كتاب : المبدع شرح المقنع
المؤلف : إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان الدين

قال أبو الخطاب : وأربع قبل العصر ليست من الرواتب.
-------------------------------------
عليه.
ويستحب الاضطجاع بعدهما على جنبه الأيمن قبل فرضه نص عليه لقول عائشة "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتين الفجر اضطجع وفي رواية فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع" متفق عليه وذهب الظاهرية إلى وجوبه وعن أحمد لا يستحب لأن ابن مسعود أنكره ونقل أبو طالب يكره الكلام بعدهما إنما هي ساعة تسبيح ولعل المراد العلم ولقول الميموني كنا نتناظر أنا وأبو عبد الله في المسائل قبل صلاة الفجر وغير الكلام المحتاج إليه ويتوجه لا يكره لحديث عائشة.
"وقال أبو الخطاب وأربع قبل العصر" اختارها الآجري وقال اختاره أحمد لحديث علي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربعا يفصل: بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين رواه الترمذي وحسنه وعن ابن عمر مرفوعا "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا" رواه أحمد ويحمل هذا على الترغيب.
"وليست من الرواتب" لأن ابن عمر لم يحفظها واختار الشيخ تقي الدين أربعا قبل الظهر لما روت أم حبيبة مرفوعا "من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتا في الجنة" رواه مسلم والترمذي وزاد أربعا قبل الظهر وأخبرت به عائشة عن صلاته عليه السلام رواه مسلم .
تذنيب: فعل جميع الرواتب في البيت أفضل في قول الجمهور وعنه سنة المغرب والفجر زاد في المغني والعشاء في بيته والباقي في المسجد لأن ابن عمر أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهن في بيته متفق عليه وعنه التسوية.
وكل سنة قبل الصلاة فوقتها من دخول وقتها إلى فعلها وبعدها إلى آخر وقتها ويستحب الفصل: بينهما بكلام أو قيام لقول معاوية أمرنا بذلك رواه

ومن فاته شيء من هذه السنن سن له قضاؤه ، ثم التراويح وهي عشرون ركعة.
----------------------------------
مسلم وتجزئ سنة عن تحية مسجد من غير عكس فإن فاتته سنة الظهر قبلها قضاها بعدها وبدأ بها وهي وسنة الفجر بعدهما في الوقت قضاء ذكره ابن الجوزي وصاحب التلخيص وقيل أداء.
"ومن فاته شيء من هذه السنن سن له قضاؤه" قدمه ونصره جماعة وجزم به في الوجيز وصححه في الفروع لما روى أبو هريرة مرفوعا "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس" رواه الترمذي والبيهقي وقال تفرد به عمرو بن عاصم وهو ثقة
وعن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها رواه الترمذي وإسناده ثقات وعنه تقضى سنة الفجر إلى الضحى وقيل لا تقضى إلا هي إلى وقت الضحى وركعتا الظهر.
مسألة: يكره ترك الرواتب فإن داوم عليها رد قوله وأثم قاله القاضي والمشهور لا لكن قال أحمد من ترك الوتر فهو رجل سوء .
فصل: تسن المحافظة على أربع قبل الظهر وأربع بعدها وأربع قبل العصر وأبع بعد المغرب وقال المؤلف ست وأربع بعد السنن قال في المستوعب التنقل بين المغرب والعشاء مرغب فيه وهو التهجد ويجوز فعل ركعتين بعد الوتر جالسا ولا يستحب في قول الأكثر وعدها الآمدي من السنن الرواتب قال في الرعاية وهو غريب.
"ثم التراويح" سميت به لأنهم كانوا يجلسون بين كل أربع يستريحون وقيل لأنها مشتقة من المراوحة وهي التكرار في الفعل وهي سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم وليست محدثة لعمر وهي من أعلام الدين الظاهرة وقال أبو بكر تجب والصحيح الأول لأن في المتفق عليه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بأصحابه ليلتين أو ثلاثا ثم تركها خشية أن تفترض.
"وهي عشرون ركعة" في قول أكثر العلماء وقد روى مالك عن يزيد بن

يقوم بها في رمضان في جماعة ويوتر بعدها في جماعة.
---------------------------------------
رومان قال كان الناس يقومون في زمن عمر رضي الله عنه في رمضان بثلاث وعشرين ركعة والسر فيه أن الراتبة عشر فضوعفت في رمضان لأنه وقت جد وتشمير وقال مالك ست وثلاثون وزعم أنه الأمر القديم وتعلق بفعل أهل المدينة وحكى الترمذي عنهم أنها إحدى وأربعون ركعة واختاره إسحاق.
وقال السائب بن يزيد أمر عمر أبيا وتميما أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة رواه مالك وقال أحمد روي في هذا ألوان ولم يقض فيه بشيء وقال عبد الله رأيت أبي يصلي في رمضان مالا أحصي وقال أيضا لا بأس بالزيادة على عشرين ركعة وحكاه في الرعاية قولا.
"يقوم بها في رمضان" بعد سنة العشاء وقبل الوتر وعنه أو بعد العشاء جزم به في العمدة لا قبلها وخالف فيه بعض الحنفية وأفتى به بعض أئمتنا لأنها من صلاة الليل وشنع الشيخ تقي الدين عليه ونسبه إلى البدعة ولا تكفيها نية واحدة في الأصح.
"في جماعة ويوتر بعدها في الجماعة" نص عليه قال أحمد كان علي وجابر وعبد الله يصلونها في الجماعة وروى عن البيهقي علي أنه كان يجعل للرجال إماما وللنساء إماما وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع أهله وأصحابه وقال "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" رواه أحمد وصححه الترمذي وفهم منه أن وقتها ممتد إلى الفجر الثاني وظاهره لا فرق بين المسجد وغيره وجزم في المستوعب وغيره أن السنة المأثورة فعلها جماعة في المساجد.
وفعلها أول الليل أحب إلى أحمد لكن ذكر ابن تميم وغيره أنه لا بأس بتأخيرها بمكة وشمل كلامه ما إذا كان أوله غيم وقلنا بالصوم فإنها تفعل واختاره ابن حامد والسامري واختار أبو حفص لا وهو الأظهر قاله في التلخيص

فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده ، وإن أحب متابعة الإمام فأوتر معه قام إذا سلم الإمام فشفعها بأخرى. ويكره التطوع بين التراويح. وفي التعقيب روايتان.
-----------------------------------
أنواع: يسن أن يجهر فيها وفي الوتر بالقراءة واستحب أحمد أن يبتدئ فيها بسورة القلم ثم يسجد ثم يقوم فيقرأ من البقرة ولا يزيد فيه على ختمة إلا أن يوتروا ولا ينقص عنها نص عليه وقيل يعتبر حالهم ويدعو لختمه قبل ركوع آخر ركعة منها ويرفع يديه ويطيل الأولى ويعظ بعدها نص على الكل وقيل يختم في الوتر ويدعو وقيل يدعو بعد كل أربع كبعدها وكرهه ابن عقيل وقال هو بدعة ويستريح بين كل أربع فعله السلف ولا بأس بتركه وقراءة الأنعام في ركعة بدعة .
"فإن كان تهجد جعل الوتر بعده" لقوله النبي صلى الله عليه وسلم "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" متفق عليه وهذا على سبيل الأفضلية "وإن أحب متابعة الإمام فأوتر معه قام إذا سلم الإمام فشفعها بأخرى" نص عليه وجزم به الأشياخ لقوله عليه السلام "لا وتران في ليلة" رواه أحمد وأبو داود من حديث قيس بن طلق عن أبيه وقيس فيه لين.
قال السامري وينوي بالركعة فسخ الوتر وعنه يعجبني أن يوتر معه اختاره الآجري وقال القاضي إن لم يوتر معه لم يدخل في وتره لئلا يزيد على ما اقتضته تحريم الإمام فلو أوتر ثم صلى لم ينقض وتر نص عليه ونصره المؤلف ثم لا يوتر ويتوجه احتمال يوتر وعنه ينقضه وعنه بركعة ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر وعنه يخير في نقضه وظاهر ما سبق أنه لا بأس بالتراويح مرتين في مسجد أو مسجدين جماعة أو فرادى.
"ويكره التطوع بين التروايح" نص عليه وقال روي عن عبادة وأبي الدرداء وعقبة بن عامر وظاهره لا فرق بين الإمام وغيره لما فيه من التطويل ولقلة مبالاتهم بمتابعة إمامهم ولا يكره الطواف نص عليه قال ابن تميم مع إمامه .
"وفي التعقيب روايتان" كذا في الفروع إحداهما يكره جزم به في

وهو أن يتطوع بعد التراويح والوتر في جماعة. وصلاة الليل أفضل من النهار و أفضلها وسط الليل.
----------------------------------
المذهب و المستوعب و التلخيص لمخالفة أمره عليه السلام زاد أبو بكر والمجد ما لم ينتصف الليل رواية واحدة ذكره ابن تميم وغيره والثانية ونقلها عنه الجماعة وصححها في المغني و الشرح وجزم بها في الوجيز أنه لا يكره لقول أنس لا يرجعون إلا لخير يرجونه أو لشر يحذرونه قيل والكراهة قول قديم نقله محمد بن الحكم.
"وهو أن يتطوع" أي يصلي مطلقا "بعد التراويح و" بعد "الوتر في جماعة" نص عليه هذا بيان لمعنى التعقيب وهو ظاهره أنه إذا تطوع بعدهما وحده لا يكره وصرح به ابن تميم وذكره منصوصا وظاهر المغني وغيره ولم يقيده في الترغيب جماعة واختاره في النهاية ومحله عند القاضي إذا لم يكن رقد وقيل أو أكل واستحبه ابن أبي موسى لمن فسخ وتره.
"وصلاة الليل أفضل من النهار" وأفضلها وسط الليل والنصف الأخير أفضل من الأول وصلاة الليل أفضل من النهار لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" رواه مسلم وقال عمرو بن العاص ركعة بالليل خير من عشر ركعات بالنهار رواه ابن أبي الدنيا ولأنها أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص فالتطوع المطلق أفضله صلاة الليل قال أحمد ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام الليل وهل هي أفضل من السنن الراتبة فيه خلاف.
"وأفضلها وسط الليل" ذكره جماعة منهم في الوجيز قال آدم بن أبي إياس حدثنا أبو هلال الراسبي عن الحسن مرفوعا" أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل الأوسط" وفي الصحيح مرفوعا "أفضل الصلاة صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه" .
ويروى أن داود عليه السلام قال يا رب أي وقت أقوم لك قال لا تقم أول الليل ولا آخره ولكن وسط الليل حتى تخلو بي وأخلو بك ولم يذكر

والنصف الأخير أفضل من الأول. وصلاة الليل مثنى مثنى وإن تطوع في النهار بأربع فلا بأس.
-------------------------------------
الكافي والمذهب أن الأوسط أفضل وفي الرعاية آخره خير ثم وسطه.
"والنصف الأخير أفضل من الأول" لقوله تعالى {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذريات: 17، 18] وورد أن العرش يهتز وقت السحر وفي الصحيح مرفوعا قال "ينزل تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له" ومن الثلث الأوسط والثلث بعد النصف أفضل مطلقا نص عليه.
وعنه الاستغفار في السحر أفضل من الصلاة.
ولا يقومه كله إلا ليلة عيد وقيامه كله عمل الأقوياء حتى ولا ليالي العشر قال أحمد إذا نام بعد تهجده لم يبن عليه السهر وقيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر والناشئة لا تكون إلا بعد رقدة وتكره مداومة قيام الليل وهو مستحب إلا على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال "وصلاة الليل مثنى مثنى" متفق عليه فإن زاد على ذلك فاختار ابن شهاب والمؤلف أنه لا يصح قال أحمد فيمن قام في التراويح إلى ثالثة يرجع وإن قرأ لأن عليه تسليما ولا بد للخبر وعنه يصح مع الكراهة ذكره جماعة وهو المشهور وسواء علم العدد أو نسيه قوله مثنى هو معدول عن اثنتين اثنتين ومعناه معنى المكرر فلا يجوز تكريره وإنما كرره عليه السلام للفظ لا للمعنى وذكر الزمخشري منعت الصرف للعدلين عدلها من صيغتها وعدلها عن تكرارها.
"وإن تطوع في النهار بأربع" كالظهر فلا بأس لفعله عليه السلام رواه النسائي من حديث علي وعن ابن عمر نحوه وعن أبي أيوب مرفوعا "من تطوع قبل الظهر أربعا لا يسلم فيهن تفتح له أبواب السماء" رواه أبو داود

والأفضل مثنى. وصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم. ويكون في حال القيام متربعا.
-----------------------------------
والترمذي وصححه البخاري وإن لم يجلس إلا في آخرهن فقد ترك الأولى يقرأ في كل ركعة مع الفاتحة سورة فإن زاد على أربع نهارا كره رواية واحدة وفي الصحة روايتان قاله في المذهب وقدم في الفروع الصحة.
"والأفضل مثنى" لما روى علي بن عبد الله البارقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" رواه الخمسة وصححه البخاري وقال أحمد إسناده جيد وعلي بن عبد الله روى له مسلم ولأنه أبعد من السهو وأشبه بصلاة الليل وقيل لا يصح إلا مثنى ذكره في المنتخب.
زيادة كثرة ركوع وسجود أفضل من طول قيام وقيل نهارا وعنه طول القيام قدمه في الرعاية وعنه التساوي اختاره المجد وحفيده وبالجملة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفه أو تطويله فالأفضل اتباعه فيه وكان أحمد يعجبه أن يكون له ركعات معلومة.
"وصلاة القاعد على النصف" في الأجر "من صلاة القائم" لقوله عليه السلام في حديث عمران "من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم" رواه أحمد والبخاري وقي المستوعب إلا المتربع رواه أحمد عن شاذان عن شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مولاه السائب عن عائشة مرفوعا بهذه الزيادة ومرادهم مع القدرة فأما مع العجز فهما سواء ويتوجه فرضا ونفلا ما يأتي في الجماعة في تكميل الأجر .
و يستحب أن "يكون في حال القيام متربعا" روي عن ابن عمر وأنس قالت عائشة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعا رواه النسائي والدارقطني وعنه يفترش وقاله زفر والفتوى عليه وذكر أبو المعالى يحتبي وفي الوسيلة إن كثر ركوعه وسجوده لم يتربع فعلى الأول يثني رجليه في سجوده وكذا في حال ركوعه جزم به في المستوعب و المحرر وعنه لا وهي أقيس لأن

وأدنى صلاة الضحى : ركعتان وأكثرها ثمان. ووقتها إذا علت الشمس.
----------------------------------------
هيئة الراكع في رجليه هيئة القائم فينبغي أن يكون على هيئته قال المؤلف وهذا أصح في النظر إلا أن أحمد ذهب إلى فعل أنس وأخذ به.
فرع: : لم يتعرض المؤلف للتطوع مضطجعا وظاهره أنه لا يصح وقدمه في الفروع ونقل ابن هانئ صحته ورواه الترمذي عن الحسن وهل يومئ أم يسجد فيه وجهان وله القيام عن جلوس وكذا عكسه وخالف فيها أبو يوسف ومحمد لأن الشروع ملزم كالنذر.
"وأدنى" أي "أقل صلاة الضحى ركعتان" لما روى أبو هريرة قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام وعن أبي الدرداء نحوه متفق عليه وفي لفظ لأحمد ومسلم وركعتي الضحى كل يوم
ويكره مداومتها بل تفعل غبا نص عليه لقول عائشة ما رأيت البني صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قط متفق عليه ولما فيه من التشبيه بالفرائض وقال الآجري وابن عقيل وأبو الخطاب يستحب مداومتها ونقله موسى بن هارون للخبر السابق واختاره الشيخ تقي الدين لمن لم يقم في ليله.
"وأكثرها ثمان" قاله الأصحاب لما روت أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثمان ركعات ضحى متفق عليه واختار في الهدى أنها صلاة بسبب الفتح شكرا لله تعالى وإن الأمراء كانوا يصلونها إذا فتح الله عليهم وقاله بعض العلماء وعن أحمد أكثرها اثنتا عشرة ركعة وهي في الشرح احتمال لقول أنس إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا في الجنة من ذهب" رواه ابن ماجه والترمذي وقال غريب.
"ووقتها إذا علت الشمس" في الوجيز ومعناه أن وقتها من خروج وقت النهي إلى أن تتعالى الشمس والأفضل فعلها عند اشتداد حرها ؛

وهل يصح التطوع بركعة ؟ على روايتين.
------------------------------------
لما روى زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" صلاة الأوابين حين ترمض الفصال " رواه أحمد ومسلم ومعناه أن تحمي الرمضاء وهي الرمل فتبرك الفصال من شدة الحر ومنه سمي رمضان ويمتد وقتها إلى قبيل الزوال .
"وهل يصح التطوع بركعة" أي بفرد "على روايتين" كذا في الهداية إحداهما تصح قدمها في المحرر و الفروع ونصرها أبو الخطاب وابن الجوزي وهو قول عمر رواه سعيد حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عنه ولأن الوتر مشروع وهو ركعة والثانية لا جزم بها في الوجيز وهي ظاهر الخرقي وقواها في المغني لأنه خلاف قوله عليه السلام " صلاة الليل مثنى مثنى " ولأنه لا يجزئ في الفرض فكذا في النفل كالسجدة ولم يرد أنه فعل الوتر.
فرع: يجوز التطوع جماعة وقيل ما لم يتخذ عادة وقيل يكره قال أحمد ما سمعته.
فصل:
تسن صلاة الاستخارة أطلقه الإمام والأصحاب فظاهره ولو في حج وغيره من العبادات لحديث جابر رواه البخاري ويستحب صلاة الحاجة إلى الله تعالى وإلى آدمي لما روى عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله الله العلي العظيم سبحان رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضى إلا قضيتها يا أرحم الراحمين" رواه ابن ماجه والترمذي وقال غريب وفي إسناده مقال فإنه من رواية

------------------------------------
أبي الورقاء وهو مضعف في الحديث.
وصلاة التوبة لما روى علي قال حدثني أبو بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهرثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له" ثم قرأ {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَْ} إلى آخرها رواه أبو داود والترمذي وقال حسن.
وعقب الوضوء للخبر الصحيح قال ابن هبيرة وأن كان بعد عصر احتسب بانتظاره بالوضوء الصلاة فيكتب له ثواب مصل.
وتحية المسجد فإن جلس قبل الصلاة سن له أن يقوم فيصلي لأنه عليه السلام أمر رجلا بذلك رواه مسلم.
وليلة العيدين في رواية وقال جمع لقوله عليه السلام "من قام ليلتي العيدين محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" رواه ابن ماجة من حديث أبي أمامة وفيه بقية روايته عن أهل بلدة جيدة وهو حديث حسن.
وصلاة التسبيح عند جماعة ونصه لا وضعف الخبر المروي في ذلك وهو ما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها لعمه العباس أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة ثم يسبح ويحمد ويهلل ويكبر خمسة عشر مرة ثم يقولها في ركوعه ثم في رفعه منه ثم في سجوده ثم في رفعه منه ثم في سجوده ثم في رفعه منه عشرا عشرا ثم كذلك في كل ركعة مرة في كل يوم ثم في الجمعة ثم في الشهر ثم في العمر رواه أحمد وقال لا يصح وأبو داود وابن خزيمة والآجري وصححوه وادعى الشيخ تقي الدين أنه كذب وفيه نظر قال المؤلف لا بأس بها فإن الفضائل لا يشترط لها صحة الخبر وفيه نظر فإن عدم قول أحمد بها يدل على أنه لا يرى العمل بالخبر الضعيف في الفضائل.
ويستحب إحياء ما بين العشائين للخبر قال جماعة وليلة عاشوراء وليلة

وسجود التلاوة صلاة وهو سنة.
--------------------------------
أول رجب وليلة نصف شعبان وفي الرعاية وليلة نصف رجب وفي الغنية وبين الظهر والعصر ولم يذكر ذلك آخرون وهو أظهر وقيل وصلاة الرغائب واختلف الخبر في صفتها والأصح أنها لا تفعل قال ابن الجوزي وأبو بكر الطرسوسي هي موضوعة .
فصل:
"وسجود التلاوة صلاة" لأنه سجود لله تعالى يقصد به التقرب إليه له تحريم وتحليل فكان صلاة كسجود الصلاة فعلى هذا يشترط له ما يشترط لصلاة النافلة في قول أكثر العلماء لقوله عليه الصلاة والسلام " لا يقبل الله صلاة بغير طهور " رواه مسلم فيدخل في عمومه السجود ولأنه سجود أشبه سجدتي السهو وهو على الفور فلا يقضي لأنها تتعلق بسبب فإذا فات لم يسجد وقيل إن طال الفصل: وهو ظاهر ما في الشرح لأنه إذا لم يطل لم يبعد سببها وعنه وإن سمعها غير المتطهر تطهر وسجد وقد سبق أنه لا يجوز التيمم لخوفه فوته مع وجود الماء وقد حكى النووي الإجماع على اشتراط الطهارة له وللشكر.
"وهو سنة" نص عليه وهو المذهب لقول زيد بن أرقم قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم {وَالنَّجْمِ} فلم يسجد فيها متفق عليه ورواه الدارقطني ولفظه فلم يسجد منا أحد وقال عمر إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء رواه البخاري وعليها يسجد في الأصح في طواف مع قصر.
فصل:
ويتيمم محدث ويسجد مع قصره وإذا نسي سجدة لم يعدها لأجله ولا يسجد لهذا السهو.
ونقل صالح وجوبه في الصلاة فقط وعنه مطلقا لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ

للقارئ والمستمع دون السامع. ويعتبر أن يكون القارئ يصلح إماما له.
----------------------------------
عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق:21]ولا يذم إلا على ترك واجب ولأنه سجود يفعل في الصلاة أشبه سجود صلبها وجوابه بأنه ينتقض عندهم بسجود السهو.
"للقارئ والمستمع" في الصلاة وغيرها بغير خلاف علمناه ونص عليه لما روى ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا مكانا لجبهته متفق عليه ولمسلم في غير صلاة والألف واللام بدل الإضافة أي ومستمعه وبه عبر في المحرر والوجيز والفروع لأنه كتال وكذا يشاركه في الأجر فدل على المساواة قال في الفروع وفيه نظر.
وروى أحمد بإسناد فيه مقال عن أبي هريرة مرفوعا "من استمع آية كتبت له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة" لكن لا يسجد في صلاة لقراءة غير إمامه في الأصح كما لا يسجد مأموم لقراءة نفسه فإن فعل بطلت في وجه وعنه يسجد وعنه في نفل وقيل يسجد إذا فرغ.
"دون السامع" جزم به معظم الأصحاب وهو المنصوص لما روي أن عثمان بن عفان مر بقاص فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان فلم يسجد وقال إنما السجدة على من استمع ولا يعلم له مخالف في عصره ولأنه لا يشارك القارئ في الأجر فلم يشاركه في السجود وفيه وجه يسجد كالمستمع.
"ويعتبر أن يكون القارئ يصلح إماما له" أي يجوز اقتداؤه به لما روى عطاء أن رجلا من الصحابة قرأ سجدة ثم نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنك كنت إمامنا ولو سجدت سجدنا معك رواه الشافعي مرسلا وفيه إبراهيم بن يحيى وفيه كلام

فإن لم يسجد القارئ لم يسجد. وهو أربع عشرة سجدة.
---------------------------------
وقال ابن مسعود لتميم بن خذلم وهو غلام يقرأ عليه سجدة فقال اسجد فإنك إمامنا فيها رواه البخاري تعليقا.
فلا يسجد قدام إمامه ولا عن يساره مع خلو يمينه ولا رجل لتلاوة امرأة وخنثى وقيل بلى في الكل كما يسجد لتلاوة أمي وزمن لأن ذلك ليس بواجب عليه ولا يسجد رجل لتلاوة صبي في وجه.
"فإن لم يسجد القارئ لم يسجد" نص عليه لقوله ولو سجدت سجدنا معك وقدم في الوسيلة أنه إذا كان التالي في غير صلاة ولم يسجد سجد مستمعه قال أحمد إذا ترك الإمام السجود فإن شاء أتي به.
تنبيه: لا يجزئ ركوع ولا سجود عن سجدة التلاوة في الصلاة نص عليه لأنه سجود مشروع أشبه سجود الصلاة وعنه بلى وعنه يجزئ ركوع الصلاة وحده ذكرها في المستوعب وهي قول القاضي لقوله تعالى {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [صّ: من الآية24] وأجيب بأن المراد به السجود لقوله {وَخَرَّ} وذكر في المذهب أنه إن جعل مكان السجود ركوعا لم يجزئه وبطلت صلاته .
فائد: ذكر في المغني و الشرح أن السجدة إذا كانت آخر السورة سجد ثم قام فقرأ شيئا ثم ركع من غير قراءة وإن شاء ركع في آخرها لأن السجود يؤتى به عقيب الركوع نص عليه وهو قول ابن مسعود.
"وهو أربع عشرة سجدة" وهذا هو المشهور والصحيح من المذهب وعنه خمس عشرة لما روى أبو داود عن عمرو ابن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة فعلى هذا سجدة ص من عزائم السجود وأختاره أبو بكر وابن عقيل.
والصحيح أنها ليست من عزائم السجود بل سجدة شكر لما روى البخاري عن ابن عباس قال ص ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

في الحج منها اثنتان ويكبر إذا سجد وإذا رفع.
------------------------------
يسجد فيها وقال البني صلى الله عليه وسلم سجد داود توبة ونسجدها شكرا رواه النسائي.
فعلى هذا يسجد خارج الصلاة فإن سجد فيها عالما بطلت ذكره الجماعة وقيل لا تبطل وهو أظهر لأن سببها من الصلاة فإذا سقط منها بقي أربع عشرة منها ثلاث في المفصل: لأنه عليه السلام سجد في النجم وسجد معه المسلمون والمشركون رواه البخاري من حديث ابن عباس وسجود الفريقين معه لكونها أول سجدة لا لغيره وعن أبي هريرة قال سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانشقاق وفي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} رواه مسلم.
"في الحج منها اثنتان" هذا قول عمر وابنه وعلي وأبي الدرداء وأبي موسى وابن عباس لقوله عليه السلام" في الحج سجدتان " رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن العاص وهو من رواية عبد الله بن منين عن عمرو ولم يرو عنه غير الحارث بن سعيد وقوله صلى الله عليه وسلم " من لم يسجدهما فلا يقرأهما " رواه أحمد وغيره من رواية ابن لهيعة وعنه الأولى فقط وعنه عكسه.
تنبيه: إذا قرأ سجدة ثم أعادها ففي تكرارها وجهان وقيل يوحدها الراكب في صلاة ويكرره غيره ويتوجه مثله تحية مسجد إن تكرر دخوله ويأتي فيمن تكرر دخوله مكة.
فائد: موضع سجدة ص عند {وَأَنَابَ} و حم عند {يَسْأَمُونَ} لأنه من تمام الكلام وقيل {يَعْبُدُونَ} واختاره جماعة لأن الأمر بالسجود فيها وعنه يخير.
"ويكبر إذا سجد و"يكبر "إذا رفع" هذا هو المذهب لما تقدم من حديث ابن عمرو ولأنه سجود مفرد أشبه السجود بعد السلام للسهو وقيل لا يكبر للرفع منه بل يسلم إذا رفع وهو ظاهر الخرقي وقيل إن كان في غير

ويجلس ويسلم ولا يتشهد فإن سجد في الصلاة رفع يديه نص عليه وقال القاضي : لا يرفعهما.
---------------------------------------
الصلاة كبر للإحرام والسجود والرفع منه وقاله أبو الخطاب وصححه في الرعاية كما لو صلى ركعتين.
"ويجلس" كذا قاله في المحرر و الوجيز لأنهما صلاة يشترط لها التكبير فاشترط لها ذلك ولم يذكره آخرون والمراد الندب ولهذا لم يذكروا جلوسه في الصلاة لذلك.
"ويسلم" وهو ركن في أصح الروايتين ويجزئ واحدة نص عليه وعنه لا يجزئ إلا اثنتان ذكرها القاضي في المجرد وعنه لا سلام له لأنه لم ينقل" ولا يتشهد" لأنه صلاة لا ركوع فيه فلم يشرع التشهد كصلاة الجنازة بل لا تسن نص عليه وخرج أبو الخطاب أنه يتشهد قياسا على الصلاة وفيه بعد والأفضل سجوده عن القيام فإن سجد عن جلوس فحسن قاله أحمد.
مسألة: يقول فيه وفي سجود الشكر سبحان ربي الأعلى وجوبا وإن زاد ما ورد فحسن وذكر في الرعاية أنه يخير بين التسبيح وبين ما ورد والأولى أن يقول فيه ما يليق بالآية.
"فإن سجد في الصلاة رفع يديه نص عليه" قدمه جماعة وجزم به في الوجيز لما روى وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل رفع وخفض ويرفع يديه في التكبير.
"وقال القاضي لا يرفعها" وهو رواية وفي الشرح أنه قياس المذهب لقول ابن عمر كان لا يفعل في السجود متفق عليه وهو مقدم على الأول لأنه أخص منه وأطلق في الفروع الخلاف وظاهره أنه يرفعهما إن كان في غير صلاة في الأصح.
أصل يكره اختصار السجود وهو جمع آياته وقراءتها في وقت ليسجد

ولا يستحب للإمام السجود في صلاة لا يجهر فيها فإن فعل فالمأموم مخير بين اتباعه وتركه ويستحب سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم.
-----------------------------
فيها وقيل هو أن يحذف في قراءته آيات السجود قال المؤلف وكلاهما محدث وفيه إخلال بالترتيب.
"ولا يستحب للإمام السجود في صلاة لا يجهر فيها" ولا قراءة السجدة فيها بل يكرهان ذكره جماعة منهم صاحب الفروع لأن فيه إبهاما على المأمومين وقيل لا يكره لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في الظهر ثم قام فركع فرأى أصحابه أنه قرأ {تَنْزِيلُ} السجدة رواه أبو داود وفي المغني والشرح اتباع السنة أولى.
"فإن فعل المأموم مخير بين اتباعه وتركه" هذا قول أكثر الأصحاب لأنه ليس بمسنون للإمام ولم يوجد المقتضي للسجود. وقال القاضي يلزمه متابعته واختاره المؤلف لقوله "إنما جعل الإمام ليؤتم به" وما ذكروه ينتقض بالأطرش والبعيد ومقتضاه أنه يلزمه متابعته في صلاة الجهر وهو الأصح وأنه لا تكره قراءتها فيها وكذا يخرج في وجوب متابعته في سجود سهو مسنون وتشهد أول إن قلنا هو سنة قاله ابن تميم .
"ويستحب سجود الشكر" خلافا لأبي حنيفة ومالك في كراهته وفي ابن تميم لأمير الناس وهو غريب "عند تجدد النعم واندفاع النقم" كذا قاله جمهور أصحابنا لما روى أبو بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره أو يسر به خر ساجدا رواه أحمد والترمذي وقال حسن غريب والعمل عليه عند أكثر العلماء وسجد عليه السلام حين قال له جبريل يقول الله من صلى عليك صليت عليه ومن سلم سلمت عليه رواه أحمد وسجد حين شفع في أمته فأجيب رواه أبو داود وسجد الصديق حين جاءه قتل مسيلمة رواه سعيد وسجد علي حين رأى ذا الثدية في الخوارج رواه أحمد وسجد كعب حين بشر بتوبة الله عليه وقصته متفق عليها .

ولا يسجد له في الصلاة.
------------------------------
وظاهره لا فرق بين النعم الباطنة والظاهرة وقيده القاضي وجماعة بالظاهرة لأن العقلاء يهنؤون بالسلامة من العارض ولا يفعلونه في كل ساعة وظاهره أنه يسجد لأمر يخصه وهو المنصوص ويشترط لها ما يشترط لسجود التلاوة.
"ولا يسجد له في الصلاة" لأن سببه ليس منها فإن فعل بطلت إلا أن يكون جاهلا أو ناسيا وعند ابن عقيل فيه روايتان من حمد لنعمة أو استرجع لمصيبة واستحبه ابن الزاغواني فيها كسجدة التلاوة وفرق القاضي بأن سبب سجود التلاوة عارض في الصلاة وإذا رأى مبتلى في دينه سجد بحضوره وإن كان في بدنه كتمه عنه قال إبراهيم النخعي كانوا يكرهون أن يسألوا الله العافية بحضرة المبتلى ذكره ابن عبد البر.

فصل:
في أوقات النهي.
وهي خمسة: بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب.
------------------------------
فصل:
في أوقات النهي
"وهي خمسة" هذا هو المشهور في المذهب وظاهر الخرقي أنها ثلاثة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب وهو يشمل وقتين ولعله اعتمد على أحاديث عمر وأبي هريرة وأبي سعيد.
"بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب" لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس" متفق عليه وفيهما من حديث عمر وأبي هريرة مثله إلا أنهما قالا بعد الفجر وبعد العصر.

وعند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح وعند قيامها حتى تزول وإذا تضيفت للغروب حتى تغرب.
----------------------------------
ويتعلق النهي من طلوع الفجر الثاني نص عليه وهو قول الأكثر لما روى ابن عمر مرفوعا " لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين " رواه أحمد والترمذي وقال هذا ما أجمع عليه أهل العلم وفي لفظ للترمذي "لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر" وعن ابن المسيب نحوه مرسلا رواه البيهقي وعنه من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس اختاره أبو محمد رزق الله التميمي وذكر في التحقيق أنه قول أكثرهم وفي العصر يفعلها إلا بالوقت بغير خلاف نعلمه وظاهره ولو في وقت الظهر جمعا وتفعل سنة الظهر بعدها ولو في جمع تأخير والاعتبار بالفراغ منها لا بالشروع قاله غير واحد.
"وعند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح" هو بكسر القاف أي قدر رمح والظاهر أنه الرمح المعروف وقال في المستوعب حتى تبيض وعند قيامها حتى تزول وظاهره ولو في يوم الجمعة وفيه وجه لا نهي فيه واختاره الشيخ تقي الدين وظاهره ولو لم يحضر الجامع لظاهر الخبر والأصل بقاء الإباحة إلى أن يعلم.
"وإذا تضيفت للغروب" أي مالت له وعنه إذا اصفرت حتى تغرب لما روى مسلم عن عقبة بن عامر قال ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب .
وعن عمرو بن عبسة معناه بأطول منه رواه أحمد ومسلم وفيه فإنها تطلع وتغيب بين قرني شيطان والمراد به حزبه وأتباعه وقيل قوته وغلبته.
وقيل هما جانبا الرأس ومعناه أنه يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة فيكون له ولشيعته تسلط ظاهر من أن يلبسوا على المصلين صلاتهم كما منع من

ويجوز قضاء الفرائض فيها وتجوز صلاة الجنازة.
-----------------------------------
الصلاة في الأماكن التي هي مأوى الشيطان وفي حديث عمرو بن عبسة ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم فهو معلل حينئذ وظاهره لا فرق بين مكة وغيرها في ذلك وعنه لا نهى بمكة ويتوجه إن قلنا الحرام كمكة في المرور بين يدي المصلي أن هنا مثله.
وكلامه في الخلاف أنه لا يصلي فيه اتفاقا وعنه ولا نهى بعد عصر وعنه ما لم تصفر ولا بين الشتاء والصيف.
"ويجوز قضاء الفرائض فيها" لقوله عليه السلام " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك" وعنه لا يجوز لعموم النهي.
وأجيب بأنه محمول على التطوع جمعا بين الأدلة وكذا الخلاف عندنا في النذر ولا فرق بين أن يكون مطلقا أو معينا فلو نذرها وقت نهي انعقدت مع الكراهة ومع التحريم لا تنعقد وقيل لا تنعقد وقت نهي مطلقا.
"وتجوز صلاة الجنازة" بعد الفجر والعصر إجماعا لطولهما فإن الانتظار فيهما يضر بالميت زاد ابن تميم وحكاه في الرعاية قولا الفرض منها وعنه لا يصلي بعد الفجر حتى تطلع الشمس وظاهره أنه لا يصلي على قبر وغائب وقت نهي وقيل نفلا وصحح في المذهب يجوز على قبر في الوقتين الطويلين لطول زمانهما وحكي مطلقا وفي الفصول لا يجوز بعد العصر لأن العلة في جوازه على الجنازة خوف الانفجار وقد أمن في القبر قال في الفروع وصلى قوم من أصحابنا بعد العصر بفتوى بعض المشايخ ولعله قاس على الجنازة وحكي لي عنه أنه علل بأنها مفروضة وهذا يلزم عليه فعلها في الأوقات الثلاثة.
فرع: تقدم الجنازة على صلاة الفجر والعصر وتؤخر عن الباقي وذكر في المذهب أنه يبدأ بالجنازة مع سعة الوقت ومع ضيقه بالفرض قولا واحدا.

وركعتا الطواف وإعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجد بعد الفجر والعصر. وهل تجوز في الثلاثة الباقية؟ على روايتين.
--------------------------------
"و" تجوز "ركعتا الطواف" فيهما وهو قول جماعة من الصحابة لما روى جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى فيه في أي ساعة شاء من ليل أو نهار " رواه الترمذي وصححه ولأنهما تابعتان للطواف ويجوز فرضه ونفله وقت النهي وعنه لا يجوز لعموم النهي وأجيب بأنه مستثنى من حديث ابن عباس مع أن حديثنا لا تخصيص فيه .
"و" يجوز "إعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجد بعد الفجر والعصر" لما روى يزيد بن الأسود قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر فلما قضى صلاته إذا هو برجلين لم يصليا معه فقال ما منعكما أن تصليا معنا فقالا يا رسول الله قد صلينا في رحالنا قال لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة رواه الترمذي وصححه وهذا نص في الفجر والعصر مثله ولأنه متى لم يعد لحقه تهمة في حقه وتهمة في حق الإمام فصريحه أنه يشترط لذلك أن يكون في المسجد مع الجماعة وعبر به غير واحد.
وذكر في الشرح أن ظاهر كلامه لا فرق بين المصلي جماعة أو فرادى وفيه شيء وعنه لا يجوز لعموم النهي وجوابه واضح.
وشرط القاضي لجوازه أن تكون إعادتها مع إمام الحي وهو ظاهر ما في المستوعب و التلخيص وفي الوجيز كالمقنع إلا أنه قال إلا المغرب بمسجد غير الثلاثة هو فيه قال جماعة أو دخل وهم يصلون بعدهما لكن قال ابن تميم وغيره لا يستحب الدخول.
"وهل تجوز في الثلاثة الباقية على روايتين".
إحداهما لا تجوز على الجنازة فيها قدمه في المحرر و الرعاية ونصره المؤلف لحديث عقبة وذكره الصلاة مع الدفن ظاهر في الصلاة على الميت ,

ولا يجوز التطوع بغيرها في شيء من هذه الأوقات الخمسة إلا ما له سبب كتحية المسجد وسجود التلاوة وصلاة الكسوف وقضاء السنن الراتبة فإنها على روايتين.
-------------------------------
وكالنوافل ولأنها أوقات خفيفة لا يخاف على الميت فيها.
والثانية تجوز للعموم ولأنها أبيحت في بعض الأوقات فتباح في الباقي كالفرائض وحكاهما في المذهب في الكراهة وقال ابن أبي موسى يصلى عليها في جميع الأوقات إلا حال الغروب زاد في الرعاية والزوال ومحل ذلك ما لم يخف عليه فإن خيف صلي عليه في كل وقت رواية واحدة.
وفي الطواف يجوز قولا واحدا قاله في المذهب و التلخيص وقدمه في المحرر وعنه لا يجوز لحديث عقبة ويجوز فيها إعادة الجماعة لتأكيد ذلك للخلاف في وجوبه والثانية المنع لحديث عقبة.
"ولا يجوز التطوع بغيرها" أي يحرم ابتداء التطوع المطلق "في شيء من هذه الأوقات الخمسة" لما تقدم وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها رواه أبو داود قالت أم سلمة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما عن الركعتين بعد العصر ثم رأيته يصليهما وقال " يا بنت أبي أمية إنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان " متفق عليه قال الزركشي وهذا مما لا خلاف فيه وفيه شيء فإنه روي عن أحمد أنه قال لا نفعله ولا نعيب على من يفعله.
وعنه: الرخصة بعد العصر ما لم تصفر الشمس قال ابن المنذر رخصت فيه طائفة بعد العصر مطلقا منهم علي والزبير وابنه وتميم الداري والنعمان بن بشير وأيوب وعائشة وظاهره أنه لو خالف وأحرم به لم ينعقد وذكره في التلخيص وغيره الصحيح من المذهب وعنه بلى. وفي جاهل روايتان قال ابن تميم وظاهر الخرقي أن إتمام النفل في وقت النهي لا بأس به ولا يقطعه بل يخففه
"إلا ما له سبب كتحية المسجد وسجود التلاوة وصلاة الكسوف ,

باب صلاة الجماعة
-------------------------------------
وقضاء السنن الراتبة فإنها على روايتين" إحداهما يجوز الكل فيها اختارها صاحب الفصول والمذهب والمستوعب والشيخ تقي الدين وألحق به الاستخارة فيما ينوب وعقب الوضوء لقوله "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين" وقوله "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره" وقوله "إن الشمس والقمر آتيان من آيات الله فإذا رأيتموها فصل:وا" هذا وإن كان عاما من وجه فهو خاص من وجه آخر فيترجح على أحاديث النهي بحديث أم سلمة وكتحية المسجد حال خطبة الجمعة وليس عليها جواب صحيح وأجاب القاضي بأن المنع هنا اختص الصلاة فهو آكد وهذا على العكس أظهر قال مع أن القياس المنع تركناه لخبر سليك وسجود التلاوة مستحب مأمور به.
والثانية المنع اختاره الأكثر قاله الشريف وابن الزاغواني وصححه القاضي وصاحب الوسيلة وهو أشهر لعموم النهي وإنما ترجح عمومها على أحاديث التحية وغيرها لأنها حاظرة وتلك مبيحة أو نادبة والصلاة بعد العصر من خصائصه عليه السلام.
فعلى هذا لا يسجد لتلاوة في وقت قصير وعنه يقضي ورده ووتره قبل صلاة الفجر وعنه يقضي وتره والسنن مطلقا إن خاف إهمالها أو نسيانها واختار المؤلف يقضي سنة الفجر بعدها ويقضي غيرها بعد العصر.
ولم يتعرض المؤلف لصلاة الاستسقاء وفي المغني و الشرح أنها لا تفعل وقت نهي بلا خلاف وذكر جماعة روايتين وصحح السامري الجواز والله أعلم.
باب صلاة الجماعةشرع لهذه الأمة ببركة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم الاجتماع للعبادة في أوقات معلومة ,

وهي واجبة للصلوات الخمس على الرجال لا شرط.
------------------------------
فمنها ما هو في اليوم والليلة للمكتوبات ومنها ما هو في الأسبوع وهو صلاة الجمعة ومنها ما هو في السنة متكررا وهو صلاتا العيدين لجماعة كل بلد ومنها ما هو عام في السنة وهو الوقوف بعرفة لأجل التوصل والتوادد وعدم التقاطع.
"وهي واجبة للصلوات الخمس على الرجال لا شرط" نص عليه وهو قول الأكثر وقاله عطاء والأوزاعي لقوله تعالى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: من الآية102] فأمر بالجماعة في حال الخوف ففي غيره أولى يؤكده قوله تعالى {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: من الآية43] وقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " متفق عليه وعنه شرط ذكرها في الواضح والإقناع وصححها ابن عقيل قياسا على الجمعة لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر " رواه أبو داود من رواية يحيى بن أبي حية وهو ضعيف وصحح عبد الحق أنه من قول ابن عباس ورواه ابن ماجه والبيهقي وإسناده ثقات لكن قال الشريف لا يصح عن أصحابنا في كونها شرطا.
وعنه سنة وقاله أكثر العلماء لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " وفي حديث أبي سعيد " بخمس وعشرين درجة " رواه البخاري ذكر ابن هبيرة أنه نشأ من ضرب خمسة في مثلها ويزاد على ذلك الوحدة والاجتماع وذكر الشيخ تقي الدين وجها أنها فرض كفاية ومقاتلة تاركها كالأذان.
وعلى الأول ينعقد باثنين جمعة وعيد ولو أنثى وعبد لا بصبي في فرض نص عليه .

وله فعلها في بيته في أصح الروايتين.
-----------------------------------
ويشترط فيهم أن يكونوا أحرارا ولو سفرا في شدة خوف فلو صلى منفرد مطلقا صحت ولا ينقص أجره مع لعذر وبدونه في صلاته فضل خلافا لأبي الخطاب وغيره في الأولى ولنقله عن أصحابنا في الثانية.
وكذا قيل للقاضي عندكم لا فضل في صلاة الفذ فقال قد تحصل المفاضلة بين شيئين ولا خير في أحدهما وفيه نظر لأنه يلزم من ثبوت النسبة بينهما بجزء معلوم ثبوت الأجر فيهما وإلا فلا نسبة ولا تقدير
واختار الشيخ تقي الدين كأبي الخطاب فيمن عادته الانفراد مع العذر وإلا تم أجره وذكر في موضع آخر أن من صلى قاعدا لعذر له أجر القائم واختاره جماعة لما روى أحمد والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما " قال في الفروع ويتوجه احتمال تساويهما في أصل الأجر وهو الجزاء أو الفضل بالمضاعفة.
وظاهره أنها لا تجب على النساء بل يستحب لهن وعنه لا وعنه يكره ومال أبو يعلى الصغير إلى وجوبها إذا اجتمعت ولا الصبيان إلا على رواية وجوبها عليهم قاله في المذهب ولا خنثى مشكل قاله ابن تميم وفي وجوبها لفائتة والمنذورة وجهان.
فرع: للنساء حضور جماعة الرجال وعنه الفرض وكرهه القاضي وابن عقيل للشابة وهو أشهر والمراد المستحسنة وقيل يحرم في الجمعة وغيرها مثلها فمجالس الوعظ كذلك وأولى.
"وله فعلها في بيته في أصح الروايتين"كذا قاله جمع ونصره المؤلف لقوله عليه السلام " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته " متفق عليه وفعلها في المسجد هو السنة والثانية يجب فعلها في المسجد زاد في الشرح و الرعاية قريب منه لقوله عليه السلام " لاصلاة لجار المسجد إلا في المسجد " وعن مثله وزاد:

ويستحب لأهل الثغر الاجتماع في مسجد واحد والأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره ثم ما كان أكثر جماعة ثم في المسجد العتيق.
------------------------------
جار المسجد من أسمعه المنادي رواه البيهقي بإسناده جيد وقيل لا يصح في غيرمسجد مع القدرة عليه وهو بعيد وفي المحرر إن فعلها في المسجد فرض كفاية وعنه فرض عين لإرادة التحريق.
"ويستحب لأهل الثغر" هو موضع المخافة من فروج البلدان "الاجتماع في مسجد واحد" لأنه أعلى للكلمة وأوقع للهيبة فإذا جاءهم خبر عن عدوهم سمعه جميعهم وتشاوروا في أمرهم وإن جاء عين للكفار رأى كثرتهم فأخبر بها قال الأوزاعي لو كان الأمر إلي لسمرت أبواب المساجد التي للثغور ليجتمع الناس في مسجد واحد.
"الأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره" لأنه يحصل به ثواب عمارة المسجد وتحصيل للجماعة لمن يصلي فيه وذلك معلوم في حق غيره زاد في الشرح وابن تميم وكذلك إن كانت تقام فيه مع غيبته إلا أن في قصد غيره كسر قلب جماعة فجبر قلوبهم أولى
"ثم ما كان أكثر جماعة" ذكره في الكافي وغيره وفي الشرح أنه الأولى وصححه ابن تميم لما روى أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الرجل مع رجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما هو أكثر فهو أحب إلى الله " رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان.
"ثم" إن استويا فيكون الأفضل فعلها "في المسجد العتيق" لأن الطاعة فيه أسبق والمذهب أنه يقدم على الأكثر جماعة وقيل إن استويا في القرب والبعد قال في الرعاية وهو أظهر وفي الوجيز العتيق أفضل ثم

وهل الأولى قصد الأبعد أو الأقرب؟ على روايتين. ولا يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه إلا أن يتأخر لعذر فإن لم يعلم عذره انتظر وروسل.
-----------------------------------
الأبعد ثم ما تمت جماعته.
"وهل الأولى قصد الأبعد أو الأقرب على روايتين" إحداهما قصد الأبعد أفضل جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر و الفروع لما روى أبو موسى مرفوعا "إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم ممشى" رواه مسلم ولكثرة حسناته بكثرة خطاه.
والثانية قصد الأقرب لما تقدم ولأن له جوارا فكان أحق بصلاته كما أن الجار أحق بمعروف جاره وكما لو تعلقت الجماعة بحضوره وقيل يقدمان على الأكثر جمعا.
مسأله: قدم الجماعة مطلقا على أول الوقت ذكروه في كتب الخلاف وهل فضيلة أول الوقت أفضل أم انتظار كثرة الجمع فيه وجهان.
"ولا يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه" قال أحمد ليس لهم ذلك وصرح في الكافي والمستوعب والمحرر والفروع بأنها تحرم لأنه بمنزلة صاحب البيت وهو أحق بها لقوله عليه السلام " لا يؤمن الرجل الرجل في بيته إلا بإذنه " ولأنه يؤدي إلى التنفير عنه وتبطل فائد: اختصاصه بالتقدم ومع الإذن هو نائب عنه وحيث قلنا بأنه يحرم فظاهره أنها لا تصح وفي الرعاية تصح مع الكراهة ويستثنى منه ما إذا كان سلطانا فإنه أحق من إمام المسجد.
"إلا أن يتأخر لعذر" لصلاة أبي بكر بالناس حين غاب النبي صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم متفق عليه وفعل ذلك عبد الرحمن بن عوف مرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أحسنتم " رواه مسلم وفي الكافي يجوز مع غيبة الإمام الراتب والأشهر لا إلا مع تأخره وضيق الوقت .

ما لم يخش خروج الوقت فإن صلى ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد استحب له إعادتها إلا المغرب وعنه يعيدها ويشفعها برابعة.
------------------------------
"فإن لم يعلم عذره انتظر وروسل" لأن الائتمام به سنة وفضيلة فلا يترك مع الإمكان ولما فيه من الافتئات بنصب غيره وقيده في الفروع تبعا لغيره بما إذا كان قريبا ولم يحصل به مشقة وتأخر عن وقته المعتاد
"ما لم يخش خروج الوقت" فإنه يقدم غيره لئلا يفوت الوقت وتصير الصلاة قضاء وكذا إن كان بعيدا أو لم يغلب على الظن حضوره أو غلب ولا يكره ذلك صلوا قاله ابن تميم والجد في فروعه.
"فإن صلى" فريضة وظاهره ولو في الجماعة "ثم أقيمت الصلاة" في جماعة "وهو في المسجد" أو جاءه غير وقت نهي ولم يقصد الإعادة أو دخل إليهم وهم يصلون قاله في المغني والشرح "استجب له إعادتها" ذكره جمع لما تقدم ولئلا يتوهم رغبته عنه وظاهره لا فرق في إعادتها مع إمام الحي أو غيره وقال القاضي يستحب مع إمام الحي وقد سبق وقد علم أنها لا تجب الإعادة وعنه بلى مع إمام الحي بشرطه
"إلا المغرب" قدمه الأكثر لأن التطوع لا يكون بركعة ولو كان صلى وحده ذكره القاضي وغيره.
وعنه صححه ابن عقيل وابن حمدان للعموم لما روي عن حذيفة أنه أعاد الظهر والعصر والمغرب وكان قد صلاهن في جماعة رواه الأثرم.
"ويشفعها برابعة" في المنصوص يقرأ فيها بالحمد وسورة كالتطوع نقله أبو داود وفيه وجه لا يشفعها وهو ينبني على صحة التطوع بفرد وإن لم يشفعها صحت والأولى فرضه نص عليه لأنها وقعت فريضة فأسقطت الفرض وكإعادتها منفردا ذكره القاضي وغيره ولهذا ينوي المعادة نفلا.
وفي مذهب مالك هل ينوي فرضا أو نفلا أو إكمال الفضيلة أو يفوض

ولا تكره إعادة الجماعة في غير المساجد الثلاثة.
-----------------------------------
الأمر إلى الله تعالى ومذهب الشافعي ينوي الفرض ولو كانت الأولى فرضه قال بعض أصحابنا ينوي ظهرا أو عصرا ولا يتعرض للفرض وعند بعضهم كلاهما فرض كفرض الكفاية إذا فعله طائفة ثم فعله طائفة أخرى.
فرع: المسبوق في ذلك يتمه بركعتين من الرباعية نص عليه لقوله عليه السلام "وما فاتكم فأتموا" وقيل يسلم معه.
"ولا تكره إعادة الجماعة" أي إذا صلى إمام الحي ثم حضر جماعة أخرى استحب لهم أن يصلوا جماعة هذا قول ابن مسعود وذكره بعضهم رواية واحدة لعموم قوله " تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " وقوله " من يتصدق على هذا فليصل معه " فقام رجل من القوم فصلى معه رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد وإسناده جيد وحسنه الترمذي.
وقال القاضي يكره لئلا يفضي إلى اختلاف القلوب ولأنه مسجد له إمام راتب فكره فيه إعادة الجماعة كالمسجد الحرام وقيل في غير مساجد الأسواق وهو ظاهر وقيل المساجد العظام وقيل لا يجوز والأول أولى لأنه قادر على الجماعة فاستحب له كالمسجد الذي في ممر الناس وحينئذ يؤذن لها ويقيم قاله ابن تميم ويكره قصدها للإعادة زاد بعضهم ولو كان صلى فرضه وحده ولأجل تكبيرة الإحرام لفوتها له لا لقصد الجماعة نص على ذلك قال في التلخيص وفضيلة التكبير الأولى لا تحصل إلا بشهود تحريم الإمام
"في غير المساجد الثلاثة" فإنه يكره إعادتها فيها روي عن أحمد قال في الشرح وذكره أصحابنا لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الإمام الراتب فيها وتعظيما لها وما ذكره في المسجد الأقصى وهو رواية والمذهب أنه يكره في مسجد مكة والمدينة وعلله أحمد بأنه أرغب في توفير الجماعة وعنه يكره في المساجد الحل وغيرها مع كثرة الجمع إلا مع ثلاثة أنفس أو

وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وإن أقيمت وهو في نافلة أتمها إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها وعنه يتمها ومن كبر قبل سلام الإمام فقد أدرك الجماعة.
----------------------------
أقل قال في الرعاية وفيه بعد.
مسألة: ليس للإمام إعادة الصلاة مرتين وجعل الثانية عن فائتة أو غيرها والأمة متفقون على أنه بدعة مكروهة ذكره الشيخ تقي الدين
"وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" رواه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا وكان عمر يضرب على صلاة بعد الإقامة وظاهره أنه لا يجوز ابتداء فعل نافلة بعد أقامة الفريضة مع أن صلاة نكرة في سياق النفي فتعم لكن بعد الفائتة تجوز بشرطه
"وإن أقيمت وهو في نافلة أتمها خفيفة" لقوله تعالى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: من الآية33] وظاهره ولو خارج مسجد قال ابن تميم وغيره لا يزيد على ركعتين إلا أن يكون قد شرع في الثالثة نص عليه فإن سلم عنها جاز "إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها" لأن الفرض أهم وظاهره أنه أراد وخص صاحب النهاية بفوات الركعة الأولى قال ابن منجا وكل متجه لكن في حمل كلامه على ما ذكر نظر "وعنه" يتمها للآية الكريمة.
"ومن كبر قبل سلام الإمام فقد أدرك الجماعة" هذا هو المجزوم به في المذهب لأنه أدرك جزءا من صلاة الإمام أشبه ما لو أدرك ركعة وكإدراك المسافر ولأنه يلزم أن ينوي الصفة التي عليها وهو كونه مأموما فينبغي أن يدرك فضل الجماعة وشرطه جلوسه مع الإمام في التشهد وقيل أو قبل سلام الثانية وظاهر كلام ابن أبي موسى أنه لا يكون مدركا لها إلا بإدراك ركعة معه وذكره الشيخ تقي الدين رواية واختارها لقوله عليه السلام في خبر أبي هريرة " من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة "

ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة وأجزأته تكبيرة واحدة والأفضل اثنتان.
--------------------------
متفق عليه.
"ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة" لما روى أبو هريرة مرفوعا "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة" رواه أبو داود بإسناد حسن ولأنه لم يفته من الأركان غير القيام وهو يأتي به مع التكبيرة ثم يدرك مع الإمام بقية الركعة.
وشرط حصولها إذا اجتمع مع الإمام فيه بحيث ينتهي إلى قدر الإجزاء في الركوع وإن لم يطمئن وقيل إن أدرك معه الطمأنينة حكاه ابن عقيل وفي التلخيص وجه يدركها ولو شك في إدراكه راكعا لأن الأصل بقاء الركوع فإن كبر والإمام في الركوع ثم لم يستطيع حتى رفع إمامه لم يدركه نص عليه ولو أحرم قبل رفعه لم يدركه ولو أدرك ركوع المأمومين "وأجزأته تكبير واحدة" وهي تكبيرة الإحرام وتسقط تكبيرة الركوع نص عليه واحتج بأنه فعل زيد بن ثابت وابن عمر ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة ولأنه اجتمع عبادتان من جنس واحد في محل فأجزأ الركن عن الواجب كطواف الزيارة والوداع قيل للقاضي لو كانت تكبيرة الركوع واجبة لم تسقط فأجاب بأن الشافعي أوجب القراءة وأسقطها إذا أدركه راكعا وعنه يجب معها تكبيرة الركوع صححه ابن عقيل وابن الجوزي وهو ظاهر كلام جماعة لوجوبها ويتوجه أنه لا بد من قيام بعد تكبيرة الإحرام فإن نواهما بتكبيرة لم تنعقد ذكر القاضي أنه الظاهر من قول أحمد لأنه لو شرك بين الواجب وغيره في النية أشبه ما لو عطس عند رفع رأسه فقال ربنا ولك الحمد عنهما وعنه بلى اختاره الشيخان ورجحه في الشرح لأن نية الركوع لا تنافي نية الافتتاح لأنهما من جملة العبادة وإن نوى بتكبيرة الركوع لم يجزئه لأن تكبيرة الإحرام ركن ولم يأت بها
"والأفضل اثنتان" خروجا من الخلاف قال أبو داود قلت لأحمد يكبر

وما أدرك مع الإمام فهو آخر صلاته وما يقضيه أولها يستفتح ويتعوذ ويقرأ السورة.
--------------------------------
مرتين أحب إليك قال إن كبر تكبيرتين ليس فيه اختلاف.
فرع: إذا أدركه في غير ركوع سن دخوله معه ندبا للخبر وظاهره مطلقا وينحط معه عن قيام بلا تكبير نص عليه لأنه لا يعتد له به وقد فاته محل التكبير ويقوم مسبوق بتكبير نصا ولو لم تكن ثانيته وإن قام قبل سلام الثانية ولم يرجع انقلبت نفلا في الأصح.
"وما أدرك" المسبوق "مع الإمام فهو آخر صلاته وما يقضيه أولها" هذا هو المشهور في المذهب وصححه وجزم به جماعة لما روى أحمد عن ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا " ورواه النسائي من حديث ابن عيينة كذلك
قال مسلم أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة فاقضوا ولا أعلم رواها عن الزهري غيره وفيه نظر فقد رواها احمد عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وقد رويت عن أبي هريرة وجه وذكر صاحب التحقيق والمؤلف أنه متفق عليه من حديث أبي هريرة وفيه نظر وفي رواية لمسلم واقض ما سبقك والمقضي هو الفائت فيكون على صفته
"يستفتح ويتعوذ ويقرأ السورة" مع الفاتحة لأنه أول صلاته فعلى هذا لو أدرك من رباعية أو مغرب ركعة تشهد عقب قضاء ركعة على المذهب كالرواية الثانية وعنه في المغرب فقط وعنه يتشهد عقب ركعتين قدمها في الرعاية لأن المقضي أول صلاته وهذه صفة أولها قال في الكافي والشرح لأنهما ركعتان يقرأ فيهما الفاتحة والسورة وهما متواليتان كغير المسبوق وعنه ما يدركه أول صلاته وما يقضيه آخرها لقوله عليه السلام " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " متفق عليه من حديث أبي قتادة وأبي هريرة وأجيب بأن المعنى فأتموا قضاء للجمع

ولا تجب القراءة على المأموم.
---------------------------------
بينهما وعليها يتشهد عقيب ركعة وذكر المؤلف إن تشهد عقيب ركعة أو ركعتين جاز لأن مسروقا وجندبا ذكرا ذلك عند ابن مسعود فصوب فعل مسروق ولم ينكر فعل جندب ولم يأمره بالإعادة.
ويستفتح ويستعيذ ويقرأ السورة فيما يدركه فقط وقيل يقرا السورة مطلقا وذكر ابن أبي موسى أنه المنصوص عليه قال المؤلف لا أعلم فيه خلافا بين الأئمة الأربعة لكن بنى ابن هبيرة وجماعة قراءتها على الخلاف وهو ظاهر رواية الأثرم ويخرج عليه الجهر والقنوت وتكبير العيد وكذا التورك والافتراش وقال صاحب المحرر لا يحتسب له تشهد الإمام الأخير إجماعا من أول صلاته ولا من آخرها ويأتي بالتشهد الأول ويكرره حتى يسلم إمامه ويتوجه فيمن قنت مع إمامه لا يقنت ثانيا كمن سجد معه للسهو لا يعيده على الأصح ويلزمه القراءة فيما يقضيه قال المجد لا أعلم فيه خلافا.
"ولا تجب القراءة" أي قراءة الفاتحة "على المأموم" روي ذلك عن علي وابن عباس وابن مسعود وجابر وابن عمر وهو قول الأكثر لما روى أحمد حدثنا أسود بن عامر حدثنا الحسن بن صالح عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من كان له إمام فقراءته له قراءة " قال في الشرح هذا إسناده متصل صحيح وضعفه جماعة لأن فيه ليث ابن أبي سليم وجابر الجعفي ورواه الدارقطني عن عبد الله بن شداد مرسلا قال في الأحكام هو الصحيح وصوبه الدارقطني والمراد بأنه لا قراءة على مأموم أي يحملها الإمام عنه وإلا فهي واجبة عليه نبه عليه القاضي كما يحمل عنه سجود سهو وسترة وكذا تشهد أول إذا سبقه بركعة وسجدة تلاوة ودعاء قنوت قاله في التلخيص وغيره وعنه تجب ذكرها الترمذي والبيهقي واختارها الآجري ونقل الأثرم لا بد للمأموم من قراءة الفاتحة ذكره ابن الزاغواني لما روي عن عبادة مرفوعا "إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن يقرأ بها" رواه أبو داود والترمذي وحسنه ,

ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام وما لا يجهر فيه أو لا يسمعه لبعده فإن لم يسمعه لطرش فعلى وجهين.
-----------------------------
وفيه ابن إسحاق مدلس.
وقيل في صلاة السر ذكره في النوادر والأول أصح لقوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [لأعراف:204] قال أحمد أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة قال ابن مسعود لا أعلم في السنة القراءة خلف الإمام وقال ابن عمر قراءته تكفيك وقال علي ليس على الفطرة من قرأ خلف الإمام وقال ابن مسعود وددت من قرأ خلف الإمام أن أملأ فاه ترابا روى ذلك سعيد.
"ويستحب أن يقرأ" الفاتحة "في سكتات الإمام" ولو لتنفس نقله ابن هانئ ولا يضر تفريقها وظاهره أن للإمام سكتات بعد تكبيرة الإحرام وفراغ الفاتحة ويستحب أن يكون قدرها وفراغ القراءة وقال المجد هما سكتتان على سبيل الاستحباب إحداهما تختص بأول ركعة للاستفتاح والثانية عند فراغه من القراءة كلها ليرد إليه نفسه.
"وما لا يجهر فيه" لأن القراءة مشروعة فيها وإنما ترك لأجل التشويش وهذا المعنى مفقود هنا وفي المستوعب يقرا الفاتحة وسورة وفي الشرح يقرأ في الجهر في سكتات الإمام بالفاتحة وفي السر يقرأ بها وسورة كالإمام والمنفرد وذكر الشيخ تقي الدين هل الأفضل قراءة الفاتحة للاختلاف في وجوبها أم غيرها لأنه استمعهما فمقتضى نص أحمد وأكثر أصحابه الثاني وفيه شيء فلو قرأ حال الرجعة إمامه كره وقيل يستحب بالفاتحة وقيل يحرم وروي عن تسعة من الصحابة.
"أولا يسمعه لبعده" أي يستحب له أن يقرأ نص عليه فإن سمع قراءته فالمذهب يكره وقيل يعيد أومأ إليه أحمد فإن سمع همهمة الإمام ولم يفهم قراءته لم يقرأ نص عليه في رواية الجماعة وعنه بلى اختاره

وهل يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام ؟ على روايتين ومن ركع أو سجد قبل إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به بعده.
-------------------------
الشيخ تقي الدين قاله في الفروع وهي أظهر.
"فإن لم يسمعه لطرش فعلى وجهين" وكذا في الفروع وسئل أحمد عن الأطروش هل يقرأ قال لا أدري فظاهره التوقف لكن إن كان بعيدا قرأ وإن كان قريبا وهي مسألة: المتن فوجهان أحدهما يستحب لأنه لا يسمع فلا يكون مأمورا بالإنصات ومحله ما لم يشغل غيره عن الاستماع ويخلط على من يقرب منه قاله في المغني والشرح والثاني يكره جزم به في الوجيز لما فيه من التشويش على المصلين.
"وهل يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام على روايتين" إحداهما يستحب قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأن سماعه لقراءة إمامه قامت مقام قراءته بخلاف الاستفتاح والتعوذ ومحله ما لم يسمع قراءة إمامه قاله في الشرح وغيره والثانية يكرهان وذكر ابن المنجا أنها هي الصحيحة لأن ذلك يشغله عن القراءة وهي أهم وعنه يكره التعوذ فقط اختاره القاضي لأن التعوذ إنما شرع من أجل القراءة فإذا سقطت سقط التبع بخلاف الاستفتاح لأنه أمكن من غير اشتغال عن الإنصات وظاهره أنهما يسنان في صلاة السر نص عليه.
فرع: إذا جهل ما قرأ به إمامه لم يضر وقيل يتمها وحده وقيل تبطل نقل ابن أصرم يعيد فقال أبو إسحاق لأنه لم يدر هل قرأ الحمد أم لا ولا مانع من السماع وقال الشيخ تقي الدين بل لتركه الإنصات الواجب.
"ومن ركع أو سجد قبل إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به بعده" الأولى أن يشرع في أفعال الصلاة بعد شروع الإمام لقوله عليه السلام " إنما جعل الإمام ليؤتم فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا " وقال البراء كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال " سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره

فإن لم يفعل عمدا بطلت صلاته عند أصحابنا إلا القاضي فإن ركع ورفع قبل ركوع إمامه عالما عمدا فهل تبطل صلاته؟ على وجهين.
---------------------------------
حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا ثم نقع سجودا بعده " متفق عليهما
فإن كبر معه للإحرام لم تنعقد صلاته لأنه ائتم بمن لم تنعقد صلاته وإن سلم معه كره وصح وقيل لا كسلامه قبله بلا عذر عمدا أو سهوا يعيده بعده وإلا بطلت وإن فعل الباقي معه كره لمخالفة السنة ولم تفسد صلاته لأنه اجتمع معه في الركن ذكره السامري وجماعة وقال في المبهج تبطل وبعده في الرعاية وقيل إن سارقه بالركوع بطلت لا بغيره.
ولا يجوز أن يسبقه جزم به الأكثر لقوله عليه السلام " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار " متفق عليه ونقل مهنا تبطل وفي الكافي والشرح أنه ظاهر كلامه والصحيح أنها لا تبطل فعلى هذا متى سبقه بالركوع وجب عليه العود ليركع معه وهو المراد بقوله "ليأتي به بعده".
"فإن لم يفعل عمدا" أي لم يعد حتى لحق الإمام فيه "بطلت صلاته عند أصحابنا" حكاه في المحرر قولا لأنه ترك الواجب عمدا "إلا القاضي" فإنها لا تبطل عنده وصححه في المذهب وذكر في التلخيص أنه المشهور وقدمه في المحرر لأنه سبق يسير وقد اجتمع معه في الركن المقصود وعلى هذا إن عاد بطلت في وجه وبعده ابن حمدان وظاهره أنه إذا فعل ذلك سهوا أو جهلا أنها تصح في الأصح.
"فإن" سبقه بركن مثل أن "ركع ورفع قبل ركوع إمامه عالما عمدا فهل تبطل صلاته على وجهين" وكذا ذكره أبو الخطاب وذكر السامري وجماعة أنهما روايتان إحداهما تبطل نص وقدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأنه سبقه بركن كامل وهو معظم الركعة أشبه ما لو سبقه بالسلام وللنهي والثانية لا تبطل ذكره في التلخيص أنه المشهور لأنه

وإن كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل وهل تبطل تلك الركعة؟ على روايتين فإن ركع ورفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه بطلت صلاته إلا الجاهل والناسي تصح صلاتهما وتبطل تلك الركعة.
-------------------------------
سبقه بركن واحد أشبه التي قبلها فعلى هذه لا يعتد له بتلك الركعة في أصح الروايتين قاله في المذهب والأصح أن الركوع ركن وعنه كاثنين.
"وإن كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل" لقوله عليه السلام " عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان " "وهل تبطل تلك الركعة" إذا فاته ذلك مع إمامه على روايتين المذهب أنها تبطل إن لم يأت بما فاته مع إمامه لأنه لم يقتد بإمامه في الركوع أشبه ما لم يدركه والثانية لا تلغى بل يعتد لأنه معذور بجهله أو نسيانه قال ابن تميم وكما لو كان عامدا وقلنا بصحة صلاته بالسبق بركن غير الركوع قال في المحرر وخرج منها الأصحاب صحة الصلاة مع العمد لأن الجاهل عامد والجهل بالحظر لا يبيح المحظور.
"فإن" سبقه بركنين بأن "ركع ورفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه" عمدا "بطلت صلاته" جزم به الأصحاب لأنه لم يقتد بإمامه في أكثر الركعة "إلا الجاهل والناسي تصح صلاتهما" لأن التحريم بالصلاة صحيح ولم يوجد ما يبطله لأن فعل الجاهل والناسي يعذران فيه للخبر "وتبطل تلك الركعة" لأنه لم يقتد بإمامه فيها وهذا إذا لم يأت بذلك مع إمامه قال ابن تميم وابن حمدان والجد وأما السبق بالأقوال فإنه لا يضر سوى تكبيرة الإحرام والسلام كما تقدم قال في المستوعب إذا سبق إمامه في جميع الأقوال لم يضره إلا تكبيرة الإحرام فإنه يشترط أن يأتي بها بعده والمستحب أن يتأخر بما عداها وحكم التخلف عن الإمام بركن أو أكثر يأتي في صلاة الجمعة.
فرع: إذا تركت متابعة إمامه مع علمه بالتحريم بطلت فإن تخلف عنه بركعة فأكثر لعذر تابعه وقضى كمسبوق.

ويستحب للإمام تخفيف الصلاة مع إتمامها وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية ولا يستحب له انتظار داخل في الركوع في إحدى الروايتين.
----------------------------------
"ويستحب للإمام تخفيف الصلاة مع إتمامها" لما في الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا قال "يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم صلى بالناس فليتجوز فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة" ولحديث معاذ ومعناه أن يقتصر على أدنى الكمال من التسبيح وسائر أجزاء الصلاة إلا أن يؤثر المأموم التطويل وعددهم منحصر وهو عام في كل الصلوات مع أنه سبق أنه يستحب أن يقرأ في الفجر بطوال المفصل: ويكره سرعة تمنع المأموم فعل ما يسن قاله السامري غيره وظاهره أن المنفرد لا يكون كذلك لقوله عليه السلام " إذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء "
"وتطويل الركعة الأولى" من كل صلاة "أكثر من الثانية" لما روى أبو قتادة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يطول في الركعة الأولى متفق عليه وقال أبو سعيد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطولها رواه مسلم وليلحقه القاصد إليها لئلا يفوته من الجماعة شيء.
فإن طول الثانية عنها فإن كان يسير كالغاشية مع سبح فلا أثر له قال الإمام أحمد فيمن طول قراءة الثانية على الأولى يجزئه وينبغي أن لا يفعل فإن كان في صلاة خوف في الوجه الثاني كانت الثانية أطول.
"ولا يستحب له انتظار داخل في الركوع في إحدى الروايتين" بل يكره لأن انتظاره تشريك في العبادة فلم يشرع كالرياء ويتخرج بطلانها في تشريكه في نية خروجه منها.
والثانية: يستحب قدمه في المستوعب والمحرر والفروع ونصره المؤلف وجزم به في الوجيز لأنه انتظار ينفع ولا يشق فشرع كتطويل الركعة الأولى وتخفيف الصلاة وكالانتظار في صلاة الخوف ما لم يشق على متابعيه نص عليه وجزم به الأكثر زاد الشيخان أو يكثر

وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها وبيتها خير لها.
---------------------------
الجمع لأنه يبعد أن لا يكون فيهم من يشق عليه زاد جماعة أو طال ذلك
وقيل يستحب لمن جرت عادته بالصلاة معه لكن قال صاحب التلخيص وجمع ولا يميز بين داخل وقال القاضي وهو جائز وليس بمستحب وإنما ينتظر من كان ذا حرمة كأهل العلم ونظرائهم من أهل الفضل فلو أحس بداخل حال القيام فكالركوع ذكره في الشرح وغيره وفي الحال تشهده وجهان وظاهر الوجيز والفروع مطلقا وفي الخلاف لا في السجود لأن المأموم لا يعتد به.
"وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها" صرح به جماعة لقوله عليه السلام " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن وليخرجن تفلات " رواه أحمد وأبو داود وتخرج غير متطيبة لهذا الخبر وقال عليه السلام " إذا أستأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن " متفق عليه وأمته كامرأته وظاهره أن لها حضور صلاة الرجال جماعة للخبر وعنه الفرض وكرهه القاضي وابن عقيل للشابة وذكره ابن هبيرة اتفاقا والمراد للمستحسنة خوف الفتنة بها قال بعض الحنفية والفتوى اليوم على الكراهة في كل الصلوات لظهور الفساد واستحبه ابن هبيرة وقيل يحرم في الجمعة قال في الفروع ويتوجه في غيرها مثلها وإن مجالس الوعظ كذلك وأولى.
"وبيتها خير لها" أطلقه الأصحاب وهو مراد وجزم به المجد وغيره للأخبار الخاصة في النساء بالنسبة إلى مسجده عليه السلام وروى أحمد حدثنا هارون أخبرني عبد الله بن وهب حدثنا داود بن قيس عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أحب الصلاة معك قال " قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في مسجد قومك خير من

----------------------------
صلاتك في مسجدي " قالت فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيتها وأتته فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل وهو حديث حسن إن شاء الله تعالى.
وأطلق في عيون المسائل والمستوعب والرعاية أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف وبالمدينة بخمسين ألفا وبالأقصى نصفه لخبر أنس فيكون المراد غير صلاة المرأة في بيتها فلا تعارض وكذا مضاعفة النفل على غيرها لكن كلام الأصحاب أن النافلة بالبيت أفضل للأخبار ومسجد المدينة مراد لأنه السبب وهذا أظهر ويحتمل أن مرادهم التفضيل المذكور بالنسبة إلى سائر المساجد أو إلى غير البيوت فلم تدخل البيوت فلا تعارض.
مسائل
الجن مكلفون في الجملة يدخل كافرهم النار ومؤمنهم الجنة لا أنه يصير ترابا كالبهائم وثوابه النجاة من النار وهم في الجنة كغيرهم بقدر ثوابهم خلافا لمن قال لا يأكلون ولا يشربون فيها أو أنهم في ربض الجنة ولم يبعث إليهم نبي قبل نبينا وليس منهم رسول ذكره القاضي وغيره وقيل بلى وهو قول الضحاك وقال ابن حامد هم كالإنس في التكليف والعبادات وفي النوادر تنعقد الجمعة والجماعة بالملائكة وبمسلمي الجن وهو موجود زمن النبوة والمراد في الجمعة من لزمته كما هو ظاهر كلام ابن حامد فإن المذهب لا ينعقد بآدمي لا تلزمه كمسافر وصبي فهنا أولى
وذكر الشيخ تقي الدين أنهم كالإنس في الحد والحقيقة فلا يكون تكليفهم مساويا لما على الإنس لكن يشاركونهم في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم بلا نزاع فقد يدل على مناكحتهم وغيرها ويقتضيه إطلاق الأصحاب.
وفي المغني لا تصح الوصية لجني لأنه لا يملك بالتمليك كالهبة قال

فصل: في الإمامة
السنة أن يؤم القوم أقرؤهم.
-----------------------------------------
في الفروع فيتوجه من انتفاء التمليك منا منع الوطء لأنه في مقابلة مال وإذا صح نكاح جنية فهي في الحقوق كآدمية لظاهر الشرع إلا ما خصه الدليل وأنه لا بد من شروط صحة ذلك.
ويقبل قولهم أن ما بيدهم ملكهم مع إسلامهم وكافرهم كالحربي ويجري التوارث الشرعي وأنه يعتبر لصحة صلاتهم ما يعتبر لصحة صلاة الآدمي وظاهر ما سبق أنهم في الزكاة والصوم والحج كذلك ويحرم عليهم ظلم الإنس وظلم بعضهم بعضا ويسقط فرض غسل ميت بغسلهم قال في الفروع ويتوجه مثله كل فرض كفاية إلا الأذان.
وكذا تحل ذبيحته لوجود المقتضي وعدم المانع ولعدم اعتبار التكليف فيه وقال ابن مسعود ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قال" ذاك رجل بال الشيطان في أذنه " متفق عليه خص الأذن لأنها حاسة الانتباه قيل ظهر عليه وسخر منه ويتوجه أنه على ظاهره كقيئه فيكون بوله وقيؤه طاهرا وهو غريب.
فصل: في الإمامة
"السنة: أن يؤم القوم أقرؤهم" هذا ظاهر المذهب وجزم به معظم الأصحاب لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم " رواه أحمد ومسلم وعن أبي مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا " وفي لفظ سلما "ولا يؤمن الرجل في سلطانه,

ثم أفقههم ثم أسنهم ثم أقدمهم هجرة.
----------------------------------
ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" رواه مسلم قال الطبري لما استخلف عليه السلام أبا بكر بعد قوله "يؤم القوم أقرؤهم" صح أن أبا بكر أقرؤهم وأعلمهم لأنهم لم يكونوا يتعلمون شيئا من القرآن حتى يتعلموا معانيه وما يراد به كما قال ابن مسعود كان الرجل منا إذا علم عشر آيات لم يتجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن.
لكن أجاب أحمد عن حديث أبي بكر في تقديمه مع تقدم قوله "أقرؤكم أبي" أراد به الخلافة ومراده بالأقرأ أجوده كما جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لقوله عليه السلام " من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ومن قرأ ولحن فيه فله بكل حرف حسنة " رواه الترمذي وقال حسن صحيح ولأنه أعظم في الأجر.
وقيل: يقدم الأكثر قرآنا لقوله عليه السلام " ليؤمكم أكثركم قرآنا " وعليهما إذا عرف واجب الصلاة وما يحتاجه فيها وقيل وسجود السهو وقيل وجاهل يأتي بها عادة والمنصوص خلافه وعنه يقدم الأفقه عليه اختاره ابن عقيل إذا كان يقرأ ما يكفي في الصلاة لأنه قد ينوبه في الصلاة ما لا يدري ما يفعل فيه إلا بالفقه فقدم كالإمامة الكبرى والحكم.
"ثم أفقههم" للخبر السابق فإن اجتمع فقيهان قارئان وأحدهما أفقه أو أقرأ قدم فإن كانا قارئين قدم أجودهما قراءة وأكثرهما ويقدم قارئ لا يعرف أحكام صلاته على فقيه أمي فإن اجتمع فقيهان أحدهما أعلم بأحكام الصلاة قدم لأن علمه يؤثر في تكميل الصلاة.
"ثم أسنهم" اختاره الخرقي وذكر السامري وصححه في المذهب وفي الرعاية أنه أشهر وجزم به في الوجيز لقوله عليه السلام لمالك بن الحويرث " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم " متفق عليه ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء.

ثم أشرفهم ثم الأتقى ثم من تقع له القرعة وصاحب البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة ،.
------------------------------
"ثم أقدمهم هجرة" للخبر ومعناه أن يكون أحدهما أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام قيل بنفسه وقيل بآبائه وقيل بكل منها لأنه قربة وطاعة فقدم به وسبق الإسلام كالهجرة قاله في الشرح والفروع.
"ثم أشرفهم" لقوله عليه السلام "الأئمة من قريش" وقال "قدموا قريشا ولا تقدموها" والنسب يكون بعلو النسب ذكره في المغني والشرح فعليه تقدم بنو هاشم ثم قريش وظاهر كلام أحمد يقدم الأقدم هجرة ثم الأسن ثم الأشرف وقدمه في المحرر وقال الخرقي يقدم الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة وقدمه في الفروع وقال ابن حامد الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن عكس ما في المتن
"ثم الأتقى" وجزم به في الوجيز لأنه أقرب إلى الإجابة وقد ورد إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال ذكره الإمام أحمد في رسالته وقال جماعة ثم الأتقى والأورع وقيل يقدمان على الأشرف وذكره في الشرح احتمالا لقوله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: من الآية13] الحجرات ولأن شرف الدين خير من شرف الدنيا.
"ثم من تقع له القرعة" ذكره في المذهب والتلخيص وجزم به في الوجيز وهو رواية لأن سعد بن أبي وقاص أقرع بين الناس في الأذان يوم القادسية فالإمامة أولى ولأنهم تساووا في الاستحقاق وتعذر الجمع فأقرع بينهم كسائر الحقوق ثم اختيار الجماعة في رواية وقيل يقدم القائم بعمارة المسجد وجزم به في الفصول فإن اختلفت الجماعة عمل بالأكثر فإن استووا قيل يقرع وقيل يختار السلطان الأولى وقيل يقدم بحسن الخلق وفاقا لأبي حنيفة ومالك وقيل والخلقة وفاقا لمالك وزاد بحسن اللباس وهذا كله على سبيل الاستحباب بغير خلاف علمناه.
"وصاحب البيت" بشرطه "وإمام المسجد أحق بالإمامة" من الكل بغير

إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان والحر أولى من العبد،.
--------------------------
خلاف نعلمه لما روي أن ابن عمر أتى أرضا له عندها مسجد يصلي فيه مولى له فصل:ى ابن عمر معهم فسألوه أن يؤمهم فأبى وقال صاحب المسجد أحق ولأن في تقديم غيره افتياتا وكسرا لقلبه وقال ابن عقيل إنما يكون أولى مع التساوي والأول أولى ويستحب تقديمهما للأفضل منهما ويستثنى من الأولى أن السيد يقدم على عبده في بيت العبد لفعل الصحابة رواه صالح ولعموم ولايته.
"إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان" فهو أولى في المنصوص لأنه عليه السلام أم عتبان بن مالك وأنسا في بيوتهما ولأن له ولاية عامة وكذا الوالي من قبله زاد في الكافي ونائبهما وأقتضى ذلك أن السلطان مقدم على خليفته وذكر أبو الخطاب وجها أنهما يقدمان عليه لعموم قوله عليه السلام " من زار قوما فلا يؤمهم " ولأن ولاية صاحب البيت والمسجد خاصة وإمامة السلطان عامة ولذلك لا يتصرف السلطان إلا بالغبطة كالوكيل بخلاف المالك فافترقا وقال ابن حامد صاحب البيت وحده أحق بها وهو أولى.
فرع: معير ومستأجر أولى في الأصح من مستعير ومؤجر وفي الوجيز وساكن البيت أحق ومقتضاه أن المستعير مقدم على المالك وفيه نظر على المذهب.
"والحر أولي من العبد" ذكره الأصحاب لأنه أكمل في أحكامه وأشرف ويصلح إماما في الجمعة والعيد ولو تبعض وعنه العبد أولى إن كان أفضل أو أدين لما ذكرناه واقتضى ذلك صحة إمامته في قول الجمهور لأن عائشة كان يؤمها غلام لها وفيه شيء ولعموم" يؤم القوم أقرؤهم" وصلى ابن مسعود وحذيفة وأبو ذر وراء أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو عبد رواه صالح في مسائلة ولأنه من أهل الأذان فصح أن يكون إماما كالحر فعلى هذا لا يكره جزم به غير واحد.

والحاضر أولى من المسافر والبصير أولى من الأعمى في أحد الوجهين.
------------------------------------
"والحاضر أولى من المسافر" ذكره معظم الأصحاب لأنه إذا أم حصل جميع الصلاة في جماعة بخلافه وقال القاضي إن كان إماما فهو أحق جزم به ابن تميم لأنه عليه السلام كان يصلي بهم عام الفتح ويقول لأهل البلد " صلوا أربعا فإنا سفر " رواه أبو داود فعلى هذا يتمها المقيم بعد السلام كمسبوق فإن أتم المسافر فروايتا متنفل بمفترض وقال ابن عقيل ليس بجيد لأنه الأصل فليس بمتنفل وصحح في الشرح الصحة لأن المسافر إذا نوى الإتمام لزمه فيصير المجموع فرضا فعلى هذا لا تكره إمامته بمسافر كعكسه وفي الفصول إن نوى المسافر القصر احتمل أن لا يجزئه لأن الائتمام لزمه حكما.
"والبصير أولى من الأعمى في أحد الوجهين" ذكره عن واحد وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأنه أقدر على توقي النجاسات واستقبال القبلة باجتهاده.
والثاني يقدم الأعمى وهو رواية لأنه أخشع لكونه لا يشتغل في الصلاة بما يلهيه وعنه هما سواء وقاله القاضي لأن الخشوع مع توقي النجاسة يتقابلان فيتساويان قال المؤلف والأول أولى لأن البصير لو غمض عينيه كره له ذلك ولو كان فضيلة لكان مستحبا لأنه يحصل بتغميضه ما يحصله الأعمى فإن كان الأعمى أصم ففي صحة إمامته وجهان وظاهره أنها تكره إمامته لأنه عليه السلام استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بهم وهو أعمى رواه أحمد وغيره من حديث أنس.
تنبيه: لم يتعرض المؤلف لإمامة البدوي والأصح أنها لا تكره إمامته ويقدم الحضري وتكره إمامة من يصرع نص عليه قال جماعة ومن تضحك صورته أو رؤيته وقيل والأمرد وفي المذهب وغيره وإمامة من اختلف في صحة إمامته قال في الفروع فيؤخذ منه إمامة الموسوس,

وهل تصح إمامة الفاسق والأقلف؟ على روايتين.
---------------------------------------
وهو متجه لئلا يقتدي به عامي وظاهر كلامهم لا قال في المذهب والمتوضئ أولى من المتيمم.
"وهل تصح إمامة الفاسق والأقلف على روايتين" إحداهما لا تصح إمامة الفاسق مطلقا قاله أكثر الأصحاب وقدمه السامري وصاحب الفروع وذكر ابن هبيرة أنها الأشهر قال ابن الزاغوني وهي اختيار المشايخ لقوله تعالى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ} [السجدة:18] ولما روى ابن ماجه عن جابر مرفوعا "لا يؤمن امرأة رجلا ولا أعرابي مهاجرا ولا فاجر مؤمنا إلا أن يقهره سلطان يخاف سوطه وسيفه"
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم بينكم وبين ربكم " قال البيهقي إسناده ضعيف
ولأنه لا يقبل إخباره لمعنى في دينه أشبه الكافر ولا يؤمن على شرائط الصلاة ولا فرق بين أن يكون فسقه من جهة الاعتقاد أو من جهة الأفعال فمتى كان يعلن ببدعته ويتكلم بها ويناظر عليها لم يصح.
قال أحمد لا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية أي يظهرها ويدعوا إليها وعليه حمل المؤلف كلام الخرقي ومن صلى خلف من يعلن ببدعته أو بسكر أعاد فيكون موافقا لما اختاره الشيخان من أن البطلان مختص بظاهر الفسق دون خفيه.
قال في الوجيز لا يصح خلف الفاسق المشهور فسقه لكن ظاهر كلامه وهو مذهب مطلقا فعلى هذا تصح خلف عدل استنابه ولا إعادة في المنصوص وقيل إن كان المستنيب وحده عدلا فوجهان صححه أحمد وخالف القاضي وغيره
وظاهر كلامهم لا يؤم فاسق فاسقا وقاله القاضي وغيره بخلاف الأمي لأنه لا يمكنه رفع ما عليه من النقص والفسق يزول بالتوبة ويعيد في المنصوص إذا

----------------------------------
علم فسقه.
ودخل في كلامه الجمعة والمذهب أنها تصلي خلفه لأنها تختص بإمام واحد فالمنع منها خلفه يؤدي إلى تفويتها دون سائر الصلوات نعم لو أقيمت في موضعين في أحدهما عدل فعلها وراءه
ونقل ابن الحكم أنه كان يصلي الجمعة ثم يصلي الظهر أربعا وذكر غير واحد الإعادة ظاهر المذهب كغيرها وصححه ابن عقيل وعنه لا إعادة قال في الرعاية هي الأشهر لأنها صلاة مأمور بها كغير ها.
وكذا إن خاف فتنة أو أذى صلى خلفه وأعاد نص عليه فإن نوى الانفراد ووافقه في أفعالها لم يعد على الأصح وألحق المؤلف وصاحب التلخيص العيد بالجمعة
والثانية تصح مع الكراهة ذكر الشريف أنها قول أكثرهم روى ابن مسعود وواثلة وأبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا بأسانيد ضعيفة رواها الدارقطني وعن مكحول عن أبي هريرة الصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا رواه أبو داود والدارقطني وقال مكحول لم يلق أبا هريرة ومن دونه ثقات وضعف في التحقيق إسناده.
وعن عمر مرفوعا "صلوا على من قال لا إله إلا الله وصلوا خلف من قال لا إله إلا الله" رواه الخلال والدارقطني بإسناد ضعيف وكما تصح مع فسق المأموم وعنه في نفل جزم به جماعة وذكره بعضهم رواية واحدة
وأما إمامة الأقلف فعنه تصح مع الكراهة ذكره في المحرر وقدمه ابن تميم وصاحب الفروع وجزم في الوجيز لأنه إن أمكنه غسل النجاسة غسلها وإلا عفي عن إزالتها لعدم الإمكان والثانية: لا تصح لأنه حامل لنجاسة ظاهرة يمكنه إزالتها وهل ذلك لترك الختان الواجب أو لعجزه عن غسل النجاسة فيه وجهان وقيل إن كثرت

وفي إمامة أقطع اليدين وجهان.
---------------------------------------
إمامته لم تصح وعلى المنع تصح إمامته بمثله قاله جماعة زاد ابن تميم إن لم يجب الختان وقيل يصح في التراويح إذا لم يكن قارئ غيره.
فروع:
الأول: تصح خلف من خالف في فرع: نص عليه لفعل الصحابة والتابعين مع شدة الخلاف ما لم يعلم أنهم تركوا ركنا أو شرطا وذكر ابن أبي موسى في الصلاة خلف شارب نبيذ معتقدا حله روايتين وذكر أنه لا يصلي خلف من يقول الماء من الماء أو يجيز ربا الفضل.
الثاني: إذا ترك ركنا أو شرطا عند المأموم فعنه يعيد المأموم اختاره جمع وقدمه في المستوعب والمحرر لاعتقاده فساد صلاة إمامه كما لو اعتقد مجمعا عليه فبان خلافه وعنه لا يعيد اختاره المؤلف الشيخ تقي الدين كالإمام وكعلم المأموم لما سلم في الأصح.
الثالث: إذا ترك الإمام عمدا ما يعتقده وحده واجبا بطلت صلاتهما وقال السامري تفسد صلاة المأموم إن علم في الصلاة بحال الإمام.
الرابع: إذا ترك ركنا أو شرطا أو واجبا مختلفا فيه بلا تأويل ولا تقليد أعاد ذكره الآجري إجماعا لتركه فرضه ولهذا أمر عليه السلام الذي ترك الطمأنينة بالإعادة وعنه لا لخفاء الطرق وعنه إن طال
الخامس: إذا فعل ما يعتقد تحريمه في غير الصلاة من المختلف فيه فإن داوم على ذلك فسق وإن لم يداوم فذكر المؤلف أنه لا بأس بالصلاة خلفه لأنه من الصغائر وذكر السامري أنه يفسق قال ابن عقيل لو شرب النبيذ عامي بلا تقليد لعالم فسق وهو معنى كلام القاضي بناء على ما صرح به جماعة أنه لا يجوز أن يقدم على فعل لا يعلم جوازه ويفسق إن كان مما يفسق به.
"وفي إمامة أقطع اليدين" أو أحدهما "وجهان" وقيل روايتان حكاهما.

ولا تصح الصلاة خلف كافر ولا أخرس ولا من به سلس البول.
----------------------------------
الآمدي إحداهما يصح اختاره القاضي وجزم به في الوجيز لأنه لا يخل بركن في الصلاة كقطع الأنف والثاني لا اختاره أبو بكر لإخلاله بالسجود على عضو وقيل إن كثرت إمامته وحكم أقطع الرجلين أو أحدهما كذلك واختار في المغني والشرح أنها لا تصح إمامته بمثله ذكره في الكافي وجزم ابن عقيل بأنها تكره إمامة من قطع أنفه
"ولا تصح الصلاة خلف كافر" وفاقا لأنها تفتقر إلى النية والوضوء وهما لا يصحان منه ولأنه ائتم بمن ليس هو من أهل الصلاة أشبه ما لو ائتم بمجنون وسواء علم بكفره في الصلاة أو بعد الفراغ منها لأن الكفر لا يخفى غالبا فالجاهل به مفرط وقيل يصح إن كان يسره وعلى هذا لا إعادة على من صلى خلفه وهو لا يعلم كما لو ائتم بمحدث وهو لا يعلم وجوابه بأن المحدث يشترط أن لا يعلم حدث نفسه والكافر يعلم حال نفسه
تنبيه: إذا علمه مسلما فصل:ى خلفه فقال بعد الصلاة هو كافر لم تبطل لأنها كانت محكوما بصحتها وهو ممن لا يقبل قوله وإن قال بعد سلامه هو كافر تهزءا فنصه يعيد المأموم كمن ظن كفره أو حدثه فبان خلافه وقيل لا كمن جهل حاله لأن الظاهر من المصلين الإسلام سيما إذا كان إماما وإن علم له حالان أو إفاقة وجنون لم يدر في أيهما ائتم وأم فيهما ففي الإعادة أوجه ثالثها إن علم قبل الصلاة إسلامه وشك في ردته لم يعد وإلا أعاد ذكره في الشرح
"ولا أخرس" لأنه أخل بفرض الصلاة كالمضطجع يؤم القائم وظاهره أنها لا تصح ولو بمثله نص عليه وقاله أكثر الأصحاب لأنه مأيوس من نطقه وفي الأحكام السلطانية والكافي أنها تصح قال في الشرح هو قياس المذهب قياسا على الأمي والعاجز عن القيام يؤم مثله.
"ولا من به سلس البول" لأن في صلاته خللا غير مجبور ببدل لكونه يصلي مع خروج النجاسة التي يحصل بها الحدث من غير طهارة أشبه ما لو

ولا عاجز عن الركوع والسجود والقعود ، ولا تصلح خلف عاجز عن القيام إلا إمام الحي المرجو زوال علته،.
----------------------------------
ائتم بمحدث يعلم بحدثه وإنما صحت صلاته في نفسه للضرورة ولو عبر بمن حدثه مستمر كالوجيز والفروع لكان أولى وتصح إمامته بمثله ذكره في الشرح وفي الفروع وجهان.
مسألة: لا يصح ائتمام المتطهر بعادم الطهورين ولا القادر على الاستقبال بالعاجز عنه لأنه تارك لشرط يقدر عليه المأموم أشبه ائتمام المعافى بمن حدثه مستمر.
"ولا عاجز عن الركوع والسجود والقعود" أي لا تصح إمامة عاجز عن ركن أو شرط بالقادر عليه ذكره في المحرر والفروع لأنه أخل بركن لا يسقط في النافلة فلم يجز كالقارئ بالأمي وقيل يجوز واختاره الشيخ تقي الدين كالقاعد يؤم القائم وعلى الأول ولا فرق فيه بين إمام الحي وغيره وقاس أبو الخطاب المنع على صلاة الجنازة والمربوط وأما القيام فهو أخف بدليل سقوطه في النافلة قال في الشرح أمر النبي صلى الله عليه وسلم المصلين خلف الجالس بالجلوس ولا خلاف أن المصلي خلف المضطجع لا يضطجع وتصح إمامتهم بمثلهم جزم به في الفروع وفي الشرح أنه قياس المذهب لأنه عليه السلام صلى بأصحابه في المطر بالإيماء.
"ولا تصح خلف عاجز عن القيام" لأنه عجز عن ركن من أركان الصلاة فلم يصح الاقتداء به كالعاجز عن القراءة "إلا إمام الحي" وهو الإمام الراتب في المسجد لما في المتفق عليه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيته وهو شاك فصل:ى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال " إنما جعل الإمام ليؤتم به " إلى قوله " وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون " قال ابن عبد البر روي هذا مرفوعا من طرق متواترة ولأن إمام الحي يحتاج إلى تقديمه بخلاف غيره والقيام أخف بدليل سقوطه في النفل.

ويصلون وراءه جلوسا فإن صلوا قياما صحت صلاتهم في أحد الوجهين.
----------------------------------
"المرجو زوال علته" لئلا يفضي إلى ترك القيام على الدوام أو مخالفة الخبر ولا حاجة إليه والأصل فيه فعله عليه السلام وكان يرجى برؤه
وعنه: يصح مع غير إمام الحي وإن لم يرج زواله
"ويصلون وراءه جلوسا" لما تقدم قال في الخلاف هذا استحسان والقياس لا تصح لأنه عليه السلام صلى في مرض موته قاعدا وصلى أبو بكر والناس خلفه قياما متفق عليه من حديث عائشة
وأجاب أحمد عنه بأنه لا حجة فيه لأن أبا بكر ابتدأ بهم قائما فيتمها كذلك والجمع أولى من النسخ ثم يحتمل أن أبا بكر كان هو الإمام قال ابن المنذر وقد روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه خلف أبي بكر في ثوب متوشحا ورواه أنس أيضا وصححهما الترمذي قال ولا نعرف أنه عليه السلام صلى خلف أبي بكر إلا في هذا الحديث.
قال مالك العمل عليه عندنا.
لا يقال لو كان هو الإمام لكان عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح أنه كان عن يسار أبي بكر لأنه يحتمل أنه فعل ذلك لأن خلفه صف وفعل مثل قولنا أسيد بن حضير وجابر وقيس بن فهر وأبو هريرة لكن المستحب له أن يستخلف لأن الناس مختلفون في صحة إمامته مع أن صلاة القائم أكمل وكمالها مطلوب
"فإن صلوا قياما صحت صلاتهم في أحد الوجهين" هذا هو المشهور وصححه في التلخيص والفروع وقدمه في المحرر لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى وراءه القوم قياما لم يأمرهم بالإعادة ولأن القيام هو الأصل وقد أتوا به.
والثاني لا يصح أومأ إليه أحمد للنهي عنه وقيل لا تصح صلاة من علم وجوب الجلوس دون من جهله كالراكع دون الصف.

وإن ابتدأ بهم الصلاة قائما ثم اعتل فجلس أتموا خلفه قياما ولا تصح إمامة المرأة والخنثى للرجال ولا للخناثى.
----------------------------------
فرع: إذا قدر المقتدي والمريض على الإتيان بجميع الأركان فلا بأس بإمامتهما
"وإن ابتدأ بهم الصلاة قائما ثم اعتل" أي حصل له علة "فجلس، أتموا خلفه قياما" لقصه أبي بكر ولأن القيام هو الأصل فإذا بدأ به في الصلاة لزمه في جميعها إذا قدر عليه كمن أحرم في الحضر ثم سافر قاله في الشرح وظاهره أنه لا يجوز الجلوس نص عليه وذكر الحلواني ولم يكن إمام الحي.
"ولا تصح إمامة المرأة والخنثى للرجال ولا للخناثى" لا يصح أن يأتم رجل بامرأة في الصحيح من المذهب وهو قول عامتهم قال البيهقي وعليه الفقهاء السبعة والتابعون لما روى ابن ماجه عن جابر مرفوعا " لا تؤمن امرأة رجلا " ولأنها لا تؤذن للرجال فلم يجز أن تؤمهم كالمجنون
وكذا لا تصح إمامتها بالخنثى لاحتمال أن يكون رجلا وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل على الصحيح وأنه لو صلى خلفها وهو لا يعلم لا تصح وعليه الإعادة ذكره السامري وغيره وعنه تصح في النفل وعنه في التراويح قدمه في التلخيص وجزم به ابن هبيرة.
وخص بعض أصحابنا الجواز بذي الرحم وبعضهم بكونها عجوزا وبعضهم بأن تكون أقرأ من الرجل وعلى الصحة تقف خلفهم ويقتدون بها في جميع أفعال الصلاة لأن أم ورقة قالت يا رسول الله إني أحفظ القرآن وإن أهل بيتي لا يحفظونه فقال " قدمي الرجال أمامك وقومي فصل:ي من ورائهم " ذكره صاحب النهاية ولأنه أستر
وقيل: لا بد أن يتقدمهم أحدهم وفيه بعد وعنه يقتدون بها في القراءة وتقتدي بهم في غيرها فينوي الإمامة أحدهم واختار الأكثر الصحة في الجملة؛

ولا إمامة الصبي البالغ.
----------------------------------
لخبر أم ورقة العام وهو ما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم أهل دارها وجعل لها مؤذنا فظاهره الصحة مطلقا والخاص وهو ما رواه الدارقطني أنه أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها قال في الشرح هذه زيادة يجب قبولها لكن إن صح فيحمل على النفل جمعا بينه وبين النهي.
وأما الخنثي فلا تصح إمامته للرجل لاحتمال أن يكون امرأة ولا بخنثى مثله لجواز أن يكون الإمام امرأة والمأموم رجلا وقبل اقتداء خنثى بمثله وإن قلنا لا يؤم خنثى نساء وفيه نظر وظاهره صحة إمامه المرأة بالنساء وسيأتي وكذا إمامة الخنثى بهن لأن غايته أن يكون امرأة وإمامتها بهن صحيحة وإذا أمها وقفت خلفه وقال ابن عقيل إذا أم الخنثى قام وسطهن وقيل لا يصح صلاته في جماعة وذكره القاضي عن أبي حفص البرمكي.
"ولا إمامة الصبي لبالغ في فرض" نص عليه واختاره أكثر الأصحاب ورواه الأثرم عن ابن مسعود وابن عباس وقال عليه السلام " لا تقدموا صبيانكم " ولأنها حال كمال والصبي ليس من أهلها أشبه المرأة بل آكد لأنه نقص يمنع التكليف وصحة الإقرار والإمام ضامن وليس هو من أهل الضمان لأنه لا يؤمن منه الإخلال بشرط القراءة حالة السر.
وعنه يصح فيه اختاره الآجري وذكره المجد تخريجا وبناه جماعة على اقتداء المفترض بالمتنفل وظاهره يقتضي صحة إمامته إن لزمته وهو متجه لأن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه وهو ابن ست سنين أو سبع سنين رواه البخاري وأبو داود وقال فيه وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين.
وجوابه أن الأمر لم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم لكنه خلاف الظاهر قال الخطابي كان أحمد يضعف أمر عمرو بن سلمة وقال مرة دعه ليس بشيء وقال في رواية أبي داود لا أدري أي شيء هذا وعلى الصحة يقدم العبد عليه ذكره ابن تميم وظاهره أن الخلاف فيمن يعقلها ولقولهم وتصح منه إذا بلغ سبع

إلا في النفل على إحدى الروايتين ولا تصح إمامة محدث ولا نجس يعلم ذلك فإن جهل هو والمأموم حتى قضوا الصلاة صحت صلاة المأموم وحده.
------------------------------------
سنين فدل أن ما دونها لا يصح نعم تصح بمثله وجزم في المنتخب بخلافه.
"إلا في النفل على إحدى روايتين" جزم به الأكثر ونصره الشريف وأبو الخطاب وصححه في المستوعب والفروع لأنه متنفل يؤم متنفلين وهي أخف إذ الجماعة تنعقد به فيها إذا كان مأموما والثانية لا يصح لما ذكرناه.
"ولا تصح إمامة محدث ولا نجس يعلم ذلك" هذا هو المجزوم به عند المعظم لأنه أخل بشرط الصلاة مع القدرة أشبه المتلاعب لكونه لا صلاة له في نفسه وظاهره أن من صلى خلفه فعليه الإعادة سواء جهل الحدث أو علمه وصرح به في المذهب وغيره خلافا للإشارة وبناه في الخلاف على إمامة الفاسق لفسقه بذلك وقيل للقاضي هو أمين على طهارته لا يعرف إلا من جهته فإذا علمنا بقوله لم يقبل رجوعه كما لو أقرت بانقضاء العدة وزوجت ثم رجعت قال فيجب لهذا المعنى أن لا يقبل قوله قبل الدخول في الصلاة وعلى أن دخولها في عقد النكاح اعتراف بصحته فلم تصدق وهذا من أمر الدين فقيل كقبل الصلاة وعلله في الفصول بأنه فاسق وإمامته عندنا لا تصح ولكن الفرق واضح بأن الفاسق متطهر وإنما تخلفت الصحة لمانع بخلافه هنا
"فإن جهل هو والمأموم حتى قضوا الصلاة صحت صلاة المأموم وحده" ذكره جماعة منهم المؤلف في المحرر والتلخيص لما روى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم " رواه محمد بن الحسين الحراني وهو قول جماعة من الصحابة وهو محل الشهرة ولم ينكر فكان إجماعا ولأن الحدث مما يخفى ولا سبيل إلى معرفته فكان المأموم معذورا وهذا في غير الجمعة إذا كان بالإمام أربعين فإنها لا تصح كما لو كان المأموم محدثا فيها وعنه يعيد كالإمام اختاره أبو الخطاب,

ولا تصح إمامة الأمي وهو من لا يحسن الفاتحة وهو يدغم حرفا لا يدغم وهو يبدل حرفا أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى.
------------------------------------
روي عن علي ولم يثبت ولأنه صلى بهم محدثا أشبه ما لو علم وحكم النجاسة كالحدث لأن كلا منهما طهارة لها والمجزوم به في المحرر اختصاص الحكم بالحدث لأن النجاسة أخف وخفاؤها أكثر فلذلك صحت صلاة الإمام مع نسيانها
وعلم منه: أنه إذا علم هو والمأموم فيها استأنف المأموم على الأصح لأنه ائتم بمن صلاته فاسدة أشبه ما لو ائتم بامرأة وعنه يبني ذكرها ابن عقيل لأن ما مضى من صلاتهم صحيح فكان لهم البناء عليه جماعة أو فرادى فإن علم معه واحد أعاد الكل نص عليه واختار القاضي والمؤلف يعيد من علم وإن علمه اثنان فأنكره هو أعادوا نقله أبو طالب واحتج بخبر ذي اليدين وقيل بل هما فقط.
فائد: إذا علم أن على إمامه فائتة وصحت صلاته في وجه ففي صلاة المأموم وجهان وإن علم أنه ترك واجبا عليه فيها سهوا أو شك في إخلال إمامه بشرط أو ركن صحت صلاته معه بخلاف ما لو ترك الستارة أو الاستقبال لأنه لا يخفى غالبا.
"ولا تصح إمامة الأمي" منسوب إلى الأم وقيل أمة العرب "وهو من لا يحسن الفاتحة" أي لا يحفظها أي لا تصح إمامته بمن يحسنها مضت السنة على ذلك قاله الزهري لأن القراءة شرط مقصود في الصلاة فلم يصح اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه كالطهارة والسترة وهو يتحملها عن المأموم وليس هو من أهل التحمل "أو يدغم" في الفاتحة "حرفا لا يدغم" أي في غير مثله وغير ما يقاربه في المخرج وهو الأرت وفي المذهب هو الذي في لسانه عجلة تسقط بعض الحروف "أو يبدل حرفا بغيره" وهو الألثغ كمن يبدل الراء غينا "أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى" ككسر كاف {إِيَّاكَ} وضم تاء {أَنْعَمْتَ} وفتح همزة {اهْدِنَا} في الأصح فيها وظاهره: إذا لم يحل

إلا بمثله وإن قدر على إصلاح ذلك لم تصح صلاته وتكره إمامة اللحان.
---------------------------------------
المعنى كفتح دال {نَعْبُدُ} ونون {َسْتَعِينُ} لا يكون أميا وصرح به جماعة لأن المعنى المقصود حاصل.
وعنه: تصح في ذلك في كله حكاها الآمدي وابن تميم وتأولها القاضي وقيل إن لم يكثر وقيل في نفل وظاهر ما ذكره المؤلف أنها لا تصح سواء علم المأمومون بحاله أو جهلوه فإن علموا كونه أميا لما سلم فوجهان وإن بطلت صلاة قارئ خلف أمي بطل فرض القارئ في ظاهر كلامه ثم هل تبقى نفلا فتصح صلاة الكل أو لا تبقى فتبطل أو الإمام فيه أوجه
"إلا بمثله" في الأصح لأنه يساويه فصحت إمامته كالعاجز عن القيام.
تنبيه: لا يصح اقتداء عاجز عن نصف الفاتحة الأول بعاجز عن نصفها الأخير ولا عكسه ولا اقتداء قادر على الأقوال الواجبة بالعاجز عنها فإن لم يحسنها وأحسن بقدرها من القرآن لم يجز أن يأتم بمن لا يحسن شيئا من القرآن وجوزه المؤلف قال ابن تميم وفيه نظر وإن صلى خلف من يحسن دون السبع فوجهان.
فائد: إذا شك قارئ في صلاة سر هل إمامه أمي صحت عملا بالظاهر فإن أسر في صلاة جهر فوجهان فإن أخبر أنه قرأ فلا إعادة عليها لأن الظاهر صدقه وتستحب الإعادة ذكره في الشرح.
"وإن قدر على إصلاح ذلك لم تصح صلاته" ولا صلاة من ائتم به لأنه ترك ركنا مع القدرة على الإتيان به أشبه تارك الركوع والسجود.
"وتكره إمامة اللحان" وهو كثير اللحن وتصح نص عليه إن كان لا يحيل المعنى فإن أحاله في غير الفاتحة لم يمنع صحة إمامته إلا أن يتعمده وذكره في الشرح لأنه مستهزئ ومتعمد ونقل إسماعيل بن إسحاق لا يصلي خلفه.

والفأفاء الذي يكرر الفاء والتمتام الذي يكرر التاء ومن لا يفصح ببعض الحروف وأن يؤم نساء أجانب لا رجل معهن أو قوما أكثرهم له كارهون.
---------------------------------------
"والفأفاء الذي يكرر الفاء والتمتام الذي يكرر التاء" لأن في قراءتهم نقصا عن حال الكمال بالنسبة إلى من لا يفعل ذلك ولأنهم يأتون بالحرف الواجب وإنما يزيدون حركة أو فاء أو تاء وذلك غير مؤثر كتكرير الآية.
"و" تكره إمامة "من لا يفصح ببعض الحروف" كالقاف والضاد في حق البدوي وغيره للنقص وظاهره صحة إمامته أعجميا كان أو عربيا وقيل: من قرأ: {وَلا الضَّالِّينَ} بظاء قائمة لا تصح لأنه يحيل المعنى يقال ظل يفعل كذا إذا فعله نهارا وقد سبق.
"وأن يؤم نساء أجانب لا رجل معهن" كذا ذكره معظم الأصحاب لأنه عليه السلام نهى أن يخلو الرجل بالأجنبية ولما فيه من مخالطة الوسواس وحكم الواحدة كالجمع واقتضى ذلك أنه إذا أم محارمه أو أجنبيات معهن رجل فلا كراهة لأن النساء كن يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قيل نسيبا لإحداهن جزم به في الوجيز وقيل محرما وعنه يكره في الجهر مطلقا
قال في الفروع وعلى كل حال لا وجه لاعتبار كونه نسيبا وفي الفصول يكره للشواب وذوات الهيئة الخروج ويصلين في بيوتهن فإن صلى بهن رجل محرم جاز وإلا لم يجز وصحت الصلاة.
"أو قوما أكثرهم له كارهون" في قول أكثرهم لما روى أبو أمامة مرفوعا قال " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون " رواه الترمذي وهو حسن غريب وفيه لين وأخبر عليه السلام أن صلاته لا تقبل رواه أبو داود من رواية الإفريقي وهو ضعيف عند الأكثر وقيل ديانة نص عليه وجزم به في الوجيز .

ولا بأس بإمامة ولد الزنى والجندي إذا سلم دينهما.
----------------------------------------
وظاهره أنه إذا كرهه اثنان أو ثلاثة لا يكره وقال أحمد حتى يكرهه أكثرهم
قال القاضي المستحب أن لا يؤمهم صيانة لنفسه فإن استوى الفريقان فوجهان والأولى أن لا يؤمهم إزالة لذلك الاختلاف ذكره في الشرح وغيره.
أما إذا كان ذا دين وسنة فكرهوه لذلك فلا كراهة في حقه بل يكره إن كان لخلل في دينه أو فضله قاله الأكثر.
وقال الشيخ تقي الدين إذا كان بينهم معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء أو المذاهب فلا ينبغي أن يؤمهم لأن المقصود بالصلاة جماعة إنما يتم بالائتلاف وقال جده أو لدنيا وهو ظاهر كلام جماعة وقيل تفسد صلاته لخبر أبي أمامة السابق.
"ولا بأس بإمامة ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما لعموم قوله عليه السلام " يؤم القوم أقرؤهم " وصلى التابعون خلف ابن زياد وهو ممن في نسبه نظر وقالت عائشة ليس عليه من وزر أبويه شيء قال تعالى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الاسراء: من الآية15] ولأن كلا منهما حر مرضي في دينه فصل:ح لها كغيره.
وكذا حكم الخصي واللقيط والمنفي بلعان والأعرابي إذا سلم دينهم وصلحوا لها. وقيل: يكره اتخاذ ولد الزنا إماما راتبا.
وعنه: أحب أن يصلي خلف الجندي وعنه لا يعجبني إمامة الأعرابي إلا أن يكون قد سمع لأن الغالب عليهم الجهل قال في الشرح والمهاجر أولى.
مسألة: لا يكره على الأصح إمامة ابن بأبيه وظاهر رواية أبي داود لا يتقدمه في غير الفرض وإن أذن الأفضل للمفضول لم يكره في المنصوص وبدون إذنه يكره نص عليه وقيل إلا خوف أذى والمراد سوى إمام

ويصح ائتمام من يؤدي الصلاة بمن يقضيها ويصح ائتمام المفترض بالمتنفل.
-----------------------------------------
المسجد وصاحب البيت كما أنه يحرم كما سبق.
"ويصح ائتمام من يؤدي الصلاة بمن يقضيها" رواية واحدة قاله الخلال لأن الصلاة واحدة وإنما اختلف الوقت وكذا عكسه لما قلناه وعنه لا يصح مطلقا لاختلاف النية وفي المذهب إذا قضى الظهر خلف من يؤديها صح وجها واحدا وفي العكس روايتان
وإن قضى ظهر يوم خلف ظهر يوم آخر فالأصح الصحة وذكره بعضهم قولا واحدا هذا فيما إذا اتحدت الصلاة فإذا اختلفت فسيأتي.
"ويصح إئتمام المفترض بالمتنفل" في رواية نقلها إسماعيل بن سعيد وأبو داود واختارها المؤلف وصاحب النصيحة والتبصرة والشيخ تقي الدين لما روى جابر أن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة متفق عليه ولفظه لمسلم ورواه الدارقطني وزاد وهي له تطوع وهي لهم مكتوبة.
وصلى عليه السلام بطائفة من أصحابه ركعتين ثم سلم ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين ثم سلم رواه أحمد
ولأنهما صلاتان اتفقتا في الأفعال أشبه المتنفل خلف المفترض وذكر الشيخ تقي الدين وجها لحاجة نحو كونه أحق بالإمامة.
والثانية لا تصح نقلها حنبل وأبو الحارث وصححها ابن عقيل وصاحب التلخيص ونصرها جماعة وجزم بها في الوجيز وقدمها في الفروع لقوله عليه السلام " إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه " ولأن صلاة المأموم لا تتأدى بنية الإمام أشبه صلاة الجمعة خلف من يصلي الظهر وهو ينتقض بالمسبوق في الجمعة إذا أدرك أقل من ركعة فإنه ينوي الظهر خلف من يصليها.

ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر إحدى الروايتين ، و الأخرى لا تصح فيهما.
------------------------------------
"ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر في إحدى الروايتين" ومثله صلاة كل مفترض خلف مفترض بفرض غيره وقتا واسما وسيأتي "والأخرى لا تصح فيها" وهو المذهب لأن الاختلاف في الصفة كالاختلاف في الوضوء فيجب أن يكون الصحة وعدمها كما تقدم.
مسائل
الأولى: إذا صلى فرضا رباعية خلف من يصلي الظهر أربعا وقيل أو المغرب فإذا تم فرضه قبل إمامه هل ينتظره أو يسلم قبله أو يخير فيه أوجه.
فإن كانت إحداهما تخالف الأخرى كصلاة كسوف واستسقاء وجنازة وعيد منع فرضا وقيل نفلا لأنه يفضي إلى المخالفة في الأفعال
الثانية: إذا صلى ظهرا تامة خلف من يصلي الجمعة لم يصح على الأصح وقيل إن صح بناء الظهر على نية الجمعة صح وإلا فلا وقيل إن أدرك ما يعتد به صح وإن كملت الجمعة كمن هو في ظهر كما لو سبق الإمام الحدث في التشهد وقد أدركه إنسان فيه فالخلاف.
الثالثة: إذا صلى مريض بمثله ظهرا قبل إحرام صلاة الجمعة وقلنا يصح ثم حضر الإمام الجمعة لم ينقلب ظهره نفلا في الأصح.

فصل: في الموقف
السنة أن يقف المأموم خلف الإمام،
------------------------------------
فصل: في الموقف
"السنة أن يقف المأمومون" رجالا كانوا أو نساء "خلف الإمام" لفعله عليه

فإن وقفوا قدامه لم يصح.
-----------------------------------
السلام كان إذا قام إلى الصلاة قام أصحابه خلفه وقد روي أن جابرا وجبارا وقف أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره فأخذ بأيديهما حتى أقامهما خلفه رواه مسلم وأبو داود ولا ينقلهما إلا إلى الأكمل.
وعن سمرة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدم أحدنا رواه الترمذي بإسناد ضعيف وقال: غريب والعمل عليه عند أهل العلم وكان ابن مسعود يرى أن يقف الاثنان عن جانبي الإمام لأنه صلى بين علقمة والأسود وقال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل رواه أحمد وفيه هارون بن عنترة وقد وثقه جماعة وقال ابن حبان لا يحتج به وقال ابن عبد البر لا يصح رفعه والصحيح أنه من قول ابن مسعود وأجيب بأنه منسوخ أو على الجواز وأجاب ابن سيرين بأن المسجد كان ضيقا رواه البيهقي ويستثنى منه أن إمام العراة يقف وسطا وجوبا والمرأة إذا صلت بالنساء.
"فإن وقفوا قدامه لم يصح" في قول أكثر العلماء لقوله عليه السلام "إنما جعل الإمام ليؤتم به" والمخالفة في الأفعال مبطلة لكونه يحتاج في الاقتداء إلى الالتفات خلفه ولأنه لم ينقل عنه عليه السلام ولا هو في معنى المنقول فلم يصح كما لو صلى في بيته بصلاة الإمام وهو عام في كل الصلوات ولو بإحرام فأكثر لأنه ليس موقفا بحال.
والاعتبار بمؤخر القدم وإلا لم يضر كطول المأموم لأنه يتقدم برأسه في السجود قال في الفروع ويتوجه العرف
فإن صلى قاعدا فالاعتبار بمحل القعود وهو الألية حتى لو مد رجليه وقدمها على الإمام لم يضر وإن كان مضطجعا فبالجنب وذكر الشيخ تقي الدين وجها يكره ويصح والمراد وأمكن الاقتداء وهو متجه أشبه من خلفه
وقيل: تصح جمعة وعيد وجنازة لعذر واختاره الشيخ تقي الدين وقال من تأخر بلا عذر فلما أذن جاء فصل:ى قدامه عزر.

وإن وقفوا عن يمينه أو عن جانبيه صح ، وإن كان واحدا وقف عن يمينه وإن وقف خلفه أو عن يساره لم يصح.
-----------------------------------
فعلى الأول لا تصح صلاتهم قال ابن تميم وفي صلاة الإمام وجهان هذا إن لم يكن خلفه صف لكن يستثنى منه المرأة إذا أمت رجالا في تراويح وداخل الكعبة إذا تقابلا أو جعل ظهره إلى ظهر إمامه لأنه لا يعتقد خطأه فإن جعل ظهره إلى وجهه لأنه مقدم عليه فإن وقفوا حول الكعبة مستديرين صحت فإن كان المأموم أقرب من جهته من الإمام في جهته جاز فإن كانا في جهة واحدة بطلت وقدم في الرعاية لا يضر وفي شدة الخوف نصا إذا أمكن المتابعة.
"وإن وقفوا عن يمينه أو عن جانبيه صح" لما تقدم وقيل إن وقف بينهما ففي الكراهة احتمالان
"وإن كان واحدا وقف عن يمينه" لإدارة النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابر إلى يمينه لما وقفا عن يساره رواه مسلم ويندب تخلفه قليلا خوفا من التقدم ومراعاة للمرتبة فإن عدم صحة مصافته لم يصح والمراد لمن لم يحضر معه أحد فيجيء الوجه: تصح منفردا وكصلاتهم قدامه ففي صحة صلاته وجهان.
"وإن وقف خلفه" لأنه صار فذا "أو عن يساره لم يصح" كذا ذكره جماعة والمراد إذا صلى ركعة فأكثر نص عليه مع خلو يمينه وعنه يصح اختاره أبو محمد التميمي والمؤلف قال في الفروع وهي أظهر.
وفي الشرح هي القياس كما لوكان عن يمينه وكون النبي صلى الله عليه وسلم رد ابن عباس وجابر لا يدل على عدم الصحبة بدليل رد جابر وجبار إلى ورائه مع صحة صلاتهما عن جانبيه.
وقيل: يصح إن كان خلفه صف لأنه عليه السلام صلى وأبو بكر عن يمينه وكان أبو بكر هو الإمام وفيه شيء وحكم الجماعة كالواحد.

وإن أم امرأة وقفت خلفه وإن اجتمع أنواع تقدم الرجال ،
---------------------------------------
تنبيه: إذا كبر عن يساره أداره من ورائه إلى يمينه فإن كبر الآخر عن يساره أخذهما بيده إلى ورائه فإن شق ذلك أو تعذر تقدم الإمام فصل:ى بينهما أو عن يسارهما ولو تأخر الأيمن قبل إحرام الداخل ليصليا خلفه جاز وفي النهاية والرعاية بل أولى لأنه لغرض صحيح.
ولو أدركها الداخل جالسين كبر وجلس عن يمين صاحبه أو يسار الإمام ولا تأخر إذن للمشقة وظاهره أن الزمنى لا يتقدمون ولا يتأخرون للعلة.
"وإن أم امرأة وقفت خلفه" لقوله عليه السلام " أخروهن من حيث أخرهن الله " وسواء أكان معه رجل أو رجال
ولا يصح وقوف امرأة فذا فإن وقفت وحدها فهي فذ وصححه في الكافي وإن وقفت مع رجل فكذا في قول جماعة ونقله المجد عن أكثر الأصحاب وعنه لا اختاره القاضي وأبو الوفاء فإن كان في صف الرجال كره ولم تبطل صلاة من يليها وخلفها ذكره ابن حامد واختاره جماعة كما لو وقفت في غير صلاة.
وذكر ابن عقيل فيمن يليها رواية تبطل وفي الفصول أنه الأشبه وإن أحمد توقف وذكر الشيخ تقي الدين أنه المنصوص وقيل ومن خلفها وقيل وأمامها ولا تبطل صلاتها.
وذهب الشريف وأبو الوفاء إلى خلافه للنهي عن وقوفها والوقوف معها فهما سواء فإن وقفت عن يمينه فظاهره يصح وعن يساره إن لم تبطل صلاتها ولا من يليها فكرجل في ظاهر كلامهم وفي التعليق إذا كان الإمام رجلا وهو عريان فإنها تقف عن يمينه.
"وإن اجتمع أنواع تقدم الرجال" أحرارا كانوا أو عبيدا لقوله عليه السلام " ليلني منكم أولو الأحلام " والنهى رواه مسلم ويقدم الأفضل فالأفضل .

ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء كذلك يفعل في تقديمهم إلى الأمام إذا اجتمعت جنائزهم ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة.
--------------------------------------
"ثم الصبيان" لأنه عليه السلام صلى فصف الرجال ثم صف خلفهم الغلمان رواه أبو داود وأحمد بمعناه وزاد والنساء خلف الغلمان وفيه لين وضعف وفي المذهب رواية تأخيرهم عن الكل
"ثم الخناثى" لأنه يحتمل أن يكونوا رجالا وفيه إشارة إلى صحة وقوف الخناثى صفا.
قال بعض أصحابنا هو مبني على أن وقوف المرأة إلى جانب الرجل لا يبطل الصلاة وعلى أن الرجل الواحد إذا وقف مع امرأة لا يكون فذا وإلا لم يصح صفهم
وإن أم رجل خنثى صح في الأصح فيقف عن يمينه صححه في الشرح وقيل خلفه وإن أم رجلا وخنثى وقف الرجل عن يمينه والخنثى خلفهما وفي الشرح يقف عن يسار الإمام أو يمين الرجل ولا يقفان خلفه لجواز أن يكون امرأة إلا عند من أجاز للرجل مصافتها فإن أم امرأة وخنثى فقال ابن تميم يقفان خلفه متباعدين.
"ثم النساء" فلو انفردت عن صف النساء أو صلت بامرأة مثلها فوقفت خلفها لم يصح وفي الكافي عكسه لأنها يجوز وقوفها منفردة بدليل حديث أنس.
"وكذلك يفعل في تقديمهم إلى الأمام" وإلى القبلة في قبر لضرورة إذا اجتمعت جنائزهم وسيأتي
"ومن لم يقف معه إلا كافر" اتفاقا "أو امرأة" أو خنثى فهو فذ قاله ابن حامد وفي الكافي والتلخيص لأنهم من غير أهل الوقوف معه وفيه وجه وذكره في المحرر عن القاضي وصححه ابن عقيل لأنه وقف معه مفترض صلاته صحيحة أشبه الرجل .

أو محدث يعلم حدثه فهو فذ ، وكذلك الصبي إلا في النافلة.
-------------------------------------
"أو محدث يعلم حدثه فهو فذ" أي لا تصح صلاته لأن وجوده كعدمه وكذا إذا وقف معه سائر من لا تصح صلاته قاله في الشرح فدل أن صحة صلاته صحة مصافته فلو جهل الحدث حتى سلما صحت ولم يكن فذا نص عليه قال القاضي كجهل مأموم حدث إمامه وفي الفصول إن بان مبتدعا أعاد ولأن المبتدع لا يؤم بخلاف المحدث فإن المتيمم يؤم.
"وكذلك الصبي" إذا وقف معه في فرض لأنه لا تصح إمامته بهم فلم يصح أن يصافهم كالمرأة لكن روى الأثرم أن أحمد سئل عن وقوف الصبي مع الفرض فتوقف وقال ما أدري فذكر له حديث أنس فقال ذاك في التطوع.
والمنصوص عنه وجزم به في الوجيز أنه فذ وانعقاد الجماعة به ومصافته مبني على صحة إمامته لأنه ليس من أهل الشهادة وفرضه نفل
وقيل: تصح مصافته وإن لم تصح إمامته لأنها لا تشترط لها صحة الإمامة كالفاسق والعبد والمفترض خلف المتنفل قاله ابن عقيل وصححه ابن تميم وابن المنجا في الخلاصة قال في الفروع وهو أظهر ولأنه لو اشترط في صحتها صحة الإمامة لما صحت مصافة الأخرس وظاهر كلام أبي الخطاب صحة إمامته في الجملة دون مصافته حيث جوز أن يكون إماما في النفل.
وعلى الصحة فيقف رجل وصبي خلفه وعلى الأول عن يمينه أو من جانبيه نص عليه "إلا في النافلة" لحديث أنس وعنه لا كالفرض.
فرع: إذا وقف اثنان خلف الصف فخرج أحدهما لعذر أو غيره دخل الآخر في الصف أو وقف عن يمين الإمام أو نبه من يخرج فيقف معه فإن لم يمكنه نوى مفارقته وأتم منفردا لأنه عذر أشبه ما لو سبق إمامه الحدث .

ومن جاء فوجد فرجة وقف فيها فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام فإن لم يمكنه فله أن ينبه من يقوم معه فإن صلى ركعة فذا لم يصح.
----------------------------------------
"ومن جاء فوجد فرجة" بضم الفاء هي الخلل في الصف "وقف فيها" لقوله عليه السلام " إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف " قال ابن تميم فإن كانت بحذائه كره أن يمشي إليها عرضا وإن كان الصف غير مرصوص دخل فيه نص عليه.
"فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام" لأنه موقف الواحد "فإن لم يمكنه فله أن ينبه من يقوم معه" بنحنحة أو كلام وجها واحدا لما في ذلك من حصول من يقف معه ويتبعه وظاهره يكره جذبه نص عليه
وقيل: يحرم اختاره ابن عقيل لما فيه من التصرف فيه بغير إذنه ولو كان عبده أو ابنه لأنه لا يملك التصرف فيه حال العبادة كالأجنبي.
وقال ابن عقيل: جوز أصحابنا جذب رجل يقوم معه صفا وصححه في المغني للحاجة فجاز كالسجود على ظهر إنسان أو قدمه حال الزحام وفي المغني والشرح أنه إذا امتنع من الخروج معه لم يكرهه وصلى وحده أو انتظر جماعة أخرى.
"فإن صلى فذا ركعة لم يصح" وقاله النخعي وإسحاق لما روى علي بن شيبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا صلاة لفرد خلف الصف " رواه أحمد وابن ماجه وعن وابصة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وإسناده ثقات قال ابن المنذر ثبت أحمد وإسحاق هذا الحديث.
ولأنه خالف الوقوف أشبه ما لو وقف قدام الإمام وظاهره لا فرق بين العامد والعالم وضدهما على المذهب وفيه إشارة إلى أنه لو أحرم بالصلاة فذا أنها تصح وعنه عكسها اختاره في الروضة وعنه إن علم النهي وعنه تصح حكاها الدينوري لأن أبا بكرة واسمه نفيع ركع دون

وإن ركع فذا ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الإمام صحت صلاته وإن رفع ولم يسجد صحت وقيل إن علم النهي لم يصح.
---------------------------------------
الصف فقال النبي صلى الله عليه وسلم" زادك الله حرصا ولا تعد " رواه البخاري ولم يأمره بالإعادة.
وجوابه: بأنه عليه السلام نهاه عن العود والنهي يقتضي الفساد وعذره فيما فعله بالجهل وفيه نظر على المذهب
وعنه: في النفل وبناه في الفصول على من صلى بعض الصلاة منفردا ثم نوى الائتمام وفي النوادر رواية يصح لخوفه تضييقا وهو معنى قول بعضهم لعذر وحيث صحت فالمراد مع الكراهة قال في الفروع ويتوجه إلا لعذر وهو ظاهر كلام شيخنا وقيل تصح فذا في صلاة الجنازة قاله في التعليق وجزم جماعة أنه أفضل إن تعين صفا ولأحمد من رواية عبد الله العمري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكانوا ستة فجعل الصف الأول ثلاثة والثاني اثنين والثالث واحدا قال في الفصول ويعايا بها ورده في المغني لعدم صحة الخبر فيه قال لأن أحمد لو علم فيه حديثا لم يعده إلى غيره.
"وإن ركع فذا ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الإمام صحت صلاته" ذكره جماعة لأنه أدرك في الصف ما يدرك به الركعة "وإن رفع" الإمام من الركوع ولم يسجد صحت" قدمه السامري والشيخان لأن أبا بكرة فعله وفعله أيضا زيد بن ثابت وابن مسعود كما لو أدرك الركوع معه وعنه لا يصح قدمه ابن تميم وابن حمدان وصححه ابن الجوزي وجزم به في الوجيز لأنه لم يدرك في الصف مايدرك به ركعة أشبه من صلى ركعة فذا وجعلها في المنتخب والوجيز فيما إذا سجد الإمام.
"وقيل إن علم النهي لم يصح" هذا رواية واختارها الخرقي لأنه عليه.

وإن فعله لغير عذر لم يصح إذا كان المأموم يرى من وراء الإمام صحت صلاته إذا اتصلت الصفوف وإن لم ير من وراءه لم تصح.
-------------------------------------
السلام لم يأمر أبا بكرة بالإعادة ونهاه عن العود والنهي يقتضي الفساد وظاهره لا فرق بين من دخل قبل رفع الإمام رأسه من الركوع أو بعده وهو المنصوص "وإن فعله لغير عذر" وهو المراد بقوله في الفروع لغير غرض وفي الكافي والشرح ولا خشي الفوات "لم يصح" قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وصححه ابن تميم وفي الفروع لأن الرخصة وردت في المعذور فلا يلحق به غيره وقيل يصح قدمه في الكافي لأن الموقف لا يختلف بخيفة الفوات وعدمه.
"وإذا كان المأموم يرى" الإمام أو "من وراء الإمام صحت صلاته إذا اتصلت الصفوف" جزم به الخرقي والمؤلف في الكافي ونهاية أبي المعالي لأنه أمكنه الاقتداء بإمامه من غير خلل فوجب أن يصح لانتفاء عدم الرؤية وعدم الاتصال المفسدين لها وكما لو صلى في الصف الأول ويرجع فيه إلى العرف.
وفي التلخيص والرعاية أو ثلاثة اذرع لظاهر الأمر بالدنو من الإمام إلا ما خصه الدليل وفسره في المغني ببعد غير معتاد ولا يمنع الاقتداء ومعناه في الشرح والمذهب على أنه لا يعتبر اتصال الصفوف في المسجد قال أبو الحسن الآمدي لا خلاف في المذهب أنه إذا كان في أقصى المسجد وليس بينه وبين الإمام ما يمنع الاستطراق والمشاهدة أنه يصح اقتداؤه به وإن لم تتصل الصفوف لأن المسجد بني للجماعة فكل من حصل في محل الجماعة بخلاف خارج المسجد فإنه ليس معدا للاجتماع فيه فلذلك اشترط الاتصال فيه
"وإن لم ير من وراءه لم تصح" قدمه ابن تميم وهو ظاهر كلامه وصرح به في الخلاصة لقول عائشة لنساء كن يصلين في حجرتها لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه في حجاب فعللت النهي بالحجاب وهو موجود هنا ولأنه

وعنه تصح إذا كان في المسجد ولا يكون الإمام أعلى من المأموم.
---------------------------------------
لا يمكنه الاقتداء في الغالب كما لو لم يسمع التكبير
"وعنه تصح إذا كانا في المسجد" أي إذا صلى في المسجد بسماع التكبير فيه ولم ير إمامه ولا بعض من معه صح صححه ابن عقيل وفي الكافي وقدمه في المحرر والرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لأنهم في موضع الجماعة ويمكنهم الاقتداء به بسماع التكبير أشبه المشاهدة وعنه في النفل وعنه والفرض مطلقا لظلمة وضرر فيدخل فيه الجمعة وقيل تصح فيها رواية واحدة.
تتمات: إذا اقتدى به خارج المسجد وهو يراه أو من خلفه في بعض الصلاة صح جزم به أبو الحسين وذكره المجد الصحيح في المذهب.
ولو جاوز ثلاثمائة ذراع أو كانت جمعة في دار ودكان واعتبر جماعة اتصال الصفوف عرفا فإن كان بينهما نهر تجري فيه السفن أو طريق ولم تتصل الصفوف إن صحت الصلاة فيه لم يمنع الاقتداء في رواية اختاره المؤلف وغيره لعدم النص في ذلك والإجماع وقال صاحب المحرر هو القياس ترك للآثار قال في الكافي إلا أن يكون ذلك عريضا يمنع الاتصال. وعنه: يمنع اختاره الأكثر للآثار.
ومثله إذا كان بسفينة وإمامه في أخرى لأن الماء طريق وليست الصفوف متصلة والمراد شدة في غير الخوف كما ذكره القاضي وغيره وألحق الآمدي بالنهي النار والبئر وقيل والسبع وإن كان بينهما حائل يمنع الرؤية لكن يسمع التكبير فالخلاف.
"ولا يكون الإمام أعلى من المأموم" وذلك مكروه وذكره جماعة وهو ظاهر المذهب لما روى أبو داود عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في في مكان أرفع من مكانهم " وروى الدارقطني معناه بإسناد حسن وقال ابن مسعود لحذيفة: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال:

فإن فعل وكان كثيرا فهل تصح صلاته ؟ على وجهين ويكره للإمام أن يصلي في طاق القبلة.
----------------------------
بلى رواه الشافعي بإسناد ثقات.
وظاهره: لا فرق بين أن يقصد تعليمهم أم لا وعنه لا يكره وعنه إن أراد التعليم لحديث سهل أنه عليه السلام صلى على المنبر ثم نزل القهقرى فسجد وسجد معه الناس ثم عاد حتى فرغ ثم قال " إنما فعلت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي " متفق عليه. والظاهر أنه علو يسير لأنه كان على الدرجة السفلى جمعا بينه وبين ما سبق وقيل يجوز له خاصة.
"فإن فعل وكان كثيرا" وهو ذراع عند القاضي وقدره أبو المعالي مقدار قامة المأموم لحاجته إلى رفع رأسه إليه وهو منهي عنه "فهل تصح صلاته" أي الإمام "على وجهين" المذهب صحتها لفعل حذيفة وعمار رواه أبو داود والثاني لا تصح قاله ابن حامد وصححه ابن عقيل للنهي فعلى هذا إن ساواه بعضهم صحت صلاته وصلاتهم في الأصح زاد بعضهم بلا كراهة وفي النازلين إذن الخلاف ولا بأس بعلو المأموم نص عليه.
ولا يعيد الجمعة من يصليها فوق سطح المسجد روي عن أبي هريرة أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام رواه الشافعي ورواه سعيد عن أنس ولأنه يمكنه الإقتداء به أشبه المتساويين وقيدها في الكافي إذا اتصلت الصفوف
"ويكره للإمام أن يصلي في طاق القبلة" أي المحراب روي عن ابن مسعود وغيره لأنه يستتر عن بعض المأمومين أشبه ما لو كان بينهم وبينه حجاب وحينئذ فيقف عن يمين المحراب نص عليه فإن كان حاجة كما صرح به كضيق المسجد وكثرة الجمع لم يكره وعنه لا يكره مطلقا كسجود فيه وكما لو شاهده المأموم وعنه يستحب ذكرها ابن أبي موسى.
فائدة: اتخاذ المحراب فيه مباح نص عليه وقيل يستحب أومأ إليه أحمد واختاره الآجري وابن عقيل ليستدل به الجاهل لكن قال الحسن:

أو يتطوع في موضع المكتوبة إلا من حاجة ويكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفهم.
------------------------------
الطاق في المسجد أحدثه الناس وكان يكره كل محدث.
وعن سالم بن أبي الجعد لا تزال هذه الأمة بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى وعن علي أنه كان إذا مر بمسجد يشرف قال هذه بيعة احتج به أحمد وظاهره الكراهة.
"أو يطوع في موضع المكتوبة" نص عليه لما روى المغيرة بن شعبة مرفوعا قال "لا يصلين الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه" رواه أبو داود ولأن في تحويله من مكانه إعلاما لمن أتى المسجد أنه صلى فلا ينتظره ويطلب جماعة أخرى وقال ابن عقيل لا يكره لكن تركه أفضل كالمأموم "إلا من حاجة" فيهما والحاجة هنا أن لا يجد موضعا يتحول إليه.
"ويكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفهم" ذكره في المحرر والوجيز والفروع رواه البيهقي عن ابن مسعود وعن هارون بن مسلم عن قتادة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال كنا أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردا رواه ابن ماجه وفيه لين وقال أنس كنا نتقي هذا على عهده صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود وإسناده ثقات قال أحمد لأنه يقطع الصف قال بعضهم فتكون سارية عرضها مقام ثلاثة بلا حاجة ويتوجه أكثر أو العرف فلو كان الصف صغيرا قدر ما بين الساريتين لم يكره لأن الصف لا ينقطع بذلك وعنه لا يكره كالإمام وكقطع المنبر لأنه عليه السلام لما دخل الكعبة صلى بين الساريتين.
مسألة: يكره اتخاذ غير إمام مكانا بالمسجد لا يصلي فرضه إلا فيه ويباح في النفل جمعا بين الخبرين وفي الرعاية يكره مداومته بموضع منه وقال المروذي كان أحمد لا يوطن الأماكن ويكره إيطانها وظاهره ولو كانت فاضلة ويتوجه لا يكره وهو ظاهر ما سبق من تحري نقرة الإمام وأنه لا

ويكره للإمام إطالة القعود بعد الصلاة مستقبل القبلة فإن كان معه نساء لبث قليلا لينصرف النساء وإذا صلت امرأة بالنساء قامت وسطهن في الصف.
---------------------------------
يكره ولو لحاجة كإسماع حديث وتقديس وإفتاء ونحوه لأنه يقصد.
"ويكره للإمام إطالة القعود بعد الصلاة مستقبل القبلة" لقوله عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام " رواه مسلم ولأنه إذا بقي على حاله ربما سها فظن أنه لم يسلم أو ظن غيره أنه في الصلاة فيستحب له أن يقوم أو ينحرف عن قبلته لقول سمرة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه رواه البخاري وذكر جماعة يستحب أن لا يطيل الإمام جلوسه إلى القبلة من غير حاجة وظاهره يستحب أن يدعو مستقبل المأمومين وأنه يكره استقبالها فيه ذكره غير واحد والمأموم والمنفرد على حالها قال في التلخيص ويأتيان بالذكر وهما مستقبلان القبلة مثني رجلهما.
"فإن كان معه نساء لبث" الإمام ومن معه من الرجال "قليلا لينصرف النساء" لأنه عليه السلام وأصحابه كانوا يفعلون ذلك قال الزهري فنرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال رواه البخاري من حديث أم سلمة ولأن الإخلال بذلك يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء ويستحب أن لا ينصرف المأموم قبل إمامه لقوله عليه السلام "لا تسبقوني بالانصراف" رواه مسلم ولئلا يذكر سهوا فيسجد له زاد في المغني والشرح إلا أن يخالف الإمام السنة في إطالة الجلوس أو ينحرف فلا بأس بذلك.
"وإذا صلت امرأة بالنساء قامت وسطهن في الصف" روي عن عائشة ورواه سعيد عن أم سلمة ولأنه يستحب لها التستر وهذا أستر لها أشبه إمام العراة وفيه إشارة إلى أن النساء يصلين جماعة وصرح باستحبابه غير واحد فإن تقدمتهن صح لكونه موقفا في الجملة للرجل ويحتمل أنه لا

فصل:
ويعذر في الجمعة والجماعة المريض ومن يدافع أحج الأخبثين أو بحضرة طعام هو محتاج إليه
--------------------------------
يجوز لأنها خالفت موقفها أشبه ما لو خالف الرجل موقفه وإن أمت واحدة وقفت عن يمينها كالمأموم من الرجال فإن وقفت خلفها جاز لأنه موقف لها لحديث أنس ذكره في الشرح تبعا للكافي والمذهب أنه لا يجوز مع أنه لا دلالة في حديث أنس.
غريبة: قال في المستوعب وغيره من الأدب أن يضع الإمام نعله عن يساره والمأموم بين يديه لئلا يؤذي غيره.
فصل:
"ويعذر في" ترك "الجمعة والجماعة- المريض" لأنه عليه السلام لما مرض تخلف عن المسجد وقال مروا أبا بكر فليصل بالناس متفق عليه وسواء خاف طول المرض أو كثرته وكذا خوف حدوثه لما روى أبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر العذر بالخوف والمرض لكن إن لم يتضرر بإتيانها راكبا ومحمولا أو تبرع به أحد أو بأن يقود أعمى لزمته الجمعة وقيل لا كالجماعة نقل المروذي في الجمعة يكتري ويركب وحمله القاضي على ضعف عقب المرض فأما مع المرض فلا يلزمه لبقاء العذر ويستثنى منه ما إذا كان في الجامع فتلزمه الجماعة.
"ومن يدافع أحد الأخبثين" لما تقدم "أو بحضرة طعام هو محتاج إليه" ويأكل حتى يشبع نص عليه لخبر أنس في الصحيحين وعنه ما يكسر به نفسه إلا أن يخاف ضررا جزم به جماعة في الجمعة وذكر ابن حامد إن بدأ بالطعام ثم أقيمت الصلاة ابتدر إلى الصلاة لحديث عمرو بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم دعي إلى الصلاة وهو يحتز من كتف شاة فأكل منها فقام وصلى متفق عليه قال في الفروع ولعل مراده مع عدم الحاجة وهو

والخائف من ضياع ماله وفواته أو ضرر فيه أو موت قريبه أو على نفسه من ضرر أو سلطان أو ملازمة غريم ولا شيء معه أو فوت رفقته أو غلبة النعاس
-------------------------------------------
ظاهر.
"والخائف من ضياع ماله أو فواته أو ضرر فيه" كمن يخاف على ماله من لص أو سلطان أو يخاف على بهيمة من سبع أو شرود وكمن له خبز في تنور أو طعام على نار أو ماء في زرع أو يخاف ضياع ماله أو إباق عبده أو يرجو وجدانهما في تلك الحال أو يكون مستأجرا على حفظ مال ونحو ذلك لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بل الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق وقال ابن عقيل خوف فوت المال عذر في ترك الجمعة إذا لم يتعمد سببه بل حصل اتفاقا.
"أو موت قريبه" نص عليه أو تمريضه ونقل ابن منصور وليس له من يخدمه وأنه لا يترك الجمعة وكذا إن خاف على أهله أو ولده لأن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد وهو يتجمر للجمعة فأتاه بالعقيق وترك الجمعة قال في الشرح ولا نعلم في هذا خلافا.
"أو" يخاف "على نفسه من ضرر" كسبع أو سيل ونحوهما "أو سلطان" يأخذه "أو ملازمة غريم ولا شيء معه" يعطيه لأن حبس المعسر ظلم وكذا إن كان الدين مؤجلا وخشي أن يطالبه به قبل محله وظاهره أنه إذا قدر على أداء دينه فلا عذر للنص.
فإن وجب عليه حد لله تعالى أو لآدمي أو قصاص فمثله لأنه يتعين عليه وفاؤه لكن في القصاص إذا رجا العفو على مال وجهان أظهرهما أنه عذر حتى يصالح لأن الحدود لا تدخلها المصالحة بخلاف القصاص
"أو" أراد سفرا مباحا إنشاء أو استدامة قاله ابن تميم وابن حمدان يخاف "فوت رفقته" لأن عليه في ذلك ضررا "أو غلبة النعاس" لأن رجلا صلى مع

أو الأذى بالمطر والوحل والريح الشديدة في الليلة الباردة المظلمة.
----------------------------------
معاذ ثم انفرد فصل:ى وحده عند تطويل معاذ وخوف النعاس والمشقة فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبره
وظاهره: أنه يعذر بغلبته سواء خاف فوتها في الوقت أو مع الإمام وهو ظاهر الشرح وفي الرعاية أنه أشهر وقدمه في الفروع وظاهر المستوعب والتلخيص أنه يعذر إذا خاف فوتها مع الإمام فقط وذكر ابن تميم يعذر في الجماعة لا الجمعة وقيل لا فيهما وهو ظاهر الكافي وفي المذهب والوجيز يعذر فيهما بخوفه نقض الوضوء بانتظاره.
"أو الأذى بالمطر والوحل" لأخبار منها ما في الصحيحين عن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير زاد مسلم في يوم جمعة إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم فعل ذلك من هو خير مني يعني النبي صلى الله عليه وسلم إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدحض وثلج وجليد وبرد كذلك وعنه سفرا.
فائد: الوحل بتحريك الحاء والتسكين لغة رديئة.
"والريح الشديد في الليلة المظلمة الباردة" لقول ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة الباردة أو المطير في السفر صلوا في رحالكم متفق عليه ورواه ابن ماجه بإسناد صحيح ولم يقل في السفر وفي الفروع بريح باردة في ليلة مظلمة ولم يذكر بعضهم مظلمة وعنه أعذار في السفر قال الآمدي الأعذار كالمطر والوحل والريح أعذار في السفر وفي الحضر روايتان وذكر أبو المعالي أن كل ما أذهب الخشوع كالحر المزعج عذر ولهذا جعله الأصحاب كالبرد في المنع من الحكم والإفتاء.
مسائل:
يلحق بما تقدم إذا خاف تطويل الإمام كثيرا وليس رؤية البلة في طريقه عذرا,

---------------------------
نص عليه.
الثانية يكره حضور المسجد من أكل بصلا أو فجلا أو نحوه حتى يذهب ريحه وعنه يحرم وظاهره ولو خلا المسجد من آدمي لتأذي الملائكة والمراد حضور الجماعة ولو لم يكن بمسجد ولو في غير صلاة وظاهره أنه لا يخرج وجزم جماعة بخلافه لكن إن حرم دخوله وجب إخراجه وإلا استحب.
فائد: يقطع الرائحة الكريهة مضغ السذاب أو السعد قاله بعض الأطباء.
الثالثة إذا طرأ بعض الأعذار في الصلاة أتمها خفيفة إن أمكن وإلا خرج منها والمأموم يفارق إمامه ويتمها أو يخرج منها قال أبو الدرداء من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته و قلبه فارغ رواه البخاري.

باب صلاة أهل الأعذار
ويصلي المريض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين "صلي قائما فإن لم تستطع فعلى جنب" .
---------------------------
باب صلاة أهل الأعذارالأعذار جمع عذر كأقفال جمع قفل
"ويصلي المريض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين "صل قائما فإن لم تستطيع فقاعدا فإن لم تستطيع فعلى جنب" " خ" كذا وجد بخط المؤلف بخاء معجمة إشارة إلى أن البخاري أخرجه وكذا رواه جماعة زاد النسائي "فإن لم تستطع فمستلقيا".
وعن علي مرفوعا "يصلي المريض قائما فإن لم يستطع صلى قاعدا فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن لم يستطع أن يصلى قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة فإن لم يستطيع صلى مستلقيا رجلاه مما يلي القبلة" رواه الدارقطني.

فأن صلى على ظهره ورجلاه إلى القبلة صحت صلاته على أحد الوجهين.
--------------------------------
فإذا أمكنه القيام لزمه إجماعا ولو معتمدا إلى حائط أو نحوه أو على إحدى رجليه.
وقال ابن عقيل لا يلزمه اكتراء من يقيمه ويعتمد عليه فإن عجز عنه أو يلحقه بالقيام ضرر من زيادة مرض أو ضعف أو تأخر برء صلى قاعدا لقوله تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: من الآية78] متربعا ندبا وقيل وجوبا ويثني رجليه في ركوع وسجود كمتنفل وفي النهاية والرعاية إن قدر أن يرتفع إلى حد الركوع لزمه وإلا ركع جالسا وعنه إن أطال القراءة تربع وإلا افترش ولا يفترش مطلقا وعنه لا يقعد إلا إن عجز عن قيامه لدنياه وهو قول ميمون بن مهران وأسقطه القاضي بضرر متوهم وأنه لو تحمل الصيام والقيام حتى ازداد مرضه أثم ثم إن الإمام والأصحاب اعتبروا الخوف وهو ضد الأمن فقالوا يصلي صلاة الخوف إذا لم يؤمن هجوم العدو.
والمذهب أنه يصلي كما ذكرنا ولو كان بتعديه بضرب ساقه كتعديها بضرب بطنها فنفست فإن عجز فعلى جنبه الأيمن أفضل فإن صلى على الأيسر فظاهر كلام جماعة جوازه لظاهر خبر عمران ولأن المقصود استقبال القبلة وهو حاصل وقال الآمدي يكره مع قدرته على الأيمن
"فإن" تركه قادر و "صلى على ظهره ورجلاه إلى القبلة صحت صلاته في أحد الوجهين" ذكره في التلخيص والمذهب والمحرر وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع مع الكراهة وهو ظاهر كلام أحمد لأنه نوع استقبال ولهذا يوجه الميت إليه عند الموت والثاني لا يصح قال في الشرح وهو أظهر ولأنه نقله عند العجز عن صلاة على جنب فدل أنه لا يجوز مع القدرة عليه لأنه ترك الاستقبال بوجهه و جملته ونقل الأثرم يصلي كيف شاء كلاهما جائز فظاهره التخيير بينهما أما إذا عجز عن.

ويومئ بالركوع والسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن عجز عن ذلك أومأ بطرفه ولا تسقط عنه الصلاة.
--------------------------------------
الصلاة على جنب تعين أن يصلي مستلقيا وجها واحدا.
"ويومئ بالركوع والسجود" لقوله عليه السلام "وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" واعتبار بالأصل ما أمكنه نص عليه وقال أبو المعالي وأقل ركوعه مقابلة وجهه ما وراء ركبتيه من الأرض أدنى مقابلة وتتمتها الكمال
"ويجعل سجوده أخفض من ركوعه" للخبر وليتميز أحدهما عن الآخر وإن سجد ما أمكنه على شيء رفعه كره وأجزأه نص عليهما لأنه أتي بما يمكنه من الانحطاط أشبه ما لو أومأ وعنه يخير وذكر ابن عقيل رواية بالمنع كيده ولا بأس بسجوده على وسادة ونحوها وعنه هو أولى من الإيماء واحتج بفعل أم سلمة وابن عباس وغيرهما قال ونهى عنه ابن مسعود وابن عمر.
"فإن عجز" هو بفتح الجيم في الماضي وكسرها في المستقبل في الأشهر "عن ذلك أومأ بطرفه" أي بعينه لما روى زكريا الساجي بإسناده عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن على بن الحسين عن الحسين بن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "فإن لم يستطع أومأ بطرفه" وظاهر كلام جماعة لا يلزمه وصوابه في الفروع لعدم ثبوته وفي المستوعب يومئ بطرفه أو قلبه وفي الفروع يومئ بطرفه ناويا مستحضر الفعل والقول إن عجز عنه بقلبه كأسير عاجز لخوفه وفي الخلاف زيادة عليهما أو حاجبيه وقاسه على الإيماء برأسه ولا يلزم عليه الإيماء بيديه لأنه لا يمتنع أن يلزمه وقد قال أحمد يصلي مضطجعا ويومئ فأطلق وجوب الإيماء ولم يخصه ببعض الأعضاء.
"ولا تسقط عنه الصلاة" ما دام عقله ثابتا ذكره ونصره جماعة لأنه مسلم بالغ عاقل أشبه القادر على الإيماء برأسه وعنه تسقط اختارها الشيخ تقي الدين لظاهر خبر عمران وروي عن أبي سعيد نحوه.

وإن قدر على القيام أو القعود في أثناء الصلاة انتقل إليه وأتمها ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع والسجود أومأ بالركوع قائما وبالسجود قاعدا.
--------------------------------
"وإن" صلى قاعدا ثم "قدر على القيام أو" صلى على جنب ثم قدر على "القعود في أثناء الصلاة انتقل إليه وأتمها" لأن المبيح العجز وقد زال ولأن ما صلى كان العذر موجودا وما بقى قد أتى بالواجب فيه ولا يقرأ حال نهوضه إلى القيام لكن إن قدر على القيام قبل القراءة لزمه أن يأتي بها بعد قيامه وإن كان بعد القراءة قام فركع من غير قراءة وعكسه لو مرض في أثنائها جلس وله القراءة في هويه ويأتي بها على حسب حاله.
"ومن قدر على القيام" لزمه لقوله تعالى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: من الآية238] ولخبر عمران ولأنه ركن قدر عليه فلم يسقط بالعجز عن غيره كالقراءة "وعجز عن الركوع والسجود أومأ بالركوع قائما" لأن الراكع كالقائم في نصب رجله فوجب أن يومئ به في قيامه "و" أومأ "بالسجود قاعدا" لأن الساجد كالجالس في جمع رجليه فوجب أن يومئ في جلوسه ليحصل الفرق بين الإيمائين.
مسائل
منها إذا كان في بيت سقفه قصير يتعذر خروجه منه أو في سفينة يعجز عن القيام فيها والخروج منها صلى جالسا نص عليه وقيل بل يقوم ما أمكنه كالأحدب.
ومنها إذا قدر قائما منفردا وجالسا جماعة خير بينهما قال في الشرح لأنه يفعل في كل منها واجبا ويترك واجبا وقيل جماعة أولى وقيل يلزمه قائما منفرد لأنه ركن بخلاف الجماعة.
ومنها لو تقوس ظهره فصار كالراكع فمتى ركع زاد في انحنائه قليلا ؛

وإذا قال ثقات من العلماء بالطب للمريض إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك فله ذلك ولا تجوز الصلاة في السفينة قاعدا لقادر على القيام.
---------------------------
ليقع الفرق وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته وإذا سجد قرب وجهه من الأرض ما أمكنه وإن قدر أن يسجد على صدغيه لم يلزمه لأنه ليس من أعضاء السجود.
"وإذا قال ثقات من العلماء بالطب" ومعناه في المحرر "للمريض" أو لمن به رمد ونحوه "إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك فله ذلك" لأنه عليه السلام صلى جالسا حين جحش شقة والظاهر أنه لم يكن لعجزه عن القيام بل فعله إما للمشقة أو خوف الضرر وكلاهما حجة فأم سلمة تركت السجود لرمد بها ولأنه يخاف منه الضرر أشبه المرض وذلك وسيلة إلى عافيته وهي مطلوبة شرعا ويشترط إسلامهم وثقتهم لأنه أمر ديني فاشترط له ذلك كغيره وظاهره أنه لا يقبل فيه أقل من ثلاثة لأنه جمع قال ابن المنجا وليس بمراد لأن قول الاثنين كاف صرح به المؤلف وغيره وحكاه في الفروع قولا وقيل عن يقين والمذهب أنه يقبل قول مسلم ثقة ونص أحمد أنه يفطر بقول واحد إن الصوم مما يمكن العلة
"ولا تجوز الصلاة في السفينة قاعدا لقادر على القيام" لأنه قادر على ركن الصلاة فلم يجز تركه كما لو يكن فيها وظاهره الجواز إذا عجز وقد سبق فلو قدر فيها على انتصاب يخرج به من حد الراكع فظاهره اللزوم وإن كان لا يقدر على الخروج منها صلى على حسب حاله فيها وأتى بما يقدر عليه من التيامن وغيره وكلما دارت انحرف إلى القبلة في الفرض وقيل لا يجب كالنفل في الأصح فيه فإن كانت ضيقة لا يمكن كل من فيها الصلاة قائما في حالة صلوا فرادى ما لم يضق الوقت وإن أمكن الإتيان فيها بجميع واجبات الصلاة لم يلزمه الخروج حاضرا كان أو مسافرا واقفة كانت أو مسافرة فرضا كانت الصلاة أو نفلا قدمه جماعة وصححه في الشرح كالصلاة على الأرض وعنه يلزمه لأنها ليست حال استقرار قال جماعة: متى

وتجوز صلاة الفرض على الراحلة خشية التأذي بالوحل وهل يجوز للمريض ؟ على روايتين.
------------------------------
كان فيه مشقة على أصحابه لم يجب نص عليه وظاهره أن النفل فيها يصح مطلقا.
مسألة: تقام الجماعة في السفينة وعنه إذا صلوا جلوسا نص عليه وصلى جماعة فيها قياما جماعة وهم يقدرون على الخروج منهم أبو هريرة وأبو سعيد رواه سعيد والبيهقي.
"وتجوز صلاة الفرض على الراحلة" واقفة وسائرة وعليه الاستقبال وما يقدر عليه "خشية التأذي بالوحل" نصره المؤلف وقدمه جماعة وجزم به في الوجيز وصححه في الفروع لما روى يعلى بن مرة أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام ثم تقدم النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته فصل:ى بهم يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع رواه أحمد والترمذي وقال العمل عند أهل العلم وفعله أنس ذكره أحمد ولم ينقل عن غيره خلافه فإن قدر على النزول مضرة لزمه ذلك والقيام والركوع كغير حالة المطر ويومئ بالسجود لما فيه من الضرر.
وعنه لا يجوز ذلك لقول أبي سعيد أبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين متفق عليه ولأن القيام والسجود من أركان الصلاة فلم يسقط بالمطر كبقية الأركان وأجيب بأنه عذر يبيح الجمع فأثر في أفعال الصلاة كالسفر والمرض والحديث محمول على اليسير عملا بالظاهر لأنه كان في مسجده في المدينة فلم يؤثر بخلاف الكثير الذي يلوث الثياب والبدن.
"وهل يجوز ذلك للمريض؟ على روايتين" إحداهما يجوز قدمها في المحرر واختارها أبو بكر وجزم بها في الوجيز لأن مشقة النزول في المرض أكثر من مشقة النزول بالمطر لكن قيدها في رواية إسحاق إذا لم

----------------------------------
يستطع النزول ولم يصرح أحمد بخلافه والثانية المنع قال في الفروع نقله واختاره الأكثر لأن ابن عمر كان ينزل مرضاه واحتج به أحمد لأن الصلاة على الأرض أسكن له وأمكن بخلاف صاحب الطين.
وظاهر المذهب أنه لا يلزمه النزول مع مشقة شديدة أو زيادة ضرر وصرح به في الشرح وظاهر كلام جماعة أن فيه الروايتين أما إذا خاف انقطاعا عن الرفقة أو العجز عن الركوب فيصلي كخائف على نفسه من عدو.
فرع: من أتى بكل فرض أو شرط للصلاة وصلى عليها بلا عذر أو في سفينة ونحوها من أمكنه الخروج وافقة أو سائرة صحت ومن كان في ماء وطين أومأ كمصلوب ومربوط والغريق يسجد على متن الماء.

فصل: قصر الصلاة.
----------------------------------
فصل: في قصر الصلاة
أجمعوا على قصرها بشرطه وسنده قوله تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: من الآية101] علق القصر بالخوف لأن الآية نزلت على الغالب أسفاره عليه السلام وأكثرها لم يخل من عدو.
وذكر الشيخ تقي الدين أن القصر قسمان مطلق وهو ما اجتمع فيه قصر الأفعال والعذر كصلاة الخوف حيث كان مسافرا فإنه يرتكب فيها مالا يجوز في صلاة الأمن والآية وردت على هذا ومقيد وهو ما اجتمع فيه قصر العدد فقط كالمسافر أو قصر العمل فقط كالخائف وهو حسن.
لكن يرد عليه قول يعلى لعمر بن الخطاب ما لنا نقصر وقد أمنا فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" رواه مسلم فظاهر ما فهمناه تقيد قصر العدد بالخوف والنبي صلى الله عليه وسلم أقرهما على ذلك وقيل قوله {إِنْ خِفْتُمْ} كلام مبتدأ معناه وإن خفتم.
وقال ابن عمر صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين وأبو

ومن سافر سفرا مباحا يبلغ ستة عشر فرسخا،.
-----------------------------
بكر وعمر وعثمان كذلك متفق عليه
"ومن سافر سفرا مباحا" ذكره أكثر الأصحاب وحكاه ابن هبيرة اتفاقا لأنه عليه السلام كان يترخص في العود من السفر وهو مباح وكالغزو وفي الوجيز سفرا جائز وهو أعم والمراد من ابتدأ سفرا مباحا وصرح به في الفروع والأصح أو هو أكثر قصده وعنه لا يترخص في سفره النزهة والتفرج أختاره أبو المعالي لأنه إنما شرع إعانة على تحصيل المصلحة ولا مصلحة في هذا وظاهر كلام ابن حامد اختصاصه بسفر الطاعة وقال في المبهج إذا سافر لتجارة مكاثر في الدنيا فهو سفر معصية والأول أولى وهو شامل إذا غربت المرأة ومعها محرم فله الترخص وكذا الزاني وقاطع الطريق وفيهما وجه ودل على جوازه في سفر واجب من باب التنبيه: ولا قصر في سفر المعصية وأباح في التلخيص تناول الميتة للضرورة ولو عصى في سفره المباح لم يمنع الترخص كارتكابها في الحضر لا يمنعه ومن نقل سفره المباح إلى معصية لم يترخص في الأصح لزوال سببه وإن نقل سفر المعصية إلى مباح وقد بقي مسافة قصر في الأصح لأن وجود ما مضى من سفره كعدمه
مسألة: إذا سافر لزيارة القبور والمشاهد فقال ابن عقيل وصاحب التلخيص لا يباح له الترخص لقوله عليه السلام "لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد" متفق عليه وقال المؤلف الصحيح جوازه والحديث محمول على نفي الفضيلة قال ابن المنجا السفر المكروه كزيارة القبور والمشاهد ملحق بالسفر المحرم وفيه نظر واختلف كلام الحلواني هل السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم أو الوالدين واجب أو طاعة كزيارته عليه السلام لكن قال أبو محمد الجويني يحرم الشد إلى غير المساجد الثلاثة نقله النووي وذكر الشيخ تقي الدين يجب السفر المنذور إلى المشاهد
"يبلغ ستة عشر فرسخا" الفرسخ واحد الفرسخ وهو ثلاثة أميال هاشمية ,

فله قصر الرباعية خاصة إلى ركعتين إذا فارق بيوت قريته أو خيام قومه.
------------------------------
وبأميال بني أمية ميلان ونصف والميل اثنا عشر ألف قدم ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا معترضة معتدلة كل أصبع ست حبات شعير بطون بعضهما إلى بعض عرض كل شعيرة ست شعرات برذون وذلك أربعة برد مسيرة يومين قاصدين نص عليه وهو قول عمر وابن عباس لما روى الدارقطني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان" ضعفه أحمد ويحيى مع أن أحمد احتج به مع تضعيفه وظاهر كلامهم أن هذا تقريب وقال أبو المعالي تحديد والبر والبحر سواء فلو قطعه في زمن يسير في البحر قصر كما لو قطعها في البر في أقل من يومين وذكر صاحب المسالك أن من دمشق إلى القطيفة أربعة وعشرين ميلا ومن دمشق إلى الكسوة اثني عشر ميلا
وعن ابن عباس وابن عمر يقصر في يوم وقاله الأوزاعي وروى أبو داود أن دحية افطر في ثلاثة أميال وأفطر معه أناس كثيرون وقيل تقصر في طويل السفر وقصيره والأول أولى لأنه مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والعقد فجاز القصر فيه كغيره قال المؤلف والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن الإجماع انعقد على خلافه.
"فله قصر الرباعية خاصة إلى ركعتين" ولا قصر في المغرب والفجر إجماعا حكاه ابن المنذر لأن الفجر لو قصرت صارت ركعة ولا نظير لذلك في الفرائض والمغرب وتر النهار فلو قصر منها ركعة لم يبق وترا وركعتان كان إجحافا بها وإسقاطها لأكثرها ولا نظير لها في الفرض
"إذا فرق بيوت قريته أو خيام قومه" لأن الله تعالى لصاحب القصر لمن ضرب في الأرض وقبل مفارقة ما ذكر لا يكون ضاربا ولا مسافرا ولأن ذلك أحد طرفي السفر أشبه حالة الانتهاء ولأنه عليه السلام كان يقصر إذا ارتحل فعلى هذا لا يقصر إذا فارق بيوت قريته العامرة بشرط أن لا يرجع أو لا ينوي الرجوع قريبا فإن فعل لم يترخص حتى يرجع ويفارقه ولو لم ينوي الرجوع لكن بدا له لحاجة لم

وهو أفضل من الإتمام وإن أتم جاز.
---------------------------------------
يترخص بعد نية عوده حتى يفارقه ثانيا وقيل والخراب كما لو وليه عامر وقال أبو المعالي أو جعل مزارع وبساتين يسكنه أهله ولو في فصل: النزهة وقيل يقصر بمفارقه سور بلده وظاهره ولو اتصل به بلد واعتبر أبو المعالي انفصاله ولو بذراع ويعتبر في ساكن القصور والبساتين مفارقة ما نسبوا إليه عرفا.
"وهو أفضل من الإتمام" نص عليه لأنه عليه السلام داوم عليه ولم ينقل عنه الإتمام وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده وروى أحمد عن أبن عمر مرفوعا "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته" وفيه وجه أن الإتمام أفضل لأنه أكثر عملا وعددا وهو الأصل أشبه غسل الرجلين.
"وإن أتم جاز" في المشهور للآية ولحديث يعلى قالت عائشة أتم النبي صلى الله عليه وسلم وقصره قاله الشافعي ورواه الدارقطني وصححه وبين سلمان أن القصر رخصة بمحضر اثني عشر صحابيا رواه البيهقي بإسناده حسن ولما أتمت عائشة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم "أحسنت" رواه أبو داود الطيالسي والدارقطني وقال إسناد حسن وقيل يجب القصر وهو قول جماعة وعنه الوقف وقال مرة لا يعجبني الإتمام وكرهه الشيخ تقي الدين قال في الفروع وهو أظهر.
مسائل
الاولى: يعتبر تحقيق المسافة فلو شك في قدر السفر لم يقصر وإن بان بعده أنه طويل كما لو صلى شاكا في دخول الوقت وقال ابن أبي موسى وابن عقيل متى بلغ المسافة قصر وعنه إن بلغ عشرين فرسخا.
الثانية: أنه لا بد أن يقصد جهة معينة فلو سافر ولم يقصدها لم يقصر وأنه لا بد من الجزم ببلوغ المسافة فلو علم صاحبه في بلد بعيد ونوى إن وجده قبله لم يقصر وقيل إن بلف مسافة قصر قصر وكذا سائح وتائه.
الثالثة: إذا سافر ليترخص فقد ذكروا لو سافر ليفطر حرم وقيل يكره ومثله من لا خف في رجله فلبسه لغرض المسح خاصة , لا

فإن أحرم في الحضر ثم سافر وفي السفر ثم أقام أو ذكر صلاة حضر في سفر أو صلاة سفر في حضر.
---------------------------------
يستحب له , كما لا يستحب إن شاء السفر لغرض الترخص ويأتي من سافر يقصد حل يمينه.
الرابعة: يقصر ويترخص مسافر مكرها كأسير على الأصح كامرأة وعبد تبعا لزوج وسيد في نيته وسفره وفيهما وجه لا قصر وقال أبو المعالي والجيش مع الأمير والجندي مع أميره إن كان رزقهم في مال أنفسهم ففي أيهما يعتبر نيته فيه وجهان وإلا فكالأجير والعبد لشريكين ترجح نية إقامة أحدهما والأسير إذا صار ببلدهم فإنه يتم في المنصوص تبعا لإقامتهم كسفرهم.
الخامسة: يوتر ويركع سنة الفجر في السفر ويخير في غيرهما وعند الشيخ تقي الدين يسن ترك غيرهما وأطلق أبو المعالي التخيير في النوافل والسنن ونقل ابن هاني يتطوع أفضل وجزم به في الفصول والمستوعب واختاره الشيخ تقي الدين في غير الرواتب ونفله بعضهم إجماعا.
"فإن أحرم في الحضر ثم سافر وفي السفر ثم أقام" أتم نص عليهما لأنها عبادة اجتمع لها حكم الحضر والسفر فغلب حكم الحضر كالمسح وفي الثانية وجه اعتبار بحالة أدائها كصلاة صحة في مرض والمسألة: مصورة في راكب السفينة فلو سافر بعد دخول الوقت لم يجز القصر في قول أصحابنا لأنه تعين فعلها أربعا فلم يجز النقصان منها كالمنذورة.
وعنه يجوز وحكاه ابن المنذر إجماعا لأنها مؤداة في السفر أشبه ما لو دخل وقتها فيه وقيل إن ضاق الوقت لم يقصر وجها واحدا.
"أو ذكر صلاة حضر في سفر" أتمها إجماعا حكاها أحمد وابن المنذر إلا أنه قال اختلف فيه عن الحسن ولأن القضاء معتبر بالأداء وهو أربع.
أو ذكر "صلاة سفر في حضر" أتم نص عليه وقاله الأوزاعي لأن القصر من رخص السفر فبطل بزواله كالمسح ثلاثا وكذا لو أخرها مسافر

أو ائتم مسافر بمقيم أو بمن يشك فيه أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها أو لم ينوي القصر لزمه أن يتم.
------------------------------
عمدا حتى خرج وقتها أو ضاق عنها قاله في المحرر وغيره لأنها تعلقت بذمته كالدين والأصل الإتمام وقيل يقصر فيهما إذا ذكر صلاة حضر في سفر.
"أو ائتم مسافر بمقيم" أتم نص عليه قال ابن عباس تلك السنة رواه أحمد ولأنها صلاة مردودة من أربع فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة وسواء أدرك معه جميع الصلاة أو بعضها اعتقده مسافرا أو لا وعنه في ركعة فأكثر فعلى الأول إن أدرك معه تشهد الجمعة أتم نص عليه وعلى الثانية يقصر ويتوجه تخريج من صلاة الخوف يقصر مسافر مطلقا كما خرج بعضهم إيقاعها مرتين على صحة مفترض بمتنفل وشمل ما إذا أحرم المسافرون خلف مسافر فأحدث واستخلف مقيما فليزمهم الإتمام دون إمامهم المحدث
"أو بمن يشك فيه" أي في إقامته وسفره لزمه أن يتم وإن بان أن الإمام مسافر لعدم نيته لكن إذا علم أو غلب على ظنه أن الإمام مسافر بإمارة وعلامة كهيئة لباس إلا أن إمامه نوى القصر فله أن ينويه عملا بالظن ولو قال إن قصر قصرت وإن أتم أتممت لم يضر وإن سبق إمامه الحدث فخرج قبل علمه بحاله فله القصر عملا بالظاهر وقيل يلزمه الإتمام لأنه الأصل.
"أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها" كما لو اقتدى بمقيم أو نوى الإتمام ففسدت بالحدث ونحوه "وأعادها" أتم لأنها وجبت عليه بتلبسه بها وقيل إن بان أن الإمام محدث قبل السلام ففي وجوب الإتمام وجهان
"أو لم ينو القصر" عند الإحرام "لزمه أن يتم" ذكره معظم الأصحاب لأنه الأصل وإطلاق النية ينصرف إليه كما لو نوى الصلاة مطلقا انصرف إلى الانفراد الذي هو الأصل فعلى هذا إن شك في النية في الصلاة أتم فإن ذكر أنه كان

وقال أبو بكر: لا يحتاج الجمع والقصر إلى نية.
---------------------------------------
نوى القصر لم يقصر ذكره في المذهب والشرح لأنه لزمه الإتمام فلم يزل.
"وقال أبو بكر" وجماعة "لا يحتاج الجمع والقصر إلى نية" لأنه مخير قبل الدخول في الصلاة فكذا بعده والقصر هو الأصل لخبر عمر وعائشة ولأن السفر حال يبيح القصر فإذا تلبس المسافر بها فيه بغير نية جاز له القصر لقيام السفر مقام نيته كالإتمام في الحضر فعلى هذا لو نوى الإتمام ثم أراد القصر قصر لأنه رخصة وقيل لا لأن ما يوجب الأربع قد وجد.
مسائل
منها: إذا صلى مسافر ومقيم خلف مسافر أتم المقيم إذا سلم إمامه إجماعا.
ومنها: إذا أم مسافر مقيمين فأتم بهم الصلاة صح لأن المسافر يلزمه الإتمام بنبيه وعنه تفسد صلاة المقيمين قال القاضي لأن الركعتين الأخرتين نفل في حق الإمام فلا يؤم بهما مفترض.
ومنها: إذا انتقل مسافر من القصر إلى الإتمام جاز وفرضه الأوليان قاله ابن عقيل وغيره وإن فعله عمدا مع بقاء نية القصر فهل تبطل صلاته على وجهين وإن لم تعتبر نية القصر وصلى أربعا سجد للسهو على الأصح ولا يجب ذلك على الأشهر فإن كان إماما وعلم المأموم أنه لم يرد الإتمام سبحوا به ولم يتابعوه لأنه سهو فإن تابعوه فوجهان.
ومنها: إذا شك هل نوى إمامه الإتمام أو قام سهوا لزم متابعته وقال ابن عقيل إن قام إلى ثالثة عمدا أتم فإن سلم منها عمدا بطلت وإن قام سهوا لم يلزمه الإتمام فإن شاء سجد وجلس وإن شاء أتم.
ومنها: إذا نوى مسافر القصر خلف مقيم عالما بذلك لم يصح وقيل بلى ويتمها وقيل ويقصرها وفي وجوب نية سفر القصر في أوله وجهان.

ومن له طريقان بعيد وقريب فسلك البعيد أو ذكر صلاة سفر في آخر فله القصر وإذا نوى الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم وإلا قصر.
-----------------------------
وإذا نوى الظهر تامة مسافر أو عبد خلف إمام جمعة لم يصح نص عليه.
"ومن له طريقان بعيد وقريب فسلك البعيد" قصر كذا في الوجيز وغيره لأن المسافة بعيدة أشبه المنفرد وكما لو كان الآخر مخوفا أو مشقا وقال ابن عقيل إن سلكه لرفع أذية واجتلاب نفع قصر قولا واحدا وإن كان لا لغرض صحيح خرج على الروايتين في سفر النزهة قال ابن حمدان ومثله بقية رخص السفر.
"أو ذكر صلاة سفر في" سفر "آخر فله القصر" لأن وجوبها وفعلها وجدا في السفر أشبه ما لو أداها وقيل يتمها لذكره لها في إقامة متخللة وظاهره أنه إذا ذكرها فيه أنه يقصر وفاقا وفيه وجه يتمها لأنه مختص بالأداء كالجمعة قال ابن تميم وغيره وقضاء بعض الصلاة في ذلك كقضاء جميعها.
"وإذا نوى الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة" أي اثنين وعشرين صلاة أتم وإلا قصر هذا هو المشهور عن أحمد وفي الكافي انه المذهب واختاره الخرقي والأكثر لما احتج به أحمد ومعناه متفق عليه من حديث جابر وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن ثم خرج إلى منى وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام وقد أجمع على إقامتها وقال أنس أقمنا بمكة عشرا نقصر الصلاة متفق عليه قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يذكر حديث أنس ويقول هو كلام ليس كل أحد ووجهه أنه حسب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ومنى وليس له وجه غير هذا.

وإن أقام لقضاء حاجة.
-----------------------------------
وعنه إن نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أتم وإلا قصر قدمه السامري وصاحب التلخيص وجزم به في الوجيز وصححه القاضي وذكر ابن عقيل أنه المذهب لأن الذي تحقق أنه عليه السلام نواه إقامة أربعة أيام لأنه كان حاجا والحاج لا يخرج قبل يوم التروية
وعنه إن نوى إقامة أربعة أيام أتم وإلا قصر قدمه في المحرر لقول النبي صلى الله عليه وسلم "يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا" وبأن عمر أجلا اليهود من جزيرة العرب وضرب لهم أجلا ثلاثا.
وفي النصيحة فوق ثلاثة أيام لا خمسة عشر يوما بل في رستاق ينتقل فيه نص عليه كقصره عليه السلام بمكة ومنى وعرفة عشرا ويحتسب يوم الدخول والخروج من المدة على الأظهر ولا فرق بين أن يكون البلد للمسلمين أو لغيرهم.
وفي التلخيص أن إقامة الجيش للغزو لا يمنع الترخص وإن طال لفعله عليه السلام وظاهره أنه إذا نوى الإقامة بموضع يتعذر فيه الإقامة كالبرية لا يقصر لأنه نوى الإقامة والمذهب بلى لأنه لا يمكنه الوفاء بهذه النية فلغت وبقي حكم السفر الأول مستداما فلو نوى المسافر إقامة مطلقة وقيل بموضع تقام فيه أنه يتم ومن نوى إقامة تمنع القصر ثم نوى السفر قبل فراغها فقيل تقصر وقيل إذا سافر.
"وإن أقام لقضاء حاجة" قصر لأنه عليه السلام أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة إسناده ثقات رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وقال تفرد معمر بروايته مسندا ورواه علي بن المبارك مرسلا ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة أقام فيها تسع عشرة يصلي ركعتين رواه البخاري وقال أنس أقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة رواه البيهقي بإسناد حسن قال ابن المنذر أجمعوا أن المسافر يقصر ما لم يجمع إقامة

أو حبس ظلما أو لم ينوي الإقامة قصر أبدا.
------------------------------
ولو أتى عليه سنون ولا فرق بين أن يغلب على ظنه كثرة ذلك أو قلته وصرح به في الكافي وابن تميم وقيل إن ظن قضاء حاجته من استواء ريح أو خروج قافلة لم يقصر كما لو علم.
"أو حبس ظلما" قصر لما روى الأثرم أن ابن عمر أقام بأذربيحان ستة أشهر يقصر الصلاة وقد حال الثلج بينه وبين الدخول وفي معناه إذا حبسه مرض أو مطر فإن حبس بحق لم يقصر "أو لم ينو الإقامة قصر أبدا" لما تقدم وعن علي قال يقصر الذي يقول أخرج اليوم أخرج غدا شهرا وعن سعد أنه أقام في بعض قرى الشام أربعين يوما يقصر الصلاة رواهما سعيد ولا فرق إذا لم ينو الإقامة أو نواها مدة لا تمنع القصر بين أن يكون البلد منتهى قصده أو لم تكن على المنصوص وهو ظاهر كلام الخرقي والأكثر لأنه عليه السلام قصر في حجه مدة مقامه بمكة وكان منتهى قصده وكذلك الخلفاء من بعده وقال بعض أصحابنا إذا كان منتهى قصده لم يقصر حتى يخرج منه لانتهاء سفره وهذا كله إذا لم يكن فيه زوجه أو تزوج فإنه يتم على الأشهر وعنه أو أهل أو ماشية لأنه قول ابن عباس وقيل أو مال وقيل إن كان به ولد أو والد أو دار قصر وفي أهل غيرهما ومال وجهان
فرعان: الأول: إذا مر المسافر بوطنه أتم وعنه لا ولا حاجة فيه وإلا قصر.
الثاني: إذا نسي حاجة في بلده فرجع لأخذها عن قرب قصر في رجوعه اختاره المؤلف وفي وجه لا اختاره القاضي وحكاه عن أحمد وفي رجوعه إلى غير وطنه وجهان فإن نوى أن يقيم به ما يمنع القصر لم يقصر في رجوعه وقيل إن قصد بلدا بعينه ونوى الرجوع قريبا قصر في رجوعه نص عليه.
مسألة: إذا سافر من ليس بمكلف سفرا طويلا ثم كلف بالصلاة في أثنائه فله القصر مطلقا فيما بقي.

والملاح الذي معه أهله وليس له نية الإقامة ببلد ليس له الترخص.
---------------------------------
"والملاح" صاحب السفينة قاله الجوهري "الذي معه أهله وليس له نية الإقامة ببلد ليس له الترخص" أي يعتبر للسفر المبيح كونه منقطعا فإن كان دائما كما مثله لم يترخص نص عليه وهو قول الحسن وعطاء لأنه غير ظاعن عن وطنه وأهله أشبه المقيم فعلى هذا لا يترخص بفطر رمضان لأنه يقضيه في السفر وكما تعتد امرأته مكانها كمقيم.
وظاهره أنه لا بد من اجتماع الأمرين فلو انتفى أحدهما لم يمنع الترخص ولم يعتبر القاضي فيه أن يكون معه أهله وهو خلاف نصوصه لأن الشبه لا يحصل حقيقة إلا بمجموع الأمرين ومثله مكار وساع وبريد وراع ونحوهم نص عليه وقيل عنه يترخص اختاره المؤلف سواء كان معه أهله أو لا لأنه أشق.

فصل: في الجمع
يجوز الجمع بين الظهر والعصر والعشاءين، في وقت إحداهما لثلاثة أمور: السفر الطويل والمرض الذي يلحقه بترك الجمع فيه مشقة وضعف،.
---------------------------------------
فصل: في الجمع
"يجوز الجمع" وتركه أفضل وعنه فعله اختاره أبو محمد الجوزي وغيره كجمعي عرفه ومزدلفة وعنه التوقف "بين الظهر والعصر والعشاءين في وقت إحداهما" فهذه الأربع هي التي تجمع في وقت إحداهما الظهر والعصر والمغرب والعشاء "لثلاثة أمور السفر الطويل" نص عليه وهو قول أكثرهم لما روى معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعا وإذا ارتحل بعد رفع الشمس صلى الظهر والعصر حتى جميع ثم سار وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب وعن أنس معناه متفق عليه
وظاهره: لا فرق بين أن يكون نازلا أو سائرا في جمع التقديم أو التأخير وقال القاضي لا يجوز إلا لسائر وعنه لسائر وقت الأولى فيؤخر إلى الثانية اختاره الخرقي لما روى ابن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء قال سالم وكان ابن عمر يفعله متفق عليه وقال ابن أبي موسى الأظهر من مذهبه أن صفة الجمع فعل الأولى آخر وقتها والثانية أول وقتها وظاهره أنه لا يجوز في القصر على المذهب وفيه وجه.
"والمرض الذي يلحقة بترك الجمع فيه مشقة وضعف" نص عليه وصححه جماعة وجزم به في المحرر وغيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا مطر وفي رواية من غير خوف ولا سفر رواهما مسلم من حديث ابن

والمطر الذي يبل الثياب إلا أن جمع المطر يختص العشاءين في أصح الوجهين.
---------------------------------------
عباس ولا عذر بعد ذلك إلا المرض وقد ثبت جواز الجمع للمستحاضة وهي نوع مرض وفي الوجيز يجوز بكل عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة عدا النعاس ونحوه انتهى.
واحتج أحمد بأن المرض أشد من السفر وشرط بعضهم إن جاز له ترك القيام واحتج أحمد بعد الغروب ثم تعشى ثم جمع بينهما وعنه لا يجوز لما سبق.
تنبيه: يجوز لمرضع نص عليه للمشقة بكثرة النجاسة وفي الوسيلة رواية لا قال أبو المعالي كمريض وكمن به سلس البول ذكره في المحرر ولكن من يعجز عن الطهارة والتيمم لكل صلاة وعن معرفة الوقت كأعمى ونحوه أومأ إليه أحمد ومن له شغل أو عذر يبيح ترك جمعة وجماعة قال ابن حمدان وغيره.
"والمطر الذي يبل الثياب" نص عليه وهو قول الأكثر لما تقدم من حديث ابن عباس وفعله ابن عمر رواه مالك قال أبو سلمة من السنة إذا كان يوم مطر أن يجمع بين المغرب والعشاء رواه الأثرم.
وروى النجاد بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة وفعله أبو بكر وعمر وعثمان وحكم الثلج كذلك في المنصوص وفيهما وجه لا يجوز قال ابن تميم وهو ظاهر كلام أحمد وظاهره أنه لا يجوز لطل ولا لمطر خفيف لا يبل الثياب وهو الأصح لعدم المشقة وفيه وجه.
"إلا أن جمع المطر يختص العشاءين في أصح الوجهين" نص عليه واختاره جمهور الأصحاب قال في الفروع وهو الأشهر لأنه لم يرد إلا في المغرب والعشاء ومشقتهما أكثر من حيث إنهما يفعلان في الظلمة ومشقة السفر لأجل السير وفوات الرفقة وهو معدوم هنا.

وهل يجوز لأجل الوحل ، أو الريح الشديدة الباردة أو لمن يصلي في بيته أو في مسجد طريقه تحته ساباط؟ على وجهينز.
------------------------------------------
والثاني يجوز بين الظهر والعصر كالعشاءين وهو رواية، اختاره القاضي وأبو الخطاب وصححه في المذهب لأنه معنى أباح الجمع فأباحه بين الظهر والعصر كالسفر.
"وهل يجوز لأجل الوحل أو الريح الشديدة أو لمن يصلي في بيته أو في المسجد طريقة تحت ساباط على وجهين" وفيه مسائل.
الأولى يجوز الجمع لأجل الوحل في الأصح قال القاضي قال أصحابنا هو عذر يبيح الجمع بمجرد ويلحق به المشقة كالمطر.
والثاني: لا يبيحه ذكره أبو الخطاب لأن مشقته دون مشقة المطر فلا يصح قياسه عليه وفيه نظر لأن الإنسان يتأذى به في نفسه وثيابه وذلك أعظم ضررا من البلل.
وظاهره: لا فرق بين أن يكون ليلا أو نهارا على المذهب وقيده الشريف وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وظاهر كلام ابن أبي موسى اعتبار الظلمة ليلا.
الثانية: يجوز في الريح الشديدة صححه ابن الجوزي والآمدي وابن تميم قال أحمد في رواية الميموني إن ابن عمر كان يجمع في الليلة الباردة واحد ليلا وزاد في المذهب والكافي والمستوعب مع ظلمة والثاني المنع وقد علما.
الثالثة: يجوز لمن يصلي وحده أو في جماعة في بيته أو مسجد طريقه تحت ساباط أو بينه وبينه خطوات يسيرة في ظاهر كلام أحمد قاله القاضي لأن الرخصة العامة يستوي فيها حال وجود المشقة وعدمها كالسفر
والثاني: لا يجوز اختاره ابن عقيل وصححه في المذهب لعدم المشقة وقيل إن كان يصلي الثانية جماعة في وقتها لم يجمع وإلا جمع.

ويفعل الأرفق به من تأخير الأولى إلى وقت الثانية ، أو تقديم الثانية إليها. وللجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط نية الجمع عند إحرامها، ويحتمل أن تجزئه النية قبل سلامها.
-----------------------------------
"ويفعل الأرفق به من تأخير الأولى إلى وقت الثانية أو تقدم الثانية إليها" كذا ذكره جماعة ومنهم صاحب الوجيز وصححه في الشرح لحديث معاذ السابق تفرد به قتيبة قال البخاري قلت له مع من كتبت هذا عن الليث قال مع خالد المدائني قال البخاري وخالد هذا كان يدخل الأحاديث على الشيوخ وروى ابن عباس نحوه رواه الشافعي وأحمد وأخر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة يوما في غزوة تبوك ثم خرج فصل:ى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصل:ى المغرب والعشاء جميعا رواه مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ قال ابن عبد البر هذا حديث صحيح ثابت الإسناد ولأن الجمع من رخص السفر فلم يختص بحاله كسائر رخصه وتقدم أنه مختص بحالة السير في رواية وحمل على الاستحباب والمنصوص عنه أن الجمع في وقت الثانية أفضل وذكره المجد وقدمه في الفروع لأنه أحوط وفيه خروج من الخلاف وعمل بالأحاديث كلها وقيل في جمع السفر وقيل التقديم وجزم به غير واحد في جمع المطر ونقله الأثرم وأن في جمع السفر تؤخر.
وما ذكره المؤلف هنا هو قول في المذهب واختاره الشيخ تقي الدين وذكره ظاهر مذهب أحمد المنصوص عنه وهو يعم أقسامه لكن قال في الشرح المستحب أن يؤخر الأولى عن أول وقتها شيئا قال أحمد يجمع بينهما إذا اختلط الظلام أو غاب الشفق فعله ابن عمر.
"وللجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط" الأول: "نية الجمع" في الأشهر قال القاضي وغيره هو المذهب لأنه عمل فيدخل في عموم قوله "إنما الأعمال بالنيات" "عند إحرامها" على المذهب لأن كل عبادة اشترطت فيها النية اعتبرت في أولها كنية الصلاة "ويحتمل أن تجزئه النية قبل سلامها" هذا.

وألا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء، فإن صلى السنة بينهما بطل الجمع في إحدى الروايتين.
-----------------------------------
قول وصححه ابن الجوزي لأن موضع الجمع عند الفراغ من الأولى إلى الشروع في الثانية فإذا لم تتأخر النية عنه أجزأه وقيل تجزئه بعد سلام الأولى قبل إحرام الثانية وقيل محل النية ثم إحرام الثانية لا قبله ولا بعده وعلى الأولى لا تجب في الثانية وهو الأشهر.
"و" الثاني الموالاة وهو أن "لا يفرق بينهما" فرقة طويلة لأن معنى الجمع المتابعة والمقارنة ولا يحصل ذلك مع التفريق الطويل وظاهره اشتراط تقديم الأولى على الثانية وهو كذلك لتكون الثانية تابعة لأنها لم يدخل وقتها وسواء جمع في وقت الأولى أو الثانية على الأشهر وقيل يسقط بالنسيان قدمه ابن تميم لأن إحداهما هنا تبع لاستقرارها كالفوائت "إلا بقدر الإقامة والوضوء" كذا في المحرر والفروع لأن ذلك يسير وهو معفو عنه وهما من مصالح الصلاة وظاهره تقدير اليسير بذلك وصحح في المغني وجزم به في الوجيز أن مرجعه إلى العرف كالقبض والحرز.
ويشترط في الوضوء أن يكون خفيفا فإن طال بطل الجمع واستثنى معها جماعة الذكر اليسير كتكبير عيد "فإن صلى السنة بينهما بطل الجمع في إحدى الروايتين" قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز وهو ظاهر الفروع لأنه فرق بينهما بصلاة فبطل كما لو قضى فائتة.
والثانية لا تبطل لأنها تابعة للصلاة فلم يقع الفصل: بأجنبي كما لو تيمم.
وفي الانتصار يجوز تنفله بينهما ونقل أبو طالب لا بأس أن يطوع بينهما وهذا إذا لم يطل الصلاة فإن أطالها بطل الجمع رواية واحدة فإن تكلم بكلمة أو كلمتين جاز وذكر القاضي أن الجمع يبطل بالتفريق اليسير واعتبر في الفصول الموالاة قال ومعناها ألا يفصل: بينهما بصلاة ولا كلام لئلا يزول معنى الاسم وهو الجمع وقال إن سبقه الحدث في الثانية

وأن يكون العذر موجودا عند افتتاح الصلاتين وسلام الأولى وإن جمع في وقت الثانية كفاه نية الجمع في وقت الأولى ما لم يضق عن فعلها.
------------------------------------
وقلنا تبطل به فتوضأ أو اغتسل ولم يطل ففي بطلان جمعه احتمالان.
"و" الثالث "أن يكون العذر" المبيح "موجودا عند افتتاح الصلاتين وسلام الأولى" كذا ذكره الأكثر منهم في المحرر والوجيز لأن افتتاح الأولى موضع النية وفراغها وافتتاح الثانية موضع الجمع وقيل لا يشترط عند سلام الأولى وأنه متى انقطع ثم عاد قبل طول الفصل: صح الجمع قال ابن تميم وغيره سواء قلنا باعتبار نية الجمع أو لا وقيل يشترط دوامه في الأولى وظاهره أنه إذا انقطع المطر في الأولى ولم يعد أنه يبطل الجمع لكن إن حصل وحل وقلنا بجوازه له لم يبطل
ولا يشترط دوام العذر إلى فراغ الثانية في جمع المطر ونحوه بخلاف غيره وإن انقطع السفر في الأولى بطل الجمع مطلقا ويصح ويتمها وإن انقطع في الثانية كمن نوى الإقامة فيها أو دخلت السفينة البلد بطل الجمع كما لو كان قبل الشروع فيها كالقصر والمسح فعلى هذا تنقلب نفلا وقيل تبطل وقيل لا يبطل الجمع كانقطاع المطر في الأشهر والفرق أنه لا يتحقق انقطاع المطر لاحتمال عوده في أثناء الصلاة ويخلفه الوحل وهو عذر مبيح بخلاف مسألتنا ومريض كمسافر وظاهر ما سبق أنه إذا قدم المسافر أو أقام أو عوفي بعد الثانية صح الجمع وإن كان الوقت باقيا كما لو قدم في أثناء الوقت.
"وإن جمع في وقت الثانية كفاه" أي أجزأه "نية الجمع في وقت الأولى" لأنه متى أخرها عن ذلك بغير نية صارت قضاء لا جمعا "ما لم يضق عن فعلها" كذا جزم به الأكثر لأن تأخيرها عن القدرة الذي يضيق عن فعلها حرام وذكر المجد وغيره أن ينويه قبل أن يبقى من وقت الأولى بقدرها لفوت فائد: الجمع وهي التخفيف بالمقارنة بينهما وقيل أو قدر تكبيرة أو

واستمرار العذر إلى دخول وقت الثانية ولا يشترط غير ذلك.
-------------------------------------
ركعة وذكره في المغني احتمالا لأنه يدركها به وحمل الأول على أنه الأولى وقيل ينويه من الزوال والغروب
"و" يشترط "استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية" لأن المجوز للجمع العذر فإذا لم يستمر وجب أن لا يجوز لزوال المقتضي كالمريض يبرأ والمسافر يقدم والمطر ينقطع وظاهره أنه لا يعتبر وجود العذر في وقت الثانية لأنهما صارتا واجبتين في ذمته فلا بد له من فعلهما ويشترط الترتيب في الجمعين لكن إن جمع في وقت الثانية وضاق الوقت عنهما قال في الرعاية أو ضاق وقت الأولة عن إحداهما ففي سقوط الترتيب لضيقه وجهان
"ولا يشترط غير ذلك" أي مما تقدم اشتراطه في جمع التقديم من نية الجمع عند الافتتاح ووجود العذر عند إحرامهما وسلام الأولى والموالاة لأن الثانية مفعولة في وقتها فهي أداء بكل حال والأولى معها كصلاة فائتة وهذا هو الأصح.
والثاني: يشترط لأن حقيقته ضم الشيء إلى الشيء ولا يحصل مع التفريق فعلى هذا إن ترك الموالاة أثم وصحت كما لو صلى الأولى في وقتها مع نية الجمع ثم تركه وعلى الأول لا بأس بالتطوع بينهما نص عليه ولو صلى الأولى وحده ثم الثانية إماما أو مأموما أو صلى إمام الأولى وإمام الثانية أو صلى معه مأموم الأولى وأخر الثانية أو نوى الجمع خلف من لا يجمع أو بمن لا يجمع صح.
مسائل: الأولى: إذا بان فساد أولاهما بعد الجمع بنسيان ركن أو غيره بطلت وكذا الثانية فلا جمع ولا تبطل الأولى ببطلان الثانية ولا الجمع إن صلاها قريبا وإن ترك ركنا ولم يدر من أيهما تركه أعادهما إن بقي الوقت وإلا قضاهما.

فصل: في صلاة الخوف
قال الإمام أبو عبد الله رحمه الله تعالى : صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من خمسة أوجه أو ستة كل ذلك جائز لمن فعله.
-----------------------------------
فصل: في صلاة الخوف
وهي ثابتة بقوله تعالى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: من الآية102] وما ثبت في حقه صلى الله عليه وسلم ثبت في حق أمته ما لم يقم دليل على اختصاصه لأن الله تعالى أمر باتباعه وتخصيصه بالخطاب لا يقتضي اختصاصه بالحكم بدليل قوله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: من الآية103] وبالسنة وقد ثبت وصح أنه عليه السلام صلاها وأجمع الصحابة على فعلها وصلاها علي وأبو موسى الأشعري وحذيفة فإن قلت فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها يوم الخندق.
وجوابه: بأنه كان قبل نزولها قال في الشرح ويحتمل أنه عليه السلام نسيها يومئذ ولم يكن يومئذ قتال يمنعه منها
" قال الإمام أبو عبد الله" أحمد بن محمد بن حنبل "رحمه الله تعالى صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف من خمسة أوجه أو ستة" وقال في رواية أخرى ستة

باب صلاة الجمعة
-------------------------------------
باب صلاة الجمعةوهي بتثليث الميم حكاه ابن سيده والأصل الضم واشتقاقها من اجتماع الناس للصلاة وقيل لجمعها الجماعات وقيل لجمع طين آدم فيها وقيل:

وهي واجبة على كل مسلم مكلف.
----------------------------------
لأن آدم جمع فيها خلقه رواه أحمد من حديث أبي هريرة وقيل لأنه جمع مع حواء في الأرض فيها وفيه خبر مرفوع وقيل لما جمع فيها من الخير قيل أول من سماه يوم الجمعة كعب بن لؤي واسمه القديم يوم العروبة وهو أفضل أيام الأسبوع.
"وهي واجبة" بالإجماع وسنده قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: من الآية9] والسعي الواجب لا يجب إلا إلى واجب والمراد به الذهاب إليها لا الإسراع وبالسنة فمنها قول ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم "لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم" وقال أبو هريرة وابن عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين" رواهما مسلم.
وهي صلاة مستقلة بنفسها لعدم انعقادها بنية الظهر ممن لا تجب عليه ولجوازها قبل الزوال لا أكثر من ركعتين قال أبو يعلى الصغير وغيره ولا تجمع في محل يبيح الجمع وعنه ظهر مقصورة وفي الانتصار والواضح هي الأصل والظهر بدل زاد بعضهم رخصة في حق من فاتته وهي أفضل من الظهر.
"على كل مسلم مكلف" لأن الإسلام والعقل شرطان للتكليف وصحة العباد فلا تجب على مجنون إجماعا ولا على صبي في الصحيح من المذهب لما روى طارق بن شهاب مرفوعا "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض" رواه أبو داود وقال طارق قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا وإسناده ثقات.
ولأن البلوغ من شرائط التكليف بالفروع وعنه يجب على مميز ذكرها في

ذكر حر مستوطن ببناء ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر من فرسخ تقريبا.
----------------------------
المذهب والشرح وزاد بناء على تكليفه وذكر السامري إن لزمت المكتوبة صبيا لزمته وقيل لا واختاره المجد وقال هو كالإجماع للخبر.
"ذكر" ذكره ابن المنذر إجماعا لأن المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرجال وفي نهاية الأزجي رواية أنها تلزمها.
"حر" هو المشهور وهو قول أكثرهم ولأن العبد مملوك المنفعة محبوس على سيده أشبه المحبوس بالدين وعنه يلزمه اختاره أبو بكر لعموم الآية وقياسا على الظهر فيستحب أن يستأذن سيده ويحرم منعه ومخالفته قال المؤلف لا يذهب إليها من غير إذن وعنه يلزمهم بإذن سيد ومقتضاه لا تجب على المعتق بعضه وقيل يلزمه في نوبته وهو ظاهر والمدبر والمعلق عتقه بصفة كالقن لبقاء الرق وتعلق حق السيد.
"مستوطن" ببناء معتاد ولو كان فراسخ نقله الجماعة من حجر أو قصب ونحوه متصلا أو متفرقا يشمله اسم واحد لا يرتحل عنه شتاء ولا صيفا
"ليس بينه وبين موضع الجمعة" إذا كان خارجا عن المصر "أكثر من فرسخ" نص عليه "تقريبا" عن مكان الجمعة وعنه عن أطراف البلد.
وعنه الاعتبار بسماع النداء لقوله عليه السلام "الجمعة على من سمع النداء" رواه أبو داود وقال إنما أسنده قبيصة قال البيهقي هو من الثقات قال في الشرح الأشبه أنه من كلام عبد الله بن عمرو ورواه الدارقطني ولفظه "إنما الجمعة على من سمع النداء" والعبرة بسماعه من المنارة لا بين يدي الإمام نص عليه زاد بعضهم غالبا من مكانها أو من أطراف البلد.
وعنه يجب على من يقدر على الذهاب إليها والعود إلى أهله في يومه روي عن أنس والحسن والأول المذهب لظاهر الآية ولأنهم من أهل الجمعة يسمعون

إذا لم يكن له عذر ولا تجب على مسافر ولا عبد ولا امرأة ولا خنثى ومن حضرها
---------------------------
النداء كالمصر واعتبار سماع النداء غير ممكن لأنه يكون فيهم الأصم وثقيل السمع وقد يكون بين يدي الإمام فيختص بسماعه أهل المسجد فاعتبر بمظنته والموضع الذي يسمع فيه النداء غالبا إذا كان المؤذن صيتا والرياح ساكنة والأصوات هادئة والعوارض منتفية هو فرسخ فلو سمعته قرية من فوق فرسخ لعلو مكانها أو لم تسمعه من دونه لجبل حائل أو انخفاضها فعلى الخلاف وحيث عليه لزمهم لم تنعقد بهم لئلا يصير التابع أصلا وأما إذا كان في البلد فيجب عليه السعي إليها قرب أو بعد سمع النداء أو لم يسمعه لأن البلد كالشيء الواحد "إذا لم يكن له عذر" من مرض ونحوه لأنه معذور.
"ولا تجب على المسافر" له القصر لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة فيه مع اجتماع الخلق الكثير وكما لا يلزمه بنفسه لا يلزمه بغيره نص عليه لكن إن كان عاصيا بسفره لزمته وذكر ابن تميم إن حضر مكانها فإن كان سفره دون مسافة القصر وجبت عليه بغيره لا بنفسه
فإن أقام ما يمنع القصر ولم ينو استيطانا لزمته في الأشهر لعموم الآية والأخبار ولم تنعقد به لعدم الاستيطان وفي صحة إمامته فيها وجهان وعنه لا تلزمه جزم به في التلخيص وهو ظاهر كلامه هنا وفي الكافي لأن الاستيطان من شرائط الوجوب قال إبراهيم كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر وبسجستان لا يجمعون ولا يشرقون رواه سعيد.
فرع: لا جمعة بمنى كعرفة نص عليه نقل يعقوب ليس بينهما جمعة إنما يصلي الظهر ولا يجهر وقيل ولا يوم التروية.
"ولا عبد ولا امرأة" لما ذكرناه "ولا خنثى" لأنه لا يعلم كونه رجلا لكن يشكل عليه بأنه إذا قيل إنها فرض الوقت والظهر بدل عنها "ومن حضرها.

منهم أجزأته ولم تنعقد به ولم يجز أن يؤم فيها وعنه في العبد أنها تجب عليه ومن سقطت عنه لعذر إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام لم تصح صلاته.
-----------------------------------
منهم" أي من هؤلاء" أجزأته" لأن إسقاط الجمعة عنهم تخفيفا فإذا حضرها أجزأت كالمريض "ولم تنعقد به" لأنه ليس من أهل الوجوب وإنما يصح منهم الجمعة تبعا لمن انعقدت به فلو انعقدت بهم لانعقدت بهم متفرقين كالأحرار المقيمين.
"ولم يجز أن يؤم فيها" لئلا يصير التابع متبوعا وهو في المرأة اتفاق وكذا مسافر له القصر وقيل تلزمه تبعا للمقيمين قاله الشيخ تقي الدين وحكاه بعضهم رواية تلزمه بحضورها في وقتها ما لم ينضر بالانتظار وتنعقد به ويؤم فيها كمن سقطت عنه تخفيفا لعذر مرض وخوف ونحوهما لزوال ضرره فهو كمسافر يقدم وإن قلنا تلزم عبدا وصبيا صحت إمامتهما وانعقدت بهما وصححه في الفروع في العبد وقال القاضي في المجرد لا تصح إمامة الصبي فيها ولو وجبت عليه
"وعنه في العبد أنها تجب عليه" اختارها أبو بكر لعموم الآية وقياسا على الظهر فيستحب أن يستأذن سيده ويحرم منعه ومخالفته قال المؤلف لا يذهب إليها من غيرإذن وعنه تلزم بإذن سيد.
تنبيه: من لم تجب عليه لمرض أو سفر أو اختلف في وجوبها كعبد فهي أفضل في حقه ذكره ابن عقيل وللمرأة حضورها وقيل يكره للشابة فقط وقيل لا يجوز.
"ومن سقطت عنه لعذر" كمرض وخوف "إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به" وأم فيها لأن سقوطها لمشقة السعي فإذا تحمل وحضرها انتقت المشقة ووجبت عليه وانعقدت به كالصحيح "ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة" أي ممن تلزمه "قبل صلاة الإمام لم تصح صلاته" ذكره.

والأفضل لمن لا تجب عليه ألا يصلي الظهر حتى يصلي الإمام.
-----------------------
الأصحاب لأنه صلى ما لم يخاطب به وترك ما خوطب به فلم تصح كما لو صلى العصر مكان الظهر وكشكه في دخول الوقت لأنها فرض الوقت
فعلى هذا يعيدها ظهرا إذا تعذرت الجمعة ثم إن ظن أنه يدرك الجمعة سعى إليها لأنها المفروضة في حقه وإلا انتظر حتى يتيقن أن الإمام صلى ثم يصلي الظهر وقيل إن أمكنه إدراكها وإلا صحت ظهره وحكى أبو إسحاق ابن شاقلا وجها أن فرض الوقت الظهر فتصح مطلقا ولا تبطل بالسعي إلى الجمعة وكذا إذا صلى الظهر شاكا هل صلى الإمام الجمعة أو صلى الظهر أهل بلد مع بقاء وقت الجمعة لم يصح في الأشهر ويعيدونها إذا فاتت الجمعة لكن يستثنى على الأول ما لو أخر الإمام الجمعة تأخير منكرا فللغير أن يصلي ظهرا ويجزئه عن فرضه جزم به المجد وجعله ظاهر كلامه لخبر تأخير الأمراء الصلاة عن وقتها.
" والأفضل لمن لا تجب عليه" كالمسافر والمريض "أن لا يصلي الظهر حتى يصلي الإمام" ذكره جماعة منهم صاحب الوجيز لأنه ربما زال عذره فلزمته الجمعة لكن يستثنى من ذلك من دام عذره كامرأة وخنثى فالتقديم في حقهما أفضل ولعله مراد من أطلق وظاهره أنهم إذا صلوا قبل الإمام أنها صحيحة على الأصح وهو قول عامتهم لأنهم أدوا فرض الوقت ولو زال عذره لم تلزمه الجمعة كالمعضوب إذا حج عنه ثم برئ وقيل بلى وهو رواية في الترغيب كصبي بلغ في الأشهر وقيل إن زال عذره والإمام في الجمعة لزمته وقيل إن عوفي المريض بين الإحرام والسلام أعادها وفي زوال عذر غيره وجهان
والثانية: لا تصح قبل الإمام اختاره أبو بكر كمن تجب عليه وعلى الأولى لو صلاها ثم حضر الجمعة كانت له نفلا لأن الأولى أسقطت الفرض وقيل بل فرضا.

ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الزوال ويجوز قبله وعنه لا يجوز وعنه يجوز في الجهاد خاصة.
--------------------------------
مسألة: لا يكره لمن فاتته الجمعة أو لم يكن من أهل فرضها الصلاة جماعة في المصر لحديث فضل صلاة الجماعة وفعله ابن مسعود واحتج به أحمد زاد السامري وغيره على الأول بأذان وإقامة وفي كراهتها في مكانها وجهان
ومن خاف فتنة أو ضررا صلى حيث يأمن ذلك ونقل الأثرم لا يصلي فوق ثلاثة جماعة ذكره ابن عقيل تبعا لشيخه ومن لزمته الجمعة فتركها بلا عذر تصدق بدينار أو بنصفه للخبر ولا يجب قاله في الفروع.
"ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الزوال" أي بعد اللزوم قبل فعلها رواية واحدة لتركها بعد الوجوب كما لو تركها لتجارة بخلاف غيرها وهذا بناء على استقرارها بأوله ولهذا خرج الجواز مع الكراهة ما لم يحرم بها لعدم الاستقرار ويجوز إذا خاف فوت رفقة سفر مباح وقيل مندوب.
"ويجوز قبله" أي قبل الزوال بعد طلوع الفجر اختاره المؤلف لما روى الشافعي عن سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر قال لا تحبس الجمعة عن سفر وكما لو سافر من الليل
"وعنه لا يجوز" قدمها في المحرر والرعاية وجزم بها في الوجيز لما روى الدارقطني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من سافر من دار إقامة يوم جمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره وأن لا يعان على حاجته" ولأن هذا وقت يلزم من كان على فرسخ السعي إليها فلم يجز في البلد السفر بطريق الأولى وبدليل الاعتداد بالغسل وأنه يسن التبكير إليها فمنع من السبب إلى تفويتها قال أحمد من سافر يوم جمعة قل من يفعله إلا رأى ما يكره وعليها له السفر إن أتى بها في طريقه وإلا كره رواية واحدة.
"وعنه يجوز للجهاد خاصة" وأنه أفضل نقلها أبو طالب لأنه عليه السلام

فصل:
ويشترط لصحة الجمعة أربعة شروط أحدها: الوقت وأوله أول وقت صلاة العيد وقال الخرقي يجوز فعلها في الساعة السادسة.
------------------------------------
جهز جيش مؤتة يوم الجمعة وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم جهز زيد بن حارثة وعليا وعبد الله بن رواحة فتخلف عبد الله بن رواحة لصلاة الجمعة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها" فراح منطلقا وذكر القاضي أن الروايات إن دخل وقتها وإلا جاز وعلى المنع له السفر إن أتى بها في قرية بطريقه وإلا كره رواية واحدة وظاهر كلام جماعة لا يكره.
فصل:
ويشترط لصحتها أربعة شروط أحدهما: الوقت لأنها مفروضة فاشترط لها كبقية الصلوات فلا تصح قبل الوقت ولا بعده إجماعا "وأوله أول وقت صلاة العيد" نص عليه قدمه السامري وصاحب التلخيص وقاله القاضي وأصحابه لقول عبد الله ابن سيدان شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار ثم شهدتها مع عمر فكان خطبته وصلاته إلى أن أقول قد انتصف النهار ثم شهدتها مع عثمان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار فما أحدا عاب ذلك ولا أنكره رواه الدارقطني وأحمد واحتج به قال كذلك روي عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال ولم ينكر فكان كالإجماع ولأنها صلاة عيد أشبهت العيدين فعلى هذا هل هو وقت لوجوبها كما اختاره أبو حفص ابن بدران وغيره أو وقت جوازها نقله واختاره الأكثر وذكر القاضي وغيره أن المذهب فيه روايتان.
"وقال الخرقي يجوز فعلها في الساعة السادسة" حكاه ابن هبيرة رواية عن أحمد واختاره أبو بكر وابن شاقلا والمؤلف لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان

وآخره آخر وقت الظهر فإن خرج وقتها قبل فعلها صلوا ظهرا وإن خرج وقد صلوا ركعة أتموها جمعة وإن خرج قبل ركعة فهل يتمونها ظهرا أو يستأنفونها؟ على وجهين.
------------------------
يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنزيحها حين تزول الشمس رواه مسلم وفي نسخة للخرقي الخامسة واختاره ابن أبي موسى وظاهره أنه لا يجوز فعلها قبل ذلك وأغرب ابن عقيل في مفرداته أن مذهب قوم من أصحابنا أنه يجوز فعلها في وقت الفجر.
وعنه تلزم بالزوال اختاره الآجري وهو قول أكثر العلماء لما روى سلمة بن الأكوع قال كنا نصلي الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس متفق عليه وفعلها بعده أفضل وأنها لا تفعل أول النهار لأن التوقيت لا يثبت إلا بدليل وللخروج من الخلاف وتعجيلها في أول وقتها أفضل صيفا وشتاء لأن التأخير يشق على الناس لاجتماعهم أوله بخلاف الظهر.
"وآخره وقت الظهر" بغير خلاف لأنها بدل منها أو واقعة موقعها فوجب الإلحاق لما بينهما من المشابهة.
"فإن خرج وقتها قبل فعلها صلوا ظهرا" لفوات الشرط قال في الشرح لا نعلم فيه خلافا "وإن خرج وقد صلوا ركعة أتموها جمعة" نص عليه وذكره الأكثر وهو المذهب لأن الوقت إذا فات لم يمكن استدراكه فسقط اعتباره في الاستدامة للعذر وكالجماعة في حق المسبوق وعنه يعتبر الوقت في جميعها إلا السلام لأن الوقت شرط فيعتبر في جميعها كالطهارة
"وإن خرج قبل" فعل "ركعة فهل يتمونها ظهرا أو يستأنفونها على وجهين" كذا في المحرر والفروع أحدهما يتمونها ظهرا لأنهما صلاتا وقت فجاز بناء إحداهما على الأخرى كصلاة السفر مع الحضر والثاني يستأنفونها ظهرا لأنهما صلاتان مختلفان فلم تبن إحداهما على الأخرى ,

الثاني: أن يكون بقرية يستوطنها أربعون من أهل وجوبها فلا تجوز إقامتها في غير ذلك.
----------------------------------------------
كالظهر والصبح وظاهره أنهم لا يتمونها جمعة وهو ظاهر الخرقي قال ابن المنجا وهو قول أكثر الأصحاب لأنه عليه السلام خص إدراكها بالركعة وقيل يتمونها جمعة حكاه ابن حامد وأبو بكر والقاضي وذكر ابن الجوزي أنه الصحيح من المذهب وذكره في الرعاية نصا وقياسا على بقية الصلوات ورد بالحديث السابق وبأن الفرق بينها وبين سائر الصلوات ثابت في كثير من الأحكام فيمتنع القياس فلو دخل وقت المغرب وهم فيها فقيل كذلك وقيل تبطل لأن وقت المغرب ليس وقتا لها ووقت العصر ووقت الظهر التي الجمعة بدلها فعلى المذهب لو بقي من الوقت قدر الخطبة والتحريمة لزمهم فعلها وإلا لم يجز وكذا يلزمهم إن شكوا في خروجه عملا بالأصل.
"الثاني: أن يكون بقرية يستوطنها أربعون من أهل وجوبها فلا تجوز إقامتها في غير ذلك" لأنه عليه السلام كتب إلى قرى عرينة أن يصلوا الجمعة وأسعد بن زرارة جمع بهم بهزم النبيت ولأن القرية المبنية بما جرت به العادة يستوطنها العدد فدل على أنها لا تصح من أهل الخيام وبيوت الشعر والحركاوات لأن ذلك لم يقصد للاستيطان غالبا ولذلك كانت قبائل العرب حوله عليه السلام ولم يأمرهم بها زاد في المستوعب وغيره ولو اتخذوها أوطانا لأن استيطانهم في غير بنيان وقدم الأزجي واختاره الشيج تقي الدين صحتها ووجوبها على المستوطنين بعمود أو خيام قال في الفروع وهو متجه نقل أبو النصر العجلي ليس على أهل البادية جمعة لأنهم يتنقلون
وفي تصريح المؤلف بالقرية تنبيه: على أنه لا يشترط لصحتها المصر وتشترط الإقامة فيها فلو رحل عنها أهلها في بعض السنة لم يصح قال ابن تميم وكذا لو دخل قوم بلدا لا ساكن به بنية الإقامة به سنة فلا جمعة عليهم ولو أقام ببلد ما يمنع القصر وأهله لا تجب عليهم فلا جمعة أيضا فلو خربت القرية وعزم أهلها

وتجوز إقامتها في الأبنية المتفرقة إذا شملها اسم واحد وفي ما قارب البنيان من الصحراء. الثالث: حضور أربعين من أهل القرية في ظاهر المذهب.
------------------------------
على عمارتها والإقامة بها فعليهم الجمعة وإن عزموا على النقلة فلا.
"وتجوز إقامتها في الأبنية المتفرقة إذا شملها اسم واحد" قياسا على القرية المتصلة واعتبر أحمد في رواية ابن القاسم اجتماع المنازل في القرية قاله القاضي وقال أيضا متقاربة الاجتماع والصحيح أن التفريق إذا لم تجر به عادة لم تصح فيها الجمعة زاد في الشرح إلا أن يجتمع منها ما يسكنه أربعون فتجب بهم الجمعة ويتبعهم الباقون قال ابن تميم والجد في فروعه وربض البلد له حكمه وإن كان بينهما فرجة.
تنبيه: إذا تقارب قريتان في كل منهما دون الأربعين لم يصح فعل الجمعة في واحدة بتكميل الأخرى فإن كمل في أحدهما لزمهم فعلها وإن كمل في كل منهما فالأولى جمع كل قرية في موضعها وقال القاضي القرية إذا كانت في المصر على فرسخ فما دون لزمهم قصده والأصح خلافه كما لو كانت إلى جنب قرية أخرى فلو كان في قرية أربعون وإلى جنبها مصر فيه دونه لزم أهله قصد القرية
"و" تجوز إقامتها "فيما قارب البنيان من الصحراء" وأنه لا يشترط لها البنيان لقول كعب بن مالك إن اسعد بن زرارة أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات قال كم كنتم يومئذ قال أربعون رجلا رواه أبو داود والدارقطني قال البيهقي حسن الإسناد صحيح قال الخطابي حرة بني بياضة على ميل من المدينة وقياسا على الجامع وظاهره وإن لم يكن عذر ويجوز للمسافر القصر والفطر فيه ذكره القاضي وقيل لا تصح إلا في جامع إلا لعذر لكن قال ابن عقيل إذا صلى في الصحراء استخلف من يصلي بالضعفة.
"الثالث حضور أربعين" رجلا "من أهل القرية في ظاهر المذهب" وهو الأصح واختاره عامة المشايخ لما تقدم من حديث كعب وقال أحمد:

وعنه تنعقد بثلاثة فإن نقصوا قبل إتمامها استأنفوا ظهرا.
----------------------------------
بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى أهل المدينة فلما كان يوم الجمعة جمع بهم وكانوا أربعين وكانت أول جمعة جمعت بالمدينة وقال جابر مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطرا رواه الدارقطني وفيه ضعف
"وعنه تنعقد بثلاثة" اختاره الشيخ تقي الدين لقوله تعالى {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: من الآية9] وهذا جمع وأقله ثلاثة وعنه في القرى الخاصة لقلتهم وعنه بخمسين لما روى أبو هريرة قال لما بلغ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خمسين جمع بهم رواه أبو بكر النجاد وعنه بسبعة وعنه بخمسة وعنه بأربعة وعلى الروايات كلها لا يعتبر كون الإمام زائدة على العدد على المذهب وعنه بلى فعليها لو بان محدثا ناسيا لم يجزئهم إلا أن يكونوا بدونه العدد المعتبر ويتخرج لا مطلقا قال المجد بناء على رواية أن صلاة المؤتم بناس حدثه تفسد إلا أن يكون قرأ خلفه.
فرع: إذا رأى الإمام وحده العدد فنقص لم يجز أن يؤمهم ولزمه استخلاف أحدهم وبالعكس لا يلزم واحدا منهما ولو أمره السلطان أن لا يصلي إلا بأربعين لم يجز بأقل ولا أن يستخلف لقصر ولايته بخلاف التكبير الزائد وبالعكس الولاية باطلة لتعذرها من جهتها ويحتمل أن يستخلف لها أحدهم
" فإن نقصوا قبل إتمامها" لم يتموها جمعة لأنه شرط فاعتبر في جميعها كالطهارة و "استأنفوا ظهرا" نص عليه وجزم به السامري وصاحب التلخيص وقيل يتمون ظهرا وقيل جمعة ولو بقي وحده ولو لم يسجد في الأولى وقيل جمعة إن بقي معه اثنا عشر رجلا لأنه العدد الباقي مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا في الصلاة رواه البخاري والمراد في انتظارها كما روى مسلم في الخطبة وللدارقطني بقي معه أربعون رجلا تفرد به علي بن عاصم وإنما انفضوا لظنهم جواز الانصراف.

ويحتمل أنهم إن نقصوا قبل ركعة أتموا ظهرا وإن نقصوا بعد ركعة أتموا جمعة ومن أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة ومن أدرك أقل من ذلك أتمها ظهرا إذا كان قد نوى الظهر في قول الخرقي.
----------------------------------
ولأبي داود في مراسيله أن خطبته عليه السلام هذه كانت بعد صلاته الجمعة فظنوا لا شيء عليهم في الانصراف قال في الفروع ويتوجه أنهم انفضوا لقدوم التجارة لشدة المجاعة أو ظن وجوب خطبة واحدة وقد فرغت قال في الشرح ويحتمل أنهم عادوا فحضروا القدر الواجب ويحتمل أنهم عادوا قبل طول الفصل:.
"ويحتمل" هذا وجه "أنهم إن نقصوا قبل ركعة أتموا ظهرا وإن نقصوا بعد ركعة أتموا جمعة" وهو قياس قول الخرقي واختاره المؤلف وذكره قياس المذهب قال المزني وهو الأشبه عندي كالمسبوق والأول أصح والفرق بأن المسبوق أدرك ركعة من جمعة تمت شرائطها وصحت فجاز البناء عليها بخلاف هذه وإن بقي العدد أتم جمعة قال أبو المعالي سواء سمعوا الخطبة أو لحقوهم قبل نقصهم بلا خلاف كبقائه من السامعين.
"ومن أدرك مع الإمام منها ركعة" أي بسجدتيها وتظهر فائدته فيما لو زحم عن السجود أتمها جمعة رواه البيهقي عن ابن مسعود وابن عمر وعن أبي هريرة مرفوعا "من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة" رواه الأثرم ورواه ابن ماجه ولفظه "فليصل إليها أخرى" قال ابن حبان هذا خطأ وقال ابن الجوزي لا يصح.
"ومن أدرك أقل من ذلك أتمها ظهرا" لمفهوم ما وعنه يكون مدركا للجمعة لقوله عليه السلام "ما أدركتم فصل:وا وما فاتكم فاقضوا" وكالظهر وكإدراك المسافر صلاة المقيم والفرق بأن المسافر إدراكه إدراك إلزام وهذا إدراك إسقاط للعدد وبأن الظهر ليس من شرطها الجماعة بخلاف مسألتنا وظاهر كلام المؤلف صحة دخول معه وهو الأصح بشرط أن ينويها بإحرامه ولهذا قال "إذا كان قد نوى الظهر في قول الخرقي" صححه الحلواني,

وقال أبو إسحاق بن شاقلا ينوي جمعة ويتمها ظهرا ومن أحرم مع الإمام ثم زحم عن السجود سجد على ظهر إنسان أو رجله فإن لم يمكنه سجد إذا زال الزحام،
-------------------------------
وهو الأظهر لأن النية قصد يتبع العلم ويوافق الفعل فالمصلي ظهرا لا ينوى جمعة لأنه ينوي غير ما يفعله ولأن الظهر لا تتأدى بينة الجمعة ابتداء فكذا استدامته كالظهر مع العصر وهذا فيما إذا دخل وقتها وإلا كانت نفلا.
"وقال أبو إسحاق بن شاقلا ينوي جمعة" تبعا لإمامه "ويتمها ظهرا" وذكر القاضي المذهب كصلاة المسافر مع المقيم وضعفه المجد بأن قال فر من اختلاف النية ثم التزمه في البناء والواجب العكس أو التسوية ولم يقل أحد بالبناء مع اختلاف يمنع الاقتداء وقيل الخلاف مبني على أن الجمعة هل هي ظهر مقصورة أم صلاة مستقلة فيه وجهان
ومحل ذلك ما إذا كانت بعد الزوال فإن كان قبله لم يصح دخول من فاته معه في أظهر الوجهين فإن دخل انعقدت نفلا والثاني يصح دخوله في نية الجمعة ثم يبني عليها ظهرا ويجب أن يصادف ظهره زوال الشمس.
"ومن أحرم مع الإمام ثم زحم على السجود" بالأرض "سجد على ظهر إنسان أو رجله" أي قدمه وجوبا إن أمكن ذكره معظمهم لقول عمر إذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر أخيه رواه أبو داود الطيالسي وسعيد وهذا قاله بمحضر من الصحابة وغيرهم في يوم جمعة ولم يظهر له مخالف ولا يأتي بما يمكنه حال العجز فوجب وصح كالمريض يومئ وقيل لا يجوز ذلك وذكر ابن عقيل أنه لا يسجد على ظهر أحد ويومئ غاية الإمكان فأما إن احتاج إلى وضع يديه أو ركبتيه وقلنا يجوز في الجبهة فوجهان ذكره ابن تميم وغيره.
"فإن لم يمكنه" انتظر و "سجد إذا زال الزحام" وتبع إمامه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك في صلاة عسفان للعذر وهو موجود هنا والمفارقة وقعت صورة

إلا أن يخاف فوات الثانية فيتابع إمامه وتصير أولاه ويتمها جمعة وإن لم يتابعه عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته وإن جهل تحريمه فسجد ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه وصحت جمعته وعنه يتمها ظهرا.
------------------------------
لا حكما فلم تؤثر "إلا أن يخاف فوات الثانية فيتابع إمامه وتصير أولاه ويتمها جمعة" ذكره ابن الجوزي وصاحب التلخيص لقوله عليه السلام "فإذا ركع فاركعوا" ولأنه مأموم خاف فوت الثانية فلزمته المتابعة كالمسبوق وعنه لا يتابعه بل يشتغل بسجود الأولى وكما لو زال الزحام والإمام قائم فإن لم يزل الزحام حتى سجد الإمام في الثانية تابعه وهل تحصل له ركعة يتمها جمعة أو يصلي ظهر فيه وجهان
"فإن لم يتابعه عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته" لتركه متابعة إمامه عمدا ومتابعته واجبة لقوله "فلا تختلفوا عليه" وترك الواجب عمدا يبطلها وفاقا "وإن جهل تحريمه فسجد" أي إذا جهل تحريم ترك متابعة إمامه في الثانية لم تبطل صلاته ولم يعتد بسجوده لأنه أتى به في موضوع الركوع جهلا فهو كالساهي وقال أبو الخطاب يعتد به "ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه" لأنه أتى بسجود معتد به "و" إذا اعتد له بذلك "صحت جمعته" لأنه أدرك مع الإمام ركعة والجمعة تدرك بها ويسجد للسهو قاله أبو الخطاب وخالف فيه المؤلف قال ابن تميم وهو أظهر لأنه ليس على المأموم سجود سهو "وعنه يتمها ظهرا" لأنه لم يدرك مع الإمام ركعة بسجدتيها لأن ما أتى به من السجود لم يتابع إمامه فيه حقيقة وإنما أتى به على وجه التدارك فلم يكن مدركا للجمعة.
مسائل
الأولى: إذا أدرك الركوع وزحم عن السجود أو أدرك القيام وزحم عن

الرابع: أن يتقدمها خطبتان ،
-----------------------------------
الركوع والسجود حتى سلم إمامه أو سبقه الحدث ففاته ذلك بالوضوء وقلنا يبني استأنف ظهرا نص عليه لاختلافهما في فرض وشرط كظهر وعصر ولافتقار كل منهما إلى النية.
وعنه يتمها ظهرا لأنه لم يدرك ركعة كاملة أشبه المسبوق بركوع الثانية وعنه يتمها جمعة اختاره الخلال كمدرك ركعة وعنه يتم جمعة من زحم عن سجود أو نسيه لإدراكه الركوع كمن أتى بالسجود قبل سلام إمامه على الأصح لأنه أتى به في الجماعة والإدراك الحكمي كالحقيقي لحمل الإمام السهو عنه.
الثانية: إذا فاته مع الإمام الركوع والسجود بنوم أو غفلة ونحوه لغت تلك الركعة نص عليه وكذا إن فاته الركوع فقط في رواية فإن فاته ركعة فأكثر لم يقض قبل سلام إمامه نص عليه في الجمعة بل يتابعه فإذا سلم الإمام قضى ما فاته كالمسبوق فعلى هذا إن فاته ركن أتى به ثم لحق إمامه وإن كان ركوعا في الأشهر وإن كان ركنين لغت ركعته نص عليه وقال ابن عقيل يأتي بهما كنصه في المزحوم فإن زحم عن الجلوس للتشهد أتى به قائما وأجزأه قاله ابن حامد والأولى انتظار زوال الزحام.
الثالثة: إذا أحرم مع الإمام فزحم وأخرج من الصف فصل:ى فذا لم يصح وإن أخرج في الثانية فإن نوى مفارقته أتمها جمعة في قياس المذهب وإلا فروايتان إحداهما يتمها جمعة كمسبوق والثانية يعيد لأنه فذ في الركعة.
"الرابع أن يتقدمها خطبان" لقوله تعالى {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: من الآية9] والذكر هو الخطبة فأمر بالسعي إليه فيكون واجبا ولمواظبته عليه السلام عليها مع قوله "صلوا كما رأيتموني أصلي" وعن عمر وعائشة قصرت الصلاة من أجل الخطبة ويشترط اثنتان لقوله ابن عمر:

ومن شرط صحتهما حمد الله تعالى والصلاة على رسوله وقراءة آية ،
----------------------------------------
"كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل: بينهما بجلوس متفق عليه" ولأنهما مقام الركعتين فالإخلال بإحداهما إخلال بإحدى الركعتين وعنه تجزئه واحدة والمنصوص أنهما بدل من الركعتين ويشترط تقديمهما على الصلاة لفعله عليه السلام وأصحابه بخلاف غيرهما لأنهما شرط في صحة الجمعة والشرط مقدم أو لاشتعال الناس بمعايشهم فقدما لأجل التدارك وأن يكونا في وقت تصح فيه الجمعة من مكلف مستور العورة قاله القاضي.
"ومن شرط صحتهما حمد الله تعالى" لما روى أبو هريرة مرفوعا "كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم" رواه أبو داود ورواه جماعة مرسلا وروى أبو داود عن ابن مسعود قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشهد قال الحمد لله ويتعين هذا اللفظ في قول الجمهور.
"والصلاة على رسوله" محمد صلى الله عليه وسلم لأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر رسوله كالأذان ويتعين لفظ الصلاة أو يشهد أنه عبده ورسوله وأوجبه الشيخ تقي الدين لدلالته عليه ولأنه إيمان به والصلاة دعاء له وبينهما تفاوت وقيل لا يشترط ذكره لأنه عليه السلام لم يذكر ذلك في خطبته وعملا بالأصل
"وقراءة آية" كاملة لما روى جابر بن سمرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرا آيات ويذكر الناس رواه مسلم ولأنهما أقيما مقام ركعتين والخطبة فرض فوجبت فيها القراءة كالصلاة وظاهره أنهما لا تتعين قال أحمد يقرأ ما شاء وإنه لا يجزئ بعض آية في الأصح لأن الحكم لا يتعلق بما دونها بدليل منع الجنب منها وقال أبو المعالي لو قرأ آية لا تستقل بمعنى أو حكم كقوله {ثُمَّ نَظَرَ} أو {مُدْهَامَّتَانِ} لم يكف قيل يشترط في إحداهما والمذهب أنه من قراءة آية ولو كان جنبا مع تحريمها وعنه لا يشترط قراءة آية فيها,

والوصية بتقوى الله تعالى وحضور العدد المشترط.
---------------------------
اختاره المؤلف فلو قرأ ما تضمن الحمد والموعظة ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم أجزأ قال أبو المعالي وفيه نظر لقول أحمد لا بد من خطبة وكما لا يجزئ عنها قراءة فاطر أو الحج نص عليه.
"الوصية بتقوى الله تعالى" لأنه المقصود وقيل في الثانية والمذهب في كل منهما وذكر أبو المعالي والشيخ تقي الدين ولا يكفي ذكر الموت وذم الدنيا ولا بد أن يحرك القلوب ويبعث بها إلى الخير فلو اقتصر على أطيعوا الله واجتنبوا معاصيه فالأظهر لا يكفي وإن كان فيه وصية لأنه لا بد من اسم الخطبة عرفا
وتشترط الموالاة بين أجزائهما والصلاة في الأصح لأنهما مع الصلاة كالمجموعتين فلوا قرأ سجدة فنزل فسجد لم يكره وظاهر كلامه في التلخيص والرعاية أنه لا يضر تفريق كثير بدعاء لسلطان ونحوه.
ولا يكون ذلك بغير العربية إلا عند العجز كالقراءة ثم هل يجب إبدال عاجز عن قراءة بذكر أم لا لحصول معناها فيه وجهان.
ويبدأ بالحمد لله ثم بالصلاة ثم بالموعظة ثم القراءة في ظاهر كلام جماعة
"و" يشترط "حضور العدد المشترط" لسماع القدر الواجب لأنه ذكر اشترط للصلاة فاشترط له العدد كتكبيرة الإحرام فإن انفضوا وعادوا قبل فوات ركن منها بنوا وإن كثر التفريق أو فات منها ركن أو أحدث فتطهر ففي البناء والاستئناف مع اتساع الوقت وجهان ويرفع صوته بهما بحيث يسمع العدد المعتبر إذا لم يعرض مانع فإن لم يسمعوا لخفض صوته أو بعد لم يصح وكذا إن كانوا صما خلافا للمجد فإن قرب الأصم وبعد من يسمع فقيل لا يصح لفوت المقصود وقيل بلى كما لو كان أهل القرية طرشا أو عجما وهو عربي وإن كانوا كلهم خرسا صلوا ظهرا في

وهل يشترط لهما الطهارة وأن يتولاهما من يتولى الصلاة على روايتين.
------------------------------------
الأصح وتشترط النية ذكره في الفنون والأشهر أنها تبطل بكلام محرم ولو يسيرا.
"وهل يشترط لهما الطهارة وأن يتولاهما من يتولى الصلاة على روايتين" إحداهما: يشترط تقدم الطهارة قدمه السامري وغيره لأنه عليه السلام لم يكن يفصل: بين الخطبة والصلاة بطهارة فدل على أنه كان متطهرا ولأنه ذكر شرط في الجمعة أشبه تكبيرة الإحرام
والثانية: لا واختارها الأكثر وجزم بها في الوجيز ولأنه ذكر يتقدم الصلاة أشبه الأذان
وعنه تشترط الكبرى اختاره جماعة ونصه تجزئ خطبة الجنب جزم به الشريف وأبو الخطاب لأن تحريم لبثه لا تعلق له بواجب العبادة كمن صلى ومعه درهم غصب لكن قيده القاضي في جامعه وابن الجوزي والسامري وصاحب التلخيص فيه بأن يكون المنبر خارج المسجد لأنه لبثه فيه معصية تنافي العبادة وقيل إن جاز للجنب قراءة آية أو لم تجب القراءة في الخطبة فوجهان كالأذان وستر العورة وإزالة نجاسة كطهارة صغرى.
الثانية: إحداهما لا تشترط الطهارة بل تستحب قدمه الأكثر وجزم به في الوجيز وذكر في التلخيص أنه مشهور لأن الخطبة منفصل:ة عن الصلاة أشبها الصلاتين لكن في فعل اثنين للخطبتين وجهان والثانية يشترط قدمه في الرعاية لأن الخطبة أقيمت مقام ركعتين وعنه لا يشترط مع العذر كالحدث ذكر في الشرح أنه المذهب لأنه إذا جاز الاستخلاف في الصلاة للعذر فهاهنا أولى وعلى الجواز لا يشترط حضور النائب الخطبة كالمأموم لتعينها عليه وعنه بلى لأنه لا تصح جمعة من لم يحضرها إلا تبعا كمسافر وإن أحدث واستخلف من لم يحضر الخطبة صح على الأشهر ولو لم يكن صلى معه على الأصح وإن منعنا الاستخلاف أتموا

ومن سننهما أن يخطب على المنبر أو موضع عال ويسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم ،
---------------------------------
فرادى جمعة بركعة كمسبوق وقيل مطلقا لبقاء حكم الجماعة كمنع الاستخلاف وقيل ظهرا لأن الجماعة شرط كما لو اختل العدد وإن جاز الاستخلاف فأتموا فرادى لم تصح جمعتهم ولو كان في الثانية كما لو أنقص العدد وأولى
مسألتان الأولى: إذا قلنا يعتد بأذان المميز والفاسق ففي خطبته وجهان زاد في الرعاية إن صح أن يؤم غير من خطب وإن لم تصح إمامة العبد ففي صحة خطبته وجهان.
الثانية: لمن لا يحسن الخطبة قراءتها من صحيفة ذكره أبو المعالي وابن عقيل قال كالقراءة في الصلاة لمن لا يحسن القراءة في المصحف والمذهب أنه لا بأس بالقراءة في المصحف كالقراءة من الحفظ فهذا مثله.
"ومن سننهما أن يخطب على منبر" لما روى سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى امرأة من الأنصار "أن مري غلامك النجار يعمل لي أعواد أجلس عليها إذا كلمت الناس" متفق عليه وفي الصحيح أنه عمل من أثل الغابة فكان يرتقي عليه واتخاذه كان في سنة سبع من الهجرة وقيل سنة ثمان وكان ثلاث درج ويسمى منبرا لارتفاعه من النبر وهو الارتفاع واتخاذه سنة مجمع عليها قاله في شرح مسلم ويكون صعوده فيه على تؤدة إلى الدرجة التي تلي السطح قاله في التلخيص.
"أو موضع عال" إن لم يكن لأنه في معناه لاشتراكهما في المبالغة في الإعلام ويكونان عن يمين مستقبلي القبلة وقال أبو المعالي إن وقف بالأرض وقف على يسار مستقبلي القبلة بخلاف المنبر ويسلم
" على المأمون إذا أقبل عليهم بوجهه" لما روى ابن ماجه عن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلم ورواه الأثرم عن أبي بكر وعمر وابن

ويجلس إلى فراغ الأذان ويجلس بين الخطبتين ويخطب قائما،
--------------------------------------
مسعود وابن الزبير ورواه أبو بكر النجاد عن عثمان وكسلامه على من عنده في خروجه قال القاضي وجماعة لأنه استقبال بعد استدبار أشبه من فارق قوما ثم عاد إليهم وعكسه المؤذن قاله المجد وظاهره استحباب استقبال الخطيب الناس وهو كالإجماع قاله ابن المنذر.
ولم يذكر المؤلف رد السلام عليه وهو فرض كفاية وكذا كل سلام مشروع على الجماعة المسلم عليهم لا فرض عين وقيل سنة كابتدائه وفيه وجه غريب واجب ذكره الشيخ تقي الدين.
"ويجلس إلى فراغ الأذان" لما روى ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صعد المنبر حتى يخلو المؤذن ثم يقوم فيخطب مختصر رواه أبو داود وذكره ابن عقيل إجماع الصحابة ولأنه يستريح بذلك من تعب الصعود ويتمكن من الكلام التمكن التام وهذا النداء هو الذي يتعلق به وجوب السعي لأنه الذي كان عهده عليه السلام وعنه بالأول لسقوط الفرض به ولأن عثمان سنه وعملت به الأمة ومن بعد منزله سعى في وقت يدركها كلها إذا علم حضور العدد بعد طلوع الفجر لا قبله.
"ويجلس بين الخطبتين" لما روى ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل: بينهما بجلوس متفق عليه وكجلسته الأولى ويستحب تخفيفها قال في التلخيص بقدر سورة الإخلاص وعنه يجب الجلوس بينهما اختاره النجاد لفعله عليه السلام والأول اصح لأن جماعة من الصحابة منهم علي سردوا الخطبة من غير جلوس ولأنه ليس فيها ذكر مشروع فلم يجب كالأولى.
"ويخطب قائما" نص عليه واختاره الأكثر لفعله عليه السلام ولأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال فلم يجب له القيام كالأذان وعنه يجب مع القدرة جزم به في النصيحة وبالجلوس بينهما وقال الطحاوي عن قول الشافعي لم يقله

ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا ويقصد تلقاء وجهه ويقصر الخطبة ويدعو للمسلمين.
---------------------------------
غيره وليس كذلك.
"ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا" لما روى الحكم بن حزن قال وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدنا معه الجمعة فقام متوكئا على سيف أو قوس أو عصا مختصر رواه أبو داود ولأنه أمكن له وإشارة إلى أن هذا الدين فتح به ويكون اعتماده على ذلك بإحدى يديه في ظاهر كلامه قال في الفروع ويتوجه باليسرى والأخرى بحرف المنبر فإن لم يعتمد أمسك يمينه بشماله أو أرسلهما
"ويقصد تلقاء وجهه" لفعله عليه السلام ولأن في التفاته إلى أحد جانبيه إعراضا عن الآخر وظاهره أنه إذا التفت أو استدبر الناس أنه يجزئ مع الكراهة صرحوا به في الاستدبار لحصول المقصود وفيه وجه لا يجزئ لتركه الجهة المشروعة وينحرف إليه المأمومون إذا خطب نص عليه لفعل الصحابة.
"ويقصر الخطبة" لما روى مسلم عن عمار مرفوعا "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة" وفي التعليق والثانية أقصر جعله أصلا لإفراد الإقامة ويستحب رفع صوته حسب الإمكان "ويدعوا للمسلمين" لأن الدعاء لهم مسنون في غير الخطبة ففيها أولى ولا يجب في الثانية وقيل ويرفع يديه جزم به في الفصول واحتج بالعموم وقيل لا يستحب قال المجد هو بدعة وفاقا للمالكية والشافعية وغيرهم وقد يفهم من كلامه أن الدعاء لا يسن للمسلمات وليس كذلك لأن جمع المذكر يشملهم ولم يذكر المؤلف الدعاء للسلطان فيها ولا لمعين وهو جائز بل قيل يستحب للسلطان حتى قال أحمد أو غيره وكان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها لإمام عادل ولأن في صلاحه صلاح المسلمين ولأن أبا موسى كان يدعو في خطبته لعمر وروى البزار "أرفع الناس درجة يوم القيامة إمام عادل" قال أحمد إني لأدعو بالتسديد

ولا يشترط إذن الإمام وعنه يشترط.
فصل:
وصلاة الجمعة ركعتان يجهر فيهما بالقراءة ويستحب أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين.
---------------------------------------------
والتوفيق فإذا فرغ منها نزل عند لفظة الإقامة في وجه قاله في التلخيص وفي الآخر إذا فرغ منها وينزل مسرعا.
"ولا يشترط إذن الإمام" في الأصح لأن عليا صلى بالناس وعثمان محصور فلم ينكره أحد وصوبه عثمان رواه البخاري بمعناه ولأنها فرض الوقت أشبهت الظهر قال أحمد وقعت الفتنة بالشام تسع سنين فكانوا يجمعون.
"وعنه يشترط" لأنه لا يقيمها في كل عصر إلا الأئمة وهي من أعلام الدين الظاهرة أشبهت الجهاد وعنه إن لم يتعذر وعنه يشترط لوجوبها لا لجوازها وإن لم يعلم بموته إلا بعد الصلاة واشترط إذنه فعنه لا إعادة للمشقة وعنه بلى لبيان الشرط.
فرع: إذا غلب الخوارج على بلد فأقاموا فيه الجمعة جاز اتباعهم نص عليه قال القاضي ولو قلنا من شرطها إمام عادل إذا كان خروجهم بتأويل سائغ وقال ابن أبي موسى يصلي معه الجمعة ويعيدها ظهرا.
فصل:
وصلاة الجمعة ركعتان إجماعا حكاه ابن المنذر قال عمر صلاة ا لجمعة ركعتان تمام غير قصر وقد خاب من افترى رواه أحمد.
"يجهر فيها بالقراءة" قاله الأئمة لفعله صلى الله عليه وسلم ونقله الخلف عن السلف وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "صلاة النهار عجماء إلا الجمعة والعيدين" .
"ويستحب أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين بعد".

وتجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة.
--------------------------------------
الفاتحة ذكره الأصحاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهما رواه مسلم من حديث ابن عباس وفي المغني والشرح في الثانية بالغاشية فحسن لفعله عليه السلام رواه مسلم من حديث النعمان بن بشير وعنه يقرأ في الثانية بسبح قال مالك أدركت عليه الناس والذي جاء به الحديث الغاشية مع سورة الجمعة وقيل يقرأ في الأولى بسبح وفي الثانية بالغاشية لفعله عليه السلام رواه مسلم من حديث النعمان بن بشير ورواه أبو داود من حديث سمرة وقال الخرقي وسورة قال الحلواني وهذا يدل على أنه لا يختص بسورة معينة وقال في الشرح ومهما قرأ به فحسن وهو ظاهر الوجيز لكن الأولى الاقتداء به عليه السلام لأن سورة الجمعة تليق بها لما فيها من ذكرها والأمر بها والحث عليها.
تذنيب: يسحب أن يقرأ في فجر يوم الجمعة الم تنزيل السجدة و هل أتى على الإنسان نص عليه لأنه عليه السلام كان يقرأ بهما متفق عليه من حديث أبي هريرة قال الشيخ نقي الدين واستحب ذلك لتضمنهما ابتداء خلق السموات والأرض وخلق الإنسان إلى أن يدخل الجنة أو النار وتكره مداومته عليها في المنصوص بكذا في المذهب خلافة لئلا يظن أنها مفضلة بسجدة أو لظن الوجوب فإن سها عن السجدة فعن أحمد يسجد للسهو قال القاضي كدعاء القنوت قال ولا يلزم على هذا تغيير سجود التلاوة في غير صلاة الفجر في غير صلاة الجمعة لأنه يحتمل أن يقال فيه مثل ذلك ويحتمل أن يفرق بينهما لأن الحث والترغيب وجد في هذه السجدة أكثر والسنة إكمالها قال الشيخ تقي الدين ويكره تحريه قراءة سجدة غيرها.
"وتجوز إقامة الجمعة في موضعين" فأكثر "من البلد للحاجة" كسعة البلد وتباعد أقطاره أو بعد الجامع أو ضيقه أو خوف فتنة ولأنها تفعل في الأمصار العظيمة في مواضع من غير نكير فكان إجماعا قال الطحاوي وهو الصحيح من مذهبنا وعنه لا يجوز لأنه عليه السلام وأصحابه لم

ولا تجوز مع عدمها فإن فعلوا فجمعة الإمام هي الصحيحة فإن استوتا فالثانية باطلة فإن وقعتا معا أو جهلت الأولى بطلتا معا.
------------------------------------
يقيموها في أكثر من موضع واحد والأول أصح والجواب لعدم حاجتهم إلى أكثر ولأن الصحابة كانوا يؤثرون بسماع خطبته وشهود جمعته وإن بعدت منازلهم وظاهره إذا استغنى بجمعتين لم تجز الثالثة
"ولا تجوز مع عدمها" لا نعلم فيه خلافا إلا عن عطاء "فإن فعلوا" أي فعلوها في موضعين من غير حاجة "فجمعة الإمام هي الصحيحة" لأن في تصحيح غيرها افتئاتا عليه وتفويتا لجمعته وظاهره ولو تأخرت وهو ظاهر كلام جماعة وذكر ابن حمدان أنه أولى وسواء قلنا إذنه شرط أولا وقيل السابقة هي الصحيحة لأنها لم يتقدمها ما يفسدها.
"فإن استويا" في الإذن وعدمه "فالثانية باطلة" لأن الاستغناء حصل بالأولى فأنيط الحكم بها لكونها سابقة ويعتبر السبق بالإحرام وقيل بالشروع في الخطبة وقيل بالسلام وظاهره ولو كانت إحداهما في المسجد الأعظم أو قصبة البلد في وجه وفي الآخر تصح الواقعة فيها ولو كانت الثانية وصححه بعضهم لأن لهذه المعاني مزية فقدم بها كجمعة الإمام.
"فإن وقعتا معا" ولا مزية لإحداهما بطلتا لأنه لا يمكن تصحيحهما ولا تعيين إحداهما بالصحة أشبه ما لو جمع بين أختين وتلزمهم الجمعة إن أمكن لأنه مصر لم يصل فيه جمعة صحيحة فإن سبقت إحداهما وعلمت بطلت الثانية ولزم أهلها الظهر فإن علموا بذلك في أثنائها استأنفوا ظهرا صححه المؤلف لأن ما مضى لم يكن فعله جائزا بخلاف المسبوق وجزم القاضي وغيره وقدمه في الرعاية يتمونها ظهرا.
"أو جهلت الأولى بطلتا معا" لما ذكرناه وكذا إذا جهل الحال هل وقعتا معا أو في وقتين فهل يصلون ظهرا كما ذكره في الشرح أنه الأولى وقدمه في الشرح للشك في شرط إقامة الجمعة أو جمعة لأنا لا نعلم المانع من صحتها والأصل عدمه فيه وجهان قال ابن تميم الأشبه أنهم يعيدون

وإذا وقع العيد يوم الجمعة فاجتزئ بالعيد وصلى ظهرا جاز إلا للإمام.
------------------------------------
جمعة أي بشرطها.
"وإذا وقع العيد يوم الجمعة فاجتزأ بالعيد وصلى ظهرا جاز" لأنه عليه السلام صلى العيد وقال "من شاء أن يجمع فليجمع" رواه أحمد من حديث زيد بن أرقم وحينئذ تسقط الجمعة إسقاط حضور لا وجوب فيكون حكمه كمريض لا كمسافر ونحوه عمن حضر العيد مع الإمام عند الاجتماع ويصلي الظهر كصلاة أهل الأعذار وعنه لا تسقط الجمعة للعموم كالإمام.
"إلا للإمام" هذا المذهب لما روى أبو داود وابن ماجة من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون" ورواته ثقات وهو من رواية بقية وقد قال حدثنا ولأنه لو تركها لامتنع فعلها في حق من تجب عليه ومن يريدها ممن سقطت عنه فعلى هذا إن اجتمع معه العدد المعتبر أقامها وإلا صلوا ظهرا.
وعنه: تسقط عنه كهم قدمه ابن تميم وحكاه السامري عن الأصحاب واحتج المؤلف بأن ابن الزبير لم يصلها وكان إماما ولأنها إذا سقطت عن المأموم سقطت عن الإمام كحالة السفر وجزم ابن عقيل بأن له الاستنابة وقال الجمعة تسقط بأدنى عذر كمن له عروس تجلى فكذا المسرة بالعيد ورده في الفروع وعنه لا تسقط عن العدد المعتبر فتكون فرض كفاية.
فرع: يسقط العيد بالجمعة سواء فعلت قبله أو بعده لفعل ابن الزبير وقول ابن عباس أصاب السنة رواه أبو داود فعلى هذا لا يلزمه شيء إلى العصر لكن قال ابن تميم إن فعلت بعد الزوال اعتبر العزم على الجمعة لترك صلاة العيد وذكر أبو الخطاب والمؤلف وصاحب الوجيز السقوط بفعل الجمعة وقت عيد وفي مفردات ابن عقيل احتمال يسقط الجمع وتصلى فرادى.

وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان وأكثرها ست ركعات ،.
فصل:
ويستحب أن يغتسل للجمعة في يومها والأفضل فعله عند مضيه إليها ،
------------------------------------
"وأقل السنة بعد الجمعة ركعتان" نص عليه لأنه عليه السلام كان يصلي بعد الجمعة ركعتين متفق عليه من حديث ابن عمر "وأكثرها ست ركعات" نص عليه لقول ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله رواه أبو داود واختاره في المغني أربعا روي عن ابن عمر لفعله عليه السلام وأمره رواه مسلم من حديث أبي هريرة وقيل إن شاء صلى بسلام أو سلامين مكانه نص عليه وعنه في بيته أفضل وقيل لا سنة لها.
ويسن أن يفصل: بكلام أو انتقال من موضعه للخبر وظاهره لا سنة لها قبلها نص عليه قال الشيخ تقي الدين وهو مذهب الشافعي وأكثر أصحابه وعليه جماهير الأئمة لأنها وإن كانت ظهرا مقصورة فتفارقها في أحكام وعنه ركعتان اختاره ابن عقيل وعنه أربع وقاله طائفة من أصحابنا قال عبد الله رأيت أبي يصلي في المسجد إذا أذن المؤذن ركعات.
فصل:
"ويستحب أن يغتسل للجمعة في يومها" ولا يجب حكاه ابن عبد البر إجماعا وفيه نظر قال الترمذي العمل على أنه مستحب لقول النبي صلى الله عليه وسلم في خبر عائشة "لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا" وظاهره حصول الفضيلة به ولو أحدث بعده ولم يتصل به الرواح
"والأفضل فعله عند مضيه إليها" لأنه أبلغ في المقصود وفيه خروج من الخلاف وذكر جماعة من له زوجة فالمستحب أن يجامع ثم يغتسل نص عليه للخبر

ويتنظف ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويبكر إليها ماشيا ويدنو من الإمام ويشتغل بالصلاة والذكر ويقرأ سورة الكهف في يومها ،.
--------------------------------
"ويتنظف ويتطيب" لما روى أبو سعيد مرفوعا قال "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن بدهن ويمس من طيب امرأته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" رواه البخاري.
قوله "ويمس من طيب امرأته" يعني ما ظهر لونه وخفي ريحه لتأكد الطيب وظاهر كلام أحمد والأصحاب خلافه.
"ويلبس أحسن ثيابه" لوروده في بعض الألفاظ وأفضلها البياض ويعتم ويرتدي "ويبكر إليها" ولو كان مشتغلا بالصلاة في منزله "ماشيا" لقوله عليه السلام "ومشى ولم يركب" ويكون بسكينة ووقار بعد طلوع الفجر الثاني وقيل بعد صلاته لا بعد طلوع الشمس ولا بعد الزوال فإن كان عذر فلا بأس بالركوب كالعود
" ويدنو من الإمام" مستقبل القبلة لقوله عليه السلام "من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة عمل صيامها وقيامها" رواه أحمد وأبو داود من حديث أوس بن أوس وإسناده ثقات.
"ويشتغل بالصلاة والذكر" والقراءة لما في ذلك من تحصيل الأجر بشرط أن يكون غير سامع للخطبة بأن يحضر قبلها أو في مكان بعيد.
"ويقرأ سورة الكهف في يومها" لما روى البيهقي بإسناده عن أبي سعيد مرفوعا "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" رواه سعيد موقوفا وقال "ما بينه وما بين البيت العتيق" زاد أبو المعالي وصاحب الوجيز أو ليلتها لقوله عليه السلام "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أو ليلته وقي فتنة الدجال" .

ويكثر الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يتخطى رقاب الناس إلا أن يكون إماما.
-------------------------------------
"ويكثر الدعاء" رجاء أن يصادف ساعة الإجابة لقوله عليه السلام "إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم سأل الله تعالى شاء إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها" متفق عليه من حديث أبي هريرة واختلف فيها فقال أحمد أكثر الحديث في الساعة التي ترجى فيها الإجابة إنها بعد العصر وترجى بعد زوال الشمس وفي الدعوات للمستغفرين عن عراك بن مالك أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فوقف في الباب فقال اللهم أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت لما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين
"و" يكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" أي في يوم الجمعة لقوله عليه السلام "أكثروا علي من الصلاة في يوم الجمعة" رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن قال الأصحاب وليلتها لقوله عليه السلام "أكثروا الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فمن صلى علي صلى الله عليه عشرا" رواه البيهقي بإسناد جيد وقد روي الحث عليها مطلقا لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة" رواه الترمذي وحسنه.
فائد: روى ابن السني من حديث أنس مرفوعا "من قرأ إذا سلم الإمام يوم الجمعة قبل أن يثني رجليه فاتحة الكتاب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين سبعا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطي من الأجر بعدد من آمن بالله ورسوله"
"ولا يتخطى رقاب الناس" لما روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له "اجلس فقد آذيت" ولما فيه من سوء الأدب والأذى وذلك مكروه وقد صرح جماعة بتحريمه.
"إلا أن يكون إماما" فلا يكره له ذلك للحاجة لتعيين مكانه وألحق به في

أو يرى فرجة فيتخطى إليها وعنه يكره ولا يقيم غيره فيجلس مكانه إلا من قدم صاحبا له فجلس في موضع يحفظه له.
--------------------------------
الغنية المؤذن
"أو يرى" المصلي "فرجة فيتخطى إليها" لأنهم أسقطوا حق أنفسهم بتأخرهم وعنه إن وصلها بدونه كره وإلا فلا ذكره المؤلف وقدمه في الفروع وعنه لا يكره مطلقا وعنه يكره تخطيه ثلاثة صفوف وقيل يكره إلا أن تكون الفرجة أمامه.
"وعنه يكره" مطلقا لما روى سهل بن معاذ مرفوعا "من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم" رواه الترمذي
"ولا يقيم غيره فيجلس مكانه" وذلك حرام لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه متفق عليه ولكن يقول افسحوا قاله في التلخيص لما روى مسلم عن جابر مرفوعا "لا يقيم أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده ولكن ليقل افسحوا" ولأن المسجد بيت الله والناس فيه سواء وظاهره ولو كان عبده أو ولده إلا الصغير وسواء كان راتبا له يجلس فيه أولا وفي الرعاية يكره.
"إلا من قدم صاحبا له فيجلس في موضع يحفظه له" لأن ابن سيرين كان يفعل ذلك لأنه قعد فيه لحفظه له ولا يحصل ذلك إلا بإقامته وعلله في الشرح بأن النائب يقوم باختياره وفي الفروع قال أصحابنا إلا من جلس بمكان يحفظه لغيره بإذنه أو دونه ولم يذكر جماعة أو دونه لأنه توكيل في اختصاص مباح كتوكيله في تمليك المباح ومقاعد الأسواق لكن إن جلس في مكان الإمام أو طريق المارة أو استقبل المصلين في مكان ضيق أقيم قاله أبو المعالي.
مسألة: إذا آثر بمكانه الأفضل فقيل يكره وقيل لا كما لو جلس وقيل إن آثر عالما أو دينا جاز ولا يكره القبول في الأصح وفي الفصول:

وإذا وجد مصلى مفروشا فهل له رفعه على وجهين ، ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه فهو أحق به ، ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما.
-----------------------------------
لا يجوز الإيثار وكذا الخلاف إن آثر بمكانه فسبق إليه آخر وصحح في الشرح وابن حمدان أنه لا يجوز لأنه قام مقامه أشبه ما لو تحجر مواتا ثم آثر به غيره وهذا بخلاف ما لو وسع لرجل في طريق فمر غيره لأنها جعلت للمرور فيها والمسجد جعل للإقامة فيه.
"وإذا وجد مصلى مفروشا فهل له رفعه على وجهين" كذا في الفروع أحدهما: لا يجوز قدمه في المحرر لأنه كالنائب وعنه ولما فيه من الافتئات على صاحبه والتصرف في ملكه بغير إذنه والإفضاء إلي الخصومة وقاسه في الشرح على السابق إلى رحبة المسجد ومقاعد الأسواق فعلى هذا له رفعه إذا حضرت الصلاة قاله في الفائق والثاني: له رفعه والصلاة مكانه جزم به في الوجيز لأنه لا حرمة له بنفسه والفضيلة بالسبق بالبدن وقيل إن كان صاحبه لا يصل إليه إلا بتخطي الناس رفعه وإلا فلا.
وعلم منه أنه لا يصلي عليه وقدمه في الرعاية يكره وجزم جماعة بتحريمه وقال في الفروع ويتوجه إن حرم رفعه فله فرشه وإلا كره وأطلق شيخنا ليس له فرشه
"ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه فهو أحق به" لما روى مسلم عن أبي أيوب مرفوعا "من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به" وقيده بعضهم بما إذا عاد قريبا وأطلقه الأكثر منهم المؤلف وقيده في الوجيز بما إذا عاد ولم يتشاغل بغير وذكره في الشرح وتبعه ابن تميم إن لم يصل إليه إلا بالتخطي فكمن رأى فرجة وجوزه أبو المعالي.
"ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس ركعتين يوجز فيهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين"

ولا يجوز الكلام والإمام يخطب.
----------------------------------
متفق عليه زاد مسلم "وليتجوز فيهما" وكذا قال أحمد والأكثر ولا يزيد عليهما هذا إذا كانت تقام في مسجد فإن لم يكن لم يصل وفي المغني والتلخيص والمحرر إن لم تفته معه تكبيرة الإحرام فإن جلس قام فأتى بهما أطلقه أصحابنا لقوله عليه السلام "قم فاركع ركعتين" قال المجد في شرحه ما لم يطل الفصل: فإن ذكر فائتة أو قلنا له ستة صلاها وكفت إن كانت الفائتة ركعتين فأكثر لأن تحية لا تحصل بغيرهما ولو نوى التحية والفرض فظاهر كلامهم حصولهما له كنظائرهما.
مسائل
منها: إذا صعد المنبر انقطع التنفل مطلقا وفي كلام بعضهم بخروجه وهو أشهر في الأخبار ولولم يشرع في الخطبة وجوز ابن عقيل وابن الجوزي لمن يسمعها وقيل يكره وظاهر كلامهم لا تحريم إن لم يحرم الكلام فيها وهو متجه قاله في الفروع ويحققه من هو فيه ومن نوى أربعا صلى ركعتين.
ومنها: إذا نعس استحب له أن يتحول لقوله عليه السلام "إذا نعس أحدكم في مجلسه فليتحول إلى غيره" صححه الترمذي.
ومنها: أنه لا يكره الاحتباء وقت الخطبة نص عليه وفعله جماعة من الصحابة وكرهه الشيخان لنهيه عليه السلام عنه رواه أبو داود والترمذي وحسنه وفيه ضعف ولأنه يصير متهيئا للنوم والسقوط وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي ما رأيت أحمد جالسا إلا القرفصاء إلا أن يكون في صلاة وهي أن يجلس على أليتيه رافعا ركبته إلى صدره ومفضيا بأخمص قدميه إلى الأرض وربما احتبى بيده ولا جلسة أخشع منها.
"ولا يجوز الكلام والإمام يخطب" قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز ونصره المؤلف وصححه في التلخيص لقوله {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [لأعراف: من الآية204] ولقوله عليه السلام "من قال:

إلا له أو لمن كلمه ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها.
------------------------------------
صه فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له" رواه أحمد وأبو داود ولقوله عليه السلام في خبر ابن عباس "والذي يقول أنصت ليس له جمعة" رواه أحمد من رواية مجالد ولقوله عليه السلام لأبي الدرداء "إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ" رواه أحمد.
وظاهره: لا فرق بين القريب والبعيد سمع الخطبة أو لا وقيل وحالة الدعاء المشروع وعنه يحرم على سامع اختاره القاضي وجمع وعنه يكره مطلقا وعنه يجوز.
فعلى الأول : يباح ما يحتاج إليه كتحذير ضرير ونحوه لأنه يجوز في الصلاة وتشميت عاطس ورد السلام نطقا كإشارته به لأنه مأمور به لحق آدمي أشبه الضرير فدل على أنه يجب والثاني: يمنع من ذلك نطقا وهو ظاهر كلامه لأنه مأمور بالإنصات ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر كالدعاء اتفاقا والأفضل لمن لا يسمع أن يشتغل بذكر الله خفية وقيل بل سكوته أفضل فيسجد لتلاوة وفي الفصول إن بعد ولم يسمع همهمة الإمام جاز أن يقرأ وأن يذاكر في الفقه ولمن يسمع تسكيت المتكلم إشارة نص عليه وإشارة أخرس مفهمة ككلامه.
"إلا له أو لمن كلمه" كذا أطلقه جماعة وقيده في المحرر والفروع لمصلحة لأنه عليه السلام كلم سليكا وكلمه هو رواه ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة وسأل عمر عثمان فأجابه وسأل العباس بن مرداس النبي صلى الله عليه وسلم الاستسقاء وعنه يكرهان ولا منع كأمر إمام بمعروف.
"ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها" من غير كراهة لما روى مالك والشافعي بإسناد جيد عن ثعلبة بن مالك قال كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حتى يقضي الخطبتين وقيل: يكره.

وعنه يجوز فيها.
-----------------------------------------
وعنه: يجوز فيها" فبالقياس على الإمام وعلى من كلمه ولم يتعرض المؤلف للكلام بين الخطبتين وفيه أوجه الجواز والكراهة والتحريم وجعل الشيخان أصل التحريم سكوته لتنفس.
مسائل
الأولى: ليس له أن يتصدق على سائل وقت الخطبة و لا يناوله إذن للإعانة على محرم وإلا جاز نص عليه وفي الرعاية يكره فإن كانت المسألة: قبلها ثم جلس لها جاز كالصدقة على من لم يسأل أو سأل الإمام الصدقة لإنسان وقيل يكره السؤال والتصدق في المسجد جزم به في الفصول وظاهر كلام ابن بطة يحرم السؤال وقاله في إنشاد الضالة وهذا مثله وأولى.
الثانية: يكره العبث والشرب حال الخطبة إن سمعها وإلا جاز نص عليه قيل لا بأس بالشرب إذا اشتد عطشه وجزم أبو المعالي بأنه إذن أولى وقال في الفصول وكره جماعة شربه بعد الأذان بقطعه لأنه بيع منهي عنه وكذا شربه على أن يعطيه الثمن بعد الصلاة لأنه بيع ويتخرج الجواز للحاجة دفعا للضرر وتحصيلا لاستماع الخطبة.
الثالثة: يستحب لمن صلى الجمعة أن ينتظر صلاة العصر فيصليها في موضعه ذكره في الفصول والمستوعب ولم يذكره الأكثر ويستحب انتظار الصلاة بعد الصلاة لقوله عليه السلام "إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها" وذكر الشيخان وجماعة جلوسه بعد فجر وعصر إلى طلوعها وغروبها لا في بقية الصلوات نص عليه لكن اقتصر على الفجر لفعله عليه السلام رواه مسلم عن جابر بن سمرة.

باب صلاة العيدين
وهي فرض كفاية إن اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام ، وأول وقتها إذا ارتفعت الشمس وآخره إذا زالت.
--------------------------------------
باب صلاة العيدينسمي به لأنه يعود ويتكرر لأوقاته وقيل لأنه يعود بالفرح والسرور وقيل سمي به تفاؤلا ليعود ثانية كالقافلة وجمع بالياء وأصله الواو للزومها في الواحد وقيل للفرق بينه وبين أعواد الخشب.
"وهي فرض كفاية" في ظاهر المذهب والإجماع على مشروعيتها وسنده قوله تعالى {فصل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} هي صلاة العيد في قول عكرمة وعطاء وقتادة قال في الشرح وهو المشهور في التفسير وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده يداومون عليها ولأنها من أعلام الدين الظاهرة فكانت واجبة كالجهاد بدليل قتل تاركها ولم تجب على الأعيان لحديث الأعرابي متفق عليه ولأنه لا يشرع لها أذان أشبهت صلاة الجنازة وعنه فرض عين اختاره الشيخ تقي الدين وعنه سنة مؤكدة جزم به في التبصرة فلا يقاتل تاركها كالتراويح.
وعلى الوجوب "إن اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام" كالأذان "وأول وقتها إذا ارتفعت الشمس" لأحاديث النهي وكما قبل الطلوع الشمس ولأنه عليه السلام ومن بعده لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس بدليل الإجماع على فعلها ذلك الوقت ولم يكن يفعل إلا الأفضل وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إلى الفطر والأضحى حين تطلع الشمس فيتم طلوعها وكان يفتح الصلاة إذا حضر.
"وآخره إذا زالت" لأنها شاركت الضحى في أول وقتها فكذا يجب أمن يشاركه في آخره.

فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال خرج من الغد فصل:ى بهم ، ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر ، والأكل في الفطر قبل الصلاة والإمساك في الأضحى حتى يصلي والغسل والتبكير إليها بعد الصبح ماشيا.
---------------------------------
"فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال خرج من الغد فصل:ى بهم" لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال غم علينا هلال شوال فأصبحنا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا غدا لعيدهم رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وحسنه وقال مالك لا يصلى في غير يوم العيد قال أبو بكر الخطيب سنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم أولى أن تتبع وحديث أبي عمير صحيح فالمصير إليه واجب كالفرائض وكذا لو مضى أيام قال ابن حمدان وفيه نظر وقال القاضي في الخلاف لا تصلى إذا.
"ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر" لما روى الشافعي مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم أن "عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس" ولأنه يتسع بذلك وقت الأضحية ووقت إخراج صدقة الفطر ويكون تعجيل الأضحية بحيث يوافق من بمنى في ذبحهم نص عليه.
"والأكل في الفطر قبل الصلاة" لقول بريدة كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات رواه البخاري وزاد في رواية منقطعة ويأكلهن وترا وفي شرح الهداية أن الأكل فيه آكد من الإمساك في الأضحى والتوسعة على الأهل والصدقة
"والإمساك في الأضحى حتى يصلي" لما تقدم فإن كان له أضحية استحب له أن يأكل من كبدها لأنه أسرع تناولا وهضما وإن لم يكن فإن شاء أكل قبل خروجه نص عليه "والغسل" وقد سبق "والتبكير إليها" للمأموم ليحصل له الدنو من الإمام وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه "بعد الصبح" أي بعد صلاة الصبح قاله جماعة وذهب آخرون أنه بعد طلوع الشمس فعله رافع وينويه قاله ابن المنذر "ماشيا" لما روى الحارث عن

على أحسن هيئة إلا المعتكف يخرج في ثياب اعتكافه أو إماما يتأخر إلى وقت الصلاة.
----------------------------------------
علي قال "من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا" رواه الترمذي وقال العمل على هذا عند أكثر أهل العلم وقال أبو المعالي إن كان البلد ثغرا استحب الركوب وإظهار السلاح ويستثنى من كلامه من له ضرورة من مرض ونحوه فإنه يخرج راكبا كالعود لقول علي ثم تركب إذا رجعت رواه البيهقي.
"على أحسن هيئة" لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة رواه ابن عبد البر وعن ابن عمر أنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه رواه البيهقي بإسناد جيد ويكون مظهرا للتكبير وعنه يظهر في الفطر فقط لا عكسه "إلا المعتكف" في العشر الآخر أو عشر ذي الحجة "يخرج من" معتكفه إلى المصلى "في ثياب اعتكافه" نص عليه لقوله عليه السلام "ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته" لجمعته وعيده إلا المعتكف فإنه يخرج في ثياب اعتكافه واستحبه السلف وذكره ابن المنذر عن جماعة من العلماء ولأنه أثر العبادة فاستحب بقاؤه كالخلوق وعنه ثياب جيدة ورثة سواء للمعتكف وغيره وقال القاضي في موضع معتكف كغيره في زينة وطيب ونحوهما.
"أو إماما يتأخر إلى وقت الصلاة" لما روى أبو سعيد قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحي إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة رواه مسلم ولأن الإمام ينتظر ولا ينتظر لابسا أجمل ثيابه لأنه منظور إليه من بين سائر الناس لكن إن كان معتكفا فظاهر كلامه خروجه في ثياب اعتكافه وقال ابن تميم وغيره يسن للإمام التجمل والتنظف وإن كان معتكفا.
فرع: لا بأس بخروج النساء إلى العيد لكن لا يتطيبن ولا يلبسن ثوب شهرة أو زينة ولا يخالطن الرجال لقوله عليه السلام "وليخرجن تفلات" وعنه يستحب اختاره ابن حامد والمجد للحديث الصحيح وفاقا للشافعي في غير ذوي الهيئات والمستحسنات وعنه يكره وعنه للشابة وعنه

وإذا غدا من طريق رجع في أخرى وهل من شرطها الاستيطان وإذن الإمام والعدد المشترط للجمعة ؟ على روايتين.
---------------------------------
لا يعجبني خروجهن في وقتنا لقول عائشة متفق عليه.
"وإذا غدا عن طريق رجع في أخرى" لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق رواه البخاري ورواه مسلم من حديث أبي هريرة وعلته لتشهد له الطريقان أو لمساواته لهما في التبرك بمروره بهم وسرورهم برؤيته أو ليتبرك الطريقان بوطئه عليهما أو لزيادة الأجر بالسلام على أهل الطريق الآخر أو لتحصل الصدقة على الفقراء من أهل الطريقين فينبغي طرده في غيرها قلنا ويلزمه في الجمعة نقله ابن تميم وفي شرح الهداية أنه المنصوص لكن الظاهر أن المخالفة فيه شرعت لمعنى خاص فلا يلتحق به غيره وظاهره لا فرق بينهما وقيل الأولى سلوك الأبعد في الخروج والأقرب في العود وصححه النووي
"وهل من شرطها" أي صحتها إذا "الاستيطان وإذن الإمام والعدد المشترط للجمعة على روايتين" وكذا في المحرر وأسقط الإذن كالفروع إحداهما: يشترط ذلك واختاره الأكثر فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة لأنها صلاة لها خطبة راتبة أشبهت الجمعة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وافق العيد في حجة ولم يصل لكن إن فاتت قضيت تطوعا من كل أحد والثانية: لا قدمه وصححه جماعة وجزم في الوجيز فيفعلها المسافر والعبد والمرأة والمنفرد لأن أنسا كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام جمع أهله ومواليهم وأمر عبد الله مولاه فصل:ى بهم ركعتين رواه سعيد وذكره البخاري في صحيحه وإنما لم يقمها النبي صلى الله عليه وسلم لاشتغاله عنها بالمناسك لأنها أهم لكونها فرض عين وصلاة العيد سنة في حق المسافر وعلى الأولى يفعلونها تبعا قال في الشرح وغيره إن صلوا بعد خطبة الإمام صلوا بغير خطبة لئلا يؤدي إلى تفريق الكلمة.
وصحح ابن الزاغوني أنه يشترط الاستيطان وذكره ابن عقيل رواية

وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا السائمة الرابع تمام الملك فلا زكاة في دين الكتابة ولا في السائمة الموقوفة.
---------------------------
"وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب" أما زيادة الحب فيجب فيها بالحساب اتفاقا وكذا زيادة النقدين لقوله عليه السلام "هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهما وليس عليكم شيء حتى تتم مائتين فتجب فيها خمسة دراهم فما زاد فبحساب ذلك" رواه الأثرم والدارقطني وروي عن علي وابن عمر ولم يعرف لهما مخالف في الصحابة ولأنه مال من الأرض يتجزأ ويتبعض من غير ضرر أشبه الأربعين وظاهره أنه يجب ولو لم يبلغ نقد أربعين درهما أو أربعة دنانير.
"إلا السائمة" فلا زكاة في وقصها لما روى أبو عبيد في غريبه مرفوعا أنه قال "ليس في الأوقاص صدقة" وقال الوقص ما بين النصابين وفي حديث معاذ أنه قيل له أمرت في الأوقاص بشيء قال لا وسأسأل رسوله الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال "لا" رواه الدارقطني ولما فيه من ضرر وعدم التشقيص وقيل يجب اختاره الشيرازي فعليه لو تلف بعير من تسع أو ملكه قبل التمكن إن اعتبرنا سقط تسع شاة ولو تلف منها ستة زكى الباقي ثلث شاه ولو كانت مغصوبة فأخذ منها بعيرا بعد الحول زكاه بتسع شاة.
"الرابع: تمام الملك" لأن الملك الناقص ليس نعمة كاملة وهي إنما تجب في مقابلتها إذ الملك التام عبارة عما كان بيده لم يتعلق فيه حق غيره يتصرف فيه على حسب اختياره وفوائده حاصلة له قاله أبو المعالي
"فلا زكاة في دين الكتابة" وفاقا لعدم استقراره لأنه يملك تعجيز نفسه ويمتنع من الأداء ولهذا لا يصح ضمانها وفيه رواية فدل على الخلاف هنا
"ولا في السائمة الموقوفة" على معين قال في التلخيص الأشبه أنه لا زكاة وجزم به في الكافي لنقصه والثاني: يجب وهو المنصوص للعموم وكسائر أملاكه وبنى بعض أصحابنا الخلاف على الملك الموقوف

فيصلي ركعتين يكبر في الأولى بعد الاستفتاح وقبل التعوذ ستا وفي الثانية بعد القيام من السجود خمسا.
------------------------------------
أواخر خلافته
"فيصلي ركعتين" إجماعا لما في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصل:ى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ولقول عمر صلاة الفطر والأضحى ركعتان ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى رواه أحمد
"يكبر في الأولى بعد" تكبيرة الإحرام و "الاستفتاح وقبل التعوذ ستا" زوائد "وفي الثانية بعد القيام من السجود خمسا" زوائد نص عليه وهو الذي ذكره أكثر الأصحاب لما روى أحمد حدثنا وكيع حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن سمعه من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة إسناد حسن قال عبد الله قال أبي أنا أذهب إلى هذا ورواه ابن ماجه وصححه ابن المديني وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "التكبير سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما" رواه أبو داود والدارقطني
وعنه سبع زوائد في الأولى روي عن أبي بكر وعمر وعلي والفقهاء السبعة وهو ظاهر ما تقدم وعنه خمس في الأولى وأربع في الثانية واحتج بفعل أنس وعنه يصلي أهل القرى بغير تكبير قال أحمد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير وكل جائز وقال ابن الجوزي ليس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير وفي العيدين حديث صحيح وقد علم منه أن التكبير في الأولى بعد الاستفتاح وقبل التعوذ وهو السنة نص عليه لأن الاستفتاح لأول الصلاة والاستعاذة للقراءة وعنه الاستفتاح بعد التكبيرات الزوائد اختاره الخلال وصاحبه لأن الاستعاذة تلي الاستفتاح في سائر الصلوات فكذا هنا والقراءة بعد الاستعاذة وعنه يخير

ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويقول الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما وإن أحب قال غير ذلك.
----------------------------------
"ويرفع يديه مع كل تكبيرة" نص عليه لحديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير قال أحمد فأرى أن يدخل فيه هذا كله وعن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة والعيد وعن زيد كذلك رواهما الأثرم
"ويقول" بين كل تكبيرتين وعقب الآخرة منها في ظاهر كلامه وصححه في شرح الهداية والمذهب أنه لا يأتي بالذكر بعد التكبير الأخيرة في الركعتين "الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما" لما روى عقبة بن عامر قال سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد قال "يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم" رواه الأثرم وحرب واحتج به أحمد ولأنها تكبيرات حال القيام فاستحب أن يتخللها ذكر كتكبيرات الجنازة
"وإن أحب قال غير ذلك" لأن الغرض الذكر بعد التكبير لا ذكر مخصوص لعدم وروده فلهذا نقل حرب أن الذكر غير مؤقت يؤيده أنه روى عنه يحمد ويكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعنه ويدعو وعنه ويسبح ويهلل وظاهره قول شيء لا وقوف مجرد.
فروع: الأول: إذا شك في عدد التكبير بنى على الأقل
الثاني: إذا نسي التكبير حتى ركع سقط أو لم يأت به لأنه سنة فات محله وكذا إن ذكره قبل الركوع في الأصح كما لو نسي الاستفتاح أو التعوذ حتى شرع في القراءة والثاني لا يسقط فعلى هذا يأتي به وإن كان فرغ من القراءة لم يعدها وإن كان فيها أتى به ثم استأنفها لتسلم من أن يتخللها غيرها وقيل إن كان المنسي يسيرا لم يستأنف القراءة.

ثم يقرأ بعد الفاتحة في الأولى بسبح وفي الثانية بالغاشية ويجهر بالقراءة ويكون بعد التكبير في الركعتين وعنه يوالي بين القراءتين.
-------------------------------------
الثالث: إذا أدرك الإمام راكعا أحرم ثم ركع ولا يشتغل بقضاء التكبير لأنه ذكر مشروع كالاستفتاح وكما لو نسيه الإمام حتى ركع وإن أدركه قائما بعد فراغه من التكبير الزائد لم يقضه نص عليه وقال ابن عقيل يأتي به وعن أحمد إن لم يسمع قراءة الإمام اختاره بعض أصحابنا فإن سبقه ببعض التكبير فعلى الخلاف
"ثم يقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسبح وفي الثانية بالغاشية" على المذهب لما روى سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} رواه أحمد ولابن ماجه من حديث ابن عباس والنعمان بن بشير مثله وروي عن عمر وأنس ولأن فيه حثا على الصدقة والصلاة في قوله {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فصلى} [الأعلى:15،14] هكذا فسره سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وعنه الأولى {ق} والثانية {اقْتَرَبَتِ} اختاره الآجري لفعله عليه السلام رواه مسلم "وعنه: لا توقيت" اختاره الخرقي
"ويجهر بالقراءة" لما روى الدارقطني عن ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في القراءة في العيدين والاستسقاء وقال المجد لا نعلم فيه خلافا إلا ما رواه الحارث الأعور عن علي أنه كان يسمع من يليه ولم يجهر ذلك الجهر قال في الشرح وحكاه ابن أبي موسى عن أحمد.
"ويكون بعد التكبير في الركعتين" هذا هو المشهور وقاله الفقهاء السبعة وذكره ابن المنذر عن ابن عباس ولأنه تكبير في إحدى ركعتي العيد فكان قبل القراءة كالأولى
"وعنه: يوالي بين القراءتين" اختاره أبو بكر وهو قول جابر بن عبد الله وعقبة بن عامر ذكره ابن المنذر لأنه ذكر مسنون في قيام الركعة الأخيرة فكان بعد القراءة كدعاء القنوت.

فإذا سلم خطب خطبتين يجلس بينهما يستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع،
----------------------------------
"فإذا سلم" يحتمل أنه أراد السلام من الصلاة وهو أظهر ويحتمل أن يراد به السلام المعروف وجزم به في النصيحة فقال إذا استقبلهم سلم وأومأ بيده.
"خطب خطبتين" بعد الصلاة كخطبتي الجمعة فلو خطب قبل الصلاة لم يعتد بها في قول جمهور العلماء وهما كالجمعة في أحكامها على الأصح حتى في الكلام نص عليه إلا التكبير مع الخاطب واستثنى جماعة الطهارة واتحاد الإمام والقيام والجلسة والعدد لكونهما سنة لا شرطا للصلاة في الأصح فأشبها الذكر بعد الصلاة والأذان.
"يجلس بينهما" لما روى جابر قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ثم قعد قعدة ثم قام رواه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن مسلم البصري وهو متروك.
وعن عبيد الله بن عتبة قال السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل: بينهما بجلوس رواه الشافعي من رواية إبراهيم بن يحيى وفيه كلام وهل يجلس عقيب صعوده إلى المنبر ليسترح كما هو الأظهر والمنصوص عن أحمد والشافعي في الأم أو لا لأن الجلوس في الجمعة لموضع الأذان فيه وجهان.
ويسن أن "يستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع" لما روى سعيد عن عبيد الله بن عتبة قال يكبر الإمام يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات وفي الثانية سبع تكبيرات والتكبير في الأولى نسقا وفاقا وظاهر كلامه جالسا وقيل قائما كسائر أذكار الخطبة وظاهره أنه يبدأ بالتكبير في الثانية كالأولى وعنه بعد فراغها اختاره القاضي قال أحمد قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة إنه من السنة وقيل التكبيرات شرط واختار الشيخ تقي الدين أنه يفتحها بالحمد لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم افتتاح خطبة بغيره.

يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ويبين لهم ما يخرجون ويرغبهم في الأضحية في الأضحى ويبين لهم حكم الأضحية والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما والخطبتان سنة.
-----------------------------------------------
"يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة" لقوله عليه السلام "اغنوهم من السؤال في هذا اليوم" "ويبين لهم ما يخرجون" أي من جنسها وقدرها ووجوبها ووقتها.
"ويرغبهم في الأضحية في الأضحى" لقوله عليه السلام لفاطمة "قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بأول قطرة من دمها أن يغفر لك ما قد سلف من ذنوبك" وعن زيد بن أرقم قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ما هذه الأضاحي قال "سنة أبيكم إبراهيم" قالوا فما لنا قال "بكل شعرة حسنة" قالوا والصوف قال "بكل شعرة حسنة" قال الحاكم صحيح الإسناد
"ويبين لهم حكم الأضحية" لأنه أن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في خطبة الأضحي كثيرا من أحكامها من رواية أبي سعيد والبراء وجابر وغيرهم
" والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما" سنة في الأشهر لأنه ذكر مشروع بين التحريمة والقراءة أشبه الاستفتاح فعلى هذا إن نسيه فلا سجود للسهو في الأصح وعنه شرطا للصلاة وفي الروضة إن نسى التكبيرات الزوائد أتم ولم تبطل وساهيا لا يلزمه سجود لأنها هيئة وفيه نظر.
"والخطبتان سنة" لماروى عطاء عن عبد الله بن السائب قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال "إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب" رواه ابن ماجه وإسناده ثقات وأبو داود والنسائي وقالا مرسل ولو وجبت لوجب حضورها واستماعها كخطبة الجمعة وذكر القاضي وابن عقيل أنهما شرط.
فائد: السنة لمن حضر العيد من النساء حضور الخطبة وأن ينفردن بموعظة

ولا يتنفل قبل الصلاة في موضعها ومن كبر قبل سلام الإمام صلى ما فاته على صفته وإن فاتته الصلاة استحب له أن يقضيها على صفتها.
-----------------------------------
إذا لم يسمعن خطبة الرجال وفي نهاية أبي المعالي إذا فرغ فرأى قوما لم يسمعوها استحب إعادة مقاصدها لهم لفعله عليه السلام فدل على استحبابه في حق النساء والمراد مع عدم خوف فتنة.
"ولا يتنفل قبل الصلاة ولا بعدها في موضعهما" وهو مكروه نص عليه لقول ابن عباس خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد فصل:ى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما متفق عليه قال أحمد لا أرى الصلاة وفي المستوعب وغيره لا يسن وفي المحرر لا سنة لها قبلها ولا بعدهما وفيه نظر وقيل يصلي تحية المسجد واختاره أبو الفرج وجزم به في الغنية وهو أظهر وظاهره جواز فعل الصلاة بعدها في غير موضعهما ونص عليه وروى حرب عن ابن مسعود أنه كان يصلي يوم العيد إذا رجع إلى منزله أربع ركعات واحتج به إسحاق فلو فارق موضعهما ثم عاد بعد الصلاة لم يكره التنفل نص عليه.
فرع: يكره قضاء فائتة موضع العيد قبل مفارقته نص عليه لئلا يقتدى به.
"ومن كبر قبل سلام إمامه صلى ما فاته" على صفته نص عليه لعموم قوله عليه السلام "ما أدركتم فصل:وا وما فاتكم فاقضوا" ولأنها أصل بنفسها فتدرك بإدراك التشهد كسائر الصلوات وقال القاضي يصلي أربعا كالجمعة وإذا أدرك معه ركعة قضى أخرى وكبر فيها ستا زوائد أو خمسا على الخلاف
وظاهر المذهب أن المسبوق في القضاء يراعي مذهبه في التكبير لأنه في حكم المنفرد في القراءة والسهو فكذا في التكبير وعنه بمذهب إمامه لئلا يكبر في الركعتين عددا يخالف الإجماع في الأصل وكمأموم وكذا إن فاتته ركعة أو ركعتان بنوم أو غفلة.
"وإن فاتته الصلاة استحب له أن يقضيها على صفتها" قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز وهو الأصح لفعل أنس ولأنه قضاء.

وعنه أربعا وعنه أنه مخير بين ركعتين وأربع ويسن التكبير في ليلتي العيدين، وفي الأضحى.
------------------------------------
صلاة فكان على صفتها كسائر الصلوات وظاهره متى شاء وعند ابن عقيل قبل الزوال وإلا من الغد وعنه إن قضى جماعة كبر ولا يكبر المنفرد وقال ابن البناء إذا قضى ركعتين فهل يكبر على وجهين
"وعنه: أربعا" لقول ابن مسعود من فاتته الصلاة مع الإمام يوم العيد فليصل أربعا رواه سعيد والأثرم ورويا أن عليا أمر رجلا يصلي بضعفة الناس أربعا واحتج به أحمد في رواية الأثرم وكقضاء الجمعة بلا تكبير لأنه إنما يصلي تطوعا فكان على صفته بسلام كالظهر وعنه أو بسلامين
"وعنه: أنه مخير بين ركعتين وأربع" لأنه تطوع بالنهار فكان مخيرا فيه كالمطلق ولأن كلا قد جاء الأثر به عن الصحابة ولا مرجح فكان له فعل ما شاء فإن خرج وقتها فكالسنن في القضاء
مسألة: يجوز استخلافه للضعفة وفي صفة صلاة الخليفة الخلاف وأيهما سبق سقط به الفرض وضحى وتنويه المسبوقة نفلا.
"ويسن التكبير في ليلتي العيدين" وفي خصوصا في الفطر وهو آكد من الأضحى نص عليه من غروب الشمس لقوله تعالى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } [البقرة: من الآية185] قال أحمد كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعا ويجهر به في الخروج إلى المصلى فيهما في قول الأكثر وهو ممتد إلى فراغ الإمام من خطبته لأن شعار العيد لم ينقض فسن كما في حال الخروج وعنه إلى خروج الإمام إلى الصلاة لفعل ابن عمر رواه الشافعي والدارقطني وعنه إلى وصوله المصلى لأن التكبير في الخروج هو الذي اتفقت عليه الآثار وما بعده ليس فيه نص ولا إجماع.
"وفي الأضحى" يسن فيه المطلق في عشر ذي الحجة ولو لم ير بهيمة الأنعام ويرفع صوته قاله أحمد والمراد لغير أنثى وأيام العشر الأيام

يكبر عقيب كل فريضة في جماعة وعنه يكبر وإن كان وحده من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر.
----------------------------------------------
المعلومات وأيام التشريق المعدودات
"يكبر عقيب كل فريضة في جماعة" هذا هو المذهب لأن ابن عمر كان لا يكبر إذا صلى وحده وقال ابن مسعود إنما التكبير على من صلى في جماعة رواه ابن المنذر ولأنه ذكر مختص بوقت العيد فاختص بالجماعة كالخطبة فيكبر الإمام إلى القبلة كغيره والأشهر يقبل على الناس ثم يكبر لفعله عليه السلام ولأنه أقرب إلى المحافظة وقيل يخير
"وعنه أنه يكبر وإن كان وحده" قدمه في التلخيص وغيره للعموم ولأنه ذكر مشروع للمسبوق أشبه التسليمة الثانية
"من صلاة الفجر يوم عرفة إلى" بعد صلاة "العصر من آخر أيام التشريق" لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى الصبح يوم عرفة أقبل علينا فقال الله أكبر ومد التكبير إلى آخر أيام التشريق رواه الدارقطني من رواية عمرو بن شمر عن جابر الجعفي وهما ضعيفان قيل لأحمد بأي حديث تذهب في ذلك قال بالإجماع عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود ولأن الله تعالى أمر بالذكر في الأيام المعدودات وهي أيام يرمى فيها أشبهت يوم النحر وعنه يكبر من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق وروي عن زيد بن ثابت والزهري وعنه من ظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر آخر أيام التشريق روي عن عثمان رواه سعيد قال النووي القول الأول هو الراجح وعليه العمل في الأمصار وظاهر ما سبق أنه لا يكبر في الفطر عقب الفرائص لعدم نقله وفيه وجه وجزم به في التلخيص ولا عقب نافلة ولو صليت جماعة
"إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر" إلى عصر آخر أيام التشريق لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية والجهر به مسنون إلا في حق النساء ,

فإن نسي التكبير قضاه ما لم يحدث أو يخرج من المسجد.
-----------------------------------------------
ويأتي به كالذكر عقب الصلاة وعنه يكبر تبعا للرجال فقط وعنه لا يكره كالأذان وحمله القاضي على الجهر والمسافر كالمقيم ولو لم يأتم بمقيم والمميز كالبالغ.
فرع: إذا فانته صلاة من أيام التشريق فقضاها فيها من عامه كبر لأنها مفروضة فيه ووقت التكبير باق وإن قضاها في غيرها لم يكبر كالتلبية وفيه وجه بلى كالدعاء وإن فاتته من غيرها فقضاها فيها كبر في رواية ذكره المؤلف وعنه لا يكبر لبعد أيامها لأنه سنة فات وقتها.
فائد: سميت أيام التشريق من تشريق اللحم وهو تقديده وقيل من قولهم أشرق ثبير وقيل لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس وقيل هو التكبير دبر الصلوات وأنكره أبو عبيد.
"فإن نسي التكبير قضاه" مكانه ويعود فيجلس من قام أو ذهب لأن فعله جالسا في مصلاه سنة فلا تترك مع إمكانها وقال جماعة إن كبر ماشيا فلا بأس قال المؤلف هو أقيس كسائر الأذكار وظاهره أنه يأتي به ولو طال الفصل: والمذهب يكره "ما لم يحدث" لأنه مبطل للصلاة والذكر تابع لها بطريق الأولى "أو يخرج من المسجد" لأنه سنة فات محلها وقيل أو يتكلم لأنه شرع عقيبها فنافاه ما ينافيها والوجه الثاني يأتي به كالتلبية والدعاء وأطلقهما في الفروع.
فإن نسيه الإمام كبر المأموم ليحرز الفضيلة بخلاف سجود السهو لأنه من الصلاة ففي الانفراد به ترك المتابعة وإذا سلم وعليه سجود سهو أتى به ثم كبر لأنه من تمام الصلاة.
تنبيه: فإن اجتمع عليه تلبية وتكبير فإن لم يرم جمرة العقبة حتى صلى الظهر يوم النحر كبر ثم لبى نص عليه لأن التكبير مشروع مثله في الصلاة فكان أشبه بها والمسبوق ببعض الصلاة يقضي الصلاة يقضي ما فاته ثم يكبر نص عليه كالذكر

وفي التكبير عقيب صلاة العيد وجهان وصفة التكبير شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
-------------------------------------
والدعاء.
"وفي التكبير عقيب صلاة العيد وجهان" أحدهما لا يكبر وقال أبو الخطاب هو ظاهر كلام أحمد وقدمه في الفروع وقال في الفطر إن قيل فيه مقيد نقله الجماعة لأن الأثر إنما جاء في المكتوبات والثاني يكبر اختاره أبو بكر وأبو الوفاء وقال هو الأشبه بالمذهب وفي الشرح انه الأولى لأنها مفروضة مؤقتة تسن لها الجماعة كالمكتوبة وخصه في الكافي بعيد الفطر
"وصفة التكبير شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" لأنه عليه السلام كان يقول كذلك رواه الدارقطني وقاله علي وحكاه ابن المنذر عن عمر قال أحمد اختياري تكبير ابن مسعود وذكر مثله وقال النخعي كانوا يكبرون كذلك رواه أبو بكر النجاد ولأنه تكبير خارج الصلاة له تعلق بها ولا يختص الحاج فكان شفعا كالأذان واستحب ابن هبيرة تثليث التكبير أولا وآخرا وأما تكبيره ثلاثا في وقت واحد فلم أره في كلامهم ولعله يقاس على الاستغفار بعد الفراغ من الصلاة وعلى قول سبحان الملك القدوس بعد الوتر لأن الله وتر يحب الوتر.
تتمات: لا بأس قوله لغيره تقبل الله منا ومنك نقله الجماعة كالجواب وقال لا أبتدئ به وعنه الكل حسن وعنه يكره ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار نص عليه وقال إنما هو دعاء وذكر قيل تفعله أنت قال لا وأول من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث وعنه يستحب ذكرها الشيخ تقي الدين ومن تولى صلاة العيد أقامها كل عام لأنها راتبة ما لم يمنع منها بخلاف كسوف واستسقاء ذكره القاضي وغيره.

باب صلاة الكسوف
وإذا كسفت الشمس أو القمر فزع الناس إلى الصلاة جماعة.
---------------------------------------
باب صلاة الكسوفيقال كسفت بفتح الكاف وضمها ومثله خسفت وقيل الكسوف للشمس والخسوف للقمر وقيل عكسه وهو مردود بقوله تعالى {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة:8] وقيل الكسوف في أوله والخسوف في آخره وقيل الكسوف الذهاب كله.
وفعلها ثابت بالسنة المشهورة واستنبطها بعضهم من قوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} [فصلت: من الآية37] فصل:ت.
"وإذا كسفت الشمس أو القمر" استعمله فيهما "فزع الناس إلى الصلاة" هي سنة مؤكدة حكاه ابن هبيرة والنووي إجماعا وقدم لقوله عليه السلام "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا" متفق عليه فأمر بالصلاة لهما أمرا واحدا وروى أحمد معناه ولفظه "فافزعوا إلى المساجد" وروى الشافعي من رواية إبراهيم بن أبي يحيى إن القمر خسف وابن عباس أمير على البصرة فخرج فصل:ى بالناس ركعتين في كل ركعة ركعتان وقال إنما صليت كما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو شامل للحضر والسفر والرجال والنساء وإن حضرها غير ذوي الهيئات مع الرجال فحسن وكان للصبيان حضورها واستحبه ابن حامد لهم ولعجائز كجمعة وعيد.
"جماعة" في جامع أفضل لقول عائشة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام وكبر وصف الناس وراءه متفق عليه ولما فيه من المبادرة بها لخوف فوتها بالتجلي وعنه بالمصلى أفضل.

وفرادى بإذن الإمام وغير إذنه وينادى لها الصلاة جامعة يصلي ركعتين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة طويلة ويجهر بالقراءة ثم يركع ركوعا طويلا ثم يرفع رأسه فيسمع ويحمد ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويطيل وهو دون القيام الأول ثم يركع فيطيل وهو دون الركوع الأول ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين ،.
----------------------------------------------
"وفرادى" لأنها نافلة ليس من شرطها الاستيطان فلم يشترط لها جماعة كالنوافل بإذن الإمام وغير إذنه لأنها نافلة وإذنه ليس شرطا فيها وكصلاتها منفردا وعنه بلى كالعيد
"وينادى لها الصلاة جامعة" لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مناديا فنادى الصلاة جامعة متفق عليه والأول منصوب على الإغراء والثاني على الحال وفي الرعاية برفعهما ونصبهما
ووقتهما: من حين الكسوف إلى الانجلاء ولا تقضى كاستسقاء وتحية مسجد
"فيصلي ركعتين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة طويلة" من غير تعيين وذكر جماعة أنه يقرأ قدر سورة البقرة أو هي ويجهر بالقراءة على الأصح وظاهره ولو في كسوف الشمس "ثم يركع ركوعا طويلا" من غير تقدير وقال القاضي وجزم به في التلخيص وغيره إنه بقدر مائة آية وقال ابن أبي موسى بقدر معظم القراءة وقيل نصفها
"ثم يرفع رأسه فيسمع ويحمد" كغيرها ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويطيل وهو دون القيام الأول" قيل كمعظمها "ثم يركع فيطيل وهو دون الركوع الأول" نسبته إلى القراءة كنسبة الأول منها "ثم يرفع" وظاهره من غير إطالة "ثم يسجد سجدتين طويلتين" في الأصح وقيل يطيله كالركوع وقيل وكذا الجلوس بينهما وظاهره أنه لا يطيله وصرح به ابن عقيل والأكثر كما لا يطيل القيام عن ركوع يسجد بعده وحكاه القاضي عياض إجماعا,

ثم يقوم إلى الثانية فيفعل مثل ذلك ثم يتشهد ويسلم فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة.
-----------------------------------
لعدم في ذكره الروايات وانفرد أبو الزبير عن جابر مرفوعا بإطالته فيكون فعله مرة ليتبين الجواز أو أطاله قليلا ليأتي بالذكر الوارد فيه والأصل ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في خسوف الشمس فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر فركع ركوعا هو أدنى من الركوع الأول ثم سمع وحمد ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف متفق عليه. وقال ابن عباس خسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم قياما طويلا نحوا من سورة البقرة وفي حديث أسماء ثم سجد فأطال السجود وفي حديث عائشة انه جهر بقراءته قال ابن عبد البر هذا أصح ما في الباب وباقي الروايات معللة ضعيفة وقال أحمد أصح حديث في الباب حديث ابن عباس وعائشة
"ثم يقوم إلى الثانية فيفعل مثل ذلك" لكن يكون دون الأولى في كل ما يفعل فيها قال القاضي وابن عقيل القراءة في كل قيام أقصر مما قبله وكذا التسبيح وذكر أبو الخطاب وغيره قراءة القيام الثالث أطول من الثاني
"ثم يتشهد ويسلم" لما روى النسائي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تشهد ثم سلم وظاهره أنه لا يشرع لها خطبة على المذهب لأنه عليه السلام أمر بها دون الخطبة وعنه لها خطبتان تجلى الكسوف أو لا اختاره ابن حامد والسامري ولم يذكر القاضي نصا بعدمهما إنما أخذوه من نصه لا خطبة للاستسقاء
"فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة" لقوله عليه السلام في حديث أبي مسعود "فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم" متفق عليه ولأن المقصود التجلي وقد حصل وظاهره أنه لا يقطعها لكونه منهيا عنه وشرع تخفيفها لزوال السبب وقال القاضي إن كان بعد ركوع الأول أتمها صلاة

وإن تجلى قبلها أو غابت كاسفة أو طلعت والقمر خاسف لم يصل وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس.
---------------------------------------
كسوف وإن كان فيه أو قبله أتمها بركوع واحد.
"وإن تجلى قبلها" لم يصل لقوله عليه السلام "إذا رأيتم فافزعوا إلى الصلاة حتى تنجلي" فجعله غاية للصلاة والمقصود منها زوال العارض وإعادة النعمة بنورهما وقد حصل فإن خف قبلها شرع فيها وأوجز أو غابت الشمس "كاسفة أو طلعت والقمر خاسف لم يصل" لأنه ذهب وقت الانتفاع بهما وقيل إن طلعت والقمر خاسف صلى ويعمل بالأصل في بقائه فلو شك في التجلي لغيم أتمها من غير تخفيف ولو انكشف الغيم عن بعض القمر ولا كسوف عليه أتمها لأن الباقي لا يعلم حاله والأصل بقاءه والأشهر يصلي إذا غاب القمر خاسفا ليلا لأنه لم يذهب وقت الانتفاع بنوره والثاني لا لغيبوبته كالشمس وفي منع الصلاة له بطلوع الفجر كطلوع الشمس وجهان إن فعلت وقت نهي.
فرع: إذا فرغ منها ولم يذهب الكسوف لم يعدها بل يذكر ويدعو ويعمل بالأصل في بقائه وذهابه وقال ابن حامد يصلي ركعتين ركعتين حتى ينجلي لفعله عليه السلام رواه أبو داود عن النعمان بن بشير.
"وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس" وفي المحرر والفروع جاز كصلاة الخوف روى مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات بأربع سجدات وعن أبي بن كعب أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات وسجد سجدتين رواه أبو داود وعبد الله بن أحمد.
قال المؤلف لا يزيد على أربع لأنه لم يرد وفيه نظر
وفي السنن كصلاة النافلة وعنه أربع ركوعات في كل ركعة أفضل قال النووي وبكل نوع قال به بعض الصحابة وحمل بعضهم ذلك على اختلاف

ولا يصلي لشيء من سائر الآيات إلا للزلزلة الدائمة.
------------------------------------------------
حال الكسوف ففي بعض الأوقات تأخر الانجلاء فزاد في عدد الركوع وفي بعضها أسرع فاقتصر وفي بعضها توسط فتوسط واعترض عليه بأن تأخر الانجلاء لا يعلم في الركعة الأولى وقد اتفقت الروايات على أن عدد الركوع في الركعتين سواء
وقال بعض السلف هو محمول على بيان الجواز في جميعها قال النووي وهذا أقوى وظاهره أنه لا يجوز الزيادة في السجود وصرح به في الفروع لأنه لم يرد.
فرع: الركوع الثاني سنة وتدرك به الركعة في وجه واختاره أبو الوفاء إن صلاها الإمام بثلاث ركوعات لإدراكه معظم الركعة.
"ولا يصلى لشيء من سائر الآيات" لعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع أنه وجد في زمانهم انشقاق القمر وهبوب الرياح والصواعق وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الريح شديدة اصفر لونه وقال "اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا" لأن الرياح نعمة لقوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم: من الآية46] "إلا للزلزلة" هي وجفة الأرض واضطرابها وعدم سكونها الدائمة نص عليه لفعل ابن عباس رواه سعيد والبيهقي وروى الشافعي عن علي نحوه وقال لو ثبت هذا الحديث لقلنا به وعن أحمد يصلى لكل آية ذكره الشيخ تقي الدين قول المحققين من العلماء لأنه عليه السلام علل الكسوف بأنه آية وهذه صلاة رهبة كما أن صلاة الاستسقاء صلاة رغبة ورجاء وقد أمر الله تعالى عباده أن يدعوه خوفا وطمعا وفي النصيحة يصلون لكل آية ما أحبوا ركعتين أم أكثر كسائر الصلوات وأنه يخطب.
تنبيه: تقدم الجنازة على الكسوف ويقدم هو على الجمعة إن أمن فوتها أو لم يشرع في خطبتها وكذا على العيد والمكتوبة مع سعة الوقت في الأصح فإن

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24