كتاب : محاضرات الأدباء
المؤلف : الراغب الأصفهاني

محمد بن أبي أمية:
فما نلت منها محرماً غير أنني ... أقبل بساماً من الثغر أفلجا
وألثم فاها تارةً بعد تارةٍ ... وأترك حاجات النفوس محرجا
تقبيل الحب اعتراضاً:
ابن المعتز:
وكم عناقٍ لنا وكم قبلٍ ... مختلساتٍ حذار مرتقب
نقر العصافير وهي خائفةٌ ... من النواطير يانع الرطب
أبو نواس:
وعاشقين التف خداهما ... عند التثام الحجر الأسود
فاشتفيا من غير أن يأثما ... كأنما كانا على موعد
لولا دفاع الناس إياهما ... لما استفاقا آخر المسند
نفعل في المسجد ما لم يكن ... يفعله الأبرار في المسجد
ابن أبي ربيعة:
فمررت مختفياً أمر ببيتها ... حتى ولجت على خفاء المولج
قالت: وعيش أخي وحرمة والدي ... لأنبهن الحي إن لم تخرج
فخرجت خيفة قولها فتبسمت ... فعلمت أن يمينها؟ لم تحرج
فلثمت فاها آخذاً بقرونها ... شرب النزيف لبرد ماء الحشرج
استطابة تقبيله اختلاساً واختفاء:
كشاجم:
ما لذة أبلغ من طيبها ... من لذةٍ في أثرها عضه
خلصتها بالكره من شادنٍ ... يعشق منه بعضه بعضه
ابن سكرة:
سألته في صحوه قبلةً ... فردني والموت في رده
حتى إذا السكر ثنى جيده ... قبلته ألفاً بلا حمده
وقال الحسن بن وهب: قبلتها فوجدت بين شفتيها ريحاً لو نام فيها المخمور لصحا.
المتنبي:
شاميةً طالما خلوت بها ... تبصر في ناظري محياها
فليتها لا تزال آويةً ... وليته لا يزال مأواها
الصاحب:
قال: إذ قبلته في خده ... إنما القبلة عنوان الصله
الصابىء:
أقبلت ثم قبلت ظاهر كفي ... قبلةً تنقع الغليل وتشفي
فتلظى فمي عليها وودت ... شفتي أنها هنالك كفي
فعضضت اليد التي قبلتها ... بفمٍ حاسدٍ يريد التشفي
الصاحب:
أوما لتقبيل يدي ... فقلت: لا بل شفتي
الموسوي:
ومقبلٍ كفي وددت بأنه ... أوما إلى شفتي بالتقبيل

موضع التقبيل:
قيل: قبلة المؤمن المؤمن المصافحة، وقبلة الرجل زوجته الفم، وقبلة الوالد الولد الرأس، وقبلة الأم الإبن الخد. قال أمير المؤمنين رضي الله عنه: قبلة الولد رحمة، وقبلة المرأة شهوة، وقبلة الوالدين عبادة، قبلة الأخ الأخ رقة، وزاد فيه الحسن: وقبلة الإمام العادل طاعة.
من سأل محبوبه الوصل:
الوأواء الدمشقي:
أيا من هو الفوز لي بالمنى ... ومن هو بالود مني حقيق
تغنم بنا غفلات الزمان ... فوجه الحوادث وجه صفيق
وقال:
تعال بنا نعصي الوشاة ونشتفي ... من الوصل قبل الموت ثم نتوب
كتب إبراهيم الموصلي إلى قينة:
دعي الوصل لا أسمع بيومك إنما ... سألتك شيئاً ليس يعري لكم ظهرا
فأجابته: لكن يملأ لنا بطناً.
شاعر:
يا قضيباً مخصره ... وكثيباً مؤزره
ليت شعري متى تجو ... د بما لا نفسره؟
سؤاله عودة النائل:
المتنبي:
أمنعمة بالعودة الظبية التي ... بغير وليٍ كان نائلها الوسمى
بشار:
يا رحمة الله حلي في منازلنا ... حسبي برائحة الفردوس من فيك
قد زرتنا مرةً في الدهر واحدةً ... ثني ولا تجعليها بيضة الديك
المستكثر قليل الوصل من حبيبه:
قال بعضهم:
بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الوصل إلا عدتم بجميل
وإني ليرضيني قليل نوالكم ... وإن كنت لا أرضى لكم بقليل
آخر:
قفي ودعينا يا مليح بنظرةٍ ... فقد حان منا يا مليح رحيل
أليس قليلٌ نظرةٌ إن نظرتها ... إليك وكان ليس منك قليل
ابن المعتز:
قل لمن حيا فأحيا ... ميتاً حييت حياً
ما الذي ضرك لو أبقيت لي في الكاس شياً
هل تراني كنت إلا ... مثل من قبل فياً

الرضا بأن حبيبه يخطره في قلبه:
ابن الدمينة:
لئن ساءني ان نلتني بمساءةٍ ... لقد سرني أني خطرت ببالك
وقال:
رضيت بسعي الوهم بيني وبينه ... وإن لم يكن في الوصل منه نصيب
الرضا بأن ينظر أرض حبيبه:
يقر بعيني أن أرى من مكانها ... ذرى عقدات الأبرق المتقاود
وأن أرد الماء الذي شربت به ... سليمى وقد مل السرى كل واحد
وألصق أحشائي ببرد ترابه ... وإن كان مخلوطاً بسم الأساود
الرضا بكونه مع الحبيب في الدنيا:
قال أبو نواس: أرضى الناس قيس بن ذريح في قوله:
أليس الليل يجمعني وليلى ... ألا يكفي بذلك من تدان؟
ترى وضح النهار كما أراه ... ويعلوها الظلام كما علاني
وقال:
ويقر عيني وهي نازحةٌ ... ما لا يقر بعين ذي الحلم
أني أرى وأظنها سترى ... وضح النهار وعالي النجم
رجاء لقاء المحبوب:
الحارثي:
أرانا به الله ما لم تزل ... تبشرنا حسنات الظنون
وقال:
ما أقدر الله أن يدني على شحطٍ ... من داره الحزن ممن داره صول
الله يطوي بساط الأرض بينهما ... حتى يرى الربع منه وهو مأهول
من حبيبه مناه:
شاعر:
ولما نزلنا منزلاً طله الندى ... أنيقاً وبستاناً من النور حاليا
أجد لنا غيب المكان وحسنه ... منى فتمنينا فكنت الأمانيا
تمني مجاورته:
شاعر:
تمنيت في عرض الأماني وربما ... تمنى الفتى أمنيةً ثم نالها
ألا ليت سعدى جاورتني حياتها ... فتعلم ما حالي وأعلم حالها
الفرزدق:
ألا ليتنا نمنا ثمانين حجةً ... تنام معي عريانةً وأنامها
ضجيعين مستورين والأرض تحتنا ... يكون طعامي شمها والتزامها
جميل:
أقول والركب قد مالت عمائمهم ... وقد سقى القوم كاس النعسة السهر
يا ليت أني بأثوابي وراحلتي ... عبدٌ لقومك هذا الشهر مؤتجر
من أحب أن يجتمع مع حبيبته وإن كان في شقاء:
كثير:
ألا ليتنا يا عز من غير ريبةٍ ... بعيران نرعى في الخلاء ونعزب
كلانا به عرٌ فمن يرنا يقل ... على حسنها جرباء تعدي وأجرب
إذا ما وردنا منهلاً صاح أهله ... علينا فلا ننفك نرمى ونضرب
نكون بعيري ذي غنى فيضيعنا ... فلا هو يرعانا ولا نحن نطلب
فلما سمعت ذلك عزة قالت: لقد تمنى لي وله الشقاء الطويل.
ديك الجن:
ألا ليتنا كنا جميعين في الهوى ... تضم علينا جنةٌ أو جهنم
ابن حجاج:
قلت ستي كلمينا ... قبل أن أحصل مثله
اضربي من طين باب ... استك خرطومي بكتله
قد طلبنا منك مالا ... تكره الحرة بذله
ليتني أمسيت في عقصة شعر استك قمله!
الرضا من حبيبه بالأماني والمواعيد الكاذبه:
كثير:
وغني لأرضى منك يا عز بالذي ... لو أبصره الواشي لقرت بلابله
بلا وبألاً أستطيع وبالمنى ... وبالوعد والتسويف قد مل آمله
وبالنظرة العجلى وبالحول ينقضي ... أواخره لا نلتقي وأوائله
جميل:
فصلي بحبلك يا بثين حبائلي ... وعدي مواعد منجزٍ أو ماطل
الموسوي:
وما ضرهم إذ لم يجودوا بمقنعٍ ... من النيل لو منوا قليلاً وسوفوا؟
كشاجم:
ضنت بموعدها فقلت لها: ... يا هذه فعدي بأن تعدي
انتظار وعد الكاذب:
جحظة:
يا كاذباً في وعده بلسانه ... من لي بمص لسانك الكذاب؟
ما زلت منتظراً لوعدك مفرداً ... بالبيت مرتقباً لقرع الباب
قطع الأوقات بالأماني:
ابن المعتز:
يا مانع العين طيب رقدتها ... ومانح الجسم كثرة العلل
علمني حبك المقام على ... الضيم وقطع الأيام بالأمل
وقال:
منىً إن تكن حقاً تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا

أماني من سعدى حسانٌ كأنما ... سقتك به سعدى على ظمأ بردا

مما جاء في الطيف
من يسمح بخياله ويضن بوصاله:
البحتري:
أهلاً بزائرنا الملم لو أنه ... عرف الذي يعتاد من إلمامه
جذلان يسمح في الكرى بعناقه ... ويضن بغير الكرى بسلامه
وقال:
بنفسي من تنأى ويدنو ادكارها ... ويبذل عنها طيفها ويمانع
وقال:
وإذا ما أبى الحبيب مواتا ... تي تبلغت بالخيال المسلم
أحمد بن أبي طاهر:
فبت بها ضيفاً مقيماً برحله ... وباتت بنا طيفاً تقيم ولا تدري
وزارت وما زارت وجادت ولم تجد ... وواصل عنها الطيف وهي على الهجر
ابن المعتز:
شفاني الخيال بلا حمده ... وأبدلني الوصل من صده
وكم نومةٍ لي قوادةٍ ... تقرب حبي على بعده
كشاجم:
قد جاد طيفك لي بوعدك ... وأجارني من طول صدك
ودنا إلي معانقاً ... ومصافحاً خدي بخدك
فظفرت منك بما هويت ... بحمد طيفك لا بحمدك
من منع خياله بتسليط السهاد على محبه:
شاعر:
فكان يزورنا منه خيالٌ ... فلما أن جفا منع الخيالا
علي بن يحيى بن المنجم:
بأبي أنت!لم جفاني خيالٌ ... لك قد كنت أستريح إليه
أرشدني إلى خيالك كيما ... أتقاضاه موعداً لي عليه
وقال:
إن فقد النوم أعدمني ... رؤية الأحباب في الحلم
أبو نواس:
كيف السبيل إلى طيف يزاوره ... والنوم في جملة الأحباب هاجره
بغض طيف ذي هجران:
أبو دلف:
لا تحمدن على نوال في الكرى ... من ليس في غير الكرى بمنول
المتنبي:
إني لأبغض طيف من أحببته ... عن كان يهجرنا زمان وصاله
المهلبي:
إنما الطيف الملم ... فرحٌ يتلوه هم
قلما يحمد أمرٌ ... ليس فيه ما يذم
عابدة المهلبية:
خطبت خياله فإذا خيالٌ ... مطولٌ مثل صاحبه بخيل
فإن توقعي طيفاً جواداً ... وصاحبه بخيلٌ مستحيل
من ذكر الخيال بات الفكر إزاره:
أبو تمام:
نم فما زارك الخيال ولكنك ... بالفكر زرت طيف الخيال
المتنبي:
لا الحلم جاء به ولا بمثاله ... لولا ادكار وداعه وزياله
إن المعيد لنا المنام خياله ... كانت عبارته خيال خياله
بتنا يناولنا المدام بكفه ... من ليس يخطر أن نراه بباله
فدنوتم ودنوكم من عنده ... وسمحتم وسماحكم من ماله
من أسهره خيال حبيبه:
علي بن يحيى:
زارني طيف الخيال فما ... زاد أن أغرى بي الأرقا
الفرزدق:
شبت لعينك سلمى عند مقفاها ... فبت منزعجاً من بعد مرآها
وقلت: أهلاً وسهلاً ما هداك لنا ... إن كنت تمثالها أو كنت إياها
ابن الرومي:
طرد الكرى عني وراح بحاجتي ... وقضى علي بأجرة الحمام
من تمنى المنام لأجل لقاء الخيال:
قيس بن ذريح:
وإني لأهوى النوم من غير نفسه ... لعل لقاء في المنام يكون
تخبرني الأحلام أني أراكم ... فيا ليت أحلام المنام يقين
من ذم الصبح لمفارقة الخيال:
البحتري:
وليلة هومنا على العيس أرسلت ... بطيف خيالٍ يشبه الحق باطله
فلولا بياض الصبح طال تشبثي ... بعطفي غزالٍ بت وهناً أغازله
وكم من يدٍ لليل عندي حميدةٍ ... وللصبح من خطبٍ تذم غوائله
المخافة من تهديد الطيف:
شاعر:
رجا راحةً في النوم حتى إذا غفا ... أتى طيف من يهوى يهدد بالهجر
فقام ينادي والدموع بوادرٌ: ... أيا طيف من أهوى قتلت ولا تدري!
مما جاء في السلو
من ذكر تسلية عن محبوبه بما لا يسلى به:
كثير:
ولما أبى إلا جماحاً فؤاده ... ولم يسل عن ليلى بمالٍ ولا أهل

تسلى بأخرى غيرها فإذا التي ... تسلى بها تغري بليلى ولا تسلي
البحتري:
وقالوا: تجنبها تفق فاجتنبها ... زماناً فما أسلى فؤادي التجنب
وقالوا: تقرب يخلق الحب أو تجد ... علالة قلبٍ، فاختلاني التقرب
من بغي له بعد ما تسلى علالة من الهوى:
معاوية:
سرحت سفاهتي وأرحت حلمي ... وفي علمي تحلمي اعتراض
على أني أجيب إذا دعتني ... إلى حاجاتها الحدق المراض
البحتري:
إني إذا جانبت بعض بطالتي ... وتوهم الواشون أني مقصر
ليشوقني سحر العيون المجتلى ... ويروقني ورد الخدود الحمر

من قرب سلوه من عشقه:
محمد بن بشير:
سريع العلوق إذا ما هوى ... سريع النزوع إذا ما علق
فبينا يرى عاشقاً إذ سلا ... وبينا يرى قالياً إذ عشق
رأيت الوصال وهجرانه ... يكونان منه معاً في نسق
وقيل لأعرابية: كم تعشقين؟ فقالت:
ثلاثين ألفاً كل يومٍ أحبهم ... وما في فؤادي واحدٌ منهم يبقى
امتناع النفس من الرجوع إلى من أبغضته:
العباس:
رد الجبال الرواسي عن أماكنها ... أخف من رد نفس حين تنصرف
وقال:
إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بوجهٍ آخر الدهر تقبل
آخر:
إن قلبي أعز من أن تراه ... في محل الهوى لقلبك عبدا
الراغب في محبوبه:
أبو عيينة:
لقد جعلت تعرض لي سعادٌ ... تعرض من يريد ولا يراد
فقلت لها: كسدت فلا تعني ... بنا فلكل نافقةٍ كساد!
فما لك إن أقمت علي رزقٌ ... ولا لك إن ظعنت علي زاد
وكتب أبو نواس لما خرج من بغداد:
ألا قل لأخلائي ... ومن همت بهم وجدا
شربنا ماء بغداد ... فأنساناكم جدا
خذوا منا فإنا قد ... وجدنا منكم بدا
ولا ترعوا لنا عهداً ... فما نرعى لكم عهدا
كثير:
فإن سأل الواشون: فيم هجرتهم؟ ... فقل: نفس حرٍ سليت فتسلت
التسلي عمن رغب في غيرك:
الخبزارزي:
اذهب وهبتك للذين اخترتهم ... هبة الكريم فإنه لا يرجع
وقال:
ولما بدا لي منك ميل مع العدا ... سواي ولم يحدث سواك بديل
صددت كما صد الرزي تطاولت ... به مدة الأيام وهو قتيل
ابن المعتز:
القلب لا يجمع اثنين ... والغمد لا يجمع سيفين
تاه فأفضيت إلى غيره ... خار إلهي للفريقين
ابن الرومي:
يا ذا الذي منك التنكر والتغير والنبو
إن كان أدركك الملا ... ل فقد تداركني السلو
وقال:
كلانا واجدٌ في النا ... س ممن مله خلفا
أبو الشيص:
إذا لم تكن طرق الهوى لي ذليلةٌ ... تنكبتها وانحزت للجانب السهل
ومالي أرضى منه بالجور في الهوى ... ولي مثله ألفٌ، وليس له مثلي!
المتبجح بالغدر مع أحبابه:
بعضهم:
يا رب مثلك في النساء عزيزةً ... بيضاء قد متعتها بطلاق
لم تدر ما تحت الضلوع وغرها ... مني تحمل شيمتي وخلاقي
من ذكر قلة توفره على الهوى:
يقال: رجل عزهاة إذا لم يكن غزلاً. وقيل في ضده : زير نساء.
البستي:
وللخود مني ساعةٌ ثم بيننا ... فلاةٌ إلى غير الوفاء تجاب
وغير فؤادي للغواني رميةٌ ... وغير بناني للزجاج ركاب
استدعاء القلب إلى التسلي:
المتنبي:
وأعلم أن البين يشكيك بعده ... فلست فؤادي إن رأيتك شاكيا
بشار:
وقد رابني قلبي يكلفني الصبا ... وما كل حين يتبع القلب صاحبه
آخر:
كل اللذاذات والتصابي ... قبل الثلاثين تستطاب
آخر:
كفى سفهاً بالشيب أن يأتي الصبا ... وأن يأتي الأمر الذي هو عائبه
مما جاء في فنون مختلفة من الغزل
شاعر:
إذا اجتمع الجوع المبرح والهوى ... على الرجل المسكين كاد يموت
ابن ميادة:

فيا أهل ليلى أكثر الله فيكم ... من أمثالها حتى تجودوا لنا بها
جميل:
أتوني وقالوا: يا جميل تبدلت ... بثينة أبدالاً فقلت: لعلها!
وعل حبالاً كنت أحكمت عقدها ... أتيح لها واشٍ رقيقٌ فحلها
البحتري:
رأيتك إن منيت منيت موعداً ... جهاماً وإن أبرقت أبرقت خلبا
شاعر:
طلبنا دواء الحب يوماً فلم نجد ... من الحب إلا من يريد مداويا
عبد الله بن طاهر:
وكل محبٍ جفا من يحب ... جفته السلامة والعافية
وله:
ايام لم تلج النوى ... بين العصا ولحائها
الخبزارزي:
ظبيٌ تفلت من حبلي فأوقعني ... في حبله إن في عينيه لي شركا

استفتاء فقيه في الهوى:
أعرابي:
ألا استفتيا المكي ذا الفقه ما الذي ... يحل من التقبيل في رمضان
فقال لي المكي: أما لزوجة ... فسبع، وأما خلة فثمان
أبو العالية:
سل المفتي المكي: هل في تزاورٍ ... وضمة مشتاق الفؤاد جناح
فقال: معاذ الله أن يذهب التقى ... تلاصق أحشاء بهن جراح
من سلكوا في تصرفاتهم مسلك مذاهبهم في صناعاتهم:
قلت: لا أستطيع هجرك قالت: ... صرت بعدي تقول بالإجبار
ما تخليت من مقالة بشر ... بن غياثٍ ومذهب النجار
السعيد بن حميد:
قد قلت بالعذل ولكنني ... عدلت في الحب عن العذل
فقلت بالإجبار مستغفراً ... لله من قولي ومن فعلي
جعفر الخياط:
فتقت بالهجران درز الهوى ... إذ وخزتني إبرة الصد
بعض الزارعين:
زرعت هواه في كرابٍ من الهوى ... وأسقيته ماء الدوام على العهد
وسرقنته بالوصل لم آل جاهداً ... ليحرزه السرقان من آفة الصد
فلما تعالى النبت واخضر يانعاً ... جرى يرقان البين في سنبل الود
آخر حلاج:
حلجت قطن فؤادي بالهوى فغدا ... في الصد تندفه الأحزان بالند
حجام:
حلقت بموسى الغدر ناصية العهد ... وأجريت مشط الهجر في لحية الوجد
وقصصت بمقراض القلى طرة الهوى ... فجبهة رأس الوصل مكشوفة الجلد
الحسن بن أبي قماش وكان بقالاً:
أصبح قلبي بربخاً للهوى ... تسلح فيه فقحة الهجر
وهذا فصل توجد فيه أشعار كثيرة، ولكن لا معنى في افناء الوقت فيما ليس فيه كبير معنى.
ومما قيل في كثرة العتاب:
وكل عتابٍ كان صعباً وضيقت ... مسالكه الجا إلى الكذب السهل
وقد تصقل الأسياف وهي صديئةٌ ... وما كل يوم يبذل السيف بالصقل
وقال:
لولا كراهية العتاب وغنني ... أخشى القطيعة إن ذكرت عتابا
لذكرت من عثراتكم وذنوبكم ... ما لو يمر على الفطيم لشابا
الحد الرابع عشر
في الشجاعة وما يتعلق بها
ما جاء في الشجاعة وأحوالها
حقيقة الشجاعة:
قيل : الشجاعة صبر ساعة. وكتب زياد إلى ابن عباس صف لي الشجاعة والجبن والجود والبخل. فقال: الشجاع من يقاتل من لا يعرفه، والجبان يفر من عرسه، والجواد يعطي من لا يلومه حقه، والبخيل يمنع من نفسه.
شاعر:
يفر جبان القوم عن أم نفسه ... ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه
وسئل فيلسوف عن الشجاعة فقال: جبلة نفس أبية. وقال: الرجال ثلاثة: فارس وشجاع وبطل، فالفارس الذي يشد إذا شدوا، والشجاع الداعي إلى البراز والمجيب داعيه، والبطل الحامي لظهورهم إذا انهزموا.
الأسباب المشجعة:
قال الجاحظ الأسباب المشجعة قد تكون عن الغضب والشراب والهوج والغيرة والحمية، وقد تكون من قوة النفخ وحب الأحدوثة، وربما كان طبعاً كطبع الرحيم والسخي والبخيل والجزوع والصبور ربما كان للدين، ولكن لا يبلغ الرجل للدين ما لم يشيعه بعض ما تقدم، لأن الدين مجتلب مكتسب ولا يكاد يبلغ الطبيعة. وقيل: لا يصدق القتال إلا ثلاثة متدين وغيران وممتعض من ذل.
الوصية بالإقدام وترك الفشل:

قيل: قد جمع الله تعالى في قوله: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً، وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " . جميع ما يحتاج إليه في الحرب. استشير أكثم بن صيفي في حرب أرادوها فقال: أقلوا الخلاف لأمرائكم، واعلموا أن كثرة الصياح من الفشل، والمرء يعجز لا محالة، وادرعوا الليل فغنه أخفى للويل. وكان عظماء الترك يقولون: ينبغي للقائد في الحرب أن يكون فيه أخلاق من البهائم: شجاعة الديك، وحذر الغراب، وغارة الذئب. وقال قبيصة بن مسعود يوم ذي قار يحذر بكر بن وائل: الجزع لا يغني عن القدر، والصبر من أبواب الظفر، والمنية لا الدنية، واستقبال الموت خير من استدباره، والطعن في الثغر أكرم منه في الدبر، وهالك معذور خير من ناج فرور. وقال أبو مسلم لبعض قواده: إذا عارض لك أمر نازعك فيه منازعان أحدهما يبعث على الإقدام والآخر يبعث على الإحجام فأقدم، فإنه أدرك للثأر وأنفى للعار.

الحث على استعمال الخديعة والحيلة والتحرز في الحرب:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة. وقيل: إذا لم تغلب فأخلب. وقال بعضهم: كن بحيلتك أوثق منك بشدتك، وبحذرك أفرح منك بنجدتك، فإن الحرب حرب للمتهور وغنيمة للمتحذر. وقيل: المكر أبلغ من النجدة. ومما كتب معاوية إلى مروان لما بلغه قتل عثمان رضي الله عنه: إذا قرأت كتابي فكن كالفهد لا يصطاد إلا بغليلة، ولا يساور غلا عن حيلة، وكالثعلب لا يغلب إلا روغاناً، واخف نفسك عنهم اخفاء القنفذ رأسه عن لمس الأكف، وامتهن نفسك امتهان من ييأس القوم من نصره، وابحث عن أخبارهم بحث الدجاجة عن حب الدخن عند نفاسها. وقيل: حازم في الحرب خير من ألف فارس، لأن الفارس يقتل عشرة وعشرين، والحازم قد يقتل جيشاً بحزمه وتدبيره.
حث من دعي إلى المبارزة على الإجابة:
قال أمير المؤمنين رضي الله عنه لبعض بنيه: لا تدعون أحداً إلى البراز ولا يدعونك أحد إلا أجبته، فالداعي باغ والباغي مصروع.
قال طرفة:
إذا القوم قالوا: من فتى؟خلت أنني ... دعيت فلم أكسل ولم أتبلد
وقال:
إن كان في الألف منا واحدٌ فدعوا ... من فاز خالهم إياه يعنوننا
دعبل:
من معشر إن تدعهم لملمةٍ ... وصلوا الحياة إلى العلى بحديد
المنازل وقت المنازلة:
المهلهل:
لم يطيقوا أن ينزلوا فنزلنا ... وأخو الحرب من يطيق النزولا
وقال:
يطعنهم ما ارتموا حتى إذا اعتنقوا ... ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا
وقال:
جعلت يدي وشاحاً له ... وبعض الفوارس لا يعتنق
الحث على الثبات والنهي عن الإحجام والفكر في العواقب:
قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار: . وقال: " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً " وقيل: السلامة في الإقدام والحمام في الإحجام.
قطري:
لا يركنن أحدٌ إلى الإحجام ... متخوفاً يوم الوغى لحمام
الكلبي:
إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت ... حبال الهوينا بالفتى أن تقطعا
وقال أبو بكر لخالد بن الوليد رضي الله عنهما لما أخرجه لقتال أهل الردة: احرص على الموت توهب لك الحياة، وقيل: من تفكر في العواقب لم يشجع. ولما أحست امرأة ربيعة بن مكدم بهربه قالت:
مساءةٌ ترك الفتى نساءه ... حتى يبل من دمٍ أنساءه
الحث على التفكر قبل التقدم:
قيل: الإتيان بالتندم لا يغني بعدم التقدم. وقيل: من قاتل بغير نجدة، وخاصم بغير حجة، وصارع بغير قوة فقد أعظم الخطر وأكبر الغرر.
إذا ما أردت الأمر فاذرعه كله ... وقسه قياس الثوب قبل التقدم
لعلك تنجو سالماً من ندامةٍ ... فلا خير في أمرٍ أتى بالتندم
المتبجح بثباته:
قيل لأمير المؤمنين رضي الله عنه: أنت محرب مطلوب فلو اتخذت طرفاً فقال: لا أفر عمن كر ولا أكر على من فر فالبغلة تكفيني. وقيل لعباد بن الحصين: فأين نطلبك؟فقال: حيث تركتموني. وقيل لبعض بني المهلب: بم نلتم ما نلتم؟قال: بصبر ساعةً. وقال هدية:

أخو الحرب من لا يجتويها إذا اجتوت ... ولا يظهر الشكوى وإن كان موجعا
وقال:
قومٌ إذا نزلوا الوغى لم يسألوا ... حذر المنية عن طريق الهارب
آخر:
ولا يرتقي من خشية الموت سلما
أبو فراس:
صبورٌ ولو لم تبق مني بقيةٌ ... قؤولٌ ولو أن السيوف جواب
وقورٌ وأحداث الليالي تنوشني ... وللموت حولي جيئةٌ وذهاب

المبادر إلى الحرب غير مبال بها:
وصف أعرابي قوماً فقال: ما سالوا قط كم القوم، وإنما يسألون أين هم؟سأل رجل يزيد بن المهلب فقال: صف لي نفسك، فقال: ما بارزت أحداً إلا ظننت أن روحه بيدي. ولما بلغ قتيبة حد العين قيل له: قد أوغلت في بلاد الترك والحوادث بين أجنحة الدهر تقبل وتدبر. فقال: بثقتي بنصر الله توغلت، وإذا انقضت المدة لم تنفع العدة. فقال الرجل: اسلك حيث شئت فهذا عزم لا يفله إلا الله.
السلامي:
أتى القدر المتاح فلا اصطبار ... يرد شباه عنك ولا فرار
وليس تقدمي حرقاً ولكن ... لغير الحرب تدخر الوقار
وقال:
إذا فاجأته الخيل لم ينتظر بها ... لحاق الرجال واجتماع المقاتب
وقيل لعبدالملك: من أشجع العرب في شعره؟فقال: عباس بن مرداس حيث يقول:
أشد على الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها؟
وقيس بن الحطيم حيث يقول:
وإني في الحرب العوان موكلٌ ... بإقدام نفسٍ لا أريد بقاءها
والمزيني حيث يقول:
دعوت بي قحافةٌ فاستجابوا ... فقلت ردوا فقد طاب الورود
أم الهيثم التميمية:
تمشي إلى أسل الرماح وقد ترى ... سبب المنية مشية المختال
أخذه بعض المحدثين فقال:
شبهت مشيتها بمشية ظافرٍ ... يختال بين أسنةٍ وسيوف
كلفٍ تناهت نفسه عن نفسه ... لما انثنى بسنانه المرعوف
البحتري:
تسرع حتى قال من شهد الوغى: ... لقاء أعادٍ أم لقاء حبائب
المتوصل إلى الشدة بالرخاء:
قيل: نيل المعالي هول العوالي، ودرك الأحوال في ركوب الأهوال. بالصبر على لبس الحديد تتنعم في الثوب الجديد، في الصبر على النوائب ادراك الرغائب. رب قعدة تمنع قعدات، وأكلة تمنع أكلات.
الطائي:
ولم تعطني الأيام يوماً مسهداً ... ألذ به غلا بنومٍ مشرد
وقال يزيد بن المهلب يوماً لجلسائه: أراكم تعنفوني في الإقدام. فقالوا: أي والله إنك لترمي نفسك! فقال: إليكم عني فوالله لم آت الموت في حبه ولكني آتيه من بغضه، ثم تمثل:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياةً قبل أن أتقدما
المخوف منه:
قيل: كانت قريش إذا رأت أمير المؤمنين في كتيبة تواصت خوفاً منه. ونظر إليه رجل وقد شق العسكر فقال: قد علمت أن ملك الموت في الجانب الذي فيه علي.
تثير الجيش:
بعث أمير في طلب قوم رجلاً فما لبث أن جاءه برجل أطول ما يكون. فقال: كيف تمكنت منه؟فقال: وقع في قلبي أن آخذه، ووقع في قلبه أنه مأخوذ، فنصرني عليه وخوفه وجراءتي. وقيل لأمير المؤمنين: بم غلبت الأقران؟قال: بتمكن هيبتي في قلوبهم.
المؤتمر له الوغى والردى:
كلثوم:
قداح المنايا في يديه يجيلها
الفرزدق:
أظله منك حتفٌ ظل يرقبه ... حتى يؤامر فيه رأيك القدر
دعبل:
هم المتخيرون على المنايا ... نفوس ذوي الرياسة باقتراح
سلم الخاسر:
كأن المنايا جارياتٌ بأمره
المتني:
ويستعظمون الموت والموت خادمه
الموفي على جماعة والغالب لهم:
قيل للإسكندر: عن في عسكر دارا ألف مقاتل. فقال: إن القصاب الحاذق ولو كان واحداً لا يهوله كثرة الغنم.
فواحدهم كالألف بأساً ونجدةٌ ... وألفهم للعجم والعرب قاهر
وقيل لجنية بنت رباح: أعشرة هذرة أحب إليك أم ثلاثة كعشرة؟فقالت: ثلاثة كعشرة. فولدت بني جعفر.
الموسوي:
قلوا على كثرة العدو لهم ... كم عدد لا يعد في العدد!
هو من قول أبي تمام:
قلوا ولكنهم طابوا فأنجدهم ... جيشٌ من الصبر لا يحصى لهم عدد

قال الحسن: ما ظننت أن رجلاً يفضل ألفاً حتى رأيت عباد بن الحصين فإنه حاصر مدينة بكابل فثلمها ثلمة، وكان يقاتل عليها ألف فقاتلهم وحده ليله حتى أصبحوا، ومنعهم من حفظها وسدها، وبعث بنو حنيفة بالفند حين طلب بنو ثعلبة نصرة وقالوا: قد بعثنا إليكم ألف فارس، وكان يقال له عديد الألف، فلما ورد قالوا له: أين الألف؟قال: أنا!فلما كان الغد وبرزوا، حمل على ألف فارس مردف فانتظمهم.

المشبه بالأسد:
هو أشد صولة من أسد وأبلغ منعة من الحصن الحصين.
كالليث لا يثنيه عن إقدامه ... خوف الأذى وقعاقع الأعداء
وقال ابن الأعرابي: أحسن بيت في الحرب قول الشاعر:
كأن الجو محفوفٌ بنارٍ ... وتحت النار آسادٌ تزور
زهير:
ليثٌ بعثر يصطاد الرجال إذا ... ما الليث كذب عن أقرانه صدقا
وصف أعرابي آخر فقال: هو أشد إقداماً من أسد، وتوثباً من فهد، واختطافاً من حدأة، ومن عقاب ملاح.
جلد ابتلي به:
في المثل: إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً وقيل: إن الحديد بالحديد يفلح
المتشمر في الشدائد:
قال علقمة:
فلا يغرنك مني الثوب أسحبه ... إني امرؤٌ في عند الجد تشمير
وقال:
طيات طاوي الكشح لا ... يرخي لمظلمةٍ إزاره
المتحمل للشدائد الصابر لها:
وصف رجل آخر فقال: كان ركوباً للأهوال غير ألوف للظلال. قال أعرابي لوالٍ: اجعلني زماماً من أزمتك التي تجر بها العدو، فإني ممن يتخذ الليل جملاً في أثر العدو، وأتدرع ظلامه لا نكول ولا أكول. وقيل: فلان شديد الحجزة أي الصبر على الشدة.
الأقرع:
ونكبةٍ لو رمى الرامي بها حجراً ... أصم من حجر الصوان لانصدعا
مرت علي فلم أطرح لها سلبي ... ولا استكنت لها وهناً ولا جزعا
الموسوي:
وكم عجموني فانسللت مهذباً ... وأثر عودي في نيوب الأعاجم
الموصوف بالقوة:
أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل يستحمله فقال له: خذ لك بعيراً، فأخذ بذنب بعير من إبل الصدقة فجذبه فاقتلعه، فتعجب من قوته فقال: هل رأيت أقوى منك؟قال: نعم خرجت بامرأة من أهلي أريد بها زوجها، فنزلنا منزلاً أهله خلوف، فأقبل رجل ومعه ذود فضرب إلى الحوض فساورها، فنادتني فما انتهيت إليها حتى خالطها، فجئت لأدفعه عنها فأخذ برأسي بين جنبه وعضده، فما استطعت حركةً حتى قضى حاجته ثم استلقى، فقالت المرأة: أي فحل هذا لو كان لنا منه سخلة؟فأمهلته حتى امتلأ نوماً فقمت إليه بالسيف فضربت ساقه فأبنتها فانتبه فتناول رجله فرماني بها فأشواني وأصاب رأس بعيري فقتله. فقال عمر: ما فعلت المرأة؟فقال: هذا حديث الرجل، فكرر السؤال عليه فلم يزده على هذا فظن أنه قتلها. وكان الوليد شديد القوة، وكان يؤتى بسلسلة من حديد وفيها حبل فيشده في رجله، ويؤتى بالدابة فيثب عليها وثبة واحدة ولا يمسها بيده فيقطع السلسلة. فقال لأصحابه يوماً: هل تعلمون من أصرع مني؟قالوا : نعم، رجل بخراسان. فأحضره وقال: أريد أن تصارعني وإن حابيتني قتلتك. فصارعه فحمله ووضعه فوق دسته وقال: أنت ههنا أحسن، دع راعيتك يتصارعون بين يديك ولا تدخل معهم فيما لك عنه مندوحة.
شاعر:
وما ولدت أمي من القوم عاجزاً ... ولا كان ريشي من ذنابي ولا لغب
الممدوح بقوة نفسه دون جسمه:
قيل: الكرام أصبر نفوساً واللئام أصبر أبداناً؛ومنه أخذ أبو تمام قوله:
والصبر بالأرواح يعرف فضله ... صبر الملوك وليس بالأجسام
وقال:
وإني للقوي على المعالي ... وما أنا بالقوي على الصراع
وقال:
لا قوتي قوة الراعي قلائصه ... يأوي فيأوي إليه الكلب والربع
وقال معاوية: ما كان في الشبان شيء إلا وكان في منه مستمتع، إلا أني لم أكن نكحة ولا صرعة.
من لا يتألم من شدة:
قال: لا يألم الشر حتى يألم الحجر
المتبرم للحرب:
شاعر:
يا بؤس للحرب التي ... وضعت أراهط فاستراحوا
وقال:
ما ذاق هماً كالشجاع ولا خلا ... بمسرة كالعاجز المتواني
سيف الدولة:
كأنما الغزو مفروض علي سرى ... من يملك الأرض أوساطاً وأطرافا
فرسان العرب:

قال أبو عبيدة: فرسان العرب المجمع عليهم دريد بن الصمة وعنترة العبسي وعمرو بن معدى كرب، وقد عد من أكابرهم عامر بن الطفيل وعتيبة وعنبسة بن الحارث وزيد الفوارس، والحارث بن ظالم وعباس بن مرداس وعروة بن الورد، ومن فتاك الجاهلية الحارث بن ظالم والبراض بن قيس وتأبط شراً وحنظلة بن فاتك الأسدي. ومن رجالاتهم أوفى بن مطر المازني وسليك بن السلكة والمنتشر بن وهب الباهلي، وكل واحد منهم كان أشد عدواً من الظبي، وربما جاع أحدهم فيعدو إلى الظبي فيأخذ بقرنه، ولا يحملون زاداً. وكان أحدهم يأخذ بيض النعام في الربيع، فيجعل فيه ماء ويدفنه في الفلاة حيث يغزو، حتى يكون له في الصيف إذا سلك ذلك الطريق، ومنهم الشنفري.

المتفادي من التعرض له:
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: فلان مضغني فلما ضرسته لفظني.
طوال قنى تطاعنها قصار ... وقطرك في وغى وندى بحار
وقال:
إن الرماح وإن طالت ذوائبها ... من العدى تتواصى عنه بالقصر
من لا يخضع في شدة:
قيل لأعرابي اشتد به المرض: لو تبت. قال: لست أعطي على الذل، إن عافاني الله تبت، وإلا أموت هكذا:
لا يخرج القسر مني غير معصيةٍ ... ولا ألين لمن لا يبتغي ليني
وقال شداخ:
أبينا فلا نعطي مليكاً ظلامة ... ولا سوقةً إلا الوشيج المقوما
وسأل عمر بن عبد العزيز ابن ابي مليكة عن عبد الله بن الزبير فقال: ما رايت نفساً أثبت من نفسه، مر حجر من المنجنيق وهو قائم يصلي بين جنبه وصدره، فما خشع له بصره وما قطع قراءته ولا ركع دون الركوع. وعن أمه: أنها دخلت عليه في بيته وهو قائم يصلي، فسقطت حية فتطوقت بابنه هاشم، فتصايح أهل البيت بها حتى قتلوها، وعبد الله قائم يصلي فما التفت ولا عجل، فلما فرغ قال: ما بالكم؟
المتاني:
قال خارجة:
قومٌ إذا شومسوا لج الشماس بهم ... ذات العناد وإن ياسرتهم يسروا
المؤثر الموت في العز على الحياة في الذل:
هيم إلى الموت إذا خيروا ... ما بين تبعاتٍ وتقتال
ولما وقعت الهزيمة على مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، أهاب بالناس أن يرجعوا فلم يلووا. فانتضى سيفه وقاتل قتال مستقتل، فقيل له لا تهلك نفسك ولك الأمان. فتمثل بأبيات قالها الحسين رضي الله عنه يوم قتل وهي:
أذل الحياة وذل الممات ... وكلاً أراه طعاماً وبيلا
فإن كان لا بد إحداهما ... فسيري إلى الموت سيراً جميلا
أبو تمام:
يرى العلقم المأدوم بالعز أريةً ... يمانيةً والأري بالذل علقما
المتنبي:
فاطلب العز في لظى وذر الذل ... ولو كان في جنان الخلود
الموسوي:
فعاف المنايا وامتطى الموت شامخاً ... بمارن أنفٍ لا يذل لخاصم
منصور بن باذان:
فعش ما تعيش عزيز البقاء ... فعزك خيرٌ وإن قيل بل
فطول الحياة على ذلةٍ ... لعمرك عندي حياة السفل
وكل مساع له همةٌ ... من الناس إلا قصير الأجل
النهي عن مخافة القتل والحث على تصور الموت والتمدح بذلك:
قيل لعلي رضي الله عنه: أتقاتل أهل الشام بالغداة، وتظهر في العشي في ثوب ورداء؟فقال: أبالموت أخوف؟والله ما أبالي أسقطت على الموت ام سقط الموت علي!وقد أحسن المتنبي في قوله:
إذا غامرت في شرفٍ مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم
وفي قوله:
ترى الجبناء أن العجز عقلٌ ... وتلك خديعة الطبع اللئيم
وقوله:
فلو أن الحياة تبقى لحي ... لعددنا أضلنا الشجعانا
وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز ان تموت جبانا
أبو فراس:
تهون علينا في المعالي نفوسنا ... ومن خطب العلياء لم يغله المهر
قوم تسلط عليهم القتل فلم يغنهم:

قال المهلب: ليس شيء أنمى من سيف، فوجد الناس تصديق ذلك، فما نال السيف أنمى عدداً ولا أكرم ولداً منهم، قال الله تعالى: " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " . وقال الحجاج لامرأة من الخوارج: والله لأحصدنكم حصدا!فقالت: أنت تحصد والله يزرع، فانظر أين قدرة المخلوق مع قدرة الخالق، ولم يظهر من عدد القتلى ما ظهر في آل أبي طالب وآل مهلب، وفيهم من الكثرة ما ترى.
شاعر:
إذا فرج القتل عن غيظهم ... أبى ذلك الغيظ إلا التقافا
وقيل: أربعة يسرع الخلف إليها: الحرق والقتل والتزويح والحج.

من لم يبال أن يقتل:
قال عبد الله بن مسعود: عثرت بأبي جهل في الجرحى وقد قطعت يده ورجله، فقلت: يا عدو الله وعدو رسوله. فقال: سيفك كهام فهاك سيفي فحز رأسي من عرشي فإنه أهون عند من يراه. وأسرت أم علقمة الخارجية وأتي بها إلى الحجاج، فقيل لها وافقيه في المذاهب فقد يذهب الشرك بالمكر. فقالت: قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين. فقال لها: قد خبطت الناس بسيفك يا عدوة الله خبط عشواء. فقالت: لقد خفت الله خوفاً صيرك في عيني أصغر من ذباب. وكانت منكسة فقال: ارفعي رأسك وانظري إلي. فقالت: أكره أن أنظر إلى من لا ينظر الله إليه. فقال: يا أهل الشام ما تقولون في دم هذه؟قالوا: حلال!فقالت: لقد كان جلساء أخيك فرعون أرحم من جلسائك، حيث استشارهم في أمر موسى فقالوا أرجه وأخاه، فقتلها. وكان حكيم بن حنبل قطعت رجله يوم الجمل فأخذها وزحف بها على قاطعها فقتله.
وقال:
يا نفس لا تراعي ... إن قطعت كراعي
- إن معي ذراعي وقال أعرابي لابنه وقد قدم للقتل: يا بني اضعف قدميك واصرر أذنيك، ودع ذكر الله تعالى في هذا الموضع فإنه فشل.
الجواد بنفسه في الحرب المستعد للموت:
بعض بني نهشل:
إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا ... ولو نسام بها في الأمن أغلينا
الخنساء:
نهين النفوس وهون النفو ... س يوم الكريهة أوفى لها
ونحوه للموسوي:
ولا تبذلن النفس حتى أصونها ... وغيري في قيدٍ من البذل يرسف
آخر:
رخيصٌ عنده المهج الغوالي ... كأن الموت في فكيه شهد
أبو تمام:
يستعذبون مناياهم كانهم ... لا يخرجون من الدنيا إذا قتلوا
عبد الله بن عيينة:
وإني من قومٍ كأن نفوسهم ... بها أنفٌ أن تسكن اللحم والدما
تصبر النفس في الحرب:
شريح العبسي:
أقول لنفسٍ لا يجاد بمثلها: ... أقلي نزاعاً إنني غير مدبر
الفرزدق وقد لقيه السد:
لما سمعت له هماهم أجهشت ... نفسي إلي تقول: أين فراري؟
فربطت نفرتها وقلت لها: اصبري ... وشددت في ضنك المقام إزاري
أبو تمام:
وحن للموت حتى ظن مبصره ... بأنه حن مشتاقاً إلى وطن
لو لم يمت تحت أسياف العدا كرماً ... لمات إذ لم يمت من شدة الحزن
البحتري:
تسرع حتى ظن من شهد الوغى ... لقاء أعادٍ أم لقاء حبائب
المستأنف من موته حتف أنفه:
بكر بن عبد العزيز:
إن موت الفراش ذلٌ وعار ... وهو تحت السيوف فضلٌ شريف
عبد الملك الحارثي وأجاد:
وما مات منا سيدٌ حتف أنفه ... ولا طل منا حيث كان قتيل
تسيل على حد السيوف نفوسنا ... وليس على غير السيوف تسيل
أبو فراس:
متى ما يدن عن أجلٍ كتابي ... أمت بين الأسنة والأعنه
الموسوي:
ويستحسنون الموت والموت راحةٌ ... وأتعب ميتٍ من يموت بداء
مخاوض الحرب مقتول لا محالة:
تأبط شراً:
ومن يغر بالأعداء لا بد أنه ... سيلقى بهم من مصرع الموت مصرعا
آخر:
ومن يكثر التطواف في جند خالدٍ ... لدى الروم مصبوباً عليه دروعها
فلا بد يوماً أن تحدث عرسه ... إذا حدثت يوماً حديثاً يروعها
ابن الرومي:
ومن لا يزل ستين يوماً فريسةً ... يرى قمناً أن لا يرى منه سالما
آخر:
إن الشجاعة مقرونٌ بها العطب
قصد العدا مجاهرة:

أشار على الإسكندر أصحابه أن يبيت الفرس فقال: ليس من الإنصاف أن أجعل علبتي سرقة.
المتنبي:
إذا انتقموا أعلنوا أمرهم ... وإن أنعموا أنعموا باكتتام
السري:
ويجعل بشره نذر الأعادي ... فيبعثها يميناً أو شمالا
ولم ينذرهم مقةً ولكن ... ترفع أن ينالهم اغتيالا

الفتك:
وما انفك ما شاورت فيه ولا الذي ... تخبر من لاقيت أنك فاعله
الحارث بن ظالم:
علوت بذي الحيات مفرق راسه ... وهل يركب المكروه إلا الأكارم
فتكت به لما فتكت بخالدٍ ... وكان سلاحي يحتويه الجماجم
المتعود ملازمة الحرب والمكنة:
أبو تمام:
لحياضها متوردٌ ولخبطها ... متعودٌ وبدرها ملبون
ربيعة بن مقروم:
وثغرٍ مخوفٍ أقمنا به ... يخاف به غيرنا ان يقيما
الضاحك في الحرب والعابس فيها:
توصف الحرب تارة ببشاشة الوجه وطلاقته نحو قول النميري:
يفتر عند لقاء الحرب مبتسماً ... إذا تغير وجه الفارس البطل
وقول صاحب البصرة:
كأن دنانيراً على قسماتهم ... إذا الموت للأبطال كان نحاسا
الموسوي:
إذا عصفر الخوف ماء الوجوه ... تراها من الخوف حمر الوسام
وتوصف تارة بالعبوس؛قال أبو تمام:
قد قلصت شفتاه من حفيظته ... فخيل من شدة التعبيس مبتسما
المقاتل عن حريمه:
ليم الإسكندر في مباشرته الحرب بنفسه فقال: ليس من الإنصاف أن يقتل قومي عني وأترك المقاتلة عنهم وعن أهلي ونفسي.
عنترة:
ومرقصةٍ رددت الخيل عنها ... وقد همت بإلقاء الزمام
وقيل للحسن: ما تقول فيمن سبى امرأة ولها زوج؟وكان عنده الفرزدق فقال: هل قلت في هذا شيئاً؟قال: نعم
وذات حليلٍ أنكحتها رماحنا ... جهاراً بأيدينا ولما تطلق
فقال الحسن: أصبت كنت أرى أنك أشعر مني فإذا أنت أفقه! شاعر:
يا رب من يبغض أذوادنا ... رحن على بغضائه واغتدين
لو نبت المرعى على أنفه ... لرحن منه أصلاً قد رعين
سلم الخاسر:
يرمى الفجاج به أغر محجلاً ... جعل السيوف مناكحاً وطلاقا
أخذه من مسلم:
إذا ما نكحنا الحرب بالبيض والقنا ... جعلنا المنايا والرماح طلاقا
زياد الأعجم:
صفان مختلفان حين تلاقيا ... آبا بوجه مطلقٍ أو ناكح
سد الثغور:
دعبل:
هو الجاعل البيض القواطع والقنا ... كعاماً لأفواه الثغور الفواغر
قصد الغارات بالإبل والأفراس:
كان العرب إذا قصدوا غارةً ركبوا الإبل وجنبوا الخيل، فإذا انتهوا إلى المعركة ركبوا الخيل.
شاعر:
أولى فأولى بامرىء القيس بعدما ... خصفن بآثار المطي الحوافر
وذكر أعرابي قوماً تبعوا ناساً أغاروا عليهم فقال: احنثوا كل جمالية عيرانة، فما زالوا يخصفون أخفاف المطي بحوافر الخيل حتى أدركوهم بعد ثلاثة، فجعلوا المران أرشية الموت فاستقوا به أرواحهم.
الشريف الموسوي:
إذا مشق الحتف فوق البطا ... ح وقع فيهن بالحافر
المعاود للغارات الجاني للحروب:
الحارث بن أبي شمر:
ما أن تجف لبودها من غارةٍ ... حتى تعاود للحروب غوائرا
وقيل: فلان يلقح الحرب الكشاف ويمتري من درها السم الزعاف.
بشار:
إذا الحرب قامت بهم شمروا ... وكانوا أسنةً خرصانها
المستنكف من السلب:
أعشى همدان:
وأرى مغانم لو أشاء حويتها ... فيصدني عنها حياً وتعفف
وقتل أمير المؤمنين رجلاً فأراد قنبر أن يأخذ سلبه فقال: يا غلام لا تعر فرائي.
عنترة:
أغشى الوغى وأعف عند المغنم
آخر:
يغشى الغوالي ولا يلوي على سلب
أبو تمام:
إن الأسود أسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب
العاجز أعاديه عن إصلاح ما أفسده وعكسه:
علي بن جبلة:
يأسو الذي يجرح أعداؤه ... وما لهم من جرحه آس
الكميت:
لا يهدم الناس ما تبني أكفهم ... من الفعال ولا يبنون ما هدموا
المتنبي:

لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ... ولا يهيضون عظماً أنت جابره
أشجع:
ولا يرفع الناس من حطه ... ولا يضع الناس من يرفع

وصف الشبان والكهول في الحرب:
قال رجل لرجل: لأغزونك بمرد على جرد. فقال: لألقينك بكهول على فحول.
تفضيل الشبان في الحرب:
طاهر بن الحسين:
هيب إذا لم يكن حرب بمكتهلٍ ... مجرب قوله يكفي من العمل
وأغش اللقاء إذا كان اللقاء به ... سفك الدما بحديث السن مقتبل
فإذا ذا السن يلقى حتفه أبداً ... ممثلاً بين عينيه من الوجل
وذو الشباب له شأوٌ يماطله ... فلا يزال بعيد الهم والأمل
الخيول السريعة في الحرب:
بعضهم:
جن الرجال على ظهورٍ سعالى
كثير:
صقورٌ على أثباج جرد قوابسٍ ... وأسدٌ إذا ما كان يومٌ نزولها
المتنبي:
أتاهم بها حشو العجاجة والقنا ... سنابكها تحشو بطون الحمالق
تعويد الفرس في حبسه في المعركة:
النابغة:
ونحن أناسٌ لا نعود خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وتنكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى تحسب الجون مشقرا
فلا نحن معروفٌ لنا أن نردها ... صحاحاً ولا مستنكرٌ أن تعقرا
أبو تمام:
تقاسمنا بها الجرد المذاكي ... سجال الكر والدأب العتيد
إذا خرجت من الغمرات قلنا: ... خرجت حبائساً إن لم تعودي
كثرة الجيش:
كجنح الليل أردف بالغيوم
آخر:
بجمهورٍ يحار الطرف فيه ... يظل معضلاً فيه الفضاء
صاحب البصرة:
بجمعٍ مثل سدل الليل منظوم من الربد
المتنبي:
بجيشٍ لهام يشغل الأرض جمعه ... عن الطير حتى ما يجدن منازلا
السري:
ومثلومة الأقطار حشو فجاجها ... عناق المذاكي والوشيج المقوم
المتنبي:
قشيرٌ وبلعجلان فيها خفية ... كراءين في ألفاظ الثغر ناطق
وقيل: زحف ككر العارض المنهل وكدفاع الآتي المرسل، فهو يتطالع من غور وأنجاد ويظهر من اقتراب وابتعاد.
وكالسيل أو كالليل أو عدد الحصى ... سالت بطاحهم بالجرد اللهاميم
كثرة الجيش والأسلحة:
بذي لجبٍ أزب من العوالي
النجاشي:
وعراصة براقةٍ ضوؤها دمٌ ... يكشف عن برقٍ لها الأفقان
قيس بن الحطيم:
إنك تلقى حنظلاً فوق بيضنا ... تدحرج عن ذي ساحة المتقارب
المتنبي:
يمنعها أن يصيبها مطرٌ ... شدة ما قد تضايق الأسل
مما جاء في التهديد
من هدده السلطان فاستعان بالله:
لقي الحجاج محمد بن الحنفية فقال له: نفسك فلأريقن دمك!فقال محمد: إن لله في كل يوم كذا وكذا ألف نظرة يقضي في كل نظرة كذا وكذا ألف أمر، فعسى أن يشغلك بأمره.
من هدده سلطان فاعتذر وأظهر المخافة:
كتب ذو الرياستين إلى طاهر بن الحسين: يا نصف إنسان والله لئن أمرت لأنفذن، ولئن أنفذت لأبرق، ولئن أبرمت لأبلغن!فأجابه طاهر: أنا أعزك الله كالأمة السوداء، إن حمل عليها تدمدمت، وإن رفع عنها أشرت، وإن عوقبت فباستحقاق، وإن عفي عنها فبإحسان.
تهديد سلطان شديد الوطأة:
خطب الحجاج فقال: أيها الناس من أعياه داؤه ومن استعجل أجله فعلي أن اعجله، إن الحزم والجد ألبساني سوء ظني وجعلا سيفي سوطي، فنجاده في عنقي وقائمه في يدي. وقطع بنو عمرو بن حنظلة الطريق فكتب إليهم: أما بعد فإنكم استنكحتم السمن فنسلتم الفتن، وإني أقسم بالله لئن عاودتم الظلم وسعيتم في الإثم لأبعثن إليكم خيلاً تدع نساءكم أيامى، وأولادكم يتامى، فأيما رفقة وردت ماء قوم لكم فأهل الماء ضامنون لها، إن تجاوزتم إلى ماء غيرهم تقدمة مني إليكم إنذاراً لكم، فالإتنقام يعقب العفو والإنذار لا بقية معه، والسلام. وأحضر عبد الملك بن صالح للرشيد من حبسه، فلما مثل بين يديه أنشد الرشيد:
أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد

والله لكاني أنظر إلى شبوبها وقد همع، وإلى عارضها وقد لمع، وكأني بالوعيد وقد أورى ناراً فأقلع عن براجم بلا معاصم، ورؤوس بلا غلاصم!مهلاً بني هاشم فبي سهل الوعر وصفا الكدر، وألقت إليكم الأمور أزمتها، فحذار من حلول داهية خبوط باليد لبوط بالرجل. فقال عبد الملك: إتق الله فيما ولاك وراقبه فيما استرعاك، ولا تجعل الكفر موضع الشكر والعقاب موضع الثواب، ولا تقطع رحمك بعد صلتها وقد جمعت القلوب على محبتك، وأذللت همم الرجال لطاعتك وكنت كما قال:
ومقامٍ ضيقٍ فرجته ... بلسانٍ وبيانٍ وجدل
لو يقوم الفيل أو فياله ... زل عن مثل مقامي وزحل

حث من تعرض لك أن يجربك:
قال جرير يخاطب عياش بن الزرقاني:
أعياش قد ذاق المنون مرارتي ... وأوقدت ناري فادن ويلك فاصطل!
ابن أبي عيينة:
سيعلم إسماعيل أن عداوتي ... له ريق أفعى لا يصاب دواؤها
سنان بن أبي حارثة:
قل للمقوم وابن هندٍ بعده: ... إن كنت رائم عزنا فاستقدم
تلق الذي لاقى العدو وتصطبح ... كأساً صبابتها كسم العلقم
من أوعد وقدم الإنذار:
كتب إبراهيم بن العباس الصولي إلى أهل حمص: أما بعد فإن أمير المؤمنين يرى من حق الله تعالى استعمال ثلاث تقدم بعضهن على بعض: الأولى تقديم تنبيه وتوقيف، ثم ما يستظهر به من تحذير وتخويف، ثم التي لا ينفع لحسم الداء غيرها.
أناة فإن لم تغن عقب بعدها ... وعيداً فإن لم يجد أغنت عزائمه
آخر:
لئن عدت والله الذي أنا عبده ... منحتك مصقول الغرارين أبرقا
فإن دواء الجهل أن تضرب الطلى ... وأن يغمس العريض حتى يغرقا
الموسوي:
فهذا دواء سطوتي من ورائه ... وعنوان ناري أن يبين دخاني
من أوعد صاحبه على أن يحمله على حالة صعبة:
سنان بن أبي حارثة:
وإني لشر الناس إن لم ابثهم ... على آلة حدباء ناتئة الظهر
ابن أبي عيينة:
دعني وأبا خالدٍ ... فلأقطعن عرى نياطه
عبد المدان:
ولست لحرةٍ إن لم تروني ... أمر لكم قوى امرٍ جسيم
آخر:
ذروني ذروني ما كففت فإنني ... متى ما تهيجوني تميد بكم أرضي
وأنهض في سرد الحديد عليكم ... كتائب سوداً طالما انتظرت نهضي
من يناوبه من لا يبالي به:
أبرق رجل لآخر وأرعد فلما زاد أنشد:
قد هبت الريح طول الدهر واختلفت ... على الجبال فما نالت رواسيها
الفرزدق:
ما ضر تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران
وقال:
وكان ككلبٍ حين ينبح كوكبا
ابن المعتز:
وكنت كرامي كوكبٍ ببصاقه ... فرد عليه وبله ومواطره
تهدد من لا يبالي بتهدده:
قال مقاتل بن مسمع لعباد بن الحصين: لولا شيء لأخذت رأسك. فقال: أجل ذلك الشيء سيفي وقال:
تواعدني لتقتلني نميرٌ ... متى قتلت نميرٌ من هجاها
ابن أبي عيينة:
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري ... أطنين أجنحة الذباب يصير؟
جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً ... أبشر بطول سلامةٍ يا مربع!
آخر:
تعرض لي ذبيان من لو لقمته ... بيومٍ برازٍ لم يسد لهاتي
لو أن هبوب الريح يجعلكم قذى ... لأعيننا ما كنتم بقذاة
واجتمع قوم على قدري بنعالهم فقال: والله لأملأنها عليكم خيلاً. فقال له أبوه: رجالك انا وخيلك حمارك فبم تصول؟وكتب بعض الكتاب: أتهذر بي وما لك من المقدار ما كوطأة ذرة على صلد صخرة؟ومن فصل لابن أبي البغل: وما الذباب وما مرقبه، ومتى ساءت الجماء ناطحت القرناء، والفراش لعبت بالنار، والسانح قابلت الدبور، والمهيج تعرض لريب المنون، والأعناق مالت إلى السيوف، والآجال اغترت بالحتوف، ومتى ساء أبو الفضل تعرض لابن أبي البغل.
من يتهدد بظهر الغيب ولا يغني غناءً:
عنترة:
وموعدين بظهر الغيب من شمسٍ ... إذا التقينا نبت عني مكاويها
آخر:
كالصدى يسمع منه صوته ... فإذا طلبته لم يستبن
بعض القدماء:

وما لك اصرة إلا وعيدٌ ... وهمهمةٌ كما رعد الخريف
عنترة:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر ... للحرب دائرةٌ على ابني ضمضم
الشاتمي عرضي ولم أشتمها ... والناذرين إذا لقيتهما دمي
وحكي عن أبي عمرو بن العلاء قال: انصرفت من الجامع في الهاجرة فلقيني عيار قد جرد سكيناً، فوضعها تجاه قلبي وقال: كيف تروي بيتي عنترة؟فأنشدتهما كمل تقدم. فقال: والله لولا أخشى ان أفجع فيك أهل الأرض لقتلتك، ما كان عنترة يستجدي هذا الاستجداء، إنما قال الطائي:
الشاتمي عرضي بما هو فيهما ... والناذرين إذا لقيتهما دمي
أبو زيد:
تبادروني كأني في أكفهم ... حتى إذا ما رأوني خالياً فزعوا
القرمطي:
تتمناني إذا لم ترني ... فإذا جئت قطعت القنطرة
يا بني عباس من ينصركم ... أصبيٌ أم خصيٌ أم مره؟

قلة غناء الوعيد:
قيل: الصدق ينبىء عنك لا الوعيد.
شاعر:
مهلاً وعيدي مهلاً لا أباً لكم ... إن الوعيد سلاح العاجز الحمق
النجاشي:
ابلغ شجاعاً أبا خولان مألكة ... إن الكتائب لا يهزمن بالكتب
وقيل: من علامات العاقل ترك التهدد قبل إمكان الفرص، وعند إمكانها الوثوب مع الثقة بالظفر.
مما جاء في فضل الأسلحة والمتسلحة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. وقيل: السيف حرز إذا جرد وهيبة إذا أغمد. وقيل: الشرف مع السيف. وقال جعفر بن محمد: السيف مفتاح الجنة والنار. ووصفه بعضهم فقال: رئيس لهوه قطف الرؤوس، ضحوك عبوس، وهزله خطف النفوس.
أبو تمام:
وليس بجلى الكرب رأي مسدد ... إذا لم تؤانسه بسيف مهند
المتنبي:
ومن طلب الفتح الجليل فإنما ... مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم
وقال:
والمشرفية لا زالت مشرفةً ... دواء كل كريم داؤه الوجع
تفضيل السيف على القلم:
المتنبي:
حتى رجعت وأسيافي قوائل لي: ... المجد للسيف ليس المجد للقلم
اكتب بنا أبداً بعد الكتاب به ... فإنما نحن للأسياف كالخدم
أبو تمام:
السيف أصدق أنباءً من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب
وفي ضده: قيل للكاتب إلام تدل بهذه القصبة؟فقال: هو قصب ولكنه يقطع العصب. إن القلم يرد قضاء السيف ويفسخ حكم الحيف، ويؤمن مسالك الخوف.
من في سيفه ورمحه الموت:
صاحب البصرة:
حسام غداة الروع ماضٍ كأنه ... من الموت في قبض النفوس رسول
ابن حاجب:
لو قيل للموت انتسب لم ينتسب ... يوم الوغى إلا إلى صمصامه
في وصف رجل سيفه: تؤمن ثنايا الموت إليه ويعول في قبض الأرواح عليه:
سيوفهم يوم الوغى ... يلعبن بالأرواح
ربيعة بن مقرم:
وإني لمن قومٍ تكون رماحهم ... لأعدائهم في الحرب سماً مقشبا
ابن المعتز:
لنا صارمٌ فيه المنايا كوامنٌ ... فما ينتضى إلا لسفك دماء
السيوف الماضية:
قيل: كيف وجدت سيفه؟فقال: هو على الأرواح كالأجل المتاح.
إسحاق بن خلف:
ألقى بجانب أخضرٍ ... أمضى من الأجل المتاح
وكأنما ذر الهبا ... ء عليه أنفاس الرياح
يعقوب الأخطل:
بكل حسامٍ كالعقيقة صارمٍ ... إذا قد لم يعلق بصفحته دم
المتنبي:
قواضٍ مواضٍ نسج داوود عندها ... إذا وقعت فيه كنسج الخدرنق
البحتري:
يغشى الوغى والترس ليس بجنةٍ ... من حده والدرع ليس بمعقل
مصغٍ إلى حكم الردى فإذا مضى ... لم يلتفت وإذا قضى لم يعدل
وإذا أصاب فكل شيءٍ مقتلٌ ... وإذا أصيب فما له من مقتل
السيوف المصقولة:
بعضهم:
إذا ما انتضته الكف كاد يسيل
أبو الهول الحيري:
وإذا ما سللته بهر الشمس ... شعاعاً فلم تكد تستبين
وكأن الفرند والرونق البا ... دي على صفحتيه ماءٌ معين
الغير مصقولة:
كأن في متنه ملحاً وقد نثرا
آخر:
كأن على مواقعه غبارا

السيوف اللامعة المهتزة:
قيس:
بسيفٍ كأن الماء في جنباته ... محادير غيمٍ أو قرون جنادب
المتنبي:
فكأن برقاً في متون غمامةٍ ... هنديةٍ في كفه مسلولا
ابن هرمة:
شهابٌ زهته الريح في كف قابس
سلم الخاسر:
وكأن السيوف والنقع عال ... شهب نار في ساطعٍ ودخان
ابن المعتز:
في كفه عضبٌ إذا هزه ... حسبته من خوفه يرتعد
السيوف المتفللة من الضرب:
النابغة:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلولٌ من قراع الكتائب
دعبل:
إذا الناس حلوا باللجين سيوفهم ... رددت السيوف بالدماء حواليا
وبضده هجاء عمارة بن عقيل:
ولا عيب فيه غير أن جياده ... مسلمةٌ ليست بهن كلوم
وأسيافه لم تدر ما طعم ضربةٍ ... فهن صحاحٌ ما بهن ثلوم
السيوف المتضرجة بالدماء:
علي بن عاصم:
سمرٌ وبيضٌ إن عرين تسربلت ... بدل الجفون جماجم الأبطال
أوردتهن تواضعاً لجج الردى ... فصدرن في قمصٍ من الجريال
السيوف المتضرجة بدم المحارب المترشحة مسكاً من يد المحارب:
بشار:
وبيضٍ بها مسكٌ للمس أكفهم ... على أنها ريح الدماء تضوع
ابن المعتز:
مقابضها مسكٌ وسائرها دمٌ
آخر:
بسيفه مسكٌ وتامور
الرفاء:
يكسوه من دمه ثوباً ويسلبه ... ثيابه فهو كاسيه وسالبه
مشاهير السيوف:
قال عبد الملك بن عمير: أهدت بلقيس إلى سليمان عليه السلام سبعة أسياف: ذا الفقار وذا النون، وضرس الحمار والكشوح، والصمصامة ومخذما ورسوبا، فأما ذو الفقار فصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لمنية بن حجاج، فقتل يوم بدر فاصطفاه الرسول صلى الله عليه وسلم، والصمصامة وذو النون لعمر بن معدي كرب، ومخذم ورسوب للحارث بن جبلة الغساني، ولم يذكر الكشوح.
طول الرماح:
قال طرفة:
كأن رماحهم أشطان بئرٍ ... بعيدٌ بين حاليها صرور
امرؤ القيس:
ومطردٍ كرشاء الحزو ... ر من خلب النخلة الأجرد
عدى:
رشاء دمٍ على أنابيبه دم
صلابة الرماح ولدونتها:
ابن أحمر:
فهز ردينياً كأن كعوبه ... نوى القسب نقى التمر عند العواجم
المزرد:
ومطردٍ لدن الكعوب كأنما ... تغشاه منباع من الزيت سائل
عابدة المهلبية ويروى للخوارزمي:
كأن السمر والزانات فيه ... نخيلٌ قد نحلن من الفسيل
الرمح المتأطر:
يستجاد للمتنبي قوله:
ولربما أطر القناة بفارسٍ ... وثنى فقومها بآخر منهم
أخذه من قول ابن الرومي:
همام إذا اعوجت صدور قناته ... غدت بين أحناء الضلوع تقوم
يزيد بن أبان:
يكره الرمح مقدماً فتراه ... راعف الأنف واهي الأنبوب
الرمح المتكسر:
عمرو بن معدي كرب:
ومنزلة فيها العوالي كأنها ... هشيم شجارٍ كسرتها الحواطب
الرفاء:
ينثر بالطعن أنابيب القنا ... كما وهي سلك الفريد المنتظم
المتنبي:
ورمحٌ تركت مباداً مبيدا
هو من قول الطائي:
ورب يومٍ كأيامٍ تركت به ... متن القناة ومتن القرن منتصفا
الرمح المتكسر في المطعون:
الموسوي:
وتقعقعت بين الكلى قصد القنا ... فكأن كل حشاً ربابة ميسر
ابن نباتة:
يجر العوالي والسهام بجسمه ... كمحتطبٍ للحمل ليس يطيق
الرماح اللامعة الأسنة:
امرؤ القيس:
دفعت ردينياً كأن سنانه ... سنا لهبٍ لم يستعر بدخان
النميري:
تحكي أسنته النجوم أو الذبالا
مسكين:
كأن هلالاً لاح فوق قناته
وقد أحسن المتنبي ما شاء بقوله:
تهدي نواظرها والحرب قائمةٌ ... من الأسنة نارٌ والقنا شمع
الكتابة بالطعن والضرب:
قال بعض الكتاب: جبينه طرس بالصفاح منمق مجندر، وبالرماح معجم محبر.
آخر:
خط ينمقه الحسام على جبينه
ابو تمام:

كتبت أوجههم مشقةً ونمنمةً ... طعناً وضرباً ففات الهام والصلفا
فإن ألظوا بأنكار فقد تركت ... وجههم بالذي أوليتهم صحفا
المتنبي:
وكنت إذا كاتبته قبل هذه ... كتبت إليه في قذال الدمستق
غيره:
الكاتبون إلى الأعداء في فلل الأعداء كتباً ترى الأمي والفهما
أمسى الردى أصلها والدهر ممليها ... والسيف كاتبها والكاغد القمما
عابدة المهلبية ويروى للخوارزمي:
كتبت على وجوههم سطوراً ... غرائب حبرهن دمٌ هتول
يترجمها الأعادي للأعادي ... ويقرأها على الحي القتيل
وما لك غير جمجمةٍ رسولٌ ... وما لك غير صاحبها رسيل

تناول الرؤوس بالرماح:
البحتري:
قومٌ إذا شهدوا الكريهة صيروا ... ضم الرماح جماجم الفرسان
أخذه من مسلم:
يكسو السيوف رؤوس الناسكين به ... ويجعل الهام تيجان القنا الذبل
جرير:
كان رؤوس القوم فوق رماحنا ... غداة الوغى تيجان كسرى وقيصر
طعن الأحداق والفؤاد:
أبو تمام:
سنانٌ بحبات القلوب ممتع
وأجاد المتنبي:
كأن الهام في الهيجا عيونٌ ... وقد طبعت سيوفك من رقاد
وقد صغت الأسنة من هموم ... فما يخطرن إلا في الفؤاد
ابن معدى:
الضاربين بكل أبيض مرهف ... والطاعنين مجامع الأضغان
آخر:
قومٌ ترى أرماحهم تحت الوغى ... مشغوفةً بمواطن الكتمان
الشريف أبو الحسين علي بن الحسين الحسني:
فأصبح أغماد السيوف عيونهم ... وأكبادهم حلي الرماح الذوابل
ضرب وطعن تبين منهما الرأس ويجلب عنهما الممات:
فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
آخر:
وضربته ضرباً أضا ... ع له المقادم والعرى
راشد بن شهاب:
علوت بذي الحيات مفرق رأسه ... وكان حسامي تحتويه الجماجم
بدأت بهذي ثم أنني بمثلها ... وثالثة تبيض منها المقادم
ابن المعتز:
وكأن أيدينا تنفر عنهم ... طيراً على الأوكار كن وقوعا
الرفاء:
إذا ركع القنا الخطي صلوا ... صلاةً جل واجبها السجود
البحتري:
وصاعقةٍ من نصله ينكفي بها ... على رؤوس الأقران خمس سحائب
وله:
نثرت على الخليج الهام حتى ... كأن حصى الخليج طلى وهام
أخذه الموسوي وزاده فقال:
خطبنا بالظبى مهج الأعادي ... فزفت والرؤوس لها نثار
الحارثي:
إذا ما عصينا بأسيافنا ... جعلنا الجماجم أغمادها
عابدة المهلبية ويروى للخوارزمي:
فصادرهم على الأرواح خرقٌ ... إذا ابتاعوا الحياة قلا يقيل
شدة الطعن والضرب وسعتهما:
شاعر:
هم ألدعوهم حماة الرماح ... ولدوهم بالظبا البيض لدا
بعضهم:
وطعن أفواه المزاد المخرق
أبو كثير الهذلي:
عجلت يداك لخيرهم بمرشةٍ ... كالعط وسط مزادة المستخلف
امرؤ القيس:
كجيب الدفنس الورها ... ء ريعت وهي تستغلي
آخر:
وطعنٍ كأذيال القباء المفرج
ضرار في وصف ضربة:
دفوع لأطراف الرماح كأنها ... إذا سيروها فرخ خرقاء دعبل
المتنبي:
كأنما تتلقاهم لتسلكهم ... فالطعن يفتح في الأجواف ما يسع
سمع بعضهم قول الشاعر:
لها نفد لولا الشعاع أضاءها
فقال: هذا درب لا طعن. ويروى لخلف الأحمر:
وأطعن السحساحة المسلسله ... على عشاش دهشٍ وعجله
وأضرب الحدباء ذات الرهلة ... ترد في نحر اللبيب قتله
الحاذق بالطعان والضرب:
عبد يغوث:
لبيق بتصريف القناة بانيا
المتنبي:
يضع السنان بحيث شاء محاولاً ... حتى من الأذان في أخراتها
الموسوي:
وأسمر يهتز في راحتي ... كما هزت القلم الإصبع
سقي الرماح والصفاح دم الأعداء:
شاعر:
وعامل الرمح أرويه من العلق
آخر:
نهلت قناتي من مطاه وعلت

يحيى بن علي المنجم:
يروي السيوف دماً إذا شكت الصدى ... يوم الوغى بأساً وصدق ضراب
فتمج إن خفضت على أعقابنا ... وتمج إن رفعت على الأعقاب
دعبل:
فأصبحت تستحيي القنا أن تردها ... وقد وردت حوض المنايا صواديا
السري:
إذا الحسام غدا سكران منتشياً ... من الدماء سقوه أنفساً فصحا

الجاعل قواضبه بدل المعاتبة:
عمرو ابن إبراهيم:
ليس بيني وبين قيسٍ عتاب ... غير طعن الكلى وضرب الرقاب
آخر:
دلفت له بأبيض مشرفي ... كما يدنو المصافح للسلام
بعض البغليين:
نزلوا منزل الضيافة منا ... فقرى القوم غلمة الأعراب
وصل السيوف بالخطى:
يروى أن فتى من الأزد دفع إلى المهلب بن أبي صفرة سيفاً له وقال: كيف ترى سيفي يا عم؟قال المهلب: سيفك جيد إلا أنه قصير. فقال: أصله بخطوة. فقال: يا ابن عم المشي إلى الصين على أنياب الأفاعي أسهل من تلك الخطوة!ولم يقل المهلب هذا جبناً وإنما أراد توجيه الصورة.
شاعر:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدماً ونلحقها إذا لم تلحق
وقال:
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب
وصف شجاع ذي رماح:
سئل أعرابي عن قوم فقال: أسود الغاب تحمل غابها.
البحتري:
إذا بدوا في حرجات القنا ... ترى أسود الأرض في غابها
الرفاء:
أسدٌ لها من بيضها وسمرها ... جداولٌ مطرداتٌ بأجم
من جعل معاقله الأسلحة والخيول:
شاعر:
إن السيوف معاقل الأشراف
أبو الغمر:
إذا لاذ منه بالحصون عدوه ... فليس له إلا السيوف حصون
آخر:
إن الخيول معاقل الأشراف
آخر:
وليس لنا إلا الأسنة معقل
من لاذ بالقواضب واستعان بها:
أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت ... قواضب في أيماننا تقطر الدما
آخر:
ترى السيف أدنى من أقاربه رحمى
الشنفري:
وإني كفاني فقد من ليس جازياً ... بحسنى ولا في قربه متعلل
ثلاثة أصحابٍ: فقلب مشيع ... وأبيض أصليت وصفراء عيطل
الموسوي:
ألف الحسام فلو دعاه لغارةٍ ... عجلان لباه بغير نجاد
وقال:
رب ليلٍ جعلته طيلساني ... مؤنسي صارمي وقلبي مجني
طاهر بن الحسين:
سيفي رفيقي ومسعدي فرسي ... والكاس أنسي وقينتي خدني
من استطاب تناول الأسلحة:
البحتري:
ملوكٌ يعدون الرماح خواصراً ... إذا زعزعوها والدروع مخاصرا
المتنبي:
متعوداً لبس الدروع يخالها ... في البرد خزاً والهواجر لاذا
أبو الغمر:
واعتاد حمل القنا لا الراح راحته ... وضاجع البيض لا البيض الرعابيبا
الأبقع الوجه من صدأ الحديد:
الفرزدق:
يمشون في حلق الحديد كما مشت ... جرب الجمال بها الكحيل المشعل
طيب صدر المغفر:
وطيبهم صدأ المغفر
سلم بن قحفان:
فطيب الصدا المسود أطيب عندنا ... من المسك ذافته أكفٌ ذوائف
النابي سيفه عن الضريبة:
ورقاء بن زهير، وقد ضرب فنبا سيفه:
رأيت زهيراً تحت كلكل خالدٍ ... فأقبلت أسعى كالعجول أبادر
فشلت يميني يوم أضرب خالداً ... وبحصنه مني الحديد المظاهر
وكان الفرزدق قد دفع له سيف بحضرة سليمان بن عبد الملك ليقتل به رومياً، فضربه فلم يعمل فيه فقال جرير:
بسيف ابي رغوان سيف مجاشعٍ ... ضربت ولم تضرب بسيف ابن ظالم
فهل ضربة الرومي جاعلةٌ لكم ... أباً ككليبٍ أو أخاً مثل دارم
فأجابه:
فسيف بني عبسٍ وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد
كذاك سيوف الهند تنبو ظباتها ... وتقطع أحياناً مناط القلائد
عذر من يكثر لبس الدرع في الحرب:

رؤي الجراح بن عبد الله وقد لبس درعين في بعض الحروب. فأكثر ناظره النظر إليه فقال له: والله يا هذا ما أقي بدني وإنما أقي صبري. فأخبر بذلك سعيد بن عمرو، وكان من فرسان الشام، فقال: صدق لأن لامة الإنسان حظيرة نفسه. عوتب يزيد بن مزيد في إحكامه الدرع فقال: إن الله تعالى مع قضائه الأمور المحتمة أمر بالحذر، وذكر في صنعة اللبوس وكان صلى الله عليه وسلم والى يوم أحد بين درعين.
أنشد كثير عبد الملك:
على ابن أبي العاص دلاصٌ حصينةٌ ... أجاد المسدى سردها فأذالها
فقال له: هلا قلت كما قال الأعشى:
وإذا تكون كتيبة ملمومة ... خرساء تعشى من يريد نصالها
كنت المقدم غير لابس جنةٍ ... بالسيف تضرب معلما أبطالها
فقال كثير: ذاك وصفه بالجهل والتهور وأنا وصفتك بالحزم.
البحتري:
تراه في الأمن في درعٍ مضاعفةٍ ... لا يأمن الدهر أن يدعى على عجل

قلة غناء الدرع عند حضور الأجل:
سئل ابن الحسين: في أي الجنن تحب أن تلقى عدوك؟فقال: في أجل مستأخر، وقيل لبعضهم: أي الجنن أوقى؟قال: العافية. وقيل لآخر: لو احترست، فقال: كفى بالأجل حارساً.
وصف الدروع:
شاعر:
كسيل الأتى على الحديد
آخر:
ومفاضة كالنهي ينسجه الصبا
آخر:
كأن قتيرها حدق الجراد
المتنبي:
يخط فيها العوالي ليس ينفذها ... كأن كل سنانٍ فوقها قلم
مزرد:
ومنسوجةٍ فضفاضةٍ تبعية ... وآها القتير تجتويها المعابل
ويستحسن لابن المعتز:
كأنها ماءٌ عليه جرى ... حتى إذا ما غاب فيه جمد
كلثوم:
كأن سنا الماذي فوق متونهم ... مواقد نار لم تشب بدخان
المستغني بجلادته عن التقنع والتدرع:
أبو تمام:
إذا رأوا للمنايا عارضاً لبسوا ... من اليقين دروعاً ما لها زرد
مسلمة:
على درعٌ تلين المرهفات له ... من الشجاعة لا من نسج داود
إن الذي صور الأشياء صورني ... ناراً من اليأس في بحرٍ من الجود
وصف المغتفر والمغفر:
بشار:
كأن سنا قوانسهم ضرامٌ ... مرته الريح في أعلى يفاع
أبو تمام:
كأن نعام الدو باض عليهم
وله:
مثل النجوم تضيء إلا أنهم ... قد قلنسوا من بيضهم بنجوم
أبو قيس:
قد حصت البيضة رأسي فما ... أطعم نوماً غير تهجاع
القسي:
دخل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه على النبي، صلى الله عليه وسلم، متقلداً قوساً عربية فقال: هكذا جاءني جبريل عليه السلام اللهم من استطعمك بها فأطعمه، ومن استنصرك بها فانصره، ومن استرزقك بها فارزقه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما مد الناس أيديهم إلى شيء من السلاح وللقوس فضل عليه. وقيل في وصفه: طروح مروح تعجل الظبي ان يروح.
أعرابي في وصف قوس رمى عنها ذئباً:
وفي شمالي سمحةٌ من النشم ... يفج في الكف إذا الرامي اهتزم
- وتهزم الفارس في أخرى النعم وقال آخر:
صفراء تبع خطموها بوتر ... لام ممر مثل حلقوم النغر
- حدب ظباها أسهمٌ مثل الشرر آخر:
ومقابلاً ضلع الظباة كأنها ... جمرٌ بمهلكةٍ تشب لمصطلي
نحفاً بذلت لها حوافي ناهض ... حشر القوائم كاللفاع الأكحل
وإذا تسل تخشخشت أرياشها ... خش الجنوب بيابسٍ من أسحل
النحف: النصال العراض. الأكحل: الذي يضرب لونه إلى الغبرة.
المجيد من الرماة:
قيل: خرج بهرام إلى الصيد ومعه جارية، فعرض له ظبي فسألته الجارية أن يجمع ظلف الظبي وأذنه بنشابة واحدة، فرمى أصل أذن الظبي ببندقة فأهوى الظبي بيده إلى أذنه ليحتك، فرماه بنشابة فوصل ظلفه بأذنه؛وهذا إن كان صحيحاً فعجيب.
امرؤ القيس:
فهو لا تنمى رميته ... ما له لا عد من نفره
إسماعيل بن علي:
إذا تمطى قائماً ثم انثنى ... ومدها أحسن مدٍ وانثنى
أرسل منها نافذاً مسنناً ... سيان منه ما نأى وما دنا
- يسوق أسباب النحوس والفنا وقد أوغل المتنبي في قوله:

إذا نكبت كنانته استبنا ... بأنصلها لأنصلها ندوبا
يصيب ببعضها أفواق بعضٍ ... فلولا الكسر لاتصلت قضيبا

الرديء الرمي:
نظر فيلسوف إلى رامٍ سهامه تذهب يميناً وشمالاً فقعد في موضع الهدف وقال: لم أر موضعاً أسلم من هذا. ورمى المتوكل عصفوراً فأخطأه، فقال له ابن حمدون: أحسنت!فقال: أحسنت إلى العصفور.
كشاجم:
مستهترٌ بالرمي واهٍ عضده ... أحسن شيءٍ حين يرمي طرده
- كأنه فؤاده أو كبده
المجن:
شاعر:
يريك شعاع الشمس في جنة الدجى
أبو فراس:
أواقد لا آلوك إلا مهنداً ... وجلد أبي عجلٍ وثيق القبائل
وصف جماعة الأسلحة:
سأل عمر بن الخطاب عمرو بن معدى كرب فقال: ما تقول في الرمح؟قال: أخوك وربما خانك!قال: فالنبل؟قال: منايا تخطىء وتصيب. قال: فالدرع؟قال: مشغلة للفارس متعبة للراجل، وإنها لحصن حصين. قال: فالترس؟قال: مجن وعليه تدور الدوائر. قال: فالسيف؟قال: عنده ثكلتك أمك. قال عمر: بل أنت!
الاستنكاف من المحاربة بالحجر والرخصة فيه:
قال أبو النجم:
إني وجدك لا يكون سلاحنا ... حجر الأكام ولا عصا الطرفاء
أوصى بعض الأعراب ابنه وقد أرسله إلى محاربة بعض أقرانه فقال: يا بني كن بذا لأصحابك على ما فاتك، وإياك والسيف فإنه ظلة الموت، وألق الرمح فإنه رسول المنية، ولا تقرب السهام فإنها رسل لا تؤامر مرسلها. قال: فيم أقاتل؟قال: بما قال الشاعر:
جلاميد إملاء الأكف كأنها ... رؤوس رجالٍ حلقت في المواسم
الحنفي:
فوادخ بالصخر الأصم رؤوسهم ... إذا القلع الهندي عنها تثلما
أصوات الأسلحة:
يقال للطعن الشفشفة، وللضرب هيعقة، وللقسي أزملة وغمغمة.
الحارث بن حلزة:
وحسبت وقع سيوفنا برؤوسهم ... وقع السحاب على الطراف المشرج
هلال:
تصيح الردينيات فينا وفيهم ... صياح بنات الماء أصبحن جوعا
آخر:
تنق عواليهم نقيق الضفادع
إيجاب المحاربة على المتسلح وتبكيته لتقصيره فيها:
ابن مرداس:
فعلام إن لم أشف نفساً حرةً ... يا صاحبي أجيد حمل سلاحي
جرير:
تصف السيوف وغير كم يعصى بها ... يا ابن القيون وذاك فعل الصيقل
ابن الرومي:
رأيتكم تبدون في الحرب عدةً ... ولا يمنع الأسلاب منكم مقاتل
فأنتم كمثل النخل يسرع شوكه ... ولا يمنع الجرام ما هو حامل
المتنبي:
إذا كنت ترضى أن تعيش بذلةٍ ... فلا تستعدن الحسام اليمانيا
ولا تستطيلن الرماح لغارةٍ ... ولا تستجيدن العتاق المذاكيا
الاستظلال بالأسلحة:
امرؤ القيس:
فغبنا إلى بيتٍ بعلياء مردح ... سماوية منها الخمي معصب
فأوتاده ماذيةٌ وعماده ... ردينية فيها أسنة تصعب
أعرابي من بني أسد:
وفتيانٍ ثنيت لهم ردائي ... على أسيافنا وعلى القسي
وقال:
وما اتخذوا إلا الرماح سرادقاً ... وما استتروا إلا بضوء اللهاذم
ذم العزل في الحرب:
في المثل: عند النطاح يغلب الكبش الأجم:
فمن يك معزال اليدين فإنه ... إذا كشرت عن نابها الحرب حامل
ابن الحطيم:
نبهت زيداً ولم افزع إلى وكلٍ ... رث السلاح ولا في الحرب مكثور
من صاحبته الطيور والسباع:
أول من وصف ذلك النابغة الذبياني فقال:
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طيرٍ تهتدي بعصائب
أبو تمام:
وقد ظللت عقبان أعلامه ضحى ... بعقبان طيرٍ في الدماء نواهل
أقامت مع الرايات حتى كأنها ... من الجيش إلا أنها لم تقاتل
بشار:
إذا ما غزا بشرت طيره ... بفتحٍ وبشرنا بالنعم
المتنبي:
وأنبت فيهم ربيع السباع ... فأنبت إحسانك الشامل
عمرو بن مامة:
إذا ألحمت قيسٌ لحربٍ تباشرت ... ضباع الفيافي والنسور الكواسر
جنوب أخت عمرو:
تمشي النسور إليها وهي لاهيةٌ ... مشي العذارى عليهن الجلابيب
المتزين بالجراحات:

يعقوب بن يوسف:
وخيلٍ تعجز الإرسال عنها ... مزينةٍ بأنواع الجراح
سلم الخاسر:
ولا خير في الغازي إذا آب سالماً ... إلى الحي لم يجرح ولم يتحدد

المتضرج بالدماء:
البحتري:
سلبوا وأشرقت الدماء عليهم ... محمرةً فكأنهم لم يلبسوا
آخر:
تضرج مهم كل خدٍ معفرٍ ... وعفر منهم كل خدٍ مضرج
المتلطخ بالدم المتسربل بالغبار:
السري:
مفقودة شية الجواد عليهم ... وحجول أربعةٍ لخوض دمائه
المتنبي:
وعجاجةٍ ترك الحديد سوادها ... زنجاً تبسم أو قذالاً شائبا
الغبار:
الحجاج: اتقوا الغبار فإنه سريع الدخول بطيء الخروج.
وقال:
غبار كما فارت دواخن غرقد
أوس:
فانقض كالدري يتبعه ... نقعٌ يثور تخاله طنبا
يخفى وآونةً يلوح كما رفع المنير بكفه لهبا
الحروب المشهورة:
الحروب ثلاثة لم يكن للعرب أعظم منهن: حرب بعاث بين الأوس والخزرج، وكانت متصلة إلى أن بعث الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أسلموا اصطلحوا، وحرب بني وائل بكر وتغلب في مقتل كليب اتصلت أربعين سنة، وحرب ابن بغيض عبس وذبيان في مجرى داحس والغبراء، بقيت أربعين سنة لم تحمل فيها الحمالات، فبعث الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم، وبقي من دمائهم شيء على الحارث ابن عوف فاهتدى للإسلام. وأيام العرب ثلاثة في الجاهلية لم يكن أعظم منهن: يوم جبلة، ويوم كلاب الأخير، ويوم ذي قار، وقال سفيان بن عيينة: السيوف أربعة سيف لمشركي العرب وهو قوله تعالى " وقاتلوا المشركين كافةً " وسيف لأهل الردة على يد أبي بكر رضي الله عنه وهو " تقاتلونهم أو يسلمون " وسيف لأهل الكتاب على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر " وسيف لأهل القبلة والصلاة على يد علي رضي الله عنه " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا " ولولاه ما عرفنا قتال أهل القبلة.
العصا:
تسمى المنسأة قال الله تعالى " قلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته " وعصا موسى حالها ظاهرة. وقيل: ألقى فلان عصاه إذا نزل، وشق العصا إذا خرج عن الطاعة، وعبيد العصا أي ينقادون بالعصا. وسمي الصغير الرأس رأس العصا. وهو صلب العصا أي قوي. وقولهم: إنك خير من تفاريق العصا فالعصا تقطع ساجورا، ثم يجعل الساجور أوتاداً، والأوتاد شظاظاً، والشظاظ مهار البخاتي، أو تشق العصا فتجعل قوساً للبندق وتجعل القوس سهاماً، والسهام حظاء، والحظاء مغازل، والمغازل قداحاً.
الكرة والصولجان:
أبو قريش بن أسوط وكان من بطارقة أرمينية يصف كرة:
يحب دنوها لهفاً إذا ما ... دنت منه بكد أي كد
قلاها ثم أتبعها بضربٍ ... وأعقب قربها منه ببعد
بشار:
كأن فؤاده كرةٌ تنزى ... حذار البين لو نفع الحذار
السيد الحميري:
وكأنها كرةٌ بكف حزورٍ ... عبل الذراع دحا بها في بملعب
البوق:
الببغاء:
ومسمع ليس بذي لسان ... محكم في صمم الآذان
- سر يؤديه إلى إعلان
مما جاء في طلب الثأر والدية
والرخصة في الاقتصاص
قال الله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم والجروح قصاص، فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل " . وقال صلى الله عليه وسلم " لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده " ، وسوى بين الصريح والهجين، وكانت العرب تهدر دم السنيد وهو الملصق المدعي. وإذا قتل الرجل ملكاً أو رجلاً من أهل بيت القاتل لم يرضوا حتى يقتلوا رهط القاتل ويحرقوهم بالنار، وإذا كان القاتل هو الملك أو أحد من أهل بيته اهدروا الدم فقالوا: لا عقل ولا قود. قال الجاحظ: كانت الدية والصدقة مما عند الرجل عن تمراً فتمر، وإن شاء فشاء، وكانوا يعيرون من ديته التمر.
قال:
ألا أبلغ بني وهبٍ رسولاً ... بأن التمر حلوٌ في الشتاء

فعير في هذا بشيئين: بأخذ الدية وبأن ديتهم التمر. وكانت دية العربي المعم المخول من التمر مائة وسق، ومن الإبل مائة بعير، ودية الهجين على النصف، ودية المولى على الربع، والملك ومن هو في بيته ألف وسق. والإسلام سوى بين الكل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم.

التعيير بترك الثأر والحث على أخذه:
قيل لعرابي: أيسرك أنك من أهل الجنة وأنك لا تدرك ثأراً قط؟فقال: بل يسرني أن أدرك الثأر وأنفي العار وأدخل مع فرعون النار. قدم هدبة بن الخشرم العذري ليقتاد بابن عمه، فأخذ ابن المثؤور به السيف، فضوعفت له الدية حتى بلغت مائة ألف، فأبت أم الغلام أن يقبل الدية وقالت: أعطي الله عهداً لئن لم تقتله لأتزوجنه، فيكون قد قتل أباك وناك أمك! عبد الرحمن بن شافع:
فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم ... فكونوا نساء للخلوق وللكحل
وبيعوا الردينيات بالحلي واقعدوا ... على الذل وابتاعوا المغازل بالنبل
ونحوه قول عمرة بنت وقدان:
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم ... فذروا السلاح ووحشوا بالأبرق
وخذوا المكاحل والمجاسد والبسوا ... نقب النساء فبئس رهط المرهق!
التعيير بأخذ الدية وعدمه:
شاعر:
وإن الذي أصبحتم تحلبونه ... دمٌ غير أن اللون ليس بأحمرا
إذا سكبوا في القعب من ذي إنائهم ... رأوا لونه في القعب ورداً وأشقرا
آخر وكان أخذ من ابن عمه دية أبيه:
إذا صب ما في القعب فاعلم بأنه ... دم الشيخ فاشرب من دم الشيخ أو دعا
آخر:
خذوا العقل إن أعطاكم العقل قومكم ... وكونوا كمن سيم الهوان فلم يبيل
كان لعتبة الأعرابية غلام شديد العرامة كثير التلفت إلى البأس، فواثب فتى من الأعراب فقطع الفتى أنفه، فأخذت أمه ديته، فحسن حالها ثم واثب آخر فقطع أذنه، فأخذت ديته، فلما رأت ما صار إليها من قبل ابنها فأنشدت:
أقسم بالمروة حقاً والصفا ... إنك خيرٌ من تفاريق العصا
وروي أن أعرابيان أصابهما قحط فانحدرا إلى العراق جائعين، فوطئت رجل أحدهما فرس لفارس فأدمتها وكان يسمى حيدان فتعلقا به وأخذا الدية، وكانا جائعين، فقصدا السوق وابتاعا طعاماً فأكلا فقال الآخر:
فلا غرسٌ ما دام في الناس سوقهم ... وما بقيت في رجل حيدان إصبع
تحريم الملاهي على المحارب وطالب الثأر:
روي أن بعض عمال عبد الملك بعث إليه بجارية اشتراها بعشرة آلاف دينار، فلما استحضرها وأنس بها دخل إليه رسول الحجاج بأن عبد الرحمن ابن الأشعث خلعه، فأجاب عن كتابه وجعل يقلب كفيه وقال لها: إن ما دونك منية المتمني. فقالت: وما يمنعك؟قال: بيت الأخطل:
قومٌ إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بإطهار
فمكث ثلاث سنين وخمسة اشهر لا يقرب امرأة حتى أتاه خبر قتل ابن الأشعث، فكانت أول امرأة تمتع بها. وكانت العجم إذا حزبهم أمر أمروا أن ترفع الموائد، ويقتصرون على الخبز والملح والبقل حتى يفرغوا. وقال معاوية: ما ذقت أيام صفين لحماً ولا حلواء، بل اقتصرت على الخبز حتى فرغت. وأتت امرأة المهلب بمجمرة فقالت له: ضع هذه تحتك؛فكان هذا تعريضاً لما أبطأ عن مناهضة الأزد فقال: أست المرأة أحق بالمجمرة.
قيس بن الحطيم:
حرامٌ علينا الخمر إن لم نضارب
الجارح الغطفاني:
لله درك ما ظننت بثائرٍ ... حران ليس على التراث براقد!
أحددته ثم اضطجعت ولم ينم ... أسفاً عليك وكيف نوم الحاقد؟
من حل له الطيبات لإدراكه الثأر:
شاعر:
اليوم حل لي الشراب وما ... كان الشراب يحل لي قبل
جابر:
وحل لي التدهين والخمر بعدما ... شفيت غليلي من ثويد المرائد
المتبجح بإدراك ثاره:
المهلهل في إدراك ثار كليب:
فلو نبش المقابر عن كليبٍ ... فتخبر بالذنائب أي زير
بأني قد تركت بواردات ... بجيراً في دمٍ مثل العبير
هتكت به بيوت بني عبيدٍ ... وبعض القتل أشفى للصدور
صفية بنت الجذع:

وقد قتلنا شفاء النفس لو قنعت ... وما قتلنا به إلا أمراً دونه
زبان، وكان قد هجاه بعض أعاديه فقتله وقطع لسانه ودست في استه وقال:
وإن قتيلاً بالهباءة في استه ... صحيفته إن عاد للظلم ظالم
متى تقرأوها تهدكم من ضلالكم ... وتعرف إذا ما فض عنها الخواتم

من نزع ثوب العار وانطلق لسانه:
أخو أساف بن عباد اليشكري:
ألم يأتها أني صحوت وأنني ... شفاني من دائي المخامر شاف
فأصبحت ظبياً مطلقاً من أديمه ... صحيح الأديم بعد داء أساف
وكنت مغطى في قناعي خيفةً ... كشفت قناعي واعتطفت عطافي
قاتل غالب:
وقد كنت محرور اللسان ومفحماً ... فأصبحت أدري اليوم كيف أقول
من لا يفوته الثأر:
عبد الله بن العتابي:
وقد ضمنت أسيافهم ورماحهم ... لمن جاوروا أن لا يضيع لهم وتر
البحتري:
تذم الفتاة الرود شيمة بعلها ... إذا بات دون الثأر وهو ضجيعها
حمية شعبٍ جاهليٍ وغيرةٌ ... كليبيةٌ أعيا الرجال خضوعها
المتنبي:
إذا طلب النيل لم يثأه ... وإن كان ديناً على ماطل
من يفيت الثأر ولا يفوته:
الجرعي:
وإذا طلبت الوتر لم تسبق به ... وتفوت مطلوباً به فتبرح
آخر:
تحف أغر لا قودٌ عليه ... ولا ديةٌ تساق ولا اعتذار
من قتل بعض ذويه اقتصاصاً:
قيس بن زياد:
شفيت النفس من حمد بن بدرٍ ... وسيفي من حذيفة قد شفاني
فإن أك قد بردت بهم غليلي ... فلم أقطع بهم إلا بناني
ونحوه للحارث بن وغلة:
قومي هم قتلوا أميم أخي ... فلئن رميت يصيبني سهمي
فلئن عفوت لأعفون جللاً ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي
البحتري:
تقتل من وترٍ أعز نفوسها ... عليها بأيدٍ ما تكاد تطيعها
إذا احتربت يوماً ففاضت دماؤها ... تذكرت القربى ففاضت دموعها
أعرابي:
أقول للنفس: تعزاءً وتسليةً ... إحدى يدي أصابتني ولم ترد
كلاهما خلفٌ عن فقد صاحبه ... هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي
مما جاء في التحذير من الحرب وطلب الصلح
التحذير من تهييج الحرب والحث على الصلح:
قال الله تعالى " وغن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهم، وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " . كان سويد بن متحرق خطب خطبةً طويلة لصلح أمة فقال له رجل: أنت من اليوم ترعى في غير مرعاك، أفلا أدلك على المقال؟فقال: نعم. قال: أما بعد فإن الصلح بقاء الآجال وحفظ الأموال والسلام. فلما سمع القوم ذلك تعانقوا وتبادلوا الديات. وقيل: الحرب صعبة مرة والصلح أمن ومسرة.
كتب سلم بن قتيبة إلى سعيد المهلبي لما تحاربا بالبصرة:
خذوا حظكم من سلمنا أن حربنا ... إذا زينته الحرب نارٌ تسعر
فإني وإياكم على ما يسؤوكم ... لمثلان أو أنتم إلى الصلح أفقر
وقال عبد الله بن الحسين: إياك والمعادات فإنك لن تعدم مكر حكيم أو مفاجأة لئيم. وقال زيد بن حارثة: لا تستثيروا السباع من مرابضها فتندموا، وداروا الناس في جميع الأحوال تسلموا. وقيل: الفتنة نائمة فمن أيقظها فهو طعامها.
زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المترجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً ... وتضرم إن أضرمتموها فتضرم
ومن يعص أطراف الزجاج فإنه ... يطيع العوالي ركبت كل لهذم
كثير:
رميت بأطراف الزجاج فلم يفق ... من الجهل حتى كلمته نصالها
التحذير من صغير يفضي إلى كبير:
من أقوالهم: رب خطوة صغيرة عادت همة كبيرة.
شاعر:
ذروا الأمر الصغير وزملوه ... فتلقيح الجليل من الدقيق
وكتب نصر بن سيار إلى مروان بن محمد في أمر أبي مسلم صاحب الدولة ابيات بني مهيم:
أرى خلل الرماد وميض نارٍ ... ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالزندين توري ... وإن الحرب أولها كلام

أقول من التعجب: ليت شعري ... أأيقاظٌ أميةٌ أم نيام؟
فإن يك قومنا أمنوا رقوداً ... فقل: هبوا فقد آن القيام!
ورأى أبو مسلم بن بحر في منشأ دولة الديلم هذه الأبيات مكتوبة على ظهر كتاب فكتب تحتها:
أرى ناراً تشب بكل واد ... لها في كل منزلةٍ شعاع
وقد رقدت بنو العباس عنها ... فأضحت وهي آمنةٌ تراع
كما رقدت أمية ثم هبت ... لتدفع حين ليس بها دفاع
آخر:
إن الأمور دقيقها ... مما يهيج به العظيم
آخر:
وقد يملأ القطر الإناء فيفعم
آخر:
وأول الغيث قطرٌ ثم ينسكب
آخر:
كم بذي الإثل دوحةٌ من قضيب؟
من الحبة تنبت الشجرة العميمة، ومن الجمرة تكون النار العظيمة. التمرة إلى التمرة تمر، والذود إلى الذود إبل.
قال صالح:
قد يحقر المرء ما يهوى فيركبه ... حتى يكون إلى توريطه سببا
وحرب البسوس كانت في ضرب ناب، وحرب غطفان كانت في سبب دابة.

وصف الحرب بالشدة:
قال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه لعمرو بن معدي كرب: أخبرني عن الحرب؛فقال: هي مرة المذاق إذا شمرت عن الساق. من صبر فيها عرف ومن ضعف عنها تلف كما قال:
الحرب أول ما تكون فتيةٌ ... تسعى ببزتها لكل جهول
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها ... عادت عجوزاً غير ذات حليل
شمطاء جزت رأسها وتنكرت ... مكروهةً للشم والتقبيل
وقيل: موطنان تذهب فيهما العقول: المباشرة والمسابقة. وصف رجل الحرب فقال: أولها شكوى وآخرها بلوى وأوسطها نجوى.
الفرزدق:
وجامعةٍ أعناقها بعدما التوت ... جوامعها ما كان سيق لها مهر
إذا ما ابنها لاقى أخاها تعاوروا ... عيوناً من الأعداء أبصارها خزر
أبو تمام:
ومشهدٍ بين حكم الذل منقطعٍ ... حباله بحبال الموت تتصل
ضنك إذا خرست أبطاله نطقت ... فيه الصوارم والخطية الذبل
المتنبي:
ومبتسمات هيجاوات عصرٍ ... عن الأسياف ليس عن الثغور
السري:
تضايق حتى لو جرى الماء فوقهم ... حماه ازدحام البيض أن يتسربا
إصابة الحرب جانيها وغير جانيها:
العرب تقول: الحرب عشوم لأنها قد تنال غير جانيها.
شاعر:
لم أكن من جناتها علم الله ... وإني لحرها اليوم صال
آخر:
وليس يصلى بحر الحرب جانيها
آخر:
وأصبح من لم يجن فيها كذي الذنب
أبو حية:
أصابوا رجالاً آمنين وربما ... أصاب بريئاً من يكن غير ذي ذنب
ابن الرومي:
رأيت جناة الحرب غير كفاتها ... إذا اختلفت فيها الرماح الشواجر
كذاك زناد الحرب عنها بنجوةٍ ... ولكنما يصلى صلاها المشاعر
التفادي من محاربة الأنذال:
قصد الإسكندر موضعاً فحاربته النساء فكف عنهن، فقيل له في ذلم فقال: هذا جيش إذا غلبناه فما لنا به من فخر، وإن غلبنا فتلك فضيحة الدهر.
شاعر:
قبيل لئامٍ إن ظفرنا عليهم ... وإن يغلبونا يوجدوا شر غالب
الممتنع من الصلح:
عبد الرحمن بن سليمان:
فلا صلح ما دامت هضاب أبان
حرملة بن المنذر:
طلبوا صلحنا ولات أوانٌ ... فأجبنا أن ليس حين بقاء
فلحا الله طالب الصلح منا ... ما أطاف المبس بالدهماء
عمرو بن الأهيم:
ليس بيني وبين قيسٍ عتاب ... غير طعن الكلى وضرب الرقاب
الزبرقان:
فلن أصالحهم ما دمت ذا فرسٍ ... واشتد قبضاً على الأسياف إبهامي
تبكيت من عرض عليه صلح فلم يقبله واستوخم عاقبته:
ابن قيس:
ومولى دعاه الغي والغي كاسمه ... وللجبن أسبابٌ تصد عن الحزم
أتاني يشب الحرب بيني وبينه ... فقلت له: لا بل هلم إلى السلم
ولما أبى أرسلت فضلة ثوبه ... إليه فلم يرجع بحزمٍ ولا عزم
فكان صريع الجهل أول مرةٍ ... فيا لك من مختار جهلٍ على علم!
ضارع يطلب الصلح:
قال المتنبي:

من أطاق التماس شيءٍ طلاباً ... واغتصاباً لم يلتمسه سؤالا

مما جاء في الهزيمة والخوف
وأن الفرار لا يقي من الموت
قال الله تعالى " قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم أينما تكونوا يدرككم الموت " وقال أمير المؤمنين يوم الجمل: إن الموت طالب حثيث لا يعجزه المقيم ولا يفوته الهارب، وإن لم تقتتلوا تموتوا، وإن أشرف الموت القتل. والعرب تقول: أجرأ من خاصي خصاف؛وكان جباراً فشهد حرباً فوقف حجزة فجاء سهم فغرز في الأرض وجعل يهتز، فبحث فرآه قد أصاب يربوعاً فقال:
لا المرء في شيء ولا اليربوع
ولا أقتل إلا بأجلي ثم حمل فخرق الصف فأنكى في القوم.
شاعر:
إن الفرار لا يزيد في الأجل
تفضيل القتل على الهرب:
قال سقراط لرجل هرب من الحرب: الهرب من الحرب فضيحة. فقال الرجل: شر من الفضيحة الموت! فقال سقراط: الحياة إذا كانت صالحة فسلم، فإذا كانت رديئة فالموت أفضل منها. ولما قتل الإسكندر ملك الهند قال لحكمائه: لم منعتم الملك من الطاعة؟قالوا: ليموت كريماً ولا يعيش تحت الذل.
الممتنع من الفرار:
امرأة من عبد القيس:
أبوا أن يفروا والقضا في نحورهم ... ولم يرتقوا من خشية الموت سلما
ولو أنهم فروا لكانوا أعزةً ... ولكن رأوا صبراً على الموت أحزما
تعيير من أثار الحرب فهرب:
عمارة بن عقيل:
ما في السوية أن تجر عليهم ... وتكون في الهيجاء أول صادرٍ
هدبة بن الخشرم:
وليس أخو الحرب الغليظة بالذي ... إذا زينته الحرب للسلم أخضعا
الحصيفي:
جنيتم علينا الحرب ثم ضجعتم ... إلى السلم لما أصبح الأمر مبهما
المعير بانهزامه:
الحجاج في كلامه: وليتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها النوازع إلى أعطانها، ألا يلوي الشيخ على بنيه ولا يسأل المرء عن أخيه؟ شاعر:
شرده الخوف فأزرى به ... كذاك من يكره جرد العلا
خراش بن الحارث:
ما أنت إلا كعيرٍ خاف ميسمه ... قد يضرط العير والمكواة في النار
آخر:
فوليت عنه يرتمي بك سابحٌ ... وقد قابلت أذنيه منه الأخادع
وقال المنصور لبعض الخوارج: عرفني من أشد أصحابي إقداماً؟فقال: لا أعرفهم بوجوههم، فإني لم أر إلا أقفاءهم.
ابن الرومي:
لا يعرف القرن وجههويرى ... قفاه من فرسخٍ فيعرفه
آخر:
وولى كما ولى الظليم من الذعر
المتنبي:
أشد سلاحهم فيه الفرار
آخر:
قد عاد بالأقبحين: الذل والفشلا
ابو تمام:
موكل بيفاع الأرض يشرفه ... من خفة الروع لا من خفة الطرب
البحتري:
تخطأ عرض الأرض راكب وجهه ... ليمنع عنه البعد ما يبذل القرب
من وصف قوماً هزمهم:
قيس بن عطيه:
وتكر أولاهم على أخراهم ... كر المخلي عن حياض المصدر
وقال: منحناهم الهزيمة ونفضنا عليهم العزيمة.
بكر بن النطاح:
ولقيتهم لقي الأعا ... جم كالجراد المرتدف
فقطعت أصلهم وقطع الأصل أقطع للطرف
الموسوي:
إذا ما لقيت الجيش أفنيت جله ... ردى ورددت الفاصلين نواعيا
ويقال: تركت لهم شق الشمال إذا هزمتهم. وقيل ذلك لأجل أن المنهزم يأخذ طريق الشمال.
شاعر:
إذا حاربوا لم ينظروا عن شمالهم ... ولم يمسكوا فوق القلوب الخوافق
ترك اتباع المنهزم:
أوصى الإسكندر صاحب جيش له فقال: حبب إلى أعدائك الهرب. قال: كيف أصنع؟قال: إذا ثبتوا جد في قتالهم، وإذا انهزموا لا تتبعهم. وقيل لأمير المؤمنين: أنت رجل مجرب وتركب بغلة، فلو اتخذت الخيل. فقال: أنا لا أفر ممن كر، ولا أكر ممن فر. وعاتب المهلب الحجاج في تركه أتباع الخوارج لما انهزموا، فكتب إليه: أما علمت أن الكلب إذا أجحر عقر.
المتأسف على من نجا ولم يؤسر:
عوف بن عطية:
ولولا علالة أفراسنا ... لزادكم القوم خزياً وعارا
امرؤ القيس:
وأفلتهن علباء جريضاً ... ولو أدركته صفر الوطاب
أبو تمام:
لولا الظلام وعلةٌ علقوا بها ... باتت رقابهم بغير قلال

فليشكروا جنح الظلام ودروداً ... فهم لدرود والظلام موال
عنترة الكلبي:
فلولا الله والمهر المفدى ... لأبت وأنت غربال الإهاب

الفار في وقت الفرار والثابت في وقت الثبات:
قال يوماً معاوية: لقد علم الناس أن الخيل لا تجري بمثلي فكيف قال النجاشي:
ونجى ابن حربٍ سابحٌ ذو علالةٍ ... أجش هزيمٌ والرماح دواني
فقال عمر: وأعياني أشجاع أنت أم جبان؟فقال: شجاع إذا أمكنتني فرصة وإن لم تكن لي فرصة فجبان. وقيل: الهرب في وقته خير من الصبر في غير وقته. وقيل: من هرب من معركة فعرف مصيره إلى مستقره فهو شجاع.
تفضيل الإحجام حيث يكون أوفق على الإقدام:
قال المهلب: غلإقدام على الهلكة تضييع كما أن الإحجام عن الفرصة عجز. وقال المتوكل لأبي العيناء: إني لأفرق من لسانك!فقال: يا أمير المؤمنين الكريم ذو فرق وإحجام، واللئيم ذو وقاحة وإقدام.
مالك الأنصاري:
أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلاً ... وأنجو إذا غم الجبان من الكرب
من هرب لما علم قلة غنائه:
هبيرة القرشي:
لعمرك ما وليت ظهراً محمداً ... وأصحابه جبناً ولا خشية القتل
ولكنني قلبت أمري فلم أجد ... لسيفي غناءٌ إن ضربت ولا نبلي
وقفت فلما لم أجحد لي مقدماً ... صدرت كضرغام هزبرٍ إلى الشبل
ثنى عطفه عن قرنه حيث لم يجد ... مساغاً له عند التصرف والختل
آخر:
أعاذل ما وليت حتى تبددت ... رجالٌ وحتى لم أجد لي مقدما
وحتى رأيت الورد يدمي لبانه ... وقد هزم الأبطال وانتثل الدما
اعتذار هارب زعم أن هربه نبوة أو قدر:
شاعر:
أيذهب يومٌ واحدٌ أن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا
ولم تبد مني نبوةٌ قبل هذه ... فراري وتركي صاحبي ورائيا
عبد الله بن غلفاء:
وليس الفرار اليوم عاراً على الفتى ... إذا عرفت منه الشجاعة بالأمس
وسمع بعض الفرس قول الشاعر:
ألم تر أن الورد عرد صدره ... وحاد عن الدعوى وضوء البوارق
فقال: عذره أشد من ذنبه، فمن قصر عن إمساك مركوبه كيف يرجى منه أن يهزم جماعة عدوه؟ نعيم التميمي:
فإن يك عاراً فلج أتيته ... فرادى فذاك الجيش قد فر أجمع
ثعلبة الباهلي:
فلا تعذلاني في الفرار فإنني ... فراري لما قد فر قبلي عامر
فإن لم أعود نفسي الكر بعدها ... فلا وألت نفسي عليها أحاذر
وقال الوليد لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: ما لك جفوت عثمان رضي الله عنه؟فقال: أبلغه أني لم أفر يوم أحد ولا تخلفت يوم بدر. فأخبرته بذلك فقال: أما فراري يوم أحد فقال يعيرني به وقد عفا الله عني حيث يقول: " إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم " ؛وأما تخلفي يوم بدر فإني كنت أمرض بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت، أخبره عني بذلك.
المتفادي من حضور الحرب:
قيل لبعضهم: لم لا تغزو؟قال: إني أكره الموت على فراشي فكيف أسعى إليه برجلي!ورأى المعتصم في بعض منتزهاته أسداً فنظر إلى رجل أعجبه زيه وقوامه وسلاحه فقال له: أفيك خير؟فعلم الرجل مراده. فقال: لا. فقال: لا قبح الله سواك!وضحك. واجتاز كسرى في بعض حروبه برجل قد استظل بشجرة، وألقى سلاحه وربط دابته فقال له: يا نذل نحن الحرب وأنت بهذه الحالة!فقال: أيها الملك إنما بلغت هذا السن بالتوقي. فقال: زه!وأعطاه مالاً.
وصف المحتج لانهزامه بخوفه من القتل:
قيل لرجل: إنك انهزمت. فقال: غضب الأمير علي وأنا حي خير من أن يرضى وأنا ميت.
زفر بن الحارث:
ألا لا تلوماني على الجبن إنني ... أخاف على فخارتي أن تحطما
ولو أنني أبتاع في السوق مثلها ... إذا شئت ما باليت أن أتقدما
آخر:
يقول لي الأمير بغير نصحٍ: ... تقدم! حين جد بنا المراس
وما لي إن أطعتك من حياةٍ ... وما لي بعد هذا الرأس رأس

وهرب الوليد من الطاعون فقيل له: قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً. فقال: ذلك القليل أطلب. وقيل لرجل يوم صفين قد انهزم: ما خبر الناس؟فقال: من صبر أخزاه الله ومن انهزم نجاه الله.
محمد بن موسى القاشاني وله أشعار كثيرة في الدلالة على وجوده:
أنا المحصون من كتب المغازي ... إذا قرئت سرى فيها قراني
أرى في النوم سيفاً أو سناناً ... فأسلح في الفراش على المغاني
أبو الغمر:
باتت تشجعني عرسي وقد علمت ... أن الشجاعة مقرونٌ بها العطب
للحرب قومٌ أضل الله سعيهم ... إذا دعتهم إلى مكروهها وثبوا
ولست منهم ولا أهوى فعالهم ... لا الجد يعجبني منهم ولا اللعب
بنت الطرماح:
فتنةٌ يسعى لها جهالها ... أكلب النار فدعها تقتتل

المؤثر الدعة على الحرب:
أبو العتاهية: دخلت أنا وأبان على عنان وهي في خيش فقلت: إن العيش خيش. فقالت: لا قتال وجيش.
زيد الخيل:
تذكر حصنه لما رآني ... أقلب آلةً مثل الهلال
الهذلي:
عقوا بسهمٍ فلم يشعر به أحدٌ ... ثم استفاقوا وقالوا: حبذا الوضح!
الهارب عن قومه:
قيل: الشجاع يقاتل من لا يعرفه، والجبان يفر من عرسه، والجواد يعطي من لا يسأله، والبخيل يمنع من نفسه.
شاعر:
يفر جبان القوم عن أم نفسه ... ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه
حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة ولجام
أبو تمام:
أجدى قرابيسه صرف الردى ونجا ... بحيث أنجى مطاياه من الهرب
وله:
ونجا ابن خانية البعولة لو نجا ... بمهفهف الكشحين والآطال
ترك الأحبة سالياً لا ناسياً ... عذر النسي خلاف عذر السالي
من نجا وقد استولى عليه الخوف:
شاعر:
فإن ينج منه الباهلي فإنه ... قطيع نياط القلب دامي المقاتل
أبو تمام:
من مشرق دمه في وجهه بطل ... أو ذاهل دمه في الرعب قد نزفا
فذاك قد سبقت منه القنا جزعاً ... وذاك قد سبقت منه القنا نطفا
غيره:
وما نجا من شفار البيض منفلتٌ ... نجا ومنهن في أحشائه فزع
وقيل لمنهزم: كيف فلان؟فقال : قتل! قيل: ففلان؟ قال: قتل!قيل: هل لك في سويق تشربه؟قال: السويق قتل!وقيل لرجل قد تعرض له الأسد فأفلت منه: كيف حالك؟قال: سلمت غير أن الأسد خرئ في سراويلي.
عابدة المهلبية:
فإن ثبتوا فعمرهم قصيرٌ ... وإن هربوا فويلهم طويل
المتبجح بإثارة الحرب والانهزام:
شاعر:
وكتيبةٍ لبستها بكتيبةٍ ... حتى إذا التبست نفضت لها يدي
فتركتهم نفض الرماح ظهورهم ... من بين منجدلٍ وآخر مسند
فقال أبو القاسم الدميري: هذا كقول الله سبحانه وتعالى: " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريءٌ منك " .
المتبجح بأنه عدا لما رأى العدى:
تميم بن أسد الخزاعي:
لما رأيت بني نفاسة أقبلوا ... يغشون كل وتيرةٍ وحجاب
ونشيت ريح الموت من تلقائهم ... وخشيت وقع مهند قرضاب
رفعت رجلاً لا أخاف عثارها ... ونبذت بالمتن العراء ثيابي
تسلية المنهزم:
لما انهزم أمية بن عبد الله لم يدر الناس كيف يهنئونه او يعزونه، فدخل عبد الله بن الأهتم فقال: الحمد لله الذي نظر لنا عليك ولم ينظر لك علينا، فقد تقدمت للشهادة بجهدك، ولكن علم الله حاجة الإسلام إليك فأبقاك له.
المتنبي يعتذر عن سيف الدولة في هزيمة وقعت له:
قل للدمستق: عن المسلمين لكم ... خافوا الأمير فجازاهم بما صنعوا
لا تحسبوا من أسرتم كان ذا رمقٍ ... فليس تأكل إلا الميت الضبع
وإنما عرض الله الجنود لكم ... لكي يكونوا بلا فشلٍ إذا رجعوا

فكل غزوٍ إليكم بعد ذا فله ... وكل غازٍ لسيف الدولة التبع

المظهر الشجاعة خارج الحرب والجبن فيها:
قيل لبعضهم: ما النذالة؟قال: الجراءة على الصديق والنكول عن العدو. ولهذا باب في غير هذا الموضع.
الجبن:
في المثل: هو أجبن من صفرد ومن صافر؛قيل: هو طائر يتعلق برجليه في شجرة خشية أن ينام فيؤخذ. وأحذر من عقعق وأشرد من ظليم.
عبد قيس بن خفاف:
وهم تركوك أسلح من حبارى ... رأت صقراً وأشرد من ظليم
وأجبن من المتروف ضرطاً؛هو رجل كان إذا نبهته امرأته للصبوح يقول: لو نبهتني لغارة!فجاءته يوماً تنبهه وقالت: الخيل، فجعل يقول الخيل؛ويضرط حتى مات. قال الله تعالى: " يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو " فهذا مبالغة في وصف الفزع. وسأل عبد الملك محمد بن عميرة عن بعض الأمراء فقال: تركته مشفقاً على حياته محتاجاً إلى طولها.
آخر:
قطيع نياط القلب دامي المقاتل
أبو تمام:
حيران يحسب سجف النقع من دهشٍ ... طوداً يحاذر أن ينقض أو جرفا
من ذكر خور نفسه:
أتى الحجاج برجل من أصحاب ابن الأشعث فقال له: أسألك أن تقتلني وتخلصني!فقال له الحجاج: لمه؟ فقال: إني أرى كل ليلة في المنام أنك تقتلني!وقتلة واحدة خير؛فضحك وخلى سبيله.
شاعر:
لقد خفت حتى لو تمر حمامةٌ ... لقلت: عدوٌ أو طليعة معشر
آخر:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصوت إنسان فكدت أطير
ولما قال عرابة بن سلامة:
وددت مخافة الحجاج إني ... من الحيتان في لجٍ أعوم
قيل له: أقويت؟فقال: الأقواء بين عقلي ونفسي أكبر من ذلك.
من ضاقت عليه الدنيا من المخافة:
كتب مروان إلى بعض الخوارج: إني وإياك لكالزجاجة والحجر، إن وقع عليها رضها، وإن وقعت عليه قضها. قال: واستضعف ابن شبرمة رجلاً فقال: أنت حجة خصمك وسلاح عدوك وفريسة قرنك.
المتكلح من المخافة:
الخائف إذ أفرط به خوفه تقلصت شفته.
الأعشى:
وإذا العوالي أخرجت أقصى ألم ... كلح الفتى جزعاً ولم يتبسم
شيوع المخافة في الناس:
قال الله تعالى " يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت " وقال حسان:
تشيب الناهد العذراء منها ... ويسقط من مخافتها الجنين
مما جاء في التلصص وما يجري مجراه
السرقة:
قيل : فلان أسرق من ذبابة ومن عقعق ومن شظاظ؛وهو رجل موصوف بالسرقة. وقيل: فلان لو خلا بالكعبة لسرقها. وقيل: لص شص على الأتباع. ومن الموصوف بالسرقة شيبان بن شهاب كان يجمع القراد في دبة فيأتي بها عطن الإبل إذا استقرت فيه فيفتحها ثم يرسلها، فتتبدد الإبل فيسرقها.
ومنه قول الشاعر:
وأوصى جحدرٌ قدماً بنيه ... بإرسال القراد على البعير
أصناف اللصوص:
قال عثمان الخياط: السارق في الحضر والسفر خمسة: المحتال، وصاحب ليل، وصاحب طريق، والنباش والخناق، فالمحتال اسم لمن لا يعمل إلا بحيلة ولا يقتل فهو لا يعرف بالصبر والنجدة، واللصوص يبهرجونهم ولا يستصحبونهم، وأما صاحب الليل فالنقاب والمتسلق والمكابر وأشباه ذلك، والنباش معروف؛وأما الخناق فما منهم واحد إلا وهو صاحب بعج ورضخ، والرضخ إنما يكون في الأسفار، ويصحب الرجل المنفرد من الرفقة ومعه حجران أملسان ملمومان قدر ملء الكف، فإن قدر عليه ساجداً أو نائماً، وإلا فقائماً فيعمد إلى صماخه ولا يخطئ ، وأكثرهم لا يرضى بالقتل مخافة المطالبة، وتعين ناس منهم شيخاً معه مال، وكان لا ينزل إلا بين القوم فلما أعياهم أمره وكادوا يبلغون المنزل وخافوا الفوت، وجدوا تشاغلاً من القوم فألقى أحدهم الوتر في عنقه وغطاه بثوبه، وأذن في أذنه فأخذ المخنوق يخور، فاجتمع القوم فقالوا: ما لكم والرجل خلوا عنه. فقالوا سلوا ربكم العافية وتباعدوا عنه، فإنه إذا أفاق ورآكم استحيا، فلما رأوه قد برد قالوا: دعوه قد نام وفي النوم راحته. ولما تفرق القوم أخذوا المال وتركوه. ومن الخناقين من يحمل الرجل إلى داره بحيلته، فإذا ألقى الوتر في عنقه ضرب أصحابه الطبل والصنج، وتصايحوا كما يفعل النساء في البيوت ليخفى صوته.
عونة اللصوص:

العين والمؤتي والشاغل والطراز، فالعين الذي يلزم الصيارف يتأمل كل مال محمول يأتي السفن، فيتعرف موضع الحرز ويأتي دار قوم يتطلب أنه يتوضأ، فيتعرف خزائنهم والموضع الذي يقصدون منه. والمؤتي الذي يتولى البيع والإبتياع لهم، ويجعل عند ذلك كأنه أمير قرية أو زعيم محلة، والشاغل هو الذي يشغل القوم عن اللص، والطراد إذا ظفروا به يجيء اللص فيضربه ما لا يضربه السلطان. ويقول: هذا والله صاحبي هو الذي ذهب بمالي، ويضربه ويحتال بذلك حتى يتشاغل عنه القوم، فإذا تشاغلوا عنه أفلته وتأسف مع القوم.

المتبجح بالتصعلك المتشوق إليه:
قال عروة بن الورد:
أقيموا بني لبنى صدور مطيكم ... فإن منايا القوم شرٌ من الهزل
لعل انطلاقي في البلاد وبغيتي ... وشدي حيازيم المطية بالرحل
سيدفعني يوماً إلى رب هجمةٍ ... يدافع عنها بالعقوق وبالبخل
آخر:
وأني لأستحيى من الله أن أرى ... أطوف بحبلٍ ليس فيه بعير
وأسأل ذياك البخيل بعيره ... وبعران ربي في البلاد كثير
بعض اللصوص:
وكم بيتٍ دخلت بغير إذنٍ ... وكم مالٍ أكلت بغير حل
آخر:
وعيابة للجود لم تدر أنني ... بإنهاب مال الباخلين موكل
غدوت على ما أحتازه فحويته ... وغادرته ذا حيرةٍ يتململ
وقيل لأعرابي أتسرق بالنهار؟قال:
معاذ الله من سرقٍ بليلٍ ... ولكني أجاهر بالنهار
وقال بعض الخراب والخارب سارق الإبل خاصة:
أيذهب بارح الجوزاء عني ... ولم أذعر هوامل بالستار؟
وإنما قال ذلك لأن البارح يعفى الأثر فيأمن أن يقتص أثره فيؤخذ.
ولبعض لصوص التمر:
ألا يا جارنا باباض إنا ... وجدنا الريح خير منك جارا
يخبرنا إذا هبت علينا ... وتملأ وجه ناظركم غبارا
تحسين التلصص والتبجح به:
قال عثمان الخياط: لم تزل الأمم يسبي بعضهم بعضاً ويسمون ذلك غزواً، وما يأخذونه غنيمة، وذلك من أطيب الكسب، وأنتم في أخذ مال الغدر والفجرة أغدر، فسموا أنفسكم غزاة كما سمى الخوارج أنفسهم سراة وأنشد:
سأبغي الفتى إما جليس خليفةً ... يقوم سواءً أو مخيف سبيل
وأسرق مال الله من كل فاجرٍ ... وذي بطنةٍ للطيبات أكول
وقالوا: اللص أحسن حالاً من الحاكم المرتشي والقاضي الذي يأكل أموال اليتامى.
التجسير على التلصص:
عثمان الخياط: جسروا صبيانكم على المخارجات وعلموهم الثقافة، وأحضروهم ضرب الأمراء أصحاب الجرائم لئلا يجزعوا إذا ابتلوا بذلك، وخذوهم برواية الأشعار من الفرسان، وحدثوهم بمناقب الفتيان وحال أهل السجون وإياكم والنبيذ فإنها تورث الكظة وتحدث الثقل، ودعوا إلى البول والنوم ولا سيما بالليل، ولا بد لصاحب هذه الصناعة من جراءة وحركة وفطنة وطمع، وينبغي أن يخالط أهل الصلاح ولا يتزيا بغير زيه.
استعمال الظرف في التلصص:

حكي عن عثمان الخياط أنه إنما سمي خياطاً لأنه نقب على أحذق الناس وأبعدهم في صناعة التلصص، وأخذ ما في بيته وخرج وسد النقب كأنه خاطه فسمي بذلك. وحكى أنه قال: ما سرقت جاراً وإن كان عدواً، ولا كريماً ولا كافأت غادراً بغدره. وقال لأصحابه: إضمنوا لي ثلاثاً أضمن لكم السلامة: لا تسرقوا الجيران واتقوا الحرم ولا تكونوا أكثر من شريك مناصف، وإن كنتم أولى بما في أيديهم لكذبهم وغشهم وتركهم إخراج الزكاة، وجحودهم الودائع. وخرج سليمان وكان من أجلد هذه العصابة ليلة بأصحابه إلى دار بعض الصيارفة فاختفوا، فلما أرادوا الإنصراف قال بعض أصحابه: دعنا نقم على مفارق الطرق لنأخذ من بعض المارة نفقة يومنا، فقال: على أن لا تبطشوا بهم، فقالوا: وهل يفعل ذلك إلا الجبان؟فبينما هم كذلك إذ مر شاب ذو هيئة، فلما قرب سلم عليهم فرد عليه بعضهم السلام، فقام إليه بعضهم فقال رئيسهم: دعه فإنه سلم ليسلم وأجابه بعضكم فصار له ذمة بذلك، قالوا: فنخلي سبيله، قال: أخاف عليه غيركم، ليذهب معه ثلاثة يوصلونه إلى منزله ففعلوا فلما بلغ دفع لهم مالاً وقال: لأحوطنكم بمالي وجاهي لما عاملتموني به. فلما عادوا بالدراهم قال رئيسهم: هذا أقبح من الأول تأخذون مالاً على قضاء الذمام والوفاء بالعهد، لا أبرح أو تردوا إليه المال!فقالوا: قد افتضحنا بالصبح. فقال: لئن نفتضح بالصبح خير من تضييع الذمام وقال: ما خنت ولا كذبت منذ تفتيت.

المتبجح منهم بالصبر على الضرب:
أبو معن الزنحي وكان النظام يقول: لو ادعى النبوة وإن معجزته الصبر على الضرب بالسياط لأدخل عليهم به شبهة عظيمة. وقال عثمان الخياط: ضربته يوماً بشمراخ رطب، فالتوى التواء الحية وكاد يواثبني فقلت: إنك لم تتعمد أحسبت أن صبري على السياط طبيعة، إنما هو الكظم والصبر على قدر النظارة، ألا ترى أنه قيل: أصبر الناس من ضرب في السجن خمسين سوطاً، لأنه إذا لم يكن من يمدحه تألم، وإذا كان بين الناس بحيث يرونه فهو العزم والمروءة والقيام بالفتوة. وقال بعضهم: ضربت بالمدينة ثلاثين حداً على ثلاثين سكراً فما قلت حس، وأن أحدكم ليتألم من دون حد. قيل لبعضهم: من أصبر من رأيت؟فقال: عرفت صبر الهند على النيران، وصبر الأعراب على مد الأعناق لسيوف السلطان، وصبر السند على قطع الآذان وجدع الأنوف، ولم أر أصبر من الفتيان تحت الضرب، والثاني ربما يزهق في ألف درهم وعنده عشرة آلاف، فيضرب سوطا ًأو سوطين فيخرج عن أهله وعشيرته.
فعل الطرارين:
أتى بعضهم بزازاً في غدوة، وهو فارس مع غلام فقال: ائتني بجراب بلخي وجراب مروي وعجل، وخذ الثمن، فأخرج ذلك وساومه وأطمع التاجر وقال: ائتني بآخر. فلما دخل الحانوت قال: ما أضيع متاعكم وأنتم تسخرون بالناس، لو أن إنساناً أخذ متاعك هذا وقفل الباب هكذا ما كنت تفعل؟فحرك التاجر الباب يظن أنه يلعب فإذا هو قد مر إلى الساعة. ودخل آخر على قوم فقال أحدهم: ما في الدنيا أعجب من فلان ترمي بخاتمك في الهواء فإن شئت أتاك به وإن شئت بغيره فقال : أنا أريكم ما هو أعجب من هذا، هاتوا خواتيمكم فأخذها كلها فجعلها في أصابعه وجعل يمشي القهفرى ويصفر، وينظر إلى عين الشمس حتى غاب عن أعينهم فطلبوه فلم يجدوه، فقالوا: هذا والله أعجب!وصلى بعضهم مع قوم فلما سجدوا تناول نعلاً كأنه يريد أن يقتل عقرباً، فضرب بهائم الآخر ليساره كأنه يريد أن يتناولها فيرمي بها ويعود إلى الصلاة، فمر بالنعل. واكترت امرأة داراً ثم أظهرت أنها تريد تجصيصها لأنها تريد أن تزوج فيها ابنها، فاكترت أجراء وأخذت من الجيران آلات، وجمعت متاع الأجراء والآلات في بيت ثم ذهبت. وقال بعضهم: دخلت مسجداً مع صاحب لي، فنام ووضع عنده عمامته، فإذا أنا برجل قد دخل فأخذ العمامة وجعل يضحك في وجهي، وهو واضع سبابته على فمه، كأنه يقول: اسكت وجعل يتراجع القهقرى، وأرى أنه يلاعبنا فمر فانتبه صاحبي فقلت كان كذا فطلبناه فلم نجده.
المفتخر بصعود المراقب:
ربيعة بن مقروم:
ومربأة أوفيت جنح أصيله ... عليها كما أومى القطامي مرقبا
ربيبة جيشٍ أو ربيبة مقنب ... إذا لم يقد وغد من القوم مقنبا
أبو نواس:
رب فتيان ربأتهم ... مسقط العيوق من سحره

فأتقوا بي ما يريبهم ... إن تقوى الشر من حذره

نوادر لمن سرق له شيء:
سرق لرجل درهم فقيل له: إنه في ميزانك. فقال: قد سرق مع الميزان. وسرق لآخر خرج فقيل له: لو قرأت عليه آية الكرسي لم يسرق. فقال: إنه كان فيه مصحف تام. وسرق لبعضهم بغل فقال أحد اصحابه: الذنب لك في إهماله، وقال بعضهم: الذنب للسايس، فقال هو: يا قوم واللص ما له ذنب؟وسئل بعضهم: إلى أين ؟فقال: إلى الكناسة لأشتري حماراً؛فقال له رجل: قل إن شاء الله. فقال: وما وجه الإستثناء؟الدراهم في كمي والحمير في الكناسة؛فلما ذهب سرقت منه الدراهم فعاد فقيل له: ما الذي فعلت؟قال: سرقت الدراهم إن شاء الله!وطرق لص عجوزاً فلما دخل خباءها وأحست به قالت رافعة صوتها: يا نفس لو تزوجت زوجاً ، فأولدك ثلاث بنين، فسميت أحدهم عمرا، والآخر بكرا، والآخر صقرا، يا نفس ما أصنع بهم وأخشى أن يموتوا فأندبهم فأقول: واعمراه وابكراه واصقراه!ورفعت صوتها، وكان لها جيران يسمون بهذه الأسماء فجاؤوها فقالت: دونكم اللص. وسرق بعضهم حماراً وذهب ليبيعه فسرق منه؛فقيل: بكم بعته؟فقال: برأس المال!ودفع بعضهم وكان قفافاً دراهم إلى بعض الصيارف فقف منه الصيرفي شيئاً فقال:
عجبت عجيبةً من ذئب سوءٍ ... أصاب فريسةً من ليث غاب
وإن أخدع فقد يخدع ويؤخذ ... عناق الطير من جو السحاب
فقف بكفه سبعين منها ... من البيض المنقشة الصلاب
حد السرقة:
قال الله تبارك وتعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " وقال النبي صلى الله عليه وسلم " يقطع السارق في ربع دينار " . وروي: لا قطع إلا في عشرة. وقال أيضاً: لا قطع في ثمر ولا كثر. وروى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ليس على المختلس والمنتهب والخائن. وأتى صفوان حضرة النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد سرق رداءه، فأمر بقطعه؛قال صفوان: أتقطعه في ردائي؟قال: نعم. قال: قد تصدقت به عليه. قال: هلا قبل أن تأتيني به؟وأتى معاوية بسارق فأمر بقطعه، فجاءته أمه وسألته أن يعفو عنه، فقالت: هو واحدي وكاسبي. فقال: إنه حد من حدود الله تعالى لا نقدر على إبطاله!فقالت: اجعله بعض ذنوبك التي تستغفر الله منها؛فأمر بتخليته.
رد ذاعر بحيلة:
أقبل واصل في رفقة فأحسوا بخوارج فقال لأصحابه: دعوهم لي. فخرج إليهم فقالوا له: ما أنتم؟قال: مشركون مستجيرون بكم يا قوم. قالوا: قد أجرناكم. فقالوا: علمونا. فعلموهم الأحكام، فقال إن الله تعالى يقول: " وإن أحداً من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " ، فأبلغونا مأمننا فقالوا: هذا لكم فساروا معهم حتى أبلغوهم. وكان الخوارج حين دخلوا الكوفة فانتهوا إلى أبي حنيفة رضي الله عنه فانتضوا سيوفهم فقالوا: يا عدو الله ما أحد منا إلا وقتلك عنده أحب إليه من عبادة سبعين سنة، وقد جئناك بمسألتين فإن أجبت عنهما وإلا أرقنا دمك!فقال: أنصفوني اغمدوا السيوف فإن بريقها يهولني، فأبوا فقال: تكلموا، فقالوا: جنازتان على باب المسجد: أحدهما جنازة شارب خمر شربها فمات فيها غرقاً، والأخرى جنازة زانية حبلت وشربت دواء فقتلت جنينها وماتت. فقال: أمن النصارى كانا أم من اليهود؟قالوا: لا. قال: فمن أي الملل كانا؟قالوا: ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله؛قال: فما يشهدان به من الكفر أم من الإيمان؟قالوا: من الإيمان. قال: أقول كما قال نوح عليه السلام في قوم كانوا أعظم جرماً منهم: " وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي " أو ما قال إبراهيم " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم " أو ما قال عيسى " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " وأقول ما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " ولا أعلم الغيب ولا أقول أني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً، الله أعلم بما في أنفسهم إني إذاً لمن الظالمين " . فألقى القوم أسلحتهم وقالوا: تبرأنا مما كنا عليه. ولقي خارجي شيطان الطاق فقال له: ما تقول في علي وعثمان؟فقال: أنا من علي ومن عثمان بريء. يعني أن علياً بريء من عثمان، وكان شيعياً.
من تخلص بسخف أو رقاعة:

خرج داود المصاب وكان معه دراهم، فتبعه قوم فصاحوا به: ألق ما معك يا مجنون!فقال: نعم. فجلس وخرئ وقال: ما معي وحياتكم غير هذا. وأخذ لصوص قوماً في طريق وقالوا: أنتم بلعتم الدنانير فاجلسوا واخرأوا، فأعجز أحدهم الخراء فرأى سرقيناً يابساً فجلس عليه فقالوا له: أنت تخرأ سرقينا. فقال: الغريب مسكين أيش يمكنه يخرأ إلا مثل هذا؟فضحكوا وخلوا سبيله. ومما يدخل في الفصل قول جرير بن عبد الحميد: سرقت من شيخ إوزة، فشكا ذلك إلى سليمان بن داوود عليهما السلام، فخطب الناس فقال: ما بال أحدكم يسرق إوزة جاره وريشها على رأسه؟فمد رجل يده إلى رأسه كأنه يمسحه، فدعاه وقال له: أد إوزة صاحبك!

مما جاء في الحبس والقيد والضرب
وغيرها
السجن وضيقه والتشديد فيه:
كتب بعضهم على باب السجن: هذه قبور الأحياء وتجربة الأصدقاء وشماتة الأعداء. وكتب تحته: ما يدخل أحدهم السجن إلا إذا قيل لهم فيم حبستم لقالوا مظلومين. وأمر بحبس ابن أبي علقمة في دعوى فقال: دعني آتي البيت لحاجة، فلم يترك فتمثل بقول الله تعالى " فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون " فدخل السجن فقال: ما سلككم في سقر؟قالوا: لم نك من المصلين، فالتفت فرأى المهلب فقال: من فعل هذا بآلهتنا؟ودخل أعرابي إلى السجن فوجد على بابه تنزو وتلين؛فقال:
ولما دخلت السجن كبر أهله ... وقالوا: أبو ليلى الغداة حزين!
وفي الباب مكتوبٌ على صفحاته ... بأنك تنزو ثم سوف تلين
شاعر:
وبت بأحصنها منزلاً ... ثقيلاً على عنق السالك
ولست بضيفٍ ولا في كراء ... ولا مستعيرٍ ولا مالك
وقال في السجن:
خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها ... ولسنا من الأحياء فيها ولا الموتى
إذا طلع السجان وقتاً لحاجة ... عجبنا وقلنا: جاء هذا من الدنيا
وسمع الجماز محبوساً يقول: اللهم احفظني. فقال: قل اللهم ضيعني فإن حفظه لك أن يبقيك فيه.
من شدد عليه من المحبسين:
خرج الحجاج يوماً إلى الجامع فسمع ضجة عظيمة فقال: ما هذا؟قالوا: أهل السجن يضجون من الحر. فقال: قولوا لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون. وأحصي من قتلهم الحجاج سوى من قتل في بعوثه وعساكره فوجد مائة وعشرين ألفاً، ووجد في حبسه مائة ألف وأربعة عشر ألف رجل، وعشرون ألف امرأة، منهن عشرة آلاف امرأة مخدرة وكان حبس الرجال والنساء في مكان واحد، ولم يكن في حبسه سقف ولا ظل، وربما كان الرجل يستتر بيده من الشمس فيرميه الحرس بالحجر، وكان أكثرهم مقرنين بالسلاسل وكانوا يسقون الزعاف ويطعمون الشعير المخلوط بالرماد ولبى رجل في الحبس في زمن المأمون فرفع إليه خبره فوقع، أظن هذا قصد خلاف نيته وأظهر ضد عزيمته، وقد أخطأت استه الحفرة، وإذا حرم الحج بسوء تدبيره فلن يقدم فتوى صادقة من فريضة محكمة وهو محصر وعليه الهدى، فليؤخذ بتعجيله ولا يرخص له في تأخيره. قال يعقوب بن داود: حبسني المهدي في مكان لا أعرف فيه الليل من النهار في بئر واسعة، وفيها بئر أخرى أتغوط فيها، وأعطى في كل يوم ماء وخبزاً حتى عفا شعري وصار أطول من شعر البهائم، حتى مضت إحدى عشرة سنة فأتاني آت في منامي فقال: حنى على يوسف رب فأخرجه من قعر جب فحمدت الله، فإتى على ذلك سنة ثم أتاني ذلك الآتي فقال:
عسى فرجٌ يأتي به الله إنه ... له كل يومٍ في خليقته أمر
ثم مكثت حولاً آخر فأتاني ذلك الآتي فأنشدني:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرجٌ قريب
فيأمن خائفٌ ويفك عانٍ ... ويأتي أهله النائي الغريب
فلما أصبحت دلي لي مرس فشددت به وسطي فخرجت ما أبصر أحداً فقلت: السلام على أمير المؤمنين. قيل: ومن أمير المؤنين؟قلت: المهدي. قالوا: رحم الله المهدي. قلت: الهادي. قالوا: رحم الله الهادي. قلت: فمن؟قالوا: الرشيد. قلت: السلام على أمير المؤمنين الرشيد. فقال: وعليك السلام بخمسمائة ألف ورد علي ضياعي فعولجت حتى عاد ضوء عيني، فاستأذنته في الحج فأذن لي. فمضى إلى الحج ومكث حتى توفي.
تصبر المحبوس وانتظاره الفرج:
لما حبس يحيى وقيد قال:
وإني من القوم الذين يزيدهم ... علواً وفخراً شدة الحدثان

فقيل: في هذا الوقت تقول هذا؟فقال: من مات قبل أجله حتى أكونه؟كتب رجل في السجن إلى الرشيد: ما مر يوم من نعيمك إلا ومر معي يوم من بؤسي والأمر قريب والسلام.
وإن خلاخيل الرجال قيودها
قال العوام بن حوشب: صبحنا إبراهيم التميمي إلى سجن الحجاج فقلنا ما حاجتك؟فقال: حاجتي أن تذكرني إلى الرب الذي فوق الرب الذي أمر يوسف أن يذكر عنده. ولما حبس المأمون إبراهيم بن المهدي في يد أحمد بن أبي خالد أخذ في الصلاة والعبادة، فدخل عليه أحمد فقال: أمجنون تريد أن يقول المأمون هو يتصنع للناس فيقتلك؟قال: فما الرأي؟قال: أن تشرب وتطرب وتحضر القيان. فأخذ في ذلك ثم دخل أحمد على المأمون فقيل له: ما خبر النادر؟قال: أصون سمع أمير المؤمنين أن أخبره بما هو فيه. فقال: ما هو؟قال: مكب على الشرب والجواري وتعاطي الجسارة!فقال: والله لقد شوقتني إليه؛فكان ذلك سبباً لرضاه عنه.
وقال علي بن الجهم:
قالوا: حبست؟فقلت: ليس بضائري ... حبسي وأي مهندٍ لا يغمد؟
أو ما رأيت الليث يألف غيله ... كبراً وأوباش السباع تردد؟
والبدر يدركه السرار فينجلي ... أيامه وكأنه متجدد
ولكل حالٍ معقبٌ ولربما ... أجلى لك المكروه عما يحمد
والحبس ما لم تغشه لدنيئةٍ ... شنعاء نعم المنزل المتودد!
بيتٌ يجدد للكريم كرامةً ... ويزار فيه ولا يزور ويحمد
أبو فراس:
ولله عندي في الأسار وغيره ... مواهب لم يخصص بها أحدٌ قبلي
فقل لبني عمي وأبلغ بني أبي ... بأني في نعماء يشكرها مثلي
وما شاء ربي غير نشر محاسني ... وأن يعرفوا ما قد عرفت من الفضل
أعرابي حبس:
ولا تحبسا حبس اليمامة دائماً ... كما لم يدم عيشٌ بحزن أبان
المكبل الهزلي:
ويمر في العرقات من لم يقتل
أبو تمام:
وللحديد سخابٌ في مقلده ... وفي مخلد ساقيه خلاخيل
وقيل: فلان راكب أدهم يوسف فيه إذا قيد.
المعدل:
وقد سرني أن بات في الكبل راسفاً ... تغنيه في داجي الظلام صلاصله
فإن يظفر الإسلام منه بثأره ... فقدماً إلى الإسلام دبت غوائله

معرفة أهل السجون بالأخبار:
حكي أن يوسف عليه السلام دعا لأهل السجون فقال: اللهم عطف عليهم قلوب الأخيار ولا تخف عليهم الأخبار؛فببركته عليه السلام هم أعلم الناس بكل خبر في كل بلد.
الهارب من السجن:
كان الكميت في سجن بني أمية، فلما هرب قال:
خرجت خروج القدح قدح ابن مقبلٍ ... على الرغم من تلك النوائج والمسلي
علي ثياب الغانيات وتحتها ... عزيمة رأي أشبهت سكة النصل
الفرزدق في ابن هبيرة حين نقب سجن خالد بن عبد الله:
ولما رأيت الأرض قد سد ظهرها ... ولم تر إلا بطنها لك مخرجا
دعوت الذي ناداه يونس بعدما ... ثوى في ثلاث مظلمات ففرجا
خرجت ولم تمنن عليك شفاعةٌ ... سوى ربد التقريب من آل أعوجا
استطلاق أسير أو محبوس والرغبة في الحبس:
الحطيئة لما حبسه عمر رضي الله عنه في سبب الزبرقان وهجائه إياه:
ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخ ... زغب الحواصل لا ماءٌ ولا شجر
حبست كاسبهم في قعر مظلمةٍ ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر
الحارثي:
أفكك أسيرك والتمس فكاكه ... حسن الجزاء بصالح الأعمال
الصابي في المطهر لما قيد وحبس:
لساني في نشر المدائح مطلقٌ ... وساقي في قبر المحابس موثق
وحلمك يأبى الجمع ما بين ذا وذا ... فحتى متى بين الفريقين أفرق؟
وأتى المنصور برجل جانٍ فأمر بقتله فقال: إن الله أعظم سلطاناً منك وعاقب بالخلود لا بالفناء؛فأمر بحبسه. كتب أبو ثوابة إلى قوقارة يقول: ما رأيك أبقاك الله في المصير إلى الحبس موفق إن شاء الله! فكتب قوقارة تحته: لا رأي لي في ذلك.
تهنئة مطلق من الحبس:
البحتري:

وما هذه الأيام إلا مراحلٌ ... فمن منزلٍ رحبٍ إلى منزلٍ ضنك
وقد هذبتك النائبات وإنما ... صفا الذهب الإبريز قبلك بالسبك
أما لك في الصديق يوسف أسوةٌ ... لمثلك محبوس على الظلم والإفك
أقام جميل الصبر في السجن برهةً ... فآل به الصبر الجميل إلى الملك

المصلوب:
مرت امرأة بجعفر بن يحيى وقد صلب فقالت: لئن صرت اليوم راية لقد كنت بالأمس غاية. وقيل لأعرابي: إن الخليفة صلب فلاناً. فقال: من طلق الدنيا فالآخرة صاحبته، ومن فارق الخز فالجذع راحلته.
أبو تمام:
بكروا وأسروا في متون ضوامرٍ ... قيدت لهم من مربط النجار
سود الثياب كأنما نسجت لهم ... أيدي السموم مدارعاً من قار
لا يبرحون ومن رآهم خالهم ... أبداً على سفرٍ من الأسفار
ابن سلكة:
كأنه شلو شاةٍ والهواء له ... تنور شاويةٍ والجزع سفود
آخر:
يظل في منزل أناف به ... مستضحكاً لا يطيق ضم فمه
تنتابه الطير والنسور وما ... يبخل عنها بلحمه ودمه
عوفي من ضمة الضريح ومن ... نقل الثرى والثواء في رحمه
وقال أعرابي وقد صلب صاحب له:
من مبلغ الحسناء أن خليلها ... بأرض الأعادي فوق إحدى الرواحل
على ناقةٍ لم يضرب الفحل أمها ... مشذبةٍ أطرافها بالمناجل
الأخطل:
كأنه عاشقٌ قد مد بسطته ... يوم الفراق إلى توديع مرتحل
أو قائم من نعاسٍ فيه لوثته ... مداومٌ لتمطيه من الكسل
أبو تمام:
سامٍ كأن العز يجذب ضبعه ... وسموه من ذلةٍ وسفال
مسلم:
جعلته حيث ترتاب الظنون به ... وتحسد الطير فيه أضبع البيد
تعدو السباع فترميه بأعينها ... يستنشق الجو أنفاساً بتصعيد
جارية محمود الوراق وقد أكثرت في وصف ذلك في بابك:
على مركبٍ خشن ظهره ... طويل الوقوف بطيء المسير
تظل الذئاب وعرج الضباب ... بعقوته حسداً للطيور
فأسفله مأتمٌ للسباع ... وذروته عرسٌ للنسور
المضروب بالسياط:
الفرزدق:
لعمري لقد صبت على ظهر خالدٍ ... شآبيب ما استهللن من سبل القطر
آخر:
كأنما جلده والسوط يأخذه ... قطنٌ تطاير عن قضبان نداف
الببغا في لص جعل على رأسه برنس فطوق به:
وبدل من تاج العمامة برنساً ... يبالغ في تقويمه وهو مائل
أمال به طولاً سوى الجسم وهو من ... زيادته في طوله متضائل
الحد الخامس عشر
في التزويج والأزواج والطلاق والعفة والتديث
ما جاء في النكاح والطلاق
وأحوال الأزواج وسياستهن
حث الرجل على التزوج:
قال الله تعالى " فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما مطلاقاً مذواقاً، فقيل له في ذلك فقال: إن الله تعالى علق بهما الغنى فقال: " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " ، وقال: " وأن يتفرقا يغن الله كلا من سعته " . فأنا أتزوج للغنى وأطلق للغنى. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: ألك زوج؟قال: لا. قال: وأنت صحيح سليم؟قال: نعم. قال: إنك إذاً من إخوان الشياطين عن شراركم عزابكم، وإن أرذل موتاكم عذابكم، إن المتزوحين هم المبرؤون من الخنا، والذي نفسي بيده ما للشيطان سلاح في الصالحين من الرجال والنساء، أبلغ من ترك النكاح.
شاعر وأجاد:
إذا لم يكن في منزل المرء حرةٌ ... تدبره ضاعت مصالح داره
وفي رواية: رأى ضيعة فيما تولد الولائد.
الحث على التزوج أيام الشباب:

مر ملك من ملوك العجم بشيخ يعمل في أرض فقال له: أيها الشيخ هلا أدلجت فيكون من ذلك ما يكفيك؟فقال: أدلجت ولكن القضاء لم يدلج. فقال: اكتم كلامنا هذا حتى تراني. ثم انصرف الملك فأحضر وزيره وقال: ما معنى كلام الشيخ؟قيل له كذا فاجاب كذا، وقد أنظرتك حولاً، فجعل الوزير يسأل الناس ولا يجيبه أحد حتى وقع بالشيخ فسأله، فقال له: إن الملك استكتمني الأمر حتى أراه، فبذل له عشرة آلاف درهم، فقال: إنه قال لي لم لا تزوجت أيام الشباب؟فقلت له: قد تزوجت ولكن لم يأتني أولاد. فجاء الوزير فأخبر الملك فقال له: علي بالشيخ فدعاه فلما حضر قال له: ألم أقل لك اكتم أمرنا حتى تراني!قال: قد رأيتك عشرة آلاف مرة. فعلم أن الوزير دفع إليه عشرة آلاف درهم، وأنه رأى اسمه مكتوباً على كل درهم منها وصورته فقال: زه ودفع إليه أربعة آلاف درهم أخرى وقال:
إن بني صبية صيفيون ... أفلح من كان له ربيعيون

الألفة بين الزوجين:
قال الله تعالى " وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً " وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يتزوج الرجل المرأةالغريبة فتقع بينهما الألفة فتلا قوله تعالى " وجعل بينكم مودة ورحمة " وقال تعالى " زين للناس حب الشهوات من النساء " فبدأ بهن لقربهن من القلوب.
الرغبة عن التزوج:
استشار رجل الشعبي في التزوج فقال: إن صبرت عن الباه فاتق الله ولا تتزوج، فإن لم تصبر فاتق الله وتزوج. وقيل لمالك بن دينار: لو تزوجت. قال: إني طلقت الدنيا ثلاثاً فلا رجعة لي فيها. وقيل: ما فكر فيلسوف إلا ورأى العزبة أجمع لهمه وأجود لخاطره. وسئل حكيم عن التزوج فقال: بقل شهر وشوك دهر. وقال آخر: مكابدة العزبة أيسر من الإحتيال لمصالح العيال. وقال أعرابي وقد عرضت عليه دلالة امرأة:
أقول لها لما أتتني تدلني ... على امرأة موصوفة بجمال
أصبت لها والله زوجاً كما اشتهت ... إن اغتفرت منه ثلاث خصال
فمنهن شخصٌ لا ينادي وليدةً ... ورقة إسلامٍ وقلة مال
فإن رضيت هذي الخصال فشأنها ... وإن تكن الأخرى فلست أبالي
وقال رجل لآخر: كنا في أملاك فلان، فقال: لا تقل في أملاكه ولكن في أهلاكه ثم أنشد:
يقولون تزويجٌ واعلم أنه ... هو الرق إلا أن من شاء يكذب
التزوج من أكثر من واحدة:
قال المغيرة بن شعبة: صاحب المرأة الواحدة إن مرضت مرض، وإن حاضت حاض، وصاحب الثنتين بين جمرتين أيتهما أدركته أحرقته، وصاحب الثلاث في رستاق يبيت كل ليلة في قرية، وصاحب الأربع عروس في كل ليلة. وروي أنه قال: أحصنت مائة امرأة. وقيل إن الحسن بن علي رضي الله عنه تزوج خمساً وتسعين امرأة. وقال أعرابي لآخر: لا تتزوج بأربع فكل تأخذك بحمتها، وأنت كال، ولا بثلاث فإنهن كالأثافي تصير بينهن كالقدر فيكوينك، ولا بإثنتين فإنهما يكونا كجمرتين، ولا واحدة فإنك تمرض إذا مرضت وتحيض إذا حاضت وتلد إذا ولدت. فقال له: لقد نهيت عن كل ما أمر الله به. فما الذي أصنع؟قال: كوزان وطمران وعبادة الرحمن. وخرجت جارية من دار الرشيد معها مروحة مكتوب عليها الحر إلى أيرين أحوج من الأير إلى حرين.
الحث على اختيار ذوات الأحساب والأنساب والترغيب عن لئام ذوات المال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: احتفظوا لنطفكم فإن العرق نزاع. وقال: إياكم وخضراء الدمن المرأة الحسنة في المنبت السوء. وقال يحيى بن أكثم: لا يفلتنكم جمال النساء عن صراحة النسب، فإن المناكح الكريمة مدرجة الشرف. وقال عثمان بن أبي العاص لأولاده: المناكح مغترس فلينظر المرء حيث يضع غرسه، فإن عرق السوء يعدي ولو كان بمدحين.
شاعر:
لا تنكحن لئيمةً لمعيشةٍ ... تبقى اللئيمة والمعيشة تذهب
اختيار ذوات الدين والعفة:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لدينها ولمالها وحسبها وحسنها، فعليك بذات الدين تربت يداك. وقال: خير النساء التي إذا أعطيت شكرت، وإذا حرمت صبرت، تسرك إذا نظرت وتطيعك إذا أمرت. وقال محمد بن علي: اللهم ارزقني امرأة تسرني إذا نظرت، وتطيعني إذا أمرت، وتحفظني إذا غبت. وقال خالد بن صفوان: إنما الدنيا متاع وليس من متاعها أفضل من المرأة الصالحة. وقال علي رضي الله عنه: خير النساء العفيفة في فرجها، المغتلمة لزوجها. وقيل لعائشة رضي الله عنها: أي النساء أفضل؟فقالت: التي لا تعرف عيب المقال ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها. وقيل: إياك والحمقاء فنكاحها قدر وولدها ضائع.

اختيار الحسان والنهي عن القباح:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما النساء لعب فمن اتخذ لعبة فليستحسنها. وقال: أعظم النساء أحسنهن وجوهاً وأرخصهن مهوراً. وجاءت امرأة إلىالحسن وقالت: يا أبا الحسن أتفتي الرجال أن يتزوجن على النساء؟قال: نعم. فقالت: أعلى مثلي؟وكشفت قناعها عن وجه كالقمر؛فقال الحسن لما ولت: ما على رجل مثل هذه في زاوية بيته ما أقبل عليه من الدنيا وما أدبر. وقيل لرجل: أي النساء أشهى؟فقال: التي تخرج من عندها كارهاً وتخرج إليها والهاً. وقال: إياك وكل ذكرة مذكرة شوهاء فوهاء تبطل الحق بالبكاء، لا تأكل من قلة ولا تعذر من علة.
التحذير من الحسان:
شاور رجل حكيماً في التزوج فقال له: إياك والجمال.
فلن تصادف مرعىً ممرعاً أبداً ... إلا وجدت له آثار مأكول
وقال: الجمال للرجال مطمع، وأنشد:
لا تطلب الحسن إن الحسن آفته ... أن لا يزال طوال الدهر مطلوبا
وما تصادف يوماً لؤلؤاً حسناً ... بين اللآلئ إلا كان مثقوبا
وقيل لحكيم تزوج بقبيحة : هلا تزوجت بحسناء؟فقال: اخترت من الشر أقله.
الاستدلال عليها بذويها:
قال علي بن عبيد الله: إذا أردت أن تتزوج بامرأة فانظر إلى أبيها وأخيها، فإنها رابطة بطنب أحدهما.
وأنشد للعجير:
إذا كنت تبغي للجهالة أيماً ... من الناس فانظر من أبوها وخالها
فإنهما من شكلها وهي منهما ... كما جذبت يوماً بنعل مثالها
اختيارهن في الطول والقصر:
قال الربيع بن زياد: من أراد النجابة فعليه بالطوال، ومن أراد اللذة فبالقصار فإنهن لذيذات النكاح. وقال الحجاج: من تزوج قصيرة فلم يجدها على الموافقة فعلي مهرها؛ويستحسن فيه ما قال ابن عجلان:
ومخملةٍ باللحم من دون ثوبها ... تطول القصار والطوال تطولها
الرغبة عن العجائز:
قيل لرجل تزوج: كيف المرأة التي تزوجتها؟فقال: نصف. قال: شر نصفيها حصل في يدك ثم أنشد:
لا تنكحن عجوزاً إن أتوك بها ... واخلع ثيابك منها ممعناً هربا
فإن أتوك وقالوا إنها نصفٌ ... فإن أحسن نصفيها الذي ذهبا
وقال حكيم: إن خير نصفي الرجل آخرهما يذهب جهله ويثوب حلمه ويجتمع رأيه، وشر نصفي المرأة آخرهما يسوء خلقها ويحد لسانها ويعقم رحمها. وقال: لا تأكل ولا تركب ولا تنكح إلا فتياً. وقيل: مضاجعة العجوز يخاف منها موت الفجأة.
شاعر:
ولا تنكحن الدهر ما دمت أيماً ... مجربة قد مل منها وملت
وقال لبعض من فضل العجائز: إن اختيار الكبيرة على الصغيرة لعدم اللب واسترخاء الزب ورين على القلب والتماس سهولة العلاج للعجز عن الإيلاج. فقال: كلا العجوز أقنع باليسير وأصبر على تقلب الدهور، وأقل مشاغبة ومجاذبة، تؤثر التذلل، تصبر على الإقلال وتؤمن من ولادتها الزيادة في العيال، إن اتسع بعلها صانت ماله وإن ضاق سترت حاله، نعم قعدة الغيور ومطية ذي الأير العثور، لا تسبق إليها الظنون ولا تثبت معها القرون، ألوف عروف غير غروف ولا عيوف.
اختيار الأبكار والثيبات:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بالأبكار فإنهن أطيب أفواهاً وأنتق أرحاماً. وقال علي رضي الله عنه: إن المرأة لا تنسى ابا عذرتها. وقال حكيم لمن استشاره: أما البكر فلك لا عليك، وأما الثيب فلك وعليك، وأما ذات الولد فعليك لا لك. وقيل: إياك والحنانة والمنانة والأنانة والحداقة وذات الدايات، فالحنانة التي تحن إلى ولدها من غيرك، والمنانة التي تمن بمالها على زوجها، والأنانة التي تئن من غير وجع، والحداقة التي تحدق إلى كل شيء فتقول: ليته لي، وذات الدايات التي عندها عجوز تقول هي دايتي، وقيل: إياك والرقوب الغصوب القطوب العلياء الرقياء الجنانة المنانة. وقيل: إن لم تتزوج بكراً فتزوج مطلقة ولا تتزوج مميتة، فإن المطلقة تقول لها لو كان فيك خير لما طلقك زوجك، والمميتة تقول لك رحم الله فلاناً قد كان لي خيراً منك بكذا. وقال علي بن الجهم: أنشدت امرأة:
قالوا عشقت صغيرةً فأجبتهم ... أشهى المطي إليّ ما لم يركب
كم بين حبة لؤلؤٍ مثقوبةٍ ... نظمت، وحبة لؤلؤ لم تثقب
فأجابتني:
إن المطية لا يلذ ركوبها ... حتى تذلل بالزمام وتركبا
والدر ليس بنافعٍ أربابه ... حتى يحمع في النظام ويثقبا
وكانت عند الأحنف امرأة فطلقها وتزوجها ابن عم لها فكتب إلى الأحنف:
إن كنت أزمعت أمراً فامضين له ... إن الغزال الذي ضيعت مشغول
فكتب إليه الأحنف يقول:
إن كان مشتغلاً فالله يصلحه ... فقد لهونا بأمرٍ منه موصول
ولن تصادف مرعىً مونقاً أبداً ... إلا وجدت به آثار مأكول
وقيل للأحنف: فلان تزوج بالمرأة التي كانت تحتك، فقال: أما أنا فقد كفيته الصيحة وسهلت عليه العورة.

اختيار أجناس النساء:
عبد الملك: من أراد النجابة فعليه بقينات فارس، ومن أراد النباهة فقينات بربر، ومن أراد الخدمة فبنات الروم.
المتنبي في تفضيل البدويات:
أين المعير من الآرام ناظره ... أو غير ناظره في الحسن والطيب
سعيد الرستمي:
فدت غازلات الشعر أبكار فارس ... وإن وكلت بي هجرها وبعادها
إذا نصت التيجان فوق رؤوسها ... وأرسلن من تلك الرؤوس جعادها
من اللائي لم تزجر ببيداء هجمةً ... ولم تتلفع بالعشي بجادها
ولم أتبع سمر العراب وادمها ... ولم أتشوف جلها وسعادها
مدح الولود وذم العقيم:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: سوداء ولود خير من حسناء عقيم. وقيل: مثل الحسناء العاقر كشجرة يكثر زهرها ويقل ثمرها. وذم أعرابي امرأة فقال: ما بطنها بوالد ولا ثديها بناهد، ولا فوها ببارد ولا شعرها بوارد. وقيل لأعرابي: أي النساء أكرم؟فقال: التي في بطنها غلام وفي حجرها غلام، ولها مع الغلمان غلام.
من خطب امرأة فخدعها على الجماع:
خطب معلم امرأة وابنها في مكتبه فامتنعت عليه فضرب الابن وقال له: لم لا قلت لأمك أير المعلم كبير؟فعاد الصبي إليها شاكياً، فوقع في قلبها وبعثت إليه: أحضر شهوداً وتزوج بي على بركة الله. وقال رجل لامرأة خطبها: والله لأملأن بيتك خيراً!وحرك أيراً فتزوجته كما ظنت فلم تجده كذلك فقالت:
قد رأيناك فما أعجبتنا ... وبلوناك فلم نرض الخبر
وقال رجل لامرأة: هل لك في ابن عم كاس من الحسب عار من النسب، يتصلصل معك في دارك، ويقلبك يمينك لشمالك، يواصل ثلاثة في واحد يدخل الحمام طرفي النهار؟فقالت: لا يسعن هذا الخبر منك أحد. وخطب رجل امرأة فقالت: لي شروط: من المهر ألف دينار، ومن النفقة كل يوم كذا، ومن الثياب كذا!فقال: نعم ولكن لي عيوب إن احتملتها. فقالت: وما هي؟قال: أنا شره بالجماع أستكثر منه وأبطئ الفراغ وأسرع الإفاقة. فقالت المرأة: يا جارية أحضري أهل المحلة تشهد على بركة الله، فالرجل سارح لا يعرف الخير من الشر!
من توصل إلى خطبة امرأة بما لا ينفق:
قال أبو العيناء: خطبت امرأة فلما رأتني استقبحتني فكتبت إليها:
ونبئتها لما رأتني تنكرت ... وقالت: دميم لا رواءٌ ولا جسم
فإن تنفري من قبح وجهي فإنني ... أديبٌ أريبٌ لا عييٌ ولا فدم

فقالت: يا ماص بظر أمه لديوان الرسائل أريدك؟وقال نحوي: يا خريدة قد كنت أحسبك عروبا. فقالت: يا ابن الخبيثة أتجشمني بالهمز والغريب؟ونظرت امرأة زوجها وهو يجيد الطعن في الحرب فقالت: رب أفن تحت اللواء. فقالوا لها: أليس يجيد الطعن؟فقالت: أما الطعن الذي ينفعني فلا.

الحث على تزويج الأيم:
قال الله تعالى: " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم " . وقال حكيم: عليك بتزويج حرمتك إذا جاء كفؤها فليس بعد منعها من الأكفاء إلا تعريضها للأدنياء، ومن حظك تنفيق أمك. وقال الأحنف: لأفعى يحترس في جوانب بيتي أحب إلي من أيم أودعتها كفأها. ورؤي في سوق بغداد قمطر فيع صبي وعند رأسه كيس فيه مائة دينار مكتوب: هذا الشقي ابن الشقية ابن القدح والرطلية، رحم الله من اشترى له جارية بهذه الدنانير، فهذا جزاء من عضل أيمة.
إظهار المرأة الرغبة في النكاح:
كان لهمام بن مرة بنات لا يزوجهن من شدة الغيرة فإجتمعن يوماً وتشاكين فقالت الصغرى: أنا لكن!فقالت لأبيها:
أهمامٌ بن مرة حن قلبي ... إلى ما تحت أثواب الرجال
فقال: تريدين سراويلاً؟فقالت:
أهمامٌ بن مرة حن قلبي ... إلى حمراء مشرقة القذال
فقال: تريدين ناقة؟فقالت:
أهمامٌ بن مرة حن قلبي ... إلى أيرٍ أسد به مبالي
فقال: قاتلكن الله!وزوجهن.
عجوز راغبة في الزواج:
مرضت عجوز فأتاها ابنها بطبيب فرآها الطبيب متزينة بأثواب مصبوغة فعرف ما بها فقال الطبيب: ما أحوجها إلى زوج!فقال الابن: ما أحوج العجائز للأزواج!فقالت: ويحك الطبيب أعلم منك على كل حال. ورغبت عجوز إلى أولادها أن يزوجوها وكان لها سبع بنين فقالوا: لا إلا أن تصبري على البرد متعرية لكل واحد منا ليلة ففعلت فلما كانت السابعة ماتت؛فسميت أيام العجوز. وقالت امرأة لبنيها:
أيا بني إنني لناكحه ... وإن أبيتم إنني لجامحه
هان عليكم ما لقيت البارحه ... من الحكاك والعروق الطامحه
وقال حكيم لامرأة تعرضت له:
وضاحكةٍ إلي من النقاب ... تلاحظني بطرفٍ مستراب
فما زالت تجشمني طويلاً ... ونأخذ في أحاديث التصابي
فقلت لها: حللت بشر واد ... كريه المجتنى قحط الجناب
متى تشفى العجوز إذا استكانت ... بأيرٍ لا يقوم على الشباب
احتيال المرأة في التزويج من رجل:
كان لرجل ابنة وكان لها ابن عم مشغوف بها وهو يرجو أن يتزوج بها، فجاءه رجل فأرغبه في الصداق فقالت الجارية لأمها: ما أحسب أبي يربي ابن أخيه صغيراً ويقطعه كبيراً. فقالت: كان ذلك قدراً مقدوراً. فقالت الجارية: أنا حبلى من ابن عمي. فقالت أمها: ما تقولين ويحك؟فقالت: أتكذب الحرة على نفسها؟فأخبرت أباها فزوجها ابن عمها. فلما وقع العقد قالت الجارية: برئت من الإسلام إن رأى وجهي إلى سنة ليعلم أني متقولة فيما ادعيت.
اختيارها الكهول من الرجال وذوي الشعور:
قالت امرأة: لا يعجبني الشاب يمعج معج المهر طلقاً أو طلقين، ثم يربض بناحية الميدان، ولكن أين أنت من شيخ يضع قب استه بالأرض ثم سحباً وجراً. ولما تزوج عثمان رضي الله عنه بنت الفرافصة قال: لا تكرهين ما ترين من الشيب فإن وراءه ما تحبين!فقالت: إني من نسوة خير أزواجهن الكهول. فقال: إني قد جاوزت حد الكهول إلى الشيخوخة. فقالت: أفنيت عمرك في خير ما يفنى فيه العمر. وقيل لامرأة: ما تكرهين شيب زوجك؟فقالت: إنه نشأ فينا وإنما تكره المرأة الرجل الشائب إن كان غريباً ورأته بديهة.
اختيارهن الشبان و المرد:
قالت جارية لأخرى: التحفت على غلام معفوج. فقالت: بذلك كبر أيره وكثر خيره، ولكن من شؤمك أنك عشقت من يغطيك بلحيته ويغرزك بشعرته.
أبو تمام:
أحلى الرجال من النساء مواقعاً ... من كان أشبههم بهن خدودا
الأعشى:
وأرى الغواني لا يواصلن امرءاً ... فقد الشباب وقد يصلن الأمردا
أعرابي:
يروق الغواني مجدب الخد خالع
ميلها إلى ذي المال:
امرؤ القيس:
أراهن لا يحببن من قل ماله

قيل لابن سيابة: قد كرهت امرأتك شيبك فمالت عنك. فقال: إنما مالت إلى الأنذال لقلة المال، والله لو كنت في سن نوح وشيبة إبليس وخلقة منكر ونكير، ومعي مال لكنت أحب إليها من مقترٍ في جمال يوسف وخلق داود وجود حاتم وحلم أحنف بن قيس.

اختيار الأخيار:
قال صلى الله عليه وسلم: من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها . وقال الحسن لرجل استشاره في تويج ابنته: زوجها من تقي فإنه إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها. وقيل لعبد الله بن جعفر: أتنكح ابنتك الحجاج؟فقال: أنكحتموه دينكم والدين أجل من بضع المرأة.
الكفاءة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء. وقال عمر رضي الله عنه: لأمنعن فروج ذوي الأحساب إلا من الأكفاء. وقال أبو يوسف: الكفء على الحقيقة المساوي في النسب والمال والدين. وقال بعضهم: الناس أكفاء إلا حائكاً أو حجاماً. وقال المنصور: أعداؤنا أكفاؤنا، يعني بني أمية. وقيل لما جن فلان المؤذن تزوج بابنة فلان المقرئ. فقال: إنهما سيلدان مصحفاً.
من خطب امرأة فلم يتزوجها:
خطب زياد إلى سعيد بن العاص ابنته، فكتب إليه سعيد: كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى . ولما انتهى المغيرة إلى دار هند بنت النعمان بن المنذر قال: قد جئتك خاطباً. قالت: والله ما جئتني لمالي وجمالي، وإنما أردت أن يقال في محافل العرب: نكح بنت النعمان، وإلا فأي خير في أعور وعمياء؟فقال لها: ما أمركم؟فقالت: أصبحنا وما في العرب إلا ومن يرهبنا وأمسينا وما فيهم إلا من نرهبه. وكانت في دار ابن عباس يتيمة فخطبها رجل فقال له: لا أرضاها لك. قال: قد رضيت بها. فقال: الآن لا أرضاك لها!وامتنعت امرأة من رجل خطبها فقيل لها في ذلك فقالت: لأنهم يقلون الصداق ويعجلون الطلاق. وكتب عبادة بن الصامت إلى معاوية لما خطب إليه:
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت ... لها حفدٌ مما تعد كثير
ولكنها نفسٌ علي كريمةٌ ... عيوفٌ لأصهار الرجال قدور
دعبل:
فلا تنكح كريمك نهشلياً ... فتخلط صفو مائك بالغثاء
وخطب قرشي ابنة الكميت، فجعل يتبجح عليه فرده الكميت وقال له: فإنا إن زوجناك لم نبلغ السماء، وإن رددناك لم نبلغ الماء.
تأسف من خطب امرأة فلم يتفق تزوجه بها:
خطب رجل امرأة فوعد بها ثم تزوج بها غيره فقال:
لئن كان أدلى خاطباً فتعذرت ... عليه وفاتت رائداً فتخطت
فما تركته رغبةً عن جماله ... ولكنها كانت لآخر خطت
وفي المعنى ليهودي:
سلا ربة الخدر ما شأنها؟ ... ومن أي ما فاتنا تعجب؟
فلسنا بأول من فاته ... على رغمه بعض ما يطلب
وكائن ترى البأس من خاطبٍ ... تزوج غير الذي يخطب
وزوجها غيره دونه ... وكانت له قبله تخطب
وقال المغيرة: ما خدعني أحد ما خدعني غلام من بني الحارث، فإني ذكرت له امرأة أريد أن أتزوج بها فقال: لا تفعل فإني رأيت رجلاً يقبلها، ثم ذهب فتزوج بها، فقلت له في ذلك فقال: رأيت أباها يقبلها!
تمني طلاق امرأة مرغوب فيها:
شاعر:
فما أكثر الأخبار أن قد تزوجت ... فهل يأتيني بالطلاق بشير؟
وشكا رجل إلى قراص الأزدي تزويج امرأة كان يريد أن يتزوجها فقال:
تربص بها ريب المنون لعلها ... تطلق يوماً أو يموت حليلها
توجع من صاهر غير كفئه:
دخلت هاشمية على معاوية فقال لها: من زوجك؟فذكرت مجهولاً فقال: أمثلك ينكح من لا يعرف؟فأنشدت:
إن القيوم تنكح الأيامى ... النسوة الأرامل اليتامى
المرء لا يبقى له سلامى
المهلهل:
أنكحها فقدها الأراقم في ... جنبٍ وكان الخباء من أدم
لو باء بانين جاء يخطبها ... ضرج مانف خاطب بدم
ولما ظفر قتيبة بابنة يزدجرد وتزوج بها قال لندمائه: أترون ابنها يكون هجيناً؟فقالت: هي نعم من قبل الأب.
هند بنت النعمان في زوجها ابن زنباع:
وهل هند إلا مهرةٌ عربيةٌ ... سليلة أفراسٍ تحللها بغل
فإن نتجت مهراً كريماً فبالحري ... وإن يك أفزاقٌ فجاء به الفحل
وقال:

بكى النسيب الصافي بعين سخيةٍ ... من النسب الموصوم أن يجمعا معا
وجاء رجل إلى سعيد بن المسيب فقال: رأيت حدأة على شرف مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إن صدقت رؤياك فسيتزوج الحجاج من أهل البيت؛فتزوج بأم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر.

المتزوجة من ذي زي قبيح:
شاعر:
الزوج زوجان ذو مال يعاش به، ... وذو شبابٍ شديد المتن كالمرس
فلا شباباً ولا مالاً ظفرت به ... لكن ما شئت من لؤمٍ ومن دنس
علي بن المنجم:
لم يرض إلا بالكريمة مركباً ... ولربما امتنعت عليه أتان
ولما مات عمر بن عبد العزيز تزوج بامرأته فاطمة بنت عبد الملك سليمان بن داود بن مروان، وكان أعوراً فاجراً، فقال الناس: هذا النذل الأعور يعنون قول جميل:
نذلٌ لعمرك من يزيدٍ أعور
البيت وقال آخر فيمن طلقها سري وتزوجها دنيء:
وكنت كذي النبل الذي راش نبله ... بريش الخوافي ثم بدلها الغنا
ذم متشرف بتزويج كريمة:
رأوا رفعة الآباء أعيا مرامها ... عليهم فراموا رفعةً بالحلائل
إذا ما أعالي الأمر لم تعطك المنى ... فلا بأس بإستنجاحها بالأسافل
مما جاء في قلة الصداق وكثرته
قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعظم النساء بركة أحسنهن وجوهاً وأرخصهن أجوراً. وقيل: لا تغالوا بمهور النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولى بكثرتها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما أصدق امرأة من نسائه ولا من بناته أكثر من اثني عشر أوقية، وذلك أربعمائة وثمانون درهماً. وقال عمر رضي الله عنه: لا يبلغني أن أحداً تجاوز بصداقه صداق النبي صلى الله عليه وسلم إلا استرجعت منه فقامت امرأة فقالت: ما جعل الله ذلك إليك يا ابن الخطاب فإنه يقول: " وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً " . فقال عمر: ألا تعجبون من إمام أخطأ وامرأة أصابت، ناضلت أمامكم فنضلته؟
وصية الختن بها وإكرامه لها:
قال عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان: أرسلني أبي إلى عمي لأخطب إليه ابنته، فأقعدني جنبه وقال: مرحباً بابن لم ألده أقرب قريب خطب إلي أحب حبيب، لا أستطيع له رداً ولا أجد من تشفيعه بداً، قد زوجتكما وأنت أعز علي منها، وهي أنوط بقلبي، فأكرمها يعذب على لساني ذكرك، ولا تهنها فيصغر عندي قدرك، وقد قربتك من قربك فلا تباعد قلبي من قلبك. وكتب الصابئ عن عز الدولة إلى أبي تغلب وقد نقل ابنته إليه: قد وجهت الوديعة وإنما نقلت من وطن إلى سكن، ومن مغرس إلى مغرس، ومن مأوى عز وانعطاف إلى مأوى بر وإلطاف، ومن منبت درت لها نعماؤه إلى منشأ تعود عليها سماؤه، وهي بضعة مني انفصلت إليك، وثمرة من جنى قلبي حصلت لديك. ولا ضياع على من تضمه أمانتك ويشتمل عليه حفظك ورعايتك. وكان الحسن إذا دخل ختنه يقول: مرحباً بمن كفى المؤنة وستر العورة!ثم يتنحى له عن مكانه.
حث الرجل على كفاية المرأة:
قال الله تعالى " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " وخطب رجل إلى قوم فقال أحدهم: إن عرفت حق المرأة زوجناك. فقال: حقها أن لا ينسى ذكرها ولا يهتك سترها، ولا يحوجها إلى أهلها. فقالت المرأة: زوجوه.
وصية الأبوين البنت بحسن معاشرة الزوج:

زوجت امرأة ابنتها فقالت: يا بنية تركت الوصية لأحد لحسن أدب أو لكرم حسب لتركتها لك، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل. يا بنية إنك قد خلفت العش الذي منه درجت، والموضع الذي منه خرجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه. كوني له أمة يكن لك عبداً، واحفظي عني خصالاً عشراً تكن لك دركاً وذكراً: أما الأولى والثانية فحسن الصحابة بالقناعة وجميل المعاشرة بالسمع والطاعة، ففي حسن المصاحبة راحة القلب وفي جميل المعاشرة رضا الرب. والثالثة والرابعة التفقد لموضع عينه والتعاهد لموضع أنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك خبيث ريح، واعلمي أن الكحل أحسن الحسن المودود، وأن الماء أطيب الموجود، والخامسة والسادسة فالحفظ لماله والرعاية لحشمه وعياله، واعلمي أن الإحتفاظ بالمال حسن التقدير والإرعاء على الحشم حسن التدبير، والسابعة والثامنة التعاهد لوقت طعامه والهداء عند منامه، فحرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة، والتاسعة والعاشرة لا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره. وقال أبو الأسود لابنته: إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وامسكي عليه الفضلين: فضل النكاح وفضل الكلام، وكوني كما قيل:
خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

وصية الأبوين بقبح معاشرة الزوج:
زوجت امرأة ابنتها فقالت: يا بنية اقلعي زج رمح زوجك أولاً، فإن أقر فاقلعي سنانه، فإن أقر فاكسري العظام بسيفه، فإن أقر فاقطعي اللحم وضعيه على ترسه، فإن أقر فضعي الأكاف على ظهره فإنه حمار! شاعر:
عليك يا سيدة البنات ... معصية الزوج إلى الممات
وداومي غيرته وشتمه ... وقاتلي في كل يومٍ أمه
وباعدي ما بينها وبينه ... وعينها فأسخني وعينه
التهنئة بالزفاف والدعاء للزوجين:
قال خالد بن صفوان لرجل من باهلة: باليمن والبركة وشدة الحركة والظفر عند المعركة.
استعلام حال الزوج في افتضاض امرأته:
قيل لسليمان: كيف وجدت امرأتك؟قال: ولم أرخين الستر إذاً؟ شاعر:
أبا حسنٍ قل لي وأنت المصدق: ... هل إنجاب ذلك العارض المتفلق؟
وهل غاب ذاك الحوت في قعر لجةٍ ... رأيتك منها تستعن وتفرق؟
فقد قيل: إن الباب دونك مغلقٌ ... وإن عليك الرحب منه مضيق
وكتب الصاحب إلى أبي العلاء الحسين بن محمد بن سهلوية لما تزوج بابنة ابي الحسن بن إسحاق:
قلبي على الجمرة يا أبا العلا ... فهل فتحت الموضع المقفلا؟
وهل فضضت الكيس عن ختمه ... وهل كحلت الناظر الأحولا؟
إن كان قد قلت نعم صادقاً ... فابعث نثاراً يملأ المنزلا
وإن تجبني من حياءٍ بلا ... أنفذ إليك القطن والمغزلا
الرخصة في تزويج الأم:
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب إلى سلمة بن هشام أمه ضباعة بنت عامر وزوج علي بن الحسين أمه سلافة الكابلية مولى له ليحيي سنة في الإسلام. وممن زوج أمه عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد.
المستنكف من تزويج أمه:
تزوج مروان أم خالد بن يزيد فلاحاه يوماً فقال له: يا ابن الرطبة!فقال مخبر مختبر ثم دخل على أمه فقال: أنت جلبت علي هذا وأنشدها هجاء فيه:
أما رأيت خالداً يهمه ... أن سلب الملك ونيكت أمه
فقالت: دعه لي، فلما علمت أن مروان قد امتلأ نوماً عمدت إلى مخدة فوضعتها على أنفه فمات. وكان رجل قاعد على باب داره وعنده صديق له ورجل يدخل الدار ويخرج فقال له: من هذا؟فقال: زوج أخت خالتي.
المعيب بتزويج أمه:
قيل لأعرابي: إن فلاناً زوج أمه وأخذ مهرها فأيسر به. فقال: أعوذ بالله من بعض الرزق!وقال الجاحظ: معنى قول القائل يا ماص بظر أمه يعني آكلاً مهر أمه من غير أبيه! شاعر:
رب حلالٍ أكله ... أقبح من نجس الدبر
من ظن مهر أمه ... جبراً له فلا جبر
وعاتب الصاحب رجلاً قد زوج أمه فقال له: ما في الحلال بأس. فقال: كذا أحب أن تكون لغة كل من أحب أن تناك أمه. ثم قال فيه:

زوجت أمك يا أخي ... إلى الرجال على طبق
وقال:
عزلت بتزويجه أمه ... فقال: فعلت حلالاً يجوز
فقلت: حلالاً كما قد زعمت ... ولكن سمحت بصدع العجوز
ابن طباطبا:
قل للمزوج أمه ... يا أكبر الناس همه
أجل مجد تحامى ... عليه تسكين غلمه
كفيت أمك أمراً ... من الأمور المهمه

جواز المتعة:
عير عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة فقال له: سل أمك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك؟فسألها فقالت: ما ولدتك إلا في المتعة. وسئل عن المتعة فقال: الذئب يكنى أبا حيدة أي ذلك حسن السم قبيح الفعل. وقال يحيى بن أكثم لشيخ البصرة: بمن اقتديت في جواز المتعة؟قال: بعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كيف وعمر كان أشد الناس؟قال: لأن الخبر الصحيح أنه صعد إلى المنبر فقال: إن الله ورسوله قد أحل لكما متعتين وإني محرمهما عليكم أو أعاقبكم عليهما، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه. وقال رجل لآخر: زوجني أمك متعة. فقال: يا أحمق إذا زوجتكما فما معنى المتعة؟إنما المتعة أن تزوج نفسها. وقالت امرأة:
أقول للشيخ إذ طالت عزوبته: ... يا شيخ هل لك في فتيا ابن عباس؟
معاداة الزوجة للأصهار:
نحر أعرابي جزوراً فقال لامرأته: اطعمي أمي. فقالت: أيها أطعمها؟قال: الورك. فقالت: التي ظهرت بلحمة وبطنت بشحمة لا لعمري!قال: الفخذ قالت: الكثيرة اللحم الطيبة المخ لا لعمري!قال: الكتف. قالت: الحاملة اللحم من كل مكان. قال: فما تطعمينها. قالت: اللحى التي ظهرت بالجلد وبطنت بالعظم. فقال: تزودي إلى أهلك فأنت طالق.
موافقة زوجين قبيح وحسن:
نظرت امرأة عمر بن حطان في المرآة وكانت جميلة وزوجها قبيح فقالت له: أنا وأنت في الجنة. قال: ولم؟قالت: لأنك رزقتني فشكرت، وأنا ابتليت بك فصبرت، والصابر والشاكر في الجنة. وقال رجل لامرأته: ما خلق أحب إلي منك!فقالت: ولا أبغض إلي منك!فقال: الحمد لله الذي أولاني ما أحب وابتلاك بما تكرهين.
موافقة قبيحين:
خطب أسدي قبيح الوجه امرأة قبيحة فقيل لها: إنه قبيح وقد تعمم لك. فقالت: إن كان قد تعمم لنا فإنا قد تبرقعنا له. واستقبح رجل امرأة فقال: ويل لمن هذه ضجيعته!فلما رأى زوجها وكان في القبح مثلها قال:
وافق شن طبقه ... وافقه واعتنقه
وأنشد:
نزلت سلمى بسلمى ... منزلاً ذا عدواء
وصف الفوارك:
تزوج رجل امرأة فاجتمع معها في بيت ففركته فرمت ببصرها للكوة، فرأت الصبح فقالت:
وأنقذني بياض الصبح منه ... لقد أنقذت من شر طويل
وقال الجماز لامرأته في يوم غيم: ما يطيب في هذا اليوم؟فقالت: الطلاق! شاعر:
لقد أصبحت عرس الفرزدق ناشزاً ... ولو رضيت ريح استه لاستقرت
وفي ضد ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير نسائكم التي إذا خلعت ثوبها خلعت معه الحياء، وإذا لبسته لبست معه الحياء؛يعني معها زوجها.
الحث على حفظهن من الخمر والكتابة:
قيل: لا تسمعهن الغناء فإنه داعية الزنا. وذاقت أعرابية الخمر فقالت: نساؤكم يشربن هذا؟قالوا: نعم فقالت: زنين إذاً ورب الكعبة!ورأى فيلسوف جارية تتعلم الكتابة فقال: ليت شعري لمن يصقل هذا السيف؟وقال: لا تسق السهم سماً لترميك به يوماً ما. وقال عمر: جنبوهن الكتابة ولا تسكنوهن العرف. وقيل: علموهن سورة النور وجنبوهن سورة يوسف. وقال رجل: إياك أن تترك حرمتك تصغي إلى قول ابن أبي ربيعة:
أمن أهل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر ... غداة غدٍ أم رائحٍ فمهجر
فإنه يحل السراويلات ويطرب الغانيات.
الحث على شقائهن بالمغزل والمهنة:
قيل: ألزموا النساء المهنة.
شاعر:
ونعم لهو المرأة المغزل
وقيل لهند بنت المهلب زوجة الحجاج: تغزلين وزوجك أمير؟فقالت: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطولكن طاقة أعظمكن أجراً. والمغزل يطرد الشيطان ويذهب بحديث النفس.
الحث على سترهن ومنعهن من الخروج:

دخل ابن أم مكتوم على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده بعض نسائه فأقامها فقالت أنه أعمى فقال: أعمي أنتن؟ وقال سلمان: النساء عي وعورة. فداووا العي بالسكوت والعورة بالبيوت. وقال سعيد بن سلمان : لأن يرى حرمي مائة رجل مكشوفات خير من أن ترى حرمتي رجلاً غير منكشف وقيل للحطيئة ما تركت على بناتك؟قال: العري فلا يبرحن والجوع فلا يمرحن. وقيل لآخر فقال: الحافظين العري والجوع.

ميل الزوج إلى زوجته أو إلى أبويه:
روي نافع أن ابن عمر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي أمرني أن أطلق امرأتي فقال: طلقها يا عبد الله. وروى أن رجلاً أتى أبا الدرداء فقال: أمي أمرتني أن أطلق امرأتي فقال: سأحدثك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوالدة وسط باب الجنة فاحفظ ذلك الباب إن شئت أو ضيعه. قال: بل أحفظه فطلقها. تزوج ابن الفرزدق فمال إلى امرأته وتحامل على أبيه فقال فيه:
ولما رآني قد كبرت وأنه ... أخو الجن واستغنى عن المسح شاربه
أصاخ لعريان النجي فإنه ... لا زور عن بعض المقالة جانبه
وكان صخر طعن فمكث زماناً عليلاً فسمع امرأته تقول لأخرى وقد سألتها عنه كيف أصبح؟فقالت: لا حي فيرجى ولا ميت فينسى ورأى تحرق أمه عليه فقال:
أرى أم صخرٍ ما تمل عيادتي ... وملت سليمى مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى أن أكون جنازةً ... عليك ومن يغتر بالحدثان؟
أهم بأمر الجزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان
فأي امرئٍ ساوى بأم حليلةٍ ... فلا عاش إلا في أذى وهوان
لعمري لقد نبهت من كان نائماً ... وأيقظت من كانت له أذنان
وللموت خيرٌ من حياةٍ كأنها ... معرس يعسوبٍ برأس سنان
ثم برأ من علته فطلقها. محرر بن النعمان:
إذا سويت صاحبتي بأمي ... فقام علي قبل الصبح ناعي
فأم المرء باكيةٌ عليه ... وخلته تصدى بالقناع
المؤتمر لامرأته والممتنع من ذلك:
كان الأحنف مطيعاً لجاريته زبراء، فقيل له في ذلك فقال: كيف لا أطيع من لي إليه في كل يوم حاجة؟ شاعر:
أقامت زوجها مرة ... وقامت موضع الرجل
أبو تمام:
امرأته نفذت أمرها ... حتى ظننا أنه امرأتها
الشنفري:
إذا ما جئت ما أنهاك عنه ... ولم أنكر عليك فطلقيني
فأنت البعل يومئذٍ فقومي ... بسوطك لا أبا لك فاضربيني
فتنتهن:
قال صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وقال: أوثق سلاح إبليس النساء وقال: النساء حبائل الشيطان. ونظر بقراط إلى رجل يكلم امرأة فقال له: تنح عن هذا الفخ لا تقع فيه. وقال لقمان: كن من خيار النساء على حذر فأنت من شرارهن على يقين. وقال رجل: ما دخل داري شر قط فقال له الحكيم: ومن أين دخلت امرأتك؟
وصفهن بغلبة الرجال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من ناقصة العقل والدين أغلب للرجال ذوي الأمر من النساء. وقال معاوية في وصفهن: يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام.
شاعر:
ويجمعهن ضعفاً واقتداراً على الفتى ... أليس عجيباً ضعفها واقتدارها؟
الرشيد:
مالي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصياني؟
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... وبه غلبن أعز من سلطاني
الموسوي:
معاداة الرجال على الليالي ... أطيق ولا معاداة النساء
التحذير من الاعتماد عليهن وذمهن:
قال أمير المؤمنين: لا تطيعوا النساء على حال ولا تأمنوهن على مال، ولا تذروهن يدبرن العيال، فإنهن إن تركن وما يردن أوردن المهالك وأزلن الممالك، لا دين لهن عند لذاتهن ولا ورع لهن عند شهواتهن، ينسين الخير ويحفظن الشر، يتهافتن في البهتان ويتمادين في الطغيان، ويتصدين للشيطان. وقيل: من أطاع عرسه لم ينفع نفسه. وعارضت امرأة عمر في أمر يدبره فقال: ما لكن وأمور الرجال إنما أنتن لعبة إن كانت لنا بكن حاجة دعوناكن.
المتنبي:
وللخود مني حاجةٌ ثم بيننا ... فلاةٌ إلى غير اللقاء تجاب
الحث على مخالفتهن:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: شاوروهن وخالفوهن وقيل إياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن وعزمهن إلى وهن، وقيل أكثروا لهن من لا فإن نعم تغريهن بالمسألة.
أجدع الهمداني:
تعيرني بالغزو عرسي وما درت ... بأني لها في كل ما أمرت ضد

ذمهن بالجهل والاعوجاج:
قيل: إذا وصفت المرأة بالعقل فهي غير بعيدة من الجهل، وقيل: لا تدع المرأة تضرب صبياً فإنه أعقل منها. وفي الحديث: خلقت المرأة من ضلع معوج فما أردت تقومه انصدع. وقال صلى الله عليه وسلم: النساء شر كلهن وشر ما فيهن قلة الإستغناء عنهن. وقيل: تعوذ من شرار النساء وكن من خيارهن على حذر. ورأى سقراط امرأة تحمل ناراً فقال: نار تحمل ناراً والحامل شر من المحمول. وقيل له: أي السباع شر؟قال: المرأة!وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: النساء حبائل الشيطان. وقيل: شر أخلاق الرجال الجبن والبخل، وهما خير أخلاق النساء. وقيل: المرأة إذا أبغضتك آذتك، وإذا أحبتك خانتك فحبها أذى وبغضها داء.
شاعر:
إن النساء وإن حسبن صوالحاً ... فيما يحل من الأمور ويحرم
لحمٌ تطيف به كلاب جوعٌ ... إن لم يذدن فإنه متقسم
النهي عن حمد النساء:
قال لقمان: شيئان لا يحمدان إلا عند عاقبتهما: الطعام والمرأة فالطعام لا يحمد حتى يستمرأ والمراة لا تحمد حتى تموت. وفي المثل: لا تحمد أمة عام شرائها ولا حرة عام بنائها.
وصفهن بكونهن ناقصات:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهن ناقصات عقل ودين، فقيل: وما نقصان دينهن وعقلهن، قال: إن إحداهن تقعد نصف شهر لا تصلي، وأما نقصان عقولهن فشهادة لمرأتين تقوم مقام شهادة الرجل الواحد. وقال وهب بن منبه: قد عاقب الله النساء بعشر خصال: بشدة النفاس والحيض، وجعل ميراث اثنتين ميراث رجل، وشهادتها بشهادة رجل واحد، وجعلها ناقصة الدين والعقل لا تصلي أيام حيضها ولا يسلم عليها وليس عليها جمعة ولا جماعة ولا يكون منهن نبي ولا يسافرن إلا بولي.
وصف الموافية للزوج الحسنة الخلق:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير النساء الهينة العفيفة المسلمة، تعين أهلها على العيش ولا تعين العيش على أهلها. وقال معاوية رضي الله عنه لصعصعة: أي النساء أشهى؟قال: المواتية لما تهوى المجانبة لما لا ترضى، وتزوج رجل سيء الخلق امرأة فقال: أما أني سيء الخلق فإن كان عندك شيء من الصبر على المكروه وإلا فلست أغرك من نفسي. فقالت: أسوأ خلقاً منك من أحوجك إلى سوء الخلق. فتزوجها فما جرى بينهما وحشة للموت، وقال شريح: تزوجت امرأة صغيرة فلما بنيت بها قالت: عرفني خلقك لأعمل على مداراتك فعرفتها فبقيت معها سنة لا أزداد فيها إلا شغفاً، فدخلت يوماً فرأيت عندها عجوز فقلت: من هذه؟قالت: أمي!فسلمت عليها فدعت لي وقالت: كيف رضاك على صاحبتك؟فشكرتها فقالت: أسوأ ما تكون المرأة خلقاً إذا حظيت عند الزوج، وإذا ولدت، فإن رابك منها شيء فعليك بالسوط......فقلت: أشهد أنها ابنتك فقد كفيتني الرياضة.
وصف المخالفة السيئة الخلق:
قال الأصمعي: رأيت رجلاً يطوف بالبيت يحمل شيخاً كبيراً يقول له: أعييتني صغيراً وكبيراً. فقلت له: أحسن إليه فطالما أحسن إليك؛فقال: من تراه لي!فقلت: هو أبوك أو جدك، فقال: بل هو ابني فقلت: ما صيره إلى ما أراه؟قال: سوء خلق امرأته!وقال رجل لأبيه: تزوجت امرأة سيئة الخلق، فقال: عجل طلاقها فإنها تهرمك قبل الهرم، وتذهب عنك بجماع الكرم. وروى أن حكيماً زوج ثلاث بنين، فلما كان رأس الحول سأل الأول عن امرأته فقال: هي امرأة من خير النساء إلا أنها خرقاء لا تعمل شيئاً فقال: أنزلها في بني فلان فإن نساءهن صناع لتتعلم، وسأل الثاني فقال: إنها لا تدفع يد لامس؛فقال: أنزلها في بني فلان فإن نساءهن عفيفات، وسأل الثالث فقال: سيئة الخلق فقال: طلقها فهذا شيء لا حيلة فيه.
شكر أحد الزوجين الآخر:

قيل لامرأة: كيف زوجك؟قالت: إذا دخل فهد وإذا خرج اسد. وقيل للأخرى فقالت: حمل ظعينة وليث عرينة. وقيل للأخرى فقالت: هو سكوت خارجاً ضحوك والجاً. وسئل رجل عن امرأة فقال: أفنان أثله وجنى نحلة ومس رملة، وكأني قادم كل ساعة من غيبة، وطلق رجل امرأة فلما أرادت الإرتحال قال لها اسمعي وليسمع من حضراني والله اعتمدتك رغبة، وعاشرتك محبة، ولم يوجد مكاني منك زلة، ولم يدخلني منك ملة، ولكن القضاء كان غالباً فقالت المرأة جزيت من صحوب خيراً فما استربت خبرك ولا شكوت خيرك ولا تمنيت غيرك، وليس لقضاء الله مدفع ولا من حكمه ممنع. ثم تفرقا.

ذم أحد الزوجين الآخر:
شكت امرأة زوجها فقالت: هو قليل الغيرة سريع الطيرة، كثير العتاب شديد الحساب، استرخى ذكره وأقبل زفره وبخره وطمحت عيناه واضطربت رجلاه، يأكل همساً ويمشي خلساً ويصبح رجساً، إن جاع جزع وإن شبع خشع. وقالت امرأة: زوجي قصير الشبر ضيق الصدر لئيم النجر، عظيم الكبر كثير الفخر. وقالت امرأة لرجل: إنك لضيق الفناء صغير الإناء قبيح الثناء!فقال: وأنت واهية العقد قليلة الرفد مجانبة للرشد. وقال امرؤ القيس لامرأته وقد فركته: ما تكرهين مني؟فقالت: إنك سريع الإراقة بطيء الإفاقة، ثقيل الصدر خفيف العجز!فقال: وأنت حديدة الركبة واسعة الثقبة سريعة الوثبة قبيحة النقبة.
شؤم أحد الزوجين على الآخر:
تزوج امرأة رجل قد مات عنها خمسة أزواج فمرض السادس فقالت: إلى من تكلني؟قال: إلى السابع الشقي!وتزوج أعرابي أربعة نسوة متن عنده، ثم تزوج امرأة مات عنها خمسة أزواج فقال:
بوازل أعوامٍ أذاعت بخمسةٍ ... وتعتدني إن لم يق الله شائيا
ومن قبلها أهلكت بالشؤم أربعاً ... وواحدةً أعتدها في حسابيا
كلانا مظلٌ مشرفٌ لغنيمة ... ويقضي إله الخلق ما كان قاضيا
وقيل: رأت عائشة بنت الفرات ثلاثة ألوية كسرت على صدرها فسالت أمها ابن سيرين فقال: يتزوجها ثلاثة من الأشراف يقتلون عنها، فتزوجها يزيد بن المهلب ثم عمرو بن يزيد الأسدي فقتلا وتزوجها الحسن ابن عثمان الزهري فجرى بينهما يوماً كلام فقالت: والله لتقتلن!وأخبرته فطلقها وتزوجها العباس بن عبد العزيز فقتل. وروي أن أم حبيب بنت قيس العدوية قالت: لا أنكح إلا العدويين المحمدين فنكحت محمد بن عمرو بن العاص ففارقها، ثم محمد بن خليفة فقتل، ثم محمد بن أبي بكر فقتل، ثم محمد بن جعفر بن أبي طالب فمات، ثم محمد بن إياس فتوفيت عنه. وكان ابن عمر يقول: من أراد الشهادة الحاضرة فليتزوج بها.
امتناع أحد الزوجين من التزويج بعد موت صاحبه:
يقال: ما وفت امرأة لزوجها إلا قضاعيتان: نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان، فإنها قلعت ثنيتها بعد عثمان مخافة أن يخطبها رجل، وامرأة هدبة العذري فإنها لما رأت زوجها يقاد للقتل أنشدها:
فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا ... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
فعمدت إلى سكين فقطعت أنفها وقالت: كن آمناً من ذلك!فقال: الآن طاب ورود الموت!وتزوج رجل بابنة عم له يقال لها رباب، وتعاهدا على أن لا يتزوج أحدهما بعد موت الآخر، فمات الرجل وأكرهت المرأة على التزويج، فلما كان ليلة الزفاف رأت في منامها أن ابن عمها آخذ بعضادتي الباب فأنشد:
حييت سكان هذا البيت كلهم ... إلا الرباب فإني لا أحييها
أمست عروساً وأمسى منزلي خرباً ... ولم تراع حقوقاً كنت أرعيها
فانتبهت مذعورة وحلفت أن لا تجمع رأسها ورأس الرجل وسادة. وكان شيرويه لما قتل أباه كسرى أراد أن يتزوج بشيرين امرأة أبيه فقالت له: على ثلاث شرائط أن تحضر الحكماء فأخطئهم في معاونتهم إياك على قتل أبيك حتى لا يجرؤوا على مثله فيك، وأن تستحضر لي نساء الكبار لأشتفي بالبكاء عليه، وأن تأذن لي في حضور المكان الذي مات فيه مرة فقال: كل ذلك لك!فلما خطأتهم وبكت عليه وحضرت المكان الذي مات فيه، أخرجت فصاً مسموماً فمصته فماتت مكانها، وكانت قد عمدت إلى سم فوضعته في بعض الخزائن وكتبت عليه: إن من تناول منه وزن دانق أعانه على الجماع فلما ظفر به تناول منه فمات في مكانه.
المتزوج منهما بعد موت الآخر:

ماتت امرأة لرجل وكان عاهدها أن لا يتزوج بعدها فخطب امرأة في جنازتها فعوتب في ذلك فقال:
خطبت كما لو كنت قد مت قبلها ... لكانت بلا شكٍ لأول خاطب
إذا غاب بعلٌ جاء بعل مكانه ... ولا بد من آتٍ وآخر ذاهب
ومات زوج امرأة فراسلها في ذلك اليوم رجل ليخطبها فقالت: هلا سبقت فإني قد قاولت غيرك فقال: إذا مات الثاني فلا تفوتني.

ذم التطليق وشدته:
قال صلى الله عليه وسلم: ما من حلال أبغض إلى الله من الطلاق. وقال صلى الله عليه وسلم: ما خلق الله شيئاً أحب إليه من العتاق، وما خلق شيئاً أبغض إليه من الطلاق. وروي عنه أيضاً: لا تطلقوا النساء إلا من ريبة، فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات. وقال عمر لرجل طلق امرأته: لم طلقتها؟قال: لا أحبها، فقال: أكل البيوت بنيت على الحب أين الرعاية والذمم؟وقال الشاعر:
وما لذعت أنثى من الدهر لذعةً ... أشد عليها من طلاقٍ تزود
مدح التطليق:
كان الحسن رضي الله عنه مطلاقاً وقال: إن الله علق بهما الغنى وتقدم. وقال عامر بن الظرب: أجمل القبيح الطلاق. وأملى أبو العجل خطبة للنكاح فقال: الحمد لله الذي جعل في الطلاق اجتلاب الأرزاق فقال: وأن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته أوصيكم عباد الله بالسلوة والملالة والتجني والجهالة، واحفظوا قول الشاعر:
اذهبي قد قضيت منك قضائي ... وإذا شئت أن تبيني فبيني
تعاهدوا نساءكم بالسب وعادوهن بالضرب وكونوا كما قال الله تعالى " واهجروهن في المضاجع " ثم إن فلاناً في خمول نسبه ونقص أدبه خطب إليكم فازهدوا فيه فرق الله ذات بينهما وقربهما من حينهما.
الحث على تطليق غير الموافقة:
قال مرثد لرجل شكى إليه سوء خلق امرأته: بخرها بمثلثة.
شاعر:
ودواء ما لا تشتهيه النفس ... تعجيل الفراق
أنشد دعبل يزيد بن مرثد قوله:
عكليةٌ جهمٌ محياها
فقال: طلقها، قال: ليس لي مال، فدفع إليه مالاً فقال: طلقتها ألف مرة.
المتبرم بالمرأة المتمني طلاقها:
أبو سراعة:
أي طيرٍ جرى بقربك حتى ... يسر الله المرماة جناحه
وقال:
أحرزت كفاي منها ... حرةً غير سريه
سنها سن عجوز ... وهي في العقل صبيه
حبذا التطليق لولا ... خلةٌ فيه رديه
وقال:
لقد كنت محتاجاً إلى موت زوجتي ... ولكن علق السوء باقٍ معمر
فيا ليت أن اللحد قد صار بيتها ... وعذبها فيه نكيرُ ومنكر
ومرضت امرأة لبعض الأعراب فسمعها تقول:
إذا مت فالجرعاء منك قريبةٌ ... وفي بيتنا للغانيات معاد
وقال جران العود يخاطب امرأة:
يقولون : في البيت لي نعجةٌ ... وفي البيت لو يعلمون النمر!
أحبي لي الخير أو أبغضي ... كلانا لصاحبه ينتظر
من طلق امرأته فسر بذلك:
شاعر:
رحلت أمية بالطلاق ... وعتقت من رق الوثاق
بانت فلم يألم لها ... قلبي ولم تبك المآق
لو لم أرح بفراقها ... لأرحت نفسي بالأباق
وخصيت نفسي لا أري ... د حليلةً حتى التلاق
وكان قتادة بن معروف تزوج امرأة ففركها من ليلة فطلقها ولما أصبح قال:
تجهزي للطلاق واصطبري ... هذا دواء الجوامح الشمس
لليلة البين إذ هممت به ... أطيب عندي من ليلة العرس
وتزوج رجل امرأة فلما دخل بها وجدها قبيحة سيئة الخلق فقال:
إمضي إلى سقرٍ فإنك بائنٌ ... ومطلقٌ وخليةٌ وحرام
والقول قول أبي حنيفة عندنا ... إذ ليس فيها رجعةٌ ولمام
وكان رجل طلق امرأته ثلاثاً وترافعا إلى القاضي، فأخذ القاضي ينظر هل لقوله وجه، فقال له: لا تتعب فهي طالقة عشرين ألف مرة. فقال القاضي: قد خففت الأمر علينا.
من أمر بمصابرة امرأته:
قالت أم التحف وكان ابنها تزوج امرأة على غير رضاها وحمل نفسه ما لا طاقة له به ثم هم بتطليقها تبرماً بها:
لعمري لقد أخلفت ظناً وسؤتني ... فحزت بعصياني الندامة فاصبر

ولا تك مطلاقاً ملولاً وسامح القري ... نة وافعل فعل حر مسهر
فقد حزت بالورهاء أخبث خشيةً ... فدع عنك ما قد قلت يا سعد واصبر
تربص بها الأيام على صروفها ... سترمي بها في جاحمٍٍ متسعر

من طلق امرأته فندم:
جاء أعرابي إلى ابن أبي ذؤيب في مسألة طلاق زوجته فأفتاه بطلاقها فقال:
أتيت ابن ذئبٍ أبتغي الفقه عنده ... فطلق حبي ليت بتت أنامله
أطلق في فتوى ابن ذئب حليلتي ... وعند ابن ذئبٍ أهله وحلائله
وقال راوية الفرزدق: قال لي الفرزدق: امض بي إلى حلقة الحسن فإني أريد ان أطلق نوار فقلت له: أخشى أن تتبعها نفسك فقال: امض ولا تخف. فمضيت معه فقال: السلام عليكم أعلم أني قد طلقت نوار ثلاثاً، فقال الحسن: قد علمت. فلما رجع قال: إني لأجد في نفسي شيئاً من نوار، ثم أنشد يقول:
ندمت ندامة الكسعي لما ... غدت مني مطلقةً نوار
وكانت جنتي فخرجت منها ... كآدم حين أخرجه الضرار
ولو أني ملكت يدي ونفسي ... لكان علي للقدر الخيار
قرب تطليق امرأة من تزوجها:
زوج بعضهم ابنته عمرو بن عثمان فلما مضت إليه طلقها على المنصة؛فجاء أبوها إلى عبد الله بن الزبير، فقال: إن عمرو بن عثمان طلق ابنتي في المنصة، وأخشى أن يظن الناس أن ذلك لعاهة، وأنت عمه فعاتبه فقال: أو خير من ذلك ائتوني بالمصعب، فزوجها منه، وأقسم ليدخلن بها من ليلته، فما رؤيت امرأة نصت على رجلين في ليلة سواها. وتزوج الوليد في خلافته نيفاً وسبعين امرأة، فلما دخل بالآخرة وأراد أن يقوم أخذت بثوبه وقالت: ما ترى أقم لك كفيلاً أن لا تأمر بتسريحي!فضحك واستملحها وأمسكها أربعة أشهر ثم طلقها بعد ذلك.
مراجعة المرأة بعد طلاقها:
قال الله تعالى " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " وسبب ذلك أن أحدهم كان إذا أراد أذية امرأة طلقها، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها، ثم طلقها ثم راجعها طلباً لأذيتها. وقيل إن الحسن بن علي طلق امرأتين قرشية وجعفرية فأرسل إلى كل واحدة عشرين ألفاً وقال للرسول: احفظ ما تقول كل واحدة، فقالت القرشية: جزاه الله خيراً. وقالت الجعفرية: متاع قليل من حبيب مفارق. فراجع الجعفرية. وتزوج عبد الله بن أبي بكر عاتكة بنت زيد بنت عمرو وقد ألفها حتى اشتغل بها عن كل شيء فقال له أبوه طلقها فطلقها وقال:
فلم أر مثلي طلق اليوم مثلها ... ولا مثلها في غير شيء يطلق
فقال أبوه: راجعها يا بني فإني أراك محباً لها.
تفويض الطلاق إليها:
روي عن عائشة رضي الله عنها لما أنزل الله تعالى: " يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين " . دخل النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن لا تعجلي بشيء حتى تستشيري أبويك، قالت: وخشي النبي صلى الله عليه وسلم حداثة سني فقلت: يا رسول الله وما ذاك؟قال: إني أمرت أن أخيركن، ثم تلا الآية علينا، فقلت: فيم أستشير أبواي؟بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة، فسر صلى الله عليه وسلم بذلك نساءه فتواترن عليه. كانت امرأة عند الحسن ابن الحسين بن علي فضجرت عليه يوماً فقال: أمرك في يدك!فقالت: أما والله لقد كان في يدك عشرين سنة فحفظته وما ضيعته، أفأضيعه في ساعة واحدة صار في يدي، قد رددت عليك حقك ، فأعجبه قولها.
طلاق السنة:
قال الله تعالى: " فطلقوهن لعدتهن " . وقيل: طلاق السنة أن يطلقها وهي طاهر ثم يدعها حتى تنقضي عدتها أو يراجعها حتى تطهر ثم تطهر، ثم إن شاء الله طلقها قبل أن يراجعها، وإن شلء أمسكها فإنها العدة التي أمر الله بها.
الطلاق الثلاث:

قال ابن عباس: كان الطلاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر أن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيها أناة، فلو أمضينا عليهم، فأمضاه عليهم. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: طلق ركانة امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟فقال: طلقتها ثلاثاً، فقال: في مجلس واحد؟قال: نعم قال: فإنما تلك واحدة فإن شئت فراجعها. وقال ابن عباس إنما الطلاق عند كل طهر، فتلك السنة التي عليها الناس والتي أمر الله بها.

أحوال الطلاق:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث ليس فيهن لعب من تكلم بشيء منهن لاعباً فقد وجب عليه: الطلاق والعتاق والنكاح. وأما طلاق المكره فغير واقع لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: لا طلاق في اغلاق، وقال: لا طلاق لامرئ في ما لا يملك ولا عتاق فيما لا يملك. وروي من طلق ما لا يملك فلا طلاق له.
منع الزوج منها بعد الثلاث:
حتى تنكح زوجاً غيره قال الله تعالى " فلا تحل " . وروي أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبت طلاقها، فتزوجها رفاعة عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني كنت عند رفاعة فطلقني وأنه ليس معه إلا مثل هدبة الثوب، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك، وأبو بكر جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بن العاص جالس على باب الحجرة لم يؤذن له، فطفق خالد يتأذى ويقول: ألا تزجر هذه عما تجاهر به الرسول صلى الله عليه وسلم. وروي أنها جاءت بعد فأخبرته أن قد مسها فقال: اللهم إن كان ما بها ألا أن تحلها لرفاعة، فلا تتم نكاحها مرة أخرى فلم يتفق تزوجه بها. وسئل صلى الله عليه وسلم عن المحلل فقال: لا الإنكاح رغبة ولا مستهزأ بكتاب الله، لعن الله المحلل والمحلل له!وفي حديث آخر: المستحل والمستحل له.
مراجعة المرأة:
روي عن أنس رضي الله عنه: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة، فرجعت إلى أهلها فأنزل الله تعالى " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " . وقيل له: راجعها فإنها صوامة قوامة، وإنها إحدى نسائك وأزواجك في الجنة.
ذم المريدة لطلاق زوجها والمختلعة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس حرم الله عليها رائحة الجنة. روي أن حبيبة كانت تحت ثابت بن قيس فكرهته، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: لا أنا ولا ثابت ولولا مخافة الله لبصقت في وجهه، فقال: أتريدين عليه الحديقة التي أصدقك؟قالت: نعم، فجمع بينهما فردت عليه الحديقة وفرق بينهما، فكان أول خلع وقع في الإسلام.
العدة:
كانت المرأة إذا مات زوجها تعمد إلى أخشن ثيابها فتلبسه وتقعد في البيت سنة، فإذا كان رأس الحول خرجت ورمت ببعرة على حمار وقالت: قد حللت الآن. ثم أنزل الله تعالى " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً " وروي أن امرأة توفي عنها زوجها فشكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها اشتكت عينها، فهل لها أن تكتحل؟فقال: كانت إحداكن تمكث في بيتها في شر أحلاسها حولاً، فإذا مر كلب رمته ببعرة ثم خرجت، أفلا أربعة أشهر؟وأما عدة المطلقة فثلاثة قروء وعند الشافعي رضي الله عنه القرء الطهر، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه الحيض، وأهل اللغة يعدون هذه اللفظة من الأضداد. وقوله تعالى " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن " في المطلقة والمتوفي عنها جميعاً.
الظهار والإيلاء:

كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية أنت علي كظهر أمي حرمت عليه. وكان أول من ظاهر في الإسلام أوس ابن الصامت، وكانت ابنة عم له تحته يقال لها خولة، فظاهر منها فسقط في يده وقال: ما أراك إلا قد حرمت علي فانطلقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسليه: فأتته صلى الله عليه وسلم فقال: يا خولة ما أمرنا في أمرك بشيء فأنزل الله تعالى " قد سمع الله التي تجادلك في زوجها " فقال: ادعي زوجك فدعته فقال: هل تجد رقبة تعتقها؟فقال: لا أملك رقبة غير هذه، وضرب بيده على عنقه فقال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟فقال: إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات غشي علي. فقال: اطعم ستين مسكيناً فقال: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا وحشاً ما لنا طعام. فدفع إليه خمسة عشر صاعاً فقال: ما بين لابتيها أحوج إليها مني. فقال: كله أنت وعيالك. والإيلاء هو أن يحلف ان لا يجامع امرأته أربعة أشهر، وما كان دون ذلك فليس بإيلاء. ومتى حلف كذلك فقد قال الله تعالى " للذين يؤلون من نسائهم " .

مما جاء في العفة
قال صلى الله عليه وسلم: من حفظ ما بين لحييه ورجليه دخل الجنة. وقال: من وقى شر لقلقه وقبقبه وذبذبه فقد وقى شرة الشباب. وسئل عن أكثر مما يدخل الرجل النار فقال: الأجوفان الفم والفرج. وقيل لبطليموس: ما أحسن أن يصبر الإنسان عما يشتهي؟فقال: أحسن منه أن لا يشتهي إلا ما ينبغي. وقيل في قوله تعالى " ولمن خاف مقام ربه جنتان " قيل: هو الرجل يخلو بالمعصية فيتركها خوفاً من الله رجاء ثوابه وخوف عقابه. وقال ابن عباس: الشيطان من الرجال والنساء في ثلاثة منازل: في النظر والقلب والفرج. وقال صلى الله عليه وسلم: العينان تزنيان، ويحقق كل ذلك الفرج. وكان طاووس تمثلت إليه امرأة تراوده فواعدها يوماً إلى رحبة المسجد، فلما حضرت إليه قال: انخضعي!قالت: هاهنا؟قال: نعم إن الذي يرانا ههنا يرانا في الخلا فاقشعرت المرأة وانزجرت وتابت.
من تعفف عند مشارفة بلوغ الشهوة:
قال الله تعالى عن يوسف عليه السلام: " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " . واجتمع بعض العرب بامرأة فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة ذكر معاده، فاستعصم وقام منها وقال: إن من باع جنة عرضها السماوات والأرض بمقدار فتر بين رجليك لقليل البصر بالمساحة. وكان سليمان بن يسار مفتي المدينة من أحسن الناس وجهاً، فدخلت إليه امرأة فسامته نفسها فقالت: إن لم تطاوع لأخبرن الناس أنك فعلت ولأفضحنك!قال: نعم. وتركها في البيت وخرج وفر، ثم رأى في منامه يوسف عليه السلام فقال له: يا يوسف أنت الذي هممت، فقال له: وأنت الذي لم تهم. وقال رجل لسقراط: إني تفرست فيك أنك تميل إلى الزنا. فقال له: صدقت فراستك أني أشتهيه ولكني لا أفعله. وقلت لبعض المتصوفة: إنك لوطي؟فقال: ما تقول في لص لا يسرق هل يلزمه القطع؟ومر القس بسلامة المدنية وهي تغني فأعجبته وطرب وقال: والله إني أحبك!فقالت: نفسي بين يديك فما يمنعك؟قال: يمنعني قول الله تعالى: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " ، وأخاف أن تكون خلتنا اليوم عداوة يوم القيامة.
امرأة تعرض لها رجل فدعته إلى العفاف:
قال أعرابي: خرجت في ليلة بهيمة فإذا أنا بجارية كأنها علم، فراودتها فقالت: أما لك زاجر من عقل إن لم يكن لك ناه من دين؟فقلت: إنه لا يرانا إلا الكواكب. !فقالت: وأين مكوكبها؟ونزل أسدي بطائية في يوم صائف فأتته بقرى ففتنته بعينيها من وراء البرقع، فراودها فقالت: اما يردع الكرم والإسلام؟كل وأقل وإن أردت غير ذلك فارتحل.
وروي أن أبرويز راود امرأة على الفجور فقالت: أيها الملك إن المرأة طبعت على ثلاثة أجزاء من الإنسانية فإذا افتضت ذهب جزء، وإذا حبلت ذهب جزء، وإذا ولدت ذهب جزء، وقد أبيت عن ذلك فأنا أعيذ الملك أن يخرجني من حد الإنسانية. وقيل: انقطع بعض أولاد الملوك عن أصحابه ودخل إلى منزل امرأة فراودها عن نفسها فقالت: حتى نتغذى، فوضعت له خواناً عليه عشرون سكرجة كلها كامخ، فذاقها فرآها لوناً واحداً وطعماً واحداً ففطن إلى أنها تشير إلى أن النساء لوناً واحداً، وأن الذي معها مع زوجته فانكف عنها
الممدوح بذلك:
شاعر:
خلوت بها ليلاً ولم أقض حاجةً ... ولست على ذاك العفاف بنادم
المتنبي:

عفيفٌ تروق الشمس صورة وجهه ... فلو نزلت يوماً لحاد إلى الظل
وقال:
كم حبيبٍ لا عذر في اللوم فيه ... لك فيه من التقى لوام
وسمعت امرأة رجلاً ينشد:
وكم ليلةٍ قد بتها غير آثم ... بمهضومة الكشحين ريانة القلب
فقالت له: خزاك الله ألا تأثمت؟
من تعفف عن امرأة حراماً فأوصله الله إليها حلالاً:
كان لأمير المؤمنين عليه السلام جارية وعلى بابها مؤذن، إذا اجتازت به يقول لها: أما أحبك!فحكت الجارية لأمير المؤمنين فقال لها: قولي له وأنا أحبك فماذا؟فقالت له فقال: نصبر إلى يوم يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب. فأخبرت أمير المؤمنين بذلك، فدعاه وقال: خذ هذه الجارية فهي لك.

صعوبة الأمر على من اجتمع فيه العفة والغزل:
نظر محمد بن عبد الله بن الحسين إلى امرأة جميلة فأعجبته فقال:
أهوى هوى الدين واللذات تعجبني ... فكيف لي بهوى اللذات والدين؟
فقالت: يا هذا دع أحدهما تنل الآخر.
المتنبي:
إذا كنت تخشى العار في كل خلوةٍ ... فلم تتصباك الحسان الخرائد؟
متى يشتفي من لاعج الشوق في الحشى ... محبٌ له في قربه متباعد
المتعفف عن الجارة:
مر سفيان بن عيينة بدار فسمع قينة تغني:
ما ضر قوماً كنت جارهم ... أن لا يكون لبيتهم ستر؟
ناري ونار الجار واحدةٌ ... وإليه قبلي ينزل القدر
فدق الباب وقال: مثل هذا علموا فتيتكم.
حاتم الطائي:
وما تشتكيني جارتي غير أنني ... إذا غاب عنها زوجها لا أزورها
سيبلغها خيري فيرجع بعلها ... إليها ولم ترسل عليها ستورها
وقال:
رب بيضاء فرعها يتثنى ... قد دعتني لوصلها فأبيت
لم يكن بي تحرجٌ غير أنني ... كنت خدناً لزوجها فاستحيت
أبو تمام:
بيضاء كان لها من غيرها حرم ... ولم يكن يستحل الصيد في الحرم
التغازل بالنظر والقول دون الفعل:
قيل لأعرابي: ما الزنا عندكم؟فقال: الشمة والضمة والقبلة، فقيل: لكن أهل القرى يعدون ذلك المباضعة فقال: ليس ذلك زنا إنما هو طلب ولد. وقالت جارية لرجل:
إن كانت الغلمة هاجت بكم ... فعالج الغلمة بالصوم
ليس بك الحب ولكنما ... تدور من هذا على الكوم
وقيل: إن عمر بن أبي ربيعة لما اشتد به المرض بكى أخوه، فرفع طرفه وقال: لعلك تشفق مما قلته في شعري!قال: نعم. قال: عتق ما أملك إن وطئت امرأة حراماً قط. فقال: الحمد لله هونت علي. وقال أبو زيد: كان الرجل إذا عشق جارية فراسلها سنة رضي بأن تمضغ علكاً فتبعثه إليه، والآن لا يرضى إلا أن يشيل رجليها كأنه قد أشهد على نكاحها أبا هريرة وحزبه. وقال أعرابي: خلوت الليلة بفلانة فكان القمر يرينيها، فلما غاب خلفته، قيل: ما جرى؟قال: الإشارة بغير بأس والتقرب بلا مساس.
ابن طباطبا:
فطربت طربة فاسق متهتك ... وعقدت حبوة ناسكٍ متحرج
والله يعلم كيف كانت عفتي ... ما بين خلخالٍ هناك ودملج
العباس بن الأحنف:
أتأذنون لصبٍ في زيارتكم ... فعندكم شهوات السمع والبصر
لا يضمر السوء إن طال الجلوس به ... عف الضمير ولكن فاسق النظر
أبو عيينة:
إن تروني فاسق العينين فالفرج عفيف ... ليس إلا النظر الفاسق والشعر الظريف
الحصين بن سهم:
وما في اكتحال العين بالعين ريبةٌ ... إذا عف فيما بينهن السرائر
امرأة شارفت شهوة فارتدعت لكرم أو ديانة:
حكي أن امرأة عشقت فتى فدعاها يوماً فأجابته، فغنى مغن عندهما:
من الخفرات لم تفضح أخاها ... ولم ترفع لوالدها ستارا
فلما سمعت ذلك أبت إلا الخروج، ثم بعثت للرجل بألف دينار، وقالت: هذا مهري فإن أردتني فاخطبني من أبي. واشترى عبد الملك جارية فلما خلا بها قالت: يا أمير المؤمنين ما منزلة أرفع منزلة من منزلتي هذه ولكن القيامة لها خطر، إن ابنك فلاناً كان قد اشتراني وخلا بي ليلة فلا يحل لك مسي، فاستحسن قولها وولاها أمر داره.
عفيفة القت بريبة عن نفسها:

لما أكثر الأحوص التشبيب بأم جعفر الخطمية جاءته يوماً متنقبة وهو في نادي قومه فقالت: ادفع لي ثمن الأغنام التي ابتعتها مني. فقال: والله ما ابتعت منك شيئاً. فقالت لقومه: قولوا له لا تجحد الحق. فقالوا: إن كان حق فلا تجحدنه!فقال: والله ما عرفتها قط. فكشفت عن وجهها وقالت: لعلك لا تستثبتني!فقولوا له يستثبتني، فقالوا له فقال: والله ما عرفتها قط ولا رأيتها ولا شاهدتها. فقالت: مالك تشبب بي وتفضحني؟فحجل وانزجر ولم يعد وكذبته عشيرته.

امرأة لطيفة القول بعيدة التناول:
شاعر:
يحسبن من لين الحديث زوانيا ... ويصدهن عن الخنا الإسلام
ومر عبد الله بن جعفر بامرأة مزينة مطيبة جالسة على باب دارها، وفي يدها سبحة فقال: ما التسبيح بمشابه لحالك؟ فأنشدت:
ولله عندي جانبٌ لا أضيعه ... وللهو مني جانبٌ ونصيب
وقال:
ولست أبالي من رماني بريبةٍ ... إذا كنت عند الله غير مريب
علي بن الجهم:
وقلن لنا نحن الأهلة إنما ... نضيء لمن يسري بليلٍ ولا نقري
فلا بذل إلا ما تزود ناظرٌ ... ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري
وزاد أبو سعيد الرستمي:
وحسناء لم تأخذ من الشمس شيمةً ... سوى قرب مسراها وبعد منالها
المتنبي:
كأنها الشمس تعيي كف قابضها ... لبعدها ويراها الطرف مقتربا
مدح المرأة العفيفة:
الشنفري:
لقد أعجبتني لا سقوط قناعها ... إذا ما مشت ولا بذات تلفت
كأن لها في الأرض نسياً تقصه ... على أمها إن تكلمت تنكت
جميل:
خودٌ من الخفرات البيض لم يرها ... بسدة البيت لا بعلٌ ولا جار
حسان:
حصانٌ رزانٌ ... ما تزن بريبةٍ
الموسوي:
دون القباب عفافٌ مع خلائقها ... والصون تحفيظ ما لا تحفظ الخيم
وكانت قرشية رأى شعرها رجل فحلقته وقالت: لا أريد شعراً اكتحل به نظر غير ذي محرم.
من تجنب العفة فاستوخم عقبى أمره:
من ذلك خبر يسار الكوكب وهو عبد تعرض لابنة سيده فقالت له: يا يسار شرب من هذا السمار وقل في ظل الأشجار وإياك وبنات الأحرار!فلما دعته إلى نفسها وكانت قد أعدت موسى، فجبت به مذاكيره فصار مثلاً. وكان أبرويز اختبر رجلاً فرآه زانياً خائناً، فوسمه بسمة الزناة ونفاه من المدائن فأخذ موسى وجب نفسه وقال: من أطاع عضواً صغيراً فسدت سائر أعضائه، فمات من ساعته.
مما جاء في الغيرة والتديث
مدح الغيرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا خير فيمن لا يغار. وقيل:
كل حب بلا غيرة فهو حب كذاب. وقيل: لا كرم فيمن لا يغار، وقال قيس بن زهير لما تزوج في غير قومه لامرأته: أنا غيور فخور أنف ولكني لا آنف حتى أضار، ولا أفخر حتى أفاخر، ولا أغار حتى أرى. وإنما عنى رؤية الإمارة لا رؤية المواقعة ودخول الميل في المكحلة.
الحث على حفظ النساء:
إن الكريمة ربما أزرى بها ... لين الحجاب وضعف من لا يحزم
وكذاك حوضك إن أضعت فإنه ... يوطأ ويشرب ماؤه ويهدم
مدح ترك الإفراط في الغيرة:
قيل: كثرة الغيرة اضجار وقلتها اغترار. وقال معاوية رضي الله عنه: من السودد الضلع واندحاق البطن وترك الإفراط في الغيرة.
مسكين الدارمي:
ألا أيها الغاير المستشيط ... على من تغار إذا لم تغر؟
فما خير عرسٍ إذا خفتها ... وما خير بيتٍ إذا لم يزر
يغار على الناس أن ينظروا ... وهل يفتن الصالحات النظر
فإني سأخلي لها بيتها ... فتحفظ لي نفسها أو تذر
قال الخالدي: ما أراه إلا وكان يقول بالإباحة، وإلا فلم يجوز ما يأنف منه الأحرار؟وقيل: اتهام الرجل المرأة في غير موضع التهمة يدعوها إلى ارتكابها.
ترك الغيرة على القيان والتمدح بذلك:
أتي معاوية بالفيل فصعد سطحاً ليرى الفيل، فلما أشرف رأى في خزانة رجلاً مع جارية له فقال لها: يا فلانة هذا أخوك الذي كنت تذكرينه؟قالت : نعم. فقال: اصعد أيها الرجل. فصعد فقال: أعجزتك الأماكن كلها إلا داري اتراك عائداً؟قال: لا، فقال معاوية: وعلى من يخرج هذا الحديث لعنة الله! شاعر:

لا تغارن على جاريةٍ ... إنما الغيرة من سوء الخلق
اقض أوطارك منها ثم قل: إنما أنت لمرار الطرق
وقيل لبعض عشاق قينة: ألا تغار عليها؟قال: امنع الناس عن ورود الفرات، وأنشد:
وإذا ما أردت أن تمنع النا ... س ورود الفرات كنت بغيضا
آخر:
أأمنع من وادي زبالة شربةٍ ... وقد نهلت منه الكلاب وعلت
وكتب باج إلى غلام يعشقه وكان قد تهدده بمواصلة غيره فقال:
لا تمنعن حمى إزارك سيدي ... خلقاً من البيضان والسودان
فليبلغنك من جميل تغافلي ... ما لم تبلغ قط من كشحان
ما لي أروع بالقرون كأنني ... في الناس أول عاشقٍ قرنان
الخبزارزي:
قالوا تحب فلا تغار فقل لهم: ... لا يمنع الماعون عندي من عقل
إن مسه دنس الإجارة مرةً ... فالماء يغسل عذر ذاك إذا اغتسل

منع المرأة من الاكتحال برؤية الرجل:
قال عمر: ولأن يرى امرأتي ألف رجل أحب إلي من أن ترى زوجتي رجلاً واحداً. وحج الأشجعي بامرأته فنظر إلى الناس يوم التروية فهاله كثرتهم فقال: إن رجلاً يدخل امرأته وسط هؤلاء لمجنون!وضرب وجه راحلته وعاد ولم يحج وقال:
وليس بحرٍ من يوسط زوجةً ... له بين أهل الموسم المتقصد
وفيهم رجالٌ كالبدور وجوههم ... فمن بين ذي طرفٍ كثيرٍ وأمرد
وفي غيرة النساء:
روي في الخبر: أيما امرأة غارت فصبرت دخلت الجنة. وقيل غيرة النساء أشد من غيرة الرجال. وقيل: هذا خطأ فليس ما ينال المرأة إذا رأت امرأة على فراش زوجها من جنس، ما ينال الرجل إذا رأى رجلاً على فراش زوجته.
تزوج رجل من همدان بنت عمه وكان محباً لها، فلم يلبث أن ضرب عليه البعث إلى أذربيجان فأصاب بها خيراً واستفاد جارية تسمى حبابة، وفرساً يقال له الورد فلما قفل القوم امتنع من القفول وقال: أخشى أن امرأتي تمنع علي جاريتي وإني لمشغوف بها ثم قال:
ألا لا أبالي اليوم ما صنعت هندٌ ... إذا بقيت عندي حبابة والورد
شديد مناط المنكبين إذا جرى ... وبيضاء مثل الريم زينها العقد
فسمعت بذلك المرأة فكتبت إليه:
ألا فاقره مني السلام وقل له: ... غنينا بفتيانٍ غطارفةٍ مرد
إذا شاء منهم ناشئ مد كفه ... إلى كفلٍ ريان أو كعثب نهد
فأرسل لنا منك السراح فإنه ... مناناً ولا ندعو لك الله بالرد
إذا رجع الجند الذي أنت فيهم ... فزادك رب الناس بعداً إلى بعد
فلما وصل إليه الكتاب باع الجارية وبادر إليها فرآها معتكفة في مصلاها فقال: ما فعلت؟قالت: معاذ الله أن أركب محرماً، ولكني أردت أذيقك طعم الغيرة كما أذقتني. وكان رجل بالكوفة متزوج بابنة عمه وله ضيعة بالبصرة يخرج إليها في كل سنة، فتزوج امرأة بالبصرة فسقط خبرها إلى ابنة عمه، فكتبت يوماً كتاباً عن أم البصرية تعزيه في ابنتها وتستعجله لقسمة ميراثها ، ودفعته إلى رجل غريب وأمرته أن يوصله إليه خفية، فلما قرأه تجهز وقال: إن أمر ضيعتي بالبصرة قد تشعث، ولا بد أن ألم بها فقالت المرأة: كم تقول البصرة!أحسبك ذا امرأة بالبصرة تشتاق إليها، أحلف لي بطلاق كل زوجة لك بالبصرة. فقال الرجل في نفسه: وما يضرني ذلك وقد ماتت امرأتي بها فحلف لها فقالت استقر الأمر فلا بأس بالضيعة، وأخبرته بالخبر.
جواز نهي الرجل عن التزويج بغير زوجته وخطر ذلك عليه:
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر يوماً وقال: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا فتاتهم علياً ألا فلا آذن ثم لا آذن ثلاثاً، إلا أن يحب علياً أن يطلق ابنتي وينكح فتاتهم، إن فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما أذاها. وقال صلى الله عليه وسلم: جدع الحلال أنف الغيرة.
الميل إلى كل ممنوع والرغبة عن كل مبذول:
ابن الطثرية:
أعاف الذي لا هول دون لقائه ... وأهوى من الشرب الحريز الممنعا
أبو تمام:
إني امرؤ اسم الصبابة وسمها ... وتغزلي أبداً بغير المغزل
غالي الهوى مما يرقص هامتي ... ورويتي الشغف التي لم تنهل

الرغبة عمن يشركك فيه غيرك:
شاعر:
تبعتك لما كنت عندي ممنعاً ... وأمسكت لما صرت نهباً مقسما
ولا يلبث الحوض الجديد بناؤه ... إذا كثر الوراد أن يتهدما
دعبل:
قصر الغواية عن هوى قمرٍ ... وجد السبيل إليه مشتركا
وقال:
كيف أصفي الود من ... لا آمن الشركة فيه
وقال:
فإن تحملي ردفين لا آل فيهما ... فسيري رويداً لست ممن يرادف
من غار على محبوبه ومن غيره:
شاعر:
أغار عليك من الناظرين ... فلو أستطيع طمست العيونا
ابن المعتز:
أغار عليك من قبلي ... وإن أعطيتني أملي
وأشفق أن أرى خدي ... ك نصب مواقع المقل
وقال جميل بن معمر: ما رأيت مصعب بن الزبير يمشي بالبلاط إلا لحقتني الغيرة على بثينة، وهي بالجناب. وكان مالك ابن طوق شديد الغيرة، تزوج بامرأة فلم يأذن لأخيها عليها إلا بعد سنة.
عبد الرحمن بن أحمد بن يوسف:
أغار على قميصك ... حين تلبسه وأتهمه
شاعر:
أغار على نفسي لها وتغار لي ... على نفسها إن الهوى لعجيب
على أننا لم ندن يوماً لريبةٍ ... ولا مثلنا فيمن يريب مريب
الخبزارزي:
إني لأحسد ناظري عليكا ... حتى أغض إذا نظرت إليكا
الصائن محبوبه عن ذكره أمام الرجال:
الحكيم بن نسير:
ولست بواصفٍ أبداً خليلاً ... أعرضه لأهواء الرجال
وما بالي أشوق عين غيري ... إليه ودونه سجف الحجال
كأني أشتهي الشركاء فيه ... وآمن فيه تغيير الليالي
من رضي بميل محبوبه لغيره:
قال علي بن عبد الله بن جعفر:
ولما بدا لي أنها لا تحبني ... وأن هواها ليس عني بمنجلي
تمنيت أن تهوى هواي لعلها ... تذوق صبابات الهوى فترق لي
فعبر بهذا حتى أنه كان يسمى المتديث في شعره. قال: وكنت محبوساً في بعض الأحايين، فجاء رجل إلى باب السجن فقال: أين المتديث في شعره؟فقلت: لئن كان مني ذلك القول فإني أقول:
ربما سرني صدودك عني ... وإذا ما خلوت كنت التمني
وأنشد بحضرة عبد الملك بن مروان قول نصيب:
أهيم بدعدٍ ما حييت فإن أمت ... فيا حرباً ممن يهيم بها بعدي
فقال بعض من حضر: لقد أساء القول بل كان ينبغي أن يقول:
أوكل بدعدٍ من يهيم بها بعدي
فقال: هذا أشر من الأول بل يقال:
فلا صلحت دعدٌ ... لذي خلةٍ بعدي
حكم لقاء الرجل بحرمته منكراً:
قال عبد الله: كنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل رجل فقال: أرأيتم إن وجد الرجل مع امرأته رجلاً فتكلم به جلد ظهره وإن قتل قتل، وإن سكت سكت على غيظه فقال: اللهم افتح؛فجعل يدعو فأنزل الله تعالى آية اللعان " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " فجاء هو وامرأته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتلاعنا فلما التفتت قال: انظروا فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الإليتين خدلج الساقين فلا أحسب عويمراً إلا وقد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أحسب عويمراً إلا وقد كذب. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سأله عمن رأى رجلاً مع امرأته : كفى بالسيف شا.... أراد شاهداً، فسكت تفادياً من أن تسبق الغيرة إلى الغيرة فيرتكبوا من ذلك محظوراً.
الرضا بالتديث:

روي أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: عن امرأتي لا ترد يد لا مس. قال: طلقها. قال: إني أحبها قال: فأمسكها إذاً. وقال الجاحظ: إن جماعة من الرافضة يقولون بالوقاية إذا اعتلت امرأة أحدهم استعار امرأة غيره، بشريطة أن لا يتعرض للفرج بل لما دونه. ولما ملك قباذ خرج مزدك فدعا الفرس إلى الزندقة فقال: تبادلوا النساء والأموال؛فأجابوه. ودخل يوماً فرأى أم أنو شروان، فسأل قباذ أن يدفعها إليه، فقبل قباذ وجله ان يتجافى عنها، ففعل فلما مات قباذ وتولى أنو شروان دخل مزدك فأمر أن يقتل، وقال: ما ذهبت ريح جورك من أنفى بعد، فقتله وقتل مائة ألف من الزنادقة في غداة واحدة. وقال رجل لآخر: امرأك قد كثر نائكوها فقال: لو ناكها أهل منى ما ازدادت إلا حظوة عندي. وقالت امرأة لزوجها: يا ديوث يا مفلس. فقال: واحدة من الله وواحدة منك فما ذنبي أنا؟

في التزوج برقيقة الحافر أو متذوقة:
قال أبو الشمقمق: تزوج بقحبة!فقال: ما هذا؟فقال: اسمع القحبة تكون أملح وأحرى بأن تكون عالمة بما يحبه الرجال، وتأخذ بنفسها بالتنظيف، ومتى قلت يا زانية لم تأثم، ثم أنها تجتهد أن لا تأتيك بولد. ثم إنها تعرف بأنك تعرفها فلا تتكبر. وفي أخبار ابرويز أنه انقطع يوماً عن عسكره فدخل قرية، وكان بها اكار له ابنة يقال لها شيرين في نهاية الجمال، فتزوج بها ثم لحقه عسكره فتكلم فيه، فصنع طعاماً فأكلوا ثم أحضر شراباً ثخيناً يطوف به غلمان سود فعافوه، فطاف بصاف مع حسان فشربوا، وعلموا أنه يشير أن شيرين إنما اصطفاها بعد الطهارة.
المعير بفساد الحرمة:
ابن طبابطبا في أبي علي الرستمي:
غلق الرستمي باب حديدٍ ... حلقة الباب من قبيح اللقاء
إن دار الرجال وجهك يكفيها فعلقه باب دار النساء
وكان بعض القضاة اتهم ابنته برجل، فأخذه وضربه وحضر مجلس الوزير ابن الزيات فقال:
فيا أهل ليلى كيف يجمع شملها ... وشملي وفيما بيننا شبت الحرب
لها مثل ذنبي اليوم عن كنت مذنباً ... ولا ذنب لي إن كان ليس لها ذنب
فنكس القاضي رأسه وعلم أنه المعنى.
بعضهم:
يا إخوتي إن القيامة دانيه ... زانٍ يحد ولا تحد الزانيه
إن كان هذا في الحكومة جائزاً ... مستعملاً زنت النساء علانيه
الخوارزمي:
زفت إليك صديقة ... لفتى فصرت له شريكا
فعليك كل مؤونة ... وعلى شريكك أن ينيكا
أبو علي البصيري وهو من الغايات في هذا الباب:
أمست كشاحنة الدنيا بأجمعها ... بيادقاً وغدوت الرخ والشاها
وقال آخر:
دهتك بعلة الحمام خودٌ ... ومالت في الطريق إلى سعيد
أرى أخبار بيتك عنك تطوى ... فكيف وليت ديوان البريد
عمر بن سعدان:
سألت زوجها الخروج إلى الحق ... ويا رب باطل في الحقوق
وأقامت بمأتم اللهو لا مأ ... تم شق الشنوف والتمزيق
ابن عباد:
أيا بدرٍ تزوجت العفيفه ... سخيفٌ قد تجمع مع سخيفه
فتاةٌ لو ينادى نائكوها ... لكانت جيشها جيش الخليفه
إذا ما غاب يوماً عن ذراها ... يبيت لها ابن عم في القطيفه
المعروفة بأن أولادها من غير زوجها:
أبو عمر السراج في أبي الغيناء:
جاد أبو العيناء فيما اشتهى ... من لذة العيش بلا مرزيه
ينيك من يختار من أهله ... ويحصل الأعمى على التربيه
وتزوج رجل امرأة فأتت بولد بعد ستة أشهر فقال: ما هذا؟فقالت: بنيت جدارك على أس غيرك، وقال بعضهم: رأيت رجلاً ومعه ابن لا يشبهه فقلت له ابنك هذا لا يشبهك!فقال: وهل تدع جيراننا أولادنا تشبهنا؟ كشاجم:
ولدت ليلة الزفا ... ف إلى بعلها ذكر
قلت من أين ذا الغلا ... م وما مسها بشر؟
قال لي بعلها: ألم ... يأت في مسند الخبر
ولد المرء للفرا ... ش وللعاهر الحجر!
قلت هنيته على ... رغم من خالف الأثر
عبدان:
والمنتمون إليه من أولاده ... الله يعلم أنهم أولادي!
مثقال:

لك أنثى تزيف في كل عشٍ ... وتربي الفراخ في أعشاشك
أبو تمام وقد قلب المعنى:
لو كان حصناً بابه وجداره ... قلت بنوها عنده وبناتها
إن البلاد إذا السيول تعاورت ... ساحاتها عم الفضاء نباتها

من رأى حرمته على مكروه فلم ينكره:
دخل رجل على امرأته فرأى عندها رجلاً كانت تعرف به، فقال له الزوج: اقلل الإجتماع معها، فإن الناس يذكرونك بها فقال له: لا يجوز لهم حتى يروا الميل في المكحلة. وكان رجل يأتي امرأة فقالت له يوماً وهو يواقعها إن الناس يتهموني بك!فقال لها: ما عليك أن تؤجري ويأثموا. ودخل رجل على امرأته فرآها تحت رجل فلما فرغ منها العشيق أخذ الزوج ينيكها ويقول له: أنظر إلى عشيقتك تحتي.
من حمل على امرأته وصديقته:
الرقاشي في دعبل:
لدعبلٍ حرمةٌ يمت بها ... ولست حتى الممات أنساها
أدخلنا داره فأكرمنا ... ودس لي امرأته فنكناها
قال: فلما سمع دعبل قال: لو قال المتخلف فعفناها كان أبلغ في الهجاء وأعف!وقوله فعفناها أقرب من قول الراعي:
فلما قضينا من رباب لبانةً ... أرادت إلينا حاجةً لا نريدها
دعبل في الرقاشي:
إن الرقاشي من تكرمه ... بلغه منه منتهى هممه
يبلغ من بره ورأفته ... حملان إخوانه على حرمه
ابن الرومي:
يدخل في زوجته ... أير سواه بيده!
ابن الحجاج:
لي حريف أفديه في كل حالٍ ... فهو والله من سراة الرجال
بت مع عرسه وكان هو الثا ... لث في ليلةٍ تسود الليال
فتكرهت قربها أي بأني ... رجلٌ لا أريد غير الحلال
ورأى حشمتي فقال: حبيبي ... ليس هذا طريق نيك عيالي!
تشتهي أن تكون في صورة العبد وإلا في صورة الأنذال
فابق إني رأيت مثلك لا يح ... رز في صحفه طيور الرجال
من تعرض لصاحبه فجاوبه بما فيه قذف حرمه:
قال الفرزدق لكثير واراد أن يعبث به: أكانت أمك بالبصرة وانا بها؟قال: لا ولكن أبي كان فيها مع أمك، وكان يكثر الثناء عليها ويقول رحمها الله تعالى. فقال الفرزدق: هذه عاقبة من تكلم فيما لا يعنيه!وقال الفرزدق لزياد الأعجم: أتكلمت يا أقلف؟فقال: ما أسرع ما أخبرتك أمك رحمها الله تعالى!وقال ابن سمية للربيع بن قنعب:
لقد رأيتك عرياناً ومؤتزراً ... فما علمت أأنثى أنت أم ذكر
فقال: لكن سمية قد علمت. وقال إنسان لجرير أنت تقذف المحصنات، قال: لكن أمك لا يصبها من ذلك شيء!وقال عمر بن عبيد: متى عهدك بالزنا؟فقال: مذ ماتت عرسك رحمها الله!وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب رضي الله عنهما، إن فيكم لشبقاً يا بني هاشم، فقال: هو منا في الرجال ومنكم في النساء!وقال مدني لمخنث مر بي ولاعبني كيف كنت يا أخي البارحة؟فقال: ما لقي است أختك البارحة حتى تركت السوق وتمنيت الموت. ومر رجل باكار فقال: لو أن هذه المزرعة تنبت ايوراً أين كنت تقعد؟قال: كنت أعمد إلى حزمة فأجعلها في حر أمك وأقعد مكانها.
التعيير بالأكل من كسب امرأته:
شاعر:
جواريك أطعمنك السكرا ... وأنزلنك المنزل الأكبرا
ولولا جواريك ما أطعمو ... ك على قبح وجهك إلا خرا!
وكان رجل له امرأة تتكسب وتطعمه، فطلقها وتزوج عفيفة فلك يجد ما كان يجده، فذكر لها ذلك فجاء يوماً فوجد طعاماً وشراباً، فقال: من أين هذا؟فقالت: زارنا فلان فأكل وشرب وجامع وحمل إلينا طعاماً وشراباً وحلواً وهذا نصيبك!فقال: إذا تعاطيت مثل هذا فإياك وتفاصيل ما يجري فإني غيور!
من ذكر حظوته عند حرمة صاحبه:
منصور بن باذان:
لئن كنت عندك لا قدر لي ... فعندك عيالك في المخنقه
وإن كنت عندك ذا تهمةٍ ... فإني بعرسك عين الثقه
من قذف امرأته برجل فرأى حقيقة ذلك:
وقع بين مزبد وبين رجل خصومة، فقال الرجل: أتخاصمني وقد نكت امرأتك كذا وكذا مرة، فرجع إلى امرأته فقال: أتعرفين فلاناً؟قالت: أبو فلان!فقال: ناكك والله!وقال أبو عمرو بن العلاء أقبلت من مكة ومعي جمال يقول:
يا ليت شعري هل بغت عليه؟
فسمع رجل يقول:

نعم بغت وناكها جحيه
فرجع إلى امرأته وقال لها: أتعرفين فلاناً فقالت: ما زال لنا متعهداً وفي حاجاتنا سريعاً فأحس بالشر فنظر فإذا في قفاه كي فقال: اذهبي فأنت طالق.

وصف المرأة الفاسدة:
تقول هي رقيقة الحافر وهي واسعة الحبل: شاعر:
ألماً على دارٍ لواسعة الحبل ... ألوف تسوي صالح القوم بالرذل
ولو شهدت حجاج مكة كلهم ... لأمسوا وكل القوم منها على وصل
وقال:
وما هي إلا نظرة وتبسم ... فتبذل رجلاها وتسقط للجنب
وقال:
فلا تكثري قولاً منحتك ودنا ... فقولك هذا للفؤاد مريب
تعدين ما أوليتني منك نائلاً ... وللقابس العجلان منك نصيب
وقال:
تصاحب في اليوم القصير ثلاثةً ... فإن زاد شيئاً أكملتها برابع
وكنت أسميها النوار فأصبحت ... لدي وقد كنيتها أم جامع
نوع من ذلك:
تشاجر رجلان من حمص في امرأتيهما أيتهما أحسن؟فرآهما القاضي فأقل على أحدهما فقال: نيك امرأتك في استها أحب إلي من نيك امرأة هذا في حرها، فأقبل المكوم له على رفيقه وقال: الم أقل لك؟ وقال جرير للأحوص: أنت القائل:
يقر بعيني ما يقر بعينها
قال: نعم قال: إنه يقر بعينها أن يدخل فيها ذراع البكر أيقر بعينك ذلك؟فأفحمه. قيل: لا يمنع مرعى عرسه من أباح حمى نفسه. وقيل لأعرابي: هل بامرأتك حبل؟فقال: لا أدري والله ما لها ذنب فتشول به، وإني لا آتيها إلا ضيعة. تم الحد والحمد لله.
الحد السادس عشر
في المجون والسخف
فما جاء في اللواطة
أو الإجارة والابنة والتخنث والدلك والدبيب والقيادة والزنا
النهي عن اللواطة:
قال الله تعالى حكاية عن لوط عليه السلام " أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم " ولعن النبي صلى اله عليه وسلم الفاعل والمفعول به. وقد أجرى كثير من الفقهاء فاعل ذلك مجرى الزاني، وأمر أمير المؤمنين رضي الله عنه فيمن رؤي كذلك أن يرمى من سطح.
شاعر:
قد أمر الله فلا تعصه ... أن لا يزار البيت من خلفه
المعير بها:
كان أبو نواس مولعاً بأبي عبيدة النحوي فكتب يوماً على اسطوانة كان يستند إليها:
صلى الإله على لوطٍ وشيعته ... أبا عبيدة قل بالله: آمينا
لأنت عندي بلا شكٍ زعيمهم ... منذ احتلمت ومذ جاورت ستينا
فلما رآه أبو عبيدة قال لأحد أصحابه: ويلك اصعد فوقي وحكه فتطأطأ له، فلما ثقل فوقه قال: أوجز قال: قد حككتها إلا لوطاً، فقال: ويحك تركت المقصود!وكتب لقوة رقعة رفعها إلى علي بن عيسى:
وزعمت أنك لا تلوط فقل لنا: ... هذا المهفهف واقفٌ ما يصنع؟
شهدت عليك به شواهد ريبة ... وعلى المريب شواهدٌ لا تدفع
فوقع فيها.
إن الفؤاد بمن تراه مشغفٌ ... والقلب ذو حرجٍ فماذا أصنع؟
ورأى يحيى بن أكثم في دار المأمون جماعة من صباح الغلمان فقال: لولا أنتم لكنا مؤمنين؛فرفع ذلك إلى المأمون فعاتبه فقال: إن درسي كان انتهى إلى ههنا.
الراغب عن النساء المائل إلى المرد:
قيل لأبي نواس: زوجك الله حور العين. فقال: لست بصاحب نساء بل الولدان المخلدين.
أنا الماجن اللوطي ديني واحدٌ ... وإني في كسب المعاصي لراغب
أدين بدين الشيخ يحيى بن أكثم ... وإني لمن يهوى الزنى لمجانب
وقال الأصمعي: رأيت شيخاً يطاف به وينادى عليه: هذا جزاء من يلوط. والشيخ يقول: بخ بخ لا زنا ولا سرقة إلا لوطاً محضاً! أبو نواس:
ولي قلمٌ يكبو إذا ما حملته ... على بطن قرطاسٍ وفي الظهر يعنق
واجنمع الجرشي وسياه اللوطيان قيل لأحدهما: ما بلغ من لواطك؟فقال: أنيك كل ذكر وقيل لآخر فقال: أدلك على كل ذكر. وقيل لشيخ تعاطى اللواط: ألا تستحي؟فقال: أستحي وأشتهي! شاعر:
إنما الدنيا طعامٌ ... ومدامٌ وغلام!
فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلام!
تفضيل المرد على النساء:

قيل لأبي مسلم صاحب الدولة: ما ألذ العيش؟قال: طعام أهبر ومدام أصفر وغلام أحور!وقيل له: لم قدمت الغلام على الجارية؟قال: لأنه في الطريق رفيق، وفي الإخوان صديق، وفي الخلوة أهل. وقيل لعافية القاضي: لم اخترت الغلام على الجارية؟فقال: لأنه لا يحيض ولا يبيض.
شاعر في معناه:
ومأمونٌ بحمد الله منه ... الطمث والحبل
وقال بعضهم: الغلام استطاعة المعتزلة لأنه يصلح للضدين، يفعل ويفعل به، والمرأة استطاعة المجبرة لا تصلح إلا لأحد الضدين.

الرغبة عن الغلمان إلى النسوان:
قيل لأعرابي: ما تقول في نيك الغلمان؟فقال: اغرب قبحك الله!إني والله لعاف الخراء إن أمر به فكيف ألج عليه في وكره!وسئل أبو عبد الله المنتوف: ما بال النائك في الاست أسرع فراغاً من النائك في الحر؟فقال: إنك لو ألقمت خراء كنت أسرع قيئاً منك إذا شربت بولاً.
محمد بن جعفر العلوي:
وكم نادمت من ذكرٍ وأنثى ... ففضلت الإناث على الذكور
ألا إن الإناث ألذ قرباً ... وألوط بالقلوب وبالصدور
غلام تشير إليه الرجال والنساء لحسنه:
قال أعرابي: فلان تنافس فيه عيون الرجال وتفتن به ربات الحجال.
الخوارزمي:
مؤنث الدل إلا أنه ذكرٌ ... لمسلمٍ وابن هاني فيه شرطان
أبو نواس:
لها محبان: لوطي وزناء!
ويصح أن يحمل على هذا قول الآخر:
تنافس في عيون الرجال ... وتعثر بي في الحجول الغواني
تفضيل ذوي الخصى في التعاطي معهم على الخصيان:
قيل لأبي نواس: لم تدفع إلى الغلام أكثر مما تدفع إلى الخصي؟فقال: لأن مع الغلام بيدقين يدفع بهما الشاه في وسط الرقعة. وقيل لآخر: لم لا ترغب في الخصيان؟فقال: لأني لا أركب الزورق بلا دقل. وطلب رجل من بعض القوادين أمرد فجاءه بجارية فقال: لا أريدها قال: أفتريد أحسن منها؟قال: إنما أريد من تحته ذكر وخصيتان، قال: فدس في حرها جزرة وعلق عليها بصلتين واحسب أنها ذكر وائتها في دبرها إن لم يكن لك غرض آخر.
المتعاطي مع كل أحد:
ابن الحجاج:
النيك بالتمييز لا وجه له ... فلا تكن تيساً شديد البله
إياك تستقذر شيئاً تره ... ونك ولو كلباً على مذبله
الخوارزمي:
إذا فاته تحصيل ظبيٍ مقنع ... فهمته تحصيل ظبي معمم
يصيد كلا الظبين هذا وهذه ... حنيف ولكن فعله فعل مجرم
ابن بسام:
وأهوى المرد والشبان طرا ... ولا أبى مواصلة الكعاب
وسأل بعض المتفاكهين رجلاً: إلى أي الجنسين تميل؟فقال: إلى كليهما. فقال: انت إذاً الغراب تأكل الخرا وتلتقط الحب.
من رؤي من اللاطة متعاطياً فاحتج بآية:
وجد مؤذن على ظهر صبي في مسجد فقيل : ما تصنع؟فقال: أليس الله يقول " ولا يطؤون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح " فأي موطأ أغيظ للكفار من هذا؟فقيل لرجل حصل مع صبي على منارة: ما تصنع؟قال: أبدل تكته بتكتي ، ورؤي معلم ينيك صبياً قائماً فقيل له: لم لم تنمه؟فقال: وقع عليه الفعل فانتصب. ورؤي آخر على ظهر غلام فقيل له : ما تصنع؟قال: أردت أن أريه باب الفاعل والمفعول. فقالوا: وما هذا الذي بينكما؟قال: حرف جاء لمعنى. وذكر رجل رجلاً فقال: هو أبداً مضاف أو مضاف إليه. ورؤي شيخ ينيك أمرد قبيحاً فقيل له فقال: أنا اليوم شيخ أنيك مهما تيسر. ورؤي شيخ في مسجد وتحته صبي فهجم عليهما فعدى الصبي فنظر الشيخ إلى متاعه منتصباً فقال: وتركوك قائماً!
من فعل به من المردان وسئل فاحتج أنه كان هو الفاعل:
ادخل الجماز غلاماً ففعل به فلما خرج الغلام قال: أدخلني الجماز لأفعل به فقيل ذلك للجماز فقال: قد حرم اللواط الأبولي وشاهدين. وحكي عن بعضهم أنه أدخل صبياً فدفع إليه دريهمات وقال له: انبطح فقال الغلام: بلغني أن الغلمان يفعلون بك فقال: أما الفعل فلي وأما الدعوة فلهم فانبطح وقل ما بدا لك.
المتكسب بالإجارة والمحتج لها:
فر غلام من حمص إلى بغداد فرأى كثرة الإجارة بهم، فاستردته أمه لعمارة طاحونة له بحمص فكتب إليها: يا أماه إن أست بالعراق خير من طاحونة بحمص. ابن سكرة فيمن اكتسب مالاً بالإجارة فقطع عليه الطريق:

وضامن الأقوات والأرزاق ... لا أفلحت دراهم البزاق
وقال رجل لغلامه: يا مؤاجر فقال: أنت صيرتني هكذا. ونحوه قال بعضهم لامرأته: يا واسعة فقالت: أنت وسعتني بدهاوتك التي تحتك. وقيل لغلام: ما صناعتك؟فقال: أنهدف للزناة. قيل: فما صبرك؟قال: أصبر من أرض على وتد. وقيل لمؤاجر في شهر رمضان: هذا شهر كساد!فقال: بقي اليهود والنصارى. ومثلهما أحيل على مؤاجر بدراهم في شهر رمضان فقال للمحتال: اصبر إلى زمن الإفتتاح يعني الإفطار.
الصاحب :
صاحبنا أحذق في الإجارة ... من جعفر اليزدي في التجاره
آخر:
له براحٌ في سراويله ... يزرع فيه قصب السكر

المرخص السعر قبل طلوع اللحية:
كان أمرد رخص سعره حين بقل عذاره فقيل له في ذلك فقال: وتجارة تخشون كسادها! شاعر:
تغير حسن صورته البهيه ... وكان خروج لحيته بليه
وقال ابن طباطبا لأمرد قد شارف الإلتحاء:
فبادر بإحسانٍ ينوب فقد نرى ... بدائع شعر في عذاريك تطلع
وقال آخر:
قد انقضت سوقه فأرخصها ... وآخر السوق ترخص السلع
طلب المرد والنساء الدراهم:
أنشد بشار امرأة:
هل تعلمين وراء الحب منزلةً ... تدني إليك فإن الحب اقصاني
فأجابته:
نعم علمت وخير القول أصدقه ... بذل الدراهم يدني كل إنسان
من زادنا النقد زدنا في مودته ... ما يطلب الناس إلا كل رجحان
وقال رجل لصبي كان يصحبه فتركه وصحب غيره: يا غدار كيف تركتني وصحبت غيري؟فقال: الدنيا قبان والناس مع الرجحان. وكتب غلام على تكته:
قفلت يا قوم على تكتي ... لكنما مفتاحها الدرهم
وكتب آخر:
من رام أن يدخل حانوته ... فليزن الشرط قبل بغيته
وقالت مغنية لمن رام وصلها:
على حريٍ غلة موظفةٌ ... تمنع نيكي إلا بتحصيلي
ودخل أبو نواس خربة فرأى شيخاً مع غلام فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟فقال له الشيخ: نريد أن نأكل منها. فقال أبو النواس: فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير فقال له الغلام: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون. وراود مقري غلاماً فقال له: ما تعطيني؟فقال: أستغفر لك ما دمت حياً وأقرأ لك كل يوم آيات فقال له: اقرأ على نفسك " ورد الله الذين كفروا بغيظهم لن ينالوا خيراً " . ودفع رجل إلى أمرد دراهم فلما كشف ايره استعظمه فامتنع، فقال له الرجل: أما أن تستدخله وأما أن تشتم معاوية فقال: الصبر على الاستدخال أهون من شتم خالي وخال أمير المؤمنين. فلما أدخله فيه قال: أخ يا رب هذا في هوى وليك قليل، اللهم إني قد بذلت نفسي دون شتم معاوية فصبرني!
من رد من المرد مراوده بلطف:
عشق رجل غلاماً فكتب إليه يدعوه، فكتب الجواب له: شكواك تدعونا إلى اسعافك، وصيانتنا أنفسنا تدعونا إلى منعك، ولمكروه المنع خير من اسعاف يطلق لسان الحاسد بما يشيننا ويشينك، فإن وجدت فرصة أثق معها بالستر وآمن سوء الذكر أصل إليك، مشترطاً عليك ان تجعل العفة نصب عينيك والسلام.
من قصرت أيام مروديته:
كشاجم:
قد رأينا بالعشي غلاماً ... وغدونا نعده في الكهول
ابن طباطبا:
فالمرد أطول ملكهم في عمرنا ... ما بين مدة غدوة وعشاء
من تمنى التحاء محبوبه:
شاعر:
يا رب إن لم يكن في وصله طمعٌ ... وليس لي فرجٌ من طول جفوته
فاشف السقام الذي في لحظ مقلته ... واستر ملاحة خديه بلحيته
ذم من التحى وكسد سوقه واستقبح وجهه:
كان يقال: سيح الله أرضه إذا التحى. ويقال: كساه أبو الحالك كساء أسود من نسج أم سويد.
ابن المعتز:
أنى تتيه وقد علا ... ك الشعر في الخد القحل؟
وخرجت من حد الظبا ... ء وصرت في حد الإبل
آخر:
الموت أهون من سوا ... د العارضين لمن عرف
وقال:
هلالي كان حين يرى يفدى ... فصار الآن حين يرى يزنى
وقال:
قد هرب التقبيل من خد من ... يجري على عارضه المشط
وقال:
قفا نبك في رسم الخدود الذواهب ... منازل مجت باللحى والشوارب

أحمد بن أبي فنن يخاطب صاحباً له التحى:
الآن إذا لعب البلا بك زرتنا ... هيهات ما يقرأ عليك سلام
علي بن حمزة الأصفهاني:
أيا عارضاً غطاه مخلاة بغلةٍ ... حكى شعرها ليفاً على جوزة الهند
كعثنون بكر أنسل البقل زفه ... وشعرة أنثى من عرينة أو فهد

المتعاطي مع ذوي اللحاء:
قيل لبعض الغلمان: ما حالك؟فقال: لا تسأل، مولاي ينيكني منذ ستين سنة بالحجة، قال: كيف ذلك؟فقال: إنه ينيكني كل يوم فإذا قلت له: أما تستحي قد كبرت وشبت!يقول لي: يا بارد كبرت من البارحة إلى اليوم؟ جحظة:
يقول لي يوماً وقد جئته: ... تلوط بي بعد الثلاثينا؟
فقلت: إن دمت كذا طيباً ... نكناك من بعد الثمانينا
أبو نواس:
فدونك معشراً عظمت لحاهم ... وأشرع فيهم سمر العوالي
ولا تعدل بهم ما دمت حياً ... فإن العيش في الصهب السبال
من ازدادت صبوته بالتحاء محبوبه:
إبراهيم بن العباس:
وكنت أرجي أنه حين يلتحي ... يفرج أحزاني ويعقبني صبرا
فلما التحى واسود عارض خده ... تزايدت البلوى لواحدةٍ عشرا
أبو تمام:
قال الوشاة: بدت في الخد لحيته ... فقلت: لا تكثروا ما ذاك عائبه
الحسن منه على ما كنت أعهده ... والشعر حرز له ممن يطالبه
فصار من كان يلتحي في محبته ... إن سيل عني وعنه قال صاحبه
ذم المائل إلى الملتحي:
شاعر:
من يعشق المرد له حجةٌ ... وعذره في الناس مبسوط
ولست أدري ما يقول الورى ... في حب ذي اللحية تخليط
أبو نعامة:
وإذا الفتى حامى على ذي لحيةٍ ... وخلا به فوراءه تخليط
ابن أبي البغل:
تعشقك الرجال يدل عندي ... على أن الرحى قلبت ثغالا
وإلا فالصغار ألذ طعماً ... وأحلى إن أردت بهم فعالا
أبو نوفل:
فوالله ما أدري إذا ما خلوتما ... وأرخيت الأستار أيكما يعلو
المتمكن من غلام مطلوب والتعريض به:
جحظة:
سألته حويجةً تمرضاً ... وكان ما كان فكابدنا القضا
احتال عبد الصمد على غلام حتى أدخله الدار وترفق له حتى قضى منه وطره فقال:
قد علونا على الكفل ... واسترحنا من الخجل
لم يزل في تمنعٍ ... وإباء ولم أزل
فبلغت الذي بلغت ... به غاية الأمل
ابن الرومي:
يا طيب الثغر والمجاجه ... اقض لنا حاجةً بحاجه
خذ من دنانيرنا وبعنا ... نيكاً ودعنا من اللجاجه
فإنما حاجتي إليكم ... حاجة ديكٍ إلى دجاجه
الميل إلى سود الغلمان في التعاطي:
رؤي سياه ينيك غلاماً أسود، فقيل له في ذلك فقال: الأسود أطيب نكهة لين الأفخاذ ملتهب الجوف رخيص الجذر سريع الإجابة، لأنك تدعوه لتنيكه فيظن أنك دعوته لينيكك. وقيل لبعضهم: لم تختار السودان؟فقال: لآنهم أسخن. قيل: نعم للعين.
استعارتك غلام صاحبك:
كتب البحتري إلى صديق له تعرض لغلامه فعاتبه:
نك غلامي إن اتخذت غلاماً ... واعف إن المعروف كان قروضا
وإذا ما أردت أن تمنع النا ... س ورود الفرات كنت بغيضا
وبعث أبو سعد الشاعر غلامه إلى أبي مندويه فاحتبسه وكتب إليه:
أمسى رسولك رهناً لا فكاك له ... والرهن في الحكم مجلوب ومركوب
فالدر منه حرام ما نطيف به ... والظهر منه على الأحوال مرغوب
ونحوه:
أفيضوا على عزابكم بنسائكم ... فما في كتاب الله أن يحرم الفضل
تحاكم لوطي ومؤاجر:

قال جراب الدولة: وافق غلام رجلاً إن أدخله بدرهمين وإن فاخذ بدرهم، فدفع له درهم وأدخله فيه فتحاكما إلى القاضي فقال الغلام: أيها القاضي أكريت هذا حماراً على أنه إن ذهب به إلى باب المدينة فعليه درهم، وإن أدخله المدينة فدرهمان، فدخل المدينة ولم يوفني الدرهمين. فقال الرجل: إني أتيت بالحمار إلى باب المدينة ولكنه دخل بغير إذني، فقال القاضي: زن الدرهمين فخير الأمور أوسطها. ويقارب ذلك أن الجماز دخل مع غلام، فلما قارب الفراغ فتح الغلام بين رجليه خوفاً على ثوبه، فقال الجماز: إنه كان شعراً حسناً ولكن قوافيه مطلقة.

الغلام الصبيح الوجه القبيح المخبر:
كر أبو نواس بغلام خفيف العجز حسن الوجه فقال:
دنياه ما شئت ولكنه ... منافقٌ ليست له آخره
ونحوه لسعيد بن حميد:
ظبيك هذا حسن وجهه ... وما سوى ذاك فمنه يعاب
فافهم كلامي يا أبا عامرٍ ... لا يشبه العنوان ما في الكتاب
المفاخذة:
قد تأول بعض المفسرين قول الله تعالى " إلا اللمم " على المفاخذة، أنشد محمد بن المنكدر قول وضاح:
فلما أبت ما زلت أضرع جاهداً ... وأخبرها ما رخص الله في اللمم
فقال: إن وضاحاً فقيه مفت في نفسه. وأعطى رجل مؤاجراً درهمين فقال: لا تدخله وضعه بين الفخذين فقال: إن ايري بين الفخذين منذ خمسين سنة فما معنى اعطاء الدرهمين؟وقال بعض شيوخ بغداد إني حملت بالبصرة غلاماً إلى دهليزي فأردت أن أدخله فيه فقال: لا تفعل فإني مسحت على خفي وأخاف أن ينتقض وضوئي، فعلمت بهذا أن الإتيان بين الفخذين لا يوجب الغسل عليهم. ولأبي النواس:
كأن فخذيه إذا ضمتا ... والاير فيه عقد عشرينا
وقال:
وغلامٍ تشره النفس ... إلى حل إزاره
بسطته سورة الكا ... س لنا بعد ازوراره
فأطفنا بنواحيه ... ولم نعرض لداره
المأبون المتلوط:
دخل يحيى بن أكثم على المأمون فرأى عنده غلاماً صبيح الوجه فقال له المأمون: استنطقه وامتحنه فقال له القاضي: ما الخبر؟فقال له: الخبر خبران خبر في الأرض أنك لوطي، وخبر في السماء أنك مأبون، فقال له المأمون: وأيهما أصح؟فقال: خبر السماء فخجل يحيى وانقطع.
شاعر:
لي صاحب زعم الخبير بأنه ... شبق المؤخر ساكن القدام
يبدي من الحملان أكل رؤوسها ... وهواه في أكل الكراع النامي
الصاحب:
ولوطي كما زعموا ... ولكن ههنا سبب
وقال:
يظهر الإنعاظ والعا ... دة منه أن يطاطي
والذي يشهد يدري ... من يلي وجه البساط
وقال:
جمع المال صغيراً باسته ... ثم أعطاه عليها في الكبر
الاحتجاج للحلاق:
دخل مطيع على صديق له فرأى تحته غلاماً وفوقه غلاماً آخر: فقال: ما هذا؟قال: اللذة المضاعفة. وقال بعض المخنثين: زعم الأطباء أن الطبائع أربع: الصفراء والسوداء والبلغم والدم، وإنما هي عندي الأكل والشرب وأن تنيك وأن تانك. وسئل بعضهم عن قول القائل: إنذا عز أخوك فهن، فقال: المعنى إذا لم ينم لك فنم له.
اليعقوبي:
ولقد أكون إذا الشباب بمائه ... طوع الصبا وشفاء كل سقام
أيام أمشي للهوى عرضية ... وأناك من خلف ومن قدام
وأعير من يدنو إلي صبابةً ... وأبيت بين غلامةٍ وغلام
فأنيكها وينيكني ... لا ترعوي لملامة اللوام
وقيل لماجن: ما تقول في خنثى له ما للنساء وما للرجال؟فقال: يزوج من حلقى ينيكها وتنيكه.
المتبجح بالابنة والمحتج لها:
عوتب ابن مكرم على حب غلام كان يعرف به، فأهوى بيده إلى خلفه وقال:
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم ... من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
وقيل لرجل: تنبطح مع شرفك ولا تأنف؟فقال: ذوقوا ثم لوموا. وقيل لبعضهم: أيسرك ان تكون شاة في الجنة؟فقال: بشريطة أن أحمل كل يوم إلى التياس. وعوتب مأبون فقال: لولا علة الغرض وسبب الغذاء لما باليت أن لا ينزل عني.
ابن المعتز في مأبون اشترى غلاماً:

كان يستدخل الأيور حراماً ... فاستقف الفتى باير حلال
وانتهى رجل إلى دهليزه فرأى رجلاً قد امتطى مأبوناً فقال له: أتناك في دهليزي؟وجعل يكررها فقال له: إلى كم تكرر ذلك؟تعال إلى دهليزي ولك فيه عشرين مرة. وقيل لمأبون: ان ابنك به ابنة. فقال: المفتاح لا يخرج من بني شيبة.

المائل إلى ما فيه مشابهة المتاع:
قيل لمأبون: لم لزمت هذا الغلام؟قال: إن في ايره خمسة أسماء من العروض الطويل والمديد والبسيط والوافر والكامل. قيل لمخنث: أي الأسماء أحب إليك؟قال: الزبير لاجتماع زب واير فيه. وقيل: أي الأنبياء أحب إليك؟قال: لوط. قيل: فأي الفقه أحب إليك؟قال: باب النكاح. قيل: فأي النحو أحب إليك؟قال: باب الفاعل والمفعول به.
شاعر:
لا يعرف الرفض وأشياعه ... ودبره يدعو إلى القائم
من رأى مفعولاً فاحتج بآبدة:
قال أبو العيناء للمعتصم: دخلت على أبي العلاء وغلامه على ظهره، فسألته فقال: إنه يزعم أنه احتلم فأردت أن امتحنه. فقال المعتصم: قاتلك الله، فما أقرأ بعدها سورة الممتحنة إلا ذكرته، وذكر بعضهم أنه صعد قصر أحمد بن سياه فرأى شيخاً قد علاه رجل، فأرسل عليهما لبنة فأصابت ظهر الرجل، فقام وذهب وقام الشيخ يشد تكته ويقول: أليس من الصواب أني كنت من تحت فلم تصبني اللبنة؟!
المستدعي الفحل إلى نفسه تعريضاً:
كان سكران يبكي ويقول: لو عرفت قتلة عثمان!فقال له مخنث: ما كنت تفعل بهم؟كنت أنيكهم!فقال المخنث: أنا قتلته فامتطاه وجعل يقول: يا نارات عثمان!والمخنث يقول من تحته: إن كنت ولي الدم وهذه عقوبتك فإني أقتل كل يوم عثمانا!وغضب رجل على مخنث فقال: لأحملن عليك عشرة، فشفعوا إليه حتى سكن فتنفس المخنث وقال: لو قضي أمر كان. فقال له أحدهما: سبقت الرحمة العذاب فلا ترجع.
قبض المتاع باليد:
دخل عرابة المخنث على رجل فرأى أيراً غظيماً فقبض عليه فقال له الرجل: ماذا؟قال:
إذا ما رايةٌ رفعت لمجد
آخر:
الاير لا يخرج من قبضته ... إلا إذا ما صار في فقحته
وقيل لبعض القضاة: ما تقول في القبض؟فقال: أصحابنا فيه على مذهبين، والقبض أحب إلي.
المبتلي بالابنة من الأكابر:
قيل: أول من ظهرت به الابنة العزيز صاحب يوسف. وكان أبو جهل مأبوناً وكان إذا حز به الداء ألقم دبره حجراً ويقول: واللات والعزى لا علاك ذكر!وكان بجالينوس ابنة، فناكه غلام خلف حائط فطارت دجاجة ففزع الغلام فعدا، فقال جالينوس: دعني والدجاج فلافنينه، فما زال يصفه للمرضى حتى قطع أصله وصار طعاماً للمرضى إلى يوم التناد.
قبيح مبتلي بالابنة:
قيل لمأبون: أنت مع قبحك من يرغب فيك؟قال: الحمار إذا جاع أكل المكنسة. وقال: عند الخنازير تنفق العذرة. وقال مأبون قبيح لرجل كبير الاير: نكني واحداً واعدده زكاة ايرك وقيل: نيك البغاء الكبير زكاة الاير.
صبيح يمتطيه قبيح:
رأى مخنث رجلاً أسود ينيك غلاماً رومياً فقال: كأن ايره في استه كراع عنز في صحفة أرز. بعض شعراء أصبهان فيمن اتهم بغلام أسود:
وكأنه وكأن بشرى فوقه ... قصر تفرعه غرابٌ أبقع
المعير بالابنة:
قال أبو العيناء في ابن مكرم: هو إذا غزا فمطية جنده، وإذا قفل فظعينة عبده.
شاعر:
عجبت من أمر فظيع قد حدث ... أبو تميم وهو شيخٌ لا حدث
- قد حبس الأصلع في بيت الحدث وقال:
وعامل يعرف بالقمي ... وجه مساحاً إلى كرمي
حتى إذا ما خفت من شره ... أريته الأصلع من كمي
فحط عن كل حساب له ... كل خراج ثابت باسمي
فبت ممنوعاً على رغمه ... وبات منكوحاً على رغمي
وقال:
أراه فتى خاخان ما تحت ثوبه ... فأعجبه مقداره فتمددا
إذا وضع الراعي على الأرض صدره ... فيوشك للمعزى بأن تبددا
شاعر:
وبعثت غرمولي ليخدم بابه ... وجعلته لدواته محراكا
ثم اعتذرت وقلت: لولا شيبتي ... لخدمت في دار النساء أولاكا
المعروف بالابنة تعريضاً:

قال ابن المكرم لأبي العيناء: أما ترى غلامي هذا كم أعطيه وماله شيء؟قال: نعم كسب الكناسين لا بركة فيه. وقيل: فلان يخبأ العصا كناية عن الابنة. وفلان ينام بلا نيام ولا يحمي ظهره. وكان حفص النحوي معروفاً بالابنة فقال يوماً وعنده حماد عجرد: بلغني أن لهم أرماحاً منكوسة، فقال حماد: صح الحديث ما أخذ عن أهله. وعرض غلام على رجل فجعل يبالغ في تقليله والغلام يخجل فقال له النخاس: لا تخف إنك أنت الأعلى!وقال سليمان لرجل: بلغني أنك مأبون فقال: مكذوب علي وعليك.
إن في الكتاب شيخاً ... يشتهي في الجوف داخل
يا سليمان بن وهب ... في حر أم المتغافل
وقال:
أنا أعرف للقاضي ... الذي يقضى بسامرا
غلاماً اسمه حسن ... يجر قناته جرا
وأنشد أبو نعامة عمر الحارثي:
يبخل الناس بني معقل ... وما بهم بخل ولا لوم
لكنهم قومٌ إذا ما انتشوا ... قالوا لغلمانهم: قوموا!
فقال: هذا ينصرف على معان ولكن أقواها أنه رماهم بالابنة.

مأبون: عنين
شاعر:
است أبي الحارثي لوطيةٌ ... وايره في حفر عنين
وانقطع رجل عن امرأة طول ليلته فقالت المرأة: ما احوجني إلى رجل ينيكني خمساً وينيكك عشراً فيكون للرجل مثل حظ الأنثيين!فقال الرجل: هو من الله بريء إن انقطع إلا شهوة لما تقولين.
التجافي عن المفعول به:
أتي بمأبون فعل به إلى بعض الولاة فقال: ما أصنع، أوكل به رجالاً يحفظون استه؟إذاً والله أكون في عناء. ورفع بعضهم إلى بعض الولاة فقال: ما ولاني أمير المؤمنين حفظ الأستاه!
افتخار المخنثين بصناعتهم واعتذارهم:
قال مخنث: نحن خير القوم إن حدثنا ضحكتم، وإن غنينا طربتم، وإن نمنا ركبتم. تلاقى مخنث ولوطي فقال: أنا خير منكن لأني فوق فأنا قريب من السماء، فقال: أنا أشد تواضعاً منك بلصوقي إلى الأرض.
ذم ذي التخنيث:
كان مخنث يدخل إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ملك النبي صلى الله عليه وسلم الطائف آخذ ابنة نفيلة تقبل بأربع وتدبر عثمان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أو تعرف ذلك فطرده شاعر:
إذا كان الفتى حسناً جميلاً ... وكان مخنثاً فسد الجمال
وقال:
تحلوا بآداب النساء وصففوا ... شعورهم واستسمنوا وتخدروا
الصاحب:
قل لأبي الفتح: أيا قحبة ... تزني فلا تطلب قواده
شبهت بي نفسك من ذا الذي ... قاس ابن عباد بعباده؟
النهي عن الدلك والرخصة فيه:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويدخلهم النار مع الداخلين: الناكح يده، والفاعل والمفعول به، والناكح حليلة جاره، والمدمن الخمر، والضارب والديه. وقد رخص بعض العلماء لمن اضطر إلى ذلك في سفر فلمس متاعه حتى سال منه ما كان يؤذيه، فقال: لا بأس به.
وحكي عن أحد صاحبي حنيفة أبي يوسف أو محمد: لا بأس أن يأخذ المضطر حريرة فيمسحه بها حتى ينزل.
شاعر:
إذا حللت بأرضٍ لا أنيس بها ... فاجلد عميرة لا عار ٌ ولا حرج
وقال:
إذا امتحنت بعدمٍ وابتليت به ... فاجلد عميرة حتى تنقضي المحن
نوادر في الدلك:
نظرت امرأة أشعب إليه وهو يجلد عميرة فعاتبته فقال: كانت عميرة خيراً منك فما أصنع؟ودعاها إلى الطعام فقالت: أنا لا آكل مع ضرتي، ودخلت امرأة مرتد عليه يوماً وهو يصب الماء على رأسه فقالت: ما هذا؟فقال: جلدت عميرة، ودخل عليها يوماً فوجدها تغتسل فسألها فقالت: جلدتني عميرة. وكان رجل هجمه الحر فاستند إإلى جدار فانعظ، فجلد عميرة فأشرفت جارية فرأته فكتبت إليه رقعة:
يعز على البيض الأوانس كالدما ... وقوفك بين الباب والدار تصلج
تقلب ايراً ليس للعير مثله ... وهن إليه من نسائك أحوج
وقيل لرجل يدلك: ما تصنع؟قال: أرفق المعيشة وقال بعضهم: رأيت أعمى يجلد ويقول: فديتك يا سكينة!فأخذت خشبة ولوثتها بعذرة ومسحت بها شاربه فقال: فسوت يا سكينة!
المباذلة:
قال الجماز لم يبق من العدل إلا المباذلة.
راشد:

إذا ضاقت الأيدي وأعوز نقدها ... رأينا ابتياع النيك بالنيك أجملا
الجماز:
فنك المرد فما من لذةٍ ... حصلت ما لم تنكهم وتنك!

المتوسط بين متباذلين:
الخبزارزي:
أتنشط للوصل يا سيدي ... فإن الحبيب له قد نشط
أحب اجتماعكما في الهوى ... عسى الله يصنع لي في الوسط
وله يخاطب صبيين:
وتعلما أن الحذيا حق من ... أضحى وزيراً في البذال وحاكما
الدبيب:
قيل لمحمد بن زياد: أنفقت جارية فلان خمسة آلاف دينار وكان يمكنك أن تحصلها شراء بألف دينار!فقال: يا أحمق وأين شهوة الدبيب ولذة المسارقة والإنتظار الخفي؟وأين برد الحلال وفتوره من حرارة الحرام؟ألم تسمع إلى قول أبي النواس:
ألذ النيك ما كان اختلاساً ... بمنعه الحب أو منع الرقيب
وأضاف الفضل بن عتبة رجلاً فدب على جارية، فلما تمسح لدغته عقرب فصاح، فقال الفضل:
وداري إذا نام سكانها ... أقام الحدود بها العقرب
إذا غفل الناس عن دينهم ... فإن عقاربهم تغضب
ودب إنسان على إنسان فانتبه وفي استه ايره فقال: ما هذا؟فقال: والله الذي لا إله إلا هو ما علمت ولكن من هنا تمم النعمة وأجعلها عندي يداً. ودب رجل إلى الجماز يظنه أمرد فانتبه فناوله بزاقاً وقال: مر في سفرك فستحتاج إلى هذا إذا انقضى بك السفر، يعني أنك ستنبطح.
نيك البهائم:
في الخبر أنه لعن من يتعاطى مع بهيمة. وقال ابن عباس: اقتلوا مواقع البهيمة مع البهيمة. قال عباد: فقلت لعكرمة: فما بال البهيمة؟قال: لئلا يقال هذه البهيمة التي واقعها فلان. ناك رجل كلبة فعقدت عليه وجعلت تعدو والرجل يتبعها فقال له رجل: عض جنبيها واضربها، ففعل فأفرجت له فقال له: لله درك أي نياك كلاب أنت؟ورؤي شيخ ينيك أتاناً في يوم الجمعة وهي تضرط وهو يصلي فقيل له فقال: ألا أشكر الله على اير يضرط الأتان!وسئل ابن الأعرابي عن قول الشاعر:
إذا ما ولدوا شاةً تنادوا ... أجديٌ تحت شاتك أم غلام
قال: أنه يعيرهم بنيك البهائم، أخذ فتيان بني كلب الفرزدق فأتوه بأتان فقالوا انكحها كما كنت تعير ابن الخطفي فقال: إن كان ولا بد فأئتوني بالصخرة التي كان يقوم عليها فضحكوا وخلوا عنه.
النهي عن القيادة والرخصة فيها:
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: يتاب عن الزاني ولا يتاب عن القواد. وروي في الخبر أنه أخذ رجل كان يجمع بين الرجال والنساء فقال: ما لكم ولمن يجمع بين الصديقين فيرخى عليهما ستره، وفي بيته استراحة الأحرار وذوي الأقدار، والعرب كانت تسمي القوادة أم الحكيم لأنها تأتي الصعب فتسهله والقريب فتبعده.
الحاذق في القيادة:
سمع رجل قول عمر بن أبي ربيعة في قوادة:
فبعثنا طبة عالمةً ... تخلط الجد مراراً باللعب
ترفع الصوت إذا لانت لها ... وتداري عند ثوران الغضب
فقال: لو ادعت النبوة بهذا الخلق تسلم لها، وسمع ذلك ابن أبي عتيق فقال: ما أحوج الناس إلى خليفة مثلها.
شاعر:
في فمها من رقى ابليس مفتاح
وقال:
لا يغرنك في مجلسه ... طول السكوت
وتسابيح أديرت ... في يديه بخفوت
إن يشأ ألف ضباً ... حسن تأليف بحوت
ويقود الجمل الصعب ... بخيط العنكبوت
وقال:
إذا هويت يا أخي عتاده ... من الغواني صعبة المقاده
فابعث لها عجوزةً قواده ... كالحسن البصري أو قتاده
- تلوح في جبهتها سجاده وقيل: هي أقود من ظلمة. وكانت امرأة قوادة أوصت إذا هي ماتت أن تحرق وتجعل في صرة، فيذر منها على ختان الصبي فيلتحم، وعلى أحراء الصبيات فإنهن يلهجن بالزب ما عشن. وقيل: أقود من ليل بهيم، ومنه:
الشمس نمامةٌ والليل قواد
وقيل لرجل: ما عندك للنساء؟قال: القيادة عليهن. وقيل لآخر: ما بقي عندك من آلة الزنا؟قال : البصاق.
نوادر في القيادة:
سمع أبو الهذيل رجلاً ينشد:
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل

فقال: أوشك أن تكون هذه دار قواد أو خمار؛وأخذوا مخنثاً جمع بين شريف وشريفة فخلوهما، وحملوا القواد إلى السلطان فسئل فقال: هؤلاء وجدوا طائرين في قفص فخلوا الطائر وحبسوا القفص.

المعير بالقيادة:
قيل لرجل قواد: يا قواد، فقال: قدمت على أمك ليس هذا عذراً لك.
أبو نواس:
كل عم حمله السلاح إلى الحر ... ب فأوصى المقيم أن لا يقيما
وقيل لأبي عون: قد بنى المتوكل بناءين سماعهما الشاه والعروس، فقال : فرغ من حمل ذكران الناس على الإناث حتى صار ينايك بين الأبنية.
حظر الزنا واستباحته:
أما الزنا فمجمع على تحريمه. وجاء أبو كثير الهذلي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فسأله أن يحل الزنا فقال: أتحب أن يؤتى إليك في حرمك مثل ذلك؟قال: لا، ثم قال: فادع الله لي أن يذهب مني لشبق فدعا له فقال حسان:
سألت هذيلٌ رسول الله فاحشةً ... ضلت هذيل بما قالت ولت تصب
سألوا نبيهم ما كان مخزيهم ... حتى الممات، وكانوا غرة العرب
مما جاء في السوأتين والجماع
جواز ذكر السوأتين والجماع واستحباب الكناية عنهما:
قال صلى الله عليه وسلم: من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أمه ولا تكنوا. ورأى ابن عباس رجلاً يتظلف عن ذكر السواتين فقال: أن تصدق الطير ننك لميسا. ودخل في الصلاة يريه أن ذكر ذلك مما لا يحرج. وقال محمد بن سيرين في قوله تعالى " وإذا مروا باللغو مروا كراما " أي إذا ذكروا الفرج كنوا عنها وكثر استعمالهم الكنايات في ذكره نحو هن وذكر وسوأة، ويقول البغداديون في الكناية ابو أيوب وسمت العرب فرج المرأة ابا ادراس وذلك من الدرس وهو الحيض.
قوة الاير على العمل:
سمعت أعرابية رجلاً ينشد:
وأنعظ أحياناً فينفذ جلده ... فأعذله جعهدي وما ينفع العذل
فأدخله في جوف جاري وجارتي ... مكابرةً مني وإن رغم الفحل
فقالت: بئس والله جار المغيبة أنت!فقال: والتي معها زوجها وأبيها وأخوها، وأنشد بشار:
عجل الركوب إذا اعتراه نافضٌ ... وإذا أفاق فليس بالركاب
فتراه بعد ثلاث عشرة قائماً ... مثل المؤذن شك يوم سحاب
وقيل: أنكح من خوات، وهو صاحب ذات النحيين. وأنكح من ابن العز، وهو الذي أنعظ فجاء بعير فاحتك بايره يظنه جذلاً. وقيل: اير كعصا البقار ومنه:
يحمل ايراً مثل اير البغل
وقال:
يحمل ايراً مثل جردان الجمل ... لو دس في متن صفاةٍ لدخل
وقيل: إتن جعفر بن يحيى الصيرفي خرج من الدنيا وما نكح امرأة بكل ايره. وقيل أعظم الايور اير الفيل وأصغرها اير الظبي. وكان لابن عمر أربع نسوة وثلاثون جارية، وربما طاف عليهن في ليلة.
النعظ:
قيل أنعظ من بلبلة الإبريق: حسنويه:
أنعظ حنى كأن فقحته ... مجموعةٌ في زيار بيطار
كأنه والأكف تلمسه ... عنق ظليمٍ بغير منقار
وقال سهل بن هارون: ثلاثة يعودون إلى حال المجانين: السكران والغضبان والغيران. فقال بعض أصحابه وما تقول في النعظ؟فضحك وقال:
وما شر الثلاثة أم عمرو
تمني عظم المتاع:
قال أبو سعيد راوية بشار: رأيت بشاراً يوماً وهو يضحك فسألته فقال: تفكرت في شيء ليس على وجه الأرض رجل إلا يود أن ايره أكبر مما هو عليه ولا امرأة إلا تود أن حرها أضيق مما هو عليه ولو أعطي كل واحد طلبته لبطل التناكح، فمنع سؤليهما لطف من الله تعالى. وحكى المعروف بابنة الجن المخنث: ليس في الأرض رجل إلا وهو يتمنى لامرأته اير الحمار!قيل: وكيف ذلك؟فقال: لأنه يتمنى أن يصير ايره كاير الحمار ينكح به امرأته. وقال مديني: اللهم ارزقني ايراً سداه عصب ولحمته قصب، ولا يصيبه تعب ولا نصب، وينيك من رجب إلى رجب. وكان بعض الكبار يقول: اللهم قو ايري فإن به قوام أهلي. وتفاخر قوم بكبر الايور فقال أعرابي: لو كان كبر الاير فخراً لكان البغل من قريش. وقيل لبعضهم: أتحب ان يكون لك اير كبير؟قال: لا!لأن منفعته تكون لغيري وثقله علي.
استعظام قدر الاير:

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11