كتاب : إنباء الغمر بأبناء العمر في التاريخ
المؤلف : شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

وستون أصبعا ولم يعهد مثل ذلك منذ دهر .
وفيها وصلت طائفة من التتر إلى بلاد التركمان من جهة اللنك ، فوقع بينهم وبين قرا يوسف بن قرا محمد التركماني وقعة انتصر عليهم فيها وكانوا نحو العشرين ألفا .
وفيها وضع المنبر الذي جهزه السلطان برقوق وحج بالناس فيها محمد بن الأمير أيتمش ويقال له : جمق ، وأزيل المنبر الذي وضعه الظاهر بيبرس فجعل في حاصل الحرم بعد أن أقام مائة سنة واثنتين وثلاثين سنة ، وكان السبب في ذلك أن الأرضة كانت قد أثرت فيه كثيران فنقل ذلك للسلطان فأمر بعمل منبر جديد وجهزه في هذه السنة .
وفيها كانت الوقعة بيت تمرلنك وبين طقتمش خان فدام القتال ثلاثة أيام ، ثم انكسر طقتمش خان ودخل بلاد الروس واستولى تمرلنك على القرم وحاصر بلد كافا ثمانية عشر يوما ثم استباحها وخربها .
وفيها وقع بين بني حسن وقواد مكة وقعة في الوادي بمر ، فقتل علي بن عجلان أمير مكة في المعركة فأفرج السلطان عن حسن بن عجلانفي ذي القعدة وقرره في سلطنة مكة وخلع عليه وأذن له في لحاق الحاج ، وأرسل صحبته يلبغا السالمي فسافرا في السابع من ذي القعدة .
وفي أواخر ذي القعدة عاد السلطان استاداره جمال الدين في بيته بالموارثين ، فقدم له تقادم كثيرة فأخذ بعضها ورذ الباقي ، وفي أواخر هذه السنة رحلت إلى ثغر الإسكندرية فسمعت بها من تقي الدين ابن موسى آخر من كان بها يروي حديث السلفي بالسماع المتصل ، وسمعت من جماعة من أصحاب ابن الصفي وطبقته ، وأقمت بها إلى أن رحلت هذه السنة ودخل في التي يليها عدة أشهر .
وانتهت زيادة لنيل إلى أصابع من عشرين ولم يزدد الأمر إلا شدةولا السعر إلا غلو فبلغ القمح ثمانين درهما ، قيمتها من الذهب أكثر من ثلاثة مثاقيل ، والفول والشعير أربعة وخمسين ، والتبن عشرة الحمل ، والأرز كل قدح درهمين ، والخبز درهمين كل رطل .
وفيات سنة 797
ذكر من توفى من الأعيان سنة سبع وتسعين وسبعمائة
إبراهيم بن داود الآمدي ثم الدمشقي أبو محمد نزيل القاهرة ،أسلم على يد الشيخ تقي الدين ابن تيمية وهو دون البلوغ ، وصحبه إلى أن مات ، وأخذ عن أصحابه ، ثم قدم القاهرة فسمع بطلبه بنفسه من أحمد ابن كشتغدي والحسن بن عبد الرحمن الأربلي وشمس الدين ابن السراج الكاتب وإبراهيم ابن الخيمي وأبي الفتح الميدومي ونحوهم وكان شافعي الفروع حنبلي الأصول دينا خيرا متألها ، قرأت عليه عدة أجزاء ، وأجازني قبل ذلك ، قلت له يوما : حال القراءة رضي الله عنكم وعن والديكم ، فنظر إلي منكرا ثم قال : ما كانا على الإسلام .
إبراهيم بن عدنان بن جعفر بن محمد بن عدنان الحسيني برهان الدين نقيب الأشراف بمشق ، مات في ذي الحجة وقد جاوز الثمانين لأنه ولد في ليلة الثاني من ربيع الأول سنة سبع عشرة ، وكان رئيسا نبيلا ، ولي الحسبة في دمشق فحمدت سيرته ، وهو والد المسند علاء الدينكاتب السر بدمشق ، وقد ولي الحسبة بها مرة ، وله سماع من أبي بكر ابن بحيرا .
إبراهيم بن علي بن منصور الحنفي أخو القاضي صدر الدين كان يتعانى الشهادة ، وولي قضاء بعض البلاد الشمالية ، ثم ولي الحسبة مدة ، وكان لا بأس به قال ابن حجي ، قال : ومات في ربيع الأول .
إبراهيم بن محمد القلقشندي جمال الدين أخو بدر الدين أمين الحكم ، وكان جمال الدين موقع الحكم ومباشر أوقاف الحرمين وغيرها ؛ مات في شعبان عن ستين سنة .
أحمد بن الحسن بن الزين محمد بن محمد بن القطب القسطلاني ثمالمكي شهاب الدين ، سمع من عيسى الحجي والنجم الطبري وغيرهما ، وحدث وتكسب بكتب الوثائق ، مات في رجب بطريق مكة عن نحو من سبع وسبعين سنة .
أحمد بن علي بن عثمان الفيشي المصري شهاب الدين الضرير المقرئ ، أتقن القراآت على الشيخ تقي الدين البغدادي وغيره مات في صفر .
أحمد بن عمر بن يحي بن عمر بن يحي الكرجي شهاب الدين الدمشقي ، ولد في صفر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ، وأحضر على الحجار وحدث عنه ، مات في المحرم .أحمد بن . . . . . . البشبيشي والد صاحبنا جمال الدين عبد الله ، قرأت بخطه أنه ولد سنة عشرة وسبعمائة ، قال : ومات في سابع عشر ذي الحجة سنة 797 .
إسماعيل بن شعبان بن حسين بن محمد بن قلاون زين الدين ابن الملك الأشراف ، مات في رمضان .
الطنبغا بن عبد الله الأشرفي أحد الأبطال المشهورين ، مات مسموما بحلب .
بديع بن نفيس التبريزي صدر الدين الطبيب ، قدم القاهرة وخدم الظاهر فرتبه في رياسة الطب شريكا لعلاء الدين بن صغير ، ومات في ربيع الأول .أبو بكر بن عبد الله البجائي ثم المصري ، قدم من بلاده واشتغل بالعلم ، وقرأ المدونة وحصلت له جذبة فانقطع بقرب الجامع الأزهر بالأبارين ، وكان للناس فيه اعتقاد يفوق الوصف ، مات في سادس جمادى الآخرة ودفن بتربة الظاهر بجانب الشيخ طلحة ، قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري : كانت له جنازة عظيمة كيوم العيد أو الاستسقاء أو أكثر .
أبو بكر بن عبد الله الموصلي ثم الدمشقي نزيل دمشق ، اشتغل بالفقه والحديث ونظر في كلام الصوفية ، مات في القدس في شوال وقد جاوز الستين ، قال ابن حجي : قدم من الموصل وهو شاب فكان يتكسب من الحياكة ويشتغل في أثناء ذلك بالعلم ويعاشر الصوفية ، ولازم الشيخ قطب الدين مدة ، وأدمن النظر في الحديث فعلق بذهنه شيء كثير منه ، ثم اشتهر أمره وصار له أتباع وعلا ذكره وبعد صيته وتردد إليه الأكابر وحجمرارا ، ثم اتصل أمره بالسلطان فبالغ في تعظيمه وزاره في داره بالقدس وصعد إليه إلى العلية وأمر له بمال فأبى أن يقبله ، وكان يكاتب السلطان بالشفاعات الحسنة فلا يرده ، وكان الشهاب الزهري ممن يلازم حضور مجلسه ويبالغ في تعظيمه ، وكذلك الشيخ شمس الدين الصرخدي ، ومن طريقته أنه لا يعامل أحدا من أصحابه ولا يأكل بعضهم لبعض شيئا ولا لغيرهم ، وكان يتكلم على الناس فيبدئ الفوائد العجيبة والنكت الغريبة ، وكان يشغل في التنبيه ومنازل السائرين ، وكان والده عبد الملك يذكر عنه أنه قال : كنت في المكتب ابن سبع سنين فربما لقيت فلسا أو درهما في الطريق فأنظر أقرب دار فأعطيهم إياه ، فأقول لقيته قرب داركم وله نثر ونظم .
أبو بكر محمد بن عيسى بن أبي المجد البعلي الأنصاري ، قاضي بعلبك ، مات في المحرم .
بلاط بن عبد الله المنجكي ، أحد الأمراء بالقاهرة ، مات في هذه السنة من شوال .حمزة بن علي بن يحيى بن فضل الله العدوي عز الدين ابن كاتب السر ، كان في حياة أبيه يلبس بالجندية ، ثم ناب عن أبيه في كتابة السر ثم عن أخيه ، وكان أكبر موقعي الدست ، ومات بعده بدمشق يوم تاسوعاء ، أنشدني عيسى بن حجاج لنفسه لما بلغه موت حمزة بعد موت أخيه بدر الدين :
قضى البدر بن فضل الله نحبا
ومات أخوه حمزة بعد شهر
فلا تعجب لذا الأجلين يوما
فحمزة مات حقا بعد بدر
وكان حسن الوجه ، كثير التجمل ، وكان بعد موت أخيه قد عين لكتابة السر ، وقرأ على الظاهر الكتب والقصص فبغته الموت وانقضى به بيتهم .خليل بن محمد بن عبد الله الأقباعي الحلبي عتيق شهاب الدين ابن العجمي ، سمع من إبراهيم ابن العجمي ، ومات في شوال .
رشيد بن عبد الله الهبي بضم الهاء وتشديد الموحدة وكان من أكابر الكارم ، ثم رق حاله ومات في جمادى الأولى ، وكان محبا في الصالحين .
سعيد بن نصر بن علي الشريف الحنبلي ، كان من قدماء الفقهاء بدمشق ، أفاد ودرس وأفتى وحدث ، ومات في المحرم عن نيف وستين سنة .
عبد الله بن فرج بن كمال الدين النويري المصري جمال الدين ، أحد نواب المالكي ، مات في ربيع الآخر .
عبد الرحمن بن أسعد اليافعي ، ولد الشيخ عفيف الديناشتغل بفنون من العلم وحفظ الحاوي ، وكانت تعتريه حدة وفيه صلاح وله شعر فمنه :
ألا إن مرآة الشهود إذا انجلت
أرتك تلاشي الصد والبعد والقرب
وصانت فؤاد الصب عن ألم الأسى
وعن ذلة الشكوى وعن منة الكتب
وله سماع من أبيه ، وبالشام من ابن أميلة ، وبمصر من البهاء ابن خليل ، مات غريقا بالرحبة بين الشام والعراق ، وله ست وأربعون سنة لأنه كان لزم السياحة والتجريد .
عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الخير الشماخي الزبيدي محدث زبيد ، مات في شعبان ، أخذ عنه نفيس الدين العلوي وغيره .
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد الإسفراييني الصوفي نور الدين بن أفضل الدين ولد سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة ، وكان عارفا بالفقه والتصوف ، وله أتباع ومريدون ، وقد حدث بالمشارق عنعمر بن علي القزويني عن أحمد بن غزال الواسطي عن الصغاني بالسماع وعن صالح ابن الصباغ إجازة عن الصغاني إجازة ، وهو القائل :
زعم الدين تشرقوا وتغربوا
أن الغريب وإن أعز ذليل
فأجبتهم أن الغريب إذا اتقى
حيث استقل به الركاب جليل
مات وله خمس وسبعون سنة .
عبد الواحد بن ذي النون بن عبد الغفار بن موسى بن إبراهيم تاج الدين الصردي ، سمع من علي بن عمر الواني جزء سفيان بنعبينة وصحيح مسلم بفوت ، وولي القضاء بعض بلاد الريف ، مات في جمادى الآخرة سمعت منه جزء سفيان وقليلا من الصحيح .
علي بن عبد الله البندقداري الشافعي ، مات في رجب .
علي بن عبد الرحمن بن عبد المؤمن الهوريني نور الدين ، سمع من ال زين بن علي الأسواني الشفاء للقاضي عياض ، وحدث عنه وعن الوادي آشي ، وقد ولي أبوه القضاء بالمدينة ، وولي مشيخة خانقاه قوصون وكان مشكورا ، وتزوج بنت القاضي فخر الدين القاياتي ، وعاش القاياتي بعده مدة ، ولم أجد لي عنه سماعا ما واستبعد أن يكون أجاز لي وناب في الحكم وولي أمانة الحكم ، مات في رجب ، واستقر عوضه في مشيخة القوصونية تاج الدين عبد الله بن الميموني ، وكان قد حفظ كتبا منها الشفاء والمقامات والإلمام وعرضها .
علي بن عبد الرحمن الخراساني ، أحد العباد ، أقام ببغداد مدة ، وللناس فيه اعتقاد كبير ، ثم وصل إلى القاهرة في ربيع الآخر فمات بها في هذه السنة .علي بن عجلان بن رميثة بن أبي نمي بن أبي سعد بن الحسن بن قتادة بن أدريس الشريف أبو الحسن الحسني أمير مكة وابن أميرها ، ولي في أول شعبان سنة تسع وثمانين ، فامتنع عنان من تسليم الأمر إليه وتقاتلوا في سلخ شعبان ، فقتل كبيش بن عجلان وجماعة ، ومضى إلى مصر فاستقر شريكا لعنان ففر عنان إلى نخلة فتبعه علي فتقاتلوا فقتل مبارك بن عبد الكريم واستمر عنان بوادي مر وتوجه حسن بنعجلان إلى مصر ، فأخذ عسكرا من الترك ورجع إلى أخيه ، ثم وقع بينه وبين أخيه وشاركه محمد ، ثم استقر عنان في نصف الإمرة وأن يكون القواد مع عنان والأشراف مع علي بن عجلان وأن يقيم كل منهما بمكة ماشيا ولا يدخلها إلا لضرورة فلم يتمش لهم حال ونهب ركب اليمن وبعض المصريين ، ثم آل الأمر إلى أن اجتمعا بمصر وأجلس علي فوق عنان وأعطي الظاهر عليا مالا وخيلا ومن الفول والشعير شيئا كثيرا ، فرجع إلى مكة وسار سيرة حسنة ، ولكن أفسد الأشراف بجدة فسادا كبيرا ، ثم نازعه أخوه حسن ، وتوجه إلى مصر ليلي أمر مكةفقبض عليه وعلى علي بن مبارك فلم ينشب علي أن قتل ، قتله كردي أبن عبد الكريم بن معيط وجماعة من آل بيتهم وهربوا فخرجوا إليه ودفنوه بالمعلى ، وذلك في شوال ، واستقر بعده أخوه حسن ، وكان علي شابا جميل الصورة كريما عاقلا رزين العقل واستقر في إمرة مكة بعده أخوه حسن بن عجلان فطالت مدته كما سنذكره .
علي بن محمد الركاب الحنفي ، ناب في الحكم ، مات في رجب .علي بن محمد القليوبي ثم المصري ، أحد المهرة في مذهب الشافعي كان بالشيخونية ، مات في رجب أيضا .
عمر بن محمد بن أبي بكر الكومي سراج الدين ولد في صفر سنة 714 سمع بدمشق من أحمد بن علي الجزري ، وعلي ابن عبد المؤمن بن عبد وغيرهما ، وحدث ومات بمصر وقد جاوز الثمانين ولم يتهيأ لي السماع منه مع حرصي على ذلك .
عيسى بن غانم المقدسي ، مات بها في شوال .
محمد بن أحمد بن سلامة المصري المعروف بابن الفقيه ، أحد فضلاء المالكية ، مات في ربيع الأول .
محمد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز المهدوي ثم المصري ، البزازبسوق الفاضل أبو علي بابن المطرز ، سمع من ألواني والحبتي والدبوسي ، وحدث بالكثير وأجاز له اسماعيل بن مكتوم والمطعم ووزيره وأبو بكر بن عبد الدائم وغيرهم من دمشق ، قرأت عليه الكثير ، ومات في جمادى الأولى .
محمد بن أحمد بن عيسى بن عبد الكريم بن عساكر بن سعد بن أحمد بن محمد بن سليم بن مكتوم السويدي الأصل القيسي الدمشقي بدر الدين ، ولد سنة بضع وأربعين وعني بالفقه والعربية وتصدى للتدريس والإفتاء ، وحدث عن عبد الرحيم بن أبي اليسر بالحضور ، قال ابن حجي : ورأيت له سماعا في سنة خمس وخمسين وسبعمائة علي أحمد وعلي ابني إبراهيم ابن علي الصهيوني ؛ وكان يقرأ البخاري في رمضان بعد الظهر ، وكان يفتي في الآخر ، ودرس بأماكن ، وكان خيرا دينا له عبادة ، وكان يستحضر الحاوي إلى آخر وقت مع الإحسان إلى الطلبة والبر للفقراء والصلة لأقاربهوالتقلل في خاصة نفسه والانجماع عن الناس ، وجرى على طريقة السلف في شراء الحوائج بنفسه وحملها ، مات في جمادى الآخرة عن خمس وخمسين سنة .
محمد بن برقوق بن أنس الأمير ناصر الدين ابن الملك الظاهر ، ولد وأبوه أمير فأعطاه أبوه أقطاع بركة بعد مسك بركة وهو ابن شهر واحد ، ثم حصل له في رجله داء الخنزير فأعيا الأطباء إلى أن مات في ذي الحجة هذه السنة ، وأسف أبوه عليه أسفا كثيرا .
محمد بن عبد الدائم بن محمد بن سلامة الشاذلي ناصر الدين ابنبنت الميلق ، سمع من أحمد بن كشتغدي وأحمد بن محمد الحلبي وغيرهما من أصحاب النجيب وغيره ، واعتنى بالعلم وعانى طريق التصوف ، وفاق أهل زمانه في حسن الأداء في المواعيد وإنشاء الخطب البليغة ، وقال الشعر الرائق ، والتفت عليه جماعة من الأمراء والعامة إلى أن ولي القضاء فباشره بمهابة وصرامة ، ولم يحمد مع ذلك في ولايته وأهين بعد عزله بمدة رأيته وسمعت كلامه ولم أسمع عليه شيئا ، ومات في أواخر جمادى الأولى أو أول جمادى الآخرة وقد جاوز الستين ، قرأت بخط ابن القطان : كان شديد البخل بالوظائف ، وكان أيام هو واعظا خيرا من أيام هو قاضيا ، كذا قال ، استغفر الله .
محمد بن عبد القادر بن عثمان بن عبد الرحمن بن أحمد الجعفريالنابلسي شمس الدين ، رعالم أهل نابلس ، كان حنبليا ، وقد سمع الحديث من شمس الدين بن يوسف بإجازته من السبط ، وسمع من ابن الخباز وغيره ، وحدث وأفتى وانتفع به الناس ، وكانت له عناية بالحديث ويقظة فيه ، مات في شوال ، وقد اختلط عقب وفاة ولده شرف الدين .
محمد بن علي بن صلاح الحريري الحنفي إمام الصرغتمشية ، سمع من الوادي آشي ومحمد بن غالي في آخرين ، واعتنى بالقراآت والفقه ، وأخذ عن قوام الدين الأتقاني وغيره ، وله إلمام بالحديث ، وناب في الحكم سمعت منه ، ومات في رجب .محمد بن عمر القليجي الحنفي شمس الدين ، موقع الحكم كان مزجى البضاعة في العلم إلا أنه داخل أهل الدولة وباشر الوظائف الجليلة مثل إفتاء دار العدل ، وكان حسن الخط عارفا بالوثائق ، ناب في الحكم ، ومات في رجب .
محمد بن محمد بن أحمد بن سفري الحلبي شمس الدين ، أصله من قرية من قرى عزاز ثم قدم حلب فسكن بانقوسا ، واشتغل بحلب على أبن الأقرب ، وأفتى ودرس ، وكان دينا عاقلا ، ولما وقعت الفتنة بين كمشبغا الحموي وأهل بانقوسا ، وظفر بهم كمشبغا أراد أذية شمس الدينابن سفري هذا فمنعه منه القاضي كمال الدين ابن العديم ، وأنزله بالمدرسة الجاولية فصار مدرسا بها إلى أن مات ونشأ له ابنه شهاب الدين صاحبنا فقام مع جكم لما تسلطن وولاه نظر الجيش ، فلما قتل جكم قبض عليه الملك الناصر وأقدمه مصر ، فأقام بها مدة ثم نفاه الملك المؤيد بعد قتل نوروز إلى القدس ، فأقام هناك إلى أن مات ، وسيأتي ذكره في سنة وفاته .
محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن حماد بن ثابت الواسطيثم البغدادي غياث الدين بن صدر الدين بن محي الدين أبي الفضل المعروف بابن العاقولي الشافعي ، مدرس المستنصرية ببغداد ، ولد ببغداد في رجب سنة 732 ؛ واشتغل حتى انتهت إليه الرئاسة في المذهب هناك مع التوسع من الدنيا ، ودرس وأفتى وبرع في الفقه والأدب والعربية ، وشارك في الفنون وشرح المصابيح وخرج لنفسه جزءأ حديثيا وأربعين حديثا عن أربعين شيخا ، وشرح أيضا منهاج البيضاوي والغاية القصوى له ، وحدث بمكة وبيت المقدس وأنشد لنفسه بالمدينة :
يا دار خير المرسلين ومن بها
شغفي وسالف صبوتي وغرامينذر علي لئن رأيتك ثانيا
من قبل أن أسقى كؤوس حمامي
لأعفرن على ثراك محاجري
وأقول هذا غاية الأنعامي
قال ابن حجي : كان بارعا في علمي المعاني والبيان وفي أربعينه أوهام وأسقاط رجال من الأسناد ومع ذلك فكان عند أهل بلده أنه شيخ الحديث في الدنيا ، وكان فهمه جيدا ونفسه قوية ويقال أنه كان مفرط الكرم ، ولما نازل اللنك بغداد نهبت أمواله وسبيت حريمه فدخل الشام وحدث بها وكتبوا عنه من نظمه ، فلما رجع أحمد بن أويس إلى بغداد رجع معه ، فمات بعد وصوله بخمسة أشهر في صفر عن أربع وستين سنة ، وكان عالما فاضلا دينا حسن الشكل والأخلاق جوادا ممدحا ، وكان دخله في كل عام نحو خمسة آلاف دينار ينفقها في وجوه الخير ؛ ذكر الأسنوي في طبقات الفقهاء وحدث الغياث بمكة والمدينة ودمشقوحلب وأقام بها قبل الحج عدة أشهر ، وكان وقع بينه وبين أحمد ابن أويس وحشة ففارقه إلى تكريت ، ثم توجه إلى حلب ، وكان إسماعيل وزير بغداد بنى له مدرسة فأراد أن يأخذ الآجر من إيوان كسرى فشق على الغياث ذلك وقال : هذا من بقايا المعجزات النبوية ، ودفع له ثمن الآجر من ماله ومن شعره :
لا تقدح الوحدة في عارف
صان بها في موطن نفسا
فالليث يستأنس في غابه
بنفسه أصبح أو أمسى
أنست بالوحدة في منزلي
فصارت الوحشة لي أنا
سيان عندي بعد ترك الورى
وذكرهم أذكر أم أنسي
محمد بن أبي محمد الأقصرائي نزيل القاهرة ، درس بمدرسة أيتمشللحنفية ، ومات في جمادى الأولى ، وهو والد صاحبنا بدر الدين محمود وأخيه أمين الدين يحيى .
محمد بن أبي يعقوب القدسي شمس الدين نزيل جامع المقسي ، كان ظاهر الصلاح من طلبة العلم ، واختصر الاستيعاب وسماه الإصابة ، وجمع مجاميع ، وكان ينسب إلى غفلة وللناس فيه اعتقاد ، مات في رمضان .
محمد بن أبي محمد السملوطي بفتح المهملة وتخفيفها وتخفيف الميموتخفيف اللام المضمومة كان يتعانى الصلاح وينقطع في التنظف ، وكان لسودون النائب فيه اعتقاد ، ولبعضهم فيه انتقاد ، ومات في شهر رمضان أيضا .
محمد بن القيسراي أمين الدين وكيل بيت المال بدمشق ، مات في ذي القعدة .
معروف بن الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي ثم الزبيدي ، مات في ربيع الآخر وفجع به أبوه .
موسى بن أبي بكر بن سلار شرف الدين ، أحد الأمراء بالقاهرة ، مات في ذي الحجة .
يوسف بن عبد الله النحريري جمال الدين المالكي ، أحد الشهود المعروفين ، مات في ذي الحجة .
حوادث سنة 798
سنة ثمان وتسعين وسبعمائة
فيها في المحرم تناقص سعر القمح إلى أن وصل إلى ستين ، ثم طلع بسبب الرمايات إلى مائة وعشرة فعزل المحتسب نفسهفأعاده السلطان وأمره أن يرميه بمائة ، وكثر أسف الناس لذلك ، وآل الأمر في جمادى الأولى إلى أن عدم الناس الخبز سبعة أيام ، واستسقى الناس بالجامع الأزهر ، تقدمهم الشيخ سراج الدين البلقيني بسبب منام رآه بعض من يعتقد فيه الصلاح ، فعجب أكثر الناس لموافقة الشيخ على ذلك لكنه بالغ في الدعاء والابتهال والتضرع وضج معه الناس في ذلك ، وكانت ساعة عظيمة ، وكان ذلك في نصف جمادى الأولى ، فاتفق وصول غلال كثيرة في صبيحة ذلك اليوم فانحط السعر قليلا ، ثم ازداد الغلاء إلى أن سمر الوالي جماعة من الطحانين وضرب المحتسب أربعة منهم بالسياط وشهرهم ، ولم يزدد الأمر إلا شدة ، فعزل شرف الدين الدماميني واستقر شمس الدين البجاسي محتسبا في جمادى الآخرة ، وفي ثامن ربيع الآخرعمل السلطان في كل يوم خبزا يفرق على الفقراء والحبوس والزوايا نحو عشرين أردبا قمحا ، وحضر باب الأسطبل السلطاني نحو من خمسمائة فقير ، ففرق السلطان فيهم ، لكل نفر خمسون درهما ، فتسامع الفقراء بذلك فحضر في الجمعة المقبلة ما لا يحصى عدده ، فمنعوا من باب الأصطبل فازدحموا فمات منهم من الزحمة سبعة وأربعون نفسا ، وأكثر السلطان في هذه السنة من الصدقات ، ثم انحط السعر في جمادى الآخرة بعد أن بلغ مائة وسبعين فرجع كل إردب قمح إلى خمسين ثم ارتفع وعدم الخبز من الحوانيت مدة بسبب انقطاع الجالبين لأنهم كانوا قد خسروا ، وتزاحم الناس على الأفران ، فأمر السلطان علاء الدين ابن الطبلاوي أن يتحدث في السعر ، ففعل ذلك فتزايد القحط ، واختفى المحتسب وانتهى سعر القمح إلى مائة وعشرين ثم تراجع إلى الخمسين ثم عاد إلى الثمانين ، ثم انحط وزاد النيل فأوفى في سابع ذي القعدة ، ثم استقر إلى أن جاوز العادة في الزيادة وتأخر حتى خافوا فوات الزرع ثم فرج الله تعالى .
وفيه استقر قلمطاي الدويدار ناظرا على المدرسة الظاهرية الجديدة ،وفي المحرم بطل كشف الوجه البحري واستقر نيابة بتقدمة ألف واستقر فيها يلبغا الأحمدي ، وفي صفر استقر نور الدين الجيزي المعروف بالعور محتسب القاهرة عوضا عن شرف الدين الدماميني ثم عزل بعد أيام وأعيد شرف الدين ، وفي سادس صفر قبض على زوجتي محمود وولده محمد وكاتبه سعد الدين بن غراب وعوقوا بالقلعة ، وحمل من دار محمودوهو ضعيف مائة ألف دينار وخمسون ألف دينار أخرجت من خبئتين في داره ، وفي حادي عشريه استقر قطلوبك العلائي أستادار السلطان عوضا عن محمود وكان قبل ذلك أستادار أيتمش ، واستقر علاء الدين الطبلاوي أستادار الخاص عوضا عن محمود أيضا .
وفيها استقر قديد الحاجب نائب الإسكندرية عوضا عنمبارك شاه ، واستقر مبارك شاه وزيرا ، وفي هذا الشهر وصل اطلمش قريب تمرلنك فقبض عليه قرا يوسف التركماني صاحب تبريز فأرسله إلى الملك الظاهر فاعتقله ، وكانت هذه الفعلة أعظم الأسباب في حركة تمرلنك إلى البلاد الشامية ، كما سيأتي شرح ذلك ، وفي ربيع الأول قبض على سعد الدين ابن كاتب السعدي وعلى ولده أمين الدين وسلما لابن الطبلاوي ، ثم شفع فيهما فخلع عليهما ثم سلم له محمد بن محمود وأمر أن يستخلص منه مائة ألف دينار فيقال إنه عراه وأراد ضربه بالمقارع فخدعه بأن قال له : يا أمير قد رأيت عزا فزال فعزك أيضا لا يدوم ، فاستعفى ابن الطبلاوي منه فسلم لشاهين الحسني ثم أعيد إليه وتسلم والدته أيضا ، ثم قبض على محمودوسلم لابن الطبلاوي في جمادى الأولى ، وشرع في تتبع ذخائر محمود إلى أن حصل للسلطان منها بعناية سعد الدين ابن غراب كاتب محمود ، ودلالته ما ينيف على ألف ألف دينار ما بين ذهب وفضة وغير ذلك ، ثم سلم محمود لفرج شاد الدواوين في جمادى الآخرة فعصره ثم تسلمه ابن الطبلاوي فعصره أيضا فأصر على عدم البذل .
وفيها استقر أبو الفرج درهم قيمتها إذا ذاك ستة آلاف دينار .
وفيها وقع بين الشريف الملكي الذي كان صيرفيا بقطيا ناظرا بها وواليا وضمنها في كل شهر بمائة ألف وخمسين ألف حسن بن عجلان أمير مكة وبين بني حسنوقعة هائلة كسرهم فيها وشتت شملهم وعظمت منزلته يومئذ ، وقام في قمع المفسدين وإصلاح أحوال بلاد الحجاز ، وفي جمادى الأولى هرب الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد ابن الجزري الدمشقي من القاهرة إلى بلاد الروم ، وكانت بيده عدة وظائف بدمشق وتدريس الصلاحية ببيت المقدس وكان السبب في هروبه انه كان يتحدث عن قطلوبك بالشام في مستأجراته ومتعلقاته بدمشق ، فزعم أنه تأخر عنده مال كثير فتحاكم معه عند السلطان فرسم عليه فهرب ، ولما تحقق هربه استقر في تدريس الصلاحية الشيخ زين الدين أبو بكر القمني ، وتفرق الناس وظائفه ، ووصل هو في هربه إلى أبي يزيد بن عثمان صاحب الروم ، فاتفق أنه وجده عنده تلميذا هناك يقال له شيخ حاجي ، كان قد قرأ عليه القرآن بدمشق ، فعرف الملك بمقداره فعظمه وأكرمه ورتب له في كل يوم مائتي درهم ، وساق له عدة خيول ومماليك ، وفي جمادى الآخرةاستقر الشيخ زاده الخرستاني شيخ الشيخونية عوضا عن بدر الدين الكلستاني إلى تدريس الصرغتمشية عوضا عن بدر الدين الكلستاني كاتب السر ، وعاد الكلستاني إلى تدريس الصرغتمشية عوضا عن جمال الدين ناظر الجيش ، وفيه نفى أحمد بن يلبغا إلى طرابلس ، واستقر في فارس الحاجبناظرا على الشيخونية والصرغتمشية .
وفي أوائل رجب استقر سعد الدين ابن البقري في الوزارة عوضا عن مبارك شاه ، واستقر علاء الدين ابن المنجا الحنبلي في قضاء الحنابلة بدمشق عوضا عن ابن مكنون ، واستقر شرف الدين الدماميني ناظر الكسوة ، وفي وسط هذه السنة أمر يشبك الذي صار الأمرفي دولة الناصر بن الظاهر إمرة عشرة ، وفي صفر استقر ابن الطبلاوي أستادار خاص الخاص والذخيرة والأملاك وناظر الكسوة مع الحجوبية والولاية والتحدث في دار الضرب والمتجر .
وفي ربيع الآخر استقر تاج الدين عبد الرزاق بن أبي الفرج الملكي في ولاية قطيا مضافا إلى نظرها ، والتزم في كل شهر بحمل مائتين وخمسين ألف درهم ، وكان أولا صيرفيا ثم ترقى إلى المباشرة ثم إلى النظر ثم إلى الإمرة .
وفي رمضان خسف جرم القمر بعد العشاء حتى أظلم الجو وأوفى النيل في ثاني عشر مسري وانتهت الزيادة إلى تسعة عشر ذراعا .
وفي ذي الحجة استقر علاء الدين ابن الطبلاوي في نظر المارستانعوضا عن كمشبغا .
وفيها رجع اللنك بعساكره من بلاد الدشت بعد أن أثخن فيهم ، فوصل إلى سلطانية في شعبان ، ثم توجه إلى همذان فأمر بالإفراج عن الملك الطاهر صاحب ماردين ، فوصل إليه في رمضان ، فتلقاه واعتذر إليه وأضافه أياما ، ثم خلع عليه وأعطاه مائة فرس وجمالا وبغالا وخلعا كثيرة ، وعقد له لواء ، وكتب له ستة وخمسين منشورا ، كل منشور بتولية بلد من البلاد التي كان تمر فتحها في سنة ست وتسعين ما بين أذربيجان إلى الرها ، وشرط عليه أنه يلبي دعوته كلما طلبه ، فتوجه في ثالث عشرين رمضان ، فدخل ماردين في حادي عشر شوال ، فخشي نائب القلعة الطنبغا أن يقبض عليه ويسيره إلى اللنك ففر منه ؛ فتوجه المنصورأخو السلطان يخبر الظاهر ، فأكرمه وقرر له راتبا وأقام بمصر .
وفيها اشتد الغلاء بالقاهرة وأكثر السلطان من الصدقات وعمل الخير وفرق الذهب والفضة ، وخرج البلقيني بالناس إلى الجامع الأزهر فدعا برفع الغلاء وكانت ساعة عظيمة وكان ذلك في نصف جمادى الأولى ، وصادف وصول غلال كثيرة وفي صبيحة ذلك اليوم ، وانحط السعر قليلا ثم انحط إلى أن بيع الإردب بخمسين ، ثم انقطع الجلابة للخسارة فتزاحم الناس على الخبز ، فأمر ابن الطبلاوي بالتحدث في السعر ، ثم تزايد القحط واختفى المحتسب ورجع القمح إلى مائة وعشرين فاستقر البخانسي .
وفي شهر ربيع الآخر توجه نوروز الحافظي رأس نوبة إلى الصعيد ، فأحضر علي بن غريب أمير هوارة وأولاده وأهله وإخوته وأقاربه وتمام أربعة وثلاثين نفرا من أكابر عربانه ، فأمر السلطان بسجنهم فلما تسامعبذلك عربانه وثبوا على قطلوبغا الطشتمري النائب بالوجه القبلي ، فقتلوه وتجمعوا وتوجهوا إلى أسوان وتوافقوا مع أولاد الكنوز ودخلوا أسوان على حين غفلة ، فهرب واليها حسين إلى النوبة فنهبوا بيته ونهبوا البلد ، فلما بلغ السلطان ذلك ولي عمر بن الياس النيابة بالوجه القبلي وأمره بالتوجه إلى أسوان وطلب العرب المذكورين وأرسل إلى عمر بن عبد العزيز الهواري أن يساعده ، فتوجها فلم يظفرا من العرب المذكورين بشيء .وفي شعبان استقر ناصر الدين بن كلفت نقيب الجيش .
وفي ذي القعدة استقر سعد الدين ابن غراب في نظر الخاص وانفصل سعد الدين بن كاتب السعدي ، وفي أواخر ذي القعدة استقر ابن الطبلاوي في نظر المارستان عوضا عن كمشبغا الكبير ، وفي شعبان عقد لي علي بنت القاضي كريم الدين بن عبد العزيز الذي كان ناظر الجيش .
وفيها غلب قرا يوسف على الموصل في جمادى الآخرة ، وأمر عليها أخاه يار علي بن قرا محمد .
وفيها قدم مرزا شاه بن تمر واليا على تبريز خليفة لأبيه فملكهاوملك خلاط وغيرها ، فراسله العادل صاحب الحصن وهاداه ، فأجابه بما أحب .
وفيات سنة 798
ذكر من مات في سنة ثمان وتسعين وسبعمائة
إبراهيم بن الشيخ عبد الله المنوفي برهان الدين ابن الشيخ المالكي كان صالحا خيرا ، وأبوه من مشاهير العباد ، وهو خطيب الحسينية ظاهر القاهرة ، وكان عند الناس وجيها ، مات في رجب .
إبراهيم بن عبد الله الأدمي ، كانت له وجاهة عند القضاة ، مات في جمادى الآخرة .
أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الدائم الحلبي المصري ولي الدين ابن تقي الدين بن محب الدين ولد ناظر الجيش كان موقع الدست ؛ ومات في جمادى الآخرة شابا .أحمد بن عبد الوهاب المصري شهاب الدين ابن تاج الدين ابن الشامية من أكابر الموقعين في الحكم وكان مشكورا ، مات في شعبان .
أحمد بن علي بن أيوب بن رافع الحنفي إمام القلعة بدمشق ، سمع من أبي بكر ابن الرضي وغيره وحدث ، ومات في شوال وله ثمانون سنة أجاز لي غير مرة .
أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي ابن قاضي الحصن شهاب الدين اشتغل وهولا صغير ودرس بالعذراوية ولم يكن بالماهر ، ومات في رمضان ذكره ابن حجي .
أحمد بن محمد بن بيبرس شهاب الدين بن الركن ، قرأ بالسبع علىابن السراج المقرئ الكاتب ثم على الشيخ تقي الدين البغدادي ، واعتنى بعلم الميقات ومهر فيه ، مات في صفر عن خمس وسبعين سنة .
أحمد بن محمد بن طريف الشاوي شهاب الدين ، كان كحالا بالمارستان ثم خدم في دار الضرب ثم ولي نظرها ، وداخل علاء الدين ابن الطبلاوي فير أمر المتجر فظهر منه من الجور والظلم ما لم يبلغه أكابر القبط فعوجل وتمرض واستمر إلى أن مات في جمادى الأولى .
أحمد بن محمد بن موسى بن سند أبو سعد بن شمس الدين ، ولد سنة سبع وأربعين ، وأحضره أبوه على ابن الخباز وابن الحموي وغيرهما ، وأسمعه من ابن القيم وغيره ، واشتغل في العربية وغيرها ، ووعظ الناس ، مات في شعبان .
أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسفابن محمد بن عبد الله بن قدامة بن مقدام أبو العباس المقدسي شهاب الدين ابن العماد بن العز الحنبلي ، ولد سنة سبع وسبعمائة ، واشتغل بالفقه وأحضر وهو صغير على هدية بنت عسكر وتفرد بذلك ، وأجاز له إسحاق النحاس في مطلق إجازته لأهل الصالحية والتورزي وطائفة من أهل مكة وابن رشيق وطائفة من أهل مصر ، وسمع الكثير من القاضي سليمان والمطعم وابن عبد الدائم وابن سعد وفاطمة بنت جوهر وغيرهم ، وحدث بالكثير وعمر ، أجاز لي غيرمرة مات في ربيع الآخر أو الأول وهو آخر من حدث عن الجرائدي والتقي سليمان بإسماع وكان خاتمة المسندين بالشام وغيرها ، وأقعد في آخر عمره .
إسماعيل بن أحمد بن علي عماد الدين الباريني الحلبي الفقيه الشافعي ، ولد سنة تسع عشرة ، وقدم من حلب إلى دمشق وهو طالب علم فقرأ على الشيخ على المنفلوطي ، وولاه البلقيني قضاء بعلبكن ثم ولي خطابة القدس ، ثم توجه إلى مصر ، وكان ممن قام على التاج السبكي مع البلقيني ، ثم ولي قضاء القدس ، ومن قبله الشوبك ، وحدث وافتى ودرس ، ومات في ربيع الأول ببيت المقدس ، وقد جاوز الثمانين .آمنة بنت علي بن عبد العزيز الدمشقية ، حضرت على أسماء بنت صصري وعبد الله بن أبي التائب وغيرهما وحدثت ، وماتت في أول السنة .
بهادر بن عبد الله المشرف سيف الدين الأعسر كان مشرفا بمطبخ قجا ثم صار زردكاشا عند يلبغا الكبير ، ثم تنقلت به الأحوال إلى أن استقر أحد الأمراء الكبار بالديار المصرية ، ومات في شوال .تمر بن عبد الله الحاجب كان دينا خيرا محبا في العلم محترزا في أحكامه ، مهما أشكل عليه راجع العلماء ، مات مجروحا من العرب نزلوا عليه في مركب رجع فيها من جهة الإسكندرية .
جار الله بن حمزة بن راجح بن أبي نمي الحسني المكي ، قريب صاحب مكة ، قتل في الوقعة التي وقعت بين حسن بن عجلان والحسنيين ، وكان من وجوه بني حسن .
حسن بن عمر بن محمد بن مكي الشهرزوري حسام الدين ، ولد في رمضان سنة اثنتين وسبعمائة ، وكلن أبوه جنديا ، خدم وولي شد الواحات وكان يذكر من عجائبها أشياء ، ومات في ذي الحجة وقد كف .
حمود بن علي الأقفهسي الحنفي كان مشاركا في الفنون وولي نقابة الحكمللحنفية ، مات في جمادى الآخرة .
خليل بن محمد بن عبد الله بن سليمان بن علي الناسخ بدر الدين الحلبي ، ولد بدمشق بعد العشرين وأحضره أبوه عند بن تيمية فمسح رأسه بيده ودعا له واشتغل فمهر في عدة فنون ثم سكن حلب ، ووقع في الحكم واشتهر ، ومات في ربيع الأول وكان يذكر أنه سمع من الوادي آشي وابن النقيب الشافعي .
خليل بن محمد الشنطوفي صلاح الدين موقع الحكم ، مات في رمضان .
ست الركب بنت علي بن محمد بن حجر أخت كاتبه ، ولدت في رجب سنة سبعين في طريق الحج ، وكانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء ، وهي أمي بعد أمي أصبت بها في جمادى الآخرة من هذه السنة .
سعد بن إبراهيم الطائي الحنبلي البغدادي ، كان فاضلا وله نظم فمنه :خانني ناظري وهذا دليل
لرحيلي من بعده عن قليل
وكذا الركب إن أرادوا قفولا
قدموا ضوءهم أمام الحمول
سودون بن عبد الله الفخري الشيخوني ، كان من أتباع شيخون ثم تنقلت به الأحوال في دولة حسن إلى أن تزوج بنت أستاذه وولي النيابة مده ، وكان محبا في الصالحين مع غفلة فيه حتى أن بعض الناس جمع من أحكامه شيئا يحاكي المجموع من أحكام قراقوش وكان الملك الظاهر يحترمه ويعظمه ولم يتظاهر بالمنكرات إلا بعد أن خملولزم بيته ، ومات في جمادى الآخرة .
سفر شاه بن عبد الله الرومي الحنفي تقدم في العلم ببلاده ، وتقدم عند أبي يزيد بن عثمان ، وقدم القاهرة رسولا من صاحب الروم فأخذ عن فضلائها وأكرمه السلطان وحصل له وعك واستمر إلى أن بغته الأجل بالقاهرة ، مات في جمادى الآخرة .
صدقة بن محمد فتح الدين أبو ذقن المصري ناظر المواريث ، كان مشكورا في مباشرته ، مات في جمادى الآخرة .
طقتمش خان التركي صاحب بلاد الدشت ، قتل في هذه السنة بعد أن انكسر من اللنك ، قتله أمير من أمراء التتار يقال له تمر قطلو .
عبد الله بن عمر بن محلي بن عبد الحافظ البيتليدي بفتح الموحدةوسكون التحتانية وفتح المثناة الفوقية بعدها لام مكسورة خفيفة ثم مثناه تحتانية ساكنة الوراق الدمشقي ، سمع من أبي بكرابن الرضي وشرف الدين ابن الحافظ وأحمد بن علي بن الجزري وغيرهم ، أجاز لي غير مرة ، ومات في ذي القعدة .
عبد الرحمن بن محمد الشريسي زين الدين الميقاتي الرئيس ، كان ماهرا في فنه ، مات في رمضان .
عثمان بن عبد الله العامري فخر الدين أخو تقي الدين ، كان شافعيا بارعا في الفقه ، مات كهلا دون الأربعين ، وهو منسوب إلى كفر عامر قرية بالزبداني فربما له الكفر عامري ، أخذ عن الشرفالشريسي ، أثنى عليه ابن حجي بحسن الفهم وصحة الذهن ، وهو ممن أذن له البلقيني في الإفتاء ، مات في ذي الحجة .
علي بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عوض المالكي ، أخو القاضي بهرام ، كان شيخ القراآت بالشيخونية ، مات في رمضان .
علي بن عبد الله النشادري الزبيدي موفق الدين اليمني ، كان بارعا في الفقه والصلاح مع الدين والتواضع ، وعرض عليه القضاء فامتنع ، مات في صفر .
علي بن قاضي القدس ابن الرصاص علاء الدين ، ولي القضاء في القدس غير مرة جاوز التسعين .
فاطمة بنت يحيى بن العفيف بن عبد السلام بن محمد بن مزروع المضري - بالمعجمة - البصري ثم المدني ، حدثت بالإجازة عن أحمد بنعلي الجزري وغيره ، وعمرت أختها رقية بعدها دهرا طويلا .
فرج بن عبد الله الشرفي الحافظي الدمشقي مولى القاضي شرف الدين ابن الحافظ ، سمع من يحيى بن محمد بن سعد وابن الزراد وغيرهما ، مات في شوال وقد قارب التسعين ، أجاز لي غير مرة .
قطلوبغا الأحمدي أمير جندار وهو أخو آقبغا الجلب .
قطلوبغا الطشتمري نائب الوجه القبلي ، قتله العرب كما تقدم .
محمد بن أحمد بن عبد الله المقدسي شمس الدين ابن المؤذن ، كان يتعانى الصلاح وخدم الشيخ محمدا القرمي وسكن مكة من حدود سنة سبعينإلى أن مات قافلا من اليمن على أميال من مكة في شعبان ، وكان حسن الهيئة مقبولا محمد بن أحمد بن محمد بن عماد المصري ثم المقدسي محب الدين ابن الهاثم ، ولد سنة ثمانين أو إحدى وثمانين وحفظ القرآن وهو صغير جدا ، وكان من آيات الله في سرعة الحفظ وجودة القريحة ، اشتغل بالفقه ، والعربية والقراآت والحديث ومهر في الجميع في أسرع مدة ، ثم صنف وخرج لنفسه ولغيره ، رافقني في سماع الحديث كثيرا ، وسمعت بقراءته المنهاج على شيخنا برهان الدين ، وهو أذكى من رأيت من البشر مع الدين والتواضع ولطف الذات ، وحسن الخلق والصيانة ، مات في شهر رمضان ، وأصيب به أبوه وأسف عليه كثيرا ، عوضه الله الجنة .
محمد بن جركس الخليلي كان جميل الصورة تام القامة ، مات في صفر وقد جاوز العشرين .
محمد بن رجب بن محمد بن كلفت التركماني الأصل ناصر الدين الوزير ، تنقلت به الأحوال إلى أن ولي شد الخاص ثن انتقل إلى الوزارةفباشرها مباشرة حسنة ، وذلك في رابع عشر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ، وقرر الوزراء المنفصلين في خدمته ما بين ناظر ومستوف ، فباشروا معه على قاعدة خاله ناصر الدين بن الحسام ، وكان رئيسا محتشما حسن الوجه ، مات في صفر وكثر الثناء عليه ، وكان قد جاور بمكة سنة ثلاث وثمانين ، محمد بن عبد الله بن عبد العزيز شمس الدين النستراوي الأصل ناظر ديوان الجيش ، وكان بيده عدة مباشرات ، وكان رئيسا له حظ من عبادة ، ومن كلامه البطالون أعداء الدول مات في صفر وكان لطيفا كيسا .محمد بن محمد بن أحمد القاياتي تقي الدين الحنفي موقع الحكم وشاهد دار الضرب ، كان من الرؤساء بالقاهرة ، مات في جمادى الأولى .
محمد بن محمد بن محمد بن عثمان الأماسي عز الدين الدمشقي سمع من الحجاز صحيح البخاري وحدث ، أجاز لي وكان ناظر الأيتام بدمشق ويتكسب بالشهادة تحت الساعات ويوقع على الحكام ، أقام على ذلك اكثر من ستين سنة ، مات في ربيع الآخر وقد ناهز الثمانين لأنه ولد سنة ثماني عشرة على ما كتبه بخطه .
محمد بن محمد بن موسى بن عبد الله الشنشي الحنفي ، ناب في الحكم ، وكان أحد طلبة الصرغتمشية ، وكان فاضلا جاور بمكة سنة ثلاث وثمانين ، مات في جمادى الأولى .
محمد بن محمد المصري الشيخ شمس الدين الصوفي ، أحد القراء في الجوق ، انتهت إيه رئاسة فنه ، ومات في شعبان .
محمد بن مقبل الصرغتمشي ، كان عارفا بعلم الميقات ، مات في رجب .مرتضى بن إبراهيم بن حمزة الحسني العراقي صدر الدين ، كان أبوه معظما عند أصحاب بغداد ثم دخل القاهرة فعظم في الدولة الناصرية الحسنية ، مات سنة أربع وستين ، فأحسن يلبغا إلى مرتضى المذكور وعظمه ، ثم استمر معظما وقد ولي نقابة الأشراف مرة ونظر القدس مرة والخليل أخرى ، وكان حسن الشكل مليح الوجه طلق اللسان فصيحا بالعربية والتركية ، اجتمعت به في داره ورأيته يجيد لعب الشطرنج ، مات في ربيع الآخر .مقبل بن عبد الله الصرغتمشي ، تفقه وتقدم في العلم وصنف وشرح وشارك بالعربية ، مات في رمضان ، وأنجب ولده محمد فشارطك في الفضائل ومهر في الحساب ، وكان قصير القامة أحدب ، مات قبل أبيه بشهرين .
ميكائيل بن حسين بن إسرائيل التركماني الحنفي نزيل عينتاب ، قدمها فأخذ عن الشيخ فخر الدين إياس وغيره ، وباشر بها بعض المدارس ولازم الإفادة ، فأخذ عنه القاضي بدر الدين العيني ، وهو ترجمه فقال إنه عاش أكثر من سبعين سنة ، مات في سابع عشر ذي الحجة .
يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر المقدسيالحنبلي أبو المحاسن جمال الدين بن تقي الدين بن العز أخو مسند عصره صلاح الدين الصالحي ، سمع من الحجار وابن الزراد وغيره ، ومهر في مذهبه ، وكان يعاب بفتواه بمسألة الطلاق التيمية أجاز لي ، وكان إمام مدرسة ابن أبي عمر ، أثنى عليه ابن حجي بالفضل وجودة الذهن وصحة الفهم ، مات في شهر رمضان .
أبو سعد ابن سند ، اسمه أحمد .
أبو ذقن اسمه صدقة وقد تقدما .حوادث سنة 799
سنة تسع وتسعين وسبعمائة
فيها حضر الطنبغا المارداني نائب صاحب ماردين إلى القاهرة فأكرمه السلطان ، فقد قدمت شرح حاله في السنة الماضية ، وكان قدومه في المحرم .
وفيها وصلت كتب من جهة تمرلنك فعوقت رسله بالشام وأرسلت الكتب التي معهم إلى القاهرة ، ومضمونها التحريض على إرسال قريبه اطلمش الذي أسره قرا يوسف كما تقدم فيه بما هو عليه من الخير والإحسان بالديار المصرية ، وأرسل ذلك السلطان مع أجوبته ومضمونها أنك إذا أطلقت من عندك من جهتي أطلقت من عندي من جهتك والسلام .
وفي صفر سأل محمد الأستادار الحضور بين يدي السلطانفترافع هو وكاتبه سعد الدين بن غراب الذي استقر ناظر الخاص فلم يفده ذلك شيئا وتسلمه شاد الدواوين ، ورجع فبالغ في أذيته وعقوبته تم حبسه في خزائن شمائل في أوائل جمادى الأولى حتى مات في تاسع رجب منهان ويقال إنه خنق ، وأنه لما تحقق أنه أمر بسجنه في الخزانة وأن ذلك يفضي به إلى القتل استدعى بقجة كبيرة وفيها وثائق بديون له على كثير من الناس كان قد استوفى أكثرها فغسلها كلها ، ويقال إن جملة ما أخذ من موجوده قبل وفاته ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار ، فلعاها كانت تساوي قدر الفضة ، وكان في أول أمره يخدم عند أمراء الإسكندرية كالجندار ، ثم صار يتولى شاد الأقطاعات عند بعض الأجناد ثم عند الأمراء ، ثم ترقى إلى أن استقر شاد الدواوين ، ثم ولاه الظاهرالاستادارية الكبرى ، فباشرها بمعرفة ودهاء إلى أن خضع له أكابر أهل الدولة ثم تقلبت به الأحوال إلى هذه الغاية .وفي سادس ربيع الأول استقر سعد الدين ابن الصاحب شمس الدين المقيسي في نظر الجيزة عوضا عن سعد الدين بن قارورة ، واستمر ابن قارورة ناظر الدواليب رفيقا لابن سمحل .
وفيه استقر تاج الدين البولاقي مشير الدولة عوضا عن تاج الدين ابن الرملي واستقر أناط كاشف الوجه القبلي عوضا عن عمر ابن أخي قرط واستقر عوضه في أمارة قوص ناصر الدين ابن العادلي ، وفيه مات بطرك النصارى الملكية ، واستقر عوضه واحد منهم ، وفيه استقرعلم الدين كاتب ابن يلبغا في استيفاء الدولة عوضا عن علم الدين الطنساوي ، واستقر تاج الدين رزق الله بن سماقة ناظر الإسكندرية عوضا عن فخر الدين ابن غراب ، وفيه نفى طشبغا وإلى دمياط إلى قوص ، وفيه استقر كريم الدين بن مكانس .
وفي شوال اعتقل الجبغا الجمالي وأمد بن يلبغا بطرابلس .
وفيها حاصر ولد تمرلنك بلاد الجزيرة والموصل فتشتت اهلها وفر قرا يوسف إلى الشام وغيره .
وفيها قدم تاني الحسني نائب الشام المعروف بتنم إلى الديار المصرية باستدعاء السلطان أرسل إليه سودون طاز في المحرم فأحضره في ثالثصفر ولاقاه السلطان إلى الريدانية فجلس في المصطبة وتلقاه أكبر العسكر حتى حضر بين يدي السلطان فأكرمه وأقعده إلى جانبه ثم ركبا إلى القلعة وأمره بالنزول بالميدان الكبير وأجرى له الرواتب والخلع ثم أرسل هو تقدمته إلى السلطان قيل فقومت بخمسين ألف دينار وقيل إنها تساوي أكثر من ذلك .وفي يوم الإثنين سابع عشر صفر عمل السلطان الموكب بدار العدل ، وأحضر تنم بمنزلة النيابة وخلع عليه خلعة استمرار ، وخلع على القاضي شمس الدين النابلسي الحنبلي بقضاء الحنابلة ، وكان حضر مع تنم وسافروا في أواخر الشهر المذكور ، وفيه رضي السلطان على جلبان قراسقل الكمشبغاوي وافرج عنه من دمياط واستقر أميرا كبيرا بالشام وقبض على إياس الذي استقر جلبان عوضه وصودر على مائةالف دينار .
وفي ربيع الأول استقر بدر الدين محمد بن محمد الطوخي في الوزارة ، وصرف سعد الدين ابن البقري وصودر ابن البقري على مال كثير جدا أفضى به الطلب إلى إهلاكه فباشر الطوخي الوزارة بصرامة ومهابة وفي ولايته هذه ابطل مكس الغلة ، واستقر سعد الدين ابن الهيصمناظر الديوان المفرد عوضا عن ابن الطوخي ، وفي صفر أعيد شرف الدين الدماميني إلى الحسبة مضافا إلى الوكالة ونظر الكسوة وصرف البجاسي ، ثم استقر ابن الدماميني في نظر الجيش في ربيع الأول بعد موت جمال الدين ، واستقر ابن البرجي في الحسبة فاتفق ان الأسعار غلت فتشاءم الناس به ولم يلبث إلا يسيرا حتى وقف العامة فيه للسلطان فعاندهم وخلع عليه فرجموه فعزله عنهم وأعاد البجاسي .
وفيه استقر شمس الدين الطرابلسي في قضاء الحنفية بالديار المصرية بعد جمال الدين ، ثم مات في آخر السنة .وفيها كانت الوقعة بين الملك أبي يزيد بك بن عثمان صاحب الروم وبين الفرنج فكسرهم كسرة عظيمة .
وفيها قدمت هدية صاحب الروم صحبة قاصد السلطان واسمه طولو ، وهو االذي ولي إمرة الحاج بعد ذلك في سنة ست وثمانمائة ، واخبر أنه رأى شمس الدين ابن الجزري مقيما في بلد ابن عثمان في غاية الإكرام ، وكان ابن الجزري يتحدث في تعلقات الأمير قطلوبك الذي كان في خدمة الأمير الكبير أيتمش ، ثم ولي بعد ذلك الاستادارية فحاسب ابن الجزري فادعى أنه يستحق عليه شيئا كثيرا فخشي منه ففر فركب البحر إلى الإسكندرية ثم إلى انطاكية ثم إلى برصا فلقي شيخا كانيقرأ عليه في دمشق يقال له : كامورا موبر فعرف ابن عثمان بمقداره فأكرمه وأرسل إليه خيولا ورقيقا وثيابا ورتب له مرتبا جيدا . ثم قدمت له هدية أخرى صحبة قصاد من عنده ومن جملتها جماعة من الفرنج كانوا يقطعون الطريق على المسلمين في البحر فأسرهم وأرسلهم فأسلم منهم اثنان .
وفيها قدمت هدية صاحب اليمن صحبة عبده فأخر الطواشيوبرهان الدين ابن المحلي ، ويقال إنها قومت بستين ألف دينار .
وفيها استقر نحمد بن عمر بن عبد العزيز الهواري أبو السنون في إمرة العرب بالصعيد الأعلى عوضا عن أبيه .
وفيها استأذن كاتب السر بدر الدين الكلستاني السلطان له ولجميعالمتعممين أن يلبسوا الصوف الملون في المواكب فأذن لهم وكانوا لا يلبسون إلا الأبيض خاصة ، وفي ربيع الأول ولدت امرأة بظاهر القاهرة أربعة ذكور أحياء .
وفي يوم الخميس ثالث عشرين جمادى الأولى استقر القاضي تقي الدين الزبيري في قضاء الشافعية وصرف صدر الدين المناوي .وفيها كانت الوقعة العظمى بين طقتمش خان صاحب بلاد الدشت وبين الفرنج الجنوية .
وفي جمادى الآخرة وصل القاضي سري الدين إلى القاهرة مصروفا عن قضاء دمشق ، وكان عين لقضاء الشافعية بالقاهرة ، فاتفقت ولاية الزبيري قبل أن يقدم فلما قدم لم يلبث أن مات ، واستقر عماد الدين الكركي الذي كان قاضي الشافعية بالقاهرة في خطابة القدس بعد موتابن جماعة واستقر الشيخ زين الدين العراقي في تدريس الحديث بجامع ابن طولون مكانه بحكم سفره ، واستقر الشيخ سراج الدين ابن الملقن في تدريس قبة الصالح وشهاب الدين النحريري في النظر عليه مكانه أيضا ، وفيه خرج أهل دمشق للاستسقاء لما كان أصابهم من الغلاء فلما رجعوا وجدوا ابن النشو فرجموه حتى مات ، وكان يحتكر الغلال بالجاه وراح دمه هدرا ، وكان ابن النشو هذا يقال له ناصر محمد متولي شد المراكز وولي إمرة طبلخاناه ، وكان أصله سمسارا فلما تأمرصار يحتكر ولا يبيع أحد شيئ من الحبوب إلا بعد مراجعته ، وكان قتله والنائب في الصيد ، فلما رجع كوتب من عند السلطان بتتبع من فعل ذلك وتوسيطه ، فحصل لكثير من الشاميين أذى وكتبوا فيه محضرا بما يبدو من المذكور من الفجور وكلمات الكفر والجور المفرط والظلم الظاهر ، فلطف النائب القضية حتى أعفى الناس من ذلك .
وفي رجب شرع يلبغا السالمي في تجديد عمارة الأقمر فأقام منارته وعمل فيه فسقية وجدد فيه خطبة في رابع رمضان .
وفي ثامن شعبان الموافق الحادي عشر بشنس أمطرت السماء برعد وبرق حتى صارت القاهرة خوضا فكان من العجائب ودام ذلك في ليالي متعددة ، وقد وقع مثل ذلك بل أعظم منه في مثل زمانه في سنة سبع عشرة وثمانمائة في سلطنة الملك المؤيد ، وفي شعبان صرف قديدمن نيابة الإسكندرية إلى القدس بطالا ، واستقر شيخ المحمودي وهو الذي ولي السلطنة بعد ذلك في أقطاع صرغتمش وهي تقدمة ، واستقر طغنجي في أقطاع شيخ ، واستقر يشبك العثماني الذي دبر المملكة بعد ذلك أمير طبلخاناه عوضا عن صلاح الدين تنكز ، وأمر صلاح الدين بالإقامة بالإسكندريةبطالا ثم شفع فيه فتوجه إلى دمشق ، واستقر علاء الدين الطبلاوي مكانه في استادارية الذخيرة والأملاك .
وفي أواخر شعبان استقر شعبان بن داود الآثاري في حسبة مصر عوضا عن شيخه نور الدين البكري وكان يوقع بين يديه ، وفي رمضان استقر يلبغا المجنون الأحمدي الذي كان كاشف الوجه القبلي في الاستادارية عوضا عن قطلوبك .
وفي أوائل شوال توجه تمربغا المنجكي حاجب الميسرة على البريد للإصلاح بين التركمان ، وفيه اعتقل عنان أمير مكة وأولاد عمه مباركابن رميثة وابن عطية وجماز وهبة أمير المدينة بالإسكندرية ، وفيه وصل تاج الدين ابن أبي شاكرمن بلاد الروم وكان فر إليها فأقام قليلا ثم رجع فأسره الفرنج فاشتراه شخص شوبكي وأحضره إلى مصر فسأله السلطان عن سبب هروبه فذكر أنه خاف من سعد الدين ابن البقري فعفا عنه وأمره بلزوم بيته .
وفي هذه السنة أمطرت السماء في حادي عشر بشنس من الأشهر القبطية مطرا غزيرا برعد وبرق ودام ذلك في ليالي متعددة ، وأوفى النيل عاشر مسرى وانتهت الزيادة إلى خمسة عشر من مسرى .
وفيها نازل جماعة من أصحاب تمرلنك ارزنكان وهي بينالمملكة الشامية والمملكة الرومية فأمر السلطان تمربغا المنجكي بالخروج إلى الشام لتجريد العساكر إلى أزركان .
وفيها غضب بكلمش أمير سلاح على دويداره مهنا بمرافعة موقعه صفي الدين الدميري فصادره وصرفه ، واستقر كريم الدين ابن مكانس ناظر ديوانه وأحمد بن قايماز استاداره ، فآل الأمر إلى أن غضب بكلمش على موقعه المذكور فضربه بالمقارع فمات تحت الضرب .
وفي العشرين من شوال رافع جماعة من صوفية الخانقاه القوصونية شيخهم تاج الدين الميموني ، وكان استقر فيها بعد جده لأمهنور الدين الهوريني ورموه بعظائم وفواحش ، فأمر السلطان بعزله من المشيخة المذكورة فعزل منها ومن نيابة الحكم ، واستقر في المشيخة الشيخ شمس الدين ابينا التركماني الحنفي ، وفي يوم الجمعة ثامن شوال الموافق لعاشر مسرى زاد النيل في يوم واحد ستة وستين أصبعا وكسر فيه الخليج ثم انتهت زيادته إلى خمسة عشر من عشرين .
وفي العشرين من ذي القعدة قتل الأمير أبو بكر بن الأحدب أمير عرب عرك شرف الخصوص من الوجه القبلي ، واستقر عوضه في إمرة العرب أخوه عثمان .وفي أوائل ذي الحجة توعك السلطان إلى يوم عرفة فعوفي .
وفيها وقع الرخاء بالمدينة الشريفة حتى بيع اللحم كل رطل مصري بنصف درهم .
وفيها توجهت إلى اليمن من طريق الطور فركبت البحر في ذي القعدة فوصلت إليها في السنة المقبلة .
وفيها أعيد علاء الدين ابن البقاء إلى قضاء الشافعية بدمشق ، وطلب سري الدين إلى القاهرة ليستقر في القضاء بها فمات قبل أن يلي كما تقدم شرحه .
وفيات سنة 799
ذكر من مات في سنة تسع وتسعين وسبعمائة من الأعيان
إبراهيم بن عبد الله الحلبي الصوفي الملقن ، كان يذكر أنه كان بتفليس سنة غازان رجلا وعمر إلى هذه الغاية وقدم دمشق وهو كبير فأقراالقرآن بالجامع وصارت له حلقة مشهورة ، يقال إنه قرأ عليه اكثر من ألف ممن اسمه محمد خاصة ، وكان الفتوح ترد عليه فيفرقها في أهل حلقته ، وكان أول من يدخل الجامع وآخر من يخرج منه ، واستسقوا به مرة بدمشق ، وكان شيخا طوالا كامل البنية وافر الهمة كثير الأكل ، ومات في شعبان ، وكانت جنازته حافلة جدا ، ويقال أنه عاش مائة وعشرين سنة .
إبراهيم بن عبد الله الخلاطي الشريف ، ولد قبل سنة عشرين ، ونشأ في بلاد العجم ، وتعلم صناعة اللازورد فكان يحترف منها ، وقدم الديار المصرية فعظمه أهل الدولة ، وكان ينسب إلى الكيمياء ؛ وكان لا يخرج من منزله وأكثر الناس يترددون إليه ، وكان السلطان يمر بداره وهي بفم الخور فيكلمه وهو راكب ويتحدث هو معه من فوق منزله ، ماتفي جمادى الأولى ، وحضر جنازته أكثر الأمراء ، وقرأت في تاريخ العينتابي أنه الشريف حسين الأخلاصي الحسيني ، قال : وكان منقطعا في منزله ويقال : إنه كان يصنع اللازورد واشتهر بذلك قال : وكان يعيش عيش الملوك ولا يتردد لأحد ، وكان ينسب إلى الرفض لأنه كان لا يصلي الجمعة ويدعي بعض من يتبعه انه المهدي ، وكان في أول أمره قدم حلب فنزل بجامعها منقطعا عن الناس ، فذكر للظاهر أنه يعرف الطب معرفة جيدة ، فأحضره إلى القاهرة ليداوي ولده محمدا فأقبل عليه السلطان وشرع في مداواة ولده فلم ينجع ، واستمر مقيما بمنزله على شاطئ النيل إلى أن مات في أول جمادى الأولى وقد جاوز الثمانين ، وخلف موجوداكثيرا ولم يوص بشيء فنزل قلماي الدويدار الكبير فاحتاط على موجوده فوجد عنده جام ذهب وقوارير فيها خمر وزنانير للرهبان ونسخة من الإنجيل ، وكتب تتعلق بالحكمة والنجوم والرمل وصندوق فيه فصوص مثمنة على ما قيل .
إبراهيم بن علي بن محمد بن محمد بن أبي القاسم بن محمد ابن فرحون اليعمري المالكي المدني ، سمع بها من الوادي آشي ومن الزبير بن علي الأسواني والجمال المطري ، وتفرد عنه بسماع تاريخ المدينة وغيرهم وتفقه وولي القضاء بالمدينة ، وألف كتابا نفيسا في الأحكام وآخر في طبقات المالكية مات في عيد الأضحى وقد قارب السبعين .إبراهيم بن يوسف الكاتب ابن الأندلسي ، وزير صاحب المغرب ، كان خالف عليه مع أخيه أبي بكر فظفر به أبو فارس فصلبه في هذه السنة .
أحمد بن إسماعيل بن محمد بن أبي العز بن صالح بن أبي العز بن وهيب الأذرعي ثم الدمشقي الحنفي نجم الدين ابن الكشك ، ولد سنة عشرين ، وسمع من الحجار وحدث عنه ، وتفقه وولي قضاء مصر سنة سبع وسبعين فلم تطب له فرجع ، وكان ولي قضاء دمشقمرارا ، آخرها سنة اثنتين وتسعين فلزم داره ، وكان خبيرا بالمذهب ، درس بأماكن وهو أقدم المدرسين والقضاة ، كان عارفا صارما ، ومات في ذي الحجة ، أجاز لي وأجاز له سنة مولده وبعدها القاسم بن عساكر ويحيى بن سعد وابن الزراد وابن شرف وزينب بنت شكر وغيرهم ضربه ابن أخته وكان مختلا بسكين فقتله .
أحمد بن محمد بن إبراهيم شهاب الدين الصفدي نزيل مصر ، وكانت له عناية بالعلم ، وكان يعرف بشيخ الوضوء ، مات في ربيع الأول وهو والد الشيخ شهاب الدين وعرف بشيخ الوضوء لأنه كان يتعاهد المطاهر فيعلم العوام الوضوء .أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز النويري محب الدين ابن أبي الفضل قاضي مكة وابن قاضيها ، ولد سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ، وأسمعه أبوه علي العز بن جماعة وغيره ، وتفقه بأبيه وغيره ، وقد ناب عن أبيه وولي قضاء المدينة في حياته ثم تحول إلى قضاء مكة في سنة سبع وثمانين فمات بها وكان بارعا في الأحكام مشكورا .
أحمد بن محمد بن راشد بن قطليشا القطان ، شهاب الدين ، ولد سنة بضع وعشرين وسبعمائة ، وحدث عن زينب بنت الكمالوأبي بكر ابن الرضى وغيرهما ، أجاز لي غير مرة ، ومات في ربيع الأول وقد جاوز السبعين .
أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد الظاهري شهاب الدين أبن تقي الدين الدمشقي ، ابن أخت القاضي سري الدين ، أحد الفضلاء ، درس بأماكن وأفاد .
أحمد بن محمد بن محمد البأد المالكي إمام المالكية بدمشق ، وكان ينوب بالحكم ومات بالقدس في صفر .
أحمد بن محمد بن مظفر الدين موسى بن رقطاي .
أرغون دوادار النائب سودون ، كان اشتراه ورباه ثم اعتقه وزوجه ابنته ، وجعل استاداره ودواداره وحاكم بيته ، وعمل النيابة نيابة عنأستاذه في مدة غيبة السلطان في سنة ست أو سبع وتسعين ، وباشر بعد موته شد الخاص إلى أن مات في شهر ربيع الأول .
إسماعيل بن حسن بن محمد بن قلاون عماد الدين بن السلطان الناصر بن الناصر ، كان ذكيا فطنا عارفا بالحساب والكتابة ، أمره ابن عمه الأشرف شعبان بن حسين واختص به ، ثم تقدم عند الملك الظاهر ونادمه ، مات في شوال .
إياس بن عبد الله فخر الدين الجرجاوي ، نائب طرابلس ، وقد تقدم في الديار المصرية ، مات في هذه السنة .
أبو بكر بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهاديالمقدسي ثم الصالحي ، سمع من الحجاز وحدث ، وكان به صمم ، مات في المحرم وقد جاوز الثمانين ، أجاز لي .
أبو بكر بن أبي العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر الحفصي أخو السلطان أبي فارس عبد العزيز صاحب المغرب يكنى أبا يحيى ، كان ممن خال على أخيه بقسطنطينية فحاصره أبو فارس حتى قبض عليه ، ومات في الاعتقال في ذي القعدة منها .أبو بكر بن الأحدب العركي ، قتل في ذي القعدة ، كما تقدم في الحوادث رأيته غير مرة .
حافظ العجمي خادم الصوفية بالبيرسية ثم الشيخونية ، وكان صهر الشيخ ضياء الدين .
حسن بن عبد الله التستري الصوفي رفيق يوسف العجمي في الطريق ، وكان مقيما بالحكر ، وللناس فيه اعتقاد ، مات في جمادى الأولى .
درويش بن عبد الله العباسي ، أحد من كان يعتقد بالقاهرة ، مات في رجب .
زينب بنت عبد الله بن عبد الحليم بن تيمية ابنة أخي الشيخ تقي الدين ، سمعت من الحجاز وغيره ، حدثت وأجازت لي . .
زينب بنت محمد بن عثمان بن عبد الرحمن الدمشقية ، يعرف أبوها بابن العصيدة ، زاد عمرها على المائة وعشر سنين بإخبار من يوثق بهمن اهل دمشق ، فقرأ عليها بعض أصحابنا بالإجازة العامة عن الفخر بن البخاري وغيره ، وأجازت لي غير مرة .
سعد بن عبد الله البهائي السبكي مولى أبي البقاء ، سمع من زينب بنت الكمال والجزري بدمشق ، ومن العلامة شمس الدين بن القماح وإسماعيل بن عبد ربه بالقاهرة ومن غيرهم ، مات في رمضان أجاز لي .
عبد الله بن علي السنجاري قاضي صور وهي بلدة بين حصن كيفا وماردين ، تفقه بسنجار وماردين والموصل وأربل ، وحمل عن علماء تلك البلاد ، وقدم دمشق فأخذ بها عن القونوي الحنفي ، ثم قدم مصر فأخذ عن شمس الدين الأصبهاني وأفتى ودرس وتقدم ونظم المختار على مذهب الحنفية وغير ذلك ، وكان يصحب أمير علي المارداني فأقام معه بمصر مدة ، وناب في الحكم عن الحنفية ، ثم ولي وكالة بيت المال بدمشق ، ودرس بالصالحية ، وقدم مصر بأخرة ، ورأيته وسمعت كلامه عند القاضي صدر الدين المناوي ، وقد حدث عن الصفي الحللي بشيء من شعره ، وكان مولده سنة اثنتين وعشرين ، وكان حسن الأخلاق لين الجانب لطيف الذات ، ومن نظمه :
لكل امرئ منا من الدهر شاغل
وما شغل ما عشت إلا المسائلقال ابن حجي في تاريخه : صحب البرهان ابن جماعة بدمشق ، وسامره وكان يحفظ شيئا كثيرا من الحكايات والنوادر وعنده سكون وتواضع ، مات في ربيع الآخر بدمشق .
عبد الرحمن بن أحمد بن مبارك بن حماد بن تركي بن عبد الله الغزي ثم القاهري أبو الفرج ابن الشيخة نزيل القاهرة ، ولد سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ، وسمع من الدبوسي والواني والختني وعليابن إسماعيل بن قريش وابن سيد الناس وخلق كثير ، وأجاز له ابن الشيرازي والقاسم بن عساكر والحجار وخلق كثير أيضا ، وطلب بنفسه وتيقظ وأخذ الفقه عن السبكي وغيره ، وكان يقظا نبيها مستحضرا ، وكان يتكسب في حانوت بزاز ظاهر باب الفتوح ، ثم ترك ، وكان صالحا عابدا قانتا ، وكان بينه وبين أبي مودة وصحبة ، فكان يزورنا بعد موت أبي وأنا صغير ثم اجتمعت به لما طلبت الحديث فأكرمني ، وكان يديم الصبر لي على القراءة إلى أن أخذت عنه أكثر مروياته ، وقد تفرد برواية المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم قرأته عليه كله ، وحدث بالكثير ، من مسموعاته وقال لي شيخنا زين الدين العراقي مرارا : عزمت على أن اسمع عليه شيئا ، مات في تاسع عشرين شهر ربيع الآخر ، وقدتغير قليلا من أول هذه السنة ، قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري وأجازنيه ، كان لا يدخل في الوظائف ، ولما فتح الحانوت في البركان يديم الاشتغال والعبادة ، فاتفق أن شخصا أودع عنده مائتي دينار فوضعها في صندوق بالحانوت ، فنقب اللصوص الحانوت واخذوا ما فيه ، فبلغ صاحب الذهب فطابت نفسه ولم يكذب الشيخ ولا اتهمه ، فاتفق أن الشيخ رأى في النوم بعد نحو ستة أشهر من يقول له : عن اللص لما أخذه وقع منه في الدورند ، فأصبح فجاء إلى الحانوت فوجد الصرة كما هي قد غطى عليها التراب فغابت فيه ، فأخذها وجاء إلى صاحب الذهب فقال له : خذ ذهبك ، فقال : ما علمت منك إلا الصدق والأمانة وقد نقب حانوتك وسرق الذهب فلم كلفت نفسك واقترضت هذا الذهب ? فحدثه بالخبر فقال : أنت في حل منه ، وامتنع من أخذه منه وقال : وهبته لك ، فعالجه حتى أعياه ، فامتنع من أخذه ، فحج الشيخ وجاور مدة حتى انفق ذلك الذهب ، واتفق أنه عدم من بيته هاون فتوجه إلى السوق ليجده فوجد في الطريق صرة فالتقطها ليعرفها ، ووجد في السوق الهاون بعينه فسأل الذي وجده عنده عن قدر ثمنه فأخبره ولم يقل له : إنه سرق من بيته وترك عنده الصرة حتى يتوجه بالهاون إلى منزله ، فلما رأى الرجل الصرة قال : هذه الصرة التي دفعتها في ثمن هذا الهاون إلى منزله ، فلما رأى الرجل الصرة قال : هذه الصرة التي دفعتها في ثمن هذا الهاون ، فقص عليه قصته فقال : هذا هاونك وهذه فضتي ، فاخذ كل منهما الذي له .عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله التركماني الأصل الدمشقي أبو هريرة ، ابن الحافظ أبي عبد الله الذهبي مسند الشام في عصره ، أحضره أبوه على وزيرة بنت المنجا والقاضي سليمان وإسماعيل ابن مكتوم ثم علي أبي بكر بن عبد الدائم وأسمعه من عيسى المطعم وابن الشيرازي وابن مشرف ويحيى بن سعد والقاسم ابن عساكر وأهل عصره فأكثر عنهم ، وخرج له أبوه أربعين حديثا ، وحدث بها في حياة أبيه سنة سبع وأربعين وسبعمائة ، وحدث في غالب عمره ، وكان صبورا على الأسماع محبا لأهل الحديث والروايات ويذاكر بأشياء حسنة ، وأم بجامع كفر بطنا عدة سنين ، وأضر بأخرة ، وتفرد بكثير من الشيوخ والروايات ، وأجاز لي غير مرة ، ماتفي ربيع الأول بقرية كفر بطنا ، وله إحدى وثمانون سنة .
عبد القادر بن محمد بن علي بن حمزة العمري المدني المعروف بالحجار ، روى عن جده ، وسمع من أصحاب الفخر ، وعني بالعلم وتنبه قليلا ، مات في عيد الأضحى ، وذكر لنا اليشكري أنه راى سماعه للموطأ على الوادي آشي .
عبد الكريم بن محمد بن أحمد نجم الدين السنجاري ناظر الأوصياء بدمشق ، وقد ولي الحسبة ووكالة بيت المال ، وكان كيسا منطبعا ذا خلاعات ومجون ، مات في جمادى الآخرة وقد جاوز الستين .
عثمان بن محمد بن وجيه الشيشني سمع جامع الترمذي من العرضي ومظفر الدين العسقلاني بسندهما المعروف ، قرأت عليه من أوله إلى باب ما جاء في الصلاة بعد الفجر ، وأجاز لي غير مرة ، وكان يباشر في الشهادات وينوب في الحكم في بعض البلاد ، مات يوم النصف من ربيع الآخر ، قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري : كانت له مروءة ومواساة لأصحابه لا ينقطع عنهم ويتفقدهم ويهدي إليهم ويقرضهم .علي بن أحمد بن عبد العزيز النويري ثم المكي المالكي ، سمع من عيسى الحجي والزبير بن علي والوادي آشي وغيرهم ، ومولده سنة أربع وعشرين ، وتفقه وولي إمامة مقام المالكية بمكة خمسا وثلاثين سنة ، وناب في الحكم عن أخيه أبي الفضل ثم عن أبن أخيه وكان ذا مروءة وعصبية وحدث ، رأيته وصليت خلفه مرارا ، وكان يتصلب في الأحكام مع المهابة .
علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن إسماعيل بنبشير البالسي ثم المصري أبو القاسم ابن شهاب الدين ابن شمس الدين ابن شهاب الدين بن نور الدين بن نجم الدين ابن فخر الدين ، من أولاد التجار الكارمية ، وكان جده شمس الدين من أكابر التجار ، مات سنة ثلاث وستين وسبعمائة ، واشتغل أبو القاسم فسمع معي الكثير من المشايخ ، وتفقه وتنبه ولازم حضور الدروس الفقهية وغيرها ، ثم توجه إلى الإسكندرية في التجارة فمات هناك في رمضان غريبا فريدا ، وكان حسن الأخلاق والخلق لطيف الشمائل ، عاش ثلاثا وعشرين سنة عوضه الله تعالى الجنة .
علي بن حامد بن أبي بكر البويطي نور الدين الحاسب ، ولد سنة عشرين وبرع في معرفة الأوضاع الميقاتية ، وكان كثير الفوائد حسن الخط مات عن نحو الثمانين .
علي بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن بقاء الملقن الدمشقي ، روى عن داود خطيب بيت الآبار ، مات في المحرم ، أجاز لي .علي بن قاضي الكرك زين الدين عمر بن عامر بن حصن بن ربيع العامري علاء الدين ، ولي قضاء القدس غير مرة ، جاوز السبعين ، وكان من أعيان الموقعين في حسن الخط وسرعة الكتابة ، وكان سمع من البرزالي وغيره .
علي بن محمد بن أحمد بن منصور البعلي القبيباتي ، روى عن الحجار الأربعين تخريج ابن الفخر البعاي ، وحدث بها ، مات في ذي القعدة ، أجاز لي .
علي بن محمد النوساي شيخ صندفا من الغربية ، كان جوادا كثير البر والمعروف والصدقات ،وكان يحج فيحمل معه جمعا كثيرا من الفقهاء والفقراء مات في شوال ، وخلف أموالا كثيرة من جملتها ألف جاموسة .
علي بن نجم الكيلاني ثم المصري الخواجا ، كان وجيها في الدول ، مات بمكة .
عيسى بن عثمان بن عيسى بن غازي شرف الدين الغزي الشافعي ، ولد سنة تسع وثلاثين وقدم دمشق وهو كبير وأخذ عن ابن حجي والحسباني وابن قاضي شهبة ، وشمس الدين الغزي وغيرهم ،وعني بالفقه والتدريس وناب في الحكم ، وولي قضاء داريا ، وأخذ عن ابن الخابوري ، لقيه بطرابلس وأذن له في الفتوى ، وكان بطيء الفهم متساهلا في الأحكام مع المعرفة التامة ، وله تصنيف في أدب القضاء ، جوده وهو حسن في بابه ، وكان أول أمره فقيرا ، ثم تزوج فماتت الزوجة فحصل له منها مال له صورة ، ثم تزوج اخرى كذلك ثم اخرى إلى أن كثر ماله وأثرى قال ابن حجي : كان أكثر الناس يمقتونه ، مات في رمضان ، وقد جاوز الستين .قاسم بن محمد بن إبراهيم بن علي النويري المالكي الشيخ زين الدين ، تفقه وقرأ المواعيد وأعاد للمالكية بأماكن وتصدر بالجامع الأزهر وغيره ، وكان صالحا دينا متواضعا ، سمعت بقراءته الكثير على شيخنا سراج الدين وغيره ، مات في المحرم عن نحو من ستين سنة .
محمد بن أحمد بن أبي بكر الحنفي القاضي شمس الدين الطرابلسي ،تفقه ببلده على شمس الدين ابن إيمان التركماني وغريب الطرابلسي وبدمشق على صدر الدين ابن منصور ، وقدم القاهرة قديما فتقرر طالبا بالصرغتمشية واخذ عن السراج الهندي وناب عنه في الحكم ، وسمع على الشيخ جمال الدين الأميوطي بمكة ، وولي القضاء بالقاهرة مرتين استقلالاوكان خبيرا بالأقضية عافا بالوثائق ، مات في ذي الحجة قبل أن ينسلخ الشهر بيوم وثد زاد على السبعين ، قال العينتابي في تاريخه : كان شيخا مهيبا مليح الشيبة فقيها مشاركا في الفنون عرفا بالشعر وطرق أحوال الحكام .
محمد بن أحمد بن سليمان الكفرسوسي اللبان المعمر ، زاد على المائةفقرؤوا عليه بإجازته العامة من الآبرقوهي ونحوه وأجاز لي .
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلامة بن المسلم بن البهاء الحراني ثم الصالحي المؤذن المعروف بابن البهاء ، سمع من القاسم ابن عساكر والحجار وغيرهما ، وحدث في سنة ست وثمانين بالصحيح ، قرأه عليه بدر الدين ابن مكتوم وأشك هل أجاز لي ، مات في هذه السنة .
محمد بن أحمد بن الموفق الإسكندري ناصر الدين المحتسب بالإسكندرية ، سمع من أحمد بن المصفي وعلي بن الفرات وغيرهما وحدث ، سمعت منه بالإسكندرية ، ومات في ثاني شهر رجب .
محمد بن الحسن الحصني جمال الدين ، كان ينوب في الحكم ، ثم امتحن بسبب وديعة نسبت إليه من قبل امرأة فجحدها ، فضرب عند الحاجب ، ثم قرر عليه مبلغ معين بسب ذلك ، فباع ملكه ونزل عن وظائفه وساءت حاله ، ثم اقعده المالكي عنده شاهدا على الخطوط إلى أن مات في شعبان .
محمد بن عبد الله بن يوسف بن هشام محب الدين ابن العلامة جمال الدين ، حضر على الميدومي وغيره وسمع ممن بعده ، وقرأ العربية على ألبيه وغيره وشارك في غيرها قليلا ، وكان إليه المنتهى في حسن التعليم مع الدين المتين ، مات في رجب عن نحو من خمسين سنة .محمد بن عبد الله بن النشو الدمشقي ، كان شاد المراكز بدمشق ، وكان يحتكر الغلال ، فلما وقع الغلاء بدمشق وخرجوا للاستسقاء وجدوه فرجمه العوام حتى سقط وجروه برجليه وأحرقوه وذهب دمه هدرا ، وتقدم خبره في الحوادث .
محمد بن عبد الله المصري الناسخ المعروف بابن البغدادي ، كان فاضلا شاعرا ، مات . . . .
محمد بن عبد الله الزرعي تاج الدين الحنبلي ، مات في شوال .
محمد بن علي بن حسب الله بن حسنون المصري الشيخ شمس الدين ، سمع القلانسي وغيره ، وتفقه قليلا ، وله تخاريج ومختصرات ، وتقدم في الفنون ، وكان فاضلا دينا خيرا ، مات في شعبان .
محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الملك الدمشقي سري الدين ابن القاضي جمال الدين المسلاتي الأصل الدمشقي أبو الخطاب سبط التقي السبكي ، ولد في رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ، وأحضر علي ابن الخباز وغيره ، وأجاز له ابن الملوك وجماعة من المصريين ، وكان أبوه قاضي المالكية ، ثم تحول هو شافعيا مع أخواله السبكية ونشأ بينهمطريقهم وولي إفتاء دار العدل وناب في الحكم عن برهان الدين ابن جماعة نحو سنة بعد أن صاهره على ابنته بعده فصرف عن قرب ؛ ثم استقل بالحكم بعده ، وولي خطابة المسجد الأقصى بعد وفاة ولد البرهان ابن جماعة ثم طلب للقاهرة لتولي القضاء فأدركه اجله بها في شهر رجب وكان عفيفا صارما مع لين الجانب شريف النفس حسن المباشرة للأوقاف مقتصدا في مأكله وملبسه .
محمد بن محمد بن البرهان النويري علم الدين ، مات في ذي الحجة .
محمد بن محمد الطريني الأصل المصري محب الدين ، تفقه للمالكية واختص بالبرهان الأخناي ، ثم انتقل شافعيا وناب في الحكم ، مات في المحرم .
محمد بن . . . . النبراوي الشيخ أبو عبد الله ، قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري : كان كبير المقدار عظيم الشأن في العبادة ، وله كرامات ومكاشفات مع التقشف والتواضع وعدم الاجتماع مع الأكابر ، حج مرارا آخرها سنة ثمان وتسعين ، وقدم في أول سنة تسع مع نور الدينعلي بن محمد النوساي فنزل الحسينية وهرع الناس للسلام عليه ، مات في مستهل شهر ربيع الأول وله سبع وتسعون سنة لن مولده على ما سمعه منه القاضي تقي الدين كان في سنة اثنتين وسبعمائة ، ولو كان له سماع لأدرك إسنادا عاليا .
محمد بن علي القيصري الرومي جمال الدين المعروف بالعجمي ، قدمالقاهرة قديما واشتغل بالفنون ومهر وولي الحسبة مرارا ثم نظر الأوقاف ودرس بالمنصورية في التفسير ، وولي مشيخة الشيخونية وقضاء الحنفية ونظر الجيش ، قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري أن جمال الدين المذكور قدم القاهرة في دولة حسن فتعرف بالأمير ملكتمر الفقيه وصار عنده فقيها حتى عرف به ، وكان حسن الشكل وله اشتغال وفضيلة فلما كان بعد قتل الأشرف توصل إلى قرطاي وقرابغا البدري وغيرهما ممن تكلم في المملكة فولي الحسبة وباشرها مباشرة حسنة ، وناب في الحكم عن جار الله ، ثم ولي نظر الأوقاف عن الشافعية ، واستقر في تدريس الحديث بالمنصورية وامتحن في أثناء ذلك حتى أمر بنفيه وأخرجت وظائفه ثم أعيد إلى الحسبة في سنة تسع وثمانين ثم عزل عن الحسبة ، واستقر في نظر الجيش وسافر مع منطاش وخطب في غزة خطبة عرضفيها ببرقوق فبقي في نفسه عليه واتفق عبوره إلى دمشق فبقي في الحصار ثم توصل إلى القاهرة فوجد السلطان متغيظا عليه فلم يزل يتلطف حتى ولي قضاء الحنفية في شعبان ، وسافر مع السلطان إلى حلب وابن عبد العزيز الذي أخذ عنه نظر الجيش معهم موليا لنظر الجيش ولم يزل جمال الدين يسعى حتى عاد إلى نظر الجيش مضافا إلى القضاء وولي تدريس الصرغتمشية ، ثم نزعت منه للكلستاني وأعطي الشيخونية ، ثم نزعت منه للشيخ زاده وأعيد جمال الدين إلى الصرغتمشية وقرأت في تاريخ العينتابي أن جمال الدين أول ما قدم نزل في الصرغتمشية قال : إنه سمعه يقول : هذا الذي حصل لي غلطة من غلطات الدهر ، قال : وكان عنده دهء مع حشمة زائدة وسخاء وذكاء وكان فصيحا بالعربية والتركية والفارسية وكان كثير التأنق في ملبسه ومأكله مات في سابع شهر ربيع الأول وصلي عليه في الثامن منه .
محمود بن علي بن أصفر عينه السودني جمال الدين الأستادارتقدم ذكره في الحوادث مفصلا .
مسعود بن عبد الله المغربي القاضي الركراكي ، كان يتفقه ، ومات في رمضان .
معين بن عثمان بن خليل المصري الضرير ، نزيل دمشق ، الحنبلي كان ثم الشافعي رئيس القراء بالنغم ، وله صيت في ذلك وكان يحفظ أشياء مليحة ويصحح ما يورده ولا يودر في المحافل إلا الأشياء المناسبة للوقت والحال ، وكان مقدما على جميع أهل فنه بمصر والشام ، وسمع من عبد الحمن ابن تيمية وأبي عبد الله الخباز وغيرهما مجلس ختم الترمذي ، وولي إمامة مشهد ابن عروة ، مات في جمادى الآخرة وقد جاوز الثمانين ، أجاز لي .
مظفر بن أبي بكر المقرئ كان عابدا متقشفا طارحا للتكلف كثيرالانجماع عارفا بالقراآت ، انتفع به جماعة ، وكان يتزيا بزي الحمالين فيحمل للناس الأمتعة بالأجرة ، ويتقوت بذلك وعياله من غير أن يعرف به .
نصر الله بن عبد الله القبطي سعد الدين ابن البقري ، ولي الولايات الوزارة وغيرها ، وكان مشهورا بالعفة عافا بالكتابة غاية في مباشراته إلا أنه كان مبخلا ، تولى الوزارة غير مرة وصودر ، ومات في جمادى الآخرة خنقا على ما قيل .
يحيى بن علي بن تقي الدين بن دقيق العيد محي الدين ، مات في ثاني رجب .
يوسف بن أمين الدين عبد الوهاب بن يوسف بن السلار الشماع ،حضر على الحجاز وغيره وحدث ، ومات فيالمحرم عن سبعين سنة ، أجاز لي .
تقي الدين الزواوي المالكي المعروف بالشامي ، صهر ابن النقاش ، مات في جمادى الآخرة .
أبو عبد الله الدكالي أعجوبة الدهر في عظمة الزهد والدين وخشونة العيش والسير على طريقة السلف ، مات بالإسكندرية .
حوادث سنة 800
سنة ثمانمائة
كان أولها يوم الاثنين سابع عشرين توت من أشهر القبط ، وأخذ النيل في النقص وانتهت زيادته إلى اثني عشر إصبعا من عشرين ، وفي الثامن من المحرم خرج السلطان إلى سرياقوس ثم رجع ، وفي أولهاوصل ناصر النوبي صاحب بلاد النوبة إلى القاهرة واجتمع بالسلطان فأكرمه وخلع عليه وتوجه إلى بلاده وقبض على كمشبغا الكبير وعلى بكملش أمير آخور وأرسلا إلى الإسكندرية وفيه صرف تغري بردى نائب حلب واستقر بها أرغون شاه نائب طرابلس واستقر فينيابة طرابلس آقبغا الجمالي نائب صفد والشهاب أحمد بن الشيخ علي نائب غزة في نيابة صفد وقرر شيخ الصفوي في نيابة غزة ثم صرف عنها واستقر بقجاه الشرفي ، ولما وصل تغري بردى خرج السلطان إلى السرحة فتلقاه فدخل في نصف ربيع الأول وكانت في تقدمته مائةوثلاثون فرسا وسبعون جملا ومائة حمل قماش ، وفي سلخ المحرم استقر أيتمش أتابك العساكر عوضا عن كمشبغا وزاده من أقطاعه بلدا ، واستقر سودوم قريب السلطان على أقطاع كمشبغا وقرر أقطاع سودونلعبد العزيز ابن السلطان ووصل تغري بردى الذي كان نائب حلب ، فأعطى أقطاع شيخ الصفوي ونفى الشيخ إلى القدس بطالا ، واستقر بيبرس ابن أخت السلطان أمير مجلس عوضا عن الصفوي ، وفي المحرم لما رجع الحاج إلى العقبة وجدوا ودائعهم قد نهبت فقيل أخذ لهم ما يساوي عشرين ألف دينار ، وقبض أمير الحاج على صاحب الدرك فصولح على بعض وترك بعض ، وفي آخر صفر أمر يلبغا السالمي إمرة عشرة ، وفيه صرف شعبان عن حسبة مصر واستقر شمس الدين الشاذلي الذي كان بلانا بالإسكندرية مكانه ، ثم عزل الشاذلي وأعيد شعبان ثم عزل شعبان وأعيد الشاذلي ووقف جماعة من المصريين في شعبان . فشكوا منه إلى بيبرس الدويدار وذلك في ذي القعدة فأهانوه إهانة شديدةحتى صفعه بعضهم بحضرة الدويدار وأمر أن ينادى عليه ، فآل الأمر إلى أن هرب شعبان إلى اليمن .
وفي ربيع الأول وقع الوباء بالوجه البحري ووصل منه إلى مصر فمرض أكثر الناس ، وفي صفر وسط شاهين رأس نوبة كمشبغا بعد القبض على أستاذه وقد حكم شاهين هذا في القاهرة في ولاية أستاذه نيابة الغيبة وكان قتله على سبيل القصاص منه لأجل قتيل عليه أنه قتله وكان إمساك كمشبغا في آخر المحرم وأرسل هو وبكلمش إلى الإسكندرية فسجنا وأمسك بعدهما شيخ الخاصكي وأرسل إلى القدس وكان من أخص الناس بالظاهر وبه يضرب المثل في حسن الصورة ثم تغير منه وأمسكه ومات بالقدس في هذه السنة واستقر نوروز الحافظي أمير آخور بدل تاني بك وبيبرس ابن أخت الظاهر دويدار عوضا عن قلمطاي وتغري بردى نائب حلب بدل بكلمش وآفبغا الكبير أميرمجلس بدل بيبرس المذكور وعلي باي بدل نوروز رأس نوبة .
وفي هذه السنة انتهت المواذين بقصور سرياقوس ، فكان آخر ما ركب إليها الظاهر في هذه السنة ولم يخرج إليها منهم بعده .وفيها نازل تمرلنك الهند فغلب علي دلي كرسي المملكة وفتك على عادته وخرب وكان قد توجه إليها من طريق غزنة على البر ووصل رجيفة إلى اليمن ، والسبب المحرك له على ذلك أن فيروز شاه ملك الهند مات فبلغه ذلك فسمت نفسه إلى الاستيلاء على أمواله فتوجه في عساكره ، وكان فيروز شاه لما مات قام بالأمر بعده ملو الوزير ثم عصى عليه أخوه شارنك صاحب ملتان ، ففي أثناء ذلك طرقتهم اللنكية فحاصروا ملتان فملكها اللنك وقصد ملو في دلي وكان ملو بلغه أمر أخيه فجد واجتهد وجمع العساكر فاستقبل اللنك بجد وصدر أمامهم الفيلة عليها المقاتلة ، فلما استقبلتها الخيل نفرت منها فبادر اللنكوأمر باستعمال قطعات من الحديد على صفة الشوك وألقاها في المنزلة التي كان بها ، فلما أصبحوا واصطفوا للقتال أمر عساكره يتقهقرون إلى خلف فظنوا أنهم انهزموا فتبعوهم ، فاجتازت الفيلة على ذلك الشوك الكامن في الأرض فجفلت منه أعظم من جفل الخيل منها ورجعت القهقرى من ألم الحديد ، فكانت أشد عليهم من عدوهم فإنها من حرارة الشوك ولت على أدبارها وهاجت حتى طحنت المقاتلة الرجالة والفرسان ، فانهزموا بغير قتال ؛ ثم توجه اللنكية بعد الهزيمة إلى حصار البلد .
وفي العشرين من ربيع الأول استقر جمال الدين يوسف بن موسى ابن محمد الملطي ثم الحلبي في قضاء الحنفية وكان المنصب نحو أربعة أشهر من حين مات شمس الدين الطرابلسي شاغرا ، وكان قدومه في ثامن عشر ربيع الأول وخلع عليه في العشرين منه لكن كان السلطانأذن لنواب الطرابلسي أن يحكموا بعد مضي شهر من وفاته ، وفي سابع عشر صفر الموافق لثالث عشر هاتور أمطرت السماء مطرا غزيرا توحلت منه الأرض ووكفت البيوت ، وفي ثامن جمادى الأولى أمر علي باي تقدمة ألف وكذلك ببشبك الخازندار ، وفي العشرين منه استقر صدر الدين أحمد بن القاضي جمال الدين العجمي في توقيع الدست عوضا عن ناصر الدين الفاقوسي لغضب كاتب السر عليه ، وفيتاسع عشر استقر نوروز الحافظي أمير آخور وعلي باي رأس نوبة وفي جمادى الأولى صرف علاء الدين بن أبي البقاء عن قضاء الشافعية بدمشق واستقر شمس الدين الأخناي .
وفي جمادى الآخرة صرف تاج الدين بن الدماميني عن قضاء المالكية واستقر ابن الريغي وصرف القفصي عن قضاء حلب ونقل قضاء المالكية بدمشق عوضا عن البرهان التادلي ، وفي خامس عشر ربيع الآخرادعى شخص على شهاب الدين العبادي في مجلس السلطان فحصلت منه إساءة في مجلسه ، فأمر بضربه فشفع فيه فأمر بحبسه ، فحبس في خزانة شمائل إلى ثاني يوم من رجب فأطلق .
وفي ليلة الجمعة ثامن شعبان عزم سعد الدين ابن غراب على علاء الدين الطبلاوي لحضور ختم في منزله بسبب مولود ولد له ، فحضرهو وابن عمه ناصر الدين وجماعة من العيان ، فأرسل ابن غراب بهاء الدين نقيب الجيش فأمسك ناصر الدين الوالي وهو أخو علاء الدين وابنعمه الخطيب وقريبهم ابن قرلها وجماعة من حواشيهم فقبض على الجميع ، وفي أثناء ذلك حضر يعقوب شاه الخازندار إلى بيت ابن غراب فوجدهم قد أكلوا السماط فقبض على علاء الدين وهرب علاء الدين الحجازي ثم قبض عليه أيضا ، فلما كان يوم السبت اجتمع جمع كثير من العوام فطلعوا بالختمات والصناجق وسالوا السلطان في إطلاق ابن الطبلاوي ، فأمر السلطان الوجاقية فضربوهم فتفرقوا وسلم ابن الطبلاوي ليلبغا المجنون فاستخلص منه أموالا جمة منها في يوم واحد مائة وخمسون ألف دينار وأخرجت ذخائره على النحو الذي كان هو يدبره في أمر محمود سواء وقرر على كل واحد من مال المصادرة ما يناسبه ، ثم لما كان سادس عشر شعبان سأل الحضور بين يدي السلطان فأحضر ، فسال ان يشافه السلطان بكلام سر فقربه منه ، فسأل ان يكون الكلام في أذنه فتخيل منه وأمر بإخراجه فلما خرج ضرب نفسه بسكين معه ضربتين ليقتل نفسه فكانتا سالمتين ، فأعلم السلطان بذلك فخشي أن يكون أراد أن يضربه بالسكين فغضب وأمر الأستادار أن يعاقبه ، فعاقبه بعد أن حلفه أنه لم يبق عنده شيء من المال ، فاعترف لما عصر بذخيرة عنده فأخذت ، وعزل أخوه من الولاية واستقر بهاء الدين رسلان وصودر أخوهعلى مائتي ألف درهم وبقية الحواشي على ثلاثمائة ألف درهم .
وفي شعبان صرف ابن البخانسي من الحسبة وأعيد بهاء الدين ابن البرجي .
وفيها خطب للسلطان الملك الظاهر بماردين وصل بذلك منكلي بغا الدوادار في أوائل السنة الآتية ومعه دراهم عليها أسم السلطان ، وأوفى النيل عاشر مسرى .
وفيها حضر رسول الطاهر عيسى صاحب ماردين يعتذر عما جرى منه ويشكو من أسر تمرلنك له ويسأل ان يستمر على طاعته فأرسل له تقليدا وثلاثين ألف دينار هدية .
وفيها استولى المذكور على الموصل وسنجار .
وفيها في رمضان وصل قطلوبغا الخليلي من بلاد المغرب وصحبته الخيول التي كان توجه لمشتراها للسلطان وهي مائة وعشرون رأسا وحضر صحبته رسول صاحب فاس ورسول صاحب تلمسان ورسول صاحب تونس والأمير يوسف بن علي أمير عرب تلك البلاد وقدموا هداياهم فقبلت وخلع عليهم وتوجهوا إلى الحج ، وفي رمضان طرق اللنك بغداد فحاصرها فلم ينالوا منها غرضا فرجعوا عنها إلى همذانوفرحوا بذلك ، وفي خامس عشر شوال طهر السلطان أولاده وهو فرج وعبد العزيز وجماعة من أولاد الأمراء وعمل لهم وليمة عظيمة ، وفي ثامن عشرة نقل ابن الطبلاوي إلى خزانة شمائل بعد المعاقبة الشديدة .
وفيها استقر محي الدين بن نجم الدين بن الكشك في قضاء الحنفية عوضا عن تقي الدين ابن الكفري .
وفي شوال كان الحريق بدمشق بالحريريين والقواسيين والسيوفيين والصراف وبعض النحاسين ، ووصلت النار إلى حائط الجامع وإلى قرب النورية ، واحترقت الجوزية وحمام نور الدين وزقاق العميان ، واحترق بيت القاضي شمس الدين الأخناي ، ووصل الحريق إلى نصف الخضراء ، وأقام من يوم السبت العشرين من شوال إلى يوم الثلاثاء ثالث عشريه ولكن يعدم للناس إلا القليل .وفي أوائل ذي القعدة استقر ابن غراب في نظر الجيش مضافا لنظر الخاص انتزعها من القاضي شرف الدين محمد بن محمد بن عبد الله ابن أبي بكر ابن الدماميني وكان باشرها بعد جمال الدين العجمي ، ولما أخذت دواته والمزبر بلغ ذلك شعبان محتسب مصر فأظهر الشماتة ونادى في مصر بولاية ابن غراب وعزل ابن الدماميني وعمل في ذلك شعرا مدح به ابن غراب وهجا ابن الماميني وضج به ابن غراب ، فاتفق أنه في ذلك اليوم استقر الشاذلي في الحسبة وصرف شعبان ، وفي وسط هذا الشهر وقع الحريق بدار التفاح بالقاهرة فبادروا لإطفائه فلم يحصل منه من المفسدة ما حصل في المرة الأولى قديما .
وفي ثاني عشر ذي القعدة كان المهم المشهور في اصطبل السلطان لأنه كان لعب بالأكرة مع الأمير الأتابك أيتمش فغلب أيتمشفأخرج مائتي ألف درهم ليعمل بها السماط وأنعم بها السلطان عليه وأمر الوزير ابن الطوخي والأستادار يلبغا بعمل المهم ، فضربوا الخيم في الميدان وعملوا عشرين ألف رطل لحم ومائتي زوج إوز وألف طير دجاج وعشرين فرسا ، وقيل بل كانت خمسين فرسا وثلاثين قنطارا من السكروستين إردبا من الدقيق عمل بها بوزة وعملت في الدنان ، وقيل كان فيها مائة إردب وأضيف إليها عشرة قناطير حشيش فطحنت وخلطت بها وعمل من الزبيب ستون قنطارا نبيذا ، ونزل السلطان فمد السماط ، ونهب العوام ما عمل ، وصاح فقير تحت القلعة بإنكار هذه الوليمة ، فقبض عليه وضرب وجرس .
وفيها استقر الشريف شرف الدين علي بن قاضي العسكر في نقابة الأشراف عوضا عن الشريف جمال الدين الطباطبي .
وفي ذي القعدة كانت الفتنة من علي باي الخازندار فانكسر وقتل ، وكان ابتداء ذلك أن المذكور كان من أحسن أبناء جنسه شكلا وقامةفقدمه الملك الظاهر إلى أن جعله مقدم ألف وقدمه في أكثر الأمور على غيره ، وكان لعلي باي مملوك من أحب الناس إليه فاتفق أن بعض الأمراء وهو آقباي وجده عند بعض حظاياه فقبض عليه وضربه ضربا مبرحا وأطلقه فشكاه لسيده فشكاه سيده إلى السلطان فاعتذر آقباي عما صدر منه لما لحقه من الغيرة فلم يؤاخذه السلطان فأضمرها علي باي في نفسه وعزم على إثارة الفتنة فتضاعف مدة ، ثم اتفق مع جمع غير كثير على أن السلطان إذا عاده متك به ، فلم يتفق أن السلطان يعوده حتى أوفي النيل فنزل للكسر على العادة وأشاع أنه إذا رجع عاده وكان ساكنا عند الكبش ، فلما رجع السلطان بعد الكسر وكان ذلك في تاسع عشر ذي القعدة وركب تلقاه شخص من مماليك يلبغا يسمىصفحة فارغة .سودون الأعور كان رفيقه في خدمة يلبغا فأطلعه على باطن علي باي ، فأرسل السلطان في الحال أرسطاي ليتحقق الخبر ، فساق إلى اصطبلعلي باي فأعلمهم أن السلطان على عزم المجيء إليهم فاطمأنوا لذلك ومنع السلطان الشاويشية من النطق ، فلما قرب من الكبش نادته امرأة من فوق أن لا تدخل فإنهم بلبوس الحرب ، فجازهم السلطان إلى جهة القلعة ، فلما تحققوا أنه توجه عنهم أعلموا كبيرهم علي باي ، فتغيظعلى الذي أقامه في الباب لعدم إعلامه بمرور السلطان وضربه بطبر فقطع رأسه ، وتتبع مماليك السلطان فقتل بيسق الخاصكي وكان يعرف بالمصارع ، وساق آقباي غريمهم خلف السلطان فاجتمع عليه عدة من المماليك فقطعوه بالسيوف فركب علي باي وساق خلف السلطان ، فأسرع السلطان ففاته ودخل من باب الاصطبل وطلع القلعة وألبس من معه آلة الحرب وأغلق باب الاصطبل ، فوصل علي باي إلى الرميلة فتلقاه بعض حاشية السلطان فقاتلوه حتى انكسر ، وبلغ من بمصر من الناس هذه الفتنة فوقع لهم خوف على أنفسهم فاستخفى أكثرهم وأغلقت الدكاكين وتفرق ذلك الشمل كله ومن جملة من كان في المركب يلبغا السالمي الأستادار والوزير فبادر يلبغا فلبس آلة الحرب وتوجه إلى القلعة ، فلما رأوهالمماليك لكموه وأرادوا ذبحه ، فصاح وصرخ بأنه جاء نجدة للسلطان وانه في الطاعة ، فصدهم السلطان عنه وأمرهم باعتقاله ، ثم قبضوا على المملوك الذي كان رأس الفتنة فأمرهم السلطان بقتله ، ولما عرب علي باي هدم العوام داره ونهبوا ما فيها حتى رخامها وأخشابها ، ثم سمعوا باعتقال يلبغا الأستادار فصنعوا بها مثل ذلك ، ثم أمر السلطان بالتفتيش على علي باي وهدد من وجده عنده ، فأحضروه من مستوقد الحمام ، فأحضره السلطان وسأله عمن كان معه على رأيه ، فلم يقر على أحد ، فسأله عن يلبغا الأستادار ، فبرأه وحلف على ذلك فأمر بإطلاقه ثم خلع عليه ، فاستمر في وظيفته ثم نزل إلى داره وهي عند جامع الإسماعيلي فوجدها خرابا ووجد فيها ناسا ، فقتلهم وانتقل فسكن داخل القاهرة بجنب الكافوري ، ثم قرر السلطان على علي باي بالضرب والتسعيطصفحة فارغة .وعصره في رجليه إلى أن كسرهما ، وضربه على ركبتيه إلى أن تفسختا ، ثم ضربه بدبوس كان بيده في صدره فخسفه ، ولم يقر مع ذلك على أحد ، فأمر بإنزاله بعد المغرب إلى الاصطبل ؛ ثم أمر أرسطاي بقتله ؛ وأمر السلطان أن ينزع آلة الحرب واطمأن ، ثم شكا يلبغا الأستادار إلى السلطان ما صنع العوام بمنزله ، فشاع بينهم أن السلطان أمره بالركوب عليهم ، فخافوا وأصبحوا في رابع عشري ذي القعدة وقد أغلقوا الدكاكين ، فبلغ ذلك السلطان فأمر بالنداء لهم بالأمان والطمأنينة فسكنوا ، فلما كان في الحادي والعشرين من ذي القعدة حضر السلطان ، الموكب ودخل بع الخدمة إلى الحريم فهجم عليه بعض المماليك ودخلوا من باب السر بخيولهم وكسروه حتى وصلوا إليه فاستغاثوا به ، فحصلت له رجفة وشاع ذلك في الناس فانزعجوا ، فخرج السلطان لابسا السلاح ودخل القصر وكشف عن سبب ذلك وأرسل إلى قبة النصر فلم يجد أحدا فصرف الناس ، وباتوا وأكثر الناس في وجل وجاءت الأمراء وغيرهم ملبسين آلة الحرب ، فلما كان في يوم الخميس رابع عشر ذي القعدةأنفق على المماليك لكل واحد ستمائة فسخطوها ؛ فحضر إليهم بنفسه وترضاهم وبكى فأبكاهم فرضوا وقبضوا النفقة وسكنت الفتنة ، ويقال إن يلبغا المجنون تولى إنفاق ذلك من حاصله وأحضر للسلطان بعد ذلك مائة ألف وثمانين ألف دينار وقال : هذا آخر ما
كان عندي ، وذكر أن بيته لما نهب رمى خازنداره الذهب المذكور في الخلاء فسلم . كان عندي ، وذكر أن بيته لما نهب رمى خازنداره الذهب المذكور في الخلاء فسلم .
وفيها رجع العسكر الشامي من سيواس وكانوا جردوا في العام الماضي لما بلغهم أن ابن اللنك قصد البلاد فلما تحققوا رجوعه أمر برجوعهم .
وفيها استقر أرسطاي في تقدمة علي باي وفي وظيفته وهي رأس نوبة الكبير ، وفي سادس عشرين ذي القعدة قبض على يلبغا الاستادار ونفي إلى دمياط بطالا واستقر ناصر الدين بن سنقر في وظيفة الاستاداريةالكبرى .
وفي رابع ذي الحجة سمر من أتباع علي باي أربعة أنفس وطيف بهم .
وفيها قتل سولي بن دلغادر التركماني وهو سكران وبرهان الدين أحمد القاضي صاحب سيواس في المعركة .
وفيها قبض على شيخ الصفوي واعتقل بقلعة المرقب بسبب أنه كان بطالا بالقدس فكان يتعرض لحريم الناس وأولادهم بالإكراه ، فشكوا منه فأمر بنفيه واعتقاله ، وكان شيخ هذا من أجمل أهل عصره وأقربهم من السلطان منزلة ثم تغير عليه فنفاه .
وفيها نقل بكلمش من حبس الإسكندرية إلى القدس بطالا .
وفيها استولى قرايوسف على الموصل لما رجع من الشام بعد رحيل عسكر تمرلنك عن سنجار وأقام ولد تمر بتبريز ثم طلب بغداد فبلغ ذلك أحمد بن أويس فجمع العساكر ، فلما قرب منه ميران شاه أظهر الهزيمة وأكمن عسكره ففطن بهم ميران شاه فتواجهوا ، ثم رأى الجقطاي الغلبة فأوقدوا النيران ليلا وانهزموا فهلك أكثرهم عطشا وجوعا ، فأدركهم أحمد وعسكره وهم بآخر رمق فوضعوا فيهم السيففنجا ميران شاه ومن معه نحو من ثلاثمائة نفس خاصة ناجيا بنفسه إلى تبريز ورجع أحمد منصورا ، ودخل ميران شاه إلى تبريز ففتك في أهلها وقتل أكابرها حتى القضاة وقتل من جملتهم الدوستكي صاحب بدليس .
وفيها مات أبو عامر عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني صاحب فاس وبلاد المغرب في جمادى الآخرة ، وملك بعده أخوه أبو سعيد عثمان ، ودبر أمره الشيخ أحمد بن علي الفياضي كما كان يدبر أمر أخيه من قبله .
وفي أواخر ذي الحجة ضعف السلطان ضعفا شديدا حتى إنه صلى العيد بالجامع واستمر به الإسهال إلى ثالث عشرين ذي الحجة وكثر الإرجاف بموته مرارا فأكثر من التصدق عنه وأكثر من ذلك جدا حتى قيل إن جملة ما تصدق به مائتا ألف وخمسون ألف مثقال من الذهب ومن الفضة والفلوس والغلال والقماش نحو ذلك : وفي سابع عشرين ذي الحجة عوفي قليلا فنودي بالزينة وحضر ذلك اليوم المبشرمن الحجاز بأخبار الحجاج ، وفي السابع والعشرين من ذي الحجة كانت العرب أفسدت بالشرقية فقبض الكاشف على جماعة منهم فأمر السلطان بتوسيطهم ، ففعل بهم ذلك وزفوا من القاهرة إلى بلبيس وكانوا أكثر من مائتي نفس ، وفي الثامن من ذي الحجة أمر السلطان بعرض مماليك على باي وكانوا سبعين فأطلق بعضهم ، ورد بعضهم على تجارهم الذي اشتراهم منهم على باي ، وأمر بضرب الخواص منهم بالعصي تقريرا ليخبروه بجلية الأمر ، وسمر منهم أربعة ووسطوا ، وفرق الكتابية الصغار على الأمراء ، وفي أول يوم من ذي الحجة قرر الاستادار كاشفا على الوجه البحري فجاء إلى الدويدار الكبير ليقبل يده على العادة فأنكر ذلك وأمر بنزع خلعته وضربه ، وبلغ ذلك الاستادار فشكا للسلطان فغضب السلطان وأمر بإحضار دويدار الدويدار وهو أزدمر فضرب بحضرته وأمره بلزوم بيته ، فلما كان الثامن من ذي الحجة العصر خلع عليه وأعيد .
وفي يوم الخميس أول يوم من شهر ربيع الأول عمل المولدالسلطاني وحضر المشايخ والقضاة على العادة ، وجلس شيخنا البلقيني رأس الميمنة وإلى جانبه الشيخ برهان الدين بن زقاعة وإلى جنبه القاضي جلال الدين ابن شيخنا ، وجلس رأس الميسرة أبو عبد الله الكركي ودونه القاضي الشافعي وبقية القضاة ، وفي جمادى الأولى انتزع السلطان الإسكندرية من ابن الطبلاوي وأعيدت لناظر الخاص واستقر أخوه فخر الدين ماجد بن غراب في نظر الإسكندرية مع مشاورة يشبك الخازندار بسؤال ناظر الخاص في ذلك ، وأرسل أمير فرج إلى الثغر بالكشف على ابن الطبلاوي وبالكشف على تاج الدين قاضي الإسكندرية ثم رسم بإحضاره ، فلما قدم بين يدي السلطان وقف الشكاة فيه وبالغوا فيه فأمر بضربه ، فضرب يوم الجمعة سادس عشر رجب بالعصى بعد العصر ورسم عليه ، وفي ربيع الأول وقع الفناء بالباردة والحمى بالشرقيةوالغربية حتى كانوا لا يلحقون دفن الموتى فيجعل كل عشرين في حفرة ، ومنهم من يحمل الموتى إلى البحر فيلقيهم فيه ، ودام ذلك ثلاثة أشهر ، ثم هبت ريح شديدة بالقاهرة حتى اتفق الشيوخ العتق أنهم لم يسمعوا بمثلها وقالوا : إنها ريح برقة لأنها ألقت ترابا أصفر أشبه بتراب برقة وفيها وقع بين نعي أمير العرب من آل فضل وبين ابن عمه سليمان بن عنقا بن مهنا بقرب الرحبة ، فكانت أولا على نعير ثم انقلبت على ابن عمه فقتل من أتباعه من لا يحصى ونهب كل شيء وجد لهم .
وفيات سنة 800
ذكر من مات في سنة ثمانمائة من الأعيان
إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الصالحي حضر في الرابعة على الحجار وسمع من ابن الرضي وغيره وأجاز له جماعة من المصريين كالواني والختني وأجاز لي غير مرة .
إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن بن سعيد بن علوان بن كامل التنوخي البعلي الأصل ثم الشامي نزيل القاهرةشيخ الإقراء ومسند القاهرة ، ولد سنة تسع أو عشر وسبعمائة وأجاز له إسماعيل بن مكتوم وأبو بكر بن أحمد بن عبد الدائم وعيسى بن عبد الرحمن بن المطعم وأبو نصر بن الشيرازي والقاسم بن عساكر ومحمد بن مشرف وست الفقهاء بنت الواسطي وزينب بنت شكر وجمع كثير يزيدون على الثلاثمائة ، ثم طلب الحديث بنفسه فسمع الكثير من أبي العباس الحجار وعبد الله بن الحسين بن أبي التائب والحافظين البرزالي والمزي والبندنيجي وخلق كثير يزيدون على المأتين وعني بالقراآت فأخذ عن البرهان الجعبري وابن نصحان والرقي ، ثم رحل فأخذ من أبي حيان وابن السراج وأبي العباس المرادي ، ومهر في القراآت وكتب هؤلاء له خطوطهم بها ، وتفقه على البارزي بحماة وابن النقيب بدمشق وابن القماح بالقاهرة وغيرهم وأذنوا له وأفاد وحدث قديما وسمعمنه شيخه الحافظ الذهبي بعد الأربعين ، رأيت ذلك بخط القاضي برهان الدين ابن جماعة ، وكان شيخنا أخبرني بذلك فكنت أتعجب منه حتى رأيت الطبقة ثم وجدته حدث عنه في ترجمة أبي العباس المرادي من سير النبلاء فقال : أخبرني إبراهيم بن علوان ، فنسبه إلى جده الأعلى فذكر عنه قصة ، وذكر لي شيخنا قصة الذهبي مع ابن نصحان وأنه كان بينهما في ذلك ، ثم رأيت الجزري نقلها في معجمه عن شيخنا وتفرد بكثير من مسموعاته قرأت عليه الكثير ولازمته طويلا وصار سهل النقياد للسماع بملازمتي له بعد أن كان عسرا جدا فإنني خرجت له عشاريات مائة ثم خرجت له المعجم الكبير في أربعة وعشرين جزءا فصار يتذكر به مشايخه وعهده القديم فانبسط للسماع وحبب إليه ، فأخذ عنه أهل البلد والرحالة فأكثروا عنه ، وكان قد أضر بأخرة وحصل له خلط ثقل منه لسانه فصار كلامه قد يخفى بعضه بعد أن كان لسانه كما يقال كالمبردومات فجأة من غير علة في جمادى الأولى .
إبراهيم بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن همام محب الدين بن تقي الدين المعروف بابن الإمام ، سمع على أبيه وكان يتعانى التجارة ويكثر الحج وكان إمام الجامع الصالح ، مات في صفر وقد بلغ السبعين .
أحمد بن عبد الله الحرضي الفقيه كان بواسط اليمن بين المهجم وأبيات حسين وله كرامات وأتباع ، مات في ذي الحجة .
أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحيم شهاب الدين بن الخباز ، ولد في رجب سنة سبع وثلاثين وسبعمائة وتفقه قليلا وتصدى للتدريسوكان يحج ويغزو ولأهل صيداء فيه اعتقاد كبير وكان قد صحب التاج السببكي فنوه به وصحب القونوي فكان يرسله في المعضلات والشفاعات وكان فيه إحسان وفروسية ومروءة وقد حج كثيرا وصار ينهى عن المنكر في الطريق ويعلم الناس أمور حجهم ودينهم ومات في رابع ذي القعدة وهو متوجه إلى الحج .
أحمد بن قايماز المصري شهاب الدين الأستادار ، مات في ربيع الأول .
أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد الدمشقي تاج الدين ابن القاضي فتح الدين بن أبي بكر بن أبي الكرم محمد ابن الشهيد تفقه على مذهب الشافعي وشارك في الفنون وفي النظم والنثر وولي نظر الأسوار وغير ذلك وباشر قضاء العسكر ودرس في أماكن وكان محبوبا إلى الناس ، ومات في ذي القعدة .
أحمد بن محمد بن عثمان صفي الدين الدميري موقع الحكم وباشر شهادة ديوان بكلمش وكانت له وجاهة ، تقدم ذكر قتله في آخر السنة .أحمد بن محمد بن موسى الدمشقي شهاب الدين الشويكي نزيل مكة كان عارفا بالفقه والعربية مع الدين والورع وأتقن القراآت وجاور بمكة نحو عشر سنين فقرأوا عليه ، ومات بها في ربيع الأول وهو في عشر الشتين وكانت جنازته حافلة جدا .
أحمد بن محمد البكتمري الميقاتي رئيس المؤذنين ، مات في جمادى الأولى .
تاني بك اليحياوي الظاهري تقدم عند الملك الظاهر إلى أن أستقر أمير آخور وكان توجه هو وقلمطاي الدويدار إلى الصيد فرجعا ضعيفين فمات هذا في ربيع الأول ومشى السلطان في جنازته من الأصطبل إلى المصلى وركب إلى أن حضر دفنه وبكى عليه حتى قيل إنه ما بكى على أحد مثل ذلك .
الحسن بن علي بن مسرور بن سليمان بدر الدين الرمثاوي ابنخطيب الحديثة ، عني بالعلم مع الفهم الجيد مات في رمضان عن أربع وستين سنة ، قال ابن حجي : اشتغل وحصل وذكر في النبهاء من بعد الخمسين وقرر في عدة وظائف ثم تركها وأقبل على العبادة والمواظبة على الأوراد الشاقة ولم يغير زي الفقهاء وكان شكلا حسنا نير الوجه منبسطا ولا يكون في الخلوة إلا مصليا أو تاليا أو ذاكرا أو مطالعا في كتاب وكان يبدئ مسائل ومشكلات ويحسن الجواب ، قال ابن حجي : لم يكن في عصره من الفقهاء أعبد منه وكان أخوه القاضي شرف الدين قد كفاه هم الدنيا ، مات في سلخ رمضان .
زينب بنت عثمان بن محمد بن لؤلؤ الدمشقية ، سمعت من الحجار ، ولي منها إجازة .
عبد بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني ، صاحب فاس وبلاد المغرب ، ويكنى أبا عامر ، وتقدم ذكره في الحوادث ، مات في جمادى الآخرة واستقر بعده أخوه أبو سعيد عثمان ودبر أمر المملكة أحمد بن علي القبائلي على عادته في أيام أخيه .
عبد الله بن خليل المصري جمال الدين العباسي شيخ زاوية أبي العباسبباب الخرق ، وكان صالحا لطيف الذات ، سمعت من لفظه شعرا لغيره ، مات في جمادى الأخرة .
عبد الله بن عبد الكافي بن علي بن عبد الله بن عبد الكافي بن قريش ابن عبد الله بن عباد بن طاهر بن موسى بن محمد بن علي بن قاسم ابن موسى الجليس بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسين بن الحسن بن علي الشريف الحسني الطباطبي جمال الدين نقيب الأشراف ، وليها غير مرة ، منها في ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة ، ومات في ذي القعدة ، وكان حسن الطريقة ، أقام بالمدينة زمانا وكان عفيفا نزها . عبد الله بن علي بن عمر السنجاري قاضي صور ، تقدم في السنةالتي قبلها .
عبد الرحمن بن أحمد بن المقداد بن أبي القاسم بن هبة الله بن المقداد القيسي الصقلي الأصل الدمشقي ، سمع من الحجار وحفيد العماد والمزي وهلال بن أحمد البصراوي وأيوب بن نعمة الكحال وغيرهم وحدث وكان مقيما بقرية بلقاتا وهو رجل جيد ، أجاز لي غير مرة وكان قد انفرد بسماع مسند الحميدي ، مات في سنة ثمانمائة .عبد الرحمن بن مكي الأقفهسي مجد الدين المالكي ، تفقه وناب في الحكم ، ومات في جمادى الأولى .
عبد اللطيف بن محمد بن علي بن سالم المكي الأصل ثم الزبيدي مستبد زبيد ، وليها عشرين سنة ونمى الأموال وكان شديد الوطأة ، مات في ذي القعدة وله سبعون سنة وكان مع ذلك عالي الهمة قوي الحرمة .
علي بن صلاح الدين محمد بن زين الدين محمد بن المنجا بن محمد ابن عثمان الحنبلي التنوخي علاء الدين قاضي الشام ، تقدم في العلم إلى أن صار أمثل فقهاء الحنابلة في عصره ، ونشأ في صيانة وديانة ، وناب عن ابن قاضي الجبل ، واستقل بالقضاء سنة ثمان وثمانين بعد موت ابن التقي ثم صرف مرارا وأعيد إلى أن مات معزولا في رجب بالطاعون ، ولم يكن للحنابلة في عصره أنبل منه رياسة ونبلا وفضلا .
علي بن محمد بن محمد بن أبي المجد بن علي الدمشقي سبط القاضي نجم الدين الدمشقي ويعرف بابن الصائغ وبابن خطيب عين ترما ، وكان أبوه إمام مسجد الجوزة بدمشق فيقال له الجوزي لذلك ، ولدفي ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة وسمع ابت تيمية والقاسم بن عساكر وإسحاق الآمدي وعلي بن المظفر الوداعي ووزيره والحجار ومحمد بن مشرف في آخرين تفرد بالسماع منهم ، وخرجت له عنهم مشيخة ، وأجاز له في سنة ثلاث عشرة التقي سليمان والمطعم والدمشقي وابن سعد وابن الشيرازي ، وظهر سماعه للصحيح من ست الوزراء بأخرة ، فقرأوا عليه بدمشق ثم قدم القاهرة فحدث به مرارا ، قرأت وسمعت عليه سنن ابن ماجة ومسند الشافعي وتاريخ أصبهان وغير ذلك من الكتب الكبار والأجزاء الصغار فأكثرت عنه ، وكان صبوراعلى التسميع ثابت الذهن ذاكرا ينسخ بخطه وقد جاوز التسعين ، صحيح السمع والبصر ، ورجع إلى بلده فأقام بمنزله إلى أن مات في شهر ربيع الأول ، وقد قرأت عليه أكثر مسموعاته وسمعت عليه الصحيح ووصلت عليه بالإجازة شيئا كثيرا .
عمر بن سالم بن سليمان البصروي مات في ذي القعدة عن ثمانين سنة .
عيسى بن عبد الله الفرنوي أحد الصالحين .قلماي بن عبد الله العثماني الدويدار كان شجاعا بطلا ، توجه للصيد فرجع ضعيفا فمات في جمادى الأولى ، فنزل السلطان فصلى عليه وحضر دفنه بالقرب من صهريج منجك ؛ وكان مشكور السيرة قليل الشر ، وكان استقر في شعبان سنة خمس وتسعين ، وكان طويلا جميلا بلغ الثلاثين أو جاوزها بقليل .
قجماس بن عبد الله القشيري الصيري كان من نقباء الدسوقية ،ويقال إنه كان داعيا إلى مقالة ابن العربي ويباحث معه .
طوغان الذي كان نقيب الأحمدية وقد تقدم ذكره ، ويقال أنه كان شديد البطش بحيث كان يلطم الثور فيصرعه قراكسك الخاصكي .
كمشبغا الكبير ، مات فيسجن الإسكندرية ، تقدم ذكره في الحوادث ، قال العينتابي في تاريخه : كان سبب غضب الظاهر عليه أنه أصابه رمد فحضر عنده كحال أرسله السلطان فواظبه فلم ينجع ، فقال له : ما بعثك السلطان إلا حتى تعميني ، فبلغه ذلك فتغيظ منه ، وكان بلغه ما صنعه بكلمش مع موقعه حين ضربه ، فصار يتشفع عنده بالله ورسوله فيقول : ها أنا أضربك حتى يجيئ الليث يخلصك من الذئب ، فاستمر إلى أن مات ، وكان كتب للسلطان قصة في بكلمش يقول فيها : أتأكلني الذئاب وأنت ليث فبلغه ذلك أيضا فتغيظ وأمسكها بعد الخدمة في القلعة .محمد بن أحمد بن حازم النقيب . . . . .
محمد بن أبي بكر بن عيسى الهرستاني الصحراوي شمس الدين ، سمع من أبي الفتح الميدومي وغيره وحدث ، سمعت منه ، مات في المحرم .
محمد بن بشير البعلبكي شمس الدين المعروف بابن الأقرع الحنبلي الأعجوبة ، اشتغل كثيرا وتمهر وكان جيد الذهن قوي الحفظ يعمل المواعيد عن ظهر قلب ، وله عند العامة بدمشق قبول زائد ، وكان طلق اللسان حلو الأيراد ، مات في شهر رمضان مطعونا .
محمد بن حجي الحباني الشافعي بهاء الدين أبو البقاء أخو قاضي الشام الآن نجم الدين عمر والشيخ شهاب الدين ، عني بالعلم مات شابا ، فإن مولده كان في سنة ثلاث وستين ، وكان حسن الصوت بالقرآن جدا ، وكان قد شارك في عدة فنون ، مات في شوال .
محمد بن سلامة التوروزي المغربي أبو عبد الله الكركي نزيل القاهرةكان فاضلا مستحضرا لكثير من الأصول والفقه ، صحب السلطان في الكرك فارتبط عليه واعتقده ، ثم قدم عليه فعظمه جدا ، وكان يسكن في مخزن في الاصطبل التابع للأمير قلماي الدويدار ، وإذا ركب إلى القلعة ركب على فرس بسرج ذهب وكنبوش ذهب من مراكيب السلطان ، وكان داعية إلى مقالة ابن العربي الصوفي يناضل عنها ويناظر عليها ، ووقع له مع شيخنا البلقيني الشيخ سراج الدين مقامات ، مات في الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول ، اجتمعت به وسمعت كلامه وكنت أبغضه في الله تعالى ، وكان قد حج في السنة الماضية ووقع بينه وبين ابن النقاش وغيره ممن حج من أهل الدين وقائع وكتبوا عليه محضرا بأمور صدرت منه منها ما يقتضي الكفر ، ولم يتمكنوا من القيام عليه لميل السلطان إليه ، ولما مات أمر السلطان ليلبغا السالمي بمائتي دينار ليجهزه بها فتولىغسله وتجهيزه وأقام على قبره خمسة أيام بالمقرئين على العادة .
محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن يوسف الزرندي كمال الدين المدني ، عني بالفقه والحديث وبرع في مذهب الحنفية ، مات بين مكة والمدينة .
محمد بن علي بن عبد الله الطيبرسي ، ولد سنة أربع وعشرين وسبعمائة ، وأم بالجامع الطيبرسي وفتن بصناعة الكيمياء فأفنى عمره وزمانه فيها ولم يحصل على طائل ، مات في أول السنة .
محمد بن علي الطبنذا نجم الدين ابن أخت ابن عرب المحتسب ، نابفي الحكم وولي الحسبة مرات ووكالة بيت المال ، مات في ربيع أول .
محمد بن محمد بن أحمد بن مسعود السراج ناصر الدين القونوي ، ولد سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، وحفظ مجمع البحرين وتفقه ، وناب عن أبيه وولي قضاء العسكر ودرس بالخاتونية وغيرها ، وكان كثير المروءة ، مات في ذي القعدة .
محمد بن محمد بن علي الأنصاري الدمشقي أمين الدين الحمصي الحنفي تقدم في الأدب ، واخذ الفقه عن رمضان الحنفي والعربية عن تقي الدين ابن الحمصية ، وولي كتابة السر بحمص ثم بدمشق ، وقدم القاهرة مع نائبها تنم فاجتمعت به وسمعت عليه قطعة من نظمه وأجاز لي ، وكان شكلاحسنا مع التواضع والأدب ، وكان له في النظم والنثر اليد البيضاء ، طارح فتح الدين ابن الشهيد وعلاء الدين البيري وفخر الدين ابن مكانس وغيرهم ، قال البيري : كتب إلى أن مات في ربيع الأول ولم يكمل الخمسين ، أثنى عليه طاهر بن حبيب وقال : كان له مشاركة جيدة في الفنون وكتابة فائقة وعبارة رائقة ، ومن نظمه ولم أسمعه منه قال في الغزل :
كلما قلت قد نصرت عليه
لاح من عسكر اللحاظ كمينا
خنت فيه مع التشوق صبري
ليت شعري فكيف أدعى أمينا
محمد بن محمد بن يحيى السنديسي تاج الدين الشافعي ، عني بالعلم والعربية .
محمد بن محمد محب الدين إمام جامع الصالح وابن إمامه ، مات فيها .
محمد بن المبارك بن عثمان السعاني شمس الدين الحلبي الروميالأصل ، أصله من قرية يقال لها فنري قرأ ببلاده الهداية على التاج ابن البرهان ، ثم قدم حلب فأخذ عن الشيخ شمس الدين بن الأقرب وقطنها ، وكان صالحا خيرا متعبدا وهو آخر فقهاء حلب المتعبدين العاملين كثير التلاوة والخير والعبادة والإيثار ، وقدم القاهرة فأخذ عن شيخنا العراقي وعن ابن الملقن والجلال التباني ، وحج وجاور ، وكان مشاركا في النحو والأصول ، مات في ثامن عشر شهر رمضان .
محمد بن يوسف بن أحمد بن الرضي عبد الرحمن الحنفي بدر الدين اشتغل وبرع وسمع من ابن الخباز وسمع من ابن عبد الكريم ، وكان أعرف من بقي من الحنفية بنقل الفقه مع جودة النباهة ، وقد درس بأماكن وأفتى وناب في الحكم وكان هو المعتمد عليه في المكاتيب بدمشق ، مات في ذي الحجة .
محمد بن يوسف بن أبي المجد شمس الدين الحكار ، سمع من الميدوميوابن الهادي وغيرهما وأجاز له جماعة من المصريين والشاميين وحدث ، سمعت منه ، مات في شهر رجب .
محمد بن البعلبكي المعروف بابن الأقرع ، هو محمد بن بشير تقدم ذكره .
محمد بن . . . . . الزرزاري المالكي ، كان ينوب في الحكم ثم ترك ذلك ونزل عن وظائفه حتى عن بيته الذي بالصالحية وتحول إلى التربة فأقام بها وتزوج فمات بعد قليل في شعبان .
محمود بن أحمد بن يوسف العينتابي كان يقال له أخي محمود ، قال العينتابي : كان صالحا جوادا وله زاوية يضيف فيها من يرد عليه ويأكل من طعامه كل يوم فوق المائتي نفس وينفق من كد يمينه وكانت زاويته من إنشائه ، وقف عليها أوقافا كثيرة ، وكان يعمل سماعا في كل ليلة جمعة ، وإذا مد السماط وأكل الناس يأخذ بيده اللحم ويدور على الأعيان فيطعمهم بعد فراغهم ويقول : هذه لقمة تبيح أواربه ، وكان حسنالمخاطبة طيب المحاضرة ، لا تمل مجالسته ؛ ولما مات خلفه في زاويته على طريقته ولده أحمد وطالت مدته بعده نحو أربعين سنة .
أسماء بنت الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنفي أبوها ؛ ولدت في رجب سنة سبع وأربعين وزوجت برجل يقال له الرملي ، ثم تزوجها علاء الدين المقريزي سنة خمس وستين ، وكانت عاقلة فاضلة دينة ، عمل لها ولدها الشيخ تقي الدين ترجمة جيدة وحدث عنها وعن أبيها بشيء من شعره ؛ ماتت في ثاني عشر شهر ربيع الأول .
ذكر من مات في سنة ثمانمائة من الأجناد
ملكستر الطشتمري ، كان دويدارا عند قلماي الدويدار الكبير وكان قبل ذلك دويدار طشتمر ولم تطل مدته بعده ؛ مات في ثالثعشر ربيع الأول يوم مات تاني بك المذكور .
جاني بك ، كان من خواص الملك الظاهر فغرق في رجب من هذه السنة في بحر النيل ، قال العينتابي في تاريخه : مر بي وأنا عند مدرسة أم السلطان فدخل اصطبله عند جامع المارداني وتوجه إلى جزيرة مبارك وكان إقطاعه فيها فضيفه الفلاح ثم هم بأن يغتسل في البحر فحذره صاحب له من البحر وقال : احترز أن تغرق ، فقال : أنا صغير ، ودخل الماء فغطس فلم يطلع ، فغطسوا عليه فلم يوجد إلا بعد أيام بشطنوف وقد انتفخ ، فنقل ودفن ، ووجد له من الذهب والفضة نحو عشرة آلاف دينار ومائة ألف درهم .يلبغا السودوني ، كان أمير طبلخاناه أو بلاط ، كان أمير عشرة .
عمر بن أخت قرط الكاشف ، قتل هو وابن سعيد الدولة ناظر منفلوط بيد العرب العصاة .
سولي بن قراجا بن دلغادر التركماني ، قتله رجل يقال له علي خان بسكين في خاصرته وهو نائم قرب مرعش وهرب ، وكان الملك الظاهر دسه عليه ، وكان على هذا في خدمة صدقة بن سولي فكان سولي يثق إليه ، وكان لسولي صيت عظيم حتى كان يسمى هيكل التركمان ، وكان يتحرى العدل في أحكامه وبيده من البلاد مرعش وأبلستين وغير ذلك وهو الذي اعتمد عليه منطاش أيام فراره من الملك الظاهر ، وهو الذي طرق عينتاب فنهب أموال أهلها وجرى من التركمان الذين معه من الفسق والفجور وقتل الأنفس ما لم يسمع به قبل ذلك ، قال العينتابي في تاريخه : اجتمعت به ووعظته فكان يظهر القبول ويضمر خلافه وكان يدمن على شرب الخمر واللواط ، ولم قتل حضر ولده بهدية إلى الملك الظاهرفقرره في إمرة أبيه ، وكان ناصر الدين محمد بن خليل بن دلغادر قد استقر عوض عنه قبل أن يقتل ، فوقع بين ناصر الدين وبين ابن عمه مقتلة عظيمة قتل فيها خلق كثير من تركمان الطائفتين .
طوعان أحد الأمراء ، وكان يصحب الفقراء الأحمدية .حوادث سنة 801
سنة إحدى وثمانمائة
وسلطان مصر والشام والحجاز الملك الظاهر أبو سعيد برقوق ، وسلطان الروم أبو يزيد بن عثمان ، وسلطان اليمن من نواحي تهامة الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل بن المجاهد ، وسلطان اليمن من نواحي الجبال الإمام الزيدي الحسني علي بن صلاح ، وسلطان المغرب الأدنى أبو فارس عبد العزيز بن . . . . الحفصي ، وسلطانالمغرب الأوسط المريني ، وسلطان المغرب الأقصى . . . . . . . بن الأحمر ، وصاحب البلاد الشرقية تيمور كوركان المعروف باللنك ، وصاحب بغداد أحمد بن أويس ، وصاحب تبريز . . . . . . . ، وأمير مكة حسن بن عجلان ابن رميثة الحسني ، وأمير المدينة ثابت بن نعير ، والخليفة العباسي أبو عبد الله محمد المتوكل على الله ابن المعتضد بالله أبي بكر ويدعى أمير المؤمنين ونازعه في هذا الأسم الإمام الزيدي وبعض ملوك المغرب وصاحب اليمن ولكن خطيبها يدعو في خطبته للمستعصم العباسي أحد الخلفاء ببغداد وكان نائب دمشق يومئذ تنم الحسني ، وبحلب أرغون شاه ، وبطرابلس آقبغا الجمالي وبحماة يونس القلمطاي ، وبصفد شهاب الدين ابن الشيخ علي وبغزة طيفور .
ذكر الحوادث فيها
كان أولها يوم الجمعة وكان أهل الهيئة ذكروا أنه يقع في أول منها زلزلة وشاع ذلك في الناس فلم يقع شيء من ذلك وأكذبهم الله سبحانه وتعالى وكانت البلد مزينة لعافية السلطان لأنه كان حضر المركب في يوم الاثنين الماضي فحلفوا الأمراء والمماليك وغيرهمعلى العادة ونودي بالزينة فزينت البلد عشرة أيام . وفي سابع عشر المحرم قبض على آقبغا الفيل وكان من أتباع علي باي فأمر بتسميره فسمر هو وخمسة معه ممن كان على رأيه وجماعة من العرب المفسدين وقبض على ثلاثة من الجند ومعهم جماعة نسوة ينحن عليهم ، فأنزلوا في مركب ليغرقوا ، وفي الرابع والعشرين من المحرم دخل المحمل السلطاني فتأخر عن العادة يومين . وفي هذه السنة ارتفع سعر الذهب بالإسكندرية إلى أن صار باثنين وثلاثين ونش ، وأما بالقاهرة فكان من ثلاث إلى أحد وثلاثين . وفي هذه السنة غزا اللنك بلاد الهند واستولى على دلي وسبى منها خلقا كثيرا ، ولما رجع إلى سمرقتد بيع السبي الهندي برخص عظيم لكثرته .وفيها ارتد إبراهيم بن برينية وكان نصرانيا ثم أسلم فقبض عليه وعرض عليه الإسلام فأصر فضربت عنقه بباب القلعة . وفي أوائل صفر وعك السلطان الملك الظاهر فأفرط عليه الإسهال والقيء من ليلة الثالث من صفر إلى العاشر منه فقوي الإرجاف بموته فتجلد ولازم القصر إلى أن توجه للعافية بعد أن كان غضب على جمال الدين بن صغير وأمر بحبسه فأمر أن يتصدق بمال ، فجمع الفقراء بالاصطبل فمات منهم في الزحمة نحو الخمسين نفسا وقيل أكثر من ذلك من الرجال والنساء ، وفيه : وقيل في الثامن عشر من صفر مات بكلمش بالقدس بطالا .
وفيها أعيد شمس الدين البجاسي إلى الحسبة بالقاهرة وصرف بهاء الدين ابن البرجي في التاسع من المحرم .وفي التاسع من المحرم استقر ناصر الدين بن أبي الطيب في كتابة السر بدمشق وباشرها قبل وصول التوقيع له وذلك بعد موت أمين الدين الحمصي وكان بيد أمين الدين نظر النورية ببعلبك فأخذها بدر الدين الكلستاني كاتب السر لنفسه .
وفي صفر وقع بظاهر المدرسة الصلاحية حريق عظيم ، فبادر الأمراء إلى طفيه بعد أن احترق أماكن كثيرة . وفيه كائنة نوروز الحافظي وكان السلطان أمره وكبره وجعله أميرآخور فأراد الوثوب على السلطان فاتفق مع جماعة فنم عليهم قانبايالجمدار لأنه كان مؤاخيا للجمدار الذي كان من مماليك تاني بك أمير آخور وكان السلطان قد اتخذه جمدارا بعد القبض على تاني بك فكانت له نوبة يبيت فيها عند السلطان فوافقه نوروز على أنه يفتك بالسلطان وأنه إذا تمكن من ذلك أطفأ الثريا التي بالمقعد وتلك علامة بينهما لركوب نوروز ومن وافقه ، فذكر هذا المملوك لقانباي ، فذكره قانباي للسلطان ، فبادر السلطان وأرسل إلى نوروز بعد العصر فقبض عليه ، وذلك في يوم الجمعة ثالث عشر صفر بعد أن فرغ من الحكم وقام من المقعد يمشي في الاصطبل وبين يديه الأمراء ، فأمر بالقبض على نوروز ، فأخذ سيفه فهربت مماليكه إلى الرميلة ، فنفر الغلمان من خيل الأمراء ، فثارت هجة بالقاهرة وأرسل نوروز إلى الإسكندرية فسجن بها في الحال ، وكان شاع في البلد أن الترك ركبوا على السلطان فنهبت المأكولات من الحوانيت ، وفتحت أبواب البلد بعد أن أغلقت ، واستقر تمراز الناصري على أقطاع نوروز وسودون قريب السلطان في وظيفته أمير آخور .وفيها استقر آقبغا الكاش في نيابة الكرك ثم صرف عنها لما وصل إلى غزة وسجن بالصبيبة وقرر في وظيفته وعلى أقطاعه سودون المارداني .
وفي الثاني من شهر ربيع الأول استقر أمين الدين عبد الوهاب ابن القاضي شمس الدين بن أبي بكر الطرابلسي في وظيفة قضاء العسكر الحنفي .
وفي حادي عشره استقر دمرداش المحمدي في نيابة حماة ، وفي الثامن والعشرين من صفر كسفت الشمس في أول طلوعها ولم يشعر بها أكثر الناس لأن الكسوف كان في نحو نصفها وانجلى بسرعة فكانتمدة لبثه على ما زعم أهل الفلك ساعة واحدة ولم تصل من أجل ذلك صلاة الكسوف .
وفيها قتل القاضي برهان الدين أحمد بن عبد الله السيواسي أمير سيواس وكان قرايلك التركماني عثمان بن قطلبك أغار على سيواس فقتل وسبى وغنم ورجع فتقدمه برهان الدين فأحرز قرايلك الغنيمة ووقع بينهما مناوشات كثيرة إلى أن حصر قرايلك في كهف قديم نحو أربعين يوما وله في أثناء ذلك عيون تعرفه أحوال برهان الدينفاغتنم غفلة برهان الدين يوما وقد اشتغل بالشرب فخرج ومعه طائفة فكبسوا عليه فقتل هو ومن كان بحضرته ، ثم أوقع بالعسكر فقاتلوه ، فلما تحققوا قتل صاحبهم انهزموا ، فسار في آثارهم حتى ملك سيواس ، ومضى ولد برهان الدين إلى ملك الروم فأمده بنجدة فحاصر قرايلك بسيواس ، فلما طال عليه الحصار هرب منها واستقر ولد برهان الدين في إمرتها ، وكان برهان الدين السيواسي واسمه أحمد الحنفي اشتغل ببلاده ثم قدم حلب فلازم الاشتغال ودخل القاهرة فأخذ عن فضلائها ، ثم رجع إلى بلده فصاهر صاحبها ، ثم عمل عليه حتى قتله واستقل بالحكم وتزيا بزي الأمراء ، ووقعت له مع العسكر المصري وقعة عظيمة في سنة تسع وثمانين ، ثم نازله عسكر الظاهر لما دخل حلب سنة سبع وتسعين ، ثم نزل بالأمان واستمر في بلاده ، ثم نازله جماعة من الططر النازلين بآذربيجان في سنة ثمانمائة ، فاستنجد بالظاهر فأرسل إليه جريدة من عسكر حلب فانهزم الططر عنه .
وفي ثالث عشر ربيع الآخر أمر السلطان بالتجهيز إلى مكة فيرجب ونودي لمن أراد أن يتوجه من الناس ، فشرع جماعة في التجهيز وكان لهم من سنة ثلاث وثمانين ما توجهوا في رجب وكان السبب في ذلك ما وقع في المسجد الحرام من الاستهدام ، فجهز السلطان من عنده أميرا واسمه بيسق وهو حينئذ أمير آخور صغير ومعه مال بسبب العمارة ؛ وفي هذا الشهر أمر بكتمر جلق أربعين وطبلخاناه ، وفيه عود السلطان الحكم بين الناس في السبت والثلاثاء بعد أن كان ترك ذلك لما وعك .
وفي خامس عشري هذا الشهر حضر عند السلطان وهو في الاصطبل شخص عجمي فقعد معه في المقعد فاغتنم غفلة الحاضرين فأمسك هوبلحية السلطان وسبه ، فبادر بعض المماليك فأقامه واستمر هو على شتم السلطان ، فتسلمه أحمد بن الزين الوالي فأنزله إلى بيته وعاقبه ضربا وخنقا فمات بعد أيام ولم يطلع على حقيقة أمره .
وفيها استقر تاج الدين عبد الرزاق بن أبي الفرج الأرمني في الوزارة وكان أبوه نصرانيا صيرفيا بمنية عقبة من جيزة مصر ثم أسلم واستقر صيرفيا بقطية ، فلما مات استقر استقر ولده هذا في وظيفته . ثم ترقى إلى أن صار عامل البلد ثم صار مستوفيا ثم ولي نظرها ثم إمرتها وجمع له بين الولاية والنظر ولبس بزي الجند ، فاتفق أن الوزير بدر الدين الطوخي غضب منه مرة فأرسل إليه أحمد بن الزين والي القاهرة فصادره وضرب ولده عبد الغني بحضرته وأخذ منهما مالا كثيرا يقال إنه ألف ألف درهم ، فأرسل تاج الدين بعد ذلك من سعى له في الدخولإلى القاهرة فأذن له وساعده عبد الرحمن المهتار عند السلطان إلى أن جمع بينهما ، فوعده بأشياء كثيرة إلى أن قرره في الوزارة ، وذلك في سلخ ربيع الآخر ، وعزل الطوخي واستقر عبد الغني في ولاية قطيا عوض والده وسلم الطوخي لشاد الدواوين فصادره ، ويقال إنه أخذ منه عشرة آلاف دينار وجدت مدفونة ، ثم تسلمه سعد الدين ابن الغراب ناظر الخاص على سبعمائة ألف درهم فضة فشرع في حملها ، ولما ولي تاج الدين الوزارة قبض على برهان الدين الدمياطي ناظر المواريث والأهراء وضربه وصادره ، وفي جمادى الأولى بعد موت بدر الدين الكلستاني استقر في كتابة السر فتح الدين فتح الله بن مستعصم بن نفيس التبريزي ثمالبغدادي نقلا من رياسة الطب واستقر بعده فيها كمال الدين عبد الرحمن ابن ناصر بن صغير وشمس الدين بن عبد الحق بن فيروز شريكين .
وفيها جردت الأمراء إلى الصعيد بسبب الفتنة الواقعة بين الهوارة من عرب محمد بن عمر وبين عرب علي بن غريب ، ثم ورد أبو بكر ابن الأحدب وأخبر باتفاق العرب وبطلت التجريدة .
وفي يوم الاثنين خامس عشر شهر رجب استقر في قضاء الشافعية القاضي صدر الدين محمد بن إبراهيم المناوي وهي الولاية الثالثة وصرف القاضي تقي الدين عبد الرحمن بن محمد الزبيري ولم يعد الزبيري إلى المنصببعدها وكان محمود السيرة في ولايته ، وكان السبب في ولايته أن أصيل الدين محمد بن عثمان الأشلمي كان ولي قضاء الشام وصرف شمس الدين الأخناي واستناب أصيل الدين شهاب الدين ابن حجي في الحكم والخطابة ومشيخة الشيوخ فباشر عنه من نصف رمضان ثم توجه الأصيل ، ويقال إنه بذل في ذلك مالا كثيرا جدا استدان أكثره ثم حضر أصيل الدين وباشر بنفسه ثم صرف فسعى في هذه الأيام في قضاء الشافعية بالقاهرة ، وقيل إن ذلك كان بمواطأة القاضي صدر الدين لينفتح له باب السعي في العودة ، فلما كاد أمر أصيل الدين يتم قيل للملك الظاهر إن كان ولا بد من عزل الزبيري فاعد صدر الدين فهو أمثل من أصيل الدين ، فوقع ذلك واجتمع له من لا يحصى فرحا به بحيث امتلأت القلعة والقصبة من الفقهاء والجند وغيرهم وأظهروا من الفرح به ما لا يعبر عنه .
وقرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري : لم يزل فتح اله من حين ولي كتابة السر يعمل على عزلي وأعانه على ذلك ابن غراب بعناية المحلي التاجر إلى أن أجابهم السلطان ، وكان يقول : أنا أعرف أن الزبيري رجل جيد ولكني أريد أخذ مال المناوي ولما استقر شرع في التنقيبعلي في أسام مباشرتي ، وحصل منه الضرر لكثير من الناس لا سيما من يلوذ بي ، وفاوض السلطان في شيء من ذلك فأذن له .
وفي الثاني والعشرين من شهر رجب قرر أمير فرج بن الخطيري في نيابة الإسكندرية عوضا عن . . . . . نقلا من استادرية الأملاك السلطانية ، وقرر فيها عوضه ناصر الدين ابن سنقر نقلا من الاستادارية الكبرى ، وقرر في الاستادارية الكبرى يلبغا المجنون على قاعدته وفي رجب استقر بدر الدين القدسي قاضي الحنفية بدمشق عوضاعن . . . . تقي الدين إبراهيم بن الشيخ شمس الدين بن مفلح قاضي الحنابلة بها عوضا عن . . . .
وفي شعبان في ليلة الاثنين رابع عشرة خسف القمر جميعه واستمر من بعد العشاء إلى نصف الليل وصلى الناس صلاة الخسوف بدمشق . وفيه أمر الملك الظاهر القضاة أن يعرضوا الشهود فعرض كل قاض شهود الحوانيت التي تنسب إليه ، فمن كان معروفا أقره ومن لم يكن له به معرفة سأل عنه إلى أن يقف أمره على أحد وجهين إما الإذن وإما المنع .
وفي العاشر منه أعيد القاضي ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي المالكي إلى قضاء المالكية بعد موت القاضي ناصر الدين ابن التنسي وكان القاضي شرف الدين ابن الدماميني قد تعين لذلك ، فيقال إن القاضي شرف الدين ابن الدماميني قد تعين لذلك ، فيقال إن القاضي نور الدين ابن الجلال نائب الحكم سعى في تبطيل ذلك وأعانه سعد الدين ابن غراب فبطل واستقر ابن خلدون .
وفي السابع والعشرين من رمضان أفرج عن الأمير علاء الدينابن الطبلاوي ونقل من الحبس إلى بيت يلبغا المجنون الأستادار ثم أمر بنفيه إلى الكرك فأخرج إليها فتوجه إلى القدس ، فلما بلغه وفاة السلطان شفع فيه فأقر بالقدس ، وفيه نم بعض الناس على الشريف محمد اللحفي أنه يضرب الزغل فكبس منزله بدمشق فوجد فيه الآلات فطيف به ، وفيه سعى المهتار عبد الرحمن لصهره ابن السنجاري في وكالة بيت المال بدمشق فأذن له السلطان في ذلك فلبس الخلعة وحضر ليقبل يد السلطان فاحتقر السلطان شكله وكان صغير السن خفيف اللحية فأمر بنزع الخلعة عنه فنزعت وتغيظ علي عبد الرحمن بسبب ذلك وكان اللحفي المقدم ذكره لما بلغه ذلك ، سعى فيها فاتفق ما جرى له في قصة الزغل فبطل سعيه .
وفي هذه السنة صرف تغري بردى من ولاية حلب ونقل إلى القدس بطالا واستقر في نيابتها أرغون الإبراهيمي وكان أكبرالأمراء وكان قد ناب في طرابلس قبلها فلم تطل مدته بحلب بل مات بها في صفر من هذه السنة ، قال القاضي علاء الدين : كان شابا حسن الصورة كثير الحشمة مع العقل والعدل والشجاعة والكرم بحيث أنه تخاصم إليه شخصان في جمل قبل صلاة الجمعة فأمر بتأخيرهما إلى بعد الصلاة فمات الجمل فأمر للذين ثبت لهم بقيمته من عنده وقال : نحن فرطنا فيه .
ذكر من عزل من الأمراء
في ثالث عشر صفر قبض على نوروز أمير آخور الكبير ومعه جرباش أمير آخور الرماح وقبض على آقبغا اللكاش وكان قرر في نيابة الكرك وقرر عوضه أمير مجلس أرغون شاه البيدمري واستقرسودون قريب السلطان عوض نوروز واستقر في تقدمة اللكاش تمراز الناصري واستقر في تقدمة نوروز سودون المارداني وكان حينئذ شاد الشربخانات ونقل آقبغا الجمالي من نيابة طرابلس إلى نيابة حلب لما مات أرغون شاه الخازندار الإبراهيمي نائب حلب وقرسودون بلطا في نيابة حسبة طرابلس نقلا من نيابة حماة واستقر في نيابة حماة دمرداش نقلا من أتابكية حلب واستقر في نيابة الكرك سودونالظريف عوضا عن اللكاش واعتقل اللكاش بقلعة الصبيبة ونقل صريتمر إلى الأتابكية بحلب واستقر فرج الحلبي في نيابة الإسكندرية عوضا عن صرغتمش بحكم وفاته واستقر في تقدمة حسن الكجكني بعد موت يلبغا المجنون واستقر فارس الحاجب الكبير في نيابة صفدبعد القبض على أحمد ابن الشيخ علي وفيها مات تقي الدين وهبة وكان يباشر قبض لحم الدور فوجد له أكثر من عشرين ألف دينار وخلف أربع بنات ، فقام الوزير تاج الدين حتى أثبت أنهن نصرانيات ، فمنعهن من الميراث وحمل المال كله إلى الملك الظاهر فوقع منه موقعا وخلع عليه خلعة هائلة .
وفي النصف من ربيع الآخر صرف شهاب الدين رسلان الصفدي عن ولاية القاهرة واستقر شهاب الدين أحمد بن الزين عمر الحلبي .
وفيها أرسل صاحب أربل يخبر بأن اللنك توجه إلى جهة هذه البلاد ثم توجه إلى بغداد ، وفيها مات أحمد ابن الشيخ علي الذي كان نائب صفد وحمل موجوده إلى السلطان وقيمته عشرة آلاف دينار أكثرها مماليك وخيل وجمال وسلاح .
وفي رمضان استقر يلبغا السالمي في نظر الشيخونية عوضا عنالأمير فارس وكانوا كرروا الشكوى بسبب انقطاع جوامكهم كما صنع في خانقاه سعيد السعداء قبل ذلك بمدة وقطع جمع كثير منهم لاتصافهم بغير شرط الواقف وضيق على المباشرين وألزمهم بعمل الحساب وصرف المعاليم بنفسه وفرح به أهلها .
وفي أواخر رمضان قبض على أوصياء الكلستاني وذكر أن الوصية التي أخرجوها زوروها ، فحضروا عند السلطان فضرب بعضهم ثم ردهم إلى القاضي المالكي ، فحبسهم ثم أحضر الشهود فكشف رأس زين الدين عبد الرحمن بن علي التفهيني وكان ملازما للكلستاني فشهد في وصيته فوجد ابن خلدون فيها ما أنكره السلطان ملحقا ، فتغيظ على الشهود لأنه رأى الملحق بخطه ولم يعتذر عنه ، ثم حكم ابن خلدون بابطال الوصية وأطلق الشهود من الحبس بعد ذلك .
وفيها كان الرخص المفرط بالبلاد الشمالية فذكر العينتابي أن القمح بيع بدون العشرة كل مد وهو أردب وسدس مصري والشعير بثلاثةدراهم ، وفي آخر جمادى الأولى استقر بيبرس ابن أخت السلطان دويدارا عوضا عن قلماي ونوروز أمير آخور عوضا عن تاني بك وعلي باي رأس نوبة عوضا عن نوروز ويشبك خزندارا عوض علي باي واللكاش أمير مجلس عوض بيبرس وتغري بردى أمير سلاح وفي جمادى الآخرة انتزع السلطان الإسكندرية من ابن الطبلاوي وأعادها لناظر الخاص واستقر أخوه فخر الدين ابن غراب في نظرهاواسمه ماجد وكان ذلك بعناية يشبك الخازندار واشترط على فخر الدين أن يشاوره في الأمور ، وأرسل أمير فرج الخطيري بالكشف عن ابن الطبلاوي وعلى تاج الدين قاضي الإسكندرية ثم رسم بإحضاره ، فلما قدم بين يدي السلطان قام الشكاة في حقه وبالغوا في الشكوى منه فأمر السلطان بضربه فضرب بالعصى على رجليه بعد العصر يوم الجمعة وكل به ، واتفق أن شوال كان يوم الجمعة . . . الذين ينظرون في النجوم . . . عظيمة منها ففي غضون الشهر فإن نجا نجا إلى آخر السنة فإن نجا منها طال عمره جدا وبلغه شيء من ذلك وكان كثير التنقيب عن ذلك فقلق وتوهم وصلى العيد وهو في غاية التوهم فلما فرغ سالما تصدق بأشياء ، ثم فيالخامس من شوال ابتدأ بالسلطان الضعف وذلك لأنه لعب بالرمح في ذلك اليوم يوم الثلاثاء ورجع فقدم إليه عسل نحل كختاوي فأمعن في الأكل منه فأصابته حمى حادة فانغمر وواظبه الأطباء فأرجف بموته يوم السبت تاسعه وتصدق في مدة ضعفه بصدقات كثيرة جدا ووقعت بالقاهرة هجة عظيمة وقفلت الحوانيت واشتهر أن الأمراء ركبوا ثم ظهر فساد ذلك ، ثم في يوم الأربعاء وقعت هجة عظيمة أعظم من تلك وأرجفوا بموته ثم ظهر أنه أصابه الفواق وظهر عليه الورشكين وأحس بالموت فطلب الخليفة والقضاة والأمراء وعهد بالسلطنة لولده فرج يوم الخميس ثم من بعده لولده الآخر عبد العزيز ثم من بعده لولده الثالث إبراهيم وكتب العهد وأوصى بعطايا كثيرة وقرر أيتمش أتابك العساكر القائم بالأمر ويربى السلطان الجديد إلى أن يكبر .وكان أصحاب الوظائف يومئذ من يذكر
فالدوادار الكبير بيبرس ، ابن أخت السلطان وأمير آخور سودون قريبه ويشبك خازندار وتغري بردى أمير سلاح ، فلما دخلت ليلة الجمعة دخل في النزع إلى أن مات وقت التسبيح ، فأصبح الأمراء والخليفة والقضاة مجتمعين في القصر فأحضر ولي العهد فأقعد على الكرسي وخلعت عليه خلع السلطنة وبايعه الخليفة والقضاة ولقب الناصر وكني أبا السعادات ،ثم شرعوا في تجهيز الملك الظاهر وتقدم في الصلاة عليه خارج باب القلعة قبيل الزوال قاضي القضاة الشافعي صدر الدين المناوي وأخرج بجنازته إلى الصحراء فدفن بتربته التي أنشأها ، وكان في جملة وصيته أنها تكمل وعين القدر الذي يصرف عليها ففعل ذلك بعده ، وكان من جملة أوصيائه يلبغا السالمي والقاضي الشافعي وسعد الدين ابن غراب ناظر الخاص ، وكانت جنازته مشهودة لم ير بعد جنازة الناصر محمد بن قلاوون جنازة سلطان مثلها ، وخطب للناصر على المنابر بمصر والقاهرة في هذا اليوم وفي صبيحة هذا اليوم بشر أمين النيل ابن أبي الدرداء بزيادة النيل واستمر أيتمش بالولاة في البلاد فكان تنم بدمشق ودمرداش المحمدي بحماة وآقبغا الجمالي بحلب والطنبغا العثماني بصفد ويونس الظاهري بطرابلس وسودون الظريف بالكرك ، وكان أول ما تغير عليه من الأحوالأن الأستادار يلبغا المجنون قبض عليه ونهب داره واستقر عوضه مبارك شاه ثم صرف واستقر عوضه في الأستادارية تاج الدين ابن أبي الفرج مضافا إلى الوزارة وحضر القضاة للبس الخلع بسبب السلطنة فخلع على بعض الأمراء فقامت هجة فنزل القضاة ومن معهم هاربين وظهر أنهم أمسكوا أربعة أمراء مقدمين وهم رسطاي وتمراز وتمربغا المنجكي ويلبغا المجنون وجماعة دونهم وخلع على الأمير الكبير وأمير سلاح والدويدار .
وفي الخامس والعشرين من شوال جددوا الأيمان للسلطان والأمير الكبير وتولى يلبغا السالمي تحليف المماليك مع بعض الموقعين حتى استوفاهم في عدة أيام وكان عدة من أنفق عليهم من المماليك المشترين ومماليك الخدمة المختصة بالسلطان أربعة ألاف ماءة وثلاثين وكان قدر ما أعطي لكل واحد منهم بوصية من الظاهر أنفق على المماليك كل واحد ألف درهم هؤلاء الخواص ، وأما من دونهم فكل واحد خمسمائة درهم وذلك في حادي عشرين شوال ، ثم قبض على جماعة من الأمراء منهم رسطاي وتمراز وتمربغا وبلاط وطولو ، وفي آخرشوال أشار يلبغا السالمي على الأمير أيتمش أن يقرر ما يرتجع من مال من يقبض عليه من الأمراء على شيء معين لأن الأمير كان إذا قبض عليه قاسى من كان يباشر عليه بسبب المرتجع من تركته البلاء المبرم فاستقر الحال على أن يكون على الأمير المقدم خمسين ألف درهم وعلى أمير الطبلخاناه عشرين ألف درهم وعلى من معه إمرة عشرين عشرة آلاف درهم وعلى أمير عشرة خمسة آلاف درهم وكتبت بذلك مراسيم وخلدت في الدواوين واستقر الحال على ذلك ، وفيه صرف الشهاب أحمد بن الزين الشامي من ولاية القاهرة واستقر عيسى الشامي وكان ابن الزين هرب ثم ظفر به فضربه بالمقارع وصودر .
وفيها ثار تنم نائب الشام فأظهر الخلاف وملك القلعة وطرد النائب بها واستمر على الخطبة للناصر فرج وكان المتكلم في الدولة الناصرية بالقاهرة أرسل نائبا يحفظ القلعة فاتفق وصوله بعد أن ملك تنم القلعة فلم يمكنه دخولها ، ثم أظهر أن رجلا فداويا أراد الفتك به فقبض عليه ومعه سكين وقرره بحضرة الناس فأقر أن كبير الأمراء المصريين أرسله لذلك فتنمر وأظهر ما كان يبطن وكاتب نواب البلاد فأطاعوه ووثب نائب حماة فتملك القلعة وكذلك نائب صفد وأما نائب قلعة حلب فأخذ حذره فلم يمكن نائب حلب من قلعتها ، ولما قبض المماليك النفقة تصرفوا فيها وكان أكثرها دنانير فرخص سعر الذهب لكثرة وجوده في أيديالناس إلى أن صار الهرجة بخمسة وعشرين والأفرنجي بعشرين ، ثم نودي في ثامن ذي القعدة أن سعر الإفرنجي بثمانية وعشرين والهرجة بثلاثين ، وتوجه علاء الدين الطبلاوي من القدس إلى دمشق فاستقر به الأمير تنم في خدمته وكان استدعاه إليه .
وفي رابع عشر ذي القعدة سعى الشيخ أصلم في وظيفة المشيخة بالخانقاه بسرياقوس وكان الذي قرر عوضه فيها وهو الشريف فخر الدين مات فأجيب إلى سؤاله واستقر .
وفي ي لقعدة صرف يلبغا السالمي عن النظر في المدرسة الشيخونية وما معها وقرر مكانه أرغون شاه البيدمري وكان السالمي قد شدد على أهل الشيخونية ومدرسيها خصوصا مدرس الشافعية وهو قاضي القضاة صدر الدين المناوي وأشاع السالمي عنه أنه فرح بموت الملك الظاهر وأنه لما سمع بموته سجد شكرا لله تعالى ، فلما باغه ذلك تأذى به وخشي ما يترتب عليه فركب إلى شيخ الإسلام البلقيني وخضع له وشكا إليه حاله مع السالمي وكان السالمي قد تسلط على الشيخ بأمر آخر فركب الشيخمعه وطافا على الأمراء إلى أن عزل السالمي واصطلح الشيخ والقاضي وكان ما بينهما قبل ذلك متباعدا .
وفي سابع عشر من ذي القعدة عقد مجلس بشيخ الإسلام والقضاة عند الأمير الكبير وسئلوا عن المال الذي خلفه الملك الظاهر بالخزانة هل يورث عنه أو هو لبيت المال ? فقال البلقيني : ما كان محصل له من إقطاعه ومن تجاراته فهو لورثته وما عدا ذلك فهو في بيت المال فقيل له إنه مختلط فقال : يجعل لورثته منه جزء فاختلفوا من الثلث إلى السدس ، وقيل أن الشيخ قال : يجعل له الخمس ، ولم يثبت ذلك .
وفي الثالث عشرين من ذي القعدة ولي السالمي الأستادارية وصرف تاج الدين ابن أبي الفرج ، فكان منذ وفاة الظاهر قد وليها أربعة أنفس فيمدة شهر وثمانية أيام وكانت مباشرة ابن أبي الفرج منها دون الشهر وفيه قبض على سودون أمير آخور قريب السلطان بسبب أنه امتنع من تسليم الاصطبل ليسكنه الأمير الكبير واستقر عوضه أمير آخور سودون الطيار وفيه في الثالث عشر منه صرف تاج الدين بن أبي الفرج من الوزارة واستقر عوضه شهاب الدين بن قطينة وتسلم تاج الدين المذكور وكانت مدة ولايته الوزارة دون الشهر .
وفي سلخ ذي القعدة صرف شمس الدين الشاذلي عن حسبة مصر وأعيد الشيخ نور الدين علي بن محمد بن عبد الوارث إليها ، وفي مستهل ذي القعدة صرف الشيخ تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي عن وظيفةالحسبة بالقاهرة واستقر عوضه الشيخ بدر الدين محمود بن أحمد الحنفي ، وهي أول ولاياته لها وكان قبل ذلك طالبا بالظاهرية فأخرج منها فتوجه لبلاده ثم عاد وهو في غاية القلة ، فتردد إلى الأمراء فسعى له بعضهم وهو جكم في حسبة القاهرة فوليها في هذا التاريخ سابع ذي الحجة فلم تقم معه سوى بقية الشهر ، فلما استهل المحرم استقر جمال الدين محمد ابن عمر الطبنذي وصرف العينتابي وكان القائم في ذلك كزل دوادار أيتمش .
قرأت ذلك في تاريخ العينتابي ثم اعيد العينتابي في رابع عشر ربيع الآخر من سنة اثنتين ثم عزل منها بعد شهر وأعيد المقريزي ، وفي الرابع من ذي الحجة صرف ابن قطينة عن الوزارة واستقر عوضه فخر الدين ابن غراب وكان يباشر نظر الإسكندرية .
وفيها وصل قاصد نائب الشام يذكر أن طائع وسأل استمراره على نيابة الشام وتحليف الأمراء له ، ففعلوا له ذلك وحلف الأمير الكبير ومن معه بحضرة القضاة وشيخ الإسلام ووضعوا خطوطهم بذلك وتوجه قاصده إليه بذلك ، وفي ذي الحجة وصل اسنبغا الدويدارإلى سلمية فلبس نعير أمير العرب خلعة السلطان وأظهر الطاعة وجهز التقدمة وكان قبل ذلك قد اتفق مع قرا يوسف أمير التركمان وحاصر الأميردمشق بن سالم الدوكاري التركماني مدة طويلة ثم اصطلحوا ، وفي هذه السنة حاصر أبو يزيد بن عثمان ملطية والأبلتين وتسلمهما وحاصر درنده وورد الخبر بذلك في هذا الشهر فجهزوا سودون الطيار لكشف هذه الأخبار .
وفي ذي الحجة أبطل السالمي مكس العرصة والأخصاص بمنية بن خصيب ثم أبطل وفرالشون السلطانية وكتب به مرسوم وأبطل ما كان على البرددار ومقدم المستخرج من المشاهرة التي تتحصل من المصادرة وألزمها بترك ذلك ورفع الظلم عن الناس أجمعين وأحضر السماسرةوقرر لهم عن كل إردب نصف درهم من غير زيادة على ذلك عن السمسرة والكيالة والأمانة وشدد عليهم في ذلك وكثر دعاء أهل الخير له بسبب ذلك .
وفيات سنة 801
ذكر من مات في هذه السنة من الأكابر
أحمد بن إبراهيم بن عبد العزيز بن علي الموصلي الأصل الدمشقي شهاب الدين بن الخباز نزيل الصالحية سمع من أبي بكر بن الرضي وزينب بنت الكمال وغيرهما وحدث ، سمع منه صاحبنا الحافظ غرس الدين وأظنه استجازه لي ، ومات فيشهر ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة .
أحمد بن أحمد بن عبد الله الزهوري العجمي نزيل دمشق ثم القاهرة وكان بزي الفقراء وحصل له جذبة فصار يهذي في كلامه ويخلط ويقع له مكاشفات ، منها انه لما كان بدمشق وكان الملك الظاهر حينئذ بها جنديا فرأى في منامه أنه ابتلع القمر بعد أن رآه قد صار في صورة رغيفخبز ، فلما اجتاز بالشيخ أحمد ، فصاح به : يا برقوق أكلت الرغيف ، فاعتقده ، فلما ولي السلطنة أحضره وعظمه ، وصار يشفع عنده فلا يرده ، ثم أفرط حتى كان يحضر مجلسه العام فيجلس معه على المقعد الذي هو عليه ويسبه بحضرة الأمراء وربما بصق في وجهه فلا يتأثر لذلك ، وكان يدخل على حريمه فلا يحتجبن منه ، وحفظت عنه كلمات كان يقولها ، فيقع الأمر كما يقول ، وكان للناس فيه اعتقاد كبير .
أحمد بن محمد بن أحمد الطولوني شهاب الدين كبير المهندسين كان عارفا بصناعته ، وتقدم فيها قديما ، وكان شكلا حسنا طويل القامة ، وعظمت منزلته عند الملك الظاهر فقرره من الخاصكية ، ولبس بزي الجند ، ثم أمره عشرة وتزوج ابنته ، وكانت له ابنة أخرى تحت جمال الدين القيصري ناظر الجيش ، ثم طلق الظاهر البنت المذكورة وتزوجها نوروز بأمر السلطان ، وتزوج السلطان بنت أخيها ؛ ومات شهاب الدين المذكور في شهر رجب من هذه السنة .صفحة فارغة .أحمد بن إسماعيل بن عمر بن كثير البصروي ثم الدمشقي شهاب الدين ابن الحافظ عماد الدين ولد سنة خمس وستين وأحضر علي ابن الشيرجي أحد الرواة عن الفخر وتزيا بزي الجند وحصل له إقطاع ، قال القاضي شهاب الدين ابن حجي في تاريخه : كان أحسن أخوته سمتا وكان عارفا في الأمور ، مات في شهر ربيع الأول .
أحمد بن أبي بكر بن محمد العبادي شهاب الدين الحنفي تفقه على السراج الهندي وفضل ودرس وأشغل ثم صاهر القليجي وناب في الحكم ووقع على القضاة ودرس بمدرسة الناصر حسن وكان يجمع الطلبة ويحسن إليهم وحصلت له محنة مع السالمي ثم أخرى مع الملك الظاهر تقدم ذكرها في الحوادث ، مات في ثامن عشر أو تاسع عشر ربيع الآخر .أحمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن مروان الشيباني البعلبكي ثم الصالحي أحد رواة الصحيح عن الحجار وسمع أيضا من غيره ، وله إجازة من أبي بكر بن محمد بن عنتر المسلمي وغيره وحدث ، مات في ذي الحجة .
أحمد بن شعيب خطيب بيت لهيا كان عابدا قانتا كثير التهجد والذكر .
قال القاضي شهاب الدين ابن حجي قل من كان يلحقه في ذلك ، مات في شهر المحرم .
أحمد بن عبد الله السيواسي برهان الدين قاضي سيواس الحنفي قدم حلب فاشتغل بها ودخل القاهرة ثم رجع إلى سيواس فصاهر صاحبها ثم عمل عليه حتى قتله وصار حاكما بها ، وقد تقدم ما اتفق له مع عسكر الظاهر سنة تسع وثمانين ، فلما كان سنة تسع نازله التتار الذي كانوا بآذربيجان فاستنجد بالظاهر ، فأرسل إليه جريدة من عساكر الشام ، فلما أشرفوا على سيواس انهزم التتار منهم فقصده قرايللك بن طور علي التركماني في أواخر سنة ثمانمائة فتقاتلا ، فانكسر عسكر سيواس وقتل برهان الدين في المعركة ؛ وكان جوادا فاضلا له نظمأحمد بن علي بن محمد الحسيني شهاب الدين المصري ويعرف بابن شقائق كان شريفا معروفا يتعانى الشهادة ، مات في جمادى الآخرة .
أحمد بن عيسى بن موسى ابن سليم بن جميل المقيري الكركي العامري الأزرقي أبو عيسى القاضي عماد الدين الشافعي ولد في شعبان سنة إحدى وأربعين ، وحفظ المنهاج وجامع المختصرات وغيرهما واشتغل بالفقه وغيره وسمع الحديث من البيانيوغيره وممن سمع منهم بالقاهرة أبو نعيم ابن الحافظ تقي الدين عبيد الإسعردي ويوسف بن محمد الدلاصي وغيرهما وحدث ببلده قديما سنة ثمان وثمانين ولما قدم القاهرة قاضيا خرج له الحافظ أبو زرعة مشيخة سمعتها عليه وكان أبوه قاضي الكرك فلما مات استقر مكانه وقدم القاهرة سنة اثنتين وسبعين ثم قدمها سنة اثنتين وثمانين وكان كبير القدر في بلده محببا إليهم بحيث أنهم كانوا لا يصدرون إلا عن رأيه فاتفق أن الظاهر لما سجن بالكرك قام هو وأخوه علاء الدين على خدمته فحفظ لهما ذلك فلكا تمكن أحضرهما إلى القاهرة وولي عماد الدين قضاء الشافعية وعلاء الدين كتابة السر وذلك في شهر رجب سنة اثنتين وتسعين فباشر بحرمة ونزاهة واستكثر من النواب وشدد في رد رسائل الكبار وتصلب في الأحكام فتمالأوا عليه فعزل في آخر سنة أربع وتسعين واستقر صدر الدين المناوي في رابع المحرم سنة خمس وأبقى السلطان مع القاضي عماد الدين من وظائف القضاء تدريس الفقه بالمدرسة الصلاحية المجاورة للشافعي ودرس الحديث بالجامع الطولوني ونظر ووقف الصالح بين القصرين فاستمر في ذلك إلى أن شغرت الخطابة بالمسجد الأقصى وتدريس الصلاحية فقررهما السلطان لعماد الدين وذلك في سنة تسع وتسعين فتوجه إلى القدس وباشرهما وانجمع عن الناس وأقبل على العبادة والتلاوة إلى أن مات في سابع عشر ربيع الأول من هذه السنةونزل عن خطابة القدس في مرضه لولده شرف الدين عيسى فلم يمض النزول واستقر خطيب نابلس في الوظيفة بعناية نائب الشام وحضر ولد القاضي عماد الدين إلى القاهرة في طلب الخطابة فمنع واتفق أن نائب الكرك كاتب فيه يشكو منه فرسم عليه ثم أفلاج عنه وأعيد إلى الكرك قاضيا وهو أول من كتب له القضاة عن السلطان الجناب العالي وذلك بعناية أخيه لما ولي كتابة السر فاستأذن السلطان في ذلك فأذن له واستمر ذلك للقضاة وكانوا يكاتبون بالمجلس وهي كانت في غاية الرفعة للمخاطب بها في الدولة الفاطمية ثم انعكس ذلك في الدولة التركية وصار الجناب أرفع رتبة في المجلس .
وذكر لي الشيخ تقي الدين المقريزي أنه حلف له أنه في طول ولايته القضاء بالكرك والديار المصرية ما تناول رشوة ولا تعمد حكما باطلا رحمه الله تعالى .
أحمد بن محمد بن إسماعيل المجدلي الحنفي لقبه ينوص لشدة شقرة شعره وكان مباشر أوقاف الحنفية وكان حسن المباشرة ، مات في ربيع الأول .أحمد بن محمد بن أبي بكر بن السلار الصالحي شهاب الدين ابن أخي الشيخ ناصر الدين إبراهيم ولد سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وأحضر علي أبي العباس ابن الشحنة وأجاز له أيوب بن نعمة الكحال والشرف ابن الحافظ وعبد اله بن أبي التائب وآخرون وحدث ، سمع منه الحافظ غرس الدين وأجاز لي ؛ مات في أواخر ذي الحجة .
أحمد بن محمد بن عبد الرحمن البلبيسي الخطيب تاج الدين أبو العباس ولد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة واشتغل وتفقه ولم يحصل له من سماع الحديث ما يناسب سنه لكنه لما جاور بمكة سمع من الكمال ابنحبيب عدة كتب حدث بها عنه كمعجم ابن قانع وأسباب النزول وسنن ابن ماجة وولي أمانة الحكم بالقاهرة ودرس بجامع الخطيري وخطب به وناب في الحكم ببولاق ومات في شهر ربيع الأول .أحمد بن محمد بن محمد بن عطاء اله بن عواض بن نجا بن حمود بن نهار بن يونس بن حاتم بن ببلي بن جابر المالكي الإسكندراني الزبيري القاضي ناصر الدين ابن جمال الدين بن شمس الدين ابن رشيد الدين سبط ابن التنسي بفتح المثناة والنون بعدها مهملة كان ينسب إلى الزبير ابن العوام وفيه يقول الدماميني من أبيات يخاطبه :
وأجاد فكرك في بحار علومه
سبحا لأنك من بني العوام
وكانوا يزعمون أن جابرا المذكور في نسبه ولد هشام بن عروة ابن الزبير ، وفي ذلك نظر لا يخفى فليس في ولد هشام المذكور عند أهل الأنساب من اسمه جابر ، وببلي بضم الموحدة وسكون مثلها ثم لام اسم بربري ، ولد سنة . . . . وتفقه ببلده واشتغل ومهر وفاق الأقران فيالعربية وشرع في شرح التسهيل وولي قضاء بلده سنة إحدى وثمانين وسبعمائة ثم صرف بابن الريغي ثم عاد وتناوبا في ذلك مرارا ثم قدم القاهرة وظهرت فضائله إلى أن ولي قضاء المالكية في رابع عشر ذي القعدة سنة أربع وتسعين ونقا أهله وأولاده وناب عنه القاضي بدر الدين الدماميني وباشر القاضي ناصر الدين بعفة ونزاهة وكان عاقلا متوددا موسعا عليه في المال ، وله تعليق على مختصر ابن الحاجب ، وكان ممن يتعانى التجارة ، وعاشر الناس بجميل فأحبوه ، وكان سليم الصدر طاهر الذيل قليل الكلام لم يعرف أنه آذى أحدا بقول ولا فعل ، مات في شهر رمضان واستقر عوضه ابن خلدون وكان حين مات ابن التنسي بالفيوم فأرسل إليه البريدي فأحضره فباشر في نصف رمضان وقدر أن ولده بدر الدين ولي القضاء بعده في رمضان سنة إحدى وأربعين ،فكان بين موته وولاية ولده أربعون سنة سواء كما سيأتي بيانه .
أحمد بن محمد الدمشقي شهاب الدين ابن العطار مستوفي الجامع الأموي كان من أجل من بقي من مباشري الجامع وقد طلب الحديث في وقت ، ورافق شمس الدين ابن سند وابن إمام المشهد ، مات في شوال .
أحمد بن موسى الحلبي شهاب الدين الحنفي قدم من بلده ونزل في الصرغتمشية وشارك في مذهبه وفي الفضائل وناب في الحكم ، مات في شهر ربيع الأول .
أرغون شاه الإبراهيمي المنجكي نائب السلطنة بحلب كان أصله لإبراهيم بن منجك فتقدم إلى أن صار جمدارا عند السلطان ثم ولي نيابة صفد ثم طرابلس ثم حلب وكان حسن السيرة ، مات بحلب في العشر الأخير من صفر فيما قيل ، وكان خازندار السلطان فأرسله أيام يلبغا الناصري إلى حلب حاجبا فلم يمكنه الناصري وكاتب في الإعفاء فأجيب فلما قتل الناصري ولاه الظاهر نيابة صفد ثم طرابلس ثم حلب في العام الماضي فسار أحسن سيرة ويقال إن بعض الأكابر سقاه ويقال إن بعض العرب أغار على جمال له فتوجه في طلبهم ففروا منه فلج فيإثرهم وغرر بنفسه فأصابه عطش ومات بعض من معه وشيء من الخيول وضعف هو من ذلك واستمر إلى أن مات ، وكان شابا حسنا عاقلا عادلا شجاعا كريما ، ومن عدله أن غلمانه توجهوا لتحويل الملح الذي في إقطاع النيابة فاستكروا جمالا فخرج عليهم العرب فنهبوهم فغرم لأصحابها ثمنها وأن شخصا ادعى عنده في جمل عند صلاة الجمعة فاستمهله إلى أن يصلي فمات الجمل فغرم لمستحقه ثمنه .
إسماعيل بن عمر بن عبد الله بن جعفر الدمشقي العاملي الصفار ، روى عن الحجار وغيره وحدث ، ومات في جمادى الأولى وقد جاوز الثمانين .أمير حاج بن مغلطاي ، ناب في الإسكندرية مدة ثم ولي الاستادارية في سلطنة المنصور حاجي بن الأشرف شعبان ، ثم نفاه برقوق إلى دمياط فمات بها بطالا في ربيع الأول .
أبو بكر بن أحمد بن عمر العجلوني نزيل مكة المشرفة يأتي فيمن اسمه محمد .
برقوق بن آنص بن عبد الله الجركسي العثماني ، ذكر الخواجا عثمان الذي أحضره من بلاد الجركس أنه اشتراه منه يلبغا الكبير واسمه حينئذ الطنبغا فسماه برقوقا لنتو في عينيه فكان في خدمة يلبغا من جملة المماليك الكتابية ، ثم كان فيمن نفي إلى الكرك بعد قتل بلبغا ، ثم اتصل بخدمة منجك نائب الشام ، ثم حضر معه إلى مصر واتصل بخدمة الأشرف شعبان ، فلما قتل الأشرف ترقى برقوق إلى أن أعطي إمرة أربعين وكان هو وجماعة من إخوته في خدمة أينبك ، ثم لما قام طلقتمر على أينبك وقبض عليه ركب برقوق وبركة ومن تابعهما على المذكور وأقاما طشتمر العلاي مدبر المملكة أتابكا ، واستمروا في خدمته إلى أن قام عليه مماليكهفي أواخر سنة تسع وسبعين فآل الأمر إلى استقرار برقوق وبركة في تدبير المملكة بعد القبض على طشتمر ، فلم تطل الأيام حتى اختلفا وتباينت أغراضهما وقد سكن برقوق في الاصطبل السلطاني ، فأول شيء صنعه أن قبض على ثلاثة من أكابر الأمراء كانوا من أتباع بركة ، فبلغه ذلك فركب على برقوق فدام الحرب بينهما أياما إلى أن قبض على بركة وسجن بالإسكندرية ، وانفرد برقوق بتدبير أمور المملكة إلى أن دخل شهر رمضان سنة أربع وثمانين وهو في غضون ذلك يدبر أمر الستقلال بالسلطنة إلى أن تم له ذلك ، فجلس على تخت الملك في ثامن عشر الشهر المذكور ولقب بالملك الظاهر ، وبايعه الخليفة وهو المتوكل محمد بن المعتضد والقضاة والأمراء ومن تبعهم ، وخلعوا الصالح حاجي بن الأشرف وأدخل به إلى دور أهله بالقلعة ؛ فلما كان بعد ذلك بمدة خرج عليه يلبغا الناصري واجتمع إليه نواب البلاد كلها وانضم إليه منطاش وكاتب أمير ملطية ومعه جمع كثير من التركمان ، فجهز إليهم الظاهر عسكرا بعد عسكر فانكسروا ، فلما قرب الناصري من القاهرة تسلل الأمراء المصرية إليه إلى أن لم يبق عند الظاهر إلا القليل ، فتغيب واختفى في دار بالقرب من المدرسة الشيخونية ظاهر القاهرة ، فاستملى الناصري ومن معه على المملكة واستقر الناصريأتابكا بمصر وأعيد حاجي إلى السلطنة ولقب المنصور ، وأراد منطاش قتل برقوق فمنعه الناصري وأرسله إلى الكرك وسجنه بها ، ثم لم يلبث منطاش أن ثار على الناصري فحاربه إلى أن قبض عليه وسجنه بالإسكندرية واستقل بتدبير المملكة وكان أهوج فلم ينتظم له أمر وانتقضت عليه الأطراف ، فجمع العساكر وخرج إلى جهة الشام ، فاتفق خروج الظاهر من الكرك وانضم إليه جمع قليل فالتقوا بمنطاش ، فاتفق أنه انكسر وانهزم إلى جهة الشام واستولى الظاهر على جميع الأثقال وفيهم الخليفة والقضاة وأتباعهم فساقهم إلى القاهرة ، واتفق خروج المسجونين من مماليكه بقلعة الجبل فغلبوا على نائب الغيبة فدخل الظاهر واستقرت قدمه بقلعة الجبل وأعاد ابن الأشرف مكانه من دور أهله ، وكل ذلك في أوائل سنة اثنتين وتسعين ؛ ثم جمع العساكر وتوجهوا إلى الشام فحصرها وذلك في شعبان من السنة المقبلة وهرع إليه الأمراء وتعصب أهل الشام لمنطاش فما أفاد ودامت الحرب بينهم مدة إلى أن هزم منطاش وقد تقدم بيان ذلك في الحوادث مفصلا ، ووصل في تلك السنة إلى حلب وقرر أمراء البلاد ونوابها ، ورجع إلى القاهرة في المحرم سنة أربع وتسعين واستقرت قدمه في المملكة إلى أن مات على فراشه في ليلةالنصف من شوال سنة إحدى وثمانمائة وعهد بالسلطنة إلى ولده فرج وله يومئذ من العمر عشر سنين لأنه ولد عند خروجه من الكرك ولذلك سماه ذا الأسم ويقال أنه بلغ ستين سنة .
ومن آثاره المدرسة الفائقة بين القصرين لم يتقدم بناء مثلها في القاهرة وسلك في ترتيب من قرره فيها مسلك شيخون في مدرسته فرتب فيها أربعة من المذاهب وشيخ تفسير وشيخ إقراء وشيخ حديث وشيخ ميعاد بعد صلاة الجمعة إلى غير ذلك .
ومن آثاره عمل جسر الشريعة ، انتفع به المسافرون كثيرا وأبطل ضمان المغاني بعدة بلاد وكان الأشرف أبطله من الديار المصرية ، وأبطل مكس القمح بعدة بلاد ، وكانت مدة استقلاله بأمور المملكة من غير مشاركة تسع عشر سنة وأشهرا ، ومدة سلطنته في المرتين ست عشرة سنة ونحو نصف سنة ، وكان شهما شجاعا ذكيا خبيرا بالأمور إلا أنه كان طماعا جدا لا يقدم على جمع المال شيئا ولقد أفسد أحوالالمملكة بأخذ البذل على الولايات حتى وظيفة القضاء والأمور الدينية ، وكان جهوري الصوت كث اللحية واسع العينين عارفا بالفروسية خصوصا اللعب بالرمح ، وكان يحب الفقراء ويتواضع لهم ويتصدق كثيرا ولا سيما إذا مرض ، وأبطل في ولاياته كثيرا من المكوس منها ما كان يؤخذ من أهل البرلس وما حولها وهو في السنة ستون ألفا وعلى القمح بدمياط وعلى الفاريج بالغربية وعلى الملح بعينتاب وعلى الدقيق بالبيرة وعلى الدريس والحلفاء بباب النصر وضمان المعاني بمنية بني خصيب وبالكرك والشوبك ، ولم عهد لولده استحلف القاضي الشافعي جميع الأمراء فبدأ بالخليفة ثم بأيتمش ثم ببقيتهم فحلف من حضر ثم أرسلوا إلى من غاب فلم يتأخر أحد وخلع على الخليفة على العادة ونودي في البلد بالأمان .
بكلمش العلاي أحد الأمراء الكبار بالديار المصرية تقدمذكره في الحوادث ، مات بالقدس بطالا في صفر وكان من قدماء جماعة الظاهر وتقدم في الدول كثيرا ، قال العينتابي كان عتيق بعض الجند ثم انتمى إلى طنبغا الطويل فقيل له العلائي قال : وكان مقداما جسورا عنده نوع كبر وعسف مع أنه كان شجاعا شهما مهيبا وعقيدته صحيحة ويحب العلماء ويجلس إليهم ويذاكر بمسائل ويتعصب للحنفية جدا .
حسن بن علي بن أحمد الكجكني حسام الدين الحلبي البانقوسي نائب السلطنة بالكرك ترقى في الخدم إلى أن أمر بطرابلس وقدم مع يلبغا الناصري لما انتزع الملك من برقوق فأمره بالكرك ، وتقدم عند الملك الظاهر لكونه خدمه بالكرك ثم قربه وأمره بمصر وبعثه رسولا إلى الروم ، مات في رجب عن ستين سنة ، قال الشيخ تقي الدين المقريزي : كان تام المعرفة بالخيل وجوارح الطير محبا لأهل السنة عاقلا مزاحا .حسن بن محمد الغيثاوي أحد الطلبة المشهورة ، ذكر ابن حجي أنه كان أفضل أهل طبقته جاوز الثلاثين ومات في أول السنة .
حسين بن علي الفارقي ثم الزبيدي شرف الدين وزير الأشرف وليها سنة سبع وثمانين ثم عزل بعد أربع سنين بالشهاب أحمد بن عمر ابن معيبد وكان يدري الطب ، رأيته بزبيد في الرحلة الأولى ومات بعدنا في ليلة النصف من شعبان حيدر بن يونس المعروف بابن العسكري أحد الشجعان الفرسان ، مات في شوال بدمشق بطالا وقد شاخ وولي إمرة سنجار للأشرف .خديجة بنت أبي بكر بن يوسف بن عبد القادر بن يوسف الحلبية الأصل الدمشقية ماتت في . . . . . . . .
خلف بن حسن بن عبد الله الطوخي أحد المعتقدين بمصر ، مات في تاسع عشر ربيع الأخر ، وكان كثير التلاوة ملازما لداره والخلق يهرعون إليه ، وشفاعاته مقبولة عند السلطان ومن دونه .
خلف بن عبد المعطي المصري صلاح الدين ناظر المواريث والحسبة ، مات في ربيع الأول .
خلف خليل بن حسن بن حرز الله قاضي الفلاحين كانوا يرجعون إليهفي أمور الفلاحة وكان شاهدا ببعض المراكز وقد حضر علي الحجار وغيره ، مات في جمادى الآخرة .
خليل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الجليل المصري المقرئ المعروف بالمشبب ، سمع من البدر ابن جماعة على ما قيل ، وأقرأ الناس بالقرافة دهرا طويلا ، وكان منقطعا بسفح جبل ، وللملك الظاهر وغيره فيه اعتقاد كبير ، مات في ربيع الأول ، اجتمعت به مرارا وسمعت قراءته وصليت خلفه ، وما سمعت أشجى من صوته في المحراب .زكريا بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن الحسن أبو يحيى المستعصم بالله العباسي ولي الخلافة في أيام اينبك بعد قتل الأشرف عوضا عن المتوكل ثم خلع ثم اعاده الظاهر بعد القبض على المتوكل في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، ثم صرف عنها في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين فلزم داره إلى أن مات في جمادى الأولى ، وكان عاميا صرفا بحيث يبدل الكاف همزة .
زينب بنت عمر بن سعد الله بن النحنخ الحرانية سمعت من . . . . . وماتت في ربيع الأول .ست القضاة بنت عبد الوهاب بن عمر بن كثير ابنة أخي الحافظ عماد الدين حدثت بالإجازة عن القاسم بن عساكر وغيره من شيوخ الشام وعن علي الواني وغيره من شيوخ مصر ، وخرج لها صلاح الدين أربعين حديثا عن شيوخها ، ماتت في جمادى الآخرة وقد جاوزت الثمانين .
شيخ الخاصكي كان أجمل مماليك الظاهر وأقربهم إلى خدمته وأخصهم به وكان القاضي فتح الدين فتح اله زوج والدته ، قرأت بخط المقريزي : كان بارع الجمال فائق الحسن لديه معرفة وفيه حشمة ومحبة للعلماء وفهم جيد ، تائها صلفا معجبا منهمكا في اللذات ، توجه إلى الكرك فمات في أوائل السنة .
شيخ الصفوي أحد الأمراء الكبار ، تنقلت به الأحوال إلى أننفي إلى القدس في سنة ثمان ، ثم حبس بقلعة المرقب فمات بها في هذه السنة في شهر ربيع الآخر .
صرغتمش المحمدي ، ولي نيابة الإسكندرية في سنة تسع وتسعين وسبعمائة ، مات في جمادى الأولى .
صفية بنت القاضي عماد الدين إسماعيل بن محمد بن العز الصالحيةولي أبوها القضاء وحدثت هي بالإجازة عن الحجار وأيوب الكحال وغيرهما وسمعت من عبد القادر الأيوبي ، ماتت في المحرم .
صندل بن عبد الله المنجكي الطواشي الخازندار كان من أخص الناس عند الظاهر ، وكان يعتقد في الجودة والأمانة ، وكانت أكثر الصدقة تجري على يده مع كثرتها ، مات في رمضان .
عبد الله بن أحمد بن صالح بن أحمد بن خطاب الزهري الشافعي جمال الدين ابن القاضي شهاب الدين ولد في جمادى الآخرة سنة تسع وستين وحفظ التمييز وأذن له أبوه في الإفتاء سنة إحدى وتسعينودرس بالقليجية وغيرها وناب في الحكم وكان عالي الهمة ، ومات في المحرم .
عبد الله بن سعد بن عبد الكافي المصري ثم المكي المعروف بالحرفوش وبعبيد جاور بمكة أكثر من ثلاثين سنة ، وكان للناس فيه اعتقاد زائد ، واشتهر عنه أنه أخبر بواقعة الإسكندرية قبل وقوعها ، مات في أوائل هذه السنة ، رأيته بمكة وثيابه كثياب الحرافيش وكلامه كذلك ، جاوز الستين .
عبد الله بن أبي عبد الله السكسوني جمال الدين أحد المدرسينفي مذهبهم ، مات في ربيع الآخر ، كان بارعا في العلم مع الدين والخير ، أخبر أنه رأى النبي e لما تجهز الأشرف للحج في المنام وعمر يقول له : يا رسول الله شعبان بن حسين يريد أن يجيئ إلينا ، فقال : لا ما يأتينا أبدا قال : فلم يلبث الأشرف أن رجع من العقبة ؛ ودرس جمال الدين بالأشرفية بعد بهادر المنجكي إلى أن مات .
عبد الرحمن بن أحمد بن الموفق إسماعيل بن أحمد الصالحي الذهبيالحنبلي ناظر المدرسة الصاحبية بالصالحية ، حدث عن ابن أبي التائب ومحمد أبن أيوب بن حازم وزينب الكمال وغيرهم وأجاز له ابن الشحنة مات في جمادى الأولى وقد جاوز السبعين ؛ قال ابن حجي : بلغني انه تغير بآخره ولم يحدث في حال تغيره عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن داود الكفيري صدر الدين الشافعي عني بالفقه وناب في الحكم بدمشق ومات بها في المحرم عن أربعين سنة ، وكانت له همة في طلب الرياسة قاله ابن حاجي .
عبد الرحمن بن عبد الكافي بن علي بن عبد الله بن عبد الكافي ابن قريش بن عبد اله بن عباد بن طاهر بن موسى الشريف الطباطبي الحسني زين الدين مؤذن الركاب السلطاني ، وبقية نسبه في ترجمة نقيبالأشراف الطباطبي ، كان يجالس الملك الظاهر فاتفق أن جمال الدين لما كان ناظر الجيش أنف أن يجلس دونه فذكر أنه رأى النبي e فعتبه على ذلك ، قرأت ذلك بخط الشيخ تقي الدين المقريزي أنه سمعه من صاحبنا شمس الدين العمري الموقع يذكر أنه حضر ذلك .
عبد الرحمن بن محمد بن أبي عبد الله بن سلامة الماكسيني الدمشقي المؤذن بجامع دمشق روى عن الزين عبد الغالب بن محمد الماكسيني وابن أبي التائب وغيرهما ، ومات في جمادى الأولى ، وكان رئيس الجامع كأبيه .
عبد الرحمن بن موسى بن راشد بن طرخان الملكاوي ابن أخي شيخنا شهاب الدين اشتغل بالفقه وحفظ المنهاج ونظر في الفرائض ، واعترتهفي آخر أمره غفلة وكان مع ذلك ضابطا لأمره ، مات في المحرم ولم يكمل الخمسين .
علي بن أحمد بن الأمير بيبرس الحاجب المعروف بأمير علي بن الحاجب المقرئ تلا بالسبع ، وكان حسن الآداء مشهورا بالمهارة في العلاج ، يقال عالج بمائة وعشرة أرطال ، مات في ربيع الآخر وقد شاخ .
علي بن أيبك بن عبد الله الدمشقي الشاعر اشتهر بالنظم قديما ، وطبقته متوسطة ، وله مدائح نبوية وغيرها ، وقد يقع له المقطوع النادر كقوله مضمنا :
مليح قام يجذب غصن بان
فمال الغصن منعطفا عليه
وميل الغصن نحو أخيه طبع
وشبه الشيء منجذب إليه
ولد سنة ثمان وعشرين ومات في ثاني عشر ربيع الأول ، كتب إلي بالإجازة وعلق تاريخا لحوادث زمانه .علي بن علي بن أبي بكر بن يوسف بن الخصيب الدارانيخادم الشيخ أبي سليمان الداراني روى عن شاكر بن التقي أبي النشو وغيره ، مات في المحرم بداريا وكان معمرا ، تغير قليلا بآخره .
علي بن سالم الرمثاوي البهنسي ، مات بدمشق في ذي الحجة .
علي بن سنقر العينتابي نقيب الجيش ، مات في ربيع الآخر .
علي بن عثمان بن محمد ابن الشمس لؤلؤ الحلبي ثم الدمشقي حدث عن الحجار وغيره ، مات في المحرم عن خمس وسبعين سنة ببيت لهيا .
علي بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عذيرالقواس علاء الدين بن شرف الدين بن بدر الدين الطائي وعم جده عمر ابن القواس هو آخر من حدث عن السندي بالإجازة ، مات في المحرم .
علي بن محمد بن محمد بن النعمان الأنصاري الهوى نور الدين بن كريم الدين ابن زين الدين ولد في حدود الأربعين واشتغل بالفقه ثم تعانى التجارة ثم انقطع وكان كثير المحبة في أهل الصلاح يحفظ كثيرا من مناقبهم لاسيما أهل الصعيد وكان يكثر التردد للقاهرة اجتمعت به بمصر وفي مدينته التي يقال لها هو ؛ وهي بالقرب من قوص بالصعيد الأعلى ، وكان يذكر عن ابن السراج قاضي قوص وكان وجيها في زمانه ومكانهأنه كان في منزله فخرج عليه ثعبان مهول المنظر ففزع منه فضربه فقتله ، فاحتمل في الحال من مكانه ففقد من أهله فأقام مع الجن إلى أن حملوه إلى قاضيهم فادعى عليه ولي المقتول ، فأنكر فقال له القاضي : على أي صورة كان المقتول ? فقيل : في صورة ثعبان ، فالتفت القاضي إلى من بجانبه فقال : سمعت رسول الله e يقول : من تزيا لكم فاقتلوه ؛ فأمر القاضي بإطلاق المذكور فرجعوا به إلى منزله ، وذكر لي بعض أقاربه أن مات في هذه السنة ببلده ، وهو عم كريم الدين محتسب القاهرة في سلطنة الناصر فرج .
علي بن محمد الميقاتي نور الدين ابن الشاهد المنجم انتهت إليه الرياسة في عمل الزيج وكتابة التقاويم وقد راج بآخره على الملك الظاهر وقربه وصار شيخ الطرقية وكانت له معرفة بالرمل وغيره ، ومات في المحرم .
علي بن محمد بن القاصح نور الدين المقرئ قرأ على المجد الكفتيونظم قصيدة في القراآت وكان يقرأ في جامع المارداني ، مات في ذي الحجة ، عمر بن إبراهيم بن القواس الدمشقي السكري العابر كان يجيد تعبير المنامات ويجلس على كرسي بالجامع وقد طلب الحديث كثيرا وقرأ وسمع ، مات فجأة وهو في الخلاء ولم يشعروا به إلا في ثاني يوم وذلك في ذي القعدة .
عمر بن إيدغمش الحلبي عتيق بني النصيبي المسند المعروف بالكبيرولد سنة تسع عشرة وسمع من العز إبراهيم بن صالح ابن العجمي وكان خاتمة أصحابه بالسماع كما أنه خاتمة أصحاب مشيخة يوسف بن خليل بالسماع ، مات في تاسع عشر المحرم ، وكنت لما رحلت إلى دمشق سنة اثنتين وثمانمائة عزمنا على الرحلة إلى حلب لأجله وأنا أظن أنه حي فبلغني وفاته فتأخرت عنها لأنه كان مسندها ودهم الناس اللنك فرجعت إلى القاهرة ولم يحصل لي منه إجازة فيما أعلم وقد أجاز ابن صالح المذكور لشيخنا برهان الدين التنوخي وقرأت عليه بها من مسموعات ابن صالح وسمعت عشرة الحداد علي الحافظ برهان الدين الطرابلسي بسماعه من عمر المذكور وغيره وكان جنديا عارفا بالصيد ثم ترك ذلك واستمر في صناعة الفراء المصيص حتى مات وقد سمع الشمائل وأكثر عنه الحلبيون والرحالة .
عمر بن محمد البعلي المعروف بابن التركماني أحد الشهود ببعلبك وله نظم نازل وكان لا يشاقق رفقته ولا يشاطط في الأجرة ، مات في ثامن عشر المحرم وقد جاوز الثمانين .
عمر بن يوسف البالسي المؤذن اشتغل بالحديث ومهر فيه وسمع الكثير مع الخير والدين ، مات بوادي الصفراء وهو متوجه إلى مكة في آخر ذي القعدة .
عمر القرمي ثم الحلبي كان ماهرا في العلم عارفا بالأدب والنظم ، قدم من بلاده فأقام بحلب ثم تحول إلى دمشق فأقام بها مدة ثم توجهمنها إلى مصر فمات بها في الطريق .
عمر بن سراج الدين عبد اللطيف القوي ولد سنة أربعين وسبعمائة وأخذ بالقاهرة عن جمال الدين الأسناي وشمس الدين الكلاي وغيرهما ثم دخل دمشق فأقام بها مدة وصحب القاضي ولي الدين ابن أبي البقاء وفتح الدين ابن الشهيد ثم ارتحل إلى حلب فأقام بها واستمر يشغل بالجامع الكبير وولي القضاء للعسكر وتدريس الظاهرية قال الشيخشهاب الدين ابن حجي : كان فاضلا وله معرفة بالأدب وصار من علماء الحلبيين وذكر لي جمال الدين ابن العراقي أنه كان يعتني في دروسه بشيء خفي وهو أن الدرس مثلا إذا كان في باب من أبواب الفقه يعتني بما يتعلق بنظير تلك المسألة من باب آخر فيصرف وجه مطالعته إليه حتى يتقنه إتقانا بالغا فإذا شرع في درس ذلك الباب وشورك فيه انتقل إلى النظير فأبهت الحاضرين من قوة استحضاره ما يتعلق بذلك النظير وكان ماهرا في الفرائض مشاركا في غيرها سريع الإدراك كثير الاشتغال ، واتفق أنه خرج من حلب إلى دمشق في أواخر المحرم وخرج منها قاصدا القاهرة فاغتيل في خان غباغب ولم يعرف قاتله وذهب دمه هدرا ، ويقال إنه تتبع من حلب وكان جال في البلاد ونظم نظما حسنا ورحلا من حلب إلى دمشق ففقد الطريق وكان قد درس بحلب وحصل بها وظائف ، مات في ربيع الأول وقد جاوز الستين .
فاطمة بنت محمد بن أحمد بن السيف محمد بن أحمد بن عمربن أبي عمر المقدسية ثم الصالحية سمعت من جدها أربعي أبي الأسعد وأجاز لها ابن الشحنة وأيوب الكحال وغيرهما وماتت في شهر رمضان .
قنبر بن عبد الله العجمي الشرواني الأزهري كان شافعي المذهباشتغل في بلاده وقدم الديار المصرية قبل التسعين فأقام بالجامع الأزهر وكان معرضا عن الدنيا قانعا باليسير . وكان ملبوسه في الصيف والشتاء سواء قميص ولباد وعلى رأسه كوفية لبد ، وكان لا يتردد إلى أحد ولا يسأل من أحد شيئا ، وإذا فتح عليه بشيء أنفقه على من حضر ، وكان يحب السماع والرقص ويتنزه في أماكن النزهة على هيئته ، وتمهر في الفنون العقلية وتصدر بالجامع الأزهر وشغل الطلبة ، وكان حسن التقرير جيد التعليم مذكورا بالتشيع ، وشوهد مرارا يمسح على رجليه من غير خف ، مات في شعبان اجتمعت به مرارا وسمعت درسه .
كمشبغا بن عبد اله الحموي اشتراه ابن صاحب حماة وهو صغير ورباهثم قدمه للناصر حسن ، ثم أخذه يلبغا العمري بعد قتل حسن وصيره رأس نوبة عنده ، وسجن بعد مسك يلبغا ثم أفرج عنه في دولة الأشرف وخدم في بيت السلطان ، فلما قتل الأشرف أمر بحلب نائبا ثم عمل بدمشق تقدمة ثم نيابة حماة ثم عمل نيابة الشام ثمانين ثم ناب في صفد ثم طرابلس وتنقلت به الأحوال ، وعمل نيابة طرابلس مدة ثم قبض عليه وسجن بها ثم أفرج عنه يلبغا الناصري وتوجه معه لمصر وولاه نيابة حلب ، وقاتل معه ورجع إلى حلب ، فلما استقر الظاهر في السلطنة أحضره إلى القاهرة واستقر أتابك العساكر ، ثم غضب عليه في أول سنةثمانمائة واعتقله بالإسكندرية إلى أن مات في رمضان ، ولم يعش الظاهر بعده إلا أياما يسيرة دون العشرين ، وكان شكلا حسنا مهابا عالي الهمة ، وهو الذي جدد سور حلب وأبوابها وكانت خرابا من وقعة هولاكو ، ولما قام عليه أهل حلب فتك في أهل بانقوسا ، ثم لما انتصر الظاهر على منطاش قبض على القاضي شهاب الدين ابن أبي الرضى واستصحبه معه كالأسير إلى أن هلك معه من غير سبب ظاهر ، فاتهم بأنه دس عليه من خنقه وذلك أنه كان أشد من ألب عليه في تلك الفتنة فانتقم منه لما قوي عليه رحمه الله تعالى . قال العينتابي : كان مشتغلا بنفسه قضى أكثر عمره في ملاذ الدنيا ولم يشهر عنه من الخير إلا القليل مع العسف والظلم وسفك الدماء انتهى ملخصا .
محمد بن أحمد بن عبد الحميد بن محمد بن غشم بفتح الغين وسكون السين المعجمتين المقدسي ثم الصالحي شمس الدين ، روى عن زينب بنت الكمال بالحضور ، مات في رابع شوال وهو في عشر السبعين .محمد بن أحمد ابن أبي العز بن أحمد بن أبي العز بن صالح بن وهيب الأذرعي الأصل الدمشقي الحنفي شمس الدين بن النشو ولد سنة إحدى وعشرين وأسمع علي الحجار وأسحق الآمدي وعبد القادر بن الملوك وغيرهم وحدث ، وكان أحد العدول بدمشق ، مات في صفر .
محمد بن أحمد بن عمر العجلوني شرف الدين أبو بكر نزيل حلب المعروف بخطيب سرمين وكان اصله من عجلون ثم سكن أبوه عزاز وولي أبو بكر خطابة سرمين ، وقرأ بحلب علي الباريني وسمع من ظهير الدين ابن العجمي ، وغيره وحج وجاور ووعظ على الكرسي بحلب ثم في آخر عمره جاور حتى مات بمكة ، وكان ينتسب جعفريا ويقول إنه من ذرية جعفر بن أبي طالب ، وكانت له عناية بقراءة الصحيحين ويحفظ أشياء تتعلق بذلك ويضبطها ، وكتب عن أبي عبد اله بن جابر الأعمى المغربي قصيدتهالبديعية وحدث بها عنه ، سمعتها منه لما اجتمعت به بمكة في أول هذه السنة ، وجاور بمكة مرارا ، مات بها في سادس عشري صفر ، وقد تقدم في أبي بكر وكأنها كانت كنيته ولكنه كان بها أشهر .
محمد بن أحمد بن محمد بن علي المصري شمس الدين المعروف بابن النجم الصوفي نزيل مكة تسلك على يد الشيخ يوسف العجمي وتجردوجاور بمكة ثم بالمدينة بضع عشرة سنة ، ومات بها في ربيع الأول ، وكان كثير العبادة . قال ابن حجي : على طريقة ابن العربي جاوز الستين .
محمد بن أحمد بن مسلم الناهي الحنبلي شمس الدين .
محمد بن أحمد بن موسى الدمشقي الفقيه الشافعي بدر الدين الرمثاوي اشتغل كثيرا ونسخ بخطه الكير ودرس بالعصرونية ، ومات فيربيع الأول ، وكان قد أفتى ودرس وكان منجمعا قليل الشر جاوز الأربعين .
محمد بن حاجي بن محمد بن قلاوون الصالحي الملك المنصور بن الملك المظفر بن الناصر ولد سنة ثمان وأربعين وولي السلطنة بعد عمه الناصر حسن في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين ومدبر المملكة يومئذ يلبغا ، وسار معه إلى الشام وكان عمره إذ ذاك نحو خمس عشرة سنة فترعرع بعد أن رجع من السفر وكثر أمره ونهيه ، فخشي يلبغا منه فأشاع أنه مجنون وخلعه من السلطنة في شعبان سنة أربع وستين فكانتمدة سلطنته سنتين وشهرين وخمسة أيام ، واعتقل في الحوش في المكان الذي به ذرية الملك الناصر إلى الآن ، مات في المحرم في تاسعه ، وحضر الصلاة عليه الملك الظاهر برقوق وقرر مرتبا لأولاده وعدتهم عشرة أنفس .
محمد بن سعيد بن مسعود بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم ابن أحمد أبو عبد الله نسيم الدين بن سعد الدين النيسابوري ثم الكازروني الفقيه الشافعي نشأ بكازرون وكان يذكر أنه من ذرية أبي علي الدقاقوأنه ولد سنة خمس وثلاثين وأن المزي أجاز له ، اشتغل بكازرون على أبيهوبرع في العربية وشارك في الفقه وغيره مشاركة حسنة مع عبادة ونسك وخلق رضي ، وأقام بمكة مدة طويلة وحج سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة فجاور بها إلى أن رجع في سنة ثمان وتسعين ، وكان حسن التعليم غاية في الورع في عصرنا وانتفع به أهل مكة ، ومات ببلاده بلار في هذه السنة وله خمس وستون سنة .
محمد بن علي بن عثمان ابن التركماني بهاء الدين ابن المصري خازن كتب النورية وغيرها بدمشق ، أحضر على أصحاب الفخر وغيرهم ، ولم يكن مرضيا ، مات في صفر .
محمد بن علي بن عطاء الدمشقي أمين الدين كان فاضلا بارعا عارفا بالتصوف والعقليات ، درس بالأسدية ، وكان يسجل على القضاة وإليه النظر على وقف جده الصاحب شهاب الدين ابن تقي الدين ، مات فيذي الحجة .
محمد بن علي بن محمد بن علي بن ضرغام بن عبد الكافي البكري شمس الدين أبو عبد الله بن سكر الحنفي المصري نزيل مكة ، ولد سنة ثمان عشرة وسبعمائة ، وقال مرة : في ربيع الأول سنة تسع عشرة ، وطلب الحديث والقراآت فسمع من ابن المصري وصالح بن مختار وعبد القادر الأيوبي وجمع جم من أصحاب النجيب وابن عبد الدائم ثم من أصحاب الفخر ونحوه ثم من أصحاب الأبرقوهي ونحوه ثم من أصحاب الحجار وهلم جرا إلى أن سمع من أصاغر تلامذته وجمع شيئا كثيرا بحيث كان لا يذكر له جزء حديثي إلا ويخرج سنده من ثبته عاليا أو نازلا ، وذكر لي أن سبب مروياته وشيوخه أنه كان إذا قدم الركب مكة طاف على الناس في رحالهم ومنازلهم يسأل عمن له رواية أو له حظ من علم فيأخذ عنه مهما استطاع ، وكتب بخطه ما لا يحصى من كتب الحديث والفقه والأصول والنحو وغيرها ، وخطه رديء وفهمه بطيء وأوهامه كثيرة ، سمعت منه بمكة وقد قرأالقراآت بها ، وكان كثير التخيل وتغير بآخره تغيرا يسيرا ، وكان ضابطا للوفيات محبا للمذاكرة ، مات في صفر .
محمد بن علي بن يعقوب النابلسي الأصل شمس الدين نزيل حلب ولد سنة بضع وخمسين ، وكان فقيها مشاركا في العربية والأصول والميقات ، وكان قد حفظ أكثر المنهاج والتمييز للبارزي وأكثر الحاوي والعمدة والشاطبية والتسهيل ومختصر ابن الحاجب ومنهاج البيضاوي وغيرها وكان يكرر عليها ، قال البرهان المحدث بحلب : كان سريع الإدراك وكان محافظا على الطهارة سليم اللسان صحيح العقيدة ، لا أعلم بحلب أحدا من الفقهاء على طريقته ، مات في تاسع شهر ربيع الآخر .محمد بن محمد بن أحمد بن طوق بدر الدين الكاتب الطواويسي ، سمع بعناية زوج أخته الحافظ شمس الدين الحسيني من أصحاب الفخر ونحوهم وحدث عن زينب بنت الخباز وغيرها وأجاز له جماعة ، مات في أواخر ذي الحجة ، وكان مباشر ديوان الأسرى والأسوار مع الشهرة بالكفاءة ، قارب السبعين .
محمد بن محمد بن محمد الحسيني الشريف إمام مسجد العقيبة وناظر الجامع بها ، وحصلت له إهانة في أيام حصار الظاهر دمشق بعد خروجه من الكرك من أيدي المنطاشة ، فلما ظهر الظاهر رحل هو إلى القاهرة فادعى على الذي أهانه ولم يزل به حتى ضربت عنقه لأمر أوجب ذلك ، وولاه السلطان نظر الجامع ، ومات يوم تاسوعاء وله نحو الخمسين .
محمد بن محمد بن محمد الرملي ناصر الدين المجود صاحب الخط المنسوب ، مات وله بضع وثمانون سنة وكان كتب على القلندري وكتبالناس دهرا طويلا ، كتب عليه بدر الدين بن قليج العلائي وابن عمه أبو الخير بالقدس ، ثم انتقل إلى الشام فأقام بد دهرا ثم تحول إلى القدس وأقام به ، وكتب بخطه شيئا كثيرا من المصاحف وغيرها ، مات في ذي الحجة .
محمد بن محمد بن ميمون الجزائري المعروف بالفخارالمالكي أبو عبد الله شارك في الفنون وتقدم في الفقه مع الدين والصلاح وذكرت عنه كرامات ومات في تاسع عشرى رمضان بمكة وقد بلغ الستين ، وكان ابن عرفة يعظمه ، وأظن أني اجتمعت به أول السنة .
محمد بن محمد الجديدي القيرواني أبو عبد الله تقدم في محمد ابن سعيد .
محمد بن يحيى الخراساني إمام القليجية بدمشق ، كان يفهم جيدا ، وقال ابن حجي : كان من خيار الناس ، مات في صفر .
محمد بن يلبغا اليحياوي ناصر الدين أحد الأمراء الصغار بدمشق وكان ينظر أحيانا في أمر الجامع الأموي ، مات في المحرم .
محمد الكلائي صلاح الدين أحد المذكرين على طريق الشاذلية ، كانشاهدا بحانوت خارج بابي زويلة ثم صحب الشيخ حسينا الحبار وخلفه في مكانه وصار يذكر الناس ، وبدت منه ألفاظ منكرة فيها جرأة عظيمة على كتاب الله وضبطت عليه أشياء مستقبحة فامتحن مرة ، ذكر لي الحافظ صلاح الدين الأقفهسي أنه سمعه يقول في تفسير قوله تعالى من ذا الذي يشفع عنده من ذل ذل نفسه ، ذي إشارة للنفس ، يشف يحصل له الشفاء ، عوا يعني افهموا ، قال : فذكرت ذلك للشيخ زين الدين الفاسكوري فمشى معي إلى الشيخ سراج الدين البلقيني فأرسل إليه وعزره ومنعه من الكلام على الناس ، فأقام بعدها قليلا ومات في مستهل ربيع الأول .
محمود بن عبد الله الكلستاني السيرامي الحنفي بدر الدين اشتغلببلاده ثم ببغداد وقدم دمشق خاملا فسكن باليعقوبة ثم قدم مصر فتقرب عند الجوباني فلما ولي نيابة الشام قدم معه وولي تدريس الظاهرية ثم ولي مشيخة الأسدية بعد الياسوفي وأعطي تصديرا بالجامع اأيوبي ثم رجع إلى مصر فأعطاه الظاهر وظائف كانت لجمال الدين محمود القيسري كتدريس الشيخونية والصرغتمشية فلما رضي عن جمال الدين استعاد بعضها منها تدريس الشيخونية واستمر بدر الدين في تدريس الصرغتمشية وغيرها ، ثم لما سار السلطان إلى حلب احتاج إلى من يقرأ له كتابا بالتركي ورد عليه من اللنك فلم يجد من يقرأه فاستدعى به وكان قد صحبهم في الطريق فقرأه وكتب الجواب فأجاد فأمره أن يكون صحبة قلماي الدوادار ، فلما اتفقت وفاة بدر الدين بن فضل الله ولاه مكانهفباشر الوظيفة بحشمة ورياسة ، وكان يحكي عن نفسه انه أصبح في ذلك اليوم لا يملك الدرهم الفرد فما أمسى ذلك اليوم إلا وعنده من الخيل والبغال والجمال والمماليك والملابس والآلات ما لا يوصف كثرة ، وكانت ولايته في ثاني عشري شوال ، وكان حسن الخط جدا مشاركا في النظم والنثر والفنون مع طيش وخفة ، مات في عاشر جمادى الأولى وخلف أموالا جمة ، ويقال إنها وجدت مدفونة في كراسي المستراح ، وكانت مدة ضعفه ستة وأربعين يوما فاستمر في كتابة السر القاضي فتح الدين فتح الله بن مستعصم نقلا من رياسة الطب ، ويقال إن السلطان اختاره لذلك فقرره فيها بغير سعي منه ، وقال العينتابي : كان الكلستاني فاضلا ذكيا فصيحا بالعربية والفارسية والتركية ، ونظم السراجية في الفرائض وغيرها وكان في رأسه خفة وطيش وعجلة وعجب ثم وصفه بخفة العقل والبخل المفرط وأنه قاسى في أول أمره من الفقر شدائد ، فلما رأس وأثرى أساء لكل من أحسن إليه وجمع مالا كثيرا لم ينتفع منه بشيء ، وقد انتفع به من استولى عليه بعده وكانت ولايته لكتابة السر بعد موت البدر بن فضل الله في شوال سنة ست وتسعين ، وجرى بعده في وصيته كائنة لشهودها منهم القاضي زين الدين التقهني الذي ولي القضاء بعده ، قرأتبخط القاضي تقي الدين الزبيري أن السلطان أمر ابن خلدون أن يفصل المنازعة التي وقعت بين الأوصياء والحاشية ، فعزل الأمراء أنفسهم ، فعزر ابن خلدون التفهني ورفيقه بالحبس وأبطل الوصية بطريق باطل لظنه أن ذلك يرضي السلطان ، فلما بلغ السلطان ذلك أنكره وأمر بإبقاء الوصية على حالها ، ووصفه العيني كما تقدم بالطيش والبخل والعجب وبالغ في ذمه ، وليس كما قال فقد أثنى عليه طاهر بن حبيب في ذيل تاريخ والده ووصفه بالبراعة في الفنون العلمية ، وقد قرأت بخطه لغزا في القلم في غاية الجودة خطا ونظما ، وكان كثير الوقيعة في حق كتاب السر لاقتصارهم على ما رسمه لهم شهاب الدين بن فضل الله وتسميتهم ذلك المصطلح وغضهم ممن لا يعرف ذلك ، وحاول مرارا أن يغير المصطلح على طريقة أهل البلاغة ويعتني بمراعاة المناسبة ، وكان ممن قام في إنكار ذلك والتشنيع عليه القاضي ناصر الدين ابن الفاقوسي كبير الموقعين ، فلما رأى ذلك منه غضب عليه وعزله وقرر عوضه صدر الدين أحمد بن القاضي جمال الدين القيسري المعروف بابن العجمي ، فلما مات الكلستاني عاد الفاقوسي إلى وظيفته .
همام الدين همام الرومي الحنفي - وهو بضم الهاءوالتخفيف - وقد ولي قضاء الإسكندرية وكان فاضلا خيرا ، وشمس الدين بن منهال وإمام الصالحية شمس الدين الغزاوي وضياء الدين الأخنائي ، وشمس الدين المصري قيم الأحباس ، وأخو القزويني نقيب الحنفي ، ومحمد الكبير خادم الشيخ صالح وعبد القادر الحنبلي الذي شنق نفسه بسبب قضية اتفقت له مع السالمي فأخرج المناوي وظيفته بالزاوية وقد قرأت ذلك بخط الزبيري .حوادث سنة 802
سنة اثنتين وثمانمائة
في ثاني المحرم صرف بدر الدين العيني عن الحسبة واستقر جمال الدين محمد بن عمر الطنبذي الشهير بابن عرب فباشرها إلى نصف ربيع الآخر ، ثم صرف وأعيد العيني ثم ناب في القضاء في أواخر ربيع الآخر عن الملطي .
وفيه بدأ تنم نائب الشام بإظهار العصيان وكان كاتب الأمراء ،فأطاعه نائب صفد ونائب طرابلس كما تقدم وتأخر عنه نائب حلب ، وأطلق جماعة من الأمراء المحبوسين وتقوى بهم .
وفيه وقع بين العشير وهم عربان الشام اختلاف ، فقتل منهم في المعركة نحو عشرة آلاف نفس على ما قيل .
وفي الحادي والعشرين من المحرم وصل الحاج وأميرهم شيخ المحمودي الذي ولي السلطنة بعد وكانت السنة شديدة المشقة للحر وموت الجمال وكثر الفقراء في الركب ، فتحيل عليهم المذكور بأن نادى بينبع : من كان فقيرا فليحضر خيمة أمير الركب ليأخذ عشرة دراهم وقميصا فلما حضروا أعطاهم ورسم عليه من جهة صاحب ينبع وألزمه بإقامتهم عنده إلى أن يجهزهم في المراكب ؛ ووقع في الركب الشامي من الموت فجأة أمر عجيب حتى كان الرجل يمشي بعد ما أكل وشرب واستراح فيرتعد ، ويقع ميتا ، فمات منه خلق كثير .
وفي المحرم استقر ابن السائح الرملي في خطابة القدس ، بذل فيهاثمانين ألفا فصرف ابن غانم النابلسي .
وفي ليلة السابع عشر من المحرم زلزلت دمشق لكنها كانت لطيفة .
وفي الثامن من صفر قبض الأمير تنم على أحمد بن خاص ترك شاد الدواوين بالقاهرة ، وكان الملك الظاهر جهزه لتحصيل الأموال المتعلقة بالسلطنة في البلاد الشامية ، فتسلمه علاء الدين الطبلاوي واستصفى جميع ما معه من مال وغنم وغير ذلك ، ثم بسط يده في الظلم والمصادرة ورمي السكر وغيره على التجار وذوي الأموال حتى الفقهاء والأيتام ،فكثر الدعاء على الأمير تنم بهذا السبب وأبغضته عوام الناس والأمراء وخواصهم .
وفي الثاني عشر من صفر حلف الأمير تنم الأمراء وكان أطلقجلبان وآقبغا اللكاش وغيرهما من المحبوسين وأرسل إلى نائب طرابلس بأن يجهز مركبا إلى دمياط لإحضار من بها محبوسا من الأمراء وفي صفر قبض على بدر الدين الطوخي وألزم بمائة ألف درهم ثمن لحم تأخر عنده في أيام وزارته للأمير أيتمش فتسلمه شد الدواوين وعصره فباع وافترض إلى أن حصل الأكثر وضمنه المهتار عبد الرحمن بالباقي فأطلق فهرب فوزن عبد الرحمن عنه المتأخر .
وفي نصف صفر صرف الشيخ نور الدين البكري عن الحسبةوأعيد محمد الشاذلي .
وفي الثامن والعشرين منه خسفت الشمس ، وصلي بدمشق صلاة الكسوف بعد العصر وخطب .
وفي العشر الأخير من صفر انحل سعر الحبوب وكان ارتفع بسبب نقص النيل قبل عادته ، وفيه توجه آقبغا اللكاش ومعه جماعة إلى غزة من جهة نائب الشام فملكها في ربيع الأول وتوجه جلبان ومعه جماعة إلى حلب ليحاربوا نائبها ثم تبعهم الأمير تنم بمن تأخر معه فلما دخل إلى حمص تسلمها وتسلم القلعة ولم يشوش على النائب بل قرر غيره في النيابة ، ثم وصل إلى حماة فحاصرها فاتصل به وصول أيتمش ومن معه فرجع عنها إلى دمشق ووصل إليه نائب طرابلس فبلغه بعد أن خرجصفحة فارغة .من طرابلس أن أهلها وثبوا على نائبه وقتلوه وقفلوا أبواب البلد الجدد فرجع عليهم ودخلها عنوة وقتل من أهلها مقتلة عظيمة حتى قيل إن أقل من قتل منهم ألف نفس منهم : مفتي البلد وقاضياها ومحدثها وهرب أكثر أهلها ، ومن تأخر إما قتل وإما صودر ، وممن هرب إلى الديار المصرية قاضي طرابلس الشافعي مسعود ونفقيب الأشراف بدر الدين ابن جمال الدين البلدي وأخبرا أن يونس الرماحنائب طرابلس أراد إحراق البلد فاشتريت منه بثلاثمائة وخمسين ألف درهم حبيت ممن بقي بها من أهلها وكان أسم نائب النائب المقتول قجقار ، والسبب في قتله وصول مركب من جهة مصر وفيها أميران أحدهما قرر نائبا والآخر حاجبا فدخلوا في الليل إلى المينا وظنوا أنهم فرنج فخرج أهل البلد مستعدين للقتال فوجدوهم مسلمين فانحلت عزائمهم ، ولما علم قجقار أنهم مخالفون لما هو عليه قاتلهم فقتل منهم جماعة ، ثم ثار العوام فنهبوابيت نائب الغيبة فهرب إلى جهة حمص وكسر العوام أبواب القلعة وغلب الذين جاءوا من مصر وولوا وعزلوا وأخذوا ثقل الأمراء الغائبين ، فلما بلغ النائب أرسل ناسا في الصلح فتهيأوا لقتالهم ، ثم قدم نائب الغيبة قجقار ومعه صرق وجماعة فدام القتال أياما إلى أن جاء النائب ، ولما هرب القاضي الشافعي استقر في القضاء صلاح الدين ابن العفيف وكان يلبس بالجندية ثم باشر في الديوانية وافتقر جدا فتوجه إلى قاضي طرابلس يستمنحه ، فولي مكانه وقبض نائب الشام على بتخاص قبل توجهه إلى حلب ، فلما رجع أطلقه بعد شهر .
وفي سادس ربيع الأول ظهر الاختلاف بين الأمراء الخاصكيةوالأمراء الظاهرية القدم ، وذلك أن أيتمش الأتابك كان معه أكابر الأمراء وعندهم التثبت في الأمور وترك العجلة وكراهة الظلم وغير ذلك وكان الأمراء الجدد بخلاف ذلك فلم يتوافقوا ، ودبت عقارب التشاحن بينهم إلى أن دبر الأمراء الجدد الأمر فكادوا أيتمش ومن معه بأن علموا السلطان أن يدعي أنه بلغ فطلب الخليفة في هذا اليوم وقال له بحضرة أيتمش : إني قد بلغت وأريد أن ترشدني فأحضر القضاة وأهل الفتوى وادعى ابن غراب على أيتمش وشهد جماعة من الأمراء وأعذر أيتمش فحكموا برشده وخلع على الجماعة ، فتحول أيتمش حينئذ من الاصطبل الكبير إلى بيته وافترق العسكر فرقتين إحداهما جراكسة وهم الأمراء الجدد ومن معهم ، والأخرى ترك وروم وبعض جراكسة مع الأتابك ، وأظهر يشبك الخازندار رأس الأمراء الجدد أنه ضعيف وعزم على مسك أيتمش إذا أعاده ، فبلغ ذلك أيتمش فحذر منه وألبس مماليكه ومن أطاعه وملكوا الأشرفية التي على باب القلعة وقف أيتمش بالقرب من منزله وقف تغري بردى برأس الرميلة من جهة الشيخونية وفارس من جهة مدرسة حسن ، فلما بلغ ذلك يشبك ركبفيمن أطاعه ودقت الكوسات تحت القلعة ووقف بيبرس قريب السلطان عند حدرة البقر وطلع إلى القلعة سودون طاز وسودون المارداني ويلبغا الناصري وإينال باي وابن قجماس وغيرهم من الأمراء الجدد وقد حصنوا القلعة ، ووقع القتال بين الطائفتين من ليلة عاشر ربيع الأول فلم يلبث أيتمش أن انهزم هو ومن كان معه وثبتت الهزيمة على الباقين ، فتوجهوا من يومهم وأخذوا خيولا خواص من سرياقوس للسلطان وتوجهوا إلى بلبيس فباتوا بها وأفسد المماليك السلطانية بعد هرب أيتمش ، وتبعهم الزعر والعوام فنهبوا مدرسة أيتمش ووكالتهورموا النار في الربع جانبا ، ونهبوا جامع آقسنقر المجاور لبيته ونهبوا تربة خوند زهرا بنت الناصر وسرى النهب في بيوت الأمراء الهاربين حتى كادوا أن ينهبوا الدهيشة التي عمرت في أيام أيتمش للمارستان وكسر الزعر حبسي القضاة وأخرجوا من كان فيهما واستمر مع أيتمش في الهزيمة تغري بردى وأرغون شاه وفارس ويعقوب شاه ودونهم من الطبلخانات شادي خجا وآقبغا المحمودي وغيرهما ودونهم من العشراوات ، وكثر النهب من الزعر وأوباش الترك في بيوت الناس بعلة الهاربين ونهبوا بعض زرائب الفلاحين بصنافير ونهبوا جمال جماعة .
وفي يوم الثلاثاء حادي عشر ربيع الأول صرف أحمد بن الزين من ولاية القاهرة واستقر قرابغا مفرق فمات ثاني يوم فاستقر بلبانالجركسي ثم صرف في يومه وأعيد ابن الزين ، ثم كثر النهب داخل القاهرة فنزلت جماعة من الأمراء وحابوهم ، فعمد ابن الزين إلى جماعة من المحبوسين في خزانة شمائل فقطع أيدي بعض وضرب جماعة بالمقارع وأشهرهم ونادى عليهم جزاء من ينهب بيوت الناس ، فسكن الحال قليلا ثم فتحت أبواب القاهرة ونزعوا السلاح ، واستمر هرب أيتمش ومن معه إلى الشام بدار النيابة ، وتوجه فارس الحاجب إلى الشام تقدمة لهم يخبر نائب الشام بأخبارهم ، فرجع نائب الشام إلى دمشق ثم وصل أيتمش ومن معه في خامس ربيع الآخر فتلقاهم النائب وبالغ في إكرامهم ، وبلغ ذلك نائب حماة ونائب حلب فراسلا أيتمش بالطاعة وعرضالنائب على أيتمش الحكم وبذل الطاعة ، فامتنع وقال : كلنا لك تحت الطاعة ، ثم وصل دمرداش نائب حماة في نصف ربيع الآخر إلى دمشق فبالغ تنم في إكرامه فأقام خمسة أيام ثم رجع إلى حماة فتجهز ورجع إليهم ، وبرز نائب حلب إلى جهة الشام فخالف الحاجب وركب عليه في جماعة فكسره النائب وقبض عليه وتوجه بالعسكر إلى دمشق فوصل في نصف جمادى الآخرة ، وكان الأمراء بمصر قد ظنوا أن نائب حلب معهم فأرسلوا إليه مددا من المال صحبة قاصد في مركب فألقتها الريح بمكة ، فبلغهم مخامرة النائب فراسلوا نائب الشام فأرسل إليهم من تسلم المال منهم وقبض بعد هرب أيتمش على جمع كثير ممن كان ينسب إلى هواه فحبسوا بالقلعة وبالإسكندرية وغيرهما ، وأطلق سودون قريب السلطان من الإسكندرية وأحضر تمراز ونوروز من دمياط واستقر بيبرسقريب السلطان أتابكا وسودون طاز أمير آخور ونوروز رأس نوبة وسودون دويدار وتمراز أمير مجلس ، ثم اتفق رأيهم على غزو الشام وخالفهم في ذلك بعض المماليك .
وفي تاسع عشر ربيع الأول قبض على سعد الدين بن غراب ناظر الخاص وأخيه الوزير وابن قطينة وعلاء الدين شاد الدواوين وقطلوبك الاستادار وكان ابن غراب زوج ابنته ، واستقر بدر الدين ابن الطوخي في الوزارة وشرف الدين ابن الدماميني في نظر الجيش والخاص ثم صرفا بعد سبعة أيام وأعيد ابن غراب وأخوه إلى وظائفهما وتسلما الطوخي وابن الدماميني ، ثم استقر ابن الدماميني في قضاء الإسكندرية واستقر أخوه محتسبا ، ثم أفرج عن قطلوبك وابن قطينة وشاد الدواوين على مال .
وفي آخر ربيع الآخر استقر الشيخ أبينا التركماني في مشيخةسرياقوس عوضا عن أصلم بن نظام الدين الأصبهاني واستقر الشيخ شرف الدين بن التباني في مشيخة القوصونية عوضا عن أبينا ? وفي ليلة الخميس العاشر من جمادى الأولى حصل بمكة مطر عظيم انصب كأفواه القرب ، ثم هجم السيل فامتلأ المسجد حتى بلغ إلى القناديل وامتلأت ودخل الكعبة من شق الباب وكان في جهة الصفا مقدار قامة وبسطة ، فهدم من الرواق الذي يلي دار العجلة عدة أساطين وخربت منازل كثيرة ومات في السيل جماعة .وفي هذا الشهر تجهز تنم ومن معه للسفر إلى جهة الديار المصرية فبلغ ذلك أهل مصر فحصنوا القاهرة بالدروب ، وتوجه عسكر الشام في العشر الأوسط من جمادى الآخرة ، إلى غزة .
وفي ثامن جمادى الآخرة استقر نور الدين الحكري في قضاء الحنابلة وصرف موفق الدين ابن نصر الله .
وفيها أرسل الأمراء من مصر المهتار عبد الرحمن إلى الكرك نائبا بها وأمر بالقبض على سودون الظريف من غير أن يعلم فأظهر أنه حضر بسبب أمر اخترعه ، فلما وصل إليها استشعر النائب بذلك فركب عليه ،فهرب فكبس منزله فوجد فيه التقليد ، فوقعت فتنة كبيرة قتل فيها قاضي الكرك وموسى ابن القاضي علاء الدين وجماعة من أكابر البلد .
وفي صفر وقع الوباء بالباردة والسعال ومات منه جماعة واستمر إلى نصف السنة .
وفي الرابع رجب خرج الملك الناصر فرج ومن معه من عساكر مصر إلى جهة الشام لمحاربة المخالفين فسار السلطان في ثامن الشهر المذكور ، واتفق خروج نائب الشام من دمشق بعد من تقدمه من العساكر في تاسع رجب وسار من قبة يلبغا في الحادي عشر منه فوصل إلى غزةفي ثامن عشره فالتقى جاليش السلطان بجاليش نائب الشام ، وخرج آقبغا اللكاش وخامر دمرداش المحمدي نائب حلب ودخل في طاعة السلطان ، وكذلك النبغا العثماني نائب صفد وغيرهما لتمام ثمانية عشر أميرا وجمع جم من المماليك فتمت الكسرة على الباقين وكان ذلك قبل تل العجول ، فلما وصلت المنهزمة إلى نائب الشام تغيظ عليهم وأراد مسك بعض أكابرهم فهربوا منه إلى السلطان منهم بتخاص والمنقار وفرج ابن منجك ، ودخل العسكر المصري إلى غزة منتصرا وكانوا في قلة من العليق فوجدوا بها ما يفوق الوصف فاطمأنوا وطابت أنفسهم واستمرت هزيمة المنهزمة من الشاميين إلى الرملة ، فوجدوا نائب الشام قد نزل بها فأخبروه بما اتفق لهم فعنفهم ، فاعتذروا بأن سبب ذلك مخامرة من خامر من الأمراء فعذرهم ، ثم لم يلبث أن وافاه قاضي القضاة الشافعيصفحة فارغة .صدر الدين المناوي رسولا من السلطان في الصلح يعرض عليه نيابة الشام على ما كان عليه في الأيام الظاهرية وما ينبغي من زيادة على ذلك أو الوصول إلى باب السلطان ويكون أكبر الأمراء بمصر ، فأظهر الإجابة ووعظه القاضي وخوفه وحذره من التعرض لفساد الأحوال والشقاق ، فانتظره بالجواب أياما وصرفه بجميل وبالغ في إكرامه ، وكان ذلك في يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب ، فرجع القاضي يوم الخميس فوصل يوم الجمعة وأخبر العسكر بما اتفق ، ثم وصل كتاب نائب الشام يقول : أنا مستمر على طاعة السلطان وما أريد إلا أن أكون نائب الشام لكن يشترط أن يعود أيتمش على ما كان عليه بالقاهرة وأن يسلم السلطان لي يشبك وجركس المصارع وسودون طاز ونحوهم من المماليك الذين على رأيه وأن يعاد جميع الأمراء الذين مات عنهم الملك الظاهر على ما كانوا عليه فلما تحقق السلطان ذلك أرسل الجواب بالاستعداد للقتال ، فركب نائب الشام من الرملة إلى جهة غزة وركب السلطان من غزة إلى جهة الرملة ، فالتقى العسكران بأم حسن من بريد واحد علىغزة فلم يلبث العسكر الشامي أن انهزم ، ومن أعظم أسباب ذلك مخامرة من خامر من الأجناد ، فأمسك نائب الشام وأكثر الأمراء وهرب أيتمش وتغري بردى ويعقوب شاه وأرغون شاه وطيفور إلى الشام ، فلما حصلوا بها وانضم إليهم عدد كثير ممن انهزم أولا وثانيا وأرادوا التحصن بالقلعة وافى كتاب من نائب الشام إلى نائب غيبته بأن لا يمكنهم من ذلك ، وكان السلطان لما أمسك نائب الشام في الوقعة أمره بكتابة هذا الكتاب بتدبير يشبك وطائفته ، فوصل الكتاب إلى نائب الغيبةفقبض على الأمراء المذورين وقيدهم ، وكان ذلك في سادس عشر رجب ونودي في البلد بالأمان والاطمئنان وأن السلطان انتصر وهو واصل إليكم ، ثم توجه السلطان من الرملة بعد أن حصل بها قليل أذى لبعض أهلها بسبب ودائع كانت عندهم ، وحصل للمصريين من أثقال المنهزمة ما لا يحيط به الوصف واستغنى الكثير منهم خصوصا الأتباع والغلمان وأول من دخل دمشق من العسكر ناظر الخاص ابن غراب ، دخلها في سلخ رجب ثم دخل جكم وهو رأس نوبة في أول يوم من شعبان فنقل الأمراء المقيدين إلى القلعة وأنصف الناس من المماليك ومنعهم من التعرض والنهب ومن النزول داخل البلد ودخل في هذا اليوم سودون قريب السلطان نائبا على الشام ونادى بالأمان ثموصل تنم ومن معه في القيود في ليلة ثاني شعبان فحبسوا بالقلعة أيضا ، ثم وصل في ضحى النهار السلطان ومن معه فأمسك ابن الطبلاوي وصودر من كان من جهة تنم وهرب صلاح الدين تنكز .
وفي خامس شعبان خلع على سودون المذكور بنيابة الشام وعلى دمرداش بنيابة حلب وعلى دقماق بنيابة حماة وعلى الطنبغا العثماني بنيابة صفد وعلى شيخ المحمودي بنيابة طرابلس وهو الذي تسلطن بعد ذلك وتلقب بالمؤيد ، واستقر شرف الدين مسعود في قضاء الشام عوضا عن ابن الاخناي وكان قد استقر وكتب توقيعه في جمادى الأولى لما هرب من طرابلس إلى مصر فلم يقدر أنه يباشر ذلك بل سعى الأخناي إلى أن أعيد إلى وظيفته في يوم الخميس خامس شعبان وأعيد مسعود إلى قضاء طرابلس ، واستقر تقي الدين عبد الله ابن الكفري في قضاء الحنفية عوضا عن بدر الدين المقدسي وشمس الدين النابلسي في قضاء الحنابلة عوضا عن شمس الدين ابن مفلح وعلاء الدين بن إبراهيم بنعدنان نقيب الأشراف في كتابة السر عوضا عن ناصر الدين ابن أبي الطيب واستقر يشبك دويدارا كبيرا .
وفي ليلة رابع شعبان ذبح أيتمش وأتباعه ومنهم آقبغا اللكاش وجلبان الكمشبغاوي وأرغون شاه ويعقوب شاه وفارس وطيفور وأحمد ابن يلبغا وبيغوت ، وأرسلت رأس أيتمش وفارس خاصة إلى القاهرة فعلقا بباب زويلة في تاسع عشر شعبان أو في العشرين منه ثلاثة أيامثم سلما لأهلهما ثم قتل تنم نائب الشام ويونس الرماح نائب طرابلس بعد ذلك في رابع رمضان خنقا بالقلعة وتسلمهما أهلهما ودفنوهما واستمر بالحبس تغري بردى وآقبغا الجمالي ثم أفرج عنهما في آخر السنة ، ووصل قاصد نعير يبذل الطاعة وأرسل القدر الذي جرت عادته بإرساله ،ووصلت قصاد نواب البلاد كلها بالطاعة في سادس عشرين شعبان .
وفي صبيحة الرابع من رمضان رجع السلطان من دمشق ، فلما وصل إلى غزة قتل علاء الدين الطبلاوي في ثاني عشر شهر رمضان ووصل السلطان إلى القاهرة في السادس والعشرين منه وفي جمادى الآخرة وسط شعبان ابن شيخ الخانقاه البكتمرية بسبب أنه خدع امرأة فخنقها في تربة وأخذ سلبها وكانت له قيمة فظهر أمره بعد أن أخذ أبوه وحبس بالخزانة ، فلما قبض على شعبان ضرب فاعترف فقتل بعد أن سمر ثم وسط .
وفي هذه الأشهر غلت الأسعار في الأشياء المجلوبة من بلاد الشام فبلغ سعر اللوز القلب خمس مثقال وثمن الفستق خمسي مثقال .وفي رابع عشر رجب أمسك شرف الدين ابن الدماميني وحبس بالقلعة بسببأنه افتعل عليه أنه كان سبب مخامرة يلبغا المجنون وكانت تلك من مكايد ابن غراب .
وفيها كائنة عمر الدمياطي ، قبض عليه يلبغا السالمي وضربه مقترح ? وطوف به على حمار مقلوب وسجن بالخزانة أياما ثم أطلق بسبب أنه كان بالشيخونية ، فلما ورد كتاب السلطان بما وقع له من النصر بغزة حلف بالطلاق الثلاث أن ذلك لا صحة له ، ففعل ذلك به .
وفي شعبان جرس بدمشق شخص كان ينجم لنائب الشام ويعده أنه يتسلطن ، ونقل عن الباعوني وابن أبي دمين نحو ذلك وكذلك ناصر الدينأبن أبي الطيب كاتب السر قولا وفعلا وسلم لناظر الخاص ، فصادره على مال ، وسعى صدر الدين الآدمي في الوظيفة بمال كثير ، فكاد أمره أن يتم ثم عدل عنه إلى علاد الدين نقيب الأشراف وأطلق ابن أبي الطيب بعد مدة ، ثم أعيد إلى الترسيم وأخرج يوم الخميس ثالث روضان من دمشق على حمار موكلا به .
وفي رجب بعد خروج العساكر ثار يلبغا المجنون الأستادارابالوجه البحري فأطلق الأمراء الذين كانوا محبوسين بدمياط وكان السلطان أمر بنقلهم إلى الإسكندرية فالتقاهم يلبغا بالعطف فأطلقهم وقبض على الأمير الذي كان موكلا بهم وهو سودون الماموري ثم وصل في تلك الحالة إلى ديروط سودون السدمري ومعه كمشبغا الحضري وأياسصفحة فارغة .الكمشبغاوي وآخران معه فأطلقهم سودون أيضا ، وعمد يلبغا إلى خيل الطواحين بديروط فأخذها وتوجه هو ومن معه إلى دمنهور فقبض على نائبها والتف عليه جمع من المفسدين فنادى في إقليم البحيرة . بحط الخراج عنهم واحتاط على ما للسلطان هناك من خراج وغيره ، فلما بلغ ذلك نائب الغيبة بيبرس قريب السلطان جرد إليهم بأمر السلطان جماعة منهم آقباي حاجب الحجاب وتمام أربعمائة من مماليك السلطان ، فلما خشي يلبغا أن يدركوه فر إلى الغربية ثم إلى المحلة فنهب بيت الوالي ثم توجه إلى الشرقية ثم إلى العباسة ، وخشي الأمير بيبرس على خيل السلطان وخيول الناس فأمر بطلوعها من الربيع بالجيزة وسدت غالب أبواب القاهرة خشية من هجوم يلبغا ، ثم بلغ بيبرس النائب في الغيبة أن يلبغا توجه إلى جهة قطيا ، فأرسل إليه أمانا صحبة مؤمن البريدي ، فلما قرأه أمر بتقييد البريدي ثم توجه إلى جهة القاهرة ، فبرز لملتقاه الأمراء الذي بالقاهرة فالتقوا بالمطرية ، فحمل عليهم فتكاثروا عليه وكاد أن يؤخذ فاتفق أنه خرق القلب وتوجه نحو الجبل الأحمر وتمت الهزيمة على أصحابه واتبعوهم فأمسك بعضهم وفر بعضهم واستمر يلبغا وراء القلعة ساعة ينتظر أصحابه فلم يتبعم منهم إلا عشرون نفسا ، فعلم أنه لا طاقة له في الحرب فاستمر هاربا وتبعه بعض العسكر إلى تربة الحبش فلم يلحق به .وفي ربيع الآخر درس الباعوني في وظائف ابن سري الدين بحكم عدم أهليته .
وفي هذه السنة زاد احتراق بحر النيل إلى أن صار الحوض من بولاق إلى أنبابة واشتد الحر والعطش وتزاحم الناس على السقايين وصار أكثر الناس يستقي لنفسه على الحمير بالجرار ولم يكن لهم بذلك عهد .
وفي أول شوال قبض على الطنبغا والي العرب وكان نائب الوجه القبلي لكونه من جهة يلبغا المجنون ، وفيه أفرج عن ناصر الدين ابن أبي الطيب كاتب سر الشام .
وفي ثالث عشر شوال جردت الأمراء إلى الصعيد بسبب يلبغا المجنون وكان مملوكه وصل منه بكتاب يسأل في أن يكون نائب الوجه القبلي ويتدرك جميع الأمور فلم يجب إلى سؤاله ثم ورد كتاب واليالأشمونين يخبر فيه بأن محمد بن عمر حارب يلبغا المجنون وكسره واستمر في هزيمته إلى أن اقتحم فرسه البحر فغرق فطلعوا به ميتا وقد أكل السمك وجهه ثم أشيع أنه لما انهزم من المعركة لم يعرف له خبر .
وفي رابع عشر شوال استقر شمس الدين البجاسي في الحسبة عوضا عن جمال الدين بن عرب وكان جمال الدين استقر في غيبة السلطانفي عاشر شعبان عوضا عن تقي الدين المقريزي .
وفي يوم الجمعة رابع عشري شوال وقع بالقاهرة ضجة عظيمة وقت صلاة الجمعة بسبب مملوكين تضاربا فشهرا السيوف ، فشاع بين الناس أن الأمراء اختلفوا وركبوا فهرب الناس من الجوامع ومنهم من خفف الصلاة جدا وراح لهم في الزحمة عدة عمائم وغيرها وخطفوا الخبز من الحوانيت والأفران ، فبادر بن الزين الوالي وأمسك جماعة من المفسدين فشهرهم بالضرب ونادى عليهم : هذا جزاء من يسكر ويكثر الفضول وسكنت الفتنة ثم نودي بالأمان ، وقيل إن أصل ذلك رجلا ربط حماره إلى دكة بجوار جامع شيخون فجذب الحمار الدكة فنفرت خيول الأمراء الذي يصلون في الجامع وأقبل ناس من جهة الرميلة فرأوا شدة الحركة فظنوا أنها وقعة فرجعوا هاربين فتركبت الإشاعة من ثم إلى أن طارت في جميع البلد ثم خمدت .
وفي هذا الشهر دبت العداوة بين يشبك الدويدار وبين سودون طاز أمير آخور .
وفي شوال استقر ناصر الدين بن السفاح في نظر الأحباس ونظرالجوالي وتوقيع الدست بعناية الدويدار وكان قد صودر بالشام ، وفي آخره وقع بالحرف الشريف المكي حريق عظيم أتى على نحو ثلث الحرم ولولا العمود الذي سقط من السيل الآتي في أول السنة لاحترق جميعه واحترق من العد مائة وثلاثون عمودا صارت كلسا .
وفي شوال بلغ أهل بغداد عزم تمرلنك إلى التوجه إليهم ففرصفحة فارغة .أحمد سلطانها واستنجد بقرا يوسف وأخذه ورجع إلى بغداد وتحالفاعلى القتال وأعطاه مالا كثيرا وأقام عنده إلى آخر السنة ، ثم توجه هو وقرا يوسف إلى بلاد الروم قاصدين لأبي يزيد بن عثمان وكان أبو يزيد المذكور قد حاصر في هذه السنة ملطية بعد أن ملك سيواس وولى بها ولده محمدا جالبي ورتب في خدمته الطواشي ياقوت ثم غلب على ملطية ثم رجع إلى برصا ، فوصل اللنك إلى قراباغ في شهر ربيع الأول وقصد بلاد الكرج فغلب على تفليس ثم قصد بغداد ، فبلغه توجه أحمد ابن أويس إلى جهة الشام فقصد بلاد قرا يوسف فعاث فيها وأفسد ، وبلغ قرايلك حال النك وذلك بعد أن غلب على صاحب سيواسكما تقدم وغلبه عليها سليمان ولد أبي يزيد ملك الروم فسار إلى اللنك فخدمه ودله على مقاصده وعرفه الطرقات واستقر من أعوانه فدخل اللنك سيواس عنوة فأفسد فيها عسكره على العادة وخربوا فرد آخر السنة وقد كثر أتباعه من المفسدين فنازل بهنسا في السنة المقبلة وفي ثامن ذي الحجة أوفى النيل وكسر الخليج الأمير يشبك وكان السلطان أراد أن يباشر ذلك بنفسه ثم خشي وقوع فتنة فتراجع وفي السابع والعشرين من ذي الحجة استقر موفق الدين نصر الله في قضاء الحنابلة عوضاعن بدر الدين الحكري بحكم عزله .
وفي هذه السنة كان ابتداء حركة تمرلنك إلى البلاد الشامية ، وأصل ذلك أن أحمد بن أويس صاحب بغداد ساءت سيرته وقتل جماعة من الأمراء وعسف على الباقين ، فوثب عليه الباقون فأخرجوه منها وكاتبوا نائب تمرلنك بشيراز ليتسلمها فتسلمها ، وهرب أحمد إلى يوسف التركماني بالموصل فسار معه إلى بغداد ، فالتقى به أهل بغداد فكسروه ، واستمر هو وقرا يوسف منهزمين إلى قرب حلب فكاتبا نائب حلب ، وقيل بل غلب على بغداد وجلس على تخت الملك ثم سار صحبة قرايوسف أو بعده زائرا له فوصلا جميعا إلى أطراف حلب فكاتبا نائب حلب وسألاه أن يطالع السلطان بأمرهما ، فكاتب أحمد بن أويس يستأذن في زيارته بمصر ، فأجيب بتفويض الأمر إلى حسن رأيه ، فخشي دمرداش نائب حلب أن يقصد هو وقرا يوسف حلب ، فسار دمرداش نائب حلب ومعه طائفة قليلة منهم نائب حماة ليكبس أحمد بن أويس بزعمه ، فكانت الغلبة لأحمد فانكسر دمرداش وقتل من عسكره جماعة ورجع منهزما ، وأسر نائب حماة ثم فدىنفسه بمائة ألف درهم ، ثم جمع نعير والنائب ببهنسا والتقوا مع أحمد بن أويس فكسروه واستلبوا منه سيفا يقال له سيف الخلافة وصحفا وأثاثا كثيرا ، فوصلت الأخبار بذلك إلى القاهرة ، فسكن الحال بعد أن كان السلطان أمر بتجريد العساكر لما بلغته هزيمة دمرداش نائب حلب وأرسل بريدا إلى الشام بالتجهيز إلى جهة حلب فراجع النائب في ذلك حتى سكن الحال .
وفي خامس عشر من ذي الحجة أعم نوروز بعض مماليكه أن جماعة منهم اتفقوا على قتله في الليل فحذر منهم فلم يخرج في تلك الليلة من قصره ، فلما طال عليهم السهر ولم يخرج في الوقت الذي جرت عادته بالخروج فيه أتوا إلى باب القصر ونادوا زمام الدار وقالوا له : أعلم الأمير أن العسكر ركب ، فبلغ ذلك نوروز فأمره أن لا يجيبهم وتحقق ما أخبروه به عنهم ، فلما أصبح افتقد منهم جماعة هربوا فقبض على آخرين فقررهم فأقروا على بعضهم ، فغرق بعضا ونفى بعضا .
وفي آخر ذي القعدة وصل كتاب نائب الرحبة يخبر فيه أنه صادف ناسا عند خان لاجين يقطعون الطريق ، فقبض منهم جماعة وسأل نجدة ليسلمهم لهم إلى دمشق ، فقام النائب في ذلك وقعد وانزعج الناس لذلك فظنوه أمرا عظيما وصاروا في هرج ومرج وأشاعوا أن تمرلنك قصد البلاد ، وكنت يومئذ بصالحية دمشق ؛ ثم انجلت القصة آخر النهار عن هذه القضية ؛ وكان ذلك تفاؤلا جرى على الألسنة بذكر تمرلنك ، فإن الأيام لم تمض قليلا حتى طرق البلاد ، فلا قوة إلا بالله .وفي ثالث شعبان نزل شهاب الدين الحسباني لولده تاج الدين عن درس الإقبالية وعمره يومئذ خمس عشرة سنة وحضره قضاة مصر والشام إلا حنبلي مصر وحفظ الخطبة جيدا وأداها أداء حسناوشرع في تفسير سورة الكهف وأعجبهم وأثنوا عليه .
وفي هذه السنة أثبت هلال شعبان ليلة السبت بحلب مع اتفاق أهل العلم بالنجوم أنه لا يمكن رؤيته فلما كان ليلة الأحد شهد اثنان برؤية هلال رمضان وهو أيضا لا يمكن ، وأصبحوا ليلة الإثنينفلم يروا شيئا فأفطروا يوم الثلاثاء وهو سلخ رمضان في الحقيقة فأفطروا يوما من آخر رمضان بمقتضى ذلك .
وفي شوال ضرب صدر الدين الأدمي في محاكمة بينه وبين بعض الناس بسبب إجازة لوقف الخاتونية فخرج ليحلف ثم اختلف كلامه وفهم منه الحاجب الاختلاف فغضب منه فكلمه بكلام غليظ ثم أمر بضربه فضرب على مقعدته بضعة عشر عصى وكان قد سعى في كتابة السر وكاد أمره أن يتم وجهزت خلعته ثم بطل ذلك فسعى في النيابة عن القاضي الحنفي فاستنابه فعن قريب وقع له ما وقع .
وفيها سعى القاضي بدر الدين ابن أبي البقاء في قضاء الشام وكتب توقيعه بذلك بشرط أن يستقر تدريس الشافعي لولده فلم يجب إلى ذلك فسعى في إبطال توليته لقضاء الشام واستقر فيها أخوه علاء الدين .
وفيها توجه اللنك إلى جهة العراق فوصل قراباغ في شهر ربيع الأول منها ثم جمع العساكر في جمادى الآخرة وقصد بلاد الكرج فملك تفليس وسار إلى جهة بغداد ففر منه أحمد بن أويس فلما بلغ اللنك أنه اتفق مع قرايوسف وتوجها إلى بلاد الروم توجه إلى بلاد قرايوسف فعاث فيها وأفسد وبلغ ذلك ابن عثمان قرايلوكالتركماني وكان قد فتك بالقاضي برهان الدين صاحب سيواس وقتله غدرا وأراد التغلب على سيواس فمنعه أهلها واستعانوا عليه بالتتار الذين في بلاد الروم فهزموه ففي أثناء ذلك بلغه قصد اللنك البلاد فتوجه إليه ووقف في خدمته وصار يدله على الأماكن ويعرفه بالطرق ويسير في خدمته كالدليل وكان أهل سيواس كاتبوا أبا يزيد بن عثمان فأرسل إليهم ولده سليمان فملكها فلما بلغ قصد اللنك لهم كاتبوا أبا يزيد فطرقهم اللنك في الجنود في ذي الحجة فحاصرها ودخلها عنوة في الثامن عشر فبالغ عسكره في الفساد والتخريب وتوجه منها في البحر وقد ازداد عدة عساكره من غالب المفسدين النهاية المؤذين ونازل بهنسا وكان ما سنذكره إن شاء الله .وفيات سنة 802
ذكر من مات في سنة اثنتين وثمانمائة من الأعيان
إبراهيم بن أبي بكر بن محمد الفرضي صاحب الكلائي ، أصله من البرلس وسكن القاهرة ثم مكة فانتفع المكيون به في فن الفرائض ، مات في المحرم .
إبراهيم بن عبد الله العربي المعروف بالحطاب المعلة سكن المدينة طويلا مع خير واستقامة وللناس فيه اعتقاد .
إبراهيم بن عبد الرحمن بن سليمان السرائي الشافعي ، قدم القاهرة وولي مشيخة الرباط بالبيبرسية وكان يعرف بإبراهيم شيخ ، واعتنى بالحديث كثيرا ولازم الشيخ زين الدين العراقي وحصل النسخ المليحة فاعتنى بضبطها وتحسينها وكان يحفظ الحاوي ويدرس غالبه معالخير والدين .
ومن لطائفه قوله : كان أول خروج تمرلنك في سنة عذاب ، يشير إلى أن أول ظهوره سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ، لأن العين بسبعين والذال المعجمة بسبعمائة والألف والباء بثلاثة ، سمعت من فوائده ومن نظمه ، وكان يحسن عمل صنائع عديدة مع الدين والصيانة ، مات في ربيع الأول .
إبراهيم بن محمد بن عثمان ابن إسحاق الدجوي ثم المصري أخذ عن الشهاب بن المرحل وجمال الدين بن هشام وغيرهما في العربية فمهر وشغل فيها ، وكان جل ما عنده حل الألفية الخلاصة ، وكان يتكسب بالشهادة والعقود ، وفيه دعابة ، وأظنه قد بلغ الثمانين ، مات في ربيع الأول .
إبراهيم بن موسى بن أيوب الأبناسي الشافعي برهان الدين أبو محمدنزيل القاهرة ، ولد في أول سنة خمس وعشرين وسبعمائة وسمع من الوادي آشي وأبي الفتح الميدومي وأخذ عن اليافعي والشيخ خليل بمكة وعن عمر بن اميلة وغيره بدمشق واشتغل في الفقه والعربية والأصول والحديث وتخرج بمغلطاي وتفقه على الأسنوي والمنفلوطي وغيرهما ، ودرس بمدرسة السلطان حسن وبالآثار وغير ذلك ،واتخذ بظاهر القاهرة زاوية فأقام بها يحسن إلى الطلبة ويجمعهم على التفقه ويرتب لهم ما يأكلون ويسعى لهم في الأرزاق حتى كان أكثر الطلبة بالقاهرة من تلامذته ، سمعت منه كثيرا وقرأت عليه في الفقه ، وكان يتقشف ويتعبد ويطرح التكلف ، وعين مرة للقضاء فلما بلغه ذلك توارى ، وذكر أنه فتح المصحف في تلك الحال فخرج له قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وولي مشيخة سعيدالسعداء مدة ولم يزل مستمرا على طريقته في الإفادة بنفسه وعلمه إلى أن حج في سنة إحدى وثمانمائة ، فمات راجعا في المحرم سنة اثنتين ودفن بعيون القصب ، ورثاه الشيخ زين الدين العراقي بأبيات على قافية الدال .إبراهيم بن نصر الله بن أحمد بن أبي الفتح الكناني العسقلاني ثم القاهري سبط علاء الدين الحراني ، ولد في رجب أو شعبان سنة ثمان وستين ، وولي القضائ بعد والده وعمره سبع وعشرون سنة ، وسلك طريق أبيه في العفة والتثبت في الأحكام مع بشاشة ولين جانب ، وكان الظاهر يعظمه ويرى له ، مات في ربيع الأول .
أحمد بن إسحاق بن مجد الدين بن عاصم بن سعد الدين محمد بن عبد الله الأصبهاني جلال الدين ابن نظام الدين المعروف بالشيخ أصلم شيخ خانقاه سرياقوس وابن شيخها ، مات في ربيع الأول وكان مذكورابمعرفة علم الحرف وقد تقدم في الحوادث شيء من ذلك وتقدمت وفاة أبيه سنة ثمانين .
أحمد بن أويس الجبرتي المصري الشافعي مدرس تربة الست بالصحراء ، مات في ربيع الأول .
أحمد بن خلف المصري شهاب الدين ناظر المواريث ، كان أبو مهتارا عند ابن فضل الله ، مات في جمادى الآخرة .
أحمد بن خليل بن كيكلدي العلائي المقدسي أبو الخير ، سمع بإفادةأبيه من الكبار كالحجار وغيره من المسندين والمزي وغيره من الحفاظ بدمشق وزحل به إلى القاهرة فأسمعه من أبي حيان ومن عدة من أصحاب النجيب ، وسكن بيت المقدس إلى أن صار من أعيانه وكانت الرحلة في سماع الحديث بالقدس إليه فحدث بالكثير ، وظهر له في أواخر عمره سماع ابن ماجة علي الحجار ، ورحلتإليه من القاهرة بسببها في هذه السنة فبلغني وفاته وأنا بالرملة فعرجت على القدس إلى دمشق ، وكانموته في ربيع الآول وله ست وسبعون سنة وقد أجاز لي غير مرة .
أحمد بن داود بن محمد الدلاصي شهاب الدين شاهد الطرحي ، كان من الأعيان المعتبرين بالقاهرة ، ماتفي ربيع الأول .
أحمد بن عبد الله التركماني أحد من كان يعتقد بمصر ، مات في ربيع الأول .
أحمد بن عبد الخالق بن محمد بن خلف الله المجاصي وهي إحدى قرى المغرب ، كان شاعراماهرا ، طاف البلاد وتكسب بالشعر ، وله مدايح وأهاجي كثيرة ، مات بالقاهرة في ربيع الآخر وقد ناهز الثمانين وكان حينئذ صوفيا بسعيد السعداء .
أحمد بن علي بن أيوب المنوفي شهاب الدين إمام الصالحية بالقاهرة ، اشتغل كثيرا وكان كثير المزاح حتى رماه بعضهم بالزندقة ، مات في صفر وله ستون سنة .
أحمد بن علي بن محمد بن علي بن يوسف الدمشقي الحنفي كمال الدينالمعروف بابن عبد الحق ويعرف قديما بابن قاضي الحصن ، وعبد الحق جده لأمه وهو ابن خلف الحنبلي سمع الكثير بإفادة جده لأمه شمس الدين الرقي من علي بن محمد البندنيجي وأبي محمد بن أبي التائب وغيرهما حضورا ومن عائشة ابنة المسلم الحرانية والمزي وخلق كثير من أصحاب ابن عبد الدائم سمعت عليه كثيرا وكان قد تفرد بكثير من الروايات وكان عسرا في التحديث ؛ مات في ثاني ذي الحجة وأنا بدمشق وقد جاوز السبعين .
أحمد بن محمد بن أحمد بن السيف شهاب الدين الصالحي الحنبلي ، سمع من علي بن العز عمر وفاطمة بنت العز إبراهيم وغيرهما وحدث ، مات في جمادى الآخرة ، ولي منه إجازة .
أحمد بن محمد بن أحمد بن التقي سليمان بن حمزة المقدسي الحنبليشهاب الدين بن عز الدين سمع من العز محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر وغيره مات في المحرم وله إحدى وستون سنة ، ولي منه إجازة .
أحمد بن محمد بن عبد البر السبكي شهاب الدين ابن قاضي القضاة بهاء الدين بن أبي البقاء ناظر بيت المال بالقاهرة ، ناب في الحكم عن أخيه بدر الدين ؛ ومات في ربيع الآخر .
أحمد بن محمد الأخوي الخجندي أبو طاهر الحنفي نزيل المدينة ، حدث بجزء عن عز الدين ابن جماعة وشغل الناس بالمدينة أربعين سنة ، وانتفع الناس به لدينه وعلمه ، مات وقد جاوز الثمانين .صفحة فارغة .أحمد بن محمد الطولوني المهندس كان كبير الصناع في العمائر ما بين بناء ونجار وحجار ونحوهم ، ويقال له المعلم ، وكان من أعيان القاهرة حتى تزوج الملك الظاهر ابنته فعظم قدره ، وكان قد حج بسبب عمارة المسجد الحرام فمات راجعا بين مر وعسفان .
أحمد بن محمد الطوخي الناسخ شهاب الدين كان جيد الخط حسنالضبط سريع الكتابة جدا يقال إنه كان يكتب بالمدة الواحدة عشرين سطرا ، وأنجب عدة أولاد منهم محب الدين ، اشتغل كثيرا ومهر ثم ترك وتشاغل بالمباشرة عند كبير التجار برهان الدين المحلي ، ثم انكسر عليه مال فضيق عليه فأظهر الجنون ، وتمادى به الحال إلى أن صار جدا فانخبل عقله وصار يمشي في الأسواق وبيده هراوة ويقف فيذكر جهرا وتمادى على ذلك مدة بحيث كثر من يعتقده ، واستمر على ذلك نحوا من أربعين سنة ، وفي بعض الأحيان يتراجع وينقطع وينسخ بالأجرة ثم يرجع لتلك الحالة وهو في حال تسطير هذه الأسطر في قيد الحياة سنة تسع وأربعين ثم مات بعد الخمسين وذكر لي أن مولده سنة أربع وسبعين .إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن موسى الكناني البلبيسي ثم المصري القاضي مجد الدين ولد سنة ثمان أو تسع وعشرين وسبعمائة وسمع من أصحاب النجيب والعز الحرانيين ولازم الزيلعي في الطلب فأكثر من سماع الكتب والأجزاء وتخرج بمغلطاي والتركماني ، واشتغل في الفقه والفرائض فمهر فيها ونظم الشعر وشارك في الأدب وباشر توقيع الحكم وناب في القضاء ، وشجر بينه وبين شمس الدين الطرابلسي شيء فلم يثبت له بل صبر حتى اشتغل بالقضاء ثم عزل ، وله تأليف في الفرائض ،سمعت تاج الدين بن الظريف يطريه ، واختصر الأنساب للرشاطي وتذكرة فيها فنون كثيرة ولما ولي القضاء كان معتكفا في جوار الجامع الأزهر في رمضان فباشره فلم يرزق في السعد ثم أشاع عنه جمال الدين العجمي أنه يتبرم بالسقر مع السلطان ويدعي العجز عن الحركة واتفق أنه كان ثقيل البدن ، فكان إذا حضر الموكب وأراد القيام اعتمد على الأرض وقام بمشقة ، فكان السلطان يعاين منه ذلك فصدق ما قيل عنه فعزله ولم يتم له سنة واستمر إلى أن مات بعد أن ازداد ضعفه وانهزم وساءت حاله جدا مات في أول ربيع الأول ومن شعره :
لا تحسبن الشعر فضلا بارعا
ما الشعر إلا محنة وخبال
الهجر قذف والرثاء نياحة
والعتب ضغن والمديح سؤال
أيتمش البجاسي كان ممن قام مع برقوق في ابتداء أمرته فأبلى في كائنته بلاء حسنا فحفظ له ذلك ، وصار عنده مقربا ، ثم كان هو مقدم العساكر التي جهزها الظاهر لقتال يلبغا الناصري لما خرج عليه ، فكسره الناصري وحبسه في دمشق ، فلما خرج الظاهر من الكرك خلص واجتمع بالظاهر لما توجه لمصر فقرره أميرا كبيرا لما حضر الظاهر الموت أوصاه على ولدهوجعله المتكلم في الدولة ، فآل أمره إلى أن قتل كما تقدم .
أبو بكر بن عثمان بن الناصح الكفرسوسي المؤدب صحب الشيخ عليا البناء وأخذ طريقته ، وكان قد تصدى للعمل في البساتين مع النصيحة في عمله ، ثم حفظ القرآن على الكبر وتصدى لتعليمه فكان يعلم الصبيان ويتورع ، وكانت عنده وسوسة في الطهارة وسكن لما كبر المزة ، مات في جمادى الأولى وقد جاوز الستين .
أبو بكر بن يحيى بن محمد بن بلول بلامين أمير توزر حاصرهصاحب إفريقية أبو فارس حتى قبض عليه فصلبه حتى مات في هذه السنة .
بركة بنت سليمان بن جعفر الأسنائي زوج القضي تقي الدين الأسنائي ، سمعت علي عبد الرحمن بن عبد الهادي وحدثت ، ماتت في سلخ المحرم .
بهادر بن عبد الله مقدم المماليك كان ليلبغا وولي التقدمة من قبل سلطنة الظاهر إلى أن مات وخرج من تحت يده خلق كثير من أكابر الأمراء آخرهم شيخ المحمودي الذي ولي السلطنة ؛ وكان بهادر المذكور محتشما محترما كثير المال محبا في جمعه ؛ مات في رجب بالقاهرة وهو هرم .
تنم الظاهري تنقل في خدمة يرقوق إلى أن ولاه نيابة دمشق بعد وفاة كمشبغا الخاصكي ، وفي سنة تسع وتسعين قاد الجيوشالإسلامية إلى سيواس نجدة لصاحبها برهان الدين بأمر الظاهر أظهر لهم المخامرة وطلب السلطنة فأطاعه نواب المماليك ، ثم وصل إليه أمير العسكر المصري أيتمش ومن معه فتقوى بهم ، ثم كان في محاربة الناصر ومن معه لهم ما تقدم وكانت الكسرة على تنم ومن معه فأسروا ثم قتلوا ، وكان شجاعا مهيبا جوادا حسن التدبير وله خان سبيل بالقرب من القلعة وتربة بدمشق .
جلبان ، تنقل في خدمة الظاهر إلى أن ولاه نيابة حلب عوضا عن قرا دمرداش سنة ثلاث وتسعين ، وجرت له وقعة مع التركمان بالباب فانتصر عليهم ، ثم جرت له أخرى مع نعير وانتصر عليه أيضا ثم قبض عليه الظاهر سنة ست وحبسه مدة بالقاهرة ثم أطلقه ، واستقر أميرا كبيرا بدمشق ، ثم كان ممن قام مع تنم فقتل .
خديجة بنت العماد أبي بكر بن يوسف بن عبد القادر الخليلية ثمالصالحية ، روت عن عبد الله بن قيم الضيائية وماتت في أواخر السنة ولي منها إجازة .
سليمان بن أحمد بن عبد العزيز الهلالي المغربي ثم المدني المعروفبالسقا ، سمع من أحمد بن علي الجزري وفاطمة بنت العز إبراهيم وابن الخباز وغيرهم ، وحدث ، سمعت منه بالمدينة الشريفة ، وكان مباشر أوقاف الصدقات بالمدينة وسيرته مشكورة ثم أضر بآخرته ، ومات في أواخر هذه السنة وقد ناهز الثمانين .
سليمان القرافي المجذوب كان للناس فيه اعتقاد زائد مات في ربيع الأول .
شيرين الرومية خوند والدة الملك الناصر فرج ، كانت كثيرةالمعروف والبر في شؤونها بعد سلطنة ولدها ؛ ماتت في ذي الحجة .
صدقة بن عبد الله المغربي ، مات بدمشق في جمادى الأولى .
عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن هاشم ابن عبد الواحد بن عبد الله بن عشائر تاج الدين الحلبي الشافعي ولد سنة ثمان وعشرين وسمع بها علي التقي إبراهيم بن عبد الله بن العجمي وغيره وأجاز له جماعة من دمشق منهم زينب ابنة الكمال ، وحدث وسمع منه البرهان المحدث وذكره القاضي علاء الدين في تاريخه . وقال : كان عاقلا دينا يعد من أعيان الحلبيين ، مات في سادس عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة بحلب ودفن بمقبرتهم خارج باب المقام .
عبد اللطيف بن أحمد الفوي نزيل حلب سراج الدين ولد سنةأربعين تقريبا وقدم القاهرة فاشتغل بالفقه على الأسنوي وغيره وأخذ الفرائض عن صلاح الدين العلائي فمهر فيها ، ثم دخل حلب فولي بها قضاء العسكر ثم عزل ، ثم ولي تدريس الظاهرية ثم نوزع في نصفها وكان يقرأ بمحراب الجامع الكبير ويذكر الميعاد بعد صلاة الصبح بمحراب الحنابلة ، وكان ماهرا في علم الفرائض ومشاركا في غيرها ، وله نظم ونثرومجاميع وطارح الشيخ زادة لما قدم عليهم بنظم ونثر فأجابه ، ولم يزل مقيما بحلب إلى أن خرج منها طالبا القاهرة ، فلما وصل إلى خان غباغب أصبح مقتولا وذهب دمه هدرا ولم يعرف قاتله .
عبد اللطيف بن أبي بكر بن أحمد بن عمر الشرجي - بفتح المعجمةوسكون الراء بعدها جيم - نزيل زبيد كان عارفا في العربية مشاركا في الفقه ، ونظم مقدمة ابن بابشاد في ألف بيت وشرح ملحة الإعراب وله تصنيف في النجوم ، اجتمعت به بزبيد وسمع علي شيئا من الحديث وكان السلطان الأشرف يشتغل عليه ، وأنجب ولده أحمد وكان حنفيا .
عبد المنعم بن عبد اله المصري الحنفي اشتغل بالقاهرة ثم قدم حلب فقطنها وعمل المواعيد وكان آية في الحفظ ، يحفظ ما يلقيه في الميعاد دائما من مرة أو مرتين ، شهد له بذلك البرهان المحدث ، فقال : كان يجلس مع الشهود ثم رحل إلى بغداد فأقام بها ، ثم عاد إلى حلب فمات بها في الثالث من صفر .
عثمان بن إدريس بن إبراهيم بن عمر التكروري صاحب بروونوزغاي ، ملك بعد أخيه إدريس بن إدريس ، وكان أخوهملك بعد أخيه داود وداود بعد والدهم إبراهيم ، وهو أول من ملك من آل بيتهم وجدهم الأعلى كان ينتمي إلى الملثمين وهم إلى الآن على تلك الطريقة في ملازمة اللثام ، ويقال إنه جمع من العسكر مائة ألف فارس ورحل يقاتل بهم من يليه من الكفار ، والإسلام غالب في بلادهم ، مات في هذه السنة .
علي بن أحمد بن عبد الله الإسكندراني الحاسب كان يتعانى علم الميقات فبرع في معرفة حل الزيج وكتابة التقاويم وأقبل على الكيميا فأفنى عمره في أعمالها ما بين تصعيد وتقطير وغير ذلك ولم يصعد معه شيء ، مات في آخر السنة عن نحو خمسين سنة .
علي بن أيبك بن عبد الله التقصباوي الدمشقي علاء الدين الأديب ، ولد سنة ثمان وعشرين وتعانى الأدب فقال الشعر الفائق ولكنه بالنسبة إلى طبقة من فوقه متوسط وهو القائل :
في حلب الشهباء ظبي سطا
بحاجب أفتك من طرفهلقوسه في جوشي أسهم
والقصد عسر النيل من ردفه
أجاز لي ، ومات في سنة إحدى وثمانمائة .
علي بن عبد الرحمن الدماصي الكاتب المجود جاور بمكة كثيرا وكتب الناس ، وكان يشهد ببعض الحوانيت ظاهر القاهرة .
علي بن عبد العزيز بن أحمد الخروبي تقي الدين بن عز الدين بن صلاح الدين من أعيان التجار بمصر حج مرارا ، وكان ذا مروءة وخير عفيفا عن الفواحش دينا متصونا ، أوصى بمائة ألف درهم فضة لعمارة الحرم الشريف المكي فعمر بها بعد الاحتراق ، وكان والدي قد تزوجأخته التي ماتت قبله ، وكان عمي زوج عمته وعمه زوج عمتي ، فكانت بيننا مودة أكيدة ، وكان بي برا محسنا شفوقا جزاه الله خيرا ؛ مات في رجب وقد أكمل الستين .
علي بن محمد بن علي بن عرب علاء الدين سبط القاضي كمال الدين التركماني ناب في الحكم ببعض البلاد وولي قضاء العسكر ، مات في صفر .
علي بن محمود بن أبي بكر بن إسحاق بن أبي بكر بن سعد الله بن جماعة الكناني علاء الدين الحموي ابن القباني اشتغل بحماة ثم قدم دمشق في حدود الثمانين وولي إعادة البادرائية ثم تدريسها عوضا عن شرف الدين الشريشي ، وكان ربما خطب وأم بالجامع الأموي ، وكان يفتي ويدرس ويحسن المعاشرة ، وكان طويلا بعيد ما بين المنكبين ، حج مرارا وجاور ، وكان قليل الشر كثير البشر ، مات في ذي القعدة ؛ وقد شارك علاء الدين ابن المغلي قاضي حماة في أسمه وأسم أبيه وجده ونسبته حمويا ،وسمع صاحب الترجمة مع الشيخ برهان المحدث بحلب وبدمشق سنة ثمانين ، وليس هو ابن مغلي فليعلم لأنه لا يتميز في ثبت الشيخ برهان الدين .
عيسى بن عبد الله المهجمي المعروف بابن الهليس كان من أعيان التجار ، ولاه الأشرف نظر عدن ، وجاور بمكة مدة سنسن ؛ مات في رجب .
محمد بن أحمد بن أبيالفتح بن إدريس الدمشقي شمس الدين ابن السراج أخو المحدث عماد الدين ، سمع من الحجار الصحيح ومن محمد بن حازم والمزي والبرزالي والجزري وغيرهم ؛ مات في رجب وقد قارب الثمانين .محمد بن أحمد بن محمد المصري السعودي شمس الدين يعرف بابن شيخ السنيين برع في مذهب الحنفية ودرس وأفتى وناب في الحكم وأحسن في إيراد مواعيده بجامع الحاكم وكتب الخط الحسن وخرج الأربعين النووية وجمع مجاميع مفيدة ؛ مات في سلخ صفر وهو في الأربعين وتأسف الناس عليه .
محمد بن أحمد بن محمد الطوخي .محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الحنفي ولد شيخنا القاضي مجد الدين مات قبل أبيه بشهرين ، وكان قد اشتغل ومهر .
محمد بن حسب الله جمال الدين الزعيم التاجر المكي ، مات في ثالث جمادى الأولى ، وكان واسع المال جدا معروفا بالمعاملات وضبط من ماله بعده أكثر من عشرين ألف دينار سوى ما أخفى .
محمد بن حسين بن علي بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومي المكي الشافعي أبو السعود سمع من العز ابن جماعة واشتغل بالفقه والفرائض ومهر فيها ، وناب في الحكم عن صهره القاضي شهاب الدين وهو والد أبي البركات الذي ولي الحكم في زماننا ، مات في صفر عن نيف وستين سنة وكان مولده سنة خمس وأربعين .
محمد بن عبد الله بن بكتمر ناصر الدين ابن جمال الدين بن الحاجبتقدم في ولاية صهره بطا الدويدار ، مات في ربيع الأول .
محمد بن عبد الله بن نشابة الأشعري الحرضي ثم العريشي نسبة إلى قرية يقال لها عريش من عمل حرض ، وحرض آخر بلاد اليمن من جهة الحجاز وبينها وبين حلي مفازة وكان محمد المذكور فقهيا شافعيا ، ذكره ابن الأهدل في ذيل تاريخ الجندي وقيد وفاته فيها أو في التي بعدها ، قال خلفه ولده عبد الرحمن : وكان مولده سنة أربع وسبعين وتفقه بأبيه وبأحمد مفتي مور ، وذكر أنه اجتمع به بعد الثلاثين بأبيات حسين وهو مفتي بلده ومدرسها وينوب في الحكم فيها .محمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن محب الدين ابن شيخنا يكنى أبا حاتم ، أسمعه ابوه الكثير ، واشتغل ودرس ثم ترك وكان فاضلا وشكله حسن ، قليل الاشتغال ، وكان قد توجه إلى مكة في رجب ثم رجع قبل الحج لمرض أصابه فاستمر إلى أن مات في صفر .
محمد بن عبيدان الدمشقي بدر الدين ولد قبل الخمسين وتفقه وشهد عند الحكام وتميز فيهم ، وأجازه الشيخ سراج الدين البلقيني بالإفتاء قديما ، ولي قضاء بعلبك عن البرهان ابن جماعة ثم ولي قضاءحمص ، مات في ربيع الأول .
محمد بن عجلان بن رميثة بن أبي نمى الحسني المكي ناب في إمرة مكة ثم أكحل بعد موت أخيه أحمد واستمر خاملا وقد دخل اليمن مسترقدا صاحبها ثم جهز معه المحمل في سنة ثمانمائة فرافقته وسلمنا من العطش الذي أصاب أكثر الحجاج في تلك السنة بمرافقة محمد هذا ، لأنه سار بنا من جهة وخالفه أمير الركب فسار من الجهة المعتادة ، فلم يجدوا ماء فهلك الكثير منهم .
محمد بن عمر بن إبراهيم العجمي شمس الدين بن جمال الدين الحلبي وسمع المسلسل بالأولوية من الشيخ تقي الدين السبكي ومن محمد بن يحيى بن سعد وحدث به عنهما بسماع الأول على الموازيني أنا البهاء عبد الرحمن أنا ابن الجوزي وابن حمدي والثاني علي ابن دوالة أنا النجيبأنا ابن الجوزي قالا أنا إسماعيل بن أبي صالح بسنده وكان مولد شمس الدين هذا في سنة أربع وثلاثين واشتغل في شبيبته وحفظ الحاوي ونزل في المدارس وجلس مع الشهود ثم ولي تدريس بعض المدارس بعد والده ونازعه الأذرعي ثم الفوي ثم استقر ذلك بيده ، وكان سليم الفطرة نظيف اللسان خيرا لا يغتاب احدا وله إجازة حصلها له أبوه فيها المزي وتلك الطبقة ولم يحدث بشيء منها والله أعلم ؛ مات في رمضان ذكره القاضي علاء الدين .
محمد بن عمر بن علي بن إبراهيم الجمال المعابدي الوكيل كان من كبار التجار كثير المال جدا كثير القرى والمعروف ؛ مات في ربيع الآخر .
محمد بن محمد بن أحمد المقدشي بالشين المعجمة سمع أكثرصحيح مسلم على ابن عبد الهادي وحدث ، وكان ذا خير وعبادة وفيه سلامة فكان أصحابه يقولون له : ادع لفلان ، فيقول : وليته قضاء العسكر ، فكثر ذلك منه فلقبوه قاضي القضاة سمعت منه ؛ مات في سادس عشرى شهر رجب وقد قارب التسعين .
محمد بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله ناصر الدين ولد سنة ستين أو نحوها وتعانى الكتابة وولي التوقيع وباشر في الجيش وصحب حمزة أخا كاتب السر وكان جميل الوجه وسيما محبا في الرياسة لكنه لم يرزق من الحظ إلا الصورة ، مات مقلا في صفر .
محمد بن محمد بن علي بن عبد الرزاق الغماري ثم المصري المالكيصفحة فارغة .شمس الدين أخذ العربية عن أبي حيان وغيره ، وسمع الكثير من مشايخ مكة كاليافعي والفقيه خليل ، وسمع بالإسكندرية من النويري وابن طرخان وحدث بالكثير ، وكان عارفا باللغة والعربية ، كثير المحفوظ للشعر لا سيما الشواهد ، قوي المشاركة في فنون الأدب ، تخرج به الفضلاء ، وقد حدثنا بالبردة بسماعه من أبي حيان عن ناظمها ، وأجاز لي غير مرة عاش اثنتين وثمانين سنة .
محمد بن محمد بن محمد بن عبد الدائم الباهي نجم الدين الحنبلياشتغل كثيرا وسمع من شيوخنا ونحوهم ، وعني بالتحصيل ودرس وأفتى ، وكان له نظر في كلام ابن العربي فيما قيل ، مات في شعبان عن ستين سنة ، قال ابن الحجي : كان أفضل الحنابلة بالديار المصرية بالقاهرة وأحقهم بولاية القضاء .
محمد بن محمد بن محمد بن عثمان الغلفي ابن شيخ المعضمية ، سمع من الحجار وحضر على إسحق الآمدي ، وأجاز له أيوب الكحال وعلي بن محمد البندنيجي ، مات في جمادى الآخرة ، أجاز لي غير مرة .
محمد بن محمد الجديدي القيرواني ، تفقه ثم تزهد وانقطع وظهرتله كرامات ، وكان يقضي حوائج الناس ، وحج سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة فجاور بمكة إلى أن مات ، وكان ورعه مشهورا ، وقيل مات سنة إحدى وثمانمائة .
محمد الكردي الصوفي الزاهد المعمر ، كان بخانقاه عمر شاه بالقنوات بدمشق ، وكان ورعا جدا لا يرزأ أحدا شيئا ويؤثر بما عنده ، ويؤثر عنه كرامات وكشف ، وكان لا يخالط أحدا ويخضع لكل أحد ، جاوز الثمانين ، مات في شوال .
مفتاح بن عبد الله عتيق المهتار نعمان ، كان مهتار الطشتخاناة ، مات في هذه السنة .
مقبل بن عبد الله الرومي عتيق الناصر حسن ، طلب العلم واشتغلفي الفقه على مذهب الشافعي ، ثم تعمق في مقالة الصوفية التحادية ، وكتب الخط المنسوب إلى الغاية ، وأتقن الحساب وغيره ، مات في أوائل السنة ، رأيته مرارا وقد قارب الستين .
ملكة بنت الشرف عبد الله بن العز إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر المقدسي ثم الصالحي ، أحضرت علي الحجار وعلي محمد بن الفخر ابن البخاري ، واحضرت علي أبي بكر ابن الرضي وزينب بنت الكمال وغيرهم ، وأجاز لها ابن الشيرازي وابن عساكر وابن سعد وإسحاق الآمدي وغيرهم وحدثت بالكثير وسمع منها الفضلاء ، ماتت في تاسع عشر جمادى الأولى وقد جاوزت الثمانين وأجازت لي .
يوسف بن أحمد بن غانم المقدسي النابلسي ، ولي قضاء نابلس زمانا ثم قضاء صفد ثم خطابة المقدس لما مات عماد الدين الكركي ، ثم سعى عليه ابن السائح قاضي الرملة بمال كثير فعزل فقدم دمشق متمرضا ، ومات فيها في جمادى الأولى ، وهو سبط الشيخ تقي الدين القلقشندي .يوسف بن الحسن بن محمود السرائي ثم التبريزي عز الدين الحلوائي ، قرأت في تاريخ حلب لابن خطيب الناصرية أنه نقلترجمة يوسف هذا عن ولده بدر الدين لما قدم عليهم في سنة تسع وعشرين فقال : ولد سنة ثلاثين وسبعمائة وأخذ عن جلال الدين القزويني وشهاب الدين الخونجي والعضد ، ورحل إلى بغداد فقرأ على الكرماني ثم رجع إلى تبريزفأقام بها ينشر العلم ويصنف إلى أن بلغه أن ملك الدعدع قصد تبريز لكون صاحبها أساء السيرة مع رسول أرسله إليه في أمر طلبه منه وكان الرسول جميل الصورة إلى الغاية فتولع به صاحب تبريز فلما رجع إلى صاحبه أعلمه بما صنع معه وأنه اغتصبه نفسه أياما وهو لا يستطيع الطواعية وتفلت منه ، فغضب أستاذه وجمع عسكره وأوقع بأهل تبريز فأخربها ، وكان أول ما نازلها سأل عن علمائها فجمعوا له فآواهم في مكان وأكرمهم فسلم معهم ناس كثير ممن اتبعهم ، ثم لما نزح عنهم تحول عز الدين إلى ماردين فأكرمه صاحبها وعقد له مجلسا حضره فيه علماءها مثل شريحا الهمام والصدر فأقروا له بالفضل ، ثم لما ولي إمرة تبريز أميرزاه ابن اللنك طلب عز الدين المذكور وبالغ في إكرامه وأمره بالستقرار بها وتكملة ما كان شرع في تصنيفه ، ثم انتقلبآخرة إلى الجزيرة فقطنها إلى أن مات في هذه السنة ؛ ومن سيرته أنه لم يقع منه كبيرة ولا لمس بيده دينارا ولا درهما ، وكان لا يرى إلا مشغولا بالعلم أو التصنيف ، وشرح منهاج البيضاوي وعمل حواشي علي الكشاف وشرح الأسماء الحسنى ، وكان يذكر أنه لما حج ثم أتى المدينة جلس على المنبر فرأى وهو جالس بجانب المنبر بالروض الشريفة مغمض العينين أن امنبر على أرض الزعفران قال : ففتحت عيني فرأيت المنبر على ما عهدت أولا ، فأغمضت عيني فرأيته على الزعفران وتكرر ذلك ؛ قال القاضي علاء الدين : قدم علينا ولده الآخر جمال الدين فذكر أن والده مات سنة أربع وثمانمائة والله أعلم .
يوسف بن عبد الله المقرئ كان مقيما بمشهد ابن أبي بكر بمصر وللناس فيه اعتقاد ، مات في ربيع الأول .
يوسف بن عثمان بن عمر بن مسلم بن عمر الكتابي بالمثناةالثقيلة - الصالحي ، سمع من الحجار حضورا ومن الشرف ابن الحافظ وأحمد بن عبد الرحمن الصرخدي وعائشة بنت مسلم الحرانية وغيرهم ، وأجاز له الرضى الطبري وهو خاتمة أصحابه ، وأجاز له أيضا ابن سعد وابن عساكر وآخرون ، وحدث بالكثير وكان خيرا ؛ مات في نصف صفر عن ثلاث وثمانين سنة ، أجاز لي غير مرة .
يوسف بن مبارك بن أحمد جمال الدين الصالحي بواب المجاهدية كان يقرأ بالألحان في صباه هو وعلاء الدين عصفور الموقع وذلك قبل الطاعون الكبير ، ولكل منهما طائفة تتعصب له ، ثم انتقل يوسف إلى الصالحية وعصفور إلى القاهرة ؛ ومات يوسف في ربيع الأول وله ثلاث وستون سنة .
يوسف الهدباني الكردي من قدماء الأمراء تأمر في أيام الناصرمحمد بن قلاوون ، وكان مولده تقريبا سنة أربع وسبعمائة ، وتنقل في الولايات وولي تقدمة الف وصودر غير مرة ، وفي الأخير كان نائب القلعة عند موت الظاهر فتحيل النائب تنم وأخذها منه ، فلما غلب الناصر فرج صودر ، وكان يكثر شتم الأكابر على سبيل المزاح ويحتملون ذلك له ، مات في ذي الحجة .
. . . . . بنت الشيخ تقي الدين اليونيني ماتت في شعبان .
حوادث سنة 803
سنة ثلاث وثمانمائة
خرجت من دمشق في أول يوم منها وفي الثاني وصل توقيع القاضي علاء الدين بن أبي البقاء وقرئ وباشر قضاء دمشق ، ودخلت هذه السنة ، والناس في أمر مريج من اضطراب البلاد الشمالية بطروق تمرلنك ، وفي كل وقت ترد أخبار مغائره لما قبلها ، وكان وصوله إلى سيواس في السنة الماضية كما تقدم ، فحاصرها مدة ونقب سورها وقتل جمعا ونهب الأموال ، وذلك في أول يوم في هذه السنة حتى قيل أنه دفنمن أهل سيواس ثلاثة آلف نفس وهم بالحياة ، ثم نازل بهنسا في صفر ثم توجه إلى ملطية فأباد من فيها ، ثم إلى قلعة الروم فقوي عليه أهلها فتركها وتوجه إلى جهة حلب فوصل عينتاب في أواخره وراسل نائب حلب نائب الشام يستحثه على القدوم بعساكر الشام لدفع تمرلنك ، ثم وصل كتابه إلى نائب حلب يقول فيه : إنا وصلنا في العام الماضي إلى البلاد الحلبية لأخذ القصاص ممن قتل رسلنا بالرحبة ثم بلغنا موت الظاهر وبلغنا أمر الهند وما هم عليه منالفساد فتوجهنا إليهم وأظفرنا الله تعالى بهم ثم رجعنا إلى الكرج فأظفرنا الله بهم ثم بلغتنا قلة أدب هذا الصبي ابن عثمان فأردنا عرك أذنه ففعلنا بسيواس وغيرها من بلاده ما بلغكم أمره ونحن نرسل الكتب إلى مصر فلا يعود جوابها فنعلمهم أن يرسلوا قريبنا أطلمش وإن لم يفعلوا فدماء المسلمين في أعناقهم والسلام ، وفي أواخر المحرم عقد مجلس بالقضاة والخليفة والأمراء واشتوروا فيما بلغهم من أمر العدو وهل يجوز أن يأخذوا من التجار نصف أموالهم أو ثلثها للاعانة على تجهيز الجيوش لملتقاه ، فتكلم القاضي الحنفي جمال الدين الملطي وقال : إن فعلتم بأيديكمفالشوكة لكم وإن أردتم ذلك بفتوانا فهذا لا يجوز لأحد أن يفتي به والعسكر يحتاج لمن يدعو له فلا ينبغي أن يعمل شيء يستجلب الدعاء عليه ، ثم اشتوروا ثانية في ارتجاع الأوقاف وإقصاعها لمن يستخدم ، فعارضهم الملطي أيضا وقال : القدر الذي يتحصل منها قليل جدا والأجناد البطالة لا يستنصر بهم إلا مع من غلب ووظيفتهم النهب ، فانفصل المجلس على ذلك فكانت هذه من حسنات الملطي ، ووعى هذا المجلس يلبغا السالمي فلم يرجع عنه حتى عمل ما منعهم منه الملطي ، بعد ذلك وجرى له عقب ذلك ما لا خير فيه ، ثم تواردت الأخبار بأخذ تمرلنك غالب البلاد الشمالية ، فاضطرب أهل حلب ونقلوا أموالهم إلى القلعة ومنهم من فر إلى البلاد القريبة وغلت أسعار الجمال والحمير وتجهز نائب حلب بعسكرها ومن انضاف إليهم من العرب والتركمان ولما بلغت هذه الأخبار أهل الدولة بمصر أرسلوا إلى النواب بالبلاد بجمع العساكر والتوجه إلى حلب فاجتمعوا كلهم بحلب وهو نائب صفد ونائب حماة دقماق ونائب دمشق سودون قريب السلطان ونائب طرابلس شيخ الذي ولي السلطنة بعد ونائب غزة ومعهم من العسكر تقدير ثلاثة آلاف فارس ، ثم شرع السلطان في التجهيز فأرسل تمرلنك إلىدمرداش نائب حلب يعده بأن يبقيه على نيابته بشرط أن يمسك سودون نائب الشام ، فاطلع دمرداش على ذلك سودون فوثب على الرسول فضرب عنقه ، فلما بلغ ذلك تمرلنك نازل حلب وذلك في العشر الأول من ربيع الأول ، واشتور الأمراء فأشار بعضهم بالبروز إلى ظاهر البلدصفحة فارغة .والقتال هناك وأشار البعض بالإقامة والقتال على الأسوار إلى أن يحضر العسكر المصري وأشار دمرداش لأهل البلد بإخلائها والتوجه حيث شاؤوا ، فغلب أهل الرأي الأول وضربوا الخيام ظاهر البلد والتقى الجمعان يوم السبت حادي عشر شهر ربيع الأول فزحف اللنك بجنوده ومعهم الفيلة وصاحوا صيحة واحدة فولى أكثر الناسفزعا ، فأبلى نائب طرابلس في الحرب وأزدمر ويشبك بن أزدمر وغيرهم من الفرسان حتى كوثر أزدمر بالفرسان ففقد ووقع ولده يشبك بن أزدمر بين القتلى ، فسلم بعد ذلك وتمت الهزيمة على العسكر الإسلامي ، ورجعوا طالبين أبواب حلب فقتل من الزحام من لا يحصى ، واللنكية في آثارهم بالسيوف وانحشر الأمراء في القلعة وهجم عسكر تمرلنك البلد فأضرموا فيها النار وأسروا النساء والصبيان وبذلوا السيف في الرجال والأطفال حتى صار المسجد الجامع كالمجزرة وربطت الخيول في المساجد وافتضت الأبكار فيها . بمحضر من أهلها ، وكان من شأن عسكر تمرلنك عدم الاحتشام من الوطء بمحضر من الناس ولو زنوا ، ثم حوصرت القلعة وردم خندقها فلم يصبروا إلا يومين والثالث وطلب دمرداش ومن معه الأمان فأجيبوا إلى ذلك ، ثم استنزلوهم من القلعة ونظموا كل
نائب وطائفته في قيودهم ، ثم استحضرهم تمرلنك بعد أن طلع القلعة في ناس قليل بين يديه وعنفهم ، وامتدت الأيدي لنهب أموال الناس التي حصنت بالقلعة لظن أصحابها أنها تسلم فكأنهم جمعوا ذلك للعدو حتى لا يتعب في تحصيلها ، وعرضت عليه الأموال ومن أسر من الأبكار والشباب ففرق ذلك على أمرائه وكان بالقلعة من الأموال والذخائر

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12