محمل المسافر عندنا ولا عند مالك إلا أنه كان على غير وضوء الذي ينهاه عن الوطء. قال ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال: لا يجامع الرجل امرأته بمفازة حتى يعلم أن معه ماء. قال ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عمر وأبي الخير المري ويحيى بن سعيد وابن أبي سلمة ومالك أنهم كانوا يكرهون ذلك.

في الجنب يغتسل ولا ينوي الجنابة
قال: وقال مالك: من أصابته جنابة فاغتسل للجمعة ولم ينو به غسل الجنابة أو

في مرور الجنب في المسجد
قال: وقال مالك قال زيد بن أسلم: لا بأس أن يمر الجنب في المسجد عابر سبيل، قال: وكان زيد يتأول هذه الآية في ذلك {وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء:43] وكان يوسع في ذلك، قال مالك: ولا يعجبني أن يدخل الجنب في المسجد عابر سبيل ولا غير ذلك ولا أرى بأسا أن يمر فيه من كان على غير وضوء ويقعد فيه.

في اغتسال النصرانية من الجنابة والحيضة
قال: وقال مالك: لا يجبر الرجل المسلم امرأته النصرانية على أن تغتسل من الجنابة، وقال ابن القاسم عن مالك في النصرانية تكون تحت المسلم فتحيض فتطهر: إنها تجبر على الغسل من الحيضة ليطأها زوجها من قبل أن المسلم لا يطأ امرأته حتى تطهر من الحيض وأما الجنابة فلا بأس أن يطأها وهي جنب.

في الرجل يصلي ولا يذكر جنابته
قال: وسألت مالكا عن الرجل تصيبه الجنابة ولا يعلم بذلك حتى يخرج إلى السوق فيرى الجنابة في ثوبه وقد كان صلى قبل ذلك؟ قال: ينصرف مكانه فيغتسل

في الثوب يصلي فيه وفيه النجاسة
قال: وسمعت مالكا عن الدم يكون في الثوب أو الدنس فيصلي به ثم يعلم بعد ذلك بعد اصفرار الشمس؟ قال: إن لم يذكر حتى اصفرت الشمس فلا إعادة عليه، قال: وجعل مالك وقت من صلى وفي ثوبه دنس إلى اصفرار الشمس وفرق بينه وبين الذي يسلم قبل مغيب الشمس، والمجنون يفيق قبل مغيب الشمس، والحائض تطهر قبل مغيب الشمس، كان يقول: النهار كله حتى تغيب الشمس وقت لهؤلاء، وأما من صلى وفي ثوبه دنس فوقته إلى اصفرار الشمس هذا وحده جعل له مالك إلى اصفرار الشمس وقتا، والذي يصلي إلى غير القبلة مثله. قلت: فإن كان الدنس في جسده؟ قال: سمعت مالكا يقول: الدنس في الجسد وفي الثوب سواء، وقد قال مالك: يعيد ما كان في الوقت، قال ربيعة وابن شهاب مثله. قال: وقال مالك: من صلى على موضع نجس عليه الإعادة ما دام في الوقت بمنزلة من صلى وفي ثوبه دنس. قلت: فإن كانت النجاسة إنما هي في موضع جبهته فقط أو موضع كفيه أو موضع قدميه فقط أو موضع جلوسه فقط؟ قال: أرى عليه الإعادة ما دام في الوقت وإن لم تكن النجاسة إلا في موضع الكفين وحده أو موضع الجبهة وحدها أو موضع القدمين أو موضع جلوسه وحده. قال: وقال مالك: من كان معه ثوب واحد وليس معه غيره وفيه نجس، قال: يصلي به وإذا أصاب ثوبا غيره وأصاب ماء فغسله أعاد ما دام في الوقت، فإذا مضى الوقت فلا إعادة عليه، قلت: فإن

كان معه ثوب حرير وثوب نجس بأيهما تحب أن يصلي؟ قال: يصلي بالحرير أحب إلي ويعيد إن وجد غيره ما دام في الوقت وكذلك بلغني عن مالك أنه قال، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لباس الحرير.

في الصلاة بالحقن
قال وسألت مالكا عن الرجل يصيبه الحقن؟ قال: إذا أصابه من ذلك شيء خفيف رأيت أن يصلي، وإن أصابه من ذلك ما يشغله عن صلاته فلا يصلي حتى يقضي حاجته ثم يتوضأ ويصلي. قلت: فإن أصابه غيثان أو قرقرة في بطنه ما قول مالك فيه إذا كان يشغله في صلاته؟ قال: لا أحفظ من مالك فيه شيئا والقرقرة عند مالك بمنزلة الحقن. قلت: أرأيت إذا أعجله عن صلاته أهو مما يشغله؟ قال: نعم. قلت: فإن صلى على ذلك وفرغ أترى عليه إعادة؟ قال: إذا شغله فأحب إلي أن يعيد. قلت له: في الوقت وبعد الوقت؟ قال: إذا كان عليه الإعادة فهو كذلك يعيد وإن خرج الوقت، وقد بلغني ذلك عن مالك ثم قال: قال عمر بن الخطاب: لا يصلي أحدكم وهو ضام بين وركيه قال يحيى بن أيوب عن يعقوب بن مجاهد أن القاسم بن محمد وعبد الله بن محمد حدثاه أن عائشة حدثتهما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقوم أحدكم إلى الصلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان الغائط والبول1 "وذكر مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة2". وذكر عن عطاء: إن كان الذي به شيء لا يشغله عن الصلاة صلى به، وإن ابن عمر قال: ما كنت أبالي أن يكون في جانب ردائي إذا كنت مدافعا لغائط أو لبول من حديث ابن وهب عن السدي عن التيمي عن عبد الله، وذكر عن ابن مسعود مثل قول ابن عمر.
ـــــــ
1 رواه مسلم في كتاب المساجد حديث 67. أبو داود في كتاب الطهارة باب 43. الدارمي في كتاب الصلاة باب 137. أحمد في مسنده "6/43، 54، 73 "
2 رواه في موطأ في كتاب قصر الصلاة في السفر حديث 49: "عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن الأرقم كان يؤم أصحابه، فحضرت الصلاة يوما، فذهب لحاجته ثم رجع، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة" ورواه أبو داود في كتاب الطهارة 43. الترمذي في كتاب الطهارة باب 108. النسائي في كتاب الإمامة باب 51. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب 114.

في الصلاة بوضوء واحد
قال: وقال مالك: لا بأس أن يقيم الرجل على وضوء واحد يصلي به يومين أو أكثر من ذلك. قال ابن وهب عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي غطيف الهذلي أن عبد الله بن عمر قال له: إن كان لكافي وضوئي لصلاة الصبح صلواتي كلها ما لم أحدث، قال ابن وهب عن سفيان بن سعيد عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه صلى يوم فتح مكة الصلوات كلها بوضوء واحد ومسح على خفيه، فقال عمر: رأيتك صنعت شيئا ما كنت تصنعه؟ فقال: "عمدا صنعته يا عمر".

في الصلاة بثياب أهل الذمة
قال: وقال مالك: لا يصلي في ثياب أهل الذمة التي يلبسونها، قال: وأما ما نسجوا فلا بأس به، قال: مضى الصالحون على هذا. قال: وقال مالك: لا أرى أن يصلي بخفي النصراني اللذين يلبسهما حتى يغسلا. قال وكيع عن الفضيل بن عياض عن هشام بن حسان عن الحسن: أنه كان لا يرى بأسا بالثوب ينسجه المجوسي يلبسه المسلم.

في غسل النصراني إذا أسلم
قال ابن القاسم: قلت لمالك: إذا أسلم النصراني هل عليه الغسل؟ قال: نعم. قلت لابن القاسم: متى يغتسل أقبل أن يسلم أو بعد أن يسلم؟ قال: ما سألته إلا ما أخبرتك، ولكن أرى إن هو اغتسل للإسلام وقد أجمع على أن يسلم فإن ذلك يجزئه لأنه إنما أراد بذلك الغسل لإسلامه. قلت: فإن أراد أن يسلم وليس معه ماء أيتيمم أم لا؟ قال: نعم يتيمم. قلت: أتحفظه عن مالك؟ قال: لا ولكن هذا رأيي، والنصراني عندي جنب فإذا أسلم أو تيمم ثم أدرك الماء فعليه الغسل. قال ابن القاسم: وإذا تيمم النصراني للإسلام نوى بتيممه ذلك تيمم الجنابة أيضا، قال: وكان مالك يأمر من أسلم من المشركين بالغسل. قال ابن وهب وابن نافع عن عبد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد فأسروا ثمامة بن أثال، فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يأتيه كل غداة ثلاث غدوات يعرض عليه الإسلام فأسلم، ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذهب إلى حائط أبي طلحة فيغتسل.

فيمن صلى في موضع نجس أو تيمم
قال: وقال مالك: من صلى على الموضع النجس أعاد ما دام في الوقت. قلت لابن القاسم: فلو كان بولا فجف؟ قال: إنما سألته عن الموضع النجس فإن جف أعاد، فقلت له: فمن تيمم به أعاد؟ قال: يعيد ما دام في الوقت وهو مثل من صلى بثوب غير طاهر. قال ابن وهب وقد قال ربيعة وابن شهاب في الثوب: يعيد ما دام في الوقت.

ما جاء في الرعاف
قال: وقال مالك: ينصرف من الرعاف في الصلاة إذا سال شيء أو قطر قليلا كان

ما جاء في هيئة المسح على الخفين
قال: وقال مالك: يمسح على ظهور الخفين وبطونهما ولا يتبع غضونهما والغضون الكسر الذي يكون في الخفين على ظهور القدمين، ومسحهما إلى موضع الكعبين من أسفل وفوق. قال ابن القاسم ولم يحد لنا في ذلك حدا قال ابن القاسم: أرانا مالك المسح على الخفين فوضع يده اليمنى على أطراف أصابعه من ظاهر قدمه ووضع اليسرى من تحت أطراف أصابعه من باطن خفه فأمرهما وبلغ اليسرى حتى بلغ بهما إلى عقبيه فأمرهما إلى موضع الوضوء وذلك أصل الساق حذو الكعبين. قال: وقال مالك: وسألت ابن شهاب فقال: هكذا المسح. قلت: فإن كان في أسفل الخفين طين أيمسح ذلك

الطين عن الخفين حتى يصل الماء إلى الخفين؟ قال: هكذا قوله. قلت: فهل يجزئ عند مالك باطن الخف من ظاهره أو ظاهره من باطنه؟ قال: لا ولكن لو مسح رجل ظاهره ثم صلى لم أر عليه الإعادة إلا في الوقت لأن عروة بن الزبير كان يمسح ظهورهما ولا يمسح بطونهما، أخبرنا بذلك مالك وأما في الوقت فأحب إلي أن يعيد ما دام في الوقت. قال ابن وهب عن رجل من رعين عن أشياخ لهم عن أبي أمامة الباهلي وعبادة بن الصامت أنهما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أسفل الخفين وأعلاهما. قال ابن وهب: إن ابن عباس وعطاء بن أبي رباح قالا: لا يمسح على غضون الخفين، وإن ابن عمر قال: يمسح أعلاهما وأسفلهما من حديث ابن وهب عن أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر.قال: وقال مالك: في الخرق يكون في الخف، قال: إن كان قليلا لا يظهر منه القدم فليمسح عليه وإن كان كثيرا فاحشا يظهر منه القدم فلا يمسح عليه.قال: وقال لي مالك: في الخفين يقطعهما أسفل من الكعبين المحرم وغيره لا يمسح عليهما من أجل أن بعض مواضع الوضوء قد ظهر. قال: وقال مالك في رجل لبس خفيه على طهر ثم أحدث فمسح على خفيه ثم لبس خفين آخرين فوق خفيه أيضا فأحدث؟ قال: يمسح عليهما عند مالك، قال ابن القاسم: لأن الرجل إذا توضأ فغسل رجليه ولبس خفيه ثم أحدث فمسح على خفيه ولم ينزعهما: فيغسل رجليه، قال: فإذا لبس خفين على خفين وقد مسح على الداخلين فهو قياس القدمين والخفين. قال: وقال مالك: في الرجل يلبس الخفين على الخفين؟ قال: يمسح على الأعلى منهما.قال ابن القاسم: كان يقول مالك في الجوربين يكونان على الرجل وأسفلهما جلد مخروز وظاهرهما جلد مخروز أنه يمسح عليهما. قال: ثم رجع فقال: لا يمسح عليهما. قلت: أليس هذا إذا كان الجلد دون الكعبين ما لم يبلغ بالجلد الكعبين؟ قال: وقال مالك: وإن كان فوق الكعبين فلا يمسح عليهما. قلت: فإن لبس جرموقين على خفين ما قول مالك في ذلك؟ قال: أما في قول مالك الأول إذا كان الجرموقان أسفلهما جلد حتى يبلغا مواضع الوضوء مسح على الجرموقين، فإن كان أسفلهما ليس كذلك لم يمسح عليهما وينزعهما ويمسح على الخفين وقوله الآخر لا يمسح عليهما أصلا وقوله الأول أعجب إلي إذا كان عليهما جلد كما وصفت لك. قال ابن القاسم: وإن نزع الخفين الأعليين اللذين مسح عليهما ثم مسح على الأسفل مكانه أجزأه ذلك وكان على وضوئه، فإن أخر ذلك استأنف الوضوء مثل الذي ينزع خفيه يعني وقد مسح عليهما فإن غسل رجليه مكانه أجزأه ذلك وكان على وضوئه فإن أخر ذلك استأنف الوضوء، قال: وليس يأخذ مالك بحديث ابن عمر في تأخير المسح.

قال: وقال مالك: والمرأة في المسح على الخفين والرأس بمنزلة الرجل سواء في جميع ذلك إلا أنها إذا مسحت على رأسها لا تنقض شعرها. قلت: أرأيت من توضأ فلبس خفيه ثم أحدث فمسح عليهما ثم لبس خفين آخرين فوق خفيه هل تحفظ عن مالك أنه يمسح على هذين الظاهرين أيضا؟ قال: لا أحفظه عن مالك ولكن لا أرى أن يمسح عليهما، ويجزئه المسح على الداخلين، قال: ومثل ذلك أنه إذا توضأ أو غسل رجليه ثم لبس خفيه لم يكن عليه أن يمسح على خفيه.قال: وقال مالك في الرجل يتوضأ ويمسح على خفيه ثم يمكث إلى نصف النهار ثم ينزع خفيه، قال: إن غسل رجليه مكانه حين ينزع خفيه أجزأ وإن أخر غسل رجليه ولم يغسلهما حين ينزع الخفين أعاد الوضوء كله. قال: وقال مالك فيمن نزع خفيه من موضع قدميه إلى الساقين وقد كان مسح عليهما حين توضأ: إنه ينزعهما ويغسل رجليه بحضرة ذلك وإن أخر ذلك استأنف الوضوء، قال: وإن خرج العقب إلى الساق قليلا والقدم كما هي في الخف فلا أرى عليه شيئا، قال: وكذلك إن كان واسعا فكان العقب يزول ويخرج إلى الساق وتجول القدم إلا أن القدم كما هي في الخفين فلا أرى عليه شيئا.قال ابن القاسم فيمن تيمم وهو لا يجد الماء فصلى ثم وجد الماء في الوقت فتوضأ به: إنه لا يجزئه أن يمسح على خفيه وينزعهما ويغسل قدميه إذا كان أدخلهما غير طاهرتين.قال: وسألت مالكا عن المرأة تخضب رجليها بالحناء وهي على وضوء فتلبس خفيها لتمسح عليهما إذا أحدثت أو نامت أو انتقض وضوءها؟ قال: لا يعجبني ذلك، قال سحنون: إن مسحت وصلت لم يكن عليها إعادة لا في وقت ولا غيره. قلت لابن القاسم: فإن كان رجل على وضوء فأراد أن ينام أو يبول؟ فقال: ألبس خفي كيما إذا أحدثت مسحت عليهما، قال: سألت مالكا عن هذا في النوم فقال: هذا لا خير فيه والبول عندي مثله.قلت لابن القاسم: أرأيت المستحاضة أتمسح على خفيها؟ قال: نعم لها أن تمسح على خفيها.
قال: وقال مالك: لا يمسح المقيم على خفيه. قال: وقد كان قبل ذلك يقول: يمسح عليهما، قال: ويمسح المسافر وليس لذلك وقت. قال ابن وهب وقال عطاء ويحيى بن سعيد ومحمد بن عجلان والليث بن سعد: يغسل رجليه إذا نزع خفيه وقد مسح عليهما. قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي أنه سمع علي بن رباح اللخمي يخبر عن عقبة بن عامر الجهني قال: قدمت على عمر بن الخطاب بفتح من الشام وعلي خفان فنظر إليهما فقال: كم لك مد لم تنزعهما؟ قال: قلت: لبستهما يوم الجمعة واليوم الجمعة ثمان، قال: قد أصبت. قال ابن وهب: وسمعت زيد بن الحباب يذكر عن عمر بن الخطاب أنه قال: لو

لبست الخفين ورجلاي طاهرتان وأنا على وضوء لم أبال أن لا أنزعهما حتى أبلغ العراق أو أقضي سفري.

ما جاء في التيمم
قال: وقال مالك: التيمم من الجنابة والوضوء سواء والتيمم ضربة للوجه وضربة لليدين يضرب الأرض بيديه جميعا ضربة واحدة، فإن تعلق بهما شيء نقضهما نقضا خفيفا ثم مسح بهما وجهه ثم يضرب ضربة أخرى بيديه فيبدأ باليسرى على اليمنى فيمرها من فوق الكف إلى المرفق، ويمرها أيضا من باطن المرفق إلى الكف ويمر أيضا اليمنى على اليسرى وكذلك وأرانا ابن القاسم بيديه وقال: هكذا أرانا مالك ووصف لنا. قال ابن وهب عن محمد بن عمرو عن رجل حدثه عن جعفر بن الزبير عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في التيمم ضربة للوجه وأخرى للذراعين1 ". قال: وقال مالك: لا يتيمم في أول الوقت مسافر ولا مريض ولا خائف إلا أن يكون المسافر على إياس من الماء، فإذا كان على إياس من الماء يتيمم وصلى في أول الوقت وكان ذلك له جائزا ولا إعادة عليه. وإن قدر على الماء، والمريض والخائف يتيممان في وسط الوقت وإن وجد المريض أو الخائف الماء في ذلك الوقت فعليهما الإعادة وإن وجد المسافر الماء بعد ذلك فلا إعادة عليه. وإن تيمم المسافر في أول الوقت وهو يعلم أنه يصل إلى الماء في الوقت ثم صلى؟ قال ابن القاسم: فأرى أن يعيد هذا في الوقت إذا وجد الماء في الوقت قال: وقال مالك في المسافر والمريض والخائف لا يتيممون إلا في وسط الوقت، قال: فإن تيمموا فصلوا ثم وجدوا الماء في الوقت؟ قال: أما المسافر فلا يعيد، وأما المريض والخائف الذي يعرف موضع الماء إلا أنه يخاف أن لا يبلغه فعليه أن يعيد إن قدر على الماء في وقت تلك الصلاة. قال ابن وهب وأخبرني ابن لهيعة عن بكر بن سوادة الجذامي عن رجل حدثه عن عطاء بن يسار أن رجلين احتلما في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانا في السفر، فالتمسا ماء فلم يجداه فتيمما ثم صليا ثم وجدا الماء قبل أن تطلع الشمس فاغتسلا ثم أعاد أحدهما الصلاة ولم يعد الآخر فذكر ذلك لرسول الله عليه السلام فقال: للذي أعاد "لك الأجر مرتين وقال للآخر : تمت صلاتك" قال ابن وهب: قال وأخبرني الليث بن سعد عن معاذ بن محمد الأنصاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للذي أعاد صلاته "لك مثل سهم جمع وقال للذي لم يعد: "أجزت عنك صلاتك وأصبت السنة ". قال: وقال مالك فيمن كان معه ماء وهو مسافر فنسي أن معه ماء ثم تيمم فصلى ثم ذكر أن معه ماء وهو في الوقت، قال: أرى أن يعيد ما كان في
ـــــــ
1 رواه ابن ماجه في كتاب الطهارة باب 92.

الوقت فإذا ذهب الوقت لم يعده.قال: وسألت مالكا عن الرجل تغيب له الشمس وقد خرج من قريته يريد قرية أخرى وهو فيما بين القريتين على غير وضوء وهو غير مسافر؟ قال: إن طمع أن يدرك الماء قبل مغيب الشفق مضى إلى الماء وإن كان لا يطمع بذلك تيمم وصلى. قال: وقال مالك: ومن ذلك أن من المنازل ما يكون على الميل والميلين لا يطمع أن يدركها قبل مغيب الشفق فإذا كان لا يدركها حتى يغيب الشفق تيمم وصلى. قال مالك: وإن كان مسافرا وهو على يقين من الماء أنه يدركه في الوقت فليؤخره حتى يدرك الماء، فإن لم يكن على يقين من الماء أنه يدركه في الوقت؟ قال: يتيمم، قال: والصلوات كلها: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح أيضا يتيمم لها في وسط الوقت إلا أن يكون على يقين أنه يدرك الماء في الوقت فليؤخر ذلك، وإن كان لا يطمع أن يدرك الماء في الوقت فليتيمم في وسط الوقت ويصلي. قال مالك عن نافع قال: أقبلت أنا وعبد الله بن عمر من الجرف حتى إذا كنا بالمربد نزل عبد الله بن عمر فتيمم فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى. قال نافع: وكان ابن عمر يتيمم إلى المرفقين. قال: وقال مالك: التيمم إلى المرفقين وإن تيمم إلى الكوعين أعاد التيمم والصلاة ما دام في الوقت فإن مضى الوقت لم يعد الصلاة وأعاد التيمم. قلت: أيتيمم في الحضر إذا لم يجد الماء في قول مالك؟ قال: نعم.قال: وسألنا مالكا عمن كان في القبائل مثل المعافر أو أطراف الفسطاط فخشي إن ذهب يتوضأ أن تطلع عليه الشمس قبل أن يبلغ الماء؟ قال: يتيمم ويصلي. قال: وسألنا مالكا عن المسافر يأتي البئر في آخر الوقت فهو يخشى إن نزل ينزع بالرشا ويتوضأ يذهب وقت تلك الصلاة؟ قال: فليتيمم وليصل. قلت لابن القاسم: أفيعيد الصلاة بعد ذلك في قول مالك إذا توضأ؟ قال: لا. قلت: فإن كان هذا الرجل في الحضر أتراه في قول مالك بهذه المنزلة في التيمم؟ قال: نعم. قال ابن القاسم: وقد كان مرة من قوله في الحضري أنه يعيد إذا توضأ. قلت: أرأيت من كان في السجن فلم يجد الماء أيتيمم؟ قال: نعم. قلت: وهو قول مالك. قال: قد أخبرتك أن مالكا قال في الرجل في الحضر يخاف أن تطلع عليه الشمس إن ذهب إلى النيل وهو في المعافر أو في أطراف الفسطاط: إنه يتيمم ولا يذهب إلى الماء فهذا مثل ذلك، وقال ابن القاسم: من تيمم في موضع النجاسة من الأرض موضع قد أصابه البول أو القذر فليعد ما دام في الوقت. قلت له: هذا قول مالك؟ قال: قد كان مالك يقول: من توضأ بماء غير طاهر أعاد ما دام في الوقت فكذلك هذا عندي. قال ابن القاسم: سألت مالكا عن الرجل يجد الماء وهو على غير وضوء ولا يقدر عليه وهو في بئر أو في موضع لا يقدر عليه؟ قال: يعالجه ما لم يخف فوات الوقت فإذا خاف فوات الوقت

تيمم وصلى. قلت: أرأيت إن تيمم رجل فيمم وجهه في موضع ويمم يديه في موضع آخر؟ قال: إن تباعد ذلك فليبتدئ التيمم وإن لم يتطاول ذلك وإنما ضرب لوجهه في موضع ثم قام إلى موضع آخر قريب من ذلك فضرب ليديه أيضا وأتم تيممه فإنه يجزئه. قلت: هذا قول مالك قال: هو عندي مثل الوضوء. قلت له: فإن نكس التيمم فيمم يديه قبل وجهه ثم وجهه بعد يديه؟ قال: إن صلى أجزأه ويعيد التيمم لما يستقبل. قلت: وهذا قول مالك قال: هو مثل الوضوء.
وقال مالك في الجنب: لا يجد الماء فيتيمم ويصلي ثم يجد الماء بعد ذلك، قال: يغتسل لما يستقبل وصلاته الأولى تامة، وقاله سعيد بن المسيب وابن مسعود وقد كان يقول غير ذلك ثم رجع إلى هذا أنه يغتسل وذكره عن ابن مسعود سفيان بن عيينة.قال: وقال مالك في المجدور والمحصوب إذا خافا على أنفسهما وقد أصابتهما جنابة: إنهما يتيممان لكل صلاة أحدثا في ذلك أو لم يحدثا يتيممان للجنابة ولا يغتسلان. قلت: أرأيت المجروح الذي قد كثرت جراحاته في جسده حتى أتت على أكثر جسده كيف يفعل في قول مالك؟ قال: هو بمنزلة المجدور والمحصوب إذا كان لا يستطيع أن يمس الماء جسده تيمم وصلى. قلت: فإن كان بعض جسده صحيحا ليس فيه جروح وأكثر جسده فيه الجراحة؟ قال: يغسل ما صح من جسده ويمسح على مواضع الجراحة إن قدر على ذلك وإلا فعلى الخرق التي عصب بها. قلت: هذا قول مالك؟ قال: نعم. قال ابن وهب عن ابن جريج عن مجاهد قال: للمجدور وأشباهه رخصة أن لا يتوضأ ويتلو {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء:43] قال: وذلك مما لا يخفى من تأويل القرآن. قال ابن وهب قال ابن أبي سلمة وبلغني أن ابن عباس أفتى مجدورا بالتيمم. قلت: أرأيت إن غمرت جسده ورأسه الجراحات إلا اليد والرجل أيغسل تلك اليد والرجل ويمر الماء على ما عصب من جسده أم يتيمم؟ قال: لا أحفظ من مالك في هذا شيئا وأرى أن يتيمم إذا كان هكذا، وقال لي مالك: إذا خاف الجنب على نفسه الموت في الثلج والبرد ونحوه إن هو اغتسل أجزأه التيمم قال ابن وهب عن جرير بن حازم عن النعمان بن راشد عن زيد بن أبي أنيسة الجزري قال:كان رجل من المسلمين في غزوة خيبر أصابه جدري فأصابته جنابة فغسله أصحابه فتهرى لحمه فمات فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قتلوه قتلهم الله قتلوه قتلهم الله أما كان يكفيهم أن ييمموه بالصعيد1" قال ابن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمرو بن العاص على جيش فسار وإنه احتلم في ليلة باردة فخاف على نفسه إن هو اغتسل بالماء البارد أن يموت، فتيمم وصلى بهم وأنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتاب الطهارة باب 125. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب 93. الدارمي في كتاب الوضوء باب 70. أحمد في مسنده "1/330" "6/298"

رسول الله: "ما أحب أنك تركت شيئا مما فعلت ولا فعلت شيئا مما تركت" قال: وسئل مالك عن الحصباء أيتيمم عليها وهو لا يجد المدر؟ قال: نعم، وقيل لمالك: في الجبل يكون عليه الرجل وهو لا يجد المدر أيتيمم عليه؟ قال: نعم، وقد قال مالك في الطين يكون ولا يقدر الرجل على تراب يتيمم عليه وكيف يصنع؟ قال: يضع يديه على الطين ويخفف ما استطاع ثم يتيمم.

في التيمم على اللبد في الثلج والطين الخضخاض
قال: وسئل مالك عن اللبد أيتيمم عليه إذا كان الثلج ونحوه؟ فأنكر ذلك وقال: لا يقيم عليه في قول مالك. قلت لابن القاسم: فأين يتيمم في قول مالك إذا كان الثلج وقد كره له أن يتيمم على لبد وما أشبه ذلك من الثياب؟ قال: بلغني عن مالك أنه أوسع له في أن يتيمم على الثلج، وقال علي عن مالك: إنه يتيمم على الثلج، قال: وسألت ابن القاسم عن الطين الخضخاض كيف يتيمم عليه في قول مالك؟ قال: إن لم يكن ماء تيمم ويجفف يديه، قال: ولم أسأله عن الخضخاض من الطين ولكن أرى ما لم يكن ماء وهو طين، قال مالك: إنما يضع يديه وضعا خفيفا ويتيمم، قال ابن وهب عن معاوية بن صالح قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: لا بأس بالصلاة على الصفا وفي السبخة ولا بأس بالتيمم بهما إذا لم يوجد تراب وهما بمنزلة التراب. وقال يحيى بن سعيد: ما حال بينك وبين الأرض فهو منها. قال: وقال مالك في رجل تيمم ودخل في الصلاة ثم اطلع عليه رجل معه ماء؟ قال: يمضي في صلاته ولا يقطعها فإن كان الماء في رحله قال يقطع صلاته ويتوضأ ويعيد الصلاة، قال: وإن فرغ من صلاته ثم ذكر أن الماء كان في رحله فنسيه أو جهله أعاد الصلاة في الوقت.قال: وسألت مالكا عن الجنب لا يجد الماء إلا بثمن؟ قال: إن كان قليل الدراهم رأيت أن يتيمم وإن كان موسعا عليه يقدر رأيت أن يشتري ما لم يكثر عليه في الثمن فإن رفعوا عليه في الثمن يتيمم وصلى. قال: وقال مالك: فيمن كان معه ماء وهو يخاف العطش إن توضأ به؟ قال: يتيمم ويبقي ماءه، قال ابن وهب: وقد قال ذلك علي بن أبي طالب والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح. قلت: أرأيت الجنب إذا نام وقد تيمم قبل ذلك أو أحدث بعدما تيمم للجنابة ومعه من الماء قدر ما يتوضأ به هل يتوضأ به أم يتيمم؟ قال: قال مالك: يتيمم ولا يتوضأ بما معه من الماء إلا أنه يغسل بذلك الماء ما أصابه من الأذى فأما الوضوء فليس نراه على الجنب إذا كان معه من الماء قدرما يتوضأ به في أول

ما تيمم في المرة الأولى ولا في الثانية وهو ينقض تيممه لكل صلاة، ويعود إلى حال الجنابة ولا يجزئه الوضوء ولكنه ينتقض جميع التيمم ويتيمم للجنابة كما صلى قال: وقال مالك: في رجل تيمم وهو جنب ومعه ماء قدر ما يتوضأ به؟ قال: يجزئه التيمم ولا يتوضأ. قال: وإن أحدث بعد ذلك فأراد أن يتنفل فليتيمم ولا يتوضأ لأنه حين أحدث انتقض تيممه الذي كان تيمم للجنابة ولم ينتقض موضع الوضوء وحده فإذا جاء وقت صلاة أخرى مكتوبة فكذلك أيضا ينتقض تيممه أحدث أو لم يحدث. قال ابن وهب: وبلغني عن ابن شهاب في رجل أصابته جنابة في سفر فلم يجد من الماء إلا قدر وضوئه، قال ابن شهاب: يتيمم صعيدا طيبا، وقال ذلك عطاء بن أبي رباح وابن أبي سلمة.
قلت لابن القاسم: أرأيت المسافرين والمرضى إذا لم يكونوا على وضوء فخسف بالشمس أو بالقمر هل كان مالك يرى أن يتيمموا ويصلوا؟ قال: لا أحفظ من مالك في ذلك شيئا، ولكن أرى ذلك لهم. قال ابن القاسم من قول مالك من أحدث خلف الإمام في صلاة العيدين قال: لا يقيم، وقال مالك: لا يصلي الرجل على الجنازة بالتيمم إلا المسافر الذي لا يجد الماء، قال: وكان لا يرى بأسا أن يتيمم من لا يجد الماء في السفر فيمس المصحف يقرأ حزبه. قال وقال مالك في المسافر لا يكون معه ما يتيمم ويقرأ حزبه ويمس المصحف. قلت لابن القاسم: إذا مر بالسجدة أيسجدها؟ قال: نعم يسجدها. قال: وقال مالك فيمن تيمم للفريضة فصلى ركعتين نافلة قبل أن يصلي الفريضة؟ قال: فليعد التيمم لأنه لما صلى النافلة قبل المكتوبة انتقض تيممه للمكتوبة فعليه أن يتيمم للفريضة. قلت: فما قوله في المسافر يكون جنبا في صلاة الصبح وهو لا يجد الماء فيتيمم للصلاة المكتوبة ثم يصلي ركعتي الفجر قبل المكتوبة أينتقض تيممه؟ قال: قال مالك: وسألته عن ذلك فقال: يعيد التيمم لصلاة الصبح أيضا بعد ركعتي الفجر. قلت: أرأيت من تيمم وهو جنب من نوم ولا ينوي به تيمم الصلاة ولا ينوي به تيمما لمس المصحف أيجوز له أن يتنفل بهذا التيمم أو يمس المصحف بهذا التيمم؟ قال: لا. قال: وقال مالك: لا يصلي مكتوبتين بتيمم واحدة، ولا نافلة ومكتوبة بتيمم واحد إلا أن تكون نافلة بعد مكتوبة. فلا بأس بذلك وإن تيمم فصلى مكتوبة ثم ذكر مكتوبة أخرى كان نسيها فليتيمم لها أيضا ولا يجزئه ذلك التيمم لهذه الصلاة. قال ابن وهب قال: أخبرني جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال: لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة، قال الحكم وقال إبراهيم النخعي مثله، قال ابن وهب: وأخبرني رجال من أهل العلم عن المسيب ويحيى بن

سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح وابن أبي سلمة والليث بن سعد مثله. قال: وقال مالك في المتيمم يؤم المتوضئين؟ قال: يؤمهم المتوضئ أحب إلي وإن أمهم المتيمم رأيت صلاتهم مجزئة عنهم. قال ابن وهب: وقال مثل قول مالك في المتيمم لا يؤم المتوضئين، قال: يؤمهم المتوضئ أحب إلي، قال علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح وقال: قال مالك مثله، قال مالك: وإن أمهم المتيمم كانت الصلاة مجزئة، قال: وسألت مالكا عن الرجل يكون في السفر فتصيبه الجنابة ولا يعلم بجنابته وليس معه ماء فتيمم يريد بتيممه الوضوء ويصلي الصبح ثم يعلم أنه قد كان جنبا قبل صلاة الصبح أتجزئه صلاته بذلك التيمم؟ قال: لا وعليه أن يتيمم ويعيد الصبح لأن تيممه ذلك كان للوضوء لا للغسل. قلت: أرأيت المسافر يكون على وضوء أو لا يكون على وضوء فأراد أن يطأ امرأته أو جاريته وليس معه ماء؟ قال: قال مالك: لا يطأ المسافر امرأته ولا جاريته إلا ومعه من الماء ما يكفيهما جميعا، قال ابن القاسم: وهما سواء.

في امرأة طهرت في وقت
صلاة فتيممت فأراد زوجها أن يطأها
قال ابن القاسم: قلت لمالك: أرأيت امرأة طهرت من حيضتها في وقت صلاة فتيممت وصلت وأراد زوجها أن يمسها؟ قال: لا يفعل حتى يكون معه من الماء ما يغتسلان به جميعا. قلت لابن القاسم: أرأيت المرأة إذا كانت حائضا في السفر فرأت القصة البيضاء ولم تجد الماء فتيممت وصلت ألزوجها أن يجامعها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لا يجامعها زوجها إلا أن يكون معه من الماء ما يغتسلان به جميعا. قلت: أرأيت إن كان معه من الماء ما يغتسل به هو وحده فأراد أن يجامعها؟ قال: لا ليس ذلك له ولا لها. قلت له: ولم لا يكون ذلك له؟ قال: ليس لها ولا له أن يدخلا على أنفسهما إذا لم يكن معهما ماء أكثر من حدث الوضوء، فإن وقع الجماع فقد أدخلا على أنفسهما أكثر من حدث الوضوء وهو الغسل وهو قول مالك لي. قلت: أرأيت المرأة أليس هي على جنابة إلا أنها متيممة فإذا كان مع الرجل قدر ما يغتسل به هو وحده ألا ترى أنه لم يدخل عليها أكثر مما كانت فيه لأنها كانت في جنابة؟ قال: لا لأن ذلك لم يكن لها منه بد وقد تيممت فكان التيمم طهرا لما كانت فيه فليس للزوج أن يدخل عليها ما ينقض ذلك. قلت: وتحفظ هذا عن مالك؟ قال: نعم، كذلك قال مالك. قال: وقال مالك: إذا كان الرجل والمرأة على وضوء فليس لواحد منهما أن يقبل صاحبه إذا لم يجد الماء لأن ذلك

ينقض وضوءهما وليس لهما أن ينقضا وضوءهما إلا أن يكون معهما ماء إلا ما لا بد لهما منه من الحدث ونحوه.

في الحائض والمستحاضة
قلت: أرأيت إذا حاضت المرأة أول ما حاضت فتمادى بها الدم؟ قال: تقعد فيما بينها وبين خمس عشرة ليلة. قال سحنون عن نافع عن عاصم بن عمر عن أبي بكر بن عمر عن سالم بن عبد الله سئل: كم تترك الصلاة المستحاضة؟ قال سالم: تترك الصلاة خمس عشرة ليلة، قال: ثم تغتسل وتصلي. قال ابن نافع عن عبد الله بن عمرو عن ربيعة ويحيى بن سعيد وعن أخيه عبد الله إنهما كانا يقولان: أكثر ما تترك المرأة الصلاة للحيضة خمسة عشرة ليلة ثم تغتسل وتصلي، وقد رواه علي بن زياد عن مالك يقال: إنها تقيم قدر أيام لداتها ثم هي ومستحاضة بعد ذلك تصلي وتصوم ويأتيها زوجها أبدا إلا أن ترى دما تستكثره لا تشك فيه أنه دم حيضة، وقد قيل: إنها تقعد أيام لداتها عن مالك لأنه أقصى ما تحبس النساء الدم خمس عشرة ليلة. قلت: أرأيت ما رأت المرأة من الدم أول ما تراه في قول مالك أهو حيض إذا كانت قد بلغت؟ فقال: نعم. قلت: أرأيت المرأة إذا رأت الدم بعد أيام حيضتها بأيام قبل أن يأتي وقت حيضتها المستقبلة أيكون ذلك حيضا؟ قال: إذا كان بين الدمين من الأيام ما لا يضاف بعض الدم إلى بعض جعل هذا المستقبل حيضا. قلت: أرأيت المرأة إذا كانت تحيض في شهر عشرة أيام وفي شهر ستة أيام وفي شهر ثمانية أيام مختلفة الحيضة فصارت مستحاضة كم تحسب أيام حيضتها إذا تمادى بها الدم أتظهر بثلاث؟ قال: لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولكنها تستظهر على أكثر أيامها التي كانت تحيضها. وقال ابن القاسم: إذا كانت المرأة تحيض خمسة عشر يوما كل شهر ثم رأت الدم وصارت مستحاضة أنها لا تستظهر بشيء إذا تمادى بها الدم من بعد الخمسة عشر فهي مستحاضة مكانها تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها. وقال ابن القاسم: وكل امرأة كانت أيامها أقل من خمسة عشر يوما فإنها تستظهر بثلاث ما بينها وبين خمسة عشر مثل التي أيامها اثنا عشر تستظهر بثلاث، ومثل التي أيامها ثلاثة عشر تستظهر بيومين والتي أيامها أربعة عشر تستظهر بيوم والتي أيامها خمسة عشر فلا تستظهر بشيء وتغتسل وتصلي ويأتيها زوجها ولا تقيم امرأة في حيض أكثر من خمسة عشر باستظهار كان أو غيره. قال ابن القاسم: وكان مالك يوقت في دم الحيض أكثر دهره إذا تمادى بها الدم أنها تقعد خمسة عشر يوما، فإن انقطع عنها فيما بين ذلك ألغت الأيام التي لم تر فيها الدم مثل ما فسرت لك واحتسبت بأيام الدم، فإذا استكملت. خمس عشرة

ليلة من أيام الدم اغتسلت وصلت وصنعت ما تصنع المستحاضة، ثم رجع فقال: أرى أن تستظهر بثلاثة أيام بعد أيام حيضتها ثم تصلي وترك قوله الأول خمسة عشر. قال: وقال مالك في المرأة وترى الصفرة أو الكدرة في أيام حيضتها أو في غير أيام حيضتها فذلك حيض وإن لم تر ذلك دما؟ قال: وإذا دفعت دفعة فتلك الدفعة حيض، وقال: وقال مالك في المرأة ترى الدم فلا تدفع إلا دفعة في ليل أو في نهار إن ذلك عنده حيض فإن انقطع عنها الدم ولم تدفع إلا تلك الدفعة اغتسلت وصلت. قلت: فهل حد مالك في هذا متى تغتسل؟ قال: لا ولكنه قال: إذا علمت أنها أظهرت اغتسلت: إن كانت ممن ترى القصة البيضاء فحين ترى القصة، وإن كانت لا ترى القصة فحين ترى الجفوف تغتسل وتصلي. قال ابن القاسم: والجفوف عندي أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة، قال مالك: وإن رأت بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك من الأيام الدم إذا كان الدم الثاني قريبا من الدم الأول فهو مضاف إلى الدم الأول، وذلك كله حيضة واحدة وما كان بين ذلك من الأيام طهر، وإن كان ما بين الدمين متباعدا فالدم الثاني حيض ولم يوقت كم ذلك إلا قدر ما يعلم أنها حيضة مستقبلة ويعلم أن ما بينها من الأيام ما يكون طهرا. قال: وقال مالك: إذا رأت المرأة الدم يوما ثم انقطع عنها يومين ثم رأته يوما بعد اليومين ثم انقطع عنها يوما أو يومين ثم رأته بعد ذلك يوما أو يومين، قال: إذا اختلط هكذا حسبت أيام الدم وألغت ما بين ذلك من الأيام التي لم تر فيها دما فإذا استكملت من أيام الدم قدر أيامها التي كانت تحيضها استظهرت بثلاثة أيام، فإن اختلط عليها أيضا أيام الاستظهار حسبت أيام الدم وألغت أيام الطهر التي فيما بين الدمين حتى تستكمل ثلاثة أيام من أيام الدم، فإذا استكملت ثلاثة أيام من أيام الدم بعد أيام حيضتها اغتسلت وصلت وكانت مستحاضة بعد ذلك والأيام التي استظهرت بها هي فيها حائض وهي مضافة إلى الحيض إن رأت الدم فيها بعد ذلك، وإن لم تره، والأيام التي كانت تلغيها فيما بين الدم التي كانت لا ترى فيها ما تصلي فيها ويأتيها زوجها وتصومها وهي فيها طاهر، وليست تلك الأيام بطهر تعتد به في عدة من طلاق لأن الذي قبل تلك الأيام من الدم والتي بعد تلك الأيام قد أضيف بعضها إلى بعض تجعل حيضة واحدة، وكان ما بين ذلك من الطهر ملغى ثم تغتسل بعد الاستظهار وتصلي وتتوضأ لكل صلاة إن رأت الدم في تلك الأيام، وتغتسل كل يوم إذا انقطع عنها الدم من أيام الطهر وإنما أمرت أن تغتسل لأنه لا تدري لعل الدم لا يرجع إليها ولا تكف عن الصلاة بعد ذلك، وإن تطاول بها الدم الأشهر إلا أن ترى في ذلك دما لا تشك وتستيقن أنه دم حيضة فلتكف عن الصلاة. ويكون لها ذلك عدة من طلاق، وإن لم تستيقن لم تكف عن الصلاة ولم يكن لها ذلك عدة وكانت عدتها عدة المستحاضة

ويأتيها زوجها في ذلك وتصلي وتصوم. قلت: أرأيت قول مالك دما تنكره كيف هذا الدم الذي تنكره؟ قال: إن النساء يزعمن أن دم الحيض لا يشبه دم المستحاضة لريحه ولونه، قال: وإذا رأت ذلك إن كان ذلك يعرف فلتكف عن الصلاة وإلا فلتصل، قال: وكأني رأيت مالكا فيما ينحو ويذهب إليه من قوله أنه إنما يريد بهذا أن تصلي المستحاضة أبدا، لأنه يقول: إن لم يعرف ذلك ولم تر ما تنكره من الدم صلت. قال: وقال مالك: في امرأة رأت الدم خمسة عشر يوما ثم رأت الطهر خمسة أيام ثم رأت الدم أياما ثم رأت الطهر سبعة أيام؟ قال: هذه مستحاضة. قال ابن القاسم: سألت مالكا عن المستحاضة ينقطع عنها الدم وقد كانت اغتسلت قبل ذلك؟ قال: فقال لي مرة: لا غسل عليها ثم رجع عن ذلك، فقال: أحب إلي أن تغتسل إذا انقطع عنها الدم وهو أحب قوله إلي. قلت: فما يقول مالك في الحائض تحيض بعد أن طلع الفجر وقد كانت حين طلع الفجر طاهرا هل عليها إعادة صلاة الصبح إذا طهرت؟ قال: لا إعادة عليها إذا طهرت وإن نسيت الظهر فلم تصلها حتى دخل وقت العصر ثم حاضت فلا إعادة عليها للظهر ولا للعصر، قال: وإن نسيت المغرب فلم تصلها حتى دخل وقت العشاء ثم حاضت فلا إعادة عليها لا المغرب ولا العشاء. قال: وقال مالك في الحائض لتشد عليها إزارها ثم شأنه بأعلاها. قلت: ما معنى قول مالك ثم شأنه بأعلاها؟ قال: سئل مالك عن الحائض أيجامعها زوجها فيما دون الفرج فيما بين فخذيها؟ قال: لا ولكن شأنه بأعلاها. قال: قوله عندنا شأنه بأعلاها أن يجامعها في أعلاها إن شاء في أعكانها وإن شاء في بطنها وإن شاء فيما شاء مما هو أعلاها. قال مالك عن زيد بن أسلم أن رجلا قال: يا رسول الله ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها1". قال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه أرسل إلى عائشة: هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض؟ فقالت: ليشد إزارها على أسفلها ثم ليباشرها إن شاء2. قلت: أرأيت امرأة كانت حيضتها خمسا خمسا فرأت الطهر في أربع أيحب مالك لزوجها أن يكف عنها حتى يمر اليوم الخامس؟ قال: لا وليصبها إن شاء، قال: وقال مالك في امرأة صلت ركعة من الظهر أو بعض العصر ثم حاضت؟ قال: لا تقضي هذه الصلاة التي حاضت فيها.
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب الطهارة حديث 93. أبو داود في كتاب اتلطهارة باب 82.
2 رواه في الموطأ في كتاب الطهارة حديث 95:..... "أن عبيد الله بن عبد الله بن عمر" بدل "عن عبد الله بن عمر".

ما جاء في النفساء
قال ابن القاسم: كان مالك يقول في النفساء: أقصى ما يمسكها الدم ستون يوما ثم رجع عن ذلك آخر ما لقيناه، فقال: أرى أن يسأل عن ذلك النساء وأهل المعرفة فتجلس بعد ذلك. قال ابن نافع عن عاصم عن أبي بكر بن عمر عن سالم بن عبد الله أنه سئل

عن النفساء كم أكثر ما تترك الصلاة إذا لم يرتفع عنها الدم؟ فقال: تترك الصلاة شهرين فذلك أكثر ما تترك الصلاة ثم تغتسل وتصلي. قال: وقال مالك في النفساء: متى ما رأت الطهر بعد الولادة وإن قرب فإنها تغتسل وتصلي فإن رأت بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك دما مما هو قريب من دم النفاس كان مضافا إلى دم النفاس وألغت ما بين ذلك من الأيام التي لم تر فيها دما، فإن تباعد ما بين الدمين كان الدم المستقبل حيضا وإن كانت رأت الدم قرب دم النفاس كانت نفساء، فإن تمادى بها الدم أقصى ما تقول النساء إنه دم نفاس وأهل المعرفة بذلك كانت إلى ذلك نفساء وإن زادت على ذلك كانت مستحاضة. قال ابن القاسم: وقد كان حد لنا قبل اليوم في النفساء ستين يوما ثم رجع عن ذلك آخر ما لقيناه فقال: أكره أن أحد فيه حدا ولكن يسأل عن ذلك أهل المعرفة فتحمل على ذلك. قال ابن وهب قال: سألنا مالكا عن النفساء كم تمكث في نفاسها إذا طال بها الدم حتى تغتسل وتصلي؟ قال: ما أحد في ذلك حدا وقد كنت أقول في المستحاضة قولا، وقد كان يقال لي: إن المرأة لا تقيم حائضا أكثر من خمسة عشر يوما ثم نظرت في ذلك فرأيت أن أحتاط لها فتصلي، وليس ذلك عليها أحب إلي من أن تترك الصلاة وهي عليها فرأيت أن تستظهر بثلاث فهذه المستحاضة أرى اجتهاد العالم لها في ذلك سعة، ويسأل أهل المعرفة بهذا فيحملها عليه لأن النساء ليس حالهن في ذلك حالا واحدا، فاجتهاد العالم في ذلك يسعها. قال: وقال مالك في النفساء: ترى الدم يومين وينقطع عنها يومين حتى يكثر ذلك عليها؟ قال: تلغي الأيام التي لم تر فيها الدم وتحسب الأيام التي رأت فيها الدم حتى تستكمل أقصى ما تجلس له النساء من غير سقم ثم هي مستحاضة بعد ذلك، قال: وترك قوله في النفاس أقصاه ستون يوما وقال تسأل النساء عن ذلك. قال ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه أنه يقال: أيما امرأة كانت تهراق الدماء عند النفاس ثم رأت الطهر فلتطهر ولتصل فإن رأت دما بعد ذلك فلا تصلي ما رأت دما فإن أصبحت يوما وهي ترى الدم فلا تصم فإن انقطع عنها الدم إلى صلاة الظهر من ذلك اليوم فلتطهر.

ما جاء في المرأة الحامل تلد ولدا ويبقى في بطنها آخر
قال ابن القاسم في المرأة الحامل: تلد ولدا ويبقى في بطنها آخر فلا تضعه إلا بعد شهرين والدم يتمادى بها فيما بين الولدين؟ قال: ينتظر أقصى ما يكون النفاس بالنفساء ولزوجها عليها الرجعة. وقد قيل فيها: إن حالها حال الحامل حتى تضع الولد الثاني. قلت: وهل تستظهر الحامل إذا رأت الدم وتمادى بها بثلاث كم تستظهر

الحائض؟ قال: ما علمت أن مالكا قال في الحامل تستظهر بثلاثة لا قديما ولا حديثا. قال ابن القاسم: ولو كانت الحامل تستظهر عنده بثلاث لقال إذا رأت الحامل الدم وتمادى بها جلست أيام حيضتها ثم استظهرت، قال أشهب: إلا أن تكون استرابت من حيضتها شيئا من أول ما حملت هي على حيضتها فإنها تستظهر قال: وقال مالك في النفساء: ترى الدم يومين والطهر يومين فتمادى بها هكذا أياما، قال مالك: إذ انقطع الدم اغتسلت وصلت وجامعها زوجها وإذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة حتى تبلغ أقصى ما تجلس إليه النساء. قال لي أشهب: وقد سألنا مالكا عن الحامل ترى الدم؟ قال: هي مثل غير الحامل تمسك أيام حيضتها كما تمسك التي هي غير حامل قال: ثم سمعته بعد ذلك يقول: ليس أول الحمل كآخره مثل رواية ابن القاسم، قال لي أشهب: والرواية الأولى أحسن ما حبس الحمل من حيضتها مثل الذي حبس الرضاع والمرض وغير ذلك ثم تحيض فإنها تقعد حيضة واحدة.

في الحامل ترى الدم على حملها
قلت: أرأيت الحامل ترى الدم في حملها كم تمسك عن الصلاة؟ قال: قال مالك: ليس أول الحمل كآخره إن رأت الدم في أول الحمل أمسكت عن الصلاة وما يجتهد لها فيه وليس في ذلك حد، وقال ابن القاسم: إن رأت ذلك في ثلاثة أشهر ونحو ذلك تركت الصلاة خمسة عشر يوما ونحو ذلك فإن جاوزت الستة أشهر من حملها ثم رأته تركت الصلاة ما بينها وبين العشرين يوما أو نحو ذلك. قال ابن وهب عن الليث بن سعد وابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة مولاة عائشة عن عائشة أنها سئلت عن الحامل ترى الدم أتصلي؟ قالت: لا تصلي حتى يذهب عنها الدم. قال ابن وهب قال: وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن ويحيى بن سعيد وابن أبي سلمة مثله، وقاله الليث بن سعد، وقال مالك: وإذا طال عليها الدم فهي بمنزلة المستحاضة تصلي وذلك أحسن ما سمعت، قال ابن وهب وقال الليث بن سعد وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: لا تصلي بدم الولد لا قبل ولا بعد. قال ابن وهب عن بكر بن مضر قال: قال يحيى بن سعيد: إذا رأت الحامل الدم أو الصفرة أو الكدرة لم تصل حتى ينقطع ذلك عنها، وقد بلغنا عن عائشة أنها كانت تلقن بذلك النساء. قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في المرأة: ترى الصفرة أو الكدرة أو كالغسالة؟ قال: لا أرى ما دامت ترى من الترية شيئا إن كانت الترية عند الحيضة أو الحمل.
وقد كمل كتاب الوضوء بحمد الله وعونه وحسن توفيقه والحمد لله على كل حال.

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه الكريم وعلى آله وصحبه وسلم
كتاب الصلاة الأول

ما جاء في وقت الصلاة
قال سحنون قال ابن القاسم: قال مالك: أحب ما جاء في وقت صلاة الظهر إلي قول عمر بن الخطاب أن صلوا الظهر والفيء ذراع قال ابن القاسم قال مالك: وأحب إلي أن يصلي الناس الظهر في الشتاء والصيف والفيء ذراع، قال: وإنما يقاس الظل في الشتاء والصيف لأنه ما دام في نقصان فهو غدوة بعد فإذا مد ذاهبا فمن ثم يقاس ذراع من ذلك الموضع فإذا كان الفيء ذراعا صلوا الظهر حين بقي الفيء ذراعا، قال مالك: وقد كان ابن عمر ربما ركب في السفر بعدما يفيء الفيء ذراعا فيسير الميلين والثلاثة قبل أن يصلي الظهر. قال ابن القاسم: ما رأيت مالكا يحد في وقت العصر قامتين ولكنه فيما رأيته يصف كان يقول: والشمس بيضاء نقية. قال سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله: إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ثم كتب: أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعا إلى أن يكون ظل أحدكم مثله والعصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة1. قال مالك: ووقت المغرب إذا غابت الشمس للمقيمين وأما المسافرون فلا بأس أن يمدوا الميل ونحوه ثم ينزلون ويصلون، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقام له جبريل الوقت في اليومين جميعا المغرب في وقت واحد حين غابت الشمس، وقد كان ابن عمر يؤخرها في السفر قليلا. قال ابن القاسم: وسألنا مالكا عن الحرس في الرباط يؤخرون صلاة العشاء إلى ثلث الليل فأنكر ذلك إنكارا شديدا وكأنه كان يقول: يصلون كما تصلي الناس وكأنه يستحب وقت الناس الذين يصلون فيه
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب الصلاة حديث 6: عن مالك عن نافع مولى عبد الله بن عمر بدل "عن نافع عن ابن عمر" ثم ساق الكلام بتمامه وتتمته بعد أن قال "قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة" قال: "قبل غروب الشمس, والمغرب إذا غربت الشمس, والعشاء إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل, فمن نام فلا نامت عينه, فمن نام فلا نامت عينه, فمن نام فلا نامت عيصنه. والصبح والنجوم بادية مشتبكة".

العشاء الأخيرة يؤخرون بعد مغيب الشفق قليلا، قال: وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فلم يؤخروا هذا التأخير. قلت: فما وقت صلاة الصبح عند مالك؟ قال: الإغلاس والنجوم بادية مشتبكة. قلت: فما آخر وقتها عنده؟ قال: إذا أسفر، وقد قال عمر في كتابه إلى أبي موسى الأشعري أن صل الصبح والنجوم بادية مشتبكة. قال ابن القاسم: ولم أر مالكا يعجبه هذا الحديث الذي جاء: إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضل من أهله وماله. وقال: وذلك أنه كان يرى هذا أن الناس يصلون في الوقت - بعدما يدخل ويتمكن ويمضي منه بعضه - الظهر والعصر والعشاء والصبح فهكذا رأيته يذهب إليه ولم أجترئ على أن أسأله عن ذلك، قال مالك: وقد صلى الناس قديما وعرف وقت الصلوات. قال: وقال مالك: ويغلس في السفر في الصبح، فقلت له: هل يقرأ فيها {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج:1] و {سَبِّحِ} [الأعلى: 1] وما أشبههما؟ قال: إني لأرجو أن يكون ذلك واسعا وإلا كرياء يعجلون الناس.

ما جاء في الأذان والإقامة
قال ابن القاسم قال مالك: الأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، قال: ثم يرجع بأرفع من صوته بها أول مرة فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، قال: فهذا قول مالك في رفع الصوت، ثم حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، قال: وإن كان الأذان في صلاة الصبح في سفر أو حضر؟ قال: الصلاة خير من النوم مرتين بعد حي على الفلاح، قال: وأخبرني ابن وهب عن عثمان بن الحكم عن ابن جريج قال: حدثني غير واحد من آل أبي محذورة أن أبا محذورة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهب فأذن عند المسجد الحرام" ، قال: قلت: كيف أؤذن يا رسول الله؟ قال: فعلمني الأولى: "الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله" ، ثم قال: "ارجع وامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله". قال ابن جريج وقال عطاء: ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم وما علمت تأذين أبي محذورة يخالف تأذينهم اليوم وكان أبو محذورة

يؤذن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى أدركه عطاء وهو يؤذن "ابن وهب" وقال الليث ومالك، قال ابن القاسم والإقامة: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، وأخبرني ابن وهب قال بلغني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يشفع الآذان ويوتر الإقامة ابن وهب وقال لي مالك مثله. قلت: فما قوله في التطريب في الأذان؟ قال: ينكره وما رأيت أحدا من مؤذني أهل المدينة يطربون، قال ابن القاسم: وسألت مالكا عن المؤذن يدور في أذانه ويلتفت عن يمينه وشماله فأنكره، وبلغني عنه أيضا أنه قال: إن كان يريد بذلك أن يسمع فنعم وإلا فلا ولم يعرف الإدارة. قلت: ولا يدور حتى يبلغ حي على الصلاة حي على الفلاح؟ قال: لا يعرف هذا الذي يقول الناس يدور ولا هذا الذي يقول الناس يلتفت يمينا وشمالا، قال ابن القاسم: وكان مالك ينكره إنكارا شديدا إلا أن يكون يريد أن يسمع، قال: فإن لم يرد به ذلك فكان ينكره إنكارا شديدا أن يكون هذا من حد الأذان ويراه من الخطأ وكان يوسع أن يؤذن كيف تيسر عليه، قال ابن القاسم: ورأيت المؤذنين بالمدينة يؤذنون ووجوههم إلى القبلة. قال ورأيته يرى أن ذلك واسع يصنع كيف يشاء، قال ابن القاسم: ورأيت مؤذني المدينة يقيمون عرضا يخرجون مع الإمام وهم يقيمون. قال: وقال مالك: لا يتكلم أحد في الأذان ولا يرد على من سلم عليه، قال: وكذلك الملبي لا يتكلم في تلبية ولا يرد على أحد سلم عليه، قال: وأكره أن يسلم أحد على الملبي حتى يفرغ من تلبيته. قلت لابن القاسم: فإن تكلم في أذانه أيبتدئه أم يمضي؟ قال: يمضي، وأخبرني سحنون عن علي عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم قال: يكره للمؤذن أن يتكلم في أذانه أو يتكلم في إقامته، وقال مالك: لا يؤذن إلا من احتلم قال لأن المؤذن إمام ولا يكون من لم يحتلم إماما، قال مالك: وكان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أعمى وكان مالك لا يكره أن يكون الأعمى مؤذنا وإماما. قال: وقال مالك: ليس على النساء أذان ولا إقامة قال: وإن أقامت المرأة فحسن "ابن وهب" عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: ليس على النساء أذان ولا إقامة "ابن وهب ". وقاله أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وابن شهاب وربيعة وأبو الزناد ويحيى بن سعيد "ابن وهب "وقال مالك: والليث مثله. قال ابن القاسم وقال مالك: لم يبلغني أن أحدا أذن قاعدا وأنكر ذلك إنكارا شديدا، وقال: إلا من عذر يؤذن لنفسه إذا كان مريضا. قال: وقال مالك: لا بأس أن يؤذن رجل ويقيم غيره.
قال: وقال مالك: في وضع المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان قال: ذلك واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك، قال: وكان مالك يكره التطريب في الأذان كراهية شديدة، قال ابن القاسم: ورأيت

المؤذنين بالمدينة لا يجعلون أصابعهم في آذانهم. قلت لابن القاسم: هل الإقامة عند مالك في وضع اليدين في الأذنين بمنزلة الأذان؟ قال: لا أحفظ منه شيئا وهو عندي مثله.
قال: وقال مالك في مؤذن أذن فأخطأ فأقام ساهيا، قال: لا يجزئه ويبتدئ الأذان من أوله. قال: وقال مالك: إذا أذن المؤذن وأنت في الصلاة المكتوبة فلا تقل مثل ما يقول وإذا أذن وأنت في النافلة فقل مثل ما يقول، قال مالك: ومعنى الحديث الذي جاء إذا أذن المؤذن فقل مثل ما يقول إنما ذلك إلى هذا الموضع أشهد أن محمدا رسول الله فيما يقع بقلبي ولو فعل ذلك رجل لم أر بأسا ابن وهب عن مالك ويونس عن يزيد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن أبا سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن1"
ابن وهب عن ابن لهيعة قال يزيد بن أبي حبيب مثله. قلت لابن القاسم: إذا قال المؤذن حي على الفلاح ثم قال الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله أيقول مثله؟ قال: هو من ذلك في سعة أي إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل. قال ابن وهب قلت لمالك: أرأيت إن أبطأ المؤذن فقلت مثل ما يقول وعجلت قبل المؤذن؟ قال: أرى ذلك يجزئ وأراه واسعا. قال وقال مالك: يؤذن المؤذن على غير وضوء ولا يقيم إلا على وضوء "علي بن زياد" عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أنهم كانوا لا يرون بأسا أن يؤذن الرجل على غير وضوئه، قال وقال لي مالك: يؤذن المؤذن في السفر راكبا ويقيم وهو نازل ولا يقيم وهو راكب ابن وهب عن عمر بن محمد العمري أنه رأى سالم بن عبد الله في السفر حين يرى الفجر ينادي بالصلاة على البعير فإذا نزل أقام ولا ينادي في غيرها من الصلوات إلا الإقامة، قال: وكان ابن عمر يفعل ذلك قال وكان ابن عمر لا يزيد على واحدة في الإقامة قال وكان سالم يفعل ذلك.
قال ابن القاسم وقال مالك: لا ينادي لشيء من الصلوات قبل وقتها إلا الصبح وحدها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". قال: وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت2 قال مالك: لم يبلغنا أن صلاة أذن لها قبل وقتها إلا الصبح ولا ينادى لغيرها قبل دخول وقتها ولا الجمعة. قلت لابن القاسم: أرأيت مسجدا من مساجد القبائل اتخذوا له مؤذنين أو ثلاثة أو أربعة يجوز لهم ذلك؟ قال: لا بأس بذلك عندي. قلت: هل تحفظ عن مالك؟ قال: نعم لا بأس به. قال: وسئل مالك عن القوم يكونون في السفر أو في مسجد الحرس أو في المركب فيؤذن لهم مؤذنان أو ثلاثة؟ قال: لا بأس بذلك. قال: وسألنا مالكا عن الإمام إمام المصر يخرج إلى الجنازة فيحضر الصلاة أيصلي بأذان وإقامة أو بإقامة وحدها؟ قال: لا بل بالأذان والإقامة. قال: وقال مالك: والصلاة بالمزدلفة
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب الصلاة حديث "2": "عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزد الليثي, عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" ورواه البخاري في كتاب الأذان باب 7. مسلم في كتاب الصلاة حديث 10.
2 رواه في الموطأ في كتاب الصلاة حديث "5": "حدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اله أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال: وساق الحديث بتمامه. ورواه البخاري في كتاب الأذان باب 11.. مسلم في كتاب الصوم حديث 36-38.

بأذانين وإقامتين للإمام وأما غير الإمام فيجزئهم إقامة إقامة ; للمغرب إقامة وللعشاء إقامة، قال مالك: وبعرفة أيضا أذانان وإقامتان، قال مالك: وكل ما كان من صلاة الأئمة فأذان وإقامة لكل صلاة وإن كان في حضر فإذا جمع الإمام صلاتين فأذانان وإقامتان. وقال: وقال مالك: كل شيء من أمر الأمراء إنما هو بأذان وإقامة. قال: وقال مالك: وليس الأذان إلا في مساجد الجماعة ومساجد القبائل بل والمواضع التي تجمع فيها الأئمة، فأما ما سوى هؤلاء من أهل السفر والحضر فالإقامة تجزئهم في الصلوات كلها: الصبح وغير الصبح وقال وإن أذنوا فحسن "ابن وهب" عن عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يؤذن في السفر بالأولى ولكنه كان يقيم الصلاة ويقول: إنما التثويب بالأولى في السفر مع الأمراء الذين معهم الناس ليجتمع الناس إلى الصلاة. قال ابن وهب وسألت مالكا عمن صلى بغير إقامة ناسيا؟ قال: لا شيء عليه، قال: قلت: فإن تعمد؟ قال: فليستغفر الله ولا شيء عليه، ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال: إن نسي الإقامة فلا يعد الصلاة، ابن وهب وقاله ربيعة ويحيى بن سعيد والليث، علي عن سفيان قال منصور وسألت إبراهيم قلت: نسيت أن أقيم في السفر؟ قال: تجزئك صلاتك. قال ابن القاسم وقال مالك فيمن دخل المسجد وقد صلى أهله، قال: لا تجزئه إقامتهم وليقم أيضا لنفسه إذا صلى، قال: ومن صلى في بيته فلا تجزئه إقامة أهل المصر ابن وهب عن حيوة بن شريح عن زهرة بن معبد القرشي أنه سمع سعيد بن المسيب ومحمد بن المنكدر يقولان: إذا صلى الرجل وحده فليؤذن بالإقامة سرا في نفسه، ابن وهب عن عطاء ومجاهد قالا: من جاء المسجد وقد فرغ من الصلاة فليقم، ابن وهب وقاله مالك "ابن القاسم" وقال مالك: من نسي صلوات كثيرة يجزئه أن يقضيها بإقامة إقامة بلا أذان ولا يصليها إن كانت صلاتين بإقامة واحدة ولكن يصلي كل صلاة بإقامة إقامة. قال: وقال مالك: لا بأس بإجارة المؤذنين. قال: وسألت مالكا عن الرجل يستأجر الرجل يؤذن في مسجده ويصلي بأهله يعمره بذلك؟ قال: لا بأس به، قال وكان مالك يكره إجارة قسام القاضي، قال وقال مالك: لا بأس بما يأخذه المعلم اشترط ذلك أو لم يشترط، قال: وإن كان اشترط على تعليم القرآن شيئا معلوما كان ذلك جائزا ولم أر به بأسا. قال: وقال مالك: إذا فرغ المؤذن من الإقامة انتظر الإمام قليلا قدر ما تستوي الصفوف ثم يكبر ويبتدئ القراءة ولا يكون بين القراءة والتكبير شيء، وقد كان عمر وعثمان يوكلان رجالا لتسوية الصفوف فإذا أخبروهما أن قد استوت كبر، قال وكان مالك لا يوقت للناس وقتا إذا أقيمت الصلاة يقومون عند ذلك ولكنه كان يقول: ذلك على قدر طاقة الناس فمنهم القوي ومنهم الضعيف.

في الإحرام للصلاة
قال: وقال مالك: تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم. قال ابن القاسم قال مالك: ولا يجزئ من السلام من الصلاة إلا السلام عليكم ولا يجزئ من الإحرام في الصلاة إلا الله أكبر، قال وكان مالك لا يرى هذا الذي يقول الناس سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك وكان لا يعرفه، ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن قتادة بن دعامة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين. قال: وقال مالك: ومن كان وراء الإمام ومن هو وحده ومن كان إماما فلا يقل: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ولكن يكبروا ثم يبتدءوا القراءة وسألت ابن القاسم عمن افتتح الصلاة بالعجمية وهو لا يعرف العربية ما قول مالك فيه؟ فقال: سئل مالك عن الرجل يحلف بالعجمية فكره ذلك وقال: أما يقرأ أما يصلي إنكارا لذلك أي ليتكلم بالعربية لا بالعجمية، قال: فما يدريه أن الذي قال أهو كما قال، أي الذي حلف به أنه هو الله ما يدريه أنه هو الله أم لا، قال وقال مالك: أكره أن يدعو الرجل بالأعجمية في الصلاة، قال: ولقد رأيت مالكا يكره للأعجمي أن يحلف بالعجمية ويستثقله، قال: وأخبرني مالك أن عمر بن الخطاب نهى عن رطانة الأعاجم وقال: إنها خب. قال وكيع عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم1". قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله بن مسعود: تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم. قال وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي قال: مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وانقضاؤها التسليم.
ـــــــ
1 رواه أبو دود في كتاب الطهارة باب 31. الترمذي في كتاب الطهارة باب 3. ابن ماجة في كتاب الطهارة باب 32. الدارمي في كتاب الوضوء باب 22. أحمد في مسنده "8/129,123"

فيمن دخل مع الإمام في الصلاة فنسي التكبيرة الإفتتاح
فيمن دخل مع الإمام في الصلاة فنسي تكبيرة الافتتاح
قال وقال مالك: فيمن دخل مع الإمام في صلاته فنسي تكبيرة الافتتاح، قال: إن كان كبر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح أجزأته صلاته، وإن لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الافتتاح فليمض مع الإمام حتى. إذا فرغ الإمام أعاد الصلاة، قال: فإن هو لم يكبر للركوع ولا للافتتاح مع الإمام حتى ركع الإمام ركعة وركعها معه ثم ذكر: ابتدأ الإحرام وكان الآن داخلا في الصلاة فليتم بقية الصلاة مع الإمام ثم يقضي ركعة إذا سلم الإمام، قال وقال مالك: إن دخل مع الإمام فنسي تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع ولم ينو بها تكبيرة

الافتتاح مضى في صلاته ولم يقطعها فإذا فرغ من صلاته مع الإمام أعادها، قال: فإن كان وحده قطع وإن كان قد صلى من صلاته ركعة أو ركعتين ثم إنه لم يكن كبر للافتتاح قطع أيضا، قال: وإنما ذلك لمن خلف الإمام وحده قال: وقال مالك فيما بلغني أنه قال: إنما أمرت من خلف الإمام بما أمرته به لأني سمعت أن سعيد بن المسيب قال: يجزئ الرجل مع الإمام إذا نسي تكبيرة الافتتاح تكبيرة الركوع، قال: وكنت أرى ربيعة بن أبي عبد الرحمن يعيد الصلاة مرارا فأقول له ما لك يا أبا عثمان؟ فيقول: إني نسيت تكبيرة الافتتاح، فأنا أحب له في قول سعيد أن يمضي لأني أرجو أن يجزئ عنه وأحب له في قول ربيعة أن يعيد احتياطا وهذا في الذي مع الإمام. قال: وقال مالك: إذا نسي الإمام تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع وكبر من خلف الإمام تكبيرة الافتتاح ثم صلوا معه حتى فرغوا، قال: يعيد الإمام ويعيدون. قلت لابن القاسم: فإن نسي الإمام تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح؟ قال: لا يجزئ عنهم ويعيد الإمام ويعيد من خلفه في قول مالك لأنه لو كان وحده لم تجزه صلاته وكذلك إذا كان إماما عند مالك يعيد. قال سحنون: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "التحريم التكبير" ، ولا ينبغي للرجل أن يبتدئ الصلاة بالركوع قبل القيام وذلك يجزئ من كان خلف إمام لأن قراءة الإمام وفعله كان يحسب لهذا لأنه أدرك معه الركعة فحمل عنه الإمام ما مضى إذا نوى تكبيرة الافتتاح. قال: وقال مالك: من كبر للافتتاح خلف الإمام وهو يظن أن الإمام قد كبر ثم كبر الإمام بعد ذلك فمضى معه حتى فرغ من صلاته، قال: أرى أن يعيد صلاته إلا أن يكون علم فكبر بعدما كبر الإمام فإن كان كبر بعدما كبر الإمام أجزأته صلاته، قال: فقلت لمالك: أرأيت هذا الذي كبر قبل الإمام للافتتاح ثم علم أن الإمام قد كبر بعده أيسلم ثم يكبر بعد الإمام؟ قال: لا بل يكبر بعد الإمام ولا يسلم.

القراءة في الصلاة
قال: وقال مالك: لا يقرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم في المكتوبة لا سرا في نفسه ولا جهرا. قال: وقال مالك: وهي السنة وعليها أدركت الناس، قال: وقال مالك في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة، قال: الشأن ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة قال: لا يقرأ سرا ولا علانية لا إمام ولا غير إمام، قال: وفي النافلة: إن أحب فعل، وإن أحب ترك، ذلك واسع. قال: وقال مالك: ولا يتعوذ الرجل في المكتوبة قبل القراءة ولكن يتعوذ في قيام رمضان إذا قرأ، قال: ولم يزل القراء يتعوذون

في رمضان إذا قاموا. قال مالك: ومن قرأ في غير صلاة تعوذ قبل القراءة إن شاء. قال: وقال مالك في الرجل إذا صلى وحده صلاة الجهر: أسمع نفسه فيها وفوق ذلك قليلا ولا يشبه المرأة في الجهر الرجل. قال: وقال مالك في المرأة تصلي وحدها صلاة يجهر فيها بالقراءة، قال: تسمع المرأة نفسها قال: وليس شأن النساء الجهر إلا الأمر الخفيف في التلبية وغير ذلك. قال: وقال مالك: ليس العمل عندي أن يقرأ الرجل في الركعة الآخرة من المغرب بعد أم القرآن بهذه الآية: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8].

ما جاء في ترك القراءة في الصلاة
قال: وقال مالك: ليس العمل على قول عمر حين ترك القراءة فقالوا له إنك لم تقرأ، فقال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسن، قال: فلا بأس إذن، قال مالك: وأرى أن يعيد من فعل هذا وإن ذهب الوقت قال: وكان مالك لا يرى ما قرأ الرجل به في الصلاة في نفسه ما لم يحرك به لسانه قراءة، قال: وكذلك بلغني عنه قال: وقال مالك في رجل ترك القراءة في ركعتين من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة قال: لا تجزئه الصلاة وعليه أن يعيد. قال: وكان مالك يقول: من ترك القراءة في جل ذلك أعاد وإن قرأ في بعضها وترك بعضها أعاد أيضا، قال: وذلك أيضا إذا قرأ في ركعتين وترك القراءة في ركعتين فإنه يعيد الصلاة من أي الصلوات كانت. قلت لابن القاسم: فإن ترك القراءة في ركعة من المغرب والصبح؟ قال: إنما كشفنا مالكا عن الصلوات ولم نكشفه عن المغرب والصبح. قال ابن القاسم: والصلوات عند مالك محمل واحد فإذا قرأ في ركعة من الصبح وترك ركعة أعاد، قال وإن كان مالك يستحب أن يعيد إذا ترك القراءة في ركعة واحدة في خاصة نفسه من أي الصلوات كانت، وقد كان قبل مرته الآخرة يقول ذلك وقد قاله لي غير عام واحد، ثم قال: أرجو أن تجزئه سجدتا السهو قبل السلام وما هو عندي بالبين. قال: وقال مالك: وإن قرأ بأم القرآن في صلاته كلها وترك ما سوى ذلك من القرآن فلم يقرأ مع أم القرآن شيئا في صلاته، قال: يجزئه ويسجد سجدتي السهو قبل السلام. قال مالك وإن هو ترك قراءة السورة مع أم القرآن في الركعتين الأولتين سجد للوهم، وإن هو قرأ سورة مع أم القرآن في الركعتين الأخريين فليس عليه سجدتا الوهم. قلت: فإن هو ترك قراءة السورة التي مع أم القرآن في الركعتين الأوليين عامدا ماذا عليه في قول مالك أيسجد للوهم؟ قال: لم نكشف مالكا عن هذا ولم نجترئ عليه

بهذا، قال ابن القاسم: ولا أرى عليه إعادة ويستغفر الله ولا سجود سهو عليه لأنه لم يسه. قلت: أرأيت إن قرأ في أول ركعة من الصبح ولم يقرأ في الركعة الأخرى، قال: يعيد الصلاة أيضا. قال: وقال مالك: من نسي قراءة أم القرآن حتى قرأ السورة فإنه يرجع فيقرأ أم القرآن ثم يقرأ سورة أيضا بعد قراءته أم القرآن. قال: وقال مالك: لا يقضي قراءة نسيها من ركعة في ركعة أخرى. قال: وقال مالك فمن ترك قراءة سورة من إحدى الركعتين الأوليين ساهيا وقد قرأ فيها بأم القرآن: إنه يسجد لسهوه، قال: وإن قرأ في الركعتين الأخريين بأم القرآن وسورة في كل ركعة ساهيا فلا سهو عليه. قال: وقال ابن القاسم: قول مالك قديما إن أم القرآن تجزئ من غيرها من القرآن ولا يجزئ من أم القرآن ما سواها من القرآن، قال: فلما سألناه قلنا له: أم القرآن تجزئ من غيرها من القرآن ولا يجزئ غير أم القرآن من أم القرآن؟ قال: لا أدري ما هذا أو كأنه إنما كره. مسألتان قال: وسألنا عن الرجل ينسى في الركعتين الأوليين أن يقرأ مع أم القرآن بسورة سورة؟ قال: يسجد لسهوه وقد أجزأت عنه صلاته، قلنا: فإن ترك أم القرآن في الركعتين وقد قرأ بغير أم القرآن؟ قال: يعيد صلاته، فعرفنا في هذا أن أم القرآن تجزئ من غيرها وأن غيرها لا يجزئ منها.
قال: وكان مالك يقول زمانا في رجل ترك القراءة في ركعة في الفريضة: إنه يلغي تلك الركعة بسجدتيها ولا يعتد بها ثم كان آخر قوله أن قال: يسجد لسهوه إذا ترك القراءة في ركعة وأرجو أن تكون مجزئة عنه وما هو عندي بالبين، قال: وإن قرأ في ركعتين وترك في ركعتين أعاد الصلاة أيضا. قال: وسألت مالكا غير مرة عمن نسي أم القرآن في ركعة؟ قال: أحب إلي أن يلغي تلك الركعة ويعيدها، وقال لي: حديث جابر هو الذي آخذ به أنه قال: كل ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم تصلها إلا وراء أمام، قال: فأنا آخذ بهذا الحديث قال: ثم سمعته آخر ما فارقته عليه يقول: لو سجد سجدتين قبل السلام هذا الذي ترك أم القرآن يقرأ بها في ركعة لرجوت أن تجزئ عنه ركعته التي ترك القراءة فيها على تكره منه وما هو عندي بالبين. قال: وفيما رأيت منه أن القول الأول هو أعجب إليه، قال ابن القاسم وهو رأيي قال: وقال مالك: أطول الصلوات قراءة صلاة الصبح والظهر. قال ابن وهب عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم لم يكن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتحوا الصلاة1، قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا. قال ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]. قال ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك مثل
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب الصلا ة حديث 30. رواه مسلم في كتاب الصلاة حديث 50.

ذلك. قال ابن وهب عن عيسى بن يونس عن حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]. قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: أخبرني محمود بن ربيع عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن". قال ابن وهب عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب يحدث عن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج هي خداج هي خداج غير تمام1". قال ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبيد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم وخيثمة مثله. قال مالك بن أنس عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء إمام. قال وكيع عن الأعمش عن خيثمة، قال: حدثني من سمع عمر بن الخطاب يقول: لا تجزئ صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وبشيء معها. قال وكيع عن ابن عون قال: سمعت إبراهيم يقول: لو صليت خلف إمام علمت أنه لم يقرأ شيئا لأعدت صلاتي، قال: وكيع عن عيسى بن يونس عن أبي إسحاق عن الشعبي أن عمر بن الخطاب صلى المغرب فلم يقرأ فيها فأعاد الصلاة وقال: لا صلاة إلا بقراءة.
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في حديث 39. مسللم في كتاب الصلاة حديث 38.

في رفع اليدين في الركوع والإحرام
قال: وقال مالك: لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة لا في خفض ولا في رفع إلا في افتتاح الصلاة يرفع يديه شيئا خفيفا والمرأة في ذلك بمنزلة الرجل، قال ابن القاسم: وكان رفع اليدين عند مالك ضعيفا إلا في تكبيرة الإحرام. قلت لابن القاسم: وعلى الصفا والمروة وعند الجمرتين وبعرفات وبالموقف وفي المشعر وفي الاستسقاء وعند استلام الحجر؟ قال: نعم، إلا في الاستسقاء بلغني أن مالكا رئي رافعا يديه وكان قد عزم عليهم الإمام فرفع مالك يديه فجعل بطونهما مما يلي الأرض وظهورهما مما يلي وجهه، قال ابن القاسم وسمعته يقول: فإن كان الرفع فهكذا مثل ما صنع مالك. قلت لابن القاسم: قوله إن كان الرفع فهكذا في أي شيء يكون هذا الرفع؟ قال: في الاستسقاء وفي مواضع الدعاء. قلت لابن القاسم: فعرفة من مواضع الدعاء؟ قال: نعم والجمرتان والمشعر، قال: ولقد سألت مالكا عن الرجل يمر بالركن فلا يستطيع أن يستلمه أيرفع يديه حين يكبر إذا حاذى الركن أم يكبر ويمضي؟ قال: بل يكبر ويمضي ولا يرفع يديه. قال ابن وهب وابن القاسم عن مالك عن ابن شهاب عن

سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح التكبير للصلاة1. قال وكيع عن سفيان الثوري عن عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود وعلقمة قالا: قال عبد الله بن مسعود: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فصلى ولم يرفع يديه إلا مرة، قال وكيع عن ابن أبي ليلى عن عيسى أخيه والحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعها حتى ينصرف. قال وكيع عن أبي بكر بن عبد الله بن قطاف النهشلي عن عاصم بن كليب عن أبيه أن عليا كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود، قال: وكان قد شهد معه صفين وكان أصحاب ابن مسعود يرفعون في الأولى ثم لا يعودون وكان إبراهيم النخعي يفعله.
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب الصلاة حديث 16. عن مالك عن اب ن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه. رواه البخاري في كتاب الأذان باب 83. مسلم في متاب الصلاة حديث 22,21.

الدب في الركوع
قال: وقال مالك: من جاء والإمام راكع فليركع إن خشي أن يرفع الإمام رأسه إذا كان قريبا يطمع إذا ركع فدب راكعا أن يصل إلى الصف، قال: قلت: يا أبا عبد الله: فإن هو لم يطمع أن يصل إلى الصف فركع؟ قال: أرى ذلك مجزئا عنه. قلت لابن القاسم: أرأيت لو أن رجلا جاء والإمام راكع في صلاة العيدين أو في صلاة الخسوف أو في صلاة الاستسقاء فأراد أن يركع وهو لا يطمع أن يصل إلى الصف أيفعل في قول مالك أم لا؟ قال: لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكنه عندي بمنزلة المكتوبة، قال: فالمكتوبة أعظم من هذا وأرى أن يفعل. قال سحنون عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه رأى زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكع، فمشى حتى إذا أمكنه أن يصل إلى الصف وهو راكع كبر فركع ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف، قال ابن وهب قال: وأخبرني رجال من أهل العلم عن القاسم بن محمد وعبد الله بن مسعود وابن شهاب مثله.

في الركوع والسجود
قال: وقال مالك في الركوع والسجود: إذا أمكن يديه من ركبتيه وإن لم يسبح فذلك مجزئ عنه وكان لا يوقت تسبيحا. قال: وقال مالك: تكبير الركوع والسجود كله سواء يكبر للركوع إذا انحط للركوع في حال الانحطاط، ويقول سمع الله لمن حمده في حال رفع رأسه وكذلك في السجود يكبر إذا انحط ساجدا في حال الانحطاط وإذا رفع

في الذي ينعس خلف الإمام وما يكره من الدعاء في الركوع
قال ابن القاسم: في الذي ينعس خلف الإمام وما يكره من الدعاء في الركوع الذي أرى وآخذ به في نفسي في الذي ينعس خلف الإمام في الركعة الأولى أنه لا يتبع الإمام فيها، وإن كان يدركه قبل أن يرفع رأسه من سجودها وليسجد مع الإمام ويلغي تلك الركعة ويقضيها إذا قضى الإمام صلاته، وإنما يتبع الإمام عندي بالركعة في الثانية والثالثة والرابعة إذا طمع أن يدركه قبل أن يرفع رأسه من سجودها، وأما الأولى فلا تشبه عندي الثانية في هذا ولا الثالثة وهذا رأيي ورأي من أرضاه. قال: وقال مالك في السجود والركوع: في قول الناس في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده وفي السجود سبحان ربي العظيم وبحمده وفي السجود سبحان ربي الأعلى، قال: لا أعرفه وأنكره ولم يحد فيه دعاء موقوتا ولكن يمكن يديه من ركبتيه في الركوع ويمكن جبهته وأنفه من الأرض في السجود، وليس لذلك عنده حد وكان مالك يكره الدعاء في الركوع ولا يرى به بأسا في السجود. قلت لابن القاسم: أرأيت مالكا حين كره الدعاء في الركوع وكان يكره التسبيح في الركوع؟ فقال: لا.

ما جاء في جلوس الصلاة
قال: وقال مالك: الجلوس فيما بين السجدتين مثل الجلوس في التشهد يفضي بأليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمين ويثني رجله اليسرى، وإذا نصب رجله اليمنى جعل باطن الإبهام على الأرض لا ظاهر الإبهام، قال مالك: وإذا نهض من بعد السجدتين من الركعة الأولى فلا يرجع جالسا ولكن ينهض كما هو القيام. قال: وقال مالك: ما أدركت أحدا من أهل العلم إلا وهو ينهي عن الإقعاء ويكرهه. قال: وقال مالك في سجود النساء في الصلاة وجلوسهن وتشهدهن كسجود الرجال وجلوسهم وتشهدهم ينصبن اليمنى ويثنين اليسرى ويقعدن على أوراكهن كما تقعد الرجال في ذلك كله. قال ابن وهب وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك، وقال من حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي: قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض في جلوسه الأخير في الصلاة

ما جاء في هيئة السجود
قلت لابن القاسم: فما قول مالك في سجود الرجل في صلاته هل يرفع بطنه عن فخذيه ويجافي بضبعيه؟ قال: نعم ولا يفرج ذلك التفريج ولكن تفريجا متقاربا. قلت: أيجوز في المكتوبة أن يضع ذراعيه على فخذيه؟ قال: قال مالك: لا إنما ذلك في النوافل لطول السجود فأما في المكتوبة وما خف من النوافل فلا. قال: وقال مالك: كره أن يفترش الرجل ذراعيه في السجود. قال: وقال مالك: يوجه بيديه إلى القبلة، قال: ولم يحد لنا أين يضعهما. قال سحنون قال ابن وهب أخبرني عبد الله بن لهيعة أن أبا الزبير المكي حدثه عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن يعتدل الرجل في السجود ولا يسجد الرجل باسطا ذراعيه كالكلب. قال سحنون وذكر ابن وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسجد إلى جنبه وقد اعتم على جبهته، فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته, من حديث ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكير بن سوادة عن صالح بن خيوان الشيباني. قال ابن وهب: وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يرى بياض إبطيه, من حديث ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس.

الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد
قال: وسألت مالكا عن الرجل يصلي إلى جنب حائط فيتكئ على الحائط؟ فقال: أما في المكتوبة فلا يعجبني وأما في النافلة فلا أرى به بأسا، قال ابن القاسم: والعصا تكون في يده عندي بمنزلة الحائط، قال وقال مالك: إن شاء اعتمد وإن شاء لم يعتمد وكان لا يكره الاعتماد، قال: وذلك على قدر ما يرتفق به فلينظر أرفق ذلك به فيصنعه. قال: وقال مالك: في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة؟ قال: لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه، قال

في السجود على الثياب والبسط
والمصليات والخمرة والثوب تكون فيه النجاسة
قال: وقال مالك: أرى أن لا يضع الرجل كفيه إلا على الذي يضع عليه جبهته، قال: وإن كان حر أو برد فلا بأس بأن يبسط ثوبا يسجد عليه ويجعل كفيه عليه. قال: وقال مالك: بلغني أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر كانا يفعلان ذلك. قال: وقال مالك: تبدي المرأة كفيها في السجود حتى تضعهما على ما تضع عليه جبهتها. قال: وقال مالك: فيمن سجد على كور العمامة قال: أحب إلي أن يرفع عن بعض جبهته حتى يمس بعض جبهته الأرض. قلت له: فإن سجد على كور العمامة؟ قال: أكرهه فإن فعل فلا إعادة عليه. قال: وقال مالك: ولا يعجبني أن يحمل الرجل الحصباء أو التراب من موضع الظل إلى موضع الشمس يسجد عليه، قال: وكان مالك يكره أن يسجد الرجل على الطنافس وبسط الشعر والثياب والإدام وكان يقول: لا بأس أن يقوم عليها ويركع عليها ويقعد عليها ولا يسجد عليها ولا يضع كفيه عليها، وكان لا يرى بأسا بالحصر وما أشبهها مما تنبت الأرض أن يسجد عليها وأن يضع كفيه عليها. قال: وقال مالك: لا يسجد على الثوب إلا من حر أو برد كتانا كان أو قطنا، قال مالك: وبلغني أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر كانا يسجدان على الثوب من الحر والبرد ويضعان أيديهما عليه. قلت لابن القاسم: فهل يسجد على اللبد والبسط من الحر والبرد؟ قال: ما سألنا مالكا عن هذا، ولكن مالكا كره الثياب فإن كانت من قطن أو كتان فهي عندي بمنزلة البسط واللبود فقد وسع مالك أن يسجد على الثوب من حر أو برد. قلت: أفترى أن يكون اللبد بتلك المنزلة؟ قال: نعم. قال: وقال مالك في الحصيرة يكون في ناحية منها قذر ويصلي الرجل على الناحية الأخرى لا بأس بذلك. قال: وقال مالك: لا بأس بالرجل يقوم في الصلاة على أحلاس الدواب التي قد حلست بها مثل اللبود التي في السروج ويركع عليها ويسجد على الأرض، ويقوم على الثياب والبسط وما أشبه ذلك من المصليات وغير ذلك ويسجد على الخمرة والحصيرة وما أشبه ذلك ويضع يديه على الذي يضع عليه جبهته. قال وسألنا مالكا عن الفراش يكون فيه النجس هل يصلي عليه المريض؟ قال: إذا جعل فوقه ثوبا طاهرا فلا بأس بالصلاة عليه إذا بسط عليه ثوبا طاهرا

كثيفا سحنون قال: قال ابن وهب: أخبرني رجل عن ابن عباس أن النبي عليه السلام كان يتقي بفضول ثيابه برد الأرض وحرها، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسجد إلى جنبه وقد اعتم على جبهته فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته, من حديث ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكير بن سوادة عن صالح بن خيوان الشيباني.

في صلاة المريض
قال ابن القاسم قال مالك في المريض الذي لا يستطيع أن يسجد وهو يقدر على الركوع قائما ويقدر على الجلوس ولا يقدر على السجود والركوع جميعا ويقدر على القيام والجلوس، أنه إذا قدر على القيام والركوع والجلوس قام فقرأ ثم ركع وجلس فأومأ للسجود جالسا على قدر ما يطيق وإن كان لا يقدر على الركوع قام فقرأ وركع قائما فأومأ للركوع ثم يجلس ويسجد إيماء. قال ابن القاسم: والذي بجبهته وأنفه من الجراح ما لا يستطيع معه السجود يفعل كما يفعل الذي يقدر على القيام والركوع والجلوس كما فسرت لك. قال ابن القاسم: وسأل شيخ مالكا وأنا عنده عن الذي يكون بركبتيه ما يمنعه من السجود والجلوس عليهما في الصلاة؟ فقال له: افعل من ذلك ما استطعت وما يسر عليك فإن دين الله يسر، قال ابن القاسم في الذي يفتتح الصلاة جالسا ولا يقوى إلا على ذلك: فيصح بعد في بعض صلاته أنه يقوم فيما بقي من صلاته وصلاته مجزئة عندي وكذلك لو افتتحها قائما ثم عرض له ما يمنعه من القيام صلى ما بقي من صلاته جالسا. وقال في المريض الذي لا يستطاع تحويله إلى القبلة لمرض به أو جراح: إنه لا يصلي إلا إلى القبلة ويحتال له في ذلك فإن هو صلى إلى غير القبلة أعاد ما دام في الوقت وهو في هذا بمنزلة الصحيح. قال: وقال مالك: فإن لم يستطع المريض أن يصلي متربعا صلى على قدر ما يطيق من قعود أو على جنبه أو على ظهره ويستقبل به القبلة، وقال مالك في المريض لا يستطيع الصلاة قاعدا، قال: يصلي على قدر ما يطيق من قعوده فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا فعلى جنبه أو على ظهره يجعل رجليه مما يلي القبلة ووجهه مستقبل القبلة. قلت لابن القاسم: أرأيت إن كان يقدر على الجلوس هذا المريض إذا رفدوه أيصلي جالسا مرفودا أحب إليك أم يصلي مضطجعا؟ قال: بل يصلي جالسا ممسوكا أحب إلي ولا يصلي مضطجعا ولا يستند لحائض ولا جنب. قال: وسألت مالكا عن الرجل يقدر على القيام ولا يقدر على الركوع والسجود كيف يصلي؟ قال: يومئ برأسه قائما للركوع على قدر طاقته ويمد يديه إلى ركبتيه فإن كان يقدر على السجود سجد وإن لم يكن يقدر على السجود ويقدر على الجلوس أومأ للسجود جالسا،

ويتشهد ويسلم جالسا في وسط صلاته وفي آخر صلاته إن كان يقدر على الجلوس فإن كان لا يقدر إلا على القيام صلى صلاته كلها قائما يومئ للركوع والسجود قائما ويجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه لركوعه.
قال: وسألنا مالكا عن الرجل لا يستطيع أن يسجد لرمد بعينه أو قرحة بوجهه أو صداع يجده وهو يقدر على أن يومئ جالسا ويركع قائما ويقوم قائما أيصلي إذا كان لا يقدر على السجود؟ قال: لا ولكن ليقم فيقرأ أو يركع ويقعد ويثني رجليه ويومئ إيماء لسجوده ويفعل في صلاته كذلك حتى يفرغ. قلت لابن القاسم: كيف الإيماء بالرأس دون الظهر؟ قال: بل يومئ بظهره وبرأسه. قلت: هو قول مالك؟ قال: نعم. قال ابن القاسم وقال مالك: إذا صلى المضطجع الذي لا يقدر على القيام فليومئ برأسه إيماء ولا يدع الإيماء وإن كان مضطجعا.
قال: وقال مالك في المريض الذي يستطيع السجود: إنه لا يرفع إلى جبهته شيئا ولا ينصب بين يديه وسادة ولا شيئا من الأشياء يسجد عليه. قلت لابن القاسم: فإن كان لا يستطيع السجود على الأرض وهو إذا جعلت له وسادة استطاع أن يسجد عليها إذا رفع له عن الأرض شيء؟ قال: لا يسجد عليه في قول مالك ولا يرفع له شيء يسجد عليه إن استطاع أن يسجد على الأرض وإلا أومأ إيماء. قال ابن القاسم: فإن رفع إليه شيء وجهل ذلك لم يكن عليه إعادة وكذلك بلغني عن مالك قال وقال مالك في إمام صلى يقوم يركع ويسجد ويقوم وخلفه مرضى لا يقدرون على السجود ولا الركوع إلا إيماء وقوم لا يقدرون على القيام وهم يصلون بصلاته يومئون قعودا، قال: تجزئهم صلاتهم، قال: وكان مالك يكره للرجل أن يقدح الماء من عينيه فلا يصلي إيماء إلا مستلقيا، قال كان يكرهه ويقول: لا ينبغي له أن يفعل ذلك وقال ابن القاسم في الذي يقدح الماء من عينيه: فيؤمر بالاضطجاع على ظهره فيصلي بتلك الحال على ظهره فلا يزال كذلك اليومين ونحو ذلك، قال: سئل عنه مالك فكرهه وقال: لا أحب لأحد أن يفعله. قال ابن القاسم ولو فعله رجل فصلى على حاله تلك؟ رأيت أن يعيد الصلاة متى ما ذكر في الوقت وغيره علي عن سفيان عن أبي إسحاق الهمداني عن يزيد بن معاوية العبسي قال: دخل عبد الله بن مسعود على أخيه عتبة بن مسعود وهو يصلي على سواك فأخذه من يده ورمى به، وقال: أوم برأسك إيماء واجعل ركوعك أرفع من سجودك، مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء ولم يرفع إلى جبهته شيئا1. مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا2. ابن وهب عن عمر بن قيس عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي على عود, ابن
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب السفر حديث 74.
2 رواه في الموطأ في كتاب السفر صلاة الجماعة حديث 17 وتتمته "...وصلى ورائه قوم قيام فأشار إليهم أن اجلسوا. فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به, فإذا ركع فاركعوا, وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا ". وراه البخاري في كتاب الأذان باب 51. مسلم في كتاب الصلاة حديث 82.

وهب. وقال غيره عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من لم يستطع أن يسجد أومأ برأسه إيماء.

صلاة الجالس
قال: وسألت مالكا عن صلاة الجالس إذا تشهد في الركعتين فأراد أن يقوم في الركعة الثالثة أيكبر ينوي تكبيرة القيام أم يقرأ ولا يكبر؟ قال: بل يكبر ينوي بذلك القيام قبل أن يقرأ. قال: وقال مالك: لا بأس بالاحتباء في النوافل للذي يصلي جالسا بعقب تربعه. قال ابن القاسم قال مالك: وقد بلغني أن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير كانا يفعلان ذلك، قال وقال مالك في الرجل يصلي قاعدا، قال: جلوسه في موضع الجلوس بمنزلة جلوس القائم يفضي بأليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى ويثني رجله اليسرى.
قلت: أرأيت من صلى قاعدا وهو يقدر على القيام أيعيد في قول مالك؟ قال: نعم عليه الإعادة وإن ذهب الوقت.
قال: وقال مالك: من افتتح الصلاة نافلة جالسا وأراد أن يرجع قائما لم أر بذلك بأسا. قلت: فإن افتتح الصلاة قائما وأراد أن يجلس؟ قال: بلغني عن مالك أنه قال: لا بأس به قال: ولا أرى أنا به أيضا بأسا.
قال مالك: ولا بأس أن يصلي النافلة محتبيا وأن يصلي النافلة على دابته في السفر حيثما توجهت به، وحدثني عن علي بن زياد عن سفيان عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبيه قال: كان سعيد بن جبير يصلي قاعدا محتبيا فإذا بقي عليه عشر آيات قام قائما فقرأ أو ركع. قال ابن وهب: وقد كان جابر بن عبد الله وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح يصلون في النافلة محتبين، ابن وهب وقال لي مالك بن أنس: لا بأس بذلك.

الصلاة على المحمل
قال: وسمعت مالكا وعبد العزيز بن أبي سلمة قال: ولم أسمع من عبد العزيز غير هذه المسألة وحدها يقولان في صلاة الجالس في المحمل: قيامه تربع فإذا ركع ركع متربعا فوضع يديه على ركبتيه فإذا رفع رأسه من ركوعه قال لي مالك: يرفع يديه عن ركبتيه، قال: ولا أحفظ هذا الحرف رفع يديه عن ركبتيه عن عبد العزيز بن أبي سلمة ثم رجع إلى قولهما جميعا، قالا: فإذا أهوى إلى الإيماء للسجود ثنى رجليه وسجد إلا أن يكون لا يقدر أن يثني رجليه عند الإيماء للسجود فيومئ متربعا. قال مالك: والمحمل أشده عندي يشتد عليه أن يثني رجليه من تربعه عند سجوده فلا أرى بأسا إذا شق ذلك

الإمام يصلي بالناس قاعدا
قال: وقال مالك: لا ينبغي لأحد أن يؤم في النافلة قاعدا. قال: ومن نزل به شيء وهو إمام قوم حتى صار لا يستطيع أن يصلي بهم إلا قاعدا، فليستخلف غيره يصلي بالقوم، ويرجع هو إلى الصف فيصلي بصلاة الإمام مع القوم. قال: وسألنا مالكا عن المريض الذي لا يستطيع القيام يصلي جالسا ويصلي بصلاته ناس؟ قال: لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك، وحدثني عن علي عن سفيان عن جابر بن يزيد عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤم الرجل القوم جالسا".

في الإمام يصلي بالناس على أرفع مما عليه أصحابه
قال: وقال مالك: لو أن إماما صلى بقوم على ظهر المسجد والناس خلفه أسفل من ذلك، قال مالك: لا يعجبني ذلك. وقال: وكره مالك أن يصلي الإمام على شيء وهو أرفع مما يصلي عليه ومن خلفه مثل الدكان الذي يكون في المحراب ونحوه من الأشياء. قلت: فإن فعل؟ قال: عليهم الإعادة وإن خرج الوقت لأن هؤلاء يعبثون إلا أن يكون على دكان يسير الارتفاع مثل ما كان عندنا بمصر فأرى صلاتهم تامة. وأخبرني عن علي عن سفيان عن إبراهيم النخعي قال: يكره أن يكون مكان الإمام أرفع من مكان أصحابه.

الصلاة أمام القبلة بصلاة الإمام
قال: وقال مالك: ومن صلى في دور أمام القبلة بصلاة الإمام وهم يسمعون تكبير الإمام فيصلون بصلاته ويركعون بركوعه ويسجدون بسجوده، فصلاتهم تامة وإن كانوا بين يدي الإمام، قال: ولا أحب لهم أن يفعلوا ذلك. قال ابن القاسم قال مالك: وقد بلغني أن دارا لآل عمر بن الخطاب وهي أمام القبلة كانوا يصلون بصلاة الإمام فيها فيما مضى من الزمان، قال مالك: وما أحب أن يفعله أحد ومن فعله أجزأه.

في الصلاة فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام
قال: وقال مالك: لا بأس في غير الجمعة أن يصلي الرجل بصلاة الإمام على ظهر المسجد والإمام في داخل المسجد. قال: وكان آخر ما فارقنا مالكا أنه كره أن يصلي الرجل خلف الإمام بصلاة الإمام على ظهر المسجد، قال: ولا يعجبني هذا من قوله، وقوله الأول به آخذ.
قلت: ما قول مالك في صلاة الرجل على قعيقعان وعلى أبي قبيس بصلاة الإمام في المسجد الحرام؟ قال: لم أسمع فيه شيئا ولا يعجبني. قال: وقال الإمام يصلي في السفينة يصلي على السقف والقوم تحته، قال: لا يعجبني، قال: وإن صلى الإمام أسفل والناس فوق السقف فلا بأس بذلك إذا كان إمامهم قدامهم. قال: فقلنا لمالك كيف يجمع هؤلاء الذين أمامهم فوق السقف؟ قال: يصلي الذين فوق السقف بإمام والذين أسفل بإمام آخر. قال: وقال مالك في القوم يكونون في السفن يصلي بعضهم بصلاة بعض وإمامهم في إحدى السفائن وهم يصلون بصلاته وهم في غير سفينته، قال: فإن كانت السفن بعضها قريبة من بعض فلا بأس بذلك. قال: وقال مالك: لو أن دورا محجورا عليها صلى قوم فيها بصلاة الإمام في غير الجمعة فصلاتهم تامة إذا كان لتلك

في الصلاة خلف هؤلاء الولاة
قلت: أفكان مالك يقول تجزئنا الصلاة خلف هؤلاء الولاة والجمعة خلفهم؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا قوما خوارج غلبوا أكان مالك يأمر بالصلاة خلفهم والجمعة خلفهم؟ قال: كان مالك يقول: إذا علمت أن الإمام من أهل الأهواء فلا تصل خلفه ولا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء. قلت: أفسألته عن الحرورية؟ قال: ما اختلف يومئذ عندي أن الحرورية وغيرهم سواء. قال ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: دخلت على عثمان بن عفان وهو محصور فقلت له إنك إمام العامة وقد نزل بك ما ترى وإنه يصلي لنا إمام فتنة وإنا نتحرج من الصلاة خلفه، فقال عثمان: فلا تفعل فإن الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.

الصلاة خلف أهل الصلاح وأهل البدع
وإمامة الرجل في داره وإمامة من لا يحسن القرآن
قال: وقال مالك: يتقدم القوم أعلمهم إذا كانت حالته حسنة قال وإن للسن حقا،

في الصلاة خلف السكران والصبي
والعبد والأعمى والإمام يصلي بغير رداء
قال: وقال مالك: لا يؤم السكران ومن صلى خلفه أعاد. قال: وقال مالك: لا يؤم الصبي في النافلة لا الرجال ولا النساء. قال: وقال مالك: لا تؤم المرأة، قال: وقال مالك في الأعرابي: لا يؤم المسافرين ولا الحضريين وإن كان أقرأهم. قال وكيع عن الربيع بن صبيح عن ابن سيرين قال: خرجنا مع عبيد الله بن معمر ومعنا حميد بن عبد الرحمن وأناس من وجوه الفقهاء فمررنا بأهل ماء فحضرت الصلاة فأذن أعرابي وأقام الصلاة، قال: فتقدم حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال: فلما صلى ركعتين، قال: من كان ههنا من أهل البلد فليتمم الصلاة وكره أن يؤم الأعرابي. قال: وقال مالك: لا يكون العبد إماما في مسجد الجماعة ولا مساجد العشائر ولا الأعياد، قال: ولا يصلي العبد بالقوم الجمعة، قال ابن القاسم: فإن فعل أعاد وأعادوا لأن العبيد لا جمعة عليهم

ولا بأس أن يؤم العبد في السفر إذا كان أقرأهم أن يؤم قوما من غير أن يتخذ إماما راتبا. قال: وقال مالك: أكره أن يتخذ ولد الزنا إماما راتبا، وقال مالك: لا بأس أن يؤم العبد في رمضان النافلة. قال: وقال مالك: أكره أن يؤم الخصي بالناس فيكون إماما راتبا، قال: وكان على طرسوس خصي فاستخلف على الناس من يصلي بهم فبلغ ذلك مالكا فأعجبه. قال: وقال مالك: لا بأس أن يتخذ الأعمى إماما راتبا وقد أم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمى وهو ابن أم مكتوم. قال: وقال مالك: أولاهم بالإمامة أفضلهم في أنفسهم إذا كان هو أفقههم قال: وللسن حق، فقيل له فأكثرهم قرآنا؟ قال قد يقرأ من لا، أي من لا يكون فيه خير. قال: وقال مالك: أكره للإمام أن يصلي بغير رداء إلا أن يكون إمام قوم في سفر أو رجلا أم قوما في صلاة في موضع اجتمعوا فيه أو في داره، فأما إمام مسجد جماعة أو مساجد القبائل فأكره ذلك وأحب إلي أن لو جعل عمامة على عاتقه إذا كان مسافرا أو صلى في داره. قال ابن وهب قال: سمعت معاوية بن صالح يذكر عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فليؤمهم أفقههم". قال: فذلك أمير أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن وهب: وقد كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار في مسجد قباء فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة، قال ابن وهب وقال مالك: يؤم القوم أهل الصلاح والفضل منهم. قال ابن وهب عن علي بن زياد عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون أن يؤم الغلام حتى يحتلم. قال ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن مولى لبني هاشم أخبره عن علي بن أبي طالب أنه قال: لا تؤم المرأة. وقال إبراهيم النخعي: لا تؤم في الفريضة وقاله يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وابن شهاب. قال ابن وهب عن عثمان بن الحكم عن ابن جريج عن عمر بن عبد العزيز قال: لا يؤم من لم يحتلم وقاله عطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد. قال ابن وهب عن مالك عن يحيى بن سعيد: إن رجلا كان لا يعرف ولده كان يؤم قوما بالعقيق فنهاه عمر بن عبد العزيز. قال وكيع عن هشام بن عروة عن أبي بكر بن أبي مليكة أن عائشة كان يؤمها مدبر لها يقال له ذكوان أبو عمرو.

الصلاة بالإمامة بالرجل الواحد أو الاثنين
قلت: ما قول مالك في الرجل يصلي الظهر لنفسه فيأتي رجل فيصلي بصلاته والرجل الأول لا ينوي أن يكون له إماما هل تجزئه صلاته؟ قال: بلغني عن مالك أنه رأى صلاته تامة إذا قام عن يمينه يأتم به وإن كان الآخر لا يعلم به. قلت: أرأيت لو أن رجلا

صلى الظهر وحده فأتى رجل فقام عن يمينه يأتم به؟ قال: صلاته مجزئة تامة. قلت له وإن لم ينو هذا أن يكون إماما لصاحبه؟ قال: ذلك مجزئ عنه نوى أو لم ينو. قال: وقال مالك: في رجلين وغلام صلوا قال: يقوم الإمام أمامهما ويقوم الرجل والصبي وراءه إذا كان الصبي يعقل الصلاة لا يذهب ويتركه. قال: وقال مالك: إذا كانوا ثلاثة نفر فصلوا تقدمهم إمامهم وإن كانا رجلين قام أحدهما عن يمين الإمام، وإن كانا رجلين وامرأة صلى أحد الرجلين عن يمين الإمام وقامت المرأة من ورائهما. قال: وقال مالك: في رجلين صليا فقام الذي ليس بإمام عن يسار الإمام، قال: إن علم بذلك قبل أن يفرغ من صلاته أداره إلى يمينه وإن لم يعلم بذلك حتى فرغ فصلاته تامة، قلت لابن القاسم من أين يديره في قول مالك أمن بين يديه أم من خلفه؟ قال: من خلفه. قال: وقال مالك فيمن أدرك الإمام ساجدا وقد سجد الإمام سجدة وهو في السجدة الأخرى، قال: يكبر ويسجد وإن لم يدرك إلا سجدة واحدة فلا يقف ينتظر حتى يرفع الإمام رأسه من سجوده ولا يسجد ما فاته به الإمام ولا يقضيه. قال: وسألت مالكا عن الرجل يصلي بامرأته المكتوبة في بيته؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: فأين تكون؟ قال: خلفه.

في إعادة الصلاة مع الإمام ومن صلى في
بيته لنفسه فسمع إقامة الصلاة في المسجد
قال ابن القاسم: أخبرني مالك عن القاسم بن محمد حين كانت بنو أمية يؤخرون الصلاة أنه كان يصلي في بيته ثم يأتي المسجد فيصلي معهم فكلم في ذلك فقال: أصلي مرتين أحب إلي من أن لا أصلي شيئا. قال: وقال مالك: إذا جاء الرجل المسجد وقد صلى وحده في بيته فليصل مع الناس إلا المغرب، فإنه إن كان قد صلاها ثم دخل المسجد فأقام المؤذن صلاة المغرب فليخرج. قلت لابن القاسم: فإن جهل ذلك فصلى مع الإمام المغرب ثانية؟ قال: أحب إلي أن يشفع صلاته الآخرة بركعة وتكون الأولى التي صلى في بيته صلاته، وقد بلغني عن مالك. قلت: أي شيء يقول مالك في الصبح إذا صلاها في بيته ثم أدركها مع الإمام أيعيدها؟ قال: نعم وهو قوله يعيد الصلوات كلها إلا المغرب. قال: وقال مالك: كل من صلى في بيته ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد أعاد إلا المغرب. قلت لابن القاسم: فإن هو مر بالمسجد فسمع الإقامة وقد صلى في بيته أيدخل مع الإمام أم لا؟ قال ليس ذلك عليه بواجب إلا أن يشاء. قلت: أليس هو قول مالك؟ قال: لم أسمعه منه. قلت: أرأيت لو أن رجلا دخل المسجد فافتتح الظهرِ

فلما صلى من الظهر ركعة أقيمت عليه الظهر؟ قال: يضيف إليها ركعة ثم يسلم ويدخل مع الإمام. قلت: فإن كان قد صلى ثلاث ركعات؟ قال: يضيف إليها رابعة ثم يسلم ويدخل مع الإمام. قلت: أفتجعل الأولى نافلة؟ قال: لا ولكن قد صلى الظهر أربعا ثم دخل في الجماعة. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أقيمت الصلاة حين افتتح الظهر ولم يركع منها ركعة؟ قال: يقطع ويدخل مع الإمام. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن دخل المسجد فافتتح صلاة المغرب فأقيمت الصلاة؟ قال: يقطع ويدخل مع الإمام. قلت: فإن كان قد صلى ركعة؟ قال: يقطع ويدخل مع الإمام. قلت: فإن كان قد صلى ركعتين؟ قال: يتم الثالثة ويخرج من المسجد ولا يصلي مع القوم. قلت: فإن كان قد صلى ثلاث ركعات؟ قال: يسلم ويخرج من المسجد ولا يصلي مع القوم. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت لابن القاسم: أرأيت من قطع صلاته قبل أن يركع ممن قد أمرته أن يقطع صلاته، مثل الرجل يفتتح الصلاة فتقام عليه الصلاة قبل أن يركع أيقطع بتسليم أم بغير تسليم؟ قال: يقطع بتسليم عند مالك. قال: وسألنا مالكا عن رجل افتتح الصلاة وحده في بيته ثم أقيمت الصلاة فسمعها وهو يعلم أنه يدركها؟ قال: يمضي على صلاته ولا يقطع صلاته بعدما دخل فيها. قال مالك: وإن صلى رجل وحده في بيته ثم أتى المسجد فأقيمت الصلاة فلا يتقدمهم لأنه قد صلاها في بيته وليصل معهم ولا يتقدمهم، قال: فإن فعل أعاد من خلفه صلاتهم لأنه لا يدري أيتهما صلاته، وإنما ذلك إلى الله يجعل أيتهما شاء صلاته فكيف تجزئهم صلاة رجل لا يدري أهي صلاته أم لا ولأنه قد جاء حديث آخر أن الأولى هي صلاته وأن الآخرة هي نافلة فكيف يعتدون بصلاة رجل هي له نافلة. قال سحنون عن ابن وهب عن عياض بن عبد الله القرشي قال: لا أعلم أن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيكون بعدي أئمة يضيعون الصلوات ويتبعون الشهوات فإن صلوا الصلاة لوقتها فصلوا معهم وإن لم يصلوا الصلاة لوقتها فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة". قال سحنون عن ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن مسعود وأبي ذر وأبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. قال سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: من صلى المغرب ثم أدركها مع الإمام فلا يعد لها غير ما صلاها1 .
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب صلاة الجماعة حديث 12 بلفظ " من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعد لهما".

تلك الصلاة في جماعة أخرى. قال: وقال مالك في رجل يصلي يجمع الصلاة هو وآخر معه في فريضة، قال: لا يعيد صلاته تلك في جماعة ولا غيرها لا هو ولا صاحبه. قال: وإن أقيمت صلاة وهو في المسجد وقد صلاها هو وآخر جماعة أو مع أكثر من ذلك فلا يعد وليخرج من المسجد. قال سحنون: لأن الحديث إنما جاء فيمن صلى في بيته وحده ثم أدركها في جماعة، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في محجن الثقفي إنما صلى في أهله فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد في جماعة.

في المسجد تجمع الصلاة فيه مرتين
قال: وقال مالك في مسجد على طريق من طرق المسلمين ليس له إمام راتب، أتى قوم فجمعوا فيه الصلاة مسافرين أو غيرهم ثم أتى قوم من بعدهم، فلا بأس أن يجمعوا فيه أيضا وإن أتى كذلك عدد ممن يجمع فلا بأس بذلك. قلت لابن القاسم أرأيت مسجدا له إمام راتب إن مر به قوم فجمعوا فيه صلاة من الصلوات أللإمام أن يعيد تلك الصلاة فيه بجماعة؟ قال: نعم، وقد بلغني ذلك عن مالك. قلت: فلو كان رجل هو إمام مسجد قوم ومؤذنهم أذن وأقام فلم يأته أحد فصلى وحده ثم أتى أهل ذلك المسجد الذين كانوا يصلون فيه؟ قال: فليصلوا أفذاذا ولا يجمعون لأن إمامهم قد أذن وصلى، قال: وهو قول مالك. قلت: أرأيت إن أتى هذا الرجل الذي أذن في هذا المسجد وصلى وحده إلى مسجد آخر فأقيمت عليه فيه الصلاة أيعيد مع الجماعة أم لا في قول مالك؟ قال: لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكن لا يعيد لأن مالكا قد جعله وحده جماعة. قال: وقال مالك: إذا أتى الرجل المسجد وقد صلى أهله فطمع أن يدرك جماعة من الناس في مسجد آخر وغيره فلا بأس أن يخرج إلى تلك الجماعة قال: وإذا أتى قوم وقد صلى أهل المسجد فلا بأس أن يخرجوا من المسجد فيجمعوا وهم جماعة إلا أن يكون المسجد الحرام أو مسجد الرسول فلا يخرجون، وليصلوا وحدانا لأن المسجد الحرام أو مسجد الرسول أعظم أجرا لهم من صلاتهم في الجماعة، قال ابن القاسم: وأرى مسجد بيت المقدس مثله. قال سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر قال: دخلت مع سالم بن عبد الله مسجد الجحفة وقد فرغوا من الصلاة فقالوا: ألا تجمع الصلاة؟ فقال سالم: لا تجمع صلاة واحدة في مسجد واحد مرتين. قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة والليث مثله.

الصلاة في المواضع التي تجوز فيها الصلاة
قال: وسألت مالكا عن الرجل يصلي وأمامه جدار مرحاض؟ قال: إذا كان مكانه طاهرا فلا بأس به. قال: وقال مالك: لا بأس بالصلاة على الثلج. قلت لابن القاسم هل كان مالك يوسع أن يصلي الرجل وبين يديه قبر يكون سترة له؟ قال: كان مالك لا يرى بأسا بالصلاة في المقابر، وهو إذا صلى في المقبرة كانت القبور أمامه وخلفه وعن يمينه وعن يساره. قال: وقال مالك: لا بأس بالصلاة في المقابر، قال وبلغني: أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون في المقبرة. قال: وقال مالك في الصلاة في الحمامات، قال: إذا كان موضعه طاهرا فلا بأس بذلك. قال: وسألت مالكا عن مرابض الغنم أيصلى فيها؟ قال: لا بأس بذلك. قلت لابن القاسم أتحفظ عن مالك في مرابض البقر شيئا؟ قال: لا ولا أرى به بأسا. قال سحنون عن ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عمن حدثه عن عبد الله بن مغفل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى في معاطن الإبل وأمر أن يصلى في مراح الغنم والبقر1.
ـــــــ
1 رواه ابن ماجة في كتاب الطهارة باب 67. أحمد في مسنده "2/491,451".

الصلاة في المواضع التي تكره فيها الصلاة
قال: وسألت مالكا عن أعطان الإبل في المناهل أيصلى فيها؟ قال: لا خير فيها، قال: وأخبرني ابن القاسم عن مالك عن نافع: أن عمر بن الخطاب كره دخول الكنائس والصلاة فيها. قال مالك: وأنا أكره الصلاة في الكنائس لنجاستها من أقدامهم وما يدخلون فيها والصور التي فيها، فقيل له يا أبا عبد الله إنا ربما سافرنا في أرض باردة فيجننا الليل ونغشى قرى لا يكون لنا فيها منزل غير الكنائس تكننا من المطر والثلج والبرد؟ قال: أرجو إذا كانت الضرورة أن يكون في ذلك سعة إن شاء الله ولا يستحب النزول فيها إذا وجد غيرها. قال: وكان مالك يكره أن يصلي أحد على قارعة الطريق لما يمر فيها من الدواب فيقع في ذلك أبوالها وأرواثها قال: وأحب إلي أن يتنحى عن ذلك. قلت: أكان مالك يكره أن يصلي الرجل إلى قبلة فيها تماثيل؟ قال: كره الكنائس لموضع التماثيل فهذا عنده لا شك أشد من ذلك. قال ابن القاسم: وسألت مالكا عن التماثيل وتكون في الأسرة والقباب والمنار وما أشبهها؟ قال: هذا مكروه وقال لأن هذه خلقت خلقا، قال: وما كان من الثياب والبسط والوسائد فإن هذا يمتهن، قال: وقد كان أبو سلمة بن عبد الرحمن يقول ما كان يمتهن فلا بأس به وأرجو أن يكون خفيفا ومن تركه غير محرم له فهو أحب إلي. قال: وسألنا مالكا عن الخاتم يكون فيه التماثيل أيلبس

ويصلى به؟ قال: لا يلبس ولا يصلى به. قال: وقال مالك: لا يصلى في الكعبة ولا في الحجر فريضة ولا ركعتا الطواف الواجبتان ولا الوتر ولا ركعتا الفجر، فأما غير ذلك من ركوع الطواف فلا بأس به. قال: وبلغني عن مالك أنه سئل عن رجل صلى المكتوبة في الكعبة؟ قال: يعيد ما كان في الوقت، وقال مالك: وهو مثل من صلى إلى غير القبلة يعيد ما كان في الوقت. وذكر ابن وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في سبع مواطن: في المقبرة والمزبلة والمجزرة ومحجة الطريق والحمام وظهر بيت الله الحرام ومعاطن الإبل. قال: من حديث ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك كله.

ما تعاد منه الصلاة في الوقت
قال: وقال مالك: من صلى ومعه جلد ميتة لم يدبغ أو شيء من لحوم الميتة أو عظامها, قال: يعيد الصلاة ما دام في الوقت قال: فإن مضى الوقت ل م يعد, قال: وقال مالك: لا يعجبني أن يصلي على جلود الميتة إن دبغت ومن صلى عليها أعاد ما دام في الوقت, قال: أما جلود السباع فلا بأس أن يصلي عليها وتلبس إذا ذكيت. قال: ولا أرى أن يصلي على جلد الحمار وإن ذكي. قال ابن قاسم: ووقفنا مالكا على الكيمخت فكان يأتي الجواب فيه ورأيت تركه أحب إليه غير مرة ولا مرتين, قال ابن وهب: وقد قال ربيعة وابن شهاب فيمن صلى بثوب غير طاهر أنه بعد ما كان في الوقت, قال: وقال ملك: في أصواف الميتة وا وبارها وأشعارها: أنه لا بأس بذلك, قال: وكل شيء إذا اخذ من الميتة وهي حية فىلا يكون نجسا فهي إذا لاماتت أيضا فىلا بأس به أن يؤخذ ذلك منها ولا يكون ميتة, قلت لابن القاسم: فهل تغسل الأصواف والأ وبار والأشعار في قول مالك فيما أخذ من الميتة؟ قال: استحسن ذلك مالك, وقال: واكره القرن والعظم والسن والظلف من الميتة وأراه ميتة وإن أخذ منهلا الق ر ن وهي حية كرهها أيضا, قال: واكره انياب الفيل أن يدهن فيها وأن يمتشط بها, وأكره أن يتجر بها أحد وأن يشتريها أو يبيعها لأني أراها ميتة, قلت لاابن القاسم ما قةل مالك في اللبن في ضروع الميتة؟ قال ابن القاسم: لايصلح ذلك ولا يصل, قال: وقال مالك: لا ينتفع بعظام الميتة ويتجر بها ولا يوقد بها الطعام ولا الشراب ولا يمتشط بها ويدهن فيها, قال: وقال مالك فيصمن توضأ وصللا بماء غير طاهر وهو يظن أنه طاهر ثم علم, قال: يعيد ما دام الوقت, فإن مضى الوقت لم يعد ويغسل ما أصاب ذلك الماء من جسده وثيابه, قال سحنون: وقدفسرته في كتاب الوضوء.

فيمن صلى إلى غير القبلة
قال: وقال مالك في رجل صلى إلى غير القبلة وهو لا يعلم ثم علم وهو في الصلاة، قال: يبتدئ الصلاة من أولها ولا يدور في صلاته. إلى القبلة ولكن يقطع ويبتدئ الإقامة قال: وقال مالك فيمن استدبر القبلة أو شرق أو غرب فصلى وهو يظن أن تلك القبلة ثم تبين له أنه على غير القبلة؟ فقال: يقطع ما هو فيه ويبتدئ الصلاة، قال: فإن فرغ من صلاته ثم علم في الوقت فعليه الإعادة، قال: وإن مضى الوقت فلا إعادة عليه. قال: وقال مالك: لو أن رجلا صلى فانحرف عن القبلة ولم يشرق ولم يغرب فعلم بذلك قبل أن يقضي صلاته، قال: ينحرف إلى القبلة ويبني على صلاته ولا يقطع صلاته. قال ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن محمد بن عبد الله عن عطاء عن جابر بن عبد الله، قال: صلينا ليلة في غيم وخفيت علينا القبلة وعلمنا علما فلما أصبحنا نظرنا فإذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أحسنتم" ولم يأمرنا أن نعيد. قال ابن وهب وأخبرنا رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وابن شهاب وربيعة وعطاء وابن أبي سلمة أنهم قالوا: يعيد في الوقت فإذا ذهب الوقت لم يعد. قال ابن وهب وقاله مكحول الدمشقي وقال لي مالك مثله.

في المغمي عليه والمعتو والمجنون
والذمي يسلم والذين ينهدم عليهم البيت
قال: وقال مالك في المجنون والمغمى عليه وإن أغمي عليه أياما ثم يفيق، والحائض تطهر والذمي يسلم إن كان ذلك في النهار، قضوا صلاة ذلك اليوم وإن كان في الليل قضوا صلاة تلك الليلة، وإن كان في ذلك ما يقضي صلاة واحدة قضوا الآخرة منهما. قال: وسئل مالك عن الذين ينهدم عليهم البيت فلا يقدرون على الصلاة حتى يذهب النهار كله ثم يخرجون؟ قال: أرى أن يقضوا كلما فاتهم من الصلاة لأن مع هؤلاء عقولهم وإن ذهب الوقت. قال: وقال مالك: فيمن أغمي عليه في الصبح حتى طلعت الشمس، قال: فلا إعادة عليه وإن لم يكن أغمي عليه إلا في وقت صلاة الصبح وحدها من حين انفجر الصبح إلى أن طلعت الشمس. قال: وقال مالك فيمن أغمي عليه في وقت صلاة فلم يفق حتى ذهب وقتها ظهرا كانت أو عصرا والظهر والعصر وقتهما إلى مغيب الشمس، فلا إعادة عليه، وكذلك المغرب والعشاء وقتهما الليل كله. قلت لابن القاسم أرأيت من أغمي عليه بعدما انفجر الصبح وصلى الناس صلاة الصبح إلا أنه وقت

الصبح فلم يفق حتى طلعت الشمس أيقضي الصبح أم لا؟ فقال: لا يقضي الصبح. قلت لابن القاسم أتحفظه عن مالك؟ قال: نعم. قال: وسألت مالكا عن المعتوه يصيبه الجنون فيقيم في ذلك السنين أو الأشهر ثم يبرأ بعلاج أو بغيره؟ قال: يقضي الصيام ولا يقضي الصلاة. قلت لابن القاسم فإن كان من حين بلغ مطبقا جنونا ثم أفاق بعد دهر أيقضي الصيام أيضا في قول مالك؟ قال: لم أسأله عن هذا بعينه وهو رأيي أن يقضيه. قلت لابن القاسم أرأيت من خنق في وقت صلاة الصبح بعدما انفجر الصبح فلم يفق من خنقه ذلك حتى طلعت الشمس هل يكون عليه قضاء هذه الصلاة؟ قال: لا. قلت: وهو قول مالك قال: هو رأيي لأن مالكا قال في المجنون إذا أفاق قضى الصيام ولم يقض الصلاة. قال ابن وهب عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وبشر بن سعيد وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغيب الشمس فقد أدركها1". قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. قال ابن وهب بلغني عن أناس من أهل العلم أنهم كانوا يقولون: إنما ذلك للحائض تطهر عند غروب الشمس أو بعد الصبح أو النائم أو المريض يفيق عند ذلك؟ قال مالك عن نافع: أن ابن عمر أغمي عليه وذهب عقله فلم يقض صلاته. قال ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب وربيعة ويحيى بن سعيد أنهم قالوا: يقضي ما كان في الوقت فإذا ذهب الوقت فلا يقضي.
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة حديث 5 وذكر في الرجال "عن بسر بن سعيد" بدل "يشر". ورواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب 28. ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة حديث 163.

صلاة الحرائر والإماء
قال: وقال مالك : إذا صلت المرأة وشعرها باد أو صدرها أو ظهرها أو ظهور قدميها فلتعد الصلاة ما دامت في الوقت، قال: وبلغني عن مالك في المرأة تصلي متنقبة بشيء، قال: لا إعادة عليها وذلك رأيي، والتلثم مثله ولا أرى أن تعيد. قال: وقال مالك: إذا كانت الجارية بالغة أو قد راهقت لم تصل إلا وهي مستترة بمنزلة المرأة الحرة قال: وقال مالك في الأمة تصلي بغير قناع؟ قال: ذلك سنتها، قال: وكذلك المكاتبة والمدبرة والمعتق بعضها، قال: وأما أمهات الأولاد فلا أرى أن يصلين إلا بقناع كما تصلي الحرة بدرع أو قرقل يستر ظهور قدميها. قلت: والجارية التي لم تبلغ المحيض، الحرة ومثلها قد أمرت بالصلاة وقد بلغت اثنتي عشرة سنة أو إحدى عشرة سنة تؤمر أن تستر من نفسها في الصلاة ما تستر الحرة البالغ من نفسها في الصلاة؟ قال: نعم. قال: وقال مالك: في أم الولد تصلي بغير قناع؟ قال: أحب إلي أن تعيد ما دامت في الوقت ولست أراه واجبا عليها

كوجوبه على الحرة. قال: وقال مالك: لا تصلي الأمة إلا وعلى جسدها ثوب تستر به جسدها. قلت: أرأيت السراري اللاتي لم يلدن كيف يصلين في قول مالك؟ قال: هن إماء يصلين كما تصلي الأمة التي لم يتسررها سيدها، قال: وقال مالك: في امرأة صلت وقد انكشفت قدماها أو شعرها أو صدور قدميها: إنها تعيد ما دامت في الوقت. قال سحنون عن ابن وهب عن يزيد بن عياض عن رجل من الأنصار عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقبل صلاة امرأة بلغت المحيض إلا بخمار1" . قال وكيع عن عمر بن ذر عن عطاء في المرأة لا يكون لها إلا الثوب الواحد، قال: تتزر به قال: يعني إذا كان صغيرا. قال وكيع عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال: إذا حاضت لم تقبل لها صلاة إلا بخمار. قال وكيع عن سفيان عن خصيف عن مجاهد قال: إذا حاضت الجارية لم تقبل لها صلاة إلا بخمار. قال وكيع عن شريك عن جابر عن عامر في أم الولد تصلي؟ قال: إن اختمرت فحسن. قال ابن وهب عن يزيد بن عياض عن حسين بن عبد الله أن ابن عباس قال: ليس على الإماء خمار في الصلاة وقال ذلك ربيعة وقاله إبراهيم النخعي.
ـــــــ
1 رواه ابن ماجة في كتاب الطهارة باب 132. الترمذي في كتاب الصلاة باب 160. أحمد في مسنده "6/259,218,150" بلفظ "لا يفبل الله صلاة حائض إلا بخمار".

في صلاة العريان والمكفت ثيابه والمحرم
قال: وقال مالك: في العراة لا يقدرون على الثياب، قال: يصلون أفذاذا يتباعد بعضهم عن بعض ويصلون قياما، قال: وإن كانوا في ليل مظلم لا يتبين بعضهم بعضا صلوا جماعة وتقدمهم إمامهم. قال: وقال مالك في العريان يصلي قائما يركع ويسجد ولا يومئ إيماء ولا يصلي قاعدا وإن كانوا جماعة في نهار صلوا أفذاذا، وإن كانوا في ليل مظلم لا ينظر بعضهم إلى عورة بعض صلوا جماعة وتقدمهم إمامهم وإن كان ينظر بعضهم إلى عورة بعض صلوا أفذاذا. قال: وسئل مالك عن الذي يصلي محلول الإزار وليس عليه سراويل ولا إزار؟ قال: قال مالك: لا بأس بذلك وهو عندي أستر من الذي يصلي متوشحا بثوب واحد.

الصلاة في السراويل
قلت: فما قول مالك فيمن صلى متزرا وبسراويل وهو يقدر على الثياب؟ قال: لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا أرى أن يعيد لا في الوقت ولا في غيره. قال: وسألت مالكا فيمن صلى محتزما أو جمع شعره بوقاية أو شمركية؟ قال: إن كان ذلك لباسه قبل ذلك وهيئته أو كان يعمل عملا فيشمر لذلك العمل فدخل في صلاته كما هو، فلا بأس أن يصلي بتلك الحال وإن كان إنما فعل ذلك ليكفت به شعرا أو ثوبا فلا خير فيه قال

في الرجل يقضي بعد سلام الإمام
قال: وقال مالك فيمن أدرك من صلاة الإمام ركعة وقد فاته ثلاث ركعات فسلم الإمام، قال: ينهض إذا نهض بغير تكبيرة لأن الإمام هو الذي حبسه وقد كبر هو حين رفع رأسه من السجود ولولا الإمام لقام بتكبيرته التي كبر حين رفع رأسه من السجود، ولكن لم يستطع أن يخالف الإمام فيجلس معه وليس ذلك له بجلوس إلا أنه لم يستطع أن يخالف الإمام، فإذا نهض نهض بغير تكبيرة فإذا كان ذلك جلوسا له فإذا نهض نهض بتكبيرة وذلك إذا أدرك مع الإمام ركعتين، وجلوسه مع الإمام في آخر صلاة الإمام ذلك وسط صلاته فإذا سلم الإمام نهض بتكبيرة. قال: وقال مالك في الرجل يأتي والإمام جالس في الصلاة فيكبر للإحرام، قال: يقوم إذا فرغ الإمام بتكبيرة فإن قام بغير تكبيرة أجزأه. قال: وقال مالك فيمن أدرك من صلاة الإمام ركعة في الظهر أو العصر أو العشاء فإنه يقرأ خلف الإمام بأم القرآن وحدها فإذا سلم الإمام وقام يقضي ما فاته يقرأ بأم القرآن وسورة، فإذا ركع وسجد جلس فتشهد لأن ذلك وسط صلاته والذي جلس مع الإمام لم يكن له ذلك بجلوس إنما حبسه الإمام في ذلك الجلوس، فإذا قام من جلسته التي هي وسط صلاته قرأ بأم القرآن وسورة ثم يركع ويسجد ثم يقوم فيقرأ بأم القرآن وحدها ثم يرجع ويسجد ويتشهد ويسلم. قال: وقال مالك فيمن أدرك ركعة من المغرب خلف الإمام: إن صلاته تصير جلوسا كلها. قال مالك عن نافع إن ابن عمر كان إذا فاته شيء من الصلاة التي مع الإمام التي يعلن فيها بالقراءة، فإذا سلم الإمام قام ابن عمر فقرأ يجهر لنفسه فيما يقضي جهرا، قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا يقضي ما فاته على نحو ما فاته. قال مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب قال: ما صلاة يجلس فيها كلها، ثم قال سعيد: هي المغرب إذا فاتك منها ركعة مع الإمام، قال مالك: وكذلك سنة الصلاة كلها. قال وكيع عن ابن عون قال قلت لمجاهد فاتتني ركعتان مع الإمام ما أقرأ فيهما؟ قال: اجعل آخر صلاتك أول صلاتك. قال وكيع عن حماد بن سلمة عن قتادة عن ابن سيرين عن ابن مسعود قال: اجعل آخرها أولها. قال: وكيع عن حماد عن قتادة

عن الحسن عن علي قال: اجعل صلاتك آخر صلاتك. قال ابن القاسم وقال مالك: ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته إلا أنه يقضي، مثل الذي فاته. قال سحنون مثل ما صنع ابن عمر ومجاهد وابن مسعود.

في صلاة النافلة
قال: وقال مالك: لا بأس أن يصلي القوم جماعة النافلة في نهار أو ليل، قال: وكذلك الرجل يجمع الصلاة النافلة بأهل بيته وغيرهم لا بأس بذلك. قال: وقال مالك في من أتى المسجد وقد صلى القوم فيه المكتوبة فأراد أن يتطوع قبل المكتوبة، قال: فلا أرى بذاك بأسا. قلت لابن القاسم فما قوله فيمن نسي صلاة فذكرها فأراد أن يتطوع قبلها؟ قال: لا يتطوع قبلها وليبدأ بها. قلت: أليس هنا مثل الأول؟ قال: لا لأن ذلك عليه بقية من الوقت. قلت: هل كان مالك يوقت قبل الظهر للنافلة ركعات معلومات أو بعد الظهر أو قبل العصر أو بعد المغرب فيما بين المغرب والعشاء أو بعد العشاء؟ قال: لا، قال: وإنما يوقت في هذا أهل العراق. قلت: فمن دخل في نافلة فقطعها عامدا أكان مالك يرى عليه قضاءها؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقطعها عامدا؟ قال: فلا قضاء عليه عند مالك. قال: وقال مالك فيمن افتتح التطوع فقطعها متعمدا، قال: عليه قضاؤها إلا أن يكون إنما قطعها عليه الحدث مما يغلبه فليس عليه قضاؤها. قلت: أرأيت إن أحدث متعمدا في التطوع؟ قال: هذا هو قطعها متعمدا فعليه القضاء. قلت: فإن أحدث مغلوبا؟ قال: فلا قضاء عليه. قال: وقال مالك في الرجل يفتتح الصلاة النافلة فتقام عليه الصلاة المكتوبة قبل أن يركع هو شيئا، قال: إن كان ممن يخف عليه الركعتان، مثل الرجل الخفيف يقدر أن يقرأ فيهما بأم القرآن وحدها في كل ركعة ويدرك الإمام، رأيت أن يفعل وإن كان رجلا ثقيلا لا يستطيع أن يخفف رأيت أن يقطع بسلام ويدخل في الصلاة. قال: فقلت لمالك ما هذا الذي وسعت له في أن يصلي الركعتين ثم يصلي مع الإمام أهو على أن يدرك الإمام قبل أن يفتتح الصلاة أم يدركه قبل أن يركع؟ قال: بل يدركه قبل أن يركع. قلت: فهل عليه في قول مالك قضاء ما قطع؟ قال: لم يقل لنا قط إن عليه القضاء، قال: ولا يكون عليه لأنه لم يقطعها متعمدا بل جاء ما قطعها عليه ويكون قطعه بسلام فإن لم يقطعها بسلام أعاد الصلاة. قال: وسألت مالكا عن الرجل يوتر في المسجد ثم يريد أن يتنفل في المسجد؟ قال: يترك قليلا ثم يقوم فيتنفل ما بدا له. قلت: فإن أوتر في المسجد ثم انقلب إلى بيته أيركع إن شاء؟ قال: نعم. قال: وكان مالك يكره إذا أخذ المؤذن في الإقامة أن يتنفل أحد، ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج

إلى المسجد في صلاة الصبح وقد أقيمت الصلاة وقوم يركعون ركعتي الفجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاتان معا1". يريد بذلك فيما رأيت من مالك نهيا. قال: وقال مالك: من سلم إذا كان وحده أو وراء الإمام فلا بأس أن يتنفل في موضعه أو حيث أحب من المسجد إلا يوم الجمعة، قال: وسألت ابن القاسم هل فسر لكم مالك لم كره للإمام أن يتنفل في موضعه؟ قال: لا إلا أنه قال: عليه أدركت الناس. قال: وكان مالك يكره للرجل إذا دخل المسجد فأراد القعود أن يقعد ولا يركع ركعتين، فأما إن دخل مجتازا لحاجته فكان لا يرى بأسا أن يمر في المسجد ولا يركع، قال: وذكر مالك عن زيد بن ثابت صاحب النبي عليه السلام وسالم بن عبد الله أنهما كانا يخرقان المسجد لحاجتهما ولا يركعان. وقال مالك: وبلغني عن زيد بن ثابت أنه كره أن يمر مجتازا ولا يركع. قال: وقال مالك: وأرى ذلك واسعا أن لا يركع ورأيته لا يعجبه ما كره زيد بن ثابت من ذلك قال ابن القاسم: ورأيت مالكا يفعل ذلك بخرقه مجتازا فلا يركع. قلت لابن القاسم فهل مساجد القبائل بمنزلة مسجد الجماعة؟ قال: لم أسأله عن ذلك وذلك كله سواء. قال: وقال مالك في صلاة الليل والنهار النافلة مثنى مثنى، قال مالك عن نافع وربيعة: إن ابن عمر كان إذا دخل المسجد فوجد الإمام قد فرغ من الصلاة ولم يصل قبل المكتوبة شيئا. قال ابن وهب وقاله سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد. قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن عبد الله بن أبي سلمة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، حدثه أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يريد التطوع. ابن وهب وقاله علي بن أبي طالب وابن شهاب ويحيى بن سعيد والليث بن سعد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم النافلة بالمرأة واليتيم مثنى مثنى.
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب صلاة الليل حديث 31. عن مالك عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سمع قوم الإقامة فقاموا يصلون فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أصلاتنان معا؟ أصلاتان معا؟ وذلك في صلاة الصبح في الركعتين اللتين فبل الصبح.

في الإشارة في الصلاة
قلت: هل كان مالك يكره الإشارة في الصلاة إلى الرجل ببعض حوائجه؟ قال: ما علمت أنه كرهه ولست أرى بأسا إذا كان خفيفا، قال: وقد كان مالك لا يرى به بأسا أن يرد الرجل إلى الرجل جوابا بالإشارة قال: فذلك وهذا سواء.
قال: وقال مالك فيمن سلم عليه وهو في صلاة فريضة أو نافلة فليرد عليه إشارة بيده أو برأسه. قلت: أرأيت من عطس فشمته رجل وهو في صلاة فريضة أو نافلة أيرد إشارة؟ قال: لا أرى أن يرد عليه قلت: فما قول مالك فيمن سلم على المصلي أكان يكره للرجل أن يسلم على المصلين؟ قال: لا لم يكن يكره ذلك لأنه قال: من سلم عليه وهو يصلي فليرد إشارة فلو كان يكره

ذلك لقال أكره أن يسلم على المصلي. قال ابن وهب عن هشام بن سعد عن نافع قال: سمعت عبد الله بن عمر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء فسمعت به الأنصار فجاءوا يسلمون عليه، قال: فقلت لبلال أو لصهيب كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم وهم يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يشير بيده.

التصفيق والتسبيح في الصلاة
قال ابن القاسم: كان مالك يضعف التصفيق للنساء ويقول: قد جاء حديث التصفيق ولكن قد جاء ما يدل على ضعفه، قوله من نابه في صلاته شيء فليسبح وكان يرى التسبيح للرجال والنساء جميعا. قلت لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا صلى في بيته فاستأذن عليه رجل فسبح به يريد أن يعلمه أنه في الصلاة ما قول مالك فيه؟ قال: قوله من نابه في صلاته شيء فليسبح وهذا قد سبح قال: وقال مالك: وإن أراد الحاجة وهو في صلاته فلا بأس أن يسبح أيضا.

الضحك والعطاس في المسجد
قال: وقال مالك فيمن قهقه في الصلاة وهو وحده، قال: يقطع ويستأنف وإن تبسم فلا شيء عليه وإن كان خلف الإمام فتبسم فلا شيء عليه، وإن قهقه مضى مع الإمام فإذا فرغ الإمام أعاد صلاته فإن تبسم فلا شيء عليه. قال: وقال مالك: فيمن عطس وهو في الصلاة، قال: لا يحمد الله قال: فإن فعل ذلك ففي نفسه. قال: ورأيته يرى أن ترك ذلك خير له. قال ابن القاسم: ورأيت مالكا إذا أصابه التثاؤب يضع يده على فيه وينفث في غير صلاة، قال: ولا أدري ما فعله في الصلاة، قال: وأخبرني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس وبين أيديهم حفرة فأقبل رجل وفي عينيه شيء قبيح البصر فطفق القوم يرمقونه وهو مقبل نحوهم حتى إذا بلغ الحفرة سقط فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ضحك منكم فليعد الصلاة1". وقاله الليث بن سعد.
قال وكيع عن العمري عن نافع عن ابن عمر قال. إذا سلم على أحدكم وهو في الصلاة فليشر بيده. قال وكيع عن العمري عن أبيه عن عاصم الأحول عن معاذ عن عائشة زوج النبي عليه السلام: أنها أومت إلى نسوة وهي في صلاة أن كلن.
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب الوضوء باب 34.

البصاق في المسجد
قال: وقال مالك : لا أرى أن يبصق الرجل على حصير المسجد ويدلكه برجله ولا

في صلاة الصبيان
قال: وقال مالك : تؤمر الصبيان بالصلاة إذا أثغروا. قال سحنون عن ابن وهب عن غير واحد عن عبد الله بن عمرو بن العاص وسبرة الجهني صاحب النبي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مروا الصبيان بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع1" . في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
ـــــــ
1رواه أبو داود في كتاب الصلاة باب 26.

في قتل البرغوث والقملة في الصلاة
قال: وقال مالك : أكره قتل البرغوث والقملة في المسجد. قال: وقال مالك: من

القنوت في الصبح والدعاء في الصلاة
قال: وقال مالك في الرجل يقنت في الصبح قبل الركوع ولا يكبر للقنوت. قال: وقال مالك في القنوت في الصبح: كل ذلك واسع قبل الركوع وبعد الركوع، قال مالك: والذي آخذ به في خاصة نفسي قبل الركوع. قال: وقال مالك فيمن نسي القنوت في صلاة الصبح، قال: لا سهو عليه. قال مالك: وليس في القنوت دعاء معروف ولا وقوف موقت، قال مالك: ولا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه في المكتوبة حوائج دنياه وآخرته في القيام والجلوس والسجود، قال: وكان يكره في الركوع. قال وأخبرني مالك عن عروة بن الزبير قال: بلغني عنه أنه قال: إني لأدعو الله في حوائجي كلها في الصلاة حتى في الملح. قلت لابن القاسم: فهل يجهر بالدعاء في القنوت إماما كان أو غير إمام؟ قال: لا يجهر. قلت: وهو قول مالك؟ قال: هو رأيي. قال ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن خالد بن يزيد عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سلوا الله حوائجكم ألبتة في صلاة الصبح". قال ابن وهب قال لي مالك: لا بأس بأن يدعو الله في الصلاة على الظالم ويدعو لآخرين، وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة لأناس ودعا على آخرين. قال ابن وهب عن معاوية بن صالح عن عبد القاهر عن خالد بن أبي عمران قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابا ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. قال: ثم علمه هذا القنوت اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك الجد بالكافرين ملحق. قال وكيع عن فطر عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر. قال وكيع عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال أخبرني أنس بن مالك وأبو رافع أنهما صليا خلف عمر الفجر فقنت بعد الركوع. قال وكيع عن سفيان عن عبد الأعلى عن التغلبي عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا كبر حين قنت في الفجر وكبر حين ركع قال وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي: إن عليا قنت في الفجر: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونخنع ونخلع

ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق، وإن ابن مسعود والحسن وأبا موسى الأشعري وأبا بكرة وابن عباس وعبد الرحمن بن أبي ليلى قالوا: القنوت في الفجر سنة ماضية، وإن ابن سيرين والربيع بن خثيم قنتا قبل الركعة، وعبيدة السلماني قبل الركوع، والبراء بن عازب قبل الركعة، وأبا عبد الرحمن السلمي، كل هؤلاء في الصبح من حديث ابن وهب.

في إعادة الصلاة من أولها ومن النفخ ومن
الحدث إذا انصرف ثم تبين له أنه لم يحدث
قال ابن القاسم: قلنا لمالك في الرجل يكون في الصلاة فيظن أنه قد أحدث أو رعف فينصرف ليغسل الدم عنه أو ليتوضأ ثم تبين له بعد ذلك أنه لم يصبه من ذلك شيء؟ قال: يرجع فيستأنف الصلاة ولا يبني قال: فإن قول مالك عندنا: إن الإمام إذا قطع صلاته متعمدا أفسد على من خلفه الصلاة أو كان على طهر فصلى بهما فأحدث فتمادى وصلى بهم فإنه يفسد عليهم. قال: وقال مالك: من أحدث بعدما تشهد قبل أن يسلم أعاد الصلاة.

فيمن صلى الظهر وظن أنه العصر
أو يوم الخميس وظن أنه الجمعة
قال: وقال مالك: لو أن رجلا أتى المسجد والقوم في الظهر فظن أنهم في العصر فصلى ينوي العصر إن صلاته فاسدة وعليه الإعادة للعصر. قال ابن القاسم قال مالك: ولو أن إماما أتى المسجد فظن أن الناس لم يصلوا الظهر فأقيمت الصلاة فصلى بهم الظهر وهم يريدون العصر كانت الصلاة للإمام الظهر ويقيمون الصلاة فيصلي بهم العصر.
قال: وبلغني عن مالك أنه قال في رجل أتى المسجد يوم الخميس وهو يظن أنه يوم الجمعة فدخل المسجد والإمام في الظهر فافتتح معه الصلاة ينوي الجمعة، فصلى الإمام الظهر أربعا قال: أراها مجزئة عنه لأن الجمعة ظهر، وإن أتى المسجد يوم الجمعة وهو يظن أنه يوم الخميس فأصاب الإمام في الصلاة فدخل معه في الصلاة وهو ينوي الظهر صلى الإمام الجمعة، قال: يعيد صلاته وذلك رأيي.

فيمن انفلتت دابته وهو في الصلاة أو نفخ
أو نظر في كتاب أو سلم من ركعتين ساهيا
قال: وقال مالك : فيمن صلى فانفلتت دابته منه، قال: إن كانت عن يمينه قريبا مشى إليها قليلا أو عن يساره أو أمامه فأرى أن يبني فإن تباعد ذلك رأيت أن يطلب دابته ويستأنف الصلاة. قال: وقال مالك: في النفخ في الصلاة، قال: لا يعجبني فأراه بمنزلة الكلام، قال ابن القاسم: وأرى من نفخ متعمدا أو جاهلا أن يعيد صلاته بمنزلة من تكلم متعمدا فإن كان ناسيا سجد سجدتي السهو. قلت لابن القاسم أرأيت إن قام في فريضة أو نافلة فنظر إلى كتاب بين يديه ملقى فجعل يقرأ فيه هل يفسد ذلك عليه صلاته؟ قال: إن كان ذلك عامدا ابتدأ الصلاة وإن كان ناسيا سجد لسهوه. قال: وقال مالك في الرجل يسلم من ركعتين ساهيا ثم يلتفت فيتكلم، قال: إن كان شيئا خفيفا رجع فبنى وسجد سجدتي السهو، قال: وإن كان متباعدا ذلك أعاد الصلاة، فقلت لمالك: وما حد ذلك أهو أن يخرج من المسجد؟ قال: ما أحد فيه حدا فإن خرج ابتدأ، ولكن إذا تباعد ذلك وإن لم يخرج وأطال في القعود والكلام وما أشبه ذلك أعاد ولم يبن، وقد تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ساهيا وبنى على صلاته ودخل فيما نسي بتكبير وسجد للسهو بعد السلام. قلت لابن القاسم: فإن انصرف حين سلم فأكل أو شرب ولم يطل ذلك أيبني أم يستأنف؟ قال: هذا عندي يبتدئ. قلت: أتحفظه عن مالك؟ قال: لا. قال علي بن زياد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم في إمام نسي الظهر فصلى بقوم الظهر وهم يرون أنها العصر؟ قال: أجزأت عنه ويعيدون هم العصر قال وكيع عن سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير، قال: ما أبالي نفخت في الصلاة أو تكلمت قال وكيع عن سفيان عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: النفخ في الصلاة كلام.

صلاة الرجل وحده خلف الصفوف
قال: وقال مالك: من صلى خلف الصفوف وحده فإن صلاته تامة مجزئة عنه ولا يجبذ إليه أحدا، قال مالك: ومن جبذ أحدا إلى خلفه ليقيمه معه لأن الذي جبذه وحده فلا يتبعه، وهذا خطأ ممن فعله ومن الذي جبذه. قال: وقال مالك: ومن دخل المسجد وقد قامت الصفوف قام حيث شاء إن شاء خلف الإمام وإن شاء عن يمين الإمام وإن شاء عن يسار الإمام، قال: وكان مالك يعجب ممن يقول يمشي حتى يقف حذو الإمام وإن كانت طائفة في الصف عن يمين الإمام أو حذوه في الصف الثاني أو الأول فلا بأس أن

تقف طائفة عن يسار الإمام في الصف ولا تلصق بالطائفة التي عن يمين الإمام. قلت: فهل كان مالك يرى بأسا أن يقف الرجل وحده خلف الصف فيصلي بصلاة الإمام؟ قال: لا بأس بذلك وهو الشأن عنده. قال ابن القاسم فقلت لمالك أفيجبذ إليه رجلا من الصف؟ قال: لا وكره ذلك. قال: وقال مالك: لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد. قال علي بن زياد عن سفيان الثوري عن يحيى بن هانئ عن عبد الحميد بن محمود قال: صليت مع أنس بن مالك فألجئنا إلى ما بين السواري فتقدم أنس بن مالك وقال: قد كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق الهمداني عن معدي كرب عن ابن مسعود أنه كان يكره الصلاة بين السواري.

في صلاة المرأة بين صفوف الرجال
قلت لابن القاسم : إذا صلت المرأة وسط الصف بين الرجال أتفسد على أحد من الرجال صلاته في قول مالك؟ قال: لا أرى أن تفسد على أحد من الرجال وعلى نفسها. قال: وسألنا مالكا عن قوم أتوا المسجد فوجدوا رحبة المسجد قد امتلأت من النساء وقد امتلأ المسجد من الرجال فصلى رجال خلف النساء بصلاة الإمام؟ قال: صلاتهم تامة ولا يعيدون، وقال ابن القاسم: فهذا أشد من الذي صلى في وسط النساء.

جامع الصلاة
قال: وقال مالك : إذا كان الرجل في صلاة فأتاه رجل فأخبره بخبر وهو في الصلاة - فريضة أو نافلة - وجعل ينصت له ويستمع، قال: إذا كان شيئا خفيفا فلا بأس به. قلت: فهل كان مالك يكره للنساء الخروج إلى المسجد أو إلى العيدين أو إلى الاستسقاء قال: أما الخروج إلى المساجد فكان يقول لا يمنعن، وأما الاستسقاء والعيدين فإنا لا نرى به بأسا أن تخرج كل امرأة متجالة. قال: وسئل مالك عن الصبيان يؤتى بهم إلى المساجد؟ فقال: إن كان لا يعبث لصغره ويكف إذا نهي فلا أرى بهذا بأسا، قال: وإن كان يعبث لصغره فلا أرى أن يؤتى به إلى المسجد. قال ابن القاسم: قلت لمالك في الصبي يأتي إلى أبيه وهو صغير وهو في صلاة مكتوبة؟ قال: فلينحه عنه إذا كان في المكتوبة ولا بأس به في النافلة. قال: وقال مالك: يتصدق بثمن ما يجمر به المسجد ويخلق به أحب إلي من تجمير المسجد وتخليقه. قال: وقال مالك: لا أكره الصلاة نصف النهار إذا استوت الشمس في وسط السماء لا في يوم جمعة ولا في غيره، قال: ولا أعرف هذا النهي، قال: وما

في الإمام يتعايا في الصلاة وفيمن كان بين أسنانه
طعام فأشغله أو التفت في الصلاة وفي الذي
يضم رجليه أو يفرقهما في الصلاة
قال: وقال مالك : فيمن كان خلف الإمام فوقف الإمام في قراءته فليفتح عليه من هو خلفه، قال: وإن كانا رجلين في صلاتين هذا في صلاة وهذا في صلاة ليسا مع إمام واحد، فلا يفتح عليه ولا ينبغي لأحد أن يفتح على أحد ليس معه في صلاة قال ابن وهب عن غير واحد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس يوما الصبح فقرأ {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1] فأسقط آية، فلما فرغ قال: "أفي المسجد أبي بن كعب قال: نعم، ها أنا ذا يا رسول الله، قال: فما منعك أن تفتح علي حين أسقطت؟" قال: خشيت أنها نسخت، قال: "فإنها لم تنسخ". قال: وقال مالك: فيمن كان بين أسنانه طعام فابتلعه في صلاته أن ذلك لا يكون قطعا لصلاته. قال: وسئل مالك، عمن التفت في الصلاة أيكون ذلك قاطعا لصلاته؟ قال: لا. قال وكيع عن الربيع عن الحسن قال: إن التفت عن يمينه وعن شماله فقد مضت صلاته وإن استدبر القبلة استقبل صلاته. قال ابن وهب عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة قال: ما التفت عبد في صلاته قط إلا قال الله له أنا خير لك مما تلتفت إليه. قلت لابن القاسم فإن التفت بجميع جسده؟ فقال: لم أسأل مالكا عن ذلك وذلك كله سواء. قال: وسألنا مالكا عن الذي يروح رجليه في الصلاة؟ قال: لا بأس بذلك. قال: وسألناه عن الذي يقرن قدميه في الصلاة؟ فعاب ذلك ولم يره شيئا. قال: والذي يقرن بين قدميه إنما هو اعتماد عليها لا يعتمد على أحدهما هذا معنى يقرن قدميه، قال: وأخبرنا أنه كان بالمدينة من يفعل ذلك فعيب عليه ذلك. قال: وقال مالك: أكره أن يصلي الرجل وفي فيه دينار أو درهم أو شيء من الأشياء، قال ابن القاسم: فإن فعل فلا أرى عليه إعادة. قال: وكان مالك يكره للرجل أن يصلي وفي كمه الخبز والشيء يكون في كمه من الطعام أو غيره شبيها بما يحشى به الكم. قال: وسمعت مالكا يكره أن يفرقع الرجل أصابعه في الصلاة. قال ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس قال: صليت إلى جنب ابن عباس ففرقعت أصابعي، قال: فلما صلى قال: لا أم لك تفرقع أصابعك وأنت في الصلاة.

في البنيان على ظهر المسجد وهل يورث وفي
التراب يكثر في جبهة المصلي وفي الانصراف من الصلاة
قال: وسألنا مالكا عن المسجد يبنيه الرجل ويبني فوقه بيتا يرتفق به؟ قال: ما يعجبني ذلك، قال: وقد كان عمر بن عبد العزيز إمام هدى وقد كان يبيت فوق ظهر المسجد مسجد النبي عليه السلام فلا تقربه فيه امرأة، وهذا إذا بني فوقه صار مسكنا يجامع فيه ويأكل فيه. قال مالك: ولا يورث المسجد. قال ابن القاسم: وإنما هو مثل الأحباس والمسجد حبس. قلت لابن القاسم أرأيت ما كان من المساجد بناها رجل للناس على ظهر بيته أو بناها وبنى تحتها بنيانا هل يورث ذلك؟ قال: أما البنيان على ظهر المسجد فقد أخبرتك أن مالكا كره ذلك، وأما ما كان تحت المسجد من البنيان فإنه لا يكرهه، والمسجد عند مالك لا يورث إذا كان قد أباحه صاحبه للناس ويورث البنيان الذي بني تحت المسجد. قال: وقال مالك: إذا كثر التراب في جبهته في الصلاة فلا بأس أن يمسح ذلك وكذلك في كفيه.قال: وقال مالك: لا بأس بالسدل في الصلاة وإن لم يكن عليه قميص الإزار ورداء فلا أرى بأسا أن يسدل، قال مالك: ورأيت بعض أهل الفضل يفعل ذلك، قال مالك: ورأيت عبد الله بن الحسن يفعل ذلك. قال ابن القاسم وسألت مالكا عن سجود الشكر يبشر الرجل ببشارة فيخر ساجدا؟ فكره ذلك. قال: وقال مالك: انصراف الرجل عن يمينه وعن يساره في الصلاة سواء، ذلك كله حسن. قلت لابن القاسم أكان مالك يعرف التسبيح في الركعتين الأخريين؟ قال: لا. قال: وقال مالك في الإمام إذا مر وهو يقرأ يذكر النار في الصلاة فيتعوذ رجل خلف الإمام، قال: ليترك ذلك أحب إلي وإن تعوذ فسرا.

في التزويق والكتاب في المصحف والحجر يكون في القبلة
قلت: أكان مالك يكره أن يكون في القبلة مثل هذا الكتاب الذي كتب في مسجدكم بالفسطاط؟ قال: سمعت مالكا وذكر مسجد المدينة وما عمل فيه من التزويق في قبلته وغيره، فقال: كره ذلك الناس حين فعلوه وذلك لأنه يشغل الناس في صلاتهم ينظرون إليه فيلهيهم، قال مالك: ولقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة أراد نزعه. فقيل له: إن ذلك لا يخرج كبير شيء من الذهب فتركه. قال: وسئل مالك عن المصحف يكون في القبلة أيصلى إليه وهو في القبلة؟ قال مالك: إن كان إنما جعل ليصلي إليه فلا خير فيه وإن كان إنما هو موضعه ومعلقه فلا أرى بذلك بأسا. قال:

وحدثني مالك أن عبد الله بن عمر كان يكره أن يصلي الرجل إلى هذه الحجارة التي توضع في الطريق لشبهها بالأنصاب، قال: فقلنا لمالك أفتكره ذلك؟ قال: أما الحجر الواحد فإني أكرهه وأما الحجارة التي لها عدد فلا أرى بذلك بأسا.
كمل كتاب الصلاة الأول بعون الله وتوفيقه.

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه الكريم وعلى آله وصحبه وسلم
كتاب الصلاة الثاني

ما جاء في سجود القرآن
قال سحنون قال عبد الرحمن بن القاسم قال مالك بن أنس: سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء {المص} [لأعراف:206] والرعد والنحل {وبَنِي إِسْرائيلَ} [الإسراء: 107] ومريم [58] والحج أولها[18] والفرقان[60] والهدهد [النمل:25] و {الم تَنْزِيلُ} [السجدة: 15] و ص [24] و {حم تَنْزِيلٌ} [فصلت: ]. قال ابن القاسم وسألت مالكا عن حم تنزيل أين يسجد فيها {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} أو {يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] لأن القراء اختلفوا فيها قال: السجدة في {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] قال ابن القاسم: وسمعت الليث بن سعد يقوله وأخبرني بعض أهل المدينة عن نافع القارئ مثله. قال: وقد قال ابن عباس والنخعي ليس في الحج إلا سجدة واحدة. قال: وقال مالك: لا أحب لأحد أن يقرأ سجدة إلا سجدها في صلاة أو في غيرها وإن كان في غير إبان صلاة أو على غير وضوء لم أحب له أن يقرأها وليتعدها إذا قرأها، قال فقلت له فإن قرأها بعد العصر أو بعد الصبح أيسجدها؟ قال: إن قرأها بعد العصر والشمس بيضاء نقية لم يدخلها صفرة رأيت أن يسجدها، وإن دخلتها صفرة لم أر أن يسجدها وإن قرأها بعد الصبح ولم يسفر فأرى أن يسجدها فإن أسفر فلا أرى أن يسجدها، ثم قال: ألا ترى أن الجنائز يصلى عليها ما لم تتغير الشمس أو تسفر بعد صلاة الصبح، وكذلك السجدة عندي. قال: وقال مالك: لا بأس أن يقرأ الرجل السجدة بعد الصبح ما لم يسفر وبعد العصر ما لم تتغير الشمس ويسجدها، فإذا أسفر أو تغيرت الشمس فأكره له أن يقرأها فإذا قرأها إذا أسفر وإذا

اصفرت الشمس لم يسجدها. قال: وسألت مالكا عن الذي يقرؤها في ركعة فيسهو أن يسجدها حتى يركع ويقوم؟ قال مالك: أرى أن يقرأها في الركعة الثانية ويسجدها وهذا في النافلة فأما في الفريضة فلا يقرؤها، فإن هو قرأها فلم يسجدها ثم ذكر في الركعة الثانية لم يعد قراءتها مرة أخرى. قال: وسألنا مالكا عمن قرأ سجدة في صلاة نافلة ثم نسي أن يسجدها حتى ركع؟ قال: أحب إلي أن يقرأها في الركعة الثانية ثم يسجدها, قال: وقال مالك: لا أحب للإمام أن يقرأ في الفريضة بسورة فيها سجدة لأنه يخلط على الناس صلاتهم. قال: وسألنا مالكا عن الإمام يقرأ السورة في صلاة الصبح فيها سجدة؟ فكره ذلك. وقال: أكره للإمام أن يتعمد سورة فيها سجدة فيقرأها لأنه يخلط على الناس صلاتهم فإذا قرأ سورة فيها سجدة سجدها. قلت: وهذا قول مالك: قد كره للإمام هذا فكيف بالرجل وحده إذا أراد أن يقرأ سورة فيها سجدة ويسجد في المكتوبة أكان يكره ذلك له؟ فقال: لا أدري وأرى أن لا يقرأها وهو الذي رأيت مالكا يذهب إليه. قلت: أرأيت من قرأ سجدة في نافلة فسها أن يسجدها في ركعته التي قرأها فيها حتى ركع الركعة الثانية فذكر السجدة وهو راكع؟ قال: يتم ركوعه وسجوده في الركعة الثانية ولا شيء عليه إلا أن يدخل في نافلة فإذا أقام إليها قرأها وسجد.
قال: وقال مالك: من قرأ سجدة في الصلاة فإنه يكبر إذا سجدها ويكبر إذا رفع رأسه منها، قال: وإذا قرأها وهو في غير صلاة فكان يضعف التكبير قبل السجود وبعد السجود، ثم قال: أرى أن يكبر وقد اختلف قوله فيه إذا كان في غير صلاة. قال ابن القاسم: وكل ذلك واسع وكان لا يرى السلام بعدها. وقال ابن القاسم فيمن قرأ سجدة تلاوة فركع بها قال: لا يركع بها عند مالك في صلاة ولا في غير صلاة. قال: وقال مالك: أكره للرجل أن يقرأ السورة فيخطرف السجدة وهو على وضوء، إذا قرأ السورة وهو على وضوء فلا يدع أن يقرأ السجدة. قال: وكان مالك يكره للرجل أن يقرأ السجدة وحدها لا يقرأ قبلها ولا بعدها شيئا فيسجدها وهو في صلاة أو في غير صلاة. قال: وكان مالك يحب للرجل إذا كان على غير وضوء فقرأ سورة فيها سجدة أن يخطرفها. قلت لابن القاسم أرأيت إن قرأها على غير وضوء أو قرأها في صلاة فلم يسجدها حتى قضى صلاته أو قرأها في الساعات التي ينهى فيها عن سجودها هل تحفظ من مالك فيه شيئا؟ قال: كان مالك ينهى عن هذا والذي أرى أنه لا شيء عليه. قال: وكان مالك يستحب له إن قرأها في إبان صلاة أن لا يدع سجودها وكان لا يوجبها وكان قوله: إنه لا يوجبها وكان يأخذ في ذلك بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال: وقال مالك: إذا قرأ السجدة من ليس لك بإمام من رجل أو صبي أو امرأة وهو قريب منك وأنت تسمع

فليس عليك السجود. قال: وقال مالك فيمن سمع السجدة من رجل فسجدها الذي تلاها: إنه ليس على هذا الذي سمعها أن يسجدها إلا أن يكون جلس إليه. ولقد سمعته ينكر هذا أن يأتي قوم فيجلسون إلى رجل يقرأ القرآن لا يجلسون إليه لتعليم. قال: وكان مالك يكره أن يجلس الرجل متعمدا مع القوم ليقرأ لهم القرآن وسجود القرآن فيسجد بهم، وقال: لا أحب أن يفعل هذا ومن قعد إليه فعلم أنه إنما يريد قراءة سجدة قام عنه ولم يجلس معه قال: ولو أن رجلا إلى جانب رجل لم يجلس إليه فقرأ ذلك الرجل سجدة وصاحبه يسمع فليس على الذي يسمعها أن يسجدها. قلت: أرأيت إن جلس إليه قوم فقرأ ذلك الرجل سجدة فلم يسجدها الذي قرأها هل يجب على هؤلاء أن يسجدوا؟ قال: نعم قال: وسألت مالكا عن هذا الذي يقرأ في المسجد يوم الخميس أو نحو ذلك؟ فأنكره وقال: أرى أن يقام ولا يترك. قال ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان أنه قال: إنما السجدة على من استمعها، قال: سحنون عن ابن وهب قال: قال ابن عمر: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فيقرأ السجدة فيسجد ونسجد معه وذلك في غير صلاة. قال من حديث ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. قال ابن وهب عن هشام بن سعد وحفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: بلغني أن رجلا قرأ آية من القرآن فيها سجدة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسجد الرجل فسجد معه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ آخر آية أخرى فيها سجدة وهو عند النبي صلى الله عليه وسلم فانتظر الرجل أن يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسجد فقال الرجل: يا رسول الله قرأت السجدة فلم تسجد؟ فقال رسول الله: "كنت إماما فلو سجدت سجدت معك".

ما جاء في غير الطاهر يحمل المصحف
قال: وقال مالك : لا يحمل المصحف غير الطاهر الذي ليس على وضوء لا على وسادة ولا بعلاقة. قال: وقال مالك: ولا بأس أن يحمل المصحف في التابوت والغرارة والخرج ونحو ذلك من هو على غير وضوء، وكذلك اليهودي والنصراني لا بأس أن يحملاه في التابوت والغرارة والخرج. قلت لابن القاسم أتراه إنما أراد بهذا ; لأن الذي يحمل المصحف على الوسادة إنما أراد حملان المصحف لا حملان ما سواه، والذي يحمله في التابوت والغرارة ونحو ذلك إنما أراد به حملان ما سوى المصحف، لأن ذلك مما يكون فيه المتاع مع المصحف، قال: نعم. قال: وقال مالك: لا بأس أن يحمل النصراني الغرارة والصندوق وفيهما المصحف، قال: وقد أمر سعد بن أبي وقاص الذي

كان يمسك عليه المصحف حين احتك فقال له سعد: لعلك مسست ذكرك؟ قال: نعم. قال له: قم فتوضأ فقام فتوضأ ثم رجع.

في سترة الإمام في الصلاة
قال: وقال مالك: الخط باطل قال: وقال مالك: ومن كان في سفر فلا بأس أن يصلي إلى غير سترة وأما في الحضر فلا يصلي إلا إلى سترة، قال ابن القاسم: إلا أن يكون في الحضر بموضع يأمن أن لا يمر بين يديه أحد مثل الجنازة يحضرها فتحضر الصلاة خارجا وما أشبه ذلك، فلا بأس أن يصلي إلى غير سترة. قال: وقال مالك: إذا كان الرجل خلف الإمام وقد فاته شيء من صلاته فسلم الإمام وسارية عن يمينه أو عن يساره فلا بأس أن يتأخر إلى السارية عن يمينه أو عن يساره إذا كان ذلك قريبا يستتر بها، قال: وكذلك إذا كانت أمامه فيتقدم إليها ما لم يكن ذلك بعيدا، قال: وكذلك إذا كان ذلك وراءه فلا بأس أن يتقهقر إذا كان ذلك قليلا، قال: وإن كانت سارية بعيدة منه فليصل مكانه وليدرأ ما يمر بين يديه ما استطاع. قال: وقال مالك: السترة قدر مؤخرة الرحل في حلة الرمح، قال: فقلنا لمالك إذا كان السوط ونحوه؟ فكرهه وقال: لا يعجبني هذا. قال وكيع بن الجراح عن شريك عن ليث عن الحكم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى الفضاء. قال وكيع عن مهدي بن ميمون قال: رأيت الحسن يصلي في الجبانة إلى غير سترة. قال ابن وهب: وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غزوة تبوك ما يستر المصلي؟ فقال: "مثل مؤخرة الرحل يجعله بين يديه1". قال ابن وهب وقال مالك: وذلك نحو من عظم الذراع وإني لأحب أن يكون في جلة الرمح أو الحربة وما أشبه ذلك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن من سترته فإن الشيطان يمر بينه وبينها". قال من حديث ابن وهب عن داود بن قيس عن نافع بن جبير بن مطعم وقد كان ابن عمر يصلي إلى بعيره وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعيره، من حديث وكيع عن شريك بن عبد الله عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
ـــــــ
1 رواه مسلم في كتاب الصلاة حديث 341-244, 266. أبو داود في كتاب الصلاة باب 101. الترمذي في كتاب الصلاة باب 133. النسائي في كتاب الغيلة باب 4. ابن ماجة في كتاب الإقامة باب 36, 38. أحمد في مسنده "1/ 453,396,371".

في المرور بين يدي المصلي
قال: وقال مالك : لا أكره أن يمر الرجل بين يدي الصفوف والإمام يصلي بهم قال: لأن الإمام سترة لهم، قال: وكان سعد بن أبي وقاص يدخل المسجد فيمشي بين الصفوف والناس في الصلاة حتى يقف في مصلاه يمشي عرضا بين الناس، قال مالك:

في جمع الصلاتين ليلة المطر
قال: وقال مالك: يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر وإن لم يكن مطر إذا كان طين وظلمة، ويجمع أيضا بينهما إذا كان المطر، وإذا أرادوا أن يجمعوا بينهما في الحضر إذا كان مطر أو طين أو ظلمة يؤخرون المغرب شيئا ثم يصلونها ثم يصلون العشاء الآخرة قبل مغيب الشفق، قال: وينصرف الناس وعليهم أسفار قليل، قال: وإنما أريد بذلك الرفق بالناس ولولا ذلك لم يجمع بهم. قلت لابن القاسم فهل يجمع في الطين والمطر في الحضر بين الظهر والعصر كما يجمع بين المغرب والعشاء في قول مالك؟ قال: قال مالك: لا يجمع بين الظهر والعصر في الحضر ولا نرى ذلك مثل المغرب والعشاء. قال: وقال مالك فيمن صلى في بيته المغرب في ليلة المطر فجاء المسجد فوجد القوم قد صلوا العشاء الآخرة فأراد أن يصلي العشاء، قال: لا أرى أن يصلي العشاء وإنما جمع الناس للرفق بهم وهذا لم يصل معهم فأرى أن يؤخر العشاء حتى

يغيب الشفق ثم يصلي بعد مغيب الشفق. قلت: فإن وجدهم قد صلوا المغرب ولم يصلوا العشاء الآخرة فأراد أن يصلي معهم العشاء وقد كان صلى المغرب في بيته لنفسه؟ قال: لا أرى بأسا أن يصلي معهم. قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن سعيد بن هلال حدثه أن ابن قسيط حدثه: إن جمع الصلاتين بالمدينة في ليلة المطر المغرب والعشاء سنة، وأن قد صلاها أبو بكر وعمر وعثمان على ذلك وجمعهما أن العشاء تقرب إلى المغرب حين يصلى المغرب وكذلك أيضا يصلون بالمدينة. قال ابن وهب عن عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب والقاسم وسالم وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وربيعة وأبي الأسود مثله، قال سحنون: وإن النبي عليه الصلاة والسلام جمعهما جميعا.

في جمع المريض بين الصلاتين
قال: وقال مالك في المريض الذي يخاف أن يغلب على عقله: إنه يصلي الظهر والعصر إذا زالت الشمس ولا يصليهما قبل ذلك، ويصلي المغرب والعشاء إذا غابت الشمس ويصلي العشاء مع المغرب. ورأى مالك له في ذلك سعة إذا كان يخاف أن يغلب على عقله. قال: وقال مالك في المريض إذا كان أرفق به أن يجمع بين الصلوات جمع بين الظهر والعصر في وسط وقت الظهر إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل ذلك بعد الزوال، ويجمع بين المغرب والعشاء عند غيبوبة الشفق إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل ذلك عندما تغيب الشمس، وإنما ذلك لصاحب البطن أو ما أشبهه من المرض أو صاحب العلة الشديدة التي تضر به أن يصلي في وقت كل صلاة، ويكون هذا أرفق به أن يجمعهما لشدة ذلك عليه. قال سحنون: وقد ذكر ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في غير سفر ولا خوف، وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما في السفر وسعد بن مالك وأسامة بن زيد وسعيد بن زيد، فالمريض أولى بالجمع لشدة ذلك عليه ولخفته على المسافر، وإنما الجمع رخصة لتعب السفر ومؤنته إذا جد به السير، فالمريض أتعب من المسافر وأشد مؤنة لشدة الوضوء عليه في البرد، ولما يخاف عليه منه لما يصيبه من بطن منخرق أو علة يشتد عليه بها التحرك والتحويل، ولقلة من يكون له عونا على ذلك فهو أولى بالرخصة وهي به أشبه منها بالمسافر، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء في المطر للرفق بالناس سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان والخلفاء، فالمريض أولى بالرفق لما يخاف عليه من غير وجه.

في جمع المسافر بين الصلاتين
قال: وقال مالك : لا يجمع الرجل بين الصلاتين في السفر إلا أن يجد به السير، فإذا جد به السير جمع بين الظهر والعصر ويؤخر الظهر حتى يكون في آخر وقتها، ثم يصليها، ثم يصلي العصر في أول وقتها ويؤخر المغرب حتى تكون في آخر وقتها قبل مغيب الشفق، ثم يصليها في آخر وقتها قبل مغيب الشفق، ثم يصلي العشاء في أول وقتها بعد مغيب الشفق. قال: وقال مالك في المسافر في الحج وما أشبهه من الأسفار: إنه لا يجمع بين الصلاتين إلا أن يجد به السير، فإن جد به السير في السفر وأراد أن يجمع بين الصلاتين إذا خاف فوات أمره، قال مالك: فأحب ما فيه إلي أن يجمع بين الظهر والعصر في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر يجعل الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها إلا أن يرتحل بعد الزوال فلا أرى بأسا أن يجمع بينهما تلك الساعة في المنهل قبل أن يرتحل، والمغرب والعشاء في آخر وقت المغرب قبل أن يغيب الشفق يصليهما، فإذا غاب الشفق صلى العشاء ولم يذكر في المغرب والعشاء مثل ما ذكر في الظهر والعصر عند الرحيل من المنهل. قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث، وغيره عن أبي بكر بن المنكدر عن علي بن حسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد السفر يوما جمع بين صلاة الظهر والعصر، وإذا أراد السفر ليلا جمع بين المغرب والعشاء. قال ابن وهب عن جابر بن إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله إذا عجل به السير، وقال: يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء حتى يغيب الشفق. قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان الثوري عن عاصم عن أبي عثمان النهدي قال: خرجت مع سعد بن مالك وافدين إلى مكة فكان يؤخر من الظهر ويعجل من العصر، ويؤخر من المغرب ويعجل من العشاء ويصليهما. قال وكيع عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي أن أسامة بن زيد وسعيد بن زيد جمعا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في السفر. قال مالك عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير جمع بين المغرب والعشاء1. قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا في الجمع بين الصلاتين لمن جد به السير. قال مالك عن ابن شهاب إنه قال: سألت سالم بن عبيد الله هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر؟ فقال: نعم لا بأس بذلك، ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة؟ قال مالك عن داود بن الحصين: إن الأعرج أخبره قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر في سفره إلى تبوك2. قال مالك عن أبي الزبير: إن أبا الطفيل عامر بن واثلة أخبره أن معاذ بن جبل أخبره قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك فكان يجمع بين
ـــــــ
1 رواه في الموطأ في كتاب السفر حديث 3. مسلم في كتاب صلاة السفر حديث 44,42, البخاري في كتاب تقصير الصلاة, باب 6.
2 رواه في الموطأ في كتاب السفر حديث 1: "عن مالك عن داود بن الحصين عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الظهر والعصر في سفره إلى تبوك.

الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، حتى إذا كان يوما أخر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعا1.
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب السفر حديث 2. مسلم في كتاب الفضائل حديث 10.

في قصر الصلاة للمسافر
قال: وقال مالك في الرجل يريد سفرا: إنه يتم الصلاة حتى يبرز عن بيوت القرية، فإذا برز قصر الصلاة وإذا رجع من سفره قصر الصلاة حتى يدخل بيوت القرية أو قربها. قلت لمالك: فإن كان على ميل قال: يقصر الصلاة. قال ابن القاسم: ولم يحد لنا في القرب حدا. قال: وقال مالك في الذي يريد الخروج إلى سفر فيواعد عليه أحدا، ويقول للذي واعد اجعل طريقك بي ويكون بين موضعهما ما لا تقصر في مثله الصلاة، فيخرج هذا فاصلا من مصره يريد أن يتخذ صاحبه طريقا ويريد تقصير الصلاة، قال مالك: إن كان حين خرج من مصره وعزم على السير في سفره وسار معه صاحبه أو لم يسر، فإني أرى أن يقصر الصلاة من حين يجاوز بيوت القرية التي خرج منها، وإن كان مسيره إنما هو بمسير صاحبه إن سار صاحبه معه سار وإلا لم يبرح، فلا يقصر حتى يجاوز منزل صاحبه فاصلا لأنه من ثم يصير مسافرا. قال ابن القاسم: وأنا أرى في الذي يتقدم القوم للخروج إلى موضع تقصر في مثله الصلاة، ينتظرهم في الطريق حتى يلحقوا به أنه إن كان فاصلا على كل حال ينفذ لوجهه سار معه من ينتظر أو لم يسر، فأنا أرى أن يقصر الصلاة من حين يجاوز بيوت القرية، وإن كان إنما تقدمهم وهو لا يبرح إلا بهم ولا يستطيع مفارقتهم إن أقاموا أقام، فإنه يتم حتى يلحقوه وينفذوا لسفرهم موجهين، وهذا قول مالك أيضا. وقال مالك في رجل نسي الظهر وهو مسافر فذكرها وهو مقيم، قال: يصلي ركعتين. وإن ذكر صلاة الحضر في السفر صلى أربعا، وقال ذلك ابن وهب عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وقاله الحسن من حديث وكيع عن سفيان عن أبي الفضل عن الحسن. قال: وقال مالك فيمن خرج مسافرا بعد زوال الشمس: إنه يصلي ركعتين، فإن كانت الشمس قد زالت وهو في بيته إذا لم يذهب الوقت فإنما يصلي ركعتين، قال: وذهاب الوقت غروب الشمس، وإن كان قد ذهب الوقت قبل أن يخرج في سفره فإنه يصلي أربعا، قال: والوقت في هذا للظهر والعصر النهار كله إلى غروب الشمس، فإن خرج بعدما غربت الشمس صلى أربعا، قال: ووقت المغرب والعشاء الليل كله. قال مالك: فإن هو قدم من سفره ولم يكن صلى الظهر فليصل أربع ركعات إذا قدم قبل غروب الشمس، وكذلك العصر أيضا فإن قدم بعدما غربت الشمس صلى ركعتين. قال:

وقال مالك: والمسافر في البر والبحر سواء إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم الصلاة وصام. قال: وبلغني أن مالكا قال في النواتية يكون معهم الأهل والولد في السفينة هل يتمون الصلاة أم يقصرون؟ قال: يقصرون إذا سافروا. قال: وقال مالك فيمن طلب حاجة على بريدين، فقيل له هي بين يديك على بريدين، فلم يزل كذلك حتى سار مسيرة أيام وليال: إنه يتم الصلاة ولا يقصر، فإذا أراد الرجعة إلى بلده قصر الصلاة إذا كان بينه وبين بلده أربعة برد فصاعدا. قال: وسألت ابن القاسم عن السعاة هل يقصرون الصلاة؟ فقال: لا أدري ما السعاة، ولكن قال مالك في الرجل يدور في القرى وليس بين منزله وبين أقصاها أربعة برد، فيما يدور من دوره أربعة برد وأكثر، قال: إذا كان فيما يدور فيه ما يكون أربعة برد قصر الصلاة، وكذلك مسألتك عندي مثل هذا. قال ابن القاسم وسألت مالكا عن رجل أراد مكة من مصره فأراد أن يسير يوما ويقيم يوما حتى يأتي مكة؟ قال: يقصر الصلاة من حين يخرج من بيته حتى يأتي مكة. قال: وقال مالك في الرجل يخرج يريد الصيد إلى مسيرة أربعة برد، قال: إن كان ذلك عيشه قصر الصلاة، وإن كان إنما خرج متلذذا فلم أر يستحب له قصر الصلاة، وقال: أنا لا آمره أن يخرج، فكيف آمره أن يقصر الصلاة؟ قال ابن القاسم: كان مالك يقول قبل اليوم: يقصر الصلاة في مسيرة يوم وليلة ثم ترك ذلك، وقال مالك: لا يقصر الصلاة إلا في مسير ثمانية وأربعين ميلا، كما قال ابن عباس في أربعة برد. قال مالك في رجل افتتح الصلاة وهو مسافر، فلما صلى ركعة بدا له في الإقامة، قال: يضيف إليها ركعة أخرى ويجعلها نافلة، ثم يبتدئ الصلاة صلاة مقيم، ولو بدا له بعدما فرغ، قال مالك: لم أر عليه الإعادة واجبة، فإن أعاد فحسن وأحب إلي أن يعيد. قال: وقال مالك في رجل خرج مسافرا فلما مضى فرسخا أو فرسخين أو ثلاثة رجع إلى بيته في حاجة بدت له، قال: يتم الصلاة إذا رجع حتى يخرج فاصلا الثانية من بيته ويجاوز بيوت القرية ثم يقصر. قال: وقال مالك فيمن خرج من إفريقية يريد مكة وله بمصر أهل فأقام عندهم صلاة واحدة: إنها يتمها. قال: وقال مالك في رجل دخل مكة فأقام بها بضع عشرة ليلة فأوطنها، ثم بدا له أن يخرج إلى الجحفة فيعتمر منها، ثم يقدم مكة فيقيم بها اليوم واليومين ثم يخرج منها أيقصر الصلاة أم يتم؟ قال: بل يتم لأن مكة كانت له موطنا، قال لي ذلك مالك، قال: وأخبرني من لقيه قبلي أنه قال له ذلك. ثم سئل بعد ذلك عنها فقال: أرى أن يقصر الصلاة وقوله الآخر الذي لم أسمع منه أعجب إلي.
قال ابن القاسم: قلت لمالك: الرجل المسافر يمر بقرية من قراه في سفر، وهو لا يريد أن يقيم بقريته تلك إلا يومه وليلته، وفيها عبيده وبقره وجواريه وليس له بها أهل ولا

ولد؟ قال: يقصر الصلاة إلا أن يكون نوى أن يقيم فيها أربعة أيام، أو يكون فيها أهله وولده، فإن كان فيها أهله وولده أتم الصلاة وإن أقام أربعة أيام أتم الصلاة. قلت: أرأيت إن كانت هذه القرية التي فيها أهله وولده مر بها في سفره وقد هلك أهله وبقي فيها ولده أيتم الصلاة أم يقصر؟ قال: يقصر، قال: إنما محمل هذا عند مالك إذا كانت له مسكنا أتم الصلاة وإن لم تكن له مسكنا لم يتم الصلاة. قال مالك: وإذا أدرك المسافر صلاة مقيم أو ركعة منها أتم الصلاة. وإذا صلى المقيم خلف المسافر فإذا سلم المسافر أتم هو ما بقي عليه. قال مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه:: إن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى ركعتين، ثم قال لأهل مكة: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر1 . قال وكيع عن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم البصري عن ابن جدعان، : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بمكة ركعتين ثم قال: "إنا قوم سفر فأتموا الصلاة2". قال ابن وهب عن عبد الله بن نافع مولى ابن عمر عن أبيه:: إن عبد الله بن عمر كان يتم بمكة فإذا خرج إلى منى وعرفة قصر. قال مالك عن ابن شهاب: إن رجلا من آل خالد بن أسيد سأل عبد الله بن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن إنا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن ولا نجد صلاة السفر في القرآن؟ فقال له ابن عمر: يا ابن أخي إن الله بعث إلينا محمدا ولا نعلم شيئا فإنما نفعل كما رأيناه يفعل3. قال مالك عن نافع: إن ابن عمر كان يصلي وراء الإمام بمكة ومنى أربعا فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين4. قال: وقال مالك في مسافر صلى أربعا أربعا في سفره كله: إنه يعيد ما دام في الوقت، وهذا إذا كان في السفر كما هو يعيد ركعتين ركعتين ما كان من الصلوات مما هو في وقتها، فأما ما مضى وقته من الصلوات فلا إعادة عليه. قال سحنون عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن جساس عن لهيعة بن عقبة عن عطاء بن يسار قال: إن ناسا قالوا: يا رسول الله كنا مع فلان في سفر فأبى إلا أن يصلي لنا أربعا أربعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا والذي نفسي بيده تصلون". قال سحنون: وقد كانت عائشة تتم الصلاة في السفر. قلت لابن القاسم: ولو صلى في سفره أربعا أربعا حتى رجع إلى بيته؟ قال: يعيد ما كان في وقته من الصلوات. قلت: لم وقد رجع إلى بيته وإنما يعيد أربعا وقد صلاها في السفر أربعا؟ قال: لأن تلك الصلاة لا تجزيء عنه إذا كان في الوقت لأنه يقدر على إصلاح تلك الصلاة قبل خروج الوقت. قلت له: فهذا قول مالك؟ قال: هذا رأيي لأنه أمره أن يعيد في السفر ما كان في الوقت، فكذلك إذا دخل الحضر وهو في وقتها فليعدها أربع ركعات لأنها كانت غير صحيحة حين صلاها في السفر. قلت: أرأيت مسافرا افتتح الصلاة المكتوبة ينوي أربع ركعات، فلما صلى ركعتين بدا له فسلم؟ قال: لا يجزئه في قول
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب السفر حديث 19: عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهنم ركعتين ثم يقول: يااهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
2 رواه أبو داود في كتاب السفر باب 10. الترمذي في كتاب الصيد باب 1. أحمد في مسنده "3/443" "4/432,431,430,193".
3 رواه مالك في الموطأ في كتاب السفر حديث 7. النسائي في كتاب الصيد باب 1. ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة باب 73.
4 رواه مالك في الموطا في كتاب السفر حديث 20 غير أنه لم يقل "بمكة".

مالك. قلت: من أي وجه؟ قلت: لا يجزئه في قول مالك، قال: لأن صلاته على أول نيته.
قال: وقال مالك: في مسافر صلى بمسافرين فسبحوا به بعد ركعتين وقد كان قام يصلي فتمادى بهم وجهل، فقال: أرى أن يقعدوا فيتشهدوا ولا يتبعوه، وقال ابن القاسم: يقعدون حتى يصلي ويتشهد ويسلم فيسلمون بسلامه، ويعيد هو الصلاة ما دام في الوقت، وكذلك قال لي مالك. قال: وقال مالك: ومن أدرك من صلاة مقيم التشهد أو السجود ولم يدرك الركعة وهو مسافر، إنه يصلي ركعتين لأنه لم يدرك صلاة الإمام. قال: وقال مالك: صلاة الأسير في دار الحرب أربع ركعات إلا أن يسافر به فيصلي ركعتين. قال: وقال مالك: لو أن عسكرا دخل دار الحرب فأقام في موضع واحد شهرا أو شهرين أو أكثر من ذلك، فإنهم يقصرون الصلاة قال: ليس دار الحرب كغيرها، قال: وإذا كانوا في غير دار الحرب فنووا إقامة أربعة أيام أتموا الصلاة. قلت له: وإن كانوا في غير قرية ولا مصر أكان مالك يأمرهم أن يتموا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أقاموا على حصن حاصروه في أرض العدو شهرين أو ثلاثة أيقصرون الصلاة؟ قال: قال مالك: نعم يقصرون الصلاة. قال وكيع بن الجراح عن أبي حمزة قال قلت لابن عباس: إنا نطيل المقام بخراسان في الغزو، قال: صل ركعتين، وإن أقمت عشر سنين من حديث وكيع عن المثنى بن سعيد الضبعي عن أبي جمرة. قال: قال مالك: إن عائشة قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأتمت صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى. قال ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع: إن ابن عمر كان إذا سافر قصر الصلاة وهو يرى البيوت، وإذا رجع قصر الصلاة حتى يدخل البيوت، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة، وإن ابن عباس قصر الصلاة، وإن ابن عمر قصر الصلاة إلى ذات النصب وهي من المدينة على أربعة برد، وإن ابن عباس وابن عمر قصرا الصلاة في أربعة برد من حديث ابن وهب عن أسامة بن زيد عن عطاء بن أبي رباح. قال ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن حميد الطويل عن رجل عن عبد الله بن عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام سبع عشرة ليلة يصلي ركعتين وهو محاصر للطائف، وقال: وكان عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب يقولان: إذا أجمع المسافر على مقام أربعة أيام أتم الصلاة. قال ابن وهب عن أسامة بن زيد عن نافع: إن ابن عمر كان في السفر يروح أحيانا كثيرة وقد زالت الشمس ثم لا يصلي حتى يسير أميالا لم يطل الفيء. قال ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن سعيد إنه سمع سالم بن عبد الله وسأله رجل فقال: إن أحدنا يخرج في السفينة يحمل أهله ومتاعه وداجنته ودجاجه أيتم الصلاة؟ قال: قال: لا إذا خرج فليقصر الصلاة وإن

خرج بذلك. قال ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب وربيعة وعطاء بن أبي رباح مثله. وقال ابن شهاب ويحيى بن سعيد: في الأسير في أرض العدو إنه يتم الصلاة ما كان محبوسا. قال علي بن زياد عن سفيان عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي قال: خرج علي بن أبي طالب من البصرة فرأى خصا فقال: لولا هذا الخص لصليت ركعتين، يعني بالخص أنه لم يخرج من البصرة.

الصلاة في السفينة
قال: وقال مالك: في الرجل يصلي في السفينة وهو يقدر على أن يخرج منها، قال: أحب إلي أن يخرج منها وإن صلى فيها أجزأه قال: وقال مالك: ويجمعون الصلاة في السفينة يصلي بهم إمامهم. قال: وقال مالك: إذا قدر على أن يصلي في السفينة قائما فلا يصلي قاعدا. قال: وقيل لمالك في القوم يكونون في السفينة فهم يقدرون على أن يصلوا جماعة تحت سقفها ويحنون رءوسهم، وإن خرجوا إلى صدرها صلوا أفذاذا ولا يحنون رءوسهم أي ذلك أحب إليك؟ قال: أحب إلي أن يصلوا أفذاذا على صدرها، ولا يصلوا جماعة ويحنون رءوسهم. قال: وقال مالك: ويدورون إلى القبلة كلما دارت السفينة عن القبلة إن قدروا، قلت لابن القاسم: فإن لم يقدروا أن يدوروا مع السفينة؟ قال: تجزئهم صلاتهم عند مالك قال: وكان مالك يوسع لصاحب السفينة أن يصلي حيثما كان وجهه، مثل ما وسع للمسافر على الدابة والمحمل ابن وهب أن أبا أيوب الأنصاري وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأبا الدرداء وغيرهم: كانوا يصلون في السفينة ولو شاءوا أن يخرجوا إلى الجد لفعلوا. قال علي بن زياد قال مالك في الذي ركب البحر فيسير يوما أو أكثر من ذلك يقصر الصلاة، فلقيته ريح فردته إلى المكان الذي خرج منه وحبسته أياما: إنه يتم الصلاة ما حبسته الريح في المكان الذي خرج منه، قال سحنون: يريد إن كانت له مسكنا أتم الصلاة وإن لم تكن له مسكنا قصر الصلاة.

ما جاء في ركعتي الفجر
قال ابن القاسم: وقال مالك فيمن صلى ركعتي الفجر قبل طلوع الفجر: فعليه أن يصليهما إذا طلع الفجر ولا يجزئه ما كان صلى قبل الفجر. قال: وسألت مالكا عن الرجل يأتي في اليوم المغيم المسجد فيتحرى طلوع الفجر فيصلي ركعتي الفجر؟ فقال: أرجو أن لا يكون بذلك بأس، قال: فقيل لمالك: فإن تحرى فعلم أنه ركعهما قبل طلوع

ما جاء فيمن نسي الوتر أو نام عنه فانتبه قبل أن تطلع الشمس
قال ابن القاسم: وقال مالك: من نسي الوتر أو نام عنه فانتبه وهو يقدر على أن يوتر ويصلي الركعتين ويصلي الصبح قبل أن تطلع الشمس فعل ذلك كله، يوتر ثم يصلي ركعتي الفجر وصلاة الصبح، وإن كان لا يقدر إلا على الوتر وصلاة الصبح، صلى الوتر وصلاة الصبح وترك ركعتي الفجر، وإن كان لا يقدر إلا على الصبح وحدها إلى أن تطلع الشمس، صلى الصبح وترك الوتر وركعتي الفجر ولا قضاء عليه في الوتر ولا في ركعتي الفجر، إلا أن يشاء أن يصلي ركعتي الفجر بعدما تطلع الشمس. قال مالك: وذلك أنه بلغني أن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمد قضياهما بعد طلوع الشمس، فمن أحب أن يقضيهما بعد طلوع الشمس فليفعل من غير أن أراهما واجبتين عليه. قال: وقال مالك: الوتر واحدة والذي أقر به وأقرأ به فيها في خاصة نفسي: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الاخلاص:1] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:1] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:1] في الركعة الواحدة مع أم القرآن: قال ابن القاسم: وكان لا يفتي به أحدا ولكنه كان يأخذ به في خاصة نفسه. قال: وأخبرني ابن وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة الوتر بقل هو الله أحد والمعوذتين، ومن حديث حيوة بن شريح عن أبي عيسى الخراساني عن عبد الكريم بن طارق عن الحسن بن أبي الحسن سحنون عن عبد الله بن نافع قال: أخبرني حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الآخرة من الوتر بقل هو الله أحد والمعوذتين يجمعهن في ركعة الوتر. قال عبد الله بن نافع فسألني مالك عن ذلك؟ فحدثت به مالكا فأعجبه. قال: وقال مالك: لا ينبغي لأحد أن يوتر بواحدة ليس قبلها شيء لا في حضر ولا في سفر، ولكن يصلى ركعتين ثم يسلم ثم يوتر بواحدة. قال: وقال مالك: لا بأس بأن يوتر على راحلته حيثما كان وجهه في السفر. ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن

سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على راحلته قبل أيما وجه توجه، ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة. قال ابن القاسم وسألت مالكا عن الرجل تكون له صلاة بعد العشاء الآخرة وهو في سفره في محمله أو على دابته، أيستحب له أن يؤخر وتره حتى يركع على دابته أو في محمله بعد أن يفرغ من حزبه أو لعله أن يطول صلاته من الليل، أم يركع ركعتين ويوتر على الأرض؟ قال: أحب إلي أن يركع ركعتين ويوتر على الأرض ويركب دابته فيتنفل عليها ما شاء وقد أجزأ عنه وتره. قال: وقال مالك: من أوتر قبل أن يصلي العشاء الآخرة ناسيا فليصل العشاء الآخرة وليوتر. قلت لابن القاسم: فإن أتى في رمضان والقوم في الوتر فصلى معهم جاهلا حتى فرغ من الوتر ولم يكن صلى العشاء الآخرة كيف يصنع في قول مالك؟ قال: يضيف ركعة أخرى إلى صلاته ثم يقوم فيصلي العشاء ثم يعيد الوتر، قال: وإن هو لم يضف ركعة أخرى إلى الوتر الذي صلى مع القوم حتى سلم الإمام ومضى وتطاول ذلك، أو يكون قد خرج من المسجد، فإنه لا يضيف الركعة إلى الوتر إلا إذا كان بحضرة ذلك، ولكن فليصل العشاء ثم ليعد الوتر. قلت: أرأيت من صلى العشاء الآخرة على غير وضوء ثم انصرف إلى بيته فتوضأ وأوتر ثم ذكر أنه صلى العشاء على غير وضوء؟ قال: يعيد العشاء ثم يعيد الوتر وإن كان ذلك في آخر الليل. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم هذا قوله. قال: وكان مالك يستحب إذا دخل الرجل في صلاة الصبح وقد كان نسي الوتر وتر ليلته أن يقطع ثم يوتر ثم يصلي الصبح، قال: وكذلك إن كان خلف إمام قطع وأوتر وصلى الصبح، وإن كان في فضل الجماعة فإنما أرى أن يقطع ويوتر ; لأن الوتر سنة، فهو إن ترك فضل الجماعة في هذا الموضع صلى صلاة هي سنة ثم صلى الصبح. قال ابن القاسم وقد أسكت عبادة بن الصامت المؤذن بعد إقامة الصلاة صلاة الصبح، قال ابن القاسم: للوتر أسكته. قال: وقد سمعت مالكا يرخص فيه يقول: إذا دخل الرجل مع الإمام فلا يقطع وليمض ولكن الذي كان يأخذ به هو في نفسه خاصة أن يقطع وإن كان خلف الإمام فيما رأيته وقفته عليه فرأيت ذلك أحب إليه. وقال مالك: لم أسمع أحدا قط قضى الوتر بعد صلاة الصبح، قال: وليس هو كركعتي الفجر في القضاء. قال: وقال مالك: من ترك الوتر حتى ينفجر الصبح فإنه يوتر، قال: وإن صلى الصبح فلا يوتر بعد ذلك. قلت: أرأيت لو سها في الوتر فلما صلى ركعة الوتر أضاف إليها أخرى كيف يصنع أيعيد وتره أم يجزئه هذا الوتر ويسجد السهوة؟ قال: يسجد سجدتين لسهوه ويجتزئ بوتره يعمل في السنن كما يعمل في الفرائض، وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوتر واحدة. قال: وسمعت مالكا وسئل عن رجل سها فلم يدر أهو في الشفع أم في الوتر؟

قال: قال مالك: يسلم ويسجد لسهوه ثم يقوم فيوتر بركعة. قلت: ولم؟ قال: ذلك قال ; لأنه قد أيقن بالشفع وشك في الوتر فأمره مالك أن يلغي ما شك فيه. قلت: أرأيت إذا شك فلم يدر أفي أول الركعة هو أم في الركعة الثانية أم في ركعة الوتر كيف يصنع؟ قال: يبني على اليقين ; لأن مالكا قال: من شك فليبن على اليقين، فهذا في أول الشفع فليضف إليها ركعة، ثم يسلم ويسجد لسهوه ثم يقوم فيوتر بواحدة. قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم قال: إذا طلعت الشمس فلا قضاء عليه للوتر، وإذا صلى الفجر فلا قضاء عليه للوتر سحنون عن علي بن زياد عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال: ليس الوتر بحتم كالمكتوبة، ولكنها سنة سنها رسول الله, ابن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عمن نسي الوتر حتى صلى الصبح، قال: قد ضيع وفرط في سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليستغفر الله وليستعتب فإنما الوتر بالليل وليس بالنهار ابن وهب وقاله ابن نافع وابن قسيط وعطاء ويحيى بن سعيد وإبراهيم النخعي. قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن خالد بن ميمون الصفدي عن الحسن, أن رجلا قال: يا رسول الله أوتر بعد الفجر؟ فقال له في الثالثة: أوتر, قال سحنون: يعني بعد ثلاث مرات كلمه وأجابه أن افعل.

ما جاء في قضاء الصلاة إذا نسيها
قال: وقال مالك: من ذكر صلاة نسيها وهو في صلاة المكتوبة، قال: إن كان وحده فذكرها حين افتتح الصلاة فليقطع وليصل التي نسي ثم يصلي هذه التي كان فيها، قال: وإن كان إنما ذكرها بعدما صلى من هذه التي كان فيها ركعة فليضف إليها أخرى ثم ليقطع، وإن ذكرها بعدما صلى ثلاثا فليضف إليها ركعة رابعة ثم ليقطع، قال ابن القاسم: ويقطع التي دخل فيها إذا ذكر التي نسي بعد ثلاث ركعات أحب إلي، وليصل التي نسي ثم يصلي هذه التي ذكر فيها. قال: وقال مالك: إن كان ذكر صلاة ونسيها بعدما صلى الظهر والعصر، قال: إذا ذكر ذلك قبل أن تغيب الشمس وهو يقدر على أن يصليها ثم يصلي الظهر والعصر، فليصل التي نسي ثم ليصل الظهر ثم العصر. قال: ووقت الظهر والعصر في ذلك النهار كله، وإن كان لا يقدر إلا على أن يصلي التي نسي وإحدى الصلاتين، صلى التي نسي ثم العصر، قال: وإن كان يقدر على التي نسي ويصلي الظهر وركعة من العصر صلى التي نسي ثم الظهر ثم العصر. قال: وإن كان خلف الإمام ثم ذكر صلاة نسيها، قال: يتمادى مع الإمام ولا يقطع حتى يفرغ فإذا فرغ صلى التي نسي ثم أعاد التي صلى مع الإمام إلا أن يكون قد صلى قبلها فيدرك وقتها

ووقت التي صلى مع الإمام فليصلهما جميعا. قلت: وكذلك إن كانت المغرب وهو وراء الإمام فذكر وهو فيها صلاة قد كان نسيها؟ قال: يصلي مع الإمام فإذا سلم الإمام سلم معه ولم يضف إليها ركعة أخرى، ثم يقضي التي نسي ثم يعيد المغرب، وكذلك قال مالك في المغرب، قلت له: وهذا قول مالك؟ قال: نعم المغرب وغيرها سواء. قال مالك: إذا كان خلف الإمام صلى مع الإمام حتى إذا فرغ صلى التي نسي، ثم أعاد المغرب ووقت المغرب والعشاء في هذا الليل كله. قلت: أرأيت من نسي صلاة مكتوبة فذكرها وهو في نافلة يصليها؟ قال: إذا لم يكن صلى منها شيئا قطعها، وإن كان صلى ركعة أضاف إليها أخرى ثم يسلم. قال: وقد كان مالك يقول أيضا: يقطع وأحب إلي أن يضيف إليها أخرى. وقال مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة فليصلها حين يذكرها". قال: ومن ذكر صلاة نسيها فليصلها إذا ذكرها في أية ساعة كانت من ليل أو نهار عند مغيب الشمس أو عند طلوعها، قال: وإن بدا حاجب الشمس فليصلها، قال: وإن غاب بعض الشمس فليصلها إذا ذكرها ولا ينتظر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها1". قال مالك: فوقتها حين ذكرها فلا يؤخرها عن ذلك.
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة حديث 25: عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من خيبر أسرى, حتى إذا كان من آخر الليل عرس وقال لبلال: أكلأ لنا الصبح. ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وكلأ بلال ما قدر له ثم استند إلى رحله وهو مقابل الفجر فغلبته عيناه فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا احد من الركب حتى ضربتهم الشمس ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بلالك يارسول الله أخذ نفسي الذي أخذ بنفسك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقنادوا فبعثوا رواحلهم اقتادوا شيئا, ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام الصلاة, فصلى بهم رسول الله صلى الله علسه وسلم الصبح ثم قال حين قضى الصلاة: من نسي الصلاة فليصليها إذا ذكرها, فغن الله نبارك وتعالى يقول في كتابه :{أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} رواه أيضا مسلم في كتاب المساجد 309.

فيمن نسي صلاة ثم ذكرها في وقت صلاة
قال: وقال مالك: من نسي صلاة أو صلاتين أو ثلاثا ثم ذكرهن قبل صلاة الصبح، قال: إذا كانت يسيرة صلاهن قبل الصبح، وإن فات وقت الصبح، وإن كانت صلوات كثيرة بدأ بالصبح ثم صلى ما كان نسي، وإن كان صلى الصبح ثم ذكر صلوات كثيرة صلى ما نسي، فإن فرغ من ذلك وعليه بقية من الوقت صلى الصبح وإن لم يفرغ مما نسي حتى فات وقت الصلاة فلا يعيد الصبح وقد مضى وقتها. قال: وقال مالك: ومن نسي صلوات كثيرة أو ترك صلوات كثيرة فليصل على قدر طاقته. وليذهب إلى حوائجه، فإذا فرغ من حوائجه صلى أيضا ما بقي عليه حتى يأتي على جميع ما نسي أو ترك ويقيم لكل صلاة، ويصلي صلاة النهار بالليل ويسر ويصلي صلاة الليل بالنهار ويجهر بصلاة الليل في النهار. قال ابن القاسم: والذي كتبت فيه أنه نسي صلوات كثيرة فذكر ذلك وهو في صلاة الصبح؟ قال: لا أحفظه من مالك إلا أن مالكا قال: إذا نسي صلوات كثيرة فذكرها في وقت صلاة قبل أن يصليها صلى التي هو في وقتها، وكذلك إذا ذكرها وهو فيها أنه يمضي عليها. قال ابن القاسم وقال مالك: إذا طلعت الشمس فأكره الصلاة حتى ترتفع في التطوع.

فيمن نسي صلاة فذكرها في آخر وقتها
قال: وقال مالك في الرجل ينسى الصبح والظهر فلا يذكرهما إلا في آخر وقت الظهر، قال: يبدأ بالصبح وإن خرج وقت الظهر. قلت: وكذلك إن نسي الظهر والعصر إلى آخر وقت العصر. أو عند المغيب، وهو لا يقدر على أن يصلي إلا صلاة واحدة، قال: يبدأ بالظهر وإن غابت الشمس ثم يصلي العصر. قلت: وإن كان قد صلى العصر ونسي الظهر فذكر ذلك وليس عليه من النهار إلا قدر ما يصلي صلاة واحدة؟ قال: يصلي الظهر وليس عليه إعادة العصر. قلت: فإن صلى الظهر وقد بقي عليه من النهار ما يصلي ركعة من العصر؟ قال: يعيد العصر، قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن هو قدر على ذلك فصلى الظهر وغابت الشمس؟ قال: لا يعيد العصر. قلت: وكذلك إن نسي المغرب والعشاء فلم يذكرهما إلا عند طلوع الفجر وهو لا يقدر على أن يصلي قبل طلوع الفجر إلا إحداهما؟ قال: يبدأ بالمغرب وإن طلع الفجر ثم العشاء ثم الصبح، وكذلك إن نسي العشاء والصبح فلم يذكرهما إلا قبل طلوع الشمس وهو لا يقدر على أن يصلي إلا إحداهما، قال: يبدأ بالعشاء وإن طلعت الشمس ثم يصلي الصبح بعد ذلك. قلت: فإن هو نسي صلوات صلاتين أو ثلاثا أو أربعا؟ قال: إذا نسي صلوات يسيرة بدأ بها كلها قبل الصلاة التي حضر وقتها، وإذا كانت كثيرة بدأ بالصلاة التي حضر وقتها ثم قضى ما كان نسي، قال: وهذا قول مالك؟ قال ابن القاسم: وإنما الذي قال مالك في اليسيرة: الصلاة أو الصلاتين أو الثلاث أو ما قرب. قال وكيع عن شريك عن المغيرة عن إبراهيم النخعي مثل قول مالك أنه يقضي متتابعا الأول فالأول متتابعا. قال: وقال مالك في رجل نسي الصبح من يومه أو من غير يومه ثم ذكر بعدما كان قد صلى الظهر والعصر، قال: يصلي الصبح ثم يعيد الظهر والعصر، قال: فإذا لم يكن في النهار إلا قدر ما يصلي الصلاة الواحدة جعلها العصر، فإن كان ذكر الصبح التي نسي بعدما غابت الشمس فلا يعيد الظهر ولا العصر ويبدأ بالصبح ثم ليصل المغرب، وإن صلى المغرب والعشاء ثم ذكر صلاة نسيها قبل ذلك صلى التي نسي ثم أعاد المغرب والعشاء والليل كله وقت لهما، وإن لم يكن في الليل إلا قدر ما يصلي صلاة واحدة جعلها العشاء وإن كان في الليل قدر ما يصلي صلاة واحدة وركعة من الأخرى، صلاهما جميعا بعد التي نسي، والصبح كذلك أيضا إن أدرك أن يصلي التي نسي والصبح قبل طلوع الشمس أو ركعة من الصبح صلاهما جميعا إذا كان إنما ذكر التي نسي بعدما صلى الصبح. قلت: فلو أن رجلا نسي الصبح والظهر من يومه فلم يذكرهما إلا بعد أيام، فذكر الظهر ولم يذكر الصبح فصلى الظهر فلما كان في بعض الظهر ذكر الصبح أنه قد كان نسيها أيضا؟

قال: يفسد عليه الظهر ويصلي الصبح ثم يصلي الظهر، قال: وإن كان ذكرها وقد فرغ من الظهر صلى الصبح ولم يعد الظهر ; لأنه حين فرغ من الظهر فكأنه صلاها حين نسيها.

في إمام ذكر صلاة نسيها في الصلاة
وقال في إمام ذكر صلاة نسيها في الصلاة. قال ابن القاسم قال مالك: أرى أن يقطع ويعلمهم ويقطعوا ولم يره مثل الحدث، قال ابن القاسم: قلت فإن لم يذكر حتى فرغ من صلاته أيعيد من خلفه؟ قال: لا أرى عليهم إعادة ولكن يعيد هو بعد قضاء ما نسي. قال سحنون وقد كان يقول: ويعيدون هم في الوقت، وقاله في كتاب الحج وهما يحملان جميعا. قلت: أرأيت من نسي صلاة ثم ذكرها فلما ذكرها صلى صلوات وهو ذاكر لتلك الصلاة التي نسيها ولم يصلها؟ قال: لا أحفظ من مالك في هذا شيئا، ولكن قال مالك: من نسي صلاة فذكرها فليصلها ثم ليعد كل صلاة هو في وقتها، قال: فأرى ذلك بهذه المنزلة وإن كان صلى عمدا إذا ذهب الوقت فإنما عليه أن يصلي الذي نسي وكل صلاة هو في وقتها، وقد أساء فيما تعمد ولا أحفظ عن مالك في العمد شيئا. قال: وقال مالك فيمن نسي الصبح أو نام عنها حتى بدا حاجب الشمس، قال: يصليها ساعته تلك إذا ذكرها، وإن نسي العصر حتى غاب بعض الشمس أو نام عنها ذكرها فليصلها مكانه ولا يؤخرها إلى مغيب الشمس، وكذلك من نسي غيرها من الصلوات هو بمنزلتها. قال مالك بن أنس عن زيد بن أسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها إذا صلاها لوقتها1" . قال مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} 2 [طه: 14]" قال ابن وهب قال يونس سمعت ابن شهاب يقرؤها للذكرى. قال ابن وهب عن سفيان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] قال: إذا ذكرتها. علي بن زياد عن سفيان الثوري عن المغيرة عن إبراهيم قال: صل المكتوبة متى نسيتها إذا ما ذكرتها في وقت أو غير وقت. قال ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو وراء الإمام، فإن سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسيها ثم ليصل بعدها الصلاة الأخرى3، وقاله مالك والليث
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب وقوت حديث 26: عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة فبقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس فاستيقظ القوم وقد فزعوا فامرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا وأن يتوضؤوا, وأمربلالا أن ينادي بالصلاة أو يقيم. فصلى رسول صلى اللع علسه وسلم بالناس قم انصرف إليهم وقد رأى من فزعهم فقال: ياأيهاالناس, أن الله قبضص أرواحنا, ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا, فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصليها كما كان يصليها ف ي وقتها. ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال: إن الشيطان أتى بلالا وهو قائم يصلي فأضجعه فلم يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام. ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأخبر بلالالا رسول الله صللا الله عليه وسلم مثل الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقال أبوبكر: أشهد أنك رسول الله.
2 نفسه رقم 1 ص 215.
3 رواه مالك في الموطأ في كتاب السفر حديث 77.

ويحيى بن عبد الله مثله من حديث ابن وهب، قال مالك: على ذلك الأمر عندنا في كل من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو في صلاة غيرها وهو مع إمام أو وحده، قال: فإن الصلاة التي ذكرها فيها تفسد عليه ولا تجزئه حتى يصليها بعد الصلاة التي نسي، فإن كان مع الإمام فذكر وهو في العصر أنه نسي الظهر، مضى مع الإمام حتى يفرغ فيصلي هو الظهر ثم يعيد العصر، وإن كان وحده فذكرها وهو في شفع سلم فصلى الظهر ثم العصر بعد، فإن كان لم يذكرها إلا وهو في وتر من صلاته شفعه بركعة أخرى ثم يسلم ثم يصلي الظهر ثم العصر.

ما جاء في السهو في الصلاة
قال: وقال مالك: لو أن إماما صلى بقوم ركعتين فسلم فسبحوا به فلم يفقه، فقال له رجل من خلفه ممن هو معه في الصلاة إنك لم تتم فأتم صلاتك، فالتفت إلى القوم فقال: أحق ما يقول هذا؟ فقالوا: نعم، قال: يصلي بهم الإمام ما بقي من صلاتهم ويصلون معه بقية صلاتهم الذين تكلموا والذين لم يتكلموا، قال: ويفعلون في ذلك مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين، وبذلك الحديث يأخذ مالك، وكل من فعل في صلاته مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ وفعل من خلفه مثل ما فعل من كان خلف النبي يومئذ، فصلاتهم تامة يفعلون كما فعل من كان خلف النبي يومئذ يوم ذي اليدين. قال مالك: ولو أن رجلا صلى وحده وقوم إلى جنبه ينظرون إليه. فلما سلم قالوا له: إنك لم تصل إلا ثلاث ركعات، قال: لا يلتفت إلى ما قالوا له، ولكن ينظر إلى يقينه فيمضي عليه ولا يسجد لسهوه، فإن كان يستيقن أنه لم يسه وأنه قد صلى أربعا لم يلتفت إلى ما قالوا وليمض على صلاته ولا سهو عليه. قال ابن القاسم: وإذا صلى وحده ففرغ عند نفسه من الأربع فقال له رجل إلى جنبه: إنك لم تصل إلا ثلاثا، والتفت الرجل إلى آخر فقال له: أحق ما يقول هذا؟ فقال: نعم، قال: يعيد الصلاة ولم يكن ينبغي له أن يكلمهما ولا يلتفت إليهما. قال: وقال مالك: لو أن رجلا صلى المكتوبة أربعا فظن أنه صلى ثلاثا فأضاف إليها ركعة. فلما صلى الخامسة بسجدتيها ذكر أنه قد كان أتم صلاته، قال: يرجع ويجلس ويضيف إليها ركعة أخرى ثم يسلم ويسجد لسهوه بعد السلام، قال: وإن كان لم يصل من الخامسة إلا أنه ركع وسجد سجدة رجع أيضا فجلس وسلم وسجد لسهوه. قلت: أرأيت إماما سها فصلى خمسا فتبعه قوم ممن خلفه يقتدون به وقد عرفوا سهوه وقوم سهوا بسهوه وقوم قعدوا فلم يتبعوه؟ قال: يعيد من اتبعه عامدا، وقد تمت صلاة الإمام وصلاة من اتبعه على غير تعمد، وصلاة من قعد ولم يتبعه ويسجد الإمام لسهوه ومن سها بسهوه سجدتين بعد السلام، ويسجد معه من لم يتبعه على سهوه ولا يخالف الإمام، قال ابن القاسم: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به1", فعلى من خلف الإمام ممن لم يتبعه وقعد أن يسجد مع الإمام في سهوه وإن لم يسه. قال: وقال ابن شهاب فيمن لم يسه مع الإمام وقد سها الإمام فسجد: فعليه أن يسجد مع الإمام ; لأن
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب الصلاة حديث 57, وتتمه: "فلا تختلفوا عليه". ورواه أيضا البخاري في كتاب الأذان باب 74. ومسلم في كتاب الصلاة باب 86.

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به1". من حديث ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب. قال: وقال مالك فيمن افتتح الصلاة فقرأ أو ركع ونسي السجود ثم قام فقرأ وركع ثانية، قال: إن ذكر أنه لم يسجد قبل أن يركع الثانية فليسجد سجدتين وليقم وليبتدئ في القراءة قراءة الركعة الثانية، وإن هو لم يذكر حتى يركع الركعة الثانية فليلغ الركعة الأولى ويمضي في هذه الركعة الثانية ويجعلها الأولى. قلت: ما معنى قول مالك حتى يركع، أهو إذا ركع في الثانية فقد بطلت الأولى أم حتى يرفع رأسه من الركعة الثانية؟ قال: بل حتى يرفع رأسه من الركعة الثانية. قال: وقال مالك فيمن افتتح الصلاة فقرأ أو ركع وسجد سجدة ونسي السجدة الثانية حتى قام فقرأ أو ركع الركعة الثانية ورفع منها رأسه، قال: يلغي الركعة الأولى وتكون أول صلاته الركعة الثانية، وكذلك كل ركعة من الصلاة لم تتم بسجدتيها حتى يركع بعدها ألغى الركعة التي قبلها التي سجد فيها سجدة واحدة ; لأنها لم تتم بسجدتيها، وإن ذكر أنه ترك سجدة من الركعة الأولى قبل أن يركع الثانية وقد قرأ أو قبل أن يرفع رأسه من الركعة التي تليها، فليرجع ويسجد السجدة التي نسيها ثم يبتدئ في القراءة التي قرأ من الركعتين.
1.المصدر السابق.

فيمن تكلم في صلاته أو شرب أو قام من أربعة
قال: وقال مالك: من تكلم في صلاته ناسيا بنى على صلاته، ثم سجد بعد السلام وإن كان مع الإمام فإن الإمام يحمل ذلك عنه ابن وهب. وقد قال ربيعة وابن هرمز ويحيى بن سعيد: ليس على صاحب الإمام سهو فيما نسي معه من تشهد أو غيره، وقد تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته وهو الإمام وسجد لسهوه بعد السلام ; لأن الكلام زيادة من حديث مالك عن داود بن الحصين أن أبا سفيان مولى ابن أبي أحمد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل ذلك لم يكن فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: "أصدق ذو اليدين" فقالوا: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتم ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين بعد السلام وهو جالس1. قلت: أرأيت إن شرب في صلاته ساهيا ولم يكن سلم أيبتدئ أم يبني؟ قال: لم أسمع من مالك فيها شيئا، إلا أنه بلغني أن قوله قديما أنه يتم الصلاة ويسجد لسهوه. قال: وقال مالك فيمن سها عن سجدة من ركعة أو عن ركعة أو عن سجدتي السهو إذا كانتا قبل السلام: فإنه إن كان قريبا رجع فبنى، وإن كان قد ذهب وتباعد فإنه يستأنف ولا يبني. قال: وقال مالك فيمن سها فلم يدر أثلاثا صلى أو أربعا ففكر قليلا فاستيقن أنه صلى ثلاثا، قال: لا سهو عليه. قال: وقال مالك فيمن سها في الرابعة فلم يجلس مقدار التشهد حتى صلى خامسة،
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب النداء حديث 59. مسلم في كتاب المساجد حديث 99

قال: يرجع فيجلس فيتشهد ويسلم ثم يسجد لسهوه وقد تمت صلاته. قال ابن وهب عن مالك بن أنس وهشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثهما عن عطاء بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدري كم صلى أثلاثا أم أربعا فليقم فليصل ركعة ثم يسجد سجدتين قبل السلام1" . ابن وهب وأخبرني جرير بن حازم عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى خمس ركعات ثم سجد سجدتين وهو جالس ولم يعد لذلك صلاته. ابن وهب قال مالك: وبلغني أن ابن مسعود صلى الظهر أو العصر ساهيا خمس ركعات فسجد سجدتي السهو بعد السلام لسهوه ولم يعد لذلك صلاته. قال علي عن سفيان عن الحسين عن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة: أنه صلى بهم الظهر خمسا أو العصر، فقيل له: صليت خمسا، فقال له: وتقول أنت ذلك يا أعور؟ قال: قلت: نعم، فقام فسجد سجدتين فقال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابن وهب عن مالك والليث وعمرو بن الحارث أن ابن شهاب أخبرهم عن عبد الرحمن الأعرج: أن عبد الله ابن بحينة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في اثنتين من الظهر فلم يجلس، فلما قضى صلاته سجد سجدتين يكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس2. قال سحنون فلهذه الأحاديث يسجد في الزيادة بعد السلام وفي النقصان قبل السلام. قال وكيع عن سفيان الثوري عن خصيف عن أبي عبيدة قال قال عبد الله بن مسعود: إذا قام أحدكم في قعود أو قعد في قيام أو سلم في الركعتين فليتم ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين يتشهد فيهما ويسلم، قال سحنون: وإنما ذكرت هذا الحديث ; لأن ابن مسعود رأى أن السلام لا يقطع الصلاة على السهو. قال وكيع عن الربيع بن صبيح عن الحسن في رجل صلى المغرب أربعا، قال: تجزئه ويسجد سجدتين لسهوه، قلت: أرأيت لو أن رجلا افتتح الصلاة فقرأ وركع وسجد سجدة ونسي السجدة الثانية حتى قام فقرأ ونسي أن يركع في الثانية وسجد للثانية سجدتين، أيضيف شيئا من هذا السجود الثاني إلى الركعة الأولى؟ قال: لا. قلت له: لم؟ قال: لأن نيته في هذا السجود إنما كانت لركعة ثانية فلا يجزئه أن يجعلها لركعته الأولى، ولكن يسجد سجدة فيضيفها إلى ركعته الأولى فتصير ركعة وسجدتين. قلت: فإن قام بعدما ركع في الأولى وسجد سجدة فقرأ وركع فذكر وهو راكع أنه
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب النداء حديث 64, وتصه بتمامه: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرك كم صلى أثلاثا أ م أربعا فليصل ركعة وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم. فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين, وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان ". ورواه مسلم في كتاب المساجد حديث 88.
2 رواه في الموطأ في كتاب الصلاة حديث 65: عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بحينة أنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه, فلما قضى الصلاته ونظرنا تسليمه كبر ثم سجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم. ورواه البخاري في كتاب السهو باب 1. ومسلم في كتاب المساجد حديث 85.

لم يسجد الركعة الأولى إلا سجدة واحدة؟ قال: يسجد السجدة التي بقيت عليه من الركعة الأولى ما لم يرفع رأسه من الركوع. قال: وكان مالك يقول: إذا ركع وقد نسي سجدة من الركعة التي قبلها ترك ركوعه هذا الذي هو فيه وخر ساجدا لسجدته التي نسي من الركعة التي قبلها قبل هذا الركوع ما لم يرفع رأسه، وكان يقول عقد الركعة رفع الرأس من الركوع.
قال: وقال مالك فيمن صلى نافلة ثلاث ركعات ساهيا: فإنه يضيف إليها ركعة أخرى ويسجد لسهوه إذا فرغ من الرابعة، وإن ذكر قبل أن يركع في الثالثة قعد وسلم وسجد بعد السلام، قال ابن القاسم: وأرى سجوده في النافلة إذا صلى ثلاثا وبنى عليها فصلى أربعا فسجدتاه قبل السلام لأنه نقصان. قال: وقال مالك في السهو في التطوع والمكتوبة: سواء في ذلك. قال: وقال مالك: والسهو على الرجال والنساء سواء. قال ابن وهب عن ابن لهيعة أن عبد الرحمن الأعرج حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في كل سهو سجدتان1". وقال سعيد بن المسيب وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح سجدتا السهو وفي النوافل كسجدتي السهو في المكتوبة، قال ابن وهب وقال ذلك مالك والليث ويحيى بن سعيد. قال ابن القاسم وقال مالك: إذا نسي الرجل التشهد في الصلاة حتى سلم، قال: إن ذكر ذلك وهو في مكانه سجد لسهوه وإن لم يذكر ذلك حتى يتطاول فلا شيء عليه إذا ذكر الله، قال: وليس كل الناس يعرف التشهد، وقاله مالك قال ابن القاسم: وكذلك سهوه عن التشهدين جميعا إلا يراه بمنزلة غيره من الصلوات فيما يسهو عنه. قال: والتكبير قال فيه مالك: إن نسي تكبيرة واحدة أو نحو ذلك رأيته خفيفا ولم ير عليه شيئا، وإن نسي أكثر من ذلك أمره مالك أن يسجد لسهوه وقبل السلام. قال: وقال مالك: من وجب عليه سجود السهو بعد السلام فترك أن يسجدهما نسي ذلك فليسجدهما ولو بعد شهر متى ما ذكر ذلك، وإن كان إنما هو سهو وجب عليه أن يسجدهما قبل السلام فنسي ذلك حتى قام من مجلسه ذلك وتباعد. قال: فليعد صلاته، قال: وإن كان ذكر أنه لم يسجد لسهوه بحضرة ما سلم وسهوه الذي وجب عليه قبل السلام فليسجدهما وليسلم، وتجزئان عنه بمنزلة رجل قام من أربع ثم ذكر فليرجع جالسا وليسلم وليسجد لسهوه. قلت: فإن كان سهوه سهوا يكون السجود فيه قبل السلام، مثل أن ينسى بعض التكبير أو ينسى سمع الله لمن حمده مرة أو مرتين، أو والله أكبر أو التشهدين فنسي أن يسجد حتى طال ذلك، وأكثر من الكلام، وانتقض وضوءه؟ قال: أما التشهدان أو التكبيرة والاثنتان وسمع الله لمن حمده مرة أو مرتين. فإذا انتقض وضوءه أو طال كلامه فلا أرى عليه سجودا ولا شيئا. قلت: فما بال الذي يكون سجوده بعد السلام؟ قال: لأن ذلك ليس من الصلاة وهو بعد السلام، وأما هذا فقد سلم فصار السلام فصلا إذا طال الكلام
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتناب الصلاة باب 195. ابن ماجة في كتاب الإقامة باب 136. أحمد في مسنده "5/280" بلفظ "لكل سهو سجدتان بعدما يسلم"

أو انتقض وضوءه ; لأن السجود دائما كان عليه قبل السلام. قال مالك: وأما الذي ينسى سمع الله لمن حمده ثلاثا أو أكثر أو من التكبير مثل ذلك فأرى عليه الإعادة إذا طال كلامه أو قام فأكثر من ذلك. قال سحنون: وقد سجد علقمة بعد الكلام سجدتي السهو وقال هكذا صنع بنا عبد الله بن مسعود. قال وكيع وقال الحسن ما كان في المسجد. قال ابن القاسم: من سها سهوين أحدهما يجب عليه قبل السلام والآخر بعد السلام، قال: يجزئه عنهما جميعا أن يسجد قبل السلام، قال وقلت لمالك أنه يلينا قوم يرون خلاف ما ترى في السهو، يرون أن ذلك عليهم بعد السلام فيسهو أحدهم سهوا يكون عندنا سجود ذلك السهو قبل السلام، ويراه الإمام بعد السلام فيسجد بنا بعد السلام؟ قال: اتبعوه فإن الخلاف أشر. قلت لابن القاسم: فإن وجب على رجل سجود السهو بعد السلام فسجدهما قبل السلام؟ قال: لا أحفظ من مالك فيه شيئا وأرجو أن يجزئ عنه على القول في الإمام الذي يرى خلاف ما يرى من خلفه. قال: وقال مالك فيمن نسي الجلوس من ركعتين حتى نهض عن الأرض قائما واستقل عن الأرض: فليتماد قائما ولا يرجع جالسا وسجوده لسهوه قبل السلام. قال سحنون قال ابن وهب: وقد قام النبي عليه السلام من اثنتين وعمر وابن مسعود وسجدوا كلهم للسهو، قال: ثم سمعته يقول بعد ذلك في الإمام إذا جعل موضع سمع الله لمن حمده الله أكبر أو موضع الله أكبر سمع الله لمن حمده، قال: "أرى أن يرجع فيقول الذي كان عليه فإن لم يرجع حتى يمضي سجد سجدتي السهو قبل السلام". قال ابن القاسم: والرجل في خاصة نفسه عندي مثل الإمام. قال: وقال مالك: من نسي سمع الله لمن حمده، قال أرى ذلك خفيفا بمنزلة من نسي تكبيرة أو نحوها. قال: وقال مالك في كل سهو يكون بعد السلام فيسجده الرجل بعد سلامه ثم يحدث في سجوده: أنه لا تنقض صلاته وقد تمت صلاته ولا شيء عليه، إلا أنه يتوضأ ويقضي سجدتي السهو بعد السلام، وقال مالك: ولو مكث أياما وقد ترك سجدتي السهو اللتين بعد السلام قضاهما، وإن انتقض وضوءه وقضاهما، قلت: لم يكون عليه قضاؤهما إذا أحدث ومالك يقول إذا أحدث في الصلاة لم يبن واستأنف؟ قال: لأن مالكا يقول: ليستا من الصلاة فلما لم تكونا من الصلاة كان عليه أن يتوضأ ويسجدهما. قال ابن القاسم فيمن كان عليه سجود السهو بعد السلام فلما سجد لسهوه وأحدث، قال: يتوضأ ويسجد لسهوه وقد تمت صلاته وإن لم يعدهما أجزأتا عنه، قال: فإن نسي سجود السهو أعاد ذلك وحده ولم يعد الصلاة، قلت لابن القاسم: أرأيت من صلى إيماء فسها في الصلاة يسجد لسهوه إيماء؟ قال: نعم. قلت: أتحفظه عن مالك؟ قال: لا أحفظه. قال: وقال مالك في إمام سها في أول ركعة من صلاته وذكر سهوه ذلك بعد

السلام، ثم دخل معه رجل في الركعة الثانية أو الثالثة أو الرابعة فلما سلم الإمام سجد الإمام لسهوه: أنه يقوم فيصلي ما بقي عليه مما سبقه به الإمام فإن شاء قام حين سلم الإمام قبل أن يفرغ من سجود السهو وإن شاء انتظره ولا يسجد معه، وهذا قول مالك، قال ابن القاسم: وأحب إلي أن يقوم ; لأن الإمام قد انقضت صلاته حين سلم، ولو أحدث الإمام بعد الصلاة أجزأت عنه ثم سجد هذا لسهوه إذا فرغ مما سبقه به الإمام، ولا يسجد لسهوه حتى يقضي الذي بقي عليه من صلاته وليس له أن يترك سجدتي السهو بعد ذلك وقد وجبتا عليه، وسواء إن كان الإمام إنما سها وهو خلفه أو سها الإمام قبل أن يدخل هذا في صلاته ; لأنه حين دخل في صلاة الإمام فقد وجب عليه ما وجب على الإمام، قال: فإن كان سهو الإمام قبل السلام وقد بقيت على هذا ركعة من صلاته فإنه إذا سجد الإمام لسهوه قبل السلام سجد معه، فإذا سلم الإمام قام فقضى ما بقي عليه من صلاته وسلم وليس عليه أن يعيد سجدتي السهو اللتين سجدهما مع الإمام قبل سلامه هو لنفسه ولا بعد سلامه، وقد أجزأتا عنه السجدتان اللتان سجدهما مع الإمام. علي بن زياد عن سفيان عن يونس عن الحسن والمغيرة عن إبراهيم أنهما قالا في الرجل تفوته من صلاة الإمام ركعة وقد سها فيها الإمام فإنه يسجد مع الإمام سجدتي السهو ثم يقضي الركعة بعد ذلك، قال سفيان: وإن كان سجود الإمام بعد السلام، فإنه يسجد معه ثم يقوم فيقضي. قلت: أرأيت هذا الذي فاته بعض صلاة الإمام فسلم الإمام وعليه سجدتا السهو بعد السلام فسجدهما الإمام، فأمر مالك هذا أن يجلس حتى يسلم الإمام من سهوه ثم يقوم فيقضي، أيتشهد في جلوسه كما يتشهد الإمام في سهوه وهو يلبث حتى يفرغ الإمام ولم يقم؟ قال: لا ولكن يدعو. قلت وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قال: وقال مالك فيمن نسي التشهد، قال: أرى ذلك خفيفا، قال: وإن سلم ثم ذكر ذلك وهو قريب فرجع فتشهد مكانه وسلم وسجد لم أر بذلك بأسا، قال: ولم يكن يراه نقصا من الصلاة، قال: وإن تباعد ذلك لم أر أن يسجد.
قال: وقال مالك فيمن أسر فيما يجهر فيه أو جهر فيما يسر فيه، قال يسجد سجدتي السهو، قال: فقلنا لمالك فلو قال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الآية. أو نحو ذلك ثم صمت؟ قال: هذا خفيف ولا سهو عليه. قال سحنون: وقد قاله إبراهيم النخعي يسجد إذا أسر فيما يجهر فيه أو جهر فيما يسر فيه. قال: وقال مالك فيمن صلى وحده فجهر فيما يسر فيه، قال: إن كان جهر جهرا خفيفا لم أر بذلك بأسا. قلت: فإن هو أسر فيما يجهل فيه؟ قال: يسجد سجدتي السهو قبل السلام إلا أن يكون شيئا خفيفا، قلت: فإن جهر فيما يسر فيه هل عليه سجدتا السهو؟ قال نعم،

قلت: فما قول مالك في هذا الذي صلى وحده فأسر فيما يجهر فيه أو جهر فيما يسر فيه، هل عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قال: وقال مالك فيمن سلم ساهيا قبل أن يتشهد في الركعة الرابعة، قال: يرجع فيتشهد ثم يسلم ويسجد لسهوه، قلت لابن القاسم: أبعد السلام أو قبل السلام؟ قال: بل بعد السلام، قلت له: فإن هو لم يجلس إلا أنه لما رفع رأسه من آخر السجدة سلم ساهيا وظن أنه قد قعد مقدار التشهد؟ قال: يرجع فيتشهد ثم يسجد لسهوه أيضا بعد السلام. قلت وهذا قول مالك قال: نعم، قال: وسألنا مالكا عن رجل سلم من ركعتين ساهيا؟ قال: يسجد لسهوه ذلك بعد السلام، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وقاله ابن مسعود. قال: وقال مالك: ليس في سجدتي السهو سهو. قال: وقال مالك فيمن سها في سجدتي السهو فلم يدر واحدة سجد أو اثنتين: إنه يسجد أخرى ; لأن واحدة قد أيقن بها ولا شيء عليه غير ذلك، ويتشهد ويسلم ولا سجود لسهوه سجدتي السهو. قال: وقال مالك في رجل فاتته ركعة مع الإمام فسها الإمام فسجد لسهوه بعدما سلم، قال: هذا الذي بقيت عليه ركعة لا يسجد حتى يتم بقية صلاته ثم يسجد لسهوه. قلت: أرأيت لو أن رجلا دخل مع الإمام في سجوده الآخر في آخر صلاته، وعلى الإمام سجدتا السهو بعد السلام أو قبل السلام فسجد الإمام سجود السهو قبل السلام أو بعد السلام؟ قال: لا يسجد معه لا قبل ولا بعد، ولا يقضيه ; لأنه لم يدرك من الصلاة شيئا، وإنما يجب ذلك على من أدرك من الصلاة ركعة أو أكثر. قال: وقال مالك فيمن فاتته بعض صلاة إمام فظن أن الإمام قد سلم فقام يقضي، فلما صلى ركعة وسجدتيها سلم الإمام فعلم بذلك؟ قال: يرجع فيصلي تلك الركعة بسجدتيها ولا يعتد بما صلى قبل سلام الإمام، ولو ركع ولم يسجد قبل أن يسلم الإمام رجع فقرأ وابتدأ القراءة من أولها، ثم أتم صلاته وسجد سجدتي السهو قبل السلام، فقلت لمالك: أرأيت لو علم وهو قائم قبل أن يسلم الإمام؟ قال: يرجع فيجلس مع الإمام قبل أن يسلم الإمام، فإذا سلم الإمام قام فقضى. قلت: أفعليه سجود السهو؟ قال: لا ; لأنه قد رجع إلى الإمام قبل أن يسلم الإمام فقد حمل ذلك عنه الإمام، قلت له: فلو لم يعلم حتى سلم الإمام وهو قائم أيرجع فيقعد بقدر ما قام؟ قال: لا ولكن ليمض وليبتدئ في القراءة ويسجد سجدتي السهو قبل السلام. قلت: أرأيت من شك في سلامه فلم يدر أسلم أم لم يسلم في آخر صلاته هل عليه سجدتا السهو؟ قال: لا. قلت: ولم والسلام من الصلاة؟ قال: لأنه إن كان قد سلم فسلامه لغير شيء، فإن كان لم يسلم فسلامه هذا يجزئه ولا شيء عليه غير ذلك. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: لا أحفظ هذا عن مالك. قلت: أرأيت من ذكر سهوا عليه من صلاة فريضة وذلك السهو بعد السلام، ثم ذكر ذلك

وهو في الصلاة المكتوبة أو النافلة هل تفسد عليه صلاته هذه التي ذكر ذلك السهو فيها؟ قال: لا. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم ; لأن السهو لا يفسد عليه صلاته التي ترك السهو فيها الذي وجب عليه إذا كان ذلك بعد السلام، وإن كان قبل السلام أفسدها وكذلك قال لي مالك. قلت: أرأيت من ذكر سهوا عليه بعد السلام وهو في فريضة أو تطوع، أيفسد عليه شيء من صلاته هذه؟ قال: لا يفسد عليه شيء، وإذا فرغ مما هو فيه سجد للسهو الذي كان عليه. قلت: فإن كان سهوه قبل السلام؟ قال: إن كان قريبا من صلاته التي صلى رجع إلى صلاته إن كانت فريضة ونقض ما كان فيه بعد سلام، وإن كان تباعد ذلك من طول القراءة في هذه التي دخل فيها أو ركع ركعة انتقضت صلاته التي كان عليه فيها السهو قبل السلام، وإن كانت هذه التي هو فيها نافلة مضى في نافلته ثم أعاد الصلاة التي كان سها فيها، وإن كانت فريضة انتقضت فريضته التي هو فيها وأعاد التي سها فيها ثم صلى الصلاة التي انتقضت عليه وهذا قول مالك. قلت: فإن كان حين ذكر التي كان عليه فيها سجود السهو قبل السلام ذكر ذلك في فريضة وهو منها على وتر، أينصرف أم يضيف إليها ركعة فينصرف على شفع، قال: يضيف إليها ركعة أخرى وينصرف على شفع أحب إلي، وكذلك قال مالك. قلت: أرأيت إن كان عليه سهو من نافلة قبل السلام أو بعد السلام فذكر ذلك قبل أن يتباعد وهو في نافلة أخرى أيقطع ما هو فيه أم لا؟ قال: لا إلا أن يكون لم يركع منها ركعة فيرجع فيسجد لسهوه الذي كان عليه قبل السلام، ويتشهد ويسلم ثم يصلي نافلته التي كان فيها يبتدئ بها إن شاء، وإن كان سهوه بعد السلام فلا يقطع نافلته التي دخل فيها ركع أو لم يركع إلا أنه إذا فرغ منها سجد لسهوه ذلك. قلت: أرأيت الرجل يفتتح الصلاة النافلة ركعتين فيسهو فيزيد ركعة؟ قال: قال مالك: يضيف إليها ركعة حتى تكون أربعا وسواء كان نهارا أو ليلا ويسجد لسهوه قبل السلام ; لأنه نقصان، قلت: فإن سها حين صلى الرابعة عن السلام حتى صلى خامسة؟ قال: لم أسمع منه فيه شيئا، ولا أرى أن يصلي السادسة ولكن يرجع فيجلس ويسلم ثم يسجد لسهوه ; لأن النافلة إنما هي أربع في قول بعض العلماء، وأما في قول مالك فركعتان وقد أخبرتك فيه بقول مالك إذا سها حتى يصلي الثالثة، قال: ولم أسمعه يقول في أكثر من أربع شيئا وأرى أن يسجد سجدتين قبل السلام إذا صلى خامسة في نافلة. قال: وقال مالك: إذا صلى ركعتين نافلة ثم قام يقرأ إلا أنه لم يركع؟ قال: يرجع فيجلس ويسلم ويسجد لسهوه بعد السلام قلت: فإن لم يذكر إلا بعدما ركع قال قد اختلف فيه قول مالك ولكن أحب إلي أن يرجع ما لم يرفع رأسه من الركوع قلت: أرأيت لو صلى الفريضة فلما صلى أربع ركعات قام فصلى خامسة ساهيا قال: هذا يجلس ولا

زيد شيئا ويسلم ويسجد لسهوه قلت: وهذا قول مالك قال: نعم قلت: أكان مالك يفرق بين الفريضة في هذا وبين النافلة قال: نعم.

ما جاء في التشهد والسلام
قال: وقال مالك: لا أعرف في التشهد بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن يبدأ بالتحيات لله، قال: وكان يستحب تشهد عمر بن الخطاب. قلت لابن القاسم: بأيهم يبدأ إذا قعد بالتشهد أم بالدعاء في قول مالك؟ قال: بالتشهد قبل الدعاء، وتشهد عمر التحيات لله الزاكيات لله الطيبات، الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قلت لابن القاسم: أرأيت الإمام كيف يسلم؟ قال: واحدة قبالة وجهه ويتيامن قليلا، قال: فقلت له: فالرجل في خاصة نفسه؟ قال: واحدة ويتيامن قليلا، قال: ومن كان خلف الإمام إن كان على يساره أحد رد عليه. قال: وسلام الرجال والنساء من الصلاة سواء. قال: وقال مالك: إذا كان خلف الإمام فليسلم عن يمينه ثم يرد على الإمام، قال: فقلت: كيف يرد على الإمام أعليك السلام أم السلام عليكم؟ قال: كل ذلك واسع وأحب إلي السلام عليكم. قلت: وأي شيء يقول مالك فيمن كان خلف الإمام فسلم رجل عن يساره فيرد عليه أفيسمعه؟ قال: يسلم سلاما يسمع نفسه ومن يليه ولا يجهر ذلك الجهر. قال: وقال مالك في الإمام إذا سها فسلم ثم سجد لسهوه ثم يسلم، قال: سلامه من بعد سجود السهو كسلامه قبل ذلك في الجهر، ومن خلفه يسلمون ومن بعد سجود السهو كما يسلمون قبل ذلك في الجهر. قال: وقال مالك في إمام مسجد الجماعة أو مسجد من مساجد القبائل، قال: إذا سلم فليقم ولا يقعد في الصلوات كلها، قال: وأما إذا كان إماما في السفر أو إماما في فنائه ليس بإمام جماعة فإذا سلم فإن شاء تنحى وإن شاء أقام، وقد سلم النبي واحدة وأبو بكر وعمرو وعثمان وعمر بن عبد العزيز وعائشة وأبو وائل وهو شقيق وأبو رجاء العطاردي والحسن مالك عن نافع: أن ابن عمر كان يسلم عن يمينه ثم يرد على الإمام وبه يأخذ مالك اليوم قال مالك: فإن كان على يساره أحد رد عليه، قال ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن زهرة بن معبد أنه رأى سعيد بن المسيب يسلم عن يمينه ويساره ثم يرد على الإمام، وكان مالك يأخذ به ثم تركه. قال ابن وهب عن يونس بن يزيد: أن أبا الزناد أخبره قال: سمعت خارجة بن زيد بن ثابت يعيب على الأئمة قعودهم بعد التسليم وقال: إنما كانت الأئمة ساعة تسلم تنقطع مكانها. قال ابن وهب وبلغني عن ابن شهاب أنها السنة. قال

ابن وهب وقال ابن مسعود: يجلس على الرضف خير له من ذلك. قال ابن وهب: وبلغني عن أبي بكر الصديق: أنه كان إذا سلم لمكانه على الرضف حتى يقوم، وأن عمر بن الخطاب قال: جلوسه بعد السلام بدعة.

في الإمام يحدث ويقدم غيره
قلت: أرأيت الإمام إذا أحدث فقدم غيره، أيكون هذا الذي قدم إماما للقوم قبل أن يبلغ موضع الإمام الأول الذي كان يصلي بالقوم؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا، إلا أن مالكا قال: إن أحدث فله أن يستخلف غيره. قلت: أرأيت إن قال: يا فلان تقدم فتكلم أيكون هذا خليفة وترى صلاتهم تامة أم تراه إماما أفسد صلاته عامدا؟ قال: هذا لما أحدث خرج من صلاته، فله أن يقدم ويخرج فإن تكلم لم يضرهم ذلك ; لأنه في غير صلاة. قلت: فإن خرج ولم يستخلف أيكون للقوم أن يستخلفوا أم يصلوا وحدانا وقد خرج الإمام الأول من المسجد وتركهم؟ قال: أرى أن يتقدمهم رجل منهم فيصلي بهم بقية صلاتهم. وهو قول مالك. قلت: فإن صلوا وحدانا؟ قال: لم أسمعه من مالك ولا يعجبني ذلك، وصلاتهم تامة والإمام إذا أحدث أو رعف فالذي ينبغي له أن يخرج مكانه وإنما يضرهم أن لو تمادى فصلى بهم، فأما إذا لم يفعل وخرج فإنه لم يضر أحدا فإن تكلم وكان فيما يبني عليه أبطل على نفسه، وإن كان فيما لا يبني عليه فهو في غير صلاة بالحدث أو غيره مما لا يبني عليه. قال: وقال مالك في إمام أحدث فقدم رجلا قد فاتته ركعة، قال: إذا صلى بهم هذا المقدم ركعة جلس في ركعته ; لأنها ثانية للإمام الذي استخلفه، وإنما يصلي بهم هذا المستخلف بقية صلاة الإمام الأول ويجتزئ بما قرأ الإمام الأول، وقد قاله الشعبي تجزئه قراءته إن كان قرأ وتكبيره إن كان كبر من حديث وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي، قلت: فإذا صلى بهم تمام صلاة الذي استخلفه كيف يصنع في قول مالك؟ قال: يقعد فيتشهد ثم يقوم فيقعدون حتى يتم صلاته ثم يسلم بهم وهذا قول مالك. قلت: أرأيت إماما أحدث وهو راكع فاستخلف رجلا كيف يصنع المستخلف؟ قال: يرفع بهم هذا المستخلف رأسه وتجزئهم الركعة.

في غسل يوم الجمعة
قال: وقال مالك فيمن اغتسل يوم الجمعة للجمعة غداة الجمعة ثم غدا إلى المسجد وذلك رواحه ثم انتقض وضوءه، قال: يخرج يتوضأ ويرجع ولا ينتقض غسله، قال مالك: وإن هو اغتسل للرواح للجمعة ثم تغدى أو نام، قال: فليعد غسله حتى يكون

فيمن زحمه الناس يوم الجمعة
قلت: أرأيت إن هو زحمه الناس يوم الجمعة بعدما ركع مع الإمام الركعة الأولى فلم يقدر أن يسجد حتى ركع الإمام الركعة الثانية؟ قال: لا أرى أن يسجد، وليركع مع الإمام هذه الركعة الثانية ويلغي الركعة الأولى ويضيف إليها أخرى وهو قول مالك، قال مالك: من أدرك الركعة الثانية يوم الجمعة فزحمه الناس من بعد ما ركع فلم يقدر على السجود حتى فرغ الإمام من صلاته، قال: يعيد الظهر أربعا. قلت: أرأيت إن هو زحمه الناس يوم الجمعة بعدما ركع مع الإمام الأولى فلم يقدر على أن يسجد حتى ركع الإمام الركعة الثانية؟ قال: لا أرى أن يسجد وليركع مع الإمام الركعة الثانية ويلغي الأولى. قال: وقال مالك: وإن زحمه الناس يوم الجمعة بعدما ركع الإمام وقد ركع معه ركعة فلم يقدر على أن يسجد معه حتى سجد الإمام وقام، قال: فليتبعه ما لم يخف أن يركع الإمام الركعة الثانية، قال ابن القاسم: فلو خاف أن يركع الإمام الركعة الثانية ألغى التي فاتته ودخل مع الإمام فيما يستقبل قلت: أرأيت إن هو صلى مع الإمام ركعة بسجدتيها يوم الجمعة ثم زحمه الناس في الركعة الثانية فلم يقدر على أن يركعها مع الإمام حتى فرغ الإمام من الصلاة؟ قال: يبني على صلاته ويضيف إليها ركعة أخرى وهو قول مالك. قال ابن القاسم وقال مالك: إن زحمه الناس فلم يستطع السجود إلا

على ظهر أخيه أعاد الصلاة، قيل له: في الوقت وبعده؟ قال: يعيد ولو بعد الوقت وكذلك قال مالك.

فيمن أدرك ركعة يوم الجمعة
قال ابن القاسم: أخبرني عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى أو ليصل إليها أخرى1". قال: وقال مالك: فيمن فاتته ركعة يوم الجمعة ثم سلم الإمام من صلاته، قال: يقوم فيقضي ركعة يقرأ فيها بسورة الجمعة يستحب ذلك له مالك من غير أن يراه واجبا عليه، ويأمره بالجهر فيها بالقراءة. وقال مالك: من أدرك الجلوس يوم الجمعة صلى أربعا، قال علي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: من أدرك ركعة يوم الجمعة فقد أدرك الجمعة ومن فاتته ركعتان فليصل أربعا. قال علي عن سفيان عن أشعث عن نافع عن ابن عمر قال: من أدرك من الجمعة ركعة أضاف إليها أخرى، وإن أدركهم جلوسا صلى أربعا. قال علي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود وعلقمة قالا: إذا أدرك الركعة من الجمعة أضاف إليها أخرى وإن أدركهم جلوسا صلى أربعا. قال وكيع عن ياسين الزيات عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى ومن فاتته الركعتان فليصل أربعا". أو قال الظهر أو قال الأولى. قال سحنون عن علي عن سفيان عن أبي سلمة مولى الشعبي عن الشعبي قال: إذا أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها أخرى وإن أدركهم جلوسا صلى أربعا. قال علي عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم النخعي عن رجل قال: إذا سمعت الإمام حين قال سمع الله لمن حمده فصل أربعا؟ قال علي: يعني من الركعة الآخرة.
ـــــــ
1 رواه مالك في الموطأ في كتاب الجمعة حديث 11: عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى. رواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب 29, ومسلم في كتاب المساجد حديث 161.

ما جاء في خروج الإمام يوم الجمعة
قال: وقال مالك: من افتتح الصلاة يوم الجمعة فلم يركع حتى خرج الإمام، قال: يمضي على صلاته ولا يقطع ومن دخل بعدما خرج الإمام فليجلس ولا يركع، وإن دخل فخرج الإمام قبل أن يفتتح هو الصلاة فليقعد ولا يصلي. قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب، قال: أخبرني ثعلبة بن أبي مالك القرظي أن جلوس الإمام على المنبر يقطع الصلاة وأن كلامه يقطع الكلام، وقال: إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب على المنبر حتى يسكت المؤذن، فإذا قام عمر على المنبر لم يتكلم

ما جاء في استقبال الإمام يوم الجمعة والإنصات
قال ابن القاسم: رأيت مالكا والإمام يوم الجمعة على المنبر قاعد ومالك متحلق في أصحابه قبل أن يأتي الإمام وبعدما جاء يتحدث ولا يقطع حديثه ولا يصرف وجهه إلى الإمام، ويقبل هو وأصحابه على حديثهم كما هم حتى يسكت المؤذن، فإذا سكت المؤذن وقام الإمام للخطبة تحول هو وجميع أصحابه إلى الإمام فاستقبلوه بوجوههم، قال ابن القاسم: وأخبرني مالك أنه رأى بعض أهل العلم ممن مضى يتحلق في يوم الجمعة ويتحدث، فقلت لمالك: متى يجب على الناس أن يستقبلوا الإمام بوجوههم؟ قال: إذا قام يخطب وليس حين يخرج. قال: وقال مالك: لا بأس بالكلام بعد نزول الإمام عن المنبر إلى أن يفتتح الصلاة. قال ابن وهب عن جرير بن حازم عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكلمه الرجل في الحاجة فيكلمه ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي، قال: وسألنا مالكا عن الرجل يقبل على الذكر والإمام يخطب؟ فقال: إن كان شيئا خفيفا سرا في نفسه فلا بأس به، قال: وأحب إلي أن ينصت ويستمع. قال مالك: ويجب على من لم يسمع الإمام من الإنصات مثل ما يجب على من يسمعه، قال: وإنما مثل ذلك مثل الصلاة يجب على من لم يسمع الإمام فيها من الإنصات مثل ما يجب على من يسمعه. قال: وقال مالك فيمن عطس والإمام يخطب؟ فقال يحمد الله في نفسه سرا، قال: ولا يشمت أحد العاطس والإمام يخطب. قال ابن وهب قال: كان ابن عمر وابن المسيب وأنس بن مالك وعروة بن الزبير وسالم وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وربيعة يحتبون والإمام يخطب على المنبر. قال: وقال مالك: لا بأس بالاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب. قال: ورأيت مالكا يتحدث وحوله حلقة والإمام جالس على المنبر والمؤذنون في الأذان، قال: وإنما يستقبل الناس الإمام بوجوههم إذا أخذ في الخطبة ليس حين يجلس على المنبر والمؤذنون في الأذان. قال: وقال مالك: لا يتكلم أحد في جلوس الإمام بين خطبتيه، قال: ولا بأس بالكلام إذا نزل عن المنبر إلى أن يدخل في الصلاة. قال سحنون عن ابن وهب عن مسلمة بن علي عن عبد الرحمن بن

يزيد عن ابن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قعد الإمام على المنبر يوم الجمعة فاستقبلوه بوجوهكم وأصغوا إليه بأسماعكم وارمقوه بأبصاركم". قال سحنون عن ابن وهب عن مسلمة بن علي عن عمر بن عبد العزيز قال: الإمام إذا قعد يوم الجمعة على المنبر استقبله أهل المسجد بوجوههم ابن وهب وقال لي مالك بن أنس: السنة أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة وهو يتكلم. قال سحنون عن علي عن سفيان: أن ابن عمر وشريحا والنخعي كانوا يحتبون يوم الجمعة ويستقبلون الإمام بوجوههم إذا قعد على المنبر يخطب. قال سحنون عن وكيع عن واصل الرقاشي قال: رأيت مجاهدا وطاوسا وعطاء يستقبلون الإمام يوم الجمعة بوجوههم والإمام يخطب.

ما جاء في الخطبة
قال: وقال مالك: الخطب كلها خطبة الإمام في الاستسقاء والعيدين ويوم عرفة والجمعة، يجلس فيما بينها يفصل فيما بين الخطبتين بالجلوس، وقبل أن يبتدئ الخطبة الأولى يجلس ثم يقوم يخطب ثم يجلس أيضا ثم يقوم يخطب، هكذا قال لي مالك. قال: وقال مالك: إذا صعد الإمام المنبر في خطبة العيدين جلس قبل أن يخطب ثم يقوم فيخطب، قال: وأما في الجمعة فإنه يجلس حتى يؤذن المؤذن. قال ابن القاسم قال لي مالك: يجلس في كل خطبة قبل أن يخطب مثل ما يصنع في الجمعة. قال ابن القاسم: وسألت مالكا إذا صعد الإمام يوم الجمعة على المنبر هل يسلم على الناس؟ قال: لا وأنكر ذلك. قال: وسمعته يقول: من سنة الإمام ومن شأن الإمام أن يقول إذا فرغ من خطبته: يغفر الله لنا ولكم. فقلت: يا أبا عبد الله فإن الأئمة يقولون اليوم اذكروا الله يذكركم، قال: وهذا حسن وكأني رأيته يرى الأول أصوب. قال: وقال مالك: بلغني أن عمر بن الخطاب أراد أن يتكلم بكلام يأمر الناس فيه ويعظهم وينهاهم، فصعد المنبر فقعد عليه حتى ذهب الذاهب إلى قباء وإلى العوالي فأخبرهم بذلك، فأقبل الناس ثم قام عمر فتكلم بما شاء الله. قال: وقال مالك: لا بأس أن يتكلم الإمام في الخطبة على المنبر إذا كان في أمر أو نهي. قال: وقال مالك في الإمام يريد أن يأمر الناس يوم الجمعة وهو على المنبر في خطبته بالأمر ينهاهم عنه أو يعظهم به، قال: لا بأس بذلك ولا نراه لاغيا. قال: ولقد استشارني بعض الولاة في ذلك فأشرت عليه به. قال ابن القاسم: وكل من كلمه الإمام فرد على الإمام فلا أراه لاغيا، قال: ولا أحفظ عن مالك فيه شيئا. قال سحنون عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدأ فيجلس على المنبر، فإذا سكت المؤذن قام فخطب الخطبة

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19